أمالي ابن الشجري

ابن الشجري

[المقدمة:]

[الجزء الأول] [المقدمة:] بسم الله الرّحمن الرّحيم تشتمل الأمالى على أربعة وثمانين مجلسا، تقدّمت بتسعة وأربعين مجلسا منها، مع دراسة بعنوان (ابن الشجرى وآراؤه النحوية) إلى كلية دار العلوم بجامعة القاهرة للحصول على درجة الدكتوراه، من قسم النحو والصرف والعروض، بها. وقد نوقشت الرسالة يوم الأربعاء 18 من شوال 1398 هـ‍-20 من سبتمبر 1978 م. وناقشها الأساتذة: الدكتور عبد الله درويش-رحمه الله-مشرفا، والدكتور حسن عون- رحمه الله-عضوا، والدكتور محمد بدوى المختون-حفظه الله-عضوا. وأجيزت الرسالة بمرتبة الشرف الأولى. هذا، وقد كان أمر تلك الرسالة فى مراحلها الأولى بيد أستاذى الفاضل النبيل الدكتور تمام حسان. ثم حال سفره دون أن يمضى بها إلى نهايتها، فحرمته خيرا كثيرا: مدحتك بالحقّ الذى أنت أهله … ومن مدح الأقوام حقّ وباطل

[مقدمة المحقق:]

بسم الله الرّحمن الرّحيم [مقدمة المحقق:] الحمد لله ذى العزّة والجلال، والطّول والإنعام، أحمده سبحانه على توالى مننه، حمدا يبلغ رضاه، ويوافى نعمه ويكافئ مزيده. وأصلّى وأسلّم على خير خلق الله، سيدنا ومولانا محمد بن عبد الله، اللهم صلّ وسلم وبارك عليه، وعلى إخوانه المصطفين الأخيار، وآله الأطهار، وصحبه الأبرار، وعلى كلّ من سلك سبيله وسبيلهم إلى يوم الدين. ثم أما بعد: فهذا إمام من أئمة العربية، وكتابه أصل من أصولها، لم يؤت حظّه من الدرس والتأمّل، وكاد الرجوع إليه ينحصر في دائرة تخريج الشعر وتوثيقه. ومن عجب أن يظلّ هذا الكتاب بعيدا عن ميدان الدراسات النحوية (¬1)، مع أنه اشتمل على جملة صالحة من أصول النحو وفروعه، بل إنه عرض لمسائل منه لا تكاد توجد فى كتب النحو المتداولة، ولعلّ الذى صرف دارسى النحو عنه ما يوحى به عنوانه من أنه خالص للأدب؛ للّذى سبق به أبو عليّ القالى، رحمه الله. وما أكثر العنوانات الخادعة فى مكتبتنا العربية لمن لا يحسن النظر والتأمل، ثم ما أكثر النحو المفرّق فى كتب العربية المختلفة. . . وهذا حديث طويل: فدع عنك نهبا صيح فى حجراته … ولكن حديثا ما حديث الرواحل وقد كان من صنع الله لى وتوفيقه إيّاى أن تقدمت بتحقيق الجزء الأول (تسعة وأربعون مجلسا) من أمالى ابن الشجرى إلى قسم النحو والصرف والعروض، بكلية دار العلوم للحصول على درجة الدكتوراه. ¬

(¬1) من الدراسات الجامعية التى تناولت ابن الشجرى نحويّا دراسة بعنوان (ابن الشجرى ومنهجه فى النحو) للزميل عبد المنعم أحمد التكريتى. حصل بها على درجة الماجستير من جامعة بغداد، ونشرها ببغداد سنة 1975 م كما أن هناك رسالة ماجستير بكلية الآداب بجامعة القاهرة سنة 1971 م بعنوان (ابن الشجرى اللغوى الأديب) للزميل العراقى على عبود السّاهى.

وقد قدّمت لهذا التحقيق بدراسة أدرتها على ثلاثة أبواب: تحدثت فى الباب الأول عن حياة ابن الشجرىّ وتقلّبه فى العالمين. ولم أسرف فى الحديث عن التحولات السياسيّة والاجتماعية التى طرأت على المجتمع البغدادىّ فى العصر الذى عاش فيه ابن الشجرىّ-وهو عصر السّلاجقة-إذ كان ذلك ممّا يلتمس من مظانّه من كتب التاريخ. ثم إنّى لم أحاول أيضا أن أتصيّد مظاهر علوّ لهذا العصر الذى عاشه ابن الشجرىّ، ذلك أن كثيرا من الدراسين يخطئون حين يسرفون فى تقسيم عصور الفكر العربى إلى عصور علوّ وعصور انحطاط. وإن المتتبّع لحركة الفكر العربى فى عصوره المختلفة يروعه هذا الحشد الهائل من العلماء وطلاب المعرفة، فلم يكد ينتصف القرن الثانى الهجرى، وأظلّ عصر التدوين والتسجيل حتى اندفع العلماء فى التنصيف والجمع، وعمرت حلقات الدّرس بالطلاب، وزخرت المكتبات بالمصنّفات فى شتّى فروع الثقافة. وقد شمل هذا النشاط العالم الإسلامىّ كلّه، مشرقه ومغربه، ولم يفضل عصر أو مصر سواهما إلاّ ما يكون من بعض الفروق الهيّنة التى تفرضها طبائع الزمان والمكان، أمّا حركة العقل العربىّ من حيث هى فلم تخمد جذوتها، ولم تسكن حدّتها، بتغيّر الحكّام وتبدّل الأيام، وإن أردت أن تعرف صدق ما أقول فانظر إلى ما اشتمل عليه القرنان السادس والسابع من كبار المفكّرين والعلماء، وأنت تعلم أن هذين القرنين قد شهدا أعنف هجوم تعرّضت له الأمة الإسلامية: الحروب الصليبية، والغزوة التّتريّة، وقد كان هذا الهجوم الكاسح كفيلا بالقضاء على هذه الأمة الإسلامية لولا دفع الله وصيانته، بما أودعه فى روح العقيدة الإسلامية من عوامل النماء والبقاء والازدهار. أمّا ما تسمعه الآن من ثرثرة حول الحروب، وما تحدثه من إحباط وانكسار، فهو من التعلاّت الباطلة، والكذب على النفس، وكلّ أولئك مما يلجأ إليه الضّعفة ويحتمى به الكسالى، وإنما هو فساد الزمان وسقوط الهمم. ودعك من الدراسات الحديثة التى تعكس وجهات نظر أصحابها، واصبر نفسك مع تلك الكتب التراثية الموسوعيّة فى فنّ التراجم-وليس كالتراجم كاشفا لتاريخنا الحضارىّ، ومسيرتنا الثقافية-مثل سير أعلام النبلاء، لأبى عبد الله الذهبىّ

(748 هـ‍)، والوافى بالوفيات، لصلاح الدين الصفدىّ (764 هـ‍)، وطبقات الشافعية الكبرى، لتاج الدين السبكى (771 هـ‍) واقرأ على مهل وتؤدة، وأعط نفسك حظّها من التأمل والتدبّر، ولمح الأشباه، ورصد النظائر، وسترى أن مفكرينا وعلماءنا، رضى الله عنهم، كانوا يعملون فى الحلّ والتّرحال، وعلى المنشط والمكره، وفى اليسر والعسر، بل إن بعضهم كان يبدع مع تزاحم العلل عليه، وتقسّم نفسه مع الأوصاب والأوجاع والصّوارف. . . وهذا أيضا حديث طويل (¬1). والباب الثانى-وهو لبّ الرّسالة وعصبها-وقفته على آراء ابن الشجرىّ النحوية، وقد سلكت سبيلين فى التعرّف إلى تلك الآراء: ما ذكره هو نفسه من قوله: وهذا ما خطر لى، أو: والقول عندى كذا، أو: والصحيح كذا، والاختيار كذا، أو: فتأمّل ما استنبطته لك. ونحو ذلك. ثم ما أورده النحاة المتأخّرون، كابن هشام والمرادىّ والسّيوطىّ والبغدادىّ، من أقوال وآراء نسبوها إلى ابن الشجرى. وأريد أن أنبّه بادئ ذى بدء، إلى أنى وجدت فى «الأمالى» آراء كثيرة فى النحو والصرف واللغة، ساقها ابن الشجرىّ غير معزوّة إلى أحد، ولم أقطع بنسبتها إليه، لاحتمال وجودها فى كلام غيره ممّن سبقه، وقد أمكننى عون الله وتوفيقه أن أردّ بعض هذه الآراء إلى أصحابها. وقد وجدت بعضا ممّن يدرسون علما من الأعلام يحشدون آراءه حشدا، دون فصل بين ما قال وما حكى، وبعض مصنّفى الكتب القديمة لم يعنوا بعزو كلّ رأى إلى قائله، خوفا من الإملال والإطالة. هذا أمر، وأمر آخر أنّ حركة التأليف العربىّ عرفت لونا من ألوان التصنيف، تمثل فى تلك الرسائل والكتب الصغيرة التى ¬

(¬1) انظر كتابى: مدخل إلى تاريخ نشر التراث العربى ص 20 وما بعدها، ثم انظر كتابى الصغير: الموجز فى مراجع التراجم والبلدان ص 24 وما بعدها، فقد ناقشت هناك باختصار فكرة العصور، وأن العصور المتأخرة فى تاريخنا الثقافى هى عصور تكرار واجترار!

التقمتها الكتب الكبار، فضاعت فى غمارها، وطويت فى لجّتها، وحين جاء أصحاب الموسوعات النحوية شغل بعضهم بما انتهى إليهم من هذه الكتب الكبار، فنسبوا الآراء إلى أصحاب هذه الكتب، ثم نسج على نولهم من جاء بعدهم. على أنّى فى ذكر آراء ابن الشجرىّ لم أحاول أن أضعه فى غير موضعه، أو أرتفع به على من سبقوه، فإن من آفات البحث العلمىّ العصبيّة الطائشة للشخصية المدروسة. فقد جاء ابن الشجرىّ وقد استوى النحو العربىّ على سوقه أو كاد، فقد فرغ النحاة الأوائل من وضع الأصول وتمهيد الفروع، ولم يكد أبو الفتح بن جنى يضع قلمه المبدع بعد هذه التصانيف الجياد التى نفذ بها إلى أسرار العربية، حتى كان هذا إيذانا ببدء مرحلة جديدة من التصنيف النحوى، يعكف فيها النحاة على هذا الموروث العظيم الذى آل إليهم: كشفا عن أسراره، ونفاذا إلى دقائقه، وتنبيها على غوامضه، واستدراكا لفائته. ونعم كان للجيل الذى تلا ابن جنى آراء مبتكرة، والعربية فسيحة الأرجاء، متراحبة الأطراف، وقد يفتح الله على الأواخر بما لم يفتح به على الأوائل، ولكن يظلّ الفرق بين هؤلاء وهؤلاء كما ترى من الفرق بين الجدول الصغير والبحر الزخّار، ولو أتيح لكل مصنّفات الأوائل أن تذيع وتنتشر-وخاصة تصانيف أبى على الفارسى -لظهر لك صدق هذا الكلام. وابن الشجرىّ واحد من هذا النّفر الكريم الذين عرفوا للغتهم حقّها من دقّة النظر، وحسن الفقه، وكريم الرعاية. ولقد عكف على ذلك الحصاد الطيب الذى سبق به الأوائل: شارحا ومفسّرا، ومتعقّبا وناقدا، ومضيفا ومستدركا. وقد جمعت له أربعة وستّين رأيا، ذكرتها وأوردت ما قيل حولها من آراء النحاة، استحسانا أو نقدا، وناقشته وناقشتهم فى بعضها. وقد وقفت عند ظاهرتين غلبتا على أمالى ابن الشجرىّ، ولم يكد يخلو منهما مجلس من مجالسه، وهما ظاهرة الإعراب وظاهرة الحذوف، وقد رأيت أن أفرد كلّ ظاهرة منهما بكلمة، إذ كان جمهور مسائل النحو راجعا إليهما ومبنيّا عليهما، ثم

لأن هاتين الظاهرتين قد ثار حولهما لغط كثير، وتناولهما بعض الدراسين بكثير من السهولة واليسر، دون مراجعة الأصول واستقراء النصوص. ولمّا كان ابن الشجرى من أهم من عرضوا لمبحث الأدوات: معانيها وعملها وشواهدها، ودخول بعضها مكان بعض، فقد تكلمت عن الكتب التى عالجت هذا المبحث، وعن مكان ابن الشجرى وكتابه بين هذه الكتب. ثم درست الشواهد عند ابن الشجرىّ (القرآن الكريم، والحديث الشريف، والأثر، والشّعر)، وقد ظهر لى أن ابن الشجرىّ لم يعرض لأصل من الأصول، أو قاعدة من القواعد إلا استشهد لها بآية أو أكثر من الكتاب العزيز، وقد استشهد بالقراءات السّبعيّة، ووجّه بعض القراءات الشاذّة. ثم وقفت وقفة طويلة عند شواهد الشعر عند ابن الشجرىّ، وقد ظهر لى أن كتابه ضمّ قدرا ضخما من الشواهد الشعرية، فقد بلغت شواهده أكثر من مائة وألف بيت، غير المكرّر. وشواهد ابن الشجرىّ منتزعة من شعر الجاهليّين والمخضرمين والإسلاميين والمحدثين، والاستشهاد بشعر هذه الطبقة الأخيرة محلّ خلاف كبير، وقد استكثر ابن الشجرىّ من شعر هذه الطبقة، من أمثال دعبل الخزاعيّ، ومروان بن أبى حفصة، وابن المعتزّ، وأبى تمّام، والبحترىّ ومن إليهم، بل إنه احتفل احتفالا زائدا بشعر أبى الطيب المتنبى، ممّا يجعله من شرّاحه البارزين. وقد أوردت جمعة ملاحظات حول منهج ابن الشجرىّ فى رواية الشواهد ونسبتها. ثم تحدثت عن مصادر ابن الشجرى وموارده فى تأليف «الأمالى» مبتدئا بإمام النحاة سيبويه، ومنتهيا بالخطيب التّبريزى. وقد نقل ابن الشجرى كثيرا عن أعلام النحو واللغة المتقدّمين. وتظهر أهمية هذه النّقول فيما حكاه عن كتبهم المفقودة، من مثل كتاب «الأوسط» للأخفش سعيد بن مسعدة، وكتاب «الواسط» لأبى بكر بن الأنبارى، وبعض كتب أبى علىّ الفارسىّ، ثم فيما حكاه عن سيبويه والمبرد، مما ليس يوجد فى المطبوع من «الكتاب» و «المقتضب والكامل». ولم أذكر من أعلام النحاة من نقل عنهم ابن الشجرىّ الرأى والرأيين، وإنما

ذكرت من أكثر من النقل عنهم والانتصار لهم، والاستدراك عليهم، بما يجلو شخصيته النحوية، ويبرز موقفه من مصنّفات الأوائل، وهو موقف ذو ثلاث شعب كما ترى. والحديث عن مصادر ابن الشجرىّ وموارده مفض إلى الحديث عن أثره فيمن جاء بعده من النحاة. ويمثّل ابن الشجرى ومن إليه من نحاة القرنين الخامس والسادس حلقة الوصل بين المتقدّمين من النحاة والمتأخرين، فقد كان لقرب هذا الجيل من المنابع الأولى بالتلقّى والمشافهة، وما ظهر به نحاة هذا الجيل أيضا من الكتب والمصنّفات التى عمرت بها دور العلم وخزائن المكتبات، قبل أن تعصف بها عوادى الناس والأيام، كان لذلك كلّه فضل حفظ آراء المتقدّمين، ممّا أمدّ النحاة المتأخرين بذلك الفيض الزاخر من الوجوه والآراء. وقد تتبّعت ابن الشجرى فى مصنّفات النحويين المتأخرين، باستقراء أرجو ألاّ يكون فاتنى معه شيء، ثم أفضى تخريج شواهده من كتب العربية إلى تأثّر خفىّ من أصحاب هذه الكتب، لم يصرّحوا به، وقد ابتدأت بأبى البركات الأنبارى، وانتهيت بالمرتضى الزّبيدىّ. وفى ختام هذا الباب أبنت عن مذهب ابن الشجرىّ النحوىّ، وانتهيت إلى أنه بصرىّ خالص، وقد قوّى حجج البصريّين، وانتصر لهم فى أكثر من موضع من الأمالى، بل إن كثيرا من حجج البصريين فى المسائل الخلافية التى أوردها الأنبارىّ فى كتابه «الإنصاف» منتزعة من كلام ابن الشجرىّ. أمّا الباب الثالث فقد قصرته على كتاب «الأمالى» فتحدثت عن معنى الأمالى، والفرق بينها وبين المجالس، وذكرت الأمالى المصنّفة فى علوم العربية قبل أمالى ابن الشجرىّ، وبيّنت أن هذه انفردت بظاهرة لم تعرف فى الأمالى الأخرى، وهى ظاهرة التأريخ للمجالس، ثم تكلمت على منهج ابن الشجرىّ فى أماليه، وأنه مع طول الأمالى وتشعّب القول فيها يبدو متنبها لبعض الموضوعات التى عالجها من قبل، مما يدلّ على أنه احتشد للأمالى احتشادا، فليست آراء يمليها على الطلبة ثم يفرغ منها.

ثم تحدثت عن علوم العربية فى الأمالى، وذكرت أن ابن الشجرى أفسح أماليه لمسائل من اللغة والأدب والبلاغة والعروض والتاريخ والأخبار والجغرافية والبلدان. وقد ظهر لى أن أهمّ فنّ عالجه ابن الشجرىّ بعد النحو والصرف هو فنّ اللغة، فقد عنى ابن الشجرىّ عناية فائقة باللغة: دلالة واشتقاقا، ثم عرض لقضايا وظواهر لغوية كثيرة، كالمشترك اللفظىّ، وتركّب اللغات وتداخلها، ولغة العامة ولهجات القبائل، والأصوات ومخارج الحروف، وتطوّر دلالات الألفاظ. وفى ختام هذا الباب تحدّثت عن نسخ الأمالى المخطوطة، ثم أفردت كلمة عن النسخة التى اتخذتها أصلا، وهى نسخة مكتوبة بخطّ نسخى نفيس جدا، تمّ نسخها فى سنة إحدى وثمانين وخمسمائة، أى بعد وفاة ابن الشجرىّ بتسع وثلاثين سنة. والنسخة مقابلة على أصلها، وبآخرها سماع لعلماء القرنين: السادس والسابع، وجاء بحواشيها تعليقات جيدة، وقد تضمنت هذه التعليقات فوائد كثيرة منها النصّ على أوهام ابن الشجرى، ونسبة بعض الأقوال إلى أصحابها، وتصحيح نسبة بعض الشواهد. وبعض هذه التعليقات لأبى اليمن الكندى، تلميذ ابن الشجرى، وبعضها لأحد تلاميذ ابن هشام. وقد انتهيت من خلال دراستى لابن الشجرىّ وأماليه إلى هذه النتائج: أولا: يعدّ كتاب الأمالى من كتب الدراسات القرآنية، حيث بسط ابن الشجرىّ الكلام فيه على مسائل من تفسير القرآن وإعرابه وحذوفه ومشكله. ثانيا: يعدّ ابن الشجرىّ من شرّاح سيبويه وأبى علىّ الفارسىّ، وقد حفظ لنا نصوصا وشواهد عن سيبويه ليست فى المطبوع من «الكتاب». ومعروف عند الدراسين أنّ بين أصول «الكتاب» القديمة اختلافا فى عدّة الأبيات، وأن بعضها ربّما انفرد بشواهد أخلّ بها غيره، وقد صرّح ابن الشجرىّ نفسه بأن لكتاب سيبويه أكثر من نسخة. ثم عرض ابن الشجرىّ لشرح مسائل كثيرة من كلام سيبويه وأبى على الفارسىّ، وذكر أن الشرّاح قصّروا فى الإبانة عن مرامى أبى على.

ثالثا: حفظ لنا ابن الشجرىّ نصوصا من كتب مفقودة، مثل كتاب «الأوسط». للأخفش سعيد بن مسعدة. و «الواسط» لأبى بكر بن الأنبارى، وبعض كتب أبى علىّ الفارسى. رابعا: يعتبر كتاب الأمالى على رأس الكتب التى تحدثت عن الحذوف، وعالجت مسائل الإعراب، وتحدّثت عن الأدوات وحروف المعانى. خامسا: يمثّل ابن الشجرىّ الخطوات الأولى للنحو التعليمىّ الذى يعنى ببسط العبارة، وكثرة التنظير، والبعد عن التكلّف والتعقيد. سادسا: يحتلّ كتاب الأمالى مكانة طيبة فى ميدان الدراسات اللغوية: دلالة واشتقاقا. سابعا: وسّع ابن الشجرىّ دائرة الاستشهاد بالشعر على مسائل النحو، ولم يقف كما وقف غيره عند إبراهيم بن هرمة والعصر الأموىّ. ثامنا: احتفظت الأمالى بنصوص شعرية، ليست فى دواوين الشعراء المطبوعة، مثل الأخطل وكثيّر، وأبى دؤاد الإيادى، وأبى حيّة النّميرىّ. تاسعا: حقّق ابن الشجرىّ الأمنيّة التى نادى بها كثير من الدراسين، وهى أن تعالج مسائل النحو من خلال النصوص الأدبية؛ خروجا من دائرة التجريد. عاشرا: يعدّ ابن الشجرىّ من شرّاح المتنبى، وقد ذكره فى خمسة وثمانين موضعا من الأمالى، عدا المجلس الأخير الذى نبّه فيه على فضائله، وأورد فيه غررا من حكمه وشعره الذى يتمثّل به. وقد أورد ابن الشجرى شعر المتنبى، مستشهدا به على إعراب أو قاعدة، ومتعقّبا شرّاحه، وشارحا ومعربا ما أغفله هؤلاء الشرّاح. وهذا الذى ذكره ابن الشجرى حول شعر المتنبى ينهض كتابا مستقلاّ يضمّ إلى ما كتب عن أبى الطيّب. وبعد: فإذا كان لصاحب هذه الدراسة أن يقترح، فإنه يرى أن تجمع مسائل النحو من بطون كتب العربية المختلفة، فإن مجاز كتب العربية مجاز الكتاب

الواحد، ففى كتب التفسير وعلوم القرآن نحو كثير، وفى معاجم اللغة وكتب الأدب والبلاغة نحو كثير، بل إنك واجد فى كتب أصول الفقه والسّير والتاريخ، والمعارف العامة، من أصول النحو وفروعه ما لا تكاد تجده فى كتب النحو المتداولة، والأمثلة عندى حاضرة كثيرة، لا داعى للإطالة بذكرها، وحسبى أن أشير إلى مثالين: الأول أنى خرّجت مسألة نحويّة من كتاب «مثالب الوزيرين» لأبى حيان التوحيدى، ويا بعد ما بين كتابه وكتب النحو! والمثال الثانى طريف جدّا: وهو أن الشاهد النحوىّ المعروف «أكلونى البراغيث» لم أجده منسوبا لقائل فى كتاب من كتب النحو التى أعرفها، على حين وجدته منسوبا فى كتاب أبى عبيدة «مجاز القرآن». والاقتراح الثانى: أن تفهرس مسائل النحو فهرسة دقيقة، تجمع الأشباه والنظائر، ثم ترتّب أبواب النحو ومسائله ترتيبا هجائيا؛ فإن كتب النحو الأولى ترتّب مسائل النحو، وتضع لها عنوانات تخالف ما ألفه الطلبة والدارسون فى أيامنا هذه، بعد ما سادت طريقة ابن مالك وشرّاحه. وبمثل هذا الجمع والفهرسة تظهر صورة النحو العربىّ على وجهها الصحيح، وتستقيم دراسته وتمضى إلى ما يراد لها من كمال. أما تحقيق الكتاب فقد مضيت فيه وفق مناهج التوثيق والتحقيق التى ارتضاها شيوخ الصنعة، وقد حرصت على تتبّع مسائل الكتاب وشواهده فى كتب العربية المختلفة؛ للذى ذكرته من قبل، من أن مجاز هذه الكتب مجاز الكتاب الواحد، وأريد أن أنبّه إلى أننى وجدت فى حواشى بعض الكتب تحقيقات وتخريجات جيدة، أفدت منها وأحلت عليها، ولم أستبح لنفسى أن أنسبها إلى جهدى-كما يفعل كثير من الناس فى زمان السّوء هذا-ذلك لأنى لم أرد أن أتشبّع بما لم أعط فأكون كلابس ثوبى زور. وأيضا: فإن الدرهم المضروب باسمى … أحبّ إلىّ من دينار غيرى وثالثة يقولها أبو منصور الأزهرىّ: «ولقليل لا يخزى صاحبه خير من كثير يفضحه».

ولن أدع مقامى هذا حتى أقدّم أصدق الشكر وأخلصه إلى الأستاذ الدكتور عبد الله درويش، الذى تفضل فقبل الإشراف على هذه الرسالة العلمية، ثم إلى الأستاذين الفاضلين: الدكتور حسن عون-برّد الله مضجعه، ورحمه رحمة واسعة سابغة-والدكتور محمد بدوى المختون، بارك الله فى أيامه، ومتّعه بالصحة والعافية، لتفضّلهما بقبول مناقشة الرسالة، وإخلاصهما فى النّصح والتوجيه والنقد. ودعاء بالمغفرة والرضوان للشاعر المبدع، والمحقّق الثبت الأستاذ حسن كامل الصيرفى، هذا الرجل الذى عبر دنياه كنسمة هادئة، والذى عاش حياته كلّها محبّا ودودا، بارّا كريما، لم يسع إلى جاه، ولم يركض خلف شهرة، ووقف هادئا يرقب الناس وهم يتواثبون ويقفزون، مخلصا لفنّه الشّعرىّ، باذلا أقصى جهده فى إخراج نصوص التراث (¬1). ولهذا الرجل الكريم فضل علىّ سابغ، فى بداياتى العلمية، ثم فضل آخر على هذه الرسالة، فقد فتح لى قلبه ومكتبته الحافلة بنوادر كتب الأدب والشعر، أوثّق منها شواهد أمالى ابن الشجرى. رحمه الله ورضى عنه. أما شيخ العربية، أبو فهر محمود محمد شاكر، هذا الإمام الجليل: فإن له علىّ أيادى كثيرة أعدّ منها ولا أعدّدها، كما يقول صاحبه أبو الطيّب، وحسبه أنه أشعر قلبى حبّ هذا التراث والعصبيّة له، وتلقّيه بما ينبغى له من الجلال والحيطة والحذر. ثم إنه قد وقف خلفى فى هذه الرسالة، يستحثنى ويطلب عجلتى، ويتولّى عنى ما يئودني ويثقل كاهلى، بل إنه كان يفتح علىّ اتّصالا هاتفيّا مع عصر كلّ يوم (¬2)؛ يرقب خطوى ويجبر نقصى. . . إلى أشياء أخرى، لا يحبّ أن أذكرها، ولا أحبّ أن أخالف عن أمره. جزاه الله خير الجزاء. ¬

(¬1) من أعماله العظيمة فى مجال تحقيق النصوص: ديوان البحترى، وهو غاية فى الصبر على الجمع والتوثيق. وطيف الخيال، للشريف المرتضى. ولطائف المعارف، للثعالبى، ودواوين: عمرو بن قميئة، والمتلمّس الضبعى، والمثقّب العبدىّ، وقد جرى فى إخراج هذه الدواوين على نهج معجب فى التخريج والتحقيق. (¬2) ليس هذا من التفصيل المملّ، ولكنه تاريخ ينبغى أن يسجّل لهؤلاء الشيوخ العظام، وما يبذلونه لتلاميذهم، سخيّة نفوسهم، طيّبة قلوبهم. ولم يكن هذا صنيع الشيخ معى وحدى، بل كان هذا دأبه وديدنه مع سائر تلاميذه ومحبّيه، ولكنّ أكثر الناس يجحدون.

اللهم اغفر زلاّتى وآمن روعاتى، واجبرنى وعافنى واعف عنى، وبارك لى فى ذرّيتى، وزدنى علما، وتقبّل منى صالح عملى، وتجاوز لى عن سيّئه؛ فإن الأمر كلّه لك، بيدك الخير وأنت على كلّ شيء قدير. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. وصلّى الله وسلّم وبارك على سيّدنا محمد خاتم الأنبياء وسيّد المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين. وكتب أبو محمد محمود محمد الطناحى 6 شارع بشّار بن برد-المنطقة السادسة-مدينة نصر-القاهرة فى يوم: الجمعة 28 من جمادى الآخرة 1412 هـ‍ 3 من يناير 1992 م

الباب الأول ابن الشجرى حياته وعصره

بسم الله الرحمن الرحيم الباب الأول ابن الشجرى حياته وعصره هو الشريف (¬1) ضياء الدين أبو السعادات هبة الله بن على بن محمد بن حمزة، ينتهى نسبه إلى الحسن (¬2) بن على بن أبى طالب، رضى الله عنهما. ويعرف بابن الشجرى. وقد اختلف فى هذه النسبة، فقال ياقوت: «نسبة إلى بيت الشجرى من قبل أمه» وقال ابن خلكان: «هذه النسبة إلى شجرة، وهى قرية من أعمال المدينة، على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، وشجرة أيضا: اسم رجل، وقد سمت به العرب ومن بعدها، وقد انتسب إليه خلق كثير من العلماء وغيرهم، ولا أدرى إلى من ينتسب الشريف المذكور منهما، هل هو نسبة إلى القرية، أم إلى أحد أجداده، كان اسمه شجرة، والله أعلم». ¬

(¬1) ترجمته فى: نزهة الألباء ص 404 - 406، وأيضا ص 392 (فى أثناء ترجمة الزمخشرى)، وخريدة القصر (قسم العراق) الجزء الثالث-المجلد الأول ص 52 - 54، والمنتظم 10/ 130، ومعجم الأدباء 19/ 282 - 284، وإنباه الرواة 3/ 356،357، وتهذيب الأسماء واللغات، الجزء الثانى من القسم الثانى ص 132 (فصل «ما» من حرف الميم) ووفيات الأعيان 5/ 96 - 100، والعبر 4/ 116، والمشتبه ص 354، وتاريخ الإسلام 13/ 115، وسير أعلام النبلاء 20/ 194، والبدر السافر، ورقة 219، والوافى بالوفيات 27/ 122 - 124، وفوات الوفيات 2/ 610 - 614، والترجمة فيه منتزعة من وفيات الأعيان ومرآة الجنان 3/ 275،276، والبداية والنهاية 12/ 223، والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد ص 248، والبلغة فى تاريخ أئمة اللغة ص 278، وعمدة الطالب فى أنساب آل أبى طالب ص 188، والنجوم الزاهرة 5/ 281، وبغية الوعاة 2/ 324، والمزهر 2/ 468، وشذرات الذهب 4/ 132 - 134، وكشف الظنون صفحات 162،174،413،692،1563،1573، والدرجات الرفيعة فى طبقات الشيعة ص 516 - 519، وتاج العروس (شجر) 12/ 138، وأعيان الشيعة 51/ 48. (¬2) وصل بعضهم النسب إلى الحسن رضى الله عنه، ووقع بينهم اختلاف فى سلسلة النسب، ولذلك اكتفيت بما اكتفى به أبو البركات الأنبارى، وابن الجوزى، والقفطى، وابن خلكان.

ونقل الصفدى عن بعضهم أنه كانت فى دارهم شجرة، ليس فى البصرة غيرها، ومثل هذا حكى السيوطى، لكن عنده: «ليس فى البلد غيرها». وجاء بهامش مطبوع عمدة الطالب، نقلا عن مخطوطته: «الشجرى منسوب إلى شجرة، وهى قرية مشرفة على الوادى، على سبعة أميال من المدينة». ولد ابن الشجرى ببغداد فى شهر رمضان، سنة خمسين وأربعمائة، وتوفى بها فى شهر رمضان (¬1) سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة. ودفن من الغد فى داره بالكرخ، وأمّ الناس فى الصلاة عليه أبو الحسن على بن الحسين الغزنوى الواعظ. ولم تذكر كتب التراجم شيئا عن أسرة ابن الشجرى، سوى أن والده كان نقيبا للطالبيين بالكرخ، ثم ذكر ابن عنبة فى «عمدة الطالب» أن عقب ابن الشجرى انقرض، وأن لأخيه بقيّة بالنيل والحلّة. ¬

(¬1) اختلف المترجمون فى تحديد يوم الوفاة، لكنهم أجمعوا على أنه توفى فى شهر رمضان.

عصر ابن الشجرى

عصر ابن الشجرى عاصر ابن الشجرى من خلفاء بنى العباس: القائم بأمر الله (467 هـ‍)، والمقتدى بأمر الله (487 هـ‍)، والمستظهر بالله (512 هـ‍)، والمسترشد بالله (529 هـ‍)، والراشد بالله (532 هـ‍) والمقتفى لأمر الله (555 هـ‍). وقد ولد ابن الشجرى ومات ببغداد، كما ترى، وبغداد يومئذ تحت سلطان السلاجقة الذين دخلوها (¬1) عام سبعة وأربعين وأربعمائة، بقيادة محمد بن ميكائيل ابن سلجوق المعروف بطغرل بك، الذى عمل مع جنده على إعادة الخليفة العباسى القائم بأمر الله، من الحديثة إلى بغداد، ورجع الخطبة باسمه، ثم أزال ملك بنى بويه من العراق وغيره. وقد أفاض المؤرخون فى الحديث عن التحولات السياسية والاجتماعية التى طرأت على المجتمع البغدادى فى ظل الدولة السلجوقية، والذى يعنينا فى هذا المجال حركة الفكر والثقافة، وأود أن أشير إلى أمر هام، يغفل عنه كثير من الدراسين، حين يسرفون فى تقسيم العصور إلى عصور علو وعصور انحطاط، فالمتتبع لحركة الفكر العربى فى عصوره المختلفة يروعه هذا الحشد الهائل من العلماء وطلاب المعرفة، فلم يكد ينتصف القرن الثانى الهجرى حتى اندفع العلماء فى الجمع والتصنيف، فعمرت حلقات الدرس بالطلاب، وزخرت المكتبات بالتآليف فى شتى فروع الثقافة، وقد شمل هذا النشاط العالم الإسلامى كله، مشرقة ومغربه، ولم يفضل عصر أو مصر سواهما إلا ما يكون من بعض الفروق الهيّئة التى تفرضها طبائع الزمان والمكان، أما حركة العقل العربى من حيث هى فلم تخمد جذوتها، ولم تسكن حدّتها، بتغير الحكام أو تبدل الأيام، وإن أردت أن تعرف صدق ما أقول فانظر إلى ما اشتمل عليه القرنان السادس والسابع، من كبار المفكرين والعلماء، مع أن هذين القرنين قد شهدا أعنف هجوم تعرضت له الأمة الإسلامية: الحروب الصليبية والغزوة التترية، وقد كان هذا الهجوم الكاسح كفيلا بالقضاء على الأمة الإسلامية، لولا دفع الله وصيانته، بما أودعه فى روح العقيدة الإسلامية من عوامل النماء والبقاء والازدهار. ¬

(¬1) تاريخ دولة آل سلجوق ص 9.

فهذا العصر السلجوقى الذى عاش فيه ابن الشجرى لم يتميز على غيره من العصور، من حيث وفرة العلماء وكثرة التصنيف، إلا ما كان من التوسّع فى إنشاء المدارس، فلم يعد المسجد هو المكان الوحيد الذى يتحلّق فيه التلاميذ وطلاب المعرفة، بل ظهر إلى جواره المدارس التى تنافس سلاطين السلاجقة ووزراؤها فى بنائها، ويبرز من بين رجالات هذا العصر وزير كبير، هو نظام الملك الحسن بن على بن إسحاق الطوسى، المولود فى سنة ثمان وأربعمائة، والمقتول بيد الباطنية سنة خمس وثمانين وأربعمائة. وهذا الرجل كان من جلّة الوزراء. «وكانت مجالسه معمورة بالعلماء، مأهولة بالأئمة والزهاد، لم يتفق لغيره ما اتفق له من ازدحام العلماء عليه، وتردادهم إلى بابه، وثنائهم على عدله، وتصنيفهم الكتب باسمه (¬1)». وقد بنى نظام الملك أشهر مدرسة فى تاريخ المدارس الإسلامية، وهى المدرسة النظامية ببغداد، سنة 457، ثم بنى مدارس أخرى فى عواصم كثيرة، فيقال: إن له فى كل مدينة بالعراق وخراسان مدرسة. وقد أقام نظام الملك هذه المدارس على أسس مذهب السنة، ليحارب المذاهب الأخرى كالشيعة والباطنية، ثم وقف عليها ضياعا وحمامات ودكاكين للإنفاق عليها، ويقال: إن نظام الملك هو أول من قدّر المعاليم للطلبة (¬2). ثم تنافس وزراء السلاجقة بعد ذلك فى تأسيس المدارس وجلب العلماء إليها. وقد شهد هذا العصر كوكبة من أفذاذ الفقهاء والعلماء فى مختلف فروع الفكر الإسلامى، أذكر منهم إمام الحرمين الجوينى وأبا إسحاق الشيرازى والقشيرى وأبا حامد الغزالى وأبا الوفاء بن عقيل والدامغانى والزوزنى وعبد القاهر الجرجانى والخطيب البغدادى وأبا سعد السمعانى والميدانى والتبريزى والزمخشرى والجواليقى وابن الخشاب وأبا البركات الأنبارى. وقد كان لابن الشجرى خصوصية ببعض هؤلاء الأعلام: فقد تلمذ للتبريزى، وأخذ عنه اللغة والأدب، ثم كان شيخا لابن الخشاب وأبى البركات ¬

(¬1) طبقات الشافعية 4/ 313. (¬2) المصدر السابق.

الأنبارى، وحكى ابن خلكان فى ترجمة ابن الشجرى، قال: «وذكره الحافظ أبو سعد السمعانى فى كتاب الذيل (¬1)، وقال: اجتمعنا فى دار الوزير أبى القاسم على بن طراد الزينبى وقت قراءتى عليه الحديث، وعلقت عنه شيئا من الشعر فى المدرسة، ثم مضيت إليه وقرأت عليه جزءا من أمالى أبى العباس ثعلب النحوى». أما الإمام الزمخشرى، فقد ذكر أبو البركات الأنبارى فى ترجمته (¬2)، قال: «وقدم إلى بغداد للحج، فجاءه شيخنا الشريف ابن الشجرى، مهنئا له بقدومه، فلما جالسه أنشده الشريف، فقال: كانت مساءلة الركبان تخبرنى … عن أحمد بن دواد أطيب الخبر (¬3) حتى التقينا فلا والله ما سمعت … أذنى بأحسن ممّا قد رأى بصرى وأنشده أيضا: وأستكثر الأخبار قبل لقائه … فلما التقينا صغّر الخبر الخبر (¬4) وأثنى عليه، ولم ينطق الزمخشرى حتى فرغ الشريف من كلامه، فلما فرغ، شكر الشريف وعظّمه وتصاغر له، وقال: إن زيد الخيل دخل على رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فحين بصر بالنبى صلّى الله عليه وسلم رفع صوته بالشهادة، فقال له الرسول صلّى الله عليه وسلم: «يا زيد الخيل، كل رجل وصف لى وجدته دون الصفة، إلا أنت، فإنك فوق ما وصفت»، وكذلك أنت يا أيها الشريف (¬5)، ودعا له وأثنى عليه. قال: فتعجب الحاضرون من كلامهما، لأن الخبر كان أليق بالشريف، والشعر أليق بالزمخشرى». ¬

(¬1) يريد الذيل على تاريخ بغداد للخطيب البغدادى. (¬2) نزهة الألباء، الموضع المذكور من قبل. (¬3) البيتان ينسبان لابن هانئ الأندلس، يقولهما فى جعفر بن فلاح. راجع وفيات الأعيان 1/ 362،5/ 97، وأنشدهما من غير نسبة ابن الشجرى فى حماسته ص 406، والرواية عنده وعند ابن خلكان: «عن جعفر بن فلاح أطيب الخبر». ورواه شارح شواهد الكشاف 4/ 341: «عن أحمد بن سعيد». وذكر القصة. (¬4) للمتنبى فى ديوانه 2/ 155. (¬5) فى نزهة الألباء: «وكذلك الشريف» وأثبت ما فى شرح شواهد الكشاف. وفى رواية ياقوت فى معجم الأدباء 19/ 129: «وكذلك سيدنا الشريف».

شيوخه

شيوخه تلمذ ابن الشجرى لمشيخة جليلة من علماء عصره، وأنا ذاكرهم بترتيب وفياتهم: 1 - الشريف أبو المعمّر يحيى بن محمد بن طباطبا العلوى. كان عالما بالشعر والأدب، وإليه انتهت معرفة نسب الطالبيين فى وقته. توفى سنة 478 هـ‍ (¬1). 2 - أبو الحسن على بن فضّال المجاشعى القيروانى. صاحب المصنفات فى العربية والتفسير. توفى سنة 479 هـ‍ (¬2). 3 - أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار بن أحمد بن القاسم الصيرفى. من كبار الحفاظ، يقال: كان عنده ألف جزء بخط الدارقطنى. توفى سنة 500 هـ‍، وقد روى ابن الشجرى عنه كتاب «المغازى» لسعيد بن يحيى الأموى، كما ذكر الذهبى فى سير أعلام النبلاء (¬3). 4 - أبو زكريا يحيى بن على الخطيب التّبريزى. من أئمة النحو واللغة والأدب والعروض توفى سنة 502 هـ‍، وسأخصه بكلمة فى حديثى عن مصادر ابن الشجرى. وقد ذكر صاحب كتاب (¬4) «نضرة الإغريض» شيئا من مرويات ابن الشجرى عن شيخه التبريزى، قال: «وروى لى الغزنوى عن هبة الله المعروف بابن الشجرى، قال: حدثنى أبو زكريا التبريزى، قال: كنت أسأل المعرى عن شعر أقرؤه عليه، فيقول لى: هذا نظم جيد، فإذا مرّ به بيت جيد، قال: يا أبا زكريا هذا هو الشعر». 5 - أبو على محمد بن سعيد بن نبهان الكرخى الكاتب، مسند العراق، وهو صاحب شعر وأدب، وكان فيه تشيع. توفى سنة 511 هـ‍ (¬5). ¬

(¬1) نزهة الألباء ص 370. (¬2) العبر 3/ 295. (¬3) الموضع المذكور فى صدر الترجمة. (¬4) نصرة الإغريض ص 11. (¬5) العبر 4/ 25.

6 - أبو البركات عمر بن إبراهيم بن محمد العلوى الزيدى الكوفى. من أئمة النحو واللغة والفقه والحديث. توفى سنة 539 هـ‍. قال القفطى فى ترجمته (¬1): «وسافر إلى الشام وأقام بدمشق مدة، ثم بحلب مدة، وقرأ بها «الإيضاح» لأبى على الفارسى، فى سنة خمس وخمسين وأربعمائة، على رجل يقال له: أبو القاسم زيد ابن على الفارسى، عن خاله أبى على الفارسى، وروى هذا الشريف الكتاب-أعنى الإيضاح-بهذا الطريق بالكوفة، المدة الطويلة، وأخذه عنه بهذا السبيل الجمّ الغفير من علماء الرواة والنحاة». 7 - أبو الفرج سعيد بن على السّلالى الكوفى. ذكر تلمذة ابن الشجرى له: ياقوت والصفدى والسيوطى، ولم أقف له على ترجمة، وقد ذكره ابن الشجرى فى المجلس السادس والستين من الأمالى، ونقل من خطه فائدة عن أبى العلاء المعرى. هؤلاء هم شيوخ ابن الشجرى الذين ذكرهم مترجموه، ولم يصرح ابن الشجرى فى «أماليه» بأىّ منهم، إلا بأبى الفرج السّلالى وأبى المعمر بن طباطبا، والتبريزى، أما ابن طباطبا، فقد كان يفتخر به، وقد ذكره مرة واحدة فى الأمالى، فى إنشاد شعر لحاجب بن زرارة (¬2)، وأما التبريزى فقد صرح بالنقل عنه فى غير. موضع من الأمالى، ثم تعقبه فى بعض شروحه على شعر المتنبى، ويأتى هذا-إن شاء الله-فى الحديث عن مصادر ابن الشجرى. وقد أنشد ابن الشجرى عن الطغرائى شيئا من شعره (¬3). والطغرائى هو إسماعيل بن على، وهو صاحب «لامية العجم» الشهيرة. توفى سنة 513 هـ‍. هذا وقد ذكر محققا كتاب «الجمان فى تشبيهات القرآن» لابن ناقيا البغدادى، ذكرا أن ابن الشجرى (¬4) قد تلمذ لابن ناقيا، وأنه أثنى على مصنفاته، ¬

(¬1) إنباه الرواة 2/ 324، وانظر تلمذة ابن الشجرى له فى البغية 2/ 215. (¬2) الأمالى-المجلس السابع عشر. وانظر معجم الأدباء 20/ 33. (¬3) وفيات الأعيان-الموضع المذكور فى صدر الترجمة. (¬4) مقدمة تحقيق «الجمان» للدكتورين عدنان زرزور، ومحمد رضوان الداية. الكويت 1968 م.

وأنه سمع منه كتابه «الجمان» ثم نقلا عن ابن الشجرى قوله فى وصف ابن ناقيا: «شاعر مطبوع»، ثم قوله فى وصف الكتاب: «سمعته منه ولم يسبق إلى مثله». ولست أعرف من أين جاء المحققان بهذا الكلام، فقد تتبعت ترجمة ابن الشجرى ثم ترجمة ابن ناقيا، فلم أجد أحدا ذكر علاقة بين الرجلين، ثم رأيت الدكتور مصطفى الصاوى الجوينى قد نبّه على هذا الوهم، وذكر أن قائل هذا الكلام فى وصف ابن ناقيا، وفى وصف كتابه هو أبو نصر هبة الله بن على بن المجلى (¬1). ¬

(¬1) راجع مقدمة الدكتور الجوينى لتحقيق كتاب «الجمان». الطبعة المصرية. منشأة المعارف بالإسكندرية 1974 م.

تلاميذه

تلاميذه جلس ابن الشجرى للناس جلوسا عامّا، حين أملى «الأمالى»، وقد أقرأ أيضا كتابه «الانتصار» الذى ردّ به على انتقادات ابن الخشاب، ثم كانت له حلقة بجامع المنصور، يوم الجمعة، يقرئ الناس فيها الأدب والنحو، فكثر تلاميذه والآخذون عنه، على أن كتب التراجم قد أفردت بعض هؤلاء التلاميذ بالذكر، فى ترجمة ابن الشجرى، ثم فى تراجم هؤلاء التلاميذ أنفسهم، وأنا ذاكرهم-كما صنعت فى ذكر شيوخه-بحسب وفياتهم: 1 - أبو منصور محمد بن إبراهيم بن زبرج العتّابى. له معرفة بالنحو واللغة وفنون الأدب. توفى سنة 556 هـ‍ (¬1). 2 - أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعانى. الحافظ الكبير، صاحب كتاب «الأنساب» وغيره، توفى سنة 562 هـ‍، وقد قرأ على ابن الشجرى جزءا من «أمالى ثعلب» كما سبق. 3 - أبو الغنائم حبشىّ بن محمد بن شعيب الواسطى الضرير، النحوى المقرئ، توفى سنة 565 هـ‍ (¬2) وقد ذكره ابن الشجرى فى المجلس الحادى والثلاثين من «الأمالى» مجيبا له عن بعض مسائل من الإعراب، وقد رأيت سماعا لحبشى هذا على ابن الشجرى، بآخر نسخة الرباط من «الأمالى» وتاريخ هذا السماع سنة 539 هـ‍. 4 - أبو محمد عبد الله بن أحمد، المعروف بابن الخشاب النحوى البغدادى، من كبار النحاة المعاصرين لابن الشجرى، وهو صاحب كتاب «المرتجل فى شرح الجمل» لعبد القاهر الجرجانى. أخذ عن ابن الشجرى، ثم أورد عليه بعض الانتقادات، يأتى ذكرها فى حديثى عن «الأمالى». توفى سنة 567 هـ‍. ¬

(¬1) معجم الأدباء 18/ 251، وفيات الأعيان 4/ 22، بغية الوعاة 1/ 173. (¬2) معجم الأدباء 7/ 214، إنباه الرواة 1/ 337، نكت الهميان ص 133.

5 - أبو الحسن على بن أحمد بن بكرى-ويقال: على بن عمر بن أحمد ابن عبد الباقى بن بكرى. خازن كتب المدرسة النظامية. توفى سنة 575 هـ‍ (¬1). 6 - أبو الحسن على بن عبد الرحيم بن الحسن السلمى الرّقّى البغدادى المعروف بابن العصار. من علماء النحو واللغة. توفى سنة 576 هـ‍ (¬2). 7 - أبو البركات عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله الأنبارى. صاحب «الإنصاف فى مسائل الخلاف بين البصريين والكوفيين». ومن كبار علماء العربية فى القرن السادس، ومن أنبه تلاميذ ابن الشجرى، توفى سنة 577 هـ‍، وقد أفردته بكلمة فى حديثى عن أثر ابن الشجرى فى الدراسات النحوية. 8 - أبو الفرج محمد بن أحمد بن حمزة بن جيا. الشاعر الأديب. توفى سنة 579 هـ‍ (¬3). 9 - أبو العباس الخضر بن ثروان بن أحمد الثعلبى الضرير. توفى سنة 580 هـ‍ (¬4). 10 - أبو محمد الحسن بن على بن بركة النحوى المقرئ الفرضى، المعروف بابن عبيدة-بفتح العين-توفى سنة 582 هـ‍ (¬5). 11 - أبو الفرج محمد بن الحسين بن على الجفنى النحوى اللغوى، المعروف بابن الدباغ. توفى سنة 584 هـ‍ (¬6). ¬

(¬1) بغية الوعاة 2/ 142. (¬2) معجم الأدباء 14/ 10، إنباه الرواة 1/ 337، وفيات الأعيان 3/ 25. (¬3) معجم الأدباء 17/ 270، المحمدون من الشعراء ص 47، بغية الوعاة 1/ 23. (¬4) معجم الأدباء 11/ 59، إنباه الرواة 1/ 356، نكت الهميان ص 149، طبقات الشافعية 7/ 82. (¬5) معجم الأدباء 9/ 40، إنباه الرواة 1/ 316، طبقات القراء 1/ 224. (¬6) -إنباه الرواة 3/ 113، المحمدون من الشعراء ص 342، الوافى بالوفيات 3/ 5.

12 - أبو الحسن على بن المبارك بن على القمّى، المعروف بابن الزاهدة النحوى. توفى سنة 594 هـ‍ (¬1). 13 - أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد البغدادى. من كبار الحفاظ، توفى سنة 607 هـ‍، وقد روى «الأمالى» عن ابن الشجرى، وأقرأها بدمشق، وترجمت له فى صدر المجلس الأول من «الأمالى». 14 - أبو اليمن تاج الدين زيد بن الحسن الكندى، الإمام النحوى اللغوى المقرئ المحدث الحافظ. توفى سنة 613 هـ‍. قال ابن الجزرى (¬2) فى ترجمته: «وتلقن القرآن على سبط الخياط وله نحو من سبع سنين، وهذا عجيب، وأعجب من ذلك أنه قرأ القراءات العشر وهو ابن عشر، وهذا لا يعرف لأحد قبله، وأعجب من ذلك طول عمره وانفراده فى الدنيا بعلو الإسناد فى القراءات والحديث، فعاش بعد أن أقرأ القراءات ثلاثا وثمانين سنة، وهذا ما نعلمه وقع فى الإسلام». وقد قرأ الكندى على ابن الشجرى «الإيضاح» لأبى على الفارسى، و «اللمع» لابن جنى، وقد وجدت له تعليقات على مخطوطة «الأمالى» نقلتها فى حواشى التحقيق. هذا وقد ذكر الذهبى فى «سير أعلام النبلاء» تلاميذ آخرين لابن الشجرى، لم أر فائدة من التطويل بذكرهم، ولأنهم لم يشتهروا شهرة من ذكرتهم. ¬

(¬1) معجم الأدباء 14/ 108، إنباه الرواة 2/ 318. (¬2) طبقات القراء 1/ 297، وانظر إنباه الرواة 2/ 10.

علمه وخلقه

علمه وخلقه استفاضت كتب التراجم بالثناء على ابن الشجرى، ووصفه بالجلالة وغزارة العلم، فيصفه تلميذه أبو البركات الأنبارى بأنه «كان فريد عصره ووحيد دهره فى علم النحو، وكان تامّ المعرفة باللغة، وكان فصيحا حلو الكلام حسن البيان والإفهام». ثم قال فى آخر الترجمة: «وكان الشريف ابن الشجرى أنحى من رأينا من علماء العربية، وآخر من شاهدنا من حذاقهم وأكابرهم». وقال ياقوت عنه: «كان أوحد زمانه وفرد أوانه فى علم العربية، ومعرفة اللغة وأشعار العرب وأيامها وأحوالها، متضلعا من الأدب، كامل الفضل. . . وأقرأ النحو سبعين سنة». ويقول ابن النجار-فيما حكى عنه الذهبى فى سير أعلام النبلاء-: «ابن الشجرى شيخ وقته فى معرفة النحو، درس الأدب طول عمره، وكثر تلامذته وطال عمره». وقال الذهبى فى «تاريخ الإسلام»: «أحد الأئمة الأعلام فى علم اللسان. . . وطال عمره، وانتهى إليه علم النحو، ومتّع بحواسّه وجوارحه». وبمثل هذه الأقوال قال كل من ترجم لابن الشجرى، ثم امتدحوا «أماليه» بما أنا ذاكره فى موضعه إن شاء الله. وقد تجلى علم ابن الشجرى فى هذه المعارف التى ملأ بها كتابه «الأمالى»، والتى تدل على تبحره وعلوّ مقامه، ويأتى الكلام على ذلك كلّه مبسوطا فى الباب الثانى من هذه الدراسة. وكما أثنى المترجمون على علمه أثنوا على خلقه، فيقول أبو البركات الأنبارى: «وكان وقورا فى مجلسه، ذا سمت حسن، لا يكاد يتكلم فى مجلسه بكلمة إلا وتتضمن أدب نفس أو أدب درس، ولقد اختصم إليه يوما رجلان من العلويين، فجعل أحدهما يشكو ويقول عن الآخر: إنه قال فىّ كذا وكذا، فقال له الشريف: «يا بنى احتمل، فإن الاحتمال قبر المعايب». قال الأنبارى: «وهذه كلمة حسنة نافعة، فإن كثيرا من الناس تكون لهم

عيوب، فيغضون عن عيوب الناس، ويسكتون عنها، فتذهب عيوب لهم كانت فيهم، وكثير من الناس يتعرضون لعيوب الناس، فتصير لهم عيوب لم تكن فيهم». ويقول عنه ابن النجار: «وكان حسن الخلق رفيقا». ولن يغضّ من هذا الوصف الكريم الذى وصف به ابن الشجرى ما تراه فى «الأمالى» من هجومه الحادّ وتجريحه العنيف لمن خالفهم أو خالفوه، صنيعه مع مكى بن أبى طالب، ثم مع تلميذه ابن الخشاب، ومعاصره أبى نزار الحسن بن صافى، المعروف بملك النحاة (¬1)، وقد استعمل ابن الشجرى فى هجومه هذا ألفاظا كان الأولى به الإمساك عنها، ولكنها غضبة العالم حين يرى حدّا من حدود العلم قد انتهك. ¬

(¬1) حديث مكى تراه فيما يأتى عن مصادر ابن الشجرى، وابن الخشاب فى الكلام عن انتقادات «الأمالى» وملك النحاة فى المجلس الثامن والخمسين من الأمالى.

مذهبه

مذهبه ابن الشجرى من ذرية جعفر بن الحسين بن الحسن بن على بن أبى طالب، رضى الله عنهم، فهو حسنى علوى، وقد عدّه مؤرخو (¬1) الشيعة من مشايخ الإمامية وأكابر علمائهم. وقد تولى ابن الشجرى نقابة الطالبيين بالكرخ نيابة عن والده (¬2) الطاهر، وهو منصب دينى رفيع، يكون لمن يتولاه رعاية شئون أتباعه وتفقد أحوالهم، وتقسيم الأموال عليهم، وإليه معرفة أنسابهم وحفظها. ومع انتماء ابن الشجرى للعلويّة، وكونه من أكابر علماء الإمامية، لم يؤثر عنه أنه ألّف أو كتب شيئا عن عقيدة القوم وأصول مذهبهم، بل دارت تصانيفه فى فلك النحو واللغة والأدب، ولم يظهر فى شيء من تصانيفه-وبخاصة الأمالى وهى أعظم تصانيفه-شيء من عقائد الشيعة أو أصول الإمامية، إلا ما كان من حكاية أقوال سيدنا على بن أبى طالب (¬3) رضى الله عنه، وكلامه كرم الله وجهه فى الذروة من الفصاحة والبلاغة، إذ كان مشتملا على كريم الألفاظ وشريف المعانى، والاستشهاد بكلام الإمام على، ليس وقفا على الشيعة، فأنت تراه فى كتبهم وكتب مخالفيهم، من علماء اللغة والأدب والبلاغة. على أن استشهاد ابن الشجرى بكلام الإمام لم يأت مفتعلا متكلّفا، بل جاء فى حاقّ موضعه من الاستشهاد على مسائل النحو واللغة، ثم إن ابن الشجرى قد استشهد أيضا بكلام سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه، على خروج النداء إلى الاستغاثة (¬4)، ثم ترضّى عليه، وعلى سيدنا أبى بكر الصديق، وسيدنا عثمان بن عفان، رضى الله عنهم أجمعين (¬5). ¬

(¬1) راجع الدرجات الرفيعة، وأعيان الشيعة، الموضع المذكور فى صدر الترجمة. (¬2) جاء فى بعض مصادر ترجمة ابن الشجرى: «نيابة عن ولد الطاهر» وفى بعضها: «نيابة عن الطاهر» وقد صحح العلامة الشيخ محمد بهجة الأثرى أن الصواب: «والده الطاهر» كما فى وفيات الأعيان وغيره. راجع الموضع المذكور من الخريدة فى صدر الترجمة. (¬3) راجع الأمالى-المجلس الخامس والثلاثين، والثانى والستين (فى موضعين). (¬4) المجلس الخامس والثلاثون من الأمالى. (¬5) المجلس السادس والعشرون.

وليس من التشيع أيضا استشهاده بشعر الشريف الرضى (¬1)، وشرحه المستفيض لقصيدة من قصائده الجياد، فالشريف الرضى من فحول شعراء العربية، وتأمل شعره وشرحه حقّ على كل ذى بيان. ثم ليس من التشيع الخالص أخيرا ما حكاه ابن الشجرى من قول الإمام الحسن البصرى، فى وصف سيدنا على بن أبى طالب كرم الله وجهه، قال (¬2): «وقال رجل للحسن البصرى: يا أبا سعيد إن العامة تزعم أنك تبغض عليا، فأكب يبكى طويلا، ثم رفع رأسه، وقال: والله لقد فارقكم بالأمس رجل كان سهما من مرامى الله على أعدائه، ربّانىّ هذه الأمة، ذو شرفها وفضلها، وذو قرابة من رسو الله صلى الله عليه وآله وسلم قريبة، لم يكن بالنّومة عن حق الله، ولا بالغافل عن أمر الله، ولا بالسّروقة من مال الله، أعطى القرآن عزائمه فى ماله وعليه، فأشرف منها على رياض مؤنقة وأعلام بيّنة، ذلك على بن أبى طالب يا لكع». فلو لم يكن فى هذا الكلام إلا ما تراه من حلاوة اللفظ وكمال المعنى، لكان ذلك من أقوى الأسباب إلى نشره وإذاعته. ¬

(¬1) انظر ما يأتى عن الاستشهاد عند ابن الشجرى. (¬2) المجلس السابع والخمسون، وساقه ابن الشجرى شاهدا على استعمال «يا لكع» فى النداء.

هل كان ابن الشجرى معتزليا؟

هل كان ابن الشجرى معتزليّا؟ العلاقة وثيقة بين التشيّع والاعتزال، فقد ذكر كثير من الباحثين قديما وحديثا أن الشيعة وافقوا المعتزلة فى كثير من أصولهم، وذكروا أيضا أن زيد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب-وهو رأس الشيعة والزيدية-قد تلمذ فى الأصول لواصل بن عطاء، رأس المعتزلة، واقتبس منه علم الاعتزال. ولم يذكر أحد من مترجمى ابن الشجرى أنه معتزلى، لكنك تجد فى «الأمالى» شيئا من مصطلحات المعتزلة وأفكارهم، فمن ذلك استعمال ابن الشجرى تعبير «المنزلة بين المنزلتين»، وهو من مبادئ المعتزلة الخمسة المشهورة، قال فى رده على معاصره ملك النحاة (¬1): «وقد كان شافهنى هذا المتعدّى طوره بهذا الهراء الذى ابتدعه، والهذاء الذى اختلفه واخترعه، فقلت له: إن ضمة المنادى لها منزلة بين منزلتين، فقال منكرا لذلك: وما معنى المنزلة بين المنزلتين؟ فجهل معنى هذا القول، ولم يحسّ بأن هذا الوصف يتناول أشياء كثيرة من العربية، كهمزة بين بين، التى هى بين الهمزة والألف، أو الهمزة والياء، أو الهمزة والواو، وكألف الإمالة التى هى بين ألف التفخيم والياء، وكالصاد المشربة صوت الزاى، وكالقاف التى بين القاف الخالصة والكاف». على أن استعمال ابن الشجرى لذلك المصطلح المعتزلى فى هذا السياق يؤذن بأنه استعمال لغوى، بمعنى التوسّط، ليس غير. وأصرح من ذلك ما ذكره ابن الشجرى فى تأويل قوله تعالى: {وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا}، قال (¬2): «ومعنى أغفلنا قلبه: وجدناه غافلا، كقولك: لقيت فلانا فأحمدته، أى وجدته محمودا». ¬

(¬1) الأمالى-المجلس الثامن والخمسون. وانظر هذا المصطلح المعتزلى أيضا فى المجلس العاشر. (¬2) الأمالى-المجلس الثانى والعشرون.

وقد وجدت بهامش أصل الأمالى حاشية، تعليقا على هذا الذى ذكره ابن الشجرى، قال كاتب الحاشية: «قال شيخنا الإمام العلامة جمال الدين بن هشام، أبقاه الله سبحانه: هذه المقالة-أعنى كون «أغفلنا» بمعنى وجدناه غافلا، تقدمه إليها ابن جنى، نص عليها فى «المحتسب» وغيره، وحامله عليها الاعتزال». وابن هشام يشير إلى قاعدة المعتزلة المعروفة، أن الله لا يخلق فعل الضلال والمعصية، وإنما ذلك من فعل العبد.

شعره

شعره نظم ابن الشجرى الشعر، كما ينظم العلماء، فجاء خاليا من النّفس الشعرىّ الذى يسرى فى قصيد الشعراء، وقد نبّه على هذا الأقدمون، فيقول العماد الأصفهانى (¬1): «وفضله أعلى من شعره»، وقال فى موضع آخر (¬2): «وكان له شعر مقارب». ويقول الأدفوى (¬3): «وله نظم غير طائل» وقد حكم عليه معاصره أبو محمد الحسن بن أحمد بن حكّينا (¬4)، الشاعر، فكتب إليه: يا سيدى والذى يعيذك من … نظم قريض يصدا به الفكر ما فيك من جدّك النبىّ سوى … أنك ما ينبغى لك الشعر ومن شعر ابن الشجرى الذى أورده مترجموه، قوله: لا تمزحنّ فإن مزحت فلا يكن … مزحا تضاف به إلى سوء الأدب واحذر ممازحة تعود عداوة … إن المزاح على مقدّمة الغضب وقوله، وقد استجاده الأدفوى: هل الوجد خاف والدموع شهود … وهل مكذب قول الوشاة جحود وحتى متى تفنى شئونك بالبكا … وقد حدّ حدّا للبكاء لبيد (¬5) وإنى وإن لانت قناتى لضعفها … لذو مرّة فى النائبات شديد ¬

(¬1) الخريدة، الموضع المذكور فى صدر الترجمة. (¬2) الخريدة، قسم العراق-الجزء الثانى ص 235، فى أثناء ترجمة ابن حكينا. (¬3) البدر السافر، الموضع المذكور فى صدر الترجمة. (¬4) بكسر الحاء المهملة، وكسر الكاف أيضا مشدّدة، ويتصحّف فى بعض الكتب بالجيم (جكينا) نبّه عليه العلامة الزركلى، رحمه الله، فى الأعلام 2/ 195، عن تاج العروس (حكن). (¬5) يريد قول لبيد: إلى الحول ثم اسم السلام عليكما ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر

وقوله: وتجنّب الظلم الذى هلكت به … أمم تودّ لو أنها لم تظلم إياك والدنيا الدنيّة إنها … دار إذا سالمتها لم تسلم وهذا شعر كما ترى. ثم ذكروا له قصيدة طويلة فى مدح الوزير نظام الدين أبى نصر المظفر بن على ابن محمد بن جهير، أولها: هذى السديرة والغدير الطافح … فاحفظ فؤادك إننى لك ناصح (¬1) ثم أورد له محققا (¬2) الحماسة قصيدة غزلية، أولها: ليلة الرمل جددت لى وصالا ولم يذكر المحققان مرجعا لهذه القصيدة، ولم أجدها فيما بين يدىّ من تراجم ابن الشجرى. وقد أورد بهاء الدين العاملى (¬3) قصيدة رثاء، مطلعها: كلّ حىّ إلى الفناء يؤول … فتزوّد إن المقام قليل ونسبها إلى أبى السعادات الحسينى النحوى، فهل هو ابن الشجرى؟ فإن كان العاملى يعنى ابن الشجرى فيكون الصواب «الحسنىّ» بغير ياء. هذا وقد ذكر الأستاذ الزركلى (¬4) أن لابن الشجرى ديوان شعر مطبوعا، وهذا ما لم أعرفه، ولا ذكره أحد من مترجمى ابن الشجرى. ¬

(¬1) انظر تمامها فى وفيات الأعيان، الموضع المذكور فى صدر الترجمة. (¬2) مقدمة تحقيق الحماسة (ز). (¬3) الكشكول 1/ 140. (¬4) الأعلام 9/ 62.

مصنفاته

مصنّفاته طال عمر ابن الشجرى، وتوفّى عن اثنين وتسعين عاما، ومع ذلك لم تكثر تصانيفه، لاشتغاله بالتدريس والإقراء منذ صباه، فقد ذكر ياقوت أنه أقرأ النحو سبعين سنة، وقد دارت تآليفه فى فلك النحو واللغة والأدب، وهذا بيانها: 1 - الأمالى: وهو أكثر مصنفاته شهرة وذيوعا، وهذه الدراسة معقودة لها. 2 - الانتصار: وهو ردّه على انتقادات ابن الخشاب (¬1) على الأمالى. قال القفطي: «وهو كتاب على صغر جرمه فى غاية الإفادة، وملكته والحمد لله بخطه رحمه الله، وقد قرأه عليه الناس». وهذا الانتصار من الكتب المفقودة. 3 - الحماسة: وهى مجموعة قصائد (¬2) ومقطوعات وأبيات، اختارها ابن الشجرى على غرار ما فى الحماسات الأخرى، ولا سيما حماسة أبى تمام، لشعراء الجاهلية وصدر الإسلام والعصرين الأموى والعباسى. وقد أثنى العلماء على كتاب الحماسة، فيقول ابن خلّكان عنه: «ضاهى به حماسة أبى تمام الطائى، وهو كتاب غريب مليح أحسن فيه». وقد نقل العلامة البغدادى فى موسوعته «الخزانة» عن حماسة ابن الشجرى، وامتدحها، قال فى شرح قول مضرّس بن ربعىّ: وليل يقول الناس من ظلماته … سواء صحيحات العيون وعورها كأن لنا منه بيوتا حصينة … مسوحا أعاليها وساجا كسورها «(¬3) قال غلام ثعلب فى كتاب اليوم والليلة: يقال: إن أشعر ما قيل فى الظلمة قول مضرس. . . وكذلك قال الشريف ضياء الدين هبة الله بن على بن محمد ابن حمزة الحسنى، فى حماسته التى صنفها كحماسة أبى تمام، وزاد عليه أبوابا كثيرة، وأورد فيها أشعارا جيدة، وقد أجاد فى الاختيار والنقد عند ما أورد هذا الشعر فيها». ¬

(¬1) انظر ما يأتى عن انتقادات الأمالى. (¬2) راجع مقدمة تحقيق الحماسة، الطبعة الدمشقية. (¬3) خزانة الأدب 5/ 19.

وقد طبع كتاب الحماسة طبعة حجرية فى مصر سنة 1306 هـ‍، ثم طبع بمصر أيضا سنة 1326 هـ‍، وفى حيدرآباد الدكن بالهند سنة 1345 هـ‍ بتصحيح المستشرق الألمانى كرنكو، وآخر طبعاته الطبعة التى أصدرتها وزارة الثقافة بدمشق سنة 1970 م، وهى طبعة جيدة، قام على تحقيقها عبد المعين الملّوحى وأسماء الحمصىّ. ديوان مختارات الشعراء-مختارات أشعار العرب. 4 - الردّ على أبى الكرم بن الدبّاس (¬1) فى كتابه الذى سماه «المعلم» وهذا الكتاب لم يذكره أحد ممن ترجموا لابن الشجرى، أو كتبوا عنه، قديما وحديثا، وقد ذكره هو فى المجلس الثانى والثمانين من «الأمالى». وهذا «الردّ» من الكتب المفقودة، وهو الكتاب الوحيد من بين مصنفات ابن الشجرى الذى أشار إليه فى «الأمالى». 5 - شرح التصريف الملوكى، لابن جنى، وهو والذى بعده من الكتب المفقودة. 6 - شرح اللمع، لابن جنى أيضا. 7 - ما اتفق لفظه واختلف معناه، ومنه نسخة خطية ببرلين (¬2)، برقم (3142) باسم: معجم للمشترك اللفظى. وقد وجدت فى دفاترى القديمة اسم كتاب مخطوط لابن الشجرى، بعنوان «كتاب فى اللغة» محفوظ بمكتبة إسماعيل صائب بأنقرة (¬3)، ويحمل هذا المخطوط رقم (2459) فلعله هو كتاب «ما اتفق لفظه واختلف معناه». ¬

(¬1) هو المبارك بن الفاخر بن محمد النحوى البغدادى. توفى سنة 500 هـ‍، ترجمته فى نزهة الألباء ص 382، إنباه الرواة 3/ 256، وغير ذلك مما تراه فى حواشى الإنباه. (¬2) تاريخ الأدب العربى 5/ 165. (¬3) رأيت هذا المخطوط فى أثناء زيارتى لتركيا فى شتاء عام 1970 م، ولم أعن بتأمل أبوابه ومنهجه، إذ لم أكن وقتئذ معنيا بابن الشجرى.

8 - مختارات أشعار العرب، ويسمى ديوان مختارات الشعراء، ويعرف عند المحققين باسم مختارات ابن الشجرى. وقد طبع هذا الكتاب بمصر سنة 1306 هـ‍ طبعة حجرية، ثم فى سنة 1344 هـ‍-1926 م بمصر أيضا، بإشراف محمود حسن زناتى، ثم أعاد نشره على محمد البجاوى بالقاهرة سنة 1394 هـ‍- 1974 م. ومن هذا الكتاب نسخة بخط ابن الشجرى نفسه (¬1)، وخطه نسخى نفيس، يجرى على نمط خطوط القرن السادس الجيدة المضبوطة. 9 - شرح لاميّة العرب، للشّنفرى. وهذا الشرح لم يذكره أحد من الذين ترجموا لابن الشجرىّ، قديما وحديثا. وقد ذكره العلاّمة البغدادى، فى حديثه عن اللاميّة، لكنه ذكر أنه لم يره (¬2). وقد وقفت على نقل عنه، فى كتاب «الإكسير فى علم التفسير» لنجم الدين الطوفىّ الحنبلىّ، المتوفى سنة (716)، قال: «وابن الشجرىّ من أعيان أهل الأدب، حكى عن شرحه لامية العرب، أنه قال فيه فى قوله: «وأستفّ ترب الأرض» إن أصله استفعل. وقد عيب [عليه] لأنه وهم قبيح. . . ووزن أستف: أفتعل. والسّين أصل (¬3)». ... وهناك ملاحظة عامة على كتب ابن الشجرى المطبوعة: الأمالى والحماسة والمختارات، وهى أنها كلها خلت من مقدمة، كالتى نراها فى أول المصنفات، تبين عن منهج المؤلف، والدافع له إلى تأليف كتابه. وقد يدل هذا على أن ابن الشجرى كان يملى مصنفاته إملاء. ... ¬

(¬1) انظر نموذجا منه فى الأعلام 9/ 32 - الصفحة المقابلة. (¬2) الخزانة 3/ 341. (¬3) الإكسير ص 48،49، ومما ينبغى التنبيه عليه أن ابن الشجرى أورد «لامية الشنفرى» فى مختاراته ص 72 - 106، وذكر بعض الشروح اللغوية، وليس منها هذا الذى حكاه الطوفىّ.

الباب الثانى آراء ابن الشجرى النحوية

الباب الثانى آراء ابن الشجرى النحوية سلكت سبيلين فى التعرّف على آراء ابن الشجرى: ما ذكره هو نفسه من قوله: وهذا ما خطر لى، أو: والقول عندى كذا، أو: والصحيح كذا والاختيار كذا، أو: فتأمل ما استنبطته لك، ونحو ذلك. ثم ما أورده النحاة المتأخرون، كابن هشام والمرادى والسيوطى والبغدادى، من أقوال وآراء نسبوها إلى ابن الشجرى. وأريد أن أنبه بادىء ذى بدء إلى أنى وجدت فى «الأمالى» آراء كثيرة فى النحو والصرف واللغة، ساقها ابن الشجرى غير معزوّة إلى أحد ممن تقدمه، ولم أقطع بنسبتها إليه، لاحتمال وجودها فى كلام غيره ممن سبقه، وقد أمكننى عون الله وتوفيقه أن أردّ بعض هذه الآراء إلى أصحابها، وإذا كنت قد وقفت عند بعض هذه الآراء التى نسبها ابن الشجرى إلى نفسه أو نسبت إليه ورددتها إلى أصحابها من النحاة المتقدّمين، فما ظنّك بهذه الآراء التى جاءت فى «الأمالى» غير معزوّة ولا منسوبة؟ وقد وجدت كثيرا ممن يدرسون علما من الأعلام يحشدون آراءه حشدا، دون فصل بين ما قال وما حكى، وبعض مصنفى الكتب القديمة لم يعنوا بعزو كل رأى إلى قائله، خوفا من الإملال والإطالة، ولا نظنّ بهم إلا خيرا، هذا أمر، وأمر آخر أن حركة التأليف العربى عرفت لونا من ألوان التصنيف، تمثّل فى تلك الرسائل والكتب الصغيرة التى التقمتها الكتب الكبار، فضاعت فى غمارها وطويت فى لجّتها، وحين جاء أصحاب الموسوعات النحوية شغل بعضهم (¬1) بما انتهى إليهم ¬

(¬1) قلت: «بعضهم» لأخرج العلامة البغدادى، فقد ذكر فى موسوعته العظيمة «خزانة الأدب» كثيرا من هذه الرسائل الصغيرة، وحرص على عزو الآراء ونسبتها إلى أصحابها الحقيقيين.

من هذه الكتب الكبار فنسبوا الآراء إلى أصحاب هذه الكتب، ثم نسج على نولهم من جاء بعدهم (¬1). والأمر من قبل ومن بعد موكول إلى ثقافة الدارس ومحاولته التعرّف على مسار التأليف العربى، وإدراك العلائق بين الكتب: تأثرا أو نقدا أو شرحا أو اختصارا أو تذييلا، وهذا مفض لا محالة إلى التوقّف والحذر فى نسبة الآراء وعزوها. وهذه آراء ابن الشجرى، أسوقها بحسب تسلسلها فى «الأمالى» إلا إذا اقتضت المناسبة أن أجمع ما يتصل بالمسألة الواحدة فى مكان واحد: 1 - قسم ابن الشجرى التثنية إلى ثلاثة أضرب (¬2): تثنية لفظية وتثنية معنوية وردت بلفظ الجمع، وتثنية لفظية كان حقها التكرير بالعطف. وعن الضرب الثانى، وهو تثنية آحاد ما فى الجسد، كالأنف والوجه والبطن والظهر، نحو ضربت رءوس الرجلين، وشققت بطون الحملين، قال: «وربما استغنوا فى هذا النحو بواحد، لأن إضافة العضو إلى اثنين تنبئ عن المراد، كقولك: ضربت رأس الرجلين، وشققت بطن الحملين، ولا يكادون يستعملون هذا إلا فى الشعر، وأنشدوا شاهدا عليه: كأنه وجه تركيين قد غضبا … مستهدفين لطعن غير تذبيب وقد حكى البغدادى (¬3) هذا الكلام، ثم قال: «والعجب من ابن الشجرى فى حمله الإفراد على ضرورة الشعر، فإنه لم يقل أحد إنه من قبيل الضرورة. . . وتبعه ابن عصفور فى كتاب ضرائر الشعر، والصحيح أنه غير مختص بالشعر». هذا كلام البغدادى، والمتأمل لعبارة ابن الشجرى: «ولا يكادون يستعملون هذا إلا فى الشعر» يراها غير قاطعة بأن استعمال ذلك خاصّ بالشعر، وصدر ¬

(¬1) دليل ذلك يظهر إن شاء الله فيما أكتبه عن مصادر ابن الشجرى، ثم أثره فى الدراسات النحوية. (¬2) المجلس الثانى من الأمالى. (¬3) الخزانة 3/ 371.

كلامه يشعر بهذا، فإنه يقول: «وربما استغنوا فى هذا النحو بواحد». إلى آخر ما قال، ولو كان يرى قصر استعمال مثل هذا على الشعر لصرّح به من أول الأمر. 2 - ضعّف ابن الشجرى مجىء الحال من المضاف إليه، وتأول ما ورد من ذلك، فقال فى المجلس الثالث: «وأنشدوا فى الحال من المضاف إليه قول تأبط شرا: سلبت سلاحى بائسا وشتمتنى … فيا خير مسلوب ويا شرّ سالب ولست أرى أن «بائسا» حال من ضمير المتكلم الذى فى «سلاحى» ولكنه عندى حال من مفعول «سلبت» المحذوف، والتقدير: سلبتنى بائسا سلاحى، وجاء بالحال من المحذوف، لأنه مقدّر عنده منوىّ، ومثل ذلك فى القرآن قوله جل وعز: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً} فوحيدا حال من الهاء العائدة فى التقدير على (من)، ومثله: {أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللهُ رَسُولاً} ألا ترى أنك لا بدّ أن تقدر: خلقته وحيدا، وبعثه الله رسولا، لأن الاسم الموصول لا بدّ له من عائد، لفظا أو تقديرا، وإنما وجب العدول عن نصب «بائس» على الحال من الياء التى فى «سلاحى» لما ذكرته لك من عزّة حال المضاف إليه، فإذا وجدت مندوحة عنه وجب تركه». وقال فى المجلس السادس والسبعين (¬1): «فإن قيل: قد جاءت الحال من المضاف إليه فى القرآن فى قوله عز وجل: {قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً} فالقول عندى أن الوجه أن تجعل (حنيفا) حالا من الملّة، وإن خالفها بالتذكير، لأن الملّة بمعنى الدّين، فجاءت الحال على المعنى، ألا ترى أن الملّة قد أبدلت من الدين فى قوله: {دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً}». 3 - ذهب ابن الشجرى إلى أن الإشارة بمنزلة الإضمار. قال (¬2): «ألا ترى أنها قد سدت مسدّ الضمير فى قوله تعالى: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ} ¬

(¬1) وانظر أيضا المجلس الحادى والثمانين، وحكاه عنه البغدادى فى الخزانة 3/ 173،174، وانظر ما يأتى فى الحديث عن مصادر ابن الشجرى (أبو على الفارسى-الفقرة التاسعة). (¬2) المجلس العاشر.

{كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً} فالإشارة من (أولئك) قامت مقام الضمير العائد من الجملة إلى المخبر عنه، فكأنه قيل: كلّهن كان عنه مسئولا». 4 - وجّه ابن الشجرى التأنيث فى قول أعشى تغلب (¬1): وقد خاب من كانت سريرته الغدر بأنه أنث «الغدر» لمّا كان السريرة فى المعنى، واستشهد لذلك بقراءة النصب فى قوله تعالى: {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاّ أَنْ قالُوا} قال: فالتقدير: ثم لم تكن فتنتهم إلا قولهم، وجاز تأنيث القول لأنه الفتنة فى المعنى، ومثله رفع «الإقدام» ونصب «العادة» فى قول لبيد: فمضى وقدّمها وكانت عادة … منه إذا هى عرّدت إقدامها وإنما استجاز تأنيث «الإقدام» لتأنيث خبره، لأن الخبر إذا كان مفردا فهو المخبر عنه فى المعنى، وقد قيل فى الآية وفى بيت لبيد قول آخر، وذلك أنهم حملوا «أن قالوا» على معنى المقالة، وحملوا «الإقدام» على معنى التقدمة. قال: والقول الأول هو المأخوذ به، والثانى قول الكسائى، وليس فى بيت أعشى تغلب إلا ما ذكرناه أولا فيجب أن يكون العمل عليه. وأقول: كأن ابن الشجرى ينكر تأنيث المذكر، لأن فيه ردّ أصل إلى فرع. قال ابن جنى (¬2): «وتذكير المؤنث واسع جدا، لأنه ردّ فرع إلى أصل، لكن تأنيث المذكر أذهب فى التناكر والإغراب». 5 - ذكر ابن الشجرى (¬3) أن «أبى يأبى» مما شذ عن القياس، لمجيئه على فعل يفعل، بفتح العين من الماضى والمستقبل، وليست عينه ولا لامه من حروف الحلق، وكان قياسه: يأبى، مثل يأتى. ثم حكى ثلاثة أقوال فى تعليل ذلك، وصحّح الأول منها. ¬

(¬1) المجلس التاسع عشر. (¬2) الخصائص 2/ 415. (¬3) المجلس الحادى والعشرون.

6 - ذهب ابن الشجرى إلى أن الفصل بالأجنبى يمنع التعلّق، وساق عليه شواهد من القرآن الكريم والشعر، وقد تعقبه ابن هشام فى «المغنى» لكنه تناقض ورجع إلى تأويل ابن الشجرى فى «شرح بانت سعاد» ذكرت كل ذلك فى حواشى تحقيق المجلس التاسع والعشرين (¬1). 7 - جمع ابن الشجرى (¬2) «المكان» بمعنى الموضع على «مكانات». وهو جائز على قاعدة أن كل مذكر غير عاقل يجوز جمعه بالألف والتاء، كما تقول فى حمّام: حمّامات. وقد ذكر ابن الشجرى ذلك فى تفسير قوله تعالى: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ} قال: «أى مكانات حرب». والذى رأيته فى كتب التفسير فى شرح «مواطن»: أماكن حرب. وفى لسان العرب، مادة (مكن وكون) عن ابن سيده: «المكان: الموضع، والجمع: أمكنة، كقذال وأقذلة، وأماكن: جمع الجمع». وذكر صاحب اللسان عن ابن سيده أيضا أن المكانات جمع المكانة، بمعنى المنزلة عند الملك. 8 - يرى ابن الشجرى (¬3) أن «الأحباب» فى قول المتنبى: لولا مفارقة الأحباب ما وجدت … لها المنايا إلى أرواحنا سبلا جمع حبّ، كعدل وأعدال، قال: ولا ينبغى أن يكون جمع حبيب، كشريف وأشراف، ويتيم وأيتام، لأمرين: أحدهما أن الأول أقيس وأكثر، والثانى أن يتيما وشريفا من باب فعيل الذى بمعنى فاعل، وحبيبا: فعيل الذى بمعنى مفعول، فأصله محبوب، كما أن قتيلا أصله مقتول، فافترقا. هذا كلام ابن الشجرى، وقد كان ينبغى عليه أن يذكر على أى شيء يجمع «حبيب» الذى هو فعيل بمعنى مفعول، وقد ذكرت فى حواشى التحقيق أنه يجمع ¬

(¬1) وانظر أيضا المجلس الحادى والعشرين. (¬2) المجلس السابع والعشرون. (¬3) المجلس الحادى والثلاثون.

على أفعلاء: أحبّاء، كما جاء فى قوله تعالى: {وَقالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصارى نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبّاؤُهُ}. وعدم تصريح ابن الشجرى بذكر هذا الجمع غريب على أسلوبه فى «الأمالى»، فقد درج على الاستطراد وذكر الغرائب والفوائد، لأدنى ملابسة. 9 - وكما قصّر ابن الشجرى فى ذكر جمع فعيل الذى بمعنى مفعول، قصّر أيضا فى ذكر جمع «النادى»، وهم القوم المجتمعون، قال فى بيت فارعة بنت شدّاد (¬1): رفّاع ألوية شهّاد أندية … سدّاد أوهية فتاح أسداد «والأندية ليست بجمع ناد، لما قلنا من أن فاعلا لا يجمع على أفعلة، لكنها جمع نديّ، كرغيف وأرغفة، وهو مجلس القوم ومتحدّثهم» وقد قلت فى حواشى التحقيق إن «النادى» جمع فى الحديث على أنداء، ففى حديث أبى سعيد الخدرى: «كنا أنداء فخرج علينا رسول الله صلّى الله عليه وسلم». قال ابن الأثير (¬2): «الأنداء. جمع النادى، وهم القوم المجتمعون». 10 - أثبت ابن الشجرى جمع جمع الجمع، فقال فى أصائل (¬3): «الواحد أصيل، فقدّروا جمعه على أصل، كقضيب وقضب، ثم جمعوا الأصل فى التقدير على آصال، كمشط وأمشاط، وعنق وأعناق، ثم جمعوا الآصال على أصائل». وابن الشجرى مسبوق فى ذلك بابن عزيز فى كتابه «غريب القرآن»، والزجاجى فى «الجمل». وقد تعقّب ابن الخشاب ابن الشجرى فى ذلك، وذكر كلاما طويلا أوردته فى حواشى التحقيق، وممن أنكر هذا الجمع أيضا السهيلى فى «الروض الأنف». وحكيت كلامه أيضا. ¬

(¬1) المجلس الثانى والثلاثون. (¬2) النهاية 5/ 37. (¬3) المجلس السابق.

11 - تحدث ابن الشجرى عن وضع المفرد موضع الجمع، وساق له شواهد كثيرة من القرآن الكريم والشعر، ومن تلك الأمثلة قال (¬1): «وكإيقاع «كثير» فى موضع «كثيرين» و «قليل» فى موضع «قليلين»، فكثير فى قوله تعالى: {رِجالاً كَثِيراً وَنِساءً} وقليل فى قوله تعالى: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ} فالمعنى: وقليلون من عبادى الشاكرون». ويرى الأستاذ الشيخ محمد عبد الخالق عضيمة (¬2) أن جمع «كثير وقليل» مما انفرد به ابن الشجرى، وأنه لم يجد ذلك فى شيء من كتب النحو، ثم أفاد أن «كثير» قد لزمت الإفراد فى القرآن الكريم، أما «قليل» فقد جاءت مفردة ومجموعة فى القرآن الكريم، ومن مجيئها مجموعة قوله تعالى: {إِنَّ هؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ}. وأقول: استعمل ابن الشجرى هذا الجمع فى المجلس الرابع والسبعين، فقال فى شرح بيت المتنبى: وما الخيل إلا كالصديق قليلة … وإن كثرت فى عين من لا يجرب قال: والأصدقاء كذلك كثير عددهم، إلا أنهم عند التحصيل والتحقيق قليلون. . . وكذلك من لم يجرب الأصدقاء ويختبرهم عند شدته يراهم كثيرين. 12 - ولعله من تمام الفائدة أن أشير إلى ما ذكره ابن الشجرى عن الجمع على غير اللفظ، وعن الجمع على غير قياس، وعن جمع الجمع، فى المجالس: الثالث والثلاثين، والخامس والثلاثين، والأربعين، والتاسع والأربعين. 13 - نسب النحاة المتأخرون: المرادى وابن هشام والأشمونى، إلى ابن الشجرى أنه أجاز الجزم بلو. والحق أن ابن الشجرى ضعّف الجزم بلو، حين قصره على الضرورة الشعرية (¬3)، وكلامه صريح فى أن «لو» لا تجزم، قال فى بيت الشريف الرضى: ¬

(¬1) المجلس الثامن والأربعون. (¬2) النحويين التجديد والتقليد ص 89 - مقالة بمجلة كلية اللغة العربية بالرياض-العدد السادس 1396 هـ‍-1976 م. (¬3) المجلسان: الثامن والعشرون، والأربعون.

إن الوفاء كما اقترحت فلو تكن … حيّا إذا ما كنت بالمزداد جزم بلو، وليس حقها أن يجزم بها، لأنها مفارقة لحروف الشرط وإن اقتضت جوابا، كما تقتضيه «إن» الشرطية، وذلك أن حرف الشرط ينقل الماضى إلى الاستقبال، كقولك: إن خرجت غدا خرجنا، ولا تفعل ذلك «لو» وإنما تقول: لو خرجت أمس خرجنا. هذا صريح كلام ابن الشجرى. وقد أحسن البغدادى (¬1) كلّ الإحسان حين قال: «وما نقلوه عن ابن الشجرى من أنه جوّز الجزم بلو فى الشعر، غير موجود فى «أماليه» وإنما أخبرنا بأنها جزمت فى بيت، وقد تكلم عليه فى مجلسين من أماليه». 14 - ذكر ابن الشجرى (¬2) أن «إطل» واحد الآطال، وهى الخواصر، بكسر الطاء، وهو أحد ما جاء من الأسماء على «فعل» بكسر الفاء والعين، ثم أفاد أن الطاء قد تخفف، أى تسكن، وذهب ابن السيد البطليوسى (¬3) إلى عكس هذا، فذكر أن «إطل» بالسكون، وأنه لم يسمع محركا إلا فى الشعر (¬4). وابن الشجرى فى إيراده لإطل، ضمن ما جاء من الأسماء على فعل، مسبوق بابن قتيبة وابن جنى، لكنهما لم يذكرا فيه سكون الطاء. 15 - أورد ابن الشجرى سؤالا (¬5) حول «كلا وكلتا»: لم خالفت إضافتهما إلى المضمر إضافتهما إلى المظهر، وكان آخرهما فى الإضافة إلى الضمير ألفا فى الرفع، وياء فى الجر والنصب، وفى الإضافة إلى الظاهر ألفا فى الرفع والنصب والجر؟ ¬

(¬1) الخزانة 4/ 522. (¬2) المجلس الثامن والعشرون. (¬3) الاقتضاب ص 273. (¬4) أدب الكاتب ص 611، والمنصف 1/ 18. (¬5) المجلس الثامن والعشرون.

وقد أجاب ابن الشجرى عن هذا السؤال بكلام جيد، وقال فى آخره: فتأمل ما استنبطته لك فى هاتين اللفظتين حقّ التأمل، فهو من أعجب ما ألقته أفئدة العرب على ألسنتها. هذا وقد أغار أبو البركات الأنبارى (¬1) على بعض كلام شيخه ابن الشجرى فى هذه المسألة، من غير تصريح باسمه. 16 - ذكر ابن الشجرى علّة النحويين فى حذف النون للإضافة، فى نحو: مكرماك ومكرموك، وأن ذلك الحذف لزم النون حملا لها على التنوين، كأنهم لما ألزموا التنوين الحذف، فى قولهم: مكرمك وضاربه، فلم يقولوا: مكرمنك ولا ضاربنه، ألزموا النون الحذف، فلم يقولوا: مكرمانك ولا مكرمونك. قالوا: وإنما لزم حذف التنوين مع الضمير، لأنه مماثله، من حيث كان التنوين مما لا ينفصل، كما أن هذا الضمير وضع متصلا، فلا ينفصل، وكرهوا الجمع بينه وبين التنوين، كما كرهوا الجمع بين حرفين لمعنى واحد، كالجمع بين إنّ ولام التوكيد. وقد تعقّب ابن الشجرى تعليل النحويين هذا، فقال: إنّ فى العلة التى ذكرها النحويون نظرا، من حيث كان الشبه العارض بين التنوين والضمير غير مانع من الجمع بينهما، كما لم يمتنع الجمع بين هذا الضمير ونون التوكيد الخفيفة فى نحو: لا يطغينك مالك {وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ} فى قراءة من خفف النون، وحكم هذه النون حكم التنوين فى أنه لا ينفصل. ثم قال: والجواب الذى خطر لى فى امتناع ثبوت التنوين والنون مع الضمير. . . وذكر كلاما طويلا، تراه فى المجلس الثلاثين. 17 - حكى ابن الشجرى الخلاف (¬2) فى اسم المفعول من الثلاثى المعتل العين، نحو قال وباع، وذكر أن مذهب الخليل وسيبويه أن المحذوف واو مفعول، ومذهب أبى الحسن الأخفش أن المحذوف هو العين، فوزنه على قولهما: مفعل، وعلى قوله: مفول. ¬

(¬1) الإنصاف ص 450. (¬2) المجلس الحادى والثلاثون، وقد عرض لهذه المسألة أيضا فى المجلسين: السابع عشر، والسادس والأربعين.

وقد عرض ابن الشجرى حجج الفريقين، وانتصر لرأى الخليل وسيبويه، واحتج لهما فى كلام طويل جدا، وبعض احتجاجاته مسلوخ من كلام المبرد وابن جنى، وقد نبهت على ذلك فى حواشى التحقيق. 18 - ذهب ابن الشجرى إلى أن «كلاّ» لا تضاف إلى واحد معرفة. قال (¬1): إلا أن يكون مما يصحّ تبعيضه، كقولك: رأيت كل البلد، ولا تقول: لقيت كل الرجل الذى أكرمته، فإن قلت: لقيت كل رجل أكرمته، حسن ذلك، وصحّت إضافته إلى المفرد النكرة، كما تصح إضافته إلى الجمع المعرفة، نحو: لقيت كلّ الرجال الذين أكرمتهم. وكأن ابن الشجرى قد أخذ هذا من ابن جنى، فإنه يرى أن «كلاّ» لا يضاف إلا إلى النكرة التى فى معنى الجنس. حكاه عنه السيوطى (¬2). 19 - حكى ابن الشجرى (¬3) قول ابن جنى عن استعمال المتنبى «لدن» بغير «من» فى قوله: فأرحام شعر يتصلن لدنّه … وأرحام مال ما تنى تتقطع قال ابن جنى: واستعمل «لدن» بغير «من» وهو قليل فى الكلام، لا يكادون يستعملونها إلا ومعها «من» كما جاء فى التنزيل: {مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ} و {قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً}. وقد تعقبه ابن الشجرى فقال: وقد جاء «لدن» بغير «من» فيما أنشده يعقوب، من قوله: فإنّ الكثر أعيانى قديما … ولم أقتر لدن أنى غلام وقال كثيّر: ¬

(¬1) المجلس الحادى والثلاثون. (¬2) الأشباه والنظائر 3/ 131، وانظر دراسات لأسلوب القرآن الكريم 3/ 147. (¬3) المجلس الحادى والثلاثون.

وما زلت من ليلى لدن أن عرفتها … لكالهائم المقصى بكلّ مكان وقد حكى ردّ ابن الشجرى هذا العكبرىّ فى شرحه (¬1) لديوان المتنبى، دون عزو إلى ابن الشجرى. 20 - فرق ابن الشجرى (¬2) بين «لدن ولدى» وبين «عند» وحكى رأى أبى هلال العسكرى وقوّاه، ثم حكى مذهب أبى العلاء المعرى وضعّفه. 21 - ذهب ابن الشجرى (¬3) إلى أن «معا» فى قول الخنساء: *وأفنى رجالى فبادوا معا* منصوب على الحال، بمنزلة جميعا، وهو فى الأصل ظرف موضوع للصحبة، قال: وعند بعض النحويين أن «معا» فى قولك: جاءوا معا، ينتصب على الظرف، كانتصابه فى قولك: معهم، وإنما فكت إضافته وبقيت علّة نصبه على ما كانت عليه، والصحيح ما ذكرته أولا، لأنه قد نقل من ذلك الموضع، وصار معناه معنى جميعا. 22 - تكلم ابن الشجرى (¬4) عن الفرق بين «أن» المخففة من الثقيلة، و «أن» المصدرية، وأن كل واحدة منهما مختصة بنوع من الفعل، ولهما اشتراك فى نوع منه، ثم ردّ على المبرد إنكاره على سيبويه ما أجازه من إيقاع الناصبة للفعل بعد العلم، على الوجه الذى قرره سيبويه، وأنكر أيضا إيقاعه بعد الخوف والخشية المخففة من الثقيلة، ثم قال: «إن استبعاد أبى العباس لما أجازه سيبويه من إيقاع المخففة بعد الخوف، على المعنى الذى عناه سيبويه، استبعاد غير واقع موقعه، لأن الشعر القديم، قد ورد بما أنكره أبو العباس» وساق شواهده. ¬

(¬1) فى نسبة هذا الشرح إلى العكبرى خلاف، والصحيح أنه ليس له، ويأتى الكلام عليه قريبا. (¬2) المجلس السابق. وانظر المعنى ص 169، والهمع 1/ 200،202، والأشباه والنظائر 2/ 186، وشرح الأشمونى على الألفية 2/ 264. (¬3) المجلس الثانى والثلاثون. (¬4) المجلس الثالث والثلاثون، وأيضا المجلس التاسع والسبعون.

ثم قال: وكذلك استبعاده لإجازة سيبويه: «ما أعلم إلا أن تقوم» استبعاد فى غير حقه، لأن سيبويه قد أوضح المعنى الذى أراده به فى قوله: «وتقول: ما علمت إلا أن تقوم» إذا أردت أنك لم تعلم شيئا كائنا ألبتة، ولكنك تكلمت به على وجه الإشارة، كما تقول: أرى من الرأى أن تقوم، فأنت لا تخبر أن قياما قد ثبت كائنا أو يكون فيما يستقبل. والذى قاله سيبويه غير مدفوع مثله، لأنهم كثيرا ما يستعملون فى معنى بلفظ معنى آخر. ثم ساق ابن الشجرى الشواهد على ذلك، وختم كلامه بقوله: وإذا تأملت ما ذكرته لك من استعمال معنى بلفظ معنى آخر، فى الكتاب العزيز وفى الشعر القديم، وفى الكلام الفصيح، وقفت من ذلك على أمر عجيب، فأول فهمك ما أذكره لك من هذا الفن، بعد ذكر أصول المعانى وفروعها. 23 - ذهب ابن الشجرى إلى أن النداء ليس من باب الأمر (¬1). هذا وقد ذكر ابن الشجرى فى المجلس الخامس والثلاثين وجوها كثيرة للنداء، ساق شواهدها، وقال فى آخر كلامه: فهذه وجوه شتى قد احتملها النداء، وإن كان فى أصل وضعه لتنبيه المدعوّ، والذى حملنى على تلخيصها ما ذكرته لك من إنكار كثير منهم أن يكون لفظ النداء محتملا لمعنى غيره، وقد أريتك أن أكثر معانى الكلام، ليس لفظ من ألفاظها إلا وهو محتمل لمعان مباينة للمعنى الذى وضع له ذلك اللفظ، فلا يكون فى احتماله لتلك المعانى ما يخرجه عن معناه الأصلى. 24 - وصحّح أن التعجب (¬2) داخل فى حيّز الخبر، قال: لأنك إذا قلت: ما أحسن زيدا، فكأنك قلت: زيد حسن جدّا، وتمثيله عند الخليل وسيبويه: شيء أحسن زيدا، وعند الأخفش: الذى أحسن زيدا شيء، وعند آخرين: شيء أحسن زيدا كائن. وكان ابن الشجرى قد حكى أن بعضهم جعل التعجب معنى مفردا. 25 - وذهب (¬3) إلى أن العرض ليس استفهاما. قال: واختلفوا فى العرض ¬

(¬1) المجلس الثالث والثلاثون. (¬2) المجلس نفسه. (¬3) المجلس نفسه.

فقال قوم: هو من الخبر، لأنه إذا عرض عليك النزول، فقال: ألا تنزل، فقد أخبر بأنه يحبّ نزولك عنده، وأدخله قوم فى الاستفهام، لأن لفظه كلفظه، ولو كان استفهاما لم يكن المخاطب به مكرما لمن خاطبه، ولا موجبا عليه بذلك شكرا. وقال فى المجلس الخامس والثلاثين: وإذا قال: ألا تنزل عندنا، فلفظه لفظ الاستفهام، ومعناه الطلب، فكأنه قال: انزل عندنا. 26 - ومنع أن يدخل التمنى فى الخبر، قال (¬1): وقال بعضهم: التمنى داخل فى الخبر، وكذلك الترجى، لأنه إذا قال: ليت لى مالا، فقد أخبر أنه تمنى ذلك، ولو كان الأمر على ما قال، لما امتنع فيه التصديق والتكذيب. هكذا قال ابن الشجرى فى المجلس الثالث والثلاثين، وزاده بيانا فى المجلس الخامس والثلاثين. 27 - وذهب (¬2) إلى أن الجزاء يدخل فى الخبر، وليس قسما منفردا، قال: وذهب بعضهم إلى أن الجزاء قسم منفرد، وليس الأمر كذلك، لأن قول الله سبحانه: {فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً} يدخله التصديق. وقال فى المجلس الخامس والثلاثين: إذا قال: من يأتنى آته، فقد أخبر. 28 - فرق ابن الشجرى بين النفى والجحد، فقال (¬3): وقد يكون النفى جحدا، فإذا كان النافى صادقا فيما قاله سمى كلامه نفيا، وإن كان يعلم أنه كاذب فيما نفاه سمى ذلك النفى جحدا، فالنفى إذن أعم من الجحد، لأن كل جحد نفى، وليس كل نفى جحدا، فمن النفى قوله تعالى: {ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ} ومن الجحد نفى فرعون وقومه لآيات موسى، فى قوله تعالى: {فَلَمّا جاءَتْهُمْ آياتُنا مُبْصِرَةً قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ* وَجَحَدُوا بِها وَاِسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا}. ¬

(¬1) المجلس نفسه. (¬2) المجلس نفسه. (¬3) المجلس نفسه.

قال: ومن العلماء بالعربية من لا يفرق بين النفى والجحد، والأصل فيه ما ذكرت لك. وقد حكى الزركشى (¬1) هذه التفرقة بين النفى والجحد، عن ابن الشجرى. 29 - ذهب ابن الشجرى (¬2) إلى أن الاستفهام يجيء بمعنى الخبر بعد التسوية، فى قولك: ما أدرى أزيد فى الدار أم عمرو؟ ومنه قول زهير: وما أدرى ولست إخال أدرى … أقوم آل حصن أم نساء وقد تعقّبه ابن هشام، فقال (¬3): والذى غلّط ابن الشجرى حتى جعله من النوع الأول توهمه أن معنى الاستفهام فيه غير مقصود ألبتة، لمنافاته لفعل الدراية، وجوابه أن معنى قولك: علمت أزيد قائم: علمت جواب أزيد قائم، وكذلك ما علمت. 30 - عقد ابن الشجرى فصلا للأمر (¬4)، وحدّه بأنه استدعاء الفعل بصيغة مخصوصة مع علو الرتبة، ثم ذكر الأوجه التى يستعمل فيها الأمر على غير الوجه الذى حدّه، نحو الندب والاستحباب والإباحة والوعيد والتأديب والإرشاد والخبر والتحدى والتنبيه على قدرة الخالق عز وجل، وضرب لذلك الأمثال. ثم قال فى آخر هذا الفصل: واعلم أن من أصحاب المعانى من قال: إن صيغة الأمر مشتركة بين هذه المعانى. وهذا غير صحيح، لأن الذى يسبق إلى الفهم هو طلب الفعل، فدل على أن الطلب حقيقة فيها دون غيره، ولكنها حملت على غير الأمر الواجب بدليل، والأمر الواجب هو الذى يستحق بتركه الذم، كقوله تعالى: {وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اِرْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ} فذمهم على ترك الركوع بقوله: {فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ}. هذا وإن ما ذكره ابن الشجرى حول النداء والخبر والاستفهام والتمنى والأمر، إنما يعالج فى فن المعانى من علوم البلاغة. ¬

(¬1) البرهان 2/ 276. (¬2) المجلس الرابع والثلاثون. (¬3) المغنى ص 41. (¬4) المجلس نفسه.

31 - ذهب ابن الشجرى (¬1) إلى اعتبار «أن» فى قول عنترة: إن العدوّ لهم إليك وسيلة … أن يأخذوك تكحّلى وتخضّبى مصدرية، ووجّه تفسيره على هذا، فقال: وقوله: «أن يأخذوك» موضعه نصب، بتقدير حذف الخافض، أى فى أن يأخذوك، أى لهم قربة إليك فى أخذهم إياك، فذمها بإرادتها أن تؤخذ مسبية، فلذلك قال: تكحلى وتخضبى. وقد حكى البغدادى (¬2) تأويل ابن الشجرى هذا، ثم تعقبه قائلا: «وهذا تحريف منه، فإن «إن» شرطية، لا مفتوحة مصدرية، وقد جزمت الشرط والجزاء، وقد غفل عنهما». واعتبار «إن» شرطية، أورده البغدادى عن الأعلم. 32 - أجاز ابن الشجرى (¬3) أن يجيء اسم «لا» العاملة عمل «ليس» معرفة، والنحويون على أن «لا» المشبهة بليس إنما ترفع النكرات خاصة، وأنشد ابن الشجرى شاهدا على ذلك قول النابغة الجعدى: وحلّت سواد القلب لا أنا مبتغ … سواها ولا عن حبّها متراخيا وقول المتنبى: إذا الجود لم يرزق خلاصا من الأذى … فلا الحمد مكسوبا ولا المال باقيا وقد حكى هذا الرأى عن ابن الشجرى: المرادى وابن هشام والعينى والأشمونى. وابن الشجرى مسبوق فى هذا بابن جنى، كما ذكر المرادى ومن بعده، وكما ذكر ابن الشجرى نفسه، قال: ووجدت أبا الفتح عثمان بن جنى غير منكر لذلك ¬

(¬1) المجلس الثالث والثلاثون. (¬2) الخزانة 3/ 12. (¬3) المجلس الخامس والثلاثون. وانظر الجنى الدانى ص 293، والمغنى ص 264، وشرح الشواهد 2/ 144، وشرح الأشمونى 1/ 253.

فى تفسيره لشعر المتنبى، ولكنه قال بعد إيراد البيت: «شبه «لا» بليس، فنصب بها الخبر». وفى ظنى أن ابن الشجرى قد انفرد بإنشاد بيت النابغة المذكور، كما ذكر المرادى والأشمونى، وكما تدل عليه عبارة ابن الشجرى نفسه، فإنه قال بعد إنشاد بيت المتنبى، وحكاية قول ابن جنى: «ومرّ بى بيت للنابغة الجعدى، فيه مرفوع «لا» معرفة». وأنشد البيت. 33 - حكى ابن الشجرى (¬1) عن بعض النحويين المتأخرين حدّ الاسم بأنه «كلمة تدل على معنى فى نفسها غير مقترنة بزمان محصل». وقد شرح ابن الشجرى هذا الحدّ، ثم تعقبه فقال: ومما اعترض به على هذا الحدّ قولهم: آتيك مضرب الشّول ومقدم الحاج وخفوق النجم، لدلالة هذه الأسماء على الزمان، مع دلالتها على الحدث الذى هو الضّراب والقدوم والخفقان، فقد دلت على معنيين. ثم قال: «وأسلم حدود الاسم من الطعن قولنا: الاسم ما دل على مسمّى به دلالة الوضع» وقد شرح ابن الشجرى هذا الحدّ شرحا وافيا. 34 - سئل ابن الشجرى (¬2) فى جملة مسائل وردت إليه من الموصل، عن العلّة الموجبة لفتح التاء فى «أرأيتكم» وهو لجماعة. فأجاب: أما فتح التاء فى أرأيتكم وأ رأيتكما وأ رأيتك يا هذه وأ رأيتكن: فقد علمت أنك إذا قلت: رأيت يا رجل، فتحت التاء، وإذا قلت: رأيت يا فلانة، كسرتها، وإذا خاطبت اثنين أو اثنتين أو جماعة ذكورا أو إناثا، ضممتها، فقلت: رأيتما ورأيتم ورأيتن، وقد ثبت واستقر أن التذكير أصل للتأنيث، وأن التوحيد أصل للتثنية والجمع، فلما خصوا الواحد المذكر المخاطب بفتح التاء، ثم جردوا التاء من الخطاب، فانفردت به الكاف فى أرأيتك وأ رأيتك يا زينب، والكاف وما زيد عليها فى أرأيتكما وأريتكم وأريتكن ألزموا التاء الحركة الأصلية، وذلك لما ذكرته لك من كون الواحد أصلا للاثنين والجماعة، وكون المذكر أصلا للمؤنث، فاعرف هذا واحتفظ به. ¬

(¬1) المجلس السابع والثلاثون. (¬2) المجلسان السادس والثلاثون والسابع والثلاثون.

وقد بينت فى حواشى التحقيق أن أصل هذا التعليل عند الفراء (¬1). 35 - أجاز ابن الشجرى (¬2) حذف خبر «كان» ومثّل له بأن يقول لك قائل: من كان فى الدار؟ فتقول: كان أبوك، فتحذف الظرف، ويقول: من كان قائما؟ فتقول: كان حموك، فتحذف «قائما». والمسألة خلافية، فقد أجاز بعضهم حذف خبر «كان»، ومنهم ابن جنى، وبعضهم منعه إلا فى ضرورة شعر، ومنهم أبو حيان (¬3). 36 - ذهب ابن الشجرى (¬4) إلى أن المنادى قد حذف فى قراءة من قرأ: {أَلاّ يَسْجُدُوا لِلّهِ} بتخفيف اللام من «ألا». واعتبار المنادى هنا محذوفا ذهب إليه أبو العباس المبرد، وأنكره عليه ابن جنى، ورأى أن «يا» هنا أخلصت للتنبيه، مجردا من النداء، وقد تكلمت عليه فى حواشى التحقيق. 37 - ضعّف ابن الشجرى (¬5) الرفع فى نحو: أزيد ضربته، وزيد أكرمه، وعمرو لا تضربه، وعلل ذلك بأن الجملتين الأمرية والنهييّة يضعف الإخبار بهما، لأن الخبر حقّه أن يكون محتملا للتصديق والتكذيب. وقد حكى الشيخ خالد (¬6) هذا الرأى عن ابن الشجرى، ثم قال: «قاله ابن الشجرى، ونوقش فيه»، وقال الشيخ يس فى حاشيته عليه: «وجه المناقشة أن الخبر المحتمل لما ذكر يقابل الإنشاء، أى الكلام الخبرى، لا خبر المبتدأ». ¬

(¬1) معانى القرآن 1/ 333، ذكره فى تفسير قوله تعالى: قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللهِ التوبة 40. (¬2) المجلس التاسع والثلاثون. (¬3) الخصائص 2/ 375، والبحر المحيط 6/ 143، والأشباه والنظائر 1/ 296، والهمع 1/ 116، وحواشى المقتضب 4/ 118. (¬4) المجلس نفسه. (¬5) المجلس الأربعون. (¬6) التصريح على التوضيح 1/ 298، ومعه حاشية الشيخ يس.

38 - علّل ابن الشجرى (¬1) عدم صرف «سبحان» بأنه لما صار علما للتسبيح، وانضم إلى العلمية الألف والنون الزائدتان، تنزل منزلة عثمان، فوجب ترك صرفه، وقد قطعوه عن الإضافة ونوّنوه، لأنهم نكّروه، وذلك فى الشعر، كقول أمية بن أبى الصلت، فيما أنشده سيبويه: سبحانه ثم سبحانا يعود له … وقبلنا سبّح الجودىّ والجمد وقد عرّفوه بالألف واللام فى قول الشاعر: *سبحانك اللهم ذا السبحان* وقد حكى البغدادى (¬2) هذا الكلام عن ابن الشجرى، وذكر أن ما ذهب إليه ابن الشجرى فى توجيه التنوين فى «سبحان» هو أحد رأيين فيه، والرأى الأول أنه نوّن ضرورة. 39 - عقد ابن الشجرى فى المجلس الثانى والأربعين، فصلا لشرح ما حكاه سيبويه من قولهم: «افعل ذا إمّالا» أورد فيه كلاما جيدا عن استعمال هذا التركيب وما فيه من حذوف، ثم قال فى آخره: «فتأمل هذا الفصل، فما علمت أن أحدا كشفه هذا الكشف». وقد ذكرت فى حواشى التحقيق أن ابن الشجرى مسبوق ببعض هذا الذى قاله فى ذلك الفصل. 40 - منع ابن الشجرى (¬3) أن تكون الواو زائدة فى قوله تعالى: {حَتّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها} وتأوله على حذف الجواب، وهو «سعدوا»، وهو رأى المبرد وكثير من البصريين، وقال فى ذلك: «قيل فى الآية إن الواو مقحمة، وليس ذلك بشىء، لأن زيادة الواو لم تثبت فى شيء من الكلام الفصيح». ¬

(¬1) المجلس الثانى والأربعون. (¬2) الخزانة 3/ 248. (¬3) المجلس نفسه.

وقد وجدت لأبى جعفر الطبرى كلاما شبيها بهذا الذى ذكره ابن الشجرى، قال (¬1): «وغير جائز إبطال حرف كان دليلا على معنى فى الكلام». وقد حكى البغدادى رأى ابن الشجرى هذا، وتعقبه فى كلام طويل، اشتمل على فوائد جمة (¬2). 41 - قوّى ابن الشجرى (¬3) قراءة ابن كثير: {لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ} قال: وقد جاء حذف النون وإبقاء اللام فى قراءة ابن كثير: {لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ} وحذف النون هاهنا حسن، لأن نون التوكيد تخلص الفعل للاستقبال، والله تعالى أراد الإقسام فى الحال، كقولك: والله لأخرج، تريد بذلك خروجا أنت فيه، ولو قلت: لأخرجن، أردت خروجا متوقعا. وابن الشجرى فيما ذكره من أن حذف النون هاهنا حسن، قد خالف ابن جنى، الذى ذكر أن حذف النون هنا ضعيف خبيث (¬4). 42 - روى ابن الشجرى (¬5) قول الشاعر: فألفيته غير مستعتب … ولا ذاكر الله إلا قليلا بجرّ «ذاكر»، قال: عطف نكرة على نكرة مجرورة بإضافة «غير» إليها. وقال البغدادى (¬6): «روى بنصب «ذاكر» وجره، فالنصب للعطف على «غير»، وقال بعض فضلاء العجم فى شرح أبيات المفصل: نصب «ذاكرا» على أن «لا» بمعنى «غير» وقد تعذر فيها الإعراب، فأعرب ما بعدها، كما فى نحو: جاءنى رجل لا عالم ولا عاقل اه‍ والجر للعطف على «مستعتب» و «لا» لتأكيد النفى المستفاد من «غير» وعلى هذه الرواية اقتصر ابن الشجرى» ثم حكى تمام كلامه. ¬

(¬1) تفسيره 1/ 440، قاله ردا على من ذهب إلى أن «إذ» زائدة فى قوله تعالى: وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً البقرة 30. (¬2) الخزانة 3/ 170. (¬3) المجلسان الرابع والأربعون، والسابع والستون. (¬4) المحتسب 2/ 341. (¬5) المجلس الخامس والأربعون. (¬6) الخزانة 4/ 557،558.

43 - ذكر ابن الشجرى (¬1) أن حذف التنوين لالتقاء الساكنين متّسع فى الشعر، وأنشد عليه شواهد كثيرة، وذكر أيضا أن حذف التنوين لالتقاء الساكنين قد جاء فيما روى عن أبى عمرو فى بعض طرقه: {أَحَدٌ اللهُ الصَّمَدُ}. وقد حكى البغدادى رأى ابن الشجرى هذا، وذكر أنه قد تبع سيبويه فى ذلك، وأفاد أيضا أن ابن هشام خالف فى ذلك، إذ جعل هذا الحذف قليلا (¬2). 44 - نصر ابن الشجرى (¬3) مذهب ابن السكيت، فيما ذهب إليه من أن القيل-وهو الملك من ملوك حمير-أصله من ذوات الواو، وحكى المذهب الآخر الذى يرى أنه من اليائى، قال: وأقول: إن قول ابن السكيت غير بعيد، فيجوز أن يكون أصله «فيعل» من القول، فلما خففوه، حمله من قال فى جمعه: أقيال، على لفظه، وحمله من قال: أقوال، على أصله، كما قالوا من الشوب: مشوب ومشيب، فمن قال: مشيب، حمله على لفظ شيب، ومثله المجفو والمجفى، وهو من جفوت. 45 - حكى ابن الشجرى (¬4) عن ابن جنى اللغات الثمانية فى «أف»، ثم تعقبه فى قوله: «ولا يقال: أفّى، بالياء، كما تقول العامة». قال ابن الشجرى: إن الذى تقوله العامة جائز فى بعض اللغات، وذلك فى لغة من يقول فى الوقف: أفعى وأعمى وحبلى، يقلبون الألف ياء خالصة، فإذا وصلوا عادوا إلى الألف، ومنهم من يحمل الوصل على الوقف، وهم قليل. 46 - إذا اجتمع نون الوقاية ونون «إن» وأخواتها، جاز التخفيف بحذف إحدى النونات، وقد ذهب ابن الشجرى (¬5) إلى أن المحذوف النون الوسطى، قال: لأنها هى التى حذفها قبل أن يتصلن بالنون الثالثة، وجاء القرآن بإقرارها فى قوله: {إِنَّنِي أَنَا اللهُ} وبحذفها فى قوله: {إِنِّي أَنَا رَبُّكَ}. ¬

(¬1) المجلس نفسه. (¬2) الخزانة 4/ 555، وراجع المغنى ص 716. (¬3) المجلس نفسه. (¬4) المجلس نفسه. (¬5) المجلس السادس والأربعون.

قال السيوطى (¬1): «إذا اجتمع نون الوقاية ونون إنّ وأنّ وكأنّ ولكنّ، جاز حذف أحدهما، وفى المحذوفة قولان: أحدهما نون الوقاية، وعليه الجمهور، وقيل: نون إن، لأن نون الوقاية دخلت للفرق بين إننى وإنى، وما دخل للفرق لا يحذف، ثم اختلف، هل المحذوف الأولى المدغمة، لأنها ساكنة، والساكن يسرع إلى الحذف، أو الثانية المدغم فيها، لأنها طرف، على قولين، صحح أبو البقاء فى «اللباب» أولهما». 47 - حكى ابن الشجرى (¬2) قول قطرب وغيره من علماء العربية، فى اللغات الواردة فى لفظ الجلالة، قال فى حكايته: إن هذا الاسم لكثرة دوره فى الكلام، كثرت فيه اللغات، فمن العرب من يقول: والله لا أفعل، ومنهم من يقول: لاه لا أفعل، ومنهم من يقول: والله، بحذف ألفه وإسكان هائه، وترك تفخيم لامه، وأنشدوا: أقبل سيل جاء من أمر الله … يحرد حرد الجنة المغلّة وقد عقّب ابن الشجرى على هذه اللغة الأخيرة، فقال: إن حذف ألفه إنما استعمله قائل هذا الرجز للضرورة، وأسكن آخره للوقف عليه، ورقّق لامه لانكسار ما قبلها، ولو لم يأت فى قافية البيت الثانى: «المغلة» لأمكن أن يقول: جاء من أمر اللاه، فيثبت ألفه ويقف على الهاء بالسكون. وقد حكى البغدادى كلام ابن الشجرى هذا (¬3). 48 - منع ابن الشجرى (¬4) رفع «الفضل» على المجاورة، فى قول المتنخل: السالك الثغرة اليقظان كالئها … مشى الهلوك عليها الخيعل الفضل ¬

(¬1) الأشباه والنظائر 1/ 34، وقد عرض أبو حيان لهذه المسألة فى البحر المحيط 1/ 451،5/ 238، وانظر دراسات لأسلوب القرآن الكريم 1/ 423. (¬2) المجلس السابع والأربعون. (¬3) الخزانة 4/ 343. (¬4) المجلس التاسع والأربعون.

وشنّع على قائله. قال: «وزعم بعض من لا معرفة له بحقائق الإعراب، بل لا معرفة له بجملة الإعراب أن ارتفاع «الفضل» على المجاورة للمرفوع، فارتكب خطأ فاحشا، وإنما «الفضل» نعت للهلوك على المعنى، لأنها فاعلة من حيث أسند المصدر الذى هو «المشى» إليها، كقولك: عجبت من ضرب زيد الطويل عمرا، رفعت «الطويل» لأنه وصف لفاعل الضرب، وإن كان مخفوضا فى اللفظ». وقد أثبتّ فى حواشى التحقيق أن أول من قال برفع «الفضل» على المجاورة، وذهب إليه ابن قتيبة، ثم نقلت قول البغدادى فى الخزانة إن الرفع على المجاورة لم يثبت عند المحققين، وإنما ذهب إليه بعض ضعفة النحويين، ثم حكى كلام ابن الشجرى. ويبدو أن ابن الشجرى كان لا يميل إلى توجيه الإعراب على المجاورة، فقد نقل عن أبى على الفارسى أن قول امرئ القيس: كأن ثبيرا فى عرانين وبله … كبير أناس فى بجاد مزمّل على تقدير: «مزمّل فيه». قال ابن الشجرى (¬1): «ولولا تقدير «فيه» هاهنا، وجب رفع «مزمل» على الوصف لكبير، وتقدير «فيه» أمثل من حمل الجر على المجاورة». 49 - حكى ابن الشجرى (¬2) الخلاف بين الصرفيّين فى المحذوف من «دم ويد» هل هو الياء أو الواو، ورجح أن يكون المحذوف منهما الياء. فى كلام طويل، حكاه عنه البغدادى (¬3). 50 - تكلم ابن الشجرى (¬4) على حذف ألف «تبالى» فى قولهم: ¬

(¬1) المجلس الثالث عشر. (¬2) المجلس التاسع والأربعون. (¬3) الخزانة 3/ 350. (¬4) المجلس الرابع والخمسون.

«لا تبل» وتكلم أيضا على قولهم: «لم أبله» بإلحاق هاء السكت، ثم أورد اعتراضا على دخول هاء السكت فى هذا الموضع، وأجاب عليه، قال: وقد اعترض فى دخول هاء السكت فى «لم أبله» على اللام وهى ساكنة، وهاء السكت لا تدخل إلا على متحرك، لتبين حركته، كقولهم فى عمّ ولم: عمه ولمه؟ وفى كتابى وحسابى: كتابيه وحسابيه، وفى قولهم: اسع وادن: اسعه وادنه، وتدخل على الألف، لأن الألف لخفائها تشبه الحركة، وذلك فى الندبة. والجواب عن هذا الاعتراض أن لام «أبالى» مكسورة كسرا أصليا، كما ترى، والجازم أوجب حذف الياء منه وحدها، كحذفها فى لم أرام، فحذف الكسرة بعد حذف الياء حذف بغير استحقاق، لأن علم الجزم فى «أبالى» إنما هو حذف يائه، ولما حذفوا الياء ثم أتبعوها الكسرة كان ذلك جزما بغير جزم، فالجزم الثانى غير مستحق، وإذا كان إسكان اللام بغير استحقاق، وكانت الكسرة المحذوفة مقدرة فى اللام، فكأنها موجودة لفظا، وإذا كانت فى تقدير الوجود صارت هاء السكت كأنها دخلت على متحرك، وشبيه هذا، وإن كان بعكسه، تقدير السكون والعمل بمقتضى وجوده، وذلك أن «هلم» مركب من حرف وهو «ها» وفعل وهو «المم» فهمزة الوصل سقطت فى الدرج، والميم الأولى ألقيت ضمتها على اللام، ثم أدغمت فى الثانية بعد تحريك الثانية بالفتح، فصار إلى «ها لم» فلم يعتدوا بضمة اللام، لأنها منقولة إليها من الميم، فنزلت اللام منزلة الساكن، حيث لم تكن ضمتها أصلية، فكأنه التقى ساكنان، فحذفوا ألف حرف التنبيه الذى هو «ها» لما كانت اللام ساكنة تقديرا، فكما حذفوا هذه الألف لسكون مقدر، كذلك أدخلوا هاء السكت على «أبل» لحركة مقدرة أسقطت بغير حق، لأنهم أسقطوها لجزم ثان، فكأنها لذلك موجودة لفظا، وهذا الجواب عن هذا الاعتراض مما استخرجته». ولعل هذا الذى سقته من كلام ابن الشجرى خير مثال على منهجه فى القياس والاستدلال. 51 - حكى ابن الشجرى اختلاف العلماء فى معنى «إن» من قوله تعالى: {وَلَقَدْ مَكَّنّاهُمْ فِيما إِنْ مَكَّنّاكُمْ فِيهِ} ثم اختار أن تكون نافية بمعنى «ما».

قال: اختلف فى «إن» هذه، فزعم قطرب أنها بمعنى «قد»، وزعم الأخفش أنها زائدة، وقوله أمثل من قول قطرب، وقال غيرهما: إنها نافية، مثلها فى قوله تعالى: {إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بِهذا}، وهذا القول أسدّ ما قيل فيها، لأن «ما» بمعنى «الذى» والمعنى: ولقد مكناهم فى الذى ما مكناكم فيه، فهذا مطابق لقوله عز وجل: {أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنّاهُمْ فِي الْأَرْضِ ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ} (¬1). وقد حكى رأى ابن الشجرى هذا الزركشىّ، وذكر أنه رأى الزمخشرى أيضا (¬2). وأقول: إن ابن الشجرىّ والزمخشرىّ مسبوقان فيما ذهبا إليه بالمبرد، فهذا هو رأيه وتقديره فى الآية الكريمة، حكاه عنه القرطبى (¬3). وقبل الثلاثة: الفراء، فقد ذهب إلى أن «إن» بمنزلة «ما» فى الجحد، لكنه جعل تقدير الآية الكريمة: فى الذى لم نمكنكم فيه (¬4). ولابن الشجرى فضل التنظير والمطابقة بقوله تعالى: {مَكَّنّاهُمْ فِي الْأَرْضِ ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ} وقد ذكر هذا التنظير ابن هشام (¬5)، مؤيدا به كون «إن» بمعنى «ما» ولم يعزه إلى ابن الشجرى. وممن ذهب إلى أن «إن» بمعنى «ما» الهروى، ومكى بن أبى طالب (¬6). 52 - حكى ابن الشجرى (¬7) الخلاف فى تقدير جواب الأمر، من قوله ¬

(¬1) المجلس الثالث والستون وأيضا المجلس التاسع والسبعون. (¬2) البرهان 4/ 218، وراجع الكشاف 3/ 525. (¬3) تفسيره 16/ 208. (¬4) معانى القرآن 3/ 56. (¬5) المغنى ص 19. (¬6) الأزهية ص 43، ومشكل إعراب القرآن الكريم 2/ 302. (¬7) المجلس السابق.

تعالى: {وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} وقوله: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ} وقوله: {قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيّامَ اللهِ}. قال: «اختلف فى جزم «يقولوا ويغضوا ويغفروا» فذهب الأخفش إلى أنهن أجوبة «قل» وذهب غيره إلى أنهن أجوبة أمر آخر مضمر، تقديره: قل لعبادى قولوا التى هى أحسن يقولوا، وقل للمؤمنين غضوا من أبصاركم يغضوا، وقل للذين آمنوا اغفروا للذين لا يرجون أيام الله يغفروا، وهذا أوجه القولين، ومن ذلك قوله تعالى: {قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ} والذى يوضّح إضمار أمر آخر أن «قل» لا بدّ له من جملة تحكى به، فالجملة المحكيّة به هى التى ذكرناها، لأن أمر الله لنبيّه بالقول ليس فيه بيان لهم بأن يقيموا الصلاة حتى يقول لهم النبىّ: أقيموا الصلاة، فلا يجوز أن تكون هذه المجزومات أجوبة لقل» انتهى كلام ابن الشجرى. ولى عليه قولان: الأول: أن قوله: «وذهب غيره» المراد به المبرد، فهذا رأيه (¬1)، وذهب إليه ابن الأنبارى أيضا، على ما حكاه ابن الجوزى (¬2). وأفسد هذا الرأى العكبرىّ، وأبو حيان بكلام العكبرىّ (¬3). الثانى: أن استدلال ابن الشجرى بقوله: «لأن أمر الله لنبيه بالقول. . .» إلى آخر ما قال، هو من كلام مكى بن أبى طالب (¬4)، وأفسده أيضا العكبرىّ. 53 - اختار ابن الشجرى (¬5) أن تقع «إذ» زائدة بعد «بينا وبينما» خاصة، فى نحو: بينما زيد إذ جاء عمرو، قال: وصواب هذا الكلام عندى الحكم بزيادة «إذ» لأنك لو جعلتها غير زائدة، أعملت فيها الخبر مذكورا أو مقدرا، وهى ¬

(¬1) فى المقتضب 2/ 84. (¬2) زاد المسير 4/ 363. (¬3) التبيان ص 770، والبحر 5/ 426. (¬4) مشكل إعراب القرآن الكريم 1/ 451. (¬5) المجلس الخامس والستون.

مضافة إلى الجملة الفعلية التى هى «جاء» وفاعله، وهذا الفعل هو الناصب لبينما، فإذا قدرت «إذ» مضافة إليه وهى على بابها غير زائدة، بطل إعماله فى «بينما» لأن المضاف إليه كما لا يصح إعماله فى المضاف، كذلك لا يصح أن يعمل فيما قبل المضاف، ألا ترى أنهم لم يجيزوا فى قولهم: أنت مثل ضارب زيدا، تقديم «زيد»، فيقولوا: أنت زيدا مثل ضارب. وقد حكى اختيار ابن الشجرى هذا: ابن هشام والسيوطى (¬1). 54 - ذهب ابن الشجرى (¬2) إلى أن خبر المبتدأ بعد «لولا» قد ظهر فى قوله تعالى: {وَلَوْلا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ} وكذلك قوله: {وَلَوْلا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ}. وقد تعقبه ابن هشام فى موضعين من المغنى (¬3)، فقال فى الموضع الأول: وزعم ابن الشجرى أن من ذكره-أى من ذكر الخبر بعد لولا- {وَلَوْلا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ} وهذا غير متعيّن، لجواز تعلّق الظرف بالفضل. وقال فى الموضع الثانى: وأما قول ابن الشجرى فى {وَلَوْلا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ} إن (عليكم) خبر، فمردود، بل هو متعلق بالمبتدإ، والخبر محذوف. وقد حكى هذا الرأى عن ابن الشجرى: المرادىّ، والشيخ خالد، والسيوطىّ والأشمونى (¬4)، وأفادوا أن هذا الرأى يعزى أيضا إلى الرّمانى والشلوبين وابن مالك. وقال ابن مالك (¬5): وهذا الذى ذهبت إليه هو مذهب الرمانى والشجرى والشلوبين. 55 - ضعّف ابن الشجرى (¬6) مجىء «لولا» بمعنى «لم». ¬

(¬1) المغنى ص 88، والهمع 1/ 204،206. (¬2) المجلس السادس والستون. (¬3) المغنى ص 302،482. (¬4) الجنى الدانى ص 600، والتصريح 1/ 179، والهمع 1/ 104، وشرح الأشمونى على الألفية 216. (¬5) التسهيل، حواشى ص 45. (¬6) المجلس نفسه.

قال: وزعم قوم من الكوفيين أن «لولا» قد استعملت بمعنى «لم» واحتج بقوله: {فَلَوْلا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلاّ قَوْمَ يُونُسَ}، قال: معناه: لم تكن قرية آمنت عند نزول العذاب فنفعها إيمانها إلا قوم يونس، وكذلك {فَلَوْلا كانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ إِلاّ قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنا مِنْهُمْ} وهذا التقدير موافق للمعنى ومباين لأصح الإعرابين، لأن المستثنى بعد النفى يقوى فيه البدل، ويجوز النصب، ولم يأت فى الآيتين إلا النصب. وقد حكى الزركشى (¬1) كلام ابن الشجرى ووضحه فقال: «أى فدل على أن الكلام موجب». ثم قال: «وجوابه ما ذكرنا من أن فيه معنى النفى». وممن ذهب إلى أن «لولا» فى الآيتين بمعنى «لم» ابن فارس والهروى (¬2). وهذا الذى استشكله ابن الشجرى قد ردّه أبو جعفر الطبرى (¬3) بقوله: «فإن قال قائل: فإن كان الأمر على ما وصفت من أن قوله: {فَلَوْلا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها} بمعنى: فما كانت قرية آمنت، بمعنى الجحود، فكيف نصب (قوم) وقد علمت أن ما قبل الاستثناء إذا كان جحدا، كان ما بعده مرفوعا، وأن الصحيح من كلام العرب: ما قام أحد إلا أخوك، وما خرج أحد إلا أبوك. قيل: إن ذلك فيما يكون كذلك، إذا كان ما بعد الاستثناء من جنس ما قبله، وذلك أن الأخ من جنس أحد، وكذلك الأب، ولكن لو اختلف الجنسان حتى يكون ما بعد الاستثناء من غير جنس ما قبله، كان الفصيح من كلامهم النصب، وذلك لو قلت: ما بقى فى الدار أحد إلا الوتد. . . لأن الوتد من غير جنس أحد. . . فكذلك نصب (قوم يونس) لأنهم أمة غير الأمم الذين استثنوا منهم، ومن غير جنسهم وشكلهم، وإن كانوا من بنى آدم، وهذا الاستثناء الذى يسميه بعض أهل العربية الاستثناء المنقطع، ولو كان قوم يونس بعض الأمة الذين استثنوا منهم، كان الكلام رفعا، ولكنهم كما وصفت. ¬

(¬1) البرهان 4/ 379. (¬2) الصاحبى ص 254، والأزهية ص 178. (¬3) تفسيره 15/ 206.

انتهى كلام أبى جعفر الطبرى، وهو منتزع من كلام الفراء (¬1). 56 - ذكر ابن الشجرى (¬2) من أوجه «لا» أن تجيء مؤكدة للنفى فى غير موضعها الذى تستحقه، كقوله تعالى: {وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ وَلا الْمُسِيءُ}، قال: لأنك تقول: ما يستوى زيد وعمرو، ولا تقول: ما يستوى زيد، فتقتصر على واحد، ومثله: {وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ}. وقد حكاه عن ابن الشجرى الزركشى (¬3)، ثم قال: وقال غيره: «لا» هاهنا صلة-أى زائدة-لأن المساواة لا تكون إلا بين شيئين. 57 - ذكر ابن الشجرى (¬4) من وجوه «ما» أن تكون اسما بمعنى الحين، كقوله تعالى: {كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً} و {كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها} و {كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ}، قال: «أى فى كلّ حين خبت، وفى كل حين نضجت جلودهم، وفى كل حين أضاء لهم، ومنه قول الشاعر: منا الذى هو ما إن طرّ شاربه … والعانسون ومنّا المرد والشّيب قال ابن السكيت: يريد حين أن طر شاربه». وقد ذكر ابن هشام (¬5) «ما» هذه، وسماها الزمانية، وذهب إلى أنها تدل على الزمان بالنيابة عن الظرف المحذوف، لا بذاتها. قال: «والزمانية نحو {ما دُمْتُ حَيًّا} أصله: مدة دوامى حيا، فحذف الظرف، وخلفته «ما» وصلتها». ثم تعقّب ابن السكيت وابن الشجرى، فقال: ولو كان معنى كونها زمانية ¬

(¬1) فى معانى القرآن 1/ 479. (¬2) المجلس السابع والستون. (¬3) البرهان 4/ 357. (¬4) المجلس الثامن والستون. (¬5) المغنى ص 336.

أنها تدل على الزمان بذاتها لا بالنيابة، لكانت اسما، ولم تكن مصدرية، كما قال ابن السكيت وتبعه ابن الشجرى، فى قوله: منا الذى. . . البيت. قال: «وبعد، فالأولى فى البيت تقدير «ما» نافية، لأن زيادة «إن» حينئذ قياسية، ولأن فيه سلامة من الإخبار بالزمان عن الجثة، ومن إثبات معنى واستعمال «لما» لم يثبتا له، وهما كونها للزمان مجردة، وكونها مضافة، وكأن الذى صرفهما عن هذا الوجه مع ظهوره، أن ذكر «المرد» بعد ذلك لا يحسن، إذ الذى لم ينبت شاربه أمرد، والبيت عندى فاسد التقسيم بغير هذا، ألا ترى أن العانسين، وهم الذين لم يتزوجوا، لا يناسبون بقية الأقسام، وإنما العرب محميون من الخطأ فى الألفاظ دون المعانى». وهنا أمران، الأول: أن ابن السكيت أنشد هذا البيت فى إصلاح المنطق، ص 341، شاهدا على شرح العانس، ولم يذكر ما حكاه عنه ابن الشجرى من قوله: «يريد حين أن طر شاربه» ولعل ابن السكيت ذكره فى كتاب آخر غير «الإصلاح»، ولم أجده أيضا فى كتابيه: الألفاظ، والقلب والإبدال. والثانى: أن ما ذكره ابن الشجرى من مجىء «ما» اسما بمعنى الحين، والشواهد التى ساقها، وحكاية قول ابن السكيت، إنما سلخه من كلام الهروى بنصّه وفصّه، فى كتابه الأزهية (¬1)، وقد خفى هذا على ابن هشام كما ترى. 58 - ذهب ابن الشجرى (¬2) إلى أن اللام فى بيت متمّم بن نويرة: فلما تفرقنا كأنى ومالكا … لطول اجتماع لم نبت ليلة معا بمعنى «بعد»، وحكاه عنه المرادى (¬3)، وبعضهم يرى أنها فى البيت بمعنى «مع» أى مع طول اجتماع (¬4). ¬

(¬1) الأزهية ص 95،97. (¬2) المجلس السبعون. (¬3) الجنى الدانى ص 101. (¬4) الأزهية ص 299، ورصف المبانى ص 223، والمغنى ص 234، وسياقه يؤذن بأنه ينقل عن ابن الشجرى.

59 - الأصل فى «رب» أن تدخل على الفعل الماضى، أما دخولها على المضارع فى قوله تعالى: {رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ}، فقد تأوله النحويون على أقوال، حكاها ابن الشجرى، مضعّفا لبعضها، ومقوّيا لبعضها الآخر. قال (¬1): «فمن أقوالهم أنه حكاية حال قد مضت، ومنها إضمار «كان» بعد «ربما»، وهو أردأ ما قيل فيه، وأجودها أن «ربما» فى الآية دخلت على الفعل المستقبل، لصدق المخبر سبحانه وعلمه بما سيكون، كعلمه بما كان، فإخباره بما لم يكن كإخباره بالكائن، ألا ترى أن قوله تعالى: {وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ} جاء فى اللفظ كأنه قد كان، وهو لصدقه كائن لا محالة». وهذا القول الذى ارتضاه ابن الشجرى راجع إلى كلام الفراء (¬2)، وقد حكاه ابن الشجرى فى المجلس الثامن والستين، عن علىّ بن عيسى الرّمانى، لكن لابن الشجرى فضل بسط العبارة وبيانها. ولم يصرح ابن الشجرى بمن قال بإضمار «كان» بعد «ربما». وقد أفاد أبو البركات الأنبارى (¬3) أنه أبو إسحاق، وهو الزجاج. 60 - ذكر ابن الشجرى (¬4) من معانى «أو» أن تكون بمعنى «إن» الشرطية مع الواو، كقولك: لأضربنك عشت أو مت، معناه: إن عشت بعد الضرب وإن مت، ومثله: لآتينك إن أعطيتنى أو حرمتنى، معناه: وإن حرمتنى. وحكاه عن ابن الشجرى ابن هشام والسيوطى (¬5)، وتعقبه ابن هشام، فقال: «وينبغى لمن قال: إنها تأتى للشرطية، أن يقول: وللعطف، لأنه قدّر مكانها: وإن، والحق أن الفعل الذى قبلها دالّ على معنى حرف الشرط، كما قدره ¬

(¬1) المجلس الثالث والسبعون. (¬2) معانى القرآن 2/ 82. (¬3) البيان 2/ 63. (¬4) المجلس الخامس والسبعون. (¬5) المغنى ص 70،71، والهمع 2/ 134.

هذا القائل، وأن «أو» على بابها، ولكنها لما عطفت على ما فيه معنى الشرط، دخل المعطوف فى معنى الشرط». انتهى كلام ابن هشام، وقد غاب عنه أن ابن الشجرى إنما ذكر هذا القسم من معانى «أو» عن الهروى (¬1)، ولم يصرح ابن الشجرى بأخذه عنه، كما هو شأنه فى مواطن كثيرة، سلخ فيها كلام الهروى، وساقه كأنه من عند نفسه. 61 - ذهب ابن الشجرى (¬2) إلى أن الفاء زائدة فى قوله تعالى: {وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ. وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} قال: «لأنك إن لم تحكم بزيادتها أدّى ذلك إلى دخول الواو العاطفة عليها، وهى عاطفة» وابن الشجرى مسبوق فى ذلك بأبى الحسن الأخفش وابن جنى (¬3). 62 - ذكر ابن الشجرى (¬4) من معانى «إما» التخيير، قال: «كقولك لمن تخيّره فى مالك: خذ إما ثوبا وإما دينارا، ومثله قوله تعالى: {إِمّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً} وقوله: {إِمّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ}، وقوله: {إِمّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقى}، وقوله: {فَإِمّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمّا فِداءً} هذا كلّه تخيير، إنما هو هذا أو هذا». وقد تعقبه ابن هشام، فقال (¬5): «ووهم ابن الشجرى، فجعل من ذلك: {إِمّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ}، وكان ابن هشام قد جعل «إما» فى الآية الكريمة لمعنى الإبهام. وعلّق الدمامينى على كلام ابن هشام، فقال (¬6): «ولم يبيّن المصنف وجه الوهم، وكأنه ما تقرّر من أنه لا بدّ من أن يكون حرف التخيير مسبوقا بطلب، وليس ¬

(¬1) فى كتابه الأزهية ص 127. (¬2) المجلس السادس والسبعون. (¬3) راجع شرح المفصل لابن يعيش 8/ 95، وتفسير القرطبى، وكتاب دراسات لأسلوب القرآن الكريم 2/ 244. (¬4) المجلس الثامن والسبعون. (¬5) المغنى ص 62. (¬6) شرحه على المغنى 1/ 131.

هنا طلب، ولابن الشجرى أن يمنع اشتراط ذلك، ويقول: المعنى بكونها للتخيير دخولها بين شيئين أو أشياء يكون للمتكلّم أو للسامع الخيرة فى فعل ما شاء من الأمرين المذكورين». انتهى كلام الدمامينى، وأصرح منه فى الدفاع عن ابن الشجرى ما ذكره الأمير (¬1)، قال: «قال الشّمنّىّ: ووجه الوهم أن التخيير إنما يكون بعد الطلب، ولا يقع بعد «إما» فيه إلا مفرد، صريحا أو تأويلا، وكلاهما منفىّ فى الآية، قال: وخفى هذا على بعضهم حتى قال: وجه الوهم أن التخيير يستلزم مخيرا، وهو ممتنع على الله، وأجاب بأنه يجوز أن يكون تخييره تعالى من ذاته. نعم لابن الشجرى أن لا يلتزم شيئا مما سبق، كما أشار له الشارح، ويقول: المدار على استواء الأمرين، وتحقق الخيرة بينهما، وأيضا ظاهر أنه لا يجتمع التعذيب والتوبة». وأقول: هذا كلام ابن هشام، وكلام شرّاحه، وقد خفى عليهم جميعا أن ابن الشجرى إنما انتزع كلامه وشواهده فى هذا الباب من كلام الهروىّ، فى كتابه الأزهية (¬2). 63 - منع ابن الشجرى (¬3) مجىء «أن» بمعنى «إذ» قال: «زعم بعض النحويين أنّ «أن» قد استعملت بمعنى «إذ» فى نحو: هجرنى زيد أن ضربت عمرا، قال: معناه: إذ ضربت، واحتج بقول الله تعالى: {وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ} قال: أراد: إذ جاءهم، وبقوله: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتاهُ اللهُ الْمُلْكَ} وبقوله: {إِنّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنا رَبُّنا خَطايانا أَنْ كُنّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ}، وبقوله: {وَلا تَأْكُلُوها إِسْرافاً وَبِداراً أَنْ يَكْبَرُوا}، وبقوله: {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ}، وبقوله: {أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً أَنْ كُنْتُمْ قَوْماً مُسْرِفِينَ} فى قراءة من فتح الهمزة، وبقول الشاعر: ¬

(¬1) حاشيته على المغنى 1/ 58. (¬2) الأزهية ص 149. (¬3) المجلس التاسع والسبعون.

سألتانى الطلاق أن رأتانى … قلّ مالى قد جئتمانى بنكر وبقول جميل: أحبّك أن سكنت جبال حسمى … وأن ناسبت بثنة من قريب وبقول الفرزدق: أتغضب أن أذنا قتيبة حزّتا … جهارا ولم تغضب لقتل ابن خازم وهذا قول خال من علم العربية، والصواب أن «أن» فى الآى المذكورة والأبيات الثلاثة على بابها، فهى مع الفعل الذى وصلت به فى تأويل مصدر، مفعول من أجله، فقوله: {وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ} معناه: لأن جاءهم، أو من أجل أن جاءهم، وكذا التقدير فى جميع ما استشهد به. ثم أقول: «إن تقدير «إذ» فى بعض هذه الآى التى استشهد بها يفسد المعنى ويحيله، ألا ترى أن قوله تعالى: {وَلا تَأْكُلُوها إِسْرافاً وَبِداراً أَنْ يَكْبَرُوا} لا يصح إلا بتقدير من أجل أن يكبروا، ويفسد المعنى بتقدير: إذ يكبروا، ثم إذا قدرها فى هذه الآية بالظرف الذى هو «إذ» ونصب بها الفعل، فحذف نون يكبرون كان فسادا ثانيا». وقد ذكر المرادى وابن هشام هذا الوجه من معانى «أن» وصوّبا ما انتهى إليه ابن الشجرى (¬1). 64 - علّل ابن الشجرى (¬2) لضعف الابتداء بالنكرة. قال: «وإنما ضعف الابتداء بالنكرة، لأن النفس تتنبّه بالمعرفة على طلب الفائدة، وإذا كان المخبر عنه مجهولا، كان المخبر حقيقا باطراح الإصغاء إلى خبر من لا يعرفه، وحدّ الكلام إذا كان المبتدأ منكورا، وتضمن خبره اسما معروفا، أن يقدم الخبر، كقولك: لزيد مال، لأن الغرض فى كل خبر أن يتطرق إليه بالمعرفة، فيصدّر الكلام بها، وهذا موجود هاهنا، لأنك وضعت زيدا مجرورا، لتخبر عنه بأن له مالا قد استقر له، فقولك: لزيد مال، فى تقدير: زيد ذو مال، فالمبتدأ الذى هو «مال» هو الخبر فى ¬

(¬1) الجنى الدانى ص 225، والمغنى ص 35. (¬2) المجلس الحادى والثمانون.

الظاهرة الإعرابية

الحقيقة، وقولك: «لزيد» هو المبتدأ فى المعنى. وقوله (¬1): «منى كنّ لى» مفيد، لأن فى ضمن الخبر ضمير المتكلم، وهو أعرف المعارف، ولو قال: منى كن لرجل، لم يحصل بذلك فائدة، لخلوه من اسم معروف. فاحتفظ بهذا الفصل فإنه أصل كبير». ... وبعد: فهذه أبرز آراء ابن الشجرى النحوية، كما ظهرت لى من استقراء كتابه «الأمالى»، ومن خلال نقول النحاة المتأخرين عنه، وأكرر ما قلته من قبل أن كتاب «الأمالى» زاخر بالآراء الغريبة العجيبة، وهى آراء تكاد تستغرق أبواب النحو والصرف كلها، على أنى لم أستبح لنفسى أن أنسب إلى ابن الشجرى منها، إلا ما صرّح هو به من نسبته إلى نفسه، أو صرح به النحاة المتأخرون. وقد وقفت عند ابن الشجرى على ظاهرتين غلبتا على كتابه «الأمالى» ولم يكد يخلو منهما مجلس من مجالسه، وهما ظاهرة الإعراب، وظاهرة الحذوف، وقد رأيت أن أفرد كل ظاهرة منهما بكلمة، إذ كان جمهور مسائل النحو راجعا إليهما ومبنيّا عليهما، ثم لأن هاتين الظاهرتين قد ثار حولهما لغط كثير، وتناولهما بعض الدارسين بكثير من السهولة واليسر، دون مراجعة الأصول واستقراء الأسباب، والنفاذ إلى أسرار العربية فى علومها المختلفة. الظاهرة الإعرابية كادت كتب النحو الأولى تخلص لإرساء القواعد ووضع الأصول، وما جاء فيها من كلام فى الإعراب إنما جاء لترسيخ هذه القواعد، وإيضاح تلك الأصول، ولم تعرف ظاهرة التوسع فى الإعراب إلا من خلال كتب إعراب القرآن الكريم، وكتب القراءات، ولئن ضاعت بعض الأصول الأولى المصنّفة فى هذين الفنين، فإن القدر الذى بقى منهما كاف فى الدلالة على أن ظاهرة الإعراب إنما أخذت صورتها الحقيقية من خلال هذه الكتب، وحسبنا التمثيل بمعانى القرآن للفراء، وإعراب ¬

(¬1) يشير إلى قول المتنبى: منى كن لى أن البياض خضاب فيخفى بتبييض القرون شباب

القرآن، للزجاج والنحاس ومكى بن أبى طالب، والحجة فى القراءات، لأبى على الفارسى، والكشف عن وجوه القراءات لمكى بن أبى طالب، ثم من جاء بعد هؤلاء، كأبى البركات الأنبارى، فى كتابه «البيان فى غريب إعراب القرآن»، وأبى البقاء العكبرى، فى كتابه «التبيان فى إعراب القرآن» (¬1). ولقد كانت هذه المصنفات الروافد التى أمدّت كتب النحو المتأخرة بذلك الفيض الزاخر من أوجه الإعراب المختلفة. ولعل «أمالى ابن الشجرى» هو أول كتاب نحوى حفل بظاهرة الإعراب، فإن الناظر فى كتاب «الأمالى» يستوقفه هذا الحشد الهائل من الوجوه الإعرابية فى آيات القرآن الكريم، وشواهد الشعر القديم والمحدث. وقد استكثر ابن الشجرى من الإعراب، مفردا له بعض مجالسه، أو مستطردا إليه من خلال ما يعرض له من مسائل العربية المختلفة التى يستفتى فيها ويسأل عنها. وابن الشجرى بهذه المثابة يمثل البداية الحقيقية للنحو التطبيقى التعليمى. وقد كان لابن الشجرى وجوه من الإعراب، خالف بها من سبقوه، ووجوه أخرى انفرد بها وخولف فيها. وهو حريص فى كل ذلك على أن يؤكد أن الإعراب مرتبط بصحة المعنى أو فساده، وأن المعنى يقدم على الوجه الإعرابى (¬2) وإن كان جائزا، وأنه لا بد من إعطاء الكلام حقّه من المعنى والإعراب. ¬

(¬1) طبع قديما باسم: إملاء ما من به الرحمن من وجوه الإعراب والقراءات فى القرآن. والصحيح ما أثبت. (¬2) العلاقة بين المعنى والإعراب عالجها النحاة من قبل ابن الشجرى، وتعرض لها ابن جنى فى أكثر من موضع من كتابه الخصائص، فقال فى 1/ 283: «باب فى الفرق بين تقدير الإعراب وتفسير المعنى: فإن أمكنك أن يكون تقدير الإعراب على سمت تفسير المعنى، فهو ما لا غاية وراءه، وإن كان تقدير الإعراب مخالفا لتفسير المعنى، تقبلت تفسير المعنى على ما هو عليه، وصححت طريق تقدير الإعراب، حتى لا يشذ شيء منها عليك». وقال فى 3/ 255: «باب فى تجاذب المعانى والإعراب: وذلك أنك تجد فى كثير من المنثور والمنظوم، الإعراب والمعنى متجاذبين، هذا يدعوك إلى أمر، وهذا يمنعك منه، فمتى اعتورا كلاما ما أمسكت بعروة المعنى، وارتحت لتصحيح الإعراب» وانظر تقدمتى لكتاب الشعر ص 36.

ويميل ابن الشجرى فى ذكر الأوجه الإعرابية إلى السهولة وطرح التكلف. وهذه شواهد ومثل، استخرجتها من «الأمالى» تكشف عن موقف ابن الشجرى من الظاهرة الإعرابية، وتبين عن اتجاهاته التى أشرت إليها، ولا سبيل إلى ذكر كل ما فى «الأمالى» من إعراب، فإن هذا محوج إلى صفحات كثيرة، للذى ذكرته من أن ابن الشجرى لم يكد يخلى مجلسا من مجالسه من وجوه الإعراب: 1 - حكى ابن الشجرى (¬1) ما جرى بين الأصمعى والكسائى من خلاف حول إعراب «رئمان» من قول الشاعر: أنّى جزوا عامرا سوءا بفعلهم … أم كيف يجزوننى السّوءى من الحسن أم كيف ينفع ما تعطى العلوق به … رئمان أنف إذا ما ضنّ باللبن وذكر أن الأصمعى يرويه «رئمان» بالنصب، والكسائى يجيز فيه الرفع والنصب والخفض، وعقّب ابن الشجرى فقال: «وانتصاب «الرئمان» هو الوجه الذى يصح به المعنى والإعراب، وإنكار الأصمعى لرفعه إنكار فى موضعه، لأن رئمان العلوق للبوّ بأنفها هو عطيتها، ليس لها عطية غيره، فإذا أنت رفعته لم يبق لها عطية فى البيت لفظا ولا تقديرا، ورفعه على البدل من «ما» لأنها فاعل «ينفع» وهو بدل الاشتمال، ويحتاج إلى تقدير ضمير يعود منه على المبدل منه، كأنك قلت: رئمان أنفها إياه، وتقدير مثل هذا الضمير قد ورد فى كلام العرب، ولكن فى رفعه ما ذكرت لك من إخلاء «تعطى» من مفعول فى اللفظ والتقدير، وجرّ «الرئمان» على البدل أقرب إلى الصحيح قليلا، وإعطاء الكلام حقه من المعنى والإعراب إنما هو بنصب «الرئمان». ولنحاة الكوفيين فى أكثر كلامهم تهاويل فارغة من حقيقة». وقد حكى النحاة المتأخرون: ابن هشام والدمامينى والبغدادى، كلام ابن الشجرى هذا، وتعقّبه الدمامينى بما ذكرته فى حواشى التحقيق. ¬

(¬1) المجلس السادس.

2 - ذكر ابن الشجرى (¬1) فى إعراب قوله تعالى: {قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً} قال: فأما قوله: {أَلاّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً} فيحتمل العامل فيه وجوها: أحدها فى قول بعض معربى القرآن أن يكون فى موضع نصب، بدلا من (ما)، والثانى: أجازه هذا المعرب، أن يكون فى موضع رفع، على تقدير مبتدأ محذوف، أى هو ألا تشركوا به شيئا، ولا يصح عندى هذان التقديران، إلا أن يحكم بزيادة (لا)، لأن الذى حرمه الله عليهم هو أن يشركوا به، فإن حكمت بأن (لا) للنفى، صار المحرم ترك الإشراك، فإذا قدرت بها الطرح، كما لحقت مزيدة فى نحو: {فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ} و {ما مَنَعَكَ أَلاّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} استقام القولان. ثم قال: ويحتمل عندى قوله: {أَلاّ تُشْرِكُوا بِهِ} وجهين آخرين: أحدهما: أن تكون (أن) مفسّرة بمعنى «أى» كالتى فى قوله تعالى: {وَاِنْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ اِمْشُوا} معناه: أى امشوا، وتكون (لا) نهيا، و «أن» المفسرة تؤدى معنى القول، فكأنه قيل: أقول: لا تشركوا به شيئا. والوجه الثانى: أن تجعل (عليكم) منفصلة مما قبلها، فتكون إغراء، بمعنى الزموا، كأنه اجتزئ بقوله: {قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ} ثم قيل على وجه الاستئناف: {عَلَيْكُمْ أَلاّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً}. 3 - أعرب ابن الشجرى (¬2) «ما» مصدرية، من قول الشاعر: ألف الصّفون فما يزال كأنه … مما يقوم على الثلاث كسيرا قال: «ما» مصدرية، فالمعنى: من قيامه، و «من» متعلقة بالخبر المحذوف، ثم قال: فتحقيق اللفظ والمعنى: ألف القيام على ثلاث فما يزال كسيرا، أى ثانيا إحدى قوائمه، حتى كأنه مخلوق من القيام على الثلاث. ¬

(¬1) المجلس الثامن. (¬2) المجلس الحادى عشر.

4 - أعرب ابن الشجرى (¬1) بيت لبيد: فغدت كلا الفرجين تحسب أنه … مولى المخافة خلفها وأمامها وضعف إعراب بعض النحويين لمخالفته لصحة المعنى. قال: والمضمر فى «غدت» ضمير بقرة وحشية، تقدم ذكرها، ويروى: «فعدت» من العدو. . . . وموضع «كلا» رفع بالابتداء، والجملة من «تحسب» وفاعله ومفعوله خبر المبتدأ، وعائد الجملة الهاء التى فى اسم «أن»، وعاد إلى «كلا» ضمير مفرد، لأنه اسم مفرد، وإن أفاد معنى التثنية، وموضع المبتدأ مع الجملة التى هى خبره نصب بأنها خبر «غدت» لأن منهم من يجعل «غدا» فى الإعمال بمنزلة «أصبح وأضحى»، ومن جعلها تامة كان موضع الجملة بعدها نصبا على الحال، ومن رواها بالعين غير المعجمة، فالجملة حال لا غير. و «خلفها» رفع على البدل من «كلا»، والتقدير: فغدت وخلفها وأمامها تحسب أنه يلى المخافة، وإن رفعته بتقدير: هو خلفها وأمامها، فجائز. قال: وبعض النحويين أبدله من «مولى المخافة» وذلك فاسد من طريق المعنى، لأن البدل يقدر إيقاعه فى مكان المبدل منه، وإن منع من ذلك موجب اللفظ فى بعض الأماكن، فلو قلت: كلا الفرجين تحسب أنه خلفها وأمامها، لم تحصل بذلك فائدة، لأن الفرجين هما خلفها وأمامها، فليس فى إيقاع الحسبان على ذلك فائدة. 5 - ذكر ابن الشجرى (¬2) تقديرات وحذوفا كثيرة فى قوله تعالى: {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ}، ثمّ وجّه الإعراب وفق هذه الحذوف، وقال فى آخر كلامه: «والذى ذكرته من التقديرات والحذوف فى هذه الآية مشتمل على حقيقة الإعراب مع المعنى». ثم أخذ على الزجاج وأبى على الفارسى إخلالهما بحقيقة إعراب الآية، قال: «وذكر الزجاج وأبو على فى تفسير قوله: {فَكَرِهْتُمُوهُ} تفسيرا تضمن المعنى دون ¬

(¬1) المجلس السابع عشر. (¬2) المجلس الثالث والعشرون.

حقيقة الإعراب. قال الزجاج فى تقدير المحذوف: فكما تكرهون أكل لحمه ميتا، كذلك تجنبوا ذكره بالسوء غائبا. وقال أبو على فى «التذكرة»: فكما كرهتم أكل لحمه ميتا فاكرهوا غيبته واتقوا الله. ثم أخذ على الفراء إغفاله لجانب المعنى، قال: وقال الفراء: فقد كرهتموه فلا تفعلوه، يريد: فقد كرهتم أكل لحمه ميتا فلا تغتابوه، فإن هذا كهذا، فلم يفصح بحقيقة المعنى. 6 - قال ابن الشجرى (¬1) فى بيت المتنبى: لولا مفارقة الأحباب ما وجدت … لها المنايا إلى أرواحنا سبلا «والمصدر الذى هو «مفارقة» مضاف إلى فاعله، وليس بمضاف إلى مفعوله، كإضافة السؤال فى قوله تعالى: {لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ}، ولا يحسن أن تقدر: لولا مفارقة المحبين الأحباب، وإن كان ذلك جائزا من طريق الإعراب، لأن المحب لا يوصف بمفارقة محبوبه، وإيجاد سبيل للمنية إلى روحه، وإنما هو مفارق لا مفارق». 7 - وجّه ابن الشجرى (¬2) قوله تعالى: {وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} على حذف اللام. قال: «معناه: كالوا لهم أو وزنوا لهم، وأخطأ بعض المتأولين فى تأويل هذا اللفظ، فزعم أن قوله: «هم» ضمير مرفوع، وكّدت به الواو، كالضمير فى قولك: خرجوا هم، «فهم» على هذا التأويل عائد على «المطففين». ويدلك على بطلان هذا القول عدم تصوير الألف بعد الواو فى {كالُوهُمْ} و {وَزَنُوهُمْ}، ولو كان المراد ما ذهب إليه هذا المتأول، لم يكن بدّ من إثبات ألف بعد الواو، على ما اتفقت عليه خطوط المصاحف كلها، فى نحو {خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ} و {قالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ} وإذا ثبت بهذا فساد قوله، فالضمير الذى هو «هم» منصوب بوصول الفعل إليه، بعد حذف اللام، وهو عائد على {النّاسِ} ¬

(¬1) المجلس الحادى والثلاثون. (¬2) المجلس الثالث والأربعون.

فى قوله تعالى: {إِذَا اِكْتالُوا عَلَى النّاسِ} وهذا أيضا دليل على فساد قوله: إن الضمير مرفوع، ألا ترى أن المعنى: إذا كالوا على الناس يستوفون، وإذا كالوا للناس أو وزنوا للناس يخسرون». فابن الشجرى فى هذا النص يقوّى ما ذهب إليه بعامل صناعى، وهو رسم المصاحف، وعامل معنوىّ، وهو صحة المعنى وسلامته. 8 - حكى ابن الشجرى (¬1) إعراب الزجاج والسيرافى «للمستخف» من قول الأخطل: إن العرارة والنّبوح لدارم … والمستخفّ أخوهم الأثقالا ثم قال: وأسهل من هذا عندى أن ترفع «المستخف» بتقدير: وهم المستخف أخوهم الأثقالا، والمضمر المقدر عائد على «دارم» و «هم» من «أخوهم» عائد على الألف واللام، لأنهما بمعنى الذين، فكأنك قلت: وهم الذين يستخف أخوهم الأثقالا. 9 - تعقب ابن الشجرى (¬2) شرّاح المتنبى: ابن جنى وأبا العلاء المعرى والربعى، فى إعرابهم بيت المتنبى: كفى ثعلا فخرا بأنك منهم … ودهر لأن أمسيت من أهله أهل فقال عن إعراب ابن جنى: إنه قول من لم ينعم النظر، وقنع بأول لمحة، ووصف قول المعرى بأن فيه إسهابا وتكلفا شاقا، وقول الرّبعى بأنه بعيد من حصول فائدة، ثم قال بعد حكاية أقوالهم: «والأوجه المذكورة عمن عزوتها إليهم، ليس فيها وجه خال من حذف، إلا الوجه الذى ذهب إليه الربعى فى النصب، وهو قول لا تصحبه فائدة، فأبو الفتح والربعى قدّرا فعلا لرفع «دهر»، والمعرى قدّر مبتدأ لرفع «أهل»، وقدّر المعرى أيضا لنصب «دهر» ما حكيت لك لفظه الشاقّ. ¬

(¬1) المجلس التاسع والعشرون. (¬2) المجلس الثلاثون.

قال: ويتجه عندى فى إعراب البيت بعد هذا وجه لم يذهب إليه من تقدم، كما لم يذهبوا إلى عطف «دهر»، على فاعل «كفى»، وهو أنك ترفع «الفخر» بإسناد «كفى» إليه، وتخرج الباء عن كونها زائدة فتجعلها معدّية متعلقة بالفخر، وتجر «الدهر» بالعطف على مجرور الباء، وترفع «الأهل» بتقدير المبتدأ الذى تقدم ذكره، فيصير اللفظ: كفى ثعلا فخر بكونك منهم، وبدهر هو أهل لأن أمسيت من أهله، والمعنى أنهم اكتفوا بفخرهم به، وبزمانه عن الفخر بغيرهما». 10 - ذكر ابن الشجرى (¬1) من شواهد إعمال «لا» عمل «ليس» قول النابغة الجعدى: وحلّت سواد القلب لا أنا مبتغ … سواها ولا عن حبها متراخيا ثم قال: «فمبتغ خبرها، وكان حقه أن ينصب، ولكنه أسكن الياء فى موضع النصب، كما أسكنها الآخر فى قوله: *كفى بالنأى من أسماء كافى* وكان حقه «كافيا» لأنه حال بمنزلة المنصوب فى قوله تعالى: {وَكَفى بِاللهِ وَلِيًّا وَكَفى بِاللهِ نَصِيراً}. قال: ووجدت بعد انقضاء هذه الأمالى فى كتاب عتيق، يتضمن المختار من شعر الجعدىّ: «لا أنا باغيا سواها». فهذه الرواية تكفيك تكلّف الكلام على مبتغ». وهذه العبارة الأخيرة صريحة الدلالة على أن ابن الشجرى يميل فيما يعالج من إعراب إلى إيثار السهولة وطرح التكلف وعدم التعلق بالضرورة. 11 - ذهب ابن الشجرى (¬2) إلى أن «محمدا» فى قول العباس بن مرداس: ¬

(¬1) المجلس الخامس والثلاثون. (¬2) المجلس السابع عشر.

ومن قبل آمنّا وقد كان قومنا … يصلون للأوثان قبل محمدا منصوب على نزع الخافض. قال: «نصب «محمد» بآمنا، والأصل: بمحمد». وقد ذكرت فى حواشى التحقيق أن ابن الشجرى قد خالف المعربين قبله، فقد ذكروا أن «محمدا» منصوب على المفعولية لآمنا المضمن معنى صدّقنا. هذا وقد حكى السخاوى (¬1) الوجهين، ثم استحسن النصب على إسقاط الخافض. 12 - قال ابن الشجرى (¬2) فى بيت الشماخ: وهنّ وقوف ينتظرن قضاءه … بضاحى عذاة أمره وهو ضامز «وفى البيت فصل بالظرف الأجنبى بين المصدر ومنصوبه، لأن قوله: «بضاحى عذاة» متعلق بوقوف أو ينتظرن، فهو أجنبى من المصدر الذى هو «قضاء» فوجب لذلك حمل المفعول على فعل الآخر، كأنه لما قال: «ينتظرن قضاءه بضاحى عذاة» أضمر «يقضى» فنصب به أمره». وقد حكى ابن هشام عن النحويين أن الباء فى قوله: «بضاحى» متعلقة بقضائه، لا بوقوف ولا بينتظرن، لئلا يفصل بين «قضائه» و «أمره» بالأجنبى. ثم قال: «ولا حاجة إلى تقدير ابن الشجرى وغيره «أمره» معمولا لقضى محذوفا، لوجود ما يعمل». هذا كلام ابن هشام فى المغنى (¬3)، ولكنه نقضه فى كتابه شرح بانت سعاد (¬4)، حيث قال بعد أن أنشد البيت: «وأمره منتصب بقضائه محذوفا، مبدلا من «قضائه» المذكور، ولا ينتصب بالمذكور، لأن الباء ومجرورها متعلقان بينتظرن، ولا يفصل المصدر من معموله». انتهى كلامه، وواضح أنه يرجع إلى كلام ابن الشجرى، والفرق الوحيد بينهما أن ابن الشجرى يقدر المحذوف أو المضمر «يقضى». وابن هشام يقدره «قضاء». ¬

(¬1) فى سر السعادة ص 719، وحكاه السيوطى فى الأشباه والنظائر 3/ 183. (¬2) المجلس التاسع والعشرون. (¬3) ص 595. (¬4) ص 94.

13 - ذهب ابن الشجرى (¬1) إلى أن الضمير يقوم مقام الواو المحذوفة فى ربط الجملة الاسمية الحالية، قال: «ولو حذفت الواو اكتفاء بالضمير، فقلت: خرج أخوك يده على وجهه، جاز، كما قال المسيب بن علس: نصف النهار الماء غامره … ورفيقه بالغيب ما يدرى أى ما يدرى ما حاله». وقد تعقبه البغدادى (¬2)، فقال: «والعجب من كلام ابن الشجرى فى «أماليه» فإنه جعل الجملة حالا من «النهار» المرفوع، وقال: «الرابط الضمير»، وهذا لا يصح، فإن الضمير ليس للنهار». وكان البغدادى قد قدر الضمير فى «غامره» عائدا على الغوّاص. وابن هشام (¬3) قدّر الرابط فى البيت الواو المحذوفة. 14 - سئل ابن الشجرى (¬4) عن إعراب «فضلا» ومعناه، فى قول الشاعر: ووحشيّة لسنا نرى من يصدّها … عن الفتك فضلا أن نرى من يصيدها فأجاب بأنه ينتصب على المصدر، قال: «والتقدير: فضل انتفاء أن نرى إنسانا يصدها عن الفتك بنا فضلا عن رؤيتنا إنسانا يصيدها لنا، ففضل هاهنا مصدر فضل من الشىء كذا: إذا بقيت منه بقية، كقولك: أنفقت أكثر دراهمك، والذى فضل منها ثلاثة، وكقولك لإنسان خلص من أمر عظيم ولحقه منه بعض الضرّ: معك فضل كثير، وكذلك وجود إنسان يصيد هذه الوحشية، وانتفاء من يكفها عن الفتك بينهما فضل كبير، فإذا كان من يكفها عن الفتك معدوما، فكيف من يقدر على صيدها موجودا». ¬

(¬1) المجلس الحادى والسبعون. (¬2) الخزانة 3/ 234. (¬3) المغنى ص 559،707. (¬4) المجلس الرابع والسبعون.

وتعبير «فضلا» مما شغل به اللغويون والنحاة المتأخرون، وقد ذكر الفيومى فى مادة (فضل) من المصباح المنير؛ ذكر إعراب «فضلا» ومعناه بمثل ما ذكره ابن الشجرى، ثم حكى عن قطب الدين الشيرازى فى شرح المفتاح، قال: «وقال شيخنا أبو حيان الأندلسى نزيل مصر المحروسة، أبقاه الله تعالى: ولم أظفر بنص على أن مثل هذا التركيب من كلام العرب». ولابن هشام رأى فى إعراب «فضلا»، حكاه عنه السيوطى (¬1). 15 - ومما يتصل بإعراب التعبيرات النحوية، ما ذكره ابن الشجرى (¬2) من إعراب قولهم: «أخطب ما يكون الأمير قائما»، وقولهم: «شربى السّويق ملتوتا»، وهما من التعبيرات النحوية الشائعة، وقد أطال ابن الشجرى فى إعراب التعبير الأول، ثم قال فى آخر كلامه: «فتأمل جملة الكلام فى هذه المسألة، فقد أبرزت لك غامضها وكشفت لك مخبوءها». 16 - تعقب ابن الشجرى شيخه التبريزى فى إعراب «مواهبا» من قول المتنبى: ومحل قائمة يسيل مواهبا … لو كنّ سيلا ما وجدن مسيلا فقال: «قال يحيى بن على التبريزى: مواهبا منصوبة، لأنها مفعول. فقلت: لا يجوز أن تكون مفعولا، لأن «يسيل» لا يتعدى إلى مفعول به، بدلالة أنه لا ينصب المعرفة، تقول: سال الوادى رجالا، ولا تقول: سال الوادى الرجال، وسالت الطرق خيلا، ولا تقول: سالت الطرق الخيل، فلما لزمه نصب النكرة خاصة، والمفعول يكون معرفة ويكون نكرة، والمميز لا يكون إلا نكرة، ثبت أن قوله: «مواهبا» مميز، ويوضح هذا لك أنك إذا أدخلت همزة النقل على سال، تعدى إلى مفعول واحد، تقول: أسال الوادى الماء المعين، فلو كان قبل النقل بالهمزة يتعدى إلى مفعول، لتعدى بعد النقل إلى مفعولين. ¬

(¬1) فى الأشباه والنظائر 3/ 187. (¬2) المجلس السابع والثلاثون.

فإن قيل: إن المميز من شأنه أن يكون واحدا. قلنا: لعمرى، إن هذا هو الأغلب، وقد يكون جمعا، كقوله تعالى: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً} وكقوله: {نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالاً وَأَوْلاداً}. انتهى كلام ابن الشجرى، وقد حكاه شارح ديوان المتنبى (¬1)، وأفاد أن إعراب «مواهبا» مفعولا به، هو قول ابن جنى أيضا. وبعد: فهذه أبرز آراء ابن الشجرى الإعرابية، استخرجتها لتدلّ على غيرها، مما زخرت به الأمالى، ومما ينبغى التنبه له والإشارة إليه أن الهدف التعليمىّ الذى أخذ به ابن الشجرى نفسه، وصرف إليه همته، قد حمله على إجالة النظر وتقليب الفكر، فيما تمثل فى هذه الأوجه (¬2) الإعرابية الكثيرة التى أوردها فى الكلمة الواحدة، مما يدل على تمكنه وتبحره فى فقه العربية، ومما يدل أيضا على أن ظاهرة التوسّع الإعرابى (¬3) ليست من صنيع النحاة المتأخرين، كما يظنّ بعض الدراسين. ... ¬

(¬1) شرح ديوان المتنبى المنسوب إلى العكبرى 3/ 237. (¬2) انظر مثلا: المجالس: العشرين، والثامن والعشرين، والحادى والثلاثين، والثانى والثلاثين والحادى والأربعين. (¬3) بل هى أقدم من ابن الشجرى، فيما تراه عند أبى على الفارسى. راجع مقدمتى لكتاب الشعر ص 32.

الحذف

الحذف الحذف من خصائص العربية، وهو سمة من سمات فصاحتها وبلاغتها، إذ كان بيانها قائما على الإيجاز والاختصار، ويجعله ابن جنى من باب شجاعة العربية (¬1). والحذف: إسقاط كلمة للاجتزاء عنها بدلالة غيرها من الحال أو فحوى الكلام. هكذا عرّفه الرمانى (¬2). وقال أبو عبيد القاسم بن سلام (¬3): والاختصار فى كلام العرب كثير لا يحصى، وهو عندنا أعرب الكلام وأفصحه، وأكثر ما وجدناه فى القرآن. ويرى ابن الشجرى (¬4) أن الحذف من أفصح كلام العرب، لأن المحذوف كالمنطوق به، من حيث كان الكلام مقتضيا له، لا يكمل معناه إلا به. والحذف خلاف الأصل. قال الزركشى (¬5): «والحذف خلاف الأصل، وعليه ينبنى فرعان، أحدهما: إذا دار الأمر بين الحذف وعدمه، كان الحمل على عدمه أولى، لأن الأصل عدم التغيير. والثانى: إذا دار الأمر بين قلة المحذوف وكثرته، كان الحمل على قلته أولى». ولما كان الحذف بهذه المثابة، فقد أجمعوا على أنه لا يصار إليه ولا يستحسن إلا باجتماع شيئين: أولهما: أن تدعو إليه ضرورة فنية، مبناها على ما اختصت به العربية من الإيجاز وطرح فضول الكلام، والاكتفاء باللمحة الدالة، وطلب الخفة واليسر، رعاية للانسجام الصوتى فى بعض أنواع الكلمة والكلام، ثم من قبل كل ¬

(¬1) الخصائص 2/ 362، ولله در ابن جنى، كيف تأتّى له هذا التعبير! (¬2) النكت فى إعجاز القرآن ص 70. (¬3) غريب الحديث 2/ 272. (¬4) الأمالى-المجلس الثالث والأربعون. (¬5) البرهان 3/ 104.

ذلك ومن بعده إمتاع الذهن بما تذهب إليه النفس فى تقدير المحذوف المطوىّ فى ثنايا الكلام (¬1). والثانى: أن يدل على المحذوف دليل، كما أفاد الرمانى فى كلامه السابق. وقال المبرد (¬2): ولا يجوز الحذف حتى يكون المحذوف معلوما بما يدلّ عليه من متقدم خبر، أو مشاهدة حال. وقال أبو جعفر الطبرى (¬3): قد دللنا فيما مضى أن العرب من شأنها-إذا عرفت مكان الكلمة ولم تشكك أن سامعها يعرف بما أظهرت من منطقها ما حذفت-حذف ما كفى منه الظاهر من منطقها، ولا سيما إن كانت تلك الكلمة التى حذفت قولا أو تأويل قول. وقال ابن جنى (¬4): قد حذفت العرب الجملة والمفرد والحرف والحركة، وليس شيء من ذلك إلا عن دليل عليه، وإلا كان فيه ضرب من تكليف علم الغيب فى معرفته. وقال الشريف المرتضى (¬5): وإنما تستحسن العرب الحذف فى بعض المواضع، لاقتضاء الكلام المحذوف ودلالته عليه. ¬

(¬1) ترى أمثلة ذلك فى البرهان 3/ 104 - 220، وانظر مبحث الحذف وأمثلته-بالإضافة إلى ما ذكرت-فى مجاز القرآن 1/ 8، والبيان والتبيين 2/ 278، وتأويل مشكل القرآن ص 210، والصناعتين ص 181، والصاحبى ص 337،386 - 393، وإعجاز القرآن للباقلانى ص 262، والبرهان الكاشف عن إعجاز القرآن ص 237، والتبيان فى علم البيان ص 112، والمغنى ص 668 - 725، والحذف يسمى أيضا: الإضمار والاختصار، وفرق المرتضى بين الحذف والاختصار، فجعل الحذف يتعلق بالألفاظ، والاختصار يرجع إلى المعانى. راجع أماليه 2/ 73. (¬2) المقتضب 2/ 81. (¬3) تفسير الطبرى 1/ 139،179، وانظر أيضا 2/ 27. (¬4) الخصائص 2/ 360. (¬5) أمالى المرتضى 2/ 48.

وقال الشيخ عبد القاهر (¬1) عن الحذف: هو باب دقيق المسلك، لطيف المأخذ، عجيب الأمر، شبيه بالسحر، فإنك ترى به ترك الذكر أفصح من الذكر، والصمت عن الإفادة أزيد للإفادة، وتجدك أنطق ما تكون إذا لم تنطق، وأتمّ ما تكون بيانا إذا لم تبن، وهذه جملة قد تنكرها حتى تخبر، وتدفعها حتى تنظر، وأنا أكتب لك بديئا أمثلة مما عرض فيه الحذف، ثم أنبهك على صحة ما أشرت إليه، وأقيم الحجة من ذلك عليه. وقال أيضا فيما نقل عنه الزركشى (¬2): ما من اسم حذف فى الحالة التى ينبغى أن يحذف فيها إلا وحذفه أحسن من ذكره، ولله درّ القائل: إذا نطقت جاءت بكل مليحة … وإن سكتت جاءت بكل مليح 63 - وقال العز بن عبد السلام (¬3): والعرب لا يحذفون ما لا دلالة عليه ولا وصلة إليه، لأن حذف ما لا دلالة عليه مناف لغرض وضع الكلام من الإفادة والإفهام، وفائدة الحذف تقليل الكلام، وتقريب معانيه إلى الأفهام. وقال حازم القرطاجنّى، فيما حكى عنه الزركشى (¬4): إنما يحسن الحذف ما لم يشكل به المعنى، لقوة الدلالة عليه، أو يقصد به تعديد أشياء، فيكون فى تعدادها طول وسآمة، فيحذف ويكتفى بدلالة الحال عليه، وتترك النفس تجول فى الأشياء المكتفى بالحال عن ذكرها على الحال. وقد تنازع مبحث الحذف علماء إعجاز القرآن، والبلاغة والنحو، لكن علماء الإعجاز والبلاغة عالجوا الحذف فى أبواب خاصة أفردوها له ووقفوها عليه، ثم تكلموا عليه مرّة واحدة، وخلطوا مباحث البيان بمباحث النحو، أما النحويون فقد ¬

(¬1) دلائل الإعجاز ص 146. (¬2) البرهان 3/ 105. (¬3) الإشارة إلى الإيجاز فى بعض أنواع المجاز ص 5. (¬4) الموضع السابق من البرهان، وقد حكى الزركشى كلام حازم هذا من كتابه «منهاج البلغاء» ولم أجده فى المطبوع منه، ووضعه محققه فى ملحق الكتاب ص 391، نقلا عن البرهان.

فرقوا الكلام على الحذف، على أبواب النحو المختلفة، كحذف المبتدأ والخبر، وحذف المفعول والحال والتمييز والصلة والعطف والموصوف والصفة، ثم حذف الأدوات. وقلّ من رأيناه أفرد للحذف بابا، نعم وقف ابن هشام بعض الباب الخامس من «المغنى» على الكلام على الحذف: شروطه وأنواعه وأمثلته، لكنه عالج أيضا مسائل من الحذف، فى مباحث الكتاب المختلفة، شأنه شأن النحاة السابقين واللاحقين. هذا وقد حدّد ابن هشام مجال البحث النحوى فى الحذف، فقال (¬1): «الحذف الذى يلزم النحوىّ النّظر فيه هو ما اقتضته الصناعة، وذلك بأن يجد خبرا بدون مبتدأ أو بالعكس، أو شرطا بدون جزاء أو بالعكس، أو معطوفا بدون معطوف عليه، أو معمولا بدون عامل، نحو: {لَيَقُولُنَّ اللهُ} ونحو: {قالُوا خَيْراً}، ونحو: «خير عافاك الله»، وأما قولهم فى نحو {سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ}: إن التقدير: والبرد، ونحو: {وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّها عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائِيلَ}: إن التقدير: ولم تعبّدنى، ففضول فى فن النحو، وإنما ذلك للمفسر، وكذا قولهم: يحذف الفاعل لعظمته، وحقارة المفعول، أو بالعكس، أو للجهل به، أو للخوف عليه أو منه، ونحو ذلك، فإنه تطفل منهم على صناعة البيان». والبحث النحوىّ يتناول حذف الجملة والمفرد والحرف والحركة (¬2)، وهذان الأخيران مما اختص بهما علم الصرف. وقد أفسح ابن الشجرى «أماليه» لكل أنواع هذه الحذوف، ثم تناول أيضا تلك الحذوف التى أشار ابن هشام إلى أنها من علمى التفسير والبيان. ذكر ابن الشجرى كل ذلك وضرب له الأمثال من الكتاب العزيز، ومن كلام العرب وأشعارها، ثم اعتنى عناية خاصة بذكر حذوف القرآن الكريم، ويقول فى ذلك (¬3): «فحذوف القرآن كثيرة عجيبة». ¬

(¬1) المغنى ص 724. (¬2) الخصائص 2/ 360، والأشباه والنظائر 1/ 28. (¬3) المجلس الثالث والعشرون.

وابن الشجرى يشترط ما اشترطه غيره من ضرورة قيام دليل على المحذوف، قال (¬1): «إن حذف المضاف فى كلام العرب وأشعارها، وفى الكتاب العزيز أكثر من أن يحصى، وأحسنه ما دل عليه معنى أو قرينة أو نظير أو قياس» ثم مثل لهذه الدلالات. وقد عالج ابن الشجرى ضروب الحذف فى ثنايا كثير من مجالسه (¬2)، قصدا أو استطرادا، ثم أفرد لها سبعة عشر مجلسا، بدءا من منتصف المجلس التاسع والثلاثين، استغرقت مائة وخمسين ورقة من مخطوطة الأمالى التى اتخذتها أصلا، وهو قدر كبير يصلح أن يكون كتابا مستقلا، وقد تكلم فى هذه المجالس على الحذوف الواقعة بالأسماء المفردة والجمل والأفعال والحروف، وهذه المباحث تكاد تستغرق أبواب النحو كلها، وفى كلام ابن الشجرى عن الحذف فى الحروف، أراد حروف المعانى، كاللام ومن والباء وعلى وإلى، مما بحروف الجر، ثم الحروف التى هى من بنية الكلمة، وحذف هذه الحروف الأخيرة يعالج فى أبواب الصرف كالإعلال والإبدال والقلب والنقل. وإفراد ابن الشجرى هذه المجالس المتتابعة لدراسة الحذوف مفيد فى ميدان الدراسات النحوية والصرفية، إذ كان ذلك مغنيا عن تلمّس ظاهرة الحذوف فى أبواب النحو المختلفة، حيث تأتى أمثلة الحذوف مفرقة بحسب ترتيب أبواب النحو، وبخاصة فى الكتب التعليمية المتأخرة، ابتداء من القرن السابع، على يد شراح ابن مالك. وابن الشجرى يمثل أحيانا لظهور المحذوف الذى يقدره، فى شاهد آخر، فقد قال (¬3) فى أدلة الحذوف: «ودلالة النظير مع القياس والقرينة، كقوله سبحانه: {هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ} أراد: هل يسمعون دعاءكم، كما قال فى الأخرى: {إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ} ودلالة القياس على هذا المحذوف أنك لا تقول: ¬

(¬1) المجلس الثامن، وانظر أيضا المجلس السابع والثلاثين. (¬2) انظر مثلا المجالس: الأول والرابع والخامس والسابع والتاسع والسادس والثلاثين والثامن والستين. (¬3) المجلس الثامن.

سمعت زيدا وتمسك، حتى تأتى، بعد ذلك بلفظ مما يسمع، كقولك: سمعته يقرأ، وسمعته ينشد». وحكى فى الكلام على حذف المبتدأ، قال (¬1): «وجاء الحذف فى قوله تعالى: {طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ} فقيل: تقديره: أمرنا طاعة، واحتج صاحب هذا القول بقول الشاعر: فقالت على اسم الله أمرك طاعة … وإن كنت قد كلّفت ما لم أعوّد فقال: فقد أظهر الشاعر المبتدأ المحذوف فى الآية». وقال فى حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه (¬2): «ومنه {وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً} أى إلى أهل مدين، ألا ترى أن الضمير الذى هو الهاء والميم فى (أخاهم) لا يعود على (مدين) نفسها، وإنما يعود على أهلها، وقد أظهر هذا المحذوف فى موضع آخر، وهو قوله: {وَما كُنْتَ ثاوِياً فِي أَهْلِ مَدْيَنَ}. وذكر فى حديثه عن حذف العائد من جملة الصفة إلى الموصوف، قال (¬3): «وفى التنزيل: {وَاِتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً} أراد: لا تجزى فيه، فحذف الجارّ والمجرور المقرّين فى قوله تعالى: {وَاِتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ}». وقد أسرف ابن الشجرى فى تقدير بعض الحذوف، فقال فى ذكر معانى «أو (¬4)»: «التاسع أن تكون للتبعيض فى قول بعض الكوفيين، وإنما جعلها للتبعيض، لأنها لأحد الشيئين، وذلك فى قول الله سبحانه: {وَقالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى تَهْتَدُوا} وهذا القول إنما هو إخبار من الله عز وجل عن الفريقين، وفى الكلام حذوف: أولها: حذف مضاف من أوله، ثم حذف واو العطف وجملتين فعليتين من آخره، وهما قال وفاعله، وكان واسمها. فأما تقدير المضاف فإن قوله: ¬

(¬1) المجلس التاسع والثلاثون. (¬2) المجلس نفسه. (¬3) المجلس الأربعون. (¬4) المجلس الخامس والسبعون.

(وقالوا) معناه: وقال بعضهم-يعنى اليهود-كونوا هودا، وتقدير الواو والجملتين: وقال بعضهم: كونوا نصارى، فقام قوله: (أو نصارى) مقام هذا الكلام، وهذا يدلك على شرف هذا الحرف». وقد حكى ابن هشام (¬1) تقدير ابن الشجرى هذا، ونسبه إلى التعسّف. ولما كان الحذف خلاف الأصل-كما ذكرت فى صدر هذا البحث-فإن ابن الشجرى يضعّفه ما لم تدع إليه ضرورة فنية، وما لم يدلّ عليه دليل، ويقوّى الأوجه الخالية من الحذف، وقد ذكرته فى الفقرة التاسعة من آرائه الإعرابية. وقد حكى اختلاف النحاة فى قول دريد بن الصمة: لقد كذبتك عينك فاكذبنها … فإن جزعا وإن إجمال صبر فقال (¬2): قال سيبويه: فهذا على «إما» ولا يكون على «إن» التى للشرط، لأنها لو كانت للشرط لاحتيج إلى جواب، لأن جواب «إن» إذا ألحقتها الفاء لا يكون إلا بعدها، فإن لم تلحقها فقلت: أكرمك إن زرتنى، سدّ ما تقدم على حرف الشرط مسد الجواب. . . وقال غير سيبويه: هو على «إن» التى للشرط، والجواب محذوف، فكأنه قال: إن كان شأنك جزعا شقيت به، وإن كان إجمال صبر سعدت به. قال ابن الشجرى: وقول سيبويه هو القول المعوّل عليه، لأنه غير مفتقر إلى هذا الحذف، الذى هو حذف كان ومرفوعها، وحذف جوابين لا دليل عليهما. وقد ضعّف ابن الشجرى بعض الحذوف، فقال فى حذف الموصوف (¬3): «وكذلك لا يجوز: مررت بالطويل زيد، على أن تجعل الطويل صفة لزيد، ولكن إن أردت: مررت بالرجل الطويل، فحذفت الموصوف، وأبدلت زيدا من الصفة، جاز على قبح، لأن حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه، مما شدّد فيه سيبويه، وإن ¬

(¬1) المغنى ص 69. (¬2) المجلس التاسع والسبعون. (¬3) المجلس السابع والعشرون.

كان قد ورد ذلك فى الاستعمال على شذوذه، كقوله تعالى: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ} أى العبد الشكور، وكقوله: {أَنِ اِعْمَلْ سابِغاتٍ} أى دروعا سابغات، وكقوله: {وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} أى الأمّة القيمة». قلت: لم أجد فيما بين يدىّ من كتب النحو إنكار حذف الموصوف، وقد أجازوه بشرط وجود الدليل عليه، وشروط أخرى (¬1)، وابن الشجرى نفسه قد استشهد لحذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه، بشواهد كثيرة فى المجالس: التاسع والثلاثين، والستين، والرابع والستين، والتاسع والستين، ولم يصفه هناك بقبح أو شذوذ، كصنيعه هنا. هذا وتعبير ابن الشجرى بالشذوذ فى الاستعمال القرآنى فيه نظر، ولعله إنما يتكلّم بحسب الصنعة ليس غير، فقد ذكر ما يشبه هذا فى موطن آخر، حين استشهد لحذف اللام على الشذوذ (¬2)، بما جاء من حذف الياء اكتفاء بالكسرة، فى قوله تعالى: {يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ} وقوله: {ذلِكَ ما كُنّا نَبْغِ}. ... ¬

(¬1) راجع المغنى ص 728، وشرح ابن عقيل 2/ 162، وشرح الأشمونى 2/ 70، والتصريح على التوضيح 2/ 118 - وعبارته «ويجوز بكثرة حذف المنعوت إن علم» -والهمع 2/ 120. (¬2) المجلس الثالث والخمسون.

الأدوات عند ابن الشجرى

الأدوات عند ابن الشجرى المراد بالأدوات: الحروف (¬1) وما شابهها من الأسماء والأفعال والظروف، ويطلق عليها حروف المعانى. وقد جاء الحديث عن الأدوات مفرّقا فى ثنايا كتب التفسير، وكتب علوم القرآن، نحو مشكل القرآن لابن قتيبة، والبرهان للزركشى، وكتب اللغة والبلاغة. وقد تناولت المصنّفات النحوية مبحث الأدوات خلال أبواب النحو المختلفة، ثم أفرد بعض النحاة تصانيف خاصة للأدوات، ومن أشهر هذه التصانيف: معانى الحروف للرمانى (¬2)، وكتاب اللامات للزجاجى، والأزهية للهروى، ورصف المبانى فى حروف المعانى للمالقى، والجنى الدانى فى حروف المعانى لابن أم قاسم المرادى، وجواهر الأدب فى معرفة كلام العرب للإربلى، ثم خصص ابن هشام الجزء الأول من «المغنى» للأدوات. ويعد ابن الشجرى من أهم من عالجوا مبحث الأدوات: معانيها وعملها وشواهدها، ودخول بعضها مكان بعض، ذكر كل ذلك فى ثنايا مجالسه، ثم أفرد مجالس خاصة لبعض هذه الأدوات، فقصر المجلس السابع والستين على «لا»، قال فى آخره: «فهذه وجوه «لا» لم أخلّ منها بشىء، والمجلس الذى بعده خصصه لمعانى وعمل «ما»، ثم عقد فصلا فى المجلس السبعين لدخول حروف الخفض بعضها مكان بعض، وهو فصل مفيد جدا، أتى فيه ابن الشجرى على شواهد كثيرة من الكتاب العزيز، مما يفيد فى مجال الدراسات القرآنية. وعمل ابن الشجرى هذا يعدّ حلقة من السلسلة التى بدأها ابن قتيبة فى كتابه تأويل مشكل القرآن، وابن فارس فى كتابه الصاحبى. وتكلم ابن الشجرى فى المجلس الثالث والسبعين، عن «أى» و «رب»، وفى المجلس الذى بعده تحدث عن أقسام «من» الاسمية، وافتتح المجلس الخامس والسبعين بذكر معانى «أو» ومواضعها، وكذلك تحدث عن معانى «أم» ومواضعها ¬

(¬1) مقدمة تحقيق الجنى الدانى فى حروف المعانى ص 3. (¬2) إن صحّت نسبته إليه.

فى المجلس السابع والسبعين، وابتدأ المجلس التالى بذكر أقسام «إما» المكسورة، و «أما» المفتوحة، وبسط الكلام على «إن» الخفيفة المكسورة والمفتوحة فى المجلس الذى بعده. وقد أفاد ابن الشجرى فى معالجته للأدوات من جهود العلماء السابقين، وعلى رأسهم الهروىّ صاحب «الأزهية»، وقد أغار ابن الشجرى على كثير من مباحث هذا العالم، من غير أن ينبّه عليه، وحديث هذا يأتى إن شاء الله فى الكلام على مصادر ابن الشجرى، ثم أفاد النحاة المتأخرون من جهود ابن الشجرى فى هذا المجال، وصرحوا بالنقل عنه والأخذ منه، ومن هؤلاء المرادى صاحب «الجنى الدانى»، وابن هشام فى «المغنى» لكن ابن هشام يغفل أحيانا ذكر ابن الشجرى، وقد عارضت كلامه بكلامه، ونبهت عليه فى حواشى التحقيق. وتبدو أهمية ابن الشجرى فى هذا المجال، متمثلة فى ذلك الفيض الزاخر من الشواهد التى انتزعها من كتاب الله العزيز، ومن أشعار العرب، وبعض هذه الشواهد مما انفرد به ابن الشجرى، ولم يرد فى أشهر كتب الأدوات التى ذكرتها، ومن ذلك ما أنشده على زيادة «ما»، من قول الشاعر (¬1): ما مع أنك يوم الورد ذو جزر … ضخم الدّسيعة بالسّلمين وكّار ... ¬

(¬1) المجلسان الرابع والأربعون والسابع والستون.

الشواهد عند ابن الشجرى

الشواهد عند ابن الشجرى شواهد القرآن الكريم: لم يعرض ابن الشجرى لأصل من الأصول أو قاعدة من القواعد إلا استشهد لها بآية أو أكثر من الكتاب العزيز. وقد استكثر ابن الشجرى من شواهد القرآن الكريم، فيما عرض له من مسائل الإعراب والحذوف والأدوات، ثم عقد أبوابا وفصولا خاصة لبعض آى الذكر الحكيم: تفسيرا وإعرابا (¬1)، بل إنه قصر المجلسين الحادى والثمانين والذى بعده، على ذكر زلات مكى بن أبى طالب المغربى، فى كتابه مشكل إعراب القرآن الكريم. ولعل خير ما يكشف عن منهج ابن الشجرى فى تناوله لتفسير وإعراب القرآن الكريم هذان المثلان، مما ذكره فى المجلس العاشر. قال: سألنى سائل عن قوله تعالى: {يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ} فقال: ما معنى تستجيبون بحمده؟ وبم تتعلق الباء؟ فقد زعم بعض المفسرين أن معنى بحمده: بأمره. وقال فى الموضع الآخر: سألنى سائل مكاتبة عن قوله عز من قائل: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اِصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا} الآية، فقال: ما معنى الاصطفاء، وما أصله الذى اشتق منه، وما حقيقة معنى المقتصد، وإلى أى شيء هذا السبق، وما معنى الخيرات هاهنا، وكيف دخل الظالم لنفسه فى الذين اصطفاهم الله، وقد قال تعالى: {قُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اِصْطَفى} وإلى أى شيء تتوجه الإشارة فى قوله: {ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ}؟ وقد أجاب ابن الشجرى عن السؤالين إجابة العالم المتمكن. ولم يخل ابن الشجرى «أماليه» من مسائل الصرف فى آى القرآن الكريم، وقد ذكر من هذه المسائل الكثير على امتداد مجالسه، ثم أفرد فى المجلس الرابع ¬

(¬1) أمثلة ذلك فى المجالس: السابع والثامن والتاسع، والثانى والعشرين والثالث والعشرين، والحادى والثلاثين، والحادى والستين، والثالث والستين، والرابع والستين، والسادس والسبعين.

والستين مسألة للكلام على «ترين». قال: سئلت عن (ترينّ) فى قول الله سبحانه: {فَإِمّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً} وذكر السائل لى أن الواعظ المعروف بالشعرى امتحن الناس بهذه اللفظة على الكرسى، فقال: ما المحذوف منها، وما وزنها؟ فرأيت أن أقدم أسّا يبنى الكلام فيها عليه. ثم أجاب ابن الشجرى بكلام طويل، تضمن فوائد صرفية جيدة، وقال فى آخر إجابته: «فأحسن تأمل ما ذكرته، فقد بالغت فى إيضاح المسئول عنه بتوفيق الله». ومسألة «ترينّ» مما أكثر الصرفيّون الكلام فيه، ولم أجد أحدا من السابقين على ابن الشجرى-فيما بين يدىّ من كتبهم المطبوعة-أشبع الكلام فيها على هذا النحو. وقد انتزع ابن الشجرى شواهد كثيرة من الكتاب الحكيم لما عرض له من مسائل علم البلاغة، فقد استشهد للاستعارة والتكرير والترصيع والخبر والاستفهام والأمر والنهى (¬1)، ثم كانت له مع المفسرين وقفات، ردّ عليهم فى بعضها، وزاد على أقوالهم فى بعضها الآخر (¬2). وقد عرض ابن الشجرى لبعض الآيات المشكلة التى يشكك بها الملاحدة، قال فى المجلس الثامن: «تأويل قوله تعالى: {قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً} هذه الآية من الآى المشكلة التى تعلقت بها الملحدة، وأنا إن شاء الله أكشف لك غموضها وأبرز مكنونها. . . .» إلى آخر ما ذكر. وابن الشجرى فيما استخرجه من شواهد القرآن الكريم-نحوا وصرفا ولغة ومعانى-يحرص كثيرا على ضمّ النظير إلى نظيره، وربط آى القرآن بعضها ببعض، وذلك (¬3) «لأن مجاز القرآن مجاز الكلام الواحد والسورة الواحدة» قالوا: والذى يدل ¬

(¬1) المجالس: الحادى والثلاثون، والثانى والثلاثون، والرابع والثلاثون. (¬2) المجالس: الثانى والخمسون، والثالث والستون، والخامس والسبعون. (¬3) المجلسان: الرابع والأربعون، والسابع والستون.

على ذلك أنه قد يذكر الشىء فى سورة فيجىء جوابه فى سورة أخرى، كقوله: {وَقالُوا يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ} جاء جوابه فى سورة أخرى: {ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ}. وأمام هذا الحشد الهائل من شواهد الكتاب العزيز التى زخرت بها «الأمالى» وقع ابن الشجرى فى بعض الاختلاف والاضطراب والأخطاء، فقد استشهد على الالتفات من الخطاب إلى الغيبة بشواهد كثيرة، ذكر منها قوله تعالى: {ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى} ذكر ذلك فى المجلس الثامن عشر، ثم أعاد الآية الكريمة فى المجلسين التاسع والثلاثين والأربعين، شاهدا على حذف المفعول، وقد تعقّبه الزركشى (¬1)، فقال فى أثناء كلامه على الالتفات من الخطاب إلى الغيبة: «وجعل منه ابن الشجرى: {ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى} وقد سبق أنه على حذف المفعول، فلا التفات». هذا كلام الزركشى، وقد خفى عنه الموضع الثانى الذى ذكر فيه ابن الشجرى أنه على حذف المفعول. وأخطأ ابن الشجرى فى بعض تلاوات القرآن الكريم، وقد نبهت عليه فى حواشى التحقيق (¬2). وما ينبغى أن تحمل مثل هذه الأخطاء على أوهام النّسّاخ، فالخطأ ثابت فى كلتا النسختين المخطوطتين من الأمالى، وأيضا فإن بعض هذه الأخطاء ثابت فى خزانة الأدب للبغدادى فيما حكاه عن ابن الشجرى. ¬

(¬1) البرهان 3/ 319. (¬2) المجالس: الرابع والثلاثون، والتاسع والثلاثون، والثالث والأربعون، والثامن والأربعون.

القراءات عند ابن الشجرى

القراءات عند ابن الشجرى أكثر الدارسون قديما وحديثا من الكلام حول قبول القراءات والاستشهاد بها والاحتجاج لها، وقد أثر عن جماعة من نحاة البصرة المتقدّمين شيء من الطعن على بعض القراءات السبعية وردّها والتشنيع على من قرأ بها (¬1). ولم يقف ابن الشجرى من القراءات هذا الموقف، فهو قد استشهد بالقراءات، متواترها وشاذّها، على مسائل النحو والصرف واللغة، بل إنه قوّى بعض القراءات السبعية، ووجّه بعض القراءات الشاذة، ولا سبيل إلى ذكر كل ما عرض له ابن الشجرى من قراءات (¬2). فأكتفى بذكر مثلين يكشفان عن منهج ابن الشجرى وموقفه من القراءات، الأول فى الترجيح بين قراءتين سبعيتين، والثانى فى توجيه قراءة شاذة: 1 - ذكر ابن الشجرى فى تفسير قوله تعالى: {وَاِصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ}، قال (¬3): «وقرأ ابن عامر: {بِالْغَداةِ}، وبها قرأ أبو عبد الرحمن السلمى، وأوجه القراءتين: {بِالْغَداةِ}، لأن غدوة معرفة علم للحين، ومثلها بكرة، تقول: جئتك أمس غدوة، ولقيته اليوم بكرة، قال الفراء: سمعت أبا الجراح يقول فى غداة يوم بارد: ما رأيت كغدوة قط، يريد غداة يومه، وقال الفراء: ألا ترى أن العرب لا تضيفها، وكذلك لا تدخلها الألف واللام، إنما يقولون: أتيتك غداة الخميس، ولا يقولون: غدوة الخميس، فهذا دليل على أنها معرفة. انتهى كلامه. وأقول: إن حق الألف واللام الدخول على النكرات، وإنما دخلتا فى الغداة، لأنك تقول: خرجنا فى غداة باردة، وهذه غداة طيبة، ووجه قراءة ابن عامر أن سيبويه قال: «زعم الخليل أنه يجوز أن تقول: أتيتك اليوم غدوة وبكرة، فجعلتهما بمنزلة ضحوة»، وإنما علقوا غدوة وبكرة على الوقت علمين، ¬

(¬1) انظر مقدمة المقتضب ص 111، ومدرسة الكوفة ص 337،345. (¬2) راجع المجالس: الثالث، والخامس عشر، والسادس عشر، والثامن عشر، والثالث والعشرين، والثلاثين، والثامن والثلاثين، والسادس والأربعين، وانظر الفقرة الحادية والأربعين من آراء ابن الشجرى النحوية. (¬3) المجلس الثانى والعشرون.

لأنهما جعلا اسمين لوقت منحصر، ولم يفعلوا ذلك فى ضحوة وعشية، لأنهما لوقتين متسعين، ومما يحتج به لليحصبى والسلمى أن بعض أسماء الزمان قد استعملته العرب معرفة بغير الألف واللام، وقد سمع منهم إدخال الألف واللام عليه، نحو ما حكاه أبو زيد من قولهم: لقيته فينة فينة يا فتى، غير مصروف، ولقيته الفينة بعد الفينة، أى الحين بعد الحين، ووجه إدخال الألف واللام فى هذا الضرب أنه يقدر فيه الشياع». 2 - حكى ابن الشجرى (¬1) اختلاف القراء فى إعراب قوله تعالى: {هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصّادِقِينَ صِدْقُهُمْ} بنصب {يَوْمُ} ورفعه. وقال فى آخر ما حكاه: «وقد قرئ فيما شذ من القراءات السبع: {هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصّادِقِينَ صِدْقُهُمْ} بنصب {صِدْقُهُمْ} مع نصب {يَوْمُ}، وإسناد {يَنْفَعُ} إلى ضمير راجع إلى الله سبحانه وتعالى. ويحتمل نصب {صِدْقُهُمْ} ثلاثة أوجه، أحدها: أن يكون مفعولا له، أى ينفع الله الصادقين لصدقهم، والثانى أن تنصبه على المصدر، لا بفعل مضمر، ولكن تعمل فيه {الصّادِقِينَ}، فتدخله فى صلة الألف واللام، وتقدير الأصل: ينفع الله الصادقين صدقا، ثم أضيف إلى ضمير «هم» فقيل: صدقهم، كما تقول: أكرمت القوم إكراما، وأكرمتهم إكرامهم، قال الله تعالى فى الإفراد: {وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنا مَكْراً} وفى الإضافة: {وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ}، ومثله: {وَزُلْزِلُوا زِلْزالاً} و {إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها} والثالث: أن تنصبه بتقدير حذف الباء، لأنك تقول: نفعته بكذا، فيكون الأصل: ينفع الله الصادقين بصدقهم، فلما سقطت الباء وصل الفعل، ومثله فى إسقاط الباء ثم إيصال الفعل قوله سبحانه: {إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ} أى بأوليائه، لأن المعنى يخوّفكم بهم، ويدلك عليه قوله: {فَلا تَخافُوهُمْ}. ... ¬

(¬1) المجلس السابع.

شواهد الحديث النبوى

شواهد الحديث النبوى الاستشهاد بالحديث النبوىّ، واعتباره مصدرا من مصادر الاحتجاج فى قضايا النحو والصرف، أمر كثر الجدل حوله بين مؤيّد ومعارض، وقد أشبع العلامة البغدادى الكلام فيه (¬1). وقد قلّ استشهاد ابن الشجرى بالحديث فى «أماليه» قلّة ظاهرة، بالقياس إلى شواهد القرآن الكريم، وشواهد الشعر القديم والمحدث. ولم أجد له استشهادا بالحديث على قضايا النحو إلا فى موضعين اثنين من «الأمالى» أولهما ما أورده شاهدا على حذف خبر «إن» فيما رواه (¬2) عن أبى عبيد القاسم بن سلام: «أن المهاجرين قالوا: يا رسول الله، إن الأنصار قد فضلونا، إنهم آوونا وفعلوا بنا وفعلوا، فقال: ألستم تعرفون ذلك لهم؟ قالوا: بلى، قال: فإن ذلك». قوله: «فإن ذلك» معناه: فإن ذلك مكافأة منكم لهم، أى معرفتكم بصنيعهم وإحسانهم مكافأة لهم. وهذا كحديثه الآخر: «من أزلت إليه نعمة فليكافئ بها فإن لم يجد فليظهر ثناء حسنا»، فقوله عليه السلام: «فإن ذلك» يريد به هذا المعنى. والموضع الثانى ما ذكره فى الكلام على لام الأمر، قال (¬3): إن الأصل فى أمر المواجه أن يستعمل بلام الأمر مع تاء الخطاب، فقد روى عن النبى عليه السلام أنه قال فى بعض مغازيه: «لتأخذوا مصافّكم»، وفى قراءة أبىّ: {فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا}. ¬

(¬1) الخزانة 1/ 9 - 15، وينظر أيضا البحث الذى كتبه الأستاذ الشيخ محمد الخضر حسين، عن الاستشهاد بالحديث، فى مجلة مجمع اللغة العربية بالقاهرة 3/ 199. ومن الدراسات الحديثة التى عنيت بهذا الموضوع: الحديث النبوى الشريف وأثره فى الدراسات اللغوية والنحوية. للدكتور محمد ضارى حمادى. بغداد 1402 هـ‍-1982 م. وموقف النحاة من الاحتجاج بالحديث. للدكتورة خديجة الحديثى. بغداد 1401 هـ‍-1981 م. والحديث النبوى فى النحو العربى. للدكتور محمود فجّال. نادى أبها الأدبى. المملكة العربية السعودية 1404 هـ‍-1984 م. ثم انظر تقدمتى لكتاب الشعر ص 71. (¬2) المجلس التاسع والثلاثون. (¬3) المجلس السادس والستون.

وقد استشهد ابن الشجرى بالحديث الشريف على مسائل اللغة وتفسيرها، فقال (¬1) فى شرح الضبع، وهو السنة الشديدة: «ومنه الحديث عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم: «أن رجلا جاءه، فقال: يا رسول الله، أكلتنا الضبع وتقطعت عنا الخنف» قال: عنى بالخنف جمع خنيف، وهو ثوب من كتان رديء». وذكر فى تفسير «الخير» من قوله تعالى: {إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ} (¬2): «والخير هاهنا هو الخيل (¬3)، وتسميتها بالخير مطابق لقوله عليه السلام: الخيل معقود فى نواصيها الخير». وقال (¬4) فى شرح «مغيون» من قول الشاعر: *وإخال أنك سيد مغيون* مغيون: مفعول من قولهم: غين على قلبه: أى غطّى عليه، وفى الحديث: «إنه ليغان على قلبى». واستشهد على تخفيف «هينة» بقوله صلّى الله عليه وسلم (¬5): «المؤمن هين لين». وقال فى شرح الوكاء، وهو السير الذى يشدّ به رأس القربة (¬6): «وشبه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، العينين فى اليقظة بالوكاء، فى قوله: «العينان وكاء السه، فإذا نامت العينان استطلق الوكاء». قال: «السّه والاست بمعنى» أراد أن العينين شداد الاست، فإذا كان يقظان حفظت عينه استه، كما يحفظ الوكاء ما فى الوعاء، فإذا نام انحل الشداد». ¬

(¬1) المجلس الخامس. (¬2) المجلس التاسع. (¬3) المجلس الخامس. (¬4) المجلس السابع عشر. (¬5) المجلسان الخامس والثلاثون، والخامس والأربعون. (¬6) المجلس التاسع والأربعون.

وذكر فى المحذوف اللام: «دد»، قال (¬1): «وقولهم: دد، أصله ددن، وهو اللهو واللعب، وجاء فى الحديث عنه صلى الله عليه وآله وسلم: «ما أنا من دد ولا الدّد منى» وقال عدىّ بن زيد العبادىّ: أيها القلب تعلّل بددن … إنّ همّى فى سماع وأذن الأذن: الاستماع، يقال: أذن للحديث يأذن أذنا: إذا استمع، وفى المأثور عنه عليه السلام: ما أذن الله لشيء كإذنه لنبى يتغنى بالقرآن». ثم استشهد ابن الشجرى بالحديث على قضايا من علم البلاغة، فى أربعة مواضع من الأمالى: الأول: ما أورده (¬2) فى مبحث الاستعارة، قال: «ومن ذلك استعارة النبى صلّى الله عليه وسلم للغيرة أنفا، وقد رأى عليا وفاطمة عليهما السلام، فى بيت، فردّ الباب عليهما وقال: جدع الحلال أنف الغيرة». قلت: لم أجد هذا الحديث فيما بين يدى من كتب السنة، ولا فى كتب غريب الحديث التى أعرفها، وكذلك لم أجده فى المظان الأخرى، مثل المجازات النبوية للشريف الرضى، ونهج البلاغة-اعتمادا على فهارسه-ثم وجدت الثعالبى (¬3) يقول عند كلامه على «أنف الكرم»: قد تصرف الناس فى استعارة الأنف، بين الإصابة والمقاربة، وأحسن وأبلغ ما سمعت فيها قول النبى صلّى الله عليه وسلم: «جدع الحلال أنف الغيرة». وذكره الميدانى (¬4)، ثم قال: «قاله صلّى الله عليه وسلم، ليلة زفّت فاطمة إلى على رضى الله تعالى عنهما، وهذا حديث يروى عن الحجاج بن منهال، يرفعه». والثانى (¬5): ما استشهد به على خروج الخبر إلى الأمر، من قوله صلّى الله عليه وسلم: ¬

(¬1) المجلس التاسع والأربعون. (¬2) المجلس الحادى والثلاثون. (¬3) ثمار القلوب ص 330. (¬4) مجمع الأمثال 1/ 163. وذكره أيضا أبو هلال، فى ديوان المعانى 1/ 101،2/ 95. (¬5) المجلس الثالث والثلاثون.

شواهد الأثر

«لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب»، قال: أى اقرءوا فى الصلوات الفاتحة. والثالث (¬1): ما ذكره من شواهد خروج صيغة الأمر إلى الندب والاستحباب، من قوله صلّى الله عليه وسلم: «من جاء منكم إلى الجمعة فليغتسل». والرابع (¬2): ما أورده من شواهد النهى، وقوله صلّى الله عليه وسلم: «لا تباغضوا ولا تحاسدوا». وفى هذا الموضع استشهد بحديث شريف، على خروج النهى إلى معنى التنزيه، قال: وقد ترد هذه الصيغة، والمراد بها التنزيه، كقوله تعالى: {وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} أى لا تتركوه، وليس ذلك بحتم، وكقول النبى صلى الله عليه وآله وسلم: «إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده فى الإناء حتى يغسلها ثلاثا» ولا تحمل هذه الصيغة على التنزيه إلا بدليل. شواهد الأثر: ومما يتصل بالاستشهاد بالحديث الاستشهاد بالأثر، وهو كلام الصحابة والتابعين، رضى الله عنهم أجمعين، والنحويون يستشهدون بالأثر كثيرا، فمن ذلك استشهادهم فى باب التحذير والإغراء بقول عمر رضوان الله عليه: «إياى وأن يحذف أحدكم الأرنب» وفى باب المقصور والممدود بقوله أيضا: «لولا الخلّيفى لأذّنت» أى الخلافة. وقد استشهد ابن الشجرى بكلام العباس بن عبد المطلب، وعمر بن الخطاب وعلى بن أبى طالب، وعمر بن عبد العزيز، رضوان الله عليهم أجمعين. فقد استدل على أنه يمكنك أن تقول فى الوقف (¬3): يا طلحت، بسكون التاء، بما روى عن العباس رضى الله عنه، أنه قال فى ندائه المسلمين لما انهزموا يوم ¬

(¬1) المجلس الرابع والثلاثون. (¬2) المجلس نفسه. (¬3) المجلس الرابع والخمسون.

حنين: «يا أصحاب بيعة الشجرت، يا أصحاب سورة البقرت، فقال المجيب له منهم: والله ما أحفظ منها آيت». واستشهد (¬1) لمجيء النداء استغاثة بقول عمر رضى الله عنه، لما طعنه العلج: «يا لله وللمسلمين». وذكر فى كلامه (¬2) على النداء أنهم قد ينادون الأوقات، وأورد شواهد كثيرة، منها نداء أمير المؤمنين على بن أبى طالب كرم الله وجهه، للدنيا وخطابه لها: «يا دنيا ألى تعرضت، لا حان حينك، قد بتتّك ثلاثا، لا رجعة لى فيك، فعمرك قصير وعيشك حقير، وخطرك يسير». واستدل (¬3) على حذف خبر «إن» بما روى أن رجلا جاء إلى عمر بن عبد العزيز رضوان الله عليه، فجعل يمت بقرابته، فقال عمر: «فإن ذاك»، ثم ذكر له حاجته، فقال: «لعل ذاك»، لم يزده على أن قال: «فإنّ ذاك» و «لعل ذاك»، أى إن ذاك كما قلت، ولعل حاجتك أن تقضى. ... ¬

(¬1) المجلس الخامس والثلاثون. (¬2) المجلس نفسه. (¬3) المجلس التاسع والثلاثون.

شواهد الشعر

شواهد الشعر لا أعرف كتابا نحويّا قبل كتاب ابن الشجرى، ضمّ هذا القدر الضخم من الشواهد الشعرية، فقد بلغت شواهده أكثر من مائة وألف (¬1) بيت (1100)، ولم أدخل فى هذا العدد ما أورده ابن الشجرى فى المجلس الأخير، من أبيات كثيرة للمتنبى، مما يتمثّل به، ولم أعتبر فى هذا العدد أيضا الشواهد المكررة، فكثير من الشواهد قد تكرر مرتين، وبعضها تكرر ثلاثة وأربع مرات، وبعض ثالث تكرر خمس مرات، كقول القائل: إذا نهى السفيه جرى إليه … وخالف والسفيه إلى خلاف ونعم ليست هذه الشواهد كلّها خالصة للنحو والصرف، ففيها من شواهد اللغة والأدب والبلاغة والعروض والقوافى، أبيات ذوات عدد، لكن يبقى القدر الأكبر خالصا للنحو والصرف. وشواهد ابن الشجرى منتزعة من شعر الجاهليين والمخضرمين والإسلاميين والمحدّثين، والاستشهاد بشعر هذه الطبقة الأخيرة محل خلاف، تكلم عليه البغدادى (¬2)، وأفاد أن الطبقتين الأوليين يستشهد بشعرهما إجماعا، وأما الثالثة فالصحيح صحة الاستشهاد بكلامها، وأما الرابعة فالصحيح أنه لا يستشهد بكلامها مطلقا، وقيل: يستشهد بكلام من يوثق به منهم، واختاره الزمخشرى. وقد استكثر ابن الشجرى من شعر الشعراء المحدثين، أمثال دعبل الخزاعى، ومروان بن أبى حفصة (¬3) -ونص على أنهما من المحدثين-وابن المعتز وأبى تمام والبحترى وابن نباتة، ومن إليهم. ¬

(¬1) بلغت شواهد سيبويه-فيما أحصاه أستاذنا أحمد راتب النفاخ-سبعة وأربعين بيتا وألف بيت (1047) فهرس شواهد سيبويه ص 9. (¬2) الخزانة 1/ 6. (¬3) المجالس: التاسع، والحادى والثلاثون، والثانى والثلاثون.

وكأنما أحسّ ابن الشجرى حرجا أو نقدا، فى إيراده لشعر هؤلاء المحدثين والاحتجاج به، فقال فى مبحث النداء، عند ما استشهد ببيت للشريف الرضى (¬1): «ومن وصف الليل بالقصر، لما نال واصفه فيه من السرور، وأحسن ما شاء، قول الشريف أبى الحسن الرضى، رضى الله عنه وأرضاه، وإن كان متأخرا، فإنما نسج المتأخّرون على منوال المتقدمين: يا ليلة كاد من تقاصرها … يعثر فيها العشاء بالسّحر ولابن الشجرى عناية خاصة بالشريف الرضى، فقد أنشد له واستشهد به فى بعض مجالسه، ثم أفرد المجلس الثانى والستين لشرح قصيدته النونية التى مطلعها: ما زلت أطرف المنازل بالنّوى … حتى نزلت منازل النعمان وقد أتى فى هذا الشرح على مسائل جياد من النحو واللغة والأدب. ويقف أبو الطيب المتنبى على رأس الشعراء المحدثين الذين استشهد بشعرهم ابن الشجرى، فقد ذكر شعره فى خمسة وثمانين موضعا من الأمالى، عدا المجلس الأخير الذى قصره على التنبيه على فضائله، وأورد فيه غررا من حكمه وشعره الذى يتمثل به. وقد أورد ابن الشجرى شعر المتنبى، مستشهدا به على إعراب أو قاعدة، ومتعقبا شرّاحه: ابن جنى وأبا العلاء المعرى وابن فورجة، والتبريزى، ومن إليهم، وشارحا ومعربا ما أهمله هؤلاء الشراح. قال فى إعراب بيت المتنبى: أىّ يوم سررتنى بوصال … لم ترعنى ثلاثة بصدود «(¬2) وإنما أذكر من شعره ما أهمله مفسّروه، فأنبه على معنى أو إعراب أغفلوه، وهذا البيت لبعده من التكلف، وخلوّه من التعسّف، وسرعة انصبابه إلى السمع وتولّجه فى القلب، أهملوا تأمله فخفى عنهم ما فيه». ¬

(¬1) المجلس الخامس والثلاثون وانظر عن الاستشهاد بشعر المحدثين، تقدمتى لكتاب الشعر ص 73. (¬2) المجلس الثانى عشر.

وقال فى قوله: جرّبت من نار الهوى ما تنطفى … نار الغضا وتكلّ عما تحرق «(¬1) وهذا البيت أيضا مما أمرّوه على أسماعهم إمرارا، فلم يعطوه حصّة من التفكّر، ولم يولوه طرفا من التأمل». وابن الشجرى بهذه المثابة يعدّ من شرّاح المتنبى، فما أورده من شعره والكلام عليه ينهض كتابا مستقلا، يضمّ إلى ما كتب عن أبى الطيب، ولعل الله ييسّر لى صنع هذا الكتاب الذى يعين على فهم شعر المتنبى والإبانة عنه. ولندع حديث أبى الطيب، وشعر المحدثين، ولنفرغ إلى منهج ابن الشجرى فى شواهده الشعرية، فأقول: إن اشتغال ابن الشجرى برواية الأدب وجمع الشعر قد أعاناه على اختيار شواهده الشعرية من أوثق النصوص وأبعدها عن الشكّ والوضع، وحين عرض لبعض الشواهد الموضوعة لغاية تعليمية، نصّ على أنها مصنوعة، فقال فى قول الراجز (¬2): إنّ هند الكريمة الحسناء … وأى من أضمرت لوأى وفاء «وهذا البيت والذى قبله من الأبيات المصنوعة لرياضة المبتدئين، لا تزال تداولها ألسن الممتحنين». ويتنبه ابن الشجرى لمظنّة صنع الشاهد، ويدفعها بإنشاد بيت قبله وبيت بعده، ليدلّ على أن الشاهد منتزع من قصيدة، فقد استشهد على مجىء اسم «لا» العاملة عمل «ليس» معرفة، فقال (¬3): «ومرّ بى بيت للنابغة الجعدى، فيه مرفوع «لا» معرفة، وهو: وحلّت سواد القلب لا أنا مبتغ … سواها ولا عن حبّها متراخيا ¬

(¬1) المجلس الثانى عشر، وأنبه هنا إلى أن شرح ابن الشجرى للمتنبى كان مددا وعونا لبعض شراحه، مما يأتى بسط الكلام عليه فى (أثر ابن الشجرى فى الدراسات النحوية) إن شاء الله. (¬2) المجلس الثامن والثلاثون. (¬3) المجلس الخامس والثلاثون.

وقبله: دنت فعل ذى حبّ فلما تبعتها … تولّت وردّت حاجتى فى فؤاديا وبعده: وقد طال عهدى بالشباب وظلّه … ولاقيت أياما تشيب النواصيا وإنما ذكرت هذين البيتين، مستدلا بهما على نصب القافية، لئلا يتوهم متوهم أن البيت فرد مصنوع، لأن إسكان الياء فى قوله: «متراخيا» ممكن مع تصحيح الوزن، على أن يكون البيت من الطويل الثالث، مثل: أقيموا بنى النعمان عنا صدوركم … وإلاّ تقيموا صاغرين الرءوسا وابن الشجرى حريص على الدقة فى رواية الشعر، والاحتياط لأمن اللّبس، وسلامة القواعد، فيقول فى بيت ابن أحمر (¬1): على حيين فى عامين شتا … فقد عنّا طلابهما وطالا «ومعنى «شتا» افترقا، ولا يجوز أن تكتب «شتا» هاهنا بالياء، كالتى فى قوله تعالى: {وَقُلُوبُهُمْ شَتّى}، لأن ألف «شتّا» فى البيت ضمير، و «شتى» فى الآية اسم على فعلى، جمع شتيت، كقتيل وقتلى، وإنما ذكرت هذا، لأنى وجدته فى نسخة بالياء». وقال فى قوله من القصيدة نفسها: وجرد يعله الداعى إليها … متى ركب الفوارس أو متالا «(¬2) ومتى هاهنا شرط، وجوابه محذوف للدلالة عليه، فالتقدير: متى ركب الفوارس أو متى لم يركبوا، عله الداعى إليها. . . وينبغى أن تكتب «متالا» الثانية بالألف، لأن ألفها ردف، وإذا صوّرتها ياء كان ذلك داعيا إلى جواز إمالتها، وإمالتها تقربها من الياء، وإذا كانت الألف ردفا، انفردت بالقصيدة أو المقطوعة. ¬

(¬1) المجلس الحادى والعشرون. (¬2) المجلس الثانى والعشرون.

ويظهر إجلال ابن الشجرى للشعر القديم، والاحتجاج به، فيما تعقب (¬1) به أبا العباس المبرد، فى طعنه على قصيدة يزيد بن الحكم الثقفى، وقوله: «إن فى هذه القصيدة شذوذا فى مواضع، وخروجا عن القياس، فلا معرّج على هذا البيت» (¬2). فقال ابن الشجرى: إن الحرف الشاذ أو الحرفين أو الثلاثة، إذا وقع ذلك فى قصيدة من الشعر القديم، لم يكن قادحا فى قائلها، ولا دافعا للاحتجاج بشعره، وقد جاء فى شعر لأعرابى: *لولاك هذا العام لم أحجج* ولا يقف ابن الشجرى فى إيراد الشاهد عند حدود الغرض النحوى الذى سيق له، بل يستطرد إلى شرح غريبه وتفسير معناه، مازجا النحو باللغة والأدب، فإذا وجد خطأ لبعض الشراح نبّه عليه، ومن ذلك بيت الحطيئة، وأورده شاهدا على إضافة المصدر إلى المفعول: أمن رسم دار مربع ومصيف … لعينيك من ماء الشئون وكيف قال (¬3): الرسم هاهنا مصدر رسم المطر الدار يرسمها رسما: إذا جعل فيها رسوما، أى آثارا، وهو مضاف إلى المفعول، والمربع: رفع بأنه الفاعل، والمراد به مطر الربيع، والمصيف: مطر الصيف، ومن فسّر شعر الحطيئة من اللغويين فسّروا الرسم بالأثر، وفسروا المربع بأنه المنزل فى الربيع، والمصيف بأنه المنزل فى الصيف، وذلك فاسد، لأن تقديره: أمن أثر دار منزل فى الربيع ومنزل فى الصيف؟ ثم لا يتصل عجز البيت بصدره على هذا التقدير، وتكون «من» فى هذا القول للتبعيض، فكأنه قال: أبعض أثر دار منزل فى الربيع، وهى فى قول بعض النحويين بمعنى لام العلة، مثلها فى قول الله تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ} أى ¬

(¬1) المجلس السابع والعشرون. (¬2) يريد قوله: وكم موطن لولاى طحت كما هوى بأجرامه من قلة النيق منهوى وهو شاهد على وقوع الضمير المتصل بعد «لولا»، وقد منعه المبرد. (¬3) المجلس الثانى والأربعون.

نسبة الشواهد

لإملاق، وفى قولهم: فعلت ذلك من أجلك، يريدون لأجلك، والصحيح ما ذهب إليه النحويون، لأن المعنى: أمن أجل أن أثّر فى دار مطر ربيع ومطر صيف، لعينيك وكيف من ماء الشئون؟ نسبة الشواهد: عزا ابن الشجرى كثيرا من الشواهد إلى قائليها، وسكت عن نسبة بعض أبيات، عزوت قدرا منها، بالرجوع إلى دواوين الشعر ومصنّفات النحو وسائر كتب العربية، وشذّ منها شيء لم أجده فيما بين يدىّ من مظان، وقد انفرد ابن الشجرى بإنشاد أبيات، كما انفرد بنسبة أبيات، وظنّى أن مرجعه فى الحالين كتب أبى على الفارسى (¬1)، المخطوطة والمفقودة، فقد رأيت ابن الشجرى كثير التطواف حول أبى على، ويأتى هذا مبسوطا إن شاء الله فى حديثى عن مصادر ابن الشجرى. وتمثّل بعض شواهد ابن الشجرى إضافات جيّدة لشعر بعض الشعراء، فقد أنشد بيتين لكثيّر لم أجدهما فى ديوانه المطبوع بتحقيق الدكتور إحسان عباس. البيت الأول: من اليوم زوراها خليلىّ إنها … سيأتى عليها حقبة لا نزورها (¬2) ولم أجد هذا البيت أيضا فيما بين يدىّ من كتب النحو والتفسير واللغة. والبيت الثانى: وما زلت من ليلى لدن أن عرفتها … لكالهائم المقصى بكلّ مكان (¬3) وهذا البيت أنشد من غير نسبة فى المنصف لابن جنى 3/ 52، وشرح ديوان المتنبى المنسوب إلى العكبرى 2/ 241. ¬

(¬1) رأيت تصديق هذا حين حقّقت كتاب الشّعر لأبى على. (¬2) المجلس الأول، ولكثير قصيدة من بحر هذا البيت وقافيته، ديوانه ص 312. (¬3) المجلس الحادى والثلاثون.

وتظهر أهمية شواهد ابن الشجرى أيضا، فيما حكاه عن سيبويه، فقد استدل على حذف المنادى بما أنشده سيبويه من قول الشاعر (¬1): ألا يا إننى سلم … لأهلك فاقبلى سلمى وهذا الشاهد لم أجده فى كتاب سيبويه، اعتمادا على ما صنع له من فهارس، ومعروف عند الدارسين «أن بين أصول الكتاب القديمة اختلافا فى عدة الأبيات، وأن بعضها ربما انفرد بشواهد أخلّ بها غيره» (¬2). وابن الشجرى نفسه يصرح بأن لكتاب سيبويه أكثر من نسخة (¬3). وهذه جملة ملاحظات حول منهج ابن الشجرى فى نسبة الشواهد وروايتها: 1 - روى ابن الشجرى قول أبى تمام (¬4): أفى الحقّ أن يمسى بقلبى مأتم … من الشوق والبلوى وعيناى فى عرس ورواية البيت فى ديوان أبى تمام 4/ 220: أسكن قلبا هائما فيه مأتم … من الشوق إلا أنّ عينى فى عرس ويا بعد ما بين الروايتين فى مجال الدرس الأدبى. 2 - وأنشد بيت الفرزدق (¬5): ولو بخلت يداى بها وضنّت … لكان علىّ للقدر الخيار ورواية الديوان ص 364: ولو رضيت يداى بها وقرّت … لكان لها على القدر الخيار ويقال فيه ما قيل فى سابقه. ¬

(¬1) المجلس التاسع والثلاثون. والبيت من غير نسبته فى اللسان (سلم). (¬2) فهرس شواهد سيبويه ص 9 لشيخنا العلامة أحمد راتب النّفّاخ. (¬3) المجلس الحادى عشر. (¬4) المجلس الثامن عشر. (¬5) المجلس نفسه.

3 - نسب ابن الشجرى هذا البيت من الرجز، إلى الشماخ (¬1): *ربّ ابن عمى لسليمى مشمعل* والصواب أنه لجبار بن جزء، على ما فى ديوان الشماخ ص 389، وجزء أخو الشماخ. وهذا البيت أنشده ابن الشجرى مع بيت بعده، من غير نسبة، فى المجلس التاسع والستين. 4 - أنشد ابن الشجرى فى المجلس الثانى والعشرين، هذين البيتين، ونسبهما إلى تأبط شرا: فإما تعرضنّ أميم عنى … وينزعك الوشاة أولو النّياط فخور قد لهوت بهنّ عين … نواعم فى البرود وفى الرّياط ثم أنشدهما فى المجلس الثالث والأربعين، ونسبهما إلى الهذلى من غير تعيين، والبيتان من قصيدة للمتنخل الهذلى، كما فى شرح أشعار الهذليين ص 1267. 5 - نسب ابن الشجرى إلى رؤبة هذين البيتين: والله لولا أن يحشّ الطّبّخ … بى الجحيم حين لا مستصرخ (¬2) ولم يردا فى ديوان رؤبة المطبوع، وهما فى ديوان أبيه العجاج ص 459. 6 - وصنع عكس هذا، حين نسب بيتا للعجاج (¬3)، والصواب أنه لرؤبة فى ديوانه ص 16، وذلك قوله: *وقد تطوّيت انطواء الحضب* 7 - ونسب إلى رؤبة (¬4): ¬

(¬1) المجلس التاسع عشر. (¬2) المجلس الخامس والثلاثون، وأنشد جزءا من البيت الثانى، من غير نسبة فى المجلس الحادى والثلاثين. (¬3) المجلس التاسع والخمسون. (¬4) المجلس الثامن والسبعون، ولم يرد البيتان فى ديوان رؤبة المطبوع.

يا أيها المائح دلوى دونكا … إنى رأيت الناس يحمدونكا ونسبة البيتين إلى رؤبة خطأ، تبع فيه ابن الشجرى القاضى الجرجانى فى الوساطة ص 275، وقد تعقب البغدادىّ (¬1) ابن الشجرى فى هذه النسبة، ثم عزا البيتين إلى راجز جاهلى من بنى أسيد بن عمرو بن تميم. 8 - استشهد ابن الشجرى على حذف اللام فى الشعر بقول الأعشى (¬2): أبالموت الذى لا بدّ أنى … ملاق لا أباك تخوّفينى فإن كان ابن الشجرى يريد الأعشى الكبير، ميمون بن قيس، فإنى لم أجد هذا البيت فى ديوانه المطبوع، وقد تكلمت عليه فى حواشى التحقيق. 9 - روى ابن الشجرى «متتايع» فى هذا البيت (¬3): أرى ابن نزار قد جفانى وملنى … على هنوات شأنها متتايع بالياء التحتية، وشرح التتايع بأنه التهافت فى الشر، وقد ذكرت فى حواشى التحقيق أن الرواية «متتابع» بالباء الموحدة، فى كل ما رجعت إليه من كتب، وهى الكتاب والمقتضب والمنصف، وسرّ صناعة الإعراب، وشرح المفصل، وشرح الملوكى، واللسان، ثم نقلت عن الأعلم أنهما روايتان. 10 - روى ابن الشجرى بإسناده إلى بديع الزمان الهمذانى، قصيدة بشر ابن عوانة الأسدى، التى مطلعها (¬4): أفاطم لو شهدت ببطن خبت … وقد لاقى الهزبر أخاك بشرا وقال فى تقدمة القصيدة: «قيل إن أجود شعر قيل فى لقاء الأسد، من الشعر القديم هذه القصيدة». ¬

(¬1) الخزانة 3/ 18. (¬2) المجلس الثالث والأربعون. (¬3) المجلس التاسع والأربعون. (¬4) المجلس الرابع والستون.

ويرى الأستاذ الدكتور مصطفى الشّكعة (¬1) أن بشر بن عوانة الأسدى هذا شخصية وهمية، اخترعها بديع الزمان فى مقاماته، وأجرى على لسانها هذه الأبيات. وقد سبق إلى هذا التنبيه الأستاذ الزركلى (¬2)، رحمه الله رحمة واسعة. 11 - أنشد ابن الشجرى شاهدا على التمدح هذين البيتين (¬3): لحافى لحاف الضيف والبيت بيته … ولم يلهنى عنه غزال مقنّع أحادثه إن الحديث من القرى … وتعلم نفسى أنه سوف يهجع ونسبهما لعقبة بن مسكين الدارمى، وقد انفرد ابن الشجرى بهذه النسبة، كما ذكر البغدادى (¬4)، وأفاد أن البيتين لمسكين الدارمى، وأن الجاحظ والأعلم الشنتمرى نسبا البيتين إلى كعب بن سعد الغنوى، ونسبهما التبريزى إلى عتبة بن بجير. ... ¬

(¬1) مناهج التأليف عند العلماء العرب ص 396. (¬2) الأعلام 2/ 27، وانظر المثل السائر 3/ 284. (¬3) المجلس الخامس والستون. (¬4) الخزانة 4/ 254، والبيتان فى ديوان مسكين ص 51، وتخريجهما فى 76.

مصادر ابن الشجرى

مصادر ابن الشجرى جاء ابن الشجرى وقد استوى النحو العربى على سوقه أو كاد، فقد فرغ النحاة من وضع الأصول وبسط الفروع، ولم يكد أبو الفتح ابن جنى يضع قلمه المبدع بعد هذه التصانيف الجياد التى نفذ بها إلى أسرار العربية، حتى كان هذا إيذانا ببدء مرحلة جديدة يعكف فيها النحاة على هذا الموروث العظيم الذى آل إليهم: كشفا عن أسراره، ونفاذا إلى دقائقه، وتنبيها على غوامضه، واستدراكا لفائته. ونعم كان للجيل الذى تلا ابن جنى، ولجيل ابن الشجرى آراء مبتكرة، والعربية فسيحة الأرجاء، متراحبة الأطراف، وقد يفتح الله على الأواخر بما لم يفتح به على الأوائل، ولكن يظل الفرق بين هؤلاء وهؤلاء كما ترى من الفرق بين الجدول الصغير والبحر الزخّار، ولو أتيح لكل مصنّفات الأوائل أن تذيع وتنتشر، لعرفت صدق ما أقول. وما أريد أن أسلب الأجيال الخالفة حقها، فما إلى هذا قصدت، وما أنا بمستطيعه، ولكنى أريد أن أدل على عظمة الأوائل الذين عرفوا للغتهم حقّها، من دقة النظر وحسن الفقه، وكريم الرعاية، ثم ما كان لنا أن نفقه سرّ العربية ونقف على دقائقها لولا جهود هذه الأجيال اللاحقة التى جمعت الوجوه، ورصدت النظائر، ثم أحسنت التبويب والتأليف. وابن الشجرى واحد من هذا النفر الكريم الذين أحسنوا النظر فى ذلك الحصاد الطيب الذى سبق به الأوائل، وعكف عليه: شارحا ومفسّرا، ومتعقّبا وناقدا، ومضيفا ومستدركا. وقد كانت أمالى ابن الشجرى معرضا لآراء أعلام النحاة، على اختلاف مذاهبهم واتجاهاتهم، وقد نقل ابن الشجرى كثيرا عن أعلام النحو واللغة المتقدمين، وتظهر أهمية هذه النقول فيما حكاه عن كتبهم المفقودة، من مثل كتاب «الأوسط» للأخفش سعيد بن مسعدة، و «الواسط» لأبى بكر بن الأنبارى، وبعض كتب أبى على الفارسى، وما إليها، ثم فيما حكاه عن سيبويه والمبرد، مما ليس يوجد فى المطبوع من «الكتاب والمقتضب والكامل».

سيبويه-أبو بشر عمرو بن عثمان (180 هـ‍)

وليس يعنينى هنا أن أتحدّث عن هؤلاء الأعلام الذين حكى عنهم ابن الشجرى الرأى والرأيين، دون أن يعرض لهذه الآراء بتقوية أو تضعيف، ومن هؤلاء: أبو عمرو بن العلاء، والخليل ويونس وأبو عبيدة معمر بن المثنى، وأبو عبيد القاسم ابن سلام، وأبو زيد والمازنى والجاحظ وابن قتيبة وثعلب وابن السراج وابن دريد وأبو بكر بن الأنبارى وابن درستويه وابن فارس وابن فورجة. وإنما أذكر من هؤلاء الأعلام من أكثر ابن الشجرى من النقل عنهم، والانتصار لهم، والاستدراك عليهم، بما يجلو شخصيته النحوية، ويبرز موقفه من مصنفات الأوائل، وهو موقف ذو ثلاث شعب، كما رأيت، وسنرى من بين هؤلاء الأعلام من أخذ ابن الشجرى عنهم، ولم يصرح، وساق كلامهم كأنه من عند نفسه، وها أنا ذا أذكرهم بحسب وفياتهم: سيبويه-أبو بشر عمرو بن عثمان (180 هـ‍) ابن الشجرى موصول النسب النحوى بسيبويه، قال أبو البركات الأنبارى فى ترجمة ابن الشجرى (¬1): «وعنه أخذت علم العربية، وأخبرنى أنه أخذه عن ابن طباطبا، وأخذه ابن طباطبا عن على بن عيسى الرّبعى، وأخذه الربعى عن أبى على الفارسى، وأخذه أبو على الفارسى عن أبى بكر بن السراج، وأخذه ابن السراج عن أبى العباس المبرد، وأخذه المبرد عن أبى عثمان المازنى وأبى عمر الجرمى، وأخذاه عن أبى الحسن الأخفش، وأخذه الأخفش عن سيبويه وغيره. . . . .». وسيبويه إمام النحاة، وكتابه العظيم قرآن النحو، لا يخلو كتاب نحويّ من الأخذ عنه والنقل منه، وقد استكثر ابن الشجرى من حكاية أقواله والاحتجاج بكلامه، ثم نصب نفسه لشرحه والانتصار له، وتصحيح ما ذهب إليه. وقد تبعه ابن الشجرى فى مسائل كثيرة، تراها على امتداد «الأمالى»، غير أنى رأيته يتابع آراءه دون أن يصرح، فمن ذلك ما ذكره ابن الشجرى (¬2) من أن «حسّانا» فى قول الشاعر: ¬

(¬1) نزهة الألباء ص 406، وترجمة ابن الشجرى آخر تراجم الكتاب. (¬2) المجلس السادس.

قتلنا منهم كلّ … فتى أبيض حسّانا منصوب على الوصف لكل، ثم ذكر البغدادى أن ابن الشجرى تبع سيبويه فى ذلك (¬1). ومن ذلك ما ظهر لى من كلام ابن الشجرى فى تأويل قول الراجز: *أطربا وأنت قنّسرىّ* قال (¬2): «خاطب نفسه مستفهما، وهو مثبت، أى قد طربت، ولا يجوز: هل طربا» فقد رأيت مشابه بين هذا الكلام وقول سيبويه (¬3): «ومما يدلك على أن ألف الاستفهام ليست بمنزلة هل، أنك تقول للرجل: أطربا؟ وأنت تعلم أنه قد طرب، لتوبخه وتقرره ولا تقول هذا بعد هل». وقد لا يكون ابن الشجرى أخذ هذا الكلام من سيبويه، فإن ذلك مما يعدّ قدرا مشتركا بين الكتب، ولكنه كلام من نظر فى كتاب سيبويه، بلا ريب. وهذه مثل أجتزئ بها مما أورده ابن الشجرى، شرحا لكلام سيبويه واحتجاجا لأقواله، وردّا على من خالفه: 1 - نقل ابن الشجرى (¬4) عن سيبويه: «وتقول: ما مررت بأحد يقول ذاك إلا عبد الله، وما رأيت أحدا يفعل ذاك إلا زيدا. هذا وجه الكلام، وإن حملته على الإضمار الذى فى الفعل فقلت: إلا زيد، فرفعت، فعربى، قال الشاعر: فى ليلة لا نرى بها أحدا … يحكى علينا إلا كواكبها وكذلك: ما أظن أحدا يقول ذاك إلا زيدا، وإن رفعت فجائز حسن، وإنما اختير النصب هاهنا، لأنهم أرادوا أن يجعلوا المستثنى بمنزلة المبدل منه، ولا يكون ¬

(¬1) الخزانة 2/ 407، والأمر على ما قال البغدادى، فى كتاب سيبويه 2/ 111. (¬2) المجلس الرابع والثلاثون. (¬3) الكتاب 3/ 176. (¬4) المجلس الحادى عشر.

بدلا إلا من منفى، لأن المبدل منه منصوب منفى، ومضمره مرفوع، فأرادوا أن يجعلوا المستثنى بدلا من «أحد»، لأنه هو المنفى، وجعلوا «يقول ذاك» وصفا للمنفى، وقد تكلموا بالآخر، لأن معناه معنى المنفى، إذ كان وصفا لمنفى. انتهى كلامه. قال ابن الشجرى: «ومعنى قوله: «تكلموا بالآخر» أى تكلموا بالرفع فى المستثنى» ثم استطرد فى شرح هذه المسألة. 2 - تكلم سيبويه على حذف الفعل مع «أمّا» من قولهم: «أما أنت منطلقا انطلقت معك»، قال: فإنما هى «أن» ضمت إليها «ما» وهى ما التوكيد، ولزمت «ما» كراهية أن يجحفوا بها لتكون عوضا من ذهاب الفعل، كما كانت الهاء والألف عوضا من ياء الزنادقة واليمانى». ويتناول ابن الشجرى هذا الكلام الموجز بالشرح والبسط (¬1). 3 - رجّح ابن الشجرى (¬2) مذهب سيبويه على مذهب الأخفش، فى كون «أنّ» تسدّ مسدّ مفعولين، فى باب ظن وأخواتها. 4 - حكى ابن الشجرى (¬3) مذهب سيبويه فى أن «ما» المصدرية لا تحتاج إلى عائد، وذكر أن أبا الحسن الأخفش كان يخالفه فى ذلك، ويضمر لها عائدا، فهى على قوله اسم، وعلى قول سيبويه حرف. وقد أبطل ابن الشجرى مذهب الأخفش بقوله: «ومما يبطل قول الأخفش أننا نقول: عجبت مما ضحكت، ومما نام زيد، فنجد «ضحك ونام» خاليين من ضمير عائد على «ما» ظاهر ومقدر، ونجد أبدا عائدا إلى «ما» الخبرية، ظاهرا فى نحو: عجبت مما أخذته، ومما جلبه زيد، ومقدرا فى نحو {فَكُلُوا مِمّا رَزَقَكُمُ اللهُ} فإن احتج للأخفش بأن الفعل الذى لا يتعدى إلى مفعول به يتعدى إلى مصدره، كما يتعدى الفعل المتعدى إلى المفعول به إلى مصدره، والفعل إذا ذكر دل بلفظه على مصدره، فنقدر إذن ضميرا يعود على الضحك، فى قولنا: عجبت مما ضحكت، ¬

(¬1) المجلس الثانى والأربعون. (¬2) المجلس السابع. (¬3) المجلس الثامن والستون.

وضميرا يعود على النوم، فى قولنا: عجبت مما نام زيد، ويجوز أن نبرز هذا الضمير فنقول: عجبت مما ضحكته، ومما نامه زيد، فهذا قد أفسده النحويون بقول الله تعالى: {وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ} فى قراءة من ضم ياءه وشدّد ذاله، وقالوا: لا يخلو الضمير المحذوف من قوله {يَكْذِبُونَ} أن يعود على القرآن، أو على النبى، أو على المصدر الذى هو التكذيب، فإن أعدناه إلى القرآن أو النبى، فقد استحقوا بذلك العذاب، وإن أعدناه إلى التكذيب لم يستحقوا العذاب، لأنهم إذا كذبوا التكذيب بالقرآن وبالنبى كانوا بذلك مؤمنين، فكيف يكون لهم عذاب أليم بتكذيب التكذيب»؟. وقد تعقب ابن هشام ابن الشجرى فيما حكاه من إفساد قول الأخفش، قال (¬1): «وقال ابن الشجرى: أفسد النحويون تقدير الأخفش بقوله تعالى: {وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ} فقالوا: إن كان الضمير المحذوف للنبى عليه السلام أو للقرآن، صحّ المعنى وخلت الصلة عن عائد، أو للتكذيب فسد المعنى، لأنهم إذا كذّبوا التكذيب بالقرآن أو النبى كانوا مؤمنين اه‍ وهذا سهو منه ومنهم، لأن كذبوا ليس واقعا على التكذيب، بل مؤكد به، لأنه مفعول مطلق، لا مفعول به، والمفعول به محذوف أيضا، أى بما كانوا يكذبون النبى أو القرآن تكذيبا، ونظيره: {وَكَذَّبُوا بِآياتِنا كِذّاباً}. وقد انتصر ابن الشجرى لسيبويه فى المسألة الزنبوريّة الشهيرة التى جرت بينه وبين الكسائى، ثم انتصر له أيضا فى مواضع أخرى من الأمالى (¬2). وكما نسب ابن الشجرى إلى سيبويه إنشاد شاهد من الشواهد، لم أجده فى المطبوع من الكتاب-ورجعت هذا إلى اختلاف نسخ كتاب سيبويه-كذلك حكى عنه أقوالا لم أجدها فى الكتاب، فمن ذلك: ما حكاه فى معنى «أو»، قال (¬3): واختلفوا فى قوله: {وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} فقال بعض ¬

(¬1) المغنى ص 338. (¬2) انظر المجلسين السابع والعشرين، والحادى والثلاثين، والفقرتين السابعة عشرة والثانية والعشرين من آراء ابن الشجرى، ثم ما كتبته عن الحذوف. (¬3) المجلس الخامس والسبعون، وانظر أيضا المجلس الأول فى الكلام على حذف العائد.

الكسائى-على بن حمزة (189 هـ‍)

الكوفيين: «أو» بمعنى الواو، وقال آخرون منهم: المعنى بل يزيدون، وهذا القول ليس بشىء عند البصريين، وللبصريين فى «أو» هذه ثلاثة أقوال: أحدها قول سيبويه، وهو أن «أو» هاهنا للتخيير، والمعنى أنه إذا رآهم الرائى يخيّر فى أن يقول: هم مائة ألف، وأن يقول: أو يزيدون». وقد فتّشت فى كتاب سيبويه، فلم أجد فيه شيئا مما حكاه عنه ابن الشجرى، ثم رأيت ابن هشام يشكك فى هذا الذى حكاه ابن الشجرى، قال بعد ذكر هذا الوجه (¬1): «نقله ابن الشجرى عن سيبويه، وفى ثبوته عنه نظر، ولا يصح التخيير بين شيئين الواقع أحدهما». الكسائى-على بن حمزة (189 هـ‍) اختار ابن الشجرى ما ذهب إليه الكسائى فى تقدير المحذوف من قوله تعالى: {وَاِتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً}. قال (¬2): «التقدير: لا تجزى فيه، كما قال: {وَاِتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ}. . . واختلف النحويون فى هذا الحرف، فقال الكسائى: لا يجوز أن يكون المحذوف إلا الهاء، أراد أن الجارّ حذف أولا، ثم حذف العائد ثانيا. وقال نحويّ آخر: لا يجوز أن يكون المحذوف إلا «فيه». وقال أكثر أهل العربية، منهم سيبويه والأخفش: يجوز الأمران. والأقيس عندى أن يكون حرف الظرف حذف أولا، فجعل الظرف مفعولا به على السعة». وهذا القول الذى جعله ابن الشجرى هو الأقيس عنده، هو رأى الكسائى السابق. وقد نصّ ابن هشام (¬3) على أن ابن الشجرى نقله عن الكسائى. ¬

(¬1) المغنى ص 67. (¬2) المجلس الأول. (¬3) المغنى ص 682.

قطرب-محمد بن المستنير (206 هـ‍)

وقوّى ابن الشجرى رأى الكسائى فى حذف الفاعل، فى باب إعمال الفعلين (¬1). وإلى جانب هذا ضعّف ابن الشجرى ما ذهب إليه الكسائى فى توجيه التأنيث من قوله تعالى: {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاّ أَنْ قالُوا} وقد تكلمت عليه فى الفقرة الرابعة من آراء ابن الشجرى النحوية. ثم ضعّف رأيه فى المسألة الزّنبوريّة الشهيرة، وأشرت إليها قريبا فى حديث سيبويه. قطرب-محمد بن المستنير (206 هـ‍) حكى عنه ابن الشجرى (¬2) مجىء «لعلّ» بمعنى «لام كى». ثم تعقبه فيما حكاه من مجىء «إن» بمعنى «قد» قال (¬3): «وقد حكى قطرب أن «إن» قد جاءت بمعنى «قد»، وهو من الأقوال التى لا ينبغى أن يعرّج عليها». الفرّاء-يحيى بن زياد (207 هـ‍) نقل عنه ابن الشجرى رأيه فى أن «غدوة» معرفة بغير دخول الألف واللام (¬4). وحكى عنه تفسيره لقوله تعالى: {وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ} بمعنى لا تنصرف عيناك عنهم (¬5). ¬

(¬1) المجلس الثانى والثلاثون. (¬2) المجلس الثامن. (¬3) المجلس التاسع والسبعون. (¬4) المجلس الثانى والعشرون. (¬5) المجلس نفسه.

وقد تعقّبه ابن الشجرى فى تفسيره لقوله تعالى: {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ} فقال بعد أن حكى تأويل الزجاج والفارسى (¬1): «وقال الفراء: فقد كرهتموه فلا تفعلوه، يريد: فقد كرهتم أكل لحمه ميتا فلا تغتابوه، فإن هذا كهذا، فلم يفصح بحقيقة المعنى». وتعقّبه أيضا فى إعرابه «خيرا» من قوله تعالى: {اِنْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ} فقال (¬2): «والثانى أن «خيرا» صفة مصدر محذوف، تقديره: انتهوا انتهاء خيرا لكم، وهو قول الفراء، وهذا القول ليس فيه زيادة فائدة على ما دلّ عليه «انتهوا» لأن «انتهوا» يدل على الانتهاء بلفظه، فيفيد ما يفيده الانتهاء». وقد ذكرت فى تحقيقى أن الفراء لم يقل هذا الرأى صراحة، ولكنّ محقّق كتابه «معانى القرآن» قد أوّل كلامه تأويلا ينتهى إلى ما ذكره عنه ابن الشجرى، وذكرت أيضا أن الأخفش الصغير سبق ابن الشجرى فى هذا التعقب (¬3). هذا وقد ساق ابن الشجرى بعض الآراء، غير معزوّة، وظهر لى بالتتبّع والمراجعة أنها من كلام الفراء، فمن ذلك: 1 - أنشد ابن الشجرى شاهدا على الإضمار لغير مذكور قول القطامىّ (¬4): هم الملوك وأبناء الملوك لهم … والآخذون به والسّاسة الأول قال: أراد الآخذون بالملك. وقد ذكر البغدادى أن ابن الشجرى أخذ هذا من الفراء، ولم يعزه إليه (¬5). 2 - حكى ابن الشجرى ثلاثة أقوال، فى ضم الضاد وتشديد الراء ورفعها، ¬

(¬1) المجلس الثالث والعشرون. (¬2) المجلس الحادى والأربعون، وانظر مثالا آخر لتعقب الفراء فى المجلس الخمسين. (¬3) معانى القرآن للفراء 1/ 295، وتفسير القرطبى 6/ 25. (¬4) المجلس العاشر. (¬5) الخزانة 2/ 384، وراجع معانى القرآن للفراء 1/ 104.

من قوله تعالى: {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً} وقال فى الوجه الثالث (¬1): «أن يكون ضم الراء إتباعا لضمة الضاد، كقولك: لم يردّكم، والأصل: يضرركم ويرددكم، فألقيت ضمة المثل الأول على الساكن قبله، وحرك الثانى بالضم إتباعا للضمة قبله، فلما حرك الثانى وقد سكن الأول وجب الإدغام. وتحريك الثانى فى هذا النحو بالفتح هو الوجه، لخفة الفتحة مع التضعيف، وبه قرأ فى هذا الحرف المفضل الضبى، عن عاصم بن أبى النّجود». ووجه الفتح هذا هو اختيار الفراء، كما فى معانى القرآن 1/ 232. 3 - أشار ابن الشجرى إلى ما قيل فى اتصال قوله تعالى: {كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ} بما قبله وبما بعده، ثم قال (¬2): «وأوجه ما قيل فيه أن موضع الكاف رفع خبر مبتدأ محذوف. . . . أى اقبلوا ما أمركم الله ورسوله به فى الغنائم وغيرها، ثم قال: {كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ} والتقدير: كراهيتهم لما فعلت فى الغنائم كإخراجك من بيتك على كره منهم، ودل على ذلك قوله: {وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ}. وهذا الوجه الذى اختاره ابن الشجرى هو من تقدير الفرّاء، وذكره فى معانى القرآن 1/ 403، وحكاه ابن الشجرى بألفاظه فى المجلس الحادى والثمانين، ونسبه أبو جعفر الطبرى إلى بعض نحويّى الكوفة (¬3). 4 - تكلّم ابن الشجرى على دخول «إلا» فى قول ابن أحمر: «أبت عيناك إلا أن تلجّا»، فقال (¬4): «دخلت «إلا» هاهنا موجبة للنفى الذى تضمنه هذا الفعل، ألا ترى أنك إذا قلت: أبى زيد أن يقوم، فقد نفيت قيامه، فإذا قلت: أبى إلا أن يقوم، فقد أوجبت بإلاّ قيامه، لأن المعنى: لم يرد إلا أن يقوم. وفى التنزيل: {وَيَأْبَى اللهُ إِلاّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ} أى لا يريد الله إلا إتمام نوره». ¬

(¬1) المجلس الثانى عشر. (¬2) المجلس الثالث عشر. (¬3) تفسير الطبرى 13/ 392. (¬4) المجلس الحادى والعشرون.

وكلام ابن الشجرى هذا منتزع من كلام الفراء، فى معانى القرآن 1/ 433، مع اختلاف العبارة، ومع وضع المصطلح البصرى موضع المصطلح الكوفى، وأعنى كلمة «النفى» عند ابن الشجرى مكان «الجحد» عند الفراء. 5 - استشهد ابن الشجرى على جواز مجىء الحال من المضاف إليه إذا كان المضاف ملتبسا به، بقوله تعالى: {فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ}، قال (¬1): «أخبر بخاضعين عن المضاف إليه، ولو أخبر عن المضاف لقال: «خاضعة، أو خضّعا أو خواضع، وإنما حسن ذلك، لأن خضوع أصحاب الأعناق بخضوع أعناقهم». وهذا الذى استحسنه ابن الشجرى هو اختيار الفراء، فى معانى القرآن 2/ 277. 6 - أورد ابن الشجرى (¬2) أقوالا كثيرة فى تقدير جواب القسم المحذوف لقوله تعالى: {ص. وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ}، وذكر من هذه الأقوال أن الجواب قوله تعالى: {إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النّارِ}، وعلّق على هذا التقدير فقال: «وهذا قول ضعيف جدا، لبعد ما بينه وبين القسم، ولأن الإشارة بقوله: {ذلِكَ} متوجهة إلى ما يكون من التلاوم والتخاصم بين أهل النار يوم القيامة، وذكر تلاومهم متأخر عن القسم». وقد سبق الفرّاء إلى تضعيف هذا التقدير، فقال (¬3): «وذلك كلام قد تأخّر تأخّرا كثيرا عن قوله: {وَالْقُرْآنِ}، وجرت بينهما قصص مختلفة، فلا نجد ذلك مستقيما فى العربية». 7 - ذكر ابن الشجرى فى إعراب {فِئَتَيْنِ} من قوله تعالى: {فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ} قال (¬4): «انتصاب فئتين على الحال، لأن المعنى: ما لكم ¬

(¬1) المجلس الرابع والعشرون. (¬2) المجلس الثانى والأربعون. (¬3) معانى القرآن 2/ 397. (¬4) المجلس الحادى والسبعون.

الأخفش الأوسط-سعيد بن مسعدة (215 هـ‍)

منقسمين فى شأنهم فرقتين، فرقة تمدحهم وفرقة تذمّهم. وحقيقة القول عندى أن {فِئَتَيْنِ} فى معنى مختلفين، فحرف الجر الذى هو «فى» متعلق بهذا المعنى، أى ما لكم مختلفين فى أمرهم، فانتصابه كانتصاب {مُعْرِضِينَ} فى قوله: {فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ}. وتفسير {فِئَتَيْنِ} بمختلفين، هو من قول الفراء (¬1)، ولابن الشجرى فضل التنظير بالآية الأخرى. هذه مآخذ ابن الشجرى من الفراء، وقد لا يكون صاحبنا أخذ هذه الآراء نصّا، ولكنه كلام من نظر فى كتاب الفراء، كما قلت من قبل فى مآخذ ابن الشجرى من سيبويه. الأخفش الأوسط-سعيد بن مسعدة (215 هـ‍) نقل ابن الشجرى عنه فى مواضع من «الأمالى»، وبخاصة من كتابه (¬2) «الأوسط»، وهو من الكتب المفقودة حتى الآن. وقد ضعّف ابن الشجرى بعض آراء الأخفش التى خالف فيها سيبويه، وذكرت هذا فى حديثى عن سيبويه. هذا وقد وجدت بعض آراء أوردها ابن الشجرى غير معزوّة، ورأيت بالتتبّع نسبتها إلى الأخفش، فمن ذلك: استشهد ابن الشجرى على تقديم المعطوف على المعطوف عليه، بقول الشاعر (¬3): ألا يا نخلة من ذات عرق … عليك ورحمة الله السّلام ¬

(¬1) معانى القرآن 1/ 280. (¬2) المجلسان الثالث والثلاثون والثانى والأربعون. (¬3) المجلس السابع والعشرون.

الأصمعى-عبد الملك بن قريب (216 هـ‍)

وتقديره عنده: عليك السلام ورحمة الله. وقد أفاد البغدادى (¬1) أن هذا من تقدير الأخفش. ومنه أيضا أن ابن الشجرى (¬2) ذكر من شواهد حذف الجملة. قوله تعالى: {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}، ثم قال: أى وقيل لى: {وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}. وهذا تأويل الأخفش، كما ذكر ابن الجوزى (¬3)، والذى ذكره ابن الشجرى أخذه من الشريف المرتضى (¬4). هذا وقد نسب ابن الشجرىّ إلى الأخفش رأيين متعارضين فى وقوع جملة الماضى حالا. ونبهت عليه فى حواشى التحقيق (¬5). الأصمعى-عبد الملك بن قريب (216 هـ‍) نقل عنه ابن الشجرى تفسيره لقول لبيد (¬6): حتى تهجّر فى الرواح وهاجها … طلب المعقّب حقّه المظلوم وقوّى رأيه فى أن «إن» للشرط فى قول الشاعر (¬7): سقته الرّواعد من صيّف … وإن من خريف فلن يعدما وأن المعنى: وإن سقته من خريف فلن يعدم الرىّ. ثم حكى عن سيبويه قوله: أراد: وإمّا من خريف، وحذف «ما» لضرورة الشعر، وإنما يصف وعلا. قال ابن الشجرى: وقول الأصمعى قوىّ من وجهين، أحدهما أن «إما» لا تستعمل إلا مكررة، أو يكون معها ما يقوم مقام التكرير، كقولك: إما أن نتحدث بالصدق وإلا فاسكت، وإما أن تزورنى أو أزورك، وهذا معدوم فى البيت. ¬

(¬1) الخزانة 1/ 399،2/ 192. (¬2) المجلس الثالث والأربعون. (¬3) زاد المسير 3/ 11 وهو فى معانى القرآن للأخفش ص 270. (¬4) أماليه 2/ 71. (¬5) المجلس الرابع والأربعون، والحادى والسبعون. (¬6) المجلس التاسع والأربعون. (¬7) المجلس التاسع والسبعون.

الجرمى-صالح بن إسحاق (225 هـ‍)

والثانى أن مجىء الفاء فى قوله: «فلن يعدما» يدل على أن «إن» الشرطية، لأن الشرطية تجاب بالفاء، وإمّا لا تقتضى وقوع الفاء بعدها، ولا يجوز ذلك فيها، تقول: إما تزورنى وإما أزورك، ولا يجوز: وإما فأزورك، فبهذين كان قول الأصمعىّ عندى أصوب القولين». وقوّى رأيه أيضا فيما ذهب إليه من نصب «رئمان» وإنكار رفعه فى قول الشاعر: أم كيف ينفع ما تعطى العلوق به … رئمان إذا ما ضنّ باللبن وقد عرضت لهذا فى الفقرة الأولى من آراء ابن الشجرى الإعرابية. الجرمىّ-صالح بن إسحاق (225 هـ‍) حكى ابن الشجرى رأيه فى إعراب «دخلت البيت» قال (¬1): فمذهب سيبويه أن البيت ينتصب بتقدير حذف الخافض-أى دخلت إلى البيت-وخالفه فى ذلك أبو عمر الجرمى، فزعم أن البيت مفعول به، مثله فى قولك: بنيت البيت. وتعقّبه فى وزن «كلتا» قال (¬2): وذهب الجرمىّ إلى أن وزن كلتا: فعتل، وأن التاء على تأنيثها، ويشهد بفساد هذا القول ثلاثة أشياء، أحدها: سكون ما قبلها، والثانى: أن تاء التأنيث لا تزاد حشوا، والثالث: أن مثال فعتل معدوم فى العربية. وكان ابن الشجرى قد حكى مذهب سيبويه، قال: وذهب سيبويه فى «كلتا» إلى أنها فعلى، كذكرى، وأصلها: كلوى، فحذفوا واوها، وعوّضوا منها التاء، كما فعلوا فى بنت وأخت وهنت. ¬

(¬1) المجلس الثالث والأربعون. (¬2) المجلس الثالث والخمسون.

ابن السكيت-يعقوب بن إسحاق (244 هـ‍)

ابن السّكّيت-يعقوب بن إسحاق (244 هـ‍) نقل عنه ابن الشجرى فى غير مجلس، كثيرا من شروحه اللغوية، ورجّح رأيه فى اشتقاق «القيل». قال (¬1): فأما قولهم للملك الذى دون الملك الأعظم: قيل، فقال فيه ابن السكيت: القيل: الملك من ملوك حمير، وجمعه أقيال وأقوال، فمن قال: أقيال، بناه على لفظ قيل، ومن قال: أقوال، جمعه على الأصل، وأصله من ذوات الواو، وكان أصله قيّل، فخفف، مثل سيّد، من ساد يسود. ثم ذكر ابن الشجرى الرأى الآخر، فى اشتقاق «قيل»، وهو أن أصله من اليائى، وقال: إنّ قول ابن السكيت غير بعيد، فيجوز أن يكون أصله فيعل، من القول، فلما خففوه، حمله من قال فى جمعه: أقيال، على لفظه، وحمله من قال: أقوال، على أصله، كما قالوا من الشّوب: مشوب ومشيب. المبرّد-محمد بن يزيد (285 هـ‍) ابن الشجرىّ موصول النسب (¬2) النحوى بأبى العباس المبرّد، وقد نقل ابن الشجرى آراءه، مستشهدا وشارحا وناقدا. وحكاية ابن الشجرى لأقوال المبرد كثيرة فى «الأمالى»، ولا سبيل إلى إيرادها كلّها، والذى يعنينى ذكر المواضع التى تعقّب فيها ابن الشجرى أبا العباس المبرد، وهذه مثل منها: 1 - فى حديث ابن الشجرى عن «أما»، قال (¬3): «واعلم أن «أما» لما نزلت منزلة الفعل نصبت، ولكنها لم تنصب المفعول به لضعفها، وإنما نصبت الظرف الصحيح، كقولك: أما اليوم فإنى منطلق، وأما عندك فإنى جالس، وتعلق ¬

(¬1) المجلس الخامس والأربعون. (¬2) راجع ما نقلته عن أبى البركات الأنبارى فى حديث سيبويه. (¬3) المجلس السادس والثلاثون، وأعاده ابن الشجرى فى المجلس الثامن والسبعين.

بها حرف الظرف، فى نحو قولك: أما فى الدار فزيد نائم، وإنما لم يجز أن يعمل ما بعد الظرف فى الظرف، لأن ما بعد «إنّ» لا يعمل فيما قبلها، وعلى ذلك يحمل قول أبى على: «أمّا على أثر ذلك فإنى جمعت»، ومثله قولك: أما فى زيد فإنى رغبت، ففى متعلقة بأما نفسها فى قول سيبويه وجميع النحويين، إلا أبا العباس المبرد، فإنه زعم أن الجار متعلق برغبت، وهو قول مباين للصحة، خارق للإجماع، لما ذكرته لك من أن «إن» تقطع ما بعدها عن العمل فيما قبلها، فلذلك أجازوا: زيدا جعفر ضارب، ولم يجيزوا: زيدا إنّ جعفرا ضارب، فإن قلت: أما زيدا فإنى ضارب، فهذه المسألة فاسدة فى قول جميع النحويين، لما ذكرته لك من أن «أما» لا تنصب المفعول الصريح، وأن «إن» لا يعمل ما بعدها فيما قبلها، وهو فى مذهب أبى العباس جائز، وفساده واضح». هذا وقد أفاد السيوطى (¬1) أن المبرد قد رجع عن رأيه هذا. 2 - حكى ابن الشجرى (¬2) تضعيف أبى على الفارسى لما ذهب إليه المبرد من أن قوله تعالى: {أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقاتِلُوكُمْ أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ} دعاء عليهم، على طريقة {قاتَلَهُمُ اللهُ} و {قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ} قال ابن الشجرى: ودفع ذلك أبو على وغيره بقوله تعالى: {أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ}، قالوا: لا يجوز أن ندعو عليهم بأن تحصر صدورهم عن قتالهم لقومهم، بل نقول: اللهم ألق بأسهم بينهم. 3 - حكى ابن الشجرى (¬3) أقوال العلماء فى تأويل وإعراب قوله تعالى: {يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ}، ثم قال: وقال أبو العباس محمد بن يزيد: «يدعو فى موضع الحال، والمعنى: ذلك هو الضلال البعيد فى حال دعائه إياه، وقوله: {لَمَنْ}، مستأنف مرفوع بالابتداء، وقوله: {ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ} صلته، و {لَبِئْسَ الْمَوْلى} خبره». ¬

(¬1) الهمع 2/ 68، ونقلت عبارته فى حواشى التحقيق. (¬2) المجلس الرابع والأربعون، وأعاده فى المجلس الحادى والسبعين. (¬3) المجلس الحادى والستون. وانظر أمثلة أخرى لموقف ابن الشجرى من المبرد، شارحا وناقدا، فى المجالس: التاسع عشر، والخامس والخمسين، والسادس والخمسين، والسابع والخمسين.

قال ابن الشجرى: وهذا الذى قاله يستقيم لو كان فى موضع {يَدْعُوا} يدعى، فيكون تقديره: ذلك هو الضلال البعيد مدعوّا، فيكون حالا من الضلال، فمجيئه بصيغة فعل الفاعل، وليس فيه ضمير عائد على المدعوّ، يبعده عن الصواب. هذا وقد نسب ابن الشجرى إلى المبرد ما لم يقل به، حين حكى اختلاف النحويين فى إعراب {تُؤْمِنُونَ} و {تُجاهِدُونَ} من قوله تعالى: {هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ. تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ} قال (¬1): «فذهب أبو العباس المبرد إلى أن قوله: {تُؤْمِنُونَ} و {تُجاهِدُونَ} معناه آمنوا وجاهدوا. . . وقال غير أبى العباس: تؤمنون وتجاهدون، عطف بيان على ما قبله. وقد ظهر لى أن المبرد لم يذهب هذا المذهب، إنما جعل «تؤمنون» بيانا للتجارة، وهو الوجه الذى عزاه ابن الشجرى لغير المبرد، وظهر لى أيضا أن نسبة الوجه الأول إلى المبرد، قديمة، فقد نسبه إليه أبو جعفر النحاس (¬2). ثم رأيت ابن الشجرى ينقل كلاما عن المبرد، لم أجده فى كتابيه المقتضب والكامل. قال ابن الشجرى فى أوجه النداء (¬3): «وقال أبو العباس المبرد: من قال: يا بؤسا لزيد، جعل النداء بمعنى الدعاء على المذكور، وكذلك قول سعد بن مالك بن ضبيعة: يا بؤس للحرب التى … وضعت أراهط فاستراحوا كأنه دعا على الحرب، وأراد يا بؤس الحرب، فزاد اللام». ولم أجد من هذا الكلام كله عند المبرد إلا قوله: «أراد يا بؤس الحرب، فأقحم اللام توكيدا، لأنها توجب الإضافة». وهذا وجدته فى الكامل 3/ 217، وقد ذكره ابن الشجرى فى المجلس الرابع والخمسين. ¬

(¬1) المجلس الثالث والثلاثون. (¬2) راجع المقتضب 2/ 82،135، وإعراب القرآن للنحاس 3/ 423. (¬3) المجلس الخامس والثلاثون.

ابن كيسان-محمد بن أحمد (299 هـ‍)

وقد وجدت ابن الشجرى يغير على كلام المبرد، دون عزو إليه، فقد قال فى المجلس الأول: «حذف الضمير العائد من الصلة أقيس من حذف العائد من الصفة، لأن الصلة تلزم الموصول، ولا تلزم الصفة الموصوف، فتنزل الموصول والصلة منزلة اسم واحد، فحسن الحذف لما جرت أربعة أشياء مجرى شيء واحد، وهى الموصول والفعل والفاعل والمفعول». فهذا من كلام المبرد فى المقتضب 1/ 19، وقد أعاده ابن الشجرى فى المجلس الأربعين. ومن ذلك أيضا ما ذكره ابن الشجرى من شواهد حذف خبر «إن» فى قول الأخطل: سوى أن حيّا من قريش تفضّلوا … على الناس أو أن الأكارم نهشلا آل ابن الشجرى (¬1): «أراد: أو أن الأكارم نهشلا تفضّلوا على الناس، والبيت آخر القصيدة». وهذه الجملة الأخيرة من كلام المبرد فى المقتضب أيضا 4/ 131. ابن كيسان-محمد بن أحمد (299 هـ‍) ردّ عليه ابن الشجرى ما أجازه من تقديم حال المجرور عليه، فقال (¬2): «وأما ما تعلق به ابن كيسان من قوله تعالى: {وَما أَرْسَلْناكَ إِلاّ كَافَّةً لِلنّاسِ} فإن {كَافَّةً} ليس بحال من {لِلنّاسِ} كما توهّم، وإنما هو على ما قاله أبو إسحاق الزجاج حال من الكاف فى {أَرْسَلْناكَ} والمراد كافّا، وإنما دخلته الهاء للمبالغة، كدخولها فى علاّمة ونسّابة وراوية، أى أرسلناك لتكفّ الناس عن الشّرك وارتكاب الكبائر». ¬

(¬1) المجلس التاسع والثلاثون. (¬2) المجلس الحادى والسبعون.

الزجاج-إبراهيم بن السرى (311 هـ‍)

وقد روى عنه ابن الشجرى حكاية طريفة، تدل على فضله، ونبالته، قال (¬1): «روى عن أبى الحسن بن كيسان أنه قال: حضرت مجلس إسماعيل القاضى، وحضر أبو العباس المبرد، فقال لى أبو العباس: ما معنى قول سيبويه: «هذا باب ما يعمل فيه ما قبله وما بعده»! قال: فقلت: هذا باب ذكر فيه سيبويه مسائل مجموعة، منها ما يعمل فيه ما قبله، نحو قولهم: أنت الرجل دينا، نصبوه على الحال، أى أنت الرجل المستحقّ الرجولية فى حال دين، ومنها ما يعمل فيه ما بعده، نحو قولهم: أما زيدا فأنا ضارب، فالعامل فى «زيد» هاهنا «ضارب»، لأن «أما» لا تعمل فى صريح المفعول، ولم يرد سيبويه بقوله هذا أن شيئا واحدا يعمل فيه ما قبله وما بعده، هذا لا يكون. فقال لى أبو العباس: هذا لا يوصل إليه إلا بعد فكر طويل، ولا يفهمه إلا من أتعب نفسه. فقلت له: منك سمعت هذا، وأنت فسّرته لى، فقال: إنى من كثرة فضولى فى جهد. الزّجّاج-إبراهيم بن السّرىّ (311 هـ‍) حكى عنه ابن الشجرى كثيرا من آرائه (¬2)، وبخاصة فى إعراب القرآن الكريم، وكتاب الزجاج فيه من الأصول التى اعتمد عليها المعربون واللغويون والمفسّرون. ثمّ رأيت ابن الشجرى يورد كلامه من غير تصريح بنسبته إليه، جاء ذلك فى تفسير قوله تعالى: {فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ} (¬3). وقد رجح ابن الشجرى رأى الزّجّاج على رأى أبى على الفارسىّ، فى إعراب {هَنِيئاً} من قوله تعالى: {كُلُوا وَاِشْرَبُوا هَنِيئاً}، فأبو على يرى أن {هَنِيئاً} حال وقعت موقع الفعل، بدلا من اللفظ به، كما وقع المصدر فى قولهم: سقيا له ورعيا، بدلا من اللفظ بسقاه الله ورعاه الله، والزجاج يذهب إلى أن {هَنِيئاً} وقع وهو صفة فى موضع المصدر. ¬

(¬1) المجلس الثامن والسبعون. (¬2) راجع المجالس: الثامن والتاسع، والثانى والعشرين، والتاسع والستين. (¬3) المجلس الرابع والثلاثون، ويقارن ما أورده ابن الشجرى بما فى معانى القرآن للزجاج 1/ 269. وانظر أيضا المجلس الحادى والستين.

السيرافى-أبو سعيد الحسن بن عبد الله (368 هـ‍)

قال ابن الشجرى (¬1): «وقول الزّجّاج أقيس من قول أبى على، لأنه نصب {هَنِيئاً} نصب المصدر، والمصدر قد استعملته العرب بدلا من الفعل، فى نحو: سقيا له ورعيا، وجاء {هَنِيئاً} على قول الزجاج مفردا بعد لفظ الجمع فى قوله تعالى: {كُلُوا وَاِشْرَبُوا هَنِيئاً} لأنه وقع موقع المصدر، والمصدر يقع مفردا فى موضع التثنية وفى موضع الجمع، كقولك: ضربتهما ضربا، وقتلتهم قتلا، لأنه اسم جنس، بمنزلة العسل والبرّ والزيت، فلا يصح تثنيته وجمعه، إلا أن يتنوع». وقد تعقب ابن الشجرى الزجاج، وأفسد ما ذهب إليه فى تأويل قوله تعالى: {يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ}، وذلك أن ابن الشجرى حكى أقوال العلماء فى توجيه الآية الكريمة، ثم قال (¬2): «قال الزجاج: ومثل (يدعو) قول عنترة: يدعون عنتر والرماح كأنها … أشطان بئر فى لبان الأدهم أى يقولون: يا عنتر، وهذا القول فى تقدير الزجاج فاسد المعنى، وإنما كان يصح لو كانت اللام لام الجر، فقيل: يقول لمن ضره أقرب من نفعه هو مولاى، وفى التقدير الآخر يصح لو كان تقدير يدعو: يزعم، وهذا غير معروف، وذلك أن الزعم يتعدى إلى مفعولين، ويجوز تعليقه عنهما باللام المفتوحة، كقولك: زعمت لزيد منطلق، والمعنى فى تقدير الزجاج بعيد من الصواب، لأن المعنى فى تقديره: يقول عابد الوثن: من ضرّه أقرب من نفعه هو مولاى، لا فرق فى المعنى بين إدخال اللام وإسقاطها، وكيف يقر عابد الوثن أن ضر الوثن أقرب إليه من نفعه، وهو يعبده ويزعم أنه مولاه؟ ولم يكن عبّاد الأوثان يزعمون أن عبادتها تضرهم، بل كانوا يقولون إنها تقربهم إلى الله، كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ اِتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ إِلاّ لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ} أى يقولون ما نعبدهم. السّيرافىّ-أبو سعيد الحسن بن عبد الله (368 هـ‍) نقل عنه ابن الشجرى نقلا عزيزا، لا تكاد تظفر به فى كتاب من كتب ¬

(¬1) المجلس الخامس والعشرون. (¬2) المجلس الحادى والستون.

النحو، وذلك أن أبا القاسم الآمدىّ صاحب «الموازنة» استشكل شيئا من معانى «قد» ذكره المبرد فى «المقتضب» فكتب يستفتى أبا سعيد السّيرافىّ. قال ابن الشجرى (¬1): «وروى عن أبى أحمد عبد السلام بن الحسين البصرى، أنه قال: كتب إلىّ شيخنا أبو القاسم الحسن بن بشر بن يحيى الآمدى، رقعة نسختها: أريد-قدّمت قبلك-أن تسأل القاضى أبا سعيد، أدام الله عزّه، عما أنا ذاكره فى هذه الرقعة، وتتطوّل بتعريفى ما يكون فى الجواب. . . .» ثم ذكر ابن الشجرى صورة السؤال والجواب. وحكى عنه ما اعترض به المبرد، فى تكرير «لا» (¬2). وقد تعقب ابن الشجرى أبا سعيد السّيرافى، فى بعض ما ذهب إليه من آراء، قال فى ترخيم «طيلسان» مسمّى به (¬3): «وأجاز أبو سعيد السّيرافى «ياطيلس» بكسر اللام، على لغة من ضم آخر المرخّم، وإن لم يكن فى الصحيح اسم على فيعل. قال: كما جاز: يا منص، فجىء به على مفع، وليس مثله فى الكلام». قال ابن الشجرى: وهذا تشبيه فاسد، لأنه شبّه مثالا تامّا بمثال ناقص محذوف اللام، وإنما يشبه التام بالتام، كتشبيه طيلس بحيدر». وردّ عليه ما أورده فى شرح كتاب سيبويه، من تفسير لعبارة «أكلونى البراغيث» فى كلام طويل، أورده فى المجلسين: العشرين، والحادى والستين. ونسبه إلى السّهو فيما عرض له من الكلام على قول الشاعر: *يا صاح يا ذا الضامر العنس* وقول عبيد: يا ذا المخوفنا بمقتل شيخه … حجر تمنى صاحب الأحلام ¬

(¬1) المجلس الحادى والثلاثون. (¬2) المجلس نفسه. (¬3) المجلس السادس والخمسون.

الفارسى-أبو على الحسن بن أحمد (377 هـ‍)

فقال (¬1): «قال السّيرافى: ذا فى البيتين للإشارة، وما بعدهما نعت لهما، وهو رفع وإن كان مضافا، لأن الأصل فيه غير الإضافة. أما البيت الأول فتقديره: يا ذا الضامر عنسه، كما تقول: أيها الضامر عنسه، والبيت الثانى تقديره: يا ذا المخوف لنا، كما تقول: أيها المخوف لنا». قال ابن الشجرى: قول أبى سعيد إن الضامر مضاف إلى العنس، صحيح، لأن الضامر غير متعدّ، والاسم الذى بعده فيه ألف ولام، وقوله: إن المخوف مضاف إلى ما بعده، سهو، لأن المخوف متعد، وليس بعده اسم فيه ألف ولام، وأنت لا تقول: المخوف زيد، فالضمير فى قوله: المخوفنا، منصوب لا مجرور. الفارسىّ-أبو على الحسن بن أحمد (377 هـ‍) وأبو على ركن من العلم باذخ، وقد أوى إليه ابن الشجرى كثيرا فى «أماليه»، وطوّف به: مستشهدا وشارحا وناقدا. وابن الشجرى موصول النسب النحوى بأبى (¬2) على، ويبدو إجلاله له واحتفاله بمصنفاته فى هذا الحشد الهائل من النقول التى حكاها عنه ابن الشجرى، وملأ بها كتابه، ثم فى تصدّيه لشراحه، وردّه كتبه بعضها إلى بعض، وأظن ظنا أن قدرا كبيرا من الآراء التى ساقها ابن الشجرى غير معزوة، إنما ترجع إلى مصنفات أبى على (¬3)، فقد رأيت ابن الشجرى كثير الإعظام له والتعويل عليه، ثم ظهر لى فى تحقيق الجزء الأول من الأمالى ثمانية مواضع، أورد فيها ابن الشجرى آراء لأبى على، لم يعزها إليه، وساقها كأنها من عند نفسه (¬4)، ولا سبيل إلى ذكر كل المواضع التى ¬

(¬1) المجلس الخامس والسبعون. (¬2) راجع كلامى عن سيبويه. (¬3) هذا ما قلته منذ إحدى عشرة سنة عند إعداد هذه الرسالة. وقد رأيت تصديقه، حين اتصلت بأبى علىّ، وخبرت منهجه، فى أثناء تحقيقى لكتابه (الشعر) وذكرت ذلك فى مقدمة تحقيقى له ص 90 - 92. (¬4) انظرها فى المجالس: الرابع والحادى عشر، والثانى والعشرين والسابع والعشرين، والحادى والثلاثين والخامس والثلاثين والسابع والثلاثين (مرتين). وانظر «أبو على الفارسى» ص 650 وما بعدها.

أفاد فيها ابن الشجرى من أبى على، فهى إلى الكثرة ما هى. وحسبى أن أذكر أمثلة من شرح ابن الشجرى له، واستدراكه عليه، ومخالفته عن آرائه: 1 - حكى ابن الشجرى عن أبى على قوله فى باب تخفيف الهمزة: «ولا تخفّف الهمزة إلا فى موضع يجوز أن يقع فيه ساكن غير مدغم، إلا أن يكون الساكن الذى بعده الهمزة المخففة الألف، نحو هباءة». قال ابن الشجرى (¬1): قلت: «قد ألغز فى كلامه هذا، وما وجدت لأحد من مفسّرى (¬2) كتابه الذى وسمه بالإيضاح، تفسير هذا الكلام. . . .» ثم أورد كلاما طويلا فى شرح قول أبى على المذكور. 2 - نقل ابن الشجرى أقوال النحاة فى تفسير «عمرك الله» ثم ساق تأويل أبى على، وعرض له بالشرح، قائلا (¬3): «ويجب أن ترعى قلبك ما أقوله فى تفسير قول أبى على». وهذه العبارة تؤذن بأن هذا الشّرح ممّا ظهر لابن الشجرىّ، من دون سائر الشّرّاح. 3 - تكلّم ابن الشجرى على قولهم: «ويلمّه» وحذف إحدى اللامين منه، إذ كان الأصل: ويل لأمه. ثم حكى كلام أبى على، وأورد عليه شرحا جيدا، خلص منه إلى مسائل من الإدغام (¬4). 4 - حكى ابن الشجرى الخلاف الشهير فى وزن «أشياء» والمحذوف منها، ونقل كلام أبى على، ثم عرض له بالشرح والبيان (¬5). 5 - استفتح ابن الشجرى المجلس الخمسين بذكر الحذف من قولهم: «فوك وذو مال» ثم قال: «ولأبى على كلام فى «فىّ» أورده فى تكملة الإيضاح، وهو مفتقر إلى كلام يبرزه وتفسير يوضحه. . . .» ثم حكى كلامه، وشرحه. ¬

(¬1) المجلس التاسع والثلاثون. (¬2) أنظر أيضا مثالا لتعقب ابن الشجرى شراح أبى على، فى المجلس السابع والثلاثين. (¬3) المجلس الثانى والأربعون. (¬4) المجلس السادس والأربعون. (¬5) المجلس الثامن والأربعون.

6 - صحّح ابن الشجرى خطأ لأبى على، أورده فى كتابه «العوامل»، فقد استشهد أبو علىّ على استعمال الظن بمعنى التهمة، فقال: «وعلى هذا قوله: أو ظنين فى ولاء». قال ابن الشجرى (¬1): «والصواب: «أو ظنينا» هكذا هو منصوب، عطف على مستثنى موجب، فى رسالة عمر رضوان الله عليه، إلى أبى موسى، وذلك قوله: «المسلمون عدول بعضهم على بعض، إلا مجلودا فى حدّ، أو مجرّبا عليه شهادة زور، أو ظنينا فى ولاء أو نسب». والأمر على ما قال ابن الشجرى فى الكامل للمبرد 1/ 13، وهو من أوثق المصادر التى ذكرت هذه الرسالة. 7 - خالف ابن الشجرى أبا على، فى إعراب «خضبن» من قول النابغة الجعدى (¬2): كأنّ حواميه مدبرا … خضبن وإن كان لم يخضب حجارة غيل برضراضة … كسين طلاء من الطّحلب فقوله: «خضبن» عند أبى على، فى موضع نصب بأنه حال من «الحوامى» والعامل فيه ما فى «كأن» من معنى الفعل، ولم يجعل أبو على «خضبن» خبر «كأن» لأنه جعل خبرها قوله: «حجارة غيل»، ولم يجز أن يكونا خبرين لكأن، على حدّ قولهم: هذا حلو حامض، أى قد جمع الطعمين، قال: لأنك لا تجد فيما أخبروا عنه بخبرين أن يكون أحدهما مفردا، والآخر جملة، لا تقول: زيد خرج عاقل. قال ابن الشجرى: «والقول عندى أن يكون موضع» خضبن» رفعا بأنه خبر «كأن» وقوله: «حجارة غيل» خبر مبتدأ محذوف، أى هى حجارة غيل، وأداة التشبيه محذوفة. . . . ومثله فى حذف حرف التشبيه فى التنزيل: {وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ}، أى مثل أمهاتهم فى تحريمهن عليهم والتزامهم تعظيمهن». ¬

(¬1) المجلس الثالث والعشرون. (¬2) المجلس الرابع والعشرون.

قلت: وإعراب ابن الشجرى أولى من إعراب أبى على، لأن إعراب هذا يؤول إلى التطويل بذكر الخبر، وذكر حالين متواليين قبل استيفاء الخبر. 8 - ذكر أبو على أقوالا فى «مخضّب» من قول الأعشى (¬1): أرى رجلا منكم أسيفا كأنما … يضمّ إلى كشحيه كفّا مخضّبا ومن هذه الأقوال أن يكون صفة لرجل، لأنك تقول: رجل مخضوب، إذا خضبت يده، كما تقول: مقطوع، إذا قطعت يده، فتقول على هذا: رجل مخضب، إذا أخضبت يده، قال: وإن شئت جعلته حالا من الضمير المرفوع فى «يضم» أو المجرور فى قوله: «كشحيه»، لأنهما فى المعنى لرجل المذكور. قال ابن الشجرى: وأقول: إنك إذا جعلته حالا من المضمر فى «يضم» كان أمثل من أن تجعله حالا من المضاف إليه، إلا أن ذلك جاز لالتباس الكشحين بما أضيفتا إليه، وأما إجازته أن يكون وصفا لرجل، ففاسد فى المعنى، وهو محمول على ترك إنعام نظره فيه، لأنك إذا فعلت ذلك، أخرجته من حيز التشبيه والمجاز، فصار وصفا حقيقيا، والشاعر لم يرد ذلك، لأن الرجل الذى عناه لم يكن مخضبا على الحقيقة، وإنما شبهه بمن قطعت يده، وضمها إليه مخضبة بالدم. هذا كلام ابن الشجرى، وهو يرجع إلى رأيه فى أن التوجيه الإعرابى مرتبط بصحة المعنى وسلامته، كما ذكرت من قبل فى الظاهرة الإعرابية عند ابن الشجرى. 9 - ذكر ابن الشجرى فى قول أبى الصلت: اشرب هنيئا عليك التاج مرتفقا … فى رأس غمدان دارا منك محلالا قال (¬2): وأما قوله: «دارا» فحال من «رأس غمدان»، وأجاز أبو على أن يكون حالا من «غمدان». قال: لأن الحال قد جاءت من المضاف إليه، نحو ما أنشده أبو زيد: عوذ وبهثة حاشدون عليهم … حلق الحديد مضاعفا يتلهّب ¬

(¬1) المجلس الرابع والعشرون. (¬2) المجلس الخامس والعشرون، وأيضا المجلس السادس والسبعون.

قال ابن الشجرى: وليس فى هذا البيت شاهد قاطع بأن «مضاعفا» حال من «الحديد» بل الوجه أن يكون حالا من «الحلق» لأمرين: أحدهما ضعف مجىء الحال من المضاف إليه (¬1)، والآخر أن وصف الحلق بالمضاف أشبه من وصف الحديد به، كما قال أبو الطيب: أقبلت تبسم والجياد عوابس … يخببن فى الحلق المضاعف والقنا ويتوجه ضعف ما قاله من جهة أخرى، وذلك أنه لا عامل له فى هذه الحال، إذا كانت من «الحديد» إلا ما قدره فى الكلام من معنى الفعل بالإضافة، وذلك قوله: «ألا ترى أنه لا تخلو الإضافة من أن تكون بمعنى اللام أو من». قال ابن الشجرى: وأقول إن «مضاعفا» فى الحقيقة إنما هو حال من الذكر المستكن فى «عليهم» إن رفعت «الحلق» بالابتداء، وإن رفعته بالظرف، على قول الأخفش والكوفيين، فالحال منه، لأن الظرف حينئذ يخلو من ذكر. 10 - خالف ابن الشجرى أبا على فى تقدير الجواب من قوله تعالى (¬2): {وَأَمّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ* فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ} فأبو علىّ يرى أن الفاء جواب «إن»، وابن الشجرى يذهب إلى أن الفاء جواب «أمّا». ولم يصرح ابن الشجرى بهذه المخالفة، وإنما ظهرت لى من كلام أبى حيان (¬3). 11 - استبعد ابن الشجرىّ ما ذهب إليه أبو على فى تأويل قوله تعالى: {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً}. قال (¬4): «قال أبو على فى كتابه الذى سماه «التذكرة»: «قيل لنا: علام عطف قول الله سبحانه تعالى: {فَكَرِهْتُمُوهُ} من قوله: {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ}؟ فقلنا: المعنى: فكما كرهتموه فاكرهوا الغيبة واتقوا الله ¬

(¬1) راجع الفقرة الثانية من آراء ابن الشجرى النحوية. (¬2) المجلس الثانى والأربعون. وانظر أيضا المجلس الحادى والثلاثين، وكتاب الشعر لأبى على ص 64. (¬3) البحر المحيط 8/ 216، وانظر المقتضب 2/ 70، وحواشيه. (¬4) المجلس السادس والسبعون، وانظر أيضا المجلس الثالث والعشرين.

فقوله: {وَاِتَّقُوا اللهَ} عطف على قوله: فاكرهوا، وإن لم يذكر لدلالة الكلام عليه، كقوله: {اِضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ} أى فضرب فانفجرت، وقوله: {فَكَرِهْتُمُوهُ} كلام مستأنف، وإنما دخلت الفاء، لما فى الكلام من معنى الجواب، لأن قوله: {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ} كأنهم قالوا فى جوابه: لا، فقال: {فَكَرِهْتُمُوهُ}، أى فكما كرهتموه فاكرهوا الغيبة، فهو جواب لما يدلّ عليه الكلام، من قولهم: «لا»، فالفاء هاهنا بمنزلتها فى الجزاء، والمعنى على: فكما كرهتموه، وإن لم تكن «كما» مذكورة، كما أن قولهم: ما تأتينى فتحدثنى، المعنى: ما تأتينى فكيف تحدثنى، وإن لم تكن «كيف» مذكورة، وإنما هى مقدرة». قال ابن الشجرى: والقول عندى أن الذى قدّره أبو على هاهنا بعيد، لأنه قدّر المحذوف موصولا، وهو «ما» المصدرية، وحذف الموصول وإبقاء صلته رديء ضعيف، ولو قدر المحذوف مبتدأ، كان جيدا، لأن حذف المبتدأ كثير فى القرآن والتقدير عندى: فهذا كرهتموه، والجملة المقدرة المحذوفة مبتدئية، لا أمرية، كما قدّرها، فكأنه قيل: فهذا كرهتموه، والغيبة مثله، وإنما قدّرها أمريّة ليعطف عليها الجملة الأمرية، التى هى: {وَاِتَّقُوا اللهَ}، ولا حاجة بالكلام إلى تقدير جملة أمرية لتعطف عليها الجملة الأمرية، لأن قوله: {وَاِتَّقُوا اللهَ} عطف على الجملة النهيية التى هى قوله: {وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً}، وعطف الجملة على جملة مذكورة أولى من عطفها على جملة مقدرة، والإشارة فى المبتدأ الذى قدرته، وهو «هذا» موجهة إلى الأكل الذى وصفه الله، كأنه لما قدّر أنهم قالوا: لا، فى جواب قوله: {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً} قيل: فهذا كرهتموه، أى: فأكل لحم الأخ الميت كرهتموه، والغيبة مثله. فتأمل ما ذكرته تجده أصوب الكلامين. وقد ذكر أبو على هذه المسألة فى «الحجة» أيضا». انتهى كلام ابن الشجرى، وقد حكاه الزركشىّ (¬1). ثم حكى ابن هشام كلا التقديرين وقال (¬2): «وبعد فعندى أن ابن الشجرى لم يتأمل كلام الفارسىّ، فإنه قال: «كأنهم قالوا فى الجواب: «لا» فقيل لهم: فكرهتموه فاكرهوا الغيبة واتقوا الله، فاتقوا عطف على ¬

(¬1) البرهان 3/ 196. (¬2) المغنى ص 181.

الرمانى-على بن عيسى (384 هـ‍)

فاكرهوا، وإن لم يذكر، كما فى: {اِضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ}، والمعنى: فكما كرهتموه فاكرهوا الغيبة، وإن لم تكن «كما» مذكورة، كما أن «ما تأتينا فتحدثنا» معناه: فكيف تحدثنا؟ وإن لم تكن «كيف» مذكورة اه‍. وهذا يقتضى أن «كما» ليست محذوفة، بل إن المعنى يعطيها، فهو تفسير معنى، لا تفسير إعراب. الرّمّانى-علىّ بن عيسى (384 هـ‍) نقل عنه ابن الشجرى (¬1) أن اللام فى قوله تعالى: {وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ} لام الجحد، وأن الفعل بعدها منصوب بإضمار «أن»، ولا تظهر «أن» هذه بعد اللام. وتعقّبه فى تقدير المحذوف من قوله تعالى: {يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا} فقال بعد أن حكى تقدير الكسائى والفراء والمبرد (¬2): وقال علىّ بن عيسى الرمانى: إن التقديرين (¬3) فى قوله تعالى: {يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا} واقعان موقعهما، لأن البيان لا يكون طريقا إلى الضلال، فمن حذف «لا» فحذفها للدلالة عليها، كما حذفت للدلالة عليها من جواب القسم فى نحو: والله أقوم، أى لا أقوم، إلا أن أبا العباس حمل الحذف على الأكثر، لأن حذف المضاف لإقامة المضاف إليه مقامه أكثر من حذف لا. قال ابن الشجرى: وأقول: ليس يجرى حذف «لا» فى نحو: {يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا} مجرى حذفها من جواب القسم، لأن الدلالة عليها إذا حذفت من جواب القسم قائمة، لأنك إذا قلت: والله أقوم، لو لم ترد «لا» لجئت باللام والنون، فقلت: لأقومنّ. وحكى تأويله (¬4) لموضع الكاف من قوله تعالى: {كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ} ثم ¬

(¬1) المجلس الرابع والأربعون. (¬2) المجلس التاسع والسبعون. (¬3) التقدير الأول: لئلا تضلوا، والثانى: كراهة أن تضلوا. (¬4) المجلس الثمانون.

ابن جنى-أبو الفتح عثمان بن جنى (392 هـ‍)

ذكر أن كلام الرمانى فى الآية الكريمة كلام من نظر فى كتاب الفراء. هذا وقد حكى ابن الشجرىّ رأى الرمانىّ فى زيادة الباء فى {كَفى بِاللهِ} ولم ينسبه إليه، ونبّه على هذا البغدادىّ فى شرح أبيات المغنى (¬1). ابن جنّى-أبو الفتح عثمان بن جنى (392 هـ‍) وأبو الفتح من عرفت-نفاذ بصيرة ولطافة حسّ-فتح للعربية آفاقا رحبة، وكشف عن جوانب فذّة منها، أضاءت الطريق للباحثين والدارسين، قديما وحديثا. ولابن الشجرى خصوصية بابن جنى، فقد شرح كتابيه: التصريف الملوكى، واللمع، وقد أفاد ابن الشجرى من ابن جنى، ووقف منه موقفه من أعلام العربية: ناقلا وشارحا وناقدا. ولا سبيل إلى ذكر كلّ المواضع التى نقل فيها ابن الشجرى عن ابن جنى، فقد امتلأ كتاب الأمالى بأقوال ابن جنى، وكان أبو الفتح أوّل علم يحكى عنه ابن الشجرى فى المجلس الأول من الأمالى. ولكن الذى يعنينى هو تلك المواطن التى ذكر فيها ابن الشجرى آراء ابن جنى دون أن يعزوها إليه، أو تلك الآراء التى ساقها ابن الشجرى غير منسوبة، ورأيت فيها مشابه من كلام ابن جنى، وكذلك الآراء التى نصره أو تعقّبه فيها. فمن ذلك: 1 - ذكر ابن الشجرى فى قول عدىّ بن زيد: لم أر مثل الأقوام فى غبن الأيام ينسون ما عواقبها. قال (¬2): وقوله: «ما عواقبها» ما استفهامية، و «ينسون» معلّق، كما علّق نقيضه وهو يعلمون، فالتقدير: ينسون أىّ شيء عواقبها. وقد ذكرت فى تحقيقى أن هذا من كلام ابن جنى فى كتابه المحتسب. ¬

(¬1) 2/ 347،348، وأمالى ابن الشجرى، المجلس الموفى الثلاثين. (¬2) المجلس الحادى عشر.

2 - فرق ابن الشجرى بين تخفيف الهمزة، وبين إبدالها ياء، فذكر فى قول المتنبى: جربت من نار الهوى ما تنطفى … نار الغضا وتكل عما تحرق قال (¬1): أبدل من همزة «تنطفئ» ياء، لانكسار ما قبلها، كما أبدل الفرزدق من المفتوح ما قبلها ألفا، فى قوله: راحت بمسلمة البغال عشيّة … فارعى فزارة لا هناك المرتع وهذا لا يسمى تخفيفا، وإنما هو إبدال، لا يجوز إلا فى الشعر، والتخفيف الذى يقتضيه القياس فى هذا النحو أن تجعل الهمزة بين بين. وهذا من كلام ابن جنى فى المحتسب أيضا، كما ذكرت فى حواشى التحقيق. 3 - حكى ابن الشجرى عن أبى على الفارسى حذف «فيه» من قول امرئ القيس: *كبير أناس فى بجاد مزمّل* أى مزمّل فيه، ثم قال ابن الشجرى (¬2): «ولولا تقدير «فيه» هاهنا، وجب رفع «مزمّل» على الوصف لكبير، وتقدير «فيه» أمثل من حمل الجرّ على المجاورة». وقد ذكرت فى تحقيق هذا الموضع أن هذا هو رأى ابن جنى فى الخصائص. 4 - ذهب ابن الشجرى (¬3) إلى أن «كلاّ» لا تضاف إلى واحد معرفة. وقد رأيت هذا الرأى معزوّا إلى ابن جنى، فى الأشباه والنظائر للسيوطى. وذكرته فى حواشى التحقيق. ¬

(¬1) المجلس الثانى عشر. (¬2) المجلس الثالث عشر. (¬3) المجلس الحادى والثلاثون.

5 - فى مبحث التكرير استشهد ابن الشجرى على تكرير المفرد بقول القائل (¬1): أبوك أبوك أربد غير شكّ … أحلّك فى المخازى حيث حلاّ وقد رأيت بحاشية أصل الأمالى: «هذا البيت وما معه من الشرح كله كلام ابن جنى فى كتاب مشكل أبيات الحماسة». 6 - أنشد ابن الشجرى فى عود الضمير مفردا إلى اثنين قول الشاعر (¬2): أخو الذئب يعوى والغراب ومن يكن … شريكيه يطمع نفسه شرّ مطمع ثم قال: «جعل الذئب والغراب بمنزلة الواحد، فأعاد إليهما ضميرا مفردا، لأنهما كثيرا ما يصطحبان فى الوقوع على الجيف، ولولا ذلك كان حقه أن يقول: ومن يكونا شريكيه». وقد رأيت هذا الكلام لابن جنى فى المحتسب، مع اختلاف يسير فى العبارة، كما ذكرت فى حواشى التحقيق. 7 - ذكر ابن الشجرى (¬3) أن الألف لا يفارق المدّ. وقد وجدت هذا لابن جنى فى اللسان (ردف). 8 - فى حديث ابن الشجرى عن الحذوف، أنشد قول الراجز (¬4): تروّحى أجدر أن تقيلى … غدا بجنبى بارد ظليل وذكر أن فيه خمسة حذوف، ثم قال: «لأنه قدّر: ائتى مكانا أجدر بأن تقيلى فيه، فحذف الفعل، وحذف المفعول الموصوف الذى هو «مكانا»، وحذف الباء التى يتعدى بها «أجدر»، وحذف الجار من «فيه» فصار: تقيليه، ¬

(¬1) المجلس الثانى والثلاثون. (¬2) المجلس الثامن والثلاثون. (¬3) المجلس التاسع والثلاثون. (¬4) المجلس الحادى والأربعون.

فحذف العائد إلى الموصوف، كما حذف فى قوله سبحانه: {وَاِتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً} أى لا تجزى فيه». وقد رأيت هذا الكلام كلّه-عدا الاستشهاد بالآية الكريمة-فى المحتسب لابن جنى. 9 - فى حديث ابن الشجرى عن حذف النون، قال (¬1): «وإنما استمرّ هذا الحذف والإبدال فى النون، لما بينها وبين حروف العلة من المشابهة، لأنها إذا سكنت تضمنت غنّة، كما تتضمن حروف اللين مدّا». وهذا من كلام ابن جنى فى المنصف، ولابن الشجرى فضل التمثيل والإيضاح بما ذكره بعد. هذا ولابن الشجرى وقفات مع ابن جنى، نصره فى بعضها، وتعقّبه فى بعضها الآخر: فمن ذلك: 1 - ما ذكره فى إعراب «هنيئا»، قال (¬2): وجعل أبو الفتح بن جنى هنيئا فى قول كثيّر: هنيئا مريئا غير داء مخامر … لعزّة من أعراضنا ما استحلّت حالا، وقعت بدلا من اللفظ بالفعل، وخالف أبا على فى تقدير ذلك الفعل، فزعم أن التقدير: ثبت هنيئا لعزّة ما استحلّت من أعراضنا، فحذف «ثبت» وأقام «هنيئا» مقامه، فرفع به الفاعل الذى هو «ما استحلّت»، وكذلك قال فى قول المتنبى: *هنيئا لك العيد الذى أنت عيده* قال: العيد مرفوع بفعله، والأصل: ثبت هنيئا لك العيد، فحذف الفعل وقامت الحال مقامه، فرفعت الحال العيد، كما كان الفعل يرفعه. وقول أبى الفتح فى ¬

(¬1) المجلس الخامس والأربعون. والمنصف 2/ 228، وأيضا سرّ صناعة الإعراب ص 438. (¬2) المجلس الخامس والعشرون.

هذا أشبه (¬1) من قول أبى على، لأن أبا على زعم أن «هنيئا» وقع موقع «ليهنئك»، وهذا لفظ أمر، والأمر لا يقع حالا، أو موقع «هنأك»، وهذا لفظ خبر يراد به الدعاء، كقولهم: رحم الله فلانا، والدعاء أيضا لا يكون حالا. 2 - حكى ابن الشجرى كلام الشراح فى قول المتنبى (¬2): كفى ثعلا فخرا بأنك منهم … ودهر لأن أمسيت من أهله أهل ونقل رأى ابن جنى، قال: قال أبو الفتح: «ارتفع «أهل» لأنه وصف لدهر، وارتفع «دهر» بفعل مضمر، دل عليه أول الكلام، فكأنه قال: وليفخر دهر أهل لأن أمسيت من أهله، لا يتجه رفعه إلا على هذا، لأنه ليس قبله مرفوع يجوز عطفه عليه». وقد تعقبه ابن الشجرى، فقال: وأما قول أبى الفتح إنه ليس قبله مرفوع يجوز عطفه عليه، فقول من لم ينعم النظر، وقنع بأول لمحة، فقد يجوز عطف «دهر» على فاعل «كفى» وهو المصدر المقدر، لأن «أن» مع خبرها هاهنا بمعنى الكون، لتعلق «منهم» باسم الفاعل المقدر الذى هو «كائن»، فالتقدير: كفى ثعلا فخرا كونك منهم، ودهر مستحق لأن أمسيت من أهله، أى وكفاهم فخرا دهر أنت فيه، فأراد أنهم فخروا بكونه منهم، وفخروا بزمانه، لنضارة أيامه، كما قال أبو تمام: *كأنّ أيامهم من حسنها جمع* 3 - قال ابن جنى فى شرح قول المتنبى: ويصطنع المعروف مبتدئا به … ويمنعه من كلّ من ذمّه حمد «معناه: يعطى معروفه المستحقين، ومن تزكو عنده الصّنيعة، ويمنعه من كل ساقط، إذا ذمّ أحدا فقد مدحه». ¬

(¬1) انظر مثالا آخر لنصر ابن الشجرى رأى ابن جنى، فيما يأتى من حديث أبى العلاء المعرى. (¬2) المجلس الثلاثون.

الجرجانى-القاضى على بن عبد العزيز (392 هـ‍)

وقد تعقّبه ابن الشجرى فى هذا الشرح (¬1) 4 - حكى ابن الشجرى عن ابن جنى اللغات الثمانية فى «أف»، وقوله: «ولا يقال: أفّى، بالياء، كما تقول العامة». قال ابن الشجرى (¬2): وأقول: إن الذى تقوله العامة جائز فى بعض اللغات، وذلك فى لغة من يقول فى الوقف: أفعى وأعمى وحبلى، يقلبون الألف ياء خالصة، فإذا وصلوا عادوا إلى الألف، ومنهم من يحمل الوصل على الوقف، وهم قليل (¬3). الجرجانىّ-القاضى علىّ بن عبد العزيز (392 هـ‍) 1 - حكى عنه ابن الشجرى علة زيادة الضاد فى قول المتنبى (¬4): إنّ شكلى وإن شكلك شتّى … فالزمى الخصّ واخفضى تبيضّضى 2 - ونقل عنه أيضا تأويله لقول المتنبى (¬5): أمط عنك تشبيهى بما وكأنه … فما أحد فوقى ولا أحد مثلى 3 - ومع تصريح ابن الشجرى بالنقل عن القاضى الجرجانىّ فى الموضعين السابقين، إلا أنه قد أغار على كلامه الذى أورده فى الوساطة، عن الشعراء الذين ذكروا الطير التى تتبع الجيش لتصيب من لحوم القتلى. ولم يكتف ابن الشجرى بهذا حتى استاق كلام الجرجانىّ، وتأويله لبيت المتنبى: سحاب من العقبان يزحف تحته … سحاب إذا استسقت سقتها صوارمه (¬6) ¬

(¬1) المجلس الحادى والثلاثون. (¬2) المجلس الخامس والأربعون. (¬3) وانظر نقدا آخر لابن الشجرى حول تفسير ابن جنى لشعر المتنبى فى المجلس الثالث والسبعين. (¬4) المجلس الحادى والثلاثون، وقارن بالوساطة ص 455. (¬5) المجلس الثالث والثمانون، والوساطة ص 442. (¬6) المجلس الثامن والسبعون، والوساطة ص 274،275.

الهروى-على بن محمد النحوى (نحو 415 هـ‍)

والعجب من ابن الشجرى إذ ينقل كلام الجرجانىّ بحروفه، ثم ينسبه إلى نفسه. الهروىّ-على بن محمد النحوىّ (نحو 415 هـ‍) وهذا عالم من علماء العربية، حجب الزمن تصانيفه، ولم يظهر منها إلا كتاب «الأزهية» الذى طبع فى دمشق منذ ثمانية عشر عاما (¬1)، وهو كتاب رائد فى علم الحروف والأدوات، ولما كان ابن الشجرى قد عالج مبحث الأدوات فى كثير من مجالسه، كما أشرت إلى ذلك من قبل (¬2)، فقد أفاد من جهود العلماء المتقدمين، وعلى رأسهم الهروى، لكن ابن الشجرى لم يصرح بالنقل عنه ألبتة. وهذا ما ظهر لى من ذلك بالمراجعة: 1 - ذكر ابن الشجرى من معانى «ما» أن تكون اسما بمعنى الحين، وكلامه فى ذلك كله منتزع من كلام الهروى، وقد خفى هذا على ابن هشام، فتعقب ابن الشجرى فيما أورده، ونبهت عليه فى الفقرة السابعة والخمسين من آراء ابن الشجرى. 2 - ما أورده ابن الشجرى من مجىء «أو» بمعنى واو العطف، وشواهد ذلك، أخذه كله من الهروى (¬3). 3 - وفى حديثه عن «أو» أيضا، ذكر أنها تستعمل بمعنى «إن» الشرطية مع الواو، وذلك مما سبق به الهروىّ، وقد خفى هذا أيضا على ابن هشام والسيوطى فنسباه إلى ابن الشجرى، وأشرت إليه فى الفقرة الستين من آراء ابن الشجرى. 4 - سلخ ابن الشجرى كلام الهروى جميعه فى «إما» وقد وهّم (¬4) ابن ¬

(¬1) ثم طبع كتابه «اللامات» فى بغداد ومصر. (¬2) راجع ما كتبته عن «الأدوات عند ابن الشجرى». (¬3) المجلس الخامس والسبعون، وقارن بالأزهية ص 117 - 123. (¬4) راجع الفقرة الثانية والستين من آراء ابن الشجرى.

الربعى-على بن عيسى (420 هـ‍)

هشام ابن الشجرى فى توجيه قوله تعالى: {إِمّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ} على التخيير، وابن الشجرى إنما انتزع شواهده كلّها-ومنها الآية الكريمة-فى هذا المبحث من الهروى، فإن كان إيراد فعلى الهروىّ. 5 - سطا ابن الشجرى (¬1) على كلام الهروى وشواهده حول معانى «إن» الخفيفة، مكسورة ومفتوحة، لكنه خالفه فى تقدير «ما» من قول الشاعر: ورجّ الفتى للخير ما إن رأيته … على السّنّ خيرا لا يزال يزيد فابن الشجرى يقدرها «ما» المصدرية، والهروى يراها «ما» التى بمعنى «حين». الرّبعىّ-علىّ بن عيسى (420 هـ‍) الرّبعىّ شيخ شيوخ ابن الشجرى، وقد حكى عنه ابن الشجرى قوله فى بناء «حذام» ونظائرها، فقال بعد أن نقل آراء النحاة (¬2): ولعلىّ بن عيسى الربعى فى بناء «حذام» ونظائرها علّة لم يسبق إليها، وهى تضمنهنّ معنى علامة التأنيث التى فى حاذمة وقاطمة وراقشة، فلما عدلن عن اسم مقدّرة فيه تاء التأنيث، وجب بناؤهنّ لتضمنهنّ معنى الحرف. ونقل عنه شرحه لقول المتنبى (¬3): نهبت من الأعمار ما لو حويته … لهنّئت الدنيا بأنك خالد وقوله (¬4): لا تكثر الأموات كثرة قلّة … إلا إذا شقيت بك الأحياء ¬

(¬1) المجلس التاسع والسبعون، وقارن بالأزهية ص 32 - 70. (¬2) المجلس السابع والخمسون. (¬3) المجلس الثامن والسبعون. (¬4) المجلس الثانى والثمانون.

وقوله (¬1): أمط عنك تشبيهى بما وكأنه … فما أحد فوقى ولا أحد مثلى ثم تعقّبه فى تفسيره لقول المتنبى: رمانى خساس الناس من صائب استه … وآخر قطن من يديه الجنادل فقال (¬2): «وفسّر على بن عيسى الربعى قوله: «من صائب استه» بأنه من ضعفه إذا رمى يصيب استه، فحمله على معنى قوله: «وآخر قطن من يديه الجنادل» وليس هذا القول بشىء، لأننا لم نجد فى الموصوفين بالضعف من يرمى بحجر أو غير حجر مما ترمى به اليد فيصيب استه، وإنما هو مثل ضربه، فذكر تفصيل عائبيه. فقال: عابنى أراذل الناس، فمنهم من رمانى بعسب هو فيه، وهو الأبنة، فانقلب قوله عليه، فأصاب استه بالعيب الذى رمانى به، وآخر لم يؤثر كلامه فى عرضى، لعيّه وحقارته، فهو كمن يرمى قرنه بسبائح القطن، أى الذين رمونى من هذين الصنفين بهذين الوصفين». وقد رأيت أحمد بن على بن معقل المهلّبى الأزدى المتوفى سنة 644 هـ‍، يردّ على ابن الشجرى تفسيره هذا، فيقول، بعد أن ذكر البيت (¬3): «وقال شيخ شيخنا الشريف ابن الشجرى: إنما هذا مثل، أى رمانى بعيب هو فيه، لأنه ذو أبنة، فكأنه أراد: أصابنى فأصاب استه. وأقول: إن هذه الأقوال ضعيفة، وأضعفها قول ابن الشجرى: «رمانى بعيب هو فيه، أى رمانى بالأبنة». والمعنى أنه رمانى بسهم من عيب فردّ عليه أقبح رد، كأنه يقول: أنا ليس فىّ عيب، فعابنى عائب نفسه أقبح عيب». ¬

(¬1) المجلس الثالث والثمانون. (¬2) المجلس الرابع والثمانون، وذكر شارح ديوان المتنبى 3/ 174، كلام ابن الشجرى هذا، فى إفساد قول الربعى، ولم يعزه إلى ابن الشجرى. (¬3) مآخذ الأزدى على أبى اليمن الكندى فى تفسير شعر المتنبى. تحقيق الدكتور هلال ناجى، نشر بمجلة المورد العراقية-المجلد السادس-العدد الثالث 1397 هـ‍-1977 م.

الشريف المرتضى-على بن الحسين (436 هـ‍)

الشريف المرتضى-على بن الحسين (436 هـ‍) تجمع بين الشريف المرتضى وبين ابن الشجرى علاقة التشيّع. وهذا الشريف من أصحاب الأمالى، وتحتلّ «أماليه» مكانة عالية فى كتب علوم العربية، وتسمى غرر الفوائد ودرر القلائد. وقد كان لابن الشجرى نسخة من هذه الأمالى، استنسخها بخطه (¬1). وقد أغار ابن الشجرى على كلام المرتضى فى الحذوف، وذكر كلامه بألفاظه، دون أن يصرح بالنقل عنه أو الإفادة منه (¬2) والموضع الوحيد الذى صرح فيه ابن الشجرى بالشريف المرتضى، غمزه فيه، ونسبه إلى شيء من القصور. قال: «ذكر الشريف المرتضى رضى الله عنه، البيتين اللذين الأول منهما: «(¬3) ويلم قوم» فى كتابه الذى سماه غرر الفوائد، وبين معنييهما، غير أنه لم يستوعب تفسير ما فيهما من اللغة، ولم يتعرض للإعراب فيهما، ولم يزل قليل الإلمام بهذا الفنّ». مكىّ بن أبى طالب القيسى الأندلسى (437 هـ‍) ومكّىّ علم من أعلام العربية فى القرنين الرابع والخامس، وكتبه فى علم القراءات وإعراب القرآن الكريم من عمد هذين الفنين. وقد خطّأه ابن الشجرى فيما ذهب إليه، من أن «إن» الشرطية لا تدخل على الأسماء، إلا أن تضمر بعد «إن» فعلا يرتفع بعده الاسم على الفاعلية، ليس غير، وصحح ابن الشجرى أن النحويين كما يضمرون بعد حرف الشرط أفعالا ترفع ¬

(¬1) راجع مقدمة تحقيق أمالى المرتضى ص 21. (¬2) المجلس الثالث والأربعون، وقارن بما فى أمالى المرتضى 2/ 72. (¬3) يعنى قول الشاعر: ويلم قوم غدوا عنكم لطيتهم لا يكتنون غداة العل والنهل راجع المجلس التاسع والأربعين، وأمالى المرتضى 2/ 157.

الاسم بأنه فاعل، كذلك يضمرون بعده أفعالا تنصب الاسم بأنه مفعول. ثم قال ابن الشجرى بعد أن استوفى هذا المبحث (¬1): «ولمكى فى تأليفه «مشكل إعراب القرآن» زلاّت، سأذكر فيما بعد طرفا منها إن شاء الله». وقد أفرد ابن الشجرى لهذه الزلات المجلس الثمانين، وبعضا من الحادى والثمانين، بدأ بذكر أغلاط مكى فى سورة البقرة، وانتهى بسورة مريم، ثم قال فى آخر كلامه: «هذه جملة ما علقت به من سقطات هذا الكتاب، على أننى لم أبالغ فى تتبعها، وإنما ذكرت هذه الردود على هذه الأغاليط، لئلا يغترّ بها مقصّر فى هذا العلم، فيعوّل عليها ويعمل بها». وقد رأيت ابن هشام يدفع بعض اعتراضات ابن الشجرى على مكى (¬2). ثم كتب الدكتور أحمد حسن فرحات، ثلاث مقالات بمجلة مجمع اللغة العربية بدمشق (¬3)، بعنوان «نظرات فى ما أخذه ابن الشجرى على مكى فى كتاب مشكل إعراب القرآن»، ردّ فى هذه المقالات بعض مآخذ ابن الشجرى بأنها راجعة إلى سقم النّسخة التى وقعت لابن الشجرى من «المشكل»، وذكر أن بعضا آخر من هذه المآخذ موجود فى كتب المفسّرين والمعربين قبل مكى. ولعل موقف مكىّ من المعتزلة-الذين يرجع إليهم ابن الشجرى فى عقيدته- وتهجمّه عليهم (¬4)، هو الذى أغرى ابن الشجرى به، ودفعه إلى الانتقاص منه والطعن عليه. والعجب من ابن الشجرى، يحمل على مكى ثم يستاق كلامه، فقد رأيت مواضع من الأمالى اتفق فيها سياق ابن الشجرى مع سياق مكى فى «المشكل» ¬

(¬1) المجلس الثامن والسبعون. (¬2) المغنى ص 195، فى الكلام على الكاف المفردة. (¬3) الأجزاء الثلاثة الأولى من المجلد الحادى والخمسين (يناير-يوليو 1976)، وانظر أيضا: ما لم ينشر من الأمالى الشجرية. تحقيق الدكتور حاتم صالح الضامن-مجلة المورد العراقية-المجلد الثالث- العددان الأول والثانى-1974. (¬4) راجع مشكل إعراب القرآن 2/ 432، فى تأويل قوله تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ* إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ.

الثمانينى-عمر بن ثابت (442 هـ‍)

اتفاقا تاما، كأن ابن الشجرى ينقل عنه، أو كأنهما ينقلان عن مصدر واحد، بل إن ابن الشجرى ينقل استدلال مكى بحروفه، وقد دللت على ذلك فى حواشى التحقيق (¬1)، بما يغنى عن الإطالة بذكره هنا. الثّمانينى-عمر بن ثابت (442 هـ‍) نقل عنه ابن الشجرى ما حكاه عن بعض النحويين، من إجازة تقديم حال المجرور عليه، وتضعيفه لذلك (¬2) وحكى عنه لغة فى «التى» قال (¬3): وذكر أبو القاسم الثمانينى لغة خامسة، وهى الّتي، بتشديد الياء، كما قالوا فى المذكر: الذىّ. ثم ضعّف رأيه فى فتح عين «يأبى»، فقال (¬4): وقال بعض النحويين: إنما فتحوا عين يأبى على سبيل الغلط، وتوهموا أن ماضيه على فعل، وعوّل أبو القاسم الثمانينى على هذا القول، والصواب ما ذكرته أولا. أبو العلاء المعرّىّ-أحمد بن عبد الله (449 هـ‍) نقل عنه ابن الشجرى نقلا عزيزا، فقال بعد أن حكى أقوال العلماء فى شرح عبارة سيبويه «ما أغفله عنك شيئا»: (¬5) ووجدت بخط أبى الفرج سعيد بن على بن السلالى الكوفى، ما أملاه عليه أبو العلاء المعرى، ونسبه المعرى إلى بعض ¬

(¬1) راجع المجالس: التاسع، والثالث والثلاثين، والأربعين، وانظر أيضا ما سبق فى الفقرة الثانية والخمسين من آراء ابن الشجرى. (¬2) المجلس الحادى والسبعون. (¬3) المجلس الرابع والسبعون. (¬4) المجلس الحادى والعشرون. (¬5) المجلس السادس والستون.

النحويين ولم يسمّه، قال: إن الذى قيل له هذا الكلام كان له صديق عوّده أن يبرّه ويحسن إليه، وأنه ذكر صنيعه به، فقال له السامع: ما أغفله عنك شيئا، قال: فالكلام يتم عند قوله: «عنك»، وقوله: «شيئا» من كلام مستأنف، كأنه قال: فكر شيئا، أى تفكيرا قليلا، أى إنه قد انتقل عن الحال التى كنت تجده عليها، فكأن الرجل المثنى على الصديق شكّ فى أمره، ولم يدر ما أغفله عنه، فقال له من حضر: فكّر شيئا، أى دع الشك، لأنه إذا فكّر وجب أن يصحّ له الأمر. وقال المعرى: إن المراد بقوله: «ما أغفله عنك» التعجب، ويحتمل أن يكون استفهاما، كأنه قال: أى شيء أغفله عنك؟ وقد تعقب ابن الشجرى أبا العلاء فى شرحه لقولهم: «عمرك الله» (¬1). وتعقبه أيضا فى شرحه لشعر المتنبى، فقال فى قوله (¬2): وأنك بالأمس كنت محتلما … شيخ معد وأنت أمردها وحكى أبو زكريا فى تفسيره لشعر المتنبى، عن أبى العلاء المعرى، أنه قال: زعم بعض النحويين أن «كان» لا تعمل فى الحال، قال: وإذا أخذ بهذا القول جعل العامل فى «محتلما» من قوله: «وأنك بالأمس كنت محتلما» الفعل المضمر الذى عمل فى قوله: بالأمس. قال ابن الشجرى: وأقول: إن هذا القول سهو من قائله وحاكيه، لأنك إذا علقت قوله «بالأمس» بمحذوف، فلا بد أن يكون «بالأمس» خبرا لأن، أو لكان، لأن الظرف لا يتعلق بمحذوف إلا أن يكون خبرا أو صفة أو حالا أو صلة، ولا يجوز أن يكون خبرا لأن ولا لكان، لأن ظروف الزمان لا توقع أخبارا للجثث، ولا صفات لها ولا صلات ولا أحوالا منها، وإذا استحال أن يتعلق قوله: «بالأمس» بمحذوف، علقته بكان، وأعملت «كان» فى «محتلما». ¬

(¬1) المجلس الثانى والأربعون. (¬2) المجلس التاسع والسبعون. ويعدّ أبو العلاء من شراح المتنبى الكبار، واسم شرحه: معجز أحمد، ويسمى أيضا اللامع العزيزى. وانظر كلاما جيدا حول هذين الكتابين فى (أبو العلاء الناقد الأدبى) للأخ الدكتور السعيد السيّد عبادة ص 112 - 126.

الواحدى-على بن أحمد (468 هـ‍)

وقد أخذ ابن الشجرى على أبى العلاء تفسيره لقول المتنبى (¬1): لم تسم يا هارون إلا بعد ما اق‍ … ترعت ونازعت اسمك الأسماء فقال: قال فيه أبو الفتح: أراد لم تسم بهذا الاسم إلا بعد ما تقارعت عليك الأسماء، فكلّ أراد أن يسمّى به، فخرا بك. وقال أبو العلاء: أجود ما يتأول فى هذا أن يكون الاسم هاهنا فى معنى الصيت، كما يقال: فلان قد ظهر اسمه، أى قد ذهب صيته فى الناس، فذكره لا يشاركه فيه أحد، وماله يشترك فيه الناس، فأما أن يكون عنى باسمه هارون، فهذا يحتمله ادعاء الشعراء، وهو مستحيل فى الحقيقة، لأن العالم لا يخلو أن يكون فيهم جماعة يعرفون بهارون. والذى ذهب إليه أبو الفتح من إرادته اسمه العلم هو الصواب، وقول المعرى إن الاسم هنا يريد به الصيت، ليس بشىء يعول عليه، لأن قول أبى الطيب: «لم تسم» معناه لم يجعل لك اسم، وأما دفع المعرى أن يكون المراد الاسم العلم بقوله: إن فى الناس جماعة يعرفون بهارون، فقول من لم يتأمل لفظ صدر البيت الذى يلى هذا البيت، وهو قوله: *فغدوت واسمك فيك غير مشارك* والمعنى: إن اسمك انفرد بك دون غيره من الأسماء، فمعارضته بأن فى الناس جماعة يعرفون بهارون، إنما يلزم أبا الطيب، لو قال: فغدوت وأنت غير مشارك فى اسمك، فلم يفرق المعرى بين أن يقال: اسمك مشارك فيك، وأن يقال: أنت غير مشارك فى اسمك، وإنما أراد أن اسمك انفرد بك دون الأسماء، ولم يرد أنك انفردت باسمك دون الناس، فاللفظان متضادان كما ترى. الواحدىّ-على بن أحمد (468 هـ‍) الواحدىّ من شراح المتنبى المعدودين، وقد أفاد منه ابن الشجرى فى بعض ¬

(¬1) المجلس الثانى والثمانون.

ما عرض له من شعر المتنبى، ولم يصرح ابن الشجرى بالنقل عن الواحدى، مع إغارته على كلامه بحروفه فى المواضع التى ظهرت لى خلال تحقيق الجزء الأول من الأمالى. ويبدو أن ابن الشجرى كان فى نفسه شيء من الواحدى، وآية ذلك أنه حين اضطر أن يحكى كلامه فى الردّ على ابن جنى، ولم يرض أن ينسب الردّ إلى نفسه، ذكره بأسلوب الإخفاء والإغماض. وذلك أن ابن الشجرى حكى شرح ابن جنى لقول المتنبى (¬1). من لى بفهم أهيل عصر يدعى … أن يحسب الهندىّ فيهم باقل قال: قال ابن جنى: فى هذا البيت شيء يمكن أن يتعلق به عليه، وذلك أن باقلا لم يؤت من سوء حسابه، وإنما أتى من سوء عبارته، فكان ينبغى أن يذكر مع سوء العبارة الخطابة والفصاحة، لأن سوء العبارة والفصاحة ضدان، ولا يذكر مع عىّ اللسان جودة الحساب، لأنهما ليسا ضدين، ولو قال: «أن يفحم الخطباء فيهم باقل» ونحو ذلك، كان أسوغ. وقال من ردّ على ابن جنى: ليس الأمر كما قال، فإن باقلا كما أتى من سوء البيان أتى من الجهل بعقد البنان، فإنه لو ثنى من سبابته وإبهامه دائرة، ومن خنصره عقدة، لم تفلت منه الظبية، فقد صحّ قوله فيما نسبه إليه من الجهل بالحساب. انتهى ما ذكره ابن الشجرى، وهذا الردّ على ابن جنى، من كلام الواحدى (¬2)، مع اختلاف يسير فى العبارة، وقد صرّح بنسبته إليه شارح ديوان المتنبى (¬3). وقد رأيت ابن الشجرى يسلخ كلام الواحدى فى مواضع من شرح المتنبى، ودللت على هذه المواضع فى حواشى التحقيق (¬4). وأصرح من كل ذلك ما ذكره ابن الشجرى فى شرح قول المتنبى: ¬

(¬1) المجلس الخامس والستون. (¬2) شرح ديوان المتنبى ص 271. (¬3) شرح ديوان المتنبى المنسوب خطأ للعكبرى 3/ 260. (¬4) راجع المجلسين التاسع والعشرين، والحادى والثلاثين (فى ثلاثة مواضع).

التبريزى-أبو زكريا يحيى بن على (502 هـ‍)

نهبت من الأعمار ما لو حويته … لهنّئت الدنيا بأنك خالد حيث أغار على كل ما ذكره الواحدى فى شرح البيت (¬1). التّبريزى-أبو زكريا يحيى بن على (502 هـ‍) من أبرز شيوخ ابن الشجرى، أخذ عنه اللغة والأدب. وقد تعقبه ابن الشجرى فى مواضع من شرحه لشعر المتنبى: فقال بعد أن حكى ثلاثة أقوال فى قول المتنبى (¬2): أمط عنك تشبيهى بما وكأنه … فما أحد فوقى ولا أحد مثلى والرابع: قول أبى على بن فورجة، قال: هذه «ما» التى تصحب «كأن» إذا قلت: كأنما زيد الأسد، وإليه ذهب أبو زكريا، قال: أراد أمط عنك تشبيهى بأن تقول: كأنه الأسد، وكأنما هو الليث. وهذا القول أردأ الأقوال، وأبعدها من الصواب، لأن المتنبى قد فصل «ما» من «كأن» وقدّمها عليه، وأتى فى مكانها بالهاء، فاتصال «ما» بكأنه غير ممكن، لفظا ولا تقديرا، وهى مع ذلك لا تفيد معنى إذا اتصلت بكأن، فكيف إذا انفصلت منه وقدّمت عليه؟ وقد أخذ ابن الشجرى على شيخه تفسير قول أبى الطيب: أنت الجواد بلا منّ ولا كدر … ولا مطال ولا وعد ولا مذل فقال (¬3): سألنى سائل عن المذل، فقلت: قد قيل فيه قولان: أحدهما أن معناه القلق، يقال: مذلت من كلامك، أى قلقت، ومذل فلان على فراشه: إذا قلق فلم يستقر، والقول الآخر: البوح بالسّرّ، يقال: فلان مذل بسرّه، وكذلك هو مذلّ بماله: إذا جاد به. وذكر أبو زكريا فى تفسير البيت الوجهين فى المذل، ثم قال: والذى أراد ¬

(¬1) المجلس الثامن والسبعون، وقارن بما فى شرح الواحدى ص 466. (¬2) المجلس الثالث والثمانون. (¬3) المجلس الرابع والثمانون، وقد تعقب ابن الشجرى شيخه التبريزى فى موضعين آخرين من هذا المجلس.

أبو الطيب بالمذل أنه لا يقلق بما يلقاه من الشدائد، كما يقلق غيره. وليس ما قاله بشىء عليه تعويل، بل المذل هاهنا البوح بالأمر ونفى ذلك عنه، فأراد أنه إذا جاد كتم معروفه، فلم يبح به، وقول أبى زكريا: «أراد أنه لا يقلق بما يلقاه من الشدائد» قد زاد بذكر «الشدائد» ما ذهب إليه بعدا من الصواب، وهل فى البيت ما يدل على الشدائد؟ إنما مبنى البيت على الجود، والخلال التى مدحه بنفيها عنه متعلقة بمعنى الجود، وهى المنّ والكدر والمطال والوعد، والمذل الذى هو البوح بالشىء. ...

أثر ابن الشجرى فى الدراسات النحوية واللغوية

أثر ابن الشجرى فى الدراسات النحوية واللغوية يمثّل ابن الشجرى ومن إليه من نحاة القرنين الخامس والسادس (¬1)، حلقة الوصل بين المتقدمين من النحاة وبين المتأخرين. فقد كان لقرب هذا الجيل من المنابع الأولى، بالتلقّى والمشافهة، وما ظفر (¬2) به نحاة هذا الجيل من الكتب والمصنفات التى عمرت بها دور العلم وخزائن المكتبات، قبل أن تعصف بها عوادى الناس والأيام، كان لذلك كله فضل حفظ آراء المتقدمين، مما أمدّ النحاة المتأخرين بذلك الفيض الزاخر من الوجوه والآراء، وفتح لهم آفاق النظر، ومهد أمامهم سبل البحث. وقد أودع ابن الشجرى كتابه «الأمالى» علما كثيرا، أفاد منه المتأخرون، مصرّحين بالأخذ عنه وغير مصرحين، على أن تأثيره فى مصنفات من بعده يبدو بشكل عام فيما عالجه من مسائل الإعراب والحذوف، ثم فى هذا الحشد الهائل من شواهد القرآن الكريم والشعر. وقد تتبعت ابن الشجرى فى مصنفات النحاة المتأخرين، باستقراء أرجو ألا يكون فاتنى معه شيء، ثم أفضى تخريج شواهده من كتب العربية إلى تأثّر خفىّ من أصحاب هذه الكتب لم يصرّحوا به. وهذا بيان الآخذين عن ابن الشجرى والمستفيدين منه، أذكرهم بحسب وفياتهم، صنيعى فى مصادر ابن الشجرى: الأنبارى-أبو البركات عبد الرحمن بن محمد (577 هـ‍) وأبو البركات من أبرز تلاميذ ابن الشجرى، أخذ عنه علم العربية، كما ذكر ¬

(¬1) من مثل الزمخشرى وأبى البركات الأنبارى وابن يعيش، فى المشرق، وابن السيّد البطليوسيّ وابن الباذش والسّهيلى فى المغرب. (¬2) قد يمثّل لذلك بما ظفر به ابن الشجرى من كتاب «الأزهية» للهروى-وإن لم يصرح-وهذا الكتاب مما لم يتح لابن هشام والسيوطى، كما ذكرت فى حديثى عن الهروى. ومن قبل «الأزهية» كتاب «الأوسط» للأخفش، و «الواسط» لأبى بكر بن الأنبارى، كما تقدّم.

هو نفسه، فى ترجمته التى ختم بها كتابه «نزهة الألبا». وقد ذهب الأنبارى بالشهرة كلها، بكتابه «الإنصاف فى مسائل الخلاف بين البصريين والكوفيين» الذى أفاد فيه من ابن الشجرى إفادة واضحة، كما أفاد منه فى كتبه الأخرى، والعجب من الأنبارى يثنى على شيخه ويفيد منه كلّ هذه الإفادة، ثم لا يصرّح باسمه فى أىّ من كتبه المطبوعة! وقبل أن أدلّ على مواضع أخذ الأنبارى من ابن الشجرى، أشير إلى أن الأستاذ الدكتور محمد خير الحلوانى (¬1)، قد تنبّه قبلى إلى تأثير ابن الشجرى فى الأنبارى، وذكر أن الأنبارىّ أخذ معظم أدلة ابن الشجرى فى الخلاف بين البصريين والكوفيين، وأنه أغار على أسلوبه اللفظى فى غير موضع (¬2). وهذه مثل لما رأيته عند الأنبارىّ من كلام شيخه ابن الشجرى: 1 - نقل الأنبارى كلام ابن الشجرى عن «كلا وكلتا»، وفى تعليل حملهما على المفرد إذا أضيفا إلى المظهر، وعلى المثنى إذا أضيفا إلى المضمر، ذكر رأى ابن الشجرى، ثم قال: «وهذا الوجه ذكره بعض المتأخرين». ولست أدرى لماذا لم يصرح الأنبارى بنسبة هذا الوجه إلى شيخه ابن الشجرى، وهو لم يعرف عن غيره من المتأخرين (¬3)؟ 2 - فى تعليل بناء «قبل وبعد» على الضمة دون الفتحة والكسرة، ذكر الأنبارى تعليل ابن الشجرى ولم يعزه إليه (¬4). 3 - وفى حديثه عن التثنية وأن أصلها العطف، استاق كلام ابن الشجرى (¬5) ¬

(¬1) رحمه الله رحمة واسعة، فقد كان من فضلاء علماء سوريّة، وقد سعدت بمعرفته أيام اشتغاله برسالة الدكتوراه التى تقدم بها إلى كلية الآداب بجامعة عين شمس. (¬2) الخلاف النحوى بين البصريين والكوفيين وكتاب الإنصاف، صفحات 131 - 134،145 - 147،266. (¬3) الإنصاف ص 450 (المسألة 62) ويقارن بالأمالى-المجلس الثامن والعشرين. (¬4) أسرار العربية ص 31، ويقارن بالأمالى-المجلس الأربعين. (¬5) أسرار العربية ص 47، ويقارن بالأمالى-المجلس الثانى.

العكبرى-أبو البقاء عبد الله بن الحسين (616 هـ‍)

4 - نقل ما ذكره ابن الشجرى من رأى الكوفيين، فى مجىء «أو» بمعنى الواو، وبمعنى «بل»، وردّ البصريين عليهم (¬1). 5 - وأبين من ذلك كلّه فى أخذ الأنبارى من ابن الشجرى، ما ذكره فى الخلاف فى «نعم وبئس» و «أفعل التعجب»، فقد أغار الأنبارى فى هاتين المسألتين على كلام ابن الشجرى، واستعان بشواهده وطريقة حجاجه وردّه، كما لاحظ بحق الأستاذ الدكتور الحلوانى فى كتابه المذكور (¬2) وهناك مواضع تأثير أخرى، أشار إليه الدكتور الحلوانى-وأحسن كل الإحسان-فى كتابى ابن الشجرى والأنبارى (¬3). العكبرىّ-أبو البقاء عبد الله بن الحسين (616 هـ‍) من النّحاة البارزين فى عصره، وقد اشتهر بكتابه «التبيان فى إعراب القرآن» ونشر له أخيرا كتاب «إعراب الحديث النبوى» (¬4). وقد اعتنى فى هذين الكتابين بغاية تعليمية تطبيقية، فلم يهتم كثيرا بنسبة الأوجه الإعرابية إلى أصحابها، ولا أستبعد أن يكون قد أفاد (¬5) من الوجوه الإعرابية التى ملأ بها ابن الشجرى «أماليه»، فهو قريب العهد والدار من ابن الشجرى، ثم هو قد تلمذ لابن الخشاب الذى ردّ على ابن الشجرى فى «أماليه». على أن العكبرىّ قد أشار إلى ابن الشجرى إشارة غامضة، حين ذكر اختلاف النحاة فى حدّ الاسم، فقال: «وقال ابن السرّاج: هو كلّ لفظ دل على ¬

(¬1) الإنصاف ص 478 - 481 (المسألة 67)، ويقارن بالأمالى-المجلس الخامس والسبعين. (¬2) الإنصاف ص 97 - 148 (المسألتان 14،15) ويقارن بالأمالى-المجلسان التاسع والخمسون والستون. (¬3) الخلاف النحوى ص 146. (¬4) ثم نشر له بعد ذلك: شرح لامية العرب، والتبيين عن مذاهب النحويين. (¬5) انظر مثلا التبيان فى إعراب القرآن ص 1142، وقارن بالأمالى-المجلس الحادى عشر، فى إعراب قوله تعالى: وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ.

شارح ديوان المتنبى

معنى فى نفسه غير مقترن بزمان محصل، وزاد بعضهم فى هذا دلالة الوضع». ويقول الأستاذ الدكتور محمد خير الحلوانى، تعليقا على ذلك (¬1): لعله يريد به ابن الشجرى، لأنه ينسب إلى نفسه هذه الزيادة. شارح ديوان المتنبى ومما يتّصل بأبى البقاء العكبرىّ شرح ديوان المتنبى، الذى ظل ينسب إليه دهرا طويلا، حتى جاء الدكتور مصطفى جواد رحمه الله، وأثبت أن هذا الشرح ليس للعكبرى (¬2)، وأنه لابن عدلان، وهو عفيف الدين أبو الحسن على بن عدلان ابن حماد الربعى الموصلى النحوى المتوفى بالقاهرة سنة 666 هـ‍. وقد يقوّى رأى الدكتور مصطفى جواد أن أبا البقاء العكبرى لم يذكر ابن الشجرى فى أىّ من كتبه المطبوعة التى رأيتها، على حين نرى شارح ديوان المتنبى كثير النقل عن ابن الشجرى والتصريح باسمه، فلو كان العكبرىّ هو شارح ديوان المتنبى لما اختلف حاله بين شرح الديوان وسائر كتبه. ومهما يكن من أمر فقد أفاد شارح ديوان المتنبى هذا من ابن الشجرى، وحكى كلامه مصرّحا وغير مصرح، ولست بسبيل ذكر كلّ المواضع التى صرّح فيها الشارح بابن الشجرى، فهى بالغة الكثرة (¬3)، ولكنى أدلّ على المواطن التى أغار فيها على كلام ابن الشجرى، من غير تصريح بالنقل عنه: 1 - أورد الشارح إعراب ابن الشجرى لبيت الشماخ (¬4): ¬

(¬1) مسائل خلافية فى النحو، للعكبرى، تحقيق الدكتور الحلوانى ص 42، وراجع ما سبق فى الفقرة الثالثة والثلاثين من آراء ابن الشجرى النحوية. (¬2) مجلة المجمع العلمى العربى بدمشق-المجلد الثانى والعشرون ص 37،110 - دمشق 1366 هـ‍ -1947 م. وانظر ما كتبه الأخ الدكتور عبد الرحمن العثيمين فى مقدمة تحقيق التبيين ص 49. (¬3) انظر مثلا شرح الديوان 1/ 27،379،2/ 239،339،3/ 162،163،190، 4/ 36،129،192، وفى بعض هذه المواضع يصرح هذا الشارح بأنه نقل بخطه من أمالى ابن الشجرى، وذلك بعض ما اعتمد عليه الدكتور مصطفى جواد فى ردّ نسبة الشرح إلى العكبرى، إذ كان هذا ضريرا، أضرّ فى صباه بالجدرى. (¬4) شرح الديوان 2/ 174 - والأمالى-المجلس الرابع.

إذا الأرطى توسّد أبرديه … خدود جوازئ بالرمل عين 2 - نقل الشارح إعراب ابن الشجرى بحروفه لقول المتنبى (¬1): جربت من نار الهوى ما تنطفى … نار الغضا وتكلّ عما تحرق 3 - وحكى توجيهه لقول المتنبى (¬2): كبّرت حول ديارهم لما بدت … منها الشموس وليس فيها المشرق 4 - ونقل تأويله لقول المتنبى (¬3): حشاى على جمر ذكىّ من الهوى … وعيناى فى روض من الحسن ترتع 5 - وذكر إعرابه لقول المتنبى (¬4): يعطى فلا مطله يكدّرها … بها ولا منّه ينكّدها 6 - ولخّص كلامه على قول المتنبى (¬5): ما لمن ينصب الحبائل فى الأر … ض ومرجاه أن يصيد الهلالا 7 - واستاق شرحه لقول المتنبى (¬6): وما الخيل إلا كالصديق قليلة … وإن كثرت فى عين من لا يجرّب 8 - وفى قول المتنبى (¬7): لو كان ما تعطيهم من قبل أن … تعطيهم لم يعرفوا التأميلا أخذ الشارح تفسير وإعراب ابن الشجرى بألفاظه، ثم أورد ما أنشده ابن الشجرى من شعر أبى نصر بن نباتة وأبى الفرج بن الببّغاء، على معنى بيت المتنبى. ¬

(¬1) شرح الديوان 2/ 333 - والأمالى-المجلس الثانى عشر. (¬2) شرح الديوان 2/ 337، والأمالى-المجلس نفسه. (¬3) شرح الديوان 2/ 235، والأمالى-المجلس الثامن عشر. (¬4) شرح الديوان 1/ 304، والأمالى-المجلس التاسع والعشرون. (¬5) شرح الديوان 3/ 144، والأمالى-المجلس الحادى والثلاثون. (¬6) شرح الديوان 1/ 180، والأمالى-المجلس الرابع والسبعون. (¬7) شرح الديوان 3/ 244، والأمالى-المجلس نفسه.

ابن يعيش-يعيش بن على بن يعيش (643 هـ‍)

9 - وسلخ إعراب ابن الشجرى لقول المتنبى (¬1): ما قوبلت عيناه إلا ظنتا … تحت الدجى نار الفريق حلولا ثم أنشد شواهده على مجىء الحال من المضاف إليه، ونقل حكايته عن أبى على الفارسى، فى «المسائل الشيرازيات»، كلّ ذلك فعل، دون أن يصرح بابن الشجرى. 10 - وساق كلامه كلّه فى علّة منع الابتداء بالنكرة، والكلام على قول المتنبى (¬2): منّى كنّ لى أن البياض خضاب … فيخفى بتبييض القرون شباب 11 - أفسد الشارح كلام الرّبعىّ بما أفسده به ابن الشجرى، وساق الكلام كأنه من عند نفسه، وقد أشرت إلى ذلك فى حديثى عن الربعى. ومن قبل كلّ ذلك ومن بعده، أخذ شارح ديوان المتنبى ما أفرده ابن الشجرى فى المجلس الأخير من «أماليه» لإعجاز أبيات أبى الطيب التى يتمثّل بها، ثم الأبيات التى تعدّ من بدائعه (¬3). ابن يعيش-يعيش بن على بن يعيش (643 هـ‍) اشتهر عند الدراسين بشرحه على «المفصل للزمخشرى» وبشرحه على «الملوكى فى التصريف» لابن جنى، ولم يصرح بنقل عن ابن الشجرى، لكنى رأيت فى بعض مباحثه مشابه من كلام ابن الشجرى، كأنه ينقل عنه، أو كأن الاثنين ينقلان عن مصدر واحد (¬4)، فمن ذلك: ¬

(¬1) شرح الديوان 3/ 238، والأمالى-المجلس السادس والسبعون. (¬2) شرح الديوان 1/ 188، والأمالى-المجلس الحادى والثمانون. (¬3) شرح ديوان المتنبى 1/ 22،162. (¬4) وهذا المصدر الواحد-فيما أرجّح-هو أبو على الفارسى، فقد كان ابن يعيش كثير الأخذ عنه، وكذلك ابن الشجرى، كما أخبرتك. وانظر مقدمتى لكتاب الشعر ص 92.

المظفر بن الفضل العلوى الحسينى (656 هـ‍)

ما ذكره فى الكلام على «أف» فقد اتفق سياقه مع سياق ابن الشجرى تماما (¬1). وما أورده فى أن أصل التثنية العطف بالواو (¬2). وغير ذلك كثير، مما حاك فى صدرى أن ابن يعيش متأثّر فيه ابن الشجرى، ولكنى لا أملك الدليل القاطع عليه. المظفّر بن الفضل العلوىّ الحسينىّ (656 هـ‍) صاحب «نضرة الإغريض فى نصرة القريض»، وهو كتاب فى صناعة الشعر، على غرار كتاب «العمدة» لابن رشيق. وقد روى العلوىّ هذا من طريق ابن الشجرى، كلمة لأبى العلاء المعرى عن الشعر، قال (¬3): «وروى لى الغزنوى، عن هبة الله المعروف بابن الشجرى، قال: حدثنى أبو زكريا التّبريزى، قال: كنت أسأل المعرى عن شعر أقرؤه عليه، فيقول لى: هذا نظم جيد، فإذا مرّ به بيت جيد، قال: يا أبا زكريا، هذا هو الشعر». ثم رأيت مواضع من كتابه هذا، أكاد أقطع بأن مصدره فيها ابن الشجرى، وإن لم يصرح بالنقل عنه، وقد أشرت إلى ذلك فى حواشى التحقيق (¬4). ابن عصفور-على بن مؤمن (669 هـ‍) فى حديث ابن الشجرى عن التثنية، قال (¬5): «وربّما استغنوا فى هذا ¬

(¬1) شرح الملوكى ص 438، ويقارن بالأمالى-المجلس الخامس والأربعون. (¬2) شرح المفصل 4/ 138،8/ 91، والأمالى-المجلس الثانى. (¬3) نضرة الإغريض ص 11. (¬4) نضرة الإغريض، صفحات 246،262 - 268،283، وقارن بالأمالى-المجالس: السابع، والسادس عشر، والخامس والأربعين. (¬5) المجلس الثانى.

القرطبى-محمد بن أحمد (671 هـ‍)

النحو بواحد، لأن إضافة العضو إلى اثنين تنبئ عن المراد، كقولك: ضربت رأس الرجلين، وشققت بطن الحملين، ولا يكادون يستعملون هذا إلا فى الشعر». وقد علق البغدادىّ على هذا، فقال (¬1): «والعجب من ابن الشجرى فى حمله الإفراد على ضرورة الشعر، فإنه لم يقل أحد إنه من قبيل الضرورة. . . وتبعه ابن عصفور فى كتاب ضرائر الشعر، والصحيح أنه غير مختص بالشعر». القرطبىّ-محمد بن أحمد (671 هـ‍) نقل فى «تفسيره» أقوال ابن الشجرى، مصرّحا به وغير مصرّح، فمما صرح فيه: 1 - إعراب قوله تعالى (¬2): {قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ}. 2 - تأويل قوله تعالى (¬3): {قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعاؤُكُمْ}. ومما لم يصرح به، واتفق سياقه مع سياق ابن الشجرى، كأنه ينقل عنه، أو أن الاثنين ينقلان عن مصدر واحد: 1 - الكلام (¬4) على معنى {اِصْطَفَيْنا} من قوله تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اِصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا}. 2 - شرح قول الشاعر (¬5): نعاطى الملوك السّلم ما قصدوا لنا … وليس علينا قتلهم بمحرّم ¬

(¬1) الخزانة 7/ 538، وانظر الفقرة الأولى من آراء ابن الشجرى، وضرائر الشعر لابن عصفور ص 249، ولم يذكر ابن عصفور ابن الشجرىّ. (¬2) تفسير القرطبى 7/ 131، والأمالى-المجلس الثامن. (¬3) تفسير القرطبي 13/ 84، والأمالى-المجلس نفسه. وانظر أيضا 1/ 212،235،3/ 112، 5/ 68،83. (¬4) تفسير القرطبى 14/ 347، والأمالى-المجلس العاشر. (¬5) تفسير القرطبى 14/ 349، والأمالى-المجلس نفسه.

ابن مالك-محمد بن عبد الله (672 هـ‍)

3 - الحديث عن حمل الأفعال بعضها على بعض (¬1)، عند تفسير قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ}. 4 - تأويل قوله تعالى (¬2): {وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا}. ابن مالك-محمد بن عبد الله (672 هـ‍) أبرز نحاة القرن السابع، وصاحب أشهر نظم فى النحو. ذكر ابن هشام أن ابن مالك قد تبع ابن الشجرى فى إعراب قول الشاعر (¬3): غير مأسوف على زمن … ينقضى بالهم والحزن وصرّح ابن مالك أن مذهبه فى ظهور الخبر بعد «لولا»، هو مذهب الرمانى وابن الشجرى والشّلوبين. وقد أشرت إلى ذلك فى الفقرة الرابعة والخمسين من آراء ابن الشجرى. كما حكى عنه فى مواضع من شرح الكافية الشافية (¬4). رضيّ الدين الشاطبىّ-محمد بن على (684 هـ‍) من كبار اللغويين والقراء، روى عنه القراءة أبو حيان النحوى. وقد حكى رضيّ الدين عن ابن الشجرى تفسيره للألى، من قول الشريف الرضى: قد كان جدك عصمة العرب الألى … فاليوم أنت لهم من الإعدام ونقله ابن منظور (¬5) من خط رضيّ الدين. ¬

(¬1) تفسير القرطبى 2/ 316، والأمالى-المجلس الثانى والعشرون. (¬2) تفسير القرطبى 10/ 391، والأمالى-المجلس نفسه. (¬3) المغنى ص 172، والأمالى-المجلس الخامس. (¬4) صفحات 440،961،1632. (¬5) لسان العرب (ألا) 20/ 322، والأمالى-المجلس الخامس.

أبو حيان الأندلسى-محمد بن يوسف (745 هـ‍)

أبو حيان الأندلسى-محمد بن يوسف (745 هـ‍) من فحول النحاة فى القرن الثامن. وما زال أكبر أعماله مخطوطا، وهو كتاب التذييل والتكميل، شرح التسهيل لابن مالك، وهو أمر يدعو إلى العجب والأسف معا. وقد رأيت عنده موضعا (¬1)، حكى فيه كلام ابن الشجرى، عند تفسير قوله تعالى: {قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ}. ثم حكى عن ابن الشجرى ما ذكره من جمع جمع الجمع، ونقل ردّ ابن الخشاب عليه، رأيت ذلك فى كتاب مخطوط له اسمه «تذكرة النحاة» (¬2). المرادىّ-الحسن بن قاسم، أو ابن أمّ قاسم (749 هـ‍) من شرّاح الزمخشرى وابن معطى وابن مالك، وقد عرف بكتابه «الجنى الدانى فى حروف المعانى». وقد حكى المرادى عن ابن الشجرى أقواله (¬3) فى مجىء اللام بمعنى «بعد»، وفى الجزم بلو، وعمل «لا» عمل «ليس» فى المعرفة، وظهور الخبر بعد «لولا». ثم كانت شواهد ابن الشجرى مددا له فى كتابه المذكور. ¬

(¬1) البحر المحيط 4/ 249، وقارن بما فى الأمالى-المجلس الثامن. (¬2) الموجود منه الجزء الثانى، وهو مخطوط بالخزانة العامة بالرباط-المغرب، وأشرت إلى ذلك فى حواشى تحقيق المجلس الثانى والثلاثين. وقد طبع أخيرا، وذكرت موضع هذا النقل من المطبوع فى تعليقاتى فى المجلس المذكور. ثم حكى عنه فى ثلاثة مواضع من ارتشاف الضرب 1/ 219،2/ 31،572. (¬3) الجنى الدانى-صفحات 101،286،293،600، وقد أشرت إلى ذلك فى الحديث عن آراء ابن الشجرى.

ابن مكتوم-أحمد بن عبد القادر (749 هـ‍)

ابن مكتوم-أحمد بن عبد القادر (749 هـ‍) من تلاميذ أبى حيان، وجمع من تفسيره مجلّدا، سماه الدرّ (¬1) اللّقيط من البحر المحيط، وله تصانيف أخر فى اللغة وأخبار النحاة. وقد حكى السيوطى (¬2) إعراب ابن الشجرى لقول الشاعر: غير مأسوف على زمن … ينقضى بالهم والحزن ونسبه إلى ابن مكتوم هذا فى «تذكرته». وهذا الذى حكاه السيوطى موجود حرفا حرفا عند ابن الشجرى. ولست أدرى هل أغار ابن مكتوم على كلام ابن الشجرى، أم أن السيوطىّ قد سها، ونسب ما وجده فى أمالى ابن الشجرى إلى تذكرة ابن مكتوم؟ وقد ينفى هذا الاحتمال الثانى أن السيوطىّ حين أورد هذا الكلام كان بصدد حكاية نقول كثيرة عن تذكرة ابن مكتوم، ثم إنه صدّر ما حكاه فى شرح البيت بقوله: وقال ابن مكتوم فى موضع آخر من تذكرته. ابن هشام-عبد الله بن يوسف (761 هـ‍) أبرز نحاة القرن الثامن، شرّقت كتبه وغرّبت، وذهب كتابه «المغنى» بالشهرة والصّيت. وقد نقل فى «المغنى» آراء ابن الشجرى، وتعقّبه فى بعضها، وظهر فى كلامه شيء من التحامل عليه، على أن ابن هشام قد أفاد من ابن الشجرى إفادة واضحة، وبخاصة فى مباحثه عن الأدوات، معانيها وشواهدها، بل إنه ساق عباراته بألفاظها، دون أن يصرح بنسبة الكلام إليه. وقد ثبت أن ابن هشام كانت لديه نسخة من أمالى ابن الشجرى، صححها وأملى عليها بعض تعليقات، كتبها أحد تلاميذه (¬3). ¬

(¬1) طبع بهامش البحر المحيط. (¬2) الأشباه والنظائر 3/ 126، ويقارن بالأمالى-المجلس الخامس. (¬3) انظر ما يأتى عن نسخ الأمالى.

وليس يعنينى هنا ذكر المواضع التى حكى فيها ابن هشام آراء ابن الشجرى، فهذا قد ذكرته فى حواشى التحقيق، وإنما أشير إلى المواضع التى أفاد فيها ابن هشام من ابن الشجرى وتأثره، دون أن يصرح به، ثم أعرض لمآخذ ابن هشام على ابن الشجرى. فمن ذلك: 1 - نقل ابن هشام بعض ما ذكره ابن الشجرى فى إعراب قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ} (¬1). 2 - نفى ابن هشام أن تكون «أى» شرطية، فى قول المتنبى: أىّ يوم سررتنى بوصال … لم ترعنى ثلاثة بصدود قال: لأن المعنى حينئذ: «إن سررتنى يوما بوصالك آمنتنى ثلاثة أيام من صدودك، وهذا عكس المعنى المراد، وإنما هى للاستفهام الذى يراد به النفى، كقولك لمن ادعى أنه أكرمك: أيّ يوم أكرمتنى؟». هذا تأويل ابن هشام، وهو مسلوخ من كلام ابن الشجرى (¬2)، وقد نبّه البغدادىّ على أن ابن هشام قد أخذ كلام ابن الشجرىّ هنا برمّته (¬3). 3 - قال ابن هشام: من مشكل باب «ليت» قول يزيد بن الحكم: فليت كفافا كان خيرك كلّه … وشرّك عنى ما ارتوى الماء مرتوى ثم أورد أوجه الإشكال فى إعراب هذا البيت، وساق الأجوبة عليها. وقد أغار ابن هشام فيما أورد وساق، على كلام ابن الشجرى، الذى أطال النّفس فى هذا البيت، وقد نبّه البغدادى إلى أن ابن هشام قد تبع ابن الشجرى فى كلامه على ذلك البيت، وقال: وقد لخص ابن هشام فى «المغنى» كلام ابن الشجرى فى غير وجهه، فإنه لم يبيّن ما ينبنى على كل قول من الأقوال (¬4). ¬

(¬1) المغنى ص 485، والأمالى-المجلس الحادى عشر. (¬2) المغنى ص 83، والأمالى-المجلس الثانى عشر. (¬3) شرح أبيات المغنى 2/ 155. (¬4) المغنى ص 320، والأمالى-المجلس الثامن والعشرون، والخزانة 10/ 483.

4 - أورد ابن هشام فى شواهد «إذ» بيت الأخطل: كانت منازل ألاّف عهدتهم … إذ نحن إذ ذاك دون الناس إخوانا ثم تكلّم على إعراب البيت بكلام يرجع إلى ما ذكره ابن الشجرى فيه (¬1). وقد رجّح عندى أن ابن هشام ناقل عن ابن الشجرى فى هذا الموضع، أن ذلك البيت لم يرد فى ديوان الأخطل المطبوع، وأنى لم أجد أحدا أنشده، أو نسبه هذه النسبة قبل ابن هشام سوى ابن الشجرى، ويبدو أنه وحده صاحب (¬2) هذه النسبة، فقد قال السيوطى: «قال ابن الشجرى فى أماليه: هو للأخطل» (¬3). 5 - فى حديثه عن قوله تعالى: {هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ} حكى كثيرا من ألفاظ ابن الشجرى فى تأويل الآية الكريمة (¬4). 6 - نقل ابن هشام كلام ابن الشجرى على بيت المتنبى (¬5): لولا مفارقة الأحباب ما وجدت … لها المنايا إلى أرواحنا سبلا 7 - تكلّم ابن هشام على الفاء التى فى جواب «أمّا»، وأورد فيها احتمالات ثلاثة؛ أن تكون عاطفة أو زائدة أو جزاء. ثم صحّح أنها للجزاء. وهذا الذى أورده ابن هشام كأنه خارج من كيس ابن الشجرى (¬6). 8 - فى حديث ابن هشام عن حذف المبتدأ، تشابه سياقه مع سياق ابن الشجرى، كأنه ينقل عنه، أو كأن الاثنين ينقلان عن مصدر واحد (¬7). 9 - ساق ابن هشام شواهد كثيرة على «القلب»، وبعض هذه الشواهد منتزع من ابن الشجرى انتزاعا، وهو مما لا يخفى على المتأمّل لكلا السّياقين (¬8). ¬

(¬1) المغنى ص 90، والأمالى-المجلس الثلاثون. (¬2) هذا ما قلته عند إعداد هذه الرسالة منذ إحدى عشرة سنة، ثم ظهر لى أن صاحب هذه النسبة هو أبو على الفارسى. وهو فى كتابه: الشعر ص 284. (¬3) شرح شواهد المغنى ص 88. (¬4) المغنى ص 389،390، والأمالى-المجلس الحادى والثلاثون. (¬5) المغنى ص 245، والأمالى-المجلس نفسه. (¬6) المغنى ص 57، والأمالى-المجلس السادس والثلاثون. (¬7) المغنى ص 699، والأمالى-المجلس التاسع والثلاثون. (¬8) المغنى ص 776،777، والأمالى-المجلس الثالث والأربعون.

10 - هذا وقد أشرت فى الفقرة الثامنة والخمسين من آراء ابن الشجرى، إلى أن سياق ابن هشام فى الكلام على مجىء اللام بمعنى «بعد» يؤذن بأنه ينقل عن ابن الشجرى. وقد أخذ ابن هشام على ابن الشجرى أشياء، نسبه فيها إلى الوهم. فمن ذلك: 1 - نسب إليه أنه أجاز الجزم بلو، ثم نسب إليه أيضا أنه أنشد شاهدا على الجزم بلو قول الشاعر (¬1): تامت فؤادك لو يحزنك ما صنعت … إحدى نساء بنى ذهل بن شيبانا وهذا الشاهد لا وجود له فى أمالى ابن الشجرى، كما أن ابن الشجرى لم يجز الجزم بلو، وإنما قصره على الضرورة الشعرية. وقد ذكرت ذلك فى الفقرة الثالثة عشرة من آراء ابن الشجرى. 2 - أخذ ابن هشام على ابن الشجرى إعرابه لقول الشماخ: وهنّ وقوف ينتظرن قضاءه … بضاحى عذاة أمره وهو ضامز وذلك أن ابن الشجرى قال (¬2): وفى البيت فصل بالظرف الأجنبى بين المصدر ومنصوبه، لأن قوله: «بضاحى عذاة» متعلق بوقوف أو ينتظرن، فهو أجنبى من المصدر الذى هو «قضاء» فوجب لذلك حمل المفعول على فعل الآخر، كأنه لما قال: ينتظرن قضاءه بضاحى عذاة، أضمر «يقضى» فنصب به «أمره». وقد ذكر ابن هشام عن النحويين أن الباء فى قوله: «بضاحى» متعلقة بقضائه، لا بوقوف ولا بينتظرن، لئلا يفصل بين «قضائه وأمره» بالأجنبى، ثم قال (¬3): «ولا حاجة إلى تقدير ابن الشجرى وغيره «أمره» معمولا لقضى محذوفا، لوجود ما يعمل». ¬

(¬1) شرح قصيدة بانت سعاد ص 11، والمغنى ص 300،779. (¬2) المجلس التاسع والعشرون. (¬3) المغنى ص 595.

هذا كلام ابن هشام فى «المغنى»، ولكنه نقضه فى كتابه «شرح بانت سعاد» (¬1) حيث قال بعد أن أنشد البيت: «وأمره منتصب بقضائه محذوفا، مبدلا من «قضائه» المذكور، ولا ينتصب بالمذكور، لأن الباء ومجرورها متعلقان بينتظرن، ولا يفصل المصدر من معموله». انتهى كلامه، وواضح أنه يرجع إلى كلام ابن الشجرى، والفرق الوحيد بينهما أن ابن الشجرى يقدر المحذوف أو المضمر «يقضى» وابن هشام يقدره «قضاء». 3 - استشهد ابن الشجرى على مجىء الاستفهام بمعنى الخبر بعد التسوية، بقول زهير (¬2): وما أدرى وسوف إخال أدرى … أقوم آل حصن أم نساء وقد ردّ ابن هشام على ابن الشجرى هذا الاستشهاد، فقال (¬3): والذى غلّط ابن الشجرى حتى جعله من النوع الأول توهّمه أن معنى الاستفهام فيه غير مقصود ألبتّة، لمنافاته لفعل الدّراية، وجوابه أن معنى قولك: علمت أزيد قائم؟: علمت جواب أزيد قائم، وكذلك ما علمت. 4 - تشكّك ابن هشام فى نقل ابن الشجرى عن سيبويه أن «أو» فى قوله تعالى: {وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} للتخيير، وقد ذكرت ذلك فى حديثى عن سيبويه، وذكرت أيضا أن الحق مع ابن هشام، فى تشككه فى هذا النقل، إذ لم أجده فى كتاب سيبويه المطبوع. 5 - نسب ابن هشام ابن الشجرى إلى التعسّف، فيما قدّره من حذوف، فى قوله تعالى: {وَقالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى تَهْتَدُوا}، وقد أشرت إلى ذلك فى مبحث الحذوف. ¬

(¬1) شرح بانت سعاد ص 94. (¬2) الأمالى-المجلس الرابع والثلاثون. (¬3) المغنى ص 41.

6 - وهّم ابن هشام ابن الشجرى فى جعله قوله تعالى: {إِمّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ} من باب التخيير، وقد ذكرت ذلك فى الفقرة الثانية والستين من آراء ابن الشجرى، وأشرت إلى أن ابن الشجرى إنما انتزع كلامه من كلام الهروى، فى «الأزهية»، فإن كان إيراد فعلى الهروىّ، ومثل ذلك ذكرت فى الفقرتين السابعة والخمسين، والستين. 7 - ردّ ابن هشام ما أخذه ابن الشجرى على مكى بن أبى طالب، فى إعراب قوله تعالى من سورة البقرة: {كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ} و {كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ} وذلك أن مكيّا قال فيما حكى ابن الشجرى (¬1): «الكاف فى الموضعين فى موضع نصب، نعت لمصدر محذوف، أى قولا مثل ذلك قال الذين لا يعلمون، وقولا مثل ذلك قال الذين من قبلهم، ثم قال: ويجوز أن تكونا فى موضع رفع على الابتداء، وما بعد ذلك الخبر». ويعقّب ابن الشجرى فيقول: لا يجوز أن يكون موضع الكاف فى الموضعين رفعا، كما زعم، لأنك إذا قدرتها مبتدأ، احتاجت إلى عائد من الجملة، وليس فى الجملة عائد، فإن قلت: أقدّر العائد محذوفا، كتقديره فى قراءة من قرأ: وكلّ {وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى} أى وعده الله، فأقدّر: كذلك قاله الذين لا يعلمون، وكذلك قاله الذين من قبلهم، لم يجز هذا، لأن «قال» قد تعدى إلى ما يقتضيه من منصوبه، وذلك قوله: {مِثْلَ قَوْلِهِمْ} ولا يتعدّى إلى منصوب آخر. ويعلّق ابن هشام على كلام ابن الشجرى، فيقول (¬2): وردّ ابن الشجرى ذلك على مكى، بأنّ «قال» قد استوفى معموله، وهو {مِثْلَ}، وليس بشىء، لأن {مِثْلَ} حينئذ مفعول مطلق، أو مفعول به ليعلمون، والضمير المقدّر مفعول به لقال. 8 - وقد ردّ ابن هشام على ابن الشجرى ما انتقده على أبى على الفارسى، ¬

(¬1) المجلس الثمانون، وقارن بمشكل إعراب القرآن لمكى 1/ 69. (¬2) المغنى ص 195.

بهاء الدين السبكى-أحمد بن على (763 هـ‍)

فى توجيه قوله تعالى: {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ}. وأشرت إلى ذلك من قبل (¬1). هذا وقد أورد ابن هشام اعتراضا لابن الشجرى على أبى على الفارسى، ولم أجد هذا الاعتراض فى «أمالى ابن الشجرى»، قال ابن هشام (¬2): وقول الفارسى فى {وَرَهْبانِيَّةً اِبْتَدَعُوها} إنه من باب «زيدا ضربته»، واعترضه ابن الشجرى بأن المنصوب فى هذا الباب، شرطه أن يكون مختصا، ليصحّ رفعه بالابتداء، والمشهور أنه عطف على ما قبله، و {اِبْتَدَعُوها} صفة، ولا بدّ من تقدير مضاف، أى: وحبّ رهبانية، وإنما لم يحمل أبو على الآية على ذلك، لاعتزاله، فقال: لأن ما يبتدعونه لا يخلقه الله عز وجل. بهاء الدين السّبكىّ-أحمد بن على (763 هـ‍) من علماء البلاغة، وكتابه «عروس الأفراح» من الكتب المعتبرة فى الفنّ، وقد نقل عن ابن الشجرى فى كتابه المذكور (¬3)، فى أثناء «شرح نفى النفى إثبات»، قال: يعنى أن الإنكار إذا دخل على النفى كان لنفى النفى، وهو إثبات، ولذلك قيل: إن أمدح بيت قالته العرب: ألستم خير من ركب المطايا … وأندى العالمين بطون راح نقله ابن الشجرى فى «أماليه» ولولا صراحته فى تقدير المدح لما قيل ذلك. ابن عقيل-عبد الله بن عبد الرحمن (769 هـ‍) نقل عن ابن الشجرى نقلا غريبا، فقد ذكر فى باب المبتدأ والخبر، قال (¬4): ¬

(¬1) راجع الفقرة الحادية عشرة من الكلام على أبى على الفارسى. (¬2) المغنى ص 639، وانظر كلام أبى على فى الإيضاح ص 31. (¬3) عروس الأفراح المنشور ضمن شروح التلخيص 2/ 297، وقارن بالأمالى-المجلس الرابع والثلاثين. (¬4) شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك 1/ 200.

الزركشى-محمد بن بهادر بن عبد الله (794 هـ‍)

«ونقل الشريف أبو السعادات هبة الله بن الشجرى الإجماع من البصريين والكوفيين، على جواز تقديم الخبر إذا كان جملة، وليس بصحيح، وقد قدمنا نقل الخلاف فى ذلك عن الكوفيين». والذى ذكره ابن الشجرى الإجماع من البصريين ليس غير. قال وقد سئل عن إعراب هذا البيت (¬1): أنى تردّ لى الحمول أراهم … ما أقرب الملسوع منه الداء «فأجبت بأن الداء مبتدأ قدّم خبره عليه، وإن كان الخبر جملة اتساعا، لأن البصريين مجمعون على جواز تقديم الجملة على المخبر بها عنه، كقولك: مررت به المسكين، وأكرمت أخاه زيد، أى المسكين مررت به، وزيد أكرمت أخاه». ثم نقل عن ابن الشجرى، فى باب الاشتغال، نصب «فارس» من قول الشاعرة (¬2): فارسا ما غادروه ملحما … غير زمّيل ولا نكس وكل ونقل عنه أيضا ما حكاه عن أبى على الفارسى، من جواز مجىء الحال من المضاف إليه (¬3). الزركشى-محمد بن بهادر بن عبد الله (794 هـ‍) صاحب كتاب «البرهان فى علوم القرآن»، وعليه بنى السّيوطىّ كتابه «الإتقان فى علوم القرآن» الذى ذهب بالشهرة كلها. وقد نقل الزركشىّ فى كتابه هذا عن ابن الشجرى، مصرّحا بالنقل، فى تسعة عشر موضعا (¬4). غير أن هناك ملاحظتين على نقل الزركشى عن ابن الشجرى: ¬

(¬1) المجلس الرابع. (¬2) شرح ابن عقيل على الألفية 1/ 447، وقارن بالأمالى-المجلس الثامن والعشرين. (¬3) شرح ابن عقيل على الألفية 1/ 546، وقارن بالأمالى-المجلس السادس والسبعين. (¬4) تراها فى فهرس الأعلام من البرهان 4/ 474.

العينى-محمود بن أحمد (855 هـ‍)

الأولى: ما ذكره فى حديثه عن الالتفات من الخطاب إلى الغيبة، قال (¬1): «وجعل منه ابن الشجرى: {ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى}، وقد سبق أنه على حذف المفعول، فلا التفات». وهذا الذى حكاه الزركشى عن ابن الشجرى، مذكور فى المجلس الثامن عشر من «الأمالى»، لكن ابن الشجرى أعاد هذه الآية الكريمة فى المجلسين التاسع والثلاثين والأربعين، شاهدا على حذف المفعول، كما يرى الزركشىّ، الذى خفى عليه هذا الموضع الثانى من «الأمالى»، فقال ما قال، وقد أشرت إلى ذلك فى حديثى عن شواهد القرآن الكريم عند ابن الشجرى. والملاحظة الثانية: حكى الزركشىّ كلام ابن الشجرى، فى معنى «أن» من قوله تعالى: {وَنادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ}، وقوله تعالى: {أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ}، وكلام ابن الشجرى فى الآيتين مسلوخ من كلام الهروى، صاحب كتاب «الأزهية»، وقد نبّهت عليه من قبل (¬2). العينى-محمود بن أحمد (855 هـ‍) صاحب كتاب «المقاصد النحوية فى شرح شواهد شروح الألفية» وقد أنشد العينىّ فى هذا الكتاب (¬3) عن ابن الشجرى قول الراجز: يا عنز هذا شجر وماء … وحجرة فى جوفها صلاء ثم رأيته قد لخّص كلام ابن الشجرى فى معانى «القول»، ولم يصرّح بالنقل عنه (¬4). ¬

(¬1) البرهان 3/ 319. (¬2) البرهان 4/ 225، والأمالى-المجلس التاسع والسبعون، والأزهية ص 56،64. (¬3) المقاصد النحوية 4/ 314، وقارن بالأمالى-المجلس الخامس والثلاثين. (¬4) المقاصد النحوية 1/ 362، وقارن بالأمالى-المجلس الثامن والثلاثين.

الأشمونى-على بن محمد (نحو 900 هـ‍)

الأشمونىّ-علىّ بن محمد (نحو 900 هـ‍) شارح ألفية ابن مالك، وقد نقل فى شرحه هذا عن ابن الشجرى، فحكى عنه رواية نصب «فارس» من قول الشاعرة (¬1): فارسا ما غادروه ملحما … غير زمّيل ولا نكس وكل وحكى عنه الفرق بين «عند ولدن» (¬2). ونقل عنه ما حكاه عن أبى على الفارسى، من جواز مجىء الحال من المضاف إليه (¬3). ثم ذكره فى مواضع أخرى من شرحه المذكور (¬4). الشيخ خالد بن عبد الله الأزهرىّ (905 هـ‍) حكى فى كتابه «التصريح على التوضيح» عن ابن الشجرى، فذكر تأويله لقول القطامىّ (¬5): صريع غوان راقهنّ ورقنه … لدن شبّ حتى شاب سود الذوائب ونقل رأيه فى أن الجملتين الأمرية والنهيية يضعف الإخبار بهما، لأن الخبر حقّه أن يكون محتملا للتصديق والتكذيب. حكى هذا الكلام ثم قال (¬6): «قاله ابن الشجرى ونوقش فيه». ولم يبين الشيخ خالد وجه المناقشة، وتكفل بها الشيخ ¬

(¬1) شرح الأشموني 2/ 82، وانظر ما تقدم قريبا عن ابن عقيل. (¬2) شرح الأشموني 2/ 264، والأمالى-المجلس الحادى والثلاثين. (¬3) شرح الأشموني 2/ 179، وانظر ما تقدم قريبا عن ابن عقيل. (¬4) شرح الأشموني 1/ 216 (باب المبتدأ والخبر)، و 1/ 253 (فصل لا العاملة عمل ليس) و 4/ 14 (باب الجوازم). (¬5) التصريح على التوضيح 2/ 46، ويقارن بالأمالى-المجلس الحادى والثلاثين. (¬6) التصريح على التوضيح 1/ 298، ويقارن بالأمالى-المجلس الأربعين.

السيوطى-عبد الرحمن بن أبى بكر (911 هـ‍)

يس، فقال (¬1): «وجه المناقشة أن الخبر المحتمل لما ذكر يقابل الإنشاء، أى الكلام الخبرى، لا خبر المبتدأ». ثم حكى الشيخ خالد أقوال ابن الشجرى فى مواضع أخر من كتابه المذكور، ولم يتعرض له فيها بشىء (¬2). السّيوطىّ-عبد الرحمن بن أبى بكر (911 هـ‍) أشهر النحاة المتأخرين على الإطلاق، وقد حكى فى كتبه: همع الهوامع، والأشباه والنظائر، وشرح شواهد المغنى، حكى أقوال ابن الشجرى، ولم يتعقّبه فى شيء. وترجع أهمية نقول السيوطى عن ابن الشجرى، إلى أنه لم يحك رأيا أو اختيارا لابن الشجرىّ فقط، بل إنه تجاوز ذلك إلى نقل فصول بأكملها، مما يعدّ توثيقا للأمالى (¬3). وقد رأيت السيوطىّ ينسب كلاما إلى ابن مكتوم، هو من صميم كلام ابن الشجرى، وقد ذكرت هذا، فى حديثى عن ابن مكتوم. البغدادىّ-عبد القادر بن عمر (1093 هـ‍) صاحب «خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب»، وهو شرح شواهد الرضىّ على كافية ابن الحاجب. ويعدّ هذا الكتاب أعلى موسوعة فى علوم العربية وآدابها، شحنه بالنصوص ¬

(¬1) حاشية يس على التصريح، المنشورة بحاشية التصريح. (¬2) التصريح على التوضيح 1/ 303،304،374،2/ 144. (¬3) راجع الأشباه والنظائر 1/ 84،2/ 76،186،191،286،3/ 72،4/ 131،160، وشرح شواهد المغنى ص 88،246، والهمع 1/ 104،200،202،204،206،2/ 134.

النادرة، وحفظ لنا به بقايا من كتب قد فقدت أو اندثرت، مع عناية فائقة بالنقد والتحقيق لكلّ ما يورده من ذلك (¬1). وقد أورد البغدادىّ «أمالى ابن الشجرى» ضمن الموادّ التى اعتمد عليها فى تأليف كتابه (¬2). ثم رأيته قد ذكر ابن الشجرى فى نحو تسعين ومائة موضع من الخزانة (¬3)، ناقلا آراءه وأقواله فى مسائل النحو والصرف واللغة والأدب، ومنشدا شواهده فى كل ذلك. ومع تصريح البغدادىّ بابن الشجرى فيما حكاه من أقواله، فإنى رأيت موضعا من الخزانة، نقل فيه كلام ابن الشجرى، ولم يصرح، وذلك ما ذكره فى شرح قول امرئ القيس (¬4): على لاحب لا يهتدى بمناره … إذا سافه العود الدّيافىّ جرجرا وقريب من هذا أن البغدادىّ ينقل كلام سيبويه من طريق ابن الشجرى، دون أن يصرح، فمن ذلك ما حكاه عن سيبويه، فى مسألة: «ما مررت بأحد يقول ذاك إلا عبد الله»، وقول الشاعر: فى ليلة لا نرى بها أحدا … يحكى علينا إلا كواكبها فقد رأيت سياقه يتفق مع سياق ابن الشجرى تماما، مع تصرّف ابن الشجرى فيما نقل عن سيبويه، وقد نبه إلى هذا شيخنا عبد السلام هارون (¬5)، رحمه الله ورضى عنه. ومن ذلك أيضا ما حكاه البغدادىّ عن سيبويه حول إلغاء «لا» وزيادتها فى قول الشاعر: تركتنى حين لا مال أعيش به … وحين جنّ زمان الناس أو كلبا ¬

(¬1) من كلام شيخنا عبد السلام هارون رحمه الله رحمة واسعة فى مقدمة تحقيق الخزانة ص 19. (¬2) الخزانة 1/ 18. (¬3) راجع فهارس الخزانة 13/ 19،284. (¬4) الخزانة 10/ 193، ويقارن بالأمالى-المجلس التاسع والعشرين. (¬5) الخزانة 3/ 349، والأمالى-المجلس الحادى عشر، والكتاب 2/ 312.

فقد سطا على ما حكاه ابن الشجرى عن سيبويه (¬1). وقد استصوب البغدادىّ تأويل ابن الشجرى لقول الشاعر: وقد جعلت نفسى تطيب لضغمة … لضغمهما ها يقرع العظم نابها فقال: وقد اختلف الناس فى معنى هذا البيت، وأصوب من تكلم عليه ابن الشجرى فى أماليه، فى موضعين منها (¬2). ثم دفع ما ذكره النحاة المتأخرون من أن ابن الشجرى. قد أجاز الجزم بلو، وقد ذكرت ذلك فى الفقرة الثالثة عشرة من آراء ابن الشجرى. وقد تعقب البغدادىّ ابن الشجرى فيما ذكره من أن قول أبى طالب (¬3): ضروب بنصل السيف سوق سمانها … إذا عدموا زادا فإنك عاقر فى مدح النبىّ صلّى الله عليه وسلم. قال البغدادى (¬4): وهذا البيت من قصيدة لأبى طالب عمّ النبى صلّى الله عليه وسلم، رثى بها أبا أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم. . . وغلط بعضهم فزعم أنها مدح فى مسافر بن أبى عمرو. وأفحش من هذا القول قول ابن الشجرى فى «أماليه» إنها فى النبىّ صلّى الله عليه وسلم. هذا وقد حكى البغدادىّ أيضا عن ابن الشجرى، فى مواضع من كتابه «شرح شواهد الشافية» وقد دللت على تلك المواضع فى حواشى التحقيق. وفى كتابه شرح أبيات مغنى اللبيب، ذكره نحو أربعين ومائة مرّة (¬5). وفى كتابه شرح شواهد شرح التحفة الوردية، ذكره مرّتين (¬6). ¬

(¬1) الخزانة 4/ 39،40، والأمالى-المجلس الحادى والثلاثين، والكتاب 2/ 302. (¬2) الخزانة 5/ 302، والأمالى-المجلسين الثالث عشر، والخامس والستين. (¬3) الأمالى-المجلس السابع والخمسون. (¬4) الخزانة 4/ 244، والأمر على ما قال البغدادى فى ديوان أبى طالب ص 77. (¬5) شرح أبيات المغنى 8/ 352. (¬6) ص 88،123.

المرتضى الزبيدى-محمد بن محمد (1205 هـ‍)

المرتضى الزّبيدى-محمد بن محمد (1205 هـ‍) صاحب أضخم المعجمات العربية: تاج العروس فى شرح القاموس. وقد وقع لى موضع من هذا المعجم، ذكر فيه الزّبيدىّ ابن الشجرى، ولم أستقص جميع أجزاء ذلك المعجم الضخم، فإن ذلك محوج إلى زمن طويل: ذكر الزّبيدىّ أقوال العلماء فى اشتقاق «القيل» وهو الملك من ملوك حمير، ثم قال (¬1): «وفيه كلام طويل لابن الشجرى وغيره». ثم رأيت موضعا آخر، رجحت فيه أن الزّبيدىّ ناقل عن ابن الشجرى، وذلك ما أنشده من قول الشاعر: رحت وفى رجليك ما فيهما … وقد بدا هنك من المئزر ثم قال الزّبيدى (¬2): «قلت: هو للأقيشر، وقد جاء فى شعر الفرزدق أيضا، وصدره: وأنت لو باكرت مشمولة … صهباء مثل الفرس الأشقر وقد ذكرت فى حواشى التحقيق ترجيحا أن الزّبيدىّ نقل ذلك من أمالى ابن الشجرى، استنادا إلى أن ابن الشجرى انفرد بهذه الرواية، وبنسبة الشعر إلى الفرزدق. ... ¬

(¬1) تاج العروس. مادة (قول)، ويقارن بالأمالى-المجلس الخامس والأربعين. (¬2) تاج العروس. مادة (هنو) ويقارن بالأمالى-المجلس التاسع والأربعين.

مذهب ابن الشجرى النحوى

مذهب ابن الشجرىّ النحوىّ وإذا فرغت من بيان آراء ابن الشجرى، والكشف عن مصادره وموارده، وأثره فيمن جاء بعده من النحاة، يأتى السؤال التقليديّ: أين يقف ابن الشجرى من المدارس النحوية: بصرية وكوفية وبغدادية؟ وقد كفانا ابن الشجرى مئونة البحث والاستنتاج، حين نسب نفسه صراحة إلى البصريين، وذلك قوله فى سرد حجج البصريين فى فعلية «أفعل التعجب»: «لأصحابنا» وقوله: «ومن أدلّة مذهبنا» (¬1). ثم إن ابن الشجرى موصول النّسب النحوىّ بالبصرية، فإن سلسلة شيوخه كلها من نحاة البصرة، وقد ذكرتها نقلا عن تلميذه أبى البركات الأنبارى، فى أثناء حديثى عن سيبويه. وتبدو بصرية ابن الشجرى على امتداد كتابه «الأمالى» ودلائلها كثيرة، لعل من أبرزها موقفه من الخلاف بين سيبويه والكسائى، فى المسألة الزنبورية، وانتصاره لسيبويه، ثم من الخلاف بين البصريين والكوفيين، فى «نعم وبئس» و «أفعل التعجب»، واختياره جانب البصريين-وقد أشرت إلى ذلك من قبل-ثم ما وراء ذلك من استعمال المصطلحات البصرية. وقد أعمل ابن الشجرى القياس، وأجرى العلّة، واعتبر العامل، لفظيّا ومعنويّا، كلّ ذلك فعل، فى مسائل النحو والصرف واللغة، وفق المنهج البصرى (¬2). وقد صحّح ابن الشجرى آراء البصريين فى مواضع من الأمالى، منها رأيهم فى ¬

(¬1) المجلس التاسع والخمسون. (¬2) أكثر الدارسون، قديما وحديثا، من الكلام على القياس والعلة والعامل، مما يجعل التعرض لذلك ضربا من اللغو والهذر، وتسويد الصفحات بما لا طائل تحته ولا غناء فيه. وبحسبى أن أشير إلى بعض المواضع التى عالج فيها ابن الشجرى القياس والعلة والعامل، وتراها فى المجالس: الأول والسابع والثامن، والثالث والعشرين والخامس والعشرين، والحادى والثلاثين والثانى والثلاثين، والثانى والأربعين والرابع والأربعين، والثامن والخمسين، والثالث والستين، والسبعين.

عدم الجمع بين حرف النداء والميم فى «اللهم» (¬1)، ومنها قولهم فى أن الفتحة فى نحو «لا رجل فى الدار» بناء يشبه الإعراب (¬2). هذا وقد جرت قواعد البصريين على لسان ابن الشجرى، من غير أن يصرّح بنسبتها إليهم، وهو مما ظهر لى فى أثناء تحقيق الجزء الأول من الأمالى، فمن ذلك: 1 - تعليل استعمال الجمع مكان المثنى، فى نحو «ما أحسن وجوه الرجلين» ذكره ابن الشجرى، وحكاه عنه البغدادى، ثم قال (¬3): «وهذا علّة البصريين». 2 - ذكر ابن الشجرى أن الضّعف والضّعف، بفتح الضاد وضمها، لغتان، كالزّعم والزّعم، والفقر والفقر، قال: وزعم قوم أن الضّعف بالضم، فى الجسم، والضّعف فى العقل، وليس هذا بقول يعتمد عليه، لأن القرّاء قد ضمّوا الضاد وفتحوها فى قوله تعالى: {اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ}. هذا كلام ابن الشجرى (¬4)، وهو راجع إلى رأى أهل البصرة، كما جاء فى اللسان، مادة (ضعف). 3 - قال ابن الشجرى فى قول الأعشى: *يقولون أصبح ليل والليل عاتم* أراد: ياليل، فحذف حرف النداء، وحذفه إذا صح أن يكون المنادى صفة لأىّ، قليل، لشذوذه عن القياس (¬5). وقد أفاد الشيخ خالد الأزهرى أن هذا رأى البصريين (¬6). ¬

(¬1) المجلس السادس والخمسون. (¬2) المجلس السابع والستون. (¬3) الخزانة 3/ 370، والأمالى-المجلس الثانى. (¬4) المجلس الحادى والثلاثون. (¬5) المجلس الخامس والثلاثون. (¬6) التصريح على التوضيح 2/ 165.

4 - ذكر ابن الشجرى أن اسم الفاعل إذا جرى على غير من هو له- خبرا أو وصفا-لزمك إبراز ضمير المتكلم والمخاطب والغائب (¬1). وهذا هو رأى البصريين، وقد عقد له أبو البركات الأنبارى مسألة فى الإنصاف (¬2). 5 - حكى ابن الشجرى عن المبرد-وهو من أئمة البصريين-أن المراد فى قوله تعالى: {وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ}: ولدار الساعة الآخرة، على تقدير حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه (¬3). وقد ذكرت فى حواشى التحقيق أن الكوفيين يجعلون هذا ونحوه من باب إضافة الشىء إلى نفسه، كمسجد الجامع، وصلاة الأولى. 6 - ذكر ابن الشجرى أن الاسم الظاهر لا يسوغ عطفه على الضمير المجرور إلا بإعادة الجارّ (¬4). وهذا مذهب البصريين، وأشهر شواهده قوله تعالى: {وَاِتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ}. 7 - ذكر ابن الشجرى (¬5) من حروف المعانى التى حذفت وقدّرت «قد» فى قوله تعالى: {أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاِتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ}، أى: وقد اتبعك الأرذلون، أى: أنؤمن لك فى هذه الحال. قال: وإنما وجب تقدير «قد» هاهنا، لأن الماضى لا يقع فى موضع الحال إلا ومعه «قد» ظاهرة أو مقدرة. وهذا قول البصريين، كما ذكر الأنبارىّ (¬6). ومع ولاء ابن الشجرى للمدرسة البصرية، ونزوعه إلى آرائها، فإنه قد خالف عن أقوالها، فيما تعقّب به المبرد ومن إليه من أعلام هذه المدرسة، وقد عرضت لذلك فى حديثى عن مصادره. ¬

(¬1) المجلس التاسع والثلاثون. (¬2) الإنصاف (المسألة الثامنة) ص 57. (¬3) المجلس التاسع والثلاثون. (¬4) المجلس الحادى والأربعون. (¬5) المجلس الرابع والأربعون. (¬6) الإنصاف (المسألة الثانية والثلاثون) ص 252.

ثم رأيته قد خالف البصرية فى توجيه الباء فى قوله تعالى: {فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً} فهو يرى أن الباء هنا بمعنى «عن»، وأن المراد: فاسأل عنه خبيرا (¬1). وأهل البصرة على غير هذا. قال ابن هشام (¬2): وتأول البصريون {فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً} على أن الباء للسببيّة، وزعموا أنها لا تكون بمعنى «عن» أصلا، وفيه بعد، لأنه لا يقتضى قولك: سألت بسببه، أن المجرور هو المسئول عنه. ... ¬

(¬1) المجلس السبعون. (¬2) المغنى ص 110، وراجع دراسات لأسلوب القرآن الكريم 2/ 17.

ابن الشجرى ومدرسة الكوفة

ابن الشجرى ومدرسة الكوفة لابن الشجرى كلمة عن أهل الكوفة، تعكس موقفه منهم وحكمه عليهم، وذلك قوله تعقيبا على رأى الكسائى، فى إعراب قول الشاعر: أم كيف ينفع ما تعطى العلوق به … رئمان أنف إذا ما ضن باللّبن قال ابن الشجرى بعد مناقشة إعراب الكسائى (¬1): ولنحاة الكوفة فى أكثر كلامهم تهاويل فارغة من حقيقة. ثم يمضى ابن الشجرى-على امتداد الأمالى-يردّ على الكوفيين ويستبعد أقوالهم، وقد مرّ بك موقفه من الكسائى-رأس مدرسة الكوفة-فى المسألة الزنبورية، ونصره لمذهب سيبويه، ثم موقفه من الخلاف بين البصريين والكوفيين، فى فعلية «نعم وبئس» و «أفعل التعجب»، ومن ذلك أيضا تضعيفه لرأيهم فى اشتقاق الاسم (¬2). وردّه عليهم فى إعراب فعل الأمر للمخاطب، قال (¬3): «وزعم الكوفيون أن فعل الأمر للمواجه مجزوم بتقدير اللام الأمرية، وهو قول مناف للقياس، وذلك أن الجزم فى الفعل نظير الجر فى الاسم، فحرف الجرّ أقوى من حرف الجزم، كما أن الاسم أقوى من الفعل، وحرف الجر لا يسوغ إعماله مقدّرا إلا على سبيل الشذوذ، وإذا امتنع هذا فى القوىّ، فامتناعه فى الضعيف أجدر». ثم استبعد أقوال الكوفيين فى مواضع أخرى من الأمالى (¬4). على أن موقف ابن الشجرى هذا من الكوفيين، لم يمنعه من الأخذ عنهم، والميل إلى آرائهم، وقد تقدمت حكايته أقوال الكسائى والفراء، بل إنه قوّى رأى الكسائى فى بعض الأحيان، وتأثّر أبا زكريا الفراء فى أشياء كثيرة، وقد تحدثت عن ذلك من قبل. ثم حكى رأى ثعلب فى الفرق بين قام زيد وعمرو معا، وقام زيد ¬

(¬1) المجلس السادس. (¬2) المجلس الثالث والخمسون. (¬3) المجلس السابع والخمسون. (¬4) تراها فى المجالس: الثامن والستين، والرابع والسبعين، والتاسع والسبعين.

وعمرو جميعا (¬1). وقد ثبت أن ابن الشجرى كان يقرئ. «أمالى ثعلب»، وقد أقرأ جزءا منها للحافظ أبى سعد السمعانى (¬2). وقد استجاد ابن الشجرى رأى الكوفيين فى تعليق {عَلَيْكُمْ} من قوله تعالى: {قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً} قال (¬3): فإن علقت {عَلَيْكُمْ} بحرّم، فهو الوجه، لأنه الأقرب، وهو اختيار البصريين، وإن علقت بأتل، فجيّد، لأنه الأسبق، وهو اختيار الكوفيين. ولم يمنع ابن الشجرى من تقدير الكوفيين فى إعراب «أجرّبه» من قول المتنبى: أتأذن لى ولك السابقات … أجرّبه لك فى ذا الفتى قال (¬4): وفى قوله: «أجرّبه» حذفان، لأن الأصل: فى أن أجرّبه، فحذف الجار، وحذف «أن» فارتفع الفعل، ولو نصبته بتقدير «أن» لجاز، على المذهب الكوفى. ثم رأيته يتابع الكوفية غير مصرح، فمن ذلك: توجيه إعراب «فاه» من قولهم: «كلمته فاه إلى فىّ»، قال (¬5): «فالجواب أن «فاه» عند النحويين منتصب بمحذوف مقدر، وذلك المحذوف كان هو الحال فى الحقيقة، وهذا المنصوب المعرفة قائم مقامه، وتقديره: «جاعلا فاه» إلى فىّ. وقد ذكرت فى حواشى التحقيق، نقلا عن ابن يعيش وأبى حيان، أن هذا من تقدير الكوفيين. وقال (¬6) فى إعراب {لِمَنْ كانَ} من قوله تعالى: {لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي} ¬

(¬1) المجلس الثانى والثلاثون. (¬2) مرآة الجنان 3/ 275. (¬3) المجلس الثامن. (¬4) المجلس الحادى والثلاثون. (¬5) المجلس الثالث والعشرون. (¬6) المجلس الحادى والأربعون.

{رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ}: فقوله: {لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ} بدل من قوله: {لَكُمْ} وأعيدت اللام فى البدل، كما أعيدت فى قوله تعالى: {قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اِسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اُسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ}، وقد أشرت فى حواشى التحقيق إلى أن هذا رأى الكوفيين والأخفش، وعليه الزمخشرى، ولا يجيزه البصريون، لأن الغائب لا يبدل من المخاطب، وعندهم أن اللام فى {لِمَنْ} متعلقة بحسنة. ويبقى بعد ذلك أن أشير إلى ما ذكره أستاذنا الدكتور شوقى ضيف (¬1)، فقد جعل ابن الشجرى فى عداد المدرسة البغدادية، التى خلطت المذهبين، مع نزوع إلى آراء البصريين، ويدفع ذلك تصريح ابن الشجرى نفسه ببصريته فى غير موضع من الأمالى، كما قدمت، وابن الشجرى يذكر البغداديين (¬2) ولا يعدّ نفسه فيهم. ... ¬

(¬1) المدارس النحوية ص 277. (¬2) المجلس الثانى والثلاثون.

الباب الثالث أمالى ابن الشجرى

الباب الثالث أمالى ابن الشجرى قال الحاجّ خليفة (¬1): «الأمالى: هو جمع الإملاء (¬2)، وهو أن يقعد عالم وحوله تلامذته بالمحابر والقراطيس، فيتكلم العالم بما فتح الله سبحانه وتعالى عليه من العلم، ويكتبه التلامذة، فيصير كتابا ويسمّونه الإملاء والأمالى، وكذلك كان السّلف من الفقهاء والمحدثين وأهل العربية وغيرها فى علومهم، فاندرست لذهاب العلم والعلماء، وإلى الله المصير، وعلماء الشافعية يسمّون مثله التعليق». وقد كثرت الأمالى فى مختلف العلوم والفنون، ولعل علماء الحديث هم أكثر الناس اهتماما بهذا اللون من التأليف. والذى يعنينا هنا الأمالى المصنّفة فى علوم العربية، فمن أشهرها: 1 - أمالى ثعلب (291 هـ‍) وقد نشرت باسم: مجالس ثعلب، بتحقيق شيخنا الجليل عبد السلام هارون رحمه الله، وقد طبعت أكثر من طبعة بدار المعارف بمصر، وهى الكتاب الأول من سلسلة ذخائر العرب. 2 - أمالى اليزيدى (310 هـ‍)، نشرت فى حيدرآباد بالهند، سنة 1367 هـ‍. 3 - أمالى الزجاجى (¬3) (340 هـ‍) حققها شيخنا عبد السلام هارون رحمه الله. مطبعة المؤسسة العربية الحديثة القاهرة 1382 هـ‍. 4 - أمالى القالى (356 هـ‍) وهى أكثر كتب الأمالى شهرة وذيوعا. طبعت بدار الكتب المصرية سنة 1344 هـ‍. ¬

(¬1) كشف الظنون ص 161. (¬2) على غير قياس، وقيل: جمع أملية، كأغنية وأحجية وأثفية وأمسية. راجع مقالة الدكتور عمر الدقاق (أبو على القالى وكتابه الأمالى) مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق، مجلد 44 جزء 3 ص 527. (¬3) ويلتحق بأمالى الزجاجى: مجالسه، التى نشرها شيخنا عبد السلام هارون رحمه الله بالكويت سنة 1962 م، للصلة الوثيقة بين الأمالى والمجالس، وإن كان شيخنا يرى بينهما فرقا دقيقا، ذكره فى-

5 - أمالى المرتضى (436 هـ‍) وتسمى غرر الفوائد ودرر القلائد، نشرها الأستاذ الكبير محمد أبو الفضل إبراهيم، رحمه الله، بمطبعة عيسى البابى الحلبى، بالقاهرة سنة 1373 هـ‍. 6 - أمالى ابن الشجرى (542 هـ‍) موضوع هذه الدراسة. 7 - أمالى ابن الحاجب (646 هـ‍) أقام عليها درسا للدكتوراه الأستاذ الدكتور محمد هاشم عبد الدائم، رحمه الله. ونشرها الدكتور هادى حسن حمّودى، سنة 1405 هـ‍-1985 م-عالم الكتب-بيروت. 8 - أمالى الشّهاب الخفاجى (1069 هـ‍)، وتسمى طراز المجالس (¬1)، طبعت بالمطبعة الوهبية بمصر سنة 1284 هـ‍ وقد أشار الخفاجى فى مقدمة «أماليه» هذه إلى ابن الشجرى، وذلك قوله: «فهذه بنات فكر زففتها إليك، وأمالى مجالس أمليتها عليك، مما تقرّ به عين الأدب، ويتحلّى بذوقه لسان العرب، لو رآها ابن الشجرى لقال: هذه ثمرات الألباب، أو ابن الحاجب لقام بين يديها من جملة الحجّاب، أو ثعلب لراغ عمّا أملاه، أو القالى لهجر ما أملاه وقلاه». ... وقد اختلفت هذه الأمالى فيما بينها شرعة ومنهاجا، من حديث غلبة فنّ من الفنون على سواه من الفنون الأخرى، كما ترى من غلبة اللغة والأدب على أمالى القالى. ¬

= مقدمة «مجالس ثعلب»، من حيث إن الأمالى كان يمليها الشيخ أو من ينيبه عنه بحضرته، فيتلقفها الطلاب بالتقييد فى دفاترهم، وفى هذا يكون الشيخ قد أعدّ ما يمليه، أو يلقى إلى الطلبة ما يشاء من تلقاء نفسه، وأما المجالس فتختلف عن تلك بأنها تسجيل كامل، لما كان يحدث فى مجالس العلماء، ففيها يلقى الشيخ ما يشاء من تلقاء نفسه، وفيها كذلك يسأل الشيخ فيجيب، فيدوّن كلّ ذلك فيما يسمى مجلسا. وقد يردّ ما ذهب إليه أستاذنا شيئان: الأول أن كتب الأمالى تسمى مجالس، كما فى أمالى ثعلب وأمالى الخفاجى الآتية. والثانى أن بعض كتب الأمالى تأتى مسائلها تحت اسم «مجالس» كما هو الحال فى أمالى المرتضى وأمالى ابن الشجرى، فلا فرق إذن. (¬1) راجع مقدمة تحقيق ريحانة الألبا ص 12،21.

وتفوق أمالى ابن الشجرى كلّ هذه الأمالى: حجما ومادّة، فقد بلغت مجالسها أربعة وثمانين مجلسا، استغرقت من الصفحات قدرا كبيرا، وعرض فيها لمسائل من النحو والصرف واللغة والأدب والبلاغة والعروض والتاريخ والأخبار. ولئن طوّف ابن الشجرى بكل هذه الفنون، إلا أنه ظلّ مشدودا إلى مسائل النحو والصرف، مما جعل العلامة البغدادى يضع «أمالى ابن الشجرى» ضمن مراجعه فى علم النحو (¬1). وتنفرد أمالى ابن الشجرى بظاهرة لم تعرف فى الأمالى الأخرى، وهى ظاهرة التأريخ للمجالس، غير أنّ هذه الظاهرة لم تطّرد فى كلّ المجالس، فقد بدأت بالمجلس الثامن الذى أرّخ يوم السبت مستهلّ جمادى الأولى، من سنة أربع وعشرين وخمسمائة، وفى يوم السبت التالى له كان المجلس التاسع، وأرخ المجلس العاشر يوم السبت الثانى والعشرين من الشهر نفسه، وعقد المجلس الحادى عشر يوم السبت سلخ الشهر المذكور، ولم يؤرخ للمجلس الثانى عشر، وأرخ المجلس الثالث عشر يوم السبت رابع جمادى الآخرة، ولم يؤرخ للرابع عشر، لاتصاله بما قبله، ثم أرخ الخامس عشر يوم السبت ثامن وعشرين من جمادى الآخرة، ثم تتابعت المجالس بعد ذلك كل يوم سبت، حتى المجلس الثانى والعشرين الذى أرخ يوم الثلاثاء من جمادى الأولى، سنة ست وعشرين وخمسمائة. ومعنى ذلك أن بين المجلس الحادى والعشرين والثانى والعشرين نحو سنتين توقف فيهما الإملاء. ثم تتابعت المجالس بعد ذلك التاريخ، كل يوم ثلاثاء، وقد تتوقف أسبوعين أو ثلاثة. ثم توقف الإملاء بين المجلس الحادى والثلاثين (¬2)، المؤرخ يوم الثلاثاء الثالث والعشرين من شوال، سنة ست وعشرين وخمسمائة، وبين المجلس الثانى والثلاثين المؤرخ يوم السبت ثامن شهر ربيع الأول، سنة ست وثلاثين وخمسمائة. ومعنى هذا أن الإملاء قد انقطع عشر سنوات، وهذه فجوة كبيرة، فهل توقّف ابن الشجرى طيلة هذه المدّة عن الإملاء، أم أن هذه التواريخ من صنع بعض التلامذة المستملين الذين قد يتطرّق الوهم إلى ذاكرتهم فى تسجيل التاريخ؟ ¬

(¬1) خزانة الأدب 1/ 18. (¬2) ثبت من استقراء نسخ الأمالى أن هذا المجلس هو ختام الجزء الأول من الأمالى. ويأتى حديث ذلك.

وقد يدل على أن هذه التواريخ من صنع أحد التلامذة المستملين، ما جاء بآخر المجلس الحادى والثلاثين، من زيادة قال جامعها: «هذه زيادة ألحقت بهذا الجزء فى شهر ربيع الآخر من سنة تسع وثلاثين وخمسمائة، ولم تعدّ فى مجالسه، وهى مضمّنة فوائد جمّة». ومهما يكن من أمر فقد وقف التأريخ للمجالس عند المجلس الثالث والثلاثين، المؤرخ فى يوم السبت الخامس عشر من شهر ربيع الأول من سنة ست وثلاثين وخمسمائة، ولم يؤرخ لباقى المجالس بعد ذلك. ...

منهج ابن الشجرى فى الأمالى

منهج ابن الشجرى فى الأمالى لا ريب أن ابن الشجرى قد نظر فى الأمالى التى سبق بها الأوائل، وقد ثبت أنه كان يقرئ أمالى ثعلب، كما ثبت أنه استنسخ بخطه نسخة من أمالى المرتضى (¬1). والناظر فى أمالى ابن الشجرى يرى مشابه واضحة بينها وبين أمالى المرتضى، فى الشكل العام، من حيث تقسيم الأمالى إلى مجالس، وتفريع المجالس إلى مسائل وفصول، ثم تعدّى تأثّر ابن الشجرى الشريف المرتضى فى الشكل العام للأمالى، إلى أن نقل شيئا من كلامه وشواهده، مصرحا وغير مصرح، وقد أشرت إلى ذلك فى حديثى عن الشريف المرتضى. وقد جرى ابن الشجرى فى «أماليه» على أن يستفتح مجلسه بذكر مسألة من مسائل النحو أو الصرف، أو آية قرآنية، أو بيت من الشعر، ثم يدلف من ذلك إلى مباحث أخرى يدعو إليها الاستطراد والتداعى (¬2). ومسائل الأمالى ذات ثلاث شعب: مسائل يلقيها ابن الشجرى من ذات نفسه، ومسائل أخرى يجيب بها تلامذته، والثالثة ما يردّ به على المسائل التى ترد عليه من البلدان كالموصل وغيرها (¬3). ومع طول الأمالى وتشعّب الأقوال فيها، يبدو ابن الشجرى متنبّها لبعض الموضوعات التى عالجها من قبل، وهذا يدلّ على أنه احتشد للأمالى احتشادا، فليست آراء يمليها على الطلبة ثم يفرغ منها، فمن ذلك أنه حينما تكلم على «أما» فى المجلس الثامن والسبعين، قال: «وقد ذكرتها فى موضعين». ومن ذلك أيضا قوله فى المجلس الثامن والخمسين: «قد تكرر قولنا إن الكسر هو الأصل فى التقاء الساكنين»، وقال فى المجلس التاسع والستين: «وقد بسطت الكلام على «مع» فى الجزء الثانى من هذه الأمالى». ¬

(¬1) أشرت إلى ذلك فى حديثى عن الشريف المرتضى، وعن موقف ابن الشجرى من الكوفيين. (¬2) من أمثلة الاستطراد ما تراه فى المجالس: الرابع عشر والسابع عشر والثامن عشر. (¬3) انظر أمثلة لذلك فى المجلسين: الرابع، والحادى والثلاثين.

وظاهرة التكرير واضحة فى «الأمالى» فقد تكلم ابن الشجرى على بعض المسائل فى أكثر من مجلس، فمن ذلك: مجىء الحال من المضاف إليه، وحذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، وحذف الضمير العائد من الصلة ومن الصفة، وإعادة الضمير إلى مصدر مقدر، دل السياق عليه (¬1). وهذا التكرار قد أوقع ابن الشجرى فى شيء من الاختلاف لم يتنبه له، فمن ذلك أنه وجّه قوله تعالى: {ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى} على أنه من باب الالتفات من الخطاب إلى الغيبة، ثم عاد فى موضع آخر ووجّهه على حذف المفعول، وقد أشرت إلى ذلك فى حديثى عن شواهد القرآن الكريم عند ابن الشجرى، ثم فى الحديث عن الزركشىّ. ... ¬

(¬1) اقتضانى ذلك أن أفهرس لمسائل الكتاب وشواهده قبل تحقيقه، فسهل علىّ بذلك ربط الكتاب بعضه بالبعض الآخر. وهذا حتم واجب على كلّ من يتصدّى لتحقيق النصوص.

أسلوب ابن الشجرى فى الأمالى

أسلوب ابن الشجرى فى الأمالى عمد ابن الشجرى فى سرد القواعد والأحكام إلى أخفّ الألفاظ وأيسرها، ثم غلب عليه أسلوب المعلّمين فى البسط والشرح، وتقليب العبارة، وكثرة التنظير (¬1)، فإذا جاء إلى موضع أدب، رأيت الفحولة والجزالة، فمن ذلك قوله فى بيت المتنبى: أى يوم سررتنى بوصال … لم ترعنى ثلاثة بصدود قال (¬2): «وإنما أذكر من شعره ما أهمله مفسّروه، فأنبّه على معنى أو إعراب أغفلوه، وهذا البيت لبعده من التكلّف وخلّوه من التعسّف، وسرعة انصبابه إلى السمع وتولّجه فى القلب، أهملوا تأمّله فخفى عنهم ما فيه». ويقول فى الرد على معاصره أبى نزار الملقب ملك النحاة (¬3): «ومن خطّأ الأعشى فى لغته التى جبل عليها-وشعره يستشهد به فى كتاب الله تعالى-فقد شهد على نفسه بأنه مدخول العقل، ضارب فى غمرة الجهل، وليس لهذا المتطاول إلى ما يقصر عنه ذرعه شيء يتعلّق به فى تخطئة العرب إلا قول الشاعر: حراجيج ما تنفكّ إلا مناخة … على الخسف أو نرمى بها بلدا قفرا فكلّ فاقرة ينزلها بالعربية يزفّ أمامها هذا البيت، معارضا به أشعار الفحول من العرب العاربة». وقد وصف أبو البركات الأنبارى شيخه ابن الشجرى، بأنه كان فصيحا حلو الكلام، حسن البيان والإفهام (¬4). ¬

(¬1) لا سبيل إلى التمثيل لما ذكرت، فهو شائع شيوعا على امتداد الأمالى، وبخاصة فى إجراء الإعراب وتقدير الحذوف. (¬2) المجلس الثانى عشر. (¬3) المجلس الثامن والخمسون. (¬4) نزهة الألبا ص 404.

اعتداد ابن الشجرى بآرائه

وقال ابن خلكان عنه (¬1): وكان حسن الكلام، حلو الألفاظ، فصيحا، جيّد البيان والتفهيم. اعتداد ابن الشجرىّ بآرائه: يرى بعض العلماء أن الله قد فتح عليه بما لم يفتح به على سواه، فيجرى على لسانه شيء من الزّهو، يحمل على الرضا والحمد أكثر مما يردّ إلى العجب والتفاخر، وقد ختم ابن الشجرى بعض مباحثه بشىء من هذا، فقال عقب شرح قولهم: «افعل ذا إمّا لا»، قال (¬2): «فتأمل هذا الفصل، فما علمت أن أحدا كشفه هذا الكشف». وقال بعد أن علّل ضعف الابتداء بالنكرة (¬3): «فاحتفظ بهذا الفصل، فإنه أصل كبير». وقال بعد كلام عن «قبل وبعد»: «(¬4) فهذا قول جلىّ كما تراه، والمتّسمون بالنحو قبيل وقتنا هذا، ممّن شاهدته وسمعت كلامه على خلاف ما قلته وأوضحته، فاستمسك بما ذكرته لك، فقد أقمت له برهانه». ثناء العلماء على الأمالى: حظى كتاب الأمالى بالشهرة وبعد الصّيت، وقد أحسن العلماء الثناء عليه، فيقول أبو البركات الأنبارى تلميذ ابن الشجرى، فى الموضع المذكور قريبا من نزهة الألبا: «وأملى كتاب الأمالى، وهو كتاب نفيس، كثير الفائدة، يشتمل على فنون من علوم الأدب». ويقول ياقوت (¬5): «وصنّف الأمالى، وهو أكبر تصانيفه وأمتعها». ¬

(¬1) وفيات الأعيان 5/ 96. (¬2) المجلس الثانى والأربعون. (¬3) المجلس الثانى والثمانون. (¬4) المجلس نفسه. (¬5) معجم الأدباء 19/ 283.

الانتقادات على الأمالى

ونحو هذا قال المترجمون المتأخرون، ويرى الأستاذ مصطفى صادق الرافعى (¬1) أن خاتمة أهل الإملاء على طريقة المتقدمين هو إمام العربية فى عصره أبو السعادات ابن الشجرى. الانتقادات على الأمالى: قال القفطىّ فى ترجمة ابن الشجرى (¬2): «ولمّا أملى «أماليه» فى النحو، أراد ابن الخشاب النحوى أن يسمعها عليه، فامتنع من ذلك، فعاداه وردّ عليه فى مواضع منها، ووقف الشريف أبو السعادات على شيء من الردّ، فردّ عليه فيه، وبيّن موضع غلطه فى كتاب سماه «الانتصار»، وهو كتاب على صغر جرمه فى غاية الإفادة، وملكته والحمد لله بخطه رحمه الله، وقد قرأه عليه الناس». وابن الخشاب من تلاميذ ابن الشجرى، ولم تعرف لردّه هذا نسخة خطية، لكنى ظفرت بشىء من هذا الردّ، وذلك منعه لجمع جمع الجمع الذى ذكره ابن الشجرى، وقد وقفت عليه فى كتاب مخطوط ينسب إلى أبى حيان، يسمى التذكرة، وذكرته فى تحقيق المجلس الثانى والثلاثين، ثم ظفرت أيضا بشىء من ردّ ابن الشجرى على ابن الخشاب، وذلك قوله بعد إعراب بيت ابن ميادة: ألا ليت شعرى هل إلى أم معمر … سبيل فأما الصبر عنها فلا صبرا قال ابن الشجرى (¬3): «واعترض بيت ابن ميادة-وقد كنت ذكرته فيما تقدّم من الأمالى-جويهل، فزعم أن قافيته مرفوعة، وإنما صغرته بقولى: جويهل، لأنه شويب استولى الجهل عليه، فعدا طوره، وجاوز حدّه، مع حقارة علمه ورداءة فهمه، وهذا البيت من مقطوعة منصوبة القوافى». وقد جاء بحاشية أصل الأمالى أن هذا الجويهل هو الخشّاب. ¬

(¬1) تاريخ آداب العربية 1/ 327. (¬2) إنباه الرواة 3/ 356. (¬3) المجلس الثامن والسبعون.

رواية الأمالى

هذا وقد رأيت فى كلام ابن الخشاب فى كتابه «المرتجل» مشابه من كلام ابن الشجرى، وذلك فيما ذكره فى نقض كلام الجرمى، فى وزن «كلتا» (¬1). رواية الأمالى: احتفظت النسخة الهندية من الأمالى بذكر السند فى أولها، ويبدأ السند بأبى حفص عمر بن محمد بن طبرزد البغدادى، الذى أقرأ الأمالى بدمشق سنة ثلاث وستمائة، رواية عن ابن الشجرى ببغداد، ولم يصرّح المسند الأول الذى روى عن ابن طبرزد، باسمه. وقد خلت «الأمالى» من مقدمة، حيث بدأ الكلام بالمجلس الأول مباشرة، وهذه الظاهرة ملحوظة أيضا فى كتابى ابن الشجرى: الحماسة، ومختارات شعراء العرب، فقد خلا هذان الكتابان أيضا من مقدمة، حيث بدأت الحماسة بشعر لمحرز بن المكعبر الضبى، وبدأت المختارات بقصيدة لقيط بن يعمر. وقد أشرت إلى ذلك فى حديثى عن «مصنفات ابن الشجرى» فى الباب الأول. علوم العربية فى الأمالى: ذكر ابن خلكان أن كتاب الأمالى قد اشتمل على فوائد جمّة من فنون الأدب، وذكر اليافعىّ أن الأمالى تضمنت خمسة فنون من الأدب (¬2). فما هى فنون الأدب عند الأقدمين؟ يقول أبو جعفر أحمد بن يوسف الأندلسى المتوفى سنة 779 هـ‍: علوم الأدب ستة: اللغة والصرف والنحو، والمعانى والبيان والبديع (¬3). وقد أفسح ابن الشجرى «أماليه» لهذه الفنون المذكورة، وأيضا عالج مسائل من العروض والقوافى، والتاريخ والأخبار، والجغرافيا والبلدان، ثم الأدب بمعناه الحديث، من نقد وموازنة. ¬

(¬1) المرتجل شرح الجمل ص 67، ويقارن بالأمالى-المجلس الثالث والخمسين. (¬2) وفيات الأعيان ومرآة الجنان، الموضع المذكور فى صدر ترجمة ابن الشجرى. (¬3) خزانة الأدب 1/ 5.

اللغة فى الأمالى

وهذا بيان تلك الفنون من «الأمالى»، وقد سبق الكلام على النحو والصرف، إذ كان مبنى الدراسة عليهما. اللغة فى الأمالى: لعلّ هذا الفنّ أهمّ الفنون التى عالجها ابن الشجرى بعد النحو والصرف، فقد احتفل احتفالا زائدا باللغة: دلالة واشتقاقا، فلم يدع لفظا غريبا أو دون الغريب، فى شاهد من الشواهد إلا عرض له بالشرح والبيان، ناقلا عن أئمة اللغة، كأبى زيد والأصمعى وابن السكيت (¬1) وابن قتيبة وابن دريد وابن فارس، ومن إليهم. ولم يقف ابن الشجرى عند حدود الحكاية والنقل، بل صحح بعض اللغات وقوّاها، ووفّق بين آراء اللغويين فيما يبدو متعارضا (¬2)، وفرّق بين ما يبدو مترادفا (¬3)، وتعقب بعض علماء اللغة (¬4). وقد عرض ابن الشجرى لقضايا وظواهر لغوية كثيرة، كالمشترك اللفظى (¬5)، وتركّب اللغات وتداخلها (¬6)، ولغة العامة (¬7)، ولهجات القبائل (¬8)، والأصوات ومخارج الحروف (¬9)، وتطور دلالات الألفاظ (¬10). ¬

(¬1) رأيت ابن الشجرى يعوّل كثيرا على ابن السكيت، ثم رأيته ينقل كلامه دون أن يصرح، وقد أشرت إلى ذلك فى الحديث عن مصادر ابن الشجرى، وانظر أيضا المجلس الثامن والثلاثين، فى التفرقة بين زريت عليه وأزريت به. (¬2) فمن ذلك التوفيق بين ابن دريد وابن فارس فى شرح التقويض، فى المجلس الرابع والستين. (¬3) كتفرقته بين السماع والاستماع، فى المجلس التاسع والأربعين. (¬4) كتعقبه ابن فارس فى اشتقاق «نياط المفازة» فى المجلس الثانى والعشرين. (¬5) راجع المجلس التاسع والعشرين، فى شرح «العرارة»، والمجلس الثامن والثلاثين، فى تفسير «الشمال». (¬6) المجلس الحادى والعشرون. (¬7) المجلس الثانى والأربعون، والخامس والأربعون، والتاسع والأربعون. (¬8) المجلس السابع عشر، والسادس والعشرون، والخامس والثلاثون، والحادى والخمسون. (¬9) المجلس الرابع عشر، والخامس والثلاثون، والثالث والستون، والسادس والستون. (¬10) المجلس الثامن.

وقد غلبت على ابن الشجرى طبيعة المعلم، فى ذلك الحشد الضخم من الشروح والتفسيرات اللغوية للمفردات والتراكيب، ثم فى محاولة النظم التعليمى، فيقول (¬1): الفدوكس: الشديد، فى قول ثعلب، وقال أبو زيد: هو الغليظ الجافى، وقد نظمت فيه بيتا لئلا يشذّ عن الحفظ، وهو: فدوكس عن ثعلب شديد … وعن أبى زيد غليظ جافى ولم يسلم ابن الشجرى من بعض الهنات اللغوية، فمن ذلك أنه روى «مغيون» بالغين المعجمة، من قول العباس بن مرداس: قد كان قومك يحسبونك سيدا … وإخال أنك سيد مغيون وقال (¬2): «مغيون: مفعول من قولهم: غين على قلبه: أى غطى عليه، وفى الحديث: «إنه ليغان على قلبى»، ولكن الناس ينشدونه بالباء، وهو تصحيف، وقد روى «معيون» بالعين غير المعجمة، أى مصاب بالعين، ومغيون هو الوجه». وقد انفرد ابن الشجرى برواية الغين المعجمة، ثم وجدت بهامش أصل الأمالى فى المجلس الحادى والثلاثين حاشية، نصها: «هذا البيت يروى بالعين المهملة بإجماع الرواة إلا الشريف، ألفيته رحمه الله قد رواه بالغين المعجمة أيضا، وكنت أسمع قديما ببغداد أنه أنكر عليه تصحيفه». ومن أوهامه اللغوية ما أورده فى تفسير «العلّ والنّهل»، قال (¬3): «والعل: الشرب الأول، والنهل: الشرب الثانى». هذا كلامه، والذى فى كتب اللغة عكس هذا، ومن أقوالهم: سقاه عللا بعد نهل. ومن ذلك أيضا-وسبقه إليه الشريف المرتضى فى أماليه-شرحه لقول الشاعر (¬4): ¬

(¬1) المجلس السادس والخمسون. (¬2) المجلسان: السابع عشر، والحادى والثلاثون. (¬3) المجلس التاسع والأربعون. (¬4) المجلس نفسه.

البلاغة فى الأمالى

*لا يكتنون غداة العلّ والنّهل* قال: «وقال بعض أهل العلم باللغة فى قوله: «يكتنون» إنه من قولهم: كتنت يده تكتن: إذا خشنت من العمل». وقد جاء بهامش أصل الأمالى حاشية تعليقا على هذا التأويل: «كأن هذا سهو، لأن خشونة اليد وصلابتها من العمل، يقال له: «الكنب» بالنون والباء، كنبت يده وأكنبت، فأما «كتنت» بالتاء والنون، فمعناه الوسخ والدرن، يتلطخ به الشىء، وهو أثر الدخان». هذا وقد غمز ابن الشجرى فى معرفته باللغة، حكى الذهبى فى ترجمته (¬1)، قال: «قال أبو الفضل بن شافع» (¬2) فى «تاريخه»: «وكان نحويا حسن الشرح والإيراد والمحفوظ، وقد صنف أمالى قرئت عليه، فيها أغاليط، لأن اللغة لم يكن مضطلعا بها». البلاغة فى الأمالى: عرض ابن الشجرى لكثير من قضايا علم البلاغة، بأقسامها الثلاثة: المعانى والبيان والبديع، فتكلم على الخبر والإنشاء، والتشبيه والاستعارة، والترصيع والتضمين والتكرير والطباق (¬3). الأدب فى الأمالى: كان ابن الشجرى متضلّعا من الأدب، كما يقول ياقوت فى ترجمته، كما كان بصيرا بأشعار العرب، وله فى ذلك كتابان يحتلاّن مكانة سامقة فى المكتبة العربية: الحماسة ومختارات أشعار العرب. وقد استفاض كتابه «الأمالى» بأشعار القدامى والمحدثين، وإذا تركنا الشواهد ¬

(¬1) من تاريخ الإسلام، الموضع المذكور فى صدر الترجمة. (¬2) هو أحمد بن صالح بن شافع الجيلى، من مؤرخى بغداد، توفى سنة 565 هـ‍، شذرات الذهب 4/ 215. (¬3) راجع هذه المباحث فى المجالس: الثانى عشر والسابع والعشرين، ومن الحادى والثلاثين إلى الخامس والثلاثين، والسادس والأربعين، والثانى والخمسين، والحادى والستين.

النحوية التى بلغت قدرا ضخما أشرت إليه فى حديثى عن الشواهد، وجدنا ابن الشجرى يروى قصائد جيادا، لعدىّ بن زيد، والنابغة الجعدى، وأعشى تغلب، وأبى الصلت الثقفى، ويزيد بن الحكم، وابن أحمر، والخنساء، والعباس بن عبد المطلب. ومن شعر المحدثين روى للمتنبى (¬1) والشريف الرضى، وابن نباتة السعدى. ثم عرض لهذه القصائد بالشرح والبيان، ويعد شرحه لبعض هذه القصائد، من الشروح النادرة العزيزة، التى لا تكاد توجد فى كتاب، كشرحه لقصيدة يزيد بن الحكم (¬2). وتعدّ «الأمالى» بهذه المثابة مرجعا هامّا فى جمع الشعر وتوثيقه، وبخاصّة أن ابن الشجرى ينفرد برواية قصائد لبعض الشعراء، يقلّ وجودها عند غيره من رواة الشعر، كما فعل فى رواية قصيدة ابن أحمر، فقد روى منها خمسة عشر بيتا، وأبيات هذه القصيدة لا تكاد توجد مجتمعة بهذا العدد فى أىّ من الكتب المطبوعة (¬3). وقد عنى ابن الشجرى بذكر مآخذ الشعراء والموازنة بينهم، فقد ذكر (¬4) أن الشريف الرضى أخذ قوله: من الركب ما بين النقا والأناعم … نشاوى من الإدلاج ميل العمائم من قول العملّس: فأصبحن بالموماة يحملن فتية … نشاوى من الإدلاج ميل العمائم وقال فى بيت ابن نباتة السعدى (¬5): لأية حال يختلسن نفوسهم … وهنّ عليها بالحنين نوادب ¬

(¬1) راجع حديث المتنبى، فى الكلام على الشواهد الشعرية. (¬2) هذه القصيدة تعد من بليغ العتاب فى الشعر، وقد ذكرها ابن الشجرى فى المجلس السابع والعشرين، ثم عرض لها بالشرح الجامع البديع، وقد أثنى على هذا الشرح الشيخ الجليل أحمد محمد شاكر، رحمه الله، فى حواشى لباب الآداب ص 396. (¬3) راجع المجلس الحادى والعشرين، وديوان ابن أحمر ص 124،213. (¬4) المجلس العشرون. (¬5) المجلس الثالث والستون.

وقد نظر فى هذا إلى قول ابن الرومى: كالقوس تصمى الرمايا وهى مرنان وفى شرحه لقصيدة بشر بن عوانة، قال فى (¬1) بيته: إذن لرأيت ليثا أمّ ليثا … هزبرا أغلبا لاقى هزبرا أخذ البحترى هذا البيت لفظا ومعنى، فى قوله: هزبر مشى يبغى هزبرا وأغلب … من القوم يغشى باسل الوجه أغلبا وذكر فى شرح بيت المتنبى: لو كان ما تعطيهم من قبل أن … تعطيهم لم يعرفوا التأميلا قال (¬2): التقدير: لو كان لهم الذى تعطيهموه من قبل أن تعطيهم إياه، لم يعرفوا التأميل، لأن ذلك كان يغنيهم عن التأميل، وقد كشف أبو نصر بن نباتة هذا المعنى، وجاء به فى أحسن لفظ، فى قوله: لم يبق جودك لى شيئا أؤمّله … تركتنى أصحب الدّنيا بلا أمل ومثله لأبى الفرج الببغاء: لم يبق جودك لى شيئا أؤمله … دهرى لأنك قد أفنيت آمالى وكان أبو الفرج وابن نباتة متعاصرين، فلست أعلم أيّهما أخذ من صاحبه. ومن الموازنات ما أورده ابن الشجرى فى المجلس الثامن والسبعين، عن الشعراء الذين ذكروا الطير التى تتبع الجيش، لتصيب من لحوم القتلى، وقد أغار فى هذا الفصل على كلام القاضى الجرجانىّ فى «الوساطة»، وقد أشرت إليه فى حديثى عن مصادر ابن الشجرى. ¬

(¬1) المجلس الرابع والستون. وراجع الكلام على قصيدة بشر فى حديث الشواهد الشعرية، وإذا صح أن «بشرا» هذا شخصية وهمية اخترعها بديع الزمان الهمذانى، وأجرى على لسانها هذه الأبيات، إذا صح هذا فيكون بديع الزمان هو الذى أخذ البيت لفظا ومعنى من البحترى، إذ كان بديع الزمان توفى سنة 398، والبحترى سنة 284. (¬2) المجلس الرابع والسبعون.

العروض والقوافى فى الأمالى

وقد روى ابن الشجرى أشعارا فى الهجاء لبعض الشعراء المغمورين فى عصره (¬1). وتعدّ شروح ابن الشجرى لما عرض له من شعر المتنبى (¬2) إضافة جيّدة لفهم هذا الشاعر العظيم، وإلقاء الضوء على المفاهيم الأدبية فى ذلك العصر، ثم تكشف هذه الشروح أيضا عن مشاركة النحاة فى توجيه الدراسات الأدبية، فلم يكن النحويون الأوائل بمعزل عن هذه الدراسات، كما يفهم بعض الدراسين. . . . وهذا حديث طويل. العروض والقوافى فى الأمالى: عالج ابن الشجرى فى «أماليه» مسائل من العروض والقوافى (¬3)، ولعله قد درس هذا الفنّ على شيخه التّبريزى، الذى عرف بالاشتغال به، وله فيه مصنّف شهير، هو «الكافى فى العروض والقوافى»، ولم يسند ابن الشجرى شيئا ممّا عالجه فى العروض والقوافى إلى التّبريزى، ولكنى رأيت له كلاما فى الزّحاف، كأنه سلخه من كلام أستاذه، وذلك قوله (¬4): «وقد قيل: ربّ زحاف أطيب فى الذوق من الأصل»، فهذا من قول التّبريزى فى كتابه الكافى (¬5): «وربما كان الزحاف فى الذوق أطيب من الأصل»، إلا إن كانت هذه العبارة أقدم من التّبريزى. وتمثّل بعض شواهد ابن الشجرى التى ساقها فيما عالج به مسائل القافية، إضافة لشواهد هذا الفن، ومن ذلك أنه ذكر شواهد كثيرة على الإكفاء (¬6)، ومن هذه الشواهد واحد لم أجده فيما بين يدىّ من كتب القوافى المطبوعة، وهو: يا ريّها اليوم على مبين … على مبين جرد القصيم ¬

(¬1) المجلس الثانى والخمسون. (¬2) راجع ما كتبته عن المتنبى فى الحديث عن الشواهد الشعرية. (¬3) ترى هذه المسائل فى المجالس: الخامس عشر، والثامن عشر، والحادى والثلاثين، والثالث والثلاثين. (¬4) المجلس الحادى والثمانون. (¬5) الكافى ص 19. (¬6) المجلس الخامس والثلاثون.

التاريخ والأخبار فى الأمالى

وقد وهم ابن الشجرى فى مسألة من مسائل العروض، فقد قال فى بيت امرئ القيس: وعين لها حدرة بدرة … شقّت مآقيهما من أخر قال (¬1): «والبيت من ثالث البحر المسمّى المتقارب، عروضه سالمة، وضربه محذوف، ووزنه فعل، وقد استعمل فيه الخرم الذى يسمى الثلم، فى أول النصف الثانى، وقلّ ما يوجد الخرم إلا فى أول البيت». وموضع الوهم فى قوله: «عروضه سالمة»، وجاء بهامش أصل الأمالى حاشيتان تعقيبا على هذا القول، الحاشية الأولى: «هذا البيت عروضه وضربه جميعا محذوفان» والثانية: «وقوله: سالمة، ينبغى أن يكون غلطا من الكاتب إن شاء الله». وقد حكى البغدادى (¬2) كلام ابن الشجرى هذا، كما ورد فى الأمالى، ولم يتعقبه بشىء، لكن قال مصحح الطبعة الأولى من الخزانة معلّقا: «قوله: عروضه سالمة. فيه أن العروض محذوفة مثل الضرب». التاريخ والأخبار فى الأمالى: نثر ابن الشجرى فى «أماليه» كثيرا من الأخبار والحوادث التاريخية وأيام العرب وأنسابها. فذكر (¬3) حديث فاطمة بنت الخرشب الأنمارية وبنيها الكملة بنى زياد العبسيّين، وما كان بينهم وبين قيس بن زهير العبسى. وألمّ بشىء من تاريخ سابور ذى الأكتاف، وكسرى أنوشروان (¬4). وتحدث عن حرب بكر وتغلب (¬5). ¬

(¬1) المجلس الثامن عشر. (¬2) الخزانة 3/ 379. (¬3) المجلسان: الثالث، والثالث عشر. (¬4) المجلسان: الرابع عشر، والخامس عشر. (¬5) المجلس السابع عشر.

الجغرافيا والبلدان فى الأمالى

وتكلم على أذواء اليمن: تاريخهم واشتقاق أسمائهم (¬1). وعرض لحديث المغيرة بن شعبة مع هند بنت النعمان، وخبر جذيمة الأبرش، والغساسنة ملوك الشام (¬2). وقد حرص ابن الشجرى فى كثير مما أورد من أسماء قديمة على أن يتكلم على اشتقاقها وضبطها (¬3). الجغرافيا والبلدان فى الأمالى: تكلّم ابن الشجرى على البلدان والمواضع التى وردت فى ثنايا الشعر الذى رواه، ومن هذه البلدان ما هو موغل فى القدم، كمدينة الحضر، بين دجلة والفرات، وقد ذكر أنه دخلها وشاهد بقاياها (¬4). ثم تحدث عن البنايات الشهيرة، كالخورنق والسّدير، وقصر غمدان بصنعاء (¬5). ... ¬

(¬1) المجلس السادس والعشرون. (¬2) المجلس الثانى والستون. (¬3) انظر مثلا المجلس السابع عشر. (¬4) المجلس الرابع عشر. (¬5) المجلسان: الخامس عشر، والسادس والعشرون.

نسخ الأمالى

نسخ الأمالى: رزق كتاب الأمالى الحظوة والقبول، فكثرت نسخه، وقد ذكر بروكلمان (¬1) منه هذه النسخ: 1 - نسخة عاشر افندى برقم (751). 2 - نسخة سليم آغا برقم (1077/ 3). 3 - نسخة راغب باشا برقم (1071 - 1072) (¬2). 4 - نسخة بايزيد برقم (2902). 5 - نسخة فيض الله برقم (1574 - 1576). وهذه المكتبات الخمس باستانبول. 6 - نسخة المكتبة الآصفية بحيدرآباد-الهند 1/ 142، برقم (70). ومما لم يذكره بروكلمان: 7 - نسخة بدار الكتب المصرية (¬3)، كتبها على بن محمد بن مصطفى شمس الدين، فرغ من كتابتها سنة 1300 هـ‍، والنسخة محفوظة بالدار برقم (59 ش). 8 - نسخة أخرى بالدار المذكورة، منقولة من النسخة السابقة، كتبها محمد بن إبراهيم الخفير، فرغ منها فى شهر صفر سنة 1339 هـ‍، برقم (3633). 9 - نسخة محفوظة بالخزانة التيمورية الملحقة بدار الكتب المصرية، برقم (672 أدب)، وتاريخ هذه النسخة سنة 1920 م. ¬

(¬1) تاريخ الأدب العربى 5/ 165. (¬2) جاء فى كتاب بروكلمان المذكور (1171،1172) والذى أثبته من واقع صورة النسخة المحفوظة بمعهد المخطوطات. (¬3) فهرس دار الكتب المصرية 3/ 22، وقد أشار بروكلمان إلى هذا الفهرس فقط.

10 - نسخة محفوظة بمكتبة الأوقاف ببغداد، برقم (5667) فى مجلد أوله المجلس الثانى والثلاثون. وهذه النسخة منقولة عن نسخة كتبت سنة 540 هـ‍، وبآخرها إجازة فى التاريخ المذكور، من ابن الشجرى لأبى القاسم نصر بن سعيد بن سميع الموصلى، أن يروى عنه مقروآته ومسموعاته (¬1). 11 - نسخة فى مكتبة المتحف العراقى ببغداد، برقم (1331) تبدأ بالمجلس الثانى والثلاثين، وتنتهى بالمجلس الخامس والخمسين (¬2). وهذه القطعة تمثل الجزء الثانى. 12 - الجزء الثالث من نسخة، بمكتبة الدراسات العليا ببغداد، برقم (369)، وهذا الجزء بخط نسخى جيد، كتب سنة 624 هـ‍، ويبدأ بالمجلس السادس والخمسين، وينتهى بنهاية الكتاب وعدد أوراق هذا الجزء 193 ورقة، ومسطرته 19 سطرا، ومن هذا الجزء صورة بمعهد المخطوطات لم تفهرس بعد. وقد رمزت له فى تعليقاتى بالحرف (د). 13 - الجزء الثالث أيضا من نسخة، بالخزانة العامة بالرباط، برقم (342 ك) ويبدأ وينتهى مثل سابقه، وفى أثنائه سقط كبير، يبدأ فى أثناء المجلس السادس والخمسين، وينتهى فى أثناء المجلس التاسع والستين. ويقع فى الطبعة الهندية من ص 98 إلى 262، وهذا الجزء بخط نسخى نفيس، وجاء بأوله أنه بخط ابن الشجرى، وبآخره سماع لأبى الغنائم حبشى بن محمد الواسطى، على ابن الشجرى، وهذا السماع مؤرخ سنة 539 هـ‍، وكتب ابن الشجرى صحة السّماع بما صورته: «هذا صحيح. وكتب هبة الله بن على بن محمد بن حمزة الحسنى». ثم قراءات أخرى على ابن الشجرى، سنة 540،541، وأبو الغنائم الواسطى هذا من تلاميذ ابن الشجرى، وقد تكلمت عليه من قبل. وفى هذا الجزء زيادة مسألتين على ما فى نسخة «راغب باشا» وهى النسخة التى اتخذتها أصلا. وترى هاتين المسألتين، فى المجلسين: السادس والسبعين، والسابع والسبعين. ¬

(¬1) ابن الشجرى ومنهجه فى النحو ص 60. (¬2) المرجع نفسه.

نسخة راغب باشا باستانبول

ويقع هذا الجزء-قبل السّقط-فى 177 صفحة، ومسطرته 20 سطرا. ومن هذا الجزء صورة بمعهد المخطوطات لم تفهرس بعد، وقد رمزت له فى تعليقاتى بالحرف (ط). ويتضح من هذا العرض أن نسخ القاهرة الثلاث ليست بذات طائل، لحداثة نسخها، وأن نسخ استانبول مجهولة الصفة، إلا نسخة راغب باشا، وهى النسخة التى اتخذتها أصلا، وسأفرد لها كلمة، وكذلك سأفرد كلمة لنسخة الآصفية، وأن بقية النسخ أخلّت بالجزء الأول، وقد ظهر أن الأمالى تقع فى ثلاثة أجزاء، تجزئة قديمة، ينتهى الجزء الأول بالمجلس الحادى والثلاثين، وينتهى الجزء الثانى بالمجلس الخامس والخمسين، ويمضى الثالث إلى نهاية الكتاب. وقد ألحقت بآخر الجزء الأول زيادة فى شهر ربيع الآخر، من سنة تسع وثلاثين وخمسمائة. وقد أشرت إلى ذلك من قبل. نسخة راغب باشا باستانبول: اتخذت هذه النسخة أصلا، وهى محفوظة بمكتبة راغب باشا، برقم (1071،1072) ومنها صورة بمعهد المخطوطات (¬1) برقم (59 أدب). وتقع هذه النسخة فى جزءين، الأول فى 344 ورقة، وينتهى بالمجلس التاسع والأربعين، والثانى فى 335 ورقة، وفى كل ورقة 15 سطرا، ومقاسها 5,12*20 سم، وبأثناء الجزء الأول أوراق قليلة بخط حديث. والنسخة مكتوبة بخط نسخى نفيس جدا، وقد ضبطت بالشكل الكامل، ضبطا صحيحا متقنا، وناسخها-أثابه الله خيرا-هو أسعد بن معالى بن إبراهيم ابن عبد الله، فرغ من نسخها سنة إحدى وثمانين وخمسمائة. ويبدو أن هذا الناسخ المتقن كان محترفا نسخ الكتب، فقد وقع لى مخطوط آخر، قام على نسخه، وهو شرح ديوان هذيل (¬2)، لابن جنى، وهذا المخطوط محفوظ بمكتبة الأوقاف العامة ببغداد، برقم (5657)، وقد فرغ أسعد هذا من نسخه سنة ثمانين وخمسمائة. ومن هذه النسخة صورة بمعهد المخطوطات. ¬

(¬1) فهرس المخطوطات المصورة 1/ 427، والمدرج فى هذا الفهرس الجزء الثانى فقط من النسخة، وقد استبعد الجزء الأول لعيب فى تصويره، ولكنه أصلح، وعاد سليما مقروءا، والحمد لله. (¬2) نشر فى بغداد باسم «التمام فى تفسير أشعار هذيل» سنة 1962 م، بتحقيق أحمد ناجى القيسى وخديجة الحديثى وأحمد مطلوب، وقد نشر الكتاب عن النسخة المذكورة.

ونعود إلى نسختنا من الأمالى فنقول: إنها مقابلة بأصلها المنقول منه، وجاء بآخرها سماع هذا صورته: «سمع جميع هذه المجلدة على الشيخ الأمين أبى القاسم (¬1) الحسين بن هبة الله بن صصرى، أبقاه الله، بإجازته من ممليها الشريف أبى السعادات بن الشجرى صاحبها: المولى الإمام العالم القاضى الأشرف بهاء الدين شرف المحدثين أبو العباس (¬2) أحمد بن القاضى الفاضل أبى على عبد الرحيم بن على البيسانيّ، أدام الله أيامه، والشيخ الإمام العالم المقرئ علم القراء علم الدين أبو الحسن على بن محمد السخاوى (¬3)، والحاجب الأخص عز الدين أبو الفتح عمر ابن محمد بن منصور الأمينى، وصح وثبت بقراءة عبيد الله. . . .». وقد ضاع فى آخر النسخة اسم القارئ، ومكان السماع وتاريخه، ولكن تراجم رجال السماع تدل على أنه كان بدمشق، فى القرن السادس أو السابع، من حيث إن هؤلاء الرجال كلهم من أهل دمشق، وإن أبا القاسم بن صصرى توفى سنة ست وعشرين وستمائة. وبحواشى النسخة تعليقات جيدة، بعضها بخط قديم، وبعضها بخط فارسى حديث، وهذه التعليقات الحديثة منقولة من نسخة مصححة، بتصحيح ابن هشام صاحب «المغنى» وكتب التعليقات أحد تلاميذه. وقد تضمنت هذه التعليقات فوائد كثيرة، منها النصّ على أوهام ابن الشجرى، ونسبة بعض الأقوال المهملة إلى أصحابها، وتصحيح نسبة بعض الشواهد (¬4)، وقد نسبت بعض هذه التعليقات لأبى اليمن الكندى، تلميذ ابن الشجرى. ¬

(¬1) ترجمته فى العبر 5/ 105، وقارن بما فى طبقات الشافعية 7/ 483. (¬2) ترجمته فى العبر 5/ 175. (¬3) ترجمته فى طبقات الشافعية 8/ 297، وكان السخاوى إماما فى النحو والقراءات والتفسير، توفى سنة 643 هـ‍، وبعض أهل زماننا يخلطون بينه وبين شمس الدين السخاوى المؤرخ، صاحب «الضوء اللامع» والمتوفى سنة 902. (¬4) راجع ما سبق عن اللغة والعروض والقوافى فى الأمالى، وانظر الأمالى: المجلس الخامس فى قول عبيد: «ونحن ألى ضربنا رأس حجر»، والمجلس السادس والعشرين فى الحديث عن «الأذعار»، والخامس والأربعين فى الحديث عن اشتقاق «القيل»، وانظر أيضا ما كتبته عن «مذهب ابن الشجرى واعتزاله» فى الباب الأول.

نسخة الآصفية بحيدرآباد-الهند

هذا وقد رأيت بعض أخطاء النسخة ثابتة عند البغدادى (¬1)، فيما ينقل عن ابن الشجرى، مما يدل على أن نسخة البغدادى من «الأمالى» هى هذه النسخة، أو أن الاثنتين ترجعان إلى أصل واحد. نسخة الآصفية بحيدرآباد-الهند الموجود من هذه النسخة الجزء الأول فقط، وهو مكتوب بقلم نسخى جيد، كتبه محمد بن حسين بن على الشهير بالعاملى، فرغ منه يوم الجمعة خامس المحرم، من سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة، وينتهى هذا الجزء بالمجلس الخامس والأربعين، وقد ألحق به بخط حديث المجالس: من السادس والأربعين إلى التاسع والأربعين. وبهذا الجزء بعض الأسقاط أشرت إليها فى حواشى التحقيق (¬2). ويقع فى مائتى ورقة، ومسطرته 22 سطرا، مقاس 5,11*5,19 سم، ورقمه فى المكتبة الآصفية (70 بلاغة) ومنه صورة بمعهد المخطوطات لم تفهرس بعد. وقد اعتبرت هذا الجزء فى تحقيقى للكتاب، ورمزت له بالحرف (هـ‍). وبهذه النسخة زيادة ليست فى نسخة راغب باشا، التى اتخذتها أصلا، وهى المسألة التى تراها فى آخر الزيادة التى ألحقت بالمجلس الحادى والثلاثين (مسألة إذا قال رجل لامرأته: إن أكلت إن شربت فأنت طالق). ¬

(¬1) راجع المجلس الحادى عشر، فى الاستشهاد بقوله تعالى: ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اِتِّباعَ الظَّنِّ والمجلس الحادى والثلاثين، فى الكلام على قول الشاعر: حنت قلوصى حين لا حين محن. (¬2) ترى نماذج من هذه الأسقاط فى المجالس:8،12،13،16،17،20،21،22، 23،25،27،28،29،30،31،33،35،36،37،38،39،40،41،44، 46،48،49. وهذه الأسقاط تراها فى طبعة الهند من الأمالى التى سأذكرها قريبا، فى الجزء الأول، صفحات: 51،81،82،84،85،90،107،108،110،113،114،116،131،133، 134،137،139،140،141،143،144،153،164،182،184،186،194، 196،199،204،212،215،216،223،224،252،260،277،284،288، 289،294،310،312،320،329،330،341،370،372. وفى الجزء الثانى، صفحات 9،11،21،23،30،32. وإنما كان ذلك كذلك لأن طبعة الهند قد عوّلت على نسخة الآصفية التى تنتهى بنهاية المجلس التاسع والأربعين، كما ذكرت.

طبعتان للأمالى

طبعتان للأمالى: طبعت الأمالى أوّل ما طبعت فى دائرة المعارف العثمانية، بحيدرآباد-الهند- سنة 1349 هـ‍، فى جزءين: الأول ينتهى بالمجلس الخامس والأربعين، والثانى وقف فى أثناء المجلس الثامن والسبعين. وجاء بخاتمة الطبع: «إلى هنا انتهى ما تيسّر لنا الحصول عليه من الجزء الثانى، وقد بقيت بقية (¬1) كما يعلم من الخاتمة». وهذه الطبعة ملفقة من نسختين: نسخة الآصفية المشار إليها، ونسخة راغب باشا (¬2) التى اتخذتها أصلا. وإن كان التعويل على نسخة الآصفية إلى نهاية المجلس التاسع والأربعين، وهو نهاية هذه النسخة كما ذكرت. وقد قام على هذه الطبعة علماء كرام أفاضل، فى دائرة المعارف العثمانية، هم: حبيب عبد الله بن حمد العلوى، وعبد الرحمن اليمانى، والسيد زين العابدين الموسوى. وبرغم ما بذله هؤلاء الأفاضل من إتقان-أحسن الله إليهم، وأثابهم خيرا -فقد اشتملت هذه الطبعة على عدّة أسقاط، وبعض هنات. وبخاصة فى الجزء الأول الذى كان الاعتماد فيه على نسخة الآصفية، وبها من الأسقاط ما وصفت. ¬

(¬1) نشر هذه البقية-وهى بقية المجلس الثامن والسبعين إلى المجلس الرابع والثمانين، وبه تمام الأمالى. وهذه البقية تقع فى سبعين ورقة من نسخة راغب باشا-نشرها الأخ الصديق الدكتور حاتم صالح الضامن، فى مجلة المورد العراقية-المجلد الثالث-العددان الأول والثانى 1974 م. (¬2) لم يصرح ناشرو الطبعة الهندية بهذه النسخة، وإنما ذكروها على الإطلاق «نسخة فى بعض المكاتب الإسلامبولية» ولكنّ إشاراتهم إلى قراءتها وفروقها فى الحواشى متفقة تماما مع نسخة راغب باشا التى بيدىّ، مما رجّح عندى أنها هى. إلا أنهم لم يحصّلوها كاملة. يقول السيد زين العابدين الموسوى أحد مصحّحى الطبعة الهندية: «ومجمل أحوال نشره وإشاعته أن أرباب مجلس الدائرة لمّا وجدوا الجلد الأول من هذا الكتاب فى المكتبة الآصفية، ورأوا المصلحة فى نشره أمروا بطبعه، فاشتغلنا بتصحيحه والنظر فيه، وبينما نحن فيه إذ سمعنا بوجود نسخة كاملة منه فى بعض المكاتب الإسلامبولية، فسعينا فى تحصيل تلك النسخة من هناك بواسطة العالم الجليل (مستر سالم الكرنكوى الألمانى) مصحح الدائرة، فحصل الجناب المومى إليه عكس تلك النسخة، وجعل يرسل إلينا شيا فشيئا منها، فمن سوء الاتفاق ما أمكنه تحصيل عكس النسخة كاملا، بل شطرا قليلا من أول الجزء الأول، وشيئا وافرا من الجزء الثانى، فوصل كلا الجزءين إلينا ناقصا. . . .».

ولما كانت هذه الطبعة الهندية من الأمالى قد استقرّت فى المكتبات ودور العلم زمانا طويلا، وكثر الاقتباس منها والإحالة عليها، فقد أثبتّ أرقام صفحاتها على جوانب نشرتى هذه. ثم طبع الجزء الأول بمصر، بمطبعة الأمانة سنة 1930 م، وقد تضمّن هذا الجزء تسعة وأربعين مجلسا. وقام على طبعه الشيخ مصطفى عبد الخالق محمد. ولم أر هذا الجزء، ولكنى نقلت وصفه من بعض الفهارس. ...

صفحة العنوان من النسخة الأصل (راغب باشا) وهذا الخطّ الحديث الذى تراه على يمين الصورة هو خط عالم المخطوطات الكبير الأستاذ محمد رشاد عبد المطلب، رحمه الله رحمة واسعة، وصف به النسخة أيام أن كان فى استانبول سنة 1949 م

الصفحة الأولى من النسخة الأصل (راغب باشا)

الصفحة الأخيرة من النسخة الأصل (راغب باشا)

صفحة العنوان من النسخة البغدادية (د)

الصفحة الأولى من النسخة البغدادية (د)

الصفحة الأخيرة من النسخة البغدادية (ذ)

صفحة العنوان من النسخة المغربية (ط)

الصفحة الأولى من النسخة المغربية (ط)

الصفحة الأخيرة من النسخة المغربية (ط) ويظهر فيها خط ابن الشجرىّ (هبة الله بن على بن محمد بن حمزة الحسنى)

قيل: إنما فعلوا ذلك فى النداء؛ لأنه باب تغيير وتخفيف لكثرة استعماله، وجاء ذلك فيه قليلا، والأكثر: يا غلامى، فلما تعذّر رفع الحرف المتصل بهذه/الياء ونصبه، كسروه ليسلم. حكم أبو الفتح عثمان بن جنّى فى كتابه الذى سماه (كتاب الخصائص) (¬1) على الكسرة فى غلامى ونحوه بأنها لا حركة إعراب ولا حركة بناء، وإنما حكم بذلك لأن الاسم الذى اتصلت به الياء لم يشبه الحرف، ولا تضمن معناه. وأقول (¬2): إن هذه الحركة (¬3) حركة بناء كحركة التقاء الساكنين فى نحو لم يخرج القوم، و {لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ} (¬4) وإن كانت فى كلمة معربة. وأقول: إن كلّ حركة لم تحدث (¬5) عن عامل حركة بناء، كما حكم أبو علىّ فى الباب الثانى من الجزء الثانى (¬6) من كتاب الإيضاح، بأن حركة التقاء الساكنين حركة بناء، وذلك فى قوله: «وحركات البناء التى تتعاقب على أواخر هذه المبنية نحو حركة التقاء الساكنين فى اردد القوم». ألا ترى أن أبا الفتح قد نصّ على ما قلته فى قوله: الإعراب ضد البناء فى المعنى ومثله فى اللفظ، والفرق بينهما زوال الإعراب لتغيّر العامل، وانتقاله (¬7)، ولزوم البناء الحادث من غير عامل وثباته. أراد أن البناء حدوثه عن علّة لا عن عامل، فالعلّة التى أوجبت الكسرة فى لم يخرج القوم التقاء الساكنين، والعلة التى أوجبت الكسرة فى غلامى ونحوه انقلاب الياء واوا لو ضمّ ما قبلها، وانقلابها ألفا لو فتح ما قبلها. ¬

(¬1) الخصائص 2/ 356 (باب فى الحكم يقف بين الحكمين)، وينظر أيضا 3/ 57، وشرح المفصل 3/ 32، والتبيين للعكبرى ص 150، وحواشيه. (¬2) فى هـ‍: فأقول. (¬3) فى الأصل: «إن هذه الحركة التقاء الساكنين» وأثبتّ ما فى هـ‍. (¬4) سورة آل عمران 28. (¬5) فى هـ‍: من. (¬6) وهو التكملة ص 5. (¬7) فى هـ‍: وانتفائه.

(مسألة) قال حرس الله نعمته (¬1): استدلوا على أن الظرف إذا وقع خبرا تضمن ضميرا منتقلا إليه (¬2) من الخبر الأصلىّ المرفوض استعماله، وهو مستقر أو كائن، أو نحو ذلك بقول كثيّر (¬3): /فإن يك جثمانى بأرض سواكم … فإنّ فؤادى عندك الدّهر أجمع إذا قلت هذا حين أسلو ذكرتها … فظلّت لها نفسى تتوق وتنزع ووجه هذا الاستدلال أن قوله: «أجمع» لا بد أن يكون تابعا لمرفوع، وليس فى قوله: «فإن فؤادى عندك الدهر» مرفوع ظاهر، فلم يبق إلا أن يكون تابعا للضمير المستكن فى قوله: «عندك». (مسألة) قال كبت الله أعداءه (¬4): حذف الضمير العائد من الصلة أقيس من حذف العائد من الصفة، لأن الصلة تلزم الموصول، ولا تلزم الصفة الموصوف، فتنزّل الموصول (¬5) والصلة منزلة اسم واحد، فحسن الحذف (¬6) لما جرت أربعة أشياء مجرى شيء واحد، وهى الموصول والفعل والفاعل والمفعول، وإنما شبّهوا الصفة بالصلة من حيث كانت موضّحة للموصوف، كما توضّح الصلة الموصول، ومن حيث كانت الصفة لا تعمل فى الموصوف، كما لا تعمل الصلة فى الموصول، فحذفوا العائد من الجملة الوصفية، كما حذفوه من الجملة الموصول بها فى نحو: {أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللهُ رَسُولاً} (¬7)، وذلك نحو قول الحارث بن كلدة (¬8) الثقفىّ: ¬

(¬1) فى هـ‍: رضى الله عنه. (¬2) فى الأصل: عن. (¬3) ديوانه ص 404، والبيتان ينسبان أيضا إلى جميل، ديوانه ص 118، وانظر معجم شواهد العربية ص 217، وقد أنشد ابن الشجرى البيت الأول مرة أخرى فى المجلس المتمّ الأربعين، منسوبا لكثيّر أيضا. (¬4) فى هـ‍: تغمّده الله برضوانه. (¬5) فى الأصل «الصلة والموصول»، وأثبتّ ما فى هـ‍، وسيأتى نظيره فى المجلس المتم الأربعين. (¬6) أعاده ابن الشجرى فى المجلس المذكور، وهو مأخوذ من كلام أبى العباس المبرد، فى كتابه المقتضب 1/ 19. وانظر ما يأتى فى المجلسين الرابع عشر، والأربعين. (¬7) سورة الفرقان 41، وانظر البرهان 3/ 160،161، فقد نقل الزركشى كلام ابن الشجرى هذا فى الحذف. (¬8) فى هـ‍: «حلزة» وهو خطأ، وسيأتى الكلام عليه قريبا مع بقية الأبيات.

فما أدرى أغيّرهم تناء … وطول العهد أم مال أصابوا وقول جرير (¬1): أبحت حمى تهامة بعد نجد … وما شيء حميت بمستباح التقدير: أصابوه، وحميته. وقد حذفوا العائد المجرور مع الجارّ كقول كثيّر (¬2): /من اليوم زوراها خليلىّ إنها … سيأتى عليها حقبة لا نزورها التقدير: لا نزورها فيها، ومثله فى التنزيل: {وَاِتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً} (¬3) التقدير: لا تجزى فيه، كما قال: {وَاِتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ} (¬4) وكذلك تقدّر فى الجمل المعطوفة على الأولى، لأن حكمهنّ حكمها، فالتقدير ولا تقبل منها شفاعة فيه، ولا يؤخذ منها عدل فيه، ولا هم ينصرون فيه. واختلف النحويون فى هذا الحرف، فقال الكسائى: لا يجوز أن يكون المحذوف إلا الهاء، أراد أن الجارّ حذف أولا، ثم حذف العائد ثانيا. وقال نحويّ آخر: لا يجوز أن يكون المحذوف إلا «فيه». وقال أكثر أهل العربية، منهم سيبويه، والأخفش: يجوز الأمران (¬5). ¬

(¬1) ديوانه ص 89، وقد أنشده المصنف أيضا فى المجلسين الثانى عشر، والأربعين، وانظر الشعر 388، وحواشيه، ومعجم الشواهد ص 88، والجمل المنسوب للخليل ص 36. (¬2) ليس فى ديوانه كثير المطبوع بتحقيق الدكتور إحسان عباس، ولم أجده فى كتب النحو والتفسير واللغة التى بين يدىّ. (¬3) سورة البقرة 48،123. (¬4) سورة البقرة 281. (¬5) تفصيل هذه المسألة تجده فى الكتاب 1/ 386، ومعانى القرآن للفراء 1/ 32، وللأخفش ص 88، ومجالس ثعلب ص 403، والشعر ص 234، والعسكريات ص 191، وتفسير الطبرى 2/ 27، وشرح الحماسة ص 33، والبحر المحيط 1/ 189، ومغنى اللبيب ص 557 (الباب الرابع) و 682 (الباب الخامس)، ولسان العرب (جزى). -

والأقيس عندى: أن يكون (¬1) حرف الظرف حذف أولا، فجعل الظرف مفعولا [به] (¬2) على السّعة، كما قال (¬3): ويوم شهدناه سليما وعامرا … قليل سوى الطّعن النّهال نوافله وكقول الآخر: فى ساعة يحبّها الطّعام (¬4) أراد شهدنا فيه، ويحبّ فيها، ثم حذف الجارّين توسّعا، والأصل: لا تجزى فيه، ثم لا تجزيه، ثم لا تجزى، وإنما (¬5) جاز حذف الجارّ من ضمير الظرف كما جاز حذفه من مظهره، إذ كنت تقول: قمت فى اليوم، وقمت اليوم، ¬

= والذى نسبه ابن الشجرى إلى سيبويه من تجويزه الأمرين، لم أجده فى الكتاب المطبوع، والذى وجدته حذف «فيه» فقط، وهذه عبارته فى الموضع الذى ذكرته: «كما قال سبحانه: يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ أضمر فيه». وقد نص ابن هشام على هذا، فقال فى الموضع الثانى من المغنى: «وعن سيبويه أنهما حذفا دفعة». وقد تعقّب ابن هشام ابن الشجرىّ، فيما حكاه فى المسألة، فقال فى الموضع الأول: «وهو مخالف لما نقل غيره»، وقال فى الموضع الثانى: «وهو نقل غريب». (¬1) هذا اختيار لرأى الكسائىّ السابق، وقد نصّ عليه ابن هشام فى الموضع الثانى. (¬2) ليس فى هـ‍. (¬3) هو رجل من بنى عامر، كما فى الكتاب 1/ 178، والبيت من غير نسبة فى المقتضب 3/ 105، والكامل 1/ 33، والشعر ص 45، وشرح الحماسة ص 88، والمقرب 1/ 147، والتبصرة ص 308، 529، ومجمع الأمثال 1/ 12، وشرح ديوان المتنبى المنسوب خطأ إلى العكبرى 1/ 299، وإعراب القرآن المنسوب خطأ إلى الزجاج ص 450، والمغنى ص 503، وشرح أبياته 7/ 84، واللسان (جزى). وفى حواشى المقتضب تخريجات أخرى. وأعاده ابن الشجرى فى المجلسين الثامن والعشرين، والثالث والثمانين. (¬4) معانى القرآن 1/ 32، والكامل 1/ 34، وتفسير الطبرى 2/ 26، والأضداد لأبى الطيب ص 732، ومعجم الشواهد ص 536، وأعاده المصنف فى المجلسين المذكورين قبل. وجاء بهامش الأصل: «قال شيخنا ابن هشام، أبقاه الله سبحانه: لا دليل فى هذا البيت ولا فى الذى قبله على مدّعاه، وهو الجار [هكذا، ولعله: وهو الحذف] على التدريج، غاية ما فيه أنه حذف حرف الجرّ منهما وأبقى مجروره، ومدّعاه إذا حذفهما على التدريج. من خط تلميذ المولى ابن هشام». (¬5) فى هـ: فإنما.

كذلك قلت: اليوم قمت فيه، واليوم قمته، ولولا تقدير العوائد من هذه الجمل لأضيف اليوم إلى لا تجزى، فقيل: واتقوا يوم لا تجزى نفس، لأن إضافته إلى الجملة تخرج الجملة عن أن تكون وصفا، وإذا خرجت عن/أن تكون وصفا بطل الاحتياج إلى عائد منها لفظا وتقديرا. وحذف العائد من الصلة إنما يقع بالمنصوب المتصل غالبا نحو: قام الذى أكرمت و {أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ} (¬1) فإن كان مجرورا منصوبا فى المعنى جاز حذفه، كقولك: هذا الذى زيد ضارب، وعجبت مما أنت صانع، ومثله: {فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ} (¬2) التقدير: ضاربه وصانعه وقاضيه، فإن اتصل العائد بحرف جر، نحو قام الذى مررت به، فحذفه قليل جدا، فمما جاء من ذلك فى الشعر القديم قول القائل (¬3): وقد كنت تخفى حبّ سمراء حقبة … فبح لان منها بالذى أنت بائح الأصل: بائح به، ثم بائحه، ثم بائح، ومثله فى التنزيل: {ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللهُ عِبادَهُ} (¬4) الأصل: يبشّر به، ثم يبشّره، ثم يبشّر. فإن كان العائد متصلا مرفوعا فى المعنى لم يجز حذفه كقولك: قام الذى أعجب ضربه زيدا، لا يجوز الذى أعجب ضرب زيدا، لأن الهاء فاعل المصدر، وإنما جاز حمل المجرور على المنصوب لاتفاقهما فى كونهما فضلتين، وقد شبّهوا العائد من جملة الخبر إلى المخبر عنه، بالعائد من جملة الصفة إلى الموصوف فحذفوه، وحذفه ضعيف، لا يحسن استعماله فى حال السّعة، وإنما قبح ذلك لأن الفعل إذا وقع خبرا وكان متعدّيا فحذفت الضمير الذى تعدّى إليه، تسلّط الفعل على المبتدأ ¬

(¬1) سورة الإسراء 62، وقد جاءت تلاوة الآية خطأ فى الأصل، هـ‍ هكذا «أهذا الذى كرمت علىّ». (¬2) سورة طه 76. (¬3) عترة العبسى، ديوانه ص 42، والخصائص 3/ 90، وشرح ابن عقيل على الألفية 1/ 151، واللسان (أين)، ومعجم الشواهد ص 84. (¬4) سورة الشورى 23.

فنصبه، كقولك فى زيد ضربته: زيدا ضربت، فهذا وجه الكلام. فإن قلت: زيد ضربت، على إرادة الهاء لم يجز ذلك إلا فى الشعر، على أن الروايات قد تظاهرت عن ابن عامر بأنه قرأ «وكلّ» {وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى} (¬1) فى سورة الحديد خاصّة، وكذلك جاءت/الرواية بالرفع فى قول الراجز (¬2): قد أصبحت أمّ الخيار تدّعى … علىّ ذنبا كلّه لم أصنع رووه بالرفع لمّا تقدّم على الفعل، وحجز حرف النفى بينهما، وإن كان ذلك لا يمنع من تسلط الفعل عليه (¬3)، فلما كان الضمير متى حذفته من جملة الخبر تسلط الفعل على المبتدأ، ومتى حذفته من جملة الصفة لم يتسلّط الفعل على الموصوف، لأن الصفة كبعض الموصوف، كما أن الصلة كبعض الموصول: جاز حذف العائد من جملة الصفة، وقبح حذفه من جملة الخبر. ¬

(¬1) سورة النساء 95، والحديد 10، وآية الحديد هى المرادة كما نصّ المصنف، وجاء بحاشية الأصل: «إنما قرأ ابن عامر بالرفع فى سورة الحديد خاصة؛ لأنه شغل الخبر بهاء مضمرة، وليس قبل هذه الجملة جملة فعلية يختار لأجلها النصب، فرفع بالابتداء، وأما الذى فى سورة النساء وَكُلاًّ وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى فإنما اختار فيه النصب؛ لأن فيه جملة فعلية، وهى قوله: فَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى. وانظر توجيه قراءة ابن عامر، فى الكشف عن وجوه القراءات، لمكى 2/ 307، ومشكل إعراب القرآن، له 2/ 357، والبحر المحيط 8/ 219 والتبيان فى إعراب القرآن للعكبرى ص 383، فى آية سورة النساء. (¬2) أبو النجم العجلى. ديوانه ص 132، والكتاب 1/ 85،127،137، والخزانة 1/ 359، 3/ 20، واستقصيت تخريجه فى كتاب الشعر ص 504، والبيتان أعادهما ابن الشجرى فى المجلسين الرابع عشر، والمتمّ الأربعين. (¬3) بحاشية الأصل: «بل يمتنع تسلّط الفعل عليه من وجه آخر، وهو أن «كلاّ» إذا أضيفت إلى المضمر لا تستعمل إلاّ تاكيدا أو مبتدأ، وليس فى الكلام ما تجرى عليه تأكيدا، فتعيّن الابتداء، وامتنع تسلّط الفعل عليه. والله أعلم».

والبيت المنسوب إلى الحارث بن كلدة (¬1) من مقطوعة متضمّنة ألطف عتاب وأحسنه، قالها وقد خرج إلى الشام، فكتب إلى بنى عمّه فلم يجيبوه، وهى: ألا أبلغ معاتبتى وقولى … بنى عمّى فقد حسن العتاب (¬2) وسل هل كان لى ذنب إليهم … هم منه فأعتبهم غضاب كتبت إليهم كتبا مرارا … فلم يرجع إلىّ لها جواب فما أدرى أغيّرهم تناء … وطول العهد أم مال أصابوا فمن يك لا يدوم له وصال … وفيه حين يغترب انقلاب فعهدى دائم لهم وودّي … على حال إذا شهدوا وغابوا وإنما قال: «أم مال أصابوا» لأن الغنى فى أكثر الناس يغيّر الإخوان على إخوانهم. فمن ذلك ما روى أنّ أبا الهول (¬3) الشاعر كان له صديق ضرب فى البلاد فأيسر، فاحتاج أبو الهول إليه فلم يجده بحيث يحبّ، فكتب إليه: /لئن كانت الدنيا أنالتك ثروة … فأصبحت فيها بعد عسر أخا يسر (¬4) لقد كشف الإثراء منك خلائقا … من اللّؤم كانت تحت ثوب من الفقر ¬

(¬1) الحارث بن كلدة-بفتح الكاف واللام-عرف بطبيب العرب، من ثقيف، وهو من أهل الطائف، رحل إلى فارس، وأخذ الطبّ فى مدرسة جنديسابور، ثم عاد إلى بلاده، وتوفى نحو سنة 13، واختلف فى إسلامه. طبقات الأطباء والحكماء ص 54، وتاريخ الحكماء ص 161، وأسد الغابة 1/ 413، والمؤتلف والمختلف ص 261. (¬2) الأبيات فى الحماسة الشجرية 1/ 260، والبيت الشاهد-وهو الرابع-أعاده المصنف فى المجلسين، المتمّ الأربعين، والسابع والسبعين، وهو فى الكتاب 1/ 88،130، والأزهية ص 146، والتبصرة ص 328،331، وشرح المفصل 6/ 89، وشرح ابن عقيل 2/ 156، والبحر المحيط 1/ 190،219، ومعجم الشواهد ص 48. (¬3) أبو الهول الحميرىّ، اسمه عامر بن عبد الرحمن، شاعر مقلّ، من شعراء الدولة العباسية. انظر حواشى البيان والتبيين 3/ 351، وطبقات الشعراء لابن المعتزّ ص 153. (¬4) البيتان لأبى الهول فى الحماسة الشجرية 1/ 289، والحماسة البصرية 2/ 267، فى هجاء طلحة بن معمر التيمىّ، ومن غير نسبة فى كتاب الآداب لجعفر بن شمس الخلافة ص 116، وشرح شواهد الكشاف 4/ 327. وفى زهر الآداب ص 828 أن محمد بن الحسن بن سهل كتب البيتين لصديق له رأى منه-

ومن جيّد الشعر فى العتاب أبيات أنس بن زنيم الهذلى (¬1)، وقد وفد على عمر بن عبيد الله (¬2) بن معمر التّيمىّ، فى جماعة من الشعراء، فصدّه الحاجب عن الدخول لخماشة (¬3) كانت بينهما، وأذن لغيره، فلمّا طال حجابه كتب إليه (¬4): لقد كنت أسعى فى هواك وأبتغى … رضاك وأرجو منك ما لست لاقيا حفاظا وإمساكا لما كان بيننا … لتجزينى يوما فما كنت جازيا أرانى إذا ما شمت منك سحابة … لتمطرنى عادت عجاجا وسافيا (¬5) إذا قلت نالتنى سماؤك يا منت … شآبيبها أو أثجمت عن شماليا (¬6) وأدليت دلوى فى دلاء كثيرة … فأبن ملاء غير دلوى كما هيا ¬

= نبوة وتغيّرا. ونسبهما ابن خلكان لإبراهيم بن العباس الصولىّ، قالهما فى محمد بن عبد الملك الزيات. وفيات الأعيان 4/ 185، وهما فى ديوان الصولى (الطرائف الأدبية) ص 158، وانظر حواشى الحماسة الشجرية. (¬1) هكذا يذكر ابن الشجرى هنا، وفى حماسته 1/ 279 أن أنس بن زنيم هذلى، ولم يذكر أحد ممن ترجمه أنه هذلى، وكلهم أجمعوا على أنه دؤلىّ، من بنى الدئل بن بكر بن عبد مناة بن كنانة. وأنس هذا من الشعراء الصحابة. انظر ترجمته فى أسد الغابة 1/ 147، وجمهرة الأنساب لابن حزم ص 184، والحيوان 5/ 255، وخزانة الأدب 2/ 121، والمؤتلف والمختلف ص 70، والشعر والشعراء ص 737. ويبقى بعد ذلك أنى لم أجد له ذكرا ولا شعرا فى شرح أشعار الهذليين. (¬2) فى الأصل، والموضع السابق من الحماسة الشجرية «عبد الله» وأثبتّ ما فى هـ‍، ومثله فى المحبر ص 66،151، والمعارف ص 234 - وانظر فهارسه-والعقد الفريد 4/ 47، والمردفات من قريش (نوادر المخطوطات 1/ 71). (¬3) الخماشة-بضم الخاء المعجمة-هى من الجنايات: كل ما كان دون القتل والدية، من قطع أو جرح أو ضرب أو نهب، ونحو ذلك من أنواع الأذى. (¬4) الأبيات فى الموضع السابق من الحماسة الشجرية، والحماسة البصرية 2/ 24، لأنس بن زنيم، ونسبها صاحب الأغانى 13/ 84 للمغيرة بن حبناء، وهى فى طبقات ابن المعتز ص 156 لنصيب الأصغر، أبى الحجناء، وأورد ابن المعتز فيها هذا البيت السّيّار: كلانا غنىّ عن أخيه حيائه ونحن إذا متنا أشدّ تغانيا وانظر له شرح شواهد المغنى ص 189، وشرح أبياته 4/ 270. (¬5) شام السحابة: نظر إليها أين تمطر. والعجاج: الغبار. والسّافى: الريح التى تسفى التراب، أو هو التراب نفسه. (¬6) بحاشية الأصل: «ويروى: واثعنجرت» وسيأتى فى شرح المصنف.

أأقصى ويدنى من يقصر رأيه … ومن ليس يغنى عنك مثل غنائيا فلما قرأ الأبيات عنّف حاجبه، وأذن له وقال: ويحك ما الذى دهاك؟ قال: / فعل حاجبك وطول مقامى ببابك، وأنت تعطى من أقبل وأدبر، ولا تلتفت إلىّ، فقال له: يا هذا أشهدت معى مودّأة هجر (¬1)؟ قال: لا، قال: فهل كنت معى يوم الخوارج (¬2) بدولاب الأهواز؟ قال: لا، قال: فهل لك علىّ من يد تستحقّ بها ما طلبت؟ قال: نعم كنت أجلس بين يديك فأسمع حديثك فأنشر محاسنه وأطوى مساويه، قال: إنّ فى هذا لما يشكر، كم أقمت بالباب؟ قال: أربعين يوما، فأمر له بأربعين ألفا. الشّؤبوب: الدّفعة من المطر، ويقال: أثجم المطر: إذا دام، والاثعنجار: الهطلان. ... ¬

(¬1) فى الأمالى، والحماسة الشجرية «موادة» بألف غير مهموزة بعد الدال، وصوابه بالهمز؛ لأنه من (ودأ). وقد ضبطت ميم «الموداة» فى أصل الأمالى بالضم. والأرض المودأة: هى المهلكة. وهجر: بالبحرين. وراجع هذه الموقعة فى تاريخ الطبرى 6/ 193. (¬2) فى الأصل: «الخزرج» وأثبت ما فى هـ‍، ومثله فى الحماسة الشجرية، وانظر عن يوم الخوارج بدولاب الأهواز: تاريخ الطبرى 6/ 120، والكامل للمبرد 3/ 297، وحواشى الحماسة الشجرية 1/ 221.

المجلس الثانى تقاسيم فى التثنية

المجلس الثانى تقاسيم فى التثنية قال أدام الله نعمته (¬1): التثنية والجمع المستعملان بالحرف أصلهما التثنية والجمع بالعطف، فقولك: جاء الرجلان، ومررت بالزيدين (¬2) أصله: جاء الرجل والرجل، ومررت بزيد وزيد، فحذفوا العاطف والمعطوف، وأقاموا حرف التثنية مقامهما اختصارا، وصحّ ذلك لاتفاق الذاتين فى التسمية بلفظ واحد، فإن اختلف لفظ الاسمين رجعوا إلى التكرير بالعاطف، كقولك: جاء الرجل والفرس، ومررت بزيد وبكر، إذ كان ما فعلوه من الحذف فى المتفقين يستحيل فى المختلفين، ولمّا التزموا فى تثنية المتّفقين ما ذكرناه من الحذف كان (¬3) التزامه فى الجمع مما لا بدّ منه ولا مندوحة عنه، لأنّ حرف الجمع ينوب عن ثلاثة فصاعدا إلى ما لا يدركه الحصر. ويدلّك على صحة ما ذكرته لك أنهم ربّما رجعوا إلى الأصل فى تثنية المتفقين وما فويق (¬4) ذلك من العدد، فاستعملوا التكرير بالعاطف، إما للضرورة، وإما للتفخيم، فالضرورة كقول القائل (¬5): ¬

(¬1) فى هـ‍: رضى الله عنه. (¬2) فى الأصل: «بالرجلين»، لكن فيه بعد ذلك فى التمثيل والتفصيل: «ومررت بزيد وزيد» وأثبت ما فى هـ‍، ومثله فى الخزانة 3/ 340، من كلام ابن الشجرى. وانظر المقتصد 1/ 183، وشرح المفصل 5/ 2، وشرح الجمل 1/ 135، والبسيط ص 247. (¬3) فى الأصل: «وكان». ولم ترد الواو فى هـ‍، والخزانة. (¬4) فى هـ‍: «فوق». وما فى الأصل مثله فى الخزانة. (¬5) هو منظور بن مرثد الأسدىّ. ويقال: منظور بن حبة-وحبّة أمّه-انظر المؤتلف-

كأنّ بين فكّها والفكّ أراد أن يقول: بين فكّيها، فقاده تصحيح/الوزن والقافية إلى استعمال العطف، ومثله: ليث وليث فى مكان ضنك (¬1) ومثله فيما جاوز الاثنين قول أبى نواس (¬2): أقمنا بها يوما ويوما وثالثا … ويوما له يوم التّرحّل خامس (¬3) فإن استعملت هذا فى السّعة فإنما تستعمله لتفخيم الشىء الذى تقصد تعظيمه، كقولك لمن تعنّفه بقبيح تكرّر منه، وتنبّهه على تكرير عفوك عنه: قد صفحت لك عن جرم وجرم وجرم وجرم، وكقولك لمن يحقر أيادى أسديتها إليه، ¬

= والمختلف ص 147، ومعجم الشعراء ص 281. والبيت الشاهد ينسب أيضا إلى رؤبة، وهو فى زيادات ديوانه ص 191، وانظر إصلاح المنطق ص 7، وأسرار العربية ص 47، وضرائر الشعر ص 257، والبسيط ص 200،247، وحواشيه-والخزانة 3/ 340،343، واللسان (فكك). (¬1) أنشد المصنف هذا البيت مع أبيات أخر ضمن قصة-ونسبه لجحدر بن مالك الحنفى-فى المجلس الرابع والستين، وينسب أيضا لواثلة بن الأسقع الصحابى، كما فى الخزانة 3/ 341، والدرر اللوامع 1/ 18، وأنشد من غير نسبة فى أسرار العربية ص 48، وضرائر الشعر ص 257، والمقرب لابن عصفور 2/ 41، وشرح الجمل له 1/ 137، والهمع 1/ 43. (¬2) ديوانه ص 295، والكامل ص 1049، وأمالى الزجاجى ص 147 وأمالى المرتضى 1/ 198، وضرائر الشعر ص 258، والمغنى ص 393، وشرح أبياته 6/ 83، والخزانة 3/ 340، عن ابن الشجرى كما سبق. وأنشد من غير نسبة فى المقرب 2/ 49 وشرح الجمل 1/ 146. وانظر معجم الشواهد ص 197، ثم انظر رأى ضياء الدين بن الأثير فى ضعف هذا البيت، فى المثل السائر 3/ 24، وردّ صلاح الدين الصفدى عليه فى الغيث المسجم 1/ 185. (¬3) جاء بهامش الأصل: «فسّر الأبّديّ فى شرح الجزولية مدّة الإقامة فى هذا البيت الذى لأبى نواس بأنها أربعة أيّام، والصواب أنها ثمانية، ويدلّ عليه قوله «ويوما» بعد قوله «ثالثا»، فدلّ على أنه يوم-

أو ينكر ما أنعمت به عليه: قد أعطيتك ألفا وألفا وألفا، فهذا أفخم فى اللفظ، وأوقع فى النفس من قولك: قد صفحت لك عن أربعة أجرام، وقد أعطيتك ثلاثة آلاف. والتثنية تنقسم إلى ثلاثة أضرب: تثنية لفظيّة، وتثنية معنويّة وردت بلفظ الجمع، وتثنية لفظيّة كان حقّها التكرير بالعطف. فالضّرب الأول عليه معظم الكلام، كقولك فى رجل: رجلان، وفى زيد: زيدان. والضّرب الثانى: تثنية آحاد ما فى الجسد كالأنف والوجه والبطن والظهر، تقول: ضربت رءوس الرجلين، وشققت بطون الحملين (¬1)، ورأيت ظهوركما، وحيّا الله وجوهكما، فتجمع وأنت/تريد: رأسين وبطنين وظهرين ووجهين، ومن ذلك فى التنزيل قوله جل ثناؤه: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما} (¬2) وجروا على هذا السّنن فى المنفصل عن الجسد، فقالوا: مدّ الله فى أعماركما، ونسأ الله فى آجالكما، ومثله فى المنفصل فيما حكاه سيبويه (¬3): ضع رحالهما. ومن العرب من يعطى هذا كلّه حقّه من التثنية، فيقولون (¬4): ضربت رأسيهما، ¬

= رابع، ثم قال «له» أى لذلك اليوم الرابع يوم الترحّل خامس، وتقدير البيت: أقمنا بها يوما ويوما وثالثا ويوما رابعا، يوم الترحّل خامس له، أى لذلك اليوم الرابع، وخامس الرابع تاسع، وهذا التاسع هو الترحّل، فيبقى ثمانية. والذى يوهم كون الإقامة أربعة حمل قوله «خامس» على أنه خامس واحد، وليس كذلك، وإنما هو خامس أربعة. وهذا التفسير، أى كون الإقامة ثمانية منقول عن الأستاذ أبى موهوب منصور الجواليقى. من خط تلميذ ابن هشام». انتهت الحاشية، وأورد ابن هشام ملخصها فى الموضع المذكور من المغنى. وعبارة الأبّديّ فى شرحه على الجزولية: «لولا الضرورة لقال أياما أربعة» راجع: الأبذى ومنهجه فى النحو مع تحقيق السفر الأول من شرحه على الجزولية، ص 111 (رسالة دكتوراة مخطوطة، بكلية اللغة العربية-جامعة أم القرى-من إعداد الأخ الدكتور سعد حمدان الغامدى). (¬1) فى هـ‍ «الجملين»، وسيأتى بالحاء المهملة قريبا. (¬2) الآية الرابعة من سورة التحريم، وانظر معانى القرآن 1/ 306، وإعراب القرآن المنسوب خطأ إلى الزجاج 3/ 787، وشرح الحماسة ص 886، وقد حكى البغدادىّ هذا الكلام عن ابن الشجرى-الخزانة 3/ 370. (¬3) الكتاب 3/ 622، عن يونس، وحكاه فى 2/ 49 «وضعا رحالهما» بصيغة الماضى لا الأمر، ونبّه عليه البغدادى فيما سبق من الخزانة. وبهذه الصيغة أعاده ابن الشجرى فى المجلس الخامس والستّين. (¬4) فى هـ‍ «فيقول» وما فى الأصل مثله فى الخزانة 3/ 371، عن ابن الشجرى.

وشققت بطنيهما، وعرفت ظهريكما، وحيّا الله وجهيكما، فممّا ورد بهذه اللغة قول الفرزدق (¬1): بما فى فؤادينا من الشوق والهوى وقول أبى ذؤيب (¬2): فتخالسا نفسيهما بنوافذ … كنوافذ العبط التى لا ترقع أراد بطعنات نوافذ، والعبط: جمع العبيط: وهو البعير الذى ينحر لغير داء. والجمع فى هذا ونحوه، هو الوجه، كما جاء فى التنزيل: {قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا} (¬3)، وجمع هميان بن قحافة بين اللغتين فى قوله: ومهمهين قذفين مرتين … ظهراهما مثل ظهور التّرسين (¬4) المهمه: المفازة الخرقاء، والقذف والقذيف: البعيد، والمرت: كلّ مكان لا ينبت مرعى. وربما استغنوا فى هذا النحو بواحد، لأن إضافة العضو إلى اثنين تنبئ عن المراد، كقولك: ضربت رأس الرجلين، وشققت بطن الحملين، ولا يكادون يستعملون ¬

(¬1) ديوانه ص 554، والكتاب 3/ 623، والجمل ص 312، والتبصرة ص 685، وما يجوز للشاعر فى الضرورة ص 185، وتفسير الطبرى 8/ 41، وأنشده ابن الشجرى مرة أخرى فى المجلس الخامس والستين. وانظر معجم الشواهد ص 236. وعجز البيت: فيبرأ منهاض الفؤاد المشعف وفى رواية القافية خلاف، انظره فى حواشى الكتاب والطبرى. (¬2) شرح أشعار الهذليين ص 40، وتخريجه فى ص 1362، ومعجم الشواهد ص 227، هو أيضا فى شواهد التوضيح ص 61. (¬3) سورة الأعراف 23. (¬4) ينسب أيضا إلى خطام المجاشعى. وأعاده ابن الشجرى فى المجلس الخامس والستين. وانظر الكتاب 2/ 48،3/ 622، والبيان والتبيين 1/ 156، وغريب القرآن لابن قتيبة ص 439، والجمل ص 313، والتبصرة ص 684، وإعراب القرآن المنسوب خطأ إلى الزجاج ص 787، وشواهد التوضيح ص 61، وضرائر الشعر ص 250، والخزانة 3/ 374، وشرح شواهد الشافية ص 94، ومعجم الشواهد ص 543.

هذا إلا فى الشعر (¬1)، وأنشدوا شاهدا عليه: كأنه وجه تركيّين قد غضبا … مستهدفين لطعن غير تذبيب (¬2) ذبّ فلان عن فلان: دفع عنه، وذبّب فى الطعن والدفع: إذا لم يبالغ فيهما. قال سيبويه (¬3): وسألته، يعنى الخليل، عن قولهم: ما أحسن وجوههما [فجمعوا وهم يريدون اثنين (¬4)] فقال: لأن الاثنين جميع، وهذا بمنزلة قول الاثنين: نحن فعلنا [ذاك (¬5)]، ولكنهم أرادوا أن يفرّقوا بين ما يكون مفردا (¬6)، وبين ما يكون شيئا من شيء. /والقول فى تفسير هذه الحكاية: أنهم قالوا: ما أحسن وجوه الرجلين، فاستعملوا الجمع موضع الاثنين، كما قال الاثنان: نحن فعلنا، ونحن إنما هو ضمير موضوع للجماعة، وإنما استحسنوا ذلك لما بين التثنية والجمع من التقارب، من ¬

(¬1) قال البغدادى: «والعجب من ابن الشجرى فى حمله الإفراد على ضرورة الشعر؛ فإنه لم يقل أحد إنه من قبيل الضرورة. . . وتبعه ابن عصفور فى كتاب ضرائر الشعر، والصحيح أنه غير مختص بالشعر» الخزانة 3/ 371. هذا كلام البغدادى، وفيه نظر، فإن عبارة «ولا يكادون يستعملون هذا إلاّ فى الشعر» تؤذن بأنه قد يستعمل فى سعة الكلام أيضا. (¬2) للفرزدق. ديوانه ص 371، ورواية العجز فيه: مستهدف لطعان غير منحجر وقد أنشد البغدادى البيت عن ابن الشجرى، ثم قال: «والبيت الشاهد قافيته رائية لا بائية» ويبدو أن ابن الشجرى قد تابع الفراء فى إنشاد البيت على قافية الباء، فإنه رواه هكذا فى معانى القرآن 1/ 308. وقد جاءت هذه القافية فى بيت للفرزدق، فى ديوانه ص 25، من قصيدة يمدح بها الحكم بن أيوب الثقفى. قال: مجاهد لعداة الله محتسب جهادهم بضراب غير تذبيب وانظر التبصرة ص 684، والبيان لأبى البركات الأنبارى 1/ 291، وشرح المفصل 4/ 157، وشرح الجمل 1/ 421،2/ 444. (¬3) الكتاب 2/ 48. (¬4) لم يرد عند سيبويه، ولا عند البغدادى فيما حكاه فى الخزانة 3/ 368. (¬5) زيادة من الكتاب والخزانة. (¬6) فى الكتاب والخزانة: «منفردا» وكذلك فيما يأتى.

حيث كانت التثنية عددا تركّب من ضمّ واحد إلى واحد، وأول الجمع، وهو الثلاثة، تركّب من ضمّ واحد إلى اثنين، فلذلك قال: «لأن الاثنين جميع» وقوله: «ولكنهم أرادوا أن يفرّقوا بين ما يكون مفردا وبين ما يكون شيئا من شيء» معناه أنهم أعطوا المفرد حقّه من لفظ التثنية، فقالوا فى رجل: رجلان، وفى وجه: وجهان، ولم يفعل ذلك أهل اللغة العليا فى قولهم: ما أحسن وجوه الرجلين، وذلك أن الوجه المضاف إلى صاحبه إنما هو شيء من شيء، فإذا ثنّيت الثانى منهما علم السامع ضرورة أن الأول لا بدّ من أن يكون وفقه فى العدّة (¬1)، فجمعوا الأول كراهة أن يأتوا بتثنيتين متلاصقتين فى مضاف ومضاف إليه، والمتضايفان يجريان مجرى الاسم الواحد، فلمّا كرهوا أن يقولوا: ما أحسن وجهى الرجلين، فيكونوا كأنهم قد جمعوا فى اسم واحد بين تثنيتين، غيّروا لفظ التثنية الأولى بلفظ الجمع، إذ العلم محيط بأنه لا يكون للاثنين أكثر من وجهين، فلمّا أمنوا اللبس فى وضع الوجوه موضع الوجهين استعملوا أسهل اللفظين (¬2). فأمّا ما فى الجسد منه اثنان، فتثنيته إذا ثنّيت المضاف إليه واجبة، تقول: فقأت عينيهما، وقطعت أذنيهما، لأنك لو قلت: أعينهما وآذانهما، لالتبس بأنك أوقعت الفعل بالأربع. فإن قيل: فقد جاء فى القرآن: {وَالسّارِقُ وَالسّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما} (¬3) فجمع اليد، وفى الجسد يدان، فهذا يوجب بظاهر اللفظ إيقاع القطع بالأربع. الجواب: أن المراد: فاقطعوا أيمانهما، وكذلك هى فى مصحف عبد الله (¬4)، فلما/ علم بالدليل الشرعىّ أن القطع محلّه اليمين، وليس فى الجسد إلاّ يمين واحدة، جرت مجرى آحاد الجسد فجمعت كما جمع الوجه والظهر والقلب (¬5). ¬

(¬1) فى هـ‍ «لا بدّ أن يكون وفقه فى جميع العدّة» وفى الخزانة 3/ 370 «لا بدّ أن يكون وفقه فى العدد». (¬2) هنا انتهى ما حكاه البغدادىّ عن ابن الشجرىّ. وقال عقبه: وهذا علّة البصريين. (¬3) سورة المائدة 38. (¬4) ابن مسعود، رضى الله عنه. وانظر معانى القرآن 1/ 306، وتفسير الطبرى 10/ 294، والخزانة 3/ 371. (¬5) فى الخزانة: والبطن.

والضرب الثالث من ضروب التثنية: تثنية التغليب، وذلك أنهم أجروا المختلفين مجرى المتفقين، بتغليب أحدهما على الآخر، لخفّته أو شهرته، جاء ذلك مسموعا فى أسماء صالحة، كقولهم للأب والأم: الأبوان، وللشمس والقمر: القمران، ولأبى بكر وعمر رضى الله عنهما: العمران، غلّبوا القمر على الشمس لخفّة التذكير، وغلّبوا عمر على أبى بكر، لأن أيام عمر امتدّت فاشتهرت، ومن زعم أنهم أرادوا بالعمرين عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز، فليس قوله بشىء، لأنهم نطقوا بالعمرين من قبل أن يعرفوا عمر بن عبد العزيز، وروى أنهم قالوا لعثمان رضوان الله عليه: نسألك سيرة العمرين، وقال الفرزدق (¬1): أخذنا بآفاق السماء عليكم … لنا قمراها والنّجوم الطّوالع أراد لنا شمسها وقمرها، وعنى بالشمس إبراهيم، وبالقمر محمدا صلى الله عليه وآله وسلم، وبالنّجوم عشيرة (¬2) النبى صلى الله عليه وآله وسلم، وكذلك أراد المتنبى بالقمرين الشمس والقمر فى قوله (¬3): واستقبلت قمر السّماء بوجهها … فأرتنى القمرين فى وقت معا ولو لم يرد الشمس والقمر لم يدخل (¬4) الألف واللام، ولقال: أرتنى قمرين. وقيل فى قوله تعالى: {يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ} (¬5): إن المراد المشرق والمغرب، فغلّب المشرق لأنه أشهر الجهتين. ¬

(¬1) ديوانه ص 519، وأنشده ابن الشجرى أيضا فى المجلس الحادى والستين. وانظر الكامل 1/ 143، والمقتضب 4/ 326، ومجالس العلماء ص 36، وإعراب القرآن المنسوب خطأ إلى الزجاج ص 788، وشرح الجمل 1/ 136، ومعجم الشواهد ص 221. (¬2) حكى تاج الدين السبكى فى طبقات الشافعية الكبرى 2/ 198، عن والده، هذا التأويل عن أمالى ابن الشجرى، لكن ورد فى حكايته أن المراد بالنجوم «الصحابة». وانظر الموضع السابق من مجالس العلماء، والمغنى ص 765، وشرح أبياته 8/ 88. (¬3) ديوانه 2/ 260، ومعجم الشواهد ص 214. (¬4) هذا من تأويل الشيخ عبد القاهر فى أسرار البلاغة ص 293. (¬5) سورة الزخرف 38، وحكى تأويل ابن الشجرىّ، الزركشىّ فى البرهان 3/ 312.

وقالوا لمصعب بن الزبير (¬1) وابنه المصعبان، وقالوا لعبد الله بن الزّبير وأخيه مصعب: الخبيبان، وكان عبد الله يكنى أبا خبيب، قال الراجز (¬2): قدنى من نصر الخبيبين قدى وقد أفرد صاحب (إصلاح المنطق) لهذا الضرب (¬3) بابا. كان لبيد بن ربيعة بن مالك بن جعفر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة (¬4) من شعراء الجاهلية وأدرك الإسلام فحسن إسلامه، وترك قول الشعر فى الإسلام، وسأله عمر بن الخطاب رضوان الله عليه فى خلافته، عن شعره واستنشده، فقرأ سورة البقرة، فقال: إنما سألتك عن شعرك، فقال: ما كنت لأقول بيتا من الشّعر بعد إذ علّمنى الله البقرة وآل عمران، فأعجب عمر قوله، وكان عطاؤه ألفين فزاده خمسمائة، وعاش إلى بعض أيام معاوية، وكان عطاؤه بالكوفة، وكتب معاوية إلى زياد بأن المال قد قلّ وكثر أهل العطاء، فانقص من أعطيات أهل الشرف خمسمائة [خمسمائة (¬5)] فنقصهم زياد عند أخذهم للعطاء رجلا رجلا، حتى انتهى إلى لبيد، فقال (¬6) له: هذان الخرجان يا أبا عقيل فما هذه العلاوة (¬7)؟ فقال له لبيد: أمضها لا أبا لك، فعن قليل ما يرجع إليك الخرجان والعلاوة، فاستحيا منه زياد لسنّه ¬

(¬1) اسمه عيسى. راجع تاريخ الطبرى 6/ 158 (حوادث سنة 71)، واللسان (صعب) وزاد قولا آخر أن المراد بالمصعبين: مصعب بن الزبير وأخوه عبد الله. (¬2) هو حميد الأرقط، وقيل غيره. الكتاب 2/ 371، واستقصيت تخريجه فى كتاب الشعر ص 155، وقد أعاده ابن الشجرى فى المجلس التاسع والخمسين. (¬3) إصلاح المنطق ص 400، وترجم له بباب الاسمين يغلّب أحدهما على صاحبه لشهرته أو لخفّته. (¬4) بقية نسبه فى الأغانى 15/ 361، وترجمة لبيد فى غير كتاب. انظر الشعر والشعراء 1/ 274، وحواشيه. (¬5) ليس فى هـ‍. (¬6) الذى فى الأغانى والشعر والشعراء أن القائل هو معاوية. (¬7) العلاوة-بكسر العين-ما عولى فوق الحمل وزيد عليه. النهاية 3/ 295.

وشرفه، فأعطاه عطاءه على تمامه، ولم يفعل ذلك مع أحد غيره، فكان ذلك آخر ما قبض [من العطاء (¬1)]. وكان لبيد آلى على نفسه فى الجاهلية ألاّ تهبّ الصّبا إلاّ نحر وأطعم الناس حتى تسكن، وألزم ذلك (¬2) نفسه فى الإسلام، وخطب الوليد بن عقبة بن أبى معيط الناس بالكوفة فى يوم صبا، فقال: معاشر الناس، إن أخاكم لبيد بن ربيعة آلى على نفسه فى الجاهلية ألاّ تهبّ الصّبا إلا نحر وأطعم الناس حتى تسكن، وأقام على سنّته فى الإسلام، وهذا اليوم من أيامه فأعينوه، وأنا أول من يعينه، ونزل عن المنبر، فبعث إليه بمائة بكرة، وكتب إليه بهذه الأبيات: أرى الجزّار يشحذ شفرتيه … إذا هبّت رياح أبى عقيل (¬3) أشمّ الأنف أصيد عامرىّ … طويل الباع كالسيف الصّقيل وفى ابن الجعفرىّ بما عليه … على العلاّت والمال القليل فلما وصلت الأبيات إلى لبيد، قال لبنت له: يا بنيّة أجيبيه، فقد رأيتنى وما أعيا بجواب شاعر، فقالت: إذا هبّت رياح أبى عقيل … دعونا عند هبّتها الوليدا أشمّ الأنف أصيد عبشميّا … أعان على مروءته لبيدا بأمثال الهضاب كأنّ ركبا … عليها من بنى حام قعودا أبا وهب جزاك الله خيرا … نحرناها وأطعمنا الثريدا فعد إنّ الكريم له معاد … وظنّى بابن أروى أن يعودا ¬

(¬1) ليس فى هـ‍. (¬2) فى هـ‍ «وألزم نفسه ذلك. . .»، وما فى الأصل مثله فى الحماسة الشجرية 1/ 378. (¬3) الأبيات فى الأغانى، والشعر والشعراء، والحماسة الشجرية، وجمهرة أشعار العرب 1/ 87، وشرح القصائد السبع ص 515.

فقال لها أبوها: أحسنت لولا أنك استزدتيه، فقالت: إن الأمراء لا يستحيا من الطلب إليهم، ولا غضاضة على سائلهم، فقال: وأنت فى هذا القول أشعر. ...

المجلس الثالث

المجلس الثالث قال كبت الله أعداءه (¬1): كان بنو زياد العبسيّون الرّبيع وعمارة وقيس وأنس، كلّ واحد منهم قد رأس فى الجاهلية وقاد جيشا، وأمهم فاطمة بنت الخرشب الأنمارية، وكانت إحدى المنجبات (¬2)، وهى التى سئلت فقيل لها: أىّ بنيك أفضل؟ فقالت: ربيع، بل عمارة، بل قيس، بل أنس، ثم قالت: ثكلتهم إن كنت أدرى. وكان لكلّ واحد منهم لقب، فكان عمارة يقال له: الوهّاب، وكان الربيع يقال له: الكامل، وقيس يقال (¬3) له: الجواد، وأنس يقال له: أنس الحفاظ، وكان عمارة آلى على نفسه ألاّ يسمع صوت أسير ينادى فى الليل/إلا افتكّه، وفيه يقول المسيّب ابن عامر (¬4). جزى الله عنّى والجزاء بكفّه … عمارة عبس نضرة وسلاما كسيف الفرند العضب أخلص صقله … تراوحه أيدى الرّجال قياما إذا ما ملمّات الأمور غشينه … تفرّجن عنه أصلتيّا حساما ¬

(¬1) فى هـ‍: تغمده الله برضوانه. (¬2) فى هـ‍: «كانت من المنجبات». وأخبار فاطمة فى غير كتاب، انظر المحبر ص 398،458، والكامل 1/ 226، والشعر والشعراء 1/ 316، والأغانى 17/ 197، ويقال فى الأمثال: «أنجب من فاطمة بنت الخرشب» انظر الدرة الفاخرة 1/ 410، ومجمع الأمثال 2/ 349. (¬3) الذى فى المراجع: قيس الحفاظ وأنس الفوارس. (¬4) لم أعرف المسيّب هذا، ولم أجد أبياته فيما بين يدىّ من مراجع، وقد أنشد البغدادىّ البيت الثانى منسوبا إلى المسيب هذا، حكاية عن ابن الشجرى. الخزانة 3/ 163.

لعمرك ما ألفيته متعبّسا … ولا ماله دون الصّديق حراما النّضرة: الحسن، ونضر الله وجهك: حسّنه، ومنه {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ} (¬1) {وَلَقّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً} (¬2) والسّلام: التحيّة، والسّلام: السّلامة، والسّلام: الله جلّت عظمته، ومن السّلامة قول الشاعر: تحيّى بالسّلامة أمّ بكر … وهل لى بعد قومى من سلام (¬3) ومن السلامة أيضا قول الله جلّ ثناؤه: {لَهُمْ دارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ} (¬4) وسمّى الله الجنة دار السلام، لسلامة أهلها من الآفات: الفقر والمرض والموت والأحزان. والفرند: جوهر السيف. والأصلتىّ: الحسن، والأصلتىّ: الماضى من كلّ شيء. ونصب «قياما» على الحال من الرجال، والحال من المضاف إليه قليلة، فمن ذلك قول الجعدىّ يصف فرسا (¬5): كأنّ حواميه مدبرا … خضبن وإن كان لم يخضب نصب «مدبرا» على الحال من الهاء، والحامية: ما فوق الحافر، وقيل الحامية: ما عن يمين الحافر وشماله (¬6)، وهذا أثبت. وأنشدوا فى الحال من المضاف إليه قول تأبّط شرّا: (¬7) ¬

(¬1) سورة القيامة 22. (¬2) سورة الإنسان 11. (¬3) أنشده المصنف أيضا فى المجلس الثامن، وهو من قصيدة لابن شعوب-وهى أمه-واسمه عمرو بن سمى، قالها فى بكاء قتلى بدر. راجع من نسب إلى أمه من الشعراء ص 83 (نوادر المخطوطات)، وسيرة ابن هشام 3/ 29، والبيت من غير نسبة فى تفسير غريب القرآن لابن قتيبة ص 6، واللسان (سلم) واشتقاق أسماء الله، لأبى القاسم الزجاجى ص 215، وفى حواشيه زيادة فى تخريج البيت، وفى نسبته. (¬4) سورة الأنعام 127. (¬5) ديوان النابغة الجعدى ص 20، وقد أنشد المصنف البيت فى المجالس: الثالث والعشرين، والرابع والعشرين، والسادس والسبعين، وهو فى الخيل لأبى عبيدة ص 164، والخزانة 3/ 161، وفى حواشى الديوان فضل تخريج. (¬6) هذا تفسير ابن قتيبة. وسيأتى التصريح به فى المجلس الرابع والعشرين. (¬7) ديوانه ص 62، والخزانة 3/ 164، وأعاده المصنف فى المجالس: الحادى والثلاثين، والسادس والسبعين، والحادى والثمانين.

سلبت سلاحى بائسا وشتمتنى … فيا خير مسلوب ويا شرّ سالب ولست أرى أن «بائسا» حال من ضمير المتكلم الذى فى «سلاحى» ولكنه عندى حال من مفعول «سلبت» المحذوف، والتقدير: سلبتنى بائسا سلاحى، وجاء بالحال من المحذوف لأنه مقدّر عنده منوىّ، ومثل ذلك فى القرآن قوله جلّ وعزّ: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً} (¬1) فوحيدا حال من الهاء العائدة فى التقدير على «من» ومثله: {أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللهُ رَسُولاً} (¬2) ألا ترى أنك لا بدّ أن تقدّر خلقته وحيدا، وبعثه الله رسولا، لأن الاسم الموصول لا بدّ له من عائد لفظا أو تقديرا. وإنما وجب العدول (¬3) عن نصب «بائس» على الحال من الياء التى فى «سلاحى» لما ذكرته لك من عزّة حال المضاف إليه، فإذا وجدت مندوحة عنه وجب تركه. وسلب: يتعدى إلى مفعولين، يجوز الاقتصار على أحدهما، كقولك: سلبت زيدا ثوبا، وقالوا: سلب زيد ثوبه، بالرفع على بدل الاشتمال، وثوبه، بالنصب على أنه مفعول ثان، وفى التنزيل: {وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ} (¬4) فيجوز على هذا أن تجعل «بائسا» مفعولا ثانيا بتقدير حذف الموصوف: أى سلبت سلاحى رجلا بائسا، كما تقول: لتعاملنّ منّى رجلا منصفا، ومما جاءت فيه الحال من المضاف إليه فى القرآن قوله تعالى: {قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً} (¬5) قيل: إن «حنيفا» حال من إبراهيم، وأوجه من ذلك عندى أن تجعله حالا من «الملّة» وإن خالفها بالتذكير، لأن الملّة فى معنى الدّين، ألا ترى أنها قد أبدلت من الدّين فى قوله جلّ وعزّ: {دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْراهِيمَ} (¬6) فإذا جعلت «حنيفا» حالا من «الملّة» ¬

(¬1) سورة المدثر 11. (¬2) سورة الفرقان 41. (¬3) فى هـ‍: من. (¬4) سورة الحج 73. (¬5) سورة البقرة 135. (¬6) سورة الأنعام 161، و «قيما» ضبطت فى الأصل بفتح القاف وتشديد الياء، وهى قراءة ابن كثير ونافع وأبى عمرو. السبعة لابن مجاهد ص 274، وقال أبو جعفر الطبرى فى تفسيره 12/ 282 إنها قراءة عامة قراءة المدينة وبعض البصريين.

فالناصب له هو الناصب للملّة، وتقديره: بل نتّبع ملّة إبراهيم حنيفا، وإنما أضمر «نتّبع» لأن ما حكاه الله عنهم من قولهم: {كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى تَهْتَدُوا} معناه: اتبعوا اليهودية أو النّصرانية، فقال لنبيّه قل بل نتبع ملة إبراهيم حنيفا. وإنما ضعف مجىء الحال من المضاف/إليه، لأن العامل فى الحال ينبغى أن يكون هو العامل فى ذى الحال. رجعنا إلى ما بدأنا به من الإخبار عن عمارة بن زياد العبسىّ. قالوا: وكان عمارة يحسد عنترة على شجاعته، إلا أنه كان يظهر تحقيره، ويقول لقومه: إنكم قد أكثرتم من ذكره، ولوددت أنى لقيته خاليا حتى أريحكم منه، وحتى أعلمكم أنه عبد، وكان عمارة مع جوده كثير المال، وكان عنترة لا يكاد يمسك إبلا، ولكن يعطيها إخوته ويقسمها فيهم، فبلغه ما يقول عمارة فقال (¬1): أحولي تنفض استك مذرويها … لتقتلنى فها أنا ذا عمارا متى ما تلقنى خلوين ترجف … روانف أليتيك وتستطارا وسيفى صارم قبضت عليه … أشاجع لا ترى فيها انتشارا حسام كالعقيقة فهو كمعى … سلاحى لا أفلّ ولا فطارا ومطّرد الكعوب أحصّ صدق … تخال سنانه فى اللّيل نارا ستعلم أيّنا للموت أدنى … إذا دانيت لى الأسل الحرارا وخيل قد دلفت لها بخيل … عليها الأسد تهتصر اهتصارا المذروان: جانبا الأليتين المقترنان، ومن كلام العرب: «جاء ينفض مذرويه (¬2)» ¬

(¬1) ديوانه ص 75، والأبيات أنشدها المصنف فى حماسته 1/ 26، وانظر غريب الحديث لأبى عبيد 4/ 455، والكامل 1/ 100، والشعر ص 118، وتفسير الطبرى 11/ 283، والتبصرة ص 236، وأمالى المرتضى 1/ 156، والسمط 1/ 483، والحماسة البصرية 1/ 16، وشرح الجمل 1/ 402، والخزانة 3/ 362، واللسان (طير-فطر-هصر-كمع-رنف-عقق-فلل). (¬2) مجمع الأمثال 1/ 171، قال الميدانى: يضرب لمن يتوعّد من غير حقيقة.

إذا جاء يتهدّد. وهذا الحرف مما شذ عن [قياس (¬1)] نظائره، وكان حقّه أن تصير واوه إلى الياء كما صارت إلى (¬2) الياء فى قولهم: ملهيان ومغزيان، لأن الواو متى وقع فى هذا النحو طرفا رابعا فصاعدا استحق الانقلاب إلى الياء، حملا على انقلابه فى الفعل فى نحو يلهى ويغزى، وإنما انقلبت الواو ياء فى قولك: ملهيان ومغزيان وإن لم تكن طرفا، لأنّها فى تقدير الطّرف، من حيث كان حرف التثنية لا يحصّن ما اتّصل به، لأن دخوله كخروجه، وصحّت الواو فى المذروين؛ لأنّهم بنوه على التثنية، فلم يفردوا فيقولوا مذرى (¬3)، كما قالوا: ملهى، فصحّت لذلك، كما صحّت الواو والياء فى العلاوة والنّهاية، فلم يقلبا إلى الهمزة، لأنهم بنوا الاسمين على التأنيث، وكما صحّت الياء فى الثّنايين من قولهم: عقلته بثنايين: إذا عقلت يديه جميعا بطرفى حبل، لأنهم صاغوه مثنّى، ولو أنهم تكلّموا بواحده لقالوا: ثناء، مهموز كرداء، ولقالوا فى تثنيته: ثناءان وثناءين، كرداءين. وقوله: «متى ما تلقنى خلوين» نصب «خلوين» على الحال من الفاعل والمفعول، أراد خاليين، ويروى، برزين: أى بارزين، ومثله الحال من ضمير الاثنين المستتر فى الظّرف من قوله عز وجل: {فَكانَ عاقِبَتَهُما أَنَّهُما فِي النّارِ خالِدَيْنِ} (¬4). والرّانفة: طرف الألية الذى يلى الأرض إذا كان الإنسان قائما. وأما الألية ¬

(¬1) ليس فى هـ‍. (¬2) هكذا جاءت العبارة فى الأصل، وفيما نقله البغدادى عن ابن الشجرى. وجاء فى هـ‍: كما صارت إليها فى قولهم. . . (¬3) انظر هذه المسألة والتى بعدها: (مذروان-عقلته بثنايين) فى كتاب الشعر ص 119، وحواشيه، والكامل ص 133، والمقتضب 1/ 191، والمخصص 15/ 114، وليس فى كلام العرب ص 266، 334، وشرح الحماسة ص 1191، وشرح الرضىّ على الكافية 3/ 359. (¬4) سورة الحشر 17.

فقال أبو علىّ الحسن بن أحمد الفارسىّ رحمه الله: قد جاء (¬1) من المؤنّث بالياء حرفان، لم يلحق فى تثنيتهما التاء وذلك قولهم: خصيان وأليان، فإذا أفردوا قالوا: خصية وألية، وأنشد أبو زيد (¬2): ترتجّ ألياه ارتجاج الوطب وأنشد سيبويه (¬3): كأنّ خصييه من التّدلدل … ظرف عجوز فيه ثنتا حنظل انتهى كلامه (¬4). وقد جاءت فى قوله-: «روانف أليتيك» تاء التأنيث، كما ترى، /فالعرب إذا مختلفة فى ذلك. ¬

(¬1) عبارة أبى علىّ فى التكملة ص 118 «وقد جاء حرفان لم يلحق. . .». (¬2) فى نوادره ص 130، وانظره فى التكملة، والمقتضب 3/ 41، وأدب الكاتب ص 410، والمنصف 2/ 131، والمقرب 2/ 45، وشرح الجمل 1/ 140، والخزانة 3/ 360، واللسان (ألا-خصا) وأنشده ابن سيده فى المخصص 16/ 98، عن أبى علىّ. (¬3) الكتاب 3/ 569،624، والمقتضب 2/ 156، وإصلاح المنطق ص 168، والتكملة والمنصف المواضع السابقة-والمخصص 12/ 110،13/ 196،16/ 98، وشرح الحماسة ص 1847، والمقرب 1/ 305،2/ 45، وشرح الجمل 1/ 140،276،2/ 29، وما يجوز للشاعر فى الضرورة ص 184، وهمع الهوامع 1/ 253، والخزانة، الموضع السابق، واللسان (ثنى-خصا). والبيتان ينسبان لخطام المجاشعى، ولجندل بن المثنى، ولسلمى الهذلية، ولشمّاء الهذلية. راجع الدرر اللوامع 1/ 209، ومعجم الشواهد ص 524. (¬4) الذى حكاه الرضىّ عن أبى على الفارسىّ، يدلّ على أنه يجوز أن يقال: «أليتان وخصيتان» بتاء التأنيث، وأن حذف التاء منهما إنما يجيء فى ضرورات الشعر، كما فى الشاهدين السابقين، وقد نبه البغدادىّ على ذلك. انظر شرح الكافية 2/ 176، والخزانة 3/ 359. والمسألة محررة فى المراجع التى ذكرتها فى تخريج الشاهدين. وجاء بهامش الأصل «جاء من كلام العرب أيضا التاء فى تثنية خصية. أنشد العلامة إمام النحاة ابن مالك فى شرح التسهيل، لطفيل الغنوى: فإنّ الفحل تنزع خصيتاه فيضحى جافرا قرح العجان انتهى. فبطل بهذا وبقول عنترة: «أليتيك» قول الفارسىّ من أن العرب لا تثبت فى تثنية هاتين الكلمتين التاء. ثم قول الفارسى «فإذا أفردوا قالوا خصية وألية» يوهم أنهم لم يقولوا غير ذلك. وقد نقل ابن مالك أنهم قالوا: ألى وخصى، بمعنى ألية وخصية. انتهى من خط تلميذ ابن هشام». قلت: لم أجد هذا البيت فى ديوان طفيل الغنوى، المطبوع، وهو ليزيد بن الصعق، فى اللسان (خصا).

ومعنى «تستطار»: تستخفّ، ويحتمل قوله «وتستطارا» وجهين من الإعراب، أحدهما: أن يكون مجزوما معطوفا على جواب الشرط، وأصله: تستطاران، فسقطت نونه للجزم، فالألف على هذا ضمير عائد على الرّوانف، وعاد إليها وهى جمع ضمير تثنية، لأنها من الجموع الواقعة فى مواقع التثنية، نحو قولك: وجوه الرجلين، فعاد الضمير على معناها دون لفظها، إذ المعنى رانفتا أليتيك، كما أن معنى الوجوه من قولك: حيّا الله وجوهكما، معنى الوجهين، لأنه لا يكون لواحد أكثر من وجه، كما أنه ليس للألية إلا رانفة واحدة. والوجه الثانى: أن يكون نصبا على الجواب بالواو، بتقدير: وأن تستطارا (¬1)، فالألف على هذا لإطلاق القافية، والتاء للخطاب، وهى فى الوجه الأول للتأنيث، ويجوز أن تجعل التاء فى هذا الوجه أيضا لتأنيث الرّوانف، وجاء الجواب بعد الشرط والجزاء، كما يجيء بعد الكلام الذى ليس بواجب، كالنهى والنفى فى قولهم: «لا تأكل السمك وتشرب اللبن»، و «لا يسعنى شيء ويعجز عنك»، ومثله فى انتصاب الجواب بالواو بعد الشرط والجزاء قول الله عز وجل: {إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَواكِدَ عَلى ظَهْرِهِ} -ثم قال: - {أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِما كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ. وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجادِلُونَ} (¬2) ومن قرأ: {وَيَعْلَمَ} رفعا-وهو نافع (¬3) وابن عامر-استأنفه، ومثله فى النصب على الجواب بعد الواو قول النابغة (¬4): فإن يهلك أبو قابوس يهلك … ربيع الناس والشّهر الحرام ونأخذ بعده بذناب عيش … أجبّ الظّهر ليس له سنام ¬

(¬1) سيأتى الكلام على هذا والذى بعده فى المجلس الرابع والأربعين. (¬2) سورة الشورى 33 - 35. (¬3) السبعة لابن مجاهد ص 581، وانظر معانى القرآن 3/ 24، وإعراب القرآن للنحاس 3/ 63. (¬4) ديوانه ص 231، وقد استشهد المصنف بالبيت الثانى فى المجلس التاسع والخمسين. وانظر معجم لشواهد ص 351، والتبيين للعكبرى ص 287.

قد روى [ونأخذ (¬1)] جزما بالعطف على جواب الشرط، ويروى: «ونأخذ»، رفعا على الاستئناف، ويروى: «ونأخذ»، نصبا على الجواب، ومثله الجواب بالفاء بعد الشرط والجزاء فى قول الله تعالى: {وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ} (¬2) الاختلاف فى «فيغفر» كالاختلاف فى «ونأخذ» قرأه ابن كثير (¬3)، ونافع، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائى، جزما بالعطف على «يحاسبكم» وقرأ عاصم وابن عامر، رفعا على الاستئناف، ويروى (¬4) نصبه على الجواب عن ابن عباس (¬5) رضى الله عنه، وإنما نصبوا الجواب بعد جملة الشرط والجزاء، لأن الجزاء متعلّق بالشرط، يقع بوقوعه ويمتنع بامتناعه، فأشبه النفى. والأشاجع: عروق ظاهر الكفّ، واحدها: أشجع، وبه سمّى الرجل، وهو قبل التسمية مصروف كما ينصرف أفكل، ويقال: رجل عارى الأشاجع: إذا كان قليل لحم الكفّ. وقوله: «حسام كالعقيقة فهو كمعى» العقيقة: الشّقّة من البرق، وهى ما انعقّ منه، وانعقاقه: تشقّقه. والكمع، والكميع: الضّجيع، وجاء فى الحديث- النّهى عن المكامعة والمكاعمة-والمكامعة: أن يضطجع الرجلان فى ثوب واحد ليس بينهما حاجز، والمكاعمة: أن يقبّل الرجل الرجل على (¬6) فيه. وقوله: «لا أفلّ ولا فطارا»: أى لا فلّ فيه ولا فطر، والفلّ: الثّلم، والفطر: الشّقّ. ¬

(¬1) زيادة من الخزانة 3/ 360، حكاية عن ابن الشجرى. (¬2) سورة البقرة 284. (¬3) السبعة ص 195، وإرشاد المبتدى ص 253. (¬4) فى هـ‍: وروى. (¬5) وتروى هذه القراءة أيضا عن الأعرج وأبى حيوة. إعراب القرآن للنحاس 1/ 304، ومشكل إعراب القرآن 1/ 121، والبحر 2/ 360. وانظر الإشارة إلى هذه القراءة فى الكتاب 3/ 90. (¬6) مأخوذ من كعام البعير، وهو أن يشدّ فمه إذا هاج، وكلّ مشدود الفم: مكعوم. ذكره أبو عبيد فى غريب الحديث 1/ 171.

وموضع قوله: «كالعقيقة» رفع، وصف لحسام، ففى الكاف ضمير عائد على الموصوف. وانتصاب «أفلّ» على الحال من المضمر فى الكاف، والعامل فى الحال ما فى الكاف من معنى التشبيه، والتقدير: حسام يشبه العقيقة غير منفلّ ولا منفطر. وقوله: «ومطّرد الكعوب»: أى متتابع الكعوب، أى ليس فى كعوبه اختلاف [يقال (¬1)]: اطّرد القول: إذا تتابع، والكعوب من الرمح: العقد ما بين كل أنبوبين كعب. والأحصّ: الأملس، يقال: انحصّ رأسه: إذا ذهب شعره، وسنة حصّاء: لانبت فيها والصّدق: الصّلب، وقوله: ستعلم أيّنا للموت أدنى … إذا دانيت لى الأسل الحرارا أراد: إلى الموت أدنى، وإذا دانيت إلىّ الأسل، فوضع اللام فى موضع «إلى»، لأن الدّنوّ وما تصرّف منه أصله التعدّى بإلى، ومثله فى إقامة اللام مقام «إلى» قول الله سبحانه: {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها} (¬2) أى أوحى إليها، ومثله {قُلِ اللهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ} ثم قال: {أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ} (¬3). والأسل: الرّماح. والحرار: العطاش، ومن دعائهم: «رماه الله بالحرّة (¬4) تحت القرّة»: أى بالعطش تحت البرد. ¬

(¬1) ليس فى هـ‍. (¬2) سورة الزلزلة 5، وانظر كتاب الشعر ص 103،360. (¬3) سورة يونس 35، وانظر كتاب الشعر ص 103. (¬4) بكسر الحاء، وحقّها الفتح، ولكنهم كسروها لتزاوج القرّة.

وقوله: «وخيل قد دلفت لها بخيل» الدّليف: المشى الرّويد، وهو فويق الدّبيب، وهو مشى الكتيبة إلى الكتيبة. وقوله: «عليها الأسد تهتصر» معنى تهتصر: تجتذب أقرانها، يقال: هصرت الغصن واهتصرته: إذا جذبته، ويقال: رجل هصر: إذا كان شديد الجذب للأقران، ومنه اشتقاق: مهاصر، اسم رجل. آخر المجلس. ...

المجلس الرابع باب يشتمل على تفسير أبيات، إعرابا ومعنى

المجلس الرابع باب يشتمل على تفسير أبيات، إعرابا ومعنى بيت للكميت بن زيد الأسدىّ، من قصيدة مدح بها بعض (¬1) ملوك بنى أمية: صرّ رجل الغراب ملكك فى النا … س على من أراد فيه الفجورا (¬2) نصب «رجل الغراب»، على المصدر، قال أبو عبيد القاسم بن سلاّم: رجل الغراب: ضرب من صرّ أخلاف الناقة لا ينحلّ، ولا يقدر فصيل على أن يرضع معه، انتهى كلامه. قال كبت (¬3) الله عدوّه: إن هذا مثل ضربه وتشبيه، ومفعول «صرّ» محذوف، والمعنى: صرّ ملكك البلاد فمنعها من المفسدين وفطمهم منها، كما يمنع الفصيل لبن أمّه بالصّرّ، والتقدير: صرّ البلاد ملكك صرّا مثل الصّرّ المعروف برجل الغراب. بيت للشمّاخ (¬4). إذا الأرطى توسّد أبرديه … خدود جوازئ بالرّمل عين الأبردان: الغداة والعشىّ، والجوازئ من البقر والظباء: التى جزأت بالرّطب ¬

(¬1) هشام بن عبد الملك. الأغانى 17/ 21. (¬2) ديوان الكميت ص 213، وتخريجه فى ص 349. (¬3) فى هـ‍: قال المصنف. (¬4) ديوانه ص 331، وتخريجه فى ص 348.

عن الماء، أى استغنت، وهو جمع جازئ وجازئة، والمصدر الجزء مضموم الأول، والجزوء أيضا على الفعول (¬1)، والعين: الواسعة العيون، الواحد أعين وعيناء. ويقال: ما موضع الأرطى؟ والجواب: نصب (¬2) بتوسّد، ولا حاجة بك إلى إضمار فعل ينصبه (¬3)، يكون هذا مفسّرا له، لأن الظاهر غير مشغول عن (¬4) العمل فيه، وانتصاب «أبرديه (¬5)» على الظرف، والهاء عائدة على الأرطى، ولو أنها اتصلت بالفعل فقيل: توسّده، وجب أن تضمر للأرطى ناصبا يفسّره هذا الظاهر، ولكنه كقولك: إذا زيدا أكرم بكر طرفى نهاره كان كذا. أنشد أبو العباس محمد بن يزيد، فى المقتضب (¬6): بعد اللّتيّا واللّتيّا والّتى … إذا علتها أنفس تردّت لم يأت للموصولين الأوّلين بصلة، لأن صلة الموصول الثالث دلّت على ما أراد، ومثله: من اللّواتى والّتى واللاّتى … زعمن أنّى كبرت لداتى (¬7) وصل اللاتى وحذف صلة اللواتى والتى، للدّلالة عليها. ¬

(¬1) فى هـ‍: المفعول. (¬2) انظر هذا الإعراب فى شرح ديوان المتنبى المنسوب خطأ إلى العكبرى 2/ 174. (¬3) ذهب إلى هذا الإضمار، البغدادىّ فى الخزانة 4/ 356. (¬4) فى هـ‍: من. (¬5) أعرب البغدادىّ «أبرديه» بدل اشتمال من «الأرطى». (¬6) المقتضب 2/ 289، والبيتان للعجاج، فى ديوانه ص 274، والكتاب 2/ 347،3/ 488، وغير ذلك كثير. واللّتيّا، بفتح اللام وضمّها، كما ذكر أبو زيد، فى النوادر ص 376، وأفاد أن الضمّ جرى على أصل التصغير، لكنّ الحريرىّ ذكر أن الضمّ خطأ. درة الغواص ص 12. (¬7) البيتان من غير نسبة فى الشعر والشعراء 1/ 88، وشرح الجمل 1/ 93،187، واللسان (لتى) وانظر كتاب الشعر ص 425، وحواشيه.

ومما حذف منه صلة موصولين، فلم يؤت فيه بصلة أخرى، قول سلمىّ (¬1) بن ربيعة السّيدىّ: /ولقد رأبت ثأى العشيرة بينها … وكفيت جانيها اللّتيّا والّتى أراد اللّتيّا والتى تأتى على النفوس، لأن تأنيث اللّتيّا والتى هاهنا إنما هو لتأنيث الداهية، ألا ترى إلى قول الراجز (¬2): بعد اللّتيّا واللّتيّا والتى … إذا علتها أنفس تردّت وتردّت: تفعّلت من الرّدى، مصدر ردى يردى: إذا هلك، وإن شئت أخذته من التردّى: الذى هو السّقوط من علو، ومنه «المتردّية (¬3)»: الشاة التى تسقط من جبل أو حائط، أو فى بئر فتموت، ومنه: {وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدّى} (¬4) أى إذا سقط على رأسه فى جهنم. وحذف الصّلة (¬5) من هذا الضّرب من الموصولات إنما هو لتعظيم الأمر وتفخيمه (¬6)، ومثل ذلك حذف الأجوبة فى نحو: {وَلَوْ تَرى إِذِ الظّالِمُونَ فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ} (¬7) ¬

(¬1) ضبط فى الأصل بضم السين وسكون اللام وكسر الميم وتشديد الياء، وهو أحد ضبطين فيه، والثانى بفتح السين وسكون اللام وفتح الميم. وفيه كلام كثير تراه فى حواشى شرح الحماسة ص 546، وأنا أميل إلى الضبط الأول، لخلوصه من شبه التأنيث. والبيت الشاهد من قصيدة تروى لسلمىّ بن ربيعة هذا، ولعلباء بن أرقم، وينسب بيتان منها لعمرو بن قميئة. راجع الموضع السابق من شرح الحماسة، ونوادر أبى زيد ص 374، والأصمعيات ص 161، وديوان عمرو بن قميئة ص 197، وانظر كتاب الشعر ص 390. (¬2) تقدّم قريبا. (¬3) انظرها فى الآية الثالثة من سورة المائدة. (¬4) سورة الليل 11. (¬5) فى هـ‍: «وحذف الحذف. . .»، وفى الخزانة 2/ 560 - من طبعة بولاق- «والحذف من هذا الضرب» وحكاه البغدادى عن ابن الشجرى. وانظر طبعة شيخنا عبد السلام هارون-رحمه الله وبرّد مضجعه-6/ 155. (¬6) ذكره ابن الأثير فى منال الطالب ص 163،513. (¬7) سورة الأنعام 93.

ونحو: {وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً} (¬1) تقدير الجواب، والله أعلم: لرأيت أمرا هائلا، ومن ذلك قولهم: «أصاب الناس جهد ولو ترى أهل مكة» (¬2) تقدير المحذوف: لرأيتهم بأسوإ حال، وقد جاء التحقير فى كلامهم للتعظيم كقوله (¬3): وكلّ أناس سوف تدخل بينهم … دويهية تصفرّ منها الأنامل أراد بالدّويهية الموت، ولا داهية أعظم منها، وكقول أوس بن حجر (¬4): فويق جبيل شامخ الرأس لم تكن … لتبلغه حتّى تكلّ وتعملا أى لم تكن لتبلغ رأسه. فتحقير اللّتيّا هاهنا إنما هو تعظيم، ويبعد أن يكون أراد باللّتيّا الفعلة الهيّنة لقوله: «وكفيت جانيها اللّتيّا»، والفعلة الهيّنة لا يكاد فاعلها يسمّى جانيا. /فأما قوله: «ولقد رأبت ثأى العشيرة بينها» فالرّأب: الإصلاح، والثّأى: الفساد، والظّرف متعلّق بالثّأى: أى أصلحت ما فسد بينها. بيت، سأل عن إعرابه ومعناه أبو الحسن علىّ بن عبد الرحمن المغربىّ: أنّى تردّ لى الحمول أراهم … ما أقرب الملسوع منه الداء (¬5) فأجبت بأن الداء مبتدأ قدّم خبره عليه، وإن كان الخبر جملة، اتّساعا، لأن ¬

(¬1) سورة السجدة 12. (¬2) اللسان (رأى)، وأعاده المصنف فى المجلس الرابع والخمسين. (¬3) لبيد، رضى الله عنه، والبيت فى ديوانه ص 257، وتخريجه فى ص 390، وقد أنشده المصنف من غير نسبة فى المجلس الحادى والخمسين، ومنسوبا للبيد فى المجلس التاسع والخمسين. وهو أيضا فى كتاب الشعر ص 391، وشرح الجمل 2/ 289. (¬4) ديوانه ص 87، وتخريجه فى ص 164، وهو فى الموضع السابق من شرح الجمل. (¬5) البيت من غير نسبة فى اللسان (حمل).

البصريّين مجمعون (¬1) على جواز تقديم الجملة على المخبر بها عنه، كقولك: مررت به المسكين، وأكرمت أخاه زيد، أى المسكين مررت به، وزيد أكرمت أخاه، والمعلّق للجملة بالمبتدإ الهاء فى «منه» فالتقدير: الداء ما أقرب الملسوع منه، كقولك: زيد ما أحسن وجهه، وجاز الإخبار بجملة التعجب، لأن التعجب ضرب من الخبر، من حيث يدخله التصديق والتكذيب، ومثل ذلك الإخبار بنعم وفاعلها، فى قولك: نعم الرجل زيد، فى قول من جعل زيدا مبتدأ، كأنك قلت: زيد نعم الرجل، وإنما ألزموا الخبر المركّب من نعم وفاعلها التقديم على المبتدأ غالبا؛ لقوّة عنايتهم بالمدح. والأصل فى الحمول أن تكون الأحمال، واتّسعوا فيها حتى استعملوها للمتحمّلين. ومن ذلك قول المتنبى فى وصف الدنيا (¬2): من رآها بعينها شاقه القطّ … ان فيها كما تشوق الحمول أى كما يشوق المتحمّلون (¬3). وقوله: «أنّى تردّ لى الحمول» استفهام أخرجه مخرج الإنكار، وقال: «أراهم» فأعاد إلى الحمول ضمير العقلاء الذّكور، لأنه ذهب بالحمول إلى المتحمّلين. وقد جاءت الحمول بمعنى النساء المتحمّلات فى قول معقّر بن حمار البارقىّ: ¬

(¬1) ذكر ابن عقيل فى باب المبتدأ والخبر من شرحه على الألفية 1/ 200، قال: «ونقل الشريف أبو السعادات هبة الله بن الشجرى، الإجماع من البصريين والكوفيين على جواز تقديم الخبر إذا كان جملة، وليس بصحيح، وقد قدمنا نقل الخلاف فى ذلك عن الكوفيين». انتهى كلام ابن عقيل. وأنت ترى أن ابن الشجرى إنما نقل الإجماع عن البصريين ليس غير. (¬2) ديوانه 3/ 150. (¬3) وفيه رأى آخر: أنه على حذف المضاف، كأنه أراد ذوى الحمول. راجع الديوان.

أمن آل شعثاء الحمول البواكر … مع الصّبح قد زالت بهنّ الأباعر (¬1) والمعنى أنه استبعد بقاءه إلى حين رجعة المتحملين إليه ونظره إليهم، فقال: / كيف يردّ لى الذين تحمّلوا حتى أراهم، أى لا يكون ذلك؛ لأنى كالملسوع الذى داؤه المؤدّى إلى موته أقرب الأشياء إليه، لأن داء الملسوع لا تكاد ترجى السلامة منه. امرؤ القيس، فى وصف ناقته (¬2): تخدى على العلاّت سام رأسها … روعاء منسمها رثيم دامى جالت لتصرعنى فقلت لها اقصرى … إنى امرؤ صرعى عليك حرام خدى البعير يخدى خديا، ووخد يخد وخدانا ووخدا: كلاهما من السير السريع. وقوله: «على العلاّت» أى على ما بها من الكلال والجوع والعطش. و «سام رأسها»: أى مرتفع من نشاطها، وموضع «سام» نصب على الحال، ولكنه أسكنه ضرورة، كقول بشر بن أبى خازم (¬3): كفى بالنأى من أسماء كافى ¬

(¬1) البيت فى اللسان (حمل) والموضع المذكور من ديوان المتنبى، وهو مطلع قصيدة معقّر التى فيها البيت الذائع: فألقت عصاها واستقرّ بها النوى كما قرّ عينا بالإياب المسافر نقائض جرير والفرزدق ص 676. (¬2) ديوانه ص 116. (¬3) ديوانه ص 142، وتخريجه فيه، وزد عليه كتاب الشعر ص 110 وحواشيه، وسيعيده ابن الشجرى فى المجالس: الثامن والعشرين، والخامس والثلاثين، والسابع والثلاثين. وعجز البيت: وليس لحبّها إذ طال شاف وأنشد ابن الشجرى القصيدة فى مختاراته ص 279 - 290، وانظر معجم الشواهد ص 240.

فرأسها إذا مرتفع بسام، دون الابتداء، ارتفاع الفاعل بفعله، لأن اسم الفاعل إذا اعتمد عمل عمل الفعل، واعتماده أن يكون خبرا أو صفة أو صلة أو حالا. وروعاء: حديدة الفؤاد، ترتاع من كلّ شيء، وانتصابها على الحال. والمنسم للبعير كالظّفر للإنسان. ورثيم: مشقوق، فعيل بمعنى مفعول، صكّته الحجارة فرثمته، وأصل الرّثم فى الأنف، يقال: رثمت أنفه: إذا شققته حتى يسيل [منه (¬1)] دم، ولكنه استعاره للمنسم. وقوله: اقصرى، من القصر الذى هو الحبس، أى احبسى جولانك، ومنه {حُورٌ مَقْصُوراتٌ} (¬2). وقوله: «إنى امرؤ صرعى عليك» كان حقّه أن يقول: صرعه، فيعيد إلى امرئ ضمير غيبة، لأنه اسم غيبة، ولكنه لما وقع خبرا عن ياء المتكلم، والخبر المفرد هو المخبر عنه، أعاد إليه من الجملة التى وصفه بها ضمير متكلّم، ونظير ذلك فى التنزيل قوله جلّت عظمته: {إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} (¬3) كان قياسه: يجهلون بالياء، لأنه صفة قوم، وقوم اسم غيبة، والتاء/خطاب، ولكن حسن إجراء الخطاب وصفا لقوم، لوقوعه خبرا عن ضمير المخاطبين. وقال أبو حاتم سهل بن محمد فى قوله: «صرعى عليك حرام»: المعنى أنه حاذق بالركوب، فهذه الناقة لا تقدر أن تصرعه، وقال غير أبى حاتم: معناه قد آتيت إليك من الإحسان ما لا ينبغى لك معه أن تصرعينى، أى قد حرّم إحسانى إليك صرعى عليك. ¬

(¬1) ليس فى الأصل. (¬2) سورة الرحمن 72. (¬3) سورة الأعراف 138.

وهذا البيت انفرد الأصمعىّ (¬1) بروايته، وروى «حرام» مكسور الميم، ولو رواه بضمها على الإقواء (¬2) كان أحبّ إلىّ، وقال أبو حاتم فى تعليل الكسر فيه: أخرج «حرام» مخرج كفاف، من قول الراجز (¬3): يا ليت حظّى من جداك الضّافى … والفضل أن تتركنى كفاف عدل (¬4) كفاف عن كاف، وإن شئت قدّرتها معدولة عن التّركة الكافّة. انتهى كلامه. قال أدام الله نعمته (¬5): حرام لا يتأتّى فيها العدل عن فاعل أو فاعلة، كما تأتّى ذلك فى كفاف، وكفاف قد اتّسع استعمالها فى الشعر القديم، وقد ورد فى أشعار المتأخّرين، كقول أبى العلاء المعرّىّ، فى ابتداء مرثية أبى أحمد الموسوىّ والد المرتضى والرّضىّ: أودى فليت الحادثات كفاف … مال المسيف وعنبر المستاف (¬6) المسيف: الذى ذهب ماله (¬7)، والمستاف مفتعل من السّوف، وهو الشّمّ. ¬

(¬1) وكذا ذكر محقق الديوان فى تخريج البيت ص 410. (¬2) وهذا هو رأى امرئ القيس، فيما استنطقه أبو العلاء المعرّى. جاء فى رسالة الغفران ص 233: «أتقول: «حرام»، فتقوى، أم تقول: «حرام» فتخرجه مخرج حذام وقطام؟ وقد كان بعض علماء الدولة الثانية [أى الدولة العباسية] يجعلك لا يجوز الإقواء عليك. فيقول امرؤ القيس: «لا نكرة عندنا فى الإقواء». . . إلى آخر ما قال. (¬3) هو رؤبة. ديوانه ص 100، وشروح سقط الزّند ص 1264،1265، واللسان (كفف)، ومعجم الشواهد ص 503. (¬4) قال ابن هشام: «فالأصل كفافا، فهو حال، أو ترك كفاف، فهو مصدر» المغنى ص 758. (¬5) فى هـ‍: رحمه الله. (¬6) شروح سقط الزند ص 1264. (¬7) المال هنا: الإبل. المرجع السابق، واللسان (سوف)، وقال ابن الأثير فى النهاية 4/ 373: «المال فى الأصل: ما يملك من الذهب والفضة، ثم أطلق على كلّ ما يقتنى ويملك من الأعيان، وأكثر ما يطلق المال عند العرب على الإبل؛ لأنها كانت أكثر أموالهم».

عدل كفاف عن كافّة، أى ليت الحادثات كفّت عنا خيرها وشرّها، فلم تسد إلينا خيرا، ولم توقع بنا شرّا، فقام هذا بهذا. وإذا كان العدل فى «كفاف» ممكنا وفى «حرام» متعسّفا وجب اطّراح المتعسّف، وأن تحمل هذه اللفظة على وجه يستقيم به فيها الكسر، وذلك أن يكون /ألحقها ياء النّسب للمبالغة (¬1)، من حيث كانت وصفا، كقولهم فى الأحمر: أحمرىّ، وفى الدّوّار: دوّارىّ، قال الراجز (¬2): والدّهر بالإنسان دوّارىّ ثم خفّف الياء من «حرامىّ» ضرورة، كما خفّفها القائل (¬3): قتلت علباء وهند الجملى فهذا أمثل ممّا رآه أبو حاتم، ويجب على هذا الوجه إثبات الياء فى الخطّ. ... ¬

(¬1) هذا تأويل أبى على الفارسىّ، كما ذكر ابن هشام فى المغنى، الموضع السابق. (¬2) هو العجاج. ديوانه ص 310، والتبصرة ص 473، ومعجم الشواهد ص 561. (¬3) هو عمرو بن يثربى. تاريخ الطبرى 4/ 517، واللسان (جمل). وانظر شرح نهج البلاغة 1/ 259، فى أحداث يوم الجمل.

المجلس الخامس

المجلس الخامس بيت للرّضىّ من قصيدة مدح بها الطائع، رضى الله عنه: قد كان جدّك عصمة العرب الألى … فاليوم أنت لهم من الإعدام (¬1) قوله: «الألى» يحتمل (¬2) وجهين، أحدهما: أن يكون اسما ناقصا بمعنى الذين أراد الألى سلفوا، فحذف الصّلة للعلم بها، كما حذفها عبيد بن الأبرص فى قوله: نحن الألى فاجمع جمو … عك ثم وجّههم إلينا (¬3) أراد نحن الألى عرفتهم. والوجه الثانى: أن يكون أراد الأولى، فحذف الواو التى هى عين الفعلى، كما حذفها الأسود بن يعفر فى قوله: وأتبعت أخراهم طريق الاهم … كما قيل نجم قد خوى متتايع (¬4) ¬

(¬1) ديوان الشريف الرضىّ 2/ 335، واللسان (ألا) 20/ 322، وأنشده المصنّف فى المجلس الثانى والستّين. (¬2) حكاه صاحب اللسان، عن رضيّ الدين الشاطبىّ، عن ابن الشجرىّ. (¬3) ديوانه ص 137، وكتاب الشعر ص 422، وحواشيه، واللسان (ألا). وأنشده المصنف فى المجلسين: الثانى والسّتين، والرابع والسبعين. (¬4) ديوان الأسود بن يعفر ص 45، وتخريجه فى ص 79، وانظر كتاب الشعر ص 208، وحواشيه. وأعاد المصنف الشاهد فى المجلس الثانى والستين. وقد وردت قافية البيت فى الديوان ومراجع تخريج البيت على ثلاث صور: متتابع، بالباء الموحدة قبل العين، ومتتابع، بالياء التحتية، ومتتائع، بالهمز. والصورة الأولى أضعفهن. وقد أثبت البغدادىّ، -

قيل: إنه أراد هجوت آخرهم كما هجوت أولهم، أى ألحقت آخرهم بأولهم فى الهجاء، ويقال: خوت النجوم: إذا سقطت فلم يكن عن سقوطها مطر. ويدلك على أنه أراد بألاهم أولاهم أمران، أحدهما: معادلتها لأخراهم، ومثله قول أميّة بن أبى الصّلت (¬1): وقد علمنا لو أنّ العلم ينفعنا … أن سوف تلحق أخرانا بأولانا /ومثله فى كتاب الله عزّ وجلّ: {قالَتْ أُولاهُمْ لِأُخْراهُمْ} (¬2). /والثانى: أنها لا تخلو من أن يكون المراد بها ما ذكرته، أو تكون «ألى» المبهمة التى فى قول الأعشى (¬3): هاؤلا ثم هاؤلا كلاّ اعطي‍ … ت نعالا محذوّة بنعالى أو تكون التى (¬4) بمعنى الذين، كقول بشر (¬5): ¬

= الصورة الثالثة، قال فى الخزانة 11/ 307: «ومتتائع بالهمز؛ لأنه اسم فاعل من التتايع، بالمثناة التحتية. قال فى الصحاح: التتايع: التهافت فى الشرّ واللجاج، ولا يكون التتايع إلاّ فى الشرّ». وجاء بحاشية الخزانة، طبعة بولاق 4/ 526 «قوله ومتتائع بالهمز الخ فى ذلك نظر ظاهر». وقال شيخنا عبد السلام هارون، رحمه الله ورضى عنه فى حواشى طبعته: «المعهود أن يعامل هذه المعاملة اسم الفاعل من الثلاثى المعتل، أما نحو المتبايع من التبايع، والمتساير من التساير، فلا تقلب فيه الياء همزة، وفى الحديث: «المتبايعان بالخيار»، وذلك لأن عين الفعل من تبايعا وتتايعا وتسايرا لم تعلّ، فهى نحو عين وعور، فهو عاين وعاور». انتهى كلام شيخنا، وانظر هذه المسألة التصريفية فى الكامل ص 1089. ويبقى أن أقول: إن الرواية فى ديوانه (طبع بغداد) «متتائع» بالهمز، أما فى طبعة فينا (ضمن الصبح المنير فى شعر أبى بصير. وهو المسمى ديوان الأعشين) فهى «متتايع» بالياء التحتية، وهو الصواب إن شاء الله، على ما يقتضيه حق التصريف. واعلم أن شعر الأسود بن يعفر وضع مع شعر الأعشين؛ لأنه عرف بأعشى بنى نهشل. (¬1) ديوانه ص 517، وأعاده المصنف فى المجلسين: الثانى والستّين، والتاسع والسبعين. وانظر كتاب الشعر ص 422، وسياقه يؤذن بأن ابن الشجرى ينقل عن أبى على. (¬2) سورة الأعراف 39، وتلاوة الآية الكريمة: «وقالت» لكنّ ترك الواو والفاء ونحو هما فى أول الاستشهاد جائز، وقد جرى الإمام الشافعىّ على هذا النحو فى ثلاثة مواضع من «الرسالة». راجع حواشى الحيوان 4/ 57، ومجالس ثعلب ص 555، والفصول الخمسون ص 165، ومنال الطالب ص 468. (¬3) ديوانه ص 11، والقافية فيه: «بمثال». وانظر كتاب الشعر ص 416، وحواشيه. (¬4) فى هـ‍ «أو يكون بمعنى الذين». (¬5) فى النسختين: الأصل وهـ‍: «كقول عبيد»، ولم أجده فى ديوان عبيد بن الأبرص المطبوع. -

ونحن ألى ضربنا رأس حجر فلا يجوز أن تكون المبهمة ولا الموصولة، لأنّ تينك لا تضافان، فثبت ما ذكرته أن المراد بها أولاهم، وإنما استجازوا مثل هذا الحذف فى المعتلّ الأصلىّ تشبيها له بالزائد، كقولهم فى الرّءوف: الرّؤف، وفى العلابط: العلبط، وفى العرنتن: العرتن، وفى العريقصان: العرقصان، ومن ذلك حذفهم اللام من مراما (¬1)، فى قولهم مرامىّ تشبيها لها بألف التأنيث فى حبارى، وحذفهم الياء الساكنة التى هى عين فى تحيّة، تشبيها بالياء الزائدة فى حنيفة، فقالوا: تحوىّ (¬2)، كما قالوا: حنفىّ، وكذلك شبّهوا اللامات المعتلّة بالحركة الزائدة، فحذفوهنّ للجزم فى نحو: لم يدع ولم يمش ولم يخش، كما حذفوا الحركة من الصحيح. العلابط: القطيع الضخم من الغنم، والعرنتن: ضرب من الشجر، والعريقصان: اسم جنس من الدوابّ. بيت للرضىّ، قال (¬3) أدام الله نعمته: سئلت عنه: تزهى على تلك الظّبا … ء فليت شعرى من أباها (¬4) وقف الهوى بى عندها … وسرت بقلبى مقلتاها يحتمل قوله: «من أباها» ثلاثة أوجه، أحدها: أن يكون بمعنى قولك: أبواها، فهو تثنية أب، على لغة من قال: هذان أبان، ورأيت أبين، ومررت /بأبين، فلم يردّ لامه فى التثنية، كما لم يردّ اللام من قال: يدان ودمان، وأنشدوا ¬

= وجاء بهامش الأصل: «صوابه بشر بن أبى خازم الأسدى» وقد رأيته فى ديوانه بشر ص 166. وتمامه: بأسياف مهنّدة رقاق وانظر كتاب الشعر ص 414،415،422. (¬1) كتاب الشعر ص 208،421. (¬2) وكتاب الشعر أيضا ص 421. (¬3) فى هـ‍: قال رحمه الله: تزهى. . . . (¬4) ديوانه 2/ 567، واللسان (أبى) عن ابن برّى.

على هذه اللغة قول الفرزدق (¬1). يا خليلىّ اسقيانى … أربعا بعد اثنتين من شراب كدم الجو … ف يحرّ الكليتين واصرفا الكأس عن الجا … هل يحيى بن حصين لا يذوق اليوم كأسا … أو يفدّى بالأبين وعلى هذا المذهب ثنّاه المتنبي فى قوله (¬2): تسلّ بفكر فى أبيك فإنّما … بكيت فكان الضّحك بعد قريب فوزن أباها وأبيك: فعاها وفعيك، وحذفا منهما النّونين للإضافة. والثانى: أن يكون المراد بقوله «أباها» واحدا، على لغة من قال: هذا أبا، ورأيت أبا، ومررت بأبا، فأبدل من الواو التى هى لام الفعل ألفا لتحرّكها وانفتاح ما قبلها، إذا الأصل فيه: أبو كقلم، فجاء به على حدّ عصا، ويدلّ على أنه فى الأصل فعل مفتوح العين جمعه على آباء، فجاء على حدّ جبل وأجبال، وهذه اللغة رواها أبو العباس ثعلب. والثالث: أن يكون معنى قوله: «من أباها» من كان لها أبا، فأباها على هذا فعل كقولك: رآها، من قولهم: أبوت ثلاثة: أى كنت أبا لثلاثة. ورووا أن أعرابيّا وقف على قوم فسألهم فقال: إنى أبوت عشرة، وأخوت عشرة، وأنا اليوم وحيد، فرحم الله من أمر بمير أو دعا بخير. وقوله: «تزهى» من الزّهو، الذى هو الكبر، لا يستعملونه إلا مضموم الأول ¬

(¬1) لم أجد هذه الأبيات فى ديوان الفرزدق المطبوع، وهى له فى الموضع المذكور من اللسان. (¬2) ديوانه 1/ 54.

على ما لم يسمّ فاعله، تقول: زهيت علينا يا رجل (¬1) تزهى، فأنت مزهوّ، أى تكبّرت، ولا تقول: زهوت، فتجعل الفعل له، لأن الفعل إنما هو للشيء الذى يحمله على الزّهو، كالمال والجمال والسلطان، وإنما يفسّرون زهيت بتكبّرت مجازا، وتفسيره (¬2): حملت على التكبّر. /وقوله: «ليت شعرى من أباها» لك فى خبر «ليت» مذهبان: إن شئت قلت: هو محذوف لطول الكلام، وتقديره: واقع أو موجود، وإن شئت قلت: لمّا كان قوله «ليت شعرى» مؤدّيا معنى ليتنى أشعر، استغنى عن خبر، كما استغنى المبتدأ فى قولك: أقائم أخواك، حيث أدّى معنى يقوم، وقوله: «من أباها» جملة ابتداء عمل فى موضعها المصدر، كأنه قال: ليت أن أشعر أىّ الناس أباها. وأمّا قول القائل: ليت شعرى إذا القيامة قامت … ودعا بالحساب أين المصيرا (¬3) وقبله: خمّر الشّيب لمّتى تخميرا … وحدا بى إلى القبور البعيرا فإن المصير منصوب بالمصدر (¬4)، وأين: خبر مبتدأ محذوف، تقديره أين هو، وقد ¬

(¬1) فى هـ‍: يا فلان. (¬2) فى هـ‍: وتفسيره فى الحقيقة: حملت. . . (¬3) البيت الأول وحده من غير نسبة فى كتاب الشعر ص 314، والبيتان من غير نسبة أيضا فى الإفصاح ص 181. (¬4) وهو «شعرى» وأصله «شعرتى». يقال: شعر به، وشعر يشعر، شعرا وشعرا وشعرة. قال سيبويه: قالوا: ليت شعرى، فحذفوا التاء مع الإضافة للكثرة-يعنى لكثرة الاستعمال-كما قالوا: ذهب بعذرتها، وهو أبو عذرها، فحذفوا التاء مع الأب خاصة. اللسان (شعر). وانظر كلام سيبويه فى الكتاب 4/ 44، وأدب الكاتب ص 61. وهذا التركيب «ليت شعرى» ممّا حذف فيه الخبر. قال ابن الأثير: «وفيه-أى فى الحديث-وليت شعرى ما صنع فلان، أى ليت علمى حاضر أو محيط بما صنع، فحذف الخبر، وهو كثير فى كلامهم». النهاية 2/ 480.

أساء بشيئين، بحذف المبتدأ، وبالفصل بين شعرى ومعموله بأين، وهو أجنبى، ولو أعطى الكلام حقّه قيل: ليت شعرى المصير أين هو؟ وقوله: «خمّر الشّيب لمّتى» معناه غطّى سوادها، ومنه الخمار لتغطيته الوجه، والخمر لأنها تغطّى العقل، والخمر: ما يوارى من الشّجر، وعنى بالبعير عمره، كقولهم: من كان الليل والنهار مطيّته أسرعا به السّير. بيت سئلت عنه غير مأسوف على زمن … ينقضى بالهمّ والحزن (¬1) فقيل: بم يرتفع «غير»؟ فأقول: إن قوله: «مأسوف» مفعول من الأسف، وهو الحزن، «وعلى» متعلّقة (¬2) به، كقولك: أسفت على كذا أسفا، وحزنت عليه حزنا، ولهفت عليه لهفا، وأسيت عليه أسى، وموضع قوله: «بالهمّ» نصب على الحال، والتقدير: ينقضى مشوبا بالهمّ و «غير» رفع بالابتداء، ولما أضيفت إلى اسم المفعول، وهو مسند إلى الجارّ والمجرور، استغنى المبتدأ عن خبر، كما استغنى «قائم ومضروب» فى قولك: أقائم أخواك؟ وما مضروب غلاماك (¬3)، عن خبر، من حيث سدّ الاسم المرفوع بهما مسدّ الخبر، لأن «قائم ومضروب» قاما مقام يقوم ويضرب، فتنزّل كلّ واحد منهما مع المرفوع به منزلة الجملة، وكذلك إذا أسندت اسم المفعول إلى الجارّ والمجرور سدّ الجارّ والمجرور مسدّ الاسم الذى يرتفع به، كقولك: أمحزون ¬

(¬1) البيت لأبى نواس، كما فى المغنى ص 171،753، وليس فى ديوانه. ويقال: إن «عالى» بن أبى الفتح بن جنى، سأل أباه عن إعراب هذا البيت. راجع شرح ابن عقيل 1/ 165، وتذكرة النحاة ص 171،366،405، وشرح الشواهد للعينى 1/ 513، والهمع 1/ 94، والأشباه والنظائر 3/ 123، وشرح الأشمونى 1/ 191، والخزانة 1/ 345، وشرح أبيات المغنى 4/ 3. (¬2) فى هـ‍ «متعلّق» وقد حكى السيوطىّ هذا الكلام كلّه فى الأشباه 3/ 126، معزوّا إلى ابن مكتوم فى «تذكرته». وابن مكتوم متأخّر عن ابن الشجرىّ بقرنين من الزمان، فقد توفى سنة 749. (¬3) حكى ابن هشام هذا الوجه عن ابن الشجرى، ونصّ على أن ابن مالك قد تبعه. المغنى ص 172.

على زيد؟ وما مأسوف على بكر، كما تقول فى الفعل: أيحزن على زيد؟ وما يؤسف على بكر، فلما كانت «غير» للمخالفة فى الوصف، فجرت [لذلك (¬1)] مجرى حرف النفى، وأضيفت إلى اسم المفعول، وهو مسند إلى الجارّ والمجرور، -والمتضايفان بمنزلة الاسم الواحد-سدّ ذلك مسدّ الجملة، حيث أفاد قولك: غير مأسوف على زيد، ما يفيده قولك: ما يؤسف على زيد (¬2). ربيعة بن مقروم الضّبّىّ: وواردة كأنها عصب القطا … تثير عجاجا بالسّنابك أصهبا (¬3) كففت بمثل السّيد نهد مقلّص … كميش إذا عطفاه ماءً تحلّبا إن احتجّ محتجّ لمن أجاز: عرقا تصبّبت، فالدافع له أن يقول: إن العامل فى الماء هو الرافع للعطفين، من حيث كان التقدير: إذا تحلّب عطفاه ماءً، كقولك: إذا زيد راكبا خرج (¬4) أكرمته، وإنما احتجت إلى إضمار الفعل بعد «إذا»، لأنها تطلب الفعل كما تطلبه «إن» الشرطيّة، والاسم بعدها يرتفع أو ينتصب بفعل مضمر يفسّره الظاهر، كما ارتفع بعد «إن» فى نحو: {إِنِ اِمْرُؤٌ هَلَكَ} (¬5) وانتصب بعدها فى نحو: لا تجزعى إن منفسا أهلكته (¬6) ¬

(¬1) ليس فى هـ‍. وفى الأشباه: «جرت لذلك» بإسقاط الفاء، وفى الخزانة «وجرت لذلك». (¬2) فيه وجوه أخرى من الإعراب، اطلبها فى الأشباه والخزانة. (¬3) الأصمعيات ص 224، والمفضليات ص 376، والشعر والشعراء 1/ 320، وشرح الشواهد للعينى 3/ 229. وشعره ص 249،250، ضمن (شعراء إسلاميون). (¬4) فى هـ‍ «يخرج». (¬5) سورة النساء 176. (¬6) للنمر بن تولب، رضى الله عنه. ديوانه ص 72، وتخريجه فى ص 147، وزد عليه كتاب الشعر ص 77،87،326، وحواشيه. وعجزه: وإذا هلكت فعند ذلك فاجزعى

فمثال المرتفع بعد إذا {إِذَا السَّماءُ اِنْشَقَّتْ} (¬1) -و {إِذَا السَّماءُ اِنْفَطَرَتْ} (¬2) ومثال المنتصب بعدها: إذا ابن أبى موسى بلالا بلغته … فقام بفأس بين وصليك جازر (¬3) فإن قيل: لم نجد اسمين معا مرفوعا ومنصوبا عمل فيهما فعل مضمر. قيل: بلى، قال سيبويه فى (باب ما ينتصب على إضمار الفعل المتروك إظهاره (¬4)): من ذلك قول العرب: أمّا أنت منطلقا انطلقت معك [أى لأن كنت منطلقا انطلقت معك] (¬5) وأمّا زيد ذاهبا ذهبت معه، قال عبّاس بن مرداس: أبا خراشة أمّا أنت ذا نفر … فإنّ قومى لم تأكلهم الضّبع (¬6) ثم قال: فإنما هى «أن» ضمّت إليها «ما» وهى ما التوكيد، وألزمت (¬7) «ما» لتكون عوضا من ذهاب الفعل، كما كانت الهاء والألف عوضا من ياء الزّنادقة واليمانى. انتهى كلامه. ¬

= وأعاده ابن الشجرى فى المجلسين: المتمّ الأربعين، والثامن والسبعين. (¬1) الآية الأولى من سورة الانشقاق. (¬2) الآية الأولى من سورة الانفطار. (¬3) قائله ذو الرمة. ديوانه ص 1042، وتخريجه فى ص 2012، وزد عليه كتاب الشعر ص 491، وحواشيه. (¬4) الكتاب 1/ 293. (¬5) ما بين الحاصرتين لم يرد فى هـ‍، ولا فى كتاب سيبويه. (¬6) الكتاب، الموضع السابق، والخصائص 2/ 381، والمنصف 3/ 116، والإنصاف ص 71، والمقرب 1/ 259، وشرح الكافية الشافية ص 418، وشرح ابن عقيل 1/ 256، والمغنى صفحات 35، 59،437،694، وشرح أبياته 1/ 173، وفهارسه، والخزانة 4/ 13، وانظر كتاب الشعر ص 58، وأعاده ابن الشجرى فى المجلسين الثانى والأربعين، والثامن والسبعين. (¬7) فى الكتاب: ولزمت كراهية أن يجحفوا بها لتكون عوضا. . .

وهذا الذى قد ذكره من مجىء اسمين مرفوع ومنصوب بفعل مضمر وإن لم يكثر فإنه قد ورد كما ترى. ولو زعم زاعم أن «عطفاه» رفع بالفعل المضمر، وأن «ماءً» منتصب بقوله «تحلّبا» على قول من روى: وما كان نفسا بالفراق تطيب (¬1) لم يبعد قوله فأما قول سيبويه: «كما كانت الهاء والألف عوضا من ياء الزنادقة واليمانى» فتفسيره أن أصل الزنادقة: الزناديق، وأصل اليمانى: اليمنىّ، فحذفوا الياء من الزناديق، وعوّضوا منها هاء التأنيث، وحذفوا الياء الساكنة من اليمنىّ، وعوّضوا منها الألف. والسّيد: الذئب، والنّهد من الخيل: الجسيم، والمقلّص: المرتفع، والكميش: الصّغير الجردان (¬2). والضّبع فى قوله: «فإن قومى لم تأكلهم الضبع» فيها قولان، أحدهما أنه عنى بالضبع السّنة الشديدة، ومنه الحديث عن النبىّ صلى الله عليه وآله وسلم: «أن رجلا جاءه فقال: يا رسول الله، أكلتنا الضّبع، وتقطّعت عنّا الخنف» (¬3) عنى بالخنف جمع خنيف: وهو ثوب من كتّان رديء. والثانى: أنه أراد [أن قومه (¬4)] لم يقتلوا فتأكلهم الضّباع. ¬

(¬1) صدره: أتهجر ليلى بالفراق حبيبها وينسب للمخبّل السعدى، ولأعشى همدان، وللمجنون-وليس فى ديوانه المطبوع-وهو فى شعر أعشى همدان المنشور ضمن الصبح المنير ص 312، وهو فيه بيت مفرد. وراجع الكتاب 1/ 211 - وهو فيه من زيادات المازنى-والأصول 1/ 224، والمقتضب 3/ 37، والخصائص 2/ 384، والتبصرة ص 319، والإنصاف ص 828، وشرح ابن عقيل 1/ 565، وشرح الجمل 2/ 283، وغير ذلك كثير تراه فى حواشى إيضاح شواهد الإيضاح ص 249، ومعجم الشواهد ص 41. (¬2) الجردان: القضيب من ذوات الحافر، وقيل: هو الذكر عموما. والمعروف فى تفسير «الكميش» أنه السريع. (¬3) هذا ملفّق من حديثين، رواهما الإمام أحمد فى مسنده 3/ 487 (من حديث رجل يسمّى طلحة)، 5/ 154،178،368 (عن رجل لم يسمّ). وانظر غريب الحديث لأبى عبيد 1/ 47،3/ 45. (¬4) سقط من هـ‍.

المجلس السادس

المجلس السادس بيت للمتنبّى لم يعرض له أحد من مفسّرى شعره، وهو (¬1): وتراه أصغر ما تراه ناطقا … ويكون أكذب ما يكون ويقسم يقال: من أىّ الرّؤيتين «ترى» الأول والثانى، أمن رؤية العين، أم من رؤية القلب، أم أحدهما من رؤية العين، والثانى من رؤية القلب؟ وأيّهما العامل فى «ناطق»؟. وما معنى «يكون» الأول والثانى، أناقصان هما أم تامّان، أم أحدهما ناقص والآخر تامّ؟ وما معنى «ما» الأولى والثانية؟. وعلام انتصاب «أصغر وأكذب»؟. وما معنى الواو فى قوله: «ويقسم» وظاهر أمرها أنها عاطفة؟ فما المعنى فى عطف «يقسم» على «يكون»؟ فإن قلت: إنها واو الحال فأنت لا تقول: رأيت زيدا ويضحك، تريد ضاحكا، فإن حذفت الواو صحّ أن يكون حالا. الجواب: إن كلّ واحد من الفعلين المأخوذين من الرّؤية قد تعدّى إلى مفعول واحد، وهو الهاء، لأن «أصغر» منصوب على المصدر، و «ناطقا» منصوب على ¬

(¬1) ديوانه 4/ 129، وأعاده ابن الشجرى فى المجلس الثانى والثمانين.

الحال [وإذا (¬1)] كان لم يتعدّ إلا إلى مفعول واحد ثبت أنه من الرؤية التى هى الإبصار، دون الرؤية التى هى العلم، وإنما قلنا (¬2) إن «أصغر» منصوب (¬3) على المصدر؛ لأنه مضاف إلى «ما» وهى مصدرية، وأفعل الموضوع للمفاضلة إنما هو بعض ما يضاف إليه، فصار كقولك: سرت أشدّ السير، وكذلك «أكذب» حكمه حكم «أصغر» والناصب «ناطقا» هو الأول منهما، وقد علمت أن الهاء من «تراه» عائدة على عين، فلو كان من الرؤية التى يراد بها العلم اقتضى مفعولا ثانيا، يكون هو الأول فى المعنى، كقولك: رأيت الله غالبا (¬4)، ولما كانت الهاء/ عائدة على جثّة، فلم يجز لذلك أن يكون المفعول الثانى حدثا، وكان انتصاب «ناطقا» على الحال، علمت أن «تراه» بمعنى تبصره، لا بمعنى تعلمه، فتقدير الإعراب: تراه ناطقا أحقر رؤيتك إياه، فالتحقير تناول الرؤية فى اللفظ، والمراد تحقير المرئىّ، لأن المعنى: تراه ناطقا أحقر منه إذا رأيته ساكتا. وأما «يكون» الأول والثانى فكلاهما بمعنى يوجد، فإن قلت: أجعل الأول ناقصا وأجعل خبره «أكذب»، لم يجز ذلك؛ لما ذكرته من انتصاب «أكذب» على المصدر؛ لإضافته إلى المصدر، وإذا ثبت أنه اسم حدث لإضافته إلى «ما» المصدرية، والمضمر فى «يكون» عائد على عين، وخبر «كان» إذا كان مفردا فهو واسمها عبارة عن شيء واحد، بطل أن تجعل «يكون» ناقصا، لفساد الإخبار عن الجثث بالأحداث. والواو فى قوله «ويقسم» واو الحال، فالجملة بعده حال، عمل فيها «يكون» الأول، وهى جملة ابتداء، والمبتدأ محذوف، فالتقدير: وهو يقسم، وحذف «هو» ¬

(¬1) تكملة من هـ‍. (¬2) فى هـ‍: قلت. (¬3) من هنا إلى قوله تعالى: وَالنَّهارَ مُبْصِراً حكاه شارح ديوان المتنبى-الموضع المذكور-عن ابن الشجرى بشىء من التصرف. (¬4) فى هـ‍: قاهرا.

كما حذف الأعشى «هى» من قوله (¬1): وردت على سعد بن قي‍ … س ناقتى ولما بها أراد: وهى لما بها من الجهد، فحذف المبتدأ من جملة الحال، فالتقدير: ويوجد (¬2) وهو مقسم وجودا أكذب وجوده (¬3)، فالوصف بالكذب يتناول وجوده لفظا وهو فى المعنى موجّه إليه، إذا المعنى: يوجد مقسما أكذب منه إذا وجد غير مقسم، وإنما أضاف الكذب إلى وجوده وكونه، كما أضافوا الخطابة إلى كون الأمير فى قولهم: «أخطب ما يكون الأمير قائما (¬4)» فالتقدير عند النحويين: أخطب أوقات كون الأمير إذا كان قائما، وهذا اتّساع جرى فى كلام العرب، كما قالوا: «نام ليلك» والمعنى: نمت ليلك كلّه، قال الشاعر (¬5): لقد لمتنا يا أمّ غيلان فى السّرى … ونمت وماليل المطىّ بنائم وقال آخر (¬6): /فنام ليلى وتجلّى همّى ومثله فى الاتّساع وصف النهار بمبصر فى قوله تعالى: {اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً} (¬7) وإنما النهار مبصر فيه، ومن هذا الضّرب قوله ¬

(¬1) ديوانه ص 257، وشرح ديوان المتنبى، الموضع السابق. (¬2) فى هـ‍: فيوجد، وفى شرح الديوان: يوجد. (¬3) فى شرح الديوان: أكذب وجوده غير مقسم. (¬4) يأتى الكلام عليه مبسوطا فى المجلسين: الحادى عشر، والسابع والثلاثين. (¬5) جرير. ديوانه ص 993، والكتاب 1/ 160، والكامل ص 176،285،1356، والجمل المنسوب للخليل ص 44، والإنصاف ص 243، وتفسير القرطبى 8/ 360،20/ 42، والخزانة 1/ 465، وأنشده ابن الشجرى أيضا فى المجلس السابع والثلاثين. (¬6) رؤبة. ديوانه ص 142، ومجاز القرآن 1/ 279، والكامل، والمقتضب 3/ 105،4/ 331، والمحتسب 2/ 184، وتفسير القرطبى 14/ 303، ومعجم الشواهد ص 538. (¬7) سورة غافر 61.

جلّ وعز: {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ} (¬1) [وحقيقته مكركم فى الليل والنهار (¬2)]. روى عن أبى العباس ثعلب (¬3) أنه قال: كان الكسائىّ والأصمعىّ يوما بحضرة الرّشيد، وكانا ملازمين له، يقيمان بإقامته، ويظعنان بظعنه، فأنشد الكسائىّ: أنّى جزوا عامرا سوأى بفعلهم … أم كيف يجزوننى السّوءى من الحسن (¬4) أم كيف ينفع ما تعطى العلوق به … رئمان أنف إذا ما ضنّ باللّبن فقال الأصمعى: إنما هو رئمان أنف، بالنصب، فقال له الكسائىّ: اسكت ما أنت وهذا! يجوز رئمان أنف، ورئمان أنف، ورئمان أنف، بالرفع والنصب والخفض، أما الرفع فعلى الرّدّ (¬5) على «ما» لأنها فى موضع رفع بينفع، التقدير: كيف ينفع رئمان أنف، والنصب بتعطى، والخفض على الردّ على الهاء التى فى به. قال: فسكت الأصمعىّ، ولم يكن له علم بالعربية، إنما كان صاحب لغة، لم يكن صاحب إعراب. انتهى كلامه. ¬

(¬1) سورة سبأ 33. (¬2) سقط من هـ‍. وانظر معانى القرآن 2/ 363، والموضع السابق من الكامل والمقتضب. (¬3) رويت هذه القصة من طريق ثعلب فى أمالى الزجاجى ص 50، ومجالس العلماء، له ص 42، ومعجم الأدباء 13/ 83 (ترجمة على بن حمزة الكسائى)، والأشباه والنظائر 3/ 224، والخزانة 4/ 458. (¬4) البيتان من كلمة لأفنون التغلبى، وقد استفاضت بهما كتب اللغة والأدب والنحو. انظر مع المراجع السابقة: المفضليات ص 263، والكامل 1/ 107، والبيان والتبيين 1/ 9، وأمالى القالى 2/ 51، والبغداديات ص 419، والاشتقاق ص 259، والخصائص 2/ 184،3/ 107، والمغنى ص 45، وشرح أبياته 1/ 240، وغير ذلك كثير، تراه فى حواشى تلك الكتب. (¬5) أى البدل من «ما». ويقولون إن «الرد» مصطلح كوفى، يقابله عند البصريين: البدل أو عطف البيان. وقد استعمله الفرّاء الكوفىّ كثيرا، فى معانى القرآن، ولكنى رأيت هذا المصطلح عند واحد من البصريين المعاصرين للفرّاء، وهو أبو عبيدة معمر بن المثنى، فى كتابه شرح النقائض ص 817، وذلك ما ذكره فى قول الفرزدق: لعلّك فى حدراء لمت على الذى تخيّرت المعزى على كلّ حالب عطيّة أو ذى شملتين كأنه عطيّة زوج للأتان وراكب قال: «ردّ عطيّة على الذى».

وأقول: إن الضمير الذى هو الهاء والميم فى قوله: «بفعلهم» يعود على عامر، لأنه أراد به القبيلة، وقوله: «من الحسن» متعلّق بحال محذوفة، والتقدير: كيف يجزوننى السّوءى بدلا من الحسن، ومثله فى التنزيل: {أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ} (¬1) أى بدلا (¬2) من الآخرة، وقال جلّ ثناؤه: {وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ} (¬3) التقدير: لجعلنا بدلا منكم ملائكة، وقال كثيّر. وإنّا لنعطى العقل دون دمائنا … ونأبى فلا نستاق من دمنا عقلا (¬4) أراد بدلا من دمنا، والعقل هاهنا: الدّية، وقال آخر فى وصف الإبل: كسوناها من الرّيط اليمانى … مسوحا فى بنائقها فضول (¬5) أى كسوناها بدلا من الرّيط مسوحا، والرّيط: جمع ريطة، وهى الملاءة التى لا تكون لفقين، والبنائق: جمع بنيقة، وهى كلّ رقعة ترقع فى القميص كاللّبنة ونحوها، وأراد بالمسوح عرقها، شبّهه لسواده بالمسوح. والعلوق من النّوق: التى تأبى أن ترأم ولدها أو بوّها، والبوّ-يقال له الجلد (¬6) أيضا-: جلد الحوار يحشى ثماما أو حشيشا غيره ويقدّم إليها لترأمه فتدرّ عليه فتحلب فهى ترأمه بأنفها وينكره قلبها، فرأمها له أن تشمّه فقط، ولا ترسل لبنها، وهذا يضرب مثلا لمن يعد بكلّ جميل ولا يفعل منه شيئا، لأن قلبه منطو على ضدّه. ¬

(¬1) سورة التوبة 38. (¬2) أعاده المصنف فى المجلس الثانى والخمسين. (¬3) الآية المتمة الستّين من سورة الزخرف. (¬4) نسبه ابن الشجرى إلى كثيّر أيضا فى المجلس الثانى والخمسين، وكذلك فى حماسته 1/ 206، وقد أفاد محقق ديوان كثيّر أن البيت للأفوه الأودىّ. ديوان كثير ص 384،386. وهو فى ديوان الأفوه (الطرائف الأدبية ص 23) برواية: وإنا لنعطى المال دون دمائنا ونأبى فما نستام دون دم عقلا (¬5) أعاده فى المجلس الثانى والخمسين، وأنشده صاحب اللسان (طها) من غير نسبة. (¬6) بفتح الجيم والدال.

وقوله: «ما تعطى العلوق به رئمان أنف» ما خبريّة بمعنى الذى، وهى واقعة على البوّ، وانتصاب «الرّئمان» هو الوجه الذى يصحّ به المعنى والإعراب، وإنكار الأصمعىّ (¬1) لرفعه إنكار فى موضعه، لأنّ رئمان العلوق للبوّ بأنفها هو عطيّتها ليس لها عطيّة غيره، فإذا أنت رفعته لم يبق لها عطيّة فى البيت، لفظا ولا تقديرا، ورفعه على البدل من «ما» لأنها فاعل «ينفع» وهو بدل الاشتمال، ويحتاج إلى تقدير ضمير يعود منه على المبدل منه، كأنك قلت: رئمان أنفها إياه، وتقدير مثل هذا الضمير قد ورد فى كلام العرب، ولكن فى رفعه ما ذكرت لك من إخلاء «تعطى» من مفعول فى اللفظ والتقدير (¬2)، وجرّ الرئمان على البدل أقرب إلى الصّحيح قليلا، وإعطاء الكلام حقّه من المعنى والإعراب إنما/هو بنصب الرئمان، ولنحاة الكوفيّين فى أكثر كلامهم تهاويل فارغة من حقيقة (¬3). ذو الإصبع العدوانىّ: لقينا منهم جمعا … فأوفى الجمع ما كانا (¬4) ¬

(¬1) حكى ابن هشام فى المغنى ص 45 تصويب ابن الشجرى لإنكار الأصمعىّ هذا. ويرى البغدادى أن هذا إقرار من ابن هشام لرأى ابن الشجرى، ثم نقل اعتراض الدمامينى على ابن الشجرى قال: «ولقد أجاد الدمامينى فى الاعتراض على ابن الشجرى بقوله: ولقائل أن يقول: لم لا يجوز أن يكون الضمير من «به» عائدا على «ما» لا على «البوّ»، و «به» يتعلق بتعطى، على أنه مضمّن معنى تجود، فلا يكون مخلّى من مفعول مع رئمان». الخزانة 4/ 458 - 460. (¬2) قال فى الخزانة: «وقد اعترض الدمامينى على مستند ابن الشجرى فى إنكار الرفع بأنه قد يلتزم ولا محذور فيه؛ لأن الفعل المتعدى قد يكون الغرض منه إثباته لفاعله أو نفيه عنه فقط، فينزّل منزلة اللازم، ولا يقدّر له مفعول، تقول: فلان يعطى، أى يفعل الإعطاء، فلا تذكر للفعل مفعولا ولا تقدّره، لأن ذلك يخلّ بالغرض، واعتبار هذا المعنى فى البيت ممكن» هذا كلام الدمامينى، وقد حكى البغدادى اعتراض ابن الحنبلى عليه. . . . فى كلام طويل. (¬3) فى هـ‍: «الحقيقة» وما فى الأصل مثله فى الخزانة، عن ابن الشجرى. (¬4) تنسب هذه الأبيات لذى الإصبع-كما ذكر المصنف-ولأبى بجيلة، ولبعض اللصوص. راجع الكتاب 2/ 111،362، وتهذيب الألفاظ لابن السكيت ص 210، والإنصاف ص 699، وما يجوز للشاعر فى الضرورة ص 174، وضرائر الشعر ص 261، وشرح الجمل 2/ 18، والخزانة 2/ 407، واللسان (حسن-أيا).

كأنّا يوم قرّى إنّ … ما نقتل إيّانا قتلنا منهم كلّ … فتى أبيض حسّانا يرى يرفل فى بردي‍ … ن من أبراد نجرانا البيت الثانى من أبيات «الكتاب (¬1)» شاهد على وضع الضمير المنفصل موضع المتّصل. قوله: «فأوفى الجمع ما كانا» أى فأوفى الجمع الذى لقيناه ما كان عليه أن يفعله، وقرّى (¬2): اسم مكان. وكان حقّ الكلام أن يقول: نقتل أنفسنا، لأن الفعل لا يتعدّى فاعله إلى ضميره إلا أن يكون من أفعال العلم والحسبان والظّنّ، لا تقول: ضربتنى ولا أضربنى (¬3)، ولا ضربتك، بفتح التاء، ولا زيد ضربه، على إعادة الضمير إلى زيد، ولكن تقول: ضربت نفسى، وضربت نفسك، وزيد ضرب نفسه، وإنما تجنّبوا تعدّى الفعل إلى ضمير فاعله، كراهة أن يكون الفاعل مفعولا فى اللفظ، فاستعملوا فى موضع الضمير النّفس، نزّلوها منزلة الأجنبىّ، واستجازوا ذلك فى أفعال العلم والظّنّ الداخلة على جملة الابتداء، فقالوا: حسبتنى فى الدار، وظننتنى منطلقا، وظننتك قادما، وزيد خاله عالما، وعمرو يراه محسنا، بمعنى يعلمه، كما جاء فى التنزيل: {إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى. أَنْ رَآهُ اِسْتَغْنى} (¬4) ولم يأت ذلك فى غير هذا الباب، إلا فى فعلين قالوا: عدمتنى وفقدتنى، وأنشدوا لجران العود (¬5): ¬

(¬1) فى الموضع الثانى المذكور فى التعليق السابق. (¬2) بضم أوله وتشديد ثانيه: موضع فى بلاد بنى الحارث بن كعب، وقيل: ماءة من تبالة، بلدة صغيرة من اليمن. معجم ما استعجم ص 1062، والموضع المذكور من الخزانة. (¬3) الكتاب 2/ 366، وشرح الحماسة ص 1090. (¬4) سورة العلق 6،7. (¬5) ديوانه ص 4، ومعجم الشواهد ص 82.

لقد كان لى عن ضرّتين عدمتنى … وعمّا ألاقى منهما متزحزح /ولمّا لم يمكن هذا الشاعر أن يقول: نقتل أنفسنا، ولا نقتلنا، وضع «إيانا موضع «نا» وحسّن ذلك قليلا أنّ استعمال المتّصل هاهنا قبيح أيضا، وأنّ الضمير المنفصل أشبه بالظاهر من المتّصل، فإيّانا أشبه بأنفسنا من «نا» ولكن أقبح من هذا قول الراجز (¬1): إليك حتى بلغت إيّاكا لأنّ اتصال الكاف ببلغت حسن، فكذلك وضع «إيّاهم» فى موضع «هم» من قوله (¬2): بالوارث الباعث الأموات قد ضمنت … إيّاهم الأرض فى دهر الدّهارير قبيح، ومثله فى ضمير الرفع قول طرفة (¬3): أصرمت حبل الوصل أم صرموا … يا صاح بل قطع الوصال هم ¬

(¬1) حميد الأرقط. الكتاب 2/ 362، والجمل المنسوب للخليل ص 92، والخصائص 1/ 307، 2/ 194، والإنصاف ص 699، وما يجوز للشاعر فى الضرورة ص 174، وضرائر الشعر ص 261، وشرح الجمل 2/ 19، والخزانة 2/ 406، وغير ذلك. (¬2) الفرزدق. ديوانه ص 264، والإنصاف ص 698، وما يجوز للشاعر فى الضرورة ص 138، وضرائر الشعر-الموضع السابق-وشرح ابن عقيل 1/ 89،95، والتصريح 1/ 104، وشرح الأشمونى 1/ 116، والخزانة 2/ 409. ونسبه ابن جنى فى الخصائص 1/ 307،2/ 159، لأمية بن أبى الصلت. وقد أثبته محقق ديوان أمية ص 551، فى القسم الذى لا تصحّ نسبته إلى أميّة. (¬3) ديوانه ص 193، وضرائر الشعر ص 260، والهمع 1/ 60، والخزانة 2/ 410، حكاية عن ابن الشجرى. والتقدير: بل صرموا الحبال. والنحاة يستشهدون لهذا أيضا بقول زياد بن حمل: لم ألق بعدهم حيّا فأخبرهم إلاّ يزيدهم حبّا إلىّ هم فقد وضع الضمير المنفصل موضع المتصل؛ لأنه كان الوجه أن يقول: إلاّ يزيدونهم حبّا إلىّ. راجع سر صناعة الإعراب ص 271، وضرائر الشعر-الموضع السابق-وشرح أبيات المغنى 3/ 275. وانظر أيضا شرح الحماسة ص 1392.

وأما معنى قوله: «كأنّا نقتل إيّانا» فإنه شبّه المقتولين بنفسه وقومه، فى الحسن والسّيادة، فلذلك وصفهم بقوله: قتلنا منهم كلّ … فتى أبيض حسّانا وبقوله: يرى يرفل فى بردي‍ … ن من أبراد نجرانا أى هم سادة يلبسون أبراد اليمن، فكأننا بقتلنا إيّاهم قتلنا أنفسنا، ونصب «حسّانا (¬1)» على الوصف لكلّ، ولو كان فى نثر لجاز «حسّانين» وصفا لكلّ، على معناها، لأنّ لفظها لفظ واحد ومعناها معنى جمع، فلذلك عاد إليها ضمير واحد فى قوله تعالى: {كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ} (¬2) وضمير جمع فى قوله تعالى: {وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ} (¬3) وأفرد خبرها فى قوله تعالى: {وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً} (¬4) وجمع فى قوله جلّ وعز: {وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ} ومثل ذلك فى إجراء الوصف على المضاف تارة والمضاف إليه أخرى، قولك: أخذت خمسة أثواب طوالا، على النّعت للعدد، وطوال، على النعت للمعدود، وجاء الوصف للمعدود فى قوله جلّ ثناؤه: / {إِنِّي أَرى سَبْعَ بَقَراتٍ سِمانٍ} (5) وفى قوله: {وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ} (¬5) وجاء وصف العدد فى قوله سبحانه: {الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً} (¬6) قيل: «طباقا (¬7)» جمع طبقة، كرقبة ورقاب، وقيل: جمع طبق، كجبل ¬

(¬1) بضم الحاء وتشديد السّين، وهو وصف بمعنى الكثير الحسن، كالطّوّال، بمعنى المفرط فى الطول. ذكره البغدادى فى الخزانة 2/ 407، ونصّ على أن ابن الشجرى تبع سيبويه فى نصب «حسّان» على الوصف لكلّ. ورأى سيبويه هذا فى الكتاب 2/ 111. وانظر دراسات لأسلوب القرآن الكريم 2/ 360. (¬2) سورة البقرة 285، وانظر دراسات لأسلوب القرآن الكريم 2/ 350، وأيضا كتاب الشعر ص 128،277. (¬3) سورة النمل 87. (¬4) سورة مريم 95. (¬5) سورة يوسف 43. (¬6) الآية الثالثة من سورة الملك. (¬7) فى هـ‍: طباق.

وجبال، لأنّ السماء كالطّبق لما تحتها، قال امرؤ القيس (¬1): ديمة هطلاء فيها وطف … طبق الأرض تحرّى وتدرّ الدّيمة: مطر يدوم أياما، وهى هاهنا سحابة يدوم مطرها، وصارت الواو فيها إلى الياء، لسكونها وانكسار ما قبلها، فإذا حقّرتها أعدت الواو فقلت: دويمة، وكذلك الفعل منها، تقول: دوّمت السّحابة. وهطلاء: ذات هطلان، وهو تتابع القطر. وفيها وطف: أى استرخاء، وهى (¬2) أن يكون لها شبه الهدب من ربابها، والرّباب: سحاب رقيق دون السّحاب الكثيف. وتحرّى: من قولهم: تحرّى فلان بالمكان: تمكّث فيه (¬3). وتدرّ: ترسل درّتها، أى ترسل ما فيها من الماء، كما ترسل الناقة لبنها. وقد قيل فى قوله تعالى: {سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً}: إن «طباقا» نصب على المصدر، أى طوبقت طباقا، والتفسير الأول أحبّ إلىّ. ويقال: حسن وحسنة، فإذا بالغوا فى الحسن قالوا: حسان وحسانة مخفّفان، فإذا أرادوا النهاية فيه قالوا: حسّان وحسّانة، مثقّلان، قال (¬4): دار الفتاة التى كنّا نقول لها … يا ظبية عطلا حسّانة الجيد وإذا طال الثوب على لابسه وجرّه فى مشيه وركله، قيل: جاء يرفل فى ثيابه، يفعلون ذلك تكبّرا، قال شاعر الكوفة (¬5): ¬

(¬1) ديوانه ص 144،422. (¬2) فى هـ‍: وهو. (¬3) فى هـ‍: به. (¬4) الشماخ. ديوانه ص 112، وتخريجه فى ص 125. (¬5) أبو الطيب المتنبى، يمدح عمر بن سليمان الشرابى. ديوانه 4/ 85.

ولا يرمح الأذيال من جبريّة … ولا يخدم الدنيا وإياه تخدم (¬1) وأراد بأبراد نجران أبراد اليمن، لأنّ نجران من ناحية اليمن، وبين البصرة والكوفة مكان فى البرّيّة يسمّى نجران. ... ¬

(¬1) الرّمح: الضرب بالرجل أو الرجلين، وأصله من فعل كلّ ذى ظفر. والجبريّة بكسر الجيم وسكون الباء وكسر الراء: التكبّر.

/ المجلس السابع

/ المجلس السابع قال كبت الله عدوّه: قال لقيط بن يعمر الإيادىّ (¬1): يا دار عمرة من محتلّها الجرعا … هاجت لى الهمّ والأحزان والوجعا الجرع والجرعاء: رملة لا تنبت. ويقال: ما معنى «محتلّ» هاهنا، وعلام انتصب «الجرع» وبماذا تتعلق «من» وما معناها، أهى لابتداء الغاية أم للتبعيض أم للتبيين؟ الجواب: محتلّ هاهنا: مصدر بمعنى الاحتلال، لأن العرب إذا بنوا المفعل بمعنى المصدر، ممّا جاوز الثلاثة جاءوا به على صيغة اسم المفعول، فقالوا: أكرمته مكرما، ودحرجته مدحرجا، وقطّعته مقطّعا، واستخرجت المال مستخرجا، قال جرير (¬2): ألم تعلم مسرّحى القوافى … فلا عيّا بهنّ ولا اجتلابا أراد تسريحى، وفى التنزيل: {وَمَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ} (¬3) أى كلّ تمزيق، وفيه: ¬

(¬1) ديوانه ص 30، وتخريجه فى ص 59. (¬2) ديوانه ص 651، وتخريجه فى ص 1095. ورواية الديوان: «ألم تخبر بمسرجى» ورواية «مسرّحى» بضم الميم وفتح السين وتشديد الراء، هى رواية النحويّين. انظر الكتاب 1/ 233،336، والمقتضب 1/ 75، والخصائص 1/ 367،3/ 294، والجمل المنسوب للخليل ص 116، والكشاف 3/ 280، والبحر المحيط 7/ 260. (¬3) سورة سبأ 19.

{أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً مُبارَكاً} (¬1) أى إنزالا. والمصدر مضاف إلى فاعله، لأن الهاء عائدة على «عمرة» لا على الدار. وانتصاب «الجرع» على الظّرف، وكان حقّه إيصال الفعل إليه بفى، ولكنه حذف «فى» كما حذفها القائل (¬2): لدن بهزّ الكفّ يعسل متنه … فيه كما عسل الطّريق الثّعلب أراد: فى الطريق، فحذف «فى» ضرورة. و «من» هاهنا خارجة عن معانيها الثلاثة؛ الابتداء والتبعيض والتبيين، ومعناها معنى لام العلّة، كقولك: جئت من أجلك ولأجلك، وأكرمته من خوفه ولخوفه، وهى متعلّقة بهاجت، فجملة النداء منقطعة ممّا بعدها، كأنه نادى الدار تلهّفا ثم ترك خطابها، وقال: من احتلال عمرة فى الجرع هاجت لى الهمّ. سلمىّ بن ربيعة، أخو بنى السيّد زعمت تماضر أنّنى إمّا أمت … يسدد أبينوها الأصاغر خلّتى (¬3) الزّعم والزّعم (¬4): القول عن غير صحة، قال الله جلّ ثناؤه: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا} (¬5). ¬

(¬1) سورة المؤمنون 29. (¬2) ساعدة بن جوية الهذلىّ. والبيت فى شرح أشعار الهذليين ص 1120. وتخريجه فى ص 1493، وكتاب الشعر ص 338،446، وحواشيه، والجمل المنسوب للخليل ص 42، وأعاد ابن الشجرىّ إنشاده فى المجلس التاسع والستين. (¬3) البيت فى شرح الحماسة ص 547، ورسالة الملائكة ص 146، والهمع 2/ 63، والخزانة 3/ 400. وأعاده المصنف فى المجلس الثالث والخمسين. وقد تكلمت على القصيدة التى منها هذا البيت، فى المجلس الرابع. (¬4) وبكسر الزاى أيضا، فهو مثلّث. (¬5) الآية السابعة من سورة التغابن.

و «تماضر» من أسماء النساء، كزينب وسعاد، والتاء فيه على رأى بعض البصريين (¬1) فاء، فهو عندهم فعالل، لأن التاء متى وقعت فى مواقع الحروف الأصول فهى أصل، حتى يقوم دليل على زيادتها، كتاء ترجمان (¬2) وتبراك، وهو اسم مكان (¬3)، وتبرّك فلان بالمكان: أقام فيه، فترجمان فعللان كجلجلان، وهو السّمسم، وتبراك: فعلال كقرطاس، وتبرك: فعلل، مثل دحرج، وكذلك تاء كبريت وحلتيت أصل، لوقوعها موقع الزاى من دهليز، وكذلك التاء الواقعة حشوا كتاء عتريف، وهو الرجل الخبيث، وعترفان، وهو الدّيك، وبحتر، وهو القصير. فتاء تماضر عند هؤلاء أصل، لوقوعها موقع العين من عذافر، والدال من دوادم، وقالوا للبعير الصّلب: عذافر، ولما يخرج من السّمر، وهو ضرب من الشجر شبه الدّم: دوادم، وبعض التصريفيين (¬4) يشتقّ تماضر من اللّبن المضير والماضر: وهو الحامض، فهو على هذا القول تفاعل، ولا أرى بهذا القول بأسا، ويقوّى ذلك أن النساء يوصفن بالبياض. والزّعم يقتضى مفعولين، كما يقتضيهما الحسبان ونحوه. ومذهب سيبويه أن «أنّ» تسدّ فى هذا الباب مسدّ المفعولين، لأنها تتضمّن جملة أصلها مبتدأ وخبر، كما أن المفعولين فى هذا الباب أصلهما الابتداء وخبره، ومذهب أبى الحسن الأخفش أن «أنّ» بصلتها سدّت مسدّ مفعول واحد، والمفعول الآخر مقدّر، تقديره: كائنا أو واقعا، والذى ذهب إليه سيبويه أولى، لأن المفعول المقدّر عند الأخفش لم يظهر فى شيء من كلام العرب. و «أبينون» عند سيبويه (¬5) تصغير اسم/للجمع غير مسموع، وتقديره: ابنا، ¬

(¬1) وإلى هذا ذهب ابن جنى. راجع الخصائص 3/ 197، والخزانة 8/ 38، وانظر الممتع ص 96. (¬2) بضم التاء وفتحها. (¬3) اختلفوا فى تحديده. راجع معجم البلدان 1/ 820. (¬4) راجع الجمهرة 2/ 367، والاشتقاق ص 30، والمراجع المذكورة. (¬5) الكتاب 3/ 456،486، وكتاب الشعر ص 138، وسيعيد ابن الشجرى هذا البحث فى المجلس الثالث والخمسين.

مقصور، مثل أعمى، فهو اسم سمّوا به الجمع ولم ينطقوا به، ولكن لما سمع تصغيره دلّ على أن المكبّر أفعل، وليس «أبينون» جمعا لتصغير ابن، لو كان كذلك لقيل: بنيّون، وليس أيضا بجمع لتصغير أبناء، لأن ذلك يقتضى أن يقال: أبيناءون، ولو أرادوا هذا لاستغنوا بقولهم: أبيناء عن جمعه بالواو والنون، ولمّا بطل هذان علمت أنه جمع لتحقير اسم وضع دالاّ على الجمع، غير داخل فى أبنية التكسير، والمكبّر: ابنا، وتصغيره: أبين يا فتى، مثل أعيم، ووزن أبينون: أفيعون حذفت لامه كما حذفت اللام فى قولك: قاضون. والخلّة فى الكلام على معان: أحدها الحاجة، والثانى الخصلة، والثالث الاختلال، وهو المراد فى هذا البيت، وأصل الخلل: الفرجة بين الشيئين، أى زعمت تماضر أن أبناءها الأصاغر يسدّون بعدى ما اختلّ من الأمور. ...

المجلس السابع باب يشتمل على تفسير آى من كتاب الله تعالى وتعريبها

المجلس السابع باب يشتمل على تفسير آى من كتاب الله تعالى وتعريبها إعراب قوله عزّ وجلّ: {هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصّادِقِينَ صِدْقُهُمْ} (¬1) انفرد نافع بنصب الميم من «يوم»، وأجمع الباقون من السّبعة على رفعها (¬2)، فمن رفعها فالإشارة بهذا إلى اليوم، وهو يوم القيامة، أى هذا اليوم يوم ينفع الصادقين صدقهم، فهذا مبتدأ، ويوم ينفع الصادقين صدقهم خبره، وموضع الجملة نصب بوقوع القول عليها، وموضع الجملة التى هى «ينفع الصادقين صدقهم» جر بإضافة «يوم» إليها. ومن نصب الميم فموضع «هذا» فى قراءته نصب، مفعول لقال، وانتصاب «يوم» على الظرف للقول، والإشارة بهذا إلى القصص الذى تقدم ذكره فى قوله تعالى: {وَإِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى اِبْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنّاسِ اِتَّخِذُونِي/وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ} (¬3) إلى قوله: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} فالمعنى: قال الله هذا الكلام فى يوم ينفع الصادقين صدقهم، ¬

(¬1) سورة المائدة 119. (¬2) راجع السبعة ص 250، ومعانى القرآن 1/ 326، وتفسير الطبرى 11/ 241، وإعراب القرآن للنحاس 1/ 533، والكشف عن وجوه القراءات 1/ 423، ومشكل إعراب القرآن 1/ 255، والمغنى ص 572. (¬3) سورة المائدة 116 - 118.

وحقيقته: يقول الله، وكذلك معنى إذ قال الله: إذا يقول الله، وإنما حسن إيقاع الماضى فى موضع الآتى، لأنّ أمر القيامة لظهور براهينه، وصدق المخبر به بمنزلة ما وقع وشوهد (¬1)، وقال أبو النّجم (¬2): ثمّ جزاه الله عنّا إذ جزى … جنّات عدن فى العلالىّ العلى فوضع «إذ جزى» فى موضع إذا يجزى (¬3)، ومثله: {وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النّارِ} (¬4) وقد جاء فى القرآن عكس هذا، فمن ذلك قوله تعالى: {فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللهِ مِنْ قَبْلُ} (¬5) وقوله: {ما يَعْبُدُونَ إِلاّ كَما يَعْبُدُ آباؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ} (¬6) وضع «يعبد» فى موضع «عبد» و «تقتلون» فى موضع «قتلتم» وقال الطّرمّاح (¬7): وإنّى لآتيكم تشكّر ما مضى … من الودّ واستيجاب ما كان فى غد وضع «كان» فى موضع «يكون» ونقيضه قول زياد الأعجم: وانضح جوانب قبره بدمائها … فلقد يكون أخا دم وذبائح (¬8) ¬

(¬1) أحال الشيخ عضيمة رحمه الله، على مراجع كثيرة فى هذا المبحث، فى كتابه دراسات لأسلوب القرآن الكريم 1/ 46. (¬2) ديوانه ص 210، وتخريجه فى ص 256، وتفسير الطبرى 11/ 235،317. (¬3) فى هـ‍: جزى. (¬4) سورة الأعراف 44. (¬5) سورة البقرة 91. (¬6) سورة هود 109. (¬7) ذيل ديوانه ص 572، وتخريجه فيه، وسيعيده ابن الشجرى فى المجلسين: الثامن والثلاثين، والثانى والستين، والبيت من غير نسبة فى شرح الجمل، المنسوب للخليل ص 119، وسر صناعة الإعراب ص 398، وتفسير القرطبى 1/ 86، وهو فى نضرة الإغريض ص 283، نقلا عن ابن الشجرى، وإن لم يصرح صاحبه. وقوله «من الود» كتبت فى أصل الأمالى «من الأمس» ثم وضع فوقها «الود»، وفوقها «صح». وانظر حواشى الديوان، ففى ألفاظ البيت روايات متعددة. (¬8) أعاده ابن الشجرى فى المجلسين المذكورين فى التعليق السابق. والبيت من قصيدة زياد الشهيرة التى رئى بها المغيرة بن المهلب. انظرها فى الأغانى 15/ 381، وأمالى المرتضى 2/ 199،301، وذيل أمالى القالى ص 8، والشعر والشعراء ص 431. وقد افتتح اليزيدىّ أماليه بهذه القصيدة.

ووجه استجازتهم هذا الإبدال مع تضادّ الأفعال أنّ الأفعال جنس واحد (¬1)، وإنما خولف بين صيغها، لتدلّ كلّ صيغة على زمان غير الذى تدلّ عليه الأخرى، وإذا تضمّن الكلام معنى يزيح الإلباس، جاز وضع بعضها فى موضع بعض توسّعا. وأجاز الفراء (¬2) أن يكون النصب فى {يَوْمُ يَنْفَعُ} بناء، وموضع «يوم» رفع، فيكون المعنى فى قراءة نافع كالمعنى فى الأخرى، ولم يجز ذلك أحد من البصريين، لأن المضارع معرب، وإنما يجيزون البناء فى المضاف إذا كان فيه إبهام، كمثل وغير وحين، وأضيف إلى مبنىّ، كإضافة حين إلى «عاتبت» فى قوله (¬3): /على حين عاتبت المشيب على الصّبا وإضافة «يوم» إلى «إذ» فى نحو {مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ} (¬4) و {مِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ} (¬5) وإضافة «مثل» إلى «أنّ» فى قوله تعالى: {إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} (¬6) وإضافة «غير» إلى «أن» فى قول القائل (¬7): ¬

(¬1) هذا كلام أبى بكر بن السرّاج، وسيأتى التصريح به فى المجلسين المذكورين، ويأتى شيء منه فى المجلس العاشر. (¬2) معانى القرآن-الموضع السابق-وتفسير القرطبى 6/ 380. (¬3) النابغة الذبيانى. وعجز البيت: فقلت ألمّا تصح والشيب وازع ديوانه ص 44، وهو بيت سيّار، تراه فى غير كتاب. انظر الكتاب 2/ 330، والأصول 1/ 276، والبغداديات ص 337، والتبصرة ص 294 - وحواشيها-والبسيط ص 161 - وفهارسه-وشرح الجمل 1/ 106،2/ 328. وأعاده ابن الشجرى فى المجلسين: التاسع والخمسين، والمتمّ السبعين. (¬4) سورة المعارج 11، وعلى إضافة «يوم» إلى «إذ» تفتح الميم فى الآيتين، وهى قراءة نافع والكسائىّ. السبعة ص 336، والكشف 2/ 532، وسيعيد ابن الشجرى الكلام على الآيتين فى المجلس المتمّ السبعين. (¬5) سورة هود 66. (¬6) سورة الذاريات 23. وكلام ابن الشجرى متجه على أنّ «ما» زائدة، ولذلك قال «إضافة مثل إلى أنّ» فلم يعتبر «ما». وانظر الكشف 2/ 287. (¬7) هو أبو قيس بن الأسلت. ديوانه ص 85، والكتاب 2/ 329، والأصول 1/ 276،298، والتبيين ص 418، وشرح الجمل 2/ 328، والموضع السابق من الكشف، ومعجم الشواهد ص 314، وأعاده ابن الشجرى فى المجلس المتمّ السبعين.

لم يمنع الشّرب منها غير أن هتفت … حمامة فى غصون ذات أوقال وإضافة «بين» إلى الضمير فى قوله تعالى: {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} (¬1) والإعراب فى هذه الأحرف ونظائرها حسن، وإنما سرى البناء من المضاف إليه إلى المضاف كما سرى إليه منه الاستفهام فى نحو: غلام أيّهم تضرب؟، والجزاء فى نحو: صاحب من تكرم أكرم. ووجه إجازة الفرّاء الفتح فى «يوم ينفع» حمله الفعل على الفعل، والقياس يمنع من جوازه، وقد قرئ فيما شذّ من القراءات السبع: {هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصّادِقِينَ صِدْقُهُمْ} بنصب «صدقهم (¬2)» مع نصب «يوم» وإسناد «ينفع» إلى ضمير راجع إلى الله سبحانه وتعالى، ويحتمل نصب «صدقهم» ثلاثة أوجه: أحدها: أن يكون مفعولا له، أى ينفع الله الصادقين لصدقهم. والثانى: أن تنصبه على المصدر، لا بفعل مضمر، ولكن تعمل فيه الصادقين، فتدخله فى صلة (¬3) الألف واللام، وتقدير الأصل: ينفع الله الصادقين صدقا، ثم أضيف إلى ضمير «هم» فقيل: صدقهم، كما تقول: أكرمت القوم إكراما، وأكرمتهم إكرامهم، قال الله تعالى فى الإفراد: {وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنا مَكْراً} (¬4) وفى الإضافة: {وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ} (¬5) ومثله: {وَزُلْزِلُوا زِلْزالاً} (¬6) و {إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها} (¬7). ¬

(¬1) سورة الأنعام 94، وقراءة النصب هذه عن نافع والكسائىّ، وحفص عن عاصم، كما ذكر المصنف فى المجلس التاسع والستين. وانظر السبعة ص 263، وتفسير الطبرى 11/ 549، والقرطبى 7/ 43، ومجالس العلماء للزجاجى ص 143، والغريبين 1/ 234. (¬2) لم أجد هذه القراءة فى المحتسب، ومختصر فى شواذ القراءات، والإتحاف، وقد ذكرها العكبرى فى التبيان 1/ 477، وأبو حيان فى البحر 4/ 63، وزادا فى توجيهها وجها رابعا، سأذكره حين يفرغ ابن الشجرى من ذكر أوجهه. (¬3) فى الأصل «صفة»، وأثبت ما فى هـ‍، وهو فى تقدير العكبرى وأبى حيان، قالا: أى الذين يصدقون صدقهم. (¬4) الآية المتمة الخمسين من سورة النمل. (¬5) سورة إبراهيم 46. (¬6) سورة الأحزاب 11. (¬7) أول سورة الزلزلة.

والثالث: أن تنصبه بتقدير حذف الباء، لأنك تقول: نفعته بكذا، فيكون الأصل: ينفع الله الصادقين بصدقهم، فلما سقطت الباء وصل الفعل، ومثله فى إسقاط الباء ثم إيصال الفعل قوله سبحانه: {إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ} (¬1) أى بأوليائه، لأنّ المعنى يخوّفكم (¬2) بهم، ويدلّك عليه قوله: {فَلا تَخافُوهُمْ} (¬3) آخر المجلس. ... ¬

(¬1) سورة آل عمران 175. (¬2) هذا تأويل ابن عباس رضى الله عنهما. تفسير الطبرى 7/ 416، وقيل إن المعنى: يجعلكم تخافون أولياءه، على إرادة المفعول فى «يخوّف». راجع المحتسب 1/ 177، ومجالس ثعلب ص 550، واللسان (خوف) والدر المصون 3/ 491، وقد أعاد ابن الشجرى الكلام على حذف الباء هنا، فى المجلسين الثامن والعشرين، والسابع والثلاثين. (¬3) زاد العكبرى وأبو حيان وجها رابعا فى نصب «صدقهم»: وهو أن يكون مفعولا به، والفاعل مضمر فى «الصادقين» أى يصدقون الصدق، كقوله: صدقته القتال، والمعنى: يحققون الصدق.

المجلس الثامن

المجلس الثامن / وهو مجلس يوم السبت مستهلّ جمادى الأولى، من سنة أربع وعشرين وخمسمائة. تفسير قوله تعالى: {قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً} (¬1) الآية. يقال للرجل: تعال، أى تقدّم، وللمرأة: تعالى، وللاثنين والاثنتين: تعاليا، ولجماعة الرجال: تعالوا، ولجماعة النّساء: تعالين، وجعلوا التقدّم ضربا من التعالى والارتفاع، لأن المأمور بالتقدّم فى أصل وضع هذا الفعل، كأنه كان قاعدا فقيل له: تعال، أى ارفع شخصك بالقيام وتقدّم، واتّسعوا فيه حتى جعلوه للواقف والماشى، ويدلك على أن التقدّم الآن (¬2) قد صار ضربا من الارتفاع قولهم: ارتفع فلان وفلان (¬3) إلى الحاكم: أى تقدّما إليه، ورفع فلان فى سيره: أى تقدّم فيه، وأصله أنه كأنه أخبّ ناقته ليتقدم فرفع الخبب شخصها وشخصه، واستعملوا التّعالى . ¬

(¬1) سورة الأنعام 151. (¬2) قوله «الآن» إشارة إلى التطور اللغوىّ. (¬3) حكى صاحب اللسان فى مادة (رفع) مثل هذا التعبير، واستشهد له، لكنه قال: «وهو من قولك: ارتفع الشىء، أى تقدم، وليس هو من الارتفاع الذى هو بمعنى العلوّ». وجعله ابن فارس من الرفع بمعنى تقريب الشىء، واستشهد له بقوله تعالى: وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ قال: أى مقرّبة لهم، ثم قال: ومن ذلك قوله: رفعته للسلطان. مقاييس اللغة 2/ 424.

للارتفاع وحده، مجرّدا من معنى التقدّم فى قولهم: تعالى الله. والوجه فى «ما» أن تكون خبريّة، فى موضع نصب بأتل، والمعنى: تعالوا أتل الذى حرّمه ربّكم عليكم، فإن علّقت «عليكم» بحرّم فهو الوجه، لأنه الأقرب، وهو اختيار البصريّين، وإن علّقت بأتل فجيّد، لأنه الأسبق، وهو اختيار الكوفيين (¬1)، فالتقدير فى هذا القول: أتل عليكم الذى حرّم ربكم. وأجاز الزجّاج (¬2) أن تكون «ما» استفهامية، فى موضع نصب بحرّم، والجملة من الفعل والفاعل والمفعول محكيّة بالتّلاوة، لأن التلاوة بمنزلة القول، فكأنه قيل: تعالوا أتل أىّ شيء حرّم ربّكم عليكم، أهذا الذى ادّعيتم تحريمه، أم هذا الذى جئتكم بتحريمه؟ وجوّز أن يكون المراد بالمتلوّ المحرّمات المذكورة فى قوله تعالى: {قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ} (¬3). /فأمّا قوله: {أَلاّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً} فيحتمل العامل فيه وجوها: أحدها فى قول بعض معربى (¬4) القرآن أن يكون فى موضع نصب، بدلا من «ما». والثانى: أجازه هذا المعرب: أن يكون فى موضع رفع، على تقدير مبتدأ محذوف، أى: هو ألاّ تشركوا به شيئا، ولا يصحّ عندى هذان التقديران، إلا أن يحكم بزيادة «لا» لأن الذى حرّمه الله عليهم هو أن يشركوا به، فإن حكمت بأن ¬

(¬1) على رأيهم فى إعمال أول المتنازعين. قاله فى المغنى ص 277، وحكاه أبو حيان فى البحر 4/ 249 عن ابن الشجرىّ، والقرطبى 7/ 131. (¬2) معانى القرآن 2/ 303. (¬3) سورة الأنعام 145. (¬4) لعل ابن الشجرى يعنى مكّىّ بن أبى طالب؛ فإنه هو الذى ذكر الوجهين الآتيين بالترتيب الوارد هنا، فى كتابه مشكل إعراب القرآن 1/ 298، ولابن الشجرىّ عليه تعقّبات أوردها فى آخر مجالسه من الأمالى. نعم حكى القرطبىّ فى تفسيره-الموضع السابق-الوجه الأول، وعزاه إلى النحاس، وهو فى إعراب القرآن له 1/ 591. ونقل ابن هشام كلام ابن الشجرى، وقوله: «بعض المعربين» ولم يسمّه. راجع الموضع السابق من المغنى.

«لا» للنفى صار المحرّم ترك الإشراك، فإذا قدّرت بها الطّرح كما لحقت مزيدة فى نحو: {فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ} (¬1) و {ما مَنَعَكَ أَلاّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} استقام القولان. وأجاز الزجّاج فيه ثلاثة أوجه: أحدها: أن يكون منصوبا بتقدير طرح اللام، وإضمار «أبيّن» أى أبيّن لكم الحرام لأن لا تشركوا به شيئا، لأنهم إذا حرّموا ما أحلّ الله لهم فقد جعلوا غير الله بمنزلة الله، ولمّا جعلوه فى قبولهم منه بمنزلة الله، صاروا بذلك مشركين. والثانى: أن يكون محمولا على المعنى، فتضمر له فعلا من لفظ الأول ومعناه، وتقديره: أتل عليكم ألاّ تشركوا به شيئا، أى أتل عليكم تحريم الإشراك. والثالث: أن يكون منصوبا بتقدير: أوصيكم بألاّ تشركوا به شيئا؛ لأن قوله: {وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً} (¬2) محمول على معنى: وأوصيكم بالوالدين إحسانا. انتهى كلام الزجّاج. ويدلّ على تقدير إضمار الإيصاء قوله فى آخر الآية: {ذلِكُمْ وَصّاكُمْ} فانتصاب {إِحْساناً} على أنّه مفعول ثان لأوصيكم، كقولك: أوصيك بزيد خيرا. قال أبو النجم (¬3): أوصيت من برّة قلبا حرّا … بالكلب خيرا والحماة شرّا ويحتمل عندى قوله: {أَلاّ تُشْرِكُوا بِهِ} وجهين آخرين، أحدهما: أن تكون «أن» مفسّرة بمعنى «أى» كالتى فى قوله تعالى: {وَاِنْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ اِمْشُوا} (¬4) معناه: أى امشوا، وتكون «لا (¬5)» نهيا، و «أن» المفسّرة تؤدّى معنى ¬

(¬1) الآية المتمة الأربعين من سورة المعارج. (¬2) سورة الأعراف 12. (¬3) ديوانه ص 123، وتخريجه فى ص 249، وزد عليه الكامل 3/ 95، والخزانة 2/ 403. (¬4) الآية السادسة من سورة ص. (¬5) جعله الفراء من بعض وجوه الإعراب. معانى القرآن 1/ 364، وانظر إعراب القرآن للنحاس، الموضع السابق.

القول، فكأنه قيل: أقول: لا تشركوا به شيئا، وتنصب «إحسانا» فى هذا الوجه على المصدر، والتقدير: وأحسنوا بالوالدين إحسانا. فإن قيل: إن «أحسن» إنما يتعدّى بإلى كما قال تعالى: {وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ} (¬1) قيل: إنه قد يعدّى أيضا بالباء، كما جاء فى التنزيل: {وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ} (¬2) وكذلك نقيضه (¬3)، عدّته العرب تارة بالباء، وتارة بإلى فقالوا: أسأت إليه، وأسأت به، قال كثيّر: أسيئي بنا أو أحسنى لا ملومة … لدينا ولا مقليّة إن تقلّت (¬4) والوجه الثانى: أن تجعل {عَلَيْكُمْ} منفصلة مما قبلها، فتكون إغراء بمعنى الزموا، كأنه اجتزأ بقوله: {قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ} ثمّ قيل على وجه الاستئناف: {عَلَيْكُمْ أَلاّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً} أى عليكم ترك الإشراك، وعليكم إحسانا بالوالدين، وأن لا تقتلوا أولادكم، وأن لا تقربوا الفواحش، كما تقول: عليك شأنك، أى الزم شأنك، وكما قال تعالى: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} (¬5) أى الزموا أنفسكم. وقوله: {مِنْ إِمْلاقٍ} أى من خوف إملاق، ومن أجل إملاق، والإملاق والإفلاس والإقتار والإعدام: كلّه الفقر، واستعملت «من» فى موضع لام العلّة كقولهم: زرته من حبّى له، ولحبّى له، كما استعملت «الباء» مكان «اللام» فى قوله تعالى: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ كَثِيراً} (¬6). ¬

(¬1) سورة القصص 77. (¬2) الآية المتمة المائة من سورة يوسف. (¬3) انظر أن النقيض يحمل على النقيض فى التعدية، فى شرح الحماسة ص 1462، والخصائص 2/ 311،389. (¬4) ديوانه ص 101، وتخريجه فى ص 105، وقد أعاد المصنف إنشاده فى المجلسين: الثامن عشر، والحادى والثمانين. (¬5) سورة المائدة 105. (¬6) سورة النساء 160.

وقوله: {ما ظَهَرَ مِنْها} موضعه نصب على البدل من {الْفَواحِشَ} {وَما بَطَنَ} عطف عليه، وقيل فى تفسير ما بطن: إنه الزّنا، وما ظهر: اتّخاذ الأخدان على جهة الرّبية، والأخدان: جمع خدن، وهو الصديق، يكون للمرأة، ويكون للرجل. وقوله: {وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ} الألف/واللام فى النفس لتعريف الجنس، كقولهم: أهلك الناس الدّرهم والدّينار (¬1)، ومثله: {إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً} (¬2) ألا ترى أنه سبحانه قال: {إِلاَّ الْمُصَلِّينَ} (¬3) وقد أدخلوا الألف واللام فى الأوصاف على (¬4) هذا المعنى، كقوله جلّت عظمته: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظّالِمُ عَلى يَدَيْهِ} (¬5) وكقول الأخيليّة: كأنّ فتى الفتيان توبة لم ينخ … بنجد ولم يهبط مع المتغوّر (¬6) ومنه قول الراجز (¬7): إن تبخلى يا مىّ أو تعتلّى … أو تصبحى فى الظاعن المولّى أى فى الظاعنين المولّين. ¬

(¬1) معانى القرآن للأخفش ص 170، والكامل ص 795، والأصول 1/ 150، وسر صناعة الإعراب ص 15،350. (¬2) سورة المعارج 19. (¬3) السورة نفسها 22. (¬4) فى هـ‍: فى هذا. (¬5) سورة الفرقان 27. (¬6) الكامل ص 953،1404، والأغانى 11/ 232. وقوله «المتغوّر» من الغور، وهو كلّ ما انخفض، وعكسه النّجد. (¬7) هو منظور بن مرثد الأسدى، وينسب إلى أمّه فيقال: منظور بن حبّة-بالباء الموحّدة-نوادر أبى زيد ص 248، والأصول 3/ 452، وكتاب الش‍

وقوله: {ذلِكُمْ وَصّاكُمْ بِهِ} الكاف والميم فى {ذلِكُمْ} بخلاف الكاف والميم فى {وَصّاكُمْ؛} لأنهما فى {ذلِكُمْ} حرف للخطاب، لا يحكم لموضعه بشىء من الإعراب، وهما فى {وَصّاكُمْ} ضمير موضوع للمخاطبة موضعه نصب، ولو حكمت بأنه فى {ذلِكُمْ} ضمير وجب الحكم بأنه فى موضع جرّ بالإضافة، وأسماء الإشارة لا تصحّ إضافتها؛ لأن ذلك جمع بين تعريفين، تعريف الإشارة وتعريف الإضافة. ويقال فى قوله تعالى: {لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} و {لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} (¬1) و {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (¬2) ونحو ذلك مما ورد فى كلامه (¬3) القديم سبحانه، كيف وقع «لعلّ» فى كلام الله تعالى؟ ولعلّ إنما هو حرف موضوع للرجاء، والراجى شاكّ، بدلالة أنك تقول: لعلّى أدخل الجنة، وأرجو أن أدخل الجنة، ولا تقول: أرجو أن يدخل النبىّ صلى الله عليه وآله وسلّم الجنة، ولا: لعلّ النبىّ صلى الله عليه وآله وسلّم يدخل الجنة، لأنك على غير يقين من دخولك الجنة، وغير شاكّ فى دخول النبىّ صلى الله عليه وآله وسلم الجنة. وعن هذا السؤال ثلاثة أجوبة: أحدها: أنّ ما جاء من هذا فى كلامه سبحانه، فهو على شكّ المخاطبين، فكأنه قيل: افعلوا ذلك على الرّجاء منكم/والطمع أن تعقلوا وأن تذكّروا وأن تتّقوا، وإلى هذا ذهب سيبويه (¬4) فى قوله عزّ وجل: {اِذْهَبا إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى. فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى} (¬5) قال: معناه اذهبا على طمعكما ورجائكما أن يتذكّر أو يخشى. ¬

(¬1) سورة الأنعام 152، وفى غير سورة من الكتاب العزيز. (¬2) سورة البقرة 21، ومواضع أخرى من الذكر الحكيم. (¬3) هكذا فى هـ‍، وفى الأصل: كلام. (¬4) الكتاب 1/ 331، وانظر الجنى الدانى ص 580، والبرهان 4/ 57. (¬5) سورة طه عليه الصلاة والسلام 43،44.

والثانى: أن العرب قد استعملت «لعلّ» مجرّدة من الشكّ، بمعنى لام كى، فالمعنى: لتعقلوا ولتذكّروا ولتتّقوا، وعلى ذلك قول الشاعر: وقلتم لنا كفّوا الحروب لعلّنا … نكفّ ووثّقتم لنا كلّ موثق (¬1) فلما كففنا الحرب كانت عهودكم … كلمع سراب فى الملا متألّق المعنى: كفّوا الحروب لنكفّ، ولو (¬2) كانت «لعلّ» هاهنا شكّا لم يوثّقوا لهم كلّ موثق [وهذا القول عن قطرب (¬3)]. والثالث: أن يكون «لعلّ» بمعنى التعرّض للشيء، كأنه قيل: افعلوا ذلك متعرّضين لأن تعقلوا أو لأن تذكّروا أو لأن تتّقوا. تأويل قوله تعالى: {قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً} (¬4) هذه الآية من الآى المشكلة التى تعلّقت بها الملحدة، وأنا إن شاء الله أكشف لك غموضها وأبرز مكنونها. يقال: ما عبأت بفلان: أى ما باليت به، أى ما كان له عندى وزن ولا قدر، والمصدر العبء، و «ما» استفهامية، ظهر ذلك فى أثناء كلام الزجاج (¬5)، وصرّح به الفراء (¬6)، ¬

(¬1) البيتان من غير نسبة فى تفسير الطبرى 1/ 364، والقرطبى 1/ 227،12/ 282، والحماسة البصرية 1/ 25، وزاد المسير 1/ 48. (¬2) هذا الكلام فى تفسير الطبرى. (¬3) ليس فى هـ‍، وتفسير الطبرى. وهو فى تفسير القرطبى، وفيه زيادة: «والطبرى». ومجىء «لعل» بمعنى التعليل يروى عن يونس والكسائى والأخفش والفرّاء. راجع الموضع السابق من الجنى الدانى، والبرهان، واللسان (علل). (¬4) الآية الأخيرة من سورة الفرقان. (¬5) حين قدّر «ما» بأىّ، فقال: «وتأويل ما يعبأ بكم: أى أىّ وزن يكون لكم عنده» إعراب القرآن. المجلد الثامن، ص 14، من نسخة الخزانة العامة بالرباط رقم 333 ق، وحكاه الأزهرى فى التهذيب 3/ 234، وعنه اللسان (عبأ). (¬6) معانى القرآن 2/ 275.

وليس يبعد أن تكون نافية، لأنك إذا حكمت بأنها استفهام، فهو نفى خرج مخرج الاستفهام، كما قال: {هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلاَّ الْإِحْسانُ} (¬1). وقال ابن قتيبة (¬2): فى هذه الآية مضمر، وله أشكلت، أى ما يعبأ بعذابكم (¬3) ربى، قال: ويوضّح ذلك قوله: {فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً} أى يكون العذاب لمن كذّب (¬4) بالحقّ لازما. انتهى كلامه. وأقول: إن حذف المضاف فى كلام العرب وأشعارها وفى الكتاب العزيز أكثر من أن يحصى (¬5)، وأحسنه ما دلّ عليه معنى/أو قرينة أو نظير أو قياس، فدلالة المعنى كقوله جلّ جلاله: {وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ} (¬6) أى حبّ العجل، وكقوله: {وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ} (¬7) أى أهل القرية، وكقوله: {فَأَتاهُمُ اللهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا} (¬8) أى أمر الله، وكقوله: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ} (¬9) أى ¬

(¬1) الآية المتمة الستين من سورة الرحمن. وأعاده ابن الشجرى فى المجلس الرابع والسبعين، وكشفه هناك بأتمّ مما هنا. (¬2) تأويل مشكل القرآن ص 438. (¬3) بعده فى تأويل المشكل: لولا ما تدعونه من دونه من الشريك والولد. (¬4) الذى فى التأويل: «لمن كذّب ودعا من دونه إلها». وقد ردّ الطبرىّ هذا التفسير. راجع حواشى التأويل. وجعل المرتضى الحذف هنا من المشكل؛ لأنه لا دليل فى الآية من لفظها، على ما يتعلّق به قوله «دعاؤكم». أمالى المرتضى 2/ 366. (¬5) يقول ابن جنى: «حذف المضاف فى القرآن والشعر وفصيح الكلام فى عدد الرمل سعة». المحتسب 1/ 188. وقال فى الخصائص 2/ 362: «وذلك كثير واسع» وانظر كلامى عن «الحذف» فى موضعه من الدراسة ص 82. (¬6) سورة البقرة 93، وكأن ابن الشجرى ينقل عن ابن قتيبة. انظر تأويل المشكل ص 210، وراجع أيضا الصناعتين ص 181، وأمالى المرتضى 1/ 202،615،2/ 48. (¬7) سورة يوسف 82، وانظر مع المراجع السابقة كتاب الشعر ص 346،527، والخصائص 2/ 447، والغريبين 1/ 86. (¬8) الآية الثانية من سورة الحشر. (¬9) سورة البقرة 197.

[الحجّ (¬1)] حجّ أشهر معلومات، وكقولهم: ما زلنا (¬2) نطأ السماء حتى أتيناكم، أى ماء السماء، وكقول مهلهل: نبّئت أنّ النار بعدك أو قدت … واستبّ بعدك يا كليب المجلس (¬3) أى أهل المجلس، وكقول المرقّش (¬4): ليس على طول الحياة ندم أى على فقد طول الحياة. والقرينة مع المعنى كقول النابغة (¬5): وقد خفت حتّى ما تزيد مخافتى … على وعل فى ذى المطارة عاقل أى على مخافة وعل [وهو تيس الجبل (¬6)] ودلّ على ذلك تقدّم ذكر المخافة، وأنه قصد إلى تشبيه حدث بحدث. ¬

(¬1) تكملة مما أورده ابن الشجرى فى المجلس التاسع والثلاثين، قال: «أى أشهر الحج أشهر معلومات، وإن شئت قدّرت: الحجّ حجّ أشهر معلومات». وقد اقتصر ابن قتيبة على التقدير الأول. قال: أى وقت الحج. (¬2) أعاده فى المجلس السابع والثلاثين، وانظر شبيهه فى الأصول 2/ 255. (¬3) أنشده ابن الشجرى أيضا فى المجلسين: الثامن والعشرين، والتاسع والثلاثين. والبيت مما استفاضت به كتب العربية. انظر نوادر أبى زيد ص 204، ومجالس ثعلب ص 37،584، والكامل 1/ 317، وأمالى القالى 1/ 95، وبهجة المجالس 1/ 631، وأسرار البلاغة ص 371، وغير ذلك كثير. (¬4) المرقّش الأكبر. وعجز البيت: ومن وراء المرء ما يعلم وقد أنشده المصنف فى المجلسين: السابع والثلاثين، والثانى والثمانين. وهو فى المفضليات ص 239، والشعر والشعراء ص 213، ومعجم الشعراء ص 4، واللسان (صلم-ورى). (¬5) ديوانه ص 68، ومجاز القرآن 1/ 65،139، وتأويل المشكل ص 197، وتفسير الطبرى 3/ 311، والمقتضب 3/ 231، والإنصاف ص 372، وضرائر الشعر ص 267، وشرح أبيات المغنى 2/ 324، ومعجم ما استعجم ص 1238، فى رسم (ذى المطارة) وهو جبل. وأعاد المصنف إنشاده فى المجلس التاسع والثلاثين. (¬6) زيادة من هـ‍.

ودلالة القياس كقولهم: الليلة الهلال (¬1)، أى طلوع الهلال، والجباب شهرين، أى لبس الجباب، وكقوله (¬2): «اليوم خمر وغدا أمر» أى اليوم شرب خمر، وغدا حدوث أمر، وإنما دلّ على هذه المحذوفات أن ظروف الزّمان لا تكون أخبارا عن الأعيان. ودلالة النّظير مع القياس [والقرينة (¬3)] كقوله سبحانه: {هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ} (¬4) أراد هل يسمعون دعاءكم؟ كما قال فى الأخرى: {إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ} (¬5). ودلالة القياس على هذا المحذوف أنك لا تقول: سمعت زيدا وتمسك حتى تأتى بعد ذلك بلفظ ممّا يسمع، كقولك: سمعته يقرأ، وسمعته ينشد، فتقدير ابن قتيبة: ما يعبأ بعذابكم ربّى، نظيره فى التنزيل قوله عزّ وجل: {ما يَفْعَلُ اللهُ/ بِعَذابِكُمْ} (¬6). وقد جاء فى تفسير قوله: {ما يَعْبَؤُا بِكُمْ:} أى ما يفعل الله بكم، حكى ذلك الزجّاج (¬7). وحقيقة القول (¬8) عندى فيه أن موضع «ما» نصب، والتقدير: أىّ عبء يعبأ ¬

(¬1) يجوز فى «الليلة» الرفع والنصب، وهى هنا منصوبة، وبيان ذلك تراه فى المجلس التاسع والثلاثين. وانظر الكتاب 1/ 418، وكتاب الشعر ص 333، وحواشيه، ومعانى القرآن للأخفش ص 351، وشرح الحماسة ص 660،982، والبسيط ص 601. (¬2) هو امرؤ القيس، وحديثه مشهور، وسيعيده المصنف فى المجلس التاسع والثلاثين. وانظر كتاب الشعر ص 250، ومجمع الأمثال 2/ 417، والخزانة 1/ 332،8/ 356، وسائر كتب النحو فى (باب المبتدأ والخبر). (¬3) سقط من هـ‍. (¬4) سورة الشعراء 72. (¬5) سورة فاطر 14. (¬6) سورة النساء 147، وأعاده ابن الشجرى فى المجلس الثانى والأربعين. (¬7) فى الموضع الذى أشرت إليه من كتابه إعراب القرآن، راجع ص 77. (¬8) حكاه عنه القرطبىّ فى تفسيره 13/ 84.

بكم ربى، أى أىّ مبالاة يبالى ربّى بكم، وحذف جواب «لولا» كما حذف جواب «لو» فى قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى} (¬1) أى لكان هذا القرآن، والمصدر الذى هو الدعاء على هذا القول مضاف إلى مفعوله، فى قول الفرّاء (¬2)، وفاعله محذوف، فالتقدير: لولا دعاؤه (¬3) إياكم، أى لولا دعاؤه إياكم إلى الإسلام، وجواب «لولا (¬4)» تقديره: لم يعبأ بكم، أى لولا دعاؤه إياكم إلى توحيده لم يبل (¬5) بذكركم. وذهب ابن قتيبة (¬6)، -وهو قول أبى علىّ الفارسىّ-إلى أن الدعاء مضاف إلى فاعله، والمفعول محذوف، الأصل (¬7): لولا دعاؤكم آلهة من دونه، وجواب «لولا» تقديره فى هذا الوجه: لم يعذبكم، ونظير قوله: لولا دعاؤكم آلهة من دونه قوله: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ} (¬8). وقوله: {فَقَدْ كَذَّبْتُمْ} أى كذّبتم بما دعيتم إليه، هذا على القول الأول، وكذبتم بوحدانية الله، على القول الثانى {فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً} أى يكون تكذيبكم ملازما لكم، والمراد جزاء تكذيبكم، كما قال الله تعالى: {وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً} (¬9) أى جزاء ما عملوا، وكما قال جلّ وعلا: {هذا ما كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ} (¬10) أى جزاء ما كنتم تكنزون، وحسن إضمار التكذيب لتقدّم ذكر فعله، ¬

(¬1) سورة الرعد 31. (¬2) معانى القرآن 2/ 275. (¬3) فى الأصل: «لولا دعاؤكم إياكم»، وأثبتّ ما فى هـ‍، والذى فى القرطبى فيما حكاه عن ابن الشجرى: «لولا دعاؤكم، أى لولا دعاؤه إياكم لتعبدوه»، واكتفى الفراء فى التقدير بقوله: «لولا دعاؤه إياكم إلى الإسلام». (¬4) فى القرطبى عن ابن الشجرى: «وجواب لولا محذوف تقديره. . .» هنا وفى الموضع الآتى. (¬5) بضم الياء وفتح الباء. وسيأتيك الكلام عليه إن شاء الله، فى المجلس الرابع والخمسين. (¬6) فى الموضع السابق من تأويل مشكل القرآن. (¬7) فى هـ‍: «والأصل» بإقحام الواو. (¬8) سورة الأعراف 194. (¬9) سورة الكهف 49. (¬10) سورة التوبة 35.

لأنك إذا ذكرت الفعل دلّ بلفظه على مصدره، كما قالوا: «من كذب كان شرّا له (¬1)» أى كان الكذب، ومثله قوله تعالى: {وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتابِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ} (¬2) أى لكان الإيمان، وقوله: {وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} (¬3) أى يرض الشّكر لكم. والتفاسير مجمعة على أن/المراد بقوله: {فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً} ما نزل بهم يوم بدر، وقال الزجّاج: «وقرئت {لِزاماً} مفتوحة اللام، قال: وتأويله: فسوف يكون تكذيبكم لازما لكم، فلا تعطون التوبة منه، وتلزمكم العقوبة، فيدخل فى هذا يوم بدر وغيره من العذاب الذى يلزمهم (¬4)». وأقول: إن اللّزام بالكسر: مصدر لازم لزاما، مثل خاصم خصاما، واللّزام بالفتح: مصدر لزم لزاما، مثل سلم سلاما، أى سلامة، قال الشاعر: تحيّى بالسّلامة أمّ بكر … وهل لى بعد قومى من سلام (¬5) ومنه: {لَهُمْ دارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ} (¬6) أى دار السّلامة، فاللّزام بالفتح: اللّزوم، واللّزام: الملازمة، والمصدر فى القراءتين وقع موقع اسم الفاعل، فاللّزام وقع موقع ملازم، واللّزام وقع موقع لازم، كما قال تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً} (¬7) أى غائرا، وإن شئت قدّرت مضافا، أى كان العذاب ذا لزام، وذا لزام. آخر المجلس. ... ¬

(¬1) أعاده ابن الشجرى فى المجلس التاسع والخمسين. وهو فى الكتاب 2/ 391، والأصول 1/ 79، 2/ 176، وشرح الحماسة ص 455،1577،1599، والخزانة 1/ 120،8/ 120. (¬2) سورة آل عمران 110. (¬3) الآية السابعة من سورة الزمر. (¬4) إعراب القرآن، ص 15 من المجلد الثامن، من النسخة التى وصفتها قريبا. مع بعض اختلاف فى اللفظ. وقراءة «لزاما» بفتح اللام تنسب لأبى السّمّال وغيره. وهو مصدر. يقال: لزم لزوما ولزاما، مثل ثبت ثبوتا وثباتا. إعراب القرآن لأبى جعفر النحاس 2/ 479، والقرطبى 13/ 86، والبحر 6/ 518. (¬5) سبق تخريجه فى المجلس الثالث. (¬6) سورة الأنعام 127. (¬7) آخر آيات سورة الملك.

المجلس التاسع

المجلس التاسع مجلس يوم السبت، ثامن جمادى الأولى، من سنة أربع وعشرين وخمسمائة. تفسير قوله تعالى: {وَوَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوّابٌ} -إلى قوله تعالى-: {وَالْأَعْناقِ} (¬1) يقال: وهبت لك درهما، ووهبتك درهما، كما تقول: وزنت لك الدّراهم، ووزنتك الدّراهم، وكلت لك البرّ، وكلتك البرّ، كما جاء فى التنزيل: {وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ} (¬2) أى كالوا لهم، ووزنوا لهم، وقد عدّوا لفظ الأمر من وهب إلى مفعولين، الثانى منهما هو الأول، وأخرجوه من معنى الهبة، وأدخلوه فى معنى الحسبان، كقولك: هب زيدا مسيئا واعف عنه، أى احسبه مسيئا، وهب الأمير سوقة وخاطبه، أى ظنّه وعدّه كذلك، والمعنى نزّله فى ظنّك هذه المنزلة، قال قيس/بن الملوّح (¬3): هبونى امرأ منكم أضلّ بعيره … له ذمّة إنّ الذّمام كبير وداود من الأعجمية التى وافقت العربية فى الوزن، فجاء على مثال فاعول، كعاقول وكافور، ومثله فى الزّنة من الأعلام الأعجمية: سابور، وقابوس، ومن ¬

(¬1) سورة ص 30 - 33. (¬2) الآية الثالثة من سورة المطففين. وسيتكلم المصنف على هذه الآية بأوسع ممّا هنا فى المجلس الثالث والأربعين. (¬3) هكذا ينسبه المصنف لقيس بن الملوح-مجنون ليلى-ويروى له، ولأبى دهبل الجمحى، ولقيس بن معاذ. انظر ديوان المجنون ص 139، وأبى دهبل ص 77،128.

غير الأعلام قولهم لمكيال الخلّ: راقود-وقال بعض اللغويين-: الراقود (¬1) ما يجعل فيه الخلّ، ويسمّى الخابية. وإحدى الواوين من داود وما أشبهه، كطاوس وناوس وهاون محذوفة من الخطّ، لأنهم يكرهون تكرير الأشباه فى كلمة. وسليمان مصغّر سلمان، وكلّ اسم آخره ألف ونون زائدتان، فتصغيره محمول على تكسيره، فإن علمت أن العرب كسّرته فقلبت ألفه فى التكسير ياء، وأثبتت نونه، فجاءت به على مثال فعالين، حملت تصغيره على تكسيره، فصغّرته على مثال فعيلين، كقولك فى سلطان وسرحان وورشان (¬2): سليطين وسريحين ووريشين، لقولهم: سلاطين وسراحين ووراشين، فإن لم تعلم العرب كسّرته على هذا الحدّ أقررت ألفه فجئت به على مثال فعيلان، كقولك فى سكران وعثمان وسلمان: سكيران وعثيمان وسليمان، لأنهم لم يقولوا: سكارين ولا عثامين ولا سلامين، وإن شئت حذفت الألف من سليمان فى الخطّ لطوله بالحرف السادس. و «نعم» من الألفاظ الموضوعة لغاية المدح، فلذلك مدح الله به نفسه فى قوله: {هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} (¬3) ومدح بها أنبياءه، فقال فى سليمان وأيّوب: {نِعْمَ الْعَبْدُ} وأراد نعم العبد سليمان، ونعم العبد أيّوب، ولكنّ المقصود بالمدح قد يحذف تخفيفا إذا تقدّم ذكره، وحذفه يقوّى قول من يرى رفعه بالابتداء، لأنك إن جعلته خبر مبتدأ مقدّر، كان الحذف واقعا بجملة، وحذف المفرد أسهل من حذف الجملة. ¬

(¬1) ذكره الجواليقى فى المعرب ص 160، قال: «والراقود: إناء من آنية الشراب، أعجمى معرب». وانظر الجمهرة 2/ 253،3/ 390، والنهاية 2/ 250. (¬2) السّرحان بكسر السّين: الذئب. والورشان، بفتح الواو والراء: طائر. (¬3) الآية الأخيرة من سورة الحج.

و (أوّاب) من أوّب إذا رجّع/صوته بالتسبيح، و {يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ} (¬1) رجّعى معه، أى سبّحى، والأوّاب أيضا: التّائب. والصّافن من الخيل: القائم الذى يثنى إحدى يديه، أو إحدى رجليه حتى يقف بها على سنبكه، والسّنبك: مقدم الحافر، فثلاث من قوائمه حوافرها مطبقة على الأرض، والرابعة متّصل بالأرض طرف حافرها فقط، هذا قول أهل اللغة وأصحاب التفاسير. وقال بعض اللغويين: الصّافن: القائم، ثنى إحدى قوائمه أو لم يثنها، وأصوب القولين (¬2) عندى الأول، بدليلين، أحدهما: قول الشاعر: ألف الصّفون فما يزال كأنّه … ممّا يقوم على الثّلاث كسيرا (¬3) والثانى قراءة عبد الله «فاذكروا اسم الله عليها صوافن» (¬4) أراد معقّلات قياما على ثلاث، شبّه الإبل التى تقام لتنحر وإحدى قوائم البعير معقولة، بالخيل الصّافنة. والجياد: جمع جواد، وكان القياس أن تصحّ الواو فى الجياد، لتحرّكها فى الواحد، كما صحّت الواو فى الطّوال، لتحرّكها فى طويل، ولكنه مما شذّ إعلاله كشذوذ التصحيح فى القود والاستحواذ ونحوهما، وقد قال بعضهم فى جمع الطويل: طيال، وأنشدوا: ¬

(¬1) الآية العاشرة من سورة سبأ. (¬2) راجع معانى القرآن 2/ 405، وتفسير غريب القرآن ص 379، وغريب الحديث لأبى عبيد 3/ 8، والخيل لأبى عبيدة ص 124، ومجاز القرآن له 2/ 182. (¬3) أعاده المصنف فى المجلس الحادى عشر، وهو فى شرح القصائد السبع ص 390، وزاد المسير 7/ 127، والكشاف 3/ 373، وتفسير القرطبى 12/ 62،15/ 193، والبحر المحيط 7/ 388، والمغنى ص 352، وشرح شواهده ص 248، وشرح أبياته 5/ 301، وأساس البلاغة واللسان (صفن). ونسب فى شرح شواهد الكشاف 4/ 419 لامرئ القيس، وليس فى ديوانه، ولا فى زياداته. (¬4) سورة الحج 36، و «عبد الله» هو ابن مسعود رضى الله عنه، وهو المراد عند الإطلاق، وتنسب هذه القراءة له، ولغيره. انظر المحتسب 2/ 81.

تبيّن لى أنّ القماءة ذلّة … وأنّ أعزّاء الرّجال طيالها (¬1) وإنما يجب قلب الواو ياء فى هذا المثال من الجمع إذا سكنت فى الواحد، كواو ثوب وحوض، المنقلبة ياء فى ثياب وحياض. والجواد من الخيل: كأنه الذى يأتى بجرى بعد جرى، كالجواد من الناس، الذى يعطى مرّة بعد مرّة، وفرّقوا بين مصادرهما، فقالوا: رجل جواد بيّن الجود، وفرس جواد بيّن الجودة والجودة. وفى قراءة عبد الله: {إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ} [بطرح قوله: فقال (¬2)] وجاء فى قراءته عكس هذا: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ} يقولان {رَبَّنا} (¬3) والقول كثيرا (¬4) ما يحذف لقوّة العلم بمكانه، وقد اتّسع حذفه فى القرآن، كقوله/ تعالى: {وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ. سَلامٌ عَلَيْكُمْ} (¬5) أى يقولون: سلام عليكم، وكقوله: {فَأَمَّا الَّذِينَ اِسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ} (¬6) أى فيقال لهم: أكفرتم [بعد إيمانكم (¬7)] وكقوله: {وَالَّذِينَ اِتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ} ¬

(¬1) البيت لأنيف بن زبّان النهشلى، وقيل: لأثال بن عبدة بن الطبيب [الطويل]. الحماسة البصرية 1/ 35، والمنصف 1/ 342، والمحتسب 1/ 184، وشرح المفصل 10/ 88، وشرح الجمل 2/ 533، والممتع ص 497، والخزانة 9/ 488، وشرح شواهد الشافية ص 385، وشرح أبيات المغنى 4/ 68، والتصريح على التوضيح 2/ 379، وشرح الأشمونى 4/ 304، واللسان (طول). والشاهد من غير نسبة صريحة فى الكامل ص 121،1044، ومجالس ثعلب ص 412، وانظر القصيدة التى منها هذا البيت فى شرح الحماسة ص 169،637. (¬2) سقط من الأصل. (¬3) سورة البقرة 127، وانظر المحتسب 1/ 108، وحواشيه، ومعانى القرآن للفراء 2/ 405، وكأن ابن الشجرى ينقل عنه. (¬4) حكى ابن هشام عن أبى على الفارسىّ قوله: «حذف القول من حديث البحر، قل ولا حرج» شرح قصيدة كعب بن زهير ص 38، وانظر كتاب الشعر ص 332. (¬5) سورة الرعد 23،24. (¬6) سورة آل عمران 106. (¬7) ليس فى الأصل.

{إِلاّ لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى} (¬1) أى يقولون: ما نعبدهم. وظاهر لفظ قوله تعالى: {أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ} أن انتصاب {حُبَّ الْخَيْرِ} على المصدر، وليس كذلك، لأنه لم يخبر أنه أحبّ حبّا مثل حبّ (¬2) الخير، كما قال: {فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ} (¬3) أى شربا مثل شرب الهيم، وكقولك: ضربته ضرب الأمير اللّصّ، أى ضربا مثل ضرب الأمير اللصّ، لأنه لو أراد هذا لأخرج الخيل عن أن تكون من الخير، إذ التقدير: أحببت الخيل حبّا مثل حبّ الخير، وإذا كان هذا القياس ظاهر الفساد كما ترى، كان انتصاب {حُبَّ الْخَيْرِ} على وجهين: أحدهما: أن يكون مفعولا به، والمعنى آثرت حبّ الخير، لأنك إذا أحببت الشىء فأنت مؤثّر له، وهذا قول الفراء (¬4) والزجّاج، و {الْخَيْرِ} هاهنا: هو الخيل، وتسميتها بالخير مطابق لقوله عليه السلام: «الخيل معقود فى نواصيها الخير (¬5)». وقوله: {عَنْ ذِكْرِ رَبِّي} إن شئت علّقته بالمعنى الذى حملت {أَحْبَبْتُ} عليه وجعلت «عن» نائبة مناب «على»، كما قال تعالى: {وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ} (¬6) أى على نفسه، فكأنه قيل: آثرت حبّ الخير على ذكر ربّى، وإن شئت علّقت «عن» بحال (¬7) محذوفة تقديرها: آثرت حبّ الخير غافلا عن ذكر ربى، أو منصرفا عن ذكر ربّى. ¬

(¬1) الآية الثالثة من سورة الزمر. (¬2) هذا الكلام بنصه فى مشكل إعراب القرآن لمكّى 2/ 250. (¬3) سورة الواقعة 55. (¬4) معانى القرآن للفراء 2/ 405، وللزجاج 4/ 331، وانظر إعراب القرآن للنحاس 2/ 794. (¬5) أخرجه البخارى فى (باب الخيل معقود فى نواصيها الخير إلى يوم القيامة. من كتاب الجهاد) و (باب حدثنا مسدّد. من فرض الخمس) و (باب حدّثنا مسدّد، من أواخر كتاب المناقب) صحيح البخارى 4/ 34،104،252، ومسلم فى (باب إثم مانع الزكاة. من كتاب الزكاة) و (باب الخيل فى نواصيها الخير إلى يوم القيامة. من كتاب الإمارة) صحيح مسلم ص 683،1492، والحديث دائر فى غير الصحيحين من دواوين السنّة. انظر المعجم المفهرس 4/ 294. (¬6) الآية الأخيرة من سورة محمد عليه الصلاة والسّلام. (¬7) وتكون «عن» حينئذ على بابها، كما صرّح ابن هشام فى المغنى ص 158.

والوجه الآخر: أن يكون {أَحْبَبْتُ} من قولهم: أحبّ البعير: إذا وقف فلم ينبعث، والإحباب فى الإبل كالحران فى ذوات الحافر، وأنشدوا: /حلت عليه بالقطيع ضربا … ضرب بعير السّوء إذ أحبّا (¬1) فيكون انتصاب {حُبَّ الْخَيْرِ} على أنه مفعول له، و «عن» متعلّقة بمعنى أحببت، لأنه بمعنى تثبّطت، وهذا القول عن أبى عبيدة، حكاه عنه علىّ بن عيسى الرّمانىّ، قال: قال أبو عبيدة: أحبّ البعير إحبابا، وهو أن يبرك فلا يثور، وذلك فى الإبل كالحران فى الخيل، ومنه (¬2) قوله تعالى: {إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي} أى لصقت (¬3) بالأرض لحبّ الخير حتى فاتتنى الصلاة، قال أهل التفسير: وكانت هذه الخيل وردت على سليمان عليه السلام من غنيمة جيش كان له، فلما صلّى الظهر دعا بها فلم تزل تعرض عليه حتى غابت الشمس ولم يصلّ العصر، وكان مهيبا لا يبتدأ بشىء ولا يجسر أحد أن ينبّهه لوقت صلاة، ولم يكن ذلك عن تكبّر منه. قال الزجاج: ولست أدرى أكانت صلاة العصر مفروضة فى ذلك الوقت أم لا؟ إلا أنّ عرض الخيل شغله حتى جاز (¬4) وقت يذكر فيه الله تعالى، [قال (¬5)]: ¬

(¬1) البيتان لأبى محمد الفقعسى. وهما فى الأصمعيات ص 163، والمحتسب 1/ 364، والجمهرة 1/ 25، واللسان (حبب-قفل)، والبيت الأول فى اللسان (قرشب)، والثانى فى مقاييس اللغة 2/ 27، وتفسير القرطبى 15/ 194. (¬2) العجب أن أبا عبيدة لم يذكر هذا التفسير فى كتابه مجاز القرآن 2/ 182، حين عرض للآية الكريمة، إنما قال: «مجازه أحببته حبّا، ثم أضاف الحبّ إلى الخير». وجاء بحاشيته من نسخة: «قال أبو حاتم: ليس الأمر على ما ظنّ أبو عبيدة، إنما معنى «أحببت» لزمت الأرض فلم أقم للصلاة، والإحباب: اللزوق بالأرض، يقال: بعير محبّ، إذا لزق بالأرض من مرض به». (¬3) حكى صاحب اللسان (حبب) هذا الكلام عن أبى عبيدة. وانظر التعليق السابق. (¬4) فى هـ‍ «جاوز» وكذلك فى الأصل، مع أثر تغيير، فقد كتبت «جاز» أولا، وهو الذى فى معانى القرآن الموضع السابق وفى نقل ابن الشجرى عنه بعض اختلاف. (¬5) سقط من هـ‍.

وقال (¬1) أهل اللغة فى قوله: {حَتّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ:} يعنى [به] الشمس، ولم يجر لها ذكر، قال: وهذا لا أحسبهم أعطوا فيه الفكر حقّه (¬2)، لأن فى الآية دليلا على الشمس، وهو قوله: {إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ} لأن معناه إذ عرض عليه بعد زوال الشمس (¬3)، وليس يجوز الإضمار إلا أن يجرى له ذكر أو دليل بمنزلة الذّكر. انتهى كلامه. وأقول (¬4): إن إضمار الغائب مستعمل فى كلام العرب على أربعة أوجه: الأول: عود الضمير إلى مذكور قبله، كقولك: زيد لقيته، وهند قامت، وأخواك أكرمتهما، وإخوتك انطلقوا، والنّساء برزن، هذا هو الأصل فى ضمير الغيبة. والثانى: توجيه الضمير إلى مذكور بعده، ورد فى سياقة الكلام مؤخّرا ورتبته /التقديم، كقولك: ضرب غلامه زيد، وأكرمتهما أخواك، وكقولهم: «فى بيته يؤتى الحكم (¬5)»، وكقول زهير (¬6): إن تلق يوما على علاّته هرما … تلق السّماحة منه والنّدى خلقا ومثله فى التنزيل: {فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى} (¬7) {وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ} (¬8). ¬

(¬1) من هنا إلى آخر الفقرة أورده ابن الجوزى منسوبا إلى نفسه. راجع الموضع المذكور من زاد المسير. (¬2) لم يرد فى هـ‍، ولا فى إعراب القرآن للزجاج. وانظر تأويل مشكل القرآن ص 226. (¬3) فى إعراب القرآن، وزاد المسير: «بعد زوال الشمس حتى توارت الشمس بالحجاب». (¬4) أعاد ابن الشجرى هذا الكلام فى المجلس السابع والسبعين. (¬5) من أمثال العرب. انظره فى مجمع الأمثال 2/ 72، والدرة الفاخرة فى الأمثال السائرة ص 456، والمقتضب 4/ 102، والأصول 2/ 239، والإنصاف ص 66،252، وأعاده المصنف فى المجلس السابع والسبعين. (¬6) ديوانه ص 53، والموضع السابق من المقتضب. (¬7) سورة طه 67. (¬8) سورة القصص 78.

والثالث: رجوع الضمير إلى معلوم قام قوّة العلم به، وارتفاع اللّبس فيه بدليل لفظىّ أو معنوىّ مقام تقدّم الذّكر له، فأضمروه اختصارا أو ثقة (¬1) بفهم السامع، كقوله: {حَتّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ} أضمر الشمس لدلالة ذكر {بِالْعَشِيِّ} عليها، من حيث [كان (¬2)] ابتداء العشىّ بعد زوال الشّمس، ومثله: {إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} (¬3) أضمر القرآن، لأن ذكر الإنزال دلّ عليه، ومثله: {فَلَوْلا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ} (¬4) و {كَلاّ إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ} (¬5) أضمر النفس لدلالة ذكر {الْحُلْقُومَ} و {التَّراقِيَ} عليها، ومثله قول حاتم (¬6): أماوىّ ما يغنى الثّراء عن الفتى … إذا حشرجت يوما وضاق بها الصّدر أراد حشرجت النفس: أى تردّدت، ومثله إضمار الأرض لقوّة الدلالة عليها فى قوله: {كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ} (¬7) و {ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ} (¬8) ومنه قول الحطيئة (¬9): ألا طرقتنا بعد ما هجعوا هند … وقد سرن خمسا واتلأبّ بنا نجد أراد هجع أصحابى، فأضمرهم وأضمر المطايا فى سرن، والبيت أول القصيدة، ومنه فى شعر المحدثين قول دعبل (¬10): ¬

(¬1) فى هـ‍ «وثقة». (¬2) زيادة من هـ‍. (¬3) مفتتح سورة القدر. (¬4) سورة الواقعة 83. (¬5) سورة القيامة 26. (¬6) ديوانه ص 210، وتخريجه فى ص 352، وهذا بيت سيّار، وقد أعاده ابن الشجرى فى المجلس السابع والسبعين. (¬7) سورة الرحمن 26. (¬8) الآية الأخيرة من سورة فاطر. (¬9) ديوانه ص 63، وتخريجه فيه، وزد عليه المنصف 3/ 26. (¬10) ديوانه ص 116، وتخريجه فى ص 115، وأعاده ابن الشجرى فى المجلس السابع والسبعين.

نفر ابن شكلة بالعراق وأهله … فهفا إليه كلّ أطلس مائق إن كان إبراهيم مضطلعا بها … فلتصلحنّ من بعده لمخارق /أراد مضطلعا بالخلافة، وقول ابن المعتز (¬1). وندمان دعوت فهبّ نحوى … وسلسلها كما انخرط العقيق أضمر «الخمر»، لأن ذكر النّدمان دلّ عليها، ومن ذلك قول المتنبى (¬2): خليلىّ ما هذا مناخا لمثلنا … فشدّا عليها وارحلا بنهار أضمر «المطايا» لدلالة المناخ عليها، وهذا فى الشّعر القديم والمحدث غير محصور. وقول دعبل: «نفر ابن شكلة» شكلة: أم إبراهيم بن المهدىّ، وعنى بنفوره وثوبه على الخلافة والمأمون بخراسان، وقوله: «فهفا إليه كلّ أطلس» أى خفّ إليه، من قولهم: هفا الظّليم: إذا عدا، وهفت الصّوفة: إذا طارت فى الهواء. والأطلس: الذئب الأغبر، شبّه أتباعه بالذّئاب الغبر. والمائق: الأحمق. وقوله: «مضطلعا بها»: أى قويّا على حملها، يقال: اضطلع فلان بالأمر: أى قام به، وقويت أضلاعه على حمله. وكان مخارق من حذّاق المغنّين، وكان إبراهيم مغنّيا بالعود. والرابع: إضمار غائب لا يعود على مذكور ولا معلوم، وهو الضمير المجهول الذى يلزمه التفسير، إمّا بالجملة، وإمّا بالمفرد المنصوب، فالمفسّر بالجملة ضمير الشأن والقصّة فى نحو: هو زيد منطلق، و {هُوَ اللهُ أَحَدٌ} (¬3) وإنه أنا ذاهب، و {إِنَّهُ} ¬

(¬1) ديوانه 2/ 285، وأنشده المصنف أيضا فى المجلس المذكور. (¬2) ديوانه 2/ 114. (¬3) مفتتح سورة الإخلاص.

{أَنَا اللهُ} (¬1) فهذا ضمير الشأن، وهى هند جالسة، فهى ضمير القصة، كما قال جلّ ثناؤه: {فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا} (¬2). والمفسّر بالمفرد الإضمار فى نعم وبئس وربّ، نحو نعم غلاما زيد، و {بِئْسَ لِلظّالِمِينَ بَدَلاً} (¬3) الأصل: نعم الغلام، وبئس البدل، فلما أضمرا فسّرا بنكرة من لفظيهما، والمضمر فى «ربّ» كقولك: ربّه رجلا عالما أدركت، وجاز أن يلاصق «ربّ» المضمر وهى لا تليها المعارف؛ لأنه غير عائد على مذكور، فهو جار مجرى ظاهر منكور. وقوله: {فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ} طفق من/أفعال المقاربة، التى تلزم بعدها الأفعال المستقبلة، كجعل وأخذ وكرب، تقول: طفق يفعل كذا، وجعل يتكلّم بحجّته، وأخذ يلوم زيدا، وكربت الشّمس تغيب: أى قاربت المغيب، والتقدير: فطفق يمسح مسحا بالسّوق، لا بدّ له من يفعل [كذا (¬4)]، كما قال تعالى: {وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ} (¬5) ولا يجوز أن تقدّر أن {مَسْحاً} (¬6) وقع موقع ماسحا، كما وقع {غَوْراً} موقع غائرا فى قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً} (¬7) لأنّ هذا الضّرب من الأفعال يلزمه يفعل، ظاهرا أو مقدرا. والمسح هاهنا: القطع، ومنه اشتقاق التّمساح، لدابّة من دوابّ البحر، لأنه يقطع بأسنانه كما يقطع السيف. ¬

(¬1) الآية التاسعة من سورة النمل. (¬2) سورة الأنبياء 97، وانظر كتاب الشعر ص 274. (¬3) الآية المتمة الخمسين من سورة الكهف. (¬4) سقط من هـ‍. (¬5) سورة الأعراف 22، وطه 121. (¬6) أى تعربه مصدرا فى موضع الحال، كما قال العكبرى فى التبيان ص 1101، وانظر كتاب الشعر ص 343. وانظر ما سبق فى ص 82. (¬7) الآية الأخيرة من سورة الملك.

وقوله: {بِالسُّوقِ} يجوز أن يكون وصفا لمسح، فتكون الباء متعلقة بمحذوف، أى مسحا واقعا بالسّوق، ويجوز أن يكون مفعولا به، عمل فيه الفعل المقدّر، والباء زائدة، أى فطفق يمسح الرءوس من (¬1) الأعناق مسحا، والسّوق: جمع ساق، كدار ودور، ونار ونور، أنشد أبو زيد (¬2)، وهو من أبيات الإيضاح (¬3): شهدت ودعوانا أميمة أنّنا … بنو الحرب نصلاها إذا شبّ نورها ومثله ممّا أنّث بتاء التأنيث: ناقة ونوق، وقارة-وهى الجبل المنفرد-وقور، ولابة-وهى الحرّة-ولوب، وساحة وسوح، قال الشاعر (¬4): وكان سيّان أن لا يسرحوا نعما … أو يسرحوه بها واغبرّت السّوح هكذا أنشده الرّواة «سيّان» مرفوعا على إضمار (¬5) الشأن فى «كان». وروى عن ابن كثير أنه قرأ: {بِالسُّوقِ} على الفعول (¬6)، وهمز الواو للزوم الضمّة ¬

(¬1) هكذا فى هـ‍، وفى الأصل: «والأعناق» ولعل الصواب: يمسح السّوق والأعناق. (¬2) فى نوادره ص 107، والبيت لحاتم الطائى. ديوانه ص 249، وتخريجه فى ص 364. وقوله «أننا» يرويه أبو حاتم السجستانى بفتح الهمزة، كما جاء فى النوادر، وجاء بحاشية أصل الأمالى: «هكذا رووا «أننا» بفتح الهمزة، والصواب الكسر؛ لأنه استئناف كلام». (¬3) يقصد الجزء الثانى منه، وهو التكملة، والشاهد فيها ص 150، وأنشده أبو علىّ أيضا فى كتاب الشعر ص 245. (¬4) أبو ذؤيب الهذلى. والبيت برواية النحويين هذه ملفّق من بيتين وردا فى شعر أبى ذؤيب هكذا: وقال ماشيّهم سيان سيركم أو أن تقيموا به واغبرّت السّوح وكان مثلين أن لا يسرحوا نعما حيث استرادت مواشيهم وتسريح قال البغدادى: «وعلى هذا لا شاهد فيه» الخزانة 5/ 137. وشرح أشعار الهذليين ص 122، وتخريجه فى ص 1376، وزد عليه كتاب الشعر ص 323، وحواشيه. وقد أنشد ابن الشجرى البيت فى المجلس الخامس والسبعين بالرواية نفسها. (¬5) قال ابن هشام: «أى وكان الشأن ألاّ يرعوا الإبل وأن يرعوها سيّان لوجود القحط، وإنما قدّرنا «كان» شأنية؛ لئلا يلزم الإخبار عن النكرة بالمعرفة» المغنى ص 65، وحكى صاحب الخزانة: «قال ابن يسعون: كان ينبغى أن يقول: سيّين؛ لأن المعرفة أولى بأن تكون اسم كان». وانظر كلام أبى علىّ فى الشعر. (¬6) السبعة لابن مجاهد ص 553، وزاد المسير 7/ 130.

لها، وإن كانت وسطا، كما همزوها أوّلا فى نحو وجوه ووقّتت (¬1). والتفاسير مجمعة على أنه ضرب بالسيف سوق الخيل وأعناقها، وقول الحسن [فى ذلك (¬2)] وقتادة سواء، قالا: نسف (¬3) عراقيبها، وضرب أعناقها، وقال قتادة: ما نازعه بنو إسرائيل فيما فعل، ولكن ولّوه (¬4) /من ذلك ما ولاّه الله. وقال الزّجّاج: لم يك سليمان ليضرب سوقها وأعناقها إلا وقد أباحه الله ذلك، ولو لم يكن ما فعله مباحا لكان قد جعل التوبة من الذنب بذنب عظيم. وقال قوم: إنه مسح بالماء سوقها وأعناقها بيده، وهذا القول غير صحيح، لأنه لم تأت به رواية عن السّلف، ولأن شغلها إيّاه عن ذكر الله لا يوجب مسح سوقها وأعناقها بالماء، وإنما قالوا ذلك لأنّ قتلها منكر، وليس ما يبيحه الله بمنكر، وجائز أن يكون ذلك أبيح لسليمان وحظر فى هذا الوقت. وكان مالك بن أنس يذهب إلى أنه لا ينبغى أن يؤكل لحم الخيل (¬5)، لأن الله تعالى قال: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً} (¬6) وقال فى الإبل: {لِتَرْكَبُوا مِنْها وَمِنْها تَأْكُلُونَ} (¬7). ... ¬

(¬1) فى الأصل: «ووفيت»، وأثبتّ الصواب من هـ‍، والمنصف 1/ 212، واللسان (وقت) وممّا ذكره ابن الشجرى فى المجلس السادس والأربعين، عند قوله تعالى: وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ. (¬2) سقط من هـ‍. (¬3) النّسف: الطعن. (¬4) فى الأصل: «ولكن ولوه من ولوه من ذلك. . .». (¬5) هذه المسألة مستوفاة فى أحكام القرآن لابن العربى ص 1132، وتفسير القرطبى 10/ 76. (¬6) الآية الثامنة من سورة النحل. (¬7) سورة غافر 79.

المجلس العاشر

المجلس العاشر وهو مجلس يوم السبت، الثانى والعشرين من جمادى الأولى سنة أربع وعشرين وخمسمائة. تأويل آية أخرى: سألنى سائل عن قوله تعالى: {يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ} (¬1) فقال: ما معنى تستجيبون بحمده؟ وبم تتعلق الباء، فقد زعم بعض المفسّرين (¬2) أن معنى بحمده: بأمره. فأجبت بأن الحمد هو الثناء والمدح، وليس بمعروف فى لغات العرب على اختلافها [أن الحمد (¬3)] بمعنى الأمر، وأما تستجيبون فمعناه تجيبون، قال كعب بن سعد الغنوىّ: وداع دعا يا من يجيب إلى النّدى … فلم يستجبه عند ذاك مجيب (¬4) أراد فلم يجبه، ومثله فى التنزيل: {وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ} ¬

(¬1) سورة الإسراء 52. (¬2) ينسب هذا إلى ابن عباس، وابن جريج، وابن زيد. انظر زاد المسير 5/ 45، وتفسير القرطبى 10/ 276. (¬3) ساقط من هـ‍. (¬4) الأصمعيات ص 96، وأمالى القالى 2/ 151، والتعازى والمراثى ص 24، وتأويل مشكل القرآن ص 230، والخزانة 4/ 375، واللسان (جوب) وغير ذلك كثير. والبيت من قصيدة شهيرة، يرثى فيها كعب أخاه أبا المغوار.

{وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ} (¬1) أى ويجيب، ويجوز أن يعلق (¬2) الباء بتستجيبون، كما تقول: نادانى فلان فأجبته (¬3) بالتلبية، ويجوز أن يعلقها بحال محذوفة، فالتقدير: معلنين بحمده، /ومثله فى جواز تعلّق الباء بالفعل المذكور، وتعلّقها بالمحذوف قوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} (¬4) إن شئت علّقت الباء بالتسبيح، أى فسبّح بالثّناء على ربك، وإن شئت قدّرت: فسبح معلنا بحمد ربك. والخطاب فى الآية للمشركين، لأنه جاء على سياقة قوله، حاكيا ذلك عن منكرى البعث: {أَإِذا كُنّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً} (¬5) وقوله: {فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُسَهُمْ} (¬6) أى يحرّكون رءوسهم استهزاء {وَيَقُولُونَ مَتى هُوَ} أى متى البعث، ومعلوم أن من يشرك بالله يستكبر إذا قيل له: لا إله إلا الله، كما قال تعالى: {إِنَّهُمْ كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ يَسْتَكْبِرُونَ} (¬7) فقد ألحق بالله سبحانه نقصا عظيما بإشراكه فى عبادته أحجارا لا تضرّ ولا تنفع، فإذا دعاه الله حين تزول الشكوك، أجابه بالثناء عليه والحمد له، وأحد أوصاف الثناء على الله والحمد له توحيده، فجوابه: «لبّيك اللهمّ لبّيك، لا إله إلا أنت». آية أخرى: إن سأل سائل عن قوله تعالى: {الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً} (¬8) فقال: كيف وصف الله الأعين بأنها كانت فى غطاء عن الذّكر، والذّكر إنما هو مسموع لا مرئىّ، وكيف وصفهم بأنهم كانوا لا يستطيعون سمعا، ونفى الاستطاعة للسمع نفى القدرة (¬9) عليه؟ ¬

(¬1) سورة الشورى 26. (¬2) فى هـ‍: تتعلق. . . كما يقال. (¬3) حكى هذا عن ابن الشجرى ابن هشام فى المغنى ص 109. (¬4) سورة الحجر 98، والنصر 3. (¬5) سورة الإسراء 49. (¬6) السورة نفسها 51. (¬7) سورة الصافات 35. (¬8) سورة الكهف 101. (¬9) فى الأصل «والقدرة» بإقحام الواو.

فالجواب: أنّ هذين الوصفين عبارة عن الإعراض منهم عند سماع الذّكر، وعن ترك الإصغاء إليه والقبول له، فقوله: {كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي} أي كانوا معرضين بأبصارهم وقت سماع الذّكر، عن المتكلّم به، وقوله: {وَكانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً} أى كان سماع الذّكر ثقيلا عليهم، فلا يستمعون له ولا ينصتون إليه، كما تقول: ما أستطيع أن أرى فلانا، ولا أستطيع أن أسمع كلامه، تريد أنك كاره لذلك، لا أنك فى الحقيقة غير قادر عليه، وقد حكى الله/عنهم أنهم كان بعضهم ينهى بعضا عن الإصغاء إلى سماع تلاوة كتاب الله، ويأمرونهم بالتكلّم باللغو عند سماعه، وذلك قوله تعالى: {وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَاِلْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} (¬1) وقد بالغ الله سبحانه فى ذمّهم بعدولهم عن الحقّ فى قوله: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ} (¬2) ولو كانوا بهذه الأوصاف على الحقيقة لم يكلّفوا فرضا، لأن الصّمم ذهاب السمع، والبكم هو الخرس، وإنما أراد أنّهم (¬3) صمّ عن استماع الحق، بكم عن التكلم به، عمى عن النظر إلى قائله، فهذا على تشبيههم بمن لحقته آفات فى سمعه ولسانه وبصره، قال الشاعر: أصمّ عما ساءه سميع (¬4) فوصف الممدوح بالصمم مع وصفه له بسميع، وهو اللفظ الموضوع للمبالغة فى السمع، وذلك على وجهين مختلفين، مجيئه معدولا عن فاعل، كما جاء قدير ورحيم معدولين عن قادر وراحم، والآخر مجيئه معدولا من مفعل فى قول عمرو بن معديكرب (¬5): ¬

(¬1) سورة فصلت 26. (¬2) سورة البقرة 18،171. (¬3) فى هـ‍: بأنهم. (¬4) من غير نسبة، ومن غير تكملة فى شرح الحماسة ص 1450، والكشاف 1/ 204، وتفسير القرطبى 1/ 214، واللسان (سمع-صمم). (¬5) ديوانه ص 136، وهو بيت دائر فى كتب العربية. وقد أعاده ابن الشجرى فى المجلس السابع والخمسين. -

تأويل آية أخرى

أمن ريحانة الدّاعى السّميع … يؤرّقنى وأصحابى هجوع أى الداعى المسمع. ويحتمل قوله: {كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي} أن يريد به أنهم كانوا إذا سمعوا التلاوة غطّوا وجوههم وسدّوا آذانهم بأصابعهم، كما كان قوم نوح يفعلون ذلك إذا دعاهم إلى الله، وذلك قوله: {وَإِنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ وَاِسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ} (¬1) كانوا يفعلون ذلك مبالغة فى الإعراض عن سماع دعائه والنظر إليه. تأويل آية أخرى: سألنى سائل مكاتبة من المشهد بالغرىّ (¬2) على [علىّ (¬3)] صاحبه السلام، عن قوله عز من قائل: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اِصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا} (¬4)، الآية، فقال: ما معنى/الاصطفاء، وما أصله الذى اشتقّ منه، وما حقيقة معنى المقتصد، وإلى أىّ شيء هذا السّبق، وما معنى الخيرات هاهنا، وكيف دخل الظالم لنفسه فى الذين اصطفاهم الله، وقد قال تعالى: {قُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اِصْطَفى} (¬5) وإلى أىّ شيء تتوجّه الإشارة فى قوله: {ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ} (¬6). فأجبت بأن معنى (¬7) اصطفينا: اخترنا، واشتقاقه من الصّفو، وهو الخلوص من ¬

= ومنع بعضهم أن يكون «فعيل» هنا بمعنى «مفعل» فى بحث طويل تراه فى الخزانة 8/ 178، وانظر الكامل ص 260. (¬1) الآية السابعة من سورة نوح. (¬2) ليس فى هـ‍. (¬3) الغرىّ، بفتح الغين وكسر الراء وتشديد الياء: أحد الغريّين، وهما بناءان كالصومعتين بظاهر الكوفة قرب قبر على بن أبى طالب رضى الله عنه. معجم ياقوت 3/ 790. (¬4) سورة فاطر 32. (¬5) سورة النمل 59. (¬6) جاء بحاشية الأصل هنا حاشية من كلام لجار الله الزمخشرى، فى توجيه الآية الكريمة، ولم أر فائدة من نقلها، حيث تراها فى الكشاف 3/ 308. (¬7) من هنا إلى قوله: «والواو ياء». أورده القرطبى فى تفسيره 14/ 347، من غير عزو.

شائب الكدر، وأصله اصتفونا، فأبدلت التاء طاء والواو ياء، أما الطاء فإن العرب تبدلها من تاء افتعال إذا كان فاؤه صادا، لأن بين الصاد والطاء وفاقا من جهتين: الإطباق والاستعلاء، وبين الطاء والتاء وفاقا من جهة المخرج، فلمّا حصل بين الصاد والطاء ما ذكرناه من التوافق، مع ما بينها وبين التاء من/التنافر، أبدلوا الطاء من التاء لتقارب مخرجيهما، وأما إبدال الياء من الواو، فإن الواو متى وقعت فى الماضى رابعة فصاعدا قلبت ياء، نحو: اصطفيت واستدعيت ورجّيت وأعطيت، حملا على قلبها فى قولك: اصطفى وأستدعى وأرجّى وأعطى، فلما كانت تصير فى المستقبل إلى الياء لانكسار ما قبلها، حملوا الماضى عليه، وحسن حمل الفعل على الفعل، لأن الأفعال (¬1) جنس واحد. والعبد يجمع فى القلّة على الأعبد، وفى الكثرة على العباد والعبيد والعبدان، وكأنّ العبدان (¬2) جمع العبيد، على قياس قضيب وقضبان وخصيّ وخصيان، قال الحطيئة (¬3): هو الواهب الكوم الصّفايا لجاره … يروّحها العبدان من عازب ندى الكوم: العظام الأسنمة، والصّفايا: جمع ناقة صفيّ، وهى الكثيرة اللبن، والعازب: المكان المتنحّى عن مرعى الناس. والعباد مختصّ بالله تعالى، يقولون: نحن عباد الله، لا يكادون يضيفونه إلى الناس (¬4)، وقد جاء ذلك فيما أنشده سيبويه من قول القائل (¬5): ¬

(¬1) هذا من كلام ابن السراج، وقد أشرت إليه فى المجلس السابع. (¬2) يقال: عبدان، بكسر العين وضمّها، وكذلك قضبان، بالكسر والضم. (¬3) ديوانه ص 82. (¬4) بحاشية الأصل: «قد يكثر الشىء فى كلامهم وغيره مثله فى الجواز، لكن يقل استعمالهم له، فأمّا «العباد» فقد جاء فى قوله تعالى: وَالصّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ [النور 32] وهذا قاطع لمن يخالفه». (¬5) هو شقيق بن جزء الباهلى، كما فى الحماسة البصرية 1/ 103، والبيتان من غير نسبة فى الكتاب 1/ 304، والمحتسب 1/ 215،2/ 14، والتبصرة ص 260، والجمل المنسوب للخليل ص 170، -

أتوعدني بقومك يا ابن جحل … أشابات يخالون العبادا بما جمّعت من حضن وعمرو … وما حضن وعمرو والجيادا (¬1) والعبيد: اسم للجمع، وليس بتكسير عند (¬2) سيبويه، لخروجه عن القياس، ومثله: الكليب والمعيز والضّئين، فى جمع كلب ومعز وضأن، وقالوا أيضا فى جمع العبد: العبدى (¬3) والمعبوداء، ممدود، ومثله فى جمع شيخ: مشيوخاء، وفى جمع عير: معيوراء. والمقتصد فى اللغة: اللازم للقصد، وهو ترك الميل، ومنه قول جابر بن حنىّ التغلبىّ: نعاطى الملوك السّلم ما قصدوا لنا … وليس علينا قتلهم بمحرّم (¬4) أى نعطيهم الصلح ما ركبوا بنا القصد، أى ما لم يجوروا، وليس قتلهم بمحرّم علينا/إن جاروا، فلذلك كان المقتصد له منزلة بين المنزلتين، فهو فوق الظالم لنفسه، ودون السابق بالخيرات. ¬

= 309. والبيت الثانى فى اللسان (حضن). وفى هذه المراجع كلها، والنسخة هـ‍ «حجل» بتقديم الحاء المهملة على الجيم. والذى فى أصل الأمالى بتقديم الجيم، وقد وضعت جاء صغيرة علامة الإهمال تحت الحاء بعد الجيم. وجاء فى الحاشية: «الجحل: السّقاء العظيم، والأشابات: الأخلاط». وهو بتقديم الجيم أيضا فى النكت فى تفسير كتاب سيبويه ص 364، وشرح أبيات سيبويه 1/ 196، والمؤتلف والمختلف ص 112، وقال الآمدىّ: فأما جحل فهو من باهلة، وهو جحل بن نضلة، أحد بنى عمرو بن عبد. . . . وهو القائل: جاء شقيق عارضا رمحه إن بنى عمّك فيهم رماح (¬1) حضن، بفتح الحاء والضاد: قبيلة من تغلب. (¬2) بل ذكره فى التكسير، ولكنه وصفه بالقلة. الكتاب 3/ 567،576،628. (¬3) جاء هذا الجمع فى حديث استسقاء عبد المطلب جد النبىّ صلّى الله عليه وسلم. انظره فى غريب الحديث للخطابى 1/ 436، والروض الأنف 1/ 179، ومنال الطالب ص 259. (¬4) المفضليات ص 211، ومعجم الشعراء ص 13، وتفسير القرطبى 14/ 349، وحكى ألفاظ ابن الشجرى فى شرح البيت دون عزو.

والسّبق هاهنا: السّبق إلى الطاعات لله، والخيرات: الأعمال الصالحة، والتقدير: فمنهم فريق ظالم لنفسه، ومنهم فريق مقتصد، ومنهم فريق سابق بالخيرات (¬1). وفى الظالم لنفسه ثلاثة أقوال، قيل: الموحّد الحامل كتاب الله، الذى يشوب مع صحّة العقد فى التوحيد أعمالا سيّئة بأعمال صالحة، كما قال تعالى: {خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً} (¬2) وقيل: هو المنافق، وقيل: هو الكافر، ودليل القول الأول فيما حكاه الزّجّاج، الخبر المروىّ عن عمر رضوان الله عليه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «سابقنا سابق ومقتصدنا ناج وظالمنا مغفور له» (¬3) فعلى هذا يقدّر مفعول الاصطفاء من قوله: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اِصْطَفَيْنا} مضافا حذف، كما حذف المضاف فى: {وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ} (¬4) أى اصطفينا دينهم، فبقى: اصطفيناهم، فحذف العائد إلى الموصول كما حذف فى قوله تعالى: {وَلا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ} (¬5) أى تزدريهم، وقد ذكرنا فيما تقدم (¬6) علّة حسن حذف العائد إذا كان منصوبا، فالاصطفاء إذا موجّه إلى دينهم، كما قال تعالى: {إِنَّ اللهَ اِصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ} (¬7). وقوله عليه السلام: «سابقنا سابق» أى سابقنا إلى الطاعات سابق إلى الجنات، ¬

(¬1) بحاشية الأصل: «قرئ «سبّاق» ومعنى بِإِذْنِ اللهِ أى بتيسيره وتوفيقه، وقدّم الظالم لأنه الكثير، والمقتصدون قليل، والسابقون أقلّ من القليل. من خط تلميذ ابن هشام». قلت: سبّاق، بتشديد الباء، وهى قراءة أبى المتوكل والجحدرى وابن السميفع، كما ذكر ابن الجوزى فى زاد المسير 6/ 490، وانظر البحر 7/ 314. وهذه الحاشية المنقولة من خط تلميذ ابن هشام هى من كلام الزمخشرى فى الكشاف 3/ 309. (¬2) سورة التوبة 102. (¬3) روى عن عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، موقوفا وروى عن أنس عن النبى صلّى الله عليه وسلم. الدر المنثور 7/ 25 [طبعة دار الفكر-بيروت 1403 هـ‍-1983 م]، وانظر حواشى زاد المسير 6/ 489، وللزمخشرى عليه كلام، انظره فى الموضع السابق من الكشاف. وانظر معانى القرآن للزجاج 4/ 268 (¬4) سورة يوسف 82. (¬5) سورة هود 31. (¬6) فى المجلس الأول. (¬7) سورة البقرة 132.

كما قال تعالى: {وَالسّابِقُونَ السّابِقُونَ} (¬1) أى السابقون إلى الإيمان السابقون إلى الجنة. وقال قتادة، وهو قول الحسن: الظالم لنفسه هو المنافق، نطق بكتاب الله وصدّق بلسانه وخالف بعمله، والمقتصد صاحب اليمين، والسابق بالخيرات هو المقرّب، قال: وإن الناس نزّلوا/عند الموت فى ثلاثة منازل، وذلك قول الله عز وجل: {فَأَمّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ* فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ} (¬2) إلى آخر السورة، أى إنك ترى فيهم ما تحبّ من السلامة، وقد علمت ما أعد لهم، ومعنى {فَنُزُلٌ} أى فغذاء من حميم، {وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ} أى إقامة على جحيم، قال: وجعل لهم يوم القيامة ثلاثة منازل، فقال تعالى: {فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ* وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ* وَالسّابِقُونَ السّابِقُونَ* أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ} (¬3). وقال الضّحّاك بن مزاحم: المقتصد: المؤمن، والظالم لنفسه: المشرك، والسابق بالخيرات: المقرّب، وبعضهم أفضل من بعض، كما قال فى الصافّات: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِما مُحْسِنٌ وَظالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ} (¬4). وقال الفرّاء (¬5) كقول الضحاك، قال: فمنهم ظالم لنفسه: هذا الكافر، ومنهم مقتصد: هؤلاء أصحاب اليمين، والسابق بالخيرات: هم المقرّبون، كالآية التى فى الواقعة، موافقا تفسيرها تفسيرها، فأصحاب الميمنة هم المقتصدون، وأصحاب المشأمة فى النار، والسابقون السابقون أولئك المقربون: انتهت الحكاية عنه. وأقول: إن الضمائر الثلاثة من قوله: {فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ} ¬

(¬1) الآية العاشرة من سورة الواقعة. (¬2) سورة الواقعة 88،89. (¬3) السورة نفسها 8 - 11. (¬4) سورة الصافات 113. (¬5) معانى القرآن 2/ 369، وقد تصرف ابن الشجرى فى عبارة الفراء بعض التصرف.

{وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ} تعود فى هذين القولين على العباد، فى قول من فسّر الظالم لنفسه بالمنافق، وقول من فسّره بالمشرك، فتقديره: ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا، فمن عبادنا ظالم لنفسه، ومنهم مقتصد، ومنهم سابق بالخيرات. وأما الإشارة فى قوله: {ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ} فموجّهة إلى السّبق الذى دلّ عليه (سابق) كما وجّهت الإشارة إلى الصبر والغفران فى قوله: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} (¬1) لدلالة فعليهما عليهما، وكما عاد الضمير إلى السّفه، الذى دل عليه السفيه فى قول القائل (¬2): إذا نهى السفيه جرى إليه … وخالف والسّفيه إلى خلاف /أى جرى إلى السّفه، ومثله قول القطامىّ (¬3): هم الملوك وأبناء الملوك لهم … والآخذون به والسّاسة الأول أراد الآخذون بالملك، فأضمره لدلالة ذكر الملوك عليه، والإشارة بمنزلة الإضمار، ألا ترى أنها قد سدّت مسدّ الضمير فى قوله تعالى: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً} (¬4) فالإشارة من «أولئك» قامت مقام الضمير العائد من الجملة إلى المخبر عنه، فكأنه قيل: كلّهنّ كان عنه مسئولا. آخر المجلس. ... ¬

(¬1) سورة الشورى 43. (¬2) غير مسمّى. والبيت فى معانى القرآن 1/ 104، وتأويل مشكل القرآن ص 227، ومجالس ثعلب 1/ 60، ونقائض جرير والأخطل ص 157، والخصائص 3/ 49، والمحتسب 1/ 170، وشرح الحماسة ص 244، وأمالى المرتضى 1/ 203، والإنصاف ص 140، والهمع 1/ 65. وفى حواشى تأويل المشكل مراجع أخرى. ونسب إلى أبى قيس بن الأسلت فى إعراب القرآن المنسوب خطأ إلى الزجاج ص 902، وليس فى ديوانه المطبوع. وأعاد ابن الشجرى إنشاده فى المجالس: السابع عشر، والثامن والثلاثين، والتاسع والخمسين، والخامس والسّتّين. (¬3) ديوانه ص 30، والموضع المذكور من معانى القرآن، وأمالى المرتضى، وجمهرة أشعار العرب ص 819، والخزانة 5/ 226. والبيت أعاده ابن الشجرى فى المجلسين الثامن والثلاثين، والسادس والسبعين. (¬4) سورة الإسراء 36.

المجلس الحادى عشر مجلس يوم السبت، سلخ جمادى الأولى، من سنة أربع وعشرين وخمسمائة. تفسير مسائل وأبيات

المجلس الحادى عشر مجلس يوم السبت، سلخ جمادى الأولى، من سنة أربع وعشرين وخمسمائة. تفسير مسائل وأبيات مسألة (¬1) من مذاهب العرب للمبالغة إعطاء الأعيان حكم المصادر، وإعطاء المصادر حكم الأعيان، فمن ذلك قولهم: «أخطب ما يكون الأمير قائما (¬2)» فأخطب إنما هو للأمير، وقد أضافوه إلى «ما» المصدرية، ولفظة أفعل التى وضعوها للمفاضلة مهما أضيفت إليه صارت بعضه، ولما أضافوا أخطب إلى «ما» وهى موصولة بيكون صار أخطب كونا، فالتقدير. أخطب كون الأمير، فهذا وصف للمصدر بما يوصف به العين، والمعنى راجع إلى الأمير، فلذلك سدّت الحال مسدّ خبر [هذا (¬3)] المبتدأ، إذ الحال لا تسدّ مسدّ خبر المبتدأ إلا إذا كان المبتدأ اسم حدث، كقولك: ضربى زيدا جالسا، ولا تسدّ الحال مسدّ خبر المبتدأ إذا كان اسم عين، فالعامل فى هذه الحال ¬

(¬1) حكى السيوطىّ خلاصة هذه المسألة، عن أمالى ابن الشجرى، فى الأشباه والنظائر 1/ 183. (¬2) تقدم فى المجلس السادس، ويأتى فى المجلس السادس والثلاثين. وانظره فى الكتاب 1/ 402، 403، والأصول 2/ 359، وكتاب الشعر ص 238 وحواشيه. (¬3) سقط من هـ‍، وهو فى الأشباه والنظائر، حكاية عن ابن الشجرى، كما سبق.

«كان» التامّة مضمرة، فهى حال من ضمير مستتر فى فعل مجرور الموضع، بإضافة ظرف زمانىّ إليه، عمل فيه اسم فاعل محذوف، فالتقدير: ضربى زيدا إذا كان جالسا، أو إذ كان جالسا، تقدّر/ما يقتضيه الفعل من زمان التوقّع أو المضىّ (¬1)، وذو الحال الضمير المستكنّ فى «كان» وهى كان التى بمعنى وجد، وموضعها جرّ بإضافة «إذا» إليها أو «إذ»، والعامل فى هذا الظرف اسم فاعل مقدّر، كالذى تقدّره فى قولك: الخروج يوم السبت، أى واقع يوم السبت، فأما قول المتنبى (¬2): بحبّ قاتلتى والشّيب تغذيتى … هواى طفلا وشيبى بالغ الحلم فيحتمل موضع «هواى وشيبى» الرفع والجرّ، فالرفع على أن يكونا مبتدءين، وطفلا وبالغ الحلم حالان سدّا مسدّ الخبرين، على ما قررته فى قولك: ضربى زيدا جالسا، فالتقدير: هواى إذ كنت طفلا، وشيبى إذ كنت بالغ الحلم، والجرّ على أن تبدلهما من الحبّ والشّيب، وحسن (¬3) إبدال الهوى من الحبّ إذ كان بمعناه، والعامل فى الحالين على هذا القول المصدران اللذان هما هواى وشيبى، فالتقدير: تغذيتى بحبى قاتلتى، وبالشّيب بأن هويت طفلا، وبأن شبت بالغ الحلم. والقول الأول قول عثمان بن جنّى، والثانى قول الرّبعىّ، وكلاهما سديد. والنصف الآخر من البيت تفصيل لما أجمله فى النصف الأول، لأنه بيّن [به (¬4)] وقت المحبة ووقت الشّيب، والمعنى: هويت وأنا طفل، وشبت حين احتملت، فصار الهوى والشّيب كالغذاء لى. ومن إعطاء العين حكم المصدر حتّى وصفوه بالمصدر، أو جرى خبرا عنه قوله ¬

(¬1) فى هـ‍: «والمضىّ». وقوله: «التوقع» يريد به الاستقبال، كما صرّح به فى المجلس الحادى والسبعين. (¬2) ديوانه 4/ 36، ونقل شارحه إعراب ابن الشجرى للبيت، وأعاده المصنف فى المجلس الحادى والسبعين. (¬3) فى هـ‍: «وخص» وما فى الأصل مثله فى شرح ديوان المتنبى. (¬4) ليس فى هـ‍.

تعالى: {وَجاؤُ عَلى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ} (¬1) أى مكذوب به، وقوله: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً} (¬2) أى غائرا، وقوله: {ثُمَّ اُدْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً} (¬3) أى ساعيات، فسعيا مصدر وقع موقع الحال، كقولهم: قتلته صبرا، أى مصبورا، والمعنى محبوسا، ومن ذلك قوله تعالى: {إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ} (¬4) أى إن ابنك عمل، فى أحد الأقوال الثلاثة، والقول الثانى: أن يكون فى الكلام/تقدير حذف مضاف، أى إنه ذو عمل، والثالث: أن يعاد الضمير إلى المصدر الذى هو السؤال، لدلالة فعله عليه، فالمعنى: إن سؤالك إياى أن أنجّى كافرا غير صالح، وأوجهها أنه جعله (¬5) العمل اتساعا؛ لكثرة وقوع العمل غير الصالح منه، كقولهم: ما أنت إلا نوم، وما زيد إلا أكل وشرب، وإنما أنت دخول وخروج، ومنه قول الخنساء (¬6): ترتع ما رتعت حتى إذا ادّكرت … فإنّما هى إقبال وإدبار فى أحد الوجهين، لأنه يتأوّل على: هى ذات إقبال وإدبار، ومن ذلك قول الشاعر: ألف الصّفون فما يزال كأنّه … ممّا يقوم على الثّلاث كسيرا (¬7) ¬

(¬1) سورة يوسف 18. (¬2) الآية الأخيرة من سورة الملك. وانظر ص 92. (¬3) سورة البقرة:260. (¬4) سورة هود 46. (¬5) وهو القول الأول. (¬6) من قصيدتها السيارة فى رثاء أخيها صخر. ديوانها (أنيس الجلساء) ص 78، وهو فى الكتاب 1/ 337، ومعانى القرآن للأخفش ص 97، والكامل ص 374،1356،1412، والمقتضب 3/ 230، 4/ 305، والتعازى والمرائى ص 100، وإعراب القرآن للنحاس 1/ 230،620، والخصائص 2/ 203، 3/ 189، والمحتسب 2/ 43، والمنصف 1/ 197، ودلائل الإعجاز ص 300، والنهاية 2/ 13،283، وتفسير القرطبى 9/ 46، والخزانة 1/ 431، وغير ذلك كثير. (¬7) فرغت منه فى المجلس التاسع.

قد ذكرت (¬1) قبل أن الصّفون مصدر صفن: إذا ثنى فى وقوفه إحدى قوائمه فوقف على سنبكها، وقد يكون الصّفون أيضا فى غير (¬2) هذا جمع صافن، قال عمرو بن كلثوم (¬3): تركنا الخيل عاكفة عليه … مقلّدة أعنّتها صفونا وكسير على هذا المعنى من الأوصاف المعدولة عن فاعل إلى فعيل للمبالغة، فكسير أبلغ فى الوصف من كاسر، كما أن رحيما وسميعا وقديرا أبلغ من سامع وراحم وقادر، لأن الموصوف بفعيل هو الذى يكثر منه ذلك الفعل، ومعنى كاسر: ثان، من قولك: ثنى يده: أى لواها، وثنى الفرس قائمته، ومن ذلك قوله تعالى: {ثانِيَ عِطْفِهِ} (¬4) أى لاويا عنقه تكبّرا، وانتصاب «كسيرا» على أنه خبر ما يزال. وقوله: ممّا يقوم على الثّلاث: ما مصدرية، فالمعنى: من قيامه، ومن متعلّقة بالخبر المحذوف، فتحقيق اللفظ والمعنى: ألف القيام على ثلاث فما يزال كسيرا، أى ثانيا إحدى قوائمه، حتى كأنه مخلوق من القيام على الثلاث. ومثله فى وصف/العين باسم الحدث قول الآخر (¬5): ألا أصبحت أسماء جاذمة الحبل … وضنّت علينا والضّنين من البخل كأنه قال: والضنين مخلوق من البخل، ومثله: *وهنّ من الإخلاف قبلك والمطل (¬6) … * ¬

(¬1) فى المجلس المذكور. (¬2) فى هـ‍: غيرها. (¬3) من معلقته. شرح القصائد السبع ص 389، والمحتسب 2/ 81، وتفسير القرطبى 15/ 193. (¬4) الآية التاسعة من سورة الحج. (¬5) هو البعيث المجاشعى. والبيت من قصيدة فى النقائض ص 135. وهو فى الخصائص 2/ 202، 3/ 359، والمحتسب 2/ 46، والمغنى ص 344، وشرح أبياته 5/ 265، وشرح شواهده ص 246، والخزانة 10/ 216، واللسان (جذم-ضنن). (¬6) للبعيث أيضا. وصدره: *فصدّت فأعدانا بهجر صدودها* -

أى: والنساء خلقن فى أوّل الدهر من الإخلاف والمطل، فهذا كلّه من تنزيل الأعيان منزلة المصادر. فأما تنزيل المصادر منزلة الأعيان، فكقولهم: موت مائت، وشيب شائب، وشعر شاعر (¬1)، قال ابن مقبل (¬2): إذا متّ عن ذكر القوافى فلن ترى … لها شاعرا مثلى أطبّ وأشعرا وأكثر بيتا شاعرا ضربت به … بطون حبال الشّعر حتى تيسّرا أراد بخبال الشّعر أسباب الشّعر، لأن الحبل (¬3) يسمّى سببا. وقد ذهب بعضهم فى قوله: «ممّا يقوم على الثلاث كسيرا» إلى أن «ما» بمعنى الذى، والمضمر فى «يقوم» عائد على «ما»، وكسيرا حال من الضمير، وهو بمعنى مكسور، كقتيل ومقتول، والمعنى: كأنه من الحيوان الذى يقوم على الثلاث مكسورا، وخبر «ما يزال» الجملة من كأنّ واسمها وخبرها، والقول الأول قول أهل العلم الموثوق بعلمهم. ¬

= راجع الموضع السابق من النقائض، واللسان (ولع)، والخصائص 2/ 203،3/ 260، والموضع المذكور من المحتسب. (¬1) انظره وأمثاله فى الأصول 3/ 84، وكتاب الشعر ص 238، وشرح الحماسة ص 216،584، 854،1601. (¬2) ديوانه ص 136، وتخريجه فيه. ورواية الديوان: «وأكثر بيتا ماردا». (¬3) الذى فى الديوان «جبال» بالجيم، وجاء بحاشية أصل الأمالى: «قال الإمام أبو اليمن الكندى رحمه الله: قوله: «حبال الشعر» بالحاء المهملة سهو، وإنما هو «جبال»، بالجيم. أنشد ابن جنى هذين البيتين فى كتابه المعروف بالخاطريات، على قوله تعالى: لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ يريد أن الجبال تذكر ويراد بها كلّ ما يثبت ويعظم شأنه. ولهذا وضع عبارة عمّا لا تدركه المعاينة، وإنما هو للمعانى المتصورة. قال: «ولهذا قال أبو الحسن الأخفش فى قوله: مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ إنه يريد بها الكثرة والوفور، لا نفس الجبال المشاهدة فى نصبها وتشكّلها. وهذا واضح». وانظر الخاطريات ص 58، والحلبيات ص 197.

مسألة أخرى

مسألة أخرى / قال سيبويه (¬1): وتقول: ما مررت بأحد يقول ذاك إلا عبد الله، وما رأيت أحدا يفعل ذاك إلا زيدا، هذا وجه (¬2) الكلام، وإن حملته على الإضمار الذى فى الفعل فقلت: إلا زيد، فرفعت، فعربىّ، قال الشاعر (¬3): فى ليلة لا نرى بها أحدا … يحكى علينا إلا كواكبها وكذلك: ما أظنّ أحدا يقول ذاك إلا زيدا، وإن رفعت فجائز حسن، وإنما اختير النصب هاهنا؛ لأنهم أرادوا أن يجعلوا المستثنى بمنزلة المبدل منه، (¬4) ولا يكون بدلا إلاّ من منفىّ، لأن (¬5) المبدل منه منصوب منفىّ، ومضمره مرفوع، فأرادوا أن يجعلوا المستثنى بدلا من أحد، لأنه هو المنفىّ، وجعلوا «يقول ذاك» وصفا للمنفىّ، وقد تكلّموا بالآخر، لأن معناه معنى المنفىّ، إذ كان وصفا لمنفىّ. انتهى كلامه. ومعنى قوله: تكلّموا بالآخر، أى تكلّموا بالرفع فى المستثنى. وأقول: إنّ إبدال المستثنى إنما يقع فيما كان غير واجب، نفيا أو نهيا، أو استفهاما، وذلك قولهم: ما خرج أحد إلا زيد، ولا تمرر بأحد إلا عبد الله، وهل لقيت أحدا إلا محمدا، فإن وصفت المستثنى منه بجملة من فعل وفاعل مضمر، كقولك: ما رأيت أحدا يقول ذاك، فحكم الصّفة حكم الموصوف، فى تناول ¬

(¬1) الكتاب 2/ 312،313، مع بعض اختلاف فى العبارة. (¬2) فى هـ‍: «أوجه» وأثبتّ الصواب من الأصل والكتاب، والخزانة 3/ 349، وسياقه يتفق مع سياق الأمالى، كأنه ينقل كلام سيبويه عن ابن الشجرى، ونبّه عليه شيخنا عبد السلام هارون، رحمه الله. (¬3) عدىّ بن زيد، وقيل: أحيحة بن الجلاح. راجع ملحقات ديوان عدىّ ص 194، وديوان أحيحة ص 62، والأصول 1/ 295، وشرح الجمل 2/ 255، وحواشى الكتاب والخزانة، وسيتكلم ابن الشجرى قريبا على نسبة البيت. ويروى «نرى» بالنون، و «ترى» بالتاء. (¬4) فى الكتاب: «وأن لا يكون» وما فى الأمالى مثله فى الخزانة. (¬5) فى الكتاب: «فالمبدل منه»، وما فى الأمالى مثله فى الخزانة.

النفي [لها (¬1)] فإذا استثنيت من الضمير [الذى (¬2)] فى يقول، فكأنك استثنيت من الموصوف المضمر المنفىّ، فلذلك جاز الرفع فى المستثنى، من حيث كان بدلا من مرفوع عائد على المنفىّ. والبيت الذى أنشده سيبويه شاهدا على جواز الرفع، من مقطوعة (¬3) لرجل من الأنصار، وروى أنه لما أدخلت حبابة على يزيد بن عبد الملك دخلت وعليها ثياب معصفرة، وبيدها دفّ وهى تصفّقه بيدها، /وتغنى بهذه الأبيات: ما أحسن الجيد من مليكة واللّبّا … ات إذ زانها ترائبها يا ليتنى ليلة إذا هجع الن‍ … اس ونام الكلاب صاحبها فى ليلة لا نرى بها أحدا … يحكى علينا إلاّ كواكبها رفع «كواكبها» على البدل من المضمر فى «يحكى»، ولولا احتياجه إلى تصحيح القافية كان النصب فيها أولى، من ثلاثة أوجه (¬4): أحدها إبدالها من الظاهر الذى تناوله النفى على الحقيقة، والثانى نصبها على أصل باب الاستثناء، كقراءة ابن عامر اليحصبىّ: «ما فعلوه إلاّ قليلا منهم» (¬5)، والثالث أنه استثناء من غير الجنس، كقولك: ما فى الدار أحد إلا الخيام، وأهل الحجاز مجمعون فيه على النصب، وعلى ذلك أجمع القرّاء فى قوله تعالى: {ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اِتِّباعَ الظَّنِّ} (¬6). ¬

(¬1) زيادة من هـ‍. (¬2) ليس فى هـ‍. (¬3) نسبها صاحب الأغانى 15/ 36، لأحيحة بن الجلاح. وانظر ما تقدم فى تخريج الشاهد. (¬4) حكاها البغدادى فى الخزانة 3/ 351، عن ابن الشجرى. (¬5) سورة النساء 66، وقرأ بالنصب أيضا أبىّ، وابن أبى إسحاق، وعيسى بن عمر. السبعة لابن مجاهد ص 235، والكشف لمكّى 1/ 392، وإعراب القرآن للنحاس 1/ 431، والبحر 3/ 285. (¬6) سورة النساء 157، وجاء في الأصل: وَما لَهُمْ بإقحام الواو، ولم تأت فى النسخة هـ‍. ومن الطريف أن الواو أقحمت أيضا فى نسختى خزانة الأدب-والبغدادىّ ناقل عن ابن الشجرى كما أشرت قريبا -وقد نبّه على هذا الخطأ شيخنا عبد السلام هارون رحمه الله، وأفاد أن الواو إنما جاءت فى الآية 28 من سورة النجم، وتلاوتها: وَما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ.

والبيت الذى ذكره سيبويه يقع فى أكثر نسخ الكتاب غير منسوب إلى شاعر مسمّى، ووجدته فى كتاب لغوىّ منسوبا إلى عدىّ بن زيد، وتصفحت نسختين من ديوان شعر عدىّ فلم أجد فيهما هذه المقطوعة، بل وجدت له قصيدة على هذا الوزن وهذه القافية، أولها (¬1): لم أر مثل الأقوام فى غبن الأيّ‍ … ام ينسون ما عواقبها يرون إخوانهم ومصرعهم … وكيف تعتاقهم مخالبها فما ترجّى النّفوس من طلب الخي‍ … ر وحبّ الحياة كاذبها (¬2) قوله: «فى غبن الأيام» يدل على أنهم قد استعملوا الغبن المتحرّك الأوسط فى البيع، والأشهر: غبنته فى البيع غبنا، بسكون وسطه، والأغلب على الغبن المفتوح أن يستعمل (¬3) فى الرأى، وفعله غبن يغبن مثل ركب يركب، يقال: غبن رأيه، والمعنى: فى رأيه، ومفعول الغبن فى البيت محذوف، أى فى غبن الأيام إياهم، / ومما استعمل فيه الغبن المفتوح الأوسط فى البيع قول الأعشى (¬4): لا يقبل الرّشوة فى حكمه … ولا يبالى غبن الخاسر وقوله: «ما عواقبها» ما استفهامية، «وينسون» معلّق، كما علق (¬5) نقيضه، وهو يعلمون، فالتقدير: ينسون أىّ شيء عواقبها، ويحتمل «ما» أن تكون موصولة بمعنى الذى أو التى، وكونها بمعنى التى هاهنا حسن، و «عواقبها» فى هذا الوجه خبر مبتدأ محذوف، والتقدير: ينسون التى هى عواقبها، أى ينسون الأشياء ¬

(¬1) ديوان عدىّ ص 45، وتخريجه فيه، وزد عليه: معانى القرآن 1/ 245، وكتاب الشعر ص 433، وحواشيه. والمسائل العضديات ص 166. (¬2) هكذا «كاذبها» ويقوّيه شرح ابن الشجرى الآتى. وجاء فى الأغانى 2/ 147 «كاربها» بالراء، وقال أبو الفرج: «وكاربها» هاهنا: غامّها. . . يقال: كربه الأمر وكرثه. . . إذا غمّه. (¬3) راجع إصلاح المنطق ص 97، وأدب الكاتب ص 309. (¬4) ديوانه ص 141. (¬5) هذا كلام ابن جنى فى المحتسب 1/ 64، وأصرح منه ما جاء فى ص 235، ومثّل لتعليق «يعلمون» بقوله: علمت من أبوك، وعرفت أيّهم أخوك؟.

التى هى عواقب الأيام، وجاز حذف العائد من الصلة، وهو أحد جزئى الجملة، على ضعف، كما روى عن رؤبة بن العجّاج أنه قرأ: {مَثَلاً ما بَعُوضَةً} (¬1) بمعنى الذى هو بعوضة، وعلى هذا قرأ يحيى بن يعمر: {تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ} (¬2) أى الذى هو أحسن، وهذا وإن كان قبيحا من حيث كان المحذوف ضميرا مرفوعا، وهو أحد ركنى الجملة، فقد جاء مثله فى الشعر (¬3)، نحو ما رواه الخليل عن العرب من قولهم: ما أنا بالذى قائل لك سوءا، وروى (¬4) شيئا، وإنما حسن حذف المبتدأ العائد هاهنا لتكثّر الصّلة بالموصول والجارّ والمجرور، ومثله فى التنزيل قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي فِي} ¬

(¬1) سورة البقرة 26. وقراءة الرفع هذه قرأ بها أيضا الضحّاك، وإبراهيم بن أبى عبلة، وقطرب. راجع معانى القرآن 1/ 22، وإعراب القرآن للنحاس 1/ 153، والمحتسب 1/ 64، وتفسير القرطبى 1/ 243، والبحر 1/ 123. والعجب ممّا ذكره ابن الجوزى فى زاد المسير 1/ 55، قال: «وروى الأصمعىّ عن نافع: «بعوضة» بالرفع، على إضمار هو». والإمام نافع أحد القرّاء السبعة، ولم أجد أحدا نسب إليه قراءة الرفع هذه! (¬2) سورة الأنعام 154. وهى قراءة الحسن والأعمش وابن أبى إسحاق أيضا. راجع المحتسب 1/ 64، 234، وتفسير القرطبى 7/ 142، والبحر 4/ 255، والإتحاف ص 220. وانظر معانى القرآن 1/ 365، وإعراب القرآن للنحاس 1/ 593. (¬3) هكذا جاءت كلمة «الشعر»، واضحة فى الأصل، وهـ‍. والشاهد الذى حكاه ابن الشجرى عن الخليل ليس من الشعر فى شيء-وسيأتيك تخريجه-ولعل ابن الشجرى رحمه الله قدسها، أو لعلّ الشاهد قد سقط فى الإملاء. والشاهد الذى أقطع بأنه هو المراد هنا، قول حسان بن ثابت، أو كعب بن مالك رضى الله عنهما: فكفى بنا فضلا على من غيرنا حبّ النبىّ محمد إيانا فى رواية من رفع «غيرنا». والدليل على ذلك أن سيبويه قد استشهد على حذف الضمير المرفوع ببيت حسان، وآية الأنعام، وما حكاه الخليل عن العرب، بهذا الترتيب. راجع الكتاب 2/ 107،108، والخزانة 6/ 120، وأيضا فقد أنشد ابن الشجرى البيت المذكور فى المجالس: الحادى والستين، والرابع والسبعين، والثالث والثمانين، شاهدا على رفع «غيرنا». (¬4) ويروى: «قبيحا». راجع الكتاب 2/ 108،404، والأصول 2/ 396، والإنصاف ص 391،393، وشرح ابن عقيل 1/ 165، وشرح المفصل 3/ 152، والبسيط ص 548،685، والخزانة 10/ 325، وانظر أيضا الكشاف 3/ 498، والبحر المحيط 8/ 29، والمواضع المذكورة من قبل فى المحتسب، وتفسير القرطبى. وقد أعاده المصنف فى المجلسين: الحادى والثلاثين، والثالث والثمانين.

{السَّماءِ إِلهٌ} (¬1) التقدير: الذى هو فى السماء إله، وقوى الحذف هاهنا لطول الصّلة بالظرف، والظرف متعلق بإله، لأنه فى معنى معبود. فإن قيل: هلاّ كان {إِلهٌ} مبتدأ، والظرف خبرا عنه قدّم عليه، لأن المبتدأ متى كان نكرة وخبره ظرف وجب تقديم الظرف، كقولك: فى الدار رجل، وإذا كان {إِلهٌ} مبتدأ والظرف خبره، لم يحتج [به (¬2)] إلى تقدير جزء آخر. فالجواب: أنّ هذا التقدير يؤدّى إلى إخلاء الصّلة من عائد على الموصول (¬3) لفظا وتقديرا؛ لأنك إذا جعلت الظرف خبرا عن إله أضمرت فيه عائدا/على إله، وبقى الموصول بغير عائد، فقد ثبت بهذا صحّة ما قرّرته من تقدير مبتدأ راجع إلى الموصول. ومعنى قوله: «وحبّ الحياة كاذبها» أن حبّ (¬4) النفوس للحياة قد يستحيل بغضا، لما يتكرّر عليها من الشدائد والآفات التى يتمنّى صاحبها الموت، كما قال المتنبى (¬5): كفى بك داء أن ترى الموت شافيا … وحسب المنايا أن يكن أمانيا واللّبّة: الموضع الذى [يكون (¬6)] عليه طرف القلادة، والترائب: واحدتها تريبة، وقيل: تريب، وهو الصّدر، وإنما جمع اللّبّة والتّربية بما حولهما، كأنه سمّى ما يجاور اللّبّة لبّة، وما يجاور التّربية تربية، كما قالوا: شابت مفارقه، وبعير ¬

(¬1) سورة الزخرف 84. وانظر دراسات لأسلوب القرآن 3/ 73. (¬2) أضيفت بهامش الأصل. (¬3) ذكره ابن هشام فى المغنى ص 485، من غير عزو، وكذلك العكبرى فى التبيان ص 1142، وأعاده المصنف فى المجلسين الحادى والثلاثين، والثامن والستين، وانظر البحر المحيط 8/ 29. (¬4) حكاه البغدادى فى الخزانة 3/ 354، عن ابن الشجرى. (¬5) مطلع قصيدته السيّارة. ديوانه 4/ 281، وأعاده ابن الشجرى فى المجلس الثالث والثمانين. (¬6) زيادة من هـ‍.

ذو عثانين (¬1)، ومثل البيت (¬2) فى جمع اللّبة والتّربية قول الآخر (¬3): والزّعفران على ترائبها … شرق به اللّبّات والنّحر وفى التنزيل: {يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ} (¬4). آخر المجلس. ... ¬

(¬1) مفرده «عثنون» وهو شعيرات عند مذبح البعير والتيس. وانظره والذى قبله فى الكتاب 3/ 484، والخصائص ص 421، وسيعيدهما ابن الشجرى فى المجلس الثامن والعشرين. (¬2) فى هـ‍: ومثل هذا فى جمع. . . (¬3) هو المخبّل، كما فى اللسان (شرق)، وأنشده من غير نسبة فى (ترب)، وهو من غير نسبة أيضا فى تفسير القرطبى 20/ 5، والبحر 8/ 453، وأعاده ابن الشجرى فى المجالس: الثانى والخمسين، والسابع والسبعين، والثانى والثمانين. (¬4) الآية السابعة من سورة الطارق.

المجلس الثانى عشر

المجلس الثانى عشر بيت للمتنبى (¬1) أىّ يوم سررتنى بوصال … لم ترعنى ثلاثة بصدود وإنما أذكر من شعره ما أهمله مفسّروه، فأنبّه على معنى أو إعراب أغفلوه، وهذا البيت لبعده من التكلّف، وخلوّه من التعسّف، وسرعة انصبابه إلى السمع وتولّجه فى القلب، أهملوا تأمّله فخفى عنهم ما فيه. والذى يتوجّه فيه من السؤال أن يقال: ما وجه تعلّق عجزه بصدره، وهل للجملة الأخيرة موضع من الإعراب؟ فإن قيل: نعم، قيل: ما هو؟ وكم وجها من وجوه الإعراب يحتمل؟ وهل يجوز أن تكون «أىّ» فيه شرطيّة، لتتعلّق الجملة بالجملة تعلّق الجزاء بالشرط كقولك: «أىّ يوم لقينى زيد لم أعرض عنه»، تريد أىّ يوم لقينى أقبلت عليه. والجواب عن هذا السؤال أنه لا يصحّ حمل «أىّ» على معنى الشرط؛ لأن فى ذلك مناقضة للمعنى الذى أراده الشاعر (¬2)، فكأنه قال: إن سررتنى يوما بوصالك ¬

(¬1) ديوانه بالشرح المنسوب للعكبرى 1/ 319، والمغنى ص 83،568، وشرح أبياته 2/ 152. (¬2) ذكر ابن هشام هذا التأويل من غير عزو، ونصّ البغدادىّ على أن ابن هشام قد أخذ كلام ابن الشجرى برمّته. وكذلك ذكره شارح ديوان المتنبى دون عزو.

أمّنتنى ثلاثة أيام من صدودك، وهذا عكس مراده فى البيت، وإنما «أىّ» استفهام خرج مخرج النفى، كقولك لمن يدّعى أنه أكرمك: أيّ يوم أكرمتنى؟ تريد ما أكرمتنى قطّ، قال الهذلىّ (¬1): فاذهب فأىّ فتى فى الناس أحرزه … من حتفه ظلم دعج ولا جبل ذهب بأىّ مذهب النفى، فأدخل مع لا حرف العطف، كما تقول: ما قام زيد ولا عمرو، فمعنى البيت: ما سررتنى يوما بوصالك إلا رعتنى ثلاثة أيام بصدودك (¬2) /فإن قلت: أجعل كلّ واحدة من الجملتين قائمة بنفسها، لا علقة لها بالأخرى، فلا أحكم للجملة الأخيرة بموضع من الإعراب. فإن (¬3) فى ذلك [أيضا (¬4)] فسادا للمعنى المراد، لأن قولك: «أىّ يوم سررتنى بوصال» يفيد معنى: ما سررتنى قطّ بوصال، ثم قولك مستأنفا: «لم ترعنى ثلاثة بصدود» يفيد معنى أنت تصدّ عنّى يومين، وتصلنى فى الثالث، فما ينتظم صدودك ثلاثة أيام، وفى هذا تناقض يبطل المعنى المقصود، فقد ثبت بما قلته أنه لا بدّ من علقة بين الكلامين. والعلقة بينهما تصحّ من ثلاثة أوجه: أحدها أن تجرى الجملة وصفا لوصال، فتحكم على موضعها بالجرّ، والعائد منها إلى الموصوف مقدّر، وقد ذكرت لك فيما تقدم (¬5) أن العرب قد حذفت عائد الصّفة حذفا يقارب حذف عائد الصلة ¬

(¬1) المتنخّل. شرح أشعار الهذليين ص 1283، وتخريجه فى ص 1518. وزد عليه: معانى القرآن 1/ 164، والمحتسب 2/ 159، واللسان (قلا) والقافية فيه (خبل) تصحيف، وانظر معجم الشواهد ص 292، وقد أعاده ابن الشجرى فى المجلس التاسع والأربعين. (¬2) فى هـ‍: بصدود. (¬3) هذا جواب «فإن قلت». وهو أسلوب قديم. انظر مقدمتى لكتاب الشعر ص 63. (¬4) ليس فى هـ‍. (¬5) فى المجلس الأول.

كحذف الهاء (¬1) فى قوله (¬2): *وما شيء حميت بمستباح* وفى قول الله تعالى: {وَاِتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً} (¬3) أراد لا تجزى فيه، كما قال: {وَاِتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ} (¬4) وإذا قدّرت مثل ذلك فى البيت اتّصل الكلامان فصحّ المعنى، وتقدير العائد فى البيت: أىّ يوم سررتنى بوصال لم ترعنى بعده ثلاثة أيام بصدود، فالهاء عائدة على وصال، فكأنك قلت: ما سررتنى يوما بوصال مأمون بعده صدودك (¬5) ثلاثة أيام، وإذا ثبت صحّة هذا المعنى بهذا التقدير، فإن شئت قدّرت أنك حذفت الظرف أولا، فبقى «لم ترعنيه» ثم حذفت الهاء ثانيا، على مذهب من قدّر فى الآية حذف الجارّ أوّلا، فبقى «لا تجزيه» ثم حذف الهاء، وإن شئت قدّرت أنك حذفت الظرف والعائد حذفة واحدة، فهذا أحد الأوجه الثلاثة. والوجه الثانى: أنك تقدّر بالجملة العطف، وتضمر العاطف، فكأنك قلت: أىّ يوم سررتنى بوصال فلم ترعنى ثلاثة بصدود، والعرب تضمر/الفاء والواو العاطفتين، فممّا جاء فيه إضمار الفاء قوله سبحانه: {وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قالُوا أَتَتَّخِذُنا هُزُواً قالَ أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ} (¬6) فأضمر الفاء فى {قالُوا} لتمام كلام موسى عليه السلام، ثم أضمر الفاء فى {قالَ} (¬7) لتمام كلام قومه، وهذا كثير فى القرآن. ومما أضمرت فيه الواو قول الحطيئة (¬8): ¬

(¬1) جاءت العبارة فى هـ‍ مضطربة هكذا: يقارب حذف عائد كحذف الصلة فى قوله. . . (¬2) فرغت منه فى المجلس الأول. (¬3) سورة البقرة 48،123. (¬4) سورة البقرة 281. (¬5) فى هـ‍: صدود. (¬6) سورة البقرة 67. (¬7) حكاه الزركشى فى البرهان 3/ 212. (¬8) ديوانه ص 11، والمغنى ص 706، وشرح أبياته 7/ 326، ومعجم ما استعجم ص 1387، وأعاده ابن الشجرى فى المجلس الرابع والأربعين.

إنّ امرأ رهطه بالشام منزله … برمل يبرين جارا شدّ ما اغتربا أراد: ومنزله برمل يبرين، وكذلك أضمرها الراجز فى قوله: لما رأيت نبطا أنصارا … شمّرت عن ركبتى الإزارا (¬1) كنت لها من النّصارى جارا أراد: وكنت (¬2)، وليس للجملة فى هذا الوجه موضع من الإعراب، لأنها فى التقدير معطوفة على جملة لا موضع لها. والثالث: أن تجعل الجملة حالا من التاء فى «سررتنى» والعائد على التاء من حالها هو الضمير المستتر فى «ترعنى» فكأنك قلت: أىّ يوم سررتنى غير رائع لى، وهذه حال مقدّرة كقولك: «مررت برجل معه صقر صائدا به غدا (¬3)» أى مقدّرا به الصّيد، ومثله فى التنزيل: {طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ} (¬4) أى مقدّرين الخلود، ومن ذلك: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ} (¬5) أى مقدّرين التحليق، لأن التحليق لا يكون فى وقت الدخول، وكذلك المراد: أىّ يوم سررتنى بوصالك غير مقدّر أنك تروعنى ثلاثة أيام بصدودك. فهذه ثلاثة أقوال جارية فى مضمار كلام العرب. ومن روى: «لم ترعنى ثلاثة» برفع «ثلاثة» على إسناد الفعل إليها، كانت ¬

(¬1) الرجز فى معانى القرآن 1/ 44، وتفسير الطبرى 2/ 144، والقرطبى 1/ 434، والبيت الأول فى اللسان (نصر) شاهدا على أن «أنصار» بمعنى النصارى. وقد أعاد ابن الشجرى هذا الرجز فى المجلس الرابع والأربعين. (¬2) قدّره فى المجلس المذكور على حذف الفاء، أى: فكنت. (¬3) أعاده ابن الشجرى فى المجلس الحادى والسبعين. وهو فى الكتاب 2/ 49، والمقتضب 3/ 261، والأصول 2/ 38،268، والاستغناء فى أحكام الاستثناء ص 420، والجمل المنسوب للخليل ص 171، واللسان (خلف)، وانظر كتاب الشعر ص 262، وحواشيه. (¬4) سورة الزمر 73. (¬5) سورة الفتح 27.

بيت آخر له

العلقة بين الجملتين بتقدير الوصف أو العطف، وبطل أن تكون الجملة حالا لخلوّ/ «ترعنى» من ضمير يعود على ذى الحال. بيت آخر (¬1) له: جرّبت من نار الهوى ما تنطفى … نار الغضا وتكلّ عمّا تحرق وهذا البيت أيضا ممّا أمرّوه على أسماعهم إمرارا، فلم يعطوه حصّة من التفكّر، ولم يولوه طرفا من التأمل، ويتوجّه فيه سؤال عن معنى «ما» الأولى، وسؤال عن الفاعل المستكنّ فى «تحرق» إلى أىّ النارين يعود؟ وسؤال عمّا فيه من الحذوف، وسؤال عن الجارّ الذى هو «عن» بم يتعلّق؟ فإنّ الانطفاء والكلول كلاهما ممّا يتعدّى بعن، قال الأخطل (¬2): وأطفأت عنّى نار نعمان بعد ما … أغذّ لأمر عاجز وتجرّدا وأنا أوضّح لك، إن شاء الله تعالى، الأجوبة عن هذه الأسولة (¬3)، بعد أن أذكر لك نبذة تستفيدها، من اشتقاق وغيره، فمن ذلك أن معنى التجريب تكرير الاختبار، لأنّ أمثلة التفعيل موضوعة للمبالغة والتكثير، وأصله من قولهم: جرّبته: أى داويته من الجرب، فنظرت أيصلح حاله أم لا، ومثله: قرّدت البعير: أى أزلت عنه القراد، وقرّعت الفصيل: أى داويته من القرع، وهو داء يلحق الفصال. وألف الغضا أصلها الياء، لقولهم: أرض غضياء (¬4)، ولا تجوز إمالته وإن كانت ألفه من الياء، لأنّ فيه حرفين مستعليين (¬5). ¬

(¬1) ديوانه 2/ 333. (¬2) ديوانه ص 307، من قصيدة يمدح بها يزيد بن معاوية. وأراد بنعمان: النعمان بن بشير بن سعد الخزرجى. والأمر العاجز: الشديد يعجز عنه صاحبه. وأغذّ: أسرع. وتجرّد: شمّر وجدّ. (¬3) فى هـ‍ «الأسئلة». وما فى الأصل محكىّ عن ابن جنى، فإنه حكى: «سوال وأسولة». بطرح الهمز. راجع اللسان (سول). (¬4) الذى فى اللسان بالقصر، قال: وأرض غضيا: كثيرة الغضى. (¬5) وهما الغين والضاد.

ويقال: طفئت النار وانطفأت (¬1)، مهموز، ولكنه أبدل من همزة تنطفئ ياء لانكسار ما قبلها، كما أبدل الفرزدق من المفتوح ما قبلها ألفا فى قوله (¬2): راحت بمسلمة البغال عشيّة … فارعى فزارة لا هناك المرتع وهذا لا يسمّى تخفيفا (¬3)، وإنما هو إبدال لا يجوز إلاّ فى الشّعر، والتخفيف الذى يقتضيه القياس فى هذا النحو أن تجعل الهمزة فيه بين بين. وأمّا «ما» من قوله: «ما تنطفى» فمصدريّة، والضمير الذى فى «تحرق» / عائد على «نار الهوى»، وقوله: «عمّا تحرق» متعلّق «بتكلّ» ومعمول «تنطفى» محذوف، وذلك اختيار البصريين فى إعمال (¬4) الفعلين، كقولك: رضيت وصفحت عن زيد [أردت: رضيت عن زيد وصفحت عن زيد (¬5)] فحذفت معمول الأول لدلالة معمول الثاني عليه، وحجّتهم أن الثانى أقرب إلى المعمول، فإن استعملت الاختيار الكوفيّ فعلّقت (¬6) الجارّ بالأول، فلأنه الأسبق فى الذّكر، فهذا أحد المحذوفات من البيت. والمحذوف الثانى: العائد إلى «ما» الثانية من صلتها، وفيه حذفان آخران، لأن تقدير معنى البيت: جرّبت من قوّة نار الهوى انطفاء نار [الغضا (¬7)] وكلولها عن إحراق ما تحرقه نار الهوى، لا بدّ من تقدير هذين المضافين، القوّة والإحراق؛ لأن المعنى يقتضيهما، وإنما خصّ الغضا، لأن ناره أشدّ النّيران وأبقاها. ¬

(¬1) هذه عن الزجاجى، حكاها فى كتابه الجمل، كما فى اللسان (طفأ). وهى فى الجمل ص 297. (¬2) ديوانه ص 508، وضرورة الشعر ص 138، وتخريجه فى كتاب الشعر ص 145، وأعاده ابن الشجرى فى المجلس الثالث والسّتين. (¬3) هذا كلام ابن جنى. راجع المحتسب 2/ 173. (¬4) فى شرح ديوان المتنبى-وهو ينقل عن الأمالى- «فى إعمال ثانى الفعلين». (¬5) سقط من هـ‍، ومن شرح الديوان. (¬6) فى الأصل: «علقت. . . لأنه». (¬7) سقط من هـ‍.

ومن هذه القصيدة

ومن هذه القصيدة: كبّرت حول ديارهم لمّا بدت … منها الشّموس وليس فيها المشرق (¬1) ذكرت هذا البيت لأنهم أضربوا عن الكلام فيه صفحا، وفيه ما يقتضى أسئلة، أولها: كيف قال: بدت منها الشّموس، فذكر المشبّه به دون المشبّه، وأسقط أداة التشبيه؟ والثانى: كيف جمع الشمس وليس فى العالم إلا شمس واحدة، وهل فعل ذلك أحد من الشعراء القدماء قبله؟ والثالث: فى أىّ شيء شبّه هؤلاء الممدوحين بالشمس؟ والجواب أنه كان حقّ تشبيههم بالشمس أن يقال: رجال مثل الشمس، ولكنه جاء به على حذف المشبّه وإسقاط أداة التشبيه، ليجعل كلّ واحد منهم الشمس على الحقيقة، ثم جمع الشمس ليقابل جماعة بجماعة، وبالغ فيما أراده من المعنى بإخباره أنه كبّر الله سبحانه متعجّبا من طلوع شموس فى/غير جهة، المشرق، لأنّ ديارهم كانت فى جهة المغرب. ومثل ذلك فى إسقاط المشبه وحرف التشبيه، قصدا لتحقيق الشّبه قولك: لقيت فلانا فلقيت حاتما جودا، والنابغة شعرا، والأحنف حلما، وإياسا ذكاء، وعمرو بن العاص دهاء، وخالد بن صفوان بلاغة، ويحيى (¬2) بن عبد الحميد كتابة. فأمّا استجازة جمع الشمس فلاختلاف مطالعها ومغاربها، وازدياد حميها (¬3) وانتقاصه، وتغيّر لونها فى الأصائل، ولذلك قالوا: شمس الشتاء، وشمس الصيف، وشمس الضّحى، وشمس الأصيل، فأضافوا إلى هذه الأشياء المتضادة، وليس شمس غيرها، ولذلك جاء فى التنزيل على الأصل: {رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} (¬4) أى مكان ¬

(¬1) ديوانه 2/ 337، وأسرار البلاغة ص 281. (¬2) هكذا. والمعروف بالكتابة هو: عبد الحميد بن يحيى. (¬3) فى هـ‍: «جميعها»، وفى شرح الديوان-: «حرّها». (¬4) سورة الشعراء 28، والمزمل 9.

بيت آخر منها

الشروق ومكان الغروب، وجاء فيه: {رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ} (¬1) أراد مشرق الشتاء ومغربه [ومشرق الصيف ومغربه (¬2)] وجاء فيه: {بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ} (¬3) لأنّ للشمس فى كلّ يوم مشرقا ومغربا غير مشرقها ومغربها فى اليوم الذى قبله. وأما جمع الشمس فى الشعر القديم فنحو قول مالك الأشتر (¬4): حمى الحديد عليهم فكأنّه … ومضان برق أو شعاع شموس وأمّا المعانى التى نزّلهم بها منزلة الشمس، فمنها أن علوّ أقدارهم واشتهارهم فى الناس كعلوّ الشمس واشتهارها، ومنها أن الانتفاع بهم كالانتفاع بضيائها، ونماء النبات بها، ومنها أن إشراق وجوههم وصفاء ألوانهم كإشراقها وصفائها (¬5). بيت آخر منها (¬6): أمطر علىّ سحاب جودك ثرّة … وانظر إلىّ برحمة لا أغرق يقال: سحاب ثرّ، للكثير الماء، واستعاروه للفرس الكثير الجرى، قال الشاعر (¬7): وقد أغدو إلى الهيجا … ء بالمحتنك الثّرّ (¬8) ¬

(¬1) سورة الرحمن 17. (¬2) سقط من هـ‍. (¬3) الآية المتمة الأربعين من سورة المعارج. وجاء فى الأصل وهـ‍ «رب» بإسقاط الباء، وهو تحريف. وتمام الآية الكريمة: فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ إِنّا لَقادِرُونَ وقد سقطت الباء أيضا من شرح ديوان المتنبى، وشارحه ينقل عن ابن الشجرى، كما قدّمت مرارا. (¬4) الأشتر: لقب له؛ لأن رجلا ضربه فى يوم اليرموك على رأسه فسألت الجراحة قيحا إلى عينه فشترتها، أى قلبت جفنها من أعلى وأسفل. واسم الأشتر: مالك بن الحارث بن عبد يغوث النخعى الكوفى، كان من أصحاب على رضى الله عنه، وحديثه فى الجمل وصفّين معروف. والبيت فى أمالى القالى 1/ 85، وشرح الحماسة ص 151، والمؤتلف والمختلف ص 32، ومعجم الشعراء ص 263، والتصريح على التوضيح 1/ 91، واللسان (شمس). وشرح ديوان المتنبى، الموضع السابق. (¬5) فى الأصل: وضيائها. (¬6) ديوانه:2/ 339. (¬7) هو ابن ضبّة، كما فى الحيوان 4/ 29، وانظر حواشيه. (¬8) رواية الحيوان «التّرّ» بالتاء الفوقية، وكذلك فى اللسان (ترر) وفيه: التّرّ من الخيل: المعتدل الأعضاء، الخفيف. ورواه الزمخشرى فى الأساس «الثر» بالثاء المثلثة، كرواية ابن الشجرى.

/المحتنك: الذى احتنكه (¬1) السّنّ، وذلك إذا قرح (¬2)، وقالوا للناقة الغزيرة وللطّعنة الواسعة، وللعين الكثيرة الدمع: ثرّة. ونصب «ثرّة» على الحال، وأنّث الحال لأن السّحاب بمعنى السحائب، ومن قال: سحاب ثرّ، فلأن السحاب اسم مفرد يقع على الجنس، كالشّجر والنّخل، والأغلب عليه التذكير، كما جاء فى التنزيل: {وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ} (¬3) و {مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ} (¬4) و {أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ} (¬5) وجاء التأنيث فى قوله تعالى: {وَيُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ} (¬6) و {أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ} (¬7) وأنّث الشجر فى قوله: {لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ. فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ} (¬8) وذكّره فى قوله: {شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ} (¬9). وكان الوجه فى إعراب «لا أغرق» الجزم، على أن يكون جوابا للطلب الذى هو قوله: «انظر إلىّ» بتقدير: فإنك إن تنظر (¬10) إلىّ لا أغرق، ولهذا الحرف ذكرت هذا البيت. ¬

(¬1) فى هـ‍: «أحنكته»، وأثبت ما فى الأصل، وهما سواء. يقال: أحنكته التجارب والسّنّ واحتنكته. (¬2) قالوا: إذا دخل الفرس فى السادسة واستتمّ الخامسة فقد قرح-بفتحتين-أى انتهت أسنانه. (¬3) سورة البقرة 164. (¬4) الآية المتمة الثمانين من سورة يس. (¬5) الآية المتمة العشرين من سورة القمر، وانظر كتاب الشعر ص 462. (¬6) سورة الرعد 12، وانظر كتاب الشعر ص 461، وحواشيه. وسيأتى هذا كله مرّة أخرى فى المجلسين الثامن والثلاثين، والثانى والسبعين. (¬7) الآية السابعة من سورة الحاقة. (¬8) سورة الواقعة 52،53. (¬9) الآية العاشرة من سورة النحل. (¬10) حكى هذا شارح ديوان المتنبى 2/ 339،340، عن ابن الشجرى.

ورفعه يحتمل وجهين: أحدهما أن يكون أراد لئلاّ أغرق، وحذف لام العلّة، ثم حذف «أن» فرفع، كما فعل فى قوله (¬1): أوجد ميتا قبيل أفقدها أراد أن أفقدها، فحذف «أن» فارتفع الفعل لفقد الناصب، قال طرفة (¬2): ألا أيّ هذا الزّاجرى أحضر الوغى أراد أن أحضر [الوغى (¬3)] فلما أسقط «أن» رفع، وإن كانت مرادة، ويدلّك على أنّ الأصل أن أحضر قوله: وأن أشهد اللّذّات هل أنت مخلدى والثانى: أن تكون الفاء فيه مقدّرة، وإذا كانت الفاء فى الجواب مقدّرة ارتفع الفعل بتقديرها، كما يرتفع بإثباتها، وإذا كانوا يحذفونها من جواب (¬4) الشرط الصريح فيرفعون، كان حذفها من جواب الأمر النائب عن الشرط أسهل، فممّا حذفت فيه من جواب الشرط قوله: /من يفعل الحسنات الله يشكرها (¬5) ¬

(¬1) ديوانه 1/ 296. وصدر البيت: يا حاديى عيرها وأحسبنى وقد أنشده ابن الشجرى بتمامه فى المجلس الثانى والثمانين، وابن هشام فى المغنى ص 445، وانظر شرح أبيات المغنى 4/ 375. (¬2) ديوانه ص 31، وشرح القصائد السبع ص 192، ورسالة الغفران ص 251، وهذا شاهد كثير الدوران، وقد أعاده ابن الشجرى فى المجلس الثانى والثمانين، وانظر الكتاب 3/ 99، والشعر ص 404، وحواشيهما. (¬3) سقط من هـ‍. (¬4) فى هـ‍: «أجوبة» وما فى الأصل مثله فى شرح ديوان المتنبى. (¬5) تمامه: والشرّ بالشرّ عند الله سيّان ويروى «مثلان». وقد أنشده ابن الشجرى فى المجلسين السادس والثلاثين، والرابع والأربعين، ونسبه لعبد الرحمن بن حسّان بن ثابت. وفى نسبة هذا البيت خلاف، فينسب لعبد الرحمن بن حسان كما-

فأما قوله جل ثناؤه: {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً} (¬1) بضم الضاد وتشديد الراء ورفعها (¬2)، ففيه ثلاثة أقوال: أحدها: تقدير الفاء، والثانى: التقديم والتأخير، كأنه قيل: لا يضرّكم كيدهم شيئا إن تصبروا وتتقوا، وبهذا التقدير ارتفع «تصرع» من قول الراجز (¬3): يا أقرع بن حابس يا أقرع … إنّك إن يصرع أخوك تصرع وإن شئت رفعته بتقدير الفاء (¬4)، والثالث: أن يكون ضمّ الراء إتباعا لضمة الضاد، كقولك: لم يردّكم، والأصل: يضرركم، فألقيت ضمّة المثل الأول على الساكن قبله، وحرّك الثانى بالضم إتباعا للضمة قبله، فلما حرّك الثانى وقد سكن الأول وجب الإدغام، وتحريك الثانى فى هذا النحو بالفتح هو الوجه (¬5)؛ لخفّة الفتحة مع التضعيف، وبه قرأ فى هذا الحرف المفضّل الضبّىّ عن عاصم بن أبى النّجود. ... ¬

= ترى، ولأبيه حسّان، ولكعب بن مالك الأنصارى رضى الله عنهم أجمعين. راجع ديوان حسّان ص 516، وديوان كعب ص 288،312، والكتاب 3/ 64، والمقتضب 2/ 72، والأصول 2/ 195، 3/ 462، وضرورة الشعر ص 115، والتبصرة ص 410، والجمل المنسوب للخليل ص 201، والبسيط ص 817، وشرح الجمل 2/ 199،592، وضرائر الشعر ص 160. (¬1) سورة آل عمران 120. (¬2) وهى قراءة ابن عامر وعاصم وحمزة والكسائى. وقرأ باقى السبعة لا يَضُرُّكُمْ بكسر الضاد وسكون الراء. السبعة لابن مجاهد ص 215، والكشف لمكى 1/ 355. وانظر معانى القرآن للفراء 1/ 232، وللأخفش ص 214، وإعراب القرآن للنحاس 1/ 361، وتفسير القرطبى 4/ 184. (¬3) هو جرير بن عبد الله البجلى، وقيل: عمرو بن خثارم العجلى. انظر الكتاب 3/ 67 والمقتضب 2/ 72، وضرورة الشعر ص 115، والجمل المنسوب للخليل ص 198، والتبصرة ص 413، ومشكل إعراب القرآن 1/ 155، والمقرب 1/ 275، وضرائر الشعر ص 160، والخزانة 8/ 20،9/ 47، وغير ذلك كثير. (¬4) وهو رأى المبرد. راجع المقتضب. (¬5) راجع مراجع تخريج الآية الكريمة. وانظر الجمل ص 415.

المجلس الثالث عشر

المجلس الثالث عشر وهو مجلس يوم السبت، رابع جمادى الآخرة، سنة أربع وعشرين وخمسمائة. إعراب بيت وما يتّصل به ألم يأتيك والأنباء تنمى … بما لاقت لبون بنى زياد (¬1) هذا البيت من مقطوعة لقيس بن زهير بن جذيمة بن رواحة العبسىّ، وكان سيّد قومه، ونشأت (¬2) بينه وبين الرّبيع بن زياد العبسى شحناء فى [شأن (¬3)] درع ساومه فيها، فلمّا نظر إليها وهو على ظهر فرسه وضعها على القربوس ثم ركض بها، فلم يردّها عليه، فاعترض قيس فاطمة بنت الخرشب الأنمارية، وهى إحدى المنجبات، وهى أمّ الربيع بن زياد، وقد ذكرت هذا فيما مرّ من الأمالى (¬4)، وكانت/حين عرض لها قيس في ظعائن من بنى عبس، فاقتاد جملها يريد أن يرتهنها بدرعه، فقالت له: ما رأيت كاليوم قطّ فعل رجل! أين ضلّ حلمك؟ أترجو أن تصطلح أنت وبنو زياد ¬

(¬1) هذا الشاهد مما استفاضت به كتب العربية، وقد أعاده المصنف فى المجلس الحادى والثلاثين. وانظر الكتاب 3/ 315،316، وضرورة الشعر ص 61، وكتاب الشعر ص 204، وشرح الحماسة ص 1481،1771،1852، والجمل المنسوب للخليل ص 204، وحواشى هذه الكتب كلّها. (¬2) هذه القصة فى غير كتاب، وحسبك النقائض ص 90، والأغانى 17/ 197، ومجمع الأمثال 1/ 194، عند ذكر المثل: «حسبك من شرّ سماعه». (¬3) ليس فى هـ‍. (¬4) فى المجلس الثالث.

أبدا وقد أخذت أمّهم فذهبت بها يمينا وشمالا، فقال الناس فى ذلك ما شاءوا أن يقولوا، «وإنّ حسبك من شرّ سماعه»، فأرسلتها مثلا (¬1)، فعرف قيس ما قالت، فخلّى سبيلها، ثم اطّرد إبلا لبنى زياد، فقدم بها مكّة، فباعها من عبد الله بن جدعان التّيمىّ معاوضة بأدراع وسيوف، ثم جاور ربيعة بن قرط بن سلمة بن قشير، وهو ربيعة الخير، ويكنى أبا هلال، وقيل: هو ربيعة بن قرط بن عبد (¬2) بن أبى بكر بن كلاب. وقال قيس فى ذلك: ألم يأتيك والأنباء تنمى … بما لاقت لبون بنى زياد ومحبسها على القرشىّ تشرى … بأدراع وأسياف حداد كما لاقيت من حمل بن بدر … وإخوته على ذات الإصاد هم فخروا علىّ بغير فخر … وردّوا دون غايته جوادى وكنت إذا منيت بخصم سوء … دلفت له بداهية نآد بداهية تدقّ الصّلب منه … فتقصم أو تجوب على الفؤاد أطوّف ما أطوّف ثم آوى … إلى جار كجار أبى دؤاد تظلّ جياده يعسلن حولى … بذات الرّمث كالحدإ الغوادى كفانى ما أخاف أبو هلال … ربيعة فانتهت عنّى الأعادى كأنّى إذ أنخت إلى ابن قرط … أنخت إلى يلملم أو نضاد ¬

(¬1) دللت على مكانه فى مجمع الأمثال، وتأويله عند الميدانى: كفى بالمقالة عارا وإن كان باطلا. (¬2) فى جمهرة الأنساب ص 283: عبد الله.

قوله: «ألم يأتيك (¬1)» أثبت الياء فى موضع الجزم لإقامة الوزن كما [أثبت الآخر (¬2)] فى قوله (¬3): هجوت زبّان ثمّ جئت معتذرا … من هجو زبّان لم تهجو ولم تدع /ووجه ذلك أنّهما نزّلا الواو والياء منزلة الحرف الصّحيح، فقدّرا فيهما الحركة، فكأنّ الجازم دخل ولفظ الفعل: يأتيك وتهجو بضم لاميهما، كقولك: يضربك ويخرج، فأسقط الحركة المقدرة كما يسقط الحركة الملفوظ بها، ويدلّك على أن الحركة فى هذا النحو مرادة أن الشاعر متى احتاج إليها أظهرها، كما أظهر الضّمّة فى ياء المنقوص، والكسرة فى نحو: جاءنى ناعى بنعي سليمى (¬4) ونحو ما أنشده سيبويه (¬5) لأعرابىّ من بنى كليب: فيوما يجازين (¬6) … الهوى غير ماضى ويوما ترى منهنّ غول تغوّل ¬

(¬1) رواية النقائض والأغانى: «ألم يبلغك» وبها يفوت الاستشهاد. وفيه روايات أخرى يذهب معها الاستشهاد، انظرها فى سر صناعة الإعراب ص 78،631، والخصائص 1/ 333، والخزانة 8/ 362، وشرح الشواهد للعينى 1/ 234. (¬2) سقط من هـ‍. ووجه الكلام: «كما أثبت الآخر الواو فى قوله». (¬3) هو الإمام أبو عمرو بن العلاء: وبيته هذا دائر سيّار فى كتب العربية. انظره فى معانى القرآن 1/ 162،2/ 188، والجمل المنسوب للخليل ص 203، وشرح الحماسة ص 1771، وزدته تخريجا فى كتاب الشعر ص 204. (¬4) لم أعرفه. (¬5) هكذا فى الأصل، وهـ‍. والذى فى كتاب سيبويه 3/ 314: «وقال-يعنى الخليل-وأنشدنى أعرابىّ من بنى كليب لجرير». والبيت فى ديوان جرير ص 140، وتخريجه فى ص 1059، وزد عليه ما فى حواشى سيبويه، والأصول 3/ 443، وكتاب الشعر ص 206، وضرورة الشعر ص 60، وضرائر الشعر ص 42. ورواية الديوان: «فيوما يجارين الهوى غير ما صبا» وعليها يفوت الاستشهاد. وبعده فى الديوان: «قال المهلبى: هذه رواية جيدة، وسيبويه يرويه «غير ماضي» بتحريك الياء، وهو رديء، إلا أنه شاهد». وانظر اللسان (مضى). (¬6) فى هـ‍ «يجارين» بالراء، وأثبتّه بالزاى من الأصل، ومثله فى الخصائص 3/ 159، واللسان-

وقد أثبتوا الألف فى موضع الجزم، تشبيها بالياء كقوله (¬1): إذا العجوز غضبت فطلّق … ولا ترضّاها ولا تملّق وكقول الآخر: ما أنس لا أنساه آخر عيشتى (¬2) فأما إثباتها فى قوله تعالى: {سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى} (¬3) فلأنه نفى لا نهى، أى فلست تنسى إذا أقرأناك، أعلمه الله أنه سيجعل له آية تبين بها الفضيلة له، وذلك أنّ الملك كان ينزل عليه بالوحى فيقرؤه عليه ولا يكرّره، فلا ينسى صلى الله عليه وآله وسلم شيئا مما يوحيه إليه وهو أمّىّ لا يخطّ بيده كتابا ولا يقرؤه، قال الله سبحانه: {إِنّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنّا لَهُ لَحافِظُونَ} (¬4). وقوله: {إِلاّ ما شاءَ اللهُ} (¬5) فيه قولان: أحدهما: إلا ما شاء الله أن تنساه ثم تذكره بعد، والآخر: إلا ما شاء الله أن يؤخّره فتترك تلاوته على أصحابك إلى وقت آخر، فعلى هذا يكون معنى {فَلا تَنْسى}: فلا تترك، كما قال: {نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ} (¬6) أى تركوا الله فتركهم. ¬

= (مضى). وهما روايتان، راجع التعليق السابق. وهناك ثالثة فى ضرائر الشعر «يجاذبن». (¬1) رؤبة. ملحقات ديوانه ص 179، وشرح الحماسة ص 1771،1852، والحلبيات ص 86، وتخريجه مستقصى فى كتاب الشعر ص 205. (¬2) تمامه: ما لاح بالمعزاء ريع سراب وقائله حصين بن قعقاع بن معبد بن زرارة، كما ذكر البغدادى فى شرح شواهد الشافية ص 413، 414، وانظر كتاب الشعر ص 204، وحواشيه. والمعزاء بفتح الميم وسكون العين المهملة، بعدها زاى معجمة: الأرض الصلبة الكثيرة الحصا. والريع: مصدر راع السراب يريع: أى جاء وذهب». (¬3) الآية السادسة من سورة الأعلى. وأصل هذا التأويل عند أبى على، فى كتاب الشعر ص 206. (¬4) الآية التاسعة من سورة الحجر. (¬5) الآية السابعة من سورة الأعلى. (¬6) سورة التوبة 67.

وروى (¬1) أن المأمون قال لأبى علىّ المنقرىّ: بلغنى أنك أمّىّ، وأنك لا تقيم الشّعر، /وأنك تلحن، فقال: يا أمير المؤمنين، أما اللّحن فربّما سبق لسانى بشىء منه، وأمّا الأميّة وكسر الشّعر فقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يكتب ولا يقيم الشّعر، فقال له: سألتك عن ثلاثة عيوب فيك فزدتنى رابعا، وهو الجهل، يا جاهل! إن ذلك كان للنبىّ صلى الله عليه وآله وسلم فضيلة، وهو فيك وفى أمثالك نقيصة، وإنما منع النبىّ صلى الله عليه وآله وسلم ذلك لنفى الظّنّة عنه، لا لعيب فى الشّعر والكتابة. وفى فاعل «يأتيك» قولان، قيل: إنه مضمر مقدّر، كما حكى سيبويه (¬2) «إذا كان غدا فأتنى» أى إذا كان ما نحن عليه (¬3) من الرخاء أو البلاء غدا فأتنى، وتقديره: ألم يأتك النبأ، ودلّ على ذلك قوله: «والأنباء تنمى» وقيل إن الباء فى قوله: «بما لاقت (¬4)» زائدة، و «ما» هى الفاعل، كما زيدت الباء مع الفاعل فى: {كَفى بِاللهِ} (¬5) ومع المبتدأ فى قولهم: «بحسبك قول السوء» ومع المفعول فى نحو: (¬6) «لا يقرأن ¬

(¬1) هذه الحكاية بألفاظها فى تفسير القرطبى 15/ 54، عند تفسير قوله تعالى من سورة يس: وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ. (¬2) الكتاب 1/ 224. وذكر سيبويه أن نصب «غدا» لغة بنى تميم. والتقدير: إذا كان ما نحن عليه من السلامة، أو كان ما نحن عليه من البلاء فى غد فأتنى. ويروى بالرفع «غدّ» على أن يكون فاعلا لكان التامة، ولا حذف. راجع كتاب الشعر ص 353، وحواشيه. وقد أعاد ابن الشجرى هذا الشاهد النثرى فى المجالس: الثامن والعشرين، والسابع والثلاثين، والتاسع والستين. (¬3) فى هـ‍: «ما نحن فيه». (¬4) نسبه البغدادى فى الخزانة 3/ 535 للأعلم وابن الشجرى. (¬5) سورة الرعد 43، والعنكبوت 52. وفى غير موضع من الكتاب العزيز. وانظر ما يأتى فى المجلس المتمّ الثلاثين. (¬6) جزء من بيت، وتمامه: هنّ الحرائر لا ربّات أحمرة سود المحاجر لا يقرأن بالسّور وينسب للقتال الكلابى، وللراعى النميرى. ديوان القتال ص 53، وديوان الراعى ص 122، وتخريجه فيه مستقصى، وزد عليه: كتاب الشعر ص 442، وحواشيه. والحرائر: جمع حرّة، ومعناها الكريمة والأصيلة، وضدّ الأمة. والربّات: جمع ربّه بمعنى صاحبة. والأحمرة: جمع حمار، بالحاء المهملة، وخصّ الحمير؛ لأنها رذال المال وشرّه. يقال: شرّ المال مالا يزكّى ولا يذكّى. والمحاجر: جمع محجر: بوزن مجلس ومنبر. والمحاجر من الوجه: حيث يقع عليه النقاب، وما بدا من النقاب أيضا. وأراد سواد الوجه كله. والمعنى: هنّ خيرات كريمات، يتلون القرآن، ولسن بإماء سود ذوات حمر يسقينها. الخزانة 9/ 110.

بالسّور» ونحو: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (¬1) وهى ومجرورها على القول الأول فى موضع النصب، لا متعلقة بتنمى. وقوله: «كما لاقيت» العامل فيه محذوف، تقديره: لاقيت منهم كما لاقيت من حمل بن بدر، ومثله فى حذف الفعل منه للدّلالة عليه قول يزيد بن مفرّغ الحميرىّ (¬2): لا ذعرت السّوام فى وضح الصّب‍ … ح مغيرا ولا دعيت يزيدا يوم أعطى من المخافة ضيما … والمنايا يرصدننى أن أحيدا طالعات أخذن كلّ سبيل … لا شقيّا ولا يدعن سعيدا أراد: لا يدعن شقيّا، فحذف. فأما قوله تعالى جدّه: {كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ} (¬3) فهذا التشبيه فى الظاهر كأنه منقطع مما قبله، لأنه جاء بعد قوله: {يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (¬4) ثم وصف المؤمنين فقال: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ* الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ* أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} (¬5) [ثم قال (¬6)]: {كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ}. ¬

(¬1) سورة البقرة 195. (¬2) ديوانه ص 72، والخزانة 8/ 367، حكاية عن ابن الشجرى، والبيت الأول فى الخصائص 3/ 273. (¬3) الآية الخامسة من سورة الأنفال. (¬4) أول سورة الأنفال. (¬5) سورة الأنفال:2 - 4. (¬6) ليس فى هـ‍.

وقد قيل فى اتصاله بما قبله وبما بعده أقوال رغبت عن ذكرها، لبعدها عن التأويل (¬1)، وأوجه ما قيل فيه أن موضع الكاف رفع خبر مبتدأ محذوف، وذلك أن النبىّ صلى الله عليه وآله وسلم لما رأى قلّة المؤمنين يوم بدر، وكراهتهم للقتال قال: «من قتل منهم واحدا فله كذا، ومن أسر واحدا فله كذا» وقيل: إنه جعل للقاتل سلب المقتول، ليرغّبهم فى القتال، فلما فرغ من أهل بدر، قام سعد بن معاذ، فقال: يا رسول الله إن نفّلت هؤلاء (¬2) ما سمّيت لهم بقى [نفر (¬3)] كثير من المسلمين بلا شيء، فأنزل الله تعالى: {قُلِ الْأَنْفالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ} يصنع فيها ما يشاء، فسكتوا وفى أنفسهم من ذلك كراهية، فقال الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ} أى اقبلوا ما أمركم الله ورسوله (¬4) به فى الغنائم وغيرها، ثم قال: {كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ} والتقدير: كراهيتهم (¬5) لما فعلت فى الغنائم كإخراجك من بيتك على كره منهم، ودلّ على ذلك قوله: {وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ}. وذات الإصاد: مكان (¬6). وقوله: «وردّوا دون غايته جوادى» كان قيس بن زهير خاطر حذيفة بن بدر الفزارىّ على فرسيه، داحسن والغبراء، وفرسى حذيفة الخطّار والحنفاء، فجاء ¬

(¬1) يعنى الأقوال التى حكاها مكّى بن أبى طالب، وقد بسط ابن الشجرى الكلام على هذه الأقوال فى المجلس الحادى والثمانين. وقد جمع أبو حيان خمسة عشر قولا فى هذه المسألة، ولم يستحسن شيئا منها. انظر البحر 4/ 459 - 463، والتبيان للعكبرى ص 616. (¬2) فى الأصل «بما» وأثبت ما فى هـ‍، ومثله فى المجلس الحادى والثمانين. (¬3) ليس فى هـ‍. وانظر المصنّف 5/ 239، والدر المنثور 3/ 160. وفيهما: «سعد بن عبادة». (¬4) فى هـ‍: «أى اقبلوا ما أمركم الله ورسوله أى اقبلوا ما أمركم به فى الغنائم. . .». (¬5) هذا تقدير الفراء، كما فى معانى القرآن 1/ 403، وقد حكاه ابن الشجرى بألفاظه فى المجلس الحادى والثمانين. ونسب أبو جعفر الطبرى هذا القول لبعض نحويّى الكوفة. انظر تفسيره 13/ 392. وراجع الكشاف 2/ 143، والموضع السابق من البحر. (¬6) فى ديار عبس وسط هضب القليب. وهضب القليب جبال صغار بنجد. معجم ياقوت 1/ 291، وانظر معجم ما استعجم ص 161.

بيت آخر

داحس سابقا، وقد أكمنت له فزارة رجلا ليصدّه عن الغاية إن جاء/سابقا، فلطم وجهه ثم أمسكه، فجاء إلى الغاية مسبوقا. وقوله: «منيت بخصم سوء»: أى بليت به، والنّآد: الشديدة من الدّواهى. والقصم: الكسر، وجار أبى دؤاد: هو الحارث (¬1) بن همّام بن مرّة بن ذهل بن شيبان، كان أبو دؤاد الإيادىّ جاوره، فخرج صبيان الحىّ يلعبون فى غدير فغمسوا (¬2) ابن أبى دؤاد فقتلوه، فقال الحارث: لا يبقى فى الحىّ صبىّ إلا غرّق فى الغدير، فودى ابن أبى دؤاد تسع ديات أو عشرا. ويعسلن: من العسلان، وهو اهتزاز العادىّ، والحدأ: جمع حدأة، طائر معروف، ويلملم ونضاد: جبلان، ويقال أيضا: يرمرم. بيت آخر (¬3): فإنّ لها جارين لن يغدرا بها … أبو جعدة العادى وعرفاء جيأل أبو جعدة: الذئب، وعرفاء (¬4) جيأل: الضّبع، والضمير يعود على غنم تقدّم ذكرها، وإذا اجتمع الذئب والضّبع اشتغل كلّ واحد منهما بالآخر، وسلمت ¬

(¬1) وهكذا فى النقائض ص 91، والأغانى 17/ 199، وقيل: إن جار أبى دؤاد هو كعب بن مامة. قالوا: كان كعب إذا جاوره رجل فمات وداه، وإن هلك له بعير أو شاة أخلف عليه، فجاوره أبو دؤاد الإيادىّ الشاعر، وكان يفعل به ذلك، فصارت العرب إذا حمدت جارا لحسن جواره قالوا: كجار أبى دؤاد، ثم أنشدوا بيت قيس بن زهير هذا. الدرة الفاخرة ص 130، وثمار القلوب ص 127، ومجمع الأمثال 1/ 163 (حرف الجيم-جار كجار أبى دؤاد). وانظر فى تضعيف هذه الرواية ديوان أبى دؤاد ص 260. (¬2) فى النقائض: «فقمس الصبيان ابن أبى دؤاد» وقمس بمعنى غمس. (¬3) للكميت، كما فى المنصف 3/ 6، واللسان (عرف). وهو من غير نسبة فى كتاب الشعر ص 291، ورواية الصدر فيه، وفيهما: لنا راعيا سوء مضيعان منهما (¬4) يقال للضبع «عرفاء» لطول عرفها وكثرة شعرها.

بيت آخر

الغنم، وفى كتاب سيبويه (¬1) «اللهمّ ضبعا وذئبا». بيت آخر: وقد جعلت نفسى تطيب لضغمة … لضغمهماها يقرع العظم نابها (¬2) الضّغم: العضّ، ومنه قيل للأسد: ضيغم، و «ها» من قوله: «لضغمهماها» ضمير الضّغمة، وانتصابه انتصاب المصدر، وفاعل المصدر محذوف، والتقدير: لضغمى إيّاهما الضغمة (¬3)، واللام متعلّقة بيقرع. عدىّ بن زيد العبادىّ (¬4): أرواح مودّع أم بكور … أنت فانظر لأىّ حال تصير قال أبو علىّ: رواح مودّع: كقولهم: ليل نائم، ولو أنشد «مودّع» جاز، وكان/التقدير: مودّع فيه، وحذف كما حذف من قوله (¬5): *كبير أناس فى بجاد مزمّل* أى مزمّل فيه. انتهى كلامه. ¬

(¬1) 1/ 255. (¬2) أنشده المصنف فى المجلس الخامس والستين، ضمن قصيدة نسبها للقيط بن مرّة الأسدى، وتروى أيضا لمغلّس بن لقيط. انظر الكتاب 2/ 365، والإيضاح 1/ 34، وشرح شواهده إيضاح الشواهد ص 82، وشرح الجمل 2/ 19، والخزانة 5/ 301 - 305، وغير ذلك مما تراه فى حواشى إيضاح الشواهد. (¬3) أعاد ابن الشجرى هذا الكلام فى المجلس الخامس والستين، وحكاه عنه البغدادى فى الخزانة، ثم قال: «وقد اختلف الناس فى معنى هذا البيت، وأصوب من تكلم عليه ابن الشجرى». (¬4) ديوانه ص 84، وتخريجه فى ص 216، وزد عليه ما فى حواشى طبقات فحول الشعراء ص 141، وكتاب الشعر ص 325. (¬5) امرؤ القيس. ديوانه ص 25،376، والكامل ص 993، والخصائص 1/ 192،3/ 221، والمحتسب 2/ 135، والجمل المنسوب للخليل ص 176، وتذكرة النحاة ص 308،346، والمغنى ص 569،760، وشرح أبياته 7/ 111، والخزانة 5/ 98، وانظر فهارسه.

كأنّ ثبيرا فى عرانين وبله … كبير أناس فى بجاد مزمّل البجاد: الكساء المخطّط، والمزمّل: الملفّف، ولولا تقدير «فيه» هاهنا وجب رفع «مزمّل» على الوصف لكبير، وتقدير «فيه» أمثل من حمل (¬1) الجرّ على المجاورة، شبّه الجبل فى أوائل الوبل، وهو المطر الشديد الوقع، العظيم القطر، بكبير قوم متلفّف بكساء. ويروى: «لأىّ ذاك تصير» وقال: لأىّ ذاك، ولم يقل: ذينك، لأنهم قد يوقعون ذاك وذلك على الجمل، يقول القائل: زارنى أمس زيد وأخوك معه وهما يضحكان، فتقول: قد علمت ذلك، ولذلك جازت إضافة «بين» إلى ذلك فى قوله تعالى: {لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ} (¬2) ومثله: {وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً} (¬3) ألا ترى أن إضافة «بين» فى قولك: جلست بين زيد، لا يجوز حتى تقول: وبكر، أو بين الزيدين، أو بين القوم، أو نحو ذلك. وأما قوله: «لأىّ حال» ولم يقل: لأية حال، فيجوز أن يكون على لغة من [ذكّر الحال، ويجوز أن يكون على لغة من (¬4)] أنّثها لأن تأنيثها غير حقيقى، ويجوز أن يكون حمل الحال على الشأن، لأنهما فى المعنى متقاربان. ويحتمل «رواح» أن يكون خبرا عن «أنت»، بتقدير: أذو رواح أنت؟ ويحتمل أن يكون مبتدأ خبره محذوف، أى ألك رواح؟ ويحتمل أن يكون خبر ¬

(¬1) وهذا رأى ابن جنى. راجع الخصائص. (¬2) سورة البقرة 68، وقد بسط ابن الشجرى الكلام على «بين» فى المجلس الحادى والستين، وانظر معانى القرآن للفراء 1/ 45. (¬3) سورة الفرقان 67. (¬4) ساقط من هـ‍.

مبتدأ محذوف، أى أرواحك رواح مودّع؟ فعلى هذين التقديرين يرتفع «أنت» بفعل مضمر يفسّره «انظر» وإن شئت رفعته بتقدير: أم ذو بكور أنت؟ وإن شئت رفعته بالمصدر الذى هو «بكور» رفع الفاعل بفعله، كقولك: أم بكور زيد، بتقدير: أم أن يبكر زيد، وإن شئت جعلته فى قول أبى الحسن الأخفش (¬1) مبتدأ وخبره «فانظر» والفاء زائدة، وإلى هذا ذهب فى قوله تعالى: {وَالسّارِقُ وَالسّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما} (¬2) وسيبويه (¬3) وغيره من البصريين قدّروا الخبر: فيما فرض عليكم، أو فيما يتلى عليكم: السارق والسارقة، أى حدّ السارق والسارقة. قال أبو علىّ: إذا قلت: زيدا فاضرب، فزيد منصوب بهذا الفعل، وليست الفاء بمانعة من العمل، وتسمّى هذه الفاء معلّقة، كأنها تعلّق الفعل المؤخّر بالاسم المقدّم، فهى تشبه الزائدة، ويدلّك على أن العامل هو هذا الفعل قولك: بزيد فامرر، لأن (¬4) الباء لا بدّ لها من شيء تتعلّق به. ... ¬

(¬1) معانى القرآن له ص 124، وانظر كتاب الشعر ص 326، وسترى أن ابن الشجرى قد سلخ كلام أبى علىّ فى هذه الأعاريب. (¬2) سورة المائدة 38. (¬3) الكتاب 1/ 143، وانظر معانى القرآن للفراء 1/ 306، وإعراب القرآن للنحاس 1/ 495، والبحر المحيط 3/ 476. (¬4) فى هـ‍: فإن الباء لا بدّ لها من متعلّق به.

المجلس الرابع عشر

المجلس الرابع عشر وهو من القصيدة التى هذا البيت أوّلها: أيّها الشامت المعيّر بالدّ … هر أأنت المبرّأ الموفور (¬1) أم لديك العهد الوثيق من الأيّ‍ … ام بل أنت جاهل مغرور من رأيت المنون عرّين أم من … ذا عليه من أن يضام خفير أين كسرى خير الملوك أنوشر … وان أم أين قبله سابور وبنو الأصفر الكرام ملوك الرّ … وم لم يبق منهم مذكور وأخو الحضر إذ بناه وإذ د … جلة تجبى إليه والخابور شاده مرمرا وجلّله كل‍ … سا فللطّير فى ذراه وكور لم يهبه ريب المنون فباد ال‍ … ملك عنه فبابه مهجور وتفكّر ربّ الخورنق إذ أش‍ … رف يوما وللهدى تفكير سرّه ملكه وكثرة ما يح‍ … ويه والبحر معرضا والسّدير فارعوى قلبه فقال فما غب‍ … طة حىّ إلى الممات يصير ثم بعد الفلاح والملك والإمّ‍ … ة وارتهم هناك القبور /ثم أضحوا كأنهم ورق ج‍ … فّ فألوت به الصّبا والدّبور وكذاك الأيّام يغدرن بالنّا … س وفيها العوصاء والميسور ¬

(¬1) ديوان عدىّ ص 87، وتخريجه فى ص 217. وزد عليه ما فى حواشى طبقات فحول الشعراء ص 141، وكتاب الشعر ص 216.

إن يصبنى بعض (¬1) … الأذاة فلا وا ن ضعيف ولا أكبّ عثور وأنا الناصر الحقيقة إن أظ … لم يوم تضيق فيه الصّدور يوم لا ينفع الرّواغ ولا يق‍ … د (¬2) م إلا المشيّع النّحرير قوله: «أيّها الشامت» خاطب به عدىّ (¬3) بن مرينا الأسدىّ، وقوله: «المعيّر بالدّهر» أراد بنوائب الدهر، يقال: عيّرته بكذا، وعيّرته كذا، وطرح الباء أكثر، قال المتلمّس (¬4): يعيّرنى أمّى رجال ولا أرى … أخا كرم إلاّ بأن يتكرّما وقوله: «المبرّأ» أراد المبرّأ من المصائب، والموفور: الّذى لم يؤخذ من ماله شيء، يقال: وفر فلان يوفر. وقوله: «من رأيت المنون عرّين» المنون يذكّر ويؤنّث، فمن ذكّره أراد الدهر، ومن أنّثه أراد المنيّة، ويكون واحدا وجمعا، وقوله: «عرّين» يدلّ على أنه ذهب به مذهب الجمع، كأنه أراد الدّهور أو المنايا، وقيل للدهر أو الموت: المنون، لأنه يقطع منن الأشياء، أى قواها. و [قوله (¬5)] «عرّين» معناه اعتزلن، ومنه (¬6) ومنه العريّة، وهى النخلة التى إذا عرض النخل على بيع ثمرته عرّيت منه، أى عزلت عن المساومة، ويروى: «خلّدن» أى تركنه يخلّد. ¬

(¬1) فى هـ‍: «إن تصبنى بعد. . .» وصححته من الأصل والديوان. (¬2) فى الأصل وهـ‍، والديوان: «ولا ينفع»، وأثبتّ ما فى الجمهرة 2/ 398، والمعرب ص 331، وشفاء الغليل ص 226. (¬3) انظر خبر عداوته للشاعر فى أسماء المغتالين ص 140، والأغانى 2/ 115. (¬4) ديوانه ص 14، ومختارات ابن الشجرى ص 118. (¬5) ليس فى هـ‍. (¬6) فى هـ‍: والعريّة هى النخلة.

والضّيم: القهر. والخفير: المانع، والحامى، يقال: خفرته: إذا منعته وحميته، وأخفرته: إذا نقضت عهده وأسلمته. وأبى أبو علىّ فى «المنون» إلا الرفع (¬1)، ولم يجز فيها النّصب بوجه؛ لأن رأيت فى معنى علمت، وقد وقع متوسّطا، فلا يخلو من أن يكون ملغى أو معملا، فإن اعتقدت إلغاءه حكمت بأن «من» مبتدأ و «المنون» مبتدأ ثان، و «عرّين» جملة من فعل وفاعل فى موضع خبر المبتدأ الثانى، والجملة التى هى المبتدأ الثانى وخبره خبر عن المبتدأ الأول، والعائد إلى «المنون» من خبرها النون، والعائد إلى «من» محذوف، كما حذف عائد المبتدأ فى قوله (¬2): قد أصبحت أمّ الخيار تدّعى … علىّ ذنبا كلّه لم أصنع وفى قول الآخر: *ثلاث كلّهنّ قتلت عمدا (¬3) … * وفى قراءة من قرأ: وكلّ {وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى} (¬4). والتقدير: أىّ إنسان فيما ترى، المنون عرّينه؟ وإن اعتقدت إعمال «رأيت» حكمت بأن «من» مفعول أول، والجملة التى هى «المنون عرّين» فى موضع المفعول الثانى، والتقدير: أىّ إنسان علمت، المنون عرّينه، كقولك: أزيدا علمت الهندات أكرمنه؟. ¬

(¬1) راجع كتاب الشعر ص 216. (¬2) فرغت منه فى المجلس الأول. (¬3) تمامه: فأخزى الله رابعة تعود وأعاده ابن الشجرى فى المجلس الموفى الأربعين. وهو من غير نسبة فى الكتاب 1/ 86، ومعانى القرآن للأخفش ص 252، والتبصرة ص 328، ونتائج الفكر ص 436، وشرح الجمل المنسوب للخليل ص 36، والخزانة 1/ 366. (¬4) الآية العاشرة من سورة الحديد. وتقدّم الكلام على هذه القراءة فى المجلس الأول.

ويتّجه عندى نصب «المنون» على أن تجعلها مفعولا لرأيت، «وعرّين» فى موضع المفعول الثانى، وتجعل «من» مبتدأ، و «رأيت» ومفعوليها خبرا عنه، والعائد إلى المبتدأ الهاء المحذوفة التى هى مفعول «عرّين» وجاز (¬1) وجاز حذف العائد إلى المبتدأ من الجملة المخبر بها عنه، على قولك: زيد ضربت، وقول امرئ القيس (¬2): فلمّا دنوت تسدّيتها … فثوب نسيت وثوب أجرّ وقولهم: «شهر ثرى وشهر ترى وشهر مرعى (¬3)» أى شهر ترى فيه العشب. فكأنك قلت: أىّ إنسان علمت النساء أكرمن؟ أردت أكرمنه، فحذفت. ومواضع حذف العائد ثلاثة: الصّلة والصّفة والخبر، وحذفه من الصّلة أقيس من حذفه من الصّلة، وحذفه من الصّفة أقيس من حذفه من الخبر، وإنما استحسنوا حذفه من الصّلة حتى اتّسع ذلك فى القرآن اتساع الإثبات، لئلاّ يكون اسم من أربعة (¬4) أشياء، فحذفه من «الذى» مثل: {لا يَزالُ بُنْيانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ} (¬5) وإثباته مثل: {وَاُتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا} (¬6) وحذفه من «من» مثل: ¬

(¬1) فى هـ‍: وجاء. (¬2) ديوانه ص 159، وروايته: «فثوبا نسيت وثوبا أجر» بالنصب. وأعاده ابن الشجرى برواية الرفع أيضا فى المجلس المتمّ الأربعين. وانظر الكتاب 1/ 86، والخزانة 1/ 373، وحواشيهما. (¬3) يروى هذا عن رؤبة. انظر الكتاب، الموضع المذكور، والنبات للأصمعى ص 30، وأدب الكاتب ص 96، ونتائج الفكر ص 437، ومجمع الأمثال 1/ 370، والبسيط ص 538،566، وأعاده ابن الشجرى فى المجلس المذكور. ومعنى هذا القول أن المطر إذا وقع الأول منه فبلّ الأرض، تمكث الأرض ترابا رطبا، فهو قوله: «ثرى»، ثم تنبت فيرى النبات، فهو قوله «ترى» ثم يكون فى الشهر الثالث مرعى. وهذا قول الأصمعى. وقال الميدانى: «وإنما حذف التنوين من ثرّى ومرعى فى المثل لمتابعة «ترى» الذى هو الفعل». (¬4) هكذا قال: «أربعة» والأولى «ثلاثة»؛ لأنهم قالوا إن الموصول وصلته والعائد من الصلة إلى الموصول، هذه الأشياء الثلاثة فى قوّة كلمة واحدة، استطالوها فاستساغوا الحذف فيها. ولعلّ ابن الشجرى يعتبر الصلة اثنين، من حيث إنها تتكون من جملة: مبتدأ وخبر، أو فعل وفاعل. وراجع حواشى الشيخ محمد محيى الدين عبد الحميد، رحمه الله، على أوضح المسالك 1/ 166. وابن الشجرى متابع فى ذلك المبرّد، وقد نبهت عليه فى المجلس الأول. (¬5) سورة التوبة 110. (¬6) سورة الأعراف 175.

{ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً} (¬1) وإثباته مثل: {وَمَنْ رَزَقْناهُ مِنّا رِزْقاً/ حَسَناً} (¬2) واستحسنوا حذف العائد من الصفة، قياسا على حذفه من الصّلة، لاشتراك الصّلة والصفة فى أشياء، منها أن الصفة تتمّم وتكمّل وتوضّح وتخصّص، كما أن الصّلة كذلك، ومنها أن الصفة لا تعمل فى الموصوف، كما أن الصلة لا تعمل فى الموصول، ومنها أن الصفة لا تتقدّم على الموصوف، كما أن الصلة لا تتقدّم على الموصول، ومنها أن العامل فى الموصوف والصفة واحد، كما أن العامل فى الموصول والصلة كذلك. ويفترقان فى أن الموصول لا يكاد يستغنى عن الصّلة، والموصوف قد يستغنى عن الصفة، فلذلك لم يتأكد تقديرك الصفة مع الموصوف اسما واحدا، كما تأكّد ذلك فى الصلة والموصول، فإزالة العائد من الصلة كإزالة الياء من اشهيباب، فى قولك: اشهباب (¬3). وأمّا خبر المبتدأ فيفارق الصلة والصفة بأنه ليس مع المبتدأ كاسم واحد، وأنه ليس العامل فيهما واحدا، على رأى أكثر النحويين، وأنه قد يتقدّم على المبتدأ، وأنه إذا لم يشغل فى نحو قولك: زيد ضربته، عمل فى المبتدأ. وقوله: أين كسرى خير الملوك أنو شروان كان أنو شروان بن قباذ بن فيروز بن يزدجرد بن بهرام جور، من أعظم ملوك فارس، أعاد أمور (¬4) دولتهم إلى أحوالها بعد ضعفها واختلالها، ونفى رءوس المزادقة، وعمل بسيرة أردشير بن بابك بن ساسان، وافتتح أنطاكية، وكان معظم جنود ¬

(¬1) سورة المدثر 11. (¬2) سورة النحل 75. (¬3) راجع الكلام عليه وعلى نظائره فى شرح الشافية 3/ 121. (¬4) راجع المعارف ص 663.

قيصر فيها، وبنى بناحية المدائن المدينة التى سماها روميّة، على صورة أنطاكية، وأنزل السّبى الذى سباه من أنطاكية فيها، وافتتح مدينة هرقل والإسكندرية، وملّك آل المنذر على العرب، وسار نحو الهياطلة، واستعان عليهم بخاقان، وكان قد صاهره، فأوقع بهم، وأنزل جنوده/بفرغانة، فلما انصرف من خراسان قدم عليه سيف بن ذى يزن الحميرىّ، يستنصر على الحبشة، فبعث معه إسوارا (¬1) من عظماء أساورته فى جند من الدّيلم، فافتتحوا اليمن، ونفوا عنها السّودان، وأقاموا هناك إلى أن جاء الله بالإسلام، وكانت مدّة ملكه سبعا وأربعين سنة وأشهرا. وقوله: «أم أين قبله سابور»: كان قبل أنوشروان بدهر طويل سابور بن أردشير بن بابك بن ساسان، وبعد سابور بن أردشير بدهر: سابور بن هرمز بن نرسى، وكان يلقّب ذا الأكتاف، وهو الذى عناه، وإنما قيل له: ذو الأكتاف، لأنه غزا العرب فى مشاتيها حتى أوغل فى بلادها وغور مياهها، وكان يخلع أكتاف من ظفر به [منهم (¬2)]. وكسرى: لقب كان لملوك الفرس، وقيصر لملوك الرّوم، وخاقان لملوك التّرك، وبغبور (¬3) لملوك الهند، وتبّع لملوك حمير. وروى الكوفيّون كسرى، بكسر (¬4) الكاف، ورواه البصريّون بفتحها، إلا أبا عمرو بن العلاء، وجمعته العرب جمعين على غير القياس، وهما الأكاسرة والكسور (¬5)، ¬

(¬1) الإسوار، بكسر الهمزة، والضمّ لغة فيه: أعجمىّ معرّب، وهو الرامى، وقيل: الفارس، ويجمع على الأساور والأساورة: المعرّب ص 20، والذى فى المعارف: «فبعث قائدا من قوّاده». (¬2) ليس فى هـ‍. وراجع المعارف ص 657. (¬3) فى الأصل: «يغبور». وفى هـ‍: «يعبور». وأثبتّ ما جاء بحاشية الأصل، قال: «بغبور، بفتح الباء الموحدة وسكون الغين المعجمة وضمّ الموحدة. . . لقب ملوك الصين». وكذلك جاء فى لسان العرب (بغبر). وضبط فيه بضم الباء الأولى، ضبط قلم. (¬4) وهو الأفصح، كما نصّ صاحب المعرّب ص 282. (¬5) ويجمع أيضا: «كساسرة» على غير القياس. وقياسه «كسرون» بفتح الراء، مثل عيسون وموسون. اللسان (كسر).

وذلك أن حدّ الأفاعلة أن يكون جمعا لإفعال ونحوه، كإسكاف وأساكفة، وأما الكسور فكأنهم جمعوه عليه بتقدير طرح ألفه، فهو كجذع وجذوع، فى قول من كسر أوّله، ودرب ودروب، فى قول من فتحه، واستعمل الكسور أبو نصر عبد العزيز بن عمر بن نباتة، فى قصيدة مدح بها الملك بهاء الدولة أبا نصر بن عضد الدولة وابنه أبا منصور، فقال: وتفرّست فيه غير محاب … أنه كائن أبا للكسور (¬1) يا لها من مخيلة كان يوما … شامها أردشير فى سابور وقوله: «وأخو الحضر إذ بناه» يحتمل «أخو الحضر» أن يكون معطوفا على الأسماء المرتفعة بالابتداء، فالتقدير: أين كسرى أم أين سابور، وأين بنو/ الأصفر، وأين أخو الحضر؟ ويجوز أن تقطعه عمّا قبله، فترفعه بالابتداء وتجعل الخبر عنه «شاده»، و «شاده» هو العامل فى الظّرف الذى هو «إذ» ومعنى شاده: رفعه، وقصر مشيد: مرفوع، وقيل: مبنىّ بالشّيد، وهو الجصّ، ويقال لكلّ حجر أملس: «مرمر» وأراد شاده بمرمر، فلما حذف الباء عاقبها النّصب، فالتقدير: وأخو الحضر إذ بناه، رفعه بمرمر. وقوله: «وجلّله (¬2) كلسا» يقال: جلّلته الثوب وبالثوب، وطرح الباء أكثر، والكلس: الصّاروج، وهو الجيّار أيضا، وذراه: أعاليه، واحدتها: ذروة، ¬

(¬1) سقطت «أنه» من هـ‍. (¬2) بحاشية الأصل: «قال العسكرىّ فى كتاب التصحيف: «ترويه العامة «جلّله» بالجيم، وقرأته على ابن دريد: «خلّله» بالخاء المعجمة، أى جعل الكلس فى خلل الحجر، وقال: جلّله ليس بشىء. انتهى». وهذا الكلام أورده أبو أحمد العسكرىّ فى كتابه شرح ما يقع فيه التصحيف والتحريف ص 235، وأنشد ابن دريد البيت فى الجمهرة 3/ 45، وقال: «هكذا رواه الأصمعىّ بالخاء معجمة، وقال: ليس «جلّله» بالجيم بشىء، وروى غيره بالجيم، وقال الأصمعىّ: إنما هو «خلّله» أى صيّر الكلس فى خلل الحجارة، وكان يضحك من هذا، ويقول: متى رأوا حصنا مصهرجا؟».

مكسورة الأول، ومثلها لحية ولحّى، فى قول من ضمّ، والكسر أفصح، ونظيرها فى الشذوذ قرية وقرى (¬1). والحضر: مدينة بين دجلة والفرات بحيال تكريت، شاهدت (¬2) بقاياها ودخلتها، وقيل: إن الذى بناها الضّيزن بن معاوية بن العبيد بن الأجرام بن عمرو ابن النّخع بن سليح بن حلوان بن الحاف بن قضاعة، وكان ملك الجزيرة، ومعه من بنى العبيد بن الأجرام وقبائل قضاعة ما لا يحصى، ونال ملكه الشام، وأغار على طرف من بلاد العجم، على عهد سابور ذى (¬3) الأكتاف، وفتح مدينة من مدنهم يقال لها: بهرسير، وقتل من الأعاجم أعدادا، فقال فى ذلك عمر (¬4) بن ألاه بن جدىّ، أحد بنى عمران بن الحاف بن قضاعة: دلفنا للأعاجم من بعيد … بجمع ملجزيرة كالسّعير (¬5) لقيناهم بمجر من علاف … على الخيل الصّلادمة الذّكور فلاقت فارس منّا نكالا … وقتّلنا هرابذ شهر زور (¬6) ¬

(¬1) إنما كان شاذا؛ لأن ما كان على فعلة من المعتلّ فبابه أن يجمع على فعال، بالكسر، مثل ظبية وظباء. (¬2) وأنا أيضا شاهدتها، وشاهدت بقايا قصر «الحضر» وهو بمحافظة نينوى من العراق الشقيق، وكانت زيارتى هذه فى شهر مارس (آذار) 1982 م حين دعيت للمشاركة فى ندوة (أبناء الأثير) التى أقامتها جامعة الموصل. (¬3) صحّح ياقوت أن المراد هنا: سابور بن أردشير، قال: «وليس بذى الأكتاف؛ لأن سابور ذا الأكتاف هو سابور بن هرمز بن نرسى. . . بن سابور البطل، وهو سابور الجنود صاحب هذه القصة، وإنما ذكرت ذلك؛ لأن بعضهم يغلط ويروى أنه ذو الأكتاف» معجم البلدان 2/ 282، وراجع المعارف لابن قتيبة ص 654،656. (¬4) فى الأغانى 2/ 141: «عمرو بن السليح بن حدى»، وفى تاريخ الطبرى 2/ 47: «عمرو بن ألة ابن الجدىّ»، وفى الموضع السابق من معجم البلدان: «الجدى بن الدلهاث». (¬5) فى هـ‍: «كالشغير»، وصححته من الأصل، والمراجع الثلاثة المذكورة، ويقع اختلاف بينها فى الرواية. (¬6) الهرابذ: جمع هربذ، بكسر الهاء والباء، وهم خدم نار المجوس، وقيل: عظماء الهند أو علماؤهم. اللسان وحواشى الأغانى.

قوله: «ملجزيرة» حذف نون «من» لسكونها وسكون اللام، تشبيها للنون الساكنة بحروف اللين، لأن فيها غنّة تضارع ما فيهنّ من المدّ واللّين، ومثله قول عمرو ابن كلثوم: /فما أبقت الأيام ملمال عندنا … سوى جذم أذواد محذّفة النّسل (¬1) وقول الآخر: أبلغ أبا دختنوس مألكة … غير الذى قد يقال ملكذب (¬2) أبو دختنوس: لقيط (¬3) بن زرارة التّميمى، ودختنوس: اسم بنته، وكان مجوسيّا. فأما قولهم فى بنى الحرث وبنى الهجيم وبنى العنبر: بلحرث وبلهجيم وبلعنبر، فإنهم حذفوا الياء من «بنى» لسكونها وسكون لام التعريف، ثم استخفّوا حذف النون كراهة لاجتماع المتقاربين، كما كرهوا اجتماع المثلين، فحذفوا الأول فى نحو: غداة طفت علماء بكر بن وائل … وعجنا صدور الخيل نحو تميم (¬4) أراد: على الماء، ونظير هذا الحذف فى الكلمة الواحدة قولهم فى ظللت ومسست: ظلت ومست، ومنهم من يسقط حركة ما قبل المحذوف ويلقى حركة المحذوف عليه، فيقول: ظلت ومست، يحرّك الظاء والميم بكسر اللام والسين، ¬

(¬1) شرح الحماسة ص 476، وأنشد فى اللسان (ذود) من غير نسبة. والمال أكثر ما يطلق عند العرب على الإبل؛ لأنها كانت أكثر أموالهم. والجذم، بكسر الجيم: الأصل، والأذواد: جمع الذّود، ويقع على ما دون العشرة. ومحذّفة النسل: أى مقطوعة النّسل. وأراد بالأيام الوقعات. (¬2) أعاده فى المجلس الخامس والأربعين، وهو فى الخصائص 1/ 311،3/ 275، وسرّ صناعة الإعراب ص 539، وضرائر الشعر ص 114، وشرح المفصل 8/ 35،9/ 100،116، واللسان (ألك-من). (¬3) راجع الشعر والشعراء ص 710. (¬4) نسبه ابن الشجرى فى المجلس السادس والأربعين لقطرىّ بن الفجاءة. وهو من قصيدة لقطرى فى الكامل 3/ 297، وانظر شعر الخوارج ص 44،163، وشرح شواهد الشافية ص 498، ومعجم شواهد العربية ص 367.

وقرأ قوم: {فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ} (¬1) و {إِلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً} (¬2) فإن كان ما قبل المحذوف ساكنا لم يكن بدّ من إلقاء حركته على الساكن لئلا يلتقى ساكنان، وذلك قولهم فى أحسست: أحست، قال أبو زبيد (¬3): سوى أنّ العتاق من المطايا … أحسن به فهنّ إليه شوس الأشوس: الذى ينظر بأحد شقّى عينيه تغيّظا، وقيل: هو الذى يصغّر عينيه ويضمّ أجفانه، والهاء التى فى «به» و «إليه» تعود على الأسد، ولأبى زبيد معه حديث. فأما نحو بنى النّجّار فلم يخفّفوه فيقولوا بنّجّار، لئلا يجمعوا بين إعلالين متواليين: الحذف والإدغام (¬4). والمجر: الجيش العظيم، وعلاف: بطن من قضاعة، والصّلادم من/ الخيل: الشّداد، واحدها صلدم، وأدخل الهاء فى الصّلادمة تأكيدا لتأنيث الجمع، ومثله الصّياقلة والصّيارفة، ودخول الهاء فى الجمع لمعان، هذا أحدها، والثانى: دخولها فى نحو: الجحاجحة والتّنابلة، عوضا من ياء الجحاجيح والتنابيل. والثالث: دخولها فى نحو: المهالبة والمناذرة، دالّة على ما تدلّ عليه الياء فى المهلّبيّين والمنذريين. والرابع: دخولها فى جمع أسماء أعجمية جاءت على هذا المثال، وذلك نحو: الجواربة والموازجة والكيالجة، وواحد الموازجة: موزج، وهو الخفّ (¬5)، وإنما دخلت ¬

(¬1) سورة الواقعة 65، وقراءة الكسر هذه قرأ بها عبد الله بن مسعود، والشّعبى، والأعمش، وغيرهم. انظر زاد المسير 5/ 319،8/ 148، وتفسير القرطبى 11/ 242،17/ 219. (¬2) سورة طه 97. (¬3) الطائى. والبيت فى ديوانه ص 96، وتخريجه فى 165، ورواية الديوان «حسسن» وتكلم عليه محقق الديوان. وأعاده ابن الشجرى فى المجلس الخامس والأربعين. وانظر المقتضب 1/ 245، والتبيين ص 407. (¬4) راجع الممتع ص 718. (¬5) وواحد الكيالجة: كيلجة، وهو مكيال معروف قديما لأهل العراق. راجع المعرب ص 292، والقاموس (كلج) والمصباح المنير.

الهاء فى جمع هذه الأسماء الأعجمية للمشابهة بين الاسم الذى تلحقه علامة النّسب، وبين الأعجمىّ المعرّب، من حيث كانا منتقلين؛ هذا منتقل إلى التعريب، وذلك منتقل من العلميّة إلى الوصفيّة، وقد دخلت الهاء فيما اجتمع فيه النّسب والعجمة، وذلك نحو: السّبابجة (¬1) والبرابرة، يريدون: السّبيجيّين والبربريّين، ودخولها فى هذا أوجب من دخولها فى المهالبة والموازجة، لاجتماع المعنيين فيه. ... ¬

(¬1) هم قوم ذوو جلد من أهل السّند والهند، يكونون مع رئيس السفينة البحرية. والسّبابجة: جاءت بالياء التحتية بعد السين «السيابجة» فى الأمالى وأصل المعرب للجواليقى ص 183،196، وصحح الشيخ أحمد محمد شاكر فى حواشى المعرب أنها «السّبابجة» بالباء الموحدة بعد السين. والأمر على ما قال الشيخ رحمه الله فى التهذيب 10/ 598، واللسان (سبج) لكنى وجدتها بالياء التحتية فى الجمهرة 3/ 504، ويبدو أن هذا الخطأ قديم، فقد وجدته كذلك فى نسختين صحيحتين قديمتين من كتاب الشعر، وانظره ص 156.

المجلس الخامس عشر

المجلس الخامس عشر وهو مجلس يوم السبت، ثامن وعشرين من جمادى الآخرة، سنة أربع وعشرين وخمسمائة. ثم إن سابور ذا الأكتاف جمّع لهم وسار إليهم، فأقام على الحضر أربع سنين، وإن النّضيرة بنت الضّيزن رآها سابور ورأته، فعشقها وعشقته، وكان من أجمل أهل دهره، وكانت من أحسن أهل زمانها، فأرسلت إليه: ما الذى تجعل لى إن دللتك على عورة المدينة؟ فقال: أجعل لك حكمك، وأرفعك على نسائى، /وأخصّك بنفسى دونهنّ، فدلّته (¬1) على قنوات كان يجرى الماء فيها من دجلة إلى المدينة، فقطع الماء عنهم، وفتحها عنوة، وقتل الضّيزن وأباد بنى العبيد، وأصيبت قبائل من حلوان بن الحاف بن قضاعة فانقرضوا. قال ابن دريد (¬2): تفرّعت قضاعة بين الحاف والحاذى (¬3)، واشتقاق الحاف من الحفا، والحاذى من الاحتذاء. انتهى كلامه. والحاف: مما حذفت العرب ياءه اجتزاء بالكسرة، كقولهم: العاص (¬4)، فى العاصى ¬

(¬1) حكى أبو الفرج والطبرى حيلة أخرى. انظرها فى الأغانى 2/ 142، والتاريخ 2/ 49. (¬2) الاشتقاق ص 536. (¬3) فى هـ‍: «الحادى» بالدال المهملة، هنا وفيما يأتى. وصوابه بالذال المعجمة. (¬4) سيأتى هذا فى المجلس الثالث والخمسين.

ابن أميّة بن عبد شمس، وفى العاصى بن وائل السهمى، وكقولهم: اليمان، فى أبى حذيفة بن اليمانى، وكقوله تعالى: {دَعْوَةَ الدّاعِ} (¬1). وقال عمر (¬2) بن ألاه، يذكر من هلك فى تلك الوقعة: ألم يحزنك والأنباء تنمى … بما لاقت سراة بنى العبيد (¬3) ومصرع ضيزن وبني أبيه … وفرسان الكتائب من تزيد أتاهم بالفيول مجلّلات … وبالأبطال سابور الجنود جاء فى هذه الأبيات سناد الحذو، والحذو: حركة ما قبل الرّدف، فإن كانت ضمّة مع كسرة فلا عيب، وإن كانت مع إحداهما فتحة، سمّى ذلك سنادا (¬4)، كقول عمرو بن كلثوم (¬5): تصفّقها الرياح إذا جرينا مع قوله: ولا تبقى خمور الأندرينا و: تربّعت الأجارع والمتونا وكذلك مجىء فتحة العبيد مع كسرة تزيد وضمّة الجنود. رجع الحديث: وهدم سابور المدينة، واحتمل النّضيرة بنت الضّيزن، فأعرس بها ¬

(¬1) سورة البقرة 186. (¬2) ذكرت الخلاف فى اسمه قريبا. (¬3) الأبيات فى الموضع السابق من الأغانى، وتاريخ الطبرى، ومعجم البلدان 2/ 283. (¬4) راجع القوافى للأخفش ص 36،59، والعيون الغامزة ص 263. (¬5) من معلقته الشهيرة. شرح القصائد السبع ص 416. وانظر رسالة الغفران ص 244.

فى عين (¬1) التمر، فلم تزل ليلتها تتضوّر من خشونة فراشها، وهو من حرير محشوّ بقزّ، فالتمس ما يؤذيها، فإذا ورقة آس ملتزقة بعكنة (¬2) من عكنها قد أثّرت فيها، فقال لها سابور: ويحك، بأىّ شيء كان يغذوك أبوك؟ فقالت: بالزّبد والمخّ وشهد الأبكار من النّحل وصفوة الخمر، فقال لها: غذاك بهذا ثم لم تصلحى له، فكيف بك أن تصلحى لى وأنا واترك؟ وأمر رجلا فركب فرسا جموحا، وعصب غدائرها بذنبه، ثم استركضه فقطّعها، وذكرها بعض شعرائهم فى قوله: أقفر الحضر من نضيرة فالمر … باع منها فجانب الثّرثار (¬3) وقد قيل إن صاحب الحضر هو السّاطرون بن أسطيرون، وكان ملك السّريانيّين، وكان من رستاق من رساتيق الموصل، يقال له: باجرمى، وشاهد هذا القول قول أبى دواد الإيادىّ، واسمه جارية بن الحجّاج (¬4): وأرى الموت قد تدلّى من الحض‍ … ر على ربّ أهله السّاطرون وقيل: إن ملوك الحيرة من ولده. وقوله: «لم يهبه ريب المنون» ريب المنون: حادث الدّهر، كذا قال المفسّرون فى قوله تعالى: {نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ} (¬5). وقد روى «وتذكّر ربّ الخورنق» بالرفع، و «ربّ الخورنق» بالنصب، فمن رفع، فتذكّر فى روايته: ماض سكنت راؤه للإدغام، ومن نصب أراد: تذكّر أيّها ¬

(¬1) بلدة قريبة من الأنبار غربىّ الكوفة. (¬2) العكنة: بضمّ العين: الطىّ فى البطن من السّمن، والجمع عكن، مثل غرفة وغرف، وربما قيل أعكان. (¬3) البيت فى الموضع المذكور من الأغانى، وتاريخ الطبرى، ومعجم ما استعجم ص 338،454. (¬4) ديوانه ص 347، وتخريجه فى 345. (¬5) الآية المتمة الثلاثين من سورة الطور.

المعيّر بالدهر ربّ الخورنق، فسكون الراء فى هذا القول بناء، على مذهب البصريين، وجزم على مذهب الكوفيين، و «ربّ الخورنق» مفعول، وهو فى القول الأول فاعل. ومن روى: «وتفكّر ربّ الخورنق» فليس فيه إلا الرفع، لأن «تفكّر» غير متعدّ، فهو مسند إلى ربّ الخورنق، وسكون رائه للإدغام، كسكونها فى {أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ} (¬1) فى الإدغام الكبير لأبى عمرو. ومن روى «تذكّر» روى «وللهدى تذكير»، وكان القياس: وللهدى تذكّر وتفكّر، لأن مصدر تفعّلت: التّفعّل، فأما التّفعيل فمصدر فعّلت، كقوله: كلّمته تكليما، وسلّمت تسليما، ولكنّ المصدرين إذا تقارب/لفظاهما مع تقارب معنييهما جاز وقوع كلّ واحد منهما موضع صاحبه، كقوله تعالى: {وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً} (¬2). وربّ الخورنق: النّعمان بن امرئ القيس بن عمرو بن امرئ القيس بن عمرو ابن عدىّ بن نصر بن ربيعة اللّخمىّ. ويروى: «والبحر معرضا، ومعرض» ويروى: «والنّخل». والخورنق والسّدير: بناءان، وهما معرّبان، وكان النّعمان هذا من أشدّ الملوك نكاية، وأبعدهم مغارا، غزا أهل الشام مرارا، وأكثر المصائب فى أهله، وسبى وغنم، وكان قد أعطى الملك والكثرة والغلبة، مع فتاء السّنّ. قال أبو عثمان بن بحر الجاحظ: عاش النّعمان بن امرئ القيس ثمانين سنة، وبنى الخورنق فى عشرين سنة، وكان لمّا عزم على بنائه بعث إلى بلاد الرّوم فأتى ¬

(¬1) سورة الأعراف 29. (¬2) الآية الثامنة من سورة المزمل. وقد تكلم ابن الشجرى على وقوع المصادر موقع بعضها بأتمّ من هذا فى المجلس التاسع والخمسين.

برجل مشهور بعمل المصانع (¬1) والحصون والقصور للملوك، يقال (¬2) له سنمّار، وكان يبنى سنين ويغيب سنين، يريد بذلك أن يطمئنّ البناء، فلما فرغ منه تعجّب النعمان من حسنه، وإتقان عمله، فقال له سنمّار عند ذلك تقرّبا إليه بالحذق وحسن المعرفة: أبيت اللّعن، والله إنى لأعرف فيه موضع حجر لو زال لزال جميع البنيان، فقال له: أوكذلك؟ قال: نعم، قال: لا جرم والله لأدعنّه لا يعلم بمكانه أحد، ثم أمر به فرمى من أعلاه فتقطّع، فذكرته العرب فى أشعارها، فمن ذلك قول سليط بن سعد: جزى بنوه أبا الغيلان عن كبر … وحسن فعل كما يجزى سنمّار (¬3) قوله: جزى بنوه أبا الغيلان: أعاد الهاء إلى المفعول وهى متّصلة بالفاعل، وكلاهما فى رتبته، كقولك: ضرب غلامه زيدا، ولم يجز ذلك أحد من النحويين لأن رتبة الضّمير التأخير عن مظهره، فإذا تقدّم المضمر على مظهره لفظا/ومعنى، لم يجز أن ينوى به غير رتبته، واستعماله فى الشّعر من أقبح الضّرورات (¬4)، فأما قول الآخر (¬5): ¬

(¬1) المصانع: جمع مصنعة ومصنع، وهو شبه الصّهريج يجمع فيه ماء المطر، وهى أيضا ما يصنعه الناس من الآبار والأبنية. وقال عبد الرزاق: المصانع عندنا بلغة اليمن: القصور العالية. اللسان (صنع) وفتح القدير للشوكانى 4/ 110. (¬2) حديثه فى الحيوان 1/ 23، والأغانى 2/ 145، وتاريخ الطبرى 2/ 65، وثمار القلوب ص 139، ومجمع الأمثال 1/ 159، ومعجم البلدان 2/ 491 (الخورنق). (¬3) شرح ابن عقيل 1/ 422، وشرح الأشمونى 2/ 59، وشرح الشواهد الكبرى 2/ 495، والهمع 1/ 66، والخزانة 1/ 280،293،294. (¬4) وهو على قبحه أجازه الأخفش، وابن جنى، وأبو عبد الله الطّوال من الكوفيين، وابن مالك، كما فى المراجع المذكورة، والخصائص 1/ 294. (¬5) أبو الأسود الدؤلى، أو النابغة الذبيانى، أبو عبد الله بن همارق بن غطفان. مستدرك ديوان أبى الأسود ص 124، وديوان النابغة ص 214، والفاخر ص 230، والخصائص 1/ 294، وشرح الجمل 2/ 14، وضرائر الشعر ص 209، والخزانة 1/ 277. والرواية فى ديوان النابغة: -

جزى ربّه عنّى عدىّ بن حاتم … جزاء الكلاب العاويات وقد فعل فقد تأوّلوه على إعادة الهاء إلى المصدر الذى دلّ عليه «جزى» فقدّروه: جزى ربّ الجزاء، وهو عندى كالبيت الذى قبله. وقوله: «كما يجزى سنمّار» أراد كما جزى سنمّار، فوضع المستقبل موضع الماضى، وخلاف ذلك قول أبى النجم (¬1): ثم جزاه الله عنّا إذ جزى … جنّات عدن فى العلالىّ العلى وضع «إذ جزى» موضع «إذا يجزى» وقد قدّمت (¬2) شرح هذا، وقال عبد العزّى بن امرئ القيس [الكلبىّ (¬3)]: جزانى جزاه الله شرّ جزائه … جزاء سنمّار وما كان ذا ذنب سوى رصّه البنيان عشرين حجّة … يعلّى عليه بالقراميد والسّكب وظنّ سنمّار به كلّ حبرة … وفاز لديه بالمودّة والقرب فقال اقذفوا بالعلج من فوق برجه … فذاك لعمر الله من أعظم الخطب سنمّار: اسم (¬4) عربى، ذكره سيبويه (¬5) فى الأبنية، يقال: رجل سنمّار: إذا كان حسن الوجه أبيضه، ويقال للقمر: سنمّار. ¬

= جزى الله عبسا فى المواطن كلها وفى الفاخر: جزى الله عبسا عبس ابن بغيض وعلى هاتين الروايتين يفوت الاستشهاد. (¬1) سبق فى المجلس السابع. (¬2) فى المجلس المذكور. (¬3) ليس فى هـ‍، وهو فى الأصل والمراجع المذكورة فى تخريج حديث سنمّار. (¬4) ذكر الجواليقى أنه أعجمى. قال: «وسنمار، اسم أعجمىّ، وقد تكلمت به العرب». المعرب ص 195. (¬5) الكتاب 4/ 295، وانظر اللسان (سنمر).

وقوله: «سوى رصّه البنيان»، رصّ البنيان: ضمّ بعضه إلى بعض، وفى التنزيل: {كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ} (¬1). والقراميد: جمع القرمد، وهو الآجرّ، والياء فيه كالياء فى الصّياريف، وحذفها ممّا لا يخلّ بالوزن، ولكنه كان ممن لا يقبل طباعه الزّحاف، ويقال: /قرمدة وآجرّة، مشدّدة الراء، وآجرة، خفيفتها، وآجورة. والسّكب: الصّاروج (¬2)، والحبرة: الفرح. وقول عدىّ (¬3): فارعوى قلبه فقال فما غب‍ … طة حىّ إلى الممات يصير ارعوى: رجع وكفّ، والغبطة: السرور والفرح، والغبطة أيضا: حسن الحال، وذلك أن النّعمان بن امرئ القيس ضربت له فازة (¬4) بأعلى الخورنق فى عام [قد (¬5)] بكّر وسميّه وتتابع وليّه (¬6)، وأخذت الأرض فيه زينتها، من اختلاف ألوان نبتها، فهى فى أحسن منظر ومختبر، من نور ربيع مونق، فى صعيد كأنه قطع الكافور، فلو أن نطفة ألقيت فيه لم تترّب، فنظر النّعمان فأبعد النّظر فرأى البرّ والبحر، وصيد الظّباء والحمر، وصيد الطّير والحيتان، والنّجف إذ ذاك بحر تتلاطم أمواجه، وتتواثب حيتانه، وسمع غناء الملاّحين وتطريب الحادين، ورأى الفرسان تتلاعب بالرّماح فى الميادين، ورأى أنواع الزّهر من النخيل والشجر فى البساتين، وسمع أصوات الطير على اختلافها وائتلافها، فأعجب بذلك إعجابا شديدا، وقال ¬

(¬1) الآية الرابعة من سورة الصف. (¬2) الصاروج: فارسىّ معرب، وهو النّورة وأخلاطها التى تصرج بها الحياض والحمامات. يقال: صرجت الحوض: إذا طليته بالطين. المعرب ص 213. والنّورة، بضم النون، من الحجر الذى يحرق ويسوّى منه الكلس، أى الجير. (¬3) فى هـ‍: وقوله. (¬4) جاء بهامش الأصل: «الفازة: مظلّة بعمودين». وانظر اللسان (فوز). (¬5) زيادة من الأغانى 2/ 137. (¬6) الوسمىّ: أول المطر. والولىّ: المطر بعد المطر فى كلّ حين. المطر لأبى زيد ص 100 - 104.

لجلسائه: هل رأيتم مثل هذا المنظر والمسمع؟ وكان عنده رجل من بقايا حملة الحجّة، والمضىّ على أدب الحقّ ومنهاجه، فقال له: أيّها الملك، قد سألت عن أمر أفتأذن فى الجواب عنه؟ قال: نعم، قال: أرأيت هذا الذى أنت فيه، أشيء لم تزل فيه، أم شيء صار إليك ممّن كان قبلك وهو زائل عنك، وصائر إلى من بعدك؟ فقال: بل هو شيء صار إلىّ ممّن كان قبلى، وسيزول عنّى إلى من يكون بعدى، قال: فأراك إنما أعجبت بشىء تكون فيه قليلا، وتغيب عنه طويلا، وتكون [غدا (¬1)] بحسابه مرتهنا، فقال: ويحك! فكيف المخلص؟ قال: إما أن تقيم فى ملكك، وتعمل فيه بطاعة الله على ما ساءك وسرّك، وإما أن تضع تاجك وتخلع (¬2) لباسك، وتلبس أمساحا، وتعبد الله فى جبل/حتى يأتيك أجلك، قال: فإذا كان السّحر فاقرع علىّ الباب، فإنّى مختار أحد الرأيين، فإن اخترت ما أنا فيه كنت وزيرا لا تعصى، وإن اخترت السّياحة فى الفلوات والقفار والجبال كنت رفيقا لا تخالف، فقرع عليه بابه عند السّحر فإذا هو قد وضع تاجه ولباسه، وتهيّأ للسّياحة، فلزما جبلا يعبدان الله فيه حتى أتتهما آجالهما. وقوله: «ثم بعد الفلاح والملك والإمّة» الفلاح: البقاء، والإمّة: النّعمة. وقوله: «ثم أضحوا كأنّهم ورق جفّ» روى بعض الرواة: جفّ، أى يابس. وقوله: «فألوت به الصّبا» أى ذهبت به. وقوله: «فلا وان ضعيف ولا أكبّ عثور» الوانى: الفاتر، ومنه قوله تعالى: {وَلا تَنِيا فِي ذِكْرِي} (¬3). والأكبّ: من الانكباب، والعثور هاهنا: المخطئ فى رأيه. ¬

(¬1) زيادة من الأغانى 2/ 138. (¬2) فى الأغانى: وتخلع أطمارك، وتلبس أمساحك، وتعبد ربّك حتى يأتيك أجلك. (¬3) سورة طه 42.

وقوله: «وفيها العوصاء والميسور» العوصاء: العسر، والميسور: اليسر. وقوله: «وأنا الناصر الحقيقة» الحقيقة: ما يحقّ على الرجل أن يحميه، وقيل: الحقيقة: الراية. وقوله: «إن أظلم يوم» أى إن ستر الغبار عين الشمس فأظلم النّهار، ويجوز أن يريد: أنّ الشّدّة تغطّى على القلوب فلا يهتدى للرأى فيه. وقوله: يوم لا ينفع الرّواغ ولا يق‍ … دم إلاّ المشيّع النّحرير الرّواغ: الفرار، والمشيّع: الشّجاع، كأنه الذى يشيّعه قلبه، والنّحرير: الحاذق بالشىء، العالم به. آخر المجلس. ...

المجلس السادس عشر

المجلس السادس عشر وهو مجلس يوم السبت، سادس رجب، من سنة أربع وعشرين وخمسمائة. قال رؤبة بن العجّاج، يصف حمر الوحش (¬1): سوّى مساحيهنّ تقطيط الحقق … تفليل ما قارعن من سمر الطّرق سمّى حوافرهنّ مساحى؛ لأنها تسحو [الأرض (¬2)] أى تقشرها، وأسكن الياء من «مساحيهنّ» فى موضع النصب لإقامة الوزن. /قال أبو العباس محمد بن يزيد: وهو (¬3) من أحسن الضّرورات، لأنهم ألحقوا حالة بحالتين، يعنى أنهم جعلوا المنصوب كالمجرور والمرفوع، مع أن السّكون أخفّ من أخفّ الحركات، ولذلك اعتزموا على إسكان الياء فى ذوات الياء من المركّبات، نحو معديكرب، وقالى قلا. والحقق: جمع حقّة (¬4)، وتقطيطها: تقطيعها وإصلاحها. ¬

(¬1) ديوان رؤبة ص 106، والكتاب 3/ 306، والمقتضب 4/ 22، والكامل 3/ 21، والمنصف 2/ 114، وما يجوز للشاعر فى الضرورة ص 106، ومعجم الشواهد ص 505. (¬2) سقط من هـ‍. وانظر اللسان (قطط-سحا). (¬3) لم أجد هذا الكلام بنصه فى كتابى المبرّد-الموضع السابق-وإن ذكر كلاما بمعناه، وقد حكاه البغدادىّ بألفاظ ابن الشجرى، فى الخزانة 3/ 529، وشرح شواهد الشافية ص 406، فى الكلام على الرجز الآتى، وكذلك ذكره العلوىّ فى نضرة الإغريض ص 262. (¬4) بضم الحاء، وهى وعاء من الخشب أو العاج، ينحت ليوضع فيه الطّيب.

ونصب التقطيط على المصدر (¬1)، لأن التقطيط تسوية، فالتقدير: سوّى مساحيهنّ تسوية مثل تقطيط الحقق، وحذف المصدر وصفته، كقولك: ضربته ضرب الأمير اللصّ، تريد ضربا مثل ضرب الأمير اللصّ. والتّفليل: التّثليم والتّكسير، وارتفاعه بإسناد «سوّى» إليه، والطّرق: ما تطارق من الصّفا بعضه فوق بعض، الواحدة: طرقة. ومثل «سوّى مساحيهنّ» فى إسكان يائه قوله: كأنّ أيديهنّ بالقاع الفرق … أيدى جوار يتعاطين الورق (¬2) القرق: الأملس، والورق: الدراهم، وفى التنزيل: {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هذِهِ} (¬3)، ويتعاطين: يناول بعضهنّ بعضا. ومن المسكّن المنوّن قول الفرزدق (¬4): يقلّب رأسا لم يكن رأس سيّد … وعينا له حولاء باد عيوبها فهذا على قولك: رأيت امرأة ضاحكا إخوتها، فهو بمنزلة يضحك إخوتها. فإن قلت: فهلاّ كان عيوبها مبتدأ، وباد خبره؟ قلت (¬5): لو كان كذلك لوجب تأنيث «باد» لأنك تقول: عيوبك بادية، ¬

(¬1) أى المصدر التشبيهى، أو المشبّه به. راجع اللسان (قطط). (¬2) ينسبان لرؤبة. ملحقات ديوانه ص 179، والكامل 3/ 21، والخصائص 1/ 306،2/ 291، والمحتسب 1/ 126،289، وشرح الحماسة ص 294،970،1032، وحواشى 1688، والعمدة 2/ 249، وأمالى المرتضى 1/ 561، ونضرة الإغريض ص 263، واللسان (قرق)، والموضع المذكور من الخزانة وشرح شواهد الشافية. (¬3) سورة الكهف 19. (¬4) ديوانه ص 51، مع اختلاف فى الرواية. والبيت بروايتنا فى الموضع المذكور من نضرة الإغريض، وأعاده المصنف فى المجلس الخامس والثلاثين. وأنشده السيوطى فى الأشباه والنظائر 4/ 161، حكاية عن ابن الشجرى. (¬5) فى هـ‍: قيل.

بيت فى وصف امرأة

ولا تقول: عيوبك باد، وإنما جاز فى الشعر: فإنّ الحوادث أودى بها (¬1) حملا للحوادث على الحدثان، كما حمل الآخر الحدثان على الحوادث فأنّثه فى قوله: /وحمّال المئين إذا ألمّت … بنا الحدثان والأنف النّصور (¬2) بيت فى وصف امرأة: لقد علم الأيقاظ أخفية الكرى … تزجّجها من حالك واكتحالها (¬3) رجل يقظ (¬4) وجمعه أيقاظ، ومثله فى الزّنة: نجد وأنجاد، والنّجد: الشّجاع، والأخفية: واحدها خفاء، وهو كساء يغطّى به وطب اللّبن، وسمّى العيون على سبيل الاستعارة أخفية، لأنها كالأغطية للرّقاد، كما أن الأخفية أغطية للوطاب. والجرّ فى «أخفية الكرى» على حدّ جرّ الوجوه فى قولك: الحسان الوجوه، فكأنه قال: الأيقاظ العيون، ويجوز [فيها (¬5)] النصب، كما جاز الحسن الوجه، تشبيها بقولك: الضارب الرجل، فاعلم. ¬

(¬1) للأعشى. ديوانه ص 171. وصدره: *فإما ترينى ولي لمّة*وأعاده المصنف فى المجلسين: الحادى والثلاثين، والثامن والسبعين. وهو فى الكتاب 2/ 46، ومعانى القرآن للفراء 1/ 128، وللأخفش ص 55،91، والأصول 2/ 413، ونتائج الفكر ص 168، وشرح الجمل 2/ 395، والبسيط ص 327، وانظر فهارسه. (¬2) معانى القرآن 1/ 129، ومجالس ثعلب ص 421، والمذكر والمؤنث لأبى بكر بن الأنبارى ص 222، وكتاب الشعر ص 530، وما فى حواشيه. وأعاده ابن الشجرى فى المجلس الثانى والثمانين. (¬3) نسبه القيسىّ والعينىّ إلى الكميت بن زيد الأسدىّ، وليس فى ديوانه المطبوع. إيضاح شواهد الإيضاح ص 839، وشرح الشواهد الكبرى 3/ 612، وهو من غير نسبة فى التكملة ص 182، والمحتسب 2/ 47، وسر صناعة الإعراب 1/ 43، وشرح الكافية الشافية ص 1071، وشرح المفصل 5/ 27، واللسان (خفى). والشاعر يصف حربا، وأنها تتزيّن لمن لا يقربها. قاله القيسىّ. (¬4) بضم القاف، وكذلك بضم الجيم فى «نجد». راجع الكتاب 3/ 631، واللسان (يقظ). (¬5) سقط من هـ‍. وهذا النصب على التشبيه بالمفعول به، أو التمييز، كما تقول: الحسان وجوها.

وتزجّجها: فى معنى تزجيجها حاجبيها بالخضاب، والحالك: الشّديد السّواد، واشتقاق التزجيج من الزّجّ (¬1)، أراد أنها تجعل حاجبيها بالخضاب كالزّجّ فى التحديد. ... جرير بن الخطفىّ (¬2): وكائن بالأباطح من صديق … يرانى لو أصبت هو المصابا قالوا فى معنى «كم» الخبريّة: كأيّن وكائن، مثل كاعن، لغتان كثر استعمالهما، إلا أن الخفيفة أكثر فى الشعر، والثقيلة أكثر فى القراءة، ولم يقرأ من السبعة بالخفيفة إلا ابن كثير (¬3) وحده، ووافقه من غير السبعة يزيد بن القعقاع المدنىّ، وأصل الثقيلة: أىّ، دخلت عليها كاف التشبيه، فعملت فيها الجرّ، وأزيلتا عن معنييهما، فجعلتا كلمة واحدة مضمّنة معنى «كم» التى للتكثير، ووصل التنوين بها فى الوقف، وجعلت له صورة فى الخطّ، وصار كأنه حرف من الأصل، فلذلك وقف القراء عليها بالنون، اتّباعا لخطّ المصحف، إلا أبا عمرو، فإنه أسقطها؛ لأنها فى الأصل تنوين، ووافقه من غير السبعة يعقوب بن إسحاق الحضرمىّ. وأما الخفيفة فأصلها: كأيّن، فقدّموا الياء على الهمزة، وحرّكوا كلّ واحدة منهما/بحركة الأخرى، كما يفعلون فيما يقدّمون بعض حروفه على بعض، كقولهم فى جمع بئر: آبار، والأصل: أبآر [فصارت (¬4)] كيّئن مثل كيّعن، فخفّفوها كما خفّفوا نحو ميّت فصار كيئن مثل كيعن، فأبدلوا الياء وهى ساكنة ألفا فصارت كائن، كما ¬

(¬1) الزج: الحديدة التى تركّب فى أسفل الرمح والسّنان. والزّجّ تركز به الرمح فى الأرض. (¬2) ديوانه ص 244، وأوسعته تخريجا فى كتاب الشعر ص 214. (¬3) السبعة ص 216، والكشف 1/ 357، والنشر 2/ 242، فى توجيه الآية 146 من سورة آل عمران. (¬4) سقط من هـ‍. وانظر سر صناعة الإعراب ص 307، وإيضاح شواهد الإيضاح ص 263.

قالوا فى النسب إلى طيّىء: طائىّ وطيّىء، فيعل، وكان قياسه طيّئىّ، مثل طيّعىّ، كقولك فى النّسب إلى سيّد: سيّدىّ، فقلبوا الياء ألفا بوجود أحد شرطيها، وهو انفتاح ما قبلها، وإذا كانوا قد قلبوا [الياء (¬1)] الساكنة ألفا مع انكسار ما قبلها، فقالوا فى النّسب إلى الحيرة: حارىّ، فقلبها مع وجود الفتحة قبلها أسهل. وقال بعض البصريّين، وهو أيضا مأثور عن الخليل: أصل كائن: كأيّن، وذلك أنهم قدّموا الياء الأولى وهى الساكنة المدغمة على الهمزة، فانفتحت الياء بانفتاح الهمزة، وسكنت الهمزة بسكون الياء، فصار: كيأين، مثل كيعين، فلما تحرّكت الياء وقبلها فتحة الكاف انقلبت ألفا، والهمزة بعدها ساكنة، فحرّكت الهمزة بالكسر لالتقاء الساكنين، فصادفت كسرتها كسرة الياء بعدها، فاستثقلوا أن يقولوا: كائين، كما استثقلوا أن يقولوا: مررت بقاضى، فأسكنوا الياء فصادف سكونها سكون النون بعدها، فوجب حذفها لالتقاء الساكنين، كما وجب حذف الياء من قاض لسكونها وسكون التنوين، فحذفوها فاتّصلت الهمزة بالنون، فصار كائن مثل قاض. فأما قوله: «يرانى لو أصبت هو المصابا» فمعنى يرانى: يعلمنى، والمراد بالمصاب المصيبة، كقولهم: جبر الله مصابك-أى مصيبتك-وهو فى الأصل مصدر بمعنى الإصابة، ومن ذلك قول الشاعر (¬2): أظليم إنّ مصابكم رجلا … أهدى السّلام تحيّة ظلم أراد إن إصابتكم رجلا. وقوله: «هو» فصل، وهو الذى يسمّيه الكوفيون/عمادا، وهذا الضّرب ¬

(¬1) وهذا أيضا ساقط من هـ‍. (¬2) هو الحارث بن خالد المخزومى. وقيل العرجىّ. الأغانى 9/ 226، ومجالس ثعلب ص 224، والأصول 1/ 139، وتفسير الطبرى 1/ 116، والتبصرة ص 245، وشرح الجمل 2/ 27، وشرح أبيات المغنى 7/ 158. وديوان العرجى ص 192.

من الإضمار (¬1) لا بدّ أن يكون وفق ما قبله فى الغيبة والخطاب [والتكلّم (¬2)] لأنّ فيه نوعا من التوكيد، تقول: علمت زيدا هو المنطلق، وعلمتك أنت المنطلق، وعلمتنى أنا المنطلق. ويتوجّه على هذا سؤالان، أحدهما: كيف وقع ضمير الغيبة بعد ضمير المتكلّم، وحقّ الفصل أن يكون وفقا لما قبله، فيقال: يرانى أنا المصاب. كما جاء فى التنزيل: {إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالاً وَوَلَداً} (¬3). والسؤال الآخر: أن المفعول الثانى فى باب العلم والظنّ يلزم أن يكون هو المفعول الأول، فكيف جاز أن يكون المراد بالمصاب المصيبة، والمفعول الأول هو الياء من يرانى؟. والجواب عن السؤالين أن فى قوله: «يرانى» تقدير مضاف يعود ضمير الغيبة إليه، أى يرى مصابى هو المصاب [والمعنى: يرى مصابى هو المصاب (¬4)] العظيم، ولو أنه قال: يراه (¬5) لو أصبت هو المصابا، فأعاد الهاء من «يراه» إلى الصّديق، والمعنى يرى نفسه، كما جاء فى التنزيل: {إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى* أَنْ رَآهُ اِسْتَغْنى} (¬6) ¬

(¬1) فى هـ‍: وهذا الضرب من الإبدال يكون وفق. . . (¬2) ساقط من هـ‍. (¬3) سورة الكهف 39. وتَرَنِ هكذا جاءت فى الأصل وهـ‍ بإثبات الياء، وهى قراءة ابن كثير، أثبت الياء فيها فى الوصل والوقف جميعا. وقرأ نافع وأبو عمرو بياء فى الوصل، وبغير ياء فى الوقف، والباقون يحذفون الياء فى الوصل والوقف جميعا. السبعة لابن مجاهد ص 391، ووافق ابن كثير من العشرة، يعقوب ابن إسحاق الحضرمى. إرشاد المبتدى ص 425. (¬4) ساقط من هـ‍، وهو فى الخزانة 2/ 455. (¬5) هذه رواية. قال ابن هشام فى المغنى ص 549: «ويروى «يراه» أى يرى نفسه، و «تراه» بالخطاب، ولا إشكال حينئذ ولا تقدير، والمصاب حينئذ مفعول لا مصدر، ولم يطلع على هاتين الروايتين بعضهم فقال: ولو أنه قال «يراه» لكان حسنا، أى يرى الصديق نفسه مصابا إذا أصبت». ولعلّ ابن هشام يعنى ببعضهم ابن الشجرى. (¬6) سورة العلق 6،7.

لسقط ما ذكرته من الاعتراض، ولم يحتج إلى تقدير مضاف [ولكان المصاب اسم المفعول من قولك: أصيب زيد فهو مصاب (¬1)] ولكنّ المروى: يرانى. ... لبيد بن ربيعة بن مالك بن جعفر بن كلاب، يصف حمارا وأتانا وحشيّين (¬2): يعلو بها حدب الإكام مسحّج … قد رابه عصيانها ووحامها بأحزّة الثّلبوت يربأ فوقها … قفرا مراقب (¬3) خوفها آرامها الحدب من الأرض: ما ارتفع، قال الله سبحانه: {وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ} (¬4) أى يسرعون مع تقارب الخطو، كمشى الذّئب إذا أسرع، يقال: مرّ ينسل ويعسل، والمصدر النّسلان والعسلان، والإكام: جمع أكمة، وهى مرتفع من الأرض ملبس حجارة سوداء، وجمعوها على فعال، كرقبة ورقاب، وجمعوها أيضا على الأكم والأكم، قال الشاعر (¬5): سائل فوارس يربوع بشدّتنا … أهل رأونا بسفح القفّ ذى الأكم /بشدّتنا: أى بحملتنا. والقفّ: ما ارتفع من الأرض فى صلابة، وسفحه: وجهه، قال أبو دواد (¬6): يختطى الأكم والخبار بقدر … من يد رسلة ورجل زبون الخبار: الأرض اللّيّنة، ويد رسلة: ليّنة المفاصل، والزّبون: من الزّبن، وهو الدّفع. ¬

(¬1) ساقط من هـ‍، وهو فى الخزانة، الموضع السابق، حكاية عن ابن الشجرى. (¬2) ديوانه ص 304، وتخريجه فى ص 394، ومعجم الشواهد ص 356. (¬3) هكذا فى النسختين. وسيأتى توجيهه. والذى فى الديوان: قفر المراقب. (¬4) سورة الأنبياء 96. (¬5) زيد الخيل. المقتضب 1/ 44،3/ 291، وأوسعته تخريجا فى كتاب الشعر ص 88، وأعاده ابن الشجرى فى المجلس السابع والسبعين. (¬6) ليس فى ديوانه المطبوع، وفيه قصيدة من بحر البيت وقافيته، انظره ص 346.

وقالوا أيضا: آكام، فيجوز أن يكون جمع أكم، كجبل وأجبال، ويجوز أن يكون جمع أكم، كبرد وأبراد، وقالوا أيضا: آكم، فهذا جمع أكم، على سبيل الشذوذ، كقولهم فى جبل: أجبل، قال: إنّى لأكنى عن أجبال بأجبلها … وذكر أودية عن ذكر واديها (¬1) ومسحّج: مكدّم، كدّمته الحمر، ويقال: رابنى الأمر: إذا أدخل [عليك (¬2)] شكّا وخوفا. والوحام والوحم: أن تشتهى المرأة شيئا على حبلها، وقد وحّمناها: أى أطعمناها شهوتها، ووحام الأتان: أن تشتهى المرعى، ومسحّج رفع بيعلو، أى يعلو بالأتان حدب الأكام حمار مسحّج. فإن قيل: فهل يجوز إسناد «يعلو» إلى ضمير الحمار، ونصب «مسحّج» على الحال؟ قيل: ليس ذلك بممتنع، ولكنّ العرب كثيرا ما تدع هذا وتسند الفعل إلى صفة النكرة المحذوفة، كقوله: خود إذا قامت إلى خدرها … قامت قطوف الخطو مكساله (¬3) أى قامت امرأة قطوف الخطو، فأمّا قول الله تعالى: {وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ} (¬4) فليس من هذا الفنّ، ولا يحسن نصب «مبارك» على الحال من الهاء فى «أنزلناه» لأن رفعه يوجب أن يكون مباركا قبل إنزاله، وفى وقت إنزاله، وبعد إنزاله، ونصبه يوجب أن يكون مباركا فى وقت إنزاله خاصّة. ¬

(¬1) الكامل 1/ 60، والمقتضب 2/ 200، والخصائص 3/ 59،316، والبيت مع ثلاثة أخر فى الأغانى 5/ 334، ونسبها أبو الفرج لأعرابى. (¬2) ساقط من هـ‍. (¬3) لم أعرفه. (¬4) سورة الأنعام 92،155.

وقوله: «بأحزّة الثّلبوت» الأحزّة: جمع حزيز، وهو الغليظ من الأرض، المستدقّ المنقاد، والثّلبوت: /ماء لبنى ذبيان، وقيل: هو واد فى أرض بنى عامر. وقوله: «يربأ فوقها» أى يكون كالرّبيئة، وهو طليعة القوم وحافظهم الذى ينظر لهم على مكان مرتفع، ويسمّى الدّيدبان. وقوله: «قفرا مراقب خوفها» المراقب: المواضع المشرفة، والقفر: الخالى، والتقدير: يربأ فوقها على مراقب قفر، فحذف «على» فعاقبها النّصب، وقدّم الصفة فانتصبت على الحال، ويروى: قفر المراقب (¬1)، بالنصب على ما قلناه من تقدير الجارّ. وقوله: «خوفها آرامها» الآرام: الأعلام، واحدها أرم وإرم، والتقدير: مواضع خوفها، فلما حذف المضاف أعرب المضاف إليه بإعرابه، أى مواضع خوف هذه المراقب أعلامها، وذلك لما يكمن خلف الأعلام من صائد (¬2) وغيره. آخر المجلس. ... ¬

(¬1) وهى رواية الديوان، ومراجع تخريج البيت. (¬2) فى هـ‍: صائده.

المجلس السابع عشر

المجلس السابع عشر وهو مجلس يوم السبت، ثالث عشر رجب، من سنة أربع وعشرين وخمس مائة، ومن القصيدة التى منها هذه الأبيات قوله (¬1): فغدت كلا الفرجين تحسب أنّه … مولى المخافة خلفها وأمامها وهذا البيت من أبيات الكتاب (¬2)، ذكره شاهدا على الاتّساع فى الظروف بإجرائها مجرى الأسماء. والمضمر فى «غدت» ضمير بقرة وحشيّة تقدّم ذكرها، ويروى «فعدت» من العدو، والفرج: موضع المخافة، ومثله الثّغر والثّغرة، والعورة، و «مولى المخافة» [معناه ولىّ المخافة (¬3)] أى مكان يلى المخافة، وموضع «كلا» رفع بالابتداء، والجملة من تحسب وفاعله ومفعوله خبر المبتدأ، وعائد الجملة الهاء التى فى اسم «أنّ» وعاد إلى «كلا» ضمير مفرد، لأنه اسم مفرد، وإن أفاد معنى التثنية، وموضع المبتدأ مع الجملة التى هى خبره نصب بأنها خبر «غدت» لأن منهم من يجعل «غدا» فى الإعمال بمنزلة أصبح وأضحى، ومن جعلها تامّة كان موضع الجملة بعدها نصبا /على الحال، ومن رواها بالعين غير المعجمة، فالجملة حال لا غير. ¬

(¬1) ديوان لبيد ص 311، وتخريجه فى ص 395. وزد عليه المقتضب 3/ 102،4/ 341، والتبصرة ص 312،528، والبسيط ص 502،882، وأعاده ابن الشجرى فى المجلس التاسع والستّين. (¬2) الكتاب 2/ 407. (¬3) ساقط من هـ‍. وانظر شرح القصائد السبع ص 566.

وخلفها رفع على البدل من «كلا»، والتقدير: فغدت وخلفها وأمامها تحسب أنه يلى المخافة، وإن رفعته بتقدير: هو خلفها وأمامها فجائز. وبعض النحويّين (¬1) أبدله من «مولى المخافة» وذلك فاسد من طريق المعنى؛ لأن البدل يقدّر إيقاعه فى مكان المبدل منه، وإن منع من ذلك موجب اللفظ فى بعض الأماكن، فلو قلت: كلا الفرجين تحسب أنه خلفها وأمامها، لم تحصل بذلك فائدة، لأن الفرجين هما خلفها وأمامها، فليس فى إيقاع الحسبان على ذلك فائدة. ... وقال العبّاس بن مرداس السّلمىّ، يخاطب كليب بن عييمة السّلمىّ: أكليب مالك كلّ يوم ظالما … والظّلم أنكد غبّه ملعون (¬2) أتريد قومك ما أراد بوائل … يوم القليب سميّك المطعون وأظنّ أنّك سوف ينفذ مثلها … فى صفحتيك سنانى المسنون قد كان قومك يحسبونك سيّدا … وأخال أنّك سيّد مغيون عييمة: منقول من محقّر العيمة، وهى شهوة اللّبن، أو محقّر العيمة، بكسر العين، وهى خيار المال، ومنه قولهم: اعتام الرجل: أى أخذ العيمة، قال طرفة (¬3): أرى الموت يعتام الكرام ويصطفى … عقيلة مال الفاحش المتشدّد وقوله: «ما لك» ما استفهامية، وموضعها رفع بالابتداء، «ولك» الخبر، والخبر ¬

(¬1) هو رأى أبى علىّ الفارسىّ. ذكره القيسىّ فى إيضاح شواهد الإيضاح ص 234. (¬2) الأغانى 5/ 38،6/ 342،343، والنقائض ص 907، والوحشيات ص 238، والحيوان 1/ 322،2/ 142، والمقتضب 1/ 102، والخصائص 1/ 261، والتبصرة ص 889، وشرح شواهد الشافية ص 387 - 389، وغير ذلك كثير، تراه فى حواشى تلك الكتب. وأعاد ابن الشجرى إنشاد البيت الرابع فى المجلس الحادى والثلاثين. (¬3) ديوانه ص 36، وتخريجه فى ص 213.

هو العامل فى الظرف والحال، وإن شئت نصبت الظرف بالحال، ومثله فى التنزيل: {فَمالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ} (¬1) إن شئت نصبت «قبلك» بالخبر، وإن شئت أعملت فيه «مهطعين» وكان حقّ المعنى أن لا يعمل فى الحال، لأن الحال عبارة عن ذى الحال، ولكن عمل فيها المعنى لشبهها (¬2) بالظّرف، من حيث/ كان قولك: جاءنى زيد راكبا، معناه: جاء فى حال الركوب، ولذلك عطف عليها الظّرف فى قوله تعالى: {وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ* وَبِاللَّيْلِ} (¬3) وليس الشّبه الذى بينهما بمستحكم، لأنك لا تقدر أن تقول: جاء زيد فى راكب، كما تقول: جاء فى يوم السبت، وجلس فى مكانه (¬4)، وإنما أدخلوا حرف الظرف على لفظ متأوّل، ولما لم يستحكم الشبه (¬5) بين الظرف والحال امتنعوا من تقديم الحال على العامل المعنوىّ، وإن لم يمتنعوا من تقديم الظرف على المعنى العامل فيه، كقولهم: «كلّ (¬6) يوم لك ثوب» فإن جاءت الحال بلفظ الظّرف جاز تقديمها على المعنى، كقوله تعالى: {هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلّهِ الْحَقِّ} (¬7) هنالك ظرف فى موضع الحال، والعامل فيه قوله: «لله» وذو الحال المضمر المستكنّ فى «لله». وقوله: «والظّلم أنكد غبّه ملعون» النّكد: العسر وخروج الشىء إلى طالبه بشدّة، وغبّه: عاقبته، واللّعن: الطّرد والإبعاد، يقال للرجل المطرود: لعين. ¬

(¬1) سورة المعارج 36. وفى الأصل وهـ‍ فَمالِ الَّذِينَ ورددته إلى رسم المصحف. (¬2) انظر وجوه شبه الحال بالظرف فى كتاب الشعر ص 244، وحواشيه، وذكر ابن الشجرى شيئا منه فى المجلسين الخامس والعشرين، والمجلس الرابع والثلاثين، والحادى والسبعين. (¬3) سورة الصافات 137،138. (¬4) فى هـ‍: مكانك. (¬5) عرض ابن الشجرى لذلك بأبسط من ذلك فى المجلس الحادى والسبعين. وانظر أصل هذه المسألة فى المقتضب 4/ 171، وحواشيه. (¬6) ويروى: «أكلّ. . .». وانظره فى الكتاب 1/ 118، والأصول 1/ 64،2/ 247، والبغداديات ص 555، والمسائل المنثورة ص 158، وأعاده ابن الشجرى فى المجالس: الخامس والعشرين، والتاسع والستين، والحادى والسبعين. (¬7) سورة الكهف 44.

وقوله: «أتريد قومك ما أراد بوائل» أراد: بقومك، فحذف الباء، فظهر النصب المعاقب لها، ومثله النصب فى قول الآخر: ومن قبل آمنّا وقد كان قومنا … يصلّون للأوثان قبل محمّدا (¬1) نصب «محمدا» بآمنّا، والأصل: بمحمّد. وأراد بوائل بكرا وتغلب ابنى وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمىّ بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معدّ بن عدنان. وقوله: «سميّك المطعون» أراد كليب بن ربيعة [بن مرّة (¬2)] بن الحارث بن زهير ابن جشم بن حبيب (¬3) بن تغلب بن وائل، طعنه جسّاس بن مرّة بن ذهل بن شيبان ابن ثعلبة، فقتله (¬4)، وسأذكر قصّته بعد شرح هذه الأبيات بمشيئة الله. وقوله: «ينفذ مثلها» أى مثل الطّعنة التى طعنها جسّاس بن مرّة كليب بن/ ربيعة، وحسن إضمار الطعنة ولم يجر لها ذكر، لأنّ ذكر المطعون دلّ عليها، كما دلّ السفيه على السّفه فى قول القائل (¬5): إذا نهى السّفيه جرى إليه أراد إلى السّفه، وقد شرحت هذا فيما قدّمته من الأمالى، وذكرت أنه لا بدّ من ¬

(¬1) قائله العباس بن مرداس، رضى الله عنه، كما فى الإفصاح ص 162، ومعيد النعم ص 99، وأنشد من غير نسبة فى شرح القصائد السبع ص 149، والتهذيب 15/ 517، واللسان (أمن)، وتوجيه النصب فى هذه الكتب على أنّ «آمنّا» بمعنى صدّقنا، وليس على إسقاط الجارّ، كما يرى ابن الشجرى، وقد استحسن السخاوىّ النصب على إسقاط الجارّ. راجع سفر السعادة ص 719، والأشباه والنظائر 3/ 183. (¬2) لم يرد هذا فى سلسلة نسب «كليب» فى مختلف القبائل لابن حبيب ص 21، وجمهرة ابن حزم ص 305، والنقائض ص 905. (¬3) بضم الحاء وفتح الباء، على ما قيّده ابن حبيب فى مختلف القبائل ص 6. (¬4) فى هـ‍: نقلته. (¬5) سبق تخريجه فى المجلس العاشر.

دليل على ما يعود [الضمير (¬1)] عليه إذا لم يجر له ذكر، كقوله تعالى: {وَتَرَى الظّالِمِينَ لَمّا رَأَوُا الْعَذابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ} -ثم قال: - {وَتَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها} (¬2) فأضمر النار أو جهنّم، لأنّ ذكر العذاب دلّ عليها. وقوله: «وأخال أنك سيّد مغيون» أخال بفتح أوله، وهو الأصل، وإخال بالكسر فيه لغة الذين (¬3) كسروا حرف المضارعة، مما جاء على مثال تفعل نحو تعجب وتعلم وتركب، لتدلّ كسرته على كسرة العين من عجب وعلم وركب، ونحو ذلك، يقولون: أنا أعجب وأنت تعلم ونحن نركب، واستثقلوا الكسرة على الياء فألزموها الفتح. ومغيون: مفعول من قولهم: غين على قلبه، أى غطّى عليه، وفى الحديث: «إنّه ليغان على قلبى (¬4)» ولكنّ الناس ينشدونه بالباء، وهو تصحيف، وقد روى «معيون» بالعين غير المعجمة، أى مصاب بالعين، ومغيون هو الوجه، وكلاهما مما جاء فيه التصحيح، وإن كان الاعتلال (¬5) فيه أكثر، كقولهم: طعام مزيوت، وبرّ مكيول، وثوب مخيوط، والقياس: معين، ومزيت، ومكيل، ومخيط، حملا على غين وزيت وكيل وخيط، قال أبو على: «ولو جاء التصحيح فيما كان من الواو لم ينكر، ألا تراهم قد قالوا: الغوور، فهو مثل مفعول (¬6) من الواو، لو صحّ» انتهى كلامه. ¬

(¬1) ساقط من هـ‍. (¬2) سورة الشورى 44،45. (¬3) وتسمى هذه الظاهرة: تلتلة بهراء-وبهراء: حىّ من اليمن-وانظر القبائل التى تنطق بهذه اللغة فى مجالس ثعلب ص 281، وتأويل مشكل القرآن ص 39، والصاحبى ص 34، وكتاب الشعر ص 194، والخصائص 2/ 11، واللسان (تلل). وانظر اللهجات فى كتاب سيبويه ص 162. (¬4) تمامه: «وإنى لأستغفر الله مائة مرّة». وهو فى صحيح مسلم (باب استحباب الاستغفار والاستكثار منه. من كتاب الذكر والدعاء) ص 2075، وسنن أبى داود (باب الاستغفار من كتاب الصلاة) 2/ 85، ومسند أحمد 4/ 211،260، وغريب الحديث لأبى عبيد 1/ 136. (¬5) يأتى الكلام عليه بأوسع ممّا هنا فى المجلسين الحادى والثلاثين، والسادس والأربعين. (¬6) فى هـ‍ «فعول». وانظر كلام أبى على فى التكملة ص 255، وراجع المنصف 1/ 285، وشرح شواهد الشافية ص 390، عن ابن الشجرى.

وقد صحّحوا أحرفا من ذوات الواو، وقالوا: مسك مدووف، وثوب مصوون، وفرس مقوود. والغوور: مصدر غارت عينه تغور غوورا، وإنما صحّ اسم المفعول من هذا التركيب، فخالف بذلك اسم الفاعل، لأن اسم (¬1) المفعول غير جار على فعله، فى حركاته وسكونه، كما تجرى أسماء الفاعلين/على أفعالها، فلمّا خالف اسم المفعول فعله فيما ذكرناه خالفه فى إعلاله. وهذا ما وعدتك به من حديث كليب بن ربيعة، وذلك أن العرب كانت تضرب به المثل فى العزّ، فيقولون: «أعزّ (¬2) من كليب وائل»، وكان سيّد ربيعة بن نزار فى دهره، وهو الذى كان ينزلهم فى منازلهم، لم يكونوا يظعنون من منزل، ولا ينزلون إلا بأمره، فبلغ من عزّه وبغيه أنه اتّخذ جرو كلب، فكان إذا نزل منزلا مكلئا قذف بذلك الجرو فيه فيعوى، فلا يقرب أحد ذلك الكلأ إلا بإذنه، أو أن يؤذن بحرب، وكذلك كان يفعل فى الماء (¬3)، وفى أرض الصّيد، كان إذا ورد الماء قذف بالجرو عند الحوض، فلا يقرب أحد ذلك الماء حتى تصدر إبله، وكان يحمى الصيد، فيقول: صيد أرض كذا فى جوارى، فلا يهاج ذلك الصّيد، وكان لا يخوض معه أحد فى حديث، ولا يمرّ أحد بين يديه [وهو جالس (¬4)] ولا يحتبى فى مجلسه غيره، فصار فى العزّ والبغى مثلا، وكان سبب قتله أن البسوس، وهى امرأة من غنىّ، وضربت العرب بها المثل فى الشّؤم، فقالوا: «أشأم (¬5) من البسوس» كانت فى جوار جسّاس بن مرّة، فمرّت إبل لكليب تريد الماء، فاختلطت بها ناقة للبسوس ¬

(¬1) هذا التعليل لأبى على فى التكملة ص 256. (¬2) الفاخر ص 93، والدرة الفاخرة ص 300، ومجمع الأمثال 2/ 42 (باب ما جاء على أفعل من باب العين). (¬3) فى هـ‍: بالماء. (¬4) سقط من هـ‍. (¬5) الفاخر ص 93، والدرّة الفاخرة ص 236، ومجمع الأمثال 1/ 374 (ما جاء على أفعل من باب الشين).

فوردت معها، فرآها كليب فأنكرها، فقال: لمن هذه الناقة؟ فقال الرّعاء: للبسوس جارة جسّاس، فرماها بسهم فانتظم ضرعها، فأقبلت الناقة تعجّ وضرعها يسيل دما ولبنا، فلما رأتها البسوس قذفت خمارها ثم صاحت: وا ذلّاه، وا جاراه، فأحمشت (¬1) جسّاسا، أى أغضبته، فركب فرسه وأخذ رمحه، وتبعه عمرو بن الحارث بن ذهل بن شيبان، على فرسه ومعه رمح، فركضا نحو الحمى والخباء، فلقيا رجلا فسألاه: من رمى الناقة؟ فقال: من حلّأكما عن برد الماء، وسامكما الخسف فأقررتما به، فزادهما ذلك حميّة وغضبا. /يقال: حلّأه عن الماء: إذا طرده عنه، وسام فلان فلانا الخسف: إذا أولاه الدّنيّة، وقيل: أراد ذلك منه. رجع الحديث: فأقبلا حتّى وقفا على كليب، فقال له جسّاس: يا أبا الماجد، أما علمت أنها ناقة جارتى؟ فقال كليب: وإن كانت ناقة جارتك، فمه؟ أتراك مانعى أن أذبّ عن حماى! فأحفظه ذلك-يقال: أحفظته إذا أغضبته-فحمل عليه فطعنه، وطعنه عمرو فقتلاه. وذلك قول مهلهل بن ربيعة أخى كليب: وكليب قتيل عمرو وجسّا … س قد أودى فماله من تلاق (¬2) وقال كليب لجسّاس، وهو يجود بنفسه: اسقنى ماء، فقال له جسّاس: «هيهات! تجاوزت الأحصّ وشبيثا (¬3)»، فذهب قوله مثلا، والأحصّ وشبيث: ماءان (¬4)، وفى ذلك هاجت حرب بكر وتغلب ابنى وائل أربعين عاما. ¬

(¬1) بحاشية الأصل: «بخط الكندى: أحشمت فلانا وأحمشته لغتان». (¬2) من قصيدته التى فيها هذا البيت السيّار: ضربت صدرها إلىّ وقالت يا عديّا لقد وقتك الأواقى راجع الأغانى 5/ 54، وشرح الشواهد للعينى 4/ 211، ولم أجد فيهما هذا البيت المذكور هنا. (¬3) ويروى: «تخطّى إلىّ شبيثا والأحصّ» مجمع الأمثال 1/ 145 (باب التاء). (¬4) فى بلاد نجد. معجم البلدان 1/ 149،3/ 257، وبالشام أيضا من نواحى حلب موضعان يقال لهما: الأحص وشبيث.

وقالت الشعراء فى بغي كليب، وضربوه مثلا، فمن ذلك قول عمرو بن الأهتم السّعديّ: فإنّ كليبا كان يظلم رهطه … فأدركه مثل الذى تريان (¬1) فلمّا حساه السّمّ رمح ابن عمّه … تذكّر غبّ الظّلم أىّ أوان وقول رجل من بنى عبس (¬2): أتيت مأتى كليب فى عشيرته … لو كان فى الحىّ خرق (¬3) مثل جسّاس وقول معبد بن سعنة الضّبّىّ: أظنّ ضرار أنّنى سأطيعه … وأنّى سأعطيه الذى كنت أمنع إذا اغرورقت عيناه واحمرّ وجهه … وقد كاد غيظا جلده يتمزّع كفعل كليب ظنّ بالجهل أنه … يحوّز أكلاء المياه ويمنع (¬4) يتمزّع: يتقطّع، والمزعة: القطعة من اللّحم، وقد تكسر (¬5) ميمها. وسعنة: منقول من قولهم: ما له (¬6) سعنة ولا معنة: أى ما له شيء كثير ولا قليل، وممن قال فى ذلك النابغة الجعدىّ، واسمه قيس بن عبد الله بن عدس ¬

(¬1) من قصيدة فى الموضع الثانى المذكور من معجم البلدان. وعمرو بن الأهتم هذا هو الذى قال له النبىّ صلّى الله عليه وسلم، حين أعجبه حسن بيانه: «إن من الشعر لحكما، وإن من البيان لسحرا» راجع الاستيعاب ص 1164، ولباب الآداب ص 333،354. (¬2) هو بشير-بالتصغير-بن أبىّ العبسىّ. على ما ذكر أبو زيد فى النوادر ص 151، وأنشد بعده بيتا، وأنشدهما الجاحظ فى الحيوان 1/ 323، ونسبهما لرجل من بنى كلاب من الخوارج، قالهما لمعاوية رضى الله عنه، وكذلك صنع ابن عبد البرّ فى بهجة المجالس 2/ 184. وبشير هذا ذكره الآمدى هكذا: بشير بن أبى جذيمة العبسىّ. المؤتلف والمختلف ص 79. (¬3) الخرق، بكسر الخاء: الكريم المتخرّق فى الكرم. (¬4) البيت مع آخر فى مجمع الأمثال 2/ 42. (¬5) وأصلها الضمّ. (¬6) فى هـ‍: «ما لهم سعنة ولا معنة، أى ما لهم شيء. . .» وما فى الأصل مثله فى إصلاح المنطق ص 384 (باب ما يتكلم فيه بالجحد). والأمثال لأبى عبيد ص 388.

ابن ربيعة بن جعدة بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة [قال لعقال بن خويلد، أحد بنى كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة (¬1)]: كليب لعمرى كان أكثر ناصرا … وأيسر جرما منك ضرّج بالدّم رمى ضرع ناب فاستمرّ بطعنة … كحاشية البرد اليمانى المسهّم فقال لجسّاس أغثنى بشربة … من الماء فامننها علىّ وأنعم الناب: الناقة المسنّة، وشبّه الطّعنة بحاشية البرد، لحمرة الدم، والمسهّم: المخطّط الذى عليه أمثال السّهام. وقال بعض النّسّابين المتقدّمين (¬2)، كلّ اسم فى العرب من تركيب (ع د س) فهو عدس، مفتوح الدال، إلا عدس بن زيد بن تميم، فإنه مضموم الدال. انتهى كلامه. وأقول: إن من فتح الدال منه عدله عن عادس، فلم يصرفه، فإن شئت اشتققت عادسا من العدس، وهو شدّة الوطء، يقال: عدسه يعدسه: إذا وطئه بشدّة، وإن شئت أخذته من قولهم: عدس فى الأرض: إذا ذهب فيها، وأنشدنى الشريف أبو المعمّر يحيى بن محمد، شيخنا رضى الله عنه، قال: أنشدنا أبو القاسم ابن برهان، لحاجب بن زرارة التّميمىّ: شربت الخمر حتى خلت أنّى … أبو قابوس أو عبد المدان (¬3) أمشّى فى بنى عدس بن زيد … رخىّ البال معتقل اللّسان ¬

(¬1) سقط من هـ‍. والأبيات فى ديوان النابغة ص 143، وتخريجها فى ص 137. (¬2) ينسب هذا إلى أبى عبيدة، كما ذكر ابن حبيب فى مختلف القبائل ص 4، وراجع النقائض صفحات 182،451،587، وانظر فهارسه. وشرح ما يقع فيه التصحيف والتحريف ص 87،99، وتاج العروس (عدس) 16/ 235. (¬3) البيتان فى الكامل 1/ 123، ونسبهما المبرد للقيط بن زرارة، أخى حاجب.

فضم الشريف الدال وكسر السين، وكان ابن برهان له فى علم النّسب قدم راسخة، وذكر أبو بكر بن دريد فى كتاب الاشتقاق (¬1) أنه عدس بن زيد، مفتوح الدال. وأبو قابوس: أراد به النّعمان بن المنذر، وعبد المدان من بنى الحارث بن كعب، كان من أكابر ساداتهم، وقال شريك بن الأعور الحارثىّ، وقد حرّكه معاوية/بكلام أغضبه، وكان من ولد عبد المدان: أيشتمنى معاوية بن حرب … وسيفى صارم ومعى لسانى (¬2) وحولى من ذوى يمن ليوث … ضراغمة تهشّ إلى الطّعان فلا تبسط لسانك يا ابن حرب … فإنك قد بلغت مدى الأمانى فإن تك من أميّة فى ذراها … فإنى فى ذرى عبد المدان وإن تك للشّقاء لنا أميرا … فإنّا لا نقيم على الهوان فترضّاه معاوية. وقابوس غير مصروف، لأنه أعجميّ، وأصله كاووس (¬3). ... ¬

(¬1) ص 234. (¬2) أعاد ابن الشجرى هذه الأبيات فى المجلس الموفّى الخمسين، وهى فى الحماسة البصرية 1/ 232، وثمرات الأوراق ص 65، والمستطرف 1/ 72 - طبعة بولاق 1285 هـ‍-والكشكول 1/ 363. (¬3) فى الأصل: «كاووش» بالشين المعجمة، وأثبته بالسين المهملة من هـ‍، والمعرّب ص 259.

المجلس الثامن عشر

المجلس الثامن عشر وهو مجلس يوم السبت، العشرين من رجب، من سنة أربع وعشرين وخمس مائة. وأبيات (¬1) الجعدىّ من قصيدة أولها: أيا دار سلمى بالحزون ألا اسلمى … نحيّيك عن شحط (¬2) وإن لم تكلّمى عفت بعد حىّ من سليم وعامر … تفانوا ودقّوا بينهم عطر منشم (¬3) ومسكنها بين الفرات إلى اللّوى … إلى شعب ترعى بهنّ فعيهم أقامت به البردين ثم تذكّرت … منازلها بين الجواء فجرثم ليالى تصطاد الرّجال بفاحم … وأبيض كالإغريض لم يتثلّم خاطب الدار بقوله: أيا دار سلمى، وبقوله: اسلمى وما بعده، ثم انصرف عن خطابها إلى إضمار الغيبة فى قوله: عفت، والعرب كثيرا ما تنصرف عن الغيبة إلى الخطاب، وعن الخطاب إلى الغيبة، وهذا الفنّ من التصرّف متّسع فى القرآن وفى الشّعر، قال أبو كبير الهذلىّ (¬4): ¬

(¬1) فى الأصل: «من قصيدة للجعدى أولها»، وأثبت ما فى هـ‍. والأبيات فى ديوان النابغة الجعدى ص 137 - 141، مع بعض اختلاف فى الرواية. وقد روى البغدادىّ الأبيات فى الخزانة 4/ 406، برواية ابن الشجرى، حكاية عنه. (¬2) فى هـ‍: «سخط»، والصواب فى الأصل والخزانة. وقال البغدادىّ: «والشحط: البعد، وفعله من باب منع» الخزانة 4/ 408، ورواية الديوان: إلى جانب الصمّان فالمتثلم (¬3) يأتى هذا العجز قريبا فى شعر زهير. (¬4) شرح أشعار الهذليين ص 1081، وتخريجه فى ص 1488.

يا لهف نفسى كان جدّة خالد … وبياض وجهك للتّراب الأعفر فخاطب بعد الغيبة، ونقيض ذلك فى قول كثيّر: /أسيئي بنا أو أحسنى لا ملومة … لدينا ولا مقليّة إن تقلّت (¬1) أراد: لا أنت ملومة ولا مقليّة، أى مبغضة إن تبغّضت و [مثله (¬2)] فى التنزيل: {ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى} (¬3) ونظيره فى التنزيل: {حَتّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ} (¬4) ومثله: {وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ} (¬5) وقال جل ثناؤه: {اُدْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْواجُكُمْ تُحْبَرُونَ} (¬6) ثم قال: {يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوابٍ وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ} (¬7) ثم قال: {وَأَنْتُمْ فِيها خالِدُونَ}. والخروج من الغيبة إلى الخطاب جاء فى قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ} (¬8) وتعقيبه بقوله: {إِيّاكَ نَعْبُدُ وَإِيّاكَ نَسْتَعِينُ} (¬9). ¬

(¬1) فرغت منه فى المجلس الثامن. (¬2) ساقط من هـ‍. (¬3) الآية الثالثة من سورة الضحى، قال الزركشى فى البرهان 3/ 319، فى أثناء كلامه على الالتفات من الخطاب إلى الغيبة: «وجعل منه ابن الشجرى ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى، وقد سبق أنه على حذف المفعول، فلا التفات». وانظر البرهان 3/ 167، وقد أعاد ابن الشجرى هذه الآية الكريمة فى المجلسين: التاسع والثلاثين، والذى بعده، شاهدا على حذف المفعول، كما يرى الزركشى. (¬4) سورة يونس 22. (¬5) سورة الروم 39. (¬6) سورة الزخرف 70. (¬7) سورة الزخرف 71، وجاء فى الأصل وهـ‍: «وفيها ما تشتهى الأنفس» وهو خطأ. (¬8) أول فاتحة الكتاب. (¬9) سورة الفاتحة 5.

وقوله: «ومسكنها» ترك إضمار الدار إلى إضمار سلمى، وقوله: «إلى شعب» الشّعب (¬1): جمع شعبة، وهو مسيل من ارتفاع إلى بطن الوادى، أصغر من التّلعة. وقوله: «أقامت به البردين» أضمر المسكن بعد إضمار الشّعب، وأراد بالبردين طرفى الشّتاء، والبردان أيضا: الغداة والعشىّ. وقوله: «وأبيض كالإغريض» شبّه ثغرها بالإغريض، وهو الطّلع. وسليم وعامر اللذان ذكرهما: سليم بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن (¬2) عيلان، وعامر ابن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان. وقوله: ودقّوا بينهم عطر منشم: أراد امرأة من خزاعة يقال لها: منشم (¬3) بنت الوجيه، كانت تبيع العطر فى الجاهليّة، فلما وقعت الحرب بين جرهم وخزاعة كانت إذا حضر القتال تجيء بالطّيب مدقوقا فى الأوعية فتطيّب به فتيان خزاعة، فكان من مسّ من ذلك الطّيب شيئا لم يرجع من يومه حتى يبلى، فإمّا أن يحمل جريحا، أو يقتل، فضربت العرب المثل بعطرها فى الشّؤم، قال زهير للحارث بن عوف، وهرم بن سنان المرّيّين: تداركتما عبسا وذبيان بعد ما … تفانوا ودقّوا بينهم عطر منشم (¬4) ¬

(¬1) فى هـ‍ «والشعب» بإقحام الواو. (¬2) هكذا ثبتت «بن» هنا بين «قيس وعيلان» وحذفت بعد قليل. قال ابن حزم فى الجمهرة ص 10: «وقد قال قوم: «قيس بن عيلان بن مضر، والصحيح: قيس عيلان». وحول هذا كلام كثير، انظره فى التاج (قيس) 16/ 417، وفهارس الجمهرة. (¬3) الأقاويل فيها كثيرة. انظر المعارف ص 613، والدرة الفاخرة ص 243، وثمار القلوب ص 308، ومجمع الأمثال 1/ 381 (ما جاء على أفعل من باب الشين: أشأم من عطر منشم)، واللسان (نشم). وفى شرح القصائد السبع ص 261، عن ابن الكلبىّ: «منشم امرأة الوجيه الحميرى». (¬4) ديوان زهير ص 15، وشرح القصائد السبع، الموضع السابق.

هذا قول نصر بن شاهد الخزاعىّ، وزعم إسحاق بن زكريا اليربوعىّ أن منشم امرأة من بنى غدانة، وهى صاحبة يسار الكواعب. ومن حديثها (¬1) أنّ يسار الكواعب كان عبدا أسود دميما قبيحا، وقيل له: يسار الكواعب، لأن النّساء [الكواعب (¬2)] كنّ إذا رأينه ضحكن من قبحه، وكان يظنّ أنهنّ إنما يضحكن من عجبهنّ به، حتى نظرت إليه امرأة مولاه، وهى منشم، فضحكت فظنّ أنها خضعت إليه، فقال لصاحب له أسود، كان يكون معه فى الإبل: قد والله عشقتنى مولاتى، فلأزورنّها الليلة، ولم يكن يفارق الإبل، فقال له صاحبه: يا يسار، اشرب لبن العشار، وكلّ لحم الحوار، وإيّاك وبنات الأحرار، فقال له: يا صاحب، أنا يسار الكواعب، والله ما رأتنى حرّة قطّ إلاّ عشقتنى، فلما أمسى قال لصاحبه: احفظ علىّ الإبل حتى أنصرف إليك، فنهاه صاحبه فلم ينته، حتى دخل على امرأة مولاه، يريدها عن نفسها، فقالت له: مكانك فإنّ للحرائر طيبا فأشمّك إيّاه، فقال لها: فهاتيه، فأتته بطيب وبموسى خذمة (¬3)، أى قاطعة، فأشمّته الطّيب، ثم أنحت بالموسى على أنفه فاستوعبته قطعا، فخرج هاربا حتى أتى صاحبه ودمه يسيل، فقال له: لا يبعد الله غيرك، وضربت به العرب المثل فى الشّرّ، وبطيب منشم، قال الفرزدق لجرير: فهل أنت إن ماتت أتانك راحل … إلى آل بسطام بن قيس فخاطب (¬4) ¬

(¬1) راجع النقائض ص 816، وثمار القلوب ص 108، والفاخر ص 99، ومجمع الأمثال 1/ 393، فى شرح المثل: «صبرا على مجامر الكرام». (¬2) ليس فى هـ‍. (¬3) فى هـ‍: «حدمة» بالحاء المهملة، وصوابه بالخاء المعجمة، كما فى الأصل، والنهاية 2/ 17، والخذم: سرعة القطع، وبه سمّى السيف مخذما. (¬4) البيتان من قصيدة مجرورة القافية، وهما متباعدان فى ديوان الفرزدق، فقد جاء الأول فى ص 111، والثانى فى ص 113، وكذلك جاءا فى النقائض، ص 813،816، والرواية فيهما: ألست إذا القعساء أنسل ظهرها إلى آل بسطام بن قيس بخاطب وإنى لأخشى إن خطبت إليهم عليك الذى لاقى يسار الكواعب ولا إقواء على هذه الرواية. ورواية ابن الشجرى للبيت الأول-وبها جاء الإقواء-مطابقة لرواية ابن سلاّم، فى طبقات فحول الشعراء ص 366، وشروح سقط الزند ص 53. -

وإنى لأخشى إن رحلت إليهم … عليك الذى لاقى يسار الكواعب رفع قافية وجرّ أخرى، وهذا يسمّى الإقواء، من قولهم: أقوى الحابل: /إذا جاء بقوّة من قوّى الحبل تخالف سائر قواه (¬1). وقيل: منشم: امرأة كانت بالبحرين، دقّت عطرا لقوم فتحالفوا عليه وغمسوا أيديهم فيه، ثم وقع بينهم شرّ بعد ذلك، فتشاءموا بذلك العطر. وقيل: منشم: امرأة كان لها خلم، يعنى صديقا، فشمّ زوجها من رأس خلمها رائحة دهنه وعطره، وقد كان اتّهمه بها، فحقّق عند ذلك ما وقع فى ظنّه، فقتله، فوثب قومه على زوجها فقتلوه، فوقعت بين قوميهما الحرب حتى تفانوا، فضربت العرب بها المثل فى الشّؤم. ¬

= وقد حكى التبريزى عن أبى العلاء المعرّى، قال: «والذى أذهب إليه أن قوله: «فخاطب» أمر لجرير، من قولهم: خاطبهم يخاطبهم خطابا، كما تقول للرجل إذا لمته على الشىء فسكت: تكلّم، أى هات حجّتك على ما فعلت» قال شيخنا محمود محمد شاكر حفظه الله، تعليقا عليه: يريد أبو العلاء أن يرفع الإقواء، فتكلّف تكلّفا. هذا وقد جاء بهامش أصل الأمالى حاشية من كلام تاج الدين الكندى، هذا نصّها: «هذان البيتان يرويان للفرزدق بهذا اللفظ على الإقواء، وليسا كذلك، والصواب أنهما، على ما تتبّعته من شعرهما فى النقائض: أن الفرزدق أجاب جريرا عن قصيدة بائية مرفوعة، يعيّره فيها بتزوج حدراء، وهى نصرانية، وقصيدة الفرزدق على وزنها ورويّها، إلا أنها مجرورة، وأحد البيتين بعد الآخر بأبيات، الأول منهما: ألست إذا القعساء أنسل ظهرها إلى آل بسطام بن قيس بخاطب والثانى: وإنى لأخشى إن خطبت إليهم عليك الذى لاقى يسار الكواعب وكنت قديما أرويهما كما رواهما مشايخنا، فلما تتبّعت شعريهما. . .» وهنا ذهب بقية كلام الكندى فى التصوير. وانظر قصيدة جرير المشار إليها فى النقائض ص 807. (¬1) فلما خالفت القافية سائر قوافى القصيدة معها باختلاف حركات المجرى، قيل: أقوى، أى خالف بين قوافيه. الكافى للتبريزى ص 161، وقيل الإقواء من قولهم: أقوى الربع: إذا عفى وتغيّر وخلا من سكّانه، فكذلك الروىّ تغيّرت جريته، وخلا من حركته. العيون الغامزة ص 247.

بيت للمتنبى

ويقال: إنّ منشم امرأة من جرهم، كانت تبيع العطر، فكانوا إذا أرادوا أن يحتربوا تطيّبوا من عطرها عند القتال. وقال أبو عمرو الشّيبانىّ: هى امرأة من خزاعة، كانت تبيع العطر، فإذا حاربوا اشتروا منها كافورا لقتلاهم، فتشاءموا بها، وكانت تسكن مكّة. بيت للمتنبىّ: حشاى على جمر ذكىّ من الهوى … وعيناى فى روض من الحسن ترتع (¬1) الحشا: ما بين الضّلع التى فى آخر الجنب إلى الورك، والجمع أحشاء، وذكت النار تذكو: اتّقدت وارتفع لهبها. والرّوضة: موضع يتّسع ويجتمع فيه الماء فيكثر نبته، ولا يقال لموضع الشجر: روضة. والرّتوع فى الأصل للماشية: وهو ذهابها ومجيئها فى الرّعى، وكثر ذلك حتى استعمل للآدميّين، وفى التنزيل: «نرتع ونلعب» (¬2) ومن قرأ «نرتع» بكسر العين، فهو نفتعل (¬3) من الرّعى، وأصل رتع: أكل ما شاء، ومنه قول سويد بن أبى كاهل: ويحيّينى إذا لاقيته … وإذا يخلو له لحمى رتع (¬4) وإنما قال: عيناى، فثنّى ثم قال: ترتع، فأخبر عن الاثنتين بفعل (¬5) واحدة، لأنّ /العضوين المشتركين فى فعل واحد، مع اتفاقهما فى التسمية، يجرى عليهما ¬

(¬1) ديوانه 2/ 235. (¬2) سورة يوسف 12 و «نرتع ونلعب» بالنون فيهما وتسكين العين والباء، كما فى الأصل، وهـ‍ والخزانة 7/ 554 حكاية عن ابن الشجرى. وهى قراءة أبى عمرو وابن عامر. والقراءة التالية، بالنون وكسر العين من غير ياء، من ارتعيت، وقرأ بها ابن كثير. وقرأ عاصم وحمزة والكسائى ويعقوب يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ بالياء التحتية وسكون العين والباء. السبعة لابن مجاهد ص 345، وإتحاف فضلاء البشر ص 262، وانظر تفسير الطبرى 15/ 569. (¬3) فى هـ‍: «تفعيل» وكتب كاتب فى الهامش: الصحيح افتعال. (¬4) من قصيدته المفضلية العالية. شرح المفضليات لأبى محمد الأنبارى ص 402، والمقتضب 4/ 170، واللسان (رتع) وغير ذلك كثير. (¬5) فى هـ‍: فعل.

ما يجرى على أحدهما (¬1)، ألا ترى أن كلّ واحدة من العينين لا تكاد تنفرد بالرؤية دون الأخرى، فاشتراكهما فى النظر كاشتراك الأذنين فى السّمع، والقدمين فى السّعى، ويجوز أن يعبّر عنهما بواحدة، يقال: رأيته بعينى، وسمعته بأذنى، وما سعت فى ذاك قدمى، كما قال: خدلّج السّاقين خفّاق القدم (¬2) فإن قلت: بعينىّ وبأذنىّ وقدمىّ، فثنّيت فهو حقّ الكلام، والأول أخفّ وأكثر استعمالا. ولك فى هذا الباب (¬3) أربعة أوجه من الاستعمال، أحدها: أن تستعمل الحقيقة فى الخبر والمخبر عنه، وذلك قولك: عيناى رأتاه، وأذناى سمعتاه، وقدماى سعتا فيه، والثانى: أن تعبّر عن العضوين بواحد، وتفرد الخبر حملا على اللفظ، تقول: عينى رأته، وأذنى سمعته، وقدمى سعت فيه، وإنما استعملوا الإفراد فى هذا تخفيفا، وللعلم بما يريدون، فاللفظ على الإفراد، والمعنى على التثنية. فلو قيل على هذا: «وعينى فى روض من الحسن ترتع» كان جيّدا. والثالث: أن تثنّى العضو، وتفرد الخبر، لأن حكم العينين أو الأذنين أو القدمين حكم واحدة، لاشتراكهما فى الفعل، فتقول: أذناى سمعته، وعيناى رأته، وقدماى سعت فيه، كما قال: وعيناى فى روض من الحسن ترتع، ومنه قول سلمىّ ابن ربيعة السّيدىّ: ¬

(¬1) يقول أبو على المرزوقى: متى اجتمع شيئان فى أمر لا يفترقان فيه اجتزئ بذكر أحدهما عن الآخر. شرح الحماسة ص 547. (¬2) من رجز لرشيد بن رميض العنبرى، وينسب لغيره. الأغانى 15/ 254، واللسان (حطم). وإنشاد الحجاج لهذا الرجز ذائع الصّيت، دائر فى كتب اللغة والأدب والتاريخ. انظر البيان والتبيين 2/ 308، والكامل ص 499، والعقد الفريد 4/ 120،5/ 17، ومعجم الشواهد ص 528. (¬3) فى هـ‍: «البيت» وما فى الأصل مثله فى الخزانة، وديوان المتنبى، الموضع السابق، وذكر شارحه هذه الأوجه الأربعة، ولم يعزها إلى ابن الشجرى.

فكأنّ فى العينين حبّ قرنفل … أو سنبلا كحلت به فانهلّت (¬1) ومثله قول امرئ القيس (¬2): لمن زحلوفة زلّ … بها العينان تنهلّ وللفرزدق (¬3): /ولو بخلت يداى بها وضنّت … لكان علىّ للقدر الخيار والرابع: أن تعبّر عن العضوين بواحد، وتثنّى الخبر، حملا على المعنى، كقولك: أذني سمعتاه، وعينى رأتاه، وهذا قليل، ومنه قول امرئ القيس (¬4): وعين لها حدرة بدرة … شقّت مآقيهما من أخر وقول الآخر: إذا ذكرت عينى الزمان الذى مضى … بصحراء فلج ظلّتا تكفان (¬5) فأمّا ما أنشده ابن السّكّيت (¬6) من قول الراجز: والساق منّى باردات (¬7) … الرّير ¬

(¬1) سبق تخريج القصيدة التى منها هذا البيت فى المجلس الرابع. وانظر شواهد التوضيح ص 62. (¬2) ملحقات ديوانه ص 472، وتخريجه فيه، وزد عليه ما فى معجم الشواهد ص 298، وشرح ديوان المتنبى للواحدى ص 43، وأنشد العجز فقط من غير نسبة. (¬3) ديوانه ص 364، برواية: ولو رضيت يداى بها وقرّت لكان لها على القدر الخيار وانظر حواشى الديوان، ومعجم الشواهد ص 166. وحواشى طبقات فحول الشعراء ص 318. (¬4) ديوانه ص 166، وزدته تخريجا فى كتاب الشعر ص 211،308، وأعاده ابن الشجرى فى المجلس الثالث والثلاثين. (¬5) شرح ديوان المتنبى 1/ 236، والهمع 1/ 50، والدرر اللوامع 1/ 25، وذكر مصنّفه كلام ابن الشجرى دون عزو. (¬6) إصلاح المنطق ص 89. واللسان (رير)، والخزانة، الموضع المذكور. (¬7) هكذا فى الأصل وهـ‍ «باردات» هنا، وفيما يأتى من مشتقّاته. ومثله فى إصلاح المنطق، -

فكان الوجه أن يقول: باردة، حملا على لفظ الساق، أو باردتان؛ لأن المراد بالساق الساقان، ولكنه جمع فى موضع التثنية لقرب الجمع من التثنية، ويشبه ذلك قولك (¬1): ضربت رءوسهما، ويمكن أن تكون الألف فى باردات إشباعا كقول القائل (¬2): وأنت من الغوائل حين ترمى … ومن ذمّ الرجال بمنتزاح أراد: بمنتزح، فأشبع الفتحة فنشأت عنها الألف. ويقال: مخّ رار ورير، للرّقيق منه. وقوله: «من الهوى» مفسّر للجمر، وكذلك قوله: «من الحسن» مفسّر للرّوض، فمن متعلّقة بمحذوف، وصف للمفسّر. وقال: «حشاى» والمراد ما جاور الحشا، وهو القلب، والعرب تعبّر عن الشىء بمجاوره، فالمعنى: قلبى على جمر من الهوى شديد التوقّد لفراقهم، وعينى ترتع (¬3) من وجه الحبيب فى روض من الحسن، واستعار الرّتوع للعين، لتصويب النظر وتصعيده فى محاسن المنظور إليه، واستعار لحسنه روضا، تشبيها لعينيه بالنّرجس، ولخدّيه بالشّقيق، ولثغره بالأقحوان، ومعنى البيت ناظر إلى قول أبى تمام (¬4): ¬

= والخزانة 7/ 556، وهو من قولهم: «برد فلان: إذا ضعفت قوائمه، وغيّره مصحح طبعة الهند فجعله «باديات» هنا وفيما يأتى، وهو كذلك فى اللسان، ونسخة من إصلاح المنطق. (¬1) فى هـ‍: «قولهم». وتقدم الكلام على ذلك فى المجلس الثانى. (¬2) إبراهيم بن هرمة. ديوانه ص 92، وتخريجه فى ص 251، وزد عليه ما فى حواشى كتاب الشعر ص 16، والفصول الخمسون ص 271. وأعاده ابن الشجرى فى المجلسين: الحادى والثلاثين، والمتمّ الستين. (¬3) فى هـ‍: فى. (¬4) ديوانه 4/ 220، برواية: أسكن قلبا هائما فيه مأتم من الشوق إلاّ أن عينى فى عرس والذى فى الخزانة وشرح ديوان المتنبى مطابق لرواية ابن الشجرى، وهما ناقلان عنه، كما أسلفت.

/أفى الحقّ أن يمسى بقلبى مأتم … من الشّوق والبلوى وعيناى فى عرس وأنشدت للرّضىّ (¬1): فالقلب فى مأتم والعين فى عرس واستعمال المأتم لجماعة النساء فى المناحة خاصّة مما لم ترده العرب، ولكنه عندهم لجماعة، فى المناحة وغيرها، قال أبو حيّة (¬2): رمته أناة (¬3) … من ربيعة عامر نؤوم الضّحى فى مأتم أىّ مأتم وقول امرئ القيس فيما ذكرته شاهدا: وعين لها حدرة بدرة … شقّت مآقيهما من أخر وصف به عين فرس، ومعنى حدرة: مكتنزة ضخمة، وبدرة: تبدر النظر (¬4)، وشقّت مآقيهما من أخر: أى اتّسعت من آخرها. والبيت من ثالث البحر المسمّى المتقارب، عروضه (¬5) سالمة وضربه محذوف، ووزنه ¬

(¬1) ديوانه 1/ 557، وصدره: تلذّ عينى وقلبى منك فى ألم (¬2) النّميرى. والبيت فى أدب الكاتب ص 25، وشرحه الاقتضاب ص 293، وشرح الحماسة ص 1368، ومقاييس اللغة 1/ 48، واللسان (أتم-أنى). (¬3) فى اللسان، عن الأصمعىّ: الأناة من النساء: التى فيها فتور عن القيام وتأنّ. (¬4) وكذا فى الخزانة. والذى فى اللسان والقاموس: «بالنظر». ومعنى «تبدر». تسرع وتسبق. وقيل: حدرة: واسعة. وبدرة: تامّة كالبدر. وهناك أقوال أخرى تراها فى اللسان. وقال ابن فارس: «وعين بدرة: أى ممتلئة». المقاييس 1/ 208. (¬5) بهامش الأصل بخط الناسخ حاشية: «هذا البيت عروضه وضربه جميعا محذوفان» وبعد ذلك بخطّ مغاير: «وقوله: «سالمة» ينبغى أن يكون غلطا من الكاتب إن شاء الله». وجاء بحاشية الخزانة لمصحح طبعة بولاق «قوله: «عروضه سالمة» فيه أن العروض محذوفة مثل الضرب». والحذف: سقوط السبب الخفيف من فعولن، فتصير «فعو» أو «فعل»، وهو الذى جاء فى العروض والضرب معا.

فعل، وقد استعمل فيه الخرم الذى يسمّى الثّلم (¬1)، فى أول النصف الثانى، وقلّ ما يوجد الخرم إلاّ فى أوّل البيت (¬2). وقوله: لمن زحلوفة: الزّحلوفة: الزّلاّقة التى يترجّح فيها الصّبيان فيزلقون، ويروى «زحلوقة» بالقاف. آخر المجلس. ... ¬

(¬1) فى الأصل: «أثلم»، وأثبتّ ما فى هـ‍، والخزانة. (¬2) راجع المنصف 1/ 68، والكافى ص 27،141.

المجلس التاسع عشر

المجلس التاسع عشر وهو مجلس يوم السبت، سابع وعشرين (¬1) رجب سنة أربع وعشرين وخمسمائة. قال أعشى تغلب، واسمه ربيعة بن نجوان، وقال أبو جعفر محمد بن حبيب: هو نعمان بن نجوان (¬2)، وكان نصرانيّا من بنى معاوية بن جشم بن بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب: كأنّ بنى مروان بعد وليدهم … جلاميد ما تندى وإن بلّها القطر (¬3) وكانوا أناسا ينفحون فأصبحوا … وأكثر ما يعطونك النّظر الشّزر /أننسى (¬4) … إذا ما لم تنبكم كريهة وندعى إذا ما هزهز الأسل الحمر ألم يك غدرا ما فعلتم بشمعل … وقد خاب من كانت سريرته الغدر وكائن دفعنا عنكم من عظيمة … ولكن أبيتم لا وفاء ولا شكر ونحن قتلنا مصعبا قد علمتم … بمسكن يوم الحرب أنيابها خضر ¬

(¬1) فى هـ‍: «سابع عشر»، وهو خطأ، فإن تاريخ المجلس السابق: العشرون من رجب. (¬2) مكان هذا فى تاج العروس (عشى) 10/ 244 «جاوان»، وفى الأغانى 11/ 281 «يحيى»، وكذلك فى معجم الأدباء 11/ 132. وما فى المؤتلف والمختلف ص 20 مطابق لما عند ابن الشجرى. وذكر المرزبانى فى معجم الشعراء ص 69 «عمرو بن الأيهم بن أفلت التغلبى»، وقال: «نصرانىّ كثير الشعر، وقيل: اسمه عمير. ويقال: هو أعشى بنى تغلب» وذكر صاحب المكاثرة عند المذاكرة ص 6 «أعشى بنى تغلب»، ثم قال: لم أجد اسمه ولا نسبه». وانظر شرح شواهد المغنى ص 86. (¬3) الأبيات من قصيدة فى ديوان الأعشين ص 289،290، والبيت الأول فى الأغانى، والثالث فى المكاثرة، وانظر الحماسة البصرية 1/ 98. (¬4) فى ديوان الأعشين: «أينسى. . . وننسى».

فما ربّ ذاك الفضل كاسر عينه … هشام ولا عبد العزيز ولا بشر فإن تكفروا ما قد علمتم فربّما … أتيح لكم قسرا بأسيافنا النّصر قوله: «بعد وليدهم» أراد الوليد بن عبد الملك، لا الوليد بن يزيد بن عبد الملك. وقوله: «وكانوا أناسا ينفحون» وزن أناس: فعال، وناس منقوص منه، عند أكثر النحويين، فوزنه عال، والنقص والإتمام فيه متساويان فى كثرة الاستعمال ما دام منكورا، فإذا دخلت عليه الألف واللام التزموا فيه الحذف، فقالوا: الناس، ولا يكادون يقولون: الأناس إلا فى الشّعر، كقوله (¬1): إنّ المنايا يطّلعن على الأناس الآمنينا وحجّة هذا المذهب وقوع الإنس على الناس، فاشتقاقه من الأنس: نقيض الوحشة، لأن بعضهم يأنس ببعض. وذهب الكسائىّ إلى أن الناس لغة مفردة، وهو اسم تامّ، وألفه منقلبة عن واو، واستدلّ بقول العرب فى تحقيره: نويس، قال: ولو كان منقوصا من أناس، لردّه التحقير إلى أصله فقيل: أنيس. وقال بعض من وافق الكسائىّ فى هذا القول: إنه مأخوذ من النّوس، مصدر ناس ينوس: إذا تحرّك، ومنه قيل لملك من ملوك حمير (¬2): ذو نواس، لضفيرتين ¬

(¬1) ذو جدن الحميرى. المعمّرون ص 43، والخصائص 3/ 151، ومجالس العلماء ص 70، والخزانة 2/ 280، واللسان (أنس-نوس)، وأعاده ابن الشجرى فى المجلس السابع والأربعين. (¬2) فى هـ‍: ومنه قيل لملك من الملوك: ذو نواس.

كانتا تنوسان على عاتقه، قال الفراء (¬1): والمذهب الأول أشبه، وهو مذهب المشيخة. وقال أبو علىّ: أصل الناس: الأناس، فحذفت الهمزة التى هى فاء، ويدلّك على/ذلك الإنس والأناسىّ، فأما قولهم فى تحقيره: نويس، فإنّ الألف لمّا صارت ثانية وهى زائدة، أشبهت ألف فاعل، يعنى أنها أشبهت بكونها ثانية وهى زائدة، ألف ضارب، فقيل: نويس، كما قيل: ضويرب. وقال سلمة بن عاصم، وكان من أصحاب الفرّاء: الأشبه فى القياس أن يكون كلّ واحد منهما أصلا بنفسه، فأناس من الأنس، وناس من النّوس، لقولهم (¬2) فى تحقيره: نويس، كبويب فى تحقير باب. ومعنى ينفحون: يعطون المال، يقال: نفحه بالمال: إذا أعطاه، ولفلان نفحات من المعروف: أى عطايا. والنّظر الشّزر: نظر الغضبان بمؤخر عينه. وقوله: «أننسى» يحتمل أن يكون من النسيان، الذى هو نقيض الذّكر، بضمّ الذال، من قولهم: اجعله منك على ذكر: أى لا تنسه، ويحتمل أن يكون من النسيان الذى هو التّرك، من قوله تعالى: {نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ} (¬3) أى تركوا الله فتركهم. وقوله: «ما لم تنبكم كريهة» يقال: نابه أمر: أى نزل به، والكريهة: الشّدّة فى الحرب. ¬

(¬1) وهو مذهب جماعة من البصريين، وافقهم فيه الفراء، كما ذكر المصنف فى المجلس السابع والأربعين. (¬2) فى هـ‍: كقولهم. (¬3) سورة التوبة 67.

وقوله: «هزهز الأسل» الأسل: القنا، والهزهزة: الهزّ. وقوله: «ألم يك غدرا ما فعلتم بشمعل» شمعل: ترخيم شمعلة، وهو منقول من قولهم: ناقة شمعلة: أى سريعة، ومنه اشمعلّ فى أمره: إذا جدّ فيه ومضى، قال الشّماخ (¬1): ربّ ابن عمّ لسليمى مشمعلّ وهو شمعلة بن فائد بن هلال التّغلبيّ، وكان عظيم القدر فى البادية، ذا جمال وفضل، وكان نصرانيّا، فطالبه هشام بن عبد الملك بأن يسلم، لما رأى من فضله وجماله، فأبى، فقال له هشام: لئن لم تفعل لأطعمنّك لحمك، وقال: حزّوا من فخذه حزّة خفيفة ولا تزيدوا على ذلك، ففعلوا، فقال: لو قطّعت لما أسلمت على هذا الوجه، فلما خلّى عنه قال أعداؤه: أطعمه هشام لحمه، فقال (¬2): أمن حزّة فى الفخذ منّى تباشرت … عداتى فلا نقص علىّ ولا وتر وإنّ أمير المؤمنين وفعله … لكالدّهر لا عار بما فعل الدّهر ورخّم «شمعلة» فى غير النداء ضرورة، وأعربه، لأنه رخّمه على لغة من قال: يا حار، ولو رخّمه على اللغة الأخرى أقرّ فتحة اللام، واتّفق النحاة على جواز الترخيم فى غير النداء، على لغة الذين قالوا: يا حار، بالضم، لأن أصحاب هذه اللغة يجعلون الاسم بمنزلة ما لم يحذف منه شيء، فهم لا يريدون المحذوف، واختلفوا فى ¬

(¬1) ديوان الشماخ ص 389، مع نسبته لجبار بن جزء، وجزء: أخو الشمّاخ. وانظر تخريجه فى ص 396 من الديوان، وانظر إيضاح شواهد الإيضاح ص 229. وانظر المجلس التاسع والستين. (¬2) وهكذا نسب البيتان إلى شمعلة فى المكاثرة ص 7، وجعلهما أبو الفرج فى الأغانى 11/ 282 من قول أعشى تغلب، والبيت الثانى فى رسالة الغفران ص 360 منسوبا لشمعلة، والبيتان باختلاف فى الرواية فى الكامل 3/ 158، منسوبين لشمعل التغلبى. وكذلك فى زهر الآداب ص 1032، ونسب البيت الثانى فى المصون ص 69،99، إلى الأخطل، وصحّح شيخنا رحمه الله نسبته إلى شمعلة.

الترخيم على اللغة الأخرى، فأجازه سيبويه، وأنشد فيه أبياتا، منها قول زهير (¬1): خذوا حظّكم يا آل عكرم واذكروا … أواصرنا والرّحم (¬2) بالغيب تذكر أراد عكرمة، فحذف التاء، وبقيت فتحة الميم دالّة عليها. ومنها قول ابن حبناء (¬3): إنّ ابن حارث إن أشتق لرؤيته … أو أمتدحه فإنّ الناس قد علموا أراد حارثة، وقول حسّان بن ثابت (¬4): أتانى عن أمىّ نثا حديث … وما هو فى المغيب بذى حفاظ وقول جرير (¬5): ¬

(¬1) ديوانه ص 214، والكتاب 2/ 271، وضرورة الشعر ص 84، وضرائر الشعر ص 138، والتبصرة ص 372، والتبيين ص 454، وشرح الجمل 2/ 571، وأعاده ابن الشجرى فى المجلس الخامس والخمسين. (¬2) الرّحم، بكسر الراء: القرابة، مثل الرّحم. (¬3) هو المغيرة بن حبناء-والبيت فى الكتاب 2/ 272، والأصول 3/ 458، والإنصاف ص 354، وأسرار العربية ص 241، ورسالة الغفران ص 235، والصاهل والشاحج ص 488، والتبصرة ص 373، والضرائر ص 139، والمقرب 1/ 188، وشرح الجمل 2/ 573، وغير ذلك كثير. وأعاده ابن الشجرى فى المجلس الخامس والخمسين. وقد أورد أبو الفرج البيت ضمن قصيدة فى مدح المهلب بن أبى صفرة، برواية: إن المهلب إن أشتق لرؤيته أو أمتدحه فإن الناس قد علموا وبهذه الرواية يفوت الاستشهاد. الأغانى 13/ 88. (¬4) مطلع قصيدة فى ديوانه ص 153، يهجو بها أميّة بن خلف الجمحىّ. وأعاد ابن الشجرى إنشاده فى المجلس الخامس والخمسين من غير نسبة، وذكر أنه مما أنشده سيبويه، ولم أجده فى الكتاب المطبوع، وليس فى شواهد سيبويه من قافية الظاء شيء. (¬5) ديوانه ص 221، برواية: أأصبح وصل حبلكم رماما وما عهد كعهدك يا أماما وعليها يفوت الاستشهاد. والبيت بروايتنا فى الكتاب 2/ 270، وضرورة الشعر ص 84، وضرائر الشعر ص 138، والإفصاح فى شرح أبيات مشكلة الإعراب ص 364، والإنصاف ص 353، وشرح-

ألا أضحت حبالكم رماما … وأضحت منك شاسعة أماما حذف تاء التأنيث من أمامة، وهى مرفوعة بأضحت، وبقّى فتحة الميم، وجاء بعدها بألف الإطلاق، ومثل هذا فيما أنشده قول ابن أحمر (¬1): أبو حنش يؤرّقنا وطلق … وعمّار وآونة أثالا أراد أثالة، وأنشد قبله (¬2) ليعلم أن القوافى منصوبة: /أرى ذا شيبة حمّال ثقل … وأبيض مثل صدر الرّمح نالا (¬3) يقال: رجل نال: إذا كثر (¬4) نائله، كقولهم: رجل مال: إذا كان كثير المال، والأصل نول ومول، بوزن وتد، لأنّ مثال فعل من أمثلة المبالغة فى الوصف، ومنه فى التنزيل: {بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ} (¬5) ومثل نال ومال: كبش صاف: كثير الصّوف، ويوم راح: شديد الرّيح، ومن الياء: يوم طان: كثير الطّين. ومثل ترخيم شمعلة ترخيم حنظلة فى قول القائل (¬6): ¬

= الجمل 2/ 571، والكلام على الروايتين فى نوادر أبى زيد ص 31، والخزانة 2/ 363، وأعاده ابن الشجرى فى المجلس الخامس والخمسين. (¬1) ديوانه ص 129، وتخريجه فى ص 214، والكتاب 2/ 270، وضرورة الشعر ص 85، والإنصاف ص 354، وشرح الجمل 2/ 572، وأعاده ابن الشجرى فى المجلس المشار إليه قريبا. وستأتى القصيدة التى منها هذا البيت فى المجلس الحادى والعشرين. (¬2) لم ينشد سيبويه قبل هذا البيت شيئا لابن أحمر. ومثل قول ابن الشجرىّ ذكر العينىّ، قال فى شرح الشواهد الكبرى 2/ 422: «وأنشد سيبويه فى كتابه بيتا آخر قبل قوله «أبو حنش» وهو: أرى ذا شيبة. ويظهر أن فى أصول كتاب سيبويه المطبوع نقصا، فقد جاء هذا البيت الذى ذكر ابن الشجرى أن سيبويه أنشده، فى شرح أبيات سيبويه للنحاس ص 191، وجاء فى شرح أبياته لابن السّيرافى 1/ 487 مكانه بيت آخر، قافيته «خيالا» مما يدلّ على أن سيبويه أراد أن يعلم أن القوافى منصوبة. (¬3) ديوان ابن أحمر ص 130. (¬4) شرح أبو أحمد العسكرىّ «نالا» فى البيت على غير هذا الوجه، فهو عنده فعل مسند لألف الاثنين. قال فى المصون ص 83: «ويريد أن هذين من قومه نالا ما يريدان». (¬5) سورة الزخرف 58. (¬6) بحاشية الأصل: «هو الأسود بن يعفر النهشلى». والبيتان فى ديوانه ص 56، ونوادر أبى زيد ص 159، والكتاب 2/ 246، وضرورة الشعر ص 83، وضرائر الشعر ص 136، والتبصرة ص 374، والجمل المنسوب للخليل ص 201، والتبيين ص 454، وشرح الجمل 2/ 126، وغير ذلك. وأعادهما المصنف فى المجلس المذكور.

ألا ما لهذا الدّهر من متعلّل … عن الناس مهما شاء بالناس يفعل وهذا ردائى عنده يستعيره … ليسلبنى عزّى أمال بن حنظل فأما ترخيم حنظلة فى قول الراجز (¬1): وقد وسّطت مالكا وحنظلا … صيّابها والعدد المجلجلا فتحتمل الفتحة أن تكون فتحة البناء التى فى حنظلة، على لغة من قال: يا حار بالكسر، وتحتمل أن تكون نصبا على اللغة الأخرى بالعطف على مالك، والألف فى القول الأول للإطلاق، وفى القول الثانى بدل من التنوين. ومثله قول الآخر (¬2): أرقّ لأرحام أراها قريبة … لحار بن كعب لالجرم وراسب تحتمل الكسرة أن تكون التى للبناء فى حارث، على لغة الذين أبقوا ما قبل المحذوف على ما كان عليه، ويحتمل أن يكون جرّا على اللغة الأخرى، وأراد لحار، فحذف التنوين، كما تحذفه فى قولك: لزيد بن بكر. وأبى أبو العباس محمد بن يزيد أن يكون ترخيم الضرورة، إلا على لغة من قال: يا حار، بالضم، وخرّج بعض الأبيات التى أنشدها سيبويه على ما يسوغ فى مذهبه الذى عوّل عليه، وروى بعض تلك الأبيات على غير رواية صاحب الكتاب، فروى عجز بيت جرير: /وما عهد كعهدك يا أماما (¬3) . ¬

(¬1) هو غيلان بن حريث، كما فى مجالس ثعلب ص 254، وانظر الكتاب 2/ 269، والضرائر ص 137، واللسان (صيب-وسط). (¬2) بعض بنى عبس، كما فى شرح الحماسة للمرزوقى ص 328، والإنصاف ص 355، وأعاده ابن الشجرى فى المجلس المذكور. (¬3) وهى رواية الديوان التى أشرت إليها عند تخريج البيت.

وقال فى قول زهير: «يا آل عكرم» إنه ترخيم عكرمة، على لغة من قال: يا حار بالضم، وكان حقّه أن يقول: يا آل عكرم، بالجر، ولكنه جعل عكرم قبيلة، فلم يصرف لاجتماع التعريف والتأنيث. قال السّيرافىّ: وعكرمة هذا: عكرمة بن خصفة بن قيس (¬1) عيلان بن مضر، وهو أبو القبائل. وقال أبو العباس فى قول ابن حبناء: «إنّ ابن حارث» كما قال فى «يا آل عكرم» وقال فى قول ابن أحمر: أبو حنش يؤرّقنا وطلق … وعمّار وآونة أثالا إن أثالا ترخيم أثالة، على لغة من قال: يا حار، بالضم، وانتصابه بالعطف على الضمير المنصوب فى «يؤرّقنا». وهؤلاء المسمّون فى البيت من عشيرة ابن أحمر، كانوا هلكوا قتلا أو موتا، فرثاهم، فقوله «أثالا» على مذهب سيبويه ممن كان قتل أو مات يومئذ، لأنه معطوف على الأسماء المرفوعة، وفتحة اللام هى فتحتها التى فى أثالة، وهو (¬2) فى قول أبى العباس ممّن كان يومئذ حيّا، لأن التأريق واقع عليه، وفتحة اللام على مذهبه إعراب. قال السّيرافىّ (¬3): والذى عندى أنه وقع وهم فى أن الرجل أثالة، وإنما هو أثال، ولا نعلم فى أسماء العرب ولا فى أسماء المواضع أثالة، وقد عرف من كلامهم فى ¬

(¬1) فى هـ‍: «بن عيلان» وتكلمت عليه فى المجلس السابق. (¬2) فى الأصل: «وهى». وقد بسط ابن الشجرى الكلام على هذه المسألة فى المجلس الخامس والخمسين. (¬3) قاله فى ضرورة الشعر ص 86، وهو مستلّ من شرحه على الكتاب.

أسماء الناس وغيرهم أثال، ووافق سيبويه فى أنه داخل فى جملة الهالكين يومئذ، وجعل انتصابه بإضمار فعل دلّ عليه «يؤرّقنا» فكأنه قال: ونتذكّر آونة أثالا، وآونة: جمع أوان. ومن الاحتجاج لأبى العباس فى هذه المسألة أن من يقول: يا حار، يريد المحذوف، وإذا (¬1) أراد/المحذوف كان منادى مستوجبا إعراب النداء، وإذا استوجب إعراب النداء لم يصحّ أن يرخّم فى غير النداء، لاختلاف الإعراب والحكم فى البابين، باب النداء، وباب الخبر، وهذا لا يلزم سيبويه، لأن الترخيم فى اللغتين أصله فى باب النداء دون غيره، وإن اختلف الحكم فيهما، وإذا ثبت جوازه فى أحد الوجهين، والأصل فيهما واحد جاز فى الوجه الآخر. ومما يدلّ على مذهب سيبويه، ولم يكن فيه ما تأوله أبو العباس فى بيت زهير، فزعم أنه أراد يا آل عكرم، بالجر والتنوين، قول الشاعر: أبا عرو لا تبعد فكلّ ابن حرّة … سيدعوه داعى موته فيجيب (¬2) ألا ترى أنه لا يمكن أبا العباس أن يقول: إن «عرو» قبيلة، كما قال ذلك فى عكرمة، ولا يمكنه أن يقول: أراد أبا عرو، بالجرّ والتنوين، فمنعه من ذلك أن عرو لا ينصرف للتأنيث (¬3) فى التعريف، وكذلك قول حسّان: أتانى عن أمىّ نثا حديث شاهد لسيبويه على أبى العباس، لأنه أراد أميّة بن أبى الصّلت الثّقفىّ (¬4)، ولم يرد ¬

(¬1) فى هـ‍: فإذا. (¬2) معانى القرآن 1/ 187، والتبصرة ص 373، والإنصاف ص 348، وأسرار العربية ص 239، والتبيين ص 454، وضرائر الشعر ص 139، وشرح الشواهد الكبرى 4/ 287، وشرح التصريح على التوضيح 2/ 184، والخزانة 2/ 336. (¬3) فى هـ‍: «للتأنيث والتعريف». وما فى الأصل مثله فى الخزانة، عن ابن الشجرى. (¬4) الذى فى الديوان أنه أراد أميّة بن خلف الجمحى.

القبيلة التى هى أميّة بن عبد شمس، ويوضّح ذلك مع الرواية قوله: وما هو فى المغيب بذى حفاظ فقد ثبت بهذا صحّة ما ذهب إليه سيبويه. وقوله: «نثا حديث»: أى ظاهر حديث، يقال: نثا الحديث ينثره: إذا أظهره، وقال بعض أهل اللغة: النّثا: الذّكر القبيح، وقال أكثرهم: النّثا: الخبر، يكون فى الخير والشرّ، فأما الثّناء فممدود، وهو المدح لا غير. وقول زهير: «واذكروا أواصرنا» الأواصر: جمع آصرة، وهى القرابة. وقول الراجز: صيّابها والعدد المجلجلا. الصّيّاب: جمع صيّابة، وهى الخيار من كلّ شيء. والمجلجل: المصوّت، وسحاب مجلجل: ذو رعد. وقول أعشى تغلب: وقد خاب من كانت سريرته الغدر أنّث الغدر لما كان السّريرة فى المعنى، /لأن الخبر المفرد هو فى المعنى ما أخبرت به عنه، ومثل هذا فى التنزيل فيما وردت به الرواية عن نافع وأبى عمرو وعاصم، فيما رواه عنه أبو بكر بن عيّاش: {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاّ أَنْ قالُوا} (¬1) بنصب الفتنة، وإسناد «تكن» إلى «أن قالوا»، فالتقدير: ثمّ لم تكن فتنتهم إلاّ قولهم، وجاز تأنيث القول لأنه الفتنة فى المعنى، ومثله رفع الإقدام ونصب العادة فى قول لبيد (¬2): ¬

(¬1) سورة الأنعام 23، وانظر لهذه القراءة السبعة ص 255، وتفسير الطبرى 11/ 298، والكشف 1/ 426. (¬2) ديوانه ص 306، وتخريجه فى ص 394، وانظر الموضع السابق من تفسير الطبرى، وشرح القصائد السبع ص 551، والجمل المنسوب للخليل ص 124، وضرائر الشعر ص 273، والمذكر والمؤنث ص 608.

فمضى (¬1) … وقدّمها وكانت عادة منه إذا هى عرّدت إقدامها وإنما استجاز تأنيث الإقدام لتأنيث خبره، لأن الخبر إذا كان مفردا فهو المخبر عنه فى المعنى، وقد قيل فى الآية وفى بيت لبيد قول آخر، وذلك أنهم حملوا «أن قالوا» على معنى المقالة، وحملوا الإقدام على معنى التّقدمة، فجاء التأنيث فى فعليهما، كما جاء تأنيث فعل العذر فى قول حاتم (¬2): أماوىّ قد طال التجنّب والهجر … وقد عذرتنى فى طلابكم العذر لأنه ذهب به مذهب المعذرة (¬3)، والقول الأول هو المأخوذ به، والثانى قول الكسائىّ، وليس فى بيت أعشى تغلب إلا ما ذكرناه أوّلا، فيجب أن يكون العمل عليه. وقوله: «وكائن دفعنا عنكم» قد تقدم القول فى أصل كائن (¬4)، ومعناها، وموضعها نصب بدفعنا، لأنه غير مشغول عنها، وقوله: «من عظيمة» تبيين لها، وقوله: «ولكن أبيتم لا وفاء ولا شكر» حذف مفعول «أبيتم» وكذلك حذف خبر المبتدأ الذى هو «وفاء» والتقدير: أبيتم أن تفوا (¬5) لنا وتشكروا، فلا وفاء عندكم ولا شكر-آخر المجلس. ... ¬

(¬1) فى هـ‍: «فمضت» وما فى الأصل مثله فى الديوان، والضمير راجع إلى حمار قدّم الأتن. وغرّد: ترك القصد وانهزم. (¬2) ديوانه ص 209، وتخريجه فى ص 354، وضرائر الشعر ص 275، والمذكر والمؤنث ص 609. (¬3) ردّ هذا ابن عصفور، فى الضرائر. (¬4) فى المجلس السادس عشر. (¬5) فى هـ‍: أبيتم أن تقولوا لنا وتشكر.

المجلس الموفى العشرين

المجلس الموفّى العشرين وهو مجلس يوم السبت، رابع شعبان من سنة أربع وعشرين وخمسمائة. /وقوله: «ونحن قتلنا مصعبا» كانت تغلب ممّن أبلى فى محاربة مصعب بن الزبير، مع عبد الملك بن مروان، وتغلب من ربيعة، والذى تولّى قتل مصعب ربعىّ، وهو عبيد (¬1) الله بن زياد بن ظبيان، أحد بنى تيم اللات بن ثعلبة، ويكنى أبا مطر، وكان فاتكا جلفا فظّا جبّارا، وهو الذى قال له مالك بن مسمع: أكثر الله فى العشيرة مثلك، فقال: سألت ربّك شططا (¬2). ومسكن: من دجيل، ويعرف أيضا بدير الجاثليق، وهو المكان الذى فيه قبر مصعب، ولم يصرف مسكن، لأنه ذهب به مذهب البقعة. وكان مصعب جمع الشجاعة والجود [والجمال (¬3)] وبذل له عبد الملك الأمان، وجعل له بعد ذلك حكمه، فقال له ابنه عيسى: اقبل ما بذله لك، فقال: لا والله، لا تتحدّث عنّى نساء قريش على مغازلها أنى هبت الموت، ولكن اذهب أنت حيث شئت، فقال عيسى: لا والله، لا يتحدّث الناس عنّى أنى أسلمت ¬

(¬1) فى الأصل وهـ‍ «عبد الله»، وأثبت ما فى تاريخ الطبرى 6/ 159، والكامل لابن الأثير 4/ 160 (حوادث سنة 71) والجمهرة لابن حزم ص 315،324. (¬2) راجع هذا الخبر فى البيان والتبيين 1/ 326، والعقد الفريد 2/ 190. (¬3) ليس فى هـ‍.

أبى ضنّا (¬1) عليه بنفسى، وقاتل حتى قتل، وتمثّل مصعب بقول القائل (¬2): فإنّ الألى بالطّفّ (¬3) … من آل هاشم تآسوا فسنّوا للكرام التّآسيا وقاتل حتى قتل، فقال بعض شعراء الكوفة (¬4): لقد أورث المصرين حزنا وذلّة … قتيل بدير الجاثليق مقيم تولّى قتال المارقين بنفسه … وقد أسلماه مبعد وحميم فما قاتلت فى الله بكر بن وائل … ولا صبرت عند اللّقاء تميم وقوله: «يوم الحرب أنيابها خضر» أضاف اليوم إلى جملة الابتداء، وأصل إضافة أسماء الزمان إلى الجمل إضافتها إلى جملة الفعل، للشّبه الذى بين الفعل والزمان، وذلك من حيث كان الفعل عبارة عن أحداث متقضّية، كما أنّ الزمان حادث يتقضّى، والفعل نتيجة حركات الفاعلين، كما أنّ الزمان نتيجة حركات الفلك، ولذلك بنوا الفعل على أمثلة مختلفة، ليدلّ كلّ مثال على زمان غير الزمان/ الذى يدلّ عليه المثال الآخر، ولمّا أضافوا اسم الزمان إلى جملة الفعل لما ذكرنا، أضافوه أيضا إلى جملة الابتداء، لأنها أختها، فمن إضافته إلى جملة الفعل فى التنزيل، قوله تعالى: {يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ} (¬5) و {هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ} (¬6) ¬

(¬1) هكذا ضبطت الضاد فى الأصل بالكسر، وهو الأكثر. راجع النهاية 3/ 104، والمصباح. (¬2) سليمان بن قتّة. كما فى الأغانى 19/ 129، وأنساب الأشراف 5/ 339،344، وتفسير الطبرى 7/ 231. والبيت من غير نسبة فى الكامل للمبرد 1/ 14، ولابن الأثير 6/ 159، وشرح الحماسة ص 107، واللسان (أسا) وفيه عن ابن برّى: «وتآسوا فيه من المؤاساة» كما ذكر الجوهرى، لا من التأسّى، كما ذكر المبرّد، فقال: تآسوا بمعنى تأسّوا، وتأسّوا بمعنى تعزّوا. وفى تاج العروس (قتت) تخليط فى نسب الشاعر، قارنه بما فى حواشى تفسير الطبرى. وانظر التنبيهات لعلى بن حمزة ص 94. (¬3) الطفّ، بفتح أوله وتشديد ثانيه: بناحية العراق، من أرض الكوفة، وبه الموضع المعروف بكربلاء، الذى قتل فيه الحسين رضى الله عنه. معجم ما استعجم ص 891. (¬4) هو عبيد الله بن قيس الرقيّات. والأبيات فى ديوانه ص 196، وتخريجها فيه. والبيت الثانى من شواهد النحو السّيّارة. وسيتكلم عليه المصنف قريبا. وانظر معجم الشواهد ص 343. (¬5) سورة المعارج 43. (¬6) سورة المرسلات 35.

وأضافه القطامىّ إلى جملة الابتداء فى قوله (¬1): الضّاربين عميرا عن بيوتهم … بالتّلّ يوم عمير ظالم عادى وسمّى السّيوف والرّماح والسّهام أنياب الحرب، لأنهم يقولون: عضّتهم الحرب، وحرب ضروس. وقوله: «كاسر عينه هشام» أراد هشام بن عبد الملك، وكان أحول، وعبد العزيز وبشر: ابنا مروان بن الحكم. وقوله: «أتيح لكم قسرا بأسيافنا النّصر» الإتاحة: التقدير، أتاح الله الشىء: أى قدّره، والقسر: القهر، ومنه قيل للأسد: قسورة، لأن الواو فيه زائدة، والنّصر: الإعانة، والنّصر: الإتيان، نصرت أرض بنى فلان: أتيتها، والنّصر: الإمطار، نصرت الأرض: إذا مطرت. ومجىء الألف فى قول القائل: «وقد أسلماه مبعد وحميم» لغة الذين قالوا: «أكلونى (¬2) البراغيث»، تقول على هذه اللغة: قاما أخواك، وخرجوا إخوتك، وانطلقن إماؤك. فالألف والواو والنون علامات للتثنية والجمع، بمنزلة علامة التأنيث فى نحو: خرجت هند، وجاءت المرأة، وإنما لزمت علامة التأنيث الحقيقىّ فى لغة جميع العرب، ولم تلزم علامة التثنية والجمع، لأن التأنيث معنى لازم، والتثنية والجمع لا يلزمان، ألا ترى أن الاثنين يفترقان، وكذلك الجماعة، فممّا جاء على هذه اللغة قول الشاعر (¬3): ¬

(¬1) ديوانه ص 88، والمقتضب 4/ 145، ومعجم الشواهد ص 121. (¬2) هذا الشاهد النثرىّ الذائع لم أجد من نسبه من النحاة، ثم وجدت أبا عبيدة ينسبه إلى أبى عمرو الهذلى، وهو من فصحاء الأعراب الذين سمع منهم أبو عبيدة، وأبو زيد. مجاز القرآن 1/ 101،174، 2/ 34. وقد أشبعته تخريجا فى كتاب الشعر ص 473. (¬3) هو عمرو بن ملقط. نوادر أبى زيد ص 62، واشتقاق أسماء الله للزجاجى ص 220، وشرح الجمل 1/ 167، والمغنى ص 410، وشرح أبياته 2/ 363،6/ 154، وشرح الشواهد الكبرى 2/ 458، والتصريح على التوضيح 1/ 275، والخزانة 3/ 633.

ألفيتا عيناك عند القفا … أولى فأولى لك ذا واقيه وقول الآخر: /يلوموننى فى اشتراء النّخي‍ … ل قومى فكلّهم ألوم (¬1) وقول الفرزدق (¬2): ولكن ديافيّ أبوه وأمّه … بحوران يعصرن السّليط أقاربه [ديافيّ: منسوب إلى قرية بالشام. والسّليط: الشّيرق، وهو دهن السّمسم (¬3)] وقد استعمل المتنبي هذه اللغة فى مواضع من شعره، منها قوله (¬4): ورمى وما رمتا يداه فصابنى … سهم يعذّب والسّهام تريح وقوله (¬5): نفديك من سيل إذا سئل النّدى … هول إذا اختلطا دم ومسيح المسيح: هاهنا العرق، وسمّى مسيحا لأنه يمسح، فهو فعيل بمعنى مفعول. وقد حمل بعض النّحويين موضعين من القرآن على هذه اللغة: أحدهما قوله تعالى: {ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ} (¬6) والآخر قوله جلّت عظمته: {وَأَسَرُّوا} ¬

(¬1) ينسب إلى أحيحة بن الجلاح، وإلى أمية بن أبى الصلت. وهو فى ملحق ديوان أمية ص 357، بقافية «فكلهم يعذل». وليس فى ديوان أحيحة المطبوع بالنادى الأدبى بالطائف. وانظر معانى القرآن 1/ 316، وشرح شواهد المغنى ص 265، وشرح أبياته 6/ 132، ومعجم الشواهد ص 299،358. (¬2) ديوانه ص 50، والكتاب 2/ 40، والخصائص 2/ 194، والتبصرة ص 108، والبسيط ص 269، وانظر فهارسه، وتفسير القرطبى 6/ 248، ومعجم الشواهد ص 42. (¬3) ليس فى هـ‍. وراجع معجم البلدان 2/ 637، وأنشد البيت. (¬4) ديوانه 1/ 245، والمغنى ص 410. (¬5) ص 253 من القصيدة نفسها. (¬6) سورة المائدة 71.

{النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} (¬1) فكثير والذين ظلموا، على هذا القول فاعلان (¬2)، وتحتمل الواو فى «عموا وصمّوا» أن يكونا ضميرين، و «كثير» بدلا من الواو التى فى «عموا» والواو الأخرى عائدة على «كثير» فكأنه قيل: عمى كثير منهم وصمّوا، وإنما اخترت هذا ليتناول العمى والصّمم الكثير منهم لفظا ومعنى، ويحتمل (¬3) [كثير] أن يكون خبر مبتدأ محذوف، تقديره: وهم كثير منهم، أى أصحاب [هذين الوصفين (¬4)] كثير منهم، وتحتمل واو «وأسرّوا النّجوى» أن تكون ضميرا عائدا على الناس، و «الّذين ظلموا» بدلا منها، ويحتمل موضع «الّذين ظلموا» أن يكون جرّا على البدل من الهاء والميم اللّتين فى «قلوبهم» فكأنه قيل: لاهية قلوب الذين ظلموا، ويحتمل أن يكون موضعه رفعا على البدل من الواو التى فى «استمعوه» فكأنه قيل: استمعه الذين ظلموا وهم يلعبون، ويحتمل أن تكون خبر مبتدأ محذوف، أى هم الذين ظلموا، ويحتمل أن يكون موضعه نصبا/على البدل من الهاء والميم اللّتين فى «يأتيهم» فكأنه قيل: ما يأتى الذين ظلموا من ذكر من ربّهم محدث إلا استمعوه لاعبين، ويحتمل أن يكون منصوب الموضع على الذّم، بتقدير: أعنى الذين ظلموا [أو أذمّ الذين ظلموا (¬5)] ويحتمل أن يكون موضعه رفعا بالقول المضمر الذى حكيت به الجملة الاستفهامية بعده، كأنه قيل: يقول الذين ظلموا هل هذا إلا بشر مثلكم. وقال (¬6) السّيرافىّ فى شرح الكتاب فى قولهم: «أكلونى البراغيث» ثلاثة ¬

(¬1) الآية الثالثة من سورة الأنبياء. (¬2) راجع معانى القرآن 1/ 316،2/ 198، ومجاز القرآن 1/ 174،2/ 34، وتفسير القرطبى 6/ 248،11/ 269، والتبيان فى إعراب القرآن ص 453،911. (¬3) زيادة من هـ‍. (¬4) ساقط من هـ‍. (¬5) ساقط من هـ‍. (¬6) فى الأصل «ومثله» ثم وضع الناسخ فوقها علامة تشبه أن تكون تضبيبا. وقد أعاد ابن الشجرى كلام السّيرافىّ هذا فى المجلس الحادى والستين.

أوجه: أحدها ما قاله سيبويه، وهو أنهم جعلوا الواو علامة تؤذن بالجماعة وليست ضميرا، والثانى: أن تكون البراغيث مبتدأ، وأكلونى خبرا مقدّما، فالتقدير: البراغيث أكلونى، والثالث: أن تكون الواو ضميرا على شرط التفسير، والبراغيث بدلا منه، كقولك: ضربونى وضربت قومك، فتضمر قبل الذّكر على شرط التفسير، قال: وقد كان الوجه على تقديم (¬1) علامة الجماعة أن يقال: أكلتنى البراغيث، لأن ضمير ما لا يعقل من الذّكور كضمير الإناث، إلا أنهم جعلوا البراغيث مشبّهة بما يعقل حين وصفوها بالأكل، وهى (¬2) مما يوصف بالقرص كالبقّ وشبهه، فأجروها مجرى العقلاء، ولهذا نظائر، منها قوله تعالى: {إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ} (¬3) لمّا وصفها بالسّجود الذى لا يكون إلا للعقلاء، أجراها فى الإضمار والجمع مجراهم، وكذلك القول فى قوله تعالى: {يا أَيُّهَا النَّمْلُ اُدْخُلُوا مَساكِنَكُمْ} (¬4) لمّا وجّه الخطاب إلى النمل، والخطاب لا يوجّه فى الحقيقة إلا إلى العقلاء أجريت فى الإضمار مجرى العقلاء. انتهى كلام أبى سعيد. وأقول: إنّ حمل الأكل على السّجود والخطاب، فى الاختصاص بالعقلاء، سهو منه، لأن البهائم مشاركة للعقلاء فى الوصف بالأكل، والقول عندى/ أننا لا نحمل قولهم: أكلونى البراغيث، على الأكل الحقيقىّ، بل نحمله (¬5) على معنى العدوان والظّلم والبغى، كقولهم: أكل فلان جاره: أى ظلمه وتعدّى عليه، وعلى ذلك قول علّفة بن عقيل بن علّفة المرّىّ لأبيه: ¬

(¬1) جاء بهامش الأصل فى المجلس المذكور: «لعله: تقدير». (¬2) فى هـ‍: وهو. (¬3) الآية الرابعة من سورة يوسف. (¬4) سورة النمل 18. (¬5) حكاه ابن هشام فى المغنى ص 405 عن ابن الشجرى.

أكلت بنيك أكل الضّبّ حتّى … وجدت مرارة الكلإ الوبيل (¬1) أى ظلمتهم وبغيت عليهم، ومنه قول الممزّق العبدىّ: فإن كنت مأكولا فكن أنت آكلى … وإلاّ فأدركنى ولمّا أمزّق (¬2) أى إن كنت مظلوما فتولّ [أنت (¬3)] ظلمى، فظلمك لى أحبّ إلىّ من أن يظلمنى غيرك، فإذا حملنا الأكل فى قولهم: «أكلونى البراغيث» على هذا المعنى، صحّ إجراء البراغيث مجرى العقلاء، لأن الظلم والبغى والتعدّى من أوصاف العقلاء. وقول علّفة بن عقيل: «أكلت بنيك أكل الضّبّ» شبّه فيه الأكل المستعار للتعدّى بالأكل الحقيقىّ، فإن شئت قدّرت أن المصدر مضاف إلى المفعول، والفاعل محذوف، أى أكلت بنيك أكلا مثل أكلك الضّبّ، وخصّ الضبّ بذلك لأن أكل الضّباب يعجب الأعراب، قال راجزهم (¬4): وأنت لو ذقت الكشى بالأكباد … لما تركت الضّبّ يعدو بالواد الكشى (¬5): جمع كشية، وهى شحمة مستطيلة فى عنق الضّبّ إلى فخذه، وإن شئت قدّرت المصدر مضافا إلى فاعله، والمفعول محذوف، أى أكلت بنيك أكلا ¬

(¬1) أعاده ابن الشجرى فى المجلس الحادى والستين. والبيت ينسب أيضا إلى عملّس بن عقيل، وإلى أرطاة بن سهيّة. راجع كتاب العققة والبررة (نوادر المخطوطات) 2/ 359، والحيوان 6/ 49، والأغانى 12/ 269، وشرح شواهد المغنى ص 265 وشرح أبياته 6/ 134، والبيت من غير نسبة فى الموضع السابق من المغنى، ونسب فى المجازات النبوية للشريف الرضىّ ص 331 لعلقمة بن عقيل، وهو تصحيف. (¬2) هذا بيت دائر فى كتب العربية، وهو من قصيدة أصمعية. فى الأصمعيات ص 166، وتخريجه فيها. (¬3) ساقط من هـ‍. (¬4) الحيوان 6/ 100،353، وعيون الأخبار 3/ 211، والصاهل والشاحج ص 150، واللسان (كشا). (¬5) بضم الكاف وفتح الشين، والمفرد بضم فسكون.

مثل أكل الضّبّ أولاده (¬1)، ومن أمثالهم (¬2): «أعقّ من ضبّ»، لأنه فيما يؤثر يأكل أولاده، وقال بعض أهل اللغة: قولهم: أعقّ من ضبّ، أصله: من ضبّة، وكثر ذلك فى كلامهم، فأسقطوا الهاء، قال: وعقوقها أنها تأكل أولادها، وذلك أنها إذا باضت حرست بيضها من الحيّة والورل (¬3)، وغير ذلك مما يقدر عليه، فإذا نقبت أولادها وخرجت من البيض ظنّتها شيئا يريد بيضها فوثبت عليها فقتلتها وأكلتها، فلا ينجو منها/إلا الشّريد. علّفة: منقول من واحد العلّف، وهو ثمر الطّلح (¬4)، والوبيل فى قوله: «وجدت مرارة الكلإ الوبيل» الوبيل: الوخيم، ويقال: وبل ووخم، بحذف الياء منهما، والوبيل أيضا: الضّرب الشّديد، والوبيل: الحزمة من الحطب، والوبيل: خشبة القصّار التى يدقّ بها الثوب بعد غسله، والوبيل من الرّجال: الذى لا يصلح شيئا يتولاّه. وكان عقيل بن علّفة غيورا، فكان يجيع بناته ويعرّيهن، فقيل له فى ذلك، فقال: أجيعهنّ فلا يبطرن، وأعرّيهنّ فلا يظهرن (¬5)، وكان من غيرته [أنه (¬6)] يسافر معه ببناته، فبينما هو فى بعض أسفاره ومعه بنوه وبناته إذ قال: قضت وطرا من دير سعد وربّما … على عجل ناطحنه بالجماجم (¬7) ثم قال لابنه العملّس: أجز يا عملّس، فقال: فأصبحن بالموماة يحملن فتية … نشاوى من الإدلاج ميل العمائم (¬8) ¬

(¬1) اختار هذا ابن هشام فى المغنى، قال: لأن ذلك أدخل فى التشبيه. (¬2) الدرة الفاخرة ص 306، ومجمع الأمثال 2/ 47، وثمار القلوب ص 416. (¬3) دابة كالضبّ، أو العظيم من أشكال الوزغ (وهو سامّ أبرص) طويل الذنب، صغير الرأس. (¬4) المبهج لابن جنى ص 87. (¬5) فى هـ‍: «فلا يطرن» وجعلها مصحح طبعة الهند: فلا ينظرن. (¬6) زيادة من هـ‍. (¬7) طبقات فحول الشعراء ص 715، وأمالى المرتضى 1/ 373. وفى حواشى الطبقات فضل تخريج. (¬8) هذا والذى بعده من غير نسبة فى ديوان المعانى 2/ 131.

فقال لابنته الجرباء: أجيزى يا جرباء، فقالت: كأنّ الكرى سقّاهم صرخديّة … عقارا تمشّى فى المطا والقوائم فقال: والله ما وصفتها بهذا الوصف إلا وقد شربتها، وأقبل عليها بالقطيع يضربها، فحال بنوه بينه وبينها، ورماه أحدهم بسهم فانتظم فخذيه، فقال: إنّ بنىّ ضرّجونى بالدّم … من يلق أبطال الرّجال يكلم (¬1) ومن يكن ذا أود يقوّم … شنشنة أعرفها من أخزم أخزم: اسم فحل، والشّنشنة: الشّبه، وقيل: هى السّجيّة والخليقة، وهذا مثل قديم اجتلبه عقيل بن علّفة، لأن أخزم (¬2) هذا فى أكثر القولين جدّ حاتم الطائىّ، وهو حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج بن أخزم بن أبى أخزم. والعملّس: من أسماء الذئب، والصّرخديّة: منسوبة إلى صرخد، قرية (¬3)، والمطا: الظّهر. /والقطيع: السّوط. وأخذ الشريف الرّضىّ قول العملّس: نشاوى من الإدلاج ميل العمائم فى قوله: من الرّكب ما بين النّقا والأناعم … نشاوى من الإدلاج ميل العمائم (¬4) ... ¬

(¬1) أمالى المرتضى، الموضع السابق، وطبقات فحول الشعراء ص 713، وفى حواشيها تخريج كثير. (¬2) قيل: كان عاقا فمات وترك بنين فوثبوا يوما على جدّهم أبى أخزم فأدموه، فقال الرجز. يعنى أن هؤلاء أشبهوا أباهم فى العقوق. غريب الحديث لأبى عبيد 3/ 241، ومجمع الأمثال 1/ 361. (¬3) من أعمال دمشق. (¬4) ديوانه 2/ 429. وفى هـ‍: «فالأناعم» وما فى الأصل مثله فى الديوان.

المجلس الحادى والعشرون

المجلس الحادى والعشرون وهو مجلس [يوم السّبت (¬1)] ثالث عشر شعبان، سنة أربع وعشرين وخمسمائة. ومن قصيدة لابن أحمر الباهلىّ، وهو عمرو بن أحمر بن العمرّد بن عامر بن عبد شمس بن معن بن مالك بن أعصر بن سعد بن قيس عيلان بن مضر، وكان من شعراء الجاهليّة، وأدرك الإسلام: أبت عيناك إلاّ أن تلجّا … وتختالا بمائهما اختيالا (¬2) كأنّهما شعيبا مستغيث … يزجّى ظالعا بهما ثفالا وهى خرزاهما فالماء يجرى … خلالهما وينسلّ انسلالا على حيّين فى عامين شتّا … فقد عنّا طلابهما وطالا (¬3) وأيّام المدينة ودّعونا … فلم يدعوا لقائلة مقالا فأيّة ليلة تأتيك سهوا … فتصبح لا ترى منهم خيالا يؤرّقنا أبو حنش وطلق … وعمّار وآونة أثالا أراهم رفقتى حتّى إذا ما … تجافى الليل وانخزل انخزالا ¬

(¬1) سقط من هـ‍. (¬2) ديوان ابن أحمر ص 129 - 132، وتخريجه فى ص 214، عن ابن الشجرى. وأنشد ابن الشجرى شيئا من هذه القصيدة فى المجلس التاسع عشر، والخامس والخمسين. (¬3) فى هـ‍ «فقد عنّا بهما» وجعلها مصحح طبعة الهند: فقلّ غناءنا بهما وطالا» ونقله عنه جامع شعر ابن أحمر، وهو فاسد، وصوابه فى الأصل، وشرح الشواهد الكبرى 2/ 422.

إذا أنا كالّذى أجرى لورد … إلى آل فلم يدرك بلالا أرى ذا شيبة حمّال ثقل … وأبيض مثل صدر السّيف نالا غطارف لا يصدّ الضّيف عنهم … إذا ما طلّق البرم العيالا بهم فخر المفاخر يوم حفل … إذا ما عدّ بأسا أو فعالا وبيض لم يخالطهنّ فحش … نسين وصالنا إلاّ سؤالا /وجرد يعله الدّاعى إليها … متى ركب الفوارس أو متالا (¬1) فوارسهنّ لا كشف خفاف … ولا ميل إذا العرضىّ مالا قوله: أبت عيناك إلاّ أن تلجّا دخلت «إلاّ» هاهنا موجبة للنفى الذى تضمّنه هذا الفعل، ألا ترى أنك إذا قلت: أبى زيد أن يقوم، فقد نفيت قيامه، فإذا قلت: أبى إلاّ أن يقوم، فقد أوجبت بإلاّ قيامه، لأنّ المعنى: لم يرد إلاّ أن يقوم، وفى التنزيل: {وَيَأْبَى اللهُ إِلاّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ} (¬2) أى لا يريد الله إلاّ إتمام نوره. وقولهم: أبى يأبى، مما شذّ عن القياس، لمجيئه على فعل يفعل، بفتح العين من الماضى والمستقبل، وليست عينه ولا لامه من حروف الحلق، وكان قياسه: يأبى مثل يأتى (¬3). ¬

(¬1) رسمت فى الأصل، والديوان: «متى لا» وأثبت ما فى هـ‍، وسيتكلم المصنّف قريبا عن علّة كتابتها بالألف. (¬2) سورة التوبة 32، وكلام ابن الشجرى على دخول «إلاّ» هنا، مسلوخ من كلام الفراء، مع اختلاف العبارة. راجع معانى القرآن 1/ 433، وتفسير القرطبى 8/ 121. (¬3) راجع الكلام عليه فى الكتاب 4/ 105،110، وإصلاح المنطق ص 217، وتهذيبه ص 506، وأدب الكاتب ص 482، وديوان الأدب 2/ 138، وليس فى كلام العرب ص 28، والخصائص 1/ 382، وبغية الآمال فى معرفة مستقبلات الأفعال صفحات 33،63،101،104، وشرح الشافية للرضى 1/ 123، والمزهر 2/ 92، واللسان (أبى).

وقيل فى علّة ذلك قولان: أحدهما أنهم حملوه على منع، لأن الإباء والمنع نظيران، فحملوه على نظيره، كما حملوا يذر (¬1) على يدع، لاتّفاقهما فى المعنى، وإن لم يكن فى يذر حرف حلقىّ. والقول الآخر: أنهم أجروا الألف مجرى الهمزة، لأنها من مخرجها، فقالوا: أبى يأبى، كما قالوا: بدأ يبدأ، والقول الأول أصحّ، لأن ألفات الأفعال لسن بأصول، وإنما هنّ منقلبات عن ياء أو واو، وألف «يأبى» إنما وجدت بعد وجود الفتحة الملاصقة لها، فلولا الفتحة لم تصر الياء ألفا، والفتحة فى يمنع ويبدأ ويجبه، ونحو ذلك إنما حدثت بعد وجود حرف الحلق. وقال بعض النحويّين: إنما فتحوا عين يأبى على سبيل الغلط، توهّموا أن ماضيه على فعل، وعوّل أبو القاسم الثّمانينيّ على هذا القول، والصواب ما ذكرته أوّلا. وقد حكيت حروف أخر (¬2) متأوّلة، وهنّ سلا يسلى، وقلى يقلى، وغسا الليل يغسا، وجبا يجبا، من قولهم: جبا الخراج يجباه، ووجه تأوّلها أن بعض العرب قالوا/سلى يسلى، مثل رضى يرضى، وقال آخرون: سلا يسلو، مثل خلا يخلو، فركّبت (¬3) طائفة ثالثة من اللغتين لغة ثالثة، وأخذوا الماضى من لغة من قال: سلا، والمستقبل من لغة من قال: يسلى، قال رؤبة (¬4): لو أشرب السّلوان ما سليت … ما بى غنى عنك وإن غنيت السّلوان: جمع سلوانة، وهى خرزة كانوا يقولون: من شرب عليها سلا، قال آخر: شربت على سلوانة ماء مزنة … فلا وجديد العيش يا ميّ ما أسلو (¬5) ¬

(¬1) راجع كتاب الشعر ص 164، والمقتضب 3/ 380. (¬2) راجع الموضع السابق من ليس فى كلام العرب، وانظر دراسات لأسلوب القرآن الكريم. القسم الثانى من الجزء الثانى ص 119، ورحم الله مصنّفه رحمة واسعة. (¬3) راجع الخصائص 1/ 376 (باب تركّب اللغات). (¬4) ديوانه ص 25،26، واللسان (سلا). والبيت الأول فى المقاييس 3/ 92 من غير نسبة. (¬5) البيت من غير نسبة فى الموضع السابق من المقاييس واللسان.

وكذلك الأحرف الأخر، قال قوم: قلى يقلى، مثل مشى يمشى، وقال آخرون: قلى يقلى، مثل شقى يشقى، فركّبت قبيلة أخرى لغة أخرى، فقالوا: قلى يقلى، وكذلك قال بعضهم على القياس: غسا (¬1) يغسو، وبعض [غسا (¬2)] يغسى، وقال قليل منهم: غسا يغسى، وحكى عن آخرين: أغسى يغسى وجاء من الصحيح على طريقة هذه الأحرف حرفان، أحدهما قولهم على القياس: قنط يقنط، مثل ضرب يضرب، وقنط يقنط، مثل علم يعلم، وقال آخرون: قنط يقنط، مثل منع يمنع، فأخذوا الماضى من لغة من فتح عينه، والمستقبل من لغة من فتح عينه. والحرف الآخر لحقه الشذوذ من جهتين، وذلك قول بعضهم: ركنت أركن، مثل ركبت أركب، قال الخليل: هى لغة سفلى مضر، وقول آخرين: ركنت أركن، مثل خرجت أخرج، وركّبت قبيلتان أخريان من اللّغتين لغيّتين نادرتين، فقالت إحداهما: ركنت أركن، مثل سألت أسأل، وقالت الأخرى: ركنت أركن، بكسر العين من الماضى وضمّها من المستقبل، وهذه أوغل فى الشّذوذ، ومثلها ما حكى عن ناس قليل أنهم قالوا: فضل يفضل (¬3). فأمّا ما عينه أو لامه حرف من حروف الحلق الستة، فإن العين من مضارع فعل من هذا الضرب تفتح، طلبا للتّشاكل، وذلك أن الفتحة من الألف، /والألف تنشأ من الحلق، فحرّكوا العين بالحركة التى هى أقرب الحركات إلى حروف الحلق. والحروف الحلق ثلاثة مخارج، فأقصاها مخرج الهمزة والهاء، وأوسطها مخرج ¬

(¬1) غسا الليل: أظلم. (¬2) ليس فى هـ‍. (¬3) راجع الكتاب 4/ 40، والاشتقاق ص 64، والمنصف 1/ 256، والخصائص 1/ 380، وشرح الشافية 1/ 134،136، وشرح المفصل 7/ 154.

العين والحاء، وأدناها إلى الفم مخرج الغين والخاء، فممّا وقع الحلقىّ فيه همزة: سأل يسأل، ودأب يدأب [وبدأ يبدأ (¬1)] وبسأ به يبسأ، إذا أنس به وممّا الحلقىّ منه هاء: ذهب يذهب، ونهض ينهض، وجبه يجبه، ونقه المريض ينقه. وممّا الحلقىّ منه عين: جعل يجعل، ونعت ينعت، وصنع يصنع، ورتع (¬2) يرتع. وممّا الحلقىّ منه حاء: سحر يسحر، ونحر ينحر، ومدح يمدح، وسنح يسنح. ومما الحلقىّ منه غين: شغل يشغل، وفغرفاه يفغر، ونزغ الشيطان ينزغ، ونبغ الرجل ينبغ: إذا قال الشعر فأجاد وليس ذلك فى أصله، ومنه النابغة. ومما الحلقىّ منه خاء: فخر يفخر، وشخص يشخص، وسلخ يسلخ، وشمخ بأنفه يشمخ. وليس هذا بمطّرد، بل قد يتبع بعض الأفعال القياس، فيجىء على يفعل أو يفعل، كقولهم: رجع يرجع، وزأر يزئر، ونأم ينئم، والنّئيم: صوت فيه ضعف، ومنه دخل يدخل، ونفخ ينفخ، وفرغ يفرغ، وصلح يصلح، وهو كثير، وربّما جاء فيه الفتح وغيره، كقولهم: صبغ يصبغ ويصبغ، ومضغ يمضغ ويمضغ، ودبغ يدبغ ويدبغ، ومخض يمخض ويمخض، ونطح ينطح وينطح، ومنح يمنح ويمنح، وهذا كثير أيضا (¬3). فإن كان (¬4) حرف الحلق فاء لم تفتح له العين، لأن الفاء من يفعل لا تكون إلا ¬

(¬1) ليس فى هـ‍. (¬2) فى هـ‍: ربع يربع. (¬3) انظر المقتضب 2/ 110، والمخصص 14/ 205، والممتع ص 175، وشرح المفصل 7/ 153. (¬4) هذا كلام أبى العباس المبرد، فى المقتضب 2/ 111، وانظر حواشيه.

ساكنة، وإنما تتحرّك فى المعتلّ العين بحركة منقولة إليها، كتحرّكها فى يقول ويبيع. رجع التفسير إلى بيت ابن أحمر، وقوله: «وتختالا بمائهما» من قولهم: اختالت السماء وتخيّلت وأخالت وخيّلت: إذا تهيّأت للمطر، وسحابة مخيلة، بضمّ أولها: /متهيّئة للمطر، وما أحسن مخيلتها، مفتوحة الميم: أى دلالتها على الأمطار. وقوله: «كأنّهما شعيبا مستغيث» شبّه عينيه بشعيبى رجل استغاث بالماء لشدّة عطشه وعطش أهله، وإذا كان كذلك بالغ فى ملء سقائه. والشّعيب: المزادة الضّخمة، وقال بعضهم: السّقاء البالى. وقوله: يزجّى ظالعا بهما ثفالا أى يسوق بالمزادتين بعيرا غامزا (¬1) بطيئا، وإذا كان بهذين الوصفين كان انصباب الماء أكثر. وقوله: «وهى خرزاهما» الوهى: الاسترخاء، أى استرخى خرزا هاتين المزادتين، «فالماء يجرى خلالهما» أى خلال الخرزين. وقوله: «على حيّين» الحىّ من أحياء العرب: قبيلة متجاورة بيوتها. وإن علّقت «على» بتلجّا، لفظا لم يجز، لأنه صلة «أن»، وقد فصل (¬2) بينه وبين «على» كلام أجنبي، وكذلك لا تعلّقه بتختالا، لأنه معطوف على «تلجّا» فقد دخل بالعطف فى الصّلة، ولكن تعلّقه بفعل مقدّر يدلّ عليه «تلجّا» كأنك قلت: تبكيان على حيّين، لأنه أراد بقوله: «أن تلجّا» لجاجهما في البكاء. وقوله: «في عامين» متعلّق بشتّا، ومعنى «شتّا (¬3)» افترقا، ولا يجوز أن تكتب ¬

(¬1) الغمز. فى الدابّة: هو الظّلع والعرج. (¬2) سيتكلم ابن الشجرى على أن الفصل بالأجنبىّ يمنع التعلّق، فى المجلس التاسع والعشرين. (¬3) كتب فوقها فى الأصل: فعل ماض.

«شتا» هاهنا بالياء، كالتى فى قوله تعالى: {وَقُلُوبُهُمْ شَتّى} (¬1) لأن ألف «شتّا» فى البيت ضمير، وشتّى فى الآية اسم على فعلى، جمع شتيت، كقتيل وقتلى، وإنما ذكرت هذا لأنى وجدته فى نسخة بالياء. وقوله: فلم يدعوا لقائلة مقالا أى لم يدعوا بهلاكهم لنائحة تأبينا، والتّأبين: مدح الميّت، أى قد أنفد الحزن عليهم أقوال النّوائح. وقوله: فأيّة ليلة تأتيك سهوا أى تأتيك ذات سكون ولين، أى ليست تمرّ بك ليلة لا شرّ فيها يسهرك إلا رأيت منهم خيالا وقوله: «يؤرّقنا أبو حنش» قد تقدم (¬2) الكلام فى هذا البيت. وقوله: «أراهم رفقتى» [أى أراهم رفقتى (¬3)] فى المنام، «حتى إذا ما تجافى الليل»: أى ارتفع، من قوله تعالى: {تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ} (¬4) أى تنبو عنها وترتفع. وقوله: «انخزل»: أى انقطع، وجواب إذا/من قوله: إذا أنا كالّذى أجرى لورد ¬

(¬1) سورة الحشر 14. (¬2) فى المجلس التاسع عشر. (¬3) ساقط من هـ‍. (¬4) سورة السجدة 16.

أوقع إذا المكانيّة جوابا للزمانية، لأنّ الزمانية من أدوات الشرط، والمكانية تكفى من الفاء فى الجواب، كقوله تعالى: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ} (¬1) أى فهم (¬2) يقنطون، والمعنى: أراهم فى المنام كأنهم رفقة لى، فإذا استيقظت عند زوال الليل، كنت كالّذى أجرى دابّته ليرد سرابا ظنّه ماء فلم يدرك (¬3) ما يبلّ يده. وقوله: «أرى ذا شيبة» أى أرى منهم فى منامى أشيب حمّالا للثّقل، وأبيض كصدر السيف فى المضاء والحسن، نالا: أى ذا نوال كثير (¬4). وقوله: «غطارف» القياس: غطاريف أو غطارفة، على تعويض تاء التأنيث من الياء، لأن الواحد غطريف أو غطراف، وإذا وقع حرف اللين رابعا لم يحذف فى التكسير والتحقير، لأنهم قد استجازوا أن يعوّضوا من الحرف المحذوف ياء قبل الطّرف، كقولك فى تكسير جردحل (¬5) وتحقيره: جراديح وجريديح، فإذا ظفروا بحرف اللين واقعا هذا الموقع تمسّكوا [به (¬6)] إلا إذا اضطرّ شاعر، ونقيض هذا زيادة الياء فيما لم يدخله حذف، كزيادتها فى الصّياريف من قوله (¬7): ¬

(¬1) سورة الروم 36. (¬2) كما قال تعالى فى آية الشورى 48: وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسانَ كَفُورٌ. (¬3) فى هـ‍: ماءً. (¬4) لأبى أحمد العسكرى شرح آخر، ذكرته فى المجلس التاسع عشر. (¬5) الجردحل، بكسر الجيم: الضخم من الإبل، للذكر والأنثى، وهو أيضا: الوادى. (¬6) ساقط من هـ‍. (¬7) الفرزدق. وهو بيت مفرد فى ديوانه ص 570، وراجع الكتاب 1/ 28، والمقتضب 2/ 258، والكامل 1/ 253، والأصول 3/ 12،450، وكتاب الشعر ص 208،447، وضرورة الشعر ص 73، وضرائر الشعر ص 36، والخصائص 2/ 315، والمحتسب 1/ 69، ورسالة الغفران ص 526، والإنصاف ص 27،121، والفوائد المحصورة ص 329، والخزانة 2/ 255، وغير ذلك كثير. وأعاده ابن الشجرى فى المجالس: الحادى والثلاثين، والخامس والخمسين، والمتمّ السّتين.

تنفى يداها الحصا فى كلّ هاجرة … نفى الدّراهيم تنقاد الصّياريف والغطريف: السيّد السّخىّ، وقال بعض أهل اللغة: الغطريف: من الغطرفة، وهى التكبّر، ومثلها الغطرسة. وقوله: «لا يصدّ الضّيف عنهم إذا ما طلّق البرم العيالا» أى لا يتجاوزهم الضيوف فى وقت تطليق البرم عياله، وذلك فى زمان البرد والجدب، والبرم: الذى لا يدخل مع القوم فى الميسر، ولا يتحمّل غرما لإصلاح حال. آخر المجلس. ...

المجلس الثانى والعشرون

المجلس الثانى والعشرون وهو مجلس يوم الثلاثاء، الثالث والعشرين من جمادى الأولى، سنة ست وعشرين وخمسمائة. يتضمّن تفسير ما بقى من أبيات ابن أحمر، وتفسير قول الله تعالى: {وَاِصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ} (¬1). قوله: بهم فخر المفاخر يوم حفل أى يوم اجتماع، يقال: حفل القوم واحتفلوا، والمحفل: مكان اجتماعهم. وقوله: إذا ما عدّ بأسا أو فعالا البأس: الشدّة فى الحرب، والفعال بفتح الفاء: كلّ فعل حسن، من حلم أو سخاء أو إصلاح بين الناس، أو نحو ذلك، فإن كسرت فاءه صلح لما حسن من الحال وما لم يحسن. وقوله: «وبيض» اختلف النحويّون فى هذه الواو، فذهبت طائفة من المحققين، ¬

(¬1) سورة الكهف 28.

منهم أبو علىّ وعثمان بن جنّى، إلى أنها عاطفة جملة على جملة، وربّ هى الجارّة مضمرة بعدها، وجاز إعمال الجارّ مضمرا، لأن اللفظ بالواو سدّ مسدّه، وقال من (¬1) خالفهم: بل الواو هى الجارّة، لأنها صارت عوضا من ربّ، فعملت عملها، بحكم نيابتها عنها، كما عملت همزة الاستفهام وحرف التنبيه الجرّ فى القسم، بحكم النيابة عن واوه نحو: آلله لتنطلقنّ؟ ولاها الله ذا، وقالوا: لو كانت عاطفة لم تقع فى أول الكلام، لوقوعها فى نحو: وبلد عامية أعماؤه (¬2) عامية: مستعار من عمى العين، وأعماؤه: أقطاره. وقال من زعمها عاطفة: إنهم إذا استعملوها فى أوّل الكلام عطفوا بها على كلام مقدّر [فى نفوسهم (¬3)] واحتجّوا بأن العرب قد أضمرت ربّ بعد الفاء فى جواب الشرط، كقول ربيعة بن مقروم الضّبّىّ. فإن أهلك فذى حنق لظاه … يكاد عليّ يلتهب التهابا (¬4) وقال تأبّط شرّا (¬5): فإمّا تعرضنّ أميم عنّى … وينزعك الوشاة أولو النّياط (¬6) ¬

(¬1) وهم الكوفيّون والمبرّد. راجع المغنى ص 400، والمقتضب 2/ 319،347، والإنصاف ص 376. (¬2) لرؤبة. ديوانه ص 3، وأشبعته تخريجا فى كتاب الشعر ص 238، وأعاده ابن الشجرى فى المجلسين: الثالث والأربعين، والمتمّ الخمسين. (¬3) ساقط من هـ‍. (¬4) شرح الحماسة ص 544، والمغنى ص 177، وشرح أبياته 4/ 34، والخزانة 4/ 101. (¬5) هكذا ينسب ابن الشجرى البيتين لتأبط شرّا، وفى المجلس الثالث والأربعين ينسبهما للهذلىّ، من غير تعيين. وليسا فى ديوان تأبط شرّا المطبوع. وهما من قصيدة للمتنخل الهذلىّ. شرح أشعار الهذليين ص 1267، وتخريجهما فى ص 1514، وزد عليه كتاب الشعر ص 50، وحواشيه. (¬6) هكذا «النياط» بالياء التحتية بعد النون، ويشرحه المصنف قريبا. والذى فى شعر الهذليين: «النباط» بالباء الموحدة، وسيشير إليه ابن الشجرى.

فحور قد لهوت بهنّ عين … نواعم فى البرود وفى الرّياط فالفاء جواب الشرط كما ترى، فلا بدّ أن يكون التقدير: فربّ ذى حنق، / وفربّ حور، لأن الفاء لم توجد جارّة فى شيء من كلامهم. قال أبو علىّ: «وقد (¬1) انجرّ الاسم بعد «بل» فى قوله (¬2): بل بلد ملء الفجاج قتمه فلو كان الجرّ بالواو دون ربّ المضمرة، لكان الجرّ فى قوله: «بل بلد» ببل، قال: وهذا لا نعلم أحدا به اعتداد يقوله». وقوله: وجرد يعله الدّاعى إليها يقال: علهت إلى الشىء: إذا نازعتك نفسك إليه. وقوله: متى ركب الفوارس أو متالا تقديره: أو متى (¬3) لا ركبوا، ولا ركبوا بمعنى لم يركبوا، كما جاء فى التنزيل: {فَلا صَدَّقَ وَلا صَلّى} (¬4) أى فلم يصدّق ولم يصلّ، ومثله: إن تغفر اللهمّ تغفر جمّا … وأىّ عبد لك لا ألمّا (¬5) ¬

(¬1) قاله فى كتاب الشعر ص 51. (¬2) رؤبة. ديوانه ص 150، وتخريجه فى كتاب الشعر ص 50. ويأتى فى المجلس الثالث والأربعين. (¬3) جاءت العبارة فى هـ‍ هكذا: «أو متى لا تركبوا كما جاء فى التنزيل. . .». وقد تكلم ابن الشجرىّ على استعمال «لا» بمعنى «لم» فى المجلسين: الخامس والخمسين، والسابع والستّين. (¬4) سورة القيامة 31، وانظر مجاز القرآن 2/ 278، وتفسير القرطبى 19/ 113. (¬5) أنشد ابن الشجرى الشطرين فى المجلس الخامس والخمسين من غير نسبة، ونسبهما لأبى خراش الهذلى فى المجلس السابع والستين. والبيتان ينسبان إلى أبى خراش، وإلى أمية بن أبى الصلت، وهو الأكثر. انظر ما ينسب إلى أبى خراش فى شرح أشعار الهذليين ص 1346، وديوان أمية ص 264،265، ومعجم الشواهد ص 530.

أى لم يلمّ بالذنوب، ومثله للأعشى (¬1): أىّ نار الحرب لا أوقدها ومنه قول المتنبى (¬2): يطأن من الأبطال من لا حملنه و «متى» هاهنا شرط، وجوابه محذوف للدّلالة عليه، فالتقدير: متى ركب الفوارس أو متى لم يركبوا عله الدّاعى إليها، وأراد بالدّاعى الذى يدعوها لشدّة تنزل به. وينبغى أن تكتب «متالا» الثانية بالألف، لأن ألفها ردف، وإذا صوّرتها ياء كان ذلك داعيا إلى جواز إمالتها، وإمالتها تقرّبها من الياء، وإذا كانت الألف ردفا انفردت بالقصيدة أو المقطوعة. وقوله: «فوارسهنّ لا كشف خفاف ولا ميل» الكشف: جمع الأكشف، وهو الذى لا ترس معه، والميل: جمع الأميل، وهو الذى لا يحسن الرّكوب. وقال ابن السّكّيت (¬3): العرضىّ: الذى فيه عجارف، فليس برقيق، قال: ويقال للناقة التى ليست بذلول: فيها عرضيّة. ¬

(¬1) ديوانه ص 241، وتمام البيت: حطبا جزلا فأورى وقدح يمدح إياس بن قبيصة الطائى. (¬2) ديوانه 3/ 353، وتمام البيت: ومن قصد المرّان مالا يقوّم القصد: قطع الرماح إذا انكسرت. الواحدة قصدة. والمرّان: الرّماح. (¬3) انظر تهذيب ألفاظ ابن السّكيت، للتبريزى ص 152،153، واللسان (عرض).

تفسير قول الله عز وجل

والنّياط فى البيت الذى أوردته آنفا لتأبّط: فإمّا تعرضنّ أميم عنّى … وتنزعك الوشاة أولو النّياط [النّياط (¬1)]: جمع نوطة، وهى الحقد، والنّياط أيضا: معلّق القلب (¬2)، قال أبو الحسين بن فارس/فى المجمل (¬3): «ونياط المفازة مشتقّ منه، كأنها قد نيطت بغيرها، ولذلك قيل للأرنب: مقطّعة النّياط»، والصواب عندى أنهم قالوا [لها (¬4)] مقطّعة النّياط، لأنها تقطّع نياط قلب الكلب بالعدو (¬5) فى طلبها، كما قالوا لها: مقطّعة الأسحار، يريدون جمع سحر، وهى الرّئة. وروى بعضهم «أولو النّباط»، وفسّره بأنه الكذب، فكأنه من استنباط الحديث، وهو استخراجه، وأصله استنباط الماء، ويقال لكلّ ما استخرج حتى تقع عليه رؤية العين أو معرفة القلب: قد استنبط، وأنبطت الماء أيضا: استخرجته، ويقال للماء الذى يخرج من البئر أول ما تحفر: نبط، بفتح أوله وثانيه، ومنه سمّى النّبط من الناس، لاستخراجهم ماء العيون. تفسير قول الله عز وجل {وَاِصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَاِتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً} (¬6) الصبر فى قولك: صبرت على كذا وصبرت عنه، ¬

(¬1) ليس فى هـ‍. (¬2) فى الموضع الآتى من المجمل: «النّياط: عرق معلّق بالقلب». (¬3) المجمل 4/ 848، وفيه «كأنه قد نيط بغيره، ولذلك يقال. . .» وانظر أيضا مقاييس اللغة 5/ 370. (¬4) ليس فى هـ‍. (¬5) ومثل ذلك قال الزمخشرى فى الأساس-وهو معاصر لابن الشجرى-قال: ويقال للأرنب: مقطّعة النّياط، كأنها تقطع نياط من يطلبها لشدّة عدوها. (¬6) سورة الكهف 28.

معناه: حبست نفسى عليه وحبستها عنه، فلذلك تعدّى اصبر فى قوله: {وَاِصْبِرْ نَفْسَكَ} بغير وساطة (¬1) الجارّ، لأن المعنى: احبس نفسك، وقولهم: «قتل فلان صبرا» معناه حبسا، وهو مصدر وقع موقع الحال، يريدون مصبورا، قال عنترة (¬2): فصبرت عارفة لذلك حرّة … ترسو إذا نفس الجبان تطلّع أى حبست نفسا عارفة للشّدائد. وقرأ ابن عامر (¬3): {بِالْغَداةِ} وبها قرأ أبو عبد الرحمن السّلمىّ، وأوجه القراءتين: {بِالْغَداةِ} لأن غدوة معرفة: علم للحين (¬4)، ومثلها بكرة، تقول: جئتك أمس غدوة، ولقيته اليوم بكرة. /قال الفراء (¬5): سمعت أبا الجرّاح يقول فى غداة يوم بارد: ما رأيت كغدوة قطّ، يريد غداة يومه، وقال الفرّاء: ألا ترى أن العرب لا تضيفها، وكذلك لا تدخلها الألف واللام، إنما يقولون: أتيتك غداة الخميس، ولا يقولون: غدوة الخميس، فهذا دليل على أنها معرفة. انتهى كلامه. وأقول: إن حقّ الألف واللام الدخول على النّكرات، وإنما دخلتا فى الغداة، لأنك تقول: خرجنا فى غداة باردة، وهذه غداة طيّبة. ووجه قراءة ابن عامر أن سيبويه (¬6) قال: «زعم الخليل أنه يجوز أن تقول: أتيتك (¬7) اليوم غدوة وبكرة، فجعلتهما (¬8) بمنزلة ضحوة». ¬

(¬1) فى هـ‍: بغير واسطة لأن المعنى. . . . (¬2) ديوانه ص 104، واللسان (عرف). وأنشده ابن الشجرى فى المجلسين: الثامن والثلاثين، والثامن والستين. (¬3) السبعة ص 390، وتفسير القرطبى 10/ 391، والبحر 4/ 136. (¬4) راجع الكتاب 3/ 293، والمقتضب 3/ 379، واللسان (غدا). (¬5) معانى القرآن 2/ 139. (¬6) الكتاب 3/ 294، وانظر حواشى المقتضب 3/ 379، وزاد المسير 3/ 46. (¬7) فى الكتاب: «آتيك». وأعاده ابن الشجرى فى المجلس التاسع والستين: جئتك. (¬8) فى هـ‍: «فجعلهما»، وفى الكتاب: تجعلهما.

وإنما علّقوا غدوة وبكرة على الوقت علمين، لأنهما جعلا اسمين لوقت منحصر، ولم يفعلوا ذلك فى ضحوة وعشيّة، لأنهما لوقتين متّسعين. ومما يحتجّ به لليحصبىّ، والسّلمىّ (¬1) أنّ بعض أسماء الزمان قد استعملته العرب معرفة بغير الألف واللام، وقد سمع منهم إدخال الألف واللام [عليه (¬2)] نحو ما حكاه أبو زيد من قولهم (¬3): لقيته فينة فينة يا فتى، غير مصروف، ولقيته الفينة بعد الفينة (¬4)، أى الحين بعد الحين، ووجه إدخال الألف واللام فى هذا الضّرب أنه يقدّر فيه الشّياع. قال أبو علىّ: ومثل ما حكاه سيبويه (¬5) من قول العرب: هذا يوم اثنين مباركا فيه، وجئتك يوم اثنين مباركا فيه، استعملوه معرفة بغير ألف ولام، كما استعملوه معرفة بألف ولام، ومن ثمّ انتصب الحال عنه. وإنما خصّ الله سبحانه الدّعاء بالغداة والعشىّ لشرف هذين الوقتين، فللدعاء فيهما فضل، وقال قتادة (¬6): هما صلاتان، صلاة الصبح وصلاة العصر، فذهب بالدّعاء إلى الصلاة، وقال الزّجّاج (¬7): يدعونه بالتوحيد والإخلاص، ويعبدونه، فقوله: «ويعبدونه» موافق لقول قتادة: هما صلاتان، صلاة الصبح وصلاة العصر، /قال: ومعنى {يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} لا يقصدون بعبادتهم إلا إيّاه، وقال قتادة: ذكر لنا أنه لمّا نزلت هذه الآية قال النبىّ صلّى الله عليه وآله وسلّم (¬8): «الحمد لله الذى جعل فى أمّتى من أمرنى أن أصبر نفسى معه». ¬

(¬1) يعنى ابن عامر، وأبا عبد الرحمن. (¬2) ساقط من هـ‍. (¬3) النوادر ص 403، مع بعض اختلاف. وانظر سرّ صناعة الإعراب ص 359، والحلبيات ص 287، واللسان (فين). (¬4) بعده فى اللسان: قال: فهذا مما اعتقب عليه تعريفان، تعريف العلمية والألف واللام. (¬5) الكتاب 3/ 293، وانظر كتاب الشعر ص 37، وإيضاح شواهد الإيضاح ص 647. (¬6) تفسير الطبرى 11/ 383، فى أثناء تفسير الآية (52) من سورة الأنعام. (¬7) معانى القرآن 3/ 281. (¬8) أخرجه أبو داود فى سننه (باب فى القصص من كتاب العلم) 3/ 440، من حديث أبى سعيد الخدرى، رضى الله عنه. وانظر زاد المسير 5/ 132، وتفسير ابن كثير 5/ 149، والدر المنثور 4/ 219.

وقوله: {وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ} أى لا تتجاوزهم عيناك، من قولهم (¬1): لا تعد هذا الأمر، ولا تتعدّه، أى لا تتجاوزه، ولكنه أوصل إلى المفعول بعن، حملا على المعنى، لأنك إذا جاوزت الشىء وتعدّيته فقد انصرفت عنه، فحمل {لا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ} على: لا تنصرف عيناك عنهم، وبهذا اللّفظ فسّره الفرّاء (¬2)، ولهذا نظائر فى القرآن، وفى شعر العرب، فمنها تعدية الرّفث بإلى فى قوله تعالى جدّه: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ} (¬3) وأنت لا تقول: رفثت إلى النّساء، ولكنه جيء به محمولا على الإفضاء الذى يراد به الملامسة فى مثل قوله تعالى: {وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ} (¬4) ومنها تعدية الإحماء فى قوله: {يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ} (¬5) وهو متعدّ بنفسه فى قولك: أحميت الحديدة، قال (¬6) الشاعر (¬7): إن تك جلمود صخر لا أؤيّسه (¬8) … أو قد عليه فأحميه فينصدع أؤيّسه: أذلّله، وإنما حمل «يحمى» على يوقد، لأن الإيقاد عليها هو السبب ¬

(¬1) فى هـ‍: قوله. (¬2) معانى القرآن 2/ 140. (¬3) سورة البقرة 187، وراجع تفسير القرطبى 2/ 316، فقد أورد معظم ما ذكره ابن الشجرى من حمل الأفعال بعضها على بعض فى التعدّى. وانظر المغنى ص 762 (الباب الثامن، القاعدة الثالثة) وهو مبحث التضمين. وانظر التمام فى تفسير شعر هذيل ص 205،229، وأحال ابن جنى على موضع سابق فى كتابه تحدّث فيه عن التضمين فى الآية الكريمة، ولم أجده فى المطبوع من كتاب التمام، مما يدل على أن مخطوطة الكتاب ناقصة. (¬4) سورة النساء 21. (¬5) سورة التوبة 35. (¬6) فى هـ‍: «وقال» بإقحام الواو. (¬7) العباس بن مرداس، كما فى اللسان (بصر-أبس)، وصدر البيت من غير نسبة فى المقاييس 1/ 164، وقصيدة العباس فى الأغانى 18/ 83،84، وليس فيها هذا البيت الشاهد. ونسب إلى خفاف بن ندبة. ديوانه ص 135، وتخريجه فيه. (¬8) هكذا «أؤيّسه» بالياء التحتية، وكذلك فى المقاييس، مع رواية «يؤيّسه». والذى فى اللسان فى الموضعين: «أؤبّسه» بالباء الموحدة، والفعلان يرجعان إلى معنى واحد، هو التذليل والتأثير فى الشىء.

المؤدّى إلى إحمائها، فأجرى {يُحْمى عَلَيْها} مجرى يوقد عليها، والمعنى تحمى هى. ومن ذلك تعدية «يخالف» بعن في قوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} (¬1) وهو فى قولك: خالفت زيدا، غير مفتقر إلى التعدّى بالجارّ، وإنما جاء محمولا على ينحرفون عن أمره، أو يروغون (¬2) عن أمره. ومثله تعدية «رحيم» بالباء فى نحو: {وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً} (¬3) حملا على رءوف فى نحو {بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ} (¬4) ألا ترى أنك تقول: رأفت به، ولا تقول: رحمت به، ولكنه لمّا وافقه فى المعنى نزّل منزلته فى التعدية، ومن هذا الضرب قول أبى كبير الهذلىّ: /حملت به فى ليلة مزءودة … كرها وعقد نطاقها لم يحلل (¬5) عدّى «حملت» بالباء، وحقّه أن (¬6) يصل إلى المفعول بنفسه، كما جاء فى التنزيل: {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً} (¬7) [ولكنه (¬8) قال: حملت به، لأنه فى معنى: حبلت به] ¬

(¬1) سورة النور 63، وذهب أبو عبيدة والأخفش إلى أن «عن» فى الآية زائدة. وقال الخليل وسيبويه: ليست بزائدة. والمعنى: يخالفون بعد أمره. انظر مجاز القرآن 2/ 69، وتفسير القرطبى 12/ 323، وذهب ابن هشام إلى ما ذهب إليه ابن الشجرى. راجع المغنى ص 321،575، ومجىء «عن» بمعنى «بعد» ذكره المصنف فى المجلس المتمّ السبعين، وساق له شواهد كثيرة، لكنه لم يذكر فيها هذه الآية الكريمة. (¬2) بهامش الأصل: «أو يزيغون» وبجانبها «صح». وما فى هذا الهامش مثله فى تفسير القرطبى. وقد رجّحت أن القرطبىّ نقل عن ابن الشجرى، أو أن الاثنين نقلا عن مصدر واحد لم يذكراه. (¬3) سورة الأحزاب 43. (¬4) سورة التوبة 128. (¬5) شرح أشعار الهذليين ص 1072، وتخريجه فى ص 1485، وزد عليه: الصاهل والشاحج ص 261، وتفسير القرطبى. (¬6) فى هـ‍: «وحقه يصل» بإسقاط «أن» وضبط «يصل» بالرفع، وهو صحيح على حدّ قول جرير: «وحقك تنفى من المسجد» راجع كتاب الشعر ص 402. (¬7) سورة الأحقاف 15. (¬8) مكان هذا فى هـ‍: «ولكنه قال حملت به» فقط. وما فى الأصل جاء مثله فى تفسير القرطبى، -

وشبيه بهذا وضع الجارّ فى موضع الجارّ، لاتفاق الفعلين فى المعنى، كقوله تعالى: {مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ} (¬1) والجارى على ألسنتهم: ظفرت به، وأظفرنى الله به، ولكن جاء أظفركم عليهم، محمولا على أظهركم عليهم (¬2). ومن (¬3) زعم أنه كان حقّ الكلام: «لا تعد عينيك عنهم» لأن «تعدو» متعدّ بنفسه، فليس قوله بشىء، لأنّ عدوت وجاوزت بمعنى، وأنت لا تقول: جاوز فلان عينيه عن فلان، ولو جاءت التّلاوة (¬4) بنصب العينين، لكان اللفظ بنصبهما محمولا أيضا على: لا تصرف عينيك عنهم، وإذا كان كذلك فالذى وردت به التلاوة من رفع العينين يئول إلى معنى النّصب فيهما، إذ كان {لا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ} بمنزلة لا تنصرف عيناك عنهم، ومعنى لا تنصرف عيناك عنهم: لا تصرف عينيك عنهم، فالفعل مسند إلى العينين وهو فى الحقيقة موجّه إلى النبىّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، كما قال: {فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ} (¬5) فأسند الإعجاب إلى الأموال، والمعنى لا تعجب يا محمد بأموالهم. فتبيّن ما ذكرته فى هذا الفصل، فإذا عرفته عرفت جهل الذى زعم أنه كان حقّ العينين فى الآية النصب. ¬

= وزدت «به» الأخيرة منه. وقد حكى البغدادىّ كلام ابن الشجرى هذا بشىء من التصرف. الخزانة 8/ 198. (¬1) سورة الفتح 24. (¬2) حكى ابن الجوزىّ فى زاد المسير 7/ 439: «ظفرت بفلان، وظفرت عليه»، وهو فى اللسان (ظفر) عن الأخفش، فلا حمل إذن، وإنما الفعل يتعدّى بالباء، كما يتعدّى بعلى. (¬3) من هنا إلى آخر الفقرة حكاه الزركشى فى البرهان 3/ 340، عن ابن الشجرى، وحكى معظمه القرطبى 10/ 391، دون عزو. (¬4) جاءت فى الشواذّ. قرأ الحسن: «ولا تعد عينيك» بضمّ التاء وسكون العين وكسر الدال المخففة. قال ابن جنى: «هذا منقول من: عدت عيناك، أى جاوزتا، من قولهم: جاء القوم عدا زيدا، أى جاوز بعضهم زيدا، ثم نقل إلى أعديت عينى عن كذا، أى صرفتها عنه». وقرئ أيضا فى الشواذّ عن عيسى والحسن وَلا تَعْدُ بالتشديد. المحتسب 2/ 27، ومختصر فى شواذ القراءات ص 79، وتفسير القرطبى. (¬5) سورة التوبة 55، وانظر أيضا الآية 85

ويزيدك وضوحا فى أن معنى الرفع كمعنى النّصب، وأن الفعل فى كلا الوجهين محمول على معنى الصّرف، قول الزجّاج (¬1): إنّ معنى لا تعد عيناك عنهم: لا تصرف بصرك عنهم إلى غيرهم من ذوى الهيئات والزينة، وذلك أن جماعة من عظماء المشركين قالوا للنبى عليه السلام: باعد عنك هؤلاء الذين رائحتهم رائحة الضأن، وهم موال وليسوا بأشراف، لنجالسك ونفهم عنك، يعنون خبّابا وصهيبا وعمّارا وسلمان وبلالا، ومن أشبههم، فأمره الله أن يجعل إقباله على المؤمنين، ويلزم/نفسه مجالستهم، ولا يلتفت إلى قول من سوّل له مباعدتهم بقوله: {وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا} ومعنى أغفلنا قلبه: وجدناه غافلا (¬2)، كقولك: لقيت فلانا فأحمدته، أى وجدته محمودا. وقال عمرو بن معديكرب لبنى الحارث بن كعب: «والله (¬3) لقد سألناكم فما أبخلناكم، وقاتلناكم فما أجبنّاكم، وهاجيناكم فما أفحمناكم» أى ما وجدناكم بخلاء ولا جبناء ولا مفحمين. وقوله: {وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً} قال المفسّرون: سرفا، وقال بعضهم: سرفا وتضييعا، وقال أبو عبيدة (¬4): ندما، وقال ابن قتيبة كقول أبى عبيدة، وقال: أصله العجلة والسّبق، يقال: فرط منه قول قبيح: أى سبق، ومنه فرس فرط: أى متقدّم للخيل. ¬

(¬1) معانى القرآن 3/ 281. (¬2) بهامش الأصل: «قال شيخنا الإمام العلامة جمال الدين بن هشام، أبقاه الله سبحانه: هذه المقالة، أعنى كون «أغفلنا» بمعنى وجدناه غافلا، تقدّمه إليها ابن جنى، نصّ عليها فى المحتسب وغيره، وحامله عليها الاعتزال. من خطّ تلميذ ابن هشام» انتهى. قلت: وابن هشام يشير إلى قاعدة المعتزلة المعروفة: أن الله لا يخلق فعل الضلال والمعصية، وإنما ذلك من فعل العبد. وانظر كلام ابن جنى المشار إليه فى المحتسب 2/ 28، وقد انتصر لهذه المقالة بكلام عال نفيس، فى الخصائص 3/ 253 - 255 وانظر أيضا الكشاف 2/ 482، والبحر المحيط 6/ 119، واللسان (غفل). (¬3) أعاده ابن الشجرى فى المجلس الحادى والثلاثين. وانظره أيضا فى إصلاح المنطق ص 250، وأدب الكاتب ص 447، والروض الأنف 2/ 150، وتفسير القرطبى 10/ 392، والموضع السابق من المحتسب. (¬4) الذى فى مجاز القرآن لأبى عبيدة 1/ 398: «سرفا وتضييعا». وكأنّ ابن الشجرى ينقل كلام أبى عبيدة من طريق ابن قتيبة، فهو الذى حكى عن أبى عبيدة «ندما» راجع تفسير غريب القرآن لابن قتيبة ص 266.

وقال الزجّاج (¬1): أى كان أمره التّفريط، والتّفريط: تقديم العجز، وقال الفرّاء (¬2): كان أمره متروكا لإفراطه فى القول، يعنى عيينة بن حصن الفزارىّ، قال: نحن رءوس مضر وأشرافها، إن أسلمنا أسلم الناس، وعاب سلمان وأشباهه. آخر المجلس. ... ¬

(¬1) معانى القرآن. الموضع السابق. (¬2) معانى القرآن 2/ 140.

المجلس الثالث والعشرون

المجلس الثالث والعشرون وهو مجلس يوم الثلاثاء، سلخ جمادى الأولى من سنة ستّ وعشرين وخمسمائة. تفسير قوله عز وجل: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اِجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاِتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ تَوّابٌ رَحِيمٌ} (¬1). يقال: اجتنبت الشىء: أى اعتزلته جانبا، وإن شئت أخذته من الجنابة، وهى البعد، قال علقمة بن عبدة (¬2): فلا تحرمنى نائلا عن جنابة … فإنّى امرؤ وسط البيوت غريب فالمعنى على هذا: باعدوا، وكلا القولين يرجع إلى أصل واحد. والظنّ هاهنا: /التّهمة، ومنه قراءة من قرأ: «وما هو على الغيب بظنين» (¬3) أى بمتّهم، قال أبو علىّ فى كتاب العوامل: وعلى هذا قوله: «أو ظنين فى ولاء» والصواب: «أو ظنينا» هكذا هو منصوب، عطف على مستثنى موجب فى رسالة (¬4) ¬

(¬1) سورة الحجرات 12. (¬2) ديوانه ص 48، وتخريجه فى ص 144. (¬3) سورة التكوير 24، وهى قراءة ابن كثير، وأبى عمرو، والكسائىّ. السبعة ص 673، والكشف 2/ 364. (¬4) أوردها أبو العباس المبرّد فى كتابه الكامل 1/ 12.

عمر رضوان الله عليه إلى أبى موسى، وذلك قوله: «المسلمون عدول بعضهم على بعض إلا مجلودا فى حدّ، أو مجرّبا عليه شهادة زور، أو ظنينا فى ولاء أو نسب». وقال أبو إسحاق الزجّاج (¬1): أمر الله باجتناب كثير من الظّن، وهو أن نظنّ بأهل الخير سوءا، إذا كنّا نعلم أن الذى ظهر منهم خير، فأمّا أهل السوء والفسوق فلنا أن نظنّ بهم مثل الذى ظهر منهم. وقوله: {وَلا تَجَسَّسُوا}: أى ولا تبحثوا عن الأخبار، ومنه أخذ الجاسوس، فهذا يعرف بالنّطق والسّمع، وقد يكون هذا المعنى باليد، كقولك: جسست الكبش بيدى، وذلك لتنظر أسمين هو أم هزيل. وقال ابن دريد (¬2): وقد يكون الجسّ بالعين، وأنشد: فاعصوصبوا ثم جسّوه بأعينهم (¬3) قال الضحّاك بن مزاحم: قوله: {وَلا تَجَسَّسُوا} أى لا تلتمس عورة أخيك، وقرأه (¬4) أبو رجاء والحسن وابن سيرين: {وَلا تَجَسَّسُوا} بالحاء، وهو من إحساس البصر، ومنه قوله تعالى: {هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ} (¬5) أى هل ترى؟ ¬

(¬1) معانى القرآن 5/ 36. (¬2) الجمهرة 1/ 51،52. (¬3) تمامه: ثم اختفوه وقرن الشمس قد زالا والبيت مع آخر قبله فى الموضع السابق من الجمهرة، ونسبا فى حواشيها لعبيد بن أيوب العنبرى، ولم أجدهما فى شعره الذى جمعه الدكتور نورى القيسى، الذى نشره بمجلة المورد العراقية (المجلد الثالث-العدد الثانى 1974 م). والبيتان لعبيد بن أيوب فى التاج (جسس) مع اختلاف فى الرواية. ومن غير نسبة فى اللسان (جسس) أيضا. والبيت الشاهد فيه وفى التاج (خفا) من غير نسبة أيضا. (¬4) مختصر فى شواذّ القراءات ص 143، وزاد المسير 7/ 471، وتفسير القرطبى 16/ 332، والإتحاف ص 398. (¬5) ختام سورة مريم.

وقوله: {وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً} قال قتادة بن دعامة: ذكر لنا أن الغيبة أن تذكر أخاك بما يشينه، وتعيبه بما فيه، فإن كذبت عليه فذاك البهتان، وقال الزّجّاج (¬1): الغيبة أن تذكر الإنسان من خلفه بسوء، وإن كان فيه السّوء، فأمّا ذكره بما ليس فيه فذلك البهت والبهتان، كذلك جاء عن النبىّ صلى الله عليه وآله وسلّم. وقوله: {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ} الهاء فى {فَكَرِهْتُمُوهُ} عائدة على الأكل، وفى الكلام اختصار/شديد، والتقدير فيما أراه أن الجملة التى هى {فَكَرِهْتُمُوهُ} خبر لمبتدإ مقدّر، وبعدها تقدير كلامين حذفا للدلالة عليهما، كأنه قيل: فأكل لحم أخيكم ميتا كرهتموه، والغيبة مثله فاكرهوها، والجملة من المبتدأ المحذوف وخبره معطوفة على الجواب الذى يقتضيه الاستفهام، لأن قوله: {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً} جوابه: لا و «لا» إنما تقع فى الجواب نائبة عن جملة، وكذلك كل حرف جوابىّ، نحو بلى ونعم، يقوم مقام جملة، فإذا قال القائل: ألم أكرمك؟ قلت: بلى، فالتقدير: بلى قد أكرمتنى، وإن قلت: لا، فالتقدير: لا لم تكرمنى، فالحرف الجوابىّ ينوب عن هذه الجملة، وربّما جيء بها مذكورة بعده توكيدا كقوله تعالى: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ* قالُوا بَلى قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ} (¬2) وإذا عرفت هذا فجواب قوله: {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً} تقديره: لا يحبّ أحد منّا ذلك، فقيل لهم: فأكل لحم أخيكم ميتا كرهتموه، والغيبة مثله فاكرهوها. {وَاِتَّقُوا اللهَ} فيجوز أن يكون قوله: {وَاِتَّقُوا اللهَ} معطوفا على هذا الأمر المقدّر، ويجوز أن يكون معطوفا على ما تقدّم من الجملة الأمريّة فى أول الآية، وهى قوله: {اِجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ} ¬

(¬1) معانى القرآن 5/ 37. (¬2) من الآيتين الثامنة والتاسعة من سورة الملك.

ويجوز أن يكون معطوفا على الجملة النّهييّة التى هى قوله: {وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً} فإن عطفته على المحذوف المقدّر فحسن، ونظيره قوله: {اِضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ} (¬1). التقدير: فضرب فانفجرت، وقد جاء ما هو أكثر من هذا، وهو تقدير معطوفين، فى قوله جلّ اسمه: {فَقُلْنا اِضْرِبُوهُ بِبَعْضِها كَذلِكَ يُحْيِ اللهُ الْمَوْتى} (¬2) التقدير: فضربوه (¬3) فحيى، وجاء ما هو أشدّ من هذا، وهو تقدير ثلاث جمل معطوفة فى قوله تعالى: {وَقالَ الَّذِي نَجا مِنْهُما وَاِدَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ} -ثم قال: - {يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ} (¬4) فالتقدير: فأرسلوه فأتى يوسف فقال له: /يوسف أيّها الصدّيق. فحذوف القرآن كثيرة عجيبة، والذى ذكرته من التقديرات والحذوف فى هذه الآية مشتمل على حقيقة الإعراب مع المعنى. وذكر الزجّاج وأبو علىّ فى تفسير قوله: {فَكَرِهْتُمُوهُ} تفسيرا تضمّن المعنى دون حقيقة الإعراب، قال الزجّاج فى تقدير (¬5) المحذوف: فكما تكرهون أكل لحمه ميتا، كذلك تجنّبوا ذكره بالسّوء [غائبا (¬6)] وقال أبو علىّ فى التذكرة: فكما (¬7) كرهتم أكل لحمه ميتا فاكرهوا غيبته واتّقوا الله. ¬

(¬1) سورة البقرة 60. (¬2) سورة البقرة 73. (¬3) فى هـ‍ «ضربوه»، وصوابه بالفاء، كما فى الأصل هنا، وفى المجلس الثالث والأربعين. (¬4) سورة يوسف 45،46. (¬5) فى هـ‍: فى حقيقة المحذوف. (¬6) سقط من هـ‍. وهو فى الموضع السابق من معانى القرآن. (¬7) فى هـ‍ «وكما». وأثبته بالفاء من الأصل، ومما يأتى فى المجلس السادس والسبعين. وقد حكى أبو حيان تأويل أبى على الفارسىّ، ثم تعقّبه، فقال: «وفيه عجرفة العجم». ثم حكى كلام الزمخشرىّ- وفيه مشابه من كلام الفارسىّ وابن الشجرى-وتعقّبه كذلك قائلا: «وفيه أيضا عجرفة العجم». البحر المحيط 8/ 115، والكشاف 3/ 568. بقى أن أقول: إن كلام الفارسىّ فى رواية ابن الشجرى، شبيه بما أثر معناه عن مجاهد، كما ذكر القرطبى 16/ 340. وانظر تفسير مجاهد ص 612.

وقال الفرّاء: فقد كرهتموه فلا تفعلوه (¬1)، يريد: فقد كرهتم أكل لحمه ميتا فلا تغتابوه، فإنّ هذا كهذا (¬2)، فلم يفصح بحقيقة المعنى. وقرئ فيما خرج عن القراءات المشهورة {فَكَرِهْتُمُوهُ} بالتشديد (¬3)، على ما لم يسمّ فاعله، أى بغّض إليكم. وقرأ نافع بن أبى نعيم [ميّتا (¬4)] بالتشديد، والميّت والميت بمعنى، كالهيّن والهين، واللّيّن واللّين، والطّيّب والطّيب، ومنه طيبة، اسم المدينة، سمّاها به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، مخفّفة من طيّبة، ويدلّك على أنه لا فرق بين الميّت والميت قول الشاعر (¬5): ليس من مات فاستراح بميت … إنما الميت ميّت الأحياء ألا ترى أنه أوقع المخفّف والمشدّد على شيء واحد، قال أبو علىّ فى الحجّة: وكذلك قول الآخر: ومنهل فيه الغراب الميت (¬6) قال: فلو شدّد لجاز. ¬

(¬1) فى الأصل وهـ‍: «فلا تفعلوا»، وأثبتّه بالهاء من معانى القرآن للفراء 3/ 73 - والنقل عنه-وفيما حكاه عنه أبو حيان فى البحر، وقال بعد ذكر تأويل الفارسىّ والزمخشرىّ، الذى أشرت إليه: «والذى قدّره الفرّاء أسهل وأقلّ تكلّفا، وأجرى على قواعد العربية». (¬2) فى هـ‍: هكذا. (¬3) أى بضم الكاف وتشديد الراء. وقرأ بها أبو سعيد الخدرىّ، وأبو حيوة، والضحاك، وعاصم الجحدرى. مختصر فى شواذ القراءات ص 143، وزاد المسير 7/ 472، والبحر، الموضع المذكور. (¬4) ساقط من هـ‍. (¬5) عدىّ بن الرّعلاء الغسّانى. الأصمعيات ص 152، وحماسة ابن الشجرى 1/ 195، والمنصف 2/ 17،3/ 62، والعقد الفريد 5/ 491، والصاهل والشاحج ص 522، والكافى فى العروض والقوافى ص 116، وغير ذلك كثير. (¬6) هذا البيت والذى بعده من أرجوزة تنسب لأبى محمد الفقعسى، وللعجّاج. أمالى القالى 1/ 52، 2/ 244، والسّمط 1/ 200،201، واللسان (غفف-أجن).

قلت: يجوز ذلك إذا أخرج عمّا بعده، لأن بعده: سقيت منه القوم واستقيت وانتصاب «ميت» فى الآية على الحال من «أخيه» وقد قدّمت فيما مرّ من الأمالى (¬1) أن الحال من المضاف إليه مما قلّ استعماله، وجاء ذلك فى قول الجعدىّ (¬2): كأنّ حواميه مدبرا وفى قول أبى الصّلت الثقفىّ (¬3): فى رأس غمدان دارا منك محلالا فى أحد الوجهين، وسأذكر لك إن شاء الله شرح هذين البيتين، بعد استقصاء الكلام فى «كلّ وبعض» وذلك أنه تعالى جدّه قطع «بعضا» عمّا يقتضيه من الإضافة فى قوله: {وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً} وكذلك قوله: {كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ} (¬4) والأصل: لا يغتب بعضكم بعضكم، وكلّهم آمن بالله، ولتقدير الإضافة فيهما امتنع بعض النّحويين من إدخال الألف واللام عليهما، ويجوز فى قياس قول سيبويه، وفى رأى أبى علىّ، لحاق الألف واللام لهما، وذلك أن سيبويه أجاز فى قول الشاعر (¬5): ترى خلقها نصفا قناة قويمة … ونصفا نقا يرتجّ أو يتمرمر ¬

(¬1) فى المجلس الثالث وغيره مما ظهر فى تخريج بيت النابغة الجعدى الآتى. (¬2) سبق تخريجه فى المجلس المذكور. (¬3) يأتى تمامه وتخريجه، إن شاء الله تعالى، فى المجلس السادس والعشرين، وقد عقده ابن الشجرى للقصيدة كلّها. (¬4) سورة البقرة 285. (¬5) ذو الرمة. والبيت فى ديوانه ص 623، وتخريجه فى ص 1982، وزد عليه: الجمل المنسوب للخليل ص 101، وراجع الكتاب 2/ 11.

[يروى: «ترى خلفها» ودل على ذلك قوله: «ونصفا نقا» وذلك لأن العجيزة لا تكون إلا خلفها (¬1)]. أن تنصب نصفا على أنه حال (¬2)، يعنى أنه كان أصله: ترى خلقها قناة قويمة نصفا، ونقا يرتجّ نصفا، فلما قدّم وصف النكرة عليها، صار انتصابه على الحال، ولمّا أجاز انتصاب «نصف» على الحال دلّ ذلك على أنه عنده نكرة، وإذا كان نكرة جاز دخول الألف واللام عليه، لأنه إنما يكون فى قطعه عن الإضافة معرفة، إذا قدّرت إضافته إلى معرفة، وإذا لم تقدّر إضافته إلى معرفة كان نكرة، وإذا كان نكرة جاز دخول الألف واللام عليه، كما جاء فى التنزيل: {فَلَهَا النِّصْفُ} (¬3) وكلّ وبعض مجراهما مجرى نصف، لأنه يقتضى الإضافة إلى ما هو نصف له، كما أن كلاّ يقتضى الإضافة إلى ما هو كلّ له، وبعضا يقتضى الإضافة إلى ما هو بعض له، فإذا قدّرت إضافة كلّ وبعض إلى المعارف كانا معرفتين، وإذا قدّرت إضافتهما إلى النّكرات كانا نكرتين، فهما فى هذا بمنزلة نصف، تقول: نصف دينار، ونصف الدينار، وكلّ رجل، وكلّ الرجال، وبعض رغيف، وبعض الرغيف. قال أبو علىّ: وممّا يدلّ على صحة جواز دخول الألف واللام عليهما أن أبا الحسن الأخفش حكى أنهم يقولون: مررت بهم كلاّ، فينصبونه على الحال، ويجرونه مجرى: مررت بهم جميعا، وإذا جاز انتصابه على الحال، فيما حكاه عن ¬

(¬1) ساقط من هـ‍. وكنت ظننت فى أول الأمر أن هذه حاشية مقحمة، لكنى رأيت الكلام بخط الناسخ نفسه، ولم تجر عادته أن يقحم حواشى على صلب الأمالى، ولا نكران إن شاء الله، فهذا هو أسلوب المجالس والأمالى التى تلقى على الطلبة، وقد جرى عليه ابن الشجرى فى غير مكان من الأمالى، ولكنه يبدو غريبا هنا، لفصله بين الفعل «أجاز» ومعموله «أن تنصب». وانظر مثلا ص 334. وهذه الرواية «خلفها» بالفاء هى رواية الديوان. ورواية سيبويه بالقاف، كرواية ابن الشجرى. (¬2) فى هـ‍: «على الحال» وجاء بهامش الأصل: «الكلام فى جواز تعريف «كلّ وبعض» بالألف واللام، مما تنبّه له أبو على، وزعم أنه قياس قول سيبويه، ولم يسبق إليه، وقد شرحه فى المسائل الحلبيات» انتهى. ولم أجده فى المطبوع من الحلبيات. ومعلوم أن فى نسختها نقصا. (¬3) سورة النساء 11.

/العرب، فلا إشكال فى جواز دخول الألف واللام عليه، ولا اعتبار بما وقع من المعارف فى مواقع الأحوال، كقولهم (¬1): طلبته جهدك، ورجع عوده على بدئه، وأرسلها العراك، لأن هذه مصادر عملت فيها أفعال من ألفاظها مقدّرة، وتلك الأفعال واقعة فى مواقع الأحوال، والأفعال نكرات فلا يمتنع وقوع الفعل موقع الحال، والتقدير: طلبته تجهد جهدك، ورجع يعود عوده، وأرسلها يعارك بعضها بعضها العراك. فإن قيل: فقد قالوا: القوم فيها الجمّاء الغفير، فنصبوا الجمّاء على الحال، وفيه الألف واللام وليس بمصدر. قيل: إن النحويين قد قدّروا الألف واللام فى هذا الاسم تقدير الزّيادة، كما قدّروهما زائدين فى قولهم: إنى لأمرّ بالرجل مثلك فيكرمنى، وكما جاءت زيادتهما فى مواضع كثيرة نحو: على قنّة العزّى وبالنّسر عندما (¬2) و: يا ليت أمّ العمر كانت صاحبى (¬3) ¬

(¬1) أعاد ابن الشجرىّ الكلام على ذلك مستوفى فى المجلس الحادى والسبعين، وقد قصره على الكلام فى الحال. (¬2) صدره: أما ودماء ثائرات تخالها وهو لعمرو بن عبد الجنّ. المنصف 3/ 134، وسرّ صناعة الإعراب ص 360، ومعجم الشعراء ص 18، والتبيين ص 435، والإنصاف ص 318، وإيضاح شواهد الإيضاح ص 648، وشرح الشواهد الكبرى 1/ 500، والخزانة 7/ 214، وأنشد ابن الشجرى البيت الشاهد مع بيتين بعده فى المجلس السابع والسبعين. (¬3) المنصف 3/ 134، والمخصص 1/ 168،11/ 220،13/ 216، والإنصاف ص 316، وشرح المفصل 1/ 44. والبيت فى إصلاح المنطق ص 262، برواية «الغمر» بالغين المعجمة. وهو فى اللسان (وبر) بالعين المهملة، عن الأصمعىّ، ثم قال بعد إنشاده: «يريد أنه عمرو، فيمن رواه هكذا، وإلاّ فالأعرف: يا ليت أم الغمر». وانظر ما يأتى فى المجلس التاسع والسّتين. وفيه الكلام عن إثبات الواو وحذفها من «العمرو».

و: وجدنا الوليد بن اليزيد مباركا (¬1) وكزيادتهما فى الذى ونحوه، وإذا ساغ التأويل فى قولهم: «هم فيها الجمّاء الغفير» لم يكن لمن جعل الحال معرفة حجّة فى ذلك، وتأنيث الجمّاء لتأنيث الجماعة، واشتقاقها من الجمّ وهو الكثير، وفى التنزيل: {وَتُحِبُّونَ الْمالَ حُبًّا جَمًّا} (¬2) والغفير: مأخوذ من الغفر، وهو التّغطية والسّتر، كأنهم يسترون الأرض بكثرتهم. فإن قلت: فقد قالوا: كلّمته فاه إلى فىّ، فنصبوا المضاف إلى المعرفة على الحال وليس بمصدر فنعمل فيه فعلا من لفظه، ونحكم بأن فعله واقع موقع الحال، ولا هو من أسماء الفاعلين وغيرها، مما يقدّر بإضافته (¬3) الانفصال. فالجواب: أن «فاه» عند النحويين منتصب بمحذوف مقدّر، وذلك المحذوف كان هو الحال فى الحقيقة، وهذا المنصوب المعرفة قائم مقامه، وتقديره: جاعلا (¬4) /فاه إلى فىّ. على أنّ هذه الكلم التى وضعوها مواضع الأحوال وهى معارف، لو كانت خالية ¬

(¬1) تمامه مع اختلاف الرواية: مطيقا لأعباء الخلافة كاهله وهو لابن ميّادة، واسمه الرمّاح بن أبرد. والبيت فى ديوانه ص 192، وتخريجه فى ص 195، وزد عليه: شرح شواهد الشافية ص 12، وأعاده ابن الشجرى فى المجلسين: التاسع والستين، والسابع والسبعين. (¬2) سورة الفجر 20. (¬3) فى هـ‍: بإضافة. (¬4) هذا تقدير الكوفيين، كما ذكر ابن يعيش فى شرح المفصل 2/ 61، وهو ما فهمه أبو حيان من كلام الفراء، وحكاه البغدادىّ فى الخزانة 3/ 200، أما تقدير سيبويه والمبرد، وأكثر البصريين فهو: مشافهة، أو مشافها. راجع الكتاب 1/ 391، والمقتضب 3/ 236. وقد ذكر ابن الشجرىّ التقديرين فى المجلس الحادى والسبعين، دون عزو.

من تأويل يدخلها فى حيّز النّكرات لما ساغ الاحتجاج بها، لأن ذلك عدول عن العامّ الشائع إلى الشاذّ النادر. فقد ثبت بما ذكرنا أن دخول الألف واللام على «كلّ وبعض» جائز من جهتين: إحداهما أنك لا تقدّرهما مضافين إلى معرفة، وإذا لم تقدّر إضافتهما إلى معرفة جريا مجرى «نصف» وغيره من النّكرات المتصرّفة. والجهة الأخرى: أن يكون «كلّ» على ما ذكره أبو الحسن من استعمالهم إيّاه حالا بمعنى جميعا، فيجوز دخول الألف واللام عليه، كما دخلا فى الجميع، فقد ثبت بهذا أنّ من امتنع من دخول الألف واللام عليهما مخطئ. فإن قيل: فقد علمت أن «كلاّ وبعضا» مما لا ينفكّ من الإضافة لفظا ومعنى، أو معنى لا لفظا، فهما فى ذلك بمنزلة «قبل وبعد» فما الفرق بينهما وبين «قبل وبعد» حتى أجزتم دخول الألف واللام عليهما، ولم يأت ذلك فى «قبل وبعد» وحتى (¬1) جاء بناء «قبل وبعد» على الضمّ فى حال إفرادهما، إذا قدّرا مضافين إلى معرفة، ولم يأت ذلك فى كلّ وبعض؟ فالجواب: أنّ امتناع الألف واللام من الدخول على «قبل وبعد» من حيث لم يستعملا إلاّ ظرفين ناقصى التمكّن، فجريا فى ذلك مجرى الظّروف التى لم تتمكّن كإذ ولدن وعند ولدى، وساغ البناء فيهما إذا أفردا لنقصان تمكّنهما فى حال الإضافة، ألا تراهما لا يرفعان مضافين، وليس بعد نقصان التمكّن مع حذف المضاف إليه، وهو جار مجرى بعض أجزاء المضاف إلا البناء، وليس كذلك «كلّ وبعض»، لأنهما اسمان متمكّنان كلّ التمكّن، فأنعم النظر فيما ذكرته لك من هذه الفصول، لتعرف حقيقتها بتوفيق الله. ¬

(¬1) فى الأصل «حتى» بطرح الواو.

المجلس الرابع والعشرون

المجلس الرابع والعشرون / وهو مجلس يوم الثلاثاء، الثامن من جمادى الآخرة، سنة ستّ وعشرين وخمسمائة. يتضمّن قول النابغة الجعدىّ فى وصف فرس: كأنّ حواميه مدبرا … خضبن وإن كان لم يخضب (¬1) حجارة غيل برضراضة … كسين طلاء من الطّحلب الحاميتان: ناحيتا الحافر عن يمين وشمال، وقال ابن قتيبة (¬2): «الحاميتان عن يمين السّنبك وشماله، والسّنبك: طرف مقدّم الحافر»، وقيل: الحامية: أعلى الحافر، والقول الأوّل أثبت. والغيل: الماء الجارى على وجه الأرض. والرّضراضة: [الأرض (¬3)] الصّلبة، ويستحبّ فى الحوافر أن تكون سودا أو خضرا لا يبيضّ منها شيء، لأنّ ابيضاضها رقّة، شبّه حوافره بحجارة مقيمة فى ماء قليل، وذلك أصلب لها، ويقال للصّخرة التى بعضها فى الماء وبعضها خارج: أتان ¬

(¬1) فرغت منه فى المجلس الثالث. (¬2) فى أدب الكاتب ص 136. وقال فى المعانى الكبير ص 166: «الحوامى: جوانب الحوافر. يقول: هى سود كأنها خضبت». وهذا التفسير الذى حكاه ابن الشجرى عن ابن قتيبة ينسب لأبى عبيدة أيضا، على ما فى اللسان (حمى). وانظر كتابه الخيل ص 29،30. (¬3) سقط من هـ‍.

الضّحل، والضّحل: الماء القليل، وذلك النهاية فى صلابتها، وإيّاها عنى المتنبّى بقوله: أنا صخرة الوادى إذا ما زوحمت (¬1) وإذا كانت جوانب الحافر صلابا، على الوصف الذى ذكرناه، وكانت سودا أو خضرا، فمقاديمها أصلب وأشدّ سوادا أو خضرة. وقوله: «خضبن» عند أبى علىّ: فى موضع نصب، بأنه حال من الحوامى، والعامل فيه ما فى «كأنّ» من معنى الفعل، كقول النابغة الآخر، فى وصف قرن الثّور، ونفوذه فى صفحة الكلب: كأنّه خارجا من جنب صفحته … سفّود شرب نسوه عند مفتأد (¬2) والشّرب: جمع شارب، والمفتأد: المطبخ والمشتوى. ولم يجعل «خضبن» خبر كأنّ، لأنه جعل خبرها قوله: «حجارة غيل» ولم يجز أن يكونا خبرين لكأنّ، على حدّ قولهم: هذا حلو حامض (¬3)، أى قد جمع الطّعمين، قال: لأنك لا تجد فيما أخبروا/عنه بخبرين أن يكون أحدهما مفردا والآخر جملة، لا تقول: زيد خرج عاقل. والقول عندى أن يكون موضع «خضبن» رفعا بأنه خبر كأنّ، وقوله: ¬

(¬1) تمامه: وإذا نطقت فإننى الجوزاء ديوانه 1/ 15، والخزانة 3/ 163. (¬2) ديوان النابغة الذبيانى ص 11، وكتاب الشعر صفحات 62،219،248، وحواشيه، والجمل المنسوب للخليل ص 75، وأعاده ابن الشجرى فى المجلس الحادى والسبعين. (¬3) الكتاب 2/ 83، وكتاب الشعر ص 239،243.

«حجارة غيل» خبر مبتدأ محذوف، أى هى حجارة غيل، وأداة التشبيه محذوفة، كما قال: فهنّ إضاء صافيات الغلائل (¬1) أى مثل إضاء، والإضاء: الغدران، واحدها: أضاة، فعلة جمعت على فعال، كرقبة ورقاب، شبّه الدّروع فى صفائها بالغدران، ومثله فى حذف حرف التشبيه فى التنزيل: {وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ} (¬2) أى مثل أمّهاتهم فى تحريمهنّ عليهم، والتزامهم تعظيمهنّ. وأما قوله: «مدبرا» فحال من الهاء، والعامل على رأى أبى علىّ ما تقدّره فى المضاف إليه من معنى الجارّ، يعنى أن التقدير: كأنّ حوامى ثابتة له مدبرا، أو كائنة له، قال: ولا يجوز تقديم هذه الحال، لأنّ العامل فيها معنى لا فعل محض، قال: ولا يجوز أن يكون العامل فى قوله: «مدبرا» ما فى «كأن» من معنى الفعل، لأنه إذا عمل فى حال لم يعمل فى أخرى، يعنى أنّ «كأن» قد عمل فى موضع «خضبن» النصب على الحال، فلا يعمل فى قوله: «مدبرا». وهذا القول يدلّ على أنه يجيز أن ينصب حال المضاف إليه العامل فى المضاف، وإذا كان هذا جائزا عنده، وقد قرّرت لك أن تجعل (¬3) «خضبن» خبر كأن، فالعامل إذا ¬

(¬1) صدره: علين بكديون وأبطنّ كرّة وهو للنابغة، يصف دروعا بالصفاء. والكديون: دهن من الزيت أو الدّسم تجلى به الدّروع. والكرّة. البعر، وقيل: سرقين وتراب يدقّ ثم تجلى به الدروع أيضا. ديوان النابغة ص 147، وكتاب الشعر ص 333، وحواشيه، وإيضاح شواهد الإيضاح ص 85،791. وقد أعاد ابن الشجرى موضع الشاهد من البيت فى المجلس السابع والعشرين. (¬2) الآية السادسة من سورة الأحزاب. (¬3) فى هـ‍: «وقد قررت أن يجعل خضبن كأن فالعامل. . .» وهو كلام مضطرب أصلحه مصحح الطبعة الهندية بزيادة «عامل»، ولكنّه بقى على فساده. وفى الخزانة 3/ 165 عن ابن الشجرى: «وإذا كان هذا جائزا عنده فإن جعل خضبن خبر كأنّ فالعامل. . . .» وهو تغيير من البغدادىّ لكلام ابن الشجرىّ.

فى قوله «مدبرا» ما فى كأنّ من معنى الفعل، وهذا-أعنى نصب حال المضاف إليه بالعامل فى المضاف-إنما يجوز إذا كان المضاف ملتبسا بالمضاف إليه، كالتباس الحوامى بما هى له، ولا يجوز فى قولك: ضربت غلام هند جالسة، أن تنصب «جالسة» بضربت، لأن الغلام غير ملتبس بهند، كالتباس الحوامى بصاحبها، ولا يجوز عندى أن تنصب «جالسة» بما تقدّره من معنى اللام فى المضاف إليه، فكأنك قلت: ضربت غلاما كائنا لهند جالسة، لأن ذلك يوجب أن يكون الغلام لهند فى حال جلوسها خاصّة، وهذا مستحيل، فكذلك قوله: «كأنّ حواميه مدبرا» إن قدّرت/فيه: حوامى ثابتة له مدبرا، وجب أن يكون الحوامى له فى حال إدباره، دون حال إقباله، وهذا يوضّح لك فساد إعمالك فى هذه الحال معنى الجارّ المقدّر فى المضاف إليه، فلا يجوز إذا: ضربت غلام هند جالسة لذلك (¬1)، ولعدم التباس المضاف بالمضاف إليه. ونظير ما ذكرناه: من جواز مجىء الحال من المضاف إليه إذا كان المضاف ملتبسا به، قوله تعالى: {فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ} (¬2) أخبر بخاضعين عن المضاف إليه، ولو أخبر عن المضاف لقال: خاضعة، أو خضّعا أو خواضع، وإنما حسن ذلك، لأن خضوع أصحاب الأعناق بخضوع أعناقهم (¬3)، وقد قيل فيه غير هذا، وذلك ما جاء فى التفسير، من أنّ المراد بأعناقهم كبراؤهم، وقال أهل اللغة: أعناقهم: جماعاتهم، كقولك: جاءنى عنق (¬4) من الناس: أى جماعة، فالخبر فى هذين القولين عن الأعناق. وقال أبو علىّ فى «مخضّب» من قول الأعشى (¬5): ¬

(¬1) فى هـ‍: «كذلك». وما فى الأصل مثله فى الخزانة. (¬2) الآية الرابعة من سورة الشعراء. (¬3) وهذا اختيار الفرّاء. راجع معانى القرآن 2/ 277، وانظر مجاز القرآن 2/ 83، والكامل 1/ 141. (¬4) بضم العين والنون. (¬5) ديوانه ص 115. وكلام أبى علىّ فى التكملة ص 134، وانظر أيضا مجالس ثعلب-

أرى رجلا منكم (¬1) … أسيفا كأنّما يضمّ إلى كشحيه كفّا مخضّبا أقوالا: أحدها: أن يكون (¬2) وصفا لكفّ، وقال: يجوز أن يكون كقوله (¬3): ولا أرض أبقل إبقالها ويجوز أن يكون حمل الكفّ على العضو، كما حمل الآخر البئر على القليب، فى قوله: يا بئر يا بئر بنى عدىّ … لأنزحن قعرك بالدّلىّ (¬4) حتى تعودى أقطع الولىّ أى حتّى تعودى قليبا أقطع (¬5) الولىّ، لأنّ التذكير فى القليب أكثر، ألا ترى أنهم قد قالوا فى جمعه: أقلبة، يعنى أن أفعلة هو القياس فى جمع ما كان على فعيل ونحوه، كفعال وفعال [وفعال (¬6)] إذا كان واقعا على مذكّر، كقفيز وحمار وغراب وفدان (¬7)، فإذا كان اسما لمؤنّث غلب عليه جمعه على أفعل، كيمين وأيمن، وشمال ¬

= ص 38، وضرورة الشعر ص 213، وإيضاح شواهد الإيضاح ص 673، والبلغة فى الفرق بين المذكر والمؤنث ص 70، وغير ذلك كثير تراه فى حواشى ما ذكرت. وأعاده ابن الشجرى فى المجلسين الحادى والثلاثين، والثانى والثمانين. وأنشده ابن منظور فى اللسان (أسف) وترحّم على الأعشى، وليس يصحّ، لأنه مات على الكفر فى أكثر الأقوال. (¬1) فى الأصل: «منهم». وما فى الأصل مثله فى الديوان، وانظر حواشى البلغة. (¬2) لم يرد هذا الوجه عند أبى علىّ فى التكملة. (¬3) هو عامر بن جوين الطائى. وصدر البيت: فلا مزنة ودقت ودقها وهو فى غير كتاب. انظر سيبويه 2/ 46، والخصائص 2/ 411، والمحتسب 2/ 112، والمقرب 1/ 303، والبلغة ص 64، وحواشيها. (¬4) الموضع السابق من التكملة، والمخصص 16/ 148،17/ 8، والإنصاف ص 509. (¬5) قال صاحب الإنصاف: «وكان الأصل أن يقول: «قطعى الولىّ؛ لأن البئر مؤنثة، إلا أنه ذكّره حملا على المعنى، فكأنه قال: حتى تعودى قليبا أقطع الولىّ». ثم ذكر بقية كلام ابن الشجرى. (¬6) سقط من هـ‍. (¬7) فى هـ‍: «وفلان» خطأ، والفدان بتخفيف الدال: الذى يجمع أداة الثّورين فى القران-وهو الحبل -للحرث.

وأشمل، وعناق/وأعنق، وعقاب وأعقب، وأتان وآتن، وقد جاء فى القليب التّذكير والتأنيث، فجمعهم إياه على أقلبة، كقفيز وأقفزة، دليل على قوّة التذكير فيه، فلمّا لم يقل: قطعاء الولىّ، علمنا أنه حمل البئر على القليب. وأمّا «الولىّ» فكأنه أراد به الماء الذى يلى الماء الموجود فى البئر، إذا نزح الموجود وليه ماء آخر، كان معدوما فظهر. قال أبو علىّ: ومثله فى الحمل على المعنى قول الأعشى أيضا (¬1): لقوم وكانوا هم المنفدين … شرابهم قبل إنفادها أنّث الشّراب، حيث كان الخمر فى المعنى، كما ذكّر «الكفّ» حيث كان عضوا فى المعنى، وهذا النحو كثير. قلت: إن قوله: «لقوم» وصف لنكرة تقدّم ذكرها [فى قوله (¬2)]: فباتت ركاب بأكوارها … لدينا وخيل بألبادها وإنما قال: «باتت ركاب بأكوارها، وخيل بألبادها» لأنهم جاءوا فى طلب الخمر، فباتت ركابهم وخيلهم بحالها، لأنهم على سفر، والرّكاب: إبل القوم التى يركبونها ويمتارون عليها، وواحد الأكوار: كور، وهو رحل البعير بأداته. وفى تأنيث الضمير من قوله: «قبل إنفادها» قولان: أحدهما أن يكون أراد قبل إنفاد عقولهم، فيكون من باب: {ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ} (¬3) لأن ذكر الشّراب وإنفاده دليل على نفاد عقول شاربيه، وقد أشبعت الكلام على هذا الضّرب من الإضمار فيما سبق من (¬4) الأمالى، وهذا قول الأصمعىّ. ¬

(¬1) ديوانه ص 71، والإنصاف ص 508، وإيضاح شواهد الإيضاح ص 676. (¬2) ليس فى هـ‍. (¬3) الآية الأخيرة من سورة فاطر. (¬4) فى المجلس التاسع.

والقول الآخر الذى ذكره أبو علىّ هو قول المورّج السّدوسىّ، وذلك حمل الشّراب على الخمر، ومفعول الإنفاد على هذا القول محذوف، أى قبل إنفادها عقولهم، والفاعل فى القول الأول هو المحذوف، أى قبل إنفاد الشّراب عقولهم، لأن فاعل المصدر يحذف كثيرا. /فإن قيل: ما وجه التّمدّح بإنفاد خمرهم قبل نفاد عقولهم؟ فالجواب: أنهم يمدحون ويتمدّحون بكثرة شرب الخمر، فيقولون: رجل خمّير وشرّيب، كما قال (¬1): شرّيب خمر مسعر لحروب وإنما بنوه على فعّيل، لأنه من أبنية التّكثير، ومثله: رجل سكّيت: كثير السّكوت، وإذا لم يكد يسكر شارب الخمر دلّ ذلك على إدمان شربها، وبذلك مدح المتنبى سيف الدّولة فى قوله (¬2): تعجّبت المدام وقد حساها … فلم يسكر وجاد فما أفاقا ومدح آخر فقال (¬3): مرتك ابن إبراهيم صافية الخمر … وهنّئتها من شارب مسكر السّكر قال أبو علىّ: ويجوز أن يكون جعل «المخضّب (¬4)» للرجل، لأنك تقول: رجل مخضوب: إذا خضبت يده، كما تقول: مقطوع: إذا قطعت يده، فتقول على هذا: رجل مخضّب: إذا خضّبت يده، ويقوّى ذلك قول الشاعر: ¬

(¬1) حسان بن ثابت رضى الله عنه. وقيل غيره. ديوانه 1/ 410، والهمع 2/ 97. وصدر البيت: لا تنفرى يا ناق منه فإنه (¬2) ديوان المتنبى 2/ 301. (¬3) ديوانه 2/ 137، والممدوح هو: على بن إبراهيم التنوخى. شرح الواحدى ص 135،136. (¬4) فى بعض نسخ التكملة زيادة «صفة». فجاءت العبارة هكذا: «جعل المخضّب صفة للرجل».

سقى العلم الفرد الذى فى ظلاله … غزالان مكحولان مختضبان (¬1) فإذا استقام ذلك أمكن أن تجعل «مخضّبا» صفة لرجل المنكور، وإن شئت جعلته حالا من الضمير المرفوع فى يضمّ، أو المجرور فى قوله: «كشحيه» لأنهما فى المعنى لرجل المنكور. انتهى كلامه، وذلك فى باب ما أنّث من الأسماء من غير لحاق (¬2) علامة من العلامات الثلاث به. وأقول (¬3): إنك إذا جعلته حالا (¬4) من المضمر فى «يضمّ» كان أمثل من أن تجعله حالا من المضاف إليه، إلا أن ذلك جاز لالتباس الكشحين بما أضيفتا إليه، وأما إجازته أن يكون وصفا لرجل، ففاسد فى المعنى، وهو محمول على ترك إنعام نظره فيه، لأنك إذا فعلت ذلك أخرجته من حيّز التشبيه والمجاز، فصار وصفا حقيقيّا، والشاعر لم يرد/ذلك، لأن الرجل الذى عناه لم يكن مخضّبا على الحقيقة، وإنما شبّهه بمن قطعت يده، وضمّها إليه مخضّبة بالدّم. والأسيف: الحزين، والأسيف [أيضا (¬5)] والأسف: الشّديد الغضب، من قوله تعالى: {وَلَمّا رَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً} (¬6) وقوله: {فَلَمّا آسَفُونا} ¬

(¬1) البيت فى الأغانى 9/ 286، والقافية فيه: «مؤتلفان». وهو مما ينسب إلى مجنون بنى عامر. وهو فى ديوانه ص 273،274، برواية: أيا جبل الثلج الذى فى ظلاله غزالان مكحولان مؤتلفان ويروى: أيا جبل الدوم. هذا وقد ذكر القيسى فى إيضاح شواهد الإيضاح ص 677، أن أبا زيد أنشده فى نوادره لبعض الأعراب من بنى جشم، وأنشد بعده بيتا. قلت: ولم أجده فى نوادر أبى زيد المطبوع. (¬2) فى هـ‍: «إلحاق». وما فى الأصل مثله فى التكملة لأبى على ص 132، والنقل منه. (¬3) فى هـ‍: وذلك أنك. . . . (¬4) فى هـ‍: حالا لهو المضمر. . . (¬5) ليس فى هـ‍. (¬6) سورة الأعراف 150، وانظر أيضا سورة طه 86.

{اِنْتَقَمْنا مِنْهُمْ} (¬1). فالمعنى: أرى رجلا منكم (¬2) حزينا أو شديد الغضب، كأنه من بغضه لى وغضبه علىّ (¬3) قد قطعت كفّه فضمّها إلى خاصرتيه مخضّبة بدمها، فإذا جعلت «مخضّبا» وصفا لرجل، فالتقدير: أرى رجلا منكم مخضّبا، كأنه يضمّ إلى كشحيه كفّا، فجعلت التّخضيب حقيقة له، فأخرجته من التشبيه، وليس الأمر كذلك. فأما إجازته أن يكون قوله: «كفّا مخضّبا» كقول الآخر: ولا أرض أبقل إبقالها وأن يكون حمل الكفّ على العضو، فعليه اعتراض (¬4)، وهو أن يقال: أىّ فرق بين هذين الوجهين، ونحن إنما نحمل الأرض فى قوله: ولا أرض أبقل إبقالها على المكان، كما نحمل الكفّ على العضو؟ والجواب: أنّ بينهما فصلا، وهو أن يجعل تأنيث الأرض فى قوله: ولا أرض أبقل إبقالها معتدّا به، إلا أنه مع الاعتداد به لمّا كان تأنيثا ضعيفا، لأنه غير حقيقىّ، وليست له علامة، جاز فى الضّرورة تذكير المضمر فى «أبقل»، ويجعل الكفّ بمنزلة العضو، فلا يعتدّ بتأنيثها، بل يجعلها مجرّدة من معنى التأنيث، حتى كأنه ¬

(¬1) سورة الزخرف 55. (¬2) فى هـ‍ «منكم» هنا وفى الموضع التالى. وانظر ما تقدم فى تخريج البيت. (¬3) فى هـ‍: «وقد» بإقحام الواو. (¬4) فى هـ‍: الاعتراض.

قال: عضوا مخضّبا، ومثله فى حمل المؤنّث على النظير المذكّر قول المتنبى (¬1): مثّلت عينك فى حشاى جراحة … فتشابها كلتاهما نجلاء كان الوجه أن يقول: فتشابهتا، ولكنه حمل الجراحة على الجرح، والعين على العضو. آخر المجلس. ... ¬

(¬1) ديوانه 1/ 14.

المجلس الخامس والعشرون

المجلس الخامس والعشرون وهو مجلس يوم الثلاثاء، منتصف جمادى الآخرة، من سنة ستّ وعشرين وخمسمائة. يتضمّن ما وعدتك به من تفسير قول أبى الصّلت الثقفىّ: اشرب هنيئا عليك التاج مرتفقا … فى رأس غمدان دارا منك محلالا (¬1) يقال: هنأه الطّعام والشّراب يهنئه، وما كان هنيئا، ولقد هنؤ، والمصدر الهنء، وكلّ ما لم يأت بمشقّة ولا عناء فهو هنيئ، وهنيئ اسم الفاعل من هنؤ، كظريف من ظرف، ويحتمل أن يكون معدولا عن هانئ، من قولك: هنأنى فهو هانئ، كما عدل رحيم وعليم، عن راحم وعالم، ومنه سمّى الرجل: هانئا، لا من قولهم. هنأت البعير: إذا طليته بالهناء، وهو القطران، ولذلك قال بعض العرب: إنما سمّيت هانئا لتهنئ (¬2). وذهب أبو علىّ (¬3) إلى أن «هنيئا» حال وقعت موقع الفعل، بدلا من اللفظ به، كما وقع المصدر فى قولهم: سقيا له ورعيا، بدلا من اللفظ بسقاه الله ورعاه الله، ¬

(¬1) يأتى تخريجه، إن شاء الله، مع القصيدة كلها فى المجلس التالى. (¬2) ولتهنأ أيضا، فهما لغتان. والمعنى: لتعول وتكفى، وهو مثل يضرب لمن عرف بالإحسان، فيقال له: اجر على عادتك ولا تقطعها. مجمع الأمثال 1/ 18، والخصائص 3/ 271، واللسان (هنأ). (¬3) ذكره فى الشيرازيات، ورقة 71 ب-73 ب، وسيذكر ابن الشجرى شيئا من ذلك فى المجلس الحادى والأربعين.

فلا يجوز ظهور الفعل معه، لأنه قام مقامه، فصار عوضا عنه، فقوله: «هنيئا» لا تعلّق له باشرب، لأنه وقع موقع ليهنئك أو هنأك أو هنؤ، والتقدير: ليهنئك شربك. أو هنأك شربك، أو هنؤ شربك. قال: ويدلّك على كونه بدلا من الفعل تعاقبهما على الموضع الواحد، كقوله (¬1): أظفره الله فليهنئ له الظّفر فهذا بمنزلة: فهنيئا له الظّفر، واستدلّ أيضا على أن هنيئا صار بدلا من اللفظ بالفعل، بأنه أجرى بلفظ الإفراد على الجميع، فى قوله تعالى: {كُلُوا وَاِشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ} (¬2) وقوله: {كُلُوا وَاِشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ. مُتَّكِئِينَ} (¬3) أراد أنه قال تعالى: {هَنِيئاً} ولم يقل: هنئين، فأفرد بعد لفظ الجمع، لأن «هنيئا» ناب عن الفعل، فصار بدلا من اللفظ به، والفعل لا يجمع فكذلك ما ناب عنه، فصار بدلا منه، وأجاز فى «متّكئين» أن يكون حالا من الواو فى «كلوا» وأن يكون حالا من المضمر فى «هنيئا» قال: وكونه حالا من المضمر فى «هنيئا» أقيس، لأنه أقرب إليه. /قال: وإذا ثبت أن «هنيئا» بدل من هنؤ أو هناك أو ليهنئك، لم يكن حالا من المضمر فى «اشرب» كما أن الفعل الذى هو بدل منه لا يكون كذلك، قال: ووجه كون «هنيئا» بدلا من الفعل من جهة القياس: أن الحال مشبهة (¬4) للظّرف، ¬

(¬1) هو الأخطل. ديوانه ص 196، والكتاب 1/ 317، وشرح المفصل 1/ 123. وصدره: إلى امرئ لا تعرّينا نوافله ويعنى بامرئ: الخليفة عبد الملك بن مروان. ولا تعرّينا: أى لا تتركنا ولا تغفلنا. وانظر حواشى الكتاب. (¬2) سورة الحاقة 24. (¬3) سورة الطور 19،20. (¬4) انظر لهذه المشابهة ما سبق فى المجلس السابع عشر.

من حيث كانت مفعولا فيها، كما أن الظرف مفعول فيه، فمن حيث وقعت الظروف فى الأمر [العام (¬1)] وغيره بدلا من الفعل، فى قولهم: إليك ووراءك وعليك زيدا، ودونك عمرا، وجاءنى من عندك، والذى فى الدار زيد، كذلك وقعت الحال بدلا من الفعل. أراد أنّ إليك ووراءك، وقعا موقع: تنحّ وارجع، وعليك ودونك، وقعا موقع: الزم وخذ، ووقع الظرف فى قولك: جاءنى من عندك، والذى فى الدار زيد، موقع: استقرّ. قال: فكما قامت هذه الظروف مقام الأفعال، وصارت بمنزلتها، فكان كلّ واحد منها بدلا من فعل، كذلك صار الحال فى قولهم: هنيئا بدلا من الفعل الذى هو اهنأ أو ليهنئك أو هنأك أو هنؤ، ولمّا اجتمع الظرف والحال فيما ذكرنا، من كون كلّ واحد منهما مفعولا فيه، اجتمعا فى أن عملت فيهما معانى الأفعال، نحو: زيد فيها قائما، وكلّ (¬2) يوم لك ثوب، ولولا ما ذكرناه من الشّبه بينهما ما كان من حكم المعنى أن يعمل فى الاسم المنتصب على الحال، ألا ترى أن الحال عبارة عن الاسم الذى يكون مفعولا به، فى نحو: ضربت زيدا مشدودا، فكما أن المفعول به لا تعمل فيه المعانى، كذلك كان القياس فيما هو عبارة عن المفعول به أن لا يعمل فيه المعنى، لولا ما حصل بين الظرف والحال من المناسبة. قال: ومثل قوله: «اشرب هنيئا» فى أنّ «هنيئا» غير متعلّق باشرب، وإن كان ذلك فيه جائزا قبل أن يكون بدلا: انتفاء تعلّق الظرف فى نحو: عندك زيدا، /ودونك بكرا، بالفعل الذى صار الظرف بدلا منه، وإن كان تعلّقه به جائزا قبل أن يقع موقعه، ويعمل عمله، فصار إذا ذكرته معه فكأنك كرّرت الفعل ¬

(¬1) لم ترد هذه فى نسخة الشيرازيات التى بيدىّ، وقد تصرّف ابن الشجرى بعض التصرف فى عبارة أبى على. (¬2) سبق تخريجه فى المجلس السابع عشر.

مرّتين كقول القائل (¬1): إذا جشأت نفسى أقول لها ارجعى … وراءك واستحيى بياض اللهازم فقوله: «ارجعى وراءك» بمنزلة ارجعى ارجعى، وعلى هذا حمل قول الله تعالى: {قِيلَ اِرْجِعُوا وَراءَكُمْ} (¬2) [لا على أن «وراءكم» ظرف عمل فيه ارجعوا (¬3)] ومنه ما أنشده أبو عبيدة (¬4): فقلت لها فيئي إليك فإنّنى … حرام وإنّى بعد ذاك لبيب فهذا كأنه قال: فيئي فيئي، ومثله قول الآخر فيما أنشده أحمد بن يحيى: اذهب إليك فإنّى من بنى أسد … أهل القباب وأهل الخيل والنّادى (¬5) انتهت الحكايات عن أبى علىّ رحمه الله. فإن قيل: فما فاعل الحال فى [قوله: «اشرب هنيئا» وما فاعل الفعل الذى صارت الحال بدلا منه على (¬6)] قول أبى علىّ؟ فالجواب: أنّ الفاعل على قوله ضمير المصدر الذى دلّ عليه اشرب، فكأنه قيل: هنيئا شربك، وليهنئك شربك، وهنؤ شربك، وهنأك شربك، ومثله فى إضمار المصدر الذى دلّ عليه فعله قوله تعالى: {وَنُخَوِّفُهُمْ فَما يَزِيدُهُمْ إِلاّ طُغْياناً} (¬7) أراد ¬

(¬1) الفرزدق. ديوانه ص 851، وكتاب الشعر ص 4. (¬2) سورة الحديد 13. (¬3) ساقط من هـ‍. وقال العكبرى: «وراءكم: اسم للفعل، فيه ضمير فاعل، أى ارجعوا ارجعوا، وليس بظرف لقلّة فائدته؛ لأن الرجوع لا يكون إلاّ إلى وراء». التبيان ص 1208. (¬4) مجاز القرآن 1/ 145،2/ 300. والبيت للمضرّب بن كعب بن زهير بن أبى سلمى، كما فى السّمط ص 791، ونسب إلى غيره. راجع كتاب الشعر ص 3، والاقتضاب ص 475، وحواشى المجاز والسّمط. وقوله «لبيب» أى ملبّ بالحج، وحرام: أى محرم. (¬5) قائله عبيد بن الأبرص. ديوانه ص 49، وكتاب الشعر ص 4، ومختارات ابن الشجرى ص 372. (¬6) ساقط من هـ‍. (¬7) سورة الإسراء 60.

فما يزيدهم التخويف، وقوله: {وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتابِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ} (¬1) أى لكان الإيمان. وقول الزجّاج فى تفسير قول الله تعالى: {كُلُوا وَاِشْرَبُوا هَنِيئاً} مخالف لقول أبى علىّ، وذاك أنه قال: إن «هنيئا» وقع وهو صفة فى موضع المصدر، فالمعنى: كلوا واشربوا هنئتم هنيئا [وليهنئكم ما صرتم إليه هنيئا (¬2)] أراد أن «هنيئا» وقع موقع هناء، كما وقع قائما وصائما فى قول القائل: قم قائما قم قائما … إنّى عسيت صائما (¬3) فى موضع صياما وقياما، وعكس هذا إيقاع المصدر موقع اسم الفاعل فى نحو: {إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً} (¬4) أى غائرا، وموقع/اسم المفعول فى نحو: قتلته صبرا، أى مصبورا. وقول الزّجّاج أقيس من قول أبى علىّ، لأنه نصب «هنيئا» نصب المصدر، ¬

(¬1) سورة آل عمران 110. (¬2) ليس فى الأصل، وأثبته من هـ‍، ومعانى القرآن للزجاج 5/ 63، وسيأتى قريبا. (¬3) هكذا جاء الرجز. وقال ابن هشام، فيما حكاه عنه البغدادى فى الخزانة 9/ 317: «وقد حرّف ابن الشجرى هذا الرجز، فأنشده: قم قائما قم قائما إنى عسيت صائما وإنما «قم قائما» صدر رجز آخر يأتى فى باب الحال، ولا يتركّب قوله: «إنى عسيت صائما» عليه، بل أصله: أكثرت فى العذل ملحّا دائما لا تكثرن إنى عسيت صائما» ومثل هذا ذكر العينىّ فى شرح الشواهد الكبرى 2/ 161، وهذا الرجز الأخير ينسب إلى رؤبة، وهو فى ملحقات ديوانه ص 185، والمقرب 1/ 100، والمغنى ص 164، ومعجم شواهد العربية ص 533. أما الرجز الذى ذكر ابن هشام أنه يأتى فى باب الحال فهو: قم قائما قم قائما لاقيت عبدا نائما وسينشده ابن الشجرى فى المجلس الحادى والأربعين. (¬4) الآية الأخيرة من سورة الملك. وقد كرّر ابن الشجرى ذلك. راجع ص 82،92.

والمصدر قد استعملته العرب بدلا من الفعل فى نحو: سقيا له ورعيا، وجاء هنيئا على قول الزّجّاج مفردا بعد لفظ الجمع فى قوله تعالى: {كُلُوا وَاِشْرَبُوا هَنِيئاً} لأنه وقع موقع المصدر، والمصدر يقع مفردا فى موضع التثنية، وفى موضع الجمع، كقولك: ضربتهما ضربا وقتلتهم (¬1) قتلا، لأنه اسم جنس، بمنزلة العسل والبرّ والزّيت، فلا يصحّ تثنيته [وجمعه (¬2)] إلا أن يتنوّع، وجعل أبو الفتح بن جنّى «هنيئا» فى قول كثيّر (¬3): هنيئا مريئا غير داء مخامر … لعزّة من أعراضنا ما استحلّت حالا وقعت بدلا من اللفظ بالفعل، وخالف أبا علىّ فى تقدير ذلك الفعل، فزعم أن التقدير: ثبت هنيئا لعزّة ما استحلّت من أعراضنا، فحذف «ثبت» وأقام «هنيئا» مقامه فرفع به الفاعل الذى هو «ما استحلت»، وكذلك قال فى قول المتنبى (¬4): هنيئا لك العيد الذى أنت عيده قال: العيد مرفوع بفعله، والأصل: ثبت هنيئا لك العيد، فحذف الفعل وقامت الحال مقامه، فرفعت الحال العيد، كما كان الفعل يرفعه. وقول أبى الفتح فى هذا أشبه من قول أبى علىّ، لأنّ أبا علىّ زعم أن هنيئا وقع موقع ليهنئك، وهذا لفظ أمر، والأمر لا يقع حالا، أو موقع هنأك، وهذا لفظ خبر يراد به الدعاء، كقولهم: رحم الله فلانا، والدعاء أيضا لا يكون حالا. ¬

(¬1) فى هـ‍: وقتلتهما. (¬2) سقط من هـ‍. (¬3) ديوانه ص 100، وتخريجه فى ص 104،106. (¬4) ديوانه 1/ 285، وتمامه: وعيد لمن سمّى وضحّى وعيّدا وأنشده المصنف فى المجلس الحادى والأربعين.

والفاعل فى «اشرب هنيئا» على تقدير أبى الفتح مضمر أيضا، كأنه قيل: اشرب ثبت هنيئا شربك، وقال أبو علىّ أيضا فى أثناء كلامه فى قوله: «اشرب هنيئا»: «فهذا بمنزلة اشرب واهنأ، جملة أتبعت جملة (¬1)»، فأتى فى التقدير بعاطف ليس فى الكلام، وصرّح بلفظ الأمر، والعدول عن هذا التقدير إلى ما قدّره ابن جنّى أولى، ثم إن أبا علىّ تلزمه المطالبة له بناصب هذه الحال، فلا بدّ/أن يقول إن الناصب لها هو الفعل الذى هو بدل منه، لأنه قد منع أن تكون متعلّقة باشرب، فالتقدير على مذهبه فيها: اهنأ هنيئا، وهذا كقولك، اجلس جالسا، أى اجلس فى حال جلوسك، وهذا كلام بعيد من الفائدة، ولا يلزم هذا الاعتراض الزّجّاج، لأن التقدير عنده: هنئتم هنيئا، أو ليهنئكم ما صرتم إليه هنيئا، كما أن التقدير فى قول القائل: قم قائما: قم قياما. فأمّا فتحة الظّرف من قولهم: وراءك أوسع لك (¬2)، ومن قولهم: عندك زيدا، ودونك بكرا، فهى بناء عند حذّاق النحويّين، لأنّ الظرف وقع موقع الأمر المبنىّ، فأدّى معناه وعمل عمله. وأما قوله: «عليك التاج» فجملة فى موضع الحال، يجوز أن يكون العامل فى موضعها: اشرب، فيكون التقدير: اشرب متوّجا، ويجوز أن يكون العامل فى موضعها على مذهب أبى علىّ: هنيئا، كأنه قال: اهنأ متوّجا، ويعمل فيها على مذهب الزجّاج الفعل الذى نصب هنيئا نصب المصدر، والتقدير: هنئت هناء متوّجا. وأما قوله: «مرتفقا» فيمكن أن يكون حالا من أحد ثلاثة أشياء، وذلك الضمير الذى فى «اشرب» أو الذى فى «هنيئا» على قول أبى علىّ، أو الكاف من ¬

(¬1) الشيرازيات ورقة 73 ا. (¬2) الكتاب 1/ 282، والأصول 2/ 253، وشرح الحماسة ص 1730، وسيأتى فى المجلس الحادى والأربعين.

«عليك» والضمائر الثلاثة واحد فى المعنى، لأنهنّ للمخاطب، وحسن أن يكون «مرتفقا» حالا من الكاف فى عليك، لقربها منه، ولملاءمة التّتويج للارتفاق، وهو الاتّكاء. وأما قوله: «فى رأس غمدان» فيمكن تعلّق الظرف فيه بعاملين: أحدهما «مرتفقا» والآخر ما فى «عليك» من معنى الفعل، فأما تعلّقه بمرتفق فعلى وجهين: أحدهما أن يكون ظرفا، كأنه بيّن موضع الارتفاق أين هو، والآخر أن يكون الظرف فى موضع الحال من الذّكر (¬1) الذى فى مرتفق، فيتعلّق/على هذا الوجه بمحذوف، وفيه ذكر يعود إلى ذى الحال، والتقدير: كائنا أو مستقرّا فى رأس غمدان، والثانى من العاملين اللذين جاز تعلّق الظرف بهما هو ما فى «عليك» من معنى الفعل. وتعلّق الظرف أيضا بعليك على ضربين: أحدهما أن يكون ظرفا، والآخر أن يكون حالا، فتعلّقه بعليك على وجه الظرف هو أن يبيّن الموضع الذى علاه فيه التاج، ولا ذكر فى الظرف على هذا الوجه، لأنه لم يتعلّق بمحذوف، وإنما تعلّق بمعنى الفعل، كما يتعلّق بنفس الفعل لو قيل: توّجت فى رأس غمدان، وإذا كان حالا فالعامل فيه العامل فى ذى الحال، وذو الحال أحد ثلاثة أشياء: إن شئت جعلته حالا من الضمير المستكنّ فى «عليك» العائد إلى التاج، وذلك فى قول من رفع التاج بالابتداء، وإن شئت جعلته حالا من التاج، فى قول (¬2) من رأى أن يرفع هذا النحو بالظّرف، فالتاج مرتفع بعليك ارتفاع الفاعل، ولا ذكر فى «عليك» على هذا القول، والتاج إذا هو ذو الحال، وإن شئت كان ذا الحال الكاف من «عليك» كأنه قال: عليك التاج حالاّ فى رأس غمدان. ¬

(¬1) أى الضمير، وهو من مصطلحات أبى على الفارسى. راجع مقدمتى لكتاب الشعر ص 54، والكلام هنا لأبى علىّ فى الشيرازيات ورقة 73 ب. (¬2) هو الأخفش، كما يأتى التصريح به قريبا. والرأى الآخر-وهو رفعه بالابتداء-لسيبويه، وقد أشار إلى هذا ابن الشجرى فى المجلس الحادى والسبعين. وعلّقت عليه فى حواشى كتاب الشعر ص 265.

وأما قوله: «دارا» فحال من رأس غمدان، وأجاز أبو علىّ (¬1) أن يكون حالا من غمدان، قال: لأن الحال قد جاءت من المضاف إليه، نحو ما أنشده أبو زيد (¬2): عوذ وبهثة حاشدون عليهم … حلق الحديد مضاعفا يتلهّب وليس فى هذا البيت شاهد قاطع بأن «مضاعفا» حال من «الحديد» بل الوجه أن يكون حالا من «الحلق» لأمرين: أحدهما: ضعف مجىء الحال من المضاف إليه، على ما قدّمت ذكره فى أماكن من هذه الأمالى (¬3)، والآخر: أن وصف الحلق بالمضاعف أشبه من وصف الحديد به، كما قال أبو الطيّب (¬4): أقبلت تبسم والجياد عوابس … يخببن فى الحلق المضاعف والقنا ويتوجّه ضعف ما قاله من جهة أخرى، وذلك أنه لا عامل (¬5) [له] فى هذه الحال إذا كانت من الحديد، إلا ما قدّره فى الكلام من معنى الفعل بالإضافة، وذلك قوله: ألا ترى أنه لا تخلو الإضافة من أن تكون بمعنى اللام أو من (¬6). وأقول: إنّ «مضاعفا» فى الحقيقة إنما هو حال من الذّكر المستكنّ فى «عليهم» إن رفعت «الحلق» بالابتداء، وإن رفعته بالظّرف على قول الأخفش والكوفيين، فالحال منه، لأن الظرف حينئذ يخلو من ذكر (¬7). ¬

(¬1) فى الشيرازيات 74 ب. (¬2) النوادر ص 359، والهمع 1/ 240، والخزانة 3/ 173،7/ 5، وأعاده ابن الشجرىّ فى المجلس السادس والسبعين. والبيت من أبيات لزيد الفوارس بن حصين الضبىّ. جاهلىّ. (¬3) فى المجلسين: الثالث، والثالث والعشرين، ويأتى أيضا فى المجلس السادس والسبعين. (¬4) ديوانه 4/ 203، وأعاده المصنف فى المجلس المذكور. (¬5) سقط من هـ‍. وهو فى الخزانة 3/ 174 حكاية عن ابن الشجرى. (¬6) قال فى المجلس السادس والسبعين شارحا هذا: يعنى أنك تعمل فى الحال ما تتضمنه الإضافة من معنى الاستقرار أو الكون. (¬7) زاد فى المجلس المذكور وجها آخر، فانظره هناك. والذكر هنا معناه الضمير.

فإن قيل: إن «دارا» اسم غير وصف، فكيف انتصب على الحال، ومن شرائط الحال الاشتقاق، لأنها صفة معنويّة، ومن شرط الصفة أن تكون مشتقّة. فالجواب: أنهم قد استعملوا أسماء لست بأوصاف أحوالا، فمن ذلك فى التنزيل قوله تعالى: {هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً} (¬1) وقولهم: «هذا بسرا أطيب منه رطبا (¬2)» وقولهم: «العجب من برّ مررنا به قبل قفيزا بدرهم (¬3)» قال أبو علىّ: وهذا من طريق القياس بيّن أيضا، لأن الحال إنما هى زيادة فى الخبر، فكما أن الخبر يكون تارة اسما وتارة وصفا، فكذلك الزيادة عليه. وأقول: إن هذه الأسماء التى استعملوها أحوالا، لا بدّ لها من تأويل يدخلها فى حيّز المشتق، كما قالوا: «مررت بقاع عرفج كلّه (¬4)»، لأنهم ذهبوا به مذهب خشن كلّه، وقوله تعالى حاكيا عن صالح عليه السلام: {هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً} أراد علامة دالّة على أنى نبىّ، وقولهم: «هذا بسرا أطيب منه رطبا» تقديره: هذا إذا كان صلبا أطيب منه إذا كان ليّنا، وقولهم: «العجب من برّ مررنا به قبل قفيزا بدرهم» أى مقدّرا ثمانية مكاكيك بدرهم، وكذلك نصب «دارا» على الحال، لأنه ذهب بها مذهب المسكن والمنزل. ¬

(¬1) سورة الأعراف 73، وهود 64، وأجاز أبو البركات الأنبارى فى نصب «آية» وجها ثانيا، قال: «والثانى أن يكون منصوبا على التمييز، أى هذه ناقة الله لكم من جملة الآيات». البيان 2/ 19. (¬2) الكتاب 1/ 400، والأصول 1/ 220،2/ 359، وشرح المفصل 2/ 60. (¬3) الكتاب 1/ 396، والمقتضب 3/ 258. (¬4) ضبطت لام «كلّه» فى الأصل بالفتح؛ كأنه توهّمه حالا لمجيئه فى سياق الكلام على الأحوال، والصواب الرفع، ذكر ابن جنى فى (باب فى الاستخلاص من الأعلام معانى الأوصاف) من الخصائص 3/ 272 «مررت برجل صوف تكّته، أى خشنة، ونظرت إلى رجل خزّ قميصه، أى ناعم، ومررت بقاع عرفج كلّه، أى جاف وخشن. وإن جعلت (كله) توكيدا لما فى (عرفج) من الضمير، فالحال واحدة، لأنه لم يتضمن الضمير إلاّ لما فيه من معنى الصفة». وانظر الإيضاح 1/ 38، والكتاب 2/ 24،27، والخصائص أيضا 1/ 122، وشرح الكافية الشافية ص 341 والتنظير هنا لتأويل الجامد بالمشتق.

وقوله: «منك» وصف لدار، بتقدير حذف مضاف، أى دارا من دورك. /ومحلال: من الحلول، وهو النّزول، وجاء بلفظ التذكير، والدار اسم مؤنّث، لأنّ ما جاء على مفعال يستوى فيه الذكور والإناث، كاستوائهما فى فعول، قالوا: امرأة مذكار ومئناث، كما قالوا: امرأة صبور وشكور. ...

المجلس السادس والعشرون

المجلس السادس والعشرون وهو مجلس يوم الثلاثاء سلخ جمادى الآخرة، سنة ستّ وعشرين وخمسمائة. سألتنى سدّدك الله وأيّدك، ووفّقك لما يرضيه وأرشدك، أن أذكر لك أبيات أبى الصّلت التى منها: اشرب هنيئا عليك التاج مرتفقا وأفسّر منها ما يجب تفسيره، والممدوح بها سيف بن ذى يزن الحميرىّ، وذلك أنه بعد ظفره بالحبشة واستقراره فى دار مملكته، وفدت عليه وفود العرب يهنّئونه بالملك والظّفر، ودخل عليه أبو الصّلت فى وفد ثقيف، وقيل: إن قائل هذه الأبيات أميّة بن أبى الصّلت (¬1)، فأنشده: ليطلب الوتر أمثال ابن ذى يزن … لجّج فى البحر للأعداء أحوالا أتى هرقل وقد شالت نعامته … فلم يجد عنده القول الذى قالا ثمّ انتحى نحو كسرى بعد سابعة … من السّنين لقد أبعدت قلقالا حتّى أتى ببنى الأحرار يقدمهم … تخالهم فوق سهل الأرض أجبالا لله درّهم من عصبة صبر … ما إن رأيت لهم فى الناس أمثالا ¬

(¬1) ديوان أمية ص 341 - 350 (قسم الشعر المنسوب إلى أمية) وتخريج القصيدة فيه، وانظر أيضا طبقات فحول الشعراء ص 260، وحواشيه. ويقع اختلاف فى رواية ألفاظ هذه القصيدة أمسكت عنه لكثرته، وتراه فى حاشية الديوان.

بيض مرازبة غلب أساورة … أسد تربّب فى الغيضات أشبالا حملت أسدا على سود الكلاب فقد … أضحى شريدهم فى البحر فلاّلا (¬1) اشرب هنيئا عليك التاج مرتفقا … فى رأس غمدان دارا منك محلالا (¬2) /ثمّ اطّل المسك (¬3) … إذ شالت نعامتهم وأسبل اليوم فى برديك إسبالا هذى المكارم لا قعبان من لبن … شيبا بماء فعادا بعد أبوالا (¬4) الوتر: الذّحل، قال يونس: أهل العالية يقولون: الوتر، بالكسر، فى العدد والذّحل، وتميم تقول: وتر، بالفتح فيهما. وكان ذو يزن ملكا، وإليه نسبت الرّماح اليزنيّة. وأذواء اليمن كان منهم ملوك، ومنهم أقيال، والقيل: دون الملك، فمن الأذواء الأوائل: أبرهة ذو المنار، وابنه عمرو، ذو الأدعار، والمنار: مفعل من النّور (¬5)، والأدعار: جمع عود دعر (¬6)، وهو الكثير الدّخان، وقيل هو: الأذعار بالذال المعجمة (¬7)، ¬

(¬1) فى الأصل «ضلالا». وأثبت ما فى هـ‍، والديوان. وسيأتى. (¬2) هذا هو البيت الشاهد. وقد أنشده ابن الشجرى فى المجالس: الثالث والعشرين، والخامس والعشرين، والحادى والسبعين، والسادس والسبعين. (¬3) فى هـ‍: «بالمسك» وفى الديوان: «واطل بالمسك». وما فى الأصل مثله فى الشعر والشعراء ص 462، وراجع حواشى طبقات فحول الشعراء. (¬4) ينسب هذا البيت إلى النابغة الجعدى. وهو آخر قصيدة فى ديوانه ص 112. وممّن صحّح نسبته إليه ابن هشام فى السيرة النبوية 1/ 66. وهذا البيت من الشواهد النحوية على أن «لا» من وضعها أن تخرج الثانى عمّا دخل فيه الأول. يريد أن هذه الأمور الكريمة هى التى يصحّ أن توصف بأنها مفاخر، وليس مما يجوز له هذا الوصف قعبان من لبن. والقعب: القدح. شرح المفصل 8/ 104. (¬5) قال ابن دريد فى الاشتقاق ص 532: «وذو المنار هو أول من بنى الأميال على الطرق، فسمّى ذا المنار». والأميال: جمع ميل، بكسر الميم، وهو منار يبنى للمسافر فى مرتفعات الأرض. (¬6) بفتح الدال وكسر العين، كما قيده البغدادىّ فى الخزانة 2/ 290. (¬7) فى هـ‍ «بالذال المعجمة جمع ذعر» وجاء بهامش الأصل: «هو ذو الأذعار، بذال معجمة لا غير، وذلك أنه حمل معه إلى اليمن نسناسا ذعر الناس منه، فسمّى ذا الأذعار. والدال المهملة تصحيف، وسمعت أنه أنكر عليه ببغداد فأصر». وما فى هذه الحاشية ساقه البغدادى فى الخزانة، ولم يذكر قائله. وفى الخزانة «فأصر عليه». وقال ابن دريد فى الموضع المذكور من الاشتقاق: «ويزعم ابن الكلبىّ أنه سمّى-

وبعد ذى الأدعار بدهر: «ذو معاهر»، واسمه حسّان، واشتقاق معاهر من العهر، وهو الفجور، واشتقاق حسّان من الحسّ، وهو القتل، من قوله جلّت عظمته: {إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ} (¬1) ولو اشتققته من الحسن صرفته، ولم ينصرف فى القول الأوّل، لأنه فعلان، وتصرفه فى الثانى، لأنّه فعّال. وبعد ذى المعاهر بزمان «ذو رعين الأكبر» واسمه يريم، ورعين: اسم حصن كان له، وهو فى الأصل تصغير رعن، والرّعن: الأنف النّادر من الجبل، ويريم من قولك: فلان لا يريم مكانه: أى لا يبرح من مكانه، قال زهير (¬2): لمن طلل برامة لا يريم و «ذو رعين الأصغر» واسمه عبد كلال. وبعده بدهر: «ذو شناتر» واسمه ينوف، من قولهم: ناف الشىء ينوف: إذا طال وارتفع، والشّناتر (¬3): الأصابع فى لغة أهل اليمن. ومنهم «ذو القرنين» واسمه الصّعب، و «ذو غيمان» وهو من الغيم، الذى هو العطش وحرارة الجوف، و «ذو أصبح» وإليه تنسب السّياط الأصبحيّة، و «ذو سحر وذو جدن» وجدن: اسم مرتجل، و «ذو شعبان» و «ذو فائش» واسمه سلامة، وفائش: من الفياش، وهو المفاخرة، و «ذو حمام» والحمام: حمى الإبل (¬4)، و «ذو ترخم» من قولهم: ما أدرى أىّ ترخم ¬

= ذا الأذعار؛ لأنه جلب النسناس إلى اليمن، فذعر الناس منهم، فسمّى ذا الأذعار، ولا أدرى ما صحة هذا». وذكر هذا صاحب اللسان، ثم زاد عليه: «وقيل: ذو الأذعار جدّ تبّع، كان سبى سبيا، فذعر الناس منهم». اللسان (ذعر). (¬1) سورة آل عمران 152. (¬2) ديوانه ص 206، وتمام البيت: عفا وخلا له عهد قديم (¬3) ومفرده: الشنترة والشنتيرة. (¬4) وقيل: حمى جميع الدوابّ. راجع حواشى الخزانة.

هو؟ أى أىّ الناس، و «ذو يحصب» من قولهم: حصبه يحصبه: إذا رماه بالحصباء، وهى الحصى الصّغار، و «ذو عسيم (¬1)»، ويحتمل أن يكون من العسم، وهو يبس فى المرفق، وأن يكون من العسم، وهو الطّمع، و «ذو قثاث» واشتقاقه من قولهم: قثّ يقثّ: إذا جمع، و «ذو حوال» واسمه عامر، وحوال: من المحاولة، وهى الطّلب، و «ذو مهدم» وهو مفعل من هدمت البيت، و «ذو الجناح» واسمه شمر، و «ذو أنس» والأنس: الجماعة من الناس، و «ذو سحيم» وسحيم: تصغير أسحم، وهو الشّديد السّواد، و «ذو الكباس» والكباس: الرجل العظيم الرأس، و «ذو حفار» وهو من قولك: حفر البئر. و «ذو نواس» واسمه زرعة، ونواس من النّوس، وهو تذبذب الشىء وشدّة حركته، وسمّى بذلك لضفيرتين كانتا تنوسان على عاتقه، وهو صاحب الأخدود الذى حرّق فيه المؤمنين، وكانوا نصارى من أهل نجران، على الدّين الأول الذى جاء به عيسى بن مريم عليه السلام، وكان ذو نواس دعاهم إلى اليهوديّة فأبوا فحرّقهم، ثم ظهرت الحبشة على اليمن، فحاربوا ذا نواس أشدّ حرب، فلما أيقن بالهلاك اعترض البحر بفرسه، فكان آخر العهد به، وذكره عمرو بن معديكرب، فى شعر قاله لعمر رضى الله عنه، وقد خفقه عمر بالدّرّة، لكلام دار بينهما فقال: أتضربنى كأنك ذو رعين … بأنعم عيشة أو ذو نواس (¬2) فكم ملك قديم قد رأينا … وعزّ ظاهر الجبروت قاس فأصبح أهله بادوا وأضحى … ينقّل من أناس فى أناس /فقال: صدقت يا أبا ثور، وقد هدم ذلك كلّه الإسلام ¬

(¬1) فى هـ‍: «عسم»، وما فى الأصل مثله فى الخزانة، وقيده البغدادى بفتح العين وكسر السّين المهملتين. (¬2) ديوان عمرو بن معديكرب ص 116 - مع بعض اختلاف فى الرواية-والتخريج فى الديوان ص 115.

ومنهم «ذو الكلاع الأكبر، وذو الكلاع الأصغر» وأدرك الأصغر الإسلام، كتب إليه النبىّ صلّى الله عليه وآله وسلم، مع جرير بن عبد الله البجلىّ، فأسلم وأعتق يوم أسلم أربعة آلاف عبد، وهاجر بقومه فى أيام أبى بكر رضى الله عنه إلى المدينة، ثم سكنوا حمص. واشتقاق الكلاع من الكلع، وهو شقاق ووسخ يكون فى القدم، يقال منه: كلعت رجله، وروى فى كاف «ذى الكلاع» الضم والفتح، كما قالوا: سفيان وسفيان، فضمّوا سينه وكسروها (¬1)، وكما قالوا: القطامىّ والقطامىّ، بفتح القاف وضمّها. ومنهم «ذو عثكلان» وعثكلان من الأسماء المرتجلة، و «ذو ثعلبان» والثّعلبان: ذكر الثّعالب، و «ذو زهران» و «ذو مكارب» من قولهم: رجل ذو مكارب: أى ذو مفاصل شداد، واحدها مكرب، و «ذو مناخ» وكان نزل (¬2) ببعلبكّ. و «ذو ظليم» واسمه حوشب، والحوشب: العظيم البطن، والظّليم: ذكر النّعام، وشهد ذو الظليم صفّين مع معاوية. و «يزن»: اسم مرتجل، وهو غير مصروف فى حال السّعة، لأن أصله: يزأن، مثل يسأل، فخفّفوا همزته، فصار وزنه: يفل، مثل يسل، ومنهم من ردّ عينه فى النّسب، فقال (¬3): رمح يزأنىّ. ولجّج: ركب لجج البحر، ولجّة البحر: معظمه، وقوله: «للأعداء» أى لطلب الأعداء، وقوله: «أحوالا» أراد جمع حول، لا جمع حال، وقوله: «شالت نعامته» أى تفرّقت جماعته. ¬

(¬1) هكذا فى الأصل، وهـ‍. ومقتضى التنظير أن يكون «وفتحوها»، وأفاد صاحب اللسان (سفى) أن «سفيان» مثلث السين. (¬2) فى هـ‍: «ينزل». وما فى الأصل مثله فى الخزانة. (¬3) فى هـ‍: «فقالوا». وما فى الأصل مثله فى الخزانة.

و «هرقل» غير مصروف للتعريف والعجمة، وهو اسم ملك الرّوم، وكان وفد عليه سيف يستنصره على الحبشة، فشاور فى ذلك وزراءه، فقالوا له: إن الحبشة على دينك، وهذا دينه مخالف لدينك، فوعده ومطله سنين، فلما يئس منه رجع إلى الحيرة، فصار إلى ملك من ملوك فارس، /وهو هرمز بن قباذ، فبعث معه جندا، فأمّر عليهم إسوارا من أكابر أساورته يقال له: وهرز، وكان قد أتى عليه مائة وعشرون سنة، وسقط حاجباه على عينيه، فساروا فى البحر فى عشر سفائن، فغرق منها ثلاث، وأرفئوا ما بقى منها إلى ساحل عدن، وتسامعت بهم الحبشة، فاجتمعوا إلى ملكهم مسروق بن أبرهة، واستعدّوا لقتالهم، وخرج مسروق على فيل، وعلى رأسه تاج من ذهب، وبين عينيه ياقوته حمراء، وانضمّ إلى سيف جمع كثير من أهل اليمن، والتقوا فاقتتلوا مليّا، فقال وهرز: على أىّ الدوابّ ملكهم؟ فقالوا: على الفيل، فقاتلهم ساعة، فقالوا له: قد تحوّل إلى فرس، فقاتلهم ساعة، فقالوا له: قد تحوّل إلى بغل، فقال (¬1): ابن الحمار! ذلّ الأسود وذلّ ملكه، ثم قال: اسمتوا لى سمته، فلما استقرّ بصره عليه، وقد رفع حاجبيه عن عينيه، أخذ قوسه ولم يكن أحد يوترها غيره، وسدّد إليه سهما، وقال: إنى راميه رمية، فإن أكبّت عليه الحبشة ولم يتفرّقوا، فاحملوا عليهم فإنى قد قتلته، وإن أكبّوا عليه ثم تفرّقوا، فلا تبرحوا مكانكم. ثم نزع فى قوسه فرماه ففلق الياقوتة، وتغلغل السهم فى رأسه، فخرّ لوجهه، فأكبّت عليه الحبشة ولم يتفرّقوا، فحملت الفرس عليهم، فقتلوا من أدركوه منهم وانهزم الباقون، فكان الرجل منهم يأخذ العود، فيضعه فى فيه يستأمن به، ويدخل النفر منهم [إلى (¬2)] الحائط أو الدار، فتقتلهم النساء والصّبيان، حتى أتى على آخرهم. ¬

(¬1) فى تاريخ الطبرى 2/ 41 «ابنة الحمار»، وفى سيرة ابن هشام 1/ 64: بنت الحمار. (¬2) ليس فى هـ‍.

وكان كسرى عهد إلى وهرز فقال: إذا ظفرت بالحبشة فاجمع وجوه أهل اليمن، وسلهم عن سيف، فإن كان ابن ملوكها كما زعم، فتوّجه بهذا التاج وملّكه عليهم، وإن كان كاذبا فاقتله واكتب إلىّ لأكتب إليك برأيى، فلما تمكّن فى البلد جمع أبناء الملوك ورؤساء اليمن، وقال لهم: كيف سيف فيكم؟ فقالوا: ملكنا وابن أملاكنا، أدرك بثأرنا، فتوّجه وملّكه، وكتب إلى كسرى بذلك، فأقرّ/وهرز ومن معه باليمن، فهم الأبناء (¬1) إلى اليوم. وقوله: «أبعدت قلقالا» القلقال: سرعة الحركة، ورجل قلقل: خفيف، وبعير قلاقل: سريع، وليس فى الكلام فعلال إلاّ من المضاعف (¬2)، نحو الخضخاض، وهو ضرب من القطران، والجثجاث، وهو نبت، ومن الصّفات الحسحاس، وهو من الرّجال: السّخىّ المطعم، والقسقاس: الدّليل الهادى. وقوله: «حتّى أتى ببنى الأحرار» سمّيت فارس: الأحرار، لأنهم خلصوا من سمرة العرب وشقرة الرّوم وسواد الحبشة، وكلّ خالص فهو حرّ، وطين حرّ: لا رمل (¬3) فيه. والمرازية: واحدهم مرزبان، وهو العظيم من الفرس، قال سويد بن أبى كاهل اليشكرىّ: ومنّا بريد إذ تحدّى جموعكم … فلم تقربوه، المرزبان المسوّر (¬4) ¬

(¬1) الأبناء: هم الفرس الذين سكنوا اليمن. (¬2) ويكون الحرفان الأخيران منه بمنزلة الأوّلين. انظر الاستدراك على كتاب سيبويه ص 172. (¬3) فسّر السّهيلى «الأحرار» تفسيرا يتفق مع مدلول الكلمة فى أيامنا هذه، قال: «وقوله لفارس: الأحرار؛ فلأن الملك فيهم متوارث من أول الدنيا، من عهد جيومرث (وهو آدم عند الفرس) فى زعمهم، إلى أن جاء الإسلام، لم يدينوا لملك من غيرهم، ولا أدّوا الإتاوة لذى سلطان من سواهم، فكانوا أحرارا لذلك». الروض الأنف 1/ 55. (¬4) يأتى تخريجه قريبا.

ولهذا البيت قصّة، وفيه ما يقتضى كلاما وسؤالا، وسأذكر ذلك بعد انتهاء الكلام فيما نحن فيه، إن شاء الله تعالى. وقوله: «غلب أساورة» واحد الغلب: أغلب، وهو الغليظ العنق، وواحد الأساورة: أسوار، وهو الفارس من الفرس، وقد كسر بعضهم أوّله، والضمّ أشهر (¬1). وقوله: «تربّب فى الغيضات» الغيضة: الأجمة، وتربّب: تربّى. وقوله: أضحى شريدهم فى البحر فلاّلا (¬2) وضع الشّريد فى موضع الشّراد، فلذلك وصفه بفلاّل (¬3)، وفعيل كثيرا ما تستعمله العرب فى معنى الجماعة، كما جاء فى التنزيل: {وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ} (¬4) وجاء: {وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً} (¬5) و {خَلَصُوا نَجِيًّا} (¬6). وغمدان: قصر كان بصنعاء، لم ير مثله من البنيان القديم، وكانت الملوك تنزله حتّى هدمه عثمان بن عفّان رضى الله عنه فى أيّامه، وله رسوم باقية إلى اليوم، وصنعاء من المدن التى لا يدرى من بناها: صنعاء باليمن، وإصطخر بفارس، والأبلّة بالعراق، وتدمر بالشام. وقول سويد بن أبى كاهل: ¬

(¬1) ذكره الجواليقى بالكسر أوّلا، ثم أفاد أن الضمّ لغة فيه. المعرب ص 20. (¬2) فى الأصل: «ضلالا». وانظر ما سبق فى تخريج القصيدة. و «فلاّل» أى منهزمون. واحدهم: فلّ. (¬3) فى الأصل: «بضلال». وانظر التعليق السابق. (¬4) الآية الرابعة من سورة التحريم. (¬5) سورة النساء 69. (¬6) سورة يوسف 80.

ومنّا بريد إذ تحدّى جموعكم … فلم تقربوه، المرزبان المسوّر (¬1) فبارزه منّا غلام بصارم … حسام إذا لاقى الضّريبة يبتر قاله لبنى شيبان يوم ذى قار، وقد برز إسوار من عظماء الأعاجم مسوّر، فى أذنيه درّتان، فتحدّى للبراز، فنادى فى بنى شيبان، فلم يبارزه أحد، فدنا من بنى يشكر فدعا إلى البراز، فخرج إليه بريد (¬2) بن حارثة، أخو بنى ثعلبة بن عمرو، فطعنه فأرماه عن فرسه، ثم نزل إليه فأجهز عليه ضربا بالسيف، وأخذ حليته وسلاحه، ففخر سويد بذلك على بنى شيبان. وقوله: «تحدّى جموعكم» يقال: تحدّى فلان فلانا: إذا دعاه إلى أمر ليظهر عجزه فيه، ونازعه الغلبة فى قتال أو كلام أو غير ذلك، ويقول له إذا أراد ذلك منه: أنا حديّاك، أى أبرز لك وحدى (¬3)، والنبىّ صلى الله عليه وآله وسلم تحدّى العرب قاطبة بالقرآن، حيث قالوا: افتراه، فأنزل الله عليه: {أَمْ يَقُولُونَ اِفْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ} (¬4) فلما عجزوا عن الإتيان بعشر سور تشاكل القرآن، قال تعالى: {قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ} (¬5) ثم كرّر هذا فقال: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ} (¬6) أى من كلام مثله، وقيل (¬7): من ¬

(¬1) البيتان مع بعض اختلاف فى الرواية، فى الأغانى 13/ 106، والأول فى النقائض ص 643، بقافية منصوبة، وفيها «المسوّدا» بالدال، وأشار أبو عبيدة إلى رواية الراء. (¬2) فى الأغانى «يزيد» وكذلك فى النقائض، وفيها: «ويقال: بريد». (¬3) بهامش الأصل حاشية: «ليس قوله: «وحدى» بشىء؛ لأن التحدّى التتبّع، ومنه الحادى». وفى اللسان (حدى) عن التهذيب: «تقول: أنا حديّاك بهذا الأمر: أى ابرز لى وحدك وجارنى». وقد وجدت هذا الكلام فى التهذيب 5/ 186، عن الليث، وليس فيه «وحدك». وفى المقاييس 2/ 35: «يقال: أنا حديّاك لهذا الأمر: أى ابرز لى فيه». (¬4) سورة هود 13. (¬5) سورة يونس 38. (¬6) سورة البقرة 23. (¬7) انظر خلاف أهل العلم حول ذلك فى طبقات الشافعية 10/ 47 - 72.

بشر مثله، ويحقّق القول الأوّل الآيتان المقدّم ذكرهما، فلمّا عجزوا عن أن يأتوا بسورة تشبه القرآن، على كثرة الخطباء فيهم والبلغاء، قال: {قُلْ لَئِنِ اِجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً} (¬1). فإن قيل: فما العامل فى «إذ» من قوله: «إذ تحدّى جموعكم» وهل يجوز أن يعمل فيه «تحدّى»؟ فالجواب: لا يصحّ أن يعمل فيه «تحدّى» لأن المضاف (¬2) إليه لا يعمل فى المضاف، من حيث كان المضاف إليه حالاّ محلّ التنوين من المضاف، معاقبا له، فهو متنزّل/منزلة جزء من أجزاء المضاف، وإذا فسد أن يعمل فيه «تحدّى» احتمل العامل فيه تقديرين: أحدهما أنّ قوله: «ومنّا بريد» كلام افتخر فيه ببريد، وفعله فى ذلك اليوم، فكأنه قال: فخرناكم ببريد إذ تحدّى جموعكم المرزبان، أو أفخرنا بريد، أى جعلنا نفخر. والتقدير الآخر، أن يكون أراد: اذكروا إذ تحدّى جموعكم المرزبان، كما قيل فى قوله عز وجل: {وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} (¬3) إن التقدير: واذكر إذ قال ربّك للملائكة، وقد ظهر هذا العامل المقدّر هاهنا فى قوله تعالى: {وَاُذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ} (¬4). والهاء من قوله: تقربوه عائدة على المرزبان، وإن كان مؤخّرا فى اللفظ فإنه مقدّم فى المعنى، لأن أصل الكلام: إذ تحدّى جموعكم المرزبان فلم تقربوه، ومثله فى إعمال الأول: أكرمنى وأكرمته زيد، عادت الهاء من قولك: أكرمته، على زيد، ¬

(¬1) سورة الإسراء 88. (¬2) وذلك لأن «إذ» تلزم الإضافة إلى الجملة. (¬3) سورة البقرة 30. (¬4) سورة الأعراف 86.

وهو مؤخّر، لأن النيّة به التقديم، ومثله فى إعمال الأول قول ذى الرّمّة (¬1): ولم أمدح لأرضيه بشعرى … لئيما أن يكون أصاب مالا ... ¬

(¬1) ديوانه ص 1534، وتخريجه فى 2053.

المجلس السابع والعشرون

المجلس السابع والعشرون وهو مجلس يوم الثلاثاء، سابع رجب، سنة ستّ وعشرين وخمس مائة. قال زيد بن عبد (¬1) ربّه، وقيل: ليزيد بن الحكم الثّقفىّ: تكاشرنى كرها كأنّك ناصح … وعينك تبدى أنّ صدرك لى دوى (¬2) لسانك لى أرى وعينك (¬3) … علقم وشرّك مبسوط وخيرك ملتوى أراك إذا لم أهو أمرا هويته … ولست لما أهوى من الأمر بالهوى /عدوّك يخشى صولتى إن لقيته … وأنت عدوّى ليس هذا بمستوى ¬

(¬1) بهامش الأصل حاشية: «عبد ربه: أخو يزيد بن الحكم الثقفى. وزيد: هو ابن أخى يزيد بن الحكم». (¬2) هذه القصيدة تعدّ من بليغ العتاب فى الشعر، وهى ليزيد بن الحكم الثقفىّ، يعاتب ابن عمه عبد الرحمن بن عثمان بن أبى العاص. والقصيدة فى شعر يزيد، المطبوع ضمن (شعراء أمويون) 3/ 274، والتخريج فيه، وزد عليه: لباب الآداب ص 396 - وأشبعها تخريجا العلامة المرحوم الشيخ أحمد محمد شاكر -واختيار الممتع ص 462، وبهجة المجالس 1/ 404،410،686، وشرح أبيات المغنى 5/ 181. وقد روى أبو علىّ الفارسى هذه القصيدة كاملة فى البصريات ص 285 - 287 بروايته عن الأخفش الصغير على بن سليمان. وانظر كتاب الشعر ص 241. وفى القصيدة شواهد نحوية يأتى تخريجها فى مكانها إن شاء الله تعالى. (¬3) هكذا فى الأصل، وهـ‍ «وعينك». وكذلك فى الأغانى 12/ 285، والبصريات، وأصل لباب الآداب، وأصل الخزانة 3/ 132، وتوجيهه سهل. وغيره محقّقا اللباب والخزانة، رحمهما الله إلى: «وغيبك» كما فى أمالى القالى 1/ 68، وغيره، وكذلك هو فى كتاب الشعر، ويقوّيه كلام أبى علىّ فى تأويل «اللسان» فى البيت، هل هو بمعنى الجارحة، أو بمعنى الكلام، وذلك قوله: «وأن تجعل اللسان حدثا، ولا تجعله الجارحة، لأنه قد عطف عليه حدثا، وهو «الغيب» أشبه للتشاكل». كتاب الشعر ص 245. ورواية بهجة المجالس: «وقلبك» وهى مقوّية لرواية: «وعينك».

وكم موطن لولاى طحت كما هوى … بأجرامه من قلّة النّيق منهوى إذا ما ابتنى المجد ابن عمّك لم تعن … وقلت ألا (¬1) بل ليت بنيانه خوى وإنّك إن قيل ابن عمّك غانم … شج أو عميد أو أخو مغلة لوى تملّأت من غيظ عليه فلم يزل … بك الغيظ حتى كدت بالغيظ تنشوى وقال النّطاسيّون إنّك مشعر … سلالا ألا بل أنت من حسد جوى جمعت وفحشا غيبة ونميمة … خلالا ثلاثا لست عنها بمرعوى فليت كفافا كان خيرك كلّه … وشرّك عنّى ما ارتوى الماء مرتوى (¬2) قوله: «تكاشرنى» يقال: كاشر الرجل الرجل: إذا كشر كلّ واحد منهما لصاحبه، وهو أن يبدى له أسنانه عند التبسّم. وقوله: «كرها» مصدر وقع فى موضع الحال، أى كارها، ومثله فى التنزيل: {لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً} (¬3) أى كارهات، والكره بالضم: اسم للمكروه، ومنه: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ} (¬4) وقيل إنهما لغتان، مثل الشّرب والشّرب، والضّعف والضّعف، /ومن غير المصادر: الدّفّ والدّفّ، والشّهد والشّهد. والدّوى: الذى به داء. والأرى: العسل، والعلقم: الحنظل الأخضر. ¬

(¬1) فى هـ‍: «ألا يا ليت» وكذلك فى أمالى القالى واللباب، وما فى الأصل مثله فى الخزانة. (¬2) زاد بعضهم فى حاشية الأصل بعض أبيات من القصيدة، ولم أر فائدة فى نقلها، فالقصيدة بتمامها فيما قدمت من مصادر. (¬3) سورة النساء 19. (¬4) سورة البقرة 216.

وقوله: «لسانك لى أرى وعينك علقم» من باب: «فهنّ إضاء صافيات (¬1)» {وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ} (¬2) وأبو يوسف أبو حنيفة، وأداة التشبيه فى هذا كلّه محذوفة، وبتقديرها انتصب المميّز فى قولك: زيد زهير شعرا، وأخوك حاتم جودا، وفى قول مهيار (¬3): أين ظباء المنحنى … سوالفا وأعينا أراد: أين أمثال ظباء المنحنى، فحذف المضاف وأعمله مقدّرا فى النّكرة المفسّرة. وقوله: «يخشى صولتى» الصّولة: مصدر صال (¬4) عليه، إذا استطال عليه، والمراد بالصّولة الكثرة، كالصّول، وليست بمنزلة الضّربة من الضّرب، والقولة من القول، ولكنهما كالغلبة والغلب، فالصّولة مصدر جاء على فعلة، كالرّحمة، فإذا قلت: فلان ذو صولة، لم ترد أنه يفعل ذلك مرّة فقط. وقوله: «وكم موطن» أى كم مكان حرب، ومقام حرب، وفى التنزيل: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ} (¬5) أى مكانات (¬6) حرب، ويروى: «وكم خطّة» ¬

(¬1) تمامه: فهنّ إضاء صافيات الغلائل وسبق تخريجه فى المجلس الرابع والعشرين. (¬2) الآية السادسة من سورة الأحزاب. (¬3) ديوانه 2/ 142. (¬4) فى هـ‍: «صال يصول عليه». (¬5) سورة التوبة 25. (¬6) هكذا جمع ابن الشجرى «مكان» على «مكانات». وهو جائز على قاعدة أن كلّ مذكر غير عاقل يجوز جمعه بالألف والتاء، كما تقول فى حمّام: حمّامات. الفصول الخمسون لابن معطى ص 163. والذى فى لسان العرب، عن ابن سيده: «المكان: الموضع، والجمع أمكنة، كقذال وأقذلة، وأماكن: جمع الجمع». وعن ابن سيده أيضا: «المكانة: المنزلة عند الملك، والجمع مكانات». اللسان (مكن) وانظر أيضا (كون) -

والخطّة: الحال الشاقّة، ويقال: طاح الرجل يطوح ويطيح، إذا هلك، فمن قال: يطوح قال: طحت، مثل قلت، ومن قال: يطيح قال: طحت، مثل بعت. وقوله: «كما هوى بأجرامه» يقال: هوى يهوى هويّا، إذا سقط، وبأجرامه: أى بذنوبه (¬1)، جمع جرم، ويروى «بإجرامه» مصدر أجرم، يقال: جرم وأجرم، لغتان، إذا أذنب، وأجرم لغة القرآن. والنّيق: أرفع الجبل، وقلّته: ما استدقّ من رأسه، والجملة التى هى «لولاى طحت» محلّها جرّ على النعت لموطن، والعائد منها إلى الموصوف محذوف مع حرف الجرّ، والتقدير: كم موطن لولاى طحت فيه، فحذف «فيه» فى مرّة (¬2)، ومنهم من يقدّر حذف الجارّ أوّلا، ثم حذف الضّمير بعده، وقد استوفيت القول فى هذا فى بعض ما قدّمته من الأمالى (¬3). ويقال: خوى المنزل يخوى، مثل رمى يرمى، وخوى يخوى، مثل رضى يرضى، لغتان، الأولى منهما أشهر. ¬

= ويبقى أن أذكر أن عبارة أبى جعفر الطبرى فى تفسير (مواطن) فى الآية الكريمة: «أماكن حرب». تفسير الطبرى 14/ 178، وكذلك فى زاد المسير 3/ 413. (¬1) فسّره أبو العباس المبرّد، على غير هذا الوجه، فقال بعد إنشاد البيت: «وجرم الإنسان: خلقه» الكامل 3/ 345. وقد أخذ البغدادىّ على ابن الشجرىّ تفسيره هذا، فقال: «والأجرام: جمع جرم بالكسر، وهو الجسم، كأنه جعل أعضاءه أجراما، توسّعا، أى سقط بجسمه وثقله، وليس معناه هاهنا الذنوب، كما فسّره ابن الشجرىّ به؛ فإنه غير مناسب». وقال مرّة أخرى: «وقد زلّ قلم ابن الشجرىّ فقال: بأجرامه، أى بذنوبه، جمع جرم. . . ولا يخفى أنّ جعل الأجرام جمع جرم بالضمّ، وتفسيره بالذنب، لا وجه له هنا». الخزانة 3/ 136،5/ 343. وجاء بهامش أصل الأمالى حاشية «قوله: «هوى بأجرامه» مثل شابت مفارقه، كأنه جعل أعضاءه أجراما توسّعا، أى سقط بجسمه، وليس لتفسير الجرم بالذنب هاهنا معنى». (¬2) يعنى مرّة واحدة، وسبق له التعبير فى مثل هذا الموضع بقوله: «حذفة واحدة» راجع المجلس الثانى عشر. (¬3) فى المجلسين: الأول، والثانى عشر.

وقوله: شج أو عميد أو أخو مغلة لوى الشّجى: الحزين المهموم، والشّجى: الغصّان، وكلّ ما اعترض فى الحلق فمنع من الإساغة فهو شجى، والعميد: الذى فدحه (¬1) المرض حتى احتاج إلى أن يعمد، أى يسند، فهو فعيل فى معنى مفعول، وعميد القوم: هو سيّدهم، فعيل فى معنى فاعل، من قولك: عمدت الشىء: إذا جعلت له عمادا. والمغلة والمغل أيضا: وجع البطن، فيكون فى الدّوابّ عن أكل التّراب. واللّوى: الوجع الجوف، والمصدر اللّوى (¬2). وقوله: «تنشوى» يقال: شويت اللحم فانشوى، هذا حقيقة مطاوع شويت، وقد قالوا: شويته فاشتوى، وهى رديئة (¬3)، والصّحيح أن اشتويت بمعنى شويت، جاء منه افتعلت بمعنى فعلت، كما قالوا: قدرت واقتدرت، وعلوت واعتليت، فالمشتوى هو الرجل. والنّطاسىّ: العالم، وأراد بالنّطاسيّين العلماء بالطّبّ. وقوله: «مشعر سلالا» أى ملبس شعارا من سلال، والشّعار: ما ولى الجسد من الثّياب. والسّلال: السّلّ، والجوى: من الجوى، وهو داء القلب. وقوله: ¬

(¬1) فى الأصل والخزانة 3/ 137: «الذى قد عمده المرض»، وأثبت ما فى هـ‍، ومثله فى اللسان (عمد) عن ابن الأعرابى. وفى اللسان أيضا، قال: «وعمده المرض: أى أضناه». (¬2) بفتح اللام والواو، وفعله من باب فرح، كما ذكر صاحب الخزانة. (¬3) لكنّ سيبويه يجيز الاثنتين. راجع الكتاب 4/ 65، وانظر أيضا ص 73، وحكاه ابن برى، كما فى اللسان (شوى). وانظر المنصف 1/ 73.

جمعت وفحشا غيبة ونميمة (¬1) أراد: جمعت غيبة ونميمة وفحشا، فقدّم المعطوف على المعطوف عليه، ولا يجوز تقديم التابع على المتبوع للضّرورة إلا فى العطف، دون الصّفة والتوكيد والبدل، فلو قلت: ضربت رأسه زيدا، وأكلت كلّه الرغيف، لم يجز، وأشدّ من هذا فى الامتناع أن تقول: رأيت (¬2) أجمعين القوم، لأنك أوليت «أجمعين» العامل، والعرب لم تستعمله إلا تابعا، وكذلك لا يجوز: مررت بالطويل زيد، على أن تجعل الطويل صفة لزيد، ولكن إن أردت: مررت بالرجل الطويل، فحذفت الموصوف/وأبدلت زيدا من الصّفة، جاز على قبح، لأن حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه مما شدّد فيه سيبويه (¬3)، وإن كان قد ورد ذلك فى الاستعمال على شذوذه (¬4)، كقوله تعالى: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ} (¬5) أى العبد الشّكور، وكقوله: {أَنِ اِعْمَلْ سابِغاتٍ} (¬6) أى دروعا سابغات، وكقوله: {وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} (¬7) أى الأمّة القيّمة. وإنما جاز فى الضّرورة تقديم المعطوف على المعطوف عليه، ولم يجز ذلك فى الصفة والتوكيد والبدل، لأن المعطوف (¬8) غير المعطوف عليه، والصّفة هى الموصوف، ¬

(¬1) راجع الكلام عليه فى الخصائص 2/ 383، وضرائر الشعر ص 210، والتصريح على التوضيح 1/ 344،2/ 137، وشرح الأشمونى 2/ 137، والهمع 1/ 220، والخزانة 3/ 130،9/ 141. (¬2) فى هـ‍: لقيت. (¬3) الكتاب 2/ 115،345. (¬4) فى هـ‍: «شذوذ» وتعبيره بالشذوذ فى الاستعمال القرآنىّ فيه نظر، ولم أجد فيما بين يدىّ من كتب النحو من قبح حذف الموصوف، وقد أجازوه بشرط وجود الدليل عليه، وشروط أخرى. وابن الشجرى نفسه قد استشهد لحذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه، بشواهد كثيرة فى المجلس التاسع والثلاثين، وأيضا فى المجالس: المتمّ الستين، والرابع والستين، والتاسع والستين، ولم يصفه هناك بقبح أو شذوذ كصنيعه هنا. وانظر المغنى ص 728، وشرح ابن عقيل 2/ 162، وشرح الأشمونى 2/ 70، والتصريح على التوضيح 2/ 118، وعبارته: «ويجوز بكثرة حذف المنعوت إن علم». والهمع 2/ 120. (¬5) سورة سبأ 13. (¬6) سورة سبأ 11. (¬7) الآية الخامسة من سورة البينة. (¬8) فى هـ‍: «لأن غير المعطوف عليه. . .» وغيره ناشر الطبعة الهندية إلى «لأنه»، وهو فاسد أيضا.

فصل فى وقوع المضمر بعد «لولا» التى يرتفع الاسم بعدها بالابتداء

وكذلك المؤكّد عبارة عن المؤكّد، والبدل إما أن يكون هو المبدل أو بعضه أو شيئا ملتبسا به. ومثل قوله: جمعت وفحشا غيبة ونميمة قول الآخر: ألا يا نخلة من ذات عرق … عليك ورحمة الله السّلام (¬1) وقوله: «خلالا ثلاثا» بدل من قوله: «غيبة ونميمة وفحشا» بدل نكرة من نكرة، وجمع من جمع. وقوله: «لست عنها بمرعوى» يقال: ارعوى عن القبيح: أى رجع عنه. فصل فى وقوع المضمر بعد «لولا» التى يرتفع الاسم بعدها بالابتداء وللنحويين فى ذلك ثلاثة مذاهب: فمذهب سيبويه (¬2) أنه يرى إيقاع المنفصل المرفوع بعدها هو الوجه، كقولك: لولا أنت فعلت كذا، ولولا أنا لم يكن كذا، ¬

(¬1) ينسب إلى الأحوص. حواشى ديوانه ص 190، وتخريجه فيه، وزد عليه: الأصول 1/ 326، 2/ 226، وشرح الجمل 1/ 245،2/ 84، وقد عقّب البغدادىّ على إنشاد ابن الشجرىّ لهذا البيت بقوله: «فجعله من باب تقديم المعطوف، لا من باب تقديم المفعول معه؛ لأنه هو الأصل، لكن فى تنظيره نظر، فإن قوله: «ورحمة الله» معطوف عند سيبويه على الضمير المستكنّ فى الظرف، أعنى قوله «عليك» كما تقدّم بيانه». الخزانة 3/ 131، والبيان الذى أشار إليه تقدّم فى 1/ 399،2/ 192، وخلاصة ما ذكره فى هذين الموضعين أن سيبويه يرى أن «السلام» مرفوع بالابتداء، و «عليك» خبر مقدّم، و «رحمة الله» معطوف على الضمير المستتر فى «عليك». والتقدير: السلام حصل عليك، فحذف «حصل»، ونقل ضميره إلى «عليك» واستتر فيه. ومذهب أبى الحسن الأخفش-وهو اختيار ابن الشجرى-أنه أراد: عليك السلام ورحمة الله، فقدّم المعطوف ضرورة؛ لأن «السلام» عنده مرفوع بالاستقرار المقدّر فى الظرف». وذهب ابن جنى مذهب سيبويه. الخصائص 2/ 386. (¬2) الكتاب 2/ 374، وشرح أبياته المختصر للنحاس ص 205، والنكت فى تفسير كتاب سيبويه-

ولا يمتنع من إجازة استعمال المتّصل بعدها، كقولك: لولاى ولولاك ولولاه، ويحكم بأن المتّصل بعدها مجرور بها، فيجعل لها مع المضمر حكما يخالف حكمها مع المظهر. ومذهب الأخفش أن الضمير المتّصل بعدها مستعار للرفع، فيحكم بأن موضعه رفع بالابتداء، وإن كان بلفظ الضمير المنصوب أو المجرور، فيجعل حكمها مع المضمر موافقا حكمها مع المظهر. ومذهب أبى العباس محمد (¬1) بن يزيد أنه لا يجوز أن يليها من المضمرات إلا المنفصل المرفوع، واحتجّ بأنه لم يأت فى القرآن غير ذلك، وذلك قوله تعالى: {لَوْلا أَنْتُمْ لَكُنّا مُؤْمِنِينَ} (¬2) وقد ذكرت أن هذا هو الوجه عند سيبويه، ولكنه وأبا الحسن الأخفش رويا عن العرب وقوع الضمائر المتّصلة بعدها، واحتج سيبويه بقول الشاعر فى هذه القصيدة: «وكم موطن لولاى طحت» ودفع أبو العباس الاحتجاج بهذا البيت، وقال: إن (¬3) فى هذه القصيدة شذوذا فى مواضع، وخروجا عن القياس، فلا معرّج على هذا البيت. وأقول: إن الحرف الشاذّ أو الحرفين أو الثلاثة، إذا وقع ذلك فى قصيدة من الشعر القديم، لم يكن قادحا فى قائلها، ولا دافعا للاحتجاج بشعره، وقد جاء فى شعر لأعرابىّ: ¬

= ص 664، والإنصاف ص 691، وشرح المفصل 3/ 122، والمقرب 1/ 193، وشرح ابن عقيل 2/ 6، والمغنى ص 272، والهمع 2/ 33، وشرح الأشمونى 2/ 206، والخزانة 5/ 339. وقد تكلم ابن الشجرى كلاما مفصّلا عن «لولا» فى المجلس السادس والستين. (¬1) ذكر مذهبه هذا فى كتابه الكامل 3/ 345، وذكر طرفا منه فى المقتضب 3/ 73. (¬2) سورة سبأ 31. (¬3) لم أجد هذا القول فى الموضع المذكور من كتابى المبرد: الكامل والمقتضب، ولعلّ ابن الشجرىّ قد نقل هذا الكلام عن السّيرافى والنحاس، فقد حكيا كلاما للمبرّد شبيها بهذا. راجع حواشى الموضع السابق من سيبويه، والخزانة. وانظر لهذه المسألة أيضا البسيط ص 595، وشرح الجمل 1/ 473.

لولاك هذا العام لم أحجج (¬1) وللمحتجّ لسيبويه أن يقول: إنه لما رأى الضمير فى لولاى ولولاك ولولاه، خارجا عن حيّز ضمائر الرفع، وليست لولا من الحروف المضارعة للفعل، فتعمل النصب كحروف النداء، ألحقها بحروف الجر. وحجّة الأخفش أن العرب قد استعارت ضمير الرفع المنفصل للنصب فى قولهم: لقيتك أنت، وكذلك استعاروه للجرّ فى قولهم: مررت بك أنت، أكّدوا المنصوب والمجرور بالمرفوع كما ترى، وأشدّ (¬2) من هذا إيقاعهم إياه بعد حرف الجر فى قولهم: «أنا كأنت (¬3)، وأنت كأنا»، فكما استعاروا المرفوع للنصب والجرّ فيما ذكرت لك، كذلك استعملوا (¬4) المنصوب للرفع فى قولهم: لولاى ولولاك ولولاه، وكذلك خالف الأخفش سيبويه فى الضمير المتّصل بعسى فى قول بعض العرب: عسانى أن أفعل، وعساك أن تفعل، وعساه أن يفعل، فزعم/الأخفش أن هذا الضمير فاعل عسى، وإن كان بلفظ ضمير النصب، كما كان «أنت» فى قولهم: لقيتك أنت، فى محلّ النصب، وإن كان موضوعا للرفع، [فكذلك (¬5)] تنزّل ضمير النصب فى عسانى وعساك وعساه وعساكما وعساكم وعساكنّ وعساهما وعساهم وعساهنّ [بمنزلة ¬

(¬1) ينسب إلى عمر بن أبى ربيعة. زيادات ديوانه ص 487، ونسب إلى العرجىّ، ولم أجده فى ديوانه المطبوع، مع وجود قصيدة من وزن البيت وقافيته ص 17. وصدره: أومت بعينيها من الهودج وانظر شرح الجمل-الموضع السابق-والإنصاف ص 693، وشرح المفصل 3/ 119، وشرح ديوان أبى تمام 1/ 300. (¬2) فى الخزانة: «وأشذّ» بالذال المعجمة. (¬3) فى كتاب الأزهية ص 181: «ما أنا كأنت ولا أنت كأنا». (¬4) فى الخزانة: استعاروا. (¬5) ساقط من هـ‍.

الضمير فى عسيت وعسيتما وعسيتم وعسيتنّ، وعسينا وعسوا وعسين، ومذهب سيبويه (¬1) أن الضمير فى عسانى وعساك وعساه منصوب بمنزلة الضمير من رمانى ورماك ورماه، لأنه ضمير نصب اتصل بفعل فوجب الحكم بأنه مفعول، وقولك: أن أفعل وأن تفعل وأن يفعل (¬2)] فاعل (¬3) عسى، وجاز لعسى أن تخالف حكمها فتنصب الضمير، وحقّها أن ترتفع بها الضمائر، كما يرتفع بها الاسم الظاهر فى قولك: عسيت أن أفعل، وعسى زيد أن يفعل، لأنها مواخية لعلّ، لتقاربهما فى المعنى، فتنزّل عسانى وعساك وعساه، منزلة لعلّى ولعلّنى ولعلّك ولعلّه، وهذا عندى هو الوجه، ومذهب الأخفش مذهب يونس. ... ¬

(¬1) الكتاب 2/ 375، وانظر المغنى ص 164. (¬2) وهذا أيضا ساقط من هـ‍، وهو سقط كبير كما ترى. (¬3) فى هـ‍: «منزلة فاعل عسى. . .».

المجلس الثامن والعشرون

المجلس الثامن والعشرون وهو مجلس يوم الثلاثاء، السادس والعشرين، من شعبان سنة ستّ وعشرين وخمسمائة. يتضمّن تفسير قوله من هذه الأبيات: فليت كفافا كان خيرك كلّه … وشرّك عنّى ما ارتوى الماء مرتوى (¬1) قال بعض أهل الأدب: هذا البيت مشكل، وقد زاده تفسير أبى علىّ له إشكالا. وأقول: إن اسم (¬2) ليت ضمير محذوف، وحذف هذا النحو مما تجوّزه الضرورة، فإن شئت قدّرته ضمير الشأن والحديث، وإن شئت قدّرته ضمير المخاطب. وكفافا: معناه كافّا، وهو خبر كان، وخيرك اسمها، وكلّه توكيد له، والجملة التى هى كان واسمها وخبرها خبر اسم ليت، فالتقدير على أن المحذوف ضمير الشأن: فليته كان خيرك كلّه كفافا، ومثله فى هذا الإضمار: {إِنَّهُ أَنَا اللهُ} (¬3) أى ¬

(¬1) أنشده أبو علىّ فى الإيضاح ص 123، والعسكريات ص 107، وأورده أبو العلاء فى رسالة الغفران ص 153، فيما تخيله من حوار بين قائل البيت وأبى علىّ منشده. وانظر المقتصد 1/ 466، وإيضاح شواهد الإيضاح ص 141، والإنصاف ص 184، والنبيين ص 339، والمغنى ص 320، وشرح أبياته 5/ 180، وشرح شواهده ص 237، والخزانة 10/ 472، وأعاده ابن الشجرى فى المجلسين: السادس والثلاثين، والسابع والثلاثين. (¬2) حكاه البغدادى فى الخزانة، ونصّ على أن ابن هشام تبع فيه ابن الشجرى. (¬3) الآية التاسعة من سورة النمل.

إن الشأن، أنا الله، ولا يلزم الجمل إذا كانت أخبارا عن ضمير الشأن أن تتضمّن عائدا إليه، لأن الجملة نفسها هى الشأن، فإن حكمت بأن التقدير: فليتك كان كفافا خيرك، فجائز، والعائد على اسم ليت الذى هو ضمير المخاطب الكاف من قوله: خيرك، /ومثله فى حذف الضمير على التقديرين (¬1) قول الآخر (¬2): فليت دفعت الهمّ عنّى ساعة … فبتنا على ما خيّلت ناعمى بال أراد: فليتك أو فليته. فإن قلت: هل يجوز (¬3) أن تنصب «كفافا» بليت، وتجعل «كان» مستغنية بمرفوعها، بمعنى حدث ووقع، وتخبر بالجملة التى هى كان وفاعلها عن كفاف؟ قيل: إن ذلك لا يصحّ، لخلوّ الجملة التى هى كان ومرفوعها من عائد على كفاف، فلو قلت: ليت زيدا قام عمرو، لم يجز لعدم ضمير فى اللفظ وفى التقدير، راجع على اسم ليت، فإن قلت: إليه أو معه، أو نحو ذلك، صحّ الكلام. وأما قوله: «وشرّك (¬4)» فقد روى مرفوعا ومنصوبا، فمن رفعه فبالعطف على اسم كان، و «مرتوى» فى رأى أبى علىّ خبره، وكان حقّ «مرتوى» أن ينتصب، لأنه معطوف على «كفافا» كما تقول: كان زيد جالسا وبكر قائما، تريد: وكان بكر قائما، فكأنه قال: ليتك أو ليت الشأن كان خيرك كفافا، وكان شرّك مرتويا ¬

(¬1) فى الأصل وهـ‍: «على التقدير»، وأثبتّ ما فى الخزانة، ويقوّيه ما بعده. وصاحب الخزانة ينقل عن ابن الشجرى. (¬2) هو عدىّ بن زيد. والبيت فى ذيل ديوانه ص 162، وتخريجه فيه، وزد عليه: إيضاح شواهد الإيضاح ص 140، والتبيين ص 339، والمواضع المذكورة من الإنصاف والمغنى والخزانة، والهمع 1/ 136،143، والأشباه والنظائر 4/ 139 حكاية عن كتابنا. وأعاده ابن الشجرى فى المجلس السابع والثلاثين. (¬3) حكى هذا البغدادىّ، وذكر أن ابن هشام تبع فيه ابن الشجرى. والذى ظهر لى من صنيع ابن هشام فى المغنى، أنه لم يرتض هذا الوجه من الإعراب، بل اقتصر على إيراده فقط، واختار الوجه السابق. (¬4) حكاه فى الخزانة، وأورد عليه كلاما، بيانه فى المجلس السابع والثلاثين إن شاء الله.

عنّى، وأسكن ياء «مرتوى» فى موضع النصب، لإقامة الوزن، كقول بشر: كفى بالنأى من أسماء كافى (¬1) وكان حقّه كافيا، لأنه حال، كما قال الآخر: كفى الدهر لو وكّلته بى كافيا (¬2) ومن روى «وشرّك» نصبا، حمله على ليت، وليس المراد بالحمل على ليت أنه منصوب بالعطف على منصوب ليت المذكورة، لأن منصوبها غير ملفوظ به، ولأنك لو لفظت بضمير الشأن لم يجز العطف عليه، لأنه مجهول غير عائد على مذكور، فكيف وهو محذوف؟ ولكنك تحمله على ليت أخرى تقدّرها، وليس هذا إضمارا لليت، ولكنه حذف لها، على نية الاعتداد بها، حتى كأنّها فى اللفظ، وحسّن ذلك تقدّم ذكرها. ومثله فى إعمال ليت وهى محذوفة، جرّ رؤبة بالباء المقدّرة، وقد قيل له: /كيف أصبحت؟ فقال: «خير عافاك الله (¬3)»، فالتقدير: وليت شرّك مرتوى [عنّى، فمرتوى (¬4)] فى هذا الوجه مرفوع، لأنه خبر ليت، فهذا الذى أراده أبو علىّ بقوله: إن حملت العطف على كان، كان مرتوى (¬5)، [فى موضع نصب، وإن حملته على ¬

(¬1) فرغت منه فى المجلس الرابع. (¬2) صدره: أعان علىّ الدهر إذ حك بركه والبرك، بفتح الباء: كلكل البعير وصدره الذى يدوك به الشىء تحته، يقال: حكّه ودكّه وداكه ببركه. والبيت من غير نسبة فى شرح ديوان المتنبى للواحدى ص 671، والشرح المنسوب للعكبرى 4/ 240، والإنصاف ص 169. (¬3) كتاب الشعر ص 52، وحواشيه، والبسيط ص 420،839، وحواشيه، وأعاده ابن الشجرى فى المجلس الثالث والأربعين. (¬4) ساقط من هـ‍. (¬5) وهذا أيضا ساقط من هـ‍، وهو ثابت فى المجلس السابع والثلاثين، والخزانة 10/ 482 حكاية عن ابن الشجرى. ثم هو أيضا كلام أبى علىّ فى الإيضاح ص 123.

ليت، نصبت قوله: وشرّك. ومرتوى] مرفوع، و «عن» فى الوجهين متعلّقة بمرتوى، وجاز تعلّقها به، حملا على المعنى، لا بموجب اللفظ، لأن حقّ اللفظ أن يقول: ارتويت منه أو به، ولكنه محمول على معنى كافّ، لأن الشارب إذا روى كفّ عن الشّرب. ومثله فى القرآن: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} (¬1) وليس حقّ خالف أن يعدّى بعن، ولكنه محمول على معنى يعدلون عن أمره، ومثله تعدية الرّفث بإلى، فى قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ} (¬2) ولا يقال: رفثنا إلى النساء، إلا أن ذلك جاء حملا على الإفضاء فى قوله: {وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ} (¬3) وقد استقصيت هذا الفنّ فيما تقدم (¬4). وارتوى بمعنى روى، جاء افتعل بمعنى فعل، كقولهم: رقى وارتقى، ومثله من الصّحيح خطف واختطف. و «الماء» بمقتضى ما ذهب إليه أبو علىّ مرفوع، وفى رفعه تأويلان: أحدهما أن تقدّر مضافا، أى ما ارتوى شارب الماء، أو أهل الماء، وحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، فاكتسى إعرابه، كقول مهلهل (¬5): واستبّ بعدك يا كليب المجلس أى أهل المجلس، وفى التنزيل: {وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ} (¬6) [أى حبّ العجل (¬7)]. ¬

(¬1) سورة النور 63، وحول الآية كلام كثير، ذكرته فى المجلس الثانى والعشرين. (¬2) سورة البقرة 187. (¬3) سورة النساء 21. (¬4) فى المجلس الثانى والعشرين. (¬5) فرغت منه فى المجلس الثامن. (¬6) سورة البقرة 93. (¬7) ساقط من هـ‍. وهو ثابت فى المجلسين: الثامن، والثامن والسّتين.

والتأويل الآخر: أن يراد: ما ارتوى الماء نفسه، وجاز أن يوصف الماء بالارتواء، على طريق المبالغة، كما جاء وصفه بالعطش للمبالغة فى قول المتنبي (¬1): وجبت هجيرا يترك الماء صاديا وما هذه مصدريّة زمانيّة، فهى وصلتها فى تأويل ارتواء، وموضعها بصلتها نصب على الظرف، بتقدير مضاف، أى مدّة ما ارتوى الماء، أى مدّة ارتواء الماء، ومثله فى التنزيل: {خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ} (¬2) أى مدّة دوام السّماوات. وقد تكلّف بعض المتأخرين نصب الماء فى القول الذى ذهب إليه أبو علىّ فى البيت، وذلك على إضمار فاعل ارتوى، قياسا على ما حكاه سيبويه، من قولهم: «إذا كان غدا فأتنى (¬3)»، أى إذا كان ما نحن فيه من الرّخاء أو البلاء غدا، فقدّر: ما ارتوى الناس الماء، وأنشد على هذا قول الشاعر (¬4): فإن كان لا يرضيك حتّى تردّنى … إلى قطرىّ ما إخالك راضيا أراد إن كان لا يرضيك شأنى، أوما أنا عليه، فأضمر ذلك للعلم به. وأقول: إن الإضمار فيما حكاه سيبويه، وفى البيت الشاهد، حسن؛ لأنه معلوم، وتقدير إضمار الناس فى قوله: «ما ارتوى الماء» بعيد. ¬

(¬1) ديوانه 4/ 289، والمحتسب 2/ 201، وكنوز العرفان فى أسرار وبلاغة القرآن ص 196، والأشباه والنظائر 4/ 141، حكاية عن كتابنا. وأعاده ابن الشجرى فى المجلس السابع والثلاثين، وصدر البيت: لقيت المرورى والشّناخيب دونه والمرورى: جمع مروراة، وهى الفلاة الواسعة. والشناخيب: جمع شنخوب، وهى القطعة العالية من الجبل (¬2) سورة هود 107،108. (¬3) سبق تخريجه فى المجلس الثالث عشر. (¬4) سوّار بن مضرّب يخاطب الحجّاج، وكان هذا قد دعاه إلى أن يكون فى حرب الخوارج. وقطرىّ: هو ابن الفجاءة، وكان على رأس الخوارج. نوادر أبى زيد ص 233، والكامل 2/ 102 واستوفيت تخريجه فى كتاب الشعر ص 505.

وغير أبى علىّ ومن اعتمد على قوله، رووا نصب (¬1) «الماء» ولم يرووا فيه الرفع، فلزموا ظاهر اللفظ والمعنى، فذهبوا إلى أن فاعل ارتوى مرتوى، وأبو طالب العبدىّ منهم، وذلك أنه ذكر لفظ أبى علىّ فى تعريب البيت، ثم قال: وأنا مطالب بفاعل ارتوى، ثم مثّل قوله: «ما ارتوى الماء مرتوى» بقوله: ما شرب الماء شارب، أى أبدا، فدلّ كلامه على أنه لم يعرف المعنى الذى ذهب إليه أبو علىّ، من نصب مرتوى، على أنه خبر كان، أو رفعه على أنه خبر ليت. والقول عندى فيه أن الالتزام (¬2) بالظاهر على ما ذهب إليه العبدىّ أشبه بمذاهب العرب فيما يريدون به التأبيد، كقولهم: لا أفعل (¬3) كذا ما طار طائر، ولا أكلّمك ما سمر سامر، وقد مرّ بى كلام لأبى علىّ، ذهب عنى مكانه، يتضمّن تجويز رفع مرتوى بارتوى، وأنا منذ زمان أجيل فكرى وطرفى فى تعرّف المكان الذى سنح لى فيه كلامه، فلا أقف عليه (¬4). و «عن» فيما ذهب إليه العبدىّ متعلّقة بمعنى «كفافا» كأنه قال: فليتك كان خيرك وشرّك كافّا عنى ما ارتوى الماء مرتوى. فأما نصب «الماء» فبتقدير حذف الجارّ، أى ما ارتوى من الماء، أو بالماء، وحذف الجارّ ثم إيصال الفعل إلى المجرور به مما كثر استعماله فى القرآن والشّعر، فمن ذلك قوله تعالى: {وَاِخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً} (¬5) أراد: من قومه، ومثله ¬

(¬1) وهو رأى أبى العلاء، أجراه على لسان الشاعر، وقد استنكر على أبى علىّ الرفع. انظر رسالة الغفران ص 153. (¬2) فى هـ‍: «التلزّم» وغيره مصحّح طبعة الهند إلى «التزام». وما فى الأصل مثله فى الخزانة 10/ 480. (¬3) ويقال: لا أفعل ذلك ما سمر ابنا سمير، وما سمر السّمير، وهو الدهر. جمهرة الأمثال 2/ 282، والمستقصى 2/ 249. (¬4) ذكر فى المجلس السابع والثلاثين أن هذا الكلام مرّ به فى «التذكرة» لأبى علىّ. (¬5) سورة الأعراف 155.

قول الفرزدق (¬1): ومنّا الذى اختير الرّجال سماحة وقول رؤبة (¬2)، وذكر النبىّ صلّى الله عليه وآله وسلّم: تحت التى اختار له الله الشّجر أى تحت التى اختارها الله له من الشجر، يعنى الشجرة التى بويع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تحتها، ومنه قوله تعالى: {وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ} (¬3) أى إلى درجات (¬4)، وقوله: {وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ} (¬5) أى على عقدة النكاح (¬6)، كما قال القائل (¬7): ¬

(¬1) ديوانه ص 516، والكتاب 1/ 39، والمقتضب 4/ 330، والأصول 1/ 180، وتفسير الطبرى 13/ 145، ونتائج الفكر ص 331، والبسيط ص 423، وشرح الجمل 2/ 452، والجمل المنسوب للخليل ص 95. وهو بيت سيّار دائر فى كتب العربية، وقد أعاده ابن الشجرى فى المجلس الثالث والأربعين. وتمامه: وجودا إذا هبّ الرياح الزّعازع (¬2) هكذا فى الأصل، وهـ‍. والصواب: «العجّاج». والبيت من أرجوزته الشهيرة التى مدح بها عمر بن عبيد الله بن معمر التيمى. ديوانه ص 7، وكتاب الشعر ص 397، وتفسير الطبرى 13/ 147، وحواشيه. (¬3) سورة البقرة 253. (¬4) وعلى هذا الوجه اكتفى مكى فى مشكل إعراب القرآن 1/ 105. وقيل فى نصب «درجات» إنه حال من «بعضهم» أى ذا درجات-على حذف مضاف-وقيل: درجات مصدر فى موضع الحال، وقيل: انتصابه على المصدر؛ لأن الدرجة بمعنى الرفعة، فكأنه قال: ورفعنا بعضهم رفعات. وقيل: نصب على المفعول الثانى لرفع، على طريق التضمين لمعنى بلغ، ويحتمل أن يكون بدل اشتمال، أى ورفع درجات بعضهم. والمعنى: على درجات بعض. التبيان فى إعراب القرآن ص 201، والبحر 2/ 273. (¬5) سورة البقرة 235. (¬6) وقيل: عقدة منصوب على المصدر، وتعزموا: بمعنى تعقدوا. وقيل: تعزموا بمعنى تنووا، وهذا يتعدّى بنفسه فيعمل عمله. راجع المشكل 1/ 100، والتبيان ص 188، والبيان لأبى البركات الأنبارى 1/ 161، وتفسير القرطبى 3/ 192. (¬7) هو أنس بن مدركة الخثعمى. الكتاب 1/ 227، والنكت فى تفسيره ص 320، والمقتضب 4/ 345، والخصائص 3/ 32، والتبصرة ص 308، والخزانة 3/ 87، وأنشده الميدانى فى مجمع الأمثال 2/ 196 (حرف اللام)، وقال فى شرحه: أى لا يسود الرجل قومه إلا بالاستحقاق.

بيت للرضى

عزمت على إقامة ذى صباح … لأمر ما يسوّد من يسود ومن حذف الباء قوله تعالى: {إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ} (¬1) أى يخوّفكم بأوليائه، فلذلك قال: {فَلا تَخافُوهُمْ} ومن حذف اللام قوله: {وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً} (¬2) [أراد: ويبغون لها عوجا (¬3)] ومثله: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ} (¬4) أى قدّرنا له منازل (¬5)، وحذف حرف الظّرف كثير كقوله: ويوم شهدناه سليما وعامرا (¬6) وقول الآخر: فى ساعة يحبّها الطّعام أى يحبّ فيها بيت للرضىّ من قصيدة رثى بها أبا إسحاق إبراهيم بن هلال الكاتب الصابىّ: إنّ الوفاء كما اقترحت فلو تكن … حيّا إذا ما كنت بالمزداد (¬7) جز بلو، وليس حقّها أن يجزم (¬8) بها، لأنها مفارقة لحروف الشرط، وإن اقتضت ¬

(¬1) سورة آل عمران 175. (¬2) الآية الثالثة من سورة إبراهيم. (¬3) ساقط من هـ‍. وهو ثابت فى المجلس الحادى والأربعين. (¬4) سورة يس 39. (¬5) وقيل: إن «منازل» منصوب على الحال، بتقدير: ذا منازل. وقيل: مفعول ثان؛ لأن قدّرنا بمعنى صيّرنا. راجع المشكل 2/ 226، والبيان 2/ 295، والتبيان ص 1083، وسيتكلم ابن الشجرى كلاما مبسوطا على الآية الكريمة فى المجلس الحادى والأربعين. (¬6) سبق تخريجه، هو والذى بعده فى المجلس الأول. (¬7) ديوان الشريف الرضىّ 1/ 385، وأعاده ابن الشجرى فى المجلس المتمّ الأربعين. (¬8) جاء بهامش الأصل حاشية: «قال أبو اليمن الكندى: ليس للرضىّ، ولا لأمثاله أن يرتكب ما يخالف الأصول، ولكن لو جاء مثل هذا عن العرب فى ضرورات شعرهم لاحتمل منهم؛ وذلك أن «لو» -

جوابا كما تقتضيه إن الشرطية، وذلك أنّ حرف الشرط ينقل الماضى إلى الاستقبال، كقولك: إن خرجت غدا خرجنا، ولا تفعل ذلك «لو» وإنما تقول: /لو خرجت أمس خرجنا، وقد جاء الجزم بلو فى مقطوعة لامرأة من بنى الحارث بن كعب (¬1): فارسا ما غادروه ملحما … غير زمّيل ولا نكس وكل لو يشأ (¬2) … طار به ذو ميعة لاحق الآطال نهد ذو خصل غير أنّ البأس منه شيمة … وصروف الدّهر تجرى بالأجل ¬

= وإن كانت تطلب جوابا كما يطلبه حرف الشرط ليست موجبة للاستقبال كإذا، بل يقع بعدها الماضى للماضى، كما يقع المستقبل للمستقبل، فلا يجزم بها ألبتة». انتهت الحاشية، وقد حكاها البغدادى فى الخزانة 11/ 300. قلت: واضح من كلام ابن الشجرىّ أنه لا يرى الجزم بلو، إلاّ فى الضرورة، وواضح أيضا أن كلام أبى اليمن الكندى راجع إلى كلام ابن الشجرى، ولكنّ بعض النحويين ينسب إلى ابن الشجرى أنه يجيز الجزم بلو، وممن قال بذلك ابن أم قاسم المرادى، فى الجنى الدانى ص 286، وابن هشام فى المغنى ص 300، 779، ولم يكتف ابن هشام بذلك حتى نسب إلى ابن الشجرى أنه أنشد شاهدا على الجزم بلو قول الشاعر: تامت فؤادك لو يحزنك ما صنعت إحدى نساء بنى ذهل بن شيبانا ذكر ذلك فى كتابه شرح قصيدة بانت سعاد ص 11، وحكاه عنه السيوطى فى شرح شواهد المغنى ص 228، ولا وجود لهذا الشاهد فى أمالى ابن الشجرى. وممّن نسب إلى ابن الشجرىّ جواز الجزم بلو، الأشمونىّ فى شرحه 4/ 42، وقد أحسن البغدادىّ كلّ الإحسان حين قال: «وما نقلوه عن ابن الشجرىّ من أنه جوّز الجزم بلو فى الشعر، غير موجود فى أماليه، وإنما أخبرنا بأنها جزمت فى بيت، وقد تكلم عليه فى مجلسين من أماليه». ثم حكى كلام ابن الشجرىّ فى هذا المجلس، والمجلس الأربعين. الخزانة 11/ 299، وانظر أيضا حاشيته على شرح بانت سعاد 1/ 237. (¬1) وكذلك نسبت الأبيات هذه النسبة فى شرح الحماسة للمرزوق ص 1107، وللتبريزى 3/ 121، والحماسة البصرية 1/ 243، ونسبت لعلقمة الفحل، وهى فى زيادات ديوانه ص 133. وانظر بالإضافة إلى ما ذكرت فى التعليق السابق: أسرار البلاغة ص 53، وشواهد التوضيح ص 19، وشرح ابن عقيل 1/ 447، وشرح الأشمونى 2/ 82، وشرح الشواهد للعينى 2/ 539. والأبيات أعادها ابن الشجرى فى المجلس المتمّ الأربعين. (¬2) جاء بهامش الأصل حاشية لأبى اليمن الكندى: «ليس فى قوله: «يشا» شاهد على الجزم بلو، ولكنه مقصور غير مهموز، كما يقصر الممدود فى الشعر» ونقله البغدادى فى الخزانة. وذكر ابن هشام فى الموضعين السابقين من المغنى، أنه على لغة من يقول: شا يشا، بألف، ثم أبدلت الألف همزة ساكنة، كما قيل: العألم والخأتم، وهو من كلام ابن مالك فى شرح الكافية الشافية ص 1633، وانظر شرح الشافية للرضى 3/ 36،39.

الرّواية نصب «فارس (¬1)» بمضمر يفسّره الظاهر و «ما» صلة (¬2)، والمفسّر من لفظ المفسّر، لأن المفسّر متعدّ بنفسه إلى ضمير المنصوب، ولكن لو تعدى بحرف جرّ أضمرت له من معناه دون لفظه، كقولك: أزيدا مررت به؟ التقدير: أجزت زيدا؟ لأنك إن أضمرت مررت، أضمرت الجارّ، وذلك ممّا لا يجوز، فالتقدير إذا: غادروا فارسا. ويجوز رفع «فارس» بالابتداء، والجملة التى هى «غادروه» وصف له، وغير زمّيل: خبره، ولا موضع من الإعراب فى وجه النصب للجملة التى هى «غادروه»، لأنها مفسّرة، فحكمها حكم الجملة المفسّرة، وحسن رفع «فارس»، بالابتداء وإن كان نكرة، لأنه تخصّص بالصّفة، وإذا نصبته نصبت «غير زمّيل» وصفا له، ويجوز أن يكون وصفا للحال التى هى «ملحما». والملحم: الذى ألحمته الحرب، وذلك أن ينشب فى المعركة، فلا يتّجه له منها مخرج، ويقال للحرب: الملحمة، والزّمّيل: الجبان الضّعيف، والنّكس من الرجال: الذى لا خير فيه، مشبّه بالنّكس من السّهام، وهو الذى (¬3) ينكسر فوقه، فيجعل أعلاه أسفله، والوكل: الذى يكل أمره إلى غيره، والميعة: النّشاط، والميعة: أوّل جرى الفرس، والميعة: أوّل الشّباب. والآطال: الخواصر، وواحدها: إطل، وقد يخفّف (¬4)، وهو أحد ما جاء من ¬

(¬1) هذا اختيار ابن السجرىّ، وحكاه عنه ابن عقيل فى شرحه 1/ 447، والأشمونى 2/ 82، والبغدادى فى الخزانة. وجاء بهامش أصل الأمالى حاشية لأبى اليمن الكندىّ أيضا: قال: «والرواية برفع «فارس» كذا رواه أبو زكريا، عن المعرّى وغيره، وكذا قرأناه على الشيوخ عنه». قلت: ورواية الرفع هذه جاءت فى شرح الحماسة للتبريزى، الموضع المذكور-وهو أبو زكريا فى كلام الكندىّ-وكذلك جاءت فى شرح الحماسة للمرزوق. (¬2) أى زائدة. (¬3) فى هـ‍ «وهو ينكسر» وجعلها مصحّح الطبعة الهندية: «وهو أن ينكسر». (¬4) المراد بالتخفيف هنا سكون الطاء، ويقال فى مقابلة التثقيل الذى يراد به تحريك الحرف. -

مسألة

الأسماء على فعل، ومنه إبل، /وحبر (¬1)، من قولهم: بأسنانه حبر، ومن الصّفات: بلز وهى الضّخمة من النساء، وأتان إبد، أى متوحّشة. ولاحق الآطال: أى قد لصقت إطله بأختها، من الضّمر، وجمعت الإطل فى موضع التثنية، وذلك أسهل من الجمع فى موضع الوحدة، كقولهم، شابت مفارقه، وبعير ذو عثانين (¬2)، ولو قالت: لاحق الإطلين، بسكون الطاء، أعطت الوزن والمعنى حقّهما. والنّهد من الخيل: الجسيم المشرف. وقولها: «غير أن البأس» نصب «غير» على الاستثناء المنقطع، والبأس: الشدّة فى الحرب، والشّيمة: الطّبيعة، وصروف الدّهر: أحداثه. مسألة إن سئل عن كلا وكلتا، فقيل: لم خالفت إضافتهما إلى المضمر إضافتهما إلى المظهر، وكان آخرهما فى الإضافة إلى الضمير ألفا فى الرفع، وياء فى الجرّ والنصب، وفى الإضافة إلى الظاهر ألفا فى الرفع والنصب والجرّ؟ فالجواب: أنّهما لمّا لزمتهما الإضافة، وقد تجاذبهما الإفراد والتثنية، فكان (¬3) لفظهما لفظ المفرد، ومعناهما معنى المثنّى، فتنزل كلا فى اللفظ منزلة معى (¬4)، وكلتا منزلة دفلى (¬5)، بدلالة الإخبار عنهما بالمفرد، وإعادة الضمير إليهما مفردا، فى نحو: ¬

= راجع مجالس ثعلب ص 98، وشرحه على ديوان زهير ص 163، وإصلاح المنطق ص 419، وتهذيب اللغة 5/ 50، واللسان (رحم). هذا وقد ذكر ابن السّيد أن المعروف «إطل» بالسكون، ولم يسمع محرّكا إلاّ فى الشعر. الاقتضاب ص 273، وانظر الكتاب 4/ 244، وأدب الكاتب ص 611، والمنصف 1/ 18. (¬1) الحبر: صفرة تشوب (¬2) سبق هو والذى قبله فى المجلس الحادى عشر. (¬3) فى هـ‍: وكان. (¬4) المعى، بفتح الميم وكسرها مع القصر: واحد الأمعاء. (¬5) الدفلى، بكسر الدال وسكون الفاء، مع القصر أيضا: شجر مرّ أخضر، حسن المنظر.

كلا غلاميك منطلق، وكلتا جاريتيك حاضرة، وكلاهما أكرمته، وكلتاهما رأيتها ونحو: أكاشره وأعلم أن كلانا … على ما ساء صاحبه حريص (¬1) و {كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها} (¬2) حملا بحكم (¬3) لفظيهما على المفردات، وبحكم معناهما على المثنيات، فأعربا بالإضافة إلى المظهر بالحركات المقدّرة، فقيل: كلا غلاميك وكلتا جاريتيك، فى الرفع والنصب والجر، فحكم بأنّ على الألف ضمّة مقدّرة، فى الرفع، وفتحة فى النصب، وكسرة فى الجر، كما يقدّر ذلك فى عصا زيد، /وذكرى محمّد، واستعملا فى الإضافة إلى الضمير على هيئة المثنّى، فكانا فى الرفع بالألف، وفى الجرّ والنصب بالياء، وإن كانت الألف فى كلاهما والياء فى كليهما ليستا بحرفى تثنية، بل هما فى موضع لام الفعل، والألف فى كلتاهما ألف التأنيث، انقلبت ياء فى موضع الجرّ والنصب، فقد خالف حكم هذين الاسمين فى الإعراب حكم سائر أسماء العربيّة. ويتوجّه [فيهما (¬4)] سؤال آخر، فيقال: فلم حملا على حكم المفردات فى إضافتهما إلى المظهر، وعلى حكم المثنيات فى إضافتهما إلى المضمر؟ فالجواب عن هذا: أن الإعراب بالحركات أصل للإعراب بالحروف، والاسم الظاهر أصل للمضمر، فأعطيا الإعراب الأصلىّ فى إضافتهما إلى الأصل الذى هو المظهر، وأعطيا شكل إعراب التثنية الذى هو إعراب فرعىّ، فى إضافتهما إلى ¬

(¬1) نسب فى الكتاب 3/ 73،74، لعدىّ بن زيد، وكذلك فى شرح أبياته المختصر للنحاس ص 224، وإن ذكر «عديّا» فقط. ولم أجده فى ديوان عدى بن زيد المطبوع ببغداد، والبيت ينسب لعمرو بن جابر الحنفى، كما فى حماسة البحترى ص 18، ودلّنا عليه محقق المقتصد 1/ 104، وانظر تخريجه فى كتاب الشعر ص 127. (¬2) سورة الكهف 33. (¬3) فى هـ‍: «لحكم» هنا، وفى الموضع التالى. وقوله: «حملا» جواب «لمّا» المتقدّم. (¬4) ليس فى هـ‍.

الفرع الذى هو المضمر (¬1). فتأمّل ما استنبطته لك فى هاتين اللفظتين حقّ التأمل، فهو من أعجب ما ألقته أفئدة العرب على ألسنتها. آخر المجلس. ... ¬

(¬1) حكى هذا الوجه مع بعض تغيير فى العبارة: أبو البركات الأنبارى، ثم قال: «وهذا الوجه ذكره بعض المتأخرين» الإنصاف ص 450. والأنبارى تلميذ ابن الشجرى، ولست أعلم لماذا لم يصرح بنسبة هذا الوجه لشيخه، وهو لم يعرف عن غيره من المتأخرين!

المجلس التاسع والعشرون

المجلس التاسع والعشرون وهو مجلس يوم الثلاثاء، التاسع من شوال، من سنة ستّ وعشرين وخمسمائة. بيت للأخطل (¬1): إنّ العرارة والنّبوح لدارم … والمستخفّ أخوهم الأثقالا قال أبو علىّ فى بعض أماليه: أنشدناه إبراهيم بن السّرىّ الزّجاج، وذكر أن الرواية فى «المستخفّ» بالنصب وبالرفع، فأما «الأثقال» فخارج من الصّلة، ومنتصب بمضمر دلّ عليه المستخفّ، انتهت الحكاية (¬2) عن الزجّاج. وهذا جميع ما ذكره فى البيت، فى الجزء الذى وقع إلىّ، ولعلّه قد استوفى القول /فيه فى موضع (¬3) آخر. وذكر أبو سعيد السّيرافىّ فى شرح الكتاب أنّ نصب «المستخفّ» بالعطف على اسم إنّ، ورفعه بالابتداء والاستئناف. وأقول: إنك إذا جعلته مبتدأ، فهو بمعنى الذى استخفّ، أو الذى يستخفّ، ¬

(¬1) ديوانه ص 116، والعسكريات ص 208، والبصريات ص 888، والمخصص 2/ 90 - وحكى إعراب أبى على-والصاهل والشاحج ص 673، واللسان (نبح-عرر). (¬2) فى هـ‍: حكايته. (¬3) زاد أبو علىّ فى العسكريات، قال: ولو أنشد منشد بالجرّ لكان أسوغ، فانتصب المفعول بما فى الصلة، ولم يحتج بأن تقدّر له ناصبا آخر.

و «أخوهم» خبره، والعائد على الألف واللام المضمر فى مستخفّ، و «هم» من «أخوهم» عائد على دارم، لأنه اسم قبيلة، فكأنه قال: والذى يستخف الأثقال أخوهم، إلا أنه لمّا أخّر الأثقال، بطل انتصابها بالمستخفّ، للفصل بالخبر الذى هو أخوهم، بينها وبين المستخفّ، لأن الفصل بالأجنبىّ أخّرها من الدخول فى صلة الألف واللام، فوجب أن يضمر لها ناصبا من لفظ (¬1) المستخفّ، فكأنه قال بعد قوله: «والمستخفّ أخوهم»: يستخفّ الأثقال. ومن نصب المستخفّ، فبالعطف على العرارة، وأخوهم معطوف على خبر إنّ، وهو قوله: «لدارم» ونظيره قولك: إن المال لزيد وعمرا صديقه، وتقديره: إن المال كائن لزيد، وإن عمرا صديقه. وأسهل من هذا عند أبى سعيد أن تكون الألف واللام بمعنى الذين، فيرتفع أخوهم بمستخف، ارتفاع الفاعل (¬2) بفعله، و «هم» من «أخوهم» عائد على الألف واللام، و «الأثقال» داخلة فى صلة المستخفّ، فكأنه قال: وإنّ الذين يستخف أخوهم الأثقال لدارم، أى إن لدارم القوم الذين يستخفّ بعضهم الأثقال، أى فيهم قبيلة يستخفّ بعضها الأثقال. وأسهل من هذا عندى أن ترفع المستخفّ بتقدير: وهم المستخفّ أخوهم الأثقالا، والمضمر المقدّر عائد [على دارم، وهم من «أخوهم» عائد (¬3)] على الألف واللام، لأنهما بمعنى الذين، فكأنك قلت: وهم الذين يستخفّ أخوهم الأثقالا. ¬

(¬1) فى هـ‍: نفس. (¬2) فى الأصل: «العامل» وتحت العين عين أخرى صغيرة، علامة الإهمال. وليس بشىء. (¬3) ما بين الحاصرتين ليس فى الأصل.

والعرارة: الكثرة والعزّ، والعرارة فى غير هذا: سوء الخلق، والعرارة: /واحدة العرار: شجر طيّب الرّيح. والنّبوح: ضجّة الناس وجلبتهم. ومثل الفصل فى هذا البيت قول الكميت: كذلك تيك وكالنّاظرات … صواحبها ما يرى المسحل (¬1) شبّه ناقته بعير عانة (¬2)، وشبّه صواحب ناقته من الإبل بأتن العير، فالمعنى: كذلك الحمار تلك الناقة، والناظرات: بمعنى المنتظرات، من قوله تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السّاعَةَ} (¬3) فهذا لا يكون إلا بمعنى ينتظرون، لأن النّظر الذى بمعنى الإبصار لا يقع إلاّ على الأعيان، ومنه قول الشاعر (¬4) فى مرثية: هل أنت ابن ليلى إن نظرتك رائح … مع الرّكب أوغاد غداة غد معى والنّظر المراد به الانتظار بمنزلة الانتظار فى التعدّى، والذى يراد به الإبصار يتعدّى بالجارّ، كقوله تعالى: {اُنْظُرُوا إِلى ثَمَرِهِ} (¬5). ¬

(¬1) ديوانه 2/ 35، عن الخصائص 2/ 404،3/ 257. (¬2) العانة: جماعة حمر الوحش. قال الجاحظ فى (ماله رئيس من الحيوان): «فأما الإبل والحمير والبقر، فإن الرئاسة لفحل الهجمة، ولعير العانة». الحيوان 5/ 419، ويقال: «فلان على عانة بكر بن وائل: أى جماعتهم وحرمتهم. وقيل: هو قائم بأمرهم» اللسان (عون). والعرب تسمّى السيّد العظيم من الرجال عيرا، وإنما قيل للسيّد من الرجال عير؛ لأنه شبّه بالحمار فى الصيد، إذ كان أجلّ ما يصطاد. شرح القصائد السبع لابن الأنبارى ص 450، وللنحاس ص 560، وانظر كتاب الشعر ص 371. (¬3) سورة الزخرف 66، وانظر الآية 18 من سورة محمد عليه الصلاة والسلام. (¬4) هو أرطاة بن سهيّة يبكى ولده. والبيت فى التعازى للمدائنى ص 35، والتعازى والمراثى للمبرّد ص 139، وشرح الحماسة للمرزوقى ص 894، والصاهل والشاحج ص 339، هذا وللشريف الرضى بيت شبيه بهذا، وهو قوله يرثى قاضى القضاة أبا محمد عبيد الله بن أحمد بن معروف: هل أنت مجيبى إن دعوت بأنّة وهل أنت غاد بعد طول مدى معى ديوانه 1/ 641. وقد أعاد ابن الشجرى بيت أرطاة فى المجلس السابع والخمسين. (¬5) سورة الأنعام 99.

والمسحل: الحمار، واشتقاقه من السّحيل، وهو النّهيق، وقوله: «ما يرى المسحل» كان حقّه أن يقدّم على المبتدأ، الذى هو صواحبها، لأنه فى المعنى معمول للناظرات، فلما قدّم صواحبها عليه، لم ير أهل العربيّة نصبه إلا بمضمر يدلّ عليه ما تقدّم، لأن الفصل بينه وبين الناظرات يمنع من دخوله فى صلة الألف واللام، فهو مع الفصل خارج عندهم من الصّلة، محمول على فعل مقدّر، كأنه لما قال: وكالناظرات صواحبها، أضمر ينتظرن، والمعنى: وصواحب هذه الناقة مثل الأتن المنتظرات ما يراه العير من الورود، ليفعلن كفعله، ومثله قول الشمّاخ (¬1): وهنّ وقوف ينتظرن قضاءه … بضاحى عذاة أمره وهو ضامز أى ينتظرن قضاءه أمره، وهو وروده بهنّ، والضّاحى من الأرض: الظاهر البارز، والعذاة: الأرض الطيّبة التربة، والكريمة النّبت، والضّامز: الرجل السّاكت، شبّهه فى إمساكه عن النّهاق به، والضامز من الإبل: الممسك عن الجرّة. وفى البيت فصل بالظّرف الأجنبىّ، بين المصدر ومنصوبه، لأنّ قوله: «بضاحى عذاة» متعلّق بوقوف أو ينتظرن، فهو أجنبىّ من المصدر الذى هو «قضاء» فوجب لذلك حمل المفعول على فعل الآخر (¬2)، كأنه لما قال: «ينتظرن [قضاءه (¬3)] بضاحى عذاة» أضمر «يقضى»، فنصب به «أمره (¬4)»، ومن ذلك ¬

(¬1) ديوانه ص 177، وتخريجه فى ص 205، وزد عليه: المقتضب 1/ 15، وكتاب الشعر ص 372، والمقرب 1/ 130، وشرح أبيات المغنى 7/ 164. (¬2) فى هـ‍: آخر. (¬3) ساقط من هـ‍. (¬4) ذكر ابن هشام عن النحويين أن الباء فى «بضاحى» متعلّقة بقضائه، لا بوقوف ولا بينتظرن؛ لئلاّ بفصل بين «قضائه» و «أمره» بالأجنبى. قال: «ولا حاجة إلى تقدير ابن الشجرى وغيره «أمره» معمولا لقضى محذوفا؛ لوجود ما يعمل». هذا كلام ابن هشام فى المغنى ص 595، ولكنه نقضه فى-

قول المتنبى (¬1): يعطى فلا مطله يكدّرها … بها ولا منّه ينكّدها أراد: فلا مطله بها، فلمّا فصل بالأجنبىّ، بين المصدر والباء، أضمر للباء ما تتعلّق به، بعد قوله: يكدّرها، وتقديره: لا يمطل بها، ومن هذا الضّرب فى التنزيل: {إِنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ. يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ} (¬2) المعنى: إنه على رجعه يوم تبلى السرائر لقادر، ولمّا فصل خبر إنّ بين المصدر الذى هو الرّجع، وبين الظّرف، بطل (¬3) عمله فيه، فلزم إضمار ناصب من لفظ الرّجع، فكأنه قيل: يرجعه يوم تبلى السرائر. والمطل بإنجاز الوعد، مأخوذ من قولهم: مطلت الحديدة: إذا ضربتها بالميقعة لتطول، وشبّهوا بذلك إطالة العدات، والمنّ بالنّعمة: التّقريع بها. وكلّ ما خرج إلى طالبه بشدّة فهو نكد، وقوله عزّ من قائل: {وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلاّ نَكِداً} (¬4) قيل معناه: قليلا عسيرا. والهاءات من قوله: يكدّرها وينكّدها، عائدة على الأيادى من قوله: ¬

= كتابه شرح بانت سعاد ص 94، حيث قال بعد أن أنشد البيت: «وأمره منتصب بقضائه محذوفا مبدلا من قضائه المذكور، ولا ينتصب بالمذكور؛ لأن الباء ومجرورها متعلقان بينتظرن، ولا يفصل المصدر من معموله». انتهى كلامه. وواضح أن هذا الكلام الأخير يرجع إلى كلام ابن الشجرى، والفرق بينهما أن ابن الشجرى يقدّر المحذوف أو المضمر «يقضى» وابن هشام يقدّره «قضاء». (¬1) ديوانه بالشرح المنسوب إلى العكبرى 1/ 304، وفيه كلام ابن الشجرى بحروفه، من غير عزو. (¬2) سورة الطارق 8،9. (¬3) ممن قال بعدم بطلان العمل، وأن «يوم تبلى» منصوب برجعه: الزمخشرىّ، وردّه عليه ابن هشام. راجع الكشاف 4/ 241، والمغنى ص 595، والبيان 2/ 507، وما ذهب إليه ابن الشجرى من أن التقدير: «يرجعه يوم تبلى السرائر» سبق إليه ابن جنى فى الخصائص 2/ 402. (¬4) سورة الأعراف 58.

له أياد إلىّ سابقة (¬1) وليس يريد بقوله: «فلا مطله يكدّرها» وقوله: «ولا منّه ينكّدها» أن له مطلا لا يكدّر، ومنّا لا ينكّد، وإنما أراد انتفاء المطل والمنّ عنه ألبتّة، ومن هذا الضّرب قول امرئ القيس (¬2): على لاحب لا يهتدى بمناره … إذا سافه العود الدّيافىّ جرجرا لم يرد أن فيه (¬3) منارا لا يهتدى به، ولكنّه نفى أن يكون به منار، والمعنى لا منار فيه فيهتدى به، ومنه قول الآخر فى وصف مفازة: لا تفزع الأرنب أهوالها … ولا ترى الضّبّ بها ينجحر (¬4) /لم يرد أنّ بها أرانب لا تفزعها أهوالها، ولا ضبابا غير منجحرة، ولكنه نفى أن يكون بها حيوان. فحقيقة المعنى أنها أياد لا يكدّرها مطل، ولا ينكّدها منّ. وقول امرئ القيس: «على لاحب»: أى على طريق واضح، ويقال له: لحب أيضا، والمنار: جمع منارة، وأصلها منورة، مفعلة من النّور، وسمّيت بذلك لأنها فى الأصل: كلّ مرتفع عليه نار، ولذلك قالوا فى جمعها: مناور. ¬

(¬1) تمامه: أعدّ منها ولا أعدّدها (¬2) ديوانه ص 66، والخصائص 3/ 165،321، والخزانة 10/ 193. وهذا الضّرب من البيان قائم على أن العرب قد تنفى عن شيء صفة ما، والمراد نفى ذلك الشىء أصلا. ويسمّيه ضياء الدين بن الأثير: عكس الظاهر، وهو نفى الشىء بإثباته. انظر المثل السائر 2/ 257. وقد كشفه أبو الفتح بن جنى، فى الموضع المذكور من الخصائص، وانظر أيضا أمثلة له فى الكامل 1/ 335، والكشاف 1/ 470، فى تفسير الآية (151) من سورة آل عمران، ومنال الطالب صفحات 112،215، 424. وشرح الحماسة ص 120، والبيان والتبيين 1/ 285، والإنصاف لابن السيّد ص 118. (¬3) فى هـ‍ «فيها». (¬4) البيت لعمرو بن أحمر، وهو فى ديوانه ص 67، وتخريجه فى ص 200، وزد عليه: شرح المفضليات ص 59، وشرح الحماسة للتبريزى 1/ 115،235،2/ 158،3/ 90،4/ 133، والمراجع المذكورة من قبل.

وسافه: شمّه، ومصدره السّوف. والعود: البعير الهرم، وجمعه عودة، وقد عوّد البعير: إذا صار عودا، وذلك بعد بزوله بأربع سنين، واشتقاقه من عاد يعود، لأنه لعلوّ سنّه يعود فى الطّرق مرارا. والدّيافىّ: منسوب إلى دياف، قرية بالشام، وقيل: بالجزيرة، وقيل: بل دياف أنباط بالشام، وفتح بعضهم أوّله. والجرجرة: صوت يردّده البعير فى حنجرته، وإنما يجرجر فى الطريق إذا شمّه، لما يعرف من شدّته وصعوبة مسلكه. وممّا وقع الفصل فيه بين المصدر وما اتّصل به فى المعنى، فوجب حمله على فعل يدلّ عليه المصدر قول المتنبى (¬1): وفاؤكما كالرّبع أشجاه طاسمه … بأن تسعدا والدّمع أشفاه ساجمه قوله: «بأن تسعدا» متعلّق فى المعنى بالوفاء، لأنه أراد: وفاؤكما بأن تسعدا كالرّبع، فلما فصل بينهما بأجنبيّ، وجب عند النحويين تعليقه بمضمر، تقديره عند أبى الفتح: وفيتما بأن تسعدا، والمعنى: وفيتما بإسعادى وفاء ضعيفا، ولذلك شبّه وفاءهما بالرّبع الدارس. قال أبو الفتح: كلّمته وقت القراءة فى إعراب هذا البيت، فقلت له: بأىّ شيء تتعلق الباء من «بأن»؟ فقال: بالمصدر الذى هو وفاؤكما، فقلت له: وبما ارتفع «وفاؤكما»؟ فقال: بالابتداء، فقلت: وما خبره؟ فقال: كالرّبع، فقلت: وهل /يصحّ أن تخبر عن اسم وقد بقيت منه بقيّة، وهى الباء ومجرورها؟ فقال: هذا لا أدرى ما هو، إلا أنه قد جاء فى الشعر (¬2) له نظائر، وأنشدنى: ¬

(¬1) ديوانه 3/ 325، والخصائص 2/ 403، والمغنى ص 596. وشرح أبياته 7/ 167، وأمالى ابن الحاجب 3/ 109. والفتح على أبى الفتح ص 273، وشرح مشكل شعر المتنبى ص 167 - 169، وتفسير أبيات المعانى من شعر أبى الطيب ص 223. (¬2) فى الأصل: «وله» ولم ترد الواو فى هـ‍، وديوان المتنبى، الموضع المذكور.

لسنا كمن حلّت إياد دارها … تكريت ترقب حبّها أن يحصدا (¬1) أى لسنا كإياد، فدارها الآن ليست منصوبة بحلّت هذه، وإن كان المعنى يقتضى ذلك، لأنه لا يبدل من الاسم إلا بعد تمامه (¬2)، وإنما هى منصوبة بفعل مضمر يدلّ عليه «حلّت» الظاهرة، كأنه قال فيما بعد: حلّت دارها، انتهى كلام أبى الفتح. ومعنى البيت أنه خاطب صاحبيه، وقد كانا عاهداه بأن يسعداه ببكائهما عند ربع أحبّته، فقال: وفاؤكما بإسعادى مشبه للرّبع، ثم بيّن (¬3) وجه الشّبه بينهما بقوله: «أشجاه طاسمه» يعنى أن الرّبع إذا تقادم عهده فدرس، كان أشجى لزائره، أى أبعث لشجوه، أى لحزنه، لأنه لا يتسلّى به المحبّ، كما يتسلّى بالرّبع الواضح، وكذلك الوفاء بالإسعاد إذا لم يكن بدمع ساجم [أى هامل، كان أبعث للحزن، فأراد ابكيا معى بدمع ساجم (¬4)] فإن الدمع أشفى للغليل إذا سجم، كما أن الرّبع أشجى للمحبّ إذا عفا وطسم، كما قال جرير (¬5): لا تطلبنّ خئولة فى تغلب … فالزّنج أكرم منهم أخوالا غضبت العبيد من الزّنج، وقالوا: من يعذرنا من ابن الخطفى؟ من لنا بمن (¬6) يردّ عليه؟ فقال رجل منهم، يقال له: سفيح (¬7) بن رباح، مولى بنى ناجية: أنا ¬

(¬1) للأعشى. ديوانه ص 231، واستقصيت تخريجه فى كتاب الشعر ص 272، وأنشده أبو على أيضا فى العسكريات ص 209، والبغداديات ص 361، وابن جنى فى الخصائص 2/ 402،403،3/ 256 (¬2) تكلم عليه الجوهرى فى الصحاح (منن). (¬3) بعض هذا الكلام للواحدى. راجع شرحه على الديوان ص 373. (¬4) ساقط من هـ‍. وهو فى شرح أبيات المغنى، الموضع السابق، حكاية عن ابن الشجرى. (¬5) ديوانه ص 65، من قصيدة يهجو فيها الأخطل. وانظر نقائض جرير والأخطل ص 88، والكامل ص 688،862، ولا صلة بين قول جرير وقول المتنبى، إلاّ أن تكون فى توجيه أفعل التفضيل فى البيتين «أشجى» و «أكرم» فكما أريدت المبالغة فى تأثير الربع الدارس على المحبّ، فكذلك أريدت المبالغة فى وصف تغلب باللؤم، بأن الزنج أكرم منهم خئولة وصهرا. (¬6) فى هـ‍: من. (¬7) هكذا فى الأصل وهـ‍، وضبط فى الأصل بفتح السين وكسر الفاء. وقد اختلف فى اسم هذا-

لكم [به (¬1)] ثم قال: إنّ الفرزدق صخرة ملمومة … طالت فليس تنالها الأوعالا (¬2) قد قست شعرك يا جرير وشعره … فقصرت عنه يا جرير وطالا ووزنت فخرك يا جرير وفخره … فخففت عنه حين قلت وقالا الزّنج لو لاقيتهم فى صفّهم … لاقيت ثمّ جحاجحا أبطالا /كان ابن ندبة (¬3) … فيكم من نجلنا وخفاف المتحمّل الأثقالا قولهم: «من يعذرنا من ابن الخطفى» أى من يأتينا بعذر منه فيما قال؟ أى ليس له فى ذلك عذر (¬4)، وقولهم: من لنا بمن يردّ عليه؟ يقال: من لى بكذا؟: أى من كافل لى به؟ وقول سفيح: أنا لكم به، أى كافل لكم بمن يردّ عليه. ويقال: صخرة ملمومة وململمة، إذا كانت صلبة مستديرة. والأوعال: تيوس الجبال، واحدها: وعل، وجمعه فى الكثرة وعول، وأنثاه أرويّة، وجمعها أروى وأراوى، مثل عذارى. وانتصاب الأوعال بطالت، أى طالت الصّخرة المشبّه بها الفرزدق الأوعال، فليس تنالها الأوعال، وإنما قال هذا، لأنّ مأوى الوعل قلل الجبال. وطال هذه: أصلها طول، مفتوح العين، فلذلك تعدّت، والأخرى التى نقيضها ¬

= الرجل واسم أبيه اختلافا كثيرا. راجع حواشى كتاب العربية، ليوهان فك ص 36، والمراجع التالية فى تخريج الأبيات. (¬1) ليس فى هـ‍. (¬2) الأبيات من قصيدة أوردها الجاحظ فى رسائله 1/ 190 (رسالة فخر السّودان على البيضان) وذكر بعضها المبرّد فى الكامل ص 862، والبيت الأول فى أمالى المرتضى 2/ 224، واللسان (طول). وانظر الموضع السابق من نقائض جرير والأخطل. والمقتضب لابن جنى ص 83. (¬3) ضبطت النون فى الأصل بالفتح، وهو صحيح، وتضبط بالضمّ أيضا. راجع مقدمة ديوان خفاف ابن ندبة ص 7، و «ندبة» اسم أمه، وكانت سوداء حبشية. (¬4) وقيل: معنى من يعذرنى من فلان؟ أى من يقوم بعذرى إن أنا جازيته بسوء صنيعه، ولا يلزمنى لوما على ما يكون منى إليه. وتقول: عذرته من فلان: أى لمته ولم ألم هذا. راجع مقاييس اللغة 4/ 253، واللسان (عذر)، وهذان التفسيران أقرب مما ذكره ابن الشجرى.

قصر أصلها طول، بضمّ العين، واسم الفاعل منها طويل، ومن الأولى طائل، يقال: طاولنى فطلته، أى غلبته فى الطّول، وقال: فليس تنالها، ولم يقل: فليست، لأنه أضمر فى «ليس» الشأن. وقيل: بل شبّه «ليس» بما، فأخلاها من ضمير، كما قالوا: «ليس الطّيب إلا المسك (¬1)». ويقال: قست الشىء بالشىء: أى قدّرته به، وقوله: «قست شعرك وشعره» تحتمل الواو أن تكون عاطفة، وأن تكون بمعنى مع، وأن تكون بمعنى الباء، كما قالوا: اشتريت الحملان: حملا ودرهما، يريدون بدرهم (¬2). والبطل: الشّجاع، وألزموه فى الجمع مثال أفعال، كما قالوا فى الاسم: أرسان [وأقلاب (¬3)] وأقلام وأقتاب، فلم يجاوزوا ذلك، ومصدره البطولة والبطالة، وفعله بطل، مثل ظرف، واشتقاقه فيما زعموا من البطلان، قالوا: لأنه الذى تبطل عنده الدماء (¬4). /والجحجاح: السّيد، وقياس جمعه: جحاجيح، ويحذفون الياء ويعوّضون ¬

(¬1) هذا من شواهد النحو النثرية السيّارة. راجع الكتاب 1/ 147، والمجلس الأول من مجالس العلماء للزجاجى، وفيه قصة الشاهد وتخريجه. وانظر أيضا كتاب الشعر ص 7. (¬2) إلاّ أنك لما عطفته على المنصوب انتصب بالعطف عليه. راجع الأزهية ص 242، وتمثيله بالرفع. وانظر الكتاب 1/ 393، وكتاب الشعر ص 246،250، وهو فى المغنى ص 397، بالنصب «بعت الشاء شاة ودرهما». (¬3) زيادة من هـ‍. وهو جمع «قلب» بضم القاف وسكون اللام، وهو لبّ النخلة وشحمها. ويبقى أن هذا المثال دخيل على سائر ما أورده المصنّف من أمثلة مفرد هذا الجمع، فكل ما ذكره من وزن «فعل» بفتح الفاء والعين. (¬4) تمام هذا التفسير: «فلا يدرك عنده ثأر» كما فى اللسان (بطل)، وقيل سمّى بذلك لبطلان الحياة عند ملاقاته، أو لبطلان العظائم به، كما قال الفيومى فى المصباح. وأفاد ابن فارس أن مادة (بطل) ترجع إلى أصل واحد، وهو ذهاب الشىء وقلّة مكثه ولبثه. قال: «والبطل الشجاع، قال أصحاب هذا القياس: سمّى بذلك لأنه يعرّض نفسه للمتالف، وهو صحيح». المقاييس 1/ 258.

منها تاء التأنيث (¬1)، فيقولون: جحاجحة، وحذف الياء مع ترك التعويض جائز فى الشّعر، وأجازه بعضهم فى غير الشعر. والنّجل: الولد [يقع على الواحد وما جاوزه من العدد، كالنّسل، وتناجل القوم وتناسلوا وتوالدوا (¬2)]. و «خفاف» هو ابن ندبة، فلا يجوز أن يكون ارتفاعه بالعطف عليه، لأنّ عطف الشىء على نفسه غير جائز، ولكنّك ترفعه بالابتداء، و «المتحمّل» خبره، ولك أن تجعله خبر مبتدإ محذوف، والمتحمّل صفته، يريد: وهو خفاف المتحمّل. آخر المجلس. ... ¬

(¬1) سبق هذا فى المجلس الحادى والعشرين. (¬2) ساقط من هـ‍.

المجلس الموفى الثلاثين

المجلس الموفى الثلاثين وهو مجلس يوم الثلاثاء، السادس عشر من شوال، سنة ستّ وعشرين وخمسمائة. مسألة إن قيل: لم لزم حذف النون من اسم الفاعل إذا اتّصلت به الكاف والهاء، ونظائرهما من الضمائر، فى قولهم: مكرماك ومكرموك، وضارباه وضاربوه، ولم يقولوا: مكرمانك ولا مكرمونك، ولا ضاربانه ولا ضاربونه، كما قالوا فى الفعل: يكرمانك ويكرمونك، ويضربانه ويضربونه؟ فالجواب: أنّ بين النّونين فرقا، وذلك أن النون فى الفعل إعراب، فهى تثبت إذا اتصل الفعل بمضمر أو مظهر، علامة للرفع، وتسقط فى الجزم والنصب، والنون فى الاسم إنما هى بدل من حركة الواحد وتنوينه، فهى تسقط إذا أضفته إلى اسم ظاهر، كقولك: مكرما زيد، ومكرمو عمرو، وتثبت إذا حملته على الفعل فقلت: مكرمان زيدا ومكرمون عمرا، فإذا اتصل بالضمير اعتزمت العرب على حذفها ألبتّة، فقالوا: مكرماك ومكرموك، وضارباه وضاربوه، قصروه فى هذه الحال على الإضافة، كما جاء فى التنزيل: {إِنّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ} (¬1) و {إِنّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ} ¬

(¬1) سورة العنكبوت 33.

{وَجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} (¬1). /وعلّة ذلك عند النحويين أنّ الحذف لزم النون فى هذا الوجه، حملا لها على التنوين، كأنهم لما ألزموا التنوين الحذف، فى قولهم: مكرمك وضاربه، فلم يقولوا: مكرمنك ولا ضاربنه، ألزموا النون الحذف، فلم يقولوا: مكرمانك ولا مكرمونك، ولا ضاربانه ولا ضاربونه، قالوا: وإنما لزم حذف التنوين مع الضمير لأنه مماثله، من حيث كان التنوين مما لا ينفصل، كما أن هذا الضمير وضع متّصلا، فلا ينفصل، وكرهوا (¬2) الجمع بينه وبين التنوين، كما كرهوا الجمع بين حرفين لمعنى واحد، كالجمع بين إنّ ولام التوكيد، وبين حرف النداء ولام التعريف، ولمّا كان هذا الضرب [من الضمير (¬3)] يلزمه الاتّصال، وكان التنوين يحذف مع الاسم الظاهر حذف جواز، فيقال: ضارب زيد، حذف مع هذا الضمير حذف وجوب، فقيل: ضاربك، ولم يقولوا: ضاربنك، كما قالوا: ضارب زيدا، لأن زيدا ونحوه ممّا وضع منفصلا قائما بنفسه، والكاف ونحوها ممّا وضع متّصلا، لا يقوم بنفسه، ولمّا وجب عندهم حذف التنوين لما ذكروه، حملت النون على التنوين، فألزمت الحذف فى الموضع الذى لزم فيه حذف التنوين. وأقول: إنّ فى العلّة التى ذكرها النحويّون نظرا، من حيث كان الشّبه العارض بين التنوين والضمير غير مانع من الجمع بينهما، كما لم يمتنع الجمع بين هذا الضمير ونون التوكيد الخفيفة، فى نحو: لا يطغينك مالك، {وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ} ¬

(¬1) الآية السابعة من سورة القصص. (¬2) فى هـ‍: فكرهوا. (¬3) زيادة من هـ‍.

{لا يُوقِنُونَ} (¬1) فى قراءة من خفّف النون، وحكم هذه النون حكم التنوين فى أنه لا ينفصل. وأقول أيضا: إن النون التى تزاد فى التثنية والجمع، وإن كانت توافق التنوين، فى أنها تحذف فى الإضافة، فإنها تخالفه بثبوتها فى مواضع لا يثبت فيها التنوين، فمن ذلك ثبوتها مع الألف واللام، فى نحو: الزيدان والزيدون، وفى النداء فى قولهم: يا زيدان ويا زيدون، وفى باب التّبرئة فى نحو: لا زيدين عندى، ولا زيدين، وإذا كانت النون مخالفة للتنوين بثبوتها فى هذه الأماكن، فليس بمستنكر أن يجوز ثباتها مع الضمير، وإن لم يجز ثبات التنوين. والجواب الذى خطر لى فى امتناع ثبوت التنوين والنون مع الضمير: أن اتصال الاسم بالاسم يوجب عمل الأول فى الثانى، ولا يخلو الأول من أن يكون جامدا أو مشتقّا أو مضارعا للمشتقّ، والجامد على ضربين، مصدر وغير مصدر، فغير المصدر: كجمل وجبل وجعفر، فهذا الضرب لا يعمل فيما اتّصل به إلا الجرّ، تقول: جمل زيد، وجبلا (¬2) طيّىء وجعفرو (¬3) عشيرتكم، إلا ما كان من ذلك مقدارا، وما أشبه المقدار، فإنه ينصب النّكرات من أسماء الأجناس على التمييز، كقولك: قفيز برّا، ومنوان سمنا، والمصدر يعمل الجرّ بحقّ الأصل، لأنه فى الجمود بمنزلة الجمل والجبل وجعفر، ويعمل النصب بحقّ الشّبه بالفعل، كقولك: ضرب زيد، وضرب زيدا، وكذلك المشتقّ يعمل الجرّ بحقّ الاسميّة، ويعمل النصب بحقّ مشابهته للفعل، وهو أسماء الفاعلين وأسماء المفعولين، ونحوهما من الصّفات، تقول: ضارب زيد، وضارب زيدا، وضاربا بكر وضاربان بكرا، وضاربو أخيك وضاربون أخاك، والمضارع للمشتقّ أسماء العدد، من نحو عشرين وثلاثين، ومضارعتها لأسماء الفاعلين من جهة قولك: عشرون وعشرين، كما تقول: ضاربون وضاربين، فهذا ¬

(¬1) آخر سورة الروم. وهى قراءة ابن أبى عبلة، ويعقوب. البحر المحيط 7/ 182. (¬2) هما أجا وسلمى. (¬3) فى هـ‍ «وجعفر» بالإفراد.

الضرب يعمل الجرّ والنصب، فالجرّ فى المعارف والنكرات، والنصب فى النكرات خاصّة، تقول فى الجر: تلك عشرو زيد، وهذه عشرو رجل آخر (¬1)، وقبضت خمسيك، وخمسى بكر، وخمسى رجل غيره، وفى النصب: عندى عشرون رجلا، وقبضت خمسين درهما، فقد بان لك أنّ عمل الاسم الجرّ حكم توجبه الإضافة، والإضافة مختصّ بها الاسم دون الفعل، وعمله النصب عارض طرأ عليه بمضارعته الفعل، فوضح أنّ عمله النّصب فرع على عمله الجرّ [لأنّ عمله الجرّ (¬2)] بحقّ الأصل، وعمله النصب بحقّ الشّبه بالفعل، ألا ترى أن الأسماء المعربة لا يمتنع شيء منها من عمل الجرّ، والجوامد منها العارية من شبه الفعل وما ضارع الفعل (¬3) ممتنعة من عمل النّصب، فلما كانت الإضافة جائزة فى جميعها، والنصب يجوز فى بعضها دون بعض، علمت أن عملها النصب فرع على عملها الجرّ، ولمّا كان اسم الفاعل يتّصل بالمفعول تارة بحقّ الأصل، كقولك: ضارب زيد، وتارة بحقّ الفرع، وهو شبهه بالفعل، كقولك: ضارب زيدا، ثم اتّصل بالضمير، ألزمه الضمير الأصل الذى هو الإضافة، لأن الضمير يردّ ما اتصل به إلى أصله، فلذلك وجب حذف التنوين والنون، فقيل: ضاربك وضارباك وضاربوك، فاعرفه. ويزيد هذا القول وضوحا قولهم فى باب النداء وباب التبرئة: إن الاسم الطويل مضارع للمضاف، من أجل طوله، فلذلك انتصب فى البابين، كما ينتصب المضاف، فقيل: يا ضاربا زيدا، كما قيل: يا ضارب زيد، ولا ضاربا رجلا عندى، كما قيل: لا ضارب رجل، وإذا كان الاسم الطّويل مشبّها بالمضاف، فالمشبّه فرع على ما شبّه به، فقد بيّن لك هذا أن عمله النصب فرع على عمله الجرّ، فلذلك ردّ الضمير اسم الفاعل إلى عمل الجرّ ألبتّة. ¬

(¬1) فى الأصل: أخر. (¬2) ساقط من هـ‍. (¬3) فى هـ‍: غير ممتنعة.

تعريب بيت للأخطل

وإن شئت قلت: إن الاسم المشتقّ فرع على الجامد [لأن المشتقّ مأخوذ من الفعل، والأفعال فروع على الأسماء، لأنها مأخوذة من مصادرها، والأسماء الجوامد من نحو: رجل وحمار وفرس وزيد وجعفر، لا تعمل النصب؛ لعدم شبهها بالفعل، فهى مقصورة فى العمل على الجرّ، بحكم نيابتها عن حرفه، وإذا ثبت بما ذكرته أن المشتقّ الذى هو اسم الفاعل ونحوه فرع على الجامد (¬1)] والجامد لا يعمل إلا الجرّ، والجرّ يحدث عن الإضافة، وكان اسم الفاعل يعمل فى الأسماء الظاهرة، جرّا ونصبا، ألحقه اتصاله بالضمير بالأصول التى هى الجوامد، وذلك لأنّ الضمير قد ثبت أنه/فرع على المظهر، فلم يجمعوا بين فرعين، عمل النصب والضّمير، ويدلّك على أن الضمير يردّ ما اتصل به إلى أصله أنك تقول: أعطيتكمو درهما، وإن شئت قلت: أعطيتكم، فحذفت الواو، وإثباتها هو الأصل، فإذا قلت: الدرهم أعطيتكموه، ردّه اتصاله بالضّمير إلى أصله، ولم يجز غير ذلك، كما جاء فى التنزيل: {أَنُلْزِمُكُمُوها} (¬2) وكذلك أكرمتموا هندا، وأكرمتم، بإثبات الواو وحذفها، فإن قلت: هند أكرمتموها، أثبتّ الواو لا غير، كما قال تعالى: {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوها} (¬3). تعريب بيت للأخطل (¬4): كانت منازل ألاّف عهدتهم … إذ نحن إذ ذاك دون الناس إخوانا خبر المبتدأين اللذين هما «نحن وذاك» محذوفان، أراد: عهدتهم إخوانا إذ نحن متألّفون (¬5) أو متآخون، يدلّ على التقدير الأول ذكر الألاّف، وعلى الثانى ذكر ¬

(¬1) ما بين الحاصرتين ساقط من هـ‍، وهو سقط كبير كما ترى. (¬2) سورة هود 28. (¬3) سورة الزخرف 72. (¬4) ليس فى ديوانه المطبوع، وقد سبق إلى نسبته إليه أبو علىّ فى كتاب الشعر ص 284، وانظر مزيد تخريج فى حواشيه. (¬5) هكذا جاء مضبوطا فى الأصل بتشديد اللام المكسورة، وكذلك فى أصول كتاب الشعر.

تعريب قول المتنبى

الإخوان، وأراد إذ ذاك كائن، ولا يجوز أن يكون «إذ ذاك» خبر «نحن» لأن ظروف الزمان لا يصحّ الإخبار بها عن الأعيان، فلو قلت: زيد أمس، لم تحصل بذلك فائدة، و «إذ» الأولى ظرف لعهدتهم، وأما الثانية فيعمل فيها الخبر المقدّر الذى هو متألّفون أو متآخون. وأما قوله: «دون الناس» فيحتمل أن يكون العامل فيه «عهدتهم» ويحتمل أن تعلّقه بالخبر المضمر، كأنك قلت: متألّفون دون الناس، ويجوز أن تعلّقه بمحذوف غير الخبر المقدّر، على أن يكون فى الأصل صفة لإخوان، كأنه قال: عهدتهم إخوانا دون الناس، أى (¬1) متصافين دون الناس، فلما قدّم على الموصوف صار حالا، وجاز أن تجعله وصفا لعين وحالا منه، لأنه ظرف مكانىّ. فإن قيل: إلام توجّهت الإشارة بذاك؟ فالجواب: إلى التّجاور الذى دلّ عليه ذكر المنازل. تعريب قول المتنبى (¬2): كفى ثعلا فخرا بأنك منهم … ودهر لأن أمسيت من أهله أهل الكفاية: بلوغ الغاية فى الشىء، فقولهم: كفاك به رجلا، وهو كافيك من رجل: معناه قد بلغ الغاية فى خصال المدح، وفلان كاف: إذا قام بالأمر، وانتهى إلى الغاية فى التدبير، ويكفى ويجزئ ويغنى بمعنى واحد، فهذا يتعدّى إلى مفعول واحد، كقولك: يكفينى درهم، وكفانى قرص: أى أجزأنى وأغنانى عن كلّ (¬3) قرص آخر، وعن بعض قرص [آخر (¬4)] فأما كفى المتعدّى إلى مفعولين، فى نحو: كفيت ¬

(¬1) فى هـ‍: أو. (¬2) ديوانه 3/ 190، والمغنى ص 113، وشرح أبياته 2/ 345. (¬3) فى الأصل: أكل. (¬4) زيادة من هـ‍.

فلانا شرّ فلان، فمعناه منعته منه وحلت بينه وبينه، ومنه فى التنزيل: {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ} (¬1) فهما مختلفان معنى وعملا، فمن الضّرب الأول قوله: كفى ثعلا فخرا بأنك منهم فثعلا مفعول به، وفخرا تمييز، والفاعل أنّ بصلتها، والباء مزيدة، كما زيدت فى {كَفى بِاللهِ} (¬2) وفى زيادتها فى كفى بالله قولان: أحدهما قول الزجّاج (¬3)، وهو أنه دخله معنى اكتفوا بالله، والقول الآخر (¬4) «أنها دخلت لتأكيد الاتّصال، لأن الاسم فى قولك: كفى الله، يتصل بالفعل اتصال الفاعلية، فإذا قلت: كفى بالله، اتصل اتّصال الإضافة واتصال الفاعلية، وفعلوا ذلك إيذانا بأن الكفاية من الله سبحانه ليست كالكفاية من غيره، فى عظم المنزلة، فضوعف لفظها لتضاعف معناها» فإذا قلت: كفى بزيد عالما، حملته على معنى اكتف به. وثعل: رهط الممدوح، بطن من طيئ، وثعالة: من أسماء الثعلب. وأهل هاهنا: معناه مستأهل ومستحقّ، فلذلك علّق به «لأن أمسيت من أهله» لأنه بمنزلة اسم الفاعل المقوّى باللام، فى وصوله إلى المفعول، وإن كان فعله متعدّيا بنفسه، كقولك: ظلم فلان فلانا، وهو ظالم له، وكذلك استحقّ فلان هذا الصّنع، واستأهله، وهو مستحقّ له ومستأهل له، ولو قلت: مستحقّه ومستأهله، وهو/ظالمه، لم يكن إيصاله (¬5) بنفسه فى الحسن كإيصاله باللام، فلذلك ¬

(¬1) سورة البقرة 137. (¬2) جزء من آية كريمة، فى مواضع كثيرة من الكتاب العزيز، وقد علقت عليها فى المجلس الثالث عشر. (¬3) معانى القرآن 2/ 57، فى توجيه الآية (45) من سورة النساء. (¬4) هو قول الرمانى، كما ذكر البغدادى فى شرح أبيات المغنى. (¬5) فى هـ‍: اتصاله. . . كاتصاله.

جاء فى التنزيل: {فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ} (¬1) وممّا جاء فيه أهل فى معنى مستأهل، قوله تعالى: {وَكانُوا أَحَقَّ بِها وَأَهْلَها} (¬2) أى ومستأهليها. وقد روى فى «دهر» الرفع والنصب، فالرفع رواية ابن جنّى والرّبعىّ، والنصب رواية الشاميّين، وعليها اعتمد المعرّى. قال أبو الفتح: ارتفع «أهل» لأنه وصف لدهر، وارتفع «دهر» بفعل مضمر دلّ عليه أول الكلام، فكأنه قال: وليفخر دهر أهل لأن أمسيت من أهله، لا يتّجه رفعه إلاّ على هذا، لأنه ليس قبله مرفوع يجوز عطفه عليه، ولا وجه لرفعه بالابتداء، إلاّ على حذف الخبر، وليس فى قوّة إضمار الفعل هاهنا، انتهى كلامه (¬3). والمعرّى أسقط حكم الرفع، وذلك أنه قال: وبعض الناس يرفع «دهرا» ولا ينبغى أن يلتفت إليه، وعطف (¬4) «دهرا» على «ثعلا» ورفع «أهل» بتقدير: هو أهل، وحكاية اللفظ الذى قدّره للنصب: كفى ثعلا فخرا أنك منهم، وكفى دهرا هو أهل لأن أمسيت من أهله أنه أهل، لكونك من أهله. وهذا قول فيه إسهاب كما ترى، وتكلّف شاقّ، والرفع، وإن كان فيه تكلّف إضمار فعل، أقرب متناولا وأصحّ معنى، وأكثر فائدة. وحمل الربعىّ نصب «دهر» على أنه معطوف على اسم إنّ، وأهل خبر عنه، أى كفى ثعلا فخرا أنك منهم، وأن دهرا أهل لأن أمسيت من أهله، وهذا القول بعيد من حصول فائدة، ثم قال: والرفع أجود، على: وليفخر دهر، وهو روايتى، والنصب رواية شاميّة، ذكرتها لتعرف. ¬

(¬1) سورة فاطر 32، وراجع ما تقدم فى المجلس العاشر. (¬2) سورة الفتح 26. (¬3) الفتح الوهبى ص 126، وهو الشرح الصغير لديوان المتنبى، وابن الشجرى كأنه ينقل من الشرح الكبير. (¬4) وهذا رأى ابن فورجة أيضا. راجع كتابه الفتح على أبى الفتح ص 250، وذهب ابن سيده إلى ما ذهب إليه ابن جنى. انظر شرح مشكل شعر المتنبى ص 56. وانظر تفسير أبيات المعانى ص 207.

فهذه جملة الأقوال فى رفع «دهر» ونصبه، وإن رفعته بالابتداء وأضمرت له خبرا مدلولا عليه بأوّل الكلام، فليس بضعيف وإن كان نكرة، لأنه (¬1) متخصّص بالصّفة، والتقدير: ودهر أهل لأن أمسيت من أهله فاخر بك. وأما قول/أبى الفتح إنه ليس قبله مرفوع يجوز عطفه عليه، فقول من لم ينعم النّظر، وقنع بأوّل لمحة، فقد يجوز عطف «دهر» على فاعل (¬2) كفى، وهو المصدر المقدّر، لأن «أنّ» مع خبرها هاهنا بمعنى الكون، لتعلّق «منهم» باسم الفاعل المقدّر الذى هو كائن، فالتقدير: كفى ثعلا فخرا كونك منهم، ودهر مستحقّ لأن أمسيت من أهله، أى وكفاهم فخرا دهر أنت فيه، فأراد أنهم فخروا بكونه منهم، وفخروا بزمانه لنضارة أيامه، كما قال أبو تمام (¬3): كأنّ أيّامهم من حسنها جمع والعادة جارية فى الكلام والشّعر بمدح زمان الممدوح، وذمّ زمان المذموم. وعطف «دهر» وهو اسم حدث على الكون المقدّر، وهو اسم حدث، ودهر موصوف بصفة فيها ضمير عائد على اسم إنّ، وهو التاء من «أمسيت» فهذا وجه فى الرفع، صحيح المعنى، ليس فيه تقدير محذوف، والأوجه المذكورة عمّن عزوتها إليهم ليس فيها وجه خال من حذف، إلا الوجه الذى ذهب إليه الرّبعىّ فى النّصب، وهو قول لا تصحبه فائدة، فأبو الفتح والرّبعىّ قدّرا فعلا لرفع «دهر» والمعرّى قدّر مبتدأ لرفع «أهل» وقدّر المعرّىّ أيضا لنصب دهر ما حكيت لك لفظه الشاقّ. ¬

(¬1) فى المغنى ص 114 - عن ابن الشجرى-: لأنه قد وصف بأهل. (¬2) نسب الواحدىّ فى شرحه لديوان المتنبى ص 72، هذا الوجه إلى ابن فورجة، ولم أجده فى الموضع الذى ذكرته من كتاب ابن فورجة: الفتح على أبى الفتح. على حين ينسبه ابن هشام إلى ابن الشجرى. راجع الموضع السابق من المغنى. (¬3) ديوانه 4/ 91، وديوان المعانى 2/ 177، وصدر البيت: ويضحك الدهر منهم عن غطارفة

ويتّجه عندى فى إعراب البيت بعد هذا وجه لم يذهب إليه من تقدّم، كما لم يذهبوا (¬1) إلى عطف «دهر» على فاعل «كفى»، وهو أنك ترفع الفخر بإسناد «كفى» إليه، وتخرج الباء عن كونها زائدة، فتجعلها معدّية متعلقة بالفخر، وتجرّ «الدهر» بالعطف على مجرور الباء، وترفع «الأهل» [بتقدير (¬2)] المبتدأ الذى تقدّم ذكره، فيصير اللفظ: كفى ثعلا فخر بكونك منهم، وبدهر هو أهل لأن أمسيت من أهله، والمعنى أنهم اكتفوا بفخرهم [به (2)] وبزمانه عن الفخر بغيرهما. ... ¬

(¬1) قد ذكرت قريبا أن الواحدىّ عزا عطف «دهر» على فاعل «كفى» إلى ابن فورجة، وأنى لم أجده فى كتابه المطبوع. (¬2) ساقط من هـ‍ فى الموضعين. وهو فى شرح أبيات المغنى 2/ 351، عن ابن الشجرى. هذا وعبارة ابن هشام فيما حكاه عن ابن الشجرى أبين، قال: «وتقدّر أهلا خبرا لهو محذوفا» المغنى ص 114.

المجلس الحادى والثلاثون

المجلس الحادى والثلاثون / وهو مجلس يوم الثلاثاء الثالث والعشرين من شوال سنة ست وعشرين وخمسمائة. مسألة (¬1) الخلاف فى اسم المفعول من الثلاثيّ المعتلّ العين، نحو: قال وباع وخاف وهاب. الاسم المبنىّ للمفعول من هذا الضّرب يلحقه الإعلال، كما لحق فعله، واسم الفاعل منه، والإعلال فى الباب مختلف، فمنه قلب فقط، وذلك فى الماضى واسم الفاعل، ومنه نقل فقط، وذلك فى نحو: يقول ويبيع، ومنه قلب بعد نقل، وذلك فى [نحو يخاف ويهاب، ومنه حذف بعد نقل، وذلك فى (¬2)] مثال الأمر، وفى الاسم المبنىّ للمفعول، لأن أصله ممّا عينه واو: مقوول ومخووف، فنقلوا الضمة من عينه إلى فائه، فالتقى ساكنان، العين وواو مفعول، فحذفوا أحدهما، فصار إلى مقول ومخوف، فمذهب الخليل وسيبويه أن المحذوف واو مفعول، ومذهب أبى الحسن الأخفش أن المحذوف هو العين، فوزنه على قولهما: مفعل، وعلى قوله: مفول، وأصله ممّا عينه ياء: مبيوع ومهيوب، فلما نقلت ضمة عينه إلى فائه، ثم ¬

(¬1) عالج ابن الشجرى شيئا من هذه المسألة فى المجلس السابع عشر، ويأتى عنها كلام فى المجلس السادس والأربعين. وانظر الكلام عليها فى الكتاب 4/ 348 - 350، والمقتضب 1/ 100 - 103، والأصول 3/ 283، والمنصف 1/ 282 - 291، والخصائص 1/ 260،2/ 66،477، والتبصرة ص 887، وشرح الشافية 3/ 147، والممتع ص 454،462. وشرح المفصل 10/ 66،67. وقد أفرد ابن جنى لهذه المسألة رسالة سماها «المقتضب فى اسم المفعول من الثلاثى المعتل العين». وهى مطبوعة. (¬2) ساقط من هـ‍.

حذف على مذهب الخليل وسيبويه واو مفعول، أبدل من الضمّة المنقولة كسرة، فقيل: مبيع ومهيب، مخافة أن تنقلب الياء لسكونها وضمّ ما قبلها واوا، فيقال: مبوع ومهوب، فيلتبس ذوات الياء بذوات الواو، والأخفش يزعم أن الياء من مبيع ونحوه، أصلها واو مفعول، لأن الياء التى هى عين سقطت فى قوله، فكرهوا أن يقولوا: مبوع، فتوافق ذوات الياء ذوات الواو فى اللفظ، فأبدلوا من الضمة كسرة، فصارت واو مفعول ياء، فوزن مبيع على المذهب الأول: مفعل، وعلى مذهب الأخفش: مفيل. فمن حجّة الخليل وسيبويه أنّ حذف واو مفعول الزائدة أولى من حذف/حرف أصل، وهو مع كونه أصلا متحصّن بكونه عينا سابقا للزائد. ومن جواب الأخفش عن هذا القول: أنّ واو مفعول وإن كانت زائدة، فإنها زيدت لمعنى، فوجب المحافظة عليها، وقد وجدناهم حذفوا الأصل وأبقوا الزائد، والأصل سابق للزائد، وذلك فى قول من قال: تق الله، قال عبد الله بن همّام السّلولىّ: زيادتنا نعمان لا تنسينّها … تق الله فينا والكتاب الذى تتلو (¬1) وقالوا فى الماضى: تقى، وفى المستقبل: يتقى، والأصل: اتّقى واتّق ويتّقى، فأسقطوا التاء التى هى فاء، وأبقوا تاء افتعل، لأنها لمعنى، فوزن تق [تع (¬2)] وتقى تعل، ويتقى يتعل، وإذا كانوا قد حذفوا الفاء وهى سابقة للزائد، والفاء أقوى من ¬

(¬1) البيت فى نوادر أبى زيد ص 4،27، والخصائص 2/ 286،3/ 89، والمحتسب 2/ 372، وسر صناعة الإعراب ص 198، وأمالى القالى 2/ 279، والأضداد لأبى الطيب ص 35، وشرح شواهد الشافية ص 496، وحاشية على شرح بانت سعاد 1/ 250 واللسان (بسل-وقى) وغير ذلك كثير. والنعمان فى البيت: هو ابن بشير الأنصارى رضى الله عنه. (¬2) سقط من هـ‍.

العين، وأبعد من الاعتلال، وأثبتوا (¬1) الزائد لأنه لمعنى، فحذف العين وإثبات الحرف الزائد لمعنى أسهل. ومن جواب الخليل وسيبويه عن هذا أنّ واو مفعول ليست وحدها دالّة على وضعه للمفعول، ولكنّها والميم مشتركان فى ذلك، ودلالة الميم أقوى من دلالتها عليه، ألا تراها تنفرد بهذا المعنى فيما جاوز الثلاثة، نحو مخرج ومدحرج ومستخرج، وليست الواو كذلك، وإذا كان حكم الميم حكم الواو فى هذا المعنى، جاز حذف الواو، اجتزاء بإحدى الدلالتين. وليس احتجاج الأخفش بحذف التاء من اتّقى، وإثبات التاء الزائدة، بلازم، لأن تاء افتعل علامة مفردة، فلو سقطت بطل المعنى الذى زيدت له، فليس حكم الزيادتين لمعنّى حكم الزيادة الواحدة. فمن جواب أبى الحسن عن هذا: أن الزيادة التى لمعنى إذا شركتها (¬2) فى الدلالة عليه زيادة أخرى، جرتا مجرى الزيادة الواحدة، لأن الدلالة تحصل بمجموعهما معا، وإذا حصلت الدلالة/بمجموعهما، لم يجز أن تحذف إحداهما، كما لم يجز أن تحذف الزيادة المفردة (¬3) إذ كان وقوع الدلالة على المعنى بهما كوقوع الدلالة بالزيادة الواحدة، فلو جاز أن تحذف إحداهما، وجب حذف الأخرى معها، كما أنهم لمّا حذفوا إحدى الزّيادتين فى سعدان ونحوه للترخيم، أتبعوها الأخرى. فمن جواب سيبويه والخليل عن هذا: أننا إذا جعلنا حكم الزيادة حكم الأصل فى باب الحذف، لم يلزمنا أكثر من ذلك، وقد وجدناهم استجازوا حذف بعض ¬

(¬1) فى الأصل: فأثبتوا. (¬2) فى هـ‍: أشركتها. (¬3) فى هـ‍: إذا.

الحروف الأصول، لدلالة ما يبقى على ما يلقى، كحذفهم النون فى لم يك، والياء فى لا أدر (¬1)، وفى قوله تعالى: {وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ} (¬2) وإذا استجازوا ذلك فى الأصول، كان فى الزيادة أجوز، فإن لم يكن أجوز كان الزائد مساويا للأصل فى هذا، فإذا ساغ حذف بعض الحروف الأصلية، لدلالة الباقى عليه، كذلك يجوز حذف بعض الزائد، لدلالة الباقى منها عليه. وقوله: إن الحرفين اللذين زيدا معا لمعنى، لو جاز حذف أحدهما تبعه الآخر، كالزائدين فى سعدان ونحوه: غير لازم، لأن السين والتاء زيدا معا فى باب استفعل، وقد قالوا: اسطاع يسطيع، فحذفوا إحداهما لأن الباقية تدلّ على المحذوفة، وهما فى كونهما زائدين معا لمعنى، كالميم والواو فى مفعول. وشيء آخر ينفصل به جنسا الزّيادتين، وهو أن الزيادتين فى مفعول وقعتا متفرّقتين غير متطرّفتين، والألف والنون فى مروان ونحوه، وقعا متلاصقين (¬3) متطرّفين فلما وقعا بهذين الوصفين كان الحذف أغلب عليهما، إذ كان الطّرف موضعا تحذف فيه الأصول فى الترخيم والتكسير والتحقير، فقد افترق حكما جنسى الزيادتين بما بيّنته لك. ويزيد ذلك عندك وضوحا، أن من حذف ياءي (¬4) النّسب لياءى النّسب، فقال /فى النسب إلى بختىّ: بختىّ، لم يحذف الألف من يمان ونحوه، إذا نسب إليه، وإن كانت الألف كإحدى الياءين من يمنىّ، قد (¬5) زيدت هى والياء جميعا لمعنى، وإنما ¬

(¬1) يأتى الكلام عليها إن شاء الله فى المجلس الثالث والخمسين. (¬2) الآية الرابعة من سورة الفجر. (¬3) فى هـ‍: متلاصقتين متطرفتين. (¬4) قال المبرد: «فإن كانت الياء زائدة مثقلة فلا اختلاف فى حذفها لياء النسب، وذلك قولك فى النسب إلى بختىّ: بختىّ فاعلم، وإلى بخاتىّ: بخاتىّ فتصرف؛ لأن الياء الظاهرة ياء النسب» المقتضب 3/ 138، وانظر التبصرة ص 603، والمقرب 2/ 54. (¬5) فى هـ‍: وقد.

أجمعوا فى النّسب إلى يمان على يمانىّ، حيث انفصلت الياء عن الألف، كما انفصلت واو مفعول عن ميمه. ومما احتجّ به الأخفش: أن العين لمّا دخلت عليها ألف فاعل، لحقها الإعلال بالإبدال أو الحذف، فالإبدال إبدالهم الهمزة من الواو والياء، فى قائل وبائع، والحذف فى قول بعض العرب: شاك السّلاح، برفع الكاف، وأصله شائك، فاعل من الشوكة، وهى الحدّ، فوزنه فى هذا القول: فال، ومن قال: شاكى السلاح، قدّم اللام على العين، فمثاله: فالع، ولحقها الإعلال فى الماضى بالقلب، وفى المستقبل بالنقل، وإذا كانت قد أعلّت فى اسم الفاعل بالقلب أو الحذف، وفى الفعل بالقلب أو النّقل، فكذلك أعلّت فى اسم المفعول بالحذف. والجواب: أنها قد أعلّت فى اسم المفعول بالنّقل، قياسا على نقلها فى يقول ويبيع، فكما نقلت حركتها فى يقول ويبيع، إلى الفاء، كذلك نقلت فى مقول ومبيع، فمن ادّعى زيادة على هذا فعليه الدليل. ومن حجّته أيضا: أن العين هى التى لحقها الحذف فى قل وبع، فكذلك هى التى حذفت فى مقول ومبيع. والجواب: أنّ هذا لا يلزم، لأنّ الساكن الثانى فى قل وبع، حرف صحيح، وإذا اجتمع حرف علّة وحرف صحّة فحرف العلّة أولى بالحذف، والساكنان فى مفعول متساويان فى الاعتلال. ومن حجّته: أن الساكنين إذا التقيا فى كلمة، حذف الأول منهما، كحذف الياء من قاض، دون التنوين. وهذا لا يلزم؛ لأن التنوين علم للصّرف، فلو حذف/التبس المنصرف بغير المنصرف، ولا دليل عليه لو حذف، كدلالة الميم فى مقول ومبيع على أنه اسم

مفعول، فلذلك وجب حذف ياء قاض، دون التنوين، ولأن الكسرة قبل يائه تدلّ عليها، ولأن التنوين حرف صحيح، وقد تقدّم أن الساكنين إذا التقيا وأحدهما معتلّ وقع الحذف بالمعتلّ. ومن حجج أبى الحسن أيضا: أن واو مفعول لو كانت هى المحذوفة، وقع بذلك لبس، بين اسم المفعول والمصدر الذى جاء على المفعل، كالمسير والمبيت. وهذا القول ليس بشىء، لأن هذا النحو من المصادر إنما يوافق اسم المفعول، مما عينه ياء، فى هجائه وزنته، على قول الخليل وسيبويه، فالمصدر واسم المفعول فى مذهب الخليل وسيبويه، مثاله بعد النّقل من مفعل: مفعل، مكسور الفاء ساكن العين، وهما متّفقان على مذهب الأخفش فى الهجاء، وإن كانا مختلفين فى الزّنة، فوزن مبيع فى قوله، إذا أردت به اسم المفعول: مفيل، وإذا أردت به المصدر: مفعل، بكسر الفاء وسكون العين، فاللفظ فى كلا القولين واحد، وإن اختلفا فى التقدير، فكيف يقع لبس بين المصدر واسم المفعول فى مذهب الخليل وسيبويه دون مذهبه؟ ولا فرق بينهما على المذهبين فى اللفظ، ثم إن اسم المفعول ينفصل من المصدر فى المعنى، بما يصحب كلّ واحد منهما من القرينة، كقولك: قبضت المبيع، وبعت الثوب مبيعا، وهل اتفاق المصدر واسم المفعول هاهنا إلا كاتّفاقهما فى الزّنة، إذا بنيتهما ممّا جاوز الثلاثة، نحو أكرم ودحرج واستخرج، والقرائن فارقة بينهما، تقول: أخوك المكرم، وعدلك المدحرج، ومالك المستخرج، وأكرمت زيدا مكرما، ودحرجت العدل مدحرجا، واستخرجت المال مستخرجا، ومنه: {وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً} (¬1) أى إنزالا، وقرأ بعض أصحاب الشّواذّ: {وَمَنْ يُهِنِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ} (¬2) أى إكرام. ¬

(¬1) سورة المؤمنون 29. (¬2) سورة الحج 18، وقراءة (مكرم) بفتح الراء قرأ بها ابن أبى عبلة، وذكرها أبو معاذ. راجع البحر 6/ 359، ومختصر فى شواذّ القراءات ص 94، وذكرها الفرّاء من غير عزو. معانى القرآن-

ومن حجّة سيبويه والخليل: أن الظاهر من ثبات (¬1) الياء حذف واو مفعول، فثبات الياء فى مبيع، يدلّ على أن المحذوف واو مبيوع، ولو كانت الياء ذاهبة والواو ثابتة، لقالوا مبوع، وادّعاء الأخفش أن ياء مبيع أصلها واو مبيوع، ليس بظاهر، والأخذ بالظاهر أولى. وشيء آخر يحتجّ به عليه: وذلك أنه يزعم أنهم يفرّقون بين ذوات الياء وذوات الواو، بإبدال الضمة كسرة فى الجمع، من نحو: بيض وعين، كراهة أن يقولوا: بوض وعون، فيلتبس بنحو سود وعور، قال: ولو صغت مثال فعل من البياض، أريد به واحدا لقلت: بوض، والخليل وسيبويه يريان هذا الفرق فى الجموع والآحاد، فيقال للأخفش، فى قوله: إنهم أبدلوا من الضمة فى مبيوع كسرة، فانقلبت واو مفعول ياء، لئلاّ تلتبس ذوات الياء بذوات الواو: قد تركت أصلك، لأنك تزعم أن هذا مختصّ (¬2) به الجمع دون الواحد. ومما يحتجّ به عليه: أنهم قالوا من الشّوب: مشوب ومشيب، وقالوا: غار منول (¬3) ومنيل، وهو من النّول، فلو كانت الواو (¬4) من مقول هى واو مفعول لم تقلب ياء فى مشيب ومنيل، لأنّ واو مفعول لا تقلب ياء، إلا أن تدغم فى الياء فى نحو مرميّ ومخشىّ، فلمّا قالوا فى مشوب: مشيب، دلّ على أنّ واو مشوب عين قلبت ياء، كما قلبت عين حور للإتباع ياء، فى قوله (¬5): ¬

= 2/ 219، وذكرها القرطبى فى تفسيره 12/ 24، حكاية عن الأخفش والكسائىّ والفراء. (¬1) فى الأصل: بنات. (¬2) فى هـ‍: «تزعم أن يختصّ. . .». وكلام ابن الشجرى هنا فى الاحتجاج على الأخفش مسلوخ من كلام المبرد فى المقتضب 1/ 101. (¬3) قال أبو علىّ الفارسى: «معناه ينال ما فيه». المنصف 1/ 289. (¬4) فى هـ‍ «فلو كانت الواو مقول»، وجعلها مصحح الطبعة الهندية: فلو كانت واو مقول». (¬5) من أرجوزة تنسب إلى منظور بن مرثد. النوادر لأبى زيد ص 236، والمنصف 1/ 288، وشرح المفصل 4/ 114،10/ 79، ومعجم الشواهد ص 471.

عيناء حوراء من العين الحير واختلفت العرب فى اسم المفعول من بنات الياء، فتمّمه بنو تميم، فقالوا: معيوب ومخيوط ومكيول ومزيوت، وقال أهل الحجاز (¬1): معيب ومخيط ومكيل ومزيت، وأجمع الفريقان على نقص ما كان من بنات الواو، إلاّ ما جاء على جهة الشّذوذ، وهو قولهم: ثوب مصوون، ومسك مدووف، وفرس مقوود، وقول مقوول، والأشهر: مصون/ومدوف ومقول ومقود، وأبو العباس محمد بن يزيد (¬2) أجاز إتمام ما كان من ذوات الياء فى الشّعر خاصّة، وأنشد فى ذلك قول علقمة (¬3): حتّى تذكّر بيضات وهيّجه … يوم رذاذ عليه الطّلّ مغيوم قال: وأنشد أبو عمرو بن العلاء: وكأنّها تفّاحة مطيوبة (¬4) وأنشد، أعنى أبا العباس، لعباس بن مرداس: قد كان قومك يحسبونك سيّدا … وإخال أنّك سيّد مغيون (¬5) مغيون: من قولهم: غين على كذا: أى غطّى عليه، وكأنه مأخوذ من الغين، الذى هو الغيم، ومنه قول الشاعر (¬6): ¬

(¬1) راجع البحر 8/ 364. وانظر ما سبق فى المجلس السابع عشر. (¬2) فى المقتضب 1/ 101. (¬3) ديوانه ص 59، وتخريجه فى ص 147، والمقتضب، الموضع السابق، ومقتضب ابن جنى ص 22،94. (¬4) ليس له تكملة، وانظره فى الموضع السابق من المقتضب، والمنصف 1/ 286،3/ 47، والخصائص 1/ 261، وشرح المفصل 10/ 80، واللسان (طيب) وفى معجم الشواهد ص 581 فضل تخريج. (¬5) سبق تخريجه مع أبيات أخرى فى المجلس السابع عشر. وجاء بهامش الأصل حاشية: «هذا البيت يروى بالعين المهملة بإجماع الرواة، إلا الشريف-يعنى ابن الشجرىّ-ألفيته رحمه الله قد رواه بالغين المعجمة أيضا، وكنت أسمع قديما ببغداد أنه أنكر عليه تصحيفه» وسيشير ابن الشجرى إلى رواية العين المهملة قريبا. وهذا الشاهد وشواهد المسألة كلها فى المقتضب لابن جنى. (¬6) هو المعرور التيمى، شاعر جاهلى، معجم الشعراء ص 438، وانظر الكامل 3/ 84، والإبدال لابن السكيت ص 77، وللزجاجى ص 100، والمنصف 3/ 48، والمحتسب 1/ 88، واللسان (غين).

كأنّى بين خافيتى عقاب (¬1) … أصاب حمامة فى يوم غين فمعنى مغيون: مغطّى على عقله. وقد روى «معيون» بالعين، أى مصاب بالعين. والبصريّون أجمعون لا يجيزون إتمام ما كان منه من ذوات الواو، إلا أبا العباس (¬2)، فإنه جوّز ذلك فى الضرورة، قياسا على السّوور والغوور (¬3)، مصدرى سرت سوورا، وغارت عينه غوورا، قال: فهذا أثقل من «مفعول» من الواو، لأن فيه واوين وضمّتين، وذكر مع السّوور النّوور، وهو قريب منه فى الثّقل، وأنشد بيت أبى ذؤيب فى وصف ظبية: فسوّد ماء المرد فاها فلونه … كلون النّوور وهى أدماء سارها (¬4) المرد: ثمر (¬5) الأراك، والنّوور: دخان الفتيلة يتّخذ كحلا للوشم، وسارها: بمعنى سائرها، أى باقيها، وارتفاعه على البدل (¬6) من «هى» وغوور العين: دخولها، والسّوور: الوثوب فى غضب، قال الأخطل فى وصف الخمر (¬7): لمّا أتوها بمصباح ومبزلهم … سارت إليهم سوور الأبجل الضّارى الأبجل: عرق فى باطن الذّراع، ويقال: ضرا العرق يضرو: إذا نفخ دمه/ولم ينقطع (¬8). تم المجلس. ... ¬

(¬1) فى الأصل: «غراب» وأثبت ما فى هـ‍، والمراجع المذكورة. (¬2) المقتضب 1/ 102،103. (¬3) لم يذكر «الغوور» فى الموضع المذكور من المقتضب. وقد سبق فى المجلس السابع عشر. (¬4) المقتضب، وشرح أشعار الهذليين ص 73، وتخريجه فى ص 1368. (¬5) فى شرح أشعار الهذليين: النضيج من ثمر الأراك. (¬6) وفيه الفصل بين البدل والمبدل منه، وهو جائز. راجع حواشى المقتضب. (¬7) ديوانه ص 171، والكتاب 4/ 50، واللسان. (سور-ضرى). (¬8) لم يشرح المصنف «المبزل» وهو حديدة تكون عند الخمّارين، تغرز فى زق الخمر إذا حضر المشترى ليكون أنموذجا للشراب، ويشتريه حينئذ. ذكره صاحب اللسان فى (ضرى).

هذه زيادة ألحقت بهذا الجزء، فى شهر ربيع الآخر من سنة تسع وثلاثين وخمسمائة، ولم تعدّ فى مجالسه، وهى مضمّنة فوائد جمّة. منها الكلام فى قوله عزّ وجل: {هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً} (¬1) قيل فى الإنسان هاهنا قولان: أحدهما أنه آدم عليه السلام، والآخر: أنّ المراد به الناس، كما جاء: {إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ} (¬2) فلذلك استثنى منه فقيل: {إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا} واختلف فى «هل» هاهنا فقيل: هى بمعنى قد، وقيل: هى على بابها فى الاستفهام. قال بعض المفسّرين (¬3) والأحسن أن تكون للاستفهام الذى معناه التقرير، وإنما هو تقرير لمن أنكر البعث، فلا بدّ أن يقول: نعم قد مضى دهر طويل لا إنسان فيه، فيقال له: فالذى أحدث الناس وكوّنهم بعد عدمهم، كيف يمتنع عليه إحياؤهم بعد موتهم؟ وهى معنى (¬4) قوله: {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى فَلَوْلا تَذَكَّرُونَ} (¬5) أى فهلاّ تذكّرون فتعلمون أنّ من أنشأ شيئا بعد أن لم يكن، قادر على إعادته بعد عدمه. وقال أبو إسحاق الزجاج (¬6) قوله عزّ وجلّ: {هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً} المعنى: ألم يأت على الإنسان حين من الدّهر، وإنما قال: لم يكن شيئا مذكورا؛ لأنه كان ترابا وطينا إلى أن نفخ فيه الروح، ويجوز أن يعنى به جميع الناس، أنهم كانوا نطفا ثم علقا ثم مضغا، إلى أن صاروا شيئا مذكورا. ¬

(¬1) أول سورة الإنسان. (¬2) سورة العصر 2،3. (¬3) راجع تأويل مشكل القرآن ص 538، والخصائص 2/ 462، والصاحبى ص 295، ورصف المبانى ص 407، والجنى الدانى ص 344، والمغنى ص 388. (¬4) فى هـ‍ «بمعنى» وما فى الأصل مثله فى المغنى، وفيه هذا الكلام دون عزو. (¬5) سورة الواقعة 62. (¬6) فى معانى القرآن وإعرابه 5/ 257، مع بعض اختلاف.

وروى عن أبى أحمد عبد السلام بن الحسين البصرىّ (¬1): أنه قال: كتب إلىّ شيخنا أبو القاسم الحسن بن بشر بن يحيى الآمدىّ (¬2) رقعة نسختها: أريد، قدّمت قبلك، أن تسأل القاضى أبا (¬3) سعيد، أدام الله عزّه، عمّا أنا ذاكره فى هذه الرّقعة، وتتطوّل بتعريفى ما يكون فى الجواب: /ذكر أبو العباس محمد بن يزيد فى الكتاب المقتضب (¬4)، عند تحديد حروف المعانى مواضع «قد» فقال: تكون اسما بمعنى حسب، فى قولك: قدك، وتكون حرفا فى موضعين، أحدهما أن يكون قوم يتوقّعون جواب: هل قام زيد؟ فيقال: قد قام، وتكون فى موضع ربّما كقوله (¬5): قد أترك القرن مصفرّا أنامله ثم ذكر «هل» فقال: ومن الحروف هل، وهى لاستقبال الاستفهام نحو [قولك (¬6)]: هل جاء زيد؟ وتكون بمنزلة قد، فى قوله جلّ اسمه: {هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ}. وهو قد ذكر مواضع «قد» وحصرها، ففى أىّ مواضع «قد» الثلاثة تكون «هل» ¬

(¬1) كان قارئا للقرآن، عارفا بالقراءات، من أحسن الناس إنشادا للشعر، وكان يتولى ببغداد النظر فى دار الكتب، وإليه حفظها والإشراف عليها. ولد سنة 329، وتوفى سنة 405، إنباه الرواة 2/ 175. (¬2) هذا صاحب الموازنة، والمؤتلف والمختلف. (¬3) وهذا الإمام السيرافىّ شارح سيبويه. (¬4) المقتضب 1/ 42، مع بعض اختلاف فى العبارة. (¬5) عبيد بن الأبرص. ديوانه ص 49، والكتاب 4/ 224، والمقتضب 1/ 43، وكتاب الشعر ص 391، وتخريجه فيه. وتمامه: كأن أثوابه مجّت بفرصاد والقرن، بكسر القاف: المثل فى الشجاعة. ومجّت: دميت، والمراد صبغت، والفرصاد، بكسر الفاء: التّوت، شبّه الدم بحمرة عصارته. (¬6) سقط من هـ‍، هو والموضعان الآتيان.

بمعناها؟ والعلم محيط بأنها لا تكون بمعنى حسب، ولا تكون جوابا لقول من قال: هل قام زيد؟ فيقال: [هل قام] بمعنى قد قام، لأن المجيب [يكون] كأنه قد حكى كلام المستفهم، وهذا غير معروف فى كلام العرب، ولا يحسن أن تكون بمعنى «ربّما» فى قوله: «قد أترك القرن» لأن المعنى ربّما أترك القرن، و «هل» لا تتضمّن هذا المعنى، وما علمت أحدا من أهل اللغة قال إن «هل» تكون فى شيء من الكلام ولا القرآن بمعنى «قد» والنحويون يقولون فى قوله جلّ اسمه: {هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ} إن المعنى ألم يأت؟ منهم الزجاج، فمنّ، جعلنى الله فداءك، علىّ بتعجيل الجواب، فإنى أتطلّعه. فوقفت القاضى أبا سعيد على الرّقعة، فأملى علىّ ما كتبته على ظهرها: بسم الله الرحمن الرحيم {هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ} على قول من جعله بمنزلة «قد» إنما تكون «قد» من قسم دخولها للفعل (¬1) المتوقّع، فكأنه قيل لقوم يتوقّعون الإخبار عما أتى على الإنسان، والإنسان آدم: قد أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا، لأن آدم بقى زمانا طينا. ... /قول أبى الطّيّب (¬2): ويصطنع المعروف مبتدئا به … ويمنعه من كلّ من ذمّه حمد قال أبو الفتح: معناه يعطى معروفه المستحقّين، ومن تزكو عنده الصّنيعة، ويمنعه من كلّ ساقط، إذا ذمّ أحدا فقد مدحه. قوله: «إذا ذمّ أحدا فقد مدحه» تفسير غير مرضىّ، لأنه لا يخلو من أحد معنيين: أحدهما أنه يورّى عن الذمّ الصّريح بكلام يشبه المدح، أو يريد أنه يضع ¬

(¬1) فى هـ‍: الفعل. (¬2) ديوانه 1/ 379.

المدح الصريح موضع الذمّ، وليس يلحقه بهذين عيب، ولا يستحقّ أن يحرم بذلك معروفا. والمعنى غير ما ذهب إليه أبو الفتح، وذلك أنه وصف الممدوح بالتيقّظ، ومعرفة ما يأتى وما يدع، فيضع الصّنائع فى موضعها، فيعطى ذوى الأقدار قبل أن يسألوه، كما قيل: «السّخىّ من جاد بماله تبرّعا، وكفّ عن أموال الناس تورّعا (¬1)» ويمنع ماله من كل دنىء، إذا ذمّه الناس فقد مدحوه، أى يقوم الذمّ له مقام المدح لغيره، لدناءة عرضه ولؤم أصله، فالمعنى أنه يقلّ عن الذمّ، كما قال (¬2): صغرت عن المديح فقلت أهجى … كأنّك ما صغرت عن الهجاء والذّمّ من قوله: «من ذمّه حمد» مضاف إلى المفعول، والفاعل محذوف، فالتقدير من ذمّ الناس إيّاه، كما جاء: {لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ} (¬3) والمعنى بسؤاله (¬4) نعجتك، وأبو الفتح ذهب إلى أن الذّم مضاف إلى الفاعل، وأن المفعول محذوف، ففسّر (¬5) على هذا التقدير، فأفسد المعنى، لأنه أراد من ذمّه الناس حمد (¬6). ومن [فى (¬7)] قوله: «من ذمّه» اسم نكرة، والجملة بعده نعت له، كأنه قال: ¬

(¬1) فى التمثيل والمحاضرة ص 409: الجود أن تكون بمالك متبرعا، وعن مال غيرك متورعا. (¬2) ديوانه 1/ 46، والموضع السابق منه. (¬3) سورة ص 24. (¬4) قدّره فى المجلس الرابع والثمانين: «بسؤاله إياك نعجتك». (¬5) فى هـ‍: «ففسّره» وأسقطت الهاء كما فى الأصل، وديوان المتنبى، وشارحه يحكى كلام ابن الشجرى. (¬6) ذهب عن ابن الشجرى أنّ تفسير ابن جنى هذا يشهد له قول المتنبى: وإذا أتتك مذمتى من ناقص فهى الشهادة لى بأنى كامل وانظر ديوان المعانى 2/ 237. (¬7) سقط من هـ‍.

من كلّ إنسان ذمّه حمد، ولا يجوز أن يكون بمعنى الذى، لأن «كلاّ» لا تضاف إلى (¬1) واحد معرفة، /إلا أن يكون مما يصحّ تبعيضه، كقولك: رأيت كلّ البلد، ولا تقول: لقيت كلّ الرجل الذى أكرمته، فإن قلت: لقيت كلّ رجل أكرمته، حسن ذلك، وصحّت إضافته إلى المفرد النكرة، كما تصحّ إضافته إلى الجمع المعرفة، نحو: لقيت كلّ الرجال الذين أكرمتهم، وقد ذكرت «من» إذا كانت نكرة موصوفة فى مواضع (¬2). وقال وقد عرض عليه ابن طغج سيفا، فأشار به أبو الطيّب إلى رجل من الحاضرين كان يشنؤه: أتأذن لى ولك السّابقات … أجرّبه لك فى ذا الفتى (¬3) يقال فى قوله: «أتأذن» أهو استفهام صريح، أم المراد به غير الاستفهام؟ ويقال: السابقات صفة لمحذوف، فما تقدير المحذوف؟ ويقال: هل لهذه الجملة، أعنى «ولك السابقات» موضع من الإعراب؟ ويقال: ما معنى هذه الواو؟ ويقال: كم حذفا فى قوله: «أجرّبه»، وما معنى «لك» هاهنا؟ ولو قال: أجرّبه، استغنى الكلام عن لك. الجواب: أنّ قوله: «أتأذن (¬4)» استفهام لفظى، وهو فى المعنى طلب، كأنه قال: ائذن لى، ومثل ذلك فى التنزيل: {وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ} (¬5) والمعنى: أسلموا. وأما السابقات، فتقدير موصوفها: الحسنات السابقات، أو الأيادى ¬

(¬1) هذا من قول ابن جنى، فإنه أفاد أن «كلاّ» لا يضاف إلاّ إلى النكرة التى فى معنى الجنس. حكاه عنه السيوطىّ فى الأشباه والنظائر 3/ 131، وراجع كتاب دراسات لأسلوب القرآن الكريم 3/ 147. (¬2) عقد لها فصلا فى المجلس الرابع والسبعين. (¬3) ديوانه 1/ 36. (¬4) فى هـ‍: أتأذن لى. (¬5) الآية العشرون من سورة آل عمران.

السابقات، أى فاجعل تجريبى (¬1) لهذا السيف فى ذا الرجل يدا من أياديك. وأمّا الواو فى «ولك السابقات» فواو (¬2) ابتداء، لا واو الحال، وإنما لم تكن واو الحال، لأنها معترضة، والجملة المعترضة لا يكون لها موضع من الإعراب، ومعنى قولهم: جملة معترضة، أنها تقع بين مخبر عنه وخبره، أو بين فعل وفاعله، أو بين موصوف وصفته، أو بين الفعل ومفعوله، فالموصوف والصّفة كقوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ} (¬3) والفعل والفاعل كقول/قيس بن زهير العبسىّ: ألم يأتيك والأنباء تنمى … بما لاقت لبون بنى زياد (¬4) قوله: «بما لاقت» فاعل «يأتيك»، والباء زائدة، ومثله قول آخر (¬5): وقد أدركتنى والحوادث جمّة … أسنّة قوم لاضعاف ولا عزل الأعزل: الذى لا رمح معه، والمخبر عنه وخبره كقول ابن هرمة (¬6): إنّ سليمى والله يكلؤها … ضنّت بشىء ما كان يرزؤها ويدلّ على أنّ الواو الداخلة على الجملة المعترضة ليست واو الحال شيئان: ¬

(¬1) فى الأصل: تجربتى. (¬2) ولكن هل يصحّ الابتداء فى وسط الكلام؟ وبم ابتدأ؟ هكذا استفهم الأستاذ عبد الإله نبهان، فى كلمة له جيدة عن واو الاعتراض، حين ناقش ابن الشجرى، ونبّه على غياب مصطلح «واو الاعتراض» عنه وعن النحاة قبله، وقد أفاد-أحسن الله إليه-أن أول من نصّ على هذا المصطلح هو العلاّمة رضيّ الدين الأسترآباذي، فى بحث (ولا سيما) من شرح الكافية. اطلب هذه الكلمة فى مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق مجلد 52 جزء 3 ص 673 - 1397 هـ‍-1977 م. (¬3) سورة الواقعة 76. (¬4) فرغت منه فى المجلس الثالث عشر. (¬5) هو جويرية-وقيل حويرثة-بن بدر. النقائض ص 309، والخصائص 1/ 331،336، والمغنى ص 432، وشرح شواهده ص 273، وشرح أبياته 6/ 183،206، والهمع 1/ 248، واللسان (هيم). (¬6) ديوانه ص 55، وتخريجه فى ص 245، وزد عليه مجالس العلماء ص 160، وما فى حواشيه، وشرح أبيات المغنى 6/ 202.

أحدهما أنّ الحال لا تقع معترضة، والثانى أنّ قوله: «والله يكلؤها» دعاء، وجملة الدعاء لا تقع حالا، وقد جاء الدعاء بالفعل مع هذه الواو فى قول أبى محلّم الشّيبانىّ: إنّ الثّمانين وبلّغتها … قد أحوجت سمعى إلى ترجمان (¬1) فقوله: «ولك السابقات» اعتراض بين «تأذن» ومفعوله. وفى قوله: «أجرّبه» حذفان، لأنّ الأصل: فى أن أجرّبه، فحذف الجارّ، وحذف «أن» فارتفع الفعل، ولو نصبته بتقدير «أن» لجاز على المذهب الكوفى (¬2). وقوله: «لك» اللام لام المفعول من أجله، والتقدير: أجرّبه لاختبارك [أى لاختبارك (¬3)] إياه، فحذف المضاف، وفى التنزيل: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} (¬4) ولو قيل: ألم نشرح صدرك، اكتفى الكلام، ولكن جيء بك على معنى: لهدايتك. وقوله يخاطب سيف الدّولة (¬5): إذا الجود أعط الناس ما أنت مالك … ولا تعطينّ الناس ما أنا قائل فيه قولان [أحدهما (¬6)] قال أبو الفتح: أى لا تعط الناس أشعارى فيفسدوها بسلخ معانيها. وقال المعرّى: يقول: أعط الناس مالك، ولا تعطهم شعرى، أى لا تجعلهم فى طبقتى فتقل للشاعر: أنت مثل فلان، وشعرك مثل شعره. ¬

(¬1) هذا بيت دائر فى كتب العربية، انظره فى أمالى القالى 1/ 50، ورسالة الغفران ص 542، ومعجم الأدباء 16/ 143، والمغنى ص 434،442، وشرح شواهده ص 278، وشرح أبياته 6/ 199، وغير ذلك كثير. وأبو محلّم: هو عوف بن محلّم. (¬2) راجع كتاب الشعر ص 404،522. (¬3) ليس فى هـ‍. (¬4) أول سورة الشرح. وقد تكلّم عليها المصنف بأوسع مما هنا فى المجلس السادس والسبعين. (¬5) ديوانه 3/ 117. (¬6) ليس فى هـ‍.

/وأقول: إن الذى أراده المتنبي غير ما قالاه، أمّا قول أبى الفتح: لا تعط الناس أشعارى فيفسدوها بسلخ معانيها، فليس بشىء، لأمرين: أحدهما أنه (¬1) لا يمكنه ستر مدائحه له عن الناس، والآخر: أنّ المراد بالمديح أن يسير فى الناس، وأجود الشعر ما تداولته الألسن، وتناقلته الرّواة. وأمّا قول المعرّى فهو معنى قريب، وإن كان أبو الطيب لم يرده، وإنما أراد: لا تحوجنى (¬2) إلى مدح غيرك، وحكى أبو زكريّا، قوليهما فقط. قوله (¬3): لم لا تحذر العواقب فى غي‍ … ر الدّنايا أو ما عليك حرام أصل لم: لما، وسقطت ألف «ما» حين وليتها اللام الجارّة، لأنها استفهاميّة [ومن لغتهم العليا إسقاط ألف «ما» إذا كانت استفهاما ووليها الجارّ، وذلك للفرق بين الاستفهامية والخبرية فمثال الاستفهامية (¬4)] فى التنزيل: {عَمَّ يَتَساءَلُونَ} (¬5) ومثال الخبريّة: {وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمّا تَعْمَلُونَ} (¬6). واللام فى «لم» متعلّقة بتحذر، ولزم اللام التقديم، لاتّصالها بالاستفهام، ومن شأن الاستفهام التصدّر. ¬

(¬1) ما ذكره ابن الشجرى فى ردّ تفسير ابن جنى مسلوخ من كلام الواحدىّ. انظر شرحه على الديوان ص 540. (¬2) وهذا أيضا من كلام الواحدىّ. (¬3) ديوانه 4/ 100. (¬4) ما بين الحاصرتين ساقط من هـ‍. وقد تكلم ابن الشجرى كلاما مبسوطا حول «ما» فى المجلس الثامن والستين. (¬5) أول سورة النبأ. (¬6) سورة هود 123، وغير ذلك من الكتاب العزيز. وجاء فى هـ‍: (يعملون) بالياء التحتية، وهى فى الآية 132 من سورة الأنعام.

فأمّا «ما» الثانية فهى موصولة بمعنى الذى، أو موصوفة بمعنى شيء، وقد حذف المبتدأ من الصّلة أو الصّفة، وموضع «ما» خفض بالعطف على «الدّنايا» كأنه قال: أو الذى هو عليك حرام، وإن شئت قدّرت: أو شيء هو عليك حرام، وإنما حسن حذف المبتدأ من الصّلة، لطول الكلام بعليك، كما روى الخليل عن العرب: «ما أنا بالذى قائل لك [شيئا (¬1)]» ومثله فى التنزيل: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ} (¬2) التقدير: وهو الذى هو فى السماء إله، وحسن حذف «هو» لتقدّم ذكره، ولطول الكلام بفى ومجرورها، وهما فضلة متعلّقة بإله، كأنه قيل: الذى [هو (¬3)] معبود فى السماء. فإن قيل: فهلاّ رفع «إله» بالابتداء، وقوله: «فى السماء» خبره، وكانت الجملة صلة «الذى» واستغنى بذلك عن تقدير «هو»؟ فالجواب: أن ذلك يمتنع، من حيث كانت الجملة تخلو حينئذ من عائد إلى «الذى» ظاهر ومقدّر، لأنه إذا ارتفع «إله» بالابتداء، كان المضمر فى الظرف عائدا على المبتدأ، وتعرّت الجملة من ضمير يعود على الموصول لفظا وتقديرا، وذلك ممّا لا يجوز مثله. والدّنايا: جمع دنيئة، مهموزة، وأصله الدّنائئ، بهمزتين، الأولى منقلبة عن الياء التى فى دنيئة (¬4)، والثانية لام الكلمة، وهى الظاهرة فى الواحد، وتقديره: الدّناعع، فثقل الجمع بين الهمزتين المتحركتين، فأبدل من الثانية للكسرة قبلها ياء، فصار الدّنائى، فى تقدير: الدّناعى، ثم طلبوا التخفيف بتغيير آخر، فأبدلوا من الكسرة ¬

(¬1) ساقط من هـ‍. وسبق تخريجه فى المجلس الحادى عشر. (¬2) سورة الزخرف 84. (¬3) سقط من هـ‍. (¬4) راجع هذه المسألة فى الكتاب 4/ 377، والمقتضب 1/ 139، والمنصف 2/ 54 - 62، وشرح الشافية 3/ 59 - 62، واللسان (خطأ).

ومما اختلف فيه قوله

فتحة، فصارت الياء ألفا، لانفتاح ما قبلها، وكونها فى موضع حركة، فصار الدّناء، فى [تقدير (¬1)] الدّناعا، وإذا كانوا قد قالوا فى الصّحارى والمدارى: صحارا ومدارا، كان التغيير فى ذوات الهمز أوجب، ولمّا آل فى التقدير إلى الدّناء، استثقلوا الجمع بين ثلاثة أمثال، الألفين والهمزة بينهما، فأبدلوا منها الياء. فأمّا معنى البيت، فالمراد بالاستفهام النّفى، كأنه قال: لست تحذر عاقبة فعل، إلا أن يكون دنيئة، أو شيئا محرّما، فإنك تتهيّب هذين، فتعفّ عن فعلهما، خوفا من عاقبتهما، فعاقبة الدّنيئة العار، وعاقبة الحرام النار، ولا تحذر العاقبة فى غير هذين، كبذل الأموال وعاقبته الفقر، والإقدام على الأهوال، وعاقبته القتل. وممّا اختلف فيه قوله (¬2): وإنّ الّذى حابى جديلة طيّىء … به الله يعطى من يشاء ويمنع ذهب أبو الفتح إلى أن «حابى» بمعنى حبا، مأخوذ من الحباء، وهو العطيّة، واسم الله تعالى مرتفع به، أى إن الذى حبا الله به جديلة يعطى، فالجملة التى هى «يعطى» وفاعله خبر اسم إنّ. وخولف أبو الفتح فى هذا القول، على أنّ عليه أكثر مفسّرى شعر المتنبى، والذى قاله الرادّ (¬3) على أبى الفتح أنّ معنى حابى: بارى، من/قولهم: حابيت فلانا، أى باريته فى الحباء، مثل باهيته فى العطاء، كما يقال: كارمته، أى باريته فى الكرم، قال: وليس بمعروف أنّ معنى حابيته بكذا: حبوته به. ¬

(¬1) ساقط من هـ‍. (¬2) ديوانه 2/ 239، بالشرح المنسوب إلى العكبرى. (¬3) لأبى الحسن الواحدىّ كلام فى الردّ على ابن جنى، متفق مع ما أورده ابن الشجرى. راجع شرحه للديوان ص 44، ثم انظر أيضا الفتح على أبى الفتح ص 172.

فعلى هذا القول يكون فاعل «حابى (¬1)» مضمرا فيه، يعود على «الذى» واسم الله مرفوعا بالابتداء، وخبره الجملة التى هى «يعطى» وفاعله ومفعوله، أى إنّ الذى بارى جديلة طيّئ فى الحباء، الله يعطى به من يشاء، ومفعول «يمنع» محذوف، دل عليه مفعول «يعطى» ومفعول «يشاء» المذكور، و «يشاء» المحذوف، محذوفان، فالتقدير: يعطى به الله من يشاء أن يعطيه، ويمنع به من يشاء أن يمنعه، على أن المضمرين فى يعطيه ويمنعه يعودان على الممدوح، والمعنى أنه ملك قد فوّض الله إليه أمر الخلق، فى الإعطاء والمنع، فالمدح على هذا يتوجّه إليه وإلى عشيرته، لأن المباراة فى العطاء أنهم يعطون فيعطى مباهيا لهم بعطائه، والمعنى فى قول أبى الفتح: إن الذى حبا الله به جديلة طيّىء بأن جعله منهم، يعطى من يشاء إعطاءه، ويمنع من يشاء منعه، لأنه يعطى تكرّما لا قهرا، ويمنع عزّة لا بخلا. وأقول: إنّ أصل فاعلته أن يكون من اثنين فصاعدا، وأنّ فاعله مفعول فى المعنى ومفعوله فاعل فى المعنى، كقولك: خاصمته وسابقته وشاريته وشاركته (¬2)، ولم يأت من واحد إلا فى أحرف نوادر، كقولهم: طارقت النّعل، وعاقبت اللّصّ، وعافاك الله، وقاتلهم الله، فأبو الفتح ذهب بقولهم: حابيت زيدا مذهب هذه الألفاظ الخارجة من القياس، وقد جاء حابى بمعنى حبا فى قول أشجع بن عمرو السّلمىّ، يمدح جعفر [بن يحيى (¬3)] بن خالد البرمكىّ، حين ولاّه الرشيد خراسان: إنّ خراسان وإن أصبحت … ترفع من ذى الهمّة الشانا /لم يحب هارون بها جعفرا … لكنّه حابى خراسانا أى لم يحب جعفرا بخراسان، لكن حبا خراسان بجعفر، فهذا يعضد قول ¬

(¬1) فى الأصل وهـ‍: «حبا»، وكذلك فيما حكاه البغدادى فى الخزانة 9/ 507 عن ابن الشجرى، وأثبت ما فى شرح ديوان المتنبى، وهو ينقل عن ابن الشجرى. وهذا الذى أثبتّه هو لفظ البيت. (¬2) انظر كتاب الشعر ص 498. (¬3) سقط من هـ‍.

أبى الفتح، ولو وضع منشد «حبا» فى موضع «حابى» لم يكسر الوزن، لأنّ الجزء الذى هو حابى: مستفعلن، فإذا وضعت مكانه «حبا» دخله الزّحاف الذى يسمّى الخبن، فصار مفاعلن. وهو من البحر المسمّى السّريع، ولكنّ التعويل فى مثل هذا على الرّواية. وممّا جاء فيه يحابى بمعنى يبارى فى الحباء، قول سبرة بن عمرو الفقعسىّ: أعيّرتنا ألبانها ولحومها … وذلك عار يا ابن ريطة ظاهر (¬1) [ظاهر هاهنا: بمعنى زائل (¬2)]. نحابى بها أكفاءنا ونهينها … ونشرب فى أثمانها ونقامر فقوله: «نحابى بها أكفاءنا» لا يكون إلاّ بمعنى نباريهم فى الحباء، وقد ورد أحابى فى شعر زهير بمعنى أخصّ، وذلك فى قوله (¬3): أحابى به ميتا بنخل وأبتغى … إخاءك بالقيل الذى أنا قائل قالوا: أراد أحابى بهذا الشّعر ميتا بنخل، يعنى بالميّت أبا الممدوح، أى أخصّه به، ونخل: أرض (¬4) بها قبره. والإعراب فى هذا البيت كالإعراب فى قول أبى الفتح، لا فرق بينهما إلا من جهة أن «حابى» فى قول أبى الفتح بمعنى أعطى، وأحابى هاهنا بمعنى أخصّ، ولو قال قائل: إن «أحابى به» فى بيت زهير بمعنى أحبو به، لم يبعد قوله من الصواب، لأنّ فى مدح الابن الحىّ طيب ذكر للأب الميّت. ¬

(¬1) البيتان فى شرح الحماسة للمرزوقى ص 238، ومعجم البلدان 4/ 49، فى رسم (قراقر)، والخزانة 9/ 503،504. (¬2) لم يرد هذا الشرح فى هـ‍، ولا عجب أن يجيء هكذا بين البيتين، فهذا هو أسلوب الأمالى، وله نظائر أخرى فى كتابنا هذا. وانظر مثلا ص 234. (¬3) ديوانه ص 299، ومعجم البلدان 4/ 769، فى رسم (نخل). (¬4) على مرحلتين من المدينة، وقيل: موضع بنجد من أرض غطفان.

/ مما أنكر على أبى الطيب

وإنما قال: «جديلة طيّىء» فخصّ، لأنّ الجدائل ثلاثة: جديلة طيّىء فى قحطان، وهو جديلة بن خارجة بن سعد العشيرة بن مذحج، وفى مضر: جديلة، قال أبو عبيدة: هم فهم وعدوان ابنا عمرو بن قيس عيلان بن مضر بن نزار، وفى ربيعة: جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار. / ممّا أنكر على أبى الطيّب تشديد النون من «لدن» فى قوله (¬1): فأرحام شعر يتّصلن لدنّه … وأرحام مال ما تنى تتقطّع وقيل: إنّ هذا غير معروف فى لغة العرب، وقال أبو الفتح: قوله: «لدنّه» فيه قبح وبشاعة، لأنّ النون إنما تشدّد إذا كان بعدها نون، نحو لدنّى ولدنّا، كما قال جلّ ثناؤه: {قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً} (¬2) {وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنّا عِلْماً} (¬3) وأقرب ما يصرف هذا إليه أن يقال: شبّه بعض الضمير ببعض ضرورة، فكما قال: لدنّى، قال: لدنّه، فحمل أحد الضميرين على صاحبه، وإن لم يكن فى الهاء ما يوجب الإدغام من زيادة نون قبلها، كما قالوا: يعد، فحذفوا الواو، لوقوعها بين ياء وكسرة، ثم قالوا: أعد وتعد ونعد، فحذفوا الواو، وإن لم يكن هناك ما يجب له حذفها، قال: ويجوز أن يكون ثقّل النون ضرورة، لا لمصاحبتها الضمير، كما قالوا فى القطن: القطنّ، وفى الجبن: الجبنّ، وأنشد أبو زيد: مثل الجمان جال فى سلكنّه (¬4) زاد نونا شديدة. ¬

(¬1) ديوانه 2/ 240، بالشرح المنسوب للعكبرى، وبشرح الواحدى ص 44، والوساطة ص 450. (¬2) سورة الكهف 76. (¬3) سورة الكهف 65. (¬4) النوادر ص 262، ضمن أبيات نسبها المفضل لرجل من الأشعريّين يكنّى أبا الخصيب، وأنشدها أبو علىّ فى البغداديات ص 425، وعنه ابن جنى فى الخصائص 1/ 331،3/ 168.

وقال آخر: إنّ شكلى وإنّ شكلك شتّى … فالزمى الخصّ واخفضى تبيضّضى (¬1) فزاد ضادا، وقال سحيم العبد (¬2): وما دمية من دمى ميسنا … ن معجبة نظرا واتّصافا قالوا: أراد ميسان، فزاد النون، وقال الأسدىّ (¬3): وجاشت من جبال السّغد نفسى … وجاشت من جبال خُوارَرَزْمِ أراد خُوارَزْم، فغيّرها. واحتجّ لأبى الطيّب غير أبى الفتح، فيما ذكره القاضى أبو الحسن علىّ بن عبد العزيز الجرجانىّ (¬4)، فقال: إن العلّة فى جواز هذه الزيادة أن الهاء لمّا كانت خفيّة (¬5) وكانت النون ساكنة، ومن حقّ النون الساكنة أن تبيّن عند حروف الحلق، حسن تشديدها، لتظهر ظهورا شافيا، فهذه علّة قريبة قد يحتمل للشاعر تغيير الكلام لأجلها، ويؤكّد ذلك أن النون أقرب الحروف إلى حرفى العلّة، الياء والواو، وأكثرها شبها بهما ومناسبة لهما، لأنها تدغم فيهما، وزيدت ثالثة ساكنة، فى نحو جحنفل (¬6)، كما ¬

(¬1) البيت من غير نسبة فى تأويل مشكل القرآن ص 305، وتفسير الطبرى 1/ 214، وسر صناعة الإعراب ص 214، والوساطة ص 452، وضرائر الشعر ص 55، واللسان (جدب-بيض-خفض) والشطر الثانى فى (حوا). (¬2) ديوانه ص 43، والخصائص 1/ 282،2/ 437، وسرّ صناعة الإعراب ص 147، وضرائر الشعر ص 241، واللسان (ميس-وصف). والبيت من غير نسبة فى معجم ما استعجم ص 1284. وميسان: من قرى الشام. (¬3) هو شقيق بن سليك، شاعر إسلامى. والبيت من حماسية، انظرها فى شرح الحماسة للتبريزى 2/ 276، وللمرزوقى ص 779، والبيت الشاهد فى سر صناعة الإعراب ص 192، والمعرب ص 181، 245، ومعجم البلدان 2/ 481 (خوارزم)، و 3/ 95 (السغد)، واللسان (رزم). ويروى: خواءرزم. (¬4) الوساطة ص 455، بتصرف. (¬5) فى شرح ديوان المتنبى: «خفيفة»، وجاءت العبارة مضطربة فى الوساطة هكذا: أنّ النون كما كانت خفيفة وكانت ساكنة. . . (¬6) الجحنفل: العظيم من كلّ شيء. شرح أبنية سيبويه ص 60.

زيدت حروف العلّة بهذا الوصف، فى نحو: فدوكس (¬1) وسميدع وعذافر، وتبدل منها الألف فى الوقف، إذا كانت خفيفة، فى نحو: اضربا، وجعلت إعرابا فى الأمثلة الخمسة، تفعلان ويفعلان وتفعلون ويفعلون وتفعلين، كما جعلا إعرابا فى التثنية والجمع الذى على حدّها، وتحذف إذا كانت ساكنة لالتقاء الساكنين، فى نحو: اضرب الغلام، بفتح الباء، فلما حلّت من مناسبتهنّ هذا المحلّ، احتملت ما يحتملنه من الزيادة، وحروف العلة أوسع الحروف تصرّفا، ولذلك استجازوا زيادة الياء فى الصّياريف، والواو فى فأنظور، والألف فى منتزاح. انتهى كلامه، أراد زيادة الياء فى الصّياريف من قول القائل (¬2): تنفى يداها الحصى فى كلّ هاجرة … نفى الدّراهيم تنقاد الصّياريف وزيادة الواو فى: فأنظر، من قول الآخر: من حيث ما سلكوا أدنو فأنظور (¬3) وزيادة الألف فى: منتزح من قول الآخر (¬4): ¬

(¬1) الفدوكس: الشديد، وقيل: هو الغليظ الجافى. والسّميدع: السيّد، ذكرهما ابن الشجرى فى المجلس السادس والخمسين. ويقال: جمل عذافر، أى ضخم شديد. (¬2) الفرزدق. وسبق تخريجه فى المجلس الحادى والعشرين. (¬3) قبله: الله يعلم أنّا فى تلفّتنا يوم الفراق إلى أحبابنا صور وأننى حوثما يثنى الهوى بصرى. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . وصور: جمع أصور، وهو المائل العنق. وحوثما: لغة فى حيثما. وقائله مجهول. ونسب فى بعض الكتب خطأ إلى ابن هرمة. وهو اشتباه وخلط، لعلّ الذى أوقع فيه أن لابن هرمة بيتا-وهو الشاهد الآتى-فى هذه الظاهرة الصوتية، وهى إشباع الحركة فيتولّد عنها الحرف. راجع الخصائص 1/ 42، والمحتسب 1/ 259، وسرّ صناعة الإعراب 1/ 30، والصاحبى ص 30، والإنصاف ص 24، والفصول الخمسون ص 271، وما يجوز للشاعر فى الضرورة ص 96، وضرائر الشعر ص 35، والمغنى ص 407، والخزانة 1/ 121،7/ 7،8/ 220،373، واللسان (صور-شرى) وغير ذلك كثير، وأعاده ابن الشجرى فى المجلس المتمّ الستين. (¬4) إبراهيم بن هرمة. وتقدم الكلام عليه فى المجلس الثامن عشر.

وأنت من الغوائل (¬1) … حين ترمى ومن ذمّ الرّجال بمنتزاح وقد كان أبو الطيّب، فيما ذكر الجرجانىّ (¬2)، خوطب فى ذلك، فجعل مكان «لدنّه»: «ببابه» وروى: «بجوده» واحتجّ بنحو ما احتجّ به أبو الفتح، من الأبيات التى تتضمّن الزيادة والتغيير. قال أبو الفتح: واستعمل «لدن» بغير «من» وهو قليل فى الكلام، لا يكادون /يستعملونها إلاّ ومعها «من» كما جاء فى التنزيل: {مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ} (¬3) و {قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً} (¬4) وأنشد سيبويه (¬5): من لد شولا وإلى إتلائها نصب «شولا» بإضمار كان، أى من لدن أن كانت شولا إلى أن أتلت، أى تلتها أولادها، هذا قول أبى علىّ (¬6)، مضافا إلى قول أبى الفتح. وقد جاء «لدن» بغير «من» فيما أنشده يعقوب من قوله (¬7): فإنّ الكثر أعيانى قديما … ولم أقتر لدن أنّى غلام وقال كثيّر: ¬

(¬1) فى هـ‍: النوائب. (¬2) الوساطة ص 450. (¬3) الآية السادسة من سورة النمل. (¬4) سورة الكهف 76. (¬5) الكتاب 1/ 264، والنّكت عليه ص 341، والبسيط ص 499، وشرح ابن عقيل 1/ 255، والمغنى ص 471، وشرح أبياته 3/ 342،6/ 287، والخزانة 4/ 24، واللسان (شول-لدن)، وغير ذلك كثير. (¬6) فى الشيرازيات 20 أ. (¬7) عمرو بن حسّان. شاعر صحابىّ. إصلاح المنطق ص 33،167،364، والخزانة 7/ 112، واللسان (قتر-كثر).

وما زلت من ليلى لدن أن عرفتها … لكالهائم المقصى بكلّ مكان (¬1) زاد اللام فى قوله: لكالهائم. ولدن (¬2) من الظّروف التى لم تتمكّن، لغلبة الإبهام عليها، وفيه لغات: أولها لدن مثل عضد، والثانية لدن مثل عضد، والثالثة لدن مثل عضد، خفّفوه تارة بإسكان أوسطه، وتارة بنقل الحركة إلى أوله، وحرّكوا النون لالتقاء الساكنين، وخصّوها بالحركة التى كانت للدال. والرابعة لد، بحذف النون، كما أنشد سيبويه: «من لد شولا» ووجه حذف النون فيما ذكره أبو علىّ (¬3)، أنهم حذفوها لالتقاء الساكنين، فى قولهم: لد الصّلاة، كما حذفوا التنوين من الأسماء الأعلام، فى نحو زيد بن فلان، ثم أجروا النون فى الحذف، ولم يلقها ساكن، مجراها فى الحذف لالتقاء الساكنين. والخامسة لد، بحذف النون، بعد نقل الضمة إلى اللام. والسادسة لد، بحذف النون وضم اللام، إتباعا لضمة الدال، وإنما يحذفون النون إذا أضافوه إلى المظهر، فإن أضافوه إلى المضمر ردوها، فقالوا: لدنك ولدنه ولدنّا. والسابعة لدن بفتح الدال، وأصل هذه اللغة أنهم حذفوا النون بعد إسكان الدال ¬

(¬1) لم أجده فى ديوان كثير المطبوع فى بيروت، وكذلك لم أجده فى شعر المجنون الذى جمعه الأستاذ عبد الستار فراج رحمه الله. وهو من غير نسبة فى المنصف 3/ 52. (¬2) أعاد ابن الشجرى الكلام على «لدن» فى المجلس التاسع والستين. وانظر حديث «لدن» فى الكتاب 1/ 210،3/ 505،4/ 233، وتأويل مشكل القرآن ص 563، والكشف عن وجوه القراءات 2/ 54، والمخصص 14/ 59، وشرح المفصل 4/ 101، والمساعد 1/ 532، والمغنى ص 168، والهمع 1/ 214، وشرح شواهد الشافية ص 161، واللسان (لدن). وانظر فهارس الخزانة 12/ 597،598، ورحم الله شيخنا عبد السلام هارون رحمة واسعة سابغة. (¬3) الشيرازيات 19 ب،20 أ.

ثم ردّوها، ففتحوا الدال لالتقاء الساكنين، تشبيها للدال بآخر الفعل مع النون الخفيفة، فى نحو: {لَنَسْفَعاً} (¬1) ولا يكون هذا العمل إلا مع غدوة، قال أبو زيد: قالوا (¬2): جئت فلانا لدن غدوة، ففتحوا الدال. وقال سيبويه: شبّهوها بالخفيفة مع الفعل، ففتحوا الدال، كما فتحوا آخر الفعل. قال أبو علىّ: ولم يكن حقّها أن تحذف النون منها، لأن الحذف إنما يكون فى الأسماء المتمكّنة، ولمّا أشبه «لدن» الحروف، لم يحسن الحذف منه، فاستكرهوه وجعلوا النون بمنزلة الزائد، وقد أضيف إلى الفعل فى قول القطامىّ (¬3): صريع غوان راقهنّ ورقنه … لدن شبّ حتّى شاب سود الذّوائب ويمكن أن تكون إضافته إلى الفعل، كإضافة «حيث» إليه، لأنه فى الإبهام مثله، ويمكن أن يكون المعنى: لدن أن شبّ، فحذف «أن» ويقوّى ذلك ثبات «أن» فى قول الأعشى (¬4): أرانى لدن أن غاب رهطى كأنّما … يرى (¬5) بى فيكم طالب الضّيم أرنبا وقال أبو علىّ أيضا: فأمّا ما روي عن عاصم من قراءته {لَدُنْهُ} (¬6) فالكسرة فيه ¬

(¬1) سورة العلق 15. (¬2) أى القشيريون، كما صرّح أبو زيد فى النوادر ص 472، وانظر لإعراب «غدوة» هنا كتاب الشعر ص 9، والمسائل المنثورة ص 298. (¬3) ديوانه ص 44، والمغنى ص 157، وشرح أبياته 3/ 391، والهمع 1/ 215، والأشباه والنظائر 2/ 186، والتصريح على التوضيح 2/ 46، والخزانة 7/ 86. (¬4) ديوانه ص 115. (¬5) فى هـ‍: «يرانى». ورواية الديوان وشرح ديوان المتنبى 2/ 242: يرانى فيهم طالب الحق أرنبا وقد نبهت من قبل على أن شارح ديوان المتنبى ينقل عن ابن الشجرى. (¬6) سورة الكهف 2، وقال ابن مجاهد: «قرأ عاصم فى رواية أبى بكر: (من لدنهى) بفتح اللام، وإشمام الدال الضمة، وكسر النون والهاء، ويصل الهاء بياء فى الوصل، ولم يقرأ بذلك أحد غيره» السبعة ص 388، والكشف لمكّى 2/ 54، وانظر حاشية الصبان على الأشمونى 2/ 264.

ليست كسرة جرّ، وإنما هى كسرة التقاء الساكنين، وذلك أن الدال أسكنت كما أسكنت الباء، من سبع، والنون ساكنة، فلما التقيا كسر الثانى منهما. وقوله: «فأرحام شعر (¬1)» استعار الأرحام للشّعر، وجعلها [متّصلة عند الممدوح، ثم قال: وأرحام مال، فاستعارها للمال وجعلها (¬2)] متقطّعة عند الممدوح، لما سنذكره، والرّحم: علاقة القرابة، ومعنى «تنى» تفتر، قال العجّاج (¬3): فما ونى محمد مذ أن غفر … له الإله ما مضى وما غبر وفى التنزيل: {وَلا تَنِيا فِي ذِكْرِي} (¬4) ومنه قولهم: امرأة وناة: إذا كان فيها فتور عند القيام، فالمعنى: ما تفتر عن التقطّع، والأصل: ما تنى عن أن تتقطّع، فحذف «عن» ثم حذف «أن» فارتفع الفعل. ولدن ولدى وعند نظائر، إلا أن «عند» أمكن منهما. ومن الفرق (¬5) بينها وبينهما أنك تقول: هذا القول عندى صواب، ولا تقول: هو لدىّ صواب، وكذلك لا تقول: قولك لدنّى صواب، وقال أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل العسكرىّ: تقول: عندى مال [وإن كان غائبا عنك، ولا تقول: لدىّ مال إلاّ فى المال الحاضر، لأن لدىّ إنما هو لما يليك، ولا تقول: لدنّى مال (¬6)] وإن كان حاضرا. فقد جعل لعند مزيّة على لدى، وجعل للدى مزيّة على لدن. ¬

(¬1) رجع إلى بيت المتنبى. (¬2) ساقط من هـ‍. (¬3) ديوانه ص 8. (¬4) سورة طه 42. (¬5) حكى هذا عن ابن الشجرى: ابن هشام فى المغنى ص 169، والسيوطىّ فى الهمع 1/ 200، 202، والأشباه والنظائر 2/ 186 (حكاية عن ابن هشام) والأشمونىّ فى شرحه 2/ 264. (¬6) ما بين الحاصرتين ساقط من هـ‍. وجاء الكلام فى كتاب أبى هلال، الفروق اللغوية ص 246 على هذا النحو: «وتقول: عندى مال، ولا تقول: لدنى مال، ولكن تقول: لدنى مال، إلاّ أنك تقول ذلك فى المال الحاضر عندك، ويجوز أن تقول: عندى مال، وإن كان غائبا عنك؛ لأن لدنى هو لما يليك».

وأجاز أبو العلاء المعرىّ أن يقال: لدنّى مال، غائبا كان أو حاضرا، ومنع أن يكون بين عند ولدن فرق، فى جميع أحوالها، وقول أبى هلال أثبت، وقد قاله غيره (¬1)، والذى ذكرته أوّلا من قولهم: هذا القول عندى صواب، وامتناعهم أن يقولوا: هو لدىّ صواب، فرق واضح. قال أبو الفتح: ومعنى البيت أنه يحبّ المديح، فيهين له المال. وقال أبو العلاء: استعار الأرحام للشّعر والمال، كما يفعل الشعراء، فيخرجون الأشياء من أصولها مستعارة، فيقولون: «ماء الصّبابة، وغمام العطاء» انقضى كلامه. وليست الاستعارة مختصّة بالشعر، وإنما هى ضرب من البديع يتّسع فى النثر كاتّساعه فى النظم، وقد كثر ذلك فى القرآن، فمنه استعارة الجناح للذلّ فى قوله تعالى، موصّيا للولد بوالديه: {وَاِخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ} (¬2) أراد: لن لهما من مبالغتك فى الرحمة جانبك متذلّلا، ومنه استعارة الساق لشدّة (¬3) الأمر، فى قوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ} (¬4) ألا ترى أنك تقول لمن يحتاج إلى الجدّ فى أمر: شمّر عن ساقك [فيه (¬5)] واشدد حيازيمك (¬6) له، فيكون هذا القول أوكد فى نفسه من قولك: جدّ فى أمرك. /ومن ذلك قوله تعالى: {وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً} (¬7) ¬

(¬1) قاله محمد بن على، المعروف بمبرمان، والحريرىّ، كما فى المراجع المذكورة. (¬2) سورة الإسراء 24. (¬3) راجع الخصائص 3/ 251. (¬4) سورة القلم 42. (¬5) ليس فى هـ‍. (¬6) جمع حيزوم، وهو الصدر، وقيل: وسطه. (¬7) سورة الفرقان 23.

فحقيقة «قدمنا»: عمدنا، وقدمنا أبلغ، لأنه دلّ فيه على ما كان من إمهاله لهم، حتى كأنه كان غائبا عنهم ثم قدم، فاطّلع منهم على غير ما ينبغى، فجازاهم بحسبه، وقوله: {فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً} حقيقته: أبطلناه حتى لم يحصل منه شيء، فالاستعارة هاهنا أبلغ من الحقيقة. ومن ذلك قوله: {إِنّا لَمّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ} (¬1) حقيقة «طغا» علا وطما، فالاستعارة أبلغ، لأن فيها دلالة على القهر، وذلك أن الطّغيان علوّ فيه غلبة وقهر. ومن ذلك قوله تعالى: {وَاِشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً} (¬2) حقيقته: كثر الشّيب فى الرأس وظهر، فاستعار له الاشتعال، لفضل ضياء النار على ضياء الشّيب. ومن ذلك قوله: {إِنّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً. وَداعِياً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً} (¬3) استعار له السّراج، أو للقرآن، فى قول من قدّر حذف مضاف، فأراد: وذا سراج منير. ومن ذلك استعارة النبىّ صلى الله عليه وآله وسلم للغيرة أنفا، وقد رأى عليّا وفاطمة عليهما السلام، فى بيت فردّ الباب عليهما، وقال: «جدع الحلال أنف الغيرة (¬4)». ¬

(¬1) سورة الحاقة 11. (¬2) الآية الرابعة من سورة مريم. (¬3) سورة الأحزاب 45،46. (¬4) لم أجده فى كتب السنة التى بين يدىّ، ولا فى كتب غريب الحديث التى أعرفها، كذلك لم أجده فى المظانّ الأخرى، مثل المجازات النبوية للشريف الرضىّ، ثم وجدت أبا منصور الثعالبيّ يقول عند كلامه على «أنف الكرم»: «قد تصرّف الناس فى استعارة الأنف بين الإصابة والمقاربة، وأحسن وأبلغ ما سمعت فيها قول النبىّ صلّى الله عليه وسلم: «جدع الحلال أنف الغيرة» ثمار القلوب ص 330، وذكره الميدانىّ فى مجمع الأمثال 1/ 163، ثم قال: «قاله صلّى الله عليه وسلم ليلة زفت فاطمة إلى علىّ رضى الله تعالى عنهما، وهذا حديث يروى عن الحجاج بن منهال يرفعه» وذكره أيضا أبو هلال، فى ديوان المعانى 1/ 101،2/ 95

فالاستعارة تتضمّن من زيادة الفائدة ما لا تتضمّنه الحقيقة، ولولا ذلك كان استعمال الحقيقة أولى، فاختصاص المعرّى الشّعر بهذا الضّرب من البديع، قول من لم يقف على ما فى كتاب الله من الاستعارات المعدودة فى إعجاز القرآن. ثم أقول: إنّ اتصال أرحام الشّعر عند الممدوح يحتمل معنيين، أحدهما: أنه يقبل الشّعر ويثيب عليه، فيحصل بينهما اتّصال، كاتّصال القرابات، والآخر: أنه يمدح بأشعار كثيرة، تجتمع عنده، فيتّصل بعضها ببعض، كاتّصال الأرحام. وكذلك تقطّع أرحام المال يحتمل معنيين، أحدهما: أن يكون اجتماعه عنده كالرّحم بينهما، وتفريقه كقطع الرّحم، والثانى: أن المال لا يجتمع عنده، كما قال (¬1): وكلّما لقى الدّينار صاحبه … فى ملكه افترقا من قبل يصطحبا فمنعه من اجتماع المال كأنه قطع لأرحام مشتبكة بين صنوف الأموال. ... وسئلت عن قوله، فى جملة مسائل وردت من الموصل: كلّ ما لم يكن من الصّعب فى الأن‍ … فس سهل فيها إذا هو كانا (¬2) فأجبت بأنّ «ما» نكرة موصوفة بالجملة، فموضع الجملة خفض، ويكن وكان تامّتان، فى معنى يقع ووقع، وقوله: «من الصّعب» صفة أخرى، فمن متعلّقة بمحذوف، فهى ومجرورها فى موضع خفض، و «سهل» خبر «كلّ» فالتقدير: كلّ شيء غير واقع صعب فى الأنفس، سهل فيها إذا وقع، والمعنى أنّ الأمر يصعب على النّفس (¬3) قبل وقوعه، فإذا وقع سهل، وهذا من قول أعشى باهلة (¬4): ¬

(¬1) ديوانه 1/ 116، وضرائر الشعر ص 152، وأتى به ابن عصفور شاهدا على جواز إضمار «أن» الناصبة للفعل، وإبقاء عملها. (¬2) ديوانه 4/ 241. (¬3) فى هـ‍: «الأنفس». وما فى الأصل مثله فى شرح الواحدى ص 672، والعبارة كلّها فيه. (¬4) اسمه عامر بن الحارث، والبيت من قصيدة تعدّ من عيون المراثى، يرثى بها أخاه لأمه المنتشر بن وهب. ديوان الأعشين ص 266، والأصمعيات ص 91، والتخريج هناك. وانظر النهاية-

لا يصعب الأمر إلاّ ريث يركبه … وكلّ شيء سوى الفحشاء يأتمر معنى لا يصعب الأمر: لا يجده صعبا، كقولهم: أحمدت الرجل، أى وجدته محمودا، وأبخلته: وجدته بخيلا، ومنه قول عمرو بن معديكرب لبنى الحارث بن كعب: «والله لقد قاتلناكم فما أجبنّاكم، وسألناكم فما أبخلناكم، وهاجيناكم فما أفحمناكم (¬1)» أى ما وجدناكم جبناء ولا بخلاء ولا مفحمين، وكذلك أصعبت الأمر: وجدته صعبا. والرّيث: الإبطاء، يقال: راث الخبر: أى أبطأ، يقول: لا يجد الأمر صعبا إلا وقت (¬2) [إبطاء] ركوبه إياه. ... /وسئلت عن قول سحيم عبد بنى الحسحاس (¬3): جنونا بها فيما اعتشرنا علاقة … علاقة حبّ مستسرّا وباديا فأجبت بأن «جنونا» نصب على المصدر، أى جننت جنونا، وقوله: «علاقة» مفعول من أجله، والعلاقة، والعلق: الحبّ الشديد، ومن كلامهم: «نظرة من ذى علق (¬4)» أى من ذى هوى قد علق بمن يهواه قلبه، قال الشاعر (¬5): ¬

= (ريث) 2/ 287، ووقع فيها تحريف فى ضبط البيت، فى الطبعة الأولى-وهى طبعة العثمانية-وفى الطبعة الثانية التى أشرفت عليها، ويغفر لى، إن شاء الله، فقد كان ذلك أول اشتغالى بالعلم. وقد وقع هذا التحريف أيضا فى اللسان (ريث)، وجاء به على الصواب فى (صعب). وقد ذكر الشيخ حمزة فتح الله القصيدة ونصّ على التحريف الواقع فى النهاية، ثم حكى عن ابن الشجرى ما أورده فى شرح البيت. انظر المواهب الفتحية 2/ 21، وانظر أيضا مختارات ابن الشجرى ص 38. (¬1) سبق تخريجه فى المجلس الثانى والعشرين. وزد على ما هناك: تلخيص البيان ص 212. (¬2) ساقط من هـ‍. وهو فى الأصل، والمواهب الفتحية، حكاية عن ابن الشجرى، كما أسلفت. (¬3) ديوانه ص 17، وروايته: «اعتشرنا علالة» وسيشير إليها ابن الشجرى. (¬4) المستقصى 2/ 368، واللسان (علق)، ومجمع الأمثال 2/ 332، وفيه: من ذى علقة. (¬5) عدىّ بن زيد العبادىّ، والبيت فى ذيل ديوانه ص 147، وتخريجه فيه.

علق الأحشاء من هند علق … مستسرّ فيه نصب وأرق أراد: جننت بها لعلاقة، أى لحبّ شديد، ويجوز أن تنصب «علاقة» على البدل من «جنونا»، وقوله: «علاقة حبّ» بدل من قوله: «علاقة» كما تقول: لقيت غلاما غلام بزّاز، فتبين الأول بالثانى. و «مستسرّا» نصب على النعت لقوله: «علاقة حبّ» وذكّر الوصف، والموصوف مؤنّث لأمرين، أحدهما: أن العلاقة بمعنى العلق، والآخر: أنها إذا كانت بدلا من «جنونا» فهى الجنون، وقد ورد تذكير المؤنّث للحمل على المعنى كثيرا، كقول الأعشى (¬1): يضمّ إلى كشحيه كفّا مخضّبا ذكّر الكفّ، لأنه ذهب بها مذهب العضو، ومنه قوله (¬2): فإمّا ترينى ولى لمّة … فإنّ الحوادث أودى بها ذكّر ضمير الحوادث، لأنه ذهب بها مذهب الحدثان، ومنه فى التنزيل تذكير خبر الرّحمة فى قوله تعالى: {إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} (¬3) لأن المراد بالرحمة هاهنا فى بعض التفسير: الغيث. ويجوز أن تجعل «مستسرّا» نعتا لجنونا، والقول الأول أحسن، لقرب النعت من المنعوت، وإذا حقّقنا القول فى معنى العلاقة فهى التعلّق بالحبّ، فلهذا أضافها الشاعر إليه، فيجوز على هذا فى نصب «مستسرّا» وجهان آخران: أحدهما أن تجعله حالا من «حبّ» وإن كان نكرة، وكان مجىء الحال منها ضعيفا، وإنما ¬

(¬1) سبق تخريجه فى المجلس الرابع والعشرين. (¬2) وهذا أيضا تقدم فى المجلس السادس عشر. (¬3) سورة الأعراف 56، وسيتكلم المصنف على هذه الآية بأبسط من هذا فى المجلس التاسع والستين.

أجزت هذا لأمرين، أحدهما: /أن كون الحال من النكرة جائز، يجوز أن تقول: مررت بامرأة جالسة، وهذا رجل مقبلا. والثانى: أن المضاف إلى «حبّ» مصدر، فحبّ منصوب فى المعنى بعلاقة، على أنه مفعول به، وفاعل المصدر محذوف، فالتقدير: علاقتى حبّا، أى تعلّقى إياه، فالعامل فى الحال المضاف الذى هو العلاقة، فليست كالحال التى عمل فيها ما قبل المضاف فى نحو «سلبت سلاحى بائسا (¬1)». والوجه الآخر من وجهى النصب فى «مستسرّ» أن يكون نعتا لحبّ، على معناه، وانتصابه فى هذا الوجه أقوى من انتصابه على الحال، ألا ترى أن مفعول المصدر المجرور، قد عطف عليه المنصوب فى قول الشاعر (¬2): قد كنت داينت بها حسّانا … مخافة الإفلاس واللّيّانا كما وصف فاعل المصدر مجرورا بمرفوع، فى قول لبيد (¬3)، فى وصف العير والأتان: يوفى ويرتقب النّجاد كأنّه … ذو إربة كلّ المرام يروم حتّى تهجّر فى الرّواح وهاجها (¬4) … طلب المعقّب حقّه المظلوم ¬

(¬1) بعض بيت لتأبط شرّا، سبق تخريجه فى المجلس الثالث. (¬2) رؤبة، كما فى الكتاب 1/ 191، وهو من مقطوعة فى ملحقات ديوانه ص 187، وينسب أيضا لزياد العنبرى. انظر النكت على كتاب سيبويه ص 297، وإيضاح شواهد الإيضاح ص 173، وشرح الكافية الشافية ص 1022، وشرح ابن عقيل 2/ 85، والمغنى ص 528، وشرح أبياته 7/ 46، وشرح الشواهد للعينى 3/ 520، والتصريح على التوضيح 2/ 65، والهمع 2/ 145، وشرح الأشمونى 2/ 291، وقد أعاده ابن الشجرى فى المجلس التاسع والأربعين. واللّيّان، بفتح اللام وتشديد الياء التحتية: المطل واللّىّ والتسويف. (¬3) ديوانه ص 127،128، وتخريجه فى ص 376،377، وزد عليه كتاب الشعر ص 268، وإيضاح شواهد الإيضاح ص 174، وما فى حواشيهما. والبيتان أعادهما ابن الشجرى فى المجلس التاسع والأربعين. (¬4) فى الأصل: «وهاجه» وأثبتّ ما فى هـ‍، وهو ما فى الأصل فى المجلس المذكور، وهما روايتان كما فى الديوان.

/ وسئلت فى جملة المسائل الواردة

فعلى هذا تقول: عجبت من ضرب زيد الظريف عمرا، والظريف، خفضا ورفعا، وعجبت من ضرب زيد الظريف عمرو، والظريف، خفضا ونصبا، فهذان وجهان آخران فى نصب «مستسرّ» واضحان. ويروى: جننت بها فيما اعتشرنا علالة والعلالة: البقيّة من كلّ شيء، يقال لبقيّة الحبّ: علالة، وكذلك بقيّة (¬1) اللّبن فى الضّرع، وبقيّة جرى الفرس، فالمعنى: جننت بها لبقية حبّى، والوجه هو الرواية الأولى. واعتشرنا: من المعاشرة، وهى المصاحبة، والعشير: الصاحب، وفى التنزيل: {لَبِئْسَ الْمَوْلى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ} (¬2). / وسئلت فى جملة المسائل الواردة من الموصل، عمّا دار من الكلام بين سيبويه والكسائىّ، بحضرة يحيى بن خالد البرمكىّ. فقلت: إن الكسائىّ، فيما وردت به الرواية، سأل سيبويه، فقال: كيف تقول: «كنت أظنّ أنّ العقرب أشدّ لسعة من الزّنبور، فإذا هو هى، أم فإذا هو إيّاها (¬3)»؟ فقال سيبويه: «فإذا هو هى» ولا يجوز النصب، فقال له الكسائىّ: أخطأت، ثم سأله عن مسائل من هذا النحو، منها: خرجت فإذا عبد الله القائم، والقائم، برفع القائم ونصبه، فقال سيبويه فى ذلك بالرفع دون النصب، فقال الكسائىّ: ¬

(¬1) انظر المعجم فى بقية الأشياء ص 122. (¬2) سورة الحج 13. (¬3) هذه هى المسألة الزنبورية الشهيرة. انظرها فى مجالس العلماء ص 8، والإنصاف ص 702، ومعجم الأدباء 13/ 185،16/ 119 (ترجمة الكسائىّ وسيبويه)، والمغنى ص 93 (مبحث إذا)، والأشباه والنظائر 3/ 29، وانظر طبقات الشافعية الكبرى 9/ 296 - 299. وسفر السعادة ص 549 وحواشيه.

العرب ترفع هذا كلّه وتنصبه، فدفع سيبويه قوله. فقال يحيى بن خالد: قد اختلفتما وأنتما رئيسا بلديكما، فمن ذا يحكم بينكما؟ فقال الكسائىّ: هذه العرب ببابك، قد اجتمعت من كلّ أوب، ووفدت عليك من كلّ صقع، وهم فصحاء الناس، وقد قنع بهم أهل المصرين، وسمع أهل البصرة وأهل الكوفة منهم، فليحضروا ويسألوا. فقال يحيى وابنه جعفر: قد أنصفت، وأمر بإحضارهم، فدخلوا، وفيهم أبو فقعس وأبو زياد (¬1) وأبو الجرّاح وأبو ثروان، فسئلوا عمّا جرى بين الكسائىّ وسيبويه، فتابعوا الكسائىّ، وقالوا بقوله، فأقبل يحيى على سيبويه، فقال له: قد تسمع! فاستكان سيبويه، وأقبل الكسائىّ على يحيى، فقال: أصلح الله الوزير، إنه قد وفد عليك من بلده مؤمّلا، فإن رأيت أن لا تردّه خائبا، فأمر له بعشرة آلاف درهم، فخرج وصيّر وجهه إلى فارس، فأقام هناك ولم يعد إلى البصرة. وأقول: إن الصحيح فى هاتين المسألتين قول سيبويه، لأن «إذا» هذه هى المكانيّة الموضوعة للمفاجأة، فهى (¬2) تؤدّى معنى الظّرف الذى يشار به إلى المكان، / وهو هناك وثمّ، فيجوز أن يقتصر على الاسم المرفوع بعدها، على أنه مبتدأ، وهى خبره، كقولك: خرجت فإذا زيد، المعنى: فثمّ زيد، أو فهناك زيد، فإن جئت بعد المرفوع بنكرة، فلك فيها مذهبان، أحدهما: أن ترفعها بأنها خبر المبتدأ، فتكون «إذا» فضلة، يعمل فيها الخبر، تقول: فإذا زيد قائم، كما تقول: هناك زيد قائم، وفى الدار زيد قائم، والمذهب الآخر: أن تنصب النكرة على الحال، تقول: ¬

(¬1) فى إنباه الرواة 2/ 348: أبو دماذ. (¬2) فى هـ‍: «وهى»، وقد أعاد ابن الشجرى الكلام على «إذا» هذه فى المجلس المتمّ الأربعين.

فإذا زيد قائما، فتكون «إذا» مستقرّا، موضعها رفع بأنها خبر المبتدأ، وهى الناصبة للحال، لنيابتها عن الاستقرار. وقول الكسائىّ: فإذا عبد الله القائم، بنصب القائم، لا وجه له، لأن الحال لا تكون معرفة، وإذا بطل النصب فى القائم، فهو فى الضمير من قوله: فإذا هو إيّاها، أشدّ بطولا. وإنما أنكر سيبويه النصب، لأنه لم يره مطابقا للقياس، ولم ير له وجها يقارب الصّواب، ولما لم يظفر الكسائىّ بحجّة قياسيّة، يدفع بها إنكار سيبويه للنصب، كان قصاراه الالتجاء إلى السّماع، والتشبّث بقول أعراب أحضروا فسئلوا عن ذلك، وكان للكسائىّ بهم أنسة، وسيبويه إذ ذاك غريب طارئ عليهم. وذكر قوم من البصريّين أن الكسائىّ جعل لهم جعلا، استمالهم به إلى تصويب قوله، وقيل: إنما قصد الكسائىّ بسؤاله عمّا علم أنه لا وجه له فى العربية، واتّفق هو والفرّاء على ذلك، ليخالفه سيبويه، فيكون الرّجوع إلى السّماع، فينقطع المجلس عن النّظر والقياس. ... وممّا قاله أبو الطيّب فى صباه قوله (¬1): أحيا وأيسر ما قاسيت ما قتلا … والبين جار على ضعفى وما عدلا أحيا (¬2): فعل متكلّم، والجملة التى هى «أيسر» وخبره فى موضع نصب على الحال من المضمر فى «أحيا» أى أعيش وأقل ما قاسيت، أو أهون ما قاسيت ما قتل غيرى، /أخبر بحياته فى هذه الحال كالمتعجّب، وحقيقة المعنى: كيف أعيش وأهون الأشياء التى قاسيتها فى الهوى الشىء الذى قتل المحبّين؟ ¬

(¬1) ديوانه 3/ 162، والمغنى ص 7، وشرح أبياته 1/ 43، وأمالى ابن الحاجب 3/ 113. وشرح مشكل شعر المتنبى ص 32، وتفسير أبيات المعانى ص 205. (¬2) قدّره ابن هشام: «أأحيا» وحذفت همزة الاستفهام.

مسألة

والضّعف والضّعف: لغتان، كالزّعم والزّعم، والفقر والفقر، وزعم قوم أن الضّعف بالضمّ فى الجسم، والضّعف فى العقل، وليس هذا بقول يعتمد (¬1) عليه، لأن القرّاء قد ضمّوا الضاد وفتحوها فى قوله تعالى: {اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ} (¬2). مسألة إن قيل: كيف كرّر المعنى فى قوله: والبين جار على ضعفى وما عدلا لأنه أثبت للبين الجور، ونفى عنه العدل، والمعنى فيهما واحد؟ فالجواب: أن الجائر فى وقت قد يعدل فى وقت آخر، فيوصف بالجور إذا جار، وبالعدل إذا عدل، وشبيه بذلك فى التنزيل قوله تعالى، فى وصف الأوثان: {أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ} (¬3) فوصفها بأموات قد دلّ (¬4) على أنها غير أحياء، والمعنى أنها أموات لا تحيى فى مستقبل الأزمان، كما يحيى الناس عند قيام الساعة. ومنها (¬5): ¬

(¬1) ابن الشجرى يوافق البصريين فى أن اللغتين سواء، جاء فى اللسان (ضعف) بعد حكاية معنى الفتح والضم: «وقيل هما معا جائزان فى كلّ وجه، وخصّ الأزهرىّ بذلك أهل البصرة، فقال: هما عند أهل البصرة سيّان، يستعملان معا فى ضعف البدن وضعف الرأى». وقد رأيت كلام الأزهرىّ هذا فى كتابه التهذيب 1/ 482، محرّفا هكذا: «قلت: هما عند جماعة أهل البصر باللغة لغتان جيدتان، مستعملتان فى ضعف البدن وضعف الرأى». ويدلك على أن هذا الكلام محرّف ومزال عن وجهه استعمال كلمة «جماعة» فلو كان المراد أهل البصرة والمعرفة، لما كان هناك حاجة إلى استعمال هذه الكلمة. (¬2) سورة الروم 54، وانظر السبعة ص 508، والكشف 2/ 186، وأدب الكاتب ص 555، وإصلاح المنطق ص 91، (باب فعل وفعل باتفاق معنى). (¬3) سورة النحل 21. (¬4) هذا تأويل الأخفش. معانى القرآن له ص 382، وزاد المسير 4/ 437. (¬5) ديوانه 3/ 163.

لولا مفارقة الأحباب ما وجدت … لها المنايا إلى أرواحنا سبلا هذا مأخوذ من قول أبى تمام (¬1): لو حار مرتاد المنيّة لم يجد … إلاّ الفراق على النّفوس دليلا الأحباب: جمع حبّ، كعدل وأعدال، ومثله من الوصف: نقض وأنقاض، ولا ينبغى أن يكون جمع حبيب، كشريف وأشراف، ويتيم وأيتام، لأمرين، أحدهما: أنّ الأول أقيس وأكثر، والثانى: أن يتيما وشريفا من باب فعيل الذى بمعنى فاعل، وحبيبا: فعيل الذى بمعنى مفعول (¬2)، فأصله محبوب، كما أن قتيلا/ أصله مقتول، فقد افترقا. والمصدر الذى هو «مفارقة» مضاف إلى فاعله، وليس بمضاف إلى مفعوله، كإضافة السّؤال فى قوله تعالى: {لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ} (¬3) ولا يحسن أن تقدّر: لولا مفارقة المحبّين الأحباب، وإن كان ذلك جائزا من طريق الإعراب، لأن المحبّ لا يوصف بمفارقة محبوبه، وإيجاد سبيل للمنيّة إلى روحه، وإنما هو مفارق لا مفارق. وقوله: «لها» من الحشو الذى لا فائدة فيه، لأن المعنى غير مفتقر إليه، فهو من الزيادات الموضوعة لإقامة الوزن، وقد حمل عدم الفائدة به بعض أدباء المغرب (¬4) ¬

(¬1) ديوانه 3/ 66، والموضع السابق من ديوان المتنبى، وشرح الواحدى ص 24، والإبانة عن سرقات المتنبى ص 48، والوساطة ص 217، والصبح المنبى ص 220، وشرح أبيات المغنى 4/ 332، وحكى كلام ابن الشجرى. (¬2) وهذا يجمع على أفعلاء، نحو شديد وأشدّاء. شرح ابن عقيل 2/ 366، وانظر تفسير الطبرى 10/ 152، فى تفسير قوله تعالى: وَقالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصارى نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبّاؤُهُ سورة المائدة 18. (¬3) سورة ص 24. (¬4) فى هـ‍: «العرب». وتفسير قوله: «بعض أدباء المغرب». جاء فى الموضع السابق من شرح ديوان المتنبى، قال: «قال ابن القطاع: لها: هى الفاعلة، والمنايا: فى موضع خفض بالإضافة، والمعنى: وجدت لهوات المنايا، فلها: جمع لهاة. وقال: قال لى شيخى محمد بن على التميمى: قال لى أبو علىّ-

على أن جعله جمع لهاة، على حدّ حصاة وحصى، وأضافه إلى «المنايا» ورفعه بإسناد «وجدت» إليه، فاستعار للمنايا لهوات، على معنى [أنها (¬1)] كشىء يبتلع الناس، والمراد أفواه المنايا، ولكنه استعمل اللهاة فى موضع الأفواه، لمجاورة اللهاة للفم، وهذا قول محتمل لو كان مرادا للشاعر، وهو لعمر الله يشبه طريقته فى الاستعارات، وإذا لم يكن مرادا له، حملت «لها» على ما تزيده العرب مبالغة فى التبيين، وإن كان الكلام مستغنيا عنه، كقولك: ما وجدت لى إليك طريقا، فقولك «لى» زيادة، ومثله قول محمد بن يزيد الأموىّ: فلا قدرت عليك يد اللّيالى … ولا وجدت إليك لها سبيلا وقد جاء فى بيت للشّمّاخ ما هو أنفر من هذا، وذلك قوله (¬2): وكنت إذا لاقيتها كان سرّنا … لنا بيننا مثل الشّواء الملهوج (¬3) ¬

= بن رشدين: قلت للمتنبى عند قراءتى عليه: أضمرت قبل الذكر! قال: ليس كذلك، وليست المنايا فاعلة، وإنما هى فى موضع خفض». وقد أورد ابن القطاع هذا التأويل فى رسالته (شرح المشكل من شعر المتنبى) ص 241 من مجلة المورد العراقية-المجلد السادس-العدد الثالث-1397 هـ‍-1977 م-بتحقيق الدكتور محسن غياض. وجاء بهامش أصل الأمالى حاشية: «قال شيخنا ابن هشام: يظهر لى أن الحامل لهذا المقول على ذلك إنما هو إصلاح الإعراب، لا إصلاح المعنى، وذلك أنه لا يتعدّى فعل المضمر المتصل إلى ضميره المتصل، لا يقال: أحسنت إلىّ، بل أحسنت إلى نفسى، كذلك لا يتعدّى فعل الظاهر إلى ضميره المتصل، لا يقال: أحسن زيد إليه، بل أحسن إلى نفسه. وعلى هذه القاعدة الثانية انبنى (؟) أن قوله: «لها» ليس بجار ومجرور مضمر عائد على «المنايا» المتأخرة لفظا، المتقدمة (؟) ومن مجموع الحامل لهذا على ما ذكر الأمرين جميعهما [هكذا] أعنى إصلاح المعنى واللفظ. فإن قلت: ما ذكرته يرتفع بجعل «لها» صفة فى الأصل لسبلا، فلما تقدّم عليه صار حالا. فهذا فى غاية البعد وضعف المعنى، فلا معرّج عليه». انتهت الحاشية. وقد وجدت كلام ابن هشام فى المغنى ص 245 هكذا: «الظاهر أن «لها» من قول المتنبى «لولا مفارقة الأحباب. . . . البيت» جارّ ومجرور متعلّق بوجدت، لكن فيه تعدّى فعل الظاهر إلى ضميره المتصل، كقولك: ضربه زيد، وذلك ممتنع، فينبغى أن يقدر صفة فى الأصل لسبلا، فلما قدّم عليه صار حالاّ منه». ثم حكى ما قيل من أن «لها» جمع لهاة، بعبارات ابن الشجرى. (¬1) ليس فى هـ‍. (¬2) ديوانه ص 76، وتخريجه فى ص 100. (¬3) روى: «كان سرّنا وما بيننا»

مسألة

والمعنى غير مفتقر إلى قوله: «لنا بيننا»، الملهوج من الشّواء: الذى فيه نيوءة. فأما موضع قوله: «لها» فإنه وصف فى المعنى لسبلا، فالأصل: سبلا كائنة لها، فلما قدّمه صار حالا من سبل، ومثله قوله: «إلى أرواحنا» الأصل: سبلا مسلوكة إلى أرواحنا، فلما قدّم بطلت الوصفية فيه، وحكم بأنه حال. مسألة إن قيل: إنّ العادة جرت بأن يقال: ما وجدت إليه سبيلا، ولا يقال: ما وجدت إليه سبلا، فما معنى الجمع هاهنا؟ فالجواب: إنّ ذكر الجمع هاهنا أصحّ فى المعنى، لأنّ فراق المحبوب للمحبّ يوجد للمنيّة سبلا إلى روحه، مباينة للسّبيل الذى جرت عادة المنيّة به، وذلك أن فراقه له إنما يكون فى الأغلب مع الهجر، فالمنيّة تدرك روحه، من طريق العشق، وطريق الفراق، وطريق الشوق، وطريق الهجر، فقد سلكت إلى روحه سبلا شتّى، فلذلك استعمل الجمع. ومنها قوله (¬1): بما بجفنيك من سحر صلى دنفا … يهوى الحياة وأمّا إن صددت فلا الدّنف: المرض الملازم، ويقال للمريض: دنف ودنف، بالكسر والفتح، فإن فتحت لم تثنّ ولم تجمع ولم تؤنّث، لأنه مصدر موصوف به الشخص، كما قالوا: رجل كرم [ورجلان كرم (¬2)] ورجال كرم، وكذلك المؤنّث وتثنيته وجمعه. ¬

(¬1) ديوانه 3/ 163. (¬2) ساقط من هـ‍.

قال الشاعر (¬1): وأن يعرين إن كسى (¬2) … الجوارى فتنبو العين عن كرم عجاف فإن كسرت ثنّيت وجمعت وأنّثت، لأنه صفة، كحذر وبطر. والباء التى فى قوله: «بما» متعلّقة بحال محذوفة، وهى حال من الياء فى «صلى» ¬

(¬1) هو عيسى بن عاتك-أو ابن فاتك-من شعراء الخوارج. والبيت من قصيدة تراها فى شعر الخوارج ص 13، وتخريجها فى ص 150، وقد تمثل بها أبو خالد القنانىّ الخارجىّ. (¬2) وهم كثير من أهل العلم فى ضبط هذا الفعل (كسي) حين اعتبروه مبنيا للمجهول، فضبطوه بضم الكاف وكسر السين، وعلى ذلك جاء فى أصل الأمالى، وجميع طبعات الكتاب الكامل للمبرد التى أعرفها- والكامل هو أقدم مرجع لهذا الشعر-ومنها طبعة وليم رايت، وهى أصح الطبعات القديمة، وطبعة محمد أحمد الدالى، وهى أصح الطبعات الحديثة. والعجب من العلاّمة الشيخ سيد بن على المرصفى، أنه قيّده بالعبارة بفتح الكاف، على الصواب، ثم ضبطه بالقلم بالضم، وقد أخبرنى شيخى محمود محمد شاكر-حفظه الله- وكان ممّن قرأ على الشيخ المرصفى، أنه هو الذى تولى تصحيح كتابه. انظر رغبة الآمل 7/ 81،82. وحقيقة الأمر فى هذا الفعل أنه بوزن فعل، كعرى يعرى، ورضى يرضى. قال ابن هشام: «يقال: كسى زيد، بوزن فرح، فيكون قاصرا-أى لازما-قال: وأن يعرين إن كسى الجوارى فتنبو العين عن كرم عجاف فإذا فتحت السّين صار بمعنى ستر وغطّى، وتعدّى إلى واحد، كقوله: وأركب فى الروع خيفانة كسا وجهها سعف منتشر أو بمعنى أعطى كسوة، وهو الغالب، فيتعدّى إلى اثنين، نحو «كسوت زيدا جبّة». المغنى ص 527 (الباب الرابع). وابن هشام يسمّى هذه التعدية: التعدية بتحويل حركة العين، وابن جنى يسميها التعدية بالمثال، أى بالوزن والبناء. راجع الخصائص 2/ 214. ومن الكتب التى ضبط فيها هذا الفعل على الصواب (كسى) بفتح الكاف: الأضداد ص 26، والخصائص 2/ 292،342، والمخصص 14/ 157،17/ 31، واللسان (كسا). أما الكتب التى ضبطته على غير الصواب فهى: إصلاح المنطق ص 60، والمذكر والمؤنث ص 243، والمنصف 2/ 115، والوحشيات ص 90، وشرح الحماسة ص 284، والأغانى 18/ 108، ومعجم الشعراء للمرزبانى ص 96، وشرح نهج البلاغة 5/ 92، والأساس (كرم)، واللسان (عجف-كرم)، فضلا عن طبعات الكامل كلها، كما أخبرتك، وأشعار الخوارج. وقد استكثرت لك من ذكر هذه الكتب حتى لا تغترّ بشيوع الخطأ وتفشّيه، وتتابع الناس عليه. ويبقى أن أشير إلى أن رواية عجز البيت فى معجم الشعراء: فتنبو العين عن عرّ عجاف وعليها يفوت الاستشهاد. والعرّ، بضمّ العين: الجرب، وقروح فى أعناق الإبل. والعجاف: الهزيلات. وتنبو العين: لا تنظر إليهم.

والباء التى فى قوله: «بجفنيك» نائبة مناب «فى» كما تقول: زيد بالبصرة، ومثله: {لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً} (¬1) وهى متعلقة فى التقدير بفعل لا باسم فاعل، لأنها صلة «ما» والظّروف وحروف الخفض إذا كانت صلات، لم تتعلّق باسم فاعل، لأن اسم الفاعل مفرد، وإن تضمّن ضميرا، من حيث لا اعتداد بالمضمر فيه، والصّلة لا تكون إلا جملة أو ما يقوم مقام الجملة، كالظرف، فالتقدير: صلى دنفا، مسئولة بما فى جفنيك من السحر، /كما تقول: بالله زرنى، أى زرنى مسئولا بالله. قال أبو الفتح: الفاء فى قوله: «فلا» جواب «أمّا» لا جواب «إن»، ومثله: {وَأَمّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ. فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ} (¬2) انقضى كلامه. وأقول: إنما كانت الفاء جواب «أمّا» لأن «أمّا» أسبق المجابين، وجواب الشرط محذوف، دلّ عليه الجواب المذكور، ونظير ذلك قولك: «والله إن زرتنى لأكرمنّك» جعل (¬3) الجواب للقسم لتقدّمه، وسدّ جواب القسم مسدّ جواب الشرط، وكذلك إن قدّمت الشرط جعلت الجواب له، فقلت: إن تزرنى والله أكرمك، وممّا جاء فى التنزيل، من ذكر خبر الأسبق قوله تعالى: {لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ} (¬4) لما كانت اللام فى «لئن» مؤذنة بالقسم، كان الجواب للقسم، وكذلك مجىء لولا فى قوله تعالى: {وَلَوْلا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ} (¬5) ثم مجىء «لو» بعدها فى قوله: ¬

(¬1) سورة آل عمران 96، وقد استشهد ابن الشجرى لمجيء الباء مكان «فى» بشواهد أخرى فى المجلس المتمّ السبعين. (¬2) سورة الواقعة 90،91، وجاء فى الأصل وهـ‍: «فأما» بالفاء. وهو خطأ، ويبدو أنه خطأ قديم، فقد جاء هكذا فى نسختى كتاب الشعر، لأبى علىّ، وانظره ص 64، وقد جاء على الصواب فى المجلس الثانى والأربعين من الأمالى. (¬3) فى هـ‍: وجعلت. (¬4) سورة الحشر 12. (¬5) سورة الفتح 25.

{لَوْ تَزَيَّلُوا} وجاء الجواب فى قوله: {لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا} وجب الحكم بأنه جواب «لولا» لتقدّمها، وهو سادّ مسدّ جواب «لو». وقوله: «يهوى الحياة» تحتمل ألف «يهوى» الإثبات فى الخطّ والحذف، فحذفها للجزم على جواب الأمر، لأن الأمر أحد الأشياء التى تنوب عن الشرط، فالتقدير: صلى دنفا فإن تصليه يهو الحياة، وإثباتها على إجرائه وصفا لدنف، كما جاء الجزم والرفع فى {يُصَدِّقُنِي} من قوله تعالى: {فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي} (¬1) وقول الشاعر: «وأما إن صددت فلا» ممّا حذف منه جملة، حذفها كالنّطق بها، لأن قوله: «يهوى الحياة» دالّ على أنه أراد: فلا يهوى الحياة، والمعنى من قول دعبل (¬2): ما أطيب العيش فأمّا على … أن لا أرى وجهك يوما فلا لو أنّ يوما منك أو ساعة … تباع بالدّنيا إذن ما غلا ... /كرّر المتنبى معنى فى أبيات مختلفة الألفاظ، فضّل فيها الفرع على أصله، فأحسن فيها كلّ الإحسان، فمنها قوله (¬3): فإن تفق الأنام وأنت منهم … فإنّ المسك بعض دم الغزال وقوله فى مرثية أخت سيف الدولة (¬4): فإن تكن تغلب الغلباء (¬5) … عنصرها فإنّ فى الخمر معنى ليس فى العنب ¬

(¬1) سورة القصص 34، وجملة يُصَدِّقُنِي فى رواية رفع القاف صفة لردءا، أو حالا من الضمير فيه. التبيان ص 1020. وقراءة الرفع لعاصم وحمزة، والباقون بالجزم. السبعة ص 494. (¬2) ديوانه ص 121، وتخريجه فيه. (¬3) ديوانه 3/ 20، وأعاده ابن الشجرى فى المجلس الأخير من الأمالى. (¬4) ديوانه 1/ 91، وأعاد ابن الشجرى عجزه فى المجلس المذكور. (¬5) قال الواحدى فى شرحه ص 609: «الغلباء: الغليظة الرقبة، وهو نعت «تغلب» [القبيلة]، وجعلهم غلاظ الرقاب؛ لأنهم لا يذلّون لأحد، ولا ينقادون له».

وقوله (¬1): فإن يك سيّار بن مكرم انقضى … فإنّك ماء الورد إن ذهب الورد وقوله (¬2): وما أنا منهم بالعيش فيهم … ولكن معدن الذّهب الرّغام الرّغام: التّراب. ... ¬

(¬1) ديوانه 1/ 380. وسيأتى فى المجلس الأخير. (¬2) ديوانه 4/ 70. وسيأتى فى المجلس الأخير أيضا.

فصل فى سوى

فصل فى سوى سوى فى الاستثناء معدودة فى الظّروف، فهى فى محلّ نصب على الظّرف، ومؤدية معنى «غير»، فإن فتحت أوّلها مددتها ونصبتها نصب الظرف، فقلت: خرج القوم سواء زيد، ولا يدخل الخافض عليهما إلا فى الشّعر كقوله (¬1): تجانف عن جلّ اليمامة ناقتى … وما قصدت من أهلها لسوائكا أى لغيرك، وأراد عن جلّ أهل اليمامة، أى أكثرهم، وإنما لم يدخل الخافض عليهما، لأنهما من الظروف التى لا تتصرّف، ووجه الظرفية فيهما أنك تقول: أخذت رجلا ليعمل ما أكلّفه سوى زيد، أى مكان زيد، وأنهم قد وصلوا بهما، فقالوا: جاء الذى سوى زيد، ومررت بالذى سواء بكر، وليستا فى باب الاستثناء من/المساواة، وإنما هما مشتملتان على حروف المساواة، ومعناهما معنى «غير»، فإن أخرجتهما من باب الاستثناء جاءتا على ضروب، أحدها: استعمالهما بمعنى المكان المتوسّط بين المكانين، فمن ذلك فى التنزيل: {فَاجْعَلْ بَيْنَنا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ مَكاناً سُوىً} (¬2) أى مكانا يكون النّصف ممّا بيننا وبينك، وكذلك تقول فى الممدودة: هذا مكان سواء، أى متوسّط بين المكانين، وجاء فى ¬

(¬1) الأعشى. ديوانه ص 89، والكتاب 1/ 32،408، وضرورة الشعر ص 221، والتبيين ص 420، واستقصيت تخريجه فى كتاب الشعر ص 453، وأعاده ابن الشجرى فى المجالس: الخمسين، والثامن والخمسين، والتاسع والستين. وانظر الإنصاف ص 294. (¬2) سورة طه 58.

الآية: {سُوىً} و {سُوىً} مكسور الأول ومضمومه، وقد استعملوا المقصورة بمعنى القصد فقالوا: قصدت سوى فلان، أى قصدت قصده، وهذا أغرب (¬1) ما جاء فيها، قال (¬2): فلأصرفنّ سوى حذيفة مدحتى … لفتى العشىّ وفارس الأجراف أراد قصد حذيفة. واستعملوا الممدودة بمعنى الوسط، كما جاء فى التنزيل: {فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَواءِ الْجَحِيمِ} (¬3) أراد فى وسط الجحيم. واستعملوها مصدرا فى معنى اسم الفاعل المشتقّ من الاستواء، كقوله جلّ ذكره: {سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ} (¬4) أى مستو فيه هذا وهذا، ومنه قولهم: «مررت برجل سواء والعدم (¬5)» برفع العدم بالعطف على المضمر فى سواء، والوجه أن تؤكّده بمنفصل فتقول: هو والعدم، فإن رفعت سواء، فلا بد من المنفصل، تقول: سواء هو والعدم، فهو مبتدأ والعدم معطوف عليه، وسواء خبر عنهما. وقد استعملوها للتسوية بين الشيئين المتضادّين، كقولهم: سواء علىّ أقمت أم قعدت، كما جاء فى التنزيل: {سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ} (¬6) أى سواء عليهم ¬

(¬1) فى هـ‍: «إعراب» وما فى الأصل مثله فى المغنى ص 150 حكاية عن ابن الشجرى. (¬2) قيس بن الخطيم. ديوانه ص 127، وتخريجه فى ص 139، وينسب إلى حسان بن ثابت رضى الله عنه. ديوانه ص 496، وانظر شرح أبيات المغنى 3/ 220. والأجراف: اسم موضع. (¬3) سورة الصافات 55. (¬4) سورة الحج 25، والْبادِ بإثبات الياء جاءت فى الأصل وهـ‍. وهى قراءة ابن كثير وأبى عمرو، غير أن ابن كثير يقف بالياء، وأبو عمرو بغير ياء. وقرأ عاصم وابن عامر وحمزة والكسائىّ والمسيّبى عن نافع، بغير ياء فى الحالتين، أى فى الوصل والوقف. السبعة ص 436، وزاد المسير 5/ 419. (¬5) الكتاب 2/ 31، والأصول 2/ 28، والمساعد 2/ 470، والمغنى ص 141،660، وانظر أيضا الأمثال لأبى عبيد ص 307، وجمهرة الأمثال 1/ 518. (¬6) سورة البقرة 6، وانظر سورة يس 10.

إنذارك لهم وترك إنذارك، ومثله: {سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا} (¬1) أى سواء علينا جزعنا وصبرنا. ... سأل حبشىّ (¬2) بن محمد بن شعيب الواسطىّ، عن إعراب قول المتنبى (¬3): /ما لمن ينصب الحبائل فى الأر … ض ومرجاه أن يصيد الهلالا فأجبت (¬4) بأنه يروى «مرجاه» بإضافة «مرجا» إلى الهاء، و «مرجاة» بتاء التأنيث منصوبة نصب المفعول معه، كما تقول: مالك وزيدا؟ فمرجاة مثل مسعاة ومرضاة ومعلاة، وأجاز أبو الفتح فيها الخفض بالعطف على «من» ومن روى «مرجاه» فيحتمل أن يكون فى موضع رفع بالابتداء، و «أن يصيد» خبره، والجملة فى موضع الحال، ويحتمل أن يكون موضعه نصبا على أنه مفعول معه، فالواو فى القول الأول واو الحال، وفى الثانى بمعنى مع، وإن حملته على ما أجازه أبو الفتح فى «مرجاة» من الخفض، فالواو عاطفة، قال أبو الفتح: وهذا مثل ضربه، فأراد: أين هم من الظّفر بك على بعدهم من ذلك؟ وسأل عن قول كعب بن سعد: فقلت ادع أخرى وارفع الصّوت بعدها … لعلّ أبى المغوار منك قريب (¬5) ¬

(¬1) سورة إبراهيم 21. (¬2) ضبطه الذهبىّ بفتح الحاء وسكون الباء وكسر الشين المعجمة. المشتبه ص 210، وحبشىّ هذا ممّن أخذ عن ابن الشجرىّ النحو ولازمه حتى برع فيه. توفى ببغداد سنة 565. إنباه الرواة 1/ 337، ومعجم الأدباء 7/ 214، ونكت الهميان ص 133. (¬3) ديوانه بالشرح المنسوب إلى العكبرى 3/ 144. (¬4) لخّص شارح ديوان المتنبى كلام ابن الشجرى هذا، ولم يعزّه. وبعض كلام ابن الشجرى عند الواحدىّ فى شرحه ص 587. (¬5) خرّجت القصيدة التى منها هذا البيت، فى المجلس العاشر. وانظر البيت الشاهد فى نوادر أبى زيد ص 218، واستقصيت تخريجه فى كتاب الشعر ص 74.

فأجبت بأنه أراد: لعلّ (¬1) لأبى المغوار منك مكان قريب، فخفف (¬2) «لعل» وألغاها كما يلغون «إنّ وأنّ ولكنّ»، إذا خفّفوهن، وكذلك «كأنّ» فى قوله (¬3): وصدر مشرق النّحر … كأن ثدياه حقّان ولمّا حذف اللام المتطرّفة بقى «لعل» ساكن اللام، فأدغمها فى لام الجر، وفتح لام الجر لاستثقال الكسرة على المضاعف، والقياس فى الخطّ أن تكتب منفصلة من لعل. ... ونولك فى قولهم: لا نولك أن تفعل (¬4)، مأخوذ من التّناول للشيء، وهم يريدون به الاختيار، فإذا قالوا: نولك أن تفعل كذا، فمعناه ينبغى لك أن تفعل، والاختيار لك أن تفعل، ويقولون: لا نولك أن تفعل كذا، ومعناه: لا ينبغى لك أن تفعل كذا، ولم يلزم تكريره وإن كان معرفة، لأنه بمعنى لا ينبغى لك، فلم يلزم /تكريره، كما لا يلزم تكرير الفعل إذا دخلت (¬5) عليه «لا» وعلّل المبرّد هذا بقوله: إن الأفعال وقعت موقع الأسماء النكرات التى تنصبها «لا»، وتبنى معها، لأن الأفعال تقع فى مواقع النّكرات، أوصافا وأحوالا، فلذلك لم تحتج إلى تكرير «لا»، ولو قدّرتها تقدير: لا رجل فى الدار ولا امرأة، لقلت: لا يقوم زيد ولا ينطلق، وصار جوابا لمن قال: أيقوم زيد أم ينطلق؟. ¬

(¬1) هذا تأويل أبى على الفارسىّ. نصّ عليه صاحبا الإفصاح ص 110، والمغنى ص 286،441، وانظر الخزانة 10/ 431. وهو فى الموضع السابق من كتاب الشعر. (¬2) المراد بالتخفيف هنا السّكون، بعد حذف اللام الثانية، وقد نبّهت عليه فى المجلس الثامن والعشرين. (¬3) غير مسمّى. والبيت فى الكتاب 2/ 135،140، وتفسير الطبرى 15/ 497، والمنصف 3/ 128، والإنصاف ص 197، والتبيين ص 349، وشرح ابن عقيل 1/ 334، وشرح المفصل 8/ 82، وغير ذلك كثير، تراه فى حاشية الخزانة 10/ 398، وأعاده ابن الشجرى فى المجلسين: السادس والأربعين، والثامن والستين. (¬4) تكلم عليه سيبويه فى الكتاب 2/ 302، وأبو علىّ فى المسائل المنثورة ص 101 واللسان (نول). وسيأتى كلام عليه فى المجلس السابع والستين. (¬5) فى هـ‍: أدخلت.

قال أبو سعيد: وهذا القول لا يصحّ على موضوع أصحابنا، لأنهم يقولون: عوامل الأسماء لا تدخل على الأفعال، والصحيح عندى أن «لا» الواقعة على الفعل، لا يلزمها التكرير، لأنها جواب يمين، واليمين قد تقع على فعل واحد مجحود، فلا يلزم فيها تكرير «لا» كقولك: والله لا أخرج إلى البصرة، بل لا معنى لتكريرها ويمينك واقعة على شيء واحد. ووجه آخر أيضا، وهو أن قولك: لا أفعل، نقيض قولك: لأفعلنّ، كقولك فى نفى: والله لأضربنّ زيدا: والله لا أضرب زيدا، فمن حيث لم يجب ضمّ فعل آخر إلى قولك: لأضربنّ، لم يجب ضمّ فعل آخر إلى قولك: لا أضرب، وأيضا فإن الفعل قد ينفى بلم ولن، ولا يلزمهما تكرير، ف‍ «لا» مثلهما فى أنها تنفى الفعل، وإن كانت تختصّ بجواب اليمين. قال سيبويه (¬1): اعلم أن «لا» قد تكون فى بعض المواضع هى والمضاف إليه بمنزلة اسم واحد، وذلك قولهم: أخذته (¬2) بلا ذنب، وغضبت من لا شيء، وذهبت بلا عتاد، والمعنى: ذهبت بغير عتاد، ومثل ذلك: أجئتنا بغير شيء؟ أى رائقا، وتقول إذا قلّلت الشىء: ما كان إلاّ كلا شيء، وإنك ولا شيئا سواء، ومن هذا النحو قول الشاعر (¬3): /تركتنى حين لا مال أعيش به … وحين جنّ زمان الناس أو كلبا ¬

(¬1) فى الكتاب، الموضع المتقدّم قريبا. وانظر حواشى المقتضب 4/ 358، والمغنى ص 270، وأعاد ابن الشجرى الكلام على هذه المسألة فى المجلس السابع والستين. وقد تصرّف فى عبارة سيبويه بعض التصرف. (¬2) بتاء الخطاب، فى هذا واللذين بعده، كما فى الأصل والكتاب. (¬3) هو أبو الطفيل-واسمه عامر بن واثلة-صحابىّ. راجع أسد الغابة 3/ 145، والإصابة 7/ 231، وتهذيب التهذيب 5/ 82. والبيت من قصيدة رثى بها أبو الطفيل ابنه. راجع الأغانى 15/ 153، والكتاب 2/ 303، والمسائل المنثورة ص 101، والخزانة 4/ 39.

والرفع (¬1) عربىّ جيّد، على قوله: «حين (¬2) لا مستصرخ» و «لا براح (¬3)» والنصب أجود من الرفع، يعنى فى غير البيت الذى أنشده، قال: لأنك إذا قلت: لا غلام، فهى أكثر من الرافعة التى بمعنى ليس، قال الشاعر: حنّت قلوصى حين لا حين محنّ (¬4) وأما قول جرير (¬5): ما بال جهلك بعد الحلم والدّين … وقد علاك مشيب حين لا حين ¬

(¬1) جوّز أبو علىّ الفارسى فى لام «مال» الحركات الثلاث: الجرّ-وهو محلّ الشاهد-على إضافة «حين» إلى «مال» مع إلغاء «لا» وزيادتها فى اللفظ. والرفع على أن تضيف «حين» إلى الجمل، و «لا» عاملة عمل «ليس». والنصب، تجعله كما كان مبنيّا، ولا تعمل الإضافة، كما تقول: جئت بخمسة عشر، فلا تعمل الباء. راجع المسائل المنثورة والخزانة. (¬2) جزء من شطر. للعجاج، تمامه مع ما قبله: والله لولا أن تحشّ الطّبّخ بى الجحيم حين لا مستصرخ ديوان العجاج ص 459، والكتاب 2/ 303، والمسائل المنثورة ص 86، والإنصاف ص 368، وشرح الحماسة ص 506، والهمع 1/ 125، واللسان (طبخ-فنخ-حشش). وأعاده ابن الشجرى فى المجلس الخامس والثلاثين منسوبا لرؤبة، وليس له. وحشّ النار يحشّها حشّا: جمع إليها ما تفرّق من الحطب، وقيل: أوقدها. والطّبّخ: الملائكة الموكّلون بالعذاب. والمفرد: طابخ، وسيأتى شرح المصنّف له فى المجلس الخامس والثلاثين. (¬3) وهذا أيضا جزء من بيت لسعد بن مالك بن ضبيعة. وتمامه: من صدّ عن نيرانها فأنا ابن قيس لا براح وهو بيت سيّار، أعاده ابن الشجرى فى المجالس: الخامس والثلاثين، والتاسع والثلاثين، والسابع والستين، وتراه فى الكتاب 1/ 58،2/ 296،304، والمقتضب 4/ 360، والمسائل المنثورة ص 85، 87، وشرح الحماسة ص 506، والإنصاف ص 367، وما يجوز للشاعر فى الضرورة ص 136، والفصول الخمسون ص 209، والمغنى ص 264،701، وغير ذلك كثير، تراه فى حواشى تلك الكتب. (¬4) نسب فى نسخة من الكتاب إلى العجاج، وليس فى ديوانه المطبوع. الكتاب 2/ 304، وأنشد من غير نسبة فى المقتضب 4/ 358، والأصول 1/ 380، والمسائل المنثورة ص 102. وشرح الجمل 2/ 278، ونصّ البغدادىّ فى الخزانة 4/ 47، على أن البيت من أبيات سيبويه الخمسين التى لا يعرف قائلها، ولا تتمة لها. (¬5) ديوانه ص 557، والكتاب 2/ 305، والمسائل المنثورة ص 102، وشرح الجمل، الموضع السابق، والخزانة 4/ 47، وأعاده ابن الشجرى فى المجلس السابع والستين. وانظر تعقّب البغدادى لابن الشجرى لعدم تنبّهه لعبارة سيبويه.

فإنما هو حين حين، و «لا» بمنزلة «ما» إذا ألغيت. قال أبو سعيد: جئت بغير شيء، إنما يراد به جئت خاليا من (¬1) شيء معك، وهذا معنى قوله: رائقا، لأن الرائق هو الخالى، واشتقاقه من راق الشّراب: إذا صفا، كأنه جاء ولم يعلق به شيء. وقوله: «حين لا حين محن» حين منصوب بلا، كقولك: لا مثل زيد، ولا غلام امرأة، وخبره محذوف، التقدير [حين (¬2)] لا حين محنّ لنا (¬3)، و «حين» الأول مضاف إلى الجملة، التى هى لا حين محنّ لنا، كما تضاف أسماء الزمان إلى الجمل. وأما قول جرير: «حين لا حين» فحين الأول مضاف إلى الثانى، وفصلت «لا» بين الخافض والمخفوض، كفصلها فى: جئت بلا شيء، كأنه قال: حين لا حين فيه لهو ولعب، أو نحو ذلك من الإضمار، لأن المشيب يمنع من اللهو واللّعب. قال سيبويه (¬4): واعلم أن المعارف لا تجرى مجرى النكرات فى هذا الباب، لأن «لا» لا تعمل فى معرفة، فأما قول الشاعر: لا هيثم اللّيلة للمطىّ (¬5) فإنه جعله نكرة، أراد لا مثل هيثم، وقال ابن الزّبير (¬6) الأسدىّ: أرى الحاجات عند أبى خبيب … نكدن ولا أميّة فى البلاد ¬

(¬1) فى هـ‍: «عن». وما فى الأصل جاء مثله فى حواشى الكتاب 2/ 303، عن أبى سعيد السيرافىّ أيضا. (¬2) تكملة من الخزانة 4/ 45، عن الأعلم الشنتمرى. (¬3) هكذا فى الأصل وهـ‍، ونصّ عليه البغدادى وقيّده «بالنون» حكاية عن ابن الشجرى، وجعله ناشر الطبعة الهندية: «لها» بالهاء! (¬4) الكتاب 2/ 296. (¬5) الكتاب، والمقتضب 4/ 362، والأصول 1/ 382، والمسائل المنثورة ص 97، والخزانة 4/ 57، وحواشى تلك الكتب. وقيل فى هيثم هذا: إنه هيثم بن الأشتر، وكان مشهورا بين العرب بحسن الحداء، وبمعرفة البيداء. (¬6) الزّبير، بفتح الزاى، واسمه عبد الله. والبيت فى الموضع السابق من الكتاب، والمقتضب والأصول 1/ 383، والمسائل المنثورة، الموضع السابق، والخزانة 4/ 61، وينسب إلى فضالة بن شريك. انظر ذيل ديوان عبد الله بن الزّبير ص 146.

أراد: ولا أمثال أمية، وقالوا: «قضية ولا أبا حسن (¬1)» قال الخليل: تجعله نكرة، فقلت: كيف يكون هذا، وإنما أرادوا عليّا عليه السلام؟ فقال: لأنه لا يجوز/لك أن تعمل «لا» إلا فى نكرة، فإذا جعلت «أبا حسن» نكرة، حسن لك أن تعمل «لا» وعلم المخاطب أنه قد دخل فى هؤلاء المنكورين (¬2). فإن قلت: لم يرد أن ينفى كلّ من اسمه علىّ، فإنما أراد أن ينفى منكورين، كلّهم فى صفة علىّ، كأنه قال: لا أمثال علىّ لهذه القضية، ودلّ هذا الكلام على أنه ليس لها علىّ، وأنه مغيّب عنها، وإن جعلته نكرة ورفعته كما رفعت «لا براح» فجائز (¬3). ... ¬

(¬1) المعروف: «ولا أبا حسن لها» ولكنه جاء هكذا بطرح «لها» فى الأمالى والكتاب. وانظر المقتضب 4/ 363، وشرح المفصل 4/ 123، والمراجع السابقة. وانظر اللسان (عضل). (¬2) فى الكتاب: فى هؤلاء المنكورين علىّ. (¬3) جاء بهامش الأصل: انتهى الجزء الأول. والحمد لله رب العالمين.

مسألة

مسألة (¬1) إذا قال رجل لامرأته: إن أكلت إن شربت فأنت طالق. الفتيا: أنها إن أكلت ثم شربت، لا يحنث، وإن شربت ثم أكلت حنث، فيكون الشرط الثانى هو الأول فى المعنى، هذا هو الحكم بإجماع الفقهاء. وأما العلّة عند أهل العربية، فينبغى أن تعلم أولا أنه متى كان فى الكلام قسم وشرط، فإنّ الجواب يكون عن الأسبق منهما، مثل أن تقول: والله إن قمت لأقومنّ، لأقومنّ جواب القسم، والشرط معترض، وجوابه فى الكلام، كما سنذكر، وإن تقدّم الشرط كان القسم معترضا، والجواب للشرط، مثل: إن قمت والله قمت، ولا يجوز أن تقول: إن قمت والله لأقومنّ، فتأتى بجواب القسم، وقد تقدّم الشرط، ولا: والله إن قمت قمت، فتأتى بجواب الشّرط وقد تقدّم القسم. فإذا استقرّ هذا وعلم، عدنا إلى المسألة فقلنا: قوله: «إن أكلت إن شربت فأنت طالق» فأنت طالق، جزاء «إن أكلت» وإن شربت، شرط آخر، جوابه إن أكلت فأنت طالق، فقوله: «إن أكلت» فى نية التأخير، وإن تقدّم لفظا، فإذا فعلت الشّرب الذى هو المقدّم فى المعنى وأكلت بعده، وقع الحنث، ومثل هذا قولك: ظننت زيدا قائما، إذا تقدمت ظننت، فليس إلا إعمالها، فإن توسّطت جاز الإلغاء والإعمال، تقول فى الإعمال: قائما ظننت زيدا، فقائما/فى نية التأخير وإن تقدّم فى اللفظ، كذلك قوله: إن أكلت إن شربت فأنت طالق، لمّا كان الجزاء عن الأول، وجب أن يكون الأول بعد الثانى، يتلو الجزاء حكما وتقديرا، فهذه علّة المسألة، فاعلم ذلك إن شاء الله تعالى، والحمد لله وحده، وصلواته على محمد وآله وسلامه. ... ¬

(¬1) سقطت هذه المسألة كلّها من الأصل، وأثبتها من هـ‍. وهذه مسألة «دخول الشرط على الشرط» راجع المساعد 3/ 173، والمغنى لابن هشام ص 614، ولابن قدامة 8/ 358، وبدائع الفوائد 1/ 58، 3/ 245، والكوكب الدرّى ص 452، والبرهان للزركشى 2/ 373.

المجلس الثانى والثلاثون

المجلس الثانى والثلاثون وهو مجلس يوم السبت، ثامن شهر ربيع الأول، من سنة ستّ وثلاثين وخمسمائة. قالت الخنساء، واسمها تماضر بنت عمرو بن الشّريد السّلمية، تبكى من هلك من قومها، وتفتخر بهم: تعرّقنى الدهر نهسا وحزّا … وأوجعنى الدهر قرعا وغمزا (¬1) وأفنى رجالى فبادوا معا … فأصبح قلبى بهم مستفزّا كأن لم يكونوا حمى يتّقى … إذ الناس إذ ذاك من عزّ بزّا وكانوا سراة بنى مالك … وزين العشيرة فخرا وعزّا وهم فى القديم سراة الأدي‍ … م والكائنون من الخوف حرزا وهم منعوا جارهم والنّسا … ء يحفز أحشاءها الخوف حفزا غداة لقوهم بملمومة … رداح تغادر للأرض ركزا ببيض الصّفاح وسمر الرّماح … فبالبيض ضربا وبالسّمر وخزا وخيل تكدّس بالدارعين … وتحت العجاجة يجمزن جمزا جززنا نواصى فرسانها … وكانوا يظنّون أن لا تحزّا ¬

(¬1) ديوانها ص 81، وفى حواشى كتاب الشعر ص 247 فضل تخريج.

ومن ظنّ ممّن يلاقى الحروب … بأن لا يصاب فقد ظنّ عجزا (¬1) نعفّ ونعرف حقّ الجوار … ونتّخذ الحمد والمجد كنزا /تفسير قولها: «تعرّقنى الدهر» البيت (¬2) يقال: عرقت العظم وتعرّقته: إذا أخذت ما عليه من اللحم، ويقال للعظم الذى أخذ لحمه: العراق. والنّهس (¬3): القبض على اللحم بالأسنان ونتره، ومثله النّهش، وقيل: بل النّهش بمقدّم الفم، وهو قول أبى زيد، والأول قول الأصمعىّ. والحزّ: قطع غير نافذ، ومثله الفرض (¬4)، ويكون نافذا، لقولهم: حزّة من بطّيخ، وحزّة من كبد. والقرع: مصدر قرعته بالعصا وبالسيف، والمقارعة بالسّيوف. والغمز: غمزك الشىء اللّيّن بيدك كالتّين ونحوه، أرادت أن الدهر أوجعها بكبريات نوائبه وصغرياتها. وانتصاب «نهسا وحزّا» بتقدير: نهسنى نهسا، وحزّنى حزّا، وإضمار ناصب المصدر المأخوذ من لفظه كثير الاستعمال، كقولهم: «ما أنت إلا نوما وما أنت إلاّ أكلا وشربا (¬5)» يريدون: تنام نوما، وتأكل أكلا، وتشرب شربا، ويجوز أن يكون انتصاب «نهسا وحزّا» على الحال، ووقوع المصدر فى موضع اسم الفاعل، ¬

(¬1) هذا من شواهد الأدب السيّارة، انظر مع المراجع المذكورة فى حواشى كتاب الشعر: التمثيل والمحاضرة ص 64، وبهجة المجالس 1/ 474. (¬2) كتب بإزاء هذا بحاشية الأصل: «العرق: العظم بما عليه من اللحم. [وجمعه عراق] وهو أحد الأسماء التى جاءت بضم الفاء. عن ابن السكيت». وقد حكى بعض هذا عن ابن الشجرىّ: البغدادىّ فى شرح أبيات المغنى 2/ 188، وما بين الحاصرتين أثبتّه منه. وكلام ابن السكيت فى إصلاح المنطق ص 312، واللسان (عرق). (¬3) بالسين المهملة، وسيأتيك الفرق بينه وبين «النهش» بالشين المعجمة. (¬4) فى هـ‍: «القرض» بالقاف. وهو بالفاء فى الأصل واللسان (حزز-فرض) وفى حديث عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، «أنه اتخذ عام الجدب قدحا فيه فرض» قال ابن الأثير: الفرض: الحزّ فى الشىء والقطع. النهاية 3/ 433. (¬5) فى هـ‍: «ما أنت إلاّ أكلا وشربا يريدون تنام نوما. . .».

وموضع اسم المفعول حالا، مما اتّسع استعماله، ويجوز أن يكون انتصابهما بتقدير حذف الجارّ: أى تعرّقنى بنهس وحزّ، ويجوز أن تنصبهما على التمييز، لأن التعرّق لمّا احتمل أكثر من وجه، فجاز أن يكون بالنّهس وأن يكون بالحزّ أو الكشط أو غير ذلك، كان ذكر كلّ واحد منهما تبيينا. وقولها: «قرعا وغمزا» يحتمل الأوجه الأربعة. وكرّرت لفظ «الدهر» فلم تضمره، تعظيما للأمر. والتكرير (¬1) للتعظيم على ضربين، أحدهما: استعماله بعد تمام الكلام، كما جاء فى هذا البيت، وهو كثير فى القرآن، كقوله تعالى: {وَاِتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (¬2) ومنه: {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ السَّماءِ} (¬3). /والضّرب الآخر: مجىء تكرير الظاهر فى موضع المضمر، قبل أن يتمّ الكلام، كقول الشاعر (¬4): ليت الغراب غداة ينعب دائبا … كان الغراب مقطّع الأوداج ومثله فى التنزيل: {الْحَاقَّةُ. مَا الْحَاقَّةُ} (¬5) {الْقارِعَةُ. مَا الْقارِعَةُ} (¬6) كان القياس، لولا ما أريد به من التعظيم والتفخيم: الحاقة ما هى، ومنه قول عدىّ بن زيد (¬7): لا أرى الموت يسبق الموت شيء … نغّص الموت ذا الغنى والفقيرا ¬

(¬1) يسمّى أيضا: التكرار. راجع بحثه فى العمدة 2/ 73، وتحرير التحبير ص 375، وحواشيه. (¬2) سورة البقرة 282. (¬3) سورة البقرة 59. (¬4) جرير. ديوانه ص 136، وتخريجه فى ص 1059. (¬5) أول سورة الحاقة. (¬6) أول سورة القارعة. (¬7) ديوانه ص 65، وتخريجه فى ص 213، وزد عليه: الخصائص 3/ 53، والمغنى ص 554، وضرورة الشعر ص 190، وما فى حواشيه. وأعاده ابن الشجرىّ فى المجلس السادس والثلاثين.

فكرّر لفظة «الموت» ثالثة، وهو من الضّرب الأول. ومثل قوله تعالى: {الْحَاقَّةُ. مَا الْحَاقَّةُ} قوله: {فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ. وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ} (¬1) كرّر لفظ {أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ} تفخيما لما ينيلهم من جزيل الثّواب، وكرّر لفظ {أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ} تعظيما لما ينالهم من أليم العذاب. وأمّا قوله تعالى: {وَالسّابِقُونَ السّابِقُونَ} (¬2) فليس هذا تكريرا من الفنّ الذى قدّمت ذكره، ولكنه يحتمل وجهين، أحدهما: أن يكون توكيدا، كتكرير الجمل للتوكيد، نحو قوله تعالى: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً. إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً} (¬3) وكقول الخنساء (¬4): هممت بنفسى بعض الهموم … فأولى لنفسى أولى لها وكقول القائل (¬5): وكلّ حظّ امرئ دونى سيأخذه … لا بدّ لا بدّ أن يحتازه دونى وكقول عمرو بن كلثوم (¬6): ¬

(¬1) سورة الواقعة 8،9. (¬2) سورة الواقعة 10. (¬3) سورة الشرح 5،6، وقد تكلّم ابن الشجرىّ على السورة كلّها فى المجلس السادس والسبعين. (¬4) ديوانها ص 121، والخصائص 3/ 44، وتفسير القرطبى 19/ 115، واللسان (ولى). وأعاده ابن الشجرى فى المجلس السادس والسبعين. (¬5) عروة بن أذينة. والبيت من قصيدته الجيدة التى يقول فيها: لقد علمت وما الإشراف من خلقى أن الذى هو رزقى سوف يأتينى أسعى له فيعنّينى تطلّبه ولو جلست أتانى لا يعنّينى ديوانه ص 386، وتخريجه فيه. وسيعيده ابن الشجرى فى المجلس المذكور. و «الإشراف» بالشين المعجمة-وهى الرواية العالية-ومعناه الاستشراف والتطلّع إلى أمور الدنيا ومكاسبها. (¬6) تمامه: ألمّا تعرفوا منّا اليقينا شرح القصائد السبع ص 413، وكتاب الشعر ص 5.

إليكم يا بنى بكر إليكم وممّا جاء فيه من هذا الضرب تكرير ثلاث جمل، قول الآخر: فأين إلى أين النّجاء ببغلتى … أتاك أتاك اللاّحقوك احبس احبس (¬1) أراد: إلى أين تذهب؟ إلى أين تذهب؟ أتاك اللاّحقوك، أتاك اللاحقوك، احبس البغلة احبس البغلة، فحذف الفعل والفاعل من اللّفظين الأوّلين، وحذف الفاعل من أحد اللفظين الثانيين، وحذف المفعولين من اللّفظين الثالثين، وحذف أحد الفاعلين من قوله: «أتاك أتاك اللاّحقوك» يقوّى (¬2) ما ذهب إليه الكسائىّ من حذف الفاعل، فى باب إعمال الفعلين، ألا تراه لو أضمر الفاعل ولم يحذفه، لقال: أتوك أتاك اللاّحقوك، أو أتاك أتوك اللاّحقوك. ومن تكرير المفرد قول القائل (¬3): أبوك أبوك أربد غير شكّ … أحلّك فى المخازى حيث حلاّ ¬

(¬1) شرح ابن عقيل 2/ 168، وقطر الندى ص 320، وشرح الشواهد للعينى 3/ 9، والتصريح 1/ 318، والهمع 2/ 111،125، وشرح الأشمونى 2/ 98، والخزانة 5/ 158. قال البغدادىّ: «وهذا البيت مع شهرته لم يعلم له قائل ولا تتمّة». ويبقى أن أشير إلى أنه يأتى فى بعض الكتب «أتاك أتاك» بكسر الكاف، كأنه خطاب للبغلة، والصحيح أنه بالفتح، والشاعر يخاطب صاحبه، يقول: لا نجاة لك من اللاحقين، فشجّع نفسك ولا تظهر الجزع. قاله أحمد بن الأمين الشنقيطى، فى الدرر 2/ 158، قلت: وقد يكون الشاعر يخاطب نفسه. ويروى: اللاحقون. (¬2) فى الأصل: «وهذا يقوّى»، وأثبتّ ما فى هـ‍. (¬3) هكذا فى هـ‍. وفى الأصل: «قول الفرزدق»، ولم أجده فى ديوان الفرزدق المطبوع. والبيت مع بيت بعده لجميل فى شرح الحماسة للمرزوقى ص 314، وعنه ديوان جميل ص 191. ونسبا لمساور بن مالك القينى، فى الأشباه والنظائر للخالديّين 2/ 270. والبيت الشاهد من غير نسبة فى الخصائص 3/ 102، والاقتضاب ص 308، وجعله ابن السّيد فى هجاء ابن ميّادة، وهو الرمّاح بن أبرد، وعليه فقد رواه: «أبوك أبرد»، وخطّأ رواية الحماسة «أربد». وانظر مقدمة شعر ابن ميادة ص 24، ولم يزد محقّقه شيئا على ما ذكره ابن السّيد البطليوسى. وجاء بهامش أصل الأمالى: «هذا البيت وما معه من الشرح كلّه كلام ابن جنى فى كتاب مشكل أبيات الحماسة، من أوائل الحماسة».

رفع الأب الثانى على الإبدال من الأول، ورفع «أربد» بدلا من الثانى، وقوله: «أحلّك فى المخازى حيث حلاّ» خبر عن الأوّل، ولم يكفه هذا التكرير للتوكيد، حتى زاد فى توكيده، فقال: «غير شكّ» وأجازوا فيه أن يكون الأب الثانى خبرا عن الأول، كقول العجلىّ (¬1): أنا أبو النّجم وشعرى شعرى أى شعرى شعرى الذى قد سمعتم به، ونحوه قول الآخر: إذ الناس ناس والبلاد بلاد (¬2) فعلى هذا يكون المعنى: أبوك أبوك الذى شاعت مخازيه، والمخازى: جمع مخزاة، وهى كلّ فعل قبيح، يخزى فاعله، أى يعرّضه للخزى، وهو الطّرد والمقت، ويقال منه: أخزاه الله. وقوله: «غير شكّ» أى حقّا (¬3)، كأنه قال: لا شكّا، أى لا أشكّ شكّا. ومن تكرير الجملة قول عنترة (¬4): أبينا أبينا أن تضبّ لثاتكم … على مرشقات كالظّباء عواطيا اللّثة: لحم الأسنان، وتضبّ: تسيل من الشّهوة، يقال: ضبّ فوه يضبّ، ¬

(¬1) أبو النجم. ديوانه ص 99، وتخريجه فى ص 246، عن الإفصاح ومعاهد التنصيص ليس غير، وزد عليه ما فى حواشى كتاب الشعر ص 320. (¬2) صدره باختلاف فى الرواية: بلاد بها كنّا وكنا نحبّها وينسب لرجل من عاد، وله قصة، انظرها فى الأغانى 21/ 93، والخصائص 3/ 337، ووفيات الأعيان 6/ 111 (ترجمة الهيثم بن عدىّ). وروى فى يتيمة الدهر 4/ 271 (ترجمة بديع الزمان الهمذانى): إذ الناس ناس والزمان زمان وانظر بهجة المجالس 1/ 796 وحواشيه، والمغنى ص 733، وشرح أبياته 8/ 20. (¬3) ويريد أن «غير» منصوب على المصدر، صرّح به المرزوقىّ فى الموضع المذكور من شرح الحماسة. (¬4) ديوانه ص 193، والأساس واللسان (ضبب).

وبضّ يبضّ: إذا سال، ويقال لمن اشتهى شيئا: إنّ فمه يتحلّب من الشّهوة، ويقال: جاء فلان تضبّ لثته: إذا جاء وهو حريص على الشىء. يقول: أبينا أن تضبّ لثاتكم على نسائنا، من الشّهوة لهنّ، أى أبينا أن تأخذوهنّ/وأنتم حراص عليهنّ. والمرشقات من الظّباء: اللّواتى يمددن أعناقهنّ إذا نظرن، يقال: أرشقت الظّبية، وروى بعضهم: رشقت، وليست بشائعة. والعواطى: اللّواتى يتناولن الأغصان يجذبنها ليأكلن ما فيها من الثمر، ونصب «عواطى» على الحال. والوجه الثانى من وجهى: {وَالسّابِقُونَ السّابِقُونَ} أن يكون السّبق الثانى غير الأول، فيكون الثانى خبرا عن الأول، والمراد: السابقون إلى الإيمان السابقون إلى الجنّة، وإذا جعلت الثانى توكيدا، فخبر الأول {أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ}. وقولها: «فبادوا معا» انتصاب «معا» على الحال، بمنزلة جميعا، وهو فى الأصل ظرف موضوع للصّحبة، وأجاز بعض النحويين أن يكون حرفا، وتنوينه ودخول الجارّ [عليه (¬1)] يخرجانه من الحرفيّة، وذلك فيما رواه البصرىّ والكوفىّ، فى قولهم: جئت من معهم، وكان معها فانتزعته من معها، كما تقول: كان عندها فانتزعته من عندها، فتغيّر آخره لتغيّر العامل فيه، وتنوينه إذا استعمل حالا يدخلانه فى حيّز الأسماء، وذهب أبو علىّ إلى أنّ من فتحه، فهو عنده ظرف، ومن أسكنه جعله حرفا، أراد أن من أسكنه نزّله منزلة الأدوات الثّنائية، نحو هل وبل، وقد، وأنشد (¬2) فى ذلك: ¬

(¬1) ليس فى هـ‍. (¬2) فى الأصل: «وأنشدوا». وأثبتّ ما فى هـ‍، وهو الذى فى المجلس التاسع والستين.

فريشى منكم وهواى معكم … وإن كانت زيارتكم لماما (¬1) وإنّما ذهب من ذهب إلى كونه حرفا، لمجيئه على حرفين، ولا يعلم له أصل فى بنات الثلاثة. قال أبو العباس ثعلب: سألت (¬2) ابن قادم: ما الفرق بين قام زيد وعمرو معا، وقام زيد وعمرو جميعا؟ فجعل يركض إلى الليل، فلما ضجّ (¬3) قلت له: قام زيد وعمرو معا، وقع القيام منهما فى وقت واحد، لا يكون إلا هذا، وقام زيد وعمرو جميعا، /يجوز أن يكون القيام منهما وقع فى وقت واحد، ويجوز أن يكون وقع فى وقتين، وكذلك مات زيد وعمرو جميعا، يكون زمان موتهما مختلفا، ومات ذا مع ذا، لا يكون موتهما إلا فى وقت واحد. وعند بعض النحويين أن «معا» فى قولك: جاءوا معا، ينتصب على الظرف، كانتصابه فى قولك: معهم، وإنما فكّت إضافته وبقيت علّة نصبه على ما كانت عليه، والصحيح ما ذكرته أولا، لأنه قد نقل من ذلك الموضع، وصار معناه معنى جميعا. وقولها: «مستفزّا» أى مستخفّا، يقال: استفزّ فلان فلانا، بمعنى استخفّه، وفى التنزيل: {وَاِسْتَفْزِزْ مَنِ اِسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ} (¬4). وقولها: كأن لم يكونوا حمى يتّقى الحمى: نقيض المباح، وعزّ هاهنا: معناه غلب، من قول الله عز وجل: ¬

(¬1) لجرير، وهو فى ديوانه ص 225، برواية: «وهواى فيكم»، وعليها يفوت الاستشهاد. والبيت برواية النحاة فى الكتاب 3/ 287، ونسب فيه للراعى، وهو فى ملحق ديوانه ص 311. وانظره فى شرح المفصل 2/ 128،5/ 138، ورصف المبانى ص 329، والجنى الدانى ص 306، واللسان (معع) وغير ذلك مما تراه فى حواشى تلك الكتب. وأعاده ابن الشجرى فى المجلس التاسع والستّين. (¬2) مجالس ثعلب ص 386، وقد تصرّف المصنّف فى كلام ثعلب؛ ليبلغ به ما درج عليه من السّهولة واليسر. (¬3) فى المجالس: فلمّا أصبح. (¬4) سورة الإسراء 64.

{وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ} (¬1). وبزّ: معناه سلب، تقول: بززت الرجل: إذا سلبته سلاحه، ويقال للسلاح المسلوب: هذا بزّ فلان. و «من» فى البيت بمعنى الذى، وموضعها مع «عزّ» رفع بالابتداء، و «بزّ» خبرها، والجملة التى هى المبتدأ وخبره، خبر عن المبتدأ الأول الذى هو «الناس» والعائد إلى الناس محذوف، كما حذفوه من قولهم: «السّمن منوان بدرهم (¬2)» يريدون: منوان منه، وكذلك التقدير: من عزّ منهم بزّ، ولا يجوز أن يكون «إذ ذاك» خبرا عن الناس، لما ذكرته لك من امتناع الإخبار بظروف الزمان عن الأشخاص، وإذا بطل أن يكون «إذ ذاك» خبرا عن «الناس» بقى أن يتعلّق ببزّ. ولا يجوز أن تكون «من» شرطية، لأن الشرط وجوابه لا يعمل واحد منهما فيما قبله بإجماع البصريّين، كما لا يتقدّم على الاستفهام ما يكون فى حيّزه، وأجاز قوم من البغداديين (¬3) أن يعمل جواب الشرط فيما تقدّم عليه، لمفارقته الاستفهام بكونه جزاء، فعلى قول هؤلاء تحتمل «من» أن تكون شرطا. /فأما «ذاك» فموضعه رفع بالابتداء، وخبره محذوف، أى ذاك كائن أو موجود، ولا يجوز أن يكون موضع «ذاك» على انفراده خفضا، لأن «إذ» لا تضاف إلاّ إلى جملة، فموضع الجملة التى هى «ذاك» وخبره جرّ. وقولها: «وكانوا سراة بنى مالك» سراة القوم: سادتهم، ذوو السخاء والمروءة، واحدهم: سرىّ، وانتصاب «فخرا وعزّا» على التمييز، والعامل فيهما المصدر الذى هو الزّين. ¬

(¬1) سورة ص 23. (¬2) الأصول 1/ 69،2/ 302، وكتاب الشعر ص 247،314،548. (¬3) انظر كتاب الشعر ص 247.

مسألة

مسألة إن قيل: لم حذفوا من الخطّ ألف ملك وصلح وخلد، إذا سمّوا بهنّ، ولم يحذفوا ألف سالم وعامر؟ قيل: لمّا كثرت التسمية بهؤلاء الثلاثة وأمنوا اللّبس فيهنّ، لأنهم لم يسمّوا بملك ولا بصلح ولا بخلد، حذفوا ألفاتهنّ، تخفيفا (¬1)، لأنهم يعتمدون التخفيف فى الخطّ، كما يعتمدونه فى اللفظ، ولم يحذفوا ألف سالم وعامر، مخافة الالتباس بسلم وعمر، ونظيرهنّ فى ذلك حارث (¬2)، حذفوا ألفه، لأنهم لم يسمّوا بحرث. وقولها: «فى القديم سراة الأديم» سراة الشىء: ظاهره، وجمعها فى البيت بين القديم والأديم، يسمّى فى صناعة الشعر: الترصيع، ومنه قول امرأة (¬3) جاهلية فى مرثية: رفّاع ألوية شهّاد أندية … سدّاد أوهية فتّاح أسداد قوّال محكمة نقاّض مبرمة … فرّاج مبهمة طلاّع أنجاد قولها: «سدّاد أوهية» الوهى: الشّقّ فى الأديم وغيره، والواهى: المنشقّ، وليس (¬4) حقّ فاعل أن يجمع على أفعلة، ولكنها أتبعته الألوية والأندية، كما قالوا: إنى لآتيه بالغدايا والعشايا، والغداة لا تجمع على الغدايا، وإنما أتبعوها العشايا، فإذا ¬

(¬1) ويجوز فيهنّ إثبات الألف أيضا. قاله ثعلب، وحكاه أبو حيان عن بعض شيوخه. ذكره السيوطىّ فى الهمع 2/ 240. لكنى أنبّه هنا إلى أن ألف «مالك» قد ثبتت فى أصل الأمالى، فى بيت الخنساء. (¬2) فى هذا تفصيل حكاه السيوطىّ، قال فى الكلام على حذف الألف: «وحذفت أيضا من الحارث علما؛ لكثرة الاستعمال، بخلافه صفة، وشرطه أيضا ألاّ يجرّد من الألف واللام، فإن جرّد منها كتبت بالألف، نحو حارث، لئلاّ يلتبس بحرث علما، واللبس مع اللام مفقود؛ لأنها لا تدخل على كلّ علم». (¬3) هى فارعة بنت شدّاد المرّيّة، ترثى أخاها مسعود بن شدّاد. والبيتان من قصيدة تنسب لفارعة، ولعمرو بن مالك النخعىّ، ولأبى الطّمحان القينىّ. حماسة ابن الشجرى ص 304، وأمالى القالى 2/ 324، والسّمط ص 970، وفيه فضل تخريج. وانظر قواعد الشعر لثعلب ص 88. (¬4) فى هـ‍: وليس فاعل يجمع على أفعلة.

أفردوا لم يقولوا: غدايا، ومثله فى الإتباع قول الآخر (¬1): هتّاك أخبية ولاّج أبوبة … يخلط بالجدّ منه البرّ واللّينا جمع الباب على أبوبة، لمكان أخبية، ولو أفرد لم يقل: أبوبة. والأندية ليست بجمع ناد، لما قلنا من أن فاعلا (¬2) لا يجمع على أفعلة، ولكنها جمع نديّ، كرغيف وأرغفة، وهو مجلس القوم ومتحدّثهم، وفى التنزيل: {وَأَحْسَنُ نَدِيًّا} (¬3). وقولها: «قوّال محكمة» أى قصيدة محكمة. و «نقّاض مبرمة» أى قضية مبرمة، من قولهم: أبرمت الأمر: أى أحكمته، وأبرمت الحبل: إذا ضفرته فأجدت ضفره، وفى التنزيل: {أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنّا مُبْرِمُونَ} (¬4). وقولها: «فرّاج مبهمة» أى خطّة مبهمة، والخطّة: الأمر الشاقّ، وكلّ أمر ملتبس خطّة، وإذا (¬5) بولغ فى وصفه بشدة الالتباس، قيل: خطّة عوصاء، والمبهم من الأمور والأبواب: الذى ما له مأتى، قال: الفارجو باب الأمير المبهم (¬6) ¬

(¬1) تميم بن مقبل. وقيل: القلاخ بن جناب. والبيت مفرد فى ذيل ديوان تميم ص 406، وتخريجه فيه، وزد عليه المنصف 2/ 326، من غير نسبة. (¬2) هذا هو القياس، ولكن «النادى» جمع سماعا على أندية. راجع اللسان، والمصباح (ندى)، وجمع أيضا على أنداء، فى حديث أبى سعيد الخدرىّ رضى الله عنه: «كنّا أنداء فخرج علينا رسول الله صلّى الله عليه وسلم». قال ابن الأثير: «الأنداء: جمع النادى، وهم القوم المجتمعون» النهاية 5/ 37. (¬3) سورة مريم 73. (¬4) سورة الزخرف 79. (¬5) فى هـ‍: وإن. (¬6) نسبه سيبويه فى الكتاب 1/ 185، لرجل من بنى ضبّة، وهو من غير نسبة فى المقتضب-

وقولها: «طلاّع أنجاد» الأنجاد: جمع نجد، وهو ما ارتفع من الأرض، وقالوا أيضا فى جمعه: أنجد، وهو القياس (¬1). ومن مستحسن الترصيع فى الشّعر المحدث قول مروان بن أبى حفصة (¬2): هم القوم إن قالوا أصابوا وإن دعوا … أجابوا وإن أعطوا أطابوا وأجزلوا وقول المتنبى (¬3): معطى الكواعب والجرد السّلاهب وال‍ … بيض القواضب والعسّالة الذّبل وقوله (¬4): فنحن فى جذل والروم فى وجل … والبرّ فى شغل والبحر فى خجل /ومن قيل الخنساء أيضا (¬5): طويل النّجاد رفيع العما … د ساد عشيرته أمردا يحمّله القوم ما عالهم … وإن كان أصغرهم مولدا يقال: عالنى الشىء: أى أثقلنى وغلبنى، وقد ورد هذا الفنّ من البديع فى القرآن، فمنه ما اختلف إعرابه، ومنه ما جاء متّفق الإعراب، فما اختلف إعرابه قوله ¬

= 4/ 145، والفصول الخمسون ص 219، وأساس البلاغة (بهم)، وفيه وفى الكتاب: الفارجى. وانظر زيادة تخريج فى حواشى الكتاب. (¬1) فإن قياس «فعل» أن يجمع على «أفعل» جمع قلة، نحو فلس وأفلس، وكلب وأكلب، وشهر وأشهر. (¬2) ديوانه ص 88، وتخريجه فى ص 128. والقصيدة فى حماسة ابن الشجرى ص 386، وكنوز العرفان لابن قيم الجوزية ص 223، وابن القيم يسمّى هذا اللون من البديع: السّهل الممتنع-وهو أقرب إلى الوصف من التعريف-ويسمّيه ابن أبى الإصبع: التسميط، وابن معصوم: المناسبة اللفظية، وأنشدا البيت. تحرير التحبير ص 295، وأنوار الربيع 3/ 365. (¬3) ديوانه 3/ 79. (¬4) ديوانه 3/ 80، وتحرير التحبير ص 299، وجعله ابن أبى الإصبع من باب التجزئة، وهو عند ابن معصوم من باب التسجيع. أنوار الربيع 6/ 249. (¬5) ديوانها ص 30.

تعالى: {وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بادُونَ فِي الْأَعْرابِ} (¬1) ومما اتفق إعرابه قوله عز وجل: {وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ} (¬2) وقوله: {فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ} (¬3) وليس {الْعَذابُ} رأس آية عند جميع أصحاب الأعداد، إلا الكوفيّين (¬4). وقولها: يحفز أحشاءها الخوف حفزا الحفز: الدّفع، والحفز: الطّعن بالرّمح، والحفز: السّوق والحثّ. وقولها: «بملمومة رداح» أى بكتيبة ملمومة، وهى التى كثر عددها، واجتمع فيها المقنب إلى المقنب، والرّداح: الكثيرة الفرسان، وامرأة رداح: ثقيلة الأوراك. والرّكز: الصوت الخفىّ، وفى التنزيل: {أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً} (¬5). وقولها: «ببيض الصّفاح وسمر الرّماح» جمعها بين الصّفاح والرّماح، كجمعها القديم والأديم، ويقال لكلّ سيف عريض: صفيحة، وقياسها فى الجمع صفائح، كسفينة وسفائن، وليس حقها أن تجمع على فعال، وجمعها على الصّفاح يحتمل وجهين، أحدهما: أن يكونوا جمعوها أوّلا على الصّفيح، كالسفينة والسّفين، ثم جمعوا الصّفيح على الصّفح، قياسا على رغيف ورغف، وكثيب وكثب، ثم جمعوا الصّفح على الصّفاح، كالمشط والمشاط، ومثله جمع الجمد، ¬

(¬1) سورة الأحزاب 20. (¬2) سورة الإسراء 55. (¬3) سورة الحديد 13. (¬4) انظر جمال القراء ص 220، وبصائر ذوى التمييز 1/ 453. (¬5) آخر سورة مريم.

وهو المكان/المرتفع، على الجماد، ومما (¬1) جاء جمع جمع الجمع قولهم: أصائل، والواحد: أصيل، فقدّروا جمعه على أصل، كقضيب وقضب، ثم جمعوا الأصل فى ¬

(¬1) من هنا إلى آخر الفقرة حكاه أبو حيان فى كتابه «تذكرة النحاة» ص 372 - 375 ثم ذكر بعده كلام ابن الخشاب الذى تعقّب به ابن الشجرى: «قال ابن الخشّاب: أخطأ من عدّة وجوه: أصيل وزنه فعيل، والهمزة فاء والصاد عين واللام لام، فليحفظ هذا للحاجة إليه فيما يأتى، فقوله: «فقدروا جمعه على أصل» لا يسع نحويّا جهل جمع أصيل على أصل، لأن ذلك ظاهر متردّد فى كلامهم. قال الأعشى: ولا بأحسن منها إذ دنا الأصل وقال آخر [طرفة-ديوانه ص 146]: وجامل خوّع من نيبه زجر المعلّى أصلا والمنيح وما وجد مستعملا لا يقال له: مقدّر، بل يقال: جمع على كذا، لكنه لم يعرفه، وباب الجمع وإن غلب عليه السماع والقياس فيه يسمّى أكثريّا، فلا يعذر نحويّ فى جهل ظواهره. وقوله: «ثم جمعوا الأصل فى التقدير على آصال، كمشط وأمشاط» إن كان آصال جمعا لأصل، فلا يحتاج أن يقول: إنه مقدّر، لأنّ فعلا قد جاء فى جمعه أفعال، مجيئا صالحا، ولكن هاهنا فرق، وهو أن فعلا يجمع على أفعال إذا كان مفردا، كعنق، والجمع لا يقدم على جمعه إلا بسماع، ومن قاسه فقد جهل، ألا ترى أنه لم يجيء فى كتب وكثب ورسل وعجز: أفعال، فلا وجه لتمثيله بالمفرد وتشبيهه به وحمله عليه. . . . وبعد فالأولى فى الآصال أن يكون جمعا لأصيل من أول وهلة، لا جمعا لجمعه الذى هو أصل، فإن جمع فعيل على أفعال جاءت منه حروف صالحة العدّة. . .» ذكر منها أمثلة كثيرة منها: يتيم وشريف ونجيب. ثم قال: وقوله: جمعوا الآصال إلى آخره، خطأه ظاهر، لأنه جعل الصاد فاء، وهى عين الكلمة». ثم اندفع ابن الخشّاب فى كلام طويل لا يتحمّله هذا المقام. وانظر ارتشاف الضرب 1/ 219. هذا وقد أنكر السهيلىّ أن يوجد فى الكلام «جمع جمع الجمع» وذهب إلى أن الأصائل جمع أصيلة، والأصيلة لغة معروفة فى الأصيل، وجمع الأصيل: أصل. أما آصال عنده فهى جمع أصل الذى هو اسم مفرد فى معنى الأصائل، لا جمع أصل، الذى هو جمع. ثم أورد كلاما كثيرا فى المسألة ختمه بقوله: «ولا أعرف أحدا قال هذا القول-أعنى جمع جمع الجمع-غير الزجاجى وابن عزيز» الروض الأنف 1/ 175،176، وقد وجدت كلام ابن عزيز فى كتابه غريب القرآن ص 18، قال: «أصيل: ما بين العصر إلى الليل، وجمعه أصل ثم آصال ثم أصائل، جمع جمع الجمع». وكلام الزجاجى فى كتابه الجمل ص 382. وانظر ما قيل عن هذا الجمع فى تفسير الطبرى 13/ 355، والقرطبى 7/ 355 (فى تفسير الآية 205 من سورة الأعراف) وشرح القصائد السبع لابن الأنبارى ص 383، وهمع الهوامع 2/ 184، وتاج العروس (أصل). هذا وقد رأيت مثالا آخر لجمع جمع الجمع، قال أبو الحسن الأخفش فى «تجر» بضم التاء والجيم، إنه جمع تجار، ككتب وكتاب، وتجار جمع تجر، كصحاب وصحب، وتجر، بالفتح والسكون: أحد جموع تاجر. راجع شرح بانت سعاد لابن هشام ص 33، واللسان (تجر).

التقدير على آصال، كمشط وأمشاط، وعنق وأعناق، ثم جمعوا الآصال على أصائل، وكان قياسه: أصائيل، على أفاعيل، كأقوال وأقاويل، وأنعام وأناعيم، ولكنهم ألزموه القصر، استثقالا لتوالى ثلاثة أحرف معتلّة: الألف والهمزة والياء، والهمزة مقاربة للألف فى المخرج. والوجه الآخر فى الصّفاح: أن يكون جمع صفحة، كجفنة وجفان، والصّفحة: وجه السيف، فالتقدير على هذا: بسيوف بيض الصّفاح. وأمّا وصفهم الرّماح بالسّمرة، إذا بالغوا فى مدحها، فإنّ القنا إذا بقى حتى يسمّر فى منابته، دلّ ذلك على نضجه وشدّته. ...

المجلس الثالث والثلاثون

المجلس الثالث والثلاثون يتضمّن تتمّة تفسير أبيات الخنساء، وغير ذلك، وهو مجلس يوم السبت، الخامس عشر من شهر ربيع الأول، من سنة ستّ وثلاثين وخمسمائة. قولها: «ببيض الصّفاح»: الباء متعلّقة بحال من المضمر فى «تغادر» أى تغادر الملمومة للأرض ركزا ملتبسة ببيض الصّفاح. والباء من قولها: «فالبيض ضربا» متعلّقة بالفعل الناصب للمصدر، أى فيضربون بالبيض ضربا، وكذلك «وبالسّمر وخزا» تقديره: ويخزون بالسّمر وخزا، والوخز: الطّعن بالرمح وغيره، ولا يكون نافذا. وقولها: وخيل تكدّس بالدّارعين التكدّس: مشى الفرس مثقلا. وقولها: «يجمزن جمزا» الجمز من السّير: أشدّ من العنق (¬1)، ومنه قيل للبعير: جمّاز. والباء فى قولها: «بأن لا يصاب» زائدة، كما زيدت فى قوله تعالى: {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ يَرى} (¬2) ولو أسقطتها لكان الجزء بإسقاطها مخروما، وهذا الوزن من/ ¬

(¬1) العنق، بفتحتين: السّير الفسيح السّريع. (¬2) سورة العلق 14.

المتقارب، فوزن الجزء فعولن، فلو سقطت الباء (¬1) صار فعلن، والخرم إنما يأتى فى الجزء الأول من البيت، وقد جاء فى الجزء الأوّل من النصف الثانى من قول امرئ القيس: وعين لها حدرة بدرة … شقّت مآقيهما من أخر (¬2) وقد ذكرت هذا البيت وما فيه فيما قدّمته من الأمالى. ويجوز فى قولها: «يصاب» الرفع، على أن تكون «أن» مخفّفة من الثقيلة، والنصب على أن تكون المصدرية التى وضعت خفيفة، والقول فيهما أنّ كلّ واحدة منهما مختصّة بنوع من الفعل، ولهما اشتراك فى نوع منه، فالمخفّفة من الثقيلة تقع بعد الأفعال الثابتة المستقرّة فى النفوس، نحو أيقنت وعلمت ورأيت، فى معنى علمت، فحكمها فى ذلك حكم الثقيلة، وقد عرفت أن الثقيلة موضوعة للتوكيد، فهى ملائمة فى المعنى لما ثبت واستقرّ من الأفعال، لأن التوكيد لا يقع بما لا يثبت فى النّفوس، تقول: علمت أنك منطلق، وأيقنت أنك جالس، وكذلك تقول: أعلم أن لا يقوم زيد، وأرى أن سيقوم [بكر (¬3)] برفع يقوم، كما جاء فى التنزيل: {أَفَلا يَرَوْنَ أَلاّ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً} (¬4) وجاء فيه: {لِئَلاّ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ أَلاّ يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللهِ} (¬5) المعنى أنهم لا يقدرون (¬6)، وكذلك [هى (¬7)] فى مصحف أبىّ. ¬

(¬1) جاء بهامش الأصل حاشية: «لا يتحقّق الخرم بحذف الباء هنا؛ لأنّ حركة آخر الجزء المقبوض تنوب عن الباء، وإنما يتحقّق الخرم فى البيت فى أول النصف الثانى إذا كان العروض محذوفة، ومثل هذا البيت يقع فيه التمام والقبض والحذف». (¬2) فرغت منه فى المجلس الثامن عشر. (¬3) سقط من هـ‍. (¬4) سورة طه 89، وقد تكلّم ابن الشجرى على «أن» المخففة من الثقيلة، بإسهاب فى المجلس التاسع والسبعين. (¬5) سورة الحديد 29. (¬6) فى هـ‍: «لا يقدرون على شيء»، وأسقطت هذه الزيادة متابعة للأصل، والكتاب 3/ 166. (¬7) سقط من هـ‍.

والناصبة للفعل ليست من التوكيد فى شيء، وهى مع ذلك تصرف الفعل إلى الاستقبال الذى لا ينحصر وقته، فهى بهذا ملائمة للفعل الذى ليس بثابت، نحو الطمع والرجاء والخوف والتمنّى والإشفاق والاشتهاء، تقول: أرجو أن يقوم، وأطمع أن تعطينى، وأخاف أن تسبقنى، وأشفق أن تفوتنى، وأشتهى أن تزورنى، كما جاء فى القرآن: {وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي} (¬1) وجاء فيه: / {وَأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ} (¬2) و {أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ} (¬3). وأمّا ما اشتركا فيه من الفعل، فالظنّ والحسبان والزّعم والخيلان، فهذا النحو لا يمتنع وقوع كلّ واحدة منهما بعده، تقول فى الناصبة للفعل: ظننت أن تنطلق، وأظنّ أن تخرج، وفى التنزيل: {إِنْ ظَنّا أَنْ يُقِيما حُدُودَ اللهِ} (¬4) وفيه: {تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ} (¬5) وتقول فى الثّقيلة والمخفّفة منها: أظنّ أنّك منطلق، وأظنّ أن لا تقوم يا فتى، وإنما حسن هذا لأنه شيء قد استقرّ فى ظنّك، كما استقرّ فى علمك، إذا قلت: علمت أنك منطلق، وكذلك تقول فيما يستقرّ فى حسبانك: حسبت [أنك جالس، وأحسب أن ستقوم، وفيما لم يستقرّ: حسبت (¬6)] أن تكرمنى، وعلى الوجهين قرأ القرّاء: {وَحَسِبُوا أَلاّ تَكُونَ فِتْنَةٌ} (¬7) فرفع {تَكُونَ} أبو عمرو، وحمزة والكسائىّ، وفتحها ابن كثير ونافع وعاصم وابن عامر، ومثل ذلك قولك فيما استقرّ فى زعمك: زعمت أن ستنطلق، قال (¬8): ¬

(¬1) سورة الشعراء 82. (¬2) سورة يوسف 13. (¬3) سورة المجادلة 13. (¬4) سورة البقرة 230. (¬5) سورة القيامة 25. (¬6) ساقط من هـ‍. (¬7) سورة المائدة 71، وانظر السبعة ص 247، والكشف 1/ 416، وحواشيه. (¬8) جرير. ديوانه ص 916، والمغنى ص 29، وشرح أبياته 1/ 144، وهذا بيت سيّار، وقد أعاده ابن الشجرى فى المجلس التاسع والسبعين.

زعم الفرزدق أن سيقتل مربعا … أبشر بطول سلامة يا مربع وتقول فيما ليس بثابت عندك: أزعم أن تخرج يا فتى، ولا يجوز: علمت أن تخرجوا، فأمّا إجازة سيبويه (¬1): ما علمت إلا أن تقوم، فأتى بعد العلم بالناصبة للفعل، فلأنه كلام (¬2) خرج مخرج الإشارة، فجرى مجرى فعلها إذا قلت: أشير عليك أن تقوم، ولو أراد العلم القاطع جعلها المخفّفة، وأتى بالعوض، فقال: ما علمت إلا أن ستقوم، ويقبح أن تقول: أرجو أنّك تفعل، وأطمع أن ستقوم، قال سيبويه: ولو قال: أخشى أن (¬3) لا تفعل، يريد أن يخبره أنه يخشى أمرا قد استقرّ عنده أنه كائن، جاز، وليس وجه الكلام. وأنكر أبو العباس محمد بن يزيد ما أجازه سيبويه، من إيقاع الناصبة للفعل بعد العلم، على الوجه الذى قرّره سيبويه، وأنكر أيضا إيقاعه بعد الخوف والخشية، المخففة من الثقيلة، فقال فى المقتضب (¬4)، فى باب الأفعال التى لا تكون معها/إلا أنّ الثقيلة، والأفعال التى لا تكون معها إلا الخفيفة، والأفعال المحتملة للثقيلة والخفيفة: وزعم سيبويه أنه يجوز (¬5): خفت أن لا تقوم يا فتى، إذا خاف شيئا كالمستقر [عنده (¬6)] وهذا بعيد، قال: وأجاز أن تقول: ما أعلم إلاّ أن تقوم يا فتى، إذا لم ترد علما واقعا، وكان هذا القول على معنى المشورة، أى أرى من الرأى أن تقوم، قال: وهذا فى البعد كالذى قبله. وأقول: إنّ استبعاد أبى العباس لما أجازه سيبويه، من إيقاع المخفّفة بعد الخوف، ¬

(¬1) الكتاب 3/ 168. (¬2) هذا من تخريج سيبويه نفسه، ولكنّ ابن الشجرىّ بسط عبارته. (¬3) فى الأصل وهـ‍: «أن تفعل» وأثبتّ ما فى الكتاب 3/ 167، وهو الصواب، ويؤكده حكاية المبرّد الآتية (¬4) المقتضب 3/ 8. (¬5) فى هـ‍: «لا يجوز» ولم ترد «لا» فى الأصل، والمقتضب، والكتاب. (¬6) تكملة من المقتضب، وسبقت قريبا.

على المعنى الذى عناه سيبويه، استبعاد غير واقع موقعه، لأنّ الشعر القديم قد ورد بما أنكره أبو العباس، وذلك قول أبى محجن الثّقفىّ: إذا متّ فادفنّى إلى أصل كرمة … تروّى عظامى بعد موتى عروقها (¬1) ولا تدفننّى بالفلاة فإنّنى … أخاف إذا ما متّ أن لا أذوقها وقد جاءت الثقيلة بعد الخوف فى الشّعر وفى القرآن، ومجىء الثقيلة أشدّ، فالشّعر قوله (¬2): وما خفت يا سلاّم أنّك قاطعى والقرآن قوله تعالى: {وَلا تَخافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللهِ} (¬3)، وكذلك استبعاده لإجازة سيبويه: ما أعلم إلا أن تقوم، استبعاد فى غير حقّه، لأنّ سيبويه قد أوضح المعنى الذى أراده به فى قوله: «وتقول: ما علمت إلا أن تقوم، إذا أردت (¬4) أنك لم تعلم شيئا كائنا ألبتّة، ولكنك تكلّمت به على وجه الإشارة، كما تقول: أرى من الرأى أن تقوم، فأنت لا تخبر أنّ قياما قد ثبت كائنا أو يكون فيما يستقبل» والذى ¬

(¬1) معانى القرآن 1/ 146،265، وتفسير الطبرى 4/ 551، والصاهل والشاحج ص 338، والمغنى ص 28، وشرح أبياته 1/ 138، والخزانة 8/ 398، وحواشيها. وذكر البغدادىّ ص 402 أن رواية ابن السكيت: ولا تدفننّى فى الفلاة فإننى يقينا إذا ما متّ لست أذوقها (¬2) هو أبو الغول الطّهوىّ، على ما فى نوادر أبى زيد ص 46، والبيت فيه برواية: أتانى كلام عن نصيب بقوله وما خفت يا سلاّم أنك عائبى وكذلك جاء فى تفسير الطبرى 4/ 550، ومعانى القرآن، الموضعين السابقين. وأعاده ابن الشجرى بروايته هنا فى المجلس التاسع والسبعين. (¬3) سورة الأنعام 81. (¬4) فى الكتاب: «إذا لم ترد أنك قد علمت شيئا. . .» والعبارتان سواء، على تقديم النفى وتأخيره.

قاله سيبويه غير مدفوع مثله، لأنهم كثيرا ما يستعملون معنى بلفظ معنى آخر، ألا ترى أنهم يستعملون علم الله، بمعنى أقسم بالله، فيقولون: علم الله لأفعلنّ، فهذا عندهم قسم صريح، فكما استعملوا علم الله، بمعنى أقسم بالله، كذلك استعملوا العلم بمعنى المشورة، فيما قاله سيبويه، وقد (¬1) تلقّوا العلم والظنّ بما يتلقّون به الأقسام، وإن/لم يريدوا بهما معنى القسم، كقوله تعالى: {وَظَنُّوا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ} (¬2) وكقوله: {لَقَدْ عَلِمْتُمْ ما جِئْنا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ} (¬3) جاءت «ما» بعد الظنّ والعلم، مجيئها فى قولك: أقسم بالله ما فعلت، وإذا تأمّلت ما ذكرته لك، من استعمال معنى بلفظ معنى آخر، فى الكتاب العزيز، وفى الشّعر القديم، وفى الكلام الفصيح، وقفت من ذلك على أمر عجيب، فأول فهمك ما أذكره لك من هذا الفنّ، بعد ذكر أصول المعانى وفروعها. قال أبو الحسن الأخفش، فى كتابه الذى سمّاه: الأوسط: معانى الكلام ستّة، وهى محيطة بالكلام: خبر واستخبار، وهو الاستفهام، ودعاء نحو: يا زيد ويا عبد الله، وتمنّ، نحو: ليت زيدا أتانا، وأ لا ماء باردا، وأمر، نحو قولك: أقبل وأدبر، وطلب [وهو (¬4)] بصيغة الأمر، كقولك للخليفة: أجرنى (¬5)، انظر فى أمرى، فالأمر لمن هو دونك، والطّلب إلى من أنت دونه. وقال غير الأخفش: معانى الكلام، خبر واستخبار-وهو طلب الخبر-وافعل ولا تفعل، ونداء وتمنّ وعرض، وقال آخرون: وإباحة وندب. ولعمرى إنّ صيغة افعل، تتناول مع تناولها الأمر الإباحة والنّدب وغيرهما، ممّا ستقف عليه. ¬

(¬1) فى هـ‍: ولقد. (¬2) سورة فصلت 48. (¬3) سورة يوسف 73. (¬4) زيادة من هـ‍. (¬5) فى هـ‍: «أجزنى» بالزاى، وهو بالراء فى الأصل، هنا وفى المجلس التالى.

وقوم جعلوا النهى داخلا فى حيّز الأمر، ولذلك لم يذكره الأخفش، قالوا: لأنك إذا قلت: لا تأكل، كان بمنزلة قولك: دع الأكل. وعند قوم من المحقّقين أن الصّيغتين تدلاّن على معنيين، كلّ واحد منهما قائم بنفسه، وإن اشتركا فى بعض المواضع. وقد أدخل قوم النّداء فى باب الأمر، فقالوا: إذا قلت: يا رجل، فكأنك قلت: تنبّه، وليس هذا القول بشىء، لأنك إذا قلت: يا زيد، لم تقل (¬1): قد أمرته، وقال بعضهم: النداء خبر من/وجه، وغير خبر من وجه، فإذا قلت: يا فسق، فهذا خبر، لدخول التصديق والتكذيب فيه، فلذلك أوجب الفقهاء الحدّ على القاذف (¬2) بهذا اللفظ، فإذا قلت: يا زيد، فليس بخبر، لامتناع التصديق والتكذيب فيه. وجعل بعض أهل العلم التعظيم (¬3) لله سبحانه، معنى مفردا، وكذلك التعجّب، وأدخلهما آخرون فى الخبر، فقالوا: إذا قال القائل: لا إله إلا الله، فقد أخبر أنه معترف بذلك، وأنه من أهل هذه المقالة، وقال من جعله معنى بنفسه: لو كان تعظيم الله خبرا محضا، لما جاز أن يتكلّم به المرء خاليا ليس معه من يخاطبه [به (¬4)] ولكنه تعبد لله، وإقرار بربوبيّته، يتعرّض به قائله للثواب، ويتجنّب العقاب، فهؤلاء جعلوا هذا الضّرب من الكلام خارجا عن الخبر المحض، كقول المرء خاليا بنفسه: أساء إلىّ فلان، وغصبنى مالى، وأشمت بى عدوّى، يقول ذلك على وجه التحزّن والتفجّع، وكذلك يقول على وجه التشكّر (¬5): أحسن إلىّ فلان، وبذل لى ماله وجاهه، فجعلوا التعظيم لله معنى على حدته، وإن كان بلفظ الخبر. ¬

(¬1) هكذا، هنا وفى المجلس التالى. وأخشى أن تكون «لم تكن قد أمرته». (¬2) هذا موضع خلاف، والأكثر أنه لا يحدّ بهذا اللفظ، لأنه من الكلام الذى يحتمل معنيين، ولم يعتبروه قذفا. المغنى لابن قدامة 10/ 210 - 213. (¬3) فى هـ‍: التعظيم فيه سبحانه. (¬4) ليس فى هـ‍. (¬5) فى هـ‍: الشكر.

ومن أخرج التعجّب من الخبر، وجعله معنى منفردا على حياله، قال: إنّ فى لفظه من معنى المبالغة ما ليس فى الخبر المحض. والصحيح أنه داخل فى حيّز الخبر، لأنك إذا قلت: ما أحسن زيدا، فكأنك قلت: زيد حسن جدّا، وتمثيله عند الخليل وسيبويه: شيء (¬1) أحسن زيدا، وعند الأخفش: الذى أحسن زيدا شيء وعند آخرين: شيء أحسن زيدا كائن. واختلفوا فى العرض، فقال قوم: هو من الخبر، لأنه إذا عرض عليك النزول فقال: ألا تنزل، فقد أخبر بأنه يحبّ نزولك عنده، وأدخله قوم فى الاستفهام؛ لأن لفظه كلفظه، ولو كان استفهاما لم يكن المخاطب به مكرما لمن خاطبه، ولا موجبا عليه بذلك شكرا. وزعم قوم أن التحضيض معنى منفرد، وقال آخرون: إنه إذا قال: هلاّ فعلت كذا، /فقد أمر المحضوض بذلك الفعل. وقال بعضهم: التمنّى داخل فى الخبر، وكذلك التّرجّى، لأنه إذا قال: ليت لى مالا، فقد أخبر أنه تمنّى ذلك، ولو كان الأمر على ما قال لما امتنع فيه التصديق والتكذيب. وذهب بعضهم إلى أن الجزاء قسم منفرد، وليس الأمر كذلك، لأن قول الله سبحانه: {فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً} (¬2) يدخله التصديق. وإذا عرفت هذا، فالخبر أوسع المعانى، وهو أن يخبر المتكلّم غيره بما يفيده معرفته، وحدّه دخول التصديق والتكذيب فيه، وهو على ضربين: موجب وغير موجب، فالموجب: ما عرى من أدوات النفى، وهى «لا-ولن-وما-ولم-ولمّا» ¬

(¬1) فى الكتاب 1/ 72. (¬2) سورة الجن 13.

فى نحو {بَلْ لَمّا يَذُوقُوا عَذابِ} (¬1) و «إن» فى نحو: {إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بِهذا} (¬2) ولات فى نحو: {وَلاتَ حِينَ مَناصٍ} (¬3) أى وليس الحين حين مهرب. ومن الأفعال: «ليس وأبى» يدلّك على أن «أبى» نفى (¬4) صريح، قولك: أبى زيد إلا أن يقوم، كقولك: لم يرد زيد إلا أن يقوم، كما جاء فى التنزيل: {وَيَأْبَى اللهُ إِلاّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ} (¬5). ومن أدوات النّفى «غير» لأنها للمخالفة، فهى نقيض «مثل» تقول: جاءنى رجل مثلك، أى يشابهك، ورجل غيرك: أى يخالفك. فمثال الموجب: زيد منطلق، وفى الدار زيد، وجاء محمد، وسيخرج خالد، ودحرج العدل، وسيباع الثّوب. وقد يكون النفى جحدا، فإذا كان النافى (¬6) صادقا فيما قاله سمّى كلامه نفيا، وإن كان يعلم أنه كاذب فيما نفاه سمّى ذلك النفى جحدا، فالنفى إذن أعمّ من الجحد، لأن كلّ جحد نفى، وليس كلّ نفى جحدا، فمن النفى قوله تعالى: {ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ} (¬7) ومن الجحد نفى فرعون وقومه لآيات موسى، فى قوله تعالى: {فَلَمّا جاءَتْهُمْ آياتُنا مُبْصِرَةً} -أى واضحة- {قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ. وَجَحَدُوا بِها وَاِسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا} (¬8) المعنى: جحدوا بها ظلما وعلوّا، أى ترفّعا عن الإيمان بما جاء به موسى، فقولهم: {هذا سِحْرٌ مُبِينٌ} ¬

(¬1) الآية الثامنة من سورة ص. (¬2) سورة يونس 68. (¬3) الآية الثالثة من سورة ص. (¬4) تقدم ذكره فى المجلس الحادى والعشرين. (¬5) سورة التوبة 32. (¬6) حكى هذا عن ابن الشجرى: الزركشىّ فى البرهان 2/ 376. وانظر الكلّيّات 4/ 334. (¬7) سورة الأحزاب 40. (¬8) سورة النمل 13،14.

خبر موجب، يراد به النّفى، أى ما هذا حقّ، فلذلك قال: {وَجَحَدُوا بِها} أى نفوها وهم يعلمون أنها من عند الله. ومن العلماء بالعربيّة من لا يفرّق بين النّفى والجحد، والأصل فيه ما ذكرت لك. وقد ورد الخبر والمراد به الأمر، فمن ذلك فى التنزيل قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} (¬1) وقوله: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً} (¬2) فظاهر هذا الكلام خبر إلا أنّ علماء المسلمين اتّفقوا على أن النساء عليهنّ أن يعتددن لطلاقهنّ ثلاثة أقراء، إذا كان الحيض موجودا، وأن يتربّصن بأنفسهنّ إذا توفّى عنهنّ أزواجهنّ أربعة أشهر وعشرا، فعلم بإجماع علماء المسلمين أن المراد بذلك الأمر. وممّا يدخل فى هذا المعنى باتفاق أهل الإسلام قوله جلّ وعز: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اِسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ} (¬3) وقوله: {وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّامٍ أُخَرَ} (¬4) وقوله: {فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} (¬5) فالهدى أو ما ذكر معه متّفق على أنه واجب على المتمتّع الذى وصفه الله بما وصفه، وكذلك العدّة من الأيام الأخر، متّفق على أنها واجبة على من أفطر إذا كان مريضا أو على سفر، والفدية من الصّيام أو الصدقة أو النّسك واجبة على من كان ¬

(¬1) سورة البقرة 228. (¬2) سورة البقرة 234. (¬3) سورة البقرة 196. (¬4) سورة البقرة 185. (¬5) سورة البقرة 196.

به أذى من رأسه، فحلق قبل أن يبلغ الهدى محلّه، فالمعنى: فمن لم يجد فليصم ثلاثة أيام فى الحجّ وسبعة إذا رجع، وكذلك معنى الآية الأخرى: ومن كان [منكم (¬1)] مريضا أو على سفر فليصم من أيام أخر عدّة ما أفطر، وكذلك المعنى فى الثالثة: فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه فليفد بصيام أو صدقة أو نسك، والمرفوعات الثلاثة، رفعها بالابتداء، وأخبارها محذوفة، تقديرها: فعليه عدّة من أيام أخر، أى صيام عدّة، وكذلك فعليه فدية. ونظير هذه الآيات فى مجىء الخبر بمعنى الأمر، قوله: {وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ} (¬2) أى لترضع الوالدات أولادهنّ، وقوله: {وَلِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} (¬3) أى حجّوا أيّها الناس البيت، وقوله: {قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ} (¬4) معناه: البسوا واستتروا عند الطّواف بالبيت، ولا تطوفوا عراة، ومن الخبر الذى يراد به التعزية والأمر بالصبر، قوله جلّ وعلا: {ما يُقالُ لَكَ إِلاّ ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ} (¬5) أى اصبر على ما يقول لك المشركون، وتعزّ بمن كان قبلك من الرّسل الذين أوذوا. ومن الخبر الذى أريد به الأمر قولهم: «أمكنك الصّيد» أى ارمه، وقولهم: «اتّقى الله امرؤ وصنع خيرا» (¬6) أى ليتّق الله وليصنع خيرا. ومن الخبر الذى أريد به النّهى قوله تعالى: {يَعِظُكُمُ اللهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً} (¬7) أى لا تعودوا. ¬

(¬1) ليس فى هـ‍. (¬2) سورة البقرة 333. (¬3) سورة آل عمران 97. (¬4) سورة الأعراف 26. (¬5) سورة فصلت 43. (¬6) تمامه «يثب عليه». الكتاب 3/ 100،504، والأصول 2/ 163 والعسكريات ص 127، وذكر السهيلىّ منه «اتقى الله امرؤ» ونسبه للحارث بن هشام، نتائج الفكر ص 146، وهى من كلمة للحارث فى الاستيعاب 1/ 304، كما أفاد محقق النتائج، وانظرها فى سير أعلام النبلاء 4/ 421 (¬7) سورة النور 17.

وممّا جاء بلفظ الخبر والمراد به أمر تأديب قوله تعالى: {إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا} (¬1) معناه: قولوا سمعنا قولك، وأطعنا حكمك. وأمّا قوله عزّ وجلّ: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَإِذا كانُوا مَعَهُ عَلى أَمْرٍ جامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتّى يَسْتَأْذِنُوهُ} (¬2) فقال بعض المفسّرين: هو أمر معناه: استأذنوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم-وقال آخرون: هو ندب. ومن الخبر الذى معناه إباحة، قوله: {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهاتِكُمْ} (¬3) معناه: كلوا مع هؤلاء، وليأكلوا معكم، وكلوا من هذه البيوت. ومن الخبر الذى معناه ندب قوله: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (¬4) معناه: افعلوا بهنّ من المعروف مثل ما يلزمهنّ لكم، وقوله: {وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} (¬5) معناه: أفضلوا عليهنّ وأحسنوا إليهنّ، وخذوا بالفضل. ومن الخبر الذى هو أمر قول النبىّ صلى الله عليه وآله وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة (¬6) الكتاب» أى اقرءوا فى الصّلوات الفاتحة، ومنه {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ} (¬7) معناه: صوموا، وقوله: {وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ} (¬8) معناه: فأنظروه إلى ميسرته. ¬

(¬1) سورة النور 51. (¬2) سورة النور 62. (¬3) سورة النور 61. (¬4) سورة البقرة 228. (¬5) من الآية نفسها. (¬6) فى الأصل، وهـ‍: «فاتحة». وأثبتّه بالباء من صحيح البخارى (باب وجوب القراءة للإمام والمأموم من كتاب الأذان) 1/ 192، وصحيح مسلم (باب وجوب قراءة الفاتحة فى كلّ ركعة، من كتاب الصلاة) ص 295، وسنن ابن ماجة (باب القراءة خلف الإمام، من كتاب إقامة الصلاة) ص 273. (¬7) سورة البقرة 183. (¬8) سورة البقرة 280.

ومن الخبر الذى أريد به الدعاء [قولهم (¬1)]: «غفر الله لك، ورحم الله فلانا، ويرحم الله فلانا» لو كان هذا خبرا على ظاهره، لكنت موجبا لرحمة الله ومغفرته للمدعوّ له، وليس الأمر كذلك، وإنما قصدت الرغبة إلى الله فى إيجاب المغفرة والرحمة له، فمن ذلك فى التنزيل قوله تعالى، حاكيا عن يوسف: {يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرّاحِمِينَ} (¬2) ومنه قول الشاعر (¬3): ويرحم الله عبدا قال آمينا وقول الآخر (¬4): أجمعت خلّتى مع الهجر بينا … جلّل الله ذلك الوجه زينا والقسم ضرب من الخبر، كقولك: أقسم بالله لأفعلنّ، وليمن الله لأذهبنّ، ولعمرك لأنطلقنّ، وقد استعملوه مجرّدا من ألفاظ الأيمان، كقولهم: علم الله لقد كان ذلك، ويعلم الله ما كان ذلك، واختلف النحويون فى قوله تعالى: {هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ. تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ} (¬5) فذهب أبو العباس المبرّد إلى أن قوله: {تُؤْمِنُونَ} {وَتُجاهِدُونَ} معناه: آمنوا وجاهدوا، واستدلّ بالجزم فى قوله تعالى: {يَغْفِرْ لَكُمْ} {وَيُدْخِلْكُمْ} (¬6) لأنه جواب ¬

(¬1) ليس فى هـ‍. (¬2) سورة يوسف 92. (¬3) مجنون بنى عامر. ديوانه ص 283، وصدر البيت: يا رب لا تسلبنى حبّها أبدا وأعاد ابن الشجرى موضع الشاهد فى المجلس الرابع والأربعين. وانظر معجم الشواهد ص 383. (¬4) لم أعرفه. (¬5) سورة الصف 10،11. (¬6) لم يذهب المبرّد هذا المذهب، إنما جعل تُؤْمِنُونَ بيانا للتجارة، ويَغْفِرْ مجزوم، على أنه جواب الاستفهام، وهو الوجه الثانى الذى عزاه ابن الشجرى إلى غير المبرد. راجع المقتضب 2/ 82، 135. وممّن نسب إلى المبرّد ما نسبه إليه ابن الشجرىّ: مكّىّ فى مشكل إعراب القرآن 2/ 374، -

الأمر، الذى جاء بلفظ الخبر، فهو محمول على المعنى، ودلّ على ذلك أيضا أنه فى حرف (¬1) عبد الله: (آمنوا وجاهدوا). وقال غير أبى العباس: {تُؤْمِنُونَ} {وَتُجاهِدُونَ} عطف بيان على ما قبله، كأنه لما قال: {هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ} لم يدر ما التّجارة، فبيّنها بالإيمان والجهاد، فعلم بذلك أن المراد بها الإيمان والجهاد، فيكون {يَغْفِرْ لَكُمْ} على هذا جواب الاستفهام، فهو محمول على المعنى، لأن المعنى: هل تؤمنون وتجاهدون يغفر لكم، لأن التجارة لمّا بيّنت بالإيمان والجهاد، صار {تُؤْمِنُونَ} {وَتُجاهِدُونَ} كأنهما قد وقعا بعد «هل» فحمل {يَغْفِرْ لَكُمْ} {وَيُدْخِلْكُمْ} على هذا المعنى. وقال الفرّاء (¬2) {يَغْفِرْ} جواب الاستفهام. فإن كان مراده (¬3) المعنى الذى ذكرته فهو حسن، وقد كان يجب عليه أن يوضّح مراده، وإن كان أراد أن قوله: {يَغْفِرْ} جواب لظاهر قوله: {هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ} فذلك غير جائز، لأن الدلالة على الإيمان والجهاد لا تجب بها المغفرة وإدخال الجنات، وإنما يجبان بالقبول (¬4) والعمل. ومما جاء فيه لفظ الخبر بمعنى الإغراء، قول عمر رضوان الله عليه (¬5): «أيّها الناس ¬

= وأبو حيان فى البحر 8/ 263، وأفاد ابن الجوزىّ، فى زاد المسير 8/ 254، وابن يعيش، فى شرح المفصل 7/ 48: أن أبا إسحاق الزجاج هو الذى جعل يَغْفِرْ لَكُمْ جواب قوله تُؤْمِنُونَ وَتُجاهِدُونَ وأن معناه: آمنوا وجاهدوا. والأمر على ما قالا فى إعراب القرآن للزجاج 5/ 166. ويبقى أن أنبّه إلى أن سياق ابن الشجرىّ فى إعراب الآية متّفق مع سياق مكّىّ، كأن ابن الشجرىّ ينقل عنه، أو كأن الاثنين ينقلان عن مصدر واحد. وأنّبه أيضا إلى أن نسبة هذا الرأى إلى المبرّد قديمة، فقد قال أبو جعفر النحاس: «وحكى لنا عن محمد بن يزيد أن معنى تؤمنون: آمنوا، على جهة الإلزام. قال أبو العباس: والدليل على ذلك يَغْفِرْ لَكُمْ بالجزم؛ لأنه جواب الأمر» إعراب القرآن 3/ 423. (¬1) الحرف هنا: يراد به الوجه من القراءة. وعبد الله هنا: هو ابن مسعود، رضى الله عنه. (¬2) معانى القرآن 3/ 154، وتوجيه كلام الفرّاء فى الكشاف 4/ 100، وحكاه القرطبىّ فى تفسيره 18/ 87. (¬3) هذا التعقّب على الفرّاء ذكره مكّىّ فى الموضع السابق من المشكل. وأصله لأبى على الفارسىّ، راجع المسائل المنثورة ص 155. (¬4) فى هـ‍: «بالقول» وما فى الأصل مثله فى المشكل. (¬5) غريب الحديث لأبى عبيد 3/ 248، والفائق 3/ 250 - 252، والنهاية 4/ 158، وتذكرة-

كذب عليكم الحجّ والعمرة» معناه: عليكم بالحجّ والعمرة [والزموا الحجّ والعمرة (¬1)] ومثله قول معقّر بن حمار البارقىّ: وذبيانيّة أوصت بنيها … بأن كذب القراطف والقروف (¬2) أى عليكم بالقراطف، وهى القطف (¬3)، وبالقروف فاغنموهما (¬4)، والقروف: أوعية من أدم يتّخذ فيها الخلع، وهو لحم يقطّع صغارا، ويحمل فى السّفر، وقيل: هو القديد المشوىّ، ومثله قول عنترة، وقال أبو عبيدة والأصمعى: هو لخزز بن لوذان: كذب العتيق وماء شنّ بارد … إن كنت سائلتى غبوقا فاذهبى (¬5) وقبل هذا البيت: لا تذكرى فرسى وما أطعمته … فيكون جلدك مثل جلد الأجرب إنّ الغبوق له وأنت مسوءة … فتأوّهى ما شئت ثمّ تحوّبى قال ابن السّكّيت: كان لعنترة امرأة بخيلة (¬6)، لا تزال تلومه فى فرس كان يؤثره بالغبوق، وهو شرب العشىّ، فتهدّدها بالضّرب الأليم، فى قوله: فيكون جلدك مثل جلد الأجرب ¬

= النحاة ص 525، والخزانة 5/ 15،6/ 184، وقد حكى الزمخشرىّ كلاما جيّدا فى المسألة عن أبى علىّ الفارسىّ. وانظر المصنّف لعبد الرزّاق 5/ 172،173. (¬1) ساقط من هـ‍. (¬2) غريب الحديث 3/ 249، وإصلاح المنطق ص 66، والسمط ص 484، والخزانة 5/ 15، 6/ 188، وغير ذلك كثير. (¬3) جمع القطيفة المخملة. (¬4) فى هـ‍: فاغنموها. (¬5) ديوان عنترة 272 - 274، وتخريجه فى ص 349، ورواه سيبويه فى الكتاب 4/ 213 بقافية ساكنة «فاذهب» قال: «يريد: فاذهبى» ونسبه للخزز بن لوذان، وحكى البغدادىّ فى الخزانة 6/ 190، عن الصاغانى أن البيت موجود فى ديوان عنترة، والخزز. وانظر الصاهل والشاحج ص 157، وحماسة ابن الشجرى ص 28، وحواشيه، وثمار القلوب ص 265، فى شرح «ابن نعامة»، وسرح العيون ص 445، واللسان (كذب-عتق). (¬6) هكذا فى الأصل، ومثله فى ديوان عنترة. وكانت هكذا فى هـ‍ ثم أقحم الناسخ «من» إقحاما ظاهرا، وجعل «بخيلة» بجيلة. وكذلك جاء فى بعض الكتب.

أى أضربك فيبقى أثر الضّرب عليك كالجرب، وقيل: بل أراد أدعك وأجتنبك، كما يجتنب الجرب. وقوله: «تحوّبى» التحوّب: التوجّع، ثم قال: «كذب العتيق» أى عليك بالعتيق، وهو التّمر، والشّنّ: القربة الخلق، والماء يكون فيها أبرد منه فى القربة الجديدة، يقول: عليك بالتمر فكليه، والماء البارد فاشربيه، ودعينى أوثر فرسى [باللّبن (¬1)] ثم قال: إنّ العدوّ لهم إليك وسيلة … أن يأخذوك تكحّلى وتخضّبى الوسيلة: القربة، وقيل: المنزلة القريبة، وقوله: «أن يأخذوك» موضعه نصب (¬2)، بتقدير حذف الخافض، أى: فى أن يأخذوك، أى لهم قربة إليك فى أخذهم إيّاك، قذفها بإرادتها أن تؤخذ مسبيّة، فلذلك قال: «تكحّلى وتخضّبى»، ثم قال: ويكون مركبك القعود وحدجه … وابن النّعامة عند ذلك مركبى أى ليس عليك من الأمر ما علىّ، والحدج (¬3): مركب من مراكب النساء، وابن النّعامة: فرسه، وقيل: أراد باطن قدمه، وقيل: أراد الطريق، والأول أصحّ (¬4)، ثم قال: وأنا امرؤ إن يأخذونى عنوة … أقرن إلى شرّ الرّكاب وأجنب قوله: «عنوة» أى قسرا، والرّكاب: الإبل [التى (¬5)] يحمل عليها الأثقال، ¬

(¬1) ليس فى هـ‍. (¬2) حكاه البغدادىّ عن ابن الشجرىّ، ثم تعقّبه فقال: «وهذا تحريف منه، فإنّ «إن» شرطيّة، لا مفتوحة مصدرية، وقد جزمت الشرط والجزاء. وقد غفل عنهما». الخزانة 6/ 192، واعتبار «إن» هنا شرطية جازمة حكاه البغدادىّ عن الأعلم، فى شرح شعر عنترة. (¬3) بكسر الحاء وسكون الدال. (¬4) راجع الموضع السابق من ثمار القلوب، واللسان (نعم). (¬5) ليس فى هـ‍.

الواحد منها: راحلة، ثم قال: إنى أحاذر أن تقول ظعينتى … هذا غبار ساطع فتلبّب يقال للمرأة: ظعينة، ما دامت فى هودج، والتلبّب: التحزّم (¬1)، أى تحزّم للمحاربة. وممّا جاء فيه الوعيد بلفظ الخبر فى التنزيل، قوله تعالى: {سَنَكْتُبُ ما قالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ} (¬2) {سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَيُسْئَلُونَ} (¬3) {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ} (¬4) {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ} (¬5). وقد ورد الخبر الموجب، والمراد به النّفى، كقول الأعشى (¬6): أتيت حريثا زائرا عن جنابة … فكان حريث عن عطائى جامدا أى لم يعطنى شيئا. ... ¬

(¬1) فى إصلاح المنطق ص 60 «التحزّم بالسّلاح» وأنشد عجز بيت عنترة. (¬2) سورة الزخرف 19. (¬3) سورة آل عمران 181. (¬4) سورة الرحمن 31. (¬5) سورة الفجر 14. (¬6) ديوانه ص 65، وحريث: هو الحارث بن وعلة، وصغّره تحقيرا. راجع الهمع 1/ 74، مع أتصحيف فى عجز البيت. وقوله: «عن جنابة» أى عن بعد وغربة.

المجلس الرابع والثلاثون يتضمن القول فى الاستخبار

المجلس الرابع والثلاثون يتضمّن القول فى الاستخبار الاستخبار والاستفهام والاستعلام واحد، فالاستخبار: طلب الخبر، والاستفهام: طلب الفهم، والاستعلام: طلب العلم، والاستخبار نقيض الإخبار، من حيث لا يدخله صدق ولا كذب، وأدواته حروف وأسماء وظروف، فالحروف: الهمزة وهل وأم، والهمزة أمّ الباب، ألا تراها تكون للإثبات، كقوله (¬1): أطربا وأنت قنّسرىّ خاطب (¬2) نفسه مستفهما، وهو مثبت، أى قد طربت (¬3)، ولا يجوز: هل طربا؟ ويدلّك على قوّة الهمزة فى بابها أنّ حرف العطف الذى من شأنه أن يقع قبل المعطوف، لا يتقدّم عليها، بل لها الرّتبة الصّدريّة عليه، كقولك: أفلم أكرمك، أولم أحسن إليك؟ كما جاء فى التنزيل: {أَفَكُلَّما جاءَكُمْ رَسُولٌ} (¬4) - {أَوَكُلَّما} ¬

(¬1) العجاج. ديوانه ص 310، والكتاب 1/ 338،3/ 176، والمقتضب 3/ 228،264،289، والفصول الخمسون ص 197، والمقرب 2/ 54، والمغنى ص 12، وشرح أبياته 1/ 54، والخزانة 11/ 274، وغير ذلك كثير. والقنّسرىّ: الشيخ. قال الأعلم: وهو معروف فى اللغة، ولم يسمع إلاّ فى هذا البيت. حكاه البغدادىّ. (¬2) فى هـ‍: يخاطب. (¬3) هذا من تأويل سيبويه، مع اختلاف فى العبارة. راجع الموضع الثانى المذكور من الكتاب. (¬4) سورة البقرة 87، وجاء فى الأصل، وهـ‍ «أوكلّما» بالواو، تحريف.

{عاهَدُوا عَهْداً} (¬1) وجاء تقديم العاطف على «هل» على القياس، تقول: هل جاء زيد، وهل عندك محمد؟ والأسماء المستفهم بها «من وما وكم وأىّ» فى نحو: أىّ القوم عندك؟ وأىّ/ الخيل ركبت؟ فإن أضفتها إلى اسم من أسماء الزمان أو المكان، أخرجتها بذلك إلى الظّرفية، لأنها بعض ما تضاف إليه، كقولك: أىّ الشّهور خرجت؟ وأىّ المنازل نزلت؟ والظّروف المستفهم بها «أين وكيف ومتى وأيّان وأنّى» وإنما عدّوا «كيف» فى الظّروف، للاستفهام بها عن الحال، والحال تشبه الظّرف (¬2)، لأنها عبارة عن الهيئة التى يقع فيها الفعل، ولذلك تقول: كيف زيد جالسا؟ أى على أىّ هيئة جلوسه، كما تقول: أين زيد قائما؟ فينوب «كيف» مناب اسم الفاعل فى نصب الحال، كنيابة أين. فأمّا أوضاع هذه الكلم: فأين وضعت فى هذا الباب للاستفهام عن المكان [ومتى (¬3)] وأيّان للاستفهام عن الزمان، وإنما قلت: فى هذا الباب، لأن «أين» تفارق الاستفهام إلى الشّرط، وكذلك متى، وكيف يستفهم بها عن الأحوال، وأنّى يتجاذبها شبهان، شبه أين، وشبه كيف، وقد جاء التنزيل بهما، فى قوله: {يا مَرْيَمُ أَنّى لَكِ هذا} (¬4) أى من أين لك هذا؟ وفى قوله: {أَنّى يُحْيِي هذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِها} (¬5) أى كيف يحيى هذه الله؟ ¬

(¬1) الآية المتمة المائة من سورة البقرة. (¬2) تقدّم وجه شبه الحال بالظرف فى المجلس السابع عشر، والخامس والعشرين. (¬3) ساقط من هـ‍. (¬4) سورة آل عمران 37. (¬5) سورة البقرة 259.

فصل

و «من» للاستفهام عن العقلاء، و «ما» يستفهم بها عن ذوات غير العقلاء، وعن صفات العقلاء، فذوات غير العقلاء ضربان: أجسام وأحداث، والأجسام ضربان: أحدهما الحيوانات الصّوامت، والآخر الجمادات والنباتات والمائعات، وغير ذلك، يقول القائل: ما معك؟ فتقول: فرس أو دينار أو غصن آس، أو ماء ورد، ومثال الاستفهام بها عن صفات العقلاء، أن تقول: من عندك؟ فتقول: زيد، فيستفهمك بعد ذلك عن صفته، فيقول: وما زيد؟ فتقول: رجل طويل أسمر بزّاز، وفى التنزيل: {قالَ فِرْعَوْنُ وَما رَبُّ الْعالَمِينَ} (¬1). و «كم» يستفهم بها عن الأعداد، وأىّ تستغرق هذا كلّه، لأن الإضافة/ تلزمها، لفظا أو تقديرا، فهى عبارة عن بعض ما تضاف إليه. فصل والاستفهام يقع صدر الجملة، وإنما لزم تصديره، لأنك لو أخّرته تناقض كلامك، فلو قلت: جلس زيد أين؟ وخرج محمد متى؟ جعلت أول كلامك جملة خبرية، ثم نقضت الخبر بالاستفهام، فلذلك وجب أن تقدّم الاستفهام، فتقول: أين جلس (¬2) زيد؟ ومتى خرج محمد؟ لأنّ مرادك أن تستفهم عن مكان جلوس زيد، وزمان خروج محمد، فزال بتقديم الاستفهام التناقض. فصل وقد ورد الاستفهام بمعان مباينة له، فمن ذلك مجيئه بمعنى الأمر، كقوله تعالى: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} (¬3) أى انتهوا، ومثله: {أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ} (¬4) أى ¬

(¬1) سورة الشعراء 23، وقد أفرد ابن الشجرى المجلس الثامن والستين ل‍ «ما». (¬2) فى هـ‍: أين زيد جالس. (¬3) سورة المائدة 91. (¬4) سورة النور 22.

أحبّوا هذا، وكذلك {أَفَلا تَذَكَّرُونَ} (¬1) أى تذكّروا، و {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ} (¬2) أى اخشعوا، {وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ} (¬3) أى أسلموا، {وَما لَكُمْ لا تُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ} (¬4) أى قاتلوا. ومما جاء فى الشعر من مجىء الاستفهام بمعنى الأمر والنهى، قول امرئ القيس (¬5): قولا لدودان عبيد العصا … ما غرّكم بالأسد الباسل أى لا تغترّوا وكونوا على حذر، ومثله للأعشى (¬6): ألست منتهيا عن نحت أثلتنا … ولست ضائرها ما أطّت الإبل أى انته عنّا فلست تضرّنا. وممّا جاء بمعنى الأمر بالتنبّه قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ} (¬7)، {أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ} (¬8)، {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ} (¬9) كلّ هذا بمعنى تنبّه على هذا، واصرف فكرك إليه، واعجب منه. /ويكون تنبيها على الشّكر (¬10) كقوله: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى} (¬11). ويكون توبيخا كقوله: {أَكَذَّبْتُمْ بِآياتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِها عِلْماً} (¬12)، {أَفَبِالْباطِلِ} ¬

(¬1) الآية الثالثة من سورة يونس، ومواضع أخرى من الكتاب العزيز، تراها فى المعجم المفهرس ص 272. (¬2) سورة الحديد 16. (¬3) سورة آل عمران 20. (¬4) سورة النساء 75. (¬5) ديوانه ص 119،256، والبيان والتبيين 3/ 80، وثمار القلوب ص 628، فى شرح «عبيد العصا». والبيت من غير نسبة فى اللسان (عصا). (¬6) ديوانه ص 61، واللسان (أطط-أثل). (¬7) سورة البقرة 258. (¬8) سورة الفرقان 45. (¬9) سورة البقرة 243. (¬10) فى هـ‍: للشكر. (¬11) الآية السادسة من سورة الضحى. (¬12) سورة النمل 84.

{يُؤْمِنُونَ} (¬1)، {أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ} (¬2)، {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ} (¬3) {أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا} (¬4) وكذلك هى توبيخ فى قراءة من قرأها بلفظ الخبر. ومن الاستفهام الذى ورد بمعنى الأمر، والمراد به التوبيخ قوله: {أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها} (¬5) أى هاجروا (¬6). وقد جاء التوبيخ فى الظاهر لغير المذنب، مبالغة فى تعنيف فاعل الذنب، وفى تكذيبه، كقول الله سبحانه لعيسى عليه السلام: {أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنّاسِ اِتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ} (¬7) وبّخه، والمراد بذلك تكذيب قومه، ومثله: {أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبادِي هؤُلاءِ} (¬8). وقد جاء الاستخبار والمراد به الخبر، كقوله تعالى: {أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ} (¬9) أى جهنّم مثواهم، وكقوله: {فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} (¬10) أى قد حكمتم بالباطل، حين جعلتم لله ما تكرهونه لأنفسكم، ومنه: {أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذابِ يَوْمَ الْقِيامَةِ} (¬11) خبر «من» محذوف، تقديره: كمن ينعم فى الجنة، ¬

(¬1) سورة النحل 72، والعنكبوت 67. (¬2) سورة الصافات 95. (¬3) سورة البقرة 28. (¬4) سورة الأحقاف 20، وقراءة الاستفهام هذه بهمزة مطوّلة، كما رسمت فى الأصل، وقرأ بها ابن كثير، وقرأ ابن عامر: أَذْهَبْتُمْ بهمزتين، على الاستفهام أيضا. والقراءة بلفظ الخبر التى أشار إليها ابن الشجرىّ بهمزة واحدة، لبقيّة السبعة. راجع كتاب السبعة ص 598، والكشف 2/ 273. (¬5) سورة النساء 97. (¬6) فى هـ‍: فهاجروا. (¬7) سورة المائدة 116. (¬8) سورة الفرقان 17. (¬9) سورة العنكبوت 68، والزمر 32. (¬10) سورة الصافات 154، والقلم 36. (¬11) سورة الزمر 24.

والمعنى: ليس هذا هكذا، ومثله فى مجىء الاستفهام والمراد به الخبر المنفىّ قوله تعالى: {أَرُونِي ماذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ} (¬1) أى لم يخلقوا شيئا، وجاء بمعنى الخبر الموجب فى قوله: {أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ} (¬2) المعنى: الله يكفى عبده، و {هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكّى} (¬3) أى أدعوك إلى أن تزكّى، وبمعنى الخبر المنفىّ قوله: {أَفَمَنْ يُلْقى فِي النّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيامَةِ} (¬4) أى ليسا سواء، ويكون خبرا بافتخار، كقوله تعالى حاكيا عن فرعون: {أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ} (¬5) ومما جاء فيه الاستفهام بمعنى الخبر الموجب، قول جرير (¬6): ألستم خير من ركب المطايا … وأندى العالمين بطون راح أى أنتم خير من ركب المطايا، فلذلك قال عبد الملك حين أنشده هذا البيت: /نحن كذلك، ولو قال جرير هذا على جهة الاستخبار، لم يكن مدحا، وكيف يكون هذا استفهاما، وقد جعل الرواة لهذا البيت مكانا عليّا، حتى قال بعضهم: هو أمدح بيت (¬7). وقد جاء لفظ الاستفهام الصريح المستعمل بالهمزة وأم، خبرا فى قول القائل (¬8): ما ضرّ تغلب وائل أهجوتها … أم بلت حيث تناطح البحران ¬

(¬1) سورة فاطر 40، والأحقاف 4. (¬2) سورة الزمر 36. (¬3) سورة النازعات 18. (¬4) سورة فصلت 40. (¬5) سورة الزخرف 51. (¬6) ديوانه ص 89،1053، وانظر الخصائص 2/ 463،3/ 269، والمغنى ص 11، وشرح أبياته 1/ 47، والجمل المنسوب للخليل ص 46،247، وأنشده بهاء الدين السّبكى، فى عروس الأفراح 2/ 297 (شروح التلخيص)، حكاية عن ابن الشجرى. وهو فى غير كتاب. (¬7) راجع طبقات فحول الشعراء ص 379، وفهارسه، والمصون ص 22. (¬8) الفرزدق. ديوانه ص 882، وكتاب الشعر ص 470.

المعنى: ما ضرّها هجاؤك وبولك، وأكثر ما يجيء هذا بعد التسوية كقولك: سواء علىّ أقمت أم قعدت، أى سواء علىّ قيامك وقعودك، {وَسَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ} (¬1) أى سواء عليهم إنذارك إيّاهم وترك إنذارك، ومثله: {سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا} (¬2) التقدير: جزعنا وصبرنا سواء، فسواء فى هذا ليس بمبتدإ، كما ظنّ بعضهم، وإنما هو خبر المبتدأ المقدّر، على ما مثّلته لك، وكيف يكون قولك: «أقمت» خبرا لسواء، وهو جملة خالية من عائد إلى «سواء» ظاهر أو مقدّر، وكذلك «ضرّ» فى قوله: ما ضرّ تغلب وائل أهجوتها مسند إلى الفاعل المقدّر، الذى هو هجاؤك. ومثل مجىء الاستفهام بمعنى الخبر بعد التسوية، مجيئه فى قولك: ما أدرى أزيد فى الدار أم عمرو؟ ومنه قول زهير (¬3): وما أدرى وسوف إخال أدرى … أقوم آل حصن أم نساء وحذف الآخر الهمزة فى قوله (¬4): ¬

(¬1) الآية العاشرة من سورة يس، وإذا اعتبرت الواو التى فى أول الآية واو العطف فهى الآية السادسة من سورة البقرة. (¬2) سورة إبراهيم 21. (¬3) ديوانه ص 73، وأعاده ابن الشجرى فى المجلس السابع والسبعين. وانظر تخريجه فى معجم الشواهد ص 21. وقد ردّ ابن هشام على ابن الشجرى استشهاده بالبيت على مجىء الاستفهام بمعنى الخبر. قال: «والذى غلّط ابن الشجرى حتى جعله من النوع الأول، توهّمه أن معنى الاستفهام فيه غير مقصود ألبتة، لمنافاته لفعل الدراية. وجوابه أن معنى قولك: علمت أزيد قائم؟: علمت جواب أزيد قائم. وكذلك: ما علمت». المغنى ص 41، وانظره بحاشية الأمير 1/ 41، وشرح أبياته 1/ 194. (¬4) هو عمر بن أبى ربيعة، كما صرّح ابن الشجرى فى المجلس السابع والسبعين. والبيت فى ديوانه ص 266، والكتاب 3/ 175، والمقتضب 3/ 294، والمحتسب 1/ 50، والجمل المنسوب للخليل ص 235، والبسيط ص 351، وشرح الجمل 1/ 238، والمغنى ص 7، وشرح أبياته 1/ 25، والخزانة 11/ 122، وغير ذلك كثير.

لعمرك ما أدرى وإن كنت داريا … بسبع رمين الجمر أم بثمان أراد: أبسبع؟ وقد قيل فى قول عمر بن أبى ربيعة (¬1): ثم قالوا تحبّها قلت بهرا … عدد القطر والحصى والتّراب إنه أراد: أتحبّها؟ فحذف همزة الاستفهام، وقيل: إنه أراد الخبر، أى أنت تحبّها. ومعنى: «قلت بهرا»: أى قلت: نعم أحبّها حبّا بهرنى بهرا. ومما لم يختلف فى حذف/همزة الاستفهام منه قول الكميت بن زيد: ولا لعبا منّى وذو الشّيب يلعب (¬2) أراد: أوذو الشيب يلعب؟ وقول عمران بن حطّان: وأصبحت فيهم آمنا لا كمعشر … أتونى فقالوا من ربيعة أو مضر (¬3) أم الحىّ قحطان (¬4) …. أراد: أمن ربيعة؟ وكذلك قيل فى حكاية [قول (¬5)] موسى عليه السلام: {وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّها عَلَيَّ} (¬6) إن المراد: أو تلك؟ ومن الاستفهام الذى أريد به النفى قوله جلّ اسمه: {فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَناتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ} (¬7) أى لا يكون هذا، وقوله حاكيا عنهم: {أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ} ¬

(¬1) ديوانه ص 431، والخصائص 2/ 281، والمغنى ص 7، وشرح أبياته 1/ 33، واللسان (بهر)، ومعجم الشواهد ص 67. (¬2) صدره: طربت وما شوقا إلى البيض أطرب وهو مطلع قصيدته العالية. الهاشميات ص 36، والخصائص 2/ 281، والمحتسب 1/ 50، والمغنى ص 7، وفى غير كتاب. (¬3) شعر الخوارج ص 24، وتخريجه فى ص 155، وزد عليه كتاب الشعر ص 56،385. (¬4) تمامه: أم الحىّ قحطان فتلكم سفاهة كما قال روح لى وصاحبه زفر (¬5) ليس فى هـ‍. (¬6) سورة الشعراء 22، وتأويل الكلام على الاستفهام هو قول الأخفش. فى معانى القرآن ص 426، وانظر تفسير القرطبى 13/ 96، والتأويل الآخر: أنه على الإقرار، وعليه الفراء. معانى القرآن 2/ 279. (¬7) سورة الصافات 149.

{بَيْنِنا} (¬1) أى ما أنزل عليه الذّكر، ومثله: {أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ} (¬2) أى لم يشهدوا ذلك، وكذلك قوله: {أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ} (¬3) معناه: ليس ذلك إليك، كما قال: {إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ} (¬4) وكذلك قوله: {فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللهُ} (¬5) معناه: لا يهديه أحد، وقوله: {أَفَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ} (¬6) أى لم نعى به، ومنه قول النابغة (¬7): ولست بمستبق أخا لا تلمّه … على شعث أىّ الرّجال المهذّب أى ليس أحد (¬8) من الرجال مهذّبا بلا ذنب له، ومثله: فهذى سيوف يا صدىّ بن مالك … حداد ولكن أين بالسّيف ضارب (¬9) أى ليس أحد يضرب بالسّيف، ومثله: ألا هل أخو عيش لذيذ بدائم (¬10) ¬

(¬1) الآية الثامنة من سورة ص. (¬2) سورة الزخرف 19. (¬3) سورة الزخرف 40. (¬4) سورة النمل 80. (¬5) سورة الروم 29. (¬6) سورة ق 15. (¬7) ديوانه ص 78، وهذا بيت سيّار، قلما يخلو منه كتاب، ويورده أصحاب المعانى والبلاغيون شاهدا على التمثيل والتذييل. انظر المصون ص 9، وتحرير التحبير ص 218،388، وأنوار الربيع 2/ 63، 3/ 39، ومعاهد التنصيص 1/ 358. (¬8) فى هـ‍: ليس من الرجال مهذّب لا ذنب له. (¬9) من غير نسبة فى معانى القرآن للفراء 1/ 164، وعنه شرح أبيات المغنى 6/ 76. (¬10) صدره: يقول إذا اقلولى عليها وأقردت وهو للفرزدق، فى ديوانه ص 863، والموضع السابق من معانى القرآن، وتفسير الطبرى 5/ 301، والمغنى ص 388، وشرح أبياته 6/ 65، واللسان (قرد-قلا)، ومعجم الشواهد ص 364. واقلولى: ارتفع وانتصب. وأقردت: سكنت وتماوتت. وشرح البيت وسياقه تراه فى اللسان.

أى ليس يوجد هذا. وممّا جاء بلفظ الاستفهام ومعناه الوعيد قوله: {أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً} (¬1) معناه: أفنترككم ولا نذكّركم بعقابنا؟ وممّا جاء بمعنى الحثّ قوله: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً} (¬2) ويكون تهدّدا على جهة التنبيه، كقوله: {أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ} (¬3) إلى آخر القصة، ويكون تحذيرا كقوله: {فَكَيْفَ إِذا جَمَعْناهُمْ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ} (¬4)، ويكون/تعجّبا، كقول جرير: (¬5): غيّضن من عبراتهنّ وقلن لى … ماذا لقيت من الهوى ولقينا وكقول الآخر: وكيف يسيغ المرء زادا وجاره … خفيف المعى بادى الخصاصة والجهد (¬6) وكقول الأعشى (¬7): شباب وشيب وافتقار وثروة … فلله هذا الدّهر كيف تردّدا جعل الخبر والاستفهام جميعا تعجّبا، ويكون عرضا، كقولك: ألا تنزل عندنا؟ ألا تنال من طعامنا؟ والعرض بأن يكون طلبا أولى من أن يكون استفهاما، وإنما أدخله من أدخله فى حيّز الاستفهام، لأنّ لفظه لفظ الاستفهام، وليس كلّ ¬

(¬1) الآية الخامسة من سورة الزخرف. (¬2) سورة البقرة 245، والحديد 11. (¬3) سورة المرسلات 16. (¬4) سورة آل عمران 25. (¬5) ديوانه ص 386، وتخريجه فى ص 1079، والبيت ينسب إلى المعلوط السّعدى، انظر شرح الحماسة للمرزوقى ص 1382. (¬6) البيت من مقطوعة لقيس بن عاصم المنقرىّ، رضى الله عنه، وتنسب إلى حاتم الطائىّ. انظر زيادات ديوانه ص 312، وانظر حاشية البغدادىّ على شرح بانت سعاد 1/ 129، وشرح أبياته المغنى له 4/ 314. (¬7) ديوانه ص 135، والمغنى ص 236، وشرح أبياته 4/ 302.

فصل يتضمن القول فى الأمر

ما كان بلفظ الاستفهام يكون استفهاما حقيقيّا، على ما بيّنته (¬1) لك، ولو كان العرض استفهاما، ما كان المخاطب به مكرما، ولا أوجب لقائله على المقول له شكرا. فصل يتضمّن القول فى الأمر وأقول: حدّ الأمر: استدعاء الفعل بصيغة مخصوصة مع علوّ الرّتبة، وقد استحقّ هذا الاسم باجتماع هذه الثلاثة، فأما علوّ الرتبة، فإنّ أصحاب المعانى قالوا: الأمر لمن دونك، والطّلب والمسألة لمن فوقك، كقولك للخليفة: أجرنى، وسمّوا هذه الصيغة إذا وجّهت إلى الله تعالى: دعاء، لأنّ الدعاء الذى هو النداء يصحبها، كقولك: اللهمّ اغفر لى، ويا ربّ ارحمنى، وإذا كانت لمن فوقك من الآدميين سمّوها سؤالا وطلبا، فهى بهذين الاسمين إذا وجّهت إلى الله سبحانه أولى. وقد قدّمنا أن للأمر صيغتين، إحداهما للمواجه، وهى افعل، والأخرى للغائب، وهى ليفعل، فمثال الأمر الواجب: {كُونُوا قَوّامِينَ لِلّهِ} (¬2) - {قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ} (¬3) - {اُعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ} (¬4) - {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} (¬5) {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} (¬6) - {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} (¬7). وقد وردت هذه الصيغة والمراد بها النّدب والاستحباب، والنّدب: كلّ ما فى فعله ¬

(¬1) فى المجلس السابق. (¬2) الآية الثامنة من سورة المائدة. (¬3) سورة التوبة 29. (¬4) سورة البقرة 21. (¬5) سورة الإسراء 78. (¬6) سورة البقرة 185. (¬7) سورة الحج 29.

ثواب، وليس فى تركه عقاب، كقوله: {اُذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً} (¬1) وقوله: {فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ} (¬2) وكقول النبىّ عليه وآله السّلام: «من جاء منكم إلى الجمعة فليغتسل (¬3)». وقد جاءت هذه الصيغة والمراد بها إباحة الشىء بعد حظره، كقوله: {فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَاِبْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ} (¬4) بعد قوله: {إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} وكذلك قوله: {وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا} (¬5) بعد قوله: {لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} (¬6) ومنه: {فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَكُلُوا مِنْها} (¬7) ومنه: {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ} (¬8) ومنه: {وَاُهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ وَاِضْرِبُوهُنَّ} (¬9) ومنه: {فَكُلُوا مِمّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} (¬10) فكلّ هذا مما ليس فى فعله ثواب، ولا فى تركه عقاب. ويكون هذا اللفظ الأمرىّ بمعنى الوعيد كقوله تعالى: {اِعْمَلُوا ما شِئْتُمْ} (¬11) - {فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ} (¬12) - {فَاعْبُدُوا ما شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ} (¬13) - {وَاِسْتَفْزِزْ مَنِ اِسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشارِكْهُمْ} ¬

(¬1) سورة الأحزاب 41. (¬2) سورة البقرة 198. (¬3) صحيح البخارى (باب فضل الغسل يوم الجمعة. من كتاب الجمعة) 2/ 2، وصحيح مسلم الحديث الثانى من كتاب الجمعة) ص 579، ومسند الإمام أحمد 2/ 57. (¬4) سورة الجمعة 9،10. (¬5) الآية الثانية من سورة المائدة. (¬6) سورة المائدة 95. (¬7) سورة الحج 36. (¬8) سورة البقرة 187. (¬9) سورة النساء 34. (¬10) الآية الرابعة من سورة المائدة. (¬11) سورة فصلت 40. (¬12) سورة الكهف 29. (¬13) سورة الزمر 15.

{فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ وَعِدْهُمْ} (¬1) - {قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً} (¬2) - {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا} (¬3) - {فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهذَا الْحَدِيثِ} (¬4). وقد جاء اللفظ تأديبا وإرشادا إلى أصلح الأمور وأحزمها، كقوله: {وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ} (¬5) ثم لم يختلف (¬6) أهل العلم فى أنّ ترك الإشهاد عند التبايع لا يكون مفسدا للبيع، وأنّ قوله: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اُؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ} (¬7) دليل على أنّ/الأمر بالإشهاد عند التبايع إرشاد وتأديب، ومثله فى مجىء هذا اللفظ إرشادا على غير إلزام قوله: {فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ} (¬8). وكما جاء الخبر معناه الأمر فيما قدّمت ذكره، من نحو {وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} (¬9) كذلك جاء لفظ الأمر والمراد به الخبر، فى قوله تعالى: {قُلْ مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا} (¬10) المعنى: فيمدّ له الرحمن مدّا. ويكون أيضا لفظ الأمر للخضوع، كما كان دعاء فى نحو: اللهمّ اغفر لنا، وليرحم (¬11) الله ¬

(¬1) سورة الإسراء 64. (¬2) الآية الثامنة من سورة الزمر. (¬3) الآية الثالثة من سورة الحجر. (¬4) سورة القلم 44. (¬5) سورة البقرة 282. (¬6) لا يسلم هذا لابن الشجرىّ، والمسألة خلافيّة، فذهب قوم إلى أن الأمر بالإشهاد هنا فرض واجب، وذهب آخرون مذهب ابن الشجرىّ، أنه ندب وإرشاد. وتفصيل ذلك فى أحكام القرآن، لابن العربى ص 259، وتفسير الطبرى 6/ 53،84، والقرطبى 3/ 402. (¬7) سورة البقرة 283. (¬8) الآية الثالثة من سورة النساء. (¬9) سورة البقرة 228، وانظر المجلس السابق. (¬10) سورة مريم 75. (¬11) فى هـ‍: ولترحم زيدا.

زيدا، وذلك نحو قول المذنب لسيّده، أو لذى سلطان [عليه (¬1)]: افعل بى ما شئت، وابلغ منّى رضاك، تذلّلا منه وإقرارا بذنبه. ويكون لفظ الأمر أيضا لإظهار عجز الذى وجّه إليه ذلك اللفظ، ويسمّى هذا الضرب تحدّيا، كقوله جلّ وعلا: {أَمْ يَقُولُونَ اِفْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ} (¬2) فلما عجزوا عن ذلك قال: {فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ} (¬3) وقال: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ} (¬4) يدلّك على أن المعنى تبيين عجزهم عن ذلك قوله: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا} (¬5) وقوله: {قُلْ لَئِنِ اِجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً} (¬6). ويكون لفظ الأمر أيضا تنبيها على القدرة، والمخاطب غير مأمور بأن يحدث فعلا، فيكون بفعل ذلك الفعل مطيعا، وبتركه له عاصيا، كقوله تعالى: {قُلْ كُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِيداً} (¬7) يعنى لو كنتم حجارة أو حديدا لأعدناكم، ألم تسمع إلى قوله حاكيا عنهم ومجيبا لهم: {فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} (7) فهذا يبيّن لك أنّ لفظ الأمر فى هذا الموضع تنبيه على قدرته سبحانه. ويكون لفظ الأمر أيضا لما لا فعل فيه لمن وجّه إليه أصلا، كقوله: {فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ} (¬8) المعنى: فكوّنّاهم قردة، ألا ترى أن هذا ليس من الأمر ¬

(¬1) ليس فى هـ‍. (¬2) سورة هود 13. (¬3) سورة يونس 38. (¬4) سورة البقرة 23. (¬5) سورة البقرة 24. (¬6) سورة الإسراء 88. (¬7) سورة الإسراء 50،51. (¬8) سورة البقرة 65.

فصل

/الذى يمكن المأمور أن يفعله أو يتركه، ولكنه فعل واقع به من الله عز وجل. واعلم أنّ من أصحاب المعانى من قال: إن صيغة الأمر مشتركة بين هذه المعانى، وهذا غير صحيح، لأن الذى يسبق إلى الفهم هو طلب الفعل، فدلّ على أن الطلب حقيقة فيها دون غيره، ولكنّها حملت على غير الأمر الواجب بدليل، والأمر الواجب هو الذى يستحقّ بتركه الذّمّ، كقوله تعالى: {وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اِرْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ} (¬1) فذمّهم على ترك الركوع، بقوله: {فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} (1). فصل النهى: هو المنع من الفعل بقول مخصوص، مع علوّ الرّتبة، وصيغته: لا تفعل ولا يفعل فلان، فمن النهى للمواجه: {وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاّ بِالْحَقِّ} (¬2) - {وَلا تَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ} (¬3) ومنه قوله عليه السلام: «لا تباغضوا ولا تحاسدوا (¬4)» ومن النهى للغائب: {لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} (¬5) - {وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً} (¬6) فهذا كلّه يراد به التحريم. وقد ترد هذه الصيغة والمراد بها التنزيه، كقوله تعالى: {وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} (¬7) أى لا تتركوه، وليس ذلك بحتم، وكقول النبىّ صلى الله عليه وآله وسلم: «إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده فى الإناء حتى يغسلها ¬

(¬1) سورة المرسلات 48،49. (¬2) سورة الأنعام 151، والإسراء 33. (¬3) سورة القصص 88. (¬4) صحيح البخارى (باب ما ينهى عن التحاسد والتدابر. من كتاب الأدب) 8/ 23، وصحيح مسلم (باب تحريم التحاسد والتباغض والتدابر. من كتاب البرّ والصّلة والآداب) ص 1983. (¬5) سورة آل عمران 28. (¬6) سورة الحجرات 12. (¬7) سورة البقرة 237.

ثلاثا (¬1)» ولا تحمل هذه الصيغة على التنزيه إلاّ بدليل. وقد ورد النهى بغير هذه الصّيغة، وذلك نحو قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ} (¬2) و {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} (¬3). وقد جاء النهى بلفظ الوعيد، كقوله جلّ اسمه: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً} (¬4) /وكقوله عليه السلام: (¬5) «من شرب فى آنية الفضّة فإنما يجرجر فى جوفه نار جهنّم». وممّا جاء من النّهى بلفظ النّفى قوله جلّ وعزّ: {ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} (¬6) أراد: لا يستغفروا لهم، ومنه: {ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ} (¬7) أى لا ترتابوا فيه، أى لا تشكّوا فيه، ومثله: {لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللهِ} (¬8) أى لا تبدّل أيّها الإنسان كلمات الله، ومنه: {لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ} (¬9) أى لا تكرهوا فى الدّين، وكان هذا قبل أن يؤمر بالقتال، ومنه: {فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ} (¬10) أى لا ترفثوا فى الحجّ ولا تفسقوا ولا تجادلوا، ومعنى لا رفث ¬

(¬1) صحيح مسلم (باب كراهة غمس المتوضئ وغيره يده المشكوك فى نجاستها فى الإناء قبل غسلها ثلاثا. من كتاب الطهارة) ص 233. (¬2) سورة النساء 23. (¬3) الآية الثالثة من سورة المائدة. (¬4) الآية العاشرة من سورة النساء. (¬5) صحيح البخارى (باب آنية الفضة. من كتاب الأشربة) 7/ 146، وصحيح مسلم (باب تحريم استعمال أوانى الذهب والفضة فى الشرب وغيره. من كتاب اللباس والزينة) ص 1634، ومسند الإمام أحمد 6/ 302،304. (¬6) سورة التوبة 113. (¬7) الآية الثانية من سورة البقرة. (¬8) سورة يونس 64. (¬9) سورة البقرة 256. (¬10) سورة البقرة 197.

ولا فسوق: أى لا جماع (¬1) ولا كلمة من أسباب الجماع، ومعنى: ولا جدال فى الحجّ: أى لا يسوغ للرجل أن يجادل أخاه فى الحجّ، فيخرجه جداله إلى ما لا ينبغى. ومن النّهى بلفظ الخبر أيضا: {أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ} (¬2) ومعناه: لا يلهكم التكاثر، كما قال: {لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ} (¬3) ومنه: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ} (¬4) يقول: لا تطيعوهم، ومنه: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ} (¬5) يقول: لا تغلّوا واستنّوا بنبيّكم، ومنه: {قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اِتَّقى} (¬6) يقول: لا ترغبوا فى متاع الدنيا، وارغبوا فى الآخرة، ومنه: {أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ} (¬7) معناه: لا تجزعوا من الموت، وقاتلوا فإنّ الموت ملاقيكم. تمّ المجلس. ... ¬

(¬1) هذا التفسير للرفث والجماع، بألفاظه لأبى إسحاق الزجّاج، وهو فى كتابه معانى القرآن وإعرابه 1/ 269، والتهذيب 15/ 77، واللسان (رفث-جدل). (¬2) أول سورة التكاثر. (¬3) الآية التاسعة من سورة المنافقون. (¬4) سورة آل عمران 149. (¬5) سورة آل عمران 161. (¬6) سورة النساء 77. (¬7) سورة النساء 78.

المجلس الخامس والثلاثون القول فى النداء وهو الدعاء

المجلس الخامس والثلاثون القول فى النّداء (¬1) وهو الدّعاء عامّة الناظرين فى المعانى يزعمون أنّ لفظ النداء لمعنى واحد، لا يتجاوزه/إلى غيره، قالوا: لأنّ قولك: يا زيد، ويا عبد الله، صوت يدلّ المدعوّ على أنك تريد منه أن يقبل عليك، لتخاطبه بما تريد أن تخاطبه به، وليس النداء إخبارا ولا استخبارا، ولا أمرا ولا نهيا، ولا تمنّيا ولا عرضا، وإنما تلقى إلى المدعوّ من هذه المعانى ما شئت بعد دعائك إيّاه، قالوا: والدّليل على أنه صوت خال من هذه المعانى أنّ البهائم تنادى بأصوات موضوعات لها، وهى لا تخبر ولا تستخبر، كقولهم للإبل إذا دعوها للشّرب: جأجأ، مهموز، يقولون: جأجأت بإبلى، ويقولون للضأن إذا دعوها: حاحا، وللمعز: عاعا، غير مهموزين، والفعل منهما: حاحيت وعاعيت، والمصدر الحيحاء والعيعاء (¬2)، عن ابن السّكّيت، وأنشد: يا عنز هذا شجر وماء … وحجرة فى جوفها صلاء (¬3) عاعيت لو ينفعنى العيعاء … وقبل ذاك ذهب الحيحاء ¬

(¬1) فى هـ‍: الدعاء وهو النداء. (¬2) راجع الكتاب 4/ 314،393، والمنصف 3/ 77، واللسان (حا) 20/ 333. (¬3) شرح الشواهد الكبرى للعينى 4/ 313،314، حكاية عن ابن الشجرىّ، والتصريح على التوضيح 2/ 202. والصّلاء بكسر الصاد: الشّواء.

وقد وجدت للنّداء وجوها، أكثرها لا تخرجه عن كونه نداء، فمن ذلك أنّ نداءك لله سبحانه فى قولك: يا الله يا رحمن يا رحيم، إلى غير ذلك من أسمائه الحسنى وصفاته العلى، يكون خضوعا وتضرّعا وتعظيما. وقد يقتصر على ألفاظ المدح للمدعوّ، إذا كان قصدك تعظيمه، ومرادك مدحه، كقولك: يا سيّد الناس، ويا خير مطلوب إليه، ويا فارس الهيجاء، تريد: أنت سيّد الناس، وأنت خير مطلوب إليه، وأنت فارس الهيجاء، فيكون نداؤه بذلك داخلا فى الخبر، كما يكون نداؤك لله جلّت عظمته، إقرارا منك بالرّبوبيّة [وتعبّدا (¬1)] وبحسب ذلك يكون النداء ذمّا للمنادى وتقصيرا به، وزريا عليه، كقولك: يا فسق ويا خبث، ويا أبخل الناس، ويا مستحلّ الحرام، وما أشبه هذا، ممّا تقتصر عليه ولا تذكر معه شيئا غيره، كما اقتصرت على نداء الممدوح بما ناديته، فالنّداء فى هذا الوجه/داخل فى حيّز الخبر، وقد ورد النّداء مرادا به الخبر فى شيء من كلامهم، وذلك فى قولهم: «اللهمّ اغفر لنا أيّتها العصابة» قال أبو العباس محمد بن يزيد (¬2): معناه أخصّ هذه العصابة. وقد يكون دعاؤك لمن هو مقبل عليك، ومستغن عن دعائك له، على جهة التوكيد، حتى إن الداعى قد ينادى نفسه وقلبه، كقول القائل (¬3): فيا نفس صبرا لست والله فاعلمى … بأوّل نفس غاب عنها حبيبها وكقول الآخر (¬4): فلو يا قلب كنت اليوم حرّا … زجرت النّفس ويحك عن هواها ¬

(¬1) ليس فى هـ‍. (¬2) المقتضب 3/ 298، وأصله عند سيبويه 2/ 232، وقد تصرّف ابن الشجرىّ فى عبارة المبرّد. وانظر الأصول 1/ 367،370، وشرح الكافية ص 1374، وشذور الذهب ص 222، والمساعد 2/ 565. (¬3) مجنون بنى عامر. ديوانه ص 68. (¬4) لم أعرفه.

وقد يوجّه النداء إلى من لم يقصد إسماعه، وذلك إلى غائب تكتب إليه، تتشوّقه أو تمدحه أو تذمّه، كقولك فى مكتوبك: يا زيد، جمع الله بينى وبينك، ويا محمد، ما أكرمك، ويا خالد ما ألأمك، أو تقول لميّت تندبه: يا زيد، ما أجلّ مصيبتنا بفقدك، ويا عبد الله، لقد هدّنا هلكك، غير أنّ أكثر العرب يخالفون بين اللّفظ بالنّدبة، واللفظ بالنّداء، فيجعلون «وا» مكان «يا» ويلحقون آخر الاسم ألفا، فإذا سكتوا ألحقوها هاء ساكنة، كقولك: وا سيّد المسلميناه، وا أمير المؤمنيناه، فاقتصارك على قولك: يا سيّد الناس، ويا فارس الهيجاء، كاقتصارهم على مدح المندوب. وممّا نادوه مما ليس إسماعه متوهّما، الدّيار والأطلال، كقول النابغة (¬1): يا دار ميّة بالعلياء فالسّند … أقوت وطال عليها سالف الأبد وكقول امرئ القيس (¬2): ألا عم صباحا أيّها الطّلل البالى … وهل ينعمن من كان فى العصر الخالى وقد ينادون الأوقات، بمعنى الاشتكاء لطولها، أو المدح لها بما نالوا من السّرور /فيها، فمن الاشتكاء لطول الليل قول امرئ القيس (¬3): ألا أيّها اللّيل الطويل ألا انجل … بصبح وما الإصباح فيك بأمثل وقول الأعشى (¬4): وحتى يبيت القوم فى الصّفّ ليلهم … يقولون أصبح ليل واللّيل عاتم ¬

(¬1) مطلع أول قصيدة فى ديوانه. وهذا بيت سيّار، وقد أعاده ابن الشجرىّ فى المجلس الرابع والخمسين. وانظر الكتاب 2/ 321، وحواشيه. (¬2) ديوانه ص 27. (¬3) ديوانه ص 18. وفى هـ‍: «منك بأمثل». وأثبتّ ما فى الأصل، والديوان. (¬4) ديوانه ص 77، وشرح الجمل 2/ 88، والتصريح 2/ 165.

أراد: ياليل، فحذف حرف النداء، وحذفه إذا صحّ أن يكون المنادى صفة لأىّ، قليل، لشذوذه عن القياس (¬1). ويروى: «يقولون نوّر صبح». ومن وصف الليل بالقصر، لما نال واصفه فيه من السرور، وأحسن ما شاء، قول الشريف أبى الحسن الرّضىّ، رضى الله عنه وأرضاه، وإن كان متأخّرا، فإنّما نسج المتأخّرون على منوال المتقدّمين: يا ليلة كاد من تقاصرها … يعثر فيها العشاء بالسّحر (¬2) ومن ذلك نداء أمير المؤمنين علىّ عليه السلام للدّنيا وخطابه لها، فيما ذكره لمعاوية ضرار بن ضمرة النّهشلىّ، وقد سأله عنه فقال فيما وصفه (¬3) به: أشهد لقد رأيته وقد أرخى الليل سدوله، وغارت نجومه، ماثلا فى محرابه، قابضا على لحيته، يتململ تململ السّليم، ويبكى بكاء الحزين، ويقول: «يا دنيا ألى تعرّضت، لا حان حينك، قد بتتّك ثلاثا لا رجعة لى فيك، فعمرك قصير، وعيشك حقير، وخطرك يسير». وقد جاء النداء تحذيرا، كقوله تعالى: {يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ} (¬4) وجاء استغاثة، كقول عمر رضى الله عنه (¬5)، لمّا طعنه العلج: «يا لله وللمسلمين». وقال أبو العباس المبرد (¬6): من قال: يا بؤسا لزيد، جعل النّداء بمعنى الدعاء على ¬

(¬1) هذا رأى البصريين، كما فى التصريح، وانظر هذا المبحث فى المقتضب 4/ 258، وحواشيه. (¬2) ديوانه 1/ 518، وروايته: «من تقاربها». وأنشده ابن الشجرى فى حماسته ص 738. (¬3) شرح نهج البلاغة 18/ 225، وجاء فى متن النهج «ضرار بن حمزة» وفى الشرح: «ابن ضمرة». كما ترى فى الأمالى. (¬4) سورة يس 30. (¬5) فى هـ‍: رضوان الله عليه وسلامه. (¬6) لم أجد كلام المبرّد هذا فى كتابيه: الكامل والمقتضب، وإن تكلّم على «يا بؤس للحرب» -

المذكور، وكذلك قول سعد بن مالك بن ضبيعة: يا بؤس للحرب الّتى … وضعت أراهط فاستراحوا (¬1) /كأنه دعاء على الحرب، وأراد: يا بؤس الحرب، فزاد اللام. وقد استعملوا النداء توجّعا وتأسّفا كقوله (¬2): وبعد غد يا لهف نفسى من غد … إذا راح أصحابى ولست برائح وقد ورد النداء تعجّبا، كقول الراجز (¬3): يا ريّها اليوم على مبين … على مبين جرد القصيم جمع بين الميم والنّون رويّين، لتقارب مخرجيهما، كقول الآخر: بنىّ إنّ البرّ شيء هيّن … المنطق الطّيّب والطّعيّم (¬4) ¬

= قال: «أراد يا بؤس الحرب، فأقحم اللام توكيدا؛ لأنها توجب الإضافة» الكامل 3/ 217، ذكره فى أثناء الكلام على زيادة اللام توكيدا فى قول جرير: يا تيم تيم عدىّ لا أبا لكم لا يلقينّكم فى سوأة عمر وقد حكاه ابن الشجرى فى المجلس الرابع والخمسين. وانظر المقتضب 4/ 253،373،388. (¬1) من قصيدة حماسية. انظر شرح الحماسة ص 100، والكتاب 2/ 207، والخصائص 3/ 106، والمحتسب 2/ 93، والتبصرة ص 343، وإيضاح شواهد الإيضاح ص 282، والبسيط ص 853،890، والمغنى ص 238، وشرح أبياته 4/ 311، والخزانة 1/ 468، وغير ذلك كثير. وانظر المجلس 54. (¬2) أبو الطمحان القينىّ. شرح الحماسة ص 1266، وتذكرة النحاة ص 654، والمغنى ص 99، وشرح أبياته 2/ 229، وقال السيوطى فى شرح شواهده ص 96: «عزاه جماعة إلى هدبة بن خشرم». وأعاده المصنف من غير نسبة فى المجلسين التاليين. (¬3) حنظلة بن مصبح. كما فى اللسان (جرد-بين)، وأنشد من غير نسبة فى (قصم)، وإصلاح المنطق ص 47، وديوان الحطيئة برواية ابن السّكيت ص 6. ومعجم ما استعجم ص 402، فى رسم (جواذة)، ومعجم البلدان 4/ 411، فى رسم (مبين)، وهو موضع فى بلاد بنى تميم، أو بئر. (¬4) ينسبان لامرأة تقولهما لابنها. قواعد الشعر ص 69، والمقتضب 1/ 217، والكافى ص 161، والعيون الغامزة ص 245، والتبيين ص 191، والمغنى ص 759، وشرح أبياته 8/ 67، والخزانة 11/ 325، وغير ذلك كثير تراه فى حواشى قواعد الشعر.

ومثله لأبى جهل بن هشام (¬1): ما تنقم الحرب العوان منّى … بازل (¬2) عامين حديث السّنّ لمثل هذا ولدتنى أمّى وقال آخر، فجمع بين الطاء والدال لتقاربهما: إذا ركبت فاجعلونى وسطا … إنّى كبير لا أطيق العنّدا (¬3) العنّد: جمع ناقة عنود، وهى التى لا تستقيم فى سيرها، وهذا يسمّى فى عيوب القوافى الإكفاء. وممّا جاء فيه النداء تعجّبا قول الحطيئة (¬4): طافت أمامة بالرّكبان آونة … يا حسنه من قوام ما ومنتقبا أراد: ما أحسنه من قوام، كما أراد الراجز: ما أرواها اليوم، على الماء المسمّى بمبين، ونصب «منتقبا»، بالعطف على موضع (¬5) «من قوام» و «ما» زائدة، والمنتقب: موضع النّقاب، وآونة: جمع أوان، ومثله من التعجّب بلفظ النداء قول امرأة من طيئ: ¬

(¬1) تنسب هذه الأبيات لأبى جهل، كما ترى، وتنسب لأمير المؤمنين على بن أبى طالب رضى الله عنه. والأبيات فى غير كتاب. انظر سيرة ابن إسحاق، برواية ابن هشام 1/ 634، والقوافى للأخفش ص 53، والمقتضب 1/ 218، والغربيين 1/ 162، والأمثال لأبى عكرمة ص 44. والخزانة 10/ 110،11/ 325، وشرح أبيات المغنى 1/ 254،8/ 68. (¬2) يروى برفع اللام ونصبها وخفضها: فالرفع على الاستئناف، والنصب على الحال، والخفض على الإتباع، أى على البدل من ياء «منّى» أو البيان. مجالس العلماء للزجاجى ص 58، ومعجم الأدباء 5/ 110. (¬3) استفاضت كتب العربية بهذين البيتين. راجع القوافى للأخفش ص 58، وللتنوخى ص 122، ومجاز القرآن 1/ 291،337،2/ 275، وتفسير الطبرى 15/ 367، والمقتضب 1/ 218، والمغنى ص 759، وشرح أبياته 8/ 69، والخزانة 11/ 323، وغير ذلك كثير. (¬4) أول بيت فى ديوانه-ص 5 - برواية ابن السّكّيت. والخصائص 2/ 432، وشرح الشواهد للعينى 3/ 242، والتصريح 1/ 398، والهمع 1/ 251، وشرح الأشمونى 2/ 200. (¬5) وموضعه النصب على التمييز.

فيا ضيعة الفتيان إذ يعتلونه … ببطن الشّرى مثل الفنيق المسدّم (¬1) /أى ما أضيع الفتيان بعده، إذ يعتلونه، أى يقودونه، يعنى أعداءه، مثل الفحل من الإبل، والمسدّم: المكعوم الذى حشى فمه بالسّدام، وهو الكعامة ليمنعه من العضّ. فهذه وجوه شتّى قد احتملها النّداء، وإن كان فى أصل وضعه لتنبيه المدعوّ، والذى حملنى على تلخيصها، ما ذكرته لك من إنكار كثير منهم أن يكون لفظ النداء محتملا لمعنى غيره، وقد أريتك أن أكثر معانى الكلام ليس لفظ من ألفاظها إلا وهو محتمل لمعان مباينة للمعنى الذى وضع له ذلك [اللفظ (¬2)] فلا يكون فى احتماله لتلك المعانى ما يخرجه عن معناه الأصلىّ. وأقول: إنه كما جاز فى الألفاظ المفردة ما يتّفق لفظه ويختلف معناه، كذلك جاز أن يكون فى الألفاظ المركّبة المفيدة ما يختلف معناه واللفظ واحد، كقولهم فى المفرد: العين، لعين الإنسان وكلّ ذى بصر، والعين: الرجل المتجسّس، والعين: سحابة تأتى من ناحية (¬3) القبلة، والعين: مطر يدوم خمسا أو ستّا لا يقلع، والعين: الدّنانير الناضّة (¬4)، والعين: الميل فى الميزان، وعين الرّكبة: النّقرة التى فيها [وعين الماء (¬5)] وعين الشمس، وعين القبلة، وعين الشىء: نفسه (¬6). ¬

(¬1) هى بنت بهدل بن قرفة الطائى، أحد لصوص العرب، زمان عبد الملك بن مروان. شرح الحماسة ص 211،212، ومعجم البلدان 3/ 368، فى رسم (الشرى) حكاية عن المرزوقى. (¬2) سقط من هـ‍. (¬3) فى الأصل: «نحو»، وأثبتّ ما فى هـ‍، ومثله فى اللسان (عين). (¬4) الدنانير الناضة: هى الدنانير العينيّة، من ذهب أو فضة. (¬5) ساقط من هـ‍. (¬6) من تمام الفائدة أن أذكر أن لبهاء الدين السّبكىّ قصيدة مدح بها أخاه جمال الدين الحسين، وكلّ بيت منها ينتهى بلفظ «عين» ذكر فيها خمسة وثلاثين معنى للعين، وقد أوردها أخوهما تاج الدين فى طبقات الشافعية الكبرى 9/ 416، وأشار إليها المرتضى الزّبيدى فى التاج (عين) ومطلع القصيدة: هنيئا قد أقرّ الله عينى فلا رمت العدى أهلى بعين

فصل

فصل الكلام (¬1) ينقسم فى المعانى عند بعض أصحاب المعانى إلى أربعة أقسام: خبر واستخبار وطلب ودعاء، فالخبر أوسعها، وهو أن يخبر المتكلّم المكلّم بما يفيد معرفته، والاستخبار: أن يطلب المستخبر من المستخبر إخباره بما ليس عنده، فأما الخطاب بلفظة افعل، فلا يخلو أن يكون لمن دونك (¬2) أو لنظيرك، أو لمن هو أعلى منك، فإن كان لمن دونك، سمّيته أمرا، وإن كان لنظيرك سمّيته مسألة، وإن كان لمن هو أعلى منك سمّيته طلبا، وإن كان لله سبحانه سمّيته سؤالا ودعاء وطلبا، وإنما اختلفت التسمية، لاختلاف المخاطبين بهذه اللفظة، لأنك تستقبح أن تقول: [أمرت والدى، كما تستقبح أن تقول (¬3)]: سألت غلامى. /والنهى بلفظة: لا تفعل، هو عند قوم بمعنى الأمر، قالوا: لأنك إذا قلت: نهيته عن كذا، فقد أمرته بغيره، فإذا قلت: لا ترحل، فكأنك قلت: أقم، وإذا قلت: لا تصم، فكأنك قلت: أفطر، وكذلك إذا أمرته بشىء، فكأنك نهيته عن نقيضه، فإذا قلت: ارحل، فكأنك قلت: لا تقم، وإذا قلت: صم، فكأنك قلت: لا تفطر، وهما عند آخرين معنيان، كلّ واحد منهما قائم بنفسه، وإن اشتركا فى بعض المواضع. وقد أدخل قوم الدعاء الذى هو النّداء، فى باب الأمر، قالوا: لأنك إذا قلت: يا رجل، فكأنك قلت: تنبّه واسمع، فجعلوا المعانى ثلاثة، وليس قول هؤلاء بشىء، لأنك إذا قلت: يا زيد، لم تقل (¬4): أمرته ولا نهيته. ¬

(¬1) هذا تكرير لما سبق فى المجلس الثالث والثلاثين. (¬2) فى هـ‍: لمن دونك أو لمن فوقك أو لنظيرك. (¬3) ليس فى الأصل، وأثبتّه من هـ‍. (¬4) علّقت عليه فى المجلس المذكور.

وقال قوم: الجزاء قسم آخر، إذا قلت: من يأتنى آته. وقال قوم: التعجّب قسم آخر، إذا قلت: ما أحسن زيدا، وقال آخرون: تعظيم الله قسم آخر، إذا قلت: لا إله إلا الله، وقالوا: العرض قسم آخر، إذا قلت: ألا تنزل عندنا، وقالوا: التحضيض قسم آخر، إذا قلت: هلاّ صنعت كذا، وقالوا: التمنّى قسم آخر، إذا قلت: ليت لى مالا. وأقول: إن هذا كلّه يرجع إلى ما قدّمت ذكره، إلا التمنّى، لأنه إذا قال: من يأتنى آته، فقد أخبر، وإذا قال: ما أحسن زيدا، فقد أخبر أن زيدا حسن جدّا، وإذا قال: لا إله إلا الله، سبحان الله، فقد أخبر بأنه يعترف بذلك، وأنه من أهل هذه المقالة، وإذا قال: ألا تنزل عندنا، فلفظه لفظ الاستفهام ومعناه الطّلب، فكأنه قال: انزل عندنا. وأما التحضيض فإنه داخل فى حيّز الأمر، وأدوات التحضيض: هلاّ وألا ولولا ولوما، واختصاصه بالفعل كاختصاص الشّرط بالأفعال، تقول: هلاّ أكرمت زيدا، ولولا تعطى جعفرا، وفى التنزيل: {لَوْ ما تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ} (¬1)، وقال عنترة (¬2): هلاّ سألت الخيل يا ابنة مالك … إن كنت جاهلة بما لم تعلمى أراد: هلاّ سألت الخيل بما لم تعلمى، أى عمّا لم تعلمى، ومثل تأدية الباء هاهنا معنى «عن» تأديتها فى قوله تعالى: {الرَّحْمنُ فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً} (¬3) أى فسل عنه خبيرا. ويجوز حذف الفعل من هذا الضّرب، إذا دلّ عليه دليل حال، أو دليل لفظ، ¬

(¬1) الآية السابعة من سورة الحجر. (¬2) ديوانه ص 207، وشرح القصائد السبع ص 342، وأعاده ابن الشجرى فى المجلسين السابع والستّين، والمتمّ السبعين. (¬3) سورة الفرقان 59، وقد تكلم ابن الشجرى على مجىء الباء بمعنى «عن» فى المجلسين المذكورين.

فدليل الحال كقولك لمن تراه يعطى: هلاّ زيدا، تريد: هلاّ تعطى زيدا، ولمن تراه يضرب: لولا خالدا، تريد: لولا تضرب خالدا، ودليل اللفظ كقول الشاعر: تعدّون عقر النّيب أفضل مجدكم … بنى ضوطرى لولا الكمىّ المقنّعا (¬1) أراد: لولا عددتم أو تعدّون الكمىّ، وإن شئت قدّرت: لولا عقرتم أو تعقرون، بدلالة العقر عليه. وقد جاء التوبيخ بلفظ التحضيض فى قوله: {لَوْلا جاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ} (¬2). وأما التمنّى فزعم قوم أنه داخل فى الخبر، لأنه إذا قال: ليت لى مالا، فقد أخبر بأنه تمنّى ذلك، فكأنه قال: وددت أنّ لى مالا، وليس الأمر عندى على ما قالوا، لأن التمنّى مما أجابته العرب بالفاء، كما أجابوا الأمر والنهى والاستفهام، كما ¬

(¬1) أنشده ابن الشجرى من غير نسبة فى المجلس المتمّ الأربعين، ونسبه فى المجلس السادس والستين إلى الأشهب بن رميلة. وممّن نسبه هذا النسبة أبو جعفر الطبرى فى تفسيره 2/ 552، وقال البغدادىّ فى الخزانة 3/ 59: «نسبه ابن الشجرىّ فى أماليه للأشهب بن رميلة، وكذا غيره، والصحيح أنه من قصيدة لجرير، لا خلاف بين الرواة أنها له». وقد سبق أبا جعفر الطبرىّ وابن الشجرى فى نسبة البيت للأشهب: أبو عبيدة فى مجاز القرآن 1/ 52،346، وأنشده من غير نسبة فى ص 191، مع أنه أورده فى قصيدة لجرير فى النقائض ص 833، وهو فى ديوانه ص 907، عن النقائض. وانظر الكامل 1/ 278، والإيضاح ص 29، والخصائص 2/ 45، والجمل المنسوب للخليل ص 102، وقد زدته تخريجا فى كتاب الشعر ص 57. وقال السيوطى فى شرح شواهد المغنى ص 229،230: «ورأيت فى تفسير ابن المنذر نسبة هذا البيت إلى الأشهب بن رميلة». انتهى. وهذا ابن المنذر: هو أبو بكر محمد بن إبراهيم النيسابورى المتوفى سنة 319، على اختلاف. راجع طبقات الشافعية الكبرى 3/ 102، ولسان الميزان 5/ 27. ويبقى أن أشير إلى أن الأشهب بن رميلة كان يهاجى الفرزدق، وله فيه قصيدة من بحر البيت الشاهد وقافيته، فهذا سبب التخليط فى النسبة. راجع طبقات فحول الشعراء ص 585،586. وانظر شعره ضمن (شعراء أمويون) 2/ 236،237. وتعدّون هنا بمعنى تعتقدون، ولا يجوز أن يكون من العدّ بمعنى الحساب، حكاه البغدادى فى الخزانة 3/ 57. والعقر: مصدر عقر الناقة بالسيف: إذا ضرب قوائمها به. والنّيب، بكسر النون: جمع ناب، وهى الناقة المسنّة. وضوطرى: هو الرجل الضخم اللئيم الذى لا غناء عنده. ويقال فى الذم والسّبّ: أبو ضوطرى وبنو ضوطرى. والكمىّ: الشجاع المتكمّى فى سلاحه، أى المستتر بالدرع والبيضة. (¬2) سورة النور 13.

جاء فى التنزيل: {يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً} (¬1) والفاء لا يجاب بها الخبر الموجب إلا فى ضرورة شعر، كقوله: سأترك منزلى لبنى تميم … وألحق بالحجاز فأستريحا (¬2) ويقوّى ذلك أنك لو قلت: ليت لى مالا، لما عورضت بتصديق ولا تكذيب، فقد خرج التمنّى عن حيّز الخبر بهذين. ومن التمنّى قوله تعالى، حاكيا عن الكفار: {فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (¬3) /فالنصب فى قوله: {فَنَكُونَ} يحتمل وجهين، أحدهما: أن يجعل {فَنَكُونَ} جوابا مثل {فَأَفُوزَ} (¬4) والآخر أن يكون معطوفا على المصدر الذى هو {كَرَّةً} كأنه قيل: فلو أنّ لنا أن نكرّ إلى الدنيا فنكون من المؤمنين، ومثل ذلك فى عطف الفعل المنصوب بأن مضمرة، على مصدر، قول امرأة أعرابية (¬5) من نساء معاوية، اشتاقت أهلها: للبس عباءة وتقرّ عينى … أحبّ إلىّ من لبس الشّفوف الشّفوف: الثّياب الرّقاق، واحدها شفّ، وإنما أضمروا فى هذا النحو ¬

(¬1) سورة النساء 73. (¬2) هذا شاهد كثير الدوران فى كتب النحو. وقد نسبه القيسىّ فى إيضاح شواهد الإيضاح ص 347 للمغيرة بن حبناء، وكذلك العينىّ والسيوطىّ، فى شرح الشواهد الكبرى 4/ 390، وشرح شواهد المغنى ص 169، وحكاه البغدادىّ عنهما، ثم قال: «وقد رجعت إلى ديوانه، وهو صغير، فلم أجده فيه». الخزانة 8/ 524. والبيت من غير نسبة فى الكتاب 3/ 39،92، والمقتضب 2/ 24، والإيضاح ص 313، والمسائل المنثورة ص 146، والأصول 2/ 182،3/ 471، وضرورة الشعر ص 195، وضرائر الشعر ص 284، والمحتسب 1/ 197، والتبصرة ص 403، والإفصاح ص 184، والمغنى ص 190، وشرح أبياته 4/ 114. وانظر شعره (ضمن شعراء أمويون) 3/ 83. (¬3) سورة الشعراء 102، وانظر لمجيء «لو» بمعنى التمنّى: الكشاف 3/ 119، والبحر 7/ 28، ورصف المبانى ص 291، والمغنى ص 295، ودراسات لأسلوب القرآن الكريم 2/ 664،665. (¬4) فى آية النساء السابقة. (¬5) ميسون بنت بحدل الكلبيّة، وبيتها هذا فى غير كتاب. انظر كتاب سيبويه 3/ 45، والمقتضب 2/ 27، والأصول 2/ 150، والمحتسب 1/ 326، والبسيط ص 233، وشرح ابن عقيل 2/ 280، والمغنى ص 295، وفهارسه، وشرح أبياته 5/ 64، وفهارسه، والخزانة 8/ 503، وفهارسها. وأورد ابن الشجرىّ القصيدة كلّها فى حماسته ص 573.

«أن» ليوافق المعطوف المعطوف عليه، فى الاسمية. والتحضيض كالتمنّى، فى إجابته بالفاء، فى قوله: {لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ} «وأكون» {مِنَ الصّالِحِينَ} (¬1) كما أجيب بها التمنّى فى قوله: {فَأَفُوزَ} - و- {فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} وقوله: «وأكون» ممّا انفرد به أبو عمرو (¬2)، فأمّا من قرأ: {وَأَكُنْ} فإنه جزمه بالعطف على موضع فأصّدّق، ألا ترى أن الفاء إذا حذفت من هذا النحو، انجزم الفعل، كقولك: زرنى أكرمك، وكما قال تعالى: {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا} (¬3) -و- {أَرْسِلْهُ مَعَنا غَداً} «نرتع ونلعب» (¬4) ومثله فى الجزم بالعطف على الموضع، قراءة حمزة والكسائىّ: {مَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلا هادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ} (¬5) جزما {يَذَرُهُمْ} لأنهما عطفاه على موضع {فَلا هادِيَ لَهُ} ومثله قول الشاعر (¬6): فأبلونى بليّتكم لعلّى … أصالحكم وأستدرج نويّا جزم «أستدرج» بالعطف على موضع «لعلّى أصالحكم» ألا ترى أنه لو حذف لعلّى انجزم «أصالحكم» جوابا للأمر. ¬

(¬1) الآية العاشرة من سورة المنافقون. (¬2) السبعة ص 637، وتأويل مشكل القرآن ص 56، والكشف 2/ 322، والبيان 2/ 441، والمغنى ص 472، وقد أفرد أبو علىّ الفارسىّ لهذه القراءة مسألة فى كتابه العضديات ص 119، وابن الشجرى يلخّص كلامه. (¬3) الآية الثالثة من سورة الحجر. (¬4) سورة يوسف 12، و «نرتع ونلعب» بالنون فى الفعلين هكذا جاءت فى الأصل، وهى قراءة أبى عمرو، وابن عامر. وجاء فى هـ‍ يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ بالياء التحتية فى الفعلين، وهى قراءة عاصم وحمزة والكسائىّ. السبعة ص 346، والكشف 2/ 5،6. (¬5) سورة الأعراف 186. وانظر السبعة ص 299، والكشف 1/ 485. (¬6) أبو دؤاد الإيادى. ديوانه ص 350، وتخريجه فيه، وزد عليه: معانى القرآن 1/ 88، والعضديات ص 120، والعسكريات ص 161، وشرح أبيات المغنى 6/ 292، وما فى حواشى تلك الكتب. وقوله: «أبلونى بليتكم» أى اصنعوا بى صنعا جميلا. وأستدرج: أرجع أدراجى من حيث كنت. و «نويا» أى نيّتى، وسيتكلم المصنف على اشتقاقها. يقول: أحسنوا إلىّ، فإن أحسنتم فلعلى أصالحكم وأرجع حيث كنت جارا لكم.

وقوله: «نويّا» قلب ألف «النّوى» ياء لمّا أضافها إلى ياء المتكلّم، وإنما فعل ذلك بعض العرب، لأن إضافة الاسم إلى ياء المتكلم توجب كسر ما قبل الياء، ولمّا لم يصحّ تحريك الألف جعلوا قلبها إلى الياء عوضا من الكسرة التى/تقتضيها ياء المتكلم، وعلى هذا قرأ بعض القراء: «فمن تبع هدىّ» (¬1) و «قال هى عصىّ» (¬2) و {يا بُشْرى هذا غُلامٌ} (¬3) وعليه أنشدوا لأبى ذؤيب (¬4): سبقوا هوىّ وأعنقوا لهواهم … فتخرّموا ولكلّ جنب مصرع والنّوى من الكلم المؤنّثة، لأن معناها النّية التى ينويها المفارق، طالبا للمكان الشاطّ، وسمع الأصمعىّ منشدا ينشد: فما للنّوى جدّ النّوى قطع النّوى … كذاك النّوى قطّاعة للقرائن (¬5) فقال: لو قيّض لهذا البيت شاة لأتت عليه. انقضى الكلام فى معانى الكلام. ... ¬

(¬1) سورة البقرة 38، وهى قراءة أبى الطفيل، وعبد الله بن أبى إسحاق، وعاصم الجحدرى، وعيسى ابن عمر الثقفى. المحتسب 1/ 76، ومختصر فى شواذ القراءات ص 5، والبحر 1/ 169. وقلب الألف ياء من آخر المقصور، إذا أضيف إلى ياء المتكلم، لغة هذيل، وسيأتيك شاهد من شعرهم. (¬2) سورة طه 18. (¬3) سورة يوسف 19. (¬4) شرح أشعار الهذليين ص 7، وتخريجه فى ص 1357. (¬5) البيت من غير نسبة فى نضرة الإغريض ص 50، برواية: كذاك النّوى قطاعة لوصال وانظر شبيها لهذا البيت فى كتاب الشعر ص 82.

فصل

فصل (¬1) كتب إلىّ رجل من أماثل كتّاب العجم، يسأل عن هذا البيت، أصحيح إعرابه أم فاسد؟ وذكر أنه لشاعر أصفهانىّ (¬2) من أهل هذا العصر، وهو: يؤلّل عصلا لا بناهنّ هينة … ضعافا ولا أطرافهنّ نوابيا رفع «بناهنّ» بلا، ونصب «هينة» بأنه خبرها، وإنما فعل [ذلك (¬3)] لينصب القافية، لأنه لمّا أعمل «لا» الأولى هذا العمل، أعمل «لا» الثانية عمل الأولى، ولحّنه فى هذا نحويّ من أهل أصفهان، لأنه جعل اسم لا معرفة، وقال: إنّ من شبّه لا بليس [من العرب (¬4)] رفعوا بها النكرة دون المعرفة. فأجبت عن هذا بأنى وجدت قوما من النحويين معتمدين على أن «لا» المشبهة بليس، إنما ترفع النّكرات خاصّة، كقولك: لا رجل حاضرا، ولم يجيزوا: لا الرجل حاضرا، كما يقال: ليس الرجل حاضرا، وعلّلوا هذا بأن «لا» ضعيفة فى باب العمل، لأنّها إنما تعمل بحكم الشّبه، لا بحكم الأصل فى العمل، والنكرة ضعيفة ¬

(¬1) هذا الفصل كلّه حكاه السيوطىّ فى الأشباه والنظائر 4/ 160 - 163، عن أمالى ابن الشجرى. وكذلك البغدادىّ فى شرح أبيات المغنى 4/ 378 - 382. (¬2) جاء بهامش الأصل حاشية: «هذا البيت هو لابن الصفىّ، لا لشاعر أصفهانى». انتهت الحاشية، ولم أعرف ابن الصفىّ هذا. (¬3) سقط من هـ‍. (¬4) وهذا أيضا مثله.

جدّا، فلذلك لم يعمل العامل الضعيف إلا فى النّكرات، كقولك: عشرون رجلا، / ولى مثله فرسا، وزيد أحسنهم أدبا، فلما كانت «لا» أضعف العاملين (¬1)، والنكرة أضعف المعمولين، خصّوا الأضعف بالأضعف، وجاء فى شعر أبى الطيب أحمد بن الحسين إعمال «لا» فى المعرفة فى قوله (¬2): إذا الجود لم يرزق خلاصا من الأذى … فلا الحمد مكسوبا ولا المال باقيا ووجدت أبا الفتح عثمان بن جنّى غير منكر لذلك، فى تفسيره لشعر المتنبى، ولكنه قال بعد إيراد البيت: شبّه «لا» بليس، فنصب بها الخبر. وأقول: إن مجيء مرفوع «لا» منكورا فى الشعر القديم هو الأعرف، إلا أنّ خبرها كأنهم ألزموه الحذف، وذلك فى قول سعد بن مالك بن ضبيعة: من صدّ عن نيرانها … فأنا ابن قيس لا براح (¬3) أراد: لا براح لى، أو عندى، وفى قول رؤبة (¬4) بن العجاج: والله لولا أن يحشّ الطّبّخ … بى الجحيم حين لا مستصرخ أراد: لا مستصرخ لى، ومرّ بى بيت للنابغة الجعدىّ، فيه مرفوع «لا» معرفة (¬5)، وهو: ¬

(¬1) بهامش الأصل حاشية: «كان ينبغى أن يقول: العوامل؛ لأن العاملين يختصّ بذوى العقول، وكذا ينبغى أن يقول: المعمولات بدل المعمولين». وعلّق أحدهم على هذه الحاشية، قال: «قوله: كان ينبغى الخ: ليس كذلك؛ فإن المراد هنا التثنية لا الجمع، فى العاملين والمعمولين، فالعاملان: ليس، ولا، والمعمولان: المعرفة والنكرة: هذا ما ظهر لى». (¬2) ديوانه 4/ 283، والمغنى ص 265، وشرح أبياته 4/ 382، والشذور ص 198، وص 160، والتصريح 1/ 199، والجنى الدانى ص 294. وسيأتى فى المجلس السابع والستين. (¬3) فرغت منه فى المجلس الحادى والثلاثين. (¬4) الصحيح أنه العجاج، وتكلمت عليه فى المجلس المذكور. (¬5) حكى هذا عن ابن الشجرىّ: ابن أم قاسم، فى الجنى الدانى ص 293، وابن هشام فى المغنى؟ ص 264، والعينى فى شرح الشواهد 2/ 144، والأشمونى فى شرحه 1/ 253.

وحلّت سواد القلب لا أنا مبتغ … سواها ولا عن حبّها متراخيا (¬1) وقبله: دنت فعل ذى حبّ فلما تبعتها … تولّت وردّت حاجتى فى فؤاديا وبعده (¬2): وقد طال عهدى بالشّباب وظلّه … ولاقيت أيّاما تشيب النّواصيا وإنما ذكرت هذين البيتين، مستدلاّ بهما على نصب القافية، لئلا يتوّهم متوهّم، أن البيت فرد مصنوع، لأن إسكان الياء فى قوله «متراخيا» ممكن مع تصحيح الوزن، على أن يكون البيت من الطويل (¬3) الثالث، مثل: /أقيموا بنى النّعمان عنّا صدوركم … وإلاّ تقيموا صاغرين الرّءوسا (¬4) وإذا صحّ نصب قافية البيت، فلا تخلوا [لا (¬5)] الأولى أن تكون معملة أو ملغاة فإن كانت معملة، فمبتغ خبرها، وكان حقّه أن ينصب، ولكنه أسكن الياء فى موضع النصب، كما أسكنها الآخر فى قوله (¬6): كفى بالنّأى من أسماء كافى ¬

(¬1) ديوانه ص 171، وشرح ابن عقيل 1/ 270، والهمع 1/ 125، والخزانة 3/ 337، وشرح أبيات المغنى 4/ 378، والمراجع المذكورة فى التعليق السابق. والرواية فى الديوان وجميع ما ذكرت: «لا أنا باغيا»، وسيتكلم ابن الشجرى على الروايتين. (¬2) جاء هذا البيت فى الديوان قبل البيتين المذكورين. (¬3) يعنى الضرب الثالث المحذوف، وهو ما سقط من آخره سبب خفيف، فيصير مفاعيلن: مفاعى، وينقل إلى فعولن. العروض لابن جنى ص 26، والكافى ص 24، والعيون الغامزة ص 138، والعقد الفريد 5/ 478، وشرح المفصل 6/ 115. (¬4) قائله يزيد بن الخذّاق الشّنّى. المفضليات ص 298، وانظر مع المراجع المذكورة فى التعليق السابق: كتاب الشعر ص 60، وأعاده ابن الشجرى فى المجلس الحادى والأربعين. (¬5) سه؟؟؟ من هـ‍. (¬6) فرغت منه فى المجلس الرابع.

وكان حقّه «كافيا» لأنه حال بمنزلة المنصوب فى قوله تعالى: {وَكَفى بِاللهِ وَلِيًّا وَكَفى بِاللهِ نَصِيراً} (¬1) ومثله فى إسكان الياء فى موضع النصب، قول الفرزدق (¬2): يقلّب رأسا لم يكن رأس سيّد … وعينا له حولاء باد عيوبها قال: «باد»، وكان حقّه: باديا، إتباعا لقوله: «عينا» ولا يجوز أن يكون «عيوبها» مبتدأ وخبره «باد» لأنه لو أراد ذلك لزمه أن يقول: بادية، ألا ترى أنك لو قدّمت العيوب، لم يصحّ أن تقول: عيوبها باد، كما لا تقول: الرجال جالس، وإذا كان كذلك فالنصب فى قوله: «متراخيا» بالعطف على مبتغ، لأنه منصوب الموضع فكأنه قال: لا أنا مبتغيا سواها، ولا متراخيا عن حبها. فإن جعلت «لا» الأولى ملغاة كان قوله: «أنا مبتغ» مبتدأ وخبرا، ولزمك أن تعمل الثانية، ويكون اسمها محذوفا، تقديره: ولا أنا عن حبّها متراخيا، وحسن حذفه لتقدّم ذكره. فإن قيل: فهل يجوز أن يكون قوله: «متراخيا» حالا، والعامل فيه الظرف الذى هو «عن» كما يعمل الظرف فى الحال، إذا قلنا: زيد فى الدار جالسا؟ قيل: لا يجوز ذلك، لأن «عن» ظرف ناقص، وإنما يعمل فى الحال الظرف التامّ، ألا ترى أن قولك: زيد فى الدار، كلام مفيد، ولو قلت: زيد عنك راحلا، ومحمد فيك راغبا، لم يجز، لأنك لو أسقطت راحلا وراغبا، فقلت: زيد عنك، ومحمد فيك، لم يكن كلاما مفيدا، فإذن لا يصحّ إلا أن ترفع راحلا وراغبا، وتعلّق الجارّين بهما. /ووجدت بعد انقضاء هذه الأمالى، فى كتاب عتيق يتضمّن المختار من شعر الجعدىّ: «لا أنا باغيا سواها» فهذه الرواية تكفيك تكلّف الكلام على «مبتغ». ¬

(¬1) سورة النساء 45. (¬2) تقدّم فى المجلس السادس عشر.

فأما قوله: «يؤلّل عصلا» فمعنى يؤلّل: يحدّد أنيابا عصلا، والعصل: شدّة الناب مع اعوجاج فيه، وهو ناب أعصل. والبنى: جمع بنية، يريد أصول الأنياب. وقوله: «هينة» مخفّف هيّنة، كقولهم فى ميّت: ميت، وكما جاء فى الحديث: «المؤمن هين لين (¬1)». والنّوابى: من قولهم: نبا السّيف ينبو: إذا ضربت به فرجع إليك، ولم يعمل فى الضّربية. وقول رؤبة: «يحشّ الطّبّخ» يقال: حششت النار أحشّها: إذا أذكيتها، والطّبّخ: واحدهم: طابخ، كساجد وسجّد، وراكع وركّع، شبّه ملائكة النار بالطّبّاخين. وقوله: «حين لا مستصرخ» أى حين لا أحد هناك يستصرخ، كما يوجد ذلك فى الدنيا. وقول سعد بن مالك: «وضعت أراهط» ذكر «أراهط» أبو علىّ، فى باب ما جاء بناء جمعه على غير بناء واحده (¬2)، كقولهم فى جمع باطل: أباطل وأباطيل، كأنه جمع إبطال أو إبطيل، وأراهط كأنه جمع أرهط، قال: وأفعل لم يستعمل ¬

(¬1) أخرجه البيهقى فى شعب الإيمان، عن أبى هريرة، كما ذكر السيوطى فى الجامع الصغير 2/ 185 وروى فى حديث آخر «المؤمنون هينون لينون» وأخرجه ابن المبارك عن مكحول، مرسلا، وابن لال والقضاعى، عن ابن عمر. الجامع الكبير للسيوطى 1/ 441، وانظر غريب الحديث للخطابى 1/ 529، 543. والزهد لابن المبارك ص 130، وحلية الأولياء 5/ 180. وحكى ابن الأثير عن ابن الأعرابىّ، قال: «العرب تمدح بالهين اللّين، مخفّفين، وتذمّ بهما مثقلين» النهاية 5/ 289، وغير ابن الأعرابىّ يرى الاثنين بمعنى واحد. اللسان (هون). (¬2) التكملة لأبى على ص 449 (طبعة بغداد،1400 هـ‍-1981 م-تحقيق كاظم بحر مرجان).

عنده فى هذا [قوله: عنده، يعنى سيبويه. وقوله: وأفعل لم يستعمل فى هذا (¬1)] يعنى أنه لم يثبت عنده أنهم جمعوا الرّهط الذى هو العصابة دون العشرة على أرهط، ولكنهم استعملوا الأرهط فى الرّهط الذى هو أديم تلبسه الحائض، يكون قدره ما بين السّرّة إلى الرّكبة. وغير سيبويه قد حكى فى الرّهط الذى هو العصابة أنهم جمعوه على أرهط، وجمعوا الأرهط على الأراهط، كما جمعوا الكلب على الأكلب، ثم جمعوا الأكلب على الأكالب. وممّا جمعوه على غير القياس: «حديث» قالوا فى جمعه: أحاديث (¬2)، وأحاديث كأنه جمع إحداث، كإعصار وأعاصير، ولا يجوز أن يكون أحاديث جمع أحدوثة، /كأغلوطة وأغاليط، لأنهم قد قالوا: حديث النبىّ، وأحاديث النبىّ صلى الله عليه وآله وسلم، ولم يقولوا: أحدوثة النبىّ. وممّا جمعوه على غير القياس قولهم فى جمع الرّبّى، وهى الشاة التى تحبس للّبن، وقيل: الحديثة العهد بالولاد: رباب، مضموم الأول، ومثله قولهم فى جمع التّوأم وهو الذى يولد مع آخر: تؤام، وفى جمع الظّئر وهى الدّاية: ظؤار، وفى جمع الثّنيّ: ثناء، وهو ولد الشاة إذا دخل فى السنة الثانية، والبعير إذا ألقى ثنيّته، وذلك إذا دخل فى السنة السادسة، وفى جمع الرّخل: رخال وهى الأنثى من أولاد الضّأن، وفى جمع النّفساء، وهى المرأة التى وضعت: نفاس، وقيل أيضا: نفاس، بكسر أوله، والنّفاس أيضا بالكسر: ولادها. . . تم المجلس. [آخر الجزء الأول من أمالى ابن الشجري، رحمه الله، بتجزئة محققه، غفر الله له، ويليه الجزء الثانى وأوله: المجلس السادس والثلاثون]. ... ¬

(¬1) ساقط من هـ‍. وانظر كلام سيبويه فى الكتاب 3/ 616، واللسان (رهط). (¬2) راجع شرح المفصل 5/ 73، واللسان (حدث).

المجلس السادس والثلاثون

[الجزء الثاني] المجلس السادس والثلاثون [مسائل:] / يذكر فيه، وفيما يليه المسائل (¬1) الواردة من الموصل، وهى ثمانى مسائل: [المسألة:] الأولى: السؤال عن الراجع إلى «القتال» من خبره، فى قول الشاعر (¬2): فأمّا القتال لا قتال لديكم … ولكنّ سيرا فى عراض المواكب وعن معنى البيت. [المسألة:] الثانية: السؤال عن قول الله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللهِ} (¬3) لم لم يجمع الضمير الذى هو التاء فى {أَرَأَيْتَكُمْ} ولم يثنّ فى أرأيتكما؟ [المسألة:] الثالثة: السؤال عن حدّ الاسم الذى يسلم من الطّعن. [المسألة:] الرابعة: السؤال عن وجه رفع «الشّرّ» ونصبه، ونصب «الماء» ورفعه فى قول الشاعر (¬4): ¬

(¬1) حكى السيوطىّ هذه المسائل وأجوبتها-عن ابن الشجريّ-فى الأشباه والنظائر 4/ 131 - 146. (¬2) هو الحارث بن خالد المخزومى، وعليه أكثر الناس. وقال القيسى فى إيضاح شواهد الإيضاح ص 129: «هذا البيت للوليد بن نهيك، أحد بنى ربيعة بن مالك. . . ويكنى أبا حزاقة، وينسب للكميت ابن زيد. . .». وهذا البيت مما استفاضت به كتب العربية، وهو فى المقتضب 2/ 69، والشعر ص 64،84، والإيضاح ص 86، وشرحه المقتصد ص 366، والمنصف 3/ 118، وشرح الكافية الشافية ص 1648، والمغنى ص 56، وشرح شواهده ص 177، وشرح أبياته 1/ 369، والخزانة 1/ 452، وغير ذلك كثير تراه فى حواشى المقتصد، وحواشى إيضاح شواهد الإيضاح. وأعاده ابن الشجرى فى المجلس الثامن والسبعين. (¬3) سورة الأنعام 40،47. (¬4) يزيد بن الحكم. وسبق الكلام على قصيدته التى منها هذا البيت فى المجلسين السابع والعشرين والذى بعده.

[المسألة:] الخامسة

فليت كفافا كان خيرك كلّه … وشرّك عنّى ما ارتوى الماء مرتوى [المسألة:] الخامسة: السّؤال عن «مزيّن» تصغير أىّ شيء هو؟ [المسألة:] السادسة: / السؤال عن العلّة الموجبة لفتح التاء فى «أرأيتكم» وهو لجماعة [المسألة:] السابعة: السؤال عن العامل فى «إذا» من قول الشاعر: وبعد غد يا لهف نفسى من غد … إذا راح أصحابى ولست برائح (¬1) [المسألة:] الثامنة: السؤال عن تبيين إعراب قول أبى على: «أخطب ما يكون الأمير (¬2) قائما، وشربى السّويق ملتوتا». [الجواب:] [الجواب عن المسألة الأولى:] بتوفيق الله وحسن تسديده، عن المسألة الأولى: إنّ الجملة المركبة من «لا» واسمها وخبرها، وقعت خبرا عن القتال، فى قوله: فأمّا القتال لا قتال لديكم وهى عارية عن ضمير عائد منها إلى المبتدأ، وإنما جاز ذلك، لأن اسم «لا» نكرة شائعة مستغرقة للجنس المعرّف بالألف واللام، فقتال المنكور مشتمل على القتال الأول، ألا ترى أنك إذا قلت: لا إله إلاّ الله، عمّت لفظة «إله» جميع ما يزعم المبطلون أنه مستحقّ لإطلاق هذه اللفظة عليه، وليس يجرى قولك: لا رجل فى الدار، إذا رفعت، مجرى قولك: لا رجل فى الدار، إذا ركّبت، لأنك إذا قلت: لا رجل فى الدار، جاز أن تعقبه بقولك: بل رجلان، وبل ثلاثة، ولا يجوز ذلك مع تركيب «لا» لأنك إذا رفعت فإنما نفيت واحدا، وإذا ركّبت فإنما نفيت الجنس ¬

(¬1) تقدم تخريجه فى المجلس السابق. (¬2) سبق تخريجه فى المجلس الحادى عشر.

أجمع، وإذا عرفت هذا فدخول القتال الأول تحت الثانى يقوم مقام عود الضمير إليه، ومثل هذا البيت ما أنشده سيبويه (¬1): ألا ليت شعرى هل إلى أم معمر … سبيل فأما الصّبر عنها فلا صبرا فالصبر من حيث كان معرفة داخل تحت الصبر المنفىّ، لشياعه بالتنكير، ونظير هذا أنّ قولهم: نعم الرجل زيد، فى قول من رفع زيدا بالابتداء، فأراد: /زيد نعم الرجل، يدخل فيه زيد تحت الرجل، لأن المراد بالرجل هاهنا الجنس، فيستغنى المبتدأ بدخوله تحت الخبر عن عائد إليه من الجملة، ويوضّح لك هذا أن قولك: زيد نعم الرجل، كلام مستقلّ، وقولك: زيد قام الرجل، كلام غير مستقلّ، وإن كان قولك: قام الرجل، جملة من فعل وفاعل، كما أن قولك: نعم الرجل كذلك، ولم يستقم قولك: زيد قام الرجل، حتى تقول: إليه أو معه، أو نحو ذلك، لكون الألف واللام فيه لتعريف العهد، فالمراد به واحد بعينه، والرجل فى قولك: زيد نعم الرجل، بمنزلة الإنسان فى قوله تعالى: {إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ} (¬2) ألا ترى أنه استثنى منه {الَّذِينَ آمَنُوا} والاستثناء من واحد مستحيل، لا يصحّ إذا استثنيت واحدا من واحد، فكيف إذا استثنيت جمعا من واحد، ومثله: {(وَإِنّا إِذا أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنّا رَحْمَةً فَرِحَ بِها)} (¬3) والمراد بالإنسان هاهنا الناس كافة، فلذلك قال: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسانَ كَفُورٌ}. ¬

(¬1) الكتاب 1/ 386. والبيت من قصيدة لابن ميادة «الرماح بن أبرد» أورد ابن الشجرى منها خمسة أبيات فى المجلس الثامن والسبعين. وانظرها فى الأغانى 2/ 275،276، وفى شعره ص 134، وتخريجها فى ص 137. وانظر أيضا الجمل المنسوب للخليل ص 37، والمغنى ص 501، وشرح أبياته 7/ 78. والبيت أنشده سيبويه شاهدا على نصب «الصبر» على المفعول لأجله، والتقدير: مهما ذكرت شيئا للصبر، ومن أجله فلا صبر لى. وعلى إنشاد ابن الشجرى يكون «الصبر» مرفوعا على الابتداء، والخبر جملة «لا صبرا» وتقديرها: لا صبر لى. والرابط العموم الذى فى «لا» النافية للجنس. (¬2) الآية الثانية والثالثة من سورة العصر، وانظر الزيادة الملحقة بالمجلس الحادى والثلاثين. (¬3) سورة الشورى 48.

وإذا كان الاسم المعرّف بالألف واللام نحو الرجل والإنسان، قد استوعب الجنس، فما ظنّك باسم الجنس المنكور المنفىّ فى قوله: «لا قتال لديكم» وقول الآخر: «فأمّا الصبر عنها فلا صبرا» والتنكير والنفى يتناولان من العموم مالا يتناوله التعريف والإيجاب، ألا ترى أن قولهم: ما أتاني من أحد، وقوله تعالى: {ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ} (¬1) متناول غاية العموم، ولو حاولت أن تقول: أتانى من أحد، كان ذلك داخلا فى باب استحالة الكلام. ويشبه ما ذكرته من الاستغناء بدخول الاسم المبتدأ فى اسم العموم الذى بعده، عن عود ضمير إليه من الجملة، تكرير الاسم الظاهر مستغنى به عن ذكر المضمر، وذلك إذا أريد تفخيم الأمر وتعظيمه، كقول عديّ بن زيد: /لا أرى الموت يسبق الموت شيء … نغّص الموت ذا الغنى والفقيرا (¬2) واستغنى بإعادة ذكر الموت عن الهاء، لو قال مع صحّة الوزن: يسبقه، ومثله فى التنزيل: {الْحَاقَّةُ. مَا الْحَاقَّةُ} (¬3) {الْقارِعَةُ. مَا الْقارِعَةُ} (¬4) {وَأَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ} (¬5) فالحاقّة مبتدأ، وقوله: ما الحاقّة: جملة من مبتدأ وخبر خالية من ضمير يعود على المبتدأ؛ لأن تكرير الظاهر أغنى عن الضمير العائد، فالتقدير: أىّ شيء الحاقة؛ وكذلك: ما القارعة، وما أصحاب اليمين، التقدير فيهما: أىّ شيء القارعة، وأىّ شيء أصحاب اليمين، كما تقول: زيد رجل أىّ رجل، فاستغنى بتكرير الظاهر عن أن يقال: الحاقّة ما هي، والقارعة ما هي، وأصحاب اليمين ما هم. وإنما حسّن تكرير الاسم الظاهر فى هذا النحو، أنّ (¬6) تكريره هو الأصل، ¬

(¬1) سورة الأعراف 80، والعنكبوت 28. (¬2) سبق تخريجه فى المجلس الثانى والثلاثين. (¬3) أول سورة الحاقة. (¬4) أول سورة القارعة. (¬5) سورة الواقعة 27. (¬6) فى مطبوعة الأمالى والأشباه «لأنّ».

ولكنهم استعملوا المضمرات، فاستغنوا بها عن تكرير المظهرات، إيجازا واختصارا، فلما أرادوا الدلالة على التفخيم، جعلوا تكرير الظاهر أمارة لما أرادوه (¬1) [من ذلك. وأما معنى البيت: فإنه أراد] ذمّ الذين خاطبهم فيه، فأراد: ليس عندكم قتال وقت احتياجكم إليه، ولا تحسنونه، وإنما عندكم أن تركبوا الخيل وتسيروا فى المواكب العراض. وفى البيت حذف اقتضاه إقامة الوزن، لم يسأل عنه صاحب هذه المسائل، وهو حذف الفاء من جواب أمّا، وذلك أن «أمّا» حرف استئناف، وضع لتفصيل الجمل، وحكم الفاء بعده حكم (¬2) الفعل، فى امتناعها من ملاصقة «أمّا» لأن الفاء إذا اتصلت بالجزاء صارت كحرف من حروفه، فكما لا يلاصق فعل الجزاء فعل الشرط، كذلك الفاء، ألا ترى أن الفاء فى قولك: إن يقم زيد فعمرو يكرمه، قد فصل بينها وبين الشرط زيد، وكذلك إذا قال: إن تقم فعمرو يكرمك، فقد فصل بين الشرط والفاء الضمير المستكنّ فيه، فلما تنزّلت «أمّا» منزلة الفعل الذى هو الشرط لم يجز أن تلاصقه الفاء. فإن قال قائل: هل يجوز أن تكون هذه الفاء زائدة، فلذلك (¬3) /جاز حذفها فى الشعر. قيل: لا تخلو أن تكون عاطفة أو زائدة أو جزاء (¬4)، فلا يجوز أن تكون عاطفة، لدخولها على خبر المبتدأ، وخبر المبتدأ لا يعطف على المبتدأ، ولا يجوز أن تكون زائدة، لأن الكلام لا يستغنى عنها فى حال السّعة، فلم يبق إلا أن تكون جزاء. ¬

(¬1) سقط من هـ‍، وهو فى الأصل والأشباه. (¬2) فى الأشباه: «حكمها بعد الفعل»، وسيتكلم ابن الشجرى عن «أمّا» بالتفصيل فى المجلس الثامن والسبعين. (¬3) فى هـ‍: «ولذلك». وهو بالفاء فى الأصل والأشباه. (¬4) ذكر ابن هشام هذه الاحتمالات الثلاثة دون عزو. راجع المغنى ص 56.

وهى حرف وضع لتفصيل الجمل، وقطع ما قبله عما بعده عن العمل، وأنيب (¬1) عن جملة الشرط وحرفه، فإذا قلت: أمّا زيد فعاقل، فالمعنى والتقدير عند النحويين: مهما يكن من شيء فزيد عاقل، فاستحقّ بذلك جوابا، وجوابه جملة تلزمها الفاء، إمّا أن تكون مبتدئيّة أو فعليّة، والفعليّة إما أن تكون خبريّة أو أمريّة أو نهييّة. ولا بدّ أن يفصل بين «أمّا» وبين الفاء فاصل، مبتدأ أو مفعول أو جارّ ومجرور، فالمبتدأ كقولك: أمّا زيد فكريم، وأما بكر فلئيم، والمفعول كقولك: أمّا زيدا فأكرمت، وأما عمرا فأهنت، والجارّ والمجرور، كقولك: أمّا فى زيد فرغبت، وأمّا على بكر فنزلت، ومثال [وقوع (¬2)] الجملة الأمرية قولك: أما محمدا فأكرم (¬3)، وأمّا عمرا فأهن، كأنّك قلت: مهما يكن من شيء فأكرم محمدا، ومهما يكن من شيء فأهن عمرا، ومثال النهى قولك: أمّا زيدا فلا تكرم، وأمّا عمرا فلاتهن، ومثله فى التنزيل: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ. وَأَمَّا السّائِلَ فَلا تَنْهَرْ} (¬4). ومثال فصلك بالجارّ والمجرور، فى قولك: أمّا بزيد فامرر، قوله تعالى: {وَأَمّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} (¬5). وإنما لم يجز أن تلاصق «أمّا» الفعل، لأن «أما» لما تنزّلت منزلة الفعل الشّرطى، والفعل لا يلاصق الفعل، امتنعت من ملاصقة الأفعال. فإن قيل: فقد تقول: زيد كان يزورك، وعمرو ليس يعلم بك، فيلاصق كان وليس، الفعل. ¬

(¬1) فى هـ‍، والأشباه: «وأنيبت». (¬2) سقط من هـ‍. (¬3) فى هـ‍: «فأكرمه». وما فى الأصل مثله فى الأشباه. (¬4) سورة الضحى 9،10. (¬5) آخر سورة الضحى.

فالجواب: أن الضمير المستتر فى كان وليس (¬1)، فاصل فى التقدير بينهما وبين ما يليهما، وهذا الفاصل يبرز إذا قلت: الزيدان كانا يزورانك، والعمران ليسا يلمّان بك، وكذلك حكم الجمع إذا قلت: كانوا وليسوا، وحكم (¬2) الفاء حكم/الفعل فى امتناعها من ملاصقة «أمّا» لأن الفاء إذا اتصلت بالجزاء صارت كحرف من حروفه، فكما لا يلاصق الجزاء الشرط، كذلك الفاء، ألا ترى [أنّ (¬3)] الفاء فى قولك: إن يقم زيد فعمرو يكرمه، قد فصل بينها وبين الشرط زيد، وكذلك إذا قلت: إن تقم فعمرو يكرمك، فقد فصل بين الشرط والفاء الضمير المستكنّ فيه، فلما تنزّلت «أمّا» منزلة الفعل الذى هو الشرط، لم يجز أن تلاصقه الفاء. فإن قال قائل: هل يجوز أن تكون هذه الفاء زائدة، لحذفها فى الشّعر؟. قيل: لا يخلو أن تكون عاطفة أو زائدة أو جزاء، فلا يجوز أن تكون عاطفة لدخولها على خبر المبتدأ، وخبر المبتدأ لا يعطف على المبتدأ، ولا يجوز أن تكون زائدة، لأن الكلام لا يستغنى عنها فى حال السّعة، فلم يبق إلا أن تكون جزاء. وإذا عرفت هذا، فالفاء بعد «أمّا» لازمة؛ لما ذكرت لك من نيابة «أمّا» عن الشرط وحرفه، فإن حذفها الشاعر فللضرورة، كما جاز له حذفها من جواب الشرط، كقول عبد الرحمن بن حسان بن ثابت: من يفعل الحسنات الله يشكرها … والشرّ بالشرّ عند الله سيّان (¬4) كان الوجه أن يقول: فالله، ومثل حذفها من قوله: ¬

(¬1) يأتى كلام النحاة هنا فى توجيه قول العرب «ليس خلق الله مثله» أو «ليس خلق الله أشعر منه» راجع الكتاب 1/ 70،147، والحلبيات ص 220 والتبصرة 1/ 193، وشرح المفصل 3/ 116، والمغنى ص 58،295. (¬2) من هنا إلى قوله: «فلم يبق إلاّ أن تكون جزاء» مكرّر-كما ترى-فى الأصل، وهـ‍، والأشباه. وقد تقدّم قريبا، ونبّه عليه فى حاشية الأصل، ومطبوع الأشباه. (¬3) زيادة ممّا سبق. (¬4) تقدم تخريجه فى المجلس الثانى عشر.

فأمّا القتال لا قتال لديكم حذفها من قول بشر بن أبى خازم (¬1): وأمّا بنو عامر بالنّسار … غداة لقوا القوم كانوا نعاما ومع هذا التشديد فى حذف الفاء من جواب «أمّا» قد جاء حذفها فى التنزيل، ولكنه حذف كلا حذف، وإنما حسّن ذلك حتى جعله كطريق مهيع (¬2)، حذفها مع ما اتصلت به من القول، لأن القول قد كثر حذفه (¬3) فى التنزيل، لأنه جار فى/حذفه مجرى المنطوق به، فمن ذلك قوله: {وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ. سَلامٌ عَلَيْكُمْ} (¬4) أى يقولون سلام عليكم، ومثله: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنّا} (¬5) أى يقولان (¬6) ربّنا تقبّل منا، ومثله: {وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا} (¬7) والآية التى ورد فيها حذف الفاء قوله: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اِسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ} (¬8) التقدير: فيقال لهم: أكفرتم بعد (¬9) [إيمانكم] فحذفها هاهنا من أحسن الحذوف، وأجراها فى ميدان البلاغة. ¬

(¬1) ديوانه ص 190، وتخريجه فيه. وأعاد ابن الشجرى البيت مع آخر فى المجلس الثامن والسبعين. (¬2) المهيع، بفتح الميم وسكون الهاء وفتح الياء التحتية: الطريق الواسع المنبسط. وميمه زائدة، وهو مفعل من التهيّع، وهو الانبساط. (¬3) انظر المجلس التاسع. (¬4) سورة الرعد 23،24، وارجع إلى المجلس التاسع (¬5) سورة البقرة 127. (¬6) فى هـ‍: «يقولون». وما فى الأصل مثله فى الأشباه. وذكر ابن الشجرى فى المجلس التاسع أن لفظة «يقولان» جاءت فى صلب الآية فى قراءة عبد الله بن مسعود، رضى الله عنه. (¬7) سورة السجدة 12. (¬8) سورة آل عمران 106. (¬9) زيادة من هـ‍، على ما فى الأصل والأشباه. وانظر المجلس التاسع.

والغالب على «أمّا» التكرير، كقوله تعالى: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ} (¬1) ثم قال: {وَأَمَّا الْغُلامُ فَكانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَيْنِ} ثم قال: {وَأَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ} وقد جاءت غير مكررة فى قوله: {يا أَيُّهَا النّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً. فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَاِعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ} (¬2). واعلم أن «أمّا» لمّا نزّلت منزلة الفعل نصبت، ولكنها لم تنصب المفعول به، لضعفها، وإنما نصبت الظرف الصحيح، كقولك: أمّا اليوم فإنى منطلق، وأمّا عندك فإنى جالس، وتعلّق بها حرف الظرف، فى نحو قولك: أمّا فى الدار فزيد نائم، وإنما لم يجز أن يعمل ما بعد الظرف فى الظرف، لأن ما بعد «إنّ» لا يعمل فيما قبلها، وعلى ذلك يحمل قول أبى على (¬3): «أمّا على إثر ذلك فإنّى جمعت» ومثله قولك: أمّا فى زيد فإنى رغبت، ففى متعلقة بأمّا نفسها فى قول سيبويه وجميع النحويين، إلا أبا العباس المبرّد، فإنه (¬4) زعم أن الجارّ متعلق برغبت، وهو قول مباين للصحّة، خارق للإجماع، لما ذكرته لك من أن «إنّ» تقطع ما بعدها عن العمل فيما قبلها، فلذلك أجازوا: زيدا جعفر ضارب، ولم يجيزوا: زيدا إنّ جعفرا ضارب. /فإن قلت: أمّا زيدا فإنّى ضارب، فهذه المسألة فاسدة فى قول جميع النحويين، لما ذكرته لك من أن «أمّا» لا تنصب المفعول الصريح، وأنّ «إنّ» ¬

(¬1) سورة الكهف 79،80،82. (¬2) سورة النساء 174،175، وللزمخشرىّ كلام جيد، فى علّة عدم تكرير «أمّا» هنا، انظره فى الكشاف 1/ 589، وانظر المغنى ص 57. (¬3) من مقدمته فى كتابه الإيضاح ص 5، وانظر البصريات ص 678. (¬4) لم أجده فى المقتضب. وانظر ما يأتى فى الصفحة التالية.

لا يعمل ما بعدها فيما قبلها، وهو فى مذهب أبى العباس (¬1) جائز، وفساده واضح. آخر المجلس ولله الحمد والمنّة. ... ¬

(¬1) المقتضب 3/ 27، ويرى محققه رحمه الله أن قول المبرّد: «وجملة هذا الباب أن الكلام بعد «أمّا على حالته قبل أن تدخل» يفيد أنه مع النحويين فى عدم جواز: أما زيدا فإنى ضارب». هذا وقد أعاد ابن الشجرى نقده هذا للمبرد، فى المجلس الثامن والسبعين. قال السيوطى فى الهمع 2/ 68: «وقال المبرّد أولا وابن درستويه زيادة على ذلك: وإنّ أيضا يعمل ما بعدها فيما قبلها مع «أما» خاصة، نحو: أما زيدا فإنى ضارب، واختاره ابن مالك. قال أبو حيان: وهذا لم يرد به سماع ولا يقتضيه قياس صحيح. قال: وقد رجع المبرد إلى مذهب سيبويه، فيما حكاه ابن ولاّد عنه. قال الزجاج: رجوعه مكتوب عندى بخطه». وانظر البغداديات ص 333، وكتاب الشعر. ص 64، والمغنى ص 58، وشرح المفصل 9/ 12.

المجلس السابع والثلاثون

المجلس السابع والثلاثون [الجواب عن] المسألة الثانية: أمّا مجىء الفاعل المضمر مفردا فى قوله: {قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللهِ} وكذلك فى التثنية إذا قلت (¬1): أرأيتكما، وفى خطاب جماعة النساء إذا قلت: أرأيتكنّ، فإنما أفرد الضمير فى هذا النحو، لأنه لو ثنّي وجمع، فقيل: أرأيتما كما وأ رأيتموكم، وأ رأيتنّكنّ، كان ذلك جمعا بين خطابين، ولا يجوز (¬2) الجمع بين خطابين، كما لا يجوز الجمع بين استفهامين، ألا ترى أنك إذا قلت: يا زيد، فقد أخرجته بالنداء من الغيبة إلى الخطاب، لوقوعه موقع الكاف من قولك: أدعوك وأناديك، فلذلك قال الشاعر (¬3): يا أيّها الذّكر الذي قد سؤتنى … وفضحتنى وطردت أمّ عياليا وكان القياس أن يقول: قد ساءنى وفضحنى وطرد، لأن الذى (¬4) اسم غيبة، ¬

(¬1) انظر هذا المبحث فى الكتاب 1/ 245، ومعانى القرآن للفراء 1/ 333، وللأخفش ص 274، وللزجاج 2/ 246، ومجالس ثعلب ص 216، وتفسير الطبرى 11/ 352، والمقتضب 3/ 209،277، والحلبيات ص 75، والعسكريات ص 138، وتذكرة أبى حيان ص 283، وص 35 عن العسكريات، والمغنى ص 181 [حرف الكاف]، وانظر حواشى المقتضب والحلبيات. وقال ابن الأثير: «وفى الحديث: أرأيتك وأ رأيتكما وأ رأيتكم. وهى كلمة تقولها العرب عند الاستخبار، بمعنى أخبرنى وأخبرانى وأخبرونى، وتاؤها مفتوحة أبدا» النهاية 2/ 178. وانظر ما يأتى فى المسألة السادسة؛ فإنها متصلة بهذه المسألة الثانية. (¬2) عدم جواز الجمع بين خطابين، قاله أبو على فى التذكرة، وحكاه عنه السيوطى فى الأشباه والنظائر 1/ 324. (¬3) أبو النجم العجلى، وصرح به ابن الشجرى فى المجلس الموفى السّتين، وهو فى ديوانه ص 236، وتخريجه فى ص 260. (¬4) راجع كتاب الشعر ص 399.

ولكنه لما أوقع الذى صفة للذّكر، وقد وصف المنادى بالذكر، جاز له إعادة ضمائر الخطاب إليه، ويوضّح لك هذا أنك تقول: يا غلامى ويا غلامنا ويا غلامهم، ولا تقول: يا غلامكم، لأنه جمع بين خطابين، خطاب النداء والخطاب بالكاف، فلذلك وحدّوا التاء فى التثنية والجمع، وألزموها الفتح فى الحالين، وفى خطاب المرأة إذا قلت: أرأيتك، لأنهم جرّدوها من الخطاب. ...

[الجواب عن] المسألة الثالثة

[الجواب عن] المسألة الثالثة أما حدّ الاسم، فإنّ سيبويه (¬1) حدّ الفعل ولم يحدّ الاسم، لما يعتور حدّ الاسم من/الطّعن، وعوّل على أنه إذا كان الفعل محدودا والحرف محصورا معدودا فما فارقهما فهو اسم. وحدّ بعض النحويين المتأخرين (¬2) الاسم، فقال: الاسم كلمة تدلّ على معنى فى نفسها، غير مقترنة بزمان محصّل، وإنما قال: تدلّ على معنى فى نفسها، تحرّزا من الحرف، لأن الحرف يدلّ على معنى فى غيره، وقال: غير مقترنة بزمان، تحرّزا من الفعل، لأن الفعل وضع ليدلّ على الزمان، ووصف الزمان بمحصّل، ليدخل فى الحدّ أسماء الفاعلين وأسماء المفعولين والمصادر، من حيث كانت هذه الأشياء دالّة على الزمان، لاشتقاق بعضها من الفعل، وهو اسم الفاعل واسم المفعول، واشتقاق الفعل من بعضها، وهو المصدر، إلا أنها تدلّ على زمان مجهول، ألا ترى أنك إذا ¬

(¬1) الكتاب 1/ 12. (¬2) نسب العكبرىّ هذا الحدّ للاسم إلى ابن السرّاج. والذى فى أصول ابن السراج غير هذا، قال فى تعريف الاسم: «الاسم ما دلّ على معنى مفرد، وذلك المعنى يكون شخصا وغير شخص». وبهذه الألفاظ حكاه عنه الزجاجى. انظر مسائل خلافية فى النحو للعكبرى ص 41، والأصول لابن السرّاج 1/ 36، والإيضاح للزجاجى ص 50. ونعم ذكر ابن السراج بعض ألفاظ هذا الحدّ المنسوب إليه، فقال فى الفرق بين الأسماء الظروف والأفعال: «فإذا كانت اللفظة تدلّ على زمان فقط فهى اسم، وإذا دلّت على معنى وزمان محصّل، فهى فعل، وأعنى بالمحصّل: الماضى والحاضر والمستقبل». ولعل من تمام الفائدة أن أشير إلى ما ذكره ابن السرّاج من تعريف الاسم فى كتابه الآخر: الموجز. قال فى ص 27 منه: «فالاسم ما جاز أن تخبر عنه، نحو: عمرو منطلق، ورجل فى الدار». هذا وقد ذكر أبو البركات الأنبارىّ أن النحويّين ذكروا فى الاسم حدودا كثيرة تنيف على سبعين حدّا. أسرار العربية ص 9،10. ويبقى أن أقول: إنى وجدت تعريفا للاسم، يوشك أن يكون هو الذى عزاه ابن الشجرى لبعض المتأخّرين. وهو ما ذكره أبو محمد الصيمرى، من نحاة القرن الرابع، قال فى كتابه التبصرة والتذكرة ص 74: «فحدّ الاسم: لفظ يدلّ على معنى فى نفسه مفرد غير مقترن بزمان محصّل».

قلت: ضربى زيدا شديد، احتمل أن يكون الضرب قد وقع، وأن يكون متوقّعا، وأن يكون حاضرا. ومما اعترض به على هذا الحدّ قولهم: آتيك مضرب الشّول (¬1)، ومقدم الحاج، وخفوق النّجم (¬2)، لدلالة هذه الأسماء على الزمان، مع دلالتها على الحدث الذى هو الضّراب والقدوم والخفقان، فقد دلّت على معنيين. وأسلم حدود الاسم من الطعن قولنا: الاسم ما دلّ على مسمّى به دلالة الوضع (¬3). وإنما قلنا: ما دلّ، ولم نقل: كلمة تدل، لأننا وجدنا من الأسماء ما وضع من كلمتين، كمعدى كرب، وأكثر من كلمتين كأبى عبد الرحمن. وقلنا: دلالة الوضع، تحرّزا مما دلّ دلالتين، دلالة الوضع ودلالة الاشتقاق، كمضرب الشّول وأخويه، وذلك أنهن وضعن ليدللن على الزمان فقط، ودللن على اسم الحدث، لأنهن اشتققن منه، فلسن كالفعل فى دلالته على الحدث والزمان، لأن الفعل وضع ليدلّ على هذين المعنيين معا. فقولنا: دلالة الوضع، يزيح عن هذا الحدّ اعتراض من اعترض على الحدّ الأول، بمضرب الشّول وأخويه. وإذا تأملت/الأسماء كلّها حقّ التأمل، وجدتها لا يخرج شيء منها عن هذا الحدّ، على اختلاف ضروبها، فى الإظهار والإضمار، وما كان واسطة بين المظهر ¬

(¬1) الشّول: جمع شائلة، وهى من الإبل التى أتى عليها من حملها أو وضعها سبعة أشهر، فخفّ لبنها. (¬2) راجع كتاب الشعر صفحات 293،365،369،455. (¬3) راجع مسائل خلافية ص 42، فقد قال العكبرى، بعد أن حكى الحدّ المنسوب إلى ابن السرّاج: «وزاد بعضهم فى هذا دلالة الوضع». ولعلّه يريد ابن الشجرى، كما استظهر محقق المسائل، رحمه الله.

والمضمر، وذلك أسماء الاشارة، وعلى تباين الأسماء فى الدلالة على المسمّيات، من الأعيان والأحداث، وما سمّيت به الأفعال، من نحو صه وإيه ورويد وبله وأفّ وهيهات، فالمسمّى بصه: قولك: اسكت، وبإيه: حدّث، وبرويد: أمهل وببله: دع (¬1)، وبأفّ: أتضجّر، وبهيهات: بعد، وكذلك ما ضمّن معنى الحرف، نحو متى وأين وكم وكيف، فمتى وضع ليدلّ على الأزمنة، وأين على الأمكنة، وكم على الأعداد، وكيف على الأحوال. وهذه الكلم ونظائرها من نحو من وما وأيّان وأنّى، مما طعن به على الحدّ الأول، لقول قائله: كلمة تدلّ على معنى فى نفسها، فقال الطاعن: إنّ كلّ واحد من هذه الأسماء قد دلّ على الاستفهام أو الشرط، وعلى معنى آخر، كدلالة أين على المكان، وعلى الاستفهام أو الشرط، وكذلك متى ومن وما، فقد دلّ الاسم منها على معنيين، كدلالة الفعل على معنيين، الزمان المعيّن والحدث. وليس لمعترض أن يعترض بهذا على الحدّ الذى قرّرناه، لأننا قلنا: ما دلّ على مسمّى به دلالة الوضع، ولم نقل: ما دلّ على معنى. ... ¬

(¬1) سقط من هـ‍. وهو فى الأصل والأشباه.

[الجواب عن] المسألة الرابعة

[الجواب عن] المسألة الرابعة السؤال عن قول الشاعر، وهو يزيد بن الحكم الثّقفىّ: فليت كفافا كان خيرك كلّه … وشرّك عنى ما ارتوى الماء مرتوى تعريب هذا البيت قد تقدّم فيما سلف (¬1) من الأمالى، ولكنّا أعدنا تعريبه هاهنا لزيادة فائدة وإيضاح مشكل، ولكونه فى جملة المسائل الواردة. فنقول: إن اسم ليت محذوف، وهو ضمير الشأن والحديث، وحذفه مما /لا يسوغ إلا فى الضّرورة، ومثله: فليت دفعت الهمّ عنّى ساعة … فبتنا على ما خيّلت ناعمى بال (¬2) ألا ترى أن «ليت» لا تباشر الأفعال، فلو لم يكن التقدير: فليته، لم تجز ملاصقته للفعل، ومن ذلك قول الآخر (¬3): إنّ من لام فى بنى بنت حسّا … ن ألمه وأعصه فى الخطوب انجزام «ألمه» دلّ على أن «من» شرطية، وإذا كانت شرطية، لم يكن بدّ من الفصل بينها وبين إنّ، لأن أسماء الشرط حكمها حكم أسماء الاستفهام، فى أن ¬

(¬1) فى المجلس الثامن والعشرين. (¬2) لعديّ بن زيد، وسبق تخريجه فى المجلس المذكور. (¬3) الأعشى. والبيت فى ديوانه ص 335 برواية: من يلمنى على بنى بنت حسان وعليها يفوت الاستشهاد. والبيت برواية النحويين فى الكتاب 3/ 72، والنكت فى تفسيره ص 737، والحلبيات ص 261، وإيضاح شواهد الإيضاح ص 138، وضرائر الشعر ص 178، وشرح الجمل 1/ 427،442، والإنصاف ص 180، والبسيط ص 436، والمغنى ص 605، وشرح أبياته 7/ 268، والخزانة 5/ 420، ومواضع أخرى تراه فى فهرسها 12/ 111.

العامل فيها يقع بعدها، كقولك: أيّهم تكرم أكرم، كما تقول إذا استفهمت: أيّهم أكرمت؟ ونظير ذلك قول الآخر: إنّ من يدخل الكنيسة يوما … يلق فيها جآذرا وظباء (¬1) وأنشد سيبويه (¬2): ولكنّ من لا يلق أمرا ينوبه … بشكّته ينزل به وهو أعزل الأعزل: الذى لا سلاح معه، وعلى هذا قول أبى الطيب أحمد بن الحسين: وما كنت ممّن يدخل العشق قلبه … ولكنّ من يبصر جفونك يعشق (¬3) وإذا عرفت هذا، فإن كفافا خبر كان، وخيرك: اسمها، وكله: توكيد له، والجملة التى هى كان واسمها وخبرها: خبر ليت، فالتقدير: ليته، أى ليت الشأن كان خيرك كلّه كفافا عنّى، أى كافّا. ومن روى: «وشرّك» رفعه بالعطف على قوله: «خيرك» فدخل فى حيّز كان، فكأنه قال: وكان شرّك، فغير أبى علي يقدّر خبر كان المضمر محذوفا، دلّ ¬

(¬1) نسبه ابن السيّد فى الحلل ص 287 للأخطل، ولم أجده فى ديوانه المطبوع برواية السكّرى، وقال البغدادى بعد أن حكى نسبة ابن السيّد البيت للأخطل: «قد فتشت ديوان الأخطل من رواية السكّرى، فلم أظفر به فيه، ولعله ثابت فى رواية أخرى». الخزانة 1/ 458، وانظر فهارسها، وإيضاح شواهد الإيضاح ص 140، وشرح المفصل 3/ 115، والمقرب 1/ 109،277، والضرائر ص 178، وشرح الجمل 1/ 442، والبسيط ص 435،913، والمغنى ص 37،589، وشرح أبياته 1/ 185، والهمع 1/ 136. (¬2) الكتاب 3/ 73، ونسبه لأمية بن أبى الصّلت، وهو بيت مفرد فى ديوانه ص 250، وتخريجه فيه، وزد عليه: إيضاح شواهد الإيضاح ص 140، والضرائر ص 179، والمغنى ص 292، وشرح أبياته 5/ 201. والشّكّة، بكسر الشين وتشديد الكاف: السّلاح. وقيل: ما يلبس من السّلاح. يقول: من لم يستعدّ لنوائب الزمان قبل نزولها ضعف عن دفعها إذا نزلت به. (¬3) ديوانه 2/ 304، والمغنى ص 291،605، وشرح أبياته 5/ 200.

عليه خبر كان المظهر، ويقدّر المحذوف بلفظ المذكور (¬1)، وهو القياس، ونظير ذلك فى حذف الخبر لدلالة الخبر الآخر عليه، وهما من لفظ واحد، قول الشاعر (¬2): /نحن بما عندنا وأنت بما … عندك راض والرأى مختلف أراد: نحن بما عندنا راضون، فحذفه لدلالة راض عليه، ومثله فى دلالة أحد الخبرين على الآخر، فى التنزيل: {وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ} (¬3) التقدير: والله أحقّ أن يرضوه، ورسوله أحقّ أن يرضوه، ولو كان خبرا عنهما لكان: يرضوهما (¬4). فالتقدير على هذا: وكان شرّك كفافا، وهذا على أن يكون «ارتوى» مسندا إلى مرتوى. وذهب أبو عليّ (¬5) إلى أن الخبر مرتو، وكان حقّه مرتويا، ولكنه أسكن الياء ¬

(¬1) حكى البغدادىّ عن الرضيّ وابن الحاجب فى أماليه-ولم أجده فى المطبوع منها-أن «كفافا» خبر عن الخير والشرّ معا. قال ابن الحاجب: «أى ليت خيرك وشرّك بالنسبة إلىّ لا يفضل أحدهما عن الآخر؛ لأن الكفاف هو الذى ليس فيه فضل. يريد: إن شرّك زائد على خيرك، فأنا أتمنّى لو كان غير زائد». ثم عقّب البغدادىّ: «وفيه ردّ على ابن الشجرى، فى زعمه أن كفافا إنما هو خبر خيرك، وخبر شرّك محذوف مدلول عليه بالمذكور». (¬2) هو عمرو بن امرئ القيس، جاهلىّ قديم. وهذا بيت دائر فى كتب العربية. انظر الكتاب 1/ 75، ومعانى القرآن للفراء 1/ 434،445،2/ 363،3/ 77، وللأخفش ص 82،330، ومجاز القرآن 1/ 258، وتأويل مشكل القرآن ص 289، والمقتضب 3/ 112،4/ 73، وتفسير الطبرى 14/ 229، والإنصاف ص 95، والمغنى ص 622، وشرح أبياته 7/ 299. وينسب إلى قيس بن الخطيم. انظر زيادات ديوانه ص 173، وقد أعاده ابن الشجرى فى المجلس التالى والسابع والسبعين. (¬3) سورة التوبة 62. (¬4) وهذا منهى عنه شرعا، أن يجمع بين الله ورسوله فى ضمير واحد. ففى حديث عدى بن حاتم أن رجلا خطب عند النبى صلّى الله عليه وسلم: فقال: من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعضهما فقد غوى. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «بئس الخطيب أنت. قل: ومن يعص الله ورسوله»: صحيح مسلم (باب تخفيف الصلاة والخطبة من كتاب الجمعة) ص 594، ومسند أحمد 4/ 256، وتفسير القرطبى 14/ 232 (تفسير الآية 56 من سورة الأحزاب). وانظر كتاب الشعر ص 316 وحواشيه. (¬5) نصّ البغدادىّ على أن أبا علىّ ذكره فى التذكرة. الخزانة 10/ 472، وانظر الإيضاح ص 123، وإيضاح شواهد الإيضاح ص 143، وما سبق فى المجلس الثامن والعشرين.

لإقامة الوزن والقافية، وهو من الضّرورات المستحسنة، لأنه ردّ حالة إلى حالتين، أعنى أن الشاعر حمل حالة النصب على حالة الرفع والجرّ، ومثله قول الآخر (¬1): كفى بالنّأى من أسماء كافى وقوله (¬2): يا دار هند عفت إلاّ أثافيها وحسن الإخبار عن الشّرّ بمرتو، لأن الارتواء يكفّ الشارب عن الشرب، فجاز لذلك تعليق عنّى بمرتوى، كما يتعلّق بكافّ أو كفاف، فكأنه قال: وكان شرّك كافّا عنّى. ومن قال: «وشرّك» بالنصب، حمله على ليت، ولا يجوز أن يكون محمولا على ليت المذكورة، لأن ضمير الشأن لا يصحّ العطف عليه لو كان ملفوظا به، فكيف وهو محذوف؟ وإذا امتنع حمله على ليت المذكورة، حملته على أخرى مقدّرة، وحسن ذلك، لدلالة المذكورة عليها، كما حسن حذف «كلّ» فيما أورده سيبويه، من قول الشاعر (¬3): أكلّ امرئ تحسبين امرأ … ونار توقّد باللّيل نارا أراد: وكلّ نار، فحذف «كلّ» وأعملها مقدّرة، كما كان يعملها ¬

(¬1) بشر بن أبى خازم، وسبق تخريجه فى المجلس الرابع. (¬2) الحطيئة. وتمام البيت: بين الطّويّ فصارات فواديها ديوانه ص 201، والكتاب 3/ 306، وكتاب الشعر ص 195، وفى حواشيهما فضل تخريج. والأثافى: جمع أثفية، بضم الهمزة، وهى الحجارة تنصب عليها القدور. والطّوىّ: بئر بأعلى مكة. وصارات: جمع صارة، وهى رأس الجبل. (¬3) أبو دواد الإيادى، وقيل: عدىّ بن زيد. ديوان الأول ص 353، وزيادات ديوان الثانى ص 199، وزدته تخريجا فى كتاب الشعر ص 44.

لو ظهرت، فكأنه على هذا [المثل (¬1)] قال: وليت شرّك مرتو عنى، فمرتو فى هذا التقدير على ما يستحقّه من إسكان يائه، لكونه خبرا لليت، وعلى مذهب أبى عليّ فى كون مرتو خبرا لكان/أو لليت، يجوز فى الماء الرفع، ورفعه بتقدير حذف مضاف، أى ما ارتوى أهل الماء، كما جاء: {وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ} (¬2) أى أهل القرية، و {حَتّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها} (¬3) أى يضع أهل الحرب أسلحتهم، ومن كلامهم: «صلّى المسجد» (¬4) أى أهل المسجد، و «ما زلنا نطأ السماء حتى أتيناكم» (¬5) يريدون ماء السماء. وقد كثر حذف المضاف جدّا، ممّا يشهد فيه ما أبقى على ما ألقى، كقول المرقّش: ليس على طول الحياة ندم (¬6) أراد على فوت طول الحياة، وكقول الأعشى (¬7): ألم تغتمض عيناك ليلة أرمدا أراد اغتماض ليلة أرمد، وأضاف الاغتماض المقدّر إلى الليلة، كما أضيف المكر ¬

(¬1) ليس فى هـ‍، والأشباه. (¬2) سورة يوسف 82. (¬3) الآية الرابعة من سورة محمد صلّى الله عليه وسلم. (¬4) كتاب الشعر ص 243. (¬5) سبق فى المجلس الثامن. وهو فى مجاز القرآن 1/ 186، والمذكر والمؤنث لابن الأنبارى ص 368، واللسان (سما). (¬6) تقدم تخريجه فى المجلس الثامن. وانظر لحذف المضاف كتاب الشعر ص 333،367، وفهارسه ص 669، والمغنى ص 623. (¬7) ديوانه ص 135، مطلع قصيدته فى مدح النبى صلّى الله عليه وسلم، وتمام البيت فى الديوان: وعادك ما عاد السّليم المسهّدا ويروى: وبتّ كما بات السليم المسهّدا وسيأتى قريبا، وأنشده ابن الشجرى فى المجلس الثالث والثمانين. وانظر المحتسب 2/ 121، والخصائص 3/ 322، وشرح المفصل 10/ 102، والمغنى ص 624، وشرح أبياته 7/ 301، وشرح الشواهد للعينى 3/ 57، والهمع 1/ 188.

إلى الليل والنهار، فى قوله جل وعز: {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ} (¬1) فانتصاب الليلة انتصاب المصدر، لا انتصاب (¬2) الظرف، وكيف يكون انتصابها انتصاب الظرف مع قوله بعد: وبتّ كما بات السّليم مسهّدا وأجاز بعض المتأخرين أن يكون الماء رفعا، بأنه فاعل ارتوى، من غير تقدير مضاف، قال: وجاز وصف الماء بالارتواء للمبالغة، كما جاز وصفه بالعطش لذلك فى قوله (¬3): وجبت هجيرا يترك الماء صاديا ومن نصب الماء متّبعا مذهب أبى على: أراد ما ارتوى الناس الماء، أى من الماء، أضمر الفاعل وحذف الخافض، فوصل الفعل فنصب، كما جاء فى التنزيل: {وَاِخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً} (¬4) أى من قومه، وجاء فيه حذف الباء من قوله: {إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ} (¬5) أراد يخوّفكم بأوليائه، ودليل ذلك قوله: {فَلا تَخافُوهُمْ وَخافُونِ} وجاء حذف «على» من قوله: {وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ} (¬6). ومثل إضمار الفاعل هاهنا ولم يتقدّم ذكر ظاهر يرجع الضمير إليه، ما حكاه سيبويه من قولهم (¬7): «إذا كان غدا فأتنى»، أى إذا كان ما نحن فيه من الرخاء أو البلاء غدا. ¬

(¬1) سورة سبأ 33. (¬2) هذا قول أبى على، كما ذكر ابن جنى فى الخصائص، والبغدادى فى شرح الأبيات. وقد تبع أبا علىّ فى ذلك السّهيلىّ فى الروض الأنف 1/ 236. (¬3) المتنبى، وسبق تخريجه فى المجلس الثامن والعشرين. (¬4) سورة الأعراف 155 (¬5) سورة آل عمران 175، وانظر معانى القرآن للفراء 1/ 248، وللأخفش ص 221، وتأويل مشكل القرآن ص 222، والدر المصون 3/ 493. (¬6) سورة البقرة 235. (¬7) سبق تخريجه فى المجلس الثالث عشر.

/و «ما» فى قوله: «ما ارتوى» مصدريّة، وأبو طالب (¬1) العبدىّ لم يعرف فى هذا البيت إلا نصب الماء، ولم يتّجه له إلا إسناد ارتوى إلى مرتو، وذلك أنه قال: معنى ما ارتوى الماء مرتو: ما شرب الماء شارب. ثم قال: وأمّا ما ذكره الشيخ أبو على من قوله: وإن حملت العطف على كان، كان «مرتو» فى موضع نصب، وإن حملته على ليت، نصبت قوله: «وشرّك» ومرتو مرفوع، فكلام لم يفسّره رحمه الله. ثم قال: ومرّ بى بعد هذا فى تعليقى، كلام للشيخ أبى علىّ، أنا حاكيه على الوجه، وهو أنه أورد البيت، ثم قال بعد ايراده: ليت محمول على إضمار (¬2) الحديث، وكفافا: خبر كان، فأمّا قوله: «وشرّك عنّى ما ارتوى الماء مرتوى» فقياس من أعمل الثانى أن يكون «شرّك» مرتفعا بالعطف على كان، ومرتو فى موضع نصب، إلا أنه أسكن فى الشعر، مثل: كفى بالنّأى من أسماء كافى (¬3) ومن أعمل الأول نصب «شرّك» بالعطف على ليت، ومرتو فى موضع رفع، لأنه الخبر، وما ارتوى الماء: فى موضع نصب، ظرف، يعمل فيه مرتو، هذا ما ذكره أبو على. ثم قال العبدىّ: وقد تقدّمت مطالبتى بفاعل ارتوى، وإذا ثبت ما ذكرته، علم أن الأمر على ما قلته، والمعنى عليه لا محالة، انتهى كلام العبدىّ. ¬

(¬1) هو أحمد بن بكر، أخذ عن السيرافى والرمانى، وصحب أبا على، واعتنى بكتابه «الإيضاح» وشرحه شرحا شافيا كافيا. توفى سنة (406). نزهة الألباء ص 336، وإنباه الرواة 2/ 386، وانظر مقدمة كتاب الشعر ص 7. (¬2) فى هـ‍: أصاب الحديث. (¬3) تقدم قريبا.

وقد مرّ بى كلام لأبى علىّ فى «التذكرة»، يشير فيه إلى ما قاله العبدىّ. واختيار أبى علىّ ما اختاره فى هذا البيت، من كون «مرتو» خبرا لكان، أو ليت، مع صحة إسناد ارتوى إلى مرتو، معنى وإعرابا، من مراميه البعيدة. ...

[الجواب عن] المسألة الخامسة

[الجواب عن] المسألة الخامسة وأما «مزيّن» فلفظة تحتمل معنيين، لكلّ واحد منهما وزن غير وزن الآخر، أحدهما أن تكون عبارة عن مكبّر، ووزنه مفعّل، وهو اسم الفاعل من قولك: /زيّن يزيّن فهو مزيّن، كقولك: بيّن يبيّن فهو مبيّن. والآخر أن تكون عبارة عن مصغّر، وزنه مفيعل، وهو مصغّر مزدان، ومزدان أصله مزتين، مفتعل من الزّينة، فقلبت ياؤه ألفا، لتحرّكها وانفتاح ما قبلها، فصار إلى مزتان، فكره اجتماع الزاى والتاء، لأنّ الزاى مجهور، والتاء حرف مهموس، فكرهوا التّنافر، فأبدلوا التاء دالا، لأن الدال توافق الزاى فى الجهر، وتقارب التاء فى المخرج، ولما أريد تصغير مزدان، وعدّة حروفه [خمسة (¬1)] اثنان زائدان، الميم والدال، ووجب (¬2) أن يردّ إلى أربعة بحذف (¬3) أحد الزائدين، لم يخل من أن تحذف الميم أو الدال، فكان حذف الدال أولى، لأمرين، أحدهما أن الميم تدلّ على اسم الفاعل، والحرف الدالّ على معنى أولى بالمحافظة عليه، والثانى أن الدال أقرب إلى الطّرف، والطّرف وما قاربه أحقّ بالحذف، ولمّا حذفت الدال بقى مزان، فقيل فى تصغيره: مزيّن، كقولك فى تصغير غراب: غريّب، فالضّمة التى فى المصغّر غير الضمة التى فى المكبّر، كما أن الضّمة التى فى أول بلبل تزول إذا قلت: بليبل. ... ¬

(¬1) سقط من هـ‍. (¬2) فى الأشباه «وجب» بواو واحدة، وتبعه ناشر الطبعة الهندية من الأمالى. وهو خطأ. (¬3) فى هـ‍: فحذف.

[الجواب عن] المسألة السادسة

[الجواب عن] المسألة السادسة وأما فتح (¬1) التاء فى: أرأيتكم وأ رأيتكما وأ رأيتك يا هذه وأ رأيتكّن، فقد علمت أنك إذا قلت: رأيت يا رجل، فتحت التاء، وإذا قلت: رأيت يا فلانة، كسرتها، وإذا خاطبت اثنين أو اثنتين أو جماعة ذكورا أو إناثا، ضممتها، فقلت: رأيتما ورأيتم ورأيتنّ، وقد ثبت واستقر أن التذكير أصل للتأنيث، وأن التوحيد أصل للتثنية والجمع، فلما خصّوا الواحد المذكر المخاطب بفتح التاء، ثم جرّدوا التاء من الخطاب، فانفردت به الكاف فى أرأيتك، وأ رأيتك يا زينب، والكاف وما زيد عليها فى أرأيتكما وأ رأيتكم وأ رأيتكنّ، ألزموا التاء الحركة الأصلية، وذلك لما ذكرته لك من كون الواحد أصلا للاثنين وللجماعة، وكون/المذكّر أصلا للمؤنث، فاعرف هذا واحتفظ به. ¬

(¬1) انظر ما تقدم فى (المسألة الثانية) فإن هذه متصلة بتلك. وأصل تعليل «فتح التاء» للفراء. راجع الموضع الذى ذكرته هناك من معانى القرآن.

[الجواب عن] المسألة السابعة

[الجواب عن] المسألة السابعة وأمّا قول الشاعر: وبعد غد يا لهف نفسى من غد … إذا راح أصحابى ولست برائح فالعامل فى الظرف المصدر الذى هو اللهف، وإن جعلت «من» زائدة، على ما كان يراه أبو الحسن الأخفش من زيادتها فى الواجب (¬1)، وعليه حمل قوله تعالى: {فَكُلُوا مِمّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} (¬2) وقوله: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ} (¬3) فالتقدير فى هذا القول: يا لهف نفسى غدا، فإذا قدرت هذا جعلت إذا بدلا من غد، فهذان وجهان واضحان. ولك وجه ثالث، وهو أن تعمل فى «إذا» معنى الكلام، وذلك أن قوله: «يا لهف نفسى» لفظه لفظ النداء، ومعناه التوجّع، فإذا حملته على هذا، فالتقدير: أتأسّف وأتوجّع وقت رواح أصحابى وتخلّفى عنهم. ... ¬

(¬1) فى مطبوعة الأمالى «الموجب» ومثله فى الأشباه. والذى فى الأصل وهـ‍ مثله فى الأزهية ص 235، ورصف المبانى ص 325، وشرح المفصل 8/ 13، وانظر الشعر صفحات 225،444، 468، ورأى الأخفش هذا ذكره فى معانيه ص 99،254، فى آية البقرة (61) والمائدة (4). (¬2) سورة المائدة 4. (¬3) سورة النور 30.

[الجواب عن] المسألة الثامنة

[الجواب عن] المسألة الثامنة قول أبى على: «أخطب (¬1) ما يكون الأمير قائما» أخطب من باب أفعل الذى هو بعض ما يضاف إليه، كقولك: زيد أكرم الرجال، وحمارك أفره الحمير، والياقوت أفضل الحجارة، فزيد بعض الرجال، والحمار بعض الحمير، والياقوت بعض الحجارة، ولا تقول: الياقوت أفضل الزّجاج، لأنه ليس (¬2) منه، كما لا تقول: حمارك أحسن الرجال، وإذا ثبت هذا، فإن «ما» التى أضيف إليها «أخطب» مصدريّة زمانية، كالتى فى قوله تعالى: {خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ} (¬3) أى مدّة دوام السموات، فقوله: أخطب ما يكون الأمير، تقديره: أخطب أوقات كون الأمير، كما قدّرت في الآية مدّة دوام السموات، أو مدد دوام السموات، فقد صار أخطب بإضافته/إلى الأوقات فى التقدير وقتا، لما مثّلته لك من كون أفعل هذا بعضا لما يضاف إليه، وإضافة الخطابة إلى الوقت توسّع وتجوّز، كما وصفوا الليل بالنوم، فى قولهم: نام ليلك، وذلك لكون النوم فيه، قال: لقد لمتنا يا أمّ غيلان في السّرى … ونمت وما ليل المطيّ بنائم (¬4) ومثله إضافة المكر إلى الليل والنهار فى قوله عز وجل: {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ} (¬5) وإنما حسن إضافة المكر إليهما لوقوعه فيهما، والتقدير: بل مكركم فى الليل والنهار. ¬

(¬1) تقدم فى المجلس السادس، والحادى عشر. وانظر أيضا الفصول الخمسون ص 188، وتذكرة النحاة ص 654، وشرح الأشمونى 1/ 218 (باب المبتدأ والخبر). (¬2) راجع مبحث (أفعل لا يضاف إلاّ إلى ما هو بعضه) فى المقتضب 3/ 38، والأصول 2/ 6، والإيضاح ص 270،271، والشعر صفحات 179،180،182،217، والخصائص 3/ 333. (¬3) سورة هود 107،108. (¬4) فرغت منه فى المجلس السادس. (¬5) سورة سبأ 33.

وإذا عرفت هذا، فأخطب مبتدأ محذوف الخبر، والحال التى هى «قائما» سادّة مسدّ خبره، فالتقدير: أخطب أوقات كون الأمير إذا كان قائما. ولمّا كان أخطب مضافا إلى الكون لفظا، وإلى الأوقات تقديرا، وقد بيّنت لك أن أفعل هذا بعض لما يضاف إليه، وقد صار فى هذه المسألة وقتا وكونا، فجاز لذلك الإخبار عنه بظرف الزمان، الذى هو إذا الزمانية، وإذا كان «قائما» نصبا على الحال، فكان المقدّرة فى هذا النحو هى التامّة المكتفية بمرفوعها، التى بمعنى حدث ووقع ووجد، ولا يجوز أن تكون الناقصة، لأن الناقصة لا يلزم منصوبها التنكير، والمنصوب هاهنا لا يكون إلا نكرة، فثبت بلزوم التنكير له أنه حال، وإذا ثبت أنه حال، فهو حال من ضمير فاعل مستكنّ فى فعل، موضعه مع مرفوعه جرّ، بإضافة ظرف إليه، عمل فيه اسم فاعل محذوف، وتفسير هذا أن قائما حال من الضمير المستتر فى كان، وكان مع الضمير جملة فى موضع جرّ بإضافة «إذا» إليها، لأن إذا وإذ تلزمهما الإضافة إلى جملة توضّح معنييهما، كما توضّح الصّلة معنى الموصول، ولذلك بنيا، فإذا تضاف، إلى جملة فعلية، لأنها شرطية، والشرط إنما يكون بالفعل، وإذ تضاف إلى جملة الاسم، كما تضاف إلى جملة الفعل، فإذا فى المسألة ظرف أوقع خبرا عن المبتدأ/الذى هو أخطب، والظرف متى وقع خبرا، عمل فيه اسم فاعل محذوف، مرفوض إظهاره، نحو قولك: زيد خلفك، والخروج يوم السبت، فالتقدير: مستقرّ خلفك، وواقع يوم السبت. فتأمّل جملة الكلام فى هذه المسألة، فقد أبرزت لك غامضها، وكشفت لك مخبوءها. وأما قوله: «شربى (¬1) السّويق ملتوتا» فداخل فى هذا الشرح، وأقول: إنّ شربى ¬

(¬1) يأتى أيضا فى المجلس الحادى والسبعين. ويروى: «أكثر شربى السويق ملتوتا». الأصول 2/ 360،361، والتصريح على التوضيح 1/ 180، وسائر كتب النحو (باب المبتدأ والخبر).

مضاف ومضاف إليه، فشرب مصدر أضيف إلى فاعله، والسويق انتصب بأنه مفعوله، وخبره على ما قرّرته محذوف، سدّت الحال مسدّه، فقولك: ملتوتا كقولك فى المسألة الأولى: قائما، غير أن الظرف المقدّر فى الأولى هو إذا، والمقدّر فى هذه محمول على المعنى، فإن كان الإخبار قبل الشّرب، أردت شربى السويق إذا كان ملتوتا، وإن كان الشرب سابقا للإخبار أردت شربى السويق إذ كان ملتوتا، وبالله التوفيق. ...

المجلس الثامن والثلاثون

المجلس الثامن والثلاثون يتضمّن فنونا من المعانى والإعراب، فمن ذلك قول مهيار فى مرثية (¬1): أحسنت فيك فساءهم تقصيرهم … ذنب المصيب إلى المعين المقصد معناه مشكل، مفتقر إلى تفسير مستوفى، وذلك أن المعين هو اسم المفعول، من قولهم: عانه: إذا أصابه بعينه، وأصله معيون، كقولك: بعت الثوب فهو مبيع، وأصله مبيوع، فحذفت ضمة الياء، فالتقى ساكنان، الياء والواو، فحذفت إحداهما، على الخلاف بين سيبويه والأخفش، وقد مضى ذكر ذلك فى الأمالى السالفة (¬2). والمقصد: هو المقتول، من قولهم: رماه فأقصده: إذا قتله فى مكانه، وفى الكلام تقدير مبتدأ ومضاف محذوفين، كأنه لما تمّت الجملتان اللتان هما أحسنت فيك فساءهم تقصيرهم، ابتدأ بجملة أخرى، فقال: ذنبى إليهم مثل ذنب المصيب /بالعين إلى المصاب، فحذف المبتدأ الذى هو ذنبى، ثم حذف المضاف الذى هو مثل، والمعنى: إن المصيب بالعين لا ذنب له فى الحقيقة، لأن كلّ من أبصر لا يعدّ مذنبا بنظره إلى المستحسنات، ولا يكون أيضا مذنبا إذا استحسن بقلبه كلّ مستحسن ينظر إليه، لأنه لم يقصد بذلك المنظور إليه، وإنما نظره واستحسانه طبع، لا يقدر على تركه، فقال: كذلك أنا جوّدت فى هذا الشعر ووصفك أيّها المرثىّ بطبعى، فساء هؤلاء القوم تقصيرهم عن مثله، وإن كنت لم أقصد بذلك ¬

(¬1) ديوانه 1/ 252، يرثى الشريف الرضى. والرواية فى الديوان: المغير المعضد. (¬2) فى المجلس الحادى والثلاثين.

مساءتهم، فكنت كالعاين الذى ينظر ويستحسن بطبعه، فيصيب بعينه، فهو غير قاصد ضرر المعين، فمن هذا الوجه شبّه نفسه بالعائن، وشبّههم بالمصاب بالعين، ويشبه ذلك قول أبى الطيب أحمد بن الحسين (¬1): نلومك يا عليّ لغير ذنب … لأنك قد زريت على العباد يعنى أنه فعل أفعالا حسنة، لم يفعلها غيره من الناس، فعيبوا بتقصيرهم عن مثلها، فصار بذلك كأنه زار عليهم، يقال: زريت عليه: إذا عبته، وأزريت به: إذا قصّرت (¬2) به. ... ¬

(¬1) ديوانه 1/ 359، يمدح على بن إبراهيم التنوخى. (¬2) هذه التفرقة بين «زريت عليه» و «أزريت به» لابن السكّيت، فى إصلاح المنطق ص 234.

مسألة

مسألة سئل عمّا تصدّر به كتب الإقرارات، وهو: «أقرّ فلان وأشهد على نفسه» فقيل: أيّ الألفاظ الثلاثة أولى بالاستعمال، أيقرّ ويشهد، أم أقرّ وأشهد، أم أقرّ ويشهد؟ وهل يكون صادقا فى قوله: أقرّ وأشهد على نفسه، وهو لم يشهد؟ فكان الجواب: إن الإقرار والإشهاد يقعان معا فى وقت واحد، لأنه إذا تلفّظ بالإقرار بمحضر من الشاهد، فقد حصل الإشهاد بحصول الإقرار، من غير فصل، ومن قبل أن يثبت الشاهد خطّه، وإنما كتب الشّروطىّ: أقرّ، لأنه حينئذ أقرّ بقلبه ونيّته، فإذا أقرّ عند الشاهد [بلسانه (¬1)] فقد وقع الإشهاد مع/الإقرار، وإقراره بلسانه أن يقول له الشاهد: أهكذا تقول؟ فيقول: نعم، وإنما آثروا: أقرّ وأشهد، دون يقرّ ويشهد، لأن لفظ الماضى أوكد وأبعد (¬2) من الشّبهة، من حيث كان دالاّ على إقرار قد وقع، فوقع الإشهاد بوقوعه، والمستقبل يدلّ على إقرار متوقّع، على أن العرب قد أوقعت بعض أمثلة الأفعال موقع بعض، مع حصول العلم بما يقصدونه، فأوقعوا الماضى فى موضع المستقبل، والمستقبل فى موضع الماضى، فمن إيقاع المستقبل فى موضع الماضى، قوله تعالى: {فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللهِ مِنْ قَبْلُ} (¬3) أوقع «تقتلون» فى موضع «قتلتم» ومثله: {ما يَعْبُدُونَ إِلاّ كَما يَعْبُدُ آباؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ} (¬4) المعنى: كما عبد آباؤهم، ومن إيقاع الماضى فى موضع المستقبل قوله تعالى: {وَنادى أَصْحابُ النّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ} (¬5) أراد: ينادى، لأن هذا النداء إنما يكون يوم القيامة، ومثله: {وَإِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى اِبْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنّاسِ اِتَّخِذُونِي} ¬

(¬1) سقط من هـ‍. (¬2) فى هـ‍: أوكد بعد الشبهة. (¬3) سورة البقرة 91. (¬4) سورة هود 109. (¬5) سورة الأعراف 50.

بيت

{وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ} (¬1) أراد: وإذا يقول الله، لأنّ هذا القول إنما يوجّه من الله تعالى إلى عيسى بن مريم عليه السلام فى يوم البعث، وممّا جاء من ذلك فى الشّعر قول الطّرمّاح: وإنّى لآتيكم تشكّر ما مضى … من البرّ واستيجاب ما كان فى غد (¬2) أوقع كان فى موضع يكون، وجاء بعكس ذلك قول زياد الأعجم: فإذا مررت بقبره فاعقر به … كوم الهجان وكلّ طرف سابح (¬3) وانضح جوانب قبره بدمائها … فلقد يكون أخادم وذبائح أراد: فلقد كان. قال أبو الفتح عثمان (¬4) بن جنى: قال لى أبو على: سألت يوما أبا بكر، يعنى ابن السرّاج، عن الأفعال؛ يقع بعضها موقع بعض، فقال: كان ينبغى للأفعال كلّها أن تكون مثالا واحدا، لأنها لمعنى واحد، ولكن خولف بين صيغها، لاختلاف أحوال الزمان، فإذا اقترن بالفعل ما يدلّ عليه، من لفظ أو حال/جاز وقوع بعضها فى موقع بعض. قال أبو الفتح: وهذا كلام من أبى بكر عال سديد (¬5). ... بيت ومن يك باديا ويكن أخاه … أبا الضّحّاك ينتسج الشّمالا (¬6) ¬

(¬1) سورة المائدة 116. (¬2) فرغت منه فى المجلس السابع. وقوله: «من البرّ» يروى «من الأمس» و «من الودّ». (¬3) وهذا أيضا سبق فى المجلس السابع. (¬4) فى الخصائص 3/ 331، وأعاده ابن الشجرى فى المجلس الثانى والستين. وهذا الكلام عن وقوع الأفعال، بعضها موقع بعض، تقدم فى المجلسين: السابع والعاشر. (¬5) فى هـ‍: «بحال شديد» وتحت الحاء حاء صغيرة، علامة الإهمال. وهو تصحيف، صوابه فى الأصل، هنا، وفى المجلس الثانى والستين، ونضرة الإغريض ص 284، والخزانة 10/ 4، حكاية عن ابن الشجرى. ولم يرد هذا الكلام فى الموضع المذكور من الخصائص. (¬6) نسبه السيوطىّ إلى زهير بن مسعود الضبى-جاهلى-مع بيتين منهما ذلك الشاهد السيّار: فخير نحن عند الناس منكم إذا الداعى المثوّب قال يالا -

الهاء فى قوله: «أخاه» عائدة إلى البدو الذى هو ضدّ الحضر، يقال: بدا فلان يبدو بدوا: إذا حلّ فى البرّ (¬1)، ودلّ على عود الهاء إلى البدو قوله: باديا، كما دلّ السفيه على السّفه، فأضمره القائل: إذا نهى السفيه جرى إليه … وخالف والسّفيه إلى خلاف (¬2) أى جرى إلى السّفه، ومثله قول القطامىّ: هم الملوك وأبناء الملوك لهم … والآخذون به والسّاسة الأول (¬3) أراد: والآخذون بالملك، فأضمره لدلالة الملوك عليه، ومثله فى التنزيل قوله جلّ وعزّ: {وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ} (¬4). ¬

= شرح شواهد المغنى ص 595. وهذان البيتان أنشدهما أبو زيد فى نوادره ص 185، ولم يذكر هذا الشاهد الثالث الذى معنا، ونبه على هذا البغدادى فى شرح أبيات المغنى 4/ 328، وأنشده عن ابن الشجرى، فى الخزانة 5/ 228. (¬1) هكذا فى الأصل وهـ‍ «البرّ» مع ضبط الباء بالفتح والراء بالكسر والتشديد، وهو صحيح والبرّيّة من الأرضين بفتح الباء: خلاف الريفية. ويقال للبرّيّة: بادية؛ لأنها ظاهرة بارزة. ويأتى «البرّ» مرادفا «للبدو» جاء فى اللسان: «يقال: أفصح العرب أبرّهم. معناه: أبعدهم فى البرّ والبدو دارا». انظر منه مادة (برر-بدا). وجاء فى الخزانة-نقلا عن ابن الشجرى-الموضع السابق من طبعة شيخنا رحمه الله، وكذلك طبعة بولاق 2/ 384 «البدو». والراجح أنه تصحيف. والذى يؤكده أن السياق جاء فيه هكذا: «إذا حلّ فى البدو دل على عود الهاء» فهذه الواو واو الاستئناف، فلو كانت واو «البدو» لاحتاج إلى واو ثانية فى الفصيح، فقال: «إذا حلّ فى البدو ودلّ. . .» ومثل هذا التصحيف إنما يوقع فيه خداع السّياق. (¬2) فرغت منه فى المجلس العاشر. (¬3) وهذا مثل سابقه. (¬4) سورة آل عمران 180. وجاء فى الأصل وهـ‍، هنا، وفى الأصل فى المجلسين التاسع والخمسين، والخامس والستين: «تحسبن» بالتاء الفوقية، وهى قراءة حمزة؟؟؟ ده. وقرأ باقى السبعة: يَحْسَبَنَّ بالياء من تحت،، وهذه القراءة هى التى يتجه إليها كلام ابن الشجرى، ومن قبله سيبويه 1/ 391، وجاء بحاشيته: «يقرأ بالتاء والياء، فمن قرأ بالتاء فتقديره: ولا تحسبنّ بخل الذين يبخلون، فحذف البخل، وأقام المضاف إليه مقامه وهو الذين، كما قال: وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ ومعناه أهل القرية. ومن قرأ بالياء فتقديره: ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله البخل هو خيرا لهم. وفى هذه القراءة استشهاد سيبويه، وهي أجود القراءتين فى تقدير النحو؛ وذلك أن الذى يقرأ بالتاء يضمر البخل قبل أن يجرى لفظ يدلّ عليه، والذى يقرأ بالياء يضمر البخل، بعد ما ذكر يبخلون». -

قوله: {هُوَ خَيْراً لَهُمْ} هو: ضمير البخل، والبخل هو المفعول الأول، الذى يقتضيه {يَحْسَبَنَّ} وحسن حذفه لدلالة {يَبْخَلُونَ} عليه، وقوله: {هُوَ} يسمّى عمادا عند الكوفيين، وفصلا عند البصريين. ومثل ذلك فى إضمار المصدر الذى دلّ عليه فعله قوله تعالى: {وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} (¬1) أى يرض الشّكر، وكذلك أضمر المصدر فى قوله جلّ جلاله: {الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النّاسُ إِنَّ النّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً} (¬2) أى فزادهم قول الناس إيمانا. ومما قدّر له فاعل من لفظه «بدا» فى قوله تعالى جدّه: {ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ} (¬3) التقدير: ثم بدا لهم بداء (¬4)، لا بدّ من تقدير هذا الفاعل، لأن الفعل مطالب بفاعله، ولا يصحّ إسناده إلى {لَيَسْجُنُنَّهُ} لأن إسناد الفعل إلى الفعل مستحيل، ولمّا لم يكن للفعل مندوحة عن إسناده إلى فاعل، أو ما يقوم مقام الفاعل، كالمفعول فى/نحو ضرب زيد، أسند بدا إلى الفاعل الذى أظهره الشاعر فى قوله (¬5): لعلك والموعود حقّ لقاؤه … بدا لك فى تلك القلوص بداء ¬

= وقال أبو جعفر النحاس عن قراءة التاء «تحسبن» التى قرأ بها حمزة، إنها بعيدة جدا. إعراب القرآن 1/ 381. وانظر معانى القرآن للفراء 1/ 104،248، وللزجاج 1/ 492،493. وتفسير الطبرى 7/ 431، ونصر قراءة التاء هذه، والسبعة ص 220، والكشف 1/ 366، ومشكل إعراب القرآن 1/ 168، والبحر 3/ 128، وتفسير القرطبى 4/ 290. (¬1) سورة الزمر 7. (¬2) سورة آل عمران 173. (¬3) سورة يوسف 35. (¬4) وإلى هذا ذهب المبرد. راجع مشكل إعراب القرآن 1/ 430، والبيان 2/ 41، وتفسير القرطبى 9/ 186، وانظر كتاب الشعر وحواشيه صفحات 225،442،506،507،512. (¬5) هو محمد بن بشير الخارجى-نسبة إلى خارجة بن عدوان بن عمرو-من شعراء الدولة الأموية. انظر شعره ص 171، ضمن شعراء أميون، الجزء الثالث، ونسب إلى الشماخ. ملحق ديوانه ص 427، وانظر كتاب الشعر ص 225، ومعجم الشواهد ص 20.

وألسن العرب متداولة [له (¬1)] فى قولهم: بدا لى فى هذا الأمر بداء، أى تغيّر رأيى عمّا كان عليه، ويقال: فلان ذو بدوات: إذا بدا له الرأى بعد الرأى. وقوله: «أبا الضحّاك» نصب على النداء، فكأنه قال: ومن يك باديا ويكن أخا البدو، يا أبا الضّحّاك، وجعله أخا البدو، كقولك: يا أخا العرب، ويا أخا الحضر. وإنما قال: ومن يك باديا، ثم قال: ويكن أخا البدو، لأنه قد يحلّ فى البدو من ليس من أهل البدو، فيسمّى باديا ما دام مقيما فى البدو. فأما الشّمال فقد جاءت فى العربية على معان، منها اليد الشّمال، ومنها خليقة الإنسان، وجمعها شمائل، يقال: فلان كريم الشمائل، أى كريم الخلائق، قال عنترة (¬2). وكما علمت شمائلى وتكرّمى وقد جمعت اليد الشّمال أيضا على الشّمائل، فى قوله جلّ اسمه: {يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ} (¬3) وجمعت على الأشمل، فى قول الراجز (¬4): يبرى لها عن أيمن وأشمل يبرى لها: يعرض لها. والشّمال: وعاء كالكيس يجعل فيه ضرع الشاة، يحفظ به، يقال: ¬

(¬1) ليس فى هـ‍ والخزانة. (¬2) ديوانه ص 149، وهو من معلقته الشهيرة، وصدره: وإذا صحوت فما أقصّر عن ندى (¬3) سورة النحل 48. (¬4) أبو النجم العجلى. من أرجوزته العالية. انظر الطرائف الأدبية ص 55، والكتاب 1/ 221، 3/ 290،607، والخصائص 2/ 130،3/ 68، والإنصاف ص 406، واللسان (شمل-يمن) وغير ذلك مما تراه فى معجم الشواهد ص 526.

بيت

شملت الشاة: أى جعلت لها شمالا، وهذا هو المراد هاهنا. وينتسج: يفتعل، من قولك: نسجت الثوب، فالمعنى: من يكن من أهل البدو يمارس ما يحتاج إليه الغنم. بيت إنّ هند الكريمة الحسناء … وأي من أضمرت لوأى وفاء (¬1) إنّ: هاهنا فعل أمر من قولهم: وأيت، أي وعدت، وهو موجّه إلى امرأة، وقد أكّد بالنون الثقيلة، فأصله: إى (¬2)، كما تقول إذا أمرتها من وفيت: فى بقولك، ومن/وعيت: عى كلامى، ولمّا اتّصل بالنون أوجب ذلك إسقاط الياء، لالتقاء الساكنين، فقيل: إنّ، كما تقول من الوفاء: فنّ بما تقولين. وأما «هند» فضمّتها بناء، لأنها مناداة، وحذف حرف النداء، كما حذف من قوله تعالى: {يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ} (¬3) وقوله: «الكريمة الحسناء» صفتان، ووجه نصبهما أنهما محمولتان على الموضع، لأن المنادى المفرد المعرفة يجوز فى صفته المفردة المعرّفة بالألف واللام، النصب حملا على الموضع، لأن النصب الذى ظهر فى قولك: يا عبد الله، ويا مكرما زيدا، ويا غلاما هلمّ، إذا لم ترد غلاما بعينه، محكوم به على موضع زيد فى قولك: يا زيد، ويجوز فى صفته الرفع، حملا على اللفظ، لأن ضمّته وإن كانت بناء، تشبه ضمة الإعراب، لاطّرادها فى كل اسم منادى مفرد معرفة، كاطّراد الضمّة فى كلّ ¬

(¬1) البيت من غير نسبة فى الإفصاح ص 64، والمغنى ص 19،39، وشرح أبياته 1/ 57، ونسب مع ثلاثة أبيات أخر إلى يوسف بن أحمد، أبى يعقوب الدباغ الصقلى-وكان من كبار نحاة المغرب- فى إنباه الرواة 4/ 64، وكذلك نسبه السيوطى مع بيت ثان فى البغية 2/ 356، ولم يذكره فى شرح شواهد المغنى، ونسبه ابن أم قاسم إلى بعض المتأخرين من غير تعيين. الجنى الدانى ص 401. (¬2) راجع سر صناعة الإعراب ص 821،829. (¬3) سورة يوسف 46.

اسم مبتدأ مسند إليه خبر، فتقول على هذا: يا زيد الطويل، فتصفه بالمرفوع رفعا صريحا، لما ذكرته لك، وإن شئت الطويل، تنصبه، كما نصب جرير صفة عمر، فى قوله يمدح عمر بن عبد العزيز: يعود الفضل منك على قريش … وتفرج عنهم الكرب الشّدادا (¬1) وتبنى المجد يا عمر بن ليلى … وتكفى الممحل السّنة الجمادا فما كعب بن مامة وابن سعدى … بأجود منك يا عمر الجوادا كان كعب بن مامة الإيادىّ، وأوس بن حارثة بن لام الطائىّ، وأمّه سعدى، من سادات أجواد العرب فى الجاهلية. وقوله: «وأي من أضمرت» نصب على المصدر، لأن المعنى: إى وأى من أضمر الوفاء، أى عدى عدة وفيّة. وهذا البيت والذى قبله من الأبيات المصنوعة لرياضة المبتدئين، لا تزال تداولها ألسن الممتحنين. وإنما قال: «من أضمرت» فأنّث، لأن «من» لفظة موغلة/فى الإبهام، تقع لشدّة إبهامها على الواحد المذكّر والمؤنّث، وعلى الاثنين، وعلى الجماعة ذكورا، والجماعة إناثا، فعود الضمير إليها مفردا مذكّرا حمل على اللفظ، وعوده مؤنّثا أو مثنّى أو مجموعا، على المعنى، فعلى المعنى قال: «وأي من أضمرت» كأنه قال: وأي امرأة أضمرت، وجاء على التثنية قول الفرزدق (¬2): ¬

(¬1) ديوانه ص 118،120، والبيت الثالث-وهو محلّ الشاهد-أنشده ابن الشجرى فى المجلس الثالث والسبعين، وهو فى المقتضب 4/ 208، والأصول 1/ 369، والجمل ص 154، والتبصرة ص 340، والمغنى ص 19، وشرح أبياته 1/ 63، وغير ذلك مما تراه فى حواشى ما ذكرت. (¬2) ديوانه ص 870، وصدر البيت: تعش فإن عاهدتنى لا تخوننى

نكن مثل من يا ذئب يصطحبان وجاء على الجمع فى التنزيل قوله تعالى: {وَمِنَ الشَّياطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ} (¬1) وقوله: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ} (¬2) وعلى اللفظ قوله: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ} (¬3) وجاء على اللفظ ثم على المعنى قوله: {وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صالِحاً نُؤْتِها أَجْرَها مَرَّتَيْنِ} (¬4) ومثله: {مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} (¬5). ... ¬

= وأعاده ابن الشجرى فى المجلس الرابع والسبعين، وهو شاهد سيار، تراه فى الكتاب 2/ 416، والمقتضب 2/ 295،3/ 253، وطبقات فحول الشعراء ص 366، والأصول 2/ 397، وتفسير الطبرى 2/ 150، وهو فى غير كتاب. انظر كتاب الشعر ص 315،316، وحواشيه. (¬1) سورة الأنبياء 82. (¬2) سورة يونس 42، وانظر الكتاب 2/ 40،415. (¬3) سورة الأنعام 25. (¬4) سورة الأحزاب 31، وانظر شرح القصائد التسع لأبى جعفر النحاس ص 475. (¬5) سورة البقرة 62.

فصل

فصل اقتضاه ذكر «إنّ» فى أول البيت المذكور آنفا اعلم أنّ «إنّ» المكسورة المشدّدة على ضربين: لغويّ وصناعيّ، فمن اللّغوىّ المؤكّدة الداخلة على الجملة، ومنه المستعملة جوابا بمعنى نعم، في نحو قوله: قالوا غدرت فقلت إنّ وربّما … نال المنى وشفى الغليل الغادر (¬1) ومنه قولك: إنّ يا هذا، إذا أمرته بالأنين، ومن ذلك قولك: إنّ ذاهب، تريد: إن أنا ذاهب، فهذه إن النافية التى فى قوله تعالى: {إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بِهذا} (¬2) أى ما عندكم، خفّفت (¬3) همزة «أنا» بإلقاء فتحتها على نون «إن» ثم حذفتها فصار «إن نا» ذاهب، فتوالى مثلان متحرّكان، فأسكنت الأوّل وأدغمته. ومن ضروبها أنهم قالوا: أنّ الماء في الحوض [يؤنّه (¬4)] أنّا، إذا صبّه، فإن بنيته للمفعول قلت: قد أنّ الماء، وإن كسرت أوّله على قول من كسر أول الفعل المبنيّ للمفعول، من/المضاعف، نحو شددت الحبل، وقددت الجلد، فقال: قد شدّ الحبل وقد الجلد، والأصل: شدد وقدد، فنقلوا الكسرة إلى أوله، وأدغموا المثل فى المثل، كما قالوا فى المعتلّ العين: قيل القول، وغيض الماء، والأصل: قول وغيض -قلت على هذا: إنّ الماء، أى صبّ، ومنه قراءة من كسر فقال: {وَلَوْ رُدُّوا} ¬

(¬1) البيت من غير نسبة فى إعراب القرآن للنحاس 2/ 344، وتفسير القرطبى 11/ 218 [فى تفسير الآية 63 من سورة طه] وشرح المفصل 3/ 130، وأنشده البغدادى فى الخزانة 11/ 215، وشرح أبيات المغنى 1/ 190، عن ابن الشجرى. ويأتى فى المجلس التالى. (¬2) سورة يونس 68. (¬3) ذكره ابن هشام فى المغنى ص 24،39، وفيه «فحذفت همزة أنا اعتباطا». (¬4) سقط من هـ‍.

{لَعادُوا} (¬1) وهذا الوجه والذى قبله يتجاذبهما اللغوىّ والصناعىّ. «وإنّ» من قوله: إنّ هند الكريمة الحسناء صناعىّ لا غير. ... ¬

(¬1) سورة الأنعام 28، وقرأ بكسر الراء يحيى بن وثّاب والأعمش. وغيرهما. تفسير القرطبى 6/ 410، والبحر 4/ 104، والإتحاف ص 207.

مسألة

مسألة سئلت عن قول فقيه، ناظر فقيها، فقال فى مناظرته: العشر والخراج مئونة فلا يجتمعان، فأنكر مناظره قوله «مئونة»، وقال: يجب أن يقال: مئونتان. فأجبت بأن ذلك جائز من وجهين، أحدهما أن العشر والخراج ينزّلان منزلة شيء واحد، لاتّفاقهما فى أنهما من الحقوق السّلطانيّة، فجاز أن يخبر عنهما بخبر مفرد، ونظير ذلك قول حسّان (¬1): إنّ شرخ الشّباب والشّعر الأس‍ … ود ما لم يعاص كان جنونا قال: «ما لم يعاص» فأفرد الضمير، وإن كان لاثنين، وذلك لأن كلّ واحد منهما بمنزلة الآخر، فجريا مجرى الواحد، ألا ترى أن شرخ الشباب هو اسوداد الشّعر، ولولا أنهما لاصطحابهما صارا بمنزلة المفرد، كان حقّ الكلام أن يقال: يعاصيا. وأشدّ من هذا القول قول القائل (¬2) يصف رجلا متعرّبا (¬3) فى فلاة: أخو الذّئب يعوى والغراب ومن يكن … شريكيه يطمع نفسه شرّ مطمع جعل الذئب والغراب بمنزلة الواحد، فأعاد إليهما ضميرا مفردا؛ لأنهما (¬4) كثيرا ¬

(¬1) ديوانه ص 236، وتخريجه فيه. وزد عليه تأويل مشكل القرآن ص 288، وكتاب الشعر ص 316، وما فى حواشيهما، والمقرب 1/ 235، وشرح الجمل 1/ 247،453. (¬2) القائل امرأة تسمّى «غضوب»، وهى من رهط ربيعة بن مالك أخى حنظلة. نوادر أبى زيد ص 371، وكتاب الشعر ص 316، والخصائص 2/ 423، والمحتسب 2/ 180. (¬3) فى هـ‍: «معربا». والمتعرّب: المقيم مع الأعراب بالبادية. (¬4) بعض هذا الكلام لابن جنى، راجع الموضع السابق من المحتسب.

ما يصطحبان فى الوقوع على الجيف، ولولا ذلك كان حقّه أن يقول: ومن/يكونا شريكيه، فهذا أشدّ من الإفراد فى بيت حسّان، لأنه أفرد المضمر فى «يكن» وجاء بالخبر مثنّى، فهذا أحد القولين فى المسألة. والقول الآخر: أن يكون قوله: «مئونة» خبرا عن العشر وحده، وخبر الخراج محذوف، لدلالة الخبر الأوّل عليه، كأنه قال: العشر مئونة والخراج مئونة، فحذف خبر الثانى، وإن شئت قدّرت خبر الأول محذوفا، كما قال (¬1): نحن بما عندنا وأنت بما … عندك راض والرأى مختلف أراد: نحن بما عندنا راضون، فحذفه لدلالة راض عليه، ومثل ذلك فى حذف أحد الخبرين فى التنزيل قوله: {وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ} (¬2) قال: يرضوه، ولم يقل: يرضوهما، لأن الضمير عاد إلى أحد المبتدأين، إن شئت أعدته إلى اسم الله تعالى، وإن شئت أعدته إلى رسوله (¬3) [ومذهب صاحب الكتاب أن الضمير عائد إلى رسوله] لأنه أقرب الاسمين إليه، والخبر عن الله سبحانه محذوف، ويصحّ هذا التقدير فى بيت حسّان، ولا يصحّ فى البيت الآخر، لمجيء الضمير فى «يكن» مفردا، ومجىء الخبر مثنّى، فيصحّ: إنّ شرخ الشباب ما لم يعاص كان جنونا، والشّعر الأسود كذلك، ولا يصح: ومن يكن الذئب شريكيه، فلا يحمل الذئب والغراب إلاّ على الاتّحاد، لكثرة الاصطحاب. وممّا جاء فى التنزيل نظير المسألة، حذو القذّة (¬4) بالقذّة، قوله جلّ وعزّ: ¬

(¬1) تقدم فى المجلس السابق. (¬2) سورة التوبة 62، وانظر تعليقى على هذه الآية فى المجلس السابق. (¬3) سقط من هـ‍. وانظر مذهب سيبويه فى الكتاب 1/ 74، وإن لم يستشهد بالآية الكريمة. وانظر إعراب القرآن للنحاس 2/ 28، وتفسير القرطبى 8/ 193. (¬4) القذّة، بضم القاف وتشديد الذال: ريش السّهم. وقذّ الريش: قطع أطرافه وحذفه، على نحو التدوير والتسوية. وفى الحديث: «لتركبنّ سنن من كان قبلكم حذو القذّة بالقذّة» قال ابن الأثير: يضرب مثلا للشيئين يستويان ولا يتفاوتان. النهاية 4/ 28، والمراد: كما تقدّر كلّ واحدة منهما على قدر صاحبتها وتقطع.

{الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا} (¬1) جاء الخبر مفردا، لاتفاق المال والبنين فى التزيين، كاتّفاق العشر والخراج، فى كونهما حقّين سلطانيّين، وإن شئت كان على حذف أحد الخبرين، وقد جاء فيما شذّ من القراءات (¬2): «زينتا الحياة» بألف، على التثنية. ... ¬

(¬1) سورة الكهف 46. (¬2) لم أجده فى المحتسب فى شواذّ القراءات، ولا فى مختصر ابن خالويه فى الشّواذّ. وقال القرطبى 10/ 413: ويجوز «زينتا» وهو خبر الابتداء، فى التثنية والإفراد.

مسألة

مسألة سئل عن قول الله عز وجل: {ثُمَّ اِسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها /وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ} (¬1). فقيل: ما معنى {اِسْتَوى} وكيف كان قول الله لهما، وقولهما له، هل كان كخطاب بعضنا لبعض، وكيف جاء {قالَتا} على التثنية، وكذلك {أَتَيْنا} وجاء {طائِعِينَ} على الجمع، وكيف جاء طائعين دون طائعات، مع تأنيث السماء والأرض؟ الجواب: أن معنى استوى: عمد وقصد (¬2). وأما التثنية فى {قالَتا} وفى قوله: {اِئْتِيا} فإنّ الضميرين عادا مثنّيين إلى لفظ السماء والأرض، لأنّ لفظهما لفظ الآحاد، وإن كان معناهما على الجمع، لأن السماء جمع سماوة، كحمام وحمامة، وسحاب وسحابة، ألا ترى أنه قد جاء وصف السحاب بالجمع فى قوله: {وَيُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ} (¬3) وإن كان قد جاء وصفه (¬4) بالواحد فى قوله: {وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ} (¬5) فالسّحاب والحمام والنخل والشجر، وما أشبههنّ مما وقع الفرق بينه وبين واحده بتاء التأنيث، فليست بجموع حقيقية، وإنما هنّ أسماء للجمع، فلذلك يجوز فيها التذكير والتأنيث، كقوله: {أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ} (¬6) و {أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ} (¬7) ويدلّك على ¬

(¬1) سورة فصلت 11. (¬2) ذكره الشوكانى فى فتح القدير 5/ 507. (¬3) سورة الرعد 12. وراجع ما تقدم فى المجلس الثانى عشر، وما يأتى فى المجلس الثانى والسبعين. (¬4) فى هـ‍: «لفظه». والصواب فى الأصل، هنا وفى المجلس الثانى السبعين. (¬5) سورة البقرة 164. (¬6) سورة القمر 20. (¬7) سورة الحاقة 7.

أن السماء من هذا الباب تقع على جماعة قوله {ثُمَّ اِسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ} (¬1) وكذلك قوله: {فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ} (¬2) بعد قوله: {ثُمَّ اِسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ}. وأما الأرض هاهنا فهى من الآحاد التى استغنى بلفظها عن لفظ الجمع، كقوله تعالى: {ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً} (¬3) وكقوله: {وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ} (¬4) و {فِي جَنّاتٍ وَنَهَرٍ} (¬5) وكقول الشاعر: كلوا فى نصف بطنكم تعفّوا … فإنّ زمانكم زمن خميص (¬6) فالمراد بالأرض هاهنا سبع أرضين، يدلّك على ذلك قوله تعالى: {اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} (¬7) فالسماء والأرض هاهنا تجريان/مجرى الفرقتين أو الفريقين، تقول: الفرقتان قالتا، والفريقان قالا، ولو قلت: الفرقتان قالوا، كان حسنا، كما قال تعالى: {وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اِقْتَتَلُوا} (¬8). وجاء قوله: {طائِعِينَ} جمعا منصوبا على الحال من السماء والأرض، حملا ¬

(¬1) سورة البقرة 29. (¬2) سورة فصلت 12. (¬3) سورة غافر 67، وانظر سورة الحج 5. (¬4) سورة التحريم 4. (¬5) سورة القمر 54. (¬6) غير معروف القائل مع كثرة دورانه فى الكتب، وانظره فى الكتاب 1/ 210، ومعانى القرآن للفراء 1/ 307،2/ 102، وللأخفش ص 231، وللزجاج 5/ 93، والمقتضب 3/ 241، والأصول 1/ 313، وإعراب القرآن للنحاس 3/ 89، وتفسير الطبرى 1/ 361، والصاحبى ص 348، والمحتسب 2/ 87، والكشاف 1/ 164، وشرح المفصل 5/ 8،6/ 21 - 22، وشرح الجمل 1/ 564،2/ 444، وضرائر الشعر ص 252، والبسيط ص 523، والهمع 1/ 50، والخزانة 7/ 537،559، وغير ذلك. وأعاده ابن الشجرى فى المجالس: الثامن والأربعين، والتاسع والأربعين، والسابع والسبعين. والخميص: الجائع. والشاهد فيه ذكر البطن، والمراد البطون. وهو وضع المفرد موضع الجمع. (¬7) سورة الطلاق 12. (¬8) سورة الحجرات 9، وراجع معانى القرآن للفراء 2/ 220.

على المعنى، كما تقول: جاء الفريقان متسلّحين، وجاء الجيشان متفرّقين. وأما مجىء الحال أعنى طائعين، بلفظ جمع التذكير، ففيه قولان: أحدهما: أن الأشياء التى أخبر (¬1) [الله عنها بأنها خوطبت وخاطبت، كالسماء والأرض، والأشياء التى أخبر] عنها بالسجود، فى قوله: {إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ} (¬2) والنملة التى أخبر الله عنها بأنها تكلّمت فقالت: {يا أَيُّهَا النَّمْلُ اُدْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ} (¬3) والنّمل التى فهمت ذلك الكلام، أجريت كلّها مجرى العقلاء، لأن الخطاب والإجابة عنه مما يختصّ به العقلاء، وكذلك السجود والكلام وفهمه، ممّا يوصف به ذوو العقول، فلذلك قال: طائعين، ولم يقل: طائعات، وقال: {رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ}، ولم يقل: رأيتها لى ساجدات، وقال فى خطاب النملة (¬4) [للنمل] {اُدْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ} ولم يقل: ادخلن مساكنكنّ لا يحطمنّكنّ. والقول الآخر فى طائعين: أن المراد أتينا نحن ومن فينا طائعين، والقول الأول أشبه. وأما قوله: {طَوْعاً أَوْ كَرْهاً} فطوعا وكرها مصدران، وضعا فى موضع الحال، كقولك: جئته ركضا (¬5) [أى راكضا] وقتلته صبرا، أى مصبورا، والمصبور المحبوس، قال عنترة: فصبرت عارفة لذلك حرّة … ترسو إذا نفس الجبان تطلّع (¬6) ¬

(¬1) سقط من هـ‍. (¬2) سورة يوسف 4. (¬3) سورة النمل 18. (¬4) سقط من هـ‍. (¬5) وهذا أيضا سقط من هـ‍. (¬6) تقدم فى المجلس الثانى والعشرين.

أى حبست عن الفرار نفسا حرّة، تثبت إذا تطلّعت أنفس الجبناء، فالتقدير: ائتيا طائعتين أو كارهتين. وقوله: {طَوْعاً} مصدر طعت طوعا، كقولك: عدت/عودا، ودرت دورا، وهو بمعنى أطعت إطاعة. وأمّا القول فإن العرب قد تصرّفت فيه على معان، فمنها أنهم نزّلوه بمنزلة الكلام، فعبّروا به عن الصوت والحرف، وفرّق النحويون بينه وبين الكلام، فقالوا: إن الكلام يتناول المفيد خاصّة، والقول يقع على المفيد وغير المفيد، فهو أعمّ، لأن كلّ كلام قول، وليس كلّ قول كلاما. ومن معانى القول: أنهم عبّروا به عن حديث النّفس، فقالوا: قلت فى نفسى كذا وكذا، ومن هذا الضّرب فى التنزيل: {وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللهُ بِما نَقُولُ} (¬1) والكلام لا يكون إلا بحرف وصوت، فلذلك لا يجوز: تكلّمت فى نفسى، كما جاز: قلت فى نفسى. ومنها: أنهم استعملوه بمعنى الاعتقاد والرأى، فقالوا: هذا قول الخوارج، أى اعتقادهم ورأيهم. ومنها: أنهم استعملوه بمعنى الحركة والإيماء بالشىء، فقالوا: قال برأسه كذا فنطحنى، وقال بيده كذا فطرف عينه، وقالت النخلة هكذا (¬2) فمالت، فعبّروا بالقول عن الفعل الذى هو حركة. وقد أسندوا القول إلى مالا يصحّ منه نطق من (¬3) الجمادات وغيرها، كقول الراجز: ¬

(¬1) سورة المجادلة 8. (¬2) فى هـ‍: «وقالت النخلة كذا تمايلت». وفى شرح الشواهد الكبرى للعينى 1/ 362: «كذا أى مالت». وقد ذكر العينىّ الأقوال الخمسة التى أوردها ابن الشجرى، بألفاظه، ولم ينسبها إليه. وانظر معانى أخرى للقول فى النهاية 4/ 123،124. (¬3) فى هـ‍: كالجمادات.

امتلأ الحوض وقال قطنى … سلاّ رويدا قد ملأت بطنى (¬1) وإنما أراد أن الحوض لما امتلأ فلم تبق فيه سعة لزيادة، عبّر عنه بأنه قال: قطنى، أى حسبى، فسلّ الماء منى سلاّ رفيقا، فقد ملأت بطنى، وإنما أراد أنه لو كان للحوض عقل وصحّ منه نطق، لقال هذا القول، ومثله قول الآخر: فقالت له العينان سمعا وطاعة … وحدرتا كالدّرّ لمّا يثقّب (¬2) المعنى أنه لما أراد انهمال عينيه بالدمع، فوافق انهمالهما إرادته، عبّر عن ذلك بالقول تشبيها، فكأنه قال لهما: انهملا فقالتا سمعا وطاعة، وكذلك القول/ فى الآية، وهو أن الله جلّ جلاله، عمد إلى السماء وهى دخان، وإلى الأرض وهى زبد، فأراد أن يكوّنهما على غير الوصفين اللذين كانتا عليهما، فتكوّنتا بإرادته، على الوصفين اللذين هما الآن عليهما، فعبّر عن إرادته بأنه قال لهما: ائتيا طوعا أو كرها، وعبّر عن انقيادهما لمشيئته، بأنهما قالتا: أتينا طائعين. ¬

(¬1) الكامل ص 615، وتفسير الطبرى 2/ 546، والخصائص 1/ 23، واللامات للزجاجى ص 152، ومجالس ثعلب ص 158، والإنصاف ص 130، وشرح المفصل 2/ 131،3/ 125، وشرح الشواهد الكبرى 1/ 361، وشرح الأشمونى 1/ 125، واللسان (قطط-قول) والشطران أعادهما ابن الشجرى فى المجلس التاسع والخمسين. وقول الراجز «ملأت» ضبطت فى بعض الكتب بفتح التاء. وجاء بهامش الكامل عن نسخة مخطوطة منه: «ملأت بضمّ التاء لا غير». وهذه النسخة المخطوطة المرموز لها بالرمز (ى) نسخة قديمة ودقيقة، كتبت سنة (537)، انظر وصفها فى مقدمة تحقيق الكامل ص 22. (¬2) الخصائص 1/ 22، واللسان (قول).

المجلس التاسع والثلاثون اسم الفاعل إذا جرى على غير من هوله

المجلس التاسع والثلاثون اسم الفاعل (¬1) إذا جرى على غير من هوله ، خبرا أو وصفا، لزمك إبراز ضمير المتكلّم والمخاطب والغائب، مخافة اللّبس، وليس كذلك الفعل؛ لأن ما فى أوائل الأفعال المضارعة، من الزوائد الدالّة على المتكلّمين والمخاطبين والغائبين، وما يتّصل بأواخر الأفعال الماضية، من الضمائر الموضوعة لهؤلاء الفرق الثلاث، يمنع من اللبس، كقولك فى المضارع، إذا عنيت نفسك أو مخاطبا: زيد أكرمه، وجعفر تكاتبه، وفى الماضى: زيد أكرمته، وجعفر كاتبته، ألا ترى أن هذا كلام غير مفتقر إلى إبراز الضمير، الذى هو أنا وأنت، لدلالة حرف المضارعة عليهما، وللاستغناء فى الماضى بتاء المتكلم وتاء المخاطب عنهما، ولو قلت: زيد مكرمه، وجعفر مكاتبه، لم يدلّ مكرمه ومكاتبه على ما دلّ عليه أكرمه وتكاتبه، وأكرمته وكاتبته، فلزمك أن تقول: مكرمه أنا، ومكاتبه أنت، ولو قلت: زيد مكرمى، وجعفر مكاتبك، لم يلزمك إبراز المضمر (¬2) فيه، لأنه قد جرى خبرا على من هوله، وكذلك تقول: زيد نكرمه، وجعفر أكرمناه، فلا تضطرّ إلى إبراز الضمير، فإن قلت: زيد مكرموه، وجب أن تقول: نحن. وكذلك قولك: زيد تكرمونه، كلام مستقيم، فإن وضعت فى موضع تكرمونه اسم الفاعل، قلت: مكرموه أنتم. ¬

(¬1) أصل هذا المبحث عند المبرد فى المقتضب 3/ 93، وعزاه ابن منظور فى اللسان (حقق) لأبى الحسن الأخفش، وقد أفرد له أبو البركات الأنبارى المسألة الثامنة من الإنصاف ص 57، وقد عولج فى غير كتاب. انظر حواشى المقتضب والإنصاف. (¬2) فى هـ‍: الضمير.

وتقول فى إضمار الغائب: زيد جعفر مكرمه هو، فزيد (¬1) مبتدأ وجعفر مبتدأ ثان، أخبرت عنه باسم الفاعل، الذى هو مكرمه، /واسم الفاعل لزيد، فلزمك إبراز الضمير، مخافة الالتباس، فإن كان مكرمه لجعفر، لم يلزمك إبراز الضمير، لأنك أخبرت به عمّن هوله. والفعل فى هذه المسألة بمنزلة اسم الفاعل، تقول: زيد جعفر يكرمه هو، إذا جعلت يكرمه لزيد، وزيد جعفر يكرمه، إذا جعلته لجعفر. وتقول: هند زيد تكرمه، فلا تبرز ضميرها المستتر فى الفعل، فإن قلت: هند زيد مكرمته، قلت: هى، فأبرزت ضميرها، كما أبرزت ضمير زيد، فى قولك: زيد جعفر مكرمه هو. فإن قيل: إنّما أبرزنا المضمر (¬2) فى قولنا: زيد جعفر مكرمه هو، مخافة اللّبس، وليس فى قولنا: هند زيد مكرمته، لبس، لأن تأنيث اسم الفاعل يشهد بأنه لهند، كما يشهد التأنيث فى قولنا: هند زيد تكرمه. فالجواب: أنه لما لزمنا إبراز الضمير من اسم الفاعل فيما يخاف فيه اللّبس، أبرزناه فيما لا يخاف اللّبس فيه، ليستمرّ بابه على قياس واحد، ألا ترى أنهم حذفوا الواو من مضارع وعد، لوقوعها بين ياء وكسرة، فقالوا: يعد، ثم حملوا الهمزة والنون والتاء على الياء، فقالوا: أعد ونعد وتعد، وليس فيهنّ مع الكسرة ما فى الياء من الثّقل، ولكنهم أرادوا أن يستمرّ الباب على سنن واحد، ومثل هذا استثقالهم اجتماع الهمزتين فى مضارع أفعل، نحو أكرم وأحسن، كرهوا أن يقولوا: أأكرم، كما قالوا: ¬

(¬1) فى هـ‍: «زيد جعفر مكرمه هو فزيد مبتدأ ثان أخبرت عنه. . .» وأراد مصحح الطبعة الهندية أن يصلحها فجعلها «زيد جعفر مكرمه هو فجعفر مبتدأ ثان. . .» وهو خطأ أيضا. (¬2) فى هـ‍: الضمير.

أدحرج، فحذفوا الهمزة، فأصاروه إلى أكرم (¬1)، واعتمدوا حذفها مع بقيّة حروف المضارعة، فقالوا: نكرم وتكرم ويكرم، مع عدم الثّقل الذى كرهوه فى اجتماع الهمزتين. وتقول فى الوصف باسم الفاعل: مرّ زيد بامرأة مكرم لها هو، ومرّت هند برجل مكرمة له هى، فإن استعملت فى موضعه الفعل قلت: مرّ زيد بامرأة يكرمها، ومرّت هند برجل تكرمه، فلم تحتج إلى إبراز الضمير من الفعل، وتقول فى التثنية: مرّ/الزيدان بامرأتين مكرمين لهما هما، وفى الجمع: مرّ الزيدون بنساء مكرمين لهنّ هم، ومرّت الهندات برجال مكرمات لهم هنّ. وإذا عرفت هذا، فاعلم أن قول النحويين: أبرزت الضمير، يريدون أخليت اسم الفاعل من المضمر المستكنّ فيه، وأسندته إلى هذا الضمير الملفوظ به، فنزّلته منزلة الفاعل الظاهر، فليست هذه الضمائر كالضمائر المؤكّدة للضمائر المستكنّة، كقولك: زيد منطلق هو، وهند جالسة هى، والهندان جالستان هما، والقوم جالسون هم، والهندات جالسات هنّ، وكذلك حكم الفعل الذى يبرز فاعله، إذا قلت: زيد جعفر يكرمه هو، فجعلت يكرمه لزيد، وذلك لأنك أخبرت به عن غير من هو له، فهو الآن خال من ضمير مستكنّ، واسم المفعول حكمه فى هذا الإضمار حكم اسم الفاعل، تقول: هند زيد محمولة إليه هى، وزيد هند محمول إليها هو. قال أبو إسحاق الزّجّاج، فى قول الله عز وجل: {إِلاّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ} (¬2): غير منصوبة على الحال، المعنى إلا أن يؤذن لكم غير ¬

(¬1) هذا من الصحاح (كرم) وانظر المقتضب 2/ 96، وهو باب معروف من الصرف. انظر: كلامهم على الشاهد: فإنه أهل لأن يؤكرما معجم الشواهد ص 531. (¬2) سورة الأحزاب 53. وكلام الزجاج فى كتابه معانى القرآن وإعرابه 4/ 234.

منتظرين، قال: «ولا يجوز الخفض فى غير، لأنها إذا كانت نعتا لطعام، لم يكن بدّ من إظهار الفاعل، فلا يجوز إلاّ: غير ناظرين إناه أنتم». أراد أن غيرا مضاف إلى اسم الفاعل، فلو وصف به الطعام أجرى (¬1) على غير من هو له، فوجب إبراز الضمير الذى فى ناظرين. ومعنى إناه: نضجه (¬2) وبلوغه، يقال: أنى يأنى إنى: إذا نضج وبلغ، وقد جاء نظرت بمعنى انتظرت، وهذا منه، ومنه: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً} (¬3) أى ينتظرون. واعلم أن الكوفيين خالفوا البصريين، فى التزام إبراز الضمير إذا جرى على غير من هو له، خبرا أو نعتا، واحتجّوا بقول الأعشى (¬4): وإنّ امرأ أسرى إليك ودونه … من الأرض موماة ويهماء سملق ¬

(¬1) قال مثل هذا الزمخشرى فى الكشاف 3/ 270، وانظر مشكل إعراب القرآن 2/ 200، فقد بسط مكىّ الكلام فيه، والبيان لأبى البركات 2/ 272، والتبيان للعكبرى ص 1060. (¬2) بلسان أهل المغرب. قاله الزركشى فى البرهان 1/ 288، وذكر السّيوطى فى كتابه المهذب فيما وقع فى القرآن من المعرب، ص 74 «قال شيذلة فى البرهان: إناه نضجه، بلسان أهل المغرب، وقال أبو القاسم فى لغات القرآن: بلغة البربر». ويرى مكى أن «إناه» مقلوب عن «آن» قال: «إناه ظرف زمان، أى وقته، وهو مقلوب من «آن» الذى بمعنى الحين، قلبت النون قبل الألف، وغيرت الهمزة إلى الكسر، فمعناه: غير ناظرين آنه، أى حينه، ثم قلب وغيّر على ما ذكرنا». وقيل إن «آن» مقلوب عن «أنى»، وردّه بعضهم، جاء فى اللسان «آن الشىء أينا: حان، لغة فى «أنى» وليس بمقلوب عنه لوجود المصدر، وقال: ألمّا يئن لى أن تجلّى عمايتى وأقصر عن ليلى بلى قد أنى ليا فجاء باللغتين جميعا». اللسان (أين-أنى) والمصباح (أنى). (¬3) سورة الزخرف 66. (¬4) ديوانه ص 223، والتصحيف والتحريف ص 306، والموشح ص 72، والإنصاف ص 58، والخزانة 3/ 252،5/ 291، واللسان (حقق). والبيت الثانى، وهو موضع الاستشهاد فى البصريات ص 526، ومقاييس اللغة 2/ 18.

لمحقوقة أن تستجيبى لصوته … وأن تعلمى أنّ المعان موفّق قالوا: وقد أجرى اسم المفعول، وهو قوله: «لمحقوقة» على اسم إنّ، خبرا، وهو للمرأة (¬1) المخاطبة. ودفع أبو علي هذا الاعتراض، بأن قال: ليس فى قوله: «لمحقوقة» ضمير، لأنه مسند إلى المصدر، الذى هو «أن تستجيبى» فالتقدير: لمحقوقة استجابتك، فجعل التأنيث فى قوله: «لمحقوقة» للاستجابة. والموماة: الأرض التى ليس فيها ماء. واليهماء: التى لا طريق بها (¬2) والسّملق: الأرض المستوية، ويقال أيضا: عجوز سملق: إذا كانت سيّئة الخلق. ... قال أبو علي فى باب تخفيف الهمزة (¬3): «ولا تخفّف الهمزة إلاّ فى موضع يجوز أن يقع فيه ساكن غير مدغم، إلا أن يكون الساكن الذى بعده (¬4) الهمزة المخفّفة الألف، نحو هباءة». ¬

(¬1) بحاشية الأصل: «صوابه: وهو للناقة المخاطبة». وقال البغدادى فى الموضع الأول من الخزانة: «والكاف من إليك مكسورة؛ لأنه خطاب مع ناقته» وحكى فى الموضع الثانى ما ذكره ابن الشجرى، من أن المعنى للمرأة للمخاطبة، لكنه قال فى 5/ 295، بعد أن ذكر للبيت رواية أخرى: وإن امرأ أهداك بينى وبينه فياف تنوفات ويهماء سملق قال: «فالمراد من المرء ممدوحه، والخطاب لناقته المذكورة، وكان ممدوحه أهداها له، فالكلام على هذه الرواية من أوله إلى هنا خطاب لناقته، ومنه يظهر أن المناسب فى الرواية الأولى أيضا كون المراد بالمرء ممدوحه، والخطاب لناقته». (¬2) فى النهاية 5/ 304: «اليهماء: الفلاة التى لا يهتدى لطرقها، ولا ماء فيها، ولا علم بها». (¬3) فى التكملة ص 36. (¬4) فى الأصل: «بعد» بطرح الهاء. والصواب إثباتها، كما فى هـ‍، والتكملة.

قلت: قد ألغز فى كلامه هذا، وما وجدت لأحد من مفسّرى كتابه، الذى وسمه بالإيضاح (¬1)، تفسير هذا الكلام، ولكنهم حادوا عنه إلى تفسير قوله بعد: «فإنّ الألف احتملت ذلك لزيادة المدّ فيها، واختصاصها بما لا يكون فى الياء والواو، كاختصاصها بالتأسيس، وانفرادها بالرّدف» وأنا بمشيئة الله أكشف لك من غامضه. فأقول: إن مراده بهذا أنه لا يجوز تخفيف الهمزة بين بين، إلاّ إذا وقعت بعد حرف متحرّك، وذلك فى نحو: سأل ولؤم وسئم (¬2)، وإنما لم يجز أن تخفّف بين بين إذا وقعت بعد حرف ساكن، فى نحو: يسأل ويلؤم ويزئر (¬3)، مضارع زأر الأسد، لأنها إذا انفتحت جعلتها بين الهمزة والألف، وإذا انضمّت جعلتها بين/الهمزة والواو الساكنة، وإذا انكسرت جعلتها بين الهمزة والياء الساكنة، ولذلك قال سيبويه (¬4): ألا ترى أنك لا تتمّ الصّوت هاهنا وتضعّفه، لأنك تقرّبها من الساكن، ولولا ذلك لم يدخل الحرف وهن. انتهى كلامه. وإذا قرّبتها من الساكن، لم يجز أن تأتى بها بعد حرف ساكن، كما لا يجوز أن تجمع بين ساكنين، فإذا كان الساكن الذى قبل الهمزة ألفا، جاز تخفيفها بعده بين بين، لأن زيادة المدّ الذى فى الألف يقوم مقام الحركة، ولا يكون ذلك فى الواو والياء الساكنتين، فى نحو: مكلوءة (¬5) وخطيئة، وساغ فى نحو هباءة؛ لأن الألف أمكن منهما فى المدّ، من حيث (¬6) لا يفارق المدّ، والواو والياء يتحرّك ما قبلهما بحركة ¬

(¬1) معلوم أن «التكملة» هى الجزء الثانى من «الإيضاح». (¬2) راجع سر صناعة الإعراب ص 48. (¬3) ويزأر، أيضا، بفتح الهمزة. (¬4) الكتاب 3/ 542. (¬5) فى المقتضب 1/ 161 «مقروءة». (¬6) هذا من كلام ابن جنى. راجع اللسان (ردف). وسعيد ابن الشجرى هذا الكلام والذى بعده فى المجلس الرابع والستين.

لا تجانسهما، فضعف بذلك مدّهما، كالواو فى سوء ونوء، والياء فى شيء وفىء، ولذلك انفردت الألف بوقوعها ردفا فى القصيدة، كقول القائل: قوم إذا أكلوا أخفوا كلامهم … واستوثقوا من رتاج الباب والدار (¬1) لا يقبس الجار منهم فضل نارهم … ولا تكفّ يد عن حرمة الجار فلو وضعت فى هذه القافية مع الجار: النّور أو الخير، كان خطا بإجماع العرب، فالواو والياء يجيئان ردفين فى القصيدة، وربّما جاءا فى بيت كقوله (¬2): أجارة بيتينا أبوك غيور … وميسور ما يرجى لديك عسير واختصّت الألف بكونها تأسيسا، وذلك أن يكون بينها وبين الحرف المسمّى رويّا، حرف لقّبه القوافيّون الدّخيل، كالزاى من المنازل، فى قول ذى الرمة: (¬3) خليليّ عوجا من صدور الرّواحل … بوعساء حزوى فابكيا فى المنازل والرّدف: كلّ حرف مدّ قبل الرّوىّ، بغير فصل. وإنما قال: «ساكن (¬4) غير مدغم»، تحرّزا من الياء والواو الساكنين، وذلك أن الساكن المدغم يصحّ وقوعه/بعدهما، كقولهم في تحقير أصمّ: أصيم، وفى تفوعل من المدّ: تمودّ (¬5) الثّوب، فلهما بذلك مزيّة على السّواكن الصّحيحة، ¬

(¬1) ينسبان إلى دعبل، وإلى غيره. ديوانه ص 177، وتخريجهما فيه، وزد عليه عيون الأخبار 2/ 33، من غير نسبة-وما ذكره العلاّمة الميمنى، رحمه الله، فى السّمط 3/ 35. (¬2) أبو نواس. ديوانه ص 98، والعقد الفريد 5/ 333،496. وانظر كتاب الشعر ص 145، والقوافى للتنوخى ص 118. (¬3) ديوانه ص 1332، وتخريجه فى ص 2037، والكافى للتبريزى ص 154. (¬4) من كلام أبى علىّ السابق. (¬5) انظر الكتاب 3/ 418،4/ 438،441، والأصول 3/ 40،410، وسر صناعة الإعراب ص 18، والتبصرة ص 691، ورسالة الملائكة ص 272، وشرح الشافية 3/ 246، والعروض للأخفش ص 121، وقد أعاد ابن الشجرى الكلام على هذه المسألة فى المجلسين السادس والأربعين، والرابع والستين.

وللألف عليهما مزيّة، بوقوع الساكن غير المدغم بعدها، فى قراءة من قرأ {مَحْيايَ وَمَماتِي} (¬1) بسكون الياء من {مَحْيايَ} وإذا صحّ وقوع الساكن غير المدغم بعدها، فوقوع المدغم أصحّ وأمكن، كقولهم: دابّة وشابّة (¬2)، فلذلك جاز أن تخفّف الهمزة بعدها بين بين، كما تخفّف بعد الحرف الصّحيح، إذا تحرّك فى نحو ما مثّلته لك من قولهم: سأل ولؤم وسئم، فإذا خفّفتها مفتوحة بعد الألف، جعلتها بين الهمزة والألف، وإذا خفّفتها مضمومة بعدها، جعلتها بين الهمزة والواو الساكنة، وإذا خفّفتها مكسورة بعدها، جعلتها بين الهمزة والياء الساكنة، فالأولى فى نحو: تساءلنا، والثانية فى نحو: التّساؤل، والثالثة فى نحو: المسائل. وقال سيبويه (¬3) فى هذا الفصل: واعلم أنه لا يجوز أن تجعل الهمزة بين بين إلاّ فى موضع لو كان فيه ساكن جاز، إلاّ الألف وحدها، لأنك تجيز ذلك فيها، لأن الألف يكون بعدها الساكن. فقوله: لا يجوز أن تجعل الهمزة بين بين إلاّ فى موضع لو كان فيه ساكن جاز، معناه أنك لا تخفّفها إلا بعد متحرّك، ولا تخفّفها بين بين بعد ساكن، لأن الساكن لا يجتمع مع الساكن، وكذلك لا يجتمع مع ما قرّب إلى الساكن، ثم استثنى الألف من السّواكن، لأن الساكن يقع بعدها، كما يقع بعد المتحرّك. فاعرف ما ذكرته فى هذا الفصل، فإنه فى كلام أبى عليّ أغمض منه فى كلام سيبويه. ... ¬

(¬1) سورة الأنعام 162، ورويت هذه القراءة عن نافع، من رواية قالون، وأبى جعفر. السبعة ص 275، والكشف 1/ 459، وزاد المسير 3/ 161، والإتحاف 2/ 40. (¬2) راجع الموضع المذكور من سر صناعة الإعراب. (¬3) الكتاب 3/ 545،546، باختلاف يسير.

فصل فى الحذوف الواقعة بالأسماء والأفعال والحروف

فصل فى الحذوف الواقعة بالأسماء والأفعال والحروف فالأسماء التى وقع بها الحذف ثلاثة عشر ضربا، الأول: المبتدأ وخبره. /والثانى: خبر كان وإنّ ولا، والثالث: المفعول به، والرابع: المضاف، والخامس: الموصوف، والسادس: المنادى، والسابع: المفسّر، والثامن: الضمير العائد إلى الموصول، والتاسع: العائد إلى الموصوف، والعاشر: العائد إلى المبتدأ، والحادى عشر: المضاف إليه فى باب الغايات، والثانى عشر: ياء المتكلّم، والثالث عشر: الاسم الذى ينوب عنه الظّرف، خبرا وصفة وحالا. فممّا جاء فيه حذف المبتدأ قوله تعالى: {لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ. مَتاعٌ قَلِيلٌ (¬1)} (¬2) [تقديره: تقلّبهم متاع قليل، أو ذاك متاع قليل] ومثله: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ} (¬3) أى شأنى صبر جميل، ومثله: {وَما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ. نارُ اللهِ الْمُوقَدَةُ} (¬4) التقدير: الحطمة نار الله الموقدة، وجاء الحذف فى قوله تعالى: {طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ} (¬5) فقيل: تقديره: أمرنا طاعة، واحتجّ صاحب هذا القول بقول الشاعر (¬6): فقالت على اسم الله أمرك طاعة … وإن كنت قد كلّفت ما لم أعوّد ¬

(¬1) سورة آل عمران 196،197. (¬2) ساقط من هـ‍. (¬3) سورة يوسف 18. (¬4) سورة الهمزة 5،6. (¬5) سورة محمد عليه الصلاة والسلام 21 (¬6) عمر بن أبى ربيعة. ملحقات ديوانه ص 490، والأغانى 1/ 192، والخصائص 2/ 362، والمغنى ص 631، وشرح أبياته 7/ 321، وأيضا 2/ 217، وشرح شواهده ص 110،314، والخزانة 4/ 181.

فقال: قد أظهر الشاعر المبتدأ المحذوف فى الآية. والقول الآخر: أن قوله: {طاعَةٌ} مبتدأ، وخبره محذوف، والتقدير: طاعة وقول معروف أمثل من غيرهما (¬1). ويقول القائل: الهلال والله (¬2)، أى هذا الهلال، وكذلك تقول على التوقّع والانتظار: زيد والله، أى هذا زيد، واسم الإشارة الذى هو «هذا»، كثيرا ما يحذف مبتدأ، لأنّ حذفه كالنطق به، لكثرته على الألسنة، فممّا جاء حذفه فيه فى التنزيل قوله: {وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ} (¬3) أى هذا سحر، وقوله: {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاّ ساعَةً مِنْ نَهارٍ بَلاغٌ} (¬4) أراد: هذا بلاغ، فحذف الذى أظهره فى قوله: {هذا بَلاغٌ لِلنّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ} (¬5) ومثله: {سُورَةٌ أَنْزَلْناها} (¬6) أى هذه سورة أنزلناها. ويقول لك القائل: من عندك؟ فتقول: زيد، أى زيد عندى، فتحذف الخبر، ويقول: من/جاءك؟ فتقول: أخوك، تريد أخوك جاءنى، قال الله سبحانه: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ} (¬7) أى الله خالقنا، وتقول: زيد ¬

(¬1) ذكر سيبويه القولين. الكتاب 1/ 141،2/ 136، ومعانى القرآن للزجاج 5/ 14، وإعراب القرآن للنحاس 3/ 175، وتفسير القرطبى 16/ 244. (¬2) الأصول 1/ 68، وجاء فى معانى القرآن للأخفش ص 80 مصحفا هكذا: «الهلاك والله». (¬3) الآية الثانية من سورة القمر. (¬4) آخر سورة الأحقاف. وجاء فى الأصل وهـ‍: «كأن لم يلبثوا إلاّ ساعة من نهار بلاغ» وهو خلط بين آية الأحقاف، والآية (45) من سورة يونس، وتلاوتها: وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاّ ساعَةً مِنَ النَّهارِ يَتَعارَفُونَ بَيْنَهُمْ وقد جاء صواب الاستشهاد فى الخصائص 2/ 362، والمغنى ص 630، وسياق ابن هشام يؤذن بأنه ينقل عن ابن الشجرى، أو أن الاثنين ينقلان عن مصدر واحد. (¬5) الآية الأخيرة من سورة إبراهيم. (¬6) أول سورة النور. (¬7) سورة الزخرف 87. وقيل إن المحذوف هنا الفعل، بدليل ظهوره فى الآية التاسعة من السورة نفسها: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ. وراجع المغنى ص 595،620،632 (الباب الخامس).

أكرمت أباه وجعفر، أردت: وجعفر أكرمت أباه، فحذفت خبر الثانى لدلالة خبر الأول عليه، كما حذف خبر المبتدأ الموصول المعطوف، لدلالة خبر الموصول الأوّل عليه، فى قوله تعالى: {وَاللاّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ اِرْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللاّئِي لَمْ يَحِضْنَ} (¬1) فقوله: {إِنِ اِرْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ} جملة شرطيّة، وقعت خبرا للمبتدإ الذى هو {اللاّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ} وقوله: {وَاللاّئِي لَمْ يَحِضْنَ} مبتدأ ثان محذوف الخبر، وتقديره: واللائي لم يحضن فعدّتهنّ ثلاثة أشهر. ومن الأخبار التى ألزموها الحذف، خبر المبتدأ الواقع بعد لولا، فى قولك: لولا زيد لعاقبتك، تريد: لولا زيد موجود أو حاضر، وإنما ألزموا هذا الخبر الحذف، لطول الكلام بجواب لولا، ومثله حذف الخبر فى قولهم: لعمر الله لأفعلنّ، وليمن الله لأذهبنّ، تريد: لعمر الله المقسم به، وكذلك ليمن الله المحلوف به، ولكنّ قولك: لأفعلنّ ولأذهبنّ، طوّل الكلام، فحسن لذلك حذف الخبر، ومثل هذا سدّ الفاعل مسدّ الخبر فى نحو: أذاهب أخواك؟ فذاهب مبتدأ، ارتفع أخواك به، ارتفاع الفاعل بإسناد الفعل إليه، فى قولك: أيذهب أخواك؟ ولمّا تنزّل اسم الفاعل منزلة الفعل، وارتفع الاسم بعده به، على حدّ ارتفاعه، أغنى ذلك عن تقدير خبر هذا المبتدأ، ولم يصحّ الإخبار عنه لفظا ولا تقديرا، كما لا يصحّ الإخبار عن الفعل. ومما حذف خبره لدلالة المعنى عليه، المبتدأ الذى هو «أنت» فى قول ذى الرمّة (¬2): ¬

(¬1) سورة الطلاق 4. (¬2) ديوانه ص 767، وتخريجه فى ص 1992، وانظر كتاب الشعر ص 308، والجمل المنسوب للخليل ص 232،287.

هيا ظبية الوعساء بين جلاجل … وبين النّقا آنت أم أمّ سالم أراد: أأنت أم أمّ سالم أحسن؟ ومثال حذف (¬1) خبر كان، أن يقول لك: من كان/فى الدار؟ فتقول: كان أبوك، فتحذف الظرف، ويقول: من كان قائما؟ فتقول: كان حموك، فتحذف «قائما» وجاء حذف خبر «إنّ» فى قول الأعشى (¬2): إنّ محلاّ وإنّ مرتحلا … وإنّ فى السّفر إذ مضوا مهلا أراد: إنّ لنا محلاّ، وإنّ لنا مرتحلا، وقال الأخطل (¬3): سوى أنّ حيّا من قريش تفضّلوا … على الناس أو (¬4) أنّ الأكارم نهشلا أراد: أو أنّ الأكارم نهشلا تفضّلوا على الناس، والبيت آخر القصيدة (¬5). وقال أبو عبيد (¬6) فى حديث النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: «إنّ المهاجرين ¬

(¬1) ممن أجازوا حذف خبر كان، ابن جنى، وبعضهم-ومنهم أبو حيان-يمنع حذفه. راجع الخصائص 2/ 375، والبحر 6/ 143،144، والهمع 1/ 116، وحواشى المقتضب 4/ 118. (¬2) هذا بيت دائر فى كتب العربية. وتراه فى ديوان الشاعر ص 233، والكتاب 2/ 141، وكتاب الشعر ص 495، وفى حواشيهما فضل تخريج. (¬3) نسب إلى الأخطل أيضا فى مجاز القرآن 2/ 192، والمقتضب 4/ 131، وشرح القصائد السبع لابن الأنبارى ص 56، والتبصرة ص 212، وشرح المفصل 1/ 104، واللسان (نهشل)، وأنشد البيت من غير نسبة فى الخصائص 2/ 374، والمقرب 1/ 109، ولم أجده فى ديوان الأخطل بطبعتيه-تحقيق أنطون صالحانى، وصنعة السكرى. وإن ذكره صالحانى فى ملحق الديوان ص 392، عن اللسان والتاج. وقال البغدادى فى الخزانة 10/ 462: «والبيت نسبه ابن يعيش إلى الأخطل، وله فى ديوانه قصيدة على هذا الوزن والرويّ، ولم أجده فيها. والله أعلم. وكذا نسبه ابن الشجرى فى أماليه إلى الأخطل» انتهى كلام البغدادىّ، وأنت ترى أن نسبة البيت إلى الأخطل قديمة، أقدم من ابن الشجرى، وابن يعيش. (¬4) أو هنا بمعنى الواو. (¬5) هذا التعقيب للمبرد، وأصله لأبى عبيدة. راجع الموضع السابق من المقتضب والمجاز. (¬6) غريب الحديث له 2/ 271، والفائق 1/ 62، والنهاية (أنن) 1/ 77، والبيان والتبيين 2/ 278، وشرح الرضىّ على الكافية 4/ 377، ومقدمة فى النحو، للذكىّ الصقلىّ ص 46.

قالوا: يا رسول الله، إنّ الأنصار قد فضلونا، إنهم آوونا، وفعلوا بنا وفعلوا، فقال: «ألستم تعرفون ذلك لهم؟ قالوا: بلى (¬1)، قال: فإنّ ذلك» (¬2). قوله: «فإنّ ذلك» معناه: فإن ذلك مكافأة منكم لهم، أى معرفتكم بصنيعهم وإحسانهم مكافأة لهم، وهذا كحديثه الآخر: «من أزلّت إليه نعمة فليكافئ بها فإن لم يجد فليظهر ثناء حسنا» (¬3) فقوله عليه السلام: «فإن ذلك» يريد به هذا المعنى. قال أبو عبيد: وهذا اختصار من كلام العرب (¬4)، يكتفى منه بالضمير، لأنه قد علم ما أراد به قائله. وروى أن رجلا جاء (¬5) إلى عمر بن عبد العزيز، فجعل يمتّ بقرابته، فقال عمر: فإنّ ذاك، ثم ذكر له حاجته فقال: لعلّ ذاك. لم يزده على أن قال: فإنّ ذاك، ولعلّ ذاك، أى إنّ ذاك كما قلت، ولعلّ حاجتك أن تقضى، وقال ابن قيس الرّقيّات. ¬

(¬1) فى غريب أبى عبيد «نعم». وعلى هذا استشهد به السّهيلىّ على جواز وقوع «نعم» موقع «بلى» فى الاستفهام من النفى، لكنه قال: «وهو خلاف ما عليه أكثر العرب». أمالى السّهيلى ص 46. (¬2) لم أجده بهذا اللفظ الذى رواه أبو عبيد، ونقله عناه اللغويون والنحاة. وفى معناه حديث أنس رضى الله عنه، الذى رواه أبو داود فى سننه (كتاب الأدب-باب فى شكر المعروف) 4/ 255، والترمذى (أبواب صفة القيامة-باب حدثنا الحسين بن الحسن المروزىّ بمكة) عارضة الأحوذى 9/ 301، والنسائى فى عمل اليوم والليلة (ما يقول لمن صنع إليه معروفا) ص 222 - تحقيق د. فاروق حمادة-مؤسسة الرسالة 1406 هـ‍-ومسند أحمد 3/ 200،204. وانظر السير الحثيث إلى الاستشهاد بالحديث ص 523. (¬3) وهذا أيضا لم أجده بهذا اللفظ عند غير أبى عبيد. وفى معناه حديث جابر، رضى الله عنه، عن النبىّ صلّى الله عليه وسلم، قال: «من أعطي عطاء فوجد فليجز به، ومن لم يجد فليثن، فإن من أثنى فقد شكر. . .» الحديث. عارضة الأحوذى بشرح صحيح الترمذى (باب ما جاء فى المتشبع بما لم يعط. من كتاب البرّ والصّلة) 8/ 186. وقوله: «أزلّت» أى أسديت إليه وأعطيها. من الزّليل، وهو انتقال الجسم من مكان إلى مكان، فاستعير لانتقال النعمة من المنعم إلى المنعم عليه. يقال: زلّت منه إلى فلان نعمة، وأزلّها إليه. الفائق 2/ 119، والنهاية 2/ 310. (¬4) زاد أبو عبيد: وهو من أفصح كلامهم. (¬5) هذا الخبر فى الموضع السابق من غريب أبى عبيد، والبيان والتبيين، والمفصل ص 29.

بكرت علىّ عواذلى … يلحيننى وألومهنّه (¬1) ويقلن شيب قد علا … ك وقد كبرت فقلت إنّه أى إنه قد كان ما يقلن. انتهى كلام أبى عبيد. وأقول: إنّ بعض النحويين (¬2) جعل «إنّ» فى هذا البيت بمعنى نعم، وجعل الهاء/للسّكت، ومثله فى استعمال «إنّ» بمعنى نعم قول الآخر: قالوا غدرت فقلت إنّ وربّما … نال المنى وشفى الغليل الغادر (¬3) والهاء فى تفسير أبى عبيد ضمير الشأن (¬4). وجاء حذف خبر «لا» فى قولهم: لا بأس (¬5) [يريدون: لا بأس] عليك، وكذلك قولنا: «لا إله إلاّ الله» تقدير الخبر: لا إله لنا، أو فى الوجود إلا الله (¬6)، ¬

(¬1) ديوانه ص 66، وتخريجه فيه، وزد عليه: غريب أبى عبيد، وغريب الحديث لابن قتيبة 1/ 537، والجمل المنسوب للخليل ص 133، والأصول 2/ 383، والبغداديات ص 429، والأزهية ص 267، ورصف المبانى ص 119، وفهارسه، والجنى الدانى ص 399، وشرح أبيات المغنى 1/ 188. ويأتى هذا الشعر فى المعاجم، فى مادة (أنن)، وفى كتب التفسير وإعراب القرآن، فى الكلام على قوله تعالى: إِنْ هذانِ لَساحِرانِ الآية (63) من سورة طه. انظر مثلا معانى القرآن وإعرابه للزجاج 3/ 363، وإعراب القرآن للنحاس 2/ 344، وتفسير القرطبى 6/ 247،11/ 218. (¬2) هو أبو الحسن الأخفش. قال: «إن بمعنى نعم، والهاء لبيان الحركة، وكانت خطباء قريش تفتتح خطبتها بنعم». راجع الخزانة 11/ 213، والموضع السابق من إعراب القرآن للنحاس. وقال الجوهرى فى الصحاح (أنن): «وأما قول الأخفش إنه بمعنى «نعم» فإنما يريد تأويله، ليس أنه موضوع فى اللغة لذلك. قال: وهذه الهاء أدخلت للسّكوت». (¬3) تقدم فى المجلس السابق. (¬4) قال البغدادى: «قال ابن الشجرى فى أماليه بعد نقل هذا الكلام عن أبى عبيد: «والهاء فى تفسير أبى عبيد «للشأن» ولم يتعقبه بشىء. ولا يخفى أن ضمير الشأن لا يجوز حذف خبره، بل يجب التصريح بجزأى الجملة من خبره». ثم أفاد البغدادى أن الضمير فى «إنه» راجع إلى القول المفهوم من «يقلن» أى إن قولهنّ كذلك. وهو تقدير ابن هشام فى المغنى ص 38،649. (¬5) ساقط من هـ‍. (¬6) ويكون لفظ الجلالة «الله» تعالى مسمّاه مرفوع بدل من «إله» باعتبار محلّه، وهو الرفع على الابتداء. وقيل: بدل من الضمير المستكنّ فى خبر «لا» المحذوف. وقيل غير ذلك. راجع: معنى لا إله إلاّ الله. لبدر الدين الزركشى ص 73، وحواشى ص 79، وحواشى أوضح المسالك 2/ 30.

وقوله تعالى: {لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفاعَةٌ} (¬1) التقدير: ولا خلّة فيه ولا شفاعة فيه، فحذف خبر الثانية والثالثة، لدلالة الخبر الأوّل [عليهما (¬2)] وكذلك خبر لا المشبّهة بليس، فى قوله: من صدّ عن نيرانها … فأنا ابن قيس لا براح (¬3) وقد تقدم ذكر ذلك. فأما حذف المفعول فكثير فى باب إعمال الفعلين، كقولك: أكرمت وأكرمنى زيد، أردت: أكرمت زيدا وأكرمنى زيد، فحذفت مفعول الأول لدلالة فاعل الثانى عليه، وقريب من هذا حذف مفعول الثانى لدلالة مفعول الأول عليه، فى قوله تعالى: {وَالْحافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحافِظاتِ وَالذّاكِرِينَ اللهَ كَثِيراً وَالذّاكِراتِ} (¬4) التقدير: والحافظات فروجهنّ، والذاكرات الله كثيرا. وممّا حذف لدلالة ما قبله عليه، المنصوب فى قوله تعالى: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ} (¬5) أراد: والسموات غير السموات. وحذف المفعول يكثر للعلم به، وذلك لاقتضاء الفعل له كقوله: {ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى} (¬6) أراد: وما قلاك (¬7)، وكذلك: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى} أى فآواك، {وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدى} أى فهداك، {وَوَجَدَكَ عائِلاً فَأَغْنى} أى فأغناك. ¬

(¬1) سورة البقرة 254. وقراءة النصب هذه لابن كثير وأبى عمرو. السبعة ص 187. (¬2) ساقط من هـ‍. (¬3) فرغت منه فى المجلس الحادى والثلاثين. (¬4) سورة الأحزاب 35. (¬5) سورة ابراهيم 48. (¬6) الآية الثالثة من سورة والضحى وما بعدها. (¬7) سبق فى المجلس الثامن عشر، أنه من باب الالتفات من الخطاب إلى الغيبة، وذكرت هناك استدراك الزركشىّ على ابن الشجرى، وتصحيحه أنه من باب حذف المفعول، كما ذكر ابن الشجرىّ هنا.

وأما حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، فكثير جدّا، وقد قدّمت (¬1) ذكر طرف منه، وذلك نحو قولهم: «صلّى المسجد»، أى أهل المسجد، ومنه قول/مهلهل بن ربيعة: نبّئت أن النار بعدك أو قدت … واستبّ بعدك يا كليب المجلس (¬2) أراد: استبّ أهل المجلس، ومنه: {وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً} (¬3) أى إلى أهل مدين، ألا ترى أن الضّمير الذى هو الهاء والميم فى {أَخاهُمْ} لا يعود على {مَدْيَنَ} نفسها، وإنما يعود على أهلها، وقد أظهر هذا المحذوف فى موضع آخر، وهو قوله: {وَما كُنْتَ ثاوِياً فِي أَهْلِ مَدْيَنَ} (¬4) ومنه قول حميد بن ثور (¬5): قصائد يستحلى الرّواة نشيدها … ويلهو بها من لاعب الحىّ سامر يعضّ عليها الشيخ إبهام كفّه … ويخزى بها أحياؤكم والمقابر أى: وأهل المقابر، ومنه: {وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنّا فِيها} (¬6) أى أهل القرية {وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها} أى أصحاب العير {وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ} (¬7) أى برّ من آمن بالله، وإن شئت قدّرت: ولكنّ ذا البرّ من آمن بالله، ومنه {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ} (¬8) أى أشهر الحجّ أشهر معلومات، وإن شئت قدّرت: الحجّ حجّ أشهر معلومات، ومن ذلك قول النابغة: ¬

(¬1) فى المجالس: الثامن، والعاشر، والسابع والثلاثين. (¬2) تقدم تخريجه فى المجلس الثامن. (¬3) سورة الأعراف 85، وانظر المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم ص 383، ورحم الله مصنّفه رحمة واسعة. (¬4) سورة القصص 45. (¬5) ديوانه ص 89. (¬6) سورة يوسف 82. (¬7) سورة البقرة 177. (¬8) سورة البقرة 197، وانظر المغنى ص 624 (الباب الخامس).

وقد خفت حتى ما تزيد مخافتى … على وعل فى ذى المطارة عاقل (¬1) أى على مخافة وعل، ومنه قول الآخر: كأنّ خزّا تحته وقزّا … وفرشا محشوّة إوزّا (¬2) أى ريش إوزّ، ومثله: أنا أبو شرفاء منّاع الخفر (¬3) أى منّاع ذوات الخفر، يعنى النساء، ومنه قولهم: الليلة الهلال، أى طلوع الهلال، ومن رفع الليلة، أراد الليلة ليلة الهلال، ومثل النصب فى الليلة، النصب فى اليوم وغد، من قولهم (¬4): «اليوم خمر وغدا أمر» أى اليوم شرب خمر، وغدا حدوث أمر. /وأمّا حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه، فكقولهم: صلاة الأولى (¬5)، ومسجد الجامع، أى صلاة الساعة الأولى من زوال الشمس، ومسجد الوقت الجامع، أو اليوم الجامع، ومنه {حَقُّ الْيَقِينِ} (¬6) {وَحَبَّ الْحَصِيدِ} (¬7) أى حقّ العلم اليقين، وحبّ النبت الحصيد، ومن ذلك دار الآخرة، قال أبو العباس محمد بن يزيد، فى قول الله سبحانه: {وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ} (¬8) إن المراد: ولدار الساعة ¬

(¬1) فرغت منه فى المجلس الثامن. (¬2) مجالس العلماء للزجاجى ص 316، والسّمط ص 216، والصاهل والشاحج ص 276، واللسان (وزز). (¬3) من غير نسبة فى مجالس ثعلب ص 9، واللسان (شرف)، وهو من مقطوعة تنسب لأرطاة ابن سهيّة، ولطفيل الغنوى، ولعمرو بن العاص. راجع السمط ص 299، وديوان الطفيل ص 100. (¬4) هو قول امرئ القيس. وتقدم فى المجلس الثامن. (¬5) الأصول 2/ 8، والإنصاف ص 437، والفصول الخمسون ص 224. (¬6) سورة الواقعة 95. (¬7) سورة ق 9. (¬8) سورة يوسف 109، والنحل 30، ولم أجد هذا النقل فى كتابى المبرّد: المقتضب والكامل. والكوفيون يجعلون هذا ونحوه من باب إضافة الشىء إلى نفسه. قال الفراء: «وقوله: وَلَدارُ الْآخِرَةِ أضيفت الدار إلى الآخرة، وهى الآخرة، وقد تضيف العرب الشىء إلى نفسه، إذا اختلف لفظه، كقوله: إِنَّ هذا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ والحقّ هو اليقين» معانى القرآن 2/ 55،56، والإنصاف ص 436، وانظر حواشيه، ومشكل إعراب القرآن 1/ 439.

الآخرة، قال: لأن الساعة مراد بها يوم القيامة، وكذلك قال أبو علىّ الحسن بن أحمد، فى الإيضاح (¬1)، وخطر لى فى تقدير إضافتها أنّ التقدير: ولدار الحياة الآخرة، وقوّى ذلك عندى قوله: {مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا} (¬2) وقوله: {وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاّ مَتاعُ الْغُرُورِ} (¬3) فالحياة الدانية نقيض الحياة الآخرة. ومن حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه قوله: {وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} (¬4) أى دين الأمّة (¬5) القيّمة، ومثله: {أَنِ اِعْمَلْ سابِغاتٍ} (¬6) أى دروعا سابغات. وجاء حذف المنادى فى قراءة من قرأ: (ألا يا اسجدوا لله (¬7)) أراد: ألا يا هؤلاء اسجدوا لله، ومثله: يا لعنة الله والأقوام كلّهم … والصالحين على سمعان من جار (¬8) ¬

(¬1) الإيضاح ص 271، وشرحه المقتصد ص 895، وانظر الأصول 2/ 8، ومعانى القرآن وإعرابه للزجاج 3/ 109، وإعراب القرآن للنحاس 2/ 160. (¬2) سورة آل عمران 14، وغيرها من آى الكتاب العزيز. (¬3) سورة آل عمران 185، والحديد 20. (¬4) سورة البينة 5. (¬5) أو الملّة القيّمة، كما ذكر فى المجلسين: المتمّ الستين، والرابع والستين. (¬6) سورة سبأ 11. (¬7) سورة النمل 25، وقراءة تخفيف اللام من «ألا» قرأ بها الكسائىّ، وأبو جعفر يزيد بن القعقاع، ورويس عن يعقوب، وتروى عن ابن عباس رضى الله عنهما. معانى القرآن للفراء 2/ 290، وللأخفش ص 429، والسبعة ص 480، والكشف 2/ 156، وزاد المسير 6/ 166، والبحر 7/ 68، والإتحاف 2/ 325 وأعاد ابن الشجرى الكلام على هذه القراءة فى المجلس المتمّ الستين. واعتبار المنادى هنا محذوفا، ذهب إليه أبو العباس المبرد، ووافقه ابن فارس فى الصاحبى ص 386، وأنكره ابن جنى، ورأى أن «يا» هنا أخلصت للتنبيه، مجرّدا من النداء. الخصائص 2/ 196،278، 376، وسبقه أبو على، راجع كتاب الشعر ص 66،67. (¬8) الكتاب 2/ 219، والكامل ص 1199، والتبصرة ص 360، والإنصاف ص 118، والكشف 2/ 158، وتفسير القرطبى 13/ 186، وشرح الجمل 2/ 111، والمغنى ص 373، وشرح أبياته 6/ 171، وغير ذلك كثير، تراه فى حواشى تلك الكتب. ويأتى فى المجلس الموفى الستّين.

أراد: يا هؤلاء لعنة الله على سمعان، وأنشد سيبويه (¬1): ألا يا إنّنى سلم … لأهلك فاقبلى سلمى أراد: ألا يا هذه. وحذف المفسّر كقولهم: الكرّ (¬2) بعشرين، يريدون: بعشرين دينارا، فحذفوا المفسّر للعلم به. ... ¬

(¬1) لم أجده فى كتاب سيبويه المطبوع-اعتمادا على فهارسه التى صنعها أشياخنا: هارون والنفاخ وعضيمة. وهو فى اللسان (سلم) من غير نسبة، برواية: أنائل إننى سلم لأهلك فاقبلى سلمى ولا شاهد على هذه الرواية. (¬2) فى هـ‍: «الكن». وجعلها مصحح الطبعة الهندية: «المن». والكرّ، بضم الكاف وتشديد الراء: مكيال لأهل العراق. قال ابن سيده: يكون بالمصرى أربعين إردبا. اللسان (كرر).

المجلس الموفى الأربعين يتضمن ما بقي من ذكر حذف الاسم

المجلس الموفى الأربعين يتضمّن ما بقي من ذكر حذف الاسم ، وضروبا من ذكر حذف الفعل. أما حذف الضمير العائد إلى الموصول من صلته، فحسن (¬1) كثير فى التنزيل، /كقوله: {أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللهُ رَسُولاً} (¬2) و {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً} (¬3) يريد: بعثه (¬4)، وخلقته، ومنه قوله تعالى: {اُدْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ} (¬5) حذف «ها» من «كتبها» كما حذف «هم» من قوله: {وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اِصْطَفى} (¬6). وجاء حذف العائد من جملة الصّفة إلى الموصوف، فى قول جرير: أبحت حمى تهامة بعد نجد … وما شيء حميت بمستباح (¬7) حذف الهاء من «حميته» ومثله للحارث بن كلدة الثّقفىّ: فما أدرى أغيّرهم تناء … وطول العهد أم مال أصابوا (¬8) أراد: أصابوه، وفى التنزيل: {وَاِتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً} (¬9) ¬

(¬1) راجع دراسات لأسلوب القرآن الكريم 3/ 74، ويقول مؤلفه برّد الله مضجعه: «لو تتبعنا أسلوب القرآن لوجدنا أن ذكر عائد الموصول المنصوب قليل جدا بالنسبة لحذفه». (¬2) سورة الفرقان 41، وانظر كتاب الشعر ص 387. (¬3) سورة المدثر 11. (¬4) راجع المجلسين الأول والثالث. (¬5) سورة المائدة 21 (¬6) سورة النمل 59. (¬7) سبق فى المجلس الأول. (¬8) وهذا مثل سابقه. (¬9) سورة البقرة 48،123.

أراد: لا تجزى فيه، فحذف الجارّ والمجرور المقرّين فى قوله تعالى: {وَاِتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ} (¬1) والعرب تقول فى أشهر الشتاء (¬2): «شهر ثرى وشهر ترى وشهر مرعى» فالأول حذفوا منه المضاف، أى شهر ذو ثرى، والثّرى: التراب النّدىّ، والثانى حذفوا منه العائد إلى الموصوف، وحذفوا معه المفعول، أى شهر ترى فيه أطراف العشب، والثالث كالأول، حذفوا منه المضاف، أى شهر ذو مرعى. وأما حذف الهاء من خبر المبتدأ، فقد جاء وهو ضعيف، قالوا فيما رواه النحويون: زيد ضربت، وجاء فى شعر امرئ القيس: فلمّا دنوت تسدّيتها … فثوب نسيت وثوب أجرّ (¬3) أراد: فثوب نسيته، وثوب أجرّه، ومعنى تسدّيتها: ركبتها، وأنشد سيبويه: قد أصبحت أمّ الخيار تدّعى … عليّ ذنبا كلّه لم أصنع (¬4) أراد: لم أصنعه، وكذلك أنشدوا برفع «كلّ»: ثلاث كلّهن قتلت عمدا … فأخزى الله رابعة تعود (¬5) ومنه قراءة ابن عامر: «وكلّ وعد الله الحسنى» (¬6) رفع «كلاّ» بتقدير: وعده الله. /وإنما ضعف حذف العائد من الخبر، لأنّ الجملة التى تقع خبرا عن المبتدأ ¬

(¬1) سورة البقرة 281، وراجع المجلس الأول. (¬2) سبق تخريجه فى المجلس الرابع عشر. (¬3) فرغت منه فى المجلس المذكور. (¬4) وهذا تقدم فى المجلس الأول. (¬5) تقدم فى المجلس الرابع عشر. (¬6) سورة الحديد 10، والكلام على هذه القراءة تقدم فى المجلسين: الأول، والرابع عشر.

إنما هى حديث عنه وأجنبيّة منه، فالعائد منها يعلّقها به، ولكنهم شبّهوها بالجملة التى تقع وصفا، كما شبّهوا جملة الصّفة بجملة الصّلة، من حيث كانت الصفة توضّح الموصوف كما توضّح الصّلة الموصول، إلا أنّ الموصول يلزمه أن يوصل، والموصوف لا يلزمه أن يوصف. وإنما حسن وكثر حذف العائد من الصّلة، لأنّ الموصول مع صلته بمنزلة اسم مفرد، فالصّلة منه كبعض أجزاء كلمة، فهى كالفاء والراء من جعفر، فإذا قلت: الذى أكرمه أخوك زيد، فقد تنزّلت أربعة أشياء منزلة اسم مفرد، وهى الذى والفعل وفاعله ومفعوله، وهو الضمير العائد، فآثروا التخفيف بحذف بعض الأربعة (¬1)، وكان الضمير أولى بالحذف، لأنّ المفعول فضلة، وقد ورد حذفه فى غير الصّلة كثيرا حسنا، كما أريتك آنفا، فى نحو قوله تعالى: {ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى} (¬2) فكان حذفه من الصّلة لهذه العلّة أقوى من حذفه من الصّفة، وحذفه من الصّفة أقوى من حذفه من الخبر. وأما حذف ياء المتكلم فحسن، لدلالة الكسرة قبلها عليها، وإنما يكون ذلك فى النداء، لأنّ النداء ممّا يكثر فيه الحذف والتغيير، لكثرة استعماله، ألا ترى أنّ المخبر يقدّم النداء على إخباره، فيقول: يا زيد قد كان كذا، وكذلك المستخبر يقول: يا فلان هل زيد عندك؟ وكذلك الآمر والناهى، فلما كثر النداء فى كلامهم جدّا، كثر التغيير فيه بالحذف تخفيفا، ولذلك اختصّ به الترخيم، فإذا ناديت غلامك فأفصح الأوجه فيه أن تقول (¬3): يا غلام، فتجتزئ بالكسرة من الياء، ومثله: {يا عِبادِ فَاتَّقُونِ} (¬4) و {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النّاسِ} (¬5) والأصل: ¬

(¬1) راجع ما تقدم فى المجلسين الأول، والرابع عشر. (¬2) سورة والضحى 3. (¬3) أصل هذا فى الكتاب 2/ 209، والمقتضب 4/ 245. (¬4) سورة الزمر 16. (¬5) سورة إبراهيم 36.

يا غلامى، بفتحها، قياسا لها على كاف الخطاب، ومن قال: يا غلامى، بإسكانها، فلأن السكون أخفّ من الحركة الخفيفة، ومن حذفها واجتزأ بالكسرة، جاء بتخفيف/ثان، كما أنّ من قال: يا غلاما، فأبدل من الكسرة فتحة، ومن الياء ألفا، جاء بتخفيف أكثر من الأول والثانى، فرارا من ثقل الكسرة والياء، إلى خفّة الفتحة والألف، وقد قرئ فى سورة الزّخرف بالأوجه الثلاثة، فتحها وإسكانها وحذفها، من قوله: {يا عِبادِ لا خَوْفٌ} (¬1). وأمّا حذف المضاف إليه فى الغايات فمثاله: جئت قبل، وجئت يا فلان بعد، أصله: جئت قبلك، وجئت بعدى، فحذفت المضاف إليه، فاستحقّ الظرف البناء، لأن المحذوف كجزء منه، لأنه يقتضيه، فتنزّل بعد حذفه منزلة بعض كلمة، فأشبه الحرف الذى جاء لمعنى، وبنوه على حركة، لأنهم لما نقلوه من الإعراب إلى البناء، لم يكونوا ليبنوه على أضعف وجوه البناء، فيسوّوا بينه وبين ما بنى فى أصل وضعه، كمن وكم. ومن قال إن الحركة فى قبل وبعد لالتقاء الساكنين، عورض بما ليس فيه التقاء ساكنين من الغايات، كقولهم: جئت من عل، وابدأ بهذا أوّل، كما قال (¬2): لعمرك ما أدرى وإنّى لأوجل … على أيّنا تعدو المنيّة أوّل وإنما بنوا هذا الضرب على الضمّة دون الفتحة والكسرة، لأنه إنما يعرب ¬

(¬1) سورة الزخرف 68، وتخريج الأوجه الثلاثة فى السبعة ص 588، والنشر 2/ 370، والإتحاف 2/ 458. (¬2) معن بن أوس. ويأتى هذا البيت أيضا شاهدا على أن «أفعل» التفضيل قد يأتى على غير بابه، فيراد به مجرد الوصف، لا المفاضلة. فقوله «لأوجل» معناه: لوجل. وراجع معانى القرآن 2/ 320، والكامل ص 876، والمقتضب 3/ 246، والمنصف 3/ 35، وشرح الحماسة ص 1126، وشرح المفصل 4/ 87،6/ 98، وشذور الذهب ص 103، وأوضح المسالك 3/ 161، وشرح الشواهد الكبرى 3/ 439، وشرح الأشمونى 2/ 268، والخزانة 6/ 505،8/ 244،245،289. وأعاده ابن الشجرى فى المجلس المتم السبعين.

بالنصب والخفض، دون الرفع، فلو بنوه (¬1) على أحدهما التبست حركة بنائه بحركة إعرابه، وفى التنزيل: {قالُوا أُوذِينا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا وَمِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا} (¬2) وفيه {لِلّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} (¬3) أى من قبل غلبهم ومن بعد غلبهم، فلمّا حذف ما أضيفا إليه بنيا. فهذان الظّرفان أصل الغايات، وما عداهما من الظروف محمول عليهما، وإنما سمّيت غايات؛ لأن المضاف إليه كان غاية كلامك، كقولك: جئت قبل زيد وبعد محمد، فلما حذفت المضاف إليه صار المضاف غاية كلامك ومنتهاه. والمضاف من هذا الضّرب يتعرّف بالمضاف إليه/محذوفا، كما كان يتعرّف به مذكورا؛ لأنك تنويه وتقدّره، تقول: جاء زيد قبل جعفر، وجاء خالد بعد، أردت بعده، أى بعد جعفر، فحذفته وأنت تريده، وتقول: جاء القوم وأخوك خلف، ومحمد قدّام، تريد: خلفهم وقدّامهم، أنشد أبو عمر محمد بن عبد الواحد المعروف بالزاهد، قال: أنشدنا (¬4) [أبو العباس أحمد بن يحيى، قال: أنشدنا] أبو عبد الله بن الأعرابى: ألبان إبل تعلّة بن مسافر … ما دام يملكها عليّ حرام (¬5) ¬

(¬1) ذكر أبو البركات الانبارى هذا التعليل، ولم يعزه لأحد. أسرار العربية ص 31. (¬2) سورة الأعراف 129. (¬3) سورة الروم 4. (¬4) ساقط من هـ‍. (¬5) الأبيات فى الكامل ص 82، لرجل من بنى تميم. وأنشدها الجاحظ من غير نسبة فى البيان 3/ 306، والبخلاء ص 197، وكذلك أبو هلال فى ديوان المعانى 2/ 245، والبيت الثالث فى اللسان (حلق) وحوله كلام، انظره فى التنبيهات على أغاليط الرواة ص 97. والبيت الرابع-وهو موضع الشاهد-فى تذكرة النحاة ص 279، وأوضح المسالك 3/ 160، والتصريح 2/ 51، وشرح الأشمونى 2/ 268، وأعاده ابن الشجرى فى المجلس المتم السبعين.

وطعام حجناء بن أوفى مثلها … ما دام يسلك فى البطون طعام (¬1) إن الذين يسوغ فى أحلاقهم … زاد يمنّ عليهم للئام لعن الإله تعلّة بن مسافر … لعنا يشنّ عليه من قدّام أراد من قدّامه، فلما حذف الهاء بناه. الحلق: يجمع حلوقا، على القياس، وجمعه على أفعال شاذّ، كزند وأزناد، وفرد وأفراد، وفرخ وأفراخ، قال الأعشى (¬2): وزندك أثقب أزنادها أثقب: من ثقّبت النار، بتشديد القاف: إذا أذكيتها، وقال الحطيئة (¬3): ماذا تقول لأفراخ بذى مرخ … زغب الحواصل لا ماء ولا شجر وقد كثر فى فعل: أفعال، وإن كان خارجا عن القياس، فجاء فى حبر: أحبار، ونطق به التنزيل (¬4)، وجاء مع ما ذكرناه من زند وفرد وفرخ: أهل وآهال، ولحظ وألحاظ، وسمع وأسماع، واتّسع فى المضاعف، فقيل فى ربّ وجدّ وعمّ ومنّ: أرباب وأجداد وأعمام وأمنان (¬5). وأما أفنان فجمع فنن، وهو الغصن، لا جمع فنّ، وفى ¬

(¬1) يروى: عمران بن أوفى. (¬2) ديوانه ص 73، وصدره: وجدت إذا اصطلحوا خيرهم وهو فى الكتاب 3/ 568، والمقتضب 2/ 196، والأصول 2/ 436، والموجز ص 104، والتبصرة ص 642، وشرح المفصل 5/ 16، وشرح الشواهد الكبرى 4/ 526، والتصريح 2/ 303، وشرح الأشمونى 4/ 125. (¬3) ديوانه ص 208، والمقتضب 2/ 196، والكامل ص 84،725، والخصائص 3/ 59، والتبصرة ص 642، وشرح المفصل 5/ 16، وشرح الشواهد الكبرى 4/ 524، والتصريح 2/ 302، وشرح الأشمونى 4/ 124. (¬4) فى الآيتين 44،63 من سورة المائدة، و 31،34 من سورة التوبة. (¬5) انظر أمثلة أخرى فى التنبيهات على أغاليط الرواة ص 97 - 99، والهمع 2/ 174. -

التنزيل: {ذَواتا أَفْنانٍ} (¬1) وإنما جمعوا الفنّ على القياس، فقالوا: فنون، كصكّ، وصكوك، وبتّ وبتوت، وهو الكساء الغليظ. وقوله: «يشنّ عليه» أى يصبّ عليه، من قولهم: شننت علىّ الماء. /وأما حذف الاسم الذى ينوب عنه الظّرف، خبرا وصفة وحالا، فمثال الخبر: زيد خلفك، أى مستقرّ (¬2) خلفك، وكذلك الرحيل يوم السبت [أى كائن (¬3) يوم السبت] ومثال الصفة: مررت برجل عند زيد، وبقوم حول جعفر، التقدير: مستقرّ عند زيد، ومستقرّين حول جعفر، ومثال الحال: مررت بزيد قدّام بكر، أى مستقرّا قدّام بكر، وهذا جعفر خلف محمد، أى كائنا خلف محمد، إذا كانا ماشيين أو راكبين، ومستقرّا خلف محمد، إذا كانا جالسين. واسم الفاعل فى هذا الموضع ممّا رفضوا إظهاره تخفيفا، وللعلم به، فحذفوه وأنابوا الظرف منابه، وانتقل الضمير الذي فيه إلى الظرف، فتضمّنه الظرف، وحسن العطف عليه والتوكيد له بالضمير المنفصل، تقول: مررت برجل قدامك هو وبكر، وقد أكّده كثيّر بن عبد الرحمن بأجمع، فى قوله: ¬

= وذكر ياقوت فى معجم الأدباء 15/ 26،27 (ترجمة أبى حيان التوحيدى) قال: «وحدّث أبو حيان، قال: قال الصاحب يوما: فعل وأفعال قليل، وزعم النحويّون أنه ما جاء إلاّ زند وأزناد، وفرخ وأفراخ، وفرد وأفراد. فقلت له: أنا أحفظ ثلاثين حرفا، كلّها فعل وأفعال، فقال: هات يا مدّعى، فسردت الحروف، ودللت على مواضعها من الكتب، ثم قلت: ليس للنحوىّ أن يجزم مثل هذا الحكم إلاّ بعد التبحر والسماع الواسع، وليس للتقليد وجه إذا كانت الرواية شائعة، والقياس مطّردا». انتهى كلام أبى حيان. وذكره العلامة الميمنى فى حواشيه على التنبيهات، حكاية عن معجم الأدباء. وقد وجدته فى كتاب أبى حيان: مثالب الوزيرين ص 150. (¬1) سورة الرحمن 48. (¬2) ذهب الإمام تقى الدين السبكى-المتوفى سنة 756 - إلى أن الجارّ والمجرور والظرف، إذا وقعا خبرا، يكونان خبرا، ولا يقدّر فيهما كائن ولا استقرّ. قال ولده تاج الدين فى طبقات الشافعية 10/ 306: «وقد رأيته معزوّا لأبى بكر بن السرّاج، شيخ أبى علىّ الفارسى». قلت: والذى رأيته فى الأصول لابن السرّاج 1/ 63، غير هذا، فقد قدّر الخبر محذوفا، كسائر النحاة، فقال فى «زيد خلفك»: «كأنك قلت: زيد مستقرّ خلفك (¬3) سقط من هـ‍.

فإن يك جثمانى بأرض سواكم … فإنّ فؤادى عندك الدّهر أجمع (¬1) ليس قبل «أجمع» ما يصحّ أن يحمل عليه إلاّ اسم إنّ، والضمير الذى فى الظرف والدهر، فاسم إنّ والدهر منصوبان، فبقى حمله على المضمر فى قوله: «عندك» وإنما أضمر فيه لكونه خبرا، فالتقدير: مستقرّ عندك أجمع. ... ¬

(¬1) سبق فى المجلس الأول.

فصل

فصل أمّا الحذف الواقع بالفعل، فإنه ينقسم إلى ستّة أضرب، الأول: حذفه على شريطة التفسير، والثانى: حذفه مع إن، والثالث: حذفه للدلالة عليه، والرابع: حذفه مع أمّا، والخامس: حذفه جوابا، والسادس: حذفه اختصارا وإيجازا. فحذف الفعل على شريطة التفسير (¬1)، يقع فى سبعة مواضع: الاستفهام والأمر والنهى والشرط والتحضيض والنفى والعطف. فحذفه فى الاستفهام، كقولك: أزيدا أكرمته، أزيدا مررت به، أزيدا ضربت أخاه؟ / {أَبَشَراً مِنّا واحِداً نَتَّبِعُهُ} (¬2) فالعوامل فى هذه المنصوبات أفعال مقدّرة قبلها، تفسّرها الأفعال المذكورة بعدها، ولا يجوز أن تنصبها بالتى بعدها، لأن تلك قد تعدّت إلى ما تقتضيه من المفعول، ظاهرا أو مضمرا، فالتقدير: أأكرمت زيدا أكرمته، أجزت زيدا مررت به، أأهنت زيدا ضربت أخاه، أنتّبع بشرا منّا واحدا نتّبعه؟ وإنما أضمرت جزت، ولم تضمر مررت، لأن مررت لا يتعدّى إلا بالجارّ، فلو أضمرته أضمرت حرف الجرّ، وحرف الجرّ لا يضمر، وأضمرت أهنت فى قولك: أزيدا ضربت أخاه؟ لأن الضرب لم يقع بزيد، وإنما وقعت به الإهانة بضرب أخيه، ومثل تقديرك جزت زيدا، ولم تقدّر مررت، التقدير فى قول جرير (¬3): أثعلبة الفوارس أو رياحا … عدلت بهم طهيّة والخشابا ¬

(¬1) وهو باب الاشتغال. (¬2) سورة القمر 24. (¬3) ديوانه ص 814، والكتاب 1/ 102،3/ 183 - وفى هذا الموضع الثانى يصحّح العينى إلى 533، والتبصرة ص 335، وفى حواشى الكتاب تخريجات أخرى. والبيت أعاده ابن الشجرى فى المجلس الخامس والسبعين.

مدح فى هذا البيت ثعلبة ورياحا، وذمّ طهيّة والخشاب، فلذلك وصف ثعلبة بالفوارس، فالتقدير إذن: أحقرت ثعلبة؟ ولم يجز إضمار عدلت، لتعدّيه بالباء. وتقول فى الأمر والنهى: زيدا أكرمه، وعمرا لا تضربه، تقدّر الناصب على ما مثّلته لك، فتقدّر للأول: أكرم، وللثانى: لا تضرب. ولو رفعت فى هذه المواضع، فقلت: أزيد ضربته؟ وزيد أكرمه، وعمرو لا تضربه، جاز ذلك على ضعف، وإنما ضعف فى الاستفهام، لأن الاستفهام يطلب الفعل، ولو أنك حذفت حرف الاستفهام من قولك: أزيدا ضربته، عمل الابتداء، وضعف النصب، لزوال المقتضى له، كما يضعف الرفع إذا قلت: أزيد ضربته؟ والجملتان الأمريّة والنّهييّة يضعف الإخبار بهما، لأن الخبر حقّه أن يكون محتملا للتصديق والتكذيب (¬1) قال أبو علي: قد كنت أستبعد إجازة سيبويه الإخبار بجملتى الأمر والنهى، /حتى مرّ بى قول الشاعر: إن الذين قتلتم أمس سيّدهم … لا تحسبوا ليلهم عن ليلكم ناما (¬2) ¬

(¬1) حكى الشيخ خالد هذا الكلام عن ابن الشجرىّ، ثم قال: «قاله ابن الشجرى، ونوقش فيه». وقال الشيخ يس فى حاشيته: «وجه المناقشة أن الخبر المحتمل لما ذكر يقابل الإنشاء، أى الكلام الخبرىّ، لا خبر المبتدأ» التصريح وبحاشيته يس 1/ 298. (¬2) البيت من غير نسبة فى المغنى ص 585، والتصريح 1/ 298، والهمع 1/ 135، ونسبه البغدادى إلى أبى مكعت. الخزانة 10/ 247،250، وشرح أبيات المغنى 7/ 229. و «أبو مكعت» بضم الميم وسكون الكاف وكسر العين-بوزن محسن-شاعر من بنى أسد، قدم على رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وأنشده شعرا، وقد اختلف فى اسمه. راجع أسد الغابة 6/ 298، والتاج (كعت).

ومثله قول الآخر (¬1): ولو أصابت لقالت وهى صادقة … إنّ الرياضة لا تنصبك للشّيب ومثال إضمار الفعل بعد حرف الشرط ناصبا، قولك: إن زيدا أكرمته نفعك، تريد: إن أكرمت زيدا، ومثله قول النّمر بن تولب: لا تجزعى إن منفسا أهلكته … وإذا هلكت فعند ذلك فاجزعى (¬2) ومثال إضماره رافعا، قولك: إن زيد زارنى أحسنت إليه، ومثله فى التنزيل: {إِنِ اِمْرُؤٌ هَلَكَ} (¬3) {وَإِنِ اِمْرَأَةٌ خافَتْ} (¬4) {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اِسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ} (¬5) ولو قلت: إن زيد يزرنى أحسن إليه، فجزمت، جاز ذلك على ضعف (¬6)، وجاز فى «إن» لأنها أصل الباب، ولا يجوز هذا فى غيرها إلا فى الشعر، كما قال (¬7): ومتى واغل ينبهم يحيّو … هـ وتعطف عليه كأس السّاقى الواغل: الذى يدخل على القوم وهم على شرابهم من غير إذن. وقال آخر (¬8): ¬

(¬1) هو الجميح الأسدى، والبيت من قصيدة فى المفضليات ص 34، وانظر كتاب الشعر ص 326، والخزانة 10/ 246، وفى حواشيهما فضل تخريج. (¬2) فرغت منه فى المجلس الخامس. (¬3) سورة النساء 176. (¬4) سورة النساء 128. (¬5) سورة التوبة 6. (¬6) لأنه لا يجوز أن يفصل بين حرف الجزم وبين الفعل باسم لم يعمل فيه ذلك الفعل. راجع الإنصاف ص 616. (¬7) عدىّ بن زيد العبادىّ. ذيل ديوانه ص 156، والكتاب 3/ 113، والمقتضب 2/ 76، والأصول 2/ 232، والتبصرة ص 418، وشرح لامية العرب للزمخشرى ص 31، والإنصاف ص 617، وشرح المفصل 9/ 10، وضرائر الشعر ص 207، والهمع 2/ 59، والخزانة 3/ 46،9/ 37،39. (¬8) كعب بن جعيل، أو الحسام بن ضرار الكلبى. الكتاب 3/ 113، والمقتضب 2/ 75، والأصول 2/ 233، والإنصاف ص 618، وشرح المفصل 9/ 10، وضرائر الشعر ص 207، وشرح الشواهد الكبرى 4/ 424،571، والهمع 2/ 59، والخزانة 3/ 47،9/ 38،39،43. والصحاح (صعد). وأعاده ابن الشجرى فى المجلس الثامن والسبعين، وشرح غريبه هناك.

صعدة نابتة فى حائر … أينما الرّيح تميّلها تمل وإضمار الماضى بعد إذا الزمانيّة، كقولك: إذا زيد حضر أعطيته، ومثله فى التنزيل: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} (¬1) و {إِذَا السَّماءُ اِنْفَطَرَتْ} (¬2) وهو كثير، وارتفاعه عند سيبويه بالفعل المقدّر، وأبو الحسن الأخفش يرفع الاسم بعد «إذا» هذه بالابتداء، وهو قول ضعيف (¬3)، لاقتضاء هذا الظرف جوابا، كما يقتضيه حرف الشرط، ولأنه ينقل الماضى إلى الاستقبال، كقولك: إذا جاء زيد غدا أكرمته، كما تقول: إن جاء زيد غدا، وقد جزموا به فى الشّعر، كقوله (¬4): ترفع لى خندف والله يرفع لى … نارا إذا خمدت نيرانهم تقد وكقول الآخر (¬5): إذا قصرت أسيافنا كان وصلها … خطانا إلى أعدائنا فنضارب وإنما (¬6) لم يجزموا به فى حال السّعة، كما جزموا بمتى، لأنه خالف «إن» من حيث شرطوا (¬7) به فيما لا بدّ من كونه، كقولك: إذا جاء الصيف سافرت، وإذا ¬

(¬1) أول سورة التكوير. (¬2) أول سورة الانفطار. (¬3) راجع الإنصاف ص 620. (¬4) الفرزدق، والبيت مفرد فى ديوانه ص 216. والكتاب 3/ 62، والمقتضب 2/ 56، والأزمنة والأمكنة 1/ 241، والتبصرة ص 411، وشرح المفصل 7/ 47، وضرائر الشعر ص 298، وشرح الأشمونى 4/ 13، والخزانة 7/ 22. (¬5) قيس بن الخطيم. ديوانه ص 41، وتخريجه فى ص 50، وزد عليه: المقتضب 2/ 55، وضرائر الشعر ص 298. وفى رواية البيت ونسبته خلاف، استوفاه البغدادى فى الخزانة 7/ 26، وانظر حماسة ابن الشجرى ص 186. (¬6) حكى البغدادى كلام ابن الشجرى هذا، فى الخزانة. وأصل هذه المسألة فى الكتاب 3/ 60، والمقتضب 2/ 56. (¬7) فى هـ‍: «شرطوا أنه».

انصرم الشتاء قفلت، ولا تقول: إن جاء الصيف، ولا إن انصرم الشتاء، لأن الصيف لا بدّ من مجيئه، والشتاء لا بدّ من انصرامه، وكذا لا تقول: إن جاء شعبان، كما تقول: إذا جاء شعبان، وتقول: إن جاء زيد لقيته، فلا تقطع بمجيئه، فإن قلت: إذا جاء، قطعت بمجيئه، فلما خالفت إذا إن، فيما تقتضيه إن من الإبهام، لم يجزموا بها فى سعة الكلام. و «لو» من الحروف التى تقتضى الأجوبة، وتختصّ بالفعل، ولكنهم لم يجزموا به، لأنه لا ينقل الماضى إلى الاستقبال، كما تفعل حروف الشرط، تقول: لو زارنى زيد أمس أكرمته، وربّما جزموا به فى الضرورة، قالت امرأة من بنى الحارث بن كعب: فارسا ما غادروه ملحما … غير زمّيل ولا نكس وكل (¬1) لو يشاء طار به ذو ميعة … لاحق الآطال نهد ذو خصل غير أن البأس منه شيمة … وصروف الدّهر تجرى بالأجل واقتدى بها فى الجزم (¬2) [به] أبو الحسن الرضىّ، رضي الله عنه، فقال فى قصيدة، رثى بها أبا إسحاق إبراهيم بن هلال الصابىّ: إنّ الوفاء كما اقترحت فلو تكن … حيّا إذا ما كنت بالمزداد (¬3) قولها: «فارسا ما غادروه» نصبت «فارسا» بمضمر فسّره «غادروه»، و «ما» زيادة/والملحم: الذى أحيط به فى الملحمة، وهو الموضع الذى يلتحم فيه المحاربون. والزّمّيل: الجبان الضّعيف. ¬

(¬1) سبقت الأبيات فى المجلس الثامن والعشرين. (¬2) ليس فى هـ‍. (¬3) وهذا أيضا تقدم فى المجلس المذكور.

والنّكس من الرجال: الذى لا خير فيه، شبّهوه بالسهم الذى ينكسر فوقه، فيجعل أعلاه (¬1) أسفله. ويقال: رجل وكل ووكلة، وهو العاجز الذى يكل أمره إلى غيره. والميعة: النشاط وأول جرى الفرس. ولاحق الآطال: ضامر الخواصر، وواحد الآطال: إطل. والنّهد من الخيل: العظيم المشرف، وقد تقدم ذكر هذه الأبيات فى الأمالى الأول، وذكرت هنا لطول العهد. وأما «إذا (¬2)» المكانيّة، فهى حرف استئناف، موضوع للمفاجأة، فجملة الابتداء والخبر تقع بعده، كقولك: خرجت فإذا زيد جالس، المعنى: فهناك زيد جالس، ولما كانت اسما للمكان أخبروا بها عن الأعيان، فقالوا: خرجت فإذا أخوك جالسا، فأخوك مبتدأ، وإذا خبره، ونصبوا بها الحال، كما ينصبون الحال بالظرف، فى قولك: خلفك زيد جالسا. ومثال إضمار الفعل بعد حرف التحضيض، كقولك: هلاّ زيدا أعطيته، ولولا أخاك أكرمته، ومنه قوله: تعدّون عقر النّيب أفضل مجدكم … بنى ضوطري لولا الكميّ المقنّعا (¬3) أراد: لولا تعدّون الكمىّ، أو لولا تعقرون الكمىّ، وقد تقدّم ذكر هذا البيت. ¬

(¬1) فى الأصل وهـ‍: «أسفله أعلاه». وأثبتّه على العكس ممّا تقدّم فى المجلس الثامن والعشرين، ومثله فى اللسان (نكس). (¬2) تقدم الكلام عليها مستوفى فى المجلس الحادى والثلاثين. (¬3) تقدم فى المجلس الخامس والثلاثين.

وسبيل النفى سبيل الاستفهام، تقول: ما زيدا ضربته، وما زيدا مررت به، وما زيدا ضربت أخاه، تقدّر هاهنا من الأفعال ما قدّرته هناك، قال الشاعر (¬1): فلا ذا جلال هبنه لجلاله … ولا ذا ضياع هنّ يتركن للفقر أراد: فلا هبن ذا جلال، ونصب ذا ضياع، بيتركن، لأنه لم يشغل بالعمل فى غيره، وهذا كقولك: زيدا جعفر يضرب. وأمّا حذف الفعل فى العطف على شريطة التفسير، فيقتضى أن تكون الجملة /المبدوء (¬2) بها فعليّة، كقولك: خرج زيد وعمرا كلّمته، ومررت بجعفر وخالدا أهنته، وضربت بكرا ومحمدا أكرمته، ولا تبالى كان الفعل الأول متعدّيا أو غير متعدّ. وإنما قوى إضمار الفعل إذا بدئ بجملة الفعل، طلبا للتشاكل بين الجملتين، فأضمرت فعلا، لتكون قد عطفت جملة على جملة تشاكلها، فشاكلت بين الكلامين، ولو رفعت فقلت: أكرمت زيدا وخالد أهنته، خالفت بين الجملتين. فإن كانت الجملة المبدوء بها اسميّة، قوى الرفع، لمشاكلة الثانية للأولى، كقولك: زيد منطلق وخالد ضربته، ومثله فى التنزيل: {وَأَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ.} {وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ} (¬3) ولو نصب {الشُّعَراءُ} بتقدير: ويتّبع الغاوون الشّعراء، ¬

(¬1) هدبة بن خشرم. الكتاب 1/ 145، والتبصرة ص 332، والسّمط ص 639، وشرح المفصل 2/ 37. وفى ترجمة هدبة من الأغانى 21/ 264، والخزانة 9/ 337: فلا تتقى ذا هيبة لجلاله ولا ذا ضياع هنّ يتركن للفقر وعلى هذه الرواية لا شاهد. والبيت مع بيتين فى اللسان (قدر). (¬2) فى هـ‍: المبتدأ. (¬3) سورة الشعراء 223،224.

كان النصب ضعيفا، لتخالف الكلامين، ونقيض ذلك قوّة النصب فى قوله تعالى: {وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْناهُ تَفْصِيلاً} (¬1) وذلك لتقدّم جمل فعليّة، فى قوله عز وجل: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ} فلو رفع قارئ ممّن يؤخذ بقراءته فقال: {وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْناهُ} ساغ الرفع فى العربيّة على ضعف. وفى قوله تعالى: {فَرِيقاً هَدى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ} (¬2) قولان: أحدهما أن تنصب {فَرِيقاً} الأول، على أنه مفعول قدّم على ناصبه، لأن {هَدى} لم يشغل عنه بالعمل فى غيره، وتنصب {فَرِيقاً} الثانى بإضمار فعل، فى معنى قوله: {حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ} تقديره: وأضلّ فريقا، فعلى هذا القول يكون الوقف على قوله: {كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ} (¬3) والقول الثانى: أن تنصب فريقا وفريقا، على الحال من المضمر فى {تَعُودُونَ} أى تعودون فريقا مهديّا وفريقا مضلاّ، فعلى هذا القول لا يجوز الوقف على {تَعُودُونَ} لتعلق الحال بما قبلها، ويقوّى هذا القول قراءة (¬4) أبىّ بن كعب: «تعودون فريقين فريقا هدى وفريقا حقّ عليهم الضّلالة». /وقوله جلّ وعلا: {يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً} (¬5) انتصاب (¬6) {الظّالِمِينَ} فيه بتقدير حذف «يعذّب» لأن قوله: {أَعَدَّ لَهُمْ} ¬

(¬1) سورة الإسراء 12. (¬2) سورة الأعراف 30، وهذان القولان اللذان ذكرهما ابن الشجرى فى توجيه النصب، أوردهما مكى فى مشكل إعراب القرآن 1/ 311، وكأن ابن الشجرى ينقل عنه، أو كأن الاثنين ينقلان عن مصدر واحد. وأغار أبو البركات الأنبارى على ما ذكره الرجلان، دون عزو، كما هو شأنه فى كتابه البيان 1/ 359، وأصل الكلام كله عند الفراء فى معانى القرآن 1/ 376، وأيضا 240، وانظر الكتاب 1/ 89. (¬3) سورة الأعراف 29. (¬4) راجع معانى القرآن، الموضع السابق. وإيضاح الوقف والابتداء ص 653. (¬5) آخر سورة الإنسان. (¬6) هذا الذى ذكره ابن الشجرى كلّه عند مكى فى مشكل إعراب القرآن 2/ 443، مع تغيير يسير فى بعض العبارات. والعجب من ابن الشجرى يحمل على مكى ثم يستاق كلامه-

{عَذاباً} يفسّره، من حيث كان إعداد العذاب يؤول إلى التعذيب، ولا يجوز إضمار «أعدّ» لما قدمته لك فى غير موضع، من أن الفعل إذا تعدّى بالخافض، لا يصحّ إضماره. وفى مصحف ابن مسعود: «وللظّالمين أعدّ لهم» بلام الجر فى {الظّالِمِينَ} على تقدير: وأعدّ للظالمين أعدّ لهم، ويجوز فى العربية (¬1) رفع {الظّالِمِينَ} بالابتداء، والجملة التى هى {أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً} خبره. وروى عن الأصمعىّ أنه سمع من يقرأ بذلك، وليس بمعمول به فى القرآن، لأنه مخالف لخطّ المصحف، وللقراءة المجمع عليها. وأجاز الفرّاء (¬2) أن يكون الرفع فيه بمنزلة الرفع فى قوله: (¬3) {وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ} وليس بمثل له، لأنّ قبل قوله: {وَالشُّعَراءُ} جملة من مبتدأ وخبر، وقبل {الظّالِمِينَ} جملة فعلية، فالرفع فى {الشُّعَراءُ} هو الوجه، على ما ذكرته لك، والقرّاء مجمعون على الرفع فيه، والنصب فى {الظّالِمِينَ} هو الوجه. ... ¬

= انظر ما تقدم عن (مصادر ابن الشجرى) ص 149 من الدراسة. وتقدير «يعذّب» ناصبا للظالمين، عزاه ابن الجوزى فى زاد المسير 8/ 442، إلى الزجاج، وهو كذلك فى كتابه معانى القرآن وإعرابه 5/ 336. (¬1) وقرئ به فى الشواذّ، قرأ به عبد الله بن الزبير، وأبان بن عثمان. المحتسب 2/ 344، وردّه أبو إسحاق الزجاج، بمخالفته للمصحف، كما ذكر ابن الشجرى؛ ولأن البصريين يختارون فى مثل هذا النصب. قال: «فلا يختارون للقرآن إلاّ أجود الوجوه» راجع الموضع المذكور من كتابه. (¬2) معانى القرآن 3/ 220. (¬3) سورة الشعراء 224.

المجلس الحادى والأربعون يتضمن ما بقى من ذكر النصب على شريطة التفسير فى العطف

المجلس الحادى والأربعون يتضمّن ما بقى من ذكر النصب على شريطة التفسير فى العطف ، وما يلى ذلك من الضّروب اختلف القرّاء فى رفع {الْقَمَرَ} ونصبه، من قوله تعالى: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ} (¬1) فرفعه (¬2) ابن كثير ونافع وأبو عمرو، فوجه الرفع أن قبله جملة من مبتدأ وخبر، وهى قوله: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي} (¬3) ووجه النّصب عند أبى على: أنه تقدّمه فعل وفاعل، فالفعل {تَجْرِي} وفاعله الضمير المستكنّ فيه، ولمّا جرى ذكر فعل، حسن إضمار الفعل، قال أبو على: من نصب، فقد حمله سيبويه (¬4) على: زيدا ضربته، قال: /وهو عربىّ، يعنى أنه قد يجوز إضمار الفعل، وإن لم يتقدّم ذكر فعل، فكأن سيبويه لم يعتدّ بذكر {تَجْرِي} فنصب بعد ذكر الجملة المبتدئية، كما تقول مبتدئا: زيدا ضربته، فتنصبه وإن لم يتقدّمه فعل. قال أبو علىّ: ويجوز فى نصبه وجه آخر، وهو أن تحمله على الفعل الذى هو خبر المبتدأ، على ما أجازه سيبويه، من قولك: زيد ضربته وعمرا أكرمته، وهو أن تحمله مرّة على الابتداء، ومرّة على الخبر الذى هو جملة من فعل وفاعل، وهو {تَجْرِي} من قوله: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها} {وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ} انتهى كلام أبى على. ¬

(¬1) سورة يس 39. (¬2) السبعة ص 540، والكشف 2/ 216، والمشكل 2/ 226، والإتحاف 2/ 400. (¬3) سورة يس 38. (¬4) راجع الكتاب 1/ 88 - 92، ولم يتل سيبويه آيتى سورة يس.

وأقول: إن الرّفع فى هذا الحرف أقوى، لأمرين: أحدهما: تقدّم المبتدأ الذى هو {الشَّمْسُ} على الخبر الذى هو {تَجْرِي} (¬1) فمراعاة الاسم الذى الفعل فى ضمنه أولى، ألا ترى أنّ سيبويه (¬2) لم يعتدّ بالفعل الذى هو {تَجْرِي} وحمل نصب {الْقَمَرَ} على قولك: زيدا ضربته. والثانى: أن «قدّر» يتعدّى إلى مفعول واحد، وقد تعدّى هاهنا إلى مفعولين، الهاء والمنازل، وإنما تعدّى إلى الهاء بتقدير حرف الخفض، أى قدّرنا له منازل (¬3)، هذا هو المعنى، ألا ترى أنك تقول: قدّرت لزيد دينارا، ولا تقول: قدّرت زيدا دينارا، وإذا كان حق «قدّر» أن يتعدّى بالجار، وكان إضماره مخالفا للقياس، كما أن (¬4) [إضمار] «مررت» فى قولك: خرج زيد وعمرا مررت به، لا يجوز، وموجب نصب {الْقَمَرَ} عندى ذكر المصدر، الذى هو التقدير فى قوله: {ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} ألا ترى أن المصدر إذا وقع هذا الموضع، فإنه فى تقدير التحليل إلى أن والفعل، كقوله: {وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النّاسَ} (¬5) أى: ولولا أن دفع الله الناس، فكأنه قيل: ذلك أن قدّره العزيز العليم، أى قدّر جريان الشمس لمستقرّ لها، أى إلى مستقرّ لها، ومعنى اللام هاهنا معنى «إلى» كما قال تعالى: {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها} (¬6) أى: إليها، والإشارة بقوله: {ذلِكَ} إلى الجريان الذى/ دلّ عليه {تَجْرِي} وجّهت الإشارة إلى المصدر، الذى دلّ عليه فعله، كما عاد الضمير إلى الشكر، لدلالة فعله عليه، فى قوله تعالى: {وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} (¬7). ¬

(¬1) راجع التصريح 1/ 304. (¬2) قدّمت أن سيبويه لم يتل آيتى يس. (¬3) فى نصب مَنازِلَ وجهان آخران، ذكرتهما فى حواشى المجلس الثامن والعشرين. (¬4) ليس فى هـ‍. وتقدم تعليل ذلك فى المجلس السابق. (¬5) سورة البقرة 251، والحج 40. (¬6) سورة الزلزلة 5. (¬7) سورة الزمر 7.

وإذا عرفت هذا، فالناصب للقمر فعل مقدّر، معطوف على الفعل الذى انسبك منه ومن «أن» المصدر الذى هو التقدير، فالقمر داخل بالعطف فى صلة التقدير، فكأنه قال: ذلك أن قدّره العزيز العليم، وقدّر القمر، أى قدّر جريان القمر، ثم استأنف الجملة التى بعده، فقال: قدّرناه منازل، أى قدّرنا له منازل، وحذفت اللام هاهنا كما حذفت من قوله: {وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً} (¬1) أى: ويبغون لها عوجا، فعلى هذا التقدير الذى قدّرته، لا يكون {قَدَّرْناهُ} مفسّرا لناصب القمر، بل يكون جملة مستأنفة، فى استئنافها التخلّص من كون الفعل المفسّر متعدّيا بالجارّ، فتأمّل ما قرّرته فى هذا الفصل فهو ممّا خطر لى. ومن هذا الضّرب قوله تعالى: {وَقَوْمَ نُوحٍ لَمّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْناهُمْ} (¬2) حسن النصب هاهنا بإضمار {أَغْرَقْنا»} لتقدّم قوله: {اِذْهَبا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَدَمَّرْناهُمْ} ثم جاء بعدها: {وَعاداً وَثَمُودَ وَأَصْحابَ الرَّسِّ وَقُرُوناً بَيْنَ ذلِكَ} فأضمر (¬3) ناصب غير «أغرقنا»، وتقديره: وأهلكنا عادا، ثم جاء: {وَكُلاًّ ضَرَبْنا لَهُ الْأَمْثالَ} فأضمر فعل ثالث، فالتقدير: ووعظنا كلاّ، لأنّ ضرب الأمثال وعظ، ثم جاء: {وَكُلاًّ تَبَّرْنا} فلم يضمر ناصب لكلّ، لأن {تَبَّرْنا} لم يشتغل عن العمل فيه. وقد ورد فى التنزيل حرف منصوب، نصبه فى الظاهر خارج عن القياس، لأنه لا داعى إلى النصب فيه ظاهرا، والقراء مجتمعون على النصب فيه، وهو {كُلَّ} فى قوله تعالى: {إِنّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ} (¬4) أجمع البصريون على أنّ - ¬

(¬1) سورة إبراهيم 3. (¬2) سورة الفرقان 36 - 39. (¬3) راجع المشكل 2/ 132، والبيان 2/ 204. (¬4) سورة القمر 49، وقرأ أبو السّمّال وحده كُلَّ بالرفع. راجع المحتسب 2/ 300، وتفسير القرطبى 17/ 147، والبحر 8/ 183.

رفعه أجود (¬1)، لأنه لم يتقدّمه ما يقتضى إضمار ناصب، وقال الكوفيون: نصبه أجود، لأنه قد تقدّمه عامل ناصب، وهو «إنّ» فاقتضى ذلك/إضمار «خلقنا» وقوله: {خَلَقْناهُ} مفسّر للضمير (¬2). ووجدت بعض معربى (¬3) القرآن مسدّدا ومقويّا لمذهب الكوفيّين، لأن ما ذهبوا إليه يقتضى العموم فى المخلوقات، أنها كلّها لله، من حيث كان التقدير: إنا خلقنا كلّ شيء بقدر، فقوله: {بِقَدَرٍ} متعلّق بخلقنا، ولو رفع {كُلَّ} لكان {خَلَقْناهُ} صفة لشيء، وتعلّق قوله: {بِقَدَرٍ} بمحذوف، لكونه خبرا للمبتدإ، فالتقدير: كلّ شيء مخلوق لنا بقدر، وهذا يقتضى الخصوص فى المخلوقات، وإذا كان {خَلَقْناهُ} مفسّرا للناصب، الذى هو «خلقنا» لم يجز أن يكون وصفا لشيء، لأن الصّفة لا تكون مفسّرة لما قبل الموصوف، فحكمها فى ذلك حكم الصّلة. وذكر بعض النحويين وجها آخر فى نصب {كُلَّ}، وهو أن يكون منصوبا بخلقناه، على أن تكون الهاء ضمير المصدر، الذى دلّ عليه {خَلَقْناهُ} كما كانت الهاء فى قول الشاعر: هذا سراقة للقرآن يدرسه … والمرء عند الرّشا إن يلقها ذيب (¬4) ¬

= و «أبو السّمّال» -بفتح السين وتشديد الميم-واسمه قعنب بن أبى قعنب العدوىّ البصرى. قال عنه ابن الجزرىّ: «له اختيار فى القراءة شاذّ عن العامّة». طبقات القراء 2/ 27. (¬1) راجع الكتاب 1/ 148، والتصريح 1/ 303، والموضع السابق من المحتسب. (¬2) يعنى المضمر. (¬3) ممّن نصر مذهب الكوفيين مكّىّ، فى مشكل إعراب القرآن 2/ 340،341، وانظر مع المراجع السابقة: البيان 2/ 407، والمغنى ص 597، وشرح الأشمونى 2/ 80. (¬4) الكتاب 3/ 67، والنكت فى تفسيره ص 732، واستشهد به سيبويه على التقديم والتأخير. فأصله عنده «والمرء ذيب إن يلق الرّشا»، وانظر الحجة لأبى على 2/ 241،375، والأصول 2/ 193 ورسالة الغفران ص 153، والمقرب 1/ 115، والهمع 2/ 33، والخزانة 2/ 3، وفهارسها 12/ 101، وشرح أبيات المغنى 4/ 315، وشرح شواهده ص 587، واللسان (سرق).

ضمير المصدر الذى هو الدرس (¬1)، فالتقدير: للقرآن يدرس درسا، وكذلك التقدير: إنا كلّ شيء خلقناه خلقا، وهذا القول وإن كان يصح به النصب فى {كُلَّ} فإنه مقتض للعموم فى المخلوقات أنها كلّها لله جلّت عظمته، لأن قوله: {بِقَدَرٍ} يتعلّق فى هذا الوجه بخلقنا. ¬

= والرّشا، بضم الراء وكسرها: جمع رشوة، مثلثة الراء. وسراقة: رجل من القراء، هجاه الشاعر ووصفه بالرياء وقبول الرشوة والحرص عليها حرص الذئب على فريسته. والبيت أنشده ابن هشام فى المغنى ص 218 بهذه الرواية: هذا سراقة للقرآن يدرسه يقطّع الليل تسبيحا وقرآنا هكذا رأيته فى المغنى بطبعتيه: طبعة الشيخ محمد محيى الدين عبد الحميد التى أحلت عليها، وطبعة دار الفكر ببيروت (ص 240)، وكذلك جاءت الرواية فى المغنى بحاشية الدسوقى 1/ 313 - طبعة بولاق 1286 هـ‍، وبحاشية الأمير 1/ 182، ولم يتعرض له الدسوقى، وقال الأمير: «الذى فى الحماسة: والمرء عند الرشا إن يلقها ذيب» قلت: لم أجده فى الحماسات التى أعرفها: حماسة أبى تمام والبحترى وابن الشجرى، والبصرية. وهذا العجز الذى جاء فى المغنى: يقطع الليل تسبيحا وقرآنا يأتى مع صدر آخر، هو: ضحّوا بأشمط عنوان السجود به وينسب لحسّان بن ثابت، رضى الله عنه، ولغيره. على ما فى الخزانة 9/ 418، وديوانه 96. والذى أميل إليه-وهو الصواب إن شاء الله-أن ابن هشام لم ينشد إلاّ صدر البيت: هذا سراقة للقرآن يدرسه أما: «يقطع الليل تسبيحا وقرآنا» فهو من الزيادات عليه. والذى يؤكد هذا أن السيوطىّ والبغدادى فى شرحهما على شواهد المغنى، لم يذكرا عنه سوى: هذا سراقة للقرآن يدرسه ثم قالا عقب إنشاد هذا الصدر: تمامه: والمرء عند الرشا إن يلقها ذيب وهذا كاف فى تصحيح الرواية. والحمد لله على ما وفّق وأعان. ولعلّى أقف على مخطوطة قديمة للمغنى تكون فيصلا وحكما. (¬1) هذا تقدير أبى على الفارسى. وإنما لم يجز عود الضمير للقرآن، لئلاّ يلزم تعدّى العامل إلى الضمير وظاهره معا.

وخطر لى فى نصب {كُلَّ} وجه مخالف للوجهين المذكورين، وهو أن يكون قوله: {كُلَّ شَيْءٍ} نصبا على البدل من اسم إنّ، وهو بدل الاشتمال، لأن الله سبحانه محيط بمخلوقاته، فيكون التقدير: إنّ كلّ شيء خلقناه بقدر، فيكون قوله: {خَلَقْناهُ} صفة لشيء، وقوله: {بِقَدَرٍ} متعلّقا بمحذوف، لأنه خبر إنّ. فإن عورض هذا القول بأنّ ضمير المتكلّم وضمير المخاطب لا يبدل منهما، لأن البدل إنما/يراد به تخصيص المبدل منه، وضمير المتكلّم والمخاطب فى غاية التعريف، فلا حاجة بهما إلى التخصيص. فالجواب عن هذه المعارضة، بأن الإبدال من ضمير المتكلّم وضمير المخاطب لا يسوغ إذا كان البدل هو المبدل منه، وذلك بدل الشىء من الشىء، وهو هو، ويسمّونه بدل الكلّ، وأمّا بدل الاشتمال وبدل البعض، فيسوغان فى ضمائر المتكلّمين والمخاطبين، لأن بدل الاشتمال وبدل البعض لا يخصّصان المبدل منه، لأنهما ليسا إياه، ألا تراك إذا قلت: إنك كلامك يثقل عليّ، فنصبت «كلامك» لأنك أبدلته من الكاف، كان حسنا، فالتقدير: إن كلامك يثقل علي، وكذلك لو قلت: إنى لأبغضك كلامك، كان مستقيما، وكذلك بدل البعض، كقولك: إنى أحبّك وجهك، تريد أحبّ وجهك، وكذلك إذا قلت: زيد يحبّنى علمى، أردت: يحبّ علمى، فكلام مستقيم. وقد جاء فى التنزيل إبدال البعض من ضمير المخاطبين المجرور، وأعيد فى البدل حرف الجر، فى قوله تعالى: {لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ} (¬1) فقوله: {لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ} بدل (¬2) من قوله: {لَكُمْ} ¬

(¬1) سورة الأحزاب 21. (¬2) هذا رأى الكوفيين والأخفش، وعليه الزمخشرىّ، ولا يجيزه البصريّون؛ لأن الغائب لا يبدل من المخاطب، وعندهم أن اللام فى لِمَنْ متعلّقة بحسنة. الكشاف 3/ 256، وتفسير القرطبى 14/ 156، والبحر 7/ 222. وانظر البيان 2/ 267، والتبيان ص 1054.

وأعيدت اللام فى البدل، كما أعيدت فى قوله تعالى: {قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اِسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اُسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ} (¬1) وكذلك أعيدت فى قوله: {لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ} (¬2) فقوله: {لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ} بدل البعض، وقوله: {لِبُيُوتِهِمْ} بدل الاشتمال. فإن قيل: إنّ بدل الاشتمال حقّه أن يكون الأول مشتملا على الثانى، كقوله تعالى: {يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ} (¬3) فالشهر مشتمل على القتال، وقوله: {لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ} بعكس ذلك، لأن البيوت تشتمل عليهم. قيل: إن المراد هاهنا اشتمال الملكيّة، ومثل ذلك: سرق زيد ثوبه. ¬

(¬1) سورة الأعراف 75. (¬2) سورة الزخرف 33. (¬3) سورة البقرة 217.

فصل

فصل / قد مضى إضمار الفعل على شريطة التفسير، ويليه إضماره مع «إن» وذلك فى قولهم (¬1): «الناس مجزيّون بأعمالهم، إن خيرا فخير وإن شرّا فشرّ» التقدير: إن كان عملهم (¬2) [خيرا فجزاؤهم خير، وإن كان عملهم] شرّا فجزاؤهم شرّ، ومثله فى إضمار «كان» قول ليلى الأخيلية: لا تقربنّ الدّهر آل مطرّف … إن ظالما فيهم وإن مظلوما (¬3) أى إن كنت ظالما وإن كنت مظلوما، ومثله قول النعمان بن المنذر، للربيع ابن زياد العبسىّ، من أبيات فى قصّة جرت له مع نفر من بنى عامر بن صعصعة: ¬

(¬1) هكذا تأتى عبارة ابن الشجرى «قولهم»، وكذلك صنع سائر النحاة، وعبارة سيبويه: «قولك»، ولم يصرّح بإسناده إلى النبى صلّى الله عليه وسلم إلاّ ابن مالك، وذلك قوله: «فمن النثر قول النبىّ صلّى الله عليه وسلم «المرء مجزىّ بعمله إن خيرا فخير، وإن شرّا فشر» شواهد التوضيح ص 71، وقال محققه رحمه الله: «لم أقف على هذا الحديث» وقال فى شرح الكافية الشافية ص 418: «وفى الحديث» ثم ذكره. . . وقال القليوبى فيما حكاه الصبان عن شيخه: «المرء مجزى بعمله، ليس حديثا وإن صحّ معناه» حاشية الصبان على الأشمونى 1/ 242. وقال شمس الدين السحاوى، فى المقاصد ص 173: «ووقع فى كتب النحاة، كشروح الألفية وتوضيحها» الناس مجزيون بأعمالهم، إن خيرا فخير، وإن شرّا فشر»، ذكره فى أثناء الكلام على «الجزاء من جنس العمل» وبيّض لمخرّجه، وحكاه العجلونى فى كشف الخفاء 1/ 332، وقد تكلم عليه كلاما طيبا الدكتور محمود فجال فى كتابه: السّير الحثيث إلى الاستشهاد بالحديث ص 282، وراجع: موقف النحاة من الاحتجاج بالحديث الشريف ص 72، والحديث النبوىّ الشريف وأثره فى الدراسات اللغوية والنحوية ص 347. ثم انظر من كتب النحاة: الكتاب 1/ 258، وأيضا 3/ 113،149، والأصول 2/ 248، والشعر ص 57، والعضديات ص 149، والخصائص 2/ 63، والمساعد 1/ 272، وشرح المفصل 2/ 97 والإيضاح فى شرح المفصل 1/ 380، والكافية ص 113 وأوضح المسالك 1/ 261، والتصريح 1/ 193، والهمع 1/ 121. (¬2) سقط من هـ‍. (¬3) الكتاب 1/ 261، وأمالى القالى 1/ 248، وشرح الحماسة ص 1609، والجمل المنسوب للخليل ص 111، وشرح الشواهد الكبرى 2/ 47، والتصريح 1/ 193، والهمع 1/ 121. والبيت ينسب لحميد بن ثور. ديوانه ص 130، برواية: لا ظالما أبدا ولا مظلوما -

قد قيل ذلك إن حقّا وإن كذبا … فما اعتذارك من شيء إذا قيلا (¬1) أى إن كان حقّا وإن كان كذبا، وتقول: افعل هذا وإلا هجرتك (¬2) [تريد: وإلا تفعله هجرتك] فتحذف جملة الشرط، وجاء فى شعر للأحوص بن محمد الأنصارى (¬3): سلام الله يا مطر عليها … وليس عليك يا مطر السّلام فإن يكن النكاح أحلّ أنثى … فإنّ نكاحها مطر حرام فطلّقها فلست لها بكفء … وإلاّ يعل مفرقك الحسام أراد: وإن لا تطلّقها يعل، وسيبويه (¬4) يروى: «يا مطر» بالرفع والتنوين، يشبّهه بالمرفوع الذى لا ينصرف، فينوّنه على لفظه اضطرارا كقولك فى الشعر: هذا أحمد يا فتى، وأبو عمرو بن العلاء ومن أخذ أخذه، يردّون المنادى إلى الأصل، فينصبون وينوّنون. ومثل بيت الأحوص، فى حذف جملة الشرط قول الآخر: أقيموا بنى النّعمان عنّا صدوركم … وإلاّ تقيموا صاغرين الرّءوسا (¬5) التقدير: وإن لا تقيموا صدوركم تقيموا الرءوس. ¬

= وهى الرواية الجيدة، فيما يرى أبو عبيد البكرى. انظر السّمط ص 561. والشاهد أعاده ابن الشجرى فى المجلس الثامن والسبعين، منسوبا لليلى الأخيلية. (¬1) الكتاب 1/ 260، والفاخر ص 172، والأغانى 15/ 366،17/ 187، وشرح المفصل 2/ 97،8/ 101، وغير ذلك كثير، تراه فى حواشى كتاب الشعر ص 57، وأعاده ابن الشجرى فى المجلس الثامن والسبعين. (¬2) سقط من هـ‍. (¬3) ديوانه ص 190، وتخريجه فى ص 319، وزد عليه ما فى كتاب الشعر ص 61، وضرورة الشعر ص 42، والجمل المنسوب للخليل ص 53. (¬4) الكتاب 2/ 202، وانظر المقتضب 4/ 214، والخزانة 2/ 150. (¬5) فرغت منه فى المجلس الخامس والثلاثين.

/والضّرب الثالث من حذف الفعل، حذفه للدلالة عليه، كقولك إذا كنت محذّرا: الأسد الأسد، وكذلك: الطريق الطريق، تريد: خلّ الطريق، وقد أظهر الشاعر هذا الفعل، فى قوله (¬1): خلّ الطّريق لمن يبنى المنار به … وابرز ببرزة حيث اضطرّك القدر ومثله: النّجاء النّجاء، تريد: انج النّجاء، ولا بدّ من تكرير المنصوب إذا حذفت الفعل، فإن أظهرته لم تكرّره، ولكن تقول: انج النّجاء، وخلّ الطريق، واحذر الأسد، وقد يقوم العطف مقام التكرير، كقولهم: «أهلك واللّيل»، فهذا تقديره فى الإعراب: بادر أهلك (¬2) وبادر اللّيل، وتقديره فى المعنى: بادر أهلك قبل الليل، ومثله: رأسه والجدار، تقديره فى الإعراب: انطح رأسه والجدار، وفى المعنى: انطح رأسه بالجدار، ومثله فى العطف: {ناقَةَ اللهِ وَسُقْياها} (¬3) أى احذروا ناقة الله وسقياها، وفيه تقدير حذف مضافين، أى احذروا عقر ناقة الله، وقطع سقياها، ومنه قول الحطيئة (¬4): فإيّاكم وحيّة بطن واد … هموز النّاب ليس لكم بسيّ قدّره النحويّون: إيّاكم احذروا، كأنه حذّرهم أنفسهم مع الحيّة الذى (¬5) وصفه، أى احذروا تسويل أنفسكم عداوة حيّة، من صفته كذا وكذا. ¬

(¬1) جرير. ديوانه ص 211، وتخريجه فى ص 1068، وزد عليه: التصريح 2/ 195، وشرح الأشمونى 3/ 191، و «برزة» هنا: اسم أمّ عمر بن لجأ التيمى. راجع اللسان (برز). (¬2) المنصف 1/ 131 - وتكلم عليه ابن جنى كلاما عاليا-والفصول الخمسون ص 195. (¬3) سورة الشمس 13. (¬4) ديوانه ص 38، والخصائص 3/ 220، والمنصف 2/ 2، وشرح الحماسة للمرزوقى ص 417 وشرح المفصل 2/ 85، والخزانة 5/ 86، واللسان (سوا). ويأتى هذا البيت أيضا شاهدا على جرّ «هموز» على الجوار لقوله «واد» وإلاّ فحقّه النصب؛ لأنه صفة لحيّة. (¬5) الحية تذكر وتؤنث. قال الأخطل: إن الفرزدق قد شالت نعامته وعضّه حيّة من قومه ذكر -

والهمز: الكدم والعضّ، والسّيّ: المثل. ومن هذا الضّرب قولهم فى الدعاء: سقيا لك ورعيا، يريدون: سقاك الله سقيا، ورعاك الله رعيا، وقولهم: لك، يسمّيه النحويون تبيينا، فهو فى تقدير الانقطاع، والتعلّق بمحذوف، أى هذا لك. ومن المنصوب فى الدّعاء بفعل محذوف، ما حكى عن الحجّاج (¬1)، أنه قال فى خطبته: «امرأ اتّقى الله، امرأ حاسب نفسه، امرأ أخذ بعنان قلبه فعلم ما يراد به» أراد: رحم الله امرأ، فإن قلت: امرؤ، فهو على تقدير: ليتق (¬2) الله امرؤ. ومن هذا الباب، أعنى/باب الدعاء، قولهم للقادم: خير (¬3) مقدم، يضمرون: قدمت، ويجوز: خير مقدم، أى مقدمك خير مقدم. وممّا جاء فيه الحذف قولهم: وراءك (¬4) أوسع لك، وحسبك خيرا لك، ¬

= قال الجوهرىّ: «والحية تكون للذكر والأنثى، وإنما دخلته الهاء لأنه واحد من جنس، كبطة ودجاجة، على أنه قد روى عن العرب: رأيت حيّا على حيّة، أى ذكرا على أنثى». الصحاح (حيا) والمذكر والمؤنث لأبى بكر بن الأنبارى ص 439، ولابن التّسترى ص 66،73. (¬1) البيان والتبيين 2/ 173، وعيون الأخبار 2/ 251، والعقد الفريد 4/ 117، وشرح نهج البلاغة 2/ 102، والرواية فى الأولين بالنصب «امرأ»، وفى الأخيرين بالرفع «امرؤ». (¬2) يأتى هذا عند النحاة شاهدا مرسلا من كلام العرب، وهو «اتقى الله امرؤ وفعل خيرا يثب عليه». ويروى «فعل خيرا» بطرح الواو. وهو شاهد على مجىء الطلب أو الأمر فى صورة الخبر. انظره فى الكتاب 3/ 100،504، والأصول 2/ 163، والمسائل العسكرية ص 127، وشرح المفصل 7/ 49، والمقرب 1/ 273، والمغنى ص 400، والتصريح 2/ 243، والهمع 2/ 14، وشرح الأشمونى 3/ 311. وانظر نتائج الفكر ص 146. وما سبق فى المجلس الثالث والثلاثين. وذكر الزمخشرى أنهم وضعوا الخبر موضع الإنشاء لقوّة الداعى إلى حصول الأمر، فكأنما حصل ونجز، فهو يخبر عنه. المحاجاة بالمسائل النحوية ص 145 (المسألة 33). (¬3) الكتاب 1/ 270، والأصول 2/ 248، والفصول الخمسون ص 196. (¬4) سبق فى المجلس الخامس والعشرين، وزد فى تخريجه: التبصرة ص 264، ومجمع الأمثال 2/ 370، والفصول الخمسون ص 195، وشرح المفصل 2/ 28.

التقدير: ارجع وراءك وائت مكانا أوسع لك، فحذفوا الفعلين والموصوف الذى هو المكان، وكذلك حسبك خيرا لك، معناه: اكتف ائت أمرا خيرا لك، وأمّا قوله تعالى: {وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ اِنْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ} (¬1) ففيه ثلاثة أقوال: أحدها: أن التقدير: يكن خيرا، وهذا قول الكسائى (¬2)، ومن مذهب سيبويه أنّ «كان» لا يجوز إضمارها إلا مع «إن» فيما قدّمته من قولهم: «الناس مجزيّون بأعمالهم، إن خيرا فخير وإن شرّا فشرّ». والثانى: أن {خَيْراً} صفة مصدر محذوف، تقديره: انتهوا انتهاء خيرا لكم، وهو قول (¬3) الفرّاء، وهذا القول ليس فيه زيادة فائدة على ما دلّ عليه {اِنْتَهَوْا} لأن انتهوا يدلّ على الانتهاء بلفظه، فيفيد ما يفيده الانتهاء (¬4). والثالث: قول سيبويه (¬5)، وهو أن التقدير: ائتوا خيرا لكم، وفى هذا التقدير فائدة عظيمة، لأنه نهاهم بقوله: {اِنْتَهَوْا} عن التثليث، وأمرهم بقوله: ائتوا خيرا لكم، بالدخول فى التوحيد، فكأنه قال: انتهوا عن قولكم: آلهتنا ثلاثة، وأتوا خيرا ¬

(¬1) سورة النساء 171. (¬2) وهو قول أبى عبيدة أيضا. وتراه فى مجاز القرآن 1/ 143، وانظر إعراب القرآن للنحاس 1/ 475، وتفسير الطبرى 9/ 413 - 415، ومشكل إعراب القرآن 1/ 214، والبحر 3/ 400. (¬3) معانى القرآن 1/ 295، ولم يقله الفراء صراحة، وقد أول محقق المعانى-رحمه الله رحمة واسعة كلام الفراء، تأويلا ينتهى إلى ما ذكره الناقلون عنه. وانظر تعقّب الزجاج الفراء، فى معانى القرآن وإعرابه 2/ 134. ويبقى شيء. وهو أن الفراء إنما ذكر هذا الإعراب فى الآية السابقة، وهى قوله تعالى: فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ. ولهذا قال الزجاج: «قال الفراء: انتصب هذا وقوله خَيْراً لَكُمْ لأنه متصل بالأمر. . .» فقوله «هذا» إشارة إلى ما فى الآية (70) والذى بعده من الآية (171) التى أدار عليها الكلام ابن الشجرى. (¬4) تعقّب الأخفش الصغير علىّ بن سليمان قول الفراء بمثل ما ذكره ابن الشجرى، قال: هذا خطأ فاحش؛ لأنه يكون المعنى: انتهوا الانتهاء الذى هو خير لكم». إعراب القرآن للنحاس 1/ 476، وتفسير القرطبى 6/ 25. (¬5) راجع الكتاب 1/ 282.

لكم، فقولوا: إنما الله إله واحد، فقد أخرجهم بهذا التقدير عن أمر فظيع، وأدخلهم فى أمر حسن جميل، ومنه ما أنشده أبو علي، فى كتابه الذى وسمه بالإيضاح (¬1): تروّحي أجدر أن تقيلى … غدا بجنبى بارد ظليل وفيه على ما ذهب إليه، ولم يذكره فى الإيضاح، خمسة (¬2) حذوف، لأنه قدّر ائتى مكانا أجدر بأن تقيلى فيه، فحذف الفعل، وحذف المفعول الموصوف الذى /هو مكانا، وحذف الباء التى يتعدّى بها أجدر، وحذف الجارّ من فيه، فصار: تقيليه، فحذف العائد إلى الموصوف، كما حذف فى قوله سبحانه: {وَاِتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً} (¬3) أى لا تجزى فيه، وقال الخليل وسيبويه فى قول عمر ابن أبى ربيعة (¬4): فواعديه سرحتى مالك … أو الرّبا بينهما أسهلا إن التقدير: ائتى مكانا سهلا، وضع أسهل، مكان سهل، كما وضع أفعل ¬

(¬1) صفحة 184، وأنشده أيضا فى البصريات ص 904، وانظر المقتصد شرح الإيضاح 1/ 649، وإيضاح شواهد الإيضاح ص 225، والشطران نسبهما القيسىّ لأبى النجم العجلى، وليسا فى ديوانه المطبوع، ونسبهما العينى فى شرح شواهد الكبرى 4/ 36 لأحيحة بن الجلاح، وهما فى ديوانه ص 81، والتخريج فيه، وفى إيضاح شواهد الإيضاح. (¬2) هذا من كلام ابن جنى فى المحتسب 1/ 212، وذكره القيسىّ من غير عزو. (¬3) سورة البقرة 48،123، وراجع المجلس الأول. (¬4) ديوانه ص 349، برواية: وواعديه سدرتى مالك أو ذا الذى بينهما أسهلا والبيت بروايتنا فى الكتاب 1/ 283، والمحتسب 1/ 143، وتفسير الطبرى 9/ 415، والقرطبى 6/ 25، والخزانة 2/ 120، وأشار البغدادى إلى رواية للبيت أوردها صاحب الأغانى يفوت معها الاستشهاد. وهى: سلمى عديه سرحتى مالك أو الرّبا دونهما منزلا قال البغدادى: «ومنزلا إمّا بدل من الرّبا أو حال منه، وسلمى: منادى».

موضع فعيل، فى قوله تعالى: {وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} (¬1) أى هيّن. وما يحذف لدلالة الحال عليه، الفعل (¬2) [من قولك] إذا رأيت رجلا متوجّها وجهة الحجّ، عليه آثاره: مكة والله، أى يريد مكة، وكذلك قولك إذا سمعت صوت السهم، بعد أن رأيت الرامى يسدّده: القرطاس والله، أى أصاب القرطاس، وكذلك إذا رأيت رجلا فى حال ضرب أو إعطاء، قلت: زيدا، أى اضرب زيدا، أو أعط زيدا. ومنه النصب على إضمار «أعنى» للمدح، أو للذّمّ، فمن المدح قولك: جاءنى زيد الفاضل الكريم، تريد أعنى الفاضل الكريم، والذّم قولك: مررت بعمرو الخبيث اللئيم، فمن الذّم قراءة عاصم: {حَمّالَةَ الْحَطَبِ} (¬3) يريد أعنى أو أذمّ حمّالة الحطب. قال أبو عليّ: فكأنها كانت اشتهرت بذلك، فجرت عليها الصّفة للذمّ، لا للتخصيص والتخليص من موصوف غيرها، كقوله (¬4): ولا الحجّاج عينى بنت ماء … تقلّب طرفها حذر الصّقور ¬

(¬1) سورة الروم 27، وراجع مجاز القرآن 2/ 121، وتفسير القرطبى 14/ 21، والبحر 7/ 169. (¬2) سقط من هـ‍. (¬3) سورة المسد 4، وقراءة النصب لعاصم، ووافقه ابن محيصن. السبعة ص 700، والكشف 2/ 390، والإتحاف 2/ 636، وانظر الكتاب 2/ 70. (¬4) هو إمام بن أقرم النّميرىّ، كما فى البيان والتبيين 1/ 386، قال الجاحظ: «وكان الحجاج جعله على بعض شرط أبان بن مروان، ثم حبسه، فلمّا خرج قال: طليق الله لم يمنن عليه أبو داود وابن أبى كثير ولا الحجاج. . . لأن طير الماء لا يكون أبدا إلاّ منسلق الأجفان. وكان الحجاج أخيفش منسلق الأجفان». والانسلاق: حمره تعترى العين فتقشر منها. خلق الإنسان ص 124. ذكر الشاعر أنه كان سجينا فتحيّل حتى استنقذ نفسه، دون أن يمنّ عليه من حبسه فيطلقه. وشبّه عينى الحجاج عند تقليبه لهما حذرا وجبنا بعينى بنت الماء، وهى ما يصاد من طير الماء، إذا نظرت-

لم يرد وصفه إياه بالجبن، ولكن ذمّه (¬1) وسبّه، ومن الذمّ قول النابغة (¬2): أقارع عوف لا أحاول غيرهم … وجوه كلاب تبتغى من تجادع ومن المدح قول الخرنق بنت هفّان (¬3): /لا يبعدن قومى الذين هم … سمّ العداة وآفة الجزر النازلين بكلّ معترك … والطّيّبين معاقد الأزر أرادت: أعنى أو أمدح النازلين والطّيّبين. ومن المدح فى التنزيل قوله: {وَالصّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ} (¬4) بعد قوله: {وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا} أراد: وأعنى الصابرين، ومثله: {وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ} (¬5) وبعده {وَالْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ} ذهب سيبويه (¬6) إلى أن {الْمُقِيمِينَ} منصوب على المدح، وهو أصحّ ما قيل فيه؛ لأنّ بعض معربى القرآن زعم أن {الْمُقِيمِينَ} مجرور بالعطف على ¬

= إلى الصقور فقلبت حماليقها حذرا منها. وقال الثعالبى: «بنات الماء: هى ما يألف الماء من السمك والطير والضفادع» ثمار القلوب ص 276. وذكر ابن الأثير أنه يقال أيضا: ابن ماء. المرصع ص 307،315، وانظر لهذا الشعر: الكتاب 2/ 73، والكامل ص 930، والجمل المنسوب للخليل ص 64، والحماسة البصرية 2/ 297،298. ويفهم من كلام ابن السّيرافيّ أن «الحجاج» فى هذا الشعر شخص آخر غير «الحجاج بن يوسف الثقفى» انظر شرحه على أبيات سيبويه 2/ 7،8. (¬1) فى هـ‍: ذمّه به وسبّه. . (¬2) ديوانه ص 50، والكتاب 2/ 71، والجمل المنسوب للخليل ص 64، والتبصرة ص 182، والخزانة 2/ 446. (¬3) ديوانها ص 29، والتخريج فيه، وزد عليه: معانى القرآن للفراء 1/ 105،453، وللأخفش ص 87،157، والأصول 2/ 40، والبغداديات ص 147، والجمل ص 15، وشرحه البسيط ص 317، والجمل المنسوب للخليل ص 61، والتبصرة ص 182، ونتائج الفكر ص 241 - 248، وأعاد ابن الشجرى صدر البيت الثانى فى المجلس الخامس والسبعين. (¬4) سورة البقرة 177. (¬5) سورة النساء 162. (¬6) الكتاب 2/ 63، وانظر معانى القرآن للفراء 1/ 105، وللزجاج 2/ 130 - 132 - وأنشد بيتى الخرنق-وتفسير الطبرى 9/ 395، والمشكل 1/ 212، والبحر 3/ 395. والكامل ص 931.

الهاء والميم، فى {مِنْهُمْ} من قوله تعالى: {لكِنِ الرّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ} فالتقدير على هذا القول: منهم ومن المقيمين الصلوة، وزعم آخر أنه معطوف على الكاف من {إِلَيْكَ} فالتقدير: يؤمنون بما أنزل إليك وإلى المقيمين الصلوة، وقال آخر: هو معطوف على الكاف من {قَبْلِكَ} فالتقدير: وما أنزل من قبلك وقبل المقيمين الصلوة. وقال الكسائىّ: هو مخفوض (¬1) بالعطف على {ما} من قوله: {بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ} فالمعنى على هذا القول: يؤمنون بالذى أنزل إليك وبالمقيمين الصلوة، وهذا قول بعيد من جهة المعنى، والأقوال الثلاثة فاسدة من جهة الإعراب، وذلك أن الاسم الظاهر لا يسوغ عطفه على الضمير المجرور إلا بإعادة الجارّ (¬2)، لأمرين: أحدهما: أنهم لا يعطفون المجرور إلاّ بإعادة الجارّ، كقولك: مررت بزيد وبك، ولا تقول: بزيد وك، فوجب أن ينزّل عطف الظاهر عليه منزلة عطفه على الظاهر، فيقال: بك وبزيد، كما قيل: بزيد وبك، ولا يقال: بك وزيد، كما لا يقال: بزيد وك، وهذا قول أبى عثمان المازنىّ. والقول الآخر، وهو قول أبى علىّ: أن الضمير المجرور نحو الكاف فى بك، وفى غلامك، والياء فى بى/وفى غلامى، أشبه التنوين، من حيث صيغ على حرف واحد، كما أن التنوين كذلك، ومن حيث حذفوا ياء المتكلّم فى النداء، فقالوا: يا غلام، و {يا عِبادِ فَاتَّقُونِ} (¬3) فكان حذفها أكثر من إثباتها، وألزموها الحذف فى نحو: {قالَتْ رَبِّ أَنّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ} (¬4) بإجماع القرّاء، كما ألزموا التنوين ¬

(¬1) فى هـ‍: مخصوص. (¬2) هذا من أصول البصريين المعروفة. راجع مجالس العلماء ص 320، والإنصاف ص 463، والبحر 3/ 157، والهمع 2/ 139، وحواشى الإنصاف، وكتب التفسير، وإعراب القرآن والقراءات عند تفسير الآية الأولى من سورة النساء. (¬3) سورة الزمر 16. (¬4) سورة آل عمران 47.

الحذف فى قولهم: يا غلام، بالضم، ومن حيث لم يجمعوا بين التنوين فى اسم الفاعل، وبين الضمير المتّصل، فيعدّوا اسم الفاعل إليه، فيقولوا: مكرمنك وضاربنك، كما قالوا فى الظاهر: مكرم زيدا، وضارب عمرا، ولكنهم ألزموه الإضافة، فقالوا: مكرمك وضاربك، كرهوا الجمع بينه وبين التنوين، كما كرهوا الجمع بين خطابين وبين تأنيثين وبين تعريفين، ولذلك امتنع الجرّ فى قوله تعالى: {إِنّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ} (¬1) فلم يجز فيه إلا النصب، بإضمار فعل دلّ عليه اسم الفاعل، تقديره: وننجّى أهلك، وقد أشبعت القول فى هذه المسألة فيما تقدّم (¬2). وقول أبى علىّ: أشبه التنوين لأنه صيغ على حرف واحد، يتوجّه عليه اعتراض، لأنه قد صيغ على أكثر من حرف، كقولهم: بكما وبكم وبكنّ، وكرهوا مع ذلك الجمع بينه وبين التنوين، والقول فى ذلك أنهم كرهوا الجمع بين التنوين وضمير الواحد، ثم حملوا الفرع الذى هو التثنية والجمع، على الأصل الذى هو الواحد. ومما حذف منه الفعل، وقامت الحال مقامه، قولهم: هنيئا لك قدومك، قال أبو الفتح فى قول أبى الطيّب: هنيئا لك العيد الذى أنت عيده … وعيد لمن سمّى وضحّى وعيّدا (¬3) العيد مرفوع بفعله، وتقديره: ثبت هنيئا لك العيد، فحذف الفعل وقامت الحال مقامه، فرفعت الحال العيد، كما كان الفعل يرفعه. وقال أبو العلاء المعرّى: هنيئا ينتصب عند قوم على قولهم: ثبت لك هنيئا، وقيل: هو اسم فاعل، وضع موضع/المصدر، كأنه قال: هنأك هناء، ¬

(¬1) سورة العنكبوت 33. (¬2) راجع المجلس المتمّ الثلاثين. (¬3) تقدّم فى المجلس الخامس والعشرين.

لأنهم ربّما وضعوا اسم الفاعل موضع المصدر، كما قالت بعض نساء العرب، وهى ترقّص ابنها: قم قائما قم قائما … لاقيت عبدا نائما (¬1) أرادت: قم قياما. ... ¬

(¬1) الخصائص 3/ 103، وديوان المتنبى بالشرح المنسوب للعكبرى 1/ 285، وشرح الشواهد الكبرى 3/ 184، والهمع 2/ 125. وسبق الشطر الأول فى المجلس الخامس والعشرين ملفقا مع بيت آخر، وتكلمت عليه هناك. وانظر لوضع اسم الفاعل موضع المصدر: كتاب الشعر ص 368.

المجلس الثانى والأربعون يتضمن ذكر فصول من إضمار الأفعال

المجلس الثانى والأربعون يتضمّن ذكر فصول من إضمار الأفعال ذكر سيبويه (¬1)، فى (باب ما ينتصب من المصادر على إضمار الفعل المتروك إظهاره) قولهم: سبحان الله، وعمرك الله، وقعدك الله، فقال: وذلك قولك: سبحان الله وريحانه، وعمرك الله إلاّ فعلت، وقعدك الله إلاّ فعلت، فكأنه حيث قال: سبحان الله، قال: تسبيحا، وحيث قال: وريحانه، قال: استرزاقا، لأنّ معنى الرّيحان الرزق، فنصب هذا على أسبّح (¬2) تسبيحا، وأسترزق استرزاقا، وخزل الفعل هاهنا، لأن المصدر بدل من اللفظ بقوله (¬3) [أسبّحك] وأسترزقك. انتهى كلامه. وأقول: إن سبحان اسم للتسبيح، كما أنّ الكلام والسلام اسمان للتكليم والتسليم، وجاء سبحان على زنة الغفران والكفران، فى قولهم: «غفرانك اللهمّ لا كفرانك» (¬4) وجاء الكفران فى قوله تعالى: {فَلا كُفْرانَ لِسَعْيِهِ} (¬5) ومثله فى الزّنة، ¬

(¬1) الكتاب 1/ 322. (¬2) فى الكتاب: أسبّح الله تسبيحا، وأسترزق الله استرزاقا، فهذا بمنزلة سبحان الله وريحانه، وخزل الفعل هاهنا لأنه بدل من اللفظ. . .». (¬3) سقط من هـ‍. (¬4) جاء «غفرانك» فى حديث عائشة رضى الله عنها: «أن النبى صلّى الله عليه وسلم كان إذا خرج من الخلاء- الغائط-قال: «غفرانك». عارضة الأحوذى بشرح صحيح الترمذى (باب ما يقول إذا خرج من الخلاء، من أبواب الطهارة) 1/ 22، ومسند أحمد 6/ 155، وجاء «كفرانك» فى رجز خالد بن الوليد رضى الله عنه حين هدم العزّى: يا عزّ كفرانك لا سبحانك إنى رأيت الله قد أهانك مغازى الواقدى ص 874، وتفسير القرطبى 17/ 100. (¬5) سورة الأنبياء 94.

وهو نقيضه فى المعنى، الشّكران، فكما قالوا: كلّمته كلاما، وسلّمت عليه سلاما، فاستعملوهما فى موضع التكليم والتسليم، كما استعمل السّراح فى موضع التّسريح، من قوله تعالى: {وَسَرِّحُوهُنَّ سَراحاً جَمِيلاً} (¬1) كذلك استعملوا سبحان فى موضع التسبيح. قال سيبويه (¬2): وزعم أبو الخطّاب، يعنى الأخفش الكبير، أنّ سبحان الله براءة الله من السوء، وزعم أن مثله قول الأعشى (¬3): أقول لمّا جاءنى فخره … سبحان من علقمة الفاخر /قال: وإنما ترك التنوين فى سبحان، وترك صرفه، يعنى فى بيت الأعشى، لأنه صار عندهم معرفة. وأقول: إنه لمّا صار علما للتسبيح، وانضمّ إلى العلميّة الألف والنون الزائدتان، تنزّل منزلة عثمان، فوجب ترك صرفه، وقد قطعوه عن الإضافة، ونوّنوه، لأنهم نكّروه، وذلك فى الشّعر، كقول أميّة بن أبى الصّلت، فيما أنشده سيبويه: سبحانه ثم سبحانا يعود له … وقبلنا سبّح الجودىّ والجمد (¬4) ¬

(¬1) سورة الأحزاب 49. (¬2) الكتاب 1/ 324. (¬3) ديوانه ص 143 - والموضع السابق من الكتاب-والمقتضب 3/ 218، والبصريات ص 410، والخصائص 2/ 197،435،3/ 32، وتفسير الطبرى 1/ 474، وشرح المفصل 1/ 37، وشرح الكافية الشافية ص 959، والمقرب 1/ 149، والبسيط ص 286، وشرح الجمل 1/ 174، والهمع 1/ 190،2/ 52، والخزانة 3/ 397، وفهارسها 12/ 171، وغير ذلك كثير. وأعاده ابن الشجرى فى المجلس التاسع والستين. هذا وللراغب الأصبهانى تأويل غريب فى البيت، قال فى المفردات ص 221: «قيل: تقديره: سبحان علقمة، على طريق التهكم، فزاد فيه «من» ردّا إلى أصله، وقيل: أراد: سبحان الله من أجل علقمة، فحذف المضاف إليه». وردّه البغدادىّ فى الخزانة. (¬4) ملحق ديوان أمية ص 332، وينسب أيضا لورقة بن نوفل، ولزيد بن عمرو بن نفيل، وانظر الكتاب 1/ 326، وشرح الكافية الشافية ص 959، والخزانة 3/ 388، وممّن نسبه إلى ورقة: مصعب فى نسب قريش ص 208. وأعاده ابن الشجرى فى المجلس التاسع والستين منسوبا لأمية. والجودىّ والجمد: جبلان.

وقد عرّفوه بالألف واللام، فى قول الشاعر: سبحانك اللهمّ ذا السّبحان (¬1) و «من» فى بيت الأعشى متعلقة بسبحان، كأنه قال: البراءة من علقمة. وأما قولهم: عمرك الله، فليس كقولهم: عمر الله، لأنهم قالوا: لعمر الله، وعمر الله، رفعوه مع اللام بالابتداء، وألزموا خبره الحذف، لأن الجواب سدّ مسدّ الخبر، إذا (¬2) قلت: لعمر الله لأفعلنّ، تريد: لعمر الله قسمى، ونصبوه مع حذف اللام بالفعل المقدّر، وذلك أن الأصل: أقسم بعمر الله، أى ببقائه ودوامه، ثم حذفوا الفعل والجارّ، فنصبوا، كما قالوا: الله لأفعلنّ، والأصل: أقسم بالله، والجواب يلزمه منصوبا كما يلزمه مرفوعا، تقول: عمر الله لاقمت، وعمرك لا ذهبت. والعمر بمعنى العمر، مصدر قولهم: عمر الرجل يعمر، إذا امتدّ بقاؤه، ولكنهم لم يستعملوا فى القسم إلا المفتوح. وقولهم: عمرك الله، مخالف لقولهم: عمر الله، من ثلاثة أوجه، أحدها: أن عمرك الله ليس بقسم عند جلّ النحويين، قالوا: والدليل على ذلك أنه لا جواب له، لا ظاهر ولا مقدّر، وإنما هو إخبار بأنك داع للمخاطب بالتعمير، قال عمر بن أبى ربيعة (¬3): أيّها المنكح الثّريّا سهيلا … عمرك الله كيف يلتقيان ¬

(¬1) شرح الكافية الشافية ص 961، والهمع 1/ 190، والخزانة 7/ 243، وحاشية يس على التصريح 1/ 125. (¬2) فى هـ‍: فإذا. (¬3) ملحقات ديوانه ص 503، والأغانى 1/ 209،234، والمقتضب 2/ 329، وأمالى المرتضى 1/ 348، والروض الأنف 2/ 119، وشرح المفصل 9/ 91، واللسان (عمر)، والخزانة 2/ 28، وبحواشيها مراجع أخرى.

والثانى: أنك تنصب عمر الله، نصب المفعول (¬1) [به] على ما أريتك، وتنصب عمرك الله نصب (¬2) المصادر، لأنّ سيبويه ذكره مع سبحان الله. والثالث: أن العمر فى قولك: عمر (¬3) الله وعمرك يا فلان، بمعنى العمر، وهو فى قولك: عمرك الله، بمعنى التعمير، حذفوا زوائده، ونصبوه بفعل اختزلوه، لأنه صار بدلا من اللفظ بالفعل، فلا يجوز إظهاره معه، والناصب له عمّرتك مشدّدا، أنشد سيبويه للأحوص بن محمد (¬4): عمّرتك الله إلاّ ما ذكرت لنا … هل كنت جارتنا أيام ذى سلم وأنشد، ولم يذكر قائله، وهو لابن أحمر (¬5): عمّرتك الله الجليل فإنّنى … ألوى عليك لو ان لبّك يهتدى وذكر أبو العباس محمد بن يزيد (¬6) فى قولهم: عمرك الله، أن انتصابه على المصدر، بتقدير: عمّرتك الله تعميرا، على ما قرّره سيبويه، وأجاز فيه أبو العباس أن ينتصب بتقدير حذف الجارّ، لأنه ذكره مع قولهم: يمين الله، وعهد الله، فى قول من نصبهما، وإنما النصب (¬7) فيهما بتقدير: أقسم بيمين الله، وبعهد الله، فلمّا حذفوا الباء وصل الفعل فعمل، وعلى هذا يكون قولهم: عمرك الله، تقديره: أقسم بعمرك الله، فيكون عمرك الله قسما محذوف الجواب، والمراد بالعمر التّعمير، ¬

(¬1) زيادة من هـ‍. (¬2) فى هـ‍: بنصب. (¬3) فى هـ‍: «عمر الله وعمرك الله يا فلان». وجعلها مصحح المطبوعة الهندية «عمر الله يا فلان». (¬4) ديوانه ص 199، وتخريجه فى ص 321، والكتاب 1/ 323، والمقتضب 2/ 329، والكامل ص 1445. (¬5) ديوانه ص 60، والكتاب والمقتضب، الموضع السابق، والمنصف 3/ 132، والخزانة 2/ 15، واللسان (عمر). (¬6) راجع الموضع المذكور من المقتضب والكامل. (¬7) فى هـ‍: انتصب.

فالمعنى: أقسم بتعميرك الله، أى بإقرارك له بالدّوام والبقاء. وذكر أبو العباس بعد عمرك الله: قعدك الله لا تقم، فنزّل عمرك الله منزلة قعدك الله، قال: وإن شئت: قعيدك الله، وهذا دليل قاطع على نصبه عنده، بتقدير: أقسم بعمرك الله. وقال أبو عليّ: عمرك الله، مصدر، استعملوه بحذف الزوائد كقوله (¬1): /فإن يبرأ فلم أنفث عليه … وإن يهلك فذلك كان قدرى أى تقديرى، وأصله بالزيادة: تعميرك الله، ألا ترى أن الفعل لمّا ظهر، كان على فعّلت فى قولك (¬2): عمّرتك الله إلاّ ما ذكرت لنا والأصل فيه: عمّرتك الله تعميرا، مثل تعميرك إياه نفسك، أى سألت الله تعميرك، مثل سؤالك إياه تعمير نفسك، فالتعمير الأول مضاف إلى الفاعل، يعنى الكاف، قال: والاسمان الآخران مفعول بهما، يعنى إياه نفسك، قال: ثم اختصر هذا الكلام، وحذفت زوائد المصدر. انتهى كلامه. ويجب أن ترعى قلبك ما أقوله فى تفسير قول أبى علىّ، وذلك أن الأصل كما ذكر: عمّرتك الله تعميرا، مثل تعميرك إيّاه نفسك، فحذفوا الفعل والفاعل والمفعولين، فبقى تعميرا مثل تعميرك إياه نفسك، ثم حذفوا الموصوف الذى هو «تعميرا»، وقامت صفته التى هى «مثل» مقامه، فبقى: تعميرك إياه نفسك، ثم حذفوا زوائد المصدر، فبقى: عمرك إياه نفسك، فوضع الظاهر فى موضع المضمر، أعنى وضعوا لفظة «الله» موضع «إياه» فصار: عمرك الله نفسك، ¬

(¬1) هو يزيد بن سنان. المفضليات ص 71، وتخريجه فيه. (¬2) الأولى: «قوله» فهو من قول الأحوص السابق.

فحذفوا المفعول الثانى، فبقى: عمرك الله، وإنما ساغ حذف المفعول الثانى، لكون الفعل متعديا إلى مفعولين، ليس الثانى منهما هو الأوّل، كقولك: أعطيت زيدا درهما. ومعنى عمّرتك الله: أى سألت الله تعميرك، فلهذا لم يكن قولهم: عمرك الله، قسما فى هذا المذهب، وكان إخبارا بأنك داع للمخاطب بالتعمير. فهذه جملة القول فى مذهب من نصب اسم الله تعالى. وأمّا من رفع، فقال: عمرك الله، فإنّ أبا الفتح عثمان بن جنّى، قال: حكى أبو عثمان المازنى: عمرك الله، بالرفع، وله وجه، ولم يذكر أبو الفتح الوجه فيه، وقال أبو عليّ عقيب كلامه، فى عمرك الله: ووجدت فى بعض الكتب: حكي عن أبى العباس، عن أبى عثمان/أنه سمع أعرابيّا يقول: عمرك الله، قال أبو عليّ: ولا يجيء هذا على تفسير النصب، والمعنى فيه، إن كان ثبتا، أنه أراد: عمّرك الله تعميرا، فأضاف المصدر إلى المفعول، وذكر الفاعل بعد، كقول الحطيئة (¬1): أمن رسم دار مربع ومصيف انتهى كلامه. وأقول: إن المصدر المقدّر بأن والفعل المتعدّى، إذا أعمل مضافا، أضيف تارة إلى الفاعل، كقوله تعالى: {وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النّاسَ} (¬2) وتارة إلى المفعول، كقول الحطيئة: أمن رسم دار مربع ومصيف … لعينيك من ماء الشّئون وكيف ¬

(¬1) ديوانه ص 253، والإيضاح ص 158، وشرحه المقتصد 1/ 559، والإيضاح فى شرح شواهده ص 171، وشرح المفصل 6/ 62، والخزانة 3/ 436، واللسان (رسم). (¬2) سورة البقرة 251، والحج 40.

لأنّ الرسم هاهنا مصدر: رسم المطر الدار يرسمها رسما: إذا جعل فيها رسوما، أى آثارا، وهو مضاف إلى المفعول، والمربع: رفع بأنه الفاعل، والمراد به مطر الرّبيع، والمصيف: مطر الصّيف. ومن فسّر شعر الحطيئة من اللغويين فسّروا الرّسم بالأثر، وفسّروا المربع بأنه المنزل فى الربيع، والمصيف بأنه المنزل فى الصّيف، وذلك فاسد، لأن تقديره: أمن أثر دار منزل فى الربيع ومنزل فى الصيف؟ ثم لا يتّصل عجز البيت بصدره، على هذا التقدير، وتكون «من» في هذا القول للتبعيض، فكأنه قال: أبعض أثر دار منزل فى الربيع، وهى فى قول [بعض] (¬1) النّحويّين بمعنى لام العلّة، مثلها فى قول الله تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ} (¬2) أى لإملاق، وفى قولهم: فعلت ذلك من أجلك، يريدون لأجلك. والصحيح ما ذهب إليه النحويّون، لأن المعنى: أمن أجل أن أثّر فى دار مطر ربيع ومطر صيف، لعينيك وكيف (¬3) من ماء الشئون، والشّئون: مجارى الدمع، واحدها: شأن. ثم نعود إلى القول فيما حكاه المازنىّ، من أنه سمع أعرابيّا يقول: عمرك الله، فأقول: إن أبا الحسن الأخفش قد ذكر هذا الوجه، فى كتابه/الذى سمّاه «الأوسط»، فقال: أصله أسألك بتعميرك الله، أى بأن يعمّرك الله، وحذفت زوائد المصدر، وحذف الفعل الذى هو أسألك، وحذف الجارّ فانتصب المجرور. وذهب أبو العلاء المعرّىّ فى قولهم: عمرك الله، إلى خلاف ما أجمع عليه أئمّة النحويين، الخليل وسيبويه، وأبو الخطّاب الأخفش الكبير، وأبو الحسن ¬

(¬1) سقط من هـ‍. (¬2) سورة الأنعام 151. (¬3) وكيف: أى سائل. يقال: وكف المطر والدمع والعين، وكوفا ووكيفا ووكافا: أى سال.

الأخفش الصغير (¬1)، وأبو عثمان المازنىّ، وأبو عمر الجرمىّ، وأبو العباس محمد بن يزيد، وأبو إسحاق الزجّاج، وأبو بكر بن السرّاج، وأبو علىّ الفارسى، وأبو سعيد السّيرافى، وغير هؤلاء من المتقدّمين والمتأخّرين، فزعم أن العمر مأخوذ من قولهم: عمرت البيت الحرام: إذا زرته، قال: ومنه اشتقاق الاعتمار والعمرة، ونصب عمرك، من قولهم: عمرك الله، بتقدير: أذكّرك عمرك الله، قال: كأنك قلت: أذكّرك خدمتك الله (¬2) [لأنّ زيارة البيت خدمة الله] قال: ويحتمل أن يكون قولهم: عمرك، مأخوذا من عمرت الدّيار، من العمارة، أى بعمرك المنازل المشرّفة بذكر الله وبعبادته، ذكر هذا فى تفسيره لقول المتنبى (¬3): عمرك الله هل رأيت بدورا … قبلها فى براقع وعقود وأورده عنه أبو زكريا يحيى بن علي التّبريزيّ، فى تفسيره لشعر أبى الطيب. وبالجملة إنه تصيّد اشتقاق قولهم: عمرك الله، تارة من الاعتمار، وتارة من العمارة، فخالف قول فحول النحويين المتقدّمين والمتأخّرين، فرارا من غموض معانى (¬4) أقوالهم فيه، لأنه لم يتّجه له حقيقة ما قالوه، فتمحّل اشتقاقا محالا. وأمّا قولهم: قعدك أن لا تفعل كذا، وقعيدك أن لا تقوم، وقعدك الله، وقعيدك الله، ففيهما قولان، أحدهما: أنهما مصدران جاءا على الفعل والفعيل، ¬

(¬1) لا شكّ أنّ ابن الشجرىّ-رحمه الله-قد سها، فقد نقل قريبا عن كتاب «الأوسط» وهو للأخفش الأوسط، سعيد بن مسعدة. راجع إنباه الرواة 2/ 42، وكشف الظنون ص 201. على أن «الأخفش الصغير» وهو على بن سليمان، لا يأتى فى الذّكر قبل المازنى والجرمى والمبرّد، فهؤلاء أسنّ منه، لأنه توفى سنة (315) وقد قرأ على المبرّد. وأيضا فإن أبا عثمان المازنى، وأبا عمر الجرمىّ كانا رفيقين للأخفش الأوسط، وقصّتهما معه فى ألاّ يمكّناه من ادعاء كتاب سيبويه لنفسه، معروفة، فمن المناسب أن يذكر الثلاثة فى نسق واحد. (¬2) سقط من هـ‍. (¬3) ديوانه 1/ 314. (¬4) فى هـ‍: معنى أقوالهم. . . فتحمل. . .

كالحسّ والحسيس، ومعناهما المراقبة، فانتصابهما بتقدير أقسم، فكأنك قلت: أقسم بمراقبتك الله، /ولما أضمرت أقسم، عدّيته بنفسه، لأن الفعل إذا كان يتعدّى بالخافض وأضمر، حذف الخافض، فوصل الفعل فنصب، كما قال: أتيت بعبد الله فى القدّ موثقا … فهلاّ سعيدا ذا الخيانة والغدر (¬1) وهذا قليل، لأن القياس أن لا يضمر ما يتعدّى بخافض (¬2). والقول الآخر: أنّ معنى القعد والقعيد: الرّقيب الحفيظ، من قوله تعالى: {عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ} (¬3) أى رقيب (¬4) وحفيظ، فقعد وقعيد فى هذا القول، كخلّ وخليل، وندّ ونديد، وشبه وشبيه، وإذا كان كذلك فهما من صفات القديم سبحانه وتعالى، فهو الرّقيب الحفيظ، فإذا قلت: قعدك الله وقعيدك الله، على هذا المعنى (¬5)، نصبت اسم الله على البدل. قد انتهى القول فى حذف الفعل، للدلالة عليه، ويليه حذف الفعل مع «أمّا» وهو القسم الرابع. حذفوا الفعل مع «أمّا» فيما حكاه سيبويه (¬6) من قولهم: أمّا أنت منطلقا انطلقت معك، وأمّا زيد ذاهبا ذهبت معه، أى لأن كان ذاهبا ذهبت معه، قال عباس بن مرداس: أبا خراشة أمّا أنت ذا نفر … فإنّ قومى لم تأكلهم الضّبع (¬7) ¬

(¬1) شرح الشواهد الكبرى 4/ 475 - وقال العينى: لم أقف على اسم قائله-وشرح الأشمونى 4/ 51. (¬2) تقدم هذا كثيرا، وانظره فى آخر المجلس المتمّ الأربعين. (¬3) سورة ق 17. (¬4) لم ترد الواو فى هـ‍. (¬5) ضعّف البغدادىّ هذا، إذ لم يسمع أن هذين اللفظين «قعد وقعيد» من أسماء الله تعالى. الخزانة 10/ 52. (¬6) الكتاب 1/ 293، وانظر أيضا 3/ 101،149،332. (¬7) فرغت منه فى المجلس الخامس.

قال: فإنما هى «أن» ضمّت إليها «ما» وهى ما التوكيد، ولزمت «ما» كراهية أن يجحفوا بها، لتكون عوضا من ذهاب الفعل، كما كانت الهاء والألف عوضا من ياء الزّنادقة واليمانى. قوله: وهى «ما» التوكيد، يعنى «ما» التى تزاد مؤكّدة للكلام، إلا أنها هاهنا لازمة، لما ذكره من كونها عوضا. وقوله: كراهة أن يجحفوا بها، أى بالكلمة التى زيدت معها، لأن «أن» مع «كان» فى تقدير الكون، والكون المقدّر هو الكلمة التى كرهوا أن يجحفوا بها. وقوله: كما كانت الهاء والألف/عوضا من ياء الزّنادقة واليمانى، أراد أنّ واحد الزّنادقة: زنديق، فقياسه فى الجمع: زناديق، كمناديل، فحذفوا ياء زناديق، وعوّضوا منها هاء التأنيث، وأمّا اليمانى، فالأصل فى النّسب إلى اليمن: يمنيّ، فخفّفوه بأن حذفوا إحدى ياءيه، وعوّضوا منها الألف، فدخل فى باب المنقوص، ومثله قولهم فى النّسب إلى الشام: شآم، وإلى تهامة: تهام، والأصل: تهمىّ كيمنىّ، نسبوا إلى التّهم، ثم عدلوا عنه إلى تهام. ...

فصل

فصل قال سيبويه (¬1) بعد أن ذكر «أمّا»: ومثل ذلك قولهم: افعل ذا إمّالا، كأنه قال: افعل هذا إن كنت لا تفعل غيره، ولكنهم حذفوا «ذا» لكثرة استعمالهم إيّاه. انتهى كلامه. وأقول: إنّ قولهم: أما أنت منطلقا انطلقت معك، وأمّا زيد ذاهبا ذهبت معه، حذفوا منه «كان» وحدها، وأبقوا اسمها وخبرها، وقولهم: إمّالا، حذفوا فيه كان واسمها وخبرها، على أنّ خبرها جملة، و «إمّا» هى إن الشرطية، مدغمة نونها فى ميم «ما»، وإنما ألزموها «ما» عوضا من كان واسمها وخبرها، وجعلوا «لا» النافية منتهى الكلام، وأهل الإمالة يميلون ألفها، لقوّتها من حيث سدّت مسدّ الفعل وفاعله ومفعوله، أعنى الجملة التى هى خبر كان، كما استجازوا إمالة «بلى» لأنها سدّت مسدّ جواب التقرير، فى نحو: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ} (¬2) وكما استحسنوا إمالة حرف النداء، لنيابته عن أدعو. ولا يستعملون «إمّا لا» إلاّ بعد كلام دائر بين متكالمين، وسأل أحدهما الآخر أن يفعل شيئا سأله أن يفعله فأبى، فقال له السائل: إن كنت لا تفعل كذا فافعل كذا، وتمثيل ذلك أن يكون سأله الإقامة عنده ثلاثة أيام، فامتنع من ذلك /واعتذر بعذر ما، فقال: إمّا لا فأقم عندى يومين، أى إن كنت لا تقيم ثلاثة أيام فأقم يومين. ¬

(¬1) الكتاب 1/ 294، وانظر أيضا 2/ 129، والمقتضب 2/ 151، والأصول 2/ 254، والبغداديات ص 309، والنكت على الكتاب ص 357، والإنصاف ص 72، وشرح المفصل 1/ 95، والمغنى ص 312،610،649، وأعاده ابن الشجرى فى المجلسين: السادس والستين، والثامن والستين. (¬2) سورة الأعراف 172.

فتأمّل هذا الفصل، فما علمت أنّ أحدا كشفه هذا الكشف (¬1). وهذا اللفظ، أعنى «إمّالا» كثيرا ما يدور فى كلام العامّة، فيفتحون همزة «أمّا لا» (¬2) يميلون ألف لا. والخامس: حذف الفعل جوابا، فمن ذلك حذفه جوابا للشرط والقسم، ولو ولولا ولمّا وأمّا، وحتى إذا. فحذفه جوابا للشّرط، كقولك: من كفى شرّ نفسه، فتحذف الجواب، لأنه معلوم، أى كفى شرّا عظيما، وكذلك تقول: أتصير إلىّ؟ فيقول: إن انتظرتنى، يريد: إن انتظرتنى صرت إليك، وحسن حذف الجواب، لأنّ قوله: أتصير إلىّ؟ دلّ عليه، وفى التنزيل: {ما يَفْعَلُ اللهُ بِعَذابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ} (¬3) أى إن شكرتم وآمنتم لم يعذّبكم، لأن معنى {ما يَفْعَلُ اللهُ بِعَذابِكُمْ} أىّ شيء يفعل الله بعذابكم؟ فما هاهنا مخرجها مخرج الاستفهام، ومعنى الكلام التقرير بأنّ العذاب لا يكون للشاكر المؤمن، لأن تعذيب الشاكر المؤمن لا غرض لحكيم فيه، فكيف بمن لا تضرّه المضارّ، ولا تنفعه المنافع، سبحانه وتعالى؟ وأمّا حذف جواب القسم، فقد ورد فى قوله جل اسمه: {ص. وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ} (¬4) تقدير الجواب: لقد حقّ الأمر، وقيل: الجواب {كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ} (¬5) والمراد: لكم أهلكنا، فحذف اللام، لأنّ الكلام بينهما طال، ¬

(¬1) الحقّ أن ابن الشجرى ليس أوّل من كشف معنى «إمّالا» فقد سبقه إليه الليث، كما حكى صاحب اللسان فى «إمّالا» 20/ 357، غير أن لابن الشجرى فضل بسط العبارة. وانظر العين 8/ 351. (¬2) هكذا، ولعل الصواب «ويميلون». وقال الجوهرىّ فى الصحاح: «وقد أمالت العرب «لا» إمالة خفيفة، والعوامّ يشبعون إمالتها فتصير ألفها ياء، وهو خطأ». وانظر درّة الغوّاص ص 231. (¬3) سورة النساء 147. (¬4) أول سورة ص. (¬5) الآية الثالثة من السورة. وهذا القول حكاه الفراء وثعلب. معانى القرآن 2/ 397، وزاد المسير 7/ 99.

فصار طوله عوضا منها، كما حذفت من جواب {وَالشَّمْسِ وَضُحاها} (¬1) وهو قوله: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكّاها} وقيل: إنّ الجواب قوله: {إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النّارِ} (¬2) وهذا قول ضعيف (¬3) جدّا، لبعد ما بينه وبين القسم، ولأنّ الإشارة بقوله: {ذلِكَ} متوجّهة إلى ما يكون من التّلاوم والتّخاصم بين أهل النار/يوم القيامة، وذكر تلاومهم متأخّر عن القسم، والذى يقتضيه صواب الكلام أن تعود الإشارة إلى شيء سابق، نحو أن توجب شيئا قد جرى قبل القسم، فتقول: والله لقد فعلت ذلك، فتتوجّه الإشارة إلى ما تقدّم ذكره، أو تنكر شيئا فتقول: والله ما فعلت ذلك. فالقول الأوّل فى تقدير الجواب هو الوجه. وقد يجمعون بين القسم والشّرط، فيحذفون جواب أحدهما، لدلالة المذكور على المحذوف، فإن قدّموا القسم حذفوا جواب الشّرط، وإن قدّموا الشّرط حذفوا جواب القسم، فمثال تقديم الشّرط، قولك: إن زرتنى والله أكرمتك، ومثال تقديم القسم، قولك: والله إن زرتنى لأكرمنّك، وقد يدخلون على حرف الشّرط اللام، مزيدة مفتوحة، مؤذنة بالقسم، فيغلّبون بها القسم على الشرط، وإن لم يذكروا القسم، كقولك: لئن زرتنى لأكرمنّك، ومثله فى التنزيل: {لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ} (¬4) وأمّا ¬

(¬1) سورة والشمس 1،9. (¬2) سورة ص 64، وهذا القول يعزى إلى الكسائى، كما ذكر ابن الجوزى، فى زاد المسير، ونسبه أبو حيان للكوفيين والزجاج. البحر 7/ 383، وهو كما قال فى معانى القرآن للزجاج 4/ 319، وحكى القول السابق أن الجواب هو قوله تعالى كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ. (¬3) سبق إلى هذا التضعيف الفراء، قال فى الموضع السابق من المعانى: «وذلك كلام قد تأخر تأخرا كثيرا عن قوله: وَالْقُرْآنِ وجرت بينهما قصص مختلفة، فلا نجد ذلك مستقيما فى العربية. والله أعلم». وضعّفه ابن الأنبارى أيضا، على ما فى تفسير القرطبى 15/ 144، وانظر المغنى ص 646. (¬4) سورة الحشر 12.

قوله تعالى: {وَأَمّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ. فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ} (¬1) فإنّ الفاء جواب «أمّا» لأمرين، أحدهما: تقديمها على «إن» والآخر: أنّ جواب «أمّا» لا يحذف في حال السّعة والاختيار، وجواب «إن» قد يحذف فى الكلام، نحو ما قدّمته، ومنه قوله تعالى: {فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ} (¬2) أى إن كنتم تؤمنون بالله فردّوه إلى الله والرسول، ونظيره فى الكلام: أنت (¬3) ظالم إن فعلت، حذفت جواب إن فعلت، لدلالة قولك: أنت ظالم، عليه. فإن قيل: قد جاء حذف جواب «أمّا» فى القرآن فى قوله: {فَأَمَّا الَّذِينَ اِسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ} (¬4). قيل: إنما جاز ذلك، لأن تقدير الجواب: فيقال لهم: أكفرتم، والقول إذا أضمر (¬5)، فهو كالمنطوق به. وممّا سدّ فيه الجواب مسدّ الجوابين، قوله تعالى: / {وَلَوْلا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ} (¬6) قوله: {لَعَذَّبْنَا} سدّ مسدّ الجوابين، جواب لولا، وجواب لو، وكثيرا ما يحذفون جواب «لو» وذلك نحو ¬

(¬1) سورة الواقعة 90،91، وراجع الكتاب 3/ 79، والمقتضب 2/ 70، والبحر 8/ 216، وتقدم فى الزيادة الملحقة بالمجلس الحادى والثلاثين. (¬2) سورة النساء 59. (¬3) الكتاب، الموضع السابق، والبغداديات ص 327،459، والخصائص 1/ 283. (¬4) سورة آل عمران 106. (¬5) راجع معانى القرآن 1/ 228، ودراسات لأسلوب القرآن 1/ 332، وقد تكلم ابن الشجرى على إضمار القول فى المجالس: التاسع، والمتمّ الستين، والثامن والسبعين. (¬6) سورة الفتح 25، وتقدم فى المجلس الحادى والثلاثين.

قولك، إذا كنت مخبرا بعظيم أمر شاهدته: لو رأيت الجيش خارجا قد جمع الطّمّ والرّم، تريد: لرأيت شيئا عظيما. إذا بالغوا فى تكثير الجمع شبّهوه بالطّمّ والرّمّ، فالطّمّ: البحر، والرّمّ: الثّرى. وممّا حذف فيه جواب «لو» قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى} (¬1) ثم قال: {بَلْ لِلّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً} وتقدير الجواب: لكان هذا القرآن. وكذلك جواب «لولا» تحذفه بعد قولك لمن توبّخه وتعنّفه: فعلت كذا وفعلت كذا ولولا زيد، تريد: لقابلت فعالك بالعقوبة. وأمّا حذف جواب «حتّى إذا» فقال أبو إسحاق الزجّاج فى قوله: {حَتّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها} (¬2): سمعت محمد بن يزيد، يذكر أن الجواب محذوف، وأن المعنى {حَتّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ} (¬3) سعدوا، فالمعنى فى الجواب: حتى إذا كانت هذه الأشياء ¬

(¬1) سورة الرعد 31، وانظر معانى القرآن للأخفش ص 136، فى أثناء تفسير الآية (89) من سورة البقرة. (¬2) سورة الزمر 73. وكلام أبى إسحاق الزجاج فى كتابه معانى القرآن 4/ 363،364. (¬3) لم يصرح المبرد-فى المقتضب 2/ 81 - بهذا الجواب المحذوف، وإنما حكى أوّلا قول من ذهبوا إلى أن الواو زائدة، ثم ذكر أن زيادة الواو غير جائزة عند البصريين، وقال: «فأمّا حذف الخبر فمعروف جيد». وهذا راجع إلى ما حكاه عنه الزجاج؛ والمبرد يعبّر عن حذف الجواب بحذف الخبر، وهو تعبير قديم، يأتى فى كلام أبى عبيدة والأصمعى، نبّه على هذا الشيخ العلامة محمد عبد الخالق عضيمة، برّد الله مضجعه. وانظر معانى القرآن للأخفش ص 125،457، وإعراب القرآن للنحاس 2/ 831، وزاد المسير 7/ 200، وتفسير القرطبى 15/ 285.

صاروا إلى السعادة، وقال أبو إسحاق الزجّاج: وقال قوم (¬1): الواو مقحمة، والمعنى حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها، وقال: والمعنى عندى {حَتّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ} دخلوها، وحذف الجواب، لأنّ فى الكلام دليلا عليه، انتهى كلام أبى إسحاق. وأقول: إنّ حذف الأجوبة فى هذه الأشياء أبلغ فى المعنى، ولو قدّر فى موضع دخلوها: فازوا (¬2)، لكان حسنا، ومثل الآية فى حذف الجواب قول الشاعر: حتّى إذا قملت بطونكم … ورأيتم أبناءكم شبّوا (¬3) /وقلبتم ظهر المجنّ لنا … إنّ اللئيم العاجز الخبّ تقدير الجواب بعد قوله: وقلبتم ظهر المجنّ لنا ظهر عجزكم عنّا، وخبّكم لنا، ودلّك على ذلك قوله: إنّ اللئيم العاجز الخبّ. ¬

(¬1) الكوفيون وبعض البصريين. راجع معانى القرآن للفراء 1/ 107،108،238، ومجالس ثعلب ص 59، والإنصاف ص 456، والجنى الدانى ص 164، والمغنى ص 362،363. وممّن ذهب إلى زيادة الواو: ابن قتيبة، فى تأويل مشكل القرآن ص 252. (¬2) لا أجد فرقا بين هذا التقدير وتقدير المبرّد، الذى حكاه الزجاج، إلاّ أن يكون فى المعنى. (¬3) البيتان فى المراجع السابقة، عدا المغنى، وهما أيضا فى معانى القرآن 2/ 51، والمعانى الكبير ص 533، والأزهية ص 245، وشرح القصائد السبع ص 55، ورصف المبانى ص 425، وشرح المفصل 8/ 94، وتذكرة النحاة ص 45، وضرائر الشعر ص 72، والخزانة 11/ 44، وغير ذلك مما تراه فى حواشى تلك الكتب. والبيتان للأسود بن يعفر، فى ديوانه ص 19، والرواية فيه بتقديم البيت الثانى على الأول، مع إقحام بيت بينهما. وانظر تخريجه فى ص 73. و «قمل» هنا بمعنى كثر. يقال: قمل القوم: كثروا. وقملت بطونكم: أى كثرت قبائلكم. ذكره صاحب اللسان، وأنشد البيتين.

وقيل فى البيت كما قيل فى الآية: إن الواو مقحمة، وليس ذلك بشىء، لأن زيادة الواو لم تثبت فى شيء من الكلام الفصيح، وحذف الأجوبة كثير، وأمّا قول الآخر (¬1): حتّى إذا أسلكوهم فى قتائدة … شلاّ كما تطرد الجمّالة الشّردا وهو آخر القصيدة، فإن الجواب هو الفعل المقدّر الناصب للمصدر، أى شلّوهم شلاّ (¬2). ومثال حذف جواب «لمّا» أنك تقول: لمّا التقت الأقران، وخرج فلان من الصّفّ، معلما شاهرا سيفه، وجال بين العسكرين، وتسكت، تريد: قاتل وأبلى وبالغ. وحذف جواب «أمّا» كقوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ اِسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ} (¬3) فعلى ما قدّمته، أى: فيقال لهم: {أَكَفَرْتُمْ} ومثله: {وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ} (¬4) أى: فيقال لهم: أفلم تكن آياتى تتلى عليكم؟ ... ¬

(¬1) هو عبد مناف بن ربع الهذلى. شرح أشعار الهذليين ص 675، وتخريجه فى ص 1454، وأعاده ابن الشجرى فى المجلس الثانى والسبعين. (¬2) وعلى هذا التأويل، لا تكون «إذا» فى البيت زائدة، كما ذهب إليه بعضهم. وقد حكى البغدادىّ كلام ابن الشجرى هذا، ثم تعقّبه فى كلام طويل، اشتمل على فوائد جمة، تراها فى الخزانة 7/ 40. وقد شدّد أبو جعفر الطبرى فى إنكار زيادة «إذا» قال فى تفسيره 1/ 440: «وغير جائز إبطال حرف كان دليلا على معنى فى الكلام». (¬3) تقدمت قريبا. (¬4) سورة الجاثية 31.

المجلس الثالث والأربعون يتضمن ذكر ما حذف من الجمل والأسماء الآحاد، اختصارا

المجلس الثالث والأربعون يتضمّن ذكر ما حذف من الجمل والأسماء الآحاد، اختصارا ، وهو القسم السادس، ويليه فصول من حذف الحرف. [الحذف (¬1)] اختصارا من أفصح كلام العرب، لأنّ المحذوف كالمنطوق به، من حيث كان الكلام مقتضيا له، لا يكمل معناه إلا به، فمن ذلك فى التنزيل، الحذف فى قوله: {وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} (¬2) أراد: فحلق ففدية، فاختصر، ولم يذكر «فحلق» اكتفاء بدلالة قوله: {وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ} عليه، وحذف أيضا «عليه» الذى هو خبر {فَفِدْيَةٌ}، وقد ذكرت ذلك فيما تقدم (¬3)، وحذف مفعول «حلق» فحقيقة اللفظ: فمن كان منكم مريضا أو به أذى من/رأسه فحلق رأسه فعليه فدية. ومثله فى حذف الجملة والعاطف قوله: {فَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنِ اِضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ} (¬4) أراد: فضربه فانفلق، فلم يذكر فضربه، لأنه حين قال: {أَنِ اِضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ} علم أنه ضربه، ومثله: {فَقُلْنَا اِضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ} (¬5) ومثله، وهو أبلغ فى الحذف، لأنّ المحذوف منه جملتان وعاطفان، ¬

(¬1) ساقط من هـ‍. (¬2) سورة البقرة 196. (¬3) فى المجلس الثالث والثلاثين. (¬4) سورة الشعراء 63، وانظر البيان 2/ 214، والبحر 7/ 20. (¬5) سورة البقرة 60.

قوله: {فَقُلْنا اِضْرِبُوهُ بِبَعْضِها كَذلِكَ يُحْيِ اللهُ الْمَوْتى} (¬1) التقدير: فضربوه فحيى، كذلك يحيى الله الموتى. وممّا حذف منه ثلاث جمل وثلاثة عواطف، قوله تعالى: {وَقالَ الَّذِي نَجا مِنْهُما وَاِدَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ} (¬2) ثم قال: {يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنا} وإنما التقدير: فأرسلوه فأتى يوسف فقال له: يوسف أيّها الصّديق. وممّا حذف منه همزة الاستفهام مع ما دخلت عليه من الكلام، قوله تعالى: {وَجَعَلَ لِلّهِ أَنْداداً لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النّارِ أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً} (¬3) جاء فى التفسير، أن المعنى: أهذا أفضل أم من هو قانت؟ فحذف ذلك اكتفاء بالمعرفة بالمعنى، وأنشدوا للأخطل (¬4): لمّا رأونا والصّليب طالعا … ومارسرجيس وموتا ناقعا خلّوا لنا راذان والمزارعا … وحنطة طيسا وكرما يانعا كأنّما كانوا غرابا واقعا أراد: فطاروا كأنهم كانوا غرابا، فحذف اللفظ الذى فيه المعنى، لأنه قد علم ما أراد بتشبيههم بالغراب، ولا معنى لتشبيههم به، إلا كون انهزامهم كطيرانه، فحذف الفعل والفاعل مع العاطف، وشبيه بذلك قول جرير (¬5): ¬

(¬1) سورة البقرة 73. (¬2) سورة يوسف 45،46، وانظر زاد المسير 4/ 231، والبحر، الموضع السابق، وأيضا 5/ 315، وراجع ما تقدم فى المجلس الثالث والعشرين. (¬3) سورة الزمر 8،9. (¬4) ديوانه ص 129،744. ومارسرجيس: قدّيس مشهور عندهم. والناقع: الدائم، ويقال: سمّ ناقع: أى بالغ قاتل. وراذان: موضع بسواد العراق. والطّيس: الكثير. وأراد بالغراب غربانا، فهو من باب إطلاق المفرد، وإرادة الجمع. (¬5) ديوانه ص 880، والنقائض ص 540، وأمالى المرتضى 2/ 72. وقوله «بخور» من الخور، وهو الضعف. ويقال: خار يخور: إذا ضعفت قوّته ووهت.

وردتم على قيس بخور مجاشع … فبؤتم على ساق بطيء جبورها أراد (¬1): فبؤتم على ساق مكسورة بطىء/جبورها» كأنه لما كان فى قوله: «بطيء جبورها» دليل على الكسر، اقتصر عليه. ومما حذف منه ثلاث جمل قول الشّنفرى: لا تقبرونى إنّ قبرى محرّم … عليكم ولكن خامرى أمّ عامر (¬2) أمّ عامر: كنية الضّبع، وكان الرجل إذا أراد أن يصطادها دخل عليها وهى فى مغارها، وهو يقول: خامرى أمّ عامر، ويكرّر هذا القول، ومعنى خامرى: قاربى، فلا يزال يقول ذلك ويدنو، حتى يضع فى عنقها حبلا، فأراد: لا تدفنونى ولكن دعونى تأكلنى التى يقال لها: خامرى أمّ عامر (¬3). ومن حذف هذا الضّرب فى التنزيل أيضا، حذف الجملة فى قوله تعالى: {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (¬4) أى: وقيل (¬5) لى: ولا تكوننّ من المشركين، ومثله فى قصة سليمان والجنّ: {يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ وَتَماثِيلَ وَجِفانٍ كَالْجَوابِ وَقُدُورٍ راسِياتٍ اِعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً} (¬6) ¬

(¬1) هذا الكلام كلّه بحروفه للشريف المرتضى فى الموضع السابق من الأمالى، وكذلك ما قدّره ابن الشجرى فى الشواهد التالية، كله من كلام الشريف. (¬2) ديوان الشنفرى (ضمن الطرائف الأدبية ص 36)، وينسب إلى تأبط شرّا. ديوانه ص 243 (القسم الثانى من الشعر المنسوب إليه). وقوله: «لا تقبرونى» فيه الخرم، وهو حذف الفاء من «فعولن». ويروى: «فلا تقبرونى» على التمام. (¬3) وانظر تأويلا آخر فى شرح الحماسة للمرزوقى ص 488. (¬4) سورة الأنعام 14. (¬5) هذا تقدير الأخفش، فى معانيه ص 270، وحكاه عنه ابن الجوزى فى زاد المسير 3/ 11، وهو فى أمالى المرتضى 2/ 71 من غير عزو. وكذلك ذكره العكبرى من غير عزو، ثم قال: «ولو كان معطوفا على ما قبله لقال: وألاّ أكون» التبيان ص 484. وراجع تفسير الطبرى 11/ 285. (¬6) سورة سبأ 13.

أى (¬1): وقيل له: اعملوا آل داود شكرا، فالخطاب له فى اللفظ، وله ولأهل بيته فى المعنى، كما قال تعالى: {يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ} (¬2) وكما قال: {يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اِتَّقِ اللهَ وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ} (¬3) ثم قال: {وَاِتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً} فالخطاب فى هذا ونظائره له ولأمّته. وهاهنا سؤال، وهو: كيف قال: (اعملوا شكرا) ولم يقل: اشكروا، كما قال: {وَاُشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (¬4) ولم يقل: اعملوا له شكرا، وكما قال: {وَاُشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ} (¬5) ولم يقل: واعملوا لى شكرا، وكلام العرب أن يقولوا: شكرت لفلان، وشكرت فلانا، ولا يقال: عملت له شكرا، وهذا ممّا سئلت عنه قديما، سألنى عنه بعض أفاضل العجم. والجواب: أن قوله {شُكْراً} ليس بمفعول (¬6) [به] وإنما هو مفعول له (¬7)، ومفعول: {اِعْمَلُوا} /محذوف، والمراد: اعملوا الأعمال الصالحة شكرا على هذه النّعم. وممّا جاء فيه حذفان، قول أوس بن حجر (¬8): حتّى إذا الكلاّب قال لها … كاليوم مطلوبا ولا طلبا أراد: قال للبقر والكلاب: لم أر كاليوم مطلوبا وطالبا (¬9)، فحذف النافى ¬

(¬1) فى هـ‍: أى اشكروا وقيل له. . . (¬2) أول سورة الطلاق. (¬3) أول سورة الأحزاب، والآية الثانية. (¬4) سورة العنكبوت 17. (¬5) سورة البقرة 152. (¬6) زيادة من هـ‍. (¬7) ووجه ثان عند أبى إسحاق الزجاج: أن يكون منصوبا على المفعول المطلق، على معنى: اشكروا شكرا. ذكره فى معانيه 4/ 247، وحكاه عنه أبو جعفر النحاس، فى إعرابه 2/ 661. (¬8) ديوانه ص 3، وتخريجه فى ص 145. (¬9) فى مطبوعة الأمالى: «وطلبا». وانظر ما يأتى.

والمنفىّ، اللذين هما «لم أر» فلذلك جاء بحرف النفى مع المعطوف فى قوله: «ولا طلبا» لأنه عطفه على ما عمل فيه فعل منفىّ، ووضع المصدر الذى هو «طلب» موضع اسم الفاعل الذى هو «طالب» ويجوز أن يكون التقدير: ولا ذا طلب، فهذا حذف، والحذف الآخر: أنهم إذا قالوا: لم أر كاليوم رجلا، فإنهم يريدون: لم أر رجلا كرجل أراه اليوم، فكذلك أراد: لم أر مطلوبا كمطلوب أراه اليوم. ومن الحذف الطويل فى قول أبى دواد الإيادى (¬1): إنّ من شيمتى لبذل تلادى … دون عرضى فإن رضيت فكونى أراد: فكونى (¬2) معى على ما أنت عليه، فإن لم ترضى فبينى، فحذف هذا كلّه. وقال آخر: إذا قيل سيروا إنّ ليلى لعلّها … جرى دون ليلى مائل القرن أعضب (¬3) أراد: لعلها قريبة، فحذف خبر لعلّ، وقد قدّمنا نظائر هذا، والمعنى: إذا قيل: سيروا لعلّ ليلى قريبة، برح لنا ظبى ذو قرن معوجّ وقرن مكسور، فآذن ببعدها. والبارح من الظّباء: الذى يجيء عن ميسرة السائرين، وهم يتطيّرون به، والسانح: الذى يجيء عن يمينهم، وهم يتيمّنون به. ... ¬

(¬1) ديوانه ص 346، وتخريجه فى ص 345. وقوله: «فى قول أبى دواد» الأولى حذف «فى». (¬2) هذا من كلام الشريف المرتضى، ونبهت عليه قريبا. (¬3) أمالى المرتضى 2/ 73، وتذكرة النحاة ص 573، والمغنى ص 631، وشرح أبياته 7/ 320. وقوله: «إن ليلى» يريد: قبيلة ليلى، ذكره البغدادىّ.

فصل ذكر حذف الحرف

فصل ذكر حذف الحرف الحرف على ضربين: حرف معنى، وحرف من نفس الكلمة. فمن الحروف/المعنويّة التى وقع بها الحذف، أحرف خافضة، منها اللام، وحذفها مطّرد مع أنّ الشديدة وأن الخفيفة، كقولك: ما جئتك إلا أنّك كريم، تريد: إلاّ لأنك، وكذلك: ما أتيته إلا أن يحسن إلىّ، تريد: إلاّ لأن يحسن. وممّا حذفوا منه اللام فى الشّعر، قول الأعشى (¬1): أبالموت الذى لا بدّ أنّى … ملاق لا أباك تخوّفينى والوجه: لا أبا لك، كما قال زهير (¬2): سئمت تكاليف الحياة ومن يعش … ثمانين حولا لا أبا لك يسأم وإنما ضعف حذف هذه اللام، لأنها فى هذا الكلام معتدّ بها، من وجه، وإن كانت غير معتدّ بها من وجه آخر، فالاعتداد بها، من حيث منعت الاسم، لفصلها بينه وبين المجرور بها، أن يتعرّف بإضافته إليه، فيكون اسم «لا» معرفة، ¬

(¬1) لم أجده فى ديوانه المطبوع. ونسبه الصيمرى فى التبصرة ص 391 إلى عنترة، وليس في ديوانه المطبوع، وقال القيسىّ فى إيضاح شواهد الإيضاح ص 281: «هذا البيت لعنترة بن شدّاد العبسىّ، فى رواية ابن السّكّيت، ونسب لأبى حية النّميرى»، ولم أجده فى شعر أبى حية المنشور بالعدد الأول من المجلد الرابع من مجلة المورد-1975 م، وهو فى شعره الذى نشره الدكتور يحيى الجبورى ص 177 (نقلا عن حواشى الكامل ص 670). وانظر الكامل أيضا ص 1140. وهذا الشاهد مما استفاضت به كتب العربية، فانظره فى معانى القرآن للأخفش ص 235 والمقتضب 4/ 375، والأصول 1/ 390، واللامات ص 103، والخصائص 1/ 345، والمقتصد ص 811، وشرح المفصل 2/ 105، وشرح الجمل 2/ 277، والمقرب 1/ 192، والشذور ص 328، والهمع 1/ 145، والتصريح 2/ 26، والخزانة 4/ 100،105،107، واللسان (أبى)، وفى حواشى تلك الكتب فضل تخريج. (¬2) ديوانه ص 29.

وترك الاعتداد بها، من حيث ثبتت الألف فى «أب» ألا ترى أنّ الألف لا تثبت فى هذا الاسم إلاّ فى الإضافة (¬1)، نحو: رأيت أباك وأبا زيد، فلولا أنه فى تقدير الإضافة إلى الكاف، فى «لا أبا لك» لم تثبت الألف، وكذلك حكم اللام، فى قولك: لا غلامى (¬2) لك، ولا غلامى لزيد، فالاعتداد بها، من حيث منعت «غلامين» التعرّف بالإضافة إلى المعرفة، وترك الاعتداد بها، من حيث حذفت نون «غلامين»، فلو لم يقدّروا إضافتهما لما حذفت النّون. وممّا حذفت منه اللام قولهم: شكرت لزيد، ونصحت له، هذا هو الأصل فيهما، لأن التنزيل جاء به، فى قوله جلّ اسمه: {وَاُشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ} (¬3) وقوله: {أَنِ اُشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ} (¬4) وقوله: {وَأَنْصَحُ لَكُمْ} (¬5) و {إِذا نَصَحُوا لِلّهِ وَرَسُولِهِ} (¬6) وجاء حذفها فى كلامهم نظما ونثرا، فمن النّظم قول النابغة (¬7): نصحت بنى عوف فلم يتقبّلوا … رسولى ولم تنجح لديهم وسائلى /وقول آخر: سأشكر عمرا إن تراخت منيّتى … أيادى لم تمنن وإن هى جلّت (¬8) نصب «أيادى» بتقدير حذف الخافض، أراد: على أياد، فلما حذف ¬

(¬1) قال أبو جعفر النحاس: «ولولا أن اللام زائدة لكان: لا أب لك؛ لأن الألف إنما ثبتت مع الإضافة، والخبر محذوف، والمعنى: لا أبا لك موجود أو بالحضرة» شرح القصائد التسع ص 352. وانظر الكتاب 2/ 276، واللامات ص 99. (¬2) انظر ما يأتى فى المجلس التاسع والأربعين. (¬3) سورة البقرة 152. (¬4) سورة لقمان 14. (¬5) سورة الأعراف 62. (¬6) سورة التوبة 91. (¬7) ديوانه ص 67، ومعانى القرآن 1/ 92، وإصلاح المنطق ص 281، وأدب الكاتب ص 424، وتفسير الطبرى 3/ 212، واللسان (نصح). (¬8) ينسب لأبى الأسود الدؤلى، ولعبد الله بن الزّبير-بفتح الزاى-الأسدىّ، وينسب لغيرهما. انظر ملحق ديوان الأول ص 101، والثانى ص 141، وفى هذا تخريج البيت مستقصى.

«على» نصب، ويجوز أن تنصب «أيادى» بدلا من «عمرو» بدل الاشتمال، وتقدّر العائد إلى المبدل منه محذوفا، تريد: أيادى له، وحذفت «له» كما حذف الأعشى الضمير مع الجارّ فى قوله (¬1): لقد كان فى حول ثواء ثويته … تقضّى لبانات ويسأم سائم أراد: ثويته (¬2) فيه. ومما عدّوه باللام كال ووزن، فى نحو: كلت لك قفيزين برّا، ووزنت لك منوين عسلا، وجاء حذف هذه اللام فى كثير من كلامهم، كقولك: كلتك البرّ، ووزنتك العسل، وقد يحذفون المفعول الثانى، فيقولون: كلتك ووزنتك، وعليه جاء قوله تعالى: {وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} (¬3) معناه: كالوا لهم أو وزنوا لهم. وأخطأ بعض المتأوّلين فى تأويل هذا اللفظ، فزعم (¬4) أن قوله: «هم» ضمير مرفوع، وكّدت به الواو، كالضمير فى قولك: خرجوا هم، فهم على هذا التأويل عائد على المطفّفين. ¬

(¬1) ديوانه ص 77، والكتاب 3/ 38، ومعانى القرآن للأخفش ص 64، والمقتضب 1/ 27، 2/ 26،4/ 297، والأصول 2/ 48، والجمل ص 26، والجمل المنسوب للخليل ص 143، والتصحيف والتحريف ص 294، والتبصرة ص 159، ونتائج الفكر ص 317، وشرح المفصل 3/ 65، والمغنى ص 506، وشرح أبياته 7/ 91، وغير ذلك كثير تراه فى حواشى البسيط ص 234،407، وأعاده ابن الشجرى فى المجلس الثالث والثمانين. و «ثواء» يروى بالرفع والنصب والخفض: فالرفع على أنه اسم كان، والنصب على أنه مفعول مطلق، أو مفعول لأجله. والخفض على أنه بدل من «حول» بدل اشتمال. وقوله «ويسأم» يروى بالرفع والنصب، فالرفع بالعطف على «تقضّى» فيمن رواه فعلا مبنيا للمجهول، والنصب بإضمار «أن» والعطف على «تقضّى» ليعطف المصدر المؤوّل على المصدر الصريح. (¬2) هذه الهاء من «ثويته» مفعول مطلق، وهى ضمير الثّواء؛ لأن الجملة صفته، والهاء رابط الصفة. راجع الموضع المذكور من المغنى، وشرح أبياته. (¬3) سورة المطففين 3. (¬4) ممن ذهب إلى هذا: عيسى بن عمر، وحمزة بن حبيب. راجع إعراب القرآن للنحاس 3/ 649، وتفسير القرطبى 19/ 252، والبحر 8/ 439.

ويدلّك على بطلان هذا القول عدم تصوير الألف بعد الواو، فى {كالُوهُمْ} و {وَزَنُوهُمْ} ولو كان المراد ما ذهب إليه هذا المتأوّل، لم يكن بدّ من (¬1) إثبات ألف بعد الواو، على ما اتفقت عليه خطوط المصاحف كلّها، فى نحو: {خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ} (¬2) و {قالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ} (¬3) وإذا ثبت بهذا فساد قوله، فالضمير الذى هو «هم» منصوب بوصول الفعل إليه، بعد حذف اللام، وهو عائد على {النّاسِ} فى قوله تعالى: {إِذَا اِكْتالُوا عَلَى النّاسِ} (¬4) وهذا أيضا دليل على فساد قوله: إن الضمير مرفوع، ألا ترى أن المعنى: إذا كالوا على الناس يستوفون، وإذا كالوا/للناس أو وزنوا للناس يخسرون (¬5). وممّا حذفوا من الحروف الخافضة «من»، فى قولهم: اخترت الرجال زيدا، يريدون: من الرجال، وجاء فى التنزيل: {وَاِخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً} (¬6) أى من قومه، وقال الفرزدق: ومنّا الذى اختير الرّجال سماحة … وجودا إذا هبّ الرّياح الزّعازع (¬7) فالنصب فى «الرّجال» بوصول الفعل بعد حذف الخافض. ومما حذفت منه «من» وأعملت محذوفة، قول أبى حيّة النّميرىّ (¬8): ¬

(¬1) هذه حجّة أبى إسحاق الزجاج، فى معانيه 5/ 298. (¬2) سورة البقرة 243. (¬3) سورة البقرة 246، وجاء فى الأصل وهـ‍: «وقالوا لنبيّهم» وهو تحريف. (¬4) سورة المطففين 2. (¬5) للزمخشرى كلام شبيه بهذا: انظره فى الكشاف 4/ 230، وتعقّبه أبو حيان فى البحر، الموضع السابق. (¬6) سورة الأعراف 155. (¬7) فرغت منه فى المجلس الثامن والعشرين. (¬8) أثبته الدكتور يحيى الجبورى، فى شعر أبى حيّة ص 167، عن ابن الشجرى فقط. والبيت الأول وحده أنشده أبو علىّ فى كتاب الشعر ص 51، ونسبه لجرير أو غيره، ولم أجده فى ديوان جرير المطبوع. وأنشده ابن عصفور فى الضرائر ص 144، من غير نسبة.

رأين خليسا بعد أحوى تلعّبت (¬1) … بفوديه سبعون السّنين الكوامل وأنكرت إعراض الغوانى ورابنى … وأنكرن إعراضى وأقصر باطلى أراد: من السّنين، فحذفها وأعملها. وذهب الخليل إلى أن النكرة بعد «كم» فى نحو: كم رجل عندى، تنجرّ على إرادة «من» والدليل على جواز ذلك، كما قال الخليل، قول الأعشى (¬2): كم ضاحك من ذا ومن ساخر أراد: كم من ضاحك، فلذلك عطف عليه بمن، فقال: ومن ساخر. وبالجملة إنّ إضمار الجارّ وإعماله بغير عوض، ضعيف، وإنما استجازوا إضمار «من» بعد «كم» لأنه قد عرف موضعها، وكثر استعمالها فيه، كما كثر استعمال الباء فى جواب قولهم: كيف أصبحت؟ فقيل ذلك لرؤبة، فقال (¬3): «خير عافاك الله»، فحذف الباء وأعملها، وسوّغ له ذلك ما ذكرته من كثرة استعمالها مع هذا اللفظ. ومثل ذلك حذف الباء من اسم الله تعالى، فى القسم، فى لغة من قال: الله لتفعلنّ، وهو قليل، ولم يستعملوه فى غير هذا الاسم، تعالى مسمّاه، فهو مما اختصّ به، كاختصاصه بالتاء فى القسم، وبقطع همزته فى النّداء، فى إحدى اللّغتين، وبتفخيم لامه (¬4) إذا تقدمتها ضمّة أو فتحة، وبإلحاق آخره ميما مثقّلة عوضا ¬

(¬1) فى هـ‍: «تغلبت». (¬2) ديوانه ص 141، وكتاب الشعر ص 51. والرواية فى الديوان: يا عجب الدهر متى سوّيا كم ضاحك من ذا وكم ساخر وعلى هذه الرواية لا شاهد فى البيت، لأن منزع الشاهد هو من قوله «ومن ساخر» فى رواية أبى على وابن الشجرى، فإنّ ذكر «من» هنا دليل على أنها مرادة قبل «ضاحك» بدليل قول ابن الشجرى الآتى. (¬3) سبق تخريجه فى المجلس الثامن والعشرين. (¬4) راجع (باب ترقيق اللام وتغليظها) من الكشف 1/ 219، وانظر ما يأتى فى المجلس السابع والأربعين.

من حرف النداء قبله، فى قولهم: اللهمّ، وإنما يكثر فى كلامهم الخفض فى هذا الاسم بهمزة الاستفهام، نائبة عن الواو، /فى قولهم: آلله لتفعلنّ، أصله: أو الله، فحذفوا الواو وأنابوا الهمزة عنها، فأعملوها عملها، وكذلك أنابوا حرف التنبيه عن الواو، فجرّوا بها فى قولهم: لاها الله ذا، يريدون: لا والله ذا قسمى. وممّا حذفوا منه الباء، فعاقبها النصب، قولهم: أمرتك الخير، يريدون: بالخير، قال: أمرتك الخير فافعل ما أمرت به … فقد تركتك ذا مال وذا نشب (¬1) والباء كثيرا ما تحذف فى قولهم: أمرتك أن تفعل كذا، فإذا صرّحوا بالمصدر، قالوا: أمرتك بفعل كذا، وإنما استحسنوا حذف الباء مع «أن» لطول «أن» بصلتها التى هى جملة، فمن حذفها فى التنزيل، حذفها فى قوله تعالى: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ} (¬2) ومن إثباتها مع المصدر الصريح إثباتها فى قوله تعالى: {قُلْ إِنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ} (¬3). ومعنى قول أبى حيّة: «رأين خليسا بعد أحوى» الخليس: الشّعر الأشمط (¬4)، والأجوى: الأسود. وقوله: «بفوديه» الفودان: شعر جانبى الرأس ممّا يلى الأذنين. ¬

(¬1) نسبه ابن الشجرى فى المجلس الثامن والستين، لعمرو بن معد يكرب، والبيت ينسب إلى عمرو كما ترى، وإلى خفاف بن ندبة السّلمى، وإلى العباس بن مرداس، وإلى زرعة بن السائب، وإلى أعشى طرود -واسمه إياس بن عامر-راجع ديوان عمرو بن معد يكرب ص 33،35، وديوان خفاف ص 126، وديوان الأعشين (الصبح المنير) ص 284. وانظر الكتاب 1/ 37، والمقتضب 2/ 36، والأصول 1/ 178، وتفسير الطبرى 13/ 145. (¬2) سورة النساء 58. (¬3) سورة الأعراف 28. (¬4) وهو الذى اختلط سواده ببياضه.

وممّا حذف منه حرف الجر، فعاقبه النصب قول المتلمّس (¬1): آليت حبّ العراق الدّهر أطعمه … والحبّ يأكله فى القرية السّوس أراد: على حبّ العراق. وممّا حذفوه من الحروف الجارّة، وعوّضوا منه، كما حذفوا واو القسم وعوّضوا منها الهمزة الاستفهامية وحرف التنبيه: ربّ، حذفوها، وعوّضوا منها الواو، كقول القائل (¬2): «وقرن قد دلفت إليه فى المصاع» وكقوله: وسبى قد حويته فى المغار أراد: ربّ قرن، فحذف ربّ، وأدخل الواو، فمن النحويين (¬3) من قال: إن الواو هى الجارّة، على طريق النيابة، ومنهم/من قال: إن الجرّ بربّ مقدّرة، والقول الأول عند بعض النحويين أجود، قال: لأنك إذا لم تحكم بأن الجرّ للواو، كانت عاطفة، والعاطف لا يقع أوّلا، وإنما يجيء بعد معطوف عليه، وهذه الواو كثيرا ما تقع مبتدأ بها فى الشّعر، كقول رؤبة: وبلد عامية أعماؤه … كأنّ لون أرضه سماؤه (¬4) فلو حكمت بأن الجرّ لربّ، تمحّضت الواو للعطف ابتداء، والعطف لا يقع ¬

(¬1) ديوانه ص 95، وتخريجه فيه. وانظر أيضا الأصول 1/ 179، والبصريات ص 914، والجمل المنسوب للخليل ص 96، والمغنى صفحات 99،245،590،600، وشرح أبياته 2/ 259. وقوله: «آليت» أى أقسمت وحلفت. وهو بفتح التاء-لا بضمّها كما يأتى فى كثير من الكتب- لأنه يخاطب عمرو بن هند الملك. (¬2) هذا والذى بعده من الشواهد التى لم أعرف صوابها ولا تتمّتها. (¬3) الكوفيون والمبرّد من البصريين. والرأى الآخر لعامة البصريين. الإنصاف ص 376، والجنى الدانى ص 154، والمغنى ص 361 (حرف الواو)، وتذكرة النحاة ص 8، وراجع المقتضب 2/ 319، 347، وقد ذكر ابن الشجرى هذا الخلاف فى المجلس الثانى والعشرين. (¬4) فرغت منه فى المجلس الثانى والعشرين.

ابتداء، وعند آخرين من أئمة النحويّين، منهم أبو (¬1) على، أن الجرّ بربّ، واستدلّ أبو علىّ بقول الهذلىّ: فإمّا تعرضنّ أميم عنّى … وتنزعك الوشاة أولو النّياط (¬2) فحور قد لهوت بهنّ عين … نواعم فى البرود وفى الرّياط فالفاء جواب الشّرط، وإذا كانت الفاء جوابا للشرط، حصل انجرار الاسم (¬3) [بالجارّ] المضمر، ومن الدليل على ذلك أيضا قوله: بل بلد ملء الفجاج قتمه (¬4) «فلو كان الجرّ بالواو، دون ربّ المضمرة، لكان الجرّ فى قوله: «بل بلد» ببل، قال: وهذا لا نعلم أحدا به اعتداد يقوله». قوله: «أولو النّياط» النّياط: جمع نوطة، والنّوطة: الحقد. والرّيطة: الملاءة إذا كانت قطعة واحدة، ولم تكن لفقين، وجمعها: ريط ورياط. وقول رؤبة: «عامية أعماؤه» أى غير واضحة نواحيه وأقطاره. وقوله: «كأنّ لون أرضه سماؤه» هو من المقلوب، وفيه تقدير حذف مضاف، وإنما أراد: كأنّ لون سمائه لون أرضه، وذلك لأن القتام لأجل الجدب ارتفع حتى غطّى السماء، فصار لونها كلون الأرض، وقد اتّسع القلب فى كلامهم حتى استعملوه فى غير الشّعر، فقالوا: أدخلت القلنسوة فى رأسى، والخاتم فى ¬

(¬1) وذكره فى كتاب الشعر ص 50. (¬2) وهذا أيضا تقدم فى المجلس المذكور. (¬3) ساقط من هـ‍. (¬4) لرؤبة، وسبق فى المجلس المذكور.

إصبعى، وممّا جاء منه فى الشعر قول الأخطل (¬1): مثل القنافذ هدّاجون قد بلغت … نجران أو بلغت سوءاتهم هجر قال الأخفش (¬2): جعل هجر كأنها هى البالغة، وهى المبلوغة فى المعنى. قوله: «هدّاجون» الهدجان: مشى الشيخ، وهدج الظّليم: إذا مشى فى ارتعاش. ومن المقلوب قول كعب بن زهير (¬3): كأنّ أوب ذراعيها إذا عرقت … وقد تلفّع بالقور العساقيل القور: جمع قارة، وهى الجبيل الصغير. والعساقيل: اسم لأوائل السّراب، جاء بلفظ الجمع، ولا واحد له من لفظه. والتّلفّع: الاشتمال والتّجلّل، وقال: «تلفّع بالقور العساقيل» وإنما المعنى: تلفّع القور بالعساقيل. وقال أبو العباس ثعلب، فى قوله تعالى: {ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ} ¬

(¬1) ديوانه ص 209، برواية: على العيارات هدّاجون قد بلغت نجران أو حدّثت سوءاتهم هجر والبيت برواية النحويين فى معانى القرآن للأخفش ص 134، والمحتسب 2/ 118 والجمل المنسوب للخليل ص 51، والمغنى ص 699، والهمع 1/ 165، وشرح الأشمونى 2/ 71، وغير ذلك كثير مما تراه فى حواشى كتاب الشعر ص 107، وقد أشار أبو تمام إلى الروايتين، فى نقائض جرير والأخطل ص 163. وقوله: «نجران» يأتى بنصب النون ورفعها. والراجح الرفع، على ما حقّقته فى كتاب الشعر. (¬2) راجع معانى القرآن، له ص 135، وابن الشجرى يذكر كلام الأخفش بعبارة أبى علىّ فى كتاب الشعر ص 108، إلاّ إن كان النقل من كتاب آخر للأخفش غير المعانى. (¬3) ديوانه ص 16، والمغنى ص 696، وشرح أبياته 8/ 119، وشرح قصيدة كعب لابن هشام ص 236 - 241، واللسان (أوب-قور-لفع-عسقل).

{ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ} (¬1): هذا من المقلوب، وتقديره: اسلكوا فيه سلسلة. وقال أبو زيد (¬2): يقال: «إذا طلعت الجوزاء انتصب العود فى الحرباء» يريدون: انتصب الحرباء فى العود، والحرباء: دويبّة تعانق عودا، وتدور مع عين الشمس حيث دارت إلى أن تغيب. وقال أبو الحسن الأخفش: يقولون: «عرضت الناقة على الحوض، وعرضتها على الماء» يريدون: عرضت الماء عليها، وأنشد الأخفش: وإن أنت لاقيت فى نجدة … فلا تتهيّبك أن تقدما (¬3) قال: أراد: لا تتهيّبها، وقال ابن مقبل (¬4): ولا تهيّبنى الموماة أركبها … إذا تجاوبت الأصداء بالسّحر الأصداء: جمع الصّدى، وهو ذكر البوم، والصّدى: الصّوت الذى يجيبك إذا صحت بقرب جبل. وأنشدوا فى المقلوب: كما لففت الثّوب فى الوعاءين (¬5) أراد: كما لففت الثّوبين فى الوعاء. ومما حذفوا منه «إلى» قولهم: دخلت البيت، وذهبت الشام، ولم يستعملوا ¬

(¬1) سورة الحاقة 32، وما قاله ثعلب سبق إليه الفراء فى المعانى 3/ 182، وروى أيضا عن مقاتل. تفسير القرطبى 18/ 272. (¬2) فى نوادره ص 409، وكتاب الشعر ص 105. والحرباء يذكر ويؤنث. (¬3) للنمر بن تولب، رضى الله عنه. ديوانه ص 101، وتخريجه فى ص 151، وزد عليه: كتاب الشعر ص 107، وما فى حواشيه. والقصيدة كلها فى مختارات ابن الشجرى ص 66. (¬4) ديوانه ص 79، وتخريجه فيه، وزد عليه ما فى كتاب الشعر ص 107، وحواشيه. (¬5) كتاب الشعر، الموضع السابق، والمخصص 3/ 122، وضرائر الشعر ص 270، وشرح أبيات المغنى 8/ 116، واللسان (دحس).

ذهبت/بغير «إلى» إلاّ فى الشّام، وليس كذلك دخلت، بل هو مطّرد فى جميع الأمكنة، نحو: دخلت المسجد، ودخلت السّوق، فمذهب سيبويه (¬1) أن البيت ينتصب بتقدير حذف الخافض، وخالفه فى ذلك أبو عمر الجرمىّ، فزعم أن البيت مفعول به، مثله فى قولك: بنيت البيت، واحتجّ أبو عليّ لمذهب سيبويه، بأنّ نظير دخلت ونقيضه، لا يصلان إلى المفعول إلاّ بالخافض، فنظيره: غرت، ونقيضه خرجت، فلما قالوا: غرت فى البيت، وخرجت من البيت، كان حكم دخلت كحكمهما (¬2) فى التعدّى بالخافض، ولما عدّوا خرجت بمن، وهى لابتداء الغاية، دلّ على أن دخلت حكمه التعدية بإلى، لأنها لانتهاء الغاية. واحتجّ أبو علي أيضا بأنّ مصدر دخل، جاء على الفعول، والفعول فى الأغلب إنما يكون للأفعال اللازمة، نحو صعد صعودا، ونزل نزولا، وخرج خروجا، ولغب لغوبا، وشحب لونه شحوبا، وسهم وجهه سهوما، فجعل الدخول دليلا على أنّ دخل فى أصل وضعه مستحقّ للتعدية بالخافض، الذى هو «إلى» وقد تعدّى بفى، كما عدّى بها غرت، فيقال: دخلت فى البيت، كما يقال: دخلت فى هذا الأمر، ومثل ذلك فى التنزيل: {اُدْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً} (¬3). فإن قيل: إنّ تعديته بفى إنما جاء فى غير الأمكنة. قيل: وقد جاء فى الأمكنة كقول أعرابيّ أدخل حمّاما: ¬

(¬1) الكتاب 1/ 35،159. وبيان مذهب سيبويه فى هذه المسألة والردّ عليه، تراه فى حواشى المقتضب 4/ 337، وانظر الأصول 1/ 170،171،2/ 54، وشرح الحماسة ص 1121، واللسان (دخل). (¬2) فى الأصل: حكمها. (¬3) سورة البقرة 208.

أدخلت فى بيت لهم محندس … قد مرّدوه بالرّخام الأملس (¬1) فقلت فى نفسى بالتّوسوس … أدخلت فى النار ولمّا أرمس محندس: من الحندس، وهو الظّلام. ومرّدوه: ملّسوه، ومنه الغلام الأمرد، وشجرة مرداء: لا ورق عليها. ... ¬

(¬1) الحماسة البصرية 2/ 374.

المجلس الرابع والأربعون /يتضمن ذكر الحذف، فيما لم نذكره من حروف المعانى

المجلس الرابع والأربعون /يتضمّن ذكر الحذف، فيما لم نذكره من حروف المعانى ، وحذف حروف من أنفس الكلم، فممّا حذف من حروف المعانى «لا» إذا وقعت جوابا للقسم، كقول امرئ القيس (¬1): فقلت يمين الله أبرح قاعدا … ولو قطعوا رأسى لديك وأوصالى أى لا أبرح، ومثله: تالله يبقى على الأيّام ذو حيد … بمشمخرّ به الظّيّان والآس (¬2) الظّيّان: الياسمين. وقد جاء حذف «لا» من هذا الضّرب فى التنزيل، فى قوله تعالى: {قالُوا تَاللهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ} (¬3) أراد: لا تفتأ، أى لا تزال تذكر يوسف {حَتّى تَكُونَ حَرَضاً} ¬

(¬1) ديوانه ص 32، والكتاب 3/ 503، والمقتضب 2/ 326، والخصائص 2/ 284، والجمل المنسوب للخليل ص 108، والمغنى ص 637، وشرح أبياته 7/ 332، وغير ذلك كثير. (¬2) لمالك بن خالد الخناعى، وينسب لأبى ذؤيب، ولأميّة بن أبى عائذ. شرح أشعار الهذليين ص 227،439، وتخريجه فى ص 1398، وزد عليه ما فى كتاب الشعر وحواشيه ص 54. والرواية فى أشعار الهذليين: يا مىّ لا يعجز الأيام ذو حيد ولا شاهد على هذه الرواية. والحيد، بفتح الحاء والياء: مصدر بمنزلة العوج والأود، وهو اعوجاج يكون فى قرن الوعل، وهو التّيس الجبلىّ. وروى بكسر الحاء وفتح الياء، جمع حيد، بفتح وسكون: وهو كلّ نتوء فى القرن أو الجبل. والمشمخر: الجبل العالى. والآس: الريحان، وإنما ذكر هذين إشارة إلى أن الوعل فى خصب، فلا يحتاج إلى أن ينزل إلى السّهل فيصاد. (¬3) سورة يوسف 85.

والحرض: الذى أذابه الحزن أو العشق، قال الشاعر (¬1): إنّى امرؤ لجّ بى حبّ فأحرضنى … حتّى بليت وحتّى شفّنى السّقم وقد حذفت اللام من جواب القسم، كما حذفت «لا» وذلك من جواب: {وَالشَّمْسِ وَضُحاها} (¬2) وهو قوله: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكّاها} وكذلك حذفها الشاعر من قوله: وقتيل مرّة أثأرنّ فإنّه … فرغ وإنّ أخاكم لم يثأر (¬3) أراد: لأثأرنّ. وقوله: «فرغ»، يقال فيه: ذهب دم فلان فرغا، أى باطلا لم يطلب (¬4) [به]. وقد جاء حذف النون وإبقاء اللام فى قراءة ابن كثير: «لأقسم بيوم» ¬

(¬1) هو العرجى، كما فى مجاز القرآن 1/ 317، وهو فى ديوانه ص 5، وتخريجه فى حواشى المجاز. وما ذكره ابن الشجرى فى تفسير «الحرض» هو من كلام أبى عبيدة. وراجع زاد المسير 4/ 273. (¬2) سورة والشمس 1،9، وتقدّم ذكر هذا الحذف فى المجلس الثانى والأربعين. (¬3) البيت لعامر بن الطفيل، من قصيدة دالية فى ديوانه ص 56، وقافيته: «لم يقصد» وهى كذلك فى الأصمعيات ص 216، والمفضليات ص 364، وشرح الحماسة ص 558، والبيت بروايتنا فى كتاب الشعر ص 53، وفى حواشيه التخريج. وأعاده ابن الشجرى فى المجلس السابع والستين. وقتيل مرة: هو أخوه حنظلة بن الطفيل. و «قتيل» يروى بالحركات الثلاث: أما الخفض فعلى أن الواو للقسم، وعليه استشهاد النحويين هنا. وأما النصب فعلى أن الواو عاطفة على محلّ «مالك» المجرور بالباء الزائدة، فى قوله: ولأثأرنّ بمالك وبمالك وأما الرفع فعلى الابتداء، وأثأرنّ: خبره، والعائد محذوف، أى أثأرنّ به، أو أثأرنّه. وقوله: «فرغ» شرحه المصنف. وروى «فرع» بفتح الفاء وسكون الراء، بعدها عين مهملة، أى أنه رأس عال فى الشرف. وقوله فى الرواية الأخرى: «لم يقصد» أى لم يقتل، يقال: أقصدت الرجل: إذا قتلته. (¬4) ليس فى هـ‍.

«القيامة» (¬1) وحذف النون هاهنا حسن (¬2)، لأنّ نون التوكيد تخلّص الفعل للاستقبال، والله تعالى أراد الإقسام فى الحال، كقولك: والله لأخرج، تريد بذلك خروجا أنت فيه، ولو قلت: لأخرجنّ، أردت خروجا متوقّعا. ومن قرأ {لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ} (¬3) ففى قراءته قولان، أحدهما: أن تكون «لا» مزيدة/كالتى فى قوله تعالى: {لِئَلاّ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ} (¬4) وهو قول أبى على، وقال: فإن قلت: إنّ الحرف الذى يزاد إنّما يزاد وسطا، كزيادة «ما» و «لا» فى قوله: {فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ} (¬5) و «ممّا خطاياهم» (¬6) وقوله: {فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ} (¬7) [ولا يزاد (¬8) أولا. فقد قالوا: إن مجاز القرآن مجاز الكلام الواحد والسورة الواحدة، قالوا: والذى يدلّ على ذلك أنه قد يذكر الشىء فى سورة فيجىء جوابه فى سورة أخرى، كقوله: {وَقالُوا يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ} (¬9) جاء جوابه فى سورة أخرى: {ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ} (¬10) ¬

(¬1) أول سورة القيامة. وانظر لهذه القراءة معانى القرآن 3/ 207، والسبعة ص 661، والكشف 2/ 349، والمشكل 2/ 429. (¬2) لكن ابن جنى يرى أن حذف النون هنا ضعيف خبيث. المحتسب 2/ 341. (¬3) سيتكلم ابن الشجرى على هذه القراءة بإفاضة فى المجلس السابع والستين. (¬4) آخر سورة الحديد. (¬5) سورة آل عمران 159. (¬6) سورة نوح 25. وجاء فى الأصل خَطِيئاتِهِمْ. وفى هـ‍ خَطاياهُمْ بوزن «قضاياهم» وهى قراءة أبى عمرو وحده، وقد اخترتها-دون الأولى، وقد قرأ بها السّتّة-لأنها هى التى جاءت فى المجالس: السابع والستين، والثامن والستين، والمتمّ السبعين. وهذا المجلس الأخير جاء فى جزء من الأمالى مقروء على ابن الشجرى. وراجع السبعة ص 653، وإرشاد المبتدى ص 605. (¬7) الآية المتمة الأربعين من سورة المعارج. (¬8) ما بين الحاصرتين سقط من هـ‍-وهو سقط طويل كما ترى-وقد أعاده ابن الشجرى على التمام فى المجلس السابع والستين. وقد رأيته فى كلام أبى على، فى كتابه الحجة 7/ 312 (مصوّرة نسخة مكتبة البلدية بالاسكندرية 3570)، وأصل هذا الكلام عند شيخى أبى علىّ: ابن السرّاج فى الأصول 1/ 401، والزجاج فى معانى القرآن 5/ 251، وانظر أيضا 2/ 137، وانظر إعراب القرآن للنحاس 3/ 551،703 والكشف 2/ 349، والمغنى ص 249 (مبحث لا)، ودراسات لأسلوب القرآن 2/ 577. (¬9) سورة الحجر 6. (¬10) سورة القلم 2.

فلا فرق إذن على هذا بين قوله: {لِئَلاّ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ} وقوله: {فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ}] وبين قوله: {لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ}، وقد حملت «ما» على الزيادة، مع وقوعها أوّلا فيما أنشده أبو زيد (¬1): ما مع أنّك يوم الورد ذو جزر (¬2) … ضخم الدّسيعة بالسّلمين وكّار وأنكر بعض النحويين (¬3) أن تكون «لا» زائدة فى قوله تعالى: {لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ} قال: لأنّ كون الحرف زائدا يدلّ على اطّراحه، وكونه أوّل الكلام يدلّ على قوّة العناية به، فكيف يكون مطّرحا معنيّا به فى حالة واحدة، وإذا قبح الجمع بين اطّراح الشىء والعناية به، بطل كون «لا» فى هذه الآية زائدة، وجعلناها نافية، ردّا على من جحد البعث، وأنكر القيامة، وقد حكى الله تعالى أقوالهم فى مواضع من كتابه، وكأنه قيل: {لا} ليس الأمر على ما تقوّلتموه، من إنكاركم ليوم القيمة {أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ. وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوّامَةِ} فلا هاهنا جواب لما ¬

(¬1) فى نوادره ص 237، ونسبه لعبدة بن الطبيب، وهو أيضا فى الحيوان 5/ 263،6/ 86، والهمع 2/ 157، وأنشد منه ابن دريد «بالسّلمين وكّار» فى الاشتقاق ص 35، وأعاده ابن الشجرى فى المجلس السابع والستين. (¬2) هكذا «جزر» بتقديم الزاى على الراء، فى هذا المجلس، والمجلس الآخر، وفسّره ابن الشجرى عليه فيما بعد. والذى فى نوادر أبى زيد: «جرز» بتقديم الراء، وقال فى تفسيره: «الجرز: القوّة». والرواية فى الحيوان: «ذو لغط». هذا وقد وجدت بهامش أصل الأمالى، فى المجلس السابع والستين، حاشية، هذا نصّها: «الصواب: ذو جرز، براء مهملة قبل الزاى، وهو. . . الشديد الصّلب. والجرز: القوة، والذى فى هذا الكتاب تصحيف بلا شك، وشرحه يدلّ على. . . للشعر». انتهت الحاشية، ومكان النقط مطموس فى التصوير. ويبقى أن أقول: إنه فى الهمع: «جزر» بتقديم الزاى، وكذلك فى نسخة قديمة متقنة من نوادر أبى زيد، أشار إليها المحقق فى حواشيه، وهى نسخة عاطف افندى، ولي بهذه النسخة أنس، إذ كانت من مستودعات معهد المخطوطات بالقاهرة، وكنت كثير النظر فيها. (¬3) منهم الفراء، فى معانى القرآن 3/ 207.

حكى من جحدهم البعث، كما كان قوله تعالى: {ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ} جوابا لقولهم: {يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ} لأنّ القرآن يجرى مجرى السّورة الواحدة. ومثل قوله: {ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ} جوابا لما قذفوه به من الجنون، مجىء قوله: {يَحْلِفُونَ بِاللهِ ما قالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا} (¬1) جوابا لما ورد فى السّورة الأخرى من قول عبد الله بن أبىّ بن سلول، ومن كان معه من المنافقين: {لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ} (¬2). ومجىء «ما» زائدة فى قول القائل: ما مع أنك يوم الورد/ذو جزر من الشاذّ النادر، وقوله: «ذو جزر» الجزر: جمع الجزرة، وهى الشاة المذبوحة. والدّسيعة، هاهنا: الجفنة، والدّسيعة فى غير هذا: العطيّة الضّخمة، والدّسيعة أيضا: مركّب العنق فى الكاهل. والسّلم: الدّلو، ووكّار: عدّاء. وممّا حذفوه من حروف المعانى: الفاء، حذفت من جواب الشرط، فى قول عبد الرحمن بن حسان بن ثابت: من يفعل الحسنات الله يشكرها … والشّرّ بالشّرّ عند الله سيّان (¬3) أراد: فالله يشكرها. ¬

(¬1) سورة التوبة 74. (¬2) سورة المنافقون 8، وانظر أسباب النزول للواحدى ص 251. (¬3) تقدّم فى المجلس الثانى عشر.

والفاء العاطفة كثيرا ما تحذف فى الكلام وفى الشعر، وحذفها فى التنزيل كثير، كقوله تعالى: {وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قالُوا أَتَتَّخِذُنا هُزُواً قالَ أَعُوذُ بِاللهِ} (¬1) المعنى: فقالوا: أتتّخذنا هزوا، فقال: أعوذ بالله، وقال الشاعر: لمّا رأيت نبطا أنصارا … شمّرت عن ركبتى الإزارا (¬2) كنت لهم من النّصارى جارا أراد: فكنت (¬3). وممّا جاء فيه حذف الواو عاطفة قول الحطيئة: إنّ امرأ رهطه بالشام منزله … برمل يبرين جارا شدّ ما اغتربا (¬4) أراد: ومنزله. وممّا استمرّ فيه حذف الفاء من أوائل آيات متواليات، قوله تعالى: {قالَ فِرْعَوْنُ وَما رَبُّ الْعالَمِينَ. قالَ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ. قالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلا تَسْتَمِعُونَ. قالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ. قالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ. قالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَما بَيْنَهُما إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ. قالَ لَئِنِ اِتَّخَذْتَ إِلهَاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ. قالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ. قالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصّادِقِينَ} (¬5) جميع هذه الآى، الفاء مرادة في أوائلها. ¬

(¬1) سورة البقرة 67. (¬2) فرغت منه فى المجلس المذكور. (¬3) قدّره فى المجلس المذكور على حذف الواو. (¬4) وهذا أيضا مثل سابقه. (¬5) سورة الشعراء 23 - 31.

/ومن حروف المعانى التى حذفت وقدّرت «قد» فى قوله تعالى: {أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاِتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ} (¬1) أى: وقد اتّبعك الأرذلون، أى أنؤمن لك فى هذه الحال؟ وإنما وجب تقدير «قد» هاهنا لأن الماضى لا يقع فى موضع الحال (¬2) إلا ومعه «قد» ظاهرة أو مقدّرة، فالظاهرة كقولك: جاء زيد وقد أعيا، أى: معييا، والمقدّرة فى الآية المذكورة، ومثلها قوله: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ} (¬3) التقدير: وقد كنتم أمواتا فأحياكم، ومثله: {أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقاتِلُوكُمْ أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ} (¬4) قيل: معناه: قد حصرت صدورهم، ويدلّ على ذلك قراءة الحسن ويعقوب الحضرمي (¬5): {حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} وقيل: إن الحال هاهنا محذوفة، و {حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} صفتها، والتقدير: جاءوكم قوما حصرت صدورهم، وهو قول الأخفش (¬6)، وذهب أبو العباس المبرّد (¬7) إلى أن قوله: {حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقاتِلُوكُمْ} دعاء عليهم، على طريقة: {قاتَلَهُمُ اللهُ} (¬8) و {قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ} (¬9) ¬

(¬1) سورة الشعراء 111. (¬2) هذا رأى البصريين، والفراء من الكوفيين. راجع معانى القرآن للفراء 1/ 24،282، وللزجاج 2/ 89، والأصول 1/ 254، وشرح مشكل شعر المتنبى ص 35، والإنصاف ص 252، والتبيين ص 386، وزدته تخريجا فى كتاب الشعر ص 56. وهذه المسألة (وقوع الماضى حالا) أعاد ابن الشجرى كلاما عنها فى المجالس: الثانى والخمسين، والرابع والستين، والحادى والسبعين. (¬3) سورة البقرة 28. (¬4) سورة النساء 90. (¬5) إرشاد المبتدى ص 287، والنشر 2/ 251، والإتحاف 1/ 518. (¬6) وذكره فى كتابه (المسائل الكبير) كما ذكر أبو على، فى البغداديات ص 245،397، أما فى كتابه معانى القرآن ص 244، فقد تلا القراءتين حَصِرَتْ وحَصِرَتْ. وقال: «ف‍ «حصرة» اسم نصبته على الحال، و «حصرت»: فعلت، وبها نقرأ»، ولم يزد على ذلك شيئا. وسيأتيك فى المجلس الحادى والسبعين، كلام لابن الشجرى ينسب فيه إلى الأخفش جواز وقوع الحال من الماضى بتقدير «قد». والتعليق عليه هناك إن شاء الله. (¬7) المقتضب 4/ 124. (¬8) سورة التوبة 30، والمنافقون 4. (¬9) سورة عبس 17.

ودفع ذلك أبو على (¬1) وغيره، بقوله تعالى: {أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ} قالوا: لا يجوز أن ندعو عليهم بأن تحصر صدورهم عن قتالهم لقومهم، بل نقول: اللهم ألق بأسهم بينهم. وأمّا العوامل فى الفعل، فمنها «أن» المصدرية، وهى تنصب مضمرة، كما تنصب مظهرة، ونصبها مضمرة يكون بعد ثلاثة أحرف عاطفة، وحرفين جارّين، فالعاطفة: الفاء والواو وأو، والجارّان: لام الإضافة، وحتّى التى بمعنى إلى. فالفاء تضمر بعدها «أن» بعد الأمر والنهى والاستفهام، والنفى والتمنيّ والدعاء والعرض. ووجه إضمار «أن» بعد الفاء إذا وقعت بعد هذه المعانى، أن المراد بها عطف [مصدر على (¬2)] مصدر متأوّل، لأنك إذا قلت: زرنى فأكرمك، فالتقدير: لتكن زيارة منك فإكرام منّى، وألزموها الإضمار، لأن المصدر الأول غير مصرّح به، فكرهوا التصريح بالمصدر الثانى، فالفاء هنا/فى التحقيق عاطفة، لا جواب، لأنّ «أن» مع الفعل فى حكم المفرد، والمفرد لا يستقلّ بنفسه، فيكون جوابا، وإنما سمّاها النحويون جوابا، لأنها لو سقطت انجزم الفعل الذى بعدها، بكونه جوابا، إلاّ بعد النفى، وإنما يكون الجزم بعدها، لأنّ الأمر فى قولك: زرنى أكرمك، ناب عن الشرط، من حيث كان الثانى مستحقّا بالأوّل، ومسبّبا عنه، كما يكون الجزاء مستحقّا بالشرط، فلما دخلت على ما هو جواب بمنزلة الجزاء، سمّوها جوابا، ألا ترى أنك إذا أسقطتها قلت: زرنى أكرمك، فجزمت أكرمك، لأن قولك: زرنى، قام مقام قولك: إن تزرنى، وكذلك النهى، تقول: لا تضربه يكرمك، تقديره: إن لا تضربه يكرمك، وإنما قدّرت فيه حرف النّفى، لأن النّهى ¬

(¬1) الذى فى الإيضاح ص 277 «ولا يجوز أن يكون حَصِرَتْ دعاء» ولم يزد، فهو قد ذكره فى موضع آخر من كتبه التى ليست تحت يدىّ. (¬2) ساقط من الأصل.

نفى، وكذلك قولك: هل تزورنى أكرمك؟ أنبت فيه الاستفهام مناب الشرط. وأمّا الواو فيضمرون «أن» بعدها، إذا أرادوا النّهى عن الجمع بين الشيئين، كقولك: «لا (¬1) تأكل السّمك وتشرب اللّبن»، أى لا تجمع بينهما، وكذلك يفعلون بعد النفى، كقولهم (¬2): لا يسعنى شيء ويعجز عنك، أى لا يجتمع فى شيء أن يسعنى وأن يعجز عنك، ومنه قول دريد بن الصّمّة (¬3): قتلت بعبد الله خير لداته … ذؤابا فلم أفخر بذاك وأجزعا أى: فلم يجتمع لى الفخر والجزع. وإضمارها بعد «أو» إذا أردت بأو: إلاّ أن، كقولك: لألزمنّك أو تفينى بحقّى، تريد: إلاّ أن تفينى. فإن قيل: فإذا كانت بمعنى إلاّ، فمن أىّ شيء وقع الاستثناء؟ قيل: وقع الاستثناء من الوقت، لأن التقدير: لألزمنّك أبدا إلاّ وقت إيفائك إيّاى بحقّى. فأمّا إضمارها بعد «حتّى» فتكون «حتى» فيه على معنيين، معنى كى، ومعنى إلى/أن، فإذا كان ما قبلها سببا لما بعدها، فهى بمعنى كى، كقولك: أطع الله حتى يدخلك الجنّة، المعنى: كى يدخلك الجنة، لأن دخول الجنة مسبّب عن ¬

(¬1) سبق فى المجلس الثالث. (¬2) الكتاب 3/ 32،43، والأصول 2/ 154،155، وأيضا 179، والتبصرة ص 400. (¬3) الكتاب 3/ 43، والتبصرة ص 401، والأصمعيات ص 111 - وفيها التخريج-وحماسة ابن الشجرى ص 45. وقد روى عجز الشاهد فى الأغانى 10/ 13، بروايتين مختلفتين، يضيع معهما الاستشهاد. الرواية الأولى: ذؤاب بن أسماء بن زيد بن قارب والثانية: وخير شباب الناس لو ضمّ أجمعا وانظر ديوان دريد ص 36،131.

الطاعة، وإذا كان ما بعدها غاية لما قبلها، كانت بمعنى إلى أن، كقولك: لأنتظرنّك حتى تغيب الشّمس، تريد: إلى أن تغيب الشمس، فغيبوبة الشمس غاية لانتظاره له. فإن كان الفعل بعد «حتى» حالا، رفعته، لأن العوامل لا تعمل فى الفعل الحاضر، وعلى هذا مثّل النحويون رفعه بقولهم: سرت حتّى أدخلها، إذا قلت هذا وأنت فى الدّخول، وكذلك: شربت الإبل حتّى يجيء البعير يجرّ بطنه، ترفع «يجيء»، إن أردت به: يجيء (¬1) الآن، أو أردت به المضىّ، وتكون حكاية حال قد مضت، وعلى هذا قراءة من قرأ: {وَزُلْزِلُوا حَتّى يَقُولَ الرَّسُولُ} (¬2) رفعا، معناه: حتى قال. وأمّا اللام فعلى ضربين: لام كى، ولام الجحد، فلام كى، مثالها قولك: زرنى لأكرمك، التقدير: لأن أكرمك، والمعنى كي أكرمك، ولو أظهرت «أن» هاهنا كان حسنا، لأنّ اللام فى هذا النحو لام العلّة التى يحسن إظهارها، فى قولك: جئته مخافة شرّه، وفى قول الشاعر: متى تفخر ببيتك فى معدّ … يقل تصديقك العلماء جير (¬3) الأصل: لمخافة شرّه، ولتصديقك، أى يقولون: نعم ليصدّقوك. ولام الجحد كقولك: ما كان زيد ليكرمك، والتقدير: لأن يكرمك، ولا يجوز إظهار «أن» هاهنا، ومثله فى التنزيل: {وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ} (¬4) قال علىّ ابن عيسى الرّمّانىّ: هذه لام الجحد، وأصلها لام الإضافة، والفعل بعدها نصب ¬

(¬1) الكتاب 3/ 18. (¬2) سورة البقرة 214. وقراءة الرفع لنافع، وهى قراءة أهل الحجاز، كما ذكر سيبويه فى الكتاب 3/ 25، وانظر السبعة ص 181، ومعانى القرآن للزجاج 1/ 286، وإعراب القرآن للنحاس 1/ 255، والبحر 2/ 140، وقد تكلم أبو زكريا الفراء كلاما عاليا جيدا على «حتى» فى معانى القرآن 1/ 132 - 138. (¬3) لم أعرفه، وقد أعاده ابن الشجرى فى المجلس السادس والسبعين. (¬4) سورة البقرة 143.

بإضمار «أن» ولا تظهر بعدها «أن» لأن التأويل: ما كان الله مضيعا إيمانكم، فلما كان معناه على التأويل، حمل لفظه على التأويل، من غير تصريح بإظهار «أن» يعنى (¬1) [أنه] لمّا حمل قوله: {لِيُضِيعَ} فى المعنى، على مضيع، وبهذا الحمل يصحّ معنى الكلام، لزم «أن» /الإضمار، فلم يصرّح بالمصدر، ليتّفق اللفظ والمعنى على التأويل دون التصريح. وممّا أضمروه من عوامل الأفعال، وأجاز النحويّون ذلك فى الشّعر، لام الأمر، وأنشدوا: محمد تفد نفسك كلّ نفس … إذا ما خفت من شيء تبالا (¬2) قالوا: أراد: لتفد، فاضطرّه الوزن إلى حذف اللام، لأنّ تبقية الجزم يدلّ على أنّ ثمّ جازما، وقال بعضهم: هو خبر يراد به الدعاء، وأصله: تفدى نفسك كلّ نفس، كما قال (¬3) ويرحم الله عبدا قال آمينا وكما جاء فى التنزيل: {يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرّاحِمِينَ} (¬4) فاحتاج إلى حذف الياء، وإن كان المراد به الخبر، كما حذفت (¬5) فى التنزيل من {نَبْغِي} فى ¬

(¬1) ليس فى هـ‍. (¬2) نسب إلى ثلاثة من الشعراء: أبى طالب عمّ النبىّ صلّى الله عليه وسلم، والأعشى، وحسان رضى الله عنه، كما ذكر البغدادى فى الخزانة 9/ 14، وليس فى ديوان واحد منهم، على ما ذكر شيخنا عبد السلام هارون، رحمه الله، فى حواشى الكتاب 3/ 8، والشاهد أثبته المستشرق رودلف جاير فى ديوان الأعشى (الصبح المنير) ص 252، بيتا مفردا، فى زيادات ديوان الأعشى. وانظر تخريجه فى حواشى كتاب الشعر ص 52. (¬3) تقدّم فى المجلس الثالث والثلاثين. (¬4) سورة يوسف 92. (¬5) فى هـ‍: كما حذفت من التنزيل من نبغى نحب قوله. . .

قوله: {ذلِكَ ما كُنّا نَبْغِ} (¬1) وأنشد أبو بكر محمد بن السّرىّ (¬2)، هذا البيت، وأنشد معه لمتمّم بن نويرة (¬3): على مثل أصحاب البعوضة فاخمشى … لك الويل حرّ الوجه أويبك من بكى أراد: أو ليبك، فحذف اللام، قال أبو بكر: وقال أبو العباس (¬4): لا أرى ذا على ما قالوه، لأنّ عوامل الأفعال لا تضمر، وأضعفها الجازمة، لأنّ الجزم فى الأفعال نظير الخفض فى الأسماء، ولكن بيت متمّم يحمل على المعنى، لأن قوله: «فاخمشى» فى موضع «فلتخمشى» فعطف (¬5) «يبك» على المعنى، فكأنه قال: فلتخمشى أو يبك. وأما البيت الآخر، فليس بمعروف، يعنى قول القائل: محمد تفد نفسك كلّ نفس قال أبو بكر (¬6): «على أنه فى كتاب سيبويه على ما ذكرت لك» يعنى أن سيبويه قدّر فيه إضمار اللام. قوله: «تبالا» التّبال: الإهلاك، تبلهم الدهر: أفناهم. ... ¬

(¬1) سورة الكهف 64، وقرأ ابن كثير نَبْغِي بياء فى الوصل والوقف. وقرأ نافع وأبو عمرو، والكسائى، بياء فى الوصل. وقرأ ابن عامر وعاصم وحمزة، بحذف الياء فى الحالين. السبعة ص 403، وزاد المسير 5/ 167، والإتحاف 2/ 219. وستأتى مرة أخرى فى المجلس الثالث والخمسين. (¬2) ابن السّراج، فى الأصول 2/ 157،174. (¬3) ديوانه ص 84، والكتاب 3/ 9، والمقتضب 2/ 132، والتبيين ص 179، وشرح أبيات المغنى 4/ 339، والخزانة 9/ 12، وغير ذلك مما تراه فى حواشى ما ذكرت. والبعوضة: اسم موضع بنجد، قتل فيه مالك أخو الشاعر ورجال من قومه. (¬4) المقتضب 2/ 133، والأصول 2/ 175. (¬5) الذى فى المقتضب والأصول: «فعطف الثانى على المعنى». وعبارة «فكأنه قال: فلتخمشى أو يبك» تفسير من ابن الشجرى، ولم تأت فى كتابى المبرد وابن السرّاج. (¬6) هذا كلام المبرد نفسه فى المقتضب، وحكاه ابن السرّاج.

فصل فى ذكر [بعض] ما حذف من الحروف التى من أنفس الكلم

فصل فى ذكر (¬1) [بعض] ما حذف من الحروف التى من أنفس الكلم ، فمن ذلك حروف العلّة، /الألف، والواو، والياء، والهمزة. فالألف تحذف فى نحو: تخشى وتسعى، إذا لقيتها الواو، فى قولك: تخشون وتسعون، وإذا لقيتها الياء، فى قولك: أنت تخشين وتسعين، فوزن تخشون: تفعون، وتخشين: تفعين. وكذلك الواو فى نحو: يدعو ويخلو، تحذف فى قولك: هم يدعون ويخلون، وأنتم تدعون وتخلون، ولا تحذف فى قولك: هنّ يدعون ويخلون، وأنتنّ تدعون وتخلون، لعلّة نذكرها فيما بعد بمشيئة الله. والأصل: يدعوون وتدعوون ويخلوون وتخلوون، فاستثقلوا الضمّة على الواو فأسقطوها، فالتقى واوان ساكنتان، لام الفعل وواو الإضمار، فحذفوا الأولى، فآل وزن الفعل إلى يفعون. وكذلك تحذف الواو من يدعو ونظائره، إذا قلت: تدعين يا هذه، وكان أصله: تدعوين، فحذفت الكسرة، فلما سكنت الواو، حذفت لسكونها وسكون ياء الإضمار، ثم أبدلت من الضمّة التى قبل الواو كسرة، لتصحّ ياء الضمير، فقيل: تدعين، وزنه تفعين، ومنهم من يشمّ العين الضّمّة. وكذلك حكم الياء، فى نحو: يقضى ويرمى، إذا قلت: يقضون ويرمون، أصله: يقضيون ويرميون، فحذفت ضمّة الياء، ثم حذفت الياء لسكونها وسكون الواو، وكذلك إذا أسندت الفعل إلى ضمير المؤنّث، أصله: ترميين، فحذفوا الكسرة، ثم حذفوا الياء لسكونها وسكون ياء الإضمار بعدها. ... ¬

(¬1) ساقط من هـ‍.

فصل فى الفرق بين: هم يدعون، وهن يدعون

فصل فى الفرق بين: هم يدعون، وهنّ يدعون (¬1). أمّا هم يدعون، فقد قدّمت أن لام الفعل حذفت لسكونها وسكون واو الإضمار، فوزنه: يفعون، والنون فيه علامة رفع الفعل، يحذفها الجازم والناصب. والواو فى قولك: هنّ يدعون، لام الفعل، كالجيم من يخرجن، والنون ضمير جمع المؤنّث، تثبت فى الأحوال/الثلاث، ألا تراها ثبتت فى موضع النصب، فى قوله تعالى: {إِلاّ أَنْ يَعْفُونَ} (¬2) فيعفون هاهنا: يفعلن. ونعود إلى ذكر حروف العلّة، فنقول: إنهنّ يحذفن لالتقاء الساكنين، فى نحو: {قَضَى اللهُ} (¬3) و {قالُوا الْآنَ} (¬4) و «يقضى الحقّ» (¬5). ويحذفن من نحو: يخاف ويقول ويبيع، إذا سكنت اللام للجزم أو الوقف، ¬

(¬1) انظر الفرق بين هاتين النّونين فى الكتاب 1/ 20، ومعانى القرآن 1/ 155، وكتاب الشعر ص 192، والحلبيات ص 87،88، والدر المصون 2/ 493، وحواشيه. وشذور الذهب ص 61،62 (إعراب الأفعال الخمسة). (¬2) سورة البقرة 237. (¬3) سورة الأحزاب 36. (¬4) سورة البقرة 71. (¬5) سورة الأنعام 57، و «يقضى» بالضاد المعجمة هكذا جاءت فى النسختين، وهى قراءة أبى عمرو وحمزة وابن عامر والكسائى. وقرأ يَقُصُّ بالصاد المهملة: ابن كثير ونافع وعاصم. السبعة ص 259، ومعانى القرآن 1/ 337، وتفسير الطبرى 11/ 399، والكشف 1/ 434، والإتحاف 2/ 14. بقى شيء، وهو أن «يقضى» رسمت فى النسختين من الأمالى، هكذا بإثبات الياء، وخقّها الحذف لموافقة الرسم العثمانى، وكأنما جاء ذلك لبيان الأصل قبل الحذف. وقال مكّى فى الكشف: «وأصلها أن يتصل بها ياء؛ لأنه فعل مرفوع، من القضاء، لكنّ الخطّ بغير ياء-يعنى خطّ المصحف-فتكون الياء حذفت لدلالة الكسر عليها». وقال الزجاج فى معانى القرآن 2/ 256: «هذه كتبت هاهنا بغير ياء على اللفظ؛ لأن الياء أسقطت لالتقاء الساكنين، كما كتبوا: سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ بغير واو».

فسكونها جزما، فى نحو: لم يخف ولم يقل ولم يبع، وسكونها وقفا، فى نحو: خف وقل وبع. لمّا اجتمع الساكنان الألف والفاء، فى لم يخاف، والواو واللام فى لم يقول، والياء والعين فى لم يبيع، وجب حذف أحدهما، فكان حرف العلّة أولى بالحذف من وجهين، أحدهما: ضعفه وقوّة الحرف الصحيح، والثانى: أنه إذا حذف دلّت عليه الحركة التى تجانسه. وأصل المثال الأمرىّ من هذا النحو: أخوف وأقول وابيع، كقولك فى موازيه من الصحيح: اركب، أقتل، اضرب، فنقلت حركة حرف العلة إلى الفاء، فاستغنى عن همزة الوصل بتحريك الفاء، فحذفت فصار حينئذ إلى: خوف وقول وبيع، فحذف حرف العلّة، لما ذكرناه من التقاء الساكنين. ومما حذفت منه الواو، لوقوعها بين ياء وكسرة: يفعل، المبنىّ ممّا فاؤه واو، كالوعد والوزن، قالوا: يعد ويزن، استثقالا ليوعد ويوزن، هذه علّة حذف الواو من هذا النحو، فإن زالت الكسرة ثبتت الواو، كقولهم فى مضارع وجل ووحل ووسن: يوجل ويوحل ويوسن، ولمّا حذفوا الواو من يفعل، حملوا عليه أفعل ونفعل وتفعل، فقالوا: أعد ونعد وتعد، كراهة أن يختلف الباب، وحملوا عليه أيضا مصدره (¬1) الذى جاء على فعلة، فأعلّوه بحذف فائه، ونقل كسرتها إلى عينه، فقالوا: عدة وزنة، وإنما أعلّوه، لانكسار فائه مع اعتلال فعله، ألا ترى أن المصادر تتبع الأفعال، فى صحّتها واعتلالها، وذلك كاعتلال الصّيام والقيام/لاعتلال صام وقام، وصحّة الجوار واللّواذ، فى نحو: {يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِواذاً} (¬2) لصحّة جاور ولاوذ، ¬

(¬1) أعاد ابن الشجرى الكلام على هذا المبحث فى المجلس السادس والأربعين، وبيانه فى المقتضب 1/ 88، وقد جمع محققه العلاّمة، رحمه الله، قدرا صالحا من المراجع التى عالجت هذا الموضوع، فالإحالة على ما ذكر الشيخ الجليل مما توجبه أمانة العلم. وقد رأيت كثيرا من أهل زماننا يسطون على جهود غيرهم، وينسبونها إلى أنفسهم بغيا وعدوا، وهى آفة نعوذ بالله من شرّها. (¬2) سورة النور 63.

وكذلك صحّ عور وحول، حملا على صحّة اعورّ واحولّ، لأنه بمعناه، ثم حمل مصدر فعل على فعله، فى الصّحّة، فقيل: العور والحول، ولم يعلّوا ما جاء من مصدر باب يعد، على مثال فعل، كوعد ووزن، لمباينته لفعله بفتح أوّله. والجهة مصدر، كالعدة والزّنة، والفعل منه: وجه يجه. واختلف أهل العربيّة فى الوجهة، من قوله تعالى: {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها} (¬1) فمنهم (¬2) من ذهب إلى أنه مصدر شذّ عن القياس، فجاء مصحّحا، كما صحّ-منبهة على الأصل-قولهم: الخونة والحوكة، واستحوذ، ونحو ذلك. ومنهم من قال: إن الوجهة اسم غير مصدر، وجاء على أصله فى الصّحّة، من حيث كان اسما للمتوجّه، فالمراد (¬3) [إذن] بالوجهة القبلة. اعتراض: فإن قيل: قد وقعت الواو بين ياء وكسرة، فى مثل: يوعد ويوقن ويوجب، وأجمعوا على إقرارها مع وجود الشّرطين. فالجواب: أنّ يفعل أصله يؤفعل، كقولك فى مضارع دحرج: يدحرج، فالأصل: يؤوعد، ويؤيقن، فحذفوا الهمزة استثقالا، لاجتماعها مع همزه المتكلّم، فلمّا كرهوا أن يقولوا: أأوقن، حذفوها، ثم حملوا على أوقن: يوقن وتوقن ونوقن، ليستمرّ الباب على طريقة واحدة، ولما حذفوا الهمزة من هذا الضّرب، حافظوا على الواو، فلم يحذفوها، لئلاّ يوالوا بين إعلالين: حذف الهمزة وحذف الواو. ... ¬

(¬1) سورة البقرة 148. (¬2) هذا التفصيل لأبى على الفارسى. وهو فى التكملة ص 246، باختلاف العبارة، وكذلك هو فى المنصف 1/ 200، باختلاف العبارة أيضا. وانظر شرح الملوكى فى التصريف ص 341، وتفسير القرطبى 2/ 165. (¬3) ليس فى هـ‍.

فصل [في أفعال فاءاتها واو:]

فصل [في أفعال فاءاتها واو:] وقد جاءت أفعال فاءاتها واو، على مثال فعل يفعل: وهى ورث يرث، ووثق يثق، وولى يلى، وورم الجرح يرم، وورع الرجل يرع: إذا كفّ (¬1)، وومق يمق مقة: إذا أحبّ، ووفق يفق: من الوفاق بين الشيئين، كالالتحام بينهما، /وورى الزّند يرى، ويقال أيضا: ورى يرى وأورى، كلّ ذلك إذا أظهر نارا. ومجىء هذه الأفعال على فعل يفعل، شذوذ عن القياس، لأنّ قياس فعل أن يأتى مضارعه على يفعل، مفتوح العين، كقولك: عجل يعجل، وعلم يعلم، وعمل يعمل، وقد ندر من الصّحيح أربعة أحرف، تكلّم بعض العرب بها على وجه القياس، وبعضهم على الشذوذ، وهى حسب يحسب ويحسب، ونعم ينعم وينعم، وبئس يبأس ويبئس، ويئس ييأس وييئس، ولم تأت اللغتان معا، القياسية والشذوذية، فى شيء من المعتلّ الفاء، إلاّ فى ورى الزّند. وورى (¬2) فأمّا وطئ يطأ، ووسع يسع، فإنما حذفوا الواو من يطأ ويسع، وما بعدها مفتوح، لأنهما فى الأصل يوطئ ويوسع، من حيّز وثق يثق، ولكنهم فتحوا العين منهما، لمكان الحرف الحلقىّ، ألا ترى أنّ فعل الذى قياس مضارعه يفعل، بكسر عينه، إذا كانت العين منه أو اللام حرفا من حروف الحلق الستّة: «الغين والخاء والعين والحاء والهمزة والهاء» جاء المضارع منه على يفعل، كقولهم: جبه يجبه، وجرح يجرح، وسلخ يسلخ، وصنع يصنع، وبدأ يبدأ، ونعت ينعت، وشغل يشغل، وفخر يفخر، ونحر ينحر، ونهض ينهض، وإنما استحسنوا الفتحة فى هذا الضّرب، ¬

(¬1) فى الأصل وهـ‍: «خفّ» مضبوطا بفتح الخاء وتشديد الفاء. ولم أجده تفسيرا مقبولا للورع، ولا صلة بين الخفّة والورع. والذى فى كتب اللغة أن الورع هو الكفّ عن المحارم والتحرّج منه. وقد أصلحه مصحح الطبعة الهندية فجعله «خاف». ولم يذكر هذا المعنى صراحة فى المعاجم، على أن له وجها يمكن أن يحمل عليه، فقد قالوا عن الورع إنه الرجل الجبان. وأصل هذه المادة يرجع إلى معنى الكفّ والانقباض. كما ذكر ابن فارس فى المقاييس 6/ 100. ثم انظر أمثلة هذه الأفعال التى جاءت على «فعل يفعل» فى المنصف 1/ 207. (¬2) والفتح أكثر، كما ذكر ابن جنى فى المنصف 1/ 207.

لموافقتها لحروف الحلق، ووجه الوفاق بينهما: أن الفتحة من الألف، والألف مخرجها من الحلق. وقد يجيء الحرف من هذا الضّرب على الأصل (¬1)، كقولهم: دخل يدخل (¬2)، وفرغ يفرغ، ونحت ينحت، ونطح ينطح. وأما يدع، فماضيه فعل، مفتوح العين، وإن لم يتكلّموا به، استغناء عنه بترك، فأصله: يودع، وحذف واوه لاجتماع الشرطين، الياء والكسرة، ثم فتحت عينه لمكان حرف الحلق، ويذر محمول على يدع، لوفاقه له فى المعنى (¬3)، فلولا حمله عليه كسرت عينه، فقيل: يذر، كقولك: وجب يجب، إذ ليس فيه حرف /حلقىّ، تفتح عينه لأجله. وحكم المضارع من وهب يهب، ووضع يضع، حكم يدع، فى أنهم حذفوا الواو منهما، لوقوعها بين ياء وكسرة، ثم فتحوا عينيهما، لمكان الحرف الحلقيّ. اعتراض: فإن قيل: لم استثقلوا وقوع الواو بين ياء وكسرة، ولم يستثقلوا وقوعها بين ياء وضمّة، فى قولهم: وضؤ يوضؤ، والضمّة أثقل من الكسرة (¬4)؟ قيل: إن الخروج من ضمّ إلى ضمّ، أسهل عليهم من الخروج من ضمّ إلى كسر، ومن كسر إلى ضمّ، ألا ترى أنه قد جاء فى الأسماء فعل، مثل طنب ¬

(¬1) راجع المنصف 1/ 208. (¬2) فى هـ‍: «فزع يفزع» بالزاى والعين المهملة. وما فى الأصل جاء مثله فى الحلبيات ص 122. (¬3) ولأن كليهما ليس له ماض ولا مصدر ولا اسم فاعل. راجع المقتضب 3/ 380، والحلبيات ص 122، وفهارسها ص 431، والإنصاف ص 485، وكتاب الشعر ص 164، وما فى حواشيه. وقد أعاده ابن الشجرى فى المجلس السابع والستين. (¬4) راجع المنصف 1/ 209، وشرح الشافية 1/ 120.

وعنق، ولم يأت فيها مثال فعل (¬1)، وإنما جاء هذا البناء فى الفعل المبنىّ للمفعول، وأما الخروج من كسر إلى ضمّ، فلم يأت مثال فعل فى الاسم ولا فى الفعل. وممّا حذفوه من الواوات، واو الضمير المرفوع والمنصوب والمجرور، فمثال المرفوع: أنتمو (¬2) فعلتمو، ومثال المنصوب: لقيتهمو وأكرمتهمو، ومثال المجرور: عليكمو وعليهمو، بكسر الهاء وضمها، فمن حذف هذه الواو أتبعها الضّمة فقال: أنتم فعلتم ولقيتهم وأكرمتهم، وعليكم وعليهم، ولأن بقاء الضمة يجلب الواو. وأجمعوا على حذف الواو فى الوقف، فأما حذف الهمزة، فسأذكره فى فصل مفرد، إن شاء الله تعالى. ... ¬

(¬1) ابن الشجرىّ يتابع سيبويه، قال فى الكتاب 4/ 244: «واعلم أنه ليس فى الأسماء والصفات فعل، ولا يكون إلاّ فى الفعل». وليس فى الكلام فعل». وانظره أيضا 4/ 174. قلت: ذكر أهل العلم ثلاثة أسماء جاءت على (فعل): دئل: علما لقبيلة، واسم دويبّة. والوعل: لغة فى الوعل، وهو التّيس الجبلىّ. ورئم: اسم الاست. وقيل: إن هذه الأسماء الثلاثة منقولة عن أفعال مبنية للمجهول. راجع ليس فى كلام العرب ص 65، واللسان (دأل-وعل -رأم)، وتصريف الأسماء للشيخ محمد الطنطاوى ص 14 - 16. (¬2) فى هـ‍: أنتم.

المجلس الخامس والأربعون يتضمن ذكر حذف ضروب من الحروف التى من ذوات الكلم.

المجلس الخامس والأربعون يتضمّن ذكر حذف ضروب من الحروف التى من ذوات الكلم. فمن المحذوفات التى استمرّ حذفها، وكثر فى ضروب من الكلام: التنوين، حذفوه للإضافة فى نحو: غلامك، وغلام عمرو (¬1)، وجدّة زينب، وحذفوه لمعاقبة لام التعريف له، وحذفوه فى الوقف بعوض، فى نحو: رأيت زيدا، وبغير عوض فى اللّغة العليا، فى نحو: هذا زيد، ومررت بزيد، وأزد السّراة (¬2) عوّضوا، فقالوا: زيدو، /وبزيدى، وهى لغة رديّة، لثقل الواو والضمّة، والياء والكسرة، ولوقوع الواو وقبلها ضمّة فى آخر اسم معرب، وهو ممّا رفضوه فى كلامهم، ولالتباس الياء في نحو: مررت بزيدى وبغلامى، بياء المتكلّم. وحذفوه من الاسم العلم فى النداء كقولك: يا زيد، و {يا نُوحُ اِهْبِطْ} (¬3) ومن النكرة المقصود قصدها فى نحو: يا غلام هلمّ، و {يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ} (¬4). وحذفوه فكان حذفه علما لثقل الاسم، فى نحو رأيت أحمد، ومررت بأحمد {وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اِسْمُهُ أَحْمَدُ} (¬5) كما جعلوا إثباته علامة لخفّة الاسم، في نحو: ربّ أحمد غيرك أكرمته. ¬

(¬1) فى الأصل: غلام عمّ جدّة زينب. (¬2) راجع الكتاب 4/ 167، والأصول 2/ 372، وإيضاح الوقف والابتداء 1/ 390، والتسهيل ص 328، وشرح المفصل 9/ 70، وشرح الشافية 2/ 274،317، والتصريح 2/ 338، والهمع 2/ 205. (¬3) سورة هود 48. (¬4) سورة سبأ 10. (¬5) سورة الصف 6.

وحذفوه لالتقاء الساكنين، وذلك على ضربين: لازم وغير لازم، فاللازم أن تحذفه لسكونه وسكون الباء من ابن، باجتماع شرائط: منها أن يكون في اسم علم، ومنها أن يكون ابن مضافا إلى علم، ومنها أن يكون ابن صفة للاسم، لا خبرا عنه، ولا تكون الواسطة بين الاسمين إلاّ هذه اللفظة التي هى ابن، وتحذف ألفه من الخط، فإن عدمت إحدى هذه الشرائط وجب إثبات التنوين، فمثال اجتماع شرائط حذفه، قولك: هذا زيد بن جعفر، ورأيت زيد بن جعفر، ومررت بزيد بن جعفر، فإن قلت: زيد ابن جعفر، نوّنت وأثبتّ ألف ابن، لأنّ قولك: «زيد» مبتدأ و «ابن جعفر» خبره، وكذلك إن قلت: مررت بزيد ابن أخيك، نوّنت، لأنك أضفت الاسم إلى غير علم، وكذلك إن قلت: مررت بزيد (¬1) عمّ جعفر نوّنت، لأنك وصفته بغير ابن. وإنما حذفوا التنوين فى هذا النحو لكثرة الاستعمال (¬2)، لأن الإنسان لا يخلو من اسم علم، وهو مع ذلك ابن صاحب اسم علم، ولا بدّ له من الأبوّة، والأبوّة دالّة على البنوّة، وقد يجوز أن يخلو من الأخوّة والعمومة والخؤولة. ولا يجوز إثبات التنوين مع ما ذكرته من اجتماع هذه الشرائط إلاّ اضطرارا/ كقول الحطيئة (¬3): إلاّ يكن مال يثاب فإنّه … سيأتى ثنائى زيدا ابن مهلهل وأنشد سيبويه (¬4): ¬

(¬1) فى هـ‍: بزيد جعفر. (¬2) راجع الكتاب 3/ 504، والمقتضب 2/ 312، والمراجع التى تأتيك فى تخريج الشعر التالى. (¬3) ديوانه ص 84، ومعانى القرآن 1/ 432، والخصائص 2/ 491، وسرّ صناعة الإعراب ص 531، ومختارات ابن الشجرى ص 544، وشرح المفصل 2/ 6، وضرائر الشعر ص 28. (¬4) الكتاب 3/ 506، ونسب للأغلب العجلى. وانظر المراجع السابقة-ما عدا المختارات- والمقتضب 2/ 315 والتبصرة ص 728، والجمل المنسوب للخليل ص 218، والمقرب 2/ 18، -

جارية من قيس ابن ثعلبه … تزوّجت شيخا غليظ الرّقبه ومن نوّن «عزيرا» فى قوله تعالى: {وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ اِبْنُ اللهِ} (¬1) فلأنه جعل ابنا خبرا لا صفة، والتنوين فى «عزير» للصّرف، لأن مصغّر الثلاثيّ ينصرف وإن كان عجميّا، كما ينصرف مكبّره، وينصرف فى هذه العدّة، وإن كان متحرّك الأوسط، كما ينصرف إذا سكن أوسطه، ولا اختلاف فيه كما اختلف فى نحو: هند ودعد، وكما أجمعوا على منع الصرف، لاجتماع التأنيث والتعريف مع تحرّك الأوسط، فى نحو: لظى وسقر وقدم، إذا سمّيت بها (¬2) امرأة، فالساكن الأوسط نحو: نوح ولوط، والمتحرّك الأوسط نحو سبك (¬3) وغزر، اسم تركيّ. ومن قرأ {عُزَيْرٌ اِبْنُ اللهِ} بحذف (¬4) التنوين احتمل وجهين، أحدهما: أن يكون «عزير» خبر مبتدأ محذوف، و «ابن» صفة، فيجب بذلك حذف التنوين، ¬

= وشرح الجمل 2/ 448، والإيضاح فى شرح المفصل 1/ 269، والمغنى ص 644، وشرح أبياته 7/ 366، والتصريح 2/ 170، والخزانة 2/ 236. والشطر الثانى من هذا الرجز يأتى باختلاف فى الرواية. (¬1) سورة التوبة 30. (¬2) فى هـ‍: «به». والقدم مؤنثة، قال تعالى: فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِها سورة النحل 94. وانظر البلغة فى الفرق بين المذكر والمؤنث ص 66، وقد أعاد ابن الشجرى «قدم» هذه، اسم امرأة فى المجلس الرابع والخمسين. وانظر المسائل المنثورة ص 256. (¬3) فى هـ‍: سبل. (¬4) قرأ بها ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر وحمزة. السبعة ص 313، ومعانى القرآن للفراء 1/ 431، و 3/ 300، وللأخفش ص 329، وللزجاج 2/ 442، وضرورة الشعر ص 104، والعسكريات ص 176، وتفسير الطبرى 14/ 204، وسر صناعة الإعراب ص 532، والكشف 1/ 501، والمشكل 1/ 360. وقد قوّى المفسّرون النحاة قراءة التنوين. فقال الفراء: «والوجه أن ينوّن؛ لأن الكلام ناقص، و (ابن) فى موضع خبر لعزير». وقال الأخفش: «وقد طرح بعضهم التنوين، وذلك رديء؛ لأنه إنما يترك التنوين إذا كان الاسم يستغنى عن الابن». وقال الزجاج: «والوجه إثبات التنوين لأن «ابنا» خبر، وإنما يحذف التنوين فى الصفة، نحو قولك: جاءنى زيد بن عمرو». ثم قال: «ولا اختلاف بين النحويين أن إثبات التنوين أجود».

ويكون المبتدأ فيما قدّره أبو على: صاحبنا أو نسيبنا أو نبيّنا عزير بن الله، والوجه الآخر: أن لا يقدّر مبتدأ بل يكون «عزير» هو المبتدأ، و «ابن» خبره، وحذف التنوين لالتقاء الساكنين، فتتّفق القراءتان على هذا التقدير. ومن حذف التنوين لالتقاء الساكنين، ما روى عن أبى عمرو، فى بعض طرقه: {أَحَدٌ. اللهُ الصَّمَدُ} (¬1) وحذفه على هذا الوجه متّسع فى الشّعر، كقوله (¬2): حميد الذى أمج داره … أخو الخمر ذو الشّيبة الأصلع وكقول الآخر: لتجدنّى بالأمير برّا … وبالقناة مدعسا مكرّا /إذا غطيف السّلميّ فرّا (¬3) ومثله: ¬

(¬1) سورة الإخلاص 1،2، وانظر طريق أبى عمرو هذا فى السبعة ص 701، والبحر 8/ 528، ثم انظر الكتاب 4/ 152، ومعانى القرآن 3/ 300، وسر صناعة الإعراب ص 533، والخزانة 11/ 376. (¬2) هو حميد الأمجى، من شعراء الدولة الأموية، كان معاصرا للخليفة العادل عمر بن عبد العزيز. العقد الفريد 6/ 352، ومعجم ما استعجم ص 190، فى رسم (أمج)، ورسالة الغفران ص 470، ونوادر أبى زيد ص 368، والكامل ص 328، والمقتضب 2/ 313، والعسكريات ص 177، وسرّ صناعة الإعراب ص 535، والإنصاف ص 664، وضرائر الشعر ص 106، والخزانة 11/ 376، واللسان (أمج). وأنشده العلوىّ فى نضرة الإغريض ص 264، فى سياق يؤذن بأنه ينقل عن ابن الشجرى. وأعاده ابن الشجرى فى المجلس الثانى والستين. و «أمج» بلد من أعراض المدينة. وهذا البيت وقع مع آخرين مجرورين، ففيه إقواء، ووقع مع آخر مرفوع، فلا إقواء فيه. راجع حواشى الكامل. (¬3) نوادر أبى زيد ص 321، ومعانى القرآن 1/ 431،3/ 300، وضرورة الشعر ص 103، والجمل المنسوب للخليل ص 217، وسر صناعة الإعراب ص 534، والتبصرة ص 730، وتفسير الطبرى 14/ 205، والقرطبى 8/ 116، والبحر 5/ 31، والإفصاح ص 60، والإنصاف ص 665، ونضرة الإغريض ص 265، واللسان (دعس-دعص-غطف)، وغير ذلك مما تراه فى حواشى تلك الكتب.

حيدة خالى ولقيط وعلى … وحاتم الطائىّ حمّال المئى (¬1) وقال عبيد الله بن قيس الرّقيّات (¬2): كيف نومى على الفراش ولمّا … تشمل الشّام غارة شعواء تذهل الشيخ عن بنيه وتبدى … عن خدام العقيلة العذراء أراد: وتبدى العقيلة العذراء عن خدام، والخدام: الخلخال، أى ترفع المرأة الكريمة ثوبها للهرب فيبدو خلخالها، والجملة التى هى «تبدى العقيلة» موضعها رفع بالعطف على الجملة التى هى «تذهل الشيخ عن بنيه» وموضع الجملة التى هى «تذهل الشيخ عن بنيه» رفع على النعت لقوله «غارة» والعائد إلى الموصوف من الجملة المعطوفة (¬3) [محذوف] تقديره: وتبدى العقيلة العذراء لها عن خدام، أى لأجلها. والشّعواء: المتفرّقة. وممّا حذف منه التنوين لالتقاء الساكنين، قول الآخر (¬4): ¬

(¬1) لامرأة من بنى عقيل، وقيل: من بنى عامر، وقيل: ليلى العامرية. النوادر ص 321، والأصول 3/ 329،332، والعسكريات ص 177، وسر صناعة الإعراب ص 534، والخصائص 1/ 311، والمنصف 2/ 68، والجمل المنسوب للخليل ص 218، ودلائل الإعجاز ص 195، والإفصاح ص 60، والإنصاف ص 663، وضرائر الشعر ص 134، والخزانة 7/ 375، وما بعدها، وانظر فهارسه، وشرح شواهد الشافية ص 163، واللسان (مأى)، ونسبه العينى فى شرح الشواهد 4/ 565، إلى قصىّ بن كلاب، وردّه البغدادىّ فى الخزانة 7/ 379. (¬2) ديوانه ص 95،96، وتخريجه فيه، وزد عليه: مجالس ثعلب ص 123، والجمل المنسوب إلى الخليل ص 177، وسر صناعة الإعراب ص 535، والمنصف 2/ 231، والإفصاح ص 54، والإنصاف ص 661، وشرح المفصل 9/ 36، وضرائر الشعر ص 105، ونضرة الإغريض ص 265، والخزانة 11/ 377. (¬3) ساقط من هـ‍. (¬4) أبو الأسود الدؤلى. والبيت فى مستدرك ديوانه ص 123، وهو بيت سيّار، وقد استقصيت تخريجه فى كتاب الشعر ص 114، وانظر أيضا ضرورة الشعر ص 103، وضرائر الشعر ص 105، وسر صناعة الإعراب ص 534.

فألفيته غير مستعتب … ولا ذاكر الله إلاّ قليلا والذى حسّن لقائل هذا البيت حذف التنوين، لالتقاء الساكنين، ونصب اسم الله تعالى، واختيار ذلك على حذف التنوين للإضافة، وجرّ اسم الله: أنه لو أضافه (¬1) لتعرّف بإضافته إلى المعرفة، ولو فعل ذلك لم يوافق المعطوف المعطوف عليه فى التنكير، فحذف التنوين لالتقاء الساكنين، وأعمل اسم الفاعل، فعطف (¬2) نكرة على نكرة مجرورة، بإضافة «غير» إليها، وانتصاب «غير» على الحال، كانتصاب {ضالِّينَ} فى قوله تعالى: {أَلْفَوْا آباءَهُمْ ضالِّينَ} (¬3) فصار فى التقدير: غير مستعتب ولا ذاكر. /وحكى عن القاضى أبى سعيد السّيرافىّ (¬4)، أنه قال: حضرت فى مجلس أبى بكر بن دريد، ولم أكن قبل ذلك رأيته، فجلست فى ذيل المجلس، فأنشد أحد الحاضرين بيتين يعزيان إلى آدم عليه السّلام، قالهما لما قتل ابنه قابيل أخاه هابيل، وهما: تغيّرت البلاد ومن عليها … فوجه الأرض مغبّر قبيح (¬5) تغيّر كلّ ذى حسن وطيب … وقلّ بشاشة الوجه المليح فقال أبو بكر: هذا شعر قد قيل فى صدر الدنيا، وجاء فيه الإقواء، ¬

(¬1) فى هـ‍: أضاف. (¬2) حكاه البغدادى عن ابن الشجرى، وذكر أن بعضهم أعرب «ذاكر» بالنصب عطفا على «غير». الخزانة 11/ 382، وانظر حواشى كتاب الشعر. (¬3) سورة الصافات 69. (¬4) وذكره فى كتابه ضرورة الشعر ص 101،102، باختلاف فى العبارة. (¬5) هذان البيتان مما استفاضت بهما كتب العربية، انظر التنبيه على حدوث التصحيف ص 18، والإفصاح ص 61، ورسالة الغفران ص 283، والإنصاف ص 662، ومعجم الأدباء 8/ 186 (فى ترجمة السّيرافى)، ونضرة الإغريض ص 246، وطبقات الشافعية 3/ 140 (فى ترجمة ابن دريد)، والهمع 2/ 156، وغير ذلك كثير.

فقلت: إنّ له وجها يخرجه من الإقواء، فقال: ما هو؟ قلت: نصب «بشاشة» وحذف التنوين منها لالتقاء الساكنين، لا للإضافة، فتكون بهذا التقدير نكرة منتصبة على التمييز، ثم رفع «الوجه» وصفته بإسناد «قلّ» إليه، فيصير اللفظ: «وقلّ بشاشة الوجه المليح»، والأصل: بشاشتن الوجه المليح (¬1)، فقال: ارتفع، فرفعنى حتى أقعدنى إلى جنبه. هذا حكم التنوين. فأما النّون فقد حذفوها ساكنة ومتحرّكة، فمن حذف الساكنة، حذف نون التوكيد الخفيفة، بعوض وبغير عوض، فحذفها بعوض يكون إذا وقفت عليها فى نحو: يا رجل قوما، ويا زيد اخرجا، أبدلت منها الألف، كما أبدلته من التنوين، فى نحو: رأيت زيدا، وكذلك: {لَنَسْفَعاً بِالنّاصِيَةِ} (¬2) تقف عند انقطاع نفسك على الألف، ومنه قول الأعشى (¬3): وصلّ على حين العشيّات والضّحى … ولا تعبد الشّيطان والله فاعبدا وقول آخر، فى وصف وطب مملوء لبنا، ملفوف فى غشاء: يحسبه الجاهل ما لم يعلما … شيخا على كرسيّه معمّما (¬4) ¬

(¬1) قال أبو العلاء المعرى: «هذا الوجه الذى قاله أبو سعيد شرّ من إقواء عشر مرّات فى القصيدة الواحدة». وكان أبو العلاء قد ذكر رواية أخرى لا إقواء معها: وغودر فى الثّرى الوجه المليح (¬2) سورة العلق 15. (¬3) ديوانه ص 137. والبيت فى رواية ابن الشجرى ملفق من بيتين وردا فى الديوان هكذا: وذا النّصب المنصوب لا تنسكنّه ولا تعبد الأوثان والله فاعبدا وصلّ على حين العشيات والضحى ولا تحمد الشيطان والله فاحمدا وانظر الكتاب 3/ 510، وسر صناعة الإعراب ص 678، والتبصرة ص 433، والإنصاف ص 657، وشرح المفصل 9/ 39،88،10/ 20، والمغنى ص 372، وشرح أبياته 6/ 162، وغير ذلك كثير. وأعاده ابن الشجرى فى المجلس المتمّ السبعين. (¬4) اختلف فى قائله، فقيل: ابن جبابة اللصّ، وقيل غيره. راجع الكتاب 3/ 516، -

أراد يحسبه الجاهل به. وحذفها بغير عوض، يكون لالتقاء الساكنين، /كقولك: اضرب الغلام، حذفتها لسكونها وسكون اللام، وبقيت الفتحة قبلها دالّة عليها، ولم تحرّكها لالتقاء الساكنين، كما تحرّك التنوين فى اللغة العليا فى نحو: «أحدن الله الصّمد» (¬1) و (¬2) «فتيلن انظر» جعلوا (¬3) لزيادة الاسم مزيّة على زيادة الفعل، فحذفوا زيادة الفرع، وحرّكوا زيادة الأصل، ومثل قولك: اضرب الغلام، فى حذف النون، لدلالة الفتحة عليها، قول الشاعر (¬4): ولا تهين الفقير علّك أن … تركع يوما والدّهر قد رفعه أراد: تهينن، فحذف النون، وبقيت ياء «تهين» لثبات الفتحة بعدها. ¬

= والنوادر ص 164، ومجالس ثعلب ص 552، وسر صناعة الإعراب ص 679، والتبصرة ص 431، والجمل المنسوب إلى الخليل ص 238، والإنصاف ص 653، والمقرب 2/ 74، وشرح المفصل 9/ 42، والخزانة 11/ 409، وفى حواشيها فضل تخريج. (¬1) أول سورة الإخلاص. (¬2) فى الأصل: «قبيلن»، وفى هـ‍: «قبلن» وكل ذلك خطأ. والمراد قوله تعالى: وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً. اُنْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ سورة النساء 49،50. (¬3) فى هـ‍: «جعلوا الزيادة الاسم على زيادة الفعل». وأراد مصحح الطبعة الهندية إصلاحها فأتلفها وجعلها: «حملوا زيادة الاسم على. . .». (¬4) هو الأضبط بن قريع السّعدى، كما فى البيان والتبيين 3/ 341، وحماسة ابن الشجرى ص 473، والتخريج فيهما مستوفى. وانظر أيضا: التبصرة ص 434، والإنصاف ص 221، والمقرب 2/ 18، والمغنى ص 155،642، وشرح أبياته 3/ 379، وشرح المفصل 9/ 43، وشرح شواهد الشافية ص 160. وهذا الشاهد من المنسرح، وأول أجزائه «مستفعلن» وقوله: «ولا تهى» وزنه: متفعلن» حذفت السين بالخبن، وهو جائز فى كلّ «مستفعلن». لكنه روى فى بعض المراجع «لا تهين» بطرح الواو، فيكون وزن التفعيلة الأولى: «تفعلن» فتكون الميم قد حذفت بالخرم، ومثله شاذ، لأن الخرم لا يقع فى غير الوتد المجموع. نبّه عليه البغدادى-رحمه الله-فى شرح أبيات المغنى. هذا وقد روى صدر البيت: «لا تحقرنّ الفقير» و: «ولا تعاد الفقير» وعليهما لا شاهد فيه.

وممّا حذفوا نونه، وعوّضوا منها فى موضعها ألفا، قولهم: «جرنفش» (¬1) وهو العظيم الجنبين، «وشرنبث» وهو الغليظ الكفّين، قالوا فيهما: جرافش وشرابث. وكذلك حذفوا النون من قولهم: «شنذارة»، وهو السيّئ الخلق، وعوّضوا منها الهمزة، فقالوا: شئذارة، وحذفوا النون من «قنفخر» وهو الضّخم (¬2) من الرجال، وعوّضوا منها ألفا، فى غير موضعها، فقالوا: قفاخرىّ. ومن حذفها اضطرارا حذفها فى قول النّجاشى (¬3): فلست بآتيه ولا أستطيعه … ولاك اسقنى إن كان ماؤك ذا فضل كان حقّها أن يحرّكها، لولا الضرورة. وممّا حذفوها منه استحسانا، وتشبيها لها بحروف المدّ واللّين لفظة «يكون» (¬4)]، وذلك إذا سكنت للجزم فى نحو: لم يكن، ولا تكن، كقولك: لم يك جالسا، وكقوله تعالى: {وَإِنْ يَكُ كاذِباً} (¬5) وكذلك قولك: لا تك فى شكّ، وقوله تعالى: {وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ} (¬6) وإنما حذفوها فى هذا الحرف، لكثرة استعماله، كما يحذفون حروف العلّة، فى قولهم: لم يخش ولم يدع ولا ترم، ولم يحذفوها من نظائر هذا الفعل، أعنى ما وازنه ولامه نون، نحو يصون ويهون، فيقولوا: /لم يص نفسه، وذلك لقلة استعماله. ¬

(¬1) فى الكتاب 4/ 323، والحلبيات ص 377: «جرنفس» بالسين المهملة، وكلاهما صحيح. (¬2) وقال ابن الدهان: «قنفخر: فائق فى نوعه». شرح أبنية سيبويه ص 145، وراجع الكتاب 4/ 297،324. (¬3) هو قيس بن عمرو بن مالك الحارثىّ كان فاسقا رقيق الإسلام، أقام عليه علىّ كرّم الله وجهه، الحدّ؛ لإفطاره فى رمضان. الشعر والشعراء ص 329. والبيت الشاهد فى الكتاب 1/ 27، وقد استقصيت تخريجه فى كتاب الشعر ص 113، وانظر ضرورة الشعر ص 99،216، والجمل المنسوب للخليل ص 214. (¬4) الكتاب 4/ 405، واللسان (كون). (¬5) سورة غافر 28. (¬6) سورة النحل 127.

وممّا حذفوها منه قولهم، لضرب من الشّجر: «عرنتن» (¬1) قالوا فيه: عرتن حذفوها منه ثالثة ساكنة، كما حذفوا الألف من «علابط» (¬2) وهو القطيع الضّخم من الغنم (¬3)، فقالوا: علبط، قال: ما راعنى إلاّ رياح هابطا … على البيوت قوطه العلابطا (¬4) القوط: القطيع من الغنم، يكون ضخما وغير ضخم، فلذلك وصفه بالعلابط، ونصب العلابط (¬5) بهابط، لأنّ هبط لازم ومتعدّ، تقول: هبط زيد وهبطته (¬6). وممّا حذفت منه النون لالتقاء الساكنين، قوله: أبلغ أبا دختنوس مألكة … غير الذى قد يقال ملكذب (¬7) أراد: من الكذب، ومثله قول الآخر (¬8): كأنّهما ملآن لم يتغيّرا … وقد مرّ للدارين من بعدنا عصر أراد: من الآن. وأما حذفها متحرّكة، فكحذف نون التثنية والجمع فى الإضافة، كقولك: ¬

(¬1) راجع الكتاب 4/ 289،297،323،324،405،437، والأصول 3/ 184. (¬2) راجع الكتاب 4/ 289،323،437، والأصول 3/ 65،184،410. (¬3) وقيل: هو اللبن الثخين، وهو الغليظ. وقيل: الكثير. شرح أبنية سيبويه ص 125. (¬4) نوادر أبى زيد ص 475، وفعلت وأفعلت، لأبى حاتم ص 143، والجمهرة 3/ 438، والخصائص 2/ 211، والمنصف 1/ 27، والمحتسب 1/ 92، واللسان (علبط-قوط-لعط-هبط). (¬5) الذى فى كتب ابن جنى الثلاثة، واللسان، أن «قوطه» هو المنصوب بهابط، وهو الصحيح. (¬6) راجع فعلت وأفعلت، والجمهرة. (¬7) فرغت منه فى المجلس الرابع عشر. (¬8) أبو صخر الهذلى. شرح أشعار الهذليين ص 956، وتخريجه فى ص 1477، وانظر ضرائر الشعر ص 115.

ضاربا زيد، ومكرمو أخيك، وكحذفها من بني العنبر وبنى الهجيم وبنى الحارث، قالوا: بلعنبر وبلهجيم وبلحارث، وإنّما حذفوها هاهنا لمقاربتها للاّم فى المخرج، لأنهم يستثقلون اجتماع المتقاربين، كما يستثقلون اجتماع المثلين. وإنما استمرّ هذا الحذف والإبدال فى النون، لما بينها وبين حروف العلة من المشابهة (¬1)، لأنها إذا سكنت تضمّنت غنّة، كما تتضمّن حروف اللّين مدّا، وهذا تعرفه بأنك إذا أمسكت جانبى طرف أنفك بسبّابتك وإبهامك وتلفّظت بقولك: من قام، تعذّر عليك إخراج النون، لأنّ مخرجها إذا سكنت من الخياشيم، ولذلك أدغموها فى الواو والياء (¬2)، من قولك: من وّعدك، ومن يقول ذاك. وأبدلوها من الواو فى النّسب إلى صنعاء وبهراء، قبيلة يمانية، وإلى سوراء، فقالوا: صنعانيّ وبهرانيّ وسورانيّ. وجعلوها إعرابا، علما للرفع/فى خمسة أمثلة: تفعلان ويفعلان وتفعلون ويفعلون وتفعلين، كما جعلوا الألف والواو والياء إعرابا في تثنية الأسماء وجمعها. وجعلوها ضميرا، فى فعلن ويفعلن وافعلن، كما جعلوهنّ ضمائر، فى افعلا وافعلوا وافعلى، وفى تفعلان وتفعلون وتفعلين. ومن المحذوفات من ذوات الكلم: الياء من المضاعف، فمن ذلك حذفها من المضاعف، الذى جاء على مثال فيعل، نحو سيّد وميّت (¬3) وهيّن وليّن، وليس فى ¬

(¬1) أصل هذا الكلام عند ابن جنى فى المنصف 2/ 228، وسرّ صناعة الإعراب ص 438، ثم انظر الكتاب 4/ 434،435 فى صفات الحروف المجهورة. (¬2) وهذا عند أبى علىّ، فى العضديات ص 123. (¬3) راجع لهذا المبحث الكتاب 4/ 365، والأصول 3/ 262، ورسالة الملائكة ص 170، والتبصرة ص 690، والإنصاف ص 795، والممتع ص 498. وأعاده ابن الشجرى فى المجلسين السادس والخمسين، والحادى والستين.

الكلام فيعل إلاّ معتلّ العين، اختصّ بذلك المعتلّ دون الصحيح، كما اختصّ بمثال فيعلولة، نحو كيّنونة وقيّدودة وصيّرورة، إلا أنهم لم يستعملوا هذا المثال إلا مخفّفا، حذفوا عينه، فقالوا: كان كينونة، وقاد قيدودة، وصار صيرورة، فوزنه الآن: فيلولة، وكذلك قالوا فى سيّد ونظائره: سيد وميت وهين ولين، كما جاء فى الحديث: «المؤمن هين لين» (¬1) حذفوا عينه، كما حذفوا عين فيعلولة، فوزن ميت: فيل، فإذا جمعوه ردّوا عينه فى قولهم: أموات. وكما اختصّ المعتلّ بفيعل، اختصّ الصحيح بفيعل، نحو صيرف، للمتصرّف فى الأمور، وجيدر للرجل القصير، وغيلم، بالغين المعجمة، للسّلحفاة، والجارية أيضا، وعيلم، للبئر الكثيرة الماء، وللبحر أيضا. فأما قولهم للملك الذى دون الملك الأعظم: «قيل» فقال فيه ابن السّكّيت (¬2): القيل: الملك من ملوك حمير، وجمعه: أقيال وأقوال، فمن قال: أقيال، بناه على لفظ قيل، ومن قال: أقوال، جمعه على الأصل، وأصله من ذوات الواو، وكان أصله: قيّل (¬3)، فخفّف، مثل سيّد، من ساد يسود. وأبى قوم (¬4) من النحويّين هذا القول، وجعلوا للقيل اشتقاقين، بحسب اختلاف جمعه، فذهبوا إلى أنه فعل، من اليائىّ، فيمن (¬5) قال: أقيال، كقيد وأقياد، واشتقاقه من قولهم: تقيّل فلان أباه: إذا رجع إليه فى الشّبه، وقولهم فى الملك: قيل، معناه أنه أشبه الملك الذى كان قبله، كما أن «تبّعا» معناه: تبع فى الملك/من كان ¬

(¬1) خرّجته فى المجلس الخامس والثلاثين. (¬2) إصلاح المنطق ص 10،11. (¬3) فى الإصلاح: «قيلا» أعطاه حقّه من الإعراب. (¬4) جاء بهامش الأصل حاشية: «هذا قول أبى على الفارسىّ، فى كتابه المعروف بالتذكرة، ولم يسبق إليه، وهو اشتقاق واضح، ولم ينكر قول ابن السّكّيت، ولكن ترجّح عنده قول نفسه». وقد أشار المرتضى الزّبيدى إلى اختلاف العلماء فى هذا الحرف، ثم قال: «وفيه كلام طويل لابن الشجرىّ وغيره» تاج العروس (قول). (¬5) فى هـ‍: فمن.

قبله، كما قيل للظّل: تبّع، لأنه يتبع ضوء الشمس، قالوا: ولو كان «قيل» من الواوىّ، كميت، لم يأت فى جمعه إلاّ أقوال، كما لم يأت فى جمع ميت إلا أموات. وأمّا من جمعه على أقوال، فأصله قيّل، فيعل من القول، والمعنى أنه يقبل قوله ولا يردّ، فهو مثل ميّت وأموات، فوزنه على هذا: فيّل، ردّت عينه فى التكسير. وأقول: إنّ قول ابن السّكّيت غير بعيد، فيجوز أن يكون أصله فيعل، من القول، فلما خفّفوه، حمله من قال فى جمعه: أقيال، على لفظه، وحمله من قال: أقوال، على أصله، كما قالوا من الشّوب: مشوب ومشيب، فمن قال: مشيب، حمله على لفظ شيب، ومثله المجفوّ والمجفيّ، وهو من جفوت، قال: ما أنا بالجافى ولا المجفىّ (¬1) حمل المجفيّ على (¬2) [لفظ] جفى، ولم يطّرد ذلك، فيقولوا من الصّوغ: مصيغ، كما قالوا من الشّوب: مشيب، ولا قالوا من الغزو: مغزىّ، كما قالوا من الجفوة: مجفىّ، فكذلك قالوا: أقيال، على لفظ قيل، وإن لم يقولوا: أميات، فى جمع ميت. فأمّا مضاعف الفعل، فمنه ما حذفوا منه أحد المثلين، بغير عوض، ومنه ما وقع الحذف منه بعوض، فالمحذوف بغير عوض: اللام من ظللت، والسين من مسست وأحسست، فقالوا: ظلت ومست وأحست، نقلوا فتحة السين إلى الحاء، ثم حذفوها، قال: ¬

(¬1) إصلاح المنطق ص 143،185، وأدب الكاتب ص 568،601، والمخصص 13/ 37، واللسان (جفا). (¬2) ليس فى هـ‍.

سوى أنّ العتاق من المطايا … أحسن به فهنّ إليه شوس (¬1) وفى التنزيل: {وَاُنْظُرْ إِلى إِلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً} (¬2) ومنهم من يلقى كسرة اللام على الظاء، ثم يحذفها، فيقول: ظلت، وقد قرأ به بعض أصحاب الشواذ (¬3). ومما حذف منه أحد المثلين، قوله تعالى: {تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ} (¬4) حذفت التاء الثانية، من {تَتَنَزَّلُ} وخصّت بالحذف، لأنّ الأولى حرف المضارعة، فهو لمعنى، /والذى لمعنى يحافظ عليه. و «شوس» (¬5) [فى البيت] جمع أشوس، وهو الذى ينظر بأحد شقّي عينه تغيّظا. وأمّا ما حذفوا منه وعوّضوا، فنحو: تظنّنت، قالوا: تظنّيت، فعوّضوا من النون الياء، وقد حكى الفرّاء: قصّيت أظفارى، يريدون: قصصت، وحكى ابن الأعرابىّ: خرجنا نتلعّى، أى نأخذ اللّعاعة، وهى بقلة ناعمة، فى أوّل ما تبدو، وقال الأصمعىّ، فى قولهم: «تسرّيت» أى اتخذت سرّيّة: أصله تسرّرت، من السّرّ الذى هو النكاح، قال امرؤ القيس (¬6): ألا زعمت بسباسة اليوم أنّنى … كبرت وأن لا يحسن السّرّ أمثالى ¬

(¬1) فرغت منه فى المجلس الرابع عشر. (¬2) سورة طه 97. (¬3) خرّجت هذه القراءة فى المجلس المذكور. وانظر الكتاب 4/ 422. (¬4) الآية الرابعة من سورة القدر. (¬5) ليس فى هـ‍. (¬6) ديوانه ص 28، برواية «يحسن اللهو». وجاءت روايتنا فى ص 377، فى ذكر فروق روايات الديوان، وكذلك جاءت الرواية فى معانى القرآن 1/ 153، وتفسير القرطبى 3/ 191 وجاء فى 6/ 248، برواية: «وألاّ يشهد اللهو». والبيت أعاده ابن الشجرى برواية الديوان، فى المجلس الحادى والثمانين.

وقيل فى تفسير قوله تعالى: {وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا} (¬1) إنه أراد نكاحا، ومن هذا الضّرب قول العجّاج، يمدح عمر بن معمر (¬2) التّيمىّ: إذا الكرام ابتدروا الباع بدر … تقضّى البازى إذا البازى كسر أراد: تقضّض، فأبدل من الضاد ياء، وكسر ما قبلها لتصحّ، يقول: إذا الكرام ابتدروا فعل المكارم، بدرهم وأسرع كانقضاض البازى فى طيرانه، وذلك أسرع ما يكون الطيران، ومعنى كسر: ضمّ جناحيه، ومنه قول الشاعر: فآليت لا أشريه حتّى يملّنى … بشىء ولا أملاه حتّى يفارقا (¬3) أراد: لا أملّه، فردّه إلى أصله، الذى هو أملله، وأبدل من اللام الأخيرة ياء، فصار فى التقدير: أمليه، فانقلبت الياء ألفا، لتحرّكها وانفتاح ما قبلها، ومعنى لا أشريه: لا أبيعه، وقوله: «بشىء» متعلّق بأشريه. وقال أبو إسحاق الزجّاج فى قول الله سبحانه: {وَقَدْ خابَ مَنْ دَسّاها} (¬4) معناه: خابت نفس دسّاها الله، أى جعلها قليلة خسيسة، والأصل: دسّسها، ولكنّ الحروف إذا اجتمعت من لفظ واحد، أبدل من آخرها ياء. ¬

(¬1) سورة البقرة 235. (¬2) هذا اختصار فى نسبه، وتمامه: عمر بن عبيد الله بن معمر، كما فى ديوان العجاج ص 3، والشطران فيه ص 28، وبينهما هذا الشطر: دانى جناحيه من الطور فمر والشاهد من الرجز السيّار. انظر مجاز القرآن 2/ 300، وأدب الكاتب ص 487، وأمالى القالى 2/ 171، والعضديات ص 32،207، والخصائص 2/ 90، والمحتسب 1/ 157، وسرّ صناعة الإعراب ص 759، والتبصرة ص 834، وشرح المفصل 10/ 25، وشرح الملوكى ص 250 - ونسب فيه خطأ لرؤبة-والمقرب 2/ 170، وغير ذلك كثير، مما تراه فى معجم الشواهد ص 469. (¬3) من غير نسبة فى المخصص 15/ 209، وشرح شواهد الشافية ص 441، وصدره فقط فى العضديات ص 33، برواية: فآليت لا أملاه حتّى يملّنى (¬4) الآية العاشرة من سورة والشمس. وكلام الزجاج فى كتابه معانى القرآن 5/ 332.

[قال (¬1)] وقيل: إن المعنى: قد أفلح من زكّى نفسه/بالعمل الصالح، وخاب من دسّى نفسه بالعمل الطالح. وقيل فى قوله عز وجل: {ثُمَّ ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطّى} (¬2) معناه: يتبختر، يقال: جاء يمشى المطيطا، مقصورة، وهى مشية فيها تبختر، وهو أن يلقى يديه ويتكفّأ، وكان الأصل: يتمطّط، فقلبت الطاء الثالثة (¬3) ياء، كما قالوا فى يتظنّن: يتظنّى. وقال أبو إسحاق الزجاج: يتمطّى (¬4): يلوّى مطاه فى مشيته (¬5)، والمطا: الظّهر. وممّا حذفوا منه أحد المثلين قولهم: بخ، ساكن الخاء، وهى كلمة يقولونها للشيء إذا أرادوا (¬6) مدحه وتفخيمه، ويكرّرونها فى أكثر الاستعمال، قال أعشى همدان: بين الأشجّ وبين قيس باذخ … بخ بخ لوالده وللمولود (¬7) وربّما نوّنوه، فقالوا: بخ، كما قالوا: صه، ويدلّ على أن أصله التشديد، قولهم: حسب بخّ. قال العجاج (¬8): فى حسب بخّ وعزّ أقعسا ¬

(¬1) ساقط من هـ‍. وأنبّه هنا إلى سقط فى إعراب القرآن المطبوع، وهو قوله: «وخاب من دسّى نفسه بالعمل الطالح» فلم يرد هذا فى المطبوع، ثم وجدته فى مصورة الكتاب، نسخة الخزانة العامة بالرباط 10/ 144. (¬2) سورة القيامة 33. (¬3) فى هـ‍: الثانية. (¬4) الذى فى معانى القرآن للزجاج 5/ 254 «معناه يتبختر، مأخوذ من المطا، وهو الظهر» لم يزد على ذلك. (¬5) فى هـ‍: مشيه. (¬6) فى هـ‍: أرادوا به. (¬7) الصبح المنير ص 323، والأغانى 6/ 46، وشرح المفصل 4/ 78، وشرح الملوكى ص 433، واللسان (بخخ). (¬8) ديوانه ص 134، برواية: وعددا بخّا وعزّا أقعسا -

وقد صرّفوا منه فعلا، فقالوا: بخبخ يبخبخ، إذا لفظ به، كما قالوا: هلّل يهلّل، إذا قال: لا إله إلا الله، وسبّح يسبّح، إذا قال: سبحان الله، وحولق (¬1) [يحولق] إذا قال: لا حول ولا قوة إلا بالله. ومثله فى حذف أحد مثليه، قولهم فى التضجّر: أفّ، خفّفها بعض العرب، وأسكنوا فاءها، قال أبو الفتح عثمان (¬2): فيها ثمانى لغات: أفّ وأفّ وأفّ وأفا وأفّ وأفّ وأف، خفيفة، وأفّى ممال، مثل حبلى، ولا يقال: أفّى بالياء، كما تقول العامّة. وأقول: إن الذى تقوله العامّة جائز فى بعض اللغات، وذلك فى لغة من يقول فى الوقف: أفعى وأعمى وحبلى، يقلبون الألف ياء خالصة، فإذا وصلوا عادوا إلى الألف، ومنهم من يحمل الوصل على الوقف، وهم قليل. وأفّ: اسم من أسماء الفعل، مسمّاه: أتضجّر، جاء اسما للفعل فى الخبر (¬3)، كما جاء هيهات اسما لبعد، وشتّان اسما لافترق، فى قولهم: شتّان زيد وعمرو. ومن قال: أفّ، فكسر، /حرّكه بأصل حركة التقاء الساكنين. ومن قال: أفّ، ففتح، اختار الفتحة لثقل التضعيف، كما قالوا: ربّ وثمّ. ومن قال: أفّ، أتبع الضّمّ الضّمّ على لغة من قال: شدّ ومدّ. ومن نوّنه أراد به التنكير، لأنّ تنوين هذا الضّرب علم للتنكير، كقولهم فى ¬

= والشطر بروايتنا فى الكتاب 3/ 452، والمقتضب 1/ 234، والموضع المذكور من شرح المفصل، وشرح الملوكى. (¬1) ساقط من هـ‍. ويقال أيضا: «حوقل يحوقل». النهاية 1/ 464، واللسان (حلق). (¬2) شرح الملوكى ص 437، وانظر الغربيين 1/ 56، وزاد المسير 5/ 23. (¬3) هو فى حديث ابن عباس: «فجاء ينفض ثوبه ويقول «أفّ». مسند أحمد 1/ 331، والنهاية 1/ 55.

الاستزادة من الحديث: إيه، إذا أرادوا: حدّثنى حديثا ما، وإيه (¬1) [فى الاستزادة] من حديث يعرفه المحدّث والمحدّث، ومثله: صه وصه، ومه ومه، فمن نوّن، فكأنه قال: افعل سكوتا وكفّا، ومن لم ينوّن، فكأنه قال: افعل السكوت والكفّ، وكذلك من قال: أفّ، فنوّن، أراد: أتضجّر تضجّرا (¬2)، ومن لم ينوّن فهو بمنزلة: أتضجّر التضجّر المعروف، وقد قرئ بالوجهين، فالتنوين قرأ (¬3) به مع الكسر نافع وحفص، وقرأه الباقون بغير تنوين، إلاّ أن ابن كثير اختصّ بالفتح، والباقون بالكسر (¬4). ... ¬

(¬1) ساقط من هـ‍. (¬2) فى شرح الملوكى ص 438: «تضجّر امّا»، وسياق ابن يعيش هنا يؤذن بأنه ينقل عن ابن الشجرى، أو أن الاثنين ينقلان عن مصدر واحد. (¬3) وذلك فى قوله تعالى: فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ الإسراء 23، وراجع معانى القرآن 2/ 121، والسبعة ص 379، والكشف 2/ 44، وزاد المسير 5/ 23. (¬4) هنا انتهى الجزء الأول من «الأمالى» فى النسخة «هـ‍» وكتب الناسخ: «ووافق الفراغ منه فى اليوم المبارك يوم الجمعة خامس يوم من الشهر المحرّم سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة، على يد العبد الفقير إلى الله تعالى محمد بن حسين بن على الشهير بالعاملى. . . .».

المجلس السادس والأربعون يتضمن الحذف من حروف المعانى المضاعفة، والحذف

المجلس السادس والأربعون يتضمّن الحذف من حروف المعانى المضاعفة، والحذف / من اسم (¬1) المفعول، وغير ذلك، ممّا اقتضاه الكلام. فممّا حذف منه أحد المثلين من مضاعف الحروف «إنّ» فى قوله تعالى: {وَإِنْ كُلٌّ لَمّا جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ} (¬2) حذفت النون المتطرّفة، وألغيت «إن»، وقد حذفت نونها وأعملت فى قراءة ابن كثير ونافع وعاصم، فى رواية أبى بكر: {وَإِنَّ كُلاًّ لَمّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمالَهُمْ} (¬3) وجاء تخفيف المفتوحة الهمزة فى قوله: {وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ} (¬4) التقدير: أنّه الحمد لله، فحذفت نونها واسمها كما ترى، وهو ضمير الشأن، ومثله للأعشى (¬5): ¬

(¬1) فى هـ‍: الاسم. (¬2) سورة يس 32. وانظر ما يأتى فى المجلس الثامن والستّين. (¬3) سورة هود 111، وانظر الكتاب 2/ 140، والسبعة ص 339، ومعانى القرآن للفراء 2/ 28، وللزجاج 3/ 80، والكشف 1/ 536، والمشكل 1/ 415، وأعاد ابن الشجرى هذا المبحث فى المجلسين الثامن والستين، والتاسع والسبعين. وقرأ ابن كثير ونافع «لما» بتخفيف الميم، وشدّدها عاصم. (¬4) الآية العاشرة من سورة يونس. (¬5) ديوانه ص 59. والبيت برواية النحويين هذه ملفق من بيتين وردا فى الديوان هكذا: إمّا ترينا حفاة لا نعال لنا إنّا كذلك ما نحفى وننتعل فى فتية كسيوف الهند قد علموا أن ليس يدفع عن ذى الحيلة الحيل وأنشده ابن الشجرى بالروايتين فى المجالس: الثامن والستين، والثامن والسبعين، والتاسع والسبعين. وانظر الكتاب 2/ 137،3/ 74،164،454، والمقتضب 3/ 10، والأصول 1/ 239، والمسائل المنثورة ص 228، وتفسير الطبرى 12/ 444، والتبصرة ص 461، والخزانة 8/ 390، وفى حواشيها فضل تخريج، وانظر فهارسها 12/ 216.

فى فتية كسيوف الهند قد علموا … أن هالك كلّ من يحفى وينتعل أراد: أنه هالك. /وممّا حذفوا تضعيفه وألغوه «لكنّ» جعلوها بعد التخفيف عاطفة، إذا لم تكن معها الواو، وذلك نحو: ما قام أخوك لكن أبوك، فإن استدركت بها مجرّدة من العطف، قلت: ولكن، وقد خفّف الشاعر «كأنّ» وأعملها فى الاسم الظاهر، فى قوله: وصدر مشرق النّحر … كأن ثدييه حقّان (¬1) وأنشد بعضهم (¬2): «ثدياه» رفعا على الابتداء، «وحقّان» الخبر، والجملة من المبتدأ والخبر خبرها، واسمها محذوف، فالتقدير: كأنه ثدياه حقّان. وأمّا قول الآخر: كأن ظبية تعطو إلى وارق السّلم (¬3) فقد روى «ظبية وظبية وظبية» فمن نصب أعملها فى الظاهر مخفّفة، والجملة التى هى «تعطو» صفة لظبية، والخبر محذوف، والتقدير: كأن ظبية عاطية إلى وارق السّلم هذه المرأة، ومن قال: «ظبية» فرفع، أضمر اسمها، وظبية (¬4) خبرها، ¬

(¬1) فرغت منه فى المجلس الحادى والثلاثين. (¬2) هو سيبويه، فى الكتاب 2/ 135، وغريب من ابن الشجرى ألاّ يصرّح به، وغريب منه أيضا ألاّ يكون قد عرفه. وانظر الخزانة 10/ 398. (¬3) صدره: ويوما توافينا بوجه مقسّم وهو لعلباء بن أرقم اليشكرى من قصيدة فى الأصمعيات ص 157، ونسب إلى ابن صريم اليشكرى -واسمه باغت أو باعث، ونسب إلى غيرهما. راجع الكتاب 2/ 134،3/ 165، والكامل ص 111، والأصول 1/ 245، والبصريات ص 653، والمنصف 3/ 128،265، والتبصرة ص 208، والإنصاف ص 202، وشرح المفصل 8/ 83، والمقرب 1/ 111،2/ 203، والمغنى ص 33، وشرح أبياته 1/ 158،5/ 197، والخزانة 10/ 411 - 413، وانظر فهارسها، وفى حواشيها فضل تخريج. (¬4) فى الأصل: فظبية.

فالتقدير: كأنّها ظبية، ومن خفض، فبالكاف، «وأن» زائدة. وإذا اتصلت إنّ وأنّ ولكنّ وكأنّ، بياء المتكلّم، وصلوها بالنون المسمّاة وقاية، بمعنى أنها تقى الحرف الذى قبلها الكسر، فقالوا: إنّنى وأنّنى ولكنّنى وكأنّنى، وأجروا أواخرهنّ مجرى أواخر الأفعال، من نحو: أكرمنى ويكرمنى، وإنما فعلوا ذلك بالفعل كراهة أن يقولوا: أكرمى ويكرمي، كما قالوا فى الاسم: مكرمي، لأنهم لما جنّبوا الأفعال الكسر، الذى هو إعراب، جنّبوها الكسر الذى ليس بإعراب، وشبّهوا أواخر باب «إنّ» بأواخر الماضية، في بنائها على الفتح ووقائها الكسر، لأنهم أجروها مجراها فى عمل النصب والرفع. ومن خفّفهنّ بحذف إحدى النّونات، فقال: إنّى وأنّى ولكنّى وكأنّى، حذف النون الوسطى، لأنها هى التى حذفها قبل أن يتّصلن بالنون الثالثة (¬1)، وجاء القرآن بإقرارها فى قوله: {إِنَّنِي أَنَا اللهُ} (¬2) وبحذفها فى قوله: {إِنِّي أَنَا رَبُّكَ} (¬3). /وممّا حذفوا منه من مضاعف الحروف «ربّ» قال الشاعر (¬4): أزهير إن يشب القذال فإنّه … رب هيضل لجب لففت بهيضل ¬

(¬1) بهامش الأصل: «أجاز أبو علىّ حذف النون الثالثة، فيما رواه عنه ابن جنى فى سرّ الصناعة، وذكره ابن برهان أيضا عنه». انتهت الحاشية. والذى وجدته فى سرّ الصناعة المطبوع ص 549 «الثانية»، وسياقه يدل على صوابها، قال: «فأصله «إننا» ولكن حذفت إحدى النونين من «إنّ» تخفيفا، وينبغى أن تكون الثانية منهما؛ لأنها طرف، فهى أضعف». ولا تعارض بين ما فى حاشية الأصل، وما فى سرّ الصناعة المطبوع؛ لأن كليهما أراد النون الأخيرة، وهى الطرف، غاية ما فى الأمر أن كاتب الحاشية نظر إلى النون الأولى المشددة على أنها نونان. وهى فى سر الصناعة نون واحدة. لكن السيوطى ذكر أن أبا علىّ رجّح حذف النون الوسطى، دون نون الضمير. راجع الأشباه والنظائر 1/ 80، ثم انظر البحر المحبط 1/ 451، 5/ 238، وكتاب دراسات لأسلوب القرآن الكريم 1/ 423، ورحم الله مصنفه رحمة واسعة سابغة. (¬2) سورة طه 14. (¬3) سورة طه 12. (¬4) أبو كبير الهذلى. شرح أشعار الهذليين ص 1070، والتخريج فيه، وفى كتاب الشعر ص 73. وأعاده ابن الشجرى فى المجلس الثالث والسبعين. و «زهير» هنا ترخيم «زهيرة» وهي ابنته. ويجوز فى الراء الضم والفتح، على ما هو معروف فى إعراب المرخم.

وخفّفه نافع وعاصم، فى رواية حفص، فى قوله تعالى: {رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا} (¬1) الهيضل: الجماعة المتسلّحة، واللّجب: المرتفع الأصوات. ومما حذفوا لامه من الحروف لاجتماعها مع لام التعريف «على» فيما حكاه سيبويه، من قولهم: «علماء بنو تميم» (¬2) يريدون: على الماء، فهمزة الوصل سقطت فى الدّرج، وألف «على» سقطت لسكونها وسكون لام الماء، وحذفت لام «على» تخفيفا، وأنشد سيبويه للفرزدق (¬3): وما سبق القيسيّ من ضعف حيلة … ولكن طفت علماء غرلة خالد طفت: قفت (¬4)، والغرلة: القلفة، ومثله لقطرىّ بن الفجاءة: غداة طفت علماء بكر بن وائل … وعجنا صدور الخيل نحو تميم (¬5) وممّا حذفوا منه إحدى اللاّمين، قولهم: «ويلمّه» الأصل: ويل، لأمّه، فحذفوا تنوينه، وأدغموا اللام التى هى لام الكلمة فى اللام الجارّة، فصار [فى (¬6)] ¬

(¬1) سورة الحجر 2، وانظر السبعة ص 366، والكشف 2/ 29، وزاد المسير 4/ 379. (¬2) الكتاب 4/ 485، وفيه: «علماء بنو فلان». وكذلك فى الأصول 3/ 434، والعسكريات ص 260، والجمل ص 418. (¬3) ديوانه ص 216 - وهو بيت مفرد فيه-وحواشى الكتاب 4/ 485، وهو من زيادات بعض النّسخ من الكتاب، والكامل ص 1228، والمقتضب 1/ 251، والجمل ص 418 - وهو آخر شاهد فيه -وكذلك الفصول الخمسون ص 277، وشرح المفصل 10/ 155، وجاء استطرادا فى الخزانة 7/ 106. (¬4) هكذا جاءت الكلمة فى الأصل، وهـ‍. وجاء بهامش الأصل حاشية بخط قديم، نصّها: «تفسيره طفت بقفت، وهم؛ لأن الطفو علوّ الشىء فوق الماء، وضدّ الرّسوب، والقفو: تتبّع الشىء، إلاّ أنها كلمة تخطئ فيها العامة فى بغداد، يقولون: قفا، أى طفا، فذكرها على عادتهم فيها». انتهت الحاشية. وجاء فى اللسان: طفا الشىء فوق الماء، يطفو طفوا وطفوّا: ظهر وعلا ولم يرسب. وأنبّه هنا إلى أن مصحح الطبعة الهندية من الأمالى غيّر «قفت» إلى «علت» من عند نفسه. (¬5) فرغت منه فى المجلس الرابع عشر. (¬6) ليس فى هـ‍.

التقدير: ويلّ أمّه، ثم حذفوا اللام المدغمة وهمزة «أمّ» فصار: ويلمّه. وإنما (¬1) جاز إدغام هذا، وإن كان منفصلا، وكان الحرف الذى قبل الحرف المدغم ساكنا، لكون الساكن حرف لين، فالياء فى قولهم: ويل أمّه، بمنزلة الياء فى قولك: جيب (¬2) بكر، وقد أدغموا هذا النحو، وكذلك: ثوبّ بشر، وحسن الإدغام فى هذا، مع كونه منفصلا، إذ كانوا قد قالوا فى عبد شمس: هذا عبشّمس (¬3)، ألقوا حركة الدال على الساكن، الذى هو الباء، ثم أدغموا الدال فى الشين، وإن كان ذلك شاذّا، ولا يحسن مثله فى قولك: قرم (¬4) موسى، واسم مالك، لأن عبد شمس أكثر استعمالا منه، وهو مع ذلك علم، والأعلام تغيّر كثيرا، إلا أنهم/ لم يلزموا عبد شمس الإدغام، وألزموه ويلمّه، لما ذكرته من كون عبد شمس أكثر استعمالا منه، كما ألزموا المعيدىّ التخفيف، فى نحو: «تسمع بالمعيدىّ لا أن تراه (¬5)» و «خير من أن تراه» لأنه كثير الاستعمال، والمعيدىّ تصغير معدّىّ. قال أبو على: إن قيل: ما تنكر من أن تكون «وى» من «ويلمّه» ليس من ¬

(¬1) هذا كلام أبى علىّ فى الحلبيات ص 44. (¬2) فى هـ‍: «حبيب». وما فى الأصل مثله فى الكتاب 4/ 440، والأصول 3/ 411، والتكملة ص 275، والموضع المذكور من الحلبيات. (¬3) لم يقيّد أبو علىّ، فى الحلبيات، حركة الباء، لكنه نص فى التكملة ص 275، على أنها بالضم، فقال: «فأدغموا الدال فى الشين، وحرّكوا الباء الساكنة بالضمة التى كانت على الدال للإعراب». وانظر اللسان (شمس). (¬4) فى الأصل، وهـ‍: «قوم» بالواو، وكذلك جاء فى الحلبيات-الموضع السابق-وأثبتّه بالراء من عبارة سيبويه فى الكتاب 4/ 446، وابن الشجرى يحكى عنه، كما سيصرّح قريبا. وعبارة سيبويه قاطعة بأنه بالراء. قال: «فلم يقو الإدغام فى هذا كما لم يقو على أن تحرّك الراء فى: قرم موسى». وكذلك جاء بالراء فى التكملة-الموضع المذكور-قال أبو علىّ: «فكان ذلك يكون أكثر من تحريك الساكن من قرم مالك». ويلاحظ أن سيبويه ذكر أيضا «اسم موسى» فى الصفحات 438،442،443،445. ويصلح ما فى ص 443 «قوم مالك» إلى: «قرم». كما ترى. والقرم، بفتح الراء وسكون الراء: الفحل، والقرم من الرجال: السيّد المعظّم. وهو المراد هنا. راجع شرح الجاربردى على الشافية. (مجموعة الشافية) 1/ 333. (¬5) تخريجه فى كتاب الشعر ص 403. والمراد بالتخفيف فى هذا المثل تخفيف الدال. وسيأتى.

«ويل» ولكنها التى فى {وَيْكَأَنَّهُ} (¬1) وفى قول عنترة «ويك (¬2) عنتر أقدم» فإنّ الدلالة على أنه من «ويل» دون «وى» هذه قول الشاعر (¬3): لأمّ الأرض ويل ما أجنّت … غداة أضرّ بالحسن السبيل (¬4) [الحسن: موضع] فلما ظهرت اللام فى ويل، لمّا قدّم الشاعر اللامّ الجارّة، كذلك إذا أخّرت اللام، فقيل: ويل لأمّه، هذا معنى كلام أبى علىّ فى هذه المسألة، وفى كلامى بعض لفظه. وقوله: «وجاز إدغام هذا، وإن كان منفصلا، وكان الحرف الذى قبل الحرف المدغم ساكنا، لكون الساكن حرف لين، فهو مثل: جيب بكر» كلام محتاج إلى تفسير، وذلك أنهم إنما يدغمون المتّصل، إذا سكن ما قبل الحرف المدغم، كإدغامهم استفعل من المضاعف، بعد إلقاء حركة المثل الأول على الساكن قبله، كقولهم فى استعدد، استعدّ، وفى استقرر (¬5): استقرّ، ولم يجيزوا مثل هذا فى المنفصل، نحو قوله سيبويه: قرم (¬6) موسى، واسم مالك، وجاز (¬7) [هذا] فى ويلمّه، لأن الياء إذا سكنت فيها لين، وإن كان ما قبلها مفتوحا، فجاز لذلك وقوع الساكن المدغم بعدها، كما جاز فى قولك: جيب بكر، وانضمّ إلى ذلك كثرة استعمال (¬8) هذا ¬

(¬1) سورة القصص 82. (¬2) يأتى تخريجه قريبا. (¬3) هو عبد الله بن عنمة الضبىّ، يرثى بسطام بن قيس. وقد خرجته فى كتاب الشعر ص 303، وزد عليه: الحلبيات ص 45، والعضديات ص 224، واتفاق المبانى ص 239، وحاشية البغدادى على بانت سعاد 1/ 645. (¬4) زيادة من هـ‍. وهو موضع فى ديار ضبّة. وقيل: جبل. وقيل: رملة لبنى سعد. (¬5) فى هـ‍: استفزز: استفزّ. (¬6) فى الأصل وهـ‍: «قوم» بالواو، ونبّهت عليه قريبا. (¬7) ليس فى هـ‍. (¬8) فى هـ‍: كثرة الاستعمال لهذا.

الحرف، كما كثر استعمال المعيدىّ، وأصله: معدّىّ (¬1)، مشدّد الدال، وأمّا مجىء الساكن مدغما بعد الياء المفتوح ما قبلها فى المتّصل، فحسن، كقولهم، فى تحقير أصمّ: أصيم، وفى تحقير مدقّ: مديق (¬2). ولمّا جرى ذكر «وى» فى هذه المسألة رأيت إيراد الكلام فيها، وإيضاح معانيها. /قال المفسّرون فى قول الله تعالى: {وَيْكَأَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ} (¬3) معناه: ألم تر أنّ الله، ومثل ذلك قوله: {وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ} (3) واختلف فيها اللغويّون، فقال الخليل: إنها «وى» مفصولة من «كأنّ» والمراد بها التنبيه، وإلى هذا ذهب يونس وسيبويه (¬4) والكسائى، وقال أبو سعيد السّيرافىّ: (¬5) «وى» كلمة يقولها المتندّم عند إظهار ندامته، ويقولها المندّم لغيره، والمنبّه له، ومعنى كأن الله يبسط الرزق: التحقيق، وإن كان لفظه لفظ التنبيه، فالتقدير: تنبّه! إنّ الله يبسط الرزق، أى تنبّه لبسط (¬6) الله الرزق، قال الفرّاء (¬7): «معناها فى كلام العرب التقرير، كقولك لمن تقرّره: أما ترى إلى صنع الله» فكأنّه قيل: أما ترى أن الله يبسط الرزق! ¬

(¬1) قال ابن السّكّيت: «وهو تصغير معدّىّ، إلا أنه إذا اجتمعت الياء الشديدة فى الحرف وتشديدة ياء النسبة خفّف الحرف المشدّد مع ياء التصغير» إصلاح المنطق ص 286، وانظر اللسان والتاج (عدد- معد). (¬2) راجع ما سبق فى المجلس التاسع والثلاثين. (¬3) سورة القصص 82. (¬4) الكتاب 2/ 154، وانظر مجاز القرآن 2/ 112، ومعانى القرآن للأخفش ص 434، وتأويل مشكل القرآن ص 526، والعضديات ص 60، والخصائص 3/ 169، وزاد المسير 6/ 246، وتفسير القرطبى 13/ 318، والبحر 7/ 135، ورصف المبانى ص 442، والجنى الدانى ص 352، والمغنى ص 369، وحكى البغدادىّ كلام ابن الشجرى. الخزانة 6/ 422. (¬5) فى هـ‍: «وهى كلمة. . .» وما فى الأصل مثله فى الخزانة. (¬6) فى هـ‍: «تنبه يبسط الله الرزق»، والذى فى الأصل مثله فى الخزانة. (¬7) معانى القرآن 2/ 312.

وأقول: إنّ كلّ واحد من هذين المذهبين، مذهبى الخليل والفرّاء، وكذلك ما قاله أبو سعيد، من أن التقدير: تنبّه؛ إنّ الله يبسط الرزق. [كلهنّ يخرّج على ما قاله المفسّرون، وأنّ معنى قوله: ويكأنّ الله يبسط الرزق (¬1).] معناه: ألم تر أنّ الله يبسط الرزق، وشاهد ذلك قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً} (¬2) فهذا تنبيه على قدرته، وتقرير بها. وقال غير هؤلاء من اللغويين: هى ويك، بمعنى (¬3): ويلك، وحذفت اللام لكثرة استعمال هذه اللفظة فى الكلام، «وأنّ» من قوله: {وَيْكَأَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ} مفتوحة، بإضمار اعلم، واحتجّوا بقول عنترة (¬4): ولقد شفى نفسى وأبرأ سقمها … قيل الفوارس ويك عنتر أقدم فالكاف على هذا القول ضمير، فلها موضع من الإعراب. وقال آخرون (¬5): هي وى: اسم للفعل، ومعناها: أتعجّب، كما تقول: وى لم فعلت هذا؟ فالكاف فى هذا الوجه حرف للخطاب، كالكاف فى رويدك، فهى ¬

(¬1) ما بين الحاصرتين من هـ‍، وليس فى الأصل والخزانة. (¬2) سورة الحج 63. (¬3) وصف أبو إسحاق الزجاج هذا القول بأنه غلط عظيم. راجع معانى القرآن 4/ 156، وأنكره ابن جنى أيضا، فقال: «وهذا يحتاج إلى خبر نبىّ ليقبل» المحتسب 2/ 156، وقد نسب هذا القول للكسائى. راجع الخصائص 3/ 170، والجنى الدانى ص 353، وهو مخالف لما حكاه عنه ابن الشجرى من قبل. (¬4) من معلقته المعروفة. راجع شرح القصائد السبع ص 359، وشرح القصائد التسع ص 533، وفيهما كلام كثير حول «ويكأنّ». وانظر الخزانة 6/ 421، وشرح أبيات المغنى 6/ 148. (¬5) نسب هذا القول لأبى الحسن الأخفش، على ما فى العضديات والخصائص والجنى الدانى، وليس فى الموضع السابق من معانى القرآن.

دالّة على أن التعجّب موجّه/إلى مخاطب، لا إلى غائب، وانفتحت «أنّ» بتقدير اللام، أى أتعجّب، لأنّ الله يبسط الرزق، وعلى أحد هذين القولين تحمل «وى» فى قول المتنبي (¬1): كفّى أرانى ويك لومك ألوما … همّ أقام على فؤاد أنجما وأقول فى تفسير هذا البيت: إنّ الإنجام من صفات السّحاب، وهو الإقلاع، ونقيضه: الإثجام، لأنه الإقامة والدّوام، يقال: أثجمت السماء: إذا دام مطرها أيّاما، وأنجمت: إذا أقلعت، ولا يقال: أنجم الفؤاد، ولكنه استعار ذلك، ليقابل أقام، ومقابلة الشىء بنقيضه من بديع صناعة الشعر، ويسمّى الطّباق، وحقيقة إنجام فؤاده أن الحبّ أذابه فأذهبه، كما قال (¬2): أصبحت من كبدى ومنها معدما وقد روى عنه أنه قال: لم أقل أنجم، وإنما قلت: أثجم، أى أقام على الهوى فلم يقلع عنه بالملام. وقوله: «أرانى» أرى: ماض، بمعنى أعلم، فهو منقول من رأى الذى بمعنى علم، المتعدّى إلى مفعولين، ولمّا نقل بالهمزة من رأى المقتضى مفعولين، اقتضى (¬3) [بالنقل] ثلاثة مفاعيل، فالمفعول الأول الياء، من قوله: «نى» والثانى قوله: «لومك» والثالث قوله: «ألوما» وفاعله «هم» والمعنى: أعلمنى همّ مقيم على فؤادى أنّ لومك لى أحقّ باللوم منّى، أى أنت فى لومك لى أحقّ بأن تلامى (¬4). ¬

(¬1) ديوانه 3/ 27. (¬2) من القصيدة نفسها. الديوان 3/ 29، وصدر البيت: إن كان أغناها السّلوّ فإننى (¬3) زيادة من هـ‍. (¬4) هذا تفسير ابن جنى، وتعقّبه الواحدىّ، فقال فى شرحه للديوان ص 17: «وعلى ما قال، ألوم مبنىّ من الملوم، وأفعل لا يبنى من المفعول إلاّ شاذّا» وتأويل البيت فيما يرى الواحدىّ: «يقول=

فإن قيل: كيف يصحّ إسناد الإعلام إلى الهمّ؟ قيل: هذا مجاز، وحقيقة المعنى: علمت بما غلب على فؤادى من الهمّ أنك حقّ باللّوم منّى. ثم نعود إلى ما نحن بصدده، من ذكر حذف الحروف، التى من أنفس الكلم، وقد تقدّم ذكر الواو التى هى فاء، وحذفها على ضربين بعوض، وبغير عوض، فالمحذوفة بغير عوض، هى المحذوفة في «يعد» وبابه، والمحذوفة بعوض على ضروب، الضّرب الأول: المحذوفة من المصدر المكسور أوّله، مصدر باب «يعد» نحو: العدة والزّنة والثّقة، فأصل هذا الضرب: وعد، ووزن، ووثق، /فأعلّوه بحذف فائه، لأمرين: أحدهما استثقال الكسرة فى الواو، والثانى: أنّ هذه الواو قد أعلّت بالحذف فى الفعل، والمصدر تابع للفعل فى صحّته واعتلاله، والمصدر الأصليّ فى هذا الباب هو الفعل، نحو: الوعد والوزن، والفعل أصل فى المصادر الثلاثية، نحو الضّرب والقتل والمشى والسّعى والغزو والعدو، ألا ترى أنهم إذا أرادوا المرّة الواحدة، جاءوا بها على فعلة، كقولك: خرجت خرجة، ودخلت دخلة، ولا يقولون: خروجة ولا دخولة، فلما خرج المصدر بكسر أوّله عن أصله، سرى إليه الإعلال من فعله، ولمّا أرادوا حذف واوه، نقلوا كسرتها إلى ما بعدها، ثم أسقطوها وهى ساكنة، لئلاّ يسقطوا حرفا وحركة، وفعلوا ذلك أيضا لتدلّ حركة المحذوف عليه، ولما أسقطوها عوّضوا منها تاء التأنيث، كما عوّضوا تاء العين المحذوفة، من مصدر أفعلت المعتلّ العين، نحو: أقمت وأجبت واعنت وأغثت، لمّا حذفوا العين من أفعلت، وهى واو أقومت وأجوبت وأعونت وأغوثت، حذفوها من مصدره، وكان أصله: إفعال، إقوام وإجواب وإعوان وإغواث، فألقوا ¬

= للعاذلة: كفّى واتركى عذلى، فقد أرانى لومك أبلغ تأثيرا وأشدّ علىّ، همّ مقيم على فؤاد راحل، ذاهب مع الحبيب، وذلك أن المحزون لا يطيق استماع الملام، فهو يقول: لومك أوجع فى هذه الحالة، فكفى ودعي اللوم».

حركة الواو على الساكن قبلها ثم قلبوها ألفا، لتحرّكها فى الأصل، وانفتح (¬1) ما قبلها الآن، فالتقى فى التقدير ألفان، فحذفوا الأولى، فصار المصدر إلى إقام وإجاب وإعان وإغاث، فعوّضوا من المحذوف تاء التأنيث، فقالوا: إقامة وإجابة وإعانة وإغاثة، وربّما استغنوا عن تاء التأنيث، بإضافة هذا المصدر، فسدّت إضافته مسدّ التعويض، كما جاء فى التنزيل: {وَإِقامَ الصَّلاةِ} (¬2). ومصدر استفعل المعتلّ العين، يجرى مجرى هذا المصدر، فى الحذف والتعويض، نحو: استقام استقامة، واستجاب استجابة، واستعان استعانة، واستغاث استغاثة. ومن الواوات التى حذفوها وعوّضوا منها همزة: كلّ واو وقعت/مضمومة أولا، وذلك على ضربين: لازم وغير لازم، فغير اللازم يكون فى الاسم والفعل، فالاسم نحو: وجوه ووقوف ووعود ووحول، والفعل نحو: وعد ووزن ووقف ووقّت، تقول على طريق الاستحسان: أجوه وأقوف وأعود وأحول، وأعد وأزن وأقف وأقّت، كما قرأ القرّاء: {وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ} (¬3) وانفرد أبو عمرو بالواو، وقرأ بعض أصحاب الشّواذّ: «إن يدعون من دونه إلاّ أثنا» (¬4) أراد: وثنا، جمع وثن، ¬

(¬1) فى هـ‍ «وانفتاح». وانظر هذه المسألة فى المنصف 1/ 291. (¬2) سورة الأنبياء 73، والنور 37، وآية الأنبياء بفتح الميم وَأَقامَ، وآية النور بكسرها وَأَقامَ وضبطت عليه؛ لأنه الذى جاء فى الأصل. وقال بعضهم: ثلاثة تحذف تاءاتها مضافة عند جميع النّحاة وهى إذا شئت أبو عذرها وليت شعرى وإقام الصلاه أنشدهما الشوكانى فى فتح القدير 4/ 35. وراجع اللسان (شعر-عذر)، والكتاب 4/ 44. (¬3) سورة المرسلات 11، وراجع معانى القرآن للفراء 3/ 222، وللزجّاج 5/ 266، والسبعة ص 666، والكشف 2/ 357، وزاد المسير 8/ 447، والإتحاف ص 580. (¬4) سورة النساء 117، وراجع الكتاب 3/ 571، ومعانى القرآن للفراء 1/ 288، وللزجاج 2/ 108، والتكملة ص 150، والعضديات ص 97، والمحتسب 1/ 198، وزاد المسير 2/ 202، والبحر 3/ 352.

جمعه على فعل، على سبيل الشذوذ، كقولهم فى جمع أسد: أسد (¬1). وإنما أبدل الهمزة من هذه الواو من أبدلها من العرب، لأنهم نزّلوا الضمّة منزلة الواو، فكأنه اجتمع واوان، ففرّوا لذلك إلى الهمزة (¬2) [وأمّا الإبدال اللازم، فإبدال الهمزة] من الواو المضمومة، إذا وقعت بعدها واو متحرّكة، كقولهم فى تحقير واصل وواعد، وشعر واحف (¬3)، وسقف واكف (¬4): أو يصل، وأو يعد، وشعير أو يحف، وسقيف أو يكف، وكذلك تكسير هذا الضرب يوجب (¬5) ما أوجبه تحقيره من إبدال واوه همزة، تقول: أواصل، وشعور أواحف، وسقوف أواكف، قال الشاعر (¬6): ضربت صدرها إلىّ وقالت … يا عديّا لقد وقتك الأواقى أصله: الوواقى، جمع واقية. فإن كانت الواو الثانية مدّة، لم يلزمك الإبدال، كقولك فى فوعل، من الوعد (¬7) (¬8) [والموافقة] والمواقفة والمواراة: قد ووعد فلان (8) [وقد ووفق فى فعله] وقد ووقف على كذا، وقد ووري الميت، كما جاء فى التنزيل: {ما وُورِيَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما} (¬9) وإنما حسن هذا، لأن الثانية جرت مجرى الألف التي ¬

(¬1) جمع «فعل» بالتحريك على «فعل» بضم فسكون، من الشاذّ، وإنما قياسه فى القلّة: أفعال، نحو جمل وأجمال، وأسد وآساد-وهو الذى معنا-وفى الكثرة: فعال، نحو جمال وجبال، وفعول، نحو ذكور وأسود. راجع الكتاب 3/ 570، وفهارسه 5/ 290، والتكملة ص 149، والشعر ص 136، وسيعيده ابن الشجرى فى المجلس الثانى والستين. (¬2) سقط من هـ‍. (¬3) أى كثير أسود. (¬4) يقال: وكف البيت: أى هطل وقطر، وكذلك السّطح والسّقف. (¬5) فى هـ‍: يوجب تحقير ما أوجبه تحقيره. . . (¬6) مهلهل بن ربيعة. الأغانى 5/ 54، والمقتضب 4/ 214، والعسكريات ص 233، والمنصف 1/ 219، وشرح المفصل 10/ 10، وشرح الملوكى ص 275، وشرح ابن عقيل 2/ 205، (باب النداء)، وشرح الجمل 2/ 84،553، وشذور الذهب ص 112، وشرح الشواهد الكبرى 4/ 211، وانظر رسالة الغفران ص 270، واللسان (وقى). (¬7) فى هـ‍: «الوعيد». وانظر المنصف 1/ 218. (¬8) ساقط من هـ‍ فى الموضعين. (¬9) سورة الأعراف 20.

انقلبت عنها الواو، فى واعد ووافق وواقف ووارى، فصحّت الأولى فى فوعل، كما تصحّ فى فاعل، ولك أن تقول: أوعد وأورى وأوقف، كما قلت فى وجوه: أجوه. وكلّ العرب قالوا في مؤنّث الأوّل: أولى، وأصلها: وولى، بزنة فعلى، / لأن مذكّرها أفعل. فإن كانت الواو الواقعة أوّلا مكسورة، كواو وشاح ووكاف ووسادة (¬1)، جاز همزها، وهو أقلّ من همز المضمومة، لأنّ الكسرة دون الضّمة فى الثّقل، فمن النحويّين من يقصر ذلك على المسموع، ومنهم من يجعله مقيسا على همز المضمومة، لأنّ الكسرة أخت الضمّة فى الثّقل، ألا ترى أنهم جعلوا حكمها حكم الضمّة، فى استثقالها على ياء المنقوص، ومن ذلك قراءة سعيد بن جبير: «ثمّ استخرجها من إعاء أخيه» (¬2). وقالوا فى مؤنّث أحد: إحدى، فألزموها الهمزة. فإن كانت مفتوحة، كواو وشل ووحل ووعد، لم يجز همزها، لمباينة الفتحة لأختيها بالخفّة، فلذلك انفردت بالاستعمال فى باب قاض، وفى باب يغزو ويقضى، ولم يأت همزها إلاّ قليلا، وذلك فى قولهم: أحد، وهو من الوحدة، وامرأة أناة، وهى فعلة من الونىّ، لأنّ فى مدح النساء الوصف بالفتور والكسل، وقالوا: أبلة الطعام، وأصلها وبلة، فعلة من الوبيل، وهو الردىء الوخيم، وقالوا فى تسمية النّساء: أسماء، وهي فعلاء من الوسامة، وقد سمّوا الرجل بذلك، وهو أسماء بن خارجة الفزارىّ، والوسامة: الحسن. ¬

(¬1) فى هـ‍: «وساد» بطرح التاء. وانظر الكتاب 4/ 331، وأدب الكاتب ص 570، والمنصف 1/ 229، وشرح المفصل 10/ 14. (¬2) سورة يوسف 76، وانظر المحتسب 1/ 348.

وقال ابن السّكّيت: «يقال (¬1): والدة وآلدة» وقالوا فى الفعل: أجم، يريدون: وجم، من الوجوم (¬2). فإن توسّطت الواو المضمومة، استحسن بعض العرب إبدال الهمزة منها، وذلك فى نحو: أدور، وأنور، منهم من يقول: أدور وأنؤر، وقالوا فى جمع ساق: أسؤق وسئوق، مثل أسعق وسعوق، وقرأ بعض القراء: {بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ} (¬3). فإن انكسرت المتوسطة الواقعة بعد متحرّك، كواو طويل وسويق، لم يجز همزها، وكذلك الواو المضمومة المثقّلة، كواو التخوّف والتقوّل، مجمع على ترك إبدال الهمزة منها، لأن تضعيف الهمزة أثقل من تضعيف الواو. ... ¬

(¬1) الذى فى إصلاح المنطق ص 160: «ولدة والدة». ذكره فى (باب ما يقال بالهمز مرّة وبالواو أخرى). وانظر المنصف 1/ 196. (¬2) بهامش الأصل: الوجوم: حزن فى سكوت. (¬3) سورة ص 33. وقراءة الهمز لابن كثير. انظر السبعة ص 553، وزاد المسير 7/ 130. وانظر أيضا السبعة ص 483، والكشف 2/ 161، فى الآية (44) من سورة النمل. وانظر المنصف 1/ 212، 214،284.

فصل

فصل / قد ذكرت فيما مضى (¬1) الحذف الواقع باسم المفعول المعتلّ العين، المأخوذ من نحو: خاف وحاز وهاب وباع، وذكرت اختلاف النحويين فى الحرف المحذوف منه، ذكرا مستوفى، غير أنّى ألمّ بذكر ذلك هاهنا تكملة لذكر الحذوف. فأقول: إنّ أصل اسم المفعول من الخوف: مخووف، ومن الهيبة: مهيوب، ومذهب الخليل وسيبويه أن الواو الزائد فى نحو: مخووف، هو المحذوف، لكونه زائدا، والزائد أحقّ بالحذف من الأصلىّ، وطريق حذفه أنهم ألقوا ضمّة الواو الأوّل على الساكن الذى قبله، ثم حذفوا الثانى، لالتقائهما ساكنين، فوزن مخوف إذن: مفعل. وكذلك القول فى ذوات الياء (¬2) [أنّ ضمّة الياء من] مهيوب ومبيوع ونحوهما، ألقيت على الساكن، ثم حذفت الواو لسكونها وسكون الياء وكسر ما قبل الياء، لئلاّ تنقلب لانضمام ما قبلها واوا، فقيل: مهيب ومبيع، فوزنهما: مفعل. وقال الأخفش: إنّ الياء لمّا سكنت حذفت لسكونها وسكون الواو، وأبدلت من الضمّة قبلها كسرة، لئلاّ يصير إلى مهوب ومبوع، فتلتبس ذوات الياء بذوات الواو، فوزن مخوف على قوله: مفول، ووزن مهيب: مفيل. والحجّة للخليل وسيبويه: أنّ واو مفعول أولى بالحذف من عينه، لأن حذف الزائد أولى من حذف الأصلىّ. وقال الأخفش: إنما حذفت العين وأقررت الزائد، لأنّ الزائد لمعنى، وكلّ حرف لمعنى يقتضى المحافظة عليه، ألا ترى أنّ الياء لما سكنت فى باب قاض، ولقيها ¬

(¬1) فى المجلس الحادى والثلاثين. (¬2) ساقط من هـ‍.

التنوين، وجب حذف الياء، وإن كانت لاما، لأن التنوين علم الصّرف، فوجب لذلك إقراره. /والجواب عن هذا القول: أنّ واو مفعول ليست وحدها هى الدالّة على اسم المفعول، بل هى والميم وضعا لذلك، والميم أقوى منها فى الدّلالة على هذا المعنى، لأنها أول الكلمة، فلما حذفت الواو اجتزئ بدلالة الميم على أنّ الاسم موضوع للمفعول، ويدلّك على أن الميم هى الأصل فى الدلالة على اسم المفعول، انفرادها بهذا المعنى، فى نحو: مكرم ومدحرج ومستخرج. وقد صحّحوا طرفا من ذوات الياء، فقالوا: ثوب مخيوط، وبرّ مكيول، وفرس معيوب، إلى غير ذلك، ولم يأت (¬1) [التصحيح] فى شيء من ذوات الواو إلا فى قولهم: مسك مدووف، وثوب مصوون، وحكى قوم حرفين آخرين: فرس مقوود، وقول مقوول، والمعروف فيهنّ الحذف. انتهى المجلس السادس والأربعون، بعون الله وحسن توفيقه. ... ¬

(¬1) ساقط من هـ‍. وانظر ليس فى كلام العرب ص 115.

المجلس السابع والأربعون يتضمن ذكر حذف الهمزة الأصلية والزائدة

المجلس السابع والأربعون يتضمّن ذكر حذف الهمزة الأصليّة والزائدة وأقول: ممّا كثر حذفه من الحروف الهمزة، وجاء ذلك فى الاسم والفعل، فحذفوها فاء وعينا ولاما، وزائدة. فمن حذفها فاء: حذفها من أناس، قالوا فيه: ناس، ووزنه من الفعل عال، وذهب الكسائىّ إلى أن وزنه: فعل مثل باب، وكان أصله فعل: نوس، واستدلّ على هذا بأنّ تحقيره نويس، كبويب، وأنه لو كان أصله فعال، لقيل فى تحقيره: أنيس، كما يقال فى تحقير غراب: غريب. والصحيح ما ذهب إليه جماعة البصريّين، ووافقهم فيه الفرّاء، لقول العرب: أناس، وإنما كثر حذف فائه إذا دخل عليه الألف واللام، فلا يكادون يقولون الأناس إلاّ فى ضرورة الشعر كقوله: إنّ المنايا يطّلع‍ … ن على الأناس الآمنينا (¬1) /وإنما قالوا فى تحقيره: نويس، فلم يردّوا فاءه، لأن ردّ المحذوف إنما يلزم فى التحقير للحاجة إليه، كقولك فى تحقير عدة وزنة: وعيدة ووزينة، وفى سه: ستيهة، وفى أب وأخ: أبىّ وأخىّ، ألا ترى أنك لو لم تردّ المحذوف من عدة، أوقعت ياء التحقير ثالثة بعد الدال، وحرّكتها بالفتح، لوقوع تاء التأنيث بعدها، فصارت الكلمة إلى عدية، بزنة فعلة، كرطبة، وحقيقة زنتها: عليّة، لأن وزن ¬

(¬1) سبق تخريجه فى المجلس التاسع عشر. وانظر أيضا شرح الملوكى ص 363.

عدة: علة، والياء زائدة للتحقير، فخرجت بذلك عن مثال التحقير، ثم انقلبت الياء ألفا، لتحرّكها وانفتاح ما قبلها، فصارت إلى عداة، وهذا إفساد مستحكم، لأنّ ياء التحقير لا تمسّها (¬1) الحركة، كما لا تمسّ ألف التكسير التى فى مثال مفاعل (¬2)، فكيف تحريكها ثم قلبها ألفا؟ وكذلك لو لم تردّ عين سه، فتقل: ستيهة، لزمك أن تقول: سهية، مثل رطبة، فتحرّك ياء التصغير ثم تقلبها ألفا، وهذا فساد تبعه فساد، وهو إبطال لمثال التحقير، ولو لم تردّ اللام من أب وأخ، وقعت ياء التحقير طرفا، ولزم تحريكها بحركات الإعراب، ثم قلبها ألفا، لانفتاح ما قبلها، فصار إلى أبا وأخا، وليس فى تحقير أناس، إذا لم تردّ المحذوف، شيء يخرج باب التحقير عن قياسه، لأنّ قولنا: ناس، وإن كان بوزن عال، فإنه مماثل لباب، وإن كان باب وزنه فعل، وكذلك (¬3) تحقيره مماثل لتحقيره، وإن كان نويس وزنه عويل، وبويب وزنه فعيل. ووافق الكسائىّ من الكوفيين، فى أن ناسا كباب، وأصله نوس، فعل من النّوس، وهو التحرّك: سلمة بن عاصم (¬4). ومن ذلك-أعنى حذف الهمزة فاء-حذف همزة «إلاه» حذفوها تخفيفا، كما حذفوا همزة أناس، وهمزة أب، فى قولهم: يا با فلان، فقالوا: لاه أبوك، يريدون: لله، كما قال (¬5): ¬

(¬1) راجع الكتاب 4/ 441، وانظر أيضا 3/ 417. وسيتكلم ابن الشجرى عن مشابهة التصغير لجمع التكسير فى المجلس التالى. (¬2) فى هـ‍: مفاعيل. (¬3) فى هـ‍: فكذلك. (¬4) راجع كلامه فى المجلس التاسع عشر. (¬5) ذو الإصبع العدوانى. من مفضليته الشهيرة. انظرها فى المفضليات ص 160، والشاهد أعاده ابن الشجرى فى المجلس المتم السبعين، وخرّجته فى كتاب الشعر ص 41.

لاه ابن عمّك لا أفضلت فى حسب … عنّى ولا أنت ديّانى فتخزونى /معنى «تخزونى»: تسوسنى وتقهرنى، ومعنى «عنّى» هاهنا بمعنى عليّ. والدّيّان: ذو السّياسة. فلاه فى قوله: «لاه ابن عمّك» أصله: لله، فحذف لام الجر، وأعملها محذوفة، كما أعمل الباء محذوفة فى قولهم: الله لأفعلنّ، وأتبعها فى الحذف لام التعريف، فبقى لاه، بوزن عال، ولا يجوز أن تكون اللام فى قوله: «لاه ابن عمّك» لام الجرّ، وفتحت لمجاورتها للألف، كما زعم بعض (¬1) النحويين، لأنهم قالوا: لهى أبوك، بمعنى لله أبوك، ففتحوا اللام، ولا مانع لها من الكسر فى «لهى»، لو كانت الجارّة، وإنما يفتحون لام الجرّ مع المضمر، فى نحو: لك ولنا، وفتحوها فى الاستغاثة، إذا دخلت فى اسم المستغاث به، لأنه أشبه الضمير، من حيث كان منادى، والمنادى يحلّ محلّ الكاف من قولك: أدعوك. فإن قيل: فكيف يتصل الاسم بالاسم، فى قوله: لاه ابن عمّك، بغير واسطة، وإنما يتصل الاسم بالاسم فى نحو: لله زيد، ولأخيك ثوب، بواسطة اللام؟ قيل: إن اللام أوصلت الاسم بالاسم، وهى مقدّرة، كما عملت الجرّ وهى مقدّرة، وكما أوصلت الباء فعل القسم إلى المقسم به، وهى محذوفة، فأصل هذا الاسم الذى هو «الله» تعالى مسمّاه، إله، فى أحد قولى سيبويه (¬2)، بوزن فعال، ثم ¬

(¬1) هو أبو العباس المبرد، كما ذكر ابن يعيش فى شرح المفصل 9/ 104، وانظر أيضا 8/ 53، وقد ناقش أبو علىّ هذا الرأى وردّه، لكنه لم يصرح بنسبته إلى المبرد. راجع كتاب الشعر ص 46. ثم انظر الخزانة 7/ 174. (¬2) أول من نقل هذا عن سيبويه: أبو إسحاق الزجاج، وذكره فى آخر سورة الحشر، من معانى القرآن 5/ 152، وردّ عليه الفارسىّ فى (الأغفال)، ثم ردّ على الفارسىّ ابن خالويه، فى كلام طويل حكاه البغدادىّ فى الخزانة 10/ 357. -

لاه، بوزن عال، ولمّا حذفوا فاءه عوّضوا منها لام التعريف، فصادفت وهي ساكنة، اللام التى هى عين، وهى متحرّكة، فأدغمت فيها، وبعض العرب يقطعون همزة لام التعريف منه فى النداء، فيقولون: يا الله، ليدلّوا بقطعها على أن الألف واللام فيه عوض من همزة قطع، وخصّوه بشىء لم يسمع فى غيره، وهو تفخيم لامه (¬1)، تعظيما له وتنويها به، وذلك إذا وقعت بعد ضمّة أو فتحة، كقولك: يقول الله، وقال الله، ويفعلون ذلك أيضا إذا ابتدءوا به، لأنّ همزة لام التعريف مفتوحة، وهذا التفخيم معدوم فى اللاّت، وما قاربها فى اللفظ، /كالّتى واللاّتى، فإن جيء به بعد كسرة، رقّقوا لامه، لموافقة التّرقيق للكسر. والذى ذهب إليه سيبويه، من أنّ أصل هذا الاسم: إلاه، قول يونس بن حبيب، وأبى الحسن الأخفش، وعلىّ بن حمزة الكسائىّ، ويحيى بن زياد الفرّاء، وقطرب بن المستنير، وقال بعد وفاقه لهذه الجماعة: وجائز (¬2) أن يكون أصله: لاه، وأصل لاه: ليه، على وزن فعل، ثم أدخل عليه الألف واللام، فقيل: الله، واستدلّ على ذلك بقول بعض العرب: لهي أبوك، يريدون: لاه أبوك، قال: فتقديره على هذا القول: فعل، والوزن وزن باب ودار، وأنشد للأعشى (¬3): ¬

= وقد أفاد العلامة الشيخ محمد عبد الخالق عضيمة-رحمه الله-أن سيبويه ذكر الاشتقاقين: فذكر الاشتقاق الأول، وهو (أله) فى الجزء الأول ص 309، وذكر الاشتقاق الثانى، وهو (لاه) فى الجزء الثانى ص 144. راجع فهارس كتاب سيبويه ص 14 - 15. والموضعان اللذان ذكرهما الشيخ من الكتاب، يقابلان فى طبعة شيخنا عبد السلام هارون-رحمه الله -2/ 195،3/ 498، وانظر الخصائص 2/ 288، وشرح الملوكى ص 356. (¬1) راجع المجلس الثالث والأربعين. (¬2) لم أجد هذا الكلام فى كتاب سيبويه المطبوع. وانظر التعليق السابق. وقد حكى البغدادىّ كلام سيبويه هذا، عن ابن الشجرى، فى موضعين من الخزانة 2/ 267،7/ 176، وقال فى كلا الموضعين: «البيتان اللذان أوردهما-يعنى ابن الشجرىّ-ليسا فى كتاب سيبويه». (¬3) ديوانه ص 283، ومعانى القرآن 1/ 204،2/ 398، وكتاب الشعر ص 41، والعضديات ص 78، وسر صناعة الإعراب ص 430، وشرح ما يقع فيه التصحيف ص 310، وشرح المفصل 1/ 3، وشرح الملوكى ص 361، والهمع 1/ 178، واللسان (أله)، والخزانة، الموضعين السابقين. وفى موضع الشاهد روايات أخرى، انظرها فى معانى القرآن والخزانة.

كحلفة من أبى رياح … يسمعها لاهه الكبار ولذى الإصبع العدوانىّ: «لاه ابن عمك» البيت. انتهى كلام سيبويه. وأقول: إنّ الاسم الذى هو «لاه» على هذا القول، تامّ وأصله: ليه، فعل، مثل جبل، فصارت ياؤه ألفا، لتحرّكها وانفتاح ما قبلها، ومن قال: لهى أبوك، فهو مقلوب من لاه، قدّمت لامه التى هى الهاء، على عينه التى هى الياء، فوزنه فلع، وكان أصله بعد تقديم لامه على عينه: للهى، فحذفوا لام الجرّ ثم لام التعريف، وضمّنوه معنى لام التعريف، فبنوه، كما ضمّنوا معناها أمس، فوجب بناؤه، وحرّكوا الياء لسكون الهاء قبلها، واختاروا لها الفتحة لخفّتها. فأمّا اشتقاق هذا الاسم، تعالى المسمّى (¬1) به، فقد قيل فيه غير قول، فمن ذلك قول من قدّمت ذكره من أهل العلم بالعربيّة، أن أصله إلاه، فعال بمعنى مفعول، كأنه مألوه، أى مستحقّ للعبادة، يعبده الخلق ويألهونه، والمصدر الألوهة، والتألّه: التعبّد، قال رؤبة (¬2): سبّحن واسترجعن من تألّهى أى تعبّدى، ومعنى العبادة: الخضوع والتذلّل، من قولهم: طريق معبّد، إذا كان موطوءا مذلّلا، لكثرة السّير (¬3) فيه، ومنه اشتقاق العبد، لخضوعه وذلّته لمولاه. وقال الخليل بن أحمد: أصل إلاه: ولاه، من الوله، والوله: الحيرة، فأبدلوا ¬

(¬1) فى هـ‍: تعالى مسمّاه. (¬2) ديوانه ص 165، والمحتسب 1/ 256، وشرح المفصل 1/ 3، وشرح الملوكى ص 359، وانظر معجم الشواهد ص 557. (¬3) فى هـ‍: السّفر.

الواو لانكسارها همزة، كما قالوا فى وشاح ووعاء: إشاح وإعاء، ثم أدخلوا عليه الألف واللام للتعريف، فقالوا: الإلاه، ثم حذفوا همزته بعد إلقاء حركتها على لام التعريف، فصار: اللاه، فاجتمع فيه مثلان متحرّكان، فأسكنوا الأول، وأدغموه فى الثاني، وفخّموا لامه، فقالوا: الله، فكأنّ معناه على هذا المذهب أن يكون الوله من العباد إليه جلّت عظمته. وقال قطرب وغيره من العلماء بالعربية: إنّ هذا الاسم لكثرة دوره فى الكلام، كثرت فيه اللّغات، فمن العرب من يقول: والله لا أفعل، ومنهم من يقول: لاه لا أفعل، ومنهم من يقول: والله بحذف ألفه، وإسكان هائه، وترك تفخيم لامه، وأنشدوا: أقبل سيل جاء من أمر الله … يحرد حرد الجنّة المغلّة (¬1) يحرد: يقصد. وأقول: إن حذف ألفه إنما استعمله قائل هذا الرجز للضرورة، وأسكن آخره للوقف (¬2) عليه، ورقّق لامه، لانكسار ما قبلها، ولو لم يأت فى قافية البيت الثانى «المغلّة» لأمكن أن يقول: جاء من أمر اللاّه، فيثبت ألفه، ويقف على الهاء بالسكون. ¬

(¬1) نسب هذا الرجز إلى حنظلة بن مصبح، وإلى قطرب، وقيل: انه أنشده فقط، وقيل: إنه صنعه. روى عن أبى حاتم أنه قال: «هذه صنعة من لا أحسن الله ذكره» يعنى قطربا. راجع حواشى الكامل ص 74،610، وانظر رغبة الآمل 1/ 180، ومعانى القرآن 3/ 176، ومجاز القرآن 2/ 266، وإصلاح المنطق ص 47،266، وشرح المفضليات ص 594، وأمالى المقالى 1/ 7، وسرّ صناعة الإعراب ص 721، وزاد المسير 8/ 337، وتفسير القرطبى 5/ 16،18/ 242، وشرح الجمل 2/ 573، وضرائر الشعر ص 132، والخزانة 10/ 356، وحواشى كتاب العربية، ليوهان فك ص 68. (¬2) بهامش الأصل حاشية: «قد جاء حذف هذه الألف فى غير الوقف أيضا فى قوله: ألا لا بارك الله فى سهيل إذا ما الله بارك فى الرجال وحمله على الضرورة صواب حسن». وانظر لهذا البيت الخصائص 3/ 134، والمحتسب 1/ 181، وتثقيف اللّسان ص 149، والخزانة 10/ 341،355.

ومن الأسماء المحذوف منها الهمزة، فاء «أبو فلان» إذا نادوه، كقول أبى الأسود الدّؤلىّ (¬1): يا با المغيرة ربّ أمر معضل … فرّجته بالمكر منّى والدّها وأمّا الأفعال التى حذفت الهمزة منها فاء، فمنها قولك إذا أمرت من الأخذ والأكل: خذ وكل، أصلهما أأخذ واأكل، فثقل عليهم اجتماع همزتين فيما يكثر استعماله، فأسقطوا الثانية، فوجب بإسقاطها إسقاط الأولى، لأنها همزة/ وصل، وهمزة الوصل إنما تجتلب توصّلا إلى النطق بالساكن، فإذا سقط الساكن الذى لأجله تجتلب، استغنى عنها. فأما (¬2) [قولك] افعل من أمر يأمر، فللعرب فيه مذهبان، منهم من نزّله منزلة خذو كل، فقالوا: مر فلانا بكذا، ومنهم من فرّق بينه وبينهما، لأنه لم يكثر استعماله كثرة استعمالهما، فلمّا فارقهما بكونه أقلّ منهما استعمالا، وكرهوا اجتماع الهمزتين، أبدلوا الثانية لانضمام ما قبلها واوا، فقالوا: أومر، كما فعلوا ذلك فيما قلّ استعماله من هذا الضّرب، نحو أجر الدار يأجرها، وأثر الحديث يأثره، فقالوا: أوجر دارك، أوثر حديث (¬3) زيد، فإذا دخل حرف العطف عليه، أجمعوا على إعادة همزته إليه، فقالوا: مر زيدا وأمر عمرا، كما جاء فى التنزيل: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ} (¬4). وقد شبّه بعض العرب «ائت» بخذ وكل، وإن لم يكن مثلهما فى الكثرة، فأسقطوا الهمزة التى هى فاء، فاجتمع عليه إسقاط فائه ولامه، فقالوا: ت زيدا، ¬

(¬1) مستدرك ديوانه ص 134، وكتاب الشعر ص 142،303. (¬2) ليس فى هـ‍. (¬3) فى هـ‍: أوثر حديثك. (¬4) سورة طه-صلّى الله عليه وسلم-132.

فإذا وقفوا عليه قالوا: ته، فألحقوه هاء السّكت، كما تقول إذا أمرته من ولى: ل عملك، ومن وفى يفى: ف بقولك، فإذا وقفت قلت: له، وفه، وكذلك تكتب هذا الضّرب، أعنى أنك تلحقه فى الخطّ الهاء، لأن الخطّ مبنىّ على الوقف، ألا ترى أنهم يصوّرون التنوين، فى نحو رأيت زيدا، ألفا، لأنهم إذا وقفوا عليه وقفوا بالألف، وكذلك يحذفون الياء من الخطّ فى باب قاض فى الرفع والجر، لأنهم يقفون عليه فى اللغة العليا (¬1) [بغير ياء] قال الشاعر: ت لى آل زيد فاندهم لى جماعة … وسل آل زيد أىّ شيء يضيرها (¬2) قوله: «فاندهم»: أى فأتهم فى ناديهم، وقوله: «لى» أى لأجلى. وأمّا حذف الهمزة عينا، فجاء على ضربين، ملتزم وغير ملتزم، فغير الملتزم حذفها بعد إلقاء حركتها على ساكن قبلها، كقولك فى يسأل: يسل، وفى قولك: اسأل: سل، ألقيت فتحة الهمزة من قولك: اسأل، على السّين، وحذفتها ثم حذفت/همزة الوصل، استغناء عنها بحركة السّين، فهذا حذف قياسيّ، لأنّ استعماله على سبيل الجواز، وكذلك إن كانت الهمزة فاء من كلمة، والساكن قبلها من كلمة، ألقيت حركتها عليه وحذفتها، فقلت فى كم إبلك: كم بلك، ومن أخوك؟ من خوك، وفى قد أفلح: «قد فلح المؤمنون» (¬3). فأمّا الحذف الملتزم فيها إذا كانت عينا، فحذف الهمزة من يرى ونرى ¬

(¬1) سقط من هـ‍. (¬2) من غير نسبة فى سرّ صناعة الإعراب ص 823، وشرح الملوكى ص 364،368، والهمع 2/ 218، واللسان (أتى). وواضح أن الشاهد فى البيت هو استعمال «ت» فعل أمر من «أتى». وقد جاء فى النسخة هـ‍: «لى آل زيد» بإسقاط «ت»، وجعلها ناشر الطبعة الهندية من الأمالى: «له لى». وهو خطأ. (¬3) أول سورة المؤمنون. وهذه قراءة ورش. راجع الكشف 1/ 89، وإرشاد المبتدى ص 182، والنشر 1/ 408، والإتحاف 1/ 213 (باب نقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها)

ونظائرهما، وهى ترى ونرى ويرى وأرى ونرى وأرى وترى ويرى، كان الأصل فى يرى: يرأى، مثل يرعى، وفي يرى: يرإى، مثل يرعى، فألقوا حركة الهمزة على الراء، ثم حذفوها والتزموا حذفها، والتزامه شاذّ، وحذفوها (¬1) [أيضا] من ماضى يرى، فقالوا: أرى، وأصله أرإى، مثل أرعى، ومن اسم فاعله، فقالوا: مرى، وأصله مرئى، مثل مرعى، وحذفوها من مثال الأمر المصوغ من رأى، كقولك: يا زيد ر جعفرا، تريد أبصر جعفرا، وكان الأصل: ار أ، مثل ارع، فألقيت حركة الهمزة على الراء، وحذفت ثم حذفت همزة الوصل، للاستغناء عنها، وهذا جمع بين إعلالين متواليين، حذف الهمزة التى هى عين، وحذف (¬2) [الألف] المنقلبة عن الياء، التى هى لام فى رأيت، فلم يبق إلاّ الفاء، فقولك: ر جعفرا، مثاله ف جعفرا، فإن أمرت اثنين، رددت اللام، فقلت: ريا، وأصله: ارأيا، مثل ارعيا، فألقيت حركة الهمزة على الراء وحذفتها، ثم حذفت همزة الوصل، فوزن ريا فلا، وإنما رددت اللام هنا، كما رددتها من كلّ فعل معتلّ اللام، أمرت منه اثنين، كقولك من خشيت: اخشيا، ومن دعوت: ادعوا، فإن أمرت رجالا قلت: روا، وأصله ارأوا، مثل ارعوا، ففعلت من إلقاء حركة الهمزة على الراء، وحذفها بعد الإلقاء، ثم حذف همزة الوصل، للاستغناء عنها، كما فعلت فيما قدّمت ذكره، فوزن روا: فوا، وإنّما لم تردّ اللام هنا، كما تردّها فى نحو: اخشوا، لأن أصله: اخشيوا، /فحذفت ضمّة الياء استثقالا لها على الياء، ثم حذفت الياء لالتقاء الساكنين، ولم تحذف الياء من اخشيا لخفّة الفتحة. فإن أمرت نساء قلت: رين، وأصله: ارأين، مثل ارعين، ففعلت ما تقدّم ذكره، من إلقاء الحركة، ثم حذف الهمزتين، الهمزة التى هى عين، وهمزة الوصل، فوزن رين: فلن، وإنما رددت اللام هنا كما رددتها فى نحو اخشين، وإنما ثبتت فى اخشين، لسكونها كما سكنت الميم في اعلمن، والباء فى اشربن. ¬

(¬1) ليس فى هـ‍. (¬2) مثل سابقه.

[فصل] [في مناداة الاسم المنقوص:]

(¬1) [فصل] [في مناداة الاسم المنقوص:] يقتضيه هذا الفصل، وهو أنك إذا ناديت اسما منقوصا، فللنحويّين فى يائه اختلاف، فمذهب سيبويه (¬2) إثباتها، لأنها احتمت بالنداء من التنوين، كما احتمت بالألف واللام (¬3) [وبالإضافة] ومذهب يونس بن حبيب حذفها، فعنده أنّ قولك: يا قاض، أوجه من قولك: يا قاضى، قال: لأنّ باب النداء باب حذف وتغيير، فهو مما كثر فيه التخفيف، لكثرة استعماله، فلذلك اختصّ به الترخيم، واتّسع فيه حذف ياء الضمير، فى نحو: يا غلام {وَيا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي} (¬4) اكتفاء بدلالة الكسرة على الياء، ولم يخالف يونس سيبويه (¬5) في إثبات الياء من اسم الفاعل المصوغ من أرى يرى، إذا نودى، فكلاهما يقول: يا مرى، فيثبتها لئلاّ يجتمع على الاسم حذف عينه وحذف لامه، وقد جاء في هذا التركيب لغيّة، ردّوا فيها اللام، وهى لغة التقديم فيه والتأخير، وذلك قولهم: راء، مثل راع، أخّروا همزته، وقدّموا ياءه، فصارت ألفا، لتحرّكها وانفتاح ما قبلها، فوزنه: فلع، قال كثيّر (¬6) عزة، أو غيره: وكلّ خليل راءنى فهو قائل … من اجلك هذا هامة اليوم أوغد ¬

(¬1) مكانه فى هـ‍ بياض. (¬2) إثبات الياء هو اختيار الخليل، حكاه سيبويه، ثم قوّى مذهب يونس الآتى. راجع الكتاب 4/ 184. (¬3) ساقط من هـ‍، ولم يأت هذا التعليل جميعه فى الكتاب. (¬4) سورة هود 89. (¬5) هو قول الخليل ويونس، حكاه سيبويه، ولم يقيّدا إثبات الياء فى هذا الموضع بالنداء، بل أطلقاه فى الإخبار. راجع الموضع المذكور من الكتاب. (¬6) ديوانه ص 435،436، والكتاب 3/ 467، والكامل ص 806،1295، والحلبيات ص 47، وحماسة ابن الشجرى ص 510، واللسان (رأى). وقوله: هذا هامة اليوم أو غد: أى يموت فى يومه أو فى غده، حزنا وأسفا. وأصل الهامة فيما تزعم الأعراب: طائر يخرج من رأس الميت. النكت فى تفسير كتاب سيبويه ص 938.

فإذا استعملوا مضارعه، ردّوا عينه، فجاءوا به على يفعل، دون يفلع، فقالوا: يرأى، مثل يرعى، وهى من اللّغات القليلة الاستعمال، لقلّة مستعمليها. وممّا التزموا فيه حذف همزته، وهي عين، كما التزموا حذفها فى يرى/ ونظائره (¬1) [قولهم] ملك، أصله: ملأك، مفعل من الألوك (¬2)، وهى الرسالة، فألقوا حركة الهمزة على اللام، ثم حذفوها، واستمرّ ذلك فى استعمالهم إيّاه، ولم يردّوها إلاّ فى الجمع، ولم يأت ردّها فى الأصل الذى هو الواحد إلاّ نادرا فى الشّعر، كقوله: فلست لإنسىّ ولكن لملأك … تنزّل من جوّ السّماء يصوب (¬3) كما جاء فى النادر: أرى عينىّ ما لم ترأياه … كلانا عالم بالتّرّهات (¬4) ¬

(¬1) ليس فى هـ‍. (¬2) بهامش الأصل حاشية: «قوله «من الألوك» يوجب أن يكون مألك، وإنما يجب أن يكون مقلوبا، ويكون وزنه على القلب: معفل. والكلام فيه يطول» انتهت الحاشية، وقد تكلم ابن الشجرى على الخلاف فى أصل «ملك» بتفصيل فى المجلس الثانى والسبعين. (¬3) ينسب هذا الشاهد إلى علقمة الفحل، وإلى متمّم بن نويرة، وينسب إلى غيرهما. راجع ذيل ديوان علقمة ص 118، وتخريجه فى ص 158، وديوان مالك ومتمم ص 87، وانظر الأصول 3/ 339، ومعانى القرآن للزجاج 1/ 112، وإيضاح شواهد الإيضاح ص 402، وتفسير القرطبى 1/ 263، وأنشده ابن الشجرى فى المجلس الثانى والسبعين. (¬4) قائله سراقة البارقى. ديوانه ص 78، ونوادر أبى زيد ص 496، والحلبيات ص 84، وسر صناعة الإعراب ص 77، والخصائص 3/ 153، والمحتسب 1/ 128، والصاهل والشاحج ص 588، وشرح المفصل 9/ 110، وشرح الملوكى ص 370،372، وما يجوز للشاعر فى الضرورة ص 89، والممتع ص 621، والمغنى ص 277، وشرح أبياته 2/ 179،5/ 133،139، وشرح شواهد الشافية ص 322، وطبقات الشافعية 9/ 330، واللسان (رأى)، وغير ذلك. وأعاده ابن الشجرى فى المجلس الرابع والستين. قال أبو القاسم الزّجاجى فى أماليه ص 88: «أما قوله: «ما لم ترأياه» فإنه ردّه إلى أصله، والعرب لم تستعمل أرى ويرى وترى ونرى إلاّ بإسقاط الهمزة تخفيفا، فأما فى الماضى فالهمزة مثبتة، وكان المازنىّ يقول: الاختيار عندى أن أرويه «لم ترياه» [يعنى بفتح الراء]، لأن الزحاف أيسر من ردّ هذا إلى أصله».

التّرّهة: الباطل من كلّ شيء. ومما حذفوا عينه وهي همزة، حذفا شاذّا، قولهم فى المئين: المين، وهى لغة رديّة، لأنّ فيها جمعا بين إعلالين متلاصقين: حذف العين وحذف اللام، لأن أصل مائة: مئية (¬1)، ومثله فى الجمع بين إعلالين، قولهم فى بنى العنبر وبنى الحارث: بلعنبر وبلحارث، فحذفوا النون من «بنى» مع حذف اللام من ابن، ويتبيّن هذا فيما تراه بعد (¬2)، بمشيئة الله وحسن إعانته. انتهى المجلس السابع والأربعون بعون الله وحسن توفيقه. ... ¬

(¬1) راجع اللسان (مأى). (¬2) فى المجلس الثانى والخمسين.

المجلس الثامن والأربعون يتضمن ذكر حذف الهمزة لاما، وما يتصل به

المجلس الثامن والأربعون يتضمّن ذكر حذف الهمزة لاما، وما يتّصل به قد انقضى ذكر حذف الهمزة عينا، وأمّا حذفها لاما، فقد حذفوها من مصدر سؤته، فقالوا: سواية، بوزن فعاية، وأصله سوائية (¬1)، فعالية. وحذفوها من «أشياء» فى قول أبى الحسن الأخفش وقول الفراء (¬2)، اتّفقا على أن أصلها أشيئاء، بوزن أفعلاء، فحذفت الهمزة التى هى لام، فوزنها الآن: أفعاء، فعورضا بأنّ الواحد مثاله فعل، وليس قياس فعل أن يجمع على أفعلاء، فاحتجّا بقولهم فى جمع سمح: سمحاء (¬3)، وروى عن الفرّاء أنه قال: أصل شيء شيّئ، كهيّن، وخفّف كما خفّف هيّن، /إلا أنّ شيئا ألزم التخفيف، ولمّا كان أصله ¬

(¬1) ذكره أبو زيد فى (كتاب مسائية) الملحق بالنوادر ص 565، قال: «يقال: سؤته مساءة ومسائية وسوائية». وانظر الكتاب 4/ 379، والتكملة ص 109، والمنصف 2/ 91،3/ 68، والممتع ص 514،518. (¬2) راجع معانى القرآن، له 1/ 321، والكتاب 3/ 564،4/ 380، والمقتضب 1/ 30، وشرح الملوكى ص 373 - 380، ومعانى القرآن للزجاج 2/ 212، وإعراب القرآن للنحاس 1/ 521، والإنصاف ص 812، والمنصف 2/ 94 - 101، والممتع ص 513 - 517، وشرح الشافية 1/ 21 32، والدرّ المصون 4/ 434 - 440، وقد لخّص السّمين الكلام فى هذه المسألة تلخيصا جيدا، واللسان (شيأ). (¬3) فى هـ‍: «أسمحاء» وهو خطأ، لعل الذى أوقع فيه ما يوهمه السّياق من التنظير بالوزن «أفعلاء». ووجه التنظير كشفه أبو البركات الأنبارى، فقال فى الإنصاف ص 813: «وأما أبو الحسن الأخفش فذهب إلى أنه جمع شيء بالتخيف، وجمع فعل على أفعلاء، كما يجمعونه على فعلاء، فيقولون: سمح وسمحاء، وفعلاء نظير أفعلاء، فكما جاز أن يجيء جمع فعل على فعلاء جاز أن يجيء على أفعلاء لأنه نظيره». وانظر ما يأتى قريبا عن أبى على، ثم انظر اللسان (شيأ-سمح).

فيعل، جمعوه على أفعلاء، كهيّن وأهوناء. وقوله فى شيء: إنّ أصله التثقيل، دعوى لا دليل عليها. وذكر أبو على فى التكملة (¬1) مذهب الخليل وسيبويه، في أشياء، ثم قال [وقد قيل (¬2)] فيه قول آخر، وهو أن يكون أفعلاء، ونظيره سمح وسمحاء (¬3)، وحذفت الهمزة التى هى لام حذفا، كما حذفت من قولهم: سوائية، حيث قالوا: سواية، ولزم حذفها فى أفعلاء لأمرين، أحدهما تقارب الهمزتين، وإذا كانوا قد حذفوا الهمزة مفردة، فجدير إذا تكرّرت أن يلزم الحذف. والآخر: أن الكلمة جمع، وقد يستثقل فى الجموع مالا يستثقل فى الآحاد، بدلالة إلزامهم خطايا: القلب، وإبدالهم من الأولى فى ذوائب: الواو، وهذا قول أبى الحسن، فقيل له: فكيف تحقّرها؟ قال: أقول فى تحقيرها: أشيّاء، فقيل له: هلاّ رددت إلى الواحد، فقلت: شييئات، لأن أفعلاء لا يصغّر، فلم يأت بمقنع. وأقول: إنّ الذى ناظره فى ذلك أبو عثمان المازنىّ، فأراد أن أفعلاء من أمثلة الكثرة، وجموع الكثرة لا تحقّر على ألفاظها، ولكن تحقّر آحادها، ثم يجمع الواحد بالألف والتاء، كقولك فى تحقير دراهم: دريهمات. ثم قال أبو علىّ بعد قوله، فلم يأت بمقنع: والجواب عن ذلك، أن أفعلاء فى هذا الموضع جاز تصغيرها، وإن لم يجز التصغير فيها فى غير هذا الموضع، لأنها قد صارت بدلا من أفعال، بدلالة استجازتهم إضافة العدد [القليل (¬4)] إليها، كما ¬

(¬1) صفحة 109. (¬2) ساقط من هـ‍. وهو فى التكملة. (¬3) حكيت قريبا كلام الأنبارىّ فى بيان هذا التنظير. وقال ابن برّى تعليقا على كلام أبى علىّ هذا: «وهو وهم من أبى على؛ لأنّ شيئا اسم، وسمحا صفة، بمعنى سميح، لأن اسم الفاعل من سمح قياسه سميح، وسميح يجمع على سمحاء، كظريف وظرفاء، ومثله خصم وخصماء؛ لأنه فى معنى خصيم». التنبيه والإيضاح المعروف بحواشى ابن برّى على الصحاح 1/ 22. (¬4) زيادة من التكملة.

أضيف إلى أفعال، ويدلّ على كونها بدلا من أفعال، تذكيرهم العدد المضاف إليها، فى قولهم: ثلاثة أشياء، فكما صارت بمنزلة أفعال فى هذا الموضع، بالدلالة التى ذكرت، كذلك يجوز تصغيرها، من حيث جاز تصغير أفعال، ولم يمتنع تصغيرها على اللفظ، من حيث امتنع تصغير هذا الوزن فى غير هذا الموضع، لارتفاع المعنى المانع/من ذلك عن أشياء، وهو أنها صارت بمنزلة أفعال، وإذا كان كذلك لم يجتمع فى الكلمة ما يتدافع من إرادة التقليل والتكثير فى شيء واحد. انتهى كلامه. وأقول فى تفسير قوله «إنّ أفعلاء فى هذا الموضع صارت بدلا من أفعال»: يعنى أنه كان القياس فى جمع شيء: أشياء (¬1)، مصروف، كقولك فى جمع فيء: أفياء، على أن تكون همزة الجمع هى همزة الواحد، ولكنهم أقاموا أشياء، التى همزتها للتأنيث، مقام أشياء التى وزنها أفعال، واستدلاله فى تجويز تصغير أشياء على لفظها بأنها صارت بدلا من أفعال، بدلالة أنهم أضافوا العدد (¬2) إليها، وألحقوه الهاء، فقالوا: ثلاثة أشياء، مما لا تقوم به دلالة، لأنّ أمثلة القلّة وأمثلة الكثرة يشتركن فى ذلك، ألا ترى أنهم يضيفون العدد إلى أبنية الكثرة، إذا عدم بناء القلّة، فيقولون: ثلاثة شسوع (¬3)، وخمسة دراهم. وأما إلحاق الهاء فى قولنا: ثلاثة أشياء، وإن كان أشياء مؤنثا، فلأنّ الواحد مذكّر، ألا ترى أنك تقول: ثلاثة أنبياء، وخمسة أصدقاء، وسبعة شعراء، فتلحق الهاء وإن كان لفظ الجمع مؤنّثا، وذلك لأنّ الواحد نبىّ وصديق وشاعر، كما أنّ واحد أشياء: شيء، فأىّ دلالة فى قوله: ويدلّ على كونها بدلا من أفعال، تذكيرهم العدد المضاف إليها فى قولهم: ثلاثة أشياء؟ وأقول: إن الذى يجوز أن يستدلّ به لمذهب الأخفش، أن يقال: إنما جاز ¬

(¬1) هكذا جاء فى الأصل بالرفع، ووجهه: «أشياء، مصروفا». (¬2) سبق أنّ عبارة أبى علىّ «العدد القليل». (¬3) الشسوع: جمع شسع، وهو أحد سيور النّعل. وله معان أخرى. وراجع الكتاب 3/ 491، 575، والشعر ص 139، واللسان (شسع).

تصغير أفعلاء على لفظه، وإن كان من أبنية الكثرة، لأنّ وزنه نقص بحذف لامه، فصار أفعاء، فشبّهوه بأفعال، فصغّروه. وقول أبى علىّ فى أشياء: «إن أصلها أفعلاء، وحذفت الهمزة التى هى لام حذفا، كما حذفت من قولهم: سوائية، ولزم حذفها من أفعلاء لأمرين، أحدهما: تقارب الهمزتين، وإذا كانوا قد حذفوا الهمزة مفردة، فجدير إذا تكررت أن يلزم الحذف» يعنى أن الهمزتين/فى أشيئاء تقاربتا، حتى لم يكن بينهما فاصل إلا الألف مع خفائها، فهى كلا فاصل، وإذا كانوا قد حذفوا الهمزة المفردة في سوائية، فحذف الهمزة التى وليتها همزة أولى. وقوله: «ولزم حذفها فى أفعلاء لأمرين» أراد أن يعرّفك بذلك أن حذفها فى سواية، لم يلتزموه، فأحد الأمرين الداعيين إلى حذفها تقارب الهمزتين، ثم قال: «والآخر أن الكلمة جمع، وقد يستثقل في الجموع مالا يستثقل فى الآحاد، بدلالة إلزامهم خطايا: القلب، وإبدالهم من الأولى فى ذوائب: الواو» يعنى أن الهمزة حذفت فى سوائية، وهو اسم غير جمع، فكان حذفها من أشياء، أجدر، لكونه جمعا، والجمع ثقيل، لأن الجموع فروع على الآحاد، فلذلك التزموا في خطايا قلب همزة خطيئة ياء، وكان أصلها: خطائىء، بهمزتين، مثل خطاعع، الأولى منهما منقلبة عن ياء خطيئة، كما انقلبت ياء صحيفة همزة فى صحائف، والثانية همزة خطيئة، فاستثقلوا اجتماع الهمزتين فى خطائىء، فأبدلوا المتطرّفة ياء، فصار: خطائى، فاستثقلوا الكسرة فى همزة بعدها ياء، فأبدلوا الكسرة فتحة، إذ كانوا قد قالوا فى المدارى (¬1): مدارا، فأبدلوا من كسرته فتحة، وهى في حرف صحيح، فكان إبدالها فى حرف علّة واجبا، فصار حينئذ إلى خطاء، فوقعت الهمزة بين ألفين، والهمزة أخت الألف، فتوالت ثلاثة أمثال، فأبدلوا الهمزة ياء. ¬

(¬1) المدارى: جمع المدرى والمدراة، وهى شيء يعمل من حديد أو خشب، على شكل سنّ من أسنان المشط وأطول منه، يسرّح به الشّعر المتلبّد، ويستعمله من لا مشط له. النهاية 2/ 115.

وأما ذوائب، فأصله: ذأائب، الهمزة الأولى همزة ذؤابة، والثانية بدل من ألف ذؤابة، كما أبدلت ألف رسالة همزة، فى رسائل، فاستثقلوا الجمع بين ثلاثة أمثال فى جمع، فأبدلوا من الأولى الواو. فأما مذهب الخليل وسيبويه فى (¬1) [أشياء، فإن أبا على ذكر أشياء بعد ذكر قصباء وطرفاء وحلفاء، فقال (¬2): وأما الاسم الذى يراد به الجمع عند سيبويه، فقولهم: القصباء والطّرفاء والحلفاء. ثم قال: ومن هذا الباب على قول الخليل وسيبويه] قولهم: أشياء فى جمع شيء، وكان القياس فيه: شيئاء، ليكون فعلاء، كطرفاء، فاستثقلوا تقارب الهمزتين، فأخّروا الأولى التى هى اللام، إلى أوّل الحرف، فصار: أشياء، ووزنه من الفعل: لفعاء، ثم قال: والدلالة/على أنها اسم مفرد، ما روى من تكسيرها على أشاوى، كسّروها كما كسّروا صحراء على صحارى، حيث كانت مثلها فى الإفراد، انتهى كلامه. وأقول: إن أشياء يتجاذبها أمران: الإفراد والجمع، فالإفراد فى اللفظ، والجمع فى المعنى، كطرفاء وقصباء وحلفاء، هنّ فى اللفظ كصحراء، وفى المعنى جمع طرفة وقصبة وحلفة (¬3)، بكسر لامها وفتحه على الخلاف، وكذلك أشياء، لفظها لفظ الاسم المفرد، من نحو صحراء، وهي فى المعنى جمع شيء، ودليل [ذلك (¬4)] ما ذكره أبو علىّ من قولهم فى جمع أشاوى كصحارى، وأصله أشايا، كما تقول العامّة، فأبدلوا الياء واوا، على غير قياس، كإبدالها واوا، فى قولهم: جبيت الخراج جباوة، ودليل آخر، وهو قولهم فى تحقيرها: أشيّاء، كصحيراء، ولو كانت جمعا لفظا ومعنى، وجب أن يقال فى تحقيرها: شييئات، ويدل على أنها فى المعنى جمع، ¬

(¬1) ما بين الحاصرتين ساقط من هـ‍. (¬2) التكملة ص 108، وراجع الكتاب 3/ 596. (¬3) الثلاثة أسماء نبات. (¬4) ساقط من هـ‍.

إضافة العدد إليها، فى قولهم: ثلاثة أشياء، ولو كانت اسما مفردا لفظا ومعنى، لم تجز إضافة العدد إليها (¬1)، ألا ترى أنه لا يجوز: ثلاث صحراء، ولم يأت إضافة العدد إلى مفرد إلاّ إلى مائة، فى قولهم: ثلاث مائة، كما جاء: {وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ} (¬2) وكان القياس: ثلاث مئين، أو مئات، كما جاء فى قول الفرزدق (¬3): ثلاث مئين للملوك وفى بها … ردائى وجلّت عن وجوه الأهاتم ومن حذف الهمزة لاما، حذفها فى برءاء، جمع بريء، خالف الفرّاء الرّواة، فى قول الحارث بن حلّزة (¬4): أم جنايا بنى عتيق ومن يغ‍ … در فإنّا من حربهم برءاء فروى: لبراء. فقولهم فى جمع بريء: برءاء، جاء على التّمام، كظريف وظرفاء، والذى ¬

(¬1) بعد هذا فى هـ‍: «فى قولهم ثلاثة أشياء». وقد سبق. (¬2) سورة الكهف 25. (¬3) ديوانه ص 853، برواية: فدى لسيوف من تميم وفى بها وعليها يفوت الاستشهاد. والبيت برواية النحويين فى المقتضب 2/ 170، والمقتصد ص 733 وإيضاح شواهد الإيضاح ص 645، والمساعد 2/ 69، وشرح المفصل 6/ 21،23، وشفاء العليل فى إيضاح التسهيل ص 561، وشرح الشواهد الكبرى 4/ 480 - وأشار العينىّ إلى رواية الديوان-والتصريح 2/ 272، وشرح الأشمونى 4/ 65، والخزانة 7/ 370، وأشار البغدادىّ أيضا إلى رواية الديوان. وسيعيد ابن الشجرى البيت الشاهد فى المجلس الثانى والخمسين. والأهاتم: بنو الأهتم بن سنان بن سمى. قيل: غرم ثلاث ديات فرهن بها رداءه، وكانت الدية مائة إبل، والمعنى ثلاثمائة إبل، يقول: وفى بها ردائى حين رهنته بها، وجلّت فعلتى هذا العار عن وجوه الأهاتم. الخزانة 7/ 371، والنقائض ص 371. (¬4) من معلقته. شرح القصائد السبع ص 481، وشرح القصائد التسع ص 584، والمحتسب 2/ 319، وشرح الملوكى ص 373،380، وانظر معانى القرآن للفراء فى تفسير قوله تعالى: إِنّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ الآية الرابعة من سورة الممتحنة 3/ 149. وأيضا كتابه المنقوص والممدود ص 47. ثم انظر الكلام على هذا الجمع فى معانى القرآن للزجاج 5/ 157، وإعراب القرآن للنحاس 3/ 413، والبحر المحيط 8/ 254.

رواه الفرّاء مختلف فيه، قيل: أصل براء: برءاء، حذفت لامه استثقالا، / لتقارب الهمزتين فى جمع، فبقى: فعاء، وقيل: هو جمع بريء على غير القياس، جاء على فعال، كما قالوا فى جمع رخل (¬1) وظئر وتوأم وفرير، وهو ولد البقرة: رخال وظؤار وتؤام وفرار، وقد قيل: إن الفرار واحد كالفرير. وقال آخرون فى براء: إنه واحد مثل بريء، كخفيف وخفاف، وكبير وكبار وطويل وطوال، وعجيب وعجاب، ووضعه فى موضع الجمع كقول الآخر: كلوا فى نصف بطنكم تعفّوا … فإنّ زمانكم زمن خميص (¬2) ومثله فى التنزيل: {وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ} (¬3) أوقع ظهير فى موضع ظهراء، كما أوقع رفيق فى موضع رفقاء، فى قوله تبارك اسمه وجلّت عظمته: {وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً} (¬4) وقد اتّسع هذا فى فعيل، كظهير ورفيق فى الآيتين، وكنجىّ فى قوله تعالى: {فَلَمَّا اِسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا} (¬5) أوقع نجيّا فى موقع أنجية، فى قول الراجز (¬6): إنّى إذا ما القوم كانوا أنجيه ¬

(¬1) الرّخل: الأنثى من أولاد الضأن. (¬2) فرغت منه فى المجلس الثامن والثلاثين. (¬3) الآية الرابعة من سورة التحريم. (¬4) سورة النساء 69. (¬5) سورة يوسف 80. (¬6) نسبه ابن منظور فى اللسان (نجا) إلى سحيم بن وثيل اليربوعى، وأنشده من غير نسبة فى (روى). وهو كذلك من غير نسبة فى الصحاح (نجا)، ونوادر أبى زيد ص 159، وتفسير غريب القرآن ص 220، ومعانى القرآن للزجاج 3/ 124، والوساطة ص 395، وتهذيب اللغة 11/ 199، ومقاييس اللغة 5/ 399، وشرح الحماسة للمرزوقى ص 656، والأزمنة والأمكنة له 1/ 135، وأساس البلاغة (نجا)، وزاد المسير 4/ 266، وتفسير القرطبى 9/ 241، والبحر 5/ 335، والمغنى ص 648، وشرح أبياته 7/ 231، وقال البغدادىّ: «وهذا الرجز فى غالب كتب اللغة وكتب الأدب، ولم يذكر أحد قائله. والله أعلم».

وكإيقاع كثير فى موضع (¬1) كثيرين، وقليل فى موضع (¬2) قليلين، فكثير فى قوله تعالى: {رِجالاً كَثِيراً وَنِساءً} (¬3) وقليل فى قوله: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ} (¬4) فالشكور اسم جنس صيغ على مثال فعول للمبالغة، كالعفوّ والغفور، فالمعنى: وقليلون من عبادى الشاكرون، وكون اسم الجنس مشتقّا قليل، وإنما يغلب على أسماء الأجناس الجمود، كالدّينار والدّرهم، والقفيز والإردبّ، فى قولهم: «عزّ الدّينار والدرهم (¬5)، وكثر القفيز والإردب» يريدون: عزّت الدنانير والدّراهم، وكثرت القفزان والأرادب. ومن ذلك الملك والإنسان، فى قوله تعالى: {وَالْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها} (¬6) وفى قوله تعالى: {وَإِنّا إِذا أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنّا رَحْمَةً فَرِحَ بِها} (¬7) أراد: والملائكة على جوانبها، وإنا إذا أذقنا الناس، فلذلك قال: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسانَ كَفُورٌ}. وممّا جاء من المشتقّ يراد به/الجنس: المفسد والمصلح، فى قوله تعالى: ¬

= ومعنى «كانوا أنجيه» أى صاروا فرقا لما حزبهم من الشّرّ، ودهمهم من الخوف، يتناجون ويتشاورون. ويروى «أنحيه» بالحاء المهملة، أى انتحوا عن عمل يعملونه. التهذيب 5/ 254، واللسان (نحا). (¬1) فى هـ‍: موقع. (¬2) يرى الأستاذ الجليل الشيخ محمد عبد الخالق عضيمة-رحمه الله وبرّد مضجعه-أن جمع «كثير وقليل» جمع مذكر سالما، مما انفرد به ابن الشجرى، وأنه لم يجد ذلك فى شيء من كتب النحو. وقد عرضت لذلك فى الفقرة (11) من آراء ابن الشجرى النحوية. وانظر كلام ابن الأثير على «كثير وقليل» فى منال الطالب ص 425. (¬3) مفتتح سورة النساء. (¬4) سورة سبأ 13. (¬5) ويقال أيضا: «أهلك الناس الدينار والدرهم» و «كثر الدّرهم والدينار فى أيدى الناس». الكامل ص 795، والأصول 1/ 150، ومعانى القرآن للزجاج 1/ 369،5/ 359، وسرّ صناعة الإعراب ص 15،350. (¬6) سورة الحاقة 17. (¬7) سورة الشورى 48.

{وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} (¬1) أى المفسدين من المصلحين، ومنه قول الآخر: إن تبخلى يا جمل أو تعتلّى … أو تصبحى فى الظاعن المولّى (¬2) أراد: فى الظاعنين المولّين. وأمّا ما حذف من الهمزات المزيدة، فهمزة أفعل، نحو أكرم وأحسن، إذا اجتمعت فى المضارع مع همزة المتكلّم، كقولك: أنا أكرم وأحسن، وقد قدمت ذكر ذلك فى غير موضع. وقد حذفت الهمزة حذفا مطّردا، زائدة وأصليّة، وذلك إذا وقعت بعد حرف ساكن، فأهل التخفيف يلقون حركتها على الساكن، فالزائدة كهمزة أفعل، نحو أحسن وأكرم، تقول: قد حسنت إليك، وقد كرمتك، كقراءة من قرأ: «قد فلح المؤمنون» (¬3)، {وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتابِ} (¬4). فأما الأصليّة فيقع بها الحذف فاء وعينا ولاما، فالفاء كهمزة أب وأرض، تقول: من بوك؟ وكم رضك جريبا؟ ومثله فى التنزيل: «يريد أن يخرجكم من رضكم» (¬5) - «وبالآخرة هم يوقنون» (¬6) ومنه قراءة من قرأ: «عادلّو لى» (¬7) ¬

(¬1) سورة البقرة 220. (¬2) تقدم فى المجلس الثامن. (¬3) أول سورة المؤمنون. وتقدم تخريج هذه القراءة فى المجلس السابق. (¬4) سورة آل عمران 110. (¬5) سورة الأعراف 110، والشعراء 35، وقد جاءت الآية محرّفة فى كلتا النسختين، ففى الأصل «ليخرجوكم من رضكم»، وفى هـ‍ «ليخرجنكم من رضكم». (¬6) الآية الرابعة من سورة البقرة. (¬7) سورة النجم 50، وهذه قراءة نافع وأبى عمرو، وكذلك قرأ بها أبو جعفر ويعقوب، وقد ضعّفها مكّى، وقال: إن بعضهم عدّها من اللحن، وذكر علّة ذلك. الكشف عن وجوه القراءات 1/ 92، والتبصرة ص 687، وانظر أيضا الخصائص 3/ 91، ومعانى القرآن للفراء 3/ 102، وللزجاج 5/ 77، والنشر 1/ 410، وإرشاد المبتدى ص 573، وشرح الشافية 3/ 51.

الأصل: عادن الأولى، فألقى ضمة أولى، وهى فعلى كحبلى، على لام التعريف، ثم حذفت، فاجتمع متقاربان، النون المسمّاة تنوينا، واللام، فأدغم التنوين فى اللام. والهمزة التى هى عين، كهمزة يسأل، تقول فى تخفيفها: يسل، ألقيت فتحتها على السين، ثم حذفتها، وتقول إذا أمرت منه: سل، وأصله: اسأل، فلما ألقيت فتحة الهمزة على السين وحذفتها، حذفت همزة الوصل، استغناء عنها، لأن الساكن الذى اجتلبت لأجله قد عدم سكونه، فوزن سل: فل. وممّا همزته عين: جيأل، وهو اسم علم للضّبع، والحوأب، وهو اسم ماء (¬1)، /قال الشاعر: هل هى إلا شربة بالحوأب … فصعّدى من بعدها أو صوّبى (¬2) فجيأل: فيعل، وجوأب: فوعل، تقول فيهما إذا خفّفت: جيل، والحوب. والهمزة التى هى لام، كهمزة المرأة والكمأة، تقول فيهما: المرة والكمة، فوزن مرة وكمة: فعه. واعلم أنّ هذا النقل ربّما امتنع فى بعض السّواكن، فلم يجز حذف الهمزة، وذلك فى الألف، والواو والياء إذا كانتا بمنزلة الألف فى المدّ والزيادة. أمّا امتناع الألف، فلأن الألف لا تحتمل الحركة، وذلك فى نحو هباءة، وأما امتناعه فى الواو والياء، إذا كانتا مدّتين زائدتين، فلأنّهما باجتماع هذين الشرطين بمنزلة ¬

(¬1) قريب من البصرة، على طريق مكة إليها، وله ذكر مشهور فى حديث أم المؤمنين السيدة عائشة رضى الله عنها، ويوم الجمل. معجم ما استعجم ص 472، وتاريخ الطبرى 3/ 264،4/ 456. (¬2) إصلاح المنطق ص 146، وتهذيب اللغة 5/ 270، ومعجم ما استعجم-الموضع السابق- ومعجم البلدان 2/ 353، واللسان (حبأ-ها).

الألف، وذلك فى مثل: مقروءة وخطيئة، فلا يحتملان الحركة، كما لا تحتملها الألف، وكذلك ياء التصغير، كقولك فى تحقير أفؤس: أفيئس، لا يصحّ إلقاء حركة الهمزة عليها، لأنها بمنزلة ألف التكسير (¬1)، فى أفاعل، لا تتحرّك أبدا، كما لا تتحرّك ألف أجادل وأرامل. فإن كانت الواو والياء أصليّين، كواو يغزو، وياء يرمى، أو للإلحاق، كواو حوأب، وياء جيأل، أو ضميرين، كواو فعلوا، وياء افعلى، كانتا كالحروف الصحيحة، فى جواز إلقاء حركة الهمزة عليهما، تقول فى يغزو أخاه، ويرمى أباه: يغزو خاه، ويرمى باه، وفى قولك: فلان ذو أمرهم، وعجبت من ذي أمرهم: ذو مرهم، وذى مرهم، لأن الواو فى قولك «ذو» عين، وتقول فى الحوأب: الحوب، وفى جيأل: جيل، كما مضى، لأن الواو والياء فيهما للإلحاق، وتقول فى الأمر من الامتثال: امتثلوا مرهم، وامتثلي مرهم. انتهى المجلس الثامن والأربعون، بعون الله وحسن توفيقه. ... ¬

(¬1) تقدّم هذا فى المجلس السابق.

المجلس التاسع والأربعون يتضمن ذكر حذف الهمزة من «أم» فى قوله

المجلس التاسع والأربعون يتضمّن ذكر حذف الهمزة من «أمّ» فى قوله: ويلمّ قوم، وتفسير أبيات، وذكر حذف لامات /فممّا حذفت فيه همزة «أمّ» قول الشاعر: ويلمّ قوم غدوا عنكم لطيّتهم … لا يكتنون غداة العلّ والنّهل (¬1) صدء السّرابيل لا توكا مقانبهم … عجر البطون ولا تطوى على الفضل يروى: ويلمّ، بكسر اللام، وو يلمّ، بضمّها، والأصل فيه ما قدّمت (¬2) حكايته عن أبى علىّ، وهو: ويل لأمّ قوم، فحذف التنوين، فالتقى مثلان، لام «ويل» ولام الخفض، فأسكنت الأولى وأدغمت فى الثانية، فصار: ويلّ امّ قوم، مشدد اللام مكسورها، فخفّف بعد حذف الهمزة بحذف إحدى اللامين، فأبو علىّ ومن أخذ أخذه، نصّوا على أنّ المحذوفة اللام المدغمة، فأقرّوا لام الخفض على كسرتها، وآخرون نصّوا على أن المحذوفة لام الخفض، وحرّكوا اللام الباقية بالضمة التى كانت لها فى الأصل. وقوله: «لطيّتهم» الطّيّة: السفر (¬3)، وموضع «لطيّتهم» نصب على الحال، أى غدوا عنكم مسافرين. ¬

(¬1) أنشدهما الشريف المرتضى فى أماليه 2/ 157، من غير نسبة، وفى شرح ابن الشجرى بعض لفظه، وسيشير ابن الشجرى إلى ذلك. والبيتان فى الحماسة البصرية 2/ 301، لأعشى تغلب، واسمه ربيعة ابن نجوان، ولم أجد البيتين فى شعره المنشور فى ديوان الأعشين. (الصبح المنير). (¬2) فى المجلس السادس والأربعين. وقد حكى البغدادى كلام ابن الشجرىّ هذا، فى الخزانة 3/ 275،276. (¬3) الطّيّة: تكون منزلا، وتكون منتوى، ويقال: مضى لطيّته، أى لوجهه الذى يريده، ولنيّته التى انتواها. اللسان (طوى).

والعلّ: الشّرب (¬1) الأوّل، والنّهل: الشّرب الثانى. وقوله «لا يكتنون» أى لا يقول أحدهم مفتخرا عند شرب إبله الأوّل وشربها الثانى: أنا أبو فلان، أراد أنهم ليسوا برعاء يسقون الإبل، وإنما يكتنى ويرتجز على الدّلو السّقاة والرّعاء. وقد قيل فيه قولان آخران، أحدهما (¬2) [أنهم] يسامحون شريبهم، ويؤثرونه بالسّقى قبل أموالهم (¬3)، ولا يصولون عليه فيكتنون، وهذا من كرمهم. والقول الآخر: أنهم ذوو عزّ ومنعة، فإذا وردت إبلهم ماء أفرج الناس لها عنه، لأنها/قد عرفت، فلا حاجة لأربابها إلى الاكتناء لتعرف. وقال بعض أهل العلم باللغة، فى قوله: «يكتنون» إنه من قولهم: كتنت يده تكتن، إذا خشنت (¬4) [من العمل] فقال: ليسوا بأهل مهنة فتكتن أيديهم وتخشن من العمل، بل لهم عبيد يكفونهم ذلك (¬5)، فوزن يكتنون فى هذا القول: يفعلون، وفى القول الأول: يفتعون، وأصله يكتنيون، يفتعلون من الكنية، فحذفت ضمّة يائه، ثم حذفت الياء لسكونها وسكون الواو، ثم أبدلت الكسرة قبل الواو ضمّة، لئلا تنقلب الواو ياء. ¬

(¬1) هكذا فى النسختين. والذى فى كتب اللغة أن «النهل» الشّرب الأول، و «العلل» الشرب الثانى، ومن أقوالهم: سقاه عللا بعد نهل. (¬2) ساقط من هـ‍. وهو فى أمالى المرتضى. (¬3) المراد الإبل. قال ابن الأثير: «المال فى الأصل: ما يملك من الذهب والفضة، ثم أطلق على كلّ ما يقتنى ويملك من الأعيان، وأكثر ما يطلق المال عند العرب على الإبل؛ لأنها كانت أكثر أموالهم». النهاية 4/ 373. (¬4) ساقط من هـ‍، وهو فى أمالى المرتضى. (¬5) بهامش الأصل حاشية: «كأنّ هذا سهو؛ لأن خشونة اليد وصلابتها من العمل، يقال له: الكنب، بالنون والباء، كنبت يده وأكنبت، فأما «كتنت» بالتاء والنون فمعناه الوسخ والدّرن، يتلطخ به الشىء، وهو أثر الدخان».

وقوله: «صدء السّرابيل» السّرابيل: اسم يقع على الدّروع وعلى القمص بذلك جاء التنزيل فى قوله تعالى: {وَجَعَلَ لَكُمْ سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ} (¬1) وفى هذا الكلام حذف عاطف ومعطوف، إذ التقدير: تقيكم الحرّ والبرد (¬2). ووصفهم بأن دروعهم صدء، لكثرة حملهم السلاح ولبسهم له، وصدء: جمع أصدأ، كأحمر وحمر. وقوله: «لا توكا مقانبهم» معناه: لا تشدّ أوعيتهم التى يكون فيها الزاد، واحدها مقنب، كنى بذلك عن إطعامهم الزاد، أى إنهم إذا سافروا لا تشدّ أوعية زادهم، بل يبذلونه لمصاحبيهم. وقوله: «عجر البطون» من صفة المقانب، والعجر: جمع أعجر، وهو الضّخم، وانتصاب قوله: «عجر البطون» على الحال، وهو من باب: حسن الوجه، أى لا تشدّ أوعية زادهم ضخاما بطونها، أى لا تشدّ وهى مملوءة. وقوله: «توكا» من الوكاء، وهو السّير الذى يشدّ به رأس القربة، والخيط الذى يشدّ به رأس الجراب ونحوه، وشبّه رسول الله صلّى الله عليه وسلم، العينين فى اليقظة بالوكاء، فى قوله: «العينان وكاء السّه، فإذا نامت العينان استطلق الوكاء (¬3)» السّه والاست بمعنى (¬4)، أراد ¬

(¬1) سورة النحل 81. (¬2) ابن الشجرىّ، رحمه الله، مولع بذكر الحذوف فى القرآن الكريم، ولم أجد فيما بين يدىّ من كتب، من ذكر أن فى الآية حذفا، كلّ ما قالوه أنه سبحانه وتعالى لم يذكر «البرد» إمّا لأن الوقاية من الحرّ أهمّ عندهم، وقلّما يهمّهم البرد لكونه يسيرا محتملا، أو أن ما يقى من الحرّ يقى من البرد، فدلّ ذكر الحرّ على البرد. معانى القرآن للفراء 2/ 112، وللزجاج 3/ 215، والكشاف 2/ 423، وزاد المسير 4/ 478، والبحر 5/ 524. (¬3) الحديث بهذا اللفظ فى مسند أحمد 4/ 97 (من حديث معاوية رضى الله عنه) وسنن الدارمىّ 1/ 184 (باب الوضوء من النوم)، وحلية الأولياء.5/ 154، ونصب الراية 1/ 46، وغريب الحديث لأبى عبيد 3/ 81. (¬4) فى هـ‍: بمعنى واحد.

أن العينين شداد الاست، فإذا كان يقظان/حفظت عينه استه، كما يحفظ الوكاء ما فى الوعاء، فإذا نام انحلّ الشّداد. وقوله: «لا تطوى على الفضل» أراد أنّ أوعية زادهم لا تطوى على ما فضل فيها منه، وجمع فاضل الطّعام على الفضل، لأنّ مثال فاعل من الصفات قد جمع على الفعل فى قول الأعشى (¬1): إنّا لأمثالكم يا قومنا قتل وفى قوله (¬2): إن تركبوا فركوب الخيل عادتنا … أو تنزلون فإنّا معشر نزل جمع قاتلا ونازلا، على قتل ونزل، كما ترى، ورفع قوله: «أو تنزلون» على الاستئناف بتقدير (¬3): أو أنتم تنزلون. وذكر أبو عليّ فى قول الله سبحانه: {كانَتْ لَهُمْ جَنّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً} (¬4) أن النّزل يجوز أن يكون جمع نازل، فينتصب على الحال من الهاء والميم، من قوله: {لَهُمْ} أى كانت لهم جنات الفردوس نازلين فيها، ويجوز أن يراد بقوله: {نُزُلاً} الطعام الذى يهيّأ للنّزيل، فيكون فى الكلام تقدير حذف مضاف، أى كانت لهم ثمرات جنات الفردوس نزلا، فعلى هذا ينتصب قوله: {نُزُلاً} بأنه خبر كان. ¬

(¬1) ديوانه ص 61، وصدر البيت: كلاّ زعمتم بأنا لا نقاتلكم (¬2) ديوانه ص 63، والكتاب 3/ 51، والمحتسب 1/ 195، والجمل المنسوب للخليل ص 193، وشرح جمل الزجاجى 1/ 456، والبحر 3/ 336، والمغنى ص 773، وشرح أبياته 8/ 103، والهمع 2/ 60، والخزانة 8/ 552. (¬3) هذا تقدير يونس بن حبيب، على ما فى الكتاب، ولا ينصرف هذا التقدير إلى رواية الديوان، فقد جاء صدر البيت فيه: قالوا الركوب فقلنا تلك عادتنا (¬4) سورة الكهف 107.

وقد جاءت لفظة «الفضل» بمعنى آخر، اسما غير جمع، وذلك فى بيت للمتنخّل الهذلى، من قصيدة رثى بها ابنه أثيلة (¬1) [وكان خرج مع ابن عمّ له، يقال له: ربيعة بن الجحدر غازيين، فأغارا على طوائف من فهم (¬2) بن عمرو بن قيس عيلان، فقتل أثيلة] وأفلت ربيعة، فقال أبوه فى مرثيته له: فقد عجبت وما بالدّهر من عجب … أنّى قتلت وأنت الحازم البطل (¬3) السّالك الثّغرة اليقظان كالئها … مشى الهلوك عليها الخيعل الفضل قوله: «أنّى قتلت» أى كيف قتلت؟. والثّغرة والثّغر بمعنى واحد، وهو موضع المخافة. وكالئها: حافظها. والهلوك من النساء: التى تتهالك فى مشيتها، أى تتبختر وتتكسّر، وقيل: الهلوك: الفاجرة التى تتواقع على الرجال. والخيعل: القميص الذى لاكمّى له (¬4)، وقيل: لاكمّي له ولا دخاريص (¬5). ¬

(¬1) ما بين الحاصرتين سقط من هـ‍، وانظر هذه القصة فى الأغانى 24/ 101. (¬2) فى الأصل: «فقيم»، وكذلك فى الخزانة 2/ 286 - طبعة بولاق-نقلا عن ابن الشجرى فيما أرجح، وهو خطأ، أثبتّ صوابه من الأغانى، وجمهرة ابن حزم ص 243، وقد نبّه على هذا الخطأ وأصلحه شيخنا عبد السلام هارون، برّد الله مضجعه، وأصلحه فى نشرته 5/ 7. (¬3) شرح أشعار الهذليين ص 1281، وتخريجه فى ص 1518، وزد عليه ما فى حواشى كتاب الشعر ص 434. (¬4) فى الخزانة 5/ 11، نقلا عن ابن الشجرى: «الذى ليس له كمّان»، وكأنّ البغدادىّ، رحمه الله، يريد أن يفرّ من حذف النون فى «لاكمّى له»، مع أنهم نصّوا على جوازه، على الإضافة، واعتبار اللام كالمقحمة. راجع الكتاب 2/ 278، والمقتضب 4/ 374، ومقاييس اللغة 2/ 200،253، والمجمل 1/ 296، والغربيين 1/ 312، وقد استعمل الفرزدق هذه اللغة، وذلك قوله يخاطب عمر بن لجأ: ولو كنت مولى العز أو فى ظلاله ظلمت ولكن لا يدى لك بالظّلم ديوانه ص 825. وراجع الكلام على هذه اللام فى المجلس الثالث والأربعين. (¬5) هو ما يوصل به البدن ليوسّعه، وقيل: إنه معرّب، أصله فارسى، وهو عند العرب: البنيقة. المعرب ص 143، واللسان (دخرص).

ويقال: امرأة فضل: إذا كان عليها قميص ورداء، وليس عليها إزار ولا سراويل، فأراد بما وصفه به: أنت الذى من شأنه سلوك موضع المخافة، يمشى متمكّنا غير فروق ولا هيوب، /مشى المرأة الفاجرة المتبخترة الفضل، وقال الأعشى فى الفضل: ومستجيب لصوت الصّنج يسمعه … إذا ترجّع فيه القينة الفضل (¬1) فأمّا إعراب البيت، فإن الوجه فى قوله: «السّالك الثّغرة» نصب الثّغرة، كقولك: الضارب الرجل، ويجوز فيها الخفض، كقولك: الضارب الرجل، على التشبيه بالحسن الوجه [كما قالوا: الحسن الوجه (¬2)] فنصبوا على التشبيه بالضارب الرجل، وإذا نصبت الثّغرة أو خفضتها، أجريت عليها اليقظان وصفا، فنصبته أو جررته، وارتفع به كالئها، كقولك: مررت بالمرأة الحسن وجهها، وجاز ذلك لعود الضمير إلى الموصوف. وقوله: «مشى الهلوك» إن شئت نصبته بتقدير: يمشى مشى الهلوك، وإن شئت أعملت فيه السالك، لأن السالك يقطع الأرض بالمشى، فيكون من باب (¬3): تبسّمت وميض البرق، لأنّ تبسّمت بمعنى أومضت، ومثله: إنّى لأبغضه كراهة، وإنى لأشنؤه بغضا، ومثله فى التنزيل: {أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً} (¬4) وقوله: ¬

(¬1) ديوانه ص 59، واللسان (فضل). وجاء بهامش الأصل: «صوابه تخال الصنج». . وهى رواية الديوان واللسان. (¬2) سقط من هـ‍. (¬3) أى من باب وقوع المصدر موقع المصدر لاتفاقهما فى المعنى، وليسا من لفظ واحد. وقد عرض ابن الشجرى لهذا بالتفصيل فى المجلس التاسع والخمسين. (¬4) آخر سورة الطارق. و «رويدا» على هذا التأويل مصدر محذوف الزيادة، والأصل: إروادا. وقيل فى توجيه نصبه: إنه نعت لمصدر محذوف، أى إمهالا رويدا. ووجه ثالث أن يكون منصوبا على الحال، أى أمهلهم غير مستعجل لهم العذاب. التبيان ص 1282، وتفسير القرطبى 20/ 12

{فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً} (¬1). وزعم بعض (¬2) من لا معرفة له بحقائق الإعراب، بل لا معرفة له بجملة الإعراب، أن ارتفاع «الفضل» على المجاورة للمرفوع، فارتكب خطا فاحشا، وإنما الفضل نعت للهلوك على المعنى، لأنها فاعلة من حيث أسند المصدر الذى هو المشى إليها، كقولك: عجبت من ضرب زيد الطويل عمرا، رفعت «الطويل» لأنه وصف لفاعل الضرب، وإن كان مخفوضا فى اللفظ، ولو قلت: عجبت من ضرب زيد الطويل عمرو، فنصبت «الطويل» بأنه نعت لزيد على معناه، من حيث هو مفعول فى المعنى، كان مستقيما، كما عطف الشاعر عليه المنصوب فى قوله: قد كنت داينت بها حسّانا … مخافة الإفلاس واللّيّانا (¬3) ومثل ذلك فى العطف قراءة الحسن: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفّارٌ /أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنّاسِ أَجْمَعِينَ} (¬4) عطف الملائكة والناس على اسم الله، على المعنى، لأنّ التقدير: عليهم أن لعنهم الله (¬5). ¬

(¬1) سورة النور 61، قال مكّىّ فى إعراب «تحية»: مصدر؛ لأن «فسلّموا» معناه: فحيّوا. مشكل إعراب القرآن 2/ 128. (¬2) أول من قال ذلك الأصمعىّ، وممن ذهب هذا المذهب: ابن قتيبة. انظر التنبيهات على أغاليط الرواة ص 87، والمعانى الكبير ص 544، والخزانة 5/ 12،101،102، وقد أفاد البغدادىّ أن الرفع على المجاورة لم يثبت عند المحققين، وإنما ذهب إليه بعض ضعفة النحويين. وانظر تذكرة النحاة ص 347. (¬3) فرغت منه فى المجلس الحادى والثلاثين. (¬4) سورة البقرة 161. (¬5) ذهب ابن جنى فى تقدير الرفع إلى غير هذا، قال: «هذا عندنا مرفوع بفعل مضمر يدلّ عليه قوله سبحانه: فَلَعْنَةُ اللهِ أى وتلعنهم الملائكة والناس أجمعون؛ لأنه إذا قال: عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللهِ فكأنه قال: يا عنهم الله» المحتسب 1/ 116، وذكر الدمياطىّ وجها ثالثا، أن يكون مبتدأ حذف خبره، أى: والملائكة والناس يلعنونهم. الإتحاف 1/ 424، وانظر إعراب القرآن للنحاس 1/ 226. وقال أبو زكريا الفراء عن قراءة الحسن هذه: «وهو جائز فى العربية، وإن كان مخالفا للكتاب» أى رسم المصحف. معانى القرآن 1/ 96، وقال أبو إسحاق الزجاج: «وهو جيّد فى العربيّة إلاّ أنى أكرهه لمخالفته المصحف، -

ومثل رفع الفضل على النّعت للهلوك، رفع المظلوم على النعت للمعقّب، فى قول لبيد يصف الحمار والأتان: يوفى ويرتقب النّجاد كأنه … ذو إربة كلّ المرام يروم (¬1) حتّى تهجّر فى الرّواح وهاجها … طلب المعقّب حقّه المظلوم قوله: يوفى: أى يشرف. والنّجاد: جمع النّجد، وهو المرتفع من الأرض، أى يشرف على الأماكن المرتفعة كالرّقيب، وهو الرجل الذى يكون ربيئة لقوم، يربض على نشز متجسّسا. والإربة: الحاجة. وقوله: «حتّى تهجّر فى الرّواح» أى عجّل رواحه فراح فى الهاجرة. وهاجها: أى هاج الأتان، طردها وطلبها، مثل طلب الغريم المعقّب حقّه، (¬2) [فالمعقّب فاعل الطلب، ونصب حقّه لأنه مفعول الطلب، والمظلوم صفة للمعقّب على المعنى، فرفعه لأن التقدير: طلبها مثل أن طلب المعقّب المظلوم حقّه] والمعقّب: الذى يطلب حقّه مرّة بعد مرّة، وهذا تفسير الأصمعىّ، أراد أنه يطلب حقّه طلبا عقيب طلب. وفى مرثية المتنخّل: فاذهب فأىّ فتى فى الناس أحرزه … من حتفه ظلم دعج ولا جبل (¬3) ¬

= والقراءة إنما ينبغى أن يلزم فيها السّنّة، ولزوم السّنّة فيها أيضا أقوى عند أهل العربية؛ لأن الإجماع فى القراءة إنما يقع على الشىء الجيّد البالغ». معانى القرآن 1/ 236، وقد أخذ ابن الشجرى تأويله منه. (¬1) سبق تخريجه فى المجلس الحادى والثلاثين. (¬2) ما بين الحاصرتين ساقط من هـ‍. (¬3) شرح أشعار الهذليين ص 1283.

ذهب بقوله: «أىّ فتى» مذهب النفى، أى ليس فى الناس فتى أحرزه من حتفه ظلم، فلذلك عطف عليه بالنفى، فقال: ولا جبل، وهذا كقولك لمن أكرمته فجحد إكرامك له، أو قابله بقبيح: أىّ إنسان يكرمك بعد هذا؟ تريد: لا يكرمك إنسان. وفيها: أقول لمّا أتاني الناعيان به … لا يبعد الرّمح ذو النّصلين والرّجل (¬1) قوله: «به» أى بنعيّه، فحذفه لدلالة قوله: «الناعيان» عليه. وقوله: «ذو النّصلين» شبّهه بالرّمح الذى له نصل وزجّ، فسمّى الزّجّ نصلا، وإنما الزّجّ الذى يكون فى أسفل الرمح، فغلّب النّصل على الزّجّ، لأن العمل للنّصل، وإذا كان/للرمح زجّ، كان أمكن للطّعن به. وقوله: «والرجل» أراد: والرجل فى الشجاعة والعقل (¬2). وبعد هذا البيت: ربّاء شمّاء لا يدنو (¬3) … لقلّتها إلاّ السّحاب وإلاّ الأوب والسّبل أراد أنه يكون ربيئة فى قلّة جبل أشمّ شامخ. والأوب: جماعة (¬4) النّحل، وقيل: الأوب: الرّيح. ¬

(¬1) ص 1284. (¬2) بهامش الأصل: لعله والفعل. (¬3) فى هـ‍: «يأوى». وما فى الأصل هو رواية أبى عمرو، كما فى شرح أشعار الهذليين. وقوله «شماء» ضبطت فى الأصل بفتح الهمزة، وهو حقّ الضبط وصوابه، وأحسن الله إلى كاتب هذه النسخة وجزاه خيرا، فقد ضبطت الهمزة بالضم فى شرح أشعار الهذليين، وكثير من مراجع تخريج البيت، وقد علقت عليها فى كتاب الشعر ص 393 بأن «شماء» مخفوض بإضافة «ربّاء» إليه، والفتحة علامة الخفض لأنه لا ينصرف، وهمزته للتأنيث. و «رباء» صيغة مبالغة، وهو الربيئة، العين والطليعة. (¬4) فى شرح أشعار الهذليين: الأوب: رجوع النحل. وفى اللسان (أوب): الأوب: النحل، وهو اسم جمع، كأن الواحد آئب. . . وقال أبو حنيفة: سمّيت أوبا لإيابها إلى المباءة، قال: وهى لا تزال فى مسارحها ذاهبة وراجعة، حتى إذا جنح الليل آبت كلّها حتى لا يتخلف منها شيء.

والسّبل: المطر. ذكر الشريف المرتضى، رضى الله عنه، البيتين اللذين (¬1) الأول منهما: «ويلمّ قوم» فى كتابه الذى سماه (¬2) (غرر الفوائد) وبيّن معنييهما، غير أنه لم يستوعب (¬3) [تفسير] ما فيهما من اللّغة، ولم يتعرّض للإعراب فيهما، ولم يزل قليل الإلمام بهذا الفنّ، وقال فى قوله: «ويلمّ قوم»: هذا من الزّجر المحمود الذى لا يقصد به الشرّ، مثل قولهم: قاتل الله فلانا، ما أشجعه!. وترحه الله، ما أسمحه! ومثله قول آخر: فويل بها لمن تكون ضجيعه … إذا ما الثّريّا ذبذبت كلّ كوكب (¬4) ... ¬

(¬1) فى هـ‍: اللذين أول الأول منهما. (¬2) غرر الفوائد ودرر القلائد، المعروف بأمالى المرتضى، وقد دللت على موضع الشعر فيه فى أول المجلس. (¬3) سقط من هـ‍. (¬4) البيت من غير نسبة فى كتاب الشعر ص 302، وأمالى المرتضى 2/ 175، وفى حواشيها من نسخة «فويل أمّها». قلت: يقال: ويل له، وويل به. والأخيرة حكاها ثعلب، كما فى اللسان. وقوله «فويل» ضبطها ابن السّكّيت بكسر اللام، على ما حكى أبو علىّ فى كتاب الشعر، قال: «أنشد «ويل» بالكسر، والبناء فيه مثل البناء فى «فداء لك» من حيث كان المراد بكلّ واحد منهما الدعاء». وكشف هذا الكلام فى الصحاح. قال الجوهرىّ: «ومن العرب من يكسر «فداء» بالتنوين إذا جاور لام الجرّ خاصّة، فيقول: فداء لك، لأنه نكرة، يريدون به معنى الدعاء». وتوجيه هذا الكلام كلّه فى الكتاب 3/ 302.

فصل تردفه فصول فى حذف اللام

فصل تردفه فصول فى حذف اللام اللام أمكن فى الحذف من العين، والكلم المحذوف لاماتها على ضربين، ضرب عوّضوه من محذوفه، وضرب لم يعوّضوه، فالذى لم يعوّضوه على ضربين، مذكر ومؤنّث بالهاء، فالمذكّر سوى اليد (¬1): دم وغد ويد ودد وأب وأخ وحم وهن وحر وفوك وذو مال. والمؤنث: شاة وشفة وسنة وأمة وضعة وبرة ولغة وقلة وثبة وظبة وكرة وحمة ومائة وسية وفئة ورئة وعزة وعضة (¬2) ولثة. والضّرب الذى عوّضوه على ضربين، ضرب عوّضوه حرفا فى أوّله، وضرب عوّضوه حرفا فى آخره أو أوسطه. فالذى عوّضوه فى الأوائل، عوّضوه همزة الوصل، وهو: اسم واست وابن وابنة/واثنان واثنتان. والضرب الآخر عوّضوه التاء، وهو: بنت وأخت وهنت وثنتان وكلتا وكيت وذيت. فأصل دم عند بعض التصريفيين (¬3): دمى، ساكن العين، قالوا: لأنّ الأصل فى ¬

(¬1) يريد أن «اليد» مؤنثة، لكنه ذكرها فى سياق المذكّر لخلوّها من هاء التأنيث. وانظر لتأنيث اليد المذكر والمؤنث لأبى بكر بن الأنبارى ص 275، والبلغة لأبى البركات الأنبارى ص 71. (¬2) فى هـ‍: وعنة. (¬3) وهو مذهب سيبويه والزجاج وابن جنى. انظر الكتاب 3/ 597، ومعانى القرآن 1/ 131، والعضديات ص 215 - 218، والمنصف 2/ 148، وشرح الملوكى ص 409، وشرح بانت سعاد لابن هشام ص 36، وحاشيته للبغدادى 1/ 741، والخزانة 7/ 485، واللسان (دمى).

هذه المنقوصات أن تكون أعينها سواكن، حتى يقوم دليل على الحركة، من حيث كان السّكون هو الأصل، والحركة طارئة، قالوا: وليس ظهور الحركة فى قولنا: «دميان» دليلا على أن العين متحرّكة فى الأصل، لأنّ الاسم إذا حذفت لامه واستمرّت حركات الإعراب على عينه، ثم أعيدت اللام فى بعض تصاريف الكلمة، ألزموا العين الحركة، لإلفهم الحركة فيها، إذا قالوا: دم ودما وبدم. وقال من (¬1) خالف أصحاب هذا القول: أصل دم: دمى، فعل مفتوح العين، لأنّ بعض العرب قلبوا لامه ألفا، فألحقوه بباب رحا، فقالوا: هذا دما (¬2) وبدما، وأنشدوا: كأطوم فقدت برغزها … أعقبتها الغبس منه عدما (¬3) غفلت ثم أتت تطلبه … فإذا هى بعظام ودما ¬

(¬1) هو أبو العباس المبرد. المقتضب 1/ 231،3/ 153، وتبعه أبو بكر بن السراج فى الأصول 3/ 323 - وفى المطبوع منه «فعل» بسكون العين، وهو خطأ. هذا ومما ينبغى التنبيه عليه أن عبارة ابن السّراج فى الأصول قد توهم بظاهرها مخالفة للمبرد، وجاءت عبارة ابن هشام فى شرح بانت سعاد مقوية لهذا التوهّم، ممّا جعل البغدادىّ يقول فى حاشيته: «ظاهره أنه ردّ لما ادّعاه المبرد، وليس كذلك، وإنما ردّ دليله فقط». وهكذا يكون فقه النصوص، والبصر بعبارات الأقدمين، والتنبه لمراميهم البعيدة. ورحم الله البغدادىّ رحمة واسعة سابغة. (¬2) فى الأصل، والخزانة 7/ 486 - عن ابن الشجرى: «هذا دم ودما»، وأثبتّ ما فى هـ‍، وهو الصواب الذى يقتضيه الإلحاق بباب «رحا» والمراد أنه مقصور يعرب بالألف على كلّ حال. والرحى تكتب بالياء والألف، على ما يرى الفراء وابن السّكّيت، وابن ولاّد يرى أنها تكتب بالياء ليس غير. راجع المنقوص والممدود ص 31، وحروف الممدود والمقصور ص 117، والمقصور والممدود ص 46. (¬3) مجالس العلماء ص 326، والجمهرة 3/ 484، والمنصف 2/ 148، ورسالة الملائكة ص 164، والمخصص 6/ 93،8/ 38، وشرح المفصل 5/ 84، وشرح الملوكى ص 415، وتذكرة النحاة ص 142، والهمع 1/ 39، والأشباه والنظائر 3/ 40، والخزانة 7/ 491،493، استطرادا- وحاشية البغدادى على شرح بانت سعاد 1/ 744، واللسان (برغز-أطم). وانظر الموضع السابق من العضديات. وقوله: «فإذا هى» يأتى شاهدا على إسكان الياء من «هى» ضرورة-والبيت من بحر الرمل-لأن هذه الياء يلزمها الحركة، وليست كياء «عليه» و «إليه» لأن هذه لا يلزمها الحركة، فيجوز حذفها للاستغناء بالكسرة عنها. قاله القيسىّ فى إيضاح شواهد الإيضاح ص 392. -

وعلى هذه اللغة أنشدوا: «يقطر الدّما» بالياء (¬1)، فى قوله: فلسنا على الأعقاب تدمى كلومنا … ولكن على أقدامنا يقطر الدّما (¬2) وقال بعض العرب فى تثنيته: دمان، فلم يردّوا اللام، كما قالوا فى تثنية يد: يدان، والوجه أن يكون العمل على الأكثر، ولذلك حكى قوم: دموان، والأعرف فيه الياء، وعليه أنشدوا: فلو أنّا على حجر ذبحنا … جرى الدّميان بالخبر اليقين (¬3) ¬

= وقوله «ودما» بفتح الدال، وهو موضع الشاهد، ويأتيك فى بعض الكتب «ودما» بكسر الدال. على أن الأصل «ودماء» ثم قصر الممدود. وهى حقّ الرواية عند الأصمعىّ. (¬1) يعنى الياء فى «يقطر» ليكون «الدما» فاعلا مرفوعا بضمة مقدّرة لإجرائه مجرى المقصور. ويروى «تقطر» بالتاء، و «نقطر» بالنون، على ما فى مراجع التخريج الآتية. (¬2) بيت سيّار، قائله الحصين بن الحمام المرّىّ. البصريات ص 626، والحلبيات ص 8، وشرح الحماسة ص 198، وخلق الإنسان ص 320، وشرح ما يقع فيه التصحيف ص 325، وشرح المفصل 4/ 153،5/ 84، وإيضاح شواهد الإيضاح ص 393، والجمل المنسوب إلى الخليل ص 220، وتذكرة النحاة ص 142، وشرح الملوكى ص 415 - وفى حواشيه مراجع أخرى-والموضع السابق من العضديات والمنصف والخزانة. والشاهد أعاده ابن الشجرى فى المجلس الثالث والستين. (¬3) نسبه ابن الشجرى فى المجلس الثامن والسبعين إلى المثقب العبدىّ. والبيت من مقطوعة، اختلف فى نسبتها اختلافا كثيرا، فرويت للمثقب-كما ترى-ولعلىّ بن بدّال، وللفرزدق، وللأخطل. راجع ديوان المثقب ص 281، وفيه تخريج عال، ورحم الله محققه رحمة واسعة، وانظر أيضا المنصف 2/ 148، والجمل المنسوب للخليل ص 221، والإنصاف ص 357، وإيضاح شواهد الإيضاح ص 393، وشرح المفصل 4/ 151،5/ 84،6/ 5،9/ 24، وشرح الملوكى ص 409، والمقرب 2/ 44، والممتع ص 624، وحاشية البغدادى على شرح بانت سعاد 1/ 717، وتذكرة النحاة ص 143، والتبصرة ص 599، وأنبّه هنا على أن ابن الشجرى قد ذكر فى المجلس الثامن والسبعين البيت الشاهد المختلف فى نسبته مع بيتين مقطوع بنسبتهما إلى المثقب. وابن الشجرى فيما أنشد ناقل عن الهروى فى الأزهية ص 150. ومعنى البيت: أنه لشدة العداوة بينه وبين من ذكره لا تختلط دماؤهما، فلو ذبحا على حجر لذهب دم هذا يمنة ودم ذاك يسرة، وهذا كقول المتلمس: أحارث إنّا لو تشاط دماؤنا تزيّلن حتى لا يمسّ دم دما وتشاط: تخلط. ويقال بالسين والشين.

قال بعض أهل اللغة: من العرب من يقول: الدم، بالتشديد، كما تلفظ به العامّة (¬1)، وهى لغة رديئة، وأنشدوا لتأبّط شرّا (¬2): حيث التقت بكر وفهم كلّها … والدّمّ يجرى بينهم كالجدول /والعامّة تفعل مثل هذا فى الفم، ومن العرب من يشدّد الفم أيضا، وإنما يكون ذلك فى الشّعر، كما قال: يا ليتها قد خرجت من فمّه (¬3) الأطوم: البقرة الوحشيّة، والبرغز: ولدها، والغبس: الذّئاب. وغد، أصله: غدو، وقد نطقوا به، قال (¬4): وما الناس إلاّ كالديار وأهلها … بها يوم حلّوها وغدوا بلاقع ¬

(¬1) راجع تثقيف اللسان ص 162. (¬2) ديوانه ص 194، وفيه «والدهر يجرى بينهم» وليس بشىء؛ لأن مرجع المحقق فيه رسائل أبى العلاء ص 71، والذى فيها «والدّم» كالذى عندنا. (¬3) نسب فى اللسان (طسم) إلى العمانى الراجز-وهو محمد بن ذؤيب الفقيمى-ونسب أيضا فى المادّة نفسها إلى جرير، حكاية عن ابن خالويه. وفى (فمم) نسب أيضا إلى العمانى، وأنشد من غير نسبة فى (فوه). والشطر ينسب إلى العجاج. ملحقات ديوانه ص 89، وأورده محقق ديوان جرير فى ذيل الديوان ص 1038، نقلا عن اللسان. وهو من غير نسبة فى إصلاح المنطق ص 84، والمشوف المعلم ص 582، والخصائص 3/ 211، والمحتسب 1/ 79، وسرّ صناعة الإعراب ص 415، وما يجوز للشاعر فى الضرورة ص 177، والمخصص 1/ 137،138،15/ 78، وشرح المفصل 10/ 33، والمقرب 2/ 176، والممتع ص 391، والهمع 1/ 39، والخزانة 4/ 493 - وانظر فهارسها. هذا وقد أفاد محقق سفر السعادة فى ص 59 - أحسن الله إليه-أن الشطر نسب إلى الأقيبل القينى فى العقد الفريد 4/ 423، والأمر على ما قال. (¬4) لبيد. ديوانه ص 169، وتخريجه فى 380، وانظر أيضا: التبصرة ص 598،784، وشرح الملوكى ص 394، وحاشية البغدادى على شرح بانت سعاد 1/ 747.

وقال آخر: لا تقلواها وادلواها دلوا … إنّ مع اليوم أخاه غدوا (¬1) قوله: «لا تقلواها» أى لا تعجلا بها فى السّير، ويقال: قلت الناقة براكبها: إذا تقدّمت به، وقلا العير أتنه (¬2) [قلوا] إذا طردها. والدّلو: ضرب من السّير السّهل، قال: لا تعجلا فى السّير وادلواها (¬3) ويد، أصلها: يدى لظهور الياء فى تثنيتها، ولقولهم: يديت إليه يدا، أى أسديت إليه نعمة، قال (¬4): يديت على ابن حسحاس بن بدر … بأسفل ذى الجذاة (¬5) يد الكريم ¬

(¬1) الألفاظ لابن السكيت ص 291، والفاضل ص 19، والمقتضب 2/ 238،3/ 153، وغريب الحديث للخطابى 2/ 244، والمنصف 1/ 64،2/ 149، والصاهل والشاحج ص 394، وشرح الملوكى ص 392،394، والممتع ص 623، وذكر محققه أن البيهقى نسب الشطرين فى المحاسن والمساوئ 2/ 123 إلى رؤبة. وليسا فى ديوانه المطبوع. وفى حواشى المقتضب مراجع أخرى لتخريج الشاهد. والقلو: السّوق الشديد، والدلو: السوق الليّن. يقول: ارفق بها ولا تقتلها اليوم بشدة السّير، فإنك تحتاج إليها غدا. وهذا مما يتمثّل به. انظر جمهرة الأمثال 2/ 284 وحواشيها. وقال التبريزى فى شرح ألفاظ ابن السّكّيت: قوله: إن مع اليوم أخاه» كقولك: إن مع اليوم غدا. المعنى أنه ينبغى أن تدبّر أمرك تدبيرا يصلح لجميع أوقاتك، وتنظر فى عواقب الأمور. (¬2) ليس فى هـ‍. (¬3) مقاييس اللغة 2/ 293، والجمهرة 3/ 164، وغريب الحديث للخطابى 2/ 244، والأساس واللسان (دلا)، ومنال الطالب ص 436. (¬4) معقل بن عامر الأسدى، على ما فى حواشى شرح الحماسة ص 193، وانظر معجم ما استعجم ص 287، فى رسم (بيان)، ومعجم البلدان 2/ 38، فى رسم (الجداه)، وشرح المفصل 5/ 84، 10/ 56، وشرح الملوكى ص 413، واللسان (يدى)، والخزانة 7/ 478، حكاية عن ابن الشجرى. (¬5) هكذا بالذال المعجمة فى الأصل، وبعض ما ذكرت من مراجع، وفى بعضها الآخر بالدال المهملة، وهو موضع لم يعينه البكرى، وقال ياقوت: موضع فى بلاد غطفان.

فيجوز أن تكون اليد التى هى النعمة مأخوذة من التى هى الجارحة، لأن النعمة تسدى باليد، ويجوز أن تكون الجارحة مأخوذة من النّعمة، لأن اليد نعمة من نعم الله على العبد. ويدلّ على سكون عينها جمعها على أيد، لأنّ قياس فعل فى جمع القلّة أفعل، كقولهم: أكلب وأكعب وأبحر وأنسر. [فى جمع نسر] (¬1) وفتح الدال فى التثنية كقوله: يديان بيضاوان عند محلّم … قد يمنعانك أن تذلّ وتقهرا (¬2) لا يدلّ على فتحها فى الواحد، لما ذكرته لك من إجراء هذه المنقوصات على الحركة، إذا أعيدت لاماتها، وذلك لاستمرار حركات الإعراب عليها فى حال نقصها، وكذلك إذا نسبت إليها أعدت المحذوف، وفتحت الدال، /وأبدلت من الياء واوا، كما أبدلت من ياء قاض، فقلت: يدوىّ، هذا قول الخليل وسيبويه فى النّسب إلى هذا الضّرب، وأبو الحسن الأخفش ينسب إليه على زنته الأصلية، فيقول: يدييّ، وفى غد: غدوىّ، وفى حر: حرحىّ، والخليل وسيبويه يقولان: غدوىّ وحرحىّ (¬3). وجمع اليد التى هى الجارحة فى الأكثر على أيد، وقد جاء جمعها على أياد، فى قوله: ¬

(¬1) ساقط من هـ‍. (¬2) يروى بثلاثة قواف، هذه التى تراها، و «تضهدا» و «تهضما». مجالس العلماء ص 327، والمنصف 1/ 64،2/ 148، والجمل المنسوب للخليل ص 222، والمخصص 17/ 52، ورسالة الملائكة ص 168، والتبصرة ص 599،783، وإيضاح شواهد الإيضاح ص 394،799، وشرح المفصل 4/ 151،5/ 83،6/ 5،10/ 56، وشرح الملوكى ص 282،412، والمقرب 2/ 44، وتذكرة النحاة ص 143، وشرح الأشمونى 4/ 119، وشرح شواهد الشافية ص 113، والخزانة 7/ 476. ومحلّم: من ملوك اليمن. (¬3) وأجاز سيبويه أيضا: يدىّ، وحرىّ. راجع الكتاب 3/ 358،359.

قطن سخام بأيادى غزّل (¬1) سخام: ناعم. واليد التى هى النّعمة جمعها فى الأكثر الأشهر على الأيادى، وقد جمعوها على الأيدى، وإنما الأيادى جمع (¬2) الجمع، كقولهم فى جمع أكلب: أكالب. وقولهم فى تثنيتها: يدان، أكثر من قولهم: يديان، فهذا مضادّ لقولهم: دمان ودميان. وقولهم: «دد» أصله: ددن، وهو اللهو واللّعب، وجاء فى الحديث عنه ¬

(¬1) قبله-وهما في وصف سراب: كأنه بالصّحصحان الأنجل والصحصحان: ما استوى من الأرض. والأنجل: الواسع. والسّخام، بضم السين، وهو هنا: الليّن الناعم والبيتان فى إصلاح المنطق ص 381، والألفاظ ص 671، منسوبين إلى جندل بن المثنى الطّهوىّ، وكذلك فى اللسان (سخم-يدى) عن ابن برّى، ونسبهما الزمخشرى فى الأساس (سخم) لأبى النجم، وليسا فى ديوانه المطبوع بالرياض. وهما من غير نسبة فى كتاب الشعر ص 334، والخصائص 1/ 269، وشرح المفصل 5/ 74، والمقاييس 3/ 145، وروايته: قطن سخامىّ بأيدى غزّل وعليها يفوت الاستشهاد. هذا وقد جاء جمع «اليد» التى هى الجارحة، على «الأيادى» أيضا فى قول عدىّ بن زيد العبادىّ: أنكرت ما تبيّنت فى أيادينا وإشناقها إلى الأعناق وهو من إنشاد أبى الخطاب الأخفش الكبير، فى مجلس مع أبى عمرو بن العلاء. انظره فى مجالس العلماء ص 162، والقصة هناك دالّة على فضل الأخفش وإجلاله لأبى عمرو. وجاءت «الأيادى» أيضا جمعا للجارحة، فيما أنشده أبو زيد لنفيع، شاعر جاهلىّ: أمّا واحدا فكفاك مثلى فمن ليد تطاوحها الأيادى النوادر ص 255 (¬2) راجع الموضع السابق من شرح المفصل.

صلى الله عليه وآله وسلم: «ما أنا من دد ولا الدّد منّى (¬1)» وقال عدىّ بن زيد العبادىّ (¬2): أيّها القلب تعلّل بددن … إنّ همّى فى سماع وأذن الأذن: الاستماع، يقال: أذن للحديث يأذن أذنا (¬3): إذا استمع، وفى المأثور عنه عليه السلام: «ما أذن الله لشيء كإذنه لنبىّ يتغنّى بالقرآن (¬4)» وقال قعنب بن أمّ صاحب: صمّ إذا سمعوا خيرا ذكرت به … وإن ذكرت بسوء عندهم أذنوا (¬5) أى استمعوا، وليس الجمع بين السّماع والاستماع فى بيت عدىّ، كالجمع بين النأى والبعد فى قول الحطيئة (¬6). ¬

(¬1) غريب الحديث لأبى عبيد 1/ 40، والفائق 1/ 420، والنهاية 2/ 109. ورواه البزار والطبرانى، من حديث أنس ومعاوية، رضى الله عنهما، برواية: «لست من دد ولا الدّد منى» مجمع الزوائد 8/ 228 (باب عصمته صلّى الله عليه وسلم من الباطل) وميزان الاعتدال 4/ 405 (ترجمة يحيى بن محمد بن قيس). وعلل الحديث 2/ 266. (¬2) ديوانه ص 172، وتخريجه فيه، والرجز فى الموضع المذكور من غريب الحديث، وأيضا 2/ 139. (¬3) بفتح الهمزة والذال، وفعله من باب فرح. (¬4) صحيح البخارى (باب من لم يتغن بالقرآن، من كتاب فضائل القرآن 6/ 235، وصحيح. مسلم (باب استحباب تحسين الصوت بالقرآن، من كتاب صلاة المسافرين وقصرها) ص 545، ومسند أحمد 2/ 450، وغريب الحديث لأبى عبيد 2/ 139، وإصلاح غلط المحدثين ص 62، وهو بآخر غريب الحديث للخطابى 3/ 256، وتصحيفات المحدثين 1/ 355، وفى حواشيه فضل تخريج. وانظر الأفعال للسرقسطى 1/ 70، وزاد المعاد 1/ 483. (¬5) أمالى المرتضى 1/ 32، ومختارات ابن الشجرى ص 28، وحماسته ص 267، وغير ذلك كثير تراه فى حواشى الحماسة. (¬6) ديوانه ص 64، وتخريجه فى ص 346، والصاحبى ص 115، ومعانى القرآن للزجاج 2/ 185 وشرح المفصل 1/ 10،70، وصدره: ألا حبذا هند وأرض بها هند وأعاده ابن الشجرى فى المجلس الأخير.

وهند أتى من دونها النّأى والبعد لأن السماع هو القول المسموع، والاستماع فى أصل وضعه هو الإصغاء إلى المسموع. وأصل أب وأخ وحم وهن: أبو وأخو وحمو وهنو، فعل كقلم، بدلالة جمعهنّ على أفعال: آباء وآخاء وأحماء وأهناء، كأقلام، والدليل على أن المحذوف منهنّ/واو، قولهم: أبوان وأخوان [وحموان (¬1)] وهنوان وهنوات، فى جمع مؤنّثه، وقد ألحقوا فى بعض اللغات أبا وأخا وحما، بباب عصا، وذلك قليل، كقلّة (¬2) قولهم: بدما وإذا أضافوا هذه الأسماء الأربعة، أعادوا إليهنّ لاماتهنّ، فقالوا: أبوك وأبو زيد، وأخوك وأخو بكر، وحموك وحموهند، وهنوك وهنو خالد. والحم أبو الزوج، وأبو امرأة الرجل، وبعضهم (¬3) يقصره على أبى الزوج خاصّة، وأنشد: هى ما كنّتى وتز … عم أنّى لها حم (¬4) وفيه لغة ثالثة، رواها الأصمعيّ (¬5)، وهو: الحمء، مهموز، مثل الكمء. ¬

(¬1) ساقط من هـ‍. (¬2) فى هـ‍: «كقوله بد ما». وتقدم قريبا معاملة «دما» معاملة المقصور. (¬3) روى عن الأصمعىّ، قال: «الأحماء من قبل الزوج، والأختان من قبل المرأة، والصّهر يجمعهما. التهذيب 5/ 272،273،7/ 300 (حمو-ختن)، ومجالس ثعلب ص 143. (¬4) شاعر من بنى كنّة، بطن من ثقيف. ويقال له: فقيد ثقيف. والبيت من مقطوعة، فى قصة طريفة تدلّ على فطنة الطبيب العربى الحارث بن كلدة، ذكرها التبريزى فى شرح الحماسة 2/ 81، وتهذيب إصلاح المنطق ص 711. وانظر البيت الشاهد فى الاشتقاق ص 28، والجمهرة 1/ 121، والإبدال والمعاقبة ص 8، وشرح الملوكى ص 396، والتهذيب 5/ 272، واللسان (حما). وجاء فى الأصل، وهـ‍: «وأزعم». وليس بشىء. (¬5) عن الفراء. إصلاح المنطق ص 340.

وقد جاء ترك إعادة اللام من «هنوك» فى بيت الفرزدق (¬1)، وقد مرّ بامرأة وهو سكران يتواقع، فسخرت منه، فقال: وأنت (¬2) … لو باكرت مشمولة حمراء مثل الفرس الأشقر رحت وفى رجليك عقّالة (¬3) … وقد بدا هنك من المئزر أراد: هنك، فحذف الضمة من المنفصل، تشبيها بالمتصل، فنزّل «هنك» منزلة عضد (¬4). فإن أضفتهنّ إلى ياء المتكلم لم تردّ، وقلت: أبى وأخى وحمى، وأجاز ¬

(¬1) لم أجده فى ديوان الفرزدق المطبوع، وجاء بهامش أصل الأمالى: «صوابه الأقيشر لا الفرزدق، كما فى الأغانى وغيره، وأول الشعر: تقول يا شيخ أما تستحى من شربك الخمر على المكبر» ومثل هذا ذكر البغدادى فى الخزانة 4/ 485، وقد طلبت هذا الشعر فى ترجمة «الأقيشر» من الأغانى 11/ 251 - 276 فلم أجده، ثم وجدته فى ترجمته من مختار الأغانى 7/ 9 - وفى هذا وأمثاله من تراثنا دليل على أنه لا يغنى كتاب عن كتاب-وانظر الشعر فى شرح ابن هشام على بانت سعاد، ص 25، وحاشية البغدادى عليه 1/ 555. وانظر الشاهد فى الكتاب 4/ 203، ومعانى القرآن للأخفش ص 93، وضرورة الشعر ص 120، والبغداديات ص 431، والخصائص 1/ 74،2/ 317،3/ 95، والمحتسب 1/ 110، والتنبيه على حدوث التصحيف ص 77، وشرح المفصل 1/ 48، وإيضاح شواهد الإيضاح ص 356، وإعراب القرآن المنسوب خطأ للزجاج ص 838، والبحر 1/ 206، وشرح الشواهد الكبرى 4/ 516، والهمع 1/ 54. وقد أنشد ابن عصفور الشاهد فى شرح الجمل 2/ 583، ولم ينسبه، على حين نسبه فى الضرائر ص 95 لابن قيس الرقيّات، ولم أجده فى ديوانه المطبوع. (¬2) بهامش الأصل: «صوابه: فقلت لو باكرت». قلت: والذى رواه ابن الشجرى جاء فى بعض ما ذكرت. (¬3) بضم العين وتشديد القاف، وهو ظلع وعرج يأخذ فى القوائم. ويروى: وفى رجليك ما فيهما. (¬4) أى فى جواز تسكين عينه، فيقال: عضد. وأبو العباس المبرّد ينكر رواية «هنك» هذه، ويروى موضعها: «ذاك من المئزر». قال ابن جنى: «واعتراض أبى العباس فى هذا الموضع إنما هو ردّ للرواية، وتحكّم على السماع بالشهوة، مجرّدة من النّصفة، ونفسه ظلم لا من جعله خصمه. وهذا واضح». الخصائص 1/ 75.

أبو العباس المبرّد: أبىّ وأخىّ وحمىّ، واحتجّ بقول الشاعر (¬1): قدر أحلّك ذا المجاز وقد أرى … وأبيّ مالك ذو المجاز بدار ومنع أبو علىّ من هذا، وقال: إن «أبىّ» فى البيت جمع أب، على لغة من قال فى جمعه: أبون وأبين، وعليه قول الشاعر (¬2): فلمّا تبيّنّ أصواتنا … بكين وفدّيننا بالأبينا وقول الآخر (¬3): يدفّنّ البعولة والأبينا وأما قول الآخر، وهو من أبيات الكتاب (¬4): /فقلنا أسلموا إنّا أخوكم … فقد برئت من الإحن الصّدور ¬

(¬1) هو مؤرّج السّلمىّ، من شعراء الدولة الأموية، وتخريجه فى حواشى كتاب الشعر ص 116، وزد عليه إيضاح شواهد الإيضاح ص 54. (¬2) زياد بن واصل، جاهلىّ من بنى سليم. الكتاب 3/ 406، وشرح أبياته 2/ 284، والمقتضب 2/ 174، والخصائص 1/ 346، والمحتسب 1/ 112، وأمالى السهيلى ص 61، وإيضاح شواهد الإيضاح ص 54، والإكسير فى علم التفسير ص 152 - وفيه تحريف منكر-وشرح المفصل 3/ 37، وشرح الملوكى ص 398، والخزانة 4/ 474، واللسان (أبى). (¬3) هو غيلان بن سلمة الثقفى، وهو الذى أسلم وعنده عشر نسوة، فأمره النبىّ صلّى الله عليه وسلم أن يمسك أربعا ويفارق سائرهن. والبيت الشاهد من قصيدة فى الأغانى 13/ 204، برواية: تركن نساءكم فى الدار نوحا يبكّون البعولة والبنينا وانظر التكملة ص 148، وإيضاح شواهد الإيضاح ص 55،759،764 - ونسبه فى الموضع الثانى إلى الكميت، وليس فى ديوانه المطبوع-وشرح المفصل 3/ 37، واللسان (أبى). وأعاده ابن الشجرى فى المجلس الثانى والسبعين. (¬4) وهكذا نسب البيت إلى الكتاب ابن جنى فى سرّ صناعة الإعراب ص 256، ولم يذكر ذلك فى الخصائص 2/ 422، والخاطريات ص 53،124، ولم يرد فى الكتاب، وقال البغدادى تعليقا على كلام ابن الشجرى: «هذا البيت ليس من شواهد سيبويه». الخزانة 4/ 478،479. والبيت للعباس بن مرداس رضى الله عنه. مجاز القرآن 1/ 79،131،2/ 44،195، وتأويل مشكل القرآن ص 285، والمقتضب 2/ 174، ومجالس العلماء ص 330، والصاحبى ص 348، والسيرة النبوية 2/ 452، وتذكرة النحاة ص 144، واللسان (أخو).

فقيل فيه: إنه وضع الواحد موضع الجمع، كقول آخر (¬1): كلوا فى نصف بطنكم تعفّوا … فإنّ زمانكم زمن خميص (¬2) وكقول آخر: قد عضّ أعناقهم جلد الجواميس (¬3) وقيل: إنه جمع أخ، كجمع أب على الأبين، وحذف النون من «أخون» للإضافة، ومن قال: الأبون والأخون، قال فى التثنية: الأبان والأخان، فلم يردّ اللام فى التثنية، كما لم يردّها فى الجمع، فالياء التى قبل ياء المتكلم فى قوله: أبىّ، ياء الجمع التى فى أبين، لا لام أب، فوزن أبىّ: فعىّ، لا فعلى، وعلى هذا الجمع حملت قراءة من قرأ (¬4): «نعبد إلهك وإله أبيك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق» ليكون بإزاء {آبائِكَ} فى القراءة الأخرى، وقد ذكرت هذا الفصل فيما قدّمته من الأمالى. ¬

(¬1) فى هـ‍ «الآخر» هنا وفى الشاهد التالى. (¬2) فرغت منه فى المجلس الثامن والثلاثين. (¬3) صدره: تدعوك تيم وتيم فى قرى سبأ وهو لجرير، فى ديوانه ص 130، ومعانى القرآن 1/ 308،2/ 102،290،358، وكتاب الشعر ص 530، وتفسير القرطبى 10/ 112،13/ 181،14/ 283، والخزانة 7/ 537،561، واللسان (ضغبس). وأعاده ابن الشجرى فى المجلس السابع والسبعين. (¬4) سورة البقرة 133. وتعزى هذه القراءة إلى ابن عباس والحسن ويحيى بن يعمر-بفتح الميم- والجحدرى وأبى رجاء العطاردى. المحتسب 1/ 112، وتفسير القرطبى 2/ 138، والبحر 1/ 402، والإتحاف 1/ 419. وفى توجيه هذه القراءة وجهان، أحدهما أن يكون أفرد وأراد إبراهيم وحده، وكره أن يجعل «إسماعيل» أبا؛ لأنه عمّ. قال أبو جعفر النحاس: هذا لا يجب؛ لأن العرب تسمّى العمّ أبا. والوجه الثانى: أن يكون «أبيك» جمع مذكر سالما، حذفت نونه للإضافة، وهو ما ذكره ابن الشجرى. وراجع معانى القرآن للفراء 1/ 82، وإعراب القرآن للنحاس 1/ 216، وتفسير الطبرى 3/ 99، وانظر كتاب الشعر ص 189، وإيضاح شواهد الإيضاح ص 55.

والهن: عبارة عن السّوءة، كما قال الفرزدق: وقد بدا هنك من المئزر ويقال: هنا المرأة: إذا غشيها، وقد استعملوه مؤنّثا وجمعوه، فردّوا المحذوف، ولم يردّوا، فقالوا: فى فلان هنات وهنوات، أى خصلات سوء، ولا يقال ذلك فى الخير، قال فى الردّ: أرى ابن نزار قد جفانى وملّنى … على هنوات شأنها متتايع (¬1) التّتايع: التهافت فى الشرّ، وقيل: هو اللّجاج، ولا يكون إلاّ فى الشر، وقال فى ترك الردّ: ونعم الحيّ كلب غير أنا … لقينا فى جوارهم هنات (¬2) وحر: أصله حرح، لقولهم فى تحقيره: حريح، وفى جمعه: أحراح، قال: وقد أقود جملا ممراحا … ذا قبّة مملوءة أحراحا (¬3) ¬

(¬1) الكتاب 3/ 361، والمقتضب 2/ 270، والتكملة ص 163، والعضديات ص 30، والمنصف 3/ 139، وسرّ صناعة الإعراب ص 151،559، وإيضاح شواهد الإيضاح ص 801، وشرح المفصل 1/ 53،5/ 38،6/ 3،10/ 40،44، وشرح الملوكى ص 299،309،311،314،399، واللسان (هنا). و «متتابع» بالياء التحتية قبل العين-كما يدلّ عليه شرح ابن الشجرى-ويأتى فى كثير من الكتب «متتابع» بالباء الموحدة، وهما روايتان كما ذكر الأعلم. ويأتى هذا الخلاف أيضا فى شعر الأسود بن يعفر: وأتبعت أخراهم طريق ألاهم كما قيل نجم قد خوى متتايع انظر حواشى كتاب الشعر ص 208. والموضع السابق من إيضاح شواهد الإيضاح. (¬2) قائله البرج بن مسهر، شرح الحماسة للمرزوقى ص 359، وفى حواشيه تخريجه. (¬3) نسبه الجاحظ فى الحيوان 2/ 280، وثابت فى خلق الإنسان ص 294، إلى الفرزدق، وليس فى ديوانه المطبوع. وهو من غير نسبة فى المخصص 2/ 37، وسرّ صناعة الإعراب ص 182، وشرح=

/انتهى المجلس التاسع والأربعون، بعون الله وحسن توفيقه. ¬

= الملوكى ص 431، والممتع ص 627، والمقرب 2/ 201، واللسان (حرح). وجاء فى الأصل بعد ختام هذا المجلس: تم الجزء الأول من أمالى الشريف النقيب ضياء الدين ابن الشجرى، رحمه الله، يتلوه فى الجزء الثانى إن شاء الله: المجلس الموفى الخمسين. وكتب أسعد بن معالى بن إبراهيم بن عبد الله، فى شهور سنة إحدى وثمانين وخمس مائة، حامدا الله تعالى على نعمه، ومصليا على نبيّه محمد النبىّ وعلى آله وأصحابه ومسلما. وحسبنا الله ونعم الوكيل. وبعد ذلك كتب على يسار الورقة: قوبل بأصله المنقول منه، وصحّح بحسب الطاقة. ولله الحمد.

المجلس الموفى الخمسين يتضمن ذكر الحذف من قولهم: فوك وذو مال

المجلس الموفى الخمسين يتضمّن ذكر الحذف من قولهم: فوك وذو مال ، وما يتّصل بذلك قولهم: «فوك» مما ألزموه الإضافة ما دام على هذه القضية؛ لأنهم لو أفردوه سقطت الواو؛ لسكونها وسكون التنوين، فبقى على حرف واحد، وهذا معدوم فى الأسماء الظاهرة، واللام منه هاء، ووزنه فى الأصل (¬1) فعل، فوه، مثل فوز، بدلالة قولهم فى تحقيره وتكسيره: فويه وأفواه، وفى تصريف الفعل منه: تفوّهت، وحذفوا لامه؛ لأن الهاء حرف خفيّ مهموس، فلذلك استعملوه فى القوافى وصلا، ساكنا ومتحرّكا، فالساكن فى نحو. وقفت على ربع لميّة ناقتى … فما زلت أبكى عنده وأخاطبه (¬2) والمحرّك فى نحو: عفت الدّيار محلّها فمقامها (¬3) … وبلد عامية أعماؤه (¬4) كما استعملوا الألف والواو والياء وصلا فى نحو: ¬

(¬1) انظر المقتضب 1/ 239. (¬2) لذى الرمة. ديوانه ص 821، وتخريجه فى 1996. وراجع الكافى فى العروض والقوافى ص 152. (¬3) تمامه: بمنى تأبّد غولها فرجامها وهو مطلع معلقة لبيد، رضى الله عنه. ديوانه ص 297. (¬4) فرغت منه فى المجلس الثانى والعشرين.

أقلّى اللوم عاذل والعتابا (¬1) ونحو: سقيت الغيث أيّتها الخيامو (¬2) ونحو: قفانبك من ذكرى حبيب ومنزلى (¬3) ¬

(¬1) تمامه: وقولى إن أصبت لقد أصابا وهو مطلع قصيدة لجرير. ديوانه ص 813، عن النقائض ص 432، وهو بيت سيّار تراه فى غير كتاب، راجع كتاب الشعر ص 14،157، وتفسير أرجوزة أبى نواس ص 100، والأصول 2/ 386، والجمل المنسوب للخليل ص 237، وتأتى قافية هذا البيت على ثلاث صور: لقد أصابا لقد أصاب لقد أصابن على ما هو معروف فى كتب القوافى. وراجع القوافى للأخفش ص 86، وفهارسه، والصاهل والشاحج ص 465. (¬2) صدره: متى كان الخيام بذى طلوح وهو مطلع قصيدة لجرير، فى ديوانه ص 278، وتخريجه فى 1073، وزده: القوافى للأخفش ص 119، وفهارسه، والكافى ص 151، وفهارسه، وتفسير أرجوزة أبى نواس ص 99، والمنصف 1/ 224، وإيضاح شواهد الإيضاح ص 378، وشرح المفصل 9/ 33،78، والتبصرة ص 650، وشرح الجمل 2/ 553، وشرح أبيات المغنى 6/ 141، والموضع السابق من الأصول. وقافية هذا البيت تأتى عند علماء القوافى على ثلاث صور، مثل البيت السابق. (¬3) مطلع معلقة امرئ القيس الشهيرة. ديوانه ص 8، والكتاب 4/ 205، والقوافى ص 85، وفهارسه. وكثير من المراجع السابقة. وتمامه: بسقط اللوى بين الدخول فحومل قال شيخنا العلامة أحمد راتب النفاخ فى حواشى القوافى: وإنما استشهد المؤلف والآخرون بصدر البيت والكلام فى القوافى؛ لأن البيت مقفى، تجرى على عروضه أحكام الضرب وما يتصل به من أحكام القافية.

وقد أبدلوها من الياء فقالوا فى دهديت: دهدهت، وأبدلوها من الألف فى قولهم «مهما» أصلها: ماما، فى قول بعض النحويّين (¬1)، فاستثقلوا تكرير اللفظ بعينه. وقال آخرون: هى مه، زيدت عليها «ما». وقد أبدلوها من الهمزة فقالوا فى إيّاك: هيّاك، وفى أنرت (¬2) الثّوب: هنرت. وعاقبت الواو التى هى لام الكلمة، فى قولهم من السّنة: سانيت مساناة، وسانهت مسانهة. فلما قويت مشابهتها لحروف الاعتلال حذفوها. ولمّا بقى الاسم على حرفين، المتطرّف منهما حرف علّة ألزموا/الكلمة الإضافة؛ لأن إفرادها يؤدّى إلى إسقاط حرف العلّة منها. ولما أرادوا التصرّف فيها بالإفراد، كما تصرّفوا فيها بالإضافة، أبدلوا من الواو الميم لاتّفاقهما فى الخروج من الشّفتين (¬3)، فقالوا: فم، وفم زيد، وإضافته مع الميم قليلة (¬4)، وقالوا فى تثنيته: فمان وفموان، فلم يردّوا الهاء كما ردّوها فى فويه وأفواه. والأوجه فى تثنيته: فمان؛ لأنّ من قال: فموان، جمع بين العوض والمعوّض منه (¬5). وكذلك قالوا فى النّسب إليه: فمىّ وفموىّ (¬6). ¬

(¬1) يأتى تفصيل ذلك فى آخر المجلس الثامن والستين. (¬2) أنرت الثوب: أى جعلت له علما. الإبدال لابن السكيت ص 89، وسرّ صناعة الإعراب ص 554، والممتع ص 399، وشرح الملوكى ص 305. (¬3) راجع سرّ صناعة الإعراب ص 414. (¬4) راجع العسكريات ص 173. (¬5) راجع الأصول 3/ 273، ووصف ابن السراج هذه اللغة بالضعف، والصحاح واللسان (فوه)، والعسكريات ص 183، والبغداديات ص 159، والعضديات ص 36، وسرّ صناعة الإعراب ص 417، والخصائص 1/ 170،3/ 147، ومجالس العلماء ص 327، وما يجوز للشاعر فى الضرورة ص 114. (¬6) راجع الكتاب 3/ 366.

وهذا الاسم أحد الأسماء التى جعلوا ما قبل حرف إعرابها تابعا لحرف الإعراب، فقالوا: أبوه وأباه وأبيه؛ وعلّة ذلك أنهم إذا أفردوهنّ أعربوهنّ بالحركات، فقالوا: أب وأبا وأب، والأب والأب والأب، وكذلك الأخ والحم والهن، فلمّا ردّوا إليهنّ حرف العلّة فى الإضافة كرهوا أن يمنعوا الحرف الملاصق لحرف العلّة ما ألفوه فيه من الحركة، وإن كانت الحركة مختلفة فى التقدير، فكانت فى الإفراد إعرابا، وفى الإضافة إتباعا. وزعم الفرّاء أنّ حركة الإتباع إعراب، وسمّى هذا الضّرب معربا من مكانين. وليس ما قاله بصحيح؛ لأنه لا يجوز الجمع بين إعرابين، كما لا يجوز الجمع بين تعريفين ولا تأنيثين (¬1). وعلّة أخرى تحسّن الإتباع فى هذه الأسماء، وذلك أنهم قد استعملوا الإتباع فى الصّحيح، من قولهم: امرؤ وابنم (¬2)، فقالوا: رأيت امرأ، ومررت بامرئ، وهذا امرؤ، وكذلك ابنم وابنما وابنم، وإذا كانوا قد استحسنوا ذلك فى الحرف الصحيح، فاستحسانهم إيّاه فى المعتلّ أجدر. ولأبى عليّ كلام فى «فى» أورده فى تكملة الإيضاح، وهو مفتقر إلى كلام يبرزه، وتفسير يوضّحه. وذلك قوله فى باب إضافة الاسم المنقوص وغير المنقوص/إلى ياء المتكلم: «تقول: كسرت فاه، ووضعته فى فيه، فإن أضفت الفم إلى الياء قلت: هذا فيّ، وفغرت فيّ، وفى فيّ، فيكون الاسم فى الأحوال الثلاث فى الإضافة إلى الياء ¬

(¬1) راجع المقتضب 2/ 155، والإنصاف ص 20، والتبيين عن مذاهب النحويين ص 194، وفى حواشيه مراجع أخرى. (¬2) انظر الكتاب 2/ 203،3/ 533، وكتاب الشعر ص 167.

على صورة واحدة، لأنّ حركة الحرف الأول منه تتبع حركة الحرف الثانى، مثل امرؤ وابنم وأخ وأب وحم، فيمن قال: حموها، وذو مال، فلما لزم كسر الآخر أتبعته الأول، فلذلك لم يجز كسرت فاى، كما تقول: كسرت فاه (¬1)» انتهى كلامه. وأقول: إنما لم يجز كسرت فاى، كما تقول: كسرت عصاى؛ لأنّ هذا الاسم قد عرفت أنه من الأسماء المعتلّة التى يتبع ما قبل حرف إعرابها حرف الإعراب فى حركته، رفعا ونصبا وجرّا كقولك: هذا أبوه، ورأيت أباه، ومررت بأبيه، ونظيرها من الصحيح امرؤ وابنم. فإذا أضفت هذا الاسم إلى كاف الضمير أو هائه قلت فى الرفع: هذا فوك، وذاك فوه، وكان حقّه أن تقول: فوك وفوه، بضمّتين، ضمّة الواو إعراب، وضمّة الفاء إتباع، كما قلت: هذا ابنم، فضممت النون إتباعا لضمّة الميم، ولكنهم استثقلوا الضمة على واو قبلها ضمّة، فحذفوها، وكذلك كان حقّه فى الجرّ: ضعه فى فوك وفى فوه، بكسرتين، كسرة الواو إعراب، وكسرة الفاء إتباع، كما أن كسرة النون من قولك: بابنم، إتباع لكسرة الميم، فاستثقلوا الكسرة على واو قبلها كسرة فحذفوها، فصارت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها، كما صارت واو ميزان وميقات وميعاد، ياء لوجود الشرطين فيها، سكونها وانكسار ما قبلها، فقلت: ضعه فى فيك وفى فيه. وكذلك فى حال النصب كان حقّه فوك وفوه، بفتحتين، فتحة الواو إعراب، وفتحة الفاء إتباع، كما أنّ فتحة النون فى قولك: رأيت ابنما إتباع لفتحة الميم، فصارت الواو ألفا لتحرّكها وانفتاح ما قبلها، فقلت/فاك وفاه. هذا حكم «في» فى إضافته إلى كاف الضمير وهائه، فإن أضفته إلى ياء الضمير فقد عرفت أنها تقتضى كسر ما قبلها إذا كان حرفا يحتمل الحركة، ¬

(¬1) التكملة ص 48،49، وفيها: «رأيت فاه». وهذا البحث ذكره أبو علىّ أيضا فى العضديات ص 64،185.

كقولك: هذا غلامى، وضربت غلامى، وإنما قلت: إذا كان حرفا يحتمل الحركة (¬1) تحرّزا من الألف فى نحو {هِيَ عَصايَ} (¬2). وإذا عرفت أنّ ياء الضمير يكسر لها ما قبلها، وأضفت هذا الاسم إليها وقد علمت أن أوله تابع لثانيه فى الحركة، فإنّ حقّه فى الأصل أن تقول فى نصبه: فغرت فوىّ، بكسرتين، فكسرة الواو هى التى تقتضيها ياء المتكلّم، وكسرة الفاء إتباع، كما أنّ كسرة الميم فى قولك: رأيت ابنمى حدثت لاتصاله بياء المتكلّم، وكسرة النون إتباع، فلما آل فى النصب إلى فوىّ، استثقلوا كسرة فى واو قبلها كسرة، فأسقطوها، أعنى كسرة الواو، فأوجب سكون الواو مع انكسار ما قبلها قلبها ياء، لما ذكرته لك من وجوب قلب الواو ياء باجتماع هذين الشرطين، ولم تكن الواو مدغمة كواو اجلوّاذ، مصدر اجلوّذ السّير: إذا طال، لأنّ إدغامها حماها من القلب، ولمّا صارت الواو ياء ساكنة أدغمت فى ياء الضمير، فقيل: فغرت فيّ، ولم يقولوا: فغرت فاى، كما قالوا: كسرت عصاى، وإن كان أصل عصاى عصوىّ، لأن الصاد فى قولك عصوىّ، غير تابعة حركتها لحركة الواو، كما تتبع حركة الفاء حركة الواو فى هذا الاسم، الذى كان حقّه فى الأصل أن يقال فيه: فغرت فوىّ. فاعرف الفرق بين فغرت فاك وفغرت فىّ، فقد بالغت فى إظهار إشكاله بتوفيق الله. فأمّا قول أبى علىّ «وحم فيمن قال: حموها» فإنما قال هذا تحرّزا من قول من قال: هذا حماها، فقصره، ومن قول من قال: حمؤها، فهمزه. وأمّا «ذو مال» فالمحذوف منه ياء، وأصله ذوى، فعل، بوزن قدم، بدلالة ¬

(¬1) جاء بعد هذا: «كقولك هذا غلامى وضربت غلامى» وهو مكرّر، كما ترى، وقد ضرب عليه فى الأصل. (¬2) سورة طه 18.

أنهم/كسّروه على أفعال، فقالوا: أذواء (¬1) اليمن، لذى نواس، وذى رعين، وذى يزن، وغيرهم من ملوك اليمن. وإنما حكموا بأنّ المحذوف منه ياء، لأنّ العين إذا كانت واوا فالحكم بأنّ اللام ياء؛ لأنّ باب لويت أكثر من باب قوّة (¬2)، ولم يردّوا لامه فى التثنية، كما لم يردّوا لام «فم» فى تثنيته، فلم يقولوا: ذويا مال، كما قالوا: أبوا زيد، وأخوا عمرو، وحموا بكر، ولكنهم ردّوا اللام فى تثنية مؤنّثه، فقالوا: ذواتا مال، كما جاء فى التنزيل: {ذَواتا أَفْنانٍ} (¬3) و {ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ} (¬4) الأصل فيهما: ذويتا وذويتى، فعلتا، وفعلتى، فصارت الياء التى هى لام ألفا لتحرّكها وانفتاح ما قبلها، فقولك: ذواتا صيد، كقولك: فتاتا زيد، وكذلك ردّوا لامه فى جمع التكسير، فى قولهم: أذواء اليمن، كما ردّوا لامات أب وأخ وحم وهن وفم، فى قولهم: آباء وآخاء وأحماء وأهناء وأفواه. وإنّما لزمت الإضافة هذا الاسم، لأنهم إنما صاغوه توصّلا به إلى الوصف بأسماء الأجناس، كالعلم والمال والحسن، لمّا لم يستحسنوا أن يقولوا: رجل مال، وشيخ علم، وامرأة حسن، قالوا: ذو مال، وذو علم، وذات حسن، أى صاحب علم، وصاحبة حسن، فلزمت إضافته لهذا؛ لأنهم لو أفردوه فاتهم ما حاولوه وأرادوه، ولأن إفراده كان يسقط واوه لسكونها وسكون التنوين. ... ¬

(¬1) ذكرهم ابن الشجرى بالتفصيل فى المجلس السادس والعشرين. (¬2) سيشرحه المصنّف قريبا. وانظر له: الحلبيات ص 9، وسرّ صناعة الإعراب ص 578، واللسان (ذو) 20/ 344. (¬3) سورة الرحمن 48. (¬4) سورة سبأ 16.

فصل [في معنى قولهم: إن باب لويت أكثر من باب قوة:]

فصل [في معنى قولهم: إنّ باب لويت أكثر من باب قوة:] سألنى بعض المستفيدين أن أبيّن له معنى قولهم: إنّ باب لويت أكثر من باب قوّة، تبيينا شافيا. فأجبت بأنّ ما جاءت الواو فيه عينا والياء لاما أكثر ممّا جاءت فيه الواو عينا ولاما، فقولك: لويت مثاله فعلت، وقولك: قوّة مثاله فعلة، فمن باب «قوّة»: الجوّ: جوّ السماء، وهو الهواء، وجوّ: اسم اليمامة. والبوّ: جلد حوار يحشى فتعطف عليه الناقة إذا مات ولدها لتدرّ عليه فتحلب. والكوّة: فى الحائط. /والحوّة: السّواد. والصّوّة: واحدة الصّوى، وهى الأعلام من الحجارة، تنصب فى الفلاة ليستدلّ بها. والصّوّان: حجارة فيها صلابة، مثاله فعلان، ويجوز أن تكون النون فيه أصلا فيكون مثاله فعّال، مأخوذ من الصّون؛ لأن الحجارة تصان الأقدام عن ملابستها، كقولهم فى الاسم العلم: حسّان، يكون فعّالا إذا أخذته من الحسن، فإن غلّبت زيادة الألف والنون فأخذته من الحسّ، وهو القتل فى قوله تعالى: {إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ} (¬1) كان فعلان. والهوّة: الوهدة العميقة. والقوّة: الواحدة من قوى الحبل. والقوّة: ضد الضّعف، ومنه رجل مقو: ¬

(¬1) سورة آل عمران 152، وراجع ما تقدم حول صرف «حسّان» وعدم صرفه، فى المجلس السادس والعشرين.

إذا كان كثير المال، والمقوى أيضا: المسافر الذى لا زاد معه ولا شيء له، فهو من الأضداد، وقيل: إنما قالوا له: مقو لنزوله فى القواء من الأرض، وهو القفر، ومنه قول الله تعالى فى ذكر النار: {جَعَلْناها تَذْكِرَةً وَمَتاعاً لِلْمُقْوِينَ} (¬1) فمعنى {تَذْكِرَةً} أنها يذكر بها نار الآخرة، ومعنى {وَمَتاعاً لِلْمُقْوِينَ} أنّ الذين ينزلون بالقواء يتمتّعون بها، يختبزون ويطبخون ويشتوون ويصطلون ويستضيئون. والدّوّ: المفازة، وهى الدّوّيّة أيضا. وأمّا باب «لويت» فمنه: أويت إلى الشيء، وآويت فلانا إليّ. وثويت فى المكان وأثويت: إذا أقمت فيه، لغتان فاشيتان (¬2)، فمن أثويت قول الأعشى (¬3). أثوى وقصّر ليله ليزوّدا ومن ثويت فى التنزيل قوله تعالى: {وَما كُنْتَ ثاوِياً فِي أَهْلِ مَدْيَنَ} (¬4) والثّويّة: اسم مكان، والثّويّ: الضيف، وأمّ المثوى: صاحبة المنزل. وحويت الشىء أحويه، والحويّة: واحدة الحوايا، وهى الأمعاء، والحويّة أيضا: كساء يحوّى حول سنام البعير. والحواء: بيت من وبر، والحوّاء (¬5): نبت، ¬

(¬1) سورة الواقعة 73. (¬2) هذا قول أبى عبيدة وأبى الخطاب الأخفش الكبير. وأنكر الأصمعىّ «أثوى». راجع فعلت وأفعلت لأبى حاتم ص 176، وللزجاج ص 6، ومجاز القرآن 2/ 107، وتفسير القرطبى 15/ 256. (¬3) تمامه: فمضت وأخلف من قتيلة موعدا ديوانه ص 227 (¬4) سورة القصص 45. (¬5) ضبطت فى الأصل بكسر الحاء وتخفيف الواو، وضبطته بالضم والتشديد من القاموس، والنبات للأصمعى ص 14.

كان أصله حوّاى، فقلبت ياؤه همزة لتطرّفها بعد ألف زائدة. والجوى: داء القلب، لامه ياء، لأنه متى كانت الواو عينا واللام معتلّة حكمت بأن اللام ياء، حتى/يقوم دليل على أن أصل الألف واو، فلو سمّيت بالجوى وثنّيته قلت: جويان. ومثله فى أن عينه واو، فلا تكون لامه إلاّ ياء، قولهم: خوى المنزل: إذا خلا، وخوى النجم وأخوى: إذا سقط ولم يكن عن سقوطه مطر، وخوّى البعير: إذا تجافى فى بروكه، وغير ذلك من تركيب (خ وى). ومثله من باب «لويت»: رويت الحديث أرويه رواية، ورويت على أهلى: إذا أتيتهم بالماء، والرّويّ: حرف قافية الشّعر اللازم، والرّويّة: الحاجة، والراوية: الجمل يحمل عليه الماء، ومنه قيل للمزادة: راوية، والأصل أنّ الرّاوية هو البعير، قال: مشي الرّوايا بالمزاد الأثقل (¬1) ورجل راوية للشّعر: أنّثوه للمبالغة فى وصفه، كما قالوا: رجل علاّمة ونسّابة، وكما قالوا فى ضدّه طلبا للمبالغة: رجل لحانّة، ورجل هلباجة جخابة فقاقة، مخفّفان، ولهذه الأسماء ونظائرها فصل تذكر فيه بعد هذا الفصل. ومن تركيب (زوى) قولهم: زويت الشىء: إذا جمعته، ومنه قوله صلى الله عليه وآله وسلم «زويت لى الأرض» (¬2) أى جمعت، ومنه سمّيت زاوية البيت؛ لاجتماعها، ومنه زوى المال عن وارثه. ¬

(¬1) من أرجوزة أبى النجم العجلى، فى الطرائف الأدبية ص 70، واللسان (ثجل-روى). (¬2) سنن ابن ماجة (باب ما يكون من الفتن. من كتاب الفتن) ص 1304، والبداية والنهاية 6/ 270. وروى بلفظ: «إن الله زوى لى الأرض. .» صحيح مسلم (باب هلاك هذه الأمة بعضهم ببعض. من كتاب الفتن وأشراط الساعة) ص 2215، وهو من حديث ثوبان رضى الله عنه، وانظر تخريجه فى حواشى غريب الحديث للحربى ص 956،958.

ومن تركيب (ذوى): ذوى العود يذوى: إذا يبس وبقيت فيه ندوّة. ومن تركيب (س وى) استوى الشىء: اعتدل، وهذا لا يساوى درهما: أى لا يعادله، وهما على سويّة من هذا الأمر: أى على استواء، ومكان سوى (¬1): يعلم الدّخول فيه والخروج منه، وقيل: هو النّصف بين مكانين، وسواء الدار: وسطها، ومنه {فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَواءِ الْجَحِيمِ} (¬2) وجاء القوم سوى زيد، وسواء زيد، استثناء، واستعملا بمعنى غير، قال (¬3): تجانف عن جلّ (¬4) … اليمامة ناقتى وما قصدت من أهلها لسوائكا /أى لغيرك. والخلّ: الطريق فى الرّمل. ويروى: عن جلّ اليمامة: أى عن جلّ أهل اليمامة. ومن تركيب (ك وى) كويت الجرح، وكويت الرجل بعينى: إذا أحددت النظر إليه. ومن تركيب (ل وى) لوى يده يلويها ليّا، ولواه بدينه ليّانا: إذا مطله، ولوى الرّمل: منقطعه، مقصور، ولواء الجيش، ممدود، واللّوى: وجع الجوف، إلى غير ذلك. ومن تركيب (ن وى) نويت الأمر أنويه، والنّوى: التحوّل من دار إلى دار، ونوى التّمر وغيره. ومن تركيب (هـ‍ وى) الهوى: هوى النّفس، مقصور، والهواء: الفراغ ¬

(¬1) عقد المصنف ل‍ «سوى» فصلا فى الزيادة التى ألحقت بالمجلس الحادى والثلاثين. (¬2) سورة الصافات 55. (¬3) فرغت منه فى المجلس الحادى والثلاثين. (¬4) جاء فى الأصل بالخاء والجيم، وفوقها «معا». وسيشرحه المصنف بالخاء المعجمة. ولم أجد من ذكر هذه الرواية فى بيت الأعشى.

بين السماء والأرض، ممدود، ومنه قوله تعالى: {وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ} (¬1) أى فارغة غير واعية للذّكر، وهوى يهوى: إذا سقط من علو، والهاوية: كلّ مهواة، والهاوية: اسم من أسماء جهنّم، إلى غير ذلك. وما جاء من تركيب (ش وى) شويت اللّحم، والشّوى: رذال المال، والشّواة: جلدة الرأس، وجمعها شوى، ومنه قوله تعالى: {نَزّاعَةً لِلشَّوى} (¬2) والشّوى: القوائم، ومنه: رماه فأشواه: إذا لم يصب له مقتلا، والأصل أنه أصاب بعض قوائمه، والشّوى: الأمر الهيّن، وهذا التركيب واسع. ومن تركيب (ط وى) طويت الثّوب، وطوى (¬3): مكان، وأطواء الناقة: طرائق شحم جنبيها، والطّويّ: البئر المطويّة، والطّاوى: الخالى البطن من الطّعام، والمصدر: الطّوى، وأنشد النبىّ صلّى الله عليه وآله وسلّم قول عنترة (¬4): ولقد أبيت على الطّوى وأظلّه … حتّى أنال به كريم المأكل /فقال: «كنت أشتهى أن أراه» (¬5). ¬

(¬1) سورة إبراهيم 43. (¬2) سورة المعارج 16. وضبط فى الأصل نَزّاعَةً بالرفع، وعليه جميع القراء، ولم يقرأ بالنصب إلاّ حفص عن عاصم، وقرأ أبو بكر شعبة بن عياش، عن عاصم بالرفع كسائر القراء. قال أبو إسحاق الزجاج: والقراءة نزاعة [بالرفع]، والقراء عليها، وهى فى النحو أقوى من النصب، وذكر أبو عبيد أنها تجوز فى العربية، وأنه لا يعرف أحدا قرأ بها» معانى القرآن 5/ 221. وانظر السبعة ص 650، والكتاب 2/ 83، ومعانى القرآن للفراء 3/ 185، وللأخفش ص 508، ومشكل إعراب القرآن 2/ 407. (¬3) بضم الطاء وكسرها: وهو اسم واد فى أصل الطّور بالشام، وقيل: بل جبل هناك. معجم ما استعجم ص 896، و «طوى» ينوّن ولا ينوّن. فمن نوّنه جعله اسما للمكان غير معدول، مثل حطم وصرد، ومن ترك تنوينه جعله اسما للبقعة، أو جعله معدولا عن «طاء» مثل «عمر» المعدول عن «عامر». معانى القرآن للزجاج 3/ 351، وإعراب القرآن للنحاس 2/ 333. (¬4) ديوانه ص 249، وتخريجه فى 348، وإيضاح شواهد الإيضاح ص 208. (¬5) رواية صاحب الأغانى 8/ 243: «ما وصف لى أعرابىّ قطّ فأحببت أن أراه إلاّ عنترة».

قوله: وأظلّه، أراد: وأظلّ عليه (¬1). ومن تركيب (ض وى) الضّوى: الهزال، وغلام ضاويّ: مهزول، ووزنه فاعول، وكانت العرب تقول: إذا تقارب نسب الأبوين جاء الولد ضاويا. ومنه قولهم: «استغربوا لا تضووا (¬2)»، وهذا التركيب متّسع. ¬

(¬1) فحذف «على» كما حذفها الآخر فى قوله: تحنّ فتبدى ما بها من صبابه وأخفى الذى لولا الأسى لقضانى يريد: لقضى علىّ. الكامل ص 47، والعسكريات ص 192، وإيضاح شواهد الإيضاح ص 182 وشرح الحماسة للمرزوقى ص 1162، والمغنى ص 142،577. (¬2) هذا القول يروى «استغربوا لا تضووا» كما ترى، ويروى: «اغتربوا ولا تضووا» و «اغتربوا لا تضووا» وقد تناقلته برواياته الثلاث كتب الفقه واللغة وغريب الحديث والأدب. وجاء فى كثير منها مسبوقا بعبارة: «وفى الحديث»، أو: «وجاء فى الحديث». أو «ورد به الخبر». وعلى ذلك جاء فى إصلاح المنطق ص 197، والبيان والتبيين 1/ 185، والصحاح (ضوى)، والتهذيب 12/ 95، ومقاييس اللغة 3/ 376، والغربيين (ضوى)، وسمط اللآلى ص 871، والفوائد المحصورة فى شرح المقصورة ص 391، وشرح الحماسة للمرزوقى ص 1761، والفائق 2/ 350، وأساس البلاغة (ضوى). وعبارة ابن الأثير فى النهاية 3/ 106 «وفيه» ومعناها: وفى الحديث، على ما هو معروف فى منهجه. ولم أجد هذا القول فى حديث من أحاديث رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ولا فى أثر من آثار الصحابة والتابعين، رضى الله عنهم أجمعين. وقد أورده ابن قتيبة فى غريب الحديث 3/ 737، مع أحاديث أخرى، وضعها تحت عنوان (أحاديث سمعت أصحاب اللغة يذكرونها لا أعرف أصحابها). ثم ذكره أيضا فى المعانى الكبير ص 503، مسبوقا بعبارة: «وجاء فى الحديث». وقد وجدت مصادر أخرى ذكرت هذا القول دون نسبته إلى الحديث أو الخبر أو الأثر، وجاء فيها مسبوقا بعبارة «ولذلك قالوا» أو: «يقال»، أو «قيل»، أو «قال» دون ذكر القائل، كما ذكر الإمام الحربىّ فى غريب الحديث ص 379. وانظر: الجمهرة 3/ 103، والمجمل 1/ 568، وجمهرة الأمثال 1/ 60، وإيضاح شواهد الإيضاح ص 209، والمجموع المغيث 3/ 287، والشرح الكبير على المقنع لابن قدامة المقدسى، بأسفل المغنى 7/ 340، وحاشية ديوان جرير ص 662، عن نسخة المتحف البريطانى، وفيها شرح يظن محقق الديوان أنه من صنع ابن السكيت. ومن أصرح ما رأيته من نفى هذا القول عن الحديث والأثر، ما وجدته فى الأشباه والنظائر للخالديّين 1/ 229، قالا: «ومن أمثالهم: اغتربوا لا تضووا». وواضح أن المراد بالأمثال هنا الأقوال الحكيمة، فإنى لم أجده فى كتب الأمثال المعروفة، والذى ذكرته من جمهرة الأمثال للعسكرى، إنما جاء استطرادا فى سياق المثل: «إن بنىّ صبية صيفيّون». =

ومن تركيب (دوى) الدّواء، والدّواة: التى يكتب بها، أصلها دوية. والدّوي: الرجل الأحمق، وهو كثير. ومن تركيب (ع وى) عوى الكلب يعوى عواء، وعوّيت عن الرجل تعوية: إذا كذّبت عنه، ورددت على مغتابه، واستعوى الرجل لفيفا من القوم: إذا نعق بهم. والعواء مقصور وممدود: اسم نجم، وهو مأخوذ من قولهم: عويت يده: إذا لويتها؛ لأنه فى الصّورة نجم ملتو على نجم. والمعاوية: كلبة تجعل، أى تطلب الذّكر فتعاوى الكلاب، وهى كلبة مجعل. وروى أنّ شريك بن الأعور الحارثىّ-وكان من أصحاب أمير المؤمنين علىّ ¬

= ويبقى أن أشير إلى أنه قد روى فى معنى هذا القول حديث وأثر. أمّا الحديث فهو ما روى من قوله صلّى الله عليه وسلم: «لا تنكحوا القرابة القريبة فإن الولد يخلق ضاويا». وقد قال الحافظ ابن حجر فيه: «هذا الحديث تبع فى إيراده إمام الحرمين والقاضى الحسين، وقال ابن الصلاح: لم أجد له أصلا معتمدا. انتهى. تلخيص الحبير فى تخريج أحاديث الرافعى الكبير ص 291، مطبعة الأنصارى. دهلى-الهند 1307 هـ‍، وانظر أيضا المغنى عن حمل الأسفار، للحافظ زين الدين العراقى، بهامش إحياء علوم الدين 2/ 42، طبعة عيسى البابى الحلبى بمصر. وأورده ابن السّبكى ضمن الأحاديث التى لم يجد لها إسنادا فى كتاب الإحياء. طبقات الشافعية 6/ 310 وأورد الفتّنى الهندى هذا الحديث فى تذكرة الموضوعات ص 127، وقال: ليس بمرفوع. وكذلك الشوكانى فى الفوائد المجموعة ص 131. وأمّا الأثر فهو ما روى عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه، أنه قال: «يا آل السائب-أو يا بنى السائب، إنكم قد أضويتم فانكحوا فى النزائع» أى الغرائب. راجع الموضع السابق من المغنى عن حمل الأسفار، والمجموع المغيث 3/ 287، والنهاية 5/ 41، والأفعال للسرقسطى 2/ 221، ولابن القطاع 2/ 285. هذا وقد كتب صديقنا الدكتور على أحمد السّالوس، بحثا جيّدا عن (زواج الأقارب بين العلم والدين)، وعرض فيه للنصوص السابقة، وأبطل نسبتها إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم. راجع هذا البحث فى حولية كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة قطر-العدد الخامس 1407 هـ‍-1987 م.

عليه السلام-دخل على معاوية، فقال له متعرّضا به: إنّك لشريك، وما لله من شريك، وإنّك لابن الأعور، والصّحيح خير من الأعور، وإنك لدميم سيّئ الخلق، فكيف سدت قومك؟ فقال له: وأنت معاوية، وما معاوية إلاّ كلبة عوت فاستعوت، فسمّيت معاوية، وإنك لابن صخر، والسّهل خير من الصّخر، وإنك لابن حرب، والسّلم خير من الحرب، وإنّك لابن أميّة، وما أميّة إلاّ أمة صغّر بها، فكيف سمّيت أمير المؤمنين؟ فقال معاوية: واحدة بواحدة والبادى أظلم، فأنشأ يقول: أيشتمنى معاوية بن حرب … وسيفى صارم ومعى لسانى (¬1) وحولى من ذوى يمن ليوث … ضراغمة تهشّ إلى الطّعان فلا تبسط لسانك يا ابن حرب … فإنّك قد بلغت مدى الأمانى /فإن تك من أميّة فى ذراها … فإنى فى ذرى عبد المدان وإن تك للشّقاء لنا أميرا … فإنّا لا نقيم على الهوان فترضّاه معاوية. قوله: وما أميّة إلاّ أمة صغّر بها: أى حقّرت، وعدّى صغّر بالباء، كما قالوا: ندّدت به: إذا أشعت شتمه، وشتّرت به: إذا تنقّصته وعبته، وكذلك: صغّرت به: إذا أعلنت تحقيره. وقوله: استعوت: أى طلبت بعوائها أن تعاويها الكلاب، كما تقول: استقتل: أى طلب القتل. ... ¬

(¬1) فرغت منه فى المجلس السابع عشر. وزد فى تخريجه أسرار البلاغة للعاملى ص 330 (منشور مع المخلاة).

المجلس الحادى والخمسون يتضمن ذكر ما دخلته الهاء للتكثير والمبالغة فى الوصف، ثم ما يلى ذلك من ذكر حذف اللامات

المجلس الحادى والخمسون يتضمّن ذكر ما دخلته الهاء للتكثير والمبالغة فى الوصف، ثم ما يلى ذلك من ذكر حذف اللاّمات زادوا الهاء للتكثير والمبالغة فى الوصف، فى قولهم: رجل علاّمة ونسّابة وسأّالة، وراوية للشّعر، وكذلك قولهم: رجل فروقة وملولة وحمولة، دلّت الهاء فيه على كثرة الفرق والملل والاحتمال، وكذلك امرأة فروقة وملولة وحمولة، دخلتهنّ الهاء لما ذكرناه من التكثير والمبالغة، لا للتأنيث، ألا ترى أنهم لم يدخلوا الهاء فى فعول وصفا للمرأة، نحو امرأة صبور وشكور وغدور ولعوب، كما جاء فى التنزيل: {تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحاً} (¬1) وامرأة نصوح. ومثل إدخالهم الهاء للمعنى الذى ذكرته فى قولهم: علاّمة ونسّابة، إدخالهم إيّاها فى قولهم: رجل لحّانة، ورجل هلباجة جخابة فقاقة، مخفّفان، بوزن سحابة. ومن النحويّين من نصب «كافّة» من قوله تعالى: {وَما أَرْسَلْناكَ إِلاّ كَافَّةً لِلنّاسِ} (¬2) على الحال من الناس، وجعل اللام بمعنى إلى، كما جاءت بمعناها فى قوله: {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها} (¬3) إليها، كما قال: {وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ} (¬4) وقالوا: ¬

(¬1) سورة التحريم 8. (¬2) سورة سبأ 28، وانظر ما يأتى فى المجلس الحادى والسبعين. (¬3) سورة الزلزلة 5. (¬4) سورة النحل 68.

هديته إلى الطريق وللطريق، كما قال: {قُلِ اللهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ} (¬1) فالمعنى على هذا/القول: وما أرسلناك إلاّ إلى الناس كافّة، فالتأنيث فى قوله «كافّة» للجمع، كما تقول: جاء القوم كافّة، ومثله: {اُدْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً} (¬2) وقال الزجّاج: إن «كافّة» حال من الكاف فى «أرسلناك» ولحقت الهاء «كافّة» للمبالغة فى الوصف بالكفّ، أى أرسلناك كافّا (¬3) للناس، فاللام فى هذا القول على معناها، وإنما لم يجعل «كافّة» حالا من الناس، لأن حال المجرور لا يتقدّم عليه. وذهب ثعلب، وهو مذهب الفرّاء، إلى أن الهاء فى قولهم: علاّمة ونسّابة وراوية، للتأنيث لا للمبالغة فى الوصف، وكذلك رجل مجذامة ومطرابة ومعزابة، قال: وذلك إذا مدحوه، كأنهم أرادوا به داهية، وكذلك إذا ذمّوه فقالوا: رجل لحّانة، ورجل هلباجة جخابة فقاقة، كأنهم أرادوا به بهيمة (¬4). والذى ذهب إليه البصريون من أن المراد بتأنيث هذه الأوصاف المبالغة فى الوصف، هو الوجه؛ لأنه قد جاء من هذا القبيل ما هو خارج عن معنى الداهية والبهيمة، وذلك نحو قولهم: رجل ملولة ورجل صرورة: للذى لم يحجج قطّ. ومن منكرى قول الفراء وأحمد بن يحيى أبو محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه فى تصحيحه للكتاب، الذي سماه ثعلب: الفصيح، قال: إنّ الداهية نفسها لم توضع للمدح خاصّة، ولكنها تطلق على الخير والشر إذا جاوز الحدّ فى ¬

(¬1) سورة يونس 35. (¬2) سورة البقرة 208. (¬3) لم أجد هذا النقل عن الزجاج فى كتابه معانى القرآن وإعرابه 4/ 254، وإن كان تقديره ينتهي إلى ما حكاه ابن الشجرى عنه من أن «كافّة» حال من الكاف، وذلك قوله: «والمعنى أرسلناك جامعا للناس فى الإنذار والإبلاغ» وتعقّبه أبو حيان بأنه لم يحفظ أن «كفّ» معناه «جمع». البحر المحيط 7/ 281، وانظر الكشاف 3/ 290، والتبيان ص 1069. (¬4) فصيح ثعلب ص 75. وانظر إعراب ثلاثين سورة ص 180.

الدّهي، كما قال الله عز وجل: {وَالسّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ} (¬1) قال الشاعر: وكلّ أناس سوف تدخل بيتهم … دويهية تصفرّ منها الأنامل (¬2) يعنى الموت، وتصغيره إيّاها، والمراد بها الموت، تصغير التعظيم، والموت مكروه إلى كلّ نفس، وهو عندها مذموم، وإنما الداهية كقولهم للرجل: راوية، فهى اسم من أسماء الفاعلين الجارية على أفعالها، دخلته تاء التأنيث للمبالغة، وكذاك إذا ذمّوا الرجل بقولهم: لحّانة وهلباجة ونحوهما، على تشبيهه بالبهيمة، فغير صحيح؛ /لأنه ليس فى قولهم: رجل لحّانة شيء من شبه البهيمة؛ لأنّ اللحن مما يتعلّق باللفظ، فهو عن البهيمة بمعزل، وإنما يشبّه الأحمق والجاهل بالبهيمة؛ لأن الجهل والحمق من نقص العقل وقد وجدنا فى الوزراء الوافرى العقول، المدبّري الممالك من يشوب كلامه لحن مفرط، فهذا ونحوه دليل على أن ما ذهب إليه الفرّاء فى هذا القول ليس بشىء. وأقول مع هذا: إنه لا يجوز فى وصف القديم سبحانه علاّمة، لا يقال: علاّمة الغيوب، وإن كانت الهاء فيه لتكثير العلم والمبالغة فى الوصف به؛ لأن هذه الهاء فى الأصل علم للتأنيث، وقد زرى عليهم بقوله: {إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاّ إِناثاً} (¬3) فدلّ على أنه لا يجوز أن يجرى عليه نحو ذلك، ولو أنّك سمّيت بعلاّمة أو فروقة، لم تصرفه للتأنيث والتعريف. المجذامة من الأدلاّء: الشّديد السّير، القطّاع للأرض، والجذم: القطع. والمطرابة: الذى يكثر الطّرب. ¬

(¬1) سورة القمر 46. (¬2) فرغت منه فى المجلس الرابع. وقوله: «بيتهم» جاء هكذا فى الأصل بالتاء الفوقية. وهى رواية. والمشهور «بينهم» بالنون. وراجع الديوان ص 257. (¬3) سورة النساء 117.

والمعزابة: الذى يطيل العزوب عن أهله، أى يغيب عنهم في الرّعى وغيره. والهلباجة: الكسلان النّوّام. والفقاقة: الأحمق المخلّط فى كلامه، وهو الفقفاق أيضا، والعامّة تغلط فتقول: بقباق. والجخابة: قريب منه فى الحمق، دون التخليط فى الكلام، وكلاهما فعالة بوزن سحابة. ونعود الآن إلى ذكر ما كنّا فيه من حذف اللامات، فنقول: أصل شاة: شوهة (¬1)، ساكنة الواو، لما عرّفتك من أن السكون هو الأصل، فلا يسوغ العدول عنه، والدليل على أن لامها هاء قولهم فى تحقيرها: شويهة، وفى تكسيرها: شياه، وحكى أبو زيد أنهم يقولون: تشوّهت شاة: إذا صاد شاة، وأما قولهم: شاء، فإنه اسم للجمع، ليس بجمع، وقال قوم: أصله شاه، فأبدلوا من الهاء همزة، وهذا /قول مرغوب عنه؛ لأنك إذا حكمت به حكمت بالجمع بين إعلالين متواليين: قلب واوها ألفا، وإبدال هائها همزة، وهذا لا يسلك به إلاّ طريق الشذوذ. وجاء ذلك فى قولهم: ماء، أصله: موه، لقولهم فى تحقيره وتكسيره: مويه وأمواه، وصارت واوه ألفا لتحرّكها وانفتاح ما قبلها، ثم أبدلت هاؤه همزة، فحمل شاء على أنه اسم للجمع وليس بمشتقّ من شاة، أولى. وكذلك قولهم: شاوىّ (¬2) اسم للجمع، غير مأخوذ من لفظ شاة، وإن كان فيه بعض حروفها (¬3). ¬

(¬1) انظر هذه المسألة فى الكتاب 3/ 367،460، والمنصف 2/ 144 - 150، والممتع ص 626، وشرح الشافية 2/ 56،57. (¬2) هكذا جاء فى الأصل، وليس «شاوىّ» اسم جمع، ولكنه نسبة إلى «شاء»، أو مسمّى به، ولعل الصواب: «شوىّ» أو «أشاوه» فإنّ هذين اسم للجمع. راجع سرّ صناعة الإعراب ص 790، والمنصف 2/ 149، واللسان (شوه). (¬3) قال ابن جنى: «كما أنّ «سواسية» جمع سواء من غير لفظه، وإن كان فيه بعض حروفه؛ -

ولمّا حذفوا اللام من شاة، وهى الهاء من شوهة، وجاورت الواو تاء التأنيث، وجب فتحها، وآلت إلى شوة، فانقلبت الواو ألفا لتحرّكها وانفتاح ما قبلها. ومن زعم أن أصلها شوهة، فعلة مفتوحة العين، فليس قوله بشىء؛ لما ذكرته لك، من كون السكون أصلا، فلا يسوغ العدول عن الأصل ما وجد عنه مندوحة. يدلّ أيضا على أن أصل واوها السكون انقلابها إلى الياء فى شياه، ولو كانت الواو فى الواحد متحرّكة صحّت فى الجمع، كما صحّت واو طويل وقويم، فى طوال وقوام، وانقلابها إلى الياء فى شياه، كانقلاب واو حوض، وواو ثوب، فى حياض وثياب، وذلك أنّ انقلاب الواو ياء فى فعال، إذا لم يكن مصدرا كجوار وحوار، يحتاج إلى خمس شرائط (¬1)، إحداهنّ: أن يكون هذا المثال جمعا، فإن كان واحدا صحّت الواو فيه، وذلك نحو سوار وخوان. والثانية: أن تكون الواو فى واحده ساكنة، كواو ثوب وحوض، فإن تحرّكت فى الواحد صحّت فى الجمع، كواو طويل وقويم. والثالثة: أن تقع بعدها ألف فى الجمع، فإن لم يكن بعدها ألف صحّت، وذلك قولهم فى جمع زوج وجمل عود (¬2): زوجة وعودة. والرابعة: أن تكون لامه صحيحة، كلام ثوب وحوض، فإن كانت معتلّة فى الواحد صحّت فى الجمع، كقولهم/فى جمع ريّان وطيّان: رواء وطواء، فعال ¬

= لأن تركيب «سواء» من سين وواو وياء، و «سواسية» من مضاعف الواو، وأصله: س، و، س». المنصف 2/ 145. (¬1) راجع لهذه الشرائط سرّ صناعة الإعراب ص 733، والمنصف 1/ 342، والتبصرة ص 824، وشرح المفصل 10/ 23، وشرح الشافية 3/ 138. (¬2) بفتح العين، وهو البعير المسنّ.

من الرّىّ والطّوى، وهو خلوّ البطن من الطعام، وقد تقدّم ذكره. والخامسة: وجود الكسرة قبلها فى الجمع، فإن عدمت الكسرة صحّت كواو أثواب وأحواض. وإنما اعتلّت الواو في الجمع وصحّت فى الواحد؛ لأن الجمع ثقيل، فقلبوا فيه الحرف الأثقل إلى الأخفّ، وأعلّوها فى الجمع؛ لسكونها فى واحده، لأنّ سكون الحرف يضعفه، ألا ترى أن منهم من يصحّح الواو الزائدة إذا كانت متحرّكة فيقول فى تحقير جدول وقسور: جديول وقسيور، وأجمعوا على قلب واو عجوز فى التحقير، لضعفها بالسكون. وأما علّة قلبها إلى الياء مع وجود الألف بعدها فى ثياب ونحوه، ولم تقلب فى عودة ونحوه؛ فإنّ الألف أقرب إلى الياء منها إلى الواو، فهى أشبه بها؛ لأن الياء من وسط اللسان، والواو من الشفتين، والألف من الحلق، واعتلّت لوجود الكسرة قبلها؛ لأن الكسرة مجانسة للياء، فاجتذبت الواو إلى الحرف الذى هو مجانسها. ووجه اعتلال الواو فى ثياب وصحّتها فى رواء، أنّهم قد أعلّوا لام رواء، بقلبها إلى الهمزة، فلو أعلّوا واوه فقالوا: رياء، جمعوا بين إعلالين متواليين، وذلك إنما يكون نادرا. فإن قيل: فلم أعلّت اللام فى رواء وطواء، دون العين؟ قيل: لضعف اللام بالتطرّف، ألا ترى أنّ من يصحّح عين أسود فى التحقير فيقول: أسيود، لا يقول فى تحقير عروة إلاّ عريّة، فيعلّها لكونها لاما. هذا الفصل اقتضى ذكره الدّلالة على أنّ شاة أصلها شوهة، ساكنة الواو، وكذلك شفة، أصلها شفهة، مثل جفنة، على ما قرّرناه من الأخذ بالسكون حتى يقوم دليل على الحركة. وأما الدّلالة على كون لامها هاء، فظهور الهاء فى/التحقير

والتكسير والتصريف، وذلك قولهم: شفيهة وشفاه، وشافهته مشافهة وشفاها. وسنة أصلها سنوة، فى أشيع اللّغتين (¬1)، لقولهم فى جمعها: سنوات، وفى تحقيرها: سنيّة، وفى الفعل منها: سانيت مساناة (¬2). والياء فى سانيت أصلها الواو، ولكنها لمّا وقعت رابعة صارت إلى الياء، وكذلك سنيّة أصلها سنيوة، فلما اجتمعت مع الياء، والياء ساكنة قلبت ياء، فوجب الإدغام. وأصلها فى لغة بعض العرب: سنهة، فظهرت الهاء فى تصريف الفعل منها، قالوا: سانهت مسانهة. وحكى بعض النحويّين فى جمعها: سنهات، وفى تحقيرها: سنيهة. ويقوّى كون لامها واوا أنها من الأسماء المؤنّثة، التى جمعوها بالواو والنون، عوضا من المحذوف منها، وإنما عوّضوها الجمع بالواو وبالياء، فقالوا: سنون وسنين وثبون وثبين؛ لأن المحذوف من هذه المنقوصات إنما هو فى الأغلب واو أو ياء. ومنهم من جعل النون فى جمع سنة حرف الإعراب، وألزمها الياء، وأثبت النون فى الإضافة، ورفعها ونصبها وخفضها ونوّنها، تشبيها لها بنون غسلين، فقالوا: أقمت عنده سنينا، وعجبت من سنين زيد، وأعجبتنى سنينك، قال (¬3): دعانى من نجد فإنّ سنينه … لعبن بنا شيبا وشيّبننا مردا وأما «أمة» فالمحذوف منها واو، فأصلها: أموة (¬4)، بدلالة ظهور الواو فى ¬

(¬1) راجع الكتاب 3/ 360،452، وأيضا 4/ 424، والكامل ص 967، ومعانى القرآن للزجاج 1/ 343 [فى تفسير الآية 259 من سورة البقرة]، وسرّ صناعة الإعراب ص 555،613. (¬2) يقال: سانيت وعاملته مساناة: أى عاملته بالسّنة، أى بالأجل إلى سنة. (¬3) قائله الصّمّة بن عبد الله القشيرىّ. وقد خرّجته فى كتاب الشعر ص 158. (¬4) بوزن فعلة، محرّكة العين، نصّ عليه المبرد فى الكامل ص 76.

جمعها الذى جاء على فعلان، قالوا: إموان وإماء، وفى جمع القلّة: آم (¬1)، قال الشاعر (¬2): أمّا الإماء فلا يدعوننى ولدا … إذا ترامى بنو الإموان بالعار وقال السّليك (¬3): يا صاحبيّ ألا لا حيّ بالوادى … إلاّ عبيد وآم بين أذواد ولم يعوّضوها الجمع بالواو والنون، حملا على نظائرها من هذه المنقوصات المؤنّثة، وعلّل أبو علىّ ذلك بأن قال: «لم يقولوا: إمون، حيث كسّر على ما ردّ الأصل؛ لأن الجمع بالواو والنون إنما كان يلحق عوضا ممّا حذف منها، وأفعل يجرى مجرى المفرد، فكأنّ مفرده لم يلحقه حذف (¬4)». وأقول فى تفسير كلامه هذا: إنه أراد أنه العرب لم يقولوا فى جمع أمة: إمون، كما قالوا فى جمع سنة: سنون، وإن كان الحذف قد لحق لام أمة، كما لحق لام سنة، لأنّ لام أمة قد أعيدت فى جمع القلّة الذى هو أفعل، فقالوا: رأيت آميا، وقد جاءت الآمى، وأفعل بمنزلة الواحد فى لحاق التصغير له، كقولهم فى أكلب: أكيلب، فلم يعوّضوا أمة الجمع بالواو والنون، كما عوّضوا سنة ونظائرها؛ لأن رجوع ما حذف من المفرد إلى جمع بناء القلّة، كرجوعه إلى المفرد. وأقول: إن هذا التعليل ينفسخ بأن الواو المحذوف من سنة، قد أعيد فى ¬

(¬1) وزن «آم» أفعل، بضم العين، مثل أكمة وآكم. وانظر الكلام عليه فى اللسان (أما). (¬2) القتّال الكلابى. ديوانه ص 55،59، وتخريجه فى ص 109، وزد عليه التكملة للصاغانى 6/ 369، والبيت ملفّق من بيتين بينهما فى الديوان ثلاثة أبيات. وهما: أمّا الإماء فما يدعوننى ولدا إذا تحدّث عن نقضى وإمرارى أنا ابن أسماء أعمامى لها وأبى إذا ترامى بنو الإموان بالعار (¬3) الأغانى 20/ 377، وشرح القصائد السبع ص 222، واللسان (أما). (¬4) التكملة ص 164.

قولهم: سنوات، وهو جمع قلّة يشبه مفرده، فى أن التصغير يلحقه كما يلحقه. والوجه عندى في تعليل ذلك أنهم إنما استجازوا أن يقولوا فى جمع سنة: سنون، ولم يستجيزوا أن يقولوا فى جمع أمة: إمون؛ لأن تأنيث سنة وثبة ونظائرهما غير حقيقى، وتأنيث أمة حقيقيّ، لا فرق بينه وبين تأنيث امرأة، وإذا كانت هند، وتأنيثها غير تأنيث أمة، لخلوّها من علامة تأنيث، أبوا أن يقولوا فى جمعها: هندون، فكيف يجوز أن يقال فى جمع أمة: إمون، وإذا كان طلحة، وهو اسم رجل، لم يقولوا فى جمعه: طلحتون ولا طلحون، فكيف يجوز فى أمة، وهو اسم واقع على امرأة، فهو مؤنّث لفظا ومعنى، أن يجمعوه بالواو والنون، فيجامع التأنيث الحقيقيّ علامة التذكير؟ ألا ترى أنه يجوز أن يقال: خرج السّنة، ولا يقال: خرج الأمة، إلا فى حال اضطرار مع الفصل، كما قال: /*لقد ولد الأخيطل أمّ سوء (¬1) … * فكلّ ما جمعوه بالواو والنون من المنقوصات المؤنّثة، وغير المنقوصات، كأرض وحرّة، والحرّة: الأرض التى بها حجارة سود، وإنما استجازوا فيه ذلك؛ لأن تأنيثه غير حقيقىّ، ثم إنهم غيّروا فى الجمع لفظ شيء من هذا القبيل، بتغيير حركة أو زيادة حركة، أو زيادة حرف، ليقرب بذلك من جمع التكسير، فالذى غيّروا حركته سنة وقلة وثبة، كسروا أوائلهنّ فى الجمع. وأما قولهم في جمع أرض: أرضون؛ فلأنهم نزّلوا تاء التأنيث (¬2) منزلة الحرف الأصلي، ففتحوا عينها فى الجمع، وكان التغيير بفتح أوسطها أحسن من تغيير حركة ¬

(¬1) تمامه: على باب استها صلب وشام وهو لجرير. ديوانه ص 283، ومعجم الشواهد ص 351، وسيعيده ابن الشجرى فى المجلس المتمّ الستّين. (¬2) وذلك لأن «أرض» مؤنثة، فكأنّ فيها هاء مرادة، وكأنّ تقديرها «أرضة». انظر الإحالة الآتية على سرّ صناعة الإعراب.

أولها؛ لأنهم لو جمعوها جمع الأسماء المؤنّثة لقالوا: أرضات (¬1)، ففتحوا الراء، كما قالوا: جفنات. وأما قولهم فى جمع حرّة: إحرّون؛ فلأنّ المضاعف يعتلّ، ألا ترى أنهم يفرّون من التضعيف إلى إبدال أحد حرفيه ياء، كقولهم فى تظنّنت وتسرّرت: تظنّيت وتسرّيت، ويخفّفونه فى القوافى كقول طرفة (¬2): ففداء لبنى قيس على … ما أصاب الناس من سرّ وضرّ ما أقلّت قدمي إنّهم … نعم الساعون في الأمر المبرّ وشبيه بذلك قولهم: امرؤ وامرأة، ألحقوهما همزة الوصل، وإنما تلحق همزة الوصل عوضا من محذوف (¬3)، وجاز ذلك فيهما من غير أن يلحقهما حذف؛ لأن الهمزة يلحقها التخفيف، بجعلها بين بين، وبالإبدال منها ساكنة ومتحرّكة، فالساكنة كهمزة كأس وبئر ولؤم، والمتحركة كهمزة جؤن وذئب، جمع جؤنة وذئبة، ويلحقها الحذف لازما وجائزا، فاللازم حذفها من نرى وترى وأخواتهما، إذا قلت: نرى، وترى، والجائز حذفها للتخفيف، فى نحو كم بلك؟ ومن خوك؟ تريد: كم إبلك؟ ومن أخوك؟ فلمّا تعاورها التّليين والإبدال والحذف/تنزّل الاسم الذى هي فيه منزلة الاسم الذى دخله الحذف، فعوّض همزة الوصل. ومن قال من العرب: إحرّون، فقوله أقيس من قول من قال: حرّون؛ لأنه ¬

(¬1) سرّ صناعة الإعراب ص 613،614،616. (¬2) ديوانه ص 72، وتخريجه فى ص 222، وسيعيده ابن الشجرى فى المجلس المتم الستّين. والمبرّ: اسم فاعل من أبرّ فلان على أصحابه: أى غلبهم، أى هم نعم السّاعون فى الأمر الغالب الذى عجز الناس عن دفعه. وفى الديوان رواية أخرى، فانظرها هناك. (¬3) نحو ابن واسم واست، فقد حذفت اللام من الثلاثة، وأصلها: بنو، وسمو، وسته. راجع سر صناعة الإعراب ص 115، والمنصف 1/ 58.

زاد فى أول الكلمة حرفا، حرصا على التغيير، فوافق الحرف المزيد فى أول الجمع الحركة فى أول سنين، كما اتّفق الحرف والحركة فى غير هذا وذلك، كاتّفاق حركة وافقت فتحة العين من قدم، علما لامرأة، والباء من زينب، فى منع الصرف (¬1)، وكما وافقت فتحة العين من جمزى الألف الخامسة من جمادى فى الحذف، إذا نسبت إليهما فقلت: جمزىّ، كما قلت: جمادىّ، وكما وافق الحرف الحركة فى الحذف للجزم، إذا قلت لم يدع ولم يرم ولم يخش، كما قلت: لم ينطلق. قال أبو بكر بن دريد: أخبرنا أبو حاتم، عن أبى عبيدة، قال: لمّا فرغ عليّ صلى الله (¬2) عليه من حرب الجمل، فرّق على رجال أبلوا، فأصاب الرجل منهم خمس مائة درهم، وكان ممّن أخذ رجل من بنى تميم، فلما خرج إلى صفّين خرج ذلك الرجل معه، فعضّته الحرب، فلمّا رجع إلى الكوفة قالت له ابنته: أين خمس المائة التى أعطيتها؟ فأنشأ يقول (¬3): إنّ أباك فرّ يوم صفّين … لمّا رأى عكّا والأشعريّين وحاتما يستنّ فى الطائيّين … وذا الكلاع سيّد اليمانين (¬4) وقيس عيلان الهوازنيّين … قال لنفس السّوء هل تفرّين لا خمس إلاّ جندل الإحرّين … والخمس قد جشّمنك الأمرّين (¬5) ¬

(¬1) سرّ صناعة الإعراب ص 26، وانظر البغداديات ص 488، والمقتضب 3/ 149، وما فى حواشيه. (¬2) فى الاشتقاق ص 136 - والنقل منه-: «رضى الله عنه». (¬3) هو زيد بن عتاهية التميمى. راجع الوضع السابق من الاشتقاق، والجمهرة 1/ 59،3/ 510، وسرّ صناعة الإعراب ص 617، وإيضاح شواهد الإيضاح ص 807، وزدته تخريجا فى كتاب الشعر ص 140. (¬4) يستنّ: أى يعدو بهمّة ونشاط. (¬5) فى الأصل: «أجشمنك» ولا يستقيم به الوزن. وأثبتّ ما فى اللسان (حرر)، وفيه روايتان أخريان. والأمرّين: الشرّ والأمر العظيم، ويقال بكسر الراء وفتحها، على الجمع والتثنية. كما فى التاج. ومعنى قوله: «لا خمس إلاّ جندل الأحرين»: ليس لك اليوم إلاّ الحجارة والخيبة.

جمزا إلى الكوفة من قنّسرين (¬1) والضّعة من ذوات الواو، لقولهم فى جمعها: ضعوات، وهى ضرب من الشجر، قال (¬2): /متّخذا من ضعوات تولجا التّولج: السّرب، شبّه ما يجعله الوحشىّ عليه من الشجر ظلّة بالسّرب، وأصله: وولج، فوعل (¬3) من الولوج، أبدلوا واوه تاء كما أبدلوها تاء فى تراث وتقاة وتجاه وتخمة وتهمة، وفى تالله. وقيل فى «التّوراة» إن أصلها: ووارة، وكانت وورية، فوعلة، من قولهم: ورى الزّند: إذا أظهر النار؛ لأن التّوراة نور، فأبدلوا واوها تاء وياءها ألفا. وتراث أصله وراث، وتجاه: وجاه، فعال من ورث وواجه، وتقاة أصلها وقية، فعلة من وقيت، وكذلك تخمة أصلها وخمة، فعلة من الوخامة، وتهمة من توهّمت، وتكأة من توكّأت، وقالوا: ضربه حتى أتكأه، أصله أوكأه، وقالوا: تكلان، أصله وكلان، فعلان من توكّلت. وقال بعض العرب فى تولج: دولج، أبدلوا الدال من التاء، لتقاربهما فى المخرج، كما أبدلوا الدال تاء فى قولهم للناقة الذّلول: تربوت، وأصلها دربوت، فعلوت من الدّربة، وهى العادة، لأنّ الدّلول مدرّب، وقيل: هي فعلوت، من التّراب، للينها وذلّها. ... ¬

(¬1) الجمز: ضرب من السّير السريع. (¬2) جرير: ديوانه ص 187، والعسكريات ص 233، والخصائص 1/ 172، والمنصف 1/ 226،3/ 38، والمخصص 7/ 182، واللسان (ولج ضعا). (¬3) انظر سر صناعة الإعراب ص 104،105،146،603، والممتع ص 358،383، وشرح الشافية 3/ 81.

المجلس الثانى والخمسون يتضمن ذكر حذف اللامات من الأسماء المؤنثة بالهاء

المجلس الثانى والخمسون يتضمّن ذكر حذف اللامات من الأسماء المؤنّثة بالهاء ، وما يتصل بذلك. البرة: الحلقة تكون فى أنف البعير، وكلّ حلقة من سوار أو خلخال أو قرط، فهى برة، وجمعها برات وبرى وبرون، وقال بعضهم: برون، فكسر أوّلها، وأصلها بروة، وقد تكلّموا بها. ولغة: أصلها. لغوة، قيل: اشتقاقها من لغى بالشىء يلغى: إذا لهج به، وردّوا لامها فى التكسير فى قولهم: لغى، ولم يردّوه فى قولهم: لغات، كما ردّوه فى سنوات وعضوات. والقلة: أصلها قلوة، فعلة، من قولهم: قلوت، أى لعبت بالقلة، وهى الخشيبة التى تسمّى اللاّحة، والخشبة التى تضرب بها تسمّى القاطر. /قالوا فى جمعها: قلات، وجمعها بعضهم بالواو والنون فقالوا: قلون، غيّروا حركة أوّلها، كما قالوا: سنون وثبون، قال سيبويه: وبعضهم يقول: قلون، فلا يغيّر (¬1). والثّبة: الجماعة من الناس، وأصلها ثبوة، فعلة من ثبا يثبو: إذا اجتمع وتضامّ، فقيل للجماعة: ثبة، لانضمام بعضها إلى بعض، وليس فى قولهم: ثبّيت (¬2)، إذا جمعت، دليل على أن لامها ياء، لأنّ الواو إذا وقعت رابعة انقلبت إلى الياء، وقالوا فى جمعها: ثبون وثبات، وفى التنزيل: {فَانْفِرُوا ثُباتٍ} (¬3) قال الجرمىّ: كان أبو عبيدة ¬

(¬1) الكتاب 3/ 598. (¬2) بتشديد الباء، راجع سرّ الصناعة ص 602،603، واللسان (ثبا). (¬3) سورة النساء 71.

إذا سئل عن تفسير «ثبات» قال: جماعات فى تفرقة (¬1)، وأنشد أبو عمر: نحن هبطنا بطن والغينا … والخيل تعدو عصبا ثبينا (¬2) وبعضهم قال: ثبون، فغيّروا أوّله. فأما الثّبة التى هى أسفل الحوض، فالمحذوف منها عين (¬3)، وأصلها ثوبة، فعلة من ثاب يثوب: إذا رجع، وذلك لرجوع الماء إليها. والظّبة: حدّ السيف، وجمعوها ظبات، وجاء فى شعر الكميت: يرى الرّاءون بالشّفرات منها … كنار أبى الحباحب والظّبينا (¬4) حباحب: رجل كان لا ينتفع بناره لبخله، فنسبت إليه كلّ نار لا ينتفع بها فقيل لما تقدحه حوافر الخيل على الصّفا: نار الحباحب (¬5)، قال النابغة فى وصف السيوف: ويوقدن بالصّفّاح نار الحباحب (¬6) ¬

(¬1) مجاز القرآن 1/ 132. (¬2) الشطران للأغلب العجلىّ. معجم البلدان 4/ 895، فى رسم (والغين)، وذكر أنه اسم واد. والتكملة ص 163، وإيضاح شواهد الإيضاح ص 800، والمخصص 3/ 120، والشطر الأول فى بلاد العرب ص 35، وجاء فيه منثورا هكذا: «نحن دخلنا جوف والغين». (¬3) هذا رأى أبى إسحاق الزجاج. ذكره فى أثناء تفسير الآية السابقة من سورة النساء، من معانى القرآن 2/ 75، واللسان (ثبا)، وردّه أبو علىّ، وذكر أنه من المحذوف اللام. البغداديات ص 531. وانظر سرّ الصناعة ص 602، وأصل كلام الزجاج فى كتاب العين 8/ 248. (¬4) المخصص 11/ 28، والصاحبى ص 419، والمقاييس 4/ 474، ومبادئ اللغة ص 61: وضرائر الشعر ص 104، وارتشاف الضرب 3/ 296، وشرح الشواهد الكبرى 4/ 361، والخزانة 7/ 151، واللسان (حبحب-شفر-ظبا). (¬5) انظر تفسيره والخلاف فيه، فى الحيوان 4/ 487، وجمهرة الأمثال 1/ 246، والأوائل 1/ 69، وثمار القلوب ص 581، والمرصع ص 136، والعربيّة ليوهان فك ص 43. (¬6) ديوانه ص 46، وصدر البيت: تقدّ السّلوقىّ المضاعف نسجه

وجعل الكميت اسمه كنية للضرورة. وقال القطامىّ، والقطامىّ، بضم القاف وفتحها: الصّقر، وهو لقب غلب عليه، واسمه عمرو بن شتيم التّغلبيّ، من قصيدة، وقد نزل بامرأة من محارب طروقا، فلم تقره، فهجاها وذمّ قيس بن عيلان ببيت فى آخر القصيدة، وهو (¬1): ألا إنما نيران قيس إذا شتوا (¬2) … لطارق ليل مثل نار الحباحب وأول الأبيات التى هجا بها المحاربيّة: أخبّرك الأنباء عن أمّ منزل … تضيّفتها بين العذيب وراسب /الأنباء: الأخبار. ولا بدّ أنّ الضّيف مخبر أهله … بما قد رآه أو مخبّر صاحب تلفّعت فى طلّ وريح تلفّنى … وفى طرمساء غير ذات كواكب تلفّعت: اشتملت بثوب. وطرمساء: ليلة ظلماء، وقال بعض أهل اللغة: الطّرمساء والطّرفساء والطّرفسان: الظّلمة. إلى حيزبون توقد النار بعد ما … تلفّعت الظّلماء من كلّ جانب حيزبون: عجوز فيها بقيّة. وقوله: تلفّعت الظّلماء، استعار التلفّع للظّلمة. فما راعها إلاّ بغام مطيّة … تريح بمحسور من الصّوت لاغب ¬

(¬1) ديوان القطامى ص 46 - 50. (¬2) كتبت فى الأصل: «اشتوى» وكتب فوقها «صوابه إذا شتوا». وفى الديوان: «إذا اشتووا».

البغام: صوت الناقة والظّبية، ويقال: ناقة بغوم: تكثر التصويت. ومحسور: ضعيف. ولاغب: من اللّغوب، وهو التعب والمشقّة، وفى التنزيل: {وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ} (¬1). تقول وقد قرّبت كورى وناقتى … إليك فلا تذعر علىّ ركائبى الكور: رحل البعير. وقولها «إليك» أى تنحّ. والذّعر: الإفزاع. وجنّت جنونا من دلاث مناخة … ومن رجل عارى الأشاجع شاحب دلاث: ناقة ماضية، تركب رأسها فى سيرها. والأشاجع: عروق ظاهر الكفّ. وشاحب: متغيّر اللّون. سرى فى جليد الليل حتى كأنّما … تحزّم (¬2) فى الأطراف شوك العقارب أى كأنما تحزّم بأطرافه؛ يديه ورجليه، من البرد إبر العقارب. وردّت سلاما كارها ثم أعرضت … كما انحازت الأفعى مخافة ضارب (¬3) ¬

(¬1) سورة ق 38. (¬2) هكذا فى الأصل «تحزّم» بالحاء المهملة، وتحتها حاء صغيرة علامة الإهمال، ويدلّ عليه أيضا شرحه. والذى فى الديوان «تخزم» بالخاء المعجمة، وكذلك أنشد صاحب اللسان فى (خزم) شاهدا على: تخزّم الشوك فى رجله: شكّها ودخل فيها. (¬3) قبل هذا فى الديوان: فسلّمت والتسليم ليس يسرّها ولكنه حقّ على كلّ جانب فردّت سلاما. . . والجانب هنا: الغريب.

فقلت لها لا تفعلى ذا براكب … أتاك مصيب ما أصاب فذاهب ولمّا تنازعنا الحديث سألتها … من الحيّ قالت معشر من محارب /من المشتوين القدّ ممّا تراهم … جياعا وريف الناس ليس بناضب الرّيف: الخصب، يقال: خصب وخصب، بكسر أوله وفتحه. والنّاضب: الذاهب، من قولهم: نضب الماء: إذا ذهب، أى يشتوون القدّ (¬1) فيأكلونه فى زمن الخصب. فلمّا بدا حرمانها الضّيف لم يكن … عليّ مناخ السّوء ضربة لازب يقال: ليس هذا الأمر ضربة لازب، أى ليس بثابت، لازم، وقد قالوا: ضربة لازم. وقمت إلى مهريّة قد تعوّدت … يداها ورجلاها خبيب المواكب مهريّة: منسوبة إلى مهرة بن حيدان، بطن من اليمن، يضرب بإبلهم المثل فى الكرم. والخبب والخبيب: ضرب من العدو. تخوّد تخويد النّعامة بعد ما … تصوّبت الجوزاء قصد المغارب التّخويد: ضرب من السّير السّريع. ألا إنّما نيران قيس إذا شتوا … لطارق ليل مثل نار الحباحب إذا متّ فانعينى بما أنا أهله … لتغلب إنّ الموت لا بدّ غالبى وهجا عبد الصّمد بن المعذّل أخاه، فعرّض فى هجوه بذكر هذه العجوز، فقال (¬2): ¬

(¬1) القدّ، بفتح القاف: جلد السّخلة، وهى ولد الضأن والمعز. (¬2) البيتان الأخيران فى معاهد التنصيص 1/ 182.

لى أخ لا ترى له … سائلا غير خائب فمرجّيه آمل … للبروق الكواذب ليت لى منك يا أخى … جارة من محارب نارها كلّ شتوة … مثل نار الحباحب قوله: ليت لى منك جارة: أى بدلا منك، ومثله. كسوناها من الرّيط اليمانى … مسوحا فى بنائقها فضول (¬1) أراد: كسونا الإبل بدلا من الرّيط مسوحا. والرّيط: جمع الرّيطة، وهى الملاءة/لا تكون لفقين، وعنى بالمسوح عرقها، شبّهه لاسوداده بالمسوح. والبنائق: جمع بنيقة، وهى كلّ رقعة فى الثوب كاللّبنة والنّيفق، ومثله فى قول الراعى، يذمّ عمّال الصّدقات: أخذوا المخاض من الفصيل غلبة … ظلما ويكتب للأمير: أفيلا (¬2) المخاض: النّوق الحوامل، واحدتها خلفة. والفصيل: ولد الناقة الذى فصل عن أمّه. والأفيل: الصّغير. أراد: أخذوا النّوق الحوامل بدلا من الفصال، ويكتبونها للأمير، أى أمير المؤمنين، إفالا. وضع الفصيل والأفيل فى موضع الفصال والإفال، على ما ذكرته لك فى ¬

(¬1) فرغت منه فى المجلس السادس. (¬2) ديوانه ص 242، وتخريجه فيه، وزد عليه: التكملة ص 212، وإيضاح شواهد الإيضاح ص 879، وشرح أبيات المغنى 5/ 325. وقوله: «يكتب» يروى بفتح الياء على البناء للفاعل، أى يكتب الساعى، وهو جامع الصدقات. ويروى بضم الياء على البناء للمفعول-وهى الرواية المشهورة-وعليها يكون نصب «أفيلا» بفعل محذوف، أى ويكتب: أخذنا من فلان أفيلا. قاله البغدادى فى الخزانة 3/ 150. وقال ابن هشام: وانتصاب «أفيلا» على الحكاية؛ لأنهم يكتبون «أدّى فلان أفيلا» المغنى ص 320.

عدّة مواضع من وضع الواحد فى موضع الجماعة، ومن هذا الضّرب قول كثيّر: وإنّا لنعطى العقل دون دمائنا … ونأبى فلا نستاق من دمنا عقلا (¬1) أراد بالعقل الدّية، وإنما سمّيت الدّية عقلا؛ لأنهم كانوا يدون قتلاهم بالإبل، فيعقلونها بفناء أولياء المقتول، فقال: إذا قتلنا أعطينا الدّية دون القصاص، وإذا قتل منّا أبينا إلاّ القصاص، فلا نستاق بدلا من دم قتيلنا إبلا. ومن هذا الضّرب قول المتنبى (¬2): وخيلا تغتذى ريح الموامى … ويكفيها من الماء السّراب وصف خيل بنى كلاب بأن غذاءها الرّيح وماءها السّراب. فالتقدير: ويكفيها السّراب بدلا من الماء، أى إذا رأت شبيه لون الماء اكتفت به. ومما جاء فى التنزيل من هذا الضّرب قوله تعالى: {وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ} (¬3) المعنى: لجعلنا بدلا منكم فى الأرض ملائكة يخلف بعضهم بعضا. ومثله فى المعنى: {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ} (¬4). ونظيره فى إضمار/البدل قوله: {أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ} (¬5) أى بدلا من الآخرة، وقال بعض المفسّرين فى قوله تعالى: {فَلَمّا جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ} ¬

(¬1) فرغت منه فى المجلس السادس. (¬2) ديوانه 1/ 84. (¬3) الآية المتمة الستين من سورة الزخرف. (¬4) سورة النساء 133. (¬5) سورة التوبة 38.

{بِالْبَيِّناتِ فَرِحُوا بِما عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ} (¬1) وأقول: أىّ علم كان عند المشركين بالله؟ وإنما المعنى: فرحوا بما عندهم بدلا من العلم، أى فرحوا بما عندهم من الباطل، بدلا من الحقّ. وقال أبو إسحاق الزجّاج: أى هذا العذاب الذى نزل بكم بما كنتم تفرحون بالباطل الذى كان فى أيديكم (¬2). فعلى هذا التفسير يكون العلم فى الآية الباطل الذى كان يسمّونه علما، ويعتقدونه حقّا. ... ممّن هجا أخاه أبو (¬3) المرجّى، خال ابن أبى الجبر، صاحب البطيحة، واجتمعت به، وأنشدنى قوله فيه: أىّ حرام من الحلال أخى … كأنه الخمرة ابنة العنب (¬4) أجاد فى هذا التشبيه، وما أظنّ أنّ أحدا سبقه إليه: قاتلك الله يا أخيّ لقد … فضحتنا فى قبائل العرب كأننا الغرّ من قريش سموا … وأنت ما بيننا أبو لهب ¬

(¬1) سورة غافر 83، وهكذا وقف الكلام، ولم يأت مقول القول الذى يتّجه إليه كلام ابن الشجرى «وأقول. . .». ولعلّ المراد هو ما أثر عن مجاهد من قوله: «إن الكفار الذين فرحوا بما عندهم من العلم قالوا: نحن أعلم منهم، لن نعذّب ولن نبعث» راجع تفسير الطبرى 24/ 58، والقرطبى 15/ 336، والدر المنثور 5/ 358. وانظر تفسير مجاهد ص 584، هذا وقد ذكر ابن الجوزى من معانى «العلم» فى القرآن الكريم: ما يعدّه أربابه علما وإن لم يكن كذلك، ثم تلا الآية الكريمة. نزهة الأعين النواظر ص 453. (¬2) معانى القرآن وإعرابه 4/ 378. (¬3) ترجم له العماد الأصبهانى باسم (الصارم مرجّى بن بتّاه البطائحى) فى خريدة القصر ص 532 (قسم شعراء العراق-المجلد الثانى من الجزء الرابع). وابن أخته ابن أبى الجبر هو: مهذب الدولة أحمد بن محمد. ترجمته فى الجزء المذكور من الخريدة ص 525. (¬4) الأبيات فى الخريدة ص 537.

قوله: «سموا» فى موضع الحال، «وقد» مضمرة فيه، التقدير: كأنّنا الغرّ من قريش سامين، كما أضمرت «قد» (¬1) فى قوله تعالى: {أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} (¬2) فالتقدير: حصرى الصّدور. وروى أن شاعرا توعّد أخاه بالهجاء، فقال له: أتهجوني وأبى أبوك وأمّى أمّك؟ قال: نعم، أقول: لئيم أتاه اللؤم من عند نفسه … ولم يأته من عند أمّ ولا أب (¬3) وقال آخر: أبوك أب حرّ وأمّك حرّة … وقد يلد الحرّان غير نجيب (¬4) فلا يعجبنّ الناس منك ومنهما … فما خبث من فضّة بعجيب /وهجا الحطيئة أمّه بقوله (¬5): تنحّى فاقعدى منّى بعيدا … أراح الله منك العالمينا أغربالا إذا استودعت سرّا … وكانونا على المتحدّثينا الكانون من الرجال: الثّقيل على مجالسيه. وقوله: غربالا وكانونا، منتصبان انتصاب المصادر (¬6)، فهو ممّا دخله حذف ¬

(¬1) سبق هذا البحث فى المجلس الرابع والأربعين. (¬2) سورة النساء 90. (¬3) البيت من غير نسبة فى أمالى القالى 2/ 82، بروايته عن ابن الأعرابى. (¬4) البيتان فى ديوان المعانى 1/ 192، ونسبهما أبو هلال إلى حسّان رضى الله عنه، فى هجاء أبى سفيان بن الحارث بن عبد المطلب-قبل أن يسلم-رضى الله عنه، وتبع أبا هلال النويرىّ فى نهاية الأرب 3/ 284، ولم أجدهما فى ديوان حسّان المطبوع. وهما من غير نسبة فى الزهرة 2/ 162، والأشباه والنظائر للخالديين 1/ 95، وفى حواشيهما فضل تخريج. وعجز البيت الثانى وحده فى التمثيل والمحاضرة ص 288 من غير نسبة. (¬5) ديوانه ص 100، وتخريجه فى ص 350، وهو شعر سيّار. (¬6) ذهب ابن السّكّيت إلى أنه منصوب بإضمار الفعل، أراد: أراك غربالا، ومثّل له بقول العرب: «أثعلبا وتفرّ؟» أى: أترى ثعلبا وتفرّ؟ وانظر قول العرب هذا وتوجيهه فى معانى القرآن 2/ 297.

جملتين ومضافين، وما اتصل بذلك، والتقدير: أتخرجين ما تستودعينه من السّرّ إخراج غربال ما فيه، وتثقلين على المتحدّثين ثقل كانون. وما كنت أظنّ أن أحدا هجا أمّه إلاّ الحطيئة، حتى أنشدنى رجل من عدول واسط، يعرف بابن كردى، أبياتا لأبى المرجّى المذكور آنفا، يهجو بها أمّه، وهى (¬1): إنّا إلى الله من عجوز … تأخذها هزّة الغيور كانت لها دولة وولّت … ودولة الحبّ للغرير الغرير: الحديث السّنّ، والغرارة: الحداثة. كأنّما وجهها قميص … قد فرّكوه على حصير تفترّ عن مبسم غليظ … كأنه مشفر البعير ما بين ناب لها طويل … وبين أنف لها قصير وكان هذا الرجل لهجا بالهجو، حتى إنّ مدحه كان شبيها بالهجو. فمن ذلك أنه مدح الوزير زعيم الدولة محمد بن جهير، رضى الله عنه، بقصيدة، اعتقد أنه قد بالغ فى تجويدها، فقال فيها: بقيّة فى زمان سوء … صالحة من بنى جهير فلما سمع الوزير هذا البيت قال لاهيا به: حفظك الله، ما قصّرت! ونعود إلى ما كنّا آخذين فيه، من ذكر حذف اللامات، فنقول: والكرة: /المحذوف منها عند المحقّقين لامها، وهى واو، لأن الفعل منها كروت، وأصلها: كروة، وجمعها كرات وكرون، وزعم قوم أن المحذوف عينها، فحكموا بأن أصلها: ¬

(¬1) ذكر العماد أن هذه الأبيات فى هجاء زوجة الشاعر، وأورد ثلاثة أبيات فقط، وليس منها مما ذكره ابن الشجرى إلاّ البيت الثالث. خريدة القصر-الجزء السابق ص 538.

كورة، فعلة، من قولهم: كار العمامة على رأسه يكورها، وكوّرها يكوّرها: إذا عبّأ بعضها على بعض، ومن ذلك قوله تعالى: {يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ وَيُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ} (¬1) أى يجعل هذا على هذا، وهذا على هذا، فقيل لها: كرة لتدوّرها كتدوّر العمامة والكارة. وحمة العقرب: سمّها، وليست بإبرتها، كما يعتقد العامّة (¬2)، وأصلها حموة، فعلة، فى لغة من قال: حمو الشمس، وحمية، فى قول من قال: حمى الشمس. والمحذوف من مائة لامها، وهى ياء، فأصلها مئية، وحكى الأخفش أبو الحسن أنه سمع أعرابيّا يقول: اعطنى مئية، فجاء بها على الأصل، وكذلك أنشدوا: أدنى عطائهم إيّاي مئيات (¬3) والمشهور: مئات ومئون، قال الفرزدق: ثلاث مئين للملوك وفى بها … ردائى وجلّت عن وجوه الأهاتم (¬4) وروى بعض التصريفيّين أنهم حذفوا همزتها فى الجمع، فقالوا فى الجرّ والنصب: مين، وهذا رديء (¬5)؛ لأنه جمع بين إعلالين متلاصقين: حذف العين وحذف اللام. ¬

(¬1) سورة الزمر 5. (¬2) أدب الكاتب ص 199،378، وتقويم اللسان ص 95. (¬3) صدره: فقلت والمرء تخطيه منيّته وقبله الشاهد المعروف: قد كنت أحجو أبا عمرو أخا ثقة حتى ألمّت بنا يوما ملمّات وينسب إلى تميم بن أبىّ بن مقبل-وليس فى ديوانه المطبوع-وإلى أبى شنبل الأعرابى. إيضاح شواهد الإيضاح ص 516، وتذكرة النحاة ص 508، وشرح الشواهد الكبرى 2/ 376، والهمع 2/ 239، واللسان (ضربج). (¬4) تقدّم فى المجلس الثامن والأربعين. (¬5) سبق فى المجلس السابع والأربعين.

والسّية: طرف القوس، عينها عند قوم ياء، والنّسب إليها سيوىّ، وجمعها سيات، وقال الجرمىّ: سمعت أبا عبيدة يقول: سئة القوس، مهموزة. وحكى غيره من البصريين: أسأيت القوس، ويجوز أن يكون المحذوف منها واوا، وليس فى قولهم: أسأيت، دليل على أن المحذوف ياء؛ لأنّ الواو تصير هنا ياء، نحو أغريت وأدنيت، ولكن فيه دلالة على أنّ المحذوف منها لام. وقالوا: إنّ هذه المنقوصات؛ ما لامه واو أكثر ممّا لامه ياء، فإذا جهلت جنس لام الكلمة/فاحكم بأنها واو، حتى يقوم دليل على خلافه. والمحذوف من «فئة» واو، وجمعها فئات، وهى من قولهم: فأوت: إذا شققت وفرّقت؛ لأن الفئة كالفرقة، وقالوا: فأوت رأسه بالسيف: إذا فلقته. ولام الرّئة ياء، لقولهم: رأيته: إذا ضربت (¬1) رئته، وجمعها رئات، وحكى أبو زيد: رئون، وأنشد: فغظناهم حتى أتى الغيظ منهم … قلوبا وأكبادا لهم ورئينا (¬2) والعزة: الجماعة من الناس، وهى مأخوذة من عزوته إلى كذا، وعزيته: إذا نسبته إليه، وجمعها عزون، وفى التنزيل: {عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ عِزِينَ} (¬3) وعضة: واحدة العضاه، وهو شجر من شجر الشّوك، كالطّلح والعوسج، وعضة كسنة، فى كون لامها فى لغة هاء، وفى أخرى واوا، ويقال فى جمعها: عضوات وعضون، قال: وعضوات تقطع اللهازما (¬4) ¬

(¬1) الملاحن ص 8، والمقتضب 1/ 241. (¬2) للأسود بن يعفر. ديوانه ص 63، ونوادر أبى زيد ص 195، واللسان (رأى). (¬3) سورة المعارج 37. (¬4) الكتاب 3/ 360، والكامل ص 967، والأصول 3/ 321، والبغداديات ص 158،504، والحلبيات ص 346، والعسكريات ص 171، والعضديات ص 32، والخصائص 1/ 172، -

فأصلها فى هذا القول عضوة، وأمّا قوله تعالى: {جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ} (¬1) ففيه قولان: أحدهما: أنه من الواو، لأنه فسّر على أنهم فرّقوه، فكأنهم جعلوه أعضاء، فقال بعضهم: هو شعر، وقال بعضهم: هو سحر، وقال آخرون: أساطير الأولين. والقول الثانى: أن الواحدة عضهة، مأخوذة من العضيهة، وهى الكذب. وأراد الشاعر باللهازم اللهزمتين، وهما ما تحت الأذنين من أعلى اللّحيين، وإنما جمعهما بما حولهما، كقولهم: شابت مفارقه (¬2)، وبعير ذو عثانين، ومثله. والزّعفران على ترائبها … شرق به اللّبّات والنّحر (¬3) وضع التّرائب فى موضع التّريبة، واللّبّات فى موضع اللّبّة، ويجوز أن يكون جمع لأنه أراد باللهازم لهازم جماعة من الإبل. واللثة (¬4): ما انحدر من اللحم على الأسنان، وجمعها لثات ولثى، والمحذوف منها ياء، /قال بعض اللّغويّين: لأنها مأخوذة من اللّثى، وهو ما يخرج من الشجر أبيض كالماء يسقط ويقطر، ويقال: أمة لثياء، إذا كان قبلها يعرق. قلت: أما اللّثى فلا دلالة فيه على أن المحذوف من اللّثة ياء، وإنما الدليل على ذلك ظهور الياء فى اللّثياء، لأنهم شبّهوها لعرق قبلها بالشجرة التى يسقط منها المسمّى لثى. ... ¬

= والمنصف 1/ 59،3/ 38،127، وسرّ صناعة الإعراب ص 418،548، والمخصص 14/ 7، وشرح المفصل 5/ 38، والممتع ص 625. وهو من إنشاد الأصمعىّ عن أبى مهدية. اللسان (أزم- عضه). (¬1) سورة الحجر 91. (¬2) راجع المجلس الثامن والعشرين. (¬3) فرغت منه فى المجلس الحادى عشر. (¬4) هذا أحد قولين، والقول الثانى أن «اللثة» معتلّة العين، والمحذوف منها الواو؛ لأنها من لثت العمامة ألوثها: إذا أدرتها. واللثة محيطة بالأسنان. اللسان (لوث-لثا).

المجلس الثالث والخمسون يتضمن ذكر ما لم نذكره من حذف اللامات

المجلس الثالث والخمسون يتضمّن ذكر ما لم نذكره من حذف اللامات ، التى عوّضوا منها، وما حذف على طريق الشذوذ من الياءات، التى هى لامات. فمن الضّرب الأول: الاسم، فالمحذوف منه عند البصريّين (¬1) لامه، وهى واو واشتقاقه عندهم من السّموّ، لأن المسمّى يرتفع ذكره باسمه فيعرف به، وإذا جهل اسمه كان خاملا، ومن هذا المعنى يقال: فلان له اسم، إذا كان شهيرا، وفيه لغات، أعلاها: اسم؛ لأن التنزيل جاء به، والثانية: سم، مكسور السين، والثالثة: سم، بضمّها، والرابعة: سما، مضموم الأول، مقصور كهدى، ومنهم من يقول: اسم، فيضمّ همزته، وهى قليلة، قال الراجز (¬2). باسم الذى فى كلّ سورة سمه وقال آخر، فضمّ السين وأثبت اللام: لأحسنها وجها وأكرمها أبا … وأسمحها كفّا وأعلنها سما (¬3) ¬

(¬1) هذه إحدى مسائل الخلاف الشهيرة بين البصريّين والكوفيين. انظر لها الإنصاف ص 6، وأسرار العربية ص 4، وائتلاف النصرة ص 27، والتبيين ص 132، وفى حواشيه فضل تخريج للمسألة. (¬2) من بنى كلب، كما فى النوادر ص 462، والبيت من غير نسبة فى المقتضب 1/ 229، ومعانى القرآن للزجاج 1/ 39، والأصول 3/ 322، والتنبيهات على أغاليط الرواة ص 340، والصاحبى ص 383، والمنصف 1/ 60، وتفسير أرجوزة أبى نواس ص 202، والمخصص 17/ 135، والإنصاف ص 16، وأسرار العربية ص 8، وتفسير القرطبى 1/ 100، وشرح الجمل 2/ 351، وبعضهم ينسب هذا البيت إلى رؤبة، وقد ردّ هذه النسبة البغدادىّ، فى شرح شواهد الشافية ص 176. وقوله: «سمه» يروى بضم السين، ويروى بكسرها، وهو أقلّ، كما ذكر ابن السرّاج. (¬3) النوادر ص 462، والمقتضب 1/ 230، والأصول 3/ 323، والتنبيهات على أغاليط الرواة ص 339، والمنصف 1/ 60، والمخصص 15/ 178، ورسالة الملائكة ص 129، وشرح شواهد الشافية ص 177.

ومثله: الله أسماك سما مباركا (¬1) وقال آخر، فضمّ السين وحذف اللام: وعامنا أعجبنا مقدّمه … يدعى أبا السّمح وقرضاب سمه (¬2) القرضاب: الفقير، وهو القرضوب أيضا ومثال اسم، فى أصل وضعه: سمو، فعل، مكسور الأول ساكن الثاني، مثل جذع، أو سمو، فعل، مثل قفل، فى لغة من قال: سم، فضمّ السين ولم يفتح الميم، أو سمو، فعل، مثل رطب، فى قول من/فتح ميمه، فصارت واوه ألفا، وجمعوه على أفعال. فمن كسر أوله، كان كأجذاع وأعدال، ومن ضمّ أوله وحذف واوه فلم يقلبها، كان كأبراد (¬3) وأقفال، ومن ضمّ أوله وقلب واوه، كان كأرطاب وأرباع، جمع الرّبع، وهو ولد الناقة التى تلده فى الرّبيع. ومن قال: اسم، فإنه حذف لامه، وأسكن فاءه، واجتلب له همزة الوصل عوضا من المحذوف، كما فعلوا ذلك فى ابن واست ونحوهما. ¬

(¬1) هو من غير نسبة فى الموضع السابق من التنبيهات، ورسالة الملائكة، وتفسير القرطبى، والإنصاف ص 15، وأسرار العربية ص 9، وأوضح المسالك 1/ 34، ونسبه العينىّ فى شرح الشواهد 1/ 154 لأبى خالد القنانى-بفتح القاف-وأبو خالد هذا من قعد الخوارج، ولم أجدنه شيئا فى «شعر الخوارج». هذا وقد أنشد ابن السّكّيت البيت الشاهد مع بيت بعده، فى إصلاح المنطق ص 134، عن الفراء، بعبارة «قال: وأنشدنى القنانىّ». والقنانىّ هذا هو «أبو محمد»، أستاذ الفراء، وبهذا يظهر تخليط العينىّ، رحمه الله، وانظر حواشى كتاب الشعر ص 410. (¬2) المخصص 4/ 140،9/ 123، والمواضع المذكورة من الإصلاح والمنصف ورسالة الملائكة، والإنصاف والأسرار، والقرطبىّ. (¬3) جمع برد.

ومن قال: سم وسم، لم يعوّض، كما لم يعوّضوا فى أب وأخ ونحوهما. وخالف الكوفيّون البصريّين فى اشتقاقه، فزعموا أن المحذوف فاؤه، وأخذوه من السّمة (¬1)، فوزن سم وسم على قولهم: عل وعل، وكذلك اسم: إعل، وأصله وسم أو وسم، قالوا: لأنّ السّمة العلامة، والاسم علامة تدلّ على المسمّى. وهذا القول صحيح فى المعنى، فاسد من جهة التصريف (¬2)، وذلك أنك إذا صغّرته أو كسّرته أو صرّفت منه فعلا، رددت المحذوف منه إلى موضع اللام، ولو كان من السّمة كما زعموا رددت المحذوف إلى موضع الفاء، ألا ترى أنك تقول فى تصغيره: سميّ، وفى تكسيره: أسماء، وفى الفعل منه: سمّيت، ولو كان من السّمة ردّوا المحذوف منه أوّلا، فقالوا: وسيم، وأوسام، ووسمت. ودليل آخر يسقط ما قالوه، وهو أنك لا تجد فى العربية اسما حذفت فاؤه وعوّض همزة الوصل، وإنما عوّضوا من حذف الفاء تاء التأنيث، فى عدة وزنة وثقة، ونظائرهنّ. وممّا احتجّوا به على مذهب البصريّين، فى اشتقاقهم الاسم من السّموّ، أنهم قالوا: قد وجدنا من الأسماء أسماء تضع من مسمّياتها كقرد وكلب وجرو، وعوسج وشوك. ¬

(¬1) الحقّ أن الكوفيين الأوائل لم يقولوا بهذا، وأنهم يتفقون مع البصريين فى أن اشتقاق الاسم من «السموّ». قال أبو القاسم الزجاجى: «أجمع علماء البصريّين، ولا أعلم عن الكوفيين خلافا محصّلا مستندا إلى من يوثق به، أن اشتقاق «اسم» من سموت أسمو: أى علوت، كأنه جعل تنويها بالدلالة على المسمّى لما كان تحته. . . وقد حكى أن بعضهم يذهب إلى أن أصله من «وسمت» كأنه جعل سمة للمسمّى». اشتقاق أسماء الله ص 255. وقد حرّر هذه المسألة تحريرا جيدا الدكتور محمد خير الحلوانى رحمه الله، فى كتابه الجيد: الخلاف النحوى ص 216، وانظر حواشى التبيين عن مذاهب النحويين ص 132. (¬2) استاق أبو البركات الأنبارىّ حجج ابن الشجرى هذه. راجع الإنصاف ص 8 وما بعدها، وفى كلامهما معا مشابه من كلام مكىّ فى مشكل إعراب القرآن 1/ 66 - طبعة بغداد.

وليس هذا الذى تعلّقوا به بشىء؛ لأن هذه الأسماء علّقت على أجناس وضيعة، فالوضاعة لاحقة بها من الجنسيّة، لا من جهة الاسميّة، /ألا ترى أنهم قد سمّوا بكلب وكلاب، وعوسجة، وكنّوا بأبى الشّوك، فلم يضع ذلك من المسمّين والمكنّين، وجرى مجرى تسميتهم ببدر وهلال ومطر وأسد. قيل لعلىّ بن عيسى الرّمّانىّ: لم عوّضوا فى اسم وابن، ولم يعوّضوا فى أب وأخ؟ فقال: كراهة إدخال ألف الوصل على ألف الأصل. أراد أنهم لو أسكنوا أوّلهما واجتلبوا لهما الهمزة الوصليّة صارت همزتاهما ياءين (¬1)، لانكسار الهمزة قبلهما فقيل: إيب وإيخ. وأمّا «است» فأصلها: سته، مفتوحة العين، بزنة قدح، بدلالة جمعها على أفعال كأقداح. فإن عورض هذا القول بأنها يجوز أن يكون أصلها: سته كعدل، أو سته كبرد، وكلاهما قياسه فى الجمع أفعال. قيل: لا يجوز ذلك؛ لقولهم فى اللغة الأخرى: سه، ففتح السين فى هذه اللغة مقطوع به على أن أصلها سته، فعل (¬2). ووزن سه: فل، ودلّ على أنّ المحذوف منها هاء، ظهور الهاء فى سه، وفى ¬

(¬1) هذا كلام المبرد. راجع المنصف 1/ 63. (¬2) الكتاب 3/ 364، والمقتضب 1/ 232، وحواشيه. وقال الجوهرىّ فى الصحاح (سته). «الاست: العجز، وقد يراد به حلقة الدّبر، وأصلها: سته، على فعل بالتحريك، يدلّ على ذلك أنّ جمعه أستاه، مثل جمل وأجمال، ولا يجوز أن يكون مثل جذع وقفل اللذين يجمعان أيضا على أفعال؛ لأنك إذا رددت الهاء التى هى لام الفعل وحذفت العين قلت: سه، بالفتح. . . وفى الحديث: «العين وكاء السّه» بحذف عين الفعل، ويروى: «وكاء السّت» بحذف لام الفعل». فهذا تفصيل ما أجمله ابن الشجرى. وانظر أيضا شرح المفصل 9/ 134.

جمعها وتصغيرها وما صرّف منها، كقولهم: رجل استه، وستهم، بمعنى استه، وامرأة ستهاء، والميم فى ستهم زائدة (¬1)، كما زيدت فى زرقم. ولمّا حذفوا لامها صارت إلى ست، بوزن فع، فأسكنوا فاءها، واجتلبوا لها همزة الوصل تعويضا من محذوفها. وأما «ابن» فأصله: بنو، فعل، مفتوح العين، بدلالة جمعه على أفعال، كأجبال، فلا يجوز أن يقال: إنّ أصله بنو، بكسر أوّله وسكون ثانيه، بدلالة كسر بائه في بنت، فيكون كقنو (¬2)، وجمع على أبناء، كأقناء، لأن هذا يبطل بفتح الباء فى بنين وبنات وبنويّ. /وأكثر النحويّين حكموا بأن المحذوف منه واو، واستدلّوا بظهور الواو فى البنوّة. وقال آخرون: ليس ظهور الواو فى البنوّة بدليل على أنّ لامه واو؛ لقولهم فى مصدر الفتى: الفتوّة، ولامه ياء، بدلالة ظهور الياء فى فتيان وفتيان وفتيات، قالوا: وإذا لم يكن فى البنوّة دلالة على الواو، فأصله بنى، فعل من بنيت، لأن الابن مبنىّ على الأب، وهذا قول، وإن كان معظم النحويّين على القول الأول (¬3). وأشكل ما فى هذا الاسم قولهم فى جمع مصغّره: أبينون، قال سلمىّ بن ربيعة السّيدىّ: زعمت تماضر أنّنى إمّا أمت … يسدد أبينوها الأصاغر خلّتى (¬4) ¬

(¬1) السّتهم: العظيم الاست، والزّرقم: الأزرق الشديد الزّرقة، وانظر المنصف 1/ 61، وسرّ صناعة الإعراب ص 170،431،604. (¬2) القنو: عذق النخل، وهو الكباسة، كالعنقود من العنب. ومثّل الجوهرىّ لهذا البناء بجذع، راجع الصحاح (بنا). وانظر الخصائص 1/ 201، وشرح الشافية 2/ 255. (¬3) راجع سرّ صناعة الإعراب ص 150، وشرح الملوكى ص 401، وشرح الشافية 2/ 257، 258، واللسان (بنا). (¬4) فرغت منه فى المجلس السابع.

لا يجوز [أن يكون (¬1)] أبينون جمعا لمصغّر ابن؛ لأنه لو كان كذلك لقيل: بنيّون، ولا يجوز أن يكون جمعا لمصغّر أبناء، لأنه لو كان كذلك لقيل: أبيناءون، ولو أرادوا هذا لاستغنوا بقولهم: أبيناء عن جمعه بالواو والنون. وإذا بطل الأول والثانى، فإنّ قولهم «أبينون» جمع لتصغير اسم للجمع، وليس بجمع، ولكنه كنفر ورهط، وهو مما قدّروه ولم ينطقوا به، ومثاله: أبنى مقصور، بوزن أعشى، ثم حقّر فصار إلى أبين، مثل أعيش، ثم جمع فقيل: أبينون، وأصله: أبينيون، ففعل فيه ما فعل فى القاضون. وابنة: حكمها حكمه، فى أنّ أصلها بنوة، أو بنية، فى قول من حكم بأن لامه ياء، ولمّا حذفوا لاميهما أسكنوا فائيهما، واجتلبوا لهما همزة الوصل تعويضا لما دخلهما من الحذف. وأما بنت، فسنذكرها مع نظائرها، إن شاء الله. والمحذوف من قولهم: «اثنان» ياء، فالواحد أصله ثنى، فعل، من ثنيت، بوزن قلم، لأن الاثنين قد ثني أحدهما على صاحبه. وحكى سيبويه (¬2) أنهم قد قالوا فى جمعه: أثناء، فهذا دليل على فتح عينه. ويجوز أن يكون أصله ثني، كجذع، فأفعال محتمل للمثالين، ولا يجوز أن يقطع على/أن أصله فعل، كجذع، دون فعل، كجبل، استدلالا بكسر الثاء من ثنتان، كما لم يجز أن يحكم بأن أصل ابن: بني، اعتبارا بكسر الباء من بنت. وأصل مؤنّثه ثنية، كرقبة، أو ثنية، كسدرة، ولمّا حذفت لاماهما أسكنت فاءاهما، وعوّضا منهما همزة الوصل. ... ¬

(¬1) تكملة مما حكاه البغدادىّ من كلام ابن الشجرى. الخزانة 8/ 35. (¬2) الكتاب 3/ 364، وانظر الممتع ص 388.

فصل فأما ما عوض من لامه التاء

فصل فأمّا ما عوّض من لامه التاء ، فمنه «بنت» (¬1) وقد قدّمنا أن أصلها: بنوة، فحذفوا منها هاء التأنيث، ثم حذفوا الواو أو الياء التى هى لامها، وكسروا أوّلها، وأسكنوا ثانيها، وزادوا التاء فى آخرها، عوضا من لامها، فألحقوها بجذع. وكذلك «أخت» أصلها: أخوة، فعلة، كبقرة، فحذفوا منها الهاء ثم اللام، وضمّوا أوّلها وأسكنوا ثانيها وعوّضوها التاء من محذوفها، فألحقوها بقفل، فليست التاء فيها وفى بنت كالتاء التى تلحق للتأنيث، فى نحو مرأة وظريفة، لأن هذه يلزم ما قبلها الفتح، فسكون النون من بنت، والخاء من أخت يخرج تاءيهما من أن تكونا من قبيل ما ذكرناه، إلاّ أنهما مع ذلك غير عاريتين من التأنيث بالكليّة، بدلالة قولك فى النّسب إليهما: بنويّ (¬2) وأخويّ، حذفت التاء منهما كما حذفت تاء التأنيث فى قولك: مكّىّ وكوفىّ، ولو كانت مجرّدة من التأنيث لقيل بنتيّ وأختيّ. ودليل آخر، وهو أن هذه التاء المزيدة فى بنت وأخت عوضا من محذوفيهما اختصّوا بزيادتها أسماء مؤنّثة، سيأتى ذكر جميعها، فمنها «ثنتان» وحكمها حكم بنت وأخت، فى حذف الهاء منها، ثم حذف لامها وتعويضها منها التاء، إلاّ أن المحذوف منها ياء، فأصلها: ثنية، مثل قصبة، أو ثنية، مثل سدرة، على ما قرّرناه فى مذكّرها. /وهنت (¬3) أصلها: هنوة، مفتوحة العين؛ لأن مذكّرها فعل، بدلالة جمعه ¬

(¬1) الكتاب 4/ 317، وسرّ صناعة الإعراب ص 149،150، والممتع ص 385. (¬2) الكتاب 3/ 362. (¬3) انظر المراجع المذكورة، وأيضا الكتاب 3/ 364.

على أفعال، فحذفوا منها هاء التأنيث ثم الواو، وأسكنوا ثانيها، وعوّضوها التاء فألحقوها بكعب. وذهب سيبويه (¬1) فى «كلتا» إلى أنها فعلى، كذكرى، وأصلها كلوى، فحذفوا واوها وعوّضوها منها التاء، كما فعلوا فى بنت وأخت وهنت، ويدلّ على أن تاءها ليست بأصل، بل بدل من حرف علّة، اعتلال اللام من كلا، ويدلّ على أن لامها واو ما ذكرناه من أن اللام أغلب على الواو. ودليل آخر، وهو أن تعويض التاء من الواو أكثر من تعويضها من الياء. وذهب الجرمىّ إلى أنّ وزن كلتا فعتل، وأن التاء على تأنيثها. ويشهد (¬2) بفساد هذا القول ثلاثة أشياء. أحدها: سكون ما قبلها (¬3). والثانى: أن تاء التأنيث لا تزاد حشوا. والثالث: أن مثال فعتل معدوم فى العربيّة. وأمّا «كيت وذيت (¬4)» فإنّ العرب استعملت هاتين اللفظتين كناية عن الجمل والحديث الطويل، وألزموهما التكرير، فقالوا: بلغنى كيت وكيت، وكان من الأمر ذيت وذيت. وفيهما ثلاث لغات: فتح التاء وكسرها وضمّها، والفتح أشهر وأقيس. ¬

(¬1) الكتاب 3/ 364، وسر صناعة الإعراب ص 151،152، وسياقه يؤذن بأن ابن الشجرى ينقل عنه. وانظر شرح المفصل 1/ 55، وشرح الشافية 2/ 70. (¬2) هذا من كلام ابن جنى، راجع الموضع السابق من سرّ الصناعة، والخصائص 1/ 203، وأصل الكلام لأبى على، راجع البصريات ص 793،794، ثم انظر المرتجل ص 67. (¬3) والتاء لا تكون علامة تأنيث الواحد إلاّ وقبلها فتحة، نحو طلحة وحمزة، وقائمة وقاعدة، أو تكون قبلها ألف، نحو سعلاة وعزهاة، واللام فى «كلتا» ساكنة كما ترى. ذكره ابن جنى. (¬4) الكتاب 3/ 292،363، وسرّ صناعة الإعراب ص 153، والممتع ص 388، وشرح الشافية 1/ 220،222،2/ 69.

وأصلهما: كيّة وذيّة، فأسقطوا منهما الهاء والياء المتحركة، وعوّضوا منها التاء، وقد استعملوا كيّة وذيّة مكرّرتين أيضا مفتوحتين لا غير، وإنما بنوا هاتين اللفظتين لأنهم عبّروا بهما عن الجمل، والجمل مبنيّة. ألا ترى أنك إذا سمّيت بالجملة حكيتها، كما سمّوا بتأبّط شرّا، وبرق (¬1) نحره، وشاب قرناها، فلو سمّيت بقولك: يخرج زيد، لقلت: جاء يخرج زيد، ورأيت يخرج زيد، ومررت بيخرج زيد، وكذلك زيد منطلق هذا حكمه، فالجملة مجموعها مبنيّة، وإنما المعرب «يخرج» بانفراده و «زيد» بانفراده. ... ¬

(¬1) راجع كتاب الشعر ص 12.

/ فصل ومن حذف اللام على الشذوذ

/ فصل ومن حذف اللام على الشذوذ ، ما جاء من حذف الياء اكتفاء بالكسرة، وذلك فى غير الفواصل والقوافى، كقوله: كفّاك كفّ لا تليق درهما … جودا وأخرى تعط بالسّيف الدّما (¬1) قوله: «لا تليق» لا تمسك. وقال آخر، فحذف الياء من الأيدى: دوامى الأيد يخبطن السّريحا (¬2) السّريح: جلود تنعلها الإبل إذا حفيت، واحدتها: سريحة. وقال آخر (¬3): ¬

(¬1) معانى القرآن 2/ 27،118،3/ 260، وسر صناعة الإعراب ص 519،772، وشرح الجمل 2/ 585، وضرورة الشعر ص 113، وضرائر الشعر ص 121، وفى حواشى هذين فضل تخريج. وانظر كتب التفسير فى سياق شرح الآية (105) من سورة هود: يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاّ بِإِذْنِهِ. (¬2) صدره: فطرت بمنصلى فى يعملات وينسب ليزيد بن الطثرية، وهو فى شعره ص 60 (جمع الدكتور ناصر بن سعد الرشيد)، وينسب لمضرّس بن ربعىّ الأسدى. راجع ضرورة الشعر ص 215، وضرائر الشعر ص 120. والمنصل: السيف. واليعملة: الناقة القوية على العمل. (¬3) هو أنس بن العبّاس بن مرداس السّلمىّ. وقيل: أبو عامر جد العبّاس. شرح أبيات سيبويه 1/ 584، وسمط اللآلى 3/ 37، وشرح أبيات المغنى 4/ 343. والبيتان ينسبان أيضا إلى أبى الرّبيس التغلبىّ، فى اللسان (ودى). ويأتى قبلهما هذا الشاهد المعروف: لا نسب اليوم ولا خلّة اتّسع الخرق على الراتق فى إحدى روايتيه، والرواية الشهيرة: «على الراقع». وانظر موضع الشاهد عندنا فى المنصف 2/ 73، والخصائص 2/ 292، والإنصاف ص 388، وشرح الشواهد الكبرى 2/ 351، واللسان (قمر-يدى). هذا ويأتى البيت الأول شاهدا على جواز تأنيث «العاتق». راجع المذكر والمؤنث لابن الأنبارى ص 208، وإصلاح المنطق ص 362، والمخصص 1/ 159،17/ 13، وخلق الإنسان لأبى محمد الحسن ابن أحمد ص 200.

لا صلح بينى فاعلموه ولا … بينكم ما حملت عاتقى رمحى وما كنّا بنجد وما … قرقر قمر الواد بالشاهق وقوله تعالى: {يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ} (¬1) من هذا الضّرب، وكذلك {ذلِكَ ما كُنّا نَبْغِ} (¬2) لأنه ليس كقوله: {وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ} (¬3) إلاّ أن أبا علي (¬4) شبّه «نبغ» بالفاصلة، قال: لأنه قد تمّ عليه الكلام. وكذلك حذفوا الياء فى قولهم: «لا أدر» لكثرة استعماله (¬5). واختلفوا فى الوقف على الاسم المنقوص (¬6)، المرفوع والمجرور، إذا كان فيه لام ¬

= وقرقر الطائر قرقرة: صوّت. وقمر-بضم القاف-إما أن يكون جمع أقمر، مثل أحمر وحمر، وإما أن يكون جمع قمرىّ، مثل رومىّ وروم. قاله الجوهرى فى الصحاح (قمر) وأنشد البيتين. والشاهق: الجبل المرتفع. (¬1) سورة هود 105، وقد قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو والكسائى «يوم يأتى» بإثبات الياء فى الوصل، ويحذفونها فى الوقف، وكان ابن كثير يثبتها فى الوقف أيضا. وباقى السبعة يَوْمَ يَأْتِ بغير ياء، وصلا ووقفا. السبعة لابن مجاهد ص 338، وحجة القراءات ص 348، ومعانى القرآن للفراء 2/ 27، وللزجاج 3/ 77، وإعراب القرآن للنحاس 2/ 111، ثم انظر لهذه الآية والآيات التى بعدها: إيضاح الوقف والابتداء ص 261. (¬2) سورة الكهف 64، وذكرت القراءة فيها فى المجلس الرابع والأربعين. (¬3) سورة الفجر 4. وقول ابن الشجرى «لأنه ليس كقوله. . .» يريد أن قوله إِذا يَسْرِ رأس آية، وليست كذلك آية سورة الكهف. وانظر السبعة لابن مجاهد ص 683، ومعانى القرآن للزجاج 5/ 321. (¬4) البغداديات ص 507، وأيضا البصريات ص 877، والعسكريات ص 204، وقد سبق سيبويه إلى اعتبار نَبْغِ فاصلة. انظر الكتاب 4/ 185، وإيضاح الوقف والابتداء ص 759، والقطع والائتناف ص 449، ومعانى القرآن للزجاج 3/ 300، والمنصف 2/ 74،232، والأصول 2/ 376. (¬5) الكتاب 2/ 196،204،4/ 184، ومعانى القرآن للأخفش ص 53، وللزجاج 2/ 53، 3/ 77، والمسائل المنثورة ص 131، والمنصف 2/ 232، والمحتسب 1/ 37، والخاطريات ص 69، والصحاح (درى)، والتهذيب 14/ 156. وراجع ما سبق فى المجلس الحادى والثلاثين. (¬6) الكتاب 4/ 183، والأصول 2/ 375، والتكملة ص 21، والتبصرة ص 719.

التعريف، فأثبتها بعضهم، وحذفها آخرون، فالحجّة لمن أثبتها أنّ حرف التعريف حماها من التنوين، فزال حكم التنوين تقديرا، كما زال حكمه لفظا. ومن حذفها شبّهها لسكونها بالحركة، فحذفها كما تحذف الحركة فى الوقف، فى نحو: هذا الرجل، ومررت بالرجل، ألا ترى أنهم قد نزّلوا حروف اللّين فى نحو يدعو ويقضي ويخشى منزلة الحركة، فحذفوهنّ للجزم، كما يحذفون الحركة من الحرف الصحيح. ونظير حذف هذه الياء إذا سكنت حذف ياء المتكلّم فى الوقف، كقراءة من قرأ: {رَبِّي أَكْرَمَنِ} و {رَبِّي أَهانَنِ} (¬1) وكقول الأعشى (¬2): ومن شانئ كاسف وجهه … إذا ما انتسبت له أنكرن والذين حذفوها ممّا فيه الألف واللام فريقان، فريق خالف بين وصله ووقفه، فأثبتها فى الوصل، وحذفها فى الوقف، وفريق حذفها فى الوصل والوقف. وعلّة حذفها فى الوصل أنهم اجترءوا على حذفها؛ لدلالة الكسرة عليها، كما اجترءوا على حذف ياء المتكلّم لدلالة الكسرة عليها، فى نحو {وَإِيّايَ فَارْهَبُونِ} (¬3) وعلى هذه اللغة قالوا: عمرو بن العاص (¬4)، وحذيفة بن اليمان، ¬

(¬1) سورة الفجر 15،16. وهذه القراءة عزاها سيبويه إلى أبي عمرو. الكتاب 4/ 186. وقال اليزيدىّ: «كان أبو عمرو يقول: ما أبالى كيف قرأت: بالياء أم بغير الياء فى الوصل، فأمّا فى الوقف فعلى الكتاب». يعنى حذف الياء. السبعة ص 684، والكشف 2/ 374، والتكملة ص 29 (¬2) ديوانه ص 19، والكتاب 4/ 187، وإيضاح الوقف والابتداء ص 259، وإيضاح شواهد الإيضاح ص 389، وضرائر الشعر ص 128، وشرح المفصل 9/ 83،86، وفقه اللغة للثعالبى ص 313 والشانئ: المبغض. والكاسف الوجه: المتغير اللون. (¬3) سورة البقرة 40. (¬4) حكى الحافظ ابن حجر فى ترجمة «العاصى بن وائل السّهمى، والد عمرو» من تبصير المنتبه ص 889، عن النحاس، قال: «سمعت الأخفش يقول: سمعت المبرّد يقول: هو العاصى بالياء، لا يجوز حذفها، وقد لهجت العامة بحذفها. قال النحاس: هذا مخالف لجميع النحاة، يعنى أنه من الأسماء المنقوصة، فيجوز فيه إثبات الياء وحذفها، والمبرد لم يخالف النحويين فى هذا، وإنما زعم أنه سمّى العاصى؛ لأنه اعتصى بالسيف، أى أقام السيف مقام العصا، وليس هو من العصيان كذا حكاه الآمدى عنه». -

والحاف (¬1) بن قضاعة، وعليها قراءة من قرأ: {دَعْوَةَ الدّاعِ} (¬2) و {مُهْطِعِينَ إِلَى الدّاعِ} (¬3) و {يَوْمَ يَدْعُ الدّاعِ} (¬4). واختلفوا فى المنقوص إذا نودي، فسيبويه كان يرى إثبات يائه (¬5) أوجه؛ لأنها احتمت من التنوين بالبناء، ويونس بن حبيب كان يرى حذفها؛ لأن النداء يكثر فيه الحذف والتغيير، لكثرة استعماله، ولذلك اختصّوه بالترخيم، وقد ذكرت هذا من قبل. ومما حذفت ياؤه وهى لام: ما باليت به بالة، الأصل: بالية، على فاعلة، كالعافية (¬6). وممّا حذفت فيه ألف منقلبة عن ياء منقلبة عن واو، هى لام، قول لبيد (¬7): ¬

= قال ابن حجر: «وهذا إن مشى فى العاصى بن وائل، لكن لا يطّرد؛ لأن النبىّ صلّى الله عليه وسلم غيّر اسم «العاص بن الأسود، والد عبد الله» فسمّاه مطيعا، فهذا يدلّ على أنه من العصيان. وقال جماعة: لم يسلم من عصاة قريش غيره، فهذا يدلّ لذلك أيضا». وقال النووىّ، فى ترجمة «عمرو بن العاصى» من تهذيب الأسماء واللغات-الجزء الثانى من القسم الأول ص 30 - «والجمهور على كتابة العاصى بالياء، وهو الفصيح عند أهل العربية، ويقع فى كثير من كتب الحديث والفقه أو أكثرها، بحذف الياء، وهى لغة، وقد قرئ فى السبع نحوه، كالكبير المتعال، والداع ونحوهما». وانظر النهاية 3/ 250، وتقدم فى المجلس الخامس عشر (¬1) راجع المجلس الخامس عشر. (¬2) سورة البقرة 186. وانظر حجة القراءات ص 126، وإرشاد المبتدى ص 256، والإتحاف 1/ 431، والهمع 2/ 206. (¬3) سورة القمر 8. وراجع السبعة ص 617. (¬4) سورة القمر 6. (¬5) وهو اختيار الخليل. الكتاب 4/ 184، والهمع 2/ 205. (¬6) الكتاب 4/ 406، والأصول 3/ 344، والمنصف 2/ 236، والممتع ص 583. وفى الحديث الذى رواه البخارىّ أن النبى صلّى الله عليه وسلم قال: «يذهب الصالحون الأوّل فالأوّل، ويبقى حفالة كحفالة الشعير أو التمر، لا يباليهم الله بالة». يقال: حفالة وحثالة، وهو الردىء من كلّ شيء. فتح البارى (باب ذهاب الصالحين، من كتاب الرقاق) 11/ 252، وأعلام الحديث ص 2244، والنهاية 1/ 156. (¬7) ديوانه ص 199، وليس فى أصل الديوان، وأثبته محققه عن كتب العربية. وانظر طبقات فحول الشعراء ص 448، وكتاب الكتّاب لابن درستويه ص 104، والبغداديات ص 441، -

وقبيل من لكيز شاهد … رهط مرجوم ورهط ابن المعلّ حذف الألف من المعلّى، مع التضعيف، وأصل معلّى: معلّو، مفعّل، من علوت، ثم معلّى، صارت الواو ياء لوقوعها خامسة، ثم معلّى، صارت الياء ألفا لتحرّكها وانفتاح ما قبلها، والتضعيف يحذف فى القوافى، كقول طرفة: أصحوت اليوم أم شاقتك هرّ (¬1) وكقول امرئ القيس (¬2): إذا ركبوا الخيل واستلأموا … تحرّقت الأرض واليوم قرّ والألف لا تكون أصلا إلا فى حروف المعانى، وإنما تكون منقلبة أو زائدة، / فى الأسماء والأفعال (¬3)، وحذفها قليل لخفّتها؛ لأن خروجها من الحلق مع النّفس بغير كلفة، قال الخليل: مخرجها فويق مخرج الهمزة، وتحت مخرج الهاء، وممّا حذفت فيه قول الآخر: فلست بمدرك مافات منّى … بلهف ولا بليت ولا لو أنّي (¬4) أراد: بلهفى، وأكثر ما يجيء حذفها فى الشّعر، ليقوّموا به الوزن، ويصحّحوا به القافية. ... ¬

= 506، والعسكريات ص 203، وسرّ صناعة الإعراب ص 522،728، وضرائر الشعر ص 135، وشرح الجمل 2/ 578، وارتشاف الضرب 1/ 394،3/ 301. (¬1) تمامه: ومن الحبّ جنون مستعر ديوانه ص 50، وتخريجه فى ص 217، وانظر لحذف التضعيف فى القوافى: العروض للأخفش ص 118، والقوافى للتنوخى ص 68، وتفسير أرجوزة أبى نواس ص 190، والخصائص 2/ 228،320. وأصل هذا عند أبى على، راجع الشعر ص 141، وانظر الأصول 3/ 448، وضرورة الشعر ص 80، والموضع السابق من شرح الجمل. (¬2) ديوانه ص 154، وكتاب الكتّاب لابن درستويه ص 103. (¬3) سرّ صناعة الإعراب ص 653. (¬4) فرغت منه فى كتاب الشعر ص 282.

المجلس الرابع والخمسون يتضمن القول فى حذف ياء المتكلم من أم وعم

المجلس الرابع والخمسون يتضمّن القول فى حذف ياء المتكلم من أمّ وعمّ ، إذا أضيف إليهما ابن فى النداء. وفى حذف ألفات من كلم شتّى. وفصلا فى الحذف للترخيم. اختلفت العرب فى قولهم: يا ابن أمّ، ويا ابن عمّ، فمنهم من أثبت الياء، وهو القياس، كقول أبي زبيد الطائىّ (¬1): يا ابن أمّى ويا شقيّق نفسي … أنت خلّيتنى لدهر كئود وكقول الآخر (¬2): يا ابن أمّى ولو شهدتك إذ تد … عو تميما وأنت غير مجاب ومنهم من أبدل من الكسرة فتحة، فقلب الياء ألفا، فقال: يا ابن أمّا، ويا ابن عمّا، وأنشدوا لأبى النّجم العجلىّ (¬3). ¬

(¬1) شعره ص 48، برواية: يا ابن حسناء شقّ نفسى يا لجلاح خلّيتنى لدهر شديد ولا شاهد فى ذلك، والبيت بروايتنا فى الكتاب 2/ 213، والمقتضب 4/ 250، ومعانى القرآن للزجاج 2/ 379، والجمل ص 161، وتفسير الطبرى 3/ 129، والتبصرة ص 352، وأوضح المسالك 4/ 40، والقطر ص 226، وغير ذلك كثير، وسيعيده المصنف فى المجلس التاسع والخمسين. (¬2) هو غلفاء بن الحارث بن آكل المرار-وهو عم امرئ القيس-من قصيدة يرثى بها أخاه شرحبيل بن الحارث. الوحشيات ص 133، وتفسير الطبرى 13/ 130، وفى حواشيهما فضل تخريج. والبيت الشاهد فى المقتضب 4/ 250، ومعانى القرآن للأخفش ص 311، والبصريات ص 561، والجمل ص 162، ورصف المبانى ص 160، والخزانة 11/ 34، وسيعيده ابن الشجرى فى المجلس الرابع والستين. (¬3) ديوانه ص 134، والكتاب 2/ 214، والنوادر ص 180، والمقتضب 4/ 252، والأصول 1/ 342، والبغداديات ص 506، والعسكريات ص 208، والمحتسب 2/ 238، والجمل ص 160، ورصف المبانى ص 235، والخزانة 1/ 364،366، وغير ذلك كثير.

يا ابنة عمّا لا تلومى واهجعى ومنهم من يحذف الألف ويبقى الفتحة فيقول: يا ابن أمّ، ويا ابن عمّ. وإنما كان القياس إثبات الياء، دون حذفها؛ لأن حذفها إنما يقوى إذا كان المنادى مضافا إليها كقولك: يا غلام، فيحذفونها كما يحذفون التنوين فى قولهم: يا غلام، إذا أرادوا غلاما بعينه، فإذا قالوا: يا غلام غلامى، ضعف حذفها؛ لأن الغلام الثاني غير منادى. وإنما جاز حذفها فى قولهم: يا ابن أمّ ويا ابن عمّ، ولم يكره/كما كره فى قولك: يا غلام غلامى، لأن إضافة ابن إلى هذين الاسمين مما كثر استعماله، فتغيّرا عن أحوال نظائرهما، ألا ترى أن العربيّ يلقى العربيّ الأجنبيّ وهو لا يعرفه، فيقول له يا ابن عمّ، وكذلك يقول من لا نسب بينه وبينه: يا ابن أمّ، كما يقول له: يا أخي. فأما اختلاف القرّاء فى قوله تعالى، حاكيا عن هارون فى خطابه لموسى عليهما السلام: {يَا بْنَ أُمَّ} (¬1) فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وحفص عن عاصم: يا ابن أمّ، بنصب الميم، وقرأ عاصم فى رواية أبى بكر، وابن عامر وحمزة والكسائىّ: يا ابن أمّ، بكسر الميم. فمن فتح الميم احتمل قوله أمرين: أحدهما أنه أراد: يا ابن أمّا، فحذف الألف كما يحذف الياء، إذا قال: يا غلام، وإن كان الغلام منادى والأمّ غير مناداة، ولكن جاز ذلك ولم يكره لما ذكرته من كثرة استعمالهم: يا ابن أمّ، والفتحة فى «ابن» على هذا القول نصبة، كالفتحة فى قولك: يا عبد الله. ¬

(¬1) سورة طه 94. وانظر السبعة ص 423، وأيضا ص 295، عند الآية (150) من سورة الأعراف، وتلاوتها قالَ اِبْنَ أُمَّ. والكشف 1/ 478، وانظر الموضع المذكور فى التعليق السابق من الكتاب والمقتضب، ومعانى القرآن للفراء 1/ 394، وللزجاج 2/ 378، وشرح الرضى على الكافية 1/ 392، والبحر 4/ 396.

والآخر: أن يكون ركّب ابنا مع أمّ، فجعلهما بمنزلة اسم واحد، كخمسة عشر، ففتحة «ابن» (¬1) فى هذا القول ليست بنصبة كما كانت فى القول الأول، وإذا كان قوله: «يا ابن أمّ» بمنزلة خمسة عشر، كان فى موضع ضمّ، لأنه جرى مجرى المفرد فى قولك: يا زيد. ومن قال: يا ابن أمّ، فكسر، احتمل أمرين، أحدهما: أن يكون أضاف ابنا إلى أمّ، وأمّا إلى ياء الضمير، ثم حذف الياء، وكان الوجه إثباتها كإثباتها فى قولك: يا غلام غلامى. والآخر: أن يكون جعل ابنا مع أمّ اسما واحدا، وأضافه إلى نفسه، كما يقول (¬2): يا خمسة عشر أقبلوا، أردت: يا خمسة عشرى، فحذفت الياء كما تحذفها من آخر المفرد فتقول: يا غلام. وقال أبو عثمان المازنىّ فى قراءة من قرأ: {يا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطانَ} (¬3) إنه أراد: /يا أبتا، قال: والدليل على ذلك أن الشاعر قد أظهرها فى قوله (¬4): يا أبتا علّك أو عساكا وممّا حذفوه فوالوا بين إعلالين فى كلمة، الألف من ترى، فى قولهم: «أصاب الناس جهد ولو تر ما أهل مكة (¬5)» حذفوا الألف وهى منقلبة عن الياء التى هى لام فى رأيت، بعد حذف الهمزة التى هى العين، وقالوا: أم والله لأفعلنّ، وهذه «ما» المزيدة للتوكيد، ركّبوها مع همزة الاستفهام، واستعملوا مجموعهما على وجهين: ¬

(¬1) فى الأصل: «ففتحة أم». وصححته من البيان لأبى البركات الأنبارى 1/ 375. (¬2) هكذا فى الأصل «يقول» بالياء التحتية. ولعله: «تقول» بالتاء الفوقية. (¬3) سورة مريم 44، وهى قراءة ابن عامر، وأبى جعفر. السبعة ص 344 - عند ذكر الآية الرابعة من سورة يوسف-وإرشاد المبتدى ص 377، والنشر 2/ 139،237. (¬4) رؤبة بن العجاج. والبيت فى ملحقات ديوانه ص 181، وتخريجه فى كتاب الشعر ص 14، وسيعيده ابن الشجرى فى المجلس السادس والخمسين. (¬5) تقدّم فى المجلس الرابع.

أحدهما (¬1): أن يراد به معنى حقّا، فى قولهم: أما والله لأفعلنّ. والآخر: أن تكون افتتاحا للكلام، بمنزلة ألا، كقولك: أما إنّ زيدا منطلق، وأكثر ما يحذف ألفها إذا وقع بعدها القسم؛ ليدلّوا على شدّة اتصال الثانى بالأول؛ لأنّ الكلمة إذا بقيت على حرف واحد لم تقم بنفسها، فعلم بحذف ألف «ما» افتقارها إلى الاتصال بالهمزة. ومن الحروف المركّبة «لولا (¬2)» فلو معناها امتناع الشىء لامتناع غيره، و «لا» معناها النفى، فلما ركّبوهما بطل معنياهما، ودلّت «لولا» على امتناع الشىء لوجود غيره، واختصّت بالاسم، وعلى التحضيض، واختصت بالفعل. ومثل ذلك تركيبهم للهمزة مع «لا» فبطل الاستفهام والنفى، ودلّ مجموعهما على ثلاثة معان، الأول: استفتاح الكلام به، كقوله تعالى: {أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ} (¬3). والثانى: التمنّى، كقولهم: ألا ماء (¬4) أشربه. والثالث: العرض، كقولك: ألا تنزل عندنا تصب من طعامنا؟ جزمت الفعلين على الجواب؛ جواب التمنى وجواب العرض. ومن الألفات التى حذفوها ألف «تبالى» فى قولهم «لا تبل (¬5)» حذفوا ياءه أولا ¬

(¬1) الكتاب 3/ 122، ورصف المبانى ص 180، والجنى الدانى ص 390، وشرح المفصل 8/ 115، وجواهر الأدب ص 416. (¬2) ذكر ابن الشجرى شيئا عن «لولا» فى المجلس الخامس والثلاثين، ثم تحدّث عنها بالتفصيل فى المجلس السادس والستين. وانظر المقتضب 3/ 76 وحواشيه. (¬3) سورة البقرة 13. (¬4) انظر لإعراب «ماء» الكتاب 1/ 227،2/ 307، والأصول 1/ 407، والمسائل المنثورة ص 105. وانظر المجلس السابع والستين. (¬5) انظر هذه المسألة فى أدب الكاتب ص 214، وتأويل مشكل القرآن ص 306، وشرح الحماسة ص 1421، والتكملة ص 8، والبصريات ص 251، والبغداديات ص 436، والعسكريات ص 278 - 280، والعضديات ص 124، وسر صناعة الإعراب ص 530،547، والمحتسب 1/ 37 -

للجزم، فقالوا: لا تبال، كقولك: لا ترام، ثم اختصروه لكثرة استعماله، فجزموه جزما ثانيا بإسكان لامه، فسقطت ألفه لالتقاء الساكنين، وقالوا فيه أيضا: لم أبله (¬1)، كان/قياسه أوّلا: لم أبال، كقولك: لم أرام، فحذفوا كسرة اللام، كما حذفوا ضمّة الإعراب فى نحو أجاب وأعان، فانحذفت الألف لما سكنت اللام، فصار: لم أبل، كقولك: لم أجب، ولم أعن، ثم ألحقوه فى الوقف عليه هاء السّكت، فوجب تحريك لامه؛ لسكونها وسكون الهاء، فحرّكوها بالكسر، لأنه الأصل فى حركة التقاء الساكنين، ولم يردّوا ألف «أبالى» فيقولوا: لم أبا له؛ لأن حركة التقاء الساكنين لا اعتداد بها، من حيث كانت عارضة تزول إذا زال التقاء الساكنين، والحركة العارضة لا يردّ لها المحذوف، ألا ترى أنهم لم يردّوا ألف رمى فى قولهم: رمت المرأة، مع تحرك التاء التى أوجب سكونها حذف الألف، وذلك لما ذكرناه من كون هذه الحركة لا اعتداد بها، لأنك تقول: رمت مرأة، فتزول الكسرة. وقد اعترض فى دخول هاء السكت فى لم أبله، على اللام وهى ساكنة، وهاء السكت لا تدخل إلاّ على متحرّك لتبيّن حركته، كقولهم فى عمّ ولم: عمّه ولمه وفى كتابى وحسابى: كتابيه وحسابيه، وفى قولهم: اسع وادن: اسعه وادنه، وتدخل على الألف، لأن الألف لخفائها تشبه الحركة، وذلك فى النّدبة. والجواب عن هذا الاعتراض: أن لام «أبالى» مكسورة كسرا أصليّا، كما ترى، والجازم أوجب حذف الياء منه وحدها، كحذفها فى لم أرام، فحذف الكسرة بعد حذف الياء حذف بغير استحقاق؛ لأنّ علم الجزم فى «أبالى» إنما هو حذف يائه، ولمّا حذفوا الياء ثم أتبعوها الكسرة، كان ذلك جزما بغير جزم، فالجزم ¬

= والأزهية ص 177، وفقه اللغة للثعالبى ص 318، ثم انظر حواشى كتاب الشعر ص 201. وكلام ابن الشجرى فى جملته منتزع من كلام أبى على. (¬1) حكاه الخليل. الكتاب 4/ 405.

الثانى غير مستحقّ، وإذا كان إسكان اللام بغير استحقاق، وكانت الكسرة المحذوفة مقدّرة فى اللام، فكأنها موجودة لفظا، وإذا كانت فى تقدير الوجود صارت هاء السكت كأنها دخلت على متحرّك. وشبيه هذا، وإن كان بعكسه، /تقدير السكون والعمل بمقتضى وجوده، وذلك أن «هلمّ (¬1)» مركّب من حرف وهو «ها» وفعل وهو «المم» فهمزة الوصل سقطت فى الدّرج، والميم الأولى ألقيت ضمّتها على اللام، ثم أدغمت فى الثانية بعد تحريك الثانية بالفتح، فصار إلى هالمّ، فلم يعتدّوا بضمّة اللام؛ لأنها منقولة إليها من الميم، فنزّلت اللام منزلة الساكن، حيث لم تكن ضمّتها أصليّة، فكأنه التقى ساكنان، فحذفوا ألف حرف التنبيه، الذى هو «ها» لمّا كانت اللام ساكنة تقديرا. فكما حذفوا هذه الألف لسكون مقدّر، كذلك أدخلوا هاء السكت على «أبل» لحركة مقدّرة، أسقطت بغير حقّ، لأنهم أسقطوها لجزم ثان، فكأنها لذلك موجودة لفظا. وهذا الجواب عن هذا الاعتراض مما استخرجته. ... ¬

(¬1) الكتاب 3/ 529، وقد عقد أبو علىّ ل‍ «هلم» مسألة فى كتابه العضديات ص 221 - 225، وانظر أيضا البصريات ص 908، والعسكريات ص 180، وسر صناعة الإعراب ص 234، والممتع ص 659.

فصل فى الحذف المسمى ترخيما

فصل فى الحذف المسمّى ترخيما هذا الاسم مأخوذ من قولهم: امرأة رخيم الكلام، ويحتمل هذا الوصف معنيين، أحدهما: أن يكون كلامها مرتّلا محذوف الفضول، فيكون موافقا لهذا الحذف المسمّى ترخيما. والثانى: أن تكون ليّنة الكلام، خفيضة الصوت. ناعمة النّغمة، ومن هذا قولهم للحجر الأملس: رخامة، ولضرب ليّن من النّبت: رخامى، ومنه قولهم: ألقى فلان على فلان رخمته، أى محبّته وتعطّفه ولين منطقه، فسمّى هذا الحذف ترخيما، لأنه تخفيف اللفظ وتسهيله، قال ذو الرّمّة (¬1): لها بشر مثل الحرير ومنطق … رخيم الحواشى لا هراء ولا نزر الحواشى: الأطراف، فيحتمل أن يريد أن أطراف منطقها محذوفة الفضول، ويحتمل أن يريد أن منطقها ناعم المقاطع، فيوافق هذا قوله: «لها بشر مثل/ الحرير» فتكون بشرتها ومنطقها متّفقين فى اللّين والنّعومة. والبشرة: ظاهر الجلد. والهراء: المنطق الفاسد، يقال منه: أهرأ فى منطقه. وللترخيم شرائط (¬2)، فالشّريطة الأولى: اختصاصه بالنداء، إلاّ ما شذّ ففارق القياس. ¬

(¬1) ديوانه ص 577، وكتاب الشعر ص 198، وهو بيت سيّار. وانظره فى قصة لغويّة طريفة، فى الإمتاع والمؤانسة 1/ 22. (¬2) الكتاب 2/ 240.

والثانية: كون الاسم علما في الأغلب الأشهر. والثالثة: كونه مفردا. والرابعة: كونه رباعيّا فما زاد، إلاّ أن تكون ثالثة تاء التأنيث. والخامسة: بناؤه على الضمّ بالنداء؛ لأن التغيير يؤنس بالتغيير، فلا يجوز إذن ترخيم المضاف، ولا المضارع للمضاف، وهو العامل فيما بعده الرفع أو النصب، ولا ترخيم النكرة المنصوبة بالنداء، ولا ترخيم المستغاث به؛ لأنه معرب، ولا المندوب؛ لزوال معنى النّدبة، ولا ترخيم مبهم نحو: يا هذا ويا هذه ويا هؤلاء، ولا مضمر، نحو: يا أنتما ويا أنتم؛ لما ذكرناه من اختصاصهم بالترخيم الأعلام فى الأغلب، ولأن المبهم والمضمر ليسا ممّا يغيّره النّداء، قال الشاعر فى نداء الضمير: يا أقرع بن حابس يا أنتا … أنت الذى طلّقت عام جعتا (¬1) وإنما خصّوا النداء بالترخيم، لأنّ النداء معنى كثر استعماله، فاعتمدوا فيه هذا التخفيف، ألا ترى أن المتكلّم يقدّمه إذا أخبر أو استخبر، أو نهى أو أمر، فيقول: يا فلان، عرفت كذا، ويا فلان، هل عرفت كذا؟ ويا فلان، افعل كذا، ويا فلان، لا تفعل كذا، فلما كثر استعماله هذه الكثرة خصّوا ضربا من الأسماء كثير الاستعمال بتخفيف لفظه فيه. ¬

(¬1) يروى البيت الأول: يا أبجر بن أبجر يا أنتا والبيتان من أرجوزة لسالم بن دارة، يهجو مرّة بن واقع الفزارى. قال البغدادىّ: وقد حرّف البيت الأول على أوجه كما رأيت، وصوابه: يا مرّ يا ابن واقع يا أنتا الخزانة 2/ 140، وانظر النوادر ص 455، وشرح الحماسة للتبريزى 1/ 367، والإيضاح لابن الحاجب 1/ 253، وشرح المفصل 1/ 127،130، والإنصاف ص 325،682، والتبيين ص 441، ولباب الإعراب ص 296، وشرح الجمل 2/ 87،128، والمقرب 1/ 176، وتذكرة النحاة ص 506، وأوضح المسالك 4/ 11، والهمع 1/ 174، وغير ذلك مما تراه فى حواشى تلك الكتب.

وللعرب فيه مذهبان: منهم من حذف آخر الاسم، وترك ما قبله على حركته أو سكونه، إلاّ أن يؤدّى السكون إلى الجمع بين ساكنين فيلزم التحريك، وسترى بيان ذلك إن شاء الله تعالى. ومنهم من يحذف ما يحذفه ويضمّ ما قبل المحذوف، إن صحّ فيه الضّمّ، فيجعله اسما قائما بنفسه، كأنه لم يحذف منه شيء. /والمذهب الأول هو اللغة العليا، ومعظم العرب عليه، وذلك قولك فى حارث: يا حار، ويا حار، وفى جعفر: يا جعف ويا جعف، وفى هرقل: يا هرق، ويا هرق أقبل، ويتّفق المذهبان فى ما قبل آخره ضمّة لفظا، ويختلفان تقديرا، وذلك قولك فى بلبل: يا بلب، فالضمة فى قول من قال: يا حار، ضمّة الأصل، وفيمن قال: يا حار، ضمّة حادثة، كالضمّة فى قولك: يا زيد، وعلى المذهبين ينشدون قول زهير (¬1): يا حار لا أرمين منكم بداهية … لم يلقها سوقة قبلى ولا ملك وقول امرئ القيس (¬2): أحار بن عمرو كأنّى خمر أى كأنّى قد خامرنى شرّ من ذا، وقول حسان (¬3): حار بن كعب ألا أحلام تزجركم … عنّا وأنتم من الجوف الجماخير ¬

(¬1) ديوانه ص 180، والجمل المنسوب للخليل ص 137، والجمل للزجاجى ص 169، والتبصرة ص 367، وشرح المفصل 2/ 22، والهمع 1/ 164، والبيت من شواهد العروض أيضا، راجع العروض لابن جنى ص 35،41، والكافى ص 39، والبارع ص 112. والحارث هنا: هو الحارث بن ورقاء. (¬2) ديوانه ص 154، والمقتضب 4/ 234، وتمامه: ويعدو على المرء ما يأتمر (¬3) ديوانه ص 219، والكتاب 2/ 73، والمقتضب 4/ 233، والجمل ص 169، والحلل ص 230، وشرح المفصل 2/ 102.

الجوف: جمع أجوف، وهو الذى لا رأى له ولا حزم، وواحد الجماخير: جمخور، وهو الضعيف العقل، وجاء المذهب الأوجه وحده فى قول الأعشى (¬1): كن كالسّموءل إذ طاف الهمام به … فى جحفل كسواد اللّيل جرّار إذ سامه خطّتى خسف فقال له … مهما تقله فإنى سامع حار فقال ثكل وغدر أنت بينهما … فاختر وما فيهما حظّ لمختار ومثله لعمرك ما خشيت على عديّ … سيوف بنى مقيّدة الحمار (¬2) ولكنّى خشيت على عديّ … رماح الجنّ أو إيّاك حار رماح الجنّ: كناية (¬3) عن الطاعون، ومثله قول النابغة (¬4): قالت بنو عامر خالوا بنى أسد … يا بؤس للجهل ضرّارا لأقوام فصالحونا جميعا إن بدا لكم … ولا تقولوا لنا أمثالها عام معنى خالوا: فارقوا. ¬

(¬1) ديوانه ص 179، وقصة هذا الشعر تراها فى طبقات فحول الشعراء ص 279،280، وحار هنا: هو الحارث بن أبى شمر الغسّانى، ويقال: بل الحارث بن ظالم المرّى. الأغانى 9/ 119،22/ 119. (¬2) نسب إلى فاختة بنت عدىّ. وقيل: هو شاعر أسدىّ يخاطب الحارث بن أبى شمر الغسّانى. الأغانى 11/ 200، والكتاب 2/ 357، وفيه فضل تخريج، والجمل المنسوب إلى الخليل ص 91، والخاطريات ص 163. ومقيّدة الحمار: هى تماضر، امرأة من كنانة. انظر الحيوان 6/ 219. (¬3) شرح هذا فى ثمار القلوب ص 68، وربيع الأبرار 1/ 382، وآكام المرجان فى أحكام الجانّ ص 116، وانظر حواشى سيبويه. (¬4) ديوانه ص 82، والكتاب 2/ 252، والبغداديات ص 450، والجمل المنسوب للخليل ص 138، والتبصرة ص 366 - وهذا تخريج البيت الثانى، وسيأتيك تخريج البيت الأول قريبا. و «عامر» هنا: هو عامر بن صعصعة.

وروى عن بعض من لا بصيرة له أنه قال، وقد سمع عليّا عليه السلام، وابن مسعود، ويحيى بن وثّاب والأعمش قرءوا: «ونادوا يا مال ليقض علينا ربّك» (¬1) فقال: إنّ عند أهل النار لشغلا عن الترخيم! فقال له من سمعه: ويحك! إنّ فى هذا الاختصار من أهل النار لمعنى لا يعرفه إلاّ ذو فطانة، وذلك أنهم لما ذلّت نفوسهم، وتقطّعت أنفاسهم، وخفيت أصواتهم، وضعفت قواهم، ولم تنفع شكواهم، قصرت ألسنتهم عن إتمام الاسم، وعجزوا عمّا يستعمله المالك لقوله، والقادر على التصرّف فى منطقه. ومن أبيات الكتاب قول أوس بن حجر (¬2): تنكّرت منّا بعد معرفة لمى … وبعد التّصابى والشّباب المكرّم وقول آخر (¬3): فقلتم تعال يا يزى بن مخرّم … فقلت لكم إنّى حليف صداء حذفا السّين والدال من لميس ويزيد، على المذهبين. واختلف النحويّون فى الثلاثيّ المتحرّك الأوسط، نحو عمر وحسن، فأجاز الكوفيّون والأخفش ترخيمه، لأنّ حركة أوسطه قامت مقام الحرف الرابع، كما قامت حركة القاف من سقر، والظاء من لظى، والدال من قدم (¬4)، اسم امرأة، ¬

(¬1) سورة الزخرف 77، وانظر المحتسب 2/ 257 - وبعض كلام ابن الشجرىّ مسلوخ منه نصّا- ومعانى القرآن للزجاج 4/ 420، والصاحبى ص 383، والإنصاف ص 361، وزاد المسير 7/ 329، والإيضاح لابن الحاجب 1/ 295. (¬2) ديوانه ص 117، والكتاب 2/ 254، والموضع السابق من الصاحبى. (¬3) الكتاب 2/ 253، والخزانة 2/ 378. ويزيد بن مخرّم: من بنى الحارث بن كعب، وهو كما قال المرزبانى: جاهلىّ كثير الشعر. معجم الشعراء ص 479، وهو من أشراف أهل اليمن. النقائض ص 150، وصداء: حىّ من اليمن. (¬4) تقدّم فى المجلس الخامس والأربعين. وانظر أيضا البغداديات ص 488.

مقام الحرف الرابع من زينب، فلم ينصرف فى التعريف، ففارق بذلك الثلاثيّ الساكن الأوسط، كهند ودعد. ولم يجز الخليل وسيبويه (¬1)، ومن أخذ أخذهما ترخيم هذا النحو؛ لخروجه عن حيّز الأصول، إذ أكثرها خمسة، وأقلّها ثلاثة. واتفق الجميع على أن الثلاثيّ الساكن الأوسط، كبشر وبكر، لا يجوز ترخيمه لأجل الإجحاف به، لسكون أوسطه، وقلّة عدده. وأجمعوا على ترخيم العلم الثلاثيّ، كهبة، وثبة/وعزة، لأنّ تاء التأنيث بمنزلة اسم ضمّ إلى اسم، فجرت مجرى الثانى من الاسمين المركّبين، نحو بعلبك ودرابجرد (¬2)، تقول: ياهب، وياثب، كما لو ناديت بعلبك أو درابجرد، كما نادى النابغة الدار فى قوله: يا دارميّة بالعلياء فالسّند (¬3) فرخّمته، لقلت: يا بعل، ويا دراب، فحذفت العجز، وأبقيت الصّدر. وإنما نزّلوا تاء التأنيث منزلة الثانى من المركّبين، حتى إنهم استجازوا حذفها وإبقاء الاسم على حرفين؛ لأنّ ما قبلها يلزمه الفتح، كما يلزم الفتح آخر الصّدر، ولأنك إذا نسبت إلى هذا الضّرب حذفت العجز، فقلت: درابىّ، وبعلىّ، كما تحذف تاء التأنيث فى قولك: مكّىّ، وكوفىّ، وإذا حقّرت حقّرت الصّدر، وأبقيت فتحته، فقلت: بعيلبك، كما تبقى الفتحة قبل تاء التأنيث، فى قولك: طليحة، فلا تكسر الحاء كما تكسر فاء جعفر، فى قولك: جعيفر. ¬

(¬1) الكتاب 2/ 255،256، والإنصاف ص 356، والتبيين ص 456. (¬2) بلدة كبيرة عامرة من بلاد فارس. (¬3) تقدم تخريجه فى المجلس الخامس والثلاثين.

وإذا عرفت هذا فلك أن تقول: ياثب، كقولك: يا حار، ولك أن تضمّ آخره، كما تقول: يا حار، فإن ناديت شاة علما أو نكرة مقصودا قصدها، قلت على لغة من قال: يا حار، فكسر: يا شا، وعلى اللّغة الأخرى: يا شاه ما أفرهك! تردّ لامها، وقد عرفت أنها هاء بظهورها فى التحقير والتكسير، وإنما وجب ردّ اللام فى لغة من قال: يا حار، لأن أهل هذه اللغة يجعلون المرخّم بمنزلة اسم قائم بنفسه، وليس فى العربية اسم معرب على حرفين، الثانى منهما حرف مدّ ولين. واعلم أن ترخيم ما فيه تاء التأنيث أكثر من ترخيم غيره، لكثرة ما يلحق تاء التأنيث من التغيير والحذف، والتغيير إبدال الهاء منها فى الوقف، والحذف حذفهم إيّاها فى التكسير، كقولك فى جمع مقدحة: مقادح، وفى جمع فاطمة: فواطم، وكذلك تحذفها فى جمع التأنيث، كقولك: فاطمات ومسلمات، فلها أحكام تخالف فيها غيرها من الحروف، ألا ترى أنك إذا سمّيت بمرجان/ومكّىّ، فرخّمتهما حذفت الألف والنون، وحذفت ياءي النّسب، فقلت: يا مرج، ويا مكّ، لأنهما زائدان، زيدا معا، فإن ألحقتهما تاء التأنيث لم تحذف غيرها؛ لأنها كالاسم المضموم إلى اسم، فقلت: يا مرجان، ويا مكىّ. ولك فى نداء طلحة وأشباهه، بعد قولك: يا طلحة، ثلاثة أوجه: الأول: يا طلح، بالترخيم وفتح الحاء، على اللغة المشهورة. والثانى: يا طلح، بالضم. والثالث: يا طلحة أقبل، بفتح التاء وإقحامها، وعليه أنشدوا للنابغة (¬1): كلينى لهمّ يا أميمة ناصب … وليل أقاسيه بطىء الكواكب ¬

(¬1) ديوانه ص 40، والكتاب 2/ 207،277، وإيضاح الوقف والابتداء 1/ 297، والبغداديات ص 501،503، والجمل المنسوب للخليل ص 84، والجمل ص 172، وشرح المفصل 2/ 12،107، والهمع 1/ 185، والخزانة 2/ 321.

فإن قيل: إن المعروف من الإقحام إقحام حرف بين حرفين، كإقحام تيم، بين تيم وعدىّ، فى قوله (¬1): يا تيم تيم عدىّ لا أبا لكم … لا يلقينّكم فى سوأة عمر فى قول من نصب تيما الأول، وكإقحام اللام بين بؤس والجهل، فى قول النابغة: يا بؤس للجهل ضرّارا لأقوام (¬2) أراد: يا بؤس الجهل، بدلالة إسقاط تنوين بؤس، وكذلك حكم اللام فى قول سعد بن مالك (¬3): يا بؤس للحرب التى … وضعت أراهط فاستراحوا وقال أبو العباس محمد بن يزيد (¬4): إنما قالوا: يا ويح لزيد، ويا بؤس للحرب، فأقحموا اللام توكيدا، لأنها لام الإضافة، ألا ترى أن قولك: المال لزيد، كقولك: مال زيد، فى المعنى، لأن المراد مال لزيد، وكذلك قوله: «يا تيم تيم عدىّ»، أقحم الثانى توكيدا، وكذلك يا طلحة، أراد: يا طلح، فأقحم التاء توكيدا، وأقرّ الفتحة. انتهى كلامه. ¬

(¬1) جرير. ديوانه ص 212، والكتاب 1/ 53،2/ 205، والكامل ص 1140، والمقتضب 4/ 229، والأصول 1/ 343، والمسائل المنثورة ص 90، والجمل ص 157، والخصائص 1/ 345، وشرح المفصل 2/ 10،105،3/ 21، والمغنى ص 457، وشرح أبياته 7/ 11، والخزانة 2/ 298، وغير ذلك مما تراه فى حواشى المسائل المنثورة. و «عدى» هنا: هو عدىّ بن عبد مناة. و «عمر» هو ابن لجأ التيمىّ. (¬2) تقدم قريبا موضعه من ديوان النابغة. وانظر الكتاب 2/ 278، والأصول 1/ 371، والبصريات ص 559، والجمل ص 172، واللامات ص 111، والخصائص 3/ 106، والإنصاف ص 330، وشرح المفصل 3/ 68،5/ 104. وفى البيت شواهد نحوية أخرى تراها فى اللامات للهروى ص 52. (¬3) سبق تخريجه فى المجلس الخامس والثلاثين. (¬4) راجع ما سبق فى المجلس المذكور.

وأقول: إن الإقحام إذا كان على ما قرّروه، فما الذى أقحمت تاء طلحة بينه وبين الحاء؟ والجواب أن التاء زيدت ساكنة بين حركتها والحاء، ألا ترى أنه يمكنك/أن تقول فى الوقف: يا طلحت، بسكون التاء، كما روى عن العباس عليه السلام، أنه قال فى ندائه المسلمين، لمّا انهزموا يوم حنين: يا أصحاب بيعة الشّجرت، يا أصحاب سورة البقرت، فقال المجيب له منهم: والله ما أحفظ منها آيت (¬1). فلما سمع منهم طلحت، صارت التاء بين فتحتها والحاء، وكذلك: يا أميمت، زيدت التاء بين فتحتها والميم. وهذا من الدّقائق التى نبّه عليها أبو علىّ. ومن ترخيم هذا الضّرب قول امرئ القيس: أفاطم مهلا بعض هذا التدلّل (¬2) وقول هدبة بن خشرم (¬3): عوجى علينا واربعى يا فاطما ¬

(¬1) طبقات ابن سعد 2/ 151، والدرر لابن عبد البر ص 239، والمساعد 4/ 322، والهمع 2/ 209، وشرح الأشمونى 2/ 214. والوقف على الهاء بالتاء الساكنة من لغة طيئ. وقرأ بها بعض القراء موافقة لمرسوم المصحف. راجع الكتاب 4/ 167، ومعانى القرآن للأخفش ص 271، والمذكر والمؤنث لابن الأنبارى ص 180، وإيضاح الوقف والابتداء له ص 282، والمقنع فى معرفة مرسوم مصاحف أهل الأمصار ص 77، والعسكريات ص 225، وسرّ صناعة الإعراب ص 159،164، والمحتسب 2/ 92، وشرح المفصل 3/ 131، والنشر 2/ 129، والإتحاف 1/ 320، وشرح شواهد الشافية ص 199. وهذه اللغة التى تعزى إلى طيئ من الوقوف على الهاء بالتاء الساكنة، نجدها فى لهجات الحديث العامىّ، فى بعض البلاد العربية. انظر اللهجات العربية فى التراث للدكتور أحمد علم الدين الجندى ص 502. (¬2) تمامه: وإن كنت قد أزمعت صرمى فأجملى وهو من معلّقته. (¬3) هكذا يتابع ابن الشجرى ما فى الكتاب 2/ 243، والصواب أن الرجز لزيادة بن زيد-

[أراد يا فاطمة فرخّم (¬1)] وقول الشّماخ (¬2): أعائش ما لأهلك لا أراهم … يضيعون السّوام مع المضيع ... ¬

= العذرى، وكان قد خرج هو وهدبة فى ركب من بنى الحارث حجّاجا، ومع هدبة أخته فاطمة، فارتجز زيادة هذا الرجز، فظن هدبة أنه يشبّب بأخته. . . فى قصّة تراها فى الشعر والشعراء ص 691، وأسماء المغتالين (نوادر المخطوطات) 2/ 256، وشرح أبيات سيبويه لابن السيرافى 1/ 461، وشرح الحماسة للتبريزى 2/ 45، والخزانة 9/ 335. (¬1) كتب هذا بخط مغربىّ صغير مغاير لخطّ النسخة. (¬2) ديوانه ص 219، وتخريجه فى ص 235.

المجلس الخامس والخمسون يتضمن ذكر فصول من الحذف للترخيم، وتفسير أبيات من الباب

المجلس الخامس والخمسون يتضمّن ذكر فصول من الحذف للترخيم، وتفسير أبيات من الباب فصل إذا كان قبل (¬1) آخر الاسم واو أو ياء أو ألف حذفته مع الطّرف ، باجتماع أربع شرائط، الأولى: سكون حرف العلّة، الواو والياء. والثانية: بقاء الاسم بعد الحذف على ثلاثة أحرف، فما زاد. والثالثة: أن يكون الحرف المعتلّ زائدا، لا أصلا. والرابعة: أن يكون ما قبل الواو مضموما، وما قبل الياء مكسورا. فهذه الشرائط مجتمعة فى منصور ومسعود ومحمود وموهوب، وفى عمّار وسلاّم وحمّاد وعبّاد، وفى مسكين ومعطير ومحضير وزحليل، إذا نقلن إلى العلميّة-كما قالوا: مسكين الدارميّ (¬2) -رخّمن، قالوا: امرأة معطير، أى كثيرة التعطّر، وفرس محضير، أى شديد الحضر، وهو العدو، وزحليل: زلاّقة الصّبيان. تقول: يا منص ويا مسع ويا محم ويا موه، ويا عمّ ويا سلّ ويا حمّ ويا عبّ، ويا مسك ويا معط/ويا محض ويا زحل، بحذف حرف العلّة، إتباعا للطّرف، وتبقى الفتحة فى عمّار ونظائره، والكسرة فى مسكين ونظائره، على لغة من قال: يا حار، وتضمّها فى اللغة الأخرى. ¬

(¬1) فى الأصل: «إذا كان آخر الاسم واوا أو ياء أو ألفا. . .» ثم كتب فى الحاشية: «لعله إذا كان قبل آخر الاسم» قلت: وهو الصواب. وأثبته ناشر الطبعة الهندية. (¬2) هو ذلك الشاعر الأموىّ المعروف.

وأما ضمّة الصاد فى قولك: يا منص، فتختلف تقديرا، فتكون فى لغة من قال: يا حار، هى الضمّة الأصلية، وفى لغة من قال: يا حار، هى ضمّة حادثة كالضمّة فى قولك: يا زيد، كما أن كسرة الهاء فى قولك: ناقة هجان ككسرة الكاف من كتاب، والكسرة فيها إذا قلت: نوق هجان (¬1) -وهى البيض الكرام-ككسرة الكاف من كلاب، وكما أن ضمّة الفاء من الفلك فى قوله تعالى: {وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَواخِرَ} (¬2) غير ضمّة الفاء منه، فى قوله: {فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} (¬3) لأن ضمّة الفاء من {الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} ضمّة الواحد، فى نحو قفل وبرد، وضمّة فائه فى الآية الأخرى ضمّة الجمع من نحو حمر وخضر. فإن رخّمت مختارا ومنقادا وما أشبههما، مما ألفه أصليّة منقلبة عن ياء عين، أو واو عين، نحو مغتاظ ومعتاد، لم تحذف ألفه كما حذفت ألف حمّاد وعمّار، ألا ترى أن مختارا أصله: مختير مفتعل، أو مختير مفتعل من الاختيار، ومنقادا أصله: منقود، منفعل من القود، فلما لم تكن زائدة أقرّت فقيل: يا مختا، ويا منقا. وكذلك تبقى حرف العلّة إذا كان يبقى بعد حذفه حرفان، وذلك فى نحو سعيد وجميل وعقيل، وهلال وبلال، وثمود وعجوز، إذا سمّيت به، تقول: يا سعى ويا جمى ويا عقى، ويا هلا ويا بلا ويا ثمو ويا عجو، فى لغة من قال: يا حار، وفى اللغة الأخرى: يا ثمى ويا عجى، لأن المنادى فى هذه اللغة بمنزلة اسم تامّ، على ما عرّفتك، وذلك من حيث لم يكن المحذوف مرادا، وليس فى العربية اسم ظاهر معرب آخره واو قبلها ضمّة، فمتى أدّى إلى ذلك قياس رفضوه، فأبدلوا من ضمّته ¬

(¬1) راجع كتاب الشعر ص 120، والتكملة صفحات 117،118،154، والحلبيات ص 108، وسرّ صناعة الإعراب ص 612،725، والتبصرة ص 370. (¬2) سورة فاطر 12. (¬3) سورة الشعراء 119.

كسرة، فصارت واوه ياء، كما فعلوا فى جمع دلو وحقو، [فقالوا: أدل وأحق (¬1)] وأصلهما: أدلو، وأحقو، كأكلب، وإنما كرهوا/وقوع الواو طرفا بعد ضمّة، فى اسم يضاف تارة وينوّن تارة، وينسب إليه تارة. فيعتوره التنوين إذا قيل: أدلو، والإضافة إلى ياء المتكلم إذا قيل: أدلوى، والاتصال بياء النّسب إذا قيل: أدلوىّ، فتتوالى فيه أشياء مستثقلة، الضمّة على اللام وبعدها ضمة الواو أو كسرتها مع التنوين، أو ياء المتكلم أو ياء النسب، ولم يستثقلوا ذلك فى الفعل، نحو يغزو، وسرو الرجل يسرو، من السّرو-وهو سخاء فى مروءة-وذلك لأن الفعل لا يلحقه شيء ممّا ذكرناه، وكذلك وقوع الواو المضموم ما قبلها فى آخر المضمر، نحو هو وهمو، وأنتمو، فى لغة من ألحق الميم الواو فى الوصل؛ لأن المضمرات لا يلحقها التنوين، ولا تضاف ولا ينسب إليها، ولا اعتراض بقولهم: أبوك وأخوك ونحوهما، لأن الواو فى هذا الضّرب إنما تثبت غير متطرّفة، ولا يلحقها مع ذلك حركة. وأما ترخيم الذى قبل آخره واو أو ياء مفتوح ما قبلها، فالتغيير أيضا يلحقه فى لغة من قال: يا حار، بالضم، فمثال ذوات الواو: برذون، وخنّوص، وهو ولد الخنزير، وعجّول، وهو العجل. ومثال ذوات الياء: غرنيق، وهو طائر، وجمّيز، وهو شيء يشبه التّين، وعلّيق، وهو شجر من الأراك، تقول فى لغة من قال: يا حار: يا برذو، ويا خنّو، ويا عجّو، ويا غرنى ويا جمّي ويا علّي، تدع الواو والياء بحالهما؛ لأن المحذوف مراد وتقول فى اللغة الأخرى: يا برذا، ويا خنّا، ويا عجّا، ويا غرنا (¬2)، ويا علاّ، تقلب الياء والواو ألفا، لإرادة الحركة فيهما مع انفتاح ما قبلهما. ¬

(¬1) تكملة لازمة، وانظر كتاب الشعر ص 115 - وحواشيه-والبغداديات ص 120، وسرّ صناعة الإعراب ص 616،671. (¬2) نسى هنا: «ويا جمّا».

وأما ما قبل آخره حرف علّة متحرّك، فمثاله: حولايا، وبردرايا، وجرجرايا. وتقول فى ترخيم هذا الضّرب فى قول من قال: يا حار: يا حولاي، ويا بردراي، ويا جرجراي، فلا تحذف الياء لقوّتها بالحركة، ومن قال: يا حار، أبدل الياء همزة لتطرّفها بعد ألف زائدة، فقال: يا حولاء، ويا بردراء، ويا جرجراء. /فإن كان فى آخر الاسم زائدان، زيدا معا حذفتهما معا، وذلك ينقسم إلى ضروب، أحدها: ما فى آخره الألف والنون الزائدان، كعثمان وعمران وسلمان وحمدان ومروان. والثانى: ما فى آخره الألف والهمزة المبدلة من ألف التأنيث، كظمياء ولمياء وعفراء وأسماء، التى أصلها وسماء، مأخوذة من الوسامة، وهو الحسن والجمال وليست بأسماء، جمع اسم، لأن هذه زنتها أفعال. والثالث: ما فى آخره الياءان المزيدتان للنّسب، كزيديّ ومكّيّ، علمين. والرابع: ما فى آخره الواو والنون المزيدتان للجمع، كزيدون وحمدون. والخامس: ما فى آخره الألف والتاء المزيدتان لجمع المؤنث، كهندات وصالحات، قال الفرزدق يخاطب مروان بن الحكم: يا مرو إنّ مطيّتى محبوسة … ترجو الحباء وربّها لم ييأس (¬1) وقال آخر (¬2): ¬

(¬1) ديوانه ص 482، وروايته: مروان إن مطيّتى محبوسة ولا شاهد فيها. وانظر الكتاب 2/ 257، والجمل المنسوب للخليل ص 138، وجمل الزجاجى ص 172، والتبصرة ص 369، وشرح المفصل 2/ 22، والبيت فى غير كتاب. والحباء، بكسر الحاء: العطيّة. (¬2) هو عبد الله بن همّام السّلولىّ، من قصيدة مدح بها عبيد الله بن زياد بن أبيه. أنساب الأشراف -القسم الرابع. الجزء الأول ص 294 - بيروت 1400 هـ‍-1979 م. وصدر البيت: أقول لعثمان لا تلحنى -

أفق عثم من بعض تعذالكا وتقول فى حمراء علما وأسماء: يا حمر ويا أسم، قال: يا أسم صبرا على ما كان من حدث … إنّ الحوادث ملقى ومنتظر (¬1) وقال عمر بن أبى ربيعة (¬2): قفى فانظرى يا أسم هل تعرفينه … أهذا المغيرىّ الذى كان يذكر وتقول فى مكّىّ: يا مكّ ويا مكّ، وفى حمراوىّ اسم رجل أو امرأة: يا حمراو، فى لغة من قال: يا حار، فلا تحذف إلاّ ياء النّسب، كما لم تحذف من مرجانة ومكّيّة إلا تاء التأنيث، وتقول فى لغة من ضمّ: يا حمراء، تقلب الواو همزة لوقوعها طرفا بعد ألف زائدة. وأهل التحقيق من البصريّين يقولون: لو سمّيت بحمراء هذه المرخّمة لصرفتها/فى التنكير، لأنّ همزتها ليست منقلبة عن ألف التأنيث، وإنما هى منقلبة عن واو منقلبة عن همزة منقلبة عن ألف. ومما استجيز ترخيمه من النّكرات المقصود قصدها كلّ مؤنّث بالتاء، كقولك فى جارية وجالسة: يا جارى هلمّى، ويا جالس قومى، وجاء عليه قوله (¬3): ¬

= وعثمان هذا: رفيق الشاعر وصاحبه. شرح أبيات المغنى 7/ 262. وجاء فى أصل الأمالى «تعدائكا». وصحّحته من أنساب الأشراف وشرح الأبيات. والتعذال: العذل. (¬1) ينسب للبيد-وهو فى ملحقات ديوانه ص 364 - ولأبى زبيد الطائى، وهو فى ملحقات ديوانه ص 151. وانظر الكتاب 2/ 258، والجمل ص 171، والتبصرة ص 369، وحواشيها. (¬2) ديوانه ص 93، برواية: قفى فانظرى أسماء هل تعرفينه ولا شاهد على هذه الرواية. وهو بروايتنا فى الجمل ص 171، وشرح المفصل 2/ 22. (¬3) العجاج. ديوانه ص 221، والكتاب 2/ 231،241، وشرح المفصل 2/ 16،20، والخزانة 2/ 125.

جارى لا تستنكرى عذيرى … سيرى وإشفاقى على بعيرى العذير: الأمر الذى يحاوله الإنسان فيعذر فيه، أى لا تستنكرى ما أحاوله معذورا فيه، وقد فسّره بالبيت الثانى، ويقولون: من عذيرى من فلان؟ أى من ينتحى باللائمة عليه، ويعذرنى فى أمره. ولم يأت ترخيم منكّر (¬1) قصد قصده إلا ترخيم «صاحب» وذلك لكثرة استعماله، وتشبيهه بالعلم؛ من حيث وهّنه النداء بالبناء، فاستجازوا فيه: يا صاح، ولا يجوز: يا صاح، لأنّ من يضمّ المنادى يجعله بعد الحذف كاسم قائم بنفسه، لا دلالة فيه على المحذوف، فلم تحتمل النكرة أن يفعل بها هذا، قال امرؤ القيس (¬2): أصاح ترى برقا أريك وميضه … كلمع اليدين فى حبىّ مكلّل الحبيّ: السحاب المشرف. والمكلّل: الذى بعضه على بعض. وأما النكرات التى لم يقصد قصدها، فلم يجز ترخيمها لشياعها، وأنها معربة، وكذلك المضاف كقولك: يا جعفر تميم، لم يجز ترخيمه؛ لأنه معرب فى النداء، ولأن المضاف والمضاف إليه كاسم واحد، فآخر المضاف بمنزلة وسط الاسم، ووسط الاسم لا يرخّم، ولا يجوز أنّ يرخّم المضاف إليه؛ لأنه ليس بمنادى. وأجاز الكوفيون ترخيم المضاف إليه، وأنشدوا شاهدا عليه: خذوا حذركم يا آل عكرم واذكروا … أواصرنا والرّحم بالغيب تذكر (¬3) ¬

(¬1) كتب فى الأصل «مذكر» ثم ضبّب عليها الناسخ، وكتبها بقلمه فى الحاشية: «منكّر» كما ترى. وانظر مسألة ترخيم «صاحب» فى المقتضب 4/ 243، وقد أورد عليها العلاّمة الشيخ عضيمة، رحمه الله، كلاما جيّدا مستقصيا، فانظره. (¬2) ديوانه ص 24، وشرح القصائد السبع ص 99، والكتاب 2/ 252، والمقتضب 4/ 234، والإنصاف ص 684، وشرح المفصل 9/ 89. ويروى: «أحار ترى برقا» ترخيم «حارث» و «أعنّى على برق» ولا شاهد فيها. (¬3) فرغت منه فى المجلس التاسع عشر.

/رخّم عكرمة، فأجازوا على هذا فى سعة الكلام: يا أبا (¬1) عرو أقبل، وهذا لا يجيزه البصريّون إلاّ فى الشّعر، ومثله مما أنشده البصريّون: ألا ما لهذا الدّهر من متعلّل … عن الناس مهما شاء بالناس يفعل (¬2) وهذا ردائى عنده يستعيره … ليسلبنى عزّى أمال بن حنظل أراد: يا مالك بن حنظلة، فرخّم حنظلة، على لغة من قال: يا حار، فجعله اسما قائما بنفسه متصرّفا، فخفضه بعد الترخيم، لخروجه عن النداء. الآصرة: القرابة، أو إسداء منّة، يقال: ما يعطفنى على فلان آصرة، أى ما يعطفنى عليه قرابة ولا منّة أسداها إليّ، والعرب تقول: فلان يستعير رداء فلان، إذا أراد أن يبقى بعده، وفلان قد استعار رداء أخيه، إذا بقى بعده. وممّا رخّمته العرب فى غير النداء، فضالة وكلدة، فى قول أوس بن حجر (¬3): وفدت أمّى وما قد ولدت … غير مفقود فضال بن كلد ومنه قول آخر: أرقّ لأرحام أراها قريبة … لحار بن كعب لا لجرم وراسب (¬4) وأنشد أبو العباس المبرّد: علىّ دماء البدن إن لم تفارقى … أبا حردب ليلا وأصحاب حردب (¬5) ¬

(¬1) وجاء فى الشعر فى قول القاتل: أبا عرو لا تبعد فكلّ ابن حرّة سيدعوه داعى موته فيجيب راجع المجلس التاسع عشر. (¬2) للأسود بن يعفر. وتقدم فى المجلس المذكور. (¬3) ديوانه ص 19، عن ابن الشجرى فقط. (¬4) سبق فى المجلس التاسع عشر. (¬5) نسبه سيبويه لرجل من بنى مازن. الكتاب 2/ 255، وهو فى شرح أبياته لابن السّيرافى 1/ 528 لمالك بن الريب، وهو مازنيّ. والبيت فى ديوانه-تحقيق الدكتور نورى القيسى-مجلة معهد المخطوطات، الجزء الأول من المجلد الخامس عشر. وأيضا ديوانه ضمن أشعار اللصوص وأخبارهم-للأستاذ عبد المعين الملّوحى ص 260.

قال: والاسم حردبة، فرخّمه على لغة من قال: يا حار، ومنع المبرّد (¬1) من الترخيم فى غير النداء على لغة من قال: يا حار، بالكسر، وأنشد بيتا أنشده سيبويه مرخّما فيه «أمامة»، على هذا المذهب، وهو: ألا أضحت حبالكم رماما … وأضحت منك شاسعة أماما (¬2) قال: هكذا وضعه سيبويه، ولا وجه له، وإنما الشعر: وما عهد كعهدك يا أماما وأنشد المبرّد قول عنترة (¬3): يدعون عنتر والرّماح كأنها … أشطان بئر فى لبان الأدهم بضم الراء وفتحها، ثم قال: وذهب أحد من يقول: «عنتر والرّماح» إلى أن اسمه عنتر فى أصل وضعه، ولم تكن فيه هاء التأنيث، قال: وكذلك يقولون فى قول ذى الرّمّة (¬4): ديار ميّة إذ ميّ تساعفنا … ولا يرى مثلها عجم ولا عرب ¬

= وأبو حردبة: شاعر أموىّ لص، كان من أصحاب مالك بن الريب. أخباره فى الكتاب المذكور ص 19. (¬1) لم أجده فى كتب المبرّد، وحكاه البغدادى عن ابن الشجرى. الخزانة 2/ 340. (¬2) فرغت منه فى المجلس التاسع عشر. (¬3) ديوانه ص 216 - من معلّقته-والكتاب 2/ 246، والمحتسب 1/ 109، وسرّ صناعة الإعراب ص 403، والتبصرة ص 367، وإيضاح شواهد الإيضاح ص 768، والمغنى ص 414، وشرح أبياته 6/ 266، والهمع 1/ 184، وسيعيده ابن الشجرى فى المجلس الحادى والستّين. والأشطان: الحبال، والمفرد شطن، بالتحريك، واللّبان كسحاب: الصدر، والأدهم: الأسود، وهو فرسه. (¬4) ديوانه ص 23، وتخريجه فى ص 1929، والتبصرة ص 367، وارتشاف الضرب 2/ 280. و «ديار» ضبطت فى أصل الأمالى والديوان بضم الراء، لكنّ سيبويه أنشده فى الكتاب 1/ 280 بالنصب، شاهدا على ما ينصب بحذف الفعل، وتقدير الكلام عنده: أذكر ديار مية.

إنه كان مرّة يسمّيها ميّا، ومرّة يسمّيها ميّة (¬1). قال: ويجوز أن يكون أجراه فى غير النّداء على: يا حار، ثم صرفه لمّا احتاج إلى صرفه، قال: وهذا الوجه عندى، لأنّ الرواة كلّهم ينشدون: فيا ميّ ما يدريك أين مناخنا … معرّقة الألحى يمانية سجرا (¬2) انتهى كلامه. وأقول: إنّ من زعم فى روايته «يدعون عنتر والرّماح» أن الأصل: عنتر، فزعمه محال، لقوله (¬3): أنا الهجين عنتره … كلّ امرئ يحمى حره أسوده وأحمره … والشّعرات الواردات مشفره والوجه عندى: يدعون عنتر، مفتوح الراء، وذلك يحتمل وجهين. أحدهما: أن يكون منادى مرخّما على لغة من يقول: يا حار، بالكسر، لأنّ الدعاء قول، فكأنه قال: يقولون يا عنتر، وحذف حرف النداء، كما جاء فى التنزيل: {فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي} (¬4). والوجه الثانى: أن لا يكون منادى، بل يكون مفعولا، والناصب له يدعون، فى غير النداء، على: يا حار، كما قال أوس بن حجر: «فضال بن كلد» وكما قال الآخر: «لحار بن كعب (¬5)» ¬

(¬1) هذا قول يونس، حكاه سيبويه فى الكتاب 2/ 247. (¬2) ديوانه ص 1417، وتخريجه فى ص 2044، والتبصرة ص 368، وسيعيده ابن الشجرى قريبا مع شرح غريبه. (¬3) ديوانه ص 329،330، وتخريجه فى ص 356. (¬4) سورة يوسف 101. (¬5) تقدّم هذا والذى قبله قريبا.

وأمّا من قال: يدعون عنتر، بالضم، فرخّم على لغة من قال: يا حار، كما تقول: /يا طلح أقبل. وأمّا قول ذى الرّمّة: «إذ ميّ تساعفنا» فيحتمل الوجهين اللذين ذكرهما المبرّد. أحدهما: أنه كان يسمّيها مرّة ميّة، ومرّة ميّا، فيصرف «ميّا» كما يصرفون دعدا، لأنه ثلاثيّ ساكن الأوسط، ويجوز أن يكون مرخّما فى غير النداء، على لغة من قال: يا حار، وصرفه كما صرف الآخر حنظلة، فى قوله: «أمال بن حنظل» وكما قال الآخر: أبا حردب ليلا وأصحاب حردب (¬1) واعلم أن الشاعر إذا اضطرّ إلى الترخيم فى غير النداء، فإنه من الضرورات المستقبحة؛ لأن الترخيم إنما يستحقّه المنادى، وليس كلّ منادى يرخّم، وإذا لم يكن كلّ منادى يرخّم، فغير المنادى بعيد من الترخيم، فمن اضطرّ إليه فجعل الاسم قائما بنفسه، فهو أسهل؛ لأنه كأنه غير مرخّم إذا لم يبق فيه للترخيم دلالة، كقوله: أبا حردب ليلا وأصحاب حردب ومن ترك فيه دلالة على الترخيم، فقد أساء؛ لمخالفته للأصول، وإنما يجوز فى الضرورات مراجعة الأصول، كصرف مالا ينصرف، وكقصر الممدود؛ لأن القصر هو الأصل، كما أن الصرف فى الاسم هو الأصل، فإذا رخّمت فى غير النداء على قول من قال: يا حار، بالضم، فهو الأوجه؛ لأن من يقول هذا يجعل الاسم بمنزلة ما لم يحذف منه شيء، فهو لا يريد المحذوف، فهذا أشبه بالخبر، فإذا وقع الحذف ¬

(¬1) سبق هو والذى قبله قريبا.

منه على لغة من يقول: يا حار، فالمحذوف مراد، فالخبر والنداء يتجاذبانه، فالنداء يجذبه من قبل اللفظ، والخبر يجذبه من جهة المعنى، وسيبويه أجاز ذلك فى الشّعر، على بعده، وأنشد عليه: وأضحت منك شاسعة أماما (¬1) على ما سمعه من العرب، وإن كان بعيدا فى القياس، وفيما أنشده سيبويه أيضا من هذا قوله: أتانى عن أميّ نثا حديث … وما هو في المغيب بذى حفاظ (¬2) وأنشد: إنّ ابن حارث إن أشتق لرؤيته … أو أمتدحه فإن الناس قد علموا (¬3) وأنشد لابن أحمر: أبو حنش يؤرّقنى وطلق … وعمّار وآونة أثالا (¬4) قال: أراد: أثالة وقال بعض اللغويّين: ليس فى العرب أثالة علما، وإنما هو أثال، سمّى بجبل يقال له: أثال (¬5). وقال المبرّد: ذهب سيبويه إلى أنّ أثالا مرخّم، وليس القول عندى كما قال، ولكنه نصبه لأنه مفعول معطوف على ما قبله من الضمير المنصوب. ¬

(¬1) تقدّم قريبا. (¬2) فرغت منه فى المجلس التاسع عشر. (¬3) وهذا أيضا فرغت منه فى المجلس المذكور. (¬4) وهذا مثل سابقيه. (¬5) جبل بنجران، واسم لمواضع أخرى. راجع معجم ما استعجم ص 105.

فهذا القول من المبرّد وفاق لقول من زعم أنه ليس فى العرب أثالة علما، فإن صح هذا فقد بطل كونه مرخّما، وبطل أيضا قول أبى العباس إنه مفعول معطوف على المضمر المنصوب فى قوله: «يؤرقنى» لأن أثالا من الجماعة المؤرّقين لابن أحمر، فلم يرد يؤرّقنى ويؤرّق أثالا، فإنما ذكر عظيم ما يلاقيه لفراق هؤلاء المذكورين من الشوق والسّهر، إن كانوا فارقوه أحياء، أو ما يلاقيه من الهمّ والحزن، إن كانوا فارقوه بالموت، كما قال بعض رواة شعره، ولم يخبر ابن أحمر بما فى قلب أثال، وما يقاسيه من الأرق أوانا بعد أوان، لفراق أبى حنش وطلق وعمّار. وإذا بطل قول سيبويه، وقول أبى العباس أن أثالا من المؤرّقين، وثبت أنه من المؤرّقين، فانتصابه بفعل مضمر دلّ عليه الكلام، تقديره: وأتذكّر آونة أثالا، وقد مرّ بى أن الأثالة من الشىء بقيّته، إلاّ أنهم نصّوا على أن العرب لم يسمّوا به. وزعم بعض رواة الشعر وأخبار العرب، أن هؤلاء الأربعة أصيب بهم ابن أحمر. وقال راوية آخر: ليس الأمر على ما قال؛ لأن فى الشعر الذى فيه هذا البيت ما يدلّ على أنهم فارقوه أحياء، /وذلك قوله: وأيام المدينة ودّعونا … فلم يدعوا لقائلة مقالا (¬1) فأيّة ليلة تأتيك سهوا … فتصبح لا ترى منهم خيالا ليلة سهو: أى ليّنة ساكنة، وقوله: «أية ليلة» استفهام مراد به النفى، أى ما من ليلة تأتيك ساكنة ليس فيها مانع من الرّقاد إلاّ وأنت ترى فيها خيالاتهم، ثم قال: أبو حنش يؤرّقنى وطلق … وعمّار وآونة أثالا ¬

(¬1) سبقت القصيدة بتمامها فى المجلس الحادى والعشرين.

أراهم رفقتى حتى إذا ما … تجافى اللّيل وانخزل انخزالا تجافى الليل: تقضّى، وانخزل: انقطع. إذا أنا كالذى يسعى لورد … إلى آل فلم يدرك بلالا أراد: أراهم فى المنام كأنهم رفقة لى، فإذا تقضّى الليل كنت كساع إلى سراب ظنّه ماء، فلم يدرك ما يبلّ شفته. ثم مدحهم فقال: غطارف لا يصدّ الضيف عنهم … إذا ما طلّق البرم العيالا غطارف: جمع غطريف، وهو السيّد المفتخر، يقال: تغطرف، إذا افتخر، وكان حقّ جمعه غطاريف، فحذف الياء، كما حذفها الآخر من الخلاخيل، فى قوله: لم يبق إلاّ الغبط والخلاخل (¬1) الغبط: جمع غبيط، وهو المحمل، قال (¬2): تقول وقد مال الغبيط بنا معا … عقرت بعيرى يا امرأ القيس فانزل أى لم تدع شدّة السّير إلاّ المحامل والخلاخل، وبالعكس من حذف الياء من لغطاريف والخلاخيل، إثباتها فى الصياريف من قوله: تنفى يداها الحصى فى كلّ هاجرة … نفى الدّراهم تنقاد الصّياريف (¬3) ¬

(¬1) لم أعرفه. (¬2) امرؤ القيس، من معلّقته. (¬3) فرغت منه فى المجلس الحادى والعشرين.

وقد روى بعضهم: نفي الدّراهيم، وهذا يقوله من يأبى طبعه الزّحاف. وقوله: / «لا يصدّ الضيف عنهم» أى ينزل بهم الضيف إذا طلّق البرم عياله، وذلك فى سنة الجدب؛ لأن البرم هو الذى لا يدخل مع القوم فى الميسر، فيقامر فى نحر الجزر لشحّه. أرى ذا شيبة حمّال ثقل … وأبيض مثل صدر السّيف نالا رجل نال: إذا كان ذا نائل، كقولهم: رجل مال: إذا كان كثير المال، وما جاء من هذا الضّرب فأصله: فعل، نول ومول، ومثله: يوم طان، ويوم راح، أى ذو طين وذو ريح. وبيض لم يخالطهنّ فحش … نسين وصالنا إلاّ سؤالا أى تركن وصالنا إلاّ السّؤال عنّا، ومثل نسين بمعنى تركن، قوله تعالى: {وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ} (¬1) أى ترك، ومثله: {نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ} (¬2) أى تركوا طاعة الله فتركهم من رحمته. وجرد يعله الدّاعى إليها … إذا ركب الفوارس أو متالا (¬3) يعله إليها: أى يذهب قلبه إليها، يقال: رجل علهان، وامرأة علهى. وقوله: أو متى لا، أراد: أو متى لم يركبوا، فوضع «لا» فى موضع «لم» وحذف الجملة، ومثل وضعه «لا» فى موضع «لم» قول الآخر (¬4): ¬

(¬1) سورة طه 116. (¬2) سورة التوبة 67، وراجع المجلسين: الثالث عشر، والتاسع عشر. (¬3) رسمت فى الأصل «متى لا» بالياء. وقد نصّ ابن الشجرى فى المجلس الحادى والعشرين على ضرورة كتابتها بالألف «متالا» لعلة صوتيّة ذكرها. (¬4) هو شهاب بن العيّف العبدى-جاهلىّ. إصلاح المنطق ص 153، وكتاب من نسب إلى أمه من الشعراء لابن حبيب، (نوادر المخطوطات 1/ 95) ونسبه إلى عمارة بن العيّف، والجمل المنسوب للخليل ص 304، والإنصاف ص 77، وشرح المفصل 1/ 109،8/ 108، والمغنى ص 243، وشرح أبياته 4/ 392،396، والخزانة 10/ 89، ومعجم الشواهد ص 520، وأعاده ابن الشجرى فى المجلس السابع والستين.

لاهمّ إنّ الحارث بن جبله … زنى على أبيه ثمّ قتله وكان فى جاراته لا عهد له … فأيّ أمر سيّئ لا فعله أى لم يفعله، ومثله فى التنزيل: {فَلا اِقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ} (¬1) أى فلم يقتحم، وأجود ما يجيء ذلك مكرّرا، كقوله: {فَلا صَدَّقَ وَلا صَلّى} (¬2) أى: فلم يصدّق ولم يصلّ، ومنه قول الراجز: إن تغفر اللهمّ تغفر جمّا … وأيّ عبد لك لا ألمّا (¬3) /أى لم يلمّ بالذّنوب. وقوله: «زنى (¬4) على أبيه» أى زنا بامرأته. فهذا ما أدّى إليه بيت عمرو بن أحمر الباهلي، من الفوائد، وإن كان قد تقدّم ذكر هذا البيت فيما أمليته قبل (¬5). وأمّا قول عنترة: «أنا الهجين» فالهجين: الذى أبوه عربيّ وأمّه غير عربيّة. وقوله: كلّ امرئ يحمى حره أراد يحمى نساءه، فكنى عن النساء بما لا يكون إلا لهنّ. وقوله: أسوده وأحمره ¬

(¬1) سورة البلد 11. (¬2) سورة القيامة 31. وانظر تفسير القرطبى 19/ 113، والبحر 8/ 390، ودراسات لأسلوب القرآن الكريم 2/ 605. (¬3) سبق فى المجلس الثانى والعشرين. (¬4) يروى بتخفيف النون وتشديدها، وبيان ذلك يأتيك فى المجلس السابع والستين. (¬5) فى المجلس الحادى والعشرين.

أراد سودهنّ وبيضهنّ، لأنهم إذا قالوا: الأسود والأحمر، أرادوا بالأحمر الأبيض، وقال النبيّ عليه السلام: «بعثت إلى الأسود والأحمر (¬1)». وأما قول ذى الرّمّة: أيا ميّ ما يدريك أين مناخنا … معرّقة الألحى يمانية سجرا فقوله: «مناخنا» معناه: إناختنا، كقولهم: المقام بمعنى الإقامة، والمدخل والمخرج، بمعنى الإدخال والإخراج، كما جاء فى التنزيل: {وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ} (¬2). ونصب «معرّقة» بالمصدر الذى هو المناخ. والألحى: جمع اللّحى (¬3). ومعرّقة: من قولهم: عرقت العظم: إذا أخذت ما عليه من اللّحم. والسّجر: جمع سجور، وهى الحنون من النّوق، يقال: سجرت الناقة: إذا حنّت إلى ولدها (¬4) وإلى عطنها الذى ألفته، ويجوز أن تكون السّجر جمع سجراء، ¬

(¬1) وجدته بتقديم «الأحمر» على «الأسود» فى صحيح مسلم (كتاب المساجد ومواضع الصلاة- الحديث الثالث) ص 370، ومسند أحمد 1/ 250،301،4/ 416،5/ 145،148،162، وسنن الدارمى (باب الغنيمة لا تحلّ لأحد قبلنا، من كتاب السّير) 2/ 224، ومجمع الزوائد (باب نصره صلّى الله عليه وسلم بالريح والرعب، من كتاب المغازى والسير) 6/ 68، و (باب عموم بعثته صلّى الله عليه وسلم، من كتاب علامات النبوّة) 8/ 261. (¬2) سورة الإسراء 80. (¬3) وهو عظم الحنك، وهو الذى عليه الأسنان، وهو من الإنسان حيث ينبت الشّعر، وهو أعلى وأسفل. (¬4) كتبت أوّلا فى الأصل «إذا حنّت إلى وطنها» ثم أصلحت فى الهامش إلى «ولدها» فقط. وهو المأثور عن الأصمعى. راجع اللسان (سجر).

وهى البيضاء التى تخالط بياضها حمرة، ويقال أيضا: عين سجراء، إذا كانت بهذا الوصف. ...

المجلس السادس والخمسون (¬*) يتضمن مسائل الترخيم

المجلس السادس والخمسون (*) يتضمّن مسائل الترخيم ، وما يتّصل بها، وما لم تستعمله العرب إلاّ فى النداء. كنت حدّدت المذهب المختار من مذهبى الترخيم، فقلت: من العرب من يحذف آخر الاسم، ويترك ما قبله على حركته أو سكونه، إلاّ أن يؤدّى/السّكون إلى الجمع بين ساكنين، فيلزم حينئذ التحريك، ووعدت ببيان ذلك. وبيانه أنك إذا سمّيت بمادّ أو شادّ، وناديته ورخّمته على اللّغة المختارة، التقى بعد حذف الطّرف ساكنان، على أحد الشرطين فى التقاء الساكنين، وهما كون الأول حرف مدّ ولين، والثانى مدغما، فوجب لذلك التحريك، ولا يخلو المدغم أن يكون فى الأصل مكسورا أو مفتوحا أو مضموما، فإن كان أصله الكسر، أعدت إليه كسرته، وإن كان أصله الفتح أو الضمّ، أعدت إليه حركته، فقلت فى شادّ: يا شاد أقبل، فكسرت الدال؛ لأن أصله شادد، ومثله اسم الفاعل من السّباب، تقول: يا مساب، فإن أردت اسم المفعول منه، قلت: يا مساب، ففتحت الباء، لأن أصله مسابب، فإن سمّيته بتسابّ، مصدر تسابّ القوم، قلت: يا تساب، فضممت، لأن أصله: تسابب. ¬

(*) من هذا المجلس تبدأ نسخة مكتبة الدراسات العليا ببغداد، وقد اخترت لها الرمز (د)، وكذلك تبدأ نسخة الخزانة العامة بالرباط-المغرب الأقصى-وقد رمزت ها بالرمز (ط).

مسألة

مسألة إن سمّيت بقاضون ونحوه، فناديته ورخّمته، حذفت الواو والنون، لأنهما زائدان، زيدا معا، وأعدت ياء قاض؛ لأنك إنما حذفتها من قاضون لسكونها بعد حذف حركتها وسكون الواو، فلما حذفت للترخيم الحرف الذى لأجله حذفتها، رددتها، فقلت: يا قاضى (¬1). ... ¬

(¬1) راجع الكتاب 2/ 262، والأصول 1/ 363.

مسألة

مسألة إن سمّيت بطيلسان، فى لغة من كسر (¬1) لامه، وفتحها أجود، قلت فى ترخيمه، فى المذهب المختار: يا طيلس تعال، ولا يجوز: يا طيلس، بالضم، لأنك تجعله فى هذه اللغة اسما قائما بنفسه، وليس فى كلامهم فيعل صحيح العين، إنما جاء ذلك فى المعتلّ، كسيّد وميّت وهيّن وليّن، وقد تقدّم ذكر هذا (¬2). فإن رخّمته فى لغة من قال: طيلسان، ففتح اللام، جاز ترخيمه على اللغتين؛ لأنّ مثال فيعل متّسع/في الصحيح، كجيدر، وصيرف، وضيغم، وقد تقدّم ذكر هذا أيضا. فإن سمّيته هيّبان، رخّمته على اللّغة المختارة، فقلت: يا هيّب، ولم يجز: يا هيّب بالضمّ، لأنه ليس فى الكلام فيعل معتلّ العين، وإنما جاز ذلك فى لغة من قال: يا حار، لأن الألف مرادة، بدلالة الفتحة عليها، وكذلك إن سميته بريهقان، لم يجز ترخيمه على لغة من قال: يا حار، لأنه ليس فى الصحيح ولا المعتلّ اسم على مثال فيعل. وأجاز أبو سعيد السّيرافىّ: يا طيلس، بكسر اللام، على لغة من ضمّ آخر المرخّم، وإن لم يكن فى الصحيح اسم على فيعل، قال: كما جاز: يا منص، فجىء به على مفع، وليس مثله فى الكلام. وهذا تشبيه فاسد؛ لأنه شبّه مثالا تامّا بمثال ناقص، محذوف اللام، وإنما يشبّه التّامّ بالتامّ، كتشبيه طيلس بحيدر. الرّيهقان: الزّعفران. ¬

(¬1) وأنكر الأصمعىّ الكسر. الممتع ص 140، وانظر الكلام على ضبطه فى حواشى المعرّب ص 227. والطيلسان: ثوب يلبس على الكتف. وقيل: ثوب يحيط بالبدن ينسج للبس، خال عن التفصيل والخياطة. وهو يشبه بهذا الوصف فى أيامنا: العباءة. (¬2) فى المجلس الخامس والأربعين.

والهيّبان: الجبان، والهيّبان: لغام البعير، والهيّبان: الراعى. وقد (¬1) تقدّم أن الجيدر الرجل القصير. والصّيرف: المتصرّف فى الأمور. والضّيغم: الأسد، أخذوه من الضّغم، وهو العضّ. ... ¬

(¬1) فى المجلس المذكور. وجاء فى الأصل، هنا وفيما سبق «الحيدر» بالحاء المهملة، وتحتها حاء صغيرة علامة الإهمال، وجاء فى ط، د «الجيدر» بالجيم، وهو الصواب.

مسألة

مسألة إن سمّيت بهبيّخ وقنوّر (¬1)، فرخّمت قلت: يا هبىّ، ويا قنوّ، فحذفت طرفيهما؛ الخاء والراء، فإن ألحقتهما تاء التأنيث قلت فى هبيّخة: يا هبيّخ، وفى قنوّرة: يا قنوّر، حذفت التاء وحدها؛ لأن تاء التأنيث على ما عرّفتك بمنزلة الاسم المضموم إلى الصّدر. ولا يخلو هبيّخ أن يكون مثاله فعيّل، أو فعيلل، وكذلك قنوّر: فعوّل، أو فعولل، ولا يجوز فيهما فعيلل وفعولل، كسميدع وفدوكس؛ لأنّ الياء والواو لا تكونان أصلا فى بنات الأربعة، إلاّ أن يكون فى الكلمة تضعيف، كصيصية، وفيفاء، ووزوزة، وضوضاء، فثبت أنهما فعيّل وفعوّل (¬2)، ملحقان بدلهمس وسفرجل. /الهبيّخ: الوادى العظيم (¬3)، والهبيّخة: الجارية. والقنوّر: السيّئ الخلق، وقيل القنوّر: الضّخم، والأول هو الأعرف. والصّيصية: واحدة الصّياصى، وهى الحصون، والصّيصية: القرن، وصيصية الدّيك معروفة. والوزوزة: سرعة الوثب، ورجل وزواز: خفيف. والفيفاء: المفازة (¬4). والضّوضاء: الجلبة. ¬

(¬1) الكتاب 2/ 260،4/ 267، وشرح الشافية 1/ 60. (¬2) فى الأصل: «أو فعولل» وكتب بالحاشية «لعله وفعوّل». وقد جاء على الصواب فى ط، د. (¬3) وله معان أخرى، انظرها فى شرح أبنية سيبويه ص 161، واللسان (هبخ). (¬4) من هنا يبدأ سقط طويل فى النسخة ط، ينتهى فى أثناء المجلس المتم السبعين.

وأصل الفيفاء على هذا القول: فيفاى، كما أن الضّوضاء أصلها: ضوضاو (¬1). ومن قال: الفيف، فهمزة الفيفاء (¬2) للتأنيث، فوزنها فعلاء، وفى القول الأول وزنها فعلال، مصروفة، وكونها مضاعفة أوجه؛ وذلك لقلّة (¬3) باب سلس وقلق. والدّلهمس: الأسد، والسّميدع: السيّد، والفدوكس: الشّديد، فى قول ثعلب، وقال أبو زيد: هو الغليظ الجافى، وقد نظمت فيه بيتا لئلاّ يشذّ عن الحفظ، وهو: فدوكس عن ثعلب شديد (¬4) … وعن أبى زيد غليظ جافى ... ¬

(¬1) فى الأصل: «ضوضاء» وكتب بهامشه: «لعله ى» يعنى «ضوضاى». وأثبتّه بالواو من د، وهو الصواب. وراجع سرّ صناعة الإعراب ص 751، حيث ذكر ابن جنى أن أصل ضوضيت-الذى هو فعل الضوضاء-ضوضوت. (¬2) راجع الكتاب 4/ 394، والأصول 3/ 252، والشعر ص 177 - وحواشيه-وشرح الشافية 2/ 371. (¬3) يعنى ما كانت فاؤه ولامه من جنس واحد. وانظر الكتاب 4/ 401،430، والبصريات ص 824، والحلبيات صفحات 8،138،347، وسرّ صناعة الإعراب صفحات 66،599، 820، والمنصف 1/ 171، والممتع ص 258، وانظر فهارسه. (¬4) فى د: «ذو شدّة»، ولا يختلف به بحر الرجز.

مسألة

مسألة إن سمّيت بحبلوىّ، لم يجز ترخيمه على لغة من قال: يا حار، بالضمّ، لأنه يلزمك إذا حذفت ياءي النّسب أن تضمّ الواو، فتقلب ألفا لتحرّكها وانفتاح ما قبلها، فتقول: يا حبلى، فتصير ألف فعلى منقلبة، وألف فعلى لم تكن قطّ إلاّ زائدة للتأنيث، لا أصل لها. قال: أبو العباس المبرّد (¬1): فإن قال قائل: فيكون ألف حبلى هذه لغير التأنيث؛ لأنها ترخيم حبلويّ. قيل: هذا محال؛ لأن فعلى لم تستعمل لغير التأنيث. وقوله هذا محتاج إلى تفسير، وذلك أن هذا المثال مخالف لمثال فعلى وفعلى؛ لأنّ هذين المثالين قد جاءت ألفاهما للتأنيث وللإلحاق، فألف علقى وأرطى للإلحاق بسلهب وشرجب، وألف معزى وذفرى للإلحاق بدرهم وهجرع، ودلّ على ذلك شيئان؛ أحدهما صرفهنّ، والآخر: قولهم فى واحدة العلقى والأرطى/علقاة وأرطاة، فلو كانت الألف للتأنيث لم تحلقها تاء التأنيث. فأمّا مجىء ألفها للتأنيث، ففى نحو الغضبى والشّبعى والشّكوى والدّفلى والشّعرى والذّكرى، والفعلى مباينة لهما؛ فى مجىء ألفيهما للإلحاق؛ لأنه لم يأت مثال فعلل فيكون ألفها للإلحاق به، فخلصت ألف حبلى وأنثى وخنثى وصغرى وكبرى ونظائرهنّ للتأنيث. فإن قيل: قد جاء عنهم برقع وجخدب وجندب وقعدد وجؤذر. قيل: إنما روى الفتح فى لامات هذه الأسماء الأخفش أبو الحسن، وأبى سيبويه إلا الضّمّ. ¬

(¬1) راجع المقتضب 4/ 4،5.

العلقى: شجر، وكذلك الأرطى: شجر من شجر الرّمل يدبغ به. والهجرع: الكلب الخفيف، والرّجل الطويل الأحمق. والسّلهب: الفرس الطويل. . والشّرجب: الرجل الطويل. والذّفرى: أصل الأذن من خلفها. والقعدد: أقرب القوم إلى جدّهم، والقعدد أيضا: اللئيم، سمّى بذلك لقعوده عن المكارم. والجندب: الجراد. والجخدب: الجرادة الذّكر. والجؤذر: ولد البقرة الوحشيّة. ...

مسألة

مسألة إن سمّيت باسم فى آخره ألف ونون زائدان، قبلهما واو، كقطوان ونزوان، أو ياء، كصميان وغليان، حذفت فى ترخيمه الألف والنون، وتركت الواو والياء على فتحهما، فى اللغة المختارة، فقلت: يا قطو، ويا نزو، ويا صمى، ويا غلى، فلم تغيّره لأن الألف مرادة. فإن رخّمته على اللغة الأخرى، قلبت الياء والواو ألفين؛ لأنك قدّرت الضمّة فيهما، فجعلتهما منتهى الاسم، فقلت: يا قطا، ويا نزا، ويا صما، ويا غلا. /القطوان: البطيء فى مشيه، حمار قطوان، أخذ من القطو، وهو تقارب الخطو. والصّميان: الشّجاع، وقيل: هو الأهوج الشديد الذى لا يهاب. والنّزوان: مصدر نزا الفحل على الأنثى. ...

مسألة

مسألة إن سميّت بترقوة وعرقوة، قلت على لغة من قال: يا حار: يا ترقو، ويا عرقو، فلم تغيّر الواو؛ لأنها، وإن تطرّفت، بمنزلة المتحصّن، لتقدير تاء التأنيث بعدها، من حيث دلّت الفتحة عليها، وتقول على اللغة الأخرى: يا ترقى، ويا عرقى؛ لأنك أردت: يا ترقو، ويا عرقو، بضم الواو، لجعلك المرخّم اسما على حياله، فوجب إبدال الضمّة كسرة، وقلب الواو ياء، كما فعلت فى أدل وقلنس، كراهة لوقوع واو قبلها ضمّة فى آخر اسم مظهر، وقد تقدّم شرح (¬1) هذا. فإن سمّيته شقاوة أو نهاية، قلت فى ترخيمه على اللغة العليا: يا شقاو، ويا نهاي، فأقررت الواو والياء، فلم تهمزهما لأنهما فى التقدير غير متطرّفين، وذلك لدلالة الفتحة على تاء التأنيث، وقلت فى ترخيم اللغة الأخرى: يا شقاء، ويا نهاء، فهمزت الواو والياء لتطرّفهما بعد ألف زائدة، كما فعلت ذلك فى كساء ورداء، وهما من الكسوة والرّدية. التّرقوتان: العظمان المشرفان فى أعلى الصدر من رأس المنكبين إلى طرف ثغرة النّحر. والعرقوة: الخشبة المعروضة على الدّلو. ... ¬

(¬1) راجع المجلس السابق.

فصل يتضمن ما اختص به النداء

فصل يتضمّن ما اختصّ به النّداء فممّا لم يجيء إلاّ فى النّداء: فل، فى قولهم: يا فل أقبل، لم يستعملوه إلاّ مضموما. قال أبو العباس المبرّد (¬1): وليس بترخيم فلان، لأنه لو كان ترخيمه لقيل: يا فلا، كما تقول فى ترخيم حباب وهلال: يا حبا ويا هلا، قال: وممّا يزيد ذلك وضوحا/قولهم فى مؤنّثه: يا فلة أقبلى، قال: وقد جاء فى غير النّداء فذّا فى قوله (¬2): فى لجّة أمسك فلانا عن فل اللّجّة: الجلبة. وذكر أبو العباس هذا الاسم مع الأسماء الوصفيّة التى جاءت على مثال فعل فى معنى فاعل أو فعيل، وخصّوا بها النّداء إلاّ فى الشذوذ، كقولهم: يا فسق، ويا خبث، فكأنّ أصله عنده فلو، بوزن فسق، فحذفوا الواو وضمّوا اللام فى النداء، كما يضمّون القاف إذا قالوا: يا فسق. وأقول: إنه، وإن لم يكن أصله فلان، فإنه بمعناه، وإنما استحسنوا ترخيمه، وإن لم يكن علما، لأن هذا الاسم-أعنى فلانا-كناية عن الأعلام، ومن ذلك قولهم: يا هناه، لم يستعملوا هذه اللفظة فى غير النداء، فهى بمنزلة قولهم: ¬

(¬1) المقتضب 4/ 237. (¬2) أبو النجم العجلى، من أرجوزته الشهيرة التى نشرها العلاّمة الميمنىّ الراجكوتى رحمه الله، فى الطرائف الأدبية ص 66. والبيت فى غير كتاب. انظر الكتاب 2/ 248،3/ 452، والمقتضب 4/ 238، والخزانة 2/ 389، وحواشيها. وشرح الجمل 2/ 106 و «لجّة» هنا بفتح اللام، وهى أصوات الناس وجلبتهم. وبعضهم يضبطها بالضم «لجّة»، وهى هنا خطأ. لأن معناها بالضم: معظم. يقال: لجّة الأمر معظمه، وكذلك لجّة الماء معظمه، ولجّة الظلام. وخصّ بعضهم به معظم البحر.

يا نومان ويا ملأمان، يريدون: يا لئيم، فعدلوا عن فعيل إلى مفعلان، للمبالغة فى لؤمه، وكذلك يا مكذبان ويا مخبثان، عدلوهما عن كاذب وخبيث، ولا يقال: هذا هناه، ولا مررت بهناه، وإنما يكنون بهذه الكلمة عن اسم نكرة، كما يكنون بفلان عن الاسم العلم، وهى مع ذلك كلمة ذمّ، قال امرؤ القيس (¬1): وقد رابنى قولها يا هنا … هـ ويحك ألحقت شرّا بشرّ فمعنى يا هناه: يا رجل سوء. واختلف البصريّون فى أصل تركيب هذه الكلمة ووزنها، فذهب بعضهم (¬2) إلى أن أصلها هناو، فعال من هنوك، فأبدلوا من الواو الهاء. وقال آخرون: بل أبدلت من الواو الهمزة، لوقوع الواو طرفا بعد ألف زائدة، ثم أبدلت من الهمزة الهاء، كما قالوا فى إيّاك: هيّاك، وهذا عندى هو الصّواب. وقال قوم منهم: إن الهاء أصليّة، وليست ببدل، وجعلوها من الكلم التى جاءت لامها فى لغة هاء، وفى أخرى واوا، كسنة وعضة. وقال من رغب عن هذا/المذهب: إن هذا القول ضعيف؛ لأنّ باب «سلس وقلق (¬3)» قليل فلا يقاس عليه. وذهب بعضهم إلى أنّ الهاء فى قولهم: يا هناه، هاء السكت، وهذا قول ضعيف جدّا، لأن هاء السكت لا تحرّك فى حال السّعة. ¬

(¬1) ديوانه ص 160، والجمل ص 163، والمنصف 3/ 139، وسرّ صناعة الإعراب ص 66، 560، ورصف المبانى ص 464، وشرح المفصل 10/ 42،43، والخزانة 1/ 375،7/ 275، وغير ذلك مما تراه فى معجم شواهد العربية ص 136. (¬2) انظر الكتاب 2/ 100،198، والمقتضب 4/ 235 - وفى حواشيه تفصيل جيّد-والأصول 1/ 349، وشرح الجمل 2/ 105، وشرح الشافية 3/ 225، والممتع ص 401، ومراجع تخريج الشاهد السابق. (¬3) تقدّم الحديث عنه قريبا.

وقال الفراء وغيره من الكوفيّين-وهو مذهب أبى الحسن الأخفش، وأبى زيد الأنصارىّ-: إن الألف والهاء زائدان، ولام الكلمة محذوفة، كما حذفت فى هن وهنة، فوزنها على هذا القول: فعاه، وقد ردّ هذا القول ابن جنى فى الكتاب اللطيف التصريفيّ، الذى سمّاه (الملوكىّ) (¬1)، ولم يذكر الوجه فى ردّه. وعلى هذا المذهب تأتى مسائل التثنية والجمع فى المذكّر والمؤنث، والألف والهاء فى كونهما زائدين فيه، كالألف والهاء فى النّدبة، إلا أن هذه الهاء ليست بهاء السّكت لما ذكرناه، فإذا ثنّيت على هذا قلت: يا هنانيه أقبلا، فالألف فى هنانيه علامة التثنية، وصارت ألف هناه بعد نون التثنية ياء، لانكسار النون، ثم انكسرت الهاء لمجاورة الياء، كما انكسرت هاء الضمير فى عليه وإليه، ونحوهما، وتقول فى الجمع: يا هنوناه أقبلوا، فالواو علامة الجمع، وثبتت ألف هناه بعد نون الجمع؛ لانفتاح النون، وبقيت الهاء على ضمّتها. فإن قيل: كيف جاز جمع هذا الاسم بالواو والنون، وهو بمعنى رجل، ونحن لا نقول: رجلون؟. فالجواب: أنه إنما جاز ذلك فيه، لأنه فى هذا القول، من الأسماء التى دخلها التغيير بحذف لاماتها، فعوّضوها الجمع بالواو والنون، على حدّ قولهم فى جمع سنة: سنون. وتقول فى تأنيثه: يا هنتاه أقبلى، كما تقول: يا مرأة، فإذا ثنّيت قلت: يا هنتانيه أقبلا، صارت الألف التى فى هنتاه ياء، لانكسار نون التثنية قبلها، وانكسرت الهاء، لما تقدّم ذكره من وقوعها بعد الياء الساكنة. وإذا جمعت/قلت: يا هناتوه أقبلن، فالألف فى هناتوه ألف جمع التأنيث، وانقلبت ألف هنتاه واوا لانضمام التاء قبلها، كما تنضمّ فى قولك: يا ثبات ¬

(¬1) راجع شرح الملوكى لابن يعيش ص 309.

أقبلن، وانحذفت التاء التى في هنتاه، لمجيء تاء جمع التأنيث بعدها، كما انحذفت تاء مسلمة في مسلمات (¬1). ومما خصّوا به النداء، قولهم: اللهمّ (¬2)، ولم يستعملوا فيه حرف النداء، إلا أن يضطرّ شاعر، كما قال: إنّى إذا ما حدث ألمّا … أقول يا اللهمّ يا اللهمّا (¬3) وإنما لم يجمعوا بين الميم وحرف النداء؛ لأنهم إنما ضمّوا الميم إلى هذا الاسم، تعالى مسمّاه، عوضا من حرف النداء. هذا قول البصريّين، وهو الصّواب، لا ما ذهب إليه يحيى بن زياد الفراء، من قوله: إن هذه الميم مأخوذة من فعل، وأنهم أرادوا: يا الله أمّنا بخير، أى اقصدنا، فخذفوا همزة «أمّ» تخفيفا. وهذا القول يبطل بما سأذكره لك، فلك أن تقول: يا الله، بقطع الهمزة، ويا الله، بوصلها، ولك أن تقول: اللهمّ، وإنما ثقّلوا الميم، ليعوّضوا حرفين من حرفين. وقال أبو علىّ فى مذهب الفرّاء: ليس هذا القول بشىء، لقول الله عزّ وجلّ: {وَإِذْ قالُوا اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً} (¬4) فلو كان المراد: يا الله أمّنا، لأغنى هذا الفعل عن جواب الشرط، وكانت الميم سادّة مسدّ الجواب، كما تقول: يا ربّنا قابل فلانا إن كان باغيا. ¬

(¬1) فلم يقل: مسلمتات. راجع كتاب الشعر ص 173. (¬2) انظر حواشى المقتضب 4/ 239، والإنصاف ص 341، ومراجع تخريج الشاهد الآتى. (¬3) البيتان ينسبان لأمية بن أبى الصلت-وليسا فى ديوانه، طبعة بغداد-ولأبى خراش الهذلى، وهما له فى شرح أشعار الهذليين ص 1346، وفيه التخريج. وانظر أيضا نوادر أبى زيد ص 458، وضرورة الشعر ص 128، والبغداديات ص 159، وسرّ صناعة الإعراب ص 419،430، والتبصرة ص 356، والإنصاف ص 341، والتبيين ص 450، وفى حواشى هذه الكتب مراجع أخرى. (¬4) سورة الأنفال 32.

وأقول: إن هذه الآية تدفع قول الفرّاء من الوجه الذى ذكره أبو عليّ، وتدفعه أيضا من قبل أن التقدير عنده: يا الله أمّنا بخير، ثم جاء بعد هذا {فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ اِئْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ} فالكلام الآخر ينقض الأوّل، على ما قدّره الفراء. ودفع أبو عليّ قول الفراء بشىء آخر، وهو أنه قال: لو كان المراد ما قاله، لما حسن: اللهمّ أمّنا بخير، وفى حسنه دليل على أن الميم ليست/مأخوذة من أمّ، إذ لو كانت مأخوذة منه لكان فى الكلام تكرير، ثم قال: والاستدلال بالآية فيه كفاية. وأقول: إنّ هذا الاسم مخالف للأسماء الأعلام، فى جواز حذف حرف النداء منها، فيجوز: زيد أقبل، كما جاء {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا} (¬1) ولا يجوز: الله اغفر لى، وإنما لم يجز أن ينادى بغير حرف النداء، لأن أصله: الإلاه، على ما بيّنته لك فيما تقدّم (¬2)، فإذا (¬3) قلت: الله اغفر لى، فكأنك قلت: الإله اغفر لى. وإذا ثبت أنه لا يجوز: الله اغفر لى، حتى تقول: يا الله، أو تقول: اللهمّ، علمت أن الميم عوض من حرف النداء. فهذا دليل قاطع بأن الذى ذهب إليه البصريون هو الصحيح. وممّا لم يستعملوه إلاّ فى النداء إدخال تاء التأنيث على الأب والأم، تقول: يا أبت لا تفعل، ويا أمّت لا تفعلى، كما جاء فى التنزيل: {يا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطانَ} (¬4) و {يا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ ما لَمْ يَأْتِكَ} (¬5) ولا يجوز الجمع فيهما بين تاء ¬

(¬1) سورة يوسف 29. (¬2) فى المجلس السابع والأربعين. (¬3) فى الأصل: وإذا. (¬4) سورة مريم 44. (¬5) السورة نفسها 43.

التأنيث وياء المتكلم، لا تقول: يا أبتى، ولا يا أمّتى؛ لأن تاء التأنيث فيهما صارت عوضا من الياء (¬1). فإن قيل: فقد جاء يا أبتا، ويا أمّتا، وأنشدوا فيه قول الراجز: يا أبتا علّك أو عساكا (¬2) وأنشدوا قول جارية من العرب: يا أمّتا أبصرنى راكب … يسير فى مسحنفر لا حب (¬3) فقمت أحثو التّرب فى وجهه … عمدا وأحمى حوزة الغائب فقالت أمّها: الحصن أولى لو تأيّيته … من حثيك التّرب على الراكب (¬4) قيل: إنما جاز: يا أبتا ويا أمّتا، ولم يجز: يا أبتى، ويا أمّتى، وإن كانت الألف مبدلة/من الياء؛ لأن إبدال الألف من الياء يخرجهما من صريح الإضافة، ¬

(¬1) مراجع هذه المسألة فى دراسات لأسلوب القرآن الكريم 3/ 630،631، ورحم الله مؤلفه رحمة واسعة. (¬2) فرغت منه فى المجلس الرابع والخمسين. (¬3) إصلاح المنطق ص 139،374، وتهذيبه ص 346، والمذكر والمؤنث لابن الأنبارى ص 604، وشرح القصائد السّبع له ص 381، والمحتسب 2/ 239، والمقاييس 2/ 118،137، واللسان (حوز-حصن-أيا)، وشرح الشواهد الكبرى 4/ 226. هذا وقد جاءت هذه الأبيات الثلاثة مع بيت رابع فى ديوان البحترى ص 301،302 عن نسختين مخطوطتين منه. وقد شكّك أبو العلاء فى نسبة الأبيات إلى البحترى، قال: «على أن هذه الأبيات بعيدة من نمط أبى عبادة، وإن كان الشاعر المغزر يجوز أن يأتى بكلّ فن من القول». عبث الوليد ص 63،64 - مطبعة الترقى بدمشق 1936 م. (¬4) صار صدر هذا البيت من الأمثال، ويضرب فى ترك ما يشوبه ريبة وإن كان حسن الظاهر. مجمع الأمثال 1/ 210،211 (باب الحاء).

لتغيّر لفظ الياء، ولشبه الألف بألف النّدبة، فكما جاز: وا أبتاه، ووا أمّتاه، جاز: يا أبتا ويا أمّتا. فإن قيل: فقد قالوا: يا عمّتى، ويا خالتى، فهلاّ جاز ذلك فى يا أبت ويا أمّت. قيل: إنما جاز ذلك فى العمّة والخالة؛ لأنّ دخول تاء التأنيث فيهما ليس بمختصّ بالنداء، وإذا كان دخولها فيهما غير مختصّ بالنداء، لم تكن التاء فيهما عوضا من الياء، فيكون الجمع بينهما جمعا بين العوض والمعوّض. ومن قال منهم: يا أبت ويا أمّت، ففتح التاء، أراد: يا أبتا، ويا أمّتا، فحذف الألف اجتزاء بالفتحة. فإن قيل: كيف دخلت تاء التأنيث على الأب، وهو مذكر؟ قيل: ليس ذلك ببعيد، ألا ترى أنهم قالوا: رجل ربعة، ورجل صرورة، للذى لم يحجّ، وقالوا بعكس هذا: امرأة طالق وحائض، وناقة بازل، ومهرة ضامر، قال (¬1): عهدى بها فى الحىّ قد سربلت … بيضاء مثل المهرة الضّامر وفى الوقف عليهما مذهبان: مذهب البصريّين، الوقف على الهاء، كما يوقف على الهاء، إذا قيل: يا عمّة ويا خاله، وقال الكوفيّون: الوقف عليهما: يا أبت ويا أمّت (¬2)؛ لأن تاء التأنيث فيهما لمّا كانت عوضا من ياء المتكلم، شبّهوها بتاء الإلحاق (¬3) فى بنت وأخت. ¬

(¬1) الأعشى. ديوانه ص 139، والإنصاف ص 778، وإيضاح شواهد الإيضاح ص 592، وشرح المفصل 5/ 101،6/ 83، والهمع 1/ 107، والقافية فيه: «الطائرة» خطأ. (¬2) تقدّم الكلام على الوقف على الهاء، فى أواخر المجلس الرابع والخمسين. (¬3) الإلحاق بجذع. راجع المجلس الثالث والخمسين.

وقال البصريّون: هذا لا يلزم؛ لأن التاء فى قولهم: يا أبت، ويا أمّت، مفتوح ما قبلها، كما فتح فى عمّة وخالة، فخالفت بذلك التاء فى بنت وأخت. قول الجارية: يسير فى مسحنفر لاحب أى فى طريق بيّن واضح. ويقال: حثوت التّراب أحثوه، وحثيته أحثيه. وقولها: «وأحمى حوزة الغائب». عنت بالغائب فرجها (¬1). والحصن (¬2): العفّة. وقولها: «لو تأيّيته» معناه: لو تعمّدته، ويروى: لو تريدينه. ... ¬

(¬1) وقال التبريزى: الغائب: بعلها أو أبوها. راجع الموضع المذكور من تهذيب إصلاح المنطق. (¬2) بضم الحاء.

المجلس السابع والخمسون /يتضمن ذكر ما عدل عن مثال إلى مثال [للمبالغة

المجلس السابع والخمسون /يتضمّن ذكر ما عدل عن مثال إلى مثال [للمبالغة (¬1)] وذكر ما يتّصل بذلك. إذا أرادوا المبالغة فى الوصف، عدلوا عن بناء إلى بناء أدلّ على المبالغة من الأول، وذلك على ضربين: ضرب استعملوه فى الخبر، وضرب اختصّوا به النّداء. فعدولهم فى الخبر كعدولهم عن فاعل إلى فعيل، فى قولهم: رحيم وقدير وسميع وخبير وعليم. وعدولهم عن مفعل إلى فعيل، فى قولهم: بصير، وفى قولهم: سميع، من قول عمرو بن معد يكرب: أمن ريحانة الدّاعى السّميع … يؤرّقنى وأصحابى هجوع (¬2) معناه الداعى المسمع (¬3). وعدلوا عن فاعل إلى فعلان، فى قولهم: الرحمن، فالرحمن أبلغ فى الوصف ¬

(¬1) زيادة من د. (¬2) مطلع قصيدة من أشهر شعره. ديوانه ص 128، وتخريجه فى ص 225، وسبق إنشاده فى المجلس العاشر، وأحلت هناك على ديوانه طبعة بغداد. وانظر أيضا تفسير أسماء الله الحسنى، للزجاج ص 43، واشتقاق أسماء الله للزجاجى ص 75. (¬3) منع بعضهم أن يكون «سميع» بمعنى «مسمع»، وأن ما ورد من مجىء «فعيل» بمعنى «مفعل» شاذ. راجع ما سبق فى المجلس العاشر، وتهذيب اللغة 2/ 124، والكشاف 1/ 307، فى سياق الآية (117) من سورة البقرة، وروح المعانى للآلوسى 1/ 150،367، ومراجع تخريج بيت عمرو بن معدى كرب.

بالرّحمة من الرّحيم، والرّحيم أبلغ من الراحم، فلشدّة المبالغة فى الرّحمة اختصّ بالرحمن القديم تعالى (¬1). ومن ذلك فعول وفعّال، عدلوا إليهما عن فاعل، فى قولهم: غفور وشكور وصبور وضروب، وضرّاب وقتّال وصبّار، كما جاء فى التنزيل: {لِكُلِّ صَبّارٍ شَكُورٍ} (¬2) ومثله: {عَلاّمُ الْغُيُوبِ} (¬3). وقال أبو طالب بن عبد المطلب، فى مدح (¬4) النبىّ صلّى الله عليه وآله وسلم: ضروب بنصل السّيف سوق سمانها … إذا عدموا زادا فإنّك عاقر ومن ذلك مفعال، كقولهم: مطعان ومطعام، فمطعان معدول عن فاعل، ومطعام عن مفعل، وقالوا: امرأة ميلاد وولود، إذا وصفوها بكثرة الولاد. ومن ذلك فعل، كفهم وأشر وحذر، والأشر: البطر، وفى التنزيل: {كَذّابٌ أَشِرٌ} (¬5) قرن فعلا/بفعّال، وأنشد سيبويه (¬6): حذر أمورا لا تضير وآمن … ما ليس منجيه من الأقدار ¬

(¬1) تفسير أسماء الله الحسنى ص 28، واشتقاق أسماء الله ص 40. (¬2) الآية الخامسة من سورة إبراهيم، وغير ذلك من الكتاب العزيز. (¬3) سورة المائدة 109، وغير ذلك من الكتاب الحكيم. (¬4) شنّع البغدادىّ على ابن الشجرى فى هذا، وذكر أن البيت من قصيدة رثى بها أبو طالب أبا أميّة ابن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، وكان ختنه، زوج أخته عاتكة بنت عبد المطلب. والبيت فى ديوان أبى طالب ص 79، والكتاب 1/ 111، والمقتضب 2/ 114، والأصول 1/ 124، والتبصرة ص 225، والبسيط ص 1056، وشرح الجمل 1/ 560، والخزانة 4/ 242،244، وغير ذلك مما تراه فى حواشى تلك المراجع. (¬5) سورة القمر 25. (¬6) الكتاب 1/ 113، وقد قيل إن هذا البيت مصنوع، وزعم بعضهم أن أبان بن عبد الحميد اللاحقى الشاعر المعروف ذكر أن سيبويه سأله عن شاهد فى إعمال «فعل» فعمل له هذا البيت. وقد ردّ أهل العلم هذه الرواية وشنّعوا على قائلها. انظر شرح أبيات سيبويه 1/ 409، والنكت فى تفسير-

وممّا اختصّ بالنداء عدولهم عن فاعل وفعيل إلى مفعلان، كقولهم: يا مكذبان ويا مخبثان ويا ملأمان، يريدون: يا كاذب ويا خبيث ويا لئيم، بالغوا فى وصفه بالكذب والخبث واللّؤم، وقالوا: يا مكرمان، فبالغوا فى وصفه بالكرم. ومن الأمثلة التى عدلوا إليها فى النّداء: فعل وفعال، كقولهم للرجل: يا فسق ويا خبث ويا غدر ويا لكع، وللمرأة: يا فساق ويا خباث ويا غدار ويا لكاع، ولا يكادون يستعملون شيئا من هذين الضّربين فى غير النداء، إلاّ على سبيل الشذوذ، كقوله (¬1): أطوّف ما أطوّف ثم آوى … إلى بيت قعيدته لكاع وقولهم: يا لكع، معناه: يا لئيم، يقال: لكع الرجل لكاعة، إذا لؤم، وقولهم: بنو اللّكيعة، قيل: اشتقاق هذه اللفظة من اللّكع، وهو الوسخ، وقال رجل للحسن البصرىّ: يا با سعيد، إنّ العامّة تزعم أنك تبغض عليّا، فأكبّ يبكى طويلا، ثم رفع رأسه وقال: والله لقد فارقكم بالأمس رجل كان سهما من مرامى الله على أعدائه، ربّانيّ هذه الأمة، ذو شرفها وفضلها، وذو قرابة من رسول الله صلّى الله عليه وسلم قريبة، لم يكن بالنّومة عن حقّ الله، ولا بالغافل عن أمر الله، ولا بالسّروقة من مال الله، أعطى القرآن عزائمه في ما له وعليه، فأشرف منها على رياض مونقة، وأعلام بيّنة. ذلك علىّ بن أبى طالب يا لكع (¬2). قوله: «مونقة» حسنة معجبة. وجملة الأمر أنّ كلّ واحد من مثالى فعل وفعال ينقسم إلى ثمانية أقسام: أمّا فعل فيكون اسم جنس، كجرذ ونغر وصرد. ¬

= كتاب سيبويه 1/ 247، والمقتضب 2/ 116، والتبصرة ص 227، وشرح الجمل 1/ 562، والبسيط ص 1058،1059، والخزانة 8/ 169، وحواشى هذه المراجع. (¬1) الحطيئة. ديوانه ص 330، وهو بيت سيّار. راجع معجم الشواهد ص 231. (¬2) الأخبار الموفّقيات ص 192، والبيان والتبيين 2/ 108، وحلية الأولياء 1/ 84.

ويكون جمعا كغرف وظلم/وحجر. ويكون مصدرا، كهدى وتقى وسرى. ويكون صفة كحطم، فى قوله: قد لفّها اللّيل بسوّاق حطم (¬1) ولبد، فى قوله تعالى: {يَقُولُ أَهْلَكْتُ مالاً لُبَداً} (¬2) اللّبد: الكثير. والسّواق الحطم: الذى يحطم من شدّة سوقه ما يسوقه، والحطم: الكسر. والصّرد: طائر، وكذلك النّغر طائر أصغر من العصفور. وكان فى حجر أمّ سليم (¬3) يتيم يكنى أبا عمير، فدخل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم يوما عليها فوجده يبكى، فقال: ما باله؟ فقالت: يا رسول الله، طار نغره، فقال عليه السلام يداعبه: «يا أبا عمير، ذهب (¬4) النّغير». فهذه الأقسام الأربعة مصروفة، والأربعة الأخر معدولة. ¬

(¬1) من رجز شهير، زاده شهرة إنشاد الحجّاج له، وقد اختلف فى نسبته، وجاء فى رجز كثير من الرجّاز، والأكثرون على أن قائله رشيد بن رميض العنزىّ-وليس العنبرى-وتحقيق ذلك فى حواشى السّمط ص 729، والكامل صفحات 494،499،1230، والحماسة الشجرية ص 143،144 - ونسبته فيها إلى الأغلب العجلىّ. ثم انظر الكتاب 3/ 223، والمقتضب 1/ 55،3/ 323، وحواشيهما. (¬2) الآية السادسة من سورة البلد. (¬3) فى الأصل، د «أم سلمة». خطأ. وهى أم سليم بنت ملحان بن خالد. أم مالك بن أنس رضى الله عنه، تزوّجت بعد أبيه مالك: أبا طلحة الأنصارىّ. وقد اختلف فى اسمها اختلافا كثيرا. راجع الاستيعاب ص 1940، وغوامض الأسماء المبهمة ص 491، وسير أعلام النبلاء 2/ 304. (¬4) صحيح البخارى (باب الانبساط إلى الناس، وباب الكنية للصبىّ قبل أن يولد للرجل، من كتاب الأدب) 8/ 37،55، وصحيح مسلم (باب تحنيك المولود عند ولادته-الحديث الأخير-من كتاب الآداب) ص 1692، وأخرجه الخطيب البغدادى فى تلخيص المتشابه فى الرسم ص 31، والفائق 4/ 8، والنهاية 5/ 86، وانظر حواشى سير أعلام النبلاء، وتلخيص المتشابه.

فالأول: العلم المعدول عن فاعل، كعمر، وقثم وزحل، عدلوا عمر عن عامر، وقثم عن قاثم، وزحل عن زاحل، فقثم من القثم، وهو الإعطاء، يقال: قثم له من ماله. ويقال: زحل عن المكان فهو زاحل، إذا تنحّى عنه متباطئا. والقسم الثانى: فعل المعدول عن أفعل من كذا، وهو أخر، فأخر جمع أخرى فى قوله تعالى: {وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ} (¬1) وفى قوله: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّامٍ أُخَرَ} (¬2) الأصل: من أيّام أخرى، كما قال: {أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللهِ آلِهَةً أُخْرى} (¬3) فأخر معدولة عن آخر من كذا. ومعنى قولنا: معدولة عن آخر من كذا: أنّ قولك: جاءنى الهندات ونساء أخر، أصله: ونساء آخر منهنّ، كما تقول: جاء الهندات ونساء أفضل منهنّ، لأن الآخر، والأخرى من باب الأفضل والفضلى، والأكبر والكبرى، ولكنه شذّ عن نظائره، فعرّى من الألف واللام، ومن «من». والقسم الثالث: فعل، فى قولهم: جاء النساء جمع كتع بصع، فجمع معدولة عن جمع، فى قول أبى عثمان المازنىّ؛ لأنه جعل أجمع وجمعاء، من باب أحمر وحمراء، وهذا الباب قياس جمعه: فعل، كحمر وصفر، فعدلوا على قول أبى عثمان جمع المفتوح/العين عن جمع الساكنة عينه. وخالفه النحويّون فى هذا القول، لمخالفة أجمع لباب أحمر، من حيث قالوا: أجمعون، ولم يقولوا: أحمرون، لم يجمعوه بالواو والنون، كما لم يجمعوا مؤنّثه بالألف والتاء، فجمعاء عندهم كصحراء، فجمعها فى القياس جماعى، ¬

(¬1) سورة آل عمران 7، وانظر المقتضب 3/ 377. (¬2) سورة البقرة 184،185. (¬3) الأنعام 19.

كصحارى، فجمع إذا معدولة [عن] (¬1) جماعى، وإن لم ينطقوا بجماعى. ولو أنهم قالوا فى جمع جمعاء: جمعاوات، كان قياسا كصحراوات. فإن قيل: فما العلّة التى انضمّت إلى العدل فى جمع، حتى امتنع من الصرف؟ قيل: هى التّعريف. فإن قيل: وما وجه التعريف فيه، وليس بعلم ولا مضمر ولا اسم إشارة؟ فالجواب: أن هذه الألفاظ الموضوعة للتوكيد، حقّها الإضافة إلى ضمير غيبة، كالكلّ والنّفس والعين، فى قولك: جاء القوم كلّهم، وجاء زيد نفسه وعينه، وكذلك قولهم: جاء الجيش أجمع، إضافة «أجمع» إلى الضمير مرادة، وكذلك: جاء القوم أجمعون، وجاءت القبيلة جمعاء، وجاء النساء جمع، التقدير: جاء الجيش أجمعه، والقوم أجمعوهم، والقبيلة جمعاؤها، والنساء جمعهنّ، فحذف المضاف إليه، وبقى التعريف فيهنّ لتقدير إضافتهن إلى الضمير، كما حذف الضمير من كلّ فى قوله تعالى: {وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ} (¬2) التقدير: وكلّهم، كما قال: {وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً} (¬3). ولإرادة التعريف فيهنّ بتقدير إضافتهنّ إلى الضمير أتبعن المعارف دون النكرات، فلا يجوز: جاء جيش أجمع، ولا قبيلة جمعاء، ولا قوم أجمعون، ولا نساء جمع، فأجمع على هذا حكمه حكم أحمد، ولم ينصرف للتعريف والوزن، وجمعاء كعفراء: اسم امرأة، ولو لم يكن فيها غير همزة التأنيث لامتنعت من ¬

(¬1) من د. (¬2) سورة النمل 87. (¬3) سورة مريم 95.

الصّرف؛ لأن التأنيث بالهمزة علّة تقوم مقام علّتين، لكونه تأنيثا لازما، فلزومه يقوم مقام علّة أخرى. فأما كتع بصع فحكمهما حكم جمع فى تقدير العدل فيهما/وتقدير الإضافة إلى الضمير، فمن النحويّين من قال: إن المراد بهما شدّة التوكيد، فهما تابعان غير مشتقّين، ومنهم من قال: إنّ كتع مأخوذ من قولهم: كتع فلان فى أمره: إذا شمّر فيه، وبصع مأخوذ من قولهم: بصع الماء، إذا سال، وتبصّع عرقه، وقد روى: بضع عرقه وتبضّع، بالضاد المعجمة. والقسم الرابع من [هذه] (¬1) الأقسام المعدولة: فعل، المختصّ بالنداء، كقولهم: يا فسق ويا غدر ويا خبث، فهذا مبنىّ معرفة؛ لأنه منادى قصد قصده، فلذلك تقول: يا فسق الخبيث. وفعال حكمه حكم فعل، فى الانقسام إلى ثمانية أقسام، الأول: كونه اسما مفردا مذكّرا، كغزال وفدان (¬2)، ومفردا مؤنّثا، كعناق وأتان. والثانى: كونه وصفا لمذكّر، كجواد وجبان، ولمؤنّث كحصان ورزان. والثالث: كونه مصدرا، كذهاب وضمان. والرابع: كونه جمعا (¬3)، كجراد وبنان وسحاب، وفى التنزيل: ¬

(¬1) من د. (¬2) هكذا فى د، وكانت كذلك فى الأصل، ثم غيّرها قارئ، وجعلها «قذال» والفدان بتخفيف الدال: الذى يجمع أداة الثّورين فى القران للحرث، وهو ما يسمّى فى عاميّة مصر: (النّاف). وقد سبق لابن الشجرى التمثيل به فى المجلس الرابع والعشرين. هذا وقد جاء البناءان: قذال وفدان، فى الكتاب 3/ 602، والتكملة ص 165، وحكى ابن برّى «فدان» عن سيبويه. راجع اللسان (فدن). (¬3) هكذا، ولم أر من علماء الصرف من ذكر (فعال) فى أبنية جموع التكسير، والمعروف فى مثل هذا الذى ذكره ابن الشجرى أنه اسم جنس جمعى، وهو الذى يدلّ على أكثر من اثنين ويفرّق بينه-

{وَيُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ} (¬1). فهذه الأربعة معربة مصروفة، كما ترى، والأربعة الباقية (¬2) معدولة مبنيّة، لا خلاف فى بنائهنّ، إلاّ فى القسم الرابع، على ما ستراه، إن شاء الله. فالأول: فعال المسمّى بها فعل الأمر للمواجه، كنزال ونظار ومناع وحذار وتراك ودراك، هذه معدولة عن انزل وأنظر وامنع واحذر واترك وأدرك، وحكمها فى اللّزوم والتعدّي حكم مسمّياتها، قال ربيعة بن مقروم الضّبّىّ: (¬3) فدعوا نزال فكنت أوّل نازل … وعلام أركبه إذا لم أنزل وقال آخر (¬4): حذار من أرماحنا حذار وقال آخر: نظار كى أركبها نظار (¬5) أراد بقوله: «نظار» أنظر، بفتح الهمزة وكسر الظاء، وليس من نظر ¬

= وبين واحده بالياء كروم ورومىّ، وزنج وزنجيّ، أو بالتاء، كبقرة وبقر، وتمرة وتمر. وهذا ما ذكره المصنّف رحمه الله، فإن مفرد جراد: جرادة، وبنان: بنانة، وسحاب: سحابة. والله أعلم. (¬1) سورة الرعد 12. (¬2) انظر المقتضب 3/ 368. (¬3) فى شعره ضمن (شعراء إسلاميون) ص 269، وتخريجه فى 292، وهو أيضا فى الإنصاف ص 536، وشرح المفصل 4/ 27. (¬4) أبو النجم العجلى. ديوانه ص 97، وتخريجه ص 246، وزد عليه ما فى حواشى الكتاب 3/ 271، والمقتضب 3/ 370، وما بنته العرب على فعال ص 32،50. (¬5) نسبه سيبويه فى الموضع السابق من الكتاب إلى رؤبة، وليس فى ديوانه المطبوع، وهو لأبيه العجاج فى ديوانه ص 76، وشرح أبيات سيبويه 2/ 308، وانظر المقتضب-الموضع السابق، والكامل ص 589، والإنصاف ص 540.

العين، وإنما المراد به الانتظار، كما جاء فى التنزيل: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً} (¬1) /أي ينتظرون، وكما قال الشاعر يخاطب ميّتا: هل انت ابن ليلى إن نظرتك رائح … مع الرّكب أو غاد غداة غد معى (¬2) أراد: انتظرتك، وقال آخر (¬3) فى المتعدّى: تراكها من إبل تراكها … أما ترى الموت لدى أوراكها أراد: أنّ أوراكها من شدّة السير، كأنّها فى استرخائها قد شارفت الموت، ومثله فى المتعدّى قول الآخر (¬4): مناعها من إبل مناعها … أما ترى الموت لدى أرباعها الأرباع: جمع الرّبع، وهو ولد الناقة الذى تلده فى الرّبيع، والهبع: الذى تلده فى أول الصيف، وجمعه أهباع، كرطب وأرطاب. وحقّ هذه الأسماء فى الأصل أن تبنى على الوقف (¬5)؛ لأنها أعلام لأفعال موقوفة، فاحتاجوا إلى تحريكها لالتقاء الساكنين، فحرّكوها بالكسرة، لأمرين: أحدهما أنّ الكسرة أصل فى حركة التقاء الساكنين، والثانى: أنها أسماء مؤنّثة، ¬

(¬1) سورة الزخرف 66، وانظر أيضا الآية 18 من سورة محمد عليه الصلاة والسّلام. (¬2) سبق فى المجلس التاسع والعشرين. (¬3) طفيل بن يزيد الحارثىّ. الكتاب 1/ 241،3/ 271، والمقتضب 3/ 369،4/ 252، والكامل ص 588، والتبصرة ص 251، والجمل المنسوب للخليل ص 183، والخزانة 5/ 160، وغير ذلك مما تراه فى حواشى تلك الكتب. وسيعيده ابن الشجرى فى المجلس التاسع والخمسين. (¬4) راجز من بنى بكر بن وائل، وقيل من بنى تميم، كما فى شرح أبيات سيبويه 2/ 298، وما بنته العرب على فعال ص 67، وانظر الكتاب 1/ 242،3/ 270، والمقتضب 3/ 370، والمذكر والمؤنث ص 601، والمخصص 17/ 63، والتبصرة ص 251، والإنصاف ص 537، وشرح المفصل 4/ 51، والخزانة 5/ 161، فى سياقة الشاهد السابق. (¬5) أى السّكون. وما يذكره ابن الشجرى هنا مسلوخ من كلام الزجاج فى ما ينصرف ص 72.

والكسرة من علامات التأنيث فى نحو أنت فعلت، و {كَذلِكَ قالَ رَبُّكَ} (¬1) وذلك أن الكسرة من الياء، والياء قد استعملت علامة للتأنيث فى قولهم: تفعلين، وهذى أمة الله، ويدلّك على تأنيث هذه الأسماء قول زهير (¬2): ولنعم حشو الدّرع أنت إذا … دعيت نزال ولجّ فى الذّعر وقول زيد الخيل (¬3): وقد علمت سلامة أنّ سيفى … كريه كلّما دعيت نزال وعلّة بناء هذا الضّرب أنه صيغة نابت عن صيغة تضمّنت معنى الحرف، فنزال ناب عن انزل، وانزل ناب عن فعل الأمر المجزوم باللام؛ لأنّ القياس/كان فى أمر المواجه: لتنزل، حملا على قولنا: لينزل، وللمتكلّم: لننزل، كما جاء فى التنزيل: {وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ} (¬4) ولكنّ الأمر للمواجه كثر استعماله، فاستثقلوا مجىء اللام فيه مع كثرة الاستعمال، فحذفوها مع حرف المضارعة، واجتلبوا للفعل إذا كان ثانيه ساكنا همزة الوصل، وبنوه لتضمّنه معنى اللاّم؛ وربما استعملوه على الأصل، فقد روى عن النبىّ صلّى الله عليه وآله وسلم أنه قال في بعض مغازيه: «لتأخذوا ¬

(¬1) سورة مريم 21. (¬2) ديوانه ص 89، والكتاب 3/ 271، والمقتضب 3/ 370، والأصول 2/ 132، وما ينصرف ص 75، والمذكر والمؤنث ص 601، والجمل ص 228، والمخصص 17/ 67، وما بنته العرب على فعال ص 87، وغير ذلك كثير مما تراه فى حواشى التبصرة 1/ 252. هذا ويأتى صدر هذا الشاهد فى بعض الكتب: ولأنت أشجع من أسامة إذ وقد ذكر البغدادىّ أن هذا صدر بيت المسيّب بن علس، وعجزه: نقع الصّراخ ولجّ فى الذّعر وهذا ليس فيه دعيت نزال. الخزانة 6/ 318. (¬3) شعره ص 194، وتخريجه فى 224 (ضمن شعراء إسلاميون). و «سلامة» هنا هو سلامة بن سعد بن مالك، من بنى أسد. حواشى المقتضب 3/ 371. (¬4) سورة العنكبوت 12.

مصافّكم (¬1)» وجاء فى بعض القراءات: «فبذلك فلتفرحوا» (¬2). وزعم الكوفيّون أن فعل الأمر للمواجه مجزوم بتقدير اللام الأمريّة، وهو قول مناف للقياس، وذلك أن الجزم فى الفعل نظير الجرّ فى الاسم، فحرف الجرّ أقوى من حرف الجزم، كما أن الاسم أقوى من الفعل، وحرف الجرّ لا يسوغ إعماله مقدّرا، إلاّ على سبيل الشذوذ (¬3)، وإذا امتنع هذا فى القوىّ فامتناعه فى الضعيف أجدر. وممّا يبطل ما قالوه أن الفعل المضارع إنما استحقّ الإعراب لمضارعته للاسم، ووجه مضارعته له بوجود حرف المضارعة فيه، لأنه بذلك يتخصّص بدخول السين أو سوف عليه، بعد شياعه، كما يتعرّف الاسم بالألف واللام بعد تنكّره، ولأنك تقول: إنّ زيدا لينطلق، كما تقول: إن زيدا لمنطلق، فتدخل عليه لام التوكيد، ولا يصحّ دخول هذه اللام على الفعل الأمرىّ، كما لا يصحّ دخولها على الماضى، والماضى أقوى من فعل أمر المواجه، بدلالة الوصف به والشرط به، وبنائه على حركة ¬

(¬1) الحديث بهذا اللفظ مما يرويه النحاة والمفسرون. ولم أجده فى دواوين السّنّة التى أعرفها. وانظره فى معانى القرآن للفراء 1/ 470، وتفسير القرطبى 8/ 354، واللامات للزجاجى ص 89، والجمل ص 208، والإنصاف ص 525، وأسرار العربية ص 318، ومعانى الحروف المنسوب للرمانى ص 57، ورصف المبانى ص 302، وشرح الكافية الشافية ص 1566، وإحالة محقّقه-فى تخريج الحديث-على مسلم والترمذى وأحمد، إحالة غير صحيحة، فالذى فى هذه الدواوين الثلاثة حديث آخر، جاءت فيه كلمة «مصافّكم» فقط. وهذه من آفات التعويل على المعجم المفهرس وحده دون الرجوع إلى الصحاح والمسانيد. وقد نبّه على هذا الوهم الدكتور محمود فجّال، فى كتابه الجيّد: السّير الحثيث إلى الاستشهاد بالحديث ص 418 - 420، وانظر أيضا حواشى الأشباه والنظائر 1/ 141. (¬2) سورة يونس 58، وانظر مع المراجع المذكورة فى تخريج الحديث السابق: معانى القرآن للأخفش ص 345، وتفسير الطبرى 15/ 109، وإيضاح الوقف والابتداء ص 224، والمحتسب 1/ 313، وإعراب ثلاثين سورة ص 43، والمقتضب 2/ 45،131،3/ 272، وحجة القراءات ص 333، وشرح المفصل 7/ 41،61، والبحر المحيط 5/ 172، والنشر 2/ 285. وهذه قراءة رويس عن يعقوب. (¬3) جاء هذا فى قول رؤبة وقيل له: كيف أصبحت؟ فقال: خير والحمد لله. بجرّ «خير». راجع المجلس الثانى والعشرين.

تشبه حركة الإعراب، من حيث لا تلحق آخره هاء السّكت، كما لا تلحق أواخر الأسماء المعربة. هذا ما جرّه شرح القسم الأول من أقسام فعال، المعدولة عن الفعل، من الفوائد. /فأمّا القسم الثاني: ففعال التى عدلوها عن المصدر للمبالغة، كما عدلوا فعال عن الفعل لذلك، وذلك قولهم: لا مساس، أى لا مماسّة، وجاء فى بعض القراءات: {فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ أَنْ تَقُولَ لا مِساسَ} (¬1) وقال الشاعر: فقلت امكثى حتّى يسار لعلّنا … نحجّ معا قالت أعاما وقابله (¬2) ¬

(¬1) سورة طه 97. وهذه قراءة أبى حيوة. المحتسب 2/ 56، وما بنته العرب على فعال ص 55. وانظر معانى القرآن للفراء 2/ 190، وللزجاج 3/ 375، والمخصص 17/ 64، والصحاح (مسس). (¬2) البيت من غير نسبة فى الكتاب 3/ 274، والمذكر والمؤنث ص 603، والمخصص 17/ 64، وما بنته العرب على فعال ص 52، وشرح المفصل 4/ 55. ونسبه ابن السّيرافى لحميد بن ثور، بقافية مضمومة «وقابله»، ثم ذكر مطلع القصيدة وبيتا ثالثا. شرح أبيات سيبويه 2/ 316. وقد أثبته العلاّمة الميمنى رحمه الله فى ديوان حميد بن ثور، برواية: فقلت امكثى حتى يسار لو أننا نحجّ فقالت لى أعام وقابل ديوان حميد بن ثور ص 117، وانظر استدراكات شيخنا عبد السلام هارون، رحمه الله، عليه ص 173. وذكر البغدادىّ أن البيت لحميد الأرقط، قال رضى الله عنه: «وأما البيت الذى أورده سيبويه. . . فقد أورده غفلا غير منسوب، ولم يعزه شرّاح أبياته، وقال ابن السيّد: لا أعرف قائله، وعيّنه ابن هشام اللخمىّ، فقال: هو لحميد الأرقط، يقول لزوجه وكانت قد سألته الحجّ، وكان مقلاّ، فقال لها: امكثى حتى يرزقنا الله مالا نحجّ به، فقالت منكرة لقوله: أأمكث عاما وقابله، أى قابل ذلك العام، والقابل بمعنى المقبل». الخزانة 6/ 338، ورحم الله البغدادىّ، فكم حفظ لنا من علم!. ومعلوم فرق ما بين حميد بن ثور، وحميد الأرقط، فالأول شاعر مخضرم عاش فى الجاهلية، وقضى الشطر الأكبر من حياته فى الإسلام، رضى الله عنه. والثانى شاعر أموىّ، كان معاصرا للحجاج، وسيأتى له شعر فى المجلس الخامس والستين.

عدل يسار عن الميسرة، وقال النابغة (¬1): أنّا اقتسمنا خطّتينا بيننا … فحملت برّة واحتملت فجار الخطّة: الحال الصّعبة، يقال: وقعوا فى خطّة سوء. وبرّة: اسم علم للبرّ. وفجار: اسم للفجرة. ومثله جماد اسم للجمود، وحماد اسم للحمد، فى قوله (¬2): جماد لها جماد ولا تقولوا … طوال الدّهر ما ذكرت حماد بالحاء، أراد: قولوا لها جمودا، ولا تقولوا لها حمدا، ومنه قول الآخر: وذكرت من لبن المحلّق شربة … والخيل تعدو بالصّعيد بداد (¬3) ¬

(¬1) ديوانه-صنعة ابن السّكّيت-ص 98، والكتاب 3/ 274، والخصائص 2/ 198 3/ 261،265، والمخصص 17/ 64، وما بنته العرب على فعال ص 45، والخزانة 6/ 327، وانظر حواشيها. وقول النابغة «أنّا» بفتح الهمزة، لأنها مع معموليها فى تأويل مصدر سادّ مسدّ مفعولى «علمت» فى البيت السابق. أعلمت يوم عكاظ إذ جاريتنى تحت العجاج فما خططت غبارى يخاطب زرعة بن عمرو الكلابىّ، وكان قد لقى النابغة بعكاظ وعرض عليه أن يشير على عشيرته أن يغدروا ببنى أسد وينقضوا حلفهم، فأبى النابغة، وجعل خطّته فى الوفاء «برّة» وخطة زرعة لما دعاه إليه من الغدر ونقض الحلف «فجار». (¬2) المتلمّس. ديوانه ص 167، وأشبعه محققه-رحمه الله رحمة واسعة-تخريجا. وانظر البيت أيضا فى الأصول 2/ 133، وما ينصرف ص 74، وما بنته العرب على فعال ص 24 (¬3) نسبه سيبويه إلى الجعدىّ-النابغة-الكتاب 3/ 275، وعنه أثبته ناشر ديوانه ص 241، والصحيح أنه لعوف بن عطيّة بن الخرع التّيمى-جاهلى. انظر شرح أبيات سيبويه 2/ 299، وما ينصرف ص 73، والمذكر والمؤنث ص 602، والإبل للأصمعى ص 133،134، والمخصص 7/ 156، 17/ 64، وما بنته العرب على فعال ص 20، والخزانة 6/ 363، وفى حواشيها مراجع أخرى. وانظر طبقات فحول الشعراء ص 165،166. وقوله «وذكرت» يقرأ بفتح التاء؛ لأنه يردّ على لقيط بن زرارة، فإنه كان هجا عديّا وتيما.

أراد: بددا. وقوله: من لبن المحلّق: أى من لبن النّعم الذى عليه وسوم كأمثال الحلق. والقسم الثالث: فعال المعدولة عن الصّفة الغالبة، وذلك أن الصفة والمصدر فى الدلالة على الفعل، بمنزلة اسم الفعل الذى هو نزال، فى دلالته على انزل، وذلك قولهم للضّبع: جعار، اسم لها خاصّة، مأخوذ من الجعر، وهو ذو (¬1) بطنها، وبطن الذئب والكلب، وخصّوها بهذا الاسم دونهما؛ لكثرة جعرها، قال الشاعر: فقلت لها عيثى جعار وجرّرى … بلحم امرئ لم يشهد اليوم ناصره (¬2) عيثى: من العيث، وهو الإفساد. /ومثل «جعار» فى كونها معدولة عن صفة غالبة، قولهم للمنيّة: حلاق، عدلوها عن الحالقة، كما عدلوا جعار عن الجاعرة، قال (¬3): ¬

(¬1) يقال: ألقى الرجل ذا بطنه، كناية عن الرّجيع. والرجيع: هو الرّوث والفضلات. فعيل بمعنى مفعول. (¬2) نسبه سيبويه إلى النابغة الجعدى. الكتاب 3/ 273، وهو بيت مفرد فى ديوانه ص 220، وذكر الصاغانىّ إنشاد سيبويه البيت للنابغة الجعدى، ثم قال: «ولم أجده فى شعره». ما بنته العرب على فعال ص 31. والبيت نسبه إلى الجعدىّ أيضا ابن سيده فى المخصص 17/ 64، وعلّق العلاّمة الشنقيطىّ، رحمه الله، على هذه النسبة، فقال: «الصواب أن قائله أبو صالح عبد الله بن خازم الصحابى السّلمىّ» ثم روى رواية عن تاريخ الطبرى تتصل بمسير مصعب إلى عبد الملك، وفيها ذكر «ابن خازم» هذا، وإنشاده البيت. وقد رجعت إلى هذه الرواية فى تاريخ الطبرى 6/ 158، وغاية ما فيها أن ابن خازم تمثّل بالبيت، وهو بيت مفرد، ولا دليل على أنه قائله ومنشئه. وآية ذلك أنه يأتى فى كتب الأمثال غير منسوب: التمثيل والمحاضرة ص 357، ومجمع الأمثال 2/ 14، والمستقصى 2/ 173 - فى شرح المثل «عيثى جعار» وهو يضرب للرجل المفسد. وقد رأيت الفصل فى هذا، عند الإمام الذهبى فى سير أعلام النبلاء 4/ 144، فقد ذكر تلك الرواية، وقال: ثم تمثّل. . . وأورد البيت. وانظر الشاهد أيضا فى المقتضب 3/ 375، وما ينصرف ص 74، وحواشى سيبويه. (¬3) الأخزم بن قارب الطائى، أو المقعد بن عمرو. الكتاب 3/ 273، وشرح أبياته 2/ 264، والمقتضب 3/ 372، وما ينصرف ص 74، والمخصص 17/ 64، وما بنته العرب على فعال ص 79، وانظر حواشى الكتاب.

لحقت حلاق بهم على أكسائهم … ضرب الرّقاب ولا يهمّ المغنم قوله: «ضرب الرّقاب» من إضافة المصدر إلى المفعول، أراد تضرب الرقاب ضربا، ومثله فى التنزيل: {فَضَرْبَ الرِّقابِ} (¬1) أى فاضربوا الرّقاب ضربا. ومن إضافة المصدر إلى الفاعل قوله تعالى: {صُنْعَ اللهِ} (¬2) أى صنع الله صنعا و {وَعْدَ اللهِ حَقًّا} (¬3) أى وعد الله وعدا حقّا. الأكساء: جمع كسء، وهو آخر الشىء وعقبه. وقوله: «ولا يهمّ المغنم» أراد: أنهم إنما قصدوا الأنفس، دون الأموال، وقال مهلهل بن ربيعة: ما أرجّى بالعيش بعد ندامى … كلّهم قد سقوا بكأس حلاق (¬4) وإنما الحالقة نعت غالب، أى غلب على الاسمية، فاختصّ بالمنيّة، ومثله النابغة، هو نعت فى الأصل، وغلب حتى صار اسما، فلذلك حذف الألف واللام منه فى قول الشاعر (¬5): ¬

(¬1) الآية الرابعة من سورة محمد عليه الصلاة والسلام. (¬2) سورة النمل 88. (¬3) سورة النساء 122، ويونس 4. (¬4) يأتى أيضا منسوبا لعدىّ بن ربيعة، وهو المهلهل نفسه، وإنما سمّى بذلك لأنه أول من هلهل الشّعر، أى رقّقه، وقيل غير ذلك. انظر رسالة الغفران ص 272، والشاهد فى الكتاب 3/ 274، وشرح أبياته 2/ 242، والمقتضب 3/ 373، وما ينصرف ص 74، والمذكر والمؤنث ص 602، والمخصص 17/ 64، وما بنته العرب على فعال ص 80، وانظر حواشى الكتاب، وإيضاح شواهد الإيضاح ص 689، والتبصرة ص 564. (¬5) مسكين الدارمىّ. ديوانه ص 49، ورواية العجز فيه: عليه صفيح من رخام مرصّع والقصيدة عينيّة. وبمثل روايتنا جاء فى المقتضب 3/ 373، وإن كانت القافية فيه مكسورة «منضّد». وانظر حواشى كتاب الشعر ص 532، وشرح أبيات سيبويه 2/ 225.

ونابغة الجعدىّ بالرّمل بيته … عليه صفيح من تراب منضّد الصّفيح: الحجارة الرّقاق العراض، وهى الصّفّاح أيضا. والقسم الرابع: فعال، العلم المعلّق على النساء، المعدول عن مثال فاعلة، نحو حذام (¬1) وقطام، ورقاش وغلاب، عدلوهنّ عن حاذمة وقاطمة وراقشة وغالبة. واشتقاق حذام: من الحذم، وله معنيان: القطع، والمشى الخفيف. وقطام: من القطم، وهو القطع أيضا، أو من القطم (¬2)، وهو الشّهوة، يقال: فحل قطم، إذا كان يشتهى الضّراب. ورقاش: من الرّقش، وهو مثل النّقش، ومنه حيّة رقشاء، إذا كانت منقّطة. وفى فعال هذه لغتان، فأهل الحجاز يبنونه على الكسر، كقوله: /إذا قالت حذام فصدّقوها … فإنّ القول ما قالت حذام (¬3) وكقول النابغة (¬4): أتاركة تدلّلها قطام … وضنّا بالتّحيّة والسّلام (¬5) ¬

(¬1) ضبطت الميم فى الثلاثة الأمثلة فى الأصل، د، بالفتح والكسر، وكتب فوقها «معا» وسيأتى كلام ابن الشجرىّ عليه. (¬2) هذا بالتحريك. (¬3) هذا بيت سيّار، وتراه فى غير كتاب. وقائله لجيم بن صعب، أو ديسم بن طارق. انظر ما ينصرف ص 75، والمذكر والمؤنث ص 600، والجمل المنسوب للخليل ص 178، ومجمع الأمثال 2/ 106 (باب القاف)، وما بنته العرب على فعال ص 89، وإيضاح شواهد الإيضاح ص 692، ومعجم شواهد العربية ص 370. (¬4) ديوانه ص 130، بقافية «والكلام». وجاء فى ديوانه ص 158 - رواية ابن السّكّيت: «ويروى «والسّلام «والكلام أجود». والبيت فى المذكر والمؤنث ص 599، والتبصرة ص 565، وشرح المفصل 4/ 64. (¬5) أتاركة، يقرأ بالنصب، لأنه هنا موضع المصدر، كما تقول: أقاعدا وقد سار الركب؟ راجع الموضع الأول المذكور من ديوانه، وهو رواية الأصمعىّ من نسخة الأعلم. و «ضنّا» بالفتح والكسر. وأكثر ما رأيته مكسورا.

وبنو تميم يعربونه غير مصروف، فيقولون: هذه قطام، ورأيت قطام، ومررت بقطام. فإن كان آخر شيء من هذا النوع راء أجمع الفريقان على بنائه، وذلك قولهم: حضار، فى اسم كوكب، وسفار، فى اسم ماء، وإنما جنح بنو تميم إلى بناء هذين الاسمين، فوافقوا أهل الحجاز فى بنائهما؛ لأنّ الإمالة لغة بنى تميم، ولا تصحّ الإمالة فيما آخره راء مضمومة ولا مفتوحة، فعدلوا إلى كسر آخرهما لتصحّ الإمالة فيهما. هذا قول أبى العباس المبرّد. وقد جاء اسم ثالث آخره راء، وهو وبار، اسم إقليم تسكنه الجنّ، مسخ أهله، وقد أعربه الأعشى، وصرفه للضّرورة فى قوله: (¬1) ومرّ دهر على وبار … فهلكت جهرة وبار وإنما امتنعت الإمالة ممّا آخره راء مضمومة أو مفتوحة؛ لأنّ الراء فيها تكرير، فالحركة تقوم فيها مقام حركتين، فإذا كانت الضمّة فى هذا الحرف تقوم مقام الضمتين، والضّمة من موانع الإمالة، وكذلك الفتحة، رفضوا (¬2) إمالة ما آخره راء مضمومة أو مفتوحة، كقولك: هذا حمار، وركبت حمارا، وحسنت الإمالة لمّا انكسرت الراء فى نحو: {كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً} (¬3). ولأبى العباس فى علّة بناء فعال هذه، مذهب قد أخذ عليه (¬4)، وهو أنه جعل علّة بنائها اجتماع ثلاثة أسباب من الأسباب الموانع للصّرف، وهى التعريف والتأنيث والعدل، فقال: إنّ التنوين إذا سقط بعلّتين، التعريف والتأنيث، أسقط العدل الحركة ¬

(¬1) ديوانه ص 281، والكتاب 3/ 279، والمقتضب 3/ 50،376، وحواشيهما. (¬2) الكتاب 4/ 136، وانظر الإمالة فى القراءات واللهجات العربية، للدكتور عبد الفتاح إسماعيل شلبى ص 251. (¬3) الآية الخامسة من سورة الجمعة. (¬4) المقتضب 3/ 374.

التى هى إعراب، فجعل انضمام العدل إلى التعريف والتأنيث موجبا للبناء. /وقد أبطلوا (¬1) ما ذهب إليه بقول العرب: أذربيجان، فأعربوها وفيها خمس علل؛ العجمة والتأنيث والتعريف والتركيب والألف والنون. وقال من أفسد قول أبى العباس: إنّما بنيت فعال هذه، وفعال المعدولة عن المصدر، والمعدولة عن الصّفة الغالبة، حملا على باب نزال؛ لأن المشابهة بينهما من أربعة أوجه: أحدها: الموازنة، والثانى: العدل، والثالث: التأنيث، والرابع: أنهنّ كلّهنّ أعلام وضعن لمسمّيات [بهنّ] (¬2). ولعليّ بن عيسى الرّبعىّ، فى بناء حذام، ونظائرها، علّة لم يسبق إليها، وهى تضمّنهنّ معنى علامة التأنيث التى فى حاذمة وقاطمة وراقشة، فلما عدلن عن اسم مقدّرة فيه تاء التأنيث، وجب بناؤهنّ لتضمّنهنّ معنى الحرف والقول الذى قدّمناه هو المعمول عليه، ألا ترى أنهم قد عدلوا جماد عن الجمود، وهو خال من تاء التأنيث. واعلم أنّك إذا سمّيت مذكّرا باسم من باب فعال المبنيّة بنيته، وإن سمّيته باسم من باب قطام، على لغة بنى تميم، منعته الصّرف، كما منعته إياه، وهو متعلّق (¬3) على امرأة. ... ¬

(¬1) هذا الوجه من إبطال كلام المبرد، والوجه التالى، من كلام ابن جنى فى الخصائص 1/ 179، 180، وراجع حواشى المقتضب. (¬2) زيادة من د. (¬3) فى د: معلّق.

المجلس الثامن والخمسون يتضمن الكلام فى أصل حركة التقاء الساكنين

المجلس الثامن والخمسون يتضمّن الكلام فى أصل حركة التقاء الساكنين [وفرعها (¬1)] وذكر مسائل (¬2) استفتيت فيها، بعد ما استفتى المكنّى بأبى نزار (¬3)، فجاء بخلاف ما عليه أئمّة النحويّين أجمعين، وكذلك خالف العرب قاطبة فى كلمة أجمعوا عليها، وأثبت خطّه بما سنح له من هذيانه، وأثبت بعده خطّه الشيخ أبو منصور موهوب بن أحمد [المعروف بابن الجواليقى (¬4)]. نسخة الفتوى ما يقول السّادة النحويّون، أحسن الله توفيقهم فى قول العرب: «يا أيّها الرجل»، /هل ضمّة اللام فيه ضمّة إعراب؟. وهل الألف واللام فيه للتعريف؟ وهل يأمل ومأمول، وما يتصرّف منهما جائز؟ وهل يكون سوى بمعنى غير؟ ¬

(¬1) ليس فى د. (¬2) حكاها السّيوطىّ فى الأشباه والنظائر 3/ 150 - 165، عن ابن الشجرى. وكذلك حكى ابن هشام عن ابن الشجرىّ ما يتصل بمأمول. شرح قصيدة بانت سعاد ص 46، ومثله صنع البغدادىّ فى الخزانة 9/ 148 - 152، وما يتصل بسوى. الخزانة 3/ 435 - 437. (¬3) هو الحسن بن صافى بن عبد الله بن نزار البغدادىّ الشافعى، عرف بملك النحاة، وهو الذى لقب نفسه بذلك، وكان يسخط على من يخاطبه بغيره. ولد ببغداد سنة تسع وثمانين وأربعمائة، وتوفى بدمشق سنة ثمان وستين وخمسمائة. وكان بارعا فى النحو، فهمّا ذكيّا فصيحا، إلاّ أنه كان عنده عجب بنفسه وتيه بعلمه، وذكروا من صفته أيضا أنه كان عزيز النفس كريما كثير الأنفة عن المطامع الدّنيّة. إنباه الرواة 1/ 305، وطبقات الشافعية 7/ 63. وانظر مقدمة (ملك النحاة حياته وشعره ومسائله العشر) تحقيق الدكتور حنّا جميل حدّاد. (¬4) زيادة من د. والأشباه والنظائر.

نسخة جواب الجاهل المكنى بأبى نزار

نسخة جواب الجاهل المكنّى بأبى نزار الضمّة فى اللام من قولهم: يا أيّها الرجل، ضمّة بناء، وليست ضمّة إعراب، لأن ضمّة الإعراب لا بدّ لها من عامل يوجبها، ولا عامل هنا يوجب هذه الضمّة. والألف واللام ليست هاهنا للتعريف؛ لأن التعريف لا يكون إلاّ بين اثنين فى ثالث، والألف واللام هنا فى اسم المخاطب، والصّحيح أنها دخلت بدلا من يا، وأيّ وإن كان منادى فنداؤه لفظيّ، والمنادى على الحقيقة هو الرجل، ولمّا قصدوا تأكيد التنبيه، وقدّروا تكرير حرف النداء، كرهوا التكرير فعوّضوا عن حرف النداء ثانيا «ها» فى أيّها، وثالثا الألف واللام، فالرجل مبنيّ بناء عارضا، كما أنّ قولك: يا زيد، يعلم منه أنّ الضمة فيه ضمّة بناء عارض. وأمّا «أمل ويأمل» فلا يجوز؛ لأن الفعل المضارع إذا كان على يفعل، بضم العين، كان بابه أنّ ماضيه على فعل، بفتح العين، وأمل، لم أسمعه فعلا ماضيا. فإن قيل: نقدّر أنّ يأمل فعل مضارع، ولم يأت ماضيه، كما أنّ يذر ويدع كذلك. قلت: قد علم أنّ يذر ويدع، على هذه القضيّة جاءا شاذّين، فلو كان معهما كلمة أخرى شاذّة لنقلت (¬1) نقلهما، ولم يجز أن لا تنقل، وما سمعنا أنّ ذلك ملحق بما ذكرنا. فلا يجوز: يأمل ولا مأمول، إلاّ أن يسمعنى الثّقة أمل، خفيف الميم. وأمّا «سوى»، فقد نصّ على أنها لا تأتى إلاّ ظرف مكان، وأنّ استعمالها اسما ¬

(¬1) فى الأصل، ود، وأصل الخزانة: «لم تنقل نقلهما» وهو خطأ، أثبتّ صوابه من الأشباه والنظائر. والعجيب أن هذا الخطأ قد جاء أيضا فى نسختين من الأشباه، مما يدلّ على أنه خطأ قديم.

/ نسخة جواب الشيخ أبى منصور موهوب بن أحمد

منصرفا بوجوه الإعراب، بمعنى «غير»، خطأ. وكتب أبو نزار النّحويّ. / نسخة جواب الشيخ أبى منصور موهوب بن أحمد ضمّة اللام من قولك: يا أيّها الرجل وشبهه، ضمّة إعراب، ولا يجوز أن تكون ضمّة بناء، ومن قال ذلك فقد غفل عن الصّواب، وذلك أنّ الواقع عليه النداء «أىّ» المبنىّ على الضمّ لوقوعه موقع الحرف، والرجل، وإن كان مقصودا بالنّداء، فهو صفة «أيّ» فمحال أن يبنى أيضا لأنه مرفوع رفعا صحيحا، ولهذا أجاز فيه أبو عثمان النصب على الموضع (¬1)، كما يجوز فى يا زيد الظريف، وعلّة رفعه أنه لما استمرّ الضمّ فى كلّ منادى معرفة، أشبه ما أسند إليه الفعل، فأجريت صفته على اللفظ، فرفعت، ومحال أن يدّعى تكرير حرف النداء مكان «ها» ومكان الألف واللام؛ لأن المنادى واحد، وإنما تقدّر الألف واللام بدلا من حرف النداء، فيما عطف بالألف واللام، نحو يا زيد والرجل؛ لأنّ المنادى الثانى غير الأول، فيحتاج أن يقدّر فيه تكرير حرف النداء، فقد صارت الألف واللام هناك كالبدل منه، وليس كذلك يا أيّها الرجل؛ لأنه بمنزلة: يا هذا الرجل، والألف واللام فيه للتعريف. وأمّا أمل يأمل فهو آمل، والمفعول مأمول، فلا ريب فى جوازه عند العلماء، وقد حكاه الثّقات، منهم الخليل (¬2) وغيره، والشاهد عليه كثير، قال بعض المعمّرين: المرء يأمل أن يعي‍ … ش وطول عيش قد يضرّه (¬3) وقال الآخر (¬4): ¬

(¬1) ذكره الرضىّ فى شرح الكافية 1/ 375. (¬2) العين 8/ 347، وفيه الماضى والمضارع فقط. (¬3) تنازع هذا البيت ثلاثة: النابغة الذبيانى، والجعدىّ ولبيد، رضى الله عنهما. وهو فى دواوينهم، صفحات 230،191،365، وتخريجه فى حواشى الوحشيات ص 155، والأشباه والنظائر، ومعجم الشواهد ص 169. (¬4) الربيع بن ضبع الفزارىّ. أدرك الجاهلية والإسلام، ولم يسلم. وقيل: أسلم. وقالوا: -

ها أنا ذا آمل الخلود وقد … أدرك عقلى ومولدى حجرا وقال كعب بن زهير (¬1): والعفو عند رسول الله مأمول وقال المتنبى، وهو من العلماء بالعربيّة: «حرموا الذى أملوا (¬2)». وأمّا «سوى»، فلم يختلفوا فى أنها تكون بمعنى «غير» وتكون أيضا بمعنى الشىء نفسه، /تقول: رأيت سواك، أي غيرك، وحكى ذلك أبو عبيد عن أبى عبيدة، وقال الأعشى: وما قصدت من أهلها لسوائكا (¬3) أى لغيرك، فهذه بمعنى غير، وهى أيضا غير ظرف، وتقدير الخليل (¬4) لها بالظّرف فى الاستثناء بمعنى مكان وبدل، لا يخرجها عن أن تكون بمعنى غير، وفيها لغات: إذا فتحت مدّت لا غير، وإذا ضمّت قصرت لا غير، وإذا كسرت جاز المدّ، والقصر أكثر. وما يحمل المتكلّم بالقول الهراء إلاّ فشوّ الجهل. وكتب موهوب بن أحمد. ¬

= عاش أربعين وثلاثمائة سنة. والبيت الشاهد من قصيدة قالها حين بلغ مائتى سنة وأربعين. المعمرون ص 9، وأمالى المرتضى 1/ 255، والإصابة 2/ 510، والخزانة 7/ 384. وانظر النوادر ص 446، وحواشى المقتضب 3/ 183، والأشباه والنظائر. (¬1) ديوانه ص 19، وصدره: نبّئت أن رسول الله أوعدنى (¬2) تمامه: حرموا الذى أملوا وأدرك منهم آماله من عاذ بالحرمان ديوانه 4/ 182، وقال شارحه: عاذ: بالذال المعجمة، من قولهم: عذت بالشىء: امتنعت به، ومنه العوذة. ومن روى بالدال المهملة فهو من الرجوع. والحرمان: حرمان الغنيمة، وأن يرجع بالخيبة. (¬3) فرغت منه فى المجلس الحادى والثلاثين. (¬4) وحكاه عنه سيبويه. الكتاب 2/ 350،4/ 431.

نسخة جوابى

نسخة جوابى الجواب والله سبحانه الموفّق للصّواب. إنّ ضمّة اللام فى قولنا: يا أيّها الرجل، ضمّة إعراب؛ لأن ضمّة المنادى المفرد المعرفة، لها باطّرادها منزلة بين منزلتين، فليست كضمّة حيث؛ لأن ضمّة حيث غير مطّردة، وذلك لعدم اطّراد العلّة التى أوجبتها، ولا كضمّة زيد، فى نحو خرج زيد؛ لأن هذه حدثت بعامل لفظىّ، ولو ساغ أن توصف «حيث» لم يجز وصفها بمرفوع حملا على لفظها؛ لأن ضمّتها غير مطّردة، ولا حادثة عن عامل. ولمّا اطّردت الضمّة فى قولنا: يا زيد، يا عمرو، يا محمد، يا بكر {يا لُوطُ إِنّا رُسُلُ رَبِّكَ} (¬1) {يا نُوحُ اِهْبِطْ} (¬2) {يا شُعَيْبُ ما نَفْقَهُ كَثِيراً مِمّا تَقُولُ} (¬3) وكذلك اطّردت فى النّكرات المقصود قصدها، نحو: يا رجل، يا غلام، يا مرأة {يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ} (¬4) {يا أَرْضُ اِبْلَعِي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقْلِعِي} (¬5) إلى مالا يحصى كثرة، تنزّل الاطّراد فيها منزلة العامل المعنويّ الرافع للمبتدإ، من حيث اطّردت الرّفعة فى كلّ اسم ابتدئ به مجرّدا من عامل لفظىّ، وجيء له بخبر، كقولك: زيد منطلق، عمرو ذاهب، جعفر جالس، محمد صادق، إلى مالا يدركه الإحصاء، فلما استمرّت ضمّة المنادى فى معظم الأسماء، كما استمرّت فى الأسماء المعربة الضمّة الحادثة عن/الابتداء، شبّهتها العرب بضمّة المبتدأ، فأتبعتها ضمّة الإعراب فى صفة المنادى، فى نحو: يا زيد الطويل، وجمع بينهما أيضا أن ¬

(¬1) سورة هود 81. (¬2) السورة نفسها 48. (¬3) السورة نفسها 91. (¬4) الآية العاشرة من سورة سبأ. (¬5) سورة هود 44.

الاطّراد معنى كما أن الابتداء معنى، ومن شأن العرب أن تحمل الشىء على الشىء، مع حصول أدنى تناسب بينهما، حتى إنهم قد حملوا أشياء على نقائضها (¬1): ألا ترى أنّهم قد أتبعوا حركة الإعراب حركة البناء فى قراءة من قرأ: {الْحَمْدُ لِلّهِ} (¬2) بكسر الدال، وكذلك أتبعوا حركة البناء حركة الإعراب في قراءة من قرأ {الْحَمْدُ لِلّهِ} بضم اللام (¬3)، وكذلك أتبعوا حركة البناء حركة الإعراب فى نحو: يا زيد ابن عمرو، فى قول من فتح الدال من زيد. وقد كان شافهنى هذا المتعدّى طوره بهذا الهراء الذى ابتدعه، والهذاء الذى اختلقه واخترعه، فقلت له: إنّ ضمّة المنادى لها منزلة بين منزلتين، فقال منكرا لذلك: وما معنى المنزلة بين المنزلتين؟ فجهل معنى هذا القول، ولم يحسّ بأنّ هذا الوصف يتناول أشياء كثيرة من العربية، كهمزة بين بين، التى هى بين الهمزة والألف، أو الهمزة والياء، أو الهمزة والواو، وكألف الإمالة، التى هى بين ألف التفخيم والياء، وكالصاد المشربة صوت الزاى، وكالقاف التى بين القاف الخالصة والكاف. وأما قوله: إنّ الألف واللام هنا ليست للتعريف؛ لأن التعريف لا يكون إلاّ بين اثنين فى ثالث، والألف واللام هنا فى اسم المخاطب، والصحيح أنها دخلت بدلا من ¬

(¬1) عالج ابن الشجرى أشياء من الحمل على النقيض فى المجلس الثامن، والمجلس السابع والستّين. (¬2) أول فاتحة الكتاب. وكسر الدال إتباع لحركة اللام، وهى قراءة الحسن البصرىّ وزيد بن على. المحتسب 1/ 37، والبحر 1/ 18، والإتحاف 1/ 363. (¬3) وهى قراءة أهل البادية، وإبراهيم بن أبى عبلة. وانظر مع المراجع السابقة: معانى القرآن للفراء 1/ 3، وللزجاج 1/ 45، وقد ذكر، رحمه الله، كلاما جيدا فى أن القراءة سنّة واتّباع، وأنه لا تجوز القراءة بكلّ ما يجوز فى الكلام، قال رحمه الله: «فأمّا القرآن فلا يقرأ فيه الْحَمْدُ إلاّ بالرفع؛ لأن السنّة تتّبع فى القرآن، ولا يلتفت فيه إلى غير الرواية الصحيحة التى قد قرأ بها القرّاء المشهورون بالضبط والثّقة» ثم قال: «وقد روى عن قوم من العرب: «الحمد لله» و «الحمد لله» وهذه لغة من لا يلتفت إليه ولا يتشاغل بالرواية عنه. وإنما تشاغلنا نحن برواية هذا الحرف؛ لنحذّر الناس من أن يستعملوه، أو يظنّ جاهل أنه يجوز فى كتاب الله عزّ وجلّ. . . .».

«يا» فقول فاسد، بل الألف واللام هنا لتعريف الحضرة، كالتعريف فى قولك: جاء هذا الرجل، ولكنها لمّا دخلت على اسم المخاطب صار الحكم للخطاب، من حيث كان قولنا: يا أيّها الرجل، معناه: يا رجل، ولما كان الرجل هو المخاطب فى المعنى، غلب حكم الخطاب، فاكتفى باثنين؛ لأنّ أسماء الخطاب/لا تفتقر فى تعرّفها إلى حضور ثالث، ألا ترى أنّ قولك: خرجت يا هذا، وانطلقت، ولقيتك، وأكرمتك، لا حاجة به إلى ثالث، وليس كلّ وجوه التعريف تقتضى أن تكون بين اثنين فى ثالث، ألا ترى أنّ ضمائر المتكلّمين نحو: أنا خرجت، ونحن ننطلق، لا يوجب تعريفها حضور ثالث. فقد وضح لك بهذا أنّ قوله: «التعريف لا يكون إلاّ بين اثنين فى ثالث»، كلام ظاهر الفساد؛ لأنه أطلق هذا اللفظ على جميع التّعاريف. فتأمّل سدّدك الله هذه الفطرة (¬1) التى عمى عنها هذا الغبىّ، وعمّا صدّرت به، حتى خطّأ بجهله الأئمة المبرّزين فى علم العربيّة، المتقدّمين منهم والمتأخّرين. ومن شواهد إعراب الرجل، فى قولنا: يا أيّها الرجل، نعته بالمضاف المرفوع، فى قولك: يا أيّها الرجل ذو المال، وعلى ذلك أنشدوا: يا أيّها الجاهل ذو التّنزّى (¬2) فهذا دليل على إعراب «الرجل» قاطع، لأنّ الصفة المضافة فى باب النداء لا يجوز حملها على لفظ المبنيّ، ولا تكون إلاّ منصوبة أبدا، كقولك: يا زيد ذا المال. وقد عارضته بهذا الدليل الجليّ، الذى تناصرت به الروايات، عن النّحوىّ ¬

(¬1) فى د، والأشباه والنظائر: الفقرة. (¬2) لرؤبة، فى ديوانه ص 63، والكتاب 2/ 192، والمقتضب 4/ 218، وحواشى الأشباه والنظائر. وأعاده ابن الشجرى فى المجلس الثالث والسبعين. والتنزّي: نزوع الإنسان إلى الشرّ، وهو أيضا: التوثّب.

واللّغوىّ، فزعم أنه لا يرفع هذه الصفة، ولا ينشد إلاّ (¬1): «ذا التّنزّى»، ولا يعتدّ بإجماع النحويّين واللغويّين، على سماع الرفع فيها عن العرب، فدلّ ذلك على أن هذا العديم الحسّ هو المقصود بالنداء فى قول القائل: يا أيّها الجاهل ذو التّنزّى وأما قوله: ولمّا قصدوا تأكيد التنبيه وقدّروا تكرير حرف النداء، كرهوا التكرير، فعوّضوا عن حرف النداء، ثانيا «ها» وثالثا الألف واللام. فهذا من دعاويه الباطلة؛ لأنه زاعم أن أصل يا أيّها الرجل: يا أىّ يا يا رجل، فعوّضوا من «يا» الثانية «ها»، ومن الثالثة الألف واللام، وليس الأمر على ما قاله وابتدعه من هذا المحال، ولكنّ العرب كرهوا أن يقولوا: يا الرّجل، وما أشبه ذلك، /فيولوا حرف النّداء الألف واللام، فأدخلوا أىّ، فجعلوها وصلة إلى نداء المعارف بالألف واللام، وألزموها حرف التنبيه عوضا لها ممّا منعته من الإضافة. هذا قول النحويّين، فمن تكلّف غيره بغير دليل فهو مبطل، فلا حاجة بنا إلى أن نقدّر أن الأصل: يا أىّ يا يا رجل، فإنه مع مخالفته لقول الجماعة خلف من القول، يمجّه السمع، وينكره الطبع. وأمّا قوله فى أمل ويأمل، إنهما لا يجوزان عنده؛ لأنه لم يسمع فى الماضى منهما أمل، خفيف الميم، فليت شعرى ما الذى سمع من اللغة ووعاه حتى أنكر أن يفوته هذا الحرف؟ وإنما ينكر مثل هذا من أنعم النّظر فى كتب اللغة كلّها، ووقف على تركيب «أم ل» فى كتاب العين، للخليل بن أحمد، وكتاب الجمهرة، لأبى بكر بن دريد، والمجمل، لأبى الحسين بن فارس، وديوان الأدب، لأبى إبراهيم الفارابىّ، وكتاب الصّحاح، لأبى نصر إسماعيل بن حمّاد الجوهرىّ النّيسابورىّ، وغير ذلك ¬

(¬1) العجب من ابن الشجرى، فقد أجاز فى المجلس الثالث والسبعين، رواية النصب هذه «ذا التنزّي» ووجّهها على استئناف نداء.

من كتب اللغة، فإذا وقف على أمهات كتب هذا العلم، التى استوعب كلّ كتاب منها اللغة، أو معظمها، فرأى أن هذا الحرف قد فات أولئك الأعيان، ثم سمع قول كعب بن زهير: والعفو عند رسول الله مأمول (¬1) سلّم لكعب، وأذعن له، صاغرا قميئا. فكيف يقول من لم يتولّج سمعه عشرة أسطر من هذه الكتب التى ذكرتها: لم أسمع أمل، ولا أسلّم أن يقال: مأمول (¬2)؟ وأمّا قوله: إنه لا يجوز يأمل ولا مأمول، إلاّ أن يسمعنى الثّقة أمل، فقول من لم يعلم بأنهم قالوا: فقير، ولم يقولوا فى ماضيه: فقر (¬3)، ولم يأت فعله إلاّ بالزيادة، أفتراه ينكر أن يقال: فقير؛ لأن الثّقة لم يسمعه فقر؟ ولعله يجحد أن يكونوا قد نطقوا ¬

(¬1) تقدّم قريبا. (¬2) جاء هنا فى حاشية الأصل كلام ضاع أوله: «وكانا يكبران عن منزلة أبى نزار كبر الأسد عن الثعلب، وكان أبو منصور [يعنى الجواليقى] رحمه الله أخصّ الرجلين باللغة. وقد جاء «أمل» خفيفا ماضيا فى شعر ذى الرمة، كما طلب، وهو قوله [ديوانه ص 1338]: إذا الصيف أجلى عن تشاء من النّوى أملنا اجتماع الحىّ فى صيف قابل ذكر هذا البيت أبو حنيفة الدّينورىّ، فى كتابه فى الأنواء. . . وذكره ابن جنى فى كتابه الخاطريّات [لم أجده فى المطبوع منه] وهو فى ديوان ذى الرمة مشهور، ولا غرو أن لا يحضر الشاهد للإنسان وقت تطلّبه. وقد أفرد ابن جنى فى الخصائص بابا لما يقاس على كلام العرب أنه من كلامها [الخصائص 1/ 357] وأوجب ذلك، وأخبر عن أبى علىّ وأبى عثمان المازنىّ بما يضيق هذا الموضع من إثبات ذلك وتحقيقه. كتبه أبو اليمن الكندى، ومن خطه نقلت. . . وبعد ذلك كلام مقطّع فى وصف أبى نزار وذمّه وذكر مساوئه. هذا وقد حكى البغدادىّ شيئا من حاشية أبى اليمن الكندى هذه، فى الخزانة 9/ 150، وذكر أنها كتبت على هامش الأمالى. (¬3) تعقب ابن هشام ابن الشجرىّ فى ذلك فقال: «وقول ابن الشجرىّ إنه لم يسمع فقر، اعتمد فيه على كلام سيبويه والأكثرين، وذكر ابن مالك أن جماعة من أئمة اللغة نقلوا مجىء فقر وفقر، بالضم والكسر، وأن قولهم فى التعجّب: ما أفقره، مبنىّ على ذلك، وليس بشاذّ كما زعموا». ثم أخذ على الجواليقى وابن الشجرى أنهما لم يستدلاّ على مجىء «أمل» بالبيتين المذكورين فى هذه القصيدة. يعنى قصيدة بانت سعاد. والبيتان هما: -

بفقير، وقد ورد به القرآن فى قوله جلّ ثناؤه: {إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} (¬1) وهل إنكار فقير إلا كإنكار مأمول، بل إنكار فقير عنده أوجب، لأنّهم لم يقولوا فى ماضيه إلا افتقر، ومأمول، قد نطقوا بماضيه بغير زيادة. وأمّا «سوى» (¬2) فإنّ العرب استعملتها استثناء، وهى فى ذلك منصوبة على الظرف؛ بدلالة أنّ النصب يظهر فيها إذا مدّت، فإذا قلت: أتانى القوم سواك، فكأنك قلت: أتانى القوم مكانك، وكذلك: قد أخذت سواك رجلا، أى مكانك. واستدل الأخفش على أنها ظرف بوصلهم الاسم الناقص بها، فى نحو: أتانى الذى سواك، والكوفيون (¬3) يرون استعمالها بمعنى غير. وأقول: إدخال الجارّ عليها فى قول الأعشى: وما قصدت من أهلها لسوائكا يخرجها من الظرفيّة، وإنما استجازت العرب ذلك فيها تشبيها لها بغير، من حيث استعملوها استثناء، وعلى تشبيهها بغير قال أبو الطيب (¬4): أرض لها شرف سواها مثلها … لو كان مثلك فى سواها يوجد رفع «سوى» الأولى بالابتداء، وخفض الثانية بفى، فأخرجهما من ¬

= أرجو وامل أن تدنو مودّتها وما إخال لدينا منك تنويل وقال كلّ خليل كنت آمله لا ألفينّك إنى عنك مشغول شرح قصيدة بانت سعاد ص 46. وانظر لمجيء «فقر وفقر» المساعد على تسهيل الفوائد 2/ 163، والتبصرة ص 266، والأفعال لابن القطاع 2/ 461. (¬1) سورة القصص 24. (¬2) حكى هذا عن ابن الشجرىّ البغدادىّ فى الخزانة 3/ 435 - 437. (¬3) راجع الإنصاف ص 294، والتبيين ص 419، وقد عقد ابن الشجرىّ فصلا ل‍ «سوى» فى الزيادة الملحقة بالمجلس الحادى والثلاثين. (¬4) ديوانه 1/ 334.

الظرفيّة، فمن خطّأه فقد خطّأ الأعشى فى قوله: «لسوائكا» ومن خطّأ الأعشى فى لغته التى جبل عليها، وشعره يستشهد به فى كتاب الله تعالى، فقد شهد على نفسه بأنه مدخول العقل، ضارب فى غمرة الجهل. وليس لهذا المتطاول إلى ما يقصر عنه ذرعه شيء يتعلّق به فى تخطئة العرب ألاّ قول الشاعر (¬1): حراجيج ما تنفكّ إلاّ مناخة … على الخسف أو نرمي بها بلدا قفرا فكلّ فاقرة ينزلها بالعربيّة يزفّ أمامها هذا البيت، معارضا به أشعار الفحول من العرب العاربة، وليس دخول «إلاّ» في هذا البيت خطأ، كما توهّم، لأن بعض النحويّين قدّر في «تنفكّ» التّمام، ونصب «مناخة» على الحال، فتنفكّ هاهنا مثل منفكّين، فى قول الله عز وجل: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ} (¬2) فالمعنى: ما تنفصل عن جهد ومشقّة إلاّ فى حال إناختها على الخسف، ورمى البلد القفر بها، أى تنتقل من شدّة إلى شدّة. ومن العجب أن هذا الجاهل يقدم على تخطئة سلف النحويّين وخلفهم، وتخطئة الشعراء الجاهليّين والمخضرمين والإسلاميّين، فيعترض على أقوال هؤلاء وأشعار هؤلاء، بكلام ليس له محصول، ولا يؤثر عنه أنه قرأ مصنّفا فى النحو، إلاّ مقدّمة من تأليف عبد القاهر الجرجانىّ، قيل: إنها لا تبلغ أن تكون/فى عشر ¬

(¬1) ذو الرمة. ديوانه ص 1419، وتخريجه فى 2044، وأيضا: معانى القرآن 3/ 281، والحلبيات ص 273،278، والتبصرة ص 189، وشرح الكافية الشافية ص 421، وضرائر الشعر ص 75، وحواشى المحققين. والحراجيج: جمع حرجوج، وهى الناقة الضامرة من الهزال. (¬2) أول سورة البيّنة.

أوراق، وقيل: إنه لا يملك من كتب النحو واللغة ما مقداره عشر أوراق، وهو مع ذلك يردّ بقحته على الخليل وسيبويه. إنها لوصمة اتّسم بها زماننا هذا، لا يبيد عارها، ولا ينقضى شنارها، وإنما طلب بتلفيق هذه الأهواس أن تسطّر فتوى فيثبت خطّه فيها مع خطّ غيره، فيقال: أجاب أبو نزار بكذا، وأجاب غيره بكذا، وقد أدرك لعمر الله مطلوبه، وبلغ مقصوده، ولولا إيجاب حقّ من أوجبت حقّه، والتزمت وفاقه، واحترمت خطابه، لصنت خطّى ولفظى عن مجاورة خطّه ولفظه. ...

فصل

فصل قد تكرّر قولنا إنّ الكسر هو الأصل فى حركة التقاء الساكنين، فإن قيل: لم كان الكسر هو الأصل، دون الضمّ والفتح؟ فمن ذلك جوابان، أحدهما: أنّ الجرّ لما اختصّ بالاسم، والجزم اختصّ بالفعل، صارا نظيرين، فلما أرادوا أن يحرّكوا المجزوم للقاء ساكن، حرّكوه بأشبه الحركات بالجزم، فقالوا: لم يقم الغلام، ولمّا وجب ذلك فى السكون المسمّى جزما، حملوا عليه السكون المسمّى وقفا، فقالوا: كم المال، كما جاء: {خُذِ الْعَفْوَ} (¬1) و {قُمِ اللَّيْلَ} (¬2). والثانى: أنهم لو حرّكوا المجزوم للقاء الساكن بالضمّ أو الفتح، التبست حركته بالحركة الحادثة عن عامل، ألا ترى أنك لو قلت: لا يخرج الغلام، فكسرت الجيم، أردت أن تنهاه عن الخروج، ولم يكن فى ذلك صدق ولا كذب، ولو قلت: لا يخرج الغلام، فضممت الجيم، كان خبرا منفيّا، واحتمل التصديق والتكذيب، فلولا الفرق بين هذين المعنيين باختلاف الحركة، التبس النهى بالنفى، ونظير ذلك فى التنزيل قوله تعالى، ناهيا: {لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} (¬3) فلو ضمّت ذال «يتّخذ» صار المعنى: ليس يتّخذ المؤمنون الكافرين أولياء، وقد علمنا/أنّ بعض المؤمنين اتّخذ بعض الكافرين أولياء، بقوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} (¬4) ثم قال بعد هذا: {تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِما أَخْفَيْتُمْ وَما أَعْلَنْتُمْ}. ¬

(¬1) سورة الأعراف 199. (¬2) الآية الثانية من سورة المزمّل. (¬3) سورة آل عمران 28. (¬4) أول سورة الممتحنة.

ومثل ذلك فى ارتكاب اللّبس، أنك تقول: «لا تأكل السّمك وتشرب اللّبن (¬1)»، فتكسر الباء إذا أردت أن تنهاه عن أكل هذا وشرب هذا، على كلّ حال، فإن أردت أن تنهاه عن الجمع بينهما فتحت آخر «تشرب» فلو حرّكوا المجزوم للقاء السّاكن بالفتح وقع لبس بين هذين النّهيين، فلما خشوا اللّبس فى هذا ونحوه حرّكوا المجزوم بحركة لا تعرب بها الأفعال، ثم حملوا ما سكونه وقف على ما سكونه جزم. فإن قيل: لم كسروا المجزوم والموقوف لمّا وقعا فى القوافى المطلقة، كقوله (¬2): وكم دهمتنى من خطوب ملمّة … صبرت عليها ثمّ لم أتخشّع فأدركت ثأرى والذى قد فعلتم … قلائد فى أعناقكم لم تقطّع وكقول عدىّ بن زيد (¬3): إذا أنت لم تنفع صديقك جاهدا … ولم تنك بالبوسى عدوّك فابعد إذا أنت فاكهت الرّجال فلا تلع … وقل مثل ما قالوا ولا تتزيّد (¬4) فعن ذلك جوابان، أحدهما: أنهم لما اضطرّوا إلى تحريك المجروم لإطلاق القافية، لم يخل أن يحرّك بالكسرة أو بإحدى أختيها، فلم يجز أن يحرّك بالضمة ولا الفتحة؛ كراهة أن يلتبس بالمرفوع أو المنصوب، فلما وجب تحريكه بالكسر، حملوا عليه ما سكونه الوقف. ¬

(¬1) سبق تخريجه فى المجلس الرابع والأربعين. (¬2) الأحوص. ديوانه ص 154، ببعض اختلاف فى الرواية لم يمسّ موضع الشاهد، وتخريجه فى ص 260،307،308. (¬3) ديوانه ص 105. (¬4) يروى: «ولا تتزنّد» بالنون. قال ابن قتيبة: «ولا تتزنّد لا تغضب، يقال للرجل إذا كان سريع الغضب: إنه لمزنّد ومتزنّد أيضا، وروى المفضل: «ولا تتزيد» أى لا تزد على ما قالوا» المعانى الكبير ص 1262، ونوادر أبى زيد ص 576، وجمهرة أشعار العرب ص 510، وسيشرح ابن الشجرى غريب هذا البيت.

والثانى: أنهم لما اضطرّهم إتمام الوزن إلى تحريك المجزوم والموقوف، لا لساكن لقيه، بل لينشأ عن حركته حرف مدّ يتمّ به الوزن، حرّكوه بالحركة/المألوفة فيه إذا لقيه ساكن، فكسروه فنشأت عن الكسرة الياء. فإذا ثبت بما ذكرته أن الكسر هو الأصل فى حركة التقاء الساكنين، فإنهم قد ينصرفون عن هذا الحكم لعلّة تحسّن الانصراف عنه. وذلك على أوجه عدّة، أحدها: أن يكون للحرف مزيّة على الحرف، فيحرّك بأقوى الحركات، كتحريك الواو التى هى اسم، فى نحو {وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} (¬1) بالضمّ، وتحريك الواو التى هى حرف، فى نحو {لَوِ اِسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَكُمْ} (¬2) بالكسر، وذلك لفضل الاسم على الحرف، وفضل الضمّ على الكسر، من حيث كان الاعتماد فى إبراز الضمّة على عضوين ظاهرين (¬3). والثانى: أن يكون الضمّ إتباعا لضمّة متقدّمة، أو لضمّة متأخّرة، فالمتقدمة كضمّة ميم مدّ، وشين شدّ يا هذا، الأصل: امدد، واشدد، فآثر بعضهم الإدغام، فألقى ضمّة الدال الأولى على الساكن الذى قبلها، فالتقت الدالان ساكنتين فى التقدير، فحرّكوا الآخرة بالضمّ إتباعا، وحذفوا همزة الوصل، استغناء عنها بحركة الحرف الذى اجتلبوها لأجله، وهو ساكن. ¬

(¬1) سورة البقرة 237. (¬2) سورة التوبة 42، وراجع الكتاب 4/ 155، والأصول 2/ 370، والبحر 2/ 238،5/ 46. (¬3) يريد ضمّ الشفتين. قال ابن سينا: «وأما الواو المصوّتة وأختها الضمة فأظنّ أن مخرجهما مع إطلاق الهواء، مع أدنى تضييق للمخرج وميل به سلس إلى فوق». وقال مرّة أخرى: «والواوان [يريد الواو الكبرى التى هى الحرف، والواو الصغرى التى هى الضمة] مخرجهما مع أدنى مزاحمة وتضييق للشفتين واعتماد فى الإخراج على ما يلى فوق اعتمادا يسيرا». أسباب حدوث الحرف ص 84،126. ويقول الأستاذ الدكتور إبراهيم أنيس، فى الموازنة بين الضم والكسر: «. . . نجد أن الضمة هى التى تحتاج إلى جهد عضوىّ أكثر؛ لأنها تتكون بتحرك أقصى اللسان، فى حين أن الكسرة تتكوّن بتحرّك أدنى اللسان، وتحرّك أدنى اللسان أيسر من تحرّك أقصاه». اللهجات العربية ص 96، وانظر أيضا كتابه الأصوات اللغوية ص 32، 33. وراجع المقتضب 1/ 184، وحواشيه. وشرح المفصل 9/ 128.

وأما الضمّة المتأخّرة التى تتبعها حركة ما قبلها، فنحو ضمّة الراء فى {وَقالَتِ اُخْرُجْ عَلَيْهِنَّ} (¬1) والظاء فى {وَلكِنِ اُنْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ} (¬2) وليس الضمّ فى هذا النحو لازما كلزومه فى منذ، وإنما هو شيء استحسنه بعض العرب، والكسر أكثر، كما أن الفتح فى شدّ ومدّ وردّ أكثر، والكسر مستعمل فيه، تقول: ازرر قميصك وزرّه وزرّه وزرّه (¬3)، وحرّكوا ميم «هلمّ (¬4)» بالفتح خاصة؛ لأنها كلمة مركّبة، وللمركّب حكم غير حكم المفرد. والثالث: أن يكون العدول عن الكسر إلى الفتح لكثرة استعمال الحرف، كتحريك نون «من» بالفتحة إذا لقيتها لام التعريف فى نحو: {مِنَ الْقَوْمِ} (¬5) لكثرة دور لام التعريف فى الكلام، /مع كثرة تصرّف «من» فى المعانى، من حيث جاءت لابتداء الغاية في المكان، وللتبعيض، ولتبيين الجنس، فى نحو {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ} (¬6) {وَيَلْبَسُونَ ثِياباً خُضْراً مِنْ سُنْدُسٍ} (¬7) وجاءت للتوكيد زائدة فى نحو ¬

(¬1) سورة يوسف 31. وقراءة الضمّ هذه لابن كثير والكسائى ونافع وابن عامر. السبعة ص 348، والإتحاف 2/ 146، وانظر الكتاب 4/ 153، والأصول 2/ 369، وشرح المفصل 9/ 127، وانظر ظاهرة المماثلة-تقدّما وتأخّرا-فى كتاب اللهجات العربية فى التراث وحواشيه ص 266 - 273. (¬2) سورة الأعراف 143، وقراءة ضم النون لغير أبى عمرو وعاصم وحمزة ويعقوب من القراء. الإتحاف 2/ 61. (¬3) فصيح ثعلب ص 11، وانظر توجيه الحركات الثلاث فى تصحيح الفصيح 1/ 185، واللسان (زرر)، وقال ابن برّى: هذا عند البصريين غلط، وإنما يجوز إذا كان بغير الهاء، نحو قولهم: زرّ وزرّ وزرّ، فمن كسر فعلى أصل التقاء الساكنين، ومن فتح فلطلب الخفة، ومن ضمّ فعلى الإتباع لضمّة الزاى. فأما إذا اتصل بالهاء التى هى ضمير المذكّر، كقولك: زرّه، فإنه لا يجوز فيه إلاّ الضمّ. . .» إلى آخر ما قال فى كتابه التنبيه والإيضاح 2/ 128. وانظر الكامل ص 438، والمقتضب 1/ 184. (¬4) راجع الكلام على «هلمّ» فى المجلس السادس والخمسين. (¬5) سورة الأنعام 77، وغير ذلك من الكتاب العزيز. (¬6) سورة الحج 30. (¬7) سورة الكهف 31.

{وَما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ} (¬1) وفارقة بين معنيين، فى نحو: ما جاءنى من رجل، فليست هاهنا لمجرّد الزّيادة، بدلالة قولك: ما جاءنى رجل بل رجلان، فإذا دخلت «من» دلّت على العموم، وقد أنابوها مناب لام العلّة فى نحو: لست أغبّ زيدا من إكرامى له، أى لإكرامى، ومثله {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ} (¬2) و {مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ} (¬3). فلما كثر استعمالها لكثرة تصرّفها فى المعانى (¬4)، مع كثرة استعمال الألف واللام، اختاروا لها أخفّ الحركات، استثقالا لتوالى كسرتين فيما يكثر استعماله. فإن ولى نونها ساكن غير لام التعريف، استعملوا الأصل، فكسروا فى نحو: عجبت من ابنك، واسمى أحسن من اسمك، وقد فتحها هاهنا قوم من الفصحاء، فيما حكاه سيبويه (¬5). فأمّا نون «عن» فمجمع على كسرها، فى نحو: {عَنِ الْقَوْمِ} (¬6) وذلك لعدم توالى كسرتين. والرابع: أن يختاروا الفتحة فرارا من اجتماع ثقلين، وذلك فى المضاعف، نحو ربّ وثمّ، وفيما يجيء بعد واو أو ياء، نحو سوف وحوب وليت وكيف. والخامس: أن يكون العدول إلى الفتح طلبا للفرق، كفتح نون الجمع، للفرق بينها وبين نون التثنية، في قولك: الزيدان والزيدون، ويفعلان ويفعلون. ¬

(¬1) سورة البقرة 102. (¬2) سورة الأنعام 151. (¬3) سورة المائدة 32. (¬4) عالج ابن الشجرى معانى «من» فى غير مجلس من الأمالى، ويظهر ذلك فى الفهارس إن شاء الله. (¬5) الكتاب 4/ 155. (¬6) سورة الأنعام 147، وغير ذلك من الكتاب الحكيم.

فاختلاف الحركة فى هذا النحو للفرق والتعديل، ومعنى التعديل أنّ ثقل الكسرة مع خفّة الألف، وثقل الواو مع خفّة الفتحة تعديل. قول عدىّ بن زيد. /إذا أنت فاكهت الرجال فلا تلع معناه: لا تكذب، والمصدر الولع، بسكون اللام، وفاكهت: مازحت، والفكاهة: المزاح. وحوب: زجر للإبل. ...

المجلس التاسع والخمسون

المجلس التاسع والخمسون أجمع النحويّون البصريون، المتقدّمون والمتأخّرون: عبد الله بن أبى إسحاق الحضرميّ، وعيسى بن عمر الثقفيّ، وأبو عمرو بن العلاء، ويونس بن حبيب، وأبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد، وأبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر، سيبويه، وأبو الحسن سعيد بن مسعدة الأخفش، وأبو عمر صالح بن إسحاق الجرمىّ، وأبو عثمان بكر بن محمد المازنيّ، وأبو العباس محمد بن يزيد الثّمالىّ، وأبو محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه الفارسيّ، وأبو إسحاق إبراهيم بن السّرىّ الزّجّاج، وأبو بكر محمد بن السّرىّ السّرّاج، وأبو علىّ الحسن بن (¬1) عبد الغفار الفارسىّ، وأبو الحسن علىّ بن عيسى الرّمّانىّ، وأبو سعيد الحسن بن عبد الله السّيرافىّ. ومن جاء بعد هذه الطبقة المتأخّرة، كأبى الفتح عثمان بن جنى، وأبى الحسن عليّ بن عيسى الرّبعيّ: أنّ أفعل فى التعجّب، من نحو: ما أكرم عبد الله! فعل، وتابعهم أبو الحسن علىّ بن حمزة الكسائىّ. وذهب أبو زكريا يحيى بن زياد الفرّاء، إلى أنه اسم، وتابعه طائفة من الكوفيين (¬2). فممّا احتجّ به الفرّاء وأصحابه قولهم: إنه جامد، والفعل بابه التصرّف، ¬

(¬1) هكذا فى الأصول، وهو اختصار، فإنه: الحسن بن أحمد بن عبد الغفار. (¬2) راجع هذه المسألة فى الكتاب 1/ 72 - وانظر فهارسه 5/ 283 - والمقتضب 4/ 173، والأصول 1/ 98، والإيضاح ص 91، واللمع ص 217، والإنصاف 1/ 126، وأسرار العربية ص 112، والتبيين ص 285، وشرح المفصل 7/ 143، وشرح الكافية 4/ 227. وأنبّه هنا إلى أن أبا البركات الأنبارىّ قد أغار على ابن الشجرى فى هذه المسألة واستعان بشواهده وطريقة حجاجه. وانظر ص 158 من الدراسة.

فالجمود مباين للفعلية، فاستحقّ بمخالفته للأفعال، إلاّ ما شذّ منها، أن يلحق بالأسماء. الجواب من البصريّين: ليس جموده لأنه اسم، ولكنه فعل سلب التصرّف لأمرين، أحدهما: أنّ واضعى اللغة لمّا لم يصوغوا للتعجّب حرفا يدلّ عليه، / جعلوا له صيغة لا تختلف؛ ليكون ذلك أمارة للمعنى الذى حاولوه، فيدلّ لفظه بلزومه وجها واحدا أنه تضمّن معنى ليس له فى أصله، فلمّا دخل معنى التعجّب على لفظ، متى زال عن هيأته زال المعنى المراد به، وجب أن لا يعدلوا إلى لفظ آخر. والثانى: أنه إنما لم يصرّف؛ لأن المضارع يحتمل زمانين: الحاضر والمستقبل، وإنما يتعجّب فى الأغلب مما هو موجود ومشاهد، وقد يتعجّب ممّا مضى، ولا يكون التعجّب ممّا لم يقع، فكرهوا استعمال لفظ يحتمل الدلالة على الاستقبال؛ لئلاّ يصير اليقين شكّا، ولمّا كرهوا استعمال المضارع كانوا لاسم الفاعل أكره، لأنه لا يخصّ زمانا، فلذلك لم يقولوا: ما يحسن زيدا، ولا ما محسن زيدا، واستعملوا لفظ الماضى، والمعنى معنى الحال، لأن التعجّب معنى حادث عند رؤية شيء متعجّب منه، أو سماعه. ويدلّك على أنه ماض فى اللفظ دون المعنى، أنه إذا أريد ما مضى قيل: ما كان أحسن زيدا! فلولا أنه حال فى المعنى لما دخلت «كان» حين أريد المضىّ، فلهاتين العلّتين سلبوه التصرّف، وليس عدم التصرّف بموجب له الاسميّة، بدليل أنّ «ليس وعسى» فعلان غير متصرّفين بإجماع، فعدم التصرّف فى الفعل لعلّة أوجبت له ذلك لا يدخله فى حيّز الاسم. الجواب من الفرّاء وأصحابه: إنّ «ليس وعسى» لم ينضمّ إلى سلب تصرّفهما

مجىء التصغير فيهما، كما جاء التصغير فى هذه الكلمة، مجيئا مستفيضا فى الشّعر وفى سعة الكلام، كقوله (¬1): يا ما أميلح غزلانا شدنّ لنا … من هاؤليّائكنّ الضّال والسّمر وإذا كان التصغير قد اتّسع فى هذه اللفظة، مع ما لزمها من الجمود، /والتصغير من خواصّ الاسم، فليس إلاّ الحكم بأنها اسم، إذ كان قولهم: يا ما أميلح غزلانا، مع امتناعهم أن يقولوا: ليس وعسيّ، دليلا نافيا عنه الفعليّة، وقاطعا له بالاسميّة. الجواب من البصريّين: أن التصغير يدخل الأسماء للتحقير، في نحو: رجيل ومريئة، وللتقليل، وذلك فى الجموع نحو: دريهمات وأجيمال، وللتقريب، وذلك في الظّروف من نحو: قبيل المغرب، وبعيد الظهر، ودوين الوادى، ومن نحو قوله (¬2): بضاف فويق الأرض ليس بأعزل ويدخل للحنوّ والتعطّف، كقول النبيّ صلّى الله عليه وسلم: «أصيحابى أصيحابى» (¬3) ومنه قول أبى زبيد الطائىّ: ¬

(¬1) نسب للعرجى، وهو من مقطوعة فى ديوانه ص 183، ونسب لذى الرمة وللمجنون ولغيرهما. والكلام على ذلك فى الخزانة 1/ 97،98، وشرح أبيات المغنى 8/ 72، وانظر مع المراجع المذكورة فى التعليق السابق: شرح الجمل 1/ 113،583. (¬2) امرؤ القيس. وصدر البيت: وأنت إذا استدبرته سدّ فرجه وهو من معلقته، وسيعيد ابن الشجرى إنشاده فى المجلس الثانى والثمانين. (¬3) بهذا اللفظ فى صحيح مسلم (باب إثبات حوض نبيّنا صلّى الله عليه وسلم وصفاته. من كتاب الفضائل) ص 1800، وهو من حديث أنس بن مالك رضى الله عنه: أن النبىّ صلّى الله عليه وسلم قال: «ليردنّ علىّ الحوض رجال ممّن صاحبنى، حتى إذا رأيتهم ورفعوا إلىّ، اختلجوا دونى، فلأقولنّ: أى ربّ! أصيحابى أصيحابى، فليقالنّ لى: إنك لا تدرى ما أحدثوا بعدك» وقوله «اختلجوا» أى اجتذبوا واقتطعوا. والحديث فى مسند أحمد 1/ 453، من حديث عبد الله بن مسعود، رضى الله عنه. وأيضا 5/ 50، من حديث أبى بكرة نفيع ابن الحارث، رضى الله عنه. وانظره من طرق أخرى، وبصيغة التكبير «أصحابى أصحابى» فى جامع الأصول 2/ 436،10/ 101،468، وحواشيه.

يا ابن أمّى ويا شقيّق نفسى … أنت خلّيتنى لدهر كئود (¬1) ويدخل للتعظيم، كقول لبيد: وكلّ أناس سوف تدخل بينهم … دويهية تصفرّ منها الأنامل (¬2) يريد الموت، ولا داهية أعظم من الموت، ويدخل للتمدّح، كقول الحباب ابن المنذر الأنصارىّ يوم السّقيفة (¬3): «أنا جذيلها المحكّك، وعذيقها المرجّب». وليس ضرب من هذه الضّروب إلاّ وهو يتناول الاسم معنى بتناوله إيّاه لفظا، والتصغير اللاحق فعل التعجّب إنما هو لفظيّ فقط، من حيث كان متوجّها فى المعنى إلى المصدر (¬4) الذى دلّ عليه هذا الفعل بلفظه، من نحو الحسن والملاحة والظّرف، وكأنهم أرادوا تصغير المصدر لفظا، ولكنهم رفضوا ذكر المصدر مع هذا الفعل؛ كراهة أن يقولوا-وقد سلبوه التصرّف-: ما أحسن غزالك حسنا، وما أملحه ملاحة، وما أظرف غلامك ظرفا، لأن الفعل إذا أزيل عن التصرّف لا يؤكّد، لأنه/قد خرج عن مذهب الأفعال، وأشبه بالجمود الحرف. ولمّا كان الحسن والملاحة والظّرف مصادر الثلاثية، التى استؤنف منها للتعجّب أحسن وأملح وأظرف، وآثروا تصغير المصدر، صغّروا الفعل لفظا، ووجّهوا التصغير إلى المصدر معنى، وساغ تصغير المصدر بتصغير فعله؛ لأنّ الفعل ¬

(¬1) فرغت منه فى المجلس الرابع والخمسين. (¬2) وهذا أيضا فرغت منه فى المجلس الرابع. (¬3) البخارى (باب رجم الحبلى من الزنا إذا أحصنت. من كتاب الحدود) فتح البارى 12/ 145، 152، ومسند أحمد 1/ 56، وغريب الحديث لأبى عبيد 4/ 153، والسيرة النبوية 2/ 659، والإصابة 2/ 10، والبيان والتبيين 3/ 296، والحيوان 1/ 336 - وذكر معه أمثلة من وجوه تصغير الكلام-وشرح الأشمونى 4/ 157، ومجمع الأمثال 1/ 31 (باب الهمزة). وسيشرح ابن الشجرىّ غريب هذا الكلام فى آخر المجلس. (¬4) ويرى الخليل أن التصغير فى مثل هذا إنما يتوجّه فى المعنى إلى الموصوف الذى تصفه بالملاحة. الكتاب 3/ 478.

يقوم فى الذكر مقام مصدره، بشهادة أنه دلّ بلفظه عليه، فأضمر فى قوله تعالى: {وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ} (¬1) ألا ترى أن «هو» ضمير البخل، وحسن عود الضمير إلى البخل، وإن لم يك مذكورا؛ لدلالة «يبخلون» عليه، وهذا كقوله: «من كذب كان شرّا له» (¬2)، أى كان الكذب، ومثله قول الشاعر: إذا نهى السّفيه جرى إليه … وخالف والسّفيه إلى خلاف (¬3) يريد: جرى إلى السّفه، ونظائره في التنزيل كثيرة، كقوله تعالى: {وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} (¬4) وقوله: {وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتابِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ} (¬5) أى يرض الشكر، ولكان الإيمان. فكما أن الضمير يعود إلى المصدر، وإن لم يجر ذكره، استغناء بذكر فعله، كذلك يتوجّه التصغير اللاحق لفظ الفعل إلى مصدره الذى ليس بمذكور، ونظير ذلك إضافتهم أسماء الزمان إلى الفعل. فى نحو: {هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصّادِقِينَ صِدْقُهُمْ} (¬6) ونحو: على حين عاتبت المشيب على الصّبى (¬7) على أن الإضافة إلى الفعل مستحيلة؛ لأن الغرض بالإضافة أن تخصّص المضاف فى نحو قولك: راكب حمار، أو تعرّفه، كقولك: صاحب زيد، وقد ¬

(¬1) سورة آل عمران 180. وراجع ما تقدّم فى المجلس الثامن والثلاثين. (¬2) تقدّم فى المجلس الثامن. (¬3) فرغت منه فى المجلس العاشر. (¬4) الآية السابعة من سورة الزمر. (¬5) سورة آل عمران 110. (¬6) سورة المائدة 119. (¬7) سبق فى المجلس السابع.

ينضمّ إلى كلّ واحد منهما الملكيّة، كقولك: دار امرأة، وفرس خالد، والفعل لا يعرّف ما يضاف إليه، ولا يخصّصه، لأنه فى أعلى مراتب التنكير، والملكيّة فيه تستحيل، وإنما سوّغ لهم إضافة اسم الزمان إلى الفعل أن المراد بإضافته إليه مصدره، من حيث كان ذكر الفعل ينوب مناب ذكر مصدره، فالتقدير: هذا/ يوم نفع الصادقين، وعلى حين معاتبة المشيب. وخصّوا بهذه الإضافة اسم الزمان، لما بين الزمان والفعل من المناسبة، من حيث اتّفقا فى كونهما عرضين؛ ولأنّ الفعل بنى للزّمان، وأن الزّمان حادث عن حركات الفلك، كما أن الفعل حادث عن حركات الفاعلين، كالقتل يحدث عن حركة القاتل، وكالقراءة والإنشاد والغناء، يحدثن عن حركات اللّسان، فهذه الإضافة لفظيّة، كما أن التصغير اللاحق فعل التعجّب لفظيّ، فلا اعتداد به، كما أنه لا اعتداد بالإضافة إلى الفعل، وإذا كان التصغير إنما لحق هذا الفعل على سبيل العارية، بطل التعلّق به. وعلى أن هذا التصغير اللفظيّ، لأصحابنا في دخوله فى قولهم: ما أفعله، قولان، أحدهما: أنه دخله حملا على باب أفعل، الذى للمفاضلة، لاشتراك اللفظين فى التفضيل والمبالغة، لأنك لا تقول: ما أكرم زيدا! وزيد فى أول مراتب الكرم، وإنما تقول ذلك عند بلوغه الغاية فى الكرم، كما تقول: زيد أكرم القوم، فتجمع بينه وبينهم فى الكرم، وتفضّله عليهم، فلحصول هذه المضارعة بينهما، جاز «يا ما أميلح غزلانا» كما تقول: غزالك أميلح الغزلان، ولهذه المناسبة بين هذين البابين، حملوا أفعل منك، وهو أفعل القوم، على قولهم: ما أفعله، فجاز فيهما ما جاز فيه، وامتنع منهما ما امتنع منه. ألا ترى أنهم لم يقولوا من الألوان والعيوب الظاهرة: ما أفعله، نحو: ما أبيضه وما أحوله، وكذلك لم يقولوا: هو أبيض منك، ولا هو أحول القوم، وقالوا: ما أنصع بياضه، وما أظهر حوله، وحملوا اللّفظين الآخرين عليه، فقالوا: هو أنصع

منك بياضا، وهو أظهر القوم حولا، وكذلك لم يقولوا: هو أحسن منك حسنا، فيؤكّدوه بالمصدر؛ لأنهم لم يقولوا: ما أحسن هندا حسنا، وأجمع/النحويّون أن «جلالة» من قول الشاعر: أجلّ جلالة وأعزّ فقدا … وأقضى للحقوق وهم قعود (¬1) انتصابها على التمييز، وكذلك «لجاجا» فى قول الآخر (¬2): ألجّ لجاجا من الخنفساء … وأزهى إذا ما مشى من غراب وإنما ساغ دخول التصغير فى هذه الألفاظ، وإن كانت موضوعة للتفضيل، والتصغير نقيض التفضيل؛ لأنهم يخصّون بذلك ما صغر ولطف، كغزال وتولب وفصيل وعجّول ومهر وصبىّ، كما خصّوا هذا القبيل بويس (¬3)، تقول: ما أحيسن هذا الطّفل، وما أميلح هذا الخشف، كما قال أبو الطيّب، وقد استحسن عين باز: ألا ما أحيسنها مقلة … ولولا الملاحة لم أعجب (¬4) فهذا [هو] (¬5) الذى جوّز دخول التصغير فى هذين البابين. والقول الثانى لأصحابنا: أن التصغير حسن لحاقه لفعل التعجّب، من حيث ألزم التعجّب طريقة واحدة، فأشبه فعله بذلك الأسماء، فدخله بعض ¬

(¬1) البيت ثانى ثلاثة أبيات مجهولة القائل، أنشدها القالى فى أماليه 1/ 23، وأبو تمام فى حماسته ص 1600 - بشرح المرزوقى-وأبو بكر الأصفهانى فى الزّهرة 2/ 115. (¬2) هو خلف الأحمر، يهجو أحدهم. الحيوان 3/ 500،6/ 469، والدرّة الفاخرة 1/ 214، وحواشيهما. (¬3) ويس: كلمة تستعمل فى موضع رأفة واستملاح، كقولك للصبىّ: ويسه، ما أملحه! وفى الحديث: أنه صلّى الله عليه وسلم قال لعمّار: «ويس ابن سميّة» قال ابن الأثير: ويس: كلمة تقال لمن يرحم ويرفق به. النهاية 5/ 235، واللسان. (¬4) ديوانه 1/ 147. (¬5) زيادة من د.

أحكامها، وحمل الشىء على الشىء فى بعض الأحكام لا يوجب خروجه عن أصله، ألا ترى أن اسم الفاعل محمول على الفعل فى العمل، ولم يخرجه ذلك عن كونه اسما، وكذلك الفعل المضارع أعرب لمضارعته الأسماء، ولم يخرجه إعرابه عن كونه فعلا، وكذلك تصغيرهم فعل التعجّب تشبيها بالاسم، لا يجتذبه إلى الاسمية. جواب الكوفيّين: قالوا: إذا كنتم تزعمون أن أفعل فى التعجّب لمّا لزم طريقة واحدة فضارع بذلك الاسم، لحقه التصغير، ألزمناكم أن تصغّروا ليس وعسى، لأنهما لزما لفظ المضيّ، فلم يأت لهما مضارع ولا اسم فاعل، ولا اسم مفعول، /وإذا كانوا قد امتنعوا أن يقولوا: ليس وعسيّ، مع قولهم: يا ما أميلح غزلانا، كان قولكم إنّ تصغيره للزومه وجها واحدا مردودا عليكم، وإلاّ فما الفرق بينه وبين ليس وعسى، وحكمه فيما ذكرناه كحكمهما؟ فإن أخلدتم إلى القول الآخر، فقلتم: إنه انضمّ إلى جموده حمله على نظيره، الذى هو أفعل القوم، فجاز فيه التصغير، وليس وعسى، لا نظير لهما من الأسماء يحملان عليه، كما حمل ما أحيسنهم، على قولهم: هو أحيسنهم، فأنتم من مذهبكم أنّ «نعم وبئس» فعلان غير متصرّفين، ومعلوم أنهما للمبالغة فى المدح والذمّ، كما أن التعجّب موضوع للمبالغة فى هذين، فنعم الرجل زيد فى باب المدح مثل ما أكرم زيدا، وبئس الغلام بكر فى باب الذم مثل ما ألأم بكرا، فقد جريا مجراه من وجهين: عدم التصرّف، وأنهما غاية فى المدح والذم، فهلاّ صغّرا كما صغّر. وأوكد من هذا أنّ مثال أفعل به، كقولك: أكرم به، كلام وضع للتعجّب، فنزّل منزلة ما أفعله فى المعنى، فساغ فيه ما ساغ فى ما أفعله، وامتنع منه ما امتنع منه، وقد وقع الإجماع على أن أفعل فعل مسلوب التصرّف، وهو مضارع لباب أفعل منك، فهلاّ صغّر، كما صغّر أفعل، فى ما أفعله، وهل منع من تصغيره إلاّ كونه فعلا، وهل سوّغ تصغير المثال الآخر إلاّ كونه اسما؟ فإن قلتم: إن لفظ أفعل به، لفظ الأمر، فهو مواز له فى زنته وسكون

آخره، والأمر مخصوص به الفعل، فروعى لفظه، فلم يسغ فيه التصغير، كما ساغ فى أفعل. فليس ما قلتموه بمقبول، وذلك أنه قد جاء الأمر بالاسم، من نحو: صه وإيه، و {هَلُمَّ شُهَداءَكُمُ} (¬1) ودونك زيدا، و: تراكها من إبل تراكها (¬2) وقد جاء فى هذا القبيل ما أريد به الأمر وهو مصغّر، وذلك رويد زيدا: أى أمهله. وإذا ثبت هذا، ووجدنا التصغير لحق أفعل، دون أفعل، فليس ذلك إلاّ لأنّ/أفعل اسم، ويؤيّد ما ذهبنا إليه تصحيح عينه فى نحو: ما أقومه، وما أبيعه، كما صحّت العين فى الاسم، من نحو: هو أقوم منك، وأنت أبيع منه، فلو أنه فعل كما زعمتم، أعلّت عينه بقلبها ألفا، كما قلبت فى الفعل، من نحو قام وباع، وأقام وأباع، فى قولهم: أباع الشىء، إذا عرّضه للبيع، وإذا كان قد أجرى مجرى الأسماء فى التصحيح، مع ما دخله من الجمود والتصغير، وجب القطع بأنه اسم. الجواب: أجاب البصريّون عن هذه الإلزامات، وعقّبوا ذلك احتجاجا، فقالوا: أمّا اعتراضكم بليس وعسى، فقد كفيتمونا مئونة الجواب عنه، وسقطت الكلفة فى ذلك؛ بأنهما لا نظير لهما فى الأسماء يحملان عليه، كما حمل ما أفعله على أفعل الذى للمفاضلة، غير أننا لا نقنع بهذا الجواب، بل نطرح حمل أفعل التعجّبيّ على نظيره جانبا. فنقول: إنّ ليس وعسى، وإن كانا قد شركا فعل التعجّب فى الجمود، فإنهما قد بايناه بشيئين بعداهما من الاسم: ¬

(¬1) سورة الأنعام 150. (¬2) فرغت منه فى المجلس السابع والخمسين.

أحدهما: أنهما يرفعان الظاهر والمضمر، كما ترفعهما الأفعال على تصاريفها، وأفعل فى التعجّب مخالف بابه، بأنه مقصور على رفع الضمير دون الظاهر، فقرب بهذه المخالفة من الاسم الجامد. والثانى: أنّ ليس وعسى وصلا بضمائر المتكلّمين والمخاطبين والغائبين، من نحو لست ولست وليسوا، وعسيت وعسيت وعسوا، وألزم هذا الفعل ضمير الغيبة، فلم يتعدّه، فلما تصرّفا فى الاتصال بضمائر الأفعال الماضية هذا التصرّف، ولم يختصّا برفع المضمر دون الظاهر، وألزم فى الإضمار وجها واحدا، وهو رفع ضمير الغيبة خاصّة، كان جديرا (¬1) أن يجرى عليه حكم من أحكام الأسماء دونهما، فلذلك لحقه التصغير، وعلى أنه لما صغّر لفظا توجّه التصغير فى المعنى إلى مصدر من لفظه/فقام تصغيره مقام تصغير مصدره، وليس وعسى لا مصدر لهما يلفظ به فيتنزّل اللفظ بهما منزلة اللفظ به. وأمّا إلزامكم إيّانا تصغير نعم وبئس، بأنهما عندنا فعلان غير متصرّفين، وهما غاية فى المدح والذم، فكانا فى ذلك بمنزلة التعجّب، فهذا الإلزام مخاتلة منكم، ونحن نلزمكم أن تصغّروا نعم وبئس؛ لأنهما عندكم اسمان، كأفعل فى التعجّب، فهلاّ دخلهما التصغير كما دخله! فإن قلتم: إنّ ذلك لم يسمع فيهما عن العرب. قلنا كما قلتم، ثم فرّقنا بينهما وبين أفعل التعجّبيّ بأنهما، وإن كانا جامدين، أشبه منه بالأفعال المتصرّفة، من حيث اتّصل بهما الضمير على حدّ اتّصاله بالفعل المتصرّف، فيما رواه الكسائىّ، من قولهم: نعما رجلين، ونعموا رجالا، ورفعا مع ذلك الظاهر فى نحو: نعم الرجل، وبئس الغلام، والمضمر فى نحو: نعم رجلا زيد، وبئس غلاما أخوك، ثم إنهما اتصلا بتاء التأنيث الساكنة، ¬

(¬1) فى د: حليقا.

فى نحو: نعمت المرأة، وبئست الخصلة، كما تقول: قامت المرأة، وقبحت الخصلة، وهذا حكم لازم للأفعال الماضية، فلما قربا هذا القرب من الفعل المتصرّف بعدا من الاسم. وأمّا ما ألزمتموناه من تصغير أفعل به، فليس بواجب، وذلك أن أفعل جاء على مثال الأسماء، من نحو أفكل وأجدل، وعلى مثال نظيره من الصّفات، كأكرم منك وأحسن، فلما اجتمع فيه إلى الجمود مجيئه على بناء الاسم، حسن تصغيره، وأمّا أفعل، فإنه لم يأت له مثال فى الأسماء إلاّ أصبع، لغة مرذولة فى الإصبع، وهى تلى فى الرّداءة إصبعا، بكسر الهمزة وضم الباء، وأشهر اللّغات فيها: إصبع، بكسر الهمزة وفتح الباء، ثم أصبع، بضم الهمزة وفتح الباء، ثم أصبع بضمّهما، ثم إصبع، بكسرهما، ثم أصبع بفتحهما، ثم أصبوع، بضمّ الهمزة، مثل أسلوب. وإذا لم يأت/له مثال فى الأسماء إلاّ هذا الحرف الشاذّ باعده ذلك من الاسم جدّا، فلم يسغ فيه التصغير. ألا ترى أن وزن الفعل الذى يغلب عليه أو يخصّه، أحد الأسباب المانعة للصّرف، فإذا كان الاسم يقرب من الفعل بمجيئه على بعض أبنيته حتى يكون ذلك علّة تمنعه التنوين والجرّ، فكذلك (¬1) الفعل يبعد من الاسم لمخالفته له فى البناء، هذا مع أن لفظه لفظ الأمر. وقولكم: إنّ الأمر غير مخصوص به الفعل، ليس بشىء، ولا اعتبار بما جاء من الأسماء مضمّنا معنى الأمر، من نحو هلمّ، ورويد، ونزال؛ لأنّها أسماء نابت مناب الأفعال، والغرض فى تسمية الأفعال بها الاختصار، لأنك تقول للواحد والواحدة فما فوق ذلك: رويد، وصه، ولا تتكلّف إبراز ضمير لمّا جاوزت إليه الواحد المذكّر، فى قولك: أمهلا واسكتا، وأمهلوا واسكتوا، وأمهلن واسكتن. ¬

(¬1) فى الأصل «وكذلك» بالواو، وصوابه بالفاء من د.

وأمّا احتجاجكم بصحّة العين فى نحو: ما أسيره وأطوله، فإنّ التصحيح حصل له من حيث حصل له التصغير، وذلك لحمله على باب أفعل، الذى للمفاضلة، فصحّح كما صحّح، ومن حيث غلب عليه شبه الأسماء، بإلزامه وجها واحدا، وليس الشّبه الغالب على الشىء بمخرجه عن أصله؛ ألا ترى أن الأسماء التى لا تنصرف لمّا غلب عليها شبه الفعل، لكونها ثوانى من جهتين، منعت التنوين والجرّ، كما منعهما الفعل، ولم يخرجها شبهها بالفعل عن أن تكون أسماء، وكذلك تصحيح العين فى نحو: ما أبيع زيدا، وما أجوله فى البلاد، حصل له من طريق قوّة المشابهة بينه وبين الاسم، وغير جائز أن يحكم له بالاسميّة لحصول (¬1) ذلك فيه، على أن تصحيحه غير مستنكر، لأنه قد وردت أفعال متصرّفة مصحّحة، كقولهم: أغيلت المرأة تغيل، إذا سقت ولدها/الغيل، وأغيمت السماء تغيم، واستنوق الجمل يستنوق، واستتيست الشاة تستتيس، إذا غلب عليها شبه التّيس، واستحوذ يستحوذ، وفى التنزيل: {أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ} (¬2) و {اِسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ} (¬3) وقالوا: أجودت وأطيبت وأطولت، قال: صددت فأطولت الصّدود وقلّما … وصال على طول الصّدود يدوم (¬4) وقالوا من العويل: أعول يعول، وإنما جعلوا التصحيح فى هذه الأفعال منبهة على الأصل، وإذا كان التصحيح قد جاء فى الفعل المتصرّف مع بعده من الاسم، فما ظنّك بما أزيل عن التصرّف. ¬

(¬1) فى د: بحصول. (¬2) سورة النساء 141. (¬3) سورة المجادلة 19. (¬4) ينسب للمرّار بن سعيد الفقعسىّ الأسدى، ولعمر بن أبى ربيعة، وهو فى ملحق ديوانه ص 502، وتخريجه فى كتاب الشعر ص 91، وضرورة الشعر ص 193، وأعاده ابن الشجرى فى المجلس الثامن والستين منسوبا للمرّار.

فإن قلتم: إن التصحيح جاء فى هذه الأفعال شاذّا، وتصحيح أفعل فى التعجّب قياسىّ مطّرد. قلنا: قد جاء التصحيح فى الفعل المتصرّف على غير سبيل الشّذوذ، وذلك كتصحيح عور وحول وصيد، حملا على اعورّ واحولّ واصيدّ، وقد قالوا: اجتوروا، واعتوروا، حملا على تجاوروا، وتعاوروا، وكذلك (¬1) حمل ما أطوله وما أسيره، على قولنا: هو أطول منك، وأسير منّى. وبعد، فلا ينبغى لكم أن تحكموا له بالاسميّة لتصحيحه، لأن أفعل به، قد ورد التصحيح فيه مع الإجماع على أنه فعل، فلم يخرجه قولهم: أبيع به وأطول به، عن كونه فعلا، فكذلك التصحيح فى ما أفعله، لا يخرجه عن الفعليّة. ومما يبطل ما ذهبتم إليه أنه إذا وصل بياء الضمير صحبتها النون المسمّاة وقاية، كقولك: ما أفرحنى وما أتعبنى، وهذه النون لا تصحب ياء الضّمير إلاّ إذا اتّصلت بالفعل، من نحو أكرمنى ويكرمنى، أو بما شابه الفعل من الحروف من نحو: ليتنى وكأنّنى، ولم يقولوا فى الاسم: غلامنى، ولا فى الصفة: مكرمنى، وإنما اتصلت هذه النون بآخر الفعل لتقى آخره الكسرة (¬2)، إذ كانت ياء المتكلم تقتضى كسر ما/قبلها، ولمّا منعوا الفعل كسرة الإعراب كانوا أحرى (¬3) أن يمنعوه كسرة البناء، فاجتلبوا له هذه النون؛ لتكون محلاّ للكسرة، فلو لم يكن أفعل فى التعجّب فعلا لمّا نزّل منزلة الأفعال؛ لاتّصال هذه النون به. جواب الفرّاء وأصحابه: أمّا قولكم إنّ ليس وعسى من موانع تصغيرهما أنه لا مصدر لهما، يتنزّل تصغيرهما تصغيره، وأفعل فى التعجّب ساغ تصغيره لأنه دالّ ¬

(¬1) فى د: فكذلك. (¬2) فى د: الكسر. (¬3) هكذا فى د. وفى الأصل «حرّى» وهما سواء.

بلفظه على مصدر، فقام تصغيره مقام تصغير مصدره، فغير صحيح؛ لأن أفعل فى ما أفعله إن كان فعلا كما تزعمون، فإنه لم يأت له مصدر، كما لم يأت لليس وعسى مصدر، وليس الإحسان والإكرام والإفضال مصادر ما أحسنه وما أكرمه وما أفضله، بدليل أننا نقول: ما أظرفه، وما أملحه، وما أشكره لك، ولا تجد فى كلامهم الإظراف والإملاح والإشكار، فقد وجّهتم التصغير إذا إلى مصدر فعل آخر، وإنما اعتمادكم فى تصغيره على أن التصغير فى المعنى لمصدره، وإذا كان التصغير متوجّها إلى مصدر ليس هو فى الحقيقة له، فسد أكثر ما عوّلتم عليه. وأمّا احتجاجكم بنون الوقاية فى: ما أفعلنى، فقد وجدنا من الأسماء ما اتّصلت به هذه النون، فيجوز أن يحمل أفعل فى التعجّب عليه، ولا نجعل اتصاله بها مدخلا لها فى حيّز الأفعال، وذلك قولهم: قدنى وقطنى، أى حسبى، قال: امتلأ الحوض وقال قطنى … سلاّ رويدا قد ملأت بطنى (¬1) فقد كسر هذا ما نصصتم عليه من أن هذه النون مقصورة على الأفعال دون الأسماء. جواب البصريّين، يعقبه احتجاجان: إن كان أفعل فى نحو: ما أظرف زيدا، وما أملح غزالك، وما أشكر زيدا لك، لا مصدر له، على ما يقتضيه القياس من مجىء/مصدره على إفعال، فإن أظرف وأملح وأشكر مبنيّات من ظرف وملح وشكر، فالجميع مأخوذ من الظّرف والملاحة والشّكر، والمصادر تقع فى مواضع المصادر، كوقوع السّراح فى موضع التسريح، فى قوله تعالى: {وَسَرِّحُوهُنَّ سَراحاً جَمِيلاً} (¬2) ووقوع التّبتيل فى موضع التّبتّل، فى قوله تعالى: {وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ} ¬

(¬1) فرغت منه فى المجلس الثامن والثلاثين، وأشرت هناك إلى ضبط تاء «ملأت» بالضم. (¬2) سورة الأحزاب 49.

{تَبْتِيلاً} (¬1) وعلى هذا نقول: اجتوروا تجاورا، فينوب التّجاور مناب الاجتوار، لأن اجتوروا وتجاوروا بمعنى واحد، وقال القطامىّ (¬2): وخير الأمر ما استقبلت منه … وليس بأن تتبّعه اتّباعا ومن هذا الباب قوله تعالى: {وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً} (¬3) وقال رؤبة (¬4): *وقد تطوّيت انطواء الحضب* فوضع الانطواء موضع التّطوّى، كما وضع الآخر الاتّباع موضع التّتبّع، لأنّ تتبّعت واتّبعت واحد، كما أنّ تطوّيت وانطويت بمعنى، وقال تعالى: «أن يصالحا بينهما صلحا» (¬5). فعلى هذه القضيّة توجّه تصغير أملح إلى الملاحة، لأنّ قولك: ما أميلح غزالك معناه: ملح غزالك جدّا، وهذا أسهل من وقوع المصدر عند قوم منّا ومنكم موضع المصدر (¬6)؛ لاتفاقهما فى المعنى، وليسا من لفظ واحد، كقولهم: إنّى ¬

(¬1) الآية الثامنة من سورة المزمّل. (¬2) ديوانه ص 35، والكتاب 4/ 82، والمقتضب 3/ 205، وأدب الكاتب، الصفحة الأخيرة، والأصول 3/ 134، والخصائص 2/ 309، وشرح المفصل 1/ 111. وتفسير القرطبى 4/ 69، فى تفسير قوله تعالى: وَأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً آل عمران 37. ومعنى البيت: أن خير الأمر ما قد تدبّرت أوّله فعرفت إلام تؤول عاقبته، وشرّه ما ترك النّظر فى أوله، وتتبّعت أواخره بالنظر. الخزانة 2/ 370. (¬3) سورة نوح 17. (¬4) فى الأصل، د: «العجاج»، وليس فى ديوانه. وهو من أرجوزة طويلة لابنه رؤبة، يمدح فيها بلال بن أبى بردة. ديوانه ص 16، وخرّجته فى كتاب الشعر ص 477. وسيشرح «الحضب» فى آخر المجلس، وهو بفتح الحاء وكسرها. (¬5) سورة النساء 128. و «يصالحا» جاءت هكذا فى الأصل، د، بفتح الياء وتشديد الصاد، وهى قراءة ابن كثير ونافع وابن عامر وأبى عمرو. السبعة ص 238، وقرأ الباقون «أن يصالحا» بضم الياء وتخفيف الصاد. وقد قوّى أبو جعفر الطبرى القراءة الأولى. راجع تفسيره 9/ 279. (¬6) سبق هذا المبحث فى المجلس التاسع والأربعين.

لأبغضه شناءة، وإنّى لأشنؤه بغضا، ودعه تركا رفيقا، و {أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً} (¬1) وتبسّم وميض البرق، ومنه {وَالْعادِياتِ ضَبْحاً} (¬2) على قول الخليل، قال: يقال فرس ضابح وضابع، إذا كان كثير الجرى، ومنه أيضا: يعجبه السّخون والبرود … والتّمر حبّا ما له مزيد (¬3) وقد جاء ما هو أشدّ من هذا، وهو إعمالهم ما ليس بواقع على الحدث عمل اسم الحدث، لاتفاقهما فى اللفظ، وإن كانا متباينين فى المعنى، وذلك استعمال العطاء موضع الإعطاء فى قوله: /أكفرا بعد ردّ الموت عنّى … وبعد عطائك المائة الرّتاعا (¬4) وقستم عليه أيّها الكوفيّون: عجبت من دهنك الشّعر، بضم الدال، فأجزتم ذلك فى سعة الكلام، فإذا كنتم قد حملتم الدّهن على الدّهن فى العمل، لاتفاق اللفظ مع اختلاف المعنى، فما الذى أنكرتم من حمل أملح فى التصغير على الملاحة، مع اتفاقهما لفظا ومعنى؟ وأمّا معارضتكم بقدنى، فهذه اللفظة من الشاذّ الذى لا معرّج عليه، ¬

(¬1) آخر سورة الطارق. (¬2) أول السورة. وانظر معنى ضَبْحاً وإعرابها فى تفسير القرطبى 20/ 155. (¬3) لرؤبة. ملحقات ديوانه ص 172، وشرح المفصل 1/ 112، وتذكرة النحاة ص 521، وشرح الشواهد الكبرى 3/ 45، وشرح الأشمونى 2/ 113. والسّخون، بفتح السين، وهو ما يسخّن من المرق. والبرود بفتح الباء، وهو ما يبرّد منه. (¬4) للقطامى. ديوانه ص 37، وانظر كتاب الشعر ص 229،237، وحواشيه، وحواشى طبقات فحول الشعراء ص 537. هذا وقد ذكر ابن عقيل أنّ ابن المصنّف زعم أن «عطاء» مصدر، وأن همزته حذفت تخفيفا، قال ابن عقيل: وهو خلاف ما صرّح به غيره من النحويّين. شرح الألفية 2/ 99. ولم أجد هذا الرأى لابن المصنّف فى ذلك الموضع-وهو عمل المصدر واسم المصدر-فى شرحه على ألفيّة أبيه ص 161، مع استشهاده ببيت القطامىّ على ما استشهد به النحاة.

ولا ملتفت إليه، فهى فى الشّذوذ مثل منى وعنى (¬1)، وإنما حسن اتصال هذه النون بقد وقط؛ لأنك تقول: قدك من كذا وقطك، أى اكتف، فتأمر بها كما تأمر بالفعل، وإذا كانت من قبيل الشّذوذ، فلا يسوغ أن يحمل المستفيض الشائع على الفذّ النادر، وقد قالوا مع هذا: قدى وقطى، قال نابغة بنى ذبيان (¬2): قالت ألا ليتما هذا الحمام لنا … إلى حمامتنا ونصفّه (¬3) فقد وقال آخر فجمع بين اللّغتين: قدنى من نصر الخبيبين قدى … ليس الإمام بالشّحيح الملحد (¬4) فهل يمكنكم أن تأثروا عن عربىّ أنه يقول: ما أفرحى، كما قالوا: قدى؟ ولعمرى إن ذلك غير ممكن، فهذا دليل على بطلان ما ذهبتم إليه، وفساد ما عوّلتم عليه. ومن أدلة مذهبنا أننا وجدنا أفعل التعجّبيّ ينصب المعارف والنكرات، ووجدنا أفعل الوصفىّ، كقولك: زيد أكثر منك علما، وأنجب غلاما، لا ينصب إلا النّكرات خاصّة على التمييز، أو على التشبيه بالمفعول، فلو كان أفعل فى قولنا: ¬

(¬1) شدّدت النون فى الكلمتين، فى الأصل، د. وهو خطأ؛ فإن موضع الشذوذ هنا هو التخفيف، وعدم إلحاق النون المقتضية للتشديد لإدغامها فى النون الأصلية. وعلى ذلك أنشدوا شاهدا على الشذوذ قول القائل: أيها السائل عنهم وعنى لست من قيس ولا قيس منى أوضح المسالك 1/ 118، وانظر علّة اجتلاب النون هنا، فى الكتاب 2/ 370، وسرّ الصناعة ص 550، وانظر أيضا الإنصاف ص 131، وقد استاق كلام ابن الشجرى. (¬2) ديوانه ص 24، وهذا بيت دائر فى كتب العربية، وفيه شواهد نحوية أخرى، وسيعيده ابن الشجرى فى المجلس الثامن والستين. وانظر الكتاب 2/ 137، والخزانة 10/ 251، وحواشيهما، وشرح الجمل 1/ 251،622،2/ 13، والجمل المنسوب للخليل ص 94،168. (¬3) فى د: «أو نصفه» وأثبتّه بالواو من الأصل، وهى رواية النسختين فى المجلس الثامن والستين. وهما روايتان. راجع الخصائص 2/ 460، والخزانة 10/ 258، وقد عقد أبو البركات الأنبارىّ لذلك مسألة فى الإنصاف ص 479. «هل تأتى أو بمعنى الواو؟». (¬4) فرغت منه فى المجلس الثانى.

ما أفعله اسما كما تزعمون، لم ينصب المعارف، ألا ترى أنه لا يجوز: زيد أكثر منك العلم، ولا زيد أعقل منك الغلام، كما يجوز: ما أكثر العلم فيهم، وما أنجب الغلام منهم، وإذ قد ثبت هذا فى أفعل التعجّبيّ، فهو فعل لا محالة. /ومن أدلّتنا أننا وجدناه مفتوح الآخر، فلولا أنه فعل ماض، لم يكن لبنائه على الفتح وجه، إذ لو كان اسما لارتفع، من حيث وقع خبرا ل‍ «ما» عند الفريقين، إلا الأخفش، و «ما» فى موضع رفع بإجماع، فلو كان اسما لكان خبرا مفردا، ووجب حينئذ رفعه، فلزوم الفتح لآخره يدلّ على أنه فعل ماض، وهو مع فاعله المستتر فيه جملة فى موضع رفع، لوقوعها خبرا للمبتدإ. جواب الفرّاء وأصحابه، قالوا: قد نصصتم على أن أفعل الوصفىّ لا ينصب إلاّ النكرة خاصّة، وقد وجدنا العرب أعملته فى المعرفة، وورد ذلك فى أشعارهم كقول الحارث بن ظالم (¬1): فما قومى بثعلبة بن سعد … ولا بفزارة الشّعر الرّقابا نصب الرّقاب بالشّعر، والشّعر جمع أشعر، ولا شبهة أن الجمع أضعف فى باب العمل من واحده؛ لأن التكسير يباعده من شبه الفعل، لاستحالة التكسير فى الفعل، وإذا بعد من الفعل بعد من العمل، فنصب الشّعر للرّقاب يفسد ما استدللتم به. وقال النابغة الذبياني (¬2): ونأخذ بعده بذناب عيش … أجبّ الظّهر ليس له سنام (¬3) ¬

(¬1) الحارث بن ظالم المرّى. والبيت من قصيدة مفضلية، المفضليات ص 314، والتخريج فيها مستوفى. وانظر الكتاب 1/ 201. (¬2) ديوانه ص 232، والكتاب 1/ 196، والمقتضب 2/ 179، والإنصاف ص 134، والتبيين ص 287، والجمل المنسوب للخليل ص 73، وأمالى ابن الحاجب 2/ 157، وأنوار التنزيل للبيضاوى 1/ 189 - ونسب البيت فيه لجرير خطأ-والخزانة 9/ 363، وفى حواشيها فضل تخريج. (¬3) والبيت الشاهد سبق مع بيت قبله فى المجلس الثالث.

وقال آخر: ولقد أغتدى وما صقع الدّي‍ … ك على أدهم أجشّ الصّهيلا (¬1) فنصب الصّهيلا بأجشّ، كما نصب النابغة الظّهر بأجبّ. وأمّا ما احتججتم به من فتح آخره، فليس بحجّة، لأن التعجّب أصله الاستفهام، ففتح آخر أفعل للفرق بين المعنيين، فقولنا: ما أحسن عبد الله! أصله: ما أحسن عبد الله؟ فعدلوا عن الاستفهام إلى التعجّب، فغيّروا أحسن، بفتح آخره، ونصبوا عبد الله، ليفصلوا بين الاستفهام والخبر، هذا لفظ قول (¬2) الفراء. /قالوا: ولنا قول آخر، وهو أن يحمل أفعل على أنه اسم بنى فى التعجّب لتضمّنه معنى حرفه؛ لأن التعجّب كان ينبغى أن يجيء له حرف، كما جاء فى الاستفهام والشرط، والنفى والأمر والنهى، والتمنّى والترجّى، والتعريف والتشبيه، والنداء والعطف، والاستثناء والتحضيض؛ وغير ذلك، حروف أدّت المعانى المقصودة والأغراض المطلوبة؛ إلاّ أنهم لم ينطقوا بحرف التعجّب، ولكنّهم ضمّنوا معناه هذا الكلام، فعقل به المعنى الذى كان يؤدّيه الحرف لو نطق به، ونظير ذلك قولكم فى أسماء الإشارة: إنها بنيت لتضمّنها معنى حرف الإشارة، وإن لم ينطق للإشارة بحرف. أو نقول: إنهم صاغوا للتعجّب حرفا يدلّ عليه، ثم رفضوه، وضمّنوا أفعل معناه، فلما ناب عن الحرف الذي به كان يستفاد التعجّب استحقّ البناء. الجواب: أمّا بيت الحارث بن ظالم، فقد روى: «الشّعر الرّقابا» كما أوردتم، وروى: «الشّعرى رقابا» ونحن وإن لم ندفع الرّواية الأولى، فالثانية عندنا أوجه؛ لأنها ¬

(¬1) أسرار العربية ص 199، والموضع المذكور فى التعليق السابق من الإنصاف والتبيين. وصقع الديك: صاح. (¬2) هكذا فى النسختين، وهو مستقيم.

أجرى على سنن الاستقامة فى الإعراب، وإذا سلّمنا ما اعترضتم به، فإنه مع وفاقنا عليه لا حجّة لكم فيه؛ لأنه من باب: الحسن الوجه، والحسان الوجوه، وقد قالوا: الحسن الوجه؛ بنصب الوجه، تشبيها بالضارب الرّجل، كما قالوا: الضارب الرجل، بخفض الرجل، تشبيها بالحسن الوجه، وهذا تشبيه لفظىّ، لأنهما فى المعنى متباينان، من حيث كان الوجه فاعلا من طريق المعنى، لأن الحسن له، والرجل مفعول به، لوقوع الضّرب عليه، فما أبعد ما بينهما، إلاّ أن التشبيه يكون تارة لفظيّا وتارة معنويّا. فليس ما عارضتم به من هذا بمؤثّر فيما احتججنا به، من جهة أن صواب الإعراب خفض الرّقاب من قوله: «الشّعر الرقاب» لأن الإضافة هى الباب فى هذا النوع، إذا كان فى الثانى الألف واللام. فإن كان/أفعل التعجّبيّ اسما كما زعمتم، فقولوا: ما أكرم الرّجل، بخفض الرجل، وإلاّ فما اعترضتم به ليس بشىء يلجأ إليه. وأمّا روايتكم قول النابغة: «أجبّ الظّهر» بفتحهما، فقد روى: «أجبّ الظّهر» بخفضهما، وروى: «أجبّ الظّهر» بنصب «أجبّ» ورفع «الظّهر» فالخفض فيهما هو القياس، ومن نصب «الظّهر» قدّر فيه زيادة الألف واللام، ونصبه على التمييز، وهذا مذهبكم فى باب حسن الوجه، ونحن نرى أنه مشبّه بالمفعول. ومن رفع «الظهر» جعله فاعلا، والتقدير عندنا: أجبّ الظّهر منه، وعندكم أن الألف واللام قامتا مقام العائد، وإذا كان الخفض هو الوجه، والرفع قد روى، فلا دليل لكم إذن فى هذا البيت. وكذلك قوله: «أجشّ الصّهيلا» الوجه خفض «الصهيل» ولكنه نصبه على التشبيه بالمفعول، أو جعله مميّزا، على أن الألف واللام فيه زيادة، فهو على مذهبكم

نكرة، فكيف يجوز أن تجعلوه لكم دليلا؟ ثم يمكن أن ينشد «أجشّ صهيلا» على طريق الزّحاف، أو أجشّ صهيلا» بالتنوين، فيستقيم وزنا وإعرابا. وهبوا أنّنا سلّمنا لكم صحّة الإعراب بالنصب فى هذه الأبيات، وأجريناها فى ذلك مجرى ما أكرم الرّجل، فهل تقدرون أن توجدونا أفعل وصفيّا نصب مضمرا أو علما أو اسما من أسماء الإشارة؟ وإذا كان هذا غير ممكن، ووجدنا أفعل فى التعجّب يعمل فى جميع ضروب المعارف، دلّ ذلك على استحالة الاسميّة فيه، وبطل ما لجأتم إليه. فأمّا قول الفرّاء إنّ أصل ما أحسن عبد الله: ما أحسن عبد الله؟ ففتحوا «أحسن»، ونصبوا «عبد الله» فرقا بين الاستفهام والخبر، فقول لا يقوم عليه برهان إلاّ بوحي من الله عزّ وجل، مع أن الفساد يعتوره، وإذا علم أنه دعوى لا يمكن إقامة الدليل عليها، وجب أن لا نتشاغل بالجواب عنه، غير أننا نبيّن فساده بما قدّمناه/من الحجاج. فنقول له: بم نصبت «أحسن» وهو مفرد فى محلّ الرفع؟ وبم نصبت «عبد الله» وهو فى محلّ الخفض؟ فجوابه أن يعود إلى ما بدأ به، فيقول: للفرق بين الاستفهام والتعجّب، فنقول له: التفريق بين المعانى لا يوجب إزالة الإعراب عن وجهه، فينصب اسما مرفوعا وآخر مجرورا، فيكون هو نفسه العامل فيهما النّصب، [وعلى أنه يفسد (¬1)] من وجه آخر، وهو أن التعجّب إخبار، بدلالة دخول الصّدق والكذب فيه، فالاستفهام مباين له، فلا يصحّ أن يكون أصلا له، ولأننا إذا قلنا: ما أحسن عبد الله، فالتعجّب وقع من جملته، وإذا قلنا: ما أحسن عبد الله؟ فالاستفهام عن بعضه. فأمّا القول الآخر، وهو تجويزهم أن يكون بنى لتضمّنه معنى حرف ¬

(¬1) تكملة من د.

التعجّب، وإن لم تنطق العرب للتعجّب بحرف، فلعمرى إنه كان ينبغى أن يصاغ له حرف كما صيغ لغيره من المعانى حروف، أدّى كلّ حرف منها المعنى الذى جاء له، ولكنهم لمّا لم يفعلوا ذلك ضمّنوا «ما» معنى حرفه، فبنوها، كما ضمّنوا «ما» الاستفهامية معنى الهمزة الاستفهامية، وضمّنوا «ما» الشرطية معنى «إن» التى وضعت للشرط، فبنوهما، ولم يكن للكلم الواقعة بعدهما علقة بالبناء، فكذلك ما بعد «ما» التعجبيّة لا يكون له علقة بالبناء. فبان بذلك أنه فعل ماض، واستحال قول من زعم أنه اسم. وبالله التوفيق. ...

فصل

فصل قول الحباب بن المنذر الأنصارىّ: «أنا جذيلها المحكّك، وعذيقها المرجّب» الجذيل: تصغير الجذل، وهو أصل شجرة يغرز فى حائط، فتحتكّ به الجربى من الإبل، فأراد أنه يستشفى برأيه، كما تستشفى الإبل بالاحتكاك بالجذل. /والعذق بفتح العين: النخلة، والعذق بكسرها: الكباسة، ومراده هاهنا النخلة. وأصل التّرجيب: التعظيم، يقولون: إنّ فلانا لمرجّب، أى معظّم، ومنه اشتقاق «رجب» لأنهم كانوا يعظّمونه، والتّرجيب أيضا: الدّعم، وكانوا إذا مالت النخلة الكريمة رجّبوها، دعموها لئلاّ تسقط. والأفكل: الرّعدة. والأجدل: الصّقر. والحضب (¬1) فى بيت العجّاج: الحيّة. والصّيد: داء يصيب البعير فى عنقه فيميلها، ويسيل من أنفه ماء أصفر. ويقال: أغيلت المرأة، وأغالت: إذا أرضعت ولدها وهى حامل، وذلك مذموم؛ لأنه يضعف المرضع، ويسمّى اللّبن الذى يسقاه: الغيل. ... ¬

(¬1) بفتح الحاء وكسرها.

المجلس الموفى الستين يتضمن [ذكر] الخلاف فى «نعم وبئس» بين البصريين وبين الفراء وأصحابه.

المجلس الموفى الستّين يتضمّن [ذكر (¬1)] الخلاف فى «نعم وبئس» بين البصريّين وبين الفرّاء وأصحابه. أجمع البصريّون من النحويّين على أن «نعم وبئس» فعلان، وتابعهم علىّ بن حمزة الكسائىّ (¬2). وقال أبو زكريا يحيى بن زياد الفرّاء: هما اسمان (¬3)، وتابعه أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب، وأصحابه، على اسميّتهما، وإن كان لهما لفظ الفعل الماضى، وذلك لأنهما نقلا إلى المدح والذمّ عن النعمة والبؤس اللذين يكون فيهما نعم وبئس فعلين، كقولهم: نعم الرجل: إذا أصاب نعمة، وبئس: إذا أصاب بؤسا. واحتجّ الفرّاء بقول العرب: ما زيد بنعم الرجل، وبقول حسّان بن ثابت (¬4): ¬

(¬1) زيادة من د. (¬2) انظر هذه المسألة فى أسرار العربية ص 96، والإنصاف ص 97، والتبيين ص 274، وفى حواشيه وحواشى الإنصاف مراجع أخرى كثيرة. وأذكّر بما قلته فى مسألة التعجب من أن أبا البركات الانبارى قد استاق حجج ابن الشجرى وشواهده. (¬3) راجع معانى القرآن 1/ 268،2/ 141، ولم يتأمل بعض طلاب العلم عبارة الفراء، فتوهّم أن الفرّاء يذهب إلى فعلية «نعم وبئس»، ثم تمادى فوهّم ابن الشجرى وأبا البركات الأنبارى فيما نسباه إلى الفراء، ثم نقل نقلا عن «الموفى فى النحو الكوفى» لم يغنه شيئا، وأحال على «التسهيل» لابن مالك، وعبارته واضحة فى أن الفراء يذهب إلى اسمية «نعم وبئس» (الرضى على الكافية-القسم الثانى ص 1106 - رسالة دكتوراه-مخطوطة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض-إعداد يحيى بشير مصرى). (¬4) ديوانه ص 35، ورواية العجز فيه: كذى العرف ذا مال كثير ومعدما وانظر الإنصاف ص 97، وأسرار العربية ص 97، وشرح المفصل 7/ 127، والخزانة 9/ 389، استطرادا.

ألست بنعم الجار يؤلف بيته … أخا قلّة أو معدم المال مصرما وبقول بعض فصحاء العرب: «نعم السّير على بئس العير (¬1)»، فدخول الباء و «على» عليهما يحقّق لهما الاسميّة. وقال أبو بكر محمد بن القاسم بن بشّار الأنبارىّ: سمعت أحمد بن يحيى يحكي/عن سلمة بن عاصم، عن الفرّاء: أن أعرابيّا بشّر بابنة ولدت له، فقيل له: نعم الولد هى! فقال: والله ما هى بنعم الولد، نصرها بكاء، وبرّها سرقة، فهذا أحد احتجاجاتهم. وقال أبو بكر بن الأنبارىّ، فى كتابه الذى لقبه «بالواسط»: ممّا يؤيّد قول الفراء قول العرب: «يا نعم المولى ويا نعم النصير» فنداؤهم «نعم» يدلّ على الاسميّة فيها؛ لأن الفعل لا ينادى. جواب البصريّين: قالوا: ليس فيما أوردوه من دخول حرف الجرّ على «نعم وبئس» حجّة؛ لأنه مقدّرة فيه الحكاية، وقد دخلت الباء فى هذا التقدير على فعل لا شبهة فيه، وذلك فى قول الراجز: والله ما ليلى بنام صاحبه … ولا مخالط اللّيان جانبه (¬2) فيجب (¬3) أن يحكموا للفعل الذى هو «نام» بالاسميّة لدخول الباء عليه، وليس ذلك من قولهم، وإذا كان الجارّ قد دخل على «نام» وهو فعل بإجماع، فكذلك لا يكون «نعم وبئس» اسمين بدخول الجارّ عليهما، ولولا ما ذكرته لك من تقدير ¬

(¬1) هذا الشاهد النثرى والذى بعده، تراهما فى مراجع المسألة التى أشرت إليها. (¬2) الكامل ص 497، والإنصاف ص 112، وأسرار العربية ص 99، والتبيين ص 279، وشرح المفصل 3/ 62، وشرح الجمل 1/ 220،2/ 589، وقطر الندى ص 30، والخزانة 9/ 388، ومراجع أخرى فى معجم الشواهد ص 444. (¬3) فى د: فيلزمهم.

الحكاية فيما تعلّقوا به، وفى البيت الذى أوردته، لم يسغ دخول حرف الجرّ على «نعم وبئس» و «نام» ولكن التقدير: نعم السّير على عير مقول فيه، أو يقال فيه: بئس العير. وكذلك قول حسّان، التقدير فيه: ألست بجار مقول فيه: نعم الجار، ومثل ذلك التقدير فى البيت الذى ذكرته: ما ليلى بليل مقول فيه: نام صاحبه، ولكنهم حذفوا هذه الموصوفات، وأقاموا أوصافها مقامها، كما حذف الموصوف فى قوله تعالى: {أَنِ اِعْمَلْ سابِغاتٍ} (¬1) وقوله: {وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} (¬2) أراد: دروعا سابغات، ودين الأمّة القيّمة، أو الملّة القيّمة، فصار التقدير: نعم السير على مقول فيه: بئس العير، وأ لست بمقول فيه: نعم الجار، وما ليلى بمقول فيه: نام صاحبه، /ثم حذفوا الصّفة التى هى مقول، وأوقعوا المحكيّ بها موقعها؛ لأن القول (¬3) قد كثر استعماله محذوفا كثرة استعماله مذكورا، فوليت الجملة حرف الجرّ على هذا التقدير، كما وليت المضاف فى قول القائل: مالك عندى غير سوط وحجر … وغير كبداء شديدة الوتر جادت بكفّى كان من أرمى البشر (¬4) أراد: بكفّى رجل كان من أرمى البشر، فحذف الموصوف بالجملة، ¬

(¬1) سورة سبأ 11، وحذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه ممّا كرّره ابن الشجرى كثيرا، ويظهر ذلك فى الفهارس إن شاء الله. (¬2) الآية الخامسة من سورة البيّنة. (¬3) يقول أبو علىّ: «حذف القول من حديث البحر، قل ولا حرج». حواشى كتاب الشعر ص 332. وانظر تفسير الطبرى 1/ 139،179،2/ 27، والمغنى ص 632. (¬4) هذا شاهد قلّما خلا منه كتاب نحويّ، كما يقول البغدادىّ فى الخزانة 5/ 66، وانظره فى مجالس ثعلب ص 445، والمقتضب 2/ 139، والأصول 2/ 178، والبغداديات صفحات 246،398،568، والخصائص 2/ 367، والمحتسب 2/ 227، وشرح الجمل 1/ 220،2/ 589، والمقرب 1/ 227، وتذكرة النحاة ص 70، والمغنى ص 160، وغير ذلك كثير تراه فى حواشى المحققين. وانظر المجلس 83. وكبداء: يريد قوسا كبداء، وهى التى يملأ الكفّ مقبضها.

وأقامها مقامه، فوقعت الإضافة إلى الفعل لفظا، كما دخل الجارّ عليه فى اللفظ، وهو فى التقدير داخل على غيره. ونظير ذلك فى وقوع الجملة الاستفهاميّة وصفا فى شعر قديم، والاستفهام ممّا لا يسوغ الوصف به، كما لا يجوز الوصل به، والصّفة محمولة على الصّلة، من حيث كانت الصفة موضّحة للموصوف، كإيضاح الصّلة للموصول، وإنما استحال الوصف بالاستفهام لما فيه من الإبهام، ولكنه وقع صفة مقدّرا فيها الحكاية، فى قول الراجز (¬1): أقبلت أسعى معهم وأختبط … حتى إذا جنّ الظّلام المختلط جاءوا بضيح هل رأيت الذّئب قط أى يقول من رآه: هل رأيت الذئب قطّ؟ والمعنى: جاءوا بلبن ممذوق أغبر فى لون الذّئب. والضّيح يضرب لونه إلى الخضرة والطّلسة. ومثل ذلك إيقاع الآخر الجملة الأمريّة حالا فى قوله: بئس مقام الشّيخ أمرس أمرس (¬2) أراد: بئس مقام الشيخ مقولا له: أمرس أمرس، ذمّ مقاما يقال له ذلك فيه. ¬

(¬1) قيل إنه العجّاج، ولم يثبت له. راجع حواشى الكامل ص 1054، وانظر المحتسب 2/ 165، وأسرار البلاغة ص 311، والفرق بين الحروف الخمسة ص 306، وشرح ابن عقيل 2/ 199، وشرح الجمل 1/ 193، والمغنى ص 246،585، وشرح أبياته 5/ 5، والخزانة 2/ 109، وحواشيها. (¬2) إصلاح المنطق ص 82، ومجالس ثعلب ص 213، والمنصف 3/ 14، وشرح الحماسة ص 1725، والإنصاف ص 116، وشرح الجمل 1/ 263، وارتشاف الضرب 3/ 26، والمساعد 2/ 136، وشفاء العليل فى إيضاح التسهيل ص 591، وانظر حواشى المحققين.

ومعنى أمرس أمرس: أعد أعد الحبل إلى موضعه من البكرة، يقال: مرس الحبل: إذا وقع فى أحد جانبي البكرة، وأمرسته: إذا أعدته إلى مكانه منها. فقد ترى هذه الأشياء كيف وقعت لسعة اللّغة، فى غير مواقعها، ووليت ما ليس/من شأنها أن تليه، وحسّن ذلك شيئا (¬1)، ما ذكرته لك من اتّساع إضمار القول، حتى إنه فى الإضمار بمنزلته فى الإظهار، ألا ترى إلى كثرة إضماره فى الكتاب العزيز، كقوله تعالى: {وَالَّذِينَ اِتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ إِلاّ لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ} (¬2) أى يقولون: ما نعبد هؤلاء الآلهة إلاّ للقربة إلى الله، وكقوله: {وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ* سَلامٌ عَلَيْكُمْ} (¬3) أى يقولون ذلك، وكقوله: {فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ. إِنّا لَمُغْرَمُونَ} (¬4) أى يقولون: إنّا لمغرمون، أى معذّبون. وتفكّهون: تندمون، وكقوله: {فَأَمَّا الَّذِينَ اِسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ} (¬5) أى: فيقال لهم: أكفرتم؟ وكقوله: {وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا} (¬6) التقدير: يقولون: ربّنا أبصرنا وسمعنا، ومثله: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنّا} (¬7) أى يقولان ذلك. فلما اتّسع حذف القول فى كلامهم، استحسنوا إيقاعه على هذه الأشياء محذوفا. فقد بان لك بما ذكرته، واتّضح بما قررته أن الذى تشبّثوا به من دخول الجارّ ¬

(¬1) فى د: شيئا ما ما ذكرته. . . (¬2) الآية الثالثة من سورة الزمر. (¬3) سورة الرعد 23،24. (¬4) سورة الواقعة 65،66. (¬5) سورة آل عمران 106. (¬6) سورة السجدة 12. (¬7) سورة البقرة 127.

على «نعم وبئس» ليس بحجّة يستند إليها، ولا يعوّل عليها. وأمّا احتجاجهم بقول العرب: «يا نعم المولى ويا نعم النصير» فالقول فيه أن المقصود بالنداء محذوف للعلم به، فالتقدير: يا الله نعم المولى ونعم النصير أنت، فحذفوا المنادى، إذ كان حرف النداء دليلا عليه، كما حذفوا حرف النداء لدلالة المنادى عليه فى نحو: أوفى على الماء كعب ثم قيل له … رد كعب إنّك ورّاد فما وردا (¬1) أراد: يا كعب، ومثله فى التنزيل: {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا} (¬2) و {فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي} (¬3). ومثل قولهم: «يا نعم المولى» فى إيلاء حرف النّداء الفعل قول ذى الرمة (¬4): /ألا يا اسلمى يا دارميّ على البلى … ولا زال منهلاّ بجرعائك القطر وقول الآخر (¬5): ألا يا اسلمى يا هند هند بنى بدر … وإن كان حيّانا عدى آخر الدّهر أراد: ألا يا هذه اسلمى، ومثله للنّمر بن تولب (¬6): *فقالت ألا يا اسمع أجبك بخطّة* ¬

(¬1) قائله أبو دواد الإيادىّ. ديوانه ص 308، وتخريجه فيه. وقيل: مامة بن عمرو، يرثى ابنه كعبا، الجواد المشهور، فى قصّة تراها فى الكامل ص 300، وجمهرة الأمثال 1/ 95، وشرح أبيات المغنى 1/ 64. وانظر حواشى الكامل. (¬2) سورة يوسف 29. (¬3) السورة نفسها 101. (¬4) ديوانه ص 559، وتخريجه فى ص 1976، وهو بيت سيّار. (¬5) الأخطل. ديوانه ص 179، والإنصاف ص 99، وشرح المفصل 2/ 24. (¬6) ديوانه ص 41، وروايته: وقالت: ألا فاسمع نعظك بخطبة فقلت سمعنا فانطقى وأصيبى وبمثل رواية ابن الشجرى جاء فى النوادر ص 192، وانظر البيان والتبيين 1/ 408.

وعلى هذا قرأ أبو جعفر يزيد بن القعقاع المدنيّ، وأبو الحسن علىّ بن حمزة الكسائى: {أَلاّ يَسْجُدُوا لِلّهِ} (¬1) على الأمر بالسجود، وخفّفا اللام من «ألا» لأنهما جعلاه استفتاحا، دخل على جملة ندائيّة، فالتقدير: ألا يا هؤلاء اسجدوا، ولكن حذف المنادى لدلالة الكلام عليه، وحذف ألف «يا» من اللفظ لسكون السين، ثم حمل الخطّ على اللفظ، فحذفت الألف خطّا كما حذفت لفظا، فإن وقفت على حرف النداء وقفت «ألا يا» ثم ابتدأت: اسجدوا (¬2). فقد علمت بهذه الشواهد أن الذى اعتقدوه من نداء «نعم» ليس بصواب. وممّا يشهد شهادة قطع بفعليّة «نعم وبئس» اتصالهما بتاء التأنيث الساكنة التى ليس أحد من العرب يقلبها هاء، كما فعلوا ذلك فى تاء غرفة وغزالة وظريفة، إذا وقفوا عليهنّ، وذلك قولهم: نعمت جارية هند، وبئست حاضنة جمل، ألا ترى أن هذه التاء مخصوص بها الماضى لا تتعدّاه، فلا يسوغ الحكم باسميّة ما اتصلت به. جواب الفرّاء ومن تابعه فى هذه المسألة، يتضمّن اعتراضين واحتجاجات ثلاثة. قالوا: إنما ولى حرف النداء من الفعل ما كان أمرا لمواجه، أو ما جرى مجرى الأمر، ولم يله فيما علمناه فعل خبريّ، وإنما حسّن حذف المنادى إذا صاحبه الأمر شيئان: /أحدهما: أن المنادى مخاطب والمأمور مخاطب، والخطاب فى الجملتين الندائيّة والأمريّة يتوجّه إلى واحد، فحذفوا الاسم الأول من الاسمين المخاطبين استغناء بالثانى، والدليل على أن المنادى مخاطب أنك إذا وصفته بالاسم الموصول جاز أن تعيد إلى الموصول ضمير الخطاب، كقول أبى النجم العجلىّ: ¬

(¬1) سورة النمل 25، وتقدّم تخريج هذه القراءة فى المجلس التاسع والثلاثين. (¬2) إيضاح الوقف والابتداء ص 816.

يا أيّها الذّكر الذى قد سؤتنى … وفضحتنى وطردت أمّ عياليا (¬1) وكقول الآخر (¬2): ألا أيّ هذا المنزل الدارس الذى … كأنّك لم يعهد بك الحيّ عاهد ونظير ذلك عود ضمير المتكلّم إلى الموصول إذا أوقع الموصول خبرا عن ضمير متكلّم، كقول أمير المؤمنين عليه السلام: أنا الذى سمّتن أمّى حيدره (¬3) فهذا أحد الأمرين اللذين حسن لهما حذف المنادى. والثانى: أن النداء يصحب فى الأكثر الأغلب الأمر، وما جرى مجراه من الطّلب والنّهى، فلذلك قلّ فى القرآن نداء لا تصحبه جملة أمريّة أو نهييّة، فاتسعت مصاحبته للأمر والنهى جدّا، كقوله: {يا أَيُّهَا النّاسُ اُعْبُدُوا رَبَّكُمُ} (¬4) و {يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اِتَّقِ اللهَ} (¬5) و {يا عِبادِ فَاتَّقُونِ} (¬6) {وَيا قَوْمِ اِسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ} (¬7) و {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ} (¬8) و {يا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ} (¬9) و {يا هامانُ اِبْنِ لِي صَرْحاً} (¬10). ¬

(¬1) فرغت منه فى المجلس السابع والثلاثين. (¬2) ذو الرمة. ديوانه ص 1088، وتخريجه فى 2016، وأيضا المقتضب 4/ 219،259، والمحتسب 2/ 69. (¬3) قاله رضى الله عنه يوم خيبر. الدّرر ص 213، وتاريخ الطبرى 3/ 13، وصحيح مسلم (باب غزوة ذى قرد. من كتاب الجهاد والسّير) ص 1441، وأدب الكاتب ص 71، وغريب الحديث لابن قتيبة 2/ 101، وطبقات الشافعية الكبرى 1/ 255، والخزانة 6/ 62، وانظر حواشى المحقّقين. وأعاده ابن الشجرى فى المجلس الثالث والثمانين. والحيدرة: الأسد. وأورد عليه العلاّمة البغدادىّ كلاما كثيرا. (¬4) سورة البقرة 21. (¬5) أول سورة الأحزاب. (¬6) سورة الزمر 16. (¬7) هود 52. والذى فى التلاوة وَيا قَوْمِ لكنّ حذف الواو هنا جائز. ونبّهت عليه كثيرا. راجع حواشى الكتاب 2/ 83، ومنال الطالب ص 468. (¬8) أول سورة الحجرات. (¬9) الآية السابعة من سورة التحريم. (¬10) سورة غافر 36.

وربّما تقدمت جملة الأمر جملة النّداء كقوله: {وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ} (¬1) ولمّا جاءت جملة الخبر بعد النداء شفعتها جملة الأمر فى قوله تعالى: {يا أَيُّهَا النّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ} (¬2) فلمّا كان النداء والأمر جملتى خطاب تصطحبان أبدا حسن حذف أحد الجزأين من الجملة الأولى للدلالة عليه، فى نحو قوله: «ألا يا اسلمى» وقول الآخر «ألا يا اسمع» وليس كذلك قولهم: «يا نعم المولى» لأن «نعم/المولى» خبر، فلا يسوغ تقدير المنادى فيه محذوفا، كما ساغ ذلك فى نحو: «ألا يا اسمع» و «ألا يا اسلمى» وعلى أن ذا الرّمّة لمّا حذف المنادى من الجملة الأولى ذكره فى جملة النداء الأخرى، فقال: «يا دارمىّ» ليدلّ به على المحذوف، وكذلك قول الآخر: «ألا يا اسلمى يا هند» فليس فيما استشهدتم به حجّة قاطعة. وأمّا استدلالكم بأن تاء التأنيث التى ليس أحد من العرب يبدل منها فى الوقف هاء، مخصوص بها الماضى من الفعل، فغير مقبول؛ لأنها قد اتّصلت بالحرف فى قولهم: ربّت وثمّت، قال هبيرة بن أبى وهب (¬3): ثمّت رحنا كأنّا عارض برد … وقام هام بنى النّجّار يبكيها وقال آخر (¬4): ¬

(¬1) سورة النور 31. (¬2) سورة الحج 73. (¬3) من قصيدة قالها يوم أحد. وكان من مشركى قريش. السيرة النبوية 2/ 130. والعارض هنا: السحاب، والبرد: الذى فيه برد-وهو الذى ينزل من السحاب شبه الحصى- والهام هنا: جمع هامة، وهى الطائر الذى تزعم العرب أنه يخرج من رأس القتيل. شرح السيرة لأبى ذرّ ص 238. (¬4) عبدة بن الطبيب. المفضليات ص 141، والإنصاف ص 106. والجرد: الخيل القصار الشعر. والمسوّمة: المعلمة. وقوله: أعرافهن. . . مناديل، يريد أنهم يمسحون أيديهم من وضر الطعام بأعراف تلك الخيل.

ثمّت قمنا إلى جرد مسوّمة … أعرافهنّ لأيدينا مناديل وقال آخر (¬1): ماوىّ بل ربّتما غارة … شعواء كاللّذعة بالميسم فقد نقض لحاقها للحرف الأصل الذى بنيتم عليه، فما الذى يبعد أن يكون «نعم وبئس» اسمين، لحقتهما هذه التاء كما لحقت ربّ وثمّ، وكان اتّصالها بالاسم شاذّا، كاتصالها بالحرف، هذا على أن «نعم وبئس» ليست التاء لازمة لهما بوقوع المؤنّث بعدهما، كما تلزم الأفعال الماضية، ألا ترى أن قولك: قام المرأة وجلس الجارية، ممتنع فى سعة الكلام، وقبيح استعماله فى الشّعر مع الفصل، كقوله: *لقد ولد الأخيطل أمّ سوء* (¬2) وكقول الآخر: إنّ امرأ غرّه منكنّ واحدة … بعدى وبعدك فى الدّنيا لمغرور (¬3) وقولنا: نعم المرأة، وبئس الجارية، حسن يقوله أكثر العرب، وهذا دليل على انتقالهما عن الفعلية، بدخولهما فى باب المدح والذمّ، وإنما ألحقهما التاء من/ قال: نعمت الجارية، وبئست الخصلة، مراعاة لأصلهما. ثم نستدلّ بعد ما قدّمناه على أنهما اسمان بثلاثة أشياء، أحدها: ما جاء عن العرب من قولهم: نعيم الرجل زيد، وليس فى أمثلة الأفعال فعيل، ألبتّة. ¬

(¬1) ضمرة بن ضمرة النهشلى-جاهلى. النوادر ص 253، والصاهل والشاحج ص 421، والإنصاف ص 105، وشرح المفصل 8/ 31، والخزانة 9/ 384، وانظر حواشيها وفهارسها. (¬2) فرغت منه فى المجلس الحادى والخمسين. (¬3) الخصائص 2/ 414، والإنصاف ص 174، وشرح الألفية لابن الناظم ص 86، وشذور الذهب ص 174، وانظر معجم الشواهد ص 165

والثانى: أنهما غير متصرّفين، فقد فارقا وباينا، بعدم تصرفهما، الأفعال. والثالث: أنهما لو كانا على أصلهما من الفعليّة لحسن اقتران الزّمان بهما، كسائر الأفعال، ولما لم يقولوا: نعم الرجل غدا، علم أن مذهب الفعليّة قد زايلهما. هذا الاستدلال والذى قبله ذكرهما أبو بكر الأنبارىّ فى [كتابه الذى سمّاه] (¬1) (الواسط). جواب البصريّين، يتلوه باقى حججهم: أمّا قولكم إنه لم يأت من الفعل ما ولى حرف النداء إلاّ أمر المواجه، فلا فرق بين الفعل الأمرىّ والخبرىّ فى استحالة وقوع كلّ واحد منهما بعد حرف النداء، إلاّ أن يفصل بينهما فى التقدير اسم، فيتوجّه النداء إليه، كما أنّ الفعل غير جائز أن يلى الفعل، إلاّ أن يحجز بينهما فاعل فى النّية، كقولك: زيد ليس يخرج، وعبد الله كان يزورك، فالفعلان متلاصقان لفظا ومنفصلان تقديرا، فليس ما ألزمتمونا من مجىء الخبر بعد حرف النداء بواجب، على أنه قد وليت الجملة الخبريّة حرف النداء، بتقدير حذف المنادى، من قوله: يا لعنة الله والأقوام كلّهم … والصالحين على سمعان من جار (¬2) أراد: يا هؤلاء، لعنة الله على سمعان، فهذا فى كونه جملة خبريّة بمنزلة: نعم المولى. ونقول بعد: قد اتّفقنا وإيّاكم على أن الجمل لا تنادى، وأجمعنا على أنّ قولنا: نعم الرجل، جملة، وإن اختلفنا فى نعم، فحكمنا بأنها فعل، وحكمتم بأنها ¬

(¬1) زيادة من د. (¬2) فرغت منه فى المجلس التاسع والثلاثين.

اسم، وإذا كان قولنا: يا زيد منطلق، ممتنعا، فكذلك يمتنع: يا نعم الرجل، إلاّ أن تريد: يا هذا نعم الرجل أنت، على ما قدّرناه فى قولهم: يا نعم المولى. وإذ قد ثبت هذا (¬1)، علم أن الذى/ذهبتم إليه لا يستقيم على وجه. وأمّا قولكم: إن النداء الذى لم تصحبه جملة أمريّة أو نهييّة ليس بمتّسع فى القرآن، فغير صحيح، بل مجىء الجمل الاستفهامية والخبرية مع النداء، يكثر كثرة مجىء الأمر والنهى، كقوله تعالى فى الخبر: {يا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ} (¬2) و {يا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً} (¬3) و {يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ} (¬4) و {يا قَوْمِ هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً} (¬5) و {يا أَيُّهَا النّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللهِ} (¬6). وقال فى الاستفهام: {يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ} (¬7) و {يا قَوْمِ ما لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجاةِ} (¬8) و {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ} (¬9) و {يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ} (¬10) فقد تكافأت هذه المعانى فى الكثرة، فليس لبعضها مزيّة على بعض. وأما اعتراضكم بربّت وثمّت، فمدفوع مردود، لأنّ هذه التاء، وإن كانت للتأنيث، ولم تنقلب فى الوقف (¬11)، ليست التاء فى نعمت، من حيث كانت ¬

(¬1) فى د: وإذا ثبت هذا. (¬2) سورة الزخرف 68. (¬3) الآية الرابعة من سورة يوسف. (¬4) الآية المتمّة المائة من السورة نفسها. (¬5) سورة هود 64. والذى فى التلاوة وَيا قَوْمِ وقد علّقت قريبا على إسقاط الواو فى مثل هذا. (¬6) سورة فاطر 15. (¬7) سورة مريم 42. (¬8) سورة غافر 41. (¬9) الآية الثانية من سورة الصفّ. (¬10) أول سورة التحريم. (¬11) أى لم تنقلب فى الوقف هاء.

مباينة لها من وجهين، أحدهما: أن التاء التى فى قولك: قامت المرأة، لحقت الفعل لتأنيث الاسم المسند إليه الفعل، وعلى هذا الحدّ لحقت «نعم وبئس»، والتاء التى فى ربّت وثمّت، لحقت لتأنيث الحرف نفسه، لا لتأنيث جزء آخر، وكأنهم آثروا تأنيث شيء من الحروف، كما آثروا ذلك فى الظّروف، فأنّثوا قدّاما وأماما ووراء، ودلّوا على تأنيثهنّ بظهور الهاء فى قوله: «قديديمة التجريب» (¬1) وفى نحو: جلست أميمة زيد، وقمت وريّئة (¬2) أخيك، فهذا فرق. والفرق الآخر: أن التاء اللاحقة للفعل، أحد أوصافها السكون، والتاء اللاحقة هذين الحرفين، وإن كانت لا تنقلب فى الوقف، ليست موافقة للتاء فى قولك: قامت ونعمت، فى سكونها. وأمّا اعتراضكم بأن التاء لا تلزم «نعم وبئس» مع وقوع المؤنّث بعدهما، فليس/بصحيح؛ لأنها تلزمهما فى لغة شطر العرب، كلزومها باب قام، فلا فرق عندهم بين نعمت المرأة وقامت المرأة، وإنما استحسن حذفها الذين قالوا: نعم ¬

(¬1) هو قول القطامى: قديديمة التجريب والحلم إننى أرى غفلات العيش قبل التجارب ديوانه ص 44، والمقتضب 2/ 273،4/ 41، والمذكر والمؤنث للمبرد ص 104، ولابن الأنبارى ص 377، وإيضاح شواهد الإيضاح ص 519، وشرح المفصل 5/ 128، وشرح الجمل 2/ 379. و «قديديمة» تأتى فى كتب الاستشهاد بضم التاء-وهى آفة انتزاع الشاهد من سياقه-والصواب بالفتح-قال البغدادىّ حكاية عن ابن هشام اللخمىّ: «وقديديمة منصوب على الظرف، والعامل فيه راقهنّ ورقنه، أى أعجبهنّ وأعجبنه قديديمة التجريب والحلم، أى أمام التجريب والحلم. . . وقد يحتمل أن يكون العامل فى قديديمة محذوفا دلّ عليه سياق الكلام، كأنه أراد: تظنّ طيب العيش ولذّته قدّام التجربة والحلم، أى أمام ذلك، ليس الأمر كذلك، إنما يطيب العيش ويحسن قبل التجارب وفى عنفوان الشباب وحين الغفلة، وأما بعد ذلك فلا، فيكون العامل فيها «تظنّ» المقدّر». الخزانة 7/ 89، والبيت المشار إليه هو: صريع غوان راقهنّ ورقنه لدن شبّ حتى شاب سود الذوائب (¬2) فى الأصل: «ورياة» وفى د «ورياءة». وكلاهما خطأ. وأثبتّ الصواب من الكتاب 3/ 267، وشرح الشافية 1/ 243، ومراجع تخريج الشاهد السابق.

المرأة، وإن لم يجز عندهم: قام المرأة، إلاّ مع الفصل فى الشّعر؛ لأن المرأة فى قولهم: نعم المرأة، واقعة على الجنس وقوع الإنسان على الناس، فى قوله تعالى: {وَإِنّا إِذا أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنّا رَحْمَةً فَرِحَ بِها} (¬1) وقوله: {إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً} (¬2) ألا ترى أنه قال بعد فى الآية الأولى: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسانَ كَفُورٌ} وقال فى الآية الثانية: {إِلاَّ الْمُصَلِّينَ} ولو قلت: قام زيد إلاّ إخوتك، كان محالا؛ لأن حدّ الاستثناء عكس هذا. وإذا كان ما يرتفع بنعم وبئس واقعا على الفريقين، وكان التقدير فى قولنا: نعم الرجل زيد، وبئس الغلام خالد: زيد محمود فى الرجال، وخالد مذموم فى الغلمان، فمعلوم أن أسماء الأجناس والجموع تذكّر أفعالهما وتؤنّث، كما جاء فى آية {إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ} (¬3) وفى أخرى: {فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ} (¬4) وجاء فى وصف اسم الجمع: {كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ} (¬5)، و {كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ} (¬6) فذكّر فعل الجمع وأنّث، وذكّرت صفة [اسم (¬7)] الجنس وأنّثت، فنعم المرأة إذن بمنزلة {وَقالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ} (¬8) ونعمت المرأة بمنزلة قول الشاعر: آمت نساء بنى أميّة منهم … وبناتهم بمضيعة أيتام (¬9) ¬

(¬1) سورة الشورى 48. (¬2) سورة المعارج 19. (¬3) سورة آل عمران 45، وانظر 42. (¬4) سورة الحجر 30، وسورة ص 73. (¬5) سورة القمر 20. (¬6) سورة الحاقة 7. (¬7) من د. (¬8) سورة يوسف 30. (¬9) نسبه الجاحظ إلى الكميت. البيان والتبيين 3/ 357، وهو لأبى العباس الأعمى فى الأغانى 16/ 300، ومروج الذهب 3/ 295 (فى أخبار أبى جعفر المنصور)، ونكت الهميان ص 155. وأبو العباس الأعمى: هو السائب بن فرّوخ، كان هجّاء خبيثا، مائلا إلى بنى أميّة مادحا لهم، واستفرغ شعره فى هجاء آل الزبير، غير مصعب؛ لأنه كان يحسن إليه. انظر مع المراجع المذكورة: الأخبار الموفقيات ص 542.

ولهذه العلّة أسقط العلامة فى هذا الباب من أسقطها، وإذا كانوا قد أسقطوها فى حال السّعة من فعل المؤنّث الحقيقىّ، فى قولهم: حضر القاضى اليوم امرأة، فليس بمستنكر سقوطها من فعل المؤنّث الواقع على الجنس، وقد قالوا: ما قام إلاّ هند، وما خرج إلاّ المرأة، فاختاروا طرح العلامة، فلم يثبتوها إلاّ لضرورة شعر. فإن قلتم: إنما طرحت العلامة فى هذا، تنبيها على المعنى، لأن التقدير: ما قام أحد/إلاّ هند، وما خرج أحد إلا المرأة. قلنا: كذاك هو، ولكنّ اللفظ على أنّ هندا والمرأة غير بدل، وإن كان المعنى على أنهما مبدلتان من «أحد» المقدّر، كما أن اللفظ على أن عرقا، فى قولنا: تصبّبت عرقا، غير فاعل، والمعنى على أنه فاعل. فهذا كلّه ممّا يزيل الاستيحاش من قولهم: نعم المرأة، ويدلّ على أن «نعم» لا يكون بحذف العلامة منه منتقلا عن الفعليّة. وأمّا استدلالكم بقولهم: نعيم الرّجل زيد، فهذا ممّا رواه قطرب وحده (¬1). وإذا صحّ ذلك عن العرب، فليس بحجّة لكم، لأن «نعم» أصله نعم، مثل علم، وكلّ ما جاء على مثال فعل وثانيه حرف حلقىّ، فلهم فيه أربعة أوجه، أحدها: استعماله على أصله كفخذ، وقد ضحك. والثانى: إسكان عينه وإقرار فائه على الفتح، تقول: [فخذ (¬2)]، وقد ضحك زيد. ¬

(¬1) المحتسب 1/ 357. (¬2) تكملة من د. وانظر هذه اللغات فى الكتاب 4/ 107، وشرح المفصل 7/ 128، وشرح الجمل 1/ 599، وحواشيه.

والثالث: إتباع فائه عينه فى الكسر، تقول: فخذ، وقد ضحك. والرابع: إسكان عينه بعد كسر فائه، تقول: فخذ، وقد ضحك بكر. وقرأ بعض القرّاء: «فنعمّا هي» (¬1) بفتح النون وكسر العين، وقرأ آخرون: {فَنِعِمّا} بكسرهما، وقرأ يحيى بن وثّاب: {فَنِعْمَ عُقْبَى الدّارِ} (¬2) بفتح النون وسكون العين، وأنشدوا لطرفة: ففداء لبنى قيس على … ما أصاب الناس من سرّ وضرّ (¬3) ما أقلّت قدمى إنّهم … نعم السّاعون فى الأمر المبرّ وإذا ثبت هذا فالياء فى قولهم: نعيم الرجل، إشباع، كما أشبع الفرزدق كسرة الراء من الصيارف، والهاء من الدراهم، فنشأت عن الكسرة الياء، فى قوله: /تنفى يداها الحصى في كلّ هاجرة … نفى الدّراهيم تنقاد الصّياريف (¬4) وكما أشبع الآخر الضّمّة، فنشأت عنها الواو، فى قوله: من حيث ما سلكوا أدنو فأنظور (¬5) أراد: فأنظر، وأنشد أبو علىّ وغيره: ¬

(¬1) سورة البقرة 271. وهذه القراءة لابن عامر وحمزة والكسائىّ، والقراءة التالية لابن كثير، وعاصم فى رواية حفص، ونافع فى رواية ورش. السبعة ص 190. (¬2) سورة الرعد 24. وراجع المحتسب 1/ 356، والبحر المحيط 5/ 387، وقد أحسن ابن الشجرىّ، رحمه الله، حين قيّد قراءة ابن وثاب بفتح النون وسكون العين، وكذلك صنع أبو حيان، فإن ابن جنى لم يقيّدها بالعبارة، وكذلك ابن خالويه فى شواذ القراءات ص 66، وضبطت فيه بالقلم، بكسر النون والعين، خطأ. وكذلك ضبطت فى الخزانة 9/ 376، «فنعم» بفتح النون وكسر العين، بضبط القلم. (¬3) تقدّم فى المجلس الحادى والخمسين. وانظر الخزانة 9/ 376، وحواشيها. (¬4) فرغت منه فى المجلس الحادى والعشرين. (¬5) وهذا أيضا تقدّم فى المجلس الحادى والثلاثين (الزيادة الملحقة به).

عيطاء جمّاء العظام عطبول … كأنّ في أنيابها القرنفول (¬1) وكما أشبع الآخر الفتحة فنشأت عنها الألف، فى قوله: وأنت من الغوائل حين ترمى … ومن ذمّ الرجال بمنتزاح (¬2) أراد بمنتزح، أى بمكان نازح، فمنتزح مفتعل من النّزوح، ومثله لعنترة (¬3): ينباع من ذفرى غضوب جسرة أراد ينبع، يعنى العرق، فأشبع فتحة الباء. وأمّا احتجاجكم بعدم التصرّف فى هاتين اللفظتين، وأنّ العرب لم يقرنوا بهما الزمان، فيقولوا: نعم الرجل أمس، ولا نعم الرجل غدا. فالجواب عن ذلك أنّ امتناعهما من الاقتران بأمس، لكم أن تتعلّقوا به؛ لأنهما عندنا فعلان ماضيان، وأمّا امتناعهما من الاقتران بغد، فغير مستنكر ذلك فى الأفعال الماضية، فما أبعد من الصواب استنكاركم أنّ العرب لم تقل: نعم الرجل غدا، حتى جعلتم ذلك حجّة لكم، وبجح (¬4) به أبو بكر محمد بن القاسم، فضمّنه ¬

(¬1) النبات لأبى حنيفة ص 215، والخصائص 3/ 124، والمحتسب 1/ 259، ورسالة الملائكة ص 219، والمخصص 11/ 196، والإنصاف ص 24،749، وإيضاح شواهد الإيضاح ص 383، وضرائر الشعر ص 35. والعيطاء: الطويلة العنق. والعطبول: المرأة الفتيّة الجميلة العنق. (¬2) فرغت منه فى المجلس الثامن عشر. (¬3) من معلّقته. ديوانه ص 204، وتمامه باختلاف فى القافية: زيّافة مثل الفنيق المقرم والذّفرى: العظم الذى خلف الأذن. والغضوب من صفة الناقة، ووصفها بذلك لنشاطها. وجسرة: طويلة عظيمة الجسم. وزيّافة: مسرعة السّير. والفنيق: الفحل. والمقرم: الفحل الذى أكرم فنحّى وخلّى عن الركوب، واتّخذ للفحلة فقط. وانظر الشاهد فى الخصائص 3/ 121، والمحتسب 1/ 78،258،278، والإنصاف ص 26، وإيضاح شواهد الإيضاح ص 743، وضرائر الشعر ص 34، والخزانة 1/ 122،8/ 373. (¬4) يقال: بجح بالشىء وبجح به: إذا فرح به وسرّ. جاء فى حديث أم زرع: «وبجّحنى فبجحت». وقال الراعى: وما الفقر من أرض العشيرة ساقا إليك ولكنا بقربك نبجح

كتابه، وإنما امتنع «نعم وبئس» من الدلالة على الزّمان الماضى، وسلبا التصرّف، فلم يصوغوا منهما مضارعا، ولا اشتقّوا من لفظهما اسم فاعل؛ لأن «نعم» موضوع لغاية المدح، «وبئس» موضوع لغاية الذّمّ، فجعلت دلالتهما على الزّمان مقصورة على الآن؛ لأنك إنما تمدح أو تذمّ بما هو موجود فى الممدوح أو المذموم، ولا تمدح ولا تذمّ بما كان فزال، ولا بما سيكون ولم يقع، فلذلك استحال اقترانهما بالزمان الماضى، وبعدا (¬1) غاية البعد من المستقبل، فلم يبنوا لهما مضارعا؛ لأن المضارع إنما يتكلّف [له (¬2)] فى بنائه زيادة حروف (¬3) المضارعة، للحاجة إلى دلالته على الزمان الحاضر أو المستقبل، فإذا كان «نعم وبئس» وهما على لفظ المضىّ قد أفادا الدلالة على الحاضر من الزمان باقتضاء المعنى، وكان المدح والذمّ/بما لم يقع مستحيلين، وجب أن لا يصاغ لهما مضارع؛ لأن الاحتياج إلى اشتقاق المضارع قد سقط، ومن هاهنا وجب أن لا يبنى منهما اسم فاعل؛ لأنّ اسم الفاعل لا يعيّن الزّمان؛ ألا ترى أنك إذا قلت: زيد ضارب جعفر، جاز أن يكون ضربه فى وقت إخبارك، وجاز أن يكون ماضيا، وجاز أن يكون متوقّعا، فلمّا كان عامّا للأزمنة الثلاثة استحال بناؤه منهما. فقد وضح بهذه الجملة أنّ هذين الفعلين، إنما جمدا بنقلهما (¬4) إلى معنى لم يكن لهما فى أصل وضعهما، فترك تصريفهما للمعنى المراد بهما، فليس عدم تصرّفهما بدليل على انتقالهما عن الفعليّة. وإذا كان كذلك علم أنّ ما أخلدتم إليه ليس بدليل يعوّل عليه ¬

(¬1) فى د. وبعد. (¬2) ليس فى د. (¬3) فى د: حرف. (¬4) فى د: لنقلهما.

هذا على أنّ لنا حجّة ثانية وثالثة ورابعة. فالثانية: ما رواه الكسائىّ، من اتصال الضمير بهما على حدّ اتصاله بالفعل المتصرّف، وذلك فى قولهم: نعما رجلين، ونعموا رجالا. والثالثة: بناؤهما على الفتح من غير عارض لهما، فمن ادّعى أنهما اسمان لزمه أن يوضّح العلّة فى فتحهما. والرابعة: أنهما رافعان ناصبان، يرفعان المعارف، من نحو: {فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ} (¬1) و {بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ} (¬2) وينصبان النّكرات، من نحو: زيد نعم رجلا و {بِئْسَ لِلظّالِمِينَ بَدَلاً} (¬3) فنعم الرجل، بمنزلة كرم الرجل، وفلان بئس رجلا، بمنزلة لؤم رجلا. فهذه أدلّة كلّها تشهد لهما بانتفاء الاسميّة، ورسوّ قدمهما فى الفعليّة. وبالله التوفيق. ... ¬

(¬1) سورة الصافات 75. (¬2) الآية الخامسة من سورة الجمعة. (¬3) سورة الكهف 50.

المجلس الحادى والستون

المجلس الحادى والستّون ذكر أبو الفرج عليّ بن الحسين الأصفهانيّ، صاحب كتاب الأغانى (¬1)، حديثا رفعه إلى أبى ظبيان الحمّانىّ، قال: اجتمعت جماعة من الحىّ على شراب، فتغنّى أحدهم بقول حسّان (¬2): إنّ التى ناولتني فرددتها … قتلت قتلت فهاتها لم تقتل /كلتاهما حلب العصير فعاطنى … بزجاجة أرخاهما للمفصل فقال رجل منهم: كيف ذكر واحدة بقوله: «إنّ التى ناولتنى فرددتها» ثم قال: «كلتاهما حلب العصير» فجعلها اثنتين، (¬3) وقال أبو ظبيان: فلم يقل أحد من الجماعة جوابا، فحلف رجل منهم بالطّلاق ثلاثا، إن بات ولم يسأل القاضى عبيد الله بن الحسن (¬4)، عن تفسير هذا الشّعر. ¬

(¬1) الأغانى 9/ 288،289. (¬2) ديوانه ص 75،76، وتخريجه فيه، وزد عليه: قواعد الشعر ص 65، وإعجاز القرآن ص 100، وذكر الشّعر والحكاية عن ابن الشجرىّ: ابن هشام فى شرحه لقصيدة بانت سعاد ص 22، والبغدادىّ فى حاشيته على هذا الشرح 1/ 493، وكذلك فى الخزانة 4/ 389، والسيوطىّ فى الأشباه والنظائر 3/ 165. وروى الصلاح الصفدىّ هذه الحكاية عن أبى بكر بن الأنبارىّ، ثم حكى عن ابن الشجرى اعتراضه على تأويل القاضى المذكور. وذكر تفسيرا آخر للحريرى. الغيث المسجم فى شرح لامية العجم 1/ 190،191، وقد أورد الحريرىّ الحكاية من طريق ابن الأنبارىّ أيضا فى درّة الغوّاص ص 160 - 162. (¬3) هذه الواو ثابتة فى الأصل وحاشية البغدادىّ، وساقطة فى د والأشباه والخزانة. (¬4) فى الأصل، د: «الحسين» بالياء، وكذلك فى الأشباه، وأصل الخزانة. وصوابه: «الحسن» كما فى الأغانى والغيث وحاشية البغدادى: وهو القاضى عبيد الله بن الحسن بن الحصين بن أبى الحرّ العنبرىّ. كان من سادات أهل البصرة فقها وعلما، وكان له قدر وشرف. ولد سنة 105، وقيل 106، وتوفى سنة 168. له ترجمة موسّعة جيّدة فى أخبار القضاة 2/ 88 - 123، وانظر تهذيب التهذيب 7/ 7، وقد-

قال: فسقط فى أيدينا ليمينه، ثم أجمعنا على قصد عبيد الله، فحدّثنى بعض أصحابنا السّعديّين قال: فيمّمناه نتخطّى إليه الأحياء، فصادفناه فى مسجده، يصلّى بين العشاءين، فلما سمع حسّنا أوجز فى صلاته، ثم أقبل علينا، فقال: حاجتكم، فبدر رجل منّا كان أحسننا نفثة (¬1)، فقال: نحن، أعزّ الله القاضى، قوم نزعنا إليك من طريق (¬2) البصرة، فى حاجة مهمّة، فيها بعض الشىء، فإن أذنت لنا قلنا، فقال: قولوا، فذكر يمين الرجل والشّعر. فقال: أمّا قوله: «إنّ التى ناولتنى» فإنه يعني الخمر، وقوله: «قتلت» أراد مزجت بالماء، وقوله: «كلتاهما حلب العصير» يعنى الخمر ومزاجها، فالخمر عصير العنب، والماء عصير السّحاب، قال الله تعالى: {وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجّاجاً} (¬3) انصرفوا إذا شئتم. وأقول: إنّ هذا التأويل يمنع منه ثلاثة أشياء، أحدها: أنه قال: كلتاهما، وكلتا موضوعة لمؤنّثين، والماء مذكّر، والتذكير أبدا يغلّب على التأنيث، كتغليب القمر على الشمس، فى قول الفرزدق: لنا قمراها والنّجوم الطّوالع (¬4) ¬

= نبّه البغدادى على الوهم فى «الحسن» فقال فى حاشيته المذكورة: «والحسن بفتحتين وكذا رواية الحريرى، ووقع فى الشرح تبعا لأمالى ابن الشجرى «الحسين» بزنة المصغر، وهو تحريف من الكتّاب». (¬1) هكذا فى الأمالى، وحاشية البغدادىّ، وأصول الخزانة، وغيّره شيخنا عبد السلام هارون، رحمه الله، ليجعله «بقيّة» كما فى الأغانى، وفسّره: البقيّة: الفهم وثقوب الذهن، كما فى قول الله تعالى: أُولُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ وفسّرها محقق الأغانى: أى أحسننا رأيا وفضلا، وإنما سمّى ذلك بقية؛ لأن الرجل يستبقى ممّا يخرجه أجوده وأفضله. قلت: وقوله: «كان أحسننا نفثة» فالنّفث: الإلقاء. وهذا التركيب يراد به سبيل المجاز، كأنه يريد: أحسننا لفظا وإدارة لوجوه الكلام، كما نقول: فلان ريقه حلو. (¬2) فى الأغانى: طرف. (¬3) سورة النبأ 14. (¬4) فرغت منه فى المجلس الثانى.

أراد لنا شمسها وقمرها، وليس للماء اسم آخر مؤنّث فيحمل على المعنى، كما قالوا: «أتته كتابى فاحتقرها» (¬1) لأن الكتاب فى المعنى صحيفة، وكما قال الشاعر (¬2): قامت تبكّيه على قبره … من لى من بعدك يا عامر تركتنى فى الدار ذا غربة … قد ذلّ من ليس له ناصر /كان الوجه أن يقول: ذات غربة، وإنما ذكّر لأن المرأة إنسان، فحمل على المعنى. والثانى: أنه قال: «أرخاهما للمفصل» وأفعل هذا موضوع لمشتركين (¬3) فى معنى وأحدهما يزيد على الآخر فى الوصف به، كقولك: زيد أفضل الرجلين، فزيد والرجل المضموم إليه مشتركان فى الفضل، إلا أن فضل زيد يزيد على فضل المقرون به، والماء لا يشارك الخمر فى إرخاء المفصل. والثالث: أنه قال فى الحكاية: «فالخمر عصير العنب» وقول حسان: «حلب العصير» يمنع من هذا؛ لأنه إذا كان العصير الخمر، والحلب هو الخمر، ¬

(¬1) تمامه ما حكاه الأصمعىّ، عن أبى عمرو بن العلاء، قال: «سمعت رجلا من اليمن يقول: فلان لغوب، جاءته كتابى فاحتقرها، فقلت له: أتقول: جاءته كتابى! قال: نعم أليس بصحيفة؟». الخصائص 1/ 249،2/ 416، وسرّ الصناعة ص 12، وإيضاح شواهد الإيضاح ص 449، وضرائر الشعر ص 275، واللسان (كتب-لغب). ونزهة الألباء ص 29 (ترجمة أبى عمرو). وسيأتى فى المجلس الثانى والثمانين. واللغوب هنا: الأحمق، كما جاء فى كلام اليمنىّ نفسه. (¬2) امرأة من العرب، كما ذكر أبو بكر بن الأنبارى فى المذكر والمؤنّث ص 151، ونسب فى المحكم (عمر) 2/ 109 إلى الأعشى، مع أن سياقه يوجب أن يكون القائل امرأة. قال ابن سيده: «وإنما أنشدنا البيت الأول لنعلم أن قائل هذا البيت امرأة». هذا إلى أن الشعر لا يوجد فى ديوان الأعشى المطبوع. وممن نسبه إلى أعرابيّة: ابن عبد ربه فى العقد 3/ 259،5/ 390 - وروايته يفوت معها الاستشهاد. وانظر حواشى الموضع الأول. وانظر أيضا: الأصول 3/ 438، والإفصاح ص 68، والإنصاف ص 507، 763، وشرح المفصل 5/ 101، وشرح الجمل 2/ 569، وانظر تخريجا أوفى، فى ضرورة الشعر ص 46، والبلغة فى الفرق بين المذكر والمؤنث ص 65. (¬3) فى د، والغيث المسجم فقط: للمشتركين.

فقد أضيفت الخمر إلى نفسها، والشىء لا يضاف إلى نفسه. والقول فى هذا عندى أنه أراد: كلتا الخمرين، الصّرف والممزوجة، حلب العنب، فناولنى أشدّهما إرخاء للمفصل. فرّق اللغويّون بين المفصل والمفصل، فقالوا: إنّ المفصل بكسر الميم وفتح الصاد: اللّسان، وهو بفتح الميم وكسر الصاد: واحد مفاصل العظام، وهو فى بيت حسّان يحتمل الوجهين. ... ذكر أبو سعيد السّيرافىّ فى قولهم: «أكلونى البراغيث (¬1)» ثلاثة أوجه، أحدها: ما قاله سيبويه (¬2)، وهو أنهم جعلوا الواو علامة تؤذن بالجماعة، وليست ضميرا. والوجه الثانى: أن تكون البراغيث مبتدأ، وأكلونى خبرا مقدّما، تقديره: البراغيث أكلونى. والوجه الثالث: أن تكون الواو فى «أكلونى» ضميرا على شرط التفسير، والبراغيث بدل منه، كقولك: ضربونى وضربت قومك، فتضمر قبل الذّكر على شرط التفسير، وقد كان الوجه فى قولهم: أكلونى البراغيث على تقديم (¬3) علامة الجماعة، أن يقال: أكلتنى البراغيث، لأن البراغيث ممّا لا يعقل، وضمير مالا يعقل كضمير جمع المؤنث، إلاّ أنهم جعلوا البراغيث مشبّهة بما يعقل، حين وصفت بالأكل، فأجريت مجرى ما يعقل، ولذلك نظائر، /منها قوله تعالى: {إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ} (¬4) لمّا ¬

(¬1) فرغت منه فى المجلس الموفى العشرين. (¬2) الكتاب 1/ 79. (¬3) جاء بهامش الأصل: «لعله تقدير» والذى هنا تقدم فى المجلس الموفى العشرين. (¬4) الآية الرابعة من سورة يوسف.

وصفها بالسّجود الذى لا يكون إلاّ لما يعقل، أجراها مجرى ما يعقل، وكذلك القول فى قوله تعالى: {يا أَيُّهَا النَّمْلُ اُدْخُلُوا مَساكِنَكُمْ} (¬1) لمّا جرى الخطاب لها مجرى خطاب ما يعقل، أجريت مجرى ما يعقل ذكر هذا أبو سعيد فى شرح كتاب سيبويه. وأقول: إنه وهم فى هذا القول؛ لأن مالا يعقل بمنزلة الأناسىّ فى وصفهم بالأكل، كقولنا: أكلت السّنّور الفأرة، وأكل السّبع الشاة، فلا يجوز أن تقول: أكلوهم السّباع، كما تقول: القوم أكلوا الطّعام. والوجه عندى أن يحمل قولهم: أكلونى البراغيث، على غير الأكل الحقيقىّ، ولكن (¬2) نحمله على الأكل الذى يراد به التعدّى والظّلم، كقولهم: أكل فلان جاره، إذا تعدّى عليه، وعلى ذلك قول علّفة بن عقيل بن علّفة لأبيه: أكلت بنيك أكل الضّبّ حتّى … وجدت مرارة الكلأ الوبيل (¬3) وهذا المعنى لا يكون إلاّ من ذوى العقل، فلمّا وصفوا به البراغيث أجروها مجرى العقلاء؛ لأنه قد جرى مجرى السّجود الذى لا يكون إلا من العقلاء. وقول علّفة لأبيه: «أكل الضّبّ» معناه مثل أكل الضّبّ أولاده، لأن الضّباب تأكل أولادها إلاّ القليل، فجعل تعدّيه على بنيه وظلمه لهم كأكل الضّبّ ولده، مبالغة فى وصفه بالبغى عليهم، والظّلم لهم. ... ¬

(¬1) سورة النمل 18. (¬2) هذا الاستدراك قلق، ولا ينسجم مع ما قبله. ولعلّ صواب الكلام: «والوجه عندى أن لا يحمل قولهم: أكلوني البراغيث، على الأكل الحقيقىّ، ولكن نحمله. . .». ويؤنس بذلك ما تقدّم فى المجلس الموفى العشرين. (¬3) فرغت منه فى المجلس المذكور قريبا.

مسألة

مسألة سألنى سائل عن جواز طلع الشمس، وامتناع الشمس طلع. فقلت: إنما امتنع قولك [الشّمس طلع لامتناع قولك (¬1)] الشمس طالع، ووجه امتناع هذا أن الخبر المفرد حكمه حكم المخبر عنه؛ فى تذكيره وتأنيثه، وتوحيده وتثنيته وجمعه، من حيث/كان الخبر المفرد هو المخبر عنه، فلما وقع فعل موقع فاعل، لحقته التاء وجوبا كما لحقت اسم الفاعل. ... ¬

(¬1) تكملة من د.

فصل

فصل اختصّ المعتلّ بأشياء، أحدها: ما جاء على فيعل، لا يكون ذلك إلاّ فى المعتلّ العين (¬1)، نحو سيّد وميّت وهيّن وليّن وبيّن. والثانى: ما جاء من جمع فاعل على فعلة، لم يأت إلاّ فى المعتلّ اللام، كقاض (¬2) وقضاة، وداع ودعاة، وغاز وغزاة. والثالث: ما جاء من المصادر على فيعلولة (¬3)، اختصّ بذلك المعتلّ العين، نحو قولهم: بان بينونة، وصار صيرورة، وكان كينونة، الأصل عند سيبويه: بيّنونة وصيّرورة، وكيونونة، ثم كيّنونة، قلبت الواو ياء وأدغمت فيها الياء لاجتماع الياء والواو وسبق الأولى بالسكون، وقال غيره: هو فعّلولة، وكلاهما لم يأت مصدرا فى الصحيح، وقولهم: كينونة يدلّ على ما قاله سيبويه؛ لأنه لو كان فعّلولة لقيل: كوّنونة، ولكنهم لمّا خفّفوه أبقوا الياء، كما قالوا فى تخفيف ميّت وهيّن: ميت وهين. والرابع: ما جاء من المصادر على فعل، فهذا مما اختصّ به المعتلّ اللام، وذلك قولهم: التّقى والهدى والسّرى. قال سيبويه (¬4): قد جاء فى هذا الباب، يعنى باب اعتلال اللام، المصدر على فعل، قالوا: هديته هدى، وذلك أن الفعل المعتلّ المكسور الأول، لم يأت مصدرا ¬

(¬1) تقدّم هذا فى المجلسين: الخامس والأربعين، والسادس والخمسين. (¬2) الكتاب 3/ 631،4/ 365، والأصول 3/ 262، والمقتضب 1/ 125،2/ 221، والمنصف 2/ 14، وشرح المفصل 5/ 54، وليس فى كلام العرب ص 332، وانظر حواشى المقتضب، ورحم الله محققه رحمة واسعة، فقد دلّنا على علم كثير. (¬3) الكتاب 4/ 366، والموضع المذكور من المقتضب والأصول، والمنصف، وليس فى كلام العرب ص 63،346. (¬4) الكتاب 4/ 46.

في هديت، فصار فعل عوضا منه. وقالوا: قريته قرى، وقليته قلى، فأشركوا بينهما، فصار فعل عوضا من الفعل في المصدر. وقال: قد دخل كلّ واحد من فعل وفعل على صاحبه، لأنهما أخوان، قالوا: كسوة وكسى، وجذوة وجذى، وصوّة (¬1) وصوى. قال: ومن العرب من يقول: رشوة ورشا، ومنهم من يقول: رشوة ورشا، وحبوة وحبا، وأكثر العرب يقول: رشا وكسى وجذى، بكسر أوائلهنّ. ... ¬

(¬1) الصّوّة: علامة تجعل فى الفلاة ليهتدى بها.

تعريب آية

تعريب آية / يقال فى قوله تعالى: {ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا كَذلِكَ حَقًّا عَلَيْنا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ} (¬1) ما إعراب الكاف فى {كَذلِكَ} وبم انتصب {حَقًّا}؟ الجواب: أن العامل فيه {نُنَجِّي} الأول، والإشارة بذلك إلى إنجاء من أنجاه الله مع نوح ومع موسى عليهما السلام، فيما قصّه فى السورة، ثم قال: {فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلاّ مِثْلَ أَيّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ} (¬2) يعنى أيّام العذاب {قُلْ فَانْتَظِرُوا} أى انتظروا نزول العذاب، وعقّب ذلك بقوله: {ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا كَذلِكَ} أى إنجاء مثل (¬3) ذلك الإنجاء الذى تقدّم ذكره. وقوله {حَقًّا} نعت لمصدر الفعل الذى بعده، كأنه استؤنف فقيل: إنجاء حقّا علينا ننجى المؤمنين. وأمّا {عَلَيْنا} فإن شئت علّقته بقوله: {حَقًّا} لأن فعله يتعدّى بعلى تقول: يحقّ عليك أن تفعل كذا، وإن شئت جعلته وصفا له، فعلّقته بمحذوف، كأنه قيل: حقّا واجبا علينا. ... قرأ بعض أصحاب القراءات الخارجة عن قراءات السبعة: {إِنَّ أَوْلَى النّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اِتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ} (¬4) بالنصب، وقرأ آخرون: {النَّبِيُّ} بالخفض، فمن ¬

(¬1) سورة يونس 103. (¬2) الآية السابقة. (¬3) فتكون الكاف فى كَذلِكَ صفة المصدر المقدّر الذى هو «إنجاء»، وهو الإعراب الذى سأل عنه ابن الشجرى، ولم يجب عنه صراحة. وانظر البيان فى غريب إعراب القرآن 1/ 420، وانظر وجوها أخرى لإعراب هذه الآية فى التبيان للعكبرى ص 687. (¬4) سورة آل عمران 68. وقراءة النصب هذه نسبها ابن خالويه إلى أبى السّمّال، شواذّ القراءات ص 21، ولم ينسبها غيره، أما رواية الجرّ فلم ينسبها هو ولا غيره. وظاهر أن كلتا القراءتين مما يصحّ-

نصب عطفه على الهاء من قوله: {اِتَّبَعُوهُ} أى اتّبعوه واتّبعوا هذا النبىّ. ومن خفض عطفه على {بِإِبْراهِيمَ} فالتقدير: إنّ أولى الناس بإبراهيم وبهذا النبىّ للّذين اتّبعوه. ومن رفع عطفه على {لَلَّذِينَ اِتَّبَعُوهُ} فالتقدير: إن أولى الناس بإبراهيم المتّبعون له، وهذا النبيّ. ... قوله تعالى حاكيا عن امرأة العزيز: {هَيْتَ لَكَ} (¬1) معنى هيت: هلمّ، أى تعال إلى ما أدعوك إليه، وقوله {لَكَ} أى إرادتى بهذا لك، فهذه اللام للتّبيين (¬2)، ¬

= لغة فقط، بدليل قول أبى جعفر النحاس: «وهذا النبىّ» بالنصب، تعطفه على الهاء» إعراب القرآن 1/ 341، وقول مكّىّ: «ولو قيل فى الكلام «وهذا النبىّ» بالنصب لحسن، تعطفه على الهاء فى «اتبعوه». مشكل إعراب القرآن 1/ 144، وقول القرطبىّ: «ولو نصب لكان جائزا فى الكلام، عطفا على الهاء فى اتبعوه» تفسيره 4/ 109. أما الزمخشرى وأبو حيان فذكرا «قرئ» فقط من غير تعيين للقارئ. الكشاف 1/ 436، والبحر 2/ 488. ومعلوم أن القراءة سنّة متّبعة، وأنها لا تجوز إلاّ بما جاءت به الرواية، وأن ليس كل ما يجوز عربيّة ونحوا تجوز به القراءة، وقد شدّد أهل العلم في ذلك، وكان أكثرهم تشديدا ونكيرا أبو إسحاق الزجاج، رحمه الله، وكرّره فى أكثر من موضع من كتابه معانى القرآن وإعرابه، فمما قاله فى الجزء الثالث ص 288: «والأجود اتّباع القرّاء ولزوم الرواية، فإن القراءة سنّة، وكلّ ما كثرت الرواية فى الحرف، وكثرت به القراءة فهو المتّبع، وما جاز فى العربيّة ولم يقرأ به قارئ فلا تقرأنّ به، فإن القراءة به بدعة، وكلّ ما قلّت فيه الرواية وضعف عند أهل العربية فهو داخل فى الشّذود، ولا ينبغى أن تقرأ به». وانظر ما سبق فى ص 368. فليتق الله بعض قرّاء هذا الزمان، وبعض أصحاب الدراسات العليا الجامعية، فإنهم يتساهلون فى هذا الأمر تساهلا منكرا، ويجترءون اجتراء عظيما، وبالله نستدفع البلايا! (¬1) سورة يوسف 23. (¬2) التبيين: أن تعلّق الجارّ والمجرور بما يدل عليه معنى الكلام، ولا تقدّره بالعامل المذكور. انظر المنصف 1/ 131، واللامات للزجاجى ص 129، ورغبة الآمل 1/ 144، وحواشى كتاب الشعر ص 101، وحواشى شذور الذهب ص 121.

وكذلك «لك» فى قولهم: سقيا لك، ورعيا لك، التقدير: سقاك الله سقيا، ورعاك رعيا، «ولك» /تبيين، أى هذا لك. وقوله: سقيا ورعيا، وما أشبههما من المصادر المنصوبة، كقولهم فى الدعاء على الرجل: جدعا له، وعقرا له، مما اختزل الناصب له، فلم يجز إظهاره. ... من قبيح التّضمين قول بشر بن أبى خازم (¬1). وكعبا فسائلهم والرّباب … وسائل هوازن عنّا إذا ما لقيناهم كيف نعليهم … بواتر يفرين بيضا وهاما ومثله للنابغة الذّبيانىّ (¬2): وهم وردوا الجفار على تميم … وهم أصحاب يوم عكاظ إنّى شهدت لهم مواطن صادقات … أتينهم بصدق الودّ منّى وقول أعشى قيس (¬3): فلله عينا من رأى من عصابة … أشدّ إذا حام الكماة من الّتى أتتنا من البطحاء يبرق بيضها … وقد بذخت فرسانها وأدلّت ... ¬

(¬1) ديوانه ص 188، ومختارات ابن الشجرى ص 272 - وقال: الإفراء: القطع والشّقّ فى إفساد، والفرى فى إصلاح-والموشّح ص 23، وشرح ما يقع فيه التصحيف ص 303، وأنوار الربيع 6/ 74، والكافى فى علم القوافى للشنترينى ص 105، والقوافى لنشوان بن سعيد الحميرى ص 263، (مجلة المجمع العلمى الهندى (على كره) المجلد 8 (1984 م) وفى حواشيه مراجع أخرى جيدة. (¬2) ديوانه ص 127،128، والبيتان من أشهر شواهد التضمين. وهما فى نوادر أبى زيد ص 535، والعمدة 1/ 171، واللسان (ضمن)، والقوافى لأبى الحسن الأخفش ص 72، وزاد شيخنا العلامة أحمد راتب النفاخ فى تخريجه. (¬3) ديوانه ص 259 مع اختلاف فى الرّواية لا يمسّ موضع الاستشهاد، وشرح ما يقع فيه التصحيف ص 302

قوله تعالى: {فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ} (¬1) معناه: فمال عليهم يضربهم ضربا، وإن شئت كان انتصاب «ضربا» على الحال، كقولك: أتيته مشيا، أى ماشيا، ومثله: {ثُمَّ اُدْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً} (¬2) أى ساعيات. و {بِالْيَمِينِ} فيه قولان: قيل باليد اليمنى، وقيل بالقوّة، وأنشدوا قول الشّماخ (¬3): إذا ما راية رفعت لمجد … تلقّاها عرابة باليمين قالوا: أراد بالقوّة، كما جاء فى التنزيل: {خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ} (¬4). ويجوز أن يراد باليمين فى الآية القسم، وتكون الباء بمعنى لام العلّة، أى مال عليهم يضربهم لليمين التى حلفها، وهى قوله: {وَتَاللهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ} (¬5) ونظير وضع الباء فى موضع اللام وضعها فى قوله تعالى: {فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنّاهُمْ} (¬6) أى فلنقضهم. ... ¬

(¬1) سورة الصافات 93. (¬2) سورة البقرة 260، وقد حكى هذا والذى بعده، عن ابن الشجرىّ، الزركشىّ فى البرهان 3/ 204. (¬3) ديوانه ص 336، وهذا بيت دائر فى كتب العربية. (¬4) سورة البقرة 63. (¬5) سورة الأنبياء 57. وهذه التأويلات الثلاثة لليمين، لأبى على الفارسى، ذكرها فى الحلبيات ص 29، وحكاها عنه ابن جنى، فى الخصائص 3/ 249،250، وذكر أن أبا على حدّثه بذلك سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة. وهى السنة التى قدم فيها أبو علىّ حلب، كما ذكر ابن خلكان فى الوفيات 2/ 80. فأنت ترى أن الكتب يصدّق بعضها بعضا. (¬6) سورة النساء 155، والمائدة 13، وانظر ما يأتى فى المجلس السابع والستين والذى بعده، فقد تلا ابن الشجرىّ الآية هناك، شاهدا على زيادة الباء.

/إن قيل: إن لفظة «بين» الظرفية تقتضى اثنين فصاعدا، كقولك: جلست بين الرجلين، وبين الرجال، وبين زيد ومحمد، ومحال أن تقول: جلست بين زيد، فتقتصر على واحد، فكيف جاء فى التنزيل: {وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً} (¬1) و «ذلك» إنما يشار به إلى الواحد، وكان حقّ الكلام: بين ذينك، وكذلك قوله: {لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ} (¬2). فالجواب: أن هذا إنما جاز، لأنهم قد يشيرون ب‍ «ذلك» إلى الجمل والحديث الطويل المشتمل على كلم كثيرة، كقولك لمن قال: زيد منطلق، وقد خرج محمد، وسينطلق جعفر: قد عرفت ذلك، ومثله فى التنزيل: {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ ما ثُقِفُوا إِلاّ بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ وَحَبْلٍ مِنَ النّاسِ وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ} (¬3) ونظير هذا فى التنزيل أيضا {لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ} (¬4) وجاز هذا لأن «أحدا» موضوع للعموم، فلهذا لا يستعمل إلاّ فى النفى، تقول: ما جاءنى أحد، ولا يجوز: جاءنى أحد، ولو قلت: لا أفرّق بين واحد منهم، لم يجز. وممّا جاء فى الشّعر نظيرا لقوله: {وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً} وقوله: {عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ} قول ابن الدّمينة (¬5): عدمتك من نفس فأنت سقبتنى … بكأس الهوى في حبّ من لم يبالك ومنّيتنى لقيان من لست لاقيا … نهارى ولا ليلى ولا بين ذلك أى: ولا بين الليل والنهار، أراد بالوقت الذى بين الليل والنهار، الظلّ الذى ¬

(¬1) سورة الفرقان 67، وقد عالج ابن الشجرى مسألة «بين» هذه فى المجلس الثالث عشر. (¬2) سورة البقرة 68. (¬3) سورة آل عمران 112. (¬4) سورة البقرة 136، وسورة آل عمران 84. (¬5) ديوانه ص 15، وتخريجه فى 217،218.

ذكره الله عزّ وجلّ فى قوله: {أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ} (¬1) وهو من بعد طلوع الفجر إلى قبل طلوع الشمس. ... ¬

(¬1) سورة الفرقان 45.

فصل /عطف اسم الفاعل على «يفعل»، وعطف «يفعل» على اسم الفاعل

فصل /عطف اسم الفاعل على «يفعل» (¬1)، وعطف «يفعل» على اسم الفاعل ، جائز؛ لما بينهما من المضارعة التى استحقّ بها «يفعل» الإعراب، واستحقّ بها اسم الفاعل الإعمال، وذلك جريان اسم الفاعل على «يفعل»، ونقل «يفعل» من الشّياع إلى الخصوص بالحرف (¬2) المخصّص، كنقل الاسم من التنكير إلى التعريف بالحرف المعرّف، فلذلك جاز عطف كلّ واحد منهما على صاحبه، وذلك إذا جاز وقوعه فى موضعه، كقولك: زيد يتحدّث وضاحك، وزيد ضاحك ويتحدّث؛ لأن كلّ واحد منهما يقع خبرا للمبتدإ، ولما دخل على المبتدأ من العوامل، كباب كان وباب إنّ، وكذلك مررت برجل ضاحك ويتحدّث، وبرجل يتحدّث وضاحك، لأن «يفعل» ممّا يوصف به النّكرات، فمن عطف الاسم على الفعل قول الراجز: بات يغشّيها بعضب باتر … يقصد فى أسوقها وجائر (¬3) ¬

(¬1) أى الفعل المضارع. وانظر هذه المسألة فى دراسات لأسلوب القرآن الكريم 3/ 548. (¬2) وهو السّين، لأنها خصّت المضارع-بعد صلاحيته للحال-بالاستقبال. راجع جواهر الأدب ص 52. (¬3) معانى القرآن للزجاج 1/ 412، وما يجوز للشاعر فى الضرورة ص 152، وبقيّة تخريجه فى كتاب الشعر ص 427. وسينشده المصنف مرّة أخرى فى المجلس الثانى والثمانين. ويروى «يعشّيها» بالعين المهملة، أى يطعمها العشاء، بالفتح، وهو الطعام الذى يؤكل وقت العشاء، بالكسر. أما روايتنا «يغشيها» فقد قال عنها البغدادىّ: «ورأيت فى أمالى ابن الشجرىّ فى نسخة صحيحة، قد صحّحها أبو اليمن الكندىّ وغيره، وعليها خطوط العلماء وإجازاتهم: «بات يغشّيها» بالغين المعجمة، من الغشاء كالغطاء، بكسر أولهما وزنا ومعنى، أى يشملها ويعمّها. وضمير المؤنّث للإبل، وهو فى وصف كريم بادر يعقر إبله لضيوفه». الخزانة 5/ 141. والعضب: السيف. ويقصد: من القصد، وهو التوسّط وعدم مجاوزة الحدّ. والأسوق والأسوق، بالواو وبالهمزة لغتان، جمع قلّة لساق، وهو ما بين الركبة والقدم.

ومن عطف الفعل على الاسم قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافّاتٍ وَيَقْبِضْنَ} (¬1). فإن قلت: سيتحدّث زيد وضاحك، لم يجز، لأن ضاحكا لا يقع موقع يتحدّث فى هذه المسألة؛ من حيث لا يلى الاسم السّين لأنها من خصائص الفعل، وكذلك مررت بجالس ويتحدّث، لا يجوز، لأنّ حرف الجرّ لا يليه الفعل، فإن عطفت اسم الفاعل على «فعل» (¬2)، لم يجز، لأنه لا مضارعة بينهما، فإن قرّبت «فعل» إلى الحال (¬3) بقد، جاز عطف اسم الفاعل عليه، كقول الراجز (¬4). أمّ صبيّ قد حبا ودارج فإن كان اسم الفاعل بمعنى «فعل»، جاز عطف الماضى عليه، كقوله تعالى: {إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ وَأَقْرَضُوا اللهَ} (¬5) لأن التقدير: إنّ الذين تصدّقوا/واللاّتى تصدّقن. ... ¬

(¬1) سورة الملك 19. (¬2) أى الفعل الماضى. (¬3) عالج ابن الشجرى مسألة تقريب الماضى إلى الحال ب‍ «قد» ظاهرة أو مقدرة، فى المجالس: الرابع والأربعين، والثانى والخمسين، والحادى والسبعين. (¬4) جندب بن عمرو، يقوله فى امرأة الشّمّاخ، فى قصة تراها بآخر ديوان الشماخ ص 363. وانظر معانى القرآن 1/ 214، وشرح القصائد السبع ص 37، وشرح الكافية الشافية ص 1272، وأوضح المسالك 3/ 394، والتصريح 1/ 142،2/ 152، وشرح الأشمونى 3/ 120، والخزانة 4/ 238، 5/ 142، واللسان (درج). و «أمّ» بالنصب؛ لأن قبله: يا ليتنى كلّمت غير حارج أى غير آثم. (¬5) سورة الحديد 18.

الكلام على آية قوله تعالى: {يدعوا من دون الله ما لا يضره وما لا ينفعه}

الكلام على آية قوله تعالى: {يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَضُرُّهُ وَما لا يَنْفَعُهُ} (¬1) أى يدعو الوثن الذى لا يضرّ ولا ينفع، ولا يبصر ولا يسمع، وقوله: {يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ} ومعناه: الضّرر بعبادته أقرب من النفع بها. فإن قيل: كيف قال: {أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ} ولا نفع من قبله ألبتّة؟ قيل: لمّا كان فى قوله: {لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ} تبعيد لنفعه، والعرب تقول لما لا يصحّ فى اعتقادهم تكوّنه: هذا بعيد، جاز الإخبار ببعد نفع الوثن، والشاهد بذلك قوله تعالى حاكيا عنهم: {أَإِذا مِتْنا وَكُنّا تُراباً ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ} (¬2). واختلف المفسّرون فى هذه اللام، فذهب قوم من البصريّين والكوفيّين إلى أنّ معناها التأخير، فالتقدير: يدعو من لضرّه أقرب من نفعه، وجاز تقديمها وإيلاؤها المفعول؛ لأنها لام التوكيد واليمين، فحقّها أن تقع أوّل الكلام، فقدّمت لتعطى حقّها، وإن كان الأصل أن يليها المبتدأ، كما أن لام «إنّ» حقّها أن تدخل على اسم إنّ، فلما لم يجز أن تلى إنّ، لأنها بمعناها فى التوكيد، وفى تلقّى اليمين بها، جعلت فى الخبر، كقولك: إنّ زيدا لقائم (¬3)، لمّا لم يجز: إنّ لزيدا قائم، فإذا أمكن أن تدخل على الاسم كان ذلك أجود، كقوله: {إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً} (¬4) فتقديمها على المفعول ¬

(¬1) سورة الحج 12،13، وانظر معانى القرآن للفراء 2/ 217، وإعراب القرآن للنحاس 2/ 392، وإعراب القرآن المنسوب خطأ إلى الزجاج ص 690،691، وتفسير القرطبى 12/ 19، وسرّ صناعة الإعراب ص 401، واللامات للهروى ص 76،77، وإيضاح شواهد الإيضاح ص 768، والمغنى ص 414، والبحر المحيط 6/ 355 - 357، وستأتيك الإحالة على كتابى الأخفش والزجاج. (¬2) الآية الثالثة من سورة ق. وهذا الاعتراض وجوابه من كلام الزجاج، فى معانى القرآن 3/ 415. (¬3) وهذه هى اللام المزحلقة، بفتح اللام وكسرها. (¬4) سورة البقرة 248، وغير ذلك من الكتاب الحكيم.

فى الآية إيذان بأنّ حقّها الوقوع فى أوّل الكلام، وسوّغ ذلك أنها لمجرّد التوكيد، فاللفظ بها يفيد التوكيد، تقدّمت أو تأخرت، وليست بعاملة كعلى، في قول الراجز: إنّ الكريم وأبيك يعتمل … إن لم يجد يوما على من يتّكل (¬1) أراد: من يتّكل عليه، وهذا تقديم قبيح، سوّغته الضّرورة (¬2)، وقد اعترض على هذا القول بأن اللام فى صلة «من» فتقديمها على الموصول غير جائز. /والجواب عن هذا الاعتراض: أنها حرف لا يفيد إلاّ التوكيد، وليست بعاملة كمن المؤكّدة، فى نحو: ما جاءني من أحد، فدخولها وخروجها سواء، فلذلك جاز تقديمها. ويمكن أن لا تكون «من» هاهنا موصولة، بل تكون نكرة، فى معنى شيء، مثلها فى قول سويد بن أبى كاهل: ربّ من أنضجت غيظا صدره … قد تمنّى لى موتا لم يطع (¬3) أراد ربّ إنسان، وكذلك هى فى قول كعب بن مالك الأنصاريّ (¬4): ¬

(¬1) الكتاب 3/ 81، والبصريات ص 592، والعسكريات ص 190، والخصائص 2/ 305، والمحتسب 1/ 281، ومجالس العلماء ص 82، والارتشاف 2/ 454، والمغنى ص 144، وشرح أبياته 3/ 241، والخزانة 10/ 143، وغير ذلك كثير. وقوله: «يعتمل» أى يعمل لنفسه ويحترف لإقامة عيشه. (¬2) قال البغدادى معقّبا على تخريج ابن الشجرى: «وهذا تعسّف، إذ لم يعهد تقديم الجارّ على غير المجرور، كما لم يعهد تقديم الجازم على غير المجزوم، وإنما المعهود تقديمهما معا». (¬3) من قصيدته العالية الشريفة التى مطلعها: بسطت رابعة الحبل لنا فوصلنا الحبل منها ما اتّسع المفضليات ص 198. وسيعيد ابن الشجرى البيت الشاهد فى المجلس الثالث والثمانين. وانظر معجم الشواهد ص 208. (¬4) ديوانه رضى الله عنه، ص 289، وهو بيت مفرد فيه، ونسبه ابن الشجرى فى المجلسين: الرابع والسبعين، والثالث والثمانين إلى حسّان رضى الله عنه، وهو بيت مفرد فى زيادات ديوانه ص 515، -

فكفى بنا فضلا على من غيرنا … حبّ النّبىّ محمد إيّانا المعنى: على حيّ غيرنا، أو قوم غيرنا، ولذلك قدّرها الكسائىّ باسم نكرة، فقال: اللام فى غير موضعها، و «من» فى موضع نصب بيدعو، والتقدير: يدعو من لضرّه أقرب من نفعه، أى يدعو إلها لضرّه أقرب من نفعه. وقال أبو العباس محمد بن يزيد: {يَدْعُوا} فى موضع الحال، والمعنى: ذلك هو الضلال البعيد فى حال دعائه إيّاه، وقوله {لَمَنْ} مستأنف مرفوع بالابتداء، وقوله: {ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ} صلته، و {لَبِئْسَ الْمَوْلى} (¬1) خبره. وهذا الذى قاله يستقيم، لو كان فى موضع يدعو: يدعى، فيكون تقديره (¬2): ذلك هو الضلال البعيد مدعوّا، فيكون حالا من الضلال، فمجيئه بصيغة فعل الفاعل، وليس فيه ضمير عائد على المدعوّ، يبعده من الصواب. وقال الأخفش (¬3): {يَدْعُوا}: فى معنى يقول. و {لَمَنْ} فى موضع رفع بالابتداء، و {ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ} صلته، وخبره محذوف، أى يقول لمن ضرّه أقرب من نفعه [هو مولاى] (¬4) بهذا اللفظ ذكره الزجاج فى معانى القرآن (¬5)، فكأنه إنما قدّر الخبر «مولاى» لقوله: {لَبِئْسَ الْمَوْلى}. ¬

= ونسب أيضا إلى عبد الله بن رواحة، رضى الله عنه، ولم أجده فى ديوانه المطبوع، ونسب رابعة إلى بشير ابن عبد الرحمن بن كعب بن مالك. وانظر الكتاب 2/ 105، وشرح أبياته 1/ 534،535، ومجالس ثعلب ص 273، والبصريات ص 422، وسرّ صناعة الإعراب ص 135، وتفسير الطبرى 1/ 404، 7/ 340، وشرح الجمل 1/ 492، والجمل المنسوب للخليل ص 89، والارتشاف 2/ 431، والمغنى صفحات 109،328،329، وشرح أبياته 2/ 377، والخزانة 6/ 120، وغير ذلك كثير مما تراه فى حواشى المحققين. وفى البيت غير شاهد. (¬1) ذكر أبو جعفر النحاس عن المبرّد غير هذا، قال: «وحكى لنا على بن سليمان، عن محمد بن يزيد، قال: فى الكلام حذف، والمعنى يدعو لمن ضرّه أقرب من نفعه إلها» ثم شكّك فى نسبة هذا الرأى للمبرد، بما تراه فى إعراب القرآن 2/ 392. (¬2) فى د: التقدير. (¬3) معانى القرآن ص 413. (¬4) مكان هذا فى كتاب الأخفش «إلهه». وتأمّل حاشيته. (¬5) الجزء الثالث ص 416.

وغير الزجّاج قال: التقدير: يقول لمن ضرّه أقرب/من نفعه إلهه (¬1). قال الزجّاج: ومثل «يدعو» (¬2) قول عنترة: يدعون عنتر والرّماح كأنّها … أشطان بئر فى لبان الأدهم (¬3) أى يقولون: يا عنتر. وهذا القول فى تقدير الزجّاج فاسد المعنى، وإنما كان يصحّ لو كانت اللام لام الجرّ، فقيل: يقول لمن ضرّه أقرب من نفعه: هو مولاى، وفى التقدير الآخر يصحّ لو كان تقدير يدعو يزعم، وهذا غير معروف، وذلك أن الزّعم يتعدّى إلى مفعولين، ويجوز تعليقه عنهما باللام المفتوحة، كقولك: زعمت لزيد منطلق. والمعنى فى تقدير الزجاج بعيد من الصواب؛ لأن المعنى فى تقديره: يقول عابد الوثن: من ضرّه أقرب من نفعه هو مولاى، لا فرق فى المعنى بين إدخال اللام وإسقاطها، وكيف يقرّ عابد الوثن أن ضرّ الوثن أقرب إليه من نفعه، وهو يعبده ويزعم أنه مولاه؟ ولم يكن عبّاد الأوثان يزعمون أن عبادتها تضرّهم، بل كانوا يقولون: إنها تقرّبهم إلى الله، كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ اِتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ إِلاّ لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ} (¬4) أى يقولون: ما نعبدهم. واختار الزجّاج وجها رابعا، وزعم أنه أسدّ (¬5) من كلّ ما قيل فيها وأبين، وأنه ممّا أغفله المفسّرون، وهو أنه جعل {ذلِكَ} من قوله: {ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ} اسما ناقصا بمعنى الذى، وصلته قوله: {هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ} وموضعه ¬

(¬1) وهو ما فى كتاب الأخفش، كما سبق. (¬2) يريد: ومثل يدعو بمعنى يقول. وعبارة الزجاج: ومثله يدعو فى معنى يقول فى قول عنترة. (¬3) فرغت منه فى المجلس الخامس والخمسين. (¬4) الآية الثالثة من سورة الزمر. (¬5) فى النسختين: «أشدّ» بالشين المعجمة، وحقّه أن يكون بالسين المهملة كما ترى. ولم يأت هذا اللفظ عند الزجاج، وإنما ذكر فقط أن هذا الوجه ممّا أغفله الناس.

نصب بيدعو، عمل فيه «يدعو» مؤخّرا، فالتقدير: يدعو الوثن الذى هو الضلال البعيد. وقوله: {لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ} مستأنف مبتدأ، وخبره {لَبِئْسَ الْمَوْلى}. واستدلّ على أن أسماء الإشارة قد استعملت بمعنى الأسماء النّواقص، المفتقرة إلى الصّلات بقوله: {وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى} (¬1) قال: المعنى: وما الّتى بيمينك؟ وبقول يزيد بن مفرّغ (¬2): عدس ما لعبّاد عليك إمارة … نجوت وهذا تحملين طليق قال: أراد: والذى تحملين. وقد قيل فى الآية غير ما قاله الزجّاج، وهو أن {تِلْكَ} على بابها من الإشارة، {بِيَمِينِكَ} فى موضع الحال، وكذلك «هذا» فى بيت ابن مفرّغ، اسم إشارة، وموضع «تحملين» نصب على الحال. وإجازة استعمال أسماء الإشارة على الإطلاق بمعنى الأسماء النّواقص المستعملة بالألف واللام، مذهب للكوفيين، ووافقهم سيبويه (¬3) فى اسم واحد من أسماء الإشارة، وهو «ذا» «إذا انضمّ إلى «ما» فى نحو قولك: ماذا فعلت؟ وماذا تفعل؟ وله فى ذلك مذهبان، أحدهما: أن يركّب «ذا» مع «ما» فيجعلهما اسما واحدا بمعنى قولك: أىّ شيء؟ ويحكم على موضعه بالنصب، على أنه مفعول، نصبه ما بعده، وجوابه منصوب مثله بإضمار فعل، مثل الذى ظهر، وتمثيل ذلك أن يقال: ماذا أكلت؟ فتقول: خبزا، فتضمر: أكلت. ¬

(¬1) سورة طه 17. (¬2) ديوانه ص 115، وهو بيت سيّار، انظر تخريجه فى كتاب الشعر ص 388. (¬3) الكتاب 2/ 416،417، والإنصاف ص 717.

والمذهب الآخر: أنه يجعل «ما» اسما مفردا مبتدأ، و «ذا» بمعنى الذى، وما بعده من الفعل والفاعل صلته، وموضعه رفع بأنه خبر «ما» ويرفع الجواب برفع «ما» فإذا قيل: ماذا أكلت؟ قدّره: أىّ شيء الذى أكلت؟ فيقال: خبز، أى الذى أكلت خبز، وهو خبر، وأنشد فى ذلك قول لبيد (¬1): ألا تسألان المرء ماذا يحاول … أنحب فيقضى أم ضلال وباطل التقدير عنده: ما الذى يحاول؟ أهو نحب أم ضلال وباطل، وقد قرئت الآية على وجهين: {وَيَسْئَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} (¬2) برفع {الْعَفْوَ} ونصبه، فالنصب عنده بتقدير: أيّ شيء ينفقون؟ قل: ينفقون العفو، والرفع بتقدير: أيّ شيء الذى ينفقون؟ قل: هو العفو، أو الذى ينفقون العفو. وكذلك النصب فى قوله: {وَقِيلَ لِلَّذِينَ اِتَّقَوْا ماذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً} (¬3) تقديره: أيّ شيء أنزل ربّكم؟ قالوا: أنزل خيرا. وتقدير الرفع فى قوله: {وَإِذا قِيلَ لَهُمْ ماذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ} (¬4): أىّ شيء الذى أنزل ربّكم؟ قالوا: هو أساطير الأوّلين، فهذا لا يقدّر /فيه إلاّ «هو» ولا يقدّر فيه: «الذى أنزل» لأنه إخبار عن الكافرين، والكافر جاحد لإنزال القرآن. وقد خولف سيبويه فى اختصاصه النّصب بتقدير، والرفع بتقدير آخر، فقيل: إنه يجوز مع نصب الجواب تقدير «ذا» بمعنى الذى، ومع رفعه تقدير ¬

(¬1) ديوانه، رضى الله عنه، ص 254، وكتاب الشعر ص 389، والجمل المنسوب للخليل ص 160، وهو بيت سيّار، وأعاده ابن الشجرى فى المجلس الرابع والسبعين. (¬2) سورة البقرة 219. وقرأ أبو عمرو وحده بالرفع، والباقون بالنصب. السبعة ص 182، والكشف 1/ 292، وتفسير الطبرى 4/ 292،346. (¬3) سورة النحل 30. (¬4) السورة نفسها 24.

«ذا» مع «ما» اسما واحدا، والنصب فيه بإضمار فعل مثل الذى ظهر، والرفع بتقدير: هو. وإذا عرفت هذا، فالاختيار عندى فى قوله تعالى: {يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ} هو القول الأول. والله الموفّق للصّواب. عدس، فى قول يزيد بن مفرّغ: عدس ما لعبّاد عليك إمارة زجر للبغال. ...

المجلس الثانى والستون

المجلس الثانى والستون قال الرضىّ أبو الحسن محمد بن الطاهر أبى أحمد بن الحسين بن موسى الموسوىّ، رضى الله عنهما، وقد نظر إلى الحيرة وآثارها، يذكر أربابها، وذلك فى سنة اثنتين وسبعين (¬1) وثلاثمائة: ما زلت أطّرف المنازل بالنّوى … حتى نزلت منازل النّعمان أطّرف: أستجدّ واستحدث، من قولهم: مال طريف، أى مستحدث، أراد أستجدّ بضربى فى الأرض منزلا بعد منزل. بالحيرة البيضاء حيث تقابلت … شمّ العماد عريضة الأعطان أراد: حيث تقابلت منازل رفيعة العماد، وسيعة الأعطان. والأعطان: مبارك الإبل حول الماء، واحدها عطن. شهدت بفضل الرافعين قبابها … ويبين بالبنيان فضل البانى ما ينفع الباقين (¬2) … أن بقيت لهم خطط معمّرة بعمر فان الخطط: ما يختطّ من الأرض فيبنى فيه، الواحدة خطّة. /باق بها حظّ العيون وإنّما … لا حظّ فيها اليوم للآذان (¬3) ¬

(¬1) هكذا جاء التاريخ (372) فى نسختي الأمالى، والذى فى ديوانه 2/ 468: سنة (392)، قال شيخنا محمود محمد شاكر-حفظه الله-تعليقا على ذلك، فيما كتبه على حواشى مطبوعة الأمالى: «ما فى ديوانه أنه قالها سنة 392، وهو الحقّ، إذ أن الشريف ولد سنة 359، وهذا شعر الفحول، لا شعر الشباب». (¬2) فى الديوان: الماضين. (¬3) قبله فى الديوان: ورأيت عجماء الطّلول من البلى عن منطق عربيّة التّبيان

وعرفت بين بيوت آل محرّق … مأوى القرى ومواقد النّيران محرّق: عمرو بن هند، الملك، وهند أمّه، وهى بنت الحارث بن عمرو بن حجر آكل المرار الكندىّ، وسبب تلقيب حجر بآكل المرار: أنّ ذياد (¬1) بن الهبولة أغار فسبى امرأة حجر، وحجر غائب، فقال لها وقد بعد عن الحيّ: ما ظنّك بحجر؟ فقالت: ظنّى أنه إذا بلغه ما فعلت يوافيك كاشرا كأنه بعير آكل مرار، فلم يلبث أن لحقه حجر فاتحا فاه، فقتله فأخذها ورجع. المرار: نبت إذا كان رطبا فهو على نبتة العصفر، إذا أكلته الإبل أسمنها، وإذا يبس صار له شوك، فإذا أكلته قلّصت عنه مشافرها. وأبو عمرو بن هند: المنذر بن ماء السماء، وماء السّماء أمّه، وهى من النّمر بن قاسط، وأبوها عوف بن جشم، وسمّيت ماء السماء، لحسنها. وأبو المنذر: امرؤ القيس بن عمرو بن عديّ بن نصر بن ربيعة بن الحارث بن غنم بن نمارة بن لخم. وسمّى عمرو بن هند محرّقا، لأنه حرّق من بنى دارم ثمانية وتسعين رجلا، وكمّلهم مائة برجل من البراجم، وفد عليه، وبامرأة نهشليّة، فلذلك قيل: «إنّ الشّقىّ وافد البراجم» (¬2) وسبب ذلك: أنّ رجلا منهم قتل ابنا له صغيرا خطأ فآلى أن يقتل به منهم مائة. ¬

(¬1) هكذا جاء فى الأصل «ذياد» بذال معجمة واضحة. وجاء فى الأغانى 16/ 354 «زياد» بالزاى، وذكر القصة، وكذلك جاء فى شرح شواهد الشافية ص 393، عن الأغانى، وتاج العروس (هبل). لكنه جاء بالذال المعجمة فى المحبّر ص 250، وأحالت مصحّحته على الاشتقاق لابن دريد، وهو فى نشرة شيخنا عبد السلام هارون، رحمه الله رحمة واسعة-ص 545، وأفاد رحمه الله أنه فى صلب النسخة «زياد» بالزاى، ثم كتب فوقها فى الأصل «ذياد صح». (¬2) الأمثال لأبى عبيد ص 328، ومجمع الأمثال 1/ 9،395 (باب الهمزة وباب الصاد)

ومناط ما اعتلقوا من البيض الظّبى … ومجرّما سحبوا من المرّان المناط: المعلّق، مفعل، من قولهم: نطت الشىء بالشىء: إذا علّقته به. وظبى السّيوف: مضاربها، واحدتها ظبة، وقد تقدّم الكلام فيها مع نظائرها (¬1). والمرّان: الرّماح، واحدتها مرّانة، ويحتمل أن يكون مثاله فعلان، ويحتمل أن يكون المراد به فعّال، وحجّة القول الأول كثرة زيادة الألف والنون، فيكون كغفران، فى الأحداث، وكعريان فى الأوصاف، وكعثمان/فى الأعلام. وحجّة القول الثانى أن يحمل على كثرة مجىء النبات على فعّال، كعنّاب وكرّاث وحماض وخبّاز، وعلى ذلك وقع الخلاف فى رمّان، بين الخليل والأخفش، فذهب الأخفش إلى أنه فعّال (¬2). الهاجمين على الملوك قبابهم … والضّاربين معاقد التّيجان وكأنّ يوم الإذن يبرز منهم … أسد الشّرى، وأساود الغيطان الشّرى: موضع تكثر فيه الأسود، قال: *أسود شرى لاقت أسود خفيّة* (¬3) ¬

(¬1) فى المجلس الثانى والخمسين. (¬2) فيصرفه، لأن النون عنده أصلية، أما وزنه عند الخليل فهو «فعلان» فيمنعه من الصرف؛ لأن الألف والنون جاءتا بعد ثلاثة أحرف، فيحكم عليهما بالزيادة، حتى يقوم دليل من اشتقاق أو غيره على أن النون أصلية. و «رمان» مجهول أصله عند الخليل. الكتاب 3/ 218، والأصول 2/ 86، والمنصف 1/ 134، والممتع ص 259 - 261. (¬3) تمامه: تساقوا على حرد دماء الأساود وهو مع بيتين قبله للأشهب بن رميلة (شغراء أمويون) 4/ 232 وانظره مع عجز آخر ومن غير نسبة فى اللسان (خفى-شرى). و «شرى» و «خفية» أجمتان للأسود.

والغيطان: جمع الغائط، وهو المطمئنّ من الأرض شبّههم بالأسود، فى قوّتها وجرأتها، وبالحيّات فى نكرها وخبثها، مع ما قدّمه من وصفهم بقرى الضّيفان وإيقاد النّيران. وجمع أسد على أسد من الشاذّ النادر (¬1)، وإنما قياسه أفعال، فى القلّة، وفعول، فى الكثرة. ولقد رأيت بدير هند منزلا … ألما من الضّرّاء والحدثان أراد هند بنت النّعمان بن المنذر، وديرها (¬2) باق إلى اليوم بظاهر الكوفة. مغض كمستمع الهوان تغيّبت … أنصاره وخلا من الأعوان الإغضاء: إدناء الجفن من الجفن، استعاره للمنزل. بالى المعالم أطرقت شرفاته … إطراق منجذب القرينة عان المعالم: آثار الدار، واحدها معلم. وقرينة الرجل: امرأته، وقرينته أيضا: نفسه. والعانى: الأسير. أو كالوفود رأوا سماط خليفة … فرموا على الأعناق بالأذقان السّماط: الصّفّ من الناس، قال (¬3): ملك أغرّ إذا احتبى بنجاده … غمر الجماجم والسّماط قيام - ¬

(¬1) تقدّم فى المجلس السادس والأربعين. (¬2) انظر خبره فى الديارات للشابشتى ص 244. (¬3) أبو نواس. ديوانه ص 64، والبيت من شواهد أصحاب المعانى، يوردونه شاهدا على المبالغة أو الإفراط فى الصفة. راجعه فى البديع لابن المعتز ص 66، والصناعتين ص 202، وتحرير التحبير ص 147، والطراز للعلوى 3/ 128، ونسبه لابن المعتز، وابن المعتز منشد كما رأيت، وأنشد منه الخالديّان عجزه فقط برواية: غمر الجماجم والرجال قيام

ويجوز أن يكون أراد بالسّماط الأسرّة التى تصفّ ويوضع عليها الطّعام. وذكرت مسحبها الرّياط بجوّه … من قبل بيع زمانها بزمان الرّياط: جمع الرّيطة، وهى إزار ليس بلفقين، وجوّه: داخله. وبما تردّ على المغيرة دهيه (¬1) … نزع النّوار بطيئة الإذعان قوله: «بما تردّ» أى بردّها، وعنى بالمغيرة المغيرة بن شعبة الثّقفىّ، وكان أحد دهاة العرب، وولى إمارة الكوفة فى أيام معاوية، فأرسل إلى هند بنت النّعمان يخطبها (¬2)، وكانت قد عميت، فأبت وقالت: والصّليب ما فيّ رغبة لجمال ولا لكثرة مال، وأيّ رغبة لشيخ أعور فى عجوز عمياء! ولكن أردت أن تفخر بنكاحى، فتقول: تزوجت بنت النّعمان بن المنذر! فقال: صدقت والله، وأنشأ يقول: أدركت ما منّيت نفسى خاليا … لله درّك يا ابنة النّعمان فلقد رددت على المغيرة دهيه (¬3) … إنّ الملوك ذكيّة الأذهان إنّى لحلفك بالصّليب مصدّق … والصّلب أصدق حلفة الرّهبان وكانت بعد ذلك تدخل عليه فيكرمها ويبرّها، وسألها يوما عن حالها، فأنشدت: ¬

= ويفوت معها استشهاد ابن الشجرى. الأشباه والنظائر 1/ 111، وأبو نواس يصف ممدوحه بالطول فيبالغ فى ذلك. والاحتباء: هو أن يضمّ الإنسان رجليه إلى بطنه بثوب يجمعهما به مع ظهره ويشدّه عليها، وقد يكون الاحتباء باليدين بدل الثوب. والنجاد: حمائل السيف. وغمر الجماجم: أى علاها وغطّاها. (¬1) فى نسختى الأمالى «ذهنه». وأثبتّ رواية الديوان، وهى أعلى وأجود. والدّهى والدهاء بمعنى واحد. وسيأتيك أن المغيرة رضى الله عنه كان أحد دهاة العرب. (¬2) انظر هذه القصة فى الأغانى 2/ 131،132،16/ 85، والكامل ص 584، والديارات ص 246، ومروج الذهب 3/ 33،34، وقطب السّرور ص 7، والخزانة 7/ 70، عن ابن الشجرى. (¬3) فى النسختين: «ذهنه» وكذلك فى الأغانى، والخزانة، وانظر التعليق الذى قبل السابق.

بينا نسوس الناس والأمر أمرنا … إذا نحن فيهم سوقة نتنصّف (¬1) فأفّ لدنيا لا يدوم نعيمها … تقلّب تارات بنا وتصرّف قولها: نتنصّف: أى نستخدم، والمنصف: الخادم. وروى أن المغيرة هذا أدمى ثمانين بكرا، ومات بالكوفة وهو أميرها بالطاعون سنة خمسين. والنّوار من النساء: التى تنفر من الرّيبة، امرأة نوار، وقد نارت تنور نورا: نفرت من القبيح لعفّتها. والإذعان: الانقياد، وقوله: «نزع النّوار» يقال: نزعت الشىء من مكانه نزعا، ونزعت عن الأمر نزوعا، إذا رجعت عنه، ونزعت إلى فلان نزاعا، إذا حننت إليه، وقد غلّط أبو نواس فى وضع النّزع موضع/النّزوع فى قوله (¬2): ¬

(¬1) هذا الشعر ينسب إلى هند بنت النعمان كما ترى، وينسب إلى حرقة بنت النعمان. وحكى هذا البغدادىّ، ثم قال: «ولعلّ حرقة يكون لقبا لهند، أو أختا لها». الخزانة 7/ 70. والبيتان فى غير كتاب. انظر شرح الحماسة للمرزوقى ص 1203، وشرح ما يقع فيه التصحيف ص 382، والمؤتلف والمختلف ص 145. ويبقى أن أقول: إن «حرقة» بضم الحاء وفتح الراء، بوزن همزة، كما قيّدها صاحب القاموس، وهو المحفوظ عند أهل العلم، لكنّ بعضهم ضبطها بسكون الراء، وذهب إلى أن تحريكها بالفتح إنما هو لضرورة الشعر، معتمدا فى ذلك على فهم خاطئ لعبارة وردت عند التبريزى، وذلك أنه قال عند شرح البيتين: «وحرقة هذه وأخوها حرق ابنا النعمان، وفيهما يقول الشاعر: نقسم بالله نسلم الحلقة ولا حريقا وأخته حرقه والحلقة: السلاح، وينبغى أن يكون أراد بالحلقة حلقة الدرع ونحوها، اكتفاء بالواحد من الجماعة، ثم إنه حرّك العين مضطرا». شرح الحماسة 3/ 187، وواضح أن التبريزىّ يريد تحريك العين التى هى اللام من «الحلقة» لأن هذه لا تكون إلا بسكون اللام، ومنها حلقة القوم، وحلقة القرط ونحوها. انظر غريب الحديث للخطابى 1/ 63، وفيه قصّة طريفة. قال فى القاموس: «وحلقة الباب والقوم، وقد تفتح لامهما وتكسر، أو ليس فى الكلام حلقة محرّكة إلاّ جمع حالق، أو لغة ضعيفة». وانظر الخلاف حوله فى التاج. (¬2) ديوانه ص 295، والوساطة ص 62، ورسالة الغفران ص 470، واستحسنه أبو العلاء، لبعده عن النفاق.

وإذا نزعت عن الغواية فليكن … لله ذاك النّزع لا للنّاس وأما قول الرضىّ «نزع النّوار» فجيّد، لأنها كأنّها (¬1) جذبت نفسها من القبيح. أمقاصر الغزلان غيّرك البلى … حتى غدوت مرابض الغزلان كلّ ناحية من الدار الكبيرة أحيط عليها فهى مقصورة، وجمعوها على مقاصر. وملاعب الأنس الجميع طوى الرّدى … منهم فصرت ملاعب الجنّان الأنس: الحىّ الحلول، قال طفيل الغنوىّ (¬2). *إذا أنس عزّوا عليّ تصدّعوا* والجنّان: الجنّ. من كلّ دار تستظلّ رواقها … أدماء غانية عن الجيران شبّهها بالظّبية الأدماء، والأدم من الظّباء: البيض. ورواق البيت: ما بين يديه. والغانية إذا لم تقيّد بصفة ففيها ثلاثة أقوال، قيل: هى التى غنيت بالحسن عن التزيّن، وقيل: غنيت ببعلها عن غيره، وقيل: غنيت عن جيرانها بغناها، وقد قيّدها هاهنا بالغنى عن الجيران. ولقد تكون محلّة وقرارة … لأغرّ من ولد الملوك هجان ¬

(¬1) فى الأصل: «كانت». (¬2) ديوانه ص 86، وصدره: جديرا بهم من كلّ حىّ ألفتهم والأنس: بالتحريك كما قيّده صاحب القاموس، وفسّره بالجماعة الكثيرة والحىّ المقيمين.

الهجان: الخالص الذى أبواه عربيّان. وضع «تكون» فى موضع «كان» (¬1) كما قال زياد الأعجم: فإذا مررت بقبره فاعقر به … كوم الهجان وكلّ طرف سابح وانضح جوانب قبره بدمائها … فلقد بكون أخادم وذبائح ونقيض هذا قول الطّرمّاح: وإنّى لآتيكم تشكّر ما مضى … من الأمس واستيجاب ما كان فى الغد (¬2) وقد ورد فى التنزيل هذا الفنّ فى مواضع، منها قوله تعالى: {فَلِمَ تَقْتُلُونَ /أَنْبِياءَ اللهِ مِنْ قَبْلُ} (¬3) وقوله: {ما يَعْبُدُونَ إِلاّ كَما يَعْبُدُ آباؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ} (¬4) فهذا وضع المستقبل فى موضع الماضى، ومن وضع الماضى فى موضع المستقبل قوله جلّ وعز: {وَإِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى اِبْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنّاسِ اِتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ} (¬5) لأنّ هذا إنما يكون فى يوم القيامة، ومثله: {وَنادى أَصْحابُ النّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ} (¬6). قال أبو الفتح عثمان بن جنّى: قال لى أبو علىّ: سألت أبا بكر-يعنى ابن السّرّاج-عن الأفعال يقع بعضها فى موقع بعض، فقال: كان ينبغى للأفعال أن تكون كلّها مثالا واحدا؛ لأنها لمعنى واحد، ولكن خولف بين صيغها لاختلاف أزمنتها، فإذا اقترن بالفعل ما يدلّ عليه من لفظ أو حال، جاز وقوع بعضها موقع بعض. قال أبو الفتح: وهذا كلام من أبى بكر عال سديد. وقد ذكرت هذا فيما ¬

(¬1) فرغت منه فى المجلس السابع (¬2) وهذا أيضا مثل سابقه. (¬3) سورة البقرة 91. (¬4) سورة هود 109. (¬5) سورة المائدة 116. (¬6) سورة الأعراف 50.

مضى من الأمالى (¬1)، وإنما أعدته هاهنا لأن الموضع اقتضاه. يطأ الفرات فناءها بعبابه … ولها السّلافة منه والرّوقان فناء الدار: ما يمتدّ من قدّامها. وعباب الماء وغيره: معظمه. والسّلاف والسّلافة: أوّل ما يعصر من الخمر، وهو أصفاه. والرّوق أيضا: المتقدّم، وأصله الرّوق الذى هو القرن، فلذلك ثنّاه. ووقفت أسأل بعضها عن بعضها … وتجيبنى عبرا بغير لسان هذا من قول أمير المؤمنين علىّ عليه السلام (¬2): «سل الأرض من شقّ أنهارك، وغرس أشجارك، وجنى ثمارك، فإن لم تجبك حوارا أجابتك اعتبارا». قدحت زفيرى فاعتصرت مدامعى … لو لم يؤل جزعى إلى السّلوان الزّفير: أن يتزيّد النّفس حتى تنتفخ الضّلوع. /ترقى الدّموع ويرعوى جزع الفتى … وينام بعد تفرّق الأقران ارعوى عن القبيح: رجع عنه، وهو حسن الرّعوى، وارعوى: من ¬

(¬1) فى المجلس الثامن والثلاثين. وانظر أيضا المجلس السابع. (¬2) لم أجد من نسب هذا الكلام إلى علىّ رضى الله عنه غير ابن الشجرى، وقد نسبه الجاحظ إلى الفضل بن عيسى الرّقاشىّ، فى الحيوان 1/ 35، والبيان 1/ 81،308، وأبو هلال فى الصناعتين ص 14، والحصرى فى زهر الآداب ص 333، وذكره ابن قتيبة من غير نسبة، فى عيون الأخبار 2/ 182، والحوار: مراجعة الكلام. وهذا «الفضل بن عيسى بن أبان الرقاشى. أبو عيسى» من أهل البصرة، كان خطيبا بارعا وقاصّا مجيدا. واشتغل بالاعتزال، روى عن الحسن البصرى وجماعة، وروى عنه ابن أخته المعتمر بن سليمان وجماعة. وقد ضعّف فى الحديث. التاريخ الكبير للبخارى 4 - 1/ 118، والجرح والتعديل 7/ 64، وميزان الاعتدال 3/ 356، وتهذيب التهذيب 8/ 283. وطبقات المعتزلة ص 128،138.

مضاعف الواو، فأصله: ارعوو (¬1)، كما أن أصل. احمرّ: احمرر، فكرهوا أن يدغموا فيقولوا: ارعوّ يرعوّ، كما قالوا: احمرّ يحمرّ، فقلبوا الواو الثانية ألفا لتحرّكها وانفتاح ما قبلها. وكأنّما نسى (¬2) … التّجار لطيمة جرت الرّياح بها على القيعان اللّطيمة: إبل تحمل العطر وأنواع البياعات، سوى الميرة، وكذلك كلّ سوق يباع ذلك فيها تسمّى لطيمة. والقاع من الأرض: الأملس، وألفه من الواو؛ لقولهم فى تصغيره: قويع، وجمعوه، وهو فعل على فعلان، ومثله: نار ونيران، وتاج وتيجان. ماء كجيب الدّرع تصقله الصّبا … ونقا يدرّجه النّسيم الوانى خصّ الجيب من الدّرع لكثرة وقوع نظر لابسها عليه، فهو يتعهده بإزالة الصّدأ عنه. والنّقا: الكثيب من الرّمل، وأصل ألفه الواو، لقولهم: نقوان، وقد روى بعضهم: نقيان. حلل الملوك رمى جذيمة بينها … والمنذرين تغاير الأزمان حلل الملوك: محالّهم ومساكنهم، وأراد جذيمة بن مالك بن فهم بن غنم بن دوس الأزدىّ، وهو الأبرش، وكان من أبعد ملوك العرب مغارا، وأشدّهم نكاية، وهو أول من ضمّ إليه العرب، وغزا بالجيوش، وكان أبرص، فسمّته العرب الأبرش (¬3)، ¬

(¬1) راجع الكتاب 4/ 76، والممتع ص 196. (¬2) فى الديوان: «نشر» وتجار، بكسر التاء: جمع تجر، بفتحها، كصاحب وصحب، وتجر: أحد جموع تاجر. وتقدم فى حواشى المجلس الثانى والثلاثين، فى مسألة جمع جمع الجمع. (¬3) المعارف ص 645، وانظر فهارسه، والأوائل 1/ 120 - 130، ولطائف المعارف ص 10، ثم انظر البرصان ص 105.

والوضّاح: كناية عن البرص، إعظاما له، وهو أول من ملك من العرب الأنبار والحيرة، وكانت منازله فيما بين الجزيرة والأنبار وبقّة وهيت، وعين التّمر، وأطراف البرّ إلى الغمير، والقطقطانة، وخفيّة والحيرة. والمنذران: أحدهما المنذر بن امرئ القيس، وقد مضى ذكر نسبه، فهذا المنذر/الأكبر، والمنذر الآخر: ابنه، وهو أبو النّعمان بن المنذر. طردا كدأب الدّهر فى عاد الألى … وأولى الحفائظ من بنى الدّيّان الحفائظ: جمع حفيظة، وهو الغضب. وبنو الدّيّان: سادات بنى الحارث بن كعب، وكان بنو الحارث إحدى جمرات العرب (¬1). ومن أنشد «فى عاد الألى» حذف التنوين لالتقاء الساكنين، ومن فتح الدال حذف التنوين لامتناع الصّرف، باجتماع التأنيث والتعريف، فى قول من لم يصرف هند، وأراد بالألى: الأولى، فحذف عين الفعلى ضرورة، كما حذفها الأسود بن يعفر، فى قوله: فأتبعت أخراهم طريق ألاهم … كما قيل نجم قد خوى متتايع (¬2) ¬

(¬1) جمرات العرب خمس قبائل: بنو ضبّة بن أدّ، وبنو الحارث بن كعب، وبنو نمير بن عامر، وبنو عبس بن بغيض، وبنو يربوع بن حنظلة. هكذا جاء عددهم عند الثعالبي في ثمار القلوب ص 160، وهم عند ابن حبيب وابن حزم أربعة، بإسقاط «بنو نمير بن عامر». المحبّر ص 234، والجمهرة ص 486. وانظر الحيوان 5/ 123 وحواشيه. وسبب هذه التسمية فيما حكى الثعالبيّ عن الخليل: «الجمرة كلّ قوم يصبرون لقتال من قاتلهم، لا يحالفون أحدا، ولا ينضمّون إلى أحد، تكون القبيلة نفسها جمرة، تصبر لمقارعة القبائل، كما صبرت عبس لقيس كلّها» وكلام الخليل فى العين 6/ 122، وراجع اللسان (جمر). (¬2) فرغت منه فى المجلس الخامس، وكذلك الشواهد الثلاثة الآتية.

أراد: أولاهم، فلذلك عادل بها أخراهم، كما جاء فى التنزيل: {قالَتْ أُخْراهُمْ لِأُولاهُمْ} (¬1) وكما قال أميّة بن أبى الصّلت: وقد علمنا لو انّ العلم ينفعنا … أن سوف يتبع أخرانا بأولانا فأمّا قول الرضىّ فى مدح الطائع: قد كان جدّك عصمة العرب الألى … فالآن أنت لهم من الإعدام فيحتمل أن يكون على حذف الواو من «الأولى» كما تقدّم ذكره، ويحتمل أن يكون أراد بالألى: الذين، والتقدير: الألى عاصروه، فحذف الصّلة، كما قال عبيد بن الأبرص: نحن الألى فاجمع جمو … عك ثمّ وجّههم إلينا أراد الألى عرفتهم، فحذف الصّلة، وهو من الحذوف البعيدة، ولا يسوغ هذا الوجه فى قوله: *طردا كدأب الدّهر فى عاد الألى* ولا يكون إلاّ على الأولى، لأن الله تعالى قد وصف عادا بهذه الصّفة فى قوله: {وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عاداً الْأُولى} (¬2) وزعم الأصمعىّ أن زهيرا غلط فى قوله: فتنتج لكم غلمان أشأم كلّهم … كأحمر عاد ثم ترضع فتفطم (¬3) ¬

(¬1) سورة الأعراف 38. (¬2) سورة النجم 50. (¬3) من معلقته. شرح الديوان ص 20، وطبقات فحول الشعراء ص 89، وشرح القصائد السبع ص 51،269، والموشح ص 56، والعمدة 2/ 246، والمزهر 2/ 501،503، وغير ذلك كثير مما تراه فى حواشى ضرائر الشعر ص 248، وضرورة الشعر ص 147. وقوله «فتنتج» يضبطه بعضهم بكسر التاء، والصحيح الفتح، وهو مما يلزم البناء للمجهول. يقال: نتجت الناقة: إذا ولدت، فهى منتوجة، وأنتجت: إذا حملت، فهى نتوج. وفى الحديث: «كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء» النهاية 5/ 12. -

قال: أراد: كأحمر ثمود، فقال: كأحمر عاد، وإنما هو قدار، عاقر الناقة، ووافق ثعلب (¬1) الأصمعىّ فى تغليط زهير، وقال: هذا كقول الآخر (¬2): وشعبتا ميس براها إسكاف فأبدل النجّار بإسكاف (¬3). وقال أبو العباس محمد بن يزيد: ليس هذا من زهير بغلط؛ لأن العرب تسمّى ثمود بعاد الآخرة، ولذلك وصف الله تعالى قوم هود بعاد الأولى، فى قوله: {وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عاداً الْأُولى}. نعق الزّمان بجمعهم عن لعلع … وأقضّ مبركهم على نجران (¬4) نعق الزّمان بهم: صاح بهم، كما ينعق الراعى بالغنم. وأقضّ مبركهم: من القضّة، وهى صغار الحصى، وإذا كان في مبارك الإبل الحصى شقّ عليها بروكها عليه، وكلّ هذا استعارات. وكآل جفنة أزعجتهم نبوة … نقلت قبابهم عن الجولان ¬

= ومعنى قوله «غلمان أشأم» أى غلمان شؤم وشرّ، و «أشأم» هاهنا صفة للمصدر-وليست أفعل التفضيل-على معنى المبالغة، والمعنى غلمان شؤم أشأم، كما يقال: شغل شاغل. قاله الأعلم الشنتمرى فى شرحه لديوان زهير ص 20. (¬1) فى شرحه لديوان زهير، الموضع المذكور فى تخريج البيت. (¬2) الشماخ، ديوانه ص 368، وتخريجه فيه. والميس: شجر تتّخذ منه الرّحال. (¬3) لكنّ ابن قتيبة يقول: كلّ صانع عند العرب فهو «إسكاف» واستشهد بشعر الشماخ، ثم قال: أى نجار. أدب الكاتب ص 187. وفى عبارة ابن الشجرى هذه شيء طريف، وهو أنه أدخل الباء على الحاصل، وهو «إسكاف» على حين يرى كثير من أهل اللغة أن الباء تدخل على المتروك، وهو هنا «النجار» فكان ينبغى أن يكون الكلام «فأبدل إسكاف بالنجار». هذا ولأبى سعيد فرج بن قاسم بن لبّ الغرناطى المتوفى سنة (782) رسالة جوّز فيها دخول الباء على الحاصل دون المتروك، كما ترى فى عبارة ابن الشجرى. واسم هذه الرسالة (دخول الباء من مفعولى بدّل وأبدل) وقد نشرها صديقنا الدكتور عيّاد الثبيتى، فى مجلة معهد المخطوطات بالكويت (المجلد التاسع والعشرون-الجزء الأول) 1405 هـ‍-1985 م. (¬4) لعلع: جبل. ونجران: بلد.

آل جفنة: من غسّان، وكانوا ملوك الشام، أولهم الحارث بن أبى شمر، وهو الحارث الأكبر، وآخرهم جبلة بن الأيهم، وأسلم فى أيام عمر عليه السلام (¬1)، ثم تنصّر، وله قصة معروفة (¬2)، وابن الحارث الأكبر: الحارث الأعرج، وابن الحارث الأعرج: الحارث الأصغر، وابن الحارث الأصغر: عمرو، الذى مدحه النابغة بقوله (¬3): علىّ لعمرو نعمة بعد نعمة … لوالده ليست بذات عقارب وهو الذى مدحه علقمة بن عبدة، وقد أسر أخاه شأسا، حين غزا المنذر ابن المنذر بن امرئ القيس آل جفنة، وكانوا قتلوا أباه، فقتلوه أيضا، ومنّ عمرو ابن الحارث على أكثر الأسارى فأطلقهم، واستعطفه علقمة بقوله (¬4): /وفى كلّ حىّ قد خبطت بنعمة … وحقّ لشأس من نداك ذنوب فقال: وأذنبة. وكان آل جفنة ينزلون من الشام حارث الجولان، ولهم يقول حسّان (¬5): أولاد جفنة حول قبر أبيهم … قبر ابن مارية الكريم المفضل ¬

(¬1) هكذا فى النسختين. (¬2) وهى قصة عجيبة، انظرها فى فتوح البلدان ص 161، ونهاية الأرب 15/ 311. (¬3) ديوانه ص 55، وقوله «نعمة بعد نعمة» يشير إلى النّعم التى كانت لوالده عنده، وقوله: «ليست بذات عقارب» أى لا يكدّرها ولا يمنّها. قاله ابن السّكّيت. (¬4) ديوانه ص 48، وأعاده ابن الشجرى فى المجلس الثامن والسبعين. وللنحاة استشهاد آخر بهذا البيت، انظره فى الكتاب 4/ 471 وحواشيه. وقوله «خبطت» أى أسديت وأنعمت، وأصل الخبط: ضرب الشجر بالعصا ليتحاتّ ورقه فتعلفه الإبل، فجعل ذلك مثلا للعطاء. والذّنوب، بفتح الذال: الدلو الملأى ماء، وضربه مثلا للحظّ والنّصيب. وانظر ما قيل فى جمعه، فى شرح المفصل 5/ 48. (¬5) ديوانه ص 74.

ومارية هذه: هى التى يضرب بقرطيها المثل، فيقال: «ولو بقرطى مارية» (¬1). وعلى المدائن جلجلت برعادها … بركا (¬2) بكلكلها على الإيوان جلجلت: صوّتت، وسحاب مجلجل: مصوّت، وقالوا فى جمع الرّعد: رعود، ورعاد، كبحر وبحور وبحار، شبّه الداهية بسحابة مجلجلة، وجعل لها كلكلا، والكلكل: الصّدر. وإلى ابن ذى يزن غدت مرحولة … نقضت حويّتها على غمدان أراد سيف بن ذى يزن، وقصّته مشهورة، حيث استنجد على الحبشة بكسرى أنو شروان، وقيل بهرمز بن قباذ، فأنجده بجيش من الفرس، فقتل ملك الحبشة، واجتاحهم إلاّ قليلا منهم، ثم اتّخذهم خولا، فعدوا عليه بحرابهم فقتلوه، وقد ذكرت قصّته فيما تقدّم من الأمالى (¬3). والضمير فى «غدت» للنّبوة التى تقدّم ذكرها، والمراد بها الداهية، وجعلها كالناقة المرحولة (¬4)، واستعار لها حويّة، وهى كساء يجعل حول سنام البعير، فإذا حطّ المسافر رحله نقض الحويّة. ¬

(¬1) تمامه: خذه ولو بقرطى مارية. ومارية هذه: بنت ظالم بن وهب بن الحارث بن معاوية الكندىّ. يقال: إنها أهدت إلى الكعبة قرطيها وعليهما درّتان كبيضتى حمام، لم ير الناس مثلهما، ولم يدروا ما قيمتهما. ويضرب هذا مثلا للشيء الثمين، أى لا يفوتنّك بأىّ ثمن يكون. مجمع الأمثال 1/ 231. ويروى على الإفراد «ولو بقرط مارية». ثمار القلوب ص 629. (¬2) فى الديوان: «عركا». ويقال: برك البعير يبرك بروكا، من باب قعد: وقع على بركه، وهو صدره. (¬3) فى المجلس السادس والعشرين. (¬4) الناقة المرحولة: هى التى شدّ عليها رحلها، فهى معدّة للركوب. وقد جاءت هذه اللفظة فى خطبة عالية بليغة للسيدة فاطمة الزهراء، رضى الله عنها، انظرها فى منال الطالب ص 504.

وغمدان: قصر كان بصنعاء، منزلا للملوك، هدمه عثمان بن عفان فى أيامه. قصفت قنا جذل الطّعان وثوّرت … بعد الأمان بعامر الضّحيان جذل الطّعان: كان رئيسا من رؤساء كنانة، وهو من بنى فراس بن غنم، وسمّى جذل الطّعان (¬1)، لأنه كان يثبت فى الحرب، كأنه جذل، والجذل: ما يبقى من أصل الشجرة، إذا قطعت، وكان قليل بنى فراس أعدّ من كثير غيرهم، ذكر أبو عبيدة/أن الرجل منهم كان يعدّ بعشرة، وكانت نجدتهم مشهورة فى العرب، كانوا يسمّون الحمى الممنوع؛ لأن حماهم كان لا يقرب، وقال عليّ عليه السلام لأهل الكوفة، وجنده يومئذ مائة ألف أو يزيدون: «يا معشر أهل العراق، من فاز بكم فقد فاز بالسّهم الأخيب، أبدلكم الله بى من هو شرّ لكم منّى، وأبدلنى بكم من هو خير لى منكم، فو الله لوددت أنّ لى بجمعكم ثلاثمائة رجل من بنى فراس ابن غنم، فما أبالى من لقيت بهم (¬2)». وقوله: «وثوّرت بعد الأمان» أراد: أظهرت الشرّ، يقال: ثوّر فلان بفلان، وعلى فلان، إذا أظهر له شرّا. وقوله: «بعامر الضّحيان» أراد بعامر، فحذف التنوين لالتقاء الساكنين، كما حذفه الأول فى قوله: إذا غطيف السّلمىّ فرّا (¬3) وكقول الآخر: حميد الذى أمج داره … أخو الخمر ذو الشّيبة الأصلع ¬

(¬1) اسمه علقمة بن فراس. المحبّر ص 83،233، والقاموس (جذل). (¬2) شرح نهج البلاغة 1/ 332،333، مع بعض اختلاف. (¬3) فرغت منه هو والذى بعده فى المجلس الخامس والأربعين.

وعامر الضّحيان: هو عامر بن سعد بن الخزرج بن تيم الله بن النّمر بن قاسط، وكان سيّد النّمر، قال أبو عبيدة: كان بيت الضّحيان أشرف بيت، وفيه يقول الفرزدق (¬1): إن الفوارس من ربيعة كلّها … يرضون أن بلغوا مدى الضّحيان كان الحكومة والرّئاسة فيهم … دون القبائل من بنى عدنان قال ابن قتيبة (¬2): سمّى الضّحيان؛ لأنه كان يجلس لقومه فى الضّحى، يحكم بينهم. وروى أن النّمر اجتمعت فى بعض السنين إلى الضّحيان لمجاعة نزلت بهم، فأضافهم وأكرمهم، ثم قال: كيلوا لهم كيلا، فقيل له: إن الكيل يبطئ بهم لكثرتهم، فقال: هيلوا عليهم هيلا، وكان يطعم ربيعة بن نزار كلّها ما هبّت الشّمال. زفر الزّمان عليهم فتفرّقوا … وجلوا عن الأوطار والأوطان يقال: جلا القوم عن منازلهم: إذا بعدوا عنها، وواحد الأوطار: وطر، وهو الحاجة. ... ¬

(¬1) لم أجدهما فى ديوانه المطبوع. ثم وجدت البيت الأول فقط لجرير، من قصيدة يجيب بها الفرزدق، ويهجو محمد بن عمير بن عطارد، والأخطل. نقائض الفرزدق وجرير ص 901 - وعنها الديوان ص 1014 - ونقائض جرير والأخطل ص 206. (¬2) المعارف ص 95، والمحبّر ص 135، والاشتقاق ص 334.

المجلس الثالث والستون

المجلس الثالث والستون / قال أبو نصر عبد العزيز بن عمر بن محمد بن أحمد بن نباتة (¬1)، يفخر: رضينا وما ترضى السّيوف القواضب … نجاذبها عن هامكم وتجاذب القواضب: القواطع؛ لأن القضب القطع. فإيّاكم أن تكشفوا عن رءوسكم … ألا إنّ مغناطيسهنّ الذّوائب كان وجه الكلام أن يقول: ألا إنّ الذّوائب مغناطيسهنّ، أى هى للسّيوف كالمغناطيس، وهو الحجر الذى يعلق به الحديد، وقدّم المغناطيس، وجعل الذوائب الخبر، اضطرارا. تقول ملوك الأرض قولك ذا لمن … فقلت وهل غير الملوك الضّرائب (¬2) ¬

(¬1) ابن نباتة السّعديّ. من شعراء سيف الدولة الحمدانى، ولد سنة 327، وتوفى ببغداد سنة 405، يقول عنه أبو حيان: «وأما ابن نباتة فشاعر الوقت، لا يدفع ما أقول إلاّ حاسد أو جاهل أو معاند، قد لحق عصابة سيف الدولة، وعدا معهم ووراءهم، حسن الحذو على مثال سكان البادية، لطيف الائتمام بهم، خفىّ المغاص فى واديهم، ظاهر الإطلال على ناديهم، هذا مع شعبة من الجنون وطائف من الوسواس». الإمتاع والمؤانسة 1/ 136،137. وقد ذكر أبو منصور الثعالبيّ من هذه القصيدة تسعة أبيات، يتيمة الدهر 2/ 386، وأنشد الشهاب الخفاجى صدر القصيدة، والبيت المتمّ الثلاثين، وحكى كلام ابن الشجرى فيه. ريحانة الألبّا 1/ 264، 266. وروى ابن نباتة المصرىّ البيت السادس والعشرين، والبيت المتمّ الثلاثين. مطلع الفوائد ص 252، وذكر منها محمود سامى البارودى تسعة أبيات، ليست كلها التى ذكرها الثعالبى. مختارات البارودى 2/ 168. (¬2) تغيّر ترتيب الأبيات فى الأصل فى هذا الموضع، فجاء هذا البيت والذى بعده مع شرحهما بعد البيت الثالث والعشرين، وهو قوله: ولا تجهلوا نعمى تميم عليكم غداة أتتنا تغلب والكتائب وقد رددتهما إلى هذا الموضع، وقد نبّه على هذا الناسخ فى حاشية الأصل، وقد جاء الترتيب على صوابه فى النسخة د.

الضّرائب: جمع الضّريبة، وهى المضروب. الآن بكت بغداد حين تشبّثت … بنا البيد وانضمّت علينا الرّواجب ألقى حركة همزة «الآن» على اللام (¬1)، ثم حذفها، وهذا من أحسن التخفيف المستعمل فى القرآن. وقوله: «تشبّثت بنا البيد وانضمّت علينا الرّواجب» مثل واستعارة، أى حين توسّطنا المفاوز فلم نقدر على الرجوع كنّا كمن تشبّث به متشبّث، فضمّ عليه رواجبه، والرّواجب: قصب الأصابع. وقيل: هى ظهور السّلاميّات وبطونها، والسّلاميّات: عظام الأصابع. نصون ثرى الأقدام عن وتراتها … فتسرقه ريح الصّبا وتسالب الوترات: جمع وترة، وهى الحاجز بين المنخرين. وهبنا منعناه الصّبا بركوبنا … أنمنع منه ما تطاه الرّكائب أبدل من همزة «تطأه» الألف، كما قال الفرزدق: *فارعى فزارة لا هناك المرتع (¬2) … * وهو تخفيف على غير قياس، وإنما قياسه أن تجعل الهمزة بين بين. ويروى: «ما تدوس الرّكائب» أى نصون تراب أقدامنا عن مناخر أهل بغداد؛ لأن قوله: «بكت بغداد» بكى أهلها، بالغ بذلك فى تعظيم نفسه. ¬

(¬1) وهى مسألة (نقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها) وعرفت عند قالون وورش. انظر الكشف عن وجوه القراءات 1/ 91، وإرشاد المبتدى ص 225، والإتحاف 1/ 213، وسائر كتب القراءات، فى الأصول، وقلّ من يذكرها فى الفرش. (¬2) فرغت منه فى المجلس الثانى عشر.

فما فعلت بيض بها مشرفيّة … تملّس منها أكلف اللّون شاحب المشرفيّة من السّيوف: منسوبة إلى مشارف الشام، وهى أعاليها. وقوله: «تملّس منها» من قولهم: امّلس الشىء من يدى، إذا سقط وأنت لا تشعر به، ويقال: شحب لونه يشحب، إذا تغيّر من سفر أو مرض أو سوء حال، فهذا هو الأكثر، وقد قيل: شحب يشحب. غلام إذا أعطى المنيّة نفسه … فقد فنيت آمالها والمطالب /أراد: فنيت آمال المنيّة، فهذا أمدح من أن يريد: فنيت آمال نفسه. أقول لسعد والرّكاب مناخة … أأنت لأسباب المنيّة هائب وهل خلق الله السّرور فقال لا … فقلت أثرها أنت لى اليوم صاحب وخلّ فضول الطّيلسان فإنّه (¬1) … لباسك هذا للعلى لا يناسب يقال: طيلسان وطيلسان، بفتح اللام وبكسرها، والفتح أفصح. عمائم طلاّب المعالى صوارم … وأثواب طلاّب المعالى ثعالب عنى بالثّعالب جمع ثعلب الرّمح، وهو طرفه الذى يدخل فى جبّة السّنان، فأراد أنهم يعرّضون رءوسهم للسّيوف حتى تصير لهم كالعمائم، ويعرّضون أبدانهم لأطراف الرّماح حتى تصير لهم كالملابس. ولى عند أعناق الملوك مآرب … تقول سيوفى هنّ لى والكواثب المآرب: الحوائج، واحدتها: مأربة ومأربة، بفتح الراء وضمّها. والكواثب من الخيل واحدتها: كاثبة، وهى مقدّم المنسج أمام القربوس، ¬

(¬1) فى اليتيمة: فإنما.

والكواثب معطوفة على قوله «هنّ» و «هنّ» عائد على الأعناق، أى تقول سيوفى: أعناق الملوك لى وكواثب خيلهم. فإن أنا لم أحربهم بنصالها … فما ولدتنى من تميم الأجارب قوله: «أحربهم» أى أسلبهم أموالهم، وحريبة الرجل: ماله الذى يعيش به. والنّصل من السيف: حديدته، بغير قائم ولا جفن، وجمعه نصال ونصول. الأجارب: كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم (¬1). لقد طالما ما طلتها وجفوتها … وطالبت بالأشعار مالا تطالب أى طلبت بالمدائح مالا تطلبه السيوف؛ لأن المطلوب بالمدائح الجوائز، التى هى فى جنب ما يرومه خسيسة، والمطلوب بالسيوف الملك والنّفوس النّفيسة. /أآمل مأمولا بغير صدورها … فوا خجلتى (¬2) إنّى إلى المجد تائب رحمت بنى البرشاء حين صحبتهم … من الجهل إنّ الجهل بئس المصاحب البرشاء: أمّ ذهل وشيبان وقيس، بنى ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علىّ ابن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمىّ بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معدّ بن عدنان، وضرّتها الجذماء، أمّ تيم الله بن ثعلبة. وقوله: «من الجهل» أراد: للجهل، فوضع «من» موضع لام العلّة، كما جاء فى التنزيل: {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ} (¬3). ¬

(¬1) راجع الجمهرة لابن حزم ص 216. (¬2) هكذا ضبطت فى الأصل بكسر التاء بعدها ياء. وجاءت فى د «خجلتا»، وكذلك فى اليتيمة، وكلاهما صحيح فى الإضافة إلى ياء المتكلم، فى النداء والنّدبة. (¬3) سورة الأنعام 151.

وعلّمتهم خلقى فلم يتعلّموا … وقلت قبول المكرمات معايب أى قلت: قبول المكرمات معايب عند هؤلاء. فصونوا يدى عن شلّها بعطائكم … فما أنا فى أخذ الرّغائب راغب الباء من قوله: «بعطائكم» متعلّقة بالشّلّ، ولو علّقتها بالصّون فسد المعنى الذى أراده وانعكس. والرّغائب: جمع رغيبة، وهى العطاء الكثير. والشّلل: فساد اليد. خلقت أرى أخذ المواهب سبّة … فمن نعم الأيّام عندى مصائب أراد أن الذى استفدته من المال بغير السيف، ووصل إلىّ إجازات على المدح، معدود عندى من المصائب، وإن كان فى الظاهر نعما. ولا تجبهوا بالرّدّ سائل حاجة … ولو أنّها أحسابكم والمناقب الحسب: ما يعدّ من مآثر الرجل، أى ما يؤثر عنه من الأفعال الحسنة، وواحد المناقب: منقبة، بفتح القاف، وهى المكرمة. وقد كدت أعطى الحاسدين مناهم … مخافة أن يلقى المطالب خائب (¬1) فكونوا على الأسياف مثلى إذا انثنت … سواعدها مفلولة والمضارب أى سواعد أصحابها، فحذف المضاف. والفلّ فى السّيف: الثّلم. /فلو كان بأسى فى الثّعالب أصبحت … جماجمها للمرهفات تضارب خصّ بذلك الثعالب؛ لأنها توصف بالجبن والرّوغان. ¬

(¬1) سقط هذا البيت من د.

وجاز إدخال اللام (¬1) فى قوله: «للمرهفات» لتقديم المفعول على الفعل، كما جاء فى التنزيل: {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ} (¬2) و {هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ} (¬3) ولا يجوز فى غير الشّعر: تضارب للمرهفات، إنما يكون ذلك فى اسم الفاعل، كقولك: فلان مضارب لفلان، كما تقول: فلان (¬4) ظالم لفلان، كما قال تعالى: {فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ} (¬5) ولا يجوز: يظلم لنفسه. ولا تجهلوا نعمى تميم عليكم … غداة أتتنا تغلب والكتائب كانت بكر بن وائل حالفت تميما على تغلب، فكانت بينهم وقعة عظيمة، وهى وقعة يوم العظالى (¬6)، وكان النصر لبكر وتميم. على كلّ طيّار العنان كأنّه … لراكبه من طول هاديه راكب هادى الفرس: عنقه. تطالبنا أكفالها وصدورها … بما نهبت منها الرّماح النّواهب /تودّ من الأحقاد أنّ شعورها … سهام فترمينا بها وتحارب الضّمائر في البيت عائدة على الخيل، والمراد بذلك فرسانها. وولّوا عليها يقدمون رماحنا … وتقدمها أعناقهم والمناكب ¬

(¬1) وتسمّى هذه اللام لام التقوية، أى تقوية عامل ضعف بتأخّره، وتسمّى أيضا لام تعدّى الفعل. المغنى ص 217، ورصف المبانى ص 320، واللامات للهروى ص 34، وانظر معانى القرآن للأخفش ص 311، وإعراب القرآن للنحاس 1/ 641. (¬2) سورة يوسف 43. (¬3) سورة الأعراف 154. (¬4) فى د: هو. (¬5) سورة فاطر 32. (¬6) بضم العين والظاء المعجمتين، سمّى بذلك لأن الناس ركب بعضهم بعضا، وقيل: لتعاظلهم على الرئاسة، وقيل: لأنه ركب الاثنان والثلاثة الدابّة الواحدة. النقائض ص 580، ومجمع الأمثال 2/ 435 (الباب الأخير).

الضمير فى قوله «تقدمها» للخيل لا للرّماح. خلقنا بأطراف القنا لظهورهم … عيونا لها وقع السّيوف حواجب عيب (¬1) عليه قوله: «لظهورهم» وقيل: لو قال: لصدورهم، كان أمدح؛ لأن الطّعن والضرب فى الصّدور أدلّ على الإقدام والشجاعة للطاعن والضارب، والمطعون والمضروب، وذلك أن الرجل إذا وصف قرنه بالإقدام مع ظهوره عليه كان أمدح له من وصفه له بالانهزام، كما قال الأول: فلسنا على الأعقاب تدمى كلومنا … ولكن على أقدامنا يقطر الدّما (¬2) والذى عابه بهذا المرتضى أبو القاسم عليّ بن الحسين الموسوىّ، رحمه الله. وأنتم وقوف تنظرون إلى الطّلى … تحلّ وغربان الرءوس نواعب الطّلى: الأعناق، واحدتها: طلية، وقوله: «وغربان الرءوس نواعب» شبّه أقحاف (¬3) الرءوس لما عليها من الشّعر، وقد أطارتها السيوف، بالغربان، وشبّه صوت وقع السيوف فيها عند قطعها بالنّعيب. ومن رأينا فيكم دروع حصينة … ولو شاء بزّ السّابريّة سالب قوله: ومن رأينا فيكم دروع حصينة أى كانت آراؤنا لكم فى ذلك اليوم وقاية عليكم، كالدّروع التى تقى لابسيها الجراح. ¬

(¬1) حكاه الشّهاب الخفاجى عن ابن الشجرى، ونبّهت عليه فى أول القصيدة. (¬2) فرغت منه فى المجلس التاسع والأربعين. (¬3) مفرده قحف، بكسر القاف، وهو أعلى الرأس.

والسابريّة من الدّروع: الرّقيقة النّسج. وقوله: ولو شاء بزّ السابريّة سالب أى لو شئنا حرمناكم تلك الآراء التى كانت واقية عليكم. ومعنى «بزّ» سلب، ومن كلامهم: «من عزّبزّ (¬1)» أى من غلب سلب. أبوا أن يطيعوا السّمهريّة عزّة … فصبّت عليهم كاللّجين القواضب السّمهريّة: الرّماح الصّلاب، من قولهم: اسمهرّ الشّوك، إذا يبس، واسمهرّ الظلام، إذا اشتدّ، يقول: لم يردعهم الطّعن عن الإقدام؛ لعزّتهم، فأعليناهم السّيوف التى كأنها الفضّة من صفائها. وموضع قوله: «كاللّجين» نصب على الحال، أى فصبّت القواضب عليهم مشبهة فى بياضها ونقائها للّجين. وعادت إلينا عسجدا من دمائهم … ألا هكذا فليكسب المجد كاسب نصب «عسجدا» على الحال، بتقدير حذف أداة التشبيه، أى مثل عسجد، أى رجعت إلينا سيوفنا مشبهة للذهب؛ لانصباغها بالدماء. أخذ محمد بن العباس (¬2) الأبيوردىّ تشبيه السّيوف باللّجين قبل الضّرب بها وتشبيهها بالعسجد بعد الضّرب بها، فقال: ولله درّ السّيف يجلو بياضه … غياهب يوم قاتم الجوّ أربدا ¬

(¬1) الفاخر ص 89، ومجمع الأمثال 2/ 307. (¬2) هكذا فى النسختين «محمد بن العباس»، والأبيوردى الشاعر الشهير هو: «أبو المظفر محمد بن أبى العباس أحمد بن محمد». المتوفى سنة 507، على ما هو معروف فى ترجمته من وفيات الأعيان 4/ 444، وطبقات الشافعية 6/ 81، وغيرهما. والبيتان فى ديوانه 2/ 143. وقد جاءت هذه الصورة مرة أخرى فى شعر الأبيوردى، وذلك قوله: لأدّرعنّ النّقع والسّيف ينتضى لجينا ونؤويه إلى الغمد عسجدا ديوانه 2/ 74.

بمعترك يلقى به الموت بركه … يسلّ لجينا ثم يغمد عسجدا قاتم: من القتام، وهو الغبار الأسود. والرّبدة: لون مختلط سواده بكدرة، ويقال للغضبان: قد اربدّ وجهه. وقوله: «يلقى به الموت بركه» البرك: الصّدر، استعاره للموت، شبّهه بالبعير الذى إذا برك ألصق صدره بالأرض. ونصب «لجينا وعسجدا» على ما ذكرته من الانتصاب على الحال، بتقدير حذف أداة التشبيه. وقول أبى نصر: هكذا فليكسب المجد كاسب موضع «هكذا» نصب على الوصف لمصدر محذوف، أى فليكسب المجد كاسب كسبا هكذا. بيوم العظالى والسّيوف صواعق … تخرّ عليهم والقسىّ حواصب الباء فى قوله. بيوم العظالى والسّيوف صواعق قائمة مقام «فى» كقولك: زيد/بالبصرة، وكما جاء فى التنزيل: {السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ} (¬1) أى فيه، لأن الهاء تعود على اليوم، فى قوله: {فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً} (¬2). وأحسن (¬3) ما قيل فى تذكير {مُنْفَطِرٌ} حمل {السَّماءُ} على المعنى، إذ قد ¬

(¬1) سورة المزمل 18. (¬2) الآية 17. (¬3) مجاز القرآن 2/ 274، والمذكر والمؤنث لابن الأنبارى ص 367.

سمّاها الله سقفا فى قوله: {وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً} (¬1). وقوله: «والسّيوف صواعق» أى (¬2) مثل صواعق. وقوله: «والقسيّ حواصب» أى مثل حواصب، ومعنى حواصب: أيد ترمى بالحصباء، والحصباء: الحصى، والقسىّ: من الأسماء المقلوبة، وكان القياس أن يجمع القوس على: القياس، حملا على نظائرها، كقولهم فى جمع ثوب وحوض وسوط: ثياب وحياض وسياط، ولكنهم جمعوها على فعول، كقولهم فى جمع خيط: خيوط، فاستثقلوا أن يقولوا: قووس (¬3)، فقلبوه بتقديم لامه على عينه، فصار إلى قسوو، بوزن فلوع، فاستثقلوا اجتماع ضمّتين وواوين، فأبدلوا من ضمّة السّين كسرة، فانقلبت الواو الأولى ياء، فصار إلى قسيو، فاجتمعت الياء والواو، والأولى منهما سابقة بالسكون، فقلبت الواو ياء وأدغمت فيها الياء، كما فعلوا ذلك فى ميّت، إذ أصله ميوت، فصار بعد الإدغام إلى قسيّ، فكسروا القاف إتباعا لكسرة السين، كما قالوا فى شعير: شعير، وفى نعم الرجل: نعم (¬4)، وفى شهد، شهد، إلا أن الكسر فى قاف قسيّ لازم، فوزن قسيّ: فليع. لقوا نبلها مرد العوارض وانثنوا … لأوجههم منها لحى وشوارب المرد: جمع الأمرد، وهو الذى لم يبد في وجهه الشّعر، من قولهم: شجرة مرداء، وهى التى انتثر ورقها. والعارضان: عارضا اللّحية، قال بعض أهل اللغة: لا يكادون يقولون للأمرد: امسح عارضيك. أراد أنّ المكان الذى ينبت عليه الشّعر من الوجه إنما يقال له عارض، إذا نبت عليه الشّعر. ¬

(¬1) سورة الأنبياء 32. (¬2) أى على حذف أداة التشبيه، وراجع المجلس الرابع والعشرين. (¬3) الكتاب 4/ 380، والمنصف 2/ 102، والصحاح (قوس). (¬4) راجع المجلس الموفى السّتّين.

وقالوا فى جمع اللّحية: لحى، بالكسر على القياس، ولحى بالضم على الشذوذ، كما شذّ في/جمع قرية: قرى (¬1). والشارب: الشّعر النابت على الشّفة العليا، وإنما سمّوه شاربا لأنه أوّل ما يرد الماء إذا شرب الشارب. والهاء فى «منها» تعود على «النّبل» لأن النّبل يؤنّث كما يذكّر، من حيث كان جمعا بينه وبين واحده تاء التأنيث (¬2)، كالنّخل، فيجوز: النّبل كسرته، ويجوز: كسرتها، كما جاء: {أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ} (¬3) و {أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ} (¬4). وقوله: «لأوجههم منها لحى» فى موضع الحال، وحذف واو الحال اكتفاء بالضمير، كما جاء: نصف النّهار الماء غامره … ورفيقه بالغيب ما يدرى (¬5) ¬

(¬1) إنما كان هذا الجمع شاذا؛ لأن ما كان على فعلة بفتح الفاء من المعتلّ فجمعه ممدود، مثل ركوة، وركاء وظبية وظباء. ويقال: قرية-بكسر القاف-لغة يمانية، ولعلها جمعت على ذلك، مثل ذروة وذرى ولحية ولحى. قاله الجوهرىّ فى الصحاح (قرا)، وانظر أيضا اللسان، والكتاب 3/ 593، والأصول 2/ 439، والتكملة ص 156، والممتع ص 500. (¬2) وقد اصطلحوا على تسميته: اسم جمع. (¬3) سورة القمر 20. (¬4) سورة الحاقة 7، وتكرر استشهاد ابن الشجرى بهاتين الآيتين كثيرا. (¬5) قائله المسيّب بن علس، خال الأعشى. وهو فى إصلاح المنطق ص 241، وأدب الكاتب ص 359، وشرح ما يقع فيه التصحيف والتحريف ص 285 وسرّ صناعة الإعراب ص 642. ودلائل الإعجاز ص 203، وشرح المفصل 2/ 65، وشرح الكافية الشافية ص 760، والصحاح (نصف) وغير ذلك مما تراه فى حواشى الخزانة 3/ 233. وأعاده ابن الشجرى فى المجلس الحادى والسبعين. والشاعر يصف غائصا غاص فى الماء من أول النهار إلى انتصافه، ورفيقه على شاطئ الماء ينتظره ولا يدرى ما كان منه. و «النهار» يضبط بالرفع والنصب. فالرفع على أنه فاعل «نصف» ونصف هنا بمعنى انتصف، يقال: نصف الشىء: أى انتصف-.

الأصل: والماء غامره، فحذف الواو اجتزاء بالهاء. لأيّة حال يختلسن نفوسهم … وهنّ عليها بالحنين نوادب المضمر فى «يختلسن» يعود على القسيّ، لتشبيهه إيّاها بالنّوادب، وتشبيهه لرنينها بالحنين، وقد نظر فى هذا إلى قول ابن الرّوميّ: كالقوس تصمى الرّمايا وهى مرنان (¬1) أى تقتل ما ترميه، وهى مع ذلك مصوّتة تصويت حزين. ... ¬

= والنصب على المفعوليّة. يقال: نصف الشىء الشىء: بلغ نصفه، ونصفت القرآن: بلغت منه النصف. على أن ابن الشجرى يميل إلى رواية الرفع، وسيأتى بيان ذلك فى المجلس الحادى والسبعين. (¬1) ديوانه ص 3422، وزهر الآداب ص 274، وسياق الشعر: يا ربّ حسّانة منهنّ قد فعلت سوءا وقد يفعل الأسواء حسّان تشكى المحبّ وتلفى الدهر شاكية كالقوس. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فصل

فصل قول الله تعالى: {أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ} (¬1) يحتمل عامل النصب فى {خالِدِينَ} على الحال وجهين، أحدهما: أن يكون ناصبه ما فى {أُولئِكَ} من معنى أشير، فتكون الحال على هذا حالا مقدّرة (¬2)، مثلها فى قوله: {فَادْخُلُوها خالِدِينَ} (¬3) أى مقدّرين الخلود. والوجه الآخر: أن تنصب {خالِدِينَ} بأصحاب، فلا تكون حالا مقدّرة، كأنه قيل: أولئك مالكو الجنّة خالدين فيها. /وأمّا قوله: {جَزاءً} فيحتمل أن يكون مصدرا وقع موضع مجزيّين، فيكون حالا من الضمير فى {خالِدِينَ} لأن المصادر قد تقع أحوالا فى مواضع أسماء الفاعلين والمفعولين، فاسم الفاعل كقولك: جاء زيد مشيا، تريد ماشيا، واسم المفعول كقولهم: «قتلوه صبرا» أى مصبورا. ويحتمل {جَزاءً} أن يكون مصدرا مؤكّدا، أى يجزون الخلود فى الجنة جزاء بأعمالهم. قوله تعالى: {وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النّارِ أَلَيْسَ هذا بِالْحَقِّ} (¬4) العامل فى الظّرف الذى هو {يَوْمَ} قول (¬5) مضمر عامل فى موضع الجملة، فالتقدير: ويوم يعرض الذين كفروا على النار نقول: أليس هذا بالحقّ. ¬

(¬1) سورة الأحقاف 14. (¬2) سبق الكلام على هذه الحال المقدّرة فى المجلس الثانى عشر. (¬3) سورة الزمر 73. (¬4) سورة الأحقاف 34. (¬5) الذى عليه معربو القرآن أنه منصوب بتقدير فعل هو «اذكر». إعراب القرآن للنحاس 3/ 162، ومشكل إعراب القرآن 2/ 304، والبيان فى غريب إعراب القرآن 2/ 373.

ومثله فى إضمار العامل في الظّرف، وإن لم يكن قولا، إضماره فى قوله عزّ وجلّ: {حَتّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (¬1) ثم قال: {آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ} قيل: التقدير: الآن آمنت، ومثله {أَثُمَّ إِذا ما وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ آلْآنَ وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ} (¬2) وقد قدّمت ذكر (¬3) إضمار القول فى التنزيل، فى أكثر مواضعه. ومن أغرب ما جاء من ذلك قوله فى سورة الواقعة، وقد ذكرته فيما سلف (¬4)، وهو قوله: {لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ حُطاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ} أى تندمون {إِنّا لَمُغْرَمُونَ} أى تقولون إذا رأيتم زرعكم حطاما لا حنطة فيه: إنا لمغرمون، فهذا من الغرم، أى لمثقلون دينا {بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ}. وقد قيل إن معنى {لَمُغْرَمُونَ} لمعذّبون عذابا لازما، من قوله: {إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً} (¬5) والوجه ما ذكرته هاهنا، وإن كان ما قدّمته قول أهل العلم بالتفسير. ... قوله تعالى: {وَلَقَدْ مَكَّنّاهُمْ فِيما إِنْ مَكَّنّاكُمْ فِيهِ} (¬6) اختلف فى «إن» هذه، فزعم قطرب أنها بمعنى «قد» وزعم الأخفش أنها زائدة (¬7)، وقوله أمثل من قول قطرب. ¬

(¬1) سورة يونس 90،91. (¬2) سورة يونس 51. (¬3) فى المجلس السادس والثلاثين، والمجلس الموفى السّتّين. (¬4) فى المجلس الموفى السّتين. (¬5) سورة الفرقان 65. (¬6) سورة الأحقاف 26. (¬7) الذى ذكره الأخفش فى معانى القرآن ص 111،112، أنها بمعنى «ما» النافية. ذكر ذلك فى أثناء تفسير الآية (74) من سورة البقرة، ولم يذكره فى آية الأحقاف. وانظر البرهان 4/ 218، وسيعيد ابن الشجرى الكلام على «إن» هذه فى المجلس التاسع والسبعين.

/وقال غيرهما (¬1): إنها نافية، مثلها فى قوله تعالى: {إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بِهذا} (¬2) وهذا القول أسدّ ما قيل فيها؛ لأن «ما» بمعنى الذى، والمعنى: ولقد مكنّاهم فى الذى ما مكنّاكم فيه، فهذا مطابق لقوله عز وجل: {أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنّاهُمْ فِي الْأَرْضِ ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ} (¬3). ... قوله تعالى: {وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (¬4) وقوله: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ} (¬5) وقوله: {قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيّامَ اللهِ} (¬6). اختلف فى جزم {يَقُولُوا} و {يَغُضُّوا} و {يَغْفِرُوا} فذهب الأخفش (¬7) إلى أنهنّ أجوبة {قُلْ} وذهب غيره (¬8) إلى أنهنّ أجوبة أمر آخر مضمر، تقديره: قل لعبادى: قولوا التى هى أحسن يقولوا، وقل للمؤمنين: غضّوا من أبصاركم يغضّوا، وقل للذين آمنوا: اغفروا للذين لا يرجون أيام الله يغفروا، وهذا أوجه القولين، ومن ذلك قوله تعالى: {قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ} (¬9). والذى يوضّح إضمار أمر آخر، أن «قل» لا بدّ له من جملة تحكى به، فالجملة المحكيّة به هى التى ذكرناها، لأن (¬10) أمر الله لنبيّه بالقول ليس فيه بيان لهم بأن ¬

(¬1) وهو قول الزجاج، فى إعراب القرآن 4/ 446، وانظر قسم الدراسة ص 60 الفقرة (51). (¬2) سورة يونس 68. (¬3) سورة الأنعام 6. (¬4) سورة الإسراء 53. (¬5) سورة النور 30. (¬6) سورة الجاثية 14. (¬7) معانى القرآن ص 391. (¬8) هو أبو العباس المبرّد. المقتضب 2/ 84، وانظر الدراسة ص 61، الفقرة (52). (¬9) سورة إبراهيم 31. (¬10) هذا الاستدلال لمكّىّ فى مشكل إعراب القرآن 1/ 451، وانظر معانى القرآن للزجاج 3/ 162.

يقيموا الصلاة حتى يقول لهم النبيّ: أقيموا الصلاة، فلا يجوز أن تكون هذه المجزومات أجوبة لقل. ...

المجلس الرابع والستون

المجلس الرابع والستون قيل: إنّ أجود شعر قيل فى لقاء الأسد، من الشّعر القديم، هذه القصيدة وقائلها بشر بن عوانة الأسدىّ (¬1)، أنشدنيها القاضى أبو يوسف محمد بن عبد السلام القزوينىّ، وقال: أنشدنيها خالى أبو الفضل بديع الزّمان الهمذانىّ: أفاطم لو شهدت ببطن خبت (¬2) … وقد لاقى الهزبر أخاك بشرا ¬

(¬1) يقال إن «بشر بن عوانة» هذا اسم اخترعه بديع الزمان الهمذانىّ، ووضع له قصّة، خلاصتها أنه عرض له أسد وهو ذاهب يبتغى مهرا لابنة عمّ له، فثبت للأسد وقتله. الأعلام للزركلى 2/ 27، ومناهج التأليف عند العلماء العرب، للدكتور مصطفى الشكعة ص 289 (طبعة بيروت). والقصيدة فى مقامات البديع ص 462 - 478 (المقامة البشرية) وهى آخر المقامات، والحماسة البصرية 1/ 332 - 334، وانظر حواشيه، والتذكرة السّعدية 1/ 164 - 166، ونهاية الأرب 9/ 239 - 242، وجاء بحاشيتها، حكاية عن الشيخ محمد عبده فى شرحه على مقامات البديع: «إن بعض الرواة قد نسب هذه الأبيات لعمرو بن معديكرب، كتب بها إلى أخته كبشة، ومطلع قصيدة عمرو: أكبشة لو شهدت ببطن جب وقد لاقى الهزبر أخاك عمرا والصحيح أن الواقعتين مختلفتان». وعن تعليق الشيخ محمد عبده هذا جاءت القصيدة فى ديوان عمرو بن معديكرب بطبعتيه: طبعة العراق ص 94، وطبعة الشام ص 190. هذا وقد أنشد ضياء الدين بن الأثير مطلع القصيدة وحده، فى المثل السائر 3/ 284، وهو يفاضل بين قصيدتين للبحترى والمتنبى فى وصف الأسد، قال: «أما البحترىّ فإنه ألمّ بطرف مما ذكر بشر بن عوانة، فى أبياته الرائية التى أولها: أفاطم. . . وهذه الأبيات من النمط العالى الذى لم يأت أحد بمثله، وكلّ الشعراء لم تسم قرائحهم إلى استخراج معنى ليس بمذكور فيها، ولولا خوف الإطالة لأوردتها بجملتها». والقصيدة كاملة فى الصبح المنبى ص 354،355. (¬2) خبت: اسم لعدّة مواضع ذكرها ياقوت.

فى نصب «أخاك» وجهان، أحدهما أن تنصبه بشهدت، إذا أردت به معنى شاهدت، كما قال: يا ابن أمّي ولو شهدتك إذ تد … عو تميما وأنت غير مجاب (¬1) وتنصب «الهزبر» على هذا القول بلاقى، وتضمر الفاعل فى «لاقى»، وتعيده إلى الأخ، فيكون الأخ فى هذا القول بنيّة التقديم على الجملة التى هى قوله: «وقد لاقى الهزبر» وهي فى موضع حال منه، فالتقدير: لو شاهدت فى بطن خبت أخاك وقد لاقى الهزبر، وجاز وقوع الماضى حالا؛ لأن معه «قد» (¬2) فهى تقرّبه من الحاضر. والوجه الآخر: أن تنصبه بلاقى، وترفع «الهزبر» بإسناد «لاقى» إليه، ويكون «شهدت» فى هذا القول بمعنى حضرت، كما جاء فى التنزيل: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} (¬3) أى من حضر بالمصر فى الشّهر، فالتقدير: لو حضرت ببطن خبت، وقد لاقى الهزبر أخاك. ويجوز أن تنصب «بشرا» على البدل، وإن شئت على عطف البيان. إذن لرأيت ليثا رام ليثا … هزبرا أغلبا لاقى هزبرا أخذ البحترىّ هذا البيت لفظا ومعنى فى قوله (¬4): ¬

(¬1) فرغت منه فى المجلس الرابع والخمسين. (¬2) سبق هذا فى المجلسين: الرابع والأربعين، والثانى والخمسين، ويأتى فى المجلس الحادى والسبعين. (¬3) سورة البقرة 185. (¬4) ديوانه ص 200، وراجع النقل المتقدم قريبا عن ضياء الدين بن الأثير. وقد قلت فى دراستى: إذا صحّ أن «بشرا» هذا شخصية وهمية، اخترعها بديع الزمان الهمذانى، وأجرى على لسانها هذه الأبيات: فيكون البديع هو الذى أخذ البيت لفظا ومعنى من البحترى، إذ كان بديع الزمان قد توفى سنة (398)، والبحترى سنة (284). والله أعلم.

هزبر مشى يبغى هزبرا وأغلب … من القوم يغشى باسل الوجه أغلبا الأغلب: الغليظ العنق. تبهنس إذ تراجع عنه مهرى … محاذرة فقلت عقرت مهرا يقال: تبهنس فى مشيه، وبهنس: إذا تبختر، ونصب «مهرا» على التمييز. أنل قدمى ظهر الأرض إنّى … وجدت الأرض أثبت منك ظهرا وقلت له وقد أبدى نصالا … محدّدة ووجها مكفهرّا شبّه أنياب الأسد بالنّصال المحدّدة، وهى جمع نصل السّهم. يدلّ بمخلب وبحدّ ناب … وباللّحظات تحسبهنّ جمرا (¬1) يدلّ: من قولهم: أدلّ فلان على أقرانه في الحرب (¬2)، كالبازى يدلّ على صيده. وفى يمناى ماضى الغرب أبقى … بمضربه قراع الموت أثرا (¬3) غرب السّيف: حدّه. والقراع: الضّراب بالسّيوف. ألم يبلغك ما صنعت ظباه … بكاظمة غداة لقيت عمرا (¬4) ¬

(¬1) قبل هذا البيت فى المقامات: يكفكف غيلة إحدى يديه ويبسط للوثوب علىّ أخرى (¬2) أى أخذهم من فوق. كما فى اللسان. (¬3) بضم الهمزة وسكون الثاء، وهو أثر الجرح، وقد استعاره هنا للنّدوب والثّلوم التى تبقى فى السيف من منازلة الأبطال. (¬4) هذا البيت مقول القول السابق: وقلت له وقد أبدى. . . وكاظمة: اسم موضع. وبعده فى المقامات ومصادر التخريج: وقلبى مثل قلبك ليس يخشى مصاولة فكيف يخاف ذعرا

ظبة السّيف: حدّه، جمعها فى موضع التثنية. وأنت تروم للأشبال قوتا … ومطّلبي لبنت العمّ مهرا نصب «مهرا» بمطّلبى؛ لأنه مصدر مضاف إلى فاعله بمعنى اطّلابى ومطلبي، وموضعه من الإعراب محتمل للرفع والنصب، فالرفع بالابتداء، وخبره محذوف، دلّ عليه قوله «تروم» أى أنت تروم قوتا لأشبالك، ومطّلبى لبنت عمّى مهرا مرامي، والنصب فيه بتقدير فعل من لفظ «تروم» كما كان خبر المبتدأ كذلك، كأنه قال: ومطّلبى لبنت العمّ مهرا أروم (¬1). نصحتك فالتمس يا ليث غيرى … طعاما إنّ لحمى كان مرّا (¬2) «كان» فى هذا البيت مثلها فى قول الله تعالى: {وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً} (¬3) ونظائره. وفى هذا النحو قولان، أحدهما: أن «كان» بمعنى لم يزل، كأنّ القوم شاهدوا عزّا وحكمة ومغفرة ورحمة، فقيل لهم: لم يزل الله كذلك، وهذا قول سيبويه (¬4). ¬

(¬1) جاء بحاشية الأصل هنا تعقيب من كلام تاج الدين الكندى، ضاع شيء منه، وهذا ما أمكن قراءته: «هذا التقدير الذى قدّره فى الوجهين ليس فيه فائدة، وشرط الخبر أن يفيد ما لم يفده المبتدأ؛ فقوله «مطلبى» يدلّ على «مرامى»؛ لأن المطلب هو المرام، والمرام هو المطلب، فإذن ما استفدنا من الخبر شيئا، وكذلك قوله «مطلبى أروم» والجيّد أن يكون «مطلبى» مبتدأ، و «لبنت العمّ» الخبر، يتعلّق بمحذوف، وتنصب «مهرا» بما دلّ عليه «مطلبى»، وتجعله كقول المتنبى: «ووفاؤكما كالربع». . . بوفائكما، ولكن بما دلّ عليه ووفاؤكما. واللام لام العلة، والخبر محذوف، تقديره: كائن أو واقع، ولا يكون «مرامى» ولا «أروم» لأن الطلب روم» انتهت الحاشية. وبيت المتنبى المشار إليه تكلم عليه ابن الشجرى فى المجلس التاسع والعشرين. (¬2) قبله فى المراجع: ففيم تروم مثلى أن يولّى ويجعل فى يديك النفس قسرا (¬3) سورة النساء 158، وغير ذلك من القرآن العظيم. وحكى الزركشى كلام ابن الشجرى هذا فى معنى «كان». البرهان 4/ 125. (¬4) لم أعرف موضعه من كتابه.

والقول الآخر: أن «كان» تدلّ على وقوع الفعل فيما مضى من الزمان، فإذا كان فعلا يتطاول، لم تدلّ دلالة قاطعة على أنه زال وانقطع، كقولك: كان زيد صديقى، لا دلالة فى هذا القول قطعا على أن صداقته لك قد زالت، بل يجوز أن تكون باقية بحالها، ويجوز أن تريد: كان صديقى وهو الآن عدوّى، فمن المعنى الأول قوله تعالى: {إِنَّ الْكافِرِينَ كانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِيناً} (¬1) ألا ترى أن هذا نزل وعداوة الكافرين للمؤمنين باقية، وكذلك قول هذا الشاعر: «إنّ لحمى كان مرّا» ليس يريد أن مرارة لحمه زالت. واعلم أن الزمان الذى تدلّ عليه «كان» يكون محدودا، ويكون غير محدود، فالمحدود كقولك: كان زيد جالسا هاهنا، وغير المحدود كقوله تعالى: {وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً}؛ لأن كلّ صفة لله مستحقّة فى حال، فهى مستحقّة فى كلّ حال. فلمّا ظنّ أن الغشّ قولى … وراوغنى كأنّى قلت هجرا الهجر: الهذيان، يقال: هجر يهجر، والهجر أيضا: الإفحاش فى المنطق، يقال: أهجر فى منطقه. وراوغنى: من قولهم: راغ عن الشىء يروغ روغا وروغانا، إذا حاد عنه. مشى ومشيت من أسدين راما … مراما كان إذ طلباه وعرا الوعر: أصله فى المكان، يقال: مكان وعر، وقد وعر وعورة، وهو خلاف السّهل. «من» فى هذا البيت قائمة مقام لام التعجّب، أى اعجبوا من أسدين، ¬

(¬1) سورة النساء 101.

فهى بمنزلة اللام فى قول الله تعالى: {لِإِيلافِ قُرَيْشٍ} (¬1) في أحد (¬2) القولين، ومثلها اللام فى قول المتنبّى (¬3): لسريّ لباسه خشن القط … ن ومروىّ مرو لبس القرود أراد: اعجبوا لسريّ. وقد أقاموا «من» مقام لام العلّة، كقوله تعالى: {مِنْ أَجْلِ ذلِكَ/كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ} (¬4) وكقوله: {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ} (¬5) وكذلك الباء جاءت بمعنى اللام فى قوله: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ} (¬6). هززت له الحسام فخلت أنّى … هززت به لدى الظّلماء فجرا وجدت له بجائشة رآها … لما صدقته أمضى منه أمرا (¬7) أراد بضربة جائشة، فحذف الموصوف، كما جاء فى التنزيل: {أَنِ اِعْمَلْ سابِغاتٍ} (¬8) حذف دروعا، كما حذف الملّة أو الأمّة، فى قوله: {وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} (¬9). ¬

(¬1) أول سورة قريش. (¬2) فهى متعلقة بفعل مضمر، تقديره: اعجبوا لإيلاف قريش. والقول الثانى أنها متعلقة بقوله تعالى: فَلْيَعْبُدُوا، كأنه قال: لأن ألّف الله قريشا إيلافا فليعبدوا. وقول ثالث للأخفش: بآخر سورة الفيل، وهو قوله تعالى: فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ أى فعل ذلك بهم لتأتلف قريش. ولذلك وصل السورتين كأنهما سورة واحدة. راجع معانى القرآن ص 545، وقد ردّ ذلك النحاس ومكى. إعراب القرآن 3/ 772، والمشكل 2/ 502، وانظر أيضا إيضاح الوقف والابتداء ص 985، والقطع والائتناف ص 784. (¬3) ديوانه 1/ 321. ومروىّ مرو: ثياب رقاق تنسج بمرو. (¬4) سورة المائدة 32. (¬5) سورة الأنعام 151. (¬6) سورة النساء 160. (¬7) انفرد ابن الشجرى بهذه الرواية. والذى فى المراجع: بأن كذبته ما منّته غدرا والمعنى أن هذه الضربة منّته خيبتها، وأوهمته عدم إصابتها لاضطرابها بهيجان صاحبها. (¬8) سورة سبأ 11. (¬9) الآية الخامسة من سورة البينة.

وجائشة: من قولهم: جاشت القدر تجيش، إذا غلت. فخرّ مجدّلا فظننت أنّى … هدمت به بناء مشمخرّا (¬1) هدمت به: أى بخروره. والمشمخرّ: المفرط فى العلوّ. والمجدّل: مأخوذ من الجدالة، وهى الأرض، قال: وأترك العاجز بالجداله (¬2) فالمجدّل: الملصق بالأرض. وقلت له يعزّ علىّ أنّى … قتلت مناسبي جلدا وقهرا (¬3) أراد مناسبي فى الجلد والقهر، فانتصاب «جلدا» على هذا بتقدير حذف الخافض، ويجوز أن يكون مميّزا. ¬

(¬1) قبله فى المراجع: وأطلقت المهنّد من يمينى فقدّ له من الأضلاع عشرا (¬2) قبله: قد أركب الآلة بعد الآله وهما من غير نسبة فى أدب الكاتب ص 55، والحيوان 6/ 155، وشرح المفضليات ص 110، والسمط ص 888 - وانظر حواشيه-وديوان الأدب 1/ 385، والجمهرة 2/ 67، والمقاييس 1/ 434، والمجمل ص 179، والمخصص 10/ 68، والأساس (جدل) واللسان (أول-جدل). ولم أجد نسبتهما إلاّ فى التاج (أول-جدل) فقد نسبهما الزّبيدى إلى أبى قردودة الأعرابىّ. وأبو قردودة هذا: طائىّ، وكان معاصرا للنعمان بن المنذر. معجم الشعراء ص 59، وانظر فهارس البيان والتبيين والحيوان. (¬3) بعده فى مراجعى: ولكن رمت شيئا لم يرمه سواك فلم أطق يا ليث صبرا تحاول أن تعلّمنى فرارا لعمر أبيك قد حاولت نكرا

فلا تبعد فقد لاقيت حرّا … يحاذر أن يعاب فمتّ حرّا (¬1) ... ذكرت الرّواة (¬2) أنه كان باليمامة رجل من بنى حنيفة (¬3)، يقال له: جحدر مالك، وكان شجاعا فاتكا شاعرا، قد أبرّ (¬4) على أهل حجر، وبرّح بهم، فبلغ ذلك الحجاج بن يوسف، فكتب إلى عامله على اليمامة بالتجرّد فى أمره، حتى يظفر به أو يعذر، فندب له فتية من بنى يربوع وبنى حنظلة، فراسلوه بأنهم يريدون التّحرّم (¬5) به، فلما اطمأنّ إليهم وثبوا عليه، فشدّوه وثاقا، فقدموا به على عامل/ اليمامة، فبعث به إلى الحجّاج، فقال له: ما الذى حملك على ركوب ما ركبته من الفتك والتعرّض للقتل؟ فقال: جفوة السّلطان، وكلب الزمان، مع جرأة الجنان، فلو بلانى الأمير وجدنى من صالحى الأعوان. فقال له: إنى قاذف بك مكبّلا فى حائر (¬6) فيه أسد، فإن قتلك كفانا مئونتك، وإن قتلته خلّيت سبيلك، وأحسنت جائزتك. ¬

(¬1) بعده فى المقامات فقط، وهو آخر القصيدة: فإن تك قد قتلت فليس عارا فقد لاقيت ذا طرفين حرّا وقوله: «ذا طرفين» أى أبوين كريمين. (¬2) انظر هذه القصّة فى الأخبار الموفقيات ص 170، ومعجم البلدان 2/ 210 (حجر)، وشرح شواهد المغنى ص 407 (مبحث ربّ). والخزانة 7/ 463. (¬3) وكذا فى شرح شواهد المغنى، وفى الموفقيات: «من ربيعة»، وفى معجم البلدان: «من بنى جشم بن بكر». (¬4) أى غلب. وانظر أمالى أبى على القالى 1/ 281،282. (¬5) أى يدخلون فى حماه ويمتنعون بجواره. يقال: تحرّم منه بحرمة: تمنّع وتحمّى بذمّة. وجاء فى شرح شواهد المغنى «والتحرّز». (¬6) الحائر: مجتمع الماء، وحوض يسيّب إليه مسيل ماء الأمطار، والمكان المنخفض.

فقال: قد أعطيت-أصلحك الله-المنية، وأعظمت المنّة، وقرّبت المحنة. فألقى مقيّدا على أسد قد أجيع ثلاثة أيام، فتقدّم إليه وهو يرتجز: ليث وليث فى مقام ضنك … كلاهما ذو أنف ومحك (¬1) إن يكشف الله قناع الشّكّ … فهو أحقّ منزل بترك فلمّا كان من الأسد على قيد رمح، أو أنفس (¬2)، تمطّى الأسد وزأر زأرة وحمل، فحمل عليه جحدر بالسّيف، فضربه ففلق هامته، فخرّ كأنه أطم مقوّض، ولم يلبث جحدر لشدّة حملة الأسد عليه مع كونه مكبّلا أن وقع علي ظهره متضمّخا بالدّم، وعلت أصوات الجماعة بالتكبير. وقال له الحجاج، لمّا رأى منه ما هاله: إن أحببت أن نلحقك ببلدك، بعد أن نحسن جائزتك فعلنا، وإن أحببت أن تقيم معنا أسنينا (¬3) فريضتك. فقال: بل أختار صحبة الأمير، ففرض له ولجماعة من أهل بيته. المكبّل: المقيّد، والكبل: القيد. والمحك: اللّجاج. والأطم: الحصن، وقال ابن فارس فى «المقوّض»: قوّضت البناء، إذا نقضته من غير هدم (¬4). ¬

= وجاء فى الموفقيات «حير» وهو شبه الحظيرة، وفى سياق القصة هناك أن «جحدرا» أدخل مع الأسد فى هذا الحير، وسدّ باب الحير. (¬1) تقدم تخريجه فى المجلس الثانى، وزد عليه مراجع القصة التى ذكرتها، ثم أشعار اللصوص وأخبارهم ص 96. (¬2) أى أقرب، والنّفس، بالتحريك، يطلق على القرب، ومنه الحديث «بعثت فى نفس الساعة» أى بعثت وقد حان قيامها وقرب. النهاية 5/ 94. (¬3) أى رفعناها وزدناها. (¬4) المقاييس 5/ 41.

وقال ابن دريد: قوّضت البيت، إذا نزعت أوتاده وأعواده وأطنابه، وكلّ مهدوم: مقوّض (¬1). فقوله: كلّ مهدوم مقوّض، مخالف قول ابن فارس: قوّضت البناء، إذا نقضته من غير هدم، وكأنّ مراد ابن فارس أن يصرع البناء من أسفله. ... ¬

(¬1) الجمهرة 3/ 100.

مسألة

مسألة سئلت عن {تَرَيِنَّ} فى قول الله سبحانه: {فَإِمّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً} (¬1) وذكر/السائل لى أنّ الواعظ المعروف بالشّعرىّ، امتحن الناس بهذه اللفظة على الكرسىّ، فقال: ما المحذوف منها؟ وما وزنها؟ فرأيت أن أقدّم أسّا يبنى الكلام فيها عليه. فأول ذلك أن العرب بنت الفعل مع النون المؤكّدة على الفتح، لأنّ الفعل فى الأصل ثقيل، وزاده اتصاله بهذه النون ثقلا، فاستحق البناء كما استحقّته الأسماء المركّبة، وخصّوه بالفتحة لخفّتها، كما بنوا عليها خمسة عشر (¬2)، وبعلبكّ، وهو جارى بيت بيت، ولا رجل فى الدار، فقالوا: لتخرجنّ، وهل ينطلقنّ؟ كما قال: هل ترجعنّ ليال قد مضين لنا … والعيش منقلب إذ ذاك أفنانا (¬3) وكما جاء فى التنزيل: {لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِنَ الصّاغِرِينَ} (¬4) وكذلك الفعل المعتلّ كقولك: هل تدعونّ، ولا ترمينّ، فإن كان الفعل لجماعة ذكور، أو واحدة ¬

(¬1) سورة مريم 26، وانظر الحلبيات ص 87، وشرح الحماسة ص 1565. والمشكل لمكّىّ 2/ 53. (¬2) راجع المقتضب 3/ 19، وحواشيه. (¬3) البيت مع بيتين آخرين بغير نسبة فى نوادر أبى زيد ص 494، وهو أيضا فى المغنى ص 84، وشرح شواهده ص 247، وشرح أبياته 2/ 176، والهمع 1/ 205، وارتشاف الضرب 2/ 234، وحاشية الشيخ يس 2/ 39. هذا وقد دلّنا السيوطىّ رحمه الله فى شرح شواهد المغنى أن البيت فى الأغانى لعبد الله بن المعتز. والأمر على ما قاله فى الجزء العاشر ص 277، ورواية العجز فيه: والدار جامعة أزمان أزمانا وقد نسب شيخنا عبد السلام هارون، رحمه الله، البيت فى معجم الشواهد ص 381، إلى الأعلم بن جرادة السّعدى، ولا أعلم له متابعا، ولا رأيته فى كتاب، ولعل ذلك قد جاء من حاشية شرح المفصل 9/ 110، عن ابن برّى فى نسبة بيتين آخرين جاءا فى سياق بيت من الأبيات الثلاثة التى أنشدها أبو زيد. ويبقى أن أقول إنى لم أجد البيت فى ديوان ابن المعتز الذى نشره الدكتور محمد بديع شريف، رحمه الله. (¬4) سورة يوسف 32.

مخاطبة، نحو: تخرجون وتجلسين، حذفت للبناء هذه النون التى هى علم الرفع، كما حذفت الضمة للبناء فى قولك: يا زيد هل تخرجنّ، وإذا حذفت نون تخرجون وتجلسين، حذفت الواو والياء لسكونهما وسكون النون المدغمة من نون التوكيد الثقيلة، وجاز حذف الواو والياء لدلالة الضمّة والكسرة قبلهما عليهما، فقلت: هل تخرجنّ؟ وتالله لتجلسنّ، كما جاء فى التنزيل: {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ} (¬1) وقال تأبّط شرّا: لتقرعنّ عليّ السّنّ من ندم … إذا تذكّرت يوما بعض أخلاقى (¬2) فإن اتّصل الفعل المعتلّ اللام بواو الضمير أو يائه، وما قبل الواو مضموم، وما قبل الياء مكسور، حذفت الواو والياء لسكونهما وسكون النون، فقلت: هل تدعنّ يا قوم، وهل ترمنّ يا مرأة، فمثال تدعنّ وترمنّ، من الفعل: تفعنّ وتفعنّ، لأن الأصل فيهما: تدعوون، وترميين، مثل تخرجون وتجلسين، فحذفت/ضمّة الواو وكسرة الياء استثقالا لحركتين ثقيلتين فى حرفين معتلّين، ثم حذفت الواو والياء اللامان لسكونهما وسكون الواو والياء الضميرين، فصارا إلى تدعون وترمين، فلما اتّصلا بنون التوكيد سقطت النون التى هى علم الرفع، لبناء الفعل مع النون المؤكّدة، فكرهوا أن يقولوا: تدعونّ وترمينّ؛ لسكون الواو والياء، فيجمعوا بين ساكنين، الثانى منهما مدغم، فحذفوا الواو لدلالة الضمّة عليها، والياء لدلالة الكسرة عليها، فصار إلى تدعنّ وترمنّ. ¬

(¬1) سورة الانشقاق 19، وانظر المنصف 3/ 124. (¬2) المفضليات ص 31، والإفصاح للفارقى ص 68، والموضع السابق من المنصف، والمغنى ص 19، وشرح أبياته 1/ 59. وقوله «لتقرعن» و «تذكرت» يضبطان بكسر العين والتاء، أو بفتحهما، لأنهما خطاب للرجل العاذلة، فالتأنيث على اللفظ، والتذكير على المعنى. حواشى المفضليات.

فإن قيل: فهلاّ احتملوا اجتماع الساكنين فيهما؛ لأن الأول حرف مدّ، والثانى مدغم، كما جمعوا بين الساكنين باجتماع هذين الشرطين فى فعل الاثنين، فقالوا: تدعوانّ وترميانّ، وجاء فى التنزيل: {وَلا تَتَّبِعانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} (¬1). فالجواب: أنهم لم يفعلوا ذلك؛ لأنهم لو أسقطوا الألف، كما أسقطوا الواو والياء صار اللفظ إلى تدعونّ وتتّبعنّ، فالتبس المثنّى بالواحد، فاحتملوا الجمع بين ساكنين، الأول منهما ألف والثانى مدغم، وهذا كثير فى كلامهم، فى نحو: العامّة والطامّة (¬2)، فى قوله تعالى: {فَإِذا جاءَتِ الطَّامَّةُ} (¬3) ونحو الشابّة، و {ما تَرَكَ عَلَيْها مِنْ دَابَّةٍ} (¬4) و {اُدْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً} (¬5) وإنما احتملوا هذا فى الألف؛ لأنها أمكن فى المدّ (¬6) من الواو والياء الساكنتين المتحرّك ما قبلهما بالحركة التى تجانسهما؛ من حيث كان المدّ يلزم الألف دونهما، فهى مباينة فى ذلك لهما، فلذلك خصّت دونهما باستعمالها تأسيسا، وبانفرادها فى القصيدة ردفا. والتأسيس: كلّ ألف وقعت فى القافية وبينها وبين الرّويّ حرف، كألف سالم وعالم ونازل وبازل، والحرف الفاصل بين الألف والرّويّ، يقال له: الدّخيل. وأمّا الرّدف فكلّ حرف لين وقع قبل الرّوىّ بغير فصل، كألف كلام، وياء كليم، وواو كلوم، ولا اعتداد بالجمع بين الواو الساكنة والساكن المدغم فى نحو: تمودّ/الثوب، وكذلك الياء فى أصيم، ومديق (¬7)، ونحوهما لقلّة ذلك فى الاستعمال. ¬

(¬1) سورة يونس 89، وانظر ما يأتى فى المجلس السابع والستّين. (¬2) وانظر الكامل ص 39، فى شرح قول على رضى الله عنه: «هذه حمارّة القيظ». (¬3) سورة النازعات 34. (¬4) سورة النحل 61. (¬5) سورة البقرة 208. (¬6) راجع المجلس التاسع والثلاثين. (¬7) راجع المجلس المذكور.

فإن كان ما قبل الواو والياء مفتوحا، كواو ترضون، وياء تخشين، لم يجز حذفهما إذا اتّصلا بنون التوكيد؛ لأنهما لو حذفا لم تدلّ الحركة التى قبلهما عليهما؛ لأنّ الفتحة مجانسة الألف، كما أن الضمّة مجانسة الواو، وكما أنّ الكسرة مجانسة الياء، فكلّ واحدة منهنّ-أعنى الحركات-إنّما تدلّ على الحرف المجانسها، فوجب لذلك تحريك الواو والياء فى هذا النحو، إذا اتّصلا بنون التوكيد واستحال حذفهما، فحرّكوا الواو بالضمّة والياء بالكسرة، خصّوا كلّ واحدة منهما بالحركة المجانسة لها، فقالوا: لترضونّ، وهل تخشينّ؟ والأصل: ترضيون وتخشيين، فاستثقلت الضمة فى ياء ترضيون، والكسرة فى ياء تخشيين، فحذفتا، أعنى الحركتين، ثم حذفت الياءان بعد حذف حركتيهما، لسكونهما وسكون الواو والياء الضميرين بعدهما، فصارا إلى ترضون وتخشين، فلما اتّصلا بنون التوكيد سقطت النون التى زيدت علما للرفع؛ لأن الفعل صار مع نون التوكيد إلى البناء، فصار فى التقدير إلى: ترضونّ وتخشينّ، بسكون الواو والياء، فوجب تحريكهما لسكونهما وسكون النون، فحرّكت الواو بالضمّة، والياء بالكسرة، فقيل: ترضونّ وتخشينّ، فمثال الواو فى التنزيل: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ} (¬1) و {لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ} (¬2) ومثال الياء: {فَإِمّا تَرَيِنَّ} فالمحذوف من ترونّ وترينّ عين الفعل ولامه، فعينه همزة، ولامه ياء، وذلك أن الهمزة التى فى «رأيت» اعتزمت العرب على حذفها من أرى ونرى ويرى وترى، فلم يقولوا: نرأى ولا ترأى، إلاّ فى ضرورة، كما قال: أرى عينىّ ما لم ترأياه … كلانا عالم بالتّرّهات (¬3) فأصل ترونّ وترينّ قبل اتصالهما بنون التوكيد، وقبل اعتزام العرب على ¬

(¬1) سورة آل عمران 186. (¬2) الآية السادسة من سورة التكاثر. (¬3) فرغت منه فى المجلس السابع والأربعين.

حذف/عينهما: ترأيون وترأيين، بوزن تفعلون وتفعلين، فحذفت العين التى هى الهمزة بعد إلقاء فتحتها على الراء، فصار إلى تريون وتريين، بوزن تفلون وتفلين، فاستثقلت الضمّة على ياء تريون، والكسرة على ياء تريين، فحذفت الحركتان منهما، فسقطت الياءان لمّا سكنتا وبعدهما واو الضمير وياؤه ساكنتين، فبقى ترون وترين، بوزن تفون وتفين. فأمّا ترون، فإنه لما اتصل بنون التوكيد سقطت النون التى هى علامة رفعه، فصار ترونّ، بواو ساكنة ونون مشدّدة، فلم يجز أن تحذف الواو لالتقاء الساكنين؛ لأن قبلها فتحة، فلو حذفت لم يدلّ عليها دليل، فلما امتنع حذفها وجبت حركتها لالتقاء الساكنين؛ فحرّكت بالضمّة، فقيل: ترونّ، بوزن تفونّ. وأمّا ترين، فإن النون التى هى علامة الرفع سقطت لدخول الجازم الذى هو «إمّا» (¬1) فبقى: تري، بوزن تفي، فلمّا اتّصلت به نون التوكيد لم يجز حذف الياء لالتقاء الساكنين؛ لأنها لو حذفت مع انفتاح ما قبلها عدم دليل عليها، فحرّكت حينئذ بالكسر، فصار: ترينّ، بوزن تفينّ. فأحسن تأمّل ما ذكرته، فقد بالغت فى إيضاح المسئول عنه، بتوفيق الله. ... ¬

(¬1) معلوم أن الجازم هو «إن» المدغمة فى «ما» الزائدة. وانظر تفسير القرطبى 11/ 97

المجلس الخامس والستون

المجلس الخامس والستون أورد أبو عليّ فى الإيضاح (¬1) هذا البيت: فقد جعلت نفسى تطيب لضغمة … لضغمهماها يقرع العظم نابها وهو من قصيدة للقيط بن مرّة الأسدىّ، رثى فيها أخاه أطيطا، وهجا مرّة ابن عدّاء، ومدرك بن حصن الأسديّين، فمنها: وأبقت لى الأيّام بعدك مدركا … ومرّة والدّنيا قليل عتابها أراد أنّ عتاب الدنيا غير نافع، فمعاتبها غير مستكثر منه. قرينين كالذّئبين يقتسماننى … وشرّ صحابات الرّجال ذئابها شبّههما بالذّئبين؛ لأنّ الذّئاب أخبث السّباع. جمعوا الصاحب على أصحاب، وليس ذلك بقياس فى فاعل، فكأنهم قدّروا حذف ألفه، فصار إلى صحب تقديرا، فجمعوه على أفعال كنمر وأنمار، ووتد وأوتاد، وجمعوه على صحب، كما قالوا فى جمع تاجر وراكب وشارب: تجر وركب وشرب، وهذا الضّرب إنما هو اسم للجمع، بدلالة تصغيره على لفظه، قالوا: صحيب (¬2) وركيب وشريب، فحقّروه تحقير الواحد، قال: وأين ركيب واضعون رحالهم (¬3) ¬

(¬1) الجزء الأول ص 34، وسبق تخريج البيت فى المجلس الثالث عشر، وزد على ما ذكرته أمالى ابن الحاجب 2/ 102، والحماسة البصرية 1/ 314. (¬2) ولو كان جمعا لردّوه فى التصغير إلى واحده، فقالوا: صويحب ورويكب. (¬3) لم أعرفه.

حقّر ركبا تحقير كعب، وأعاد إليه ضمير جمع على المعنى. وجمعوه على صحابة (¬1)، وهذا أيضا غير مقيس، ثم قالوا: صحابات، فجمعوه بالألف والتاء، كما قالوا فى جمع صاحبة: صواحب، ثم قالوا: صواحبات، وجاء فى الحديث: «إنكنّ لصواحبات يوسف (¬2)» إذا رأيا لى غفلة آسدا لها (¬3) … أعاديّ والأعداء كلبى كلابها آسدا أعاديّ: أفسدا قلوبهم حتى جعلا أخلاقهم كأخلاق الأسود. والكلبى: جمع كلب كلب، كزمن وزمنى، وضمن وضمنى. فقد جعلت نفسى تطيب لضغمة … لضغمهماها يقرع العظم نابها الضّغمة: العضّة، ومنه قيل للأسد: ضيغم. و «جعل» هاهنا من أفعال المقاربة، كقولهم: طفق يقول كذا، وكرب يفعل كذا، ولهذا الفعل انقسام إلى معان، قد ذكرها أبو عليّ مع ذكره لهذا البيت. يقول: جعلت نفسى تطيب لأن أضغمهما ضغمة يقرع لها الناب العظم، وصف ضغمه بالجملة، والمصدر الذى هو الضّغم مضاف إلى المفعول، وفاعله محذوف، التقدير: لضغمى إيّاهما، والهاء التى فى قوله: «لضغمهماها» عائدة إلى الضّغمة، فانتصابها إذا انتصاب المصادر، مثلها فى قوله تعالى: {إِنَّ هذا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ} (¬4) وأضاف الناب إلى ضمير الضّغمة؛ لأن الضّغم إنما هو بالناب، واللام فى قوله: «لضغمهماها» متعلّقة بيقرع، أى يقرع عظمهما/نابى، لضغمى إيّاهما ضغمة واحدة. ¬

(¬1) ومن ذلك «صحابة رسول الله» عليه السلام. قال ابن الأثير: «ولم يجمع فاعل على فعالة إلاّ هذا» النهاية 3/ 12، ثم قال: «وهى فى الأصل مصدر بمعنى الصحبة» منال الطالب ص 93. (¬2) رواه أحمد فى مسنده 4/ 412، وانظر بقيّة تخريجه وشرحه فى حواشى كتاب الشعر ص 148. (¬3) وروى: أغريا بها. (¬4) سورة الأعراف 123.

فلولا رجاء أن تثوبا وما أرى … عقولكما إلاّ بعيدا ذهابها سقيتكما قبل التفرّق شربة … شديدا على باغى الظّلام طلابها يقول: لولا أنى أرجو أن ترجعا عمّا ارتكبتماه من ظلمى لسقيتكما قبل أن يفارق أحدكما صاحبه، شربة يشتدّ طلبها، أى طلب مثلها على من يطلب المكافأة على ظلمه، أى فعلت بكما فعلا يشابه شربة سمّ. والظّلام، بالكسر (¬1): الظّلم، وأراد: على باغي جزاء الظّلام، فحذف المضاف. وقال: «عقولكما» فجمع العقل فى موضع التثنية، شبّهه بما فى الجسد منه شيء واحد، كالقلب والوجه والأنف والبطن، كما جاء فى التنزيل: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما} (¬2) و {قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا} (¬3) وجمع العقل هاهنا أجود من جمع الرّحل فيما حكاه سيبويه، من قولهم: «ضعا رحالكما (¬4)؛ لأن الأصل فى هذا النحو جمع ما هو فى الجسد. وقد جاءت التثنية فى موضع التثنية، كقول الفرزدق: بما فى فؤادينا من الشّوق والهوى (¬5) وجاءت اللّغتان فى قول هميان بن قحافة: ومهمهين قذفين مرتين … ظهراهما مثل ظهور التّرسين ¬

(¬1) فى الخزانة 5/ 305 أنه جمع الظّلم. قلت: ولم أجده فى كتب اللغة التى بين يدىّ، ولكنه مقيس مطّرد، إذ كان «فعل» مما يجمع على «فعال» مثل رمح ورماح. والذى فى اللسان والقاموس أن الظّلام، بكسر الظاء، مرادف للظّلم. (¬2) الآية الرابعة من سورة التحريم. (¬3) سورة الأعراف 23. (¬4) سبق تخريجه فى المجلس الثانى، مع فرق فى الرواية. (¬5) وهذا أيضا والذى بعده سبقا فى المجلس المذكور.

القذف: البعيد. والمرت: الذى لا ينبت مرعى، وقيل: الخالى من الحيوان. ... ذكر أبو العباس محمد بن يزيد فى المقتضب (¬1)، هذا البيت: فأصبحوا والنّوى عالى معرّسهم … وليس كلّ النّوى يلقى المساكين ذكره شاهدا على إضمار الشأن والحديث فى «ليس» فنصب «كلّ النوى» بيلقى، فخلت لذلك الجملة من ضمير ظاهر أو مقدّر، يعود على مرفوع «ليس» لأن ضمير الشأن لا يعود عليه من الجملة المخبر بها عنه ضمير؛ لأن هذا المخبر عنه هو الخبر فى المعنى، وإنما يلزم أن يعود على المخبر عنه ضمير من الجملة المخبر بها عنه إذا كان/الخبر غير المخبر عنه، كقولك: ليس زيد يكرمه أخوك، فقولك: «يكرمه أخوك» حديث عن زيد، والحديث غير المحدّث عنه. ولو رفعت «كلّ النّوى» بليس لزمك أن تقدّر ضميرا يعود إليه من الجملة، تريد: وليس كلّ النّوى يلقيه المساكين، وحذف الضمير العائد من الخبر إلى المخبر عنه ضعيف، مباين لحذف العائد من الصّفة إلى الموصوف، وقد أشبعت القول فى هذا فيما تقدّم (¬2). وهذا البيت لحميد بن مالك الأرقط، وكان معدودا فى بخلاء العرب، ونزل به قوم فأطعمهم تمرا، وقال: ¬

(¬1) الجزء الرابع ص 100، والكتاب 1/ 70،147، وشرح أبياته 1/ 175، والأصول 1/ 86، والحلبيّات ص 257،263، والتبصرة ص 193، وشرح الكافية الشافية ص 407، وشرح ابن عقيل 1/ 245، وشرح الأشمونى 1/ 239، والخزانة 9/ 270. وسيأتى فى كلام ابن الشجرى نسبة البيت وشرحه. وانظر العقد الفريد 6/ 187،303. (¬2) فى المجلسين: الأول، والمتمّ الأربعين.

باتوا وجلّتنا البرنيّ بينهم … كأنّ أنيابهم فيها السّكاكين (¬1) فأصبحوا والنّوى عالى معرّسهم … وليس كلّ النّوى يلقى المساكين المعرّس: المنزل الذى ينزله المسافر آخر الليل، والتّعريس: النزول فى ذلك الوقت، يقول: أصبحوا وقد غطّى النّوى لكثرته على منزلهم، فى زمان لا يلقى فيه المساكين أكثر النّوى، ولكنهم يأكلونه من الجهد والجوع. ومن شعره الذى استدلّ به على بخله قوله يذكر ضيفا نزل به: أتى يخبط الظّلماء واللّيل دامس … يسائل عن غير الذى هو آمل (¬2) فقلت لها قومى إليه فيسّري … طعاما فإنّ الضيف لا بدّ نازل يقول وقد ألقى مراسيه (¬3) … للقرى أبن لي ما الحجّاج بالناس فاعل ¬

(¬1) جلّة التمر: الوعاء. والبرنى: نوع من أجود أنواع التمر. وحكى الفيومى، فى المصباح عن السّهيلىّ، أنه أعجمىّ، ومعناه بالفارسية: حمل مبارك، وقال: بر: حمل، ونى: جيد. وذكره الشهاب الخفاجى، فى شفاء الغليل ص 49، ولم يذكره الجواليقى. (¬2) شروح سقط الزند ص 535، وفصل المقال ص 497، وتعليق من أمالى ابن دريد ص 144، وجمهرة الأمثال 1/ 73، والدرّة الفاخرة 1/ 312، ومجمع الأمثال 2/ 43، وثمار القلوب ص 102، والعقد الفريد 6/ 187،302، وسرح العيون ص 378، وديوان المتنبى 3/ 260، واللسان (بقل). والبيتان الأخيران فى المعارف ص 611. والأبيات الستّة نسبها البغدادىّ فى الخزانة 4/ 254،255، إلى مسكين الدارمىّ، وعنها ديوانه ص 57، ولا تصحّ نسبتها له. والبيتان الأخيران نسبهما الجاحظ فى البيان 1/ 6، إلى حميد بن ثور الهلالى، رضى الله عنه. وعن البيان أدرجهما العلاّمة عبد العزيز الميمنى رحمه الله فى ديوان حميد ص 117، وصحّحه شيخنا عبد السلام هارون، رحمه الله، فى استدراكاته على الديوان ص 173. ولهذا الشعر علاقة ببيت تقدم فى المجلس السابع والخمسين «أعاما وقابله». (¬3) هكذا «مراسيه» فى الأمالى والخزانة. وفيه من الضرورة تسكين الياء، وحقّها النصب. ومثله قول رؤبة: سوّى مساحيهنّ تقطيط الحقق وتقدم فى المجلس السادس عشر. والرواية فى الدرة الفاخرة «مراسى» وكذلك فى فصل المقال، وفى شروح السقط: «المراسى». فأعطى الإعراب والوزن حقّهما.

قوله: «ألقى مراسيه» أى ألقى أثقاله، وثبت كلّ الثّبات، والرّسوّ: الثّبات بثقل، ومنه قيل للجبال: الرّواسى. والمراسى: جمع المرسى، وأصل المرسى للسفينة، وهو الذى يكون من حديد، ويسمّى الأنجر، يشدّ بطرف حبل ويلقى فى البحر ليمنع السفينة من السّير، فترسو به. فقلت لعمرى ما لهذا طرقتنا … فكل ودع الحجّاج ما أنت آكل /سؤاله عن الحجّاج هو الذى عناه بقوله: يسائل عن غير الذى هو آمل وقوله: «طرقتنا» أراد أتيتنا ليلا. أتانا ولم يعدله سحبان وائل … بيانا وعلما بالذي هو قائل فما زال عنه اللّقم حتى كأنّه … من العيّ لمّا أن تكلّم باقل أراد أنه امتلأ من الطعام حتى كسبته الكظّة العيّ، وهذا كقولهم: «البطنة تذهب الفطنة (¬1)» ولمّا بدأه الضيف بالحديث، وسأله عن الحجّاج طلبا للاستئناس قطع عليه كلامه بقوله: ما لهذا طرقتنا، فكل ودع الحجّاج، وهذا منه نهاية فى البخل؛ لأن محادثة الضيف من دلائل الكرم، وقد مدحوا بذلك وتمدّحوا به، فمن المدح قول الشّماخ (¬2): إنّك يا ابن جعفر نعم الفتى … ونعم مأوى طارق إذا أتى ¬

(¬1) مجمع الأمثال 1/ 106، وقال الحافظ شمس الدين السخاوى: «هو بمعناه عن عمرو بن العاص وغيره من الصحابة فمن بعدهم» المقاصد الحسنة ص 145،146، وأيضا ص 124،125، وانظر قولا آخر لعمرو، فى ذم البطنة، فى شرح المقامات 2/ 186. (¬2) ديوانه ص 464 - 467، وتخريجه فيه. وابن جعفر: هو عبد الله بن جعفر الطيار بن أبى طالب.

وربّ ضيف (¬1) … طرق الحيّ سرى صادف زادا وحديثا ما اشتهى إنّ الحديث طرف من القرى ومن التمدّح قول عقبة بن مسكين الدارميّ (¬2). لحافى لحاف الضّيف والبيت بيته … ولم يلهنى عنه غزال مقنّع أحادثه إنّ الحديث من القرى … وتعلم نفسى أنه سوف يهجع وضربت العرب بباقل المثل فى العيّ والفهاهة، فقالوا: «أعيا من باقل» كما ضربوا بسحبان وائل المثل فى البلاغة والخطابة، فقالوا: أبلغ من سحبان وائل (¬3)» ووائل: بطن من باهلة، وباقل: أحد بنى قيس بن ثعلبة، وقيل: هو من بنى مازن، وممّا يؤثر عنه أنه شرى ظبية بأحد عشر درهما، فقيل له: بكم شريت الظبية؟ ففتح كفّيه وفرق أصابعه، وأخرج لسانه، يريد أحد عشر، فأفلتت الظبية فعيّروه بذلك، فقال: يلومون فى حمقه باقلا … كأنّ الحماقة لم تخلق (¬4) فلا تكثروا العذل فى عيّه … فللعيّ أجمل بالأحمق ¬

(¬1) قيّده البغدادىّ تقييدا غريبا، فقال: «وقوله وربّ ضيف، هو بفتح الراء وضمّ الباء عطف على نعم» الخزانة 4/ 254، وقال شيخنا عبد السلام هارون، رحمه الله: أى على فاعل نعم، والوجه أن يكون «ربّ ضيف». قلت: وهو الذى فى الديوان ومراجعه كلها، ويؤكده تفسير المرزوقى، قال: «فيقول: ربّ ضيف أتى الحىّ راجيا وجود القرى عنده أنزلته فصادف فى فنائك زادا عتيدا، وحديثا مؤنسا. . .» شرح الحماسة ص 1751. (¬2) وينسب أيضا لمسكين الدارمى، ولعروة بن الورد، ولطفيل الغنوى، ولغيرهم. راجع ديوان مسكين ص 51،76، وديوان طفيل ص 103، والبيان والتبيين 1/ 10، وشرح الحماسة ص 1719، وبهجة المجالس 1/ 296، والخزانة 4/ 251. (¬3) الدرّة الفاخرة ص 90،311، وسيعيد ابن الشجرى الكلام على «باقل» فى المجلس الثانى والثمانين. (¬4) المحاسن والمساوئ للبيهقى 2/ 432، وبهجة المجالس 1/ 551، وشرح المقامات 2/ 222.

خروج اللّسان وفتح البنان … أحبّ إليّ من المنطق قال أبو الفتح عثمان فى قول أبى الطيّب (¬1): من لى بفهم أهيل عصر يدّعى … أن يحسب الهنديّ فيهم باقل فى هذا البيت شيء يمكن أن يتعلّق به عليه، وذلك أنّ باقلا لم يؤت من سوء حسابه، وإنما أتى من سوء عبارته، فكان ينبغى أن يذكر مع سوء العبارة الخطابة والفصاحة، لأنّ سوء العبارة والفصاحة ضدّان، ولا يذكر مع عيّ اللسان جودة الحساب؛ لأنهما ليسا ضدّين، ولو قال: أن يفحم الخطباء فيهم باقل ونحو ذلك، كان أسوغ. وقال من (¬2) ردّ على ابن جنّى: ليس الأمر كما قال، فإنّ باقلا كما أتى من سوء البيان أتى من الجهل بعقد البنان، فإنه لو ثنى (¬3) من سبّابته وإبهامه دائرة، ومن خنصره عقدة، لم تفلت منه الظّبية، فقد صحّ قوله فيما نسبه إليه من الجهل بالحساب. وأقول: إنّ أبا الطيّب إنما ذكر حساب الهند؛ لأنه مما يعزب لدقّته عن كثير من الأفهام الجليّة والقلوب الذكيّة، وباقل كان فى الطبقة العليا من البلادة، والحساب الهنديّ يتعذّر فهمه على العربيّ الذكيّ، فكيف البليد منهم العيىّ (¬4)! ... ¬

(¬1) ديوانه 3/ 260، ونقدة المتنبى يعيبون عليه شيئا آخر فى هذا البيت، وهو تصغير «أهل» فهو مسترذل هنا. راجع الرسالة الموضحة ص 33، ورسالة الغفران ص 346، والصبح المنبى ص 390. (¬2) هو أبو الحسن الواحدىّ، فى شرحه على المتنبى ص 271، وجاء التصريح بنسبة هذا الردّ إليه فى شرح الديوان المنسوب إلى العكبرى، الموضع المذكور فى تخريج البيت. وانظر دراستى ص 153. (¬3) فى الواحدى والشرح المنسوب للعكبرى: بنى. (¬4) فى د: الغبىّ.

قال أبو عليّ فى الحجّة، فى قول الله سبحانه: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً وَالسَّماءَ بِناءً} (¬1): لمّا كان البناء رفعا للمبنيّ قوبل بالفراش، الذى هو خلاف البناء، ومن ثمّ وقع البناء على ما فيه ارتفاع فى نصبته، وإن لم يكن مدرا، كقول الشاعر (¬2): - ¬

(¬1) سورة البقرة 22، وجاء فى النسختين من الأمالى: «هو الذى» بإقحام «هو» وليست فى التلاوة. وكذلك لم ترد فى استشهاد ابن سيده فى المخصص 5/ 122، وحكى كلام أبى علىّ كلّه، من غير تصريح به، ومعروف أن ابن سيده كثير الإناخة على أبى علىّ. (¬2) هو أبو مارد الشّيبانى-جاهلى. والبيت ضمن ثمانية أبيات فى أمثال مؤرّج ص 104 - وقد دلّنى على هذا الموضع شيخى أبو فهر، حفظه الله، وهو موضع عزيز-وضمن ستة أبيات، وبدون نسبة فى الشعر والشعراء ص 102. وتراه أيضا فى البخلاء ص 214، والحيوان 5/ 461، والمعانى الكبير ص 894، وشرح المفضليات ص 614، وشرح القصائد السبع ص 125، والسّمط ص 23، والخصائص 1/ 38، والصاهل والشاحج ص 540، والمخصص-الموضع السابق. واللسان (خضض- بنى). ومعنى البيت فيما ذكر أبو العلاء: «أى لو جاء المطر واتّصل لرعت الخيل النّبت فقويت على الغزو والغارة، فأغرنا على الرئيس صاحب القبّة، فاحتاج لأخذنا قبّته أن يتخذ بجادا خلقا على عمودين يستتر به ويستظلّ». وانظر مزيد شرح فى اللسان (بنى). وهذه تنبيهات حول البيت وروايته: أولا: روى محرّفا فى الشعر والشعراء لو وصل الغيث أبناء امرئ وروى محرفا أيضا فى اللسان (خضض): لو وصل الغيث لأندى امرئ. ثانيا: روى فى السّمط: لو وصل الغيث لأبنين امرأ بزيادة اللام-ولم ينبّه عليه العلاّمة الميمنى-وهو خطأ قديم، أقدم من البكرى. وقد نبّه عليه أبو العلاء، رحمه الله، فقال فى الصاهل: «وبعض أهل العلم ينشد هذا البيت: لو وصل الغيث لأبنين امرأ وكذلك ذكره أبو عمر فى (كتاب اليواقيت) وهو خطأ لا محالة، وإنما يفعل ذلك من لا معرفة له بعلم الأوزان؛ لأنه يرى الوزن وقد نفرت منه الغريزة، فيجذبه بطبعه إلى ما يألف. ألا ترى أن قوله: لو وصل الغيث لأبنين امرأ هو نصف الرجز التامّ، تقبله الغريزة بلا إنكار؟ إلاّ أنه إذا فعل به ذلك بعد شكله من النصف الثانى». انتهى كلام المعرّى. ويريد أن البيت كلّه من مجزوء البسيط المذيّل، بشرط إسقاط اللام من «لأبنين» ومن هذا الوزن ما ينشده العرضيّون:

لو وصل الغيث أبنين امرأ … كانت له قبّة، سحق بجاد /أى جعلن بناءه بعد القبّة خلق كساء، كأنه كان يستبدل بالقبّة سحق كساء، لإغارة الخيل عليه. انتهى كلامه. وأقول: البجاد: كساء مخطّط. والسّحق: البالى. ويقال: بنيت خباء، أى رفعته، وأبنيت زيدا خباء، تعدّى بالهمزة إلى مفعول ثان. والضّمير فى «أبنين» ضمير خيل قد تقدّم ذكرها، أو هو إضمار لها قبل الذّكر؛ لأنّ عود الضمير إلى معلوم قد تقرّر فى النفس، وارتفع فيه اللبس، جائز كما جاء فى التنزيل: {ما تَرَكَ عَلَيْها مِنْ دَابَّةٍ} (¬1) و {إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} (¬2) وكما أعاد حميد بن مالك الضمير إلى امرأته، ولم يجر لها ذكر، فى قوله (¬3): فقلت لها قومى إليه فيسّرى. طعاما. . . . وقوله: «سحق بجاد» مفعول ثان لأبنين، أى جعلنه له بناء. ¬

= إنّا ذممنا على ما خيّلت سعد بن زيد وعمرا من تميم ثالثا: تردّد بعض المحقّقين فى وزن البيت بين مجزوء الخفيف، ومجزوء البسيط، ولا وجه لهذا التردّد كما ترى. رابعا: يروى «أبنين» على أن الفاعل ضمير الخيل. و «أبنينا» على أنه الشاعر وقومه. ومال إلى هذا العلاّمة الميمنىّ، مع أن الرواية الأخرى هى الأشيع، وفسّر عليها ابن جنى، فقال: «فنسب ذلك البناء [الإبناء] إلى الخيل، لما كانت هى الحاملة للغزاة الذين أغاروا على الملوك». خامسا: قوله «سحق بجاد» من إضافة الصفة إلى الموصوف، وأصله: بجادا سحقا، أى كساء باليا، ومثله «سحق عمامة»، و «سحق البرد». وراجع الخزانة 7/ 209. والحمد لله فى الأولى والآخرة. (¬1) سورة النحل 61. (¬2) أول سورة القدر. (¬3) الذى تقدّم قريبا.

ومعنى قوله: «لو وصل الغيث» أن الغيث وقع فى أرض دون أرض، من المسافة التى بين الخيل وبين من أرادت الإغارة عليه، فلم يكن للخيل مرعى يوصلها إلى المكان الذى تريده. ... سألنى سائل فقال: ما العامل فى الظرفين، من قولهم: «بينما زيد إذ جاء عمرو»؟ ما هذان الظرفان؟ فأجبت بأن الأكثر في الكلام أن يقال: بينما زيد جاء عمرو، فلذلك جعل بعض النحويّين «إذ» هاهنا زائدة، فزيد رفع بالابتداء، وخبره محذوف يجوز إظهاره، فالتقدير: بينما زيد حاضر، أو فى الدار، أو خلف بكر، أو نحو ذلك، فالعامل فى «بينما» الفعل المذكور، وممّا جاء على إسقاط «إذ» وإظهار الخبر قول الشاعر (¬1): بينما نحن بالبلاكث فالقا … ع سراعا والعيس تهوى هويّا خطرت خطرة على القلب من ذك‍ … راك وهنا فما استطعت مضيّا وممّا جاء على حذف الخبر وإثبات «إذ» قول الآخر: استقدر الله خيرا وارضينّ به … فبينما العسر إذ دارت مياسير (¬2) ¬

(¬1) هو كثير. وقيل: أبو بكر بن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة. ديوان كثيّر ص 538 (الأبيات المنسوبة)، وشرح الحماسة للتبريزى 3/ 218، ومعجم الشواهد ص 428. و «بلاكث» اسم لموضعين، أحدهما فوق خيبر، من طريق مصر، والثانى بين غزّة ومدين، على طريق مصر أيضا. معجم ما استعجم ص 271،276، وأنشد فى الموضع الثانى البيتين منسوبين إلى أبى بكر بن عبد الرحمن. و «القاع» اسم لعدّة مواضع. (¬2) نسب هذا البيت إلى حريث بن جبلة، وإلى ثلاثة شعراء آخرين، وتراه مع أبيات أخر فى قصّة صالحة للمذاكرة، فى كتب الأخبار والأدب واللغة والنحو، وحسبك: الكتاب 3/ 528، وشرح أبياته 1/ 361 (فى سياق شاهد آخر من القصيدة)، وسرّ صناعة الإعراب ص 255، والمغنى ص 83، وشرح أبياته 2/ 168، وعيون الأخبار 2/ 305، والموفقيات ص 632، والمعمّرون ص 52، وأمالى القالى 2/ 181، ودرّة الغوّاص ص 73، ونزهة الألباء ص 27،28 (ترجمة أبى عمرو بن العلاء)، وأسد الغابة 3/ 541 (ترجمة عبيد بن شريّة). ثم انظر حواشى العلاّمة الميمنىّ فى السّمط ص 800.

/وصواب هذا [الكلام (¬1)] عندى الحكم بزيادة «إذ» لأنّك لو جعلتها غير زائدة (¬2) أعملت فيها الخبر مذكورا أو مقدّرا، وهى مضافة إلى الجملة الفعلية (¬3)، التى هى «جاء» وفاعله، وهذا الفعل هو الناصب لبينما، فإذا قدّرت «إذ» مضافة إليه وهى على بابها غير زائدة، بطل إعماله فى «بينما» لأن المضاف إليه كما لا يصحّ إعماله فى المضاف، كذلك لا يصحّ أن يعمل فيما قبل المضاف، ألا ترى أنهم لم يجيزوا فى قولهم: أنت مثل ضارب زيدا، تقديم زيد، فيقولوا: أنت زيدا مثل ضارب. وأما قولك: ما هذان الظرفان؟ فإنّ «بين» فى أصل وضعه ظرف مكان، والمراد به هاهنا الزمان، كما أن «عند» موضوعة للمكان، وقد استعملوها للزمان، كقوله: عند الصّباح يحمد القوم السّرى (¬4) ¬

(¬1) ليس فى د. (¬2) حكاه ابن هشام والسّيوطىّ عن ابن الشجرى. المغنى ص 83، والهمع 1/ 204،206. (¬3) جاء بهامش الأصل حاشية من كلام تاج الدين الكندى، هذا نصّها: «يتلو هذا البيت-يريد البيت السابق-: وبينما المرء فى الأحياء مغتبط إذا هو الرمس تعفوه الأعاصير جاءت فيه «إذا» كما جاءت فى الذى قبله، وكلاهما زائد، والخبر فى الثانى مذكور، و «إذا» فيه مضافة إلى الجملة الابتدائية، والألف فى «بينا» إشباع، وليست ألف «ما» المحذوفة ميمها، وتليها الجمل من الاسم والفعل؛ ولأنها تكون ظرفا من الزمان أضيفت إلى الجمل، ولا بدّ فى «بين» من أن يضاف إلى أكثر من واحد، التقدير: بين أحوال كذا وكذا، ليصحّ المعنى، واستمرّ الحذف فيها لكثرة استعمالها، وفى استعمال «إذ وإذا» معها شبه من معنى المفاجأة، وإنما تقع «إذ» فى موضع «إذا» هاهنا، وفى غيره أيضا لاجتماعهما فى الإبهام». (¬4) من رجز ينسب لخالد بن الوليد، رضى الله عنه، ولغيره. الفاخر ص 193، وفصل المقال ص 254،334، وجمهرة الأمثال 2/ 42، ومجمع الأمثال 2/ 3، والمستقصى 2/ 168، والحيوان 6/ 508. وانظر شعر الأغلب العجلى (شعراء أميون) 2/ 177، فالرجز ينسب إليه أيضا.

وقد حذفوا الميم من «بينما» فى الشّعر، وهو من أقبح الضّرورات، كقوله: فبيناه يشرى رحله قال قائل … لمن جمل رخو الملاط نجيب (¬1) أراد: فبينما هو، فحذف ميم «ما» وواو «هو» كما حذف الآخر ياء «هى» فى قوله: دار لسعدى إذه من هواكا (¬2) شبّهوا الواو والياء المتحرّكتين الأصليتين بالواو والياء الساكنتين الزائدتين، / فى نحو: لقيتهو، ومررت بهى، وخذوهو، وإليهى. فالهاء فى قوله «فبيناه» مبتدأ، وخبره «يشرى رحله» ولم يأت بإذ التى استعملها الآخر فى قوله: فبينما العسر إذ دارت مياسير و «يشرى رحله»: يبيعه، يقال: شريت الشىء: إذا اشتريته، وإذا بعته. والملاط: العضد. ... ¬

(¬1) ينسب للعجير السّلولىّ، وللمخلّب الهلالىّ. الكتاب 1/ 32 (الحاشية) وشرح أبياته 1/ 332، بقافية «طويل»، والقوافى للأخفش ص 51،52، والأصول 3/ 439،460، والتكملة ص 31، والعسكريات ص 199، وإيضاح شواهد الإيضاح ص 396، والخصائص 1/ 69، والإنصاف ص 512، وشرح المفصل 1/ 68،3/ 96، وضرورة الشعر ص 47،111، وضرائر الشعر ص 126، وشرح الجمل 2/ 23، واللسان (هدبد-ها) 4/ 446،20/ 366، والخزانة 5/ 257، وفهارسها. والشاعر يشبّه حاله فى هوى محبوبته وشدّة وجده بها، وما ورد عليه من السرور بلقياها بعد ما كابد من الحزن والأسى، بحال رجل ضلّ بعيره، فيئس منه، وجعل يبيع رحله ومتاعه، فبينا هو كذلك إذ سمع مناديا يبشّر به، ويعرّفه. (¬2) الكتاب 1/ 27، والأصول 3/ 461، والعسكريات ص 199، والتكملة ص 30، وإيضاح شواهد الإيضاح ص 394، والخصائص 1/ 89، والإنصاف ص 680، والفصول الخمسون ص 274، وشرح المفصل 3/ 97، وضرورة الشعر ص 111، وضرائر الشعر ص 126، وشرح الجمل 2/ 23، 588، والخزانة 2/ 5،5/ 264، وفهارسها. وانظر حواشى المحققين.

مسألة المعلم والمعلمة زيد عمرا خير الناس إياه أنا

مسألة المعلم والمعلمة زيد عمرا خير الناس إيّاه أنا (¬1) الجواب: أن المعلم مبتدأ، والمعلمة معطوف عليه، وهو يقتضى اسما فاعلا، ويقتضى التّعدّى إلى ثلاثة مفعولين، كما يقتضى ذلك فعله الذى هو أعلم، فزيد فاعله، والهاء المفعول الأول، وعمرا الثانى، وخير الناس الثالث، وإيّاه ضمير مصدره، الذى هو الإعلام، أضمره وإن لم يجر له ذكر، لأن المصدر (¬2) يحسن إضماره إذا ذكر فعله أو اسم فاعله، فمثال إضماره بعد ذكر فعله، فى التنزيل قوله تعالى: {وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ} (¬3) التقدير: البخل خيرا لهم، فحذف البخل وأضمره لدلالة {يَبْخَلُونَ} عليه، وهذا الضمير هو الذى يسمّى فصلا، ويسمّى عمادا، فلا موضع له من الإعراب، ومثال إضمار المصدر لدلالة اسم الفاعل عليه قول الشاعر: إذا نهي السّفيه جرى إليه … وخالف والسّفيه إلى خلاف (¬4) وقولك «أنا» خبر المبتدأ الذى هو المعلم، والمعلمة وإن كان عطفا على المعلم فإنه هو المعلم، لأنه وصف له، فلذلك كان «أنا» خبرا عنهما معا، فالتقدير: المعلم (¬5) المعلمة زيد عمرا خير الناس أنا. ¬

(¬1) حكى هذه المسألة عن ابن الشجرى: السّيوطىّ فى الأشباه والنظائر 3/ 169، وأصلها عند المبرد فى المقتضب 3/ 124 - 126. وانظر شرح الكافية 3/ 47. ومثل هذه المسألة يراد بها التدريب والتمرين، فلا ينبغى أن تتّخذ سببا للطعن فى النحو والنحاة. (¬2) فى الأصل «الفاعل» خطأ، وصوابه فى د، والأشباه. (¬3) سورة آل عمران 180. وجاء فى الأصل «تحسبن» بالتاء الفوقية، وجاء فى د يَحْسَبَنَّ بالياء التحتية. وتقدم الحديث عنهما فى المجلس الثامن والثلاثين. (¬4) فرغت منه فى المجلس العاشر. (¬5) فى د: «والمعلمة» بإقحام الواو. ولم ترد فى الأشباه، وهو صواب الكلام.

ومثل ذلك قولك: القائم والواضع يده على رأس زيد جعفر، جئت بخبر واحد، لأن المعنى: الذى قام ووضع يده على رأس زيد جعفر، فهذا يحسن فى أسماء الفاعلين وغيرها من الصفات، والأغلب أن يكون/هذا مع تكرير الصّفات كقولك: زيد الظريف والعاقل، الكريم، ومنه قول ابن زيّابة (¬1). يا لهف زيّابة للحارث … الصّابح فالغانم فالآيب فقوله: «للحارث الصابح فالغانم فالآيب» عبارة عن شخص واحد. ... ¬

(¬1) شاعر جاهلى، واختلف فى اسمه، فقيل: سلمة بن مالك بن ذهل، وقيل غيره. راجع ألقاب الشعراء ومن يعرف منهم بأمّه (نوادر المخطوطات) 2/ 320، ومعجم الشعراء ص 15، والسّمط ص 504، والخزانة 5/ 107،11/ 5. وقيل: إن «زيابة» اسم أبيه لا أمّه. و «زيابة» اسم مرتجل، من الأزيب، وهو النشاط. المبهج ص 51. وانظر الشاهد-مع المراجع السابقة-فى: شرح الحماسة للمرزوقى ص 147، وللتبريزى 1/ 142، والكشاف 1/ 133، وتفسير القرطبى 15/ 62، والمغنى ص 163، وشرح أبياته 4/ 30. و «الحارث» هو الحارث بن همّام بن مرّة الشيبانى.

المجلس السادس والستون لولا: حرف وضع لمعنيين

المجلس السادس والستّون لولا: حرف وضع لمعنيين ، أحدهما: التّحضيض، والآخر: امتناع الشىء لوجود غيره. فالموضوع للتّحضيض مختصّ بالفعل، ماضيا ومستقبلا، وظاهرا ومقدّرا، تقول: لولا أكرمت زيدا، ولولا تكرم جعفرا، كما جاء فى التنزيل: {فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ} (¬1) و {لَوْلا يَنْهاهُمُ الرَّبّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ} (¬2). وقال بعض النحويين: إنّ «لولا» هذه قد استعملت للتوبيخ (¬3)، كقوله تعالى: {لَوْلا جاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ} (¬4) ومثال تقدير الفعل بعدها، أن يقول لك: جئتك ماشيا، فتقول: فلولا راكبا، تريد: فلولا جئت راكبا، وكذلك إذا قال: سأعطى زيدا، فقلت: فلولا محمدا، أردت: فلولا تعطى محمدا، قال الأشهب بن رميلة: تعدّون عقر النّيب أفضل مجدكم … بنى ضوطرى لولا الكميّ المقنّعا (¬5) ¬

(¬1) سورة التوبة 122. (¬2) سورة المائدة 63. وانظر دراسات لأسلوب القرآن الكريم 2/ 690 - 696، ورحم الله مؤلفه رحمة واسعة سابغة، فقد دلّ الناس على علم كثير. ثم انظر المقتضب 3/ 76. (¬3) يقول ابن مالك عن حروف التحضيض (هلاّ وألا ولولا ولوما): «وقلّما يخلو مصحوبها من توبيخ». التسهيل ص 244، وقصر ابن هشام استخدام «لولا» فى التوبيخ على الماضى، وذكر الرضىّ أن معناها إذا دخلت فى الماضى التوبيخ واللوم على ترك الفعل، لكنه قال أيضا: «وقلّما تستعمل فى المضارع أيضا إلاّ فى موضع التوبيخ واللوم على ما كان يجب أن يفعله المخاطب قبل أن يطلب منه». المغنى ص 274، وشرح الكافية 4/ 442،443، وانظر مراجع تخريج البيت التالى. (¬4) سورة النور 13. (¬5) فرغت منه فى المجلس الخامس والثلاثين، وزد على ما ذكرته هناك: حروف المعانى للزجاجى ص 4، والأزهية ص 177، وشرح الحماسة ص 1221.

أراد: لولا تعدّون (¬1) الكميّ، أى ليس فيكم كميّ فتعدّوه. والضرب الآخر، يدخل على جملتين؛ فيربط إحداهما بالأخرى، ويجعل الثانية جوابا للأولى، فالأولى منهما مبتدأ وخبر، والثانية فعل وفاعل، ويحتاج إلى اللام فى الجواب، كاحتياج «لو» إليها فى نحو: لو جئتنى لأكرمتك، تقول: لولا زيد لجئتك، فزيد رفع بالابتداء، وخبره محذوف لعلم السامع به، تقديره: لولا زيد حاضر أو عندك، أو نحو ذلك ممّا يعرفه المخاطب، لجئتك. وجعل سيبويه أصل المسألة (¬2): زيد بالبصرة خرج عمرو، فلا تعلّق لإحدى الجملتين بالأخرى، فإذا/دخلت «لولا» علّقت أحد الكلامين بالآخر، فقلت: لولا زيد لخرج عمرو، حذفوا الخبر حين فهم المعنى مع كثرة الاستعمال. وأقول: إنّ خبر المبتدأ بعد «لولا» قد ظهر فى قوله تعالى: {وَلَوْلا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ} (¬3) وكذلك {وَلَوْلا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ} (¬4) وربّما جاء بعدها مكان المبتدأ الفعل والفاعل، لاستواء هاتين الجملتين فى المعنى، ألا ترى أن قولك: زيد قام، وقام زيد، معناهما واحد، قال الجموح أحد بنى ظفر، من سليم بن منصور: لا درّ درّك إنّى قد رميتهم … لولا حددت ولا عذرى لمحدود (¬5) - ¬

(¬1) قدّره ابن هشام، «لولا عددتم» وأورد عليه كلاما، انظره فى الموضع السابق من المغنى، وراجع الخزانة 3/ 56. (¬2) لم أعرف موضعه فى الكتاب، لكنّ سيبويه ذكر شيئا قريبا منه فى 2/ 129. (¬3) سورة النساء 83. (¬4) السورة نفسها 113. وقد تعقب ابن هشام ابن الشجرى فى ظهور خبر المبتدأ بعد «لولا» بما ذكرته فى دراستى ص 62، وانظر دراسات لأسلوب القرآن الكريم 2/ 678،680،681. (¬5) البيت من قصيدة للجموح فى شرح أشعار الهذليين ص 871 (فى يوم نبط، وهو يوم ذات البشام) وذكر ابن برى أن البيت ينسب أيضا لراشد بن عبد ربه السلمى. التنبيه والإيضاح 2/ 164. و «راشد بن عبد ربه» هذا صحابىّ جليل، وكان اسمه غويّا أو غاويا، فسمّاه النبىّ صلّى الله عليه وسلم راشدا. الإصابة 2/ 434.

أى لولا الحدّ والحرمان (¬1). وقال الفرّاء وغيره من الكوفيّين: لولا ترفع ما بعدها (¬2)، لانعقاد الفائدة بها. قال أبو سعيد: والصحيح ما قاله سيبويه: ألا ترى أن الفعل قد وقع بعدها في قول الجموح: «لولا حددت» وكلّ حرف يليه الاسم والفعل، فما بعده رفع بالابتداء، نحو إنما وكأنما، وهل وألف الاستفهام. وأقول: إن الاحتجاج لسيبويه بوقوع الفعل بعدها ضعيف؛ لأنه لم يسمع إلاّ فى البيت الذى تقدّم ذكره، والوجه فى الاحتجاج لسيبويه: أننا لم نر حرفا (¬3) يرفع اسما إلاّ وهو ينصب آخر، كأنّ وأخواتها، و «لا» في نحو: لا رجل أفضل منه. ¬

= والبيت الشاهد فى الأزهية ص 179، وشرح القصائد السبع ص 551، والمخصص 15/ 190، والإنصاف ص 73، والمساعد 3/ 224، وشرح المفصل 8/ 146، والخزانة 1/ 462،11/ 247، واللسان (عذر). وقوله «درّك» يضبط فى بعض هذه الكتب بفتح الكاف، والصواب الكسر، لأن قبل البيت: قالت أمامة لمّا جئت زائرها هلاّ رميت ببعض الأسهم السّود وأمامة: امرأته. وقوله: «حددت» أى حرمت ومنعت. والعذرى مقصورا: المعذرة. (¬1) هاهنا بهامش الأصل حاشية لم أتبيّن منها إلاّ هذا الذى تراه: «إنه ليس فى هذا البيت. . . لا درّ درّك، لمن يدّعى جواز وقوع الفعل بعد «لولا» التى يلزمها المبتدأ؛ لأن «لا» هذه هى التى تقع موقع «لم» نحو قوله تعالى: فَلا صَدَّقَ وَلا صَلّى، وقول الشاعر: وأىّ عبد لك لا ألمّا وليست المركبة مع «لو» التى يمتنع بها الشىء لوجود غيره، ومن تأوّل البيت على غير هذا فقد تعسّف». قلت: ووقوع «لا» موقع «لم» عالجه ابن الشجرى فى المجالس: الثانى والعشرين، والخامس والخمسين، والسابع والستين. (¬2) على أنها نائبة مناب الفعل. (¬3) هذا الاحتجاج لسيبويه منتزع من كلام أبى على، فى كتاب الشعر ص 66.

/ولا كريم من الولدان مصبوح (¬1) و «ما» فى لغة أهل الحجاز، فهذه حجّة لمذهب سيبويه، قاطعة بصحّته وإذا أتيت بالمضمر (¬2) بعد «لولا» فالوجه أن تأتى بالمرفوع المنفصل، كقولك: لولا أنا، ولولا أنت، ولولا نحن، كما جاء فى التنزيل: {لَوْلا أَنْتُمْ لَكُنّا مُؤْمِنِينَ} (¬3). وإن شئت جئت بالمتّصل المخفوض فقلت: لولاك ولولاى، ولولاكم، قال يزيد ابن الحكم الثّقفي: وكم موطن لولاى طحت كما هوى … بأجرامه من قلّة النّيق منهوى (¬4) وقال آخر: لولاك ما صمنا ولا صلّينا (¬5) ¬

(¬1) صلته: وردّ جازرهم حرفا مصرّمة فى الرأس منها وفى الأصلاب تمليح إذا اللقاح غدت ملقى أصرّتها ولا كريم من الولدان مصبوح وينسبان لحاتم الطائى، ولأبى ذؤيب. والصحيح أنهما لرجل من النّبيت-حىّ من الأنصار-واسمه عمرو بن مالك بن الأوس. ديوان حاتم ص 311، وتخريج الشعر فيه. وانظر أيضا: الأصول 1/ 385، والموجز ص 53، والبصريات ص 492، والإيضاح ص 240، وإيضاح شواهده ص 271، وشرحه: المقتصد ص 803، وشرح أبيات سيبويه 1/ 573، والتبصرة ص 392، والخزانة 4/ 68، استطرادا. (¬2) عقد ابن الشجرى فصلا فى وقوع المضمر بعد «لولا»، فى المجلس السابع والعشرين. (¬3) سورة سبأ 31. (¬4) القصيدة التى منها هذا الشاهد تقدّمت فى المجلس المذكور، وانظر هذا فى الكتاب 2/ 374، وشرح أبياته 2/ 202، ومعانى القرآن 2/ 85، والمقتضب 3/ 73، والخصائص 1/ 473، والمنصف 1/ 72، والخزانة 5/ 336، وغير ذلك كثير، مما تراه فى تخريج المسألة فى المجلس السابع والعشرين. (¬5) هكذا، والمحفوظ: والله لولا الله ما اهتدينا ولا تصدّقنا ولا صلّينا وروى: لا همّ لولا أنت ما اهتدينا

واختلف النحويّون فى المتصل هاهنا، فزعم الخليل وسيبويه أنه مخفوض، لأن لفظه لفظ الضمير المخفوض. وقال الأخفش والفرّاء: إنه ضمير خفض، استعير للرفع، كما استعير ضمير الرفع للخفض، فى قولهم: «ما أنا كأنت، ولا أنت كأنا» وأبو العباس المبرّد يأبى استعمال المتّصل بعد «لولا» ويعوّل على ما جاء به القرآن، وقد أشبعت الكلام فى هذا النحو فيما تقدّم (¬1). وزعم قوم من الكوفيّين (¬2) أن «لولا» قد استعملت بمعنى «لم» واحتجّ بقوله تعالى: {فَلَوْلا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلاّ قَوْمَ يُونُسَ} (¬3) قال: معناه: لم تكن قرية آمنت عند نزول العذاب، فنفعها إيمانها إلاّ قوم يونس، وكذلك {فَلَوْلا كانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ إِلاّ قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنا مِنْهُمْ} (¬4) وهذا التقدير موافق للمعنى، ومباين لأصحّ الإعرابين؛ لأن المستثنى بعد النفى يقوى فيه البدل، ويجوز النصب، ولم يأت في الآيتين إلاّ النصب. وشبّه سيبويه (¬5) حذف خبر المبتدأ بعد «لولا» بأشياء من المحذوفات، كقولهم: / «إمّا لا» وأصله، فيما زعم الخليل، أنهم أرادوا: إن كنت لا تفعل كذا فافعل كذا، ومعنى هذا الكلام أن رجلا لزمته أشياء يفعلها، فامتنع، فرضى ¬

= وهو من رجز ينسب لعامر بن الأكوع، ولعبد الله بن رواحة، رضى الله عنهما. صحيح البخارى (باب غزوة الخندق، من كتاب الجهاد) 5/ 140. وصحيح مسلم (باب غزوة الأحزاب، من كتاب الجهاد) ص 1430، والسيرة النبوية 3/ 328، وطبقات الشافعية 1/ 257،258، وشرح المفصل 3/ 118، وديوان عبد الله بن رواحة ص 107. (¬1) فى المجلس السابع والعشرين. (¬2) راجع الدراسة ص 62،63. (¬3) سورة يونس 98. (¬4) سورة هود 116. (¬5) الكتاب 2/ 129، وراجع المجلس الثانى والأربعين.

منه صاحبه ببعضها، فقال: افعل هذا إمّا لا، أى افعل هذا إن كنت لا تفعل جميع ما يلزمك، وزاد «ما» على «إن» وحذف «كان» وما يتصل به، وكثر ذلك فى كلامهم حتى صارت «لا» مع ما قبلها كشىء واحد، ولذلك أمالوا الألف من «لا» وهى لا تمال فى غير هذا الكلام. وذكر سيبويه (¬1) قولهم: «حينئذ، الآن» يريدون: واسمع الآن، قال أبو سعيد: أى كان الشىء الذى تذكر واسمع الآن، وذكر سيبويه [قولهم] (¬2) «ما أغفله عنك شيئا» (¬3) وفسّره بقوله: أى دع الشكّ عنك، ثم قال: فحذف هذا لكثرة استعمالهم هذا الكلام. وأقول: إنه قد روى عن أبى عثمان المازنىّ، أنه قال: سألت الأخفش عن قوله، يعنى سيبويه: «ما أغفله عنك شيئا» ما معناه؟ فقال لى: لم أزل أسأل عن هذا. وقال المازنىّ: سألت الأصمعىّ وأبا زيد وأبا مالك (¬4) عنه، فقالوا: ما ندرى ما هو. ¬

(¬1) فى الموضع السابق. (¬2) زيادة من د. (¬3) الموضع السابق من الكتاب، وتأويل مشكل القرآن ص 90، والبغداديات ص 269، وأخبار أبى القاسم الزجّاجى ص 216،217، وأورد عليه كلاما كثيرا، ومنه كلام شيخه الزجّاج، الذى حكاه ابن الشجرى. هذا وقد ذكر الجوهرى هذا القول فى الصحاح، ترجمة (عقل): «ما أعقله عنك شيئا» بالعين المهملة والقاف، وردّه عليه صاحب القاموس، وابن برّى، فى اللسان (عقل) (¬4) فى د: «هلال». وكانت فى الأصل «مالك» ثم عبث بها عابث وغيّرها إلى «هلال» وأعاد كتابتها فى الهامش كذلك، وهو خطأ، و «أبو مالك» هو عمرو بن كركرة-بكسر الكافين، كما فى القاموس كان يعلّم فى البادية ويورّق فى الحضر، أى يشتغل بالوراقة، وهى النّسخ. ويقال: انه كان يحفظ اللغة كلّها، قال ابن مناذر: «كان الأصمعىّ يجيب فى ثلث اللغة، وكان أبو عبيدة يجيب فى نصفها، وكان أبو زيد يجيب فى ثلثيها، وكان أبو مالك يجيب فيها كلّها». وقد سمع الجاحظ منه. مراتب النحويين ص 41، وإنباه الرواة 2/ 360، والبيان والتبيين 4/ 23.

وقال أبو إسحاق الزجّاج: سمعت أبا العباس المبرّد يقول: كان أصحابنا لا يعرفون معنى هذا الحرف، يعنى المازنيّ والجرميّ. وقال أبو سعيد: ما فسّره من مضى إلى أن مات المبرّد، وفسّره الزجّاج، فقال: معناه على كلام قد تقدّم، كأنّ قائلا قال: زيد ليس بغافل عنى، فقال المجيب: بلى ما أغفله عنك! أراد أن يبعثه على أن يعرف صحّة كلامه، فقال: انظر شيأ؛ فإنك تعرف صحّة ما أقول لك، كما تقول: انظر قليلا. انتهى ما حكاه عن الزجّاج. وقوله: «ما أغفله عنك» تعجّب بمقتضى هذا الكلام، وبقى فيه أن قوله: دع الشكّ عنك، لا يتّصل بما قاله. ووجدت بخطّ أبى الفرج سعيد بن علي بن السّلالىّ الكوفىّ، ما أملاه عليه أبو العلاء المعرّىّ، ونسبه المعرّىّ إلى بعض النحويّين. /ولم يسمّه، قال: إن الذى قيل له هذا الكلام كان له صديق عوّده أن يبرّه ويحسن إليه، وأنه ذكر صنيعه به، فقال له السامع: ما أغفله عنك! شيئا، قال: فالكلام يتمّ عند قوله: «عنك» وقوله: «شيئا» من كلام مستأنف، كأنّه قال: فكّر شيئا، أى تفكيرا قليلا، أى إنه قد انتقل عن الحال التى كنت تجده عليها، فكأنّ الرجل المثنى على الصديق شكّ فى أمره، ولم يدر ما أغفله عنه، فقال له من حضر: فكّر شيئا، أى دع الشكّ؛ لأنه إذا فكّر وجب أن يصحّ له الأمر. وقال المعرّىّ: إن المراد بقوله: ما أغفله عنك، التعجّب، ويحتمل أن يكون استفهاما، كأنه قال: أيّ شيء أغفله عنك؟ ...

هذه أبيات ألغاز سئلت عنها

هذه أبيات ألغاز سئلت عنها اسمع أبا الأزهر ما أقول … عليك فيما نابنا التّعويل مسألة أغفلها الخليل … يرفع فيها الفاعل المفعول ويضمر الوافر والطويل فأجبت (¬1): بأن الإضمار من الألقاب العروضيّة والنحوية، وهو فى العروض: لقب زحاف يقع فى البحر المسمّى الكامل، وهو أن يسكّن الحرف الثانى من متفاعلن، فيصير متفاعلن، فينقل إلى مستفعلن، والبحران الملقّبان الطويل والوافر ليس الإضمار من ألقاب زحافهما. والإضمار فى النحو: أن يعود ضمير إلى متكلّم أو مخاطب أو غائب، كقولك فى إعادة الضمير إلى الغائب: زيد قام وبشر لقيته وبكر مررت به، فهذا هو الإضمار الذى أراده بقوله: ويضمر الوافر والطويل لا الإضمار الذى هو زحاف. وقد وضعت فى الجواب عن هذا السؤال كلاما يجمع إضمار الطويل والوافر، ورفع المفعول للفاعل، وهو قولك: ظننت زيدا الطويل حاضرا أبوه، وحسبت عمرا الوافر العقل/مقيما أخوه. فقولك: حاضرا ومقيما: مفعولان لظننت وحسبت، وقد ارتفع بهما أبوه وأخوه، كما يرتفعان بالفعل لو قلت: يحضر أبوه ويقيم أخوه، والهاء فى قولك أبوه: ضمير الطّويل، والهاء فى قولك: أخوه: ضمير الوافر، فقد أضمرت هذين الاسمين بإعادتك إليهما هذين الضميرين. ¬

(¬1) حكاه السيوطى فى الأشباه والنظائر 2/ 655،656، عن ابن الشجرى.

وقولك: أبوه وأخوه: فاعلان، رفعهما هذان المفعولان، مفعولا ظننت وحسبت. وبالله التوفيق والتسديد. ... قال أبو بكر بن مجاهد: قرأ عاصم فى رواية أبى بكر: «نجى المؤمنين» (¬1) بنون واحدة مشدّدة الجيم، على ما لم يسمّ فاعله، والياء ساكنة، قال: وروى عبيد عن أبى عمرو، وعبيد عن هارون عن أبى عمرو، كذلك (¬2)، وهو وهم، لا يجوز هاهنا الإدغام؛ لأن النون (¬3) لا تدغم فى الجيم، وإنما خفيت لأنها ساكنة تخرج من الخياشيم، فحذفت فى الكتابة، وهى فى اللفظ ثابتة، ومن قال: مدغم، فهو غلط. قال أبو عليّ: القول في ذلك أنّ عاصما ينبغى أن يكون قرأ {نُنَجِّي} بنونين، وأخفى الثانية، لأن النون تخفى مع حروف الفم، ولا تبيّن، فالتبس على السامع الإخفاء بالإدغام (¬4)، من حيث كان كلّ واحد من الإخفاء والإدغام غير مبيّن، ويبيّن ذلك إسكانه الياء من نجّى؛ لأن الفعل إذا كان مبنيّا للمفعول به وكان ماضيا لم يسكّن آخره، وإسكان آخر الماضى إنما يكون فى قول من قال فى ¬

(¬1) سورة الأنبياء 88، وانظر السبعة ص 430، والكشف عن وجوه القراءات 2/ 113، ومشكل إعراب القرآن 2/ 87، وتأويل مشكل القرآن ص 54،55، والبغداديات ص 369، والخصائص 1/ 398، والبحر 6/ 335، وإبراز المعانى ص 599 - 601. وانظر أيضا معانى القرآن للفراء 2/ 210، وللزجاج 3/ 403، وإعراب القرآن للنحاس 2/ 380، 381، والمحتسب 2/ 111،121، فى أثناء سورة النور، وسورة الفرقان، ولم يذكره فى سورة الأنبياء. قلت: ولم أجد من نسب هذه القراءة إلى أبى عمرو إلاّ ابن مجاهد، وسائر كتب القراءات تضع مكانه «ابن عامر». (¬2) فى الأصل «هكذا»، وأثبتّ ما فى د، ومثله فى السبعة [الطبعة الأولى، وسقطت فى الطبعة الثانية] وفيه زيادة: «قالا مدغمة». (¬3) الذى فى السبعة: لأن النون الأولى متحركة والثانية ساكنة، والنون لا تدغم. . . (¬4) شرح المفصل 7/ 75، وأوضح المسالك 4/ 410، والإفصاح ص 94،95.

رضى: رضا (¬1)، وليس هذا منه، فإسكان الياء يدل على أنه قرأ {نُنَجِّي} كما روى حفص عنه. وممّا يمنع أن يظنّ ذلك به نصبه قوله المؤمنين من {نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} ولو كان على ما لم يسمّ فاعله لوجب أن يرفع. فأمّا قول من قال: إنه يسند الفعل إلى المصدر، ويضمره؛ لأن الفعل دلّ عليه، فذلك ممّا يجوز فى ضرورة الشعر، فالبيت (¬2) الذى أنشده: ولو ولدت قفيرة جرو كلب … لسبّ بذلك الجرو الكلابا (¬3) /لا يكون حجّة فى هذه القراءة، وإنما وجهها ما ذكرنا أنّ الراوى حسب الإخفاء إدغاما، ألا ترى أن الفعل المبنىّ للمفعول ينبغى أن يسند إليه كما يسند المبنىّ للفاعل إليه، وإنما تسند هذه الأشياء إلى الظروف والحروف الجارّة، إذا لم يذكر المفعول به، فأمّا إذا ذكر المفعول به فلا تسند إلى غيره؛ لأن الفعل له فهو أولى به، وإنما حذفت النون من الخطّ كراهية لاجتماع صورتين متّفقتين، وقد كرهوا ذلك فى الخطّ فى غير هذا الموضع، وذلك أنهم كتبوا نحو الدّنيا والعليا والحذيا، بالألف، ولولا الياء التى قبل الألف لكتبوها بالياء، كما كتبوا: بهمى وحبلى وأخرى، ونحو ذلك بالياء، فكما كرهوا الجمع بين صورتين متّفقتين فى هذا ¬

(¬1) وهى لغة طيئ. الكتاب 4/ 187، والخزانة 9/ 495، وشرح المفصل 9/ 76، وانظر أيضا الكتاب 1/ 129، والشعر والشعراء ص 287، والجمهرة 2/ 142، والسّمط ص 496. (¬2) فى د: والبيت. (¬3) نسبه البغدادىّ فى الخزانة 1/ 338، لجرير يهجو الفرزدق. وليس فى ديوان جرير، ولا فى النقائض. والبيت من غير نسبة فى: تأويل مشكل القرآن ص 56، وإعراب القرآن للنحاس 3/ 129، والخصائص 1/ 397، والحجة المنسوب لابن خالويه ص 226، والإفصاح ص 93، وأمالى ابن الحاجب 3/ 150، وشرح المفصل 7/ 75، وشرح الجمل 1/ 537، والهمع 1/ 162، وتفسير القرطبى 11/ 335، 16/ 162. و «قفيرة» بتقديم القاف على الفاء، وبالراء المهملة مصغّرا: اسم أمّ الفرزدق. والجر ومثلّث الجيم: ولد السّباع، ومنها الكلب.

النحو، كذلك كرهوا فى ننجى، فحذفوا النون الساكنة، فالوجه فيه كما رواه حفص. انتهى كلام أبى علي. وأقول: إنّ الفرّاء هو الذى روى البيت شاهدا (¬1) على أنّ «نجّى» مبنيّ للمفعول، وأنه مسند إلى المصدر المقدّر، والمراد: لسبّ السّبّ بذلك الكلاب، وكان الأصل: لسبّ الكلاب السّبّ بذلك، أى بولاد ذلك الجرو، وهذا كما قال أبو عليّ إنما يجوز فى ضرورة الشّعر، وإذا كان إسناد الفعل إلى المصدر الظاهر الموصوف، ونصب المفعول به ممّا لا يحتمله إلاّ الضرورة، فما ظنّك بالمصدر المقدّر، كقولك فى التصريح بالمصدر: ضرب الضرب الشديد زيدا. وأقول: إن الذى قاله أبو بكر بن مجاهد وأبو عليّ فى هذه القراءة، من الردّ على من ظنّ أن النون تدغم فى الجيم، ومن إفساد ما ذهب إليه الفرّاء فى البيت الذى أورده، ومن الاحتجاج فى إبطال كون الفعل مبنيّا للمفعول مع سكون يائه ونصب المؤمنين، قول سديد، يشهد بصحّته مقاييس العربيّة. وخطر (¬2) لى فى هذه القراءة وجه يخرج الفعل من بنائه للمفعول، وعن إدغام النون/فى الجيم، ولا يخرجه عن قياس كلام العرب، وهو أن يكون القارئ «نجى» أراد: ننجّى، مفتوح النون مشدّد الجيم، فحذف النون الثانية كراهة توالى مثلين متحرّكين، كما حذف التاء من قرأ {تَذَكَّرُونَ} (¬3) خفيف الذال، حذف ¬

(¬1) لم أجده فى كتابه معانى القرآن، وإن كان قد ذكر ذلك الوجه الذى ردّه أبو علىّ. وقد ذكرت الموضع فى المعانى، عند تخريج القراءة. (¬2) الحقّ أن هذا الذى خطر لابن الشجرى إنما هو كلام ابن جنى فى الخصائص 1/ 398. ومن قبله على بن سليمان [الأخفش الصغير] كما ذكر النحاس، فى إعراب القرآن 2/ 381. (¬3) وهى قراءة حفص وحمزة والكسائى. وذكر سيبويه أنها قراءة أهل الكوفة، وهؤلاء الثلاثة هم قرّاء الكوفة. الكتاب 4/ 477، والكشف عن وجوه القراءات 1/ 457، فى توجيه الآية (152) من سورة الأنعام. وقد جمع أبو بكر بن مجاهد وجوه القراءة فى هذه الآية ونظائرها، فى السبعة ص 272،273.

التاء الثانية من تتذكّرون، وكما حذفوا بإجماع التاء الثانية، من تتنزّل، وقرءوا كلّهم: {تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ} (¬1). وممّا جاء من حذف إحدى النونين المتحرّكتين حذفها فى قراءة نافع: {فَبِمَ تُبَشِّرُونَ} (¬2) بكسر النون خفيفة، فرّ من تبشّروننى إلى الحذف، كما فرّ منه ابن كثير إلى الإدغام، فقرأ: {تُبَشِّرُونَ} وباقى القرّاء على فتح النون وحذف المفعول بغير دليل عليه. وكذلك اختلفوا فى قوله تعالى: {أَفَغَيْرَ اللهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ} (¬3) فستّة من القرّاء فرّوا من تأمروننى إلى الإدغام، ونافع حذف الثانية (¬4). ويقوّى أنّ من قرأ: «نجى» أراد ننجّى مجىء الماضى قبله على فعّلنا مشدّد العين، فى قوله: {وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ} (¬5) فلما جاء الماضى على فعّلنا: نجّينا، قوبل بننجّى، ولو كان «وأنجيناه» جاز لمن قرأ ننجى، بسكون النون، أن يحتجّ بسكونها فى الماضى. فأنعم النّظر فيما ذكرته، فهو أعبق بالصّواب من غيره. ... وهذا الحرف مما سأل عنه نصر بن عيسى بن سميع الموصلىّ، مكاتبة، وسأل عن قراءة أبى جعفر يزيد بن القعقاع المدنيّ: {فَالصّالِحاتُ قانِتاتٌ} ¬

(¬1) الآية الرابعة من سورة القدر. وانظر الكتاب 4/ 476. (¬2) سورة الحجر 54، وانظر الكتاب 3/ 519، والسبعة ص 367. (¬3) سورة الزمر 64. (¬4) الذى فى كتب القراءات أن ابن عامر قرأ «تأمروننى» بنونين ظاهرتين، وقرأ نافع بنون واحدة خفيفة. فقول ابن الشجرى «ستة من القراء» صوابه خمسة فقط كما رأيت. انظر السبعة ص 563، وحجة القراءات ص 625، والكشف 2/ 240، وإبراز المعانى ص 670. (¬5) فى النسختين «فنجيناه» والتلاوة بالواو.

{حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ بِما حَفِظَ اللهُ} (¬1) بنصب هذا الاسم، تعالى مسمّاه. فأجبت بأنّ انتصابه بوقوع الفعل عليه، بتقدير حذف مضاف، أى بما حفظ أمر الله (¬2)، كما جاء فى الأخرى: {فَأَتاهُمُ اللهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا} (¬3) أى فأتاهم أمر الله. ومعنى «ما» فى هذه القراءة معنى «الذى» فالمضمر فى {حَفِظَ} عائد على «ما» والتقدير: حافظات للغيب، أى لغيب أزواجهنّ بالصلاح الذى حفظ أمر الله. وأمّا من قرأ/بالرفع، فإنّ «ما» فى قراءته مصدريّة، ومفعول {حَفِظَ} محذوف، أى حافظات لغيب أزواجهنّ بما حفظهنّ الله فى مهورهنّ، وإلزام أزواجهنّ الإنفاق عليهنّ. قال أبو علىّ: من نصب فقال: {بِما حَفِظَ اللهُ} لم يجز أن يجعل «ما» مع الفعل بمنزلة المصدر؛ لأنه يبقى الفعل بغير فاعل، يعنى أن التقدير فى كونها مصدرية: بحفظهنّ الله، وهذا يصحّ لو كان لفظ التلاوة: بما حفظن الله، وصحّ هذا مع الرفع؛ لأن التقدير: يحفظهنّ الله، فحذف المفعول؛ لأنّ حذف المفعول جائز، ولم يجز ذلك مع النصب؛ لأن حذف فاعل الفعل لا يجوز. ... وممّا سأل عنه قول ثعلب: «وإذا أمرت من هذا الباب كلّه كان باللام، ¬

(¬1) سورة النساء 34، وانظر المحتسب 1/ 188، والنشر 2/ 249، والإتحاف 1/ 510، وقد ضعّف هذه القراءة أبو زكريا الفراء، وأبو جعفر الطبرى. معانى القرآن 1/ 265، وتفسير الطبرى 8/ 297. (¬2) راجع معانى القرآن للزجاج 2/ 47، والموضع السابق من المحتسب. (¬3) الآية الثانية من سورة الحشر. وقد تحدث ابن الشجرى عن حذف المضاف بتوسّع فى المجلس الثامن.

كقولك: لتعن بحاجتى» (¬1) فقال: إنّ اللام موضوعة لأمر الغائب، فكيف دخلت على أمر المواجه؟. فأجبت بأنه أراد فى قول ابن درستويه، فى تصحيحه للفصيح (¬2): أن لا يؤمر بهذا اللفظ مواجه، وإنما يؤمر به غائب، مكاتبة أو مراسلة. وأقول بعد هذا: إن الأصل فى أمر المواجه أن يستعمل بلام الأمر مع تاء الخطاب، فقد روي عن النبيّ عليه السلام أنه قال فى بعض مغازيه: «لتأخذوا مصافّكم» (¬3) وفى قراءة أبيّ: «فبذلك فلتفرحوا» (¬4) وقيل: إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كذلك قرأها، فالأصل فى أمر المواجه: لتقم، لتنطلق، كما يقال للمنهيّ المواجه: لا تقم، ولا تنطلق، ولكنهم استثقلوا استعمال أمر المواجه باللام مع حرف المضارعة؛ لأنه كثر فى كلامهم، فخفّفوه بحذف اللام وحذف التاء، واستدلّوا (¬5) بالصّيغة على المعنى الذى أرادوه، واستغنوا بقولهم: قم وانطلق عن قوله: لتقم ولتنطلق، ويجوز عندى استعمال الأصل فى قولك: لتعن بحاجتى، ولتوضع (¬6) فى تجارتك، مخاطبا به حاضرا (¬7)، وهذا الذى أراده ثعلب. ... وممّا سأل عنه نصر بن عيسى الموصلى، عامل الجزم فى «يؤخّر» من قول زهير (¬8): ¬

(¬1) فصيح ثعلب ص 16،17. (¬2) 1/ 214. (¬3) تقدّم تخريجه والكلام عليه فى المجلس السابع والخمسين. (¬4) سورة يونس 58، وراجع المجلس المذكور. (¬5) فى الأصل: «واستبدلوا». وصوابه من د. (¬6) يقال: وضع فى تجارته ضعة ووضيعة فهو موضوع فيها، وأوضع، ووضع وضعا: غبن وخسر فيها، وصيغة ما لم يسمّ فاعله أكثر. (¬7) فى الأصل ود «حاضر» برفع الراء، والوجه ما أثبتّ. (¬8) ديوانه ص 18، من معلقته.

/فلا تكتمنّ الله ما فى نفوسكم … ليخفى ومهما يكتم الله يعلم يؤخّر فيوضع فى كتاب فيدّخر … ليوم الحساب أو يعجّل فينقم فأجبت بأنه انجزم على جواب النّهى الذى هو «لا تكتمنّ» لأن النّهي وما أشبهه ممّا ليس بواجب، ينوب عن الشرط فينجزم جوابه، إذا لم تكن فيه الفاء، فأراد: لا تكتمنّ الله ما فى نفوسكم من الغدر يؤخّر، أى فإنكم إن تكتموه (¬1) يؤخّر، أى يؤخّر جزاؤه، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه، فارتفع الضمير لقيامه مقام مرفوع، واستتر، ثم قال: «فيوضع فى كتاب فيدّخر ليوم الحساب» أى إلى يوم الحساب، «أو يعجّل» أى يعجّل جزاؤه، وقامت اللام مقام إلى، كما جاء فى التنزيل: {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها} (¬2). ... ¬

(¬1) جاء بهامش الأصل حاشية: «قوله «يؤخّر» مجزوم بالنّسق على جواب الشرط، وهو قوله «يعلم» والشرط قوله «ومهما يكتم الله» والكلام جملتان لا تعلّق لإحداهما بالأخرى فى الإعراب». وقوله: «بالنسق» ليس يريد عطف النسق؛ لأنه لا موضع له هنا، وإنما يريد الإتباع على البدل. وقد جاء هذا صريحا فى قول ابن الأنبارى: «ويؤخر مجزوم على الإتباع ليعلم، قال الله عز وجل: وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً. يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ فجزم «يضاعف» على الإتباع ليلق أثاما. وموضع فيدّخر ويعجّل وينقم: نسق على يؤخر». شرح القصائد السبع ص 266. هذا وقد حكى أبو جعفر النحاس تضعيف هذا الوجه من الإعراب، ثم حكى عن بعضهم هذا الذى ذكره ابن الشجرى، وانظر كلامه فى شرح القصائد التسع 1/ 327،328. (¬2) الآية الخامسة من سورة الزلزلة.

المجلس السابع والستون

المجلس السابع والستون قال أبو علىّ، فى قول الله تعالى جدّه: {لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ} (¬1) من قال: إن «لا» صلة (¬2) كانت كالتى فى قوله: {لِئَلاّ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ} (¬3) فإن قلت: إنّ «لا وما» والحروف التى تكون زوائد إنما تكون بين كلامين، كقوله: {فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ} (¬4) و «ممّا خطاياهم» (¬5) و {فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ} (¬6) ولا تكاد تزاد أولا. فقد قالوا: إنّ مجاز القرآن مجاز الكلام الواحد والسورة الواحدة، قالوا: والذى يدلّ على ذلك أنه قد يذكر الشىء فى سورة فيجىء جوابه فى سورة أخرى، كقوله: {وَقالُوا يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ} (¬7) جاء جوابه فى سورة أخرى/ {ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ} (¬8) فلا فصل على هذا بين قوله: {لِئَلاّ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ} وبين قوله: {لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ} وقد حملت «ما» على الزيادة فيما أنشده أبو زيد: ما مع أنّك يوم الورد ذو جزر … ضخم الدّسيعة بالسّلمين وكّار (¬9) ¬

(¬1) أول سورة القيامة. وقد عرض ابن الشجرى لحكم «لا» هذه فى المجلس الرابع والأربعين. (¬2) أى زائدة. وانظر إيضاح الوقف والابتداء ص 142،426، والأضداد ص 215، وتأويل مشكل القرآن ص 246، وحواشيه. (¬3) آخر سورة الحديد. (¬4) سورة آل عمران 159. (¬5) سورة نوح 25، وقد تكلمت على هذه القراءة فى المجلس الرابع والأربعين. (¬6) سورة النساء 155، والمائدة 13. وقد تلا ابن الشجرىّ هذه الآية الكريمة فى المجلس الحادى والستين، شاهدا على وضع الباء فى موضع لام التعليل. (¬7) سورة الحجر 6. (¬8) سورة القلم 2. (¬9) فرغت منه فى المجلس الرابع والأربعين.

جاءت «ما» زائدة فى أول البيت كما ترى. انتهى كلامه. وأقول: إنّ بعض النحويّين أنكر أن تكون «لا» زائدة فى قوله: {لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ} قال: لأنّ زيادة الحرف تدلّ على اطّراحه، وكونه فى أول الكلام يدلّ على قوّة العناية به، فلا يجوز أن يكون مطّرحا معنيّا به فى حال واحدة، وإذا قبح الجمع بين اطّراحه والعناية به، لم يجز أن نجعل «لا» فى هذه الآية زائدة، وجعلناها نافية، ردّا على من جحد البعث، وأنكر القيامة، وقد حكى الله أقوالهم فى مواضع من الكتاب، فكأنه قيل: لا، ليس الأمر على ما تقوّلتموه من إنكاركم ليوم القيامة، ثم قال: {أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ. وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوّامَةِ} فلا: جواب لما حكى من جحدهم للبعث، كما كان قوله: {ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ} جوابا لقولهم: {يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ} لأنّ القرآن يجرى مجرى السورة الواحدة. ومثل قوله: {ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ} جوابا لما قذفوه به من الجنون قوله تعالى: {يَحْلِفُونَ بِاللهِ ما قالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا} (¬1) المراد بذلك قول عبد الله بن أبيّ بن سلول، ومن كان معه من المنافقين: {لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ} (¬2). فاحتجّ من قال إن «لا» فى قوله: {لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ} ردّ على من أنكر البعث بما احتجّ به أبو علىّ، على زيادتها، ثم إنه قال بعد ما حكيته عنه: فقد (¬3) يجوز أن تكون «لا» ردّا لكلام. ثم ذكر بعد هذا قراءة ابن كثير، فقال: وأمّا قول (¬4) ¬

(¬1) سورة التوبة 74. (¬2) سورة المنافقون 8. (¬3) فى د: وقد. (¬4) هكذا فى النسختين، وهو غير دقيق، فإن ما يقرأه ابن كثير وغيره إنما هو سنّة ورواية، وليس قولا من عند نفسه. وسبق تخريج قراءة ابن كثير فى المجلس المذكور.

ابن كثير: «لأقسم/بيوم القيامة» فإنّ اللام يجوز أن تكون التى تصحبها إحدى النّونين فى أكثر الأمر، وقد حكى ذلك سيبويه (¬1) وأجازه، وكما لم تلحق النون مع الفعل الذى للآتى، كذلك لم تلحق اللام مع النون فى نحو قول الشاعر: وقتيل مرّة أثأرنّ فإنّه … فرغ وإنّ أخاهم لم يثأر (¬2) ويجوز أن تكون اللام لحقت فعل الحال، فإذا كان للحال لم تتبعه النون؛ لأن هذه النون التى تلحق الفعل فى أكثر الأمر، إنما هى للفصل بين فعل الحال والفعل الآتى، وزعموا أن الحسن قرأ: «لأقسم» وقرأ {وَلا أُقْسِمُ} وأنه قال: أقسم الله بالأولى، ولم يقسم بالثانية، قال أبو علي: وقد حكى ذلك عن ابن أبى إسحاق. انتهى كلامه (¬3). وأقول: إنّ كون «أقسم» فى قراءة ابن كثير للحال أولى من كونه للاستقبال؛ لأنه إذا أريد أقسم بيوم القيامة الآن، فهو أولى من أن يراد أقسم بيوم القيامة فيما يستقبل من الزمان، فكأنه قيل: سأقسم بيوم القيامة. ومثل {لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ} {لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ} (¬4) قال الزجّاج: المعنى: أقسم بهذا البلد، و «لا» دخلت توكيدا، كما قال: {لِئَلاّ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ} قال: وقرئت: «لأقسم بهذا البلد»، تكون اللام لام القسم، قال: وهذه القراءة قليلة بعيدة؛ لأن لام القسم لا تدخل على الفعل المستقبل إلاّ مع النون، تقول: لأضربنّ زيدا، ولا يجوز: لأضرب زيدا، تريد الحال. انتهى كلامه (¬5). وقوله هذا يقوّى ما ذكرته من حمل {أُقْسِمُ} فى قراءة ابن كثير، على أنه ¬

(¬1) راجع الكتاب 3/ 66،4/ 217، وكتاب الشعر ص 55. (¬2) فرغت منه فى المجلس المذكور. (¬3) وانظر المحتسب 2/ 341. (¬4) أول سورة البلد. (¬5) معانى القرآن 5/ 327، وانظر أيضا 251.

فعل حال لا مستقبل. وقال: المراد بالبلد مكّة، وبوالد وما ولد: آدم وذريّته. وقال من ضعّف قراءة ابن كثير: فى قراءة ابن كثير نظر؛ لأن ألف (¬1) {أُقْسِمُ} ثابتة فى الإمام، يعنى المصحف الأقدم. وأقول: إنه ليست «لا» فى قوله تعالى: {فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ} (¬2) وقوله: {فَلا أُقْسِمُ/بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ} (¬3) ونحو ذلك بمنزلتها فى قوله: {لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ} كما زعم بعض النحويين؛ لأنها ليست فى أول السورة، فمجيئها بعد الفاء، والفاء عاطفة جملة على جملة، يخرجها عن كونها بمنزلتها فى {لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ} فهى إذا زائدة للتوكيد، وسنذكر وجوه «لا» بعد تفسير غريب قول الشاعر: ما مع أنك يوم الورد ذو جزر … ضخم الدّسيعة بالسّلمين وكّار الجزر: جمع جزرة، وهى الشاة المذبوحة (¬4). والدّسيعة هاهنا: الجفنة، والدّسيعة فى غير هذا: العطيّة الضّخمة، والدّسيعة أيضا: مركّب العنق فى الكاهل، وهو أعلى الظّهر. والسّلم: الدّلو، ووكّار: عدّاء. وقول الآخر: وقتيل مرّة أثأرنّ فإنه. . . فرغ. أراد: فإنّ دمه فرغ، يقال: ذهب دم فلان فرغا، أى باطلا لم يطلب به. وأقول: إن «لا» تنقسم فى تصاريفها عملا ومعنى إلى ضروب، أحدها: أن تكون تبرئة، وذلك إذا ركّبتها مع النكرة، فتناولت نفى الجنس، فى نحو: لا مال ¬

(¬1) هكذا فى النسختين. والمراد ألف «لا أقسم». (¬2) سورة الواقعة 75، وحكى الزركشى هذا السّياق عن ابن الشجرى. البرهان 4/ 159. (¬3) سورة المعارج 40. (¬4) هنا حاشية بهامش الأصل، ذكرتها فى حواشى المجلس الرابع والأربعين.

لزيد، ولا رجل فى الدار، و {لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ} (¬1) فهى فى هذا الوجه مشبّهة بإنّ، من حيث هى نقيضتها، ومعنى تناقضهما: أنه إذا قيل: إنّ فى الدار رجلا، قيل فى نفيه: لا رجل فى الدار، والعرب يحملون الشىء على نقضيه (¬2)، كما يحملونه على نظيره، كما حملوا «كم» على «ربّ» فى الخبر، فبنوها من حيث ناقضتها، فكانت للتكثير، وربّ للتقليل، فالفتحة فى نحو لا رجل فى الدار فى قول البصريّين بناء يشبه الإعراب، وهى فى قول الكوفيّين إعراب، والصحيح ما ذهب إليه البصريّون، وذلك لعدم التنوين، فتنزّل لا رجل منزلة خمسة عشر (¬3). /فإن وليها المضاف أو الطّويل (¬4)، وهو الذى يعمل فيما بعده نصبا أو رفعا، فالفتحة نصب صريح؛ لأن التركيب لا يكون فيما جاوز جزئين، فمثال المضاف: لا صاحب حقّ فى الدار، ولا طالب رفد هنا، ومنه قول المتنبى (¬5): فلا ثوب مجد غير ثوب ابن أحمد … على أحد إلاّ بلؤم مرقّع ومثال الطويل الناصب، قولك: لا ضاربا زيدا هنا، والرافع: لا كريما أبوه عندك، ولا حسنا وجهه حاضر، ومن الطويل الناصب: أفعل، فى نحو: لا أفضل من زيد فى الدار، وإنما حكموا بطول أفضل؛ لتعلّق «من» به، ألا ترى أنه لمّا زال عن أفعل وزن الفعل فوجب صرفه، لحقه التنوين، فقيل: لا خيرا من زيد عندنا، ولا شرّا من بكر عندك. ¬

(¬1) سورة يوسف 92. (¬2) راجع المجلس الثامن، والمجلس الثامن والخمسين. (¬3) راجع المقتضب 4/ 357. (¬4) وهو الشّبيه بالمضاف، ويسمّى أيضا مطوّلا، وممطولا، أى ممدودا. (¬5) ديوانه 2/ 239، والمغنى ص 237، وشرح أبياته 4/ 374. و «ابن أحمد» فى البيت هو: على بن أحمد الخراسانى.

فالفتحة فى قولك: لا صاحب حقّ، وفى قوله: «لا ثوب مجد» نصب صريح، فأما قوله، أعنى أبا الطيّب (¬1). قفا قليلا بها علىّ فلا … أقلّ من نظرة أزوّدها فيجوز فى «أقلّ» الرفع والنصب، فالرفع على تشبيه «لا» بليس، والنصب على تشبيه «لا» بإنّ، والفتحة فى «أقلّ» إعراب، لطوله بمن. فإن قيل: ما الذى أوجب بناء الاسم المنكور، فى نحو: لا رجل فى الدار؟ قيل: الذى أوجب بناءه تضمّنه معنى الحرف الذى هو «من» وذلك أنّ «من» فى قولك: هل من رجل فى الدار؟ موضوعة لاستغراق الجنس، وكذلك إذا قلت: ما جاءنى من رجل، استغرق النّفى الجنس، فإذا قلت: ما جاءنى رجل، جاز أن تكون نفيت رجلا (¬2)، فأردت: ما جاءنى رجل بل رجلان، ولا يجوز أن تقول: ما جاءنى من رجل بل رجلان. وإذا عرفت هذا، فإنّ الاستفهام فى قولك: هل من رجل فى الدار؟ مستغرق للجنس كلّه، فجوابه المستحقّ: لا من رجل فى الدار؛ لأن الجواب حقّه أن يكون/وفق السّؤال، فحذفوا «من» وضمّنوا الاسم معناها فبنوه؛ لأن الاسم إذا تضمّن معنى الحرف استحقّ البناء، ولو أنه قال مستفهما: هل رجل فى الدار؟ قلت نافيا: لا رجل فى الدار، فأعربت المنفىّ (¬3)؛ لأنه لم يتضمّن معنى الحرف. واختلف فى قوله جلّ وعز: {لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النّارَ} (¬4) فقال الفراء: معناه لا بدّ ولا محالة أنّ لهم النار (¬5). ¬

(¬1) ديوانه 1/ 296، والمغنى ص 238،399، وشرح أبياته 4/ 375. (¬2) فى د: نفيت واحدا. . . . (¬3) ورفعته، على أنّ «لا» بمعنى ليس. (¬4) سورة النحل 62. (¬5) معانى القرآن 2/ 8، فى أثناء تفسير الآية (22) من سورة هود. وانظر الكتاب-

وقال الزجّاج: إن «لا» ردّ، أى لا، ليس الأمر كما وصفوا، جرم أن لهم النار، أى وجب، حكى ذلك عن قطرب (¬1). وقال غيرهما: إنّ «لا» زائدة، وجرم فعل ماض معناه: ثبت وحقّ، والفرّاء لا يرى زيادة «لا» فى أول الكلام، فجرم على قوله اسم منصوب بلا، على التّبرئة. وقال أبو العباس المبرّد: إذا قلت: لا محالة أنك ذاهب، ولا بدّ أنك ذاهب، فأنّك: فى موضع رفع، بمنزلة «أفضل» فى قولك: لا رجل أفضل منك (¬2). وأقول: إن قوله: لا جرم إذا كان بمعنى لا بدّ ولا محالة [فإنّ حرف الجرّ مقدّر فى الخبر، فالتقدير: لا بدّ من أنّ لهم النار ولا محالة (¬3)] في أنّ لهم النار، كما تقول: لا بدّ من هذا، ولا محالة فى هذا. والضّرب الثانى من ضروب «لا»: أنّ من العرب من شبّهوها بليس، فرفعوا بها الاسم، ونصبوا بها الخبر، وألزموا اسمها التنكير، فقالوا: لا رجل حاضرا، ولا غلام عندى، قال الشاعر: من صدّ عن نيرانها … فأنا ابن قيس لا براح (¬4) أراد: لا براح لى، وقد بسطت الكلام فى هذا النحو فيما تقدّم (¬5)، وذكرت أن أبا الفتح عثمان لمّا ذكر فى تفسيره لشعر المتنبى قوله: إذا الجود لم يرزق خلاصا من الأذى … فلا الحمد مكسوبا ولا المال باقيا ¬

= 3/ 138، وإعراب القرآن للنحاس 2/ 84، وأمالى المرتضى 1/ 110، وجواهر الأدب ص 439، والخزانة 10/ 283. (¬1) معانى القرآن 3/ 207، وفيه: المعنى جرم فعلهم هذا أن لهم النار، أى كسب فعلهم أنّ لهم النار. وانظر جمال القرّاء ص 587. (¬2) لم أجد هذا الكلام فى المقتضب، وإن تكلم على «لا جرم» فى 2/ 351. وقد حكى النحاس رأى المبرّد هذا، راجع الموضع المذكور من إعراب القرآن. (¬3) سقط من الأصل، واستكملته من د. (¬4) فرغت منه فى المجلس الحادى والثلاثين. (¬5) فى المجلس المذكور، وأيضا فى المجلس الخامس والثلاثين.

لم يذكر فى رفع (¬1) «لا» للمعرفة شيئا. ومتى دخلت «لا» على معرفة كرّرت وارتفع الاسم بالابتداء، كقولك: لا زيد عندى ولا بكر، ومثله فى التنزيل: {لا الشَّمْسُ/يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ} (¬2) وإنما وجب فى هذا النحو تكريرها؛ لأنها جواب لمن قال: أزيد عندك أم بكر؟ فوافق الجواب السؤال، فإن قال السائل: أزيد عندك؟ فاقتصر على الواحد، قال المجيب: لا، فاقتصر على لا أو نعم، إن كان زيد عنده، قال أبو علي: ويقبح أن تقول: لا زيد عندى حتّى تتبعه بشىء، فتقول: ولا عمرو، وقالوا: «لا نولك أن تفعل» فلم يكرّروا لأنّه صار بمنزلة لا ينبغى لك، فأجروها مجراها، حيث كانت بمعناها، كما أجروا يذر مجرى يدع، لاتفاقهما فى المعنى. انتهى كلامه (¬3). وقال سيبويه: قد يجوز فى الشعر رفع المعرفة، ولا تثنّى «لا»، قال الشاعر (¬4): بكت جزعا فاستعبرت ثم آذنت … ركائبها أن لا إلينا رجوعها ¬

(¬1) فى الأصل: «موضع» وعبارة ابن الشجرى فى المجلس الخامس والثلاثين، عن ابن جنى «شبّه لابليس فنصب بها الخبر». ولم يزد. (¬2) سورة يس 40. (¬3) من الإيضاح ص 248، وانظر أيضا المسائل المنثورة ص 101، والكتاب 2/ 302،3/ 56، 4/ 232، وراجع ما سبق فى المجلس الحادى والثلاثين. (¬4) غير معروف. والبيت فى الكتاب 2/ 298، والمقتضب 4/ 361، والأصول 1/ 393، والمسائل المنثورة ص 89، وشرح المفصل 2/ 112، وشرح الجمل 2/ 269، والمقرب 1/ 189، والخزانة 4/ 34. وقال أبو علىّ، فى المسائل المنثورة: فرفع «رجوعها» بالابتداء، وأضمر الخبر، كأنه «موجود» أو «واقع»، وجعل «إلينا» تبيينا، مثل قوله سبحانه: إِنِّي لَكُما لَمِنَ النّاصِحِينَ. ويريد بالتبيين أن «إلينا» متعلق بالمصدر الذى هو الرجوع، كما أن «لكما» فى الآية متعلق باسم الفاعل الذى هو «الناصحين، وليس خبرا مقدّما للمبتدإ «رجوعها». حواشى المسائل المنثورة. وانظر تفصيلا فى معنى «التبيين» فى كتاب الشعر ص 101، وفهارسه.

وأقول: إن قولهم: «لا نولك أن تفعل كذا» لمّا كان «نولك» بمعنى الفعل الذى هو ينبغى، لم يكرّروه وإن كان معرفة، كما لم يكرّروا الفعل فى: لا ينبغى لك أن تفعل، وكذلك كلّ فعل تنفيه لا يلزم تكريره، كقولك: لا يخرج زيد اليوم، وكقوله تعالى: {لا يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ} (¬1) و {قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً} (¬2). وقوله: كما حمل يذر على يدع لاتفاقهما فى المعنى، أراد: أنّ يدع أصله يودع، مكسور الدال، فحذفوا واوه لوقوعها بين ياء وكسرة، كما حذفوها فى يعد، فصار فى التقدير: يدع مثل يعد، ثم فتحوا عينه التى هى الدال؛ لأنّ لامه وهى العين، حرف حلقيّ، ومتى كانت لام الفعل أو عينه حرفا من حروف الحلق، وهى الغين والخاء والعين والحاء والهمزة والهاء، فإنه يجيء فى الأغلب على فعل يفعل، بفتح العين فى الماضى والمستقبل، كقولهم: صنع يصنع ومنع يمنع ورفع يرفع وجبه يجبه وسلخ يسلخ وسلح يسلح، فهذا مثال ما لامه حرف حلق. وأمّا مثال ما عينه الحلقيّ، فنحو: شغل يشغل وفعل يفعل ومحق يمحق وثأر يثأر/وبهر يبهر وفغرفاه يفغره. وإذا عرفت هذا ولم تجد فى «يذر» حرفا حلقيّا يستحقّ به أن تفتح عينه، وكان قياسه يذر، بكسر الذال، علمت أن ذاله فتحت حملا على دال «يدع» لاتّفاقهما فى المعنى (¬3). ومثل تكرير المعرفة فى قولهم: لا زيد عندى ولا عمرو، تكرير النكرة إذا فصل بينها وبين «لا» فوجب رفعها فى نحو: لا فى الدار رجل ولا امرأة، كما جاء فى التنزيل {لا فِيها غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ} (¬4) وذلك أن التكرير لا يلزم إذا ركّبت ¬

(¬1) سورة النساء 148. (¬2) سورة الأنعام 90، والشورى 23. (¬3) راجع المجلس الرابع والأربعين. (¬4) سورة الصافات 47.

«لا» فى نحو: لا رجل فى الدار؛ لأنك إذا ركّبتها نفيت بها الجنس، فتناولت العموم. والثالث من ضروبها: استعمالها للنّهي، فينهى بها المواجه والغائب، تقول: لا تقم، ولا يقم زيد، و {لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ} (¬1) و {لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ} (¬2). والرابع: استعمالهم إيّاها دعاء، فأولوها المستقبل والماضى، فالمستقبل كقولك: لا يغفر الله له، وكقول الشاعر (¬3): فلا تشلل يد فتكت بعمرو … فإنّك لن تذلّ ولن تضاما وكقول الفرزدق (¬4): إذا ما خرجنا من دمشق فلا نعد … لها أبدا ما دام فيها الجراضم الجراضم: العظيم البطن. ¬

(¬1) أول سورة الممتحنة. (¬2) سورة آل عمران 28. (¬3) رجل من بكر بن وائل، جاهلىّ. النوادر ص 153، وفصيح ثعلب ص 8، ورسالة الغفران ص 337، والمغنى ص 247، وشرح أبياته 5/ 15، وأنشده ابن الشجرى مرة أخرى فى المجلس الثالث والثمانين. ويروى «ولن تلاما». (¬4) ليس فى ديوانه المطبوع، وينسب للوليد بن عقبة، يعرّض بمعاوية، رضى الله عنهما، فى كثرة أكله. نقائض جرير والأخطل ص 172، وأوضح المسالك 4/ 200، والمغنى ص 247، وشرح أبياته 5/ 17، وشرح الشواهد الكبرى 4/ 420،421، والتصريح على التوضيح 2/ 246. وقد جاءت قافية هذا البيت فى شعر للفرزدق، وهو قوله: فلما تصافنّا الإداوة أجهشت إلىّ غضون العنبرىّ الجراضم ديوانه ص 841.

والماضى كقولك: لا فضّ الله فاك، ولا شلّت (¬1) يداك، ولا غفر الله له، وكقول ابن الرّقيّات (¬2): لا بارك الله فى الغوانى هل … يصبحن إلاّ لهنّ مطّلب والخامس: أنهم نفوا بها الأفعال المستقبلة والحاضرة، فإذا قال: سيفعل أو سوف يفعل، قلت: لا يفعل، ومن ذلك قوله: {إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ} (¬3) فهذا مستقبل محض؛ لأنه جزاء، ومثله: {لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ/قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ} (¬4) وإذا قال: زيد يكتب الآن، قلت: لا يكتب، فنفيت الحاضر، والنّفي بها يتناول فعل المتكلّم وفعل المخاطب، كما يتناول فعل الغائب، فتناوله لفعل المتكلّم، كقولك: لا أخرج اليوم، ولا نسافر غدا، ومثله قوله: {قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً} (¬5). وفعل المخاطب كقولك: إنك لا تزورنا، ومثله: {سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى} (¬6) وقوله: {فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلاّ بِسُلْطانٍ} (¬7) ومنه قراءة ابن عامر: {وَلا تَتَّبِعانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} (¬8) بتخفيف النون. ¬

(¬1) ضبطت الشين فى الأصل بالضم، والصحيح الفتح. نبّه عليه ابن درستويه فى تصحيح الفصيح 1/ 159، وانظر تثقيف اللسان ص 150،151. (¬2) ديوانه ص 3، وتخريجه فيه، وزد عليه ضرورة الشعر ص 59، وما فى حواشيه، والصاهل والشاحج ص 437، والفصول الخمسون ص 273. (¬3) سورة فاطر 14، وانظر دراسات لأسلوب القرآن الكريم 2/ 554، ورحم الله مصنّفه رحمة واسعة. (¬4) سورة الحشر 12. (¬5) تقدمت قريبا. (¬6) سورة الأعلى 6. (¬7) سورة الرحمن 33. (¬8) سورة يونس 89. وتخفيف النون عن ابن عامر، من رواية ابن ذكوان. راجع حجة القراءات ص 336، والكشف 1/ 522، وإبراز المعانى ص 510، والإتحاف 2/ 119.

فإذا نفيت بها فى جواب القسم دخلت على يفعل وعلى فعل، كما كان ذلك فى الدّعاء، تقول؛ والله لا أقوم، وو الله لاقمت، وإنما استعملوا الماضى في هذين الضّربين: الدعاء والقسم، لخفّته، كما استعملوه فى الشّرط. والسادس: أنها تكون ردّا فى الجواب، مناقضة لنعم وبلى، فإذا قال مقرّرا: ألم أحسن إليك؟ قلت: لا أو بلى، وإذا قال مستفهما: هل زيد عندك؟ قلت: لا أو نعم، كما جاء فى التنزيل: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى} (¬1) وجاء فيه: {فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قالُوا نَعَمْ} (¬2). وقد استعملوا «نعم» فى جواب الطّلب والخبر، قال سيبويه: «نعم عدة وتصديق» (¬3)، فإذا قال: هل تزورنا؟ فقال: نعم، فهذا عدة، وكذلك إن قال: زرنى، فقلت: نعم، وإذا قال: زيد رجل صالح، فقلت: نعم، فهذا تصديق. والسابع: أنها تكون عاطفة، تشرك ما بعدها فى إعراب ما قبلها، وتنفى عن الثانى ما ثبت للأول، كقولك: خرج زيد لا بكر، ولقيت أخاك لا أباك، ومررت بحميك لا أبيك (¬4). فإن قلت: ما قام زيد ولا بكر، وما لقيت الزيدين ولا العمرين، فالعطف للواو دونها، لأمرين، أحدهما: أن الواو أمّ حروف العطف. والآخر: أن «لا» لا يعطف بها بعد النفى، لا تقول: ما قام زيد لا بكر، وإذا بطل أن تكون/للعطف فهى زائدة لتوكيد النفى، وكذلك حكم «لكن» ¬

(¬1) سورة الأعراف 172. (¬2) السورة نفسها 44. (¬3) الكتاب 4/ 234، والشرح والتمثيل ليسا فيه. (¬4) حكى هذا عن ابن الشجرىّ: تقىّ الدين السّبكىّ، فى رسالته «نيل العلا فى العطف بلا ص 123 (مجلة معهد المخطوطات-الكويت-المجلد الثلاثون، الجزء الأول-1406 هـ‍-1986 م).

الخفيفة مع الواو، تنفرد الواو دونها بالعطف، وتفيد «لكن» الاستدراك فقط، فى قولك: ما قام زيد ولكن بشر. والثامن: أنهم استعملوها بمعنى «لم» فألزموها الماضى، كقوله تعالى: {فَلا صَدَّقَ وَلا صَلّى} (¬1) أى لم يصدّق ولم يصلّ، ومثله: {فَلا اِقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ} (¬2) ومثله قول الشاعر (¬3): وأيّ خميس لا أفأنا نهابه … وأسيافنا يقطرن من كبشه دما الخميس: الجيش العظيم، وكبش الجيش: رئيسه، ومن ذلك قول الآخر: لا همّ إن الحارث بن جبله … زنا على أبيه ثمّ قتله (¬4) وكان فى جاراته لا عهد له … فأيّ أمر سيّئ لا فعله قوله: «زنا على أبيه» يروى بتخفيف النون وتشديدها (¬5)، فمن رواه مخفّفا فمعناه زنا بامرأته، ومن رواه مشدّدا فأصله: زنّأ، مهموز، ومعناه ضيّق عليه، وهذا القول أوجه، وهى رواية ابن السّكّيت (¬6)، وقال أبو خراش الهذلىّ، وهو يطوف بالبيت: إن تغفر اللهمّ تغفر جمّا … وأيّ عبد لك لا ألماّ (¬7) ¬

(¬1) سورة القيامة 31. (¬2) سورة البلد 11. (¬3) طرفة بن العبد. ديوانه ص 195، ومجاز القرآن 2/ 278، وتأويل مشكل القرآن ص 548، والصاحبى ص 257، وانظر حواشيه. وأفأنا: رددنا، والنّهاب: الغنائم. وانظر الكامل ص 1044. (¬4) فرغت منه فى المجلس الخامس والخمسين. (¬5) بهامش الأصل حاشية: «الصحيح التشديد، بمعنى التضييق، وهو مهموز سقط همزه، وليس من الزنا ألبتّة». (¬6) إصلاح المنطق ص 153. (¬7) وهذا أيضا فرغت منه فى المجلس الثانى والعشرين.

أى لم يلمّ بالذّنوب، وقد ذكرت هذا الفصل فيما تقدّم. والتاسع: استعمالهم «لا» اسما فى قول القائل (¬1): أبى جوده لا البخل واستعجلت به … نعم من فتى لا يمنع الجود قاتله فى قول من جرّ «البخل» بإضافة «لا» إليه، لأن «لا» قد تكون للبخل ولضدّه، وسأبيّن هذا فيما بعد. وقد استعملت العرب بعض الحروف أسماء، وذلك على ضروب، فمنها ما حكته فأقرّته على لفظه، كإقرار «لا ونعم» في هذا البيت على لفظهما، ومنها ما حكته وغيّرت معناه، كعن فى قول قطرىّ بن الفجاءة: ولقد أرانى للرّماح دريئة … من عن يمينى مرّة وأمامى (¬2) أراد: من ناحية يمينى، ومثل ذلك «على» فى قولهم: نزلت من على الجبل، يريدون: من فوق الجبل، كما قال (¬3): غدت من عليه تنفض الطّلّ بعد ما … رأت حاجب الشّمس استوى فترفّعا وممّا استعملوه اسما بمعناه حرفا، كاف التشبيه، فى نحو قول امرئ القيس، يصف فرسا (¬4): ¬

(¬1) مجهول. وتخريج البيت تراه فى كتاب الشعر ص 117، وتنبّه لضبط «قاتله» بالنصب. (¬2) شعر الخوارج ص 45، وتخريجه فى ص 163،164، وأيضا ضرائر الشعر ص 307، وشرح أبيات المغنى 3/ 310، وسيعيده ابن الشجرى فى المجلس التاسع والستين. (¬3) يزيد بن الطّثرية. شعره ص 46، وتخريجه فيه. وقال أبو زيد فى النوادر ص 453: «يعنى الظبية أنها غدت من عند خشفها، أراد من عنده». والخشف بكسر فسكون: ولد الغزال، ويطلق على الذكر والأنثى. (¬4) ديوانه ص 176، وأدب الكاتب ص 505، والفصول الخمسون ص 217، وشرح الجمل 1/ 478، والصحاح (كوف). وسيعيده ابن الشجرى فى المجلس الحادى والسبعين. وابن الماء: طائر، وكل طائر يألف الماء. ثمار القلوب ص 263.

فرحنا بكابن الماء يجنب وسطنا … تصوّب فيه العين طورا وترتقى وجعله الأعشى اسما بإسناد الفعل إليه، فى قوله (¬1): أتنتهون ولن ينهى ذوى شطط … كالطّعن يهلك فيه الزّيت والفتل واستعمال الحرف اسما بلفظه أقيس؛ لأنك تنزّله منزلة الاسم المبنيّ، كقولك: هل حرف استفهام، ومن حرف تبعيض، ولم حرف نفى، فإن قلت: هل حرف استفهام، ولم حرف نفى، فنزّلته منزلة دم وغد، فجيّد. وقد استعملوا حروفا أسماء على ضربين: ضرب أعربوه ونوّنوه، وضرب أعربوه ونوّنوه وشدّدوا آخره، كما قال (¬2): إنّ ليتا وإنّ لوّا عناء وضرب جمعوا فيه الألف واللام والتشديد، فمن ذلك ما حكاه الخليل، قال: «قلت لأبى الدّقيش: هل لك فى زبد وتمر؟ فقال: أشدّ الهلّ وأوحاه (¬3)» وجاء فى شعر أبى نواس (¬4): ¬

(¬1) ديوانه ص 63، وتخريجه فى كتاب الشعر ص 256، وأيضا شرح الحماسة ص 1081، والموضع السابق من شرح الجمل. ويأتى فى المجلس الحادى والسبعين. (¬2) أبو زبيد الطائى. ديوانه ص 24، وتخريجه فى ص 155، ومعجم الشواهد ص 23، وصدره: ليت شعرى وأين منّى ليت (¬3) العين للخليل 3/ 352، والنص هناك بين علامتى زيادة لم ينصّ على مصدرها، والراجح أنها من التهذيب 5/ 363، والنص بتمامه: «وقال الخليل لأبى الدّقيش: هل لك فى الرّطب؟ قال: أشدّ هل وأوحاه، فخفّف، وبعض يقول: أشدّ الهلّ وأوحاه، بتثقيل»، وانظر زيادة بيان فى اللسان (هلل) وقوله «أوحاه» أى أعجله وأسرعه. و «أبو الدّقيش» من فصحاء الأعراب، أخذ عنه أشياخ اللغة الأوائل، ولم يعرف إلاّ بكنيته. انظر خبره فى مراتب النحويين ص 40. (¬4) من أرجوزته الشهيرة فى الفضل بن الربيع، وزير الرشيد والأمين. وبعد هذا المنهوك: فيمن إذا غبت حضر تفسير أرجوزة أبى نواس، لابن جنى ص 208، واللسان (هلل).

هل لك والهلّ خير ومن المعرب المنوّن قول المتنبّى (¬1): من اقتضى بسوى الهندىّ حاجته … أجاب كلّ سؤال عن هل بلم يقول: من اقتضى بسوى السيف حاجته أجاب كلّ سؤال يقال فيه: هل قضيت حاجتك؟ بقوله: لم تقض، وأراد بالحاجة هاهنا ما عظم من المطالب التى/ لا يكاد مثلها يدركه طالبه إلاّ بالسيف. وذهب بعض الكوفيّين فى قولهم: غضبت من لا شيء، وخرجت بلا زاد (¬2)، يريدون: من غير شيء، وبغير زاد، إلى أن «لا» فى هذا النحو اسم لدخول الخافض عليها، وقيامها مقام «غير» قال: وكذلك إذا استعملت فى وصف النكرة، كما جاء فى التنزيل: {إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ} (¬3) وكما جاء: {وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ. لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ} (¬4) ومثله: {وَفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ. لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ} (¬5) وأنشد للأسود بن يعفر (¬6): تحيّة من لا قاطع حبل واصل … ولا صارم قبل الفراق قرينا بخفض «قاطع وصارم» قال: أراد تحيّة إنسان غير قاطع حبل من يصله، قال: وتقول: مررت برجل لا كريم ولا شجاع، بالخفض على ما تقدّم، ولا كريم ¬

(¬1) ديوانه 4/ 160، وانظره بشرح الواحدى ص 721، وشرح مشكل شعر المتنبى ص 310. (¬2) تقدم هذا فى المجلس الحادى والثلاثين، وانظر أيضا الأصول 1/ 380، والجنى الدانى ص 301، والأزهية ص 169، وأوضح المسالك 2/ 5. (¬3) سورة البقرة 68. و «فارض» تعرب بالرفع، على أنها خبر لمبتدإ محذوف، أو على أنها نعت لبقرة. و «دخلت» «لا» هنا لمعنى النفى فقط، وتركت الإعراب بحاله، كأنها غير موجودة. معانى القرآن للأخفش ص 103، ومشكل إعراب القرآن 1/ 53، وضعّف أبو حيان الرفع على إضمار المبتدأ، قال: لأن الأصل الوصف بالمفرد. البحر 1/ 251، وانظر البرهان 4/ 360. (¬4) سورة الواقعة 43،44. (¬5) السورة نفسها 32،33. (¬6) ديوانه ص 63، والنوادر ص 195.

ولا شجاع، بالرفع على إضمار «هو» قال: وقبيح أن تقول: لا كريم أو لا كريم، وتسكت، وربّما جاء فى الشعر بغير تكرير، وأنشد: وأنت امرؤ منّا خلقت لغيرنا … حياتك لا نفع وموتك فاجع (¬1) ومذهب البصريّين أنّ العامل فى المجرور من قولهم: غضبت من لا شيء ونحوه هو الجارّ، تخطّى «لا» إلى العمل فيما بعدها، وأنّ «لا» حرف وإن أدّت معنى «غير». قال أبو سعيد، فى شرح الكتاب: دخلت «لا» مكان «غير» فى قولك غضبت من لا شيء، و «لا» حرف فلا يقع عليه حرف الخفض، فوقع حرف الخفض على ما بعد «لا» وعلى هذا: «ما كان إلاّ كلا شيء» أى كغير شيء، وقال سيبويه فى قول جرير: ما بال جهلك بعد الحلم والدّين … وقد علاك مشيب حين لا حين (¬2) إنما هو: حين حين، و «لا» بمنزلة «ما» إذا ألغيت. والعاشر: أنهم زادوها توكيدا للكلام، كزيادتها (¬3) فى قوله تعالى: {لِئَلاّ يَعْلَمَ} ¬

(¬1) ينسب إلى رجل من بنى سلول، وإلى الضّحاك بن هنّام [بالنون] الرّقاشى. الكتاب 2/ 305، وشرح أبياته 1/ 520، والمقتضب 4/ 360، وشرح ما يقع فيه التصحيف ص 405، وتصحيفات المحدّثين ص 611، وديوان المعانى 1/ 179، والخزانة 4/ 36، وفى حواشيها فضل تخريج. والبيت فى زهر الآداب ص 652، برواية «حياتك لا ترجى» وعليها يفوت الاستشهاد. وقد أشار إليها ابن السيرافى، فى شرح أبيات الكتاب. والمخاطب بهذا الشعر: الحضين [بالضاد المعجمة] بن المنذر. يقول: هو منّا فى النّسب إلاّ أن نفعه لغيرنا، فحياته لا تنفعنا لعدم مشاركته لنا، وموته يفجعنا لأنه أحدنا. (¬2) تقدّم فى المجلس الحادى والثلاثين. وانظر أيضا مجاز القرآن 1/ 212، وضرائر الشعر ص 76. (¬3) راجع دراسات لأسلوب القرآن الكريم 2/ 569.

{أَهْلُ الْكِتابِ} (¬1) المراد: لأن يعلم أهل الكتاب أنهم لا يقدرون على شيء من فضل الله، وممّا زيدت فيه قوله تعالى: {ما مَنَعَكَ أَلاّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} (¬2) أراد: ما منعك أن تسجد، كما قال فى الأخرى: {ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} (¬3). ومن مواضع زيادتها المطّردة مجيئها بعد النفى، مؤكّدة له فى نحو قوله تعالى: {ما جَعَلَ اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حامٍ} (¬4) وقد تجيء مؤكّدة للنفى فى غير موضعها الذى تستحقّه، كقوله: {وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ وَلا الْمُسِيءُ} (¬5) المعنى: وما يستوى الذين آمنوا وعملوا الصالحات والمسيء؛ لأنك تقول: ما يستوى زيد وعمرو، ولا تقول: ما يستوى زيد، فتقتصر على واحد، ومثله: {وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ} (¬6). وممّا زيدت فيه قوله تعالى: {وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ} (¬7) المعنى: حرام على قرية أهلكناها رجوعهم إلى الدنيا. وقد تزاد لإزالة الاحتمال، فى نحو قولك: ما قام زيد ولا عمرو، وذلك أنك إذا قلت: ما قام زيد وعمرو، احتمل أنهما لم يقوما معا، ولكن قام كلّ واحد منهما منفردا، فإذا زدت «لا» زال هذا الاحتمال، وصار إعلاما بأنهما لم يقوما ألبتّة. وممّا زيدت فيه «لا» قول العجّاج (¬8): ¬

(¬1) آخر سورة الحديد. (¬2) سورة الأعراف 12، وانظر دراسات لأسلوب القرآن الكريم 2/ 570. (¬3) سورة ص 75. (¬4) سورة المائدة 103. (¬5) سورة غافر 58. وحكى الزركشىّ هنا كلام ابن الشجرى. البرهان 4/ 357. (¬6) سورة فصلت 34. (¬7) سورة الأنبياء 95، وانظر الدراسات 2/ 572. (¬8) ديوانه ص 14، ومعانى القرآن 1/ 8، ومجاز القرآن 1/ 25 - وفهارسه-وتفسير-

فى بئر لا حور سرى وما شعر معناه: فى بئر حور، أى فى بئر هلاك، وكذلك هى فى قول الآخر (¬1): وما ألوم البيض أن لا تسخرا … إذا رأين الشّعر القفندرا القفندر: القبيح المنظر، وقال آخر: مخافة أن لا يجمع الله بيننا … ولا بينها أخرى اللّيالى الغوابر (¬2) الغوابر: البواقى (¬3)، فأما قوله: أبى جوده لا البخل واستعجلت به … نعم من فتى لا يمنع الجود قاتله (¬4) /فقد روى بنصب «البخل (¬5)» وجرّه، فنصبه على أن تكون «لا» زائدة، فالمعنى: أبى جوده البخل، وجرّه على إخراج «لا» من الحرفية إلى الاسميّة، وإضافتها إليه، لأن «لا» تكون للبخل ولغير البخل، فأراد أنه يمتنع من «لا» التى للبخل خاصّة، فمثال التى للبخل أن يقول له: هل تجود عليّ بدرهم؟ فيقول: لا، ومثال التى لغير البخل: أن يقول له: هل تمنعنى عطاءك؟ فيقول: لا. ¬

= الطبرى 1/ 190، والخصائص 2/ 477، وشرح المفصل 8/ 136، والخزانة 4/ 51، وتهذيب اللغة 5/ 228 (حور)،15/ 418 (لا). وغير ذلك كثير. (¬1) أبو النجم العجلى. ديوانه ص 121، وتفسير الطبرى 1/ 190، والجمل المنسوب للخليل ص 302، وغير ذلك كثير، مما تراه فى تخريج الديوان ص 248، ومعجم الشواهد ص 474. (¬2) من غير نسبة فى معانى القرآن للفراء،3/ 147، عن بعض بنى كلاب، والأضداد لابن الأنبارى ص 129، والزاهر له 2/ 336. والزائد هنا هو «لا» الثانية. قال الفراء: «معناه: إرادة ألاّ يجمع الله بيننا وبينها، فوصل بلا». وقول الشاعر: «أخرى الليالى الغوابر»، وجدته فى شعر المجنون، وابن الدمينة. راجع ديوان الأول ص 151 - وفيه «الغوائر» تصحيف، وديوان الثانى ص 45. (¬3) وهو من الأضداد، يقال: غابر، للماضى، وللباقى. (¬4) تقدّم قريبا فى هذا المجلس. (¬5) راجع كتاب الشعر ص 117.

والحادى عشر: أنهم غيّروا بلا أربعة أحرف، فنقلوهنّ عمّا وضعن له إلى غيره، وهنّ: لو وهل وأن وهمزة الاستفهام، فقالوا: لولا وهلاّ وألاّ وأ لا، خفيفة اللام. فأما «لو» فنقلوها من امتناع الشىء لامتناع غيره، إلى معنيين، أحدهما (¬1): التّحضيض فى نحو: لولا تكرم زيدا. والثانى: امتناع الشىء لوجود غيره فى نحو: لولا زيد لجئتك. وأما «هل» فنقلوها من الاستفهام إلى التحضيض، فى قول عنترة: هلاّ سألت الخيل يا ابنة مالك … إن كنت جاهلة بما لم تعلمى (¬2) الباء هاهنا بمعنى «عن» فهى متعلّقة بسألت، كما جاء فى التنزيل: {فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً} (¬3) أى فاسأل عنه. وأما «أن» فهى المصدريّة أو المفسّرة التى بمعنى «أى» فى قوله تعالى: {وَاِنْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ اِمْشُوا} (¬4) معناه: أى امشوا، أفادت بتركيبها مع «لا» التحضيض فى نحو: ألاّ تعطى بكرا. وأمّا الهمزة فإنهم لمّا ركّبوها مع «لا» صلحت للتحضيض، فى نحو: ألا تكرم أخاك! وللتمنّى فى نحو: ألا ماء أشربه (¬5)! ولاستفتاح الكلام فى نحو: {أَلا} ¬

(¬1) تقدّم هذا فى المجلس السادس والستين. (¬2) فرغت منه فى المجلس الخامس والثلاثين. (¬3) سورة الفرقان 59. (¬4) الآية السادسة من سورة ص. (¬5) الكتاب 1/ 227،269،2/ 307، والأصول 1/ 396،407، والمسائل المنثورة ص 105. وانظر المجلس الرابع والخمسين. وقد وضع ناسخ أصل الأمالى فتحة واحدة فوق «ماء» وكتب فوقها «خف» أى بالتخفيف دون تنوين. وهذا هو حكم ذلك التركيب إذا أريد به التمنى، يكون ما بعد «لا» منصوبا على أنه اسمها. أما-

{إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ} (¬1). فهذه وجوه «لا» لم أخلّ منها بشيء، وسأذكر وجوه «ما» موضّحة بتوفيق الله وحسن إعانته. ... ¬

= إذا أريد الطلب، فتكون «ألا» للتحضيض، وما بعدها منصوب بإضمار فعل، كما قالوا فى قول عمرو ابن قعاس المرادى: ألا رجلا جزاه الله خيرا يدلّ على محصّلة تبيت (¬1) إن التقدير: ألا ترونى رجلا. . . . راجع الكتاب 2/ 307،308. وقد كتبت هذا الكلام لأنى رأيت بعضهم قد خلّط فى المسألة، ونقل عن سيبويه «ألا ماءً ولبنا». وهذا يقتضى التنوين. والذى فى سيبويه-بطبعتيه: البولاقية والهارونية «ألا ماء» بهمزة خفيفة، وهو مراد سيبويه، وهو الصواب إن شاء الله. وانظر تحرير المسألة فى المقتضب 4/ 382 - 386، وحواشيه.

المجلس الثامن والستون تصرف «ما» فى المعانى كتصرف «لا»

المجلس الثامن والستون تصرّف «ما» فى المعانى كتصرّف «لا» وهي (¬1) تنقسم إلى ضربين: اسم وحرف. /فالاسميّة تنقسم إلى ستّة أضرب، وكذلك الحرفيّة. فالضّرب الأوّل من ضروب الاسميّة: كونها شرطيّة، كقولك: ما تولنى من صنيع أشكرك عليه، فما فى موضع نصب، بوقوع الفعل الشّرطيّ عليها، ومثله فى التنزيل: {وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ} (¬2). فإن قلت: ما تسده إليّ من جميل أعترف لك به، فما فى موضع رفع بالابتداء، لأنك شغلت الفعل عنها بالهاء. والثانى: كونها استفهاميّة، كقولك: ما معك؟ ف‍ «ما» فى موضع رفع بالابتداء، ومثله: {وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى} (¬3) فإن قلت: ما أخذت؟ كانت فى موضع نصب؛ لأن الفعل غير مشغول عنها. فإن أدخلت عليها حرف خفض لزمك فى الأغلب حذف ألفها فى اللفظ والخطّ، تقول: عمّ سألت؟ وفيم جئت؟ فرّقوا بهذا بينها وبين الخبريّة التى بمعنى ¬

(¬1) حكى صدر هذا الكلام، والكلام على «ما» الاستفهامية، الإمام النّووىّ، فى تهذيب الأسماء واللغات-الجزء الثانى من القسم الثانى ص 132،133، وأثنى على ابن الشجرى ثناء عظيما. (¬2) سورة البقرة 197. (¬3) سورة طه 17.

الذى، كما جاء فى التنزيل: {عَمَّ يَتَساءَلُونَ} (¬1) {وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمّا يَعْمَلُونَ} (¬2)، وقال فى الاستفهامية: {فَبِمَ تُبَشِّرُونَ} (¬3) وفي الخبريّة {بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ} (¬4)، وقال جرير: يا آل بارق فيم سبّ جرير (¬5) ومن المجرور بمن قوله تعالى: {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ} (¬6) وباللام: {فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللهِ} (¬7) ومن العرب من يقول: لم فعلت، بإسكان الميم، قال ابن مقبل (¬8): أأخطل لم ذكرت نساء قيس … فما روّعن منك ولا سبينا وقال آخر: يا أبا الأسود لم خلّيتنى … لهموم طارقات وذكر (¬9) ومن العرب من يثبت الألف فيقول: لما تفعل كذا؟ وفيما جئت؟ وعلى ما تسبّني؟ ¬

(¬1) أول سورة النبأ. وراجع دراسات لأسلوب القرآن الكريم 3/ 9،97. (¬2) سورة الأنعام 132. (¬3) سورة الحجر 54، وراجع أوجه القراءة فى هذه الآية، فى المجلس السادس والستين. (¬4) سورة البقرة 4، والنساء 60. (¬5) تمامه: قد كان حقّك أن تقول لبارق يخاطب بشر بن مروان، فى شأن تفضيل سراقة البارقى شعر الفرزدق على شعر جرير. الديوان ص 366، والأغانى 8/ 19، والمقاييس 1/ 161، واللسان (لوم). (¬6) الآية الخامسة من سورة الطارق. (¬7) سورة البقرة 91. (¬8) ديوانه ص 312، والخزانة 7/ 109، استطرادا عن ابن الشجرى. وجاء فى ديوان تميم بن أبيّ ابن مقبل أن الأخطل هنا هو «غياث بن غوث» الشاعر الأموى الشهير. قلت: وفى هذا نظر؛ فإن «تميما» من المخضرمين، وهو وإن كان قد عمّر حتى أدرك معاوية، فإنه حين توفى كان «الأخطل» شابا. وبعيد أن ينهض شاعر كبير لشاعر صغير! على أن الأمر منوط بتحقيق وفاة «تميم». وليس هنا موضع تحقيق ذلك. (¬9) معانى القرآن 1/ 466، والإنصاف ص 211،299، وشرح المفصل 9/ 88، والمغنى ص 299، وشرح أبياته 5/ 219، وشرح شواهد الشافية ص 224، والخزانة 7/ 108، والهمع 2/ 211 -

قال حسّان (¬1): على ما قام يشتمنى لئيم … كخنزير تمرّغ فى دمان الدّمان: السّرجين (¬2). وقال آخر: /أنّا قتلنا بقتلانا سراتكم … أهل اللّواء ففيما يكثر القيل (¬3) ¬

= و «ذكر» بكسر ففتح، حكى البغدادى فى الخزانة 7/ 110 قال: «قال الشاطبىّ فى شرح الألفية: هو جمع ذكرى على خلاف القياس؛ لأنّ شرط الجمع على فعل أن يكون مفرده فعلة، مكسور الفاء مؤنّثا بالتاء، وقال الدمامينىّ: هو جمع ذكرى، وهو نقيض النسيان، أو جمع ذكرة بمعنى ذكرى، وهو على الأول محفوظ، وعلى الثانى مقيس». (¬1) ديوانه ص 258، والتخريج فيه، وزد عليه: معانى القرآن 2/ 292، والتكملة ص 27، وشرحها المسمى إيضاح شواهد الإيضاح ص 382، والمحتسب 2/ 347، والأزهية ص 84، وتفسير الطبرى 19/ 98 (سورة النمل)، والقرطبى 13/ 200، والضرائر ص 80، وشرح الجمل 1/ 415، 586، وشرح المفصل 4/ 9، وشرح الشواهد الكبرى 4/ 454،455، وشرح أبيات المغنى 5/ 220، وغير ذلك مما تراه فى حواشى المحققين. والرواية فى ديوان حسان رضى الله عنه: ففيم تقول يشتمنى لئيم كخنزير تمرّغ فى رماد وعليها يفوت الاستشهاد. وقد صحّح أهل العلم رواية «رماد» لأن البيت من قصيدة داليّة. (¬2) قال ابن هشام: «والدّمان كالرّماد وزنا ومعنى. ويروى «فى رماد» فلذلك رجحته على تفسير ابن الشجرى له بالسّرجين» المغنى ص 299. وعلّق البغدادى فى شرحه لأبيات المغنى، على ذلك فقال: «وردّه إنما يصحّ بعد الثبوت، وإنما الرواية «فى رماد». انتهى. والسّرجين: هو الزّبل، أو البعر، وهى كلمة أعجميّة. قال الأصمعىّ: لا أدرى كيف أقوله، وإنما أقول: روث. المعرّب ص 186، والمصباح المنير (سرج). (¬3) البيت من غير نسبة فى معانى القرآن للفرّاء 2/ 292،375، والأزهية ص 84، والمغنى ص 299، ودلّنا البغدادىّ، رحمه الله، على أنه من قصيدة لكعب بن مالك، رضى الله عنه، أجاب بها ضرار بن الخطاب، وعمرو بن العاص، لمّا افتخرا، بانكشاف المسلمين يوم أحد. شرح أبيات المغنى 5/ 223 - 225، والخزانة 6/ 105 - 107، والقصيدة فى ديوان كعب ص 255. وقوله: «أنّا قتلنا» بفتح الهمزة؛ لأنها مع معمولها فى تأويل مصدر مفعول لأبلغ فى بيت قبله كما يأتى. وروى: أن قد قتلنا. فتكون «أن» مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير الشأن. قاله البغدادىّ. والرواية الثانية هى رواية الديوان. والبيت السابق هو: -

وقال آخر (¬1): فتلك ولاة السّوء قد طال عهدها … فحتّام حتّام العناء المطوّل وإنما يستفهمون ب‍ «ما» عن غير ذوى العقل (¬2) من الحيوان وغيره، فإذا قال: ما معك؟ قلت: فرس أو جمل أو ثوب أو دينار، أو نحو ذلك، وقد يستفهمون بها عن صفات ذوى العقل، نحو أن يقول: من عندك؟ فتقول: زيد، فلا يعرفه باسمه فيقول: وما زيد؟ فتقول: شابّ عطّار، أو شيخ بزّاز، أو كهل تميميّ، أو نحو ذلك، كما جاء فى التنزيل: {قالَ فِرْعَوْنُ وَما رَبُّ الْعالَمِينَ} (¬3). وقال بعض النحويّين: إنها قد تجيء بمعنى «من» واستشهد بقوله تعالى: {فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ} (¬4) قال: المعنى: فمن يكذّبك؟ لأن التكذيب لا يكون إلاّ من الآدميّين، واستشهد أيضا بما حكاه أبو زيد عن العرب، فى «ما» الخبرية: «سبحان ما سخّركنّ لنا (¬5)». والثالث: كونها خبريّة، تلزمها الصّلة، فتأتى بمعنى الذى أو التى أو الذين، ¬

= أبلغ قريشا وخير القول أصدقه والصّدق عند ذوى الألباب مقبول ويبقى أن أذكر أن «القيل» الكلمة الأخيرة فى البيت الشاهد قد جاءت فى أصل معانى القرآن للفراء «القتل»، وقد تصحّفت أيضا على بعض أهل العلم، فبنوا عليها خطأ عروضيّا، وهو أن البيت غير مردوف، وكان واجبا فيه. ذكر ذلك ودفعه العلاّمة البغدادىّ فى كتابيه. (¬1) الكميت. شرح الهاشميات ص 160، والمغنى ص 299، وشرح أبياته 5/ 215، وشرح الشواهد الكبرى 4/ 111، ومعجم الشواهد ص 280. (¬2) راجع دراسات لأسلوب القرآن الكريم 3/ 42، ومراجعه، وادع لمؤلّفه. (¬3) سورة الشعراء 23. (¬4) سورة التين 7، وممن ذهب إلى أن «ما» هنا بمعنى «من» الفراء، فى معانى القرآن 3/ 277، وانظر البحر 8/ 490، وهذا على أن الخطاب للنبىّ عليه السلام. وقيل: إن الخطاب للإنسان، فتكون «ما» على بابها من الاستفهام، أى: فما يحملك أيها الإنسان المكذّب بعد هذه الدلائل والحجج؟ انظر تفسير الطبرى 30/ 160، وإعراب القرآن للنحاس 3/ 736. (¬5) المقتضب 2/ 296، والأصول 2/ 135، والبغداديات ص 265، وشرح الحماسة ص 1398، والأزهية ص 95، وشرح المفصل 4/ 5،6، وشرح الجمل 1/ 173، والخزانة 6/ 57.

فهى فى التزامها للصّلة مخالفة للاستفهاميّة والشّرطيّة، فمن ذلك قوله تعالى: {إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ} (¬1) المعنى: إن الذى صنعوه. وحقّها إذا جاءت بعد «إنّ» أن تكتب منفصلة للفرق بينها وبين «ما» الكافّة فى نحو: {إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ} (¬2) ولكنها جاءت على غير القياس متّصلة فى قوله تعالى: {إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ} وجاءت على القياس منفصلة فى قوله: {إِنَّ ما تُوعَدُونَ لَآتٍ} (¬3). فأما قوله جلّ وعز: {ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ} (¬4) فقرأ أبو عمرو: «آلسّحر»؟ بمدّ الألف، وقرأه الباقون خبرا، ف‍ «ما» على قراءة أبى عمرو استفهاميّة، وهى فى محلّ الرفع بالابتداء، والجملة التى هى {جِئْتُمْ بِهِ} الخبر، وقوله: «آلسّحر» فى رفعه قولان، أحدهما: قول أبى علىّ، وهو أن يكون بدلا من «ما» فإذا قدّرت إيقاعه فى موضع «ما» صار: أالسّحر جئتم به؟ /والقول الآخر: أن تجعله خبر مبتدأ محذوف، تقديره: أهو السّحر؟ وإن شئت: أالسّحر هو؟ تقدّره خبرا. فإن قيل: ما وجه الاستفهام مع علم موسى أنه سحر؟ فإنّه على وجه التقرير (¬5)، كما قال: {أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنّاسِ اِتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ} (¬6) وهذا يقع فى الكلام كثيرا. ¬

(¬1) سورة طه 69. (¬2) سورة الرعد 7، بتنوين الراء، وسورة النازعات 45، بغير تنوين. وراجع هذه القاعدة فى أدب الكاتب لابن قتيبة ص 235، وأدب الكتّاب للصولى ص 258، وكتاب الكتّاب لابن درستويه ص 51. (¬3) سورة الأنعام 134. وانظر المقنع ص 73، وجمال القرّاء ص 639. (¬4) سورة يونس 81. وراجع السبعة ص 328، والإتحاف 2/ 118. (¬5) راجع مشكل إعراب القرآن 1/ 389، والكشف 1/ 521. (¬6) سورة المائدة 116.

وأمّا من قرأ: {ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ} خبرا، فما موصولة بمعنى الذى، و {جِئْتُمْ بِهِ} صلتها، وموضعها رفع بالابتداء، والسّحر خبرها. قال أبو على: ويقوّى هذا الوجه أنّ فى حرف عبد الله: «ما جئتم به سحر» (¬1) قال: وزعموا أنّ إلحاق الهمزة فى {السِّحْرَ} قراءة مجاهد وأصحابه (¬2). وأمّا قوله: {قالُوا يا مُوسَى اِجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ} (¬3) فالتقدير: اجعل لنا إلها مثل التى هى لهم آلهة، وحذف المبتدأ من الصّلة كما حذف فى قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ} (¬4) أى هو الذى هو فى السّماء إله، لا بدّ من هذا التقدير؛ لأنك إن حكمت بأنّ قوله {إِلهٌ} مبتدأ و {فِي السَّماءِ} خبره، لم يكن في الجملة عائد على {الَّذِي} ومثله حذف المبتدأ العائد على الذي، فى قراءة من قرأ: {تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ} (¬5) برفع {أَحْسَنَ} التقدير: الذى هو أحسن، ومثله قراءة رؤبة: {إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً} (¬6) برفع {بَعُوضَةً} فالتقدير: أن يضرب الذى هو بعوضة مثلا، وعلى هذا حمل الأخفش قول الشاعر (¬7): ¬

(¬1) راجع المغنى ص 298، وتفسير القرطبى 8/ 368، والبحر 5/ 182،183. وانظر شواذّ القراءات ص 58. (¬2) ذكره الفراء فى معانى القرآن 1/ 475. (¬3) سورة الأعراف 138. وانظر خلاف أهل العلم فى «ما» هنا. فى دراسات لأسلوب القرآن الكريم 3/ 23،73، ثم انظر الخزانة 10/ 205. (¬4) سورة الزخرف 84. وراجع المجلسين: الحادى عشر، والحادى والثلاثين. (¬5) سورة الأنعام 154، وسبق تخريج هذه القراءة فى المجلس الحادى عشر. (¬6) سورة البقرة 26، وهى قراءة ناس من بنى تميم أيضا، على ما ذكر الأخفش فى معانى القرآن ص 53، وانظر أيضا الكتاب 2/ 138، ومعانى القرآن للفراء 1/ 22، وللزجاج 1/ 104، والمحتسب 1/ 64، ومختصر فى شواذ القراءات ص 4، والبحر 1/ 123. (¬7) زياد الأعجم. الأزهية ص 74، وشرح ابن عقيل 2/ 32، وتذكرة النحاة ص 311، وشرح الشواهد الكبرى 4/ 346، وشرح الأشمونى 2/ 231، والخزانة 10/ 204. والحمر: جمع حمار. والحبطات: بفتح الحاء المهملة، وكسر الباء الموحّدة، وهم بنو الحارث بن عمرو بن تميم. المعارف ص 76. وانظر سرح العيون ص 389، وتعقّب البغدادى له فى الخزانة 10/ 213.

وجدنا الحمر من شرّ المطايا … كما الحبطات شرّ بنى تميم قال: معناه: كالذين هم الحبطات، قال: وإن شئت جعلت «ما» زائدة، وجررت «الحبطات» بالكاف. انتهى كلامه. وأقول: إنّ هذا الوجه عندى أجود من الأول. وأما قوله تعالى: {وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ} (¬1) ف‍ «ما» تحتمل وجهين، أحدهما: أن تكون بمعنى الذى، وهى مرفوعة الموضع بالابتداء، و {بِكُمْ} صلتها، ومعنى بكم: فيكم، وقوله: {مِنْ نِعْمَةٍ} /فى موضع حال من المضمر فى الظّرف، وقوله: {فَمِنَ اللهِ} هو الخبر، وجاز دخول الفاء فى الخبر، لأن الصّلة ظرف، وإنما جيء بالفاء فى خبر الموصول بالظّرف كما يجاء بها في خبر الموصول بالفعل، ألا ترى أنهم قد نزّلوا الظرف إذا وصفوا به منزلة الفعل إذا وصفوا به، فقالوا: كلّ رجل فى الدار فله درهم، كما قالوا: كلّ رجل يأتينى فله درهم. وإذ (¬2) تنزّل الظرف منزلة الفعل فإن الظرف متى وقع صلة جاز دخول الفاء فى خبر المبتدأ الموصول به، كدخولها فى جواب الشرط، تقول: الذى يزورنى فله (¬3) درهم، وعلى ذلك جاء {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ} (¬4). وقد دخلت الفاء فى خبر الموصول إذا كان اسم إنّ، وهذا أشدّ من دخولها فى خبره إذا كان مبتدأ، لأن دخولها فى خبره إنما هو لتشبيه صلته: الشّرط، والأسماء الشرطيّة حكمها حكم الاستفهامية، فى لزومها صدر الكلام، فلا يعمل فيها عامل لفظىّ، إلا أن يكون خافضا. ¬

(¬1) سورة النحل 53. (¬2) فى الأصل: وإذا. (¬3) إذا تضمّن المبتدأ معنى الشرط جاز دخول الفاء على خبره. انظر بيان ذلك فى الكتاب 3/ 102، والكامل ص 822، والمقتضب 3/ 195، وشرح المفصل 1/ 99، والمغنى ص 165. (¬4) سورة البقرة 274.

فممّا دخلت الفاء فى خبره مع عمل «إنّ» فيه، الموصول فى قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اِسْتَقامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ} (¬1) وفى قوله: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ} (¬2) وفى قوله: {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ} (¬3). والوجه الثانى في قوله: {وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ} فى قول بعض البغداديّين: أن تكون (¬4) «ما» شرطيّة، والفعل الذى هو الشرط مضمر، والتقدير: ما يكن بكم من نعمة فمن الله، واستشهد بقول الشاعر (¬5): إن العقل فى أموالنا لا نضق به … ذراعا وإن صبرا فنصبر للصّبر أراد: إن يكن العقل، أى إن تكن الدّية، وقوله: «وإن صبرا» أى وإن نصبر صبرا، بمعنى نحبس حبسا، ومنه قوله تعالى: {وَاِصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ} (¬6) ومنه قول عنترة: ¬

(¬1) سورة الأحقاف 13. (¬2) الآية العاشرة من سورة البروج. (¬3) الآية الثامنة من سورة الجمعة. (¬4) ذهب إلى هذا أبو زكريا الفراء الكوفىّ، فى معانى القرآن 2/ 104، وهذا مما يقوّى أن «البغداديين» هم الكوفيون. وانظر تقدمتى لكتاب الشعر ص 55، وانظر إعراب القرآن للنحاس 2/ 212. (¬5) هدبة بن خشرم، من أبيات يخاطب فيها معاوية رضى الله عنه. الأغانى 21/ 264، والكامل ص 1453. والبيت الشاهد فى الكتاب 1/ 259، ومعانى القرآن 2/ 105، والجمل المنسوب للخليل ص 112، والمغنى ص 302، وشرح أبياته 5/ 234، والخزانة 9/ 337، استطرادا. والبيت أورده ابن الشجرى شاهدا على إضمار فعل الشرط قبل «العقل» كما فعل الفراء من قبله، وابن هشام من بعده. لكنّ سيبويه رواه: فإن تك فى أموالنا لا نضق بها ذراعا وإن صبر فنصبر للصبر واستشهاده فى العجز فقط، على أنه يجوز فى «صبر» الرفع والنصب، فالرفع على تقدير «إن وقع صبر» أو «إن كان فينا صبر» والنصب على تقدير: إن كان الذى يقع ويجب صبرا. وذكره فى (باب ما يضمر فيه الفعل المستعمل إظهاره بعد حرف). (¬6) سورة الكهف 28.

/فصبرت عارفة لذلك حرّة … ترسو إذا نفس الجبان تطلّع (¬1) والرابع: أن تكون تعجّبيّة، نحو: ما أكرم زيدا، وما أظرفه، وقيل فى قوله تعالى: {قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ} (¬2) إنه تعجّب، والتعجّب لا يكون من القديم سبحانه، لأن التعجّب إنما يكون ممّا ظهر حكمه وخفى سببه، والله لا تخفى عليه خافية، ولكنه يحمل على أنه مستحقّ أن يقال له: ما أكفره، وكذلك يقال في قول من ذهب إلى أن قوله: ما أكفره، استفهام. وما التعجبيّة فى تقدير: شيء، وموضعها رفع بالابتداء، وخبرها ما بعدها من الفعل والفاعل والمفعول؛ لأن أفعل التعجّبيّ فعل ماض بإجماع البصريّين (¬3)، ففاعله مضمر عائد على «ما» فالتقدير فى قولك: ما أحسن أخاك! على مذهب الخليل وسيبويه: شيء أحسن أخاك. وذهب الأخفش إلى أنها موصولة بمعنى الذى، والجملة التى هى أفعل وفاعله ومفعوله صلتها، وأنها مبتدأ خبره محذوف، فالتقدير: الذى أحسن أخاك شيء. وقول الخليل وسيبويه أصحّ؛ لأن التعجّب فى الإبهام بمنزلة الشرط والاستفهام، فإذا حكم بأنّ «ما» التعجبيّة موصولة، فإن الصّلة تخرجها من الإبهام، من حيث كانت الصّلة موضّحة للموصول. ويقوّى مذهب الخليل وسيبويه أن الكلام على قولهما تامّ غير مفتقر إلى تقدير محذوف، وأن هذا الخبر المقدّر، فبما ذهب إليه الأخفش، لم يظهر فى شيء من كلامهم. والخامس: أن تكون «ما» اسما منكورا تلزمه الصّفة (¬4)، كقولك: مررت بما ¬

(¬1) فرغت منه فى المجلس الثانى والعشرين. (¬2) سورة عبس 17. (¬3) تقدّم هذا بتوسّع فى المجلس التاسع والخمسين. (¬4) راجع دراسات لأسلوب القرآن الكريم 3/ 3.

معجب لك، ورأيت ما معجبا لك، أى شيئا معجبا لك، وكذلك هى في قولك: نعم ما فعلت، وبئس ما صنعت، أى نعم شيئا فعلته، وبئس شيئا صنعته، ومنه «ما» فى قول الشاعر (¬1): /ربّما تكره النّفوس من الأم‍ … ر له فرجة كحلّ العقال أراد: ربّ شيء تكرهه النّفوس. وقال سيبويه، فى قول الله تعالى: {هذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ} (¬2) إن المراد شيء لدىّ عتيد، أى معدّ. وقيل في «ما» من قوله تعالى: {إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً} (¬3) إنها اسم نكرة، وأن {بَعُوضَةً} بدل منه، أى أن يضرب شيئا بعوضة مثلا، وسدّ البدل مسدّ الصّفة، وكون «ما» هاهنا زائدة أجود. وقد جاءت «ما» فى هذا النّحو (¬4) مجرّدة من صفة، فى قوله تعالى: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمّا هِيَ} (¬5) أى فنعم شيئا هى. والسادس: أن تكون «ما» اسما بمعنى الحين (¬6)، كقول الله تعالى: {كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً} (¬7) {كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها} (¬8) {كُلَّما} ¬

(¬1) أمية بن أبى الصّلت. ديوانه ص 444، وتخريجه فيه وفى كتاب الشعر ص 263،409، والمذكر والمؤنّث ص 661، ونسبه صاحب الحماسة البصرية 2/ 434، لحنيف بن عمير اليشكرىّ، قال: وتروى لنهار بن أخت مسيلمة الكذاب. (¬2) سورة ق 23. وانظر الكتاب 2/ 106، ومعانى القرآن 3/ 82، والبيان 2/ 386، والبحر 8/ 126. (¬3) سورة البقرة 26. (¬4) فى د: الوجه. (¬5) سورة البقرة 271. (¬6) راجع دراسات لأسلوب القرآن الكريم 2/ 380. (¬7) سورة الإسراء 97. (¬8) سورة النساء 56.

{أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ} (¬1) أي فى كلّ حين خبت، وفى كل حين نضجت جلودهم، وفى كلّ حين أضاء لهم، ومنه قول الشاعر (¬2): منّا الذى هو ما إن طرّ شاربه … والعانسون ومنّا المرد والشّيب قال ابن السّكّيت: يريد حين أن طرّ شاربه (¬3)، يقال: رجل عانس، وهو الذى أخّر التزويج بعد ما أدرك. فهذه وجوه «ما» التى استعملتها العرب اسما. والضّرب السابع: أن يكون حرفا نافيا، يرفع الاسم وينصب الخبر، فى اللغة الحجازيّة، تشبيها لها بليس؛ وذلك لدخولها على جملة الابتداء والخبر، كدخول «ليس» عليها؛ ولأنها تنفى ما فى الحال كما تنفيه «ليس» ويدخلون على خبرها الباء، كما يدخلونها على خبر «ليس» كقولك: ما زيد بقائم {وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ} (¬4). ¬

(¬1) سورة البقرة 20. (¬2) أبو قيس بن رفاعة الواقفى، واسمه دثار. وقيل: قيس بن رفاعة. جاهلىّ من شعراء يهود المدينة. قيل: أدرك الإسلام فأسلم. طبقات فحول الشعراء ص 288، ومعجم الشعراء للمرزبانى ص 197، وعنه الإصابة 5/ 468. والبيت الشاهد فى إصلاح المنطق ص 341، وتهذيبه ص 713 - وانظر تفسيره وإعرابه-وخلق الإنسان للأصمعى ص 161، ولثابت ص 19، والسمط ص 56،702، والمخصص 1/ 36، 16/ 123، والمقاييس 3/ 409،4/ 156، والمغنى ص 304، وشرح أبياته 5/ 242. و «إن» فى البيت تروى بفتح الهمزة وكسرها، كما فى تهذيب إصلاح المنطق. (¬3) لم أجد هذا الكلام فى إصلاح المنطق، والبيت ذكره ابن السّكّيت فى معرض شرح «العانس». وقال العلامة البغدادىّ، فى شرح أبيات المغنى: «وقد فتشت تصانيف ابن السّكّيت لأقف على كلامه هذا فلم أقف عليه، وقد راجعت كتاب أبيات المعانى، وكتاب الألفاظ، وكتاب المذكّر والمؤنث، فلم أجد هذا البيت فى واحد منها، وإنما رأيته فى كتاب إصلاح المنطق». قلت: تعقّب ابن هشام ابن الشجرى فيما ذهب إليه من اعتبار «ما» اسميّة بمعنى «الحين». وقد ظهر لى أن هذا الذى ذهب إليه ابن الشجرى والشواهد التى ساقها، والحكاية عن ابن السّكيت إنما سلخه كلّه من كلام الهروى فى الأزهية-الموضع المذكور من قبل-وقد ذكرت ذلك فى قسم الدراسة. الفقرة (57) من آراء ابن الشجرى النحوية. (¬4) سورة الأنعام 132، وهود 123.

وبنو تميم لزموا فيها القياس؛ لأنها من الحروف الداخلة على الجملتين الاسمية والفعلية، كهل، وحقّ ما يدخل على الجملتين أن لا يعمل؛ لأن العامل يجب أن يكون مختصّا بما يعمل فيه من اسم أو فعل (¬1). تقول فى لغة أهل الحجاز: /ما زيد قائما، كما جاء فى التنزيل: {ما هذا بَشَراً} (¬2) و {ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ} (¬3) أجمع القرّاء والعرب على قراءتهم {بَشَراً} موافقة لخطّ المصحف، واختلفوا فى نصب {أُمَّهاتِهِمْ} ورفعها، فروى المفضّل عن عاصم رفعها (¬4)، وأجمعت العرب على ترك إعمالها إذا قدّموا الخبر على المخبر عنه، أو نقضوا النّفي بإلاّ، فقالوا: ما قائم زيد، وما زيد إلاّ قائم. وإنما منعوها العمل فى هاتين الحالتين؛ لأنها عملت بحكم الشّبه، لا بحكم الأصل فى العمل. وحكم «ما» فى نفي «يفعل (¬5)»، حكم «ليس» فى نفيها للحال دون المستقبل، فإذا قيل: زيد يصلّى الآن أو الساعة، قيل: ما يصلّى، كما يقال: ليس يصلّى، وكذلك إذا قيل: ما زيد مصلّيا، وليس زيد مصلّيا، لم يذهب باسم الفاعل إلاّ مذهب الحال. والضرب الثامن: كونها مع الفعل بتأويل مصدره، كقولك: أعجبنى ما ضحكت! أى ضحكك، وسرّنى ما رجعت، أى رجوعك، وفى التنزيل: {وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ} (¬6) أى برحبها، وفيه: {بِما نَسِيتُمْ لِقاءَ} ¬

(¬1) راجع المقتضب 4/ 188، وحواشيه. (¬2) سورة يوسف 31. (¬3) سورة المجادلة 2. (¬4) السبعة ص 628. (¬5) راجع دراسات لأسلوب القرآن الكريم 3/ 126. (¬6) سورة التوبة 25، وجاء فى الأصل وَضاقَتْ عَلَيْهِمْ وجاء صواب التلاوة فى د. وقد جاءت عَلَيْهِمُ فى سياق الآية 118.

{يَوْمِكُمْ هذا} (¬1) أى بنسيانكم. وقال عبد بنى الحسحاس (¬2): ألكنى إليها عمرك الله يا فتى … بآية ما جاءت إلينا تهاديا أى بآية مجيئها، فأمّا قول الله سبحانه: {قالَ يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ* بِما غَفَرَ لِي رَبِّي} (¬3) فقال الكسائىّ: معناه بمغفرة ربّى، وذهب أهل التفسير إلى أن المعنى: بأيّ شيء غفر لى ربّى؟ جعلوا (¬4) «ما» استفهاما، واحتجّ الكسائىّ بأنها لو كانت استفهاما لحذفت ألفها لاتّصالها بحرف الخفض (¬5). وقوله عزّ وجلّ: {فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ} (¬6) فيه قولان، أحدهما: أن «ما» مصدريّة، فالكلام فى هذا القول على وجهه، والتقدير: فاصدع بالأمر. والقول الآخر: أنها خبريّة (¬7)، بمعنى الذى، ففى الكلام على هذا القول خمسة /حذوف، لأن أصله: فاصدع بما تؤمر بالصّدع به، فحذفت الباء من «به» فصار فى التقدير: بالصّدعه، فحذف الألف واللام، لامتناع الجمع بينها (¬8) وبين الإضافة، فصار: بصدعه، ثم حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، كما ¬

(¬1) سورة السجدة 14 (¬2) ديوانه ص 19، والأزهية ص 83. (¬3) سورة يس 26،27. (¬4) فى الأصل: «جعل». وأثبتّ ما فى د. والذى فى الأزهية-وأرجّح أن المصنف ينقل عنه: يجعلون. (¬5) راجع معانى القرآن للفراء 2/ 374، وللزجاج 4/ 283. والاستفهام هنا معناه التعجب من مغفرة الله تعالى له، تقليلا لعمله، وتعظيما لمغفرة الله تعالى له. مشكل إعراب القرآن 2/ 224. وقد تحدث ابن الشجرى فى أول المجلس عن حذف ألف «ما» إذا اتصل بها حرف الجرّ. (¬6) سورة الحجر 94. (¬7) أى موصولة. (¬8) فى د: «بينهما» وما فى الأصل صحيح، على اعتبار «الألف واللام» بمجموعهما «أل»، وكذلك جاء فى المغنى ص 315، وحكاه عن ابن الشجرى.

حذف فى نحو: {وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ} (¬1) ونحو {وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ} (¬2) والمراد أهل القرية، وحبّ العجل، فصار: بما تؤمر به، فحذفت الباء، كحذفها فى قول عمرو بن معديكرب: أمرتك الخير فاصنع ما أمرت به … فقد تركتك ذا مال وذا نشب (¬3) فصار: بما تؤمره، فحذفت الهاء من الصّلة، كما حذفت فى {أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللهُ} (¬4) وفى {فَخُذْ ما آتَيْتُكَ} (¬5) وهذا تقرير أبى الفتح عثمان. قيل فى معنى {فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ} اجهر بالقرآن، يقال: صدع بالشىء، إذا أظهره، أخذ ذلك من الصّديع، وهو الصّبح، قال الشاعر (¬6): كأنّ بياض غرّته صديع مذهب سيبويه أنّ «ما» المصدريّة لا تحتاج إلى عائد، وكان أبو الحسن الأخفش يخالفه فى ذلك، ويضمر لها عائدا، فهى على قوله اسم، وعلى قول سيبويه حرف (¬7). وممّا يبطل قول الأخفش أننا نقول: عجبت ممّا ضحكت، وممّا نام زيد، فنجد ضحك ونام، خاليين من ضمير عائد على «ما» ظاهر ومقدّر، ونجد أبدا ¬

(¬1) سورة يوسف 82. (¬2) سورة البقرة 93. (¬3) فرغت منه فى المجلس الثالث والأربعين. (¬4) سورة الفرقان 41. (¬5) سورة الأعراف 144. (¬6) عمرو بن معد يكرب. والبيت فى ديوانه ص 133: به السّرحان مفترشا يديه كأنّ بياض لبّته الصّديع والسّرحان، بكسر السين: الذئب. وافترش الأسد والذئب ذراعيه: ربض عليهما ومدّهما. واللّبّة، بفتح اللام: موضع القلادة من الصدر. وانظر حواشى صفحة 135 من الديوان. (¬7) راجع الكتاب 3/ 11،156، والمغنى ص 305، ودراسات لأسلوب القرآن 3/ 22.

عائدا إلى «ما» الخبرية، ظاهرا فى نحو: عجبت مما أخذته، وممّا جلبه زيد، ومقدّرا، فى نحو {فَكُلُوا مِمّا رَزَقَكُمُ اللهُ} (¬1). فإن احتجّ للأخفش بأن الفعل الذى لا يتعدّى إلى مفعول به يتعدّى إلى مصدره، كما يتعدّى الفعل المتعدّى إلى المفعول به إلى مصدره، والفعل إذا ذكر دلّ بلفظه على مصدره، فنقدّر إذن ضميرا يعود على الضّحك فى قولنا: عجبت مما ضحكت، وضميرا يعود على النوم، فى قولنا: عجبت مما نام زيد، ويجوز أن نبرز هذا الضمير، فنقول: عجبت مما ضحكته، ومما نامه زيد. فهذا قد أفسده النحويّون بقول الله تعالى: {وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ} (¬2) /فى قراءة من ضمّ ياءه وشدّد ذاله، وقالوا: لا يخلو الضمير المحذوف من قوله {يَكْذِبُونَ} أن يعود على القرآن، أو على النبيّ، أو على المصدر، الذى هو التكذيب، فإن أعدناه إلى القرآن أو النبىّ، فقد استحقّوا بذلك العذاب، وإن أعدناه إلى التكذيب، لم يستحقّوا العذاب؛ لأنهم إذا كذّبوا التكذيب بالقرآن وبالنبيّ كانوا بذلك مؤمنين، فكيف يكون لهم عذاب أليم بتكذيب التكذيب (¬3)؟ والضّرب التاسع: أن تكون كافّة للعامل عن عمله، فمن ذلك كفّها الأحرف الستّة، إنّ وأخواتها عن عملهنّ، فإمّا أن يرتفع الاسم بعدهنّ بالابتداء، أو تقع بعدهنّ الجملة الفعليّة، فمثال الأول فى التنزيل: {إِنَّما إِلهُكُمُ اللهُ} (¬4) و {إِنَّما} ¬

(¬1) سورة النحل 114. (¬2) سورة البقرة 10، وقراءة ضمّ الياء وتشديد الذال لنافع وابن كثير وأبى عمرو وابن عامر، وقرأ عاصم وحمزة والكسائى: يَكْذِبُونَ بفتح الياء وتخفيف الذال. السبعة ص 143، والكشف 1/ 227 - 229، وانظر أيضا ص 430، فى سياق الآية (33) من سورة الأنعام. (¬3) حكى هذا عن ابن الشجرى، ابن هشام، ثم تعقّبه بقوله: «وهذا سهو منه ومنهم؛ لأنّ كذّبوا ليس واقعا على التكذيب، بل مؤكّد به؛ لأنه مفعول مطلق، لا مفعول به، والمفعول به محذوف أيضا، أى بما يكذّبون النبىّ أو القرآن تكذيبا، ونظيره: وَكَذَّبُوا بِآياتِنا كِذّاباً. المغنى ص 306. (¬4) سورة طه 98.

{أَنْتَ مُنْذِرٌ} (¬1) وفى قول ابن كراع العكلىّ (¬2): تحلّل وعالج ذات نفسك وانظرن … أبا جعل لعلّما أنت حالم ووقوع الجملة الفعليّة كقول الفرزدق (¬3): ¬

(¬1) تقدّمت هذه الآية الكريمة، فى أوائل المجلس، وعلّقت هناك على ضبط مُنْذِرٌ. (¬2) سويد بن كراع العكلىّ. وقد نسب البيت إليه فى الكتاب 2/ 138، والأصول 1/ 233، والتبصرة ص 215، وإيضاح شواهد الإيضاح ص 146، والأزهية ص 87، وشرح المفصل 8/ 54، 58،131، ونسب فى شروح سقط الزند ص 1691 لكراع، تحريف ونقص. وأنشد من غير نسبة فى الصاهل والشاحج ص 420، والخزانة 10/ 251، استطرادا. وأنشد موضع الشاهد فقط «لعلما أنت حالم» ابن درستويه فى كتاب الكتّاب ص 51، وأبو علىّ فى البغداديات ص 287،389. وقد جاء البيت مفردا فى شعر سويد، الذى جمعه صديقنا الدكتور حاتم صالح الضامن. (شعراء مقلّون) ص 71، عن سيبويه وابن الشجرى وابن يعيش. ونسبه ابن السّيرافىّ فى شرح أبيات الكتاب 1/ 570، لدجاجة بن عبد القيس، وأنشد قبله: أتتنى يمين من أناس ليركبن علىّ ودونى هضب غول مقادم [وصحّحه الغندجانى: فقادم]. فرحة الأديب ص 124. والبيتان أوردهما ياقوت فى معجمه 4/ 976 (هضب غول) ونسبهما لدجانة بن أبى قبيس، تحريف. وفى البيت الشاهد تحريف آخر. ودجاجة بن عبد قيس بن امرئ القيس التيمىّ، تيم عبد مناة بن أدّ بن طابخة. شاعر جاهلىّ. ترجمه الآمدى فى المؤتلف والمختلف ص 165، والوزير المغربىّ فى الإيناس ص 145، ونصّ على أن «دجاجة» فى الأسماء كلها بكسر الدال. ومن قبله نصّ على هذا الضبط ابن حبيب فى مختلف القبائل ص 295. ومعنى البيت: أن الشاعر يهزأ بهذا الذى توعّده، فيقول له: تحلّل من يمينك التى حلفت لتغزونّا، وعالج ذات نفسك، أى عالج نفسك، حيث تعاطيت ما ليس فى وسعك، فإنك كالحالم فى وعيدك إيّاى. ولدجاجة هذا شعر فى الاختيارين ص 684 - 692. (¬3) ديوانه ص 213، والنقائض ص 491، والإيضاح ص 127، وشرحه: المقتصد 1/ 468، وشرح شواهده: إيضاح شواهد الإيضاح ص 146، والصاهل والشاحج ص 421، وشرح المفصل 8/ 54،57، وشرح الجمل 1/ 435، والمغنى ص 287،288، وشرح أبياته 5/ 169،180، وغير ذلك مما تراه فى حواشى المحققين. والرواية فى الديوان والنقائض: «فربّما» ولا شاهد فيها. ورواية ثالثة جاءت عند ابن سلام: «فإنما». طبقات فحول الشعراء ص 399.

أعد نظرا يا عبد قيس لعلّما … أضاءت لك النار الحمار المقيّدا ومثله فى التنزيل: {إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ} (¬1) و {إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ} (¬2). وسيبويه وغيره من النحويّين يرون إلغاء «ما» فى «ليتما» حسنا، فيرجّحون النصب فى قولهم: ليتما زيدا منطلق، ويجوّزون أن تكون كافّة، قال سيبويه: «وقد كان رؤبة بن العجّاج ينشد هذا البيت رفعا، وهو بيت النابغة (¬3): قالت ألا ليتما هذا الحمام لنا … إلى حمامتنا ونصفه فقد ورفعه على وجهين: على أن يكون بمنزلة قول من قال: {مَثَلاً ما بَعُوضَةً} أو يكون بمنزلة قولك إنما زيد منطلق» (¬4) أراد أن أحد وجهى الرفع أن تجعل «ما» بمنزلة «الذى» وتضمر مبتدأ، كأنه قال: ألا ليت الذي هو هذا الحمام لنا، كما أن التقدير فى الآية: مثلا الذى هو بعوضة. والوجه الآخر: أن تجعل «ما» كافّة للعامل، مثل/إنما زيد منطلق. قال سيبويه: «قال الخليل: «إنما» لا تعمل فيما بعدها، كما أن «أرى» إذا كانت لغوا لم تعمل» وأقول: إنّ تشبيهه لها بأرى يدلّ على أنها ربّما أعملت، لأنّ «أرى» ليست تلغى على كلّ حال، ثم قال بعد هذا: ونظير «إنّما» قول المرّار الفقعسىّ: أعلاقة أمّ الوليد بعد ما … أفنان رأسك كالثّغام المخلس (¬5) ¬

(¬1) سورة البقرة 173، والنحل 115. (¬2) سورة فاطر 28. (¬3) فرغت منه فى المجلس التاسع والخمسين. (¬4) الكتاب 2/ 137، وتقدّم فى هذا المجلس تخريج قراءة الرفع فى الآية الكريمة. (¬5) الكتاب 2/ 138،139، وإصلاح المنطق ص 45، والكامل ص 442، والمقتضب =

قال: جعل «بعد» مع «ما» بمنزلة حرف واحد، وابتدأ ما بعده فتشبيهه «إنّما» بقول الشاعر «بعد ما» مانع من إعمال «إنّما»، كما أن قوله «بعد ما» لا يصحّ إعماله (¬1). العلاقة: الحبّ. والأفنان: الأغصان، الواحد منها: فنن، استعارها للشّعر. والثّغام: جمع ثغامة، وهى شجرة بيضاء الزّهر. والمخلس (¬2) من النبات: الذى خالطت خضرته بياض زهره، يقال: أخلس رأسه، إذا خالط سواد شعره البياض. ولعلّما بمنزلة كأنّما، يغلب عليهما أن تكون «ما» فيهما كافّة، وإنّما ولكنّما فى هذا نظيرتان، ليس فيهما فى الأغلب الأكثر إلاّ الكفّ، فهما فى إلغاء «ما» دون لعلّما وكأنّما. ¬

= 2/ 54، والنبات لأبى حنيفة الدينورى ص 178، والأصول 1/ 234،2/ 258، والبغداديات ص 292، والحلبيات ص 202، والأزهية ص 88، وشرح المفصل 8/ 131،134، والمقرب 1/ 129، وشرح الجمل 1/ 181،2/ 24،287، والمغنى ص 311، وشرح أبياته 5/ 269، والخزانة 10/ 230،251،11/ 232، واللسان (علق-ثغم-فنن). وهنا تنبيهان: أولهما: لا يخفى أن البيت من البحر الكامل، وتمام وزنه يقتضى أن يكون «الوليد» بصيغة التصغير، وهكذا جاء فى الكتب، لكنّ العلاّمة البغدادىّ رحمه الله، حكى عن السّيرافىّ تصحيح التكبير، قال فى الخزانة وشرح الأبيات: «وقال السّيرافىّ: الرواية الصحيحة «أم الوليد» بالتكبير، ويكون مزاحفا بالوقص، وهو إسقاط الحرف الثانى من متفاعلن بعد إسكانه. قال: وإنما جعلت الرواية بالتصغير؛ لأنه أحسن فى الوزن. والوليد: الصبىّ». الثانى: قوله: «رأسك» ضبط فى بعض الكتب «بكسر الكاف» وهو خطأ محض. فإن الشاعر يخاطب نفسه موبّخا: أتعلق أمّ الوليد وتحبّها وقد كبرت وشبت؟. (¬1) فتكون «ما» قد كفّت «بعد» عن الإضافة إلى المفرد، وهيّأتها للإضافة إلى الجملة. وانظر دراسات لأسلوب القرآن الكريم 3/ 25. (¬2) قيّده ابن هشام بكسر اللام.

وإنّما غلب على «ليتما» العمل لقوّة شبه «ليت» بالفعل، ألا ترى أن وددت بمعنى تمنّيت، وليت: هي علم التمنّى، فلذلك حسن نصب الجواب فى قولك: وددت أنه زارنى فأكرمه، وكذلك «لو» مختصّة بالفعل، وقد استعملوها للتمنّى كقوله: {لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} (¬1) ويدلّك على تقارب إنّما ولكنّما أنه يجوز الرفع بالعطف على موضع «لكنّ» كما يجوز ذلك فى «إنّ» لأنّ موضعيهما رفع بالابتداء، تقول: إنّ زيدا قائم وعمرو، لكنّ بشرا جالس وبكر. ويدلّك أيضا على تقاربهما أنّ «لكنّ» إذا خفّفت بطل عملها، وصارت من حروف العطف، فارتفع الاسم بعدها بالابتداء، كقوله: {لكِنِ اللهُ يَشْهَدُ بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ} (¬2)، ولاصقها الفعل فى نحو: ما خرج زيد لكن خرج بكر. /وكذلك «إنّ» إذا خفّفت غلب عليها الإلغاء، فى نحو: إن زيد لمنطلق، كما قال: {وَإِنْ كُلٌّ لَمّا جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ} (¬3) و {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمّا عَلَيْها حافِظٌ} (¬4) فى قراءة من قرأ {لَمّا} خفيفة الميم، فأمّا من شدّد الميم، فإن نافية، ولمّا بمعنى إلاّ. وإعمال «إن» مخففة قليل، قال سيبويه (¬5): حدّثنا من نثق به أنه سمع من العرب من يقول: إن عمرا لمنطلق، وأهل المدينة يقرءون: {وَإِنَّ كُلاًّ لَمّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمالَهُمْ} (¬6) يخفّفون وينصبون، كما قال: ¬

(¬1) سورة الزمر 58. (¬2) سورة النساء 166. (¬3) سورة يس 32. (¬4) سورة الطارق 4، وراجع المجلس السادس والأربعين، وقد قرأ بتخفيف الميم ابن كثير ونافع وأبو عمرو والكسائىّ. وبالتشديد قرأ عاصم وابن عامر وحمزة. السبعة ص 678، والكشف 1/ 536 (هود 111)،2/ 215 (يس 32)،369 (الطارق). وانظر مشكل إعراب القرآن 2/ 469، وإحالات المحقق. وانظر ما يأتى فى المجلس التاسع والسبعين. (¬5) الكتاب 2/ 140 (¬6) سورة هود 111. وقرأ نافع وابن كثير بتخفيف نون «إن» وميم «لما»، وقرأ-

كأن ثدييه حقّان (¬1) ولمّا خفّفوها أولوها الفعل، فى نحو: {وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ} (¬2) {وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكاذِبِينَ} (¬3) وألزموها اللام (¬4) إذا وقع بعدها الفعل، كما يلزمونها إيّاها إذا وقع بعدها المبتدأ، لتدلّ اللام على أنّها المخفّفة، والكوفيّون يجعلونها النافية، ويجعلون اللام بمعنى «إلاّ» فيقولون (¬5): المعنى: وما كلّ إلاّ جميع لدينا محضرون، وما نظنّك إلاّ من الكاذبين، وهو من أقوالهم المستبعدة. واعلم أن «إنما» لها معنى تنفرد به، وذلك أنها تفيد معنى الإيجاب بعد النفي (¬6)، كقولك: إنما خرج أخوك؛ تريد: ما خرج إلاّ أخوك، فلذلك جاز أن تقول: إنما خاصم القوم أنا، وإنما أكرم زيدا أنت، تريد: ما خاصم القوم إلاّ أنا، وما أكرم زيدا إلاّ أنت، ولو أنك قلت: خاصم القوم أنا، وأكرم زيدا أنت، لم يجز إلاّ استعمال الضمير المتّصل. ومن الحروف المكفوفة بما كاف التشبيه، فى قولهم: كن كما أنت. ومنها ربّ، فإذا كفّت وقع بعدها الفعل والمعرفة، فالفعل كقوله (¬7): ¬

= أبو عمرو والكسائى بتشديد «إنّ» وتخفيف «لما» وابن عامر وحفص عن عاصم، وحمزة بتشديدهما. انظر مع المراجع السابقة إتحاف فضلاء البشر 2/ 136، وراجع المجلس السادس والأربعين. (¬1) فرغت منه فى المجلس الحادى والثلاثين. (¬2) سورة الأعراف 102. (¬3) سورة الشعراء 186. (¬4) وهى اللام الفارقة، أى التى تفرق بين «إن» النافية، و «إن» المخففة من الثقيلة. اللامات للزجاجى ص 118، وراجع كتاب الشعر ص 79، وحواشيه. (¬5) فى د: إن المعنى. (¬6) وهو معنى «القصر أو الحصر» عند البلاغيين. راجع كتاب الشعر ص 199، وحواشيه. (¬7) هو جذيمة الأبرش. وهذا البيت مما استفاضت به كتب العربية، وتخريجه فى كتاب الشعر ص 392، وانظر أيضا ضرورة الشعر ص 75. وأوفيت: أشرفت. والعلم: الجبل المرتفع، والشّمالات: جمع شمال، وهى ريح باردة-

ربّما أوفيت فى علم … ترفعن ثوبى شمالات والمعرفة كقول أبي دؤاد الإيادىّ (¬1): ربّما الجامل المؤبّل فينا (¬2) … وعناجيج بينهنّ المهار الجامل: الجمال، ومثله الباقر: البقر. ويقال: إبل مؤبّلة، إذا كانت للقنية. والعناجيج من الخيل: الرائعة، أى تروع من حسنها من نظر إليها. والوجه استعمال الماضى بعد «ربّ» لأن التقليل إنما يتناول ما عرف حدّه، والمستقبل مجهول، فأمّا قوله تعالى: {رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ} (¬3) فقيل: إن {يَوَدُّ} حكاية حال قد مضت، وقيل: إن التقدير: ربّما كان يودّ الذين كفروا، وهو من الأقوال المردودة (¬4). وقال علىّ بن عيسى الرّمّانىّ: إنما وقع المستقبل هاهنا، لأن المستقبل معلوم عند الله تعالى كالماضى. وقال الكوفيّون: «ما» هنا اسم بمعنى شيء، وقال البصريّون: «ما» كافّة. ¬

= شديدة الهبوب. يفخر بانه يحفظ أصحابه على رأس جبل عال، مع الريح الباردة الشديدة إذا خافوا العدوّ، فيكون طليعة لهم. (¬1) ديوانه ص 316، وتخريجه ص 315، وزد عليه الأزهية ص 93، وإيضاح شواهد الإيضاح ص 307، وشرح الجمل 1/ 505، وارتشاف الضرب 2/ 456، وشرح أبيات المغنى 3/ 198، ومعجم الشواهد ص 170،171. (¬2) هكذا فى النسختين، والذى فى الديوان والكتب: فيهم. (¬3) الآية الثانية من سورة الحجر. ورُبَما ضبطت فى النسختين بتشديد الباء، وهى قراءة ابن كثير وأبى عمرو وابن عامر وحمزة والكسائىّ. وقرأ عاصم ونافع رُبَما خفيفة. السبعة ص 366. (¬4) سيأتى بيان ذلك فى المجلس الثالث والسبعين، فقد عقد المصنّف هناك فصلا خاصّا بربّ.

واعلم أن وقوع «ما» بعد «ربّ» على ثلاثة أوجه، أحدها: أن تكون كافّة، زيدت ليصلح وقوع الفعل والمعرفة بعدها، وقد بيّنّا هذا. والثانى: أنها تكون بعد «ربّ» بمعنى شيء، وقد قدّمت الاستشهاد على ذلك، بقوله: ربّما تكره النّفوس من الأمر أراد: ربّ شيء تكرهه النفوس. والثالث: وقوعها بعدها زائدة لغوا، فلا تمنعها من العمل، كقولك: ربّما رجل عالم لقيته، قال عدىّ بن الرّعلاء الغسّانىّ: ربّما ضربة بسيف صقيل … دون بصرى وطعنة نجلاء (¬1) وقد كفّوا «من» بما، فقالوا: إنى لممّا أفعل، قال أبو العباس المبرّد: يريدون: لربّما أفعل (¬2)، وأنشد لأبى حيّة النّميرىّ (¬3): ¬

(¬1) الأصمعيات ص 152، والأزهية ص 80،93، والحماسة الشجرية ص 194، وإيضاح شواهد الإيضاح ص 307، وأوضح المسالك 3/ 65، والمغنى ص 137،312، وشرح أبياته 3/ 197، 4/ 23 (أحكام بين) وشرح الجمل 1/ 260، والخزانة 9/ 582، وغير ذلك كثير. والطعنة النجلاء: الواسعة البيّنة الاتّساع. من قولهم: عين نجلاء: أى واسعة، وجرّها بالكسرة للضرورة. (¬2) المقتضب 4/ 174، وأصل كلام المبرد عند سيبويه 3/ 156، وذكر الشيخ عضيمة رحمه الله فى حواشى المقتضب: أنه يبدو أن ابن الشجرى لم يقف على كلام سيبويه. (¬3) شعره ص 144، وراجع الموضع السابق من الكتاب والمقتضب، والحلبيات ص 200، والشعر ص 392، وحواشيه. وأنشد ابن هشام البيت شاهدا على كفّ «من» بما، ثم قال: «قاله ابن الشجرىّ، والظاهر أن «ما» مصدريّة، وأن المعنى مثله فى خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ وقوله: ألا أصبحت أسماء جاذمة الحبل وضنّت علينا والضّنين من البخل فجعل الإنسان والبخيل مخلوقين من العجل والبخل مبالغة» المغنى ص 311. وهذا الشاهد تقدّم عندنا فى المجلس الحادى عشر.

وإنّا لممّا نضرب الكبش ضربة … على رأسه تلقى اللّسان من الفم وقالوا: قلّما يخرج زيد، وقلّما يكون كذا، فزادوا «ما» ليصلح وقوع الفعل بعد قلّ، لأن الفعل لا يليه فعل، وأمّا قول المرّار الأسدىّ: صددت فأطولت الصّدود وقلّما … وصال على طول الصّدود يدوم (¬1) /فقال المبرد: «ما» زائدة، والاسم بعدها مرتفع بقلّ (¬2). وقال غيره: «ما» كافّة، زيدت ليصلح وقوع الفعل بعدها؛ لأنه كان وجه الكلام أن يقول: وقلّما يدوم وصال، وإنّما قدّم الاسم للضّرورة (¬3). وقوله: «فأطولت» صحّح عين «أطلت» لإقامة الوزن، كما صحّحت فى استحوذ، وأغيلت المرأة، إذا سقت ولدها الغيل، وهو أن ترضعه وهى حامل، وفى أحرف (¬4) غير هذين، صحّحوها ليدلّوا بها على الأصل الذى أعلّوه. والضّرب العاشر: أن تكون مسلّطة للحرف على العمل، وذلك إذا أرادوا أن يشرطوا بإذ وحيث، قالوا: إذ ما تزرنى أزرك، وحيثما تجلس أجلس، قال (¬5): وحيثما يك أمر صالح تكن ¬

(¬1) فرغت منه فى المجلس التاسع والخمسين. (¬2) بمعناه فى المقتضب 1/ 84،2/ 55. (¬3) راجع الكتاب 1/ 31،3/ 115، وكتاب الشعر ص 91، والبغداديات ص 296. (¬4) انظرها فى المجلس التاسع والخمسين. (¬5) زهير بن أبى سلمى وصدره: هنّاك ربّك ما أعطاك من حسن ديوانه ص 123، يمدح هرم بن سنان، ودلائل الإعجاز ص 310، وقوله «تكن» هو هكذا فى نسختي الأمالى، وأصول دلائل الإعجاز، وغيّره شيخنا أبو فهر، وجعله «فكن» ليوافق نسخة واحدة من ديوان زهير، وسائر نسخة «تكن» كما عند ابن الشجرى، والشيخ عبد القاهر.

وقال آخر (¬1): إذ ما ترينى اليوم أزجى مطيّتى … أصعّد سيرا فى البلاد وأفرع فإنّى من قوم سواكم وإنّما … رجالى فهم بالحجاز وأشجع وإذ مع «ما» إذا شرط بها، حرف عند سيبويه، لا اسم، وليست معها زائدة، كزيادتها مع غيرها من الأسماء التى شرطوا بها، كمتى وأين وأيّ، فى قوله {أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى} (¬2) وإنما هى مهيّئة لعمل الجزم، ومسلّطة هذين الحرفين عليه. والحادى عشر: أنها تكون مغيّرة للحرف عن معناه الذى وضع له، وذلك فى قولهم: لو ما تفعل كذا! نقلت «لو» عن معناها الذى هو امتناع الشىء لامتناع غيره إلى التحضيض، كما فعلت ذلك «لا» فى هلاّ وألاّ ولولا، وفى التنزيل: {لَوْ ما تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ} (¬3). والثانى عشر: استعمالها صلة مؤكّدة للكلام، فمن ذلك زيادتها بين الجارّ والمجرور، في نحو {فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ} (¬4) و «ممّا خطاياهم» (¬5) ومثله: {فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ} (¬6) و {عَمّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ} (¬7) وقول الشاعر: ¬

(¬1) الكتاب 3/ 57، والأصول 2/ 160، والأزهية ص 98، وشرح المفصل 7/ 47،9/ 6، والخزانة 9/ 33. والإزجاء، بالزاء المعجمة: السّوق. والمطيّة: البعير، ويقال: صعّد فى الوادى تصعيدا: انحدر فيه، بخلاف الصعود فإنه الارتفاع. وأفرع إفراعا: صعد وارتفع. (¬2) سورة الإسراء 110. (¬3) سورة الحجر 7. (¬4) سورة آل عمران 159. (¬5) سورة نوح 25. وقد تكلمت على هذه القراءة فى المجلس الرابع والأربعين. (¬6) سورة النساء 155، والمائدة 13. (¬7) سورة المؤمنون 40.

فإنّ لما كلّ أمر قرارا … فيوما مقاما ويوما فرارا (¬1) ومنه زيادتها بين الشرط وحرفه، نحو: {وَإِمّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً} (¬2) و {أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ} (¬3) وقول الأعشى (¬4): متى ما تناخى عند باب ابن هاشم … تراحى وتلقى من فواضله يدا وزيادتها بين المبتدأ وخبره، فى نحو: {وَقَلِيلٌ ما هُمْ} (¬5) و {جُنْدٌ ما هُنالِكَ مَهْزُومٌ} (¬6)، وزيادتها بين المفعولين فى قوله: {أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً} (¬7) وزادها الأعشى فى موضعين من بيت، وهو قوله (¬8): ¬

(¬1) لم أعرفه. وأنشده الهروىّ من غير نسبة فى الأزهية ص 77، وقال: أراد: فإنّ لكلّ أمر قرارا، و «ما» صلة، ونصب مقيما وفرارا، أراد: يكون مقيما ويوما يفرّ فرارا. (¬2) سورة الأنفال 58، وجاء فى النسختين، هنا وفى المجلس الثامن والسبعين: «فإما» بالفاء، وصواب التلاوة بالواو. (¬3) سورة النساء 78. (¬4) ديوانه ص 135، من قصيدته التى مدح بها المصطفى صلّى الله عليه وسلم، ولم يوفّق للإسلام، كما هو معروف فى قصّته. والعجب من ابن منظور، يترحّم عليه! انظر ذلك فى اللسان (أسف). و (عوض). وشاهدنا فى المغنى ص 312، وشرح أبياته 5/ 277، بقافية «ندا». ويريد بابن هاشم: سيدنا محمدا صلّى الله عليه وسلم. وهو جد والده صلّى الله عليه وسلم. وتناخى: من الإناخة، يقال: أناخ الرجل الجمل فبرك، فزال عنه التعب والمشقة، وهو معنى تراحى، أى تحصل لك الراحة. (¬5) سورة ص 24. (¬6) السورة نفسها 11. (¬7) تقدّمت فى هذا المجلس. (¬8) ديوانه ص 59، وشرح القصائد العشر ص 427، وراجع ما تقدّم فى أوائل المجلس السادس والأربعين، والأزهية ص 77،152، والمغنى ص 314، وشرح أبياته 5/ 282، والخزانة 11/ 351. وقول الأعشى «إنا كذلك» ضبط فى الديوان وكلّ ما ذكرت، عدا الخزانة، بفتح الكاف بعد اللام، والصواب الكسر-وهو ضبط الخزانة-لأنه يخاطب امرأة، فهو على حدّ قوله عز وجل: قالَ كَذلِكَ قالَ رَبُّكَ. سورة مريم 21. ومعنى البيت: إن ترينا نتبذّل مرّة ونتنعّم أخرى، فكذلك سبيلنا، وقيل: المعنى إن ترينا نفتقر مرة ونستغنى أخرى.

إمّا ترينا حفاة لا نعال لنا … إنّا كذلك ما نحفى وننتعل وزادها أميّة بن أبى الصّلت في ثلاثة مواضع من بيت، وهو (¬1): سلع ما ومثله عشر ما … عائل ما وعالت البيقورا ذكر ابن قتيبة فى كتاب «معانى الشّعر» (¬2) أن الأصمعىّ ذكر عن عيسى بن عمر، أنه قال: ما أدرى ما معنى هذا البيت، ولا رأيت أحدا يعرف معناه. وقال غيره: إنّ أميّة قال هذا البيت فى سنة جدب، وكانوا فى سنة الجدب يجمعون ما يقدرون عليه من البقر، ثم يعقدون فى أذنابها وثنن عراقيبها السّلع والعشر، ضربين من الشجر، ثم يعلون بها فى جبل وعر، ويشعلون فيه النار، ويضجّون بالدّعاء والتضرّع، وكانوا يرون ذلك من أسباب السّقيا. والبيقور: البقر. والعائل: الفقير، وفى التنزيل: {وَوَجَدَكَ عائِلاً فَأَغْنى} (¬3). وعالت البيقور، يعنى سنة الجدب، أى أثقلت البقر بما حمّلت من السّلع والعشر، يقال: عالنى الأمر: أى أثقلنى. وقوله: «وثنن عراقيبها» الثّنن: جمع ثنّة، وهو الشّعر المحيط بالعرقوب وبالظّلف وبالحافر. ... ¬

(¬1) ديوانه ص 214، والحيوان 4/ 467، والبغداديات ص 355، والأزهية ص 78، وسفر السعادة ص 574، والمغنى ص 314، وشرح أبياته 5/ 283 - 290. (¬2) لم أجد هذا النقل فى كتاب ابن قتيبة: «المعانى الكبير» ويبدو أن هذا الكتاب هو المذكور فى ترجمة ابن قتيبة باسم «عيون الشعر» وقد ذكره شيخنا السيد أحمد صقر، رحمه الله رحمة واسعة، فى مقدمة تحقيق تأويل مشكل القرآن ص 26. على أن ابن قتيبة قد ذكر هذا المنقول عنه، فى تأويل مشكل القرآن ص 94، يحدّث به عن أبى حاتم عن الأصمعىّ. ويبقى أن أشير إلى أن سياق ابن الشجرىّ فى هذه الحكاية يؤذن بأنه ينقل عن الهروى، فى الأزهية، فى الموضع الذى دللت عليه قريبا. (¬3) سورة الضحى 8.

واختلف فى «ما» من قولهم: «مهما» فقيل: إنّ أصله: ماما، فما الأولى هى الشرطيّة/والثانية زائدة للتوكيد، كما زيدت فى أينما ومتى ما، فاستثقلوا تكرير اللفظة بعينها، فأبدلوا من ألف الأولى هاء، وهذا قول الخليل (¬1). وذهب سيبويه إلى أنهم ركّبوا «مه» مع «ما» وهى التى يزجر بها فيقال: مه مه، وينوّنونها، فيقولون: مه يا هذا، ركّبوها مع «ما» بعد أن سلبوها المعنى الذى وضعت له، وفى التنزيل: {مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنا بِها فَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ} (¬2) وقال زهير (¬3): ومهما تكن عند امرئ من خليقة … وإن خالها تخفى على الناس تعلم وقد زادوا «ما» بين «إن» الشرطيّة و «لا» النافية، عوضا من «كان» واسمها وخبرها، فصرن ككلمة واحدة، وذلك قولهم: «إمّالا» ولتنزلهنّ منزلة كلمة استجازوا إمالة ألف «لا» لأنها صارت كالألف فى نحو: استدعى، ولا يكون «إمّالا» إلاّ جواب كلام، كأنّ قائلا قال: لا أفعل هذا، فقال آخر: افعل هذا إمّالا، يريد: إن كنت لا تفعل هذا فافعل هذا، هكذا قدّره سيبويه، وقد ذكرته فى غير موضع (¬4). ... ¬

(¬1) الكتاب 3/ 59، وراجع أوائل المجلس المتمّ الخمسين. (¬2) سورة الأعراف 132. (¬3) ديوانه ص 32، وهو من معلقته. وانظر معجم الشواهد ص 360. (¬4) فى المجلسين: الثانى والأربعين، والسادس والسّتّين.

المجلس التاسع والستون كلام فى الظروف

المجلس التاسع والستون كلام فى الظروف الظّرف: كلّ اسم من أسماء الزمان والمكان «فى» مقدّرة فيه، فإن ظهرت إلى اللفظ صارت هى الظّرف، وصار ما بعدها اسما صريحا. والفعل يعمل بغير وساطة الحرف الظّرفىّ، فى جميع ظروف الزمان؛ المبهم منها والمختصّ، لأنه يدلّ على الزمان من طريق المعنى وطريق اللفظ، فدلالته عليه من طريق اللفظ: أنك إذا قلت: كتب زيد وصلّى، دلّ هذا على ما مضى، وإذا قلت: هو يكتب وهو يصلّى، دلّ على الزمان الحاضر، وإذا قلت: سوف يكتب وسيصلّى، وصلّ يا زيد واكتب، ولا تصلّ على بكر ولا تكتب، دلّت هذه الصّيغ على زمان متوقّع. ولا يتعدّى الفعل إلى مكان مخصوص إلاّ بواسطة، لأنه لا يدلّ على المكان إلاّ من طريق المعنى، من حيث لا يقع فعل إلاّ فى مكان، وقد جاء فى الشعر متعدّيا إلى /المكان المخصوص، فى نحو قوله (¬1): ¬

(¬1) عامر بن الطفيل. ديوانه ص 55، برواية: فلأبغينكم الملا وعوارضا ولأوردنّ الخيل لابة ضرغد والشاهد فى الكتاب 1/ 163،214، وشرح المفضليات لأبى محمد الأنبارى ص 712، والمذكر والمؤنث لابنه أبى بكر ص 469، والمقصور والممدود لابن ولاّد ص 88، والإيضاح ص 182، وشرحه: المقتصد ص 644، وإيضاح شواهده ص 215، والمخصّص 15/ 163،17/ 47، ومعجم ما استعجم ص 858 (ضرغد)،1046 (قبا)، وأسرار العربية ص 180، وسفر السعادة ص 391، وارتشاف الضرب 2/ 254، والخزانة 3/ 74، وغير ذلك مما تراه فى حواشى المحققين. و «قنا وعوارض وضرغد» أسماء مواضع. =

فلأبغينّكم قنا وعوارضا … ولأقبلنّ الخيل لابة ضرغد ضرغد: اسم مكان، وقال آخر: لدن بهزّ الكفّ يعسل متنه … فيه كما عسل الطّريق الثّعلب (¬1) رمح لدن: ليّن. ويعسل: يشتدّ اهتزازه، وعسل الثّعلب والذئب فى عدوه: إذا اشتدّ اضطرابه. والهاء التى فى «فيه» تعود إلى الهزّ (¬2). والناصب للظّروف أحد شيئين (¬3)، الأول: فعل ظاهر، أو ما قام مقامه، من اسم فاعل أو اسم مفعول أو مصدر، فالفعل كقولك: خرجت يوم الجمعة أمام زيد، وما قام مقام الفعل قولك: زيد منطلق الساعة وراء بكر، وانطلاق زيد اليوم خلفك أعجبنى، وفرسك مركوب غدا فرسخا. وقد يعمل ظرف المكان فى ظرف الزمان، كقولك: زيد فى داره اليوم، وتقدّمه عليه، فتقول: الساعة زيد خلفك، فتعمل فيه معنى الفعل مقدّما، كما أعملته فيه مؤخّرا، فمن إعماله فيه مقدّما قولهم: «كلّ يوم لك ثوب» (¬4) ومثله فى ¬

= ولأبغينّكم: أى لأطلبنّكم. يقال: بغيته: إذا اجتهدت فى طلبه. يقول متوعّدا: لأطلبنّكم حيث كنتم، وحيث حللتم من هذه المواضع. والشاهد فى البيت نصب «قنا وعوارض» بحذف الخافض للضرورة؛ لأنهما مكانان مخصوصان، لا ينصبان نصب الظرف، فهما فى الشذوذ بمنزلة: ذهبت الشام، ودخلت البيت. والتقدير: فلأبغينكم بقنا وعوارض، وكذلك سقط الخافضان فى قوله: «ولأقبلنّ الخيل لابة ضرغد» والتقدير: لأقبلنّ بالخيل إلى لابة ضرغد. واللاّبة: أرض ذات حجارة سود. (¬1) فرغت منه فى المجلس السابع. (¬2) راجع الخزانة 3/ 86. (¬3) راجع المقتضب 4/ 172،329،351، وحواشيه. (¬4) راجع المجلس السابع عشر، وانظر مع المراجع المذكورة هناك: الحلبيات ص 180،190.

التنزيل: {هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلّهِ الْحَقِّ} (¬1) ألا ترى أنّ {هُنالِكَ} مشار به إلى يوم القيامة، كما أشير به إلى الزمان فى قوله: {هُنالِكَ دَعا زَكَرِيّا رَبَّهُ} (¬2). فإن كان المبتدأ اسم حدث، وجئت بعده بظرفين زمانىّ ومكانيّ، كقولك: القتال يوم السبت خلف المدينة، جاز أن يعمل كلّ واحد منهما فى الآخر، فإذا أعملت ظرف الزمان، فالتقدير: القتال واقع يوم السبت خلف المدينة، فإذا أعملت ظرف المكان، فالتقدير: القتال واقع خلف المدينة يوم السبت، وإنما جاز أن تعمل كلّ واحد من هذين الظرفين فى الآخر، لأن الكلام يتمّ بظرف الزمان خبرا، كما يتمّ بظرف المكان، ويجوز أن تعمل/القتال فى ظرف الزمان إذا جعلت ظرف المكان الخبر، ويجوز أن تعمله فى ظرف المكان إذا جعلت ظرف الزمان الخبر. والثانى من العوامل فى الظّرف عامل لا يظهر، وذلك أنك تقدّره فى أربعة مواضع، أحدها: أن يقع الظّرف خبرا لمبتدإ. وثانيها: أن يقع صفة لنكرة. وثالثها: أن يقع فى موضع حال من معرفة. ورابعها: أن يقع صلة، وكذلك إن وقع خبرا فى باب كان وباب إنّ، ومفعولا ثانيا فى باب ظننت. والأجود أن يقدّر العامل فى الظّرف بالمفرد، إذا وقع خبرا او صفة أو حالا، وتقديره بالجملة جائز، إلاّ أن يقع بين إنّ واسمها، كقولك: إنّ خلفك زيدا، وإنما لم يجز تقديره هاهنا بالجملة، لامتناع ملاصقة «إنّ» للجملة، وعكس ذلك ¬

(¬1) سورة الكهف 44. (¬2) سورة آل عمران 38.

أنه إذا وقع صلة قدّرته بجملة؛ لأنّ الصّلة لا تكون اسما مفردا، تقول: الذى فى الدار زيد، فتقدّر العامل: استقرّ، وتقول: زيد فى الدار، فالأصوب أن يكون التقدير: مستقرّ؛ لأن أصل الإخبار الخبر المفرد، ومن قدّر: زيد استقرّ فى الدار، وعمرو استقرّ خلفك، فلأنّ الفعل هو الأصل فى العمل. ...

فصل ظرف الزمان ينقسم أربعة أقسام

فصل ظرف الزمان ينقسم أربعة أقسام: قسم ينصرف ويتصرّف، وقسم لا ينصرف ولا يتصرّف، وقسم ينصرف ولا يتصرّف، وقسم يتصرّف ولا ينصرف. ومعنى ينصرف ويتصرّف (¬1) أنه يكون ظرفا تارة، ثم يتّسع فيه فيجعل مبتدأ وفاعلا ومفعولا ومجرورا بحرف جرّ، وبإضافة اسم إليه، كقولك: يوم الجمعة مبارك، وقد حانت ليلة زيارتك، وسير بزيد شهران، وإنى لأحبّ ليلة زيارتك، وعجبت من يومك، ومسيرك فى شهر رمضان، ومنه: «ملك يوم الدّين» (¬2) وقال الشاعر: ربّ ابن عمّ لسليمى مشمعلّ … طبّاخ ساعات الكرى زاد الكسل (¬3) وقال آخر (¬4): ¬

(¬1) وهو المسمّى: الظرف المتمكّن. (¬2) الآية الرابعة من فاتحة الكتاب. و «ملك» رسمت فى النسختين هكذا بدون ألف بين الميم واللام، فتتلى ادن «ملك» بفتح الميم وكسر اللام، بوزن «فعل»، وقد قرأ مالِكِ بألف عاصم والكسائىّ، وقرأ الباقون «ملك» بغير ألف. انظر وجه القراءتين والاحتجاج لهما فى الكشف 1/ 25. (¬3) فرغت منه فى المجلس التاسع عشر. وموضع الشاهد هنا أن «ساعات» كان فى الأصل مفعولا فيه-ظرفا-فاتّسع فيه فألحق بالمفعول به، وأضيف إليه «طباخ» فكسرة التاء من «ساعات» كسرة جرّ، و «زاد الكسل» منصوب على أنه مفعول «طباخ»؛ لأنه معتمد على موصوفه. الخزانة 4/ 233،8/ 212 وانظر أيضا شرح الجمل 2/ 549،605، ومعنى البيت أن هذا الممدوح يطبخ زاد الكسلان فى وقت النوم ويكفيه أمره. (¬4) الأخطل، من قصيدة يمدح بها همّام بن مطرّف بن معقل التغلبىّ. ديوانه ص 620، والكتاب 1/ 177، ومعانى القرآن 2/ 81، والخزانة 8/ 210، وتمام البيت على رواية الديوان: حفاظا إذا لم يحم أنثى حليلها و «كرّار» بالرفع، للعطف على مرفوع فى البيت السابق. و «والمجحرين» بتقديم الجيم على الحاء المهملة، اسم مفعول من أجحره، أى ألجأه إلى أن دخل جحره فانجحر، أى يكرّ فرسه كرّا كثيرا خلف هؤلاء المجحرين ليقاتل فى أدبارهم. والحليل: الزوج. ورواية الديوان «خلف المرهقين» والمرهق: الذى قد غشيه السّلاح.

وكرّار خلف المجحرين جواده ويروى: طباخ ساعات الكرى زاد الكسل و: خلف المجحرين جواده فمن جرّ الساعات وخلف المجحرين، فقد أخرجهما من باب الظرفيّة بالإضافة إليهما، ونصب الزاد والجواد بطبّاخ وكرّار، على أنهما مفعولان، ومن جرّ الزاد والجواد نصب ساعات الكرى وخلف المجحرين، على أنهما ظرفان فاصلان بين المضاف والمضاف إليه، ومثل هذا فى الشعر جائز؛ قال: يا سارق الليلة أهل الدار (¬1) يريد: يا سارق أهل الدار الليلة، وقال آخر (¬2): كما خطّ الكتاب بكفّ يوما … يهوديّ يقارب أو يزيل المجحر: الذى ألجأه الزمان إلى مكان. وأما مالا ينصرف ولا يتصرّف (¬3): فسحر إذا أردت به سحر يوم بعينه، وإنما لم ينصرف لأنه معرفة معدول عن الألف واللام، وحقيقة عدله أنهم عدلوا عن أن ¬

(¬1) فرغت منه فى كتاب الشعر ص 179. (¬2) أبو حيّة النّميرى. الكتاب 1/ 179، والمقتضب 4/ 377، والأصول 2/ 227،3/ 467، والبغداديات ص 562، والخصائص 2/ 405، وعيار الشعر ص 71، وما يجوز للشاعر فى الضرورة ص 35، والتبصرة ص 287، والإنصاف ص 432، وإيضاح شواهد الإيضاح ص 231، وشرح المفصل 1/ 103، وتفسير القرطبى 7/ 93، وارتشاف الضرب 2/ 534، وغير ذلك كثير، تراه فى حواشى ضرورة الشعر ص 179. ومعنى «يقارب» أى يدنى بعض خطّه من بعض. و «يزيل» أى يميّز بين الحروف ويباعد بينها. يصف رسم الدار التى وقف عليها، ويشبهه بالكتابة. (¬3) راجع المقتضب 3/ 103،378، ويسمّى أيضا: غير متمكّن.

يقولوا: السّحر، إلى قولهم: سحر، ووجه تعريفه أن المراد به سحر يوم معيّن؛ وشبيه به سبحان، في قول الأعشى: أقول لمّا جاءنى فخره … سبحان من علقمة الفاخر (¬1) لم يصرفه لأن فيه الألف والنون زائدين، وأنه علم للتسبيح، فإن نكّرته صرفته، كما قال أمية بن أبى الصّلت: سبحانه ثم سبحانا يعود له … وقبلنا سبّح الجوديّ والجمد (¬2) وكذلك إن أردت سحرا من الأسحار صرفته، كما جاء فى التنزيل: {إِلاّ آلَ لُوطٍ نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ} (¬3). وأمّا امتناعه من التصرّف فلأنه عدل من غير جهة العدل، فألزم النصب على الظرف، وذلك أن جهة العدل أن تعدل صيغة/عن صيغة مخالفة لها فى الزّنة، كعدل عمر عن عامر، وحذام وقطام عن حاذمة وقاطمة، وأحاد وثناء عن واحد واثنين، وأخر عن آخر من كذا. والقسم الثالث: وهو الذى ينصرف ولا يتصرّف: أسماء (¬4) أوقات ألزموها الظرفيّة فلم يرفعوها ولم يجرّوها، وهى: صباح وعشاء وضحوة وعتمة، تقول: خرجت عتمة، وخرج زيد ضحوة وعشاء، إذا أردت ضحوة يومك أو يوم غيره بعينه، وكذلك تريد عتمة ليلتك أو ليلة بعينها، فلو رفعت شيئا من هذا أو خفضته فقلت: سير عليه عتمة أو ضحوة، أو خرجت فى عتمة، لم يجز؛ لأنهم لم يرفعوه ولم يجرّوه. ¬

(¬1) فرغت منه فى المجلس الثانى والأربعين. (¬2) وهذا مثل سابقه. وكتب فى حاشية الأصل «نعوذ به» يشير إلى رواية فى «يعود له». (¬3) سورة القمر 34. (¬4) راجع المقتضب 4/ 334، وانظر ما سبق.

قال أبو بكر بن السرّاج: ما يكون ظرفا ولا يكون اسما، نحو: ذات مرّة، وبعيدات بين، وبكرا، وسحر، إذا أردت سحر يوم بعينه، ولم تصرفه، وضحى، وضحيّا، إذا أردت ضحى يومك، وعشيّة وعتمة، إذا أردت عشيّة يومك وعتمة ليلتك، لم يستعمل كلّ هذا إلاّ ظروفا (¬1). قال أبو عبيد القاسم بن سلاّم، فى الغريب المصنّف (¬2): لقيته بعيدات بين، إذا لقيته بعد حين، ثم أمسكت عنه ثم أتيته، ولقيته صكّة عميّ (¬3)، إذا لقيته فى أشدّ الهاجرة. والقسم الرابع: وهو ما يتصرّف ولا ينصرف قولهم: غدوة وبكرة، إذا أردت غدوة يومك وبكرته، أو غيره مما تعيّنه، فهذان لم ينصرفا للتأنيث وأنهما علمان لوقت بعينه، والفرق بينهما وبين ضحوة وعتمة أنهما لوقت محصور، وأنّ ضحوة وعتمة لوقتين متّسعين، فتقول على هذا: سير عليه يوم السبت بكرة، وجئتك [فى] (¬4) يوم الجمعة غدوة، فلا تصرفهما، فإن أردت غدوة من الغدوات وبكرة من البكرات، صرفت، كما جاء فى التنزيل: {وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ/فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا} (¬5) وعلى هذا تتأوّل قراءة ابن عامر: {بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ} (¬6) كأنه أدخل الألف واللام على غدوة، لأنه نكّرها كما ينكّر زيد إذا أريد تثنيته أو جمعه، ثم تدخل عليه الألف ¬

(¬1) الأصول 2/ 292. (¬2) وذكره فى أمثاله ص 378،379، وانظر مجمع الأمثال 2/ 196، والكتاب 1/ 225، واللسان (بعد-بين). (¬3) يقال: إن عمّيّا كان رجلا من العماليق أوقع بقوم فى حرّ الظّهيرة، فضرب به المثل فى شدّة الحرّ. وقيل: صكّة عمىّ: هى أشدّ ما يكون من الحرّ، والمعنى: لقيته حين كاد الحرّ يعمى من شدّته. فصل المقال ص 508، ومجمع الأمثال 2/ 182، والنهاية 3/ 43. (¬4) ليس فى د. (¬5) سورة مريم 62. (¬6) سورة الأنعام 52، والكهف 28، وانظر الكشف 1/ 432، وراجع المجلس الثانى والعشرين.

واللام، ويجوز أن تكون الألف واللام فى الغدوة زيادة، كما زيدا فى عمرو، من قوله (¬1): باعد أمّ العمر من أسيرها وفى «يزيد» من قول الآخر: وجدنا الوليد بن اليزيد مباركا … مطيقا لأعباء الخلافة كاهله (¬2) وقد حكى الخليل (¬3) فى غدوة وبكرة الصّرف، فروى: جئتك اليوم غدوة، وجئتنى أمس بكرة، وحكى أيضا فى ضحوة وعتمة ترك الصّرف، فروى: جئتك يوم الجمعة ضحوة، وليلة الأربعاء عتمة، بغير تنوين، والأجود ما بدأت به. وإذا عرفت هذا فليس يخلو اسم من أسماء الزمان أن يكون أحد هذه الأقسام. وممّا ينتصب ظرفا من الزمان «ألفا» من قولهم فى المثل: «سكت ألفا ونطق خلفا» (¬4) أى مقدار ألف كلمة، أى سكت حينا يتكلّم فيه متكلّم بألف كلمة، ¬

(¬1) أبو النجم العجلىّ. وتمام الرجز: حرّاس أبواب على قصورها المقتضب 4/ 49، والحلبيات ص 288، وسرّ صناعة الإعراب ص 366، والمنصف 3/ 134، والمقتصد 1/ 73، وإيضاح شواهد الإيضاح ص 650، والإنصاف ص 317، وشرح المفصل 1/ 44، 2/ 132،6/ 60، وشرح الجمل 2/ 282،559، والمغنى ص 52، وشرح أبياته 1/ 302، وشرح الشافية ص 506. والشاهد هنا أن «عمرا» إذا دخله اللام لضرورة الشعر لا تلحقه الواو المميّزة بينه وبين عمر. وانظر شبيها لذلك فى المجلس الثالث والعشرين. (¬2) فرغت منه فى المجلس الثالث والعشرين. (¬3) راجع المجلس الثانى والعشرين. (¬4) أمثال أبى عبيد ص 55، والاشتقاق ص 127، وجمهرة الأمثال 1/ 509، ومجمع الأمثال 1/ 330، وانتصابه عنده على المصدر، قال: «أى سكت ألف سكتة ثم تكلّم بخطإ». والخلف، بفتح الخاء: الردىء من القول. قالوا: وكان للأحنف بن قيس جليس طويل الصمت، فاستنطقه يوما، فقال: أنقدر يا أبا بحر أن تمشى على شرف المسجد؟ فقال الأحنف: «سكت ألفا ونطق خلفا».

ولمّا نطق نطق بمحال، ومثله فى انتصابه على أنه ظرف زمانيّ «غبّا» فى قوله عليه السلام: «زر غبّا تزدد حبّا» (¬1) يقال: أغببت القوم، إذا جئتهم يوما وتركتهم يوما. وأمّا ظروف المكان: فمنها أيضا ما ينصرف ويتصرف، كخلف وأمام ووراء وقدّام، قال لبيد بن ربيعة: ¬

(¬1) أخرجه الحاكم فى المستدرك 3/ 347، من حديث حبيب بن مسلمة، رضى الله عنه، يرويه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ورواه أبو نعيم فى الحلية 3/ 322، عن أبى هريرة، وكذلك أبو هلال العسكرى فى الجمهرة 1/ 505، ورواه الخطيب، عن عبد الله بن عمرو، وعائشة، وأبى هريرة. تاريخ بغداد 9/ 230، 300،10/ 182،14/ 108، وابن أبى حاتم، عن عبد الله بن عمرو، وأبى هريرة. علل الحديث 2/ 229،306،341، ورواه ابن حجر، عن أبى هريرة، فى المطالب العالية 2/ 407، وذكره فى الفتح 10/ 498، ثم قال: «وقد ورد من طرق أكثرها غرائب لا يخلو واحد منها من مقال، وقد جمع طرقه أبو نعيم وغيره. . . وقد جمعتها فى جزء مفرد». وقال البزار: «لا يعلم فيه حديث صحيح». مجمع الزوائد 8/ 178 (باب الزيارة وإكرام الزائرين. من كتاب البرّ والصلة)، وذكره الفتّنى فى تذكرة الموضوعات ص 204،205، ثم قال: «وإنما يعرف من قول عبيد بن عمير، وله طرق وأسانيد عن جمع من الصحابة يتقوّى به الحديث، وإن قال البزّار: «ليس فيه حديث صحيح» فإنه لا ينافى ما قلنا». وقال العلامة عبد الرحمن بن يحيى المعلمى اليمانى فى حواشى الفوائد المجموعة فى الأحاديث الموضوعة للشوكانى ص 260 «الصحيح أنها حكمة قديمة، قال عبيد بن عمير لعائشة لمّا لامته على انقطاعه عنا: أقول ما قال الأول: زر غبا تزدد حبّا». وانظر كشف الخفاء 1/ 438. وجاء فى ترجمة «على بن عبيدة الريحانى» من تاريخ بغداد 12/ 18، وسئل عن «زر غبّا تزدد حبّا» فقال: «هذا مثل للعامة يجفو عن الخاصة». وانظر ميزان الاعتدال 2/ 341 (ترجمة طلحة بن عمرو الحضرمى). والحديث مسطور فى كتب الأمثال، وقد ذكره أبو عبيد فى أمثاله ص 148، عن أبى هريرة، يرفعه إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وكذلك صنع العسكرىّ، كما سبق. لكن قال المفضل بن سلمة فى الفاخر ص 151: «أول من قال ذلك معاذ بن صرم الخزاعىّ» وذكر قصّة رواها عنه مصنّفو الأمثال. ويبقى أن أذكر أن هذا الحديث «زر غبا تزدد حبا» قد أورده مصنّفو علوم الحديث، فى باب التصحيف، حيث صحّفه بعضهم إلى «زرعنا تردّد جنّا» وفسّره بأنّ قوما كانوا لا يؤدّون زكاة زروعهم، فصارت كلّها حنّاء». راجع معرفة علوم الحديث للحاكم ص 148، وتدريب الراوى فى شرح تقريب النواوى للسيوطى 2/ 194، وانظر كتابى: مدخل إلى تاريخ نشر التراث العربى ص 299.

فغدت، كلا الفرجين تحسب أنّه … مولى المخافة خلفها وأمامها (¬1) الفرج: موضع المخافة، وكذلك الثّغر والثّغرة، والعورة، يصف بقرة وحشيّة، يقول: فغدت البقرة وكلا الطّريقين المخوفين اللّذين بين يديها تظنّ أنه أولى بالمخافة، والهاء التى فى «أنه» عائدة على «كلا» وخلفها وأمامها بدل منه، وهو/مبتدأ، وقوله: «تحسب أنه مولى المخافة» خبره، والجملة من المبتدأ والخبر فى موضع الحال من المضمر فى «غدت». وقالوا: جلس زيد دونك، وأخرجوه من الظرفيّة فصرّفوه فرفعوه فى قولهم: «ثوب دون» (¬2). ومن ظروف المكان ما يلزم الظرفيّة، فلا ينتقل عنها، كعند ولدن وسواء ومع وحيث، لا يجوز أن ترفع عندك (¬3)، فإن دخل عليها حرف جرّ لم يكن إلاّ «من» خاصّة، لا يجوز: إلى عندك، وجاء فى التنزيل: {فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ} (¬4). وسوى (¬5) مكسورة السين مقصورة، ومفتوحة السين ممدودة، وتكون ظرفا فى كلّ موضع، ولا يدخل عليها حرف جر، إلاّ فى الشّعر نحو قوله: تجانف عن جلّ اليمامة ناقتى … وما قصدت من أهلها لسوائكا (¬6) ¬

(¬1) فرغت منه فى المجلس السابع عشر، وانظر أيضا اتفاق المبانى ص 139. (¬2) أى رديء. الكتاب 1/ 410، وشرح المفصل 2/ 129. (¬3) راجع المقتضب 4/ 340. (¬4) سورة القصص 27. (¬5) عقد ابن الشجرى فصلا ل‍ «سوى» فى المجلس الحادى والثلاثين، وعرض لها أيضا فى المجلسين: المتم الخمسين، والثامن والخمسين. (¬6) تقدّم فى المجالس الثلاثة المذكورة.

تجانف: من الجنف، وهو الميل فى قوله تعالى: {فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً} (¬1). وقوله: «عن جلّ اليمامة» جلّ: بمعنى أكثر، وفيه تقدير مضاف، أى عن أكثر أهل اليمامة. ولدن (¬2) كعند فى المعنى، إلاّ أنّها مبنيّة، وفيها لغات: لدن هو (¬3) الأصل، ولدن، بسكون الدال وفتح النون، ولد ساكنة، ولد (¬4)، ولدن مثل قفل، فمن قال: لدن، فهى كعضد، ومن قال: لدن، فسكّن، كما سكّنوا الضاد من عضد، والجيم من رجل، فتح النون، ومن قال: لد، شبّه النون بالتنوين فحذفها لسكونها وسكون الدال. ولتشبيههم إيّاها بالتنوين، قال بعضهم: «لدن غدوة» فنصب «غدوة» على التمييز (¬5)، كما تقول: قفيز حنطة. ومن قال: لدن، نقل حركة الدال إلى اللام، بعد أن سلب اللام حركتها، وهى فى جميع أحوالها مبنيّة، كما جاء فى التنزيل: {مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ} (¬6). وأما «مع» ففتحتها إعراب، وكان أبو عليّ يحكم عليها بالحرفيّة إذا أسكنت (¬7)، وأنشد فى إسكانها قول الشاعر: ¬

(¬1) سورة البقرة 182. (¬2) تقدّم الحديث عن «لدن» مفصّلا فى المجلس الحادى والثلاثين. (¬3) هكذا فى النسختين «هو»، والوجه «وهو» بإثبات الواو. (¬4) فى النسختين: «ولدا» وليست من لغات «لدن» راجع المجلس المذكور. (¬5) فتشبّه النون فى «لدن» بنون التنوين فى نحو «ضارب رجلا» من الأسماء التى تعمل عمل الفعل، كما قال أبو علىّ، فى كتاب الشعر ص 9، وقال التبريزى: «تشبّه النون منها بنون عشرين، ولا ينصب بعد لدن شيء غير غدوة» شرح الحماسة 3/ 237، ومعلوم أن ما بعد عشرين وبابه إلى التسعين ينصب على التمييز. وانظر أيضا شرح المرزوقى ص 1170. وأصل المسألة عند سيبويه. الكتاب 3/ 119، وقد جاءت هذه المسألة فى ألغاز ابن لبّ الأندلسى، فيما حكاه السيوطىّ فى الأشباه والنظائر 2/ 708. (¬6) سورة النمل 6. (¬7) وهو قول النّحاس أيضا.

فريشى منكم وهواى معكم … وإن كانت زيارتكم لماما (¬1) وإنّما حكم عليها بالحرفيّة؛ لأنها على حرفين، وانضم إلى ذلك فيها السكون، فنزّلها منزلة هل وبل وقد. واحتجّ من دفع هذا القول بلحاق التنوين لها، ودخول «من» عليها فى قولهم: كان معها فانتزعته من معها (¬2)، وقال: إن السكون لحقها للضّرورة. وأقول: إنهم قد استعملوا «عن» اسما بمعنى الناحية، إذا أدخلوا عليها «من» كقوله (¬3): جرت عليها كلّ ريح سيهوج … من عن يمين الخطّ أو سماهيج (¬4) أراد: من ناحية يمين الخطّ. يقال: ريح سيهوج: شديدة، وسماهيج: ضعيفة (¬5)، ومثل (¬6) قول قطرىّ بن الفجاءة: ولقد أرانى للرّماح دريئة … من عن يمينى مرّة وأمامى (¬7) أى من ناحية يمينى. وهى مع استعمالهم إيّاها اسما، على حرفين ساكنة ¬

(¬1) فرغت منه فى المجلس الثانى والثلاثين. (¬2) الجنى الدانى ص 306، والمعنى ص 333، وجاء فى كتاب سيبويه 3/ 287 «من معه» بفتح ميم «من» وعين «معه» خطأ، والصواب ما ترى. (¬3) رجل من بنى سعد. الإبدال لابن السكيت ص 118، وكتاب الشعر ص 181، والإيضاح ص 259، وشرحه المقتصد ص 846، وإيضاح شواهده ص 321، والأزمنة والأمكنة 2/ 79، والمخصص 9/ 86، والمعرّب ص 203، وسفر السعادة ص 731. (¬4) قال السخاوى: و «جرت» يروى بالتشديد، والتقدير: جرّت عليها ذيولها. ويروى «جرت» بالتخفيف. والخطّ: موضع بالبحرين. (¬5) بهامش الأصل حاشية «سما هيج: اسم جزيرة فى البحر، وهى بالفارسية ماش ماهى، عرّبتها العرب». وهذه الحاشية بحروفها فى معجم البلدان 3/ 132، وأنشد ياقوت الشاهد. (¬6) فى د: ومثله. (¬7) فرغت منه فى المجلس السابع والستّين.

الآخر، وقد بسطت الكلام على «مع» فى الجزء الثانى من هذه الأمالى (¬1). وممّا استعملوه من الأسماء المخصوصة استعمال الظروف (¬2)، قولهم: زيد مناط الثّريّا، المناط: موضع النّوط، مصدر نطت الشىء بالشىء، إذا علّقته به، أى هو بالمكان الذى نيطت به الثّريّا، شبّهوا ارتفاع منزلته بارتفاع مكان الثّريّا، وقالوا: هو منّا مزجر الكلب، وذلك إذا كان مباعدا مهانا، وتقديره (¬3): مكان مزجر الكلب، وهو منّى معقد الإزار، يريدون قرب المنزلة، وقعد منّى مقعد القابلة، وذلك إذا لصق به من بين يديه، وأما قول عبد الرحمن بن حسّان بن ثابت (¬4): وإنّ بنى حرب كما قد علمتم … مناط الثّريّا قد تعلّت نجومها فيحتمل أن يكون «كما قد علمتم» خبر اسم إنّ، و «مناط الثريّا» خبرا ثانيا، و «قد تعلّت/نجومها» خبرا ثالثا، على أن تعود الهاء إلى «بنى حرب» جاء بثلاثة أخبار، كقول القائل (¬5): ¬

(¬1) فى المجلس الثانى والثلاثين. (¬2) الكتاب 1/ 412 - 415، والمقتضب 4/ 343. (¬3) فى الأصل: «وقوله مكان. . . .» وأثبتّ صوابه من د. (¬4) وهكذا نسبه إلى عبد الرحمن بن حسّان أيضا: ابن السّيرافىّ، فى شرح أبيات سيبويه 1/ 305، 306، وأنشد بعده: وكلّ بنى العاصى سعيد ورهطه منازل مجد هابها من يرومها وقال: «مدح بهذا الشعر معاوية». والبيت نسبه سيبويه إلى الأحوص. الكتاب 1/ 413، وهو فى ديوانه ص 191، بيتا مفردا، عن سيبويه فقط. ورأيته من غير نسبة فى المقتضب 4/ 343، والأصول 1/ 201، والمخصص 13/ 54، والأزمنة والأمكنة 1/ 307. (¬5) رؤبة. زيادات ديوانه ص 189، والكتاب 2/ 84، ومعانى القرآن للأخفش ص 37، والأصول 1/ 154، والجمل المنسوب للخليل ص 39، والإنصاف ص 725، وشرح المفصل 1/ 99، وشرح الجمل 1/ 360،2/ 417، وحواشى المحقّقين. والبتّ: كساء غليظ مربّع أخضر، وقيل: من وبر وصوف. ومعنى مقيّظ: أى يكفينى لقيظى، وكذلك مشتّ، أى يكفى للشتاء، وكلّ ذلك على المجاز، أى يقيّظ فيه ويشتّى، يريد أنه لا يملك إلاّ ثوبا يكفيه فى كلّ زمان.

من يك ذا بتّ فهذا بتّى … مقيّظ مصيّف مشتّى ويجوز أن يكون «كما قد علمتم» و «مناط الثريا» خبرين، و «قد تعلّت نجومها» حالا من الثّريّا. ويجوز أن يكون «مناط الثّريّا» حالا من الضمير المحذوف من «علمتم» وعلمتم بمعنى عرفتم، أى كما عرفتموهم حالّين فى مناط الثّريّا. وقالوا: هو منّى فرسخان وميلان وقيد رمح، التقدير: بعده منّى فرسخان، ثم حذف البعد فانفصل المضمر وارتفع بالابتداء، وفرسخان خبر البعد، لأنّ الفرسخين هما البعد، ويجوز أن تقدّر المحذوف من الخبر، فيكون التقدير: هو منّى ذو مسافة فرسخين، ثم حذف «ذو» وأعرب ما بعده بإعرابه، فصار: هو منّى مسافة فرسخين، ثم حذفت المسافة، وأعرب الفرسخان بإعرابها. قال سيبويه: لا يقاس على هذا، لو قلت: هو منى عدوة الفرس، أو غلوة السّهم، لم يجز (¬1). ... ¬

(¬1) هذا النقل عن سيبويه غير صحيح، فقد أجاز سيبويه هذين التركيبين، مع ما ذكره ابن الشجرى «هو منى فرسخان». الكتاب 1/ 415. وهذا الذى حكاه ابن الشجرى عن سيبويه، رأيته عند تاج الدين الإسفرايينى فى لباب الإعراب ص 378، فهل رآه عند ابن الشجرى، أو نقله عن مصدر آخر؟. وقد نبّه محقق «اللباب» إلى هذا الخطأ فى النقل عن سيبويه.

فصل

فصل تقول: إنّ زيدا قريب منك، إذا جعلت القريب زيدا، فإن نصبت «قريبا» جعلته ظرفا، وقدّرت موصوفا محذوفا، فأردت: إنّ زيدا مكانا قريبا منك. قال سيبويه (¬1): «وتقول: إن قريبا منك زيدا، إذا جعلت قريبا منك موضعا (¬2)، وإذا جعلت الأول هو الآخر، قلت: إن قريبا منك زيد. وتقول: إنّ بعيدا منك زيد». أراد أنك تنصب قريبا منك بأنّ، وزيد خبرها، وكذلك: إنّ بعيدا منك زيد. ثم قال: «والوجه إذا أردت هذا أن تقول: إنّ زيدا قريب منك، أو بعيد منك؛ لأنه اجتمع معرفة ونكرة». انتهى كلامه. وأقول: إنه أجاز قولك: إنّ قريبا منك زيد، على أنك جعلت قريبا هو زيدا /واستضعفه؛ لأنك جعلت اسم إنّ نكرة، وخبرها معرفة، فلهذا قال: والوجه إذا أردت هذا أن تقول: إنّ زيدا قريب منك، وإنما استجاز إن قريبا منك زيد، لاتصال «منك» بقريب، فقد حصل له باتّصال «منك» به شيء من التخصيص، فقرب بذلك من المعرفة. قال: «وإن شئت قلت: إنّ بعيدا منك زيدا، وقلّما يكون «بعيدا منك» ظرفا، وإنما قلّ هذا؛ لأنك لا تقول: إنّ بعدك زيدا، وتقول: إنّ قربك زيدا، فالدّنوّ أشدّ تمكّنا فى الظّرف من البعد» (¬3). انتهى كلامه. ¬

(¬1) الكتاب 2/ 142. (¬2) فى الكتاب: موضعه. (¬3) الكتاب 2/ 143.

وأقول: إنّ قربك زيدا، تقديره: فى قربك، ولم يجز: إنّ بعدك زيدا، لأنهم لم يصرّفوا البعد تصريف القرب، فيقولوا: إن فى بعدك زيدا؛ لعلّة أذكرها لك: قال النحويّون: إنما صار الدّنوّ أشدّ تمكّنا؛ لأن الظروف موضوعة على القرب، أو على أن يكون ابتداؤها من قرب، فالموضوع على القرب: عند ولدن، وما كان فى معناهما، يريدون بما كان فى معناهما: صددك وصقبك (¬1) وتجاهك وإزاءك وحذاءك وتلقاءك وقبلك (¬2) وقبالتك، ونحو ذلك. وأمّا ما يكون ابتداؤه من قرب: فالجهات المحيطة بالأشياء، كقدّام وخلف ويمنة ويسرة وفوق وتحت، فإذا قلت: زيد خلف عمرو، فهو مطلوب خلفه من أقرب ما يليه؛ لأنّ للقرب حدّا، والبعد لا نهاية له ولا حدّ. ويكشف هذا أننا إذا قلنا: قربك زيد، طلبه المخاطب فيما قرب منه، وذلك ممكن مفهوم، وإذا قلنا: بعدك زيد، لم يمكن ذلك فيه. ونذكر ما قاله المفسّرون فى تذكير {قَرِيبٌ} مع تأنيث الرحمة، من قوله تعالى: {إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} (¬3) قال أبو إسحاق الزجّاج: إنما قيل ¬

(¬1) فى الكتاب 1/ 407،411 «سقبك» بالسين، وكلاهما صواب، فالسّين والصاد يتعاقبان. ومعناهما القرب. والصّدد: القصد. (¬2) فى الأصل: «قبلتك» وأثبت ما فى د، ومثله فى الصحاح، وهو بضم القاف. (¬3) سورة الأعراف 56، وقد شغلت هذه الآية أهل العلم من المفسّرين والمعربين واللغويّين، وممّن أطال الكلام فيها الإمام ابن قيّم الجوزيّة، فقد ذكر فيها اثنى عشر وجها. انظر بدائع الفوائد 3/ 18، وما بعدها. وانظر معانى القرآن للفراء 1/ 380، وتفسير الطبرى 12/ 488، والبحر 4/ 312، والقرطبى 7/ 227، وسائر كتب التفسير وإعراب القرآن، والمذكر والمؤنث لابن الأنبارى ص 462، والتنبيه والإيضاح، المعروف بحاشية ابن برّى على الصحاح 1/ 126، والمغنى ص 512. هذا ولابن هشام رسالة أفردها فى هذه المسألة. وقد نشرت باسم (مسألة الحكمة فى تذكير قريب فى قوله تعالى: إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ نشرها الدكتور عبد الفتاح الحموز. دار عمار. الأردن. وقد ذكرها السيوطى فى الأشباه والنظائر 3/ 268، مع ما ذكره من أقوال العلماء.

قريب؛ لأن الرحمة والغفران فى معنى واحد، وكذلك كلّ تأنيث ليس بحقيقيّ (¬1). وقال/غيره: إنّما ذكّر قريب لأن الرحمة والرّحم سواء، وهذا نظير قول الزّجّاج؛ إلاّ أنه أوفق؛ لأنه ذكر ما هو من لفظ الرحمة، فأراد أن الرّحم فى قوله تعالى: {وَأَقْرَبَ رُحْماً} (¬2) بمعنى الرحمة، فقد وافقها لفظا ومعنى، فحملت الرحمة عليه. وقال الأخفش: المراد بالرحمة هاهنا المطر، لأنه قد تقدّم ما يقتضى ذلك، فحمل قريب عليه (¬3). وقال أبو عبيدة: ذكّر {قَرِيبٌ} لتذكير المكان، أى مكانا قريبا (¬4). وأقول: إنه لو أريد (¬5) هذا لنصب قريب على الظرف، فإن حملناه على ما قاله، فالتقدير: إنّ رحمة الله ذات مكان قريب، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، فصار: إن رحمة الله مكان قريب، فحذف الموصوف كما حذف فى قوله تعالى: {أَنِ اِعْمَلْ سابِغاتٍ} (¬6) أراد دروعا سابغات وقال الفرّاء: إنما أتى قريب بغير هاء، ليفرق بين قريب من النّسب وقريب من القرب (¬7). قال الزجّاج: وهذا غلط؛ لأنّ كلّ ما قرب؛ من مكان أو نسب، فهو جار ¬

(¬1) معانى القرآن 2/ 344. (¬2) سورة الكهف 81. (¬3) معانى القرآن ص 300. (¬4) الذى فى مجاز القرآن 1/ 216 غير هذا، فقد قال أبو عبيدة هناك: «هذا موضع يكون فى المؤنثة والثّنتين والجميع منها بلفظ واحد، ولا يدخلون فيها الهاء؛ لأنه ليس بصفة، ولكنه ظرف لهنّ وموضع، والعرب تفعل ذلك فى قريب وبعيد». (¬5) هذا الردّ لعلىّ بن سليمان، الأخفش الصغير، كما ذكر النحاس فى إعراب القرآن 1/ 618. (¬6) سورة سبأ 11. (¬7) الموضع السابق من معانى القرآن، مع اختلاف فى العبارة

على ما يقتضيه (¬1) من التذكير والتأنيث. يريد أنك إذا أردت القرب فى المكان قلت: زيد قريب من عمرو، وهند قريبة من العباس، وكذلك إذا أردت قربهما فى النّسب قلت للرجل: قريب، وللمرأة: قريبة. ... ¬

(¬1) فى معانى القرآن للزجاج 2/ 345: يصيبه.

فصل اختلف القراء فى رفع النون ونصبها، من قوله تعالى: {لقد تقطع بينكم}

فصل اختلف القرّاء فى رفع النّون ونصبها، من قوله تعالى: {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} (¬1) فقرأ نافع والكسائىّ، وحفص عن عاصم {بَيْنَكُمْ} نصبا، وقرأه الباقون رفعا (¬2). قال أبو علي: البين: مصدر بان يبين، إذا فارق، واستعمل هذا الاسم على ضربين، أحدهما: أن يكون اسما متصرّفا كالافتراق. والآخر: أن يكون ظرفا ثم استعمل اسما، والدليل على جواز كونه اسما قوله: {وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ} (¬3) و {هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ} (¬4) فلمّا استعمل اسما فى هذه المواضع، جاز أن/يسند إليه الفعل الذى هو {تَقَطَّعَ} فى قول من رفع. ويدلّ على أن هذا المرفوع هو الذى استعمل ظرفا: أنه لا يخلو من أن يكون الذى هو ظرف اتّسع فيه، أو يكون الذى هو مصدر، فلا يجوز أن يكون هذا القسم؛ لأن التقدير يصير: لقد تقطّع افتراقكم، وهذا خلاف المعنى المراد، ألا ترى أن المراد لقد تقطّع وصلكم وما كنتم تتألّفون عليه. فإن قلت: كيف جاز أن يكون بمعنى الوصل، وأصله الافتراق والتباين، وعلى هذا قالوا: بان الخليط، إذا فارق، وفى الحديث «ما بان من الحيّ فهو ميتة» (¬5). ¬

(¬1) سورة الأنعام 94. (¬2) راجع المجلس السابع، وزد على المراجع المذكورة هناك: كتاب الشعر ص 306، وشرح الحماسة ص 612،1095. (¬3) سورة فصلت 5. (¬4) سورة الكهف 78. (¬5) لم أجده بهذا اللفظ فى دواوين السنّة التى بين يدىّ. وفى معناه ما رواه ابن ماجة: «ما قطع من حىّ فهو ميت». السّنن (باب ما قطع من البهيمة وهى حيّة، من كتاب الصيد) ص 1073. وانظر أيضا سنن أبى داود (باب فى صيد قطع منه قطعة، من كتاب الصيد) 3/ 111، وعارضة الأحوذى (باب-

قيل: إنه لما استعمل مع الشيئين المتلابسين فى نحو: بينى وبينك شركة، وبينى وبينه رحم وصداقة، صارت لاستعمالها في هذه المواضع بمنزلة الوصلة، وعلى خلاف الفرقة، فلهذا جاء {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} بمعنى: لقد تقطّع وصلكم (¬1). ومثل «بين» فى أنه يجرى فى الكلام ظرفا، ثم يستعمل اسما، قولهم: «وسط» الساكن العين (¬2)، ألا ترى أنك تقول: جلست وسط الدار، فتجعله ظرفا، لا يكون إلاّ كذلك، ثم استعملوه اسما فى نحو قول القتّال (¬3): من وسط جمع بنى قريط بعد ما … هتفت ربيعة يا بنى جوّاب وقال آخر (¬4): أتته بمجلوم كأنّ جبينه … صلاية ورس وسطها قد تفلّقا فجعله مبتدأ وأخبر عنه، كما جرّه الآخر بالحرف الجارّ، وحكى سيبويه: «هو أحمر بين العينين» (¬5). ¬

= ما قطع من الحىّ فهو ميت، من أبواب الأطعمة) 6/ 273، وسنن الدارمى (باب فى الصيد يبين منه العضو، من كتاب الصيد) 2/ 93، ومسند أحمد 5/ 218، والمستدرك 4/ 124، وفى تلخيصه للذهبى «ما أبين من البهيمة وهى حيّة فهو ميت». وقد جاء اللفظ الذى استشهد له ابن الشجرى، فى حديث علىّ الذى رواه أبو بكر بن أبى شيبة، قال: «إذا ضرب الصيد فبان عضو لم يأكل ما أبان، وأكل ما بقى». ثم ذكر فى الباب أحاديث أخر. المصنّف (باب فى الرجل يضرب الصيد فيبين منه العضو. من كتاب الصيد) 5/ 373. (¬1) وعدّه علماء اللغة من الأضداد. راجع أضداد ابن الأنبارىّ ص 75. (¬2) راجع الكتاب 1/ 411، والمقتضب 4/ 342 - وحواشيه-وفصيح ثعلب ص 68، والأصول 1/ 201، وكتاب الشعر ص 254، والعضديات ص 196. والكوكب الدرّىّ ص 203، والهمع 1/ 201، والمزهر 2/ 293، والأشباه 2/ 435. (¬3) ديوانه ص 36، وحواشى كتاب الشعر ص 255، والعضديات ص 154. (¬4) الفرزدق. ديوانه ص 596، وكتاب الشعر ص 254، وما فى حواشيه، والعضديات ص 153. والمجلوم: اسم مفعول، من جلمت الشىء جلما-من باب ضرب-أى قطّعته. وروى: «أتته بمحلوق» من حلق رأسه بالموسى. والفرزدق يصف ذلك الذى يقبح ذكره من أعضاء المرأة. والصّلاءة- ويقال: الصّلاية: المدقّ، وهو الحجر الأملس الذى يسحق عليه شيء. ويأتيك شرح الورس. (¬5) لم أجده في الكتاب المطبوع.

فأمّا من قال: {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} بالنصب، ففيه وجهان، أحدهما. أنه أضمر الفاعل فى الفعل، ودلّ عليه ما تقدّم من قوله: {وَما نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكاءُ} (¬1) ألا ترى أنّ هذا الكلام فيه دلالة على التقاطع والتهاجر، وذلك المضمر هو الوصل كأنه قال: لقد تقطّع وصلكم بينكم، وحكى/سيبويه أنهم قالوا: «إذا كان غدا فأتنى» (¬2) فأضمر ما كانوا فيه من رخاء أو بلاء، لدلالة الحال عليه، وصارت دلالة الحال بمنزلة جرى الذّكر. والمذهب الآخر: أن انتصاب البين من قوله: {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} على شيء رآه أبو الحسن، وهو أنه كان يذهب إلى أن قوله: {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} إذا نصب يكون معناه معنى المرفوع؛ لأنه لمّا جرى فى كلامهم منصوبا ظرفا، وكثر استعماله، تركوه على ما يكون عليه فى أكثر الكلام، وكذلك قال فى قوله: {يَوْمَ الْقِيامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ} (¬3) وكذلك قال فى قوله: {وَأَنّا مِنَّا الصّالِحُونَ وَمِنّا دُونَ ذلِكَ} (¬4) فدون فى موضع رفع عنده، وإن كان منصوب اللفظ، ألا ترى أنك تقول: منّا الصالح ومنّا الطالح. انتهى كلامه. وقال أبو إسحاق الزجّاج: {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ}: «الرفع أجود، ومعناه: لقد تقطّع وصلكم، والنصب جائز، والمعنى: لقد تقطّع ما كنتم فيه من الشّركة بينكم» (¬5) وإنما قال: ما كنتم فيه من الشّركة، لقول الله تعالى: {وَما نَرى مَعَكُمْ} ¬

(¬1) سورة الأنعام 94. (¬2) تقدّم تخريجه فى المجلس الثالث عشر. (¬3) الآية الثالثة من سورة الممتحنة. ويَفْصِلُ على مذهب الأخفش تتلى بضمّ الياء وسكون الفاء وتخفيف الصاد مفتوحة، على البناء للمفعول، وبَيْنَكُمْ على هذا منصوب اللفظ مرفوع المعنى، نائب فاعل. وهذه قراءة ابن كثير ونافع وأبى عمرو. وتخريجها فى كتاب الشعر ص 306،432. (¬4) سورة الجنّ 11، والحديث عنها فى الموضع الأول من كتاب الشعر. (¬5) معانى القرآن 2/ 273.

{شُفَعاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكاءُ}. انقضى ذكر أقسام الظروف المعربة، الزّمانىّ منها والمكانىّ، والمبهم منها والمختصّ، والمعرفة والنكرة، والمنصرف وغير المنصرف، والمتصرّف وغير المتصرّف. ونتبعه الآن بذكر مبنيّاتها الزّمانيّة والمكانيّة، بتوفيق الله ومشيئته وحسن تسديده وإعانته. الصّلاية للطّيب فى قوله: «صلاية ورس» وبعض العرب يهمزونها. والورس: صبغ أصفر. ... [(1) طرفة. ديوانه ص 80، وكتاب الشعر ص 182، وحواشيه. ومن هذا البيت يبدأ الموجود من النسخة ط، بعد ذلك السقط الكبير الذى بدأ فى أثناء المجلس السادس والخمسين.] [(2) فى ط «حركات» وتقدّم مثلها قريبا.] [(3) سورة آل عمران 38.]

المجلس الموفى السبعين [أضرب الظروف المبنية:]

المجلس الموفى السّبعين [أضرب الظّروف المبنيّة:] الظّروف المبنيّة ثلاثة أضرب: ضرب زمانيّ، وضرب مكانيّ، وضرب يتجاذبه الزمان والمكان. فالزمانيّ: أمس والآن، ومتى وأيّان، وقطّ المشدّدة، وإذ وإذا/ المقتضية جوابا. والمكانيّ: لدن، وحيث، وأين وهنا وثمّ، وإذا المستعملة بمعنى ثمّ. والضرب الذى يتجاذبه الزمان والمكان: قبل وبعد، يبنيان على الضّمّة إذا قطعا عن الإضافة إلى معرفة، يريدها الحاذف ويقدّرها، فكانا حينئذ غايتين، كقوله تعالى: {لِلّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} (¬1) أراد: من قبل غلبهم ومن بعد غلبهم، ألا ترى أنّ ذكر هذا المضاف إليه قد تقدّم فى قوله: {وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ} وبنيا على الضمّة لأنها (¬2) لا تكون لهما إعرابا إذا أضيفا. فأمّا «أمس» (¬3) فأكثر العرب ضمّنوه معنى لام التعريف، فصار معرفة، بدلالة وصفهم إيّاه بالمعرفة، فى قولهم: خرجت أمس الأحدث، وبنوه على حركة لسكون ميمه، وأعطى الكسرة لأنها أصل حركات التقاء الساكنين، ومنهم من عدله عن الألف واللام، وحقيقة عدله أنهم عدلوا أمس عن الأمس، كما عدلوا سحر عن السّحر، فأعربوه ومنعوه الصّرف للتعريف والعدل، فقالوا: خرجت أمس، وفى ¬

(¬1) سورة الروم 4. (¬2) فى الأصل: «لأنهما». والصواب من د. وانظر تفصيل هذا التعليل فى المجلس الموفى الأربعين. (¬3) راجع المقتضب 3/ 173،4/ 334.

أمس، وأعجبنى أمس، وأنشدوا على هذه اللغة: لقد رأيت عجبا مذ أمسا … عجائزا مثل السّعالى قعسا (¬1) القعس: دخول العنق فى الصّدر (¬2). ومن بناه من العرب فنكّره أو أضافه أو أدخل عليه الألف واللام، أعربه، فقال: ربّ أمس معجب لنا، وما كان أطيب أمسنا، وأمسنا أعجبنى، وإن الأمس راقنى، قال نصيب (¬3): وأنّى ظللت اليوم والأمس (¬4) … قبله ببابك حتّى كادت الشمس تغرب وإنما استحقّ الإعراب فى هذه الأحوال الثّلاث لزوال تضمّنه معنى لام التعريف. وأما «الآن» فقد اختلف فيه، فقال سيبويه وأبو الحسن الأخفش وأبو عمر ¬

(¬1) الكتاب 3/ 285، والنوادر ص 257، والجمل المنسوب للخليل ص 182، والإفصاح ص 237، وشرح المفصل 4/ 106،107، والبسيط ص 483، وشرح الجمل 2/ 401، وأوضح المسالك 4/ 132، والخزانة 7/ 167، وغير ذلك مما تراه فى حواشى المحققين. وهذا الرجز ينسب فى بعض الكتب إلى العجاج، ولم أجده فى ديوانه المطبوع بتحقيق الدكتور عزة حسن. وحكى البغدادىّ فى الخزانة 7/ 173، عن ابن المستوفى، قال: «وجدت هذه الأبيات الثمانية فى كتاب نحو قديم للعجّاج أبى رؤبة، وأراه بعيدا من نمطه». (¬2) قال الأصمعىّ: «هو دخول الظهر وخروج البطن» خلق الإنسان (الكنز اللغوى) ص 211، وهو نقيض الحدب. راجع خلق الإنسان لثابت ص 241، واللسان (قعس). (¬3) شعره ص 62، وتخريجه فى 166، وزد عليه الخصائص 1/ 394،3/ 57، والمحتسب 2/ 190، وما فى معجم الشواهد ص 37. وقوله: «وأنى» يضبط بفتح الهمزة، لأنه معطوف على «أننى» في بيت سابق. (¬4) قال ابن جنى: رواه ابن الأعرابى: والأمس والأمس، جرّا ونصبا. فمن نصبه فلأنه لمّا عرّفه باللام الظاهرة، وأزال عنه تضمّنه إيّاها أعربه، والفتحة فيه نصبة الظرف، كقولك: أنا آتيك اليوم وغدا. وأمّا من جرّه فالكسرة فيه كسرة البناء التى فى قولك: كان هذا أمس، واللام فيه زائدة، كزيادتها فى الذى والتى». راجع الموضعين المذكورين من الخصائص.

الجرمىّ وأبو عثمان المازنىّ، وبقولهم قال أبو إسحاق الزجّاج (¬1): إنما بنى «الآن» /وفيه الألف واللام، وسبيلهما أن يمكّنا ما دخلا عليه؛ لأنه ضارع المبهم المشار به؛ لأن سبيل الألف واللام أن يدخلا لتعريف العهد، فى نحو: خرج الرجل ودخلت المرأة، يريدون رجلا وامرأة معيّنين، أو لتعريف الجنس، كقولهم: عزّ الدّرهم والدّينار (¬2)، والمؤمن خير من الكافر، والأسد أقوى من الإنسان، أو يدخلا على علم مستغن عن التعريف بهما، نحو الحارث والعباس، فلمّا دخلا فى «الآن» لغير هذه المعانى، وكانا بمعنى الإشارة إلى الوقت الحاضر، وأدّى قولك «الآن» معنى: هذا الوقت، وجب بناؤه لمضارعته لأسماء الإشارة. وقال أبو العباس المبرّد، وبقوله قال أبو بكر بن السراج: إنّما وجب بناء «الآن» لأنه وقع من أول وهلة معرّفا بالألف واللام، وسبيل ما دخلا عليه أن يكون منكورا أوّلا ثم يعرّف بهما، فلما جاء على غير بابه بنى. وقال أبو عليّ: حذفت لام التعريف منه، وضمّن معناها، ثم زيد فيه لام أخرى. وقال الفرّاء: هو منقول من قولهم: آن لك أن تفعل، ثم أدخل عليه الألف واللام، وترك على فتحه محكيّا كما جاء: «أنهاكم عن قيل وقال (¬3)» على الحكاية. وأجود الأقوال القول الأوّل، وأبعدها قول أبى عليّ، ويليه فى البعد قول الفرّاء. ¬

(¬1) معانى القرآن 1/ 153، وعلّة بناء «الآن» من مواضع الخلاف بين البصريين والكوفيين، وقد عقد لها أبو البركات مسألة فى الإنصاف ص 520 - 524. (¬2) راجع المجلس الثامن والأربعين، وانظر أيضا الحلبيات ص 230،289. (¬3) هو قوله صلّى الله عليه وسلم: «آمركم بثلاث وأنهاكم عن ثلاث: آمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا، وتعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرّقوا، وأنهاكم عن قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال». موارد الظمآن ص 370،371، ومجمع الزوائد (باب لزوم الجماعة وطاعة الأئمة والنهى عن قتالهم. من كتاب الخلافة) 5/ 220.

وقيل: إن أصله: أوان، فحذفت منه الألف فصار فى التقدير: أون، فقلبت الواو ألفا لتحرّكها وانفتاح ما قبلها، فقيل: آن، وإنما حكموا بحذف الألف دون الواو؛ لأن الألف زائدة والواو أصليّة. وأمّا «متى» فاستفهموا بها، وشرطوا، فاستحقّت البناء لتضمّنها معنى الحرف الاستفهاميّ أو الشّرطيّ. وأيّان بمعنى «متى» فى الاستفهام، ولم يشرطوا بها، وبنوها والآن على الفتح إتباعا للألف. /وأمّا «قطّ» فإنّهم ضمّنوه معنى حرفين: معنى مذ وإلى؛ لأنهم أرادوا بقولهم: ما رأيته قطّ: ما رأيته مذ أوّل عمرى إلى الآن، فلقوّته بتضمّنه معنى حرف الابتداء فى الزّمان وحرف الانتهاء، حرّكوه بأقوى الحركات (¬1). وأمّا «إذ وإذا» فلبنائهما علّتان، إحداهما: أنهما احتاجا إلى إضافة توضّح معنييهما، فأشبها بذلك بعض كلمة، وبعض كلمة لا يستحقّ إعرابا. والعلّة الأخرى: أنهما افتقرا إلى إضافة إلى جملة، فأشبها بذلك حروف المعانى؛ لأن حرف المعنى لا يفيد حتى ينضمّ إلى جملة. ول‍ «إذا» علّة أخرى، وذلك أنها ضمّنت معنى حرف الشّرط. وأمّا الظّروف المكانيّة، فمنها «لدن»: وقد تقدّم ذكرها (¬2). ومنها «حيث» وهو من الظروف التى لزمتها الإضافة إلى جملة، فأشبه بذلك «إذ» تقول: جلست حيث زيد جالس، وحيث جلس زيد، كما تقول: خرجت إذ زيد جالس، ودخلت إذ جلس زيد، ويدلّك على أنها للمكان قولك: زيد حيث ¬

(¬1) وهو الضمّ. (¬2) فى المجلسين: الحادى والثلاثين، والسابق.

عمرو جالس، أخبرت بها عن شخص، وقد استعملوها للزّمان، وهو قليل، كقوله: للفتى عقل يعيش به … حيث تهدى ساقه قدمه وفيها لغات، منهم من بناها على الفتح؛ لمكان الياء، وهو القياس، حملا على أين وكيف وليت وكيت وذيت. ومنهم من بناها على الضّمّ، وهى لغة التنزيل؛ وذلك أنّ إضافتها إلى الجملة لا اعتداد بها؛ لأن حقّ الظّرف المكانيّ أن يضاف إلى المفرد، فلما عدمت الإضافة التى يستحقّها ظرف المكان، صارت إضافتها كلا إضافة، فأشبهت الغايات التى استحقّت البناء على الضمّ، لقطعها عن الإضافة. ومن قال: «حيث» فكسرها، فلأنّ الكسرة أصل حركة التقاء الساكنين، ونظيرها فى ذلك «جير». وقد استعملوها فى الأحوال الثلاثة بالواو، فقالوا: حوث/وحوث وحوث. وأمّا «أين» فقد استفهموا بها وشرطوا، فاستحقّت البناء؛ لتضمّنها معنى الحرفين، واستحقّت البناء على الفتح لمكان الياء. وأمّا «هنا» فيشار به إلى مكان قريب، فإن ألحقته الكاف أشرت به إلى ما بين القريب والبعيد، فإن زدت اللام مع الكاف، دلّ «هنالك» على المكان المتراخى، وقد استعمل للزمان فى قوله تعالى: {هُنالِكَ دَعا زَكَرِيّا رَبَّهُ} (¬1). ¬

(¬1) سورة آل عمران 38.

و «ثمّ» يشار به إلى ما توسّط بين القريب والمتراخى. و «إذا» بمعناه، تقول: خرجت فإذا زيد، معناه فثمّ زيد، وإن شئت: فهناك زيد. وخصّوا «ثمّ» بالبناء على الفتح؛ لثقل التضعيف، فأعطوه أخفّ الحركات، كما فعلوا ذلك في إنّ وأنّ وكأنّ وثمّ وربّ ولعلّ. وقد استعملوا «إذا» هذه بمعنى الفاء فى جواب الشرط، كقوله تعالى: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ} (¬1). وقد قدّمت ذكر العلّة التى استحقّ بها «قبل وبعد» البناء، والعلّة التى استحقّا بها الضمّة دون غيرها. ويدلّ على استعمالهما للمكان إخبارك بهما عن الأشخاص، فى نحو قولك: الجبل قبل الوادى، والوادى بعد الجبل، وتقول إذا استعملتهما للزمان: جئت قبلك وبعد زيد، أى جئت وقتا قبل الوقت الذى جئت فيه، وجئت وقتا بعد الوقت الذى جاء فيه زيد. وممّا شبّهوه بهذا الضّرب قولهم: جئت من عل، يريدون: من عليه، وابدأ بهذا أوّل، أى أوّل الأشياء، قال: لعمرك ما أدرى وإنّى لأوجل … على أيّنا تعدو المنيّة أوّل (¬2) ومن الظّروف المكانيّة المشبّهة بقبل وبعد: خلف وقدّام، يقولون: أتيت زيدا ¬

(¬1) سورة الروم 36. ويَقْنَطُونَ ضبطت بكسر النون فى الأصل وط، وهى قراءة أبى عمرو والكسائى، وكذا يعقوب وخلف، ووافقهم اليزيدىّ والحسن والأعمش، والباقون بفتحها. السبعة لابن مجاهد ص 367، عند الآية (56) من سورة الحجر. والإتحاف 2/ 177،357. (¬2) فرغت منه فى المجلس الموفى الأربعين.

من خلف، وعمرا من قدّام، يريدون: من خلفه ومن قدّامه، أنشد أبو عمر الزاهد: ألبان إبل تعلّة بن مسافر … ما دام يملكها عليّ حرام (¬1) /لعن الإله تعلّة بن مسافر … لعنا يشنّ عليه من قدّام أراد: من قدّامه. إنّ الذين يسوغ فى أحلاقهم … زاد يمنّ عليهم للئام وقد بسطت فيما مضى من هذه الأمالى الكلام فى هذا الضّرب (¬2). وممّا استعملته العرب تارة بالبناء وتارة بالإعراب، من اسم وصفيّ أو اسم زمانيّ: مثل وغير وحين ويوم، وذلك إذا أضيف منهما شيء إلى فعل ماض أو حرف موصول، أو «إذ» فمتى أضفته إلى أحد هذه الثلاثة أعداه داؤه، فجاز بناؤه على الفتح، كقول النابغة: على حين عاتبت المشيب على الصّبا … وقلت ألمّا تصح والشّيب وازع (¬3) يروى: على حين، وعلى حين، وكقول آخر: لم يمنع الشّرب منها غير أن هتفت … حمامة فى غصون ذات أو قال (¬4) يروى: «غير أن هتفت»، بالفتح، و «غير أن هتفت» بالرفع. وتقول: خرجت منذ حين أن جاء زيد، ومنذ حين، ومنذ حينئذ وحينئذ، ¬

(¬1) وهذا أيضا فرغت منه فى المجلس المذكور. (¬2) فى المجلس المذكور. (¬3) فرغت منه فى المجلس السابع. (¬4) وهذا مثله.

ومذ يومئذ ويومئذ، وساعتئذ وساعتئذ، وقد قرئ {مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ} و {عَذابِ يَوْمِئِذٍ} (¬1)، {وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ} و {خِزْيِ يَوْمِئِذٍ} (¬2). ولم يأت فى {يَوْمَئِذٍ} من قوله تعالى: {فَإِذا نُقِرَ فِي النّاقُورِ. فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ} (¬3) إلاّ الفتح، وفيه قولان، قيل: الفتحة فيه إعراب، بتقدير: أعنى يومئذ، وقيل: هى بناء، على أنه فى محلّ رفع، بدل من {فَذلِكَ} و «ذلك» مبتدأ، إشارة إلى وقت دلّ عليه «إذا» فالتقدير: فإذا نقر فى الناقور، أى نفخ فى الصّور، فذلك الوقت، أو فذلك اليوم يوم عسير. واختلف القرّاء فى رفع {مِثْلَ} ونصبه، من قوله تعالى: {إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} (¬4) فقرأ عاصم فى رواية أبى بكر، وحمزة والكسائىّ {مِثْلَ ما} برفع اللام، وقرأ الباقون: / {مِثْلَ ما} بنصب (¬5) اللام، قال أبو على (¬6): من رفع «مثلا» جعله وصفا لحقّ، وجاز أن يكون «مثل» وإن كان مضافا إلى معرفة وصفا لنكرة؛ لأن «مثلا» لا يختصّ بالإضافة، لكثرة الأشياء التى يقع التماثل بها من المتماثلين، فلمّا لم تخصّصه (¬7) الإضافة ولم تزل عنه الإبهام والشّياع الذى كان فيه قبل الإضافة، بقى على تنكيره، فقالوا: مررت برجل مثلك، فكذلك (¬8) فى الآية، لم يتعرّف بالإضافة إلى ¬

(¬1) سورة المعارج 11، وانظر المجلس المذكور. (¬2) سورة هود 66. (¬3) سورة المدثر 8،9. (¬4) سورة الذاريات 23. (¬5) الكشف عن وجوه القراءات 2/ 287، ومشكل إعراب القرآن 2/ 323. وانظر أيضا: الكتاب 3/ 140، ومعانى القرآن للفراء 3/ 85، وللأخفش ص 136 - فى أثناء الآية 88 من سورة البقرة -وللزجاج 5/ 54، والخصائص 2/ 182، وشرح المفصل 8/ 135. (¬6) يبدو أن هذا النقل الطويل فى كتاب أبى علىّ «الحجّة» ولا يزال مخطوطا. وقد ذكر شيئا فى توجيه هذه الآية الكريمة، فى البغداديات ص 334. (¬7) فى الأصل «تخصه». وأثبتّ ما فى د. وكتبت فى ط «تخصه» ثم كتب تحتها «تخصصه» كما فى د. (¬8) فى الأصل: وكذلك.

{أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} وإن كان قوله: {أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} بمنزلة نطقكم. و {ما} فى قوله: {مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} زائدة كزيادتها فى قوله: «ممّا خطاياهم» (¬1) وقوله: {فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ} (¬2) و {عَمّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ} (¬3). ومن نصب فقال: {مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} فيحتمل ثلاثة أوجه، أحدها: أنه لمّا أضاف {مِثْلَ ما} إلى مبنيّ، وهو قوله: {أَنَّكُمْ} بناه كما بنى {يَوْمِئِذٍ} فى قوله: {وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ} و {مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ}. وكما بنى النابغة الجعديّ «الحين» فى قوله: على حين عاتبت المشيب على الصّبا وكما بنى الآخر «غير» فى قوله: لم يمنع الشّرب منها غير أن هتفت فغير فى موضع رفع بأنه فاعل يمنع. وإنّما بنيت هذه الأسماء المبهمة، نحو: مثل وحين وغير ويوم، إذا أضيفت إلى المبنيّ، لأنها تكتسى منه البناء؛ لأنّ المضاف يكتسى من المضاف إليه ما فيه من التعريف والتنكير، والجزاء والاستفهام، تقول: هذا غلام زيد، فيتعرّف الاسم بالإضافة إلى المعرفة، وتقول: غلام من تضرب؟ فيكون استفهاما، وكما تقول: صاحب من تضرب أضرب، فيكون جزاء، فمن بنى هذه المبهمة إذا أضافها إلى مبنىّ جعل البناء أحد ما يكتسيه من المضاف إليه، ولا (¬4) يجوز على هذا: جاءنى ¬

(¬1) سورة نوح 25، وقد علّقت على هذه القراءة فى المجلس الرابع والأربعين. (¬2) سورة آل عمران 159. (¬3) سورة المؤمنون 40. (¬4) فى الأصل: فلا.

صاحب خمسة عشر، ولا غلام هذا؛ لأنّ هذين من الأسماء غير المبهمة، والمبهمة فى إبهامها وبعدها من الاختصاص كالحروف التى تدلّ على/أمور مبهمة، فلما أضيفت إلى المبنيّة جاز ذلك فيها، والبناء على الفتح فى مثل قول سيبويه (¬1). أراد أبو علىّ أنك إذا أضفت صاحبا إلى خمسة عشر، وغلاما إلى هذا، لم يجز فيهما، لإضافتهما إلى هذين المبنيين، البناء، كما جاز فى «مثل» لإضافتك إيّاه إلى {أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} لأن هذين الاسمين لا إبهام فيهما يتقضى بناءهما لإضافتهما إلى مبنىّ، كما فى «مثل» ونحوه من الإبهام والشّياع. ثم قال أبو على: والقول الثانى: أن تجعل «ما» مع «مثل» بمنزلة شيء واحد وتبنيه على الفتح، وإن كانت «ما» زائدة، وهذا قول أبى عثمان المازنىّ، وأنشد أبو عثمان فى ذلك: وتداعى منخراه بدم … مثل ما أثمر حماض الجبل (¬2) فذهب إلى أنّ «ما» مع «مثل» جعلا بمنزلة شيء واحد، وقد يجوز أن لا يقدّر «مثل» مع «ما» كشىء واحد، ولكن يجعل مضافا إلى «ما» ويكون التقدير: مثل شيء أثمره حماض الجبل، فبناء «مثل» على الفتح لإضافتها إلى «ما» وهى غير متمكّن، ولا يكون لأبى عثمان حينئذ فى البيت حجّة على كون «مثل» مع «ما» بمنزلة شيء واحد، ويجوز أن لا يكون له فيه حجّة من وجه آخر، وهو أن يجعل «ما» مع الفعل بمنزلة المصدر، فيكون مثل إثمار الحمّاض، فيكون كقوله تعالى: {وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ} (¬3). ¬

(¬1) دللت على موضعه فى الكتاب قريبا. (¬2) للنابغة الجعدىّ، رضى الله عنه، يصف فرسا. شعره ص 87، والنبات للأصمعى ص 24، والمعانى الكبير ص 594، والأصول 1/ 275، والبغداديات ص 339، والكشف عن وجوه القراءات 2/ 288، وشرح المفصل 8/ 135، والمقرب 1/ 102، واللسان (حمض). (¬3) سورة البقرة 10، وقوله عز وجل يَكْذِبُونَ ضبط فى النّسخ الثلاث، بضمّ الياء وفتح الكاف وتشديد الذال. وهى قراءة نافع وابن كثير وأبى عمرو وابن عامر. وقرأ الثلاثة الباقون بفتح الياء وسكون الكاف وتخفيف الذال. السبعة ص 141.

والقول الثالث: فى قوله: {مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} أن ينصب على الحال، وهو قول أبى عمر الجرميّ، وذو الحال الذّكر (¬1) المرفوع فى قوله: {لَحَقٌّ} والعامل فيه هو الحقّ، لأنه من المصادر التى يوصف بها. قال: ويجوز أن تكون الحال من النكرة الذى هو «حق»، وإلى هذا ذهب أبو عمر، ولم يعلم عنه أنه جعله حالا/من الذّكر الذى فى «حق» وهذا لا خلاف فى جوازه. وقد حمل أبو الحسن قوله: {فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ. أَمْراً مِنْ عِنْدِنا} (¬2) على الحال، وذو الحال قوله: {كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} وهو نكرة (¬3). انتهى كلام أبى على. وأقول: إننا إذا نصبنا {مِثْلَ ما} على الحال من الذّكر الذي فى «حق» فالعامل فيه حقّ، فهذا لا مانع منه، وإن جعلناه حالا من «حق» فما العامل فيه؟ فهذا ممّا أرى القياس يدفعه. ... ¬

(¬1) الذكر: يعنى به الضمير. وهو من مصطلحات أبى على. انظر مقدمتى لكتاب الشعر ص 54. (¬2) سورة الدخان 4،5. (¬3) الذى وجدته فى معانى القرآن للأخفش ص 415، أن أَمْراً حال من الضمير الواقع مفعولا به فى قوله تعالى: إِنّا أَنْزَلْناهُ. ونقل الناقلون عنه أنه حال من الفاعل، حيث حكوا عنه: «المعنى إنا أنزلناه آمرين أمرا». راجع معانى القرآن للزجاج 4/ 424، وإعراب القرآن للنحاس 5/ 108، ومشكل إعراب القرآن 2/ 287. أمّا هذا الذى نسبه أبو علىّ إلى الأخفش فقد نسبه المعربون إلى أبى عمر الجرمى.

فصل فى دخول حروف الخفض بعضها مكان بعض

فصل فى دخول حروف الخفض بعضها مكان بعض (¬1) فمن ذلك دخول «فى» مكان «على» فى قوله تعالى: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} (¬2) أى على جذوع النخل، وقال سويد بن أبى كاهل: هم صلبوا العبديّ فى جذع نخلة … فلا عطست شيبان إلاّ بأجدعا (¬3) دعا على شيبان، ومعنى «بأجدع» أى بأنف مقطوع. ومن ذلك {أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ} (¬4) أى عليه. وقد استعملوا «فى» مكان «مع» كقول الشاعر (¬5): ¬

(¬1) عقد ابن قتيبة لذلك بابا فى أدب الكاتب ص 506، سمّاه (باب دخول بعض الصفات مكان بعض)، وكذلك صنع فى تأويل مشكل القرآن ص 567، وعرض لذلك أبو العباس المبرّد فى الكامل ص 1000، وأفرد له أبو الفتح بن جنى بابا فى الخصائص 2/ 306، وأورد عليه كلاما عاليا جدّا، وابن سيده فى المخصّص 14/ 66. وانظر دراسات لأسلوب القرآن الكريم 3/ 447، وضرائر الشعر ص 233، 236، والخزانة 10/ 134. (¬2) سورة طه 71. (¬3) ونسب إلى امرأة من العرب، كما ذكر ابن جنى فى الخصائص 2/ 313، ونسب مع بيتين آخرين إلى قراد بن حنش الصاردىّ، فى الحماسة البصرية 1/ 263. و «قراد بن حنش» شاعر جاهلىّ، ولا يغرّنك وضع ابن سلام له فى الطبقة الثامنة من الإسلاميين، فإنّ لذلك وجها ذكره شيخنا أبو فهر فى مقدمة تحقيقه للطبقات ص 65، وترجمة «قراد» فيها ص 709،733. وانظر الشاهد فى أدب الكاتب ص 506، وتأويل مشكل القرآن ص 567، والكامل ص 1001، والمقتضب 2/ 319، والصاحبى ص 239، والتنبيه والإيضاح 2/ 35، وشرح المفصل 8/ 21، مع تحريف وقافية مغيّرة «بأجذع». والمغنى ص 168، وشرح أبياته 4/ 62، وغير ذلك مما تراه فى حواشى المحققين. وقوله «بأجدعا» أراد بأنف أجدع، فحذف الموصوف وأقام صفته مقامه. كما ذكر ابن الشجرى. (¬4) سورة الطور 38، وانظر تأويل المشكل ص 351. (¬5) درّاج بن زرعة الضّبابى، وهذا البيت من أبيات فى النقائض ص 931، وفيها إقواء كثير، وقد جاءت مقيّدة القوافى-أى ساكنة-فى النقائض، وجاءت بقافية مرفوعة، فى الوحشيات ص 31، وانظر تعليقات شيخنا أبى فهر. -

إذا أمّ سرباح غدت فى ظعائن … جوالس نجدا فاضت العين تدمع (¬1) أى مع ظعائن، يقال: جلس فلان، إذا أتى نجدا، ويقال لنجد: الجلس. ويقال: فلان عاقل فى حلم، أى مع حلم، ومنه قوله تعالى: {أُولئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ} (¬2) أى مع أمم. وقد أوقعت مكان «بعد» فى قوله: {وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ} (¬3) أى بعد عامين، ومكان «إلى» فى قوله: {فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ} (¬4) أى إلى أفواههم، وقال علقمة بن عبدة (¬5): طحا بك قلب فى الحسان طروب … بعيد الشّباب عصرحان مشيب أى إلى الحسان. وطحا بك: ذهب بك. وأوقعوها مكان الباء، قال زيد الخيل (¬6): ويركب يوم الرّوع فيها فوارس … بصيرون فى طعن الأباهر والكلى (¬7) ¬

= وانظر: الإبل للأصمعى ص 101 (ضمن الكنز اللغوى) والمذكر والمؤنث لابن الأنبارى ص 698، والمقتضب 2/ 178، والتنبيه والإيضاح 1/ 246، والأزهية ص 279، واللسان (سرح)، ونسبه لبعض أمراء مكة، ثم قال: وقيل: هو لدرّاج بن زرعة. و «سرباح» روى بالباء الموحدة، وبالياء التحتيّة. (¬1) قال صاحب الأزهية: «جوالس: فى موضع خفض؛ لأنها نعت لظعائن، وإنما نصبها لأنها لا تنصرف، وصرف ظعائن لضرورة الشعر، ونصب نجدا على نيّة التنوين فى جوالس، كأنه قال: جوالس». (¬2) سورة الأحقاف 18. (¬3) سورة لقمان 14. (¬4) سورة إبراهيم 9. (¬5) مطلع قصيدته المفضّليّة الشهيرة. ديوانه ص 33، وتخريجه فى 139. (¬6) شعره ص 149، وتخريجه ص 215 (ضمن شعراء إسلاميون). والأزهية ص 281، وشرح أبيات المغنى 4/ 71، ومعجم شواهد العربية ص 264. (¬7) يروى: يردّون طعنا فى الأباهر والكلى وعليها يفوت الاستشهاد.

أى بصيرون بطعن الأباهر. والأباهر: جمع الأبهر، وهو عرق مستبطن الصّلب، متّصل بالقلب، وقال آخر: وخضخضن فينا (¬1) … البحر حتّى قطعنه على كلّ حال من غمار ومن وحل (¬2) أراد: خضخضن بنا البحر. «إلى» قد استعملوا «إلى» مكان «مع» كقوله تعالى: {مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ} (¬3) أى مع الله، ومثله: {وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ} (¬4) أى مع شياطينهم. واستعملوها مكان «فى» كقول النابغة (¬5): فلا تتركنّى بالوعيد كأنّنى … إلى الناس مطلىّ به القار أجرب أى فى الناس، وقال طرفة (¬6): وإن يلتق الحيّ الجميع تلاقنى … إلى ذروة البيت الكريم المصمّد أى فى ذروة البيت الذى يصمد إليه، أى يقصد. وتوقع مكان (¬7) «مع» كقولهم: جلست إلى القوم: أى معهم. ¬

(¬1) فى الأصل وحده: فيها. (¬2) من غير نسبة فى أدب الكاتب ص 510 - وانظر تخريجه فى حواشيه-والمخصص 14/ 66، والأزهية ص 282. (¬3) الآية الأخيرة من سورة الصف، وانظر كلاما نفيسا لابن جنى هنا فى الخصائص 3/ 263، وانظر دراسات لأسلوب القرآن الكريم 1/ 291. (¬4) سورة البقرة 14. (¬5) ديوانه ص 73، وانظر لاستعمال «إلى» مكان «فى» دراسات لأسلوب القرآن الكريم 1/ 290. (¬6) من معلّقته. ديوانه ص 29، وتخريجه فى 210. والمصمّد: الذى يصمد إليه الناس لعزّه، ويلجئون إليه لشرفه، فى حوائجهم. والصّمد: القصد. (¬7) هذا تكرير لما سبق.

وتكون مكان الباء، قال كثير (¬1): ولقد لهوت إلى الكواعب كالدّمى … بيض الوجوه حديثهنّ رخيم أراد: لهوت بكواعب. «على» استعملوها مكان «فى» يقولون: أتيته على عهد فلان، أى فى عهده، ومنه {وَاِتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ} (¬2) أى فى ملك سليمان، وقال الأعشى: وصلّ على حين العشيّات والضّحى … ولا تعبد الشّيطان والله فاعبدا (¬3) وتكون مكان «من» كقوله: {إِذَا اِكْتالُوا عَلَى النّاسِ يَسْتَوْفُونَ} (¬4) أى من /الناس. وتكون مكان «عن» كقوله: أرمى عليها وهى فرع أجمع (¬5) ¬

(¬1) لم أجده فى ديوانه المطبوع، مع وجود قصيدة من بحر البيت وقافيته، فى ديوانه ص 205، وهو فى الأزهية ص 284، وابن الشجرى ينتزع منه. (¬2) سورة البقرة 102، وانظر الأزهية ص 285. (¬3) فرغت منه فى المجلس الخامس والأربعين. (¬4) الآية الثانية من سورة المطففين. وانظر تأويل مشكل القرآن ص 379،573، ويصحّح ما فى هذا الموضع «مع الناس» ليصبح: من الناس. (¬5) نسبه العينىّ وحده لحميد الأرقط. المقاصد النحوية 4/ 504، وهو من غير نسبة فى الكتاب 4/ 226، وأدب الكاتب ص 507، والمذكر والمؤنث ص 302، والبلغة فى الفرق بين المذكر والمؤنث ص 70، والبغداديات ص 450، والأزهية ص 287، والخصائص 2/ 307، والمخصص 6/ 38، 14/ 65 - وهو مكان الشاهد-16/ 80، وأمالى المرتضى 1/ 351، وشرح الجمل 1/ 268، والخزانة 1/ 214، استطرادا، وانظر حواشى المحقّقين.

أى أرمى عنها، وقال القحيف العقيلىّ (¬1): إذا رضيت عليّ بنو قشير … لعمر الله أعجبنى رضاها وتكون مكان الباء، قال أبو ذؤيب (¬2): وكأنّهنّ ربابة وكأنّه … يسر يفيض على القداح ويصدع أى يفيض بالقداح، أى يضرب بها. والرّبابة: خرقة تجمع فيها قداح الميسر، إلا أنه أراد بالرّبابة فى هذا البيت القداح أنفسها؛ لأنه يصف آتنا (¬3) وحمارا، فشبّه الأتن بالقداح؛ لاجتماعهنّ، وشبّه الحمار باليسر صاحب الميسر، وجمعه أيسار. ويصدع: يفرّق. ويقولون: اركب على اسم الله، أى باسم الله. «عن» تكون مكان «من» كقوله: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ} (¬4) أى من عباده. ¬

(¬1) القحيف بن خمير بن سليم. شاعر إسلامى، وضعه ابن سلاّم فى الطبقة العاشرة، وهو آخر من ترجم لهم فى الطبقات. والبيت الشاهد فى نوادر أبى زيد ص 481، والمقتضب 2/ 320، وأدب الكاتب ص 507، والخصائص 2/ 311،389، والمحتسب 1/ 52،348، والإنصاف ص 630، والأزهية ص 287، وشرح المفصل 1/ 120، والمغنى ص 143،677، وشرح أبياته 3/ 231، والخزانة 10/ 132، وغير ذلك كثير مما تراه فى ضرائر الشعر ص 233. (¬2) شرح أشعار الهذليين ص 18، وتخريجه فى 1359، والأزهية ص 288، وابن الشجرى ينقل عنه. (¬3) الأتان: الأنثى من الحمير. وجمع القلّة: آتن، وجمع الكثرة: أتن، بضمتين، وقد ضبطته على جمع القلة، كما جاء فى الأصل، ط. (¬4) سورة الشورى 25، وانظر تأويل مشكل القرآن ص 577، والأزهية ص 289.

وتكون مكان الباء، كقوله: {وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى} (¬1) أى بالهوى. وتكون مكان «على» كقوله: {وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ} (¬2) أى على نفسه، وقال ذو الإصبع: لاه ابن عمّك لا أفضلت فى حسب … عنّى ولا أنت ديّانى فتخزونى (¬3) أى لم تفضل فى حسب عليّ، ولا أنت ديّانى: أى مالك أمرى. وتخزونى: أى تسوسنى وتقهرنى. وقوله: «لاه» أراد: لله، فحذف لام الجر ولام التعريف، قال الخليل: وكانت العرب [فى الجهلاء (¬4)] تقول: لاه أنت، فى معنى: لله أنت، وكره ذلك فى الإسلام، وأنشد: لاه درّ الشّباب والشّعر الأس‍ … ود والرّاتكات تحت الرّحال (¬5) الرّتكان: ضرب من السّير فيه اهتزاز، قال الخليل: ولا يكاد يقال إلاّ للإبل (¬6). وتكون «عن» مكان «بعد» قال العجّاج (¬7): ¬

(¬1) سورة النجم 3، وانظر تأويل مشكل القرآن ص 569، والموضع السابق من الأزهية. (¬2) سورة محمد صلّى الله عليه وسلم 38. (¬3) فرغت منه فى المجلس السابع والأربعين. (¬4) سقط من الأصل، والمراد: «الجاهليّة»، وقد صرّح بها صاحب الأزهية ص 290، وابن الشجرى يعبّ منه عبّا، وقد نبّهت على ذلك كثيرا. (¬5) لعبيد بن الأبرص. ديوانه ص 108، والرواية فيه: «درّ درّ الشباب» وعليها يفوت الاستشهاد، وكذلك جاء فى مجالس ثعلب ص 366، ومختارات ابن الشجرىّ ص 386، ولم تأت رواية ابن الشجرىّ إلاّ عند الهروىّ صاحب الأزهية-الموضع السابق-وقد أخبرتك أن ابن الشجرى ينقل عنه، وإن لم يصرّح. (¬6) العين 5/ 337، والذى فيه: «يقال للإبل». (¬7) ديوانه ص 157، وأدب الكاتب ص 513، والمخصص 14/ 67، والأزهية ص 291، والمغنى ص 148، وشرح أبياته 3/ 293 - 297، وحكى البغدادىّ عن الصاغانىّ، قال: «المنهل: -

ومنهل وردته عن منهل /أراد بعد منهل، ومثله فى التنزيل: {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ} (¬1) أى حالا بعد حال، ومنه قولهم: «سادوك كابرا عن كابر (¬2)»، أى كبيرا بعد كبير، وقد أظهر الشاعر «بعد» فى قوله (¬3): بقيّة قدر من قدور توورثت … لآل الجلاح كابرا بعد كابر وقال الحارث بن عبّاد: قرّبا مربط النّعامة منّى … لقحت حرب وائل عن حيال (¬4) أى بعد حيال، أراد: هاجت بعد سكونها، فاستعار لها اللّقاح والحيال. يروى مربط ومربط، بفتح الباء وكسرها، فمن فتح أراد المصدر، ومن كسر أراد موضع الرّبط، والمربط، بكسر الميم وفتح الباء: الحبل. ¬

= المورد، وهو عين ماء تردها الإبل فى المراعى، وتسمّى المنازل التى فى المفاوز على طريق السفار: مناهل؛ لأن فيها ماء، وما كان على غير الطريق لا يسمّى منهلا، ولكن يقال: ماء بنى فلان». (¬1) سورة الانشقاق 19. (¬2) يأتى هذا فى قوافى الشعر كثيرا، من مثل قول كعب بن زهير رضى الله عنه: ورث السّيادة كابرا عن كابر وقول الأعشى: وكابرا سادوك عن كابر انظر الخزانة 10/ 118 - 124، وشرح الحماسة ص 1702، وسيأتيك إعراب «كابرا» فى المجلس التالى. (¬3) النابغة. ديوانه ص 173، وشرح الحماسة، والخزانة، الموضع السابق، وسيعيده ابن الشجرى فى المجلس التالى. (¬4) بيت سيّار. تخريجه مستقصى فى الأصمعيات ص 71، والحماسة البصرية 1/ 59، وانظر أسماء خيل العرب للغندجانى ص 243، والمخصص 14/ 67، والأزهية ص 291. و «عباد» بضم العين وتخفيف الباء، بوزن غراب، على ما حقّقه العلاّمة الميمنى فى حواشى السّمط ص 757. والحيال: ألاّ تحمل الناقة.

«من» تقع مكان «على» قال الله تعالى: {وَنَصَرْناهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا} (¬1) أى على القوم. وتكون مكان الباء، كقوله: {يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ} (¬2) أى بأمر الله، ومثله {يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ} (¬3) أى بأمره، ومثله: {تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ} (¬4) أى بكلّ أمر. «الباء» قد استعملت الباء مكان «من» فى قوله: {عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللهِ} (¬5) أى يشرب منها، وقال عنترة (¬6): شربت بماء الدّحرضين فأصبحت … زوراء تنفر عن حياض الدّيلم وقال أبو ذؤيب (¬7): شربن بماء البحر ثمّ ترفّعت … متى لجج خضر لهنّ نئيج ¬

(¬1) الأنبياء 77، وانظر تأويل المشكل ص 577، والأزهية ص 293، هنا وفى الآيات التالية. (¬2) سورة الرعد 11، وانظر تأويل المشكل ص 574، هنا والآيتين التاليتين. (¬3) سورة غافر 15. (¬4) سورة القدر 4. (¬5) سورة الإنسان 6. (¬6) ديوانه ص 201، وتخريجه ص 343، وانظر أدب الكاتب ص 515، والمخصص 14/ 67، والصاحبى ص 133، والمحتسب 2/ 89، والغريبين 1/ 237، والأزهية ص 294، وشرح المفصل 2/ 115. والدّحرصان: ماءان، يقال لأحدهما: دحرض، وللآخر: وسيع، فغلّب أحد الاسمين. وزوراء: مائلة. والديلم: الأعداء، وقيل إن حياض الديلم من مياه بنى سعد. (¬7) شرح أشعار الهذليين ص 129 - وتخريجه فى ص 1378، والأزهية ص 210،294، وشرح أبيات المغنى 2/ 309. وقد نفى ابن جنى أن تكون الباء هنا بمعنى «من»، قال: «فالباء فيه زائدة، إنما معناه: شر بن ماء البحر، هذا هو الظاهر من الحال، والعدول عنه تعسّف». سرّ الصناعة ص 135، وانظر المحتسب 2/ 114. وذهب الفراء إلى أن «يشرب، هنا معناها «يروى». معانى القرآن 3/ 215. هذا وقد جاء فى شعر الراعى ما يشبه بيت أبى ذؤيب فيما جاء شاهدا عليه، وهو قوله: شربنا ببحر من أميّة دونه دمشق وأنهار لهنّ عجيج ديوانه ص 26.

متى لجج: أى وسط لجج، حكى الكسائىّ عن العرب: «أخرجه من متى كمّه» (¬1)، أى من وسط كمّه، وهى لغة هذيل. والنّئيج: الصّوت، يصف سحبا. وتقع الباء موقع «عن» كقوله تعالى: {سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ} (¬2) أى عن عذاب، ومثله: {فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً} (¬3) أى عنه، وقال عنترة: /هلاّ سألت الخيل يا ابنة مالك … إن كنت جاهلة بما لم تعلمى (¬4) أى سألت الخيل عمّا لم تعلمى، وقال النابغة (¬5): كأنّ رحلى وقد زال النهار بنا … بذى الجليل على مستأنس وحد أراد زال النهار عنّا (¬6). ¬

(¬1) راجع الموضع السابق من شرح أشعار الهذليين، والأزهية ص 209، وشرح الكافية الشافية ص 784، والمساعد 2/ 295، وأوضح المسالك 3/ 6. واللسان (متى) 20/ 364. (¬2) أول سورة المعارج. وانظر الأزهية ص 295، والصاحبى ص 133. (¬3) سورة الفرقان 59، وتأويل المشكل ص 568، ومعانى القرآن للزجاج 4/ 73، والمخصص 14/ 65، والبحر 6/ 508، ثم انظر دراسات لأسلوب القرآن الكريم 2/ 17. (¬4) تقدم فى المجلس الخامس والثلاثين. وانظر الأزهية ص 295. (¬5) ديوانه ص 6، والأزهية ص 296، ومعجم ما استعجم ص 752 (السّليل) وانظر معجم الشواهد ص 117. وزال النهار: انتصف. والرحل: الناقة. وذو الجليل: موضع ينبت فيه هذا النبت. والمستأنس: هو الذى يخاف الناس، وقيل: هو الذى يرفع رأسه هل يرى شبحا أو شخصا. والاستئناس فى كلام العرب: النظر، يقال: اذهب فاستأنس هل ترى أحدا، فيكون معناه: انظر من ترى فى الدار. وقوله: «وحد» يقال بفتح الحاء وكسرها، ويعنى متوحّدا منفردا. قال فى التهذيب 13/ 87: «أراد على ثور وحشى أحسّ بما رابه فهو يستأنس. أى يتلفّت ويتبصّر، هل يرى أحدا. أراد أنه مذعور فهو أجدّ لعدوه وفراره وسرعته». فيكون قد شبّه ناقته بهذا الثور الوحشىّ. (¬6) فى شرح ابن السكيت لشعر النابغة: «علينا»، وكذلك فى الخزانة 3/ 187، قال: «الباء بمعنى على». وأخذه البغدادى من المعانى الكبير لابن قتيبة ص 732، وكذلك رأيته عند أبى جعفر النحاس فى شرحه على القصائد التسع ص 742، حكاية عن ابن السّكّيت.

وقد كثر استعمالها مكان «فى» كقوله: إن الرّزيّة لا رزيّة مثلها … أخواى إذ قتلا بيوم واحد (¬1) أراد: فى يوم واحد، ومنه: {السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ} (¬2) أى فيه، أى فى يوم القيامة، ومثله: {لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً} (¬3). واستعملت فى موضع «على» كقول الشاعر (¬4): أربّ يبول الثّعلبان برأسه … لقد ذلّ من بالت عليه الثّعالب أى على رأسه. «اللام» قد جاءت (¬5) فى مكان «إلى» فى مواضع من التنزيل، منها قوله: {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها} (¬6) ومنها: {الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا} (¬7) ومنها: ¬

(¬1) لم أره إلاّ فى الأزهية ص 297، أمّا صدره فمعروف فى شعر الفرزدق: إن الرزيّة لا رزيّة مثلها فقدان مثل محمد ومحمد ديوانه ص 190، والتعازى والمراثى ص 203. وجاء فى ط: «الرزيئة لا رزيئة» بتحقيق الهمز. (¬2) المزمل 18. (¬3) سورة آل عمران 96. (¬4) اختلف فى اسمه، فقيل: راشد بن عبد ربه، وقيل: أبو ذرّ الغفارى، وقيل: العباس بن مرداس. وراشد بن عبد ربه هذا هو الذى غيّر النبىّ صلّى الله عليه وسلم اسمه وكان: غاوى بن عبد العزى. انظر أدب الكاتب ص 103،290، وشرحه: الاقتضاب ص 321، والحيوان 6/ 304، والتنبيه والإيضاح 1/ 46، والجنى الدانى ص 43، والمغنى ص 105، وشرح أبياته 2/ 304، والإصابة 2/ 435، واللسان (ثعلب). و «الثعلبان» يروى على التثنية، فتكون الثاء مفتوحة، ويروى على الإفراد فتكون مضمومة. قال ابن قتيبة: «وثعلب» يكون للذكر والأنثى، حتى تقول: «ثعلبان» فيكون للذكر خاصّة». راجع حواشى الحيوان، والنهاية 3/ 248، ترجمة (عصل). (¬5) فى ط، د: «اللام قد جاءت اللام. . .» (¬6) الآية الخامسة من سورة الزلزلة، وقد كرّرها ابن الشجرى كثيرا، ويظهر ذلك فى الفهارس إن شاء الله. (¬7) سورة الأعراف 43.

{رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ} (¬1) أي إلى الإيمان، وجاءتا متواليتين فى قوله: {قُلِ اللهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ} (¬2). واستعملوها مكان «على» فى قولهم: سقط لوجهه، أى على وجهه، ومثله. فخرّ صريعا لليدين وللفم (¬3) ومثله فى التنزيل {وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ} (¬4) أى على الجبين. و {يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً} (¬5). واستعملوها فى مكان «بعد» قال متمّم بن نويرة (¬6). فلمّا تفرّقنا كأنّى ومالكا … لطول اجتماع لم نبت ليلة معا أى بعد طول اجتماع، ومثله فى التنزيل {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} (¬7) ¬

(¬1) سورة آل عمران 193. (¬2) سورة يونس 35. (¬3) هذا المصراع يأتى فى شعر لجابر بن حنىّ التغلبىّ، وقبله: تناوله بالرّمح ثم اتّنى له واتّنى: أصلها: انثنى، فأدغم النون فى الثاء ثم أبدلها تاء. شرح المفضليات ص 441، ومتن المفضليات ص 212، وانظر تعليق المحققين على هذا الإدغام. ويأتى المصراع أيضا فى شعر المكعبر الأسدى، وهو قوله: تناولت بالرمح الطويل ثيابه ونسب إلى غيره. راجع تأويل مشكل القرآن ص 569، وأدب الكاتب ص 511، وشرحه للجواليقى ص 359، والاقتضاب ص 439، والأزهية ص 299، ونسبه للأشعث الكندى، والجنى الدانى ص 101، والمغنى ص 212، وشرح أبياته 4/ 286. (¬4) سورة الصافات 103. (¬5) سورة الإسراء 107. (¬6) ديوانه ص 112، المنشور باسم (مالك ومتمم ابنا نويرة)، وتخريجه فى ص 122، والأزهية ص 299، والمغنى ص 213، وشرح أبياته 4/ 291، ومجمع الأمثال 2/ 139. وقد ذهب صاحب الأزهية إلى أن اللام فى بيت متمم بمعنى «مع» وأشار إلى ذلك ابن هشام. (¬7) سورة الإسراء 78.

المجلس الحادى والسبعون يتضمن الكلام فى الحال

[الجزء الثالث] المجلس الحادى والسبعون يتضمّن الكلام فى الحال الحال فضلة فى الخبر (¬1)، والخبر على ضربين: خبر المبتدأ، وخبر الفاعل، وما قام مقام الفاعل، فمثال خبر المبتدأ: زيد جالس، وأخوك فى الدار، ومثال خبر الفاعل: خرج بكر وسيقوم بشر، ومثال خبر ما أقيم مقام الفاعل: ضرب عمرو، ويكرم جعفر. تقول: زيد جالس متّكئا، وأخوك فى الدار مضطجعا، وأقبل محمد مسرعا، وسيقوم بشر ضاحكا، وضرب عمرو مشدودا، ويكرم جعفر قادما. ومن الأفعال مالا يسمّى خبرا لفاعله، ولكن مسندا إليه، وذلك أفعال الأمر والنهى، كقولك: ليخرج بكر، ولا يخرج أخوك. فالحال إذن (¬2) فضلة على المسند، كما أنها فضلة على الخبر. والضّرب الأول يطلق عليه الإسناد، كما يطلق عليه الإخبار، فالإسناد أعمّ إذن؛ لأن كلّ إخبار إسناد، وليس كلّ إسناد إخبارا، وذلك أن الإخبار ما جاز أن يقابل بصدق أو كذب. ولمّا كانت الحال فضلة على الخبر، والخبر فى الأمر العامّ إنما يستفاد إذا كان نكرة، لزم الأحوال أن يكن نكرات، حملا على الأضل؛ لأن الأصل التنكير، قال ¬

(¬1) المراد بالخبر هنا: ما يحتمل الصدق والكذب لذاته، ويقال فى مقابل الإنشاء. (¬2) يكتبها بعضهم «إذا» بألف مبدلة من النون. والأكثر كتابتها بالنون. ويروى عن المبرد أنه قال: أشتهى أن أكوى يد من يكتب «إذن» بالألف؛ لأنها مثل أن ولن.

الرّبعىّ: الحال زيادة فى الخبر، والخبر فى الأمر العامّ يكون نكرة، فوجب أن تكون الحال نكرة؛ لأنها مستفادة مع الجملة، كما يستفاد الخبر مع الواحد. انتهى كلامه. ... والحال تشبه المفعول به من وجه، وتخالفه من وجوه، فوجه الشبه بينهما أن النصب يجمعهما، ومن وجوه الخلاف (¬1) بينهما ما ذكرناه من لزومها التنكير، والمفعول يكون معرفة ويكون نكرة. والثانى: أن الحال فى الأغلب/هى ذو الحال، وليس المفعول هو الفاعل. والثالث: أن الحال يعمل فيها الفعل ومعنى الفعل، والمفعول لا يعمل فيه المعنى. والرابع: أن المفعول يبنى له الفعل فيرفع رفع الفاعل، والحال لا يبنى لها الفعل. ... والحال تشبه التمييز من ثلاثة أوجه، وتخالفه من وجه (¬2). فأحد وجوه المشابهة: أنك إذا قلت: جاء زيد، احتمل أن يكون مجيئه على صفة تخالف صفة، كالركوب والمشي، والسّرور والحزن، والبكاء والضحك، فإذا قلت: راكبا أو ماشيا أو مسرورا أو محزونا، فقد بيّنت الحال التى جاء عليها، كما أنك إذا قلت: عندى عشرون، احتمل أن يكون المميّز درهما، وأن يكون ثوبا، وأن ¬

(¬1) حكاه السيوطىّ فى الأشباه والنظائر 2/ 444. (¬2) راجع المغنى ص 460 - 464.

يكون غيرهما من الأجناس، فإذا قلت: درهما أو دينارا أو غير ذلك، بيّنت ما أردت. والثانى: أن التنكير يلزم المميّز كما يلزم الحال. والثالث: أنهما لا يجيئان إلاّ بعد التمام، فالمميّز يجيء بعد تمام الجملة، كقولك: امتلأ الإناء، أو بعد تمام الاسم بالنون كقولك: عشرون، أو بالتنوين كقولك: راقود، أو بالمضاف إليه كقولك: لى مثله، كما تجيء الحال بعد الجملة المبتدئيّة أو الفعليّة. ووجه المخالفة بينهما أن الحال فى الأغلب يلزمها الاشتقاق، والمميّز يلزمه أن يكون اسم جنس، فإن جاء صفة فقدّر له موصوفا محذوفا، كقولك: عشرون ظريفا. ... وبين الحال والظّرف مشابهة (¬1) ومخالفة، فوجه المشابهة أنّ الحال مفعول فيها، كما أن الظرف مفعول فيه. والمخالفة: أن الحال لا يعمل فيها المعنى إذا تقدّم عليها، لا يجوز: زيد قائما فى الدار، وليس كذلك الظرف؛ لأنك تقول: كلّ يوم لك ثوب، فتنصب كلّ يوم بلك، وإنما لم يعمل المعنى فى الحال إذا تقدّمت عليه؛ لشبه الحال (¬2) بالمفعول به، من حيث كان المفعول به لا يعمل فيه المعنى، وإنما جاز إذا/تأخّرت الحال أن يعمل فيها المعنى، لأن الشىء إذا وقع فى موضعه جاز فيه مالا يجوز إذا وقع فى غير موضعه، تقول: ما جاءنى أحد إلا زيد، ترفع زيدا على الإبدال من أحد، فإن ¬

(¬1) راجع ما تقدم فى المجلس السابع عشر. (¬2) فى الأصل: «لشبه الفعل. . .». وهو خطأ.

قدّمته لم يجز فيه الرفع، لأن البدل تابع فلا يكون من قبل المتبوع. وإنما جاز للحال أن تجيء غير مشتقّة؛ لأن الخبر نفسه قد جاء غير مشتقّ، فى نحو: زيد غلامنا، وبكر أخو جعفر، وإذا جاز ذلك فى الخبر جاز فى الفضلة على الخبر، فمن ذلك فى التنزيل: {هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً} (¬1) أى علامة لصدقي، وجاء فى الشعر لأبى الصّلت الثقفىّ: اشرب هنيئا عليك التاج مرتفقا … فى رأس غمدان ذارا منك محلالا (¬2) نصب «دارا» على الحال من رأس غمدان، قصر بصنعاء، وجاز ذلك لأن الدار منزل، ومن هذا قول المتنبّى (¬3). بدت قمرا وماست خوط بان … وفاحت عنبرا وزنت غزالا الميس والميسان: مشي فيه تبختر وتهاد. والخوط: الغصن. والرّنوّ: النّظر، يقال: رنا، إذا مدّ بصره. ونصب «قمرا وخوط بان وعنبرا وغزالا» على الحال، ويتأوّل فيهنّ الاشتقاق، فيحملن على قولنا: بدت مشرقة، وماست متثنّية، وفاحت طيّبة، ورنت مليحة، ونظير هذا البيت قول آخر (¬4): ¬

(¬1) سورة الأعراف 73، وهود 64. (¬2) فرغت منه فى المجلس السادس والعشرين، والكلام على موضع الشاهد منه فى المجلسين الثالث والعشرين، والخامس والعشرين. (¬3) ديوانه 3/ 224، ودلائل الإعجاز ص 302،450، وأسرار البلاغة ص 178، والعمدة 1/ 293 (باب التشبيه)، ومعاهد التنصيص 2/ 83، ونهاية الأرب 7/ 43، والخزانة 3/ 222، والموضع الآتى من اليتيمة، والوفيات. (¬4) هو أبو القاسم الزاهى، على بن إسحاق بن خلف البغدادى. توفّى-فيما قيل-سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة. وقيل: بعد سنة ستين وثلاثمائة. يتيمة الدهر 1/ 249، وتاريخ بغداد 11/ 350 ووفيات الأعيان 3/ 371،372، والموضع السابق من معاهد التنصيص، والخزانة.

سفرن بدورا وانتقبن أهلّة … ومسن غصونا والتفتن جآذرا واحد الجآذر: جؤذر، ولد البقرة الوحشيّة، ومن هذا الضّرب قولهم: «هذا بسرا أطيب منه رطبا (¬1)» التقدير: هذا إذا وجد صلبا أطيب منه إذا وجد ليّنا، فهذا يقال فيه إذا كان بلحا. وممّا جاءت فيه الحال بمعنى المشتقّ قوله تعالى: {فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ} (¬2) انتصاب {فِئَتَيْنِ} على الحال؛ لأن المعنى: ما لكم منقسمين فى شأنهم فرقتين، فرقة/تمدحهم، وفرقة تذمّهم. وحقيقة المعنى عندى (¬3) أن «فئتين» فى معنى مختلفين، فحرف الجرّ الذى هو «فى» متعلّق بهذا المعنى، أى ما لكم مختلفين فى أمرهم، فانتصابه كانتصاب {مُعْرِضِينَ} فى قوله: {فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ} (¬4). واختلف فى هؤلاء المنافقين (¬5)، فقيل: هم قوم تخلّفوا يوم أحد، و {قالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتالاً لاتَّبَعْناكُمْ} (¬6) وقيل: هم قوم قدموا المدينة وأظهروا الإسلام، ورجعوا إلى مكة فأظهروا الكفر، وقيل: هم قوم أسلموا بمكة، وكانوا يعينون المشركين، والدليل على أنهم من أهل مكة قوله: {فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِياءَ حَتّى يُهاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ} (¬7). ¬

(¬1) تقدّم فى المجلس الخامس والعشرين. ويأتى مرّة أخرى فى هذا المجلس، والمجلس السادس والسبعين. وقد تكلّم عليه ابن قيم الجوزية كلاما طويلا، فى بدائع الفوائد 2/ 119 - 130. وقد أفرد السيوطىّ لهذه المسألة رسالة صغيرة سمّاها: (تحفة النّجبا فى قولهم: هذا بسرا أطيب منه رطبا) تراها بآخر كتابه الأشباه والنظائر 4/ 652 - 662، وقد سلخها من كلام ابن قيم الجوزية. وهذا عوّل على ما ذكره السّهيلى فى نتائج الفكر ص 399 - 405، وانظر المقتضب 3/ 251، وحواشيه- (¬2) سورة النساء 88. (¬3) سبق إلى هذا أبو زكريا الفراء. معانى القرآن 1/ 280. وراجع إعراب القرآن للنحاس 1/ 442. (¬4) سورة المدثر 49. (¬5) أسباب النزول ص 160، والدر المنثور 2/ 190. (¬6) سورة آل عمران 167. (¬7) سورة النساء 89.

وقوله: {وَاللهُ أَرْكَسَهُمْ بِما كَسَبُوا} أى نكسهم؛ والمعنى ردّهم فى حكم الكفر، قال الكسائىّ: يقال: أركسه وركسه. وتقول: زيد فى الدار قائما وقائم، فالظرف فى النصب يتعلّق بالاستقرار، وفى الرفع يتعلّق بقائم، وإن لم يكن الظرف تامّا (¬1) لم يجز فيما بعد المبتدأ إلاّ الرفع تقول: زيد فيك راغب، وأخوك منك متعجّب؛ لأن الكلام لا يتمّ بقولك: زيد فيك، ولا بقولك: أخوك من زيد، وتقول: إنّ القوم فى الدار مقيمين ومقيمون، على ما قدّمناه من نصبك «مقيمين» بالاستقرار، ورفعك له بأنه الخبر، فمثال النصب فى التنزيل {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنّاتٍ وَنَعِيمٍ. فاكِهِينَ} (¬2) ومثال الرفع: {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذابِ جَهَنَّمَ خالِدُونَ} (¬3) وتقول: أقبل رجل راكب وراكبا، والنصب ضعيف، وإنما قوي الرفع؛ لأنهما نكرتان، فوصف النكرة بالنكرة أولى من مخالفتها لها فى إعرابها، وجاز نصبها على الحال؛ لأن الكلام قد تمّ بالنكرة، كما يتمّ بالمعرفة لو قلت: أقبل زيد، وعلى هذا جاء {فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ. أَمْراً مِنْ عِنْدِنا} (¬4) فقوله: {أَمْراً} حال (¬5) من {كُلُّ أَمْرٍ} والأمران مختلفان فى المعنى، فالأول واحد الأمور، والثانى نقيض النهي، فالتقدير: مأمورا به من عندنا. /وأقول: إنما حسن مجىء الحال من النكرة فى الآية؛ لأن قوله: {كُلُّ أَمْرٍ} معناه كلّ الأمور، كما تقول: جاءنى كلّ رجل فى الدار، والمعنى: كلّ الرجال الذين فى الدار، فلمّا تضمّن هذا المعنى كان حكمه حكم المعرفة. ¬

(¬1) الظرف التام: هو الجارّ والمجرور الذى يتم به الكلام حين يتعلق بالاستقرار، كما مثّل. وسيأتى مرّة أخرى فى المجلس الحادى والثمانين. وانظر المقتضب 4/ 302، وحواشيه. (¬2) سورة الطور 17،18. (¬3) سورة الزخرف 74. (¬4) سورة الدخان 4،5. (¬5) راجع ما تقدّم فى المجلس السابق.

فإن قدّمت صفة النّكرة عليها صار ما كان ضعيفا فى التأخير لا يجوز غيره، تقول: فى الدار قائما رجل، كما قال: لعزّة موحشا طلل (¬1) بطل (¬2) كونه صفة لما تقدّم؛ لأنّ الصفة لا تكون إلاّ تابعة، والتابع لا يقع قبل المتبوع. ... قد ذكرنا من المعانى التى تعمل فى الحال الظروف، وتعمل فيها أيضا أسماء الإشارة وحرف التنبيه، تقول: ذا زيد مقبلا، وها زيد مقبلا، وهذا زيد مقبلا، وفى التنزيل: {وَهذا صِراطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً} (¬3) وفيه {وَهذا بَعْلِي شَيْخاً} (¬4) وتقول: هاتا أمتك سافرة، وتلك هند جالسة، كما قال تعالى: {فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً} (¬5) وتقول: هذا أبوك مقبلا ومقبل، فرفعه من أربعة أوجه: أحدها: أن يكون خبرا بعد خبر. والثاني: أن يكون خبر مبتدأ محذوف، فيكون الكلام فى تقدير جملتين، أى هو مقبل. والثالث: أن تبدله من الأب، فكأنك قلت: هذا مقبل. والرابع: أن تبدل الأب من هذا، فكأنك قلت: أبوك مقبل، وفى مصحف ¬

(¬1) تكملته: يلوح كأنه خلل وهو لكثير عزة. ديوانه ص 506، وتخريجه فيه، وهو بيت مفرد فى الديوان. وانظر كتاب الشعر ص 220. (¬2) فى مطبوعة الهند: «وبطل»، ولم ترد الواو فى النّسخ الثلاث. (¬3) سورة الأنعام 126. (¬4) سورة هود 72. (¬5) سورة النمل 52.

ابن مسعود: «وهذا بعلى شيخ» ورفعه من الأوجه الأربعة (¬1). وقال جرير (¬2): هذا ابن عمّي فى دمشق خليفة … لو شئت ساقكم إليّ قطينا يجوز أن تنصب «خليفة» باسم الإشارة، فيكون حالا منه، ويحوز أن تعمل فيه الظرف، فيكون حالا من الذّكر (¬3) الذى فيه، ويجوز أن ترفعه من وجهين، أحدهما: أن يكون خبرا ثالثا، ابن عمى: الأوّل، وفى دمشق: الثانى، وخليفة الثالث. ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف، على ما قدّمنا ذكره. القطين: الأتباع. /وقد أعملوا فى الحال من حروف المعانى ثلاثة: كأنّ وليت ولعلّ، وذلك لقوّة شبههنّ بالفعل، تقول: كأنّ زيدا راكبا أسد، وليت زيدا مقيما عندنا، ولعلّ بكرا جالسا فى الدار، قال النابغة: كأنّه خارجا من جنب صفحته … سفّود شرب نسوه عند مفتأد (¬4) شبّه قرن ثور وحشيّ طعن به كلبا، فأخرجه من صفحة عنقه، بسفّود قوم يشربون الخمر نسوه عند مفتأد، والمفتأد: المشتوى والمطبخ، مكان الشّيّ والطّبخ، يقال: فأدت اللحم: إذا شويته، ويقال للسّفود: المفأد. ... ¬

(¬1) راجع المقتضب 4/ 308، وحواشيه. والمحتسب 1/ 324. (¬2) ديوانه ص 388، والكامل ص 1075، والجمل المنسوب للخليل ص 38، وعيار الشعر ص 152، والموشح صفحات 190،191،201. (¬3) أى الضمير. (¬4) فرغت منه فى المجلس الرابع والعشرين. وسيعيد ابن الشجرى الكلام على إعمال هذه الحروف الثلاثة فى الحال قريبا. وانظر المقتضب 4/ 301، وحواشيه.

وقد تقع الجمل أحوالا، كما تقع أخبارا وأوصافا، ولا بدّ فى الجملة من ضمير إذا وقعت خبرا أو صفة، يعود إلى المخبر عنه وإلى الموصوف، ولمّا وجب هذا فى الخبر والصّفة وجب فى الحال؛ لأنها صفة ذى الحال، وأنّها زيادة فى الخبر، فقد أخذت شبها منهما. وكلتا الجملتين المبتدئية والفعلية تقع حالا. وإذا كانت الجملة مبتدئية ووقعت (¬1) حالا، جاز أن تأتى فيها بواو، وليست الواو العاطفة، ولكنّها التى شبّهها سيبويه بإذ، وإنما شبّهها بإذ، لأنها تتعلّق بما قبلها من الكلام، كما تتعلّق «إذ، وذلك فى قوله تعالى: {وَطائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ} (¬2) بعد قوله: {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعاساً يَغْشى طائِفَةً مِنْكُمْ} وكذلك الواو فى قوله: {وَلَوْ أَنَّما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ} (¬3) فموضع {وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ} نصب على الحال، قال (¬4) سيبويه: «والبحر هذه حاله»، والعامل فى هذه الحال الفعل الذى عمل فى «أنّ»، وتقديره: ولو كان، أو ولو وقع، أو ولو وجد أنّ ما فى الأرض من الشجر أقلام. وقد جاءت الواو فى الجملة الفعليّة إذا كان الفعل ماضيا معه «قد»، كقولك: جاء زيد وقد وضع يده على وجهه. فمن الجمل التى وقعت فى موضع الحال قول الهزّانيّة (¬5): ¬

(¬1) فى الأصل: «وقعت» بواو واحدة. (¬2) سورة آل عمران 154. (¬3) سورة لقمان 27. (¬4) فى مطبوعة الهند: «وقال». وليست الواو فى النّسخ الثلاث. والذى فى الكتاب 2/ 144: «والبحر هذا أمره»، وكذلك فيما حكى عنه النحاس، فى إعراب القرآن 2/ 606. وعبارة «هذه حاله» من كلام الزجاج، فى معانى القرآن 4/ 200. (¬5) هى أم ثواب، ولم يذكروا لها اسما. وشعرها هذا فى العققة والبررة (نوادر المخطوطات) 2/ 364، وبلاغات النساء ص 334، والكامل ص 312، وشرح الحماسة ص 756.

/ ربّيته وهو مثل الفرخ أعظمه … أمّ الطّعام ترى فى ريشه زغبا قولها: «أعظمه أمّ الطعام» حال من الفرخ، والعامل فيها ما فى «مثل» من معنى التشبيه، فالمعنى، مثل الفرخ صغيرا، لأنها أرادت بأمّ الطعام حوصلته، ولا تكون حوصلته أعظمه إلاّ وهو صغير. ولو حذفت الضمير من جملة الحال المبتدئيّة واكتفيت بالواو، جاز، كقولك: جاء زيد وعمرو حاضر، ولو حذفت الواو اكتفاء بالضمير، فقلت: خرج أخوك يده على وجهه، جاز، كما قال المسيّب بن علس، يصف غوّاصا: نصف النّهار الماء غامره … ورفيقه بالغيب ما يدرى (¬1) أى ما يدرى ما حاله. وأما الجملة الفعليّة فلا يخلو الفعل أن يكون حاضرا أو مستقبلا أو ماضيا، فإن كان حاضرا حسن وقوعه فى موضع الحال، كقولك: جاء زيد يسرع، ومنه قول الحطيئا (¬2): متى تأته تعشو إلى ضوء ناره … تجد خير نار عندها خير موقد وإن كان ماضيا لم يحسن وقوعه فى موضع الحال إلاّ ومعه «قد» كقولك: جاء زيد قد عرق، وذلك أنّ «قد» تقرّبه إلى الوقت الحاضر، وكان أبو الحسن الأخفش يجيز إيقاعه حالا و «قد» مقدّرة (¬3) فيه، واحتجّ بقول الله تعالى: {أَوْ جاؤُكُمْ} ¬

(¬1) فرغت منه فى المجلس الثالث والستين. (¬2) ديوانه ص 81. وقال ابن السكّيت: تعشو: أى تجيء على غير بصر ثابت فيهتدى بناره. يقال: عسا يعشو: إذا استدلّ ببصر ضعيف. قال: وقوله «تعشو» فى محل نصب. أراد: متى تأته عاشيا. وانظر البيت الشاهد فى الكتاب 3/ 86، والمقتضب 2/ 65، والجمل المنسوب للخيل ص 143، 198، وشرح اللمع ص 133، وشرح الجمل 2/ 203، وغير ذلك مما تراه فى حواشى المحققين. (¬3) هكذا ينسب ابن الشجرى ذلك الرأى إلى الأخفش، لكنه فى المجلس الرابع والأربعين نسب إليه ما ينسبه إلى سيبويه هنا، وقد به على هذا الاضطراب محقّق لباب الإعراب ص 329. ولم يذكر أبو الحسن الأخفش شيئا من هذا الرأى أو ذاك، حين عرض للآية الكريمة فى معانى القرآن ص 244.

{حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} (¬1) قال: أراد قد حصرت، وهذا لا يجيزه سيبويه، وحمل الآية (¬2) على غير هذا، فقال: {حَصِرَتْ} صفة لمحذوف، تقديره: قوما حصرت صدورهم، فقوما نصب على الحال، وحصرت صفتهم، وحذف الموصوف وأبقيت صفته. وكان أبو العباس المبرّد يقول فى قوله: {حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ}. قولا ثالثا، وهو أنه خرج مخرج الدعاء عليهم (¬3)، كما قال تعالى: {قاتَلَهُمُ اللهُ} (¬4) فالمعنى: ضاقت صدورهم عن/قتالكم. والذى قاله جائز، لولا ما جاء بعده من قوله: {أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ} ونحن لا ندعو بأن تضيق صدورهم عن قتال قومهم، بل نقول: اللهمّ ألق بأسهم بينهم، فلمّا عطف على الأول ما لا يصحّ أن يقع موقع الأوّل لم يصحّ الذى تأوّله (¬5). وقد جاء الفعل الماضى فى موضع الحال مقدّرة معه «قد» فى قوله تعالى: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ} (¬6) المراد: وقد كنتم، ومثله {أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاِتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ} (¬7) أراد: وقد اتّبعك. فإن كان الفعل مستقبلا لم يقع حالا، لا تقول: جاء زيد سيضحك، أو جاء زيد يضحك غدا؛ لأنّ الحال إنما تكون لما أنت فيه. فإن قيل: فقد جاء فى كتاب سيبويه: «مررت برجل معه صقر صائدا به ¬

(¬1) سورة النساء 90. (¬2) لا ذكر لهذه الآية الكريمة فى كتاب سيبويه المطبوع. (¬3) المقتضب 4/ 124، ولم يتل المبرّد هذه الآية التى تلاها ابن الشجرى، وانظر دراسات لأسلوب القرآن الكريم 2/ 328،329. (¬4) سورة التوبة 30، والمنافقون 4. (¬5) بهامش الأصل: «هذا قول أبى علىّ يردّ به على المبرّد، رحمهما الله»، وانظر الإيضاح ص 277، وكتاب الشعر ص 56، وما سبق فى المجلس الرابع والأربعين. (¬6) سورة البقرة 28. (¬7) سورة الشعراء 111.

غدا (¬1)» فقوله: «معه صقر»، لا يخلو «صقر أن يكون مبتدأ والظرف الذى هو «معه» خبره، فيكون إذن فى الظرف ذكر (¬2) مقدّر يعود على رجل، من الجملة التى هى وصف له، أو يكون «صقر» مرتفعا بالظرف ارتفاع الفاعل بفعله، فالقول أنه مرتفع بالظرف (¬3)، على قول سيبويه فى هذه المسألة، وإن كان سيبويه ليس مذهبه أن يرفع بالظرف، وإنما رفع بالظرف هاهنا لوقوع الظرف صفة، فأشبه بذلك الفعل، فعمل عمله، وكذلك يرفع بالظرف إذا وقع صلة، ووقوعه صلة أشدّ تقريبا له من الفعل؛ لأنه إذا وقع صلة لم يتعلّق إلاّ بفعل، وذلك فى نحو قوله تعالى: {وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ} (¬4) لا يكون {عِلْمُ الْكِتابِ} فى التحقيق إلاّ مرتفعا بالظرف، وإنما جاز «صائدا به غدا» لأنها حال مقدّرة، فالمعنى: معه صقر مقدّرا به الصيد، وهى حال من الهاء التى فى «معه»، ومن الحال المقدّرة فى التنزيل قوله: {طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ} (¬5) أراد: مقدّرين الخلود، ومثله: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ/إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} (¬6) أى مقدّرين التحليق والتقصير، فأمّا قوله: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ} (¬7) فقرأ نافع وحده {خالِصَةً} رفعا (¬8)، فمن نصبها جعلها حالا من الذّكر (¬9) الذى فى خبر {هِيَ} ¬

(¬1) تقدّم فى المجلس الثانى عشر. (¬2) أى ضمير. (¬3) علّقت على ذلك فى المجلس الخامس والعشرين. (¬4) آخر سورة الرعد. (¬5) سورة الزمر 73. (¬6) سورة الفتح 27. (¬7) سورة الأعراف 32. (¬8) فتكون خبرا ل‍ هِيَ. الكشف عن وجوه القراءات 1/ 461، ومشكل إعراب القرآن 1/ 312. (¬9) أى الضمير.

لأن التقدير: هي ثابتة للذين آمنوا [فى الحياة الدنيا (¬1)] فى حال خلوصها لهم يوم القيامة. ... قال أبو الفتح عثمان: «تقول: مررت بهند جالسة، ولا يجوز: مررت جالسة بهند، لأنّ حال المجرور لا يتقدّم عليه (¬2)»، وهذا قول جميع النحويّين إلاّ ابن كيسان (¬3)، فإنه أجاز تقديم حال المجرور عليه، واحتجّ بأن قال: العامل فى الحال على الحقيقة هو مررت، وإذا كان العامل هو الفعل لم يمتنع تقديم الحال، واحتجّ أيضا بقوله جلّ وعز: {وَما أَرْسَلْناكَ إِلاّ كَافَّةً لِلنّاسِ} (¬4) قال: أراد إلاّ للناس كافّة، أى إلى الناس، يقال: خرج القوم كافّة، ولقيتهم كافّة، كما قال تعالى: {اُدْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً} (¬5). وعلّة النحويّين فى امتناعهم من هذا أن العامل فى الحال هو العامل فى ذى الحال فى الأكثر، فالعامل فى الحال هاهنا هو الجارّ؛ لأنه عمل فى لفظ ذى الحال، ولم يكن كالفعل الذى عمل فى الموضع، وقاس النحويّون الخافض على الرافع والناصب، فلمّا خالفهما ألزموا حال المخفوض التأخير، وذلك أن الرافع والناصب يتقدّم الحال عليهما؛ لأن المرفوع والمنصوب يجوز تقديمه عليهما، تقول: خرج زيد مسرعا، وزيد خرج مسرعا، فلما جاز تقديم زيد على خرج، جاز تقديم الحال عليه، فقيل: مسرعا خرج زيد، وتقول فى عامل النصب فى ذى الحال: ضربت ¬

(¬1) سقط من مطبوعة الهند. (¬2) اللمع ص 147. (¬3) راجع المقتضب 4/ 171،303، وارتشاف الضرب 2/ 348. ثم انظر: ابن كيسان النحوى، للدكتور محمد إبراهيم البنا ص 158. (¬4) سورة سبأ 28. (¬5) سورة البقرة 208.

زيدا مشدودا، وزيدا ضربت مشدودا، فجاز لذلك: مشدودا ضربت زيدا، فقد رأيت كيف جاز تقديم ذى الحال المرفوع على الرافع، وذى الحال المنصوب/على الناصب، ولا يمكن تقديم المخفوض على الخافض، فامتنع لذلك تقديم الحال على ذى الحال المخفوض. وقال أبو القاسم الثّمانينيّ: قد أجاز بعض النحويّين تقديم حال المجرور عليه، وقال: إنّ العامل فى الحال هو الفعل، والفعل متصرّف فى نفسه، فينبغى أن يتصرّف معموله، فيجوز تقديم الحال على صاحبها، قال: وهذا الذى ذكره ليس بصحيح؛ لأن الفعل عمل فى الجارّ والمجرور جميعا، وقد صارا كالشيء الواحد، فإن جاز أن يتقدّم الحال عليهما وجب أن تكون لهما معا، ومحال أن يكون للحرف حال. انتهى كلامه. وأمّا ما تعلّق به ابن كيسان من قوله تعالى: {وَما أَرْسَلْناكَ إِلاّ كَافَّةً لِلنّاسِ} فإن {كَافَّةً} ليس بحال من الناس، كما توهّم، وإنما هو على ما قاله أبو إسحاق الزجّاج: حال من الكاف فى {أَرْسَلْناكَ} والمراد (¬1) كافّا، وإنما دخلته الهاء للمبالغة فى الوصف، كدخولها فى علاّمة ونسّابة وراوية، أى أرسلناك لتكفّ الناس عن الشّرك وارتكاب الكبائر. ... ومن مسائل الحال: ضربى زيدا قائما، التقدير: إذ كان قائما، إن قيل هذا وقد مضى ضربه، وإذا كان قائما، إن قيل هذا وضربه متوقّع (¬2). ¬

(¬1) الذى ذكره أبو إسحاق الزجاج، فى معانى القرآن 4/ 254، قال: «المعنى أرسلناك جامعا للناس فى الإنذار والإبلاغ». وانظر المجلس الحادى والخمسين. (¬2) راجع نظير هذا فى المجلس السابع والثلاثين.

وقول المتنبّى: بحبّ قاتلتى والشّيب تغذيتى … هواى طفلا وشيبى بالغ الحلم (¬1) في موضع «هواى وشيبى» من الإعراب قولان، الأول: أنهما مبتدءان، وطفلا وبالغ الحلم، حالان سدّا مسدّ الخبرين، والتقدير: هواى إذ كنت طفلا، وشيبي إذ كنت بالغ الحلم، كما تقول: انطلاقك مسرورا، وشربك السّويق ملتوتا، أى إذ كنت مسرورا، وإذا كان ملتوتا، وإنما يقدّر «إذ وإذا» على ما قرّرته بحسب ما يقتضيه الكلام من المضىّ والاستقبال، و «كان» المضمرة هاهنا هى/ المكتفية بمرفوعها (¬2). والقول الثانى: أنّ «هواى وشيبى» مجروران على البدل من «حبّ قاتلتى» و «الشّيب»، كما تقول: مررت بأخيك وغلامك زيد وخالد، فالتقدير: تغذيتى بحبّ قاتلتى والشّيب (¬3)، بهواى طفلا، وبشيبي بالغ الحلم، ويعمل فى الحالين على هذا القول المصدران، كأنك قلت: بأن هويت طفلا، وبأن شبت بالغ الحلم، وهذا قول عليّ بن عيسى الرّبعىّ، والأول قول ابن (¬4) جنّى، وكلا القولين سديد. وإضافة «بالغ» إلى «الحلم» كإضافته فى قول الله جلّ ثناؤه: {هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ} (¬5). ... ¬

(¬1) فرغت منه فى المجلس الحادى عشر. (¬2) راجع (المسألة الثامنة) من المجلس السابع والثلاثين. (¬3) فى ط، د: «وبالشيب». (¬4) بمعناه فى الفتح الوهبى ص 147، وشرح الواحدى ص 53. (¬5) سورة المائدة 95، ويريد ابن الشجرى بالتنظير هنا: أن الإضافة فى هذا الموضع إضافة لفظية أو غير محضة-لا تفيد تخصيصا ولا تعريفا، وأن المعنى: بالغا الحلم، وبالغا الكعبة، وحذف التنوين تخفيفا. قال أبو إسحاق الزجاج: «لفظه لفظ معرفة، ومعناه النكرة، المعنى بالغا الكعبة؛ إلاّ أن التنوين حذف استخفافا». معانى القرآن 2/ 208.

وتقول: «لقيت زيدا مصعدا منحدرا (¬1)، فتجعل «مصعدا» حالا من زيد، لأنه ملاصق له، و «منحدرا» حالا من ضميرك؛ ليكون في الكلام فصل واحد، وهو فصلك بزيد وحاله بين التاء وحالها، ولو جعلت «مصعدا» حالا من التاء، و «منحدرا» حالا من زيد، كان فى الكلام فصلان: فصلك بزيد بين التاء وحالها، وهو «مصعدا» وفصلك بمصعدا بين زيد وحاله، التى هى «منحدرا». ... وتقول: أحسن ما يكون زيد قائما «ما» هذه هى المصدريّة، فقولك: «ما يكون» بمعنى الكون، و «كان» هى التامّة، ولمّا أضفت «أحسن» إلى المصدر صار مصدرا، وقد ذكرت فيما تقدّم (¬2) أن «أفعل» هذا لا يضاف إلاّ إلى ما هو بعض له، وخبر هذا المبتدأ محذوف، و «قائما» نصب على الحال، وسدّت الحال مسدّ الخبر، وجاز ذلك؛ لأنها بعض الخبر وأنت قد تحذف الخبر بأسره، فحذف بعضه أسهل، والتقدير: أحسن ما يكون زيد إذا كان قائما، والعامل فى الظرف اسم فاعل محذوف، تقديره ثابت إذا كان قائما، وقد ذكرت أنّ «كان» المقدّرة هى التامّة، فالمعنى: إذا وجد قائما، ولو كانت الناقصة، لسمع فى هذا المنصوب التعريف، فهذا يبطل قول من قال (¬3) إنّ خبر «كان» والمفعول الثانى من باب «ظننت» ينتصب على الحال، ألا ترى أنك/تقول: ظننته إيّاك، وتقول: رأيت رجلا يعدو، فتقول: كنته. ... ¬

(¬1) انظر هذه المسألة فى المقتضب 4/ 169، وما فى حواشيه، والأصول 1/ 218، وارتشاف الضرب 2/ 359. (¬2) راجع المجلسين الحادى عشر، والسابع والثلاثين. (¬3) هم الكوفيون. الإنصاف ص 821، والتبيين ص 295، وائتلاف النصرة ص 121.

وتقول: أرخص ما يكون البرّ مدّان بدرهم، الرفع في هذا أجود، والنصب جائز، مدّان مبتدأ، وبدرهم خبره، والعائد محذوف، تقديره: منه، والجملة من المبتدأ والخبر فى موضع نصب على الحال، والنصب على تقدير: إذا كان، أى إذا وجد مسعّرا، مدّين بدرهم، حذفت الحال وبقى معمولها. وتقول: «سادوك كابرا عن كابر (¬1)» والمعنى كبيرا بعد كبير، فعن فى هذا الموضع بمعنى «بعد»، التى ظهرت فى. قول القائل: بقيّة قدر من قدور توورثت … لآل الجلاح كابرا بعد كابر (¬2) وتقول: بيّنت له حسابه بابا بابا، أى مفصّلا، لا بدّ من تكرير «بابا» لئلاّ يظنّ أن حسابه كلّه باب واحد، وتقول: بعته ناجزا بناجز، ويدا بيد، والمعنى: بعته نقدا لا بنسيئة (¬3)، وكلّمته فاه إلى فىّ، أى جاعلا فاه إلى فىّ، فحذفوا الحال، وبقى معمولها، كما جاء فى التنزيل: {وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آياتٍ إِلى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ} (¬4) أى مرسلا إلى فرعون، والمعنى: كلّمته مشافها، ويجوز: كلّمته فوه إلى فيّ، أى كلّمته وهذه حاله (¬5)، ولا يجوز على هذا: بعته يد بيد، لأنك لا تريد: بعته ويده بيدى، وإنما تريد: أعطيته وأخذت منه، وأنت تريد في المسألة الأولى المشافهة والقرب، فإذا قلت: وفوه إلى فيّ، فإنما تريد: كلّمته وأنا قريب منه. وتقول: أخذته بدرهم فصاعدا، المعنى: فذهب الثّمن صاعدا إلى أثمان شتّى، فالعامل في هذه الحال هذا الفعل المقدّر، ومعنى هذا أنك ابتعته أوّلا بدرهم ¬

(¬1) تقدم فى المجلس السابق. (¬2) فرغت منه فى المجلس السابق أيضا. (¬3) النسيئة: هى البيع إلى أجل معلوم، من النّسء، وهو التأخير (¬4) سورة النمل 12. (¬5) راجع الكتاب 1/ 391، والمقتضب 3/ 236، وما تقدم فى المجلس الثالث والعشرين.

ثم زاد الثمن فأخذته بأكثر من ذلك، ولا بدّ من الفاء لهذا المعنى، ولو جئت مكانها بثمّ لجاز، ولو جئت بالواو لم يجز؛ لأنك كنت توجب أنك أخذته بدرهم وزيادة من أول شيء (¬1). وقالوا: جاء القوم الجمّاء الغفير، بمعنى: جاءوا بأجمعهم، فنصبوهما على الحال، بتقدير زيادة الألف واللام، /وقالوا أيضا: جاءوا جمّاء الغفير، وجمّ الغفير، وجمّا غفيرا، وهذا مؤذن بزيادة الألف واللام فيهما. والجمّاء من الجمّ، وهو الكثير فى قوله تعالى: {وَتُحِبُّونَ الْمالَ حُبًّا جَمًّا} (¬2). والغفير: من قولهم: غفرت الشىء: إذا غطّيته، ومنه الغفر والغفران؛ لأنه تغطية الذّنوب، ومنه قيل للكمّة من الزّرد التى يغطّى بها الرّأس فى الحرب: مغفر، فأرادوا أنهم جاءوا يغطّون الأرض لكثرتهم. وتأنيث الجمّاء لتأنيث الجماعة، وتذكير الغفير لتذكير الجمع. وممّا جاء بلفظ التعريف وظاهره أنه حال، وإنما انتصابه انتصاب المصادر قولهم: طلبته جهدك، ورجع عوده على بدئه، أى رجع من حيث جاء، وأرسلها العراك، والتقدير: طلبته تجهد جهدك، ورجع يعود عوده، وأرسلها تعارك العراك (¬3)، فالحال فى الحقيقة الفعل الناصب للمصدر، قال لبيد، يصف حمارا وحشيّا وآتنا: ¬

(¬1) بيان ذلك فى الكتاب 1/ 290، والمقتضب 3/ 255، وحواشيه. (¬2) سورة الفجر 20، ويُحِبُّونَ بالياء التحتية فى الأصل، وط. وهى قراءة أبى عمرو. السبعة ص 685، والكشف 2/ 372. (¬3) حكاه الشيخ خالد، عن ابن الشجرى-باختلاف يسير. التصريح على التوضيح 1/ 374.

فأوردها العراك ولم يذدها … ولم يشفق على نغص الدّخال (¬1) أراد: أوردها يعارك بعضها بعضا عند ورودها؛ لتزاحمها على الماء. وقوله: ولم يشفق على نغص الدّخال أصل الدّخال: أن يدخل بعير قد شرب بين بعيرين لم يشربا، يفعل به ذلك لضعفه، كأنّ ضعفه منعه من الرّىّ فى الشّرب الأوّل، فينغّص عليهما شربهما بإدخاله بينهما. وروى: على نغض الدّخال، والنّغض: كثرة الحركة، ومن هذا المعنى قول المتنبّى (¬2). فلا غيضت بحارك يا جموما … على علل الغرائب والدّخال غيضت: نقصت، يقال: غاض الماء وغضته. والجموم: من الجمّ، وقد تقدّم ذكره. والعلل: الشّرب الثانى والغرائب: الإبل الغريبة ترد على الحوض، وليست من إبل أهله، ضرب له هذا مثلا، فأراد: أنت كثير العطاء ومعاود له لمن هو مقيم عندك، ولمن يرد عليك غريبا قد ناله قبل ذلك برّك، فكان له كالشّرب/الأول، وهو النّهل، والبرّ الثانى كالعلل. ... ¬

(¬1) ديوانه ص 86، وتخريجه فى ص 374، والمقتضب 3/ 237،238، والمسائل المنثورة ص 15. (¬2) ديوانه 3/ 20.

ومن الحال قولهم: هو زيد معروفا، وفى التنزيل: {وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً} (¬1) فهذه حال مؤكّدة (¬2)؛ لأن الحقّ لا يكون إلاّ مصدّقا، ومثله: {وَهذا صِراطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً} (¬3) لأنّ الاستقامة لزم (¬4) صراط الله؛ ولأنّ قولك: هو زيد، قد دلّ على أنه معروف عندك، فجئت بقولك «معروفا» مؤكّدا به، قال (¬5): أنا ابن دارة معروفا بها (¬6) … نسبى فهل بدارة يا للنّاس من عار ولو قلت: هو زيد قائما، لم يجز؛ لأنه ليس فى «قائم» ما يدلّ على الأوّل. والعامل فى «معروفا ومصدّقا» وما أشبهه معنى الجملة، ولهذا لا يجيز النحويّون: معروفا هو زيد. ... ومن الحال-وقد تقدّم (¬7) هذا الضّرب-قولهم: هذا بسرا أطيب منه رطبا. فإن قلت: هذا رطب أطيب منه بسر، فقولك: «أطيب منه بسر» جملة فى موضع الصفة لرطب، ولو قلت: هذا رطب أطيب منه عنب، لم يجز فيه إلاّ الرفع، لأنّ ¬

(¬1) سورة البقرة/91. (¬2) بيانها فى المقتضب 4/ 310 وحواشيه. (¬3) سورة الأنعام 126. (¬4) هكذا ضبط فى ط، د، بفتح اللام والزاى. واللّزم: فصل الشىء، من قوله تعالى: لَكانَ لِزاماً أى فيصلا. وقيل: هو من اللّزوم. راجع اللّسان. (¬5) هو سالم بن مسافع بن يربوع، من بنى عبد الله بن غطفان. وعرف بسالم بن دارة، فقيل: دارة أمّه، سمّيت بذلك لجمالها، تشبيها بدارة القمر، وقيل: دارة لقب غلب على جدّه. وابن دارة هذا ممن أدرك الجاهلية والإسلام، وقتل فى خلافة عثمان رضى الله عنه. من نسب إلى أمّه من الشعراء، وأسماء المغتالين (نوادر المخطوطات) 1/ 92،2/ 156، والشعر والشعراء ص 401، والإصابة 3/ 247. والبيت الشاهد فى الكتاب 2/ 79، والبغداديات ص 546، والبصريات ص 663،904، والخصائص 2/ 268،3/ 60، والبسيط ص 521. والخزانة 3/ 265، وانظر فهارسها، وحواشى البسيط. (¬6) فى النّسخ الثلاث: «لها» باللام، وليس محفوظا. (¬7) فى هذا المجلس.

الرّطب لا يتحوّل فيصير عنبا. وتقول: ما شأنك قائما، فما مبتدأ، وشأنك خبره، وقائما حال، العامل فيها معنى الكلام؛ لأنّ معنى ما شأنك؟ ما تلابس؟ فإن قلت: فهلاّ جعلت العامل فى الحال ما دلّ عليه الاستفهام (¬1) من معنى الفعل، فأجزت: هل زيد جالسا فى الدار؟. قيل: هذا لا يجوز؛ لأن هذه الحروف إنما جاءوا بها نائبة عن الأفعال، فلو أعملوها فى الأحوال كان إعمالها بمنزلة إظهار الفعل، وهم إنما جاءوا بها اختصارا، فأمّا ليت وكأنّ ولعلّ، فاستجازوا إعمالهنّ فى الأحوال؛ لأنهنّ أشبهن الأفعال من جهة اللفظ والمعنى، فقوين بهذه المشابهة، فمشابهتهنّ للفعل من جهة اللفظ بناؤهنّ على الفتح كبناء الأفعال الماضية عليه، وأنّ عدّة حروفهنّ كعدّة حروف الفعل/الماضى، ثلاثة فما زاد، ومشابهتهنّ من جهة المعنى أنّ ليت بمعنى أتمنّى، ولعلّ بمعنى أترجّى، وكأنّ بمعنى أشبّه، ولا يجوز فى إنّ ولكنّ ما جاز فيهنّ؛ لأنهما لم يغيّرا معنى الكلام، بل أكّداه. وقد أعملوا فى الحال كاف التشبيه، كما أعملوا فيها كأنّ، فقالوا: زيد كعمرو خاطبا، وبكر كبشر محاربا، وقوّة هذا الحرف بأنّ له حظّا فى الاسميّة بإسنادهم الفعل إليه، وإدخالهم الجارّ عليه، فإسناد الفعل إليه فى قول الأعشى: أتنتهون ولن ينهى ذوى شطط … كالطّعن يهلك فيه الزّيت والفتل (¬2) وإدخال الجارّ عليه فى قول امرئ القيس: ¬

(¬1) الاستفهام لا يعمل فى الحال. راجع المقتضب 3/ 273 وحواشيه. (¬2) فرغت منه فى المجلس السابع والستّين.

فرحنا بكابن الماء يجنب وسطنا … تصوّب فيه العين طورا وترتقى (¬1) ونصبوا به التمييز، فى نحو: زيد كزهير شعرا، وبشر كحاتم جودا، ونصبوه به محذوفا، كقولك: أخوك حاتم جودا، وأبوك النابغة شعرا. ... ¬

(¬1) وهذا أيضا فرغت منه فى المجلس المذكور.

المجلس الثانى والسبعون ذكر مواضع تاء التأنيث التى تنقلب فى الوقف هاء

المجلس الثانى والسبعون ذكر مواضع تاء التأنيث التى تنقلب فى الوقف هاء فمن ذلك دخولها للفرق بين المذكّر والمؤنّث، فى الصّفات وغيرها، فالصّفات كفاضل وفاضلة، ومحبوب ومحبوبة، وظريف وظريفة، ومكّىّ ومكّيّة، وأشر وأشرة، وقتّال وقتّالة، ومطراب ومطرابة. وغير الصفات كمرء ومرأة، وامرئ وامرأة، ألحقوهما ألف الوصل، كما فعلوا ذلك فى ابن وابنة، وأصلهما بنو وبنوة، وقيل: بل بنى وبنية؛ لأنّ الابن مبنيّ على أبيه، فحذفوا لاميهما وأسكنوا فاءيهما واجتلبوا (¬1) لهما همزة الوصل عوضا ممّا حذف منهما، كما فعلوا ذلك فى اثنين واثنتين واسم واست. فإن قيل: فامرؤ وامرأة لم يدخلهما حذف، فما الذى أوجب اجتلاب/ همزة الوصل لهما؟ قيل: إنّ الهمزة حرف عليل، يحذف لاستثقاله تارة، ويبدل تارة، ويليّن تارة، فهو موجود كمعدوم، والألف واللام لا يدخلان على امرئ وامرأة، استثقالا لكسرة لام التعريف فيهما لو قالوا: الامرؤ والامرأة، ولم يستثقلوا المرء والمرأة، وفى التنزيل: {يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ} (¬2) وقد ألحقوا الرّجل الهاء، فقالوا: رجلة، قال: ¬

(¬1) فى الأصل: فاجتلبوا. (¬2) سورة الأنفال 24.

خرّقوا جيب فتاتهم … لم يبالوا حرمة الرّجله (¬1) وكذلك قالوا: شيخ وشيخة، وغلام وغلامة، قال (¬2): ومركضة صريحيّ أبوها … تهان لها الغلامة والغلام وقال الآخر (¬3): كأنّها شيخة رقوب الرّقوب من النّساء: التى لا يعيش لها ولد، ومثلها المقلات، وقالوا فى ذوات الحافر: برذون وبرذونة، وبغل وبغلة، وحمار وحمارة، ومن السّباع: ذئب وذئبة، وكلب وكلبة، وأسد وأسدة، ومن الطير: قمريّ وقمريّة، ومن ذوات. ¬

(¬1) قبله: كلّ جار ظلّ مغتبطا غير جيرانى بنى جبله ولم يذكروا لهما قائلا. الكامل ص 366، والمذكر والمؤنث للمبرد ص 84، ولابن الأنبارى ص 91، والأصول 2/ 407، والتكملة ص 120، وإعراب ثلاثين سورة ص 44، والتلخيص فى معرفة أسماء الأشياء 1/ 185، وشروح سقط الزند ص 1221، وإيضاح شواهد الإيضاح ص 614، وشرح المفصل 5/ 98، وغير ذلك مما تراه فى حواشى المحققين. (¬2) أوس بن غلفاء الهجيمىّ، يصف فرسا. وقوله: «ومركضة» -ضبط فى النّسخ الثلاث بالجرّ -على توهّم أن الواو واو «ربّ» -والصواب أنها واو العطف، على مرفوع فى البيت السابق، وهو قوله: أعان على مراس الحرب زغف مضاعفة لها حلق تؤام والزغف: الدرع اللينة. ذكره ابن برى فى التنبيه 1/ 252 (صرح). وانظر أيضا الموضع السابق من التكملة وإيضاح شواهد الإيضاح، والتلخيص، والمذكر والمؤنث لابن الأنبارى ص 92، وشرح المفضليات ص 598، والحيوان 1/ 329، وشرح القصائد التسع ص 513، وحواشى المحققين. (¬3) عبيد بن الأبرص. ديوانه ص 18، وشرح القصائد العشر ص 480، والتكملة ص 120، وإيضاح شواهد الإيضاح ص 608، وفى حواشيه فضل تخريج. وصدر البيت: باتت على إرم رابئة يصف عقابا فى موضع مرتفع كالمنار، وهو الإرم، شبّهها بشيخة رقوب، وهى التى لا ولد لها، وقيل: هى التى ترقب بعلها يموت فترثه. والرابئة: المراقبة.

الخفّ: بختىّ وبختيّة، ألحقوا فى هذه الأسماء وفيما قدّمته من الصّفات وفى نظائرهما التاء علما للتأنيث، وكان المؤنّث أحقّ بأن تلحقه العلامة؛ لأن المذكّر هو الأصل، والقياس أن الأصل لا يحتاج إلى علامة. والضّرب الثانى: عكس هذا الضّرب، وذلك إلحاقهم تاء التأنيث اسم العدد من الثلاثة إلى العشرة، علامة للتذكير، وحذفهم إياها علامة للتأنيث، كقولهم: ثلاثة رجال، وثلاث نسوة، وأربعة أحمرة، وأربع آتن، وخمسة أبغل، وخمس بغلات، وستّة أثواب، وستّ ملاحف، وعشرة أرطال، وعشر أواق، كما جاء فى التنزيل، فى العدد المضاف إلى جمع الذكور: {لَوْلا جاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ} (¬1)، وجاء/بعكسه: {فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللهِ} (¬2) وقال: {فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ} (¬3)، وقال فى عدد اللّيالى: {وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ} (¬4) وعلّة ذلك أن أسماء العدد الخالية من علامة التأنيث كذوات العلامة فى التأنيث، فثلاث كأتان وعناق، كما أنّ ثلاثة كزرافة وبغاثة. وإذا عرفت هذا فالأصل فى التأنيث أن تكون له علامة، فتأنيث أتان وعناق فرع على تأنيث حمامة وقطاة، ولمّا كان إلحاق علامة التأنيث أصلا، والتذكير أصلا ¬

(¬1) سورة النور 13. (¬2) الآية السادسة من سورة النور. وقوله تعالى: أَرْبَعُ ضبط فى الأصل، وط بالفتح. وهى قراءة ابن كثير وأبى عمرو وابن عامر، وعاصم فى رواية أبى بكر. ووجه النصب أن «شهادة» بمعنى «أن يشهد»، وقد عمل هذا فى أَرْبَعُ فنصبه. وجائز أن يكون منصوبا على المصدر-حين أضيف إلى المصدر-كما تقول: شهدت مائة شهادة، وضربته مائة سوط. راجع السبعة ص 452، وإعراب القرآن للنحاس 2/ 433، والكشف 2/ 134. (¬3) سورة البقرة 196. (¬4) سورة الأعراف 142.

للتأنيث، أعطوا المذكّر الذى هو الأصل إلحاق علامة التأنيث الذى هو أصل، فأثبتوها علما للتذكير فى هذا الضّرب من العدد. الزّرافة: الجماعة (¬1)؛ قال: طاروا إليه زرافات ووحدانا (¬2) والبغاثة (¬3): واحدة البغاث، وهو ما لا يصيد من الطير، ولا يمتنع أن يصاد، قال: بغاث الطّير أكثرها فراخا … وأمّ الصّقر مقلات نزور (¬4) قد تقدّم تفسير المقلات، والنّزور: فعول من الشىء النّزر، وهو القليل. والثالث من ضروب التاء: أن تلحق الواحد للفرق بينه وبين الجمع، نحو تمرة وتمر، وشعرة، وشعر، وحمامة، وحمام، وجرادة وجراد، وسحابة وسحاب، وشجرة وشجر، وبقرة وبقر، ونخلة ونخل، ونبلة ونبل، وهذا الضرب إنما هو فى الحقيقة اسم للجمع يدلّ على الجنس، يجوز تذكيره وتأنيثه، فقد وصفوه بالواحد المذكّر، ¬

(¬1) فى الأصل «الزرافات: الجماعات»، وأثبتّه على الإفراد من ط، ود. وهو أسلوب المؤلف فى شرح ما سبق، وقد سبق مفردا. (¬2) صدره: قوم إذا الشّر أبدى ناجذيه لهم وقائله قريط بن أنيف، من بنى العنبر بن تميم. وقد افتتح أبو تمام حماسته بشعره هذا. راجع الحماسة ص 58، وتخريج الشاهد فى حواشيها. و «وحدانا» بضم الواو: جمع واحد، كصاحب وصحبان، وراكب وركبان. وجاء فى ط، د: «أحدانا» بهمزة مضمومة، وهى رواية، قلبت الواو همزة لضمّتها، مثل أجوه فى وجوه، وأقتت فى وقتت. شرح الحماسة لأبى زكريا التبريزى 1/ 16. (¬3) الباء مثلثة. المثلث لابن السّيد 1/ 351، وإكمال الإعلام ص 10. (¬4) من أبيات تنسب للعباس بن مرداس، ولمعوّد الحكماء-وهو معاوية بن مالك بن جعفر بن كلاب-ولكثير عزة. راجع الحماسة ص 580، والسمط ص 190، وديوان كثير ص 530.

وبالواحد المؤنّث، ووصفوه بالجمع، فمثال وصفه بالواحد المذكّر قوله تعالى: {وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ} (¬1)، ومثال وصفه بالجمع قوله: {وَيُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ} (¬2) وقال تعالى فى وصفه بالواحد المؤنّث: {أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ} (¬3)، وبالمذكّر: {أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ} (¬4) و {جَرادٌ مُنْتَشِرٌ} (¬5)، و {مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ} (¬6) /وجاء فى وصفه بالجمع، وبالواحد المذكّر قول النابغة (¬7): واحكم كحكم فتاة الحىّ إذ نظرت … إلى حمام شراع وارد الثّمد قوم يغلطون فيكتبون «واردى الثّمد» بالياء، يريدون: واردين. الثّمد: الماء القليل الذى لا مادّة له. وإنما وصفوا هذا الضّرب بالمذكّر؛ لأنه اسم جنس، لا جمع تكسير، ووصفوه بالمؤنّث حملا على معنى الجماعة. ¬

(¬1) سورة البقرة 164. (¬2) سورة الرعد 12. (¬3) سورة الحاقة 7. (¬4) سورة القمر 20. (¬5) سورة القمر 7. (¬6) سورة يس 80. (¬7) ديوانه ص 14، وشرح القصائد التسع ص 753، والكتاب 1/ 168، وطبقات فحول الشعراء ص 548، وشرح شواهد المغنى ص 77، وحكى كلام ابن الشجرى. والشاعر يخاطب النعمان بن المنذر. قال الأصمعى: «معنى احكم: أى كن حكيما كفتاة الحىّ إذ أصابت ووضعت الشىء فى موضعه. قال: وهى لم تحكم، إنما قالت شيئا كانت فيه حكيمة، قال: فأصب كإصابتها ولا تقبل ممّن سعى على». والفعل على هذا التفسير: حكم، من باب ظرف. وفتاة الحىّ: هى زرقاء اليمامة، وكانت حديدة النّظر، رأت حماما مرّ بها طائرا فقدّرت عدده فأصابت الحقيقة. وشراع، بالشين المعجمة: أى واردات الماء، من الشّريعة، وهى مورد الناس للاستقاء. وفسّره شيخنا أبو فهر فى حواشى ابن سلام، فقال: شراع: متماثلات، وشراع: جمع شرع (بكسر فسكون) وهو المثل، هذا شرع ذلك، أى على مثاله. ويروى «سراع».

والضّرب الرابع: نقيض هذا الضّرب، وهو أن يدلّ لحاق التاء على الجمع، كقولهم: رجل جمّال ورجال جمّالة، وبغّال وبغّالة، وحمّار وحمّارة، وسيّار وسيّارة، قال الهذلىّ: حتّى إذا أسلكوهم فى قتائدة … شلاّ كما تطرد الجمّالة الشّردا (¬1) قتائدة: اسم مكان، والبيت آخر القصيدة، فلا يجوز أن تنصب «شلاّ» بأسلكوهم لئلاّ تبقى «إذا» بغير جواب ظاهر ولا مقدّر، ولكن تنصبه بفعل تضمره، فيكون جواب «إذا» فكأنك قلت: حتى إذا أسلكوهم شلّوهم شلاّ (¬2)، ومثله فى التنزيل: {إِنّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ. وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ} (¬3) أراد: وحفظناها حفظا، ومثله: {وَزَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَحِفْظاً} (¬4). ومن هذا الضّرب فى أحد القولين قولهم: كمء للواحد، فإذا أرادوا الجمع قالوا: كمأة، وهو الذى حكاه أبو زيد عن منتجع ورؤية بن العجّاج، والقول الآخر نقيضه، وهو يروى عن أبى خيرة الأعرابىّ، قال: الكمأة للواحدة، والكمء للجمع، فكمأة إذن وكمء كنخلة ونخل. والخامس: لحاق التاء لغير فرق (¬5)، بل لتكثير الكلمة، وذلك نحو غرفة وبرمة وعمامة وإداوة وقرية وكلية وبهيمة ومدينة وبرّيّة وعلّيّة (¬6) وموماة ومرضاة. ¬

(¬1) فرغت منه فى المجلس الثانى والأربعين. (¬2) حكاه البغدادى عن ابن الشجرى. الخزانة 7/ 40. (¬3) الآيتان السادسة والسابعة من سورة الصافات. وقوله تعالى: بِزِينَةٍ ضبط فى الأصل وط بكسرة واحدة تحت التاء، على الإضافة للكواكب. وهى قراءة غير عاصم وحمزة من السبعة. الكشف 2/ 221، وإعراب القرآن للنحاس 2/ 738. (¬4) سورة فصلت 12. (¬5) يريد لغير فرق بين تذكير وتأنيث. فهذه الكلمات التى ذكرها وضعت من أول أمرها على تاء التأنيث دون أن يكون لها مذكر. ومن أمثلتها: نهاية. راجع كتاب الشعر ص 119. (¬6) هى الغرفة، وهى بكسر العين، وضمّها لغة.

/والسادس: أن تلحق الكلمة للمبالغة فى المدح والذمّ، كقولهم فى المدح: رجل علاّمة ونسّابة وراوية للأخبار، وكقولهم فى الذمّ: رجل لحّانة وهلباجة، وهو الأحمق، ومثله جخابة، بوزن غزالة، وكذلك فقاقة، على زنته، وهو الأحمق المخلّط فى كلامه، وقيل فى قوله تعالى: {بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ} (¬1) وفى قوله: {ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا} (¬2) إنّ المراد بالتاء فيهما المبالغة، وكذلك قالوا فى قولهم: خليفة، إن الأصل خليف، والهاء للمبالغة، وقد أشبعت الكلام فى هذا الفنّ فيما قدّمته (¬3). والسابع: إلحاقها لفظ الجمع توكيدا لتأنيثه، وتغليبا للحمل على الجماعة، كما ألحقت نحو ناقة ونعجة، وذلك على ضربين: ضرب تطّرد فيه فتلزمه، وضرب لا تلزمه، فلزومها جاء فى مثالين: أفعلة وفعلة، فأفعلة كأجربة وأقفزة (¬4) وأرغفة وأغربة، قال (¬5): من فوقه أنسر سود وأغربة … وتحته أعنز كلف وأتياس وفعلة كإخوة وغلمة وصبية وخصية وعلية، جمع خصيّ وعليّ، ومنه نيرة وجيرة، وقيعة، فى جمع نار وجار وقاع، كما جاء فى التنزيل: {كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ} (¬6) وقالوا فى جمع شيخ: شيخة. ¬

(¬1) سورة القيامة 14. (¬2) سورة الأنعام 139. (¬3) راجع المجلس الحادى والخمسين. (¬4) أجربة: جمع جريب، وهو القطعة المتميّزة من الأرض. والقفيز: مكيال، وهو أيضا من الأرض: عشر الجريب. (¬5) أبو ذؤيب الهذلى، وقيل: مالك بن خويلد الخناعى الهذلى. شرح أشعار الهذليين ص 228، 440، وتخريجه فى ص 1399، والتكملة ص 165، وإيضاح شواهد الإيضاح ص 811. وأغربة: جمع غراب. وكلف: من الكلف، وهو سواد تخالطه حمرة، والسّواد فيه أكثر. (¬6) سورة النور 39.

والضّرب الذى لا تلزمه مثالان أيضا: فعال وفعول، فدخولها فى فعال نحو قولهم: حجارة وجمالة وذكارة وفحالة، وفى التنزيل: {تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ} (¬1) وفيه: «كأنّه جمالات صفر» (¬2) ودخولها فى فعول نحو قولهم فى جمع عمّ وخال وبعل: عمومة وخئولة وبعولة، وفى جمع صقر: صقورة، وقالوا أيضا: فحولة وذكورة، وفى التنزيل: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} (¬3) وقال الشاعر: يدفّنّ البعولة والأبينا (¬4) وهى فى بعض هذه الكلم أكثر استعمالا، فاستعمالها فى العمومة والخؤولة والبعولة أكثر، وكذلك الحجارة والذّكارة. /والضّرب الثامن: لحاقها على ما كان من الجمع على مثال مفاعل كيلا (¬5) للدّلالة على معنى النّسب، كقولهم: المهالبة والأزارقة والأشاعثة والمناذرة، فى النّسب إلى المهلّب بن أبى صفرة، ونافع بن الأزرق، ومحمد بن عبد الرحمن بن الأشعث بن قيس، والمنذر بن الجارود، وكذلك المسامعة والأشاعرة، فى النّسب إلى مسمع (¬6) ¬

(¬1) الآية الرابعة من سورة الفيل. (¬2) سورة المرسلات 33. وقوله تعالى: «جمالات» جاء هكذا بألف بعد اللام فى النّسخ الثلاث. وهى قراءة ابن كثير ونافع وابن عامر وأبى عمرو، وأبى بكر عن عاصم. وقرأ حمزة والكسائى وحفص عن عاصم جِمالَتٌ بغير ألف، ويوقف عليه بالهاء. السبعة ص 666، والكشف 2/ 358. قلت: وهذه القراءة الثانية هى الأولى بالإثبات هنا؛ لأنها هى التى جاءت فى تمثيل المصنّف مع نظيراتها. ولكنى عدلت عنها إلى القراءة الأولى، لأن النّسخ الثلاث أجمعت عليها، ومن هذه النّسخ: النسخة (ط) وهى مقروءة على المؤلف كما سبق. وعلى كلّ فإن «جمالات» جمع جمالة، التى يمثّل لها ابن الشجرىّ. (¬3) سورة البقرة 228. (¬4) فرغت منه فى المجلس التاسع والأربعين. (¬5) هكذا، ولعله يريد وزنا. يقال: كال الدراهم والدّنانير: وزنها. ويقال: كلّ ما وزن فقد كيل. راجع اللسان. (¬6) مسمع بن شيبان. . . من بنى عكابة بن صعب. وهم أهل بيت شرف متصل بالجاهلية. الاشتقاق ص 355. وانظرهم فى جمهرة ابن حزم ص 320.

والأشعر (¬1)، جمعوا المهلّبىّ والأزرقىّ والأشعريّ والأشعثىّ والمنذرىّ والمسمعىّ، بحذف ياء النسب، وعوّضوا منها تاء التأنيث، وقد فعلوا ذلك فى جمع التصحيح، فقالوا: الأشعرون والأشعثون، ونحو ذلك، وعليه جاء فى التنزيل: {وَلَوْ نَزَّلْناهُ عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ} (¬2) قيل: أراد الأعجميّين. والتاسع: لحاقها ما كان على هذا المثال من الأعجميّة المعرّبة للدّلالة على العجمة، نحو الجواربة والموازجة، جمع الجورب والموزج، وهو الخفّ، وكذلك الطّيالسة والصّوالجة، والكرابجة، جمع الكربج، وهو الحانوت، وأصله بالفارسيّة كربه، كما أنّ الموزج أصله موزه. وقد جاء فى هذا الضّرب اسمان، اجتمع فيهما ما افترق فى المهالبة والكرابجة من النّسب والعجمة، وهما السّبابجة (¬3) والبرابرة، فأفادا معنى السّبيجيّين والبربريّين، واحدهم سبيجىّ وبربرىّ، فلحاق تاء التأنيث لهما أوكد من لحاقها لما لم يجتمع فيه المعنيان. والسّبابجة: قوم من السّند يستأجرون ليكونوا فى السفينة كالبذرقة (¬4). وإنما اجتمع التعريف والنّسب فيما ذكرناه من لحاق تاء التأنيث؛ لاتّفاقهما فى النّقل من حال إلى حال، فالنّسب يصير به الاسم وصفا بعد أن لم يكن كذلك، ويصير به بعد تعريف العلميّة نكرة، والتعريف ينقل الأعجمىّ إلى حيّز العربىّ. ¬

(¬1) فى مطبوعة الهند «والأشعرىّ» خطأ. والأشعر: هو نبت بن أدد بن زيد بن يشجب. الجمهرة ص 397، ووفيات الأعيان 3/ 285 (ترجمة أبى الحسن الأشعرىّ). (¬2) سورة الشعراء 198. (¬3) فى الأصل، وط: «السيابجة» بياء تحتية بعد السين. وصوابه بالباء الموحّدة، وقد علّقت عليه فى المجلس الرابع عشر (¬4) البذرقة: الحراسة والخفارة والمبذرق، بكسر الراء الخفير فارسيّة المعرب ص 67، وحواشيه.

ونقول بعبارة أخرى: لحقت تاء التأنيث مفاعل دالّة على النّسب، نحو المهالبة، ولحقت الأعجميّ المعرّب، نحو الموازجة؛ لمشابهة العجمة للنّسب، من حيث كان/النّسب ينقل الاسم من العلميّة إلى الوصفيّة، والعجمىّ منقول بالتعريف إلى العربيّة. والعاشر: ما دخلته التاء من الجمع الذى جاء على مثال من هذه الأمثلة، عوضا من يائه، كقولهم فى جمع زنديق وفرزان وجحجاح، وهو السيّد، وتنبال، وهو القصير: زنادقة وفرازنة (¬1) وجحاجحة وتنابلة، فالتاء فى هذا الضرب معاقبة للياء التى فى زناديق وفرازين وجحاجيح وتنابيل، فهى عوض منها، فلا يجوز إخلاؤه منهما معا، ومنه قولهم فى جمع إنسان: أناسية، التاء بدل من ياء أناسىّ، هذا أصله، كما جاء فى التنزيل: {وَأَناسِيَّ كَثِيراً} (¬2). والحادى عشر: ضرب من الجمع جاء على مثال مفاعل كيلا (¬3)، ودخلته التاء تغليبا لمعنى الجماعة، ولم تلزمه، وذلك قولهم فى جمع صيقل وصيرف وقشعم: صياقلة وصيارفة وقشاعمة، والصّياقل والصّيارف والقشاعم أكثر. والقشعم: المسنّ، وأكثر ما يستعمل فى النّسور. وهذا الضّرب نظير فعال وفعول، فى قولهم: جمالة وبعولة، إلاّ أنّى أفردته لمقاربته للأمثلة التى جاءت على مثال مفاعيل، ومنه الملائكة والملائك، والملائكة أكثر، قال أميّة بن أبى الصّلت (¬4). ¬

(¬1) مفرده: فرزان، وهو من لعب الشطرنج. (¬2) سورة الفرقان 49. (¬3) أى وزنا. وتقدّم قريبا. (¬4) ديوانه ص 189، وتخريجه فى ص 187، وروايته: فكأن برقع والملائك حولها سدر تواكله القوائم أجرد وبرقع. اسم السماء الدنيا، وقيل اسم للسماء السابعة وفى قافية البيت اختلاف يراه فى تخريج المحققة، واللسان (ملك)

وكأنّ أجنحة الملائك حوله وللنّحويّين فى أصل «ملك» قولان، قال بعضهم: أصله ملأك، واحتجّ بقول الشاعر: فلست لإنسيّ ولكن لملأك … تنزّل من جوّ السّماء يصوب (¬1) وقال آخرون: أصله مألك، مأخوذ من الألوك والمألكة [والمألكة (¬2)] وهى الرّسالة، وقول الشاعر: «لملأك» كان الوجه أن يقول: لمألك، ولكنّه قلب فقدّم اللام وأخّر الهمزة، فوزنه معفل. والثانى عشر: أربعة أمثلة من المصادر، لحقتها تاء التأنيث عوضا من محذوف: /فالأوّل: مصدر وعد يعد، ووزن يزن ونظائرهما، فهذا الضّرب له مصدران، الأصل منهما وزنه فعل: وعد ووزن، والآخر وزنه فى الأصل فعل، مثل جذع، وعد ووزن، فأعلّوه بحذف فائه لأمرين، أحدهما كسر واوه، والآخر كونه مصدر فعل معتلّ محذوف الفاء، فصار إلى عل: عد وزن، فعوّضوه من فائه التاء، فقالوا: عدة وزنة. والمصدر الثانى: مصدر أفعل المعتلّ العين، نحو أقام وأعان، وأباع فرسه: إذا عرّضه للبيع، أصل مصدر هذا الضّرب البناء على إفعال، قياسا على الصحيح: إقوام وإعوان وإبياع، كإكرام وإحسان، فحملوه على فعله فى الإعلال؛ لأنّ من شأن المصادر أن تتبع أفعالها فى التصحيح والإعلال، فألقوا فتحة عينه على فائه، ثم قلبوا العين ألفا لتحرّكها فى الأصل وانفتاح ما قبلها الآن، فاجتمع ألفان؛ المنقلبة عن العين، وألف إفعال، فحذفوا ألف إفعال؛ لأنها زائدة، فصار إلى إقام وإعان وإباع، ¬

(¬1) فرغت منه فى المجلس السابع والأربعين. (¬2) ليس فى ط، د.

فألحقوه تاء التأنيث عوضا من المحذوف، فقالوا: إقامة وإعانة وإباعة، وربّما أسقطوا هذه التاء إذا أضافوه، كما جاء فى التنزيل: {وَأَقامَ الصَّلاةَ} (¬1). والمصدر الثالث: مصدر استفعل، المعتلّ العين، نحو استقام واستعان واستبان، كان قياسه: استقوام واستعوان واستبيان، فأتبعوه فعله فى الإعلال، فألقوا فتحة العين على الفاء، ثم قلبوا العين ألفا لتحرّكها فى الأصل وانفتاح ما قبلها الآن، فاجتمع ألفان، المنقلبة عن العين وألف استفعال، فحذفوا الزائدة وعوّضوه منها التاء، فقالوا: استقامة واستعانة واستبانة. والمصدر الرابع: مصدر فعّلت المعتلّ اللام، يجيء على التّفعلة، نحو غطّيته تغطية، وعدّيته تعدية، وفدّيته تفدية، جاءوا به على هذا المثال مخالفة لمصدر فعّلت الصحيح اللام؛ لأنه جاء على التفعيل، نحو قطّعته تقطيعا، وكسّرته تكسيرا، / {وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً} (¬2) وكذلك المعتلّ الفاء، نحو وجّهته توجيها، والمعتلّ العين نحو عوّدته تعويدا، وغيّبته تغييبا (¬3)، فكرهوا التفعيل فى المعتلّ اللام فلم يقولوا: التّغطّى والتعدّى، استثقالا لتضعيف الياء، فحذفوا ياء التفعيل وعوّضوا منها تاء التأنيث، كما عوّضوها فى باب الإقامة والاستقامة. وقد جاء لبعض أبنية الأفعال مصدران، مذكّر، ومؤنّث، ولم تدخله التاء عوضا من محذوف، وذلك مثالان: فعللت وفاعلت، ففعللت نحو دحرجته دحرجة، وسرهفته سرهفة، والمصدر الآخر: الدّحراج والسّرهاف، قال (¬4): ¬

(¬1) ضبط فى ط بكسر ميم وَأَقامَ وعليه فهو جزء من الآية 37 من سورة النور. وفى الكتاب العزيز أيضا وَأَقامَ الصَّلاةَ بفتح الميم، من الآية 73 من سورة الأنبياء. (¬2) سورة النساء 164. (¬3) فى الأصل: «عوذته تعويذا» بالذال المعجمة، و «عيبته تعييبا» بالعين المهملة. (¬4) العجاج، يعاتب ولده رؤبة، فى قصة طريفة تراها فى أخبار النحويين البصريين ص 100، والخزانة 2/ 45، والرواية فى ديوان العجاج ص 111: -

سرهفته ما شئت من سرهاف ومعنى سرهفته: حسّنت غذاءه. ومصدر فاعلت المذكّر: الفعال، والمؤنّث: المفاعلة، نحو خاصمته خصاما ومخاصمة، وسابقته سباقا ومسابقة، وكذلك المعتلّ الفاء، نحو واجهته مواجهة، وواعدته مواعدة. والمعتلّ العين، نحو غاورته مغاورة، وحاورته محاورة، والمعتلّ اللام، نحو راميته مراماة، وساميته مساماة. والمضاعف نحو راددته مرادّة، وعاززته معازّة. وقال بعض التّصريفيّين: إنّ (¬1) تاء التأنيث المزيدة فى نحو الدّحرجة والسّرهفة زيدت عوضا من ألف الدّحراج والسّرهاف؛ لأنّ التذكير هو الأصل. والضّرب الثالث عشر: كلّ مصدر دخلته التاء لتبيين عدد المرّات، فجاء على مثال فعلة، نحو جلست جلسة، وضربت ضربة، وأكلت أكلة، ولبست الثوب لبسة، وركبت فرسك ركبة، كلّ هذا يراد به المرّة الواحدة، فإن كسرت أوّل شيء منه، فقلت: هو حسن الجلسة والرّكبة، فإنّما تريد الهيئة التى هو عليها فى الجلوس والرّكوب، وكذلك إذا قلت: خطوت خطوة، وغرفت غرفة، بفتح أوله، أردت المرّة، كما جاء فى التنزيل: {إِلاّ مَنِ اِغْتَرَفَ غُرْفَةً/بِيَدِهِ} (¬2) فإن ¬

= سر عفته ما شئت من سرعاف وكذلك فى ألفاظ ابن السّكيت ص 323، المخصص 1/ 27، وهو بمعنى سرهفته. والشاهد بروايتنا فى المقتضب 2/ 95، والأصول 3/ 230، والمنصف 1/ 41،3/ 4، والسّمط ص 788، وشرح المفصل 6/ 47،49، ونسبه لرؤبة، خطأ. (¬1) ذكر هذا المبرد فى المقتضب. (¬2) سورة البقرة 249. وقرأ بالفتح ابن كثير ونافع وأبو عمرو. السبعة ص 187.

ضممت فقلت: الخطوة والغرفة، فالخطوة: ما بين القدمين، والغرفة: ما تأخذه المغرفة (¬1). والرابع عشر: ما دخلته التاء للازدواج، وذلك فى قولهم: «لكلّ ساقطة لاقطة» قال أبو بكر محمد بن بشّار الأنبارىّ: معناه: لكلّ كلمة تسقط من متكلّم لا قط لها، يتحفّظها، فقيل: لاقطة، لتزدوج الكلمة الثانية مع الأولى، كما قالوا: «إنّ فلانا يأتينا بالعشايا والغدايا» فجمعوا الغداة غدايا، لتزدوج مع العشايا (¬2). ... ¬

(¬1) وهو اسم الماء المغترف، ونصبه إذن على المفعول به، لأن الفعل قد تعدّى إليه، كأنه قال: إلاّ من اغترف ماء على قدر مثل ملء اليد. قاله مكى فى الكشف 1/ 304. (¬2) الزاهر 1/ 350. وإنما تجمع الغداة على الغدوات. راجع اللسان (غدا)، وغريب الحديث للخطابى 3/ 13، وأدب الكاتب ص 600.

المجلس الثالث والسبعون ذكر أقسام أي

المجلس الثالث والسبعون ذكر أقسام أيّ أىّ منقسمة فى المعانى إلى ضروب: أحدها: أن تكون شرطيّة، كقولك: أيّهم يكرمنى أكرمه، وأيّهم تكرم أكرمه، نصبت «أيّهم» بالشّرط، كما جاء فى التنزيل: {أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى} (¬1) ما هذه زائدة للتوكيد، زيدت بين منصوب وناصب، ومجزوم وجازم، ومثل ذلك فى انتصاب «أىّ» بما بعدها وكونها شرطا قوله: {أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوانَ عَلَيَّ} (¬2) وتقول: على أيّهم تنزل أنزل، تريد: أنزل عليه، فتحذف «عليه» استخفافا، وإن شئت ذكرته. والقسم الثانى: أن تكون استفهاميّة، كقولك: أيّهم عندك؟ وأيّ القوم لقيت، وبأيّهم مررت، ويعلّقون عنها العلم، فيقولون: قد علمت أيّهم أخوك؟ ومعنى التعليق: أنّ الفعل يعمل فى الموضع دون اللفظ، ومنه فى التنزيل: {وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا أَشَدُّ عَذاباً} (¬3) و {لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى} (¬4) وتقول: أيّهم تظنّ منطلقا؟ فتعمل فيها الظّنّ لوقوعه بعدها، وإن شئت ألغيته، فقلت: أيّهم تظنّ منطلق؟ وإنما لم يعمل فيها ما قبلها من الأفعال إذا كانت استفهاما، لأن الاستفهام ¬

(¬1) سورة الإسراء 110. (¬2) سورة القصص 28. (¬3) سورة طه 71، وانظر المجلس الحادى والثمانين. (¬4) سورة الكهف 12.

له صدر الكلام، /وإعمال الفعل الذى قبلها فيها يخرجها من الصّدر، وكذلك إذا كانت شرطيّة، حكمها فى التصدير حكم الاستفهامية. ولأيّ فى الاستفهام إذا أضيفت أحكام، فمنها: إذا أضيفت إلى معرفة كانت سؤالا عن الاسم دون الصفة، وهى بعض المعرفة التى تضاف إليها، كقولك: أيّ الرجلين أخوك؟ وأيّ الرجال قام؟ فأيّ واحد من الاثنين، ومن الجماعة، فالجواب أن تقول: زيد أو عمرو، أو نحو ذلك، فتجيب بأحد الاسمين أو الأسماء. وإذا أضيفت إلى النكرة فإنها تكون سؤالا عن الصفة، وتكون بعدد النكرة كلّها، فإذا قال: أيّ رجل أخوك؟ وأيّ رجل زيد؟ قلت: طويل أو قصير، أو بزّاز أو صائغ، أو نحو ذلك، فأجبت بصفة الاسم. فإذا (¬1) أضيفت إلى نكرتين فقيل: أىّ رجلين أخواك؟ قلت: سمينان أو هزيلان، أو سمين وهزيل، أو نحو ذلك. فإذا أضيفت إلى جماعة، فقيل: أيّ رجال إخوتك؟ قلت: طوال أو قصار، أو بعضهم طوال وبعضهم قصار، ولا يجوز أن تضيف «أيّا» إلى معرفة واحدة، لا تقول: أيّ الرجل أخوك؟ ولا أيّ زيد خرج؟ لأنها سؤال عن البعض، والواحد لا يتبعّض، وأمّا فى النكرة فإنها سؤال عن الكلّ؛ لأن التنكير يقتضى العموم، فلذلك جاز إضافتها إلى نكرة واحدة، فى نحو: أيّ رجل أخوك؟ والثالث من أقسامها: أن تكون اسما ناقصا بمعنى الذى أو التى أو الذين أو اللاّتى، يلزمه أن يوصل بما يوصل به أحد هذه الأسماء النّواقص، من الجمل أو الظّروف، كقولك: أيّ القوم قامت أخته زيد، أى الذى قامت أخته زيد، وأيّ النّسوة خرج أخوها زينب، أى التى خرج أخوها زينب. ¬

(¬1) فى ط، د: وإذا.

و «أيّ» معربة فى جميع أحوالها، بخلاف نظائرها من الأسماء التى ضمّنت معانى الحروف، كمن وما وأين ومتى، وكم وكيف وأيّان وأنّى، وإنما أعربوها/حملا على نظيرها، وهو بعض، وعلى نقيضها وهو كلّ، وسيبويه (¬1) يحكم ببنائها على الضمّ إذا كانت اسما ناقصا موصولا بجملة ابتداء، والمبتدأ من الجملة محذوف، وهو العائد منها إلى أيّ، كقولك: أكرمت أيّهم صاحبك. فإن قلت: أكرمت أيّهم هو صاحبك، نصبتها وفاقا، وذلك لتمام صلتها. وإنما حكم ببنائها إذا نقصت صلتها؛ لأنه جعل لتضمّنها معنى الحرف تأثيرا فيها، وخصّ بذلك حال النّقص الذى دخلها، كأنها لمّا حذف المبتدأ العائد عليها من صلتها ضعفت فرجعت إلى البناء الذى استحقّه الذى ومن وما، وبقوله قال المازنيّ وجماعة من البصريّين، وإلى بنائها ذهب فى قول الله تعالى: {ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا} (¬2) لأن التقدير عنده: الذى هو أشدّ على الرحمن عتيّا، أو الذين هم أشدّ، فالضّمة على قوله بناء، وقد حكى مع ذلك أنّ هارون الأعور القارئ قرأها بالنّصب (¬3). ¬

(¬1) راجع الكتاب 2/ 398، وما بعده. (¬2) سورة مريم 69. وقد ضبطت عين عِتِيًّا فى الأصل، ط بالضم. وهما لغتان: الكسر والضم. فقرأ بالكسر: حمزة والكسائى وحفص، والباقون بالضم. الإقناع ص 695، والإتحاف 2/ 234، وشرح الحماسة للمرزوقى ص 80. (¬3) الكتاب 2/ 399، ومختصر فى شواذ القراءات ص 86، ومعانى القرآن للزجاج 3/ 69، وإعراب القرآن للنحاس 2/ 322، والبحر 6/ 209. وهذا «هارون بن موسى البصرى الأعور» صاحب قراءة وعربية، أخذ عن الأصمعىّ ويحيى بن معين، توفى فى حدود السبعين والمائة، كان يهوديا فأسلم وحسن إسلامه، ناظره يوما إنسان فى مسألة، فغلبه هارون، فلم يدر المغلوب ما يصنع، فقال له: أنت كنت يهوديّا فأسلمت! فقال له هارون: فبئسما صنعت؟ قال: فغلبه أيضا فى هذا. قيل: وكان أول من تتبع وجوه القرآن وألّفها وتتّبع الشاذ منها. تاريخ بغداد 14/ 3، وطبقات القراء لابن الجزرى 2/ 348، والشعور بالعور ص 233.

وفى رفعها قولان آخران، حكاهما سيبويه، أحدهما عن يونس: وهو أنه علّق عنها {لَنَنْزِعَنَّ} فرفعها بالابتداء، و {أَشَدُّ} خبرها، كما ارتفعت فى قوله تعالى: {وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا أَشَدُّ عَذاباً} (¬1) والخليل وسيبويه منعا من تعليق {لَنَنْزِعَنَّ} لأنّ النّزع فعل علاجىّ، وإنما يعلّق أفعال العلم والشّكّ، واعتذر بعضهم ليونس، فقال: إنّ النّزع قد يكون بالقول. والقول الآخر فى رفعها قول الخليل، وهو ارتفاعها على الحكاية، فأيّهم مبتدأ وأشدّ خبره، وتقديره عنده: ثمّ لننزعنّ من كلّ شيعة الذى من أجل عتوّه يقال: أيّ هؤلاء أشدّ عتيّا، ومثل ذلك عنده قول الشاعر (¬2): ولقد أبيت من الفتاة بمنزل … فأبيت لا حرج ولا محروم وهذا عند سيبويه مرفوع بلا، وهى المشبّهة بليس، وخبرها محذوف تقديره: /لا حرج ولا محروم فى مكاني، والجملة خبر أبيت، والياء التى فى مكانى هى العائد من الجملة إلى اسم أبيت، ومن جعله حكاية فخبر أبيت محذوف عنده، وهو المقدّر فى قوله: فأبيت بمنزلة الذى يقال له: لا حرج ولا محروم، قال أبو بكر بن السّرّاج، وذكر المذاهب الثلاثة فى الآية: «وأنا أستبعد بناء «أيّ» مضافة، وكانت مفردة أحقّ بالبناء، وما أحسب الذين رفعوا أرادوا إلاّ الحكاية (¬3)»، يعنى من رفعها من العرب إذا حذف المبتدأ من صلتها. وممّا خالفت (¬4) فيه «أيّ» أخواتها الموصولات حسن حذف المبتدأ من صلتها ¬

(¬1) تقدّمت قريا. (¬2) الأخطل. ديوانه ص 382، والكتاب، الموضع السالف، والأصول 2/ 324، والمخصص 8/ 69،16/ 110، وشرح الحماسة ص 80، والإنصاف ص 710، وشرح المفصل 3/ 146،7/ 87، والخزانة 6/ 139. (¬3) الأصول، الموضع المذكور فى تخريج الشاهد السابق. (¬4) هنا سقط فى ط، ينتهى عند القسم السادس من أقسام «أىّ».

حتّى كثر ذلك فى الاستعمال، تقول: أكرم أيّهم أفضل، ولا يحسن: أكرم من أفضل، حتى تقول: من هو أفضل، ولا تقول: كل ما أطيب، حتى تقول: ما هو أطيب، ولا يحسن: أكرم الذى أفضل، وإن كان قد قرئ فى الشّذوذ: {تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ} (¬1). وفى قوله تعالى: {الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ} (¬2) قولان: أحدهما: أن يكون {أَيُّهُمْ} مبتدأ، و {أَقْرَبُ} خبره، والمعنى: يبتغون الوسيلة إلى ربّهم، ينظرون أيّهم أقرب فيتوسّلون به. والثانى: أن يكون {أَيُّهُمْ} اسما موصولا، والمبتدأ محذوف من صلته، وهو بدل من الواو التى فى {يَبْتَغُونَ} فالتقدير بإيقاعه موقع الواو: يبتغى إلى ربّهم الوسيلة الذى هو أقرب، أو الذين هم أقرب، فالضمّة فى {أَيُّهُمْ} إعراب، إلاّ على مذهب سيبويه، والذى ذهب إليه من بناء «أيّ» إذا حذف المبتدأ من صلتها، رواه عن العرب باجتماع شرطين، أحدهما: اختصاص ذلك بحال الإضافة، فإن نوّنوها أعربوها، فقالوا: لقيت أيّا أفضل. والثانى: أنهم لا يبنونها إذا كان العامل فيها جارّا، بل يقولون: مررت بأيّهم أفضل. هذا قول بعض النحويّين الأوائل، وخصّ سيبويه بالجارّ الباء دون غيرها. ومن العرب من يعربها فى كلّ أحوالها، يحملونها على القياس، فيقولون: كلّم/أيّهم أفضل، يعملون فيها الناصب، ويرفعون الاسم بعدها، على أنه خبر مبتدأ محذوف. قال سيبويه: وهى لغة جيّدة، نصبوها كما جرّوها، وعلى هذه اللغة قرأ هارون الأعور {ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ}. ¬

(¬1) سورة الأنعام 154، وفرغت من تخريج هذه القراءة فى المجلس الحادى عشر. (¬2) سورة الإسراء 57.

والرابع من أقسامها: أن تكون تعجّبا، فلا تضاف إلاّ إلى النّكرات، تقول: أيّ رجل زيد! وأيّ رجلين أخواك! وأيّ رجال إخوتك! وإن شئت أدخلت قبلها سبحان الله؛ لئلاّ يلتبس التعجّب بالاستفهام، فقلت: سبحان الله، أيّ رجل زيد! والخامس: أن تكون مناداة، فيلزمها حرف التنبيه، والوصف بما فيه الألف واللام، تقول: يا أيّها الرجل، وإنما جعلوها وصلة إلى نداء ما فيه الألف واللام؛ لأنهم كرهوا الجمع بين التخصيص بالنداء والألف واللام، ولا يجوز فى صفتها إلاّ الرفع؛ لأنها صفة لا يجوز الوقف دونها، فهى المناداة فى المعنى، بخلاف الصّفة فى قولك: يا زيد الظريف، وفى قوله (¬1): يا حكم الوارث عن عبد الملك وأجاز المازنىّ نصب صفتها حملا على نصب «الظريف» و «الجواد» فى قول جرير (¬2): فما كعب بن مامة وابن سعدى … بأجود منك يا عمر الجوادا والقياس ما أجمع عليه النحويّون، وقد أوضح ما قلته سيبويه، فى قوله: «وإنما صار وصفه، لا يجوز فيه إلاّ الرفع؛ لأنك لا تستطيع أن تقول: يا أيّ، ولا: يا أيّها، وتسكت؛ لأنه مبهم يلزمه التفسير، فصار هو والرجل بمنزلة اسم واحد، فكأنك قلت: يا رجل (¬3)». انتهى كلامه. فإن جئت بعد صفتها بمضاف، فلك فيه الرفع والنصب، تقول: يا أيّها الرجل ذو الجمّة، على الوصف للرجل، وذا الجمّة على البدل من «أيّ» كأنك ¬

(¬1) رؤية. ديوانه ص 118، والمقتضب 4/ 208، والمغنى ص 19، وشرح أبياته 1/ 60. (¬2) فرغت منه فى المجلس الثامن والثلاثين. (¬3) الكتاب 2/ 188، وفيه «لا يكون فيه» مكان: «لا يجوز فيه».

قلت: يا ذا/الجمّة، ويجوز نصبه على استئناف نداء، وعلى هذا يحمل قوله (¬1): يا أيّها الجاهل ذا التّنزّى … لا توعدنّى حيّة بالنّكز [ويروى: لا توعدنّ حيّة (¬2)]. التّنزّى: تسرّع الإنسان إلى الشّرّ، ويقال: نكزته الحيّة نكزا: إذا ضربته بفيها ولم تنهشه. والسادس: أن تكون «أيّ» نعتا للنكرة، يراد به المدح، كقولك: مررت برجل أيّ رجل، ورأيت رجلا أيّ رجل، وجاءنى رجل أيّ رجل، وجاءنى رجلان أيّ رجلين، ورأيت رجالا أيّ رجال، وإن شئت أظهرت المبتدأ فقلت: وأيّ رجل هو، وتقول: مررت برجل أيّ رجل أبوه، ترفع «أيّا» بأنها خبر مقدّم، وكذلك تقول فى المعرفة: مررت بزيد أيّ رجل أبوه، وتقول فى المؤنّث: مررت بجارية أيّة جارية، كما جاء التأنيث فى التنزيل: {يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ} (¬3) وإن شئت اكتفيت بتأنيث الجارية، فقلت: بجارية أيّ جارية، كما جاء فى التنزيل: {فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ} (¬4) و {بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} (¬5). ... ¬

(¬1) فرغت منه فى المجلس الثامن والخمسين. (¬2) ساقط من 5. (¬3) سورة الفجر 27. (¬4) الآية الثامنة من سورة الانفطار. (¬5) الآية الأخيرة من سورة لقمان.

فصل يتضمن ذكر أحكام «رب»

فصل يتضمّن ذكر أحكام «ربّ» فمن أحكامها: أنها وضعت للتقليل، ومن أحكامها أنّ لها صدر الكلام، بمنزلة ألف الاستفهام، و «ما» النافية؛ لأنّ تقليل الشىء مضارع لنفيه، وقد استعملوا قلّ وأقلّ نفيا، فقالوا: قلّ رجل يقول ذاك إلاّ زيد، وأقلّ رجل يقول ذاك إلاّ عمرو (¬1)، كما تقول: ما رجل يقول ذاك إلاّ عمرو، فلذلك ألزموها صدر الكلام، فقالوا: ربّ رجل جاءنى، ولم يقولوا: جاءنى ربّ رجل. ومن أحكامها: دخولها على النكرة دون المعرفة، وأجاز النحويّون: ربّ رجل وأخيه منطلقين، ولم يجيزوا: ربّ رجل وزيد منطلقين، وإنما أجازوا الأول؛ لأنّ/ قولك: وأخيه، يقدّر: وأخ له. ومن أحكامها: أنه لا بدّ للنكرة التى تدخل عليها من صفة، إمّا اسم، وإمّا فعل، وإمّا ظرف، وإمّا جملة من مبتدأ وخبر، ولا يجوز أن تقول: ربّ رجل وتسكت، حتى تقول: ربّ رجل صالح، أو ربّ رجل يعلم ذاك، أو ربّ رجل عندك، أو ربّ رجل أبوه عالم، فأمّا قول الشاعر (¬2): إن يقتلوك فإنّ قتلك لم يكن … عارا عليك وربّ قتل عار ¬

(¬1) راجع كتاب الشعر ص 91. (¬2) ثابت قطنة، يرثى يزيد بن المهلّب بن أبى صفرة. المقتضب 3/ 66، والحماسة الشجرية 1/ 330، والحماسة البصرية 2/ 212، وشرح الجمل 1/ 477، والمقرب 1/ 220، والضرائر ص 173، والمغنى صفحات 27،134،503، وشرح أبياته 1/ 126، وارتشاف الضرب 2/ 52،585، والخزانة 9/ 576، وفى حواشى المحققين فضل تخريج. وانظر أحكام «رب» وإعرابها فى الإنصاف ص 832، وتذكرة النحاة ص 5، وأول سطر فيها خطأ. قال: «ربّ حرف جرّ، قاله الكسائىّ وابن الطراوة». وصواب الكلام: «ربّ حرف جرّ، خلافا للكسائىّ وابن الطراوة». وانظر أيضا إعراب الحديث النبوىّ للعكبرى ص 203، وفتح البارى 13/ 23 (باب لا يأتى زمان إلاّ الذى بعده شرّ منه. من كتاب الفتن). والإنصاف لابن السيّد ص 114.

فإنما أراد: هو عار، فحذف المبتدأ من الجملة التى هى صفة لمعمول ربّ. ومن أحكامها: أنها تكون لتقليل ما مضى، وما هو حاضر، دون المستقبل، تقول: ربّ رجل أخبرنا بحاله، وربّ رجل يخبرنا الآن، ولا تقول: ربّ رجل سيخبرنا، ولا: ربّ رجل ليخبرنّنا غدا؛ لأن ما لم يقع لا يعرف كمّيّته فيقلّل ولا يكثّر. ومن أحكامها: أنها تدخل على الضمير قبل الذّكر، على شريطة التفسير بنكرة منصوبة، كقولهم: ربّه رجلا جاءنى، ومعنى ربّه رجلا: ربّ رجل، وليست الهاء بضمير شيء جرى ذكره، ولو كانت ضمير شيء جرى ذكره لكانت معرفة، ولم يجز أن تلي ربّ، ولكنها ضمير مبهم، فأشبه بإبهامه النّكرات؛ لأنّك إذا قلت: ربّه، احتاج إلى أن تفسّره، فضارع النّكرات؛ إذ كان لا يخصّ، كما أنّ النكرة لا تخصّ، وهذا الضمير لا يثنّى عند البصريّين ولا يجمع، ولا يؤنّث؛ لأنه ضمير مجهول، يعتمد فيه على التفسير، فيغنى تفسيره عن تثنيته وجمعه، وأجاز فيه الكوفيّون التثنية والجمع والتأنيث. قال أبو سعيد السّيرافىّ: وممّا قدّم من الضمائر على شرط التفسير: إنّه كرام قومك، وإنّه ذاهبة فلانة (¬1)، وربّه رجلا، وليست الهاء بضمير شيء جرى ذكره، ولكنها ضمير مبهم، أشبه بإبهامه النّكرات. /قال: وقال أبو إسحاق الزّجّاج: معنى ربّه رجلا: أقلل به فى الرّجال: انتهى كلامه. ومن أحكامها: أن تلحق بها تاء التأنيث، فيقال: ربّت، كما ألحقت بثمّ، ¬

(¬1) ويقال أيضا: إنه أمة الله ذاهبة. راجع الكتاب 1/ 147،2/ 176، والهمع 1/ 67، وتذكرة النحاة ص 167، وعدّه محققه شاهدا شعريّا، وليس كذلك. وهذا هو ضمير الشأن.

ولا، قال ابن أحمر (¬1): وربّت سائل عنّى حفىّ … أعارت عينه أم لم تعارا عارت: من العور، أصله عورت، وأراد تعارن، فأبدل من نون التوكيد الخفيفة ألفا فى الوقف، قياسا على التنوين إذا انفتح ما قبله، فى نحو: رأيت زيدا، وقال آخر فى ثمّ: ولقد أمرّ على اللئيم يسبّنى … فمضيت ثمّت قلت لا يعنينى (¬2) وجاء فى التنزيل: {وَلاتَ حِينَ مَناصٍ} (¬3) أى وليس حين مهرب. ومن أحكام «ربّ» تخفيفها فى لغة بعض العرب، قال أبو كبير الهذلىّ: أزهير إن يشب القذال فإنّه … رب هيضل لجب لففت بهيضل (¬4) الهيضل: جمع هيضلة، وهى الجماعة. واللّجب: الكثير الأصوات. ومن أحكامها: أنها توصل ب‍ «ما»، فيقع بعدها المعرفة والفعل، وقد قدّمت ذكر ذلك (¬5)، وحقّ الفعل بعدها أن يكون ماضيا أو حالا، على ما قرّرته قبل، وقد ذكرت ¬

(¬1) ديوانه ص 76، وتخريجه فى ص 202، وزد عليه الأزهية ص 272، وضرائر الشعر ص 47، وتذكرة النحاة ص 382، وارتشاف الضرب 3/ 280، ومعجم شواهد العربية ص 143، وحواشى المحققين. وعارت عينه: أى سال دمعها. ويروى «أغارت» بالغين المعجمة. وغارت العين: دخلت فى الرأس. (¬2) هذا شاهد كثير الدّوران، وللنحويين فيه أكثر من شاهد. وهو من مقطوعة لشمر بن عمرو الحنفىّ، أحد شعراء بنى حنيفة باليمامة. الأصمعيات ص 126، والكتاب 3/ 24، وشرح الجمل 1/ 250، والخزانة 1/ 357، وانظر فهارسها. (¬3) الآية الثالثة من سورة ص، وانظر إعرابها فى المجلس الثالث والثلاثين. (¬4) فرغت منه فى المجلس السادس والأربعين. و «زهير» مرخّم «زهيرة» ابنة الشاعر. وتفتح الراء وتضمّ، على قاعدة المرخّم. وقد ضبطت بالضم فى النسخة (ط)، وهى نسخة المؤلف، كما سبق. (¬5) المجلس الثامن والستين.

ما قاله النحويّون فى قوله تعالى: {رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ} (¬1). فمن أقوالهم: أنه حكاية حال قد مضت، ومنها إضمار «كان» بعد ربما، وهو أردأ ما قيل فيه، وأجودها أنّ ربما فى الآية دخلت على الفعل المستقبل لصدق المخبر سبحانه وعلمه بما سيكون كعلمه بما كان، فإخباره بما لم يكن كإخباره بالكائن، ألا ترى أنّ قوله تعالى: {وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ} (¬2) جاء فى اللفظ كأنه قد كان، وهو لصدقه كائن لا محالة، ومثله قوله: {وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ} (¬3)، وقوله: {وَلَوْ تَرى إِذِ الظّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ} (¬4). ... ¬

(¬1) راجع المجلس المذكور. (¬2) سورة سبأ 51. (¬3) سورة السجدة 12. (¬4) سورة سبأ 31.

سئلت عن معنى قول المتنبي

سئلت عن معنى قول المتنبّي (¬1) وأنّك لا تجود على جواد … هباتك أن يلقّب بالجواد فأجبت بأنه استعار الجود للهبات، فأسند «لا تجود» إليها، والمعنى أنّ هباتك عظمت وتوالت، واحتقر فى جنبها هبات غيرك، فمنعت أن يسمّى جواد غيرك جوادا. ... وسئلت عن قوله (¬2) كتمت حبّك حتّى منك تكرمة … ثم استوى فيك إسرارى وإعلانى كأنه زاد حتى فاض عن جسدى … فصار سقمى به فى جسم كتمانى فأجبت بأنه أراد: بالغت فى كتمانى حبّك، حتى أنّى كتمته منك تكرمة لك. ويجوز (¬3) أن يكون المعنى: إكراما للحبّ وإعظاما له، حتى لا يطّلع عليه، ثم ¬

(¬1) ديوانه 1/ 359، وقبل البيت الشاهد: نلومك يا علىّ لغير ذنب لأنك قد زريت على العباد يمدح على بن إبراهيم التنوخى. قال ابن سيده فى شرح البيت: «أى لم تترك هباتك أحدا غيرك يستحق أن يلقّب بالجواد إذا قيس بك. وتلخيص ذلك: أى لا تجود هباتك على أحد بهذا الاسم. . . ف‍ «أن» على هذا القول نصب بإسقاط الحرف، أى بأن يلقّب. و «هباتك» فاعلة بتجود. ولا تكون التاء فى «تجود» للمخاطبة، وتكون «هباتك بدلا من الضمير الذى فى «تجود»؛ لا يجوز ذلك ألبتّة؛ لأن المخاطب لا يبدل منه ألبتّة». شرح مشكل شعر المتنبى ص 75. (¬2) ديوانه 4/ 192، وحكى شارحه كلام ابن الشجرى. (¬3) هذا من كلام الواحدى. راجع شرحه ص 87،88.

إنّ إسرارى وإعلانى تساويا، وسبب مساواة الإعلان للإسرار أن الحبّ أسقمه، فذلّ نحول جسمه على الحبّ، ثم قال: كأنه زاد حتى فاض عن جسدى، فشبّه حبّه بأحد الأشياء المائعات، فوصفه بالفيض، ثم قال: فصار سقمى به فى جسم كتمانى، أى لمّا أفرط الحبّ فى الزّيادة فصار كالشيء الفائض تعدّى سقمى به إلى جسم كتمانى، فأذابه وأضعفه، فلما ضعف الكتمان ظهر الحبّ؛ لضعف مخفيه. مخفيه. وقال أبو الفتح عثمان بن جنّى فى تفسير البيت الثانى: كأنه، أى كأنّ/ الكتمان، فأضمره وإن لم يجر ذكره، لأنه لمّا قال: كتمت، دلّ على الكتمان (¬1). قال: وما علمت أن أحدا ذكر استتار سقمه وأنّ الكتمان أخفاه، غير هذا الرجل، وهو من بدائعه. وفى هذا القول اختلال فى الإعراب، وفساد فى المعنى، وتناقض فى اللفظ لو كان الشاعر أراده، وذلك أنه إذا أعدنا الهاء من «كأنه» إلى الكتمان كما زعم، وجب إعادة الضمائر التى بعدها إلى الكتمان أيضا، فصار التقدير: كأن/الكتمان زاد حتى فاض، فصار سقمى به، أى بالكتمان فى جسم كتمانى، ففى هذا من اختلال الإعراب ما ترى، وفيه أنه جعل الكتمان هو الذى أسقمه، والصحيح أن الحبّ هو المسقم (¬2) له، ثم إن قوله: ذكر استتار سقمه وأنّ الكتمان أخفاه، متناقض؛ لمساواة إعلانه لإسراره، فى قوله: ثم استوى فيك إسرارى وإعلانى ... ¬

(¬1) الفتح الوهبى ص 168، والكلام الذى بعده لم أجده فيه، ولعله فى شرحه الكبير على الديوان، المسمّى: الفسر. (¬2) كأن ابن الشجرى سلخ هذا من كلام الواحدى، راجع شرحه ص 88.

المجلس الرابع والسبعون ذكر ما جاء فى الذى والتى و [فى] تثنيتهما وجمعهما من اللغات

المجلس الرابع والسبعون ذكر ما جاء فى الذى والتى و [فى (¬1)] تثنيتهما وجمعهما من اللّغات اختلف النحويّون فى أصل «الذى»، فقال البصريّون: أصله لذ، بوزن شج وعم (¬2)، وقال بعضهم: إنّ الألف واللام دخلتا عليه للتعريف، وقال آخرون، وهو الصحيح: بل دخلتا زائدتين لتحسين اللفظ، ولوصف الذى بما فيه الألف واللام، كقولك: مررت بالذى أكرمته الظريف، وجاءنى الذى عندك الطويل، ولم يفعلوا هذا فى «من» إذا كانت موصولة، لم يقولوا: مررت بمن أكرمته الظريف، قالوا: وإنّما تعرّف «الذى» بصلته كما تعرّف «من» و «ما» بصلتهما، وكما تعرّف «ذو» فى قول الشاعر: لأنتحين للعظم ذو أنا عارقه (¬3) أى الذى أنا عارقه، بصلته. وقال الفرّاء: أصل الذى: ذا، المشار به إلى الحاضر، أرادوا نقله من الحضرة إلى الغيبة، فأدخلوا عليه الألف واللام للتعريف، وحطّوا ألفه إلى الياء، ¬

(¬1) زيادة من ط، د. (¬2) راجع هذه المسألة فى الإنصاف ص 669، وحواشيه. (¬3) صدره: فإن لم أصدق بعض ما قد صنعتم وقائله: قيس بن جروة الطائى، الملقّب بعارق الطائى؛ لهذا البيت. وقيل: هو عمرو بن ملقط. وقد فرغت منه فى كتاب الشعر ص 415.

للفرق بين الإشارة إلى الحاضر والغائب، وهذا قول ظاهر الفساد، وهو من دعاوى الكوفيّين، فمن فساده أنّ «ذا» معرفة بما فيه من الإشارة، فلا حاجة به إلى التعريف بالألف واللام، ثم قوله: «حطّوا ألفه إلى الياء، للفرق بين الإشارة إلى الحاضر والغائب» فاسد أيضا؛ لأنّنا لسنا نجد فى «الذى» إشارة إلى غائب، كما نجد فى «ذلك» وفى «تلك وذانك وأولئك» إشارة إلى غائب، وأقوى وجوه فساده أنه إذا كان أصل «الذى» ذا، بزعمه، فما وجه هذه/اللام المدغمة فيها لام التعريف؟ فقد وضح لك بما ذكرته أن أصل الذى والتى: لذ ولت، كما قال البصريّون. وأمّا اللّغات فيها، فأوّلها الّذى، وهى اللغة العليا. والثانية: الّذ، بحذف الياء وإبقاء الكسرة، قال الشاعر: والّذ لو شاء لكانت برّا … أو جبلا أصمّ مشمخرّا (¬1) والثالثة: اللّذّ، بإسكان الذال، قال (¬2): فظلت فى شرّ من اللّذّ كيدا … كاللّذ تزبّى زبية فاصطيدا الزّبية: حفيرة يستتر فيها الرجل للصيّد. والرابعة: الّذىّ، بتشديد الياء، قال: ¬

(¬1) الأزهية ص 302، والإنصاف ص 676، وشرح الكافية الشافية ص 254، وشرح الجمل 1/ 170، والهمع 1/ 82، والخزانة 5/ 505. ويروى البيت الأول: والّذ لو شاء لكنت صخرا والمشمخرّ: العالى البالغ الارتفاع. وقيل: الراسخ. (¬2) هو رجل من هذيل، لم يسمّ. شرح أشعار الهذليين ص 651، والكامل ص 27، والإنصاف ص 675، وشرح الكافية الشافية ص 255، وشرح الجمل 1/ 171، والخزانة 6/ 3،11/ 421، وانظر حواشى المحققين، والموضع السابق من الأزهية.

وليس المال فاعلمه بمال … وإن أغناك إلاّ للّذىّ يريد به العلاء ويصطفيه … لأقرب أقربيه وللقصبىّ والخامسة: استعمالهم «ذا» بمعنى «الذى» (¬1)، وذلك إذا أوقعوه بعد «ما» الاستفهامية، كقولك: ماذا صنعت؟ وماذا معك؟ تريد: ما الذى صنعت؟ وما الذى معك؟ هذا مذهب سيبويه، وفاقا للكوفيين، ومنه فى الشّعر قول لبيد: ألا تسألان المرء ماذا يحاول … أنحب فيقضى أم ضلال وباطل (¬2) ومثله فى التنزيل: {ماذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ} (¬3) قال: معناه: ما الذى أنزل ربّكم؟ والسادسة: أنّ منهم من يقيم مقام الذى: ذو، ومقام التى: ذات، وهى لغة طيّىء، يقولون: زيد ذو قام، وهند ذات قامت، بمعنى التى قامت، قال (¬4): فإنّ بيت تميم ذو سمعت به … فيه تنمّت وأرست عزّها مضر و «ذو» موحّدة على كلّ حال، فى التثنية والجمع، وكذلك «ذات»، موحّدة مضمومة في كلّ حال، قال الفراء: سمعت بعضهم يقول: «بالفضل ذو فضّلكم الله به، /وبالكرامة ذات أكرمكم الله بها (¬5)». ¬

(¬1) الأزهية ص 303، والإنصاف ص 675، وشرح الكافية الشافية ص 254، وشرح الجمل 1/ 170، والهمع 1/ 82، والخزانة 5/ 504، وحواشيها. (¬2) فرغت منه فى المجلس الحادى والستين. (¬3) سورة النحل 24،30. (¬4) رجل من طيّىء أدرك الإسلام، على ما ذكر أبو زيد فى نوادره ص 265، وعنه المبرد فى الكامل ص 1139، والشاهد فى الأزهية ص 303، والجمل المنسوب للخليل ص 161. (¬5) الأزهية ص 304، وشرح الكافية الشافية ص 275، والمساعد على التسهيل 2/ 410. وأوضح المسالك 1/ 155، واللسان (ذا) 20/ 348، والهمع 1/ 84. وقوله: «أكرمكم الله بها» هكذا جاء فى أصول الأمالى واللسان. والذى فيما ذكرت من كتب «به» بفتح الباء وسكون الهاء. قال الهروىّ فى الأزهية: «يريد بها، فلما أسقط الألف جعل الفتحة التى كانت فى الهاء فى الباء عوضا منها». وهذا من لغة طيّىء أيضا.

ومنهم من يجعل ذو بمعنى الذى والتى، فيقول: هذه هند ذو سمعت بها، ومررت بهند ذو سمعت بها، ورأيت أخويك ذو مررت بهما، ومررت بالقوم ذو سمعت بهم، كما جعلوا «من» للذكر والأنثى وللاثنين والجميع، قال سنان بن الفحل الطائىّ (¬1): فإنّ الماء ماء أبى وجدّى … وبئرى ذو حفرت وذو طويت قال بعض النّحويّين (¬2): وربّما ثنّوا وجمعوا، فقالوا: هذان ذوا تعرف، وهؤلاء ذوو تعرف، وهاتان ذواتا تعرف، وهؤلاء ذوات تعرف، ويضمّون التاء على كلّ حال، قال الفرّاء: أنشدنى بعضهم: جمعتها من إبل موارق … ذوات ينهضن بغير سائق (¬3) موارق، من قولهم: مرق السّهم: إذا نفذ. فإن ثنّيت الذى، ففيه ثلاث لغات: اللّذان بتخفيف النون، واللّذانّ بتشديدها، والتشديد لغة قريش، واللّذا بحذف النون، قال الأخطل (¬4): أبني كليب إنّ عمّيّ اللّذا … قتلا الملوك وفكّكا الأغلالا هذا قول الكوفيّين، وقال البصريّون: إنما حذف النون لطول الاسم بالصّلة، ¬

(¬1) شاعر إسلامى من الدولة المروانية. شرح الحماسة ص 591، والأزهية ص 305، والإنصاف ص 384، وشرح الكافية الشافية ص 274، وشرح الجمل 1/ 177، والبسيط ص 291، والخزانة 6/ 34، وغير ذلك مما تراه فى حواشى المحققين. (¬2) هذا الكلام كله للهروىّ صاحب الأزهية. وابن الشجرى كثير الإغارة على كلامه دون غزو إليه، وقد أشرت إلى ذلك فى الدراسة ص 145، ثم ظهرت لى بعد ذلك شواهد كثيرة على ما قلت، وهذا الموضع أحدها. الأزهية ص 305. (¬3) نسبهما العينى 1/ 440 لرؤبة، وهما فى ذيل ديوانه ص 180، والموضع السابق من الأزهية، وشرح الكافية الشافية ص 275، وشرح ابن الناظم ص 34، والمقرب 1/ 58، وأوضح المسالك 1/ 156، وانظر معجم شواهد العربية ص 509. (¬4) ديوانه ص 108، وخرّجته فى كتاب الشعر ص 125، وزد على ما ذكرته هناك: ضرورة الشعر ص 200، وليس فى كلام العرب ص 336، والجمل المنسوب للخليل ص 216، والأزهية ص 306.

وقد قرئ {وَالَّذانِ يَأْتِيانِها} (¬1) بتخفيف النون وتشديدها، فمن شدّد جعل التشديد عوضا من ياء الذى، وكذلك من قرأ {فَذانِكَ} (¬2) و {هاتَيْنِ} (¬3) و {هذانِ} (¬4) بالتشديد، جعله عوضا من الحرف المحذوف فى التثنية، وإنما حذفوا ياء الذى، فلم يقولوا: الّذيان، وقالوا فى الشّجى ونحوه: الشّجيان، للفرق بين المعرب وغير المعرب، وكذلك حذفوا ألف «ذا» فقالوا: ذان، وقلبوا ألف المعرب، فقالوا عصوان (¬5)؛ لما ذكرنا من الفرق. وزعم الفراء أن ألف ذان، هى ألف ذا، قال: لأنه لا يجوز أن يبقى الاسم غير/المضمر على حرف. والدليل على أنها ألف التثنية انقلابها فى الجرّ والنّصب، وإنما جاز أن يبقى الاسم على حرف؛ لأنّه تكثّر بألف التثنية ونونها. وفى جمع «الذى» لغات، أوجهها قول من قالوا: الّذين، فى الأحوال الثلاث، هى (¬6) اللغة العليا، لأنّ القرآن نزل بها، ومنهم من يقول فى الرفع: الّذون، وهى لغة هذيل، وعلى هذا أنشد من سمعهم ينشدون هذا البيت: وبنو نويجية الّذون كأنّهم … معط مخدّمة من الخزّان (¬7) الخزّان: جمع الخزز، وهو ذكر الأرانب. والمعط: جمع الأمعط، وهو الذى سقط شعره. ¬

(¬1) سورة النساء 16. وقراءة التشديد لابن كثير، ووافقه أبو عمرو على التشديد فى قوله تعالى: فَذانِكَ خاصّة. وباقى القراء بالتخفيف. الكشف عن وجوه القراءات السبع 1/ 381. (¬2) سورة القصص 32. (¬3) سورة القصص 27. (¬4) سورة طه 63. وجاء فى الأصل: «هاتان» وليست فى التلاوة. وجاءت على الصواب فى ط، د. وراجع الموضع السابق من الكشف، والأزهية. (¬5) فى الأصل: «عضوان» بالضاد المعجمة. والصواب بالمهملة من ط، د. (¬6) هكذا فى النّسخ الثلاث، والوجه: «وهى» بإثبات واو. (¬7) الأزهية ص 308، وإعراب ثلاثين سورة ص 30، والمقاييس 2/ 151، والمجمل ص 274، وشرح الجمل 1/ 172، ولم أجده فى أشعار الهذليين.

والمخدّم: الأبيض الأطراف. ومنهم من يأتى بالجمع بلفظ الواحد، كما قال (¬1): وإنّ الذى حانت بفلج دماؤهم … هم القوم كلّ القوم يا أمّ خالد وقيل فى قول الله تعالى: {وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} (¬2) إنه بهذه اللغة، وكذلك قوله: {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اِسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ} (¬3) قيل: إنّ المعنى: كمثل الّذين استوقدوا، فلذلك قيل: {ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ} فحمل أوّل الكلام على لفظ الواحد، وآخره على الجمع. وأمّا قوله عزّ وجل: {وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خاضُوا} (¬4) فإنّ «الذى» هاهنا وصف لمصدر محذوف، تقديره: وخضتم كالخوض الذى خاضوه. ومنهم من قال فى جمع الذى: الألى، وهذه اللغة تلى الّذين فى الفصاحة، قال القطامىّ (¬5). أليسوا بالألى قسطوا جميعا … على النّعمان وابتدروا السّطاعا قسطوا: جاروا، ونقيضه: أقسطوا: عدلوا، قال الله تعالى: {وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (¬6)، وقال: {وَأَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً} (¬7). ¬

(¬1) الأشهب بن رميلة. والبيت فى شعره (شعراء أمويون) 4/ 231،232، وتخريجه فيه، وزد عليه ما فى حواشى الأزهية ص 309، والجمل المنسوب للخليل ص 216، وشرح الجمل 1/ 172، 2/ 237، وشرح أبيات المغنى 4/ 182، وأنشده القرطبى فى تفسيره 1/ 212، حكاية عن ابن الشجرى. وفلج، بفتح الفاء وسكون اللام: موضع فى طريق البصرة إلى مكة. (¬2) سورة الزمر 33. (¬3) سورة البقرة 17، والسياق كلّه فى الأزهية ص 309،310. (¬4) سورة التوبة 69. (¬5) ديوانه ص 36، والأزهية ص 312. (¬6) الآية التاسعة من سورة الحجرات. (¬7) سورة الجن 15.

والسّطاع: عمود الخيمة. وقال عبيد بن الأبرص: /نحن الألى فاجمع جمو … عك ثمّ وجّههم إلينا (¬1) أراد نحن الألى عرفتهم، فحذف الصّلة، وهو من الضّرورات البعيدة. ومنهم من يقول فى الرفع: هم اللاّءون فعلوا كذا، واللاّءين، فى الجرّ والنصب، قال الهذلىّ: هم اللاّءون فكّوا الغلّ عنّى … بمرو الشاهجان وهم جناحى (¬2) ومنهم من يقول: اللاءو، بحذف النون، قال الكسائىّ: سمعت هذيل تقول: هم اللاءو فعلوا كذا وكذا. ومنهم من يقول: هم اللائى فعلوا، بالياء فى الأحوال الثلاث، قال الفرّاء: وهذه اللغة سواء فى الرجال والنساء، ومنهم من يحذف الياء فى الرجال والنساء، فيقول: هم اللاء فعلوا، وهنّ اللاء فعلن، قال: وأنشدنى رجل من بنى سليم: فما آباؤنا بأمنّ منه … علينا اللاّء قد مهدوا الحجورا (¬3) ¬

(¬1) فرغت منه فى المجلس الخامس. (¬2) إعراب ثلاثين سورة ص 30، والأزهية ص 310، وشرح الجمل 1/ 173، والمغنى ص 410، وشرح أبياته 6/ 255، والهمع 1/ 83. ولم ينسب فى أىّ من هذه الكتب. وقال البغدادى فى شرح الأبيات: ولقد راجعت أشعار الهذليين الذى جمعه السكّرىّ، فلم أجد فيه هذا البيت، فضلا عن تتمّته واسم قائله. والله أعلم. (¬3) الأزهية ص 311 - وفيه: لرجل من بنى تميم-وشرح الكافية الشافية ص 259، وشرح ابن عقيل 1/ 145، وأوضح المسالك 1/ 146، وشرح الشواهد الكبرى 1/ 429، والهمع 1/ 83، ومعجم الشواهد ص 144. قال العينىّ: والحجور: جمع حجر الإنسان وحجره، بفتح الحاء وكسرها. والمعنى: ليس آباؤنا الذين أصلحوا شأننا ومهدوا أمرنا وجعلوا حجورهم لنا كالمهد، بأكثر امتنانا علينا من هذا الممدوح.

وأما الّتى ففيها أربع لغات: هذه أعلاها. والثانية: الّت، بحذف الياء وإبقاء الكسرة. والثالثة: الّت، بإسكان التاء، أنشد الفرّاء: فقل للّت تلومك إنّ نفسى … أراها لا تعوّذ بالتّميم (¬1) التّميم: جمع تميمة، وهي التّعويذ. والرابعة: أنّ منهم من يقيم مقام التى: ذات، كما أنّ منهم من يقيم مقام الذى: ذو، وهى لغة طيئ، وقد تقدّم ذكرها. وذكر أبو القاسم الثمانينيّ لغة خامسة، وهى التيّ، بتشديد الياء، كما قالوا فى المذكّر: الذىّ. وفى تثنية «التى» ثلاث لغات: اللّتان، بتخفيف النون، واللّتانّ بتشديدها، واللّتا، بحذفها، أنشد الفرّاء: هما اللّتا لو ولدت تميم … لقيل فخر لهم صميم (¬2) وفى جمعها لغات، أحدها: اللاّتى، وفى التنزيل: {وَاللاّتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ/مِنْ نِسائِكُمْ} (¬3). والثانية: اللاّت، بحذف الياء وإبقاء الكسرة، قال الأسود بن يعفر (¬4): ¬

(¬1) الأزهية ص 312، والهمع 1/ 82، والخزانة 6/ 6، عن ابن الشجرى. (¬2) الأزهية ص 313، وأوضح المسالك 1/ 141، وشرح الشواهد الكبرى 1/ 425، والتصريح 1/ 132، والهمع 1/ 49، والخزانة 6/ 14. والشطران نسبهما العينىّ إلى الأخطل. قال البغدادىّ: وقد فتّشت أنا ديوانه فلم أجده فيه. والله أعلم. (¬3) سورة النساء 15. (¬4) ديوانه ص 38، وتخريجه فى ص 78، والأزهية ص 314

اللاّت كالبيض لمّا تعد أن درست … صفر الأنامل من قرع القواقيز شبّه النّساء بالبيض، كما جاء فى التنزيل: {كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ} (¬1). ومعنى «درست»: حاضت. والأنامل: أطراف الأصابع. والقواقيز: الأقداح التى يشرب بها الخمر وغيرها من الأشربة، واحدها: قاقوزة وقازوزة، وهو القدح الضّيّق الأسفل. واللغة الثالثة: اللاّئى، بالهمزة وإثبات الياء. والرابعة: اللاّء، بكسر الهمزة وحذف الياء، وقد قرئ: {وَاللاّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ} (¬2) بهاتين اللّغتين، وقال الشاعر (¬3): من اللاّء لم يحججن يبغين حسبة … ولكن ليقتلن البريء المغفّلا وقد قرأ بعض القرّاء (¬4) بتخفيف الهمزة من اللاّء، وقياسها أن تجعل بين بين. والخامسة: اللاّ، بحذف الهمزة، قال الكميت (¬5): ¬

(¬1) سورة الصافات 49. (¬2) الآية الرابعة من سورة الطلاق. وانظر اختلاف القرّاء فى هذا الحرف، فى السبعة ص 518، والكشف 2/ 193 - فى الآية الرابعة من سورة الأحزاب. (¬3) العرجى. ديوانه ص 74، والأزهية ص 316. وتمثلت عائشة بنت طلحة بهذا البيت. العقد الفريد 6/ 109، فنسب بعضهم البيت لها! ونسبه أبو عبيدة فى المجاز 1/ 120،121، لعمر بن أبى ربيعة، وليس فى ديوانه المطبوع. ونسبه الحصرى مع بيت آخر للحارث بن خالد المخزومى. زهر الآداب ص 168، فى قصة طريفة. والبيت من غير نسبة فى معانى القرآن للزجاج 2/ 28، والعضديات ص 171، وتفسير القرطبى 5/ 108. (¬4) وكذلك قرأها ورش. راجع الإتحاف 2/ 369 - فى آية الأحزاب أيضا. (¬5) الكميت بن معروف، كما نصّ أبو علىّ فى كتاب الشعر ص 426. والكميت هذا يعرف بالكميت الأوسط؛ لتوسّطه فى الزمن بين جدّه الكميت بن ثعلبة، والكميت بن زيد، شاعر الهاشميين الكبير، والمتعصّب للمضريّة على القحطانية. -

وكانت من اللاّ لا يعيّرها ابنها … إذا ما الغلام الأحمق الأمّ عيرا وقال آخر: فدومى على العهد الذى كان بيننا … أم أنت من اللاّ ما لهنّ عهود (¬1) فإن جمعت الجمع، قلت فى اللاتى: اللّواتى، وفى اللاء: اللّوائى، وقد روى عنهم: اللّوات، بحذف الياء وإبقاء الكسرة. ... ¬

= والبيت وضعه جامع ديوان الكميت بن زيد فى شعره. وانظر حواشى كتاب الشعر، والأزهية ص 315، والمساعد 1/ 144، وشفاء العليل فى إيضاح التسهيل ص 225. وقوله: «لا يعيرها» ضبط فى الأصل بكسر الياء، على البناء للفاعل. وضبط فى ط بالفتح، على البناء للمفعول، وهو الصواب. قال صاحب الأزهية: «وقوله: لا يعيّرها ابنها، أراد لا يعيّر بها ابنها. تقول العرب: عيرتنى كذا، ولا تقول: عيّرتنى بكذا». قلت: وقد جاء فى بعض المراجع: «لا يغيرها. . . غيرا» بالغين المعجمة، خطأ. (¬1) الأزهية ص 315، وكتاب الشعر ص 425، وحواشيه.

فصل يتضمن أقسام «من»

فصل يتضمّن أقسام «من» وهى أربعة، أحدها: أنها تكون شرطيّة، فيحكم عليها بالرفع وبالنصب وبالخفض، فالرفع كقولك: من يكرمنى أكرمه، فمن مبتدأ، والفعلان بعده/ مجزومان بكونهما شرطا وجزاء، والجملة من الشرط والجزاء خبر «من» وقد قيل إنّ الشرط هو الخبر (¬1)، ومثله: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً} (¬2) والنصب كقولك: من تكرم أكرم، فمن مفعول به، والناصب له الشرط دون الجزاء، كما نصب الشرط «أيّا» فى قوله: {أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى} (¬3) فإن أضفت إلى «من» اسما يظهر فيه الإعراب نصبته إذا لم تشغل الفعل بغيره، كقولك: صاحب من تكرم أكرم، فإن شغلت الفعل عنه رفعته بالابتداء، فقلت: صاحب من تكرمه أكرمه. فأمّا الجرّ فى «من» ونظائرها فبحرف جرّ أو بإضافة اسم إليها، وإنما جاز للجارّ أن يتقدّم على ما لا يتقدّم عليه الفعل؛ لأنّ الجارّ كالجزء من المجرور. والقسم الثانى: أن تكون استفهاميّة، فتحكم عليها بالرفع والنصب والخفض، كما حكمت على الشرطيّة، تقول: من جاءك؟ فتحكم عليها بالرفع بالابتداء، فإن قلت: من أكرمت؟ حكمت عليها بالنصب؛ لأنك لم تشغل عنها الفعل، فإن قلت: من أكرمت أخاه؟ حكمت عليها بالرفع؛ لأنك شغلت الفعل عنها. وتقول فى الجرّ: بمن مررت؟ وصاحب من أكرمت؟ فتعمل أكرمت فى ¬

(¬1) راجع الخلاف حول هذه المسألة فى المباحث المرضية المتعلقة ب‍ «من» الشرطية ص 35، وتعليق المحقق ص 43. (¬2) سورة الفرقان 68. (¬3) سورة الإسراء 110.

المضاف، فإن قلت: صاحب من أكرمت أخاه؟ رفعته بالابتداء، وتقول: من ضرب أخاك إلاّ زيد؟ فمن هاهنا استفهام فى تأويل النّفى، كأنك قلت: ما ضرب أخاك إلاّ زيد، ومثله فى التنزيل: {وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللهُ} (¬1) كأنه قيل: ليس يغفر الذنوب إلاّ الله، وجاز هذا لما بين الاستفهام والنفى من المضارعة، بإخراجهما الكلام إلى غير الإيجاب، تقول: هل زيد إلاّ صاحبك؟ كما جاء فى التنزيل: {هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلاَّ الْإِحْسانُ} (¬2). وتقول: أبا من تكنى؟ فتنصب الأب؛ لأنه مفعول مقدّم، ووجب تقديمه لإضافته إلى «من» لأن الاستفهام صدر أبدا، لا يجوز تقدّم الفعل العامل فيه عليه. والثالث من أقسامها: أن تكون موصولة، فتؤدّى لإبهامها معنى الذى/والتى وتثنيتهما وجمعهما، ويفرق بين هذه المعانى الضّمير العائد إليها من صلتها، تقول: جاءنى من أكرمته، ومن أكرمتها، ومن أكرمتهما، ومن أكرمتهم، ومن أكرمتهنّ، فمثال المفرد المذكّر فى التنزيل قوله: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ} (¬3)، ومثال المجموع قوله: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ} (¬4) ومثله: {وَمِنَ الشَّياطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ} (¬5) وجاء فى المثنّى قول الفرزدق، وقد ألقى إلى ذئب طرقه كتف شاة مشويّة: تعشّ فإن عاهدتنى لا تخوننى … نكن مثل من يا ذئب يصطحبان (¬6) وقد توقع «من» على جماعة فيعاد عليها ضمير مفرد على لفظها، وضمير ¬

(¬1) سورة آل عمران 135. وانظر الأزهية ص 107، والتبيان ص 293. (¬2) سورة الرحمن 60. (¬3) سورة الأنعام 25. (¬4) سورة يونس 42. (¬5) سورة الأنبياء 82. (¬6) فرغت منه فى المجلس الثامن والثلاثين.

مجموع على معناها، كقولك: جاءنى من أكرمته ولهم عليّ حقّ، ومثله فى التنزيل: {مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} (¬1) وكذلك يعاد إليها ضمير مذكّر، حملا على لفظها، ثم يعاد بعده ضمير مؤنّث حملا على المعنى، كما جاء فى التنزيل: {مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ} (¬2) وقال: {وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صالِحاً نُؤْتِها أَجْرَها} (¬3) وكذلك حكم الإفراد والتثنية، تقول: أكرمت من أكرمته وأجزلت عطاءهما. والقسم الرابع: أن تكون «من» نكرة بمعنى إنسان أو ناس، وتلزمها الصّفة بمفرد أو بجملة، قال عمرو بن قميئة (¬4): يا ربّ من يبغض أذوادنا … رحن على بغضائه واغتدين ¬

(¬1) سورة البقرة 62. (¬2) سورة الأحزاب 30. وقوله تعالى: مُبَيِّنَةٍ ضبط فى ط-وهى نسخة المؤلف-بفتح الياء. وهى قراءة ابن كثير، وأبى بكر عن عاصم. راجع السبعة ص 230، والكشف 1/ 383، عند الآية 19 من سورة النساء. قلت: وابن كثير يقرأ: «نضعّف لها العذاب» بالنون والتشديد وكسر العين ونصب «العذاب». انظر الكشف 2/ 196. (¬3) سورة الأحزاب 31. (¬4) ديوانه ص 196، وتخريجه فيه. والأزهية ص 102، والأصول 2/ 325، والبغداديات ص 566، والتبصرة ص 289، والصاهل والشاحج ص 465، والبرصان والعرجان ص 493. ونسبه أبو تمام فى الوحشيات ص 9 لعمرو بن لأى التّيمىّ، من أشراف بكر بن وائل فى الجاهليّة. وكذلك صدر الدين البصرى فى الحماسة 1/ 280، وقد صحح شيخنا محمود محمد شاكر هذه النسبة، وردّ على من نسبه إلى عمرو بن قميئة. قال: «وهو خطأ تابعوا عليه ما جاء فى كتاب سيبويه». انظر حواشى الوحشيات. وقد ضبط شيخنا صدر البيت على هذا النحو: يا ربّ من نبغض، أذوادنا وعلّق على هذا الضبط الذى ارتضاه فى المستدرك ص 307. والأذواد: جمع ذود، وهو القطيع من الإبل ما بين الثلاث إلى الثلاثين. يقول: نحن محسّدون لشرفنا وكثرة مالنا، والحاسد لا ينال منّا أكثر من إظهار البغضاء لنا لعزّنا وامتناعنا.

أراد: يا ربّ إنسان يبغض أذوادنا، وقال حسّان: فكفى بنا فضلا على من غيرنا … حبّ النبيّ محمّد إيّانا (¬1) ويروى: «غيرنا» بالرفع، فمن فى هذه الرواية معرفة؛ لأنها موصولة، والتقدير: على/الذين هم غيرنا، وقال الفرزدق (¬2): إنّى وإيّاك إذ حلّت بأرحلنا … كمن بواديه بعد المحل ممطور فمن هاهنا نكرة؛ لأنه وصفها بممطور، كأنه قال: كإنسان ممطور. وزاد الكسائىّ فى معانى «من» قسما آخر، فزعم أنها قد جاءت صلة، يعنى زائدة، وأنشد فى ذلك: إنّ الزّبير سنام المجد قد علمت … ذاك العشيرة والأثرون من عددا (¬3) قال: أراد: والأثرون عددا، وقال غيره: معناه: والأثرون من يعدّ (¬4) عددا، فحذف الفعل واكتفى بالمصدر منه، كما تقول: ما أنت إلاّ سيرا، فمن فى هذا القول نكرة موصوفة بالجملة المحذوفة، فالتقدير: والأثرون إنسانا يعدّ. وتقول (¬5): غلام من تضرب أضرب، فتجزم الفعلين، وتنصب الغلام بالفعل الأوّل، لأنّ الثانى جواب، فإن جعلت «من» استفهاما رفعت الفعل الأول، ¬

(¬1) فرغت منه فى المجلس الحادى والستين. (¬2) ديوانه ص 263، والكتاب 2/ 106، وطبقات فحول الشعراء ص 367، والبغداديات ص 376، والأزهية ص 103، والمغنى ص 328، وشرح أبياته 5/ 335، وشرح الجمل 2/ 458. (¬3) الأزهية ص 103، وشرح القصائد السبع ص 353، والضرائر ص 81، وشرح الجمل 2/ 458،560، والمغنى ص 329، وشرح أبياته 5/ 344، والخزانة 6/ 128. وروى: آل الزبير. (¬4) هكذا ضبط فى الأصل، وط «يعدّ» بفتح الياء وضم العين، على البناء للفاعل، وضبط فى الخزانة بضبط القلم «يعدّ» مبنيا للمفعول، وأنا أعتدّ بضبط النسخة (ط) لأنها محرّرة ومتقنة، فضلا عن أنها نسخة المؤلف كما سلف. (¬5) هذا كلام الهروى فى الأزهية ص 105.

وجزمت الثانى، فقلت: غلام من تضرب أضرب؟ ووجه جزمه أنك جعلته جوابا للاستفهام، كقولك: من الذى أكرمك أحسن إليه؟ فإن جعلت «من» بمعنى الذى، رفعت الفعلين، فقلت: غلام من تضرب أضرب، تنصب الغلام بالفعل الثانى، لأمرين: أحدهما أنّ الموصول لا يتقدّم عليه شيء من صلته، والآخر: أن الفعل الأول واقع على ضمير غيبة يعود على «من». ...

بيت سأل عنه أبو الرضا بن صدقة

بيت سأل عنه أبو الرّضا بن صدقة مكاتبة من الموصل، وهو: ووحشيّة لسنا نرى من يصدّها … عن الفتك فضلا أن نرى من يصيدها أطلق على امرأة هذا الاسم، مبالغة فى تشبيهها بظبية أو مهاة، وهى البقرة الوحشيّة. ونفس السّؤال أنه قال: علام انتصب «فضلا» وما معناه؟ فأجبت بأنّ انتصابه على المصدر، والتقدير: فضل انتفاء أن نرى إنسانا يصدّها/عن الفتك بنا فضلا عن رؤيتنا إنسانا يصيدها لنا، ففضل هاهنا مصدر فضل من الشىء كذا: إذا بقيت منه بقيّة، كقولك: أنفقت أكثر دراهمك والذى فضل منها ثلاثة، وكقولك لإنسان خلص من أمر عظيم ولحقه منه بعض الضّرر: معك فضل كثير، وكذلك وجود إنسان يصيد هذه الوحشيّة، وانتفاء من يكفّها عن الفتك، بينهما فضل كبير، فإذا كان من يكفّها عن الفتك معدوما، فكيف يكون من يقدر على صيدها موجودا (¬1). ... ¬

(¬1) لابن هشام رسالة فى إعراب «فضلا» ومعناه، أوردها السيوطى فى الأشباه والنظائر 3/ 447، وما بعدها. وحكى الفيومى فى المصباح (فضل) عن قطب الدّين الشيرازىّ، فى شرح المفتاح: «اعلم أن «فضلا» يستعمل فى موضع يستبعد فيه الأدنى، ويراد به استحالة ما فوقه، ولهذا يقع بين كلامين متغايرى المعنى، وأكثر استعماله أن يجيء بعد نفى. وقال شيخنا أبو حيان الأندلسىّ نزيل مصر المحروسة، أبقاه الله تعالى: ولم أظفر بنصّ على أن مثل هذا التركيب من كلام العرب». وانظر الكليات 3/ 334. قلت: وقد جاء هذا التعبير «فضلا عن» فى أسلوب ابن فارس مرتين فى الصاحبى (باب القول فى أن لغة العرب أفضل اللغات وأوسعها) ص 16،18. ومن قبله الجاحظ فى البيان 3/ 291. لكنه استعمله معدّى ب‍ «على»، وذلك فى رسالة ابن التوأم، قال: «هل رأيت أحدا قط أنفق ماله على قوم كان غناهم سبب فقره أنه سلّم عليهم حين افتقر فردّوا عليه، فضلا على غير ذلك؟» البخلاء ص 176. وكذلك ابن جنى فى المحتسب 1/ 236، وانظر طبقات الشافعية 6/ 248.

سئلت عن قول أبى الطيب

سئلت عن قول أبى الطّيّب وما الخيل إلاّ كالصّديق قليلة … وإن كثرت فى عين من لا يجرّب (¬1) فقلت: هذا البيت مضمّن تشبيه قلّة الخيل بقلّة الصّديق، وإن كانت الخيل فى مرآة العين كثيرة، والأصدقاء كذلك، كثير عددهم، إلاّ أنّهم عند التحصيل والتحقيق قليلون؛ لأنّ الصّديق الذى يركن صديقه إليه، ويعتمد فى الشّدائد عليه قليل جدّا، وكذلك الخيل التى تلحق فرسانها بالطّلبات وتنجيهم من الغمرات قليلة، ومن لم يجرّب الخيل ويعرفها حقّ معرفتها يراها فى الدنيا كثيرة، وكذلك من لم يجرّب الأصدقاء ويختبرهم عند شدّته يراهم كثيرين. والذى أراد الشاعر أنّ الخيل الأصيلة (¬2) المجرّبة قليلة، كما أنّ الصديق الصادق فى مودّته الذى يصلح لصديقه فى شدّته قليل. ... قوله فى قصيدته التى أولها: فى الخدّ أن عزم الخليط رحيلا لو كان ما تعطيهم من قبل أن … تعطيهم لم يعرفوا التّأميلا (¬3) فى معناه وإعرابه إشكال. وأقول: إنّ خبر «كان» ومفعول «تعطيهم» الثانى محذوفان، وتقدير خبر كان: لهم، وكذلك العائد إلى الموصول من «تعطيهم» الأول محذوف، فالمعنى ¬

(¬1) ديوانه 1/ 180. (¬2) فى الأصل، د «الأصلية» بتقديم اللام، وأثبته بتقديم الياء من ط (¬3) ديوانه 3/ 244.

والتقدير: /لو كان لهم الذى تعطيهموه من قبل أن تعطيهم إيّاه لم يعرفوا التأميل؛ لأنّ ذلك كان يغنيهم عن التأميل، وقد كشف أبو نصر بن نباتة هذا المعنى، وجاء به فى أحسن لفظ فى قوله: لم يبق جودك لى شيئا أؤمّله … تركتنى أصحب الدّنيا بلا أمل (¬1) ومثله لأبى الفرج الببّغاء. لم يبق جودك لى شيئا أؤمّله … دهرى لأنّك قد أفنيت آمالى (¬2) وكان أبو الفرج وابن نباتة متعاصرين، فلست أعلم أيّهما أخذ من (¬3) صاحبه. ... ¬

(¬1) يتيمة الدهر 2/ 389، ووفيات الأعيان 3/ 191، ومختارات البارودى 2/ 206. (¬2) اليتيمة 1/ 263. ورواية الصدر فيها: لم يبق لى أمل أرجو نداك به (¬3) فى ط، د: من الآخر.

المجلس الخامس والسبعون ذكر معانى «أو» ومواضعها

المجلس الخامس والسبعون ذكر معانى «أو» ومواضعها «أو» مع لزومها للعطف تدلّ على معان مختلفة، وإنما قلت مع لزومها للعطف؛ لأنّ الواو تدلّ على معان مختلفة إذا فارقت العطف، نحو كونها للحال، وكونها للقسم، وكونها بمعنى «مع» فى نحو: «استوى الماء والخشبة». فمن معانى «أو» كونها للشّكّ فى نحو: جاءنى زيد أو عمرو، يجوز أن يكون المتكلّم بهذا شاكّا، ويجوز أن يكون قاصدا بذلك تشكيك مخاطبه. والثانى: أن تكون للتّخيير بين الشيئين، وقصد أحدهما دون الآخر، كقولك: كل سمكا أو اشرب لبنا، أمرته بأن لا يجمعهما، بل يختار أحدهما، وكقولك: تزوّج هندا أو بنتها، خيّرته فيهما، ولا يجوز أن يجمعهما، ومنه فى التنزيل قوله تعالى: {إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} (¬1) ومثله: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} (¬2) أنت مخيّر فى جميع هذا، أيّ ذلك فعلت أجزأك. والثالث: أن تكون للإباحة، كقولك: تعلّم الفقه أو النّحو، وجالس الحسن/أو ابن سيرين، واصحب الفقهاء أو النحويّين، أى هذا مباح لك، تفعل ¬

(¬1) سورة المائدة 89. وجاء فى النّسخ الثلاث من الأمالى: «فإطعام» بإقحام الفاء، خطأ. وجاء على الصواب فى الأزهية ص 115، وسياق ابن الشجرى متفق مع سياقه، ولست أشك أن ابن الشجرى ينقل عنه، وسبقت دلائل كثيرة. (¬2) سورة البقرة 196.

فيه ما شئت على الانفراد والاجتماع، وكذلك إذا نهيته كانت «أو» حظرا للجميع، كما كان فى الأمر إطلاقا، تقول: لا تجالس مغتابا أو كذّابا، ومنه فى التنزيل: {وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً} (¬1). والفرق بين التّخيير والإباحة: أنك إذا قلت: جالس فقيها أو نحويّا، فجالسهما أو جالس أحدهما، لم يكن عاصيا، وإذا قلت له: كل سمكا أو اشرب لبنا، فجمعهما، كان عاصيا، وكذلك إذا خيّرته فى مالك، فقلت: خذ ثوبا أو دينارا، فأخذهما. فقد فعل محظورا، كما لو جمع بين هند وبنتها فى التزوّج كان مرتكبا محرّما. ولا يجوز أن تقع «أو» مع الأفعال التى تقتضى فاعلين أو أكثر، وكذلك الأسماء التى تقتضى اثنين فما زاد، لا يجوز: تخاصم زيد أو عمرو، ولا: جلست بين زيد أو عمرو، وكذلك لا تقول: سيّان زيد أو بكر، فأمّا قول الشاعر: فكان سيّان أن لا يسرحوا نعما … أو يسرحوه بها واغبرّت السّوح (¬2) فقال أبو علي: «إنّما أنّسه (¬3) بذلك أنك تقول: جالس الحسن أو ابن سيرين، فيستقيم له أن يجالسهما جميعا». السّىّ: المثل. والسّوح: جمع ساحة، ومثله ناقة ونوق، ولابة ولوب، واللاّبة: الحرّة، وهى أرض ذات حجارة سود. ¬

(¬1) سورة الإنسان (الدهر) 24. (¬2) فرغت منه فى المجلس التاسع. (¬3) الإيضاح ص 285، وفيه: «إنما يشبه بذلك» تحريف. وجاء على الصواب فى شرح الإيضاح، المسمّى المقتصد ص 939.

وقوله: «أن لا يسرحوا نعما» معناه: أن لا يرعوا إبلا. وصف سنة ذات جدب، فرعي النّعم وترك رعيها سواء. وإنما قال: «سيّان» فرفعه وهو نكرة، وقوله: «أن لا يسرحوا» معرفة (¬1)؛ لأنه أضمر فى «كان» ضمير الشأن. والرابع: أن تكون «أو» للإبهام، كقول القائل لمن يعلم سامعو لفظه أنه مبطل: أحدنا مبطل أو محق. وقال أبو إسحاق الزّجّاج فى قول الله تعالى: {وَإِنّا أَوْ إِيّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} (¬2) روي فى التفسير: وإنّا لعلى هدى وإنّكم لفى ضلال/مبين. قال: وهذا فى اللّغة غير جائز، ولكنه يؤول تفسيره إلى هذا المعنى، والمعنى: إنّا لعلى هدى أو فى ضلال مبين، وإنكم لعلى هدى أو فى ضلال مبين، وهذا كما يقول القائل، إذا كانت الحال تدلّ على أنه صادق: أحدنا صادق أو كاذب، ويؤول معنى الآية: وإنّا (¬3) لما أقمنا من البرهان لعلى هدى وإنكم لفى ضلال مبين. وقال أبو زكريا يحيى بن زياد الفراء (¬4): قوله: {وَإِنّا أَوْ إِيّاكُمْ لَعَلى هُدىً} قال المفسّرون: معناه: وإنّا لعلى هدى وأنتم فى ضلال مبين (¬5)، قال: وكذلك هو فى المعنى، غير أنّ العربيّة على غير ذلك، والمعنى: وإنّا لضالّون أو مهتدون، وإنّكم أيضا لضالّون أو مهتدون، والله يعلم أنّ رسوله المهتدى، وأنّ غيره الضّالّ، وأنت ¬

(¬1) اعلم أن النحويين يعدّون المصدر المؤول من «أن وأنّ» معرفة، لأنه يشبه الضمير، من حيث إنه لا يوصف كما أن الضمير كذلك. ولهذا قرأ السبعة: ما كانَ حُجَّتَهُمْ إِلاّ أَنْ قالُوا -الجاثية 25. فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاّ أَنْ قالُوا النمل 56، وغيرها. بنصب حُجَّتَهُمْ وجَوابَ على الخبر. واعتبار المصدر المؤول هو اسم كان. قال ابن هشام: «والرفع ضعيف كضعف الإخبار بالضمير عمّا دونه فى التعريف». المغنى ص 453 (الباب الرابع. ما يعرف به الاسم من الخبر). وانظر ما يأتى فى ص 152. (¬2) سورة سبأ 24، وانظر معانى القرآن للزجاج 4/ 253. (¬3) فى الأصل، ط «أو إنا»، وأثبت ما فى د. والذى فى معانى الزجاج: إنا. (¬4) معانى القرآن 2/ 362. (¬5) بعد هذا فى المعانى: «معنى «أو» معنى الواو عندهم».

تقول للرجل يكذّبك: والله إنّ أحدنا لكاذب، وأنت تعنيه (¬1)، فكذّبته تكذيبا غير مكشوف، وهذا فى القرآن وكلام العرب كثير؛ أن يوجّه الكلام إلى أحسن مذاهبه إذا عرف. وقال قتادة بن دعامة فى تفسير الآية: قد قال أصحاب محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم للمشركين: والله ما نحن وأنتم على أمر واحد، وإنّ أحد الفريقين لمهتد (¬2). وأقول: إنّ هذا اللفظ جاء على الإبهام؛ لأنّ المشركين إذا أفكروا فيما هم عليه عند سماع هذا الكلام الباعث لهم على الفكر، فأجالوا أفكارهم فى إغارات بعضهم على بعض، وسبى ذراريّهم، واستباحة أموالهم، وقطع الأرحام، وركوب الفروج الحرام، وقتل النفوس التى حرّم الله قتلها، وشرب الخمر الذى يذهب العقول ويحسّن ارتكاب الفواحش، وأفكروا فيما النبىّ صلى الله عليه وآله وسلم والمسلمون عليه، من صلة الأرحام، واجتناب/الآثام، والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وإطعام المسكين، وبرّ الوالدين، والمواظبة على عبادة الله، علموا أن النبيّ والمسلمين على الهدى، وأنّهم هم على الضلال، فبعثهم ذلك على الإسلام. فهذه الفائدة العظيمة هى الداعية إلى الإبهام فى هذا الكلام. والخامس: أن تكون «أو» بمعنى واو العطف، وهو من أقوال الكوفيّين، ولهم فيه احتجاجات من القرآن، ومن الشّعر القديم. فممّا احتجّوا به من القرآن قوله: {لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى} (¬3) و {عُذْراً أَوْ نُذْراً} (¬4) و {لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً} (¬5) ومن الشّعر القديم قول توبة بن الحميّر: ¬

(¬1) فى الأصل، د: «تعينه» بتقديم الياء على النون، وأثبتّه على العكس من ط، وممّا حكاه ابن الجوزى عن الفراء، فى زاد المسير 6/ 455، ولم ترد هذه العبارة فى كتاب الفراء. (¬2) الدر المنثور 5/ 237، وتفسير الطبرى 22/ 64. (¬3) سورة طه 44. (¬4) الآية السادسة من سورة المرسلات. (¬5) سورة طه 113.

وقد زعمت ليلى بأنّى فاجر … لنفسى تقاها أو عليها فجورها (¬1) وقول جرير: أثعلبة الفوارس أو رياحا … عدلت بهم طهيّة والخشابا (¬2) أى عدلت هاتين القبيلتين بهاتين القبيلتين، وقول جرير أيضا: نال الخلافة أو كانت له قدرا … كما أتى ربّه موسى على قدر (¬3) وقول آخر: قفا نسأل منازل من لبينى … خلاء بين فردة أو عرادا (¬4) ¬

(¬1) أمالى القالى 1/ 88، والأزهية ص 119، والتبصرة ص 132، والمغنى ص 62، وشرح أبياته 2/ 20، وغير ذلك كثير تراه فى حواشى تفسير الطبرى 1/ 336. (¬2) فرغت منه فى المجلس الموفى الأربعين. (¬3) ديوانه ص 416، برواية: نال الخلافة إذ كانت له قدرا وعليها يفوت الاستشهاد. وانظره برواية النحويين فى الأزهية ص 120، والمغنى ص 62، وشرح أبياته 2/ 26، وتفسير الطبرى 1/ 337،2/ 236، والجمل المنسوب للخليل ص 290، وشرح الكافية الشافية ص 1222، وغير ذلك كثير. (¬4) أنشده الفراء فى معانيه 2/ 256، ونسبه للأشهب بن رميلة، وهو فى شعره (شعراء أمويون) 4/ 230، برواية: قفا نعرف منازل من سليمى دوارس بين حومل أو عرادا ورواية الفراء: قفا نسأل منازل آل ليلى بتوضح بين حومل أو عرادا وبمثل رواية الفراء أنشده أبو بكر بن الأنبارى فى شرح القصائد السبع ص 19، ورواية ابن الشجرى هى رواية الهروى فى الأزهية ص 120 و «فردة» بالفاء-كما فى ط، د-ماء من مياه نجد، ذكره البكرى فى معجم ما استعجم ص 1017. وجاء فى أصل الأمالى والأزهية «قردة» بالقاف، وأشار ياقوت إلى أنها رواية فى «فردة». راجع معجم البلدان 3/ 871.

وقول ابن أحمر (¬1). ألا فالبثا شهرين أو نصف ثالث … إلى ذاكما ما غيّبتنى غيابيا أراد: ونصف ثالث؛ لأن لبث (¬2) نصف الثالث لا يكون إلاّ بعد لبث الشهرين. وقول لبيد (¬3): تمنّى ابنتاى أن يعيش أبوهما … وهل أنا إلاّ من ربيعة أو مضر ¬

(¬1) ديوانه ص 171، ومعانى القرآن للأخفش ص 35، والخصائص 2/ 460، والمحتسب 2/ 227، 228، والأزمنة والأمكنة 2/ 307، والأزهية ص 121، والإنصاف ص 483، وأعاد ابن الشجرى إنشاده فى المجلس الثانى والثمانين. قال المرزوقى فى الأزمنة: «قوله: «ما غيبتنى غيابيا» أراد بالغياب: الغيابة، لذلك أنّث [أى أنّث الفعل غيبتنى] كما قال تعالى: فِي غَيابَتِ الْجُبِّ [إلاّ] أنه حذف الهاء مع الإضافة؛ لأن المضاف إليه كالعوض مثل: ليت شعرى، وهو أبو عذرها. ويجوز أن يكون غيابة وغياب، مثل قتادة وقتاد، فحمله على التأنيث مثل نَخْلٍ خاوِيَةٍ». قلت: يريد أن ليت شعرى وأبو عذرها، أصلهما: ليت شعرتى، وأبو عذرتها. قال بعضهم: ثلاثة تحذف تاءاتها مضافة عند جميع النّحاة وهى إذا شئت أبو عذرها وليت شعرى وإقام الصلاه والقتاد: شجر صلب. (¬2) لبث بالمكان لبثا، من باب تعب، وجاء فى المصدر السكون للتخفيف. (¬3) ديوانه ص 213، وتخريجه فى ص 386، والأزهية ص 122، والتبصرة ص 132، والمغنى ص 569،670، وشرح أبياته 7/ 197، والخزانة 11/ 68، وحكى كلام ابن الشجرى. والشاهد أعاده ابن الشجرى فى المجلس الحادى والثمانين. وقوله «تمنّى» فعل مضارع، وأصله: تتمنّى، فحذف إحدى التاءين. وزعم ابن مالك أنه فعل ماض، من باب: ولا أرض أبقل إبقالها وردّه ابن هشام. راجع الموضع الثانى من المغنى.

قالوا: «أو» هاهنا بمعنى الواو؛ لأنه لا يشكّ فى نسبه حتى أنه لا يدرى أمن ربيعة/هو أم من مضر، ولكنه أراد بربيعة أباه الذى ولده؛ لأنه لبيد بن ربيعة، ثم قال: أو مضر (¬1)، يريد: ومضر، يعنى مضر بن نزار بن معدّ بن عدنان، واحتجّوا بقول متمّم بن نويرة (¬2). فلو أنّ البكاء يردّ شيئا … بكيت على بجير أو عفاق على المرأين إذ هلكا جميعا … لشأنهما بشجو واشتياق قال: على المرأين؛ لأنه أراد: على بجير وعفاق، فأبدل اثنين من اثنين، واحتجّوا بقول الراجز: خلّ الطريق واجتنب أرماما … إنّ بها أكتل أو رزاما (¬3) خويربين ينقفان الهاما … لم يدعا لسارج مقاما قالوا: أراد أكتل ورزاما، فلذلك قال: خويربين، ولو كانت «أو» على بابها لقال: خويربا، كما تقول: زيد فى الدار أو عمرو جالس، ولا تقول: جالسان. وأبطل البصريّون الاحتجاج بهذا الشّعر بقول الخليل: إنّ «خويربين» نصب على الشّتم، قال سيبويه: «وسألت الخليل عن قول الأسدىّ: إنّ بها أكتل أو رزاما … خويربين ينقفان الهاما فزعم أن «خويربين» نصب على الشّتم، كما انتصب «{حَمّالَةَ الْحَطَبِ} (¬4) على الشّتم، و: ¬

(¬1) وهو أبوه الأكبر، على ما ذكر صاحب الأزهية، وقد استاق ابن الشجرىّ كلامه كلّه. (¬2) ديوانه (مالك ومتمم ابنا نويرة ابنا نويرة اليربوعى) ص 124، ومعانى القرآن للأخفش ص 35، والأضداد لابن الأنبارى ص 280، وتفسير الطبرى 1/ 337، وأمالى المرتضى 2/ 58، والأزهية ص 122. (¬3) الكتاب 2/ 149،150، ومجاز القرآن 2/ 175، والمقتضب 4/ 315، والكامل ص 937، والأزهية ص 121، والمغنى ص 63، وشرح أبياته 2/ 37 - وانظر فهارسه-واللسان (خرب). (¬4) الآية الرابعة من سورة المسد.

النّازلين بكلّ معترك (¬1) على التعظيم». أكتل ورزام: لصّان كانا يقطعان الطريق بأرمام (¬2)، وينقفان هام من يمرّ بها. وخويرب: تحقير خارب، والخارب لصّ الإبل. واختلفوا فى قوله تعالى: {وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} (¬3) فقال بعض الكوفيّين: أو بمعنى الواو، وقال آخرون منهم: المعنى: بل يزيدون، وهذا القول ليس بشىء عند البصريّين. وللبصريّين فى «أو» هذه ثلاثة أقوال: أحدها قول سيبويه (¬4)، /وهو أن «أو» هاهنا للتخيير، والمعنى: أنه إذا رآهم الرائى يخيّر فى أن يقول: هم مائة ألف، وأن يقول: أو يزيدون. والقول الثانى: عن بعض البصريّين: أنّ «أو» هاهنا لأحد الأمرين، على الإبهام. والثالث: ذكره ابن جنّى (¬5)، وهو أنّ «أو» هاهنا للشّكّ، والمعنى: أنّ الرائى إذا رآهم شكّ فى عدّتهم لكثرتهم. ¬

(¬1) شطر بيت للخرنق فرغت منه فى المجلس الحادى والأربعين. (¬2) أرمام: اسم جبل، وقيل: واد. وينقفان الهام: يستخرجان الدماغ والمخ. والهام: جمع هامة، وهى الرأس. (¬3) سورة الصافات 147. (¬4) لم أجد قوله هذا فى كتابه المطبوع. وقد حكاه ابن هشام فى المغنى ص 64، عن ابن الشجرى وشكّك فيه، قال: «وفى ثبوته عنه نظر»، وانظر هذه المسألة، بصرية وكوفية فى: معانى القرآن للفراء 2/ 393، وللزجاج 4/ 314، ومجاز القرآن 2/ 175، ومجالس ثعلب ص 112، والمقتضب 3/ 304، والخصائص 2/ 461، والأزهية ص 127، والإنصاف ص 478، وزاد المسير 7/ 89، والبحر 7/ 376، وكتب أعاريب القرآن الكريم. (¬5) راجع الموضع المذكور من الخصائص.

ومن زعم أن المعنى: بل يزيدون، قال مثل ذلك فى قوله: {فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً} (¬1) وفى قوله: {وَما أَمْرُ السّاعَةِ إِلاّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ} (¬2) وقوله: {فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى} (¬3) ومن قال: إنّ المعنى: ويزيدون (¬4)، قال مثل ذلك فى هذه الآي. والوجه: أن تكون «أو» فيهنّ للتخيير، أى: إن قلت: إنّ قلوبهم كالحجارة جاز، وإن قلت: إنها أشدّ قسوة جاز، وعلى هذا تقدير الآيتين الأخريين (¬5)، ويجوز أن تكون «أو» فيهنّ للإبهام. والسادس من معانى «أو»: أن تكون بمعنى إلاّ أن، كقولهم: لألزمنّه أو يتّقينى بحقّى، معناه: إلاّ أن يتّقينى، وقال الكوفيّون: حتى يتّقينى، ومنه قول امرئ القيس (¬6): بكى صاحبى لمّا رأى الدّرب دونه … وأيقن أنّا لاحقان بقيصرا فقلت له لا تبك عينك إنّما … نحاول ملكا أو نموت فنعذرا ومثله قول زياد الأعجم: وكنت إذا غمزت قناة قوم … كسرت كعوبها أو تستقيما (¬7) ¬

(¬1) سورة البقرة 74. وانظر تفسير الطبرى 2/ 236، والقرطبى 1/ 463. (¬2) سورة النحل 77. (¬3) سورة النجم 9. (¬4) أى أن «أو» هنا بمعنى واو العطف. راجع الأزهية ص 128. (¬5) فى الأصل: الآخرتين. (¬6) ديوانه ص 65،66، والكتاب 3/ 47، والمقتضب 2/ 28، والأصول 2/ 156، والخصائص 1/ 263، واللامات للزجاجى ص 56، والأزهية ص 129، والتبصرة ص 398، وشرح المفصل 7/ 22 وشرح الجمل 2/ 156، والخزانة 8/ 544، وانظر فهارسها. وقوله «صاحبى» هو عمرو بن قميئة، وقصّتهما معروفة فى كتب الأدب والأخبار. (¬7) الكتاب 3/ 48، والمقتضب 2/ 29، والأزهية ص 128، والتبصرة-الموضع السابق- وإيضاح شواهد الإيضاح ص 350، والمقرب 1/ 263، والمغنى ص 66، وشرح أبياته 2/ 68، وغير ذلك مما تراه فى حواشى المحققين. والغمز: العصر باليد. والقناة: الرمح.

والسابع: استعمالها بمعنى «إن» الشرطية مع الواو، كقولك: لأضربنّك عشت أو متّ (¬1)، معناه: إن عشت بعد الضرب وإن متّ، ومثله: لآتينّك إن أعطيتنى أو حرمتنى، معناه: وإن حرمتنى. والثامن: أن يعطف بها بعد ألف الاستفهام وهل، فتكون لأحد الشيئين/أو الأشياء، كقولك: أقام زيد أو عمرو؟ معناه: أقام أحدهما؟ وهل تعفو عن زيد أو تحسن إلى أخيه؟ أى هل يكون منك أحد هذين؟ قال الله سبحانه: {هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ. أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ} (¬2) أى هل يكون منهم أخذ هذه الأشياء؟ ومثله: {هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً} (¬3) {أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ} (¬4) وإنّما عدّ هذا قسما على حياله،؛ لأن الاستفهام أخرجه من الشّكّ والتخيير والإباحة. والتاسع: أن تكون للتبعيض، فى قول بعض الكوفيّين، وإنّما جعلها للتبعيض؛ لأنها لأحد الشّيئين، وذلك فى قول الله سبحانه: {وَقالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى تَهْتَدُوا} (¬5) وهذا القول إنما هو إخبار من الله عز وجل عن الفريقين، وفى الكلام حذوف، أوّلها: حذف مضاف من أوّله، ثم حذف واو العطف، وجملتين ¬

(¬1) حكاه ابن هشام فى المغنى ص 67، والسّيوطى فى الهمع 2/ 134، عن ابن الشجرىّ، وأصله فى الأزهية ص 127. (¬2) سورة الشعراء 72،73. (¬3) آخر سورة مريم. (¬4) سورة الزخرف 40. (¬5) سورة البقرة 135. وراجع الأزهية ص 129. وقد حكى ابن هشام معنى «التبعيض» هذا عن ابن الشجرى، ثم قال: «والذى يظهر لى أنه إنما أراد معنى التفصيل السابق، فإن كلّ واحد ممّا قبل «أو» التفصيلية وما بعدها بعض لما تقدّم عليهما من المجمل، ولم يرد أنها ذكرت لتفيد مجرّد معنى التبعيض» المغنى ص 67. قلت: لم يطلع ابن هشام على كلام الهروى فى الأزهية، وقد استاقه ابن الشجرىّ على عادته مع الهروى، فإن كان تعقّب فعلى الهروىّ!

فعليّتين من آخره، وهما قال وفاعله، وكان واسمها (¬1). فأمّا تقدير المضاف، فإنّ قوله: {وَقالُوا} معناه: وقال بعضهم-يعنى اليهود -كونوا هودا، وتقدير الواو والجملتين: وقال بعضهم: كونوا نصارى، فقام قوله: {أَوْ نَصارى} مقام هذا الكلام. وهذا يدلّك على شرف هذا الحرف. ولا يجوز أن تكون «أو» هاهنا للتخيير؛ لأنّ جملتهم لا يخيّرون بين اليهوديّة والنصرانيّة. ... ¬

(¬1) حكم ابن هشام على تقدير ابن الشجرىّ لهذه الحذوف بالتعسّف. المغنى ص 65.

من شعر كتاب سيبويه قول خزز بن لوذان السدوسى

من شعر كتاب سيبويه قول خزز (¬1) بن لوذان السّدوسىّ يا صاح يا ذا الضّامر العنس (¬2) وقول عبيد بن الأبرص الأسدىّ (¬3): يا ذا المخوّفنا بمقتل شيخه … حجر تمنّى صاحب الأحلام قال (¬4) أبو سعيد: ذا، فى البيتين للإشارة، وما بعدهما نعت لهما، وهو رفع وإن كان مضافا؛ لأن الأصل فيه غير (¬5) الإضافة. أمّا البيت الأول فتقديره: يا ذا الضامر عنسه، كما تقول: أيّها الضامر عنسه، والبيت الثاني تقديره: يا ذا المخوّف لنا، كما/تقول: أيّها المخوّف لنا، ومثله: يا ذا الحسن الوجه، وتقديره: يا ذا الحسن وجهه، وليس «ذا» بمنزلة يا ذا المال، ويا ذا الجمّة، تريد: يا صاحب المال، ويا صاحب الجمّة، وهو الذى يكون فى الرفع بالواو وفى الخفض بالياء وفى النّصب بالألف، تقول: جاءنى ذو المال، ومررت بذى المال، ورأيت ذا المال، وهو معرفة بإضافته إلى ما بعده، وتقول فى الآخر: جاءنى ذا الحسن الوجه، ومررت بذا الحسن الوجه، ورأيت ذا الحسن الوجه. ¬

(¬1) خزز، بزاءين، بوزن عمر، ابن لوذان، بفتح اللام وبذال معجمة، شاعر جاهلىّ قديم. حواشى البيان والتبيين 3/ 316، والخزانة 2/ 233. وقد نسب إليه شعر فى المجلس الثالث والثلاثين، وفاتنى هناك أن أضبطه وأعرّف به. (¬2) الكتاب 2/ 190، وفرغت منه فى كتاب الشعر ص 346، وينسب لخالد بن المهاجر بن خالد ابن الوليد. (¬3) ديوانه ص 122، والكتاب 2/ 191، والتبصرة ص 345، وارتشاف الضرب 3/ 130، والخزانة 2/ 212. والشاعر يخاطب امرأ القيس، وكان امرؤ القيس قد توعّد بنى أسد الذين قتلوا أباه، فيقول له عبيد: ما تمنّيته لن يقع، وإنما هو أضغاث أحلام. وقوله «تمنّى» منصوب على أنه مصدر عامله محذوف، أى تمنّيت تمنّى صاحب الأحلام. (¬4) فى الأصل: «وقال» ولم ترد هذه الواو فى ط، د. (¬5) يريد أن الإضافة هنا غير محضة، وأنه يقدّر فيها الانفصال.

والكوفيون ينشدون: يا صاح يا ذا الضّامر العنس بخفض «الضامر»؛ لأنهم يضيفون «ذا» إلى الضامر، ويجعلونه بمنزلة: يا ذا الجمّة، ويا ذا المال، ويحتجّون لصحّة روايتهم بقوله بعد: والرّحل والأقتاد والحلس (¬1) بخفض الرّحل والأقتاد، ويقدّرون: يا ذا العنس الضامر والرّحل، بمعنى: يا صاحب العنس، وقالوا: لو كان على ما قاله سيبويه لم يستقم خفض «الرّحل»، لأن إنشاد سيبويه برفع «الضامر» إنما يكون بمعنى: يا ذا الضامر عنسه، كقولنا: يا ذا الحسن الوجه، بمعنى الحسن وجهه، ولا يستقيم فى الرّحل إذا عطفناه على العنس، أن تقول: الذى ضمر رحله. قال أبو سعيد: والذى أنكروه ليس بمنكر؛ لأن هذا من باب قوله: علفتها تبنا وماء باردا (¬2) وقوله (¬3): يا ليت زوجك قد غدا … متقلّدا سيفا ورمحا على أن تجعل الثانى على ما يليق به، ولا يخرج عن مقصد الأوّل، فيكون معنى الضامر المتغيّر، والرحل محمول عليه، كأنه قال: المتغيّر العنس والرّحل، ويدخل الرّحل فى لفظ الضامر، لإرادة معنى التغيّر به. انتهى كلامه. ¬

(¬1) راجع الخزانة 2/ 232. (¬2) تمامه: حتى شتت همّالة عيناها وتخريجه فى كتاب الشعر ص 533، وزد عليه: تأويل مشكل القرآن ص 213، وأمالى المرتضى 2/ 259،375، والرسالة الموضحة ص 121. (¬3) هو عبد الله بن الزّبعرى، رضى الله عنه. وتخريج بيته فى كتاب الشعر ص 532، وانظر الموازنة 1/ 236.

وأقول: إنّ هذا الفنّ متّسع فى كلام العرب، يقدّرون للثانى ما يصلح حمله عليه، ولا يخرج به عن المراد بالأوّل، فيقدّرون فى قوله: يا ليت زوجك قد غدا … متقلّدا سيفا ورمحا /وحاملا رمحا، كما قدّروا (¬1) فى قوله: علفتها تبنا وماء باردا وسقيتها. وقد قيل فى قول الله سبحانه: {وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدّارَ وَالْإِيمانَ} (¬2) إنّ المعنى: وأحبّوا الإيمان، وكذلك يقدّر فى قول المتنبّى (¬3): ذات فرع كأنّما ضرب العن‍ … بر فيه بماء ورد وعود ودخان عود؛ لأن العود لا ماء له، وكذلك قوله (¬4): وقد كان يدنى مجلسى من سمائه … أحادث فيها (¬5) بدرها والكواكبا من قال: إنه أراد بالكواكب خصال سيف الدولة، كما قال (¬6): أقلّب منه طرفى فى سماء … وإن طلعت كواكبها خصالا فلا بدّ من تقدير فعل ينصب الكواكب؛ لأنّ الخصال لا توصف بالمحادثة، وتقديره: وأستضىء الكواكب، أى أستفيد من فضائله، وأقتبس من محاسنه. ¬

(¬1) فى الأصل: «كما قد روى فى قوله». خطأ، صوابه فى ط، د. (¬2) سورة الحشر 9. (¬3) ديوانه 1/ 316. (¬4) ديوانه 1/ 70. (¬5) فى الأصل: «فيه» وأثبت ما فى ط، د، والديوان. (¬6) ديوانه 3/ 232، وروايته: «أقلّب منك» يمدح بدر بن عمّار.

الأقتاد: خشب الرّحل، واحدها قتد، وقالوا أيضا فى جمعه: قتود. والعنس من النّوق: الصّلبة الشّديدة. لك على مذهب سيبويه فى قوله: «يا ذا الضّامر العنس» أن تقول: يا زيد الحسن الوجه، برفع الحسن، والحسن الوجه، بنصبه، كما تقول: يا زيد الحسن والحسن، لأنّ الإضافة فى هذا الباب كالإفراد، من حيث كان التقدير: الحسن وجهه. قول أبى سعيد: إن «الضامر» مضاف إلى «العنس»، صحيح؛ لأن الضامر غير متعدّ، والاسم الذى بعده فيه ألف ولام، وقوله: إنّ «المخوّف» مضاف إلى ما بعده، سهو؛ لأنّ المخوّف متعدّ، وليس بعده اسم فيه ألف ولام، وأنت لا تقول: المخوّف زيد، فالضمير فى قوله «المخوّفنا» منصوب لا مجرور. ...

قول أبى الطيب فى سيف الدولة

قول أبى الطيّب فى سيف الدّولة إذا نحن سمّيناك خلنا سيوفنا … من التّيه فى أغمادها تتبسّم (¬1) /معدود فى أبياته النادرة، وقد عاب بعض نقّاد الشّعر قوله: من التّيه فى أغمادها تتبسّم وقال: أخطأ فى هذا، ووضع الشىء فى غير موضعه، وعند من لا ينقد الشعر حقّ نقده، ولا يلطف فكره للغوامض أنّ هذا البيت أحسن بيت له، ووجه الأخطاء أنه قال: تتبسّم من التّيه، وإنما يكون من التّيه العبوس، وأن يشمخ الإنسان بأنفه، كذلك يكون التائه المتكبّر، وإنما يكون التبسّم من المرح والفرح. انتهى كلامه. وأقول: إنّ التبسّم قد يكون من المعجب بنفسه، التائه على أضرابه؛ استكثارا لما عنده، واستقلالا لما عندهم، فليس ينكر أن يكون التبسّم من الإعجاب، فكأنّ السّيوف تبسّمت إعجابا بأنفسها، لمشاركة الممدوح لها فى التسمية، فحقرت بذلك الرّماح وغيرها من السّلاح. ... ¬

(¬1) ديوانه 3/ 361، يمدح سيف الدولة. ورواه الحاتمى سماعا من المتنبى: أتحسب بيض الهند أصلك أصلها وأنّك منها ساء ما تتوهّم إذا سمعت باسم الأمير حسبتها من التّيه فى أغمادها تتبسّم ثم قال: الثانى من قول أبى نواس نقلا من جهة إلى جهة: تتيه الشمس والقمر المنير إذا قلنا كأنهما الأمير» الرسالة الموضحة ص 20.

وأقول في بيت آخر [له] وهو قوله

وأقول في بيت آخر [له (¬1)] وهو قوله: فيوما بخيل تطرد الرّوم عنهم … ويوما بجود تطرد الفقر والجدبا (¬2) أنشد أبو زكريا يحيى بن علىّ التّبريزيّ: «بجود يطرد» بالياء، وقال: التاء فى «تطرد» للخيل، والياء فى «يطرد» الثانى للجود. والصواب عندى إنشاد الثانى بالتاء كالأول، وتكون التاءان لخطاب الممدوح؛ لأمرين: أحدهما: أن خطابه قد جاء قبل هذا البيت وبعده، فمجيئه قبله فى قوله: هنيئا لأهل الثّغر رأيك فيهم … وأنّك حزب (¬3) الله صرت لهم حزبا وأنّك رعت الدّهر فيها وريبه … فإن شكّ فليحدث بساحتها خطبا ومجيئه بعده فى قوله: سراياك تترى والدّمستق هارب … وأصحابه قتلى وأمواله نهبى والأمر الآخر: أنك إذا جعلت التاءين للخطاب علّقت الجارّين بالفعلين /اللّذين بعدهما، ولم تحتج إلى تقدير ما تعلّقهما به، فكأنك قلت: فيوما تطرد الرّوم عنهم بخيل، ويوما تطرد الفقر عنهم بجود، وإذا جعلت «تطرد» للخيل، و «يطرد» للجود كان الفعلان وصفين لخيل وجود، أى فيوما بخيل طاردة عنهم الروم، ويوما بجود طارد عنهم الفقر، فلا بدّ من تقدير ما يتعلّق به الباءان على هذا القول، فكأنك قلت: فيوما تحوطهم بخيل تطرد الروم عنهم، ويوما تنعشهم بجود يطرد الفقر عنهم، فالذى ذهبت إليه هو الصحيح الذى لا يخفى إلاّ على موغل فى التقصير. ... ¬

(¬1) زيادة من ط، د. (¬2) ديوانه 1/ 62،63، يمدح سيف الدولة. (¬3) منصوب على النداء المضاف. أى: يا حزب الله.

المجلس السادس والسبعون الكلام فى قول الله عز وجل: {ألم نشرح لك صدرك. ووضعنا}

المجلس السادس والسبعون الكلام فى قول الله عز وجل: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ. وَوَضَعْنا} (¬1) يتوجّه فى قوله {لَكَ} سؤال، فيقال: لو قيل: ألم نشرح صدرك، كان الكلام مكتفيا، ومثله: {وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ} فلأىّ معنى ذكر {لَكَ}؟ والجواب عن هذا السؤال: أن اللام فى {لَكَ} لام العلّة التى تدخل على المفعول من أجله، فى نحو قولك: فعلت ذاك لإكرامك، فإن حذفتها قلت: فعلته إكرامك، كما قال: متى تفخر ببيتك فى معدّ … يقل تصديقك العلماء جير (¬2) الأصل: لتصديقك، فلما حذف اللام نصب، فإن حذفت المصدر رددت اللام فقلت: فعلت ذاك لك، ومثله: جئت لمحبّة زيد، ومحبّة زيد، ولزيد، ومنه قول عمر بن أبى ربيعة (¬3): وقمير بدا ابن خمس وعش‍ … رين له قالت الفتاتان قوما أراد: لأجله قالت الفتاتان: قوما. وإذا عرفت هذا فالمعنى: ألم نشرح لهداك (¬4) صدرك؟ كما قال تعالى: {فَمَنْ} ¬

(¬1) أول سورة الشرح. (¬2) تقدّم فى المجلس الرابع والأربعين. (¬3) ديوانه ص 234، ونوادر أبى زيد ص 536. والألف التى فى «قوما» ليست ألف التثنية، وإنما هى الألف المنقلبة عن نون التوكيد الخفيفة. وراجع المجلس الخامس والأربعين. (¬4) راجع المجلس الحادى والثلاثين.

{يُرِدِ اللهُ/أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ} (¬1) فلمّا حذف المصدر وجب إثبات اللام، وكذلك قوله: {وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ} أراد: رفعنا لتشريفك ذكرك. وقوله: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً. إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً} إنّما كرّرت الجملة توكيدا كقول الشاعر: وكلّ حظّ امرئ دونى سيأخذه … لا بدّ لا بدّ أن يحتازه دونى (¬2) وكقول الخنساء: هممت بنفسى بعض الهموم … فأولى لنفسى أولى لها (¬3) وقد جاءت الجملة مكرّرة فى القرآن بالعاطف، فى قوله تعالى: {أَوْلى لَكَ فَأَوْلى. ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى} (¬4). وإنما كان «العسر» معرّفا و «اليسر» منكّرا؛ لأنّ الاسم إذا تكرّر منكّرا فالثانى غير الأوّل (¬5)، كقولك: جاءنى رجل فقلت لرجل جاء بعده: كذا وكذا، وكذلك إن كان الأوّل معرفة والثانى نكرة، كقولك: حضر الرجل فقلت لرجل: كيت وكيت، فإن كان الأوّل نكرة والثانى معرفة، فالثانى هو الأول، كقولك: مررت برجل فقلت للرجل: افعل كذا، ومثله فى التنزيل: {كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً. فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ} (¬6) ومثله: {مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها} ¬

(¬1) سورة الأنعام 125. (¬2) فرغت منه فى المجلس الثانى والثلاثين. (¬3) وهذا مثل سابقه. (¬4) سورة القيامة 34،35. وراجع تأويل مشكل القرآن ص 236. ولمبحث التكرير فى القرآن العزيز انظر: إعجاز القرآن ص 106، وبديع القرآن لابن أبى الإصبع ص 151، والمثل السائر 3/ 10. (¬5) راجع هذه المسألة فى معانى القرآن للفراء 3/ 275، وللزجاج 5/ 341، وغريب الحديث للخطابى 2/ 69، وزاد المسير 9/ 164 - 166، والكشاف 4/ 267، وتفسير القرطبى 20/ 107، والبرهان الكاشف عن إعجاز القرآن ص 46، وطبقات الشافعية الكبرى 5/ 243، والبرهان فى علوم القرآن 4/ 94، والمغنى ص 656 (الباب السادس). (¬6) سورة المزمل 15،16. وراجع البرهان 4/ 87.

{مِصْباحٌ الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ} (¬1) فذكر المعرفة بعد النّكرة يجرى مجرى ذكر المعرفة بعد المعرفة، كقولك: حضر الرجل فأكرمت الرجل، ولذلك قال ابن عباس رضوان الله عليه: «لن يغلب عسر يسرين» وقد روى هذا الكلام عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم (¬2). وقوله: {وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ} جامعت الفاء الواو، متعلقة بما بعد الفاء، ولو وضعت {إِلى} فى محلّها الذى تستحقّه لقيل: وفارغب إلى ربّك، ومثله: {وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ. وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} (¬3) انتصب ما قبل الفاء بما بعدها، وهذا من عجيب كلام العرب؛ /لأنّ الفاء إنما تعطف، أو تدخل فى الجواب وما أشبه الجواب، كخبر الاسم الناقص، نحو {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ} (¬4) وهى هاهنا خارجة عمّا وضعت له، ومثل ذلك دخولها فى الأمر المصوغ من «كان» مع تقدّم الخبر، كقول أبى الطيّب (¬5): ومثل سراك فليكن الطّلاب وإنما جاءوا بها فى هذا النحو ليعلموا أن المفعول أو الخبر وقع فى غير موقعه، فإذا لم يكن فى الكلام الواو ولا غيرها من حروف العطف، كقولك: زيدا فاضرب، فقد قال أبو عليّ: زيد منصوب بهذا الفعل، وليس تمنع الفاء من العمل، وقال: ¬

(¬1) سورة النور 35. (¬2) أخرجه الحاكم من حديث الحسن. المستدرك 2/ 528، وأخرجه مالك موقوفا عن عمر، من طريق منقطع. الموطأ (باب الترغيب فى الجهاد. من كتاب الجهاد) ص 446. وقال الحافظ ابن حجر: «روى هذا مرفوعا موصولا ومرسلا، وروى أيضا موقوفا» ثم ذكر طرقه. فتح البارى (سورة ألم نشرح من كتاب التفسير) 8/ 712، وانظر زاد المعاد 3/ 9، وكشف الخفا 2/ 149، وتفسير الطبرى 30/ 151، والدر المنثور 6/ 364. (¬3) سورة المدثر 4،5. (¬4) سورة البقرة 274. وانظر الكلام على هذه الفاء فى كتاب الشعر ص 494، وحواشيه. (¬5) ديوانه 1/ 85، وصدره: كذا فليسر من طلب الأعادى

وتسمّى هذه الفاء معلّقة، كأنها تعلّق الفعل المؤخّر بالاسم المقدّم، وكأنها هنا شبيهة بالزائد، ويدلّ على أن العامل هو هذا الفعل قولك: بزيد فامرر، لو لم تكن معلّقة بامرر هذا لم يجز؛ لأنه لا بدّ للباء من شيء تتعلّق به، ولو علّقتها بفعل آخر لاحتجت لهذا الفعل إلى باء أخرى (¬1). انتهى كلامه. وأقول: إنها زائدة لا محالة فى قوله تعالى: {وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ. وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} (¬2)؛ لأنك إن لم تحكم بزيادتها أدّى ذلك إلى دخول الواو العاطفة عليها وهى عاطفة، وكذلك «ثمّ» زائدة فى قول زهير (¬3): أرانى إذا ما بتّ بتّ على هوى … فثمّ إذا أصبحت أصبحت غاديا قال الفراء: ألم نشرح (¬4) صدرك: ألم نليّن قلبك، {وَوَضَعْنا عَنْكَ} ¬

(¬1) البصريات ص 666، مع اختلاف يسير، ولعله نقله من كتاب آخر لأبى علىّ. (¬2) سورة المدثر 4،5. وراجع ما ذكرته فى الدراسة ص 67، وكتاب الشعر ص 280،326. (¬3) ديوانه بشرح ثعلب ص 285، وسرّ صناعة الإعراب ص 264،386، وشرح الكافية الشافعية ص 1258، وشواهد التوضيح ص 251، وشرح المفصل 8/ 96، والمغنى ص 117، وشرح أبياته 3/ 36، والخزانة 8/ 491. والرواية فى الديوان بشرح الأعلم الشنتمرى ص 168: أرانى إذا ما بتّ بتّ على هوى وأنّى إذا أصبحت أصبحت غاديا ولا شاهد فى البيت على هذه الرواية. و «أرانى» هنا بضم الهمزة، وهى من أفعال القلوب. وقوله: «بتّ على هوى» قال ثعلب: «على أمر أريده، فإذا أصبحت جاء أمر غير ما بتّ عليه، من موت وغير ذلك، يريد أن حاجتى لا تنقضى». وقال الأعلم: «أى لى حاجة لا تنقضى أبدا؛ لأن الإنسان ما دام حيّا فلا بدّ من أن يهوى شيئا ويحتاج إليه». وقوله «غاديا» أى إلى حفرة، يريد أن الموت سبيل كلّ نفس. ويقال: غدا إلى كذا بمعنى صار إليه. وحكى السيوطىّ عن السّيرافىّ، قال: الأجود فثمّ، بفتح الثاء؛ لكراهة دخول عاطف على عاطف. شرح شواهد المغنى ص 284. وثمّ: ظرف، أى ففى ذلك المكان. (¬4) هكذا فى نسخ الأمالى الثلاث. والذى فى معانى القرآن 3/ 275: ألم نشرح لك صدرك: نليّن لك قلبك.

{وِزْرَكَ} قال: إثم الجاهليّة. وقال الزجّاج: غفر الله لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر (¬1). {الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ} فى كلّ التفاسير: أثقل ظهرك، وزاد بعضهم: فتنقّضت له العظام، كما يتنقّض البيت إذا صوّت للوقوع، وزاد آخر فقال: نقص من لحمه، وهو من قولهم للبعير الذى أتعبه السفر والعمل فنقص لحمه: بعير نقض. {وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ} قال الفراء: لا أذكر إلاّ ذكرت معى (¬2). وقال الزجّاج: جعل ذكره عليه/السلام مقرونا بذكر توحيد الله فى الأذان، وفى كثير مما يذكر الله فيه. وقال قتادة بن دعامة: رفع الله ذكره، فليس خطيب ولا متشهّد إلاّ يبدأ «بأشهد أن لا إله إلاّ الله» وبعده «وأشهد أنّ محمدا رسول الله (¬3)». {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً} قال الزّجاج: كان أصحاب النبيّ عليه السلام فى ضيق شديد، فأعلمهم الله أنّهم سيوسرون، وأنهم سيفتح عليهم، ففتح الله عليهم، وأبدلهم بالعسر يسرا. {فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ} قال الزّجاج: معناه: إذا فرغت من صلاتك فانصب فى الدعاء إلى ربّك. {وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ} أى اجعل رغبتك إلى الله وحده، وكذلك قال قتادة، ثم قال: وقال الحسن: أمره الله بأنّه إذا فرغ من غزوة أن يجتهد فى العبادة. ¬

(¬1) معانى القرآن 5/ 341. (¬2) وهو المأثور عن مجاهد: انظر الرسالة للإمام الشافعى ص 16، وطبقات الشافعية الكبرى 1/ 151. ولم يذكره فى تفسيره، وذكره محققه فى حواشيه. انظره ص 736. (¬3) تفسير الطبرى 30/ 151، والدر المنثور 6/ 363.

قول (¬1) المتنبّى: يا من لجود يديه فى أمواله … نقم تعود على اليتامى أنعما (¬2) حتى يقول الناس ماذا عاقلا … ويقول بيت المال ماذا مسلما قال فيه أبو زكريّا يحيى بن علىّ التّبريزيّ: عظّم الممدوح تعظيما وجب معه ألاّ يكون خاطبه بقوله: حتى يقول الناس ماذا عاقلا وإنما تبع فى ذلك قول أبى نواس (¬3): جاد بالأموال حتّى … قيل ما هذا صحيح فظنّ أنه أراد: ما هذا صحيح العقل، ولعلّ أبا نواس لم يرد ما ظنّه أبو الطيّب، وإنما أراد: ما هذا الفعل صحيح. انتهى كلامه. وأقول: إن أبا نواس لم يرد بقوله: «ما هذا صحيح» إلاّ ما ذهب إليه أبو الطيّب؛ وإنما أراد: ما هذا الفعل صحيح. انتهى كلامه. وأقول: إن أبا نواس لم يرد بقوله: «ما هذا صحيح» إلاّ ما ذهب إليه أبو الطيّب؛ لأن أبا نواس قد صرّح بهذا المعنى فى قصيدة أخرى، وأتى بلفظة أقبح من اللفظة التى فى البيت الأول، فقال: جاد بالأموال حتّى … حسبوه الناس حمقا (¬4) ¬

(¬1) من هنا إلى قول المتنبى فى وصف الأسد: «ما قوبلت عيناه. . .» زيادة من النسختين ط، د، على نسخة الأصل. ويلاحظ أن الكلام على بيتى المتنبى فى أول هذه الزيادة: «يا من يجود. . .» أعاده ابن الشجرى فى المجلس الأخير، مع اختلاف يسير. وقد عوّدنا ابن الشجرى أن يعيد الكلام على المسألة الواحدة فى غير مجلس، وهذه طبيعة الأمالى، لا سيّما الأمالى المطوّلة. (¬2) ديوانه 4/ 32، والوساطة ص 259. (¬3) ديوانه ص 70، والرواية فيه: جدت بالأموال حتى يمدح العباس بن عبيد الله بن أبى جعفر المنصور. (¬4) ديوانه ص 121، وروايته: جاد إبراهيم حتى جعلوه الناس حمقا يمدح ابراهيم بن عبيد الله الحجبى.

وتبعه فى ذلك أبو تمّام فقال: ما زال يهذر بالمكارم والنّدى … حتى ظننّا أنه محموم (¬1) الهذر: الهذيان، يقال: رجل مهذار. فعلى هذا المنوال نسج أبو الطيّب بيته، فأراد أنه يفرط فى الجود حتى ينسبه الناس إلى الجنون، ولو كان بيت المال ممّا يصحّ منه الكلام لقال: ماذا مسلما؛ لأنه فرّق أموال المسلمين، ويجوز أن يكون أراد: ويقول خزّان بيت المال، فحذف المضاف، كما حذف فى قوله تعالى: {وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ} (¬2). والأصل فى هذا قول أعرابىّ، فيما أنشده الجاحظ فى كتاب الحيوان (¬3): حمراء تامكة السّنام كأنّها … جمل بهودج أهله مظعون جادت بها عند الوداع يمينه … كلتا يدى عمر الغداة يمين ما كان يعطى مثلها فى مثله … إلاّ كريم الخيم أو مجنون الخيم: السّجيّة. والهاء فى «مثله» تعود على الوداع، أى فى مثل ذلك الوقت. ... من العرب من يذكّر السّماء، وفى تذكيرها وجهان: أحدهما أنها جمع سماوة، كسحاب وسحابة، ونخل ونخلة. وهذا الضّرب من الجمع قد ورد فيه التذكير والتأنيث، فالتذكير فى قوله تعالى: {وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ} (¬4) و {أَعْجازُ نَخْلٍ} ¬

(¬1) ديوانه 3/ 291، يمدح محمد بن الهيثم بن شبانة. ورواية الديوان: «يهذى». وانظر أخبار أبى تمام ص 32. (¬2) سورة يوسف 82. (¬3) 3/ 107،6/ 245، من غير نسبة. والأبيات تنسب إلى يزيد بن الطثرية. انظر شعره ص 93، وإلى عبيد بن أيوب العنبرى، انظر شعره ضمن أشعار اللصوص ص 161. و «عمر» هنا: هو عمر بن ليث، أحد بنى جحش بن كعب بن عميرة ابن خفاف. راجع حواشى الوحشيات ص 268، وفيها نسبة الأبيات لثالث. (¬4) سورة البقرة 164.

{مُنْقَعِرٍ} (¬1)، والتأنيث فى قوله: {أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ} (¬2). ويدلّ على أن السماء جمع إعادة ضمير الجمع إليها فى قوله: {ثُمَّ اِسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوّاهُنَّ} (¬3) كما دلّ وصف السحاب بالجمع فى قوله: {وَيُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ} (¬4) على أنه جمع. والوجه الآخر أن السماء سقف الدّنيا، كما قال تعالى: {وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً} (¬5) فمن ذكّرها، لأنه ذهب بها هذا المذهب، فهو قول حسن كالأوّل، وعليهما يحمل قوله تعالى: {السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ} (¬6) وقول الشاعر: فلو رفع السماء إليه قوما … لحقنا بالسماء مع السّحاب (¬7) ... ممّا أوقعته العرب موقع غيره لاتّفاقهما فى المعنى، الحوادث فى قول الشاعر: فإمّا ترينى ولى لمّة … فإن الحوادث أودى بها (¬8) أعاد إلى الحوادث ضميرا مذكّرا؛ لأنه حمله على الحدثان، من حيث وافقه فى المعنى، كما حمل الآخر الحدثان على الحوادث فى قوله: ألا هلك الشّهاب المستنير … ومدرهنا الكمىّ إذا نغير ¬

(¬1) سورة القمر 20، وانظر المذكر والمؤنث للمبرد ص 86،111. (¬2) سورة الحاقة 7. (¬3) سورة البقرة 29، وراجع المجلس الثامن والثلاثين. (¬4) سورة الرعد 12. (¬5) سورة الأنبياء 32. (¬6) سورة المزمل 18، وراجع المجلس الثالث والستّين. (¬7) من غير نسبة فى معانى القرآن للفراء 1/ 128،3/ 199، والمخصص 17/ 22، وغير ذلك كثير، تراه فى حواشى المذكر والمؤنث لابن الأنبارى ص 367. (¬8) فرغت منه فى المجلس السادس عشر.

وحمّال المئين إذا ألمّت … بنا الحدثان والأنف النّصور (¬1) إنما منع الأول أن يقول: «فإن الحوادث أودت» كراهية إفساد القافية؛ لأن ألف «أودى» تأسيس، والتأسيس يلزم أبيات القصيدة كلّها، والحرف الذى بعده يسمّى الدّخيل، والذى بعد الدّخيل هو الروىّ، والألف المتطرّفة حرف إطلاق القافية. وقال آخر: بال سهيل فى الفضيخ ففسد … وطاب ألبان اللّقاح وبرد (¬2) ذكّر الضمير الذى فى «برد» لأنه أعاده إلى اللّبن، فأمّا ما جاء فى التنزيل من عود الضمير مذكّرا بعد جمع فى قوله تعالى: {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمّا فِي بُطُونِهِ} (¬3) فإن الضمير أعيد إلى النّعم وهو واحد الأنعام، وهو مع تذكيره يوقع على جماعة من الإبل، فيقال: لمن هذا النّعم؟ كما يقال: لمن هذا القطيع؟ قال ابن فارس: الفضيخ: أن يشدخ الرّطب ثم ينبذ (¬4). والمدرة: السّيّد. ¬

(¬1) وهذا أيضا فرغت منه فى المجلس المذكور. وزد على ما هناك إيضاح شواهد الإيضاح ص 514. (¬2) من غير نسبة فى معانى القرآن للفراء 1/ 129،2/ 108، والجمل المنسوب للخليل ص 85، ومجالس ثعلب ص 421، ومجالس العلماء ص 117، ومبادئ اللغة ص 79، وغريب الحديث للخطابى 1/ 642، ومنال الطالب ص 41، واللسان (خرت-فضخ-كتد-بول-جبه). وسهيل: نجم. يقول: لما طلع هذا النجم فذهب زمن البسر-وهو التّمر قبل أن يصير رطبا-انقطع الفضيخ. فكأنه فسد. وقوله «بال» تعبير مجازىّ، أى لمّا كان الفضيخ يفسد بطلوع سهيل كان ظهوره عليه مفسدا له. ذكره أصحاب الغريب فى سياق شرح قوله صلّى الله عليه وسلم: «من نام حتى أصبح فقد بال الشيطان فى أذنه». المجموع المغيث 1/ 199، والنهاية 1/ 163. (¬3) سورة النحل 66. وانظر الآية 21 من سورة المؤمنون. (¬4) المقاييس 4/ 509، والمجمل ص 723.

وقال المتنبى فى وصف أسد

وقال المتنبّى فى وصف أسد ما قوبلت عيناه إلاّ ظنّتا … تحت الدّجى نار الفريق حلولا (¬1) نصب «حلولا» على الحال، والظاهر أنه حال من «الفريق» والحال من المضاف (¬2) إليه قليل مستضعف، وإن كان قد جاء فى الشعر القديم، كقول تأبّط شرّا: سلبت سلاحى بائسا وشتمتنى … فيا خير مسلوب ويا شرّ سالب (¬3) وكقول الجعديّ فى وصف فرس: كأنّ حواميه مدبرا … خضبن وإن كان لم يخضب (¬4) وقال أبو عليّ فى المسائل الشّيرازيّات: قد جاء الحال من المضاف إليه، فى نحو ما أنشده أبو زيد: عوذ وبهثة حاشدون عليهم … حلق الحديد مضاعفا يتلهّب (¬5) انتهى كلامه. /والوجه فى هذا البيت فيما أراه: أن «مضاعفا» حال من «الحلق» لا من «الحديد»؛ لأمرين، أحدهما: أنه إذا أمكن مجىء الحال من المضاف كان أولى ¬

(¬1) ديوانه 3/ 238. (¬2) تقدم هذا كثيرا، ويظهر فى الفهارس إن شاء الله. وانظر بدائع الفوائد 2/ 48. (¬3) فرغت منه فى المجلس الثالث. (¬4) مثل سابقه. وجاء فى الأصل: «وإن كنّ لم تخضب». وأثبتّ ما فى ط، د. وراجع تخريج البيت. (¬5) فرغت منه فى المجلس الخامس والعشرين. وانظر شرح ابن عقيل 1/ 646، وشرح الأشمونى 2/ 179، حيث ذكرا ما حكاه ابن الشجرى عن أبى على، من جواز مجىء الحال من المضاف إليه.

من مجيئها من المضاف إليه، ولا مانع فى البيت من كون «مضاعفا» حالا من «الحلق»؛ لأننا نقول: حلق محكم ومحكمة. والآخر: أنّ وصف «الحلق» بالمضاعف أشبه، كما قال (¬1): يخببن بالحلق المضاعف والقنا ويجوز أن تجعل «مضاعفا» حالا من المضمر فى «يتلهّب» و «يتلهّب» فى موضع الحال من «الحلق»، فكأنه قال: عليهم حلق الحديد يتلهّب مضاعفا (¬2). ... وذكر أبو عليّ فى المسائل الشّيرازيات، فى قول أبى الصّلت الثّقفىّ: اشرب هنيئا عليك التاج مرتفقا … فى رأس غمدان دارا منك محلالا (¬3) أنّ «دارا» يجوز أن تكون حالا من المضاف، ويجوز أن تكون حالا من المضاف إليه، فإن جعلتها حالا من «الرأس» أعملت فيها «مرتفقا» وإن شئت أعملت فيها «اشرب» وإن جعلتها حالا من «غمدان» أعملت فيها ما فى الكلام من معنى الفعل. قال: ألا ترى أنه لا تخلو الإضافة فى الأمر العامّ من أن تكون بمعنى اللام أو بمعنى من، يعنى أنك تعمل فى الحال ما تتضمّنه الإضافة من معنى الاستقرار أو الكون، وإنما قال: فى الأمر العامّ، لخروج باب الحسن الوجه، من التقديرين؛ من حيث لا يصحّ: الحسن للوجه، ولا الحسن من الوجه. والحال فى قول الجعديّ: «كأنّ حواميه مدبرا» أقرب إلى الصواب من قول تأبّط: «سلبت سلاحى بائسا» لأن الحوامى ما عن أيمان حوافره وشمائلها، فهى بعض المضاف إليه، وليس السلاح بعض ما أضيف إليه. ¬

(¬1) المتنبى. وتقدّم فى المجلس الخامس والعشرين. (¬2) حكاه البغدادى عن ابن الشجرى. الخزانة 3/ 173. (¬3) فرغت منه فى المجلس المذكور.

فإن قيل: قد جاءت الحال من المضاف إليه فى القرآن، فى قوله عزّ وجل: {قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً} (¬1). فالقول عندى أن الوجه أن تجعل {حَنِيفاً} حالا من الملّة/وإن خالفها بالتذكير؛ لأن الملّة بمعنى الدّين، فجاءت الحال على المعنى؛ ألا ترى أن الملّة قد أبدلت من الدّين فى قوله: {دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً} (¬2). وقوله هاهنا: {يُظْلَمُونَ} يحتمل ان يكون وصفا لقوله: {حَنِيفاً} ويحتمل أن يكون بدلا من الملّة، ويحتمل أن يكون حالا من {إِبْراهِيمَ} والعامل فيه ما فى الكلام من معنى الفعل، على ما قرّره أبو عليّ. والصواب أن تجعل «حلولا (¬3)» حالا من المضمر فى «الفريق» لأن الفريق الجماعة التى تفارق عشيرتها أو غيرهم من الناس. وقال أبو عليّ فى مجىء الاسم (¬4) حالا فى قول أبى الصّلت: «دارا منك محلالا»: إنّ مجىء الاسم حالا كثير، فمنه فى التنزيل: {هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً} (¬5). ومنه قولهم: هذا بسرا أطيب منه رطبا (¬6)، وقولهم: «العجب من برّ مررنا به قفيزا بدرهم»، وقولهم: مررت بزيد رجلا صالحا. قال: وهذا من طريق القياس بيّن أيضا؛ لأنّ الحال إنما هى زيادة فى الخبر، فكما (¬7) أنّ الخبر يكون تارة اسما وتارة وصفا، كذلك الزيادة عليه. ¬

(¬1) سورة البقرة 135. (¬2) سورة الأنعام 161. وقوله تعالى: قيما ضبطت فى الأصل، ط بفتح القاف وتشديد الياء مكسورة، وهى قراءة عزوتها فى المجلس الثالث. (¬3) رجع إلى بيت المتنبى. (¬4) يعنى بالاسم الجامد غير المشتقّ. وراجع المجلس الخامس والعشرين. (¬5) سورة الأعراف 73، وهود 64. (¬6) راجع المجلس الحادى والسبعين. (¬7) فى الأصل: وكما.

وأما انتصاب الملّة، فى قوله: {بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ} فبفعل مقدّر، دلّ عليه ما قبله؛ لأنّ قوله: {وَقالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى} يدلّ على: اتّبعوا اليهوديّة أو النّصرانيّة، فنصب {بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ} بتقدير: بل نتّبع ملّة إبراهيم. ...

مسألة

مسألة قال أبو عليّ فى كتابه الذى سماه التذكرة: قيل لنا: علام عطف قول الله سبحانه وتعالى: {فَكَرِهْتُمُوهُ} من قوله: {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ} (¬1). فقلنا: المعنى: فكما كرهتموه فاكرهوا الغيبة واتّقوا الله، فقوله: {وَاِتَّقُوا اللهَ} عطف على قوله: «فاكرهوا» وإن لم يذكر لدلالة الكلام عليه، كقوله: {اِضْرِبْ بِعَصاكَ/الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ} (¬2) أى فضرب فانفجرت، وقوله: {فَكَرِهْتُمُوهُ} كلام مستأنف، وإنما دخلت الفاء لما فى الكلام من معنى الجواب؛ لأن قوله: {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ} كأنهم قالوا فى جوابه: لا، فقال: {فَكَرِهْتُمُوهُ} أى: فكما كرهتموه فاكرهوا الغيبة، فهو جواب لما يدلّ عليه الكلام، من قولهم: لا، فالفاء هاهنا بمنزلتها فى الجزاء، والمعنى على: فكما كرهتموه، وإن لم تكن «كما» مذكورة، كما أن قولهم: ما تأتينى فتحدّثنى، المعنى: ما تأتينى فكيف تحدّثنى؟ وإن لم تكن «كيف» مذكورة، وإنما هى مقدّرة. والقول عندى (¬3) أن الذى قدّره أبو عليّ هاهنا بعيد، لأنه قدّر المحذوف موصولا، وهو «ما» المصدريّة، وحذف الموصول وإبقاء صلته رديء ضعيف، ولو قدّر المحذوف مبتدأ كان جيّدا؛ لأنّ حذف المبتدأ كثير فى القرآن، والتقدير عندى: فهذا كرهتموه، والجملة المقدّرة المحذوفة مبتدئيّة لا أمريّة، كما قدّرها، ¬

(¬1) سورة الحجرات 12. وراجع المجلس الثالث والعشرين. (¬2) سورة البقرة 60. (¬3) حكى هذا عن ابن الشجرىّ: بدر الدين الزركشى، فى البرهان 3/ 196، وابن هشام فى المغنى ص 167، وحكم على ابن الشجرىّ بأنه لم يتأمل كلام الفارسىّ.

فكأنه قيل: فهذا كرهتموه والغيبة مثله، وإنما قدّرها أمريّة ليعطف عليها الجملة الأمريّة التى هى {اِتَّقُوا اللهَ} ولا حاجة بالكلام إلى تقدير جملة أمريّة لتعطف عليها الجملة الأمريّة؛ لأنّ قوله: {وَاِتَّقُوا اللهَ} عطف على الجملة النّهييّة التى هى قوله: {وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً} وعطف الجملة على جملة مذكورة أولى من عطفها على جملة مقدّرة، والإشارة فى المبتدأ الذى قدّرته، وهو «هذا» موجّهة إلى الأكل الذى وصفه الله، كأنه لما قدّر أنهم قالوا: لا، فى جواب قوله: {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً} قيل: فهذا كرهتموه، أى فأكل لحم الأخ الميّت كرهتموه، والغيبة مثله. فتأمّل ما ذكرته تجده أصوب الكلامين، وقد ذكر أبو عليّ هذه المسألة فى الحجّة أيضا. ...

/ مسألة

/ مسألة إن قيل: لم استتر ضمير الواحد المذكّر فى قم ونحوه، وبرز ضمير الأنثى والاثنين والجماعة؟ فالجواب: أنّ الفعل لا بدّله بقضيّة العقل من فاعل، ولا يقتضى العقل أن الفاعل لا بدّ أن يكون مؤنّثا، أو لا بدّ أن يكون مثنّى، أو لا بدّ أن يكون مجموعا، كما أنه لا يقتضى وجوب تذكير الفاعل مع كونه واحدا، فوجب لذلك الفرق بين هذه المعانى بعلامات تختصّ كلّ علامة منها بمعنى، ولمّا لزمهم الفرق، وكان التذكير أصلا للتأنيث، والواحد أصلا لجميع الأعداد، جعلت العلامة للمعنى الطارئ، ليدلّ تغيّر اللفظ على تغيّر المعنى، ولمّا تميّزت الفروع بعلامات، فقيل: قومى وقوما، وقوموا، وقمن، تميّز الأصل بقوله: قم؛ لأنّ عدم العلامة فى الأصل علامة له. ...

قول أبى الطيب

قول أبى الطيب فمن كان يرضى اللّؤم والكفر ملكه … فهذا الذى يرضى المكارم والرّبّا (¬1) الإشارة بهذا، فى نقدى واستخراجى، موجّهة إلى ملك الممدوح، لا إلى الممدوح؛ لأمرين، أحدهما: أنه لو أراد الممدوح لقال: فأنت الذى ترضى المكارم والرّبّا لأنّ اللفظ بالخطاب فى مثل هذا أمدح. والآخر: أنه أشار إلى الملك، فجعل الإرضاء له؛ لأنّ الإرضاء فى قوله: فمن كان يرضى اللؤم والكفر ملكه مسند إلى الملك، كما ترى، فوجب أن يكون الإرضاء الثانى كذلك، فوجّه (¬2) الإشارة إليه؛ لأنّ قوله: «ملكه» قد دلّ عليه، كما توجّهت الإشارة إلى الصّبر، فى قوله الله تعالى جدّه: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} (¬3) لدلالة {صَبَرَ} عليه، وكما عاد الضمير فى «به» إلى «الملك» فى قول القطامىّ: /هم الملوك وأبناء الملوك لهم … والآخذون به والسّاسة الأول (¬4) وكانت المقابلة تقتضى أن يقول: يرضى المكارم والإيمان، ليقابل بالإيمان الكفر، كما قابل بالمكارم اللّؤم، ولكنّه لمّا اضطرّه الوزن والقافية إلى وضع لفظة ¬

(¬1) ديوانه 1/ 69. (¬2) هكذا ضبط فى ط بتشديد الجيم، على أنه فعل، مع نصب «الإشارة» على المفعولية، ويقوّيه قوله بعد: «توجّهت». وضبط فى الأصل «فوجه» بسكون الجيم ورفع الهاء، على أنه اسم. وفيما حكى شارح ديوان المتنبى عن ابن الشجرى: «لأنّ وجه الإشارة إليه». (¬3) سورة الشورى 43. (¬4) فرغت منه فى المجلس العاشر.

«الرّبّ» فى موضع الإيمان، كان ذلك فى غاية الحسن؛ لأن المراد في الحقيقة إرضاء أهل اللؤم وأهل الكفر، وكذلك إرضاء الإيمان إنما يراد به إرضاء أهله، وإرضاء أهله تابع لإرضاء الله جلّت عظمته. ... وقوله: وخصر تثبت الأبصار فيه … كأنّ عليه من حدق نطاقا (¬1) أى الأبصار تثبت فى خصرها استحسانا له، وتكثر عليه من جوانبه حتّى تصير كالنّطاق، وهذا منقول من قول بشّار بن برد (¬2): ومكلّلات بالعيو … ن طرقننا ورجعن ملسا أراد أنهنّ لحسنهنّ تعلو الأبصار إلى وجوههنّ ورءوسهنّ، حتى كأنّ لهنّ من العيون أكاليل، فنقل أبو الطيّب المعنى من الأعالى والأكاليل، إلى الخصر والنّطاق، وكشف السرىّ الموصلىّ عن هذا المعنى فى قوله (¬3): أحاطت عيون العاشقين بخصره … فهنّ له دون النّطاق نطاق ... وله وقد وصف سيفا، ثم قال فى وصف يد منتضية: ومحلّ قائمه يسيل مواهبا … لو كنّ سيلا ما وجدن مسيلا (¬4) ¬

(¬1) ديوانه 2/ 296، وديوان المعانى 1/ 264،322، وشرح مشكل شعر المتنبى ص 200، وشرح الديوان للواحدى ص 425، وابن الشجرى ينقل كلامه، وإن لم يصرّح. (¬2) ديوانه ص 142، وهو فيه بيت مفرد. (¬3) ديوانه 2/ 475. (¬4) ديوانه 3/ 237.

قال يحيى بن عليّ التّبريزيّ: «مواهبا» منصوبة؛ لأنها مفعول. فقلت: لا يجوز أن تكون مفعولا؛ لأنّ «يسيل» لا يتعدّى إلى مفعول به، بدلالة أنه لا ينصب المعرفة، تقول: سال الوادى رجالا، ولا تقول: سال الوادى الرجال، وسالت الطّرق خيلا، ولا تقول: سالت الطرق الخيل، فلما لزمه نصب النكرة خاصّة، والمفعول يكون معرفة ويكون نكرة، والمميّز لا يكون إلا نكرة، ثبت أن قوله: «مواهبا» /مميّز، ويوضّح هذا لك أنك إذا أدخلت همزة النّقل على «سال» تعدّى إلى مفعول واحد، تقول: أسال الوادى الماء المعين، فلو كان قبل النّقل بالهمزة يتعدّى إلى مفعول لتعدّى بعد النّقل إلى مفعولين. فإن قيل: إنّ المميّز من شأنه أن يكون واحدا. قلنا: لعمرى إنّ هذا هو الأغلب، وقد يكون جمعا، كقوله تعالى: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً} (¬1)، وكقوله: {نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالاً وَأَوْلاداً} (¬2). ... ¬

(¬1) سورة الكهف 103. (¬2) سورة سبأ 35.

المجلس السابع والسبعون ذكر معانى «أم» ومواضعها

المجلس السابع والسبعون ذكر معانى «أم» ومواضعها فمن ذلك أنها تكون عاطفة بعد ألف الاستفهام، معادلة لها، فتكون معها بمعنى أيّهما وأيّهم وأيّهنّ، كقولك: أزيد عندك أم بكر؟ معناه أيّهما عندك؟ جعلت «الهمزة» مع أحد الاسمين المسئول عنهما، وجعلت «أم» مع الآخر، فهذا (¬1) هو المعادلة، وجواب هذا القول بالتّعيين، وذلك أن يقول: زيد، إن كان عنده زيد، أو بكر، إن كان عنده بكر، ومثله: أزيد فى الدار أم بشر أم خالد؟ بمعنى: أيّهم فى الدار؟ وكذلك: أهند حاضرة أم زينب أم سعاد؟ بمعنى أيّهن. فإذا (¬2) كانت المعادلة بين اسمين ومعهما فعل فالأحسن تقديم الاسم، كقولك: أزيد خرج أم محمد؟ ويجوز: أخرج زيد أم محمد؟ فإن كانت المعادلة بين فعلين، فالأحسن تقديم الفعل، كقولك: أضربت زيدا أم شتمته؟ ويجوز (¬3): أزيدا ضربت أم شتمته؟ والمعنى الثانى: أن تكون «أم» عاطفة بعد ألف التسوية، كقولك: سواء عليّ أقمت أم قعدت، وما أدرى أزيد فى الدار أم بشر، وما أبالى أسافر زيد أم أقام، فاللفظ على الاستفهام والمراد به الخبر، /وإنما تريد تسوية الأمرين عندك، قال الله سبحانه: {سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ} (¬4) أى سواء عليهم ¬

(¬1) هكذا فى النّسخ الثلاث، وهو عربىّ فصيح. وانظر المقتضب 3/ 286،287، وحواشيه. (¬2) فى ط، د: وإذا. (¬3) فى الأصل: والمعنى. (¬4) سورة المنافقون 6. وانظر لإعراب هذا ونظائره دراسات لأسلوب القرآن الكريم 1/ 302.

استغفارك لهم وترك استغفارك، ومثله: {سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ} (¬1) {سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا} (¬2) ومن ذلك قول زهير: وما أدري وسوف أخال أدرى … أقوم آل حصن أم نساء (¬3) وقال الحارث بن كلدة الثّقفىّ: فما أدرى أغيّرهم تناء … وطول العهد أم مال أصابوا (¬4) وقال حسّان (¬5): ما أبالى أنبّ بالحزن تيس … أم لحانى بظهر غيب لئيم النّبيب: صوت التّيس عند النّزو. والثالث: أن تكون مقدّرة ببل مع همزة الاستفهام، فتسمّى منقطعة، ومن شرائطها أن يقع بعدها الجملة دون المفرد، وأن تأتى بعد الاستفهام بهل وبعدها الخبر، وقد تأتى بعد الهمزة، فمجيئها بعد «هل» كقوله (¬6): هل ما علمت وما استودعت مكتوم … أم حبلها إذ نأتك اليوم مصروم التقدير: بل أحبلها مصروم؟ ثم قال بعد هذا: أم هل كبير بكى لم يقض عبرته … إثر الأحبّة يوم البين مشكوم جمع بين أم وهل، ولا يجوز الجمع بين استفهامين، ولا يجوز تقدير «هل» هاهنا بقد، كما قدّرت بها فى قوا، الآخر: ¬

(¬1) الآية السادسة من سورة البقرة. وانظر الآية العاشرة من سورة يس. (¬2) سورة إبراهيم 21. (¬3) فرغت منه فى المجلس الرابع والثلاثين. (¬4) وهذا سبق فى أوّل مجلس. (¬5) ديوانه، رضى الله عنه، ص 40، والتخريج فيه، والمقتضب 3/ 298، وأمالى ابن الحاجب 4/ 56، وشرح الكافية الشافية ص 1213. (¬6) علقمة الفحل. ديوانه ص 50، وتخريجه فى ص 145.

سائل فوارس يربوع بشدّتنا … أهل رأونا بسفح القفّ ذى الأكم (¬1) وكما قدّرت بها فى {هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ} (¬2) و {هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ} (¬3) وإنما لم تقدّر فى البيت بقد؛ لوقوع الجملة المبتدئيّة بعدها. /وإذا لم يجز تقديرها بقد، ولم يجز الجمع بين استفهامين، وجب حمل اجتماعهما على ما يصحّ، وفى ذلك قولان: أحدهما للكوفيّين، وهو أنهم يحكمون على «أم» المنقطعة بأنها تكون بمعنى «بل» مجرّدة من الاستفهام، فالتقدير على هذا: بل هل كبير بكى؟ والبصريّون مجمعون على أنها لا تكون بمعنى «بل» إلاّ بتقدير همزة الاستفهام معها (¬4). والقول الآخر: أن يكون أحد الحرفين زائدا، دخوله كخروجه، وإذا حكمنا بزيادة أحدهما، فالأولى أن نحكم بزيادة «هل» لوقوعها حشوا؛ لأن الأغلب أن لا يكون الزائد أوّلا، فالتقدير: بل أكبير بكى؟ ومعنى «لم يقض عبرته»: لم ينفد ماء شئونه. ومعنى «مشكوم» مثاب مجازى. وأما مجىء المنقطعة بعد الهمزة فكقولك: أزيد فى الدار أم جعفر حاضر؟ فالجواب: لا، أو نعم، لأنّ المعنى: بل أجعفر حاضر؟ ووقوعها بعد الخبر، كقولك: قام أخوك أم محمد جالس؟ ومن كلامهم: إنها لإبل أم شاء؟ كأنه رأى أشخاصا من البعد فقال متيقّنا: إنها لإبل، ثم أدركه ¬

(¬1) تقدم فى المجلس السادس عشر. وانظر شعر زيد الخيل (شعراء إسلاميون) ص 206. (¬2) أول سورة الإنسان. (¬3) أول سورة الغاشية. (¬4) راجع أسرار العربية ص 305، والمغنى ص 45، وبدائع الفوائد 1/ 205، والتصريح 2/ 144، والخزانة 11/ 140، ودراسات لأسلوب القرآن الكريم 1/ 313.

الشكّ فأضرب عن ذلك، فقال: أم شاء، على معنى: بل أهى شاء؟ وإذا ورد فى التنزيل شيء من هذا سمّى تركا لكلام وأخذا فى كلام آخر، فمن ذلك قوله تعالى: {الم. تَنْزِيلُ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ. أَمْ يَقُولُونَ اِفْتَراهُ (¬1)} المعنى: بل أيقولون افتراه؟ فهو استفهام أريد به تعنيف المشركين، فأمّا قول الأخطل (¬2): كذبتك عينك أم رأيت بواسط … غلس الظّلام من الرّباب خيالا فإنه أراد: أكذبتك؟ فحذف الهمزة وهو ينويها، ومثله قول عمر بن أبى ربيعة: لعمرك ما أدرى وإن كنت داريا … بسبع رمين الجمر أم بثمان (¬3) أراد: أبسبع؟ والرابع: أن تكون «أم» زائدة، واستشهدوا على هذا بقول ساعدة بن جؤيّة (¬4): /يا ليت شعرى ولا منجا من الهرم … أم هل على العيش بعد الشّيب من ندم التقدير: ليت شعرى! هل على العيش من ندم؟ وقال أبو زيد، فى قوله تعالى جدّه: ¬

(¬1) سورة السجدة 1،2،3. (¬2) ديوانه ص 105، ونقائض جرير والأخطل ص 70، والكتاب 3/ 174، والمقتضب 3/ 295، والكامل ص 793، والمسائل المنثورة ص 190، والمغنى ص 45، وشرح أبياته 1/ 235 - وانظر فهارسه-والخزانة 11/ 131، وانظر فهارسها. والكذب هنا بمعنى الخطأ. راجع النهاية 4/ 159، وأنشد بيت الأخطل. (¬3) سبق فى المجلس الرابع والثلاثين. (¬4) شرح أشعار الهذليين ص 1122، والتخريج فى ص 1493، وضرائر الشعر ص 74، والمغنى ص 48، وشرح أبياته 1/ 284، والخزانة 11/ 62.

{أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ} (¬1): أم زائدة، قال: والتقدير: أفلا تبصرون، أنا خير من هذا الذى هو مهين، وأنشد قول الراجز: يا دهن أم ما كان مشيى رقصا … بل قد تكون مشيتى توقّصا (¬2) قال: المعنى: ما كان مشيى. وقول سيبويه في الآية: أنّ «أم» منقطعة، قال: «كأنّ فرعون قال: أفلا تبصرون أم أنتم بصراء، فقوله: أم أنا خير، بمنزلة قوله: أم أنتم بصراء، لأنهم لو قالوا: أنت خير منه، كان بمنزلة قولهم: نحن بصراء، فكذلك أم أنا خير بمنزلة قوله لو قال: أم أنتم بصراء (¬3)»، وهذا التأويل فى «أم» هاهنا أحسن من الحكم بزيادتها. قول الراجز: «يا دهن» ترخيم دهناء (¬4). والرّقص (¬5): الخبب، عن ابن فارس (¬6). وقال ابن دريد: الرّقص: شبيه بالنّقزان من النّشاط، والقولان متقاربان. والتّوقّص: تقارب الخطو، وقيل: شدّة الوطء، وكلاهما من فعل الهرم. ومن مسائل الفرق بين «أم» و «أو» أنه إذا قال: أخرج زيد أو عمرو؟ فمعناه: أخرج أحدهما؟ فجوابه: لا أو نعم، فإن قلت: نعم، فقد أخبرته ¬

(¬1) سورة الزخرف 52. (¬2) المقتضب 3/ 297، والمنصف 3/ 118، واللسان (أمم)، والموضع السابق من الضرائر والخزانة. (¬3) الكتاب 3/ 173. (¬4) كأن «دهناء» من أسماء النساء. ويروى «يا دهر»، و «يا هند» الخزانة 11/ 65. (¬5) بفتح القاف لا غير، على ما يرى ابن دريد، قال: وهو أحد المصادر التى جاءت على فعل فعلا، وعدّ منها ثمانية، ثم قال: ومن سكّن القاف فقد أخطأ. الجمهرة 2/ 357. قلت: أجازت كتب اللغة والأفعال سكون القاف وفتحها. راجع اللسان (رقص) والأفعال للسرقسطى 3/ 66، ولابن القطّاع 2/ 31. (¬6) المقاييس 2/ 428.

بخروج أحدهما من غير تعيين، فإذا أراد التعيين سأل بأم فقال: أزيد الخارج أم عمرو؟ فالجواب: زيد، إن كان زيد هو الخارج، أو عمرو، إن كان عمرو هو الخارج؛ لأنّ المعنى: أيّهما خرج؟ وكذلك إذا قال: أتصدّقت بدرهم أو دينار؟ فجوابه: لا أو نعم، لأن المعنى: أتصدّقت بأحدهما؟ فإن قلت: نعم، وطلب منك التعيين قال: أبدرهم تصدقت أم دينار؟ أراد بأيّهما تصدّقت؟ ومن مسائل الإيضاح (¬1): آلحسن أو الحسين أفضل أم ابن الحنفيّة؟ /فالجواب: أحدهما، بهذا اللفظ؛ لأنه أراد: أأحد هذين أفضل أم ابن الحنفيّة؟ ومن هذا قول صفيّة بنت عبد المطّلب، وقد جاءها صبيّ يطلب الزّبير ليصارعه فصرعه الزّبير، فقالت له: كيف رأيت زبرا … أأقطا أو تمرا أم قرشيّا صارما هزبرا (¬2) هذه رواية سيبويه (¬3)، وروى غيره: أم قرشيّا صقرا ¬

(¬1) ص 291، والمقتصد ص 950، والخصائص 2/ 266، والمغنى ص 43. (¬2) الكتاب 3/ 182، والمقتضب 3/ 304، والكامل ص 1096، وغريب الحديث للخطابى 2/ 209، وطبقات ابن سعد 3/ 101، وسير أعلام النبلاء 1/ 45، والإصابة 2/ 555، واللسان (زبر). (¬3) الذى فى الكتاب المطبوع «أم قرشيا صقرا». وأشار شيخنا عبد السلام هارون-برّد الله مضجعه-فى حواشيه إلى أن الرواية فى ط، وهى الطبعة الأوربيّة من الكتاب: «أم قرشيا صارما هزبرا»، وكذلك جاءت الرواية عند الشنتمرى فى شرحه لأبيات الكتاب، ثم حكى عنه قوله: «ويروى أم قرشيا صقرا، والرواية الأولى أصحّ، فكأنها أرادت السّجع ولم تقصد قصد الرجز». قلت: وقد رواه الشنتمرىّ أيضا فى كتابه النّكت فى تفسير كتاب سيبويه ص 804: «أم قرشيّا صارما هزبرا» ثم رأيت رواية غريبة، انفرد بها ابن السّيرافىّ: أم حضر ميّا مرّا قال: «أرادت الصّبر الحضرمىّ، يعنى الذى يحمل من ناحية حضر موت «شرح أبيات سيبويه 2/ 190.

وإنما أدخلت «أو» بين الأقط والتمر؛ لأنها لم ترد أن تجعل التمر عديلا للأقط، بمعنى أيّهما؟ ولكنها جعلتهما كاسم واحد، وعادلت بينه وبين قرشىّ، أى: أحد هذين رأيته أم قرشيّا؟ و «زبر» مكبّر الزّبير، ويحتمل أن يكون مصدر زبرت الكتاب: إذا كتبته، وأن يكون مصدر زبرت الرجل: إذا انتهرته، وأن يكون مصدر زبرت البئر: إذا طويتها (¬1)، وأن يكون الزّبر الذى هو العقل، يقال: ما لفلان زبر: أى عقل. والأقط: اللّبن الرائب يطبخ حتى ينعقد، ثم يجعل أقراصا ثم يجفّف فى الشمس. ... ¬

(¬1) ذكره ابن الأعرابى فى كتاب البئر ص 59.

مسألة

مسألة (¬1) سأل سائل عن قراءة من قرأ: {إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} (¬2) برفع «الملائكة»، فقال: ما وجه ذلك؟ فأجبت بأنّ رفع «الملائكة» بالابتداء، و {يُصَلُّونَ} خبر عنها، وخبر «إنّ» محذوف، لدلالة الخبر المذكور عليه (¬3)، فالتقدير: إنّ الله يصلّى على النبىّ، وملائكته يصلّون على النبىّ، فحذف الخبر الأوّل لدلالة الثانى عليه، ونظير ذلك قول الشاعر: نحن بما عندنا وأنت بما … عندك راض والرأى مختلف (¬4) أراد: نحن بما عندنا راضون، فاجتزأ بذكر «راض» عنه، ومثله حذف أحد الخبرين من قول الله جلّ ثناؤه: {وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ} (¬5) ولو كان {أَحَقُّ} خبرا عنهما لقيل «يرضوهما». ويجوز أن يكون قوله: {وَمَلائِكَتَهُ} معطوفا على موضع «إنّ» واسمها؛ ¬

(¬1) هذه المسألة ممّا زادته النسختان ط، د على نسخة الأصل. لكنى وجدت بهامش الأصل هذه العبارة: «من هاهنا مسألة. . . الملحقة فى أول الورقة التى قبل هذه» ولم تظهر هذه الورقة الملحقة فى التصوير، ولا ريب أنها تتضمّن هذه المسألة. (¬2) سورة الأحزاب 56، وقرأ بالرفع ابن عباس، وعبد الوارث عن أبى عمرو. مختصر فى شواذ القراءات ص 120، والبحر 7/ 248، وانظر إعراب القرآن للنحاس 2/ 645، والمغنى ص 606 (الباب الخامس). وممّن قرأ الآية بالرفع، ولكن على وجه الخطأ، محمد بن سليمان الهاشمىّ أمير البصرة، وقد ردّه عليه الأخفش سعيد بن مسعدة. انظر مجالس العلماء للزجاجى ص 54، وأماليه ص 226، وحواشيها. (¬3) وهذا هو رأى البصريين فى توجيه الرفع. (¬4) فرغت منه فى المجلس السابع والثلاثين. (¬5) سورة التوبة 62. وراجع ما تقدّم فى المجلس المذكور.

لأنّ «إنّ» من الحروف التى تدخل على الكلام فلا تغيّر معناه، فموضعها مع اسمها رفع بالابتداء، فالتقدير: الله وملائكته يصلّون على النبىّ. وأجاز أبو علىّ الحسن بن أحمد الفارسىّ أن يكون {يُصَلُّونَ} خبرا عن الله تعالى، والخبر عن الملائكة محذوف، والتقدير: إنّ الله يصلّون (¬1) على النبىّ وملائكته كذلك، وحسن الإخبار عن الله سبحانه بلفظ الجميع تفخيما وتعظيما، كما جاء خطابه بلفظ الجمع فى قوله: {رَبِّ اِرْجِعُونِ} (¬2)، وكما جاء إخباره عن نفسه بلفظ الجميع فى كثير من القرآن، كقوله: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ} (¬3) و {نَحْنُ نَرْزُقُكَ} (¬4) و {إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} (¬5). ... روت الرّواة بإسناد جمعوه، إلى خريم بن أوس بن حارثة بن لأم الطائىّ: أنه قال: هاجرت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منصرفه من تبوك، فأسلمت وعنده يومئذ عمّه العبّاس، فسمعته يقول: إنى أريد أن أقول قولا أثنى عليك به، فقال له: قل يا عمّ، لا يفضض الله فاك، فأنشأ يقول: من قبلها طبت فى الظّلال وفي … مستودع حيث يخصف الورق (¬6) ¬

(¬1) هذا تقدير بارد جدّا، وغفر الله لقائله وحاكيه. ولا يخفى أن التنظير بالآيات الكريمات لا يشفع فى ثقل هذا التقدير، فإن الإخبار عن المولى عز وجل بلفظ الجمع إنما جاء فى كلامه هو تباركت أسماؤه، وكلامه تعالى فى أرفع محلّ من الجلال والبهاء واليسر. وإن فى وضع هذا المثال الذى هو من صنع البشر بإزاء ما تلى من آيات كريمات أبلغ دليل على أن كلامه عز وجل مباين لكلام البشر، وأنه تنزيل من حكيم حميد. (¬2) سورة المؤمنون 99. (¬3) سورة يوسف 3، وسورة الكهف 13. (¬4) سورة طه 132. (¬5) أول سورة القدر. (¬6) خرّجت هذه الأبيات الشريفة فى منال الطالب ص 440، وزد على ما ذكرته هناك: المعجم الكبير للطبرانى 4/ 252،253، واشتقاق أسماء الله للزجاجى ص 231، والمستدرك 3/ 327، والأسماء المبهمة ص 449، وزاد المعاد 3/ 551، ومنح المدح ص 192، وسبل الهدى والرشاد 1/ 90، ثم انظر الموازنة 1/ 271، وطبقات الشافعية الكبرى 10/ 281.

ثم هبطت البلاد لا بشر … أنت ولا مضغة ولا علق بل نطفة تركب السّفين وقد … ألجم نسرا وأهله الغرق (¬1) تنقل من صالب إلى رحم … إذا مضى عالم بدا طبق /حتّى احتوى بيتك المهيمن من … خندف علياء تحتها النّطق وأنت لمّا ولدت أشرقت ال‍ … أرض وضاءت بنورك الأفق فنحن فى ذلك الضّياء وفى النّ‍ … ور وسبل الرّشاد نخترق قوله: «من قبلها»: أى من قبل الخليقة، كنى عن غير مذكور، والعرب تفعل ذلك توسّعا واختصارا، وثقة بفهم السامع. وأقول: إنّ ضمير الغيبة ينقسم إلى أربعة أضرب، أحدها، وهو الأصل: أن يعود إلى شيء قد تقدّم ذكره، كقولك: زيد لقيته، وهند خرجت، وأخواك أكرمتهما، والقوم انطلقوا، وضرب زيد غلامه، ومثله فى التنزيل: {وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ} (¬2) {وَنادى نُوحٌ اِبْنَهُ} (¬3). والثانى: أن يعود إلى مذكور في سياقة الكلام، مؤخّر فى اللفظ، مقدّم فى النيّة؛ لأنّ رتبته التقديم، كقولك: ضرب غلامه زيد، وكقولهم: «فى بيته يؤتى الحكم (¬4)»، ومثله فى التنزيل: {فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى} (¬5) وقوله: {فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ} (¬6). والثالث: أن لا يعود على مذكور، ويلزمه أن يفسّر بنكرة منصوبة، ¬

(¬1) زاد صاحب سبل الهدى بعد هذا البيت بيتا، هو من أزكى الكلام وأشرفه، وهو قوله: وردت نار الخليل مكتتما تجول فيها وليس تحترق (¬2) سورة طه 121. (¬3) سورة هود 42. (¬4) من أمثال العرب. الفاخر ص 76، وجمهرة الأمثال 1/ 368،2/ 101. (¬5) سورة طه 67. (¬6) سورة الرحمن 39.

أو بجملة، فالمفسّر بالمنصوب المنكور المضمر فى نعم وبئس وربّ، كقولك: نعم رجلا زيد، وبئس غلاما بكر، وربّه رجلا أكرمته. والمفسّر بالجملة ضمير الشأن وضمير القصّة، وهو على ضربين: مرفوع ومنصوب، فالمرفوع على ضربين: منفصل ومتّصل مستتر، فمثال المنفصل: هو زيد منطلق، و {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} (¬1) التقدير: الشأن: زيد منطلق، والشأن: الله أحد، وأما المستتر فيضمر فى «كان» كقولك: كان زيد جالس، تريد: كان الشأن: زيد جالس، ومنه قول الشاعر (¬2): فلا أنبأنّ أنّ وجهك شانه … خموش وإن كان الحميم حميم /ومثله: إذا متّ كان الناس نصفان شامت … وآخر مثن بالّذى كنت أصنع (¬3) أراد كان الشأن: الناس نصفان [والمنصوب (¬4)]، كقولك: إنه زيد شاخص. ويكون ضمير القصّة إذا كان الاسم مؤنّثا، كقولك: إنها هند شاخصة، ¬

(¬1) أول سورة الإخلاص. (¬2) عبد قيس بن خفاف البرجمىّ. نوادر أبى زيد ص 386، والإيضاح ص 105، وإيضاح شواهده ص 137، وشرحه المقتصد 1/ 424، والحلبيات ص 256. والبيت من غير نسبة فى شرح ما يقع فيه التصحيف ص 138، وأنشده عن أبى على: ابن أبى الربيع، فى البسيط ص 740. والشاعر يخاطب زوجه، ويحضّها على الصبر إن نزلت بها مصيبة من فقد حميم أو غيره. وهذا «عبد قيس بن خفاف» شاعر جاهلى، يكنى أبا جبيل. قال الشيخ أحمد محمد شاكر رحمه الله: «لم نجد له ترجمة» الشعر والشعراء 1/ 165، قلت: ذكره أبو الفرج فى الأغانى 8/ 246، وأفاد أن أخباره قليلة، ثم ذكر له قصة مع حاتم الطائى. وقد تتبّع هذا الخبر فى مظانّه صديقى الدكتور عادل سليمان، فى ديوان حاتم ص 272،273. وانظر أيضا حواشى الحماسة الشجرية ص 468. (¬3) للعجير السّلولىّ-شاعر أموىّ-الكتاب 1/ 71، وجمل الزجاجى ص 50، والجمل المنسوب للخليل ص 119، والبسيط ص 696، وفى حواشيه فضل تخريج. هذا وقد روى البيت فى نوادر أبى زيد ص 442، والأغانى 13/ 71: «كان الناس نصفين. . .»، ولا شاهد على هذه الرواية. (¬4) سقط من الأصل.

هذا هو الأحسن، ويجوز: إنه هند شاخصة، فضمير الشّأن فى التنزيل: {إِنَّهُ أَنَا اللهُ} (¬1) وضمير القصّة: {فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ} (¬2). وقد جاء ضمير الفاعل مستترا مفسّرا بمفعول؛ لأنه لم يعد إلى مذكور، وذلك على مذهب البصريّين فى باب إعمال الفعلين، فى نحو: أكرمنى وأكرمت زيدا، أردت: أكرمنى زيد، فأضمرت زيدا ولم تحذفه، كما رأى حذفه الكسائىّ، وحسن إضماره لدلالة ما بعده عليه. والضّرب الرابع: أن يعود الضمير إلى معلوم قد تقرّر فى النّفوس، فقام قوّة العلم به وارتفاع اللّبس فيه مقام تقدّم الذّكر له، كقوله تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ} (¬3) و {ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ} (¬4) أضمر الأرض، وكقوله: {فَلَوْلا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ} (¬5)، و {كَلاّ إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ} (¬6)، أضمر النّفس والرّوح، وكقوله: {إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} (¬7)، و {مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامِراً تَهْجُرُونَ} (¬8) أضمر القرآن (¬9) والمسجد الحرام، وقال حاتم الطائىّ: لعمرك ما يغنى الثّراء عن الفتى … إذا حشرجت يوما وضاق بها الصّدر (¬10) ¬

(¬1) سورة النمل 9. (¬2) سورة الحج 46. (¬3) سورة الرحمن 26. (¬4) الآية الأخيرة من سورة فاطر. (¬5) سورة الواقعة 83. (¬6) سورة القيامة 26. (¬7) أول سورة القدر. (¬8) سورة المؤمنون 67. (¬9) هكذا فى النّسخ الثلاث «والمسجد» بالواو، والأولى أن تكون «أو». فقد قال الجمهور إن الضمير فى «به» عائد على الحرم أو المسجد أو البلد الذى هو مكة. وقالت فرقة: الضمير عائد على القرآن. تفسير القرطبى 12/ 136. (¬10) فرغت منه فى المجلس التاسع.

أراد: حشرجت النّفس، أى تردّدت، ومنه قول الأخطل: أخالد هاتى خبّرينى وأعلنى … حديثك إنّى لا أسرّ التّناجيا (¬1) حديث أبى سفيان لمّا سما بها … إلى أحد حتّى أقام البواكيا أراد سما بالخيل. ومن هذا الفنّ فى أشعار المحدثين قول دعبل بن علىّ، فى إبراهيم بن المهدىّ/وقد بويع فى العراق: نفر ابن شكلة بالعراق وأهله … فهفا إليه كلّ أطلس مائق (¬2) إن كان إبراهيم مضطلعا بها … فلتصلحن من بعده لمخارق أراد: مضطلعا بالخلافة، يقال: اضطلع فلان بالأمر: إذا قام به. وشكلة: اسم أمّه. والأطلس: الذئب الأغبر، شبّههم بالذّئاب الطّلس. والمائق: الأحمق. ومخارق: مغنّ كان أوحد فى الغناء. ومن هذا إضمار الخمر فى قول عبد الله بن المعتزّ: وندمان دعوت فهبّ نحوى … وسلسلها كما انخرط العقيق (¬3) ... ¬

(¬1) لم أجد البيتين فى ديوان الأخطل المطبوع، وأيضا لم أجدهما فى كتاب. و «خالد» هنا ترخيم «خالدة». ويرى شيخنا محمود محمد شاكر أن هذا الشعر يستحيل من كلّ الوجوه أن يكون للأخطل، وإنما هو لشاعر من المشركين، أتاه خبر هزيمة المسلمين فى أحد، فهو فى غاية من السرور والشماتة. (¬2) فرغت منه فى المجلس التاسع. (¬3) مثل سابقه.

وقوله: «طبت فى الظّلال»: أى فى ظلال الجنة المذكورة فى قوله تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ} (¬1) والظّلال: جمع ظلّ، وإنما يريد ظلّ شجرها، ويجوز أن يراد أنّ الجنّة كلّها ظلّ لا شمس فيها، كما قال تعالى: {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ} (¬2) وقال: {لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً} (¬3). وقوله: «فى مستودع» أى فى صلب آدم قبل أن يهبط إلى الأرض، كما قال تعالى: {فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ} (¬4) أى مستقرّ فى الأرحام، ومستودع فى الأصلاب. وقوله «حيث يخصف الورق» يعنى حيث خصف آدم وحوّاء عليهما الورق حين بدت سوءاتهما، قال تعالى: {وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ} (¬5) والخصف: ضمّ الشىء إلى الشىء وإلصاقه به، ومنه قولهم: خصفت النّعل: أى رقعتها، وصانعها خصّاف، والإشفى مخصف. وقوله: ثم هبطت البلاد لا بشر … أنت ولا مضغة ولا علق يعنى هبوطه وهو نطفة فى صلب آدم، لم يصر علقا ولا مضغة. والعلق: الدّم الجامد، والمضغة: القطعة من اللّحم. وقوله: «بل نطفة تركب السّفين» يعنى فى صلب نوح، كما جاء فى التنزيل: {وَآيَةٌ لَهُمْ أَنّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} (¬6). ¬

(¬1) سورة المرسلات 41. (¬2) سورة الواقعة 30. (¬3) سورة الإنسان 13. (¬4) سورة الأنعام 98. وقوله تعالى: فَمُسْتَقَرٌّ ضبط فى الأصل بفتح القاف، وضبط فى ط، د بكسرها، وهى قراءة ابن كثير وأبى عمرو. وقد اخترت هذه القراءة لمجيئها فى النسخة ط، وهى نسخة المؤلف، وقرئت عليه، كما سبق، وأيضا فإن شرح المؤلّف بعد يؤكدها، وعلى هذه القراءة يكون «مستقر» اسما غير ظرف، على معنى: فمستقرّ فى الأرحام، بمعنى «قارّ» فى الأرحام. الكشف 1/ 442. (¬5) سورة الأعراف 22. (¬6) سورة يس 41.

/وحذف الهاء من السفينة يحتمل أمرين، أحدهما: أن يكون حذفها ومراده بالسّفين الواحدة، وقد تفعل الشّعراء ذلك، ومنه قول أبى طالب (¬1): وحيث ينيخ الأشعرون ركابهم … بمفضى السّيول من إساف ونائل أراد: نائلة، ونائلة وإساف: صنمان. ومنه قول مالك بن حيّان: ولا نجاوركم إلاّ على ناحى (¬2) أراد: ناحية. والثانى: أن يكون أراد بالسّفين الجمع، واستعمل الجمع فى موضع الواحد، كقولهم: بعير ذو عثانين (¬3)، وشابت مفارقه، وكقول الشاعر: والزّعفران على ترائبها … شرق به اللّبّات والنّحر (¬4) استعمل التّرائب واللّبّات فى موضع التّربية واللّبّة. واللّبّة: موضع القلادة من الصدر، والتّربية والتّريب أيضا: الصّدر، قال (¬5): ¬

(¬1) ديوانه المسمّى غاية المطالب ص 102، والسيرة النبوية 1/ 83،273، والأصنام لابن الكلبى ص 29. (¬2) صدره: إنّا بنو عمّكم لا أن نباعلكم وبعده: وقد بلوتك إذ نلت الثّراء فلم ألقك بالمال إلاّ غير مرتاح يخاطب ابن عمّه حاتما الطائىّ، وكان قد ذهب إليه يطلب عونه على المفاخرة. يقول: لا نباعلكم، أى لا نتزوج منكم ولا تتزوّجون منا. وعلى ناج: أى على ناحية وطرف من الأمر، ولا نجاوركم مجاورة خالصة مطلقة. انظر الشعر وقصّته فى الأغانى 17/ 371. والبيت الشاهد فى الخصائص 3/ 212 من غير نسبة، ونسب فى المحتسب 1/ 144 لمالك بن جبّار الطائى، وكذلك جاء «جبّار» فى الأغانى والموفقيات ص 504، ويقال: جبّار وحيّان. انظر ديوان حاتم ص 176،178،243. (¬3) راجع المجلس الحادى عشر. (¬4) فرغت منه فى المجلس المذكور. (¬5) الأغلب العجلى. والرجز فى شعره (شعراء أمويون) 4/ 152، وتخريجه فى ص 181.

أشرف ثدياها على التّريب فقوله: التّرائب واللّبّات، كأنه جمعهما بما حولهما، وكذلك السّفين يكون على تسمية كلّ جزء من السّفينة سفينة. وقوله: وقد ألجم نسرا وأهله الغرق أراد بنسر: الصّنم الذى كان قوم نوح يعبدونه، وقد ذكره الله تعالى فى قوله: {وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً} (¬1)، وأدخل فيه الشاعر الألف واللام زيادة للضّرورة، فى قوله: أما ودماء مائرات تخالها … على قنّة العزّى، وبالنّسر عندما (¬2) وما سبّح الرّهبان فى كلّ ليلة … أبيل الأبيلين المسيح بن مريما لقد هزّ منّى عامر يوم لعلع … حساما إذا ما هزّ بالكفّ صمّما دماء مائرات: متردّدات. مار الدّم على وجه الأرض يمور: إذا تردّد. وقنّة العزّى: أعلاها، وقنّة الجبل: أعلاه. والعندم: البقّم (¬3)، والعندم: دم الأخوين. والأبيل: الرّاهب (¬4)، فأبيل الأبيلين: راهب الرّهبان. /وصمّم: مضى، يقال: صمّم الرجل فى الأمر: إذا جدّ فيه. ومثل زيادة الألف واللام فى النّسر زيادتها فى اليزيد، من قول الشاعر: ¬

(¬1) سورة نوح 23. (¬2) راجع المجلس الثالث والعشرين. (¬3) صبغ أحمر. وهو فارسىّ معرّب. المعرّب ص 59. (¬4) راجع النهاية 1/ 16.

وجدنا الوليد بن اليزيد مباركا … شديدا بأعباء الخلافة كاهله (¬1) أعباء الخلافة: أثقالها، واحدها: عبء، مثل قمع. والكاهل: أعلى الظّهر. وقوله: تنقل من صالب إلى رحم الصّالب والصّلب: الصّلب، ثلاث لغات. وقوله: إذا مضى عالم بدا طبق الطّبق هاهنا: القرن من الناس، سمّوا بذلك؛ لأنهم كالطّبق للأرض، والطّبق فى غير هذا: الحال، ومنه قوله تعالى: {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ} (¬2) أى حالا بعد حال. وقوله: حتّى احتوى بيتك المهيمن بيت الرّجل: يستعمل بمعنى أصله ومنبته، وبمعنى عترته. والمهيمن: أصله أن يستعمل وصفا لله سبحانه، وهو ممّا جاء لفظه مشبها لفظ المصغّر، وهو مكبّر، كقولهم للمسلّط: مسيطر، وللبيطار: مبيطر. وقد وصف به فى القرآن غير الله، فى قوله: {وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ} (¬3) وقيل فى معنى {وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ} أقوال، قال بعض المفسّرين: وشاهدا عليه، وقال بعضهم: مؤتمنا عليه، وقال آخرون: المهيمن: الحافظ والرّقيب، وأمّا أهل العربيّة، منهم أبو العباس محمد بن يزيد، فقالوا: أصله مؤيمن، وأبدلت من الهمزة (¬4) الهاء، كما قالوا فى أرقت الماء: ¬

(¬1) فرغت منه فى المجلس الثالث والعشرين. (¬2) سورة الانشقاق 19. (¬3) سورة المائدة 48. (¬4) انظر تفسير أسماء الله الحسنى للزجّاج ص 32، واشتقاق أسماء الله للزّجاجى ص 228.

هرقت، وفى إيّاك: هيّاك، وهذا القول موافق لقول من قال من المفسّرين إن معناه: مؤتمن وأمين، وعلى هذا يحمل قوله: حتّى احتوى بيتك المهيمن من خندف علياء. . . أى احتوى بيتك الأمين منزلة علياء من مجد خندف، وسامى شرفها. والنّطق: جمع نطاق، وهو ما يشدّ به الرجل وسطه والمرأة، وهذا مثل ضربه؛ لأنّ النّطاق يشدّ تحت محلّ القلب، فشبّه محلّ شرفه فى خندف بمحلّ القلب من الجسد، /وهو أعلى [من (¬1)] مكان النّطاق. وقوله: ضاءت بنورك الأفق. أنّث الأفق حملا على المعنى؛ لأنّ معناه الناحية. ودليل تذكيره قوله تعالى: {وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ} (¬2) وأراد بالأفق الآفاق، ولكنّه استعمل الواحد فى موضع الجمع، كما جاء فى التنزيل: {وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ} (¬3) و {خَلَصُوا نَجِيًّا} (¬4) {وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً} (¬5) ومثله فى الشّعر: قد عضّ أعناقهم جلد الجواميس (¬6) …. وقول الآخر: كلوا فى نصف بطنكم تعفّوا … فإنّ زمانكم زمن خميص (¬7) ¬

(¬1) تكملة من ط، د، ومكانها فى الأصل بياض. (¬2) سورة التكوير 23. (¬3) سورة التحريم 4. (¬4) سورة يوسف 80. (¬5) سورة النساء 69. (¬6) فرغت منه فى المجلس التاسع والأربعين. (¬7) سبق فى المجلس الثامن والثلاثين.

ويقال: ضاء المكان وأضاء، وضاءت النار وأضاءت، غير متعدّيين، وقد استعملوا أضاء متعدّيا، فقالوا: أضاءت النار المكان، قال الشاعر: حضأت له نارى فأبصر ضوأها … وما كاد لولا حضأة النار يبصر (¬1) دعته بغير اسم هلمّ إلى القرى … فأسرى يبوع الأرض والنار تزهر فلمّا أضاءت شخصة قلت مرحبا … هلمّ وللصّالين بالنار أبشروا حضأت النار، مهموز، وحضوتها، لغتان: سعرتها. ويبوع الأرض: يقطعها. ... ¬

(¬1) الأبيات من حماسيّة مجهولة القائل. شرح الحماسة للمرزوقى ص 1646، وتخريجها فى متن الحماسة للدكتور عبد الله عسيلان 2/ 301.

المجلس الثامن والسبعون ذكر أقسام «إما» المكسورة و «أما» المفتوحة

المجلس الثامن والسبعون ذكر أقسام «إمّا» المكسورة و «أمّا» المفتوحة فمن معانى المكسورة أنها تكون للشّكّ، كقولك: جاءنى إمّا زيد وإمّا جعفر، فأنت فى هذا القول متيقّن أنه جاءك أحدهما، وغير عالم به أيّهما هو، وكذلك: لقيت إمّا زيدا وإمّا جعفرا. والثانى: أنها تكون للتخيير، كقولك لمن تخيّره فى مالك: خذ إمّا ثوبا وإمّا دينارا، ومثله قوله تعالى: {إِمّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً} (¬1)، وقوله: {إِمّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ} (¬2) وقوله: {إِمّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقى} (¬3)، /وقوله: {فَإِمّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمّا فِداءً} (¬4) هذا كلّه تخيير، إنما هو هذا أو هذا، وانتصاب «منّا وفداء» على تقدير: فإمّا تمنّون منّا، وإمّا تفادون فداء. والثالث: أن تكون للإباحة، كقولك: تعلّم إمّا الفقه وإمّا النّحو، فإن ¬

(¬1) سورة الكهف 86. (¬2) سورة التوبة 106، وجاء فى النّسخ الثلاث «فإما» بإقحام الفاء، خطأ. وقد وهمّ ابن هشام ابن الشجرى فى جعله «إما» فى هذه الآية للتخيير. قال الدّمامينىّ: «ولم يبيّن المصنّف وجه الوهم، وكأنه ما تقرّر من أنه لا بدّ من أن يكون حرف التخيير مسبوقا بطلب، وليس هنا طلب. ولابن الشجرىّ أن يمنع اشتراط ذلك، ويقول: المعنى بكونها للتخيير دخولها بين شيئين أو أشياء يكون للمتكلم أو للسامع الخيرة فى فعل ما شاء من الأمرين المذكورين». راجع دراسات لأسلوب القرآن الكريم 1/ 339. والمغنى ص 60 قلت: ابن الشجرىّ مسبوق فى ذلك بالهروىّ، فهو الذى عدّ الآية الكريمة من التخيير، فإن كان إيراد فعلى الهروىّ، راجع الأزهية ص 149، وابن الشجرىّ كثير الإناخة عليه، كما نبّهت كثيرا. (¬3) سورة طه 65. وانظر دراسات لأسلوب القرآن الكريم 1/ 341. (¬4) الآية الرابعة من سورة محمد صلّى الله عليه وسلم.

تعلّمهما معا فقد أطاع، وإن تعلّم أحدهما فقد أطاع، فهى فى هذه المعانى الثلاثة بمنزلة «أو» والفرق بينهما أنك إذا قلت: جاءنى إمّا زيد وإمّا جعفر، فقد بنيت كلامك على الشكّ، وإذا قلت: جاءنى زيد أو جعفر، فإنّما اعترضك الشكّ بعد أن مضى صدر كلامك على اليقين (¬1). ومن الفرق بينهما أن «إمّا» ليست من حروف العطف، كما زعم بعض (¬2) النحويّين، لأنه لا يخلو أن تكون الأولى منهما عاطفة أو الثانية، فلا يجوز أن تكون الثانية عاطفة؛ لأنّ الواو معها، والواو هى الأصل فى العطف، فإن جعلت «إمّا» عاطفة فقد جمعت بين عاطفين، ولا يجوز أن تكون الأولى عاطفة؛ لأنها تقع بين العامل والمعمول، كقولك: خرج إمّا زيد وإمّا بكر، ولقيت إمّا زيدا وإمّا بكرا، فهل عطفت الفاعل على رافعه، أو المفعول على ناصبه؟ فأمّا قوله تعالى: {حَتّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذابَ وَإِمَّا السّاعَةَ} (¬3) فانتصاب {الْعَذابَ} على أنه بدل من قوله: {ما يُوعَدُونَ} وإنما ذكرها من ذكرها من النّحويّين فى حروف العطف تقريبا؛ لأنها بمعنى «أو» ولأنّ إعراب ما بعد الثانية كإعراب ما قبلها. وقد أجازوا أن تأتى بها غير مكرّرة، وذلك إذا كان فى الكلام عوض من تكريرها (¬4)، كقولك: إمّا أن تكلّمنى كلاما جميلا وإلاّ فاسكت، المعنى: وإمّا أن تسكت، واستشهدوا بقول المثقّب العبدىّ: فإمّا أن تكون أخى بصدق … فأعرف منك غثّي من سمينى (¬5) ¬

(¬1) هذا من كلام المبرد فى المقتضب 1/ 11. (¬2) هو أبو على الفارسى، كما جاء بحواشى الأصل. وقد صرّح به فى الإيضاح ص 289، والبغداديات ص 319، والمسائل المنثورة ص 186، وكتاب الشعر ص 7، ثم انظر بدائع الفوائد 4/ 201، ودراسات لأسلوب القرآن الكريم 1/ 338. (¬3) سورة مريم 75، وانظر دراسات 1/ 340. (¬4) راجع الأزهية ص 149، والدراسات 1/ 337. (¬5) البيتان الأوّلان مقطوع بنسبتهما إلى المثقّب، وهما من مقطوعه فى ديوانه ص 211،212، وانظر تخريجهما فى صدر القصيدة. أما البيت الثالث فقد اختلف فى نسبته اختلافا كثيرا، وسبق الكلام-

وإلاّ فاطّرحنى واتّخذنى … عدوّا أتّقيك وتتّقينى فلو أنّا على حجر ذبحنا … جرى الدّميان بالخبر اليقين /وقال الفرّاء: قد أفردت العرب «إمّا» من غير أن تذكر «إمّا» سابقة، وهى تعنى بها «أو» وأنشد: تلمّ بدار قد تقادم عهدها … وإمّا بأموات ألمّ خيالها (¬1) أراد: أو بأموات. واعلم أن «إمّا» لا تقع فى النّهي، لا تقول: لا تضرب إمّا زيدا وإمّا عمرا؛ لأنها تخيير، فكيف تخيّره وأنت قد نهيته عن الفعل، فالكلام إذن مستحيل (¬2). ول‍ «إمّا» وجه رابع: وهو أن تكون مركّبة من «إن» الشرطية و «ما» ويلزمها فى أكثر الأمر نون التوكيد، ولا تكون مكرّرة، كما لا يكون حرف الشرط مكرّرا، كقولك: إمّا تنطلقنّ فإنّى أصحبك، وإمّا تخرجنّ أخرج معك، وفى التنزيل: {وَإِمّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً} (¬3) وفيه: {فَإِمّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً} (¬4)، وفيه: {فَإِمّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ} (¬5) وقد تطرح نون التوكيد من هذا فى الشّعر، كقول الأعشى: إمّا ترينا حفاة لا نعال لنا … إنّا كذلك ما نحفى وننتعل (¬6) ¬

= عليه فى المجلس التاسع والأربعين. وهذا الخلط مما سبق به الهروىّ، راجع الأزهية ص 150، وتأمّل هناك زيادة النسخة (أ). (¬1) للفرزدق. ديوانه ص 618، وينسب لذى الرمة. ملحقات ديوانه ص 1902. وانظر معانى القرآن للفراء 1/ 390، والأزهية ص 151. وزدته تخريجا فى كتاب الشعر ص 85. (¬2) الأزهية ص 151، والدراسات 1/ 337. (¬3) سورة الأنفال 58، وفى النّسخ الثلاث «فإما» بالفاء، وصواب التلاوة بالواو، ونبّهت عليه فى المجلس الثامن والستين. (¬4) سورة مريم 26. (¬5) سورة الأنفال 57. (¬6) فرغت منه فى المجلس الثامن والسّتّين.

وكقوله أيضا: فإمّا ترينى ولى لمّة … فإنّ الحوادث أودى بها (¬1) واختلفوا فى قوله تعالى: {إِنّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمّا شاكِراً وَإِمّا كَفُوراً} (¬2) فذهب البصريّون إلى أنها للتخيير، فانتصاب «شاكرا وكفورا» على الحال، قال الزجّاج: هديناه الطريق، إمّا طريق السعادة أو الشّقاوة، وقال غيره: التخيير هاهنا إعلام من الله أنه يختار ما يشاء ويفعل ما يشاء، وليس التخيير للإنسان، وقيل: هى حال مقدّرة، والمعنى إمّا أن يحدث منه عند فهمه الشكر، فهو علامة السعادة، وإمّا أن يحدث منه الكفر، فهو علامة الشّقاوة (¬3). وأجاز الكوفيّون أن تكون/ «إمّا» هاهنا هى الشرطية، والفرّاء قطع بأنها هى، فقال: معناه: إنّا هديناه السّبيل، إن شكر وإن كفر (¬4). وقال مكيّ بن أبى طالب المغربىّ، فى مشكل إعراب القرآن: أجاز الكوفيّون فى قوله تعالى: {إِنّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمّا شاكِراً وَإِمّا كَفُوراً} أن تكون «إمّا» إن الشرطيّة، زيدت عليها «ما» قال: ولا يجوز هذا عند البصريّين؛ لأن «إن» الشرطيّة لا تدخل على الأسماء، إلا أن تضمر بعد «إن» فعلا، وذلك فى نحو: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اِسْتَجارَكَ} (¬5) أضمر «استجارك» بعد «إن» ودلّ عليه الثانى، فحسن لذلك حذفه، ولا يحسن إضمار فعل بعد «إن» هاهنا؛ لأنه يلزم رفع «شاكر» بذلك الفعل، وأيضا فإنه لا دليل على ذلك الفعل المضمر فى الكلام. انتهى كلامه (¬6). ¬

(¬1) وهذا سبق فى المجلس السادس عشر. (¬2) سورة الإنسان 3. (¬3) معانى القرآن 5/ 257، باختلاف يسير. وراجع الأزهية ص 149، والدراسات 1/ 341. (¬4) معانى القرآن 3/ 214. (¬5) سورة التوبة 6. (¬6) مشكل إعراب القرآن 2/ 435.

وهذا القول منه ليس بصحيح؛ لأن (¬1) النحويّين يضمرون بعد «إن» الشرطيّة فعلا يفسّره ما بعده؛ لأنه من لفظه، فيرتفع الاسم بعد «إن» بكونه فاعلا لذلك المضمر، كقولك: إن زيد زارنى أكرمته، تريد: إن زارنى زيد، وكذلك: إن زيد حضر حادثته، تريد: إن حضر زيد، وكقوله تعالى: {إِنِ اِمْرُؤٌ هَلَكَ} (¬2)، {وَإِنِ اِمْرَأَةٌ خافَتْ} (¬3) {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اِسْتَجارَكَ} هذه الأسماء ترتفع بأفعال مقدّرة، وهذه الظاهرة مفسّرة لها، وكما يضمرون بعد حرف الشرط أفعالا ترفع الاسم بأنه فاعل كذلك يضمرون بعده أفعالا تنصب الاسم بأنه مفعول، كقولك: إن زيدا أكرمته نفعك، تريد: إن أكرمت زيدا، ومنه قول النّمر بن تولب: لا تجزعى إن منفسا أهلكته … وإذا هلكت فعند ذلك فاجزعى (¬4) أراد: إن أهلكت منفسا. وإذا عرفت هذا فليس يلزم {شاكِراً} أن يرتفع فى قول من قال إنّ «إمّا» شرطيّة. وقوله: لا دليل على الفعل المضمر فى الكلام، يعنى/فى قوله: {إِمّا شاكِراً وَإِمّا كَفُوراً} قول بعيد من معرفة الإضمار فى مثل هذا الكلام؛ لأنّ المضمر هاهنا فعل تشهد بإضماره القلوب، وهو «كان» وذلك أنّ سيبويه (¬5) لا يرى إضمار «كان» إلاّ فى مثل هذا المكان، كقولك: أنا أزورك إن قريبا وإن بعيدا، تريد: إن كنت قريبا وإن كنت بعيدا، ومن ذلك البيت المشهور، وهو للنّعمان بن المنذر: ¬

(¬1) حكى ردّ ابن الشجرى ابن هشام فى المغنى ص 60، والزركشى فى البرهان 4/ 246. (¬2) الآية الأخيرة من سورة النساء. (¬3) سورة النساء 128. (¬4) فرغت منه فى المجلس الخامس. (¬5) راجع الكتاب 1/ 258.

قد قيل ذلك إن حقّا وإن كذبا … فما اعتذارك من شيء إذا قيلا (¬1) وقول ليلى الأخيليّة: لا تقربنّ الدّهر آل مطرّف … إن ظالما فيهم وإن مظلوما (¬2) أي إن كنت ظالما وإن كنت مظلوما، وكذلك التقدير: هديناه السّبيل إن كان شاكرا، وإن كان كفورا، وإضمار الفعل بعد حرف الشرط مخصوص به «إن»، وربّما استعمله الشاعر مع غيرها، كقوله: صعدة نابتة فى حائر … أينما الرّيح تميّلها تمل (¬3) الصّعدة: القناة التى تنبت مستوية فلا تحتاج إلى تثقيف، وامرأة صعدة: مستوية القامة، شبّهوها بالقناة. والحائر: المكان الذى يتحيّر (¬4) فيه الماء. ولمكّىّ فى تأليفه مشكل إعراب القرآن، زلاّت سأذكر فيما بعد (¬5) طرفا منها إن شاء الله. ... وأمّا «أمّا» المفتوحة فلها ثلاثة مواضع، أحدها: أن تكون لتفصيل ما أجمله المتكلّم واستئناف (¬6) كلام، كقولك: جاءنى إخوتك، فأمّا زيد فأكرمته، وأمّا خالد فأهنته، وأمّا بكر فأعرضت عنه، قال الله تعالى بعد ذكر السفينة والغلام والجدار: ¬

(¬1) فرغت منه فى المجلس الحادى والأربعين. (¬2) مثل سابقه. (¬3) وهذا تقدّم فى المجلس الموفى الأربعين. (¬4) أى يتردّد. (¬5) انظر ما يأتي فى ص 164. (¬6) عرض ابن الشجرى لهذا فى المجلس السادس والثلاثين.

{أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ} {وَأَمَّا الْغُلامُ فَكانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَيْنِ} {وَأَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ} (¬1). /ومن أحكامها أنها لا يليها إلاّ الاسم، مرفوعا بالابتداء، أو منصوبا بفعل بعده، غير مشغول عنه، وأنّ الفاء تقع بعدها جوابا لها، لتضمّنها معنى الفعل الشّرطىّ، ولتضمّنها معنى الفعل لم يلاصقها فعل. فمثال ارتفاع الاسم بعدها قولك: أمّا زيد فعالم، وأمّا بكر فجاهل، التقدير عند النحويين: مهما يكن من شيء فزيد عالم ومهما يكن من شيء فبكر جاهل. وإذا أوليتها الاسم المنصوب بما بعده قلت مخبرا: أمّا بكرا فأهنت، وأمّا عمرا فأكرمت، وقلت آمرا: أمّا بكرا فحارب، وأمّا عمرا فعاتب، وقلت ناهيا: أمّا عمرا فلا تحارب، وأمّا بكرا فلا تعاتب، قال الله جلّ اسمه: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ. وَأَمَّا السّائِلَ فَلا تَنْهَرْ} (¬2). فإن شغلت الفعل عن الاسم رفعته فقلت: أمّا زيد فأكرمته، وأما خالد فأهنته، كما جاء فى التنزيل: {وَأَمّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ} (¬3) وقد نصب بعض القرّاء «ثمود» بفعل مضمر مفسّر بالفعل الذى بعده، تقديره: وأمّا ثمود فهدينا، وينشدون بيت بشر بن أبى خازم رفعا ونصبا: فأمّا تميم تميم بن مرّ … فألفاهم القوم روبى نياما (¬4) ¬

(¬1) سورة الكهف 79 - 81. (¬2) سورة الضحى 9،10. (¬3) سورة فصلت 17. وقراءة النصب لابن أبى إسحاق وعيسى بن عمر الثقفى، ورويت عن الحسن أيضا فى إحدى قراءتيه. مختصر فى شواذ القراءات ص 133، والبحر 7/ 491، والإتحاف 2/ 442. وانظر الكتاب 1/ 81، وفهارسه 5/ 10، ومعانى القرآن للفراء 3/ 14، وللأخفش ص 75،84، والتبصرة ص 326، وشرح المفصل 2/ 33، وارتشاف الضرب 3/ 109. (¬4) ديوانه ص 190، والكتاب 1/ 82، ومعانى القرآن للأخفش ص 85، وأدب الكاتب ص 81، ومجالس ثعلب ص 191، والمحتسب 1/ 191، والتبصرة ص 327، والأزهية ص 155، ومختارات ابن الشجرى ص 275.

الرّوبى: الذين استثقلوا نوما، الواحد روبان، وقال بعد هذا: وأمّا بنو عامر بالنّسار … غداة لقوا القوم كانوا نعاما (¬1) حذف الفاء من جواب «أمّا» ولا يجوز حذفها فى حال السّعة؛ إلاّ أنها قد جاءت محذوفة فى القرآن مع جملة القول، فكان حذفها أحسن من إثباتها؛ لكثرة حذف القول، وذلك فى قوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ اِسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ} (¬2) أى فيقال لهم: أكفرتم؟ ومثل بيت بشر فى حذفها قول الآخر: فأمّا القتال لا قتال لديكم … ولكنّ سيرا فى عراض المواكب (¬3) والثانى من مواضع «أمّا» أن تكون أخذا فى كلام مستأنف من غير أن يتقدّمها كلام، وعلى هذا يرد ما يأتى فى أوائل الكتب، كقولك: أمّا بعد كذا، فإنّى/فعلت، وأمّا على أثر (¬4) ذلك فإنّى صنعت، واستفتح أبو عليّ كتابه الذى سماه الإيضاح بقوله: «أمّا على إثر ذلك فإنّى جمعت». فالعامل فى الظرف الذى هو «على» عند سيبويه وجميع النحويين «أمّا» لأنّها لنيابتها عن الفعل تعمل فى الظّروف خاصّة، فعلى هذا تقول: أمّا اليوم فإنى خارج، فتعمل «أمّا» فى «اليوم» ولا تعمل فيه «خارجا» لأنّ «إنّ» تقطع ما بعدها عن العمل فيما قبلها؛ فإن قلت: أمّا اليوم فأنا خارج، جاز أن تعمل فى اليوم «أمّا» وجاز أن تعمل «خارجا»، فإن قلت: أمّا زيدا فأنا ضارب، لم يعمل فى «زيد» إلاّ ضارب؛ لأنّ «أمّا» لا تعمل فى المفعول الصريح، وإن قلت: أمّا زيدا فإنّى ضارب، فهذه غير جائزة عند جميع النحويّين إلا أبا العبّاس المبرّد، فإنه أجاز ¬

(¬1) سبق هذا فى المجلس السادس والثلاثين. (¬2) سورة آل عمران 106. (¬3) فرغت منه فى المجلس المذكور. (¬4) يقال: جئت فى أثره، بفتحتين، وإثره، بكسر الهمزة والسّكون-كلّ ذلك صواب-أى تبعته عن قرب.

نصب «زيد» بضارب (¬1)، وممّا أنشده سيبويه قول ابن ميّادة، ولقبه الرّمّاح: ألا ليت شعرى هل إلى أمّ معمر … سبيل فأمّا الصبر عنها فلا صبرا (¬2) ويروى «إلى أمّ جحدر»، فالصبر مبتدأ، والجملة من لا واسمها وخبرها خبر عنه، وخبر «لا» محذوف، أراد: فلا صبر لى، ولا عائد من الجملة على المبتدأ الذى هو «الصبر» لدخوله تحت «الصبر» الثانى، من حيث كان عامّا مستغرقا للجنس، كما دخل «القتال» الأول تحت الثانى فى قوله: فأمّا القتال لا قتال لديكم وكما دخل «زيد» تحت «الرجل» فى قولهم: زيد نعم الرّجل. واعترض بيت ابن ميّادة، وقد كنت ذكرته فيما تقدّم من الأمالى، جويهل (¬3)، فزعم أنّ قافيته مرفوعة، وإنما صغّرته بقولى: جويهل؛ لأنه شويّب (¬4) /استولى الجهل عليه (¬5)، فعدا طوره، وجاوز حدّه، مع حقارة علمه، ورداءة فهمه. وهذا البيت من مقطوعة منصوبة القوافى، وكذلك أورده سيبويه، وقد أوردتها لتعرفها: ألا ليت شعرى هل إلى أمّ معمر … سبيل فأمّا الصبر عنها فلا صبرا (¬6) فأعجب دار دارها غير أنّنى … إذا ما أتيت الدار فارقتها صفرا ¬

(¬1) علّقت عليه فى آخر المجلس السادس والثلاثين. (¬2) فرغت منه فى المجلس المذكور. (¬3) جاء بهامش الأصل أنه ابن الخشاب. وقد ذكرت أسباب عداوة ابن الشجرىّ لابن الخشاب، فيما سبق من الدراسة ص 195. (¬4) فى ط، د «شبيب». (¬5) فى ط، د: على عقله. (¬6) ديوانه ص 133 - 135، بغير هذا الترتيب، ومع بعض اختلاف فى الرواية.

عشيّة أثنى بالرّداء على الحشا … كأنّ الحشا من دونه أشعرت جمرا وإنّى لأستنشى (¬1) … الحديث من اجلها لأسمع عنها وهى نازحة ذكرا وإنّى لأستحيي من الله أن أرى … إذا غدر الخلاّن أنوى لها غدرا قوله: «فارقتها صفرا» أى خاليا ممّا أشتهيه، يقال: صفر المنزل وغيره: إذا خلا، ويقولون فى الدعاء على الرجل: ما له؟ صفر إناؤه! أى ماتت ماشيته. والحشا: واحدة أحشاء الجوف، وهى نواحيه. وقوله: «أشعرت (¬2) جمرا» أى صار لها الجمر كالشّعار، وهو الثوب الذى يلى الجسد. والثالث: من مواضع «أمّا» استعمالها مركّبة من «أن وما» فى قولهم: أمّا أنت منطلقا انطلقت معك، وهى من مسائل سيبويه، وقد ذكرتها فى موضعين (¬3)، وأصلها: أن كنت منطلقا، فحذفوا «كان» وعوّضوا منها «ما» وأدغموا نون «أن» فى ميم «ما» ووضعوا «أنت» في موضع التاء، وأعملوا «كان» محذوفة، وموضع «أن» مع صلتها نصب؛ لأنه مفعول له، والتقدير: لأجل أن كنت منطلقا انطلقت معك، وعلى هذا أنشد سيبويه: أبا خراشة أمّا أنت ذا نفر … فإنّ قومى لم تأكلهم الضّبع (¬4) قال سيبويه: إن أظهرت الفعل كسرت، فقلت: إن كنت منطلقا انطلقت معك. انتهى الكلام فى «أمّا». ¬

(¬1) فى النسخ الثلاث «لأستثنى». وأثبتّ رواية الديوان. وأستنشى الحديث: أتعرّفه وأبحث عنه. الأغانى 2/ 276. (¬2) رواية الديوان: «أسعرت» بالسين المهملة. (¬3) فى المجلسين: الخامس، والثانى والأربعين. (¬4) سبق فى المجلسين المذكورين. وانظر الأزهية ص 156.

/معنى الضبّع، فى قوله: «لم تأكلهم الضبّع» السّنة المجدبة، وروى أنّ رجلا جاء إلى النبىّ عليه السلام، فقال: «يا رسول الله، أكلتنا الضبّع (¬1)» يريد السّنة. ... روى عن أبى الحسن بن كيسان أنه قال: حضرت مجلس إسماعيل القاضى (¬2)، وحضر أبو العباس المبرّد، فقال لى أبو العباس: ما معنى قول سيبويه: «هذا باب ما يعمل فيه ما قبله وما بعده (¬3)» قال: فقلت: هذا باب ذكر فيه سيبويه مسائل مجموعة، منها ما يعمل فيه ما قبله، نحو قولهم: «أنت الرجل دينا، نصبوه على الحال، أى أنت الرجل المستحقّ الرّجوليّة فى حال دين، ومنها ما يعمل فيه ما بعده نحو قولهم: أمّا زيدا فأنا ضارب، فالعامل فى «زيد» هاهنا «ضارب» لأن «أمّا» لا تعمل فى صريح المفعول. ولم يرد سيبويه بقوله هذا أنّ شيئا واحدا يعمل فيه ما قبله وما بعده، هذا لا يكون. فقال لى أبو العباس: هذا لا يوصل إليه إلاّ بعد فكر طويل، ولا يفهمه إلاّ من أتعب نفسه، فقلت له: منك سمعت هذا، وأنت فسّرته لى، فقال: إنّى من كثرة فضولى فى جهد. ... ¬

(¬1) أخرجه أحمد فى المسند 5/ 117،153،154،178،368، وفى الموضع الأول أن الرجل جاء إلى عمر، رضى الله عنه. والهيثمىّ فى مجمع الزوائد (باب استعمال الذهب. من كتاب اللباس) 5/ 150. (¬2) إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل بن حماد بن زيد بن درهم. أبو إسحاق الأزدى القاضى. كان إماما فى العربية. كان المبرد يقول عنه: «القاضى أعلم منى بالتصريف». ولد سنة 200، وتوفى سنة 282، تاريخ بغداد 6/ 284، والبغية 1/ 443. (¬3) لم أجده فى الكتاب بهذا العنوان. والذى وجدته فى صفحة 384 من الجزء الأول (هذا باب ما ينتصب من المصادر لأنه حال صار فيه المذكور) وقد ذكر فيه عبارة «وعمل فيه ما قبله وما بعده»، ثم عولجت فيه المسألتان اللتان ذكرهما ابن كيسان: أنت الرجل دينا. وأمّا زيدا فأنا ضارب، مع بعض اختلاف فى العبارة.

كان الصاحب أبو القاسم إسماعيل بن عبّاد منحرفا عن المتنبي؛ لأنه طلب منه أن يمدحه فأبى، فأظهر لشعره معايب (¬1)، ونسبه إلى أنّ معانيه مسترقة، ثم عمد بعد هذا إلى استراق معنى منه بلفظه ووزنه وقافيته، وهو قوله: وأخلاق كافور إذا شئت مدحه … وإن لم أشأ تملى علىّ وأكتب (¬2) فقال الصاحب فى وصف قصيدة مدح بها سيف الدّولة: وما هذه إلاّ وليدة ليلة … يغور لها شعر الوليد وينضب (¬3) على أنها إملاء مجدك ليس لى … سوى أنّه يملى عليّ وأكتب أراد بالوليد: أبا عبادة البحترىّ. ... /قول أبى الطيّب (¬4). نهبت من الأعمار ما لو حويته … لهنّئت الدّنيا بأنّك خالد ¬

(¬1) وهو ما جمعه فى رسالته: الكشف عن مساوئ المتنبى، وآخر طبعاتها تلك التى صدرت عن دار المعارف بمصر مع الإبانة عن سرقات المتنبى للعميدىّ. (¬2) ديوانه 1/ 181. (¬3) لم أجدهما فى ديوان الصاحب بن عباد، الذى نشره الشيخ محمد حسن آل ياسين ببغداد، ولا فى الفصل الذى ذكره الثعالبى فى ترجمته من اليتيمة 3/ 279، باسم «نبذ من ذكر سرقاته» ولا فى الفصل الذى ذكره فى ترجمة المتنبى 1/ 144، باسم «أنموذج لسرقات الشعراء منه». والبيتان أوردهما شارح ديوان المتنبى-الموضع السابق-عن ابن الشجرى، وإن لم يصرّح. (¬4) ديوانه 1/ 277، وما ذكره ابن الشجرى من تفسير للبيت هو من كلام الواحدى فى شرحه ص 466. وسيعيد ابن الشجرى إنشاده فى المجلس الأخير. والبلاغيون يستشهدون ببيت المتنبى هذا على لون من البديع يسمونه «الاستتباع» وهو المدح بشىء يستتبع المدح بشىء على وجه آخر؛ فإنه وصفه بالشجاعة على وجه استتبع مدحه بكونه سببا لصلاح الدنيا، حيث جعلها مهنأة بخلوده. ويسميه أبو هلال «المضاعفة» الصناعتين ص 424، وانظر سر الفصاحة ص 147، وشرح الكافية البديعية ص 289، ومعاهد التنصيص 3/ 132، وأنوار الربيع 6/ 148.

هذا من أحسن ما مدح به ملك، وهو مدح موجّه، أى ذو وجهين، كالثوب الموجّه، وذلك أنه مدحه فى النّصف الأول بالشجاعة وبالقدرة على نهب الأعمار، وفى النصف الثانى، بأنه لو عاش مقدار ما نهبه من الأعمار كانت الدنيا مهنّأة ببقائه، ولو قال: لبقيت خالدا، لم يكن المدح موجّها. قال عليّ بن عيسى الرّبعىّ: المدح فى هذا البيت من وجوه، أحدها: أنه وصفه بنهب النّفوس دون الأموال. والثانى: أنه كثّر قتلاه، بحيث لو ورث أعمارهم خلد فى الدنيا. والثالث: أنه جعل خلوده صلاحا لأهل الدنيا، بقوله: لهنّئت الدّنيا بأنك خالد والرابع: أنّ جميع مقتوليه لم يكن ظالما فى قتلهم؛ لأنّه لم يقصد بذلك إلاّ صلاح الدّنيا وأهلها، فهم مسرورون ببقائه، فلذلك. قال: لهنّئت الدنيا بأنّك خالد أى هنّىء أهل الدنيا. ... أوّل من ذكر الطير التى تتبع الجيش لتصيب من لحوم القتلى، الأفوه الأودىّ فى قوله (¬1): وترى الطير على آثارنا … رأي عين ثقة أن ستمار ¬

(¬1) ديوانه ص 13 (الطرائف الأديبة)، والوساطة ص 274، والموازنة 1/ 62، وحواشيها، والصناعتين ص 225، والحماسة البصرية 1/ 172، ومعاهد التنصيص 4/ 95، والخزانة 4/ 289.

ثم النابغة الذّبيانىّ فى قوله (¬1): إذا ما غزوا بالجيش حلّق فوقهم … عصائب طير تهتدى بعصائب لهنّ عليهم عادة قد عرفنها … إذا عرّضوا الخطّىّ فوق الكواثب الكاثبة: ما ارتفع من منسج الفرس، والمنسج أمام القربوس (¬2). ثم حميد بن ثور، فى وصف الذّئب: إذا ما عدا يوما رأيت غياية … من الطّير ينظرن الذى هو صانع (¬3) /أصل الغياية: الظّلمة والغبرة، واستعارها للطير المصطفّة فى الجوّ، لأنها تغطّى عين الشمس. ثم أبو نواس يمدح العبّاس بن عبد الله بن جعفر بن المنصور: تتأيّا الطير غدوته … ثقة بالشّبع من جزره (¬4) تأيّيت: تمكّثت، أى تنتظر الطير غدوته للحرب. والجزر: الشاء المذبوحة، واحدتها جزرة، شبّه بها القتلى. ثم مسلم بن الوليد الأنصاريّ، يمدح يزيد بن مزيد الشّيبانىّ، فى قوله (¬5): قد عوّد الطّير عادات وثقن بها … فهنّ يصحبنه فى كلّ مرتحل ¬

(¬1) ديوانه ص 57،58، ودلائل الإعجاز ص 501، والمثل السائر 3/ 281، والمعاهد 4/ 97، والوساطة، والموازنة، والخزانة. (¬2) هو حنو السّرج، وهما قربوسان، والخطّىّ: الرّماح، منسوبة إلى الخطّ، جزيرة معروفة. (¬3) ديوانه ص 106، والتخريج فيه، وزد عليه الموازنة 1/ 63، وما فى حواشيها. (¬4) ديوانه ص 69، والصناعتين ص 226، والموازنة، وحواشيها، ودلائل الإعجاز ص 501، والمثل السائر 3/ 282. (¬5) ديوانه ص 12، والموازنة 1/ 62، وما أورده محققها رحمه الله فى حواشيها. والمثل السائر.

ثم أبو تمّام حبيب بن أوس، فى قوله (¬1): وقد ظلّلت عقبان أعلامه ضحى … بعقبان طير فى الدّماء نواهل أقامت مع الرّايات حتّى كأنّها … من الجيش إلاّ أنها لم تقاتل زعم قوم من نقّاد الشّعر (¬2) أن أبا تمّام زاد عليهم بقوله: «إلا أنها لم تقاتل» وأحسن من هذه الزيادة عندى (¬3) قوله: «فى الدماء نواهل»، وقوله: «أقامت مع الرايات»، وبذلك يتمّ حسن قوله: «إلاّ أنها لم تقاتل» على أنّ الأفوه قد فضل الجماعة بأمور، منها: السّبق، وهى الفضيلة العظمى. والثانى: أنه قال: «رأي عين» فخبّر عن قربها، لأنّها إذا بعدت تخيّلت تخيّلا، وإنما يكون قربها توقّعا لما تصيبه من القتلى، وهذا يؤكّد المعنى. والثالث: أنه قال: «ثقة أن ستمار» فجعلها واثقة بالميرة، ولم يجمع هذه الأوصاف غيره. وأما أبو نواس، فإنّه نقل اللّفظة فى قوله: «ثقة بالشّبع»، ولم يزد فيفضّل، وكذلك مسلم أخذ قوله: «قد عوّد الطّير عادات» من قول النابغة: لهنّ عليهم عادة قد عرفتها وأخذ قوله: «وثقن بها» من قول الأفوه: «ثقة أن ستمار». وقال المتنبّى (¬4): سحاب من العقبان يزحف تحته … سحاب إذا استسقت سقتها صوارمه ¬

(¬1) ديوانه 3/ 82، وأخبار أبى تمام ص 164، وفيه شعر الأفوه والنابغة وأبى نواس ومسلم. والموازنة 1/ 62،3/ 337، والمراجع التى بحواشيها. (¬2) منهم الصولى فى أخبار أبى تمام. وانظر أيضا الصناعتين. (¬3) ليست عنده هو! فإن هذا كلام القاضى على بن عبد العزيز الجرجانى بحروفه. بل إن عبارة «وأحسن من هذه الزيادة عندى» بحروفها من كلام القاضى الجرجانى. وانظر الوساطة ص 274،275. (¬4) ديوانه 3/ 338، والإبانة ص 64، وشرح مشكل شعر المتنبى ص 172، والصبح المنبى ص 74، والمثل السائر 3/ 283.

فزاد أن جعل الطّير والجيش سحابين، وجعل السّحاب الأسفل يسقى السّحاب الأعلى، فغرّب فى هذا، وقد تعنّته فى هذا البيت مقصّر (¬1) فى معرفة التّدقيق فى المعانى بأمرين، أحدهما: أنّ السحاب لا يسقى ما فوقه، والآخر: أنّ الطير لا تستسقى، وإنما تستطعم. وأقول (¬2): أمّا إسقاء السّحاب ما فوقه، وهو الذى غرّب به، فإنه لم يجعل الجيش سحابا فى الحقيقة فيمتنع إسقاؤه لما فوقه، وإنما أقامه مقام السّحاب؛ لأنه طبّق الأرض لكثرته وتزاحمه (¬3)، وغطّاها كما يغطّى السحاب السماء، وقد فعلت العرب ذلك فى أشعارها، ولمّا سمّاه لذلك سحابا جعله يستسقى فيسقى، مع أن الطير لا تصيب من القتلى ما تصيبه وهى فى الجوّ، وإذا كانت تهبط إلى الأرض حتى تقع على القتيل فالسّحاب السّاقى عال عليها. فأمّا استسقاء الطير فجار على عادة العرب فى استعارة هذه اللفظة تعظيما لقدر الماء. قال علقمة بن عبدة، يطلب أن يفكّ أخوه شأس من الأسر، يخاطب بذلك ملك الشام: وفى كلّ حىّ قد خبطت بنعمة … وحقّ لشأس من نداك ذنوب (¬4) وأصل الذّنوب الدّلو العظيمة، وقيل للنّصيب: ذنوب، فى قوله تعالى: {فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوباً مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحابِهِمْ} (¬5) لأنهم كانوا يقتسمون الماء فيأخذ هذا ذنوبا وهذا ذنوبا. وقال رؤبة (¬6): يا أيّها المائح دلوى دونكا … إنى رأيت الناس يحمدونكا ¬

(¬1) هو العميدىّ فى الإبانة عن سرقات المتنبى، الموضع السابق. (¬2) القائل هو القاضى الجرجانى، كما ذكرت. (¬3) هنا وقفت مطبوعة الهند من الأمالى. (¬4) فرغت منه فى المجلس الثانى والسّتّين. (¬5) سورة الذاريات 59. (¬6) هكذا ينسب ابن الشجرى الرجز لرؤبة متابعة للقاضى الجرجانى فى الوساطة، والكلام كلّه-

وهما لم يستسقيا فى الحقيقة ماء، وإنما استطلق أحدهما أسيرا، وطلب الآخر عطاء؛ ولذلك سمّوا السّائل والمجتدى مستميحا، أخذوه من الميح، وهو أن يجمع المائح الماء فى الدّلو، والمائح: الذى ينزل إلى البئر فيملأ الدّلاء. ثم إن سباع الطير قد تلغ فى الدّماء، ولذلك قال أبو تمام: بعقبان طير فى الدّماء نواهل والنّهل لا يكون إلاّ من المشروب دون المطعوم. وقد كرّر أبو الطيّب هذا المعنى فغيّره وألطف، فجاء كالمعنى المخترع، قال (¬1): تفدّى أتمّ الطير عمرا سلاحه … نسور الملا أحداثها والقشاعم وما ضرّها خلق بغير مخالب … وقد خلقت أسيافه والقوائم وذكر الطير فى موضع آخر، فأحسن وجاء بما لم يسبق إليه فقال (¬2): يطمّع الطّير فيهم طول أكلهم … حتى تكاد على أحيائهم تقع ومن مستحسن ما قيل فى هذا المعنى قوله أيضا فى وصف جيش: وذى لجب لا ذو الجناح أمامه … بناج ولا الوحش المثار بسالم (¬3) قال أبو الفتح: أراد أن الجيش يصيد الوحش، والعقبان فوقه تسايره فتخطف الطير أمامه. ¬

= فيها، كما نبّهت عليه. وقد خطّأ البغدادىّ هذه النسبة فى الخزانة 6/ 207، والبيتان لراجز جاهلىّ من بنى أسيّد بن عمرو بن تميم، وقد استفاضت بهما كتب الأدب والنحو واللغة. انظر الخزانة 6/ 200 وحواشيها، ومعانى أبيات الحماسة ص 262، وإصلاح ما غلط فيه أبو عبد الله النمرى ص 76 - 78. (¬1) ديوانه 3/ 379، وشرح مشكل شعر المتنبى ص 240، والفتح على أبى الفتح ص 287، وتفسير أبيات المعانى من شعر أبى الطيب ص 239. (¬2) ديوانه 2/ 225، والصناعتين ص 226، ونسبه لبعض المحدثين. وسيعيده المصنّف فى المجلس الأخير. (¬3) ديوانه 4/ 113.

وقال أبو العلاء المعرّىّ: يقول: إذا طار ذو الجناح أمامه فليس بناج؛ لأنّ الرّماة كثيرة فى الجيش، وإن ثار وحش أدركوه فأخذوه. وقول أبى العلاء إن ذا الجناح تصيبه الرّماة أوجه؛ لأن الشاعر أراد تفخيم الجيش وتعظيمه فلا يفوته طائر ولا وحشىّ. ثم قال: تمرّ عليه الشمس وهى ضعيفة … تطالعه من بين ريش القشاعم (¬1) أراد أن الجيش ارتفع غباره، فالشمس تصل إليه ضعيفة داخلة بين ريش الطير التى تتبعه لتصيب من لحوم القتلى. ثم قال: إذا ضوؤها لاقى من الطير فرجة … تدوّر فوق البيض مثل الدراهم (¬2) وذكر أبو نصر بن نباتة الطير، فزاد زيادة أبدع فيها، فقال (¬3): ويوماك يوم للعفاة مذلّل … ويوم إلى الأعداء منك عصبصب إذا حوّمت فوق الرّماح نسوره … أطار إليها الضّرب ما تترقّب وقال: وإنّك لا تنفكّ تحت عجاجة … تقطّع فيها المشرفيّة بالطّلا إذا يئست عقبانها من خصيلة … رفعت إليها الدّارعين على القنا الخصيلة: كلّ لحمة فيها عصب. والطّلا: الأعناق. وقول أبى تمام: إذا ظلّلت عقبان أعلامه يقال للراية: عقاب، وتجمع عقبانا. ... آخر المجلس ¬

(¬1) ديوانه 4/ 114. (¬2) الموضع المذكور من الديوان. وجاء فى الأصل: «لاقى من الليل»، وأثبتّ ما فى ط، د، والديوان. (¬3) يمدح الحسن بن محمد المهلبىّ. مختارات البارودى 2/ 171.

المجلس التاسع والسبعون ذكر معانى «إن» الخفيفة المكسورة

المجلس التاسع والسبعون ذكر معانى «إن» الخفيفة المكسورة قد تصرّفت العرب فيها، فاستعملتها شرطيّة، ونافية، ومخفّفة من الثقيلة وزائدة مؤكّدة. فإذا كانت نافية، فسيبويه (¬1) لا يرى فيها إلاّ رفع الخبر، يقول: إن زيد قائم، كما تقول (¬2) فى اللغة التّميميّة: ما زيد قائم، وإنّما حكم سيبويه بالرفع بعدها؛ لأنها حرف (¬3) يحدث معنى فى الاسم والفعل، كألف الاستفهام، فوجب لذلك ألاّ يعمل، كما لم يعمل ألف الاستفهام، وكما لم تعمل «ما» النافية فى اللغة التّميميّة، وهو وفاق للقياس، ولمّا خالف بعض العرب القياس فأعملوا «ما» لم يكن لنا أن نتعدّى القياس فى غير «ما». وغير سيبويه أعمل «إن» على تشبيهها بليس، كما استحسن بعض العرب ذلك فى «ما»، واحتجّ بأنه لا فرق بين «إن» و «ما» فى المعنى؛ إذ هما لنفى ما فى الحال، وتقع بعدهما جملة الابتداء، كما تقع بعد «ليس»، وأنشد: إن هو مستوليا على أحد … إلاّ على جزبه الملاعين (¬4) ¬

(¬1) الكتاب 3/ 152، والمقتضب 2/ 362، والأزهية ص 32، وابن الشجرى ينقل عنه وإن لم يصرّح، وقد نبّهت على ذلك مرارا كثيرة. والخزانة 4/ 167، حكاية عن ابن الشجرى. (¬2) فى د: يقول. (¬3) فى المقتضب والأزهية: «حرف نفى». وفى الخزانة: «حرف جحد». (¬4) غير معروف القائل، على شهرته وكثرة دورانه فى الكتب. وانظره فى الأزهية ص 33، ورصف المبانى ص 190، والمقرب 1/ 105، وأوضح المسالك 1/ 291، وارتشاف الضرب 2/ 109، والبحر 1/ 276، والهمع 1/ 125، وغير ذلك كثير تراه فى حواشى شفاء العليل ص 193، والخزانة 4/ 166.

وهو قول الكسائىّ، وأبى العباس المبرّد، ووافق الفرّاء (¬1) فى قوله سيبويه. ولك فى «إن» إذا كانت نافية ثلاثة أوجه: أحدها ألاّ تأتى بعدها بحرف إيجاب، كقولك: إن زيد قائم، إن أقوم معك، كما قال تعالى: {إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بِهذا} (¬2)، وقال: {وَلَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ} (¬3) اللام فى {لَئِنْ} مؤذنة بالقسم، وقوله: {إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ} جواب القسم المقدّر. وقال تعالى: {قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ ما تُوعَدُونَ} (¬4) أى ما أدرى. فأمّا قوله: {وَلَقَدْ مَكَّنّاهُمْ فِيما إِنْ مَكَّنّاكُمْ فِيهِ} (¬5) ففى «إن» قولان، أحدهما أنها نافية، و «ما» بمعنى الذى، فالتقدير: مكّنّاهم فى الذى ما مكّنّاكم فيه. والقول الآخر: أنّ «إن» زائدة، فالتقدير: مكّنّاهم فى الذى مكّنّاكم فيه، والوجه هو القول الأوّل، بدلالة قوله تعالى: {أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنّاهُمْ فِي الْأَرْضِ ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ} (¬6). والثانى من أوجهها الثلاثة: أن تأتى بعدها بإلاّ فاصلة بين الجز أين فتجعل الكلام موجبا، كقولك: إن زيد إلاّ قائم، وإن خرج إلاّ أخوك، وإن لقيت إلاّ زيدا، كما قال تعالى: {إِنِ الْكافِرُونَ إِلاّ فِي غُرُورٍ} (¬7) و {إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلاَّ اللاّئِي وَلَدْنَهُمْ} (¬8) و {إِنْ هُوَ إِلاّ نَذِيرٌ مُبِينٌ} (¬9) و {إِنْ يَقُولُونَ إِلاّ} ¬

(¬1) راجع معانى القرآن 2/ 145، وانظر رأى المبرد فى الموضع السابق من المقتضب. (¬2) سورة يونس 68. (¬3) سورة فاطر 41. (¬4) سورة الجن 25. (¬5) سورة الأحقاف 26. وراجع ما تقدم فى المجلس الثالث والستين. (¬6) سورة الأنعام 6. (¬7) سورة الملك 20. (¬8) سورة المجادلة 2. (¬9) سورة الأعراف 184.

{كَذِباً} (¬1) و {إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاّ إِناثاً} (¬2) {وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاّ قَلِيلاً} (¬3). فأمّا قوله: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلاّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ} (¬4) فالتقدير فيه: وإن أحد من أهل الكتاب، وحذف الموصوف وأقيمت صفته مقامه، ومثله: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاّ وارِدُها} (¬5) التقدير: وإن أحد منكم. والوجه الثالث: أن تدخل «لمّا» التى بمعنى «إلاّ» موضع «إلاّ»، وهى التى فى قولهم: «بالله لمّا فعلت»، وحكى سيبويه: «نشدتك الله لمّا فعلت» (¬6) أى إلاّ فعلت، تقول: إن زيد لمّا قائم، تريد: ما زيد إلاّ قائم، قال الله تعالى: {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمّا عَلَيْها حافِظٌ} (¬7)، وقال: {وَإِنْ كُلٌّ لَمّا جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ} (¬8)، {وَإِنْ كُلُّ ذلِكَ لَمّا مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا} (¬9). وقد قرئت هذه الآيات بتخفيف الميم (¬10)، فمن شدّد جعل «لمّا» بمعنى «إلاّ»، و «إن» نافية، فالمعنى: ما كلّ نفس إلاّ عليها حافظ، وكذلك الآيتان الأخريان. ومن خفّف الميم جعل «ما» زائدة، و «إن» مخفّفة من الثقيلة، واللام ¬

(¬1) سورة الكهف 5. (¬2) سورة النساء 117. (¬3) سورة الإسراء 52. (¬4) سورة النساء 159. (¬5) سورة مريم 71. (¬6) الكتاب 3/ 105. (¬7) سورة الطارق 4. (¬8) سورة يس 32. (¬9) سورة الزخرف 35. (¬10) راجع المجلسين: السادس والأربعين، والثامن والستين، ثم انظر إعراب ثلاثين سورة ص 41.

للتوكيد، فارقة بين النافية والموجبة، والمعنى: إنّ كلّ نفس لعليها حافظ، والكوفيّون يقولون فى هذا النّحو: إن نافية، واللام بمعنى «إلاّ»، وهو من الأقوال البعيدة. والمخفّفة من الثقيلة لك فيها وجهان: إن شئت رفعت ما بعدها بالابتداء، وألزمت خبرها لام التوكيد، فقلت: إن زيد لقائم، تريد: إنّ زيدا لقائم. هذا هو الوجه؛ لأنها إنّما كانت تعمل بلفظها وفتح آخرها، على التشبيه بالفعل الماضى، فلما نقص اللفظ وسكن الآخر بطل الإعمال، فمن ذلك قول النابغة (¬1): وإن مالك للمرتجى إن تقعقعت … رحى الحرب أو دارت علىّ خطوب وقول آخر: إن القوم والحىّ الذى أنا منهم … لأهل مقامات وشاء وجامل (¬2) الجامل: الجمال، وكذلك الباقر: البقر، وإنما ألزمت خبرها اللام إذا رفعت؛ لئلاّ تلتبس بالنافية لو قلت: إن زيد قائم. وإن شئت نصبت فقلت: إن زيدا قائم، وإن أخاك خارج، وتستغنى عن اللام إذا نصبت؛ لأنّ النصب قد أبان للسامع أنّ الكلام إيجاب، وإن استعملت اللام مع النصب جاز، وأنشدوا بالنصب قول الشاعر: كليب إن الناس الذين عهدتهم بجمهور حزوى فالرياض لدى النّخل (¬3) نصب «الناس» على نيّة تثقيل «إن»، وعلى هذا قراءة من قرأ: {وَإِنَّ} ¬

(¬1) هكذا ينسبه ابن الشجرى للنابغة، متابعا الهروىّ فى الأزهية ص 34، وليس فى أشعار النوابغ الثلاثة المطبوعة: الذبيانى والجعدى والشيبانى. (¬2) فى الموضع السابق من الأزهية. وشاء وجامل، أى شياه وجمال. (¬3) الأزهية ص 35، واللامات لصاحب الأزهية ص 114. والجمهور: الرملة المشرفة على ما حولها المجتمعة. وحزوى: اسم موضع.

{كُلاًّ لَمّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمالَهُمْ} (¬1). وإذا بطل عمل المخفّفة جاز أن يقع بعدها الفعل، فلم يكن بينها وبين النافية فرق فى ذلك إلاّ باللام، تقول فى النافية: إن قام زيد، وإن ضربت زيدا، وتقول فى المؤكّدة: إن قام لزيد، وإن ضربت لزيدا، تدخل اللام على الفاعل وعلى المفعول، للفرق بين الإيجاب والنفى، قال: شلّت يمينك إن قتلت لمسلما … وجبت عليك عقوبة المتعمّد (¬2) وكذلك تقول: إن كان زيد منطلقا، تريد: ما كان زيد منطلقا، وتقول: إن كان زيد لمنطلقا، تريد: إنه كان زيد منطلقا، فتدخلها على خبر «كان»، كما جاء فى التنزيل: {وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ} (¬3)، {إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولاً} (¬4) وعلى خبر كاد: {وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ} (¬5)، وعلى المفعول الثانى من باب الظّنّ: {وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكاذِبِينَ} (¬6)، {وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ} (¬7) «إن» فى هذه المواضع مخفّفة من الثقيلة بإجماع البصريّين، واللام لام التوكيد (¬8)، والكوفيون يجعلونها النافية، ويزعمون أنّ اللام بمعنى «إلاّ»، وقد ذكرت أنه قول ضعيف بعيد. ¬

(¬1) سورة هود 111، وراجع المجلس السادس والأربعين. (¬2) البيت لعاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل، من أبيات ترثى بها زوجها الزبير بن العوام رضى الله عنه، وتخاطب عمرو بن جرموز. أسماء المغتالين، والمردفات من قريش (نوادر المخطوطات) 1/ 64، 2/ 158، والبغداديات ص 178، والمحتسب 2/ 255، وسر صناعة الإعراب ص 548،550، واللامات للزجاجى ص 121، والأزهية ص 37، والتبصرة ص 458، والإنصاف ص 641، والمغنى ص 24، وشرح أبياته 1/ 89، وأوضح المسالك 1/ 368، والخزانة 10/ 373، وغير ذلك كثير تراه فى حواشى المحققين. (¬3) سورة يوسف 3. (¬4) سورة الإسراء 108. (¬5) سورة الإسراء 73. (¬6) سورة الشعراء 186. (¬7) سورة الأعراف 102. (¬8) وهى الفارقة أيضا بين النافية والمخففة من الثقيلة. وانظر العضديات ص 69.

وأمّا الزائدة فقد زادوها بعد «ما» النافية، كافّة لها عن عملها، فى لغة أهل الحجاز، فيقع بعدها المبتدأ والخبر، والفعل والفاعل، تقول: ما إن زيد قائم، وما إن يقوم زيد، وما إن رأيت مثله. قال فروة بن مسيك (¬1): فما إن طبّنا جبن ولكن … منايانا ودولة آخرينا طبّنا: شأننا. وقال النابغة (¬2): ما إن أتيت بشىء أنت تكرهه … إذن فلا رفعت سوطى إلىّ يدى وقال امرؤ القيس (¬3): حلفت لها بالله حلفة فاجر … لناموا فما إن من حديث ولا صال أراد: فما حديث، فزاد «إن» و «من» وقد زادها آخر بعد «ما» المصدريّة فى قوله (¬4): ورجّ الفتى للخير ما إن رأيته … على السّنّ خيرا لا يزال يزيد أراد: لا يزال يزيد خيرا. ¬

(¬1) المرادىّ. رضى الله عنه. السيرة النبوية 2/ 582، والكتاب 3/ 153،4/ 221، والأصول 1/ 236،2/ 196،258، والبصريات ص 650، والبغداديات ص 280، والعضديات ص 70، والوحشيات ص 28، والصاحبى ص 176، وفرحة الأديب ص 202، والأزهية ص 40، والمغنى ص 25، وشرح أبياته 1/ 102، والخزانة 4/ 112، وغير ذلك كثير تراه فى حواشى المحققين. (¬2) ديوانه ص 20، والأزهية ص 41، والخزانة 8/ 449 وحواشيها. (¬3) ديوانه ص 32، والأزهية ص 41، وللنحاة فى هذا البيت شاهد آخر، انظر الأصول 1/ 242، وشرح الجمل 1/ 527، وشواهد التوضيح والتصحيح ص 225، والخزانة 10/ 71 وحواشيها. (¬4) المعلوط-بوزن مضروب-بن بدل القريعى، وهو شاعر إسلامى. السّمط ص 434، والبيت الشاهد فى الكتاب 4/ 222، والأصول 2/ 206،3/ 173، والبغداديات ص 280،427، والخصائص 1/ 110، والأزهية ص 42، وضرائر الشعر ص 61،196، والمغنى ص 25 - وانظر فهارسه-وشرح أبياته 1/ 111، وفهارسه. وانظر حواشى المحققين.

وقد ذكروا لهذا الحرف معنى خامسا، فقالوا: إنه بمعنى «إمّا» فى قول النّمر ابن تولب (¬1): سقته الرّواعد من صيّف … وإن من خريف فلن يعدما قال سيبويه (¬2): أراد: وإمّا من خريف، وحذف «ما» لضرورة الشّعر، وإنما يصف وعلا، وقبل هذا البيت: فلو أنّ من حتفه ناجيا … لكان هو الصّدع الأعصما والمعنى: سقته الرّواعد من مطر الصيف، وإمّا فى الخريف فلن يعدم السّقى. وقال الأصمعىّ: «إن» هاهنا للشّرط، أراد: وإن سقته من خريف فلن يعدم الرّىّ. وبقول الأصمعىّ أخذ أبو العباس المبرّد (¬3)؛ لأنّ «إمّا» تكون مكرّرة، وهى هاهنا غير مكرّرة، واحتجّ من قال بقول سيبويه أنه وصفه بالخصب، وأنه لا يعدم الرّىّ، ويجب فى قول الأصمعىّ أن لا يقطع له بالرّىّ؛ لأنه إذا كانت «إن» للشّرط لم يقطع له بأنّ الخريف يسقيه، كما تقول: إن حضر زيد أكرمته، فلا يقطع له بالحضور، كما يقطع له به فى قولك: إذا حضر زيد أكرمته، ولذلك تقول: أسافر إذا جاء الصّيف، ولا تقول: أسافر إن جاء الصيف؛ لأن الصيف لا بدّ من مجيئه، فكأنه قال: وإن سقاه الخريف فلن يعدم الرّىّ، فدلّ هذا على أنه يعدم الرّىّ إن لم يسقه الخريف. وقول الأصمعىّ قوىّ من وجهين، أحدهما أنّ «إمّا» لا تستعمل ¬

(¬1) رضى الله عنه، والبيت فى ديوانه ص 104، وتخريجه فيه، وفى كتاب الشعر ص 85، والأزهية ص 47. (¬2) الكتاب 1/ 267،3/ 141. (¬3) راجع حواشى المقتضب 3/ 28.

إلاّ مكرّرة، أو يكون معها ما يقوم مقام التكرير، كقولك: إما أن تتحدّث بالصّدق وإلاّ فاسكت، وإمّا أن تزورنى أو أزورك، وهذا معدوم فى البيت. والثانى: أنّ مجىء الفاء فى قوله: «فلن يعدما» يدلّ على أنّ «إن» شرطيّة؛ لأنّ الشرطيّة تجاب بالفاء. و «إمّا» لا تقتضى وقوع الفاء بعدها، ولا يجوز ذلك فيها، تقول: إمّا تزورنى وإما أزورك، ولا يجوز: وإمّا فأزورك، فبهذين كان قول الأصمعىّ عندى أصوب القولين. وكذلك اختلفوا فى قول دريد بن الصّمّة (¬1): لقد كذبتك عينك فاكذبنها … فإن جزعا وإن إجمال صبر قال سيبويه (¬2): فهذا على «إمّا» ولا يكون على «إن» التى للشّرط؛ لأنها لو كانت للشّرط لاحتيج إلى جواب؛ لأنّ جواب «إن» إذا لحقتها الفاء لا يكون إلاّ بعدها، فإن لم تلحقها الفاء فقلت: أكرمك إن زرتنى، سدّ ما تقدّم على حرف الشّرط مسدّ الجواب، ولو ألحقت الفاء فقلت: أكرمك فإن زرتنى، لم يسدّ أكرمك مسدّ جواب الشّرط، فلا بدّ أن تقول: أكرمك فإن زرتنى زدت فى إكرامك، أو ما أشبه هذا، فلذلك بطل أن يكون قوله: «فإن جزعا» على معنى الشّرط، وحملت «إن» على معنى «إمّا»، وحذفت «ما» للضرورة، والمعنى: فإن ما جزعت جزعا، وإمّا أجملت إجمال صبر. وقال غير سيبويه: هو على «إن» التى للشّرط، والجواب محذوف، فكأنه ¬

(¬1) ديوانه ص 110، والتخريج فيه، وفى كتاب الشعر ص 86، والأزهية ص 49، وقوله: «كذبتك» بفتح الكاف، و «فاكذبنها» بنون التوكيد الخفيفة، هكذا جاء فى النّسخ الثلاث من الأمالى، وكذلك جاء فى كتاب سيبويه 1/ 266، على أن البيت خطاب للمذكّر. وجاء فى الخزانة 11/ 113 «وهذا تحريف من النّسّاخ، وإنما الرواية «فاكذبيها» بالياء، والكافان مكسورتان؛ لأنه خطاب مع امرأته». قلت: وقد نبّه على هذا ابن السّيرافىّ فى شرحه لأبيات الكتاب 1/ 208. وهى رواية الديوان. وانظر سمط اللآلى ص 436. (¬2) الموضع السابق من الكتاب، وابن الشجرى يحكى كلام سيبويه بلفظ الهروىّ فى الأزهية ص 49،50.

قال: إن كان شأنك جزعا شقيت به، وإن كان إجمال صبر سعدت به. وقول سيبويه هو القول المعوّل عليه؛ لأنه غير مفتقر إلى هذا الحذف، الذى هو حذف كان ومرفوعها، وحذف جوابين لا دليل عليهما. الصّدع: الفتىّ من الأوعال. وواحد الأوعال وعل، وهو تيس الجبل. وفى الأعصم قولان، قيل: هو الذى فى رسغه بياض، والرّسغ: موصل الكفّ فى الذّراع، وموصل القدم فى السّاق، ويقال لموصل الكفّ فى الذّراع: المعصم. وقيل: إنه سمّى أعصم؛ لاعتصامه فى قلّة الجبل. وزعم قوم أنّ «إن» قد وردت بمعنى «إذ»، واستشهدوا بقوله تعالى: {وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (¬1) فقالوا: المعنى: إذ كنتم مؤمنين؛ لأنّ الخطاب للمؤمنين، ولو كانت «إن» للشرط لوجب أن يكون الخطاب لغير المؤمنين، ومثله: {وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (¬2)، ومثله أيضا: {فَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (¬3). وقال من ردّ هذا القول: إن للشّرط، والمعنى: من كان مؤمنا ترك الرّبا، ومن كان مؤمنا لم يخش إلاّ الله. وهذا أصحّ القولين. وقد حكى قطرب بن المستنير أنّ «إن» قد جاءت بمعنى «قد»، وهو من الأقوال التى لا ينبغى أن يعرّج عليها (¬4). ¬

(¬1) سورة البقرة 278. (¬2) سورة آل عمران 139. (¬3) سورة التوبة 13. وفى النّسخ الثلاث «والله» بالواو، خطأ. (¬4) الأزهية ص 39. ويستشهد قطرب ببعض الآيات السابقة فى ص 147.

ذكر أقسام «أن» المفتوحة الخفيفة

ذكر أقسام «أن» المفتوحة الخفيفة فأحد أقسامها: أن تدخل على الفعل فتكون معه فى تأويل مصدره، إن كان ماضيا أو مستقبلا أو أمريّا. وهذا الحرف أحد الحروف الموصولة، فيكون مع صلته فى تأويل مصدر، فى موضع رفع أو نصب أو خفض، فكونه فى موضع رفع، مثاله: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} (¬1) أى وصومكم، ومثله: {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى} (¬2) أى وعفوكم. ومن المرفوع بكان: {أَكانَ لِلنّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنا} (¬3) {فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاّ أَنْ قالُوا} (¬4) فى قراءة من نصب الجواب. ومن المنصوب: {يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ} (¬5) و {إِنّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ} (¬6) معناه: بأن أنذر قومك، فلمّا حذفت الباء تعدّى الفعل فنصب، ومنه فى أحد القولين: {ما قُلْتُ لَهُمْ إِلاّ ما أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اُعْبُدُوا اللهَ} (¬7). ¬

(¬1) سورة البقرة 184. (¬2) سورة البقرة 237. (¬3) سورة يونس 2. (¬4) سورة النمل 56، والعنكبوت 24،29، وفى النّسخ الثلاث وَما بالواو، وهى الآية 82 من سورة الأعراف، وقد اخترت تلاوة النمل والعنكبوت؛ لأن الكلام على قراءة الرفع والنصب إنما جاء فيهما، فقد قالوا إن قراءة الجمهور فيهما بالنصب، وقرأ بالرفع الحسن وابن أبى إسحاق. انظر المحتسب 2/ 141، وإعراب القرآن للنحاس 2/ 529، والبحر 7/ 86 - وانظر أيضا 4/ 334 - والإتحاف 2/ 331، والمغنى ص 453. وأيضا فإن الآية فى الأزهية ص 51 فَما بالفاء، وابن الشجرى ينقل عنه، وإن لم يصرح. وقد ذكرت فيما تقدم علّة النحويّين فى اعتبار المصدر المؤوّل هو المبتدأ أو اسم كان. راجع المجلس الخامس والسبعين فى الكلام على قول الشاعر: فكان سيّان ألا يسرحوا نعما أو يسرحوه بها واغبرّت السّوح راجع ص 72 من هذا الجزء. (¬5) سورة النساء 28. (¬6) أول سورة نوح. (¬7) سورة المائدة 117.

قوله: {أَنِ اُعْبُدُوا اللهَ} فى موضع نصب على البدل من قوله: {ما أَمَرْتَنِي بِهِ}، ويجوز أن تكون «أن» هاهنا مفسّرة بمعنى «أى» فلا يكون لها موضع من الإعراب. ومثال المجرور: {قالُوا أُوذِينا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا} (¬1) أى من قبل إتيانك. وتقع بعد «عسى» فتكون مع صلتها فى تأويل مصدر منصوب، إذا كانت عسى ناقصة، كقولك: عسى زيد أن ينطلق، ومثله: {عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ} (¬2)، وتكون فى تأويل مصدر مرفوع إذا كانت عسى تامّة، كقولك: عسى أن أنطلق، ومثله: {وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً} {وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً} (¬3). والقسم الثانى من أقسامها: أن تكون مخفّفة من الثقيلة، ويليها الاسم والفعل، فإذا وليها الاسم فلك فيه مذهبان: أحدهما أن تنصبه على نيّة تثقيلها، تقول: علمت أن زيدا قائم، قال الشاعر: فلو أنك فى يوم الرّخاء سألتنى … فراقك لم أبخل وأنت صديق (¬4) وقال كعب بن زهير (¬5): وقد علم الضيف والمرملون … إذا اغبرّ أفق وهبّت شمالا ¬

(¬1) سورة الأعراف 129. (¬2) سورة الإسراء 8. (¬3) سورة البقرة 216. (¬4) معانى القرآن 2/ 90، والمنصف 3/ 128، والأزهية ص 54، والإنصاف ص 205، والمقرب 1/ 111، وشرح المفصل 8/ 71،73، والمغنى ص 31، وشرح أبياته 1/ 147، والخزانة 5/ 426، وانظر فهارسها. (¬5) هكذا جاءت نسبة البيتين لكعب، وليسا فى ديوانه، وابن الشجرى يتابع الهروىّ فى الأزهية ص 55. والبيتان من قصيدة لجنوب أخت عمرو ذى الكلب الهذلية، ترثى أخاها عمرا. الحماسة الشجرية ص 308، ورواية البيت هناك: بأنك كنت الربيع المغيث لمن يعتريك وكنت الثمالا -

بأنك ربيع وغيث مريع … وقدما هناك تكون الثّمالا والمرملون: الذين لا زاد معهم. والمريع: الكثير النّبات، غيث مريع، ومكان مريع، وقد مرع المكان وأمرع. وقوله: «وهبّت شمالا» أضمر الرّيح ولم يجر لها ذكر، فنصب شمالا على الحال، وقد أشبعت الكلام فى هذا النّحو. و «هناك» فى هذا البيت ظرف زمان، وإنما وضع ليشار به إلى المكان، واتّسع فيه، ومثله فى التنزيل: {هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلّهِ الْحَقِّ} (¬1) و {هُنالِكَ دَعا زَكَرِيّا رَبَّهُ} (¬2). والثّمال: الغياث. وممّا جاءت فيه «أن» معملة على هذا الوجه من أشعار المحدثين قول المتنبّى (¬3): وأنك بالأمس كنت محتلما … شيخ معدّ وأنت أمردها فى قوله: «محتلما» كلام رأيت إيراده لما فيه من الفائدة، وذلك أنّ «محتلما» حال، وخبر «كان» قوله: «شيخ معدّ»، والعامل فى الحال «كان»، ومن منع من إعمال «كان» فى الأحوال فغير مأخوذ بقوله؛ لأنّ الحال فضلة فى الخبر منكورة، فرائحة الفعل تعمل فيها، فما ظنّك بكان، وهى فعل ¬

= ولا شاهد فيه والبيت برواية النحويين فى معانى القرآن، الموضع السابق، والخزانة 4/ 382 والتخريج فى حواشيها وحواشى الحماسة الشجرية. (¬1) سورة الكهف 44. (¬2) سورة آل عمران 38. (¬3) ديوانه 1/ 310.

متصرّف، تعمل الرفع والنّصب فى الاسم الظاهر والمضمر، وليست «كان» فى نصبها الحال بأسوأ حالا من حرف التنبيه والإشارة، وحكى أبو زكريّا فى تفسيره لشعر المتنبّى، عن أبى العلاء المعرّى أنه قال: زعم بعض النحويّين أنّ «كان» لا تعمل فى الحال. قال: وإذا أخذ بهذا القول جعل العامل فى «محتلما» من قوله: وأنك بالأمس كنت محتلما الفعل المضمر الذى عمل فى قوله: «بالأمس». وأقول: إنّ هذا القول سهو من قائله وحاكيه؛ لأنّك إذا علّقت قوله «بالأمس» بمحذوف، فلا بدّ أن يكون «بالأمس» خبرا لأن أو لكان؛ لأنّ الظّرف لا يتعلّق بمحذوف إلاّ أن يكون خبرا أو صفة أو حالا أو صلة، ولا يجوز أن يكون خبرا لأن ولا لكان؛ لأنّ ظروف الزمان لا توقع أخبارا للجثث، ولا صفات لها، ولا صلات ولا أحوالا منها. وإذا استحال أن يتعلّق قوله «بالأمس» بمحذوف، علّقته بكان، وأعملت «كان» فى «محتلما». والوجه الثانى من وجهى إعمال «أن»: أنّك تعملها فى مقدّر، وهو ضمير الشأن، وتوقع بعدها الجملة خبرا عنها، كقولك: علمت أن زيد قائم، وأكثر قولى أن لا إله إلاّ الله، ومنه قوله تعالى: {وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ} (¬1) التقدير: أنه زيد قائم، وأنه لا إله إلاّ الله، وأنّه الحمد لله، ومثله: {أَنْ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظّالِمِينَ} (¬2) فى قراءة من خفّف ورفع، ومثله: {وَنادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ. قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا} (¬3) التقدير: أنه قد صدّقت الرّؤيا، أو أنّك قد صدّقت الرؤيا، ومنه ¬

(¬1) سورة يونس 10. (¬2) سورة الأعراف 44. وهذه القراءة لابن كثير-فى رواية قنبل-ونافع وأبى عمرو وعاصم. السبعة ص 281، والكشف 1/ 463. (¬3) سورة الصافات 104،105، وانظر البرهان 4/ 225.

قول الأعشى: فى فتية كسيوف الهند قد علموا … أن هالك كلّ من يحفى وينتعل (¬1) وإذا وليها الفعل لم يجمعوا عليها مع النّقص الذى دخلها بحذف إحدى نونيها وحذف اسمها، أن يليها مالا يجوز أن يليها وهى مثقّلة، فكان الأحسن عندهم الفصل بينها وبينه بأحد أربعة أحرف: السّين وسوف ولا وقد، تقول: علمت أن ستقوم، وأن سوف تقوم، وأن لا تقوم، وأن قد تقوم، وفى التنزيل: {عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى} (¬2)، وفيه: {أَفَلا يَرَوْنَ أَلاّ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً} (¬3)، وقال جرير: زعم الفرزدق أن سيقتل مربعا … أبشر بطول سلامة يا مربع (¬4) وقال أميّة بن أبى الصّلت: وقد علمنا لو أنّ العلم ينفعنا … أن سوف يتبع أخرانا بأولانا (¬5) وربما وليها الفعل بغير فصل، كقوله تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلاّ ما سَعى} (¬6)، وإنّما حسن أن يليها «ليس» لضعف «ليس» فى الفعليّة، وذلك لعدم تصرّفها، وقد وليها الفعل المتصرّف فى الشّعر فى قوله: إنّى زعيم يا نوي‍ … قة إن سلمت من الرّزاح (¬7) ¬

(¬1) فرغت منه فى المجلس السادس والأربعين. (¬2) الآية الأخيرة من سورة المزمل. (¬3) سورة طه 89. (¬4) فرغت منه فى المجلس الثالث والثلاثين. (¬5) وهذا سبق فى المجلس الخامس. (¬6) سورة النجم 39. (¬7) أنشده الفراء عن القاسم بن معن. معانى القرآن 1/ 136، والخصائص 1/ 389، والأزهية ص 58، وضرائر الشعر ص 163، وشرح ابن الناظم ص 69، وشرح المفصل 7/ 9، وشرح الشواهد الكبرى 2/ 297، وشرح الأشمونى 1/ 292، والخزانة 8/ 421، واللسان (زوح-طلح-صلف- أنن). و «نويقة» تصغير ناقة.

وسلمت من عرض الحتو … ف من الغدوّ إلى الرّواح أن تهبطين بلاد قو … م يرتعون من الطّلاح رفع الفعل لأنه أراد: أنّك تهبطين. الرّزاح (¬1): الإعياء، يقال: إبل مرازيح ورزحى ورزاحى. والطّلاح: جمع الطّلح، وهو شجر عظام كثير الشّوك، وأمّا الطّلح فى قوله تعالى: {وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ} (¬2) فزعم المفسّرون أنه الموز. ... ¬

(¬1) وروى «الزواح» ومعناه الذهاب. راجع اللسان (زوح). (¬2) سورة الواقعة 29.

فصل

فصل الأفعال التى تقع بعدها «أن» ثلاثة أضرب: ضرب قد ثبت فى النفوس واستقرّ، وهو علمت وأيقنت، ورأيت فى معنى علمت. وضرب بعكس هذا، نحو طمعت وخفت واشتهيت. وضرب متوسّط بينهما، وهو حسبت وخلت وظننت. فالضّرب الأول: لا يقع بعده إلاّ الثّقيلة والمخفّفة منها؛ لأن التوكيد إنما يقتضيه ما ثبت فى النفوس واستقرّ. والضّرب الثانى: لا يقع بعده إلاّ المصدريّة، تقول: طمعت أن تزورنى، وخفت أن تهجرنى، واشتهيت أن تواصلنى، وفى التنزيل: {وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي} (¬1)، وفيه: {وَأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ} (¬2). والضرب الثالث: يقع بعده المخفّفة والمصدريّة، كما جاء فى التنزيل: {وَحَسِبُوا أَلاّ تَكُونَ فِتْنَةٌ} (¬3) قرئ برفع {تَكُونَ} ونصبها. وقد جاءت المخفّفة من الثقيلة بعد الخوف، فى قول أبى محجن الثّقفىّ: إذا متّ فادفنّى إلى أصل كرمة … تروّى عظامى بعد موتى عروقها (¬4) ولا تدفننّى بالفلاة فإنّنى … أخاف إذا ما متّ أن لا أذوقها وقد جاءت الثقيلة بعد الخوف فى قول الآخر: ¬

(¬1) سورة الشعراء 82. (¬2) سورة يوسف 13. (¬3) سورة المائدة 71. وسبق الكلام على قراءة الرفع والنصب، فى المجلس الثالث والثلاثين. (¬4) وهذا تقدم أيضا فى المجلس المذكور.

وما خفت يا سلاّم أنّك قاطعى (¬1) وأشدّ من هذا مجيئها بعده فى التنزيل، فى قوله: {وَلا تَخافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللهِ} (¬2). والثالث من أقسام «أن»: استعمالها زائدة للتوكيد، كقولك: لمّا أن جاء زيد أكرمته، وو الله أن لو أقمت لكان خيرا لك، قال (¬3): ولمّا أن رأيت الخيل قبلا … تبارى بالخدود شبا العوالى القبل: جمع الأقبل، وهو الذى ينظر إلى طرف أنفه، وفى التنزيل: {فَلَمّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ} (¬4). والرابع: كون «أن» بمعنى «أى» التى للعبارة والتفسير لما قبلها، كقولك: دعوت الناس أن ارجعوا، معناه: أى ارجعوا، قال الله تعالى: {وَاِنْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ اِمْشُوا} (¬5) معناه: أى امشوا، وقال: {وَعَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ} (¬6) معناه: أى طهّرا. وتكون هذه فى الأمر خاصّة، ولا تجيء إلاّ بعد كلام تامّ؛ لأنها تفسير، ولا موضع لها من الإعراب؛ لأنها حرف يعبّر به عن المعنى (¬7). ¬

(¬1) وهذا أيضا فرغت منه فى المجلس المذكور. (¬2) سورة الأنعام 81. (¬3) ليلى الأخيلية. أدب الكاتب ص 111، وحواشيه، والأزهية ص 63. وتبارى: تعارض وتسابق. والشّبا: أطراف الأسنّة، الواحد شباة. والعوالى: جمع عالية الرمح، وهى ما دون السّنان إلى نصف القناة. وتريد أن أعناق الخيل طوال، فخدودها توازى أطراف الرّماح إذا مدّها الفرسان. شرح أدب الكاتب ص 201، والاقتضاب ص 325. (¬4) سورة يوسف 96. (¬5) الآية السادسة من سورة ص. (¬6) سورة البقرة 125. (¬7) حكاه الزركشى فى البرهان 4/ 226، عن ابن الشجرى، وإنما هو كلام الهروىّ فى الأزهية ص 64.

فصل

فصل اختلف النحويّون فى مواضع من كتاب الله، منها قوله: {يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا} (¬1) ومنها: {يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ} (¬2)، ومنها: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنّا كُنّا عَنْ هذا غافِلِينَ} (¬3)، ومنها: {وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ} (¬4)، ومنها: {إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا} (¬5)، ومنها: {وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ} (¬6)، ومنها: {يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللهِ رَبِّكُمْ} (¬7)، وأضافوا إلى ذلك قول عمرو بن كلثوم (¬8): نزلتم منزل الأضياف منّا … فعجّلنا القرى أن تشتمونا فقال الكسائىّ والفرّاء (¬9): يبيّن الله لكم لئلاّ تضلّوا، وقال أبو العباس المبرّد: بل المعنى: كراهة أن تضلّوا (¬10)، وكذلك قوله: {يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللهِ رَبِّكُمْ}، قال الكوفيان (¬11): معناه لئلاّ تؤمنوا بالله، وقال المبرّد: كراهة أن تؤمنوا بالله، وكذلك قول عمرو بن كلثوم: ¬

(¬1) الآية الأخيرة من سورة النساء. (¬2) سورة المائدة 19. (¬3) سورة الأعراف 172. (¬4) سورة النحل 15، ولقمان 10. (¬5) سورة فاطر 41. (¬6) سورة الحجرات 2. (¬7) أول سورة الممتحنة. (¬8) من معلقته. شرح القصائد السبع ص 420، والأزهية ص 66، والمغنى ص 36، وشرح أبياته 1/ 181. (¬9) معانى القرآن 1/ 297. (¬10) وهو رأى البصريين. راجع معانى القرآن للزجاج 2/ 136،137، وسائر كتب أعاريب القرآن الكريم. (¬11) الكسائى والفراء. وتختلف عبارة الفراء عما ذكره ابن الشجرى. راجع معانى القرآن 3/ 149.

فعجّلنا القرى أن تشتمونا قالا: معناه لئلاّ تشتمونا، وقال أبو العباس: أراد كراهة أن تشتمونا، وقال علىّ بن عيسى الرّمّانىّ: إن التقديرين فى قوله تعالى: {يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا} واقعان موقعهما؛ لأنّ البيان لا يكون طريقا إلى الضّلال، فمن حذف «لا» فحذفها للدّلالة عليها، كما حذفت للدّلالة عليها من جواب القسم، فى نحو: والله أقوم، أى لا أقوم، إلاّ أنّ أبا العبّاس حمل الحذف على الأكثر؛ لأنّ حذف المضاف لإقامة المضاف إليه مقامه أكثر من حذف «لا». وأقول: ليس يجرى حذف «لا» فى نحو {يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا} مجرى حذفها من جواب القسم؛ لأنّ الدّلالة عليها إذا حذفت من جواب القسم قائمة؛ لأنك إذا قلت: والله أقوم، لو لم ترد «لا» لجئت باللام والنون، فقلت: لأقومنّ. ...

فصل

فصل زعم بعض النحويّين أنّ «أن» قد استعملت بمعنى «إذ (¬1)» فى نحو: هجرنى زيد أن ضربت عمرا، قال: معناه إذ ضربت، واحتجّ بقول الله تعالى: {وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ} (¬2) قال: أراد: إذ جاءهم، وبقوله: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتاهُ اللهُ الْمُلْكَ} (¬3)، وبقوله: {إِنّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنا رَبُّنا خَطايانا أَنْ كُنّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ} (¬4)، وبقوله: {وَلا تَأْكُلُوها إِسْرافاً وَبِداراً أَنْ يَكْبَرُوا} (¬5)، وبقوله: {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ (¬6)}، وبقوله: {أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً أَنْ كُنْتُمْ قَوْماً مُسْرِفِينَ} (¬7) فى قراءة من فتح الهمزة، وبقول الشاعر (¬8): سالتانى (¬9) … الطّلاق أن رأتانى قلّ مالى قد جئتمانى بنكر وبقول جميل (¬10): أحبّك أن سكنت جبال حسمى … وأن ناسبت بثنة من قريب ¬

(¬1) كما قالوه فى «إن» المكسورة أيضا، وتقدّم فى ص 151. وانظر الأزهية ص 67، والجنى الدانى ص 225، والمغنى ص 36. (¬2) الآية الرابعة من سورة ص. (¬3) سورة البقرة 258. (¬4) سورة الشعراء 51. (¬5) سورة النساء 6. (¬6) سورة المائدة 2. (¬7) سورة الزخرف 5، وقرأ بالفتح ابن كثير وأبو عمرو وعاصم وابن عامر. السبعة ص 584، والكشف 2/ 255. (¬8) زيد بن عمرو بن نفيل، من حكماء الجاهلية، وقيل: غيره. الكتاب 2/ 155،3/ 555، والأصول 1/ 252،3/ 470، والأزهية ص 68، والصاحبى ص 283، والحماسة البصرية 2/ 257، وشرح شواهد الشافية ص 339، والخزانة 6/ 410. (¬9) أبدل الهمزة ألفا للتخفيف. راجع الموضع الثانى من كتاب سيبويه. (¬10) ديوانه ص 35، والأزهية ص 69.

وبقول الفرزدق (¬1): أتغضب أن أذنا قتيبة حزّتا … جهارا ولم تغضب لقتل ابن خازم وهذا قول خال من علم العربيّة. والصواب أنّ «أن» فى الآى المذكورة والأبيات الثلاثة، على بابها، فهى مع الفعل الذى وصلت به فى تأويل مصدر مفعول من أجله، فقوله: {وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ} معناه: لأن جاءهم، ومن أجل أن جاءهم، وكذا التقدير فى جميع ما استشهد به، ثم أقول: إنّ تقدير «إذ» فى بعض هذه الآى التى استشهد بها يفسد المعنى ويحيله، ألا ترى أنّ قوله تعالى: {وَلا تَأْكُلُوها إِسْرافاً وَبِداراً أَنْ يَكْبَرُوا} لا يصحّ إلاّ بتقدير: من أجل أن يكبروا، ويفسد المعنى بتقدير: إذ يكبروا، ثم إذا قدّرها فى هذه الآية بالظرف الذى هو «إذ» ونصب بها الفعل، فحذف نون «يكبرون» كان فسادا ثانيا. قول جميل: «ناسبت بثنة» اسم محبوبته بثينة، وإنما كبّرها ضرورة، والبثنة: الزّبدة. ... ¬

(¬1) ديوانه ص 855، والكتاب 3/ 161، ومعانى القرآن للفراء 3/ 27، والبصريات ص 444، والمسائل المنثورة ص 233، والأزهية ص 69، ومشكل إعراب القرآن الكريم 1/ 218، والمعنى ص 26، وشرح أبياته 1/ 117، والخزانة 9/ 78، وفهارسها. وقتيبة: هو قتيبة بن مسلم الباهلىّ، وابن خازم: هو عبد الله بن خازم السلمى. الكامل ص 598 - 601.

المجلس الموفى الثمانين [في ذكر زلات مكى بن أبى طالب المغربى، فى «مشكل إعراب القرآن:]

المجلس الموفى الثمانين [في ذكر زلاّت مكّىّ بن أبى طالب المغربىّ، فى «مشكل إعراب القرآن:] يتضمّن ما وعدت به من ذكر زلاّت مكّىّ بن أبى طالب المغربىّ، فى «مشكل إعراب القرآن (¬1)». فمن ذلك أنه قال فى قول الله سبحانه: {أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ} (¬2): واحد أولئك: ذلك، فإذا كان للمؤنّث فواحده ذى أو ذه أو تى. انتهى كلامه. وأقول: إن أسماء الإشارة منها ما وضع للقريب، ومنها ما وضع للمتراخى البعيد، ومنها ما وضع للمتوسّط، فالموضوع للقريب المذكّر ذا، والمؤنّث ذى وذه وتا، وللاثنين ذان، وللاثنتين تان، وللجماعة الذّكور والإناث: ألاء، ممدود، وألا، مقصور. وقالوا للمتوسّط: ذاك، فزادوا الكاف، وتيك، وذانك وتانك، وألاك وألائك. وقالوا للمتباعد الغائب: ذلك، فزادوا اللام، وتلك وتالك، قال القطامىّ (¬3): ¬

(¬1) كتب الدكتور أحمد حسن فرحات ثلاث مقالات: بمجلة مجمع اللغة العربية بدمشق، بالأجزاء الثلاثة الأولى من المجلد الحادى والخمسين (المحرم-رجب 1396 هـ‍-يناير. يوليو 1976 م) بعنوان: «نظرات فيما أخذه ابن الشجرى على مكّىّ فى كتاب مشكل إعراب القرآن». وقد رجع الدكتور فرحات فى هذه المقالات بعض مآخذ ابن الشجرى إلى سقم النسخة التى وقعت له من مشكل إعراب القرآن، ثم ذكر أن بعضا آخر منها موجود فى كتب المفسّرين والمعربين قبل مكّى. وانظر أيضا مقدمة تحقيق المشكل، طبعة بغداد، لصديقنا الدكتور حاتم صالح الضامن. وكان ابن الشجرى قد أشار إلى زلاّت مكّىّ هذه فى المجلس الثامن والسبعين. (¬2) سورة البقرة 5. وانظر مشكل إعراب القرآن 1/ 19. (¬3) ديوانه ص 35. وصدر البيت: تعلّم أن بعد الغىّ رشدا

فإنّ لتالك الغمر (¬1) … انقشاعا وقالوا: ألالك، وعلى هذا أنشدوا: ألالك قومى لم يكونوا أشابة … وهل يعظ الضّلّيل إلاّ ألالكا (¬2) وقالوا فى المثنّى: ذانّك وتانّك، فشدّدوا النون. فكان الصواب أن يذكر مع أولئك: ذاك وتيك، فذكره ذى وذه خطأ، والصحيح أنّ نظير ذى وذه للمؤنّث «تا»، فأمّا «تى» فمجهولة فى أكثر الرّوايات. وقال فى قوله: {وَاللهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ (¬3)}: أصل محيط: محيط، ثم ألقيت حركة الياء على الحاء (¬4). والصّحيح أنّ أصل محيط: محوط؛ لأنه من حاط يحوط، والحائط أصله ¬

(¬1) فى الديوان: «الغمم». والغمر: جمع غمرة، وهى الشّدّة: ذكرها ابن جنى فى تفسير أرجوزة أبى نواس ص 158، وأنشد عليها البيت. وقوله: «تعلّم» بمعنى اعلم. وهو تفعّل بمعنى افعل. ذكره الزجاجى فى اشتقاق أسماء الله ص 59، وأنشد عليه البيت، وكذلك ابن فارس فى الصاحبى ص 370. (¬2) البيت من غير نسبة فى إصلاح المنطق ص 382، واللامات للزجاجى ص 142، والصاحبى ص 28، والمنصف 1/ 166،3/ 26، وسرّ صناعة الإعراب ص 322، وشرح المفصل 10/ 6، وشرح الجمل 1/ 202، وشفاء العليل ص 256، واللسان (ألا) 20/ 321. وقد جاء عجز البيت مع صدر آخر هو: ألم تك قد جرّبت ما الفقر والغنى وذلك فيما أنشده أبو زيد لأخى الكلحبة اليربوعى، يردّ عليه. النوادر ص 438، والخزانة 1/ 394. والأشابة بضم الهمزة: الأخلاط. (¬3) سورة البقرة 19. (¬4) وهكذا جاء فى مشكل إعراب القرآن 1/ 28 طبعة دمشق. أما فى طبعة العراق 1/ 81،82، فجاء: «وأصل محيط محوط، فنقلت كسرة الواو إلى الحاء فانقلبت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها». وهذا هو الذى يراه ابن الشجرى، فظهر أن نقده لمكّىّ راجع إلى سقم النسخة التى وقعت له من المشكل، كما يرى الدكتور فرحات والدكتور حاتم.

حاوط؛ لأنك تقول: حوّطت المكان، إذا جعلت عليه حائطا، فألقيت كسرة الواو على الحاء، فصارت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها، كما صارت واو الوزن والوقت والوعد ياء، فى ميزان وميقات وميعاد. وقال فى قوله تعالى: {كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ} (¬1): كلّما نصب على الظرف بمشوا، وإذا كانت «كلّما» ظرفا فالعامل فيها الفعل الذى هو جواب لها، وهو {مَشَوْا}؛ لأنّ فيها معنى الشّرط، فهى تحتاج إلى جواب، ولا يعمل فيها {أَضاءَ} لأنه فى صلة «ما»، ومثله: {كُلَّما رُزِقُوا} (¬2) الجواب: {قالُوا}، وهو العامل فى «كلّ» و «ما» اسم ناقص، صلته الفعل الذى يليه (¬3). انتهى كلامه. وأقول: إنه لا يجوز أن تكون «ما» فى «كلّما» هذه ونظائرها اسما ناقصا؛ لأنّ التقدير فيها إذا جعلتها ناقصة: كلّ الذى أضاء لهم البرق مشوا فى البرق؛ لأن الهاء التى فى «فيه» تعود على البرق، فلا ضمير إذن فى الصّلة يعود على الموصول، ظاهرا ولا مقدّرا، والصحيح أنّ «ما» هاهنا نكرة موصوفة بالجملة، مقدّرة باسم زمان، فالمعنى: كلّ وقت أضاء لهم البرق مشوا فيه. فإن قيل: فإذا كانت نكرة موصوفة بالجملة، فلا بدّ أن يعود عليها من صفتها عائد، كما لا بدّ أن يعود على الموصول عائد من صلته. فالجواب: أنّ الجملة إذا وقعت صفة بخلافها إذا وقعت صلة؛ لأنّ الصّلة مع الموصول بمنزلة اسم مفرد، فلا معنى للموصول إلاّ بصلته، وليس كذلك الصّفة مع الموصوف. ¬

(¬1) سورة البقرة 20. (¬2) سورة البقرة 25. (¬3) المشكل. طبعة دمشق 1/ 29، وبغداد 1/ 82.

وإذا عرفت هذا فالعائد من الجملة الوصفيّة إلى الموصوف محذوف. التقدير: كلّ وقت أضاء لهم البرق فيه مشوا فيه، فحذفت «فيه» هاهنا، كما حذفت من الجملة الموصوف بها فى قوله تعالى: {وَاِتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً} (¬1) التقدير: لا تجزى فيه، كما قال: {وَاِتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ} (¬2). وقال فى قوله: {إِلاّ إِبْلِيسَ} (¬3): إبليس: نصب على الاستثناء المنقطع، ولم ينصرف لأنه أعجمىّ معرفة. وقال أبو عبيدة (¬4): هو عربىّ، مشتقّ من أبلس: إذا يئس من الخير، ولكنّه لا نظير له فى الأسماء، وهو معرفة فلم ينصرف لذلك. قلت: إن كان يريد بقوله: «لا نظير له» فى وزنه، فليس هذا بصحيح؛ لأنّ مثال «إفعيل» كثير فى العربيّة، كقولهم للطّلع: إغريض، وللعصفر: إحريض، وللسّنام الطّويل: إطريح. ولا خلاف فى أنّك لو سمّيت بإغريض ونحوه لصرفت. وإن كان يريد أنه لا نظير له فى هذا التركيب على هذا المثال، فكذلك إغريض منفرد بهذا التركيب على هذا المثال، ولو انضمّ التعريف إلى ذلك لم يمتنع من الصّرف، وأبو عبيدة إنما كان صاحب لغة. وقال فى قوله تعالى: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ} ¬

(¬1) سورة البقرة 48،123. (¬2) سورة البقرة 281. (¬3) سورة البقرة 34. (¬4) هكذا فى نسخ الأمالى الثلاث، وكذلك جاء فى إعراب القرآن للنحاس 1/ 162، وتفسير القرطبى 1/ 295، والمشكل 1/ 37 طبعة دمشق. أما فى الطبعة البغدادية 1/ 87، فقد أثبته المحقق من نسخة «أبو عبيد». ويظهر أنه هو الصواب، فإن أبا عبيدة معمر بن المثنى ذكر الرأى الأول ليس غير. قال: «نصب إبليس على استثناء قليل من كثير، ولم يصرف إبليس لأنه أعجمى». مجاز القرآن 1/ 38، ونقل هذا عن أبى عبيدة بعض أهل العلم، كأبى حاتم أحمد بن حمدان الرازى فى الزينة 2/ 192، وأبى الفرج بن الجوزى فى زاد المسير 1/ 65. على أن قول ابن الشجرى فيما بعد: «وأبو عبيدة إنما كان صاحب لغة» يبطل شبهة التحريف؛ فإن هذا الوصف ينصرف إلى أبى عبيدة معمر بن المثنّى لا محالة. هذا وقد رجّح أبو منصور الجواليقى أن «إبليس» غير عربى. المعرّب ص 23.

{إِيمانِكُمْ كُفّاراً} (¬1): قوله: {كُفّاراً} مفعول ثان ل‍ {يَرُدُّونَكُمْ}، وإن شئت جعلته حالا من الكاف والميم فى {يَرُدُّونَكُمْ (¬2)}. قلت: لا يجوز أن يكون قوله: {كُفّاراً} مفعولا ثانيا ل‍ {يَرُدُّونَكُمْ}؛ لأن «ردّ» ليس مما يقتضى مفعولين (¬3)، كما يقتضى ذلك باب «أعطيت» بدلالة أنه إذا قيل: أعطيت زيدا، قلت: ماذا أعطيته؟ فيقال: درهما، أو الدّرهم الصّحيح، أو نحو ذلك. ولو قيل: رددت زيدا، لم تقل: ماذا رددته؟ فبهذا يعتبر (¬4) الفعل المتعدّى وغير المتعدّى، ويزيد ذلك وضوحا أنّ منصوب «رددت» الثانى يلزمه التّنكير والاشتقاق، وأن يكون هو الأوّل، كقولك: رددت زيدا مسرورا، ورددته ماشيا، ورددته راكبا، ولو كان مفعولا لم تلزمه هذه الأشياء؛ ألا ترى أنك تقول: أعطيت زيدا الدّرهم، فتجد فى المنصوب الثانى التعريف والجمود، وأنه غير الأول، ثم يجوز مع هذا أن يكون المنصوب الثانى فى هذا الباب مضمرا، تقول: الدّرهم أعطيتكه، وأعطيتك إيّاه، وجميع هذه الأوصاف لا يصحّ منها وصف واحد فى قولك: رددت زيدا راكبا ونحوه، حتى إنّ التعريف وحده ممتنع، تقول: رددتكم ركبانا، ولا تقول: رددتكم الرّكبان، ولا رددتك الراكب. وقال فى قوله: {حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ}: من متعلّقة بحسد، فيجوز الوقف على {كُفّاراً}، ولا يجوز الوقف على {حَسَداً} وقيل: هى متعلّقة ب‍ {وَدَّ كَثِيرٌ}، ولا يوقف على {كُفّاراً} ولا على {حَسَداً} (¬5). ¬

(¬1) سورة البقرة 109. (¬2) المشكل 1/ 68 (دمشق)،1/ 108 (بغداد). (¬3) لكن يعترض هذا بأن «ردّ» هنا تكون بمعنى «صيّر» التى تنصب مفعولين بلا خلاف. ذكره السّمين فى الدرّ المصون 2/ 67، ورجّحه على الوجه الثانى الذى يعتبر «ردّ» متعدية لمفعول واحد، وينصب كُفّاراً على الحال. وانظر مقالة الدكتور فرحات المذكورة. (¬4) فى ط، د: تعتبر. (¬5) المشكل الموضع السابق. وانظر معانى القرآن 1/ 73، وإيضاح الوقف والابتداء 1/ 528، والقطع والائتناف ص 158.

قلت: إنّ قول النحويّين: هذا الجارّ متعلّق بهذا الفعل، يريدون أنّ العرب وصلته به، واستمرّ سماع ذلك منهم، فقالوا: رغبت فى زيد، ورضيت عن جعفر، وعجبت من بشر، وغضبت على بكر، ومررت بخالد، وانطلقت إلى محمد، وكذلك قالوا: حسدت زيدا على علمه وعلى ابنه، ولم يقولوا: حسدته من ابنه، وكذلك «وددت» لم يعلّقوا به «من»، فثبت بهذا أنّ قوله: {مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ} لا يتعلّق ب‍ {حَسَداً} ولا ب‍ {وَدَّ}، ولكنه يتعلّق بمحذوف يكون وصفا لحسد، أو وصفا لمصدر {وَدَّ}، فكأنه قيل: حسدا كائنا من عند أنفسهم، أو ودّا كائنا من عند أنفسهم. وقال فى قوله: {كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} (¬1) و {كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} (¬2): الكاف فى الموضعين فى موضع نصب، نعت لمصدر محذوف، أى قولا مثل ذلك قال الذين لا يعلمون، وقولا مثل ذلك قال الذين من قبلهم، ثم قال: ويجوز أن يكونا فى موضع رفع على الابتداء، وما بعد ذلك الخبر (¬3). انتهى كلامه. وأقول: لا يجوز أن يكون موضع الكاف فى الموضعين رفعا كما زعم؛ لأنك إذا قدّرتها مبتدأ احتاجت إلى عائد من الجملة، وليس فى الجملة عائد. فإن قلت: أقدّر العائد محذوفا، كتقديره فى قراءة من قرأ: «وكلّ وعد الله الحسنى» (¬4) أى وعده الله، فأقدّر: كذلك قاله الذين لا يعلمون، وكذلك قاله الذين من قبلهم. لم يجز هذا؛ لأنّ {قالَ} قد تعدّى إلى ما يقتضيه من منصوبه، وذلك قوله {مِثْلَ قَوْلِهِمْ} فلا يتعدّى إلى منصوب آخر (¬5). ¬

(¬1) سورة البقرة 113. (¬2) سورة البقرة 118. (¬3) المشكل 1/ 69 (دمشق)،1/ 109 (بغداد). (¬4) سورة الحديد 10، وراجع توجيه هذه القراءة فى المجلس الأول. (¬5) حكاه ابن هشام فى المغنى ص 179، قال: «وردّ ابن الشجرى ذلك على مكّىّ بأنّ قالَ قد استوفى معموله وهو مِثْلَ، وليس بشىء؛ لأنّ مِثْلَ حينئذ مفعول مطلق أو مفعول به ليعلمون، والضمير المقدّر مفعول به ل‍ قالَ. وانظر مقالة الدكتور فرحات.

وقال فى قوله عزّ وجلّ: {وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا} (¬1): أن تبرّوا فى موضع نصب، على معنى: فى أن تبرّوا، فلمّا حذف حرف الجرّ تعدّى الفعل، وقيل: تقديره: كراهة أن، وقيل: لئلاّ أن (¬2). انتهى كلامه. وأقول: إنّ ما حكاه من أن التقدير: لئلاّ أن، خطأ فاحش؛ لتكرير «أن» وتبرّوا مراد بعدها، فالتقدير: لئلاّ أن تبرّوا. وأن تبرّوا معناه: برّكم، فالتقدير: لئلاّ برّكم. وممّا أهمل ذكره، ولم يفعل ذاك متعمّدا، ولكنه خفى عليه، وهو من مشكل الإعراب؛ لأنّ عامله محذوف: وجه النصب فى {فَرِجالاً} من قوله: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً} (¬3). والقول فيه أن {فَرِجالاً} هاهنا ليس بجمع رجل، وإنما هو جمع راجل، كصاحب، وصحاب، وصائم وصيام، ونائم ونيام، وقائم وقيام، وتاجر وتجار، وقد قالوا فى جمعه: رجل، كما قالوا: صحب وتجر وركب، ولكونه جمع راجل، عطف عليه جمع راكب، وانتصابه على الحال، بتقدير: فصلّوا رجالا، ودلّ على هذا الفعل قوله: {حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ} (¬4) ثم قال: {فَإِنْ خِفْتُمْ} فصلّوا رجلا أو على الرّكائب. ومن شواهد هذا الجمع قول عمرو بن قميئة (¬5): ونكسو القواطع هام الرجال … وتحمى الفوارس منّا الرّجالا الرجال الأولى: جمع رجل، والثانية: جمع راجل. ¬

(¬1) سورة البقرة 224. (¬2) المشكل 1/ 97 (دمشق)،1/ 130 (بغداد). ويلاحظ أن الكلام انتهى فى المشكل-بطبعتيه -عند قوله «لئلاّ» ولم ترد «أن» فيه. وعليه يسقط اعتراض ابن الشجرى كلّه. (¬3) سورة البقرة 239. (¬4) سورة البقرة 238. (¬5) ديوانه ص 119. ويريد بالقواطع السّيوف المواضى.

وقال فى قوله تعالى: {لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى كَالَّذِي يُنْفِقُ مالَهُ} (¬1): الكاف فى موضع نصب، نعت لمصدر محذوف، تقديره: إبطالا كالذى (¬2). هذا منتهى كلامه. ومن عادته أن يقف على الموصولات بغير صلاتها، كما وقف على «أن» فى قوله: لئلاّ (¬3) أن، وكراهة أن. وأقول فى قوله: إنّ الكاف نعت لمصدر محذوف، تقديره إبطالا كالذى ينفق: إنه قول فيه بعد وتعسّف؛ لأنّ ظاهره تشبيه حدث بعين، ولا يصحّ إلاّ بتقدير حذفين بعد حذف المصدر، أى إبطالا كإبطال إنفاق الذى ينفق ماله. والوجه أن يكون موضع الكاف نصبا على الحال من الواو فى {تُبْطِلُوا} فالتقدير: لا تبطلوا صدقاتكم مشبهين الذى ينفق ماله رئاء الناس (¬4). فهذا قول لا حذف فيه، والتشبيه فيه تشبيه عين بعين. ومن زلاّته فى سورة آل عمران: أنه قال فى قوله تعالى: {كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ} (¬5): الكاف فى موضع نصب على النّعت لمصدر محذوف، تقديره عند الفرّاء (¬6): كفرت العرب كفرا ككفر آل فرعون. قال: وفى هذا القول إبهام للتفرقة بين الصّلة والموصول (¬7). أراد أنّ الكاف فى هذا القول قد دخلت فى صلة {الَّذِينَ} ¬

(¬1) سورة البقرة 264. (¬2) المشكل 1/ 111 (دمشق)،1/ 139 (بغداد). (¬3) ذكرت قريبا أنّ «أن» هذه غير موجودة فى المشكل بطبعتيه. (¬4) ذكر هذا الردّ على مكّىّ: ابن هشام فى المغنى ص 599، دون أن ينسبه إلى ابن الشجرى. وراجع مقالة الدكتور فرحات. (¬5) سورة آل عمران 11. (¬6) معانى القرآن 1/ 191، وعبارته: «كفرت اليهود ككفر آل فرعون وشأنهم». (¬7) المشكل 1/ 117 (دمشق)،1/ 150 (بغداد).

من قوله: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً وَأُولئِكَ هُمْ وَقُودُ النّارِ} (¬1). فبعدت من الناصب لها، وهو {كَفَرُوا}، وكان الواجب على هذا المعرّب (¬2) حيث أنكر قول الفرّاء، أن يعتمد على قول غيره، ولا يقتصر على ذكر قول مناف لقياس العربيّة. قال أبو إسحاق الزّجّاج: كدأب آل فرعون: أى كشأن آل فرعون. كذا قال أهل اللغة. ويقال: دأبت أدأب دأبا ودأبا ودءوبا: إذا اجتهدت، وموضع الكاف رفع؛ لأنها فى موضع خبر ابتداء. المعنى: دأب هؤلاء كدأب آل فرعون والذين من قبلهم، أى اجتهادهم فى كفرهم وتظاهرهم على النبىّ، كاجتهاد آل فرعون فى كفرهم وتظاهرهم على موسى. ولا يصلح أن تكون الكاف فى موضع نصب بكفروا، لأنّ كفروا فى صلة الذين، فلا يصلح: إنّ الذين كفروا ككفر آل فرعون؛ لأنّ الكاف خارجة من الصّلة، فلا يعمل فيها ما فى الصّلة (¬3). انتهى كلام الزّجّاج. وهذا القول منه قول من نظر فى كتاب الفرّاء؛ لأنه حكى كلامه بلفظه. وقال علىّ بن عيسى الرّمّانىّ: كدأب آل فرعون: كعادتهم فى التكذيب بالحقّ، وقيل: كعادتهم فى الكفر، وقيل: شأنهم كشأن آل فرعون فى عقاب الله إيّاهم، والكاف فى {كَدَأْبِ} يتّصل بمحذوف، تقديره: عبادتهم كدأب آل فرعون، فموضع الكاف رفع؛ لأنها فى موضع خبر الابتداء، ولا يجوز أن يعمل فيها {كَفَرُوا}؛ لأنّ صلة {الَّذِينَ} قد انقطعت بالخبر. وهذا الكلام أيضا كلام من نظر فى كتاب الفراء. ¬

(¬1) الآية السابقة. (¬2) هكذا ضبطت الراء بالتشديد فى النّسخ الثلاث. (¬3) معانى القرآن وإعرابه 1/ 380، مع اختلاف يسير بالتقديم والتأخير.

وقال فى نصب اليوم، من قوله: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً} (¬1): يوم منصوب ب‍ {يُحَذِّرُكُمُ} أى: ويحذّركم الله نفسه فى يوم تجد، ثم قال: وفيه نظر. وقال: ويجوز أن يكون العامل فيه فعلا مضمرا، أى: واذكر يا محمد يوم تجد، ويجوز أن يكون العامل فيه {الْمَصِيرُ} أى: وإليه المصير فى يوم تجد، ويجوز أن يكون العامل فيه {قَدِيرٌ}، أى قدير فى يوم تجد (¬2). انتهى كلامه. وأقول: إنه لا يجوز أن يكون العامل فيه {يُحَذِّرُكُمُ}؛ لأنّ تحذير الله للعباد إنما يكون فى الدّنيا دون الآخرة، ولا يصحّ أن يكون مفعولا به، كما كان كذلك فى قوله: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ} (¬3)، وقوله: {لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ} (¬4)، وقوله: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ} (¬5)، وإنما لم يجز أن يكون اليوم فى هذه الآيات ظرفا؛ لأنّ الإنذار لا يكون فى يوم القيامة. فانتصب اليوم فيهنّ انتصاب الصاعقة فى قوله: {فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً} (¬6)، وإنما لم يصحّ أن يكون اليوم فى قوله: {يَوْمَ تَجِدُ} مفعولا به؛ لأنّ الفعل من قوله: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ} قد تعدّى إلى ما يقتضيه من المفعول به، ولا يجوز أن يعمل فيه المصدر الذى هو {الْمَصِيرُ} للفصل بينهما (¬7)، ولا يعمل فيه أيضا {قَدِيرٌ}؛ لأنّ قدرة الله على الأشياء كلّها لا تختصّ بزمان دون زمان (¬8)، فبقى أن يعمل فيه المضمر الذى هو «اذكر»، ¬

(¬1) سورة آل عمران 30. (¬2) المشكل 1/ 134 (دمشق)،1/ 155 (بغداد). (¬3) سورة غافر 18. (¬4) سورة غافر 15. (¬5) سورة مريم 39. (¬6) سورة فصلت 13، ويريد النصب على المفعولية. (¬7) وهذا ضعيف على قول البصريّين. قال السّمين الحلبى: «وقد يقال: إن جمل الاعتراض لا يبالى بها فاصلة، وهذا من ذاك». الدر المصون 3/ 115. (¬8) ردّ هذا السّمين، فقال: «لا يقال: يلزم من ذلك تقييد قدرته بزمان؛ لأنه إذا قدر فى ذلك اليوم الذى يسلب كلّ أحد قدرته فلأن يقدر فى غيره بطريق أولى وأحرى، وإلى هذا ذهب أبو بكر بن الأنبارى». الدرّ 3/ 114، وانظر مقالة الدكتور فرحات.

وإن شئت قدّرت: احذروا يوم تجد كلّ نفس، فنصبته نصب المفعول به، كما نصبته فى تقدير: اذكر، على ذلك. وقال فى قول الله تعالى: {آيَتُكَ أَلاّ تُكَلِّمَ النّاسَ ثَلاثَةَ أَيّامٍ إِلاّ رَمْزاً} (¬1): قوله: {إِلاّ رَمْزاً} استثناء ليس من الأول، وكلّ استثناء ليس من جنس الأوّل فالوجه فيه النّصب (¬2). انتهى كلامه. وأقول: إنّ «إلاّ» فى قوله: {إِلاّ رَمْزاً} إنما هى لإيجاب النفى، كقولك: ما لقيت إلاّ زيدا، فليس انتصاب {رَمْزاً} على الاستثناء، ولكنه مفعول به (¬3)، منتصب بتقدير حذف الخافض، والأصل: ألاّ تكلّم الناس إلاّ برمز، أى بتحريك الشّفتين باللفظ من غير إبانة بصوت، فالعامل الذى قبل «إلاّ» مفرّغ فى هذا النّحو للعمل فيما بعدها، بدلالة أنك لو حذفت «إلاّ» وحرف النفى استقام الكلام، تقول فى قولك: ما لقيت إلاّ زيدا: لقيت زيدا، وفى قولك: ما خرج إلاّ زيد: خرج زيد، وكذلك لو قيل: آيتك أن تكلّم الناس رمزا، كان كلاما صحيحا، وليس كذلك الاستثناء فى نحو: ليس القوم فى الدار إلاّ زيدا، وإلاّ زيد، فلو حذفت النّافى والموجب فقلت: القوم فى الدار زيدا، أو زيد، لم يستقم الكلام. وكذلك: ما خرج إخوتك إلاّ جعفر، لو قلت: خرج إخوتك جعفر، لم يجز، وكذلك الاستثناء المنقطع، نحو: ما خرج القوم إلاّ حمارا، لو قلت: خرج القوم حمارا، لم يستقم، فاعرف الفرق بين الكلامين. ¬

(¬1) سورة آل عمران 41. (¬2) المشكل 1/ 140 (دمشق)،1/ 159، (بغداد). (¬3) يظهر أن هذا مما انفرد به ابن الشجرى، فالمعربون على أنه منصوب على الاستثناء، واختلافهم إنما هو فى: الاستثناء المتصل أو المنقطع. ويقوّى هذا قول الشّهاب الآلوسى: «وتعقّب ابن الشجرىّ النصب على الاستثناء هنا مطلقا وادّعى أن رَمْزاً مفعول به منتصب بتقدير حذف الخافض. . .» وحكى بقية كلامه. روح المعانى 3/ 151، وراجع البحر 2/ 452، والدرّ المصون 3/ 165، ومقالة الدكتور فرحات.

ثم أقول: إنّ المستثنى الذى ليس من جنس الأوّل يصحّ أن يقع به الفعل الذى عمل فى الأول، تقول: ما لقيت أحدا إلاّ حمارا، فيصحّ أن تقول: لقيت حمارا، وكذلك: ما مرّ بى أحد إلاّ غزالا، يصحّ أن تقول: مرّ بى غزال، ولا يصحّ أن توقع التكليم بالرّمز فتقول: كلّمت رمزا، كما تقول: كلّمت زيدا. وقال فى قوله تعالى: {تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلاّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللهَ} (¬1): أن فى موضع خفض، بدل (¬2) من {كَلِمَةٍ}، وإن شئت فى موضع رفع، على إضمار مبتدأ، تقديره: هى أن لا نعبد، ويجوز أن تكون مفسّرة بمعنى أى، على أن تجزم {نَعْبُدَ} و {نُشْرِكَ} بلا، ولو جعلت «أن» مخفّفة من الثقيلة رفعت {نَعْبُدَ} و {نُشْرِكَ} وأضمرت الهاء (¬3). انتهى كلامه. وأقول: أغرب الوجوه التى قد ذكرها فى إعراب {نَعْبُدَ} وما عطف عليه الجزم. قال الزجّاج: لو كان {أَلاّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللهَ} بالجزم، {وَلا نُشْرِكَ} لجاز، على أن تكون «أن» مفسّرة فى تأويل أى، ويكون {أَلاّ نَعْبُدَ} على جهة النّهى، والمنهىّ هو الناهى فى الحقيقة، كأنهم نهوا أنفسهم (¬4). انتهى كلام أبى إسحاق. وأقول: إنّ النّهى قد يوجّهه الناهى إلى نفسه، إذا كان له فيه مشارك، كقوله لواحد أو لأكثر: لا نسلّم على زيد، ولا ننطلق إلى أخيك، وكذلك الأمر، كقولك: لنقم إلى زيد، ولننطلق إلى أخيك، كما جاء فى التنزيل: {وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ} (¬5). ¬

(¬1) سورة آل عمران 64. (¬2) ويكون التقدير: تعالوا إلى ترك عبادة غير الله. راجع التبيان ص 269. (¬3) المشكل 1/ 143 (دمشق)،1/ 162 (بغداد). (¬4) معانى القرآن 1/ 426. (¬5) سورة العنكبوت 12، وراجع المجلس السابع والخمسين.

وليس لمكّىّ فيما أورده من الكلام فى هذه الآية زلّة، وإنما ذكرت ما ذكرته فيها لما فيه من الفائدة. وقال فى قوله جلّ وعزّ: {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلاّ أَذىً} (¬1): أذى فى موضع نصب، استثناء ليس من الأوّل (¬2). وهذا القول نظير ما قاله فى قوله تعالى: {إِلاّ رَمْزاً} إنما {أَذىً} موضعه نصب بتقدير حذف الخافض، أى لن يضرّوكم إلاّ بأذى؛ لأنك لو حذفت «لن» و «إلاّ» فقلت: يضرّونكم بأذى، كان مستقيما. وقال فى قوله: {رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظّالِمِ أَهْلُها} (¬3): إنّما وحّد الظالم لجريانه على موحّد (¬4). قوله: «وحّد لجريانه على موحّد» قول فاسد؛ لأنّ الصّفة إذا ارتفع بها ظاهر وحّدت، وإن جرت على مثنّى أو مجموع، نحو: مررت بالرجلين الظريف أبواهما، وبالرجال الكريم آباؤهم؛ لأنّ الصفة التى ترفع الظاهر تجرى مجرى الفعل الذى يرتفع به الظاهر، فى نحو: خرج أخواك، وينطلق غلمانك. وحكى عن الفراء أنّ {الصّابِئُونَ} من قول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصّابِئُونَ وَالنَّصارى} (¬5) معطوف على المضمر فى {هادُوا}، فنسب إليه ما لم يقله عن نفسه، وإنما حكاه عن الكسائىّ، وأبطله الفراء من وجه غير وجه (¬6) ¬

(¬1) سورة آل عمران 111. (¬2) المشكل 1/ 152 (دمشق)،1/ 170، (بغداد). (¬3) سورة النساء 75. (¬4) المشكل 1/ 197 (دمشق)،1/ 203، وراجع مقالة الدكتور فرحات. (¬5) سورة المائدة 69. والمشكل 1/ 237 (دمشق)،1/ 232 (بغداد). (¬6) هكذا فى نسخ الأمالى الثلاثة.

أبطله به مكّىّ، فقال فى كتابه الذى ضمّنه معانى القرآن: قال الكسائىّ: ترفع {الصّابِئُونَ} على إتباعه الاسم الذى فى {هادُوا} وتجعله من قوله: {إِنّا هُدْنا إِلَيْكَ} أى تبنا، ولا تجعله من اليهوديّة. قال الفرّاء: وجاء التفسير بغير ذلك؛ لأنه أراد بقوله: {الَّذِينَ آمَنُوا}: الذين آمنوا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم، ثم ذكر اليهود والنصارى والصابئين، فقال: {مَنْ آمَنَ} منهم فله كذا وكذا، فجعلهم منافقين ويهودا ونصارى وصابئين. انتهى كلام الفرّاء (¬1). يعنى أنه إذا صار معنى {هادُوا}: تابوا هم والصابئون، بطل ذكر اليهود فى الآية. وأمّا الوجه الذى أبطل به مكّىّ قول الكسائىّ وعزاه إلى الفرّاء، فقوله: وقد قال الفرّاء فى {الصّابِئُونَ}: هو عطف على المضمر فى {هادُوا}، قال: وهذا غلط؛ لأنه يوجب أن يكون الصابئون والنصارى يهودا، وأيضا فإنّ العطف على المضمر المرفوع قبل أن يؤكّد أو يفصل بينهما بما يقوم مقام التوكيد، قبيح عند بعض النحويّين. ثم ذكر وجوها فى رفع الصابئين. وأقول: إنك إذا عطفت على اسم «إنّ» قبل الخبر، لم يجز فى المعطوف إلاّ النّصب، نحو إنّ زيدا وعمرا منطلقان، ولا يجوز أن ترفع المعطوف حملا على موضع إنّ واسمها؛ لأنّ موضعهما رفع بالابتداء، فتقول: إنّ زيدا وعمرو منطلقان؛ لأن قولك: عمرو رفع بالابتداء، ومنطلقان خبر عنه وعن اسم إنّ، فقد أعملت فى الخبر عاملين: الابتداء وإنّ، وغير جائز أن يعمل فى اسم عاملان، وإن لم تثنّ الخبر فقلت: إنّ زيدا وعمرو منطلق، ففى ذلك قولان: أحدهما أن يكون خبر إنّ محذوفا، دلّ عليه الخبر المذكور، فالتقدير: إنّ ¬

(¬1) معانى القرآن 1/ 312، مع شيء من الاختلاف.

زيدا منطلق وعمرو منطلق، وإلى هذا ذهب أبو الحسن الأخفش (¬1)، وأبو العباس المبرّد. والآخر قول سيبويه (¬2)، وهو أن يكون الخبر المذكور خبر إنّ، وخبر المعطوف محذوفا، فالتقدير: إنّ زيدا منطلق وعمرو كذلك. فالتقدير فى الآية على المذهب الأول: إنّ الذين آمنوا والذين هادوا من آمن بالله-أى من آمن منهم بالله-واليوم الآخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم، [والصابئون والنّصارى من آمن منهم بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم (¬3)] فحذف الخبر الأول لدلالة الثانى عليه. وعلى المذهب الآخر، وهو أن يكون الخبر المذكور خبر إنّ، وخبر الصابئين والنصارى محذوفا، كأنه قيل: والصابئون والنصارى كذلك. ... ¬

(¬1) معانى القرآن ص 261،262. (¬2) الكتاب 2/ 155. (¬3) سقط من الأصل.

المجلس الحادى والثمانون يتضمن ذكر ما لم نذكره من زلات مكى

المجلس الحادى والثمانون يتضمّن ذكر ما لم نذكره من زلاّت مكّىّ فمن ذلك غلطه فى قوله تعالى، فى سورة الأنعام: {وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} (¬1) قال: من قرأ بالتاء ونصب ال‍ {سَبِيلُ} جعل التاء علامة خطاب واستقبال، وأضمر اسم النبىّ فى الفعل. ومن قرأ بالتاء ورفع ال‍ {سَبِيلُ} جعل التاء علامة تأنيث واستقبال، ولا ضمير فى الفعل، ورفع ال‍ {سَبِيلُ} بفعله. حكى سيبويه (¬2): استبان الشىء، واستبنته أنا. فأمّا من قرأ بالياء ورفع ال‍ {سَبِيلُ} فإنّه ذكّر ال‍ {سَبِيلُ} لأنه ممّا يذكّر ويؤنّث (¬3)، ورفعه بفعله. ومن قرأ بالتاء (¬4) ونصب ال‍ {رَحِيمٌ} أضمر اسم النبىّ عليه السّلام فى الفعل، ونصب ال‍ {سَبِيلُ} لأنه مفعول به، واللام فى {لِتَسْتَبِينَ} متعلّقة بفعل محذوف، تقديره: ولتستبين سبيل المجرمين فصّلناها (¬5). انتهى كلامه. ¬

(¬1) سورة الأنعام 55. والقراءة الأولى لنافع وأبى جعفر، والثانية لابن كثير وأبى عمرو وابن عامر، وحفص عن عاصم، وكذا يعقوب، ووافقهم ابن محيصن واليزيدى والحسن. والثالثة لعاصم فى رواية أبى بكر، وحمزة والكسائىّ. السبعة ص 258، والكشف 1/ 433، والإتحاف 2/ 13، والدرّ المصون 4/ 655. (¬2) الكتاب 4/ 63. (¬3) المذكر والمؤنث لابن الأنبارى ص 320. (¬4) فى المشكل بطبعتيه: «بالياء» وهو خطأ. وواضح أن هذا تقرير وتوجيه للقراءة الأولى، أعاده مكىّ، إذ لم يقرأ أحد بالياء ونصب السّبيل. (¬5) المشكل 1/ 269 (دمشق)،1/ 254 (بغداد).

وأقول: إنه غلط فى قوله: «واستقبال» بعد قوله: «جعل التاء علامة خطاب، وجعل التاء علامة تأنيث»؛ لأنّ مثال «تستفعل» لا شبه بينه وبين مثال الماضى فتكون التاء علامة للاستقبال، فقولك: تستقيم أنت وتستعين هى، لا يكون إلاّ للاستقبال، تقول: أنت تستقيم غدا، وهى تستعين بك بعد غد، ولا تقول: تستقيم أمس، ولا تستعين أوّل من أمس، فهو بخلاف «تفعّل»؛ لأنك إذا قلت: أنت تبيّن حديثها، وهى تبيّن حديثك، أردت: تتبيّن، فحذفت التاء الثانية استثقالا للجمع بين مثلين متحرّكين، كما حذفت [من قوله (¬1)]: {تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ} (¬2) الأصل: تتنزّل، ففعل فيه ما ذكرنا من حذف الثانية، ولمّا حذفت التاء من قولك: تتبيّن، صار بلفظ الماضى فى قولك: قد تبيّن الحديث، وفى قوله تعالى: {قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} (¬3) فحصل الفرق بين الماضى والمستقبل باختلاف حركة آخرهما، ففى هذا النّحو يقال: التاء للخطاب والاستقبال، أو للتأنيث والاستقبال. السّبيل ممّا ذكّروه، وأنّثوه، فالتأنيث فى قوله تعالى: {قُلْ هذِهِ سَبِيلِي} (¬4)، والتذكير فى قوله: {وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً} (¬5). وقال فى {جَنّاتٍ} من قوله عزّ وجلّ: {وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنا مِنْهُ خَضِراً نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَراكِباً وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِها قِنْوانٌ دانِيَةٌ وَجَنّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ} (¬6): من نصب {جَنّاتٍ} ¬

(¬1) سقط من الأصل. (¬2) سورة القدر 4. (¬3) سورة البقرة 265. (¬4) سورة يوسف 108. (¬5) سورة الأعراف 146. (¬6) سورة الأنعام 99.

عطفها على {نَباتَ}، وقد روى الرفع عن عاصم (¬1)، على الابتداء، بتقدير: ولهم جنّات، ولا يجوز عطفها على {قِنْوانٌ}؛ لأنّ الجنّات لا تكون من النخل (¬2). أراد أنك لا ترفع {جَنّاتٍ} بالعطف على {قِنْوانٌ}، من قوله: {قِنْوانٌ دانِيَةٌ}؛ لأن القنوان جمع قنو، وهو العذق التامّ، ويقال له أيضا: الكباسة، فلو عطفت {جَنّاتٍ} على {قِنْوانٌ} صار المعنى: ومن النّخل من طلعها قنوان دانية وجنّات من أعناب. فقوله (¬3): لأن الجنّات لا تكون من النخل، فيه لبس؛ لأنه يوهم أنها لا تكون إلاّ من العنب دون النخل، وليس الأمر كذلك، بل قد تكون الجنّة من العنب على انفراده، وتكون من النخل على انفراده، وتكون منهما معا، فدلالة كونها منهما معا قوله: {أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ} (¬4)، ودلالة كونها من النخل بانفراده قول زهير (¬5): كأنّ عينىّ فى غربى مقتّلة … من النّواضح تسقى جنّة سحقا قوله: «سحقا» صفة لمضاف محذوف، فالتقدير: تسقى نخل جنّة سحقا؛ لأنّ السّحق جمع سحوق، وهى النخلة الباسقة، فكان الصواب أن يقول: لأنّ الجنّات التى من الأعناب لا تكون من النّخل. قول زهير: كأنّ عينىّ فى غربى مقتّلة ¬

(¬1) فى رواية عن أبى بكر شعبة بن عيّاش، عنه، وقرأ بالرفع أيضا الأعمش ومحمد بن أبى ليلى. مختصر فى شواذّ القراءات ص 39، وانظر توجيه هذه القراءة فى معانى القرآن للفراء 1/ 347، وإعراب القرآن للنحاس 1/ 569، والكشاف 2/ 39،40، والدرّ المصون 5/ 76، والإتحاف 2/ 24. (¬2) المشكل 1/ 281 (دمشق)،1/ 264 (بغداد). (¬3) فى ط، د: وقوله. (¬4) سورة الإسراء 91. (¬5) ديوانه ص 37.

الغربان: الدّلوان الضّخمان. والمقتّلة: المذلّلة، وإنما جعلها مذلّلة؛ لأنّ المذلّلة تخرج الغرب ملآن يسيل من نواحيه، والصّعبة تنفر فتهريقه، فلا يبقى منه إلاّ صبابة، وكلّ بعير استقى عليه فهو ناضح، والرجل الذى يستقى عليه ناضح (¬1). ومن أغاليطه قوله فى قوله تعالى، فى سورة الأعراف: {حَتّى إِذَا اِدّارَكُوا فِيها} (¬2): أصل {اِدّارَكُوا} تداركوا، ثم أدغمت التاء فى الدال، فسكن أوّل المدغم، فاحتيج إلى ألف الوصل، فثبتت الألف فى الخطّ، ولا تستطاع على وزنها مع ألف الوصل؛ لأنّك تردّ الزائد أصليّا، فتقول: وزنها افّاعلوا، فتصير تاء «تفاعلوا» فاء الفعل؛ لإدغامها فى فاء الفعل، وذلك لا يجوز، فإن وزنتها على الأصل جاز فقلت: تفاعلوا (¬3). انتهى كلامه. وأقول: إنّ عبارته فى هذا الفصل مختلّة، ورأيت فى نسخة من هذا التأليف: «لا يستطاع على وزنها» بالياء. والصحيح استعماله بغير الجارّ: لا يستطاع وزنها (¬4)؛ لأن «استطعت» ممّا يتعدّى بنفسه، كما جاء: {فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً (¬5)}، و «تستطاع» بالتاء جائز على قلق فيه، وكان الأولى أن يقول: ولا يسوغ وزنها مع التلفّظ بتاء «تفاعلوا» فاء، ثم إنّ منعه أن توزن هذه الكلمة وفيها ألف الوصل غير جائز؛ لأنك تلفظ بها مع إظهار التاء، فتقول: وزن ادّاركوا: اتفاعلوا، وإن شئت قلت: ادفاعلوا، فلفظت بالدال المبدلة من التاء. وقال فى قوله تعالى: {ساءَ مَثَلاً الْقَوْمُ} (¬6): فى {ساءَ} ضمير الفاعل، و {مَثَلاً} تفسير، و {الْقَوْمُ} رفع بالابتداء، وما قبلهم خبرهم، أو رفع على ¬

(¬1) هذا الشرح كله من كلام ثعلب، فى شرحه للديوان ص 38، وانظر أيضا شرح الأعلم ص 66. (¬2) سورة الأعراف 38. (¬3) المشكل 1/ 314 (دمشق)،1/ 290 (بغداد). (¬4) فيما حكاه السّمين عن مكّىّ «ولا يستطاع اللفظ بوزنها مع ألف الوصل». الدرّ المصون 5/ 313. وراجع مقالة الدكتور فرحات. (¬5) سورة يس 50. (¬6) سورة الأعراف 177.

إضمار مبتدأ، تقديره: ساء المثل مثلا هم القوم الذين كذّبوا، مثل نعم رجلا زيد. وقال الأخفش (¬1): تقديره: ساء مثلا مثل القوم (¬2). قلت: ساء بمنزلة بئس، وهذا الباب لا يكون فيه المقصود بالذمّ أو المدح إلاّ من جنس الفاعل، فلا يجوز: بئس مثلا غلامك، إلاّ أن يراد: مثل غلامك، فيحذف (¬3) المضاف. فقول الأخفش هو الصّواب، ومن زعم أن التقدير: ساء مثلا هم القوم، فقد أخطأ خطأ فاحشا. ومن الأغاليط الشنيعة أقوال حكاها فى سورة الأنفال، فى قوله تعالى: {كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ} (¬4) قال: الكاف من {كَما} فى موضع نصب، نعت لمصدر {يُجادِلُونَكَ} أى جدالا كما، وقيل: هى نعت لمصدر يدلّ عليه معنى الكلام، تقديره: الأنفال ثابتة لله والرسول ثبوتا كما أخرجك، وقيل: هى نعت لحقّ، أى هم المؤمنون حقّا كما. وقيل: الكاف فى موضع رفع، والتقدير: كما أخرجك ربّك من بيتك بالحقّ، فاتّقوا الله، فهو ابتداء وخبر. وقيل: الكاف بمعنى الواو للقسم، أى الأنفال لله والرسول والذى أخرجك (¬5). انتهى كلامه. وهذه أقوال رديئة منحرفة عن الصّحة انحرافا كلّياّ، وأوغلها فى الرّداءة القول الرابع والخامس. فقوله: الكاف من {كَما} فى موضع رفع بالابتداء، وخبره {فَاتَّقُوا اللهَ} (¬6) قول ظاهر الفساد، من وجوه، أحدها أن الجملة التى ¬

(¬1) معانى القرآن ص 342. (¬2) المشكل 1/ 335 (دمشق)،1/ 306 (بغداد). (¬3) فى الأصل: فحذف. (¬4) سورة الأنفال 5، وقد عرض ابن الشجرى لتأويل هذه الآية الكريمة فى المجلس الثالث عشر. (¬5) المشكل 1/ 339،340 (دمشق)،1/ 309.310 (بغداد). (¬6) من الآية الأولى من السورة.

هى {فَاتَّقُوا اللهَ} مع تقديمها على الكاف، بينها وبين الكاف فصل بثلاث آيات، وبعض آية رابعة، وهذا الفاصل مشتمل على عشر جمل، وليس (¬1) فى كلام العرب، ولا فى الشّعر الذى هو محلّ الضّرورات خبر قدّم على المخبر عنه، مع الفصل بينهما بعشر جمل أجنبيّة. والثانى: دخول الفاء فى الجملة التى زعم أنها الخبر، والفاء لا تدخل فى خبر المبتدأ إلاّ أن يغلب عليه شبه الشّرط، بأن يكون اسما موصولا بجملة فعليّة، أو يكون نكرة موصوفة، كقولك: الذى يزورنى فله درهم، وكلّ رجل يزورنى فله درهم، أو يكون خبر المبتدأ الواقع بعد «أمّا». والثالث: أن الجملة التى هى قوله: {فَاتَّقُوا اللهَ} خالية من ضمير يعود على الكاف الذى زعم أنه مبتدأ، وهى مع ذلك جملة أمريّة، والجمل الأمريّة لا تكاد تقع أخبارا إلاّ نادرا، وتمثيل هذا الذى قد قرّره قائله-وهو تقرير باطل- قولك: فاتّق الله كما أخرجك زيد من الدار، وأىّ فائدة فى انعقاد هذين الكلامين؟ والقول الآخر التابع لما قبله فى الرّذالة، والآخذ بالحظّ الوافر من الاستحالة قول من زعم أن الكاف للقسم، بمنزلة الواو، وهذا ممّا لا يجوز حكايته، فضلا عن تقبّله، وما علمت فى مذهب أحد ممّن يوثق بعلمه فى النحو؛ بصرىّ ولا كوفىّ، أنّ الكاف تكون بمنزلة الواو فى القسم (¬2)، فلو قال قائل: كالله لأخرجنّ، يريد: والله لأخرجنّ، لاستحقّ أن يبصق فى وجهه. ثم إنه جعل هذا ¬

(¬1) فى ط: «ولم يأت»، وفى د: «ولا يأت». (¬2) بل أثر هذا عن أبى عبيدة، فقد قال: «مجازها مجاز القسم، كقولك: والذى أخرجك ربّك؛ لأن «ما» فى موضع «الذى» وفى آية أخرى: وَالسَّماءِ وَما بَناها -الشمس 5 - أى والذى بناها» مجاز القرآن 1/ 240، وذكره أبو جعفر الطبرى عن بعضهم. تفسيره 13/ 393. وحكاه أيضا ابن هشام عن أبي عبيدة، وذكره فى الجهة الثالثة من الجهات التى يدخل الاعتراض على المعرب من جهتها، وهو التخريج على ما لم يثبت فى العربية، من الجهل أو الغفلة، ثم ذكر تشنيع ابن الشجرى على مكّىّ. المغنى ص 546. وراجع مقالة الدكتور فرحات. وحكاه أيضا عن أبى عبيدة أبو حيان، وقال فيه: «وكان ضعيفا فى علم النحو». البحر 4/ 459.

القسم واقعا على أوّل السّورة، وجعل «ما» التى فى قوله: {كَما أَخْرَجَكَ} بمعنى الذى، وجعلها واقعة على القديم تعالى جدّه، مع جعله الكاف بمعنى الواو، فقال فى حكايته: الأنفال لله والرسول والذى أخرجك. وهذا لو كان على ما تلفّظ به لوجب أن يكون فاعل {أَخْرَجَكَ} مضمرا عائدا على «الذى»، وكيف يكون فى {أَخْرَجَكَ} ضمير، والفاعل {رَبُّكَ}؟ فكأنه قيل: الأنفال لله والرسول والذى أخرجك ربّك. ثم تعليقه لهذا الذى زعم أنه قسم، بأوّل السّورة يجرى مجرى القول الذى قبله فى تباعد المتعاقدين. وأمّا قوله: إن موضع الكاف نصب على أنها نعت لمصدر {يُجادِلُونَكَ} فإنه أيضا قول فاسد؛ لأنّ قوله: {يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ} معناه: فى إخراجك من بيتك وخروجهم معك، فلهذا قال: {كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ} فيكون المعنى على هذا التأويل: يجادلونك فى إخراجك من بيتك جدالا مثل ما أخرجك ربّك من بيتك. فهذا تشبيه الشىء بنفسه؛ لأنه تشبيه إخراجه من بيته بإخراجه من بيته. وقوله: إن الكاف تكون نعتا لمصدر يدلّ عليه (¬1) معنى الكلام، تقديره: قل الأنفال ثابتة لله والرسول ثبوتا كما أخرجك. فهذا أيضا ضعيف لتباعد ما بينهما. وأقرب هذه الأقوال إلى الصحّة قوله: إن الكاف تكون نعتا للمصدر الذى هو {حَقًّا} (¬2) لأمرين: أحدهما تقارب ما بينهما، والآخر: أنّ إخراجه من بيته كان حقّا، بدلالة وصفه له بالحقّ فى قوله: {كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ}. وإيراد مكّىّ لهذه الأقوال الفاسدة، من غير إنكار شيء منها دليل على أنه كان مثل قائليها فى عدم البصيرة. ¬

(¬1) فى الأصل: «على». خطأ. (¬2) ذكر هذا الوجه أبو الحسن الأخفش، فى معانى القرآن ص 345، وراجع الموضع السابق عن البحر، والدرّ المصون 5/ 559.

والقول فى تحقيق إعراب هذا الحرف (¬1): أن قوله تعالى: {يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ} الآية، نزلت فى أنفال أهل بدر، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه (¬2) لمّا رأى قلّة أصحابه وكراهيتهم للقتال قال ليرغّبهم فى القتال: «من قتل قتيلا فله كذا، ومن أسر أسيرا فله كذا (¬3)». فلما فرغ من أهل بدر قام سعد بن معاذ (¬4)، فقال: يا رسول الله، إن نفّلت هؤلاء ما سمّيت لهم بقى كثير من المسلمين بغير شيء. فأنزل الله: {قُلِ الْأَنْفالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ} فى قسمة الغنائم، فهى له يصنع فيها ما يشاء. فسكتوا وفى أنفسهم من ذلك كراهية، وهو قوله: {كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ} على كره منهم من المسلمين، فامض لأمر الله فى المغانم، كما مضيت على مخرجك وهم له كارهون. فموضع الكاف على هذا رفع، بأنها مع ما اتّصلت به خبر مبتدأ محذوف، فالتقدير: كراهيتهم لقسمتك الأنفال كما أخرجك ربّك من بيتك بالحقّ وإن فريقا من المؤمنين لكارهون، فقوله: {كَما أَخْرَجَكَ} معناه: مثل إخراجك. وإن قدّرت المبتدأ «هذا» وأشرت به إلى كراهيتهم لقسمة النبىّ للأنفال، فأردت: هذا كما أخرجك ربّك من بيتك بالحقّ، فحسن. وبالله التوفيق. ومن أغاليطه فى سورة براءة، ما قاله فى قوله تعالى: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ} ¬

(¬1) راجع المجلس الثالث عشر. (¬2) هكذا فى النّسخ الثلاث، بدون ذكر «وسلّم». وهذه طريقة لبعض العلماء المتقدمين، وقد رأيتها فى أسلوب الشافعىّ فى الرسالة، والحربىّ فى غريب الحديث، والخطابىّ فى غريب الحديث أيضا، والهروىّ فى الغريبين. وانظر حكم الصلاة على النبىّ صلّى الله عليه وسلم نطقا وخطأ فى الجامع لأخلاق الراوى وآداب السامع للخطيب 1/ 271، ومقدمة تحقيق الرسالة ص 25، ومتن الرسالة ص 17، وطبقات الشافعية 1/ 22. (¬3) أسباب النزول للواحدى ص 228، وتخريج الحديث فى حواشى محقّقه شيخنا السيد أحمد صقر رحمه الله رحمة سابغة. وانظره أيضا فى مصنّف عبد الرزاق 5/ 239. (¬4) هكذا هنا وفيما سبق فى المجلس الثالث عشر، ومثله فى معانى القرآن للفراء 1/ 403، والذى فى مصنف عبد الرزاق، وتفسير ابن كثير 3/ 549، والدر المنثور 3/ 160، وسير أعلام النبلاء 1/ 274: «سعد بن عبادة».

{الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلاّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ} (¬1) قال: {وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ} فى موضع خفض، عطف على {الْمُؤْمِنِينَ}، ولا يحسن عطفه على {الْمُطَّوِّعِينَ}؛ لأنه لم يتمّ اسما بعد؛ لأنّ {فَيَسْخَرُونَ} عطف على {يَلْمِزُونَ} هكذا ذكر النّحاس فى الإعراب له، وهو عندى وهم (¬2). انتهى كلامه. يعنى أنّ النّحاس ذكر أن قوله (¬3): {وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ} عطف على {الْمُطَّوِّعِينَ} ومنع هو من هذا؛ لأن {الْمُطَّوِّعِينَ} بزعمه لم تتمّ صلته، وليس الأمر على ما قال، بل صلة الألف واللام من {الْمُطَّوِّعِينَ} آخرها قوله: {فِي الصَّدَقاتِ}، واحتجّ بأنّ {الْمُطَّوِّعِينَ} لم تتمّ صلته بعطف {فَيَسْخَرُونَ} على {يَلْمِزُونَ} وأىّ حجّة فى هذا، و {يَلْمِزُونَ} قبل {الْمُطَّوِّعِينَ}؟ وزعم أن {الَّذِينَ لا يَجِدُونَ} عطف على {الْمُؤْمِنِينَ}، وهذا غير صحيح؛ لأن تقدير الكلام على قوله: يلمزون من تطوّع من المؤمنين، ومن الذين لا يجدون إلاّ جهدهم، فيكون الذين لا يجدون إلاّ جهدهم غير مؤمنين؛ لأنّ المعطوف يلزمه أن يكون غير المعطوف عليه، تقول: جاءنى أصحابك والرجال النّصارى، فيكون النّصارى غير أصحابه، وجاءنى الرجال النصارى وأصحابك، فيكون أصحابه غير نصارى. ¬

(¬1) سورة التوبة 79. (¬2) المشكل 1/ 368 (دمشق)،1/ 334 (بغداد). وإعراب القرآن للنحاس 2/ 33. (¬3) هذا غير صحيح. وظاهر أن ابن الشجرىّ لم يطّلع على كلام النحاس فى كتابه إعراب القرآن، ولو رآه لعلم أن مكيّا قد نقله بتمامه، وأن عبارة «وهو عندى وهم» التى قالها مكّىّ تنسحب على كلّ ما ذكره فى الآية الكريمة محكيّا عن النحاس. وقول ابن الشجرى: «ومنع هو من هذا» لا ينبغى أن تعود على مكّىّ، فإنه لم يمنع شيئا، والمانع فى الحقيقة هو النحاس، فإن كان إيراد وتعقّب فعليه لا على مكّىّ. وقد نبّه على هذا الدكتور فرحات فى مقالته. وانظر إعراب الآية فى إعراب القرآن المنسوب خطأ إلى الزجاج 2/ 638،749، والبحر المحيط 5/ 76، والدرّ المصون 6/ 88.

والصواب عطف {الَّذِينَ لا يَجِدُونَ} على {الْمُطَّوِّعِينَ}، فالتقدير: يلمزون الأغنياء المتطوّعين، ويلمزون ذوى الأموال الحقيرة، الذين لا يجدون إلاّ جهدهم، وذلك أن عبد الرحمن بن عوف أتى بصرّة من ذهب تملأ الكفّ، وأتى رجل يقال له: أبو عقيل (¬1) بصاع من تمر، فعابه المنافقون بذلك، فقالوا: ربّ محمد غنىّ عن صاع هذا. فالنّحّاس إذن مصيب (¬2)، والرادّ عليه هو المخطئ. وقال فى قوله تعالى، فى سورة يونس: {وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ لِلنّاسِ الشَّرَّ اِسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ} (¬3) قوله: {اِسْتِعْجالَهُمْ} مصدر، تقديره: استعجالا مثل استعجالهم، ثم أقام الصفة، وهى «مثل» مقام الموصوف، وهو الاستعجال، ثم أقام المضاف إليه، وهو «استعجالهم» مقام المضاف، وهو «مثل» هذا مذهب سيبويه. وقيل: تقديره: كاستعجالهم، فلمّا حذف حرف الجرّ نصب. ويلزم من قدّر حذف حرف الجرّ منه أن يجيز: زيد الأسد، فينصب الأسد، على تقدير: كالأسد (¬4). قلت: لا يلزم من قدّر الكاف فى قوله: {اِسْتِعْجالَهُمْ} أن يجيز: زيد الأسد؛ لأن الكاف حرف شاعت فيه الاسميّة، حتى دخل عليه الخافض، وأسند إليه الفعل (¬5)، وليس من الحروف الخافضة التى إذا أسقطتها نصبت ما بعدها، وإنما هى أداة تشبيه، إذا حذفت جرى ما بعدها على إعراب ما قبلها، كقولك: فينا رجل كأسد، ورأيت رجلا كأسد، ومررت برجل كأسد، تقول إذا ألقيتها: فينا رجل أسد، ورأيت رجلا أسدا، ومررت برجل أسد، فلا يجوز: زيد الأسد، بالنصب؛ لأنّ منزلتها منزلة «مثل» فى قولك: زيد مثل بكر، تقول إذا حذفت ¬

(¬1) الأنصارى. واختلف فى اسمه، على ما تراه فى حواشى تفسير الطبرى 14/ 384. (¬2) النحاس ينبغى أن يكون هو المخطئ، وفق ما قرّره ابن الشجرى، وراجع التعليق السابق. (¬3) سورة يونس 11. (¬4) المشكل 1/ 375 (دمشق)،1/ 340 (بغداد). (¬5) راجع المجلسين: السابع والستين، والحادى والسبعين.

«مثلا»: زيد بكر، كما قال تعالى: {وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ} (¬1)، ولعمرى إن قول سيبويه (¬2) فى الآية هو الوجه. ومن قدّر الكاف وحذفها، فنصب ما بعدها، فلأنّ ما قبلها منصوب. وقال فى قوله تعالى: {فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ} (¬3): هو فعّلنا، من زلت الشىء عن الشىء، فأنا أزيله: إذا نحّيته، والتشديد للتكثير، ولا يجوز أن يكون فيعلنا، من زال يزول؛ لأنه يلزم فيه الواو، فيقال: زوّلنا. وحكى الفرّاء (¬4) أنه قرئ: «فزايلنا» من قولهم: لا أزايل فلانا، أى لا أفارقه. ومعنى زايلنا وزيّلنا واحد (¬5). انتهى كلامه. أمّا قوله: لا يجوز أن يكون فيعلنا من زال يزول؛ لأنه يلزم فيه الواو، فيقال: زوّلنا. فغير صحيح، من قبل أنه لو كان فيعلنا من زال يزول، كان أصله: زيولنا، ثم يصير الواو ياء لوقوع الياء قبلها ساكنة، ثم تدغم الياء فى الياء، فيقال: زيّلنا، وذلك أنّ من شرط الياء والواو إذا تلاصقتا والأولى منهما ساكنة: أن تقلب الواو ياء، ولا تقلب الياء واوا كما زعم مكّىّ. فممّا تقدّمت فيه الياء قولهم فى فيعل من الموت: ميّت، ومن هان يهون، وساد يسود: هيّن وسيّد. الأصل: ميوت وهيون وسيود، ففعل فيهنّ ما ذكرنا. وممّا تقدّمت فيه الواو: الشّىّ والطّىّ واللّىّ، مصادر: شويت وطويت ولويت، أصلهنّ: شوى وطوى ولوى، ثمّ صرن إلى القلب والإدغام. ¬

(¬1) سورة الأحزاب 6، وراجع المجلسين: الرابع والعشرين، والسابع والعشرين. (¬2) لم ترد الآية الكريمة فى كتاب سيبويه المطبوع. (¬3) سورة يونس 28. (¬4) معانى القرآن 1/ 462، والقراءة غير معزوّة، راجع إعراب القرآن للنحاس 2/ 57، والكشاف 2/ 235، والبحر 5/ 152، والدرّ المصون 6/ 191. (¬5) المشكل 1/ 380 (دمشق)،1/ 344 (بغداد).

وقال فى قوله تعالى، فى سورة الحجر: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنّاتٍ وَعُيُونٍ.} {اُدْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ. وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً} (¬1): إخوانا حال من {الْمُتَّقِينَ}، أو من الضمير المرفوع فى {اُدْخُلُوها}، أو من الضّمير فى {آمِنِينَ}، ويجوز أن يكون حالا مقدّرة من الهاء والميم فى {صُدُورِهِمْ} (¬2). وأقول: إنّ «إنّ» ليست من الحروف التى تنصب الأحوال، كما تنصبها «كأنّ» فى نحو: كأنّ زيدا محاربا أسد، لما فى «كأنّ» من التشبيه الذى ضارعت به الفعل، ولكن يجوز أن يكون قوله: {إِخْواناً} حالا من المضمر فى الظّرف الذى هو خبر «إنّ»؛ لأنه ظرف تامّ (¬3)، والظّروف التّوامّ تنصب الأحوال؛ لنيابتها عن الاستقرار أو الكون، فالتقدير: إنّ المتّقين مستقرّون فى جنّات. وجاز أن يكون {إِخْواناً} حالا من هذا الضمير على ضعف، وذلك لبعد الحال منه؛ لأن مجموع هذه الآيات تشتمل على ثلاث جمل: الأولى {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنّاتٍ}، والثانية: {اُدْخُلُوها بِسَلامٍ}، والثالثة: {وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ} فإن جعلت {إِخْواناً} حالا من الواو فى {اُدْخُلُوها} فهى حال مقدّرة (¬4) لقوله: {عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ}؛ لأنهم لا يدخلونها وهم متقابلون على سرر، وإنما يكون ذلك بعد الدخول، فالتقدير: مقدّرين التّقابل على سرر، وإن جعلت الحال من المضمر فى {آمِنِينَ} فحسن، وإن جعلتها من الضمير الذى هو الهاء والميم فى {صُدُورِهِمْ} فالحال من المضاف إليه ضعيفة، وقد بسطت القول فى هذا النّحو، فيما تقدّم (¬5). ولكن يجوّز ويحسّن أن يكون قوله: {إِخْواناً} حالا من ¬

(¬1) سورة الحجر 45 - 47. (¬2) المشكل 2/ 8 (دمشق)،1/ 414 (بغداد). (¬3) يعنى الجارّ والمجرور. أما الظرف الآخر الذى هو ظرف الزمان والمكان فيقال له: الظرف الصحيح. راجع المجلس السادس والثلاثين. (¬4) تحدّث ابن الشجرى عن هذه الحال المقدّرة فى المجلسين: الثانى عشر، والحادى والسبعين. (¬5) فى المجالس: الثالث، والحادى والثلاثين، والسادس والسبعين.

هذا الضمير شيئان: أحدهما قربه منه، والآخر أن المضاف الذى هو «الصّدور» بعض المضاف إليه، فكأنه قيل: ونزعنا ما فيهم من غلّ، فليس هذا المضاف كالمضاف فى قول تأبّط شرّا: سلبت سلاحى بائسا وشتمتنى (¬1) فاعرف الفرق بين الحالين. وقال فى قوله عزّ وجلّ، فى سورة مريم: {ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ} (¬2): ذهب يونس إلى أنّ {أَيُّهُمْ} رفع بالابتداء، لا على الحكاية، ويعلّق (¬3) الفعل، وهو {لَنَنْزِعَنَّ} فلا يعمله فى اللفظ، ولا يجوز تعليق مثل {لَنَنْزِعَنَّ} عند سيبويه والخليل (¬4)، وإنما يجوز أن تعلّق (¬5) أفعال الشكّ وشبهها، مما لم يتحقّق وقوعه (¬6). قلت: اختصاصه بالتعليق أفعال الشكّ وشبهها ممّا لم يتحقّق وقوعه. خطأ؛ لأنّ أفعال العلم تعلّق، ولها فى تحقّق الوقوع القدم الراسخة، فممّا علّق فيه الماضى منها عن لام الابتداء قوله تعالى: {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اِشْتَراهُ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ (¬7)}، وممّا علّق فيه المستقبل منها عن الاسم الاستفهامىّ قوله: {وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا أَشَدُّ عَذاباً} (¬8). ... ¬

(¬1) فرغت منه فى المجلس الثالث. (¬2) سورة مريم 69. (¬3) من هنا سقط فى ط إلى قوله «فى تقدير زيد ذو مال» بعد نحو صفحتين. (¬4) راجع المجلس الثالث والسبعين. (¬5) فى المشكل: «إنما يجوز أن تعلق مثل أفعال الشك. . .». بزيادة كلمة «مثل». (¬6) المشكل 2/ 61 (دمشق)،2/ 459 (بغداد). (¬7) سورة البقرة 102. (¬8) سورة طه 71.

مما دقق فيه أبو الطيب قوله

هذه جملة ما علقت به من سقطات هذا الكتاب، على أنّنى لم أبالغ فى تتبّعها، وإنما ذكرت هذه الرّدود على هذه الأغاليط؛ لئلاّ يغترّ بها مقصّر فى هذا العلم فيعوّل عليها ويعمل بها. والله ولىّ التوفيق للصلاح فى كلّ ما أنويه وأعتمده، بمنّه وطوله. ممّا دقّق فيه أبو الطّيب قوله لا يستكنّ الرّعب بين ضلوعه … يوما ولا الإحسان أن لا يحسنا (¬1) وأقول: إن الإحسان فى اللغة على معنيين: الأوّل نظير الإنعام، ونقيض الإساءة، ويتعدّى فعله بحرف خفض، إمّا «إلى» أو «الباء»، تقول: أحسنت إليه، كما جاء: {وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ} (¬2)، وإن شئت: أحسنت به، كما جاء: {وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ} (¬3)، وكذلك نقيضه، تقول: أسأت إليه، وأسأت به. قال كثيّر: أسيئي بنا أو أحسنى لا ملومة … لدينا ولا مقليّة إن تقلّت (¬4) والثانى: أن يكون الإحسان بمعنى إجادة العمل، يقال: هو يحسن كذا: إذا كان عارفا به، حاذقا له، وفعله يتعدّى بنفسه كما ترى، ومنه فى التنزيل: {وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً} (¬5)، وقال امرؤ القيس: ¬

(¬1) ديوانه 4/ 200، يمدح بدر بن عمّار. (¬2) سورة القصص 77. (¬3) سورة يوسف 100. (¬4) فرغت منه فى المجلس الثامن. (¬5) سورة الكهف 104، وقد ضبطت السّين من يَحْسَبُونَ بالكسر فى الأصل، د. وهى قراءة غير ابن عامر وعاصم وحمزة وأبى جعفر، من القراء. الإتحاف 2/ 228.

وقد زعمت بسباسة اليوم أنّنى … كبرت وأن لا يحسن السّرّ أمثالى (¬1) وقال الراجز (¬2): قد قارعت معن قراعا صلبا … قراع قوم يحسنون الضّربا فقول أبى الطّيّب: «أن لا يحسنا» معمول الإحسان، فكأنه قال: ولا يستكنّ بين ضلوعه أن يحسن أن لا ينعم، ومثله قول الآخر: يحسن أن يحسن حتى إذا … رام سوى الإحسان لم يحسن (¬3) المعنى: يجيد أن ينعم حتّى إذا ما رام سوى الإنعام لم يجد ما رامه. ومن قيله: منى كنّ لى أنّ البياض خضاب … فيخفى بتبييض القرون شباب (¬4) ليالى عند البيض فوداى فتنة … وفخر وذاك الفخر عندى عاب منى: مبتدأ وإن كان نكرة، وقد يفيد الابتداء بالنكرة إذا أخبرت عنها بجملة تتضمّن اسما معرفة، كقولك: امرأة خاطبتنى، وكذلك إن أخبرت بظرف مضاف إلى معرفة، كقولك: رجل خلفك، قال الهذيل بن مجاشع: ونار القرى فوق اليفاع ونارهم … مخبّأة، بتّ عليها وبرنس (¬5) البتّ: الكساء الغليظ، وإنما ضعف الابتداء بالنكرة؛ لأن النفس تتنبّه بالمعرفة على طلب الفائدة، وإذا كان المخبر عنه مجهولا كان المخبر حقيقا باطّراح الإصغاء إلى ¬

(¬1) فرغت منه فى المجلس الخامس والأربعين. (¬2) هو عبد الرحمن المعنىّ، ولقبه مرقس، شاعر إسلامى. ورجزه فى الحماسة 1/ 307، وشرحها للمرزوقى ص 603. (¬3) البيت من غير نسبة فى شرح الواحدى ص 235، وشرح مشكل شعر المتنبى ص 110. (¬4) ديوانه 1/ 188،189، وذكر شارحه كلام ابن الشجرى كلّه دون غزو. (¬5) من أبيات يهجو فيها الطّرمّاح بن حكيم، أوردها ابن الشجرى فى حماسته ص 424،425.

خبر من لا يعرفه. وحدّ الكلام إذا كان المبتدأ منكورا وتضمّن خبره اسما معروفا أن يقدّم الخبر، كقولك: لزيد مال؛ لأنّ الغرض فى كلّ خبر أن يتطرّق إليه بالمعرفة فيصدّر الكلام بها، وهذا موجود هاهنا؛ لأنك وضعت زيدا مجرورا لتخبر عنه بأنّ له مالا قد استقرّ له، فقولك: لزيد مال، فى تقدير: زيد ذو مال، فالمبتدأ الذى هو «مال» هو الخبر فى الحقيقة، وقولك: «لزيد» هو المبتدأ فى المعنى. وقوله: «منى كنّ لى» مفيد؛ لأنّ فى ضمن الخبر ضمير المتكلّم، وهو أعرف المعارف. ولو قال: منى كنّ لرجل، لم يحصل بذلك فائدة؛ لخلوّه من اسم معروف. فاحتفظ بهذا الفصل فإنه أصل كبير. وقوله: «أنّ البياض خضاب» منقطع من أوّل البيت، وتحتمل «أنّ» الرفع والنّصب، فالرفع على إضمار مبتدأ، كأنه قال: إحداهنّ أنّ البياض خضاب، أو أقدمهنّ أن البياض خضاب؛ لأنه قد أخبر بأنّ ذلك كان فى أيّام حداثته وريعان شبيبته بقوله: ليالى عند البيض فوداى فتنة الفود: معظم شعر اللّمّة ممّا يلى الأذنين. وأما النّصب فعلى إضمار «تمنّيت» لدلالة «منى» عليه، كما أضمر «نتّبع» فى قوله تعالى: {قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ} (¬1)، وكإضمار «اشدد» فى قول أحيحة بن الجلاح (¬2): ¬

(¬1) سورة البقرة 135. (¬2) ديوانه ص 70، عن مجمع الأمثال 1/ 366 (باب الشين). والشاعر يخاطب ابنه. والبيت الثانى مع بيت بعده ينسبان إلى على بن أبى طالب، رضى الله عنه. راجع أمثال أبى عبيد ص 231، وفصل المقال ص 332، والكامل ص 1121، والتعازى والمراثى ص 223، ومقاتل الطالبيين ص 31 للأصفهانى، وصرّح فى الأغانى 15/ 229 بأن عليّا تمثّل بالبيتين. والنهاية 1/ 467. ويروى العروضيّون: اشدد حيازيمك. . . وهو عندهم شاهد على الخزم، وهو زيادة فى أول-

ألا أبلغ سهيلا أنّنى ما عشت كافيكا حيازيمك للموت فإنّ الموت لاقيكا (¬1) فإن قيل: إن التمنّى ممّا لم يثبت كالرجاء والطّمع، فلا يقع على «أنّ» الثقيلة؛ لأنّها للتحقيق، فهى أشبه بأفعال اليقين، وإنما يقع التمنّى وما شاكله على «أن» الخفيفة؛ لأنها تخلّص الفعل للاستقبال، فهى أشبه بالطّمع والرجاء والتمنّى، من حيث تعلّقت هذه المعانى بما يتوقّع، ومنه قول لبيد: تمنّى ابنتاى أن يعيش أبوهما … وهل أنا إلاّ من ربيعة أو مضر (¬2) قيل: لا يمتنع وقوع التمنّى على «أنّ» الثقيلة، كما لم يمتنع وقوع «وددت» عليها، ووددت وتمنّيت بمعنى واحد، فمن ذلك فى التنزيل: {وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ} (¬3). ويدلّك على أن وددت وتمنّيت معناهما واحد، قوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوّى بِهِمُ الْأَرْضُ} (¬4). والمعنى: لو يجعلون والأرض سواء، كما قال: {يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ ما قَدَّمَتْ يَداهُ وَيَقُولُ الْكافِرُ يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً} (¬5). وهذا استدلال أبى علىّ. ¬

= البيت لا يعتدّ بها فى تقطيعه. العمدة 1/ 141 (باب الأوزان)، والعيون الغامزة ص 101. والحيازيم: جمع الحيزوم، وهو الصدر، وقيل وسطه. وهو كناية عن التشمير للأمر والاستعداد له. (¬1) فى ط: آتيكا. (¬2) فرغت منه فى المجلس الخامس والسبعين. (¬3) سورة الأنفال 7. (¬4) سورة النساء 42. (¬5) الآية الأخيرة من سورة النبأ.

ويجرى مجرى التّمنّى فيما ذكرته الخوف، وقد جاء: {وَأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ (¬1)}، وقد جاء: {وَلا تَخافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللهِ} (¬2). ومثل تمنّيت اشتهيت، وقد قال أبو تمام (¬3): مضى طاهر الأثواب لم تبق بقعة … غداة ثوى إلاّ اشتهت أنها قبر وجاء صريح التمنّى فى قول الآخر: ما روضة إلاّ تمنّت أنّها … لك مضجع ولخطّ قبرك موضع ويجوز أن تكون «منى» منصوبة نصب الظروف، والجملة التى هى كان واسمها وخبرها نعت لها، فتتّصل «أنّ» بما قبلها، كأنه قال: فى منى كنّ لى أنّ البياض خضاب، أى فى جملة منى، كما قالوا: حقّا أنّك ذاهب، وأكبر ظنّى أنّك مقيم، يريدون: فى حقّ، وفى أكبر ظنّى، وإذا أردت معنى الظرفيّة فى «منى» فلك فى «أنّ» مذهبان، فمذهب سيبويه والأخفش والكوفيّين، رفع «أنّ» بالظرف، وكلّ اسم حدث يتقدّمه ظرف يرتفع عند سيبويه بالظّرف، ارتفاع الفاعل، وقد مثّل ذلك بقوله: غدا الرّحيل (¬4)، وأ حقّا أنك ذاهب؟ والحقّ أنّك ذاهب؟ قال: حملوه على: أفى حقّ أنك ذاهب؟ قال: وكذلك إن أخبرت فقلت: حقّا أنك ذاهب، والحقّ أنك ذاهب، وأكبر ظنّى أنك ذاهب. وإذا كان هذا مذهب سيبويه، مع من ذكرناه، فالمنية تقارب الظنّ، فيحسن أن تقول: أكبر مناى أنك ذاهب، فتنصب «أكبر» بتقدير «فى»، ¬

(¬1) سورة يوسف 13. (¬2) سورة الأنعام 81. (¬3) ديوانه 4/ 84، من قصيدته الجهيرة فى رثاء محمد بن حميد الطائى. (¬4) الكتاب 3/ 135. وانظر مسألة «الرفع بالظرف» فى الإنصاف ص 51، وحواشى كتاب الشعر ص 265، وفهارسه ص 661.

وأنشد سيبويه فى ذلك للأسود بن يعفر (¬1): أحقّا بنى أبناء سلمى بن جندل … تهدّدكم إيّاى وسط المجالس وأنشد: أحقّا أنّ جيرتنا استقلّوا … فنيّتنا ونيّتهم فريق (¬2) فى أبيات أخر. فهذا أحد المذهبين، والمذهب الآخر مذهب الخليل، وذلك أنه يرفع اسم الحدث بالابتداء، ويخبر عنه بالظّرف المتقدّم، حكى ذلك عنه سيبويه فى قوله: وزعم الخليل أن التهدّد هاهنا-يعنى فى بيت الأسود-بمنزلة «الرحيل بعد غد» وأنّ «أنّ» بمنزلته، وموضعها كموضعه (¬3). انتهت حكايته عن الخليل. وأقول: إن اعترض معترض، وقال: كيف تحكمون على «أنّ» المفتوحة بالابتداء، والعرب لم تبتدئ بها. فالجواب: أنهم لم يبتدءوا بها لئلاّ يعرّضوها لدخول «إنّ» المكسورة عليها، وإذا كانوا قد كرهوا دخول المكسورة على لام التوكيد؛ لأنهما بمعنى واحد، فكراهيتهم لدخولها على «أنّ» مع تقارب لفظيهما واتفاقهما فى العمل والمعنى، ¬

(¬1) ديوانه ص 42، والموضع السابق من الكتاب، والعضديات ص 195، والمسائل المنثورة ص 185، وإعراب القرآن المنسوب خطأ إلى الزجاج 2/ 525 - وعقد بابا طويلا للمسألة-والخزانة 1/ 401،10/ 276. (¬2) الكتاب 3/ 136، وقائله المفضّل النّكرىّ-شاعر جاهلىّ-وقيل غيره. وانظر المغنى ص 55، وشرح أبياته 1/ 346، ومعجم الشواهد ص 248. والبيت مطلع قصيدة تعدّ من المنصفات. وهى فى الأصمعيات ص 200، ورواية صدر البيت هناك: ألم تر أن جيرتنا استقلّوا وكذلك فى طبقات فحول الشعراء ص 275، والمنصفات ص 13، ولا شاهد فى البيت على هذه الرواية. (¬3) الكتاب 3/ 136.

أشدّ، فلمّا ألزموها التأخير استجازوا رفعها بالابتداء؛ لأنّ «إنّ» المكسورة لا تباشرها إذا دخلت على الجملة، كقولك: إنّ من الصّواب أنك تنطلق. ومثل قوله: أحقّا أنّ جيرتنا استقلّوا {وَمِنْ آياتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً} (¬1) على المذهبين. وقال أبو العلاء المعرّىّ فى تفسير قوله: «منى كنّ لى. . .» البيت: لو أنّ هذا الكلام فى غير الشّعر لكان ثبوت الألف واللام فى «شباب» أحسن؛ لأنه مضاه لقولهم: المشيب. وكانت العرب فى الجاهليّة إذا اتّفق لها مثل هذا آثرت دخول لام التعريف، وإن قبح فى السّمع، وأكثر ما يجيء فى شعر امرئ القيس، فمنه قوله (¬2): فإن أمس مكروبا فيا ربّ بهمة … كشفت إذا ما اسودّ وجه الجبان فقد أساءت الألف واللام الوزن عند السّامع، وآثرها قائل البيت على الحذف، ولو حذف لكان الحذف أحسن فى الغريزة، ولكن دخول الألف واللام أثبت فى تمكين اللفظ، وكذلك قوله (¬3): فلما أجنّ الشّمس عنّى غئورها … نزلت إليه قائما بالحضيض وأقول: إنّ اللام فيما ذكره أبو العلاء لا تخلو أن تكون لتعريف الجنس، أو تكون عوضا من تعريف الإضافة إلى الضمير، فكونها لتعريف الجنس، فى مثل قوله: «وجه الجبان»، وكونها عوضا من تعريف الإضافة، فى مثل قولك: حسن الوجه، الأصل: حسن وجهه، فلما حذفت الهاء من «وجهه» عرّفته باللام، ¬

(¬1) سورة فصلت 39. وانظر إعراب القرآن المنسوب خطأ إلى الزجاج 2/ 514. (¬2) ديوانه ص 86. (¬3) ديوانه ص 74.

ولو قلت: حسن وجه، جاز على ضعف؛ لأنه قد علم أنك لا تعنى من الوجوه إلاّ وجه المذكور. فحقّ «شباب» فى بيت المتنبّى أن يكون معرّفا باللام، عوضا من تعريف الإضافة إلى الضمير، من حيث كان مراده: شبابى، فدخول اللام هاهنا- لو استعمل-أقلق الوزن، إلا أنه كان يكمّل المعنى واللفظ، على أن إسقاط اللام منه زحاف، وقد قيل: ربّ زحاف أطيب (¬1) فى الذّوق من الأصل (¬2). قال أبو الفتح في تفسير البيت: يقول: شيبى هذا منى كنّ لى قديما، وإنما كنت أتمنّى المشيب ليخفى شبابى (¬3). والقرون: الذّوائب، واحدها قرن. ... ¬

(¬1) هكذا ضبطت الباء فى ط، د بالفتح، وهى الفتحة النائبة عن الكسرة، لأنه وصف لمجرور «ربّ». وهو أحد وجهين فى إعرابه. والوجه الثانى أنه مرفوع، خبر ابتداء محذوف، والتقدير: هو أطيب. والوجه الأول أقوى عندهم. راجع إعراب الحديث النبوى للعكبرى ص 203، والمغنى ص 136، وفتح البارى 13/ 23. وانظر الكلام على «ربّ» فى المجلس الثالث والسبعين. (¬2) الكافى للتبريزى ص 19. (¬3) الفتح الوهبى ص 43، وانظر ردّ الأصفهانى عليه فى الواضح فى مشكلات شعر المتنبى ص 35،36.

مسألة

مسألة الفرق بين اسم الفاعل والمصدر فى العمل: أنّ اسم الفاعل يضاف إلى المفعول، ولا يضاف إلى الفاعل؛ لأن اسم الفاعل عبارة عن الفاعل، والشىء لا يضاف إلى نفسه، والمصدر يضاف إلى الفاعل والمفعول. واسم الفاعل يعمل إذا كان للحال أو الاستقبال، ولا يعمل إذا كان لما مضى؛ وذلك لأنّ اسم الفاعل يشبه الفعل المضارع، ولا يشبه الماضى، من جهة أنه يجرى على المضارع، فى حركاته وسكونه وعدد حروفه، فمدحرج جار على يدحرج، وليس بجار على دحرج، فلمّا أشبهه بجريانه عليه حمل عليه فى العمل، وحمل الفعل على اسم الفاعل فى الإعراب. والمصدر يعمل إن كان للماضى من الزّمان أو الحاضر أو المستقبل. ومن الفرق بينهما أن المصدر يعمل معتمدا وغير معتمد، واسم الفاعل لا يعمل عند سيبويه إلاّ معتمدا، واعتماده أن يكون وصفا أو خبرا أو حالا، فيعتمد على الموصوف، أو المخبر عنه، أو ذى الحال. واسم الفاعل يضمر الفاعل فيه، والمصدر يحذف الفاعل منه، وإنما أضمر الفاعل فى اسم الفاعل؛ لأنّه مشتقّ من الفعل، فأضمروا فيه الفاعل، كما أضمروه فى الفعل. والمصدر بعكس ذلك؛ لأن الفعل مشتقّ منه. واسم الفاعل يتقدّم منصوبه عليه، كما يتقدّم على الفعل، والمصدر لا يتقدّم عليه منصوبه؛ لأنّ المصدر المعمل عمل الفعل مقدّر بأن والفعل، و «أن» حرف موصول، والصّلة لا تتقدّم على الموصول؛ لأنهما بمنزلة كلمة، فإن شئت قدّرته بأن وفعل سمّى فاعله، وإن شئت بأن وفعل لم يسمّ فاعله، فالأول كقول الله

تعالى: {فَمَنْ تابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ} (¬1) أى من بعد أن ظلم، والثانى كقوله: {وَلَمَنِ اِنْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ} (¬2) أى بعد أن ظلم. ... ¬

(¬1) سورة المائدة 39. (¬2) سورة الشورى 41.

المجلس الثانى والثمانون يتضمن ذكر أبيات من شعر أبى الطيب

المجلس الثانى والثمانون يتضمّن ذكر أبيات من شعر أبى الطيّب منها قوله يهجو إسحاق بن إبراهيم بن كيغلغ: يمشى بأربعة على أعقابه … تحت العلوج ومن وراء يلجم (¬1) ذهب باليدين والرّجلين مذهب الأعضاء، فذكّر على المعنى، كما قال الأعشى: يضمّ إلى كشحيه كفّا مخضبا (¬2) وكان القياس أن يقول: بأربع، ولكنه ألحق الهاء ضرورة، وقد أنّثوا المذكّر على المعنى، فيما رواه الأصمعىّ، قال: قال أبو عمرو بن العلاء: سمعت أعرابيّا يمانيا يقول: فلان لغوب، جاءته كتابى فاحتقرها (¬3). فقلت له: أتقول جاءته كتابى؟ فقال: أليس بصحيفة؟ فقلت له: ما اللّغوب؟ فقال: الأحمق. وقال الشاعر: وحمّال المئين إذا ألمّت … بنا الحدثان والأنف النّصور (¬4) ويروى: «الغيور». أنّث الحدثان على معنى الحادثة. ومن تأنيث المذكّر على المعنى تأنيث الأمثال فى قوله عزّ وجلّ: {مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها} (¬5)؛ لأنّ الأمثال فى المعنى حسنات، فالتقدير: عشر حسنات أمثالها. وإذا ¬

(¬1) ديوانه 4/ 127. (¬2) فرغت منه فى المجلس الرابع والعشرين. (¬3) تقدم فى المجلس الحادى والستين. (¬4) فرغت منه فى المجلس السادس عشر. (¬5) سورة الأنعام 160.

كانوا قد أنّثوا المذكّر على المعنى، فتذكير المؤنّث أسهل؛ لأنّ حمل الفرع على الأصل أسهل من حمل الأصل على الفرع. وقال: «على أعقابه» فجمع فى موضع التثنية، وحقّه فى الكلام: على عقبيه، كما جاء فى التنزيل: {نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ} (¬1)، ولكنّهم قد جمعوا فى موضع الإفراد، فقالوا: شابت مفارقه، وبعير ذو عثانين، وقال الشاعر: والزّعفران على ترائبها … شرق به اللّبّات والنّحر (¬2) فجمع التّربية واللّبّة بما حولهما. وإذا كان هذا قد جاز فى موضع الواحد، فالجمع فى موضع التثنية أجوز. وأمّا (¬3) إعراب «وراء» مع حذف المضاف إليه، فإنّ الغايات، وهى الظّروف التى حذفوا منها المضاف إليه، وبنوها على الضمّ، كقبل وبعد وفوق وتحت، إنّما بنوها لأنّ المضاف إليه مقدّر عندهم، حتى إنها متعرّفة به محذوفا، فلما اقتصروا على المضاف فجعلوه نهاية، صار كبعض الاسم، وبعض الاسم لا يعرب، فإن نكّروا شيئا من ذلك أعربوه، فقالوا: جئت قبلا، ومن قبل، وبعدا، ومن بعد، قال الشاعر: فساغ لى الشّراب وكنت قبلا … أكاد أغصّ بالماء الفرات (¬4) وقرأ بعض القرّاء: {لِلّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} (¬5)، فأعرب لنيّة التكرير. ¬

(¬1) سورة الأنفال 48. (¬2) فرغت منه فى المجلس الحادى عشر. (¬3) فى ط، د: فأمّا. (¬4) ويروى: بالماء الحميم. وينسب ليزيد بن الصّعق، ولعبد الله بن يعرب. معانى القرآن 2/ 320، وشرح المفصل 4/ 88، وشرح ابن عقيل 2/ 73، وشرح الشواهد الكبرى 3/ 435، وشفاء العليل ص 714، والخزانة 1/ 426 - 429، وحواشى المحققين. (¬5) سورة الروم 4، وهذه القراءة بالكسر والتنوين، قرأ بها أبو السّمّال والجحدرىّ وعون العقيلى. البحر 7/ 162، وتفسير القرطبى 14/ 7، والهمع 1/ 209. وراجع إعراب «قبل وبعد» فى المجلسين: الأربعين، والسبعين.

فقوله: «من وراء» على تقدير التنكير، كأنه قال: من جهة تخالف وجهه يلجم. والعلج: يجمع علوجا، وأعلاجا، كجذوع وأجذاع. والعلج: الرجل العجمىّ، والحمار الوحشىّ. وقالوا: رجل علج، أى شديد، واشتقاقه من المعالجة، كأنه لشدّته يعالج الشىء الثّقيل، وقالوا لحمار الوحش علج؛ لأنه يعالج آتنه، يعاركها، وقالوا: اعتلجت الأمواج: التطمت. يقول: يمشى القهقرى على أربع؛ حبّا للاستدخال، ولمّا وصفه بالمشى على أربع كالبهيمة جعل ما يولج فيه لجاما. ... ومنها قوله: وجفونه ما تستقرّ كأنّها … مطروفة أو فتّ فيها حصرم أراد أنه أبدا يحرّك جفونه، يستدعى بذلك العلوج، فإشارته إليهم بجفونه متتابعة، حتى كأنّ بعينه طرفة، أو حصرما فتّ فيها، فهى لا تستقرّ. و «فتّ» معطوف على «مطروفة»، وليس من حقّ الفعل أن يعطف على الاسم، ولا حقّ الاسم أن يعطف على الفعل، ولكن ساغ ذلك فى اسم الفاعل واسم المفعول، لما بينهما وبين الفعل من التّقارب، بالاشتقاق والمعنى (¬1)، ولذلك عملا عمله، فممّا عطف فيه الفعل على الاسم قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافّاتٍ وَيَقْبِضْنَ} (¬2) وقوله: {إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ وَأَقْرَضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً} (¬3). وممّا عطف فيه الاسم على الفعل قول الراجز (¬4): ¬

(¬1) سبق هذا المبحث فى المجلس الحادى والسّتّين. (¬2) سورة الملك 19. (¬3) سورة الحديد 18. (¬4) لم أعرفه.

تبيت لا تأوى ولا نفّاشا وقول الآخر: بات يغشّيها بعضب باتر … يقصد فى أسوقها وجائر (¬1) وإنما ساغ ذلك فى هذا الضّرب من الأسماء لصحّة تقدير الاسم بالفعل، والفعل بالاسم، فالتقدير: صافّات وقابضات، وإنّ الذين تصدّقوا وأقرضوا، ولا تأوى ولا تنفش، ويقصد فى أسوقها ويجور، وطرفت وفتّ فيها حصرم. النّفّاش: الغنم التى تنتشر بالليل فترعى بلا راع، وكذلك الإبل، يقال: نفشت تنفش نفشا، مفتوح الثانى، وفى التنزيل: {وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ} (¬2). ... ومنها قوله: وإذا أشار محدّثا فكأنه … قرد يقهقه أو عجوز تلطم إن قيل: كيف قابل القهقهة، وهى صوت، باللّطم، وليس بصوت، وإنما كان حقّ الكلام أن يضع فى موضع «تلطم» تولول، أو تبكى، أو نحو ذلك؛ لأنّه إنّما شبّه حديثه بقهقهة القرد، فشبّه صوتا بصوت، ولا معنى لتشبيه الحديث باللّطم. وعن هذا السّؤال جوابان: أحدهما أنه شبّه حديثه بقهقهة قرد، أو بلطم عجوز خدّها فى مناحة، ولطم النّساء فى المناحة لا بدّ أن يصحبه صوت، فلمّا ¬

(¬1) فرغت منه فى المجلس الحادى والسّتّين. (¬2) سورة الأنبياء 78.

اضطرّه الوزن والقافية إلى ذكر اللّطم الدالّ على الولولة والنّوح، اكتفى بذكر الدّليل من المدلول عليه. و «أو» هاهنا للإباحة، فكأنه قال: إن شبّهته فى حديثه بقرد يقهقه فكذاك هو، وإن شبّهته بعجوز تلطم وتولول فكذاك. والجواب الثانى: أنه شبّه شيئين بشيئين، شبّه حديثه بقهقهة القرد، وشبّه إشارته فى أثناء حديثه بلطم العجوز، وإنما جعل حديثه كضحك القرد؛ لأنه لعيّه غير مفهوم الحديث، وجعله مشيرا بيديه؛ لأنه لا يقدر على الإفصاح، فهو يستعين بالإشارة إذا حدّث، كما أشار باقل (¬1) حين عجز عن الجواب وقد مرّ بقوم ومعه ظبى اشتراه بأحد عشر درهما، وهو متأبّطه، فقالوا: بكم اشتريت الظّبى؟ فمدّ يديه وفرّق أصابعه ودلع لسانه، يريد بأصابعه عشرة دراهم، وبلسانه درهما، فشرد الظّبى حين مدّ يديه. وقد ضمّن هذا التشبيه معنى آخر، وهو أنه أراد قبح وجهه، وكثرة تشنّجه، فهو فى القبح كوجه القرد، وفى التّغضّن-وهو التّشنّج-كوجه العجوز. فإن قيل: كيف يشبّه شيئين بشيئين، ويعطف بأو، وهى لأحد الشيئين، وإنما حقّ ذلك العطف بالواو؛ لأنّ (¬2) التقدير: وإذا أشار محدّثا فكأنّه فى حديثه قرد يقهقه، وفى إشارته عجوز تلطم؟ فعن هذا الاعتراض جوابان: أحدهما: أن «أو» هاهنا للإباحة، وقد قدّمت ذكر ذلك. ¬

(¬1) سبق حديث «باقل» فى المجلس الخامس والسّتّين. (¬2) فى الأصل: ولأنّ.

والثانى: أنّ «أو» قد وردت فى مواضع من كلام العرب بمعنى الواو، واعتمد بعض النحويّين على ذلك، وأنشدوا: فقلت البثوا شهرين أو نصف ثالث … إلى ذاكم ما غيّبتنى غيابيا (¬1) أراد: ونصف ثالث. قال الأصمعىّ: الكركرة والقهقهة: رفع الصوت بالضّحك، والاستغراب أشدّ منهما. ... ومنها قوله: يقلى مفارقة الأكفّ قذاله … حتى يكاد على يد يتعمّم القلى: البغض، مكسور مقصور، وقد صرّفت العرب منه مثالين: قلاه يقليه، مثل رماه يرميه، وقليه يقلاه، مثل رضيه يرضاه، وهو من الياء، بدلالة يقلى، ولو كان من الواو كان يقلو، وأنشدوا فى يقلى: وترميننى بالطّرف أى أنت مذنب … وتقليننى لكنّ إيّاك لا أقلى (¬2) وفى التنزيل: {ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى} (¬3)، وروى أبو الفتح لغة ثالثة: قلاه يقلوه قلاء (¬4)، مثل: رجاه يرجوه رجاء، وأنشد: ¬

(¬1) فرغت منه فى المجلس الخامس والسبعين. (¬2) وفيه شواهد أخرى. انظر معانى القرآن 2/ 144، وشواهد التوضيح والتصحيح ص 142، وشرح المفصل 8/ 140، والمغنى صفحات 76،400،413، وشرح أبياته 2/ 141،143، والخزانة 11/ 225،229، وحواشى المحققين. (¬3) سورة الضحى 3. (¬4) وهناك لغة رابعة حكاها سيبويه: قلى يقلى، مثل نهى ينهى وقرأ يقرأ. الكتاب 4/ 105، واللسان (قلا). ثم انظرها فى النوادر ص 232. وراجع ما تقدّم فى المجلسين: الحادى والعشرين، والحادى والستين. وانظر إعراب ثلاثين سورة ص 117، والأفعال لابن القطاع 3/ 61.

إن تقل بعد الودّ أمّ محلّم … فسيّان عندى ودّها وقلاؤها (¬1) والقذال: جماع مؤخّر الرأس. ويجوز أن يرتفع قذاله بإسناد «يقلي» إليه، كأنه قال: يبغض قذاله مفارقة الأكفّ إيّاه، ويجرى إسناد البغض إلى القذال مجرى إسناد الاشتهاء إلى السّفن فى قوله: تجرى الرّياح بما لا تشتهى السّفن (¬2) والوجه أن تضمر فى «يقلى» فاعلا، وتعمل المفارقة فى القذال، فإن نصبته فالأكفّ فاعلة، وإن رفعته فالأكفّ مفعولة، على منهاج: قرع القواقيز أفواه الأباريق (¬3) يقول: يحبّ أن يقفد (¬4)، حتى إنه ليكاد يتعمّم على يد قافدة، أى صافعة، فقوله: ¬

(¬1) لم أجده. وهم يستشهدون على هذا المصدر بقول نصيب: عليك سلام لا مللت قريبة ومالك عندى إن نأيت قلاء ديوانه ص 57، واللسان (قلا). (¬2) ديوان المتنبى 4/ 236، وصدره: ما كلّ ما يتمنى المرء يدركه (¬3) صدره: أفنى تلادى وما جمّعت من نشب وهو من قصيدة للأقيشر الأسدى. ولد فى الجاهلية ونشأ فى أول الإسلام. الأغانى 11/ 251. والشاهد فى المقتضب 1/ 21، والإنصاف ص 233، وشرح الجمل 2/ 26، والمقرّب 1/ 130، والمغنى ص 536، وشرح أبياته 7/ 157، والخزانة 4/ 491 استطرادا، وغير ذلك مما تراه فى حواشى المحققين. والتلاد بوزن كتاب: كل مال ورثته عن آبائك، ومثله التالد والتليد، والنّشب بفتحتين: العقار. والقوافيز: جمع قافوزة، وهى القدح الذى يشرب فيه. (¬4) قفده بوزن ضربه: صفع قفاه بباطن كفه.

يقلى مفارقة الأكفّ قذاله كقولك: يحبّ مواصلة الأكفّ قفاه. ... ومنها قوله: وتراه أصغر ما تراه ناطقا … ويكون أكذب ما يكون ويقسم هذا البيت قد تكلمت عليه، وأوضحت وجوه إعرابه فيما قدّمته من الأمالى (¬1)، وهو والأبيات الأربعة التى ذكرتها قبله، وذكرت ما اقتضته من التفسير، مهملة كلّها فى تفسير أبى زكريّا، لم يصحب بيتا منها كلمة فذّة، وأبو الفتح ذكر فى بيتين منها أحرفا يسيرة. ... حذف أبو الطيّب «أن» ورفع الفعل فى قوله: يا حاديى عيسها وأحسبنى … أوجد ميتا قبيل أفقدها (¬2) وحذفها فى هذا النحو للضّرورة، ولا يجوز عند البصريّين النصب بها مضمرة إلاّ بعد عوض، كإضمارها بعد الفاء فى جواب ما ليس بواجب، كالنّهى فى قوله: {لا تَفْتَرُوا عَلَى اللهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ} (¬3) والكوفيّون يرون النصب بها محذوفة وإن لم ¬

(¬1) فى أول المجلس السادس. (¬2) فرغت منه فى المجلس الثانى عشر. (¬3) سورة طه عليه الصلاة والسلام 61. وقد ضبطت الياء من فَيُسْحِتَكُمْ بالفتح فى النسخة ط، وهى نسخة المؤلف. وهى قراءة ابن كثير ونافع وعاصم، فى رواية أبى بكر، وأبى عمرو وابن عامر، من الفعل الثلاثى «سحت». وقرأ بالضم من «أسحت» عاصم، فى رواية حفص، وحمزة والكسائىّ. السبعة لابن مجاهد ص 419. وقال أبو حاتم: يقال: سحته الله وأسحته: إذا استأصله، لغتان معروفتان جيّدتان، وقرئ: فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذابٍ، وأيضا فَيُسْحِتَكُمْ» فعلت وأفعلت ص 132. ومجاز القرآن 2/ 20، ومعانى القرآن للفراء 2/ 182، وتفسير غريب القرآن ص 280، وأدب الكاتب ص 436.

يكن عوض، وينشدون قول طرفة: ألا أيّ هذا الزّاجرى أحضر الوغا … وأن أشهد اللذّات هل أنت مخلدى (¬1) بنصب «أحضر»، وعلى مذهبهم قال أبو الطيّب: بيضاء يمنعها تكلّم دلّها … تيها ويمنعها الحياء تميسا (¬2) والمراد بتصغير الظروف تقريب الأوقات والأماكن، كقولك: خرجت قبيل الظّهر، وبعيد المغرب، وقعدت دوين الحائط، كما قال ذو القروح، يصف ذنب فرسه: بضاف فويق الأرض ليس بأعزل (¬3) الضّافى: السّابغ. والأعزل من الأذناب: الذى يميل يمنة أو يسرة. فإن قيل: لم كان حذف «أن» اضطرارا فى قوله: «قبيل أفقدها»، وظاهر أمر «قبل وبعد» أنهما ظرفا زمان، فهلاّ أضيفا إلى الفعل بغير تقدير «أن» كسائر أسماء الزمان؟ فالجواب: أنّ المكان أحقّ بهما من الزمان، وقد أوضح حالهما أبو سعيد السّيرافىّ، فى شرح الكتاب، فى قوله: إنّ «قبل وبعد» غير متمكّنين، فلا يرفعان، ولا يجوز: سير قبلك، والذى منعهما من التصرّف والرفع أنهما ليسا باسمين لشيء من الأوقات، كالليل والنهار، والساعة والظّهر والعصر، وإنما استعملا فى الوقت للدّلالة على التقديم والتأخير. يعنى أنك إذا قلت: جئت قبل زيد، أردت ¬

(¬1) فرغت منه فى المجلس الثانى عشر. (¬2) ديوانه 2/ 195. وقال الواحدى: «أراد أن تتكلّم، فحذف «أن» وأبقى عملها». شرح الديوان ص 94، وكذلك أن تميسا. (¬3) فرغت منه فى المجلس التاسع والخمسين.

تقديم زمان مجيئك على زمان مجيئه، وإذا قلت: جئت بعده، أردت تأخير زمان مجيئك عن زمان مجيئه. ويشهد بأنّ أصلهما المكان ثلاثة أشياء: أحدها امتناعهم من إضافتهما إلى الفعل فى حال السّعة، وإنما يضافان إلى أن والفعل، وما والفعل، كما جاء فى التنزيل: {مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا وَمِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا} (¬1). والثانى: إخبارك بهما عن الجثّة، كقولك: الجبل بعد الوادى، والوادى قبل الجبل، وظروف الزمان لا تستعمل أخبارا عن الأشخاص. والثالث: أنهما أصل فى الغايات، ولم نجدهم أدخلوا فى حكمهما إلاّ ظروف المكان، كفوق وتحت ووراء وقدّام وعلى. فهذا قول جلىّ كما تراه، والمتّسمون بالنحو قبيل وقتنا هذا، ممّن شاهدته وسمعت كلامه على خلاف ما قلته وأوضحته. فاستمسك بما ذكرته لك، فقد أقمت لك (¬2) برهانه. وهذه المسألة ممّا ذكرته فى الرّدّ على أبى الكرم بن الدّبّاس أغاليطه فى كتابه الذى سمّاه: المعلم (¬3). ... ¬

(¬1) سورة الأعراف 129. (¬2) فى الأصل: له. (¬3) راجع قسم الدراسة ص 35.

من مشكل كلام أبى على فى الإيضاح

من مشكل كلام أبى علىّ فى الإيضاح قوله فى (باب الجمع الذى على حدّ التثنية): «لو سمّيت رجلا بخالد أو حاتم وكسّرته قلت: خوالد وحواتم، كما تقول: كاهل وكواهل، ولو سمّيته أحمر لقلت: الأحمرون والأحامر، وإذا كانوا قد قالوا: الأباطح، فهذا أجدر، ومن قال: الحرّث (¬1)، فقياس قوله: أن يقول: حمر، وإن نكّره كان قياس قوله ألاّ يصرف بلا خلاف (¬2)». وأقول: إنّ كلّ ما كان من الصّفات على مثال فاعل، كجالس، وضارب، فإنهم لم يجمعوه على فواعل وصفا للرجال، لئلاّ يلتبس بفواعل إذا أريد به النّساء، كقولك: نسوة جوالس وضواحك، كما جاء فى التنزيل: {وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ} (¬3) وشذّ من جمع الرجال: فوارس، وذلك لاختصاص هذا الوصف بالرّجال، فإن سمّوا رجلا بوصف على هذا المثال، كخالد وحاتم وحارث، كسّروه على فواعل، وإنما استجازوا جمعه علما على فواعل؛ لخروجه من الوصفيّة إلى العلميّة، كما أنّ أحمر لا يجمع وصفا إلاّ على فعل، فإذا أخرجوه عن الوصفيّة بالتسمية جمعوه جمع السّلامة؛ لأنه صار كأحمد وأكثم، فقالوا: الأحمرون، كما قالوا: الأحمدون، وكسّروه على الأفاعل، كما قالوا فى العلم: الأحامد، وفى غير العلم: الأجادل. وقوله: وإذا كانوا قد قالوا: الأباطح، فهذا أجدر. يعنى أن الأبطح ومؤنّثه ممّا أخرجته العرب عن الوصفيّة، فلم يجروه على ما قبله فيقولوا: مكان أبطح، ولا بقعة بطحاء، وكذلك الأبرق والبرقاء، فالأبطح والأبرق صفتان غالبتان، بمعنى ¬

(¬1) فى التكملة «الحوص» خطأ. وسيأتى فى شرح ابن الشجرى. (¬2) التكملة ص 45 - وهى الجزء الثانى من الإيضاح. (¬3) سورة النور 60.

أنّهما غلبا على الاسميّة، فلم يجريا على موصوف، وجمع المذكّر منهما على الأفاعل (¬1): الأباطح والأبارق، كما جمع الاسم عليه، كالأزمل والأزامل، ولم يجمعوا مؤنّثهما على قياس باب «حمراء» فيقولوا: بطح وبرق، لمفارقتهما له؛ من حيث لم يجريا على موصوف، بل شبّهوهما لتأنيثهما وفتح أوّلهما بباب «جفنة» فقالوا: بطحاوات وبرقاوات، كصحراوات، كما شبّهوا باب «الكبرى» لتأنيثه وضمّ أوله بباب «غرفة» فقالوا: الكبر، كما قالوا: الغرف. وكذلك قالوا فى تكسيرهما: بطاح وبراق، كجفان وقصاع. فإذا سمّيت بأحمر وجمعته على الأحامر فهو أجدر من جمع الأبطح على الأباطح؛ لأنك قد أخرجت أحمر عن معناه، بنقله إلى العلميّة، والأبطح غير خارج عن معناه الوصفىّ الذى وضع له، ونقيض هذا قول من جمع الحارث على الحرّث، وذلك أنهم ردّوه بهذا الجمع إلى الوصفيّة، فجمعوه على فعّل، كشاهد وشهّد، وصائم وصوّم، وغاز وغزّى، فقياس هذا أن يجمع أحمر علما على مثال جمعه وصفا، فيقال: حمر، وإن نكّرته على هذا القول قلت: مررت بأحمر وأحمر آخر، فلم تصرفه نكرة لمراعاة الوصفيّة فيه، من حيث جمع على حمر. وقوله: «بلا خلاف» يعنى بلا خلاف بين سيبويه والأخفش؛ لأنّ سيبويه إذا سمّى رجلا بأحمر ثم نكّره لم يصرفه (¬2)، مراعاة للوصف فيه، والأخفش يصرفه لزوال الوصف بالتسمية، وقد أوردت هذه المسألة فيما تقدّم. فهاهنا يوافق الأخفش سيبويه، فلا يصرفه منكّرا؛ لأنّ جمعه على فعل مصرّح له بالوصفيّة. الأبطح والبطحاء: كلّ مكان متّسع. والأبرق والبرقاء: مكان ذو حجارة مختلفة الألوان. والكاهل: ما بين الكتفين. والحارث فى أصل وضعه: الكاسب. والأزمل: الصوت. والأجدل: الصّقر. ¬

(¬1) بحاشية الأصل: «فقيل». (¬2) الكتاب 3/ 198، ورأى الأخفش فى حواشيه من نسختين من الكتاب.

وقال أبو علىّ، فى (باب الأفعال المنصوبة): «وتقول: «كان سيرى أمس حتّى أدخلها. إن جعلت «كان» بمعنى وقع، جاز الرفع والنّصب فى «أدخلها»، وإن جعلت «كان» المفتقرة إلى الخبر، وجعلت «أمس» من صلة السّير، لم يجز إلاّ النّصب؛ لأنك إن رفعت بقيت «كان» بلا خبر، وإذا نصبت كان قولك: «حتى أدخلها» فى موضع الخبر (¬1)». انتهى كلامه. وأقول: إنّك إن جعلت «كان» بمعنى «وقع» فالكلام يتمّ إذا قلت: كان سيرى، فإن جعلت «حتّى» غاية جاز أن تعلّقها بكان، وجاز أن تعلّقها بالسّير، وإن جعلتها للاستئناف فقد أتيت بجملة تامّة بعد جملة تامّة. فإن جعلت «كان» الناقصة، وجعلت «أمس» خبرا لها، علّقته بمحذوف، وجاز أيضا فى «أدخلها» الرفع والنصب، وإن علّقت «أمس» بالسّير، احتجت إلى خبر لكان. فإن جعلت «حتّى» غاية، فهى وما بعدها فى تأويل «إلى» ومجرورها؛ لأنّ التقدير: حتى أن أدخلها، أى حتّى دخولها، والمعنى: إلى دخولها، فكأنك قلت: كان سيرى إلى دخول المدينة، فإلى متعلّقة بمحذوف، أى منتهيا إلى دخول المدينة. وإذا جعلت «حتى» للاستئناف، فالتقدير: كان سيرى حتى أنا أدخل المدينة، فالجملة التى هى: حتى أنا أدخل المدينة، خالية من ضمير يعود على اسم «كان» ظاهر ومقدّر. ... ¬

(¬1) الإيضاح ص 318.

من روى لأبى الطيّب: نرى عظما بالبين والصّدّ أعظم (¬1) فالمعنى أنّ البين يزيله قطع المسافة، والصّدّ لا تقطع مسافته. ومن روى (¬2): نرى عظما بالصّدّ والبين أعظم فالمعنى: أن الحبيب وإن صدّ فعين المحبّ تدركه، وإذا فارق حال البعد عن النّظر إليه. ... وقوله: خود جنت بينى وبين عواذلى … حربا وغادرت الفؤاد وطيسا (¬3) الوطيس فى العربيّة مستعمل على معنيين: أحدهما معركة الحرب، والآخر: تنّور من حديد. وقيل قول ثالث: أنه حفرة يختبز فيها. وقيل: أوّل من قال: «الآن حمى الوطيس (¬4)» النبىّ صلى الله ¬

(¬1) تمامه: ونتّهم الواشين والدمع منهم ديوانه 4/ 81. (¬2) وهى رواية تفسير أبيات المعانى من شعر أبى الطيب ص 262. (¬3) ديوانه 2/ 195. (¬4) ويروى: «هذا حين حمى الوطيس». وأخرجه مسلم فى صحيحة (باب فى غزوة حنين، من كتاب الجهاد والسّير) ص 1399، وأحمد فى المسند 1/ 207. وهو برواية ابن الشجرى فى: الأمثال فى الحديث النبوى، لأبى الشيخ الأصبهانى ص 135، والمجازات النبوية ص 135، والروض الأنف 2/ 286. هذا وقد حكى التبريزى عن أبى العلاء، قال: «وبعض الناس يدّعى أن أول من قال «حمى الوطيس» النبىّ صلّى الله عليه وسلم، وما أحسب هذا إلاّ وهما؛ لأن الوطيس قد كثر فى الشعر القديم» ثم أنشد بيت تأبط شرّا الآتى، وبيت الأفوه الأودىّ: أدين بالصبر إذا ضرّمت نيرانها الحرب اضطرام الوطيس ديوان أبى تمام بشرح التبريزى 2/ 266. ويبقى أن أشير إلى أن أبا هلال لم يذكر هذا الحديث فى كتابه: الأوائل. وأن بيت «الأفوه» هذا لم يرد فى ديوانه (الطرائف الأديبة) مع وجود أبيات من وزن البيت وقافيته.

عليه (¬1). يريد الحرب، شبّه اشتعالها باشتعال النّار فى التّنّور، قال ذلك يوم حنين. قال تأبّط شرّا (¬2): إنّى إذا حمى الوطيس وأوقدت … للحرب نار منيّة لم أنكل قال أبو الفتح: حمل الوطيس فى البيت على التّنّور أشبه؛ لأنه يريد حرارة قلبه. والقول الآخر غير ممتنع هاهنا؛ لأنهم يقولون: حميت الحرب، واحتدمت، وتضرّمت. وأقول: إنّ الأحسن عندى أن يكون أراد معركة الحرب؛ لأمرين: أحدهما قوله: «جنت حربا». والآخر: أنّ حرب العواذل إنما تكون باللّوم، واللّوم إنما يلحق القلب دون غيره من الأعضاء، فهو معركة حربهنّ. ... وقوله فى أبى علىّ هارون بن عبد العزيز الأوارجىّ الكاتب: لا تكثر الأموات كثرة قلّة … إلاّ إذا شقيت بك الأحياء (¬3) أراد بقوله: «كثرة قلّة» كثرة يقلّ لها الأحياء. قدّر أبو الفتح مضافا محذوفا من قوله: «بك» قال: أراد شقيت بفقدك (¬4). وذهب أبو العلاء المعرّىّ إلى أنهم شقوا به، أى بقتله إيّاهم. وقال: أراد أنّ ¬

(¬1) هكذا بدون ذكر «وسلّم» وعلّقت عليه قريبا، فى ص 186. (¬2) ديوانه ص 194، وفى عجزه هناك زيادة «نيرانها» وبها اختلّ الوزن. (¬3) ديوانه 1/ 27. (¬4) بمعناه فى الفتح الوهبى ص 33. وانظر شرح مشكل شعر المتنبى ص 93.

الأحياء إذا شقيت بك كثرت الأموات، وتلك الكثرة تؤدّى إلى القلّة؛ إمّا لأنّ الأحياء يقلّون بمن يموت منهم، وإمّا لأنّ الميّت يقلّ فى نفسه. وقال أبو زكريّا: قول أبى الفتح: شقيت بك يريد بفقدك، يحيل معنى البيت؛ لأنّ الأحياء شقوا به؛ لأنه قتلهم. وأقول: إنّ الصحيح قول أبى الفتح، إنه أراد: شقيت بفقدك، وبهذا فسّره علىّ بن عيسى الرّبعىّ. قال: ذهب إلى أنه نعمة على الأحياء، وفقده (¬1) شقاء لهم. وممّا حذفت منه هذه اللفظة التى هى «الفقد» قول المرقّش: ليس على طول الحياة ندم … ومن وراء المرء ما يعلم (¬2) أراد: ليس على فقد طول الحياة؛ لا بدّ من تقدير هذا. وأظهر هذه اللفظة فى هذا المعنى بعينه-وهو كون حياته نعمة، وكون موته شقاء ونقمة-الشاعر فى قوله: لعمرك ما الرّزيّة فقد مال … ولا شاة تموت ولا بعير (¬3) ولكنّ الرّزيّة فقد حرّ … يموت لموته خلق كثير وقد صرّح بهذا المعنى ما رواه الرّبعىّ عن المتنبّى، أنه قال: قال لى أبو عمر السّلمىّ: عدت أبا علىّ الأوارجىّ فى علّته التى مات فيها بمصر، فاستنشدنى: لا تكثر الأموات كثرة قلّة. . . البيت فأنشدته، فجعل يستعيده ويبكى حتى مات (¬4)، فإذا كان المتنبّى قد حكى هذا، فهل يجوز أن يكون المعنى إلاّ على ما قدّره أبو الفتح؟ ... ¬

(¬1) فى ط، د «ففقده». (¬2) فرغت منه فى المجلس الثامن. (¬3) لامرأة أعرابية. سمط اللآلى ص 603. (¬4) قال ابن سيده: «أخبرنى بعض أهل بغداد أن الممدوح بهذه القصيدة أدركته الوفاة بعد إنشاد المتنبى إيّاه هذا الشعر بأيام قليلة، فكان يتقلّب على فراشه ويردّد البيت الذى فسّرنا». شرح المشكل ص 94.

وقوله: لم تسم يا هارون إلاّ بعد ما … اقترعت ونازعت اسمك الأسماء (¬1) قال فيه أبو الفتح: أراد: لم تسم بهذا الاسم إلاّ بعد ما تقارعت عليك الأسماء، فكلّ أراد أن تسمى به، فخرا بك. وقال أبو العلاء: أجود ما يتأوّل فى هذا: أن يكون الاسم هاهنا فى معنى الصّيت، كما يقال: فلان قد ظهر اسمه، أى قد ذهب صيته فى الناس، فذكره لا يشاركه فيه أحد، وماله يشترك فيه الناس. فأمّا أن يكون عنى باسمه هارون، فهذا يحتمله ادّعاء الشّعراء، وهو مستحيل فى الحقيقة؛ لأنّ العالم لا يخلو أن يكون فيهم جماعة يعرفون بهارون. والذى ذهب إليه أبو الفتح، من إرادته اسمه العلم هو الصّواب. وقول المعرىّ إن الاسم هنا يريد به الصّيت ليس بشىء يعوّل عليه؛ لأنّ قول أبى الطيّب: «لم تسم» معناه: لم يجعل لك اسم. وأمّا دفع المعرّىّ أن يكون المراد الاسم العلم بقوله: إنّ فى الناس جماعة يعرفون بهارون، فقول من لم يتأمّل لفظ صدر البيت الذى يلى هذا البيت، وهو قوله: فغدوت واسمك فيك غير مشارك (¬2) والمعنى: أنّ اسمك انفرد بك دون غيره من الأسماء، فمعارضته بأنّ فى الناس جماعة يعرفون بهارون إنما تلزم أبا الطيّب لو قال: فغدوت وأنت غير مشارك فى اسمك، فلم يفرق المعرّىّ بين أن يقال: اسمك غير مشارك فيك، وأن يقال: أنت غير مشارك فى اسمك، فإنما أراد أنّ اسمك انفرد بك دون الأسماء، ولم يرد أنك انفردت باسمك دون الناس، فاللفظان متضادّان كما ترى. ... ¬

(¬1) الديوان 1/ 28،29. (¬2) تمامه: والناس فيما فى يديك سواء

المجلس الثالث والثمانون تفسير قول أبى الطيب

المجلس الثالث والثمانون تفسير قول أبى الطيّب: عزير أسا من داؤه الحدق النّجل … عياء به مات المحبّون من قبل (¬1) روى بعض الرّواة: عزيز أسا (¬2)، بتنوين «أسا» ونصبه على التمييز، كما تقول: عزيز دواء زيد، فرفعوا «من» بالابتداء، و «عزيز» خبرها؛ لأنّ «من» معرفة بصلتها، أو نكرة متخصّصة بصفتها، فهى أولى بالابتداء فى كلا وجهيها، وصفة «من» تكون على ضربين: جملة ومفرد، فالجملة فى قول عمرو بن قميئة: يا ربّ من يبغض أذوادنا … رحن على بغضائه واغتدين (¬3) وفى قول الآخر: ربّ من أنضجت غيظا صدره … قد تمنّى لى موتا لم يطع (¬4) والمفرد فى قول حسّان: فكفى بنا فضلا على من غيرنا … حبّ النبىّ محمّد إيّانا (¬5) ¬

(¬1) ديوانه 3/ 180. (¬2) هكذا جاء فى النسخ الثلاث، وفى كلّ المواضع «أسا» بالألف. قال ابن ولاّد: «الأسى: الحزن مقصور، يكتب بالياء؛ لأنك تقول: رجل أسيان، وقالوا: أسوان، فجائز أن يكتب بالألف على هذا القول». المقصور والممدود ص 9. (¬3) فرغت منه فى المجلس الرابع والسبعين. (¬4) وهذا سبق فى المجلس الحادى والسّتّين. (¬5) مثل سابقه.

فمن نكرة فى البيت الأوّل والثانى؛ لأن «ربّ» لا تليها المعرفة. وفى البيت الثالث؛ لأن المفرد لا يكون صلة، فكأنه قال: على ناس غيرنا، أو قوم غيرنا، وإن رفعت «غيرنا» بأنه خبر مبتدأ محذوف، تريد: من هو غيرنا، فجعلت «من» موصولة، كقراءة من قرأ: {تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ} (¬1) يريد: هو أحسن، جاز. ومثله ما رواه الخليل من قولهم: ما أنا بالذى قائل لك شيئا. ويجوز فى قول من نوّن «أسا» أن ترفع «من» بعزيز، رفع الفاعل بفعله، على ما يراه الأخفش والكوفيّون، من إعمال اسم الفاعل، واسم المفعول، والصّفة المشبّهة باسم الفاعل وإن لم يعتمدن، كقولك: قائم غلاماك، ومضروب صاحباك، وظريف أخواك. والوجه إعمالهنّ إذا اعتمدن على مخبر عنه، أو موصوف، أو ذى حال، وأقلّ ما يعتمدن عليه همزة الاستفهام، و «ما» النافية. وروى آخرون إضافة «أسا» ورفعه بالابتداء؛ لتخصّصه بالإضافة، و «عزيز» خبره، وإن شئت رفعت «عزيزا» بالابتداء، ورفعت «أسا» به، على المذهب الأضعف. وأما «عياء» ففى رفعه ثلاثة أوجه: إن شئت جعلته خبرا بعد خبر، كقولهم: هذا حلو حامض، أى قد جمع الطّعمين. وإن شئت أبدلته من الحدق؛ لأنها هى الداء فى المعنى، فكأنك قلت: من داؤه عياء (¬2). و «عزيز» هنا يحتمل أن يكون من عزّ الشىء: إذا قلّ وجوده. ويحتمل أن يراد به: شديد صعب، غالب للصّبر، من قولهم: عزّه يعزّه، إذا غلبه، ومنه {عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ} (¬3)، أى شديد عليه عنتكم، أى هلاككم. ¬

(¬1) سورة الأنعام 154. وتقدم تخريج هذه القراءة فى المجلس الحادى عشر. (¬2) لم يذكر ابن الشجرى الوجه الثالث فى رفع «عياء» وقد ذكر فى الموضع المذكور من شرح الديوان، قال: «وإن شئت أضمرت له ابتداء». (¬3) سورة التوبة 128.

وللأسا وجهان: أحدهما الحزن، وفعله: أسى يأسى، والآخر: العلاج والإصلاح، وفعله: أسا يأسو، يقال: أسوت الجرح: إذا أصلحته وداويته، أسوا وأسا. قال الأعشى (¬1): عنده البرّ والتّقى وأسا الشّقّ … وحمل لمضلع الأثقال وحدقة العين: سوادها، والجميع: حدق وحداق، فحدق من باب قصبة وقصب، وحداق مثل رقبة ورقاب، ورحبة ورحاب. والنّجل: جمع نجلاء، والمصدر: النّجل، وهو السّعة فى حسن. ... تفسير قوله: كفى بجسمى نحولا أننى رجل … لولا مخاطبتى إيّاك لم ترنى (¬2) يتوجّه فى هذا البيت سؤال عن الفرق فى الإعراب بين «كفى بجسمى نحولا» {وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً} (¬3). وسؤال ثان، وهو أنّ «أنّ» المفتوحة تكون مع خبرها فى تأويل مصدر، كقولك: بلغنى أنّك ذاهب، أى بلغنى ذهابك، فبأىّ مصدر تتقدّر فى هذا البيت؟ وسؤال ثالث، وهو أن يقال: إن الجملة التى هى «لولا مخاطبتى إياك لم ترنى» وصف لرجل، ورجل اسم غيبة، فكيف عاد إليه منها ضمير متكلّم؟ وكان القياس أن يقال: لولا مخاطبته إيّاك لم تره. ¬

(¬1) ديوانه ص 9، والموضع السابق من المقصور والممدود. (¬2) الديوان 4/ 186، والمغنى ص 109،667، وشرح أبياته 2/ 381. (¬3) سورة النساء 81، وغير ذلك من الكتاب العزيز.

الجواب: أنّ «كفى» ممّا غلب عليه زيادة الباء، تارة مع فاعله، وتارة مع مفعوله، ودخولها على مفعوله قليل، فزيادتها مع الفاعل مثل: كفى بالله، المعنى: كفى الله، ويدلّك على أنها مزيدة فى «بالله» قول سحيم (¬1): كفى الشّيب والإسلام للمرء ناهيا وأمّا زيادتها مع المفعول، فمنه ما أوردته آنفا من قول الأنصارىّ: فكفى بنا فضلا على من غيرنا … حبّ النبىّ محمد إيّانا ومنه: كفى بك داء أن ترى الموت شافيا (¬2) التقدير: كفاك داء رؤيتك الموت، ومنه: «كفى بجسمى نحولا» لأنّ فاعل «كفى» أنّ وما اتّصل بها. واسبك لك من ذلك فاعلا بما دلّ عليه الكلام من النفى بلم، وامتناع الشىء لوجود غيره بلولا، فالتقدير: كفى بجسمى نحولا انتفاء رؤيتى لولا وجود مخاطبتى، وانتصاب «نحولا» على التفسير (¬3)، والتفسير فى هذا النحو للفاعل دون المفعول، فوكيلا تفسير لاسم الله تعالى، و «نحولا» تفسير لانتفاء الرّؤية، كما كان «فضلا» فى بيت الأنصارىّ تفسيرا لحبّ النبىّ إيّاهم. فقد بان لك الفرق فى الإعراب بين «كفى بجسمى نحولا» «وكفى بالله وكيلا»؛ من حيث كان «بالله» فاعلا، و «بجسمى» مفعولا. وإنما زيدت الباء فى نحو «كفى بالله» حملا على معناه، إذ كان بمعنى اكتف بالله، ونظيره قولهم: حسبك بزيد، زادوا الباء فى خبر «حسبك» لمّا دخله معنى اكتف. ¬

(¬1) ديوانه ص 16، وصدر البيت: عميرة ودّع إن تجهزت غاديا وتخريجه فى كتاب الشعر ص 437. (¬2) للمتنبى. وقد فرغت منه فى المجلس الحادى عشر. (¬3) أى على التمييز.

وأمّا رجل من قوله: «أننى رجل» فخبر موطّئ (¬1)، وإنما الخبر فى الحقيقة هو الجملة التى وصف بها رجل، والخبر الموطّأ هو الذى لا يفيد بانفراده ممّا بعده، كالحال الموطّئة (¬2) فى نحو: {إِنّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا} (¬3) ألا ترى أنّك لو اقتصرت على رجل هنا لم تحصل به فائدة، وإنما الفائدة مقرونة بصفته، فالخبر الموطّأ كالزيادة فى الكلام، فلذلك عاد الضّميران اللذان هما الياءان فى «مخاطبتى» و «لم ترنى» إلى الياء فى «أنّنى»، ولم يعودا على «رجل»؛ لأن الجملة فى الحقيقة خبر عن الياء فى «أنّنى»، وإن كانت بحكم اللفظ صفة لرجل، فلو (¬4) قلت: إنّ «رجل»، لمّا كان هو الياء التى فى «أنّنى» من حيث وقع خبرا عنها عاد الضّميران إليه على المعنى-كان قولا. ونظيره عود الياء إلى «الذى» فى قول علىّ عليه السلام: أنا الذى سمّتن أمّى حيدره (¬5) لمّا كان «الذى» هو «أنا» فى المعنى (¬6)، وليس هذا ممّا يحمل على الضّرورة؛ لأنه قد جاء مثله فى القرآن، نحو: {بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} (¬7) فتجهلون فعل خطاب وصف به اسم غيبة كما ترى، ولم يأت بالياء وفاقا ل‍ {قَوْمٌ}، ولكنه جاء وفق المبتدأ الذى هو {أَنْتُمْ} فى الخطاب، ولو قيل: بل أنتم قوم، لم ¬

(¬1) فى النّسخ الثلاث: «موطّأ» بفتح الطاء، هنا وفى المواضع الآتية، وكذلك جاء فى أصول الخزانة 6/ 62، فيما حكاه البغدادىّ عن ابن الشجرى، وصحّحه شيخنا عبد السلام هارون، رحمه الله رحمة سابغة. وكذلك جاء على الصواب فى المغنى ص 667. وانظر التعليق التالى. (¬2) فى النّسخ الثلاث «الموطّأة» وصحّحت بحاشية الأصل بخط الناسخ نفسه: «الموطّئة». والحال الموطّئة معروفة فى كتب النحو. (¬3) سورة يوسف 2. وانظر إعراب القرآن للنحاس 2/ 119، والمشكل 1/ 418، والمغنى ص 587. (¬4) فى ط، د: ولو. (¬5) فرغت منه فى المجلس الموفى السّتين. (¬6) راجع كتاب الشعر ص 399. (¬7) سورة النمل 55.

يحصل بهذا الخبر فائدة. وممّا جاء من ذلك فى الشّعر لغير ضرورة قوله (¬1): أأكرم من ليلى علىّ فتبتغى … به الجاه أم كنت امرأ لا أطيعها أعاد من «أطيعها» ضمير متكلّم، ولم يعد ضمير غائب وفاقا لامرئ. فهذا دليل إلى (¬2) دليل التنزيل. فاعرف هذا وقس عليه نظائره. ... وممّا أهمل مفسّرو شعر أبى الطيّب تعريبه قوله (¬3): بئس اللّيالى سهدت (¬4) … من طربى شوقا إلى من يبيت يرقدها يتوجّه فى هذا البيت السّؤال عن المقصود فيه بالذمّ، وما موضع «من طربى» من الإعراب؟ وما الذى نصب «شوقا»؟ وكم وجها فى نصبه؟ وبم يتعلّق «إلى»؟ وكم حذفا فى البيت؟. فأمّا المقصود بالذمّ فمحذوف، وهو نكرة موصوفة بسهدت، والعائد إليه من صفته محذوف أيضا، فالتقدير: ليال سهدت فيها، ونظير هذا الحذف فى التنزيل، فى قوله تعالى: {وَمِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ} (¬5)، التقدير: آية يريكم فيها البرق. ¬

(¬1) قيس بن الملوّح (المجنون)، أو عبد الله بن الدّمينة، أو إبراهيم بن العباس الصولى. ديوان الأول ص 195، والثانى ص 207،208، وتخريجه فى ص 262، وزيادات ديوان الثالث (الطرائف الأديبة ص 185). وانظر المغنى ص 587، وشرح أبياته 2/ 120،121. (¬2) «إلى» هنا بمعنى «مع». (¬3) الديوان 1/ 298. (¬4) فى الأصل والديوان «سهرت» بالراء، وأثبتّه بالدال من ط، د، ويؤكّده الشرح الآتى، وقد جاء كذلك بالدال فى الخزانة 6/ 161، وحكى شرح ابن الشجرى. وكذلك أصلحها شيخنا أبو فهر فى دلائل الإعجاز ص 489، لكن ابن الشجرى سيشير قريبا إلى أنه يروى بالراء. (¬5) سورة الروم 24. وانظر كتاب الشعر ص 307.

وجاء فى الشّعر حذف النكرة المجرورة الموصوفة بالجملة، فى قول الرّاجز: مالك عندى غير سهم وحجر … وغير كبداء شديدة الوتر جادت بكفّى كان من أرمى البشر (¬1) أراد: بكفّى رجل، فحذف رجلا، وهو ينويه. وقوله: «من طربى» مفعول له. و «من» بمعنى اللام، كما تقول: جئت لأجلك، ومن أجلك، وأكرمته لمخافة شرّه، ومن مخافة شرّه، {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ} (¬2) أى لإملاق. و «شوقا» يحتمل أن يكون مفعولا من أجله، عمل فيه «طربى»، فيكون الشوق علّة للطّرب، والطرب علّة للسّهاد، ولا يعمل «شهدت» فى «شوقا» لأنه قد تعدّى إلى علّة فلا يتعدّى إلى أخرى إلاّ بعاطف، كقولك: أقمت سهرا وخوفا، وسهدت طربا وشوقا. ويحتمل «شوقا» أن ينتصب انتصاب المصدر، كأنه قال: شقت شوقا، أو شاقنى التذكّر شوقا، وشقت: ما لم يسمّ فاعله، كقول المملوك: قد بعت، أى باعنى مالكى، وكقول الأمة وقد سئلت عن المطر: «غثنا ما شئنا (¬3)»، والأصل: غاثنا الله. فأمّا «إلى» فالوجه أن تعلّقها بالشّوق؛ لأنه أقرب المذكورين إليها، وإن ¬

(¬1) فرغت منه فى المجلس الموفى السّتين. (¬2) سورة الأنعام 151. (¬3) وهو ما روى عن ذى الرمّة، قال: ما رأيت أفصح من جارية بنى فلان! قلت لها: كيف كان المطر عندكم؟ قالت: غثنا ما شئنا». أى مطرنا مطرا بقدر طلبنا وحاجتنا، موافقا لاختيارنا، غير مسرف يؤذى، ولا قليل يمحل. إصلاح المنطق ص 255، ووصف المطر والسّحاب ص 78، وديوان المعانى 2/ 7، وغريب الحديث للخطابى 1/ 439، ومنال الطالب ص 265.

شئت علّقتها بالطّرب، وذلك إذا نصبت «شوقا» بطربى، فإن نصبته على المصدر امتنع تعليق «إلى» بطربي؛ لأنك حينئذ تفصل ب‍ «شوقا» وهو أجنبىّ بين الطّرب وصلته. وكان الوجه فى «يرقدها»: يرقد فيها، كما تقول: يوم السّبت خرجت فيه، ولا تقول: خرجته، إلاّ على سبيل التوسّع فى الظرف، تجعله مفعولا به على السّعة، كقوله: ويوما شهدناه سليما وعامرا (¬1) وكقول الآخر: فى ساعة يحبّها الطّعام (¬2) المعنى: يحبّ فيها، وشهدنا فيه. ففى البيت أربعة حذوف: الأوّل: حذف المقصود بالذمّ، وهو ليال. والثانى: حذف «فى» من «سهدت فيها»، فصار «سهدتها»، والثالث: حذف الضمير من «سهدتها». والرابع: حذف «فى» من «يرقدها». وقد روى: سهرتها طربا، وسهرت من طرب. وقد فرّق بعض اللّغويّين بين (¬3) السّهاد والسّهر، فزعم أن السّهاد للعاشق واللّديغ، والسّهر فى كلّ شيء، وأنشد قول النابغة (¬4): يسهّد فى ليل التّمام سليمها ¬

(¬1) فرغت منه فى المجلس الأول. (¬2) مثل سابقه. (¬3) لم يذكره أبو هلال فى الفروق اللغوية، وفى كتابه التلخيص فى معرفة أسماء الأشياء ص 134 لم يفرق بين السّهاد والسّهر. وكذلك لم يذكر أبو البقاء الكفوى فيه شيئا، فى الكليات. (¬4) ديوانه ص 46. وعجزه: لحلى النساء فى يديه قعاقع وليل التّمام، بكسر التاء، وهو أطول ليالى الشتاء.

وقول الأعشى: وبتّ كما بات السّليم مسهّدا (¬1) والطّرب: خفّة تصيب الإنسان لشدّة سرور أو حزن. قال ابن قتيبة: يذهب الناس إلى أنّ الطّرب فى الفرح دون الجزع، وليس كذلك، إنّما الطّرب خفّة تصيب الرجل لشدّة السّرور، أو لشدّة الجزع (¬2)، وأنشد: وأرانى طربا فى إثرهم … طرب الواله أو كالمختبل (¬3) ومثله قول الآخر: وقلن لقد بكيت فقلت كلاّ … وهل يبكى من الطّرب الجليد (¬4) ... وقوله: أمط عنك تشبيهى بما وكأنّه … فما أحد فوقى وما أحد مثلى (¬5) يتوجّه فيه سؤال عن «ما» من قوله: «تشبيهى بما» وليست «ما» من أدوات التشبيه. وقد قيل فى ذلك أقوال، أحدها: ما حكاه أبو الفتح عن المتنبّى، أنه كان إذا سئل عن ذلك أجاب بأنّ «ما» سبب للتشبيه؛ لأنّ القائل إذا قال: ما الذى يشبه هذا؟ قال المجيب: كأنّه الأسد، أو كأنّه الأرقم، أو نحو ذلك، فأتى ¬

(¬1) فرغت منه فى المجلس السابع والثلاثين. (¬2) أدب الكاتب: ص 22،23. (¬3) للنابغة الجعدىّ، رضى الله عنه، فى ديوانه ص 93. (¬4) ينسب لبشّار، ولعروة بن أذينة، ولغيرهما. انظر ديوان الأول ص 73، والثانى ص 414، وحواشى أدب الكاتب. ويروى «من الشوق» وعليها يفوت الاستشهاد. (¬5) ديوانه 3/ 161.

المتنبّى بحرف التشبيه الذى هو «كأنّ» وبلفظ الحرف الذى كان سؤالا عن التشبيه، فأجيب عنه بكأنّ. فذكر السّبب والمسبّب جميعا. قال أبو الفتح: وقد فعل أهل اللّغة مثل هذا، فقالوا: الألف والهمزة فى «حمراء» علامة التأنيث، وإنّما العلامة فى الحقيقة الهمزة وحدها، ولكنّها لمّا صاحبت الألف، وكان انقلابها لسكون الألف قبلها قيل: هما جميعا للتأنيث (¬1). والثانى: ما حكاه القاضى أبو الحسن علىّ بن عبد العزيز الجرجانىّ، صاحب كتاب «الوساطة بين المختصمين فى شعر المتنبّى» عن المتنبّى أيضا، قال: سئل عن معنى قوله: «بما وكأنّه» قال: أردت: لا تقل ما هو إلاّ كذا، وكأنّه كذا؛ لأنه ليس فوقى أحد ولا مثلى فتشبّهنى به، وقال هذا الراوى مقويّا لهذا الوجه: إذا قلت: ما هو إلاّ الأسد، وإلاّ كالأسد، فقد أتيت ب‍ «ما» لتحقيق التشبيه، كما قال لبيد (¬2): وما المرء إلاّ كالشّهاب وضوئه فليس ينكر أن ينسب التّشبيه إلى «ما» إذا كان لها هذا الأثر (¬3). والثالث: ما رواه الرّبعىّ عن المتنبّى أيضا، قال: سئل عن قوله: «بما وكأنّه» فقال: أردت: ما أشبه فلانا بفلان، وكأنه فلان. ¬

(¬1) الفتح الوهبى ص 120. وقد حكى ابن فورجة كلام ابن جنى هذا، ثم شنّع عليه، فقال: «أحلف بالله العظيم إن كان أبو الطيّب سئل عن هذا البيت فأجاب بهذا الجواب الذى حكاه ابن جنى! وإن كان متزيّدا مبطلا فيما يدّعيه عفا الله عنه وغفر له، فالجهل والإقرار به أحسن من هذا». الفتح على أبى الفتح ص 247. (¬2) ديوانه ص 169، وتخريجه فى 380، وتمام البيت: يحور رمادا بعد إذ هو ساطع ويحور: يصير. (¬3) الوساطة ص 443، مع شيء من الاختلاف. وشرح الواحدى ص 22،23.

فهذه ثلاثة أقوال مختلفة، كما ترى، ولا يمتنع أن يجيب المسئول بأجوبة مختلفة فى أوقات متغايرة. والرابع: قول أبى علىّ بن فورجة، قال: هذه «ما» التى تصحب «كأنّ» إذا قلت: كأنّما زيد الأسد (¬1)، وإليه ذهب أبو زكريّا، قال: أراد: أمط عنك تشبيهى بأن تقول: كأنّه الأسد، وكأنما هو اللّيث. وهذا القول أردأ الأقوال وأبعدها من الصّواب؛ لأنّ المتنبي قد فصل «ما» من «كأنّ»، وقدّمها عليه، وأتى فى مكانها بالهاء، فاتّصال «ما» بكأنّه غير ممكن لفظا ولا تقديرا، وهى مع ذلك لا تفيد معنى إذا اتّصلت بكأنّ، فكيف إذا انفصلت منه وقدّمت عليه، وهى فى الأقوال الثلاثة المحكيّة عن المتنبّى منفصلة قائمة بنفسها تفيد معنى، فهى فيما رواه أبو الفتح استفهاميّة، وفيما رواه علىّ بن عبد العزيز الجرجانىّ نافية، وفيما رواه الرّبعىّ تعجّبيّة. والكافّة إنما تدخل لتكفّ عن العمل، لا لمعنى تحدثه، فهى بمنزلة «ما» الزائدة. ثم إنّ هذين اللفظين اللذين قد مثّل بهما أبو زكريّا، فقال: كأنّه الأسد، وكأنما هو الليث، قد أتى فيهما بأداة التشبيه التى هى «كأنّ» وحدها؛ لأنّ معنى كأنّه وكأنما هو واحد، فلا فرق بينه وبين أن تقول: أمط عنك تشبيهى بكأنّ وكأنّ، فهو فاسد من كلّ وجه. يقال: ماط الله (¬2) عنك الأذى، وأماطه، أى أزاله، وماط الشىء: زال، ومطه عنك، وأمطه: نحّه وأزله، ومط عنّى: تنحّ وزل. استعملوا ماط لازما ومتعديا. وقوله: «تشبيهى» أراد: تشبيهك إيّاى، فحذف الفاعل، وهو الكاف، ¬

(¬1) حكاه ابن فورجة عن أبى العلاء المعرّى، قال: «وليس مما استنبطته». الفتح على أبى الفتح ص 248، وانظر أيضا تفسير أبيات المعانى ص 204،205. (¬2) فعلت وأفعلت لأبى حاتم ص 105.

وأضاف المصدر إلى المفعول، فصار المنفصل متّصلا. والمصدر كثيرا ما يحذف فاعله. ... أنشد بعض (¬1) أهل الأدب لأخى الحارث بن حلّزة: ربّما قرّت عيون بشجى … مرمض قد سخنت منه عيون وقال: من هذا البيت أخذ المتنبّى قوله (¬2): مصائب قوم عند قوم فوائد قلت: إن كان الجاهليّ أبا عذرة هذا المعنى، فلقد أحسن أبو الطيّب أخذه، حيث أتى به فى نصف بيت. ... ¬

(¬1) لعله يريد أبا علىّ الحاتمى، فهو أقدم من ذكر ذلك. الرسالة الموضحة ص 135. وأخو الحارث ابن حلّزة هذا اسمه: عمرو. ترجم له الآمدى فى المؤتلف ص 124، والمرزبانى فى معجم الشعراء ص 8. وبيته من أبيات حكيمة، يقول فيها: لم يكن إلاّ الذى كان يكون وخطوب الدهر بالناس فنون ربّما قرّت عيون بشجى مرمض قد سخنت منه عيون يلعب الناس على أقدارهم ورحى الأيام للناس طحون يأمن الأيّام مغترّ بها ما رأينا قطّ دهرا لا يخون والملمّات فما أعجبها للملمّات ظهور وبطون إنما الإنسان صفو وقذى وتوارى نفسه بيض وجون هوّن الأمر تعش فى راحة قلّما هوّنت إلاّ سيهون لا تكن محتقرا شأن امرئ ربّما كان من الشأن شئون (¬2) ديوانه 1/ 276، وصدره: بذا قضت الأيام ما بين أهلها

قوله (¬1): إلام طماعية العاذل … ولا رأى فى الحبّ للعاقل ظاهره أن معنى عجزه غير متعلّق بمعنى صدره، وأين قوله فى الظاهر: ولا رأى فى الحبّ للعاقل من قوله: إلام طماعية العاذل؟ ويحتمل تعلّقه به وجوها، أحدها: أن يريد: إلام يطمع عاذلى فى إصغائى إلى قوله، والعاقل إذا أحبّ لم يبق له مع الحبّ رأى يصغى به إلى قول ناصح، فعذله غير مجد نفعا. والثانى: أن العاقل لا يرتئى فى الحبّ، فيقع به اختيارا، وإنما يقع اضطرارا، فلا معنى لعذله (¬2). والثالث: أن العاقل ليس من رأيه أن يورّط نفسه فى الحبّ، وإنما ذلك من فعل الجاهل، وعذل الجاهل أضيع من سراج فى الشّمس (¬3)، فكيف يطمع فى نزوعه؟ ... ومن مشكل أبياته قوله (¬4): لا تجزني بضنى بى بعدها بقر … تجزى دموعى مسكوبا بمسكوب ¬

(¬1) ديوانه 3/ 21. (¬2) هذا من كلام الواحدىّ فى شرحه ص 395. (¬3) هو من أقوال العرب. الدرة الفاخرة 1/ 277. (¬4) ديوانه 1/ 160.

كنى بالبقر عن النّساء، على مذهب العرب فى تشبيههم النّساء بالبقر الوحشيّة، يريدون بذلك شدّة سواد عيونهنّ، قال عبد الرحمن بن حسّان (¬1): صفراء من بقر الجواء كأنّما … ترك الحياء بها رداع سقيم الرّداع: وجع الجسم أجمع. ويروى: «أثر الحياء». وقوله: «لا تجزنى» دعاء بلفظ النّهى، فحكمه فى الجزم حكم النّفى، كما قال: فلا تشلل يد فتكت بعمرو … فإنّك لن تذلّ ولن تضاما (¬2) وكذلك استعمال الدعاء بلفظ الأمر، كقولك: ليقطع الله يده. والضّنى: الداء المخامر الذى إذا ظنّ صاحبه أنه قد برأ نكس. وقوله: «بعدها» أراد بعد فراقها، فحذف المضاف. وقوله: «بى» صفة لضنى، فالباء متعلّقة بمحذوف، تقديره: كائن أو واقع. ويحتمل الناصب للظّرف الذى هو «بعدها» وجهين: إن شئت أعملت فيه المصدر الذى هو «ضنى»، وإن شئت أعملت فيه الباء التى فى «بى»؛ لأنّ الظرف وحرف الخفض إذا تعلّقا بمحذوف عملا فى الظرف وفى الحال، كقولك: زيد فى الدار اليوم، وهو عند جعفر غدا. والهاء فى «بعدها» عائدة على «بقر»، وإن كانت «بقر» متأخّرة، وجاز ¬

(¬1) لم أجد من نسبه هذه النسبة غير ابن الشجرىّ، وقد نسبه الشريف المرتضى فى أماليه 1/ 494 لبشر بن عبد الرحمن الأنصارى. ونسب فى اللسان (ردع) إلى مجنون بنى عامر، وأنشد من غير نسبة فى أمالى القالى 1/ 203، والصحاح (ردع) وشرح الحماسة ص 1357. وأثبته جامع ديوان المجنون ص 256، عن اللسان، وفى حواشيه فضل تخريج. والجواء: اسم موضع. (¬2) فرغت منه فى المجلس السابع والسّتّين.

ذلك لأنها فاعل (¬1)، والفاعل رتبته التقدّم، فإذا أخّرته جاز تقديم الضمير العائد إليه؛ لأنّ النيّة به التقديم، ومثله: {فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى} (¬2). وفى الكلام حذف؛ وذلك أنه أراد: لا تجزنى بضنى بى ضنى بها، أى ضنى يقع بها، فحذف ذلك للعلم به. و «مسكوبا» لا يجوز أن ينتصب على الحال من «دموعى»؛ لأن الواحد المذكّر لا يكون حالا من جماعة، لا تقول: طلعت الخيل مترادفا، ولكن: مترادفة، ولو قلت: مترادفات، كان أحسن، كما جاء فى التنزيل: {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافّاتٍ} (¬3). ولو قال: تجزى دموعى مسكوبة، كان حالا. وإذا بطل انتصاب «مسكوبا» على الحال، نصبته على البدل من «الدموع» كأنه قال: تجزى مسكوبا منها بمسكوب من دموعها، فحذف الجارّين والمجرورين، وإنما احتيج إلى تقدير «منها»؛ لأنّ بدل البعض وبدل الاشتمال لا بدّ أن يتّصل بهما ضمير يعود على المبدل منه، كقولك: ضربت زيدا رأسه، وأعجبنى زيد علمه. ومن بدل الاشتمال المحذوف منه الضمير قول الأعشى: لقد كان فى حول ثواء ثويته … تقضّى لبانات ويسأم سائم (¬4) ¬

(¬1) هذا على رأى الأخفش: أن ما بعد الظرف يرتفع بالظرف ارتفاع الفاعل بفعله، ويوافقه سيبويه فى بعض التراكيب، لا على الإطلاق. وقد أشرت إلى ذلك فى المجلس الحادى والثمانين، وانظر المراجع المذكورة هناك. (¬2) سورة طه 67. (¬3) سورة الملك 19. (¬4) فرغت منه فى المجلس الثالث والأربعين.

أراد: ثويته فيه. ومعنى البيت: أنه بكى عند الفرقة وبكين، فجزين دمعه بدمع، فدعا لهنّ بألاّ يجزينه بضناه ضنى، كما جزينه بالدّمع دمعا.

المجلس الرابع والثمانون قول أبى الطيب

المجلس الرابع والثمانون قول أبى الطيّب (¬1): أنت الجواد بلا منّ ولا كدر … ولا مطال ولا وعد ولا مذل سألنى سائل عن المذل، فقلت: قد قيل فيه قولان: أحدهما أن معناه القلق، يقال: مذلت من كلامك، أى قلقت، ومذل فلان على فراشه: إذا قلق فلم يستقرّ. والقول الآخر: البوح بالسّرّ، يقال: فلان مذل بسرّه، وكذلك هو مذل بماله: إذا جاد به. وذكر أبو زكريّا فى تفسير البيت الوجهين فى المذل، ثم قال: والذى أراد أبو الطيّب بالمذل: أنه لا يقلق بما يلقاه من الشّدائد، كما يقلق غيره. وليس ما قاله بشىء عليه تعويل، بل المذل هاهنا البوح بالأمر، ونفى ذلك عنه، فأراد: أنه إذا جاد كتم معروفه، فلم يبح به. وقول أبى زكريّا: «أراد أنه لا يقلق بما يلقاه من الشدائد» قد زاد بذكر الشدائد ما ذهب إليه بعدا من الصّواب، وهل فى البيت ما يدلّ على الشّدائد؟ إنما مبنى البيت على الجود، والخلال التى مدحه بنفيها عنه متعلّقة بمعنى الجود، وهى المنّ والكدر، والمطال والوعد، والمذل الذى هو البوح بالشىء. ... ¬

(¬1) ديوانه 3/ 87.

فصل

فصل أنبّه فيه على فضائل أبى الطّيّب، وأورد فيه غررا من حكمه. فمن بدائعه قوله فى الحمّى: وزائرتى كأنّ بها حياء … فليس تزور إلاّ فى الظّلام (¬1) بذلت لها المطارف والحشايا … فعافتها وباتت فى عظامى المطارف: جمع مطرف، ومطرف، وهو الذى فى طرفه علمان. والحشايا: جمع حشيّة، وهو ما حشى، ممّا يفرش. إذا ما فارقتنى غسّلتنى … كأنّا عاكفان على حرام إنما خصّ الحرام، والاغتسال يكون من الحلال والحرام؛ لأنه جعلها زائرة، والزائرة غريبة، فليست بزوجة ولا مملوكة (¬2). كأنّ الصّبح يطردها فتجرى … مدامعها بأربعة سجام إنما قال: «بأربعة» لأنه أراد الغروب والشّئون، وواحدهما: غرب وشأن، وهما مجارى الدّموع. أراقب وقتها من غير شوق … مراقبة المشوق المستهام ويصدق وعدها والصّدق شرّ … إذا ألقاك فى الكرب العظام أبنت الدّهر عندى كلّ بنت … فكيف وصلت أنت من الزّحام جعل الحمّى بنتا للدّهر؛ لأنها تحدث فيه، فكأنه أب لها. وقوله: «عندى كلّ بنت» يريد كلّ شديدة يحدثها الدهر. ¬

(¬1) ديوانه 4/ 146 - 148. (¬2) ويقول الواحدى: «وإنما خصّ الحرام لحاجته إلى القافية، وإلاّ فالاجتماع على الحلال كالاجتماع على الحرام فى وجوب الغسل». شرح الديوان ص 678.

وفيها: وضاقت خطّة فخلصت منها … خلاص الخمر من نسج الفدام خطّة: حال صعبة. والفدام: مصفاة الخمر. ويقال: فدّام، بالتشديد. قال أبو الفتح، بعد أن ذكر هذه الأبيات: ما قيل شعر فى وصف حال نهكت صاحبها واشتدّت به، ثم عاد إلى حال السّلامة، إلاّ وهذا أحسن منه. وقد ذكر عبد الصمد بن المعذّل الحمّى فى قصيدة رائيّة (¬1)، وليست فى طرز هذه، وإن كان عبد الصّمد حاذقا مخترعا غير مدفوع الفضل. ... وقال أبو الفتح بعد قوله: وكم من عائب قولا صحيحا … وآفته من الفهم السّقيم (¬2) ولكن تأخذ الآذان منه … على قدر القرائح والعلوم هذا كلام شريف، لا يصدر إلاّ عن فضل باهر. القريحة: خالص الطّبع، وهى مأخوذة من قريحة (¬3) البئر، وهو أوّل ما يخرج من مائها، ومن هذا قيل: ماء قراح، أى لا يخالطه غيره. ... ¬

(¬1) انظرها فى الوساطة ص 121،122، وديوان المعانى 2/ 167،168، ومطلعها فى الوساطة: وبنت المنيّة تنتابنى هدوّا وتطرقنى سحره (¬2) ديوانه 4/ 120. (¬3) فى كتاب البئر لابن الأعرابى ص 58 «القريح». وجاء فى اللسان: «والقريحة والقرح: أول ما يخرج من البئر حين تحفر».

وقال أبو الفتح عقيب قوله: لا يسلم الشّرف الرّفيع من الأذى … حتّى يراق على جوانبه الدّم (¬1) أشهد بالله أنه لو لم يقل المتنبّى غير (¬2) هذا البيت لوجب أن يتقدّم كثيرا من المجيدين. ... وقال أبو الطيّب فى أسد قتله بدر بن عمّار، وفرّ منه أسد آخر: تلف الذى اتّخذ الجراءة خلّة … وعظ الذى اتّخذ الفرار خليلا (¬3) وقال أبو الفتح بعد إيراد هذا البيت: هذا من حكمه التى يرسلها، وله فى شعره أشباه لهذا كثيرة، منها قوله: الرأى قبل شجاعة الشّجعان … هو أوّل وهى المحلّ الثانى (¬4) ومنها: مصائب قوم عند قوم فوائد (¬5) ومنها: إن النّفيس غريب حيث ما كانا (¬6) ¬

(¬1) ديوانه 4/ 125. (¬2) فى ط، د: «إلاّ». وما فى الأصل جاء مثله فى اليتيمة 1/ 224، من كلام ابن جنى أيضا. (¬3) ديوانه 3/ 243. (¬4) ديوانه 4/ 174. (¬5) تقدّم فى المجلس السابق. (¬6) ديوانه 4/ 223. وصدره: وهكذا كنت فى أهلى وفى وطنى

ومنها: ومن نكد الدّنيا على الحرّ أن يرى … عدوّا له ما من صداقته بدّ (¬1) ... وقال أبو الفتح بعد إيراد قوله: ولقد عرفت وما عرفت حقيقة … ولقد جهلت وما جهلت خمولا (¬2) نطقت بسؤددك الحمام تغنّيا … وبما تجشّمها الجياد صهيلا أشهد بالله لو خرس بعد هذين البيتين لكان أشعر الناس، والسّلام. ... وقال أبو الفتح فى قوله: نهبت من الأعمار ما لو حويته … لهنّئت الدّنيا بأنك خالد (¬3) لو لم يمدحه إلاّ بهذا البيت وحده لكان قد أبقى له مالا يخلقه الزّمان، وهذا هو المدح الموجّه؛ لأنه بنى البيت على أن مدحه باستباحة الأعمار، ثم تلقّاه فى آخره بذكر سرور الدنيا ببقائه واتّصال أيّامه. وهذا البيت قد ذكرت ما فيه فيما تقدّم. ... ¬

(¬1) ديوانه 1/ 375. (¬2) ديوانه 3/ 244،245. (¬3) فرغت منه فى المجلس الثامن والسبعين. وانظر اليتيمة 1/ 201.

وقال أبو العلاء المعرّىّ فى قوله: إلف هذا الهواء أوقع فى الأن‍ … فس أنّ الحمام مرّ المذاق (¬1) والأسى قبل فرقة الرّوح عجز … والأسى لا يكون بعد الفراق هذان البيتان يفضلان كتابا من كتب الفلاسفة؛ لأنهما متناهيان فى الصّدق وحسن النّظام، ولو لم يقل شاعرهما سواهما لكان فيهما جمال وشرف. ... وقال أبو العلاء فى مرثية أبى الطيّب، التى رثا بها أخت سيف الدولة، التى أوّلها: إن يكن صبر ذى الرّزيّة فضلا (¬2) لو لم يكن للمتنبّى غير هذه القصيدة فى سيف الدولة لكان ذلك كثيرا، وأين منها قصيدة البحترىّ التى أوّلها: إنّ سير الخليط لمّا استقلاّ (¬3) انتهى كلامه. ... ¬

(¬1) ديوانه 2/ 369،370. وذكر الحاتمىّ أن البيت الأول مأخوذ من قول أرسطاطاليس: «النفوس البهيميّة تألف مساكنة الأجسام الترابية؛ فلذلك يصعب عليها مفارقة أجسامها، والنفوس الصافية بضدّ ذلك». الرسالة الحاتمية فى موافقة شعر المتنبى لكلام أرسطاطاليس ص 159. (ضمن التحفة البهية والطرفة الشهيّة). (¬2) ديوانه 3/ 123، وتمامه: فكن الأفضل الأعزّ الأجلاّ (¬3) ديوانه ص 1655، وتمامه: كان عونا للدمع حتى استهلاّ

ومن معانى أبى الطيّب المستحسنة-وإن كان مما سبق إليه-قوله: ذو العقل يشقى فى النّعيم بعقله … وأخو الجهالة فى الشّقاوة ينعم (¬1) أصل هذا المعنى قول أرسطاطاليس: العقل سبب رداءة العيش (¬2)، وأخذه عبد الله ابن المعتزّ فى قوله: وحلاوة الدنيا لجاهلها … ومرارة الدنيا لمن عقلا (¬3) وكرّره أبو الطيّب فى قوله: أفاضل الناس أغراض لذا الزّمن … يخلو من الهمّ أخلاهم من الفطن (¬4) ... ومن ابتداءاته الغزلة (¬5) الفائقة قوله: أريقك أم ماء الغمامة أم خمر … بفىّ برود وهو فى كبدى جمر (¬6) ... ومن بارع ابتداءات المراثى قوله: نعدّ المشرفيّة والعوالى … وتقتلنا المنون بلا قتال (¬7) ونرتبط السّوابق مقربات … وما ينجين من خبب اللّيالى ¬

(¬1) ديوانه 4/ 124. (¬2) ذكر الحاتمى أن أصله قول أرسطاطاليس: «العاقل لا يساكن شهوة الطبع لعلمه بزوالها، والجاهل يظن أنها خالدة له وهو باق عليها، فهذا يشقى بعقله، وهذا ينعم بجهله». الرسالة الحاتمية ص 154. (¬3) ديوانه 2/ 414. (¬4) ديوانه 4/ 209. (¬5) فى ط، د: الغزليّة. (¬6) ديوانه 2/ 123. وسيأتى مرة أخرى فى هذا المجلس. (¬7) ديوانه 3/ 8 - 20.

وما وصف أحد ما اعتوره من نوائب الدّهر بأحسن من قوله: رمانى الدهر بالأرزاء حتّى … فؤادى فى غشاء من نبال فصرت إذا أصابتنى سهام … تكسّرت النّصال على النّصال وهل وصف واصف نساء بالجمع بين بكاء الفجيعة وبكاء الدّلال بأبرع من قوله: أتتهنّ المصيبة غافلات … فدمع الحزن فى دمع الدّلال وهل أبّن شاعر امرأة بأبلغ من قوله: ولو كان النّساء كمن فقدنا … لفضّلت النّساء على الرجال وما التأنيث لاسم الشمس عيب … وما التذكير فخر للهلال ومن هذه القصيدة فى المدح قوله: فإن تفق الأنام وأنت منه … فإنّ المسك بعض دم الغزال (¬1) ... وممّا جمع فيه بين الصّنعة وحسن المعنى، وهو من شوارد بدائعه، قوله: أزورهم وسواد الليل يشفع لى … وأنثنى وبياض الصّبح يغرى بى (¬2) قابل أزورهم بأنثنى، وسواد الليل ببياض الصّبح، ويشفع لى بيغرى بى. ... ¬

(¬1) سبق هذا فى المجلس الحادى والثلاثين. وقوله «وأنت منه» هكذا جاء فى النّسخ الثلاث. والذى فى الديوان: وأنت منهم. (¬2) ديوانه 1/ 161. ويرى الثعالبيّ أن هذا البيت أمير شعره. اليتيمة 1/ 193، ويستشهد به البلاغيون على «المقابلة» فى فنّ البديع. انظر تحرير التحبير ص 181، ومعالم الكتابة ص 112، وشرح الكافية البديعية ص 75، وأنوار الربيع 1/ 303،5/ 324، وانظر الصبح المنبى ص 162،287.

وأجمع أهل المعرفة بالشّعر على أنه لم يمدح أسود بأحسن من قوله فى كافور: فجاءت بنا إنسان عين زمانه … وخلّت بياضا خلفها ومآقيا (¬1) حتى قال بعضهم: لو مدح بهذا أبيض لكان غاية فى المدح، فكيف والممدوح به أسود؟ ... وما ذمّ شاعر الدّنيا بمثل قوله: فذى الدار أخون من مومس … وأغدر من كفّة الحابل (¬2) تفانى الرجال على حبّها … وما يحصلون على طائل المومس من النّساء: الفاجرة. ... ومن بديع الاستعتاب بأحسن لفظ وأعذب معنى قوله: إن كان سرّكم ما قال حاسدنا … فما لجرح إذا أرضاكم ألم (¬3) ... ¬

(¬1) ديوانه 4/ 287. (¬2) ديوانه 3/ 33،34، والحابل: الصائد ذو الحبالة. والكفّة بكسر الكاف: كلّ مستدير، وبالضمّ: كلّ مستطيل، وبالفتح: المرّة الواحدة من كففته. وكفّة الصائد: حبالته. انظر المثلّث لابن السيّد ص 118. (¬3) ديوانه 3/ 370. وقد جاءت هذه المختارات فى شرح ديوان المتنبى 1/ 162 - 167، وكأنه ينقل عن ابن الشجرى؛ فقد ذكرها وفق إيراد ابن الشجرىّ وترتيبه.

ومن أبلغ الوصف بالجود قوله: أرجو نداك ولا أخشى المطال به … يا من إذا وهب الدّنيا فقد بخلا (¬1) ... ومن أشدّ ما هجى به خصيّ أسود قوله: وذاك أنّ الفحول البيض عاجزة … عن الجميل فكيف الخصية السّود (¬2) ... ومن درّ قلائده، وهو ممّا أقرّ له فيه أبو نصر بن نباتة بالفضيلة، فقال: إننا لنقول وما نحسن (¬3) أن نقول كقول أبى الطيّب: إذا ما سرت فى آثار قوم … تخاذلت الجماجم والرّقاب (¬4) ... وممّا زاد فيه على من تقدّمه قوله فى الطّير التى تصحب الجيش لتصيب من القتلى: يطمّع الطّير فيهم طول أكلهم … حتى تكاد على أحيائهم تقع (¬5) أراد: طول أكلها إيّاهم، فحذف فاعل المصدر، وأضافه إلى المفعول، كما جاء فى التنزيل: {لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ} (¬6) أى بسؤاله إيّاك نعجتك. ¬

(¬1) ديوانه 3/ 172. (¬2) ديوانه 2/ 46. (¬3) فى ط: ولا. (¬4) ديوانه 1/ 78. (¬5) فرغت منه فى المجلس الثامن والسبعين. (¬6) سورة ص 24.

ومن أحسن المدح باستلذاذ المسئول السّؤال قوله: إذا غزته أعاديه بمسألة … فقد غزته بجيش غير مغلوب (¬1) كأنّ كلّ سؤال فى مسامعه … قميص يوسف فى أجفان يعقوب ... ومن أرقّ لفظ فى المدح وأظرفه قوله: تأبى خلائقك التى شرفت … ألاّ تحنّ وتذكر العهدا (¬2) لو كنت عصرا منبتا زهرا … كنت الربيع وكانت الوردا ... ومن غرره قوله: وجرم جرّه سفهاء قوم … فحلّ بغير جارمه العذاب (¬3) وقوله: وما الحسن فى وجه الفتى شرفا له … إذا لم يكن فى فعله والخلائق (¬4) وقوله: فإنّ قليل الحبّ بالعقل صالح … وإنّ كثير الحبّ بالجهل فاسد (¬5) وقوله: إذا رأيت نيوب الليث بارزة … فلا تظنّنّ أن الليث مبتسم (¬6) ¬

(¬1) ديوانه 1/ 172، والبيت الأول عندنا هو الثانى هناك، وكذلك جاء البيتان فى شرح الواحدى ص 637. (¬2) ديوانه 1/ 325،326. (¬3) ديوانه 1/ 81. (¬4) ديوانه 2/ 320. (¬5) ديوانه 1/ 280. (¬6) ديوانه 3/ 368، وروايته: إذا نظرت.

وقوله: خذ ما تراه ودع شيئا سمعت به … فى طلعة الشمس ما يغنيك عن زحل (¬1) وقوله: لعلّ عتبك محمود عواقبه … وربّما صحّت الأجسام بالعلل (¬2) وقوله: وإذا الشيخ قال أفّ فما م‍ … لّ حياة وإنما الضّعف ملاّ (¬3) آلة العيش صحّة وشباب … فإذا ولّيا عن المرء ولّى أبدا تستردّ ما تهب الدّن‍ … يا فيا ليت جودها كان بخلا وقوله: وإذا كانت النفوس كبارا … تعبت فى مرادها الأجسام (¬4) وقوله: أعيذها نظرات منك صادقة … أن تحسب الشّحم فيمن شحمه ورم (¬5) وما انتفاع أخى الدنيا بناظره … إذا استوت عنده الأنوار والظّلم وقوله: وما الدهر أهل أن تؤمّل عنده … حياة وأن يشتاق فيه إلى النّسل (¬6) ¬

(¬1) ديوانه 3/ 81. وجاء فى الأصل «طلعة البدر». وأثبت ما فى ط، د، والديوان، وكذلك هو فى شرح الواحدى ص 490. (¬2) ديوانه 3/ 86. (¬3) ديوانه 3/ 130. (¬4) ديوانه 3/ 345. (¬5) ديوانه 3/ 366،367. (¬6) ديوانه 3/ 52.

وقوله: إذا ما الناس جرّبهم لبيب … فإنّى قد أكلتهم وذاقا (¬1) فلم أر ودّهم إلاّ خداعا … ولم أر دينهم إلاّ نفاقا وقوله: فما ترجّى النّفوس من زمن … أحمد حاليه غير محمود (¬2) وقوله: أبى خلق الدّنيا حبيبا تديمه … فما طلبى منها حبيبا تردّه (¬3) وأسرع مفعول فعلت تغيّرا … تكلّف شيء فى طباعك ضدّه وقوله: إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه … وصدّق ما يعتاده من توهّم (¬4) وعادى محبّيه بقول عداته … وأصبح فى ليل من الشكّ مظلم وما كلّ هاو للجميل بفاعل … ولا كلّ فعّال له بمتمّم وقوله: ومثلك من كان الوسيط فؤاده … فكلّمه عنّى ولم أتكلّم وقوله: وكلّ امرئ يولى الجميل محبّب … وكلّ مكان ينبت العزّ طيّب (¬5) ¬

(¬1) ديوانه 2/ 303. (¬2) ديوانه 1/ 263. (¬3) ديوانه 2/ 19. (¬4) ديوانه 4/ 135،137،142. (¬5) ديوانه 1/ 183.

وقوله: ما كلّ ما يتمنّى المرء يدركه … تجرى الرّياح بما لا تشتهى السّفن (¬1) وقوله: ومراد النّفوس أصغر من أن … نتعادى فيه وأن نتفانى (¬2) غير أنّ الفتى يلاقى المنايا … كالحات ولا يلاقى الهوانا ولو أنّ الحياة تبقى لحىّ … لعددنا أضلّنا الشّجعانا وإذا لم يكن من الموت بدّ … فمن العجز أن تكون جبانا وقوله: ولمّا صار ودّ الناس خبّا … جزيت على ابتسام بابتسام (¬3) وصرت أشكّ فيمن أصطفيه … لعلمى أنه بعض الأنام ومنها: وآنف من أخى لأبى وأمّى … إذا ما لم أجده من الكرام ولم أر فى عيوب الناس شيئا (¬4) … كنقص القادرين على التّمام وقوله: إذا أتت الإساءة من وضيع … ولم ألم المسيء فمن ألوم (¬5) ¬

(¬1) سبق فى المجلس الثانى والثمانين. (¬2) ديوانه 4/ 241. (¬3) ديوانه 4/ 144،145. والخبّ: المكر والخداع. (¬4) بحاشية الأصل «عيبا» إشارة إلى رواية فى «شيئا». (¬5) ديوانه 4/ 152، وروايته: من لئيم.

وقوله: إذا ما عدمت الأصل والعقل والنّدى … فما لحياة فى حياتك طيب (¬1) وقوله: لولا المشقّة ساد الناس كلّهم … الجود يفقر والإقدام قتّال (¬2) إنّا لفى زمن ترك القبيح به … من أكثر الناس إحسان وإجمال ذكر الفتى عمره الباقى (¬3) … وحاجته ما فاته وفضول العيش أشغال وقوله: إنّى لأجبن من فراق أحبّتى … وتحسّ نفسى بالحمام فأشجع (¬4) ويزيدنى غضب الأعادى قسوة … ويلمّ بى عتب الصديق فأجزع تصفو الحياة لجاهل أو غافل … عمّا مضى فيها وما يتوقّع ولمن يغالط فى الحقائق نفسه … ويسومها طلب المحال فتطمع أين الذى الهرمان من بنيانه … ما قومه ما يومه ما المصرع (¬5) بمصر أهرام، منها اثنان ارتفاع كلّ واحد منهما مائة ذراع (¬6). ¬

(¬1) هذا البيت من أبيات أربعة أوردها الواحدىّ فى شرحه للديوان ص 704، ولم ترد فى شرح الديوان المنسوب للعكبرى-وهو الذى أعتمده فى الإحالة على موضع شعر المتنبى-لكنّ هذا البيت قد جاء فيه 1/ 164، ضمن الاختيارات من شعر المتنبى، وقد أشرت قريبا إلى أن هذا الشارح للديوان قد ذكر هذه الاختيارات وفق إيراد ابن الشجرى وبترتيبه. وفى شرح الواحدى: «فى جنابك طيب»، وأشار إلى روايتنا. (¬2) ديوانه 3/ 287،288. (¬3) رواية الديوان: الثانى. (¬4) ديوانه 2/ 269،270. (¬5) هذا البيت والذى بعده فى حسن المحاضرة 2/ 80، وفيه الكلام عن بناء الهرمين. (¬6) جاء بحاشية الأصل: الهرمان بمصر، كلّ هرم منها أربع مثلثات، مطبق بعضها إلى بعض، ارتفاعها أربع مائة ذراع، وكذلك كلّ جانب منها. وقيل: إنّ مسقط حجرها ثلاثمائة ذراع وعشرون ذراعا.

تتخلّف الآثار عن أصحابها … حينا ويدركها الفناء فتتبع ومن ذلك قوله: توهّم القوم أنّ العجز قرّبنا … وفى التقرّب ما يدعو إلى التّهم (¬1) ولم تزل قلّة الإنصاف قاطعة … بين الرجال ولو كانوا ذوى رحم وفيها: هوّن على بصر ما شقّ منظره … فإنما يقظات العين كالحلم ولا تشكّ إلى خلق فتشمته … شكوى الجريح إلى الغربان والرّخم (¬2) وكن على حذر للناس تستره … ولا يغرّك منهم ثغر مبتسم غاض الوفاء فما تلقاه فى عدة … وأعوز الصّدق فى الإخبار والقسم غاض: ذهب، من قولك: غاض الماء. وفيها: أتى الزمان بنوه فى شبيبته … فسرّهم وأتيناه على الهرم ومن ذلك قوله: تريدين لقيان المعالى رخيصة … ولا بدّ دون الشّهد من إبر النّحل (¬3) وقوله: تمنّ يلذّ المستهام بمثله … وإن كان لا يغنى فتيلا ولا يجدى (¬4) ¬

(¬1) ديوانه 4/ 161 - 163. (¬2) الرّخم: خسيس الطّير. (¬3) ديوانه 3/ 290. (¬4) ديوانه 2/ 60،61.

وغيظ على الأيام كالنار فى الحشى … ولكنّه غيظ الأسير على القدّ وقوله: نحن بنو الموتى فما بالنا … نعاف ما لا بدّ من شربه (¬1) تبخل أيدينا بأرواحنا … على زمان هى من كسبه فهذه الأرواح من جوّه … وهذه الأجسام من تربه لو فكّر العاشق فى منتهى … حسن الذى يسبيه لم يسبه يموت راعى الضّأن فى جهله … موتة جالينوس فى طبّه وقوله: فلا تغررك ألسنة موال … تقلّبهنّ أفئدة أعادى (¬2) فإنّ الجرح ينفر بعد حين … إذا كان البناء على فساد وإنّ الماء يجرى من جماد … وإنّ النار تخرج من زناد وقوله: على ذا مضى الناس اجتماع وفرقة … وميت ومولود وقال ووامق (¬3) المقة: المحبّة. تغيّر حالى واللّيالى بحالها … وشبت وما شاب الزمان الغرانق الغرانق من الرجال: الشابّ الناعم، وجمعه: غرانق، بفتح الغين. ¬

(¬1) ديوانه 1/ 211 - 213. (¬2) ديوانه 1/ 363،364. (¬3) ديوانه 2/ 342،343.

ومن ذلك قوله: فؤاد ما تسلّيه المدام … وعمر مثل ما يهب اللّئام (¬1) ودهر ناسه ناس صغار … وإن كانت لهم جثث ضخام وما أنا منهم بالعيش فيهم … ولكن معدن الذّهب الرّغام (¬2) الرّغام: التّراب. خليلك أنت لا من قلت خلّى … وإن كثر التجمّل والكلام ولو حيز الحفاظ بغير عقل … تجنّب عنق صيقله الحسام وشبه الشىء منجذب إليه … وأشبهنا بدنيانا الطّغام الطّغام: جمع طغامة، وهو الجاهل الذى لا يعرف شيئا. ولو لم يعل إلاّ ذو محلّ … تعالى الجيش وانحطّ القتام وقوله: أنكرت طارقة الحوادث مرّة … ثم اعترفت بها فصارت ديدنا (¬3) ومنها: ومكايد السّفهاء واقعة بهم … وعداوة الشّعراء بئس المقتنى لعنت مقارنة اللئيم فإنّها … ضيف يجرّ من النّدامة ضيفنا الضّيفن: ضيف الضّيف. ومن ذلك قوله: واحتمال الأذى ورؤية جاني‍ … هـ غذاء تضوى به الأجسام (¬4) ¬

(¬1) ديوانه 4/ 69 - 72. (¬2) تقدّم هذا البيت فى المجلس الحادى والثلاثين. (¬3) ديوانه 4/ 197،206،207. وفى الأصل: «فكانت ديدنا». وأثبتّ ما فى ط، د، والديوان. (¬4) ديوانه 4/ 93،94.

ذلّ من يغبط الذّليل بعيش … ربّ عيش أخفّ منه الحمام كلّ حلم أتى بغير اقتدار … حجّة لاجئ إليها اللّئام من يهن يسهل الهوان عليه … ما لجرح بميّت إيلام وقوله: أعرّض للرّماح الصمّ نحرى … وأنصب حرّ وجهى للهجير (¬1) وأسرى فى ظلام الليل وحدى … كأنّى منه فى قمر منير فقل فى حاجة لم أقض منها … على تعبى (¬2) بها شروى نقير الشّروى: المثل. يقال: هذا شروى هذا، أى مثله. والنّقير ممّا ضربوا به المثل فى الحقارة، كالفتيل والقطمير، فالنّقير: النّقرة، أى النّكتة التى فى ظهر النّواة. والفتيل: الذى فى شقّ النّواة. والقطمير: القشرة الرّقيقة التى عليها. وروى عن ابن عباس رضى الله عنه أنه وضع طرف إبهامه على باطن سبّابته ثم نقدها (¬3) وقال: هذا النّقير (¬4). وقال: الفتيل: ما يخرج من بين الإصبعين إذا فتلتهما. ونفس لا تجيب إلى خسيس … وعين لا تدار على نظير وكفّ لا تنازع من أتانى … ينازعنى سوى كرمى (¬5) وخيرى الخير: الكرم، وعطفه عليه لاختلاف لفظيهما، كما قال الحطيئة: وهند أتى من دونها النّأى والبعد (¬6) ¬

(¬1) ديوانه 2/ 142 - 144. (¬2) فى الديوان: شغفى. (¬3) يقال: نقد الشىء ينقده نقدا: إذا نقره بإصبعه كما تنقر الجوزة. (¬4) تفسير الطبرى 8/ 475 - الآية 53 من سورة النساء-والدرّ المنثور 2/ 173، والنهاية 5/ 104. (¬5) فى الديوان «شرفى» لكنّ كلام ابن الشجرىّ على البيت يصحّح رواية «كرمى». (¬6) فرغت منه فى المجلس التاسع والأربعين.

و «سوى» متعلّق بتنازع، أى لا تنازع سوى كرمى من أتانى ينازعنى وقلّة ناصر جوزيت عنّى … بشرّ منك يا شرّ الدّهور عدوّى كلّ شيء فيك حتّى … لخلت الأكم (¬1) موغرة الصّدور فلو أنّى حسدت على نفيس … لجدت به لذى الجدّ العثور الجدّ هاهنا: الحظّ. ولكنّى حسدت على حياتى … وما خير الحياة بلا سرور وفيها: فلو كنت امرأ يهجى هجونا … ولكن ضاق فتر (¬2) عن مسير ومن ذلك قوله: أفاضل الناس أغراض لذا الزّمن … يخلو من الهمّ أخلاهم من الفطن (¬3) أغراض: أهداف. وإنما نحن فى جيل سواسية … شرّ على الحرّ من سقم على بدن سواسية: مستوون فى الشرّ. حولى بكلّ مكان منهم خلق … تخطى إذا جئت فى استفهامها بمن أراد: باستفهامك عنها، فحذف فاعل المصدر والجارّ. وفيها: فقر الجهول بلا قلب إلى أدب … فقر الحمار بلا رأس إلى رسن وفيها: لا يعجبنّ مضيما حسن بزّته … وهل يروق دفينا جودة الكفن ¬

(¬1) الأكم: جمع أكمة، وهى الموضع الذى هو أشدّ ارتفاعا ممّا حوله. (¬2) الفتر: دون الشّبر، وهو ما بين السّبّابة والإبهام إذا فتحا. (¬3) ديوانه 4/ 209 - 213. وتقدم عندنا فى ص 241.

راقنى الشىء: أعجبنى. ومن ذلك قوله فى مرثية جدّته: عرفت الليالى قبل ما صنعت بنا … فلمّا دهتنا لم تزدنى بها علما (¬1) وما الجمع بين الماء والنار فى يدى … بأصعب من أن أجمع الجدّ والفهما وإنّى لمن قوم كأنّ نفوسهم (¬2) … بها أنف أن تسكن اللّحم والعظما فلا عبرت بى ساعة لا تعزّنى … ولا صحبتنى مهجة تقبل الظّلما ومن ذلك قوله: وأنا الذى اجتلب المنيّة طرفه … فمن المطالب والقتيل القاتل (¬3) وفيها: ما نال أهل الجاهليّة كلّهم … شعرى ولا سمعت بسحرى بابل فإذا أتتك مذمّتى من ناقص … فهى الشهادة لى بأنّى فاضل (¬4) ومن ذلك قوله: ولا تحسبنّ المجد زقّا وقينة … فما المجد إلاّ السّيف والفتكة البكر (¬5) ومن ينفق الساعات فى جمع ماله … مخافة فقر فالذى فعل الفقر وفيها: وما زلت حتى قادنى الشوق نحوه … يسايرنى فى كلّ ركب له ذكر ¬

(¬1) ديوانه 4/ 104،108،109. (¬2) فى الديوان: نفوسنا. (¬3) ديوانه 3/ 250،259،260. (¬4) فى الديوان: «كامل». وبمثل رواية ابن الشجرى جاء فى ديوان المعانى 2/ 237، والتمثيل والمحاضرة ص 111. (¬5) ديوانه 2/ 149،150،155. والزّق: كأس الخمر، والقينة: المغنّية.

وأستكبر الأخبار قبل لقائه … فلمّا التقينا صغّر الخبر الخبر ومن ذلك قوله: لا أستزيدك فيما فيك من كرم … أنا الذى نام إن نبّهت يقظانا (¬1) ومن ذلك قوله: كذا فتنحّوا عن علىّ وطرقه … بنى اللّؤم حتى يعبر الملك الجعد (¬2) الجعد هاهنا: السّخىّ (¬3)، مشبّه بالثّرى النّدىّ، إذا قالوا: ثرى جعد فإنما يريدون أنه يجتمع فى الكفّ، وكذلك إذا قالوا: شعر جعد. فما فى سجاياكم منازعة العلى … ولا فى طباع التّربة المسك والنّدّ فإن يك سيّار بن مكرم انقضى … فإنك ماء الورد إن ذهب الورد (¬4) وقوله: من خصّ بالذّمّ الفراق فإنّنى … من لا يرى فى الدهر شيئا يحمد (¬5) وقوله: يهون على مثلى إذا رام حاجة … وقوع العوالى دونها والقواضب (¬6) إليك فإنّى لست ممّن إذا اتّقى … عضاض الأفاعى نام فوق العقارب ¬

(¬1) ديوانه 4/ 230. (¬2) ديوانه 1/ 383،380. و «على» هنا هو: على بن محمد بن سيّار بن مكرم التميميّ. (¬3) ويقال أيضا للبخيل: رجل أجعد، وجعد الكفّ، فهو من الأضداد. انظر الأضداد للسّجستانى (ثلاثة كتب فى الأضداد ص 155)، ولأبى الطيّب ص 163. (¬4) تقدّم هذا فى المجلس الحادى والثلاثين. (¬5) ديوانه 1/ 384. (¬6) ديوانه 1/ 150.

وقوله: يخيّل لى أنّ البلاد مسامعى … وأنّى فيها ما يقول العواذل (¬1) وقوله: إذا غامرت فى شرف مروم … فلا تقنع بما دون النّجوم (¬2) فطعم الموت فى أمر حقير … كطعم الموت فى أمر عظيم يرى الجبناء أنّ العجز عقل … وتلك خديعة الطبع اللّئيم وقوله، وقد تقدّم ذكره (¬3): ذو العقل يشقى فى النعيم بعقله … وأخو الجهالة فى الشّقاوة ينعم وكذلك قوله: لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى … حتى يراق على جوانبه الدّم أراد: لا يسلم للشريف شرفه من أذى الحسّاد والأعداء حتى يقتل حسّاده وأعداءه، فإذا أراق دماءهم سلم له شرفه، فإنه إنما يصير مهيبا بالغلبة. والظّلم من شيم النّفوس فإن تجد … ذا عفّة فلعلّة لا يظلم (¬4) والذّلّ يظهر فى الذّليل مودّة … وأودّ منه لمن يودّ الأرقم ومن البليّة عذل من لا يرعوى … عن جهله وخطاب من لا يفهم ومن ذلك قوله: كلام أكثر من تلقى ومنظره … ممّا يشقّ على الآذان والحدق (¬5) ¬

(¬1) ديوانه 3/ 177. (¬2) ديوانه 4/ 119،120. (¬3) فى هذا المجلس. (¬4) ديوانه 4/ 125،127،130. (¬5) ديوانه 2/ 361.

وقوله: مشبّ الذى يبكى الشّباب مشيبه … فكيف توقّيه وبانيه هادمه (¬1) وتكملة العيش الصّبا وعقيبه … وغائب لون العارضين وقادمه (¬2) وما خضب الناس البياض لأنّه … قبيح ولكن أحسن الشّعر فاحمه وقوله: يدفّن بعضنا بعضا ويمشى … أواخرنا على هام الأوالى (¬3) الأوالى: مقلوب من الأوائل، فوزنه الأفالع. وكم عين مقبّلة النّواحى … كحيل بالجنادل والرّمال ومغض كان لا يغضى لخطب … وبال كان يفكر فى الهزال وقوله: وما الموت إلاّ سارق دقّ شخصه … يصول بلا كفّ ويسعى بلا رجل (¬4) يردّ أبو الشّبل الخميس عن ابنه … ويسلمه عند الولادة للنّمل (¬5) وقوله: أرى كلّنا يبغى الحياة بسعيه … حريصا عليها مستهاما بها صبّا (¬6) ¬

(¬1) ديوانه 3/ 333،334. ومعنى البيت فيما يقول الواحدى فى شرحه ص 378: «الذى يجزع على فقد الشباب إنما أشابه من أشبّه، والشيب حصل من عند من حصل منه الشباب، فلا سبيل إلى التوقّى من المشيب؛ لأن أمره بيد غيره». (¬2) غائب لون العارضين: هو البياض، والقادم: هو السّواد السابق إلى العارض. وفيه أقوال أخرى ذكرها الواحدىّ. (¬3) ديوانه 3/ 18،19. (¬4) ديوانه 3/ 48. (¬5) الشبل: ولد الأسد، والخميس: الجيش العظيم. يقول: الأسد يردّ الجيش عن ابنه، ويسلمه لأدنى النمل عند ولادته، فيحميه من العظيم الكثير، ويسلمه إلى الحقير اليسير. ويقال: إن النمل إذا اجتمع على ولد الأسد أكله وأهلكه. قاله شارح ديوان المتنبى. (¬6) ديوانه 1/ 65.

فحبّ الجبان النّفس أورده التّقى (¬1) … وحبّ الشّجاع النّفس أورده الحربا ويختلف الرّزقان والفعل واحد … إلى أن يرى إحسان هذا لذا ذنبا ومن ذلك قوله: طوى الجزيرة حتى جاءنى خبر … فزعت منه بآمالى إلى الكذب (¬2) حتى إذا لم يدع لى صدقه أملا … شرقت بالدّمع حتى كاد يشرق بى أى صغرت فى جنب الدمع، فصرت بالإضافة إليه كالشيء يشرق به فى القلّة (¬3). ومن ذلك قوله: كم تطلبون لنا عيبا فيعجزكم … ويكره الله ما تأتون والكرم (¬4) ليت الغمام الذى عندى صواعقه … يزيلهنّ إلى ما عنده الدّيم وقوله: إذا ما لبست الدهر مستمتعا به … تخرّقت والملبوس لم يتخرّق (¬5) وإطراق طرف العين ليس بنافع … إذا كان طرف القلب ليس بمطرق وما ينصر الفضل المبين على العدى … إذا لم يكن فضل السّعيد الموفّق وقوله: ربّ أمر أتاك لا تحمد الفعّ … ‍ال فيه وتحمد الأفعالا (¬6) ¬

(¬1) التّقى هنا: اتّقاء الحرب وترك القتال؛ حبّا للنفس وخوفا على الرّوح. (¬2) ديوانه 1/ 87،88. (¬3) هذا من شرح ابن جنى فى الفتح الوهبى ص 38، وردّه أبو القاسم الأصبهانى، فقال: «معنى هذا البيت أنه لمّا أتانى نعىّ المتوفّاة نزفت دمعى بالبكاء حتى لم يكد يجرى، وبقى حائرا فى الجفن، فكدت أقضى نجنى فيجفّ الدمع بى، وليس للكثرة والقلّة معنى كما ذكره أبو الفتح». الواضح فى مشكلات شعر المتنبى ص 31. (¬4) ديوانه 3/ 371. (¬5) ديوانه 2/ 307،315،316. (¬6) ديوانه 3/ 138،143،147.

وإذا ما خلا الجبان بأرض … طلب الطّعن وحده والنّزالا من أطاق التماس شيء غلابا … واغتصابا لم يلتمسه سؤالا كلّ غاد لحاجة يتمنّى … أن يكون الغضنفر الرّئبالا وقوله: الرأى قبل شجاعة الشجعان … هو أوّل وهى المحلّ الثانى (¬1) فإذا هما اجتمعا لنفس مرّة … بلغت من العلياء كلّ مكان ولربّما طعن الفتى أقرانه … بالرأى قبل تطاعن الأقران لولا العقول لكان أدنى ضيغم … أدنى إلى شرف من الإنسان وقوله: كفى بك داء أن ترى الموت شافيا … وحسب المنايا أن يكن أمانيا (¬2) تمنّيتها لمّا تمنّيت أن ترى … صديقا فأعيا أو عدوّا مداجيا إذا كنت ترضى أن تعيش بذلّة … فلا تستعدّنّ الحسام اليمانيا ولا تستطيلنّ الرّماح لغارة … ولا تستجيدنّ العتاق المذاكيا فما ينفع الأسد الحياء من الطّوى … ولا تتّقى حتى تكون ضواريا حببتك قلبى قبل حبّك من نأى … وقد كان غدّارا فكن لى وافيا وأعلم أنّ البين يشكيك بعده … فلست فؤادى إن رأيتك شاكيا أقلّ اشتياقا أيّها القلب ربّما … رأيتك تصفى الودّ من ليس جازيا خلقت ألوفا لو رجعت إلى الصّبا … لفارقت شيبى موجع القلب باكيا ¬

(¬1) ديوانه 4/ 174. (¬2) ديوانه 4/ 281 - 284. وهذا البيت الأول أنشده ابن الشجرىّ فى المجلس الحادى عشر

وفيها: إذا الجود لم يرزق خلاصا من الأذى … فلا الحمد مكسوبا ولا المال باقيا (¬1) وللنّفس أخلاق تدلّ على الفتى … أكان سخاء ما أتى أم تساخيا ومن ذلك قوله: إذا أنت أكرمت الكريم ملكته … وإن أنت أكرمت اللئيم تمرّدا (¬2) ووضع النّدى فى موضع السيف بالعلا … مضرّ كوضع السيف فى موضع النّدى ومن ذلك قوله: تخالف الناس حتّى لا اتّفاق لهم … إلاّ على شجب والخلف فى الشّجب (¬3) الشّجب: الهلاك. أراد أن الناس مختلفون فى كلّ شيء، ولم يقع الاتفاق منهم إلاّ على الموت، ثم إنهم قد اختلفوا فيه، وبيّن وجه اختلافهم بقوله: فقيل تخلص نفس المرء سالمة … وقيل تشرك جسم المرء فى العطب قيل: إن الملحدين يقولون: إن النفس تهلك كما يهلك الجسم، وروى عن أفلاطون وأرسطوطاليس فى ذلك خلاف، فقيل إن أحدهما كان يقول: تبقى النفس الخيّرة بعد خروجها من الجسد، وإنّ الآخر كان يقول: تبقى النفس المحمودة والمذمومة. ومن يذهب إلى هذا الوجه يزعم أنها تكون ملتذة بما فعلته من الخير فى الدار الفانية. ومن تفكّر فى الدّنيا ومهجته … أقامه الفكر بين العجز والتّعب ... ¬

(¬1) تقدّم هذا البيت فى المجلسين: الخامس والثلاثين، والسابع والستّين. (¬2) ديوانه 1/ 288. (¬3) ديوانه 1/ 95،96.

وقد وردت لأبى الطيب أمثال فى أعجاز أبيات

وقد وردت لأبى الطيّب أمثال فى أعجاز أبيات (¬1) منها قوله: إنّ المعارف فى أهل النّهى ذمم (¬2) وقوله: أنا الغريق فما خوفى من البلل (¬3) وقوله: وقد يؤذى من المقة الحبيب (¬4) وقوله: ولكن ربّما خفى الصّواب (¬5) وقوله: وكلّ اغتياب جهد من ماله جهد (¬6) وقوله: ليس التكحّل فى العينين كالكحل (¬7) ¬

(¬1) أورد هذه الأعجاز بترتيب ابن الشجرىّ شارح ديوان المتنبى 1/ 22،23. وقد اختار أبو منصور الثعالبيّ أيضا من شعر المتنبى أعجازا يتمثّل بها، على غير إيراد ابن الشجرىّ. اليتيمة 1/ 214 - 217، وانظر أيضا تنبيه الأديب ص 337. (¬2) الديوان 3/ 370. (¬3) الديوان 3/ 76. (¬4) الديوان 1/ 72. (¬5) الديوان 1/ 81. (¬6) الديوان 1/ 376. وفى الديوان: «من لا له» وبمثل رواية ابن الشجرى جاء فى شرح الواحدى ص 299. (¬7) الديوان 3/ 87.

وقوله: وتأبى الطّباع على الناقل (¬1) وقوله: وفى الباقى لمن بقى اعتبار (¬2) وقوله: ومن وجد الإحسان قيدا تقيّدا (¬3) وقوله: ومن لك بالحرّ الذى يحفظ اليدا (¬4) وقوله: والمستغرّ بما لديه الأحمق (¬5) ¬

(¬1) الديوان 3/ 22. وقوله: «وتأبى الطباع: هو هكذا بالتاء المثناة من فوق، فى النسخ الثلاث. وكذلك جاء فى شرح الديوان للواحدى ص 395، ودلائل الإعجاز ص 423،424،428، وهو المحفوظ. لكنه جاء فى شرح ديوانه المنسوب للعكبرى «ويأبى» بالياء التحتية. وحكى شارحه عن ابن القطاع قال: قد أفسد هذا البيت سائر الرواة فرووه: وتأبى بالتاء، وهو غلط لا يجوز: قال: قال لى شيخى: أخبرنى أبو على بن رشدين، قال: لمّا قرأت هذا البيت قرأته بالتاء، فقال: لم أقل هكذا، إلاّ أن الطبع والطباع والطبيعة واحد. والطبع مصدر لا يثنى ولا يجمع. والطبيعة مؤنثة، وجمعها: طبائع، والطباع واحد مذكر، وجمعه طبع، ككتاب وكتب، وليس الطباغ جمعا لطبع». انتهى كلامه. وهو بحاجة إلى تحقيق، فإنهم قالوا أيضا: إن الطباع جمع طبع. وذكره الأزهرى فى التهذيب 2/ 186، وانظر الكلام عليه فى التاج. (¬2) الديوان 2/ 108. (¬3) الديوان 1/ 292. (¬4) الديوان 1/ 288. (¬5) الديوان 2/ 335. والمستغر: المغرور. ويروى: «المستعز» من العزّ.

وقوله: وفى عنق الحسناء يستحسن العقد (¬1) وقوله: وليس بمنكر سبق الجواد (¬2) وقوله: ولكنّ صدم الشّرّ بالشّرّ أحزم (¬3) وقوله: قد أفسد القول حتى أحمد الصّمم (¬4) وقوله: مصائب قوم عند قوم فوائد (¬5) وقوله: ومخطئ من رميّة القمر (¬6) وقوله: فإنّ فى الخمر معنى ليس فى العنب (¬7) ¬

(¬1) الديوان 2/ 10. (¬2) الديوان 2/ 18. (¬3) الديوان 3/ 360. (¬4) الديوان 4/ 26. (¬5) تقدّم فى هذا المجلس. (¬6) الديوان 2/ 90. (¬7) سبق هذا فى المجلس الحادى والثلاثين.

وقوله: ومن قصد البحر استقلّ السّواقيا (¬1) وقوله: وأين من المشتاق عنقاء مغرب (¬2) وقوله: ولا يردّ عليك الفائت الحزن (¬3) وقوله: بجبهة العير يفدى حافر الفرس (¬4) وقوله: والجوع يرضى الأسود بالجيف (¬5) وقوله: إذا عنّ بحر لم يجز لى التّيمّم (¬6) وقوله: إنّا لنغفل والأيام فى الطّلب (¬7) ¬

(¬1) الديوان 4/ 287. (¬2) الديوان 1/ 183. (¬3) الديوان 4/ 234. (¬4) الديوان 2/ 188. (¬5) الديوان 2/ 281. (¬6) الديوان 4/ 91. (¬7) الديوان 1/ 93.

وقوله: إنّ النّفيس غريب حيث ما كانا (¬1) وقوله: وبضدّها تتبيّن الأشياء (¬2) وقوله: غير مدفوع عن السّبق العراب (¬3) وقوله: ما كلّ دام جبينه عابد (¬4) وقوله: ومن يسدّ طريق العارض الهطل (¬5) وقوله: ويبين عتق الخيل فى أصواتها (¬6) وقوله: والشّيب أوقر والشّبيبة أنزق (¬7) ¬

(¬1) سبق فى هذا المجلس. (¬2) الديوان 1/ 22. (¬3) الديوان 1/ 135. (¬4) الديوان 2/ 77. (¬5) الديوان 3/ 87. (¬6) الديوان 1/ 233. (¬7) الديوان 2/ 336.

وقوله: وفى التجارب بعد الغىّ ما يزع (¬1) يزع: يكفّ، أى يكفّ الغاوى عن غيّه. وجاء بمثل فى ثلث بيت، وهو قوله: ومن للعور بالحول (¬2) ... وليس شيء مما ذكرته من هذه الآداب البارعة والأمثال السائرة الرائعة إلاّ قد فاوضت فيه شيوخ أهل العلم، فابدءوا فيه وأعادوا، واستحسنوا واستجادوا. وإنما ذكرت لك طرفا من عيون كلمه، وبعضا من فنون حكمه؛ لأنبّهك على جلالة قدره، وأعرّفك أنه فى الشّعر نسيج وحده وقريع عصره. ومن صغّر شأنه فقد أبان عن نقص فى نفسه كثير، وما أحسن قول النابغة: أىّ الرجال المهذّب (¬3) والفاضل من عدّت سقطاته، والإساءة فى البيت الفذّ مغفورة بالإضافة إلى ألف حسنة، كما قيل: وإذا الحبيب أتى بذنب واحد … جاءت محاسنه بألف شفيع (¬4) وبعد هذا، من الذى سلم فى شعره من الشّعراء المتقدّمين؟ ولو اقتصصت ¬

(¬1) الديوان 2/ 221. (¬2) الديوان 3/ 84. والبيت بتمامه: إن كنت ترضى بأن يعطوا الجزى بذلوا منها رضاك ومن للعور بالحول وأنشده الصفدى فى الشّعور بالعور ص 103. (¬3) تقدّم فى المجلس الرابع والثلاثين. (¬4) هذا البيت من المحفوظات الدائرة على الألسنة، وهو من غير نسبة فى تمام المتون ص 89، وزاد المعاد 3/ 170، ونفح الطيب 6/ 25، وقد قرأته فى غير كتاب، لكنّ الله لم يفتح علىّ الآن إلاّ بهذه المراجع الثلاثة!.

لك سقطات بشّار وأبى نواس وأبى تمّام والبحترىّ، وغيرهم من الفحول المبرّزين، المتقدّمين والمتأخّرين، لاستحسنت من شعر أبى الطيّب ما استقبحته، واستجدت ما استرذلته، على أنه لم يرتكب لفظة مستهجنة إلاّ وليس له عنها مندوحة، ولست تقدر أن توجدنى أمثالا عدد أمثاله فى شعر واحد من نظرائه وأمثاله، بل لا تجد ذلك لمجيدين أو ثلاثة مكثرين، من المتقدّمين والمتأخّرين، وما أحسن قوله: فجازوا بترك الذّم إن لم يكن حمد (¬1) وأسخف شعره القصيدة التى أوّلها (¬2): ما أنصف القوم ضبّه وفيها: إن أوحشتك المعالى … فإنها دار غربه أو آنستك المخازى … فإنها بك أشبه (¬3) وكلّ من خطّأه فى معنى أو كلمة لغويّة فهو مخطئ فى تخطئته. فممّن خطّأه فى كلمة لغويّة أبو زكريا، فقال فى قوله (¬4): قد كنت تهزأ بالفراق مجانة ¬

(¬1) ديوانه 2/ 10، وصدره: ومنّى استفاد الناس كلّ غريبة (¬2) ديوانه 1/ 204،209. (¬3) الذى فى الديوان: فإنها لك نسبة أما هذا العجز، فقد جاء فى الديوان لصدر آخر: وإن جهلت مرادى فإنه بك أشبه (¬4) ديوانه 4/ 7، وتمامه: وتجرّ ذيلى شرّة وعرام والشّرّة: الحدّة والنّشاط. والعرام: الحدّة أيضا والشّرس.

الناس يستعملون المجانة فى معنى الهزء بالشىء والتّهاون به، يقولون: فلان ماجن، إذا كان مسرفا فى اللهو والقول لما لم يكن. فأمّا أهل اللغة فيقولون: مجن: إذا مرن على الشىء. انتهى كلامه. والذى قاله غير صحيح، بدلالة أن المجانة قد وردت فى الشّعر القديم، على ما ذهب إليه المتنبّى، وذلك فى قول يزيد بن مفرّغ الحميرىّ، يهجو عبّاد بن زياد بن أبيه: شجاع فى المجانة والمخازى … جبان عند محتضر المصاع (¬1) وقال أبو الحسين بن فارس فى المجمل: «المجون: ألاّ يبالى الإنسان بما صنع» (¬2)، فهذا دفع لما قاله أبو زكريّا، من جهة شعر العرب، ومن جهة قول أهل اللغة. ... وقال المتنبّى يصف جيشا فى أرض قطعها، ويخاطب الممدوح: جيش كأنك فى أرض تطاوله … والأرض لا أمم والجيش لا أمم (¬3) يقول: بعدت الأرض وطالت، فكأنها تطاول جيشك البعيد أطرافه. والأمم: بين القريب والبعيد. ثم فسّر هذا بقوله: إذا مضى علم منها بدا علم … وإن مضى علم منها بدا علم أراد بالعلم من الأرض: الجبل، وبالعلم من الجيش: الراية، يقول: فلا الجبال تفنى، ولا أعلام الجيش. ¬

(¬1) لم أجده فى ديوان ابن مفرّغ المطبوع، مع وجود أبيات من وزن البيت وقافيته وموضوعه، وذلك فى ص 100 - 104. (¬2) المجمل ص 823، وأيضا المقاييس 5/ 299. (¬3) ديوانه 4/ 18،19.

قال أبو زكريا: ولو قال: وإن مضى عالم منه، لكان أحسن فى حكم الشّعر؛ لأنّ تكرير «العلم» فى البيت كثر. وقوله: وإن مضى عالم، يقلّل تردّد «العلم» ويدلّ على كثرة الجيش. انتهى كلامه. وأقول: إن المتنبّى لو قال ما ذهب إليه أبو زكريّا، فاستعمل «العالم» فى موضع «العلم» كان قبيحا فى صناعة الشّعر؛ لأنه قد أتى بذكر «العلم» الذى هو الجبل مرّتين، فوجب أن يقابله بذكر «العلم» الذى هو الراية مرّتين. وأما قوله: إنه لو قال: «مضى عالم» دلّ على كثرة الجيش، فكذلك ذكر «العلم» يدلّ على كثرة الجيش؛ لأن العلم يكون تحته أمير معه عالم. وأمّا كراهيته لتكرير «العلم» فقول من جهل ما فى التكرير من التوكيد والتّبيين، إذا تعلّق التكرير بعضه ببعض، بحرف عطف، أو بحرف شرط، أو غير ذلك من المعلّقات، كما جاء فى التنزيل: {وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتابِ وَما هُوَ مِنَ الْكِتابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَما هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ} (¬1) ومثله: {فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاقِكُمْ كَمَا اِسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلاقِهِمْ} (¬2). فالتكرير فى هذا النحو حسن مقبول، وإذا جاء هذا فى القرآن علمت أن التكرير فى بيت أبى الطيّب غير معيب، وإنما يعاب التكرير إذا ورد اللفظ فى بيتين أو ثلاثة والمعنى واحد. ووهم (¬3) أبو زكريّا في بيت لأبى نواس، حمل عليه بيتا لأبى الطيّب، وذلك قول أبى الطيّب: ¬

(¬1) سورة آل عمران 78. وانظر مبحث التكرير فى القرآن الكريم، فى تأويل مشكل القرآن ص 235، وإعجاز القرآن ص 106، وبديع القرآن ص 151، والمراجع التى بحاشيته. وشرح الكافية البديعية ص 134. (¬2) سورة التوبة 69. (¬3) هذه المسألة كلّها-إلى قوله: «مثل وقت الوداع» تقدّمت فى المجلس السادس والسبعين. والشواهد كلّها مخرّجة هناك.

يا من لجود يديه فى أمواله … نقم تعود على اليتامى أنعما حتى يقول الناس ماذا عاقلا … ويقول بيت المال ماذا مسلما قال أبو زكريّا: عظّم الممدوح تعظيما وجب معه ألا يكون خاطبه بقوله: حتى يقول الناس ماذا عاقلا وإنما تبع فى ذلك الحكمىّ فى قوله: جاد بالأموال حتّى قيل ما هذا صحيح ويجوز أن يكون أبو الطيّب ظنّ أنّ أبا نواس أراد: ما هذا صحيح العقل، ولعلّه لم يرد ذاك، وإنما أراد: ما هذا الفعل صحيح. انتهى كلامه. وأقول: إن أبا نواس لم يرد إلاّ ما ذهب إليه المتنبّى؛ لأنّ أبا نواس قد صرّح بهذا المعنى فى قصيدة أخرى، وأتى بلفظة أقبح من قوله: «ما هذا صحيح» فقال: جدت بالأموال حتّى … حسبوه الناس حمقا وتبعه فى ذلك أبو تمام فقال: ما زال يهذى بالمكارم والنّدى … حتى ظننّا أنه محموم ويروى: «يهذر» والأصل فى هذا قول أعرابىّ، فيما أورده الجاحظ فى كتاب الحيوان: حمراء تامكة السّنام كأنها … جمل بهودج أهله مظعون جادت بها عند الوداع يمينه … كلتا يدى عمر الغداة يمين ما كان يعطى مثلها فى مثله … إلاّ كريم الخيم أو مجنون فعلى هذا المنوال نسج أبو الطيّب بيته، فأراد أنه يفرط فى الجود حتّى ينسبه الناس إلى عدم العقل، ولو كان بيت المال مما يصحّ منه الكلام لقال: ماذا مسلما؛ لأنه فرّق أموال المسلمين، ويجوز أن يكون أراد: حتى يقول خزّان بيت المال، وحذف المضاف، كما حذف فى {وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ}.

وقول الأعرابىّ: «تامكة السّنام» أى عاليته. تمك السّنام: علا. والخيم: السّجيّة، وهى الخليقة. والهاء فى «مثله» تعود على الوداع، أى فى مثل وقت الوداع. ... قد أثبتّ لك ما ظفرت به بالتتبّع، من حكم أبى الطيّب، ولم أثبت إلاّ ما رأيته فى مكاتبة، أو سمعته فى مفاوضة، فقد كفيتك مئونة تطلّبه، وبقى عليك تكلّف تحفّظه. فمن فضائل هذا الشاعر من دون قائلى القريض (¬1)، أنك لا تجد واحدا من الناس إلاّ وهو يحفظ من شعره قصائد أو قصيدتين أو قصيدة، أو مقطوعة أو بيتا، أو صدر بيت، أو عجز بيت. فممّا أجمع الناس على حفظه، أو حفظ عجزه قوله: بذا قضت الأيام ما بين أهلها … مصائب قوم عند قوم فوائد (¬2) ولقد سمعت من أدوان العوامّ مرارا غير محصاة أناسا ينشدون: ومن نكد الدنيا على الحرّ أن يرى … عدوّا له ما من صداقته بدّ (¬3) وكذلك قوله: والظّلم من شيم النفوس فإن تجد … ذا عفّة فلعلّة لا يظلم (¬4) ¬

(¬1) فى الأصل: الشعر. (¬2) تقدّم قريبا. (¬3) ديوانه 1/ 375. (¬4) تقدّم قريبا.

إلا أنهم يغلطون فيقولون: فإن ترى. يستعملون «ترى» موضع «تجد». وما أوقع قوله فيمن ذمّه: وإذا أتتك مذمّتى من ناقص … فهى الشهادة لى بأنى فاضل (¬1) وقوله: رمانى خساس الناس من صائب استه … وآخر قطن من يديه الجنادل (¬2) ومن جاهل بى وهو يجهل جهله … ويجهل علمى أنه بى جاهل أمّا إعراب هذين البيتين: فإنّ دخول «من» فى قوله: «من صائب استه» كدخولها فى قولك: جاء القوم من ضاحك ومن باك، فهى للتبعيض؛ لأنّ المعنى: بعضهم ضاحك، وبعضهم باك. ويقال: أصاب السهم الهدف فهو مصيب، وصابه فهو صائب، لغيّة. قال بشر بن أبى خازم الأسدىّ (¬3): تسائل عن أخيها كلّ ركب … ولم تعلم بأنّ السّهم صابا وقوله: ويجهل علمى أنه بى جاهل علمى: مفعول يجهل. وقوله: «أنه بى جاهل» هو الفاعل، أى يجهل جهله بى علمى (¬4). ¬

(¬1) وهذا كسابقه. (¬2) ديوانه 3/ 174. وانظر الفتح الوهبى ص 123، وشرح الواحدى ص 49،50، وشرح مشكل شعر المتنبى ص 44 - 46. (¬3) ديوانه ص 25. ورواية صدر البيت فيه: ترجّى أن أءوب لها بنهب وكذلك الرواية فى مختارات ابن الشجرى ص 303. (¬4) هذا وجه من الإعراب ضعيف. والأولى أن يكون المصدر المنسبك من قوله: «أنه بى جاهل» مفعول المصدر الذى هو «علمى» ويكون التقدير: أى يجهل معرفتى بجهله بى. وكذلك جاء فى شرح ديوان المتنبى. وهو واضح فى تقدير الواحدىّ، قال: «ويجهل أنى أعلم أنه جاهل بى».

وفسّر علىّ بن عيسى الرّبعىّ قوله: «من صائب استه» بأنه من ضعفه إذا رمى يصيب استه، فحمله على معنى قوله: وآخر قطن من يديه الجنادل وليس هذا القول بشىء؛ لأننا لم نجد فى الموصوفين بالضّعف من يرمى بحجر أو غير حجر مما ترمى به اليد فيصيب استه، وإنما هو مثل ضربه، فذكر تفصيل عائبيه، فقال: عابنى أراذل الناس، فمنهم من رمانى بعيب هو فيه، وهو الأبنة، فانقلب قوله عليه، فأصاب استه بالعيب الذى رمانى به. وآخر لم يؤثّر كلامه فى عرضى؛ لعيّه وحقارته، فهو كمن يرمى قرنه بسبائح القطن، أى الذين رمونى من هذين الصّنفين بهذين الوصفين. ... تمّت الأمالى التى أملاها الشريف النقيب ضياء الدين أبو السّعادات هبة الله ابن علىّ الشجرىّ البغدادىّ. رحمه الله. وكتب أسعد بن معالى بن إبراهيم بن عبد الله. فى شهور سنة إحدى وثمانين وخمسمائة. حامدا لله تعالى على نعمه، ومصليا على خيرته من خلقه محمّد النبىّ، وعلى آله وصحبه، ومسلّما. وحسبنا الله ونعم الوكيل. بلغ العرض على أصله المنقول منه، فصحّ والله الموفّق (¬1) ... ¬

(¬1) هذا ختام نسخة الأصل. وختام النسخة ط: «تم الكتاب والحمد لله رب العالمين وصلواته على سيّدنا محمد خاتم النبيّين، -

الفهارس

الفهارس

الفهارس الفنية

الفهارس الفنّيّة 1 - فهرس الآيات القرآنية 2 - فهرس الأحاديث النبويّة، القوليّة والفعليّة 3 - فهرس الأمثال وأقوال العرب 4 - فهرس الأشعار 5 - فهرس الأساليب والنماذج النحويّة واللغويّة 6 - فهرس الأمثلة والأبنية والأوزان والصّيغ 7 - فهرس اللغة التى شرحها ابن الشجرىّ 8 - فهرس مسائل النحو والصرف، ويشمل الحروف والأدوات والمصطلحات 9 - فهرس مسائل العلوم والفنون (القراءات-الفقه-علم الكلام والفلسفة- ضرائر الشعر-العروض والقوافى-الأدب-البلاغة-الأخبار-المعارف العامة) 10 - فهرس الأعلام ونحوها 11 - فهرس البلدان والمواضع ونحوها 12 - فهرس الأيام والوقائع 13 - فهرس الكتب التى ذكرها ابن الشجرى 14 - فهرس الفوائد والتنبيهات من التعليقات 15 - فهرس أبواب الدراسة 16 - فهرس مراجع الدراسة والتحقيق ...

1 - فهرس الآيات القرآنية

1 - فهرس الآيات القرآنية فاتحة الكتاب الآية\رقمها\رقم الجزء والصفحة {الْحَمْدُ (¬1)} لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ \1\ 1/ 177 - 2/ 368 {مالِكِ (¬2)} يَوْمِ الدِّينِ \4\ 2/ 576 {إِيّاكَ نَعْبُدُ وَإِيّاكَ نَسْتَعِينُ} \5\ 1/ 177 سورة البقرة {ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ} \2\ 1/ 415 {بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ (¬3)} هُمْ يُوقِنُونَ \4\ 2/ 213،546 {أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ} \5\ 3/ 164 {سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ} \6\ 1/ 360،406 - 3/ 107 {وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ} (¬4) \10\ 2/ 559،604 {أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ} \12\ 2/ 544 {أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ} \13\ 2/ 297 {وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ} \14\ 2/ 608 ¬

(¬1) وقرأ بكسر الدال الحسن البصرىّ وزيد بن على، وقرأ بضم اللام من لفظ الجلالة إبراهيم بن أبى عبلة. (¬2) قراءة غير عاصم والكسائىّ من السبعة. (¬3) قراءة ورش، بحذف الألف وإلقاء حركتها على الساكن قبلها، وهو ما يعرف عند القرّاء بالنقل (¬4) بضم الياء وفتح الكاف وتشديد الذال: قراءة نافع وابن كثير وأبى عمرو وابن عامر.

{مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اِسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ} \17\ 3/ 57 {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ} \18،171\ 1/ 97 {وَاللهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ} \19\ 3/ 165 {كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ} \20\ 2/ 555 - 3/ 166 {يا أَيُّهَا النّاسُ اُعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} \21\ 1/ 76،410 - 2/ 411 {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً وَالسَّماءَ بِناءً} \22\ 2/ 502 {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ} \23\ 1/ 267،413 {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا} \24\ 1/ 413 {كُلَّما رُزِقُوا} \25\ 3/ 166 {إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً} (¬1) \26\ 1/ 112 - 2/ 550،554، 561،569 {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ} \28\ 1/ 404 - 2/ 146 - 3/ 13 {ثُمَّ اِسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ} \29\ 2/ 48 - 3/ 94 {وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} \30\ 1/ 268 {إِلاّ إِبْلِيسَ} \34\ 3/ 167 ¬

(¬1) بالرفع قراءة رؤبة بن العجّاج.

{فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ} (¬1) \38\ 1/ 429 {وَإِيّايَ فَارْهَبُونِ} \40\ 2/ 291 {وَاِتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً} \48،123\ 1/ 6،117 - 2/ 71،100 3/ 167 {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ السَّماءِ} \59\ 1/ 370 {فَقُلْنَا اِضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ} \60\ 1/ 231 - 2/ 123 - 3/ 100 {مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} \62\ 2/ 41 - 3/ 64 {خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ} \63\ 2/ 434 {فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ} \65\ 1/ 413 {وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} \67\ 1/ 117 - . . . الآية\\2/ 145 {إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ} \68\ 1/ 135 - 2/ 435،539 {قالُوا الْآنَ} \71\ 2/ 153 {فَقُلْنا اِضْرِبُوهُ بِبَعْضِها كَذلِكَ يُحْيِ اللهُ الْمَوْتى} \73\ 1/ 231 - 2/ 124 ¬

(¬1) قراءة شاذة.

{فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً} \74\ 3/ 78 {أَفَكُلَّما جاءَكُمْ رَسُولٌ} \87\ 1/ 400 {وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِما مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللهِ مِنْ قَبْلُ} \91\ 1/ 67 - 2/ 34، 453،546، 3/ 22 {وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ} \93\ 1/ 78،283 - 2/ 558 {أَوَكُلَّما عاهَدُوا عَهْداً} \100\ 1/ 400،401 {وَاِتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ} \102\ 2/ 609 {وَما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ} \102\ 2/ 379 {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اِشْتَراهُ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ} \102\ 3/ 191 {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ} \109\ 3/ 167،168 {كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} \113\ 3/ 169 {كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} \118\ 3/ 169 {وَعَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ} \125\ 3/ 159 {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ رَبَّنا (¬1)} تَقَبَّلْ مِنّا \127\ 1/ 186 - 2/ 10،408 {إِنَّ اللهَ اِصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ} \132\ 1/ 101 «نعبد إلهك وإله أبيك (¬2) إبراهيم وإسماعيل وإسحاق» \133\ 2/ 237 ¬

(¬1) وقرأ ابن مسعود: يقولان ربّنا. (¬2) قراءة ابن عباس وغيره.

{وَقالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ} \135\ 1/ 25،26 - 3/ 79، {إِبْراهِيمَ حَنِيفاً} \\98،99،194 {لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ} \136\ 2/ 435 {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ} \137\ 1/ 310 {وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ} \143\ 2/ 149 {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها} \148\ 2/ 155 {وَاُشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ} \152\ 2/ 126،129 «إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله والملائكة (¬1) والناس أجمعون» \161\ 2/ 222 {وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ} \164\ 1/ 123 - 2/ 47 - 3/ 29،93 {إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ} \173\ 2/ 561 {وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ} \177\ 2/ 67 {وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا وَالصّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ} \177\ 2/ 102 {فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً} \182\ 2/ 583 {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ} \183\ 1/ 394 {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّامٍ أُخَرَ} \184، 185\ 2/ 349 {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} \184\ 3/ 152 ¬

(¬1) بالرفع قراءة شاذّة للحسن.

{فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّامٍ أُخَرَ} \185\ 1/ 392،410 - 2/ 480 {دَعْوَةَ الدّاعِ} \186\ 1/ 149 - 2/ 292 {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ} \187\ 1/ 223،283 {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ} \187\ 1/ 411 {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} \195\ 1/ 131 {وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اِسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ}. \196\ 1/ 392 - 2/ 123 - 3/ 27،70 {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ} \197\ 1/ 78،415 - 2/ 67،545 {فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ} \198\ 1/ 411 {اُدْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً} \208\ 2/ 138،256، 491 - 3/ 15 {وَزُلْزِلُوا حَتّى يَقُولَ (¬1)} الرَّسُولُ \214\ 2/ 149 ¬

(¬1) بالرفع قراءة نافع.

{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ} \216\ 1/ 271 3/ 153 {يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ} \217\ 2/ 94 {وَيَسْئَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} (¬1) \219\ 2/ 444 {وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} \220\ 2/ 213 {وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا} \224\ 3/ 170 {وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} \228\ 1/ 392،412 {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} \228\ 3/ 32 {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} \228\ 1/ 394 {إِنْ ظَنّا أَنْ يُقِيما حُدُودَ اللهِ} \230\ 1/ 385 {وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ} \233\ 1/ 393 {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً} \234\ 1/ 392 {وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا} \235\ 2/ 173 {وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ} \235\ 1/ 286 - 2/ 23 {إِلاّ أَنْ يَعْفُونَ} \237\ 2/ 153 {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} \237\ 1/ 414 - 2/ 377 - 3/ 152 {حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ} \238\ 3/ 170 ¬

(¬1) قرئ بالنصب والرفع.

{فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً} \239\ 3/ 170 {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ} \243\ 1/ 403 - 2/ 131 {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً} \245\ 1/ 409 {قالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ} \246\ 2/ 131 {إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً} \248\ 2/ 439 {إِلاّ مَنِ اِغْتَرَفَ غُرْفَةً (¬1)} بِيَدِهِ \249\ 3/ 37 {وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النّاسَ} \251\ 2/ 89،111 {وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ} \253\ 1/ 286 {لا بَيْعٌ (¬2)} فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفاعَةٌ \254\ 2/ 66 {لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ} \256\ 1/ 415 {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتاهُ اللهُ الْمُلْكَ} \258\ 1/ 403 - 3/ 162 {أَنّى يُحْيِي هذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِها} \259\ 1/ 401 {ثُمَّ اُدْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً} \260\ 1/ 106 - 2/ 434 {لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى كَالَّذِي يُنْفِقُ مالَهُ} \264\ 3/ 171 {قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} \265\ 3/ 180 {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ (¬3)} فَنِعِمّا هِيَ \271\ 2/ 419،554 {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ} \274\ 2/ 551 - 3/ 89 ¬

(¬1) بفتح الغين، على المرّة: قراءة ابن كثير ونافع وأبى عمرو. (¬2) بالنصب، وبغير تنوين: قراءة ابن كثير وأبى عمرو. (¬3) قرئ بفتح النون وكسرها مع كسر العين.

سورة آل عمران

{وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} \278\ 3/ 151 {وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ} \280\ 1/ 394 {وَاِتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ} \281\ 1/ 6،117 - 2/ 72 - 3/ 167 {وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ} \282\ 1/ 412 {وَاِتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} \282\ 1/ 370 {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اُؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ} \283\ 1/ 412 {وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ} \284\ 1/ 30 {كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ} \285\ 1/ 59،233 سورة آل عمران {وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ} \7\ 2/ 349 {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً} \10\ 3/ 172 {كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ} \11\ 3/ 171 {مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا} \14\ 2/ 69 {وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ} \20\ 1/ 327،403 {فَكَيْفَ إِذا جَمَعْناهُمْ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ} \25\ 1/ 409 {لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} \28\ 1/ 4،414 - 2/ 375،533 {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً} \30\ 3/ 173 {يا مَرْيَمُ أَنّى لَكِ هذا} \37\ 1/ 401 {هُنالِكَ دَعا زَكَرِيّا رَبَّهُ} \38\ 2/ 574،599 - 3/ 154

{آيَتُكَ أَلاّ تُكَلِّمَ النّاسَ ثَلاثَةَ أَيّامٍ إِلاّ رَمْزاً} \41\ 3/ 174 {إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ} \45\ 2/ 417 {قالَتْ رَبِّ أَنّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ} \47\ 2/ 103 {تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلاّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللهَ} \64\ 3/ 175 {إِنَّ أَوْلَى النّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اِتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ} (¬1) \68\ 2/ 431 {وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتابِ وَما هُوَ مِنَ الْكِتابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَما هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ} \78\ 3/ 270 {لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ} \84\ 2/ 435 {لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً} \96\ 1/ 356 - 2/ 615 {وَلِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} \97\ 1/ 393 {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اِسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ} \106\ 1/ 86 - 2/ 10، 119،122، 408 - 3/ 132 {وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتابِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ} \110\ 1/ 82،252 - 2/ 213 (¬2)،385 {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلاّ أَذىً} \111\ 3/ 176 {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ ما ثُقِفُوا إِلاّ بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ وَحَبْلٍ مِنَ النّاسِ} \112\ 2/ 435 ¬

(¬1) وقرئ مع الرفع بالنصب والجرّ. (¬2) وفى هذا الموضع ذكر لقراءة ورش «ولو امن» بحذف الألف وإلقاء حركتها على الساكن قبلها. وهو ما يعرف عند القرّاء بالنقل.

{وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً} \120\ 1/ 125 {وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللهُ} \135\ 3/ 63 {وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} \139\ 3/ 151 {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ} (¬1) \146\ 1/ 160 {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ} \149\ 1/ 416 {إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ} \152\ 1/ 261 {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعاساً يَغْشى طائِفَةً مِنْكُمْ وَطائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ} \154\ 3/ 11 {فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ} \159\ 2/ 142،524، 568،603 {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ} \161\ 1/ 416 {قالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتالاً لاتَّبَعْناكُمْ} \167\ 3/ 7 {الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النّاسُ إِنَّ النّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً} \173\ 2/ 37 {إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ فَلا تَخافُوهُمْ وَخافُونِ} \175\ 1/ 70،287 - 2/ 23 {وَلا يَحْسَبَنَّ (¬2)} الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ \180\ 2/ 36،385، 507 {سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَيُسْئَلُونَ} \181\ 1/ 399 ¬

(¬1) لم يتل ابن الشجرى هذه الآية الكريمة، لكنّ كلامه مصروف إليها. (¬2) قرئ بالياء والتاء.

سورة النساء

{وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاّ مَتاعُ الْغُرُورِ} \185\ 2/ 69 {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ} \186\ 2/ 492 {رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ} \193\ 2/ 616 {لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ. مَتاعٌ قَلِيلٌ} \196،197\ 2/ 60 سورة النساء {رِجالاً كَثِيراً وَنِساءً} \1\ 2/ 212 {فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ} \3\ 1/ 412 {وَلا تَأْكُلُوها إِسْرافاً وَبِداراً أَنْ يَكْبَرُوا} \6\ 3/ 162،163 {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً} \10\ 1/ 415 {فَلَهَا النِّصْفُ} \11\ 1/ 234 {وَاللاّتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ} \15\ 3/ 59 {وَالَّذانِ (¬1)} يَأْتِيانِها \16\ 3/ 56 {لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً} \19\ 1/ 271 {وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ} \21\ 1/ 223،283 {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ} \23\ 1/ 415 {يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ} \28\ 3/ 152 {فَالصّالِحاتُ قانِتاتٌ حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ بِما حَفِظَ اللهُ} (¬2) \34\ 2/ 521 {وَاُهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ وَاِضْرِبُوهُنَّ} \34\ 1/ 411 {يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوّى بِهِمُ الْأَرْضُ} \42\ 3/ 195 ¬

(¬1) قرئ بتخفيف النون وبتشديدها. (¬2) بالنصب: قراءة أبى جعفر يزيد بن القعقاع المدنىّ.

{وَكَفى بِاللهِ وَلِيًّا وَكَفى بِاللهِ نَصِيراً} \45\ 1/ 433 {وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً. اُنْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ} \49،50\ 2/ 166 {كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها} \56\ 2/ 554 {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ} \58\ 2/ 133 {فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ}. \59\ 2/ 119 {بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ} \60\ 2/ 546 «ما فعلوه إلاّ قليلا (¬1) منهم» \66\ 1/ 110 {وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً} \69\ 1/ 266 - 2/ 211 - 3/ 123 {فَانْفِرُوا ثُباتٍ} \71\ 2/ 267 {يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً} \73\ 1/ 427 {وَما لَكُمْ لا تُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ} \75\ 1/ 403 {رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظّالِمِ أَهْلُها} \75\ 3/ 176 {قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اِتَّقى} \77\ 1/ 416 {أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ} \78\ 1/ 416 - 2/ 569 {وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً} \81\ 3/ 221 {وَلَوْلا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ} \83\ 2/ 510 {فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ} \88\ 3/ 7 {فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِياءَ حَتّى يُهاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ} \89\ 3/ 7 ¬

(¬1) بالنصب: قراءة ابن عامر.

الآية\رقمها\رقم الجزء والصفحة {أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ (¬1)} صُدُورُهُمْ أَنْ يُقاتِلُوكُمْ أَوْ يُقاتِلُوا \90\ 2/ 146،275 - {قَوْمَهُمْ} \3/ 12،13 «وكلّ (¬2) وعد الله الحسنى» \95\ 1/ 9،139 - 2/ 72 {أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها} \97\ 1/ 404 {إِنَّ الْكافِرِينَ كانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِيناً} \101\ 2/ 483 {وَلَوْلا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ}. \113\ 2/ 510 {إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاّ إِناثاً} (¬3) \117\ 2/ 187،257 - 3/ 145 {وَعْدَ اللهِ حَقًّا} \122\ 2/ 359 {وَإِنِ اِمْرَأَةٌ خافَتْ} \128\ 2/ 81 - 3/ 129 «أن يصالحا (¬4) بينهما صالحا» \128\ 2/ 395 {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ} \133\ 2/ 273 {أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ} \141\ 2/ 392 {ما يَفْعَلُ اللهُ بِعَذابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ} \147\ 1/ 180 - 2/ 117 {لا يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ} \148\ 2/ 532 {فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنّاهُمْ} \155\ 2/ 434،524،568 {ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اِتِّباعَ الظَّنِّ} \157\ 1/ 110 {وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً} \158\ 2/ 482 ¬

(¬1) وقرأ الحسن ويعقوب: حصرة صدورهم. (¬2) بالرفع قراءة ابن عامر. (¬3) وقرأ عطاء بن أبى رباح: إلاّ أثنا. (¬4) بالتشديد: قراءة ابن كثير ونافع وابن عامر وأبى عمرو.

سورة المائدة

{وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلاّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ} \159\ 3/ 145 {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ} \160\ 1/ 74 - 2/ 484 {لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ كَثِيراً} {وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ} \162\ 2/ 102 {وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً} \164\ 3/ 36 {لكِنِ اللهُ يَشْهَدُ بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ} \166\ 2/ 563 {وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ اِنْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ} \171\ 2/ 99 {يا أَيُّهَا النّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً. فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَاِعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ} \174،175\ 2/ 11 {إِنِ اِمْرُؤٌ هَلَكَ} \176\ 1/ 48 - 2/ 81 - 3/ 129 {يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا} \176\ 3/ 160،161 سورة المائدة {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ} \2\ 3/ 162 {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} \3\ 1/ 415 {فَكُلُوا مِمّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} \4\ 1/ 411 - 2/ 28 {كُونُوا قَوّامِينَ لِلّهِ} \8\ 1/ 410 {فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ} \13\ 2/ 434،524،568 {يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ} \19\ 3/ 160 {اُدْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ} \21\ 2/ 71 {مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ} \32\ 2/ 379،484 {وَالسّارِقُ وَالسّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما} \38\ 1/ 18،136

{فَمَنْ تابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ} \39\ 3/ 201 {وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ} \48\ 3/ 122 {لَوْلا يَنْهاهُمُ الرَّبّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ} \63\ 2/ 509 {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصّابِئُونَ وَالنَّصارى} \69\ 3/ 176 {وَحَسِبُوا أَلاّ تَكُونَ (¬1)} فِتْنَةٌ \71\ 1/ 385 - 3/ 158 {ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ} \71\ 1/ 201 {إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} \89\ 3/ 70 {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} \91\ 1/ 402 {لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} \95\ 1/ 411 {هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ} \95\ 3/ 17 {ما جَعَلَ اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حامٍ} \103\ 2/ 541 {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} \105\ 1/ 74 {عَلاّمُ الْغُيُوبِ} \109\ 2/ 346 {وَإِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى اِبْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنّاسِ اِتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ. . .} الآيات \116 - 118\ 1/ 66،404 - 2/ 34، 453،549 - 3/ 152 ¬

(¬1) يقرأ برفع النون ونصبها.

سورة الأنعام

{هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصّادِقِينَ صِدْقُهُمْ} \119\ 1/ 66،69 - 2/ 385 سورة الأنعام {أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنّاهُمْ فِي الْأَرْضِ ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ} \6\ 2/ 477 - 3/ 144 {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} \14\ 2/ 125 {أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللهِ آلِهَةً أُخْرى} \19\ 2/ 349 {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ (¬1)} إِلاّ أَنْ قالُوا \23\ 1/ 196 {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ} \25\ 2/ 41 - 3/ 63 {وَلَوْ (¬2)} رُدُّوا لَعادُوا \28\ 2/ 42،43 {قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللهِ} \40،47\ 2/ 3،13 {بِالْغَداةِ (¬3)} وَالْعَشِيِّ \52\ 2/ 579 {وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} \55\ 3/ 179 «يقضى (¬4) الحقّ» \57\ 2/ 153 {مِنَ الْقَوْمِ} \77\ 2/ 378 {وَلا تَخافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللهِ} \81\ 1/ 387 3/ 159 ¬

(¬1) بفتح التاء: قراءة نافع وأبى عمرو وعاصم، فى رواية أبى بكر شعبة بن عيّاش. (¬2) بكسر الراء: قراءة يحيى بن وثاب والأعمش. (¬3) قراءة ابن عامر. وانظر المواضع الآتية فى سورة الكهف 28. (¬4) قراءة أبى عمرو وحمزة والكسائى وابن عامر. وقراءة الباقين يَقُصُّ.

{قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً} \90\ 2/ 532،534 {وَلَوْ تَرى إِذِ الظّالِمُونَ فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ} \93\ 1/ 35 {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} (¬1) \94\ 1/ 69 - 2/ 591 {فَمُسْتَقَرٌّ (¬2)} وَمُسْتَوْدَعٌ \98\ 3/ 119 {وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنا مِنْهُ خَضِراً نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَراكِباً وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِها قِنْوانٌ دانِيَةٌ وَجَنّاتٍ (¬3)} مِنْ أَعْنابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ اُنْظُرُوا إِلى ثَمَرِهِ \99\ 1/ 295 - 3/ 180 {فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ} \125\ 3/ 88 {وَهذا صِراطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً} \126\ 3/ 9،22 {لَهُمْ دارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ} \127\ 1/ 24،82 {وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمّا يَعْمَلُونَ} \132\ 1/ 330 - 2/ 546،555 {إِنَّ ما تُوعَدُونَ لَآتٍ} \134\ 2/ 549 {عَنِ الْقَوْمِ} \147\ 2/ 379 {ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا} \139\ 3/ 31 {قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ. . .} الآية\145\ 1/ 72 ¬

(¬1) قرئ بنصب النون ورفعها. (¬2) بكسر القاف قراءة ابن كثير وأبى عمرو. (¬3) قرئ بالرفع والنصب.

سورة الأعراف

{هَلُمَّ شُهَداءَكُمُ} \150\ 2/ 389 {قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً} \151\ 1/ 71 {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ} \151\ 2/ 112،379، 466،484 - 3/ 225 {وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاّ بِالْحَقِّ} \151\ 1/ 414 {لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} \152\ 1/ 76 - 2/ 519 {تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ} (¬1) \154\ 1/ 112 - 2/ 550 - 3/ 43،220 {مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها} \160\ 3/ 202 {دِيناً قِيَماً (¬2)} مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً \161\ 1/ 25 - 3/ 98 {مَحْيايَ (¬3)} وَمَماتِي \162\ 2/ 59 سورة الأعراف {ما مَنَعَكَ أَلاّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} \12\ 1/ 73 - 2/ 541 {ما وُورِيَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما} \20\ 2/ 188 {وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ} \22\ 1/ 92 - 3/ 119 {قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا} \23\ 1/ 16،2/ 496 {قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ} \26\ 1/ 393 ¬

(¬1) بالرفع قراءة يحيى بن يعمر. (¬2) بفتح القاف وتشديد الياء: قراءة ابن كثير ونافع وأبى عمرو. (¬3) بسكون الياء: قراءة نافع برواية قالون. وقرأ بها أيضا أبو جعفر.

{قُلْ إِنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ} \28\ 2/ 133 {أَمَرَ رَبِّي (¬1)} بِالْقِسْطِ \29\ 1/ 151 {كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ. فَرِيقاً (¬2)} هَدى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ \29،30\ 2/ 86 {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً (¬3)} يَوْمَ الْقِيامَةِ \32\ 3/ 14 {حَتّى إِذَا اِدّارَكُوا فِيها جَمِيعاً قالَتْ أُخْراهُمْ لِأُولاهُمْ} \38\ 2/ 457 - 3/ 182 {قالَتْ أُولاهُمْ لِأُخْراهُمْ} \39\ 1/ 43 {الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا} \43\ 2/ 615 {وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظّالِمِينَ} \44\ 1/ 67 - 2/ 535 - 3/ 155 {وَنادى أَصْحابُ النّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ} \50\ 2/ 34،453 {إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} \56\ 1/ 346 - 2/ 588 {وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلاّ نَكِداً} \58\ 1/ 297 ¬

(¬1) بالإدغام، قراءة أبى عمرو. (¬2) وقرأ أبىّ بن كعب: تعودون فريقين فريقا هدى. (¬3) وقرأ نافع خالِصَةً بالرفع.

{وَأَنْصَحُ لَكُمْ} \62\ 2/ 129 {هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً} \73\ 1/ 257 - 3/ 6،98 {قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اِسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اُسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ} \75\ 2/ 94 {ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ} \80\ 2/ 6 {وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً} \85\ 2/ 67 {وَاُذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ} \86\ 1/ 268 {وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ} \102\ 2/ 564 - 3/ 147 «يريد أن يخرجكم من (¬1) رضكم» \110\ 2/ 213 {إِنَّ هذا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ} \123\ 2/ 495 {قالُوا أُوذِينا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا وَمِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا} \129\ 2/ 75 - 3/ 153،211 {مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنا بِها فَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ} \132\ 2/ 571 {قالُوا يا مُوسَى اِجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} \138\ 1/ 39 - 2/ 550 {وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ} \142\ 3/ 27 {وَلكِنِ (¬2)} اُنْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ \143\ 2/ 378 {فَخُذْ ما آتَيْتُكَ} \144\ 2/ 558 {وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً} \146\ 3/ 180 ¬

(¬1) قراءة ورش، بحذف الألف وإلقاء حركتها على الساكن قبلها، وهو ما يعرف عند القرّاء بالنّقل. (¬2) بضم النون: قراءة غير أبى عمرو وعاصم وحمزة ويعقوب.

سورة الأنفال

{وَلَمّا رَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً} \150\ 1/ 245 {هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ} \154\ 2/ 468 {وَاِخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً} \155\ 1/ 285 - 2/ 23،131 {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنّا كُنّا عَنْ هذا غافِلِينَ} \172\ 2/ 116،535 - 3/ 160 {وَاُتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا} \175\ 1/ 140 {ساءَ مَثَلاً الْقَوْمُ} \177\ 3/ 182 {إِنْ هُوَ إِلاّ نَذِيرٌ مُبِينٌ} \184\ 3/ 144 {مَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلا هادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ (¬1)} \186\ 1/ 428 {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ} \194\ 1/ 81 {خُذِ الْعَفْوَ} \199\ 2/ 375 سورة الأنفال {يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ. . .} الآيات \1 - 4\ 1/ 131 {كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ} \5\ 1/ 131 - 3/ 183 {وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ} \7\ 3/ 195 {يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ} \24\ 3/ 25 {وَإِذْ قالُوا اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً} \32\ 2/ 340 {نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ} \48\ 3/ 203 ¬

(¬1) بسكون الراء: قراءة حمزة والكسائى.

سورة التوبة

{فَإِمّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ} \57\ 3/ 127 {وَإِمّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً} \58\ 2/ 569 - 3/ 127 سورة التوبة {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اِسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ} \6\ 2/ 81 - 3/ 128،129 {فَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} \13\ 3/ 151 {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ} \25\ 1/ 272 {وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ} \25\ 2/ 556 {قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ} \29\ 1/ 410 {وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ (¬1)} اِبْنُ اللهِ \30\ 2/ 161 {قاتَلَهُمُ اللهُ} \30\ 2/ 146 - 3/ 13 {وَيَأْبَى اللهُ إِلاّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ} \32\ 1/ 208،391 {يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ} \35\ 1/ 223 {هذا ما كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ} \35\ 1/ 81 {أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ} \38\ 1/ 55 - 2/ 273 {لَوِ اِسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَكُمْ} \42\ 2/ 377 {فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ} \55\ 1/ 225 {وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ} \62\ 2/ 20،45 - 3/ 113 ¬

(¬1) وقرئ عُزَيْرٌ بحذف التنوين.

سورة يونس

{نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ} \67\ 1/ 129،189 - 2/ 323 {فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاقِكُمْ كَمَا اِسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خاضُوا} \69\ 3/ 57،270 {يَحْلِفُونَ بِاللهِ ما قالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا} \74\ 2/ 144،525 {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلاّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ} \79\ 3/ 187 {إِذا نَصَحُوا لِلّهِ وَرَسُولِهِ} \91\ 2/ 129 {خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً} \102\ 1/ 101 {إِمّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ} \106\ 3/ 125 {لا يَزالُ بُنْيانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ} \110\ 1/ 140 {ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} \113\ 1/ 415 {فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ} \122\ 2/ 509 {عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ} \128\ 1/ 224 - 3/ 220 سورة يونس {أَكانَ لِلنّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنا} \2\ 3/ 152 {أَفَلا تَذَكَّرُونَ} \3\ 1/ 403 {وَعْدَ اللهِ حَقًّا} \4\ 2/ 359 {وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ} \10\ 2/ 177 - 3/ 155

{وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ لِلنّاسِ الشَّرَّ اِسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ} \11\ 3/ 188 {حَتّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ} \22\ 1/ 177 {فَزَيَّلْنا (¬1)} بَيْنَهُمْ \28\ 3/ 189 {قُلِ اللهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ} \35\ 1/ 31 - 2/ 256،616 {قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ} \38\ 1/ 267،413 {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ} \42\ 2/ 41 - 3/ 63 {أَثُمَّ إِذا ما وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ آلْآنَ وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ} \51\ 2/ 476 «فبذلك فلتفرحوا (¬2)» \58\ 2/ 355،522 {لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللهِ} \64\ 1/ 415 {إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بِهذا} \68\ 1/ 391 - 2/ 42 477 - 3/ 144 {ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ (¬3)} \81\ 2/ 549،550 {وَلا تَتَّبِعانِّ (¬4)} سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ \89\ 2/ 491،534 {حَتّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ. آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ} \90،91\ 2/ 476 {فَلَوْلا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلاّ قَوْمَ يُونُسَ} \98\ 2/ 513 {فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلاّ مِثْلَ أَيّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ} \102\ 2/ 431 ¬

(¬1) وقرئ: «فزايلنا». (¬2) قراءة أبىّ ورويس عن يعقوب. (¬3) وقرأ أبو عمرو: «آلسّحر» على الاستفهام. وقرأ ابن مسعود: «ما جئتم به سحر». (¬4) وقرأ ابن عامر بتخفيف النون.

سورة هود

{ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا كَذلِكَ حَقًّا عَلَيْنا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ} \103\ 2/ 431 سورة هود {أَمْ يَقُولُونَ اِفْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ} \13\ 1/ 267،413 {أَنُلْزِمُكُمُوها} \28\ 1/ 308 {وَلا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ} \31\ 1/ 101 {وَنادى نُوحٌ اِبْنَهُ} \42\ 3/ 115 {يا أَرْضُ اِبْلَعِي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقْلِعِي} \44\ 2/ 367 {إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ} \46\ 1/ 106 {يا نُوحُ اِهْبِطْ} \48\ 2/ 159،367 {يا قَوْمِ اِسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ} \52\ 2/ 411 {وَيا قَوْمِ هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً} \64\ 1/ 257 - 2/ 415 {وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ} (¬1) \66\ 1/ 68 - 2/ 602 {وَهذا بَعْلِي شَيْخاً} (¬2) \72\ 3/ 9،10 {يا لُوطُ إِنّا رُسُلُ رَبِّكَ} \81\ 2/ 367 {وَيا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي} \89\ 2/ 202 {يا شُعَيْبُ ما نَفْقَهُ كَثِيراً مِمّا تَقُولُ} \91\ 2/ 367 {يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ} \105\ 2/ 290 {خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ} \107،108\ 1/ 284 - 2/ 29 ¬

(¬1) قرئ بفتح الميم وكسرها. (¬2) وفى مصحف ابن مسعود: شيخ.

سورة يوسف

{ما يَعْبُدُونَ إِلاّ كَما يَعْبُدُ آباؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ} \109\ 1/ 67 - 2/ 34، 453 {وَإِنَّ (¬1)} كُلاًّ لَمّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمالَهُمْ \111\ 2/ 177،563 - 3/ 147 {فَلَوْلا كانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ إِلاّ قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنا مِنْهُمْ} \116\ 2/ 513 {وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمّا تَعْمَلُونَ} \123\ 1/ 330 - 2/ 555 سورة يوسف {إِنّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا} \2\ 3/ 223 {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ} \3\ 3/ 114 {وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ} \3\ 3/ 147 {إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ} \4\ 1/ 203 - 2/ 49،415، 426 «أرسله معنا غدا نرتع (¬2) ونلعب» \12\ 1/ 181،428 {وَأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ} \13\ 1/ 385 - 3/ 158،196 ¬

(¬1) بتخفيف النون قراءة ابن كثير ونافع، وعاصم فى رواية أبى بكر. أمّا ميم لَمّا فقد خففها ابن كثير ونافع، وشدّدها عاصم. (¬2) بالنون: قراءة أبى عمرو وابن عامر.

{وَجاؤُ عَلى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ} \18\ 1/ 106 {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ} \18\ 2/ 60 {يا بُشْرى (¬1)} هذا غُلامٌ \19\ 1/ 429 {هَيْتَ لَكَ} \23\ 2/ 432 {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا} \29\ 2/ 341،409 {وَقالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ} \30\ 2/ 417 {وَقالَتِ (¬2)} اُخْرُجْ عَلَيْهِنَّ \31\ 2/ 378 {ما هذا بَشَراً} \31\ 2/ 556 {لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِنَ الصّاغِرِينَ} \32\ 2/ 489 {ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ} \35\ 2/ 37 {إِنِّي أَرى سَبْعَ بَقَراتٍ سِمانٍ}. . . {وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ} \43\ 1/ 59 {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ} \43\ 2/ 468 {وَقالَ الَّذِي نَجا مِنْهُما وَاِدَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ. يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ} \45،46\ 1/ 231 - 2/ 39،124 {لَقَدْ عَلِمْتُمْ ما جِئْنا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ} \73\ 1/ 388 «ثم استخرجها من إعاء (¬3) أخيه» \76\ 2/ 189 {فَلَمَّا اِسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا} \80\ 1/ 266 - 2/ 211 - 3/ 123 ¬

(¬1) قراءة شاذّة. (¬2) بضم التاء: قراءة ابن كثير والكسائى ونافع وابن عامر. (¬3) قراءة سعيد بن جبير.

سورة الرعد

{وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنّا فِيها وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها} \82\ 1/ 78،101 - 2/ 22،67،558 - 3/ 93،271 {قالُوا تَاللهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتّى تَكُونَ حَرَضاً} \85\ 2/ 140 {لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرّاحِمِينَ} \92\ 1/ 395 - 2/ 150،528 {فَلَمّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ} \96\ 3/ 159 {يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ} \100\ 1/ 74 - 2/ 415 - 3/ 192 {فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي} \101\ 2/ 318،409 {قُلْ هذِهِ سَبِيلِي} \108\ 3/ 180 {وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ} \109\ 2/ 68 سورة الرعد {إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ} \7\ 2/ 549،560 {يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ} \11\ 2/ 613 {وَيُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ} \12\ 1/ 123 - 2/ 47، 352 - 3/ 29،94 {وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ. سَلامٌ} \23،24\ 1/ 86 - 2/ 10، {عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ (¬1)} عُقْبَى الدّارِ \\408،419 ¬

(¬1) بفتح النون وسكون العين: قراءة يحيى بن وثّاب.

سورة إبراهيم

{وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى بَلْ لِلّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً} \31\ 1/ 81 - 2/ 120 {كَفى بِاللهِ} \43\ 1/ 130،310 {وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ} \43\ 3/ 14 سورة إبراهيم {وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً} \3\ 1/ 287 - 2/ 90 {لِكُلِّ صَبّارٍ شَكُورٍ} \5\ 2/ 346 {فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ} \9\ 2/ 607 {سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا} \21\ 1/ 361،406 - 3/ 107 {قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ} \31\ 2/ 477 {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النّاسِ} \36\ 2/ 73 {وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ} \43\ 2/ 251 {وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ} \46\ 1/ 69 {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ} \48\ 2/ 66 {هذا بَلاغٌ لِلنّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ} \52\ 2/ 61 سورة الحجر {رُبَما (¬1)} يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ \2\ 2/ 180،565 - 3/ 49 ¬

(¬1) قرأ بتخفيف الباء عاصم ونافع، وباقى السبعة بالتشديد.

سورة النحل

{ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا} \3\ 1/ 412،428 {وَقالُوا يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ} \6\ 2/ 142،144، 524 {لَوْ ما تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ} \7\ 1/ 425 - 2/ 568 {إِنّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنّا لَهُ لَحافِظُونَ} \9\ 1/ 129 {فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ} \30\ 2/ 417 {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنّاتٍ وَعُيُونٍ. اُدْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ. وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً} \45 - 47\ 3/ 190 {فَبِمَ تُبَشِّرُونَ} (¬1) \54\ 2/ 520،546 {جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ} \91\ 2/ 279 {فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ} \94\ 2/ 557 {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} \98\ 1/ 96 سورة النحل {وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً} \8\ 1/ 94 {شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ} \10\ 1/ 123 {وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ} \15\ 3/ 160 {أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ} \21\ 1/ 351 {وَإِذا قِيلَ لَهُمْ ماذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ} \24\ 2/ 444 - 3/ 54 {وَقِيلَ لِلَّذِينَ اِتَّقَوْا ماذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً} \30\ 2/ 444 - 3/ 54 ¬

(¬1) انظر قراءاتها.

سورة الإسراء

{وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ} \30\ 2/ 68 {يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ} \48\ 2/ 38 {وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ} \53\ 2/ 551 {ما تَرَكَ عَلَيْها مِنْ دَابَّةٍ} \61\ 2/ 491،503 {لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النّارَ} \62\ 2/ 529 {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمّا فِي بُطُونِهِ} \66\ 3/ 95 {وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ} \68\ 2/ 255 {أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ} \72\ 1/ 403،404 {وَمَنْ رَزَقْناهُ مِنّا رِزْقاً حَسَناً} \75\ 1/ 141 {وَما أَمْرُ السّاعَةِ إِلاّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ} \77\ 3/ 78 {وَجَعَلَ لَكُمْ سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ} \81\ 2/ 218 {فَكُلُوا مِمّا رَزَقَكُمُ اللهُ} \114\ 2/ 559 {إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ} \115\ 2/ 561 {وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ} \127\ 2/ 167 سورة الإسراء {عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ} \8\ 3/ 153 {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْناهُ تَفْصِيلاً} \12\ 2/ 86 {فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ} \23\ 2/ 176 {وَاِخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ} \24\ 1/ 342 {وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاّ بِالْحَقِّ} \33\ 1/ 414

{إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً} \36\ 1/ 103 {أَإِذا كُنّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً} \49\ 1/ 96 {قُلْ كُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِيداً أَوْ خَلْقاً مِمّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُسَهُمْ} \50،51\ 1/ 96،413 {يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاّ قَلِيلاً} \52\ 1/ 95 - 3/ 145 {وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} \53\ 2/ 477 {وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ} \55\ 1/ 380 {الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ} \57\ 3/ 43 {وَنُخَوِّفُهُمْ فَما يَزِيدُهُمْ إِلاّ طُغْياناً} \60\ 1/ 251 {أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ} \62\ 1/ 8 {وَاِسْتَفْزِزْ مَنِ اِسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ وَعِدْهُمْ} \64\ 1/ 375،411، 412 {وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ} \73\ 3/ 147 {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} \78\ 1/ 410 - 2/ 616 {وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ} \80\ 2/ 325 {قُلْ لَئِنِ اِجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ}

سورة الكهف

{هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً} \88\ 1/ 268،413 {أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ} \91\ 3/ 181 {كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً} \97\ 2/ 554 {يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً} \107\ 2/ 616 {إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولاً} \108\ 3/ 147 {أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى} \110\ 2/ 568 - 3/ 39،62 سورة الكهف {لَدُنْهُ} (¬1) \2\ 1/ 340 {إِنْ يَقُولُونَ إِلاّ كَذِباً} \5\ 3/ 144 {لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى} \12\ 3/ 39 {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ} \13\ 3/ 114 {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هذِهِ} \19\ 1/ 158 {وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ} \25\ 2/ 210 {وَاِصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ (¬2)} وَالْعَشِيِّ \28\ 1/ 216،220 - 2/ 552، 579 {فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ} \29\ 1/ 411 ¬

(¬1) بإسكان الدال مع إشمامها الضمّ: قراءة عاصم، من رواية أبى بكر. (¬2) وقرأ ابن عامر: بِالْغَداةِ.

{وَيَلْبَسُونَ ثِياباً خُضْراً مِنْ سُنْدُسٍ} \31\ 2/ 378 {كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها} \33\ 1/ 291 {إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالاً وَوَلَداً} \39\ 1/ 162 {هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلّهِ الْحَقِّ} \44\ 1/ 168 - 2/ 574 - 3/ 154 {الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ (¬1)} الْحَياةِ الدُّنْيا \46\ 2/ 46 {وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً} \49\ 1/ 81 {بِئْسَ لِلظّالِمِينَ بَدَلاً} \50\ 1/ 92 - 2/ 422 {ذلِكَ ما كُنّا نَبْغِ} \64\ 2/ 151،290 {وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنّا عِلْماً} \65\ 1/ 335 {قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً} \76\ 1/ 335،338 {هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ} \78\ 2/ 591 {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ. . . .} الآيات \79،80، 82\ 2/ 11 - 3/ 131 {وَأَقْرَبَ رُحْماً} \81\ 2/ 589 {إِمّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً} \86\ 3/ 125 {الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً} \101\ 1/ 96 {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً} \103\ 3/ 105 {وَهُمْ يَحْسَبُونَ (¬2)} أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً \104\ 3/ 192 {كانَتْ لَهُمْ جَنّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً} \107\ 2/ 219 ¬

(¬1) وقرئ فى الشواذّ: زينتا. (¬2) بكسر السين: قراءة غير ابن عامر وعاصم وحمزة وأبى جعفر.

سورة مريم

سورة مريم {وَاِشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً} \4\ 1/ 343 {كَذلِكِ قالَ رَبُّكِ} \21\ 2/ 354 {فَإِمّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً} \26\ 2/ 489 - 3/ 127 {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ} \39\ 3/ 173 {يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ} \42\ 2/ 415 {يا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ ما لَمْ يَأْتِكَ} \43\ 2/ 341 {يا أَبَتِ (¬1)} لا تَعْبُدِ الشَّيْطانَ \44\ 2/ 296،341 {وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا} \62\ 2/ 579 {ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ (¬2)} أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا \69\ 3/ 41،42، 43،191 {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاّ وارِدُها} \71\ 3/ 145 {وَأَحْسَنُ نَدِيًّا} \73\ 1/ 378 {قُلْ مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا حَتّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذابَ وَإِمَّا السّاعَةَ} \75\ 1/ 412 - 3/ 126 {وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً} \95\ 1/ 59 - 2/ 350 {هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً} \98\ 1/ 229،380 - 3/ 79 ¬

(¬1) قرأ بفتح التاء ابن عامر وأبو جعفر. (¬2) قرأها هارون الأعور: أَيُّهُمْ بالنصب.

سورة طه

سورة طه {إِنِّي أَنَا رَبُّكَ} \12\ 2/ 179 {إِنَّنِي أَنَا اللهُ لا إِلهَ إِلاّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} \14\ 2/ 179،617 {وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى} \17\ 2/ 443،545 {قالَ هِيَ عَصايَ (¬1)} \18\ 1/ 429 - 2/ 245 {وَلا تَنِيا فِي ذِكْرِي} \42\ 1/ 155،341 {اِذْهَبا إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى. فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى} \43،44\ 1/ 76 - 3/ 73 {فَاجْعَلْ بَيْنَنا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ مَكاناً سُوىً} \58\ 1/ 359 {لا تَفْتَرُوا عَلَى اللهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ} (¬2) \61\ 3/ 209 {هذانِ} (¬3) \63\ 3/ 56 {إِمّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقى} \65\ 3/ 125 {فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى} \67\ 1/ 89 - 3/ 115،233 {إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ} \69\ 2/ 549 {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا أَشَدُّ عَذاباً} \71\ 2/ 606 - 3/ 39،42،191 ¬

(¬1) وقرئ فى الشواذّ: عصىّ. (¬2) بفتح الياء: قراءة ابن كثير ونافع وعاصم فى رواية أبى بكر، وأبى عمرو وابن عامر. (¬3) قرئ بتخفيف النون وتشديدها.

سورة الأنبياء

{فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ} \72\ 1/ 8 {أَفَلا يَرَوْنَ أَلاّ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً} \89\ 1/ 384 - \\3/ 156 {يَا بْنَ أُمَّ} (¬1) \94\ 2/ 295 {فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ أَنْ تَقُولَ لا مِساسَ} (¬2) \97\ 2/ 356 {وَاُنْظُرْ إِلى إِلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ (¬3)} عَلَيْهِ عاكِفاً \97\ 1/ 146 - 2/ 172 {إِنَّما إِلهُكُمُ اللهُ} \98\ 2/ 559 {لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً} \113\ 3/ 73 {وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ} \116\ 2/ 323 {وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ} \121\ 1/ 92 - 3/ 115 {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاِصْطَبِرْ عَلَيْها لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ} \132\ 2/ 200 - 3/ 114 سورة الأنبياء {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} \3\ 1/ 202 {وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً} \32\ 2/ 472 - 3/ 94 {وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ} \47\ 2/ 617 {وَتَاللهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ} \57\ 2/ 434 ¬

(¬1) وقرئ: «يا ابن أمّ». (¬2) بفتح الميم وكسر السين: قراءة أبى حيوة. (¬3) بكسر الظاء: قراءة.

سورة الحج

{وَإِقامَ الصَّلاةِ} \73\ 2/ 187 - 3/ 36 {وَنَصَرْناهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا} \77\ 2/ 613 {وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ} \78\ 3/ 205 {وَمِنَ الشَّياطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ} \82\ 2/ 41 - 3/ 63 «وكذلك نجي (¬1) المؤمنين» \88\ 2/ 517 {فَلا كُفْرانَ لِسَعْيِهِ} \94\ 2/ 106 {وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ} \95\ 2/ 541 {وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ} \96\ 1/ 163 {فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا} \97\ 1/ 92 سورة الحج {ثانِيَ عِطْفِهِ} \9\ 1/ 107 {يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَضُرُّهُ وَما لا يَنْفَعُهُ}. {يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ} \12،13\ 2/ 439 {لَبِئْسَ الْمَوْلى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ} \13\ 1/ 348 {وَمَنْ يُهِنِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ} (¬2) \18\ 1/ 319 {سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ} \25\ 1/ 360 {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} \29\ 1/ 410 {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ} \30\ 2/ 378 ¬

(¬1) بنون واحدة وتشديد الجيم: قراءة عاصم، فى رواية أبى بكر شعبة بن عياش. (¬2) بفتح الراء: قراءة شاذة.

سورة المؤمنون

«فاذكروا اسم الله عليها صوافن» (¬1) \36\ 1/ 85 {فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَكُلُوا مِنْها} \36\ 1/ 411 {وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النّاسَ} \40\ 2/ 89،111 {فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ} \46\ 3/ 117 {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً} \63\ 2/ 184 {يا أَيُّهَا النّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ} \73\ 2/ 412 {وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ} \73\ 1/ 25 {هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} \78\ 1/ 84 سورة المؤمنون «قد فلح (¬2) المؤمنون» \1\ 2/ 200،213 {وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً مُبارَكاً} \29\ 1/ 63،319 {عَمّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ} \40\ 2/ 568،603 {مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامِراً تَهْجُرُونَ} \67\ 3/ 117 {رَبِّ اِرْجِعُونِ} \99\ 3/ 114 سورة النور {سُورَةٌ أَنْزَلْناها} \1\ 2/ 61 «فشهادة أحدهم أرباع (¬3) شهادات بالله» \6\ 3/ 27 {لَوْلا جاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ} \13\ 1/ 426 - 2/ 509 - 3/ 27 ¬

(¬1) قراءة فى صَوافَّ. (¬2) بحذف الألف وإلقاء حركتها على الساكن قبلها: قراءة ورش، وهو المعروف عند القرّاء بالنّقل. (¬3) بفتح العين: قراءة ابن كثير وأبى عمرو وابن عامر، وعاصم فى رواية أبى بكر.

سورة الفرقان

{يَعِظُكُمُ اللهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً} \17\ 1/ 393 {أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ} \22\ 1/ 402 {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ} \30\ 2/ 28،477 {وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ} \31\ 2/ 412 {مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ} \35\ 3/ 89 {وَإِقامِ الصَّلاةِ} \37\ 2/ 187 - 3/ 36 {كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ} \39\ 3/ 31 {إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا} \51\ 1/ 394 {وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ} \60\ 3/ 212 {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ. . .} الآية\61\ 1/ 394 {فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً} \61\ 2/ 222 {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَإِذا كانُوا مَعَهُ عَلى أَمْرٍ جامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتّى يَسْتَأْذِنُوهُ} \62\ 1/ 394 {يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِواذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} \63\ 1/ 224،283 - 2/ 154 سورة الفرقان {أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبادِي هؤُلاءِ} \17\ 1/ 404 {وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً} \23\ 1/ 342 {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظّالِمُ عَلى يَدَيْهِ} \27\ 1/ 75

سورة الشعراء

{فَقُلْنَا اِذْهَبا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَدَمَّرْناهُمْ.} {وَقَوْمَ نُوحٍ لَمّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْناهُمْ}. {وَعاداً وَثَمُودَ وَأَصْحابَ الرَّسِّ وَقُرُوناً بَيْنَ ذلِكَ كَثِيراً. وَكُلاًّ ضَرَبْنا لَهُ الْأَمْثالَ وَكُلاًّ تَبَّرْنا تَتْبِيراً} \36 - 39\ 2/ 90 {أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللهُ رَسُولاً} \41\ 1/ 5،25 - 2/ 71،558 {أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ} \45\ 1/ 403 - 2/ 436 {وَأَناسِيَّ كَثِيراً} \49\ 3/ 34 {الرَّحْمنُ فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً} \59\ 1/ 425 - 2/ 543،614 {إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً} \65\ 2/ 476 {وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً} \67\ 1/ 135 - 2/ 435 {وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً} \68\ 3/ 62 {قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً} \77\ 1/ 77 سورة الشعراء {فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ} \4\ 1/ 241 {وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّها عَلَيَّ} \22\ 1/ 407 {قالَ فِرْعَوْنُ وَما رَبُّ الْعالَمِينَ. . .} الآيات \23 - 31\ 1/ 402 2/ 145،548

سورة النمل

{رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} \28\ 1/ 121 «يريد أن يخرجكم من (¬1) رضكم» \35\ 2/ 213 {إِنّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنا رَبُّنا خَطايانا أَنْ كُنّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ} \51\ 3/ 162 {فَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنِ اِضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ} \63\ 2/ 123 {هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ. أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ} \72،73\ 1/ 80 - 3/ 79 {وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي} \82\ 1/ 385 - 3/ 158 {فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} \102\ 1/ 427 {أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاِتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ} \111\ 2/ 146 - 3/ 13 {فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} \119\ 2/ 311 {وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكاذِبِينَ} \186\ 2/ 564 - 3/ 147 {وَلَوْ نَزَّلْناهُ عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ} \198\ 3/ 33 {وَأَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ. وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ} \223، 224\ 2/ 85،87 سورة النمل {مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ} \6\ 1/ 338 - 2/ 583 {إِنَّهُ أَنَا اللهُ} \9\ 1/ 92،280 - 3/ 117 ¬

(¬1) انظر الآية 110 من سورة الأعراف، فى موضعها من كتابنا.

سورة القصص

{فَلَمّا جاءَتْهُمْ آياتُنا مُبْصِرَةً قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ وَجَحَدُوا بِها وَاِسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا} \13،14\ 1/ 391 {يا أَيُّهَا النَّمْلُ اُدْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ} \18\ 1/ 203 - 2/ 49،427 «ألا (¬1) يا اسجدوا لله» \25\ 2/ 69،410 {وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنا مَكْراً} \50\ 1/ 69 {فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً} \52\ 3/ 9 {بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} \55\ 3/ 223 {فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاّ أَنْ قالُوا} \56\ 3/ 152 {قُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اِصْطَفى} \59\ 1/ 98 - 2/ 71 {إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ} \80\ 1/ 408 {أَكَذَّبْتُمْ بِآياتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِها عِلْماً} \84\ 1/ 403 {وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ} \87\ 1/ 59 - 2/ 350 {صُنْعَ اللهِ} \88\ 2/ 359 سورة القصص {إِنّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} \7\ 1/ 305 {إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} \24\ 2/ 372 {هاتَيْنِ} (¬2) \27\ 3/ 56 {فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ} \27\ 2/ 582 ¬

(¬1) بتخفيف اللام: قراءة الكسائى وأبى جعفر، ورويس عن يعقوب. (¬2) قرئ بتخفيف النون وتشديدها.

سورة العنكبوت

{أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوانَ عَلَيَّ} \28\ 3/ 39 {فَذانِكَ} (¬1) \32\ 3/ 56 {فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي} \34\ 1/ 357 {وَما كُنْتَ ثاوِياً فِي أَهْلِ مَدْيَنَ} \45\ 2/ 67،248 {وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ} \77\ 1/ 74 - 3/ 192 {وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ} \78\ 1/ 89 {وَيْكَأَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلا أَنْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنا لَخَسَفَ بِنا وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ} \82\ 2/ 182،183 سورة العنكبوت {وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ} \12\ 2/ 354 - 3/ 175 {وَاُشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} \17\ 2/ 126 {فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاّ أَنْ قالُوا} \24،29\ 3/ 152 {ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ} \28\ 2/ 6 {إِنّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ} \33\ 1/ 304 - 2/ 104 {أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ} \67\ 1/ 404 {أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ} 68\ 1/ 404 سورة الروم {وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ. فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ (¬2)} ¬

(¬1) قرئ بتخفيف النون وتشديدها. (¬2) وقرأ بتنوين «قبل وبعد» أبو السّمّال.

سورة لقمان

{وَمِنْ بَعْدُ} \3،4\ 2/ 75،595 - 3/ 203 {وَمِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ} \24\ 3/ 224 {وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} \27\ 2/ 101 {فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللهُ} \29\ 1/ 408 {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ (¬1)} \36\ 1/ 214 - 2/ 600 {وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ} \39\ 1/ 177 {اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ} \54\ 1/ 351 {وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ (¬2)} الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ \60\ 1/ 305 سورة لقمان {وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ أَنِ اُشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ} \14\ 2/ 129،607 {وَلَوْ أَنَّما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ} \27\ 3/ 11 {بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} \34\ 3/ 45 سورة السجدة {الم. تَنْزِيلُ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ أَمْ يَقُولُونَ اِفْتَراهُ} \1 - 3\ 3/ 109 ¬

(¬1) وقرأ بكسر النون أبو عمرو والكسائى. (¬2) بسكون النون: قراءة ابن أبى عبلة ويعقوب.

سورة الأحزاب

{وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً} \12\ 1/ 36 - 2/ 408 - 3/ 49 {بِما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا} \14\ 2/ 557 {تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ} \16\ 1/ 213 سورة الأحزاب {يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اِتَّقِ اللهَ وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً. وَاِتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً} \1،2\ 2/ 126،411 {وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ} \6\ 1/ 240،272 - 3/ 189 {وَزُلْزِلُوا زِلْزالاً} \11\ 1/ 69 {وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بادُونَ فِي الْأَعْرابِ} \20\ 1/ 380 {لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ} \21\ 2/ 93 {مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ (¬1)} يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ \30\ 3/ 64 {وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صالِحاً نُؤْتِها أَجْرَها مَرَّتَيْنِ} \31\ 2/ 41 - 3/ 64 {وَالْحافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحافِظاتِ وَالذّاكِرِينَ اللهَ كَثِيراً وَالذّاكِراتِ} \35\ 2/ 66 {قَضَى اللهُ} \36\ 2/ 153 ¬

(¬1) بفتح الياء: قراءة ابن كثير، وعاصم فى رواية أبى بكر.

سورة سبأ

{ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ} \40\ 1/ 391 {اُذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً} \41\ 1/ 411 {وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً} \43\ 1/ 224 {إِنّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً. وَداعِياً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً} \45،46\ 1/ 343 {وَسَرِّحُوهُنَّ سَراحاً جَمِيلاً} \49\ 2/ 107،394 {إِلاّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ} \53\ 2/ 54 {إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ (¬1)} يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ \56\ 3/ 113 سورة سبأ {يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ} \10\ 1/ 85 - 2/ 159،367 {أَنِ اِعْمَلْ سابِغاتٍ} \11\ 1/ 275 - 2/ 69،406، 484،589 {يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ وَتَماثِيلَ وَجِفانٍ كَالْجَوابِ وَقُدُورٍ راسِياتٍ اِعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ} \13\ 1/ 275 - 2/ 125،212 {ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ} \16\ 2/ 246 {وَمَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ} \19\ 1/ 62 {وَإِنّا أَوْ إِيّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} \24\ 3/ 72 ¬

(¬1) برفع التاء: قراءة ابن عباس، وعبد الوارث عن أبى عمرو.

سورة فاطر

{وَما أَرْسَلْناكَ إِلاّ كَافَّةً لِلنّاسِ} \28\ 2/ 255، 3/ 15،16 {وَلَوْ تَرى إِذِ الظّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ} \31\ 3/ 49 {لَوْلا أَنْتُمْ لَكُنّا مُؤْمِنِينَ} \31\ 1/ 277 - 2/ 512 {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ} \33\ 1/ 54 - 2/ 23، 29 {نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالاً وَأَوْلاداً} \35\ 3/ 105 {وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ} \51\ 3/ 49 سورة فاطر {وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَواخِرَ} \12\ 2/ 311 {إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ} \14\ 1/ 80 - 2/ 534 {يا أَيُّهَا النّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللهِ} \15\ 2/ 415 {إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ} \28\ 2/ 561 {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اِصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ. . .} الآية\32\ 1/ 98،311 - 2/ 468 {أَرُونِي ماذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ} \40\ 1/ 405 {إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ} \41\ 3/ 160،144 {ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ} \45\ 1/ 90،243 - 3/ 117

سورة يس

سورة يس {وَسَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ} \10\ 1/ 406 {قالَ يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ. بِما غَفَرَ لِي رَبِّي} \26،27\ 2/ 557 {يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ} \30\ 1/ 420 {وَإِنْ كُلٌّ لَمّا (¬1)} جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ \32\ 2/ 177،563 - 3/ 145 {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} \38\ 2/ 88،89 {وَالْقَمَرَ (¬2)} قَدَّرْناهُ مَنازِلَ \39\ 1/ 287 - 2/ 88 {لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ} \40\ 2/ 531 {وَآيَةٌ لَهُمْ أَنّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} \41\ 3/ 119 {فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً} \50\ 3/ 182 {مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ} \80\ 1/ 123 - 3/ 29 سورة الصافّات {إِنّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ (¬3)} الْكَواكِبِ. وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ \6،7\ 3/ 30 {إِنَّهُمْ كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ يَسْتَكْبِرُونَ} \35\ 1/ 96 {لا فِيها غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ} \47\ 2/ 532 {كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ} \49\ 3/ 60 ¬

(¬1) وقرأ بتخفيف الميم ابن كثير ونافع وأبو عمرو والكسائى. (¬2) قرئ برفع الراء ونصبها. (¬3) بكسرة واحدة، على الإضافة: قراءة غير عاصم وحمزة من السّبعة.

سورة ص

{فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَواءِ الْجَحِيمِ} \55\ 1/ 360 - 2/ 250 {أَلْفَوْا آباءَهُمْ ضالِّينَ} \69\ 2/ 164 {فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ} \75\ 2/ 422 {فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ} \93\ 2/ 434 {أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ} \95\ 1/ 404 {وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ} \103\ 2/ 616 {وَنادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ. قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا} \104، 105\ 3/ 155 {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِما مُحْسِنٌ وَظالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ} \113\ 1/ 102 {وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ. وَبِاللَّيْلِ} \137، 138\ 1/ 168 {وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} \147\ 3/ 77 {فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَناتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ} \149\ 1/ 407 {ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} \154\ 1/ 404 سورة ص {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ} \1\ 2/ 117 {كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنادَوْا وَلاتَ حِينَ مَناصٍ} \3\ 1/ 391 - 2/ 117 - 3/ 48 {وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ} \4\ 3/ 162،163 {وَاِنْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ اِمْشُوا} \6\ 1/ 73 - 2/ 543 - 3/ 159

سورة الزمر

{أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا} \8\ 1/ 407،408 {بَلْ لَمّا يَذُوقُوا عَذابِ} \8\ 1/ 391 {جُنْدٌ ما هُنالِكَ مَهْزُومٌ} \11\ 2/ 569 {وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ} \23\ 1/ 376 {لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ} \24\ 1/ 326،352 - 3/ 244 {وَقَلِيلٌ ما هُمْ} \24\ 2/ 569 {وَوَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوّابٌ. . .} الآيات. \30 - 33\ 1/ 83 {إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ} \32\ 1/ 86،89، 90 {بِالسُّوقِ (¬1)} وَالْأَعْناقِ \33\ 2/ 190 {إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النّارِ} \64\ 2/ 118 {فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ} \73\ 2/ 417 {ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} \75\ 2/ 541 سورة الزّمر {وَالَّذِينَ اِتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ إِلاّ لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى} \3\ 1/ 87 - 2/ 408،442 {يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ وَيُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ} \5\ 2/ 277 ¬

(¬1) قراءة ابن كثير.

سورة غافر

{وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} \7\ 1/ 82 - 2/ 37، 89،385 {وَجَعَلَ لِلّهِ أَنْداداً لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النّارِ. أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً} \8،9\ 1/ 412 - 2/ 124 {فَاعْبُدُوا ما شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ} \15\ 1/ 411 {يا عِبادِ فَاتَّقُونِ} \16\ 2/ 73،103، 411 {أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذابِ يَوْمَ الْقِيامَةِ} \24\ 1/ 404 {أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ} \32\ 1/ 404 {وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} \33\ 3/ 57 {أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ} \36\ 1/ 405 {لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} \58\ 2/ 563 {أَفَغَيْرَ اللهِ تَأْمُرُونِّي (¬1)} أَعْبُدُ \64\ 2/ 520 {حَتّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها} \73\ 2/ 120 {طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ} \73\ 1/ 118 - 2/ 475 - 3/ 14 سورة غافر {يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ} \15\ 2/ 613 - 3/ 173 ¬

(¬1) انظر القراءات فيها.

سورة فصلت

{وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ} \18\ 3/ 173 {وَإِنْ يَكُ كاذِباً} \28\ 2/ 167 {يا هامانُ اِبْنِ لِي صَرْحاً} \36\ 2/ 411 {يا قَوْمِ ما لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجاةِ} \41\ 2/ 415 {وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ وَلا الْمُسِيءُ} \58\ 2/ 541 {اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً} \61\ 1/ 53 {ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً} \67\ 2/ 48 {لِتَرْكَبُوا مِنْها وَمِنْها تَأْكُلُونَ} \79\ 1/ 94 {فَلَمّا جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرِحُوا بِما عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ} \83\ 2/ 274 سورة فصّلت {وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ} \5\ 2/ 591 {ثُمَّ اِسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ} \11\ 2/ 47 {فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ} \12\ 2/ 48 {وَزَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَحِفْظاً} \12\ 3/ 30 {فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً} \13\ 3/ 173 {وَأَمّا ثَمُودُ (¬1)} فَهَدَيْناهُمْ \17\ 3/ 131 {وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَاِلْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} \26\ 1/ 97 ¬

(¬1) وقرأ بعضهم بالنصب.

سورة الشورى

{وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ} \34\ 2/ 541 {وَمِنْ آياتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً} \39\ 3/ 198 {أَفَمَنْ يُلْقى فِي النّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيامَةِ اِعْمَلُوا ما شِئْتُمْ} \4\ 1/ 405،411 {ما يُقالُ لَكَ إِلاّ ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ} \43\ 1/ 393 {وَظَنُّوا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ} \48\ 1/ 388 سورة الشورى {ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً} \23\ 1/ 8 - 2/ 532، 534 {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ} \25\ 2/ 610 {وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ} \26\ 1/ 95 {إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَواكِدَ عَلى ظَهْرِهِ}. {أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِما كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ. وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجادِلُونَ} \33 - 35\ 1/ 29 {وَلَمَنِ اِنْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ} \41\ 3/ 201 {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} \43\ 1/ 103 - 3/ 103 {وَتَرَى الظّالِمِينَ لَمّا رَأَوُا الْعَذابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ. وَتَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها} \44، 45\ 1/ 170 {وَإِنّا إِذا أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنّا رَحْمَةً فَرِحَ بِها وَإِنْ تُصِبْهُمْ}

سورة الزخرف

{سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسانَ كَفُورٌ} \48\ 2/ 5،212، 417 سورة الزخرف {أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً أَنْ كُنْتُمْ قَوْماً مُسْرِفِينَ} \5\ 1/ 409 - {أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ} {سَنَكْتُبُ ما قالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ} \19\ 1/ 399،408 {لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ} \33\ 2/ 94 {وَإِنْ كُلُّ ذلِكَ لَمّا (¬1)} مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا \35\ 3/ 145 {يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ} \38\ 1/ 19 {أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ} \40\ 1/ 408 - 3/ 79 {أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ} \51\ 1/ 405 {أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ} \52\ 3/ 110 {فَلَمّا آسَفُونا اِنْتَقَمْنا مِنْهُمْ} \55\ 1/ 246 {بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ} \58\ 1/ 192 {وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ} \60\ 1/ 55 - 2/ 273 2/ 273 {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً} \66\ 1/ 295 - 2/ 55،353 «يا عبادى» (¬2) {لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ} \68\ 2/ 74،415 {اُدْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْواجُكُمْ تُحْبَرُونَ. يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ. . . .} الآية\70،71\ 1/ 177 ¬

(¬1) قرئ بتخفيف الميم وتشديدها. (¬2) قرئ بفتح الياء وإسكانها وحذفها.

سورة الدخان

{وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوها} \72\ 1/ 308 {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذابِ جَهَنَّمَ خالِدُونَ} \74\ 3/ 8 «ونادوا يا مال (¬1) ليقض علينا ربك» \77\ 2/ 304 {أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنّا مُبْرِمُونَ} \79\ 1/ 378 {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ} \84\ 1/ 113،331، 2/ 550 {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ} \87\ 2/ 61 سورة الدخان {فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ. أَمْراً مِنْ عِنْدِنا} \4،5\ 2/ 605 - 3/ 8 سورة الجاثية {قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيّامَ اللهِ} \14\ 2/ 477 {وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ} \31\ 2/ 122 سورة الأحقاف {أَرُونِي ماذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ} \4\ 1/ 405 {إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اِسْتَقامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ} \13\ 2/ 552 {أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ} \14\ 2/ 475 {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً} \15\ 1/ 224 {أُولئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ} \18\ 2/ 607 ¬

(¬1) قراءة على وابن مسعود وغيرهما.

سورة محمد صلى الله عليه وسلم

{أَذْهَبْتُمْ (¬1)} طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا \20\ 1/ 404 {وَلَقَدْ مَكَّنّاهُمْ فِيما إِنْ مَكَّنّاكُمْ فِيهِ} \26\ 2/ 476 - 3/ 144 {وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النّارِ أَلَيْسَ هذا بِالْحَقِّ} \34\ 2/ 475 {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاّ ساعَةً مِنْ نَهارٍ بَلاغٌ} \35\ 2/ 61 سورة محمد صلّى الله عليه وسلم {فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمّا فِداءً حَتّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها} \4\ 2/ 22،359 - \\3/ 125 {طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ} \21\ 2/ 60 {وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ} \38\ 1/ 87 - 2/ 611 سورة الفتح {مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ} \24\ 1/ 225 {وَلَوْلا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ. . .} الآية\25\ 1/ 356 - 2/ 119 {وَكانُوا أَحَقَّ بِها وَأَهْلَها} \26\ 1/ 311 {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} \27\ 1/ 118 - 3/ 14 سورة الحجرات {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ} \1\ 2/ 411 ¬

(¬1) قرئ بهمزة مطوّلة، على الاستفهام، وبهمزة واحدة، على الخبر.

سورة ق

{وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ} \2\ 3/ 160 {وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اِقْتَتَلُوا} \9\ 2/ 48 {وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} \9\ 3/ 57 {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اِجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ. . .} الآية\12\ 1/ 228،414 - 3/ 100 سورة ق {أَإِذا مِتْنا وَكُنّا تُراباً ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ} \3\ 2/ 439 {وَحَبَّ الْحَصِيدِ} \9\ 2/ 68 {أَفَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ} \15\ 1/ 408 {عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ} \17\ 2/ 114 {هذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ} \23\ 2/ 554 {وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ} \38\ 2/ 279 سورة الذاريات {إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ (¬1)} ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ \23\ 1/ 68 - 2/ 602 {فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوباً مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحابِهِمْ} \59\ 3/ 140 سورة الطور {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنّاتٍ وَنَعِيمٍ. فاكِهِينَ} \17،18\ 3/ 8 {كُلُوا وَاِشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ. مُتَّكِئِينَ} \19،20\ 1/ 249،252 ¬

(¬1) قرئ برفع اللام ونصبها.

سورة النجم

{نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ} \30\ 1/ 150 {أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ} \38\ 2/ 606 سورة النجم {وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى} \3\ 2/ 611 {فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى} \9\ 3/ 78 {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلاّ ما سَعى} \39\ 3/ 156 {وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عاداً (¬1)} الْأُولى \50\ 2/ 213 سورة القمر {وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ} \2\ 2/ 61 {يَوْمَ يَدْعُ الدّاعِ} \6\ 2/ 292 {جَرادٌ مُنْتَشِرٌ} \7\ 3/ 29 {مُهْطِعِينَ إِلَى الدّاعِ} \8\ 2/ 292 {أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ} \20\ 1/ 123 - 2/ 47، 417،473 - 3/ 29،93 {أَبَشَراً مِنّا واحِداً نَتَّبِعُهُ} \24\ 2/ 79 {كَذّابٌ أَشِرٌ} \25\ 2/ 346 {إِلاّ آلَ لُوطٍ نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ} \34\ 2/ 578 {وَالسّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ} \46\ 2/ 257 {إِنّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ} \49\ 2/ 90 {فِي جَنّاتٍ وَنَهَرٍ} \54\ 2/ 48 ¬

(¬1) وقرأ نافع وأبو عمرو، وأبو جعفر ويعقوب: «عاد لولى».

سورة الرحمن

سورة الرحمن {رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ} \17\ 1/ 122 {كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ} \26\ 1/ 90 - 3/ 117 {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ} \31\ 1/ 399 {فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلاّ بِسُلْطانٍ} \33\ 2/ 534 {فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ} \39\ 3/ 115 {ذَواتا أَفْنانٍ} \48\ 2/ 77،246 {هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلاَّ الْإِحْسانُ} \60\ 1/ 78 - 3/ 63 {حُورٌ مَقْصُوراتٌ} \72\ 1/ 39 سورة الواقعة {فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ. وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ. وَالسّابِقُونَ السّابِقُونَ.} {أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ} \8 - 11\ 1/ 102،371، 374 {وَأَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ} \27\ 2/ 6 {وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ} \29\ 3/ 157 {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ} \30\ 3/ 119 {وَفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ. لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ} \32،33\ 2/ 539 {وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ. لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ} \43،44\ 2/ 539 {لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ. فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ} \52،53\ 1/ 123 {فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ} \55\ 1/ 87 {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى فَلَوْلا تَذَكَّرُونَ} \62\ 1/ 323

سورة الحديد

{فَظَلْتُمْ (¬1)} تَفَكَّهُونَ. إِنّا لَمُغْرَمُونَ \65،66\ 1/ 146 - 2/ 408،476 {جَعَلْناها تَذْكِرَةً وَمَتاعاً لِلْمُقْوِينَ} \73\ 2/ 248 {فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ} \75\ 2/ 527 {وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ} \76\ 1/ 328 {فَلَوْلا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ} \83\ 1/ 90 - 3/ 117 {فَأَمّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ. فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ} \88،89\ 1/ 102 {وَأَمّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ. فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ} \90،91\ 1/ 356 - 2/ 119 {حَقُّ الْيَقِينِ} \95\ 2/ 68 سورة الحديد «وكلّ (¬2) وعد الله الحسنى» \10\ 1/ 9 - 3/ 169 {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً} \11\ 1/ 409 {قِيلَ اِرْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً. فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ} \13\ 1/ 251،380 {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ} \16\ 1/ 403 {إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ وَأَقْرَضُوا اللهَ} \18\ 2/ 438 - 3/ 204 {وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاّ مَتاعُ الْغُرُورِ} \20\ 2/ 69 ¬

(¬1) وقرأ بكسر الظاء عبد الله بن مسعود وغيره. (¬2) بالرفع: قراءة ابن عامر.

سورة المجادلة

{لِئَلاّ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ أَلاّ يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللهِ} \29\ 1/ 384 - 2/ 142 - 524،541 سورة المجادلة {ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلاَّ اللاّئِي وَلَدْنَهُمْ} \2\ 2/ 556 - 3/ 144 {وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللهُ بِما نَقُولُ} \8\ 2/ 50 {أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ} \13\ 1/ 386 {اِسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ} \19\ 2/ 392 سورة الحشر {فَأَتاهُمُ اللهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا} \2\ 1/ 78 - 2/ 521 {وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدّارَ وَالْإِيمانَ} \9\ 3/ 83 {لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ} \12\ 1/ 356 - 2/ 118،534 {وَقُلُوبُهُمْ شَتّى} \14\ 1/ 213 {فَكانَ عاقِبَتَهُما أَنَّهُما فِي النّارِ خالِدَيْنِ} \17\ 1/ 27 سورة الممتحنة {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللهِ رَبِّكُمْ} \1\ 2/ 375،533 - 3/ 160 {يَوْمَ الْقِيامَةِ يَفْصِلُ (¬1)} بَيْنَكُمْ \3\ 2/ 593 ¬

(¬1) بالبناء للمفعول: قراءة ابن كثير ونافع وأبى عمرو.

سورة الصف

سورة الصفّ {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ} \2\ 2/ 415 {كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ} \4\ 1/ 154 {وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اِسْمُهُ أَحْمَدُ} \6\ 2/ 159 {هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ.} {تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ}. {يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} \10 - 12\ 1/ 395 {مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ} \14\ 2/ 608 سورة الجمعة {كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ} \5\ 2/ 361،422 {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ} \8\ 2/ 552 {إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} {فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَاِبْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ} \9،10\ 1/ 411 سورة المنافقون {قاتَلَهُمُ اللهُ} \4\ 2/ 146 - 3/ 13 {سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ} \6\ 3/ 106 {لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ} \8\ 2/ 144،525 {لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ} \9\ 1/ 416

سورة التغابن

«لولا أخرتنى إلى أجل قريب فأصدق وأكون (¬1) من الصالحين» \10\ 1/ 428 سورة التغابن {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا} \7\ 1/ 63 سورة الطلاق {يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ} \1\ 2/ 126 {وَاللاّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ اِرْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللاّئِي لَمْ يَحِضْنَ} \4\ 2/ 62 - 3/ 60 {اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} \12\ 2/ 48 سورة التحريم {يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ} \1\ 2/ 415 {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما} \4\ 1/ 15 - 2/ 496 {وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ} \4\ 1/ 266 - 2/ 48،211 - 3/ 123 {يا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ} \7\ 2/ 411 {تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحاً} \8\ 2/ 255 سورة الملك {الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً} \3\ 1/ 59،60 {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ. قالُوا بَلى قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ} \8،9\ 1/ 230 ¬

(¬1) قراءة أبى عمرو.

سورة القلم

{أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافّاتٍ وَيَقْبِضْنَ} \19\ 2/ 438 - 3/ 204،233 {إِنِ الْكافِرُونَ إِلاّ فِي غُرُورٍ} \20\ 3/ 144 {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً} \30\ 1/ 82،92، 106،252 سورة القلم {ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ} \2\ 2/ 142،144، 524 {ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} \36\ 1/ 404 {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ} \42\ 1/ 342 {فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهذَا الْحَدِيثِ} \44\ 1/ 412 سورة الحاقة {الْحَاقَّةُ. مَا الْحَاقَّةُ} \1،2\ 1/ 370،371 - 2/ 6 {أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ} \7\ 1/ 123 - 2/ 47، 417،473 - 3/ 29،94 {إِنّا لَمّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ} \11\ 1/ 343 {وَالْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها} \17\ 2/ 212 {كُلُوا وَاِشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ} \24\ 1/ 249 {ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ} \32\ 2/ 137 سورة المعارج {سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ} \1\ 2/ 614

سورة نوح

{مِنْ عَذابِ (¬1)} يَوْمِئِذٍ \11\ 1/ 68 - 2/ 602 {نَزّاعَةً (¬2)} لِلشَّوى \16\ 2/ 251 {إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً}. {إِلاَّ الْمُصَلِّينَ} \19،22\ 1/ 75 - 2/ 417 {فَمالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ} \36\ 1/ 168 {عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ عِزِينَ} \37\ 2/ 278 {فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ} \40\ 1/ 73،122 - 2/ 142،527 {يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ} \43\ 1/ 199 سورة نوح {إِنّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ} \1\ 3/ 152 {وَإِنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ وَاِسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ} \7\ 1/ 98 {وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً} \17\ 2/ 395 {وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً} \23\ 3/ 121 «ممّا خطاياهم» (¬3) \25\ 2/ 142،524، 568،603 سورة الجن {وَأَنّا مِنَّا الصّالِحُونَ وَمِنّا دُونَ ذلِكَ} \11\ 2/ 593 {فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً} \13\ 1/ 390 ¬

(¬1) قرئ بفتح الميم وكسرها. (¬2) بالرفع لجميع القرّاء ما عدا حفصا، فإنه وحده قرأ بالنصب. (¬3) قراءة أبى عمرو.

سورة المزمل

{وَأَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً} \15\ 3/ 57 {قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ ما تُوعَدُونَ} \25\ 3/ 144 سورة المزمل {قُمِ اللَّيْلَ} \2\ 2/ 375 {وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً} \8\ 1/ 151 - 2/ 395 {رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} \9\ 1/ 121 {كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً. فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ} \15،16\ 3/ 88 {فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً.} {السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ} \17،18\ 2/ 471،615 - 3/ 94 {عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى} \20\ 3/ 156 سورة المدثر {وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ. وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} \4،5\ 3/ 89،90 {فَإِذا نُقِرَ فِي النّاقُورِ. فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ} \8،9\ 2/ 602 {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً} \11\ 1/ 25،141 - 2/ 71 {فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ} \49\ 3/ 7 سورة القيامة {لا (¬1)} أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ. وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوّامَةِ \1،2\ 2/ 141،142، 143،524 ¬

(¬1) وقرأ ابن كثير: لأقسم.

سورة الإنسان

{بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ} \14\ 3/ 31 {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ} \22\ 1/ 24 {تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ} \25\ 1/ 385 {كَلاّ إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ} \26\ 1/ 90 - 3/ 117 {فَلا صَدَّقَ وَلا صَلّى} \31\ 1/ 218 - 2/ 324،536 {ثُمَّ ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطّى} \33\ 2/ 174 {أَوْلى لَكَ فَأَوْلى. ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى} \34،35\ 3/ 88 سورة الإنسان {هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً} \1\ 1/ 323 - 3/ 108 {إِنّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمّا شاكِراً وَإِمّا كَفُوراً} \3\ 3/ 128 {عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللهِ} \6\ 2/ 613 {إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ} \9\ 2/ 617 {وَلَقّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً} \11\ 1/ 24 {وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً} \24\ 3/ 71 {يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظّالِمِينَ (¬1)} أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً \31\ 2/ 86 سورة المرسلات {عُذْراً أَوْ نُذْراً} \6\ 3/ 73 ¬

(¬1) وفى مصحف ابن مسعود: وللظالمين أعدّ لهم.

سورة النبأ

{وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ} (¬1) \11\ 2/ 187 {أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ} \16\ 1/ 409 «كأنه جمالات (¬2) صفر» \33\ 3/ 32 {هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ} \35\ 1/ 199 {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ} \41\ 3/ 119 {وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اِرْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ.} {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} \48،49\ 1/ 414 سورة النبأ {عَمَّ يَتَساءَلُونَ} \1\ 1/ 330 - 2/ 546 {وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجّاجاً} \14\ 2/ 424 {يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ ما قَدَّمَتْ يَداهُ وَيَقُولُ الْكافِرُ يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً} \40\ 3/ 195 سورة النازعات {هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكّى} \18\ 1/ 405 {فَإِذا جاءَتِ الطَّامَّةُ} \34\ 2/ 491 سورة عبس {قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ} \17\ 2/ 146،553 سورة التكوير {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} \1\ 2/ 82 ¬

(¬1) وقرأ أبو عمرو: وقّتت. (¬2) بالجمع: قراءة ابن كثير ونافع وابن عامر وأبى عمرو، وأبى بكر عن عاصم.

سورة الانفطار

{وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ} \23\ 3/ 123 «وما هو على الغيب بظنين» (¬1) \24\ 1/ 228 سورة الانفطار {إِذَا السَّماءُ اِنْفَطَرَتْ} \1\ 1/ 49 - 2/ 82 {فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ} \8\ 3/ 45 سورة المطففين {إِذَا اِكْتالُوا عَلَى النّاسِ يَسْتَوْفُونَ} \2\ 2/ 131،609 {وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} \3\ 1/ 83 - 2/ 130 سورة الانشقاق {إِذَا السَّماءُ اِنْشَقَّتْ} \1\ 1/ 49 {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ} \19\ 2/ 490،612 - 3/ 122 سورة البروج {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ} \10\ 2/ 552 سورة الطارق {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمّا (¬2)} عَلَيْها حافِظٌ \4\ 2/ 563 - 3/ 145 {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ} \5\ 2/ 546 ¬

(¬1) بالظاء: قراءة ابن كثير وأبى عمرو والكسائىّ. (¬2) بتخفيف الميم: قراءة ابن كثير ونافع وأبى عمرو والكسائى.

سورة الأعلى

{يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ} \7\ 1/ 114 {إِنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ. يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ} \8،9\ 1/ 297 {أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً} \17\ 2/ 221،396 سورة الأعلى {سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى. إِلاّ ما شاءَ اللهُ} \6،7\ 1/ 129 - 2/ 534 سورة الغاشية {هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ} \1\ 3/ 108 سورة الفجر {وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ} \4\ 1/ 317 - 2/ 290 {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ} \14\ 1/ 399 {رَبِّي أَكْرَمَنِ}. {رَبِّي أَهانَنِ} \15،16\ 2/ 291 {وَتُحِبُّونَ (¬1)} الْمالَ حُبًّا جَمًّا \20\ 1/ 236 - 3/ 20 {يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ} \27\ 3/ 45 سورة البلد {لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ} \1\ 2/ 526 {يَقُولُ أَهْلَكْتُ مالاً لُبَداً} \6\ 2/ 348 {فَلا اِقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ} \11\ 2/ 324،536 ¬

(¬1) وقرأ أبو عمرو: «ويحبون» بالياء التحتية.

سورة الشمس

سورة الشمس {وَالشَّمْسِ وَضُحاها} \1\ 2/ 118،141 {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكّاها} \9\ 2/ 118،141 {وَقَدْ خابَ مَنْ دَسّاها} \10\ 2/ 173 {ناقَةَ اللهِ وَسُقْياها} \13\ 2/ 97 سورة الليل {وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدّى} \11\ 1/ 35 سورة الضحى {ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى} \3\ 1/ 177 - 2/ 66،73 - 3/ 207 {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى. وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدى.} {وَوَجَدَكَ عائِلاً فَأَغْنى} \6 - 8\ 1/ 403، 2/ 66،570 {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ. وَأَمَّا السّائِلَ فَلا تَنْهَرْ. وَأَمّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} \9 - 11\ 2/ 8 - 3/ 131 سورة الشرح {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ. . .} الآيات إلى آخر السورة\1/ 329 - 3/ 87 - 91 {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً. إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً} \5،6\ 1/ 371 سورة التين {فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ} \7\ 2/ 548

سورة العلق

سورة العلق {إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى. أَنْ رَآهُ اِسْتَغْنى} \6،7\ 1/ 57،162 {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ يَرى} \14\ 1/ 383 {لَنَسْفَعاً بِالنّاصِيَةِ} \15\ 1/ 340 - 2/ 165 سورة القدر {إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} \1\ 1/ 90 - 2/ 503 - 3/ 114،117 {تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ} \4\ 2/ 172،520، 613 - 3/ 180 سورة البيّنة {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ} \1\ 2/ 373 {وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} \5\ 1/ 275 - 2/ 69، 406،484 سورة الزلزلة {إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها} \1\ 1/ 69 {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها} \5\ 1/ 31 - 2/ 89، 255،523،615 سورة العاديات {وَالْعادِياتِ ضَبْحاً} \1\ 2/ 396 سورة القارعة {الْقارِعَةُ. مَا الْقارِعَةُ} \1،2\ 1/ 370 - 2/ 6

سورة التكاثر

سورة التكاثر {أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ} \1\ 1/ 416 {لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ} \6\ 2/ 492 سورة العصر {إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ. إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا} \2،3\ 1/ 323 - 2/ 5 سورة الهمزة {وَما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ. نارُ اللهِ الْمُوقَدَةُ} \5،6\ 2/ 60 سورة الفيل {تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ} \4\ 3/ 32 سورة قريش {لِإِيلافِ قُرَيْشٍ} \1\ 2/ 484 سورة النصر {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} \3\ 1/ 96 سورة المسد {حَمّالَةَ الْحَطَبِ} \4\ 2/ 101 - 3/ 76 سورة الإخلاص {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ (¬1)}. اللهُ الصَّمَدُ \1،2\ 1/ 91 - 2/ 162،166 - 3/ 116 ... ¬

(¬1) وقرأ أبو عمرو: بحذف التنوين مع الوصل أَحَدٌ اللهُ.

2 - فهرس الأحاديث النبوية القولية والفعلية

2 - فهرس الأحاديث النبوية القوليّة والفعليّة الجزء والصفحة الآن حمى الوطيس 3/ 215 إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا 1/ 414 استغربوا لا تضووا 2/ 252 أصيحابي أصيحابي 2/ 383 إن المهاجرين قالوا: يا رسول الله، إن الأنصار قد فضلونا، إنهم آوونا، وفعلوا بنا وفعلوا. فقال: ألستم تعرفون ذلك لهم؟ قالوا: بلى. قال: فإنّ ذلك 2/ 64 إنكنّ لصواحبات يوسف 2/ 495 إنه ليغان على قلبى 1/ 170 أنهاكم عن قيل وقال 2/ 597 بعثت إلى الأسود والأحمر 2/ 325 جاءه رجل فقال: يا رسول الله، أكلتنا الضّبع وتقطّعت عنّا الخنف 1/ 50 جدع الحلال أنف الغيرة 1/ 343 الحمد لله الذي جعل فى أمتى من أمرنى أن أصبر نفسى معه 1/ 222 حمى الوطيس-الآن. . . . الخيل معقود في نواصيها الخير 1/ 87 زر غبا تزدد حبّا 2/ 581 زويت لى الأرض 2/ 249

سابقنا سابق ومقتصدنا ناج وظالمنا مغفور له 1/ 101 صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته 2/ 617 العينان وكاء السّه فإذا نامت العينان استطلق الوكاء 2/ 218 غفرانك 2/ 106 فجاء ينفض ثوبه ويقول: أفّ 2/ 175 كنت أشتهى أن أراه 2/ 251 لا تباغضوا ولا تحاسدوا 1/ 414 لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب 1/ 394 لا يباليهم الله بالة 2/ 292 لتأخذوا مصافّكم 2/ 354، 355،522 لن يغلب عسر يسرين 3/ 89 ما أذن الله لشيء كإذنه لنبيّ يتغنّى بالقرآن 2/ 233 ما أنا من دد ولا الدّد منّى 2/ 233 ما بان من الحيّ فهو ميتة 2/ 591 المؤمن هين لين 1/ 434 - 2/ 170 المرء مجزىّ بعمله، إن خيرا فخير وإن شرّا فشر 2/ 95 من أزلّت إليه نعمة فليكافئ بها فإن لم يجد فليظهر ثناء حسنا 2/ 64 من جاء منكم إلى الجمعة فليغتسل 1/ 411 من شرب في آنية الفضة فإنما يجرجر في جوفه نار جهنم 1/ 415 الناس مجزيّون بأعمالهم، إن خيرا فخير وإن شرّا فشرّ 2/ 95،99 نهى عن المكامعة والمكاعمة 1/ 30 هذا حين حمى الوطيس-الآن. . . يا أبا عمير، ذهب النّغير 2/ 348 ...

3 - فهرس الأمثال وأقوال العرب

3 - فهرس الأمثال وأقوال العرب أبلغ من سحبان وائل 2/ 500 اتقى الله امرؤ الحارث بن هشام 1/ 393 أجيعهنّ فلا يبطرن، وأعريهنّ فلا يظهرن عقيل بن علّفة 1/ 205 إذا تقارب نسب الأبوين جاء الولد ضاويا 2/ 252 استغربوا لا تضووا 2/ 252 أشأم من البسوس 1/ 171 أشأم من عطر منشم 1/ 178 أضيع من سراج فى الشمس 3/ 231 أعزّ من كليب وائل 1/ 171 أعقّ من ضبّ 1/ 205 أعيا من باقل 2/ 500 اللهم ضبعا وذئبا 1/ 134 امرأ اتقى الله، امرأ حاسب نفسه، امرأ أخذ بعنان قلبه فعلم ما يراد به الحجاج بن يوسف 2/ 98 إن الشقىّ وافد البراجم 2/ 447 أنا جذيلها المحكّك وعذيقها المرجّب الحباب بن المنذر 2/ 384، 403 إنما سمّيت هانئا لتهنئ 1/ 248 إنى أبوت عشرة، وأخوت عشرة، وأنا اليوم وحيد، فرحم الله من أمر بمير أو دعا بخير 1/ 45 أهلك الناس الدرهم والدينار 1/ 75 أيها الناس، كذب عليكم الحجّ والعمرة عمر بن الخطاب 1/ 396، 397

البطنة تذهب الفطنة 2/ 499 تجاوزت الأحصّ وشبيثا 1/ 172 تسمع بالمعيديّ لا أن تراه-وخير من أن تراه 2/ 181 جاء ينفض مذرويه 1/ 26 حسبك من شرّ سماعه 1/ 127 الحصن أولى لو تأيّيته 2/ 342 خذه ولو بقرطى مارية 2/ 460 رماه الله بالحرّة تحت القرّة 1/ 31 زر غبا تزدد حبّا 2/ 581 سألت ربّك شططا-من كلام عبيد الله بن زياد بن ظبيان وقد قيل له: أكثر الله فى العشيرة مثلك 1/ 198 السخىّ من جاد بماله تبرّعا، وكفّ عن أموال الناس تورّعا 1/ 326 سكت ألفا ونطق خلفا 2/ 580 سل الأرض من شق أنهارك وغرس أشجارك وجنى ثمارك، فإن لم تجبك حوارا أجابتك اعتبارا على بن أبى طالب أو الفضل بن عيسى 2/ 454 شنشنة أعرفها من أخزم 1/ 206 العقل سبب رداءة العيش أرسطاطاليس 3/ 241 عند الصباح يحمد القوم السّرى 2/ 505 فإنّ ذاك. لعلّ ذاك. عمر بن عبد العزيز 2/ 64 في بيته يؤتى الحكم 1/ 89 - 3/ 115 لقيته بعيدات بين 2/ 579 لقيته صكّة عمىّ 2/ 579 لكلّ ساقطة لا قطة 3/ 38 ما له سعنة ولا معنة 1/ 173

المسلمون عدول بعضهم على بعض إلاّ مجلودا في حد أو ظنينا في ولاء 1/ 228،229 من عزّ بزّ 1/ 368،376 - 2/ 470 من كان الليل والنهار مطيّته أسرعا به السّير 1/ 47 نحن رءوس مضر. إن أسلمنا أسلم الناس 1/ 227 عيينة بن حصن الفزاري نظرة من ذي علق 1/ 345 والله لقد سألناكم فما أبخلناكم، وقاتلناكم فما أجبنّاكم، وهاجيناكم فما أفحمناكم عمرو بن معديكرب 1/ 226، 345 والله لقد فارقكم بالأمس رجل كان سهما من مرامى الله. . . الحسن البصرى، فى وصف على بن أبي طالب 2/ 347 ولو بقرطى مارية-خذه. . . . يا أصحاب بيعة الشجرت. يا أصحاب سورة البقرت العباس بن عبد المطلب. فقال المجيب: والله ما أحفظ منها آيت 2/ 308 يا دنيا ألى تعرّضت، لا حان حينك. قد بتتّك ثلاثا لا رجعة لى فيك، فعمرك قصير، وعيشك حقير، وخطرك يسير. على ابن أبي طالب 1/ 420 يا رسول الله. أكلتنا الضّبع 3/ 135 يا لله وللمسلمين عمر بن الخطاب 1/ 420 يا معشر أهل العراق، من فاز بكم فقد فاز بالسّهم الأخيب. . . على بن أبي طالب 2/ 461 اليوم خمر وغدا أمر امرؤ القيس 1/ 80 - 2/ 68 ...

4 - فهرس الأشعار

4 - فهرس الأشعار (باب الهمزة) فصل الهمزة المفتوحة القافية\البحر\الشاعر\الجزء والصفحة وظباء\الخفيف \الأخطل \2/ 19 وفاء\الخفيف \يوسف بن أحمد الدباغ الصقلى \2/ 39،43 فصل الهمزة المضمومة بداء\الطويل \محمد بن بشير الخارجى \2/ 37 وقلاؤها (¬1) \الطويل \-\3/ 208 نساء\الوافر\زهير\1/ 406 - 3/ 107 الجوزاء\الكامل \المتنبي \1/ 239 نجلاء\الكامل \المتنبي \1/ 247 الأحياء\الكامل \المتنبي \3/ 216 الأسماء\الكامل \المتنبي \3/ 218 سواء\الكامل \المتنبي \3/ 218 الأشياء\الكامل \المتنبي \3/ 266 الداء\الكامل \-\1/ 36 وماء\الرجز\-\1/ 417 صلاء\الرجز\-\1/ 417 صلاء\الرجز\-\1/ 417 ¬

(¬1) وقع فى صدر هذا الشاهد الخرم، بسقوط الفاء من «فعولن».

العيعاء\الرجز\-\1/ 417 الحيحاء\الرجز\-\1/ 417 أعماؤه \الرجز\رؤبة\ سماؤه \الرجز\رؤبة\1/ 217 - 2/ 134،240 يرزؤها\المنسرح \ابن هرمة\1/ 328 شعواء\الخفيف \عبيد الله بن قيس الرقيات \2/ 163 العذراء\الخفيف \عبيد الله بن قيس الرقيات \2/ 163 برءاء\الخفيف \الحارث بن حلّزة\2/ 210 عناء\الخفيف \أبو زبيد الطائى \2/ 538 فصل الهمزة المكسورة صداء\الطويل \-\2/ 304 الهجاء\الوافر\المتنبي \1/ 326 إتلائها\الرجز\-\1/ 338 الأحياء\الخفيف \عدىّ بن الرّعلاء\1/ 232 نجلاء\الخفيف \عدىّ بن الرّعلاء\2/ 566 (باب الباء) فصل الباء السّاكنة فأذهب-فاذهبى. فى الكامل المكسور فصل الباء المفتوحة أصهبا\الطويل \ربيعة بن مقروم الضّبيّ \1/ 48 تحلّبا\الطويل \ربيعة بن مقروم الضّبيّ \1/ 48 أرنبا\الطويل \الأعشى \1/ 340

مخضّبا\الطويل \الأعشى \1/ 242،346 - 3/ 202 أغلبا\الطويل \البحتري \2/ 481 والحدبا\الطويل \المتنبي \3/ 86 حزبا\الطويل \المتنبي \3/ 86 خطبا\الطويل \المتنبي \3/ 86 نهبى \الطويل \المتنبي \3/ 86 والرّبّا\الطويل \المتنبي \3/ 103 صبّا\الطويل \المتنبي \3/ 258،259 الحربا\الطويل \المتنبي \3/ 258،259 ذنبا\الطويل \المتنبي \3/ 258،259 والكواكبا\الطويل \المتنبي \3/ 83 كلبا\البسيط\أبو الطفيل، عامر بن واثلة\1/ 363 ما اغتربا\البسيط\الحطيئة\1/ 118 - 2/ 145 ومنتقبا\البسيط\الحطيئة\1/ 422 زغبا\البسيط\أم ثواب الهزّانيّة\3/ 12 يصطحبا\البسيط\المتنبي \1/ 344 الرّقابا\الوافر\الحارث بن ظالم المرّي \2/ 398 صابا\الوافر\بشر بن أبى خازم \3/ 273 التهابا\الوافر\ربيعة بن مقروم \1/ 217 اجتلابا\الوافر\جرير\1/ 62 والخشابا\الوافر\جرير\2/ 79 - 3/ 74 المصابا\الوافر\جرير\1/ 160 أصابا\الوافر\جرير\2/ 241 الكلابا\الوافر\-\2/ 518

طلبا\الكامل \أوس بن حجر\2/ 126 ضربا\الرجز\أبو محمد الفقعسي \1/ 88 أحبّا\الرجز\أبو محمد الفقعسي \1/ 88 صلبا\الرجز\عبد الرحمن المعنيّ. مرقس \3/ 193 الضّربا\الرجز\عبد الرحمن المعنيّ. مرقس \3/ 193 ثعلبه \الرجز\الأغلب العجلي \2/ 161 الرّقبه \الرجز\الأغلب العجلي \2/ 161 ضبّه \المجتث \المتنبي \3/ 268 غربه \المجتث \المتنبي \3/ 268 أشبه \المجتث \المتنبي \3/ 268 فصل الباء المضمومة المهذّب \الطويل \النابغة\1/ 408 - 3/ 267 أجرب \الطويل \النابغة\2/ 608 يلعب \الطويل \الكميت \1/ 407 تغرب \الطويل \نصيب \2/ 596 يجرّب \الطويل \المتنبي \3/ 68 وأكتب \الطويل \المتنبي \3/ 136 طيّب \الطويل \المتنبي \3/ 247 مغرب \الطويل \المتنبي \3/ 265 عصبصب \الطويل \أبو نصر بن نباتة\3/ 142 تترقّب \الطويل \أبو نصر بن نباتة\3/ 142 وينضب \الطويل \الصاحب بن عبّاد\3/ 136 وأكتب \الطويل \الصاحب بن عبّاد\3/ 136 أعضب \الطويل \-\2/ 127 ضارب \الطويل \-\1/ 408

شباب \الطويل \المتنبي \3/ 193 عاب \الطويل \المتنبي \3/ 193 فخاطب \الطويل \الفرزدق \1/ 179،180 الكواعب (¬1) \الطويل \الفرزدق \1/ 179،180 الثعالب \الطويل \راشد بن عبد ربّه \2/ 615 وتجاذب \مطلع قصيدة طويلة\أبو نصر بن نباتة\2/ 463 - 474 غريب \الطويل \علقمة بن عبدة\1/ 228 مشيب \الطويل \علقمة بن عبدة\2/ 607 يصوب \الطويل \علقمة بن عبدة وقيل غيره \2/ 203 - 3/ 35 ذنوب \الطويل \علقمة بن عبدة وقيل غيره \2/ 459 - 3/ 140 خطوب \الطويل \النابغة (؟) \3/ 146 لبيب \الطويل \المضرّب بن كعب بن زهير. وقيل غيره \1/ 251 مجيب \الطويل \كعب بن سعد الغنوي \1/ 95 قريب \الطويل \كعب بن سعد الغنوي \1/ 361 نجيب \الطويل \العجير السّلولي، أو المخلّب الهلالي \2/ 506 تطيب \الطويل \المخبّل السّعدي. وقيل غيره \1/ 50 طيب \الطويل \المتنبي \3/ 249 فيجيب \الطويل \-\1/ 195، وانظر 2/ 316 أقاربه \الطويل \الفرزدق \1/ 201 وأخاطبه \الطويل \ذو الرمة\2/ 240 نابها\الطويل \لقيط بن مرّة، وقيل: مغلّس بن لقيط\1/ 134 - 2/ 494 حبيبها\الطويل \مجنون بنى عامر\1/ 418 عيوبها\الطويل \الفرزدق \1/ 158،433 ¬

(¬1) فيه الإقواء.

عرب \البسيط\ذو الرمة\2/ 317 والشّيب \البسيط\أبو قيس بن رفاعة\2/ 555 ذيب \البسيط\أبو قيس بن رفاعة\2/ 91 رقوب \مخلّع البسيط\عبيد بن الأبرص \3/ 26 العتاب 6 أبيات \الوافر\الحارث بن كلدة الثقفى \1/ 10 أصابوا\الوافر\الحارث بن كلدة الثقفى \1/ 6،10 - 2/ 71 - 3/ 107 السّراب \الوافر\المتنبّى \2/ 273 الطّلاب \الوافر\المتنبّى \3/ 89 والرّقاب \الوافر\المتنبّى \3/ 244 العذاب \الوافر\المتنبّى \3/ 245 الصواب \الوافر\المتنبّى \3/ 262 الحبيب \الوافر\المتنبّى \3/ 262 شبّوا\الكامل \الأسود بن يعفر\2/ 121 يتلهّب \الكامل \زيد الفوارس \1/ 256 - 3/ 96 الثعلب \الكامل \ساعدة بن جؤيّة\1/ 63 - 2/ 573 صاحبه \الرجز\-\2/ 405 جانبه \الرجز\-\2/ 405 العراب \الرمل \المتنبي \3/ 266 مطّلب \المنسرح \ابن قيس الرقيّات \2/ 534 عواقبها\المنسرح \عدىّ بن زيد\1/ 111 مخالبها\المنسرح \عدىّ بن زيد\1/ 111 كاذبها\المنسرح \عدىّ بن زيد\1/ 111 كواكبها\المنسرح \عدىّ بن زيد أو أحيحة بن الجلاح \1/ 109،110 ترائبها\المنسرح \أو أحيحة بن الجلاح \1/ 110 صاحبها\المنسرح \أو أحيحة بن الجلاح \1/ 110

فصل الباء المكسورة ذنب 4 أبيات \الطويل \عبد العزّى بن امرئ القيس \1/ 153 حردب \الطويل \مالك بن الريب \2/ 316 لمّا يثقّب \الطويل \-\2/ 51 كوكب \الطويل \-\2/ 225 ولا أب \الطويل \-\2/ 275 سالب \الطويل \تأبّط شرّا\1/ 25،347 - 3/ 96،191 فنضارب \الطويل \قيس بن الخطيم \2/ 82 الحباحب \الطويل \النابغة\2/ 268 الحباحب \الطويل \القطامى \2/ 269 الكواكب \الطويل \النابغة\2/ 306 بعصائب \الطويل \النابغة\3/ 138 الكواثب \الطويل \النابغة\3/ 138 عقارب \الطويل \النابغة\2/ 459 وراسب 16 بيتا\الطويل \القطامى \2/ 269 - 271 الذوائب \الطويل \القطامى \1/ 340 التجارب \الطويل \القطامى \2/ 416 بخاطب \الطويل \الفرزدق \1/ 179 الكواعب \الطويل \الفرزدق \1/ 180 وراسب \الطويل \بعض بنى عبس \1/ 193 - 2/ 316 المواكب \الطويل \الحارث بن خالد المخزومي. وقيل غيره \2/ 3 - 3/ 132 والقواضب \الطويل \المتنبى \3/ 256 العقارب \الطويل \المتنبى \3/ 256 عائبى-قاطعى فى الطويل وأصيبى \الطويل \النمر بن تولب \2/ 409

نجيب \الطويل \ينسبان إلى حسّان بن ثابت \2/ 275 بعجيب \الطويل \ينسبان إلى حسّان بن ثابت \2/ 275 قريب \الطويل \المتنبي \1/ 45 نشب \البسيط\عمرو بن معد يكرب وقيل غيره \2/ 133،558 العنب \البسيط\المتنبي \1/ 357 - 3/ 264 الكذب \البسيط\المتنبي \3/ 259 يشرق بى \البسيط\المتنبي \3/ 259 الشجب \البسيط\المتنبي \3/ 261 العطب \البسيط\المتنبي \3/ 261 والتّعب \البسيط\المتنبي \3/ 261 الطّلب \البسيط\المتنبي \3/ 265 تذبيب \البسيط\الفرزدق \1/ 17 بمسكوب \البسيط\المتنبي \3/ 231 يغري بي \البسيط\المتنبي \3/ 242 مغلوب \البسيط\المتنبي \3/ 245 يعقوب \البسيط\المتنبي \3/ 245 للشّيب \البسيط\الجميح الأسدى \2/ 81 السّحاب \الوافر\-\3/ 94 قريب \الوافر\جميل \3/ 162 فاذهبى \الكامل \عنترة أو خزز بن لوذان \1/ 397 الأجرب \الكامل \عنترة أو خزز بن لوذان \1/ 397 - 399 تحوّبي \الكامل \عنترة أو خزز بن لوذان \ وتخضّبى \الكامل \عنترة أو خزز بن لوذان \ مركبي \الكامل \عنترة أو خزز بن لوذان \ وأجنب \الكامل \عنترة أو خزز بن لوذان \ فتلبّب \الكامل \عنترة أو خزز بن لوذان \ سراب \الكامل \حصين بن قعقاع \1/ 129 جوّاب \الكامل \القتّال الكلابي \2/ 592

لحروب \الكامل \حسان بن ثابت. وقيل غيره \1/ 244 ولما بها\مجزوء الكامل \الأعشى \1/ 53 الحضب \الرجز\رؤبة\2/ 395 الوطب \الرجز\-\1/ 28 بالحوأب \الرجز\-\2/ 214 صوّبى \الرجز\-\2/ 214 صاحبى \الرجز\-\1/ 235 التّريب \الرجز\الأغلب العجلى \3/ 121 لاحب \السريع \جارية وأمّها\2/ 342 الغائب \السريع \جارية وأمّها\2/ 342 الراكب \السريع \جارية وأمّها\2/ 342 فالآيب \السريع \ابن زيّابة\2/ 508 شربه \السريع \المتنبى \3/ 251 كسبه \السريع \المتنبى \3/ 251 تربه \السريع \المتنبى \3/ 251 لم يسبه \السريع \المتنبى \3/ 251 طبّه \السريع \المتنبى \3/ 251 العنب \المنسرح \أبو المرجّى \2/ 274 العرب \المنسرح \أبو المرجّى \2/ 274 أبو لهب \المنسرح \أبو المرجّى \2/ 274 ملكذب \المنسرح \-\1/ 145 - 2/ 168 مجاب \الخفيف \غلفاء بن الحارث \2/ 294،480 والتّراب \الخفيف \عمر بن أبى ربيعة\1/ 407 الخطوب \الخفيف \الأعشى \2/ 18 خائب \مجزوء الخفيف \عبد الصمد بن المعذّل \2/ 272 الكواذب \مجزوء الخفيف \عبد الصمد بن المعذّل \2/ 272 محارب \مجزوء الخفيف \عبد الصمد بن المعذّل \2/ 272 الحباحب \مجزوء الخفيف \عبد الصمد بن المعذّل \2/ 272

يخضب \المتقارب \النابغة الجعدى \1/ 24،233، 238 - 3/ 96 الطحلب \المتقارب \النابغة الجعدى \238 - 3/ 96 لم أعجب \المتقارب \المتنبى \2/ 387 غراب \المتقارب \خلف الأحمر\2/ 387 أودى بها\المتقارب \الأعشى \1/ 159،346 - 3/ 94،128 (باب التاء) فصل التاء المفتوحة يا أنتا\الرجز\سالم بن دارة (¬1) \2/ 301 جعتا\الرجز\سالم بن دارة\2/ 301 فصل التاء المضمومة شمالات \المديد\جذيمة الأبرش \2/ 565 مئيات \البسيط\تميم بن مقبل أو أبو شنبل الأعرابيّ \2/ 277 طويت \الوافر\سنان بن الفحل الطائي \3/ 55 الميت \الرجز\أبو محمد الفقعسى أو العجاج \1/ 232،233 واستقيت \الرجز\أبو محمد الفقعسى أو العجاج \1/ 232،233 سليت \الرجز\رؤبة\1/ 209 غنيت \الرجز\رؤبة\1/ 209 فصل التاء المكسورة الّتي \الطويل \الأعشى \2/ 433 وأدلّت \الطويل \الأعشى \2/ 433 ¬

(¬1) ووهم العينىّ فنسبه للأحوص. انظر شعر الأحوص ص 268.

جلّت \الطويل \أبو الأسود الدئلىّ أو عبد الله بن الزّبير\2/ 129 تقلّت \الطويل \كثيّر\1/ 74،177 - 3/ 192 ما استحلّت \الطويل \كثير\1/ 253 هنات \الوافر\البرج بن مسهر\2/ 238 الفرات \الوافر\يزيد بن الصّعق، أو عبد الله بن يعرب \3/ 203 بالتّرّهات \الوافر\سراقة البارقى \2/ 203،492 والّتى \الكامل \سلمىّ بن ربيعة. وقيل غيره \1/ 35 خلّتى \الكامل \سلمىّ بن ربيعة. وقيل غيره \1/ 63 - 2/ 284 فانهلّت \الكامل \سلمىّ بن ربيعة. وقيل غيره \1/ 183 أصواتها\الكامل \المتنبي \3/ 266 والّتى \الرجز\العجاج \1/ 34،35 تردّت \الرجز\العجاج \1/ 34،35 بتّى \الرجز\رؤبة\2/ 586 مشتّى \الرجز\رؤبة\2/ 586 واللاّتى \الرجز\-\1/ 34 لداتى \الرجز\-\1/ 34 (باب الجيم) فصل الجيم الساكنة سيهوج \الرجز\رجل من بنى سعد\2/ 584 سماهيج \الرجز\رجل من بنى سعد\2/ 584 فصل الجيم المفتوحة تولجا\الرجز\جرير\2/ 266

فصل الجيم المضمومة نئيج \الطويل \أبو ذؤيب \2/ 613 فصل الجيم المكسورة الملهوج \الطويل \الشماخ \1/ 353 الأوداج \الكامل \جرير\1/ 370 ودارج \الرجز\جندب بن عمرو\2/ 438 لم أحجج \السريع \عمر بن أبى ربيعة، أو العرجى \1/ 278 (باب الحاء) فصل الحاء الساكنة وقدح \الرمل \الأعشى \1/ 219 فصل الحاء المفتوحة فأستريحا\الوافر\المغيرة بن حبناء\1/ 427 السّريحا\الوافر\يزيد بن الطثرية أو مضرّس بن ربعى \2/ 289 ورمحا\مجزوء الكامل \عبد الله بن الزبعرى \3/ 82،83 ممراحا\الرجز\الفرزدق \2/ 238 أحراحا\الرجز\الفرزدق \2/ 238 فصل الحاء المضمومة متزحزح \الطويل \جران العود\1/ 58 بائح \الطويل \عنترة\1/ 8 السّوح \البسيط\أبو ذؤيب \1/ 93 - 3/ 71 مصبوح \البسيط\حاتم الطائي. وقيل غيره \2/ 512 قبيح \الوافر\يعزيان إلى آدم عليه السلام \2/ 164

المليح (¬1) \الوافر\يعزيان إلى آدم عليه السلام \2/ 164 تريح \الكامل \المتنبي \1/ 201 ومسيح \الكامل \المتنبي \1/ 201 لا براح \مجزوء الكامل \سعد بن مالك \1/ 364،366، 431 - 2/ 66، 530 فاستراحوا\مجزوء الكامل \سعد بن مالك \1/ 421 - 2/ 307 صحيح \مجزوء الرمل \أبو نواس \3/ 92،271 فصل الحاء المكسورة برائح \الطويل \أبو الطمحان القينى وقيل هدبة بن خشرم \1/ 421 - 2/ 4،28 ناحى \البسيط\مالك بن حيّان \3/ 120 بمستباح \الوافر\جرير\1/ 6،117 - 2/ 71 راح \الوافر\جرير\1/ 405 بمنتزاح \الوافر\إبراهيم بن هرمة\1/ 184،338 - 2/ 420 جناحى \الوافر\هذلىّ \3/ 58 سابح \الكامل \زياد الأعجم \1/ 67 - 2/ 35،453 وذبائح \الكامل \زياد الأعجم \1/ 67 - 2/ 35،453 الرّزاح \مجزوء الكامل \-\3/ 156،157 الرّواح \مجزوء الكامل \-\3/ 156،157 الطّلاح \مجزوء الكامل \-\3/ 156،157 ¬

(¬1) وفيه الإقواء المعروف.

(باب الخاء) فصل الخاء المضمومة الطّبّخ \الرجز\العجاج \1/ 364،431 لا مستصرخ \الرجز\العجاج \1/ 364،431 (باب الدال) فصل الدال الساكنة بجاد\مجزوء البسيط\أبو مارد الشيباني \2/ 503 كلد\الرمل \أوس بن حجر\2/ 316 ففسد\الرجز\-\3/ 95 وبرد\الرجز\-\3/ 95 بالأكباد\الرجز\-\1/ 204 بالواد\الرجز\-\1/ 204 فصل الدال المفتوحة جامدا\الطويل \الأعشى \1/ 399 تردّدا\الطويل \الأعشى \1/ 409 يدا (¬1) \الطويل \الأعشى \2/ 569 المسهّدا-مسهّدا\الطويل \الأعشى \2/ 22،23 - 3/ 227 فاعبدا\الطويل \الأعشى \2/ 165،609 مردا\الطويل \الصّمّة القشيرى \2/ 261 محمّدا\الطويل \العباس بن مرداس \1/ 169 المقيّدا\الطويل \الفرزدق \2/ 561 وتجرّدا\الطويل \الأخطل \2/ 119 ¬

(¬1) ويروى: ندا.

وعيّدا\الطويل \المتنبى \1/ 253 - 2/ 104 تمرّدا\الطويل \المتنبى \3/ 261 تقيّدا\الطويل \المتنبى \3/ 263 اليدا\الطويل \المتنبى \3/ 263 أربدا\الطويل \الأبيوردي \2/ 470،471 عسجدا\الطويل \الأبيوردي \2/ 470،471 المسوّدا-المسوّر في الطويل وردا\البسيط\أبو دؤاد الإيادى أو مامة بن عمرو\2/ 409 الشّردا\البسيط\عبد مناف بن ربع الهذلى \2/ 122 - 3/ 30 عددا\البسيط\عبد مناف بن ربع الهذلى \3/ 65 العبادا\الوافر\شقيق بن جزء\1/ 100 والجيادا\الوافر\شقيق بن جزء\1/ 100 عرادا\الوافر\الأشهب بن رميلة\3/ 74 الشّدادا\الوافر\جرير\2/ 40 - 3/ 44 الجمادا\الوافر\جرير\2/ 40 - 3/ 44 الجوادا\الوافر\جرير\2/ 40 - 3/ 44 الوليدا 5 أبيات \الوافر\بنت لبيد بن ربيعة\1/ 21 يحصدا\الكامل \الأعشى \1/ 300 موعدا\الكامل \الأعشى \2/ 248 العهدا\الكامل \المتنبى \3/ 245 الوردا\الكامل \المتنبى \3/ 245 تضهدا-تقهرا فى الكامل العنّدا\الرجز\-\1/ 422 كيدا\الرجز\رجل من هذيل \3/ 53 فاصطيدا\الرجز\رجل من هذيل \3/ 53 يزيدا\الخفيف \يزيد بن مفرغ \1/ 131

أحيدا\الخفيف \يزيد بن مفرغ \1/ 131 سعيدا\الخفيف \يزيد بن مفرغ \1/ 131 أمردا\المتقارب \الخنساء\1/ 379 مولدا\المتقارب \الخنساء\1/ 379 فصل الدال المضمومة نجد\الطويل \الحطيئة\1/ 90 والبعد\الطويل \الحطيئة\2/ 234 - 3/ 253 منضّد\الطويل \مسكين الدارمي \2/ 360 حمد (¬1) \الطويل \المتنبى \1/ 325 الورد\الطويل \المتنبى \1/ 358 - 3/ 256 بدّ\الطويل \المتنبى \3/ 239،272 والندّ\الطويل \المتنبى \3/ 256 الورد\الطويل \المتنبى \3/ 256 جهد\الطويل \المتنبى \3/ 262 العقد\الطويل \المتنبى \3/ 264 حمد (¬2) \الطويل \المتنبى \3/ 268 عاهد\الطويل \ذو الرمة\2/ 411 خالد\الطويل \المتنبى \3/ 136،239 فوائد\الطويل \المتنبى \3/ 230،238، 264،272 فاسد\الطويل \المتنبى \3/ 245 بلاد\الطويل \رجل من عاد\1/ 373 يزيد\الطويل \المعلوط بن بدل القريعى \3/ 148 ¬

(¬1) ذمّه حمد. (¬2) إن لم يكن حمد.

عهود\الطويل \-\3/ 61 تردّه \الطويل \المتنبي \3/ 247 ضدّه \الطويل \المتنبي \3/ 247 يصيدها\الطويل \-\3/ 67 والجمد\البسيط\أميّة بن أبي الصلت. وقيل غيره \2/ 107،578 السّود\البسيط\المتنبي \3/ 244 يسود\الوافر\أنس بن مدركة الخثعمي \1/ 287 الجليد\الوافر\بشار، أو عروة بن أذينة وقيل غيرهما\3/ 227 تعود\الوافر\-\1/ 139 - 2/ 72 قعود\الوافر\-\2/ 387 أجرد\الكامل \أمية بن أبى الصلت \3/ 34،35 يحمد\الكامل \المتنبي \3/ 256 يوجد\الكامل \المتنبي \2/ 372 والبرود\الرجز\رؤبة\2/ 396 مزيد\الرجز\رؤبة\2/ 396 عابد\السريع \المتنبى \3/ 266 أفقدها\المنسرح \المتنبى \1/ 124،3/ 209 ينكّدها\المنسرح \المتنبى \1/ 297 ولا أعدّدها\المنسرح \المتنبى \1/ 298 أزوّدها\المنسرح \المتنبى \2/ 529 أمردها\المنسرح \المتنبى \3/ 154 يرقدها\المنسرح \المتنبى \3/ 224 فصل الدال المكسورة والجهد\الطويل \قيس بن عاصم المنقرى وقيل حاتم الطائى \1/ 409

ولا يجدى \الطويل \المتنبى \3/ 250،251 القدّ\الطويل \المتنبى \3/ 250،251 في غد-في الغد\الطويل \الطرمّاح \1/ 67 - 2/ 35، 453 مخلدى \الطويل \طرفة\1/ 124 - 3/ 210 المتشدّد\الطويل \طرفة\1/ 167 المصمّد\الطويل \طرفة\2/ 608 فابعد\الطويل \عدىّ بن زيد\2/ 376 ولا تتزيّد-ولا تتزنّد\الطويل \عدىّ بن زيد\2/ 376 ندى \الطويل \الحطيئة\1/ 99 موقد\الطويل \الحطيئة\3/ 12 أوغد\الطويل \كثيّر. وقيل غيره \2/ 202 أعوّد\الطويل \عمر بن أبي ربيعة\2/ 60 منضّد-منضّد فى الطويل الأساود\الطويل \الأشهب بن رميلة\2/ 448 خالد\الطويل \الأشهب بن رميلة\3/ 57 خالد\الطويل \الفرزدق \2/ 180 مفتأد\البسيط\النابغة\1/ 239 - 3/ 10 الأبد\البسيط\النابغة\1/ 419 - 2/ 305 فقد\البسيط\النابغة\2/ 397،561 وحد\البسيط\النابغة\2/ 614 الثّمد\البسيط\النابغة\3/ 29 يدي \البسيط\النابغة\3/ 148 والنادى \البسيط\عبيد بن الأبرص \1/ 251 بفرصاد\البسيط\عبيد بن الأبرص \1/ 324 أذواد\البسيط\السّليك بن السّلكة\2/ 262

عادى \البسيط\القطامى \1/ 200 أسداد\البسيط\فارعة بنت شدّاد. وقيل غيرها\1/ 377 أنجاد\البسيط\فارعة بنت شدّاد. وقيل غيرها\1/ 377 تقد\البسيط\الفرزدق \2/ 82 لمحدود\البسيط\الجموح أو راشد بن عبد ربّه \2/ 510 الجيد\البسيط\الشماخ \1/ 60 حماد\الوافر\المتلمس \2/ 357 زياد 10 أبيات \الوافر\قيس بن زهير العبسى \1/ 126،127 328 البلاد\الوافر\عبد الله بن الزّبير. أو فضالة بن شريك \1/ 365 العباد\الوافر\المتنبى \2/ 33 بالجواد\الوافر\المتنبى \3/ 50 أعادى \الوافر\المتنبى \3/ 251 فساد\الوافر\المتنبى \3/ 251 زناد\الوافر\المتنبى \3/ 251 الجواد\الوافر\المتنبى \3/ 264 رماد-دمان فى الوافر العبيد\الوافر\عمر بن ألاه \1/ 149 تزيد\الوافر\عمر بن ألاه \1/ 149 الجنود\الوافر\عمر بن ألاه \1/ 149 ضرغد\الكامل \عامر بن الطفيل \2/ 573 المتعمّد\الكامل \عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل \3/ 147 المقصد\الكامل \مهيار الديلمي \2/ 32 يهتدي \الكامل \ابن أحمر\2/ 109 \لم يقصد-لم يثأر في الكامل

بداد\الكامل \النابغة الجعدى أو عوف بن عطية بن الخرع \2/ 357 بالمزداد\الكامل \الشريف الرضىّ \1/ 287 - 2/ 83 واحد\الكامل \-\2/ 615 وللمولود\الكامل \أعشى همدان \2/ 174 قدى \الرجز\حميد الأرقط\1/ 20 - 2/ 397 الملحد\الرجز\حميد الأرقط\1/ 20 - 2/ 397 محمود\المنسرح \المتنبى \3/ 247 كئود\الخفيف \أبو زبيد الطائى \2/ 294،384 بصدود\الخفيف \المتنبى \1/ 115 وعقود\الخفيف \المتنبى \2/ 113 القرود\الخفيف \المتنبى \2/ 484 وعود\الخفيف \المتنبى \3/ 83 شديد-كئود إنفادها\المتقارب \الأعشى \1/ 243 بألبادها\المتقارب \الأعشى \1/ 243 أزنادها\المتقارب \الأعشى \2/ 76 (باب الراء) فصل الراء الساكنة أو مضر\الطويل \لبيد\3/ 75،195 مضر\الطويل \عمران بن حطان \1/ 407 زفر\الطويل \عمران بن حطان \1/ 407 الحير\الرجز\منظور بن مرثد\1/ 321 الخفر\الرجز\أرطاة بن سهيّة. وقيل غيره \2/ 68 الشجر\الرجز\رؤبة أو العجاج \1/ 286 غفر\الرجز\العجاج \1/ 341

غبر\الرجز\العجاج \1/ 341 بدر\الرجز\العجاج \2/ 173 كسر\الرجز\العجاج \2/ 173 شعر\الرجز\العجاج \2/ 542 وحجر\الرجز\-\2/ 406 - 3/ 255 الوتر\الرجز\-\2/ 406 - 3/ 255 البشر\الرجز\-\2/ 406 - 3/ 255 خير\منهوك الرجز\أبو نواس \2/ 539 وضرّ\الرمل \طرفة\2/ 264،419 المبرّ\الرمل \طرفة\2/ 264،419 مستعر\الرمل \طرفة\2/ 293 وتدرّ\الرمل \امرؤ القيس \1/ 60 وذكر\الرمل \-\2/ 546 ينجحر\السريع \عمرو بن أحمر\1/ 298 أجرّ\المتقارب \امرؤ القيس \1/ 140 - 2/ 72 أخر\المتقارب \امرؤ القيس \1/ 183،185، 384 قرّ\المتقارب \امرؤ القيس \2/ 293 يأتمر\المتقارب \امرؤ القيس \2/ 302 بشرّ\المتقارب \امرؤ القيس \2/ 338 فصل الراء المفتوحة سجرا\الطويل \ذو الرمة\2/ 318،325 قفرا\الطويل \ذو الرمة\2/ 373 فلا صبرا 5 أبيات \الطويل \ابن ميّادة\2/ 5 - 3/ 133، 134 جآذرا\الطويل \أبو القاسم الزاهى \3/ 7 عيرا\الطويل \الكميت بن معروف \3/ 61

بقيصرا\الطويل \امرؤ القيس \3/ 78 فنعذرا\الطويل \امرؤ القيس \3/ 78 جرجرا\الطويل \امرؤ القيس \1/ 298 وأشعرا\الطويل \ابن مقبل \1/ 108 تيسّرا\الطويل \ابن مقبل \1/ 108 بشرا قصيدة طويلة\الوافر\بشر بن عوانة\2/ 479 - 486 تعارا\الوافر\ابن أحمر\3/ 48 وتستطارا\الوافر\عنترة\1/ 26 عمارا 7 أبيات \الوافر\عنترة\1/ 26 الحجور\الوافر\رجل من بنى سليم. أو من بنى تميم \3/ 58 وتقهرا\الكامل \-\2/ 231 كسيرا\الكامل \-\1/ 85،106 زبرا\الرجز\صفية بنت عبد المطلب \3/ 111 تمرا\الرجز\صفية بنت عبد المطلب \3/ 111 هزبرا\الرجز\صفية بنت عبد المطلب \3/ 111 صقرا\الرجز\صفية بنت عبد المطلب \3/ 111 مرّا\الرجز\صفية بنت عبد المطلب \3/ 111 برّا\الرجز\-\2/ 162،461 مكرّا\الرجز\-\2/ 162،461 فرّا\الرجز\-\2/ 162،461 برّا\الرجز\-\3/ 53 مشمخرّا\الرجز\-\3/ 53 تسخرا\الرجز\أبو النجم العجلى \2/ 542 القفندرا\الرجز\أبو النجم العجلى \2/ 542 حرّا\الرجز\أبو النجم العجلى \1/ 73 شرّا\الرجز\أبو النجم العجلى \1/ 73 أنصارا\الرجز\-\1/ 118 - 2/ 145 الإزارا\الرجز\-\1/ 118 - 2/ 145

جارا\الرجز\أبو النجم العجلى \1/ 118 - 2/ 145 حيدره \الرجز\على بن أبي طالب \2/ 411 - 3/ 223 عنتره \مجزوء الرجز\عنترة\2/ 318 حره \مجزوء الرجز\عنترة\2/ 318 وأحمره \مجزوء الرجز\عنترة\2/ 318 مشفره \مجزوء الرجز\عنترة\2/ 318 حجرا\المنسرح \الربيع بن ضبع الفزاري \2/ 366 والفقيرا\الخفيف \عدىّ بن زيد\1/ 379 - 2/ 6 البيقورا\الخفيف \أمية بن أبى الصلت \2/ 570 الفجورا\الخفيف \الكميت \1/ 33 المصيرا\الخفيف \-\1/ 46 البعيرا\الخفيف \-\1/ 46 نارا\المتقارب \أبو دواد الإيادى \2/ 21 وقيل: عدىّ بن زيد\2/ 21 فرارا\المتقارب \-\2/ 569 فصل الراء المضمومة الغدر\الطويل \أعشى تغلب \1/ 187،196 القطر 8 أبيات \الطويل \أعشى تغلب \1/ 187،188 وتر\الطويل \شمعلة بن فائد الهلالى \1/ 190 الصدر\الطويل \حاتم الطائى \1/ 90 - 3/ 117 العذر\الطويل \حاتم الطائى \1/ 197 عصر\الطويل \أبو صخر الهذلى \2/ 168 نزر\الطويل \ذو الرمة\2/ 300 القطر\الطويل \ذو الرمة\2/ 409 قبر\الطويل \أبو تمام \3/ 196 جمر\الطويل \المتنبى \3/ 241 البكر\الطويل \المتنبى \3/ 255

الفقر\الطويل \المتنبى \3/ 255 ذكر\الطويل \المتنبى \3/ 255 الخبر\الطويل \المتنبى \3/ 255 تذكر\الطويل \زهير\1/ 191 - 2/ 315 المسوّر\الطويل \سويد بن أبي كاهل \1/ 265،267 يبتر\الطويل \سويد بن أبي كاهل \1/ 265،267 يذكر\الطويل \عمر بن أبي ربيعة\2/ 314 يبصر\الطويل \-\3/ 124 تزهر\الطويل \-\3/ 124 أبشروا\الطويل \-\3/ 124 يتمرمر\الطويل \ذو الرمة\1/ 233 الأباعر\الطويل \معقّر بن حمار البارقي \1/ 38 ظاهر\الطويل \سبرة بن عمرو الفقعسى \1/ 334 ونقامر\الطويل \سبرة بن عمرو الفقعسى \1/ 334 سامر\الطويل \حميد بن ثور\2/ 67 والمقابر\الطويل \حميد بن ثور\2/ 67 عاقر\الطويل \أبو طالب \2/ 346 جازر\الطويل \ذو الرمة\1/ 49 كبير\الطويل \المجنون. وقيل غيره \1/ 83 عسير\الطويل \أبو نواس \2/ 58 ناصره \الطويل \النابغة الجعديّ \2/ 358 نورها\الطويل \حاتم الطائى \1/ 93 سارها\الطويل \أبو ذؤيب \1/ 322 جبورها\الطويل \جرير\2/ 125 فجورها\الطويل \توبة بن الحميّر\3/ 74 لا نزورها\الطويل \كثيّر\1/ 6 يضيرها\الطويل \-\2/ 200 شجر\البسيط\الحطيئة\2/ 76

ومنتظر\البسيط\لبيد، أو أبو زبيد الطائى \2/ 314 مضر\البسيط\رجل من طيئ \3/ 54 القدر\البسيط\جرير\2/ 97 عمر\البسيط\جرير\2/ 307 الظّفر\البسيط\الأخطل \1/ 249 هجر\البسيط\الأخطل \2/ 136 يأتمر\البسيط\أعشى باهلة\1/ 345 وكّار\البسيط\عبدة بن الطبيب \2/ 143،144، 524،527 سنمّار\البسيط\سليط بن سعد\1/ 152 وإدبار\البسيط\الخنساء\1/ 106 مياسير\البسيط\حريث بن جبلة. وقيل غيره \2/ 504 فأنظور\البسيط\-\1/ 337 - 2/ 419 لمغرور\البسيط\-\2/ 413 الكبار\مخلّع البسيط\الأعشى \2/ 197 وبار\مخلّع البسيط\الأعشى \2/ 361 الخيار\الوافر\الفرزدق \1/ 183 اعتبار\الوافر\المتنبى \3/ 263 الصّدور\الوافر\العباس بن مرداس \2/ 236 نزور\الوافر\العباس بن مرداس وقيل غيره \3/ 28 بعير\الوافر\أعرابية\3/ 217 كثير\الوافر\أعرابية\3/ 217 نغير\الوافر\-\1/ 159 - 3/ 94، النّصور\الوافر\-\95،202 الغيور-النّصور والنحر\الكامل \المخبل \1/ 114 - 2/ 279 - 3/ 120،203 عار\الكامل \ثابت قطنة\3/ 46

الغادر\الكامل \ثابت قطنة\2/ 42،65 جرير\الكامل \جرير\2/ 546 يضرّه \مجزوء الكامل \النابغة الذبيانى أو الجعدي، أو لبيد\2/ 365 يا عامر\السريع \امرأة\2/ 425 ناصر\السريع \امرأة\2/ 425 القمر\المنسرح \المتنبى \3/ 264 ستمار\الخفيف \الأفوه الأودىّ \3/ 137 المهار\الخفيف \أبو دؤاد الإيادىّ \2/ 565 تصير\الخفيف \عدىّ بن زيد\1/ 134 خفير\الخفيف \عدىّ بن زيد\1/ 137،139 يصير\الخفيف \عدىّ بن زيد\1/ 154 النحرير\الخفيف \عدىّ بن زيد\1/ 156 الموفور 17 بيتا\الخفيف \عدىّ بن زيد\1/ 137 فصل الراء المكسورة يسر\الطويل \أبو الهول الحميرى \1/ 10 الفقر\الطويل \أبو الهول الحميرى \1/ 10 للفقر\الطويل \هدبة بن خشرم \2/ 85 للصبر\الطويل \هدبة بن خشرم \2/ 552 الدهر\الطويل \الأخطل \2/ 409 السّكر\الطويل \المتنبي \1/ 244 والغدر\الطويل \-\2/ 114 المتغوّر\الطويل \ليلى الأخيلية\1/ 75 بنهار\الطويل \المتنبي \1/ 91 كابر\الطويل \النابغة\2/ 612 - 3/ 19 أمّ عامر\الطويل \الشنفرى \2/ 125 الغوابر\الطويل \-\2/ 542

جزره \المديد\أبو نواس \3/ 138 بالسّحر\البسيط\ابن مقبل \2/ 137 والسّمر\البسيط\العرجى. وقيل غيره \2/ 383 بالسّور\البسيط\القتّال الكلابي، أو الراعى \1/ 130 قدر\البسيط\جرير\3/ 74 منجحر-تذبيب في البسيط عار\البسيط\سالم بن دارة\3/ 22 جرّار\البسيط\الأعشى \2/ 303 حار\البسيط\الأعشى \2/ 303 لمختار\البسيط\الأعشى \2/ 303 بالعار\البسيط\القتّال الكلابي \2/ 262 الضارى \البسيط\الأخطل \1/ 322 والدار\البسيط\دعبل. . أو غيره \2/ 58 الجار\البسيط\دعبل. . أو غيره \2/ 58 من جار\البسيط\-\2/ 69،414 الجماخير\البسيط\حسان بن ثابت \2/ 302 الدهارير\البسيط\الفرزدق \1/ 58 ممطور\البسيط\الفرزدق \3/ 65 جهير\مخلّع البسيط\أبو المرجّى \2/ 276 الغيور 5 أبيات \مخلّع البسيط\أبو المرجّى \2/ 276 صبر\الوافر\دريد بن الصمّة\3/ 150 قدرى \الوافر\يزيد بن سنان \2/ 110 جير\الوافر\-\2/ 149 - 3/ 87 الحمار\الوافر\فاختة بنت عدىّ \2/ 303 حار\الوافر\فاختة بنت عدىّ \2/ 303 الصّقور\الوافر\إمام بن أقرم النّميرى \2/ 101 كالسّعير\الوافر\عمر بن إلاه \1/ 144 الذكور\الوافر\عمر بن إلاه \1/ 144

زور\الوافر\عمر بن إلاه \1/ 144 للهجير\الوافر\المتنبى \3/ 253،254 منير\الوافر\المتنبى \3/ 253،254 نقير\الوافر\المتنبى \3/ 253،254 نظير\الوافر\المتنبى \3/ 253،254 وخيرى \الوافر\المتنبى \3/ 253،254 الدهور\الوافر\المتنبى \3/ 253،254 الصّدور\الوافر\المتنبى \3/ 253،254 العثور\الوافر\المتنبى \3/ 253،254 سرور\الوافر\المتنبى \3/ 253،254 مسير\الوافر\المتنبى \3/ 253،254 الذّعر\الكامل \زهير\2/ 354 ما يدرى \الكامل \المسيّب بن علس \2/ 473 - 3/ 12 الجزر\الكامل \خرنق بنت هفان \2/ 102 - 3/ 77 الأزر\الكامل \خرنق بنت هفان \2/ 102 - 3/ 77 لم يثأر\الكامل \عامر بن الطفيل \2/ 141،526، 527 الأعفر\الكامل \أبو كبير الهذلى \1/ 177 فجار\الكامل \النابغة\2/ 357 بدار\الكامل \مؤرّج السّلمى \2/ 236 الأقدار\الكامل \-\2/ 346 الثّرّ\الهزج \ابن ضبّة\1/ 122 الرّير\الرجز\-\1/ 183 شعرى \الرجز\أبو النجم العجلى \1/ 373 حذار\الرجز\أبو النجم العجلى \2/ 352 نظار\الرجز\العجاج \2/ 352 الدار\الرجز\-\2/ 577 باتر\الرجز\-\2/ 437 - 3/ 205

وجائر\الرجز\-\2/ 437 - 3/ 205 عذيري \الرجز\العجاج \2/ 315 بعيرى \الرجز\العجاج \2/ 315 أسيرها\الرجز\أبو النجم العجلى \2/ 580 الأشقر\السريع \الفرزدق، أو الأقيشر\2/ 235،238 المئزر\السريع \أو ابن قيس الرقيات \2/ 235،238 الخاسر\السريع \الأعشى \1/ 111 الفاخر\السريع \الأعشى \2/ 107،578 ساخر\السريع \الأعشى \2/ 132 الضامر\السريع \الأعشى \2/ 343 بالسحر\المنسرح \الشريف الرضيّ \1/ 420 بنكر\الخفيف \زيد بن عمرو بن نفيل وقيل غيره \3/ 162 الثرثار\الخفيف \-\1/ 150 للكسور\الخفيف \ابن نباتة\1/ 143 سابور\الخفيف \ابن نباتة\1/ 143 (باب الزاى) فصل الزاى المفتوحة وقزّا\الرجز\-\2/ 68 أوزّا\الرجز\-\2/ 68 وغمزا 12 بيتا\المتقارب \الخنساء\1/ 368،369 بزّا\المتقارب \الخنساء\1/ 368،376 عجزا\المتقارب \الخنساء\1/ 369 فصل الزاى المضمومة ضامز\الطويل \الشماخ \1/ 296

فصل الزاى المكسورة القواقير\البسيط\الأسود بن يعفر\3/ 60 التنزّي \الرجز\رؤبة\2/ 369 - 3/ 45 بالنّكز\الرجز\رؤبة\2/ 369 - 3/ 45 (باب السين) فصل السين المفتوحة الرءوسا\الطويل \يزيد بن الخذّاق الشنّى \1/ 432 - 2/ 96 تميسا\الكامل \المتنبى \3/ 210 رطيسا\الكامل \المتنبى \3/ 215 ملسا\مجزوء الكامل \بشار بن برد\3/ 104 قعسا\الرجز\العجاج \2/ 174 أمسا\الرجز\ينسب للعجاج \2/ 596 قعسا\الرجز\ينسب للعجاج \2/ 596 فصل السين المضمومة وبرنس \الطويل \الهذيل بن مجاشع \3/ 193 خامس \الطويل \أبو نواس \1/ 14 والآس \البسيط\مالك بن خالد الخناعى الهذلى وقيل غيره \2/ 140 وأتياس \البسيط\أبو ذؤيب. أو مالك بن خالد\3/ 31 السّوس \البسيط\المتلمّس \2/ 134 شوس \الوافر\أبو زبيد الطائى \1/ 146 - 2/ 172 المجلس \الكامل \مهلهل \1/ 79،283 - 2/ 67

فصل السين المكسورة عرس \الطويل \أبو تمام \1/ 185 احبس \الطويل \-\1/ 372 المجالس \الطويل \الأسود بن يعفر\3/ 197 عرس \البسيط\الشريف الرضىّ \1/ 185 الفرس \البسيط\المتنبى \3/ 265 جسّاس \البسيط\بشير بن أبىّ العبسى \1/ 173 الجواميس \البسيط\جرير\2/ 237 - 3/ 123 نواس \الوافر\عمرو بن معديكرب \1/ 262 قاس \الوافر\عمرو بن معديكرب \1/ 262 انّاس \الوافر\عمرو بن معديكرب \1/ 262 المخلس \الكامل \المرّار الفقعسى \2/ 561 ييأس \الكامل \الفرزدق \2/ 313 للناس \الكامل \أبو نواس \2/ 452 شموس \الكامل \مالك الأشتر\1/ 122 العنس \الرجز\خزز بن لوذان \3/ 81،82 والحلس \الرجز\أو خالد بن المهاجر\3/ 81،82 أمرس \الرجز\-\2/ 407 محندس \الرجز\أعرابى \2/ 139 الأملس \الرجز\أعرابى \2/ 139 بالتوسوس \الرجز\أعرابى \2/ 139 أرمس \الرجز\أعرابى \2/ 139 (باب الشين) فصل الشين المفتوحة نفّاشا\الرجز\-\3/ 205 (باب الصاد) فصل الصاد المفتوحة رقصا\الرجز\-\3/ 110

توقّصا\الرجز\-\3/ 110 فصل الصاد المضمومة حريص \الوافر\عدىّ بن زيد، أو عمرو بن جابر الحنفيّ \1/ 291 خميص \الوافر\-\2/ 48،211، 237،3/ 123 (باب الضاد) فصل الضاد المكسورة بالحضيض \الطويل \المتنبى \3/ 198 تبيضّضى \الخفيف \-\1/ 336 (باب الطاء) فصل الطاء الساكنة وأختبط\الرجز\نسب للعجّاج \2/ 407 المختلط\الرجز\نسب للعجّاج \2/ 407 قط\الرجز\نسب للعجّاج \2/ 407 فصل الطاء المفتوحة وسطا\الرجز\-\1/ 422 هابطا\الرجز\-\2/ 168 العلابطا\الرجز\-\2/ 168 فصل الطاء المكسورة النّياط\الوافر\تأبط شرّا أو المتنخل الهذلى \1/ 217،218، 220 - 2/ 135

الرّياط\الوافر\تأبط شرّا أو المتنخل الهذلى \2/ 135 (باب الظاء) فصل الظاء المكسورة حفاظ\الوافر\حسّان بن ثابت \1/ 191،195 - 2/ 320 (باب العين) فصل العين الساكنة رتع \الرمل \سويد بن أبي كاهل \1/ 181 لم يطع \الرمل \سويد بن أبى كاهل \2/ 440 - 3/ 219 فصل العين المفتوحة وأجزعا\الطويل \دريد بن الصمّة\2/ 148 بأجدعا\الطويل \سويد بن أبى كاهل. وقيل غيره \2/ 606 فترفّعا\الطويل \يزيد بن الطثرية\2/ 537 معا\الطويل \متمم بن نويرة\2/ 616 المقنّعا\الطويل \الأشهب بن رميلة، أو جرير\1/ 426 - 2/ 84، 509 والوجعا\البسيط\لقيط بن يعمر\1/ 62 اتّباعا\الوافر\القطامى \2/ 395 الرّتاعا\الوافر\القطامى \2/ 396 السّطاعا\الوافر\القطامى \3/ 57 انقشاعا\الوافر\القطامى \3/ 165 معا\الكامل \المتنبى \1/ 19 طالعا\الرجز\الأخطل \2/ 124 ناقعا\الرجز\الأخطل \2/ 124

والمزارعا\الرجز\الأخطل \2/ 124 يانعا\الرجز\الأخطل \2/ 124 واقعا\الرجز\الأخطل \2/ 124 رفعه \المنسرح \الأضبط بن قريع \2/ 166 فصل العين المضمومة أمنع \الطويل \معبد بن سعنة الضبىّ \1/ 173 يتمزّع \الطويل \معبد بن سعنة الضبىّ \1/ 173 ويمنع \الطويل \معبد بن سعنة الضبىّ \1/ 173 أصنع \الطويل \العجير السّلولي \3/ 116 تدمع \الطويل \درّاج بن زرعة\2/ 607 أجمع \الطويل \كثيّر، أو جميل \1/ 5 - 2/ 78 وتنزع \الطويل \كثيّر، أو جميل \1/ 5 - 2/ 78 ترتع \الطويل \المتنبى \1/ 181 ويمنع \الطويل \المتنبى \1/ 332 تتقطّع \الطويل \المتنبى \1/ 335 تصدّعوا\الطويل \طفيل الغنوى \2/ 452 مقنّع \الطويل \عقبة بن مسكين الدارمى \2/ 500 يهجع \الطويل \وقيل غيره \2/ 500 مرقّع \الطويل \المتنبى \2/ 528 وأفرع \الطويل \-\2/ 568 وأشجع \الطويل \-\2/ 568 مرصّع-منضّد فى الطويل متتايع \الطويل \الأسود بن يعفر\1/ 42 - 2/ 456 فاجع \الطويل \الضحّاك بن هنّام، أو رجل من بنى سلول \2/ 540 وازع \الطويل \النابغة\1/ 68 - 2/ 385، 601،603

تجادع \الطويل \النابغة\2/ 102 قعاقع \الطويل \النابغة\3/ 226 صانع \الطويل \حميد بن ثور\3/ 138 بلاقع \الطويل \لبيد\2/ 229 ساطع \الطويل \لبيد\3/ 228 الطوالع \الطويل \الفرزدق \1/ 19 - 2/ 424 الزعازع \الطويل \الفرزدق \1/ 286 - 2/ 131 متتابع-متتايع \الطويل لا أطيعها\الطويل \المجنون، أو ابن الدّمينة أو إبراهيم الصّولى \3/ 224 رجوعها\الطويل \-\2/ 531 الضبع \البسيط\عباس بن مرداس \1/ 49 - 2/ 114 - 3/ 134 فينصدع \البسيط\عباس بن مرداس أو خفاف بن ندبة\1/ 223 جمع \البسيط\أبو تمام \1/ 312 تقع \البسيط\المتنبى \3/ 141،244 ما يزع \البسيط\المتنبى \3/ 267 هجوع \الوافر\عمرو بن معديكرب \1/ 98 - 2/ 345 صديع \الوافر\عمرو بن معديكرب \2/ 558 تطلّع \الكامل \عنترة\1/ 221 - 2/ 49، 553 ترقع \الكامل \أبو ذؤيب \1/ 16 مصرع \الكامل \أبو ذؤيب \1/ 429 ويصدع \الكامل \أبو ذؤيب \2/ 610 يا مربع \الكامل \جرير\1/ 386 - 3/ 156 المرتع \الكامل \الفرزدق \1/ 120 - 2/ 464 فأشجع 6 أبيات \الكامل \المتنبى \3/ 249،250

موضع \الكامل \-\3/ 196 أجمع \الرجز\حميد الأرقط\2/ 609 أقرع \الرجز\جرير بن عبد الله البجلى، \1/ 125 تصرع \الرجز\وقيل غيره \1/ 125 الأصلع \المتقارب \حميد الأمجى \2/ 162،461 فصل العين المكسورة معي \الطويل \أرطاة بن سهيّة\1/ 295 - 2/ 353 مطمع \الطويل \غضوب \2/ 44 لم أتخشع \الطويل \الأحوص \2/ 376 لم تقطع \الطويل \الأحوص \2/ 376 بأجذع-بأجدعا فى الطويل قاطعى \الطويل \أبو الغول الطّهوى \1/ 387 - 3/ 159 ولم تدع \البسيط\أبو عمرو بن العلاء\1/ 128 لكاع \الوافر\الحطيئة\2/ 347 المصاع \الوافر\يزيد بن مفرغ \3/ 269 المضيع \الوافر\الشمّاخ \2/ 309 فاجزعي \الكامل \النمر بن تولب \1/ 48 - 2/ 81 - 3/ 129 شفيع \الكامل \-\3/ 267 تدّعي \الرجز\أبو النجم العجلى \1/ 9،139 - 2/ 72 لم أصنع \الرجز\أبو النجم العجلى \1/ 9،139 - 2/ 72 واهجعي \الرجز\أبو النجم العجلى \2/ 295 مناعها\الرجز\راجز من بنى بكر\2/ 353 أرباعها\الرجز\راجز من بنى بكر\2/ 353 (باب الفاء) فصل الفاء الساكنة إسكاف \الرجز\الشماخ \2/ 458

فصل الفاء المفتوحة واتّصافا\المتقارب \سحيم العبد\1/ 336 فصل الفاء المضمومة نتنصّف \الطويل \الحرقة، أو هند بنت \2/ 451 وتصرّف \الطويل \النعمان \2/ 451 المشعّف \الطويل \الفرزدق \1/ 16 - 2/ 496 وكيف \الطويل \الحطيئة\2/ 111 والقروف \الوافر\معقّر بن حمار البارقى \1/ 397 مختلف \المنسرح \عمرو بن امرئ القيس \2/ 20،45 - 3/ 113 فصل الفاء المكسورة الصياريف \البسيط\الفرزدق \1/ 215،337 - 2/ 323،419 شاف \الوافر\بشر بن أبى خازم \1/ 38،282،432 - 2/ 21،24 عجاف \الوافر\عيسى بن عاتك \1/ 355 خلاف \الوافر\-\1/ 103،169 - 2/ 36،385، 507 الشّفوف \الوافر\ميسون بنت بحدل \1/ 427 الأجراف \الكامل \قيس بن الخطيم، أو حسّان بن ثابت \1/ 360 المستاف \الكامل \أبو العلاء المعرّى \1/ 40 سرهاف-سرعاف \الرجز\العجاج \3/ 37 الضافى \الرجز\رؤبة\1/ 40

كفاف \الرجز\رؤبة\1/ 40 جافى \الرجز\ابن الشجرى \2/ 332 بالجيف \المنسرح \المتنبي \3/ 265 (باب القاف) فصل القاف الساكنة الحقق \الرجز\رؤبة\1/ 157 الطرق \الرجز\رؤبة\1/ 157 القرق \الرجز\رؤبة\1/ 158 الورق \الرجز\رؤبة\1/ 158 وأرق \الرمل \عدىّ بن زيد\1/ 346 فصل القاف المفتوحة تفلّقا\الطويل \الفرزدق \2/ 592 يفارقا\الطويل \-\2/ 173 خلقا\البسيط\زهير\1/ 89 سحقا\البسيط\زهير\3/ 181 أفاقا\الوافر\المتنبى \1/ 244 نطاقا\الوافر\المتنبى \3/ 104 وذاقا\الوافر\المتنبى \3/ 247 نفاقا\الوافر\المتنبى \3/ 247 حمقا\مجزوء الرمل \أبو نواس \3/ 92،271 فصل القاف المضمومة سملق \الطويل \الأعشى \2/ 55،56 موفّق \الطويل \الأعشى \2/ 55،56 ووامق \الطويل \المتنبى \3/ 251

الغرانق \الطويل \المتنبى \3/ 251 نطاق \الطويل \السّرىّ الرفّاء\3/ 104 طليق \الطويل \يزيد بن مفرّغ \2/ 443،445 صديق \الطويل \-\3/ 153 عارقه \الطويل \قيس بن جروة الطائى \3/ 52 عروقها\الطويل \أبو محجن الثقفى \1/ 387 - 3/ 158 أذوقها\الطويل \أبو محجن الثقفى \1/ 387 - 3/ 158 فريق \الوافر\المفضّل النكرىّ. وقيل غيره \3/ 197 العقيق \الوافر\عبد الله بن المعتز\91 - 3/ 118 تحرق \الكامل \المتنبى \1/ 119 المشرق \الكامل \المتنبى \1/ 121 لا أغرق \الكامل \المتنبى \1/ 122 الأحمق \الكامل \المتنبى \3/ 263 أنزق \الكامل \المتنبى \3/ 266 الورق 7 أبيات \المنسرح \العباس بن عبد المطلب \3/ 114،115 فصل القاف المكسورة وترتقى \الطويل \امرؤ القيس \2/ 538 - 3/ 24 أمزّق \الطويل \الممزّق العبدى \1/ 204 موثق \الطويل \-\1/ 77 متألق \الطويل \-\1/ 77 يعشق \الطويل \المتنبى \2/ 19 لم يتخرّق \الطويل \المتنبى \3/ 259 بمطرق \الطويل \المتنبى \3/ 259 الموفّق \الطويل \المتنبى \3/ 259 والخلائق \الطويل \المتنبى \3/ 245 والحدق \البسيط\المتنبى \3/ 257 أخلاقى \البسيط\تأبط شرا\2/ 490

الأباريق \البسيط\الأقيشر الأسدى \3/ 208 رقاق \الوافر\بشر بن أبي خازم \1/ 44 عفاق \الوافر\متمم بن نويرة\3/ 76 واشتياق \الوافر\متمم بن نويرة\3/ 76 مائق \الكامل \دعبل الخزاعى \1/ 91 - 3/ 118 لمخارق \الكامل \دعبل الخزاعى \1/ 91 - 3/ 118 فطلّق \الرجز\رؤبة\1/ 129 تملّق \الرجز\رؤبة\1/ 129 موارق \الرجز\رؤبة\3/ 55 سائق \الرجز\رؤبة\3/ 55 عاتقى \السريع \أنس بن العباس بن مرداس \2/ 290 بالشاهق \السريع \أو أبو الرّبيس التغلبى السّاقى \الخفيف \عدىّ بن زيد\2/ 81 تلاق \الخفيف \مهلهل بن ربيعة\1/ 172 الأواقى \الخفيف \مهلهل بن ربيعة\2/ 188 حلاق \الخفيف \مهلهل بن ربيعة\2/ 359 المذاق \الخفيف \المتنبى \3/ 240 الفراق \الخفيف \المتنبى \3/ 240 لم تخلق \المتقارب \باقل \2/ 500،501 بالأحمق \المتقارب \باقل \2/ 500،501 المنطق \المتقارب \باقل \2/ 500،501 (باب الكاف) فصل الكاف الساكنة عبد الملك \الرجز\رؤبة\3/ 44 فصل الكاف المفتوحة لسوائكا\الطويل \الأعشى \1/ 359 - 2/ 250 366،372،582

ألالكا\الطويل \أخو الكلحبة اليربوعى \3/ 165 كافيكا\الهزج \أحيحة بن الجلاح. أو على بن أبى طالب \3/ 195 لاقيكا\الهزج \أحيحة بن الجلاح. أو على بن أبى طالب \3/ 195 إياكا\الرجز\حميد الأرقط\1/ 58 عساكا\الرجز\رؤبة\2/ 296،342 هواكا\الرجز\-\2/ 506 دونكا\الرجز\ينسب لرؤبة\3/ 140 يحمدونكا\الرجز\ينسب لرؤبة\3/ 140 مباركا\الرجز\-\2/ 281 تعدائكا\المتقارب \عبد الله بن همّام السّلولى \2/ 314 فصل الكاف المضمومة ملك \البسيط\زهير\2/ 302 فصل الكاف المكسورة يبالك \الطويل \ابن الدمينة\2/ 435 ذلك \الطويل \ابن الدمينة\2/ 435 والفكّ \الرجز\منظور بن مرثد الأسدى \1/ 14 ضنك \الرجز\جحدر بن مالك الحنفى \1/ 14 - 2/ 487 ومحك \الرجز\أو واثلة بن الأسقع \1/ 14 - 2/ 487 الشكّ \الرجز\أو واثلة بن الأسقع \1/ 14 - 2/ 487 بترك \الرجز\أو واثلة بن الأسقع \1/ 14 - 2/ 487 تراكها\الرجز\طفيل بن يزيد الحارثى \2/ 353،389 أوراكها\الرجز\طفيل بن يزيد الحارثى \2/ 353،389

(باب اللام) فصل اللام الساكنة فعل \الطويل \أبو الأسود الدؤلى، أو غيره \1/ 153 مشمعلّ \الرجز\جبار بن جزء\1/ 190 - 2/ 576 الكسل \الرجز\جبار بن جزء\1/ 190 - 2/ 576 يعتمل \الرجز\-\2/ 440 يتّكل \الرجز\-\2/ 440 عطبول \الرجز\-\2/ 420 القرنفول \الرجز\-\2/ 420 تمل \الرمل \كعب بن جعيل، أو الحسام بن ضرار الكلبى \2/ 82 - 3/ 130 الجمل \الرمل \النابغة الجعدى \2/ 604 كالمختبل \الرمل \النابغة الجعدى \3/ 227 المعلّ \الرمل \لبيد\2/ 293 وكل \الرمل \امرأة من بنى الحارث \1/ 288 - 2/ 83 خصل \الرمل \أو علقمة الفحل \1/ 288 - 2/ 83 بالأجل \الرمل \أو علقمة الفحل \1/ 288 - 2/ 83 فصل اللام المفتوحة عقلا\الطويل \كثيّر، أو الأفوه الأودى \1/ 55 - 2/ 273 وتعملا\الطويل \أوس بن حجر\1/ 36 نهشلا\الطويل \الأخطل \2/ 63 المغفّلا\الطويل \العرجىّ. وقيل غيره \3/ 60 وقابله \الطويل \حميد الأرقط، أو حميد بن ثور\2/ 356 قاتله \الطويل \-\2/ 537،542 واكتحالها\الطويل \الكميت \1/ 159 الرجله \المديد\-\3/ 26

بخلا\البسيط\المتنبى \3/ 244 وما عدلا\البسيط\المتنبى \1/ 350 سبلا\البسيط\المتنبى \1/ 350 فلا\البسيط\المتنبى \1/ 354 محلالا\البسيط\أبو الصلت الثقفى \1/ 233،248، 260 - 3/ 6،97 أحوالا 10 أبيات \البسيط\أبو صلت الثقفى أو أمية بن أبي الصلت \1/ 259،260 أبوالا\البسيط\أبو الصلت الثقفى، أو النابغة الجعدي \1/ 260 زالا\البسيط\عبيد بن أيوب العنبرى \1/ 229 قيلا\البسيط\النعمان بن المنذر\2/ 96،3/ 130 حلاّ\الوافر\جميل، أو مساور بن مالك القينى \1/ 372 أثالا\الوافر\ابن أحمر\1/ 192،194، 207 - 2/ 320 نالا\الوافر\ابن أحمر\207 - 2/ 320 اختيالا 15 بيتا\الوافر\ابن أحمر\1/ 207،208 - 2/ 321 الشّمالا\الوافر\زهير بن مسعود الضبىّ \2/ 35 تبالا\الوافر\أبو طالب. وقيل غيره \2/ 150،151 مالا\الوافر\ذو الرمة\1/ 269 غزالا\الوافر\المتنبى \3/ 6 خصالا\الوافر\المتنبى \3/ 83 سبيلا\الوافر\محمد بن يزيد الأموى \1/ 353 عقلا\الكامل \المتنبى \3/ 241 أخوالا\الكامل \جرير\1/ 300 الأثقالا\الكامل \الأخطل \1/ 293 خيالا\الكامل \الأخطل \3/ 109

الأغلالا\الكامل \الأخطل \3/ 55 الأوعالا 5 أبيات \الكامل \سفيح بن رباح \1/ 301 أفيلا\الكامل \الراعى النميرى \2/ 272 دليلا\الكامل \أبو تمام \1/ 352 رحيلا\الكامل \المتنبى \3/ 68 التأميلا\الكامل \المتنبى \3/ 68 حلولا\الكامل \المتنبى \3/ 96 مسيلا\الكامل \المتنبى \3/ 104 خليلا\الكامل \المتنبى \3/ 238 خمولا\الكامل \المتنبى \3/ 239 صهيلا\الكامل \المتنبى \3/ 239 وحنظلا\الرجز\غيلان بن حريث \1/ 193،196 المجلجلا\الرجز\غيلان بن حريث \1/ 193،196 الله \الرجز\حنظلة بن مصبح \2/ 198 المغلّة\الرجز\حنظلة بن مصبح \2/ 198 جبله \الرجز\شهاب بن العيّف \2/ 324،536 قتله \الرجز\شهاب بن العيّف \2/ 324،536 لا عهد له \الرجز\شهاب بن العيّف \2/ 324،536 لا فعله \الرجز\شهاب بن العيّف \2/ 324،536 بالجدالة\الرجز\أبو قردودة الأعرابى \2/ 485 أسهلا\السريع \عمر بن أبى ربيعة\2/ 100 فلا\السريع \دعبل الخزاعى \1/ 357 غلا\السريع \دعبل الخزاعى \1/ 357 مكساله \السريع \-\1/ 164 مهلا\المنسرح \الأعشى \2/ 63 استهلاّ\الخفيف \البحترى \3/ 240 الأجلاّ\الخفيف \المتنبى \3/ 240 ملاّ\الخفيف \المتنبى \3/ 246

ولىّ \الخفيف \المتنبى \3/ 246 بخلا\الخفيف \المتنبى \3/ 246 الهلالا\الخفيف \المتنبى \1/ 361 الأفعالا\الخفيف \المتنبى \3/ 259،260 والنّزالا\الخفيف \المتنبى \3/ 259،260 سؤالا\الخفيف \المتنبى \3/ 259،260 الرئبالا\الخفيف \المتنبى \3/ 259،260 الصهيلا\الخفيف \-\2/ 399 شمالا\المتقارب \جنوب أخت عمرو ذى الكلب \\ الثمالا\المتقارب \الهذلية، ونسبهما ابن الشجرى خطأ إلى كعب بن زهير\3/ 153،154 الرجالا\المتقارب \عمرو بن قميئة\3/ 170 قليلا\المتقارب \أبو الأسود الدؤلى \2/ 164 لها\المتقارب \الخنساء\1/ 371 - 3/ 88 إبقالها\المتقارب \عامر بن جوين الطائى \1/ 242،246 فصل اللام المضمومة أعزل \الطويل \أمية بن أبى الصلت \2/ 19 أوّل \الطويل \معن بن أوس \2/ 74،600 تتلو\الطويل \عبد الله بن همّام السّلولى \1/ 315 تغوّل \الطويل \جرير\1/ 128 أهل \الطويل \المتنبى \1/ 309 قبل \الطويل \المتنبى \3/ 219 وأجزلوا\الطويل \مروان بن أبى حفصة\1/ 379 ما أسلو\الطويل \-\1/ 209 جيأل \الطويل \الكميت \1/ 133 المطوّل \الطويل \الكميت \2/ 548 قائل \الطويل \زهير\1/ 334

الأنامل \الطويل \لبيد\1/ 36 - 2/ 257، 384 وباطل \الطويل \لبيد\2/ 444 - 3/ 54 آمل 6 أبيات \الطويل \حميد الأرقط\2/ 498،499 قائل \الطويل \حميد الأرقط\2/ 499 باقل \الطويل \حميد الأرقط\2/ 499 قائل \الطويل \المتنبى \1/ 329 العواذل \الطويل \المتنبى \3/ 257 الجنادل \الطويل \المتنبى \3/ 273 جاهل \الطويل \المتنبى \3/ 273 وقابل-وقابله فى الطويل المفتوح طويل-نجيب \الطويل \\\ نوافله \الطويل \رجل من بنى عامر\1/ 7،287 - 3/ 226 كاهله \الطويل \ابن ميّادة\1/ 236 - 2/ 580 - 3/ 122 وقابله-وقابله في الطويل المفتوح طيالها\الطويل \أنيف بن زبّان وقيل غيره \1/ 86 خيالها\الطويل \الفرزدق، أو ذو الرمة\3/ 127 حليلها\الطويل \الأخطل \2/ 577،578 الإبل \البسيط\الأعشى \1/ 403 وينتعل \البسيط\الأعشى \2/ 178 - 3/ 156 قتل \البسيط\الأعشى \2/ 219 نزل \البسيط\الأعشى \2/ 219 الفضل \البسيط\الأعشى \2/ 221 والفتل \البسيط\الأعشى \2/ 538 - 3/ 23 وننتعل \البسيط\الأعشى \2/ 570 - 3/ 127

جبل \البسيط\المتنخل الهذلى \1/ 116 - 2/ 223 البطل \البسيط\المتنخل الهذلى \2/ 220 الفضل \البسيط\المتنخل الهذلى \2/ 220 جبل \البسيط\المتنخل الهذلى \2/ 224 والرجل \البسيط\المتنخل الهذلى \2/ 224 والسّبل \البسيط\المتنخل الهذلى \2/ 224 الأول \البسيط\القطامى \1/ 103 - 2/ 36 - 3/ 103 قتّال \البسيط\المتنبى \3/ 249 وإجمال \البسيط\المتنبى \3/ 249 أشغال \البسيط\المتنبى \3/ 249 العساقيل \البسيط\كعب بن زهير\2/ 136 مأمول \البسيط\كعب بن زهير\2/ 366،371 مناديل \البسيط\عبدة بن الطبيب \2/ 413 القيل \البسيط\كعب بن مالك \2/ 547 السّبيل \الوافر\عبد الله بن عنمة الضبىّ \2/ 182 يزيل \الوافر\أبو حيّة النميرى \2/ 577 فضول \الوافر\-\1/ 55 - 2/ 272 باقل \الكامل \المتنبى \2/ 501 القاتل \الكامل \المتنبى \3/ 255 بابل \الكامل \المتنبى \3/ 255،273 فاضل \الكامل \المتنبى \3/ 255،273 كامل-فاضل \الكامل تنهلّ \الهزج \امرؤ القيس \1/ 183 خلل \الهزج \كثيّر\3/ 9 والخلاخل \الرجز\-\2/ 322 أقول \الرجز\-\2/ 516 التعويل \الرجز\-\2/ 516

الخليل \الرجز\-\2/ 516 المفعول \الرجز\-\2/ 516 والطويل \الرجز\-\2/ 516 الحمول \الخفيف \المتنبى \1/ 37 المسحل \المتقارب \الكميت \1/ 295 يعذل-ألوم في المتقارب فصل اللام المكسورة ولا عزل \الطويل \جويرية أو حويرثة بن بدر\1/ 328 النّسل \الطويل \عمرو بن كلثوم \1/ 145 ذا فضل \الطويل \النجاشي \2/ 167 البخل \الطويل \البعيث المجاشعى \1/ 107 والمطل \الطويل \البعيث المجاشعى \1/ 107 مثلى \الطويل \المتنبى \3/ 227 النّسل \الطويل \المتنبى \3/ 246 النّحل \الطويل \المتنبى \3/ 250 رجل \الطويل \المتنبى \3/ 258 للنمل \الطويل \المتنبى \3/ 258 وحل \الطويل \-\2/ 608 أقلى \الطويل \-\3/ 207 يفعل \الطويل \الأسود بن يعفر\1/ 193 - 2/ 316 حنظل \الطويل \الأسود بن يعفر\1/ 193 - 2/ 316 النخل \الطويل \-\3/ 146 فحومل \الطويل \امرؤ القيس \2/ 241 بأمثل \الطويل \امرؤ القيس \1/ 419 فأجملى \الطويل \امرؤ القيس \2/ 308 مزمّل \الطويل \امرؤ القيس \1/ 134 مكلّل \الطويل \امرؤ القيس \2/ 315

فانزل \الطويل \امرؤ القيس \2/ 322 بأعزل \الطويل \امرؤ القيس \2/ 383 - 3/ 210 مهلهل (¬1) \الطويل \الحطيئة\2/ 160 عاقل \الطويل \النابغة\1/ 79 - 2/ 68 الغلائل \الطويل \النابغة\1/ 240،272 وسائلى \الطويل \النابغة\2/ 129 ونائل \الطويل \أبو طالب \3/ 120 الكوامل \الطويل \أبو حيّة النميرى. وقيل جرير\2/ 132 باطلى \الطويل \أبو حيّة النميرى. وقيل جرير\2/ 132 المنازل \الطويل \ذو الرمة\2/ 58 نواهل \الطويل \أبو تمام \3/ 139،141 لم تقاتل \الطويل \أبو تمام \3/ 139،141 وحامل \الطويل \-\3/ 146 الخالى \الطويل \امرؤ القيس \1/ 419 وأوصالى \الطويل \امرؤ القيس \2/ 140 أمثالى \الطويل \امرؤ القيس \2/ 172 - 3/ 193 صال \الطويل \امرؤ القيس \3/ 148 بال \الطويل \عدىّ بن زيد\1/ 281 - 2/ 18 لوصال-للقرائن في الطويل والنّهل \البسيط\-\2/ 216،225 الفضل \البسيط\-\2/ 216،225 الذّبل \البسيط\المتنبى \1/ 379 خجل \البسيط\المتنبى \1/ 379 مذل \البسيط\المتنبى \3/ 235 ¬

(¬1) صدره: *إلاّ يكن مال يثاب فإنه* وفيه الخرم، وهى رواية الديوان، وجاء فى بعض المراجع على التمام: وإلاّ يكن. . . .

زحل \البسيط\المتنبى \3/ 246 بالعلل \البسيط\المتنبى \3/ 246 البلل \البسيط\المتنبى \3/ 262 كالكحل \البسيط\المتنبى \3/ 262 الهطل \البسيط\المتنبى \3/ 266 بالحول \البسيط\المتنبى \3/ 267 بلا أمل \البسيط\أبو نصر بن نباتة\3/ 69 مرتحل \البسيط\مسلم بن الوليد\3/ 138 أوقال \البسيط\أبو قيس بن الأسلت \1/ 69 - 2/ 601، 603 آمالى \البسيط\أبو الفرج الببّغاء\3/ 69 الدّخال \الوافر\لبيد\3/ 21 نزال \الوافر\زيد الخيل \2/ 354 العوالى \الوافر\ليلى الأخيلية\3/ 159 الغزال \الوافر\المتنبى \1/ 357 - 3/ 242 والدّخال \الوافر\المتنبى \3/ 21 قتال \الوافر\المتنبى \3/ 241،242 الليالى \الوافر\المتنبى \3/ 241،242 نبال \الوافر\المتنبى \3/ 241،242 النصال \الوافر\المتنبى \3/ 241،242 الدلال \الوافر\المتنبى \3/ 241،242 الرجال \الوافر\المتنبى \3/ 241،242 للهلال \الوافر\المتنبى \3/ 241،242 الغزال \الوافر\المتنبى \3/ 241،242 الأوالى \الوافر\المتنبى \3/ 258 والرمال \الوافر\المتنبى \3/ 258 الهزال \الوافر\المتنبى \3/ 258 أبي عقيل \الوافر\الوليد بن عقبة\1/ 21

الصقيل \الوافر\الوليد بن عقبة\1/ 21 القليل \الوافر\الوليد بن عقبة\1/ 21 الوبيل \الوافر\علّفة بن عقيل. وقيل غيره \1/ 204 - 2/ 427 كالجدول \الكامل \تأبط شرا\2/ 229 أنكل \الكامل \تأبط شرا\3/ 216 المأكل \الكامل \عنترة\2/ 251 أنزل \الكامل \ربيعة بن مقروم الضبى \2/ 352 لم يحلل \الكامل \أبو كبير الهذلى \1/ 224 بهيضل \الكامل \أبو كبير الهذلى \2/ 179 - 3/ 48 لم تقتل \الكامل \حسان بن ثابت \2/ 423 للمفصل \الكامل \حسان بن ثابت \2/ 423 المفضل \الكامل \حسان بن ثابت \2/ 459 وأشمل \الرجز\أبو النجم العجلى \2/ 38 غزّل \الرجز\أبو النجم العجلى وقيل جندل بن المثنى \2/ 232 الأثقل \الرجز\أبو النجم العجلى \2/ 249 فل \الرجز\أبو النجم العجلى \2/ 337 أن تقيلى \الرجز\أبو النجم العجلى أو\2/ 100 ظليل \الرجز\أحيحة بن الجلاح \2/ 100 التدلدل \الرجز\خطام المجاشعي. وقيل غيره \1/ 28 حنظل \الرجز\خطام المجاشعي. وقيل غيره \1/ 28 منهل \الرجز\العجاج \2/ 612 تعتلّى \الرجز\منظور بن مرثد\1/ 75 - 2/ 213 المولّى \الرجز\منظور بن مرثد\1/ 75 - 2/ 213 الجملى-انظره فى الياء الساكنة، فى الرجز الباسل \السريع \امرؤ القيس \1/ 403 العقال \الخفيف \أمية بن أبى الصلت. وقيل غيره \2/ 554،566 الرحال \الخفيف \عبيد بن الأبرص \2/ 611

حيال \الخفيف \الحارث بن عباد\2/ 612 بنعال \الخفيف \الأعشى \1/ 43 الأثقال \الخفيف \الأعشى \3/ 221 بمثال-بنعال، السابق. للعاقل \المتقارب \المتنبى \3/ 231 الحابل \المتقارب \المتنبى \3/ 243 طائل \المتقارب \المتنبى \3/ 243 الناقل \المتقارب \المتنبى \3/ 263 (باب الميم) فصل الميم الساكنة السّلم \الطويل \علباء بن أرقم اليشكرى \2/ 178 القدم \الرجز\رشيد بن رميض العنبرى \1/ 182 حطم \الرجز\رشيد بن رميض العنبرى \2/ 348 يعلم \السريع \المرقش \1/ 79 - 2/ 22 - 3/ 217 فصل الميم المفتوحة دما\الطويل \طرفة\2/ 536 علما\الطويل \المتنبى \3/ 255 والفهما\الطويل \المتنبى \3/ 255 والعظماء\الطويل \المتنبى \3/ 255 الظّلما\الطويل \المتنبى \3/ 255 عند ما\الطويل \عمرو بن عبد الجن \1/ 235 - 3/ 121 مريما\الطويل \عمرو بن عبد الجن \1/ 235 - 3/ 121 صمّما\الطويل \عمرو بن عبد الجن \1/ 235 - 3/ 121 يتكرّما\الطويل \المتلمّس \1/ 138

الدّما\الطويل \الحصين بن الحمام المرّى \2/ 228،469 مصرما\الطويل \حسان بن ثابت \2/ 405 ومعدما-مصرما سما\الطويل \-\2/ 280 وسلاما\الطويل \المسيّب بن عامر\1/ 23،24 قياما\الطويل \المسيّب بن عامر\1/ 23،24 حساما\الطويل \المسيّب بن عامر\1/ 23،24 حراما\الطويل \المسيّب بن عامر\1/ 23،24 ناما\البسيط\أبو مكعت \2/ 80 تضاما\الوافر\رجل من بكر بن وائل \2/ 533 - 3/ 232 أماما\الوافر\جرير\1/ 192،193 - 2/ 317 لماما\الوافر\جرير\1/ 375 - 2/ 584 تستقيما\الوافر\زياد الأعجم \3/ 78 أنعما\الوافر\المتنبى \3/ 92،271 مسلما\الوافر\المتنبى \3/ 92،271 أنجما\الوافر\المتنبى \2/ 185 معدما\الوافر\المتنبى \2/ 185 تهضما-تقهرا فى الكامل مظلوما\الكامل \ليلى الأخيلية، أو حميد بن ثور\2/ 95 - 3/ 130 جمّا\الرجز\أمية بن أبى الصلت، أو أبو خراش الهذلي \1/ 218 - ألمّا\الرجز\أمية بن أبى الصلت، أو أبو خراش الهذلي \2/ 324،536 ألمّا\الرجز\أمية بن أبى الصلت، أو أبو خراش الهذلي \2/ 340 يا اللهمّا\الرجز\أمية بن أبى الصلت، أو أبو خراش الهذلي \2/ 340 يعلما\الرجز\ابن جبابة اللص. وقيل غيره \2/ 165 معمّما\الرجز\ابن جبابة اللص. وقيل غيره \2/ 165 درهما\الرجز\-\2/ 289

الدّما\الرجز\-\2/ 289 دائما\الرجز\رؤبة\1/ 252 صائما\الرجز\رؤبة\1/ 252 قائما\الرجز\امرأة\2/ 105 نائما\الرجز\امرأة\2/ 105 يا فاطما\الرجز\هدبة بن خشرم، أو زيادة بن زيد العذري \2/ 308 أرماما\الرجز\-\3/ 76 رزاما\الرجز\-\3/ 76 الهاما\الرجز\-\3/ 76 مقاما\الرجز\-\3/ 76 اللهازما\الرجز\-\2/ 278 قائما\مجزوء الرجز\-\1/ 252 - 2/ 105 صائما\مجزوء الرجز\-\1/ 252 - 2/ 105 عدما\الرمل \-\2/ 227 ودما\الرمل \-\2/ 227 قوما\الخفيف \عمر بن أبى ربيعة\3/ 87 نياما\المتقارب \بشر بن أبى خازم \2/ 10 - 3/ 131، 132 نعاما\المتقارب \بشر بن أبى خازم \2/ 10 - 3/ 131، 132 إذا ما\المتقارب \بشر بن أبى خازم \2/ 433 وهاما\المتقارب \بشر بن أبى خازم \2/ 433 تقدما\المتقارب \النمر بن تولب \2/ 137 الأعظما\المتقارب \النمر بن تولب \3/ 149 يعدما\المتقارب \النمر بن تولب \3/ 149 فصل الميم المضمومة تخدم \الطويل \المتنبى \1/ 61

يقوّم \الطويل \المتنبى \1/ 219 تتبسّم \الطويل \المتنبى \3/ 85 التيمّم \الطويل \المتنبى \3/ 265 منهم \الطويل \المتنبى \3/ 215 أحزم \الطويل \المتنبى \3/ 264 عاتم \الطويل \الأعشى \1/ 419 سائم \الطويل \الأعشى \2/ 130 - 3/ 233 حالم \الطويل \سويد بن كراع \2/ 560 الجراضم \الطويل \الفرزدق، أو الوليد بن عقبة\2/ 533 والقشاعم \الطويل \المتنبى \3/ 141 والقوائم \الطويل \المتنبى \3/ 141 يدوم \الطويل \المرّار الفقعسى، أو عمر بن أبى ربيعة\2/ 392،567 حميم \الطويل \عبد قيس بن خفاف \3/ 116 مقيم \الطويل \عبيد الله بن قيس الرقيات \1/ 199،200 وحميم \الطويل \عبيد الله بن قيس الرقيات \1/ 199،200 تميم \الطويل \عبيد الله بن قيس الرقيات \1/ 199،200 ساجمه \الطويل \المتنبى \1/ 299 صوارمه \الطويل \المتنبى \3/ 139 هادمه \الطويل \المتنبى \3/ 258 وقادمه \الطويل \المتنبى \3/ 258 فاحمه \الطويل \المتنبى \3/ 258 نجومها\الطويل \عبد الرحمن بن حسان بن ثابت وينسب إلى الأحوص \2/ 585 قدمه \المديد\طرفة\2/ 599 علموا\البسيط\المغيرة بن حبناء\1/ 191 - 2/ 320 السّقم \البسيط\العرجى \2/ 141 ألم \البسيط\المتنبى \3/ 243

مبتسم \البسيط\المتنبى \3/ 245 ورم \البسيط\المتنبى \3/ 246 والظّلم \البسيط\المتنبى \3/ 246 والكرم \البسيط\المتنبى \3/ 259 الدّيم \البسيط\المتنبى \3/ 259 ذمم \البسيط\المتنبى \3/ 262 الصمم \البسيط\المتنبى \3/ 264 أمم \البسيط\المتنبى \3/ 269 علم \البسيط\المتنبى \3/ 269 مغيوم \البسيط\علقمة الفحل \1/ 321 مصروم \البسيط\علقمة الفحل \3/ 107 مشكوم \البسيط\علقمة الفحل \3/ 107 الحرام \الوافر\النابغة\1/ 29 - 2/ 398 سنام \الوافر\النابغة\1/ 29 - 2/ 398 غلام \الوافر\عمرو بن حسّان \1/ 338 والغلام \الوافر\أوس بن غلفاء\3/ 26 السّلام \الوافر\الأحوص \1/ 276 السّلام \الوافر\الأحوص \1/ 276 السّلام \الوافر\الأحوص \2/ 96 حرام \الوافر\الأحوص \2/ 96 الحسام \الوافر\الأحوص \2/ 96 الخيامو\الوافر\جرير\2/ 241 وشام \الوافر\جرير\2/ 263،413 الرّغام \الوافر\المتنبى \1/ 358 - 3/ 252 اللئام \الوافر\المتنبى \3/ 252 ضخام \الوافر\المتنبى \3/ 252 الرغام \الوافر\المتنبى \3/ 252 والكلام \الوافر\المتنبى \3/ 252 الحسام \الوافر\المتنبى \3/ 252

الطغام \الوافر\المتنبى \3/ 252 القتام \الوافر\المتنبى \3/ 252 قديم \الوافر\زهير\1/ 261 ألوم \الوافر\المتنبى \3/ 248 ظلم \الكامل \الحارث بن خالد المخزومى وقيل العرجى \1/ 161 الوصال هم \الكامل \طرفة\1/ 58 المغنم \الكامل \الأخزم بن قارب الطائى، أو المقعد ابن عمرو\2/ 359 ويقسم \الكامل \المتنبى \1/ 51 - 3/ 209 يلجم \الكامل \المتنبى \3/ 202 حصرم \الكامل \المتنبى \3/ 204 تلطم \الكامل \المتنبى \3/ 205 يتعمّم \الكامل \المتنبى \3/ 207 ينعم \الكامل \المتنبى \3/ 238،241، 257،272 الدم \الكامل \المتنبى \3/ 238،241،257،272 لا يظلم \الكامل \المتنبى \3/ 238،241، 257،272 الأرقم \الكامل \المتنبى \3/ 238،241،257،272 لا يفهم \الكامل \المتنبى \3/ 238،241،257،272 حرام \الكامل \رجل من بنى تميم \2/ 75،76،601 طعام \الكامل \رجل من بنى تميم \2/ 75،76،601 للئام \الكامل \رجل من بنى تميم \2/ 75،76،601 قدّام \الكامل \رجل من بنى تميم \2/ 75،76،601 حرام-حرام فى الكامل أيتام \الكامل \الكميت، أو أبو العباس الأعمى \2/ 417 قيام \الكامل \أبو نواس \2/ 449 يروم \الكامل \لبيد\1/ 347 - 2/ 223

المظلوم \الكامل \لبيد\1/ 347 - 2/ 223 رخيم \الكامل \كثيّر\2/ 609 محروم \الكامل \الأخطل \3/ 42 محموم \الكامل \أبو تمام \3/ 93،271 ووحامها\الكامل \لبيد\1/ 163 آرامها\الكامل \لبيد\1/ 163 إقدامها\الكامل \لبيد\1/ 197 وأمامها\الكامل \لبيد\1/ 166 - 2/ 582 فرجامها\الكامل \لبيد\2/ 240 الطعام \الرجز\-\1/ 7،287 - 3/ 226 والطعيّم \الرجز\امرأة\1/ 421 تميم \الرجز\نسبهما العينىّ إلى الأخطل \3/ 59 صميم \الرجز\نسبهما العينىّ إلى الأخطل \3/ 59 قتمه \الرجز\رؤبة\1/ 218 - 2/ 135 سمه \الرجز\راجز من بنى كلب \2/ 280 مقدّمه \الرجز\-\2/ 281 سمه \الرجز\-\2/ 281 حرام \الخفيف \المتنبى \1/ 330 الأجسام \الخفيف \المتنبى \3/ 246 الأجسام \الخفيف \المتنبى \3/ 252،253 الحمام \الخفيف \المتنبى \3/ 252،253 اللئام \الخفيف \المتنبى \3/ 252،253 إيلام \الخفيف \المتنبى \3/ 252،253 لئيم \الخفيف \حسّان بن ثابت \3/ 107 حم \مجزوء الخفيف \فقيد ثقيف \2/ 234 ألوم \المتقارب \أميمة بن أبي الصلت وقيل: أحيحة بن الجلاح \1/ 201

فصل الميم المكسورة منشم \الطويل \زهير\1/ 178 يسأم \الطويل \زهير\2/ 128 فتفطم \الطويل \زهير\2/ 457 يعلم \الطويل \زهير\2/ 523 فينقم \الطويل \زهير\2/ 523 تعلم \الطويل \زهير\2/ 571 المكرّم \الطويل \أوس بن حجر\2/ 304 بالدّم \الطويل \النابغة الجعدى \1/ 174 المسهّم \الطويل \النابغة الجعدى \1/ 174 وأنعم \الطويل \النابغة الجعدى \1/ 174 تكلّمى \الطويل \النابغة الجعدى \1/ 176 منشم \الطويل \النابغة الجعدى \1/ 176 فعيهم \الطويل \النابغة الجعدى \1/ 176 فجرثم \الطويل \النابغة الجعدى \1/ 176 لم يتثلم \الطويل \النابغة الجعدى \1/ 176 مأتم \الطويل \أبو حيّة النّميرى \1/ 185 الفم \الطويل \أبو حيّة النّميرى \2/ 567 وللفم \الطويل \جابر بن حنىّ. وقيل غيره \2/ 616 بمحرّم \الطويل \جابر بن حنىّ. وقيل غيره \1/ 100 المسدّم \الطويل \بنت بهدل بن قرفة الطائى \1/ 423 أتكلّم \الطويل \المتنبى \3/ 247 توهّم \الطويل \المتنبى \3/ 247 مظلم \الطويل \المتنبى \3/ 247 بمتمّم \الطويل \المتنبى \3/ 247 بالجماجم \الطويل \عقيل بن علّفة\1/ 205 العمائم \الطويل \عملّس بن عقيل بن علّفة\1/ 205 العمائم \الطويل \الشريف الرضىّ \1/ 206

والقوائم \الطويل \الجرباء بنت عقيل بن علّفة\1/ 206 اللهازم \الطويل \الفرزدق \1/ 251 بدائم \الطويل \الفرزدق \1/ 408 الأهاتم \الطويل \الفرزدق \2/ 210،277 خازم \الطويل \الفرزدق \3/ 163 بنائم \الطويل \جرير\1/ 53 - 2/ 29 أمّ سالم \الطويل \ذو الرمة\2/ 63 بسالم \الطويل \المتنبى \3/ 141،142 القشاعم \الطويل \المتنبى \3/ 141،142 الدراهم \الطويل \المتنبى \3/ 141،142 تميم \الطويل \قطرىّ بن الفجاءة\1/ 145 الأكم \البسيط\زيد الخيل \1/ 163 - 3/ 108 ندم \البسيط\ساعدة بن جؤيّة\3/ 109 سلم \البسيط\الأحوص \2/ 109،110 الحلم \البسيط\المتنبى \1/ 105 - 3/ 17 بلم \البسيط\المتنبى \2/ 539 التّهم \البسيط\المتنبى \3/ 250 كالحلم \البسيط\المتنبى \3/ 250 والرخم \البسيط\المتنبى \3/ 250 مبتسم \البسيط\المتنبى \3/ 250 والقسم \البسيط\المتنبى \3/ 250 الهرم \البسيط\المتنبى \3/ 250 لأقوام \البسيط\النابغة\2/ 303،307 عام \البسيط\النابغة\2/ 303،307 خوارزم \الوافر\شقيق بن سليك الأسدى \1/ 336 سلام \الوافر\عمرو بن سمى (ابن شعوب) \1/ 24،82 والسلام \الوافر\النابغة\2/ 360 والكلام-والسّلام \الوافر\\\

حذام \الوافر\لجيم بن صعب، أو ديسم بن طارق \2/ 360 الظلاّم 8 أبيات من قصيدته فى الحمّى \الوافر\المتنبى \3/ 236،237 بابتسام \الوافر\المتنبى \3/ 248 الأنام \الوافر\المتنبى \3/ 248 الكرام \الوافر\المتنبى \3/ 248 التمام \الوافر\المتنبى \3/ 248 الكريم \الوافر\معقل بن عامر الأسدى \2/ 230 تميم \الوافر\زياد الأعجم \2/ 551 بالتّميم \الوافر\-\3/ 59 السّقيم \الوافر\المتنبى \3/ 237 والعلوم \الوافر\المتنبى \3/ 237 النجوم \الوافر\المتنبى \3/ 257 عظيم \الوافر\المتنبى \3/ 257 اللئيم \الوافر\المتنبى \3/ 257 الحميم-الفرات فى الوافر لم تعلمى \الكامل \عنترة\1/ 425 2/ 543،614 وتكرّمي \الكامل \عنترة\2/ 38 أقدم \الكامل \عنترة\2/ 182،184 الأدهم \الكامل \عنترة\2/ 317،442 المقرم \الكامل \عنترة\2/ 420 الديلم \الكامل \عنترة\2/ 613 دامى \الكامل \امرؤ القيس \1/ 38 حرام \الكامل \امرؤ القيس \1/ 38 الأحلام \الكامل \عبيد بن الأبرص \3/ 81 وأمامى \الكامل \قطرىّ بن الفجاءة\2/ 537،584

الإعدام \الكامل \الشريف الرضىّ \1/ 42 - 2/ 457 وعرام \الكامل \المتنبى \3/ 268 سقيم \الكامل \عبد الرحمن بن حسان بن ثابت أو المجنون، وقيل غيرهما\3/ 232 سلمى \الهزج \-\2/ 70 بالدّم \الرجز\عقيل بن علّفة\1/ 206 يكلم \الرجز\عقيل بن علّفة\1/ 206 يقوّم \الرجز\عقيل بن علّفة\1/ 206 أخزم \الرجز\عقيل بن علّفة\1/ 206 أمّى \الرجز\أبو جهل، أو على بن أبى طالب رضى الله عنه \1/ 422 همّى \الرجز\رؤبة\1/ 53 المبهم \الرجز\-\1/ 378 القصيم \الرجز\حنظلة بن مصبح \1/ 421 فمّه \الرجز\العمانى، وقيل غيره \2/ 229 بالميسم \السريع \ضمرة بن ضمرة النهشلى \2/ 413 (باب النون) فصل النون الساكنة محنّ \الرجز\-\1/ 364 مرتين \الرجز\هميان بن قحافة\1/ 16 - 2/ 496 التّرسين \الرجز\هميان بن قحافة\1/ 16 - 2/ 496 الوعاءين \الرجز\-\2/ 137 صفّين \الرجز\زيد بن عتاهية\2/ 265،266 والأشعريّين \الرجز\زيد بن عتاهية\2/ 265،266 الطائيّين \الرجز\زيد بن عتاهية\2/ 265،266 اليمانين \الرجز\زيد بن عتاهية\2/ 265،266

الهوازنيّين \الرجز\زيد بن عتاهية\2/ 265،266 تفرّين \الرجز\زيد بن عتاهية\2/ 265،266 الأحرّين \الرجز\زيد بن عتاهية\2/ 265،266 الأمرّين \الرجز\زيد بن عتاهية\2/ 265،266 قنّسرين \الرجز\زيد بن عتاهية\2/ 265،266 وأذن \الرمل \عدىّ بن زيد\2/ 233 واغتدين \السريع \عمرو بن قميئة، أو عمرو بن لأى \3/ 64،219 ترجمان \السريع \أبو محلّم الشيبانى \1/ 329 أنكرن \المتقارب \الأعشى \2/ 291 فصل النون المفتوحة ورئينا\الطويل \الأسود بن يعفر\2/ 278 قرينا\الطويل \الأسود بن يعفر\2/ 539 ووحدانا\البسيط\قريط بن أنيف \3/ 28 بأولانا\البسيط\أمية بن أبي الصلت \1/ 43 - 2/ 457 - 3/ 156 إخوانا\البسيط\الأخطل \1/ 308 أزمانا\البسيط\ابن المعتز\2/ 489 أفنانا\البسيط\ابن المعتز\2/ 489 يقظانا\البسيط\المتنبى \3/ 256 واللّينا\البسيط\تميم بن مقبل، أو القلاخ بن جناب \1/ 378 آمينا\البسيط\مجنون بنى عامر\1/ 395 - 2/ 150 صفونا\الوافر\عمرو بن كلثوم \1/ 107 جرينا\الوافر\عمرو بن كلثوم \1/ 149 الأندرينا\الوافر\عمرو بن كلثوم \1/ 149 والمتونا\الوافر\عمرو بن كلثوم \1/ 149 اليقينا\الوافر\عمرو بن كلثوم \1/ 371،372

تشتمونا\الوافر\عمرو بن كلثوم \3/ 160،161 سبينا\الوافر\تميم بن مقبل \2/ 546 والأبينا\الوافر\غيلان بن سلمة الثقفى \2/ 236 - 3/ 32 العالمينا\الوافر\الحطيئة\2/ 275 المتحدّثينا\الوافر\الحطيئة\2/ 275 آخرينا\الوافر\فروة بن مسيك \3/ 148 والظّبينا\الوافر\الكميت \2/ 268 كانا\الكامل \المتنبى \3/ 238،266 يحسنا\الكامل \المتنبى \3/ 192 ديدنا\الكامل \المتنبى \3/ 252 المقتنى \الكامل \المتنبى \3/ 252 ضيفنا\الكامل \المتنبى \3/ 252 إيّانا\الكامل \كعب بن مالك، وقيل حسان بن ثابت وقيل غيرهما\2/ 441 - 3/ 65، 219،222 ولقينا\الكامل \جرير، أو المعلوط السّعدى \1/ 409 قطينا\الكامل \جرير\3/ 10 الآمنينا\مجزوء الكامل \ذو جدن الحميرى \1/ 188 - 2/ 193 إلينا\مجزوء الكامل \عبيد بن الأبرص \1/ 42 - 2/ 457 - 3/ 58 وألومهنّه \مجزوء الكامل \عبيد الله بن قيس الرقيات \2/ 65 إنّه \مجزوء الكامل \عبيد الله بن قيس الرقيات \2/ 65 إيّانا\الهزج \ذو الإصبع العدوانى \1/ 57 حسّانا\الهزج \ذو الإصبع العدوانى \1/ 57،59 ما كانا\الهزج \ذو الإصبع العدوانى \1/ 56،57 نجرانا\الهزج \ذو الإصبع العدوانى \1/ 57،59 صلّينا\الرجز\عامر بن الأكوع، أو عبد الله بن رواحة\2/ 512 حسّانا\الرجز\رؤبة أو زياد العنبرى \1/ 347 - 2/ 222

واللّيّانا\الرجز\رؤبة أو زياد العنبرى \1/ 347 - 2/ 222 والغينا (¬1) \الرجز\الأغلب العجلى \2/ 268 ثبينا\الرجز\الأغلب العجلى \2/ 268 سلكنّه \الرجز\أبو الخصيب \1/ 335 وأعينا\مجزوء الرجز\مهيار الديلمى \1/ 272 الشانا\السريع \أشجع السّلمى \1/ 333 خراسانا\السريع \أشجع السّلمى \1/ 333 زينا\الخفيف \-\1/ 395 كانا\الخفيف \المتنبى \1/ 344 نتفانى \الخفيف \المتنبى \3/ 248 الهوانا\الخفيف \المتنبى \3/ 248 الشجعانا\الخفيف \المتنبى \3/ 248 جبانا\الخفيف \المتنبى \3/ 248 جنونا\الخفيف \حسان بن ثابت \2/ 44 بالأبينا\المتقارب \زياد بن واصل \2/ 236 فصل النون المضمومة زمان-بلاد فى الطويل أذنوا\البسيط\قعنب بن أم صاحب \2/ 233 السفن \البسيط\المتنبى \3/ 208،248 الحزن \البسيط\المتنبى \3/ 265 مرنان \البسيط\ابن الرومى \2/ 474 السكاكين \البسيط\حميد الأرقط\2/ 497،498 المساكين \البسيط\حميد الأرقط\2/ 497،498 ملعون 4 أبيات \الكامل \العباس بن مرداس \1/ 167 مغيون \الكامل \العباس بن مرداس \1/ 167،321 ¬

(¬1) هذا الشطر وحده فى شعر الأغلب (شعراء أمويون 4/ 166) عن معجم البلدان فقط.

مظعون \الكامل \يزيد بن الطثرية أو عبيد بن أيوب العنبرى \3/ 93،271 يمين \الكامل \يزيد بن الطثرية أو عبيد بن أيوب العنبرى \3/ 93،271 مجنون \الكامل \يزيد بن الطثرية أو عبيد بن أيوب العنبرى \3/ 93،271 هيّن \الرجز\امرأة\1/ 421 عيون \الرمل \عمرو بن حلّزة\3/ 230 فصل النون المكسورة تريان \الطويل \عمرو بن الأهتم \1/ 173 أوان \الطويل \عمرو بن الأهتم \1/ 173 بثمان \الطويل \عمر بن أبي ربيعة\1/ 407،3/ 109 مكان \الطويل \كثيّر\1/ 339 يصطحبان \الطويل \الفرزدق \2/ 41 - 3/ 63 مختضبان \الطويل \مجنون بنى عامر\1/ 245 مؤتلفان-مختضبان تكفان \الطويل \-\1/ 183 الجبان \الطويل \المتنبى \3/ 198 للقرائن \الطويل \-\1/ 429 والحزن \المديد\أبو نواس \1/ 47 تكن \البسيط\زهير\2/ 567 الحسن \البسيط\أفنون التغلبىّ \1/ 54 باللبن \البسيط\أفنون التغلبىّ \1/ 54 لم ترنى \البسيط\المتنبى \3/ 221 الفطن \البسيط\المتنبى \3/ 241،254 بدن \البسيط\المتنبى \3/ 241،254 بمن \البسيط\المتنبى \3/ 241،254 رسن \البسيط\المتنبى \3/ 241،254 الكفن \البسيط\المتنبى \3/ 241،254 سيّان \البسيط\حسّان بن ثابت وقيل غيره \1/ 124 - 2/ 9، 144

مثلان-سيّان وإعلانى \البسيط\المتنبى \3/ 50 كتمانى \البسيط\المتنبى \3/ 50 فتخزونى \البسيط\ذو الإصبع العدوانى \2/ 195،197، 611 دونى \البسيط\عروة بن أذينة\1/ 371 - 3/ 88 لا حين \البسيط\جرير\1/ 364 - 2/ 540 غين \الوافر\المعرور التيمى \1/ 322 لو أنّي \الوافر\-\2/ 293 إنّى \الوافر\النابغة\2/ 433 منّى \الوافر\النابغة\2/ 433 المدان \الوافر\حاجب بن زرارة\1/ 174 اللسان \الوافر\حاجب بن زرارة\1/ 174 دمان \الوافر\حسان بن ثابت \2/ 547 لسانى 5 أبيات \الوافر\شريك بن الأعور\1/ 175 - 2/ 254 سمينى \الوافر\المثقب، وقيل غيره \3/ 126،127 وتتّقينى \الوافر\المثقب، وقيل غيره \3/ 126،127 اليقين \الوافر\المثقب، وقيل غيره \2/ 228 - 3/ 127 تخوّفينى \الوافر\الأعشى، وقيل غيره \2/ 128 عين \الوافر\الشمّاخ \1/ 33 باليمين \الوافر\الشمّاخ \2/ 434 يعنينى \الكامل \شمر بن عمرو الحنفى \3/ 48 الخزّان \الكامل \-\3/ 56 البحران \الكامل \الفرزدق \1/ 405 النعمان \الكامل \المغيرة بن شعبة\2/ 450 الأذهان \الكامل \المغيرة بن شعبة\2/ 450 الرهبان \الكامل \المغيرة بن شعبة\2/ 450 النّعمان مطلع قصيدة طويلة\الكامل \الشريف الرضىّ \2/ 446 - 462

الضحيان \الكامل \الفرزدق، أو جرير\2/ 462 عدنان \الكامل \الفرزدق، أو جرير\2/ 462 بالحرمان \الكامل \المتنبى \2/ 366 الثانى \الكامل \المتنبى \3/ 238،260 مكان \الكامل \المتنبى \3/ 238،260 الأقران \الكامل \المتنبى \3/ 238،260 الإنسان \الكامل \المتنبى \3/ 238،260 حقّان \الهزج \-\1/ 362 - 2/ 178،564 منّى \الرجز\أبو جهل، أو على بن \1/ 422 السّنّ \الرجز\أبى طالب رضى الله عنه \1/ 422 قطنى \الرجز\-\2/ 51،394 بطنى \الرجز\-\2/ 51،394 السّبحان \الرجز\-\2/ 108 مبين \الرجز\حنظلة بن مصبح \1/ 421 اثنتين 4 أبيات \مجزوء الرمل \الفرزدق \1/ 45 لم يحسن \السريع \-\3/ 193 الملاعين \المنسرح \-\3/ 143 المجانين-الملاعين يلتقيان \الخفيف \عمر بن أبى ربيعة\2/ 108 السّاطرون \الخفيف \أبو داود الإيادى \1/ 150 زبون \الخفيف \أبو داود الإيادى \1/ 163 فكونى \الخفيف \أبو داود الإيادى \2/ 127 (باب الهاء) فصل الهاء المفتوحة يبكيها\البسيط\هبيرة بن أبى وهب \2/ 412 فواديها\البسيط\الحطيئة\2/ 21

واديها\البسيط\-\1/ 164 رضاها\الوافر\القحيف العقيلى \2/ 610 هواها\الوافر\-\1/ 418 عيناها\الكامل \-\3/ 82،83 أباها\مجزوء الكامل \الشريف الرضىّ \1/ 44 مقلتاها\مجزوء الكامل \الشريف الرضىّ \1/ 44 وادلواها\الرجز\-\2/ 230 فصل الهاء المكسورة تألّهى \الرجز\رؤبة\2/ 197 (باب الواو) فصل الواو المفتوحة دلوا\الرجز\-\2/ 230 غدوا\الرجز\-\2/ 230 فصل الواو المكسورة منهوى \الطويل \يزيد بن الحكم الثقفى \1/ 271،277 - 2/ 512 بمرعوى \الطويل \يزيد بن الحكم الثقفى \1/ 271،275، 276 دوى 11 بيتا\الطويل \يزيد بن الحكم الثقفى أو زيد بن عبد ربه \1/ 270،271 مرتوى \الطويل \يزيد بن الحكم الثقفى أو زيد بن عبد ربه \1/ 271،280، 2/ 4،18 (باب الياء) فصل الياء الساكنة الجملى \الرجز\عمرو بن يثربي \1/ 41

وعلى \الرجز\امرأة من بنى عقيل \2/ 163 المئى \الرجز\امرأة من بنى عقيل \2/ 163 فصل الياء المفتوحة غاديا\الطويل \زهير\3/ 90 راضيا\الطويل \سوّار بن مضرّب \1/ 284 غيابيا\الطويل \ابن أحمر\3/ 75،207 وباديا\الطويل \سحيم العبد\1/ 345 تهاديا\الطويل \سحيم العبد\2/ 557 ناهيا\الطويل \سحيم العبد\3/ 222 عواطيا\الطويل \عنترة\1/ 373 لاقيا 6 أبيات \الطويل \أنس بن زنيم \1/ 11،12 متراخيا\الطويل \النابغة الجعدى \1/ 432 فؤاديا\الطويل \النابغة الجعدى \1/ 432 النّواصيا\الطويل \النابغة الجعدى \1/ 432 التآسيا\الطويل \سليمان بن قتّة\1/ 199 التناجيا\الطويل \الأخطل \3/ 118 البواكيا\الطويل \الأخطل \3/ 118 أمانيا\الطويل \المتنبى \1/ 113، 3/ 222،260 (¬1) صاديا\الطويل \المتنبى \1/ 284 - 2/ 23 باقيا\الطويل \المتنبى \1/ 431 - 2/ 530 - 3/ 261 ومآقيا\الطويل \المتنبى \3/ 243 باكيا\الطويل \المتنبى \3/ 260 السّواقيا\الطويل \المتنبى \3/ 265 نوابيا\الطويل \شاعر أصفهانى، أو ابن الصفىّ \1/ 430 ¬

(¬1) وفى هذا الموضع أورد ابن الشجرى عشرة أبيات من القصيدة.

كافيا\الطويل \-\1/ 282 نويّا\الوافر\أبو داود الإيادى \1/ 428 عياليا\الكامل \أبو النجم العجلى \2/ 13،411 أنجيه \الرجز\سحيم بن وثيل اليربوعى \2/ 211 واقيه \السريع \عمرو بن ملقط\1/ 201 هويّا\الخفيف \كثيّر، أو أبو بكر بن عبد الرحمن \2/ 504 مضيّا\الخفيف \ابن المسور بن مخرمة\2/ 504 فصل الياء المضمومة دوّارىّ \الرجز\العجّاج \1/ 41 قنّسرىّ \الرجز\العجّاج \1/ 400 فصل الياء المكسورة بسىّ \الوافر\الحطيئة\2/ 97 للذي \الوافر\-\3/ 54 وللقصىّ \الوافر\-\3/ 54 عدىّ \الرجز\-\1/ 242 بالدّلىّ \الرجز\-\1/ 242 الوليّ \الرجز\-\1/ 242 للمطىّ \الرجز\-\1/ 365 المجفىّ \الرجز\-\2/ 171 (باب الألف اللّيّنة) والكلى \الطويل \زيد الخيل \2/ 607 بكى \الطويل \متمّم بن نويرة\2/ 151 بالطّلا\الطويل \أبو نصر بن نباتة\3/ 142 القنا\الطويل \أبو نصر بن نباتة\3/ 142 والدّها\الكامل \أبو الأسود الدؤلى \2/ 200

والقنا\الكامل \المتنبى \1/ 256 - 3/ 97 الفتى \الرجز\الشماخ \2/ 499،500 أتى \الرجز\الشماخ \2/ 499،500 سرى \الرجز\الشماخ \2/ 499،500 ما اشتهى \الرجز\الشماخ \2/ 499،500 القرى \الرجز\الشماخ \2/ 499،500 السّرى \الرجز\خالد بن الوليد، وقيل غيره \2/ 505 جزى \الرجز\أبو النجم العجلى \1/ 67،153 العلى \الرجز\أبو النجم العجلى \1/ 67،153 الفتى \المتقارب \المتنبى \1/ 127 ...

أنصاف أبيات وأجزاء أبيات وإحالات

أنصاف أبيات وأجزاء أبيات وإحالات (باب الهمزة) أتانى عن أمىّ نثا حديث \-حفاظ\فى الوافر أثوى وقصّر ليله ليزوّدا\-موعدا\فى الكامل أحار بن عمرو كأنى خمر\-يأتمر\فى المتقارب إذا نهى السّفيه جرى إليه \-خلاف \فى الوافر أسود شرى لاقت أسود خفيّة\-الأساود\فى الطويل أصحوت اليوم أم شاقتك هرّ\-مستعر\فى الرمل أصمّ عما ساءه سميع \1/ 97 أفاطم مهلا بعض هذا التدلّل \-فأجملى \فى الطويل أقلّى اللوم عاذل والعتابا\-أصابا\فى الوافر ألا أيهذا الزاجرى أحضر الوغى \-مخلدى \فى الطويل ألم تغتمض عيناك ليلة أرمدا\-المسهّدا\فى الطويل إليكم يا بنى بكر إليكم \-اليقينا\فى الوافر إنّ سير الخليط لمّا استقلاّ\-استهلاّ\فى الخفيف إن يكن صبر ذى الرزيّة فضلا\-الأجلاّ\فى الخفيف أنا صخرة الوادى إذا ما زوحمت \-الجوزاء\فى الكامل أىّ نار للحرب لا أوقدها\-وقدح \فى الرمل (باب الباء) بما فى فؤادينا من الشوق والهوى \-المشعّف \فى الطويل (باب الثاء) ثلاث كلهنّ قتلت عمدا\-تعود فى الوافر (باب الجيم) جاءنى ناعى بنعى سليمى \1/ 128 (باب الحاء) حرموا الذي أملوا\-بالحرمان \فى الكامل

(باب السين) سلبت سلاحى بائسا وشتمتنى \-سالب \فى الطويل (باب العين) عفت الديار محلّها فمقامها\-فرجامها\فى الكامل على حين عاتبت المشيب على الصبا\-وازع \فى الطويل علفتها تبنا وماء باردا\-عيناها\فى الكامل (باب الفاء) فاعصوصبوا ثم جسّوه بأعينهم \-زالا\فى البسيط فقالت: ألا يا اسمع أجبك بخطة\-وأصيبى \فى الطويل (باب القاف) قد أترك القرن مصفرّا أنامله \-بفرصاد\فى البسيط قد كنت تهزأ بالفراق مجانة\-وعرام \فى الكامل قد يديمه التجريب \-التجارب \فى الطويل قفانبك من ذكرى حبيب ومنزلى \-فحومل \فى الطويل (باب الكاف) كأنّ حواميه مدبرا\-يخضب \فى المتقارب كفى بالنأى من أسماء كاف \-شاف \فى الوافر (باب اللام) لا تجزعى إن منفسا أهلكته \-فاجزعى \فى الكامل لعزّة موحشا طلل \-خلل \فى الهزج لقد ولد الأخيطل أمّ سوء\-وشام \فى الوافر لمن طلل برامة لا يريم \-قديم \فى الوافر له أياد إلىّ سابقة\-ولا أعدّدها\فى المنسرح ليس على طول الحياة ندم \-يعلم \فى السريع (باب الميم) ما أنس لا أنساه آخر عيشتى \-سراب \فى الكامل

من يفعل الحسنات الله يشكرها\-سيّان \فى البسيط (باب النون) النازلين بكلّ معترك \-الأزر\فى الكامل نرى عظما بالبين والصدّ أعظم \-منهم \فى الطويل (باب الهاء) هنيئا لك العيد الذى أنت عيده \-وعيدا\فى الطويل (باب الواو) وأين ركيب واضعون رحالهم \2/ 494 وجدنا الوليد بن اليزيد مباركا\-كاهله \فى الطويل وسبى قد حويته فى المغار\2/ 134 وقرن قد دلفت إليه فى المصاع \2/ 134 وكأن أجنحة الملائك حوله \-أجرد\فى الكامل وكرّار خلف المجحرين جواده \-حليلها\فى الطويل وما المرء إلاّ كالشهاب وضوئه \-ساطع \فى الطويل ومنّا الذى اختير الرجال سماحة\-الزّعازع \فى الطويل ونحن ألى ضربنا رأس حجر\-رقاق \فى الوافر (باب الياء) يا دارميّة بالعلياء فالسّند\-الأبد\فى البسيط يا دار هند عفت إلاّ أثافيها\-فواديها\فى البسيط يسهّد فى ليل التمام سليمها\-قعاقع \فى الطويل يطأن من الأبطال من لا حملنه \-يقوّم \فى الطويل ينباع من ذفرى غضوب جسرة\-المقرم \فى الكامل ...

5 - فهرس الأساليب والنماذج النحوية واللغوية

5 - فهرس الأساليب والنماذج النحويّة واللغويّة (أ) آتيك خفوق النجم 2/ 16 آتيك مضرب الشّول 2/ 16 آتيك مقدم الحاجّ 2/ 16 آلحسن أو الحسين أفضل أم ابن الحنفيّة؟ 3/ 11 آلحقّ أنك ذاهب؟ 3/ 196 أبوك النابغة شعرا 3/ 24 أبو يوسف أبو حنيفة 1/ 272 أتته كتابى فاحتقرها 2/ 425 - 3/ 202 اتّقى الله امرؤ وصنع خيرا 1/ 393 أجئتنا بغير شيء؟ 1/ 363،365 أحسن ما يكون زيد قائما 3/ 18 أحقّا أنك ذاهب؟ 3/ 196 أخذته بدرهم فصاعدا 3/ 19 أخذته بلا ذنب 1/ 363 أخرجه من متى كمّه 2/ 614 أخطب ما يكون الأمير قائما 1/ 53،104 - 2/ 4،29 أخوك حاتم جودا 1/ 272 - 3/ 24 أدخلت القلنسوة فى رأسى والخاتم فى إصبعى 2/ 135 إذا طلعت الجوزاء انتصب العود فى الحرباء 2/ 137 إذا كان غدا فائتنى 1/ 130،284 - 2/ 23،593 أذاهب أخواك؟ 2/ 62 أرخص ما يكون البرّ مدّان بدرهم 3/ 19 أركب على اسم الله 2/ 610

استوى الماء والخشبة 3/ 70 الأسد أقوى من الإنسان 2/ 597 اشتريت الحملان: حملا ودرهما 1/ 302 أشدّ الهلّ وأوحاه 2/ 538 أصاب الناس جهد ولو ترى ما أهل مكة 1/ 36 - 2/ 296 أصحب الفقهاء أو النحويّين 3/ 70 أطع الله حتى يدخلك الجنة 2/ 148 افعل ذا إمّالا 2/ 116 أقلّ رجل يقول ذاك إلاّ عمرو 3/ 46 أكثر شربى السّويق ملتوتا-شربى السّويق أكثر قولى أن لا إله إلاّ الله 3/ 155 أكلونى البراغيث 1/ 200،202 - 2/ 426 ألا ماء أشربه-ألا ماء أشربه-ألا تنزل عندنا تصب من طعامنا 2/ 297،543 الذى يزورنى فله درهم 2/ 551 - 3/ 184 الله لأفعلنّ-الله لتفعلنّ-آلله لتفعلنّ 2/ 108،132،133،195 اللهم اغفر لنا أيتها العصابة 1/ 418 اللهم ضبعا وذئبا 1/ 134 أمّا أنت منطلقا انطلقت معك 1/ 49 - 2/ 114،116 أمّا زيد ذاهبا ذهبت معه 2/ 114،116 أما والله لأفعلنّ-أم والله لأفعلنّ 2/ 296،297 أمرتك الخير 2/ 133 أمكنك الصيد 1/ 393 إن أكلت إن شربت فأنت طالق 1/ 367 إن فلانا يأتينا بالعشايا والغدايا 3/ 38 وانظر: إنّى لآتيه. . . أنا كأنت وأنت كأنا 1/ 278 - 2/ 513 أنت الرجل دينا 3/ 135 أنت ظالم إن فعلت 2/ 119 إنك ولا شيئا سواء 1/ 363

إنما أنت دخول وخروج 1/ 106 إنه أمة الله ذاهبة 3/ 47 إنه ذاهبة فلانة 3/ 47 إنه كرام قومك 3/ 47 إنها لإبل أم شاء 3/ 108 إنى لآتيه بالغدايا والعشايا 1/ 377 وانظر: إن فلانا. . . إنّى لأبغضه كراهة-شناءة-إنّى لأشنؤه بغضا 2/ 221،396 إنى لأمرّ بالرجل مثلك فيكرمنى 1/ 235 إنّى لممّا أفعل 2/ 566 أهلك والليل 2/ 97 (ب) بالفضل ذو فضّلكم الله به، وبالكرامة ذات أكرمكم الله بها 3/ 54 بالله لمّا فعلت 3/ 145 بحسبك قول السّوء 1/ 130 برّ مكيول 1/ 170 - 2/ 192 برق نحره 2/ 288 بشر كحاتم جودا 3/ 24 بعته ناجزا بناجز ويدا بيد 3/ 19 بعير ذو عثانين 1/ 113،114،290 - 2/ 279 - 3/ 120،203 بيّنت له حسابه بابا بابا 3/ 19 (ت) تأبّط شرّا 2/ 288 تبسّمت وميض البرق 2/ 221 ترحه الله ما أسمحه! 2/ 225 تزوّج هندا أو بنتها 3/ 70 تعلّم الفقه أو النحو 3/ 70

تعلّم إمّا الفقه وإمّا النحو 3/ 125 (ث) ثلاثة شسوع 2/ 207 ثوبّ بشر 2/ 181 ثوب دون 2/ 582 ثوب مخيوط 1/ 170،321 - 2/ 192 ثوب مصوون 1/ 170،321 - 2/ 192 ثوب مصيون 1/ 170،321 - 2/ 192 (ج) جاء القوم الجمّاء الغفير-القوم فيها. . . . . جاءته كتابى فاحتقرها-أتته كتابى. . . . جالس الحسن أو ابن سيرين 3/ 70 جئت فلانا لدن غدوة 1/ 340 جئت من معهم 1/ 374 جئتك يوم اثنين مباركا فيه 1/ 222 جئته ركضا 2/ 49 الجباب شهرين 1/ 80 جدعا له 2/ 433 جيب بكر 2/ 181،182 (ح) حسبك بزيد 3/ 222 حسبك خيرا لك 2/ 98 حضر القاضى اليوم امرأة 2/ 418 حينئذ الآن 2/ 514 (خ) خذ ثوبا أو دينارا 3/ 71 خرجت بلا زاد 2/ 539

خرجنا نتلعّى 2/ 172 خير عافاك الله-من قول رؤبة-1/ 282 - 2/ 132 خير مقدم 2/ 98 (د) دخلت البيت 2/ 137،138 دخلت السّوق 2/ 138 دعه تركا رفيقا 2/ 396 (ذ) ذهبت بلا عتاد 1/ 363 ذهبت الشام 2/ 137 (ر) رأسه والجدار 2/ 97 ربّه رجلا 3/ 47 رجع عوده على بدئه 1/ 235 - 3/ 20 رحم الله فلانا 1/ 395 الرحيل بعد غد 3/ 197 وانظر: غدا الرحيل (ز) زيد زهير شعرا 1/ 272 زيد كزهير شعرا 3/ 24 زيد مناط الثريّا 2/ 585 (س) سادوك كابرا عن كابر 2/ 612 - 3/ 19 سبحان الله 2/ 106 سبحان ما سخركنّ لنا 2/ 548 سرت حتى أدخلها 2/ 149 سقط لوجهه 2/ 616

سقيا له-لك-ورعيا 1/ 248،253 - 2/ 98،433 السمن منوان بدرهم 1/ 376 (ش) شاب قرناها 2/ 288 شابت مفارقه 1/ 113،290 - 2/ 279 - 3/ 120،203 شربت الإبل حتى يجيء البعير يجرّ بطنه 2/ 149 شربى-شربك-السّويق ملتوتا 2/ 4،30 - 3/ 17 شعر شاعر 1/ 108 شهر ثرى وشهر ترى وشهر مرعى 1/ 140 - 2/ 72 شيب شائب 1/ 108 (ص) صلاة الأولى 2/ 68 صلّى المسجد 2/ 22،67 (ض) ضع رحالهما 1/ 15 ضعا رحالكما 2/ 496 (ط) طلبته جهدك 1/ 235 - 3/ 20 طعام مزيوت 1/ 170،321 (ع) عبشّمس 2/ 181 العجب من برّ مررنا به قبل قفيزا بدرهم 1/ 257 - 3/ 98 عجبت من دهنك الشعر 2/ 396 عرضت الناقة على الحوض، وعرضتها على الماء 2/ 137 عرقا تصبّبت 1/ 48 عزّ الدينار والدرهم-ويروى: الدرهم والدّينار-2/ 212،597 عقرا له 2/ 433

عقلته بثنايين 1/ 27 علم الله لأفعلنّ 1/ 388 علماء بنو تميم 2/ 180 عمر الله 2/ 108،109 عمرك الله 2/ 106،108 إلى 113 عهد الله 2/ 109 (غ) غثنا ما شئنا 3/ 225 غدا الرحيل 3/ 196 وانظر: الرحيل بعد غد غضبت من لا شيء 1/ 363 - 2/ 539،540 غفر الله لك 1/ 395 غفرانك اللهمّ لا كفرانك 2/ 106 (ف) فرس معيوب 2/ 192 فرس مقوود 1/ 171،321 - 2/ 192 فلان لغوب-أتته كتابى (ق) قاتل الله فلانا، ما أشجعه! 2/ 225 قتل صبرا-قتلته صبرا-قتلوه صبرا 1/ 106،221،252 - 2/ 49،475 القرطاس والله 2/ 101 قرم موسى 2/ 181،182 قصّيت أظفارى 2/ 172 قضيّة ولا أبا حسن 1/ 366 قعد منّى مقعد القابلة 2/ 585 قعدك الله 2/ 106،110،113 قلّ رجل يقول ذاك إلاّ زيد 3/ 46 قميص لا كمّى له 2/ 220 - وانظر شبيهه فى ص 129

قول مقوول 1/ 321 - 2/ 192 قولنا: لا إله إلاّ الله 2/ 65 القوم فيها الجماء الغفير 1/ 235،236 - 3/ 20 - وانظر روايات أخرى فى هذا الموضع الثالث. (ك) كان سيرى أمس حتى أدخلها 3/ 214 كان معها فانتزعته من معها 2/ 584 كثر القفيز والإردبّ 2/ 212 الكرّ بعشرين 2/ 70 كلّ رجل فى الدار فله درهم 2/ 551 - 3/ 184 كلّ رجل يأتينى فله درهم 2/ 551 - 3/ 184 كلّ رجل يزورنى فله درهم 2/ 551 - 3/ 184 كل سمكا أو اشرب لبنا 3/ 70،71 كلّ يوم لك ثوب 1/ 168،250 - 2/ 573 - 3/ 5 كلّمته فاه إلى فىّ-كلّمته فوه إلى فىّ 1/ 236 - 3/ 19 كن كما أنت 2/ 564 كنت أظنّ أن العقرب أشدّ لسعة من الزنبور فإذا هو هى، أم فإذا هو إيّاها 1/ 348 (ل) لا أفعل كذا ما طار طائر 1/ 285 لا أكلّمك ما سمر سامر 1/ 285 لا بأس 2/ 65 لا تأكل السمك وتشرب اللبن 1/ 29 - 2/ 148،376 لا غلامى لك 2/ 129 - وانظر شبيهه فى 2/ 220 لا نولك أن تفعل كذا 1/ 362 - 2/ 531،532 لاه أنت 2/ 611 لاها الله ذا 2/ 133 لا يسعنى شيء ويعجز عنك 1/ 29 - 2/ 148 لألزمنّك أو تفينى بحقّى 2/ 148 لألزمنّه أو يتّقينى بحقّى 3/ 78

لأنتظرنّك حتى تغيب الشمس 2/ 149 لتعن بحاجتى ولتوضع فى تجارتك 2/ 522 لعمر الله لأفعلنّ 2/ 62 لقيت زيدا مصعدا منحدرا 3/ 18 لقيته بعيدات بين 2/ 579 لقيته صكّة عمىّ 2/ 579 لقيته فينة فينة، ولقيته الفينة بعد الفينة 1/ 22 لمّا التقت الأقران وخرج فلان من الصفّ معلما شاهرا سيفه وجال بين العسكرين 2/ 122 لم أر كاليوم رجلا 2/ 127 لهى أبوك 2/ 196 لو رأيت الجيش خارجا قد جمع الطمّ والرّمّ 2/ 120 ليس خلق الله مثله-ليس خلق الله أشعر منه 2/ 9 ليس الطيب إلاّ المسك 1/ 312 ليل نائم 1/ 134 وانظر: نام ليلك الليلة الهلال 1/ 80 - 2/ 68 ليمن الله لأذهبنّ 2/ 62 (م) ما أحسن عبد الله! 2/ 399،401 ما أحسن عبد الله؟ 2/ 399،401 ما أحسن وجوه الرجلين 1/ 17،18 ما أحسن وجوههما 1/ 17 ما أدرى أىّ ترخم هو 1/ 261 ما أغفله عنك شيئا 2/ 514 ما أنا بالذى قائل لك سوءا-أو شيئا 1/ 112،331،3/ 220 ما أنا كأنت-أنا كأنت ما أنت إلا نوم-نوما 1/ 106،369 ما باليت به بالة 2/ 292 ما تأتينى فتحدثنى 3/ 100 ما رأيت كغدوة قطّ 1/ 221

ما زلنا نطأ السماء حتى أتيناكم 1/ 79 - 2/ 22 ما زيد إلاّ أكل وشرب-أكلا وشربا 1/ 106،369 ما كان إلاّ كلا شيء 1/ 363 - 2/ 540 المؤمن خير من الكافر 2/ 597 مررت برجل سواء والعدم 1/ 360 مررت برجل معه صقر صائدا به غدا 1/ 118 - 3/ 13 مسجد الجامع 2/ 68 مسك مدووف 1/ 171،321 - 2/ 192 مكة والله 2/ 101 من كذب كان شرّا له 1/ 82 - 2/ 385 موت مائت 1/ 108 (ن) نار الحباحب 2/ 268 نام ليلك 1/ 53 - 2/ 29 وانظر: ليل نائم نزلت من على الجبل 2/ 537 نشدتك الله لمّا فعلت 3/ 145 نعم السّير على بئس العير 2/ 405 (هـ‍) هب الأمير سوقة وخاطبه 1/ 83 هذا بسرا أطيب منه رطبا 1/ 257 - 3/ 7،22،98 هذا حلو حامض 1/ 239 هذا يوم اثنين مباركا فيه 1/ 222 الهلال والله 2/ 61 هم فيها الجماء الغفير-القوم فيها. . . . هنيئا لك قدومك 2/ 104 هو أحمر بين العينين 2/ 592 هو جارى بيت بيت 2/ 489 هو زيد معروفا 3/ 22

هو منّا مزجر الكلب 2/ 585 هو منّى عدوة الفرس، أو غلوة السّهم 2/ 586 هو منّى فرسخان وميلان 2/ 586 هو منّى قيد رمح 2/ 586 هو منّى معقد الإزار 2/ 585 (و) والله ما هى بنعم الولد، نصرها بكاء وبرّها سرقة 2/ 405 وراءك أوسع لك 1/ 254 - 2/ 98 وضعا رحالهما-ضعا. . . . ويلمّه-ويلمّ قوم 2/ 180،182،216 (ى) يا نعم المولى ويا نعم النّصير 2/ 409 يرحم الله فلانا 1/ 395 يمين الله 2/ 109 ...

6 - فهرس الأمثلة والأبنية والأوزان والصيغ

6 - فهرس الأمثلة والأبنية والأوزان والصّيغ (أ) الله-تعالى مسمّاه: اختصاصه بأمور 2/ 132 أصله واشتقاقه وتفخيم لامه وترقيقها 2/ 195 - 198،341 إلاه 2/ 194 اللهمّ 2/ 340،341 آلدة-والدة أبان-أبين-أبين 1/ 44 أب 2/ 226،234 - جمعه 2/ 236،237 هذا أبا، ورأيت أبا، ومررت بأبا 1/ 45 أبلة الطعام 2/ 189 إبليس: عربىّ هو أم أعجمىّ؟ 3/ 167 ابن-ابنة 2/ 226 - 3/ 25 ابن-بنو-بنين-بنت-ابنة-بنات-بنوىّ-البنوّة-أبينون 1/ 64 - 2/ 284، 285 وانظر: بنت أبى يأبى 1/ 209 أبى: نفى صريح 1/ 208،391 أبىّ 2/ 193 أبينون 1/ 64 أتان وآتن 1/ 243 اثنان واثنتان 2/ 226 اثنان-ثنى-ثنيت-أثناء-ثنى 2/ 285 أثن-وثن أجبت-أجوبت-إجواب-إجابة 2/ 186،187 اجلوّذ اجلوّاذا 2/ 245 أجم-وجم 2/ 190 أجوه-وجه

أحد-من ألفاظ العموم 2/ 435 أحد-إحدى 2/ 189 أحق 2/ 312 أحمر، مسمّى به، مصروفا وغير مصروف 3/ 213 أخ-أخىّ 2/ 193،226،234 - جمعه 237 أخت-أخوة 2/ 226،286،343 أدل 2/ 312،336 أدور-أدؤر 2/ 190 أراهط-رهط أرض-أرضون 2/ 263 الأرض: ممّا استغنى بلفظها عن لفظ الجمع 2/ 48 أرطى 2/ 333 ارعوى-ارعوو 2/ 455 أرى ونظائره-مضارع وأمر 2/ 201 أزن-وزن أزيد ضربته-أزيدا 2/ 80 إسادة-وسادة است-سته-استه-ستهم-ستهاء 2/ 226،283 استجاب استجابة 2/ 187 استعان استعانة 2/ 187 استعدد، استعدّ 2/ 182 استغاث استغاثة 2/ 187 استقام استقامة 2/ 187 استقرر، استقرّ 2/ 182 أسد وأسد 2/ 188 اسم 2/ 226 الاسم: اشتقاقه ولغاته 2/ 280 - 283 اسم مالك 2/ 181،182 أسماء 2/ 189

إشاح-وشاح اشهيباب 1/ 141 أشياء: الخلاف فى أصله ووزنه 2/ 205 - 210 أصيم 2/ 58 - 183،491 إعاء-وعاء إعصار وأعاصير 1/ 435 أعنت-أعونت-إعوان-إعانة 2/ 186،187 أعود-وعد أغثت-أغوثت-إغواث-إغاثة 2/ 186،187 أغلوطة وأغاليط 1/ 435 أفّ: لغاتها 2/ 175 أفاعلة: ما يجمع عليها 1/ 143 افتعلت بمعنى فعلت 1/ 274،283 أفعال: ما جمع عليه 1/ 302 أفعل: بعض ما يضاف إليه 2/ 29 وضعه موضع فعل 2/ 100 وضعه موضع فعيل 2/ 101 أفعل التفضيل 2/ 425 أفعل: ما يجمع عليه قياسا 1/ 242،243 بمنزلة الواحد فى لحاق التصغير له 2/ 262 أفعلة: ما يجمع عليه قياسا 1/ 242 - 3/ 31 إفعيل 3/ 167 أفيئس 2/ 215 أقّت-وقّت أقلّ، فى النفى 3/ 46 أقمت-أقومت-إقوام-إقامة 2/ 186،187 أقوف-أقف-وقوف إكاف-وكاف أكرم-أؤكرم 2/ 213

الآن 2/ 596 الألى-الأولى 1/ 42 إليك 1/ 250،251 أم المثوى-ثويت فى المكان أمّ-ويلمّ قوم امتثلوا امرهم 2/ 215 امتثلى مرهم 2/ 215 أمس 2/ 595 أمل يأمل 2/ 364،365،370 أمة-أموة-إموان-إماء-آم-2/ 226،261،262 أناة 2/ 189 أناس-ناس 2/ 193 أنرت الثوب-هنرت 2/ 242 أنور-أنؤر 2/ 190 الأواقى-الوواقى 2/ 188 الأوالى-الأوائل 3/ 258 أوثر حديث زيد 2/ 199 أوجر دارك 2/ 199 أورى-وورى أوقف-ووقف أوّل 2/ 600 أولى-وولى 2/ 189 أويحف-أواحف 2/ 188 أويصل-أواصل 2/ 188 أويعد 2/ 188 أويكف-أواكف 2/ 188 إيّاك-هيّاك 2/ 242 إيه وإيه 2/ 176،389 (ب) باطل وأباطل وأباطيل 1/ 434

بئر-آبار 1/ 160 بئس يبأس ويبئس 2/ 156 بخ-بخبخ 2/ 174،175 البرابرة 1/ 147 برءاء-براء 2/ 210 برق نحره 2/ 288 برقع 2/ 333 برة 2/ 226 البرة-بروة-برات-برى-برون 2/ 267 بسأ يبسأ 1/ 211 بعيدات بين 2/ 579 بكرة 1/ 221،222 بنت-بنو 2/ 226،286،343 وانظر: ابن بيض 1/ 320 بيّن 2/ 429 (ت) ت زيدا 2/ 199 تأبّط شرّا 2/ 288 تبراك 1/ 64 تجاه 2/ 266 تحيّة 1/ 44 تخمة 2/ 266 تراث 2/ 266 تراك 2/ 389 تربوت 2/ 266 ترجمان 1/ 64 ترقوة 2/ 336

ترى 2/ 264 ترينّ-تصريفها 2/ 489 - 493 تسابّ 2/ 327 تسرّرت-تسرّيت 2/ 172،264 تظنّنت-تظنّيت 2/ 172،264 تعالى الله 1/ 72 التفعيل: للمبالغة والكثرة 1/ 119 تق الله 1/ 315 تكأة 2/ 266 تكلان 2/ 266 تمودّ الثوب 2/ 58،491 تهمة 2/ 266 توأم وتؤام 1/ 435 التوراة 2/ 266 التولج 2/ 266 (ث) الثّبة-ثبوة-ثبون-ثبات 2/ 226،261،263،267،268 ثقة 2/ 282 ثنتان-ثنية-ثنية 2/ 226،286 ثنى-ثنيت-أثناء-ثنى 2/ 285 وانظر: اثنان ثنىّ وثناء 1/ 435 ثوبّ بشر 2/ 181 ثوبة-الثّبة ثويت فى المكان وأثويت-الثّويّة-الثّوى-أمّ المثوى 2/ 248 (ج) جاور-الجوار 2/ 154 جؤذر 2/ 333

جبا يجبا 1/ 209 جبه يجبه 1/ 211 - 2/ 156 جبيت الخراج جباوة 2/ 209 الجحنفل 1/ 336 جخابة 2/ 249،255،256،258 - 3/ 31 جخدب 2/ 333 جذوة وجذى وجذى 2/ 430 جرنفش-جرافش 2/ 167 جعل يجعل 1/ 211 جمادى 2/ 265 جمزى 2/ 265 جندب 2/ 333 الجهة-وجه الجواربة 1/ 146 الجوى 2/ 249 جيأل-جيل 2/ 214،215 جيب بكر 2/ 181،182 جيدر 2/ 170،329 (ح) حبلويّ 2/ 333 حبوة وحبا 2/ 430 حديث-أحاديث-إحداث 1/ 435 حر-أحراح 2/ 226،231،238 حرّة-إحرّون-حرّون 2/ 263،264 حسّان: بوزن فعّال أو فعلان 2/ 247 حسب يحسب ويحسب 2/ 156 حسن الوجه-الحسن الوجه-الحسن الوجه-الحسان الوجه 1/ 159 - 2/ 221،400 الحلفاء 2/ 209 حم 2/ 226،234،245 حمار وأحمرة 1/ 242

حمة-حمة العقرب-حموة-حمية 2/ 226،277 حمولة 2/ 255 الحوأب-حوب 2/ 214،215 حويت الشىء-الحويّة-الحواء-الحواء 2/ 248 (خ) خصيّ-خصيان 1/ 99 خطيئة-خطايا 2/ 206،208،215 خلف 2/ 600 خمسة دراهم 2/ 207 خمّير 1/ 244 (د) دار ودور 1/ 93 داهية 2/ 256،257 دأب يدأب 1/ 211 دبغ يدبغ ويدبغ 1/ 211 دخل يدخل 1/ 211 - 2/ 157 دد 2/ 226،232 دربوت 2/ 266 درهم-دراهم-دريهمات 2/ 206،333 الدّفلى 2/ 333 دلهمس 2/ 331 دم-دمان 1/ 44 - 2/ 226،232 دهديت-دهدهت 2/ 242 دولج 2/ 266 دون-دونك 1/ 250 - 2/ 389،593 (ذ) ذات مرّة 2/ 579 ذفرى 2/ 333

الذكرى 2/ 333 ذهب يذهب 1/ 211 ذوائب 2/ 206،209 ذومال 2/ 226،240،245 ذو مرهم-ذى مرهم 2/ 215 ذيت 2/ 226 (ر) راء 2/ 202 راوية للشّعر 2/ 249،255،256 الرّئة-رأيته-رئات-رئون 2/ 226،278 ربعة 2/ 343 ربّى-رباب 1/ 435 رتع يرتع 1/ 211 رجع يرجع 1/ 211 رجل ورجلة 3/ 25 رجال: جمع راجل ورجل 3/ 170 رخل ورخال 1/ 435 ردّ: بمعنى صيّر 3/ 168 رشوة ورشا، ورشوة ورشا 2/ 430 رضى-رضا 2/ 518 ركنت أركن 1/ 210 رماح الجنّ 2/ 303 الرمّان 2/ 448 رهط وأراهط وأرهط 1/ 435 رويد 2/ 389،391 ريهقان 2/ 329 (ز) زأر يزئر 1/ 211 زرقم 2/ 284

الزنادقة 1/ 49 زنة 2/ 154،282 (س) ساق وسوق، وأسؤق وسئوق 1/ 93 - 2/ 190 سأل يسأل 1/ 211 سئّالة 2/ 255 ساحة وسوح 1/ 93 سانيت وسانهت 2/ 242 السّبابجة 1/ 147 سبحان 2/ 578 سبك 2/ 161 سته-است ستهم 2/ 284 سحر 2/ 578 سحر يسحر 1/ 211 سفرجل 2/ 331 سفيان 1/ 263 سقر 2/ 161 سكّيت 1/ 244 سل-يسل 2/ 200،214 سلخ يسلخ 1/ 211 - 2/ 156 سلا يسلى 1/ 209 سلس 2/ 332،338 سلهب 2/ 333 السماء: جمع هى أم مفرد؟ 3/ 93،94 سمح-سمحاء 2/ 205،206 سمو-الاسم سميدع 1/ 337 - 2/ 331 سنح يسنح 1/ 211 سنمّار 1/ 153

سنة-سنوة-سنهة-سنوات-سنهات-سنون وإعرابه 2/ 226،261،267، 278،338،339 سه-ستيهة 2/ 193 سواية-سوائية 2/ 205،206،208 السّوور 1/ 322 سيّد-سيّدىّ 1/ 161 - 2/ 169،170،329،429 - 3/ 189 السّية-سيات-سئة القوس 2/ 226،278 (ش) شاب قرناها 2/ 288 الشابّة 2/ 491 شادّ 2/ 327 شاك السّلاح-شاكى السّلاح 1/ 318 شاة-شوهة-شاوىّ-شوىّ-أشاوه 2/ 226،258 الشّبعى 2/ 333 شتّان 2/ 175 شخص يشخص 1/ 211 شرجب 2/ 333 شرنبث-شرابث 2/ 167 شرّيب 1/ 244 الشّعرى 2/ 333 شغل يشغل 1/ 211 - 2/ 156 شفة-شفهة 2/ 226،260 شقاوة 2/ 336 الشّكوى 2/ 333 شمال وأشمل 1/ 243 شمخ يشمخ 1/ 211 شنذارة-شئذارة 2/ 167 الشىّ 3/ 189

شيخ وشيخة 3/ 26 (ص) صام-الصّيام 2/ 154 صبغ يصبغ ويصبغ 1/ 211 صرورة 2/ 256،343 صلح يصلح 1/ 211 صميان 2/ 335 صنع يصنع 1/ 211 - 2/ 156 صه وصه 2/ 174،389 الصّوّان: بوزن فعلان أو فعّال 2/ 247 صوّة وصوى 2/ 430 صيرف 2/ 170،329 صيصية 2/ 331 (ض) الضارب الرجل 1/ 159 الضّئين 1/ 100 ضحوة 1/ 221،222 ضعة-ضعوات 2/ 226،266 ضوضاء 2/ 331 ضيغم 2/ 329 (ط) الطامّة 2/ 491 الطرفاء 2/ 209 طلع الشمس، والشمس طلع 2/ 428 الطىّ 3/ 189 طىّء-طائىّ وطيّىء 1/ 161 الطيّب والطيب 1/ 232 طيلسان 2/ 329،465

(ظ) ظئر وظؤار 1/ 435 الظبة-ظبات 2/ 226،268 (ع) العبد: جمعه على القلّة وعلى الكثرة 1/ 99،100 العباد: مختص بالله تعالى 1/ 99 العبيد: اسم للجمع 1/ 100 عبشّمس-فى عبد شمس 2/ 181 عدمتنى 1/ 57 عدة 2/ 154،282 عذافر 1/ 337 عرقوة 2/ 336 عرنتن-عرتن 2/ 168 العزة-عزون-عزوته إلى كذا وعزيته 2/ 226،278 عشيّة 1/ 222 عضة-عضوات-عضون-عضوة-عضهة 2/ 226،267،278،279،338 عقاب وأعقب 1/ 243 علابط-علبط 1/ 44 - 2/ 168 علاّمة 2/ 249،255،256،257 علقى 2/ 333 علم الله: بمعنى أقسم بالله 1/ 388،395 عليك 1/ 250 عناق وأعنق 1/ 243 عندك 1/ 250 عنى 2/ 397 عور-اعورّ-العور 2/ 155 عيلم 2/ 170 عين 1/ 320

(غ) غار منول ومنيل 1/ 320 غد 2/ 226،229 غدوة 1/ 221،222 غراب وأغربة 1/ 242 - تصغيره 2/ 26 غزر 2/ 161 غسا الليل يغسا 1/ 209 الغضبى 2/ 333 غلام وغلامة 3/ 26 غليان 2/ 335 غمام العطاء 1/ 342 الغوور 1/ 322 غيلم 2/ 170 (ف) ف بقولك 2/ 200 فئة-فئات-فأوت 2/ 226،278 فاعل: جمعه على فعل 2/ 494 - 3/ 170 فاعل: جمعه فعل 2/ 219 فاعل: جمعه فعّل 1/ 434 فاعل: جمعه فعال 3/ 170 فاعل: جمعه أفعال 2/ 494 فاعل: جمعه فعالة 2/ 495 فاعل: جمعه فعلة، ولم يأت إلاّ فى المعتلّ اللام 2/ 429 لا يجمع على أفعلة 1/ 377،378 فاعل: لا يجمع على فواعل، إلاّ ما شذّ 3/ 212 فاعلة: تجمع على فواعل 2/ 495 فاعل: الأصل فيه أن يكون من اثنين فصاعدا، وقد يأتى من واحد 1/ 333 فاعول: فى الأعلام العربية والأعجمية، وفى غير الأعلام 1/ 83،84 فخر يفخر 1/ 211 - 2/ 156 فدان وأفدنة 1/ 242 - 2/ 351

فدوكس 1/ 337 - 2/ 331،332 فرغ يفرغ 1/ 211 - 2/ 157 فروقة 2/ 255،257 فضل يفضل 1/ 210 فضل: جمعا، وصفة للمرأة 2/ 219،220 فضلا: إعرابه ومعناه 3/ 67 فعال: جمعه 1/ 242،243 اسم مفرد مذكر 2/ 351 - 362 اسم مفرد مؤنّث 2/ 351 - 362 وصف لمذكّر ولمؤنّث 2/ 351 - 362 مصدر 2/ 351 - 362 جمع-اسم جنس جمعى 2/ 351 - 362 اسم فعل أمر 2/ 351 - 362 معدول عن المصدر 2/ 351 - 362 معدول عن صفة غالبة 2/ 351 - 362 علم معلّق على النساء، معدول عن فاعلة 2/ 351،362 فعال: مفرد 2/ 211 جمعه 1/ 242،243 الجمع عليه على غير قياس 2/ 211 فعال:3/ 32،34 جمعه 1/ 242،243 فعّال المعدول عن فاعل 2/ 346 فعتل 2/ 287 فعل: جمعه على أفعل 2/ 231 جمعه على فعال 2/ 472 جمعه على فعول 2/ 76،77،472 جمعه على أفعال من الشاذّ 2/ 76 لا يجمع على أفعلاء 2/ 205 فعل: جمعا 2/ 188

فعل: جمعه على أفعال 3/ 204 فعل: جمعه على أفعال 2/ 76،234،245،246،284،286،449 جمعه على فعول 2/ 449 جمعه على فعلان 2/ 455 لا يجمع على أفعلة 1/ 378 جمعه على «فعل» شاذّ 2/ 188،449 فعل: جمعه على أفعال 2/ 494 للمبالغة، وهو المعدول عن فاعل 1/ 192 - 2/ 346 فعل، وثانية حرف حلقىّ: لغاته 2/ 418 فعل: اسم جنس 2/ 347 - 351 جمعا 2/ 347 - 351 مصدرا 2/ 347 - 351 ولم يأت إلاّ فى المعتلّ اللام 2/ 429 صفة 2/ 347 - 351 معدولا مختصّا بالنداء 2/ 347 - 351 معدولا عن فاعل 2/ 347 - 351 معدولا عن فاعل أفعل من كذا 2/ 347 - 351 معدولا عن فاعل فعل 2/ 347 - 351 معدولا عن فاعل فعالى 2/ 347 - 351 فعل: اسما 2/ 157 بمعنى فاعل وفعيل 2/ 337 فعل: فى الأسماء 2/ 158 فعل: فى الأسماء والصفات 1/ 290 فعل: لازما ومتعدّيا 2/ 168 فعل وأفعل 1/ 139،374 - 2/ 248،249 - 3/ 57،124،209،229،273 فعل يفعل 1/ 211 فعل يفعل 1/ 211 فعل يفعل: قياس فيما كانت عينه أو لامه حرف حلق، وما جاء منه وليس على هذه الصفة 1/ 208 - 211 - 2/ 156،532

فعل يفعل 2/ 156 فعل يفعل 2/ 156 فعلال: لا يكون إلاّ من المضاعف 1/ 265 فعلان: المعدول عن فاعل 2/ 345 فعلل 2/ 333 فعلة، من المعتلّ: جمعه على «فعل» شاذّ 2/ 473 فعلة 3/ 31 فعلى وفعلى 2/ 333 فعلى: لم تستعمل لغير التأنيث 2/ 333 فعول: للمبالغة، وهو المعدول عن فاعل 2/ 212،346 الذى يستوى فيه المذكّر والمؤنّث 1/ 258 - 2/ 255 فعول:3/ 32،34 فعيل: مفردا 2/ 211 جمعا 1/ 266 - 2/ 211،272 جمع مذكّر سالما-وهى مسألة «قليل وكثير» 2/ 212 اسم جمع 1/ 100 جمعه على أفعلة وأفعل 1/ 242 بمعنى فاعل 1/ 274،352 المعدول عن فاعل 1/ 97،107،248 - 2/ 345 المعدول عن مفعل 1/ 97،98 - 2/ 345 بمعنى مفعول 1/ 39،201،274،352 - 2/ 464 ليس فى أمثلة الأفعال 2/ 413 فعّيل: للمبالغة 1/ 244 فعيلة: لا تجمع على فعال 1/ 380 فغر فاه يفغر 1/ 211 فقاقة 2/ 249،255،256،258 - 3/ 31 فقدتنى 1/ 57 فقر وفقر-فقير 2/ 371 فل 2/ 337

الفم:2/ 229 تثنيته وجمعه والنّسب إليه 2/ 242 فوك 2/ 226،240 فوه: كسرت فاه-وضعته فى فيه-هذا فىّ-فغرت فىّ-فى فىّ-ولا يجوز: كسرت فاى -فغرت فاك-فغرت فىّ 2/ 243 - 245 فيعل: اختصّ به الصحيح دون المعتلّ 2/ 170،329 فيعل: اختصّ به المعتلّ دون الصحيح 2/ 170،329،429 فيعلولة: اختصّ به المعتلّ دون الصحيح 2/ 170،429 فيفاء 2/ 331 (ق) قارة وقور 1/ 93 قاض-قاضى-قاضون 1/ 65،161،318 - 2/ 189،191،200،328 قدّام 2/ 600 قدم-اسم امرأة 2/ 161،265،304 قدنى 2/ 394،396 قرم موسى 2/ 181،182 قريب: إعرابها اسما وظرفا 2/ 587 تذكيرها مع تأنيث الرحمة من قوله سبحانه: {إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} 2/ 588 قرية: جمعها على «قرى» شاذّ 2/ 473 قريته قرى 2/ 430 القصباء 2/ 209 قضيب وقضبان 1/ 99 القطامى، بفتح القاف وضمّها 1/ 263 قطنى 2/ 394،396 قطوان 2/ 335 قعدد 2/ 333 قفيز وأقفزة 1/ 242،243 قفيز برّا 1/ 306

قلّ: فى النفى 3/ 46 قلق 2/ 332،338 قلنس 2/ 336 القلة-قلوة-قلوت-قلات-قلون 2/ 226،263،267 قلى يقلى-قليته قلى 1/ 209 - 2/ 430 قليب وأقلبة 1/ 243 قليل: جمعه جمع مذكر سالما 2/ 212 - 3/ 68 قنط يقنط 1/ 210 قنفخر-قفاخرى 2/ 167 قنوّر-قنوّرة 2/ 331 قوس-قووس-قسىّ 2/ 472 القيام-قام 2/ 154 (ك) كافّة 2/ 255 كبريت 1/ 64 كثير: جمعه جمع مذكر سالما 2/ 212 - 3/ 68 الكرة-الكورة-كروت-كروة-كرات-كرون 2/ 226،276،277 كسرى: ضبطه وجمعه 1/ 142 كسوة وكسى وكسى 2/ 430 كسى: مبنيّا للمعلوم 1/ 355 الكلاع 1/ 263 كلب وأكلب وأكالب 1/ 435 كلتا-كلوى-كلا 2/ 226،287 الكليب 1/ 100 كم بلك؟ -2/ 200،264 كم رضك؟ 2/ 213 الكمة 2/ 214 الكيالجة 1/ 146

كيت وذيت-كيّة وذيّة 2/ 226،287،288 (ل) ل عملك 2/ 200 لا أدر 1/ 317 - 2/ 290 لابة ولوب 1/ 93 لا تبل 2/ 297 لا غلامى لك-لا غلامى لزيد 2/ 129، وانظر ص 220 لاه 2/ 611 لاه أبوك-لهى أبوك 2/ 194،195،197 لاوذ-اللّواذ 2/ 154 اللثة-لثات-لثى-اللّثى 2/ 226،279 لحّانة 2/ 249،256،257 لحية: جمعها قياسا وشذوذا 2/ 473 لظى 2/ 161 لغة-لغوة-لغى-لغات 2/ 226،267 لم أبله 2/ 298 لم يبل 1/ 81 لم يك 1/ 317 لهى أبوك-لاه أبوك لوط 2/ 161 لويت: بابه أكثر من باب قوّة (¬1) 2/ 246،247 اللّىّ 3/ 189 ليّن 2/ 169،170،329،429 (م) ماء-موه 2/ 258 ¬

(¬1) يعنى أن ما جاءت الواو فيه عينا والياء لاما أكثر ممّا جاءت فيه الواو عينا ولاما. وقال فى ص 278: قالوا: إن هذه المنقوصات ما لامه واو أكثر ممّا لامه ياء. فإذا جهلت جنس لام الكلمة فاحكم بأنها واو، حتى يقوم دليل على خلافه.

ماء الصبابة 1/ 342 مائة-مئية-مئات-مئون-مين-المين-المئين 2/ 204،226،277 ما جاءنى رجل-ما جاءنى من رجل-الفرق بينهما 2/ 529 مادّ 2/ 327 ماذا؟ إعرابه 2/ 443 - 3/ 54 مبيوع-مبيع 2/ 32،191 مثل: من ألفاظ الإبهام والشّياع 1/ 68 - 2/ 601،602،603 مثلما 2/ 604 مجذامة 2/ 256،257 مخبثان 2/ 338،347 مختار 2/ 311 مخض يمخض ويمخض 1/ 211 مخووف-مخوف 2/ 191 مخيوط-مخيط 1/ 321 - 2/ 192 المدارى-مدارا 2/ 208 مدح يمدح 1/ 211 مدحرج 2/ 192 مدووف 1/ 321 - 2/ 192 مديق 2/ 183،491 مر-أومر 2/ 199 المرة 2/ 214 مراما 1/ 44 مرى 2/ 201 مزيّن: تصغير أىّ شيء هو؟ 2/ 4،26 مزيوت-مزيت 1/ 321 - 2/ 192 مسابّ 2/ 327 مستخرج 2/ 192 مشوب ومشيب 1/ 320 مشيوخاء 1/ 100 مصوون 1/ 321 - 2/ 192 مضغ يمضغ ويمضغ 1/ 211

مطرابة 2/ 256،257 مطيوبة 1/ 321 - 2/ 192 معزابة 2/ 256،258 معزى 2/ 333 المعيز 1/ 100 المعيدىّ 2/ 181،183 معيوب-معيب 1/ 321 - 2/ 192 معيوراء 1/ 100 معيون 2/ 32 مغيوم 1/ 321 - 2/ 192 مغيون 1/ 321 - 2/ 192 مفعال: المعدول عن فاعل 2/ 346 المعدول عن مفعل 2/ 346 الذى يستوى فيه المذكر والمؤنث 1/ 258 مفعلان 2/ 338 المعدول عن فاعل 2/ 347 المعدول عن فعيل 2/ 347 مقروءة 2/ 215 مقوود 1/ 321 - 2/ 192 مقوول 1/ 321 - 2/ 192 مكذبان 2/ 338،347 مكرمان 2/ 347 مكرم 2/ 192 مكيول-مكيل 1/ 321 - 2/ 192 ملأك 2/ 203 ملأمان 2/ 338،347 ملك 3/ 35 ملولة 2/ 255،256 من بوك؟ 2/ 213 من خوك؟ 2/ 200،264

منح يمنح ويمنح 1/ 211 المنزلة بين المنزلتين: فى أشياء من العربية 2/ 368 منقاد 2/ 311 منوان سمنا 1/ 306 منى 2/ 397 مه ومه 2/ 176 مهيوب-مهيب 2/ 191 الموازجة 1/ 146 ميّ وميّة 2/ 318،319 الميّت والميت 1/ 232 ميّت 2/ 169،170،329،429 - 3/ 189 المين-مائة (ن) نار الحباحب 2/ 268 نار ونور 1/ 93 ناقة ونوق 1/ 93 نأم ينئم 1/ 211 نبغ ينبغ 1/ 211 نجد وأنجاد 1/ 159 نحر ينحر 1/ 211 - 2/ 156 نرى 2/ 264 نزال 2/ 391 نزغ ينزغ 1/ 211 نزوان 2/ 335 نسّابة 2/ 249،255،256 نطح ينطح وينطح 1/ 211 - 2/ 157 نعت ينعت 1/ 211 - 2/ 156 نعم ينعم وينعم 2/ 156 نفخ ينفخ 1/ 211 نفساء ونفاس 1/ 435

نقه ينقه 1/ 211 نهاية 2/ 336 نهض ينهض 1/ 211 - 2/ 156 نومان 2/ 338 النّوور 1/ 322 (هـ‍) هباءة 2/ 56،214 هب، فعل أمر من وهب 1/ 83 هبيخ-هبيّخة 2/ 331 هجرع 2/ 333 هلباجة 2/ 249،255،256،257،258 - 3/ 31 هلّل يهلّل 2/ 175 هلمّ 2/ 299،378،389،391 هناه 2/ 337 - 339 هن وهنة 2/ 226،234،235،238،339 هنت وهنوة 2/ 226،286 هيّبان 2/ 329 هيت 2/ 432 الهيّن والهين 1/ 232 هيّن 2/ 169،170،329،429 - 3/ 189 هيهات 2/ 175 (و) والدة-آلدة 2/ 190 وثق يثق 2/ 156 وثن-وثن-أثن 2/ 187 وجل يوجل 2/ 154 وجه-يجه-الجهة-الوجهة-وجوه-أجوه 2/ 155،187 وحل يوجل 2/ 154،189 وحول-أحول-وحل 2/ 187،189

وراء: إعرابه 3/ 203 وراءك 1/ 250،251 ورث يرث 2/ 156 ورع الرجل يرع 2/ 156 ورم الجرح يرم 2/ 156 ورى الزّند يرى 2/ 156 ورى يرى، وأورى 2/ 156 وزن-يزن-زنة-وزن-وزن-أزن-وزينة 2/ 154،155،186 - 2/ 187، 193 وزوزة 2/ 331 وسادة وإسادة 2/ 189 وسط: ظرفا واسما 2/ 592 وسع يسع 2/ 156 وسم-الاسم وسن يوسن 2/ 154 وشاح وإشاح 2/ 189،198 وشل 2/ 189 وضع يضع 2/ 157 وطئ يطأ 2/ 156 وعاء وإعاء 2/ 189،198 وعد-يعد-يوعد-وعد-عدة-وعد-وعود-أعود-ووعد-أوعد- وعبدة 2/ 154،155،186،187،188،189،193 وفق يفق 2/ 156 وقّت-أقّت 2/ 187 وقوف-وقف-أقوف-أقف 2/ 187 وكاف وإكاف 2/ 189 ولى يلى 2/ 156 ومق يمق 2/ 156 وهب يهب 2/ 157 ووري الميّت-أورى 2/ 188،189 ووفق فى فعله 2/ 188

ووقف على كذا-أوقف 2/ 188،189 وى 2/ 183 - 185 ويس 2/ 387 ويكأنّ 2/ 183 ويل بها 2/ 225 ويلمّ قوم 2/ 216 ويلمّه 2/ 180 (ى) يا با فلان 2/ 194،199 يئس ييأس ويأيس 2/ 156 يد 2/ 226،228،230،231،232 يدان 1/ 44 يدع 1/ 209 - 2/ 157،364،531،532 يذر 1/ 209 - 2/ 157،364،531،532 يرأى 2/ 203 يرمى باه 2/ 215 يغزو خاه 2/ 215 يقظ وأيقاظ 1/ 159 اليمانى 1/ 49 يمين وأيمن 1/ 242 يوجب 2/ 155 يوقن 2/ 155 يوم 2/ 601،603 ...

7 - فهرس اللغة التى شرحها ابن الشجرى

7 - فهرس اللغة التى شرحها ابن الشجرىّ (أ) أبد: إبد 1/ 290 أبس: أؤبّسه 1/ 223 أبل: إبل مؤبّلة 2/ 565 الأبيل-أبيل الأبيلين 3/ 121 أبن: التأبين 1/ 213 أتم: المأتم 1/ 185 أثل: الأثالة 2/ 321 أدم: الأدماء والأدم 2/ 452 أذن: الأذن 2/ 233 أرب: الإربة 2/ 223 المآرب 2/ 465 أرض: الأرض-من الآحاد التى استغنى بلفظها عن الجمع 2/ 48 أرم: الآرام 1/ 165 أرى: الأرى 1/ 271 أسد: آسدا 2/ 495 أسف: الأسيف-الأسف 1/ 245 أسل: الأسل 1/ 31،190 أسو: الأسى 3/ 221 أشر: الأشر 2/ 346 أصر: الآصرة-الأواصر 1/ 196،2/ 316 أطل: الآطال 1/ 289 - 2/ 84 أطم: الأطوم-الأطم 2/ 229،487 أفل: الأفيل 2/ 272

أقط:3/ 112 أكل: الأكل بمعنى العدوان والظلم 1/ 203 - 2/ 427 أكم: الإكام والآكام والأكم والآكم 1/ 163 ألك: الألوك والمألكة 3/ 35 ألل: يؤلّل 1/ 434 أله: مألوه-الألوهة-التألّه 2/ 197 إليك: بمعنى تنحّ 2/ 270 أمم: الإمّة 1/ 155 - الأمم 3/ 269 أمن-هيمن أنس: ذو أنس 1/ 262 - الأنس 2/ 452 أنق: مونقة 2/ 347 أنن: أنّ الماء فى الحوض 2/ 42 أنى: يأنى إنا 2/ 55 أهل: مستأهل 1/ 310 أوب: أوّاب 1/ 85 - الأوب 2/ 224 أون: آونة: جمع أوان 1/ 195،422 أوى: أويت إلى الشىء-آويت فلانا 2/ 248 أيس: أؤيّسه 1/ 223 أيى: تأيّيته 2/ 344 - تتأيّا 3/ 138 (ب) بأس: بئس 2/ 404 - البأس 1/ 216،290 بتت: البتّ 2/ 77 - 3/ 193 بثن: البثنة-بثينة 3/ 163 بجد: البجاد 1/ 135 - 2/ 503 بجل: الأبجل 1/ 322 بحر: بحتر 1/ 64 بخل: أبخلناكم 1/ 226،345 بدد: بداد 2/ 357 بدر: بدرة 1/ 185 بدو: بدا يبدو بدوا 2/ 36 - فلان ذو بدوات 2/ 38

برح: البارح 2/ 127 برد: الأبردان 1/ 33 - البردان 1/ 178 برر: برّة 2/ 357 برق: الأبرق والبرقاء 3/ 213 برك: تبرّك 1/ 64 - البرك 2/ 471 برم: البرم 1/ 215 - 2/ 323 - نقّاض مبرمة 1/ 378 برى: يبرى 2/ 38 بزز: بزّ 1/ 376 - 2/ 470 بسأ:1/ 211 بشر: البشرة 2/ 300 بصع:2/ 351 بضض: بضّ 1/ 374 بضع:2/ 351 بطح: الأبطح والبطحاء 3/ 213 بطل: البطل-البطولة-البطالة-بطل 1/ 302 بغث: البغاثة 3/ 28 بغم: البغام 2/ 270 بقر: الباقر 2/ 565 - 3/ 146 - البيقور 2/ 570 بلز: بلز 1/ 290 بنق: البنائق 1/ 55 - 2/ 272 بنى: بنيت وأبنيت 2/ 503 - البنى 1/ 434 بهت: البهت-البهتان 1/ 230 بهر: الأباهر 2/ 608 بهم: المبهم 1/ 378 بهنس: تبهنس فى مشيه 2/ 481 بوع: يبوع الأرض 3/ 124 بوو: البوّ 1/ 55 - 2/ 247 بيت: بيت الرجل 3/ 122 بيع: أباع الشىء 2/ 389

بين: بان-البين 2/ 591 (ت) تبع: تبّع 2/ 170،171 تبل: التبال 2/ 151 ترب: الترائب 1/ 113 - 3/ 120 ترقوة-رقو تره: التّرّهة 2/ 204 تمك: تامكة السّنام 3/ 272 تمم: التّميم 3/ 59 تيح: الإتاحة 1/ 200 تيس: استتيست الشاة 2/ 392 تيع: التتايع 2/ 238 (ث) ثأى: الثأى 1/ 36 ثجم: أثجم المطر-الإثجام 1/ 12 - 2/ 185 ثرر: سحاب ثرّ 1/ 122 ثعجر: الاثعنجار 1/ 12 ثعل: ثعالة 1/ 310 ثعلب: الثّعلبان 1/ 263 - الثعالب-ثعلب الرمح 2/ 465 ثغر: الثّغر والثّغرة 2/ 220،582 ثغم: الثغام 2/ 562 ثقب: أثقب 2/ 76 ثمد: الثمد 3/ 29 ثمل: الثمال 3/ 154 ثنن: الثّنن 2/ 570 ثنى: الثنىّ 1/ 435 ثور: ثوّرت بعد الأمان 2/ 461 (ج) جأجأ: دعاء الإبل 1/ 417

جأذر: الجؤذر 2/ 334 - 3/ 7 جبل: جبال الشعر-حبال الشعر جبن: أجبنّاكم 1/ 226،345 جثجث: الجثجاث 1/ 265 جحجح: الجحجاح 1/ 302 جحر: المجحر 2/ 577 جخدب: الجخدب 2/ 334 جدد: الجدّ 3/ 254 جدر: الجيدر 2/ 170،330 جدع: الأجدع 2/ 606 جدل: الأجدل 2/ 403 - 3/ 213 - المجدّل 2/ 485 جذل: الجذيل 2/ 403 جرب: التجريب 1/ 119 جرجر: الجرجرة 1/ 299 جرضم: الجراضم 2/ 533 جرع: الجرع والجرعة 1/ 62 جرم: أجرام 1/ 273 جزأ: الجوازئ 1/ 33 جزر: الجزر 2/ 527 - 3/ 138 - ذو جزر 2/ 144 جسس: لا تجسّسوا-الجاسوس-جسست 1/ 229 جعد: الجعد 3/ 256 - أبو جعدة 1/ 133 جعر: جعار 2/ 358 جعل: تجعل 2/ 253 جفو: المجفوّ والمجفىّ 2/ 171 جفى: تجافى 1/ 213 - 2/ 322 جلجل: جلجلان 1/ 64 - جلجلت 2/ 460 - المجلجل 1/ 196 جلد: الجلد 1/ 55 جلس: جلس فلان 2/ 607 جلل: جلّلته 1/ 143 - جلّ 2/ 583 جلو: جلا القوم عن منازلهم 2/ 462 جمخر: الجماخير 2/ 303

جمد: جماد 2/ 357 جمز: الجمز من السّير 1/ 383 - جمّيز 2/ 312 جمل: الجامل 2/ 565 - 3/ 146 جمم: الجمّاء 1/ 236 - 3/ 20 - الجموم 3/ 21 جنب: اجتنب 1/ 228 جندب: الجندب 2/ 334 جنف: تجانف 2/ 583 جنن: الجنّان 2/ 452 جوب: تستجيبون 1/ 95 جود: الجواد من الخيل ومن الناس 1/ 86 - أجودت 2/ 392 جور: اجتوروا-تجاوروا 2/ 393،395 جوف: الجوف 2/ 303 جوو: الجوّ-جوّ 2/ 247،450 جوى: الجوى 1/ 274 - 2/ 249 جيش: جائشة 2/ 485 (ح) حاحا: دعاء الضأن 1/ 417 حبب: أحبّ البعير 1/ 88 - الأحباب: جمع حبّ لا حبيب 1/ 352 حبر: الحبرة 1/ 154 - حبر 1/ 290 حبل: حبال الشّعر 1/ 108 حبى: حابى 1/ 332 - 334 - الحبىّ 2/ 315 حدأ: الحدأ 1/ 133 حدب: الحدب 1/ 163 حدث: الحدثان والحوادث 3/ 94،202 حدج: الحدج 1/ 398 حدر: حدرة 1/ 185 حدق: حدقة العين 3/ 221 حدى: تحدّى-حديّاك 1/ 267 حذم: حذام 2/ 360 حرب: الحرباء 2/ 137 - أحربهم-حريبة الرجل 2/ 466

حرد: يحرد 2/ 198 حرر: الحرار-الحرّة 1/ 31 - الحرّ-الأحرار 1/ 265 حرض: الحرض 2/ 141 حرى: تحرّى 1/ 60 حزبن: حيزبون 2/ 269 حزز: الحزّ 1/ 369 - الأحزّة 1/ 165 حسب: الحسب 2/ 467 حسحس: الحسحاس 1/ 265 حسر: محسور 2/ 270 حسس: لا تحسّسوا 1/ 229 - حسّان 1/ 261 حسن: الإحسان 3/ 192 - حسّان 1/ 261 حشب: الحوشب 1/ 263 حشش: يحشّ 1/ 434 حشى: الحشا 1/ 181 - 3/ 134 - الحشايا 3/ 236 - الحواشى 2/ 300 حصب: ذو يحصب 1/ 262 - حواصب-الحصباء 2/ 472 حصص: الأحصّ ومشتقّاته 1/ 31 حصن: الحصن 2/ 344 حضأ: حضأت النار 3/ 124 حضب: الحضب 2/ 403 حضر: حضار 2/ 361 حطم: الحطم 2/ 348 حفر: ذو حفار 1/ 262 حفز: الحفز 1/ 380 حفظ: أحفظه 1/ 172 - الحفائظ 2/ 456 حفل: حفل واحتفل والمحفل 1/ 216 حقق: الحقيقة 1/ 156 - الحقق 1/ 157 حلأ: حلّأه عن الماء 1/ 172 حلق: المحلّق-حلاق 2/ 358 حلك: الحالك 1/ 160 حلل: محلال 1/ 258 - حلل الملوك 2/ 455 حمد: الحمد 1/ 95 - أحمدته 1/ 226،345 - حماد 2/ 357

حمر: الأحمر بمعنى الأبيض 2/ 325 حمل: الحمول-الأحمال-المتحمّلون-المتحمّلات 1/ 37 حمم: ذو حمام-الحمام 1/ 261 حمو: الحم 2/ 234 حمى: الحمى 1/ 375 - الحامية 1/ 24 - الحاميتان-حواميه 1/ 238 حندس: محندس 2/ 139 حنك: المحتنك 1/ 123 حوب: التحوّب 1/ 398 - حوب 2/ 380 حوذ: استحوذ 2/ 392 حوط: محيط-الحائط 3/ 165 حول: ذو حوال 1/ 262 - أحوال 1/ 263 - حول-احولّ 2/ 393 حوو: الحوّة 2/ 247 حوى: الأحوى 2/ 133 - حويّة 2/ 460 حير: الحائر 3/ 130 (خ) خبب: الخبب والخبيب 2/ 271 خبر: الخبار 1/ 163 خدم: الخدام 2/ 163 - المخدّم 3/ 57 خدن: الأخدان 1/ 75 خدى: خدى البعير 1/ 38 خرب: خويرب-خارب 3/ 77 خزز: الخزّان 3/ 56 خزل: انخزل 1/ 213 - 2/ 322 خزي: تخزونى 2/ 195،611 - المخازى 1/ 373 خصب: الخصب والخصب 2/ 271 خصف: الخصف 3/ 119 خصل: الخصيلة 3/ 142 خضض: الخضخاض 1/ 265 خطط: الخطّة 1/ 273،378 - 2/ 357 - 3/ 237 - الخطط 2/ 446 خعل: الخيعل 2/ 220

خفر: الخفير 1/ 139 خفى: الأخفية 1/ 159 خلس: الخليس 2/ 133 - المخلس 2/ 562 خلف: خلفة 2/ 272 خلل: الخلّة-الخلل 1/ 65 - الخلّ 2/ 250 خلم: خلم 1/ 180 خمر: خمر ومشتقاته 1/ 47 - خامرى 2/ 125 خمس: الخميس 2/ 536 خنص: خنّوص 2/ 312 خنف: الخنف 1/ 50 خود: التخويد 2/ 271 خوط: الخوط 3/ 6 خوى: خوى المنزل 1/ 273 - خوت النجوم 1/ 43 - خوى-أخوى-خوّى 2/ 249 خير: الخير 3/ 253 - الخير بمعنى الخيل 1/ 87 خيل: إخال 1/ 170 - اختالت السماء ومشتقّاته 1/ 212 - خالوا 2/ 303 خيم: الخيم 3/ 93،272 (د) دأب: دأب ودءوب 3/ 172 دخل: الدخال 3/ 21 ددب: الدّيدبان 1/ 165 ددم: دوادم 1/ 64 درر: تدرّ 1/ 60 درس: درست 3/ 60 دره: المدرة 3/ 95 دسس: دسّاها 2/ 173 دسع: الدّسيعة 2/ 144،527 دعر: ذو الأدعار 1/ 260 دعا: يدعو بمعنى يقول 2/ 442 دفف: الدّفّ والدّفّ 1/ 271 دلث: دلاث 2/ 270

دلف: الدليف 1/ 32 دلل: يدلّ-أدلّ فلان على أقرانه فى الحرب 2/ 481 دلهس: الدلهمس 2/ 332 دلو: الدّلو 2/ 230 دمن: الدّمان 2/ 547 دنف: الدنف 1/ 354 دنا: الدّنايا 1/ 331 دوم: الدّيمة 1/ 60 دوو: الدّوّ-الدّوّيّة 2/ 248 دوى: الدّوى 1/ 271 - الدّواء-الدّواة-الدّوى 2/ 253 ديف: الدّيافىّ 1/ 299 دين: الدّيّان 2/ 195 - ديّانى 2/ 611 (ذ) ذبب: ذبّ فلان عن فلان-ذبّب فى الطعن 1/ 17 ذرو: المذروان 1/ 26 - الذّرى 1/ 143 ذعر: ذو الأذعار 1/ 260 - الذعر 2/ 270 ذعن: الإذعان 2/ 451 ذفر: الذّفرى 2/ 334 ذكو: ذكت النار-ذكىّ 1/ 181 ذنب: الذّنوب 3/ 140 ذوى: ذوى العود 2/ 250 (ر) رأب: الرأب 1/ 36 رأى: رأيته: إذا ضربت رئته 2/ 278 ربأ: يربأ-الربيئة 1/ 165 ريب: الرّباب 1/ 60 - تربّب 1/ 266 - الرّبّى 1/ 435 - الرّبابة 2/ 610 ربد: الربدة-اربدّ 2/ 471 ربط: مربط ومربط ومربط 2/ 612 ربع: مربع 2/ 112 - الأرباع 2/ 353

رتع: الرّتوع 1/ 181 رتك: الرتكان 2/ 611 رثم: الرثيم 1/ 39 رجب: الرواجب 2/ 464 - المرجّب 2/ 403 رجل: رجل الغراب 1/ 33 رحم: الرحم 1/ 341 رخل: رخال 1/ 435 رخم: رخم وتصاريفها 2/ 300 - ذو ترخم 1/ 261 ردح: رداح 1/ 380 ردع: الرداع 3/ 232 ردى: تردّت 1/ 35 - فلان يستعير رداء فلان 2/ 316 رزح: الرّزاح 3/ 157 رسغ: الرّسغ 3/ 151 رسل: يد رسلة 1/ 163 رسم: رسم دار 2/ 112 رسو: المراسى-الرّواسى 2/ 499 رشق: المرشقات 1/ 374 رصص: رصّ البنيان 1/ 154 رضرض: الرّضراضة 1/ 238 رعن: ذو رعين-الرعن 1/ 261 رعو: ارعوى 1/ 154،276 - 2/ 454 رعى: نرتع 1/ 181 رغب: الرغائب 2/ 467 رغم: الرغام 3/ 252 رفع: ومشتقّاته 1/ 71 رقب: المراقب 1/ 165 - يرتقب 2/ 223 - الرّقوب 3/ 26 رقد: الراقود 1/ 84 رقش: رقاش 2/ 360 رقص: الرّقص 3/ 110 رقو: الترقوة 2/ 336 ركب: الرّكاب 1/ 243،398

ركز: الركز 1/ 380 ركس: أركسهم 3/ 8 رمل: المرملون 3/ 154 رمم: الرمّ 2/ 120 رنف: الرانفة 1/ 27 رنو: الرنوّ 3/ 6 رهق: الرّيهقان 2/ 329 روب: الرّوبى 3/ 132 روح: يوم راح 1/ 192 روغ: الرّواغ 1/ 156 - راوغ 2/ 483 روض: الروضة 1/ 181 روق: رائق 1/ 365 - راقنى الشىء 3/ 255 - الروق 2/ 454 - رواق البيت 2/ 452 روى: أرويّة-أروى-أراوى 1/ 301 - رويت-الروىّ-الرويّة-الرّاوية 2/ 249 ريب: ريب المنون 1/ 150 - رابنى الأمر 1/ 164 ريث: الريث 1/ 345 ريح: يوم راح 2/ 323 رير: مخّ رار ورير 1/ 184 ريط: الرّيط 1/ 55 - 2/ 272 - الرّيطة 2/ 135 - الرّياط 2/ 450 ريف: الرّيف 2/ 271 ريم: يريم 1/ 261 (ز) زبر: زبر 3/ 112 زبن: الزّبن 1/ 163 زبى: الزّبية 3/ 53 زجج: التزجيج 1/ 160 زحل: زحل 2/ 349 زحلف-زحلق: الزحلوفة-الزحلوقة 1/ 186 زرف: الزرافة 3/ 28 زرى: زرى عليه، وأزرى به 2/ 33 زعم: الزّعم والزّعم 1/ 63،351

زفر: الزفير 2/ 454 زمل: المزمّل 1/ 135 - الزّمّيل 1/ 289 - 2/ 83 - الأزمل 3/ 213 زنأ: زنّأ 2/ 536 زهو: تزهى 1/ 45 زوى: زويت الشىء-زاوية البيت 2/ 249 (س) سبر: السّابريّة من الدروع 2/ 470 سبل: السّبل 2/ 225 - السّبيل، مذكّرا ومؤنّثا 3/ 179،180 سجر: السّجر 2/ 325 سحج: المسحّج 1/ 164 سحر: الأسحار 1/ 220 سحفر: مسحنفر 2/ 344 سحق: السّحق 2/ 503 - السّحق 3/ 181 سحل: المسحل 1/ 296 سحم: ذو سحيم 1/ 262 سحا: المساحى 1/ 157 سخم: سخام 2/ 232 سدم: المسدّم 1/ 423 سدى: تسدّيتها 2/ 72 سربل: السّرابيل 2/ 218 سرح: السّريح 2/ 289 سرر: تسرّيت-سرّيّة-السّرّ 2/ 172،173 سرهف: سرهفته 3/ 37 سرو:2/ 312 سرى: سراة القوم-سراة الشىء 1/ 376،377 سطع: السّطاع 3/ 58 سفح: السّفح 1/ 163 سفر: سفار 2/ 361 سكب: السّكب 1/ 154 سلب: يتعدّى إلى مفعولين 1/ 25

سلط: السّليط 1/ 201 سلف: السّلاف والسّلافة 2/ 454 سلل: السّلال 1/ 274 سلم: السّلام ومعانيه 1/ 24 - السّلم 2/ 144،527 - السّلاميات 2/ 464 سلهب: السّلهب 2/ 334 سلو: السّلوان 1/ 209 سمدع: السّميدع 2/ 332 سمط: السّماط 2/ 449،450 سمع: السّماع والاستماع 2/ 233،234 سملق: السّملق 2/ 56 سمهج: سماهيج 2/ 584 سمهر: السّمهريّة 2/ 470 سمو: السّماء جمع سماوة 2/ 47 - الاسم بمعنى الصّيت 3/ 218 سنح: السانح 2/ 127 سنك: السّنبك 1/ 85،238 سهج: ريح سيهوج 2/ 584 سهد: الفرق بين السّهاد والسّهر 3/ 226 سهم: المسهّم 1/ 174 سهو: السّهو 1/ 213 - ليلة سهو 2/ 321 سوح: السّوح 3/ 71 سور: أسوار 1/ 266 - السّوور 1/ 322 سوف: المستاف 1/ 40 - سافه 1/ 299 سوم: سامه الخسف 1/ 172 سوى: استوى الشىء-لا يساوى درهما-سويّة-مكان سوى-سواء الدار-سوى -سواء-سواسية 2/ 47،250 - 3/ 254 سيد: السّيد 1/ 50 سير: سارها 1/ 322 سيى: السّىّ 2/ 98 - 3/ 71 (ش) الشّؤبوب:1/ 12

شأن: الشئون 2/ 112 - 3/ 236 شتت: شتّ-شتّى 1/ 212،213 شتر: شترت به 2/ 254 شجب: الشجب 3/ 261 شجع: الأشاجع 1/ 30 - 2/ 270 شجى: الشجى 1/ 274 شحب: شاحب 2/ 270 - شحب لونه 2/ 465 شدد: الشدّة 1/ 163 شرب: شرب بمعنى روى 2/ 613 - الشّرب والشّرب 1/ 239،271 - الشارب 2/ 473 شرجب: الشرجب 2/ 334 شرف: المشرفية 2/ 465 شرو: الشّروى 3/ 253 شرى: بمعنى اشترى وبمعنى باع 2/ 173،506 شزر: النظر الشّزر 1/ 189 شعب: الشّعيب 1/ 212 شعر: مشعر-الشّعار 1/ 274 - أشعرت جمرا 3/ 134 شعو: الشّعواء 2/ 163 شفف: الشّفوف 1/ 427 شقق: شقّت 1/ 185 شكم: مشكوم 3/ 108 شلل: الشّلل 2/ 467 شمخر: المشمخر 2/ 485 شمس: الشّمس-وجه جمعها فى شعر المتنبى 1/ 121 شمعل: ناقة شمعلة-اشمعل 1/ 190 شمل: الشّمال 2/ 38 شنتر: ذو الشناتر 1/ 261 شنشن: الشنشنة 1/ 206 شنن: الشّنّ 1/ 398 - شنّ عليه 2/ 77 شهد: الشّهد والشّهد 1/ 271 - شهد بمعنى شاهد، وبمعنى حضر 2/ 480 شوب-مشوب ومشيب 2/ 171

شوس: الأشوس 1/ 146 - شوس 2/ 172 شوى: تنشوى-انشوى-اشتوى 1/ 274 - شويت اللحم-الشّوى-الشّواة 2/ 251 شيد: شاد 1/ 143 شيع: المشيّع 1/ 156 شيل: شالت نعامته 1/ 263 شيم: الشّيمة 1/ 290 (ص) صبر: صبرت على كذا وعنه 1/ 220 - صبرا 2/ 552 صبع: الإصبع ولغاته 2/ 391 صدع: فاصدع بما تؤمر 2/ 558 - يصدع 2/ 610 - الصّدع 3/ 151 صدق: الصّدق 1/ 31 صدى: الصّدى 2/ 137 صرد: الصّرد 2/ 348 صرر: صرّ الناقة 1/ 33 - رجل صرورة 2/ 343 صرف: صروف الدهر 1/ 290 - الصيرف 2/ 170،330 صعب: يصعب الأمر 1/ 345 صعد: الصّعدة 3/ 130 صعر: صغّرت به 2/ 254 صفح: الصفيح 2/ 360 صفر: فارقتها صفرا 3/ 134 صفن: الصافن-الصفون 1/ 85،107 صفى: الاصطفاء 1/ 98 - الصّفايا 1/ 99 صلب: الصالب-الصّلب-الصّلب 3/ 122 صلت: الأصلتىّ 1/ 24 صلدم: الصلادم 1/ 146 صلى: صلاية ورس 2/ 594 صمد: يصمد إليه 2/ 608 صمم: صمّم 3/ 121 صمى: الصّميان 2/ 335

صوب: صاب وأصاب 3/ 273 صوف: كبش صاف 1/ 192 صول: الصولة 1/ 272 صوو: الصّوّة 2/ 247 صيب: الصّيّاب 1/ 196 صيد: صيد-اصيدّ 2/ 393 - الصّيد 2/ 403 صيص: الصّيصية 2/ 331 صيف: مصيف 2/ 112 (ض) ضأضأ: الضّوضاء 2/ 331،332 ضبب: تضبّ 1/ 373 ضبح: ضبحا 2/ 396 ضبع: الضبع 3/ 135 ضحل: الضّحل 1/ 239 ضحى: الضاحى 1/ 296 ضرب: ضربة لازب ولازم 2/ 271 - الضرائب 2/ 464 ضرو: ضرا العرق 1/ 322 ضعف: الضّعف والضّعف 1/ 271،351 ضغم: الضغم-الضيغم 1/ 134 - 2/ 330 - الضّغمة 2/ 495 ضلع: اضطلع بالأمر 1/ 91 - 3/ 118 ضمز: الضامز 1/ 296 ضنى: الضّنى 3/ 232 ضوى: الضوى-غلام ضاوىّ 2/ 252 ضيف: ضاف 3/ 210 - الضيفن 3/ 252 ضيم: الضّيم 1/ 139 (ط) طبب: طبّنا 3/ 148

طبق: الطبق 3/ 122 - طباق 1/ 59 طحا: طحا بك 2/ 607 طرب: الطرب 3/ 227 طرف: أطّرف-طريف 2/ 446 - المطارف 3/ 236 طرفس: الطرفساء-الطرفسان 2/ 269 طرق: طرقه 2/ 499 - الطّرق 1/ 158 طرمس: الطرمساء 2/ 269 طغم: الطغام 3/ 252 طفأ: طفئت النار، وانطفأت 1/ 120 طفو: طفت 2/ 180 طلح: الطّلاح-الطّلح 3/ 157 طلس: الأطلس 1/ 91 - 3/ 118 طلى: الطّلى 2/ 469 - 3/ 142 طمم: الطّمّ 2/ 120 طوح: طاح الرجل 1/ 273 طول: طول فهو طائل-طول فهو طويل 1/ 301،302 - أطولت 2/ 392 طوى: الطّيّة 2/ 216 - طويت الثوب-طوى-أطواء الناقة-الطّوىّ-الطّاوى- الطّوي 2/ 251 طيب: أطيبت 2/ 392 طير: تستطار 1/ 29 طين: يوم طان 1/ 192 - 2/ 323 (ظ) ظبو: ظبة السّيف 2/ 482 - ظبى السّيوف 2/ 448 ظعن: الظّعينة 1/ 399 ظلع: الظالع 1/ 212 ظلم: الظالم لنفسه فى قوله تعالى: {فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ} 1/ 101 - ذو الظليم 1/ 263 - الظلام 2/ 496 ظنن: الظنّ بمعنى التهمة 1/ 228

ظهر: ظاهر 1/ 334 (ع) عاعا: دعاء المعز 1/ 417 عبأ: يعبأ بكم 1/ 77 - أعباء الخلافة 3/ 122 عبب عباب الماء 2/ 454 عبد: العبادة 2/ 197 عترف: عتريف-عترفان 1/ 64 عتق: العتيق 1/ 398 عتل: يعتلونه 1/ 423 عثر: العثور 1/ 155 عجر: العجر 2/ 218 عجل: عجّول 2/ 312 عدس: عدس 1/ 174 - عدس 2/ 445 عدو: لا تعد هذا الأمر، ولا تتعدّه 1/ 223 عذر: من يعذرنى-من عذيرى-العذير 1/ 301 - 2/ 315 عذفر: عذافر 1/ 64 عذق: العذق 2/ 403 عذو: العذاة 1/ 296 عرتن: العرنتن-العرتن 1/ 44 عرر: العرارة-العرار 1/ 295 عرس: المعرّس 2/ 498 عرض: العرضىّ-العارضان 2/ 472 عرف: عرفاء جيأل 1/ 133 عرق: عرقت العظم وتعرّقته-العراق 1/ 369 - معرّقة الألحى 2/ 325 - العرقوة 2/ 336 عرقص: العريقصان 1/ 44 عرى: عرّين-العريّة 1/ 138 عزب: العازب 1/ 99 عزز: عزّ 1/ 375 - 2/ 470 - عزّه يعزّه 3/ 220 عزل: الأعزل 1/ 328 - 2/ 19 - الأعزل من الأذناب 3/ 210

عسقل: العساقيل 2/ 136 عسل: العسلان 1/ 133،163 - يعسل 2/ 573 عسم: ذو عسيم 1/ 262 عشر: اعتشرنا 1/ 348 عصل: العصل 1/ 434 عصم: الأعصم-المعصم 3/ 151 عضو: عضين 2/ 279 عطن: الأعطان 2/ 446 عطو: يتعاطين 1/ 158 عقب: المعقّب 2/ 223 - عقاب وعقبان 3/ 142 عقق: العقيقة 1/ 30 عقل: العقل بمعنى الدية 1/ 55 - 2/ 273،552 علبط: العلابط-العلبط 1/ 44 - 2/ 168 علج: العلج 3/ 204 علف: العلّف 1/ 205 علق: العلوق 1/ 55 - العلاقة والعلق 1/ 345 - 2/ 562 - 3/ 119 - علّيق 2/ 312 - العلقى 2/ 334 علقم: العلقم 1/ 271 علل: العلالة 1/ 348 - العلّ والعلل 2/ 217 - 3/ 21 علم: العلم 3/ 269 - المعالم 2/ 449 - العيلم 2/ 170 عله: علهت إلى الشىء 1/ 218 - يعله-علهان-علهى 2/ 323 علو: تعال وتصريفاته 1/ 71 عمد: العميد 1/ 274 عمر: العمر والعمر-عمرك الله-عمرت البيت الحرام-الاعتمار-العمرة 2/ 106 - 113 عملس: العملّس 1/ 206 عمى: عامية-أعماؤه 1/ 217 عنج: العناجيج 2/ 565 عند: العنّد 1/ 422 عندم: العندم 3/ 121 عنس: عانس 2/ 555 - العنس من النّوق 3/ 84

عنق: الأعناق 1/ 241 عنو: عنوة 1/ 398 - العانى 2/ 449 عهر: ذو معاهر-العهر 1/ 261 عود: العود-عوّد 1/ 299 عور: عارت عينه 3/ 48 - عور-اعورّ 2/ 393 - اعتوروا-تعاوروا 2/ 393،395 - العورة 2/ 582 عوص: العوصاء 1/ 156 عول: أعول 2/ 392 - العائل-عالت البيقور 2/ 570 عوى: عوى الكلب-عوّيت عن الرجل-استغوى الرجل-العواء-عويت يده- المعاوية-استعوت 2/ 253،254 عيل: عالهم-عالنى 1/ 379 عيم: العيمة-اعتام 1/ 167 عين: العين: معانيها المختلفة 1/ 423 - العين 1/ 34 - معيون 1/ 170،322 (غ) غبب: الغبّ 1/ 168 - أغببت القوم 2/ 581 غبر: الغوابر 2/ 542 غبط: الغبطة 1/ 154 - الغبط 2/ 322 غبق: الغبوق 1/ 397 غبن: الغبن 1/ 111 غرب: غرب السيف 2/ 481 - الغرائب 3/ 21 - غربى مقتلة 3/ 182 - الاستغراب فى الضحك 3/ 207 - الغروب 3/ 236 غرر: الغرير-الغرارة 2/ 276 غرض: الإغريض 1/ 178 - أغراض 3/ 254 غرل: الغرلة 2/ 180 غرم: مغرمون 2/ 408،476 غرنق: غرنيق 2/ 312، الغرانق 3/ 251 غضى: الإغضاء 2/ 449 غطرس: الغطرسة 1/ 215 غطرف: الغطريف:1/ 215 - 2/ 322 غفر: الغفير-الغفر-الغفران-المغفر 1/ 236 - 3/ 20

غفل: أغفلنا قلبه 1/ 226 غلب: غلب-الأغلب 1/ 266 - 2/ 481 غلم: غيلم 2/ 170 غمز: الغمز 1/ 369 غنى: الغانية 2/ 452 غور: الغوور-غوور العين 1/ 171،322 غيب: الغيبة 1/ 230 غيض: الغيضات 1/ 266 - غيضت 3/ 21 - غاض الوفاء 3/ 250 غيط: الغيطان 2/ 449 غيل: الغيل 1/ 238 - أغيلت المرأة 2/ 392،403 غيم: أغيمت السماء 2/ 392 - ذو غيمان-الغيم 1/ 261 غين: مغيون-غين 1/ 170 - 321 غيى: الغياية 3/ 138 (ف) فأد: المفتأد 1/ 239 - 3/ 10 فأو: فأوت رأسه 2/ 278 فتل: الفتيل 3/ 253 فجر: فجار 2/ 357 فحم: أفحمناكم 1/ 226،345 فدكس: الفدوكس 2/ 332 فدم: الفدام 3/ 237 فرج: الفرج 1/ 166 - 2/ 582 فرض: الفرض 1/ 369 فرط: وكان أمره فرطا 1/ 226 فرغ: فرغ 2/ 141،527 فرق: الفريق 3/ 98 فرند: الفرند 1/ 24 فزز: استفزّ-مستفزّا 1/ 375 فصل: الفيصل 2/ 272 - المفصل والمفصل 2/ 426 فضخ: الفضيخ 3/ 95

فطر: الفطر 1/ 30 فعل: الفعال 1/ 216 الفقر والفقر:1/ 351 فكل: الأفكل 2/ 403 فكه: فاكهت 2/ 380 - تفكّهون 2/ 408،476 فلح: الفلاح 1/ 155 فلل: الفلّ فى السّيف 1/ 30 - 2/ 467 فنن: الأفنان 2/ 562 فنى: فناء الدار 2/ 454 فود: الفود 3/ 194 - الفودان 2/ 133 فيش: ذو فائش-الفياش 1/ 261 فيض: يفيض بالقداح 2/ 610 فيف: الفيفاء 2/ 331،332 (ق) قبل: القبل 3/ 159 قتد: الأقتاد 3/ 84 قتل: مقتّلة 3/ 182 قتم: القاتم 2/ 471 قثث: ذو قثاث 1/ 262 قثم: قثم-القثم 2/ 349 قذف: القذف والقذيف 1/ 16 - 2/ 497 قذل: القذال 3/ 208 قرح: القريحة-ماء قراح 3/ 237 قرد: قرّدت البعير 1/ 119 قرر: القرّة 1/ 31 قرضب: القرضاب 2/ 281 قرطف: القراطف 1/ 397 قرع: القرع 1/ 369 - القراع 2/ 481 - قرّعت الفصيل 1/ 119 قرف: القروف 1/ 397 قرق: القرق 1/ 158

قرمد: القراميد 1/ 154 قرن: قرينة الرجل 2/ 449 - القرون 3/ 199 قسر: القسر-القسورة 1/ 200 قسط: قسط وأقسط 3/ 57 قسقس: القسقاس 1/ 265 قشعم: القشعم 3/ 34 قصد: المقتصد 1/ 100 - المقصد 2/ 32 قصر: اقصرى 1/ 39 - مقاصر 2/ 452 قصم: القصم 1/ 133 قضب: القواضب 2/ 463 قضض: أقضّ مبركهم 2/ 458 قضى: قضى عبرته 3/ 108 قطر: القاطر 2/ 267 قطط: تقطيط 1/ 157 قطع: القطيع 1/ 206 قطم: القطامى 2/ 269 - قطام 2/ 360 قطمر: القطمير 3/ 253 قطن 3/ 10 قطو: القطوان 2/ 335 قعد: قعد وقعيدك، وقعدك الله، وقعيدك الله 2/ 113 - القعدد 2/ 334 قعس: القعس 2/ 596 قفر: القفر 1/ 165 قفف: القفّ 1/ 163 قفندر: القفندر 2/ 542 ققز: القواقيز 3/ 60 قلت: المقلات 3/ 26،28 قلص: المقلّص 1/ 50 قلقل: القلقال 1/ 265 قلل: قلّة الجبل 1/ 273 قلو: القلى-قلاه يقليه-وقليه يقلاه، وقلاه يقلوه 3/ 207 - لا تقلواها 2/ 230 قنب: مقانب 2/ 218

قنر: القنّور 2/ 331 قنن: قنّة العزّى 3/ 121 قنو: القنوان 3/ 181 قهقه: القهقهة 3/ 207 قور: القور 2/ 136 قوض: المقوّض 2/ 487،488 قوط: القوط 2/ 168 قوع: القاع 2/ 455 قول: القول 2/ 50 قوو: قوّة-القوّة 2/ 247 - المقوى 2/ 247،248 - القواء 2/ 248 قوى: الإقواء-أقوى الحابل 1/ 180 قيس: قست الشىء بالشىء 1/ 302 قيل: القيل والأقيال 1/ 260 - 2/ 170 (ك) كبب: الأكبّ 1/ 155 كبس: ذو كباس 1/ 262 كبش: الكبش 2/ 536 كبل: المكبّل 2/ 487 كتع:2/ 351 كتن: كتنت يده 2/ 217 كثب: الكاثبة والكواثب 2/ 465 - 3/ 138 كدس: التكدّس 1/ 383 كذب: فى معنى الأمر والإغراء 1/ 397 كرب: ذو مكارب 1/ 263 كركر: الكركرة 3/ 207 كره: الكريهة 1/ 189 كسأ: الأكساء 2/ 359 كسر:2/ 173 - كاسر 1/ 107 كشر: تكاشرنى 1/ 271 كشف: الكشف 1/ 219

كشا: الكشى 1/ 204 كعب: الكعوب من الرمح 1/ 31 كفف: كفاف 1/ 40 كفى: الكفاية 1/ 309 - كفى اللازم والمتعدّى 1/ 309،310 كلأ: الكالئ 2/ 220 كلب: الكلبى 2/ 495 كلس: الكلس 1/ 143 كلع: ذو الكلاع 1/ 263 كلكل: المكلّل 2/ 315 كمش: الكميش 1/ 50 كمع: الكمع، ومشتقاته 1/ 30 كنن: الكانون 2/ 275 كهل: الكاهل 3/ 122،213 كور: الكور 2/ 270 - الأكوار 1/ 243 كوم: الكوم 1/ 99 كوو: الكوّة 2/ 247 كوى: كويت الجرح-وكويت الرجل بعينى 2/ 250 (ل) لبب: اللبّة 1/ 113 - 3/ 120 - التلبّب 1/ 399 لبد: اللّبد 2/ 348 لثى: اللّثى-أمة لثياء 2/ 279 - اللّثة 1/ 373 لجب: اللجب 2/ 180 - 3/ 48 لجج: لجّج-لجّة البحر 1/ 263 - اللّجّة 2/ 337 لحب: لاحب 1/ 298 لحق: لاحق الآطال 2/ 84 لحم: الملحم-الملحمة 1/ 289 - 2/ 83 لحى: الألحى 2/ 325 لدن: رمح لدن 2/ 573 لزب: لازب 2/ 271 لطم: اللطيمة 2/ 455

لعع: نتلعّى-اللّعاعة 2/ 172 لعن: اللعن 1/ 168 لغب: لاغب 2/ 270 - اللغوب 3/ 202 لفع: التلفّع 2/ 136 - تلفّعت 2/ 269 لكع: لكع-لكاع-بنو اللكيعة 2/ 347 لمم: صخرة ملمومة وململمة 1/ 301 لهوج: الملهوج 1/ 354 لها: جمع لهاة 1/ 353 لوب: اللابة 3/ 71 لوى: ألوت 1/ 155 - اللّوى 1/ 274 - لوى يده ليّا-ولواه بدينه ليّانا-ولوى الرمل -ولواء الجيش، واللّوى 2/ 250 ليق: لا تليق 2/ 289 (م) مؤيمن-مهيمن مجر: المجر 1/ 146 مجن: المجانة 3/ 269 محك: المحك 2/ 487 مخض: المخاض 2/ 272 مذل: المذل 3/ 235 مرت: المرت 1/ 16 - 2/ 497 مرد: المرد 1/ 322 - مرّدوه 2/ 139 - الأمرد 2/ 472 مرر: المرار 2/ 447 - المرّان 2/ 448 - وانظر: مرن مرس: أمرس 2/ 408 مرع: المريع 3/ 154 مرق: موارق 3/ 55 مرن: المرّان 2/ 448. وانظر: مرر مزع: يتمزّع-المزعة 1/ 173 مسح: المسح-التمساح 1/ 92 - المسيح 1/ 201 - المسوح 2/ 272 مضر: تماضر 1/ 64 مضغ: المضغة 3/ 119

مطط-مطى: يتمطّى 2/ 174 مطل: المطل 1/ 297 مطى: المطا 1/ 206 معط: المعط 3/ 56 مغل: المغلة والمغل 1/ 274 ملس:2/ 465 ملط: الملاط 2/ 506 منن: المنّ بالنعمة 1/ 297 منى: منيت بخصم سوء 1/ 133 مهر: مهرية 2/ 271 مهمه: المهمه 1/ 16 مور: دماء مائرات 3/ 121 موق: المائق 1/ 91 - 3/ 118 - المقة 3/ 251 مول: رجل مال 1/ 192 - 2/ 323 موم: الموماة 2/ 56 مومسة-ومس ميح: المستميح-المائح 3/ 141 ميس: الميس والميسان 3/ 6 ميط: ماط الله عنك الأذى 3/ 229 ميع: الميعة 1/ 289 - 2/ 84 ميل: الميل 1/ 219 (ن) نأج النّئيج 2/ 614 نأد: النّآد 1/ 133 نأم: النّئيم 1/ 211 نبأ: الأنباء 2/ 269 نبب: النبيب 3/ 107 نبط: النّباط-النبط 1/ 220 نبا: النّوابى 1/ 434 نثو: نثا حديث 1/ 196

نجد: النّجد 2/ 223 - الأنجاد 1/ 379 نجل: النجل-تناجلوا 1/ 303 - النّجل 3/ 221 نجم: الإنجام 2/ 185 نحر: النحرير 1/ 156 ندد: ندّدت به 2/ 254 ندى: الأندية-نديّ 1/ 378 - فاندهم 2/ 200 نزر: النّزور 3/ 28 نزع: النّزع والنّزوع والنّزاع 2/ 451 نزو: النّزوان 2/ 335 - التّنزّى 3/ 45 نسج: ينتسج 2/ 39 نسل: ينسلون 1/ 163 نسم: المنسم 1/ 39 نسى: النّسيان بمعنى الترك 1/ 129،189 - 2/ 323 نصر: النصر 1/ 200 نصف: نتنصّف 2/ 451 نصل: نصل السيف 2/ 466 نضب: الناضب 2/ 271 نضح: النّواضح 3/ 182 نضر: النّضرة 1/ 24 نطس: النطاسى 1/ 274 نطق: النّطق 3/ 123 نظر: بمعنى انتظر 1/ 295 - 2/ 55،353 نعق: نعق الزمان 2/ 458 نعم: نعم 2/ 404 - ابن النعامة 1/ 398 نغر: النّغر 2/ 348 نغض: النغض 3/ 21 نفح: ينفحون 1/ 189 نفر: بمعنى وثب 1/ 91 نفس: النّفساء 1/ 435 نفش: النّفّاش 3/ 205 نقب: المناقب 2/ 467

نقر: النّقير 3/ 253 نقض: أنقض ظهرك-بعير نقض 3/ 91 نقو: النّقا 2/ 455 نكد: النّكد 1/ 168،297 نكز: نكزته الحيّة 3/ 45 نكس: النّكس 1/ 289 - 2/ 84 نمل: الأنامل 3/ 60 نهد: النّهد 1/ 50،290 - 2/ 84 نهس-نهش: النّهس-النّهش 1/ 369 نهل: النّهل 2/ 217 نوب: نابه أمر 1/ 189 نور: ذو المنار 1/ 260 - المنار 1/ 298 - النّوور 1/ 322 - النّوار من النساء 2/ 451 نوس: أناس-ناس-الناس 1/ 188 - ذو نواس 1/ 262 نوط: النّياط 2/ 135 - المناط 2/ 585 نوف: ينوف 1/ 261 نوق: استنوق الجمل 2/ 392 نول: رجل نال 1/ 192،214 - 2/ 323 - لا نولك 1/ 362 نوى: نويت الأمر-النّوى-نوى التمر 2/ 250 نيب: الناب 1/ 174 نيط: النّياط 1/ 220 نيق: النّيق 1/ 273 (هـ‍) هبخ: الهبيّخ-الهبيّخة 2/ 331 هبع: الهبع 2/ 353 هجر: تهجّر 2/ 223 - الهجر 2/ 483 هجرع: الهجرع 2/ 334 هجن: الهجين 2/ 324 - الهجان 2/ 453 هدج: الهدجان 2/ 136 هدم: ذو مهدم 1/ 262

هدى: هادى الفرس 2/ 468 هذر: الهذر-مهذار 3/ 93 هرأ: الهراء 2/ 300 هزهز: الهزهزة 1/ 190 هصر: ومشتقّاته 1/ 32 هضل: الهيضل 2/ 180 - 3/ 48 هطل: هطلاء 1/ 60 هفو: هفا 1/ 91 هلك: الهلوك من النساء 2/ 220 همز: الهمز 2/ 98 هنأ: ومشتقّاته 1/ 248 هنو: هنا المرأة 2/ 238 هوو: الهوّة 2/ 247 هوى: هوى النفس-الهواء-الهاوية-هوى يهوى 1/ 273 - 2/ 251 هيب: الهيّبان 2/ 330 هيج: هاج الأتان 2/ 223 هيمن: المهيمن 3/ 122 (و) وأى:2/ 39 وبر: وبار 2/ 361 وبل: الوبيل 1/ 205 - 2/ 189 - أبلة الطعام-وبلة 2/ 189 وتر: الوتر 1/ 260 - الوترات 2/ 464 وحد-حدى وحم: الوحام والوحم 1/ 164 وخد: وخد البعير 1/ 38 وخز: الوخز 1/ 383 ورس: الورس 2/ 594 ورع: ورع الرجل 2/ 156 ورق: الورق 1/ 158 وزع: يزع 3/ 267

وزوز: الوزوزة 2/ 331 وسل: الوسيلة 1/ 398 وسم: الوسامة 2/ 189 وطر: الأوطار 2/ 462 وطس: الوطيس 3/ 215 وطف: وطف 1/ 60 وطن: موطن 1/ 272 وعر: الوعر 2/ 483 وعل: الأوعال 1/ 301 - 3/ 151 وغل: الواغل 2/ 81 وفر: الموفور 1/ 138 وفى: يوفى 2/ 223 وقص: التّوقّص 3/ 110 وكأ: توكى-الوكاء 2/ 218 وكر: وكّار 2/ 144،527 وكل: الوكل 1/ 289 - وكل-وكلة 2/ 84 ولع: لا تلع 2/ 380 وله: الوله 2/ 197 ولى: الولىّ 1/ 243 ومس: المومسة 3/ 243 ونى: الوانى 1/ 155 - تنى 1/ 341 وهى: الوهى 1/ 212،377 (ى) اليد: بمعنى النعمة، وبمعنى الجارحة، وجمعهما 2/ 231،232 يزن: يزنىّ-يزأنى 1/ 263 يسر: الميسور 1/ 156 - يسر 2/ 610 يمن: اليمين بمعنى العضو أو القوّة أو القسم 2/ 434 يهم: اليهماء 2/ 56 ...

8 - فهرس مسائل النحو والصرف

8 - فهرس مسائل النحو والصرف ويشمل الحروف والأدوات والمصطلحات الهمزة: صفتها 3/ 25 مقاربتها للألف فى المخرج 1/ 382 همزة بين بين 2/ 368 تخفيفها 2/ 56،264،464 الإبدال منها ساكنة ومتحركة 2/ 264 حذفها فاء وعينا ولاما وزائدة 2/ 193 - 215،264 حذفها من «أرى» ونحوه 2/ 200،492 التعدية بها 2/ 503 همزة الوصل: الأصل أن تلحق عوضا من محذوف 2/ 264 همزة التسوية 1/ 406 همزة الاستفهام 1/ 400،405 همزة الاستفهام تعمل الجرّ 1/ 217 حذف همزة الاستفهام 1/ 407 - 2/ 124 - 3/ 109 إنابتها مناب النون 2/ 167 إنابتها مناب الواو 2/ 187،188 إنابتها مناب واو القسم 2/ 133 إبدالها من الواو 2/ 338 إبدالها من الهاء 3/ 122 إبدالها ألفا 3/ 162 الألف: مخرجها 1/ 290،210 - 2/ 157،260،293 خفّتها 2/ 74 لا تحتمل الحركة 2/ 214

لا تكون أصلا إلاّ فى حروف المعانى، وإنما تكون منقلبة أو زائدة 2/ 293 أمكن فى المدّ من الواو والياء الساكنتين 2/ 491 الساكن غير المدغم يقع بعدها 2/ 59 إجراؤها مجرى الهمزة 1/ 209 استعمالها وصلا فى القوافى 2/ 240 وقوعها ردفا وتأسيسا 2/ 58،491 إبدالها من الهمزة، ولا يسمّى هذا تخفيفا 1/ 120 - 2/ 464 إبدالها من النون 2/ 167 إبدالها من نون التوكيد 1/ 193 - 2/ 165 - 3/ 48 إبدالها من الياء 2/ 266،296،342 ثباتها فى موضع الجزم 1/ 129 زيادتها 1/ 184،337 - 2/ 420 قلبها هاء 2/ 571 قلبها ياء خالصة 2/ 175 قلبها ياء لإضافتها إلى ياء المتكلّم 1/ 429 عوض من ياء «اليمانى» 1/ 49 - 2/ 115 هى فى «الغضا» أصلها الياء 1/ 119 انقلابها عن الواو 1/ 188 حذفها من لفظ الجلالة، وسكون الهاء «الله» 2/ 198 حذفها من بعض الأسماء فى الخط 1/ 84،377 حذفها وإبقاء الفتحة 2/ 295،343 حذفها من «علابط» 1/ 44 - 2/ 168 حذفها من «ترى» ونظائره 2/ 296 حذفها من «لا تبل» 2/ 297 حذفها من نحو «يخاف» جزما ووقفا 2/ 153 حذفها من «ابن» 2/ 160 حذفها «ما» الاستفهامية 1/ 330 حذفها فى الشعر لتصحيح الوزن 2/ 293 حذفها لالتقاء الساكنين 2/ 153 حذفها إذا لقيت الواو والياء 2/ 152 حذفها منقلبة عن ياء منقلبة عن واو، هى لام 2/ 292،293 ألف الإمالة: صفتها 2/ 368 - وانظر: الإمالة.

الألف واللام (أل): للجنس وللعهد 1/ 75 - 2/ 4،5،597 بمعنى الذين 1/ 294 حقّهما الدخول على النكرات 1/ 221 دخولهما على علم مستغن عن التعريف بهما 2/ 597 يدخلان أحيانا على ظروف الزمان 1/ 222 وقوعهما بدلا من «يا» أو للتعريف 2/ 364،365،368 زيادتهما 1/ 235 - 2/ 580 - 3/ 20،121 الإتباع: فى الضمّ 1/ 125 فى الحركات 2/ 368،377،472 فى الإعراب-وهو المعرب من مكانين 2/ 243 الإتباع والمزاوجة 1/ 377 - 3/ 38 الاتساع: فى الظروف بجعلها أسماء وإعرابها حسب مواقعها فى التركيب 1/ 7 - 166 - 2/ 576،582 - 3/ 154،226 فى الإسناد وفى الوصف 1/ 53 فى الإضافة 2/ 29 فى معنى الأفعال 1/ 71 الحمول واستعمالها بمعنى المتحمّلين 1/ 37 الإخبار النحوىّ 3/ 3 الإخفاء:2/ 517،518 الإدغام: فى الفعل 1/ 125 - 2/ 517،518 فى الكلمتين 1/ 151 إذ: ظرفية 1/ 237 - 2/ 598 العامل فيها 1/ 268 لا تضاف إلاّ إلى جملة 1/ 376 - 2/ 30،505 زيادتها 2/ 504،505 إثباتها وحذف الخبر 2/ 504 حذفها وإثبات الخبر 2/ 504

إذا: الفجائية، وإعراب ما بعدها 1/ 349 المكانية: حرف استئناف موضوع للمفاجأة 2/ 84 المكانية الظرفية 2/ 600 المكانية تقع جوابا لإذا الزمانية 1/ 214 المكانية تقوم مقام الفاء فى الجواب 2/ 600 الزمانية: من أدوات الشرط 1/ 214 - 2/ 598 - ولا بدّ أن تضاف إلى جملة فعلية 2/ 30 العامل فيها 2/ 4،28 الاسم بعدها يعرب فاعلا بفعل مقدّر، وعند الأخفش يرفع بالابتداء، وهو ضعيف 2/ 82 يجزم بها فى الشّعر 2/ 82 الفرق بينها وبين «إن» فى الشرط 2/ 82،83 - 3/ 149 الاستثناء:1/ 109،110 الاستثناء المفرّغ 3/ 174 - وانظر: إلاّ الداخلة لإيجاب النفى الاستثناء المنقطع 3/ 174،175 الاستعلاء:1/ 99،119 الاسم: حدّه 2/ 3،15 اسم الإشارة: كثيرا ما يحذف مبتدأ 2/ 61 أسماء إشارة لا تصحّ إضافتها 1/ 76 أسماء إشارة بمنزلة الإضمار 1/ 103 أسماء إشارة بمعنى الأسماء الموصولة 2/ 442 - 445 أسماء إشارة ومراتبها 3/ 164 اسم الجمع:2/ 47،209،473،494 اسم الجمع الجنسى:3/ 28،30،93 اسم الجنس: الغالب عليه الجمود، وقد يأتى مشتقّا 2/ 212 اسم الفاعل: الرفع به 1/ 39،158 الرفع به وباسم المفعول وبالصفة المشبّهة وإن لم يعتمدن 3/ 220 وقوعه موقع المصدر 1/ 252 - 2/ 104 الفرق بينه وبين المصدر فى العمل 3/ 200 المقوّى باللام 1/ 310 مفرد وإن تضمن ضميرا 1/ 356 إذا جرى على غير من هو له وجب إبراز الضمير 2/ 52

حذفه إذا ناب عنه الظرف، خبرا وصفة وحالا 2/ 77 وانظر: العطف اسم المرّة:3/ 37 اسم المصدر: موضع المصدر 2/ 396 اسم المفعول: من الثلاثى المعتل العين 1/ 170،314 - 2/ 191 مخالفته لاسم الفاعل 1/ 171 يرفع به وإن لم يعتمد 3/ 220 اسم الهيئة:3/ 37 أسماء الأفعال: صه-إيه-رويد-بله-أفّ-هيهات 2/ 17 الإسناد:3/ 3 إسناد الفعل: إلى شيء، والمراد توجيهه إلى المخاطب 1/ 225 إشباع الحركات:1/ 184،214،337 - 2/ 419 الاشتغال:1/ 289 وانظر: الفعل-حذفه على شريطة التفسير الإضافة: وظيفتها 2/ 385،386 الإضافة إلى الفعل وتأويلها 2/ 385،386 الإضافة بمعنى اللام أو من 1/ 256 - 3/ 97 الشىء لا يضاف إلى نفسه 2/ 426 الإضافة اللفظية-أو غير المحضة 3/ 17،81 الأضداد:2/ 248،506،542،592 - 3/ 256 الإضراب:3/ 109 وإذا جاء شيء منه فى القرآن الكريم سمّى تركا لكلام وأخذا فى كلام آخر. الإضمار: فى النحو وفى العروض 2/ 516 الإطباق:1/ 99 الاطّراد:2/ 368 الإعراب: صلته بالمعنى 1/ 56،87،115،116،164،167،202، 231،245،246،256،300،312،326،352، 396 - 2/ 23،91،92،93،99،321،444،467،

559 - 3/ 20،21،22،51،149،151،163،173، 177،187،190 الإعراب بالحركات أصل للإعراب بالحروف 1/ 291 إتباع حركته حركة البناء 2/ 368 الإعلال: تصحيح ما حقّه الإعلال 1/ 170 الإعلال بالقلب والنقل بالحذف 1/ 314 - 322 لا يجمع بين إعلالين 1/ 146 وانظر: الجمع بين إعلالين إعمال الفعلين-التنازع الأعيان: إعطاؤها حكم المصادر 1/ 104 - 107 الإغراء: عليكم 1/ 74 الأفعال: جنس واحد. والأصل فيها أنها لمعنى واحد 1/ 68،99 - 2/ 35 الأفعال التى تقع بعدها «أن» وأقسامها 3/ 158 الأفعال الخمسة:2/ 169 الأفعال المعتلة: تصحيح بعضها 2/ 392،393،567 أفعال المقاربة: جعل وطفق وأخذ وكرب 1/ 92 - 2/ 495 أفعل في التعجب: فعل أم اسم؟ 2/ 381 - 402،553 أفعل التعجبيّ: ينصب المعرفة والنكرة، وأفعل الوصفىّ لا ينصب إلاّ النكرة، وقد ينصب المعرفة 2/ 397،398 أفعل التفضيل: بعض ما يضاف إليه 1/ 52،104 الإقحام 2/ 307 ألا: معانيها 2/ 297 للاستفتاح 2/ 410،543 للتمنى 2/ 543 للتحضيض 1/ 425،543 ألاّ: للتحضيض 2/ 543 إلاّ: إعراب ما بعدها 1/ 109 دخولها موجبة للنفى 1/ 208 - 3/ 144،174 زيادتها فى بيت ذى الرّمة 2/ 373

الالتفات 1/ 176،177 التى: أصلها 3/ 53 لغاتها 3/ 59 تثنيتها وجمعها 3/ 59 - 61 الذى: أصله 3/ 52،53 لغاته 3/ 53،54،59 تثنيته وجمعه 3/ 55،56،57 علّة حذف يائه فى التثنية 3/ 56 الإلغاء 1/ 139 إلى: بمعنى مع 2/ 608 بمعنى فى 2/ 608 بمعنى الباء 2/ 609 حذفها 2/ 137 أم: استفهامية 1/ 400 عاطفة بعد ألف الاستفهام، معادلة لها 3/ 106 عاطفة بعد ألف التسوية 3/ 106 مقدّرة ببل مع همزة الاستفهام. وهى المنقطعة 3/ 107،110 زائدة 3/ 109 الفرق بينها وبين «أو» 3/ 110 أما: بمعنى حقّا-وللاستفتاح 2/ 297 أمّا المفتوحة: حرف استئناف، وضع لتفصيل الجمل، وقطع ما قبله عمّا بعده عن العمل، وينوب عن جملة الشرط وحرفه 2/ 7،8 - 3/ 130 الغالب عليها التكرير 2/ 11 تنصب الظرف ولا تنصب المفعول به 2/ 11 - 3/ 132 تعلّق الجارّ بها 2/ 11 حذف جوابها 2/ 119،122 لا يليها إلاّ الاسم، مرفوعا بالابتداء، أو منصوبا بفعل بعده غير مشغول عنه 3/ 131 الفاء تقع بعدها جوابا لها 3/ 131

لا يلاصقها الفعل 3/ 131 قد تحذف الفاء من جوابها 3/ 132 تكون أخذا فى كلام مستأنف من غير أن يتقدمها كلام 3/ 132 مركّبة من «أن» و «ما» 3/ 134 إمّا المكسورة: مركبة من «إن» الشرطيّة و «ما» 3/ 127،128 - للشكّ 3/ 125 للتخيير 3/ 125 للإباحة 3/ 125 الفرق بينها وبين «أو» 3/ 126،127 ليست من حروف العطف 3/ 126 قد تأتى غير مكررة 3/ 126،127،150 لا تقع فى النهى 3/ 127 إمّالا:2/ 116،513،571 الإمالة:2/ 361،368،514،572 لا تجوز إمالة ألف «الغضا» 1/ 119 لا تجوز إمالة ألف «متالا» 1/ 219 إمالة ألف «لا» من قولهم: إمّالا 2/ 116 إمالة «بلى» 2/ 116 إمالة حرف النداء 2/ 116 الأمر: من وفى ووأى ووعى 2/ 39 للمواجه 2/ 354،355،522 جملته لا تكاد تقع أخبارا إلاّ نادرا 3/ 184 وتقع حالا 2/ 407 وانظر: فعل الأمر أن: مفسّرة 1/ 73 - 3/ 153،159،175 المخففة من الثقيلة 1/ 384 - 3/ 153،157 عملها فى ضمير الشأن 3/ 155 بمعنى «إذ» 3/ 162 زائدة للتوكيد 3/ 159 المصدرية: النصب بها مضمرة، وينصب الفعل بها للعطف على المصدر

1/ 427 - 2/ 147 - 3/ 209 تدخل على الفعل فتكون معه فى تأويل مصدر، فى موضع رفع أو نصب أو خفض 3/ 152،163 الناصبة تصرف الفعل إلى الاستقبال الذى لا ينحصر وقته 1/ 384، 385 تقع بعد «عسى» فتكون مع صلتها فى تأويل مصدر منصوب إذا كانت «عسى» ناقصة، وتكون فى تأويل مصدر مرفوع إذا كانت «عسى» تامة 3/ 153 الفصل بنها وبين الفعل بأحد أربعة أحرف 3/ 156 وقوعها بعد أفعال اليقين والرجاء والرجحان 3/ 158،159 حذفها قبل الفعل الماضى 1/ 340 حذفها وإبقاء عملها النصب 1/ 344 حذفها قبل الفعل ورفعه 1/ 124،329،341 - 3/ 209 إن: شرطيّة 3/ 143 - 152 الفرق بينها وبين «إذا» فى الشرط 2/ 82،83 - 3/ 149 لا تدخل على الأسماء إلا أن تضمر فعلا 3/ 128،129 نافية، وقد تعمل عمل «ليس» 1/ 391 - 2/ 476،477 - 3/ 143 مخففة من الثقيلة 3/ 143 بمعنى «قد» 2/ 476،477 - 3/ 151 بمعنى «إذ» 3/ 151 بمعنى «إما» 3/ 149،150 زائدة مؤكّدة 2/ 476،477 - 3/ 143 إنّ: تخفيفها وإلغاؤها 1/ 362 - 2/ 177،563 تقاربها مع «لكنّ» 2/ 563 تقطع ما بعدها عن العمل فيما قبلها 2/ 11 - 3/ 132 بمعنى «نعم» 2/ 42،65 فعل أمر من الأنين 2/ 42 فعل أمر من قولهم: «وأيت» وهو موجّه إلى امرأة، وقد أكّد بالنون الثقيلة 2/ 39 حذف خبرها 2/ 63 - 65

إنّ الماء: أى صبّ 2/ 42 إنّ ذاهب-إن أنا ذاهب 2/ 42 أنّ: تخفيفها وإلغاؤها 1/ 362 - 2/ 177،178 حذف اسمها بعد تخفيفها 2/ 177،178 تسدّ مسدّ مفعولين 1/ 64 الابتداء بها 3/ 194،197 هل يقع عليها التمنّى؟ 3/ 195 انفكّ: تامّة 2/ 373 إنّما: للقصر أو للحصر 2/ 564 أنّى: للاستفهام 1/ 401 - 2/ 17،220 أو: لزومها للعطف 3/ 70 يعطف بها بعد ألف الاستفهام و «هل» 3/ 79 بمعنى واو العطف 3/ 73،207 بمعنى «بل» 3/ 77،78 بمعنى «إلاّ أن» 3/ 78 بمعنى «حتى» 3/ 78 بمعنى «إن» الشرطيّة مع الواو 3/ 79 للتبعيض 3/ 79 للشكّ والتشكيك 3/ 70،77 للتخيير 3/ 70،77،78 للإباحة 3/ 206 - والفرق بين التخيير والإباحة 3/ 71 للإبهام 3/ 72،77،78 لا تقع مع الأفعال التى تقتضى فاعلين وأكثر، ولا مع الأسماء التى تقتضى اثنين فما زاد 3/ 71 إضمار «أن» بعدها 2/ 148 الفرق بينها وبين «أم» 3/ 110 الفرق بينها وبين «إمّا» 3/ 126 أيّان: للاستفهام 1/ 401 - 2/ 17 أين: للاستفهام 1/ 401 - 2/ 599

للشرط 2/ 599 للأمكنة 2/ 17 أىّ: معانيها وأحكامها 3/ 40 استفهامية 1/ 116،401،402 - 3/ 39 شرطية 3/ 39 اسم موصول 3/ 40 مخالفتها أخواتها الموصولات 3/ 42،43 حكمها فى الإعراب والبناء 3/ 41 تعجبيّة 3/ 44 مناداة 3/ 44 نداؤها لفظى 2/ 364،365 إعراب صفتها: نعت للنكرة مراد به المدح 3/ 45 تلزمها الإضافة لفظا وتقديرا 1/ 402 (ب) الباء: زيادتها مع الفاعل والمفعول والمبتدأ 1/ 93،130،310،328، 383 - 2/ 613 - 3/ 222 زيادتها فى خبر «حسبك» 3/ 222 دخولها على الحاصل دون المتروك 2/ 458 دخولها على الفعل إنما هو على سبيل الحكاية 2/ 404،405 حذفها والجرّ بها مقدّرة 1/ 282 - 2/ 23،100،132،133، 195،558 - وانظر: النصب على نزع الخافض بمعنى عن 1/ 425 - 2/ 543،614 بمعنى على 2/ 615 بمعنى فى 1/ 356 - 2/ 471،551،615 بمعنى اللام 1/ 74 - 2/ 434،484 بمعنى من 2/ 613 البدل: هل يصح الإبدال من ضمير المتكلم والمخاطب؟ 2/ 93 بدل الاشتمال وبدل البعض لا يخصّصان المبدل منه 2/ 93

بعض: قطعها عن الإضافة، وجواز دخول الألف واللام عليها 1/ 233 بل: الجرّ بربّ بعدها مضمرة 1/ 218 بلى: تقع فى الجواب نائبة عن جملة 1/ 230 البناء: بناء ما قبل ياء المتكلم على الكسر 1/ 3 الفرق بينه وبين الإعراب 1/ 4 إتباع حركته حركة الإعراب 2/ 368 بين: تبنى إذا أضيفت إلى الضمير 1/ 69 إضافتها إلى «ذلك» 1/ 135 ظرفا واسما 2/ 435،591 فى أصل وضعها ظرف مكان، وقد يراد بها الزمان 2/ 505 بينما:2/ 504 - 506 (ت) التاء: حرف مهموس 2/ 26 أصل 1/ 64 عوض من الواو 2/ 266 إبدالها دالا 2/ 26،266 التاء فى «بنت وأخت» ليست للتأنيث، ولكنها للإلحاق بجذع وقفل 2/ 286 التاء فى «أرأيتكم» لم لم تجمع، ولزمت الفتح دائما؟ 2/ 3،4،93 حذفها من أحد المثلين 2/ 172،520 - 3/ 180 تاء التأنيث (¬1): تاء التأنيث التى تنقلب فى الوقف هاء 3/ 25 عوض من ياء «الغطاريف» 1/ 214، ومن ياء «الجحاجيح» 1/ 302، ومن بعض الجموع الأخرى 3/ 34 عوض من المحذوف من المصادر 2/ 187 - 3/ 35 ¬

(¬1) ويقال أيضا: هاء التأنيث-وانظرها فى موضعها-وهو مذهب الكوفيين. قال المرادى: «وأما تاء التأنيث التى تلحق الاسم فلا تعد من حروف المعانى. ومذهب البصريين فيها أنها تاء فى الأصل، والهاء فى الوقف بدل التاء، ومذهب الكوفيين عكس ذلك» الجنى الدانى ص 58، وانظر المغنى ص 348.

عوض من الياء، فلا يجوز: يا أبتى ولا يا أمتى 2/ 342 كيف دخلت على «الأب» وهو مذكر؟ 2/ 343 دخولها على «الأب والأم» فى النداء 2/ 341 دخولها على الحروف: ربّ وثمّ ولا 3/ 47،48 دخولها للمبالغة فى الوصف: مدحا وذما 2/ 249،255 - 3/ 31 دخولها للفرق بين المذكر والمؤنث 3/ 25 دخولها لغير فرق، وهى تلك الأسماء التى وضعت مؤنثة من أول أمرها، وليس لها مذكّر 3/ 30 دخولها فى الواحد للفرق بينه وبين الجمع 3/ 28 دخولها للدلالة على الجمع 3/ 30 دخولها فى اسم العدد، علامة للتذكير، وحذفها علامة للتأنيث 3/ 27 دخولها لفظ الجمع توكيدا لتأنيثه 3/ 31 دخولها على مثال «مفاعل» جمعا للدلالة على معنى النّسب 3/ 32،34 دخولها على مثال «مفاعل» جمعا من الأعجمية المعرّبة للدلالة على العجمة 3/ 33،34 دخولها على مثال «مفاعل» جمعا تغليبا لمعنى الجماعة، ولم تلزمه 3/ 34 دخولها على بعض المصادر لتبيين عدد المرّات، أو الهيئة 3/ 37 دخولها للازدواج والإتباع 3/ 38 حذفها من آخر بعض المصادر والأسماء 2/ 187 حذفها من صفات الإناث 2/ 343 حذفها من جمع المؤنث السالم 2/ 340 التابع: لا يتقدم على المتبوع إلاّ فى العطف، دون الصفة والتوكيد والبدل 1/ 275 التبيين:2/ 98،432،531 التثنية: أصلها العطف بالواو 1/ 13 أقسامها 1/ 15 تثنية آحاد ما فى الجسد 1/ 15 تثنية ما فى الجسد منه اثنان 1/ 18 الإخبار (¬1) عن المثنّى بفعل الواحد 1/ 181،182 - وفيه أربعة أوجه ¬

(¬1) وانظر: الخبر.

عودة ضمير مثنىّ على الجمع 2/ 47 التحذير 2/ 97 التحقير-التصغير التخفيف 1/ 289 التذكير والتأنيث (¬1):1/ 123،138،159،196،242،246،258، 346 - 2/ 27،40،47،97،256،263،343، 417،424،471،473،588 - 3/ 25،30،37، 45،64،93،94،95،97،98،123،179، 180،202،203 إجراء غير العقلاء مجرى العقلاء، وإعادة الضمير إليها مذكّرا 2/ 49 الترخيم: تعريفه وشرائطه وأمثلته 2/ 73،300 - 337 - 3/ 110،118 الترخيم فى غير النداء، وعلى لغة من ينتظر ومن لا ينتظر 1/ 190 تركب اللغات 1/ 209 - 3/ 207 التصحيف والتحريف 1/ 170 - 2/ 35،36،450،548،560 التصغير: للتعظيم وللتمدح وللتقليل وللتحقير وللتقريب وللحنوّ وللتعطّف 1/ 36 - 2/ 257،383،384 يردّ الأشياء إلى أصولها 1/ 60 - 2/ 193،240،306 مشابهته للتكسير 1/ 84 - 2/ 194،215،260،261 جموع الكثرة لا تصغّر على ألفاظها 2/ 206 تصغير الظروف 2/ 416 - 3/ 210 تكبير المصغّر ضرورة 3/ 163 كلمات جاءت على لفظ التصغير وهى مكبرة 3/ 122 وانظر: المصغّر التضعيف: إبدال أحد حرفيه ياء 2/ 172،264 تخفيفه أو حذفه فى القوافى 2/ 264،293 التضمين فى الأفعال-الحمل على المعنى التطوّر اللغوى 1/ 71 ¬

(¬1) وانظر: تاء التأنيث.

التعجّب-أفعل فى التعجب التعدّى واللّزوم: الفعل لا يتعدّى فاعله إلى ضميره، إلاّ أن يكون من أفعال العلم والحسبان والظنّ 1/ 57،353 التعدية بالحمل على المعنى 1/ 223 التعدية بالهمزة 2/ 503 - 3/ 105 التعدية بإلى 1/ 74 التعدية بالباء 1/ 74 - 2/ 254 التعدية بالحرف وبدونه 1/ 221 - 2/ 129،130 تعدّى الفعل بنفسه وبحرف الجرّ 1/ 83 التعدّى إلى المكان المخصوص بغير حرف الجرّ 2/ 572،573 التعدية بتحويل حركة العين، أو بالمثال 1/ 355 الفعل إذا تعدّى بالخافض لا يصحّ إضماره 2/ 87،114 الفعل الذى لا يتعدّى إلى مفعول به يتعدّى إلى مصدره 2/ 559 التعدّى فى الأفعال بتضمين بعضها معانى بعض 1/ 223 - 225، 283 العامل لا يتعدّى إلى الضمير وظاهره معا 2/ 92 معيار التعدّى 3/ 168 التعديل 2/ 380 التعلّق-تعلّق الجارّ بالفعل-معناه 3/ 169 التعليق والإلغاء 1/ 111 - 3/ 39،42،191 التغليب 1/ 19 - 2/ 224،424،613 التقديم والتأخير 1/ 125 التكرير: يكرهونه فى كلمة 1/ 84 يكرهونه فى الحرف 2/ 364 تكرير الاسم الظاهر يغنى عن ذكر ضمير يعود على المبتدأ 2/ 6 التكسير: يردّ الأشياء إلى أصولها (¬1) 2/ 240،306 تلتلة بهراء 1/ 170 التمرين والتدريب 2/ 507 ¬

(¬1) وانظر التصغير.

التمييز (¬1): الفرق بينه وبين المفعول به 3/ 105 قد يكون جمعا 3/ 105 حذفه 2/ 70 التنازع 1/ 72،120،268،372 - 2/ 66 - 3/ 117 التنكير: يتناول من العموم مالا يتناوله التعريف 2/ 6 - 3/ 40 التنوين: تحريكه عند التقاء الساكنين 2/ 166 حذفه لالتقاء الساكنين 2/ 456،461 حذفه وموجباته 2/ 159 - 165 حذفه دليل على ثقل الاسم، كما أن إثباته دليل على خفّته 2/ 159 حذفه من الأسماء الأعلام 1/ 193،339 التوسّع-الاتّساع التوكيد اللفظى 1/ 371 - 373 - 3/ 88 التوهّم 1/ 209 (ث) ثمّ: ظرف يشار به 2/ 600 ثمّ: زائدة 3/ 90 (ج) الجارّ: وضعه موضع الجارّ 1/ 225 - 2/ 606 جواز تقدّمه 3/ 62 إضماره وإعماله مقدّرا ضعيف، وإن سوّغته كثرة الاستعمال 1/ 282 - 2/ 79،87،132،355 الجرّ على المجاورة 1/ 135 الجزم بالعطف على الموضع 1/ 428 الجمع (¬2): أصله العطف 1/ 13 ¬

(¬1) وانظر: الحال. (¬2) وانظر فهرس الأمثلة والأبنية والأوزان.

ما واحده وجمعه بلفظ واحد 1/ 138 الجمع الذى لا واحد له من لفظه 1/ 398،399 - 2/ 136،272 عود ضميره إلى مثنى 2/ 48 الجمع فى موضع الواحد 1/ 113،290 - 2/ 279 - 3/ 120، 203 الجمع فى موضع التثنية 1/ 184،290 - 2/ 279،482،496 - 3/ 203 يردّ الأشياء إلى أصولها 2/ 170،171،203 يستثقل فى الجموع مالا يستثقل فى الآحاد 2/ 206 جمع فعل على أفعال 1/ 159 الجمع على غير قياس 1/ 434،435 الجمع على وزن فعل 1/ 93 شذوذ جمع فعل على فعل 2/ 188،449 شذوذ جمع فعل على أفعل 1/ 164 شذوذ جمع فاعل وصفا للرجال على فواعل 3/ 212 شذوذ جمع فعلة على فعل 1/ 144 جمع الجمع 1/ 435 - 2/ 232 - 3/ 61 جمع جمع الجمع 1/ 381 جمع المؤنّث السالم جمع قلّة 2/ 263 الجمع بين الله ورسوله فى ضمير واحد: منهىّ عنه 2/ 20 الجمع بين استفهامين لا يجوز 2/ 13،14 - 3/ 107،108 الجمع بين إعلالين 2/ 201،204،258،260،277،296 الجمع بين التخصيص بالنداء والألف واللام 3/ 44 الجمع بين تعريفين 1/ 76 الجمع بين خطابين لا يجوز 2/ 13،14 الجمع بين ساكنين، الأول منهما ألف والثانى مدغم 2/ 491 الجمع بين عاطفين 3/ 126

الجمع بين العوض والمعوّض عنه 2/ 242،340،342،343 الجمع بين المتشابهين والمتقاربين والمتماثلين 1/ 305 - 2/ 104،169، 209،243،518 الجملة: حذفها 3/ 80 حذف جملتين 2/ 276 الجملة المعترضة: لا محلّ لها من الإعراب-وأنواعها 1/ 328 الجملة المفسّرة: لا محلّ لها من الإعراب 1/ 289 الجواب: حذفه بعد لو 1/ 35 حذفه بعد لولا 1/ 81 الجواب للمتقدّم شرطا أو قسما أو حرفا 1/ 356،367 جواب القسم والشرط: حذف أحدهما لدلالة المذكور 2/ 118 (ح) الحال: أحكامه كلّها 3/ 3 - 24 يذكّر ويؤنّث 1/ 135 تشبه (¬1) المفعول به من وجه، وتخالفه من وجوه 3/ 4،5 تشبه التمييز من وجوه وتخالفه من وجه 3/ 4،5 تشبه الظرف وتخالفه 1/ 168،249،401 حقّها أن تكون مشتقة، وقد تأتى أسماء غير مشتقة 1/ 257 - 3/ 5، 6،98 مجيئها معارف 1/ 235 - 3/ 20 مجيئها من النكرة 1/ 346 - 2/ 605 - 3/ 8 وقوعها جملا 3/ 11 وقوعها موقع الفعل 1/ 248 - 2/ 104 ما يعمل فى الحال 3/ 8،9،10 يعمل فيه المعنى 1/ 168،240،250 تسدّ مسدّ الخبر 1/ 104 - 2/ 30،31 - 3/ 18 ¬

(¬1) حافظت على عبارة ابن الشجرى، وأنت تعلم أن «الحال» يذكّر ويؤنّث، كما ذكر ابن الشجرى.

الحال المقدّرة 1/ 118 - 2/ 475 - 3/ 14،128،190 الحال المؤكدة 3/ 22 الحال الموطئة 3/ 223 الحال من الفاعل والمفعول معا 3/ 18 لا تقع معترضة 1/ 329 حال المجرور لا يتقدّم عليه 2/ 256 - 3/ 15،16 الحال من المضاف إليه 1/ 24،233،256 - 3/ 96،190 لا يجوز نصب حال المضاف إليه بالعامل فى المضاف إلاّ إذا كان المضاف ملتبسا بالمضاف إليه 1/ 241 حذف الحال 2/ 146 حذفها وبقاء معمولها 3/ 19 حذف واوه اكتفاء بالضمير 2/ 473 - 3/ 12 حذف «قد» من جملة الحال الماضويّة 3/ 12 وانظر: الماضى حتّى: إضمار «أن» بعدها 2/ 148 رفع الفعل بعدها 2/ 149 للغاية والاستئناف 3/ 214 حتى إذا: حذف جوابها 2/ 120 الحذف: حذوف القرآن كثيرة 1/ 231 حذف الجملة والجمل والعاطف 2/ 123 - 127 حذف همزة الاستفهام مع ما دخلت عليه من الكلام 2/ 124 فصول طويلة فى الحذف: حذف الحروف: حروف المعانى، والحروف التى من بنية الكلمة، والحذف فى ضروب شتى 2/ 128 إلى 336 الحرف: استعماله اسما 2/ 537،584 حرف التنبيه يعمل الجرّ 1/ 217 حرف الجارّ-الجارّ حرف اللّين إذا وقع رابعا لم يحذف فى التكسير والتصغير 1/ 214 حروف الحلق: مخارجها 1/ 210،211 الحمل: الحمل على المعنى 1/ 242،243 - 2/ 425

الحمل على المعنى فى الأفعال-وهو التضمين 1/ 223 - 225،283 حمل بعض الأفعال على بعض فى الحذف والإعلال 1/ 335 - 2/ 53، 54،154،155،157 حمل أحد الضميرين على صاحبه 1/ 335 الحمل على اللفظ وعلى الأصل 2/ 171 حمل الشىء على الشىء فى بعض الأحكام لا يوجب خروجه عن أصله 2/ 388،392 لا يحمل المستفيض الشائع على الفذّ النادر 2/ 397 حمل الشىء على الشىء لأدنى تناسب بينهما 2/ 368 الحمل على النظير وعلى النقيض 2/ 128،368،528 - 3/ 41 حمل النقيض على النقيض فى التعدية 1/ 74 حمل النقيض على النقيض فى التعليق 1/ 111 الحمل على النظير فى حركة عين الفعل 1/ 209 حيث:1/ 340 - 2/ 367 لغاتها 2/ 599 ظرف للمكان 2/ 598، وقد تستعمل للزمان 2/ 599 حين: من الألفاظ التى فيها إبهام، وتبنى إذا أضيفت إلى مبنى 1/ 68 - 2/ 601،603 الخبر: الإخبار عن المفرد بمثنى 2/ 44،45 الإخبار عن الاثنين بمفرد (¬1) 2/ 44،46 الإخبار بجملتى الأمر والنهى ضعيف 2/ 80 الإخبار عن اسم وقد بقيت منه بقية 1/ 299 الإخبار بجملة التعجّب 1/ 37 الخبر الموطّأ 3/ 223 تعدّده 2/ 585 حكمه بعد «لولا» 2/ 510 مفارقته للصلة والصفة 1/ 141 قبح أو ضعف حذف العائد من جملته 1/ 9،140 - 2/ 72 ¬

(¬1) انظر التثنية.

جواز تقديمه إذا كان جملة 1/ 37 حذفه 1/ 135،197 - 2/ 61،62 حذفه لدلالة خبر الآخر عليه 2/ 20،45 - 3/ 113،178 الخطّ: مبنىّ على الوقف 2/ 200 (د) الدال: حرف مجهور 2/ 26 إبدالها من التاء 2/ 226 - 3/ 182 دخول الشرط على الشرط 1/ 367 (ذ) ذا: اسم إشارة 3/ 81 - وانظر: ذلك ذات الموصولة:3/ 54،59 ذلك: يشار به إلى الواحد والجمل 2/ 435 بمعنى الذى 2/ 442 - 445 وانظر: ذا الذّكر:1/ 255،256 - 2/ 605 - 3/ 10،14 ذو: الموصولة 3/ 52،54،55،59 من الأسماء الستّة 3/ 81 (ر) الراء: قلبها ياء 2/ 172 ربّ: وضعت لتقليل الماضى والحاضر دون المستقبل 3/ 46 - 49 لها صدر الكلام 3/ 46 دخولها على النكرة دون المعرفة 3/ 46 لا بدّ للنكرة التى تدخل عليها من صفة 3/ 46 جواز ملاصقة المضمر لها؛ لأنه غير عائد على مذكور، فهو جار مجرى ظاهر منكور 1/ 92 تدخل على الضمير قبل الذكر 3/ 47 دخول تاء التأنيث عليها 3/ 47

الوجه استعمال الماضى بعدها 2/ 565 وصلها ب‍ «ما» فيقع بعدها المعرفة والفعل 3/ 48 كفّها ب‍ «ما» 2/ 564 تخفيفها بحذف أحد المثلين 2/ 179 - 3/ 48 إضمارها بعد الفاء والواو 1/ 217 حذفها وتعويضها بالواو 2/ 134 - وانظر الموضع السابق الردّ 1/ 54 الرفع بالظرف 1/ 255،256،276 - 3/ 14،196،197،233 الرفع على المجاورة 2/ 222 (ز) الزاى: حرف مجهور 2/ 26 الزّنبورية:1/ 348 (س) السين: حذفها فرارا من اجتماع المثلين 1/ 145،146 - 2/ 171،172 قلبها ياء 2/ 173 الساكنان (¬1): إذا التقيا وأحدهما معتلّ وقع الحذف بالمعتلّ 1/ 318،319 سعة اللغة:2/ 408 السكون: هو الأصل، والأخذ به حتى يقوم دليل على الحركة 2/ 258،260 أخفّ من أخفّ الحركات 1/ 157،289 - 2/ 74 سوى وسواء:1/ 359 - 2/ 250،364،366،372،582 (ش) الشبيه بالمضاف-الطويل الشرط: حذف جملته 2/ 96 وانظر: دخول الشرط على الشرط (ص) الصاد: تشرب صوت الزاى 2/ 368 ¬

(¬1) وانظر: الكسر.

قلبها ياء 2/ 172 الصفة: شبهها بالصّلة 1/ 5،141 - 2/ 73،407 جواز حذف العائد من جملتها 1/ 9،116،140 - 2/ 71،72 - 3/ 166،167 تقدّمها على الموصوف وإعرابها حالا 1/ 165،234،309،353، 354 - 3/ 9 إضافتها إلى الموصوف 2/ 503 إذا ارتفع بها ظاهر وحّدت وإن جرت على مثنىّ أو مجموع-وهو النعت السّببى-3/ 176 الصفة الغالبة 3/ 212،213 وانظر: الوصف الصفة المشبّهة: تعمل الرفع وإن لم تعتمد 3/ 220 الصّلة: الموصول والصّلة بمنزلة اسم واحد 1/ 5،140 - 2/ 73 - 3/ 166 شبهها بالصفة 1/ 5،141 حذفها للدلالة عليها 1/ 34،42 - 2/ 457 - 3/ 58 حذف الضمير العائد منها إلى الموصول 1/ 5 - 8،101،112، 140 - 2/ 71،558 - 3/ 68 وانظر: المبتدأ إعادة الضمير منها إلى الموصول ضمير خطاب، وحقه أن يكون ضمير غيبة 2/ 13،411 - 3/ 223 بعضها على اللفظ، وبعضها على المعنى 2/ 13 صيغة المبالغة: حسّان-حسّانة 1/ 60 (ض) الضاد: قلبها ياء 2/ 173 الضمّ: مخرج الضمّة 2/ 377 فضلها على الكسرة 2/ 377 الضمّ أقوى الحركات 2/ 598 الخروج منه إلى الضمّ أسهل من الخروج منه إلى الكسر، ومن الكسر إلى

الضمّ 2/ 157 إتباع الضمّ الضمّ 2/ 175 إتباع الضم لضمّ متقدّم أو متأخّر 2/ 377 الضمّة التى فى المفرد غير التى فى الجمع 2/ 311 الضمّة فى اللام من قولهم: يا أيها الرجل 2/ 364،365،367 الضمير: يردّ ما اتصل به إلى أصله 1/ 307،308 وضع المنفصل موضع المتصل 1/ 57 لا يجوز حذف خبره 2/ 65 عوده مذكّرا بعد جمع 3/ 95 عوده من الفاعل إلى المفعول 1/ 152 مجيئه ضمير خطاب، وحقّه أن يكون ضمير غيبة 2/ 13،411 مجيئه ضمير متكلّم، وحقه أن يكون ضمير غيبة 1/ 39،221،224 حذفه عائدا على المبتدأ 1/ 9،139،140 - 2/ 497 - 3/ 19، 169 حذفه عائدا على الموصوف-انظر: الموصوف حذفه عائدا على المبدل منه 2/ 130 حذفه من «كلّ» 2/ 350 الضمير المجرور يشبه التنوين 1/ 305 - 2/ 103 الضمير إذا جرى على غير من هو له لزم إبرازه 2/ 52 لم استتر ضمير الواحد المذكّر فى «قم» ونحوه، وبرز ضمير الأنثى والاثنين والجماعة؟ 3/ 102 ضمير الشأن والقصّة:1/ 91،280،282 - 3/ 47،116،155 لا يجوز العطف عليه 1/ 282 - 2/ 21 وقوعه بعد «ربّ» 3/ 47 لا يعود عليه من الجملة المخبر بها عنه ضمير 2/ 497 حذفه اسما لإنّ وأنّ ولكنّ 2/ 18،177،178 ضمير الغائب-الغيبة: عوده إلى مذكور وغير مذكور 1/ 89،169،243 - 2/ 503

عوده إلى شيء تقدّم ذكره 3/ 115 عوده إلى شيء مذكور فى سياقة الكلام، مؤخّر فى اللفظ، مقدّم فى النيّة 3/ 115 عوده إلى غير مذكور ولكنه معلوم قد تقرّر فى النفوس 3/ 117،154 لا يعود على مذكور، ويلزمه أن يفسّر بنكرة منصوبة أو بجملة 3/ 115،116 ضمير الفصل:1/ 161 - 2/ 37،507 - وانظر: العماد (ط) الطاء: إبدالها من تاء الافتعال 1/ 99 قلبها ياء 2/ 174 الطّرف: أحقّ بالحذف 2/ 26 الطويل-وهو الشبيه بالمضاف 1/ 307 - 2/ 528 (ظ) الظاهر: أصل للمضمر 1/ 291 الظرف-الظروف: زمانيّة ومكانيّة-معربة ومبنيّة 2/ 572 إلى 605 - الناصب لها، أو العامل فيها 2/ 573،574 الظرف قد يتقدّم على المعنى العامل فيه 1/ 168 الظروف وحروف الجرّ إذا كانت صلات لا تتعلق باسم الفاعل 1/ 356 تصغيرها 2/ 416 الظروف تقع بدلا من الفعل 1/ 250 استعمال بعض الأسماء استعمال الظروف 2/ 585،591،592 استعمال بعض الظروف اسما-وهو باب الاتّساع 1/ 166 ومنه جعل بعض الظروف مفعولا به 1/ 7 الظرف الصحيح 2/ 11 الظرف التامّ-وهو الجارّ 1/ 433 الظرف الناقص-وهو بعض حروف الجرّ 1/ 433 فتحة الظرف بناء 1/ 254 الرفع بالظرف 1/ 255،256

إذا وقع الظرف خبرا تضمّن ضميرا 1/ 5 الظرف متى وقع خبرا عمل فيه اسم فاعل محذوف مرفوض إظهاره 2/ 30 أقسام ظرف الزمان 2/ 576 انتصاب «ألفا» و «غبا» على ظرف الزمان 2/ 580،581 مناسبة ظرف الزمان للفعل 2/ 386 الأصل فى ظروف الزمان أن تضاف إلى الجملة الفعلية 1/ 199 ظروف الزمان تدخل عليها أحيانا الألف واللام 1/ 222 ظروف الزمان لا يصحّ الإخبار بها عن الأعيان (الجثث والأشخاص) 1/ 80،309،376 - 3/ 155،211 (ع) العين: قلبها ياء 2/ 172 العدد: لا يضاف إلى مفرد إلاّ إلى مائة 2/ 210 العدل-فى المنع من الصرف 2/ 578 عسى:2/ 382،388،389،390،393،394 حكم الضمير بعدها 1/ 278 تامّة وناقصة 3/ 153 العطف: عطف الشىء على نفسه غير جائز 1/ 303 المشاكلة فيه 2/ 85،86 لا يسوغ عطف الظاهر على الضمير المجرور إلاّ بإعادة الجارّ 2/ 103 العطف على المعنى 2/ 222 عطف المتفقين فى المعنى لاختلاف لفظيهما 2/ 233 - 3/ 253 عطف اسم الفاعل على الفعل المضارع، وعكسه 2/ 437،438 - 3/ 204 العطف على المضمر المرفوع قبل أن يؤكد أو يفصل بينهما بما يقوم مقام التوكيد، قبيح عند بعضهم 3/ 177 العطف على اسم «إنّ» قبل الخبر يوجب عطف المنصوب 3/ 177 وانظر المعطوف والمعطوف عليه عل:2/ 600

على: استعمالها اسما 2/ 537 حذفها 2/ 23،134،252 - وانظر: النصب على نزع الخافض حذف ألفها ولامها 2/ 180 مجيئها بمعنى فى 2/ 609 مجيئها بمعنى من 2/ 609 مجيئها بمعنى عن 2/ 609 مجيئها بمعنى الباء 2/ 610 العماد (ضمير الفصل) 1/ 161 - 2/ 37،507 عن: استعمالها اسما 2/ 537،584 زيادتها 1/ 224 حذفها 1/ 341 مجيئها بمعنى من 1/ 283 - 2/ 610 مجيئها بمعنى الباء 1/ 283 - 2/ 611 مجيئها بمعنى على 1/ 87 - 2/ 195،611 مجيئها بمعنى بعد 2/ 611 - 3/ 19 عند:1/ 237 فى أصل وضعها للمكان، وقد تستعمل للزمان 2/ 505 وانظر: لدن (غ) غدا: ناقصة وتامة 1/ 166 غير: معربة ومبنيّة 2/ 601،603 من الألفاظ التى فيها إبهام، وتبنى إذا أضيفت إلى مبنىّ 1/ 68 نصبها على الاستثناء المنقطع 1/ 290 نصبها على الحال 2/ 54 من أدوات النفى 1/ 391 (ف) الفاء: دخولها فى الخبر الموصول بالظرف، كما تدخل فى خبر الموصول بالفعل 2/ 551 دخولها فى خبر المبتدأ الموصول به 2/ 551 - 3/ 89

شروط دخولها فى خبر المبتدأ 3/ 184 دخولها فى خبر «إنّ» واسمها موصول 2/ 552 دخولها فى الأمر المصوغ من «كان» مع تقدّم الخبر 3/ 89 دخولها لما فى الكلام من معنى الجواب 3/ 100 مجامعتها للواو 3/ 89 لا يجاب بها الخبر الموجب إلاّ فى ضرورة الشّعر 1/ 427 زيادتها 1/ 136 - 3/ 90 إضمار «أن» بعدها 2/ 148 إضمار «ربّ» بعدها 1/ 218 إضمارها عاطفة 1/ 117 - 2/ 145 حذفها من جواب «أمّا» 2/ 7 - 3/ 132 حذفها فى الجواب، وفى جواب الأمر النائب عن الشرط 1/ 124 - 2/ 9،144 الفاء المعلّقة 1/ 136 - 3/ 90 الفاعل: سدّه مسدّ الخبر 2/ 62 إضماره 1/ 284 - 2/ 23 - 3/ 117 إضماره لدلالة الفعل عليه 2/ 37 إضماره لدلالة الحال عليه 2/ 593 لا يجوز حذفه 2/ 521 - وأجازه الكسائىّ 1/ 372 - 3/ 117 الفتح-الفتحة: أخفّ الحركات 2/ 74،189،197،201،379، 380،489،600 الفتحة من الألف 1/ 210 الفرق والتعديل 2/ 380 الفصل بالأجنبىّ 1/ 294 إلى 299 الفصل بالأجنبىّ يمنع التعلّق 1/ 212،299 الفصل-ضمير الفصل الفعل: إسناده إلى أمر والمراد توجيهه إلى المخاطب 1/ 225 إسناده إلى نون التوكيد 2/ 489 إلحاقه علامة التثنية والجمع-وهى لغة أكلونى البراغيث 1/ 200،

203 - 2/ 426 الفعل المتروك إظهاره 2/ 106 حذف (¬1) الفعل على شريطة التفسير-وهو باب الاشتغال 2/ 79، 83،88 حذفه بعد حرف الشرط 2/ 81،552 حذفه بعد «إذا» الزمانية 2/ 82 حذفه بعد حرف التحضيض 2/ 84 حذفه بعد الاستفهام 2/ 79 حذفه بعد الأمر والنهى 2/ 80 حذفه بعد النفى 2/ 85 حذفه بعد العطف 2/ 85 حذفه بعد «إن» 2/ 95 حذفه مع «أمّا» 2/ 114 حذفه جوابا للشرط والقسم ولو ولولا ولمّا وأمّا وحتى إذا 2/ 117 - 122 حذفه للمدح أو الذمّ 2/ 101،102 حذفه للدلالة عليه 1/ 131،254 - 2/ 86،90،97،98 حذفه لدلالة الحال عليه 2/ 101 حذفه وقيام «الحال» مقامه 2/ 104 حذفه وتقديره على ما يليق به، وبما يصلح حمله على السابق 3/ 82،83 حذفه اكتفاء بالمصدر 3/ 65 فعل الأمر للمواجه 2/ 354،355 فعل الأمر: إضماره 2/ 477 وانظر: الأمر فعل الأمر المشدّد: حركة آخره 2/ 378 الفعل المضارع المشدّد المجزوم: حركة آخره 1/ 125 وانظر: المستقبل ¬

(¬1) ويعبّر عنه أحيانا بالإضمار.

وانظر: العطف الفعل الماضى: وقوعه حالا ومعه «قد» ظاهرة أو مقدّرة 2/ 146، 275،480 - 3/ 12 وانظر: الماضى فى: حذفها 1/ 63،329 - 3/ 226 حذفها مع مجرورها 1/ 7،134،273،287 - 2/ 100،130 - 3/ 233،234 مجيئها بمعنى على 2/ 606 مجيئها بمعنى مع 2/ 607 مجيئها بمعنى بعد 2/ 607 مجيئها بمعنى إلى 2/ 607 مجيئها بمعنى الباء 2/ 607 (ق) القاف: بين القاف الخالصة والكاف 2/ 368 قبل وبعد 1/ 237 - 2/ 595،600 - 3/ 210 قد:1/ 324،325 حذفها من جملة الحال الماضوية 2/ 146،275 - 3/ 12 القرآن: مجازه مجاز الكلام الواحد والسورة الواحدة 2/ 142،144،524 قطّ 2/ 598 القطع 3/ 76،77 وانظر: النصب على المدح أو الذمّ القلب المكانى 1/ 373،374 - 3/ 258 القلب فى التراكيب-انظره فى فهرس البلاغة القول: معانيه، والفرق بينه وبين الكلام 2/ 50 إذا أضمر فهو كالمنطوق به 2/ 119 كثر حذفه فى القرآن الكريم وفى كلام العرب 1/ 86 - 2/ 10،119، 122،406،408،442،475،476 - 3/ 132

(ك) الكاف: حرف شاعت فيه الاسمية 2/ 537،538 - 3/ 23،188 فى موضع النصب والرفع 3/ 169،171،172،183،185، 186 كفّها بما 2/ 564 كان: هل تعمل فى الحال؟ 3/ 154،155 بمعنى لم يزل-والزمان الذى تدلّ عليه 2/ 482 إضمارها 1/ 338 إضمارها بعد «إن» الشرطية 2/ 95،99 - 3/ 129 إضمارها بعد «ربّما» 2/ 565 - 3/ 49 إضمار اسمها لدلالة الحال عليه 1/ 130،284 - 2/ 593 إضمار اسمها، وهو ضمير الشأن 3/ 72 حذفها 2/ 514 حذفها وإعمالها محذوفة 3/ 134 حذفها مع اسمها 3/ 80،151 حذف خبرها 2/ 63 حذف خبرها لدلالة خبر آخر عليه 2/ 20 كان التامة 1/ 52،105،281،344 - 2/ 30 - 3/ 17،18، 214 كأنّ: تخفيفها وإلغاؤها 1/ 362 كأيّن وكائن 1/ 160،197 الكسر: هو الأصل فى حركة التقاء الساكنين-والعدول عنه 2/ 298،353، 375 - 380،595،599 الكسر للإتباع 2/ 472 كسر حرف المضارعة 1/ 170 الكسرة: فى «غلامى» 1/ 4 أخت الضمّة فى الثقل 2/ 189 مجانسة للياء 2/ 260

التى فى المفرد غير التى فى الجمع 2/ 311 كفى بجسمى نحولا-كفى بالله وكيلا: الفرق بينهما فى الإعراب 3/ 221 كلا وكلتا:1/ 290 كلا: اسم مفرد وإن أفاد معنى التثنية 1/ 166 كلّ: لفظها واحد ومعناها جمع 1/ 59 قطعها عن الإضافة، وجواز دخول الألف واللام عليها 1/ 233 نصبها على الحال 1/ 234،237 لا تضاف إلى واحد معرفة إلاّ أن يكون ممّا يصحّ تبعيضه 1/ 327 حذفها لدلالة المذكورة عليها 2/ 21 كلّما: نصب على الظرف 3/ 166 كم: الخبرية 1/ 160 الاستفهامية 1/ 401،402 للأعداد 2/ 17 حملها على «ربّ» 2/ 528 كيف: للاستفهام 1/ 401 للأحوال 2/ 17 (ل) اللام: زيادتها 1/ 339،421 إقحامها 2/ 307 إضمار «أن» بعدها 2/ 149 حذفها 1/ 73،287 - 2/ 90،128 - وانظر: النصب على نزع الخافض حذفها وإعمالها محذوفة 2/ 195 حذفها فى جواب القسم 2/ 118،141 حذفها مع مجرورها 2/ 130 حذفها من أحد المثلين 1/ 145 - 2/ 171،172 حذفها فى «ويلمّه» 2/ 180،216

حذفها من «ويلك» 2/ 184 لام الإضافة 1/ 421 - 2/ 307 - وانظر لام الجحد اللام الفارقة بين النافية والموجبة 2/ 564 - 3/ 145،146،147 لام المفعول من أجله، وتسمّى لامّ العلّة ولام كى، واللام بمعنى من أجل 1/ 329 - 2/ 149،617 - 3/ 87 حذفها 1/ 124 - 3/ 160 لام الجحود-أو الجحد 2/ 149 - وانظر لام الإضافة لام التعجّب 2/ 484 لام التأكيد والقسم 2/ 439،526 اللام المزحلقة 2/ 439 اللام الموطّئة-المؤذنة-للقسم 2/ 118 - 3/ 144 لام الأمر 2/ 354،522 إضمارها 2/ 150 اللام: لتقوية اسم الفاعل فى وصوله إلى المفعول، أو لتقوية عامل ضعف بتأخّره 1/ 310 - 2/ 468 اللام: فى «لا غلامى لك» و «قميص لا كمّى له» 2/ 129،220 لام الفعل (الوزن) المتطرّفة ضعيفة، ولذلك أعلّت دون العين 2/ 260 لام الفعل (الوزن): حذفها 2/ 226،258 اللام: بمعنى إلاّ 3/ 146،147 بمعنى إلى 1/ 31 - 2/ 89،255،523،615 بمعنى على 2/ 616 بمعنى بعد 2/ 616،617 بمعنى مع 2/ 617 [فى الحاشية] بمعنى عند 2/ 617 [فى الحاشية] بمعنى فى 2/ 617 [فى الحاشية] لا: التبرئة، وهى النافية للجنس 2/ 527 - 530 اسمها نكرة شائعة مستغرقة للجنس المعرّف باللام، فإذا وقعت هى واسمها وخبرها خبرا عن مبتدأ، فلا يشترط عود ضمير إلى ذلك المبتدأ 2/ 4 إذا فصل بينها وبين النكرة كرّرت وألغيت 2/ 532

لا تعمل فى معرفة 1/ 365 حذف خبرها 2/ 65،66 - 3/ 133 الفرق بين: لا رجل فى الدار، ولا رجل فى الدار 2/ 4 لا: المشبّهة بليس 1/ 364 - 2/ 530 - 3/ 42 ترفع النكرات خاصّة، وقد ترفع المعرفة 1/ 430 - 432 إذا دخلت على معرفة كرّرت وألغيت 2/ 531 لا: استعمالها اسما 2/ 537،539،542 استعمالها بمعنى «غير» فصارت هى والمضاف إليه بمنزلة اسم واحد 1/ 363 - 2/ 539،540 لا: الواقعة على الفعل: هل يلزمها التكرير؟ 1/ 363 وقوعها فى الجواب نائبة عن جملة 1/ 230 زيادتها وإلغاؤها 1/ 364،365 - 2/ 540 زيادتها 1/ 72 - 2/ 142 - وقيل: إنها فى هذا الموضع نافية،524، 530،542 (¬1) زيادتها لتأكيد الكلام، أو لتأكيد النفى 2/ 535،540،541 زيادتها لإزالة الاحتمال 2/ 541 مجيئها نافية 1/ 73 - 2/ 525،534 مجيئها بمعنى «لم» 1/ 218 - 2/ 323،324،536 مجيئها ناهية 1/ 73 - 2/ 533 مجيئها عاطفة 2/ 535 مجيئها للردّ، مناقضة لنعم وبلى 2/ 530،535 حذفها للدلالة عليها 3/ 160،161 حذفها فى جواب القسم 2/ 140 - 3/ 160 دخولها على بعض الحروف فتغيّر معناها 2/ 543 لحن العامّة 2/ 180 لدن: من الظروف غير المتمكّنة 1/ 237 - 2/ 583،598 تشديد نونها 1/ 335 ¬

(¬1) وقد زيدت فى هذا الموضع أيضا داخلة على اسم.

استعمالها بغير «من» 1/ 338 لغاتها 1/ 339 إضافتها إلى الفعل 1/ 340 لدن غدوة 2/ 583 لدن ولدى وعند: الفرق بينها وبينهما 1/ 341 لدى: من الظروف غير المتمكنة 1/ 237 - وانظر الموضع السابق. لعلّ: معناها فى كلامه سبحانه وتعالى 1/ 76 استعمالها بمعنى لام كى 1/ 77 حذف خبرها 2/ 64،127 تخفيفها وإلغاؤها 1/ 362 لكن: للاستدراك فقط إذا وقعت بعد الواو 2/ 536 لكنّ: تخفيفها وإلغاؤها 1/ 362 - 2/ 178،563 لمّا: حذف جوابها 2/ 122 بمعنى إلاّ 3/ 145 لو: شرطيّة غير جازمة، إلاّ فى الضّرورة 1/ 287 - 2/ 83 حذف جوابها 2/ 119،120 احتياجها إلى اللام فى جوابها 2/ 510 استعمالها اسما 2/ 538 للتمنّى 2/ 563 لولا: معانيها: امتناع الشىء لوجود غيره 2/ 297،509،543 - 3/ 222 للتحضيض 1/ 425 - 2/ 297،509 - 513،543 للتوبيخ 2/ 509 وقوع المضمر بعدها، متصلا ومنفصلا 1/ 276 - 2/ 512 وقوع الفعل بعدها 2/ 511 حذف الفعل بعدها 1/ 426 - 2/ 84 حذف خبر المبتدأ الواقع بعدها 2/ 62،510،513 حذف جوابها 2/ 120 احتياجها إلى اللام فى جوابها 2/ 510 استعمالها بمعنى «لم» 2/ 513

لوما: للتحضيض 1/ 425 - 2/ 568 ليت: إضمار اسمها 1/ 280 حذف اسمها 2/ 18،24 استعمالها اسما 2/ 538 ليس:2/ 382،388،389،390،393،394 تشبيها بما 1/ 302 ضعيفة فى الفعليّة 3/ 156 ليس فى كلام العرب: ليس فى أمثلة الأفعال فعيل 2/ 413 ليس فى العربيّة اسم ظاهر معرب آخره واو قبلها ضمّة 2/ 311 ليس فى العربية اسم معرب على حرفين، الثانى منهما حرف مدّ ولين 2/ 306 ليس فى العرب «أثالة» علما 2/ 320 ليس فى كلامهم فيعل صحيح العين (¬1) 2/ 170،329 ليس فى كلامهم فيعل معتلّ العين 2/ 170،329 (م) الميم إبدالها من الواو 2/ 242 زيادتها 2/ 284 حذفها من «بينما» 2/ 506 ما: اسمية وحرفية، وتفصيل ذلك 2/ 545 إلى 571 خبرية موصولة بمعنى الذى 1/ 56،72،108،111،331 - 2/ 477،521،548،557،561 - 3/ 144 إذا جاءت بعد «إنّ» تكتب منفصلة 2/ 549 نكرة موصوفة بمعنى شيء 1/ 331،344 - 2/ 553،554،556 - 3/ 166 استفهامية 1/ 72،77،111،167،330،401،402 - 2/ 17،545 - 3/ 229 ¬

(¬1) وانظر فى فهرس الأمثلة: سيّد وميّت وهيّن.

حذف ألفها فى اللفظ والخط 2/ 545،557 حذف ألفها وإسكان الميم 2/ 546 يستفهم بها عن غير العقلاء، وعن صفات العقلاء 2/ 548 بمعنى «من» الاستفهاميّة 2/ 548 بمعنى «حين» 2/ 554 شرطيّة 2/ 545،552 تعجبيّة 2/ 553 - 3/ 229 خبرية-وهى النافية الحجازية الآتية 1/ 330 نافية حجازية تعمل عمل «ليس» وشرط ذلك 2/ 555،556 - 3/ 143 نافية تميمية 3/ 143 نافية مع «إلاّ» 3/ 229 مصدريّة 1/ 107،120 - 2/ 521،556 - 3/ 18 - وهل تحتاج إلى عائد؟ 2/ 558 مصدريّة زمانيّة 1/ 284 - 2/ 24،29 كافّة لإنّ وأخواتها 2/ 549،559 - 3/ 229 كافّة ل‍ «من» 2/ 556 كافّة ل‍ «بعد» عن الإضافة إلى المفرد 2/ 562 حكمها بعد «ربّ» 2/ 566 زيادتها بعد «قلّ» 2/ 567 إلغاؤها فى «ليتما» 2/ 561،563 حذفها لضرورة الشعر 3/ 149 زيادتها 1/ 289،422 - 2/ 83،142،524،551،554، 603 زيادتها مؤكّدة للكلام 2/ 115،296،568 زيادتها على الشاذّ النادر 2/ 144 زيادتها بين الشرط وحرفه، وبين المبتدأ وخبره، وبين المفعولين 2/ 569 - 3/ 39، وبين «إن» الشرطية و «لا» النافية عوضا من «كان»

واسمها وخبرها 2/ 571 مجيئها لتحقيق التشبيه 3/ 228 مجيئها مسلّطة للحرف على العمل، نحو «إذ ما» و «حيثما» فى الشرط 2/ 567،568 مجيئها مغيّرة للحرف عن معناه الذى وضع له 2/ 568 ماذا: إعرابها 2/ 443 - 3/ 54 الماضى: أوكد وأبعد من الشبهة 2/ 34 إيقاعه موقع المستقبل 1/ 67،153 - 2/ 34،35،453 - 3/ 49 إسكان آخره فى لغة طيّىء 2/ 518 وانظر: الفعل الماضى المؤنث-جاءت منه كلمتان لم تلحقهما التاء فى تثنيتهما: خصيان وأليان 1/ 28 وانظر: التذكير والتأنيث. المبالغة 2/ 338،345 - 237 وانظر: صيغة المبالغة المبتدأ: من مسوّغات الابتداء بالنكرة، ولماذا ضعف الابتداء بالنكرة 3/ 193، 194 إذا كان نكرة وخبره ظرف وجب تقديم الظرف 1/ 113 حذفه 1/ 52،72،111 - 113،136 - 2/ 32،60،61 حذفه إذا كان فى الصلة لطول الكلام 1/ 112،331 - 2/ 550 - 3/ 43،220 حذفه كثير فى القرآن الكريم 3/ 100 المبنى للمجهول أبدا 1/ 46 متى: للاستفهام 1/ 401 للاستفهام والشرط 2/ 17،598 للشرط وجوابها محذوف 1/ 219 وجوب كتابتها بالألف 1/ 219 بمعنى وسط 2/ 614 المثنى-التثنية

المجاورة-الرفع على المجاورة المجرور: حمله على المنصوب 1/ 8 المستقبل: إيقاعه موقع الماضى 1/ 67،153 - 2/ 34،35،453 المشترك اللفظى 1/ 423 المشتق: يعمل الجرّ بحقّ الاسميّة، ويعمل النصب بحقّ مشابهته للفعل 1/ 306 فرع على الجامد 1/ 308 المصدر: المصدر الميمى 1/ 62،161 - 2/ 325 المصدر التشبيهى 1/ 158 المصدر المؤوّل 2/ 89 المصدر المؤوّل معرفة، فهو الأولى أن يكون المبتدأ أو اسم كان 3/ 72، 152 المصدر بحذف الزوائد 2/ 109،110 وقوع بعض المصادر موقع بعضها مع الاتفاق فى لفظ الفعل وعدم الاتفاق 1/ 151 - 2/ 107،221،394 - 396 إعطاء المصادر حكم الأعيان 1/ 53،104 - 2/ 29 المصادر تتبع الأفعال فى صحّتها واعتلالها 2/ 154 - 3/ 35 وقوع المصدر حالا 1/ 106،221،271 وقوعه موقع اسم الفاعل واسم المفعول 1/ 82،92،252،369، 370 - 2/ 49،127،434،475 وصفه باسم الفاعل 1/ 108 الفرق بينه وبين اسم الفاعل فى العمل 3/ 200 تقديره بأن وفعل سمّى فاعله، وتقديره بأن وفعل لم يسمّ فاعله 3/ 200،201 الفرق بينه وبين اسم المفعول إذا اتّفقا فى الوزن 1/ 319 إضافته إلى فاعله وإلى مفعوله 1/ 63،81،204،306،352، 482 - 2/ 31،111،222،359،495 - 3/ 230 فاعله يحذف كثيرا 1/ 134،244،347 - 3/ 230،244 حذف فاعله مع الجارّ 3/ 254 فاعله المجرور يوصف بمرفوع 1/ 347

مفعوله المجرور يعطف عليه المنصوب 1/ 347 وضعه موضع الظرف 2/ 16 الانتصاب عليه لا على الظرف 2/ 23 وقوعه موقع الفعل 1/ 248 لا يثنّى ولا يجمع إلا إذا تنوّع 1/ 253،354 عمله الجرّ بحقّ الأصل، وعمله النصب بحقّ الشبه بالفعل 1/ 306 ما ينصب نيابة عنه 1/ 373 الوصف به والإخبار عنه 1/ 106 لا يعمل مع الفصل 3/ 173 إضماره لتقدّم ما يدلّ عليه من اسم وفعل 1/ 81،82،103، 106،169،251 - 2/ 36،37،89،91،225،385، 507،518 - 3/ 103 إضمار ناصبه 1/ 369 - 3/ 81 حذفه موصوفا 3/ 57 حذفه وصفته 1/ 158 تعويضه التاء فى آخره عوضا من محذوف 3/ 35،36 التاء فى بعض المصادر لغير تعويض 3/ 36،37 مصدر استفعل المعتلّ العين 3/ 36 مجيئه على وزن فعل وفعل وإفعال 2/ 50 - 3/ 35 مجيئه على وزن الفعل والفعيل 2/ 113 مجيئه على وزن فعل وفعل 2/ 429،430 مجيئه على وزن فعلة 1/ 272 - 3/ 37 مجيئه على وزن فعلة معتلاّ 2/ 154 مجيئه على وزن التّفعلة والتّفعيل 3/ 36 مجيئه على وزن الفعول 2/ 138 مجيئه على وزن فيعلولة 2/ 170،429 مجيئه على وزن فعال وفعال 1/ 82 مجيئه على وزن فعالة 2/ 495

مجيئه على وزن فعلان 2/ 106 اسم المصدر موضع المصدر 2/ 396 المصغّر: الضمّة التى فى أوّله غير الضمة التى فى المكبر 2/ 26 - وانظر: التصغير المضارع: وضعه موضع الماضى-انظر المستقبل. وانظر: الفعل المضارع المضاف: لا يجوز ترخيمه 2/ 315 حذفه 1/ 78،81،82،101،106،120،135،138، 165،240،258،272،283،284،329،343 - 2/ 22،32،67،68،72،97،135،250،276، 464 - 467،496،521،523،557،583،589 - 3/ 79،93،161،181،183،189،216،217، 271 المضاف إليه: حذفه 2/ 350 - 3/ 203 حذفه فى الغايات 2/ 74،595 يجوز ترخيمه 2/ 315 لا يصحّ إعماله فى المضاف 1/ 268 - 2/ 505 مع: بين الاسمية والحرفية 1/ 374 - 2/ 583 معا: انتصابه على الحاليّة أو الظرفيّة 1/ 374،375 الفرق بينه وبين «جميعا» 1/ 375 المعتلّ: اختصّ بأشياء: فيعل 2/ 429 جمع فاعل على فعلة 2/ 429 المصدر على فيعلولة 2/ 429 المصدر على فعل 2/ 429 المعرب من مكانين-الإتباع المعرفة: إذا تكرّرت معرفة كان الثانى هو الأول، فإذا تكرّرت نكرة كان الثانى غير الأول 3/ 88،89 المعطوف: تقديره مفردا وجملة 1/ 230،231 تقديمه على المعطوف عليه 1/ 275 حذفه مع العاطف 2/ 218 المعطوف عليه: حذفه 3/ 100

وانظر: العطف المفرد: استعماله مكان الجمع 2/ 48،211 - 213،236،237،272 - 3/ 57،123 المفسّر-التمييز المفعول به: تقديمه على ناصبه 2/ 86 الفرق بينه وبين التمييز 3/ 105 الفرق بينه وبين الحال 3/ 54 حذفه 2/ 66،72،73،100 حذفه بغير دليل عليه 2/ 520،521 المماثلة-الإتباع فى الحركات الممنوع من الصرف: أمثلة منه 2/ 161 من: موصولة بمعنى «الذى» 1/ 376 - 2/ 440 - 3/ 63،65،219 نكرة موصوفة بمعنى «إنسان» 1/ 326 - 2/ 440،539 - 3/ 64، 65،219 شرطية 2/ 62 - ولا بدّ من الفصل بينها وبين «إنّ» 2/ 18 استفهامية 1/ 401،402 - 2/ 17 - 3/ 62،63 خبرها محذوف 1/ 404 صلة-أى زائدة 3/ 65 من: للتبعيض 2/ 112،378 - 3/ 273 لتبيين الجنس 2/ 378 لاستغراق الجنس 2/ 529 للتبيين 1/ 197 لابتداء الغاية فى المكان 2/ 378 فارقة بين معنيين لإرادة العموم 2/ 379 زائدة للتوكيد 2/ 378 - 3/ 148 زيادتها فى الواجب 2/ 28 كفّها ب‍ «ما» 2/ 566 حذفها 1/ 285 - 2/ 23،131 - وانظر: النصب على نزع الخافض

حذف نونها 1/ 145 تحريك نونها بالفتح والكسر 2/ 378،379 مجيئها بمعنى بدل 1/ 55 - 2/ 272،273 مجيئها بمعنى لام العلّة 1/ 63،74 - 2/ 112،379،466،484 - 3/ 225 مجيئها بمعنى لام التعجّب 2/ 483 مجيئها بمعنى «على» 2/ 613 مجيئها بمعنى الباء 2/ 613 المنادى: حذفه 2/ 69،409،410 وانظر: النداء المنقوص: ظهور الضمّة والكسرة على يائه 1/ 128 حكم يائه فى النداء 2/ 202،291 وانظر: الوقف على الاسم المنقوص مهما وتأصيلها 2/ 242،571 الموصوف: حذفه فقط 1/ 25،164،327 - 2/ 99،100،606 - 3/ 5،13،57،224،225 حذفه وإقامة الصفة مقامه 1/ 164،275 - 2/ 68،69،406، 484،589 - 3/ 145 حذف العائد إليه 1/ 6،117،273 - 2/ 71،100،163 الموصول: حذفه وإبقاء صلته رديء 3/ 100 وانظر: الصّلة (ن) النداء: باب حذف وتغيير وتخفيف 1/ 4 - 2/ 73،159،202 ما اختصّ به 2/ 337 - 344 حذف حرفه 1/ 420 - 2/ 38،39،318،341،409 وانظر: المنادى. وانظر: النداء فى فهرس البلاغة

النّدبة 1/ 419 النّسب: إلى يمان 1/ 317،318 إلى المحذوف اللام 2/ 231 حذف ياءيه 1/ 317 النصب: تعدّد وجوهه 1/ 369،370 على التشبيه بالمفعول به 1/ 159 على الحكاية 2/ 272 على المدح والذمّ 2/ 101،102 - 3/ 76،77 على الموضع 2/ 39 على نزع الخافض 1/ 70،143،165،169،285،370، 398 - 2/ 23،89،109،129،131،133،134، 137،138،219،485،573 - 3/ 87،152،170، 174،176 النعت: على المعنى 2/ 222،223 وانظر: الوصف نعم: من ألفاظ المدح 1/ 84،92 نعم وبئس: معناهما والخلاف فى اسميّتهما وفعليّتهما 2/ 388،390،404 إلى 422 نعم: تقع فى الجواب نائبة عن جملة 1/ 230 وقوعها موقع «بلى» فى الاستفهام من النفى 2/ 64 وقوعها فى جواب الطلب والخبر 2/ 535 استعمالها اسما 2/ 537 النفى: يتناول من العموم مالا يتناوله الإيجاب 2/ 6 النقل: نقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها ثم حذفها 2/ 200،213،464 النكرة: إذا تكررت أو أعيدت كان الثانى غير الأول، وكذلك إذا كان الأول معرفة والثانى نكرة. فإن كان الأول نكرة والثانى معرفة فالثانى هو الأول 3/ 88 النهى وما أشبهه ينوب عن الشرط فيجزم الجواب 2/ 523 النون: مخرجها 2/ 169 مقاربتها للاّم فى المخرج 2/ 169،214

قربها إلى حرفى العلّة: الياء والواو 1/ 336 النون الساكنة تشبه حروف المدّ واللين 1/ 145 - 2/ 167،169 تسمّى تنوينا 2/ 214 شبهها بالتنوين وبالضمير 1/ 305،306 - 2/ 104 تخفى مع حروف الفم-ولا تدغم فى الجيم 2/ 517 إبدالها من الواو 2/ 169 قلبها ياء 2/ 172 علامة للرفع وضميرا 2/ 169 تشديدها فى «لدن» 1/ 335 تحريكها بالفتح والكسر 2/ 378،379 هل تتصل باسم الفاعل كما اتصلت بالفعل 1/ 304 الفرق بين النونين فى «هم يدعون» و «هنّ يدعون» 2/ 153 نون الوقاية 2/ 179،393 حذفها 1/ 145 حذفها اضطرارا 2/ 167 حذفها استحسانا 2/ 167 حذفها والتعويض عنها بألف 2/ 167 حذفها ساكنة ومتحركة 2/ 165 - 169 حذفها فى «لم يكن» و «لا تكن» 1/ 317 - 2/ 167 حذفها من الخط كراهية لاجتماع المثلين 2/ 518،519،520 حذفها من «اللذان» لطول الاسم بالصلة 3/ 55 حذف نون التوكيد فى جواب القسم 2/ 141 (هـ‍) الهاء: حرف خفىّ مهموس 2/ 240 عوض من ياء «الزنادقة» 1/ 49 - 2/ 115 دخولها تأكيدا لتأنيث الجمع، وللنّسبة، وفى الأسماء الأعجمية وعوضا عن الياء 1/ 146،147 دخولها للمبالغة فى الوصف 3/ 16 - وانظر: التاء

تستعمل وصلا فى القوافى 2/ 240 الوقف عليها بالتاء الساكنة 2/ 308،343 إبدالها من الألف ومن الهمزة 2/ 242،338،571 إبدالها من الواو 2/ 338 معاقبتها الواو 2/ 242 إبدالها من الياء 2/ 242 حذفها 3/ 120 هاء التأنيث-تاء التأنيث هاء السّكت 2/ 200،298،338 ها: عوض عن حرف النّداء 2/ 364،365 هل: اسما 2/ 538،539 بمعنى «قد» أو على بابها من الاستفهام 1/ 323،324،400، 401 - 3/ 107،108 هلاّ: للتحضيض 1/ 425 - 2/ 543 هنا-هناك-هنالك: ظرف يشار به إلى المكان، ويتّسع فيه فيستعمل للزمان 2/ 599 - 3/ 154 (و) الواو: مخرجها 2/ 260 ثقلها مع الضمّة 2/ 159 رفضوا أن تقع وقبلها ضمة فى آخر اسم معرب 2/ 159 الساكن المدغم يصحّ وقوعه بعدها 2/ 58،491 الواو التى هى اسم: تحريكها بالضمّ. والواو التى هى حرف: تحريكها بالكسر 2/ 377 واو الابتداء-أو واو الاعتراض 1/ 328 واو العطف-وهى الأصل فيه 3/ 70،126 واو الحال 1/ 361 - 3/ 11،70 واو القسم 3/ 70

واو الإلحاق 2/ 215 واو «ربّ» 1/ 216 بمعنى الباء 1/ 302 بمعنى «مع» 1/ 302،361 - 3/ 70 استعمالها وصلا فى القوافى 2/ 240 الفرق بين الواوين فى «هم يدعون» و «هنّ يدعون» 2/ 153 زيادتها-فى بنية الكلمة 1/ 200،337 - 2/ 419،420 زيادتها-فى التركيب-ولم تثبت فى شيء من الكلام الفصيح 2/ 121، 122 إثباتها وحذفها مع الضمير 1/ 308 ثباتها فى موضع الجزم 1/ 128 إضمار «أن» بعدها 2/ 148 حذفها فى الخطّ من «داود» وما أشبهه 1/ 84 حذفها لالتقاء الساكنين 2/ 153 حذفها فى نحو «يدعو» إذا أسند إلى ضمير الجمع المذكّر، أو إلى ضمير المؤنث المفرد 2/ 152 حذفها من نحو «يقول» جزما ووقفا 2/ 153 حذفها من «هو» 2/ 506 حذفها لوقوعها بين ياء وكسرة 2/ 53،154،186 حذفها من فاء مصدر «وعد» ونحوه 2/ 154،186 حذفها ضميرا مرفوعا ومنصوبا ومجرورا 2/ 158 حذفها مضمومة أولا وتعويضها بهمزة 2/ 187 حذفها مكسورة أولا وتعويضها بهمزة 2/ 189 حذفها مفتوحة أولا وتعويضها بهمزة 2/ 190 حذفها متوسطة وتعويضها بهمزة 1/ 93،94 - 2/ 190 حذفها عاطفة 3/ 79 إضمارها عاطفة 1/ 117،118 - 2/ 145 تصحيحها فى «العلاوة والنهاية والثنايين» 1/ 27

تصحيحها زائدة إذا كانت متحركة، فإذا سكنت قلبت فى التصغير 2/ 260 شذوذ تصحيحها فى «مذروان» 1/ 27 - وفى «القود والاستحواذ» 1/ 85 علّة صحّتها فى «رواء» 2/ 260 قلبها ياء فى جمع ثوب وحوض وطويل 1/ 86 - 2/ 259،260 انقلابها ياء فى «ملهيان ومغزيان» 1/ 27 انقلابها ياء فى «الدّيمة» 1/ 60 انقلابها ياء فى «فعال» إذا لم يكن مصدرا، وشروطه 2/ 259 شذوذ إعلالها فى «الجياد» 1/ 85 متى كانت الواو عينا واللام معتلة حكمت بأن اللام ياء حتّى يقوم دليل على أن أصل الألف واو 2/ 249 الواحد: وضعه موضع الجمع-المفرد الوصف: إجراؤه على المضاف تارة والمضاف إليه أخرى 1/ 59 وانظر: الصّفة الوقف:2/ 159،175،343 الوقف على الاسم المنقوص 2/ 290 الوقف على الهاء بالتاء الساكنة 2/ 308 وانظر: الوقف. فى فهرس القراءات (ى) الياء: مخرجها 2/ 260 علامة للتأنيث 2/ 354 استعمالها وصلا فى القوافى 2/ 240 تخفيفها وهى للنّسب 1/ 41 ثباتها فى موضع الجزم 1/ 128 إسكانها فى حالة النصب 1/ 38،157،282،432،433 - 2/ 21

إسكانها فى «هى» 2/ 227 حذفها من «هى» 2/ 506 زيادتها 1/ 214،337 - 2/ 322،419 الياء للإلحاق 2/ 215 الساكن المدغم يصحّ وقوعه بعدها 2/ 58،491 كتابتها ألفا كراهية لاجتماع المثلين 2/ 518 قلبها أو إبدالها ألفا 1/ 161 - 2/ 26،173،174،266،294 إبدالها واوا على غير قياس 2/ 209 إذا تلاصقت هى والواو والأولى منهما ساكنة قلبت الواو وياء، ولا تقلب الياء واوا 3/ 189 إبدالها من الواو 1/ 99 إبدالها من الهمزة 1/ 120 إبدالها من النون والصاد والعين الراء والضاد واللام والسّين والطاء 2/ 172، 173،264 تعويضها من الحرف المحذوف 1/ 214 حذفها 1/ 214 - 2/ 150،322 حذفها لاما 2/ 292 حذفها من «بنى» ومن «على» 1/ 145 حذفها اجتزاء بالكسرة 1/ 148 - 2/ 289،290 - 3/ 61 حذفها وتعويضها بتاء التأنيث 1/ 302 حذفها فى «لا أدر» 1/ 317 - 2/ 290 حذفها فى نحو «يقضى» إذا أسند إلى ضمير الجمع المذكّر، أو إلى ضمير المؤنث المفرد 2/ 152 حذفها فى نحو «يبيع» جزما ووقفا 2/ 153 حذفها لالتقاء الساكنين 2/ 153 حذفها من المضاعف على «فيعل» 2/ 169 حذف ياء الضمير مع النّداء 2/ 202

ياء المتكلّم: تقتضى كسر ما قبلها فيبنى 1/ 3 - 2/ 393 حذفها فى النداء، وفى المنادى المضاف 2/ 73،295 حذفها فى الوقف 2/ 291 حذفها من «أمّ وعمّ» 2/ 294 ...

9 - - فهرس مسائل العلوم والفنون

9 - - فهرس مسائل العلوم والفنون القراءات القرآن: مجازه مجاز الكلام الواحد والسّورة الواحدة 2/ 142،144،524 القراءة بما يخالف رسم المصحف لا تجوز ولا تقبل 2/ 87،222 القراءة سنّة واتّباع، وليس كلّ ما يجوز فى العربيّة والنحو تجوز به القراءة 2/ 368،432، 525 الوقف فى القراءات 2/ 86 - 3/ 168 توجيه قراءة النصب والرفع فى قوله تعالى: {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} 1/ 69 - 2/ 591، 593 توجيه النصب والرفع فى قوله تعالى: {وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجادِلُونَ} 1/ 29 توجيه الرفع فى قوله تعالى: «وكلّ وعد الله الحسنى» 1/ 9،139 - 2/ 72 توجيه الجزم والرفع والنصب فى قوله تعالى: {فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ} 1/ 30 توجيه النصب والرفع فى قوله تعالى: {هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصّادِقِينَ صِدْقُهُمْ} 1/ 66 وتوجيه النصب فى {صِدْقُهُمْ} 1/ 69 توجيه قراءة: {بِالسُّوقِ} بالهمز 1/ 93 توجيه قراءة النصب فى قوله تعالى: «ما فعلوه إلاّ قليلا منهم» 1/ 110 توجيه الضمّ فى قوله تعالى: {لا يَضُرُّكُمْ} 1/ 125 توجيه قراءة الكسر فى قوله تعالى: {فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ} و {ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً} 1/ 146 توجيه قراءة السّكون والكسر فى قوله تعالى: «نرتع ونلعب» 1/ 181 توجيه قراءة ابن عامر: {بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ} 1/ 221 - 2/ 579 توجيه قراءة تخفيف النون فى قوله تعالى: {وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ} 1/ 306 توجيه الرفع والنصب فى قوله تعالى: {وَحَسِبُوا أَلاّ تَكُونَ فِتْنَةٌ} 1/ 385 توجيه النصب والجزم فى قوله تعالى: «فأصدق وأكون من الصالحين» 1/ 428 توجيه الجزم فى قوله تعالى: {وَيَذَرُهُمْ} 1/ 428 توجيه التخفيف فى قراءة: «ألا يا اسجدوا» 2/ 69،410 توجيه الرفع والنصب فى قوله تعالى: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ} 2/ 88

توجيه قراءة: «لأقسم» و {فَلا أُقْسِمُ} 2/ 142 توجيه الرفع فى قوله تعالى: {حَتّى يَقُولَ الرَّسُولُ} 2/ 149 توجيه قراءة {عُزَيْرٌ} منوّنا وغير منوّن 2/ 161 توجيه القراءات فى قوله تعالى: «ولا تقل لهما أف» 2/ 176 توجيه قراءة: «عاد لولى» 2/ 213 توجيه قراءة «وإله أبيك» 2/ 237 توجيه قراءة السكون فى قوله تعالى: {رَبِّي أَكْرَمَنِ} {رَبِّي أَهانَنِ} 2/ 291 توجيه قراءة حذف الياء فى قوله تعالى: {دَعْوَةَ الدّاعِ} ونحوه 2/ 292 توجيه فتح الميم وكسرها فى قوله تعالى: {يَا بْنَ أُمَّ} 2/ 295 توجيه قراءة: «يا أبتا لا تعبد الشيطان» 2/ 296 توجيه قراءة: «فبذلك فلتفرحوا» بالتاء 2/ 355 توجيه قراءة الضمّ فى قوله تعالى: {وَقالَتِ اُخْرُجْ عَلَيْهِنَّ} وقوله: {وَلكِنِ اُنْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ} 2/ 378 توجيه قراءة: {فَنِعِمّا هِيَ} 2/ 419 توجيه الرفع والنصب فى قوله تعالى: {قُلِ الْعَفْوَ} 2/ 444 توجيه قراءة: «نجى المؤمنين» بنون واحدة مشدّدة الجيم 2/ 517 توجيه القراءات فى قوله تعالى: {تُبَشِّرُونَ} 2/ 520 توجيه القراءات فى قوله تعالى: {تَأْمُرُونِّي} 2/ 520 توجيه قراءة: {فَالصّالِحاتُ قانِتاتٌ حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ بِما حَفِظَ اللهُ} بنصب هذا الاسم تعالى مسمّاه 2/ 521 توجيه القراءتين فى قوله تعالى: {ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ} 2/ 549،550 توجيه رفع {مِثْلَ} ونصبه فى قوله تعالى: {إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} 2/ 602 توجيه قراءة النصب فى قوله تعالى: {خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ} 3/ 14 توجيه قراءة: {إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} برفع {الْمَلائِكَةِ} 3/ 113 توجيه قراءة: {أَنْ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظّالِمِينَ} 3/ 155 توجيه القراءات فى قوله تعالى: {وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} 3/ 179، 180

توجيه قراءة الرفع فى قوله تعالى: {وَجَنّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ} 3/ 181 توجيه قراءة التنوين فى قوله تعالى: {لِلّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} 3/ 203 القراءات الشاذّة 1/ 69،85،86،112،146،186،225،229،232، 319،384،396،429 - 2/ 42،43،46،86،87،172،187، 189،222،237،304،356،368،419،431،522،526، 550 - 3/ 10،43،113،203،220 ...

الفقه

الفقه حكم أكل الخيل 1/ 94 دخول الشرط على الشرط-فى الطلاق 1/ 367 القاذف: هل يحدّ بقوله: يا فسق؟ 1/ 389 حكم ترك الإشهاد عند التبايع 1/ 412 الفرق بين هذه الصّيغ: أقرّ فلان وأشهد على نفسه يقرّ ويشهد أقرّ ويشهد 2/ 34 ... علم الكلام والفلسفة من عقائد المعتزلة 1/ 226 بقاء النفس وهلاكها عند الفلاسفة 3/ 261 ...

ضرائر الشعر

ضرائر الشعر زيادة النون والضاد والراء 1/ 335،336 زيادة «أم» 3/ 110 زيادة «إلاّ» 2/ 373 عود الضمير من الفاعل إلى المفعول 1/ 152 تذكير المؤنّث وتأنيث المذكّر 1/ 159 - 3/ 202 تذكير المؤنّث بتذكير فعله 2/ 263،413 الإشباع 1/ 184،214،337 - 2/ 419 انتصاب الفعل المضارع بعد الفاء فى الخبر الموجب 1/ 427 الجزم بإذا 2/ 82 الجزم بلو 1/ 287 - 2/ 83 إضمار الجازم وإبقاء عمله 2/ 150 ثبات حرف العلة فى موضع الجزم، إجراء للمعتلّ مجرى الصحيح 1/ 128،129 تنوين المنادى المعرفة 2/ 96 تنوين الاسم العلم مع وجود شرائط حذفه 2/ 160،161 تشديد نون «لدن» 1/ 335 تشديد ميم «الفم» 2/ 229 ردّ الهمزة فى «ملأك» و «ترأى» 2/ 203 - 3/ 35 إثبات الهمزة فى «الأناس» 1/ 188 - 2/ 193 وضع العطف موضع التثنية والجمع 1/ 14 تقديم المعطوف على المعطوف عليه 1/ 275 عطف اسم الفاعل على الفعل المضارع 2/ 437 - 3/ 205 جعل الاسم كنية (¬1) 2/ 268 جعل اسم «إنّ» الخبر 2/ 463 ترخيم الاسم فى غير النداء 1/ 193 - 2/ 316 - 319 ¬

(¬1) وانظر ضرائر الشعر ص 104، فقد جعل ابن عصفور الضرورة فى البيت: ترك صرف ما لا ينصرف، وروايته: «كنار أبى حباحب».

ترخيم المضاف إليه (¬1) 2/ 316 الجمع بين العوض والمعوّض عنه 2/ 340 تقديم «على» على متعلقاتها 2/ 440 ظهور الضمّة والكسرة على ياء المنقوص 1/ 128 الفصل بين «قلّما» والفعل بالاسم 2/ 567 مباشرة الفعل المضارع ل‍ «أن» المخففة من الثقيلة وحذف الفاصل 3/ 156 تكبير المصغر 3/ 162،163 عدم تكرير «أمّا» 3/ 127،149 تحريك الياء التى حقّها السّكون 2/ 534 إسكان الياء من «هى» 2/ 227 إسكان الياء فى موضع النصب 1/ 157،158،282 - 2/ 21،24،498 وإسكانها وحذفها وتنوين ما قبلها 1/ 158 حذف الياء من «هى» 2/ 506 حذف الياء والاجتزاء عنها بالكسرة 2/ 289 حذف الألف والاجتزاء عنها بالفتحة 2/ 198،293 حذف التاء من تثنية «خصية» و «ألية» 1/ 28 حذف «أن» قبل الفعل 3/ 209 حذف الفعل بعد أداة الشرط غير «إن» 2/ 81،82 حذف الفاء من جواب الشرط 1/ 124 - 2/ 9 حذف «ما» 3/ 149 حذف الميم من «بينما» 2/ 506 حذف الواو من «هو» 2/ 506 حذف التنوين لالتقاء الساكنين 2/ 162 - 164 حذف الصّلة 1/ 42 - 3/ 58 حذف المشدّد فى الوقف وحذف حرف بعده 2/ 293 ¬

(¬1) وجعله ابن عصفور من ترخيم الاسم فى غير النداء. راجع الضرائر ص 136، وانظر موضع الشاهد عندنا فى 1/ 193.

حذف اسم «ليت» 1/ 281 - 2/ 18 حذف ضمير الشأن 2/ 18،19 حذف نون «لكن» 2/ 167 حذل نون «من» 2/ 168 ...

العروض والقوافى

العروض والقوافى ربّ زحاف أطيب فى الذوق من الأصل 3/ 199 كلام جيد لأبى العلاء فى أن اللفظ فى الوزن قد يقبح فى السمع، ولكنه أثبت فى تمكين اللفظ 3/ 198 لماذا يكسر المجزوم والموقوف فى القوافى المطلقة 2/ 376 ألف الإطلاق 3/ 95 الإضمار 2/ 516 الإقواء 1/ 40،180 - 2/ 164 الإكفاء 1/ 421،422 التأسيس 2/ 57،58،491 - 3/ 95 الثّلم 1/ 186 الخبن 1/ 334 الخرم 1/ 186،383 الدّخيل 2/ 58،491 - 3/ 95 الرّدف 1/ 219 - 2/ 57،58،491 الرّوىّ 2/ 249 - 3/ 95 الزحاف 2/ 323 سناد الحذو 1/ 149 الوصل 2/ 240 ...

الأدب قصائد ومعان وأوصاف وموازنات ونقد

الأدب قصائد ومعان وأوصاف وموازنات ونقد قصيدة للشريف الرضىّ وشرحها 2/ 446 - 462 قصيدة لابن نباتة السّعديّ وشرحها 2/ 463 - 474 قصيدة بشر بن عوانة فى لقاء الأسد 2/ 479 - 486 شعر لقيط بن مرّة الأسدىّ فى رثاء أخيه 2/ 494 - 496 قصيدة العباس بن عبد المطلب فى مدح رسول الله صلّى الله عليه وسلم وشرحها 3/ 114 - 124 قصيدتان للمتنبى وعبد الصمد بن المعذّل فى الحمّى 3/ 237 شعر فى البخل 2/ 497 - 499 شعر فى العتاب 1/ 10 - 12 شعر فى الهجاء 2/ 269 - 276 وصف الأعين بالذّكر 1/ 96 المدح بكثرة شرب الخمر 1/ 244 مدح زمان الممدوح وذمّ زمان المذموم 1/ 312 معنى متكرّر للمتنبىّ فضّل فيه الفرع على أصله 1/ 357 معان دقيقة لأبى الطيب المتنبى 3/ 192 أمدح بيت 1/ 405 وصف الماء بالارتواء وبالعطش 2/ 23 من التشبيه الجيّد 2/ 274 ذكر الطير التى تتبع الجيش لتصيب من لحوم القتلى-وموازنات بين الشعراء 3/ 137 - 142 تشبيه النساء بالبقر الوحشية 3/ 232 معان بين الشعراء: بين أبى تمام والمتنبى والشريف الرضىّ 1/ 184،185 بين الشريف الرضىّ والعملّس 1/ 206 بين أبى تمام والمتنبى 1/ 352 بين المتنبى والبحترى 3/ 240 بين المتنبّى ومهيار 2/ 32،33

الأدب بين المتنبى ودعبل 1/ 357 بين الأبيوردىّ وابن نباتة 2/ 470 بين ابن نباتة وابن الرومى 2/ 474 بين البحترى وبشر بن عوانة 2/ 480 - وانظر تعليقى. بين المتنبى وابن نباتة والببّغاء 3/ 68،69 بين المتنبى وأبى نواس وأبى تمام 3/ 92،93 بين المتنبى وبشار والسرىّ الرّفاء 3/ 104 بين المتنبى والصاحب بن عبّاد 3/ 136 بين المتنبى وعمرو بن حلّزة 3/ 230 خفاء بعض معانى الشعر عليهم 2/ 570 من أخطاء أبى نواس اللغوية 2/ 451 من أخطاء زهير 2/ 457 من أخطاء ابن نباتة 2/ 457 نقد المتنبى 2/ 501 - 3/ 85 أبيات من شعر المتنبى (¬1): شرح ونقد 3/ 202 - إلى آخر الكتاب بيتان فى الألغاز 2/ 516 ... ¬

(¬1) ولشرح شعر المتنبى ونقده انظر أيضا فهرس الأعلام.

البلاغة معان-بيان-بديع

البلاغة معان-بيان-بديع معانى الكلام: ليس لفظ من ألفاظها إلاّ وهو محتمل لمعان مباينة للمعنى الذى وضع له ذلك اللفظ 1/ 423 الإبهام: ثمرته 3/ 73 الاستتباع 3/ 136 الاستخبار 1/ 388،400،424 وانظر الاستفهام الاستعارة: حقيقتها وصور منها 1/ 341 - 344،353 الاستعلام-الاستفهام الاستفهام: معناه وأدواته من الحروف والأسماء والظروف 1/ 400 - 402 الاستفهام: بالهمزة وأم 1/ 405،406 - 3/ 106 الوصف به على الحكاية 2/ 407 مجيئه للتقرير 1/ 323 - 2/ 117 مجيئه بمعنى الطلب 1/ 327 مجيئه بمعنى الأمر 1/ 402 مجيئه بمعنى الأمر بالتنبه 1/ 403 مجيئه بمعنى النهى 1/ 403 مجيئه بمعنى الإنكار 1/ 37 مجيئه بمعنى النفى 1/ 116،332 - 2/ 223،321،407 - 3/ 63 مجيئه بمعنى التنبيه على الشّكر 1/ 403 مجيئه بمعنى التوبيخ 1/ 403 مجيئه بمعنى الأمر على التوبيخ للمذنب ولغير المذنب، مبالغة فى تعنيف فاعل الذنب 1/ 404 - 3/ 109 مجيئه بمعنى الخبر الموجب 1/ 404،405 مجيئه بمعنى الخبر المنفى 1/ 405،407

مجيئه بمعنى الخبر على الافتخار 1/ 405 مجيئه بمعنى الخبر بعد التسوية 1/ 406 - 3/ 106 مجيئه بمعنى الوعيد والتعجب والعرض والحثّ والتهديد للتنبيه، والتحذير 1/ 409 الأمر: تعريفه، والفرق بينه وبين الطّلب والمسألة والدعاء 1/ 388،410، 424 للمواجه وللغائب 1/ 410 - 2/ 354،355 - 2/ 522 قد يوجّهه الإنسان إلى نفسه إذا كان له فيه مشارك 3/ 175 قد يكون للتنبيه على القدرة ليس غير 1/ 413 قد يكون لمالا فعل فيه لمن وجّه إليه أصلا 1/ 413،414 مجيئه بمعنى الندب والاستحباب 1/ 410،411 مجيئه بمعنى الإباحة بعد الحظر 1/ 411 وبمعنى الوعيد، والتأديب والإرشاد، والخبر، والدعاء، وللخضوع، والتحدّى وإظهار عجز المأمور 1/ 410،411،412،413 التجنيس-التكرير المعيب التحضيض: أدواته 1/ 390،425 للتوبيخ 1/ 426 إجابته بالفاء 1/ 428 الترجّى 1/ 390 الترصيع 1/ 377 - 379 التشبيه: ذكر المشبّه به دون المشبّه 1/ 121 حذف أداة التشبيه 1/ 121،240،272 - 2/ 470،471، 472 التضمين 2/ 433 التعجّب:1/ 389،390،425 - 2/ 382 بمعنى الإخبار 2/ 401 التعجّب من المولى عزّ وجلّ 2/ 553 التعظيم لله تعالى 1/ 389،425 التكرير: للتوكيد والتعظيم والتبيين 1/ 370 - 374 - 3/ 88،270

تكرير المعنى بالإيجاب والنفى 1/ 351 التكرير المعيب-وتعليق الأصمعىّ عليه-ويسمّيه بعضهم الزيادة فى التجنيس (¬1) 1/ 429 التمنّى 1/ 390،425،426 إجابته بالفاء 1/ 427 الجحد: الفرق بينه وبين النفى 1/ 391 الجزاء 1/ 390،425 الجمع (¬2): استعماله مكان المفرد 1/ 354 الحشو والزيادة 1/ 352 الخبر: تعريفه 1/ 390،424 مجيئه بمعنى النفى 1/ 392،399 مجيئه بمعنى الأمر 1/ 392،394،395 مجيئه بمعنى أمر تأديب 1/ 394 مجيئه بمعنى النهى 1/ 393،416 مجيئه بمعنى الندب 1/ 394 مجيئه بمعنى الإباحة 1/ 394 مجيئه بمعنى الدعاء 1/ 253،395 - 2/ 146،150 مجيئه بمعنى الاستفهام 1/ 396 مجيئه بمعنى الإغراء 1/ 396 مجيئه بمعنى الوعيد 1/ 399 الدّعاء:1/ 424 بلفظ الأمر والنهى 3/ 232 وانظر: النداء الزيادة-الحشو الطباق 2/ 185 ¬

(¬1) راجع نضرة الإغريض ص 49،50. (¬2) هذا فى المعانى، وليس فى التركيب النحوى.

العرض 1/ 390،409،425 القسم 1/ 395 القلب 2/ 135 - 137 الكناية 2/ 324 المبالغة 1/ 284 المدح الموجّه-أى ذو الوجوه 3/ 137،239 المضاعفة 3/ 136 المقابلة 3/ 242 وانظر: الطّباق النداء: حدّه 1/ 389،417 مجيئه للخضوع والتضرّع وللتعظيم، وهو بذلك داخل فى الخبر 1/ 418 مجيئه للتوكيد 1/ 418 مجيئه للتحذير 1/ 420 مجيئه للدعاء على المذكور 1/ 420 مجيئه للتوجع والتأسّف والتعجّب 1/ 421،422 - 2/ 28 قد يوجّه إلى من لم يقصد إسماعه 1/ 419 الفرق بينه وبين النّدبة 1/ 419 حذف حرفه 1/ 420 نداء الديار والأطلال والأوقات والدنيا 1/ 419،420 النّدب 1/ 410،411 النفى: الفرق بينه وبين الجحد 1/ 391 العرب قد تنفى عن شيء صفة ما، والمراد نفى هذا الشىء أصلا (¬1) 1/ 298 هل نفى استطاعة الشىء نفى للقدرة عليه؟ 1/ 96 النهى: تعريفه وصيغته؛ للمواجه وللغائب 1/ 389،414،424 مجيئه للتنزيه 1/ 414 مجيئه بألفاظ الخبر والوعيد والنفى 1/ 415،416 قد يوجّهه الناهى إلى نفسه إذا كان له فيه مشارك 3/ 175 ... ¬

(¬1) انظر اللسان (نسا).

الأخبار

الأخبار خبر لبيد مع عمر بن الخطاب، والوليد بن عقبة بن أبى معيط 1/ 20،21 خبر بنى زياد العبسيّين وأمهم فاطمة بنت الخرشب الأنمارية، وخبر أحدهم-وهو عمارة مع عنترة-1/ 23 - 26 وخبر فاطمة مع قيس بن زهير العبسى 1/ 126 خبر كليب بن ربيعة مع جسّاس بن مرّة، وما كان من حرب البسوس 1/ 171 - 173 خبر المأمون مع أبى على المنقرىّ 1/ 130 خبر شريك بن الأعور مع معاوية 1/ 175 - 2/ 253،254 خبر أبى سعيد السّيرافىّ مع ابن دريد 2/ 164 خبر جحدر بن مالك فى منازلة الأسد 2/ 486 خبر ابن كيسان مع المبرّد. وهو خبر يدلّ على فضل الرجلين وإنصافهما 3/ 135 ...

المعارف العامة

المعارف العامّة الأمّيّة فى النبىّ عليه الصلاة والسلام، فضيلة، وفى غيره نقيصة 1/ 130 الغنى فى أكثر الناس يغيّر الإخوان على إخوانهم 1/ 10 من بخلاء العرب: حميد بن مالك الأرقط 2/ 497 محادثة الضيف من دلائل الكرم 2/ 499 إذا اجتمع الذئب والضبّع اشتغل كلّ واحد منهما بالآخر وسلمت الغنم 1/ 133 الثعالب توصف بالجبن والرّوغان 2/ 467 أكل الضبّاب يعجب الأعراب 1/ 204 الذّئاب أخبث السّباع 2/ 494 ...

10 - فهرس الأعلام ونحوها

10 - فهرس الأعلام ونحوها أآدم. عليه السلام 1/ 323 - 2/ 164، 527 - 3/ 119 آكل المرار-حجر آل بارق 2/ 546 آل جفنة بن عمرو مزيقياء بن عامر بن حارثة. من غسّان. ملوك الشام 2/ 458،459 آل الجلاح 2/ 612 - 3/ 19 آل حصن. من كلب 1/ 406 - 3/ 107 آل داود. عليه السّلام 2/ 126 آل زيد (فى شعر) 2/ 200 آل عكرمة 1/ 191 - 2/ 315 آل فرعون 3/ 171،172 آل مطرّف 2/ 95 - 3/ 130 آل المنذر 1/ 142 آل هاشم بن عبد المطلب 1/ 199 الآمدىّ-الحسن بن بشر بن يحيى أبجر بن أبجر 2/ 301 إبراهيم الخليل. عليه السلام 1/ 19 - 3/ 99 إبراهيم أنيس 2/ 377 إبراهيم بن السّرىّ. أبو إسحاق الزجّاج 1/ 72،73،77،80،82، 87،88،94،101،226، 227،229،230،231، 252،254،293،310، 323،325 2/ 54،113،120،121، 173،174،256،274، 381،441،442،443، 515،526،530،588، 589،593،597 3/ 16،47،72،91،128، 172،175 ابن إبراهيم-على بن إبراهيم إبراهيم بن ماهان الموصلى. المغنّى 1/ 91 إبراهيم بن المهدى. ابن شكلة 1/ 91 - 3/ 118 إبراهيم بن هرمة 1/ 328 إبراهيم بن هلال الصابى. أبو إسحاق الكاتب 1/ 287 - 2/ 83 أبرد. أبو الرّمّاح 1/ 372 الأبرش-جذيمة بن مالك أبرهة. ذو المنار 1/ 260 إبليس 3/ 167 الأبناء-فارس-الفرس أبىّ بن كعب 1/ 384 - 2/ 86،522 الأبيوردىّ-محمد بن العباس أثالة (فى شعر) 1/ 192 - 2/ 320، 321 أثيلة بن المتنخّل الهذلىّ 2/ 220 الأجارب-كعب بن سعد بن زيد مناة

بنو الأحرار-فارس أحمد بن الأمين الشّنقيطىّ 1/ 372 أحمد بن بكر العبدىّ. أبو طالب 1/ 285 - 2/ 24،25 أحمد حسن فرحات 3/ 164 أحمد بن الحسين. أبو الطيّب المتنبي 1/ 19،37،45،51،60، 91،105،113،115، 119،121،122،181، 201،219،239،244، 247،253،256،284، 297،299،309،325، 326،327،329،330، 332،335،338،344، 350،354،357،361، 379،431 2/ 19،33،104،113، 185،273،366،372، 387،484،501،528، 529،530،539 3/ 6،17،21،50،68، 83،85،86،89،92، 93،96،103،104،136، 139،141،154،192، 193،199،202،209، 210،215،217،218، 219،221،224،227، 228،229،230،231، 235، إلى آخر الكتاب. أحمد بن الحسين بن يحيى الهمذانىّ. أبو الفضل بديع الزمان 2/ 479 أحمد راتب النّفّاخ 2/ 70،241،433 أحمد بن عبد الله بن سليمان. أبو العلاء المعرّىّ 1/ 40،311،312، 329،330،342،344 - 2/ 104،112،515 - 3/ 142،155،198، 216،218،240 ابن أحمد-على بن أحمد الخراسانى أحمد بن فارس بن زكريا. أبو الحسين 1/ 220 - 2/ 487،488 - 3/ 95،110،269 أحمد بن محمد بن إسماعيل. أبو جعفر النحاس 3/ 187،188 أحمد محمد شاكر 1/ 147،270 - 3/ 116 أحمد بن محمد. مهذّب الدولة. ابن أبى الجبر 2/ 274 أبو أحمد الموسوىّ-الحسين بن موسى أحمد بن موسى بن العباس. أبو بكر بن مجاهد 2/ 517،519 أحمد بن يحيى. أبو العباس ثعلب 1/ 45،54،251،375 - 2/ 75،136،256،332، 404،405،458،521، 522 أحمر ثمود-قدار. عاقر الناقة أحمر عاد 2/ 457،458

ابن أحمر-عمرو بن أحمر الأحنف بن قيس 1/ 121 الأحوص بن محمد الأنصارى 2/ 96، 109 أحيحة بن الجلاح 3/ 194 أخزم (اسم فحل، وجدّ حاتم الطائىّ) 1/ 206 الأخطل-غياث بن غوث الأخفش الكبير. أبو الخطاب-عبد الحميد بن عبد المجيد الأخفش الأوسط-سعيد بن مسعدة. أبو الحسن الأخفش الصغير-على بن سليمان الأخيليّة-ليلى أذواء اليمن (¬1) 1/ 260 - 263 - 2/ 246 أربد-أبرد أردشير بن بابك بن ساسان 1/ 141، 143 أرسطاطاليس 3/ 241،261 الأرقط-حميد بن مالك الأزارقة 3/ 32 أزد السّراة 2/ 159 أبو الأزهر (فى رجز) 2/ 516 إساف (صنم) 3/ 120 إسحاق بن إبراهيم بن كيغلغ 3/ 202 إسحاق بن زكريا اليربوعىّ 1/ 179 أبو إسحاق الصابى-إبراهيم بن هلال. الكاتب ابن أبى إسحاق-عبد الله إسحاق بن مرار. أبو عمرو الشّيبانىّ 1/ 181 بنو أسد 2/ 303 الأسدىّ-شقيق بن سليك بنو إسرائيل 1/ 94 أسماء (فى شعر) 2/ 314 أسماء بن خارجة الفزارىّ 2/ 189 إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل. القاضى 3/ 135 إسماعيل بن عبّاد. الصاحب. أبو القاسم 3/ 136 أبو الأسود (فى شعر) 2/ 546 أبو الأسود الدئلىّ-ظالم بن عمرو الأسود بن يعفر 1/ 42 - 2/ 456، 539 - 3/ 59،197 الأشاعثة 3/ 32 الأشاعرة 3/ 32 - وانظر: الأشعريّون الأشتر النّخعىّ-مالك بن الحارث بن عبد يغوث الأشجع-المنذر بن عائذ أشجع بن ريث بن غطفان 2/ 568 أشجع بن عمرو السّلمىّ 1/ 333 الأشعر-نبت بن أدد الأشعرون 3/ 120 الأشعريون 2/ 265 - وانظر: الأشاعرة الأشعرى-عبد الله بن قيس. أبو موسى الأشهب بن رميلة 2/ 509 بنو الأصفر 1/ 137،143 الأصفهانىّ-على بن الحسين. ¬

(¬1) وانظر ذو كذا.

أبو الفرج الأصمعىّ-عبد الملك بن قريب أطيط بن مرّة الأسدىّ 2/ 494 الأعاجم-العجم الأعراب 1/ 204 ابن الأعرابىّ-محمد بن زياد. أبو عبد الله الأعشى-ميمون بن قيس أعشى باهلة-عامر بن الحارث أعشى تغلب-ربيعة بن نجوان أعشى همدان-عبد الرحمن بن عبد الله ابن الحارث الأعمش-سليمان بن مهران أفلاطون 3/ 261 الأفوه الأودىّ-صلاءة بن عمرو الأقرع بن حابس 1/ 125 - 2/ 301 أكتل (لصّ) 3/ 76،77 أمامة (فى شعر) 1/ 192،422 - 2/ 317،320 امرأة العزيز 2/ 432 امرؤ القيس بن حجر. ذو القروح 1/ 38،60،140،183، 185،298،384،403، 419 2/ 72،140،172،293، 302،308،315،322، 338،537 3/ 23،78،148،192، 198،210 امرؤ القيس بن عمرو بن عدىّ. من لخم. أبو المنذر 2/ 447 الأموى-محمد بن يزيد أميمة (فى شعر) 1/ 217 - 2/ 135، 306 أميّة بن خلف الجمحىّ 1/ 191 أمية بن أبى الصّلت الثقفىّ 1/ 43، 195،259 - 2/ 107،457، 570،578 - 3/ 34،156 بنو أميّة بن عبد شمس 1/ 33،175، 196،365،366 - 2/ 254، 320،417 ابن الأنبارى-محمد بن القاسم بن بشّار. أبو بكر الأنباط 1/ 299 أنس بن زنيم الهذلىّ 1/ 11 أنس بن زياد العبسىّ. أنس الحفاظ 1/ 23 الأنصار 1/ 110 - 2/ 64 الأنصارى-حسّان بن ثابت أنو شروان بن قباذ بن فيروز. كسرى فارس 1/ 141،259،265 - 2/ 460 الأهاتم-بنو الأهتم بن سنان بن سمى 2/ 210،277 أهل أصفهان 1/ 430 أهل بدر 1/ 132 - 3/ 186 أهل الثّغر 3/ 86 أهل الحجاز 1/ 110،321 - 2/ 255،256،360،361، 512 - 3/ 148

أهل حجر 2/ 486 أهل الشام 1/ 151 أهل العالية 1/ 260 أهل العراق 2/ 461 أهل الكوفة 2/ 461 أهل المدينة 2/ 563 أهل مكّة 1/ 36 - 2/ 296 - 3/ 7 أهل نجران 1/ 262 أهل اليمامة 2/ 583 أهل اليمن 1/ 261،264،265 الأوارجىّ-هارون بن عبد العزيز. أبو على أوس بن حارثة بن لأم الطائىّ 2/ 40 - 3/ 44 أوس بن حجر 1/ 36 - 2/ 126، 304،316،318 إياد بن معدّ 1/ 300 إياس بن معاوية المزنىّ 1/ 121 أيوب. عليه السلام 1/ 84 (ب) باقل بن قيس بن ثعلبة. أو ابن مازن 2/ 499،500،501 - 3/ 206 باهلة (مالك بن أعصر) 2/ 500 الببّغاء-عبد الواحد بن نصر. أبو الفرج بثينة (محبوبة جميل) 3/ 162،163 بجير (فى شعر) 3/ 76 البحترى-الوليد بن عبيد بدر بن عمّار 3/ 238 بديع الزمان الهمذانى-أحمد بن الحسين البرابرة 1/ 147 - 3/ 33 البراجم 2/ 447 البرشاء. أم ذهل وشيبان 2/ 466 ابن برهان-عبد الواحد بن على أبو القاسم بريد بن حارثة. من بنى ثعلبة بن عمرو 1/ 265،267،268 بسباسة (فى شعر) 2/ 172 - 3/ 193 بسطام بن قيس 1/ 179 البسوس 1/ 171،172 بشّار بن برد 3/ 104،268 بشر بن أبى خازم الأسدىّ 1/ 38، 43،282 - 2/ 10،433 - 3/ 131،132،273 بشر بن عوانة الأسدىّ 2/ 479 بشر بن مروان بن الحكم 1/ 188،200 البصريّون 1/ 37،68،72،120، 136،142،151،161، 322،349،350،374، 376 2/ 37،55،90،193،256 278،280،282، 314،316،338،340، 343،344،381،382، 383،387،389،394، 397،404،405،414، 439،528،540،553، 565

3/ 41،47،52،53،55، 76،77،108،117، 128،209 بغبور. ملك الهند 1/ 142 البغداديّون (¬1) 1/ 376 - 2/ 552 أم بكر (فى شعر) 1/ 24،82 أبو بكر بن دريد-محمد بن الحسن أبو بكر بن السّرّاج-محمد بن السّرىّ أبو بكر الصديق-عبد الله بن أبى قحافة أبو بكر بن عياش-شعبة بن عيّاش أبو بكر بن مجاهد-أحمد بن موسى بن العبّاس أبو بكر-محمد بن القاسم بن بشار الأنبارىّ بكر بن محمد المازنىّ. أبو عثمان 2/ 103،111،112،113 206،296،349،365، 381،514،515،597، 604 - 3/ 41،44 بنو بكر بن وائل بن قاسط 1/ 145، 169،172،199،372 - 2/ 180،229،468 بلال بن أبى بردة بن أبى موسى الأشعرىّ (ممدوح ذى الرّمة) 1/ 49 بلال بن أبى رباح 1/ 226 بلحارث-بنو الحارث بلعنبر-بنو العنبر بلهجيم-بنو الهجيم بهاء الدولة. أبو نصر بن عضد الدولة بن بويه 1/ 143 (ت) تأبّط شرّا-ثابت بن جابر التّبريزى-يحيى بن على. أبو زكريا تبّع الحميرىّ 1/ 142 التّرك 1/ 142 تزيد بن عمران بن الحاف 1/ 149 تعلّة بن مسافر 2/ 75،76،601 تغلب بن وائل بن قاسط 1/ 169، 172،198،300،405، 406 - 2/ 271،468 تماضر (فى شعر) 1/ 63 - 2/ 284 تماضر (امرأة من كنانة) وهى مقيّدة الحمار 2/ 303 تماضر بنت عمرو بن الشّريد السّلميّة. الخنساء 1/ 106،368،371، 379،383 - 3/ 88 أبو تمام-حبيب بن أوس تميم بن أبىّ بن مقبل 1/ 108 - 2/ 137،546 بنو تميم بن مرّ 1/ 145،199،260، 321 2/ 180،265،294،361، 362،433،466،468، 480،551،556 3/ 54،59،131،143 التميميّون-بنو تميم ¬

(¬1) وهم الكوفيون. انظر مقدمتى لكتاب الشعر ص 55، وكتاب الشعر نفسه ص 247

توبة بن الحميّر 1/ 75 - 3/ 73 تيم بن (¬1) عبد مناة بن أدّ بن طابخة 2/ 307 تيم اللات بن ثعلبة 1/ 198 (ث) ثابت بن جابر (تأبّط شرّا) 1/ 24، 217 - 2/ 229،490 - 3/ 96،191،216 أبو ثروان العكلىّ 1/ 349 الثريّا (نجم) 2/ 108 ثعل بن عمرو بن الغوث. من طيّىء 1/ 309،310 ثعلب-أحمد بن يحيى. أبو العباس ثعلبة بن سعد 2/ 398 بنو ثعلبة بن عمرو 1/ 267 ثعلبة بن يربوع بن حنظلة. (الفوارس) من تميم 2/ 79،80 - 3/ 74 ثقيف بن منبّه بن بكر بن هوازن (قسىّ ثقيف) 1/ 259 الثّمانينى-عمر بن ثابت. أبو القاسم ثمود 2/ 458 أمّ ثواب الهزّانيّة 3/ 11 أبو ثور-عمرو بن معديكرب (ج) جابر بن حنىّ التغلبىّ 1/ 100 الجاحظ-عمرو بن بحر جار أبى داود-الحارث بن همام بن مرّة جارية بن الحجاج. أبو دؤاد الإيادىّ 1/ 127،133،150،163 - 2/ 127،565 جالينوس 3/ 251 ابن أبى الجبر-أحمد بن محمد. مهذب الدولة جبلة بن الأيهم الغسّانى 2/ 459 أم جحدر 3/ 133 جحدر بن مالك الحنفىّ 2/ 486، 487 جحل بن نضلة (فى شعر) 1/ 100 جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار 1/ 335 جديلة بن خارجة بن سعد العشيرة بن مذحج. من طىّء 1/ 335 جديلة طىّء-هو السابق جديلة مضر-فهم وعدوان ابنا عمرو بن قيس عيلان جذل الطعان-علقمة بن فراس الجذماء. أمّ تيم الله بن ثعلبة بن عكابة 2/ 466 جذيمة بن مالك بن فهم. الأبرش 2/ 455 أبو الجرّاح العقيلىّ 1/ 221،349 جران العود-عامر بن الحارث الجرباء بنت عقيل بن علّفة 1/ 206 الجرجانىّ-على بن عبد العزيز. القاضى جرم بن زبّان بن حلوان. من قضاعة 1/ 193 - 2/ 316 ¬

(¬1) وجاء فى الشاهد: «تيم عدىّ». و «عدىّ» أخو «تيم»، وإنما أضافه إليه للتخصيص. قاله اللخمىّ فى شرح أبيات الجمل، وحكاه البغدادى فى الخزانة 2/ 298.

الجرمىّ-صالح بن إسحاق. أبو عمر جرهم 1/ 178،181 جرول بن أوس. الحطيئة 1/ 90،99، 117،422 2/ 76،97،111،112، 145،160،233،275، 276 3/ 12،253 جرير بن عبد الله البجلىّ 1/ 263 جرير بن عبد المسيح-أو ابن عبد العزّى -المتلمّس 1/ 138 - 2/ 134 جرير بن عطيّة بن الخطفى 1/ 6،62، 160،179،191،193، 300،301،364،365، 405،409 2/ 40،71،79،124، 540،546 3/ 10،44،74،156 جسّاس بن مرّة بن ذهل بن شيبان 1/ 169،171،172،173، 174 الجعدىّ-النابغة ابن جعفر-عبد الله بن جعفر الطيّار جعفر بن يحيى بن خالد البرمكىّ 1/ 333،349 أبو جعفر-يزيد بن القعقاع المدنىّ جمرات العرب-وهم ضبّة، والحارث بن كعب، ويربوع (¬1) -2/ 456 جمل (فى رجز) 2/ 213 الجموح الظّفرىّ 2/ 510،511 جميل بن معمر العذرى 3/ 162، 163 ابن جنّى-عثمان أبو جهل-عمرو بن هشام بنو جهير 2/ 276 بنو جوّاب-مالك بن عوف بن عبد الله الجواليقى-موهوب بن أحمد (ح) حاتم (¬2) 2/ 265 أبو حاتم-سهل بن محمد السجستانىّ حاتم صالح الضامن 3/ 164 حاتم بن عبد الله الطائىّ 1/ 90،121، 197،206 - 2/ 163 - 3/ 25،117 حاجب بن زرارة التميمىّ 1/ 174 الحاذى بن قضاعة 1/ 148 بنو الحارث 1/ 145 - 2/ 204 الحارث الأصغر بن الحارث الأعرج الغسّانى 2/ 459 الحارث الأعرج بن الحارث بن أبى شمر الغسّانى. ابن مارية 2/ 459 الحارث بن جبلة 2/ 324،536 الحارث بن حلّزة 2/ 210 - 3/ 230 الحارث بن أبى شمر الغسّانى الأكبر 2/ 303،459 الحارث بن ظالم المرّى 2/ 303، ¬

(¬1) انظر جمهرة الأنساب ص 486. (¬2) انظر وقعة صفّين ص 205

398،399 الحارث بن عباد 2/ 612 الحارث بن عمرو 2/ 302 بنو الحارث بن عمرو بن تميم. الحبطات 2/ 550،551 الحارث بن عوف المرّى 1/ 179 بو الحارث بن كعب 1/ 193،226، 288،345 - 2/ 83،302، 316،318،456 الحارث بن كلدة الثقفىّ 1/ 5،10 - 2/ 71 - 3/ 107 الحارث بن همام بن مرّة الشّيبانىّ. جار أبى دؤاد 1/ 127،133 - 2/ 508 الحارث بن ورقاء 2/ 302 ابن حارثة بن بدر الغدانىّ 1/ 191 - 2/ 320 الحاف بن قضاعة 1/ 148 - 2/ 292 الحباب بن المنذر الأنصارىّ 2/ 384، 403 حبابة (مغنّية) 1/ 110 حباحب 2/ 268 الحبشة 1/ 142،259،262، 264،265 - 2/ 460 حبشىّ بن محمد بن شعيب الواسطىّ 1/ 361 الحبطات-بنو الحارث بن عمرو بن تميم ابن حبناء-المغيرة حبيب بن أوس. أبو تمام 1/ 184، 312،352 - 3/ 93،139، 141،142،196،268، 271 ابن حبيب-محمد بن حبيب الحجاج بن يوسف الثقفىّ 2/ 98، 101،486،487،498، 499 الحجازيّون-أهل الحجاز حجر. آكل المرار (¬1) 2/ 447 حجر بن الحارث. أبو امرئ القيس 1/ 44 - 2/ 366 - 3/ 81 حجناء بن أوفى 2/ 76 حذام (فى شعر) 2/ 360 حذيفة بن بدر الفزارىّ 1/ 132،360 حذيفة بن اليمانى-اليمان 1/ 149 - 2/ 291 بنو حرب 2/ 585 حرثان بن الحارث. ذو الإصبع العدوانىّ 1/ 56 - 2/ 197،611 أبو حردبة 2/ 316،319 حرملة بن المنذر. أبو زبيد الطائىّ 1/ 146 - 2/ 294،383 حسّان (فى رجز) 1/ 347 - 2/ 222 حسّان بن ثابت 1/ 191،195 2/ 44،45،302،404، 406،423،424،459، 547 3/ 65،107،219،222 حسّان (ذو معاهر) 1/ 261 بنو بنت حسّان-كبشة بنت حسّان بن ¬

(¬1) اختلف فى «آكل المرار» هذا، هل هو الحارث بن عمرو بن حجر، أو هو حجر بن عمرو بن معاوية. راجع الخزانة 8/ 284.

الحارث ابن حسحاس بن بدر 2/ 230 الحسن بن أحمد بن عبد الغفار. أبو علىّ الفارسىّ 1/ 4،28،81،134، 136،139،167،170، 189،217،218،228، 231،232،233،234، 239،240،241،243، 244،248،251،252، 253،254،256،257، 280،281،282،283، 284،285،293،338، 339،340،434 2/ 4،11،20،22،23، 24،25،29،35،56، 59،69،80،88،100، 101،103،104،110، 111،113،135،138، 142،147،162،181، 206،208،209،216، 219،236،243،245، 262،290،308،340، 341،381،419،453، 494،495،502،517، 519،521،524،525، 526،550،591،597، 602،604،605 3/ 71،89،96،97،98، 100،101،114،132، 195،212،214 الحسن بن بشر بن يحيى الآمدى. أبو القاسم 1/ 324 الحسن بن صافى بن عبد الله بن نزار. أبو نزار. ملك النحاة 2/ 363، 364،365،374 الحسن بن عبد الله السّيرافىّ. أبو سعيد القاضى 1/ 194،202،203، 293،294،324،325، 363،365 2/ 113،164،183،184، 329،381،426،427، 511،514،515،540 3/ 47،81،82،84،210 الحسن بن عبد الله بن سهل العسكرىّ. أبو هلال 1/ 341،342 الحسن بن على بن أبى طالب 3/ 111 حسن كامل الصيرفىّ 2/ 228،357 الحسن بن هانئ. أبو نواس 1/ 14 - 2/ 451،538 - 3/ 92،138، 139،268،270،271 الحسن بن يسار البصرىّ. أبو سعيد 1/ 94،102،229 2/ 146،222،347،526 3/ 70،71،91 الحسين بن على بن أبى طالب 3/ 111 الحسين بن موسى الموسوى. أبو أحمد، والد الشريف الرضىّ والمرتضى 1/ 40

حضار (اسم كوكب) 2/ 361 الحضين بن المنذر 2/ 540 حضن (قبيلة) 1/ 100 الحطيئة-جرول بن أوس حفص بن سليمان بن المغيرة. القارئ 2/ 180،295،518،519، 591 الحكم بن عبد الملك بن بشر بن مروان 3/ 44 حلوان بن الحاف بن قضاعة 1/ 148 حمزة بن حبيب الزيّات 1/ 30،385، 428 - 2/ 295،602 حمزة فتح الله 1/ 345 الحمّانى-أبو ظبيان حمل بن بدر 1/ 127،131 الحمى الممنوع-بنو فراس بن غنم حميد الأمجىّ 2/ 162،461 حميد بن ثور 2/ 67 - 3/ 138 حميد بن مالك الأرقط 2/ 497،503 حمير بن سبأ بن يشجب 1/ 142، 188 أبو حنش (فى شعر) 1/ 192 - 2/ 320،321 بنو حنظلة 2/ 486 حنظلة بن الطفيل. قتيل مرّة 2/ 141، 526،527 الحنفاء (فرس) 1/ 132 ابن الحنفيّة-محمد بن على بن أبى طالب بنو حنيفة 2/ 486 أبو حنيفة-النعمان بن ثابت. الإمام حوّاء. عليها السلام 3/ 119 حوشب (ذو ظليم) 1/ 263 حيدرة-على بن أبى طالب حيدة (فى رجز) 2/ 163 أبو حيّة النّميرىّ-الهيثم بن الربيع (خ) ابن خازم-عبد الله بن خازم السّلمىّ خاقان. ملك التّرك 1/ 142 أم خالد (فى شعر) 3/ 57 خالد بن صفوان 1/ 121 خالد بن عبد الله القسرىّ 2/ 180 خالد بن أبى كبير الهذلىّ 1/ 177 خالدة (فى شعر) 3/ 118 خباب بن الأرتّ 1/ 226 أبو خبيب-عبد الله بن الزّبير الخبيبان-عبد الله بن الزّبير، ومصعب ابن الزبير أبو خراش الهذلىّ-خويلد بن مرّة أبو خراشة-خفاف بن ندبة الخرنق بنت هفّان 2/ 102 خريم بن أوس بن حارثة بن لأم الطائىّ 3/ 114 خزاعة 1/ 178،181 خزز بن لوذان السّدوسىّ 1/ 397 - 3/ 81 الخشاب: قبائل من أبناء مالك بن

حنظلة (¬1) 2/ 79،80 - 3/ 74 ابن الخشّاب-عبد الله بن أحمد الخطّار (فرس) 1/ 132 خفاف بن ندبة. أبو خراشة 1/ 49، 301،303 - 2/ 114 - 3/ 134 الخليل بن أحمد الفراهيدىّ. أبو عبد الرحمن 1/ 17،112،161،210، 221،314،315،316، 319،320،331،366، 390 2/ 100،112،132،183، 184،191،197،206، 209،231،293،305، 365،366،374،381، 396،448،513،516، 538،553،561،571، 580،611 3/ 42،76،191،197، 220 خندف 2/ 82 - 3/ 115،123 الخنساء-تماضر بنت عمرو بن الشّريد السّلميّة خولة. أخت سيف الدولة 1/ 357 - 3/ 240 خويلد بن خالد. أبو ذؤيب الهذلى 1/ 16،322،429 - 2/ 610، 613 خويلد بن مرّة. أبو خراش الهذلىّ 2/ 536 أم الخيار (فى رجز) 1/ 9،139 - 2/ 72 أبو خيرة الأعرابىّ-نهشل بن زيد (د) داحس (فرس) 1/ 132،133 بنو دارم 1/ 293،294 - 2/ 447 ابن دارة-سالم بن مسافع بن يربوع أبو داود الإيادىّ-جارية بن الحجّاج ابن الدّبّاس-المبارك بن الفاخر أبو الكرم دختنوس بنت لقيط بن زرارة التميمىّ 1/ 145 - 2/ 168 أبو دختنوس-لقيط بن زرارة ابن درستويه-عبد الله بن جعفر دريد بن الصّمّة 2/ 148 - 3/ 150 ابن دريد-محمد بن الحسن. أبو بكر دعبل بن علىّ الخزاعىّ 1/ 90،91، 357 - 3/ 118 أبو الدّقيش 2/ 538 أبو دماذ 1/ 349 الدّمستق 3/ 86 ابن الدّمينة-عبد الله بن عبيد الله دهناء (فى شعر) 3/ 110 دودان بن أسد بن خزيمة 1/ 403 دياف 1/ 299 ¬

(¬1) جمهرة ابن حزم ص 228.

بنو الدّيّان-يزيد بن قطن بن زياد بن الحارث بن كعب الدّيلم 1/ 142 (ذ) أبو ذؤيب الهذلىّ-خويلد بن خالد بنو ذبيان 1/ 165،178 ذهل بن ثعلبة بن عكابة 2/ 466 ذو الأدعار-عمرو بن أبرهة ذو أصبح 1/ 261 ذو الإصبع العدوانىّ-حرثان بن الحارث ذو الأكتاف-سابور بن هرمز ذو أنس 1/ 262 ذو ترخم 1/ 261 ذو ثعلبان 1/ 263 ذو جدن 1/ 261 ذو الجناح-شمر ذو حفار 1/ 262 ذو حمام 1/ 261 ذو حوال-عامر ذو رعين الأصغر-عبد كلال ذو رعين الأكبر-يريم ذو الرّمّة-غيلان بن عقبة ذو زهران 1/ 263 ذو سحر 1/ 261 ذو سحيم 1/ 262 ذو شعبان 1/ 261 ذو شناتر-ينوف ذو عثكلان 1/ 263 ذو عسيم 1/ 262 ذو غيمان 1/ 261 ذو فائش 1/ 261 ذو قثاث 1/ 262 ذو القرنين-الصّعب ذو القروح-امرؤ القيس بن حجر ذو الكباس 1/ 262 ذو الكلاع الأصغر 1/ 263 ذو الكلاع الأكبر 1/ 263 - 2/ 265 ذو معاهر-حسّان ذو مكارب 1/ 263 ذو مناخ 1/ 263 ذو المنار-أبرهة ذو مهدم 1/ 262 ذو نواس-زرعة ذو يحصب 1/ 262 ذو يزن 1/ 259،260،263 - 2/ 246 ذياد بن الهبولة 2/ 447 (ر) راسب بن مالك بن ميدعان 1/ 193 - 2/ 316 الراعى النّميرى-عبيد بن حصين رايت. وليم 1/ 355 رؤبة بن العجّاج 1/ 112،157، 209،282،286،431،

434 2/ 132،134،135،197، 395،550،561 3/ 30/140 الرّباب (فى شعر) 3/ 109 الرّباب 2/ 433 ربعىّ-عبيد الله بن زياد بن ظبيان الرّبعىّ-على بن عيسى. أبو الحسن الربيع بن زياد العبسىّ. الكامل 1/ 23، 126 - 2/ 95 ربيعة بن الجحدر 2/ 220 ربيعة بن عامر 1/ 185 ربيعة بن عامر. مسكين الدارمىّ 2/ 310 ربيعة بن قرط بن سلمة. ربيعة الخير. أبو هلال 1/ 127 ربيعة بن مقروم الضبّىّ 1/ 48،217 - 2/ 352 ربيعة بن نجوان. أعشى تغلب 1/ 187، 196،197 ربيعة بن نزار 1/ 171،335،407 - 2/ 462،592 - 3/ 75،76، 195 أبو رجاء-عمران بن ملحان العطاردىّ رزام (لصّ) 3/ 76،77 الرشيد-هارون بن محمد. الخليفة العباسىّ أبو الرضا بن صدقة 3/ 67 الرضىّ-محمد بن الحسين. الشريف الرّمّاح بن أبرد. ابن ميّادة 3/ 133 الرّمانىّ-على بن عيسى. أبو الحسن الروم 1/ 142،264،265 - 3/ 86 ابن الرومى-على بن عيسى رياح (فى رجز) 2/ 168 رياح (فى شعر) 2/ 79 - 3/ 74 أبو رياح (فى شعر) 2/ 197 رياح بن يربوع بن حنظلة 2/ 79،80 ريحانة (أخت عمرو بن معديكرب) 1/ 98 - 2/ 345 ابن ريطة-ضمرة بن ضمرة النّهشلىّ (ز) الزاهد-محمد بن عبد الواحد. أبو عمر. غلام ثعلب زبّان بن عمرو. أبو عمرو بن العلاء (¬1) 1/ 30،128،142،151، 160،196،321،385، 428 2/ 88،96،162،187، 295،381،517،549 3/ 202 أبو زبيد الطائى-حرملة بن المنذر الزّبير (فى شعر) 3/ 65 ابن الزّبير-عبد الله الزّبير بن العوّام 3/ 111 زرقاء اليمامة 3/ 29 زرعة (ذو نواس) 1/ 188،262 - 2/ 246 ¬

(¬1) اختلف فى اسمه على أقوال كثيرة. وقيل: إنّ كنيته هى اسمه.

زعيم الدولة-محمد بن جهير أبو زكريا-يحيى بن على التبريزى الزّنج 1/ 300،301 زهير بن أبى سلمى 1/ 89،178، 191،194،195،196، 261،334،406 2/ 128،302،354،457، 522،571 3/ 24،90،107،181 زهيرة بنت أبى كبير الهذلىّ 2/ 179 - 3/ 48 ابن زيّابة 2/ 508 أبو زياد 1/ 349 زياد بن أبيه. أبو المغيرة 1/ 20 - 2/ 199 زياد بن سليمان-أو سليم-الأعجم 1/ 67 - 2/ 35،453 - 3/ 78 بنو زياد العبسيّون 1/ 23،126، 127،328 زياد بن معاوية. النابغة الذبيانى 1/ 79، 121،408،419 2/ 67،102،129،268، 303،305،306،357، 360،397،398،399، 400،433،459،561، 601،608،614 3/ 10،25،29،138، 139،146،148،226، 267 زيادة بن زيد العذرىّ 2/ 308 أبو زيد الأنصارىّ-سعيد بن أوس زيد الخيل-وهو زيد بن مهلهل بن منهب 2/ 160،354،607 زيد بن عبد ربّه 1/ 270 زيد بن عتاهية التميمىّ 2/ 265 زيد بن مهلهل-زيد الخيل (س) سابور بن أردشير بن بابك بن ساسان 1/ 142،143 سابور بن هرمز بن نرسى (ذو الأكتاف) 1/ 142،144،148، 149،150 السّاطرون بن أسطيرون 1/ 150 ساعدة بن جؤيّة الهذلىّ 3/ 109 أم سالم (فى شعر) 2/ 63 سالم بن مسافع بن يربوع. ابن دارة 3/ 22 السّبابجة 1/ 147 - 3/ 33 سبرة بن عمرو الفقعسىّ 1/ 334 سحبان وائل 2/ 499،500 سحيم العبد-عبد بنى الحسحاس 1/ 336،345 - 2/ 557 - 3/ 222 ابن السّرّاج-محمد بن السّرىّ. أبو بكر سراقة (فى شعر) 2/ 91 أمّ سرباح (فى شعر) 2/ 607

السّرىّ بن أحمد. الرفّاء الموصلىّ 3/ 104 السّريانيّون 1/ 150 سعد (فى شعر) 2/ 465 سعد بن عبادة 1/ 132 - 3/ 186 سعد بن قيس (فى شعر) 1/ 53 سعد بن مالك بن ضبيعة 1/ 364، 421،431،434 - 2/ 66، 307،530 سعد بن معاذ 1/ 132 - 3/ 186 سعدى (فى شعر) 2/ 506 ابن سعدى-أوس بن حارثة بن لأم الطائىّ السّعديّون 2/ 424 سعيد (فى شعر) 2/ 114 سعيد بن أوس الأنصارىّ. أبو زيد 1/ 28،93،222،256، 335،340،369 2/ 137،143،258،278، 332،339،514،524، 548 3/ 30،96،109 سعيد بن جبير 2/ 189 أبو سعيد السّيرافىّ-الحسن بن عبد الله سعيد بن علىّ بن السّلالىّ الكوفىّ. أبو الفرج 2/ 515 سعيد بن مسعدة. أبو الحسن الأخفش الأوسط 1/ 6،64،136،234، 237،256،277،278، 279،315،316،318، 319،320،388،389، 390 2/ 28،32،82،112، 136،137،146،191، 196،205،231،277، 304،333،339،372، 381،398،441،448، 476،477،513،550، 553،558،559،589، 593،596،605 3/ 12،178،183،196، 213،220 سفيان (¬1) 1/ 263 أبو سفيان-صخر بن حرب سفيح بن رباح 1/ 300 ابن السّكّيت-يعقوب بن إسحاق ابن السّلالىّ-سعيد بن على الكوفى سلاّم (فى شعر) 1/ 387 - 3/ 159 سلامة (ذو فائش) 1/ 261 سلامة بن سعد بن مالك 2/ 354 سلمان الفارسى 1/ 226 سلمة بن عاصم 1/ 189 - 2/ 194، 405 سلمة بن مالك بن ذهل-ابن زيّابة سلمى (فى شعر) 1/ 176،178 سلمى بن جندل 3/ 197 سلمىّ بن ربيعة السّيدىّ 1/ 35،63، 182 - 2/ 284 السّلمىّ-عبد الله بن حبيب. ¬

(¬1) ذكر لضبط السّين فقط، وليس علما على شخص بعينه.

أبو عبد الرحمن. القارئ سليط بن سعد 1/ 152 السّليك بن السّلكة 2/ 262 سليم (فى شعر) 1/ 7 أم سليم بنت ملحان بن خالد 2/ 348 سليم بن منصور بن عكرمة 1/ 176، 178 بنو سليم 1/ 7،287 - 3/ 58،226 سليمان. عليه السّلام 1/ 84،88، 94 سليمان بن مهران. الأعمش 2/ 304 سليمى (فى شعر) 1/ 128 - 328 - 2/ 576 سمعان (فى شعر) 2/ 69،70، 414 السّموءل بن عادياء 2/ 303 سنان بن الفحل الطائى 3/ 55 سنمّار 1/ 152،153 سهل بن محمد السّجستانىّ. أبو حاتم 1/ 39،40،41 - 2/ 265 سهيل (فى شعر) 3/ 195 سهيل (نجم) 2/ 108 - 3/ 95 السّودان 1/ 142 سويد بن أبى كاهل اليشكرىّ 1/ 181، 265،266،267 - 2/ 440، 606 سويد بن كراع العكلىّ 2/ 560 سيّار بن مكرم 1/ 358 - 3/ 256 سيبويه-عمرو بن عثمان السيّد أحمد صقر 2/ 570 - 3/ 186 سيّد بن على المرصفى 1/ 355 بنو السّيد بن مالك بن بكر بن سعد بن ضبّة 1/ 63 السّيرافىّ-الحسن بن عبد الله. أبو سعيد القاضى ابن سيرين-محمد بن سيرين سيف الدولة الحمدانىّ-على بن عبد الله أخت سيف الدولة-خولة سيف بن ذى يزن الحميرىّ 1/ 142، 259،264،265 - 2/ 460 (ش) شاعر الكوفة-المتنبي الشاميّون 1/ 311 شأس بن عبدة. أخو علقمة 2/ 459 - 3/ 140 شأس بن نهار. الممزّق العبدىّ 1/ 204 أبو شرفاء (فى رجز) 2/ 68 الشريف الرضىّ-محمد بن الحسين الشريف المرتضى-على بن الحسين شريك بن الأعور الحارثىّ 1/ 175 - 2/ 253،254 شعبة بن عيّاش. أبو بكر 1/ 196 - 2/ 295،517،602 الشّعرىّ (واعظ) 2/ 489 شقيق بن سليك الأسدى 1/ 336 ابن شكلة-إبراهيم بن المهدى

شكلة. أم إبراهيم بن المهدى 3/ 118 الشّمّاخ (¬1) بن ضرار الغطفانى 1/ 33، 190،296،353 - 2/ 309، 434،499 شمر (ذو الجناح) 1/ 262 شمعلة بن فائد بن هلال التغلبىّ 1/ 187،190 الشّنفرى-عمرو بن مالك الشّنقيطىّ-أحمد بن الأمين محمد محمود بن التلاميد شيبان (فى شعر) 2/ 606 بنو شيبان 1/ 267 بنو شيبان بن ثعلبة بن عكابة 2/ 466 الشيبانى-إسحاق بن مرار (ص) الصّابى-إبراهيم بن هلال. أبو إسحاق الصاحب-إسماعيل بن عبّاد الصارم-مرجّى بن بتّاه صالح بن إسحاق. أبو عمر الجرمىّ 2/ 113،138،267،268، 278،287،381،515، 596،605 صخر بن حرب. أبو سفيان 3/ 118 صداء بن يزيد بن حرب. من مذحج 2/ 304 صدىّ بن مالك 1/ 408 الصّعب (ذو القرنين) 1/ 261 ابن الصّفىّ 1/ 430 صفية بنت عبد المطلب 3/ 111 صلاءة بن عمرو. الأفوه الأودىّ 3/ 137،139 أبو الصّلت بن أبى ربيعة الثقفىّ 1/ 233،248،259 - 3/ 6، 97،98 صهيب بن سنان بن مالك الرّومى 1/ 226 (ض) أبو الضحّاك (فى شعر) 2/ 35 الضحّاك بن مزاحم 1/ 102،229 الضّحيان-عامر بن سعد بن الخزرج ضرار 1/ 173 ضرار بن ضمرة النّهشلىّ 1/ 420 ضمرة بن ضمرة النّهشلىّ. ابن ريطة 1/ 334 الضّيزن بن معاوية بن العبيد. . . بن الحاف ابن قضاعة 1/ 144،148،149 (ط) الطائع-عبد الكريم بن الفضل. الخليفة العبّاسى الطائيّون-طيّىء أبو طالب بن عبد المطلب 2/ 346 - 3/ 120 ¬

(¬1) وقيل: اسمه معقل بن ضرار. والشّمّاخ لقبه.

ابو طالب العبدى-أحمد بن بكر ابن طبرزد-عمر بن محمد البغدادىّ طرفة بن العبد 1/ 58،124،167 - 2/ 264،293،419،608 - 3/ 210 الطرمّاح بن حكيم 1/ 67 - 2/ 35، 453 ابن طغج-عبيد الله طفيل بن عوف الغنوىّ 2/ 452 طلق (فى شعر) 1/ 192 - 2/ 320، 321 طهيّة بن مالك بن حنظلة 2/ 79،80 -3/ 74 طيّىء-الطائيّون 1/ 161،306، 310،335،422 - 2/ 265 - 3/ 54،59 أبو الطيّب-أحمد بن الحسين. المتنبي (ظ) ظالم بن عمرو. أبو الأسود الدؤلى 2/ 199 أبو ظبيان الحمّانى 2/ 423 بنو ظفر. من سليم بن منصور 2/ 510 (ع) عائذ بن محصن. المثقّب العبدىّ 3/ 126 عائشة (فى شعر) 2/ 309 عاد الأولى 2/ 456،457 عاد الآخرة 2/ 458 عادل سليمان جمال 3/ 116 عاصم بن أبى النّجود. القارئ 1/ 30، 125،196،340،385 - 2/ 101،177،180،295، 517،556،591،602 - 3/ 181 العاصى بن أميّة بن عبد شمس 1/ 148 العاصى بن وائل السّهمىّ 1/ 149 العامّة-العوامّ 2/ 117،175 (¬1)، 180،209،229،258، 277،347،491 - 3/ 272، 273 عامر (فى شعر) 2/ 425 - 3/ 121 عامر بن الحارث. أعشى باهلة 1/ 344 عامر بن الحارث النّميرى. جران العود 1/ 57 عامر بن الحليس. أبو كبير الهذلىّ 1/ 224 - 3/ 48 عامر (ذو حوال) 1/ 262 عامر بن سعد بن الخزرج بن تيم الله بن النّمر بن قاسط. الضّحيان 2/ 461، 462 بنو عامر بن صعصعة (فى شعر) 1/ 7، 54،55،165،176،178، 287 - 2/ 10،95،303 - 3/ 132،226 ¬

(¬1) فى هذا الموضع والذى بعده كلام عن لغة العامّة وبعض أخطائها.

عامر الضّحيان-عامر بن سعد بن الخزرج عامر بن عبد الرحمن. أبو الهول الحميرىّ 1/ 10 ابن عامر-عبد الله بن عامر العباد (¬1) 1/ 100 ابن عبّاد-إسماعيل. الصاحب عبّاد بن زياد بن أبيه 2/ 443،445 - 3/ 269 أبو العباس ثعلب-أحمد بن يحيى ابن عباس-عبد الله العباس بن عبد الله بن جعفر بن المنصور 3/ 138 العباس بن عبد المطلب 2/ 308 - 3/ 114 العباس بن مرداس السّلمىّ 1/ 49، 167،321 - 2/ 114 عبد الإله نبهان ظ/328 عبد بنى الحسحاس-سحيم عبد الحميد بن عبد المجيد. أبو الخطاب الأخفش الكبير 2/ 107،112 عبد الحميد بن يحيى. الكاتب 1/ 121 عبد الرحمن بن حسّان بن ثابت 2/ 9، 144،585 - 3/ 232 أبو عبد الرحمن السّلمى-عبد الله بن حبيب. القارئ عبد الرحمن بن عبد الله بن الحارث. أعشى همدان 2/ 174 عبد الرحمن بن عوف 3/ 188 عبد الرحمن بن يحيى المعلّمى اليمانى 2/ 581 عبد السلام بن الحسن البصرى. أبو أحمد 1/ 324 عبد السلام محمد هارون 1/ 43،110، 190،339 - 2/ 70،150، 196،220،356،424، 447،489،498،500 - 3/ 111،223 عبد الصمد بن المعذّل 2/ 171 - 3/ 237 عبد العزّى بن امرئ القيس الكلبىّ 1/ 153 عبد العزيز بن عمر بن محمد بن نباتة. أبو نصر 1/ 143 - 2/ 463 - 3/ 69، 142،244 عبد العزيز بن مروان بن الحكم 1/ 188، 200 عبد العزيز الميمنى الراجكوتى 2/ 58، 77،337،356،498، 502،504،612 عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجانى 2/ 373 عبد قيس-عدىّ بن الجندب بن العنبر عبد الكريم بن الفضل المطيع لله. الطائع الخليفة العبّاسى 1/ 42 - 2/ 457 عبد كلال (ذو رعين الأصغر) 1/ 261 عبد الله (فى شعر) 2/ 114 عبد الله بن أبىّ بن سلول 2/ 144 عبد الله بن أحمد بن الخشّاب 3/ 133 ¬

(¬1) هم قوم كانوا يجتمعون على باب النّعمان، خولا وخدما من كلّ قبيلة. فرحة الأديب ص 48.

عبد الله بن أبى إسحاق الحضرمى 2/ 381،526 عبد الله بن جدعان التّيمىّ 1/ 127 عبد الله بن جعفر بن درستويه. أبو محمد 2/ 256،381،522 عبد الله بن جعفر الطيّار 2/ 499 عبد الله بن حبيب السّلمىّ. أبو عبد الرحمن 1/ 221،222 عبد الله بن خازم السّلمىّ 3/ 163 عبد الله بن رؤبة. العجّاج 1/ 286، 341،431 - 2/ 173،174، 403،541،611 عبد الله بن الزّبير الأسدىّ 1/ 365 عبد الله بن الزّبير. أبو خبيب 1/ 20، 365 - 2/ 397 عبد الله بن الصّمّة 2/ 148 عبد الله بن عبّاس 1/ 30 - 3/ 89، 253 عبد الله بن عبيد الله بن الدّمينة 2/ 435 عبد الله بن أبى قحافة. أبو بكر الصديق 1/ 19،263 عبد الله بن قيس. أبو موسى الأشعرىّ 1/ 229 عبد الله بن كثير المكّى. القارئ 1/ 30،93،160،385 - 2/ 88،141،177،295، 520،525،526،527 عبد الله بن مجيب. القتّال الكلابىّ 2/ 592 عبد الله بن مسعود 1/ 18،85،86، 396 - 2/ 87،304،550 - 3/ 10 عبد الله بن مسلم. ابن قتيبة 1/ 78، 80،81،226،238 - 2/ 462،570 - 3/ 227 عبد الله بن المعتزّ 1/ 91 - 3/ 118، 241 عبد الله بن هارون. المأمون الخليفة العبّاسىّ 1/ 91،130 عبد الله بن همّام السّلولىّ 1/ 315 عبد الله بن يزيد بن عامر اليحصبى. القارئ 1/ 9،29،30،110، 221،222،385 - 2/ 72، 295،534،579 عبد المدان. من بنى الحارث بن كعب 1/ 174،175 - 2/ 254 عبد الملك بن بشر بن مروان 3/ 44 عبد الملك بن قريب. الأصمعىّ 1/ 40، 54،56،243،369،397، 429 2/ 87،172،223،234، 457،458،514،570 3/ 149،150،202،207 عبد الملك بن مروان 1/ 198،405 عبد مناف بن ربع الهذلىّ 2/ 122 - 3/ 30 عبد الواحد بن على بن برهان. أبو القاسم 1/ 174،175

عبد الواحد بن نصر بن محمد. أبو الفرج الببّغاء 3/ 69 العبدىّ (فى شعر) 2/ 606 العبدىّ-أحمد بن بكر. أبو طالب. بنو عبس 1/ 126،173،178 عبيد بن الأبرص الأسدىّ 1/ 42، 43 - 2/ 457 - 3/ 58،81 بنو العبيد بن الأجرام 1/ 144، 148،149 عبيد بن حصين. الراعى النّميرىّ 2/ 272 عبيد بن عقيل بن صبيح 2/ 517 أبو عبيد-القاسم بن سلام عبيد الله بن الحسن بن الحصين العنبرى. القاضى 2/ 423،424 عبيد الله بن زياد بن ظبيان. ربعىّ. أبو مطر 1/ 199 عبيد الله بن طغج 1/ 327 عبيد الله بن قيس الرّقيّات 1/ 199 - 2/ 64،163،534 أبو عبيدة-معمر بن المثنّى بنو عتيق 2/ 210 عثمان بن جنّى. أبو الفتح 1/ 4، 105،217،253،254، 299،300،311،312، 325،326،329،330، 332،333،334،335، 336،338،342،356، 361 2/ 35،104،111،339، 381،453،501،530، 558 3/ 15،17،51،77،141، 199،207،209،216، 217،218،227،228، 229،237،238،239 عثمان (رفيق عبد الله بن همّام السّلولىّ) 2/ 314 عثمان بن عفّان 1/ 19،266 - 2/ 461 العجّاج-عبد الله بن رؤبة العجلىّ-الفضل بن قدامة. أبو النجم العجم-الأعاجم 1/ 144،430 - 2/ 126 عدس بن زيد بن تميم 1/ 174،175 بنو عدنان 2/ 462 عدوان بن عمرو بن قيس عيلان بن مضر 1/ 335 عدىّ (ملك غسّانىّ) 2/ 303 بنو عدىّ 1/ 242 عدىّ بن الجندب (¬1) بن العنبر. عبد قيس 2/ 561 عدىّ بن حاتم 1/ 153 عدىّ بن ربيعة-المهلهل عدىّ بن الرعلاء الغسّانىّ 2/ 566 عدىّ بن زيد العبادىّ 1/ 111،134، 154،370 - 2/ 6،233، 376،380 ¬

(¬1) انظر فى تخريج البيت هناك: النقائض وشرح أبيات المغنى.

عدىّ بن عبد مناة بن أدّ بن طابخة 2/ 307 عدىّ بن مرينا الأسدىّ 1/ 138 عرابة بن أوس 2/ 434 العرب 1/ 142،265،267 عزّة (فى شعر) 3/ 9 العزّى (صنم) 1/ 235 - 3/ 121 عزير 2/ 161،162 العسكرىّ-الحسن بن عبد الله بن سهل. أبو هلال عفاق (فى شعر) 3/ 76 عقال بن خويلد. من بنى كعب بن ربيعة 1/ 174 عقبة بن مسكين الدارمىّ 2/ 500 أبو عقيل الأنصارى 3/ 188 عقيل بن علّفة المرّى 1/ 205 عكّ 2/ 265 عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان 1/ 191،194 العكلىّ-سويد بن كراع أبو العلاء المعرّى-أحمد بن عبد الله علاف. من قضاعة 1/ 146 علّفة بن عقيل بن علّفة المرّى 1/ 203،204 - 2/ 427 علقمة بن عبدة 1/ 228،321 - 2/ 459،607 - 3/ 140 علقمة بن علاثة 2/ 107،108، 578 علقمة بن فراس بن غنم. جذل الطّعان 2/ 461 علىّ (فى رجز) 2/ 163 على بن إبراهيم التنوخيّ 1/ 244 - 2/ 33 على بن أحمد الخراسانى 2/ 528 على أحمد السّالوس 2/ 253 على بن الحسين الأصفهانى. أبو الفرج 2/ 423 على بن الحسين بن موسى الموسوىّ. أبو القاسم. الشريف المرتضى 1/ 40 - 2/ 225،469 على بن حمزة الكسائىّ. أبو الحسن 1/ 6،30،54،188، 197،348،349،350، 372،385،428 2/ 99،103،183،193، 194،196،295،381، 404،410،422،441، 557،591،602،614 3/ 8،58،65،117، 144،160،176،177 على بن سليمان. أبو الحسن الأخفش الصغير 2/ 113 على بن أبى طالب 1/ 98،343، 366،420 - 2/ 253،265، 304،347،411،454، 461 - 3/ 223 على بن العباس-ابن الرومى 2/ 474 على بن عبد الرحمن المغربى. أبو الحسن

1/ 36 على بن عبد العزيز الجرجانى. القاضى أبو الحسن 1/ 336،338 - 3/ 228،229 على بن عبد الله. سيف الدولة الحمدانى 1/ 244،329،357 - 3/ 83، 85،136،240 على بن عيسى الرّبعىّ. أبو الحسن 1/ 105،311،312 - 2/ 362،381 - 3/ 4،17، 137،217،228،274 على بن عيسى الرّمّانىّ 1/ 88 - 2/ 149،283،381،565 - 3/ 161،172 أبو علىّ الفارسىّ-الحسن بن أحمد أبو علىّ بن فورجة-محمد بن أحمد على بن محمد بن سيّار بن مكرم التّميمىّ 3/ 256 أبو علىّ المنقرىّ 1/ 130 أبو على-هارون بن عبد العزيز الأوارجىّ عمّار (فى شعر) 1/ 192 - 2/ 320، 321 عمّار بن ياسر 1/ 226 عمارة بن زياد العبسىّ. الوهّاب 1/ 23،26 عمران بن أوفى-حجناء بن أوفى عمران بن حطان 1/ 407 عمران بن ملحان. أبو رجاء العطاردى 1/ 229 العمران-أبو بكر الصّدّيق وعمر بن الخطاب عمر (فى شعر) 3/ 93،271 عمر بن ألاه بن جدىّ. من بنى عمران ابن الحاف بن قضاعة 1/ 144،149 عمر بن ثابت الثمانينيّ. أبو القاسم 1/ 209 - 3/ 16،59 أبو عمر الجرمىّ-صالح بن إسحاق عمر بن الخطاب 1/ 19،20، 101،229،262،396، 420 - 2/ 459 عمر بن أبى ربيعة 1/ 407 - 2/ 100، 108،314 - 3/ 109 أبو عمر الزاهد-محمد بن عبد الواحد. غلام ثعلب أبو عمر السّلمىّ 3/ 217 عمر بن عبد العزيز 1/ 19 - 2/ 40، 64 - 3/ 44 عمر بن عبيد الله بن معمر التيمىّ 1/ 11 - 2/ 173 عمر بن لجأ التيمىّ 2/ 307 عمر بن ليث. من بنى جحش بن كعب 3/ 93 عمر بن محمد بن طبرزد البغدادىّ. أبو حفص 1/ 3 عمر بن هبيرة الفزارىّ القيسىّ 2/ 180 عمرو (فى شعر) 2/ 481،533 - 3/ 232 عمرو (قبيلة) 1/ 100

عمرو (¬1) بن أبان بن عثمان 2/ 129 عمرو بن أبرهة (ذو الأدعار) 1/ 260 عمرو بن أحمر الباهلىّ 1/ 192، 194،207،212،216 - 2/ 109،320، 324 - 3/ 48،75 عمرو بن الأهتم السّعديّ 1/ 173 عمرو بن بحر. أبو عثمان الجاحظ 1/ 151 - 3/ 93،271 عمرو بن الأهتم السّعديّ 1/ 173 عمرو بن بحر. أبو عثمان الجاحظ 1/ 151 - 3/ 93،271 عمرو بن الحارث الأصغر الغسّانىّ. ملك الشام 2/ 459 - 3/ 140 عمرو بن الحارث بن ذهل بن شيبان 1/ 172 عمرو بن حبيب. أبو محجن الثقفىّ 1/ 387 - 3/ 158 عمرو بن حلّزة 3/ 230 عمرو (¬2) سعيد بن العاص 2/ 129 عمرو بن شتيم التغلبىّ. القطامىّ 1/ 103،200،263،340 - 2/ 36،269،395 - 3/ 57، 103،164 أبو عمرو الشّيبانىّ-إسحاق بن مرار عمرو بن العاص 1/ 121 - 2/ 291 عمرو بن عثمان بن قنبر. أبو بشر. سيبويه 1/ 6،15،17،28، 49،50،64،76،100، 109،110،111،128، 130،136،153،191، 193،194،195،196، 203،221،222،233، 275،276،277،278، 279،284،314،315، 316،319،320،338، 339،340،348،349، 350،363،365،386، 387،388،390،435 2/ 5،11،15،19،23، 32،45،57،59،70، 72،80،82،88،89، 96،99،102،106،107، 109،112،114،116، 138،160،180،182، 183،191،195،196، 202،206،209،231، 267،285،287،292، 305،317،320،321، 333،346،374،379، 381،426،429،443، 444،482،496،510، 511،512،513،514، 526،531،535،540، 553،554،558،561، 563،571،586،587، 592،593،596،604 ¬

(¬1) انظر سمط اللآلى ص 166 (¬2) انظر سمط اللآلى ص 166.

3/ 11،13،14،41،42، 43،44،54،76،77، 81،82،84،110،111، 129،132،133،134، 135،143،144،145، 149،150،151،178، 179،188،189،191، 196،197،200،213 أبو عمرو بن العلاء-زبّان بن عمرو عمرو بن قميئة 3/ 64،78،170، 219 عمرو بن كركرة. أبو مالك 2/ 514 عمرو بن كلثوم 1/ 107،145، 149،371 - 3/ 160 عمرو بن مالك. الشّنفرى 2/ 125 عمرو بن معديكرب الزّبيدىّ. أبو ثور 1/ 97،226،262،345 - 2/ 345،558 عمرو بن هشام. أبو جهل 1/ 422 عمرو بن هند. الملك. محرّق 2/ 447 عمرة (فى شعر) 1/ 62 العملّس بن عقيل بن علّفة 1/ 205، 206 أبو عمير 2/ 348 بنو العنبر 1/ 145 - 2/ 204 عنترة بن شدّاد العبسىّ 1/ 27،221، 373،397،425 - 2/ 38، 49،182،184،251، 317،318،324،420، 442،543،552،613، 614 العوامّ-العامّة بنو عوف بن سعد بن ذبيان 2/ 129 عوف بن سعد بن مالك. المرقّش الأكبر 1/ 79 - 2/ 22 - 3/ 217 عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناة 2/ 102 عوف بن محلّم الشّيبانىّ. أبو محلم 1/ 329 عيسى. عليه السّلام 1/ 262،404 - 2/ 35 - 3/ 121 عيسى بن عمر الثقفىّ 2/ 381،570 عيسى بن مصعب بن الزّبير 1/ 20، 198 عيينة بن حصن الفزارىّ 1/ 227 (غ) الغبراء (فرس) 1/ 132 بنو غدانة بن يربوع بن حنظلة 1/ 179 غسّان 2/ 459 غطيف السّلمىّ 2/ 162،461 غلام ثعلب-محمد بن عبد الواحد الزاهد. أبو عمر غياث بن غوث. الأخطل 1/ 119، 293،308،322 2/ 63،124،136،263، 413،546

3/ 55،109،118 أبو الغيلان (فى شعر) 1/ 152 أم غيلان (فى شعر) 1/ 53 - 2/ 29 غيلان بن عقبة. ذو الرمّة 1/ 269 - 2/ 58،62،300،317، 319،325،409،412 (ف) فارس-الفرس-الأبناء 1/ 142، 259،264،265،266، 460 ابن فارس-أحمد بن فارس الفارسىّ-الحسن بن أحمد. أبو علىّ فارعة بنت شدّاد المرّيّة 1/ 377 فاطمة (فى شعر) 2/ 308،309، 479 فاطمة بنت سيّدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم 1/ 343 فاطمة بنت الخرشب الأنمارية 1/ 23، 126 الفرّاء-يحيى بن زياد. أبو زكريا بنو فراس بن غنم 2/ 461 أبو الفرج الأصفهانىّ-على بن الحسين أبو الفرج الببّغاء-عبد الواحد بن نصر أبو الفرج-سعيد بن على بن السّلالىّ الفرزدق-همّام بن غالب الفرس-فارس فرعون 1/ 391،405 - 3/ 19، 110 فروة بن مسيك المرادىّ 3/ 148 فزارة (قبيلة) 1/ 120،133 - 2/ 398،464 فضالة بن كلدة 2/ 316،318 الفضل بن قدامة. أبو النّجم العجلىّ 1/ 67،73،153،373 - 2/ 294،410 أبو فقعس 1/ 349 أبو فهر-محمود محمد شاكر فهم بن عمرو بن قيس عيلان بن مضر. جديلة 1/ 335 - 2/ 220،229، 568 ابن فورجة-محمد بن أحمد. أبو علىّ. (ق) أبو قابوس-النعمان بن المنذر قابيل بن آدم 2/ 164 ابن قادم-محمد بن عبد الله أبو القاسم بن برهان-عبد الواحد بن علىّ أبو القاسم الثمانينيّ-عمر بن ثابت القاسم بن سلاّم. أبو عبيد 1/ 333 - 2/ 63،64،65،366، 579 القاضى الجرجانىّ-على بن عبد العزيز قتادة بن دعامة السّدوسىّ 1/ 94،102، 222،230 - 2/ 73،91

القتّال الكلابىّ-عبد الله بن مجيب ابن قتيبة-عبد الله بن مسلم قتيبة بن مسلم الباهلىّ 3/ 163 قتيل مرّة-حنظلة بن الطفيل قحطان (القبيلة) 1/ 335،407 القحيف بن خمير بن سليم العقيلىّ 2/ 610 قدار. أحمر ثمود. وهو عاقر الناقة 2/ 458 قريش 2/ 40،63،274،275 - 3/ 55 بنو قريط 2/ 592 القزوينىّ-محمد بن عبد السّلام. القاضى أبو يوسف بنو قشير 2/ 610 قضاعة 1/ 144،148 قطام (فى شعر) 2/ 360 القطامى-عمرو بن شتيم التّغلبيّ قطرب-محمد بن المستنير قطرىّ بن الفجاءة 2/ 180،537، 584 قعنب بن ضمرة بن أمّ صاحب 2/ 233 قفيرة (أمّ الفرزدق) 2/ 518 القمران: محمد وإبراهيم عليهما الصلاة والسّلام 1/ 19 قوم يونس عليه السلام 2/ 513 قيس (فى شعر) 2/ 125،174 قيس بن ثعلبة بن عكابة 2/ 161، 264،419،466،500 ابن قيس الرّقيّات-عبيد الله قيس بن زهير بن جذيمة العبسىّ 1/ 126،127،132،328 قيس بن زياد العبسىّ. الجواد 1/ 23 ابن قيس-سعد بن مالك بن ضبيعة قيس بن عبد الله بن عدس. النابغة الجعدىّ 1/ 173،176،233، 239،431،433،360 - 2/ 603 - 3/ 96،97 قيس بن عمرو بن مالك الحارثىّ. النّجاشىّ 2/ 167 قيس عيلان 2/ 265،269،271، 546 قيس بن الملوّح (المجنون) 1/ 83 القيسىّ-عمر بن هبيرة قيصر. ملك الروم 1/ 142 - 3/ 78 (ك) كافور بن عبد الله الإخشيدىّ 3/ 136، 243 كبشة بنت حسّان أبى الحارث 2/ 18 أبو كبير الهذلى-عامر بن الحليس كثيّر بن عبد الرحمن 1/ 5،6،55، 74،177،253،338 2/ 77،202،273،609 3/ 192 ابن كثير-عبد الله بن كثير المكّىّ. القارئ

ابن كراع العكلىّ-سويد ابن كردى 2/ 276 أبو الكرم بن الدّبّاس-المبارك بن الفاخر الكسائىّ-على بن حمزة كسرى-أنو شروان بن قباذ كعب بن زهير 2/ 136،366، 371 - 3/ 153 كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم. الأجارب 2/ 466 كعب بن سعد الغنوىّ 1/ 95،361 كعب. من بنى عامر بن صعصعة 2/ 433 كعب بن مالك الأنصارى 2/ 440 كعب بن مامة الإيادىّ 2/ 40،409 - 3/ 44 بنو كلاب بن ربيعة بن عامر 2/ 273 كلب بن وبرة بن تغلب 2/ 238 كليب (فى شعر) 3/ 146 كليب بن ربيعة. . . . بن تغلب بن وائل 1/ 128،169،171،172، 173،174،283 - 2/ 67 - 3/ 55 كليب بن عييمة السّلمىّ 1/ 167 الكميت بن زيد الأسدىّ 1/ 33، 295،407 - 2/ 268،269 الكميت بن معروف-وهو الكميت الأوسط 3/ 60 كنانة بن خزيمة بن مدركة 2/ 461 الكوفيّان-الكسائىّ والفرّاء الكوفيّون 1/ 56،72،120،142، 151،161،256،329، 349،374،380 2/ 37،55،91،194، 282،304،315،339، 343،372،381،388، 393،396،398،404، 410،439،443،511، 513،528،539،564، 565 3/ 18،47،53،54،55، 73،77،78،79،82، 108،128،146،196، 220 ابن كيسان-محمد بن أحمد. أبو الحسن (ل) لبيد بن ربيعة. أبو عقيل 1/ 20،21، 163،196،197،347، 2/ 223،292،384،444، 581 3/ 20،54،75،76،195، 228 لبينى (فى شعر) 3/ 74 لقيط (فى رجز) 2/ 163 لقيط بن زرارة التّميمىّ. أبو دختنوس 1/ 145 - 2/ 168 لقيط بن مرّة الأسدىّ 2/ 494

لقيط بن يعمر الإيادىّ 1/ 62 لكيز بن أفصى بن عبد القيس 2/ 293 لميس (فى شعر) 2/ 304 أبو لهب (عبد العزّى) بن عبد المطّلب 2/ 274 ليلى (فى شعر) 1/ 339 - 2/ 127 - 3/ 74،224 ابن ليلى (وهو ابن أرطاة بن سهيّة) 1/ 295 - 2/ 353 ليلى بنت عبد الله الأخيليّة 1/ 75 - 2/ 95 - 3/ 130 (م) مارسرجيس 2/ 124 ابن مارية-الحارث الأعرج مارية بنت ظالم بن وهب بن الحارث بن معاوية الكندى 2/ 460 ماء السّماء بنت عوف بن جشم 2/ 447 بنو مازن 2/ 500 المازنى-بكر بن محمد. أبو عثمان مالك (فى شعر) 2/ 100 - 3/ 146 ابنة مالك (فى شعر) 1/ 425 - 2/ 543،614 بنو مالك 1/ 368،376 مالك بن أنس 1/ 94 مالك بن الحارث بن عبد يغوث. الأشتر النّخعىّ 1/ 122 مالك بن حنظلة 1/ 193 - 2/ 316، 319 مالك بن حيّان 3/ 120 أبو مالك-عمرو بن كركرة مالك بن عوف بن عبد الله بن كلاب. جوّاب 2/ 592 مالك بن عويمر. المتنخل الهذلىّ 1/ 116،217 - 2/ 135، 220،223 مالك بن مسمع 1/ 198 مالك بن نويرة 2/ 616 ماوىّ-ترخيم ماوية (فى شعر) 1/ 90 ماوية (فى شعر) 2/ 413 المأمون-عبد الله بن هارون. الخليفة العبّاسىّ المبارك بن الفاخر بن محمد. أبو الكرم بن الدّبّاس 3/ 211 المبرّد-محمد بن يزيد. أبو العباس المتلمّس-جرير بن عبد المسيح متمّم بن نويرة 2/ 151،616 - 3/ 76 المتنبي-أحمد بن الحسين. أبو الطيّب المتنخّل الهذلىّ-مالك بن عويمر المثقّب العبدىّ-عائذ بن محصن مجاشع بن دارم بن حنظلة 2/ 125 ابن مجاهد-أحمد بن موسى بن العباس. أبو بكر مجاهد بن جبر 2/ 550 بنو محارب 2/ 269،271،272 أبو محجن الثقفىّ-عمرو بن حبيب

محرّق-عمرو بن هند. الملك محلّم (من ملوك اليمن) 2/ 231 أمّ محلّم (فى شعر) 3/ 208 أبو محلّم الشيبانىّ-عوف بن محلّم محمد أحمد الدّالى 1/ 355 - 2/ 229 (¬1) محمد بن أحمد بن فورجة. أبو علىّ 3/ 229 محمد بن أحمد بن كيسان. أبو الحسن 3/ 15،16،135 محمد بن جهير. زعيم الدولة. الوزير 2/ 276 محمد بن حبيب. أبو جعفر 1/ 187 محمد بن الحسن. أبو بكر بن دريد 1/ 148،175،229 - 2/ 164،265،488 - 3/ 110 محمد بن الحسين بن موسى. أبو الحسن. الشريف الرضىّ 1/ 40،42،44، 185،206،287،420، 2/ 83،446 (¬2) محمد خير الحلوانى 2/ 282 محمد بن زياد. أبو عبد الله بن الأعرابىّ 2/ 75،172 محمد بن السّرىّ. أبو بكر بن السّرّاج 2/ 35،113،151،381، 453،579،597 - 3/ 42 محمد بن سيرين 1/ 229 - 3/ 70،71 محمد بن العباس الأبيوردىّ 2/ 470 محمد عبد الخالق عضيمة 1/ 67 - 2/ 12،70،71،120، 154،179،196،212، 315،342،429،548، 566 محمد بن عبد الرحمن بن الأشعث 3/ 32 محمد بن عبد السلام القزوينىّ القاضى. أبو يوسف 2/ 479 محمد بن عبد الله بن قادم 1/ 375 محمد بن عبد الواحد الزاهد. أبو عمر غلام ثعلب 2/ 75،601 محمد عبده. الشيخ الإمام 2/ 479 محمد بن على بن أبى طالب. ابن الحنفيّة 3/ 111 محمد فؤاد عبد الباقى 2/ 67،95 محمد بن القاسم بن بشار الأنبارىّ. أبو بكر 2/ 405،414،420 - 3/ 38 محمد محمود بن التلاميد التّركزيّ الشّنقيطىّ 2/ 358 محمد محيى الدين عبد الحميد 1/ 140 محمد بن المستنير. قطرب 1/ 77 - 2/ 196،198،418،476، 530 - 3/ 151 محمد بن يزيد الأموىّ 1/ 353 محمد بن يزيد الثّمالى. أبو العباس المبرّد 1/ 34،157،193،194، ¬

(¬1) هو فى هذا الموضع مذكور بصفته: محقق سفر السعادة. (¬2) ساق ابن الشجرىّ نسبه فى هذا الموضع على هذا النحو: «محمد بن الطاهر أبى أحمد بن الحسين ابن موسى» والذى فى ترجمته من الكتب أن «أبا أحمد» كنية «الحسين» وهو أبوه. انظر سير أعلام النبلاء 17/ 285.

195،277،321،322، 324،362،386،387، 395،418،420 2/ 11،12،68،109، 110،111،113،120، 146،151،236،307، 316،317،320،321، 333،337،361،362، 381،441،458،497، 513،515،530،566، 567،597 3/ 13،122،132،135، 144،149،160،161، 178 محمود فجّال 2/ 95،355 محمود محمد شاكر، أبو فهر 1/ 180، 355 - 2/ 446،502،567، 606 - 3/ 29،64،118، 224 مخارق بن يحيى الجزّار. المغنّى 1/ 91، 3/ 18 مدرك بن حصن الأسدىّ 2/ 494 مرّ بن واقع 2/ 301 المرّار بن سعيد الفقعسىّ 2/ 561، 567 مربع (¬1) بن وعوعة بن سعية (سعيد) ابن قرط. . . بن كلاب (راوية جرير) 1/ 386 - 3/ 156 المرتضى-على بن الحسين بن موسى. الشريف مرجوم (¬2) (شهاب بن عبد القيس) 2/ 293 أبو المرجّى 2/ 274،276 مرجّى بن بتّاه البطائحيّ. الصارم 2/ 274 - وهو السابق. مرزبان-المرازبة 1/ 265،268 المرقّش الأكبر-عوف بن سعد بن مالك بنو مروان 1/ 187 مروان بن أبى حفصة 1/ 379 مروان بن الحكم 2/ 313 مرّة (اسم القبيلة) 2/ 141، 526،527 مرّة بن عدّاء الأسدىّ 2/ 494 مرّة بن عوف الذّبيانىّ 2/ 141 المزادقة 1/ 141 المسامعة 3/ 32 مسروق بن أبرهة 1/ 264 ابن مسعود-عبد الله مسكين الدّارمىّ-ربيعة بن عامر مسلم بن الوليد الأنصارىّ 3/ 138، 139 مسلمة بن عبد الملك 1/ 120 مسمع بن شيبان 3/ 32 المسيّب بن عامر 1/ 23 ¬

(¬1) نسبه فى جمهرة ابن حزم ص 283، وشرح أبيات المغنى 1/ 145. (¬2) الاشتقاق ص 333، واللسان (رجم)، وانظر طبقات فحول الشعر ص 893.

المسيّب بن علس 3/ 12 المسيح بن مريم-عيسى. عليه السّلام مصعب بن الزّبير 1/ 20،187، 198،199 - 2/ 397 المصعبان-عيسى بن مصعب، ومصعب بن الزّبير مضر بن نزار بن معدّ بن عدنان 1/ 210،227،335،407 - 3/ 54،75،76،195 مطر (فى شعر) 2/ 96 أبو مطر-عبيد الله بن زياد بن ظبيان. ربعىّ بنو معاوية بن جشم بن بكر. . . بن تغلب 1/ 187 معاوية بن أبى سفيان 1/ 20،175، 263،420،427 - 2/ 254، 450 معبد بن سعنة الضّبّىّ 1/ 173 ابن المعتزّ-عبد الله معدّ بن عدنان 2/ 149 - 3/ 87، 154 المعرّى-أحمد بن عبد الله. أبو العلاء معقّر بن حمار البارقىّ 1/ 37،397 ابن المعلّى (¬1) (الجارود بن عمرو) 2/ 293 أم معمر (فى شعر) 2/ 5 - 3/ 133 معمر بن المثنّى. أبو عبيدة 1/ 88، 174،226،251،335، 397 - 2/ 265،267،278، 366،461،462،589 - 3/ 167 معن (قبيلة) 3/ 193 المغيرة بن حبناء 1/ 191،194 أبو المغيرة-زياد بن أبيه المغيرة بن شعبة الثقفىّ 2/ 450، 451 المفضّل بن محمد الضبّىّ 1/ 125 - 2/ 556 ابن مقبل-تميم بن أبىّ مقيّدة الحمار-تماضر. امرأة من كنانة مكىّ بن أبى طالب المغربىّ 1/ 72 - 3/ 128،130،164 إلى 192 الملحدة 1/ 77 ملك النّحاة-الحسن بن صافى. أبو نزار مليكة (قينة) 1/ 110 الممزّق العبدىّ-شأس بن نهار المناذرة 3/ 32 المنافقون 2/ 144 منتجع بن نبهان الأعرابىّ 3/ 30 أبو المنذر-امرؤ القيس بن عمرو بن عدىّ المنذر بن امرئ القيس بن عمرو بن عدىّ المنذر بن امرئ القيس بن عمرو بن عدىّ 2/ 447،456 المنذر بن الجارود 3/ 32 المنذر بن عائذ بن المنذر. الأشجّ 2/ 174 المنذر بن ماء السماء. أبو عمرو بن هند ¬

(¬1) انظر طبقات فحول الشعراء ص 448.

2/ 447 المنذر بن المنذر بن امرئ القيس 2/ 459 منشم بنت الوجيه 1/ 178،179، 180 أبو منصور بن عضد الدولة 1/ 143 أبو منصور-موهوب بن أحمد بن الجواليقىّ المنقرىّ-أبو علىّ المهاجرون 2/ 63 المهالبة 1/ 147 - 3/ 32،33 مهذّب الدّولة-أحمد بن محمد بن أبى الجبر مهرة بن حيدان 2/ 271 المهلّب بن أبى صفرة 3/ 32 مهلهل بن ربيعة 1/ 79،172،283 - 2/ 67،359 مهيار بن مرزويه الدّيلمىّ 1/ 272 - 2/ 32 مؤرّج بن عمرو السّدوسىّ 1/ 244 موسى. عليه السلام 1/ 117،391، 407 - 2/ 295،431 - 3/ 74،172 أبو موسى الأشعرىّ-عبد الله بن قيس موهوب بن أحمد بن الجواليقىّ. أبو منصور 2/ 363،365،366 ميّ (فى رجز) 1/ 75 ميّ-ميّة (فى شعر) 1/ 419، 2/ 305،317،318،319، 325،409 ابن ميّادة-الرمّاح بن أبرد ميسون بنت بحدل الكلبيّة 1/ 427 الميمنىّ-عبد العزيز ميمون بن قيس. الأعشى الكبير 1/ 43، 53،111،219،241، 243،340،346،399، 403،409،419 2/ 22،55،63،76،107، 108،128،130،132، 165،177،196،219، 221،248،291،303، 361،366،372،373، 433،538،569،578، 609 3/ 23،127،156،202، 221،227،233 (ن) نائلة (صنم) 3/ 120 النابغة الجعدىّ-قيس بن عبد الله النابغة الذّبيانىّ-زياد بن معاوية بنو ناجية 1/ 300 نافع بن الأزرق 3/ 32 نافع بن أبى نعيم. القارئ 1/ 29،30، 66،68،196،232، 385 - 2/ 88،177،180، 295،520،591 3/ 14

ابن نباتة-عبد العزيز بن عمر. أبو نصر نبت بن أدد بن زيد بن يشجب. الأشعر 3/ 33 بنو النّجّار بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج 1/ 146 - 2/ 412 النّجاشىّ-قيس بن عمرو بن مالك أبو النجم العجلىّ-الفضل بن قدامة النّحاس-أحمد بن محمد بن إسماعيل. أبو جعفر ابن نزار (فى شعر) 2/ 238 أبو نزار-الحسن بن صافى. ملك النّحاة نساء قريش 1/ 199 نسر (صنم) 1/ 235 - 3/ 115، 121 النّصارى 1/ 118 - 2/ 145 - 3/ 80 نصر بن شاهد الخزاعىّ 1/ 179 نصر بن عيسى بن سميع الموصلىّ 2/ 520،522 أبو نصر بن نباتة-عبد العزيز بن عمر نصيب بن رباح 2/ 596 النّضيرة بنت الضّيزن 1/ 148، 149،150 النعمان (فى شعر) 3/ 57 بنو النعمان (فى شعر) 1/ 432 - 2/ 96 النعمان بن امرئ القيس بن عمرو اللّخمىّ 1/ 151،152،154 النعمان بن بشير بن سعد الخزرجىّ الأنصارىّ 1/ 119،315 النعمان بن ثابت. الإمام أبو حنيفة 1/ 272 النعمان بن المنذر. أبو قابوس 1/ 174، 175 - 2/ 95 - 3/ 129 أبو النعمان بن المنذر بن امرئ القيس بن عمرو 2/ 456 نعمان بن نجوان-ربيعة بن نجوان النمر بن تولب 2/ 81،409 - 3/ 129،149 النمر بن قاسط 2/ 447،462 نهشل (قبيلة) 2/ 63 نهشل بن زيد. أبو خيرة الأعرابىّ 3/ 30 أبو نواس-الحسن بن هانئ نوح. عليه السلام 2/ 431 - 3/ 119 بنو نويجية 3/ 56 (هـ‍) هابيل بن آدم 2/ 164 هارون. عليه السّلام 2/ 295 هارون بن عبد العزيز الأوارجىّ الكاتب. أبو علىّ 3/ 216،217،218 هارون بن محمد. الرشيد. الخليفة العبّاسىّ 1/ 54،333 هارون بن موسى. الأعور 2/ 517 - 3/ 41،43

هبيرة بن أبى وهب 2/ 412 بنو الهجيم بن عمرو بن تميم 1/ 145 هدبة بن خشرم 2/ 308 الهذلىّ 3/ 58 الهذلىّ-عبد مناف بن ربع الهذيل بن مجاشع 3/ 193 هذيل بن مدركة بن إلياس 2/ 614 - 3/ 56،58 الهرابذ 1/ 144 هرقل. ملك الروم 1/ 142،259، 264 هرم بن سنان المرّى 1/ 89،178 ابن هرمة-إبراهيم هرمز بن قباذ 1/ 264 - 2/ 460 الهزّانيّة-أم ثواب هشام بن عبد الملك 1/ 188،190، 200 أبو هلال العسكرىّ-الحسن بن عبد الله ابن سهل الهمام-الحارث بن أبى شمر همّام بن غالب. الفرزدق 1/ 16،19، 45،120،158،179، 183،286،301،386، 433 2/ 40،131،180،210، 235،238،277،313، 419،424،462،464، 496،533،560 3/ 63،65،156،163 الهمذانىّ-أحمد بن الحسين. بديع الزمان هميان بن قحافة 1/ 16 - 2/ 496 الهند 1/ 142 هند. من بنى بدر 2/ 409 هند (فى شعر) 1/ 90،346 - 2/ 21،39،234 - 3/ 253 هند بنت الحارث بن عمرو بن حجر آكل المرار الكندىّ 2/ 447 هند بنت النعمان بن المنذر 2/ 449، 450 هوازن 2/ 433 الهوازنيّون 2/ 265 أبو الهول الحميرىّ-عامر بن عبد الرحمن الهياطلة 1/ 142 الهيثم بن الربيع. أبو حيّة النّميرى 1/ 185 - 2/ 131،133، 566 (و) وائل بن قاسط بن هنب. . . بن معدّ بن عدنان 1/ 169 - 2/ 612 وبار 2/ 361 الوضّاح-الأبرش الوليد بن عبد الملك 1/ 187 الوليد بن عبيد. البحترىّ 2/ 480 - 3/ 136،240،268

الوليد بن عقبة بن أبى معيط 1/ 21 الوليد بن اليزيد 1/ 236 - 2/ 580 - 3/ 122 وهرز. من فارس 1/ 264،265 (ى) اليحصبىّ-عبد الله بن عامر. القارئ يحيى بن خالد البرمكىّ 1/ 348،349 يحيى بن زياد. أبو زكريّا الفرّاء 1/ 68،69،77،81،87، 102،189،221،223، 227،232،350،396، 2/ 87،99،183،184، 193،196،205،210، 211،243،256،257، 339،340،341،381، 382،393،398،399، 401،404،405،410، 511،513،519،529، 530،589،597 3/ 52،54،55،56،58، 59،72،90،127،128، 144،160،171،172، 176،177،189 يحيى بن عبد الحميد (؟) الكاتب 1/ 121 يحيى بن على. أبو زكريا التّبريزيّ 1/ 330 - 2/ 113 - 3/ 86، 92،105،155،209، 217،229،235،268، 269،270،271 يحيى بن محمد. الشريف أبو المعمّر 1/ 174 يحيى بن وثّاب 2/ 304،419 يحيى بن يعمر 1/ 112 بنو يربوع 1/ 163 - 2/ 486 - 3/ 108 يريم (ذو رعين الأكبر) 1/ 261، 262 - 2/ 246 يزن-ذو يزن يزيد بن الحكم الثقفىّ 1/ 270 - 2/ 18،512 يزيد بن عبد الملك 1/ 110 يزيد بن قطن بن زياد بن الحارث بن كعب. بنو الدّيان 2/ 456 يزيد بن القعقاع المدنى. أبو جعفر القارئ 1/ 160 - 2/ 410،520 يزيد بن مخرّم 2/ 304 يزيد بن مزيد الشّيبانىّ 3/ 138 يزيد بن مفرّغ الحميرىّ 1/ 131 - 2/ 443،445،3/ 269 يسار الكواعب 1/ 179،180 بنو يشكر 1/ 267 يعقوب. عليه السلام 3/ 245 يعقوب بن إبراهيم. أبو يوسف صاحب أبى حنيفة 1/ 272 يعقوب بن إسحاق الحضرمىّ

1/ 160 - 2/ 146 يعقوب بن إسحاق. ابن السّكّيت 1/ 183،219،338،397، 417 - 2/ 170،171،190، 536،555 اليمانون 2/ 265 ينوف (ذو شناتر) 1/ 261 اليهود 3/ 80 يوسف. عليه السلام 1/ 395 - 2/ 124،140 - 3/ 245 أبو يوسف صاحب أبى حنيفة-يعقوب ابن إبراهيم أبو يوسف-محمد بن عبد السلام القزوينىّ يونس بن حبيب 1/ 260،279 - 2/ 183،196،202،292، 381 - 3/ 42،191 ...

11 - فهرس البلدان والمواضع ونحوها

11 - فهرس البلدان والمواضع ونحوها (أ) الأبلّة 1/ 266 أثال 2/ 320 أجأ-جبلا طيّىء أحد 3/ 7،118 الأحصّ 1/ 172 الأخدود 1/ 262 أذربيجان 2/ 362 أرمام 3/ 76،77 الإسكندرية 1/ 142 إصطخر 1/ 266 أصفهان 1/ 430 أمج 2/ 162،461 الأناعم 1/ 206 الأنبار 2/ 456 أنطاكية 1/ 141،142 الأهواز 1/ 12 (ب) بابل 3/ 255 باجرمى 1/ 150 البحرين 1/ 180 بدر 3/ 186 البرّ 2/ 456 بردرايا 2/ 313 البصرة 1/ 61،349،356 - 2/ 424،471،510 بصرى 2/ 566 البطحاء 2/ 433 البطيحة 2/ 274 بعلبك 1/ 263 - 2/ 305 بغداد 1/ 3 - 2/ 464 البعوضة 2/ 151 بقّة 2/ 456 بكّة-مكّة بلاد الروم 1/ 151 بلاد العجم 1/ 144 بلاكث 2/ 504 بهرسير 1/ 144 البيت الحرام 2/ 113،536 (ت) تبراك 1/ 64 تبرك 3/ 114 تدمر 1/ 266 تكريت 1/ 144 تهامة 1/ 6 - 2/ 71،115 (ث) ثبير 1/ 135 الثّرثار 1/ 150 الثّغر 3/ 86 الثّلبوت 1/ 163،165

(ج) جبلا طيّىء 1/ 306 الجذاة 2/ 230 جرجرايا 2/ 313 جرثم 1/ 176 الجزيرة 1/ 144،299 - 2/ 456 - 3/ 259 الجفار 2/ 433 جلاجل 2/ 63 جوّ 2/ 247 الجواء 1/ 176 الجولان 2/ 458،459 (ح) حارث الجولان-الجولان الحجاز 1/ 110 - 2/ 360،512، 568 - 3/ 148 حجر 2/ 486 الحزن 3/ 107 حزوى 3/ 146 الحسن 2/ 182 حسمى 3/ 162 الحضر 1/ 144،148،149، 150 حمص 1/ 263 حنين 2/ 308 - 3/ 216 الحوأب 2/ 214 حوران 1/ 201 حولايا 2/ 313 حياض الدّيلم 2/ 613 الحيرة 1/ 150،161،264، 446،451 (خ) الخابور 1/ 137 خبت 2/ 479،480 خراسان 1/ 91،142،333 الخطّ 2/ 584 خفيّة 2/ 448،456 خوارزم-خواررزم 1/ 336 الخورنق 1/ 137،150،151، 154 (د) دجلة 1/ 137،144،148 دجيل 2/ 198 الدّحرضان 1/ 613 درابجرد 2/ 305 دمشق 1/ 3 - 2/ 533 - 3/ 10 دياف 1/ 201،299 دير الجاثليق 1/ 198،199 دير سعد (¬1) 1/ 205 دير هند بنت النعمان 2/ 449 ¬

(¬1) بين بلاد غطفان والشام، كما فى حواشى الأغانى 12/ 256، ولم أجده فى الدّيارات للشابشتىّ، لكنّ محقّقه ذكر فى مقدّمته ص 40 «دير سعيد» بظاهر الموصل، وهو نسبة إلى سعيد بن عبد الملك بن مروان الأموىّ، على ما ذكر ابن خلّكان فى الوفيات 3/ 406.

(ذ) ذات الإصاد 1/ 127،132 ذات الرّمث 1/ 127 ذو الجليل 2/ 614 ذو سلم 2/ 109 ذو المجاز 2/ 236 ذو مرخ 2/ 76 (ر) راذان 2/ 124 راسب 2/ 269 رعين 1/ 261 الرّمث-ذات الرّمث الرمل-رمل بنى جعدة 2/ 360 روميّة 1/ 142 (س) السّدير 1/ 151 السّغد 1/ 336 سفار 2/ 361 سقيفة بنى ساعدة 2/ 384 سلمى-جبلا طىّء سماهيج 2/ 584 السّند 1/ 419 - 2/ 305 السّند 3/ 33 (ش) الشام 1/ 10،118،144، 151،201،266،299 - 2/ 115،138،145،163، 459،465 - 3/ 140 شبيث 1/ 172 الشّرى 1/ 423 - 2/ 448 شهرزور 1/ 144 (ص) صرخد 1/ 206 صفّين 1/ 263 - 2/ 265 صنعاء 1/ 266 - 2/ 461 - 3/ 6 (ض) ضرغد 2/ 573 (ط) الطّفّ 1/ 199 طوى 2/ 251 طيبة 1/ 232 وانظر: المدينة (ع) العالية 1/ 260 عدن 1/ 264 العذيب 2/ 269 عراد 3/ 74 العراق 1/ 266 - 2/ 134،461

-3/ 118 عكاظ 2/ 433 العلياء 1/ 419 - 2/ 305 عوارض 2/ 573 عين التّمر 1/ 150 - 2/ 456 عيهم 1/ 176 (غ) الغرىّ 1/ 98 غسّان 2/ 459 غمدان 1/ 248،255،256، 260،266 - 2/ 460،461 - 3/ 6،،97 الغمير 2/ 456 (ف) فارس 1/ 144،266،349 وانظر فهرس الأعلام الفرات 1/ 144،176 - 2/ 454 فردة 3/ 74 فرغانة 1/ 142 فلج 3/ 57 (ق) القاع 2/ 504 قتائدة 2/ 122 - 3/ 30 قردة-فردة قرّى 1/ 57 القصيم (¬1) 1/ 421 القطقطانة 2/ 456 القفّ 1/ 163 - 3/ 108 قنا 2/ 573 قنّسرين 2/ 266 (ك) كاظمة 2/ 481 الكوفة 1/ 20،21،61،199 - 2/ 265،266،449،450، 451،461 (ل) لعلع 2/ 458 - 3/ 121 اللّوى 1/ 176 (م) مبين 1/ 421،422 المدائن 1/ 142 - 2/ 460 مدين 2/ 67 المدينة 1/ 263 - 2/ 563 - 3/ 7 وانظر: طيبة المرباع 1/ 150 مرو الشاهجان 3/ 58 ¬

(¬1) قيل إنه اسم المكان المعروف، وقيل: هو اسم نبات. اللسان (جرد-قصم).

مسكن 1/ 187،198 مشارف الشام 2/ 465 مصر 1/ 405 - 3/ 217،249 المغرب 1/ 352 مكة 1/ 36،127،181،356 - 2/ 101،296،527 - 3/ 7 الموصل 1/ 150،344،348 - 2/ 3 - 3/ 67 ميسان-ميسنان 1/ 336 (ن) نجد 1/ 6 - 2/ 71،261،290 نجران 1/ 59،61،262 - 2/ 136،458 نخل 1/ 335 النّسار 2/ 10 - 3/ 132 نضاد 1/ 127،133 النّقا 1/ 206 (هـ‍) هجر 1/ 12 - 2/ 136 الهند 2/ 178،501 - 3/ 156 هيت 2/ 456 (و) واسط 2/ 276 - 3/ 109 والغين 2/ 268 الوعساء 2/ 63 (ى) يبرين 1/ 118 - 2/ 145 يلملم 1/ 127،133 اليمامة 1/ 359 - 2/ 250،486، 582،583 اليمن 1/ 59،61،142،260، 261،262،264،265، 266 - 2/ 246،254،271 ...

12 - فهرس الأيام والوقائع

12 - فهرس الأيّام والوقائع حرب بكر وتغلب 1/ 172 حرب وائل 2/ 612 حرب اليمن والحبشة 1/ 142،259،262،264،265 - 2/ 460 مودّأة هجر 1/ 12 يوم أحد 3/ 7،118 يوم بدر 1/ 82،132 يوم الجمل 2/ 265 يوم حنين 2/ 308 - 3/ 216 يوم الخوارج بدولاب الأهواز 1/ 12 يوم ذى قار 1/ 267 يوم السّقيفة 2/ 384 يوم صفّين 2/ 265 يوم العظالى 2/ 468،471 يوم عكاظ 2/ 433 يوم قرّى 1/ 57 يوم لعلع 3/ 121 يوم النّسار 2/ 10 ...

13 - فهرس الكتب

13 - فهرس الكتب الاشتقاق. لابن دريد 1/ 175 إصلاح المنطق. لابن السّكّيت 1/ 20 إعراب القرآن. للنحاس 3/ 187 الأغانى. لأبى الفرج الأصفهانى 2/ 423 أمالى المرتضى-غرر الفوائد الأوسط. للأخفش 1/ 388 - 2/ 112 الإيضاح. لأبى علىّ الفارسىّ 1/ 4،93 - 2/ 57،69،100،494 - 3/ 111، 132،212 وانظر: التكملة التذكرة. لأبى علىّ الفارسىّ 1/ 231 - 2/ 25،170 - 3/ 100 تصحيح الفصيح-فصيح ثعلب-لابن درستويه 2/ 256،522 التكملة. لأبى علىّ الفارسىّ 2/ 206،243 وانظر: الإيضاح الجمهرة. لابن دريد 2/ 370 الحجّة. لأبى علىّ الفارسىّ 1/ 232 - 2/ 502 - 3/ 101 الحيوان. للجاحظ 3/ 93،271 الخصائص. لابن جنّى 1/ 4 ديوان الأدب. لأبى إبراهيم الفارابىّ 2/ 370 شرح كتاب سيبويه. للسيرافىّ 1/ 202،293 - 2/ 427،540 - 3/ 210 الشيرازيّات-المسائل الشيرازيات الصّحاح. للجوهرىّ 2/ 370 العوامل. لأبى علىّ الفارسىّ 1/ 228 العين. للخليل بن أحمد 2/ 370 غرر الفوائد ودرر القلائد. للشريف المرتضى 2/ 225 الغريب المصنّف. لأبى عبيد القاسم بن سلاّم 2/ 579 الفصيح. لثعلب 2/ 256 الكتاب. لسيبويه 1/ 57،111،134،166،193 - 2/ 45،151،236،304 - 3/ 13،81 المجمل. لابن فارس 1/ 220 - 2/ 370 - 3/ 269

المسائل الشيرازيات. لأبى علىّ الفارسىّ 3/ 96،97 مشكل إعراب القرآن. لمكىّ بن أبى طالب 3/ 128،130،164 معانى الشعر. لابن قتيبة 2/ 570 معانى القرآن. للفرّاء 3/ 177 المعلم. لأبى الكرم بن الدّبّاس 3/ 211 المقتضب. للمبرّد 1/ 34،324،386 - 2/ 497 مقدّمة فى النحو. لعبد القاهر الجرجانى 2/ 373 الملوكى فى التصريف. لابن جنىّ 2/ 339 الواسط. لأبى بكر بن الأنبارىّ 2/ 405،414،420،421 الوساطة بين المختصمين فى شعر المتنبى. للقاضى على بن عبد العزيز الجرجانى 3/ 228 ...

14 - فهرس الفوائد والتنبيهات من التعليقات

14 - فهرس الفوائد والتنبيهات من التعليقات (*) من الرسم العثمانى فى كتابة المصحف 2/ 153 اختيار رسم القراءة التى تتجه إليها القاعدة 2/ 36 - 3/ 152 القراءة سنّة مأثورة، ورواية متبعة، وليس كل ما يجوز فى العربيّة والنحو تجوز به القراءة 2/ 432 أبو بكر بن مجاهد ينفرد بنسبة قراءة 2/ 517 الكلام على حديث «الناس مجزيّون بأعمالهم، إن خيرا فخير وإن شرّا فشرّ 2/ 95 الكلام على «استغربوا لا تضووا» والزواج من الأقارب 2/ 252 الكلام على حديث «زر غبّا تزدد حبّا» 2/ 581 من آفات التعويل فى تخريج الأحاديث على «المعجم المفهرس» وحده دون الرجوع إلى دواوين السّنّة 2/ 355 الاجتزاء ب‍ «صلى الله عليه» دون «وسلم» طريقة لبعض المتقدّمين (¬1) 3/ 186،216 من الأسماء التى غيّرها النبى صلى الله عليه وسلم 2/ 615 من فقه النصوص والبصر بعبارات الأقدمين، والتنبّه لمراميهم البعيدة 2/ 227 تصحيح وتحرير لرواية الشعر 2/ 51،224،357 [مرّتين]،416،502،511، 537،547،562،569،596 - 3/ 26،64،150 تحرير شاهد من الشعر فى كتاب المغنى 2/ 92 من أسباب التخليط فى نسبة الشّعر 1/ 426 مناقشة العلاّمة الشّنقيطى فى نسبة بيت 2/ 358 مناقشة شيخنا عبد السلام هارون فى نسبة بعض الشواهد 2/ 489 نسبة شعر لجرير إلى الفرزدق 2/ 462 ¬

= يقع لى ولغيرى من المحقّقين كثير من الفوائد، ننثرها فى التعليقات نثرا، على امتداد الكتاب، وقد تخطئها العين فلا تقف عندها، فإذا أردنا أن نسلكها فى الفهارس العامة لا نجد لها موضعا أو مناسبة تنتظمها. فكان من الخير-إن شاء الله-أن تفرد هذه الفوائد فى بابة وحدها، تقييدا لها وتنبيها عليها. وقد قيل: «العلم صيد والكتابة قيد». والله من وراء القصد. (¬1) ويقع هذا كثيرا فى سند الحديث. انظر على سبيل المثال: الزهد لابن المبارك ص 267 - 271

نفى نسبة بعض الشعر إلى الأخطل 3/ 118 من أساليب القدماء فى تعيين قائل الشعر 2/ 425 الاحتكام فى تاريخ قول الشعر إلى قوّة الشعر وفحولته 2/ 446 الفرق بين منشد الشعر والمتمثل به وقائله 2/ 449 - 3/ 60 استحسان أبى العلاء بعض الشعر لبعده عن النفاق 2/ 451،452 ابن منظور يترحّم على الأعشى-وليس يصحّ؛ لأنه مات على الكفر فى أكثر الأقوال (¬1) - 1/ 242 - 2/ 569 هل عرض ابن مقبل فى شعره للأخطل، وبينها فى السّنّ فرق كبير؟ 2/ 546 فى شرح الواحدى على ديوان المتنبى أبيات للمتنبى، ليست توجد فى ديوانه المتداول، المنسوب شرحه للعكبرى 3/ 249 الطباع فى قول المتنبى: وتأبى الطباع على الناقل واحد مذكّر فيذكّر له الفعل، أم جمع طبع فيؤنّث له الفعل؟ 3/ 263 تصحيحات وتنبيهات عروضيّة 2/ 166،502،548،562 أبيات فيها إقواء كثير 2/ 606 إعراب «لا إله إلاّ الله» 2/ 65 بعض مسائل النحو يراد بها التدريب والتمرين ليس غير 2/ 507 من تقديرات النحاة ما هو بارد جدّا 3/ 114 البغداديون من النحاة: هم الكوفيون 2/ 552 إدغام قديم يشيع فى عاميّتنا المصرية الحديثة 2/ 616 تحرير المراد من المصطلح 2/ 523 ثمرة الضبط بالعبارة 2/ 419 البغدادىّ يقيّد تقييدا غريبا 2/ 500 اختلاف الكتب فى غريب الكلام، واختيار الأقرب إلى الذوق والحسّ اللّغوىّ 2/ 424، 450 ¬

(¬1) لصديقنا الدكتور عبد العزيز ناصر المانع بحث عنوانه: (وفادة الأعشى على الرسول أهى صحيحة؟) قال فى آخره: «لدىّ ميل قوىّ إلى دخول الأعشى فى الإسلام» انظر مجلة معهد المخطوطات العربية-الكويت-المجلد الثامن والعشرون-الجزء الأول. ربيع الآخر-رمضان 1404 هـ‍/يناير- يونيو 1984 م.

من الأخطاء القديمة فى الكتب 2/ 364 التصحيف الذى يوقع فيه خداع السّياق 2/ 36 من أمانة العلم عزو الآراء إلى أصحابها 2/ 154 من الأجوبة المسكتة (¬1) 3/ 41 ترك الواو والفاء ونحوهما فى أول الاستشهاد بالقرآن الكريم: جائز 1/ 43 - 2/ 411،415 ثلاثة يسمّون: الكميت 3/ 60 «دجاجة» فى أسماء الناس كلها بكسر الدال، أما فى الطير فمفتوح الدال 2/ 560 الكلام على ضبط الفعل «كسى» مبنيّا للفاعل 1/ 355 الضبط على الفهم الخاطئ 2/ 451 الجهلاء يراد بها الجاهليّة 2/ 611 لا يغنى كتاب عن كتاب 2/ 235 الكتب يصدّق بعضها بعضا 2/ 434 الخلط بين «أبى عبيد» و «أبى عبيدة» 3/ 167 أخذ العلماء بعضهم من بعض 3/ 7،139،140 يظهر أن فى أصول «كتاب سيبويه» المطبوع نقصا 1/ 191،192 - 2/ 70 فى كتاب «التمام فى تفسير شعر هذيل» لابن جنى، نقص 1/ 223 ... ¬

(¬1) وانظر شيئا منها فى فهرس الأخبار (مسائل العلوم والفنون).

15 - فهرس أبواب الدراسة

15 - فهرس أبواب الدراسة صفحة المقدّمة والعرض 3 - 13 الباب الأول: ابن الشجرى: حياته وعصره 15 - 19 شيوخه وتلاميذه 20 - 25 علمه وخلقه 26،27 مذهبه: تشيّعا واعتزالا 28 - 31 شعره 32،33 مصنّفاته-وبعضها لم يذكره مترجموه 34 - 36 الباب الثانى: آراء ابن الشجرى النحوية 37 - 70 الظاهرة الإعرابية 70 - 81 الحذف 82 - 89 الأدوات عند ابن الشجرى 90،91 الشواهد عند ابن الشجرى 92 - 94 القراءات عند ابن الشجرى 95،96 شواهد الحديث النبوى والأثر 97 - 101 شواهد الشعر 102 - 111 مصادر ابن الشجرى 112 - 155 أثر ابن الشجرى فى الدراسات النحوية واللغوية 156 - 179 مذهبه النحوى وموقفه من مدرسة الكوفة 180 - 186 الباب الثالث: أمالى ابن الشجرى: عرض وتعريف 187 - 190

منهج ابن الشجرى فى الأمالى 191،192 أسلوبه فيها 193،194 الانتقادات على الأمالى 195،196 رواية الأمالى 196 علوم العربية فى الأمالى 196 اللغة فى الأمالى 197 - 199 البلاغة والأدب 199 - 201 العروض والقوافى 202،203 التاريخ والأخبار والجغرافيا والبلدان 203،204 نسخ الأمالى المخطوطة 205 - 209 طبعتان سابقتان للأمالى 210،211 ...

16 - فهرس مراجع الدراسة والتحقيق

16 - فهرس مراجع الدراسة والتحقيق (أ) آكام المرجان فى أحكام الجانّ. للشّبلى. دار المعرفة-بيروت. مصورة عن طبعة السعادة بمصر 1326 هـ‍. ائتلاف النّصرة فى اختلاف نحاة الكوفة والبصرة. للشّرجى الزّبيدى. تحقيق الدكتور طارق الجنابى. عالم الكتب-مكتبة النهضة العربية. بيروت 1407 هـ‍-1987 م. الإبانة عن سرقات المتنبّى. للعميدى. تحقيق إبراهيم الدسوقى البساطى. دار المعارف بمصر 1961 م. الإبدال. لابن السّكّيت. تحقيق الدكتور حسين شرف. مطبوعات مجمع اللغة العربية بالقاهرة 1978 م. الإبدال والمعاقبة والنظائر. للزّجّاجى. تحقيق عز الدين التّنوخى. مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق 1381 هـ‍-1962 م الأبّدىّ ومنهجه فى النحو. مع تحقيق السفر الأول من شرحه على الجزوليّة. رسالة دكتوراه بكلية اللغة العربية-جامعة أم القرى. إعداد الدكتور سعد بن حمدان الغامدى. إبراز المعانى من حرز الأمانى-فى القراءات السبع. لأبى شامة المقدسى الدمشقى. مطبعة مصطفى البابى الحلبى بمصر 1402 هـ‍-1982 م الإبل. للأصمعىّ (الكنز اللغوى) نشره أوغست هفنر. المطبعة الكاثوليكية. بيروت 1903 م ابن الشجرى اللغوى الأديب. رسالة ماجستير بكلية الآداب-جامعة القاهرة 1971 م. من إعداد على عبّود السّاهى ابن الشجرى ومنهجه في النحو. لعبد المنعم أحمد التكريتى. بغداد 1975 م ابن كيسان النحوى. للدكتور محمد إبراهيم البنا. دار الاعتصام. القاهرة 1395 هـ‍- 1975 م أبو العلاء الناقد الأدبى. للدكتور السعيد السيّد عبادة. دار المعارف بمصر 1987 م أبو على الفارسى. للدكتور عبد الفتاح إسماعيل شلبى. نهضة مصر 1377 هـ‍-1958 م إتحاف فضلاء البشر فى القراءات الأربعة عشر. للدّمياطى. مطبعة عبد الحميد حنفى. القاهرة 1356 هـ‍. وتحقيق الدكتور شعبان محمد إسماعيل. عالم الكتب-بيروت، ومكتبة الكليات الأزهرية. القاهرة 1407 هـ‍-1987 م

اتفاق المبانى وافتراق المعانى. لابن بنين. تحقيق الدكتور يحيى عبد الرءوف جبر. دار عمار- الأردن 1405 هـ‍-1985 م الأحاجى النحوية-المحاجاة بالمسائل النحوية أحكام القرآن. لابن العربى. تحقيق على محمد البجاوى. مطبعة عيسى البابى الحلبى. القاهرة 1376 هـ‍-1957 م أخبار أبى تمام. لأبى بكر الصولى. تحقيق الدكتور خليل عساكر، والدكتور محمد عبده عزام، ونظير الإسلام الهندى. مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر. القاهرة 1356 هـ‍- 1937 م أخبار أبى القاسم الزجاجى. تحقيق الدكتور عبد الحسين المبارك. دار الرشيد للنشر- مطبوعات وزارة الثقافة والإعلام. بغداد 1401 هـ‍-1980 م إخبار العلماء بأخبار الحكماء-تاريخ الحكّام أخبار القضاة. لوكيع. صحّحه وعلق عليه عبد العزيز مصطفى المراغى. عالم الكتب-بيروت. نسخة مصورة عن نشرة المكتبة التجارية بمصر. مطبعة الاستقامة 1369 هـ‍-1950 م. الأخبار الموفّقيات. للزبير بن بكّار. تحقيق الدكتور سامى مكى العانى. ديوان الأوقاف. بغداد 1392 هـ‍-1972 م أخبار النحويّين البصريّين. لأبى سعيد السّيرافى تحقيق الدكتور محمد إبراهيم البنا. دار الاعتصام. القاهرة 1405 هـ‍-1985 م اختيار الممتع فى علم الشعر وعمله. لعبد الكريم النّهشلىّ تحقيق الدكتور محمود شاكر القطان. دار المعارف بمصر 1983 م. الاختيارين. للأخفش الأصغر على بن سليمان. تحقيق الدكتور فخر الدين قباوة. مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق 1380 هـ‍-1961 م أدب الكاتب. لابن قتيبة. ليدن 1900 م. وتحقيق محمد أحمد الدالى. مؤسسة الرسالة- بيروت 1402 هـ‍-1982 م أدب الكتّاب. لأبى بكر الصولى. تصحيح محمد بهجة الأثرى. المطبعة السلفيّة بمصر 1341 هـ‍ ارتشاف الضرب من لسان العرب. لأبى حيان النحوى. تحقيق الدكتور مصطفى أحمد النّمّاس. القاهرة 1404 هـ‍-1984 م إرشاد المبتدي وتذكرة المنتهى-فى القراءات العشر-لأبى العزّ الواسطى القلانسىّ. تحقيق عمر

حمدان الكبيسى. المكتبة الفيصلية بمكة المكرمة 1404 هـ‍-1984 م الأزمنة والأمكنة. للمرزوقى. حيدرآباد. الهند 1332 هـ‍ الأزهية فى علم الحروف. للهروى. تحقيق عبد المعين الملّوحى. مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق 1391 هـ‍-1971 م أساس البلاغة. للزمخشرى. دار الكتب المصرية 1341 هـ‍ أسباب حدوث الحرف. لابن سينا. تحقيق محمد حسّان الطيّان ويحيى مير علم. مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق 1403 هـ‍-1983 م أسباب نزول القرآن. للواحدى. تحقيق السيد أحمد صقر. القاهرة 1389 هـ‍-1969 م الاستدراك على كتاب سيبويه فى كتاب الأبنية. لأبى بكر الزّبيدى تحقيق الدكتور حنّا جميل حدّاد. دار العلوم-الرياض 1407 هـ‍-1987 م الاستغناء فى أحكام الاستثناء. لشهاب الدين القرافى. بتحقيق الدكتور طه محسن. وزارة الأوقاف العراقية. بغداد 1402 هـ‍-1982 م الاستيعاب فى معرفة الأصحاب. لابن عبد البرّ. تحقيق على محمد البجاوى. نهضة مصر 1970 م أسد الغابة فى معرفة الصحابة. لعز الدين بن الأثير. تحقيق الدكتور محمد البنا ومحمد عاشور. دار الشعب. القاهرة 1393 هـ‍ أسرار البلاغة. للعاملى (نشر مع المخلاة) دار المعرفة. بيروت-1399 هـ‍-1979 م أسرار البلاغة. لعبد القاهر الجرجانى. تحقيق هلموت ريتّر. استانبول 1954 م أسرار العربية. لأبى البركات الأنبارى. تحقيق محمد بهجة البيطار. مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق 1377 هـ‍-1957 م أسماء خيل العرب. للأسود الغندجانى. تحقيق الدكتور محمد على سلطانى. مؤسسة الرسالة. بيروت 1402 هـ‍-1981 م الأسماء المبهمة فى الأنباء المحكمة. للخطيب البغدادى. تحقيق الدكتور عز الدين على السيّد. مكتبة الخانجى. القاهرة 1405 هـ‍-1984 م أسماء المغتالين من الأشراف فى الجاهلية والإسلام. لابن حبيب (نوادر المخطوطات) تحقيق عبد السلام محمد هارون. مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر. القاهرة 1374 هـ‍-1954 م الإشارة إلى الإيجاز فى بعض أنواع المجاز. للعزّ بن عبد السلام. نشره الشيخ محمد النمنكانى. دار الفكر بدمشق. بدون تاريخ.

الأشباه والنظائر. للخالديّين. تحقيق الدكتور السيد محمد يوسف. مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر. القاهرة 1958 م. الأشباه والنظائر النحوية. للسيوطى. حيدرآباد. الهند 1361 هـ‍، وطبعة مجمع اللغة العربية بدمشق 1406 هـ‍-1985 م بتحقيق عبد الإله نبهان، وغازى مختار طليمات، وإبراهيم محمد عبد الله، وأحمد مختار الشريف. الاشتقاق. لابن دريد. تحقيق عبد السلام محمد هارون. مكتبة الخانجى. القاهرة 1378 هـ‍-1958 م اشتقاق أسماء الله. للزجاجى. تحقيق الدكتور عبد الحسين المبارك. مؤسسة الرسالة. بيروت 1406 هـ‍-1986 م أشعار اللصوص وأخبارهم. جمع وتحقيق عبد المعين الملّوحى. دار طلاّس للدراسات والترجمة والنشر دمشق 1988 م الإصابة فى تمييز الصحابة. لابن حجر العسقلانى. تحقيق على محمد البجاوى. نهضة مصر 1392 هـ‍-1972 م إصلاح غلط المحدّثين. للخطّابى. نشر مفردا بتحقيق الدكتور حاتم صالح الضامن. مؤسسة الرسالة. بيروت 1405 هـ‍-1985 م. ونشر بآخر: غريب الحديث للخطابى. وانظره فى موضعه من حرف الغين إصلاح ما غلط فيه أبو عبد الله النمرى فى «معانى أبيات الحماسة». للأسود الغندجانى. تحقيق الدكتور محمد على سلطانى. منشورات معهد المخطوطات العربية-الكويت 1405 هـ‍-1985 م إصلاح المنطق. لابن السّكّيت. تحقيق الشيخ أحمد محمد شاكر، وعبد السلام محمد هارون. دار المعارف بمصر 1970 م الأصمعيات. للأصمعى. تحقيق الشيخ أحمد محمد شاكر، وعبد السلام محمد هارون. دار المعارف بمصر 1970 م الأصنام. لابن الكلبى. تحقيق أحمد زكى باشا. دار الكتب المصرية 1343 هـ‍- 1924 م الأصوات اللغوية. للدكتور إبراهيم أنيس. الطبعة الرابعة. مكتبة الأنجلو. القاهرة 1971 م الأصول فى النحو. لابن السّراج. تحقيق الدكتور عبد الحسين الفتلى. مطبعة النعمان. النجف-العراق 1393 هـ‍-1973 م. وطبعة مؤسسة الرسالة بيروت 1405 هـ‍-1985 م الأضداد. لأبى بكر بن الأنبارى. تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم. الكويت 1960 م الأضداد. لأبى حاتم السجستانى (ثلاثة كتب فى الأضداد) تحقيق أوغست هفنر-

بيروت 1913 م الأضداد. لأبى الطيب اللغوى. تحقيق الدكتور عزّة حسن. مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق 1382 هـ‍-1963 م إعجاز القرآن. لأبى بكر الباقلاّنى. تحقيق السيد أحمد صقر. دار المعارف بمصر 1963 م أعجب العجب فى شرح لاميّة العرب. للزمخشرى. دار الوراقة. بيروت 1392 هـ‍ إعراب ثلاثين سورة. لابن خالويه. مطبعة دار الكتب المصرية 1360 هـ‍-1941. لحساب دائرة المعارف العثمانية. حيدرآباد. الهند إعراب الحديث النبوىّ. للعكبرىّ. تحقيق عبد الإله نبهان. مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق 1397 هـ‍-1977 م إعراب القرآن. للزجاج-معانى القرآن وإعرابه. إعراب القرآن المنسوب (¬1) خطأ إلى الزجاج. تحقيق إبراهيم الأبياري. المؤسسة المصرية العامة للتأليف والترجمة والنشر. القاهرة 1963 م إعراب القرآن. للنحّاس. تحقيق الدكتور زهير غازى زاهد. وزارة الأوقاف العراقية. بغداد 1397 هـ‍-1977 م الأعلام. لخير الدين الزركلى. الطبعة الثانية. القاهرة 1373 هـ‍-1954 م أعلام الحديث فى شرح صحيح البخارى. للخطابى. تحقيق الدكتور محمد بن سعد بن عبد الرحمن آل سعود. مركز إحياء التراث الإسلامى. جامعة أم القرى. مكة المكرمة 1409 هـ‍-1988 م أعيان الشيعة. للسيّد محسن الأمين. بيروت 1381 هـ‍-1961 م الأغانى. لأبى الفرج الأصبهانى. دار الكتب المصرية 1345 هـ‍-1927 م. والهيئة المصرية العامة للكتاب. القاهرة 1394 هـ‍-1974 م الإفصاح فى شرح أبيات مشكلة الإعراب. للفارقى. تحقيق سعيد الأفغانى. جامعة بنغازى. ليبيا 1394 هـ‍-1974 م الأفعال. للسّرقسطى. تحقيق الدكتور حسين شرف. مطبوعات مجمع اللغة العربية. القاهرة 1395 هـ‍-1975 م الأفعال. لابن القطّاع. عالم الكتب. بيروت. مصوّرة عن طبعة دائرة المعارف العثمانية. حيدرآباد. الهند 1361 هـ‍ الاقتضاب فى شرح أدب الكتّاب. لابن السّيد البطليوسى. بيروت 1901 م ¬

(¬1) وانظر الكلام على صحّة نسبة هذا الكتاب فى مقدمتى لكتاب الشعر ص 96

الإقناع فى القراءات السبع. لابن الباذش. تحقيق الدكتور عبد المجيد قطامش. مركز البحث العلمى وإحياء التراث الإسلامى. بجامعة أم القرى. مكة المكرمة 1403 هـ‍ الإكسير فى علم التفسير. لنجم الدين الطوفى الحنبلى. تحقيق الدكتور عبد القادر حسين. مكتبة الآداب. القاهرة 1397 هـ‍-1977 م إكمال الإعلام بتثليث الكلام. لابن مالك. تحقيق الدكتور سعد بن حمدان الغامدى. مركز البحث العلمى وإحياء التراث الإسلامى. جامعة أم القرى. مكة المكرمة 1404 هـ‍- 1984 م الألفاظ لابن السّكّيت-تهذيب الألفاظ ألقاب الشعراء ومن يعرف منهم بأمّه. لابن حبيب (نوادر المخطوطات) تحقيق عبد السلام محمد هارون. مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر. القاهرة 1373 هـ‍-1954 م الإمالة فى القراءات واللهجات العربية. للدكتور عبد الفتاح إسماعيل شلبى. نهضة مصر. الطبعة الثانية 1391 هـ‍-1971 م أمالى ابن الحاجب-أو الأمالى النحوية-تحقيق الدكتور هادى حسن حمودى. عالم الكتب- مكتبة النهضة العربية-بيروت 1405 هـ‍-1985 م أمالى الزجاجى. تحقيق عبد السلام محمد هارون. المؤسسة العربية الحديثة. القاهرة 1382 هـ‍ أمالى السّهيلى. تحقيق الدكتور محمد إبراهيم البنا. مطبعة السعادة بمصر 1390 هـ‍- 1970 م أمالى القالى. دار الكتب المصرية 1344 هـ‍-1926 م أمالى المرتضى-وتسمى غرر الفوائد ودرر القلائد-تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم. مطبعة عيسى البابى الحلبى. القاهرة 1373 هـ‍-1954 م أمالى اليزيدى. حيدرآباد. الهند 1367 هـ‍-1948 م الإمتاع والمؤانسة. لأبى حيان التوحيدى. تحقيق أحمد أمين، وأحمد الزين، وإبراهيم الأبيارى. مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر. القاهرة 1373 هـ‍-1953 م الأمثال فى الحديث النبوى. لأبى الشيخ الأصبهانى. تحقيق الدكتور عبد العلىّ عبد الحميد. الدار السلفيّة. بومباى. الهند 1402 هـ‍-1982 م الأمثال. لأبى عبيد القاسم بن سلام. تحقيق الدكتور عبد المجيد قطامش. مركز البحث العلمى وإحياء التراث الإسلامى. جامعة أم القرى. مكة المكرمة 1400 هـ‍-1980 م الأمثال. لأبى عكرمة الضبّىّ. تحقيق الدكتور رمضان عبد التواب. مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق. بدون تاريخ.

الأمثال. لمؤرّج السّدوسىّ. تحقيق الدكتور أحمد الضّبيب. الرياض 1390 هـ‍-1970 م إملاء ما منّ به الرحمن (¬1) -التبيان فى إعراب القرآن إنباه الرّواة على أنباه النحاة. للقفطى. تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم. دار الكتب المصرية 1369 هـ‍ أنساب الأشراف. للبلاذرى. بيروت 1400 هـ‍-1979 م الإنصاف فى مسائل الخلاف. لأبى البركات الأنبارى. المكتبة التجارية. القاهرة 1380 هـ‍-1961 م الإنصاف فى التنبيه على الأسباب التى أوجبت الاختلاف بين المسلمين فى آرائهم. لابن السّيد البطليوسى. تحقيق الدكتور محمد رضوان الداية. دار الفكر. دمشق 1394 هـ‍-1974 م أنوار التنزيل وأسرار التأويل. للبيضاوى. مؤسسة شعبان للنشر والتوزيع. بيروت. مصوّرة عن طبعة الميمنيّة بمصر 1330 هـ‍ أنوار الربيع فى أنواع البديع. لابن معصوم. تحقيق شاكر هادى شكر. النجف-العراق 1388 هـ‍-1968 م أنيس الجلساء فى شرح ديوان الخنساء. تصحيح لويس شيخو. بيروت 1896 م الأوائل. لأبى هلال العسكرى. تحقيق الدكتور وليد قصاب، ومحمد المصرى. الطبعة الثالثة. دار العلوم. الرياض 1400 هـ‍-1980 م أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك. لابن هشام. تحقيق الشيخ محمد محيى الدين عبد الحميد. الطبعة الخامسة. دار الجيل-بيروت 1399 هـ‍-1979 م. مصوّرة عن الطبعة المصرية الإيضاح. لأبى على الفارسىّ. تحقيق الدكتور حسن شاذلى فرهود. مطبعة دار التأليف (¬2). القاهرة 1389 هـ‍-1969 م إيضاح شواهد الإيضاح. للقيسى. تحقيق الدكتور محمد بن حمود الدّعجانى. دار الغرب الإسلامى، بيروت 1408 هـ‍-1987 م الإيضاح فى شرح المفصل. لابن الحاجب. تحقيق الدكتور موسى بناى العليلى. وزارة الأوقاف العراقية. بغداد 1982 م ¬

(¬1) انظر ص 71 من الدراسة. (¬2) هذه غير مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر، الشهيرة.

الإيضاح فى علل النحو. للزجّاجى. تحقيق الدكتور مازن المبارك. دار العروبة. القاهرة 1378 هـ‍-1959 م إيضاح الوقف والابتداء. لأبى بكر بن الأنبارى. تحقيق الدكتور محيى الدين عبد الرحمن رمضان. مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق 1390 هـ‍-1971 م الإيناس فى علم الأنساب. للوزير المغربى. تحقيق حمد الجاسر. النادى الأدبى. الرياض 1400 هـ‍-1980 م (ب) البارع فى علم العروض. لابن القطّاع. تحقيق الدكتور أحمد محمد عبد الدائم. المكتبة الفيصلية. مكة المكرمة 1405 هـ‍-1985 م البئر. لابن الأعرابى. تحقيق الدكتور رمضان عبد التواب. الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر 1970 م البحر المحيط. لأبى حيان النحوى. مطبعة السعادة بمصر 1328 هـ‍ البخلاء. للجاحظ. تحقيق الدكتور طه الحاجرى. دار المعارف بمصر 1963 م بدائع الفوائد. لابن قيّم الجوزيّة. دار الكتاب العربى. بيروت. نسخة مصوّرة عن طبعة المنيرية بمصر البداية والنهاية. لابن كثير. القاهرة 1348 هـ‍ البدر السافر فى أنس المسافر. للأدفوى. مصورة بمعهد المخطوطات بالقاهرة برقم (81) تاريخ البديع. لابن المعتز. نشره اغناطيوس كراتشكوفسكى. سلسلة جب التذكارية. لندن 1935 م بديع القرآن. لابن أبى الإصبع المصرى. تحقيق الدكتور حفنى شرف. نهضة مصر 1392 هـ‍-1972 م البرصان والعرجان والعميان والحولان. للجاحظ. تحقيق عبد السلام محمد هارون. منشورات وزارة الثقافة العراقية. بغداد 1402 هـ‍-1982 م البرهان فى علوم القرآن. للزركشى. تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم. مطبعة عيسى البابى الحلبى. القاهرة 1376 هـ‍-1957 م البرهان الكاشف عن إعجاز القرآن. لابن الزملكانى. تحقيق الدكتورة خديجة الحديثى، والدكتور أحمد مطلوب. رئاسة ديوان الأوقاف-بغداد 1394 هـ‍-1974 م

البسيط فى شرح جمل الزّجاجى. تحقيق الدكتور عياد بن عيد الثّبيتى. دار الغرب الإسلامى. بيروت 1407 هـ‍-1986 م بصائر ذوى التمييز فى لطائف الكتاب العزيز. للفيروزآبادي. تحقيق الشيخ محمد على النجار، وعبد العليم الطحاوى. المجلس الأعلى للشئون الإسلامية. القاهرة 1383 هـ‍ البصريات-المسائل البصريات البغداديات-المسائل المشكلة المعروفة بالبغداديات بغية الآمال فى معرفة مستقبلات الأفعال. لأبى جعفر اللّبلىّ. تحقيق جعفر ماجد. الدار التونسية للنشر 1972 م بغية الوعاة فى طبقات اللغويين والنحاة. للسّيوطى. تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم. مطبعة عيسى البابى الحلبى 1384 هـ‍-1964 م بلاد العرب. للحسن بن عبد الله، المعروف بلغدة الأصبهانى. تحقيق حمد الجاسر والدكتور صالح العلىّ. دار اليمامة. الرياض 1388 هـ‍-1968 م بلاغات النساء. لابن طيفور. دار الحداثة للطباعة والنشر. بيروت 1987 م البلغة فى تاريخ أئمة اللغة. للفيروزآبادي. تحقيق محمد المصرى. دمشق 1392 هـ‍- 1972 م البلغة فى الفرق بين المذكر والمؤنث. لأبى البركات الأنبارى. تحقيق الدكتور رمضان عبد التواب. دار الكتب المصرية 1970 م بهجة المجالس وأنس المجالس. لابن عبد البرّ. تحقيق الدكتور محمد مرسى الخولى. الدار المصرية للتأليف والترجمة. القاهرة 1962 م البيان فى غريب إعراب القرآن. لأبى البركات الأنبارى. تحقيق الدكتور طه عبد الحميد طه. دار الكاتب العربى. القاهرة 1389 هـ‍-1969 م البيان والتبيين. للجاحظ. تحقيق عبد السلام محمد هارون. مكتبة الخانجى. القاهرة 1380 هـ‍-1960 م (ت) تاج العروس من جواهر القاموس، للمرتضى الزّبيدى. طبعة القاهرة 1306 هـ‍ وطبعة الكويت 1385 هـ‍-1965 م تاريخ آداب العرب. لمصطفى صادق الرافعى. مطبعة الأخبار بمصر 1329 هـ‍-1911 م

تاريخ الأدب العربى. لبروكلمان (الجزء الخامس) تحقيق الدكتور رمضان عبد التواب. ومراجعة الدكتور السيد يعقوب بكر. دار المعارف بمصر 1976 م تاريخ الإسلام. للذهبى. مصورة بمعهد المخطوطات بالقاهرة، برقم (98) تاريخ تاريخ بغداد. للخطيب البغدادى. مطبعة السعادة بمصر 1349 هـ‍ تاريخ الحكماء. للقفطى. تحقيق ليبرت. ليبزج 1903 م تاريخ دولة آل سلجوق. للعماد الأصبهانى. اختصار الفتح بن على بن محمد البندارى الأصبهانى. مطبعة الموسوعات بمصر 1318 هـ‍-1900 م تاريخ الطبرى. تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم. دار المعارف بمصر 1380 هـ‍-1960 م التاريخ الكبير. للبخارى. تصحيح عبد الرحمن بن يحيى المعلمى اليمانى. دائرة المعارف العثمانية. حيدرآباد. الهند 1360 هـ‍ تأويل مشكل القرآن. لابن قتيبة. تحقيق السيد أحمد صقر. دار التراث. القاهرة 1393 هـ‍- 1973 م التبصرة والتذكرة. للصيمرى. تحقيق الدكتور فتحى أحمد مصطفى علىّ الدين. مركز البحث العلمى وإحياء التراث الإسلامى. جامعة أم القرى. مكة المكرمة 1402 هـ‍- 1982 م تبصير المنتبه بتحرير المشتبه. لابن حجر العسقلانى. تحقيق على محمد البجاوى. الدار المصرية للتأليف والترجمة 1383 هـ‍-1964 م التبيان فى إعراب القرآن-وهو المسمّى إملاء ما من به الرحمن-لأبى البقاء العكبرى. تحقيق على محمد البجاوى. مطبعة عيسى البابى الحلبى بمصر 1396 هـ‍-1976 م التبيان فى علم البيان المطلع على إعجاز القرآن. لابن الزملكانى. تحقيق الدكتور أحمد مطلوب، والدكتورة خديجة الحديثى. مطبعة العانى. بغداد 1383 هـ‍-1964 م التبيين عن مذاهب النحويّين. لأبى البقاء العكبرى. تحقيق الدكتور عبد الرحمن بن سليمان العثيمين. دار الغرب الإسلامى. بيروت 1406 هـ‍-1986 م تثقيف اللسان وتلقيح الجنان. لابن مكّى الصّقلىّ. تحقيق الدكتور عبد العزيز مطر. المجلس الأعلى للشئون الإسلامية. القاهرة 1386 هـ‍-1966 م تحرير التحبير. لابن أبى الإصبع المصرى. تحقيق الدكتور حفنى شرف. المجلس الأعلى للشئون الإسلامية. القاهرة 1383 هـ‍. تدريب الراوى فى شرح تقريب النواوى. للسيوطى. تحقيق الشيخ عبد الوهاب عبد اللطيف. دار إحياء السنة النبوية. بيروت 1399 هـ‍-1979 م. مصورة عن طبعة دار الكتب الحديثة بالقاهرة 1385 هـ‍-1966 م

التذكرة السعدية فى الأشعار العربية. للعبيدى. تحقيق الدكتور عبد الله الجبورى. مطابع النعمان. النجف. العراق 1391 هـ‍-1972 م. تذكرة الموضوعات. للفتّنى الهندى. دار إحياء التراث العربى، بيروت 1399 هـ‍ مصورة بالأوفست. تذكرة النحاة. لأبى حيان النحوى. تحقيق الدكتور عفيف عبد الرحمن. مؤسسة الرسالة. بيروت 1406 هـ‍-1986 م. تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد. لابن مالك. تحقيق الدكتور محمد كامل بركات. دار الكتاب العربى بمصر 1387 هـ‍ تصحيح الفصيح-فصيح ثعلب-لابن درستويه. تحقيق الدكتور عبد الله الجبورى. ديوان الأوقاف. بغداد 1395 هـ‍-1975 م تصحيفات المحدّثين. لأبى أحمد العسكرى. تحقيق الدكتور محمود ميرة. القاهرة 1402 هـ‍ -1982 م التصحيف والتحريف-شرح ما يقع فيه. . . التصريح بمضمون التوضيح. للشيخ خالد الأزهرى. مطبعة عيسى البابى الحلبى. القاهرة بدون تاريخ تصريف الأسماء. للشيخ محمد الطنطاوى. مطبوعات الجامعة الإسلامية بالمدينة النبويّة 1408 هـ‍ التعازى. للمدائنى. تحقيق ابتسام مرهون الصفّار، وبدرى محمد فهد. مطبعة النعمان. النجف. العراق 1391 هـ‍-1971 م التعازى والمراثى. للمبرّد. تحقيق محمد الدّيباجى. مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق 1976 م تعليق من أمالى ابن دريد. تحقيق الدكتور السيد مصطفى السّنوسى. قسم التراث العربى بالمجلس الوطنى للثقافة والفنون والآداب. الكويت 1404 هـ‍-1984 م تفسير ابن كثير. تحقيق الدكاترة محمد البنا ومحمد عاشور وعبد العزيز غنيم. دار الشعب بالقاهرة 1390 هـ‍-1971 م تفسير الطبرى. تحقيق محمود محمد شاكر. دار المعارف بمصر 1374 هـ‍ تفسير القرطبى. دار الكتب المصرية 1372 هـ‍-1952 م تفسير مجاهد. تحقيق الدكتور محمد عبد السلام أبو النيل. دار الفكر الإسلامى الحديثة- مدينة نصر-القاهرة. وطبع دار هجر 1410 هـ‍-1989 م

تفسير أبيات المعانى من شعر أبى الطيب المتنبى. لأبى المرشد سليمان بن على المعرى. تحقيق الدكتور مجاهد الصّواف، والدكتور محسن غياض. مركز البحث العلمى وإحياء التراث الإسلامى. جامعة أم القرى. مكة المكرمة 1399 هـ‍-1979 م تفسير أرجوزة أبى نواس فى تقريظ الفضل بن الربيع. لابن جنى. تحقيق محمد بهجة الأثرى. الطبعة الثانية. مجمع اللغة العربية بدمشق 1400 هـ‍-1979 م تفسير أسماء الله الحسنى. للزّجاج. تحقيق أحمد يوسف الدقاق. مطبعة محمد هاشم الكتبى. دمشق 1394 هـ‍-1974 م تفسير غريب القرآن لابن قتيبة-غريب القرآن تقويم اللسان. لابن الجوزى. تحقيق الدكتور عبد العزيز مطر. الطبعة الثانية. دار المعارف بمصر 1983 م التكملة. لأبى على الفارسى-وهى الجزء الثانى من كتابه الإيضاح-تحقيق الدكتور حسن شاذلى فرهود. جامعة الملك سعود (الرياض) 1401 هـ‍-1981 م. وطبعة بغداد 1401 هـ‍-1981 م. بتحقيق الدكتور كاظم بحر مرجان. التكملة والذيل والصلة. للصاغانى. تحقيق عبد العليم الطحاوى، ومحمد أبو الفضل إبراهيم، وإبراهيم الأبيارى. مطبوعات مجمع اللغة العربية بالقاهرة 1970 م تلخيص البيان فى مجازات القرآن. للشريف الرضىّ. تحقيق محمد عبد الغنى حسن. مطبعة عيسى البابى الحلبى. القاهرة 1374 هـ‍-1955 م تلخيص الحبير فى تخريج أحاديث الرافعى الكبر. لابن حجر العسقلانى. مطبعة الأنصارى. دهلى. الهند 1307 هـ‍ التلخيص فى معرفة أسماء الأشياء. لأبى هلال العسكرىّ بتحقيق الدكتور عزّة حسن. مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق 1389 هـ‍-1969 م تلخيص المتشابه فى الرسم وحماية ما أشكل منه عن بوادر التصحيف والوهم. للخطيب البغدادى. تحقيق سكينة الشهابى. دار طلاّس للدراسات والترجمة والنشر. دمشق 1405 هـ‍-1985 م تلخيص المستدرك. للذهبى. مطبوع بذيل المستدرك للحاكم. وانظره فى موضعه. التمام فى تفسير شعر هذيل ممّا أغفله أبو سعيد السّكّرى. لابن جنى. تحقيق ناجى القيسى، وأحمد مطلوب، وخديجة الحديثى. بغداد 1381 هـ‍ تمام المتون فى شرح رسالة ابن زيدون-وهى الرسالة الجدّيّة-لصلاح الدين الصفدى. تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم. دار الفكر العربى. القاهرة 1389 هـ‍-1969 م

التمثيل والمحاضرة. للثعالبى. تحقيق الدكتور عبد الفتاح محمد الحلو. مطبعة عيسى البابى الحلبى. القاهرة 1381 هـ‍-1961 م تنبيه الأديب على ما فى شعر أبى الطيب من الحسن والمعيب. لباكثير الحضرمى. تحقيق رشيد العبيدى. وزارة الإعلام العراقية. بغداد 1396 هـ‍-1976 م التنبيه على حدوث التصحيف. لحمزة الأصفهاني. تحقيق محمد أسعد طلس. ومراجعة أسماء الحمصى وعبد المعين الملّوحى. مطبوعات مجمع اللغة بدمشق 1388 هـ‍- 1968 م. التنبيه والإيضاح عمّا وقع فى الصّحاح. لابن برّى. تحقيق مصطفى حجازى وعبد العليم الطحاوى. مطبوعات مجمع اللغة العربية بالقاهرة 1980 م التنبيهات على أغاليط الرواة. لعلى بن حمزة البصرى (نشر مع كتاب المنقوص والممدود للفراء) تحقيق عبد العزيز الميمنى الراجكوتى. دار المعارف بمصر 1387 هـ‍ تهذيب الأسماء واللغات. للنووى. دار الطباعة المنيرية. القاهرة 1344 هـ‍ تهذيب إصلاح المنطق لابن السّكيت. والمهذّب أبو زكريا التبريزى. تحقيق الدكتور فخر الدين قباوة. دار الآفاق الجديدة-بيروت 1403 هـ‍-1983 م تهذيب الألفاظ لابن السّكّيت. والمهذّب أبو زكريا التبريزى. نشره لويس شيخو. بيروت 1895 م تهذيب التهذيب. لابن حجر العسقلانى. حيدرآباد. الهند 1325 هـ‍ تهذيب اللغة. للأزهرى. المؤسسة المصرية العامة 1384 هـ‍-1964 م (ث) ثمار القلوب فى المضاف والمنسوب. للثعالبى. تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم. نهضة مصر 1384 هـ‍-1965 م ثمرات الأوراق. لابن حجّة الحموى. صححه محمد أبو الفضل إبراهيم. مكتبة الخانجى. القاهرة 1971 م. (ج) جامع الأصول فى أحاديث الرسول. لمجد الدين بن الأثير. تحقيق عبد القادر الأرناءوط.

مكتبات الحلوانى والملاح ودار البيان. دمشق 1389 هـ‍-1969 م الجامع الصغير. للسيوطى. مطبعة مصطفى البابى الحلبى بمصر 1373 هـ‍-1954 م الجامع الكبير-أو جمع الجوامع-للسيوطى. نسخة مصورة عن مخطوطة دار الكتب المصرية -برقم (95) حديث قوله. مطابع الهيئة المصرية العامة للكتاب 1978 م الجامع لأخلاق الراوى وآداب السامع. للخطيب البغدادى. تحقيق الدكتور محمود الطحّان. مكتبة المعارف. الرياض 1403 هـ‍-1983 م الجرح والتعديل. لابن أبى حاتم الرازى. تصحيح عبد الرحمن بن يحيى المعلمى اليمانى. حيدرآباد. الهند 1371 هـ‍-1952 م جمال القراء وكمال الإقراء. لعلم الدين السخاوى. تحقيق الدكتور على حسين البوّاب. مكتبة التراث-مكة المكرمة. مطبعة المدنى. القاهرة 1408 هـ‍-1987 م الجمان فى تشبيهات القرآن. لابن ناقيا البغدادى. تحقيق عدنان زرزور، ومحمد رضوان الداية. الكويت 1968 م. وطبعة الدكتور مصطفى الجوينى. منشأة المعارف بالإسكندرية 1974 م الجمل. للزجاجى. تحقيق الدكتور على توفيق الحمد. مؤسسة الرسالة-دار الأمل- بيروت-الأردن 1404 هـ‍-1984 م الجمل المنسوب للخليل بن أحمد. وليس يصحّ له. تحقيق الدكتور فخر الدين قباوة. مؤسسة الرسالة-بيروت 1405 هـ‍-1985 م جمهرة أشعار العرب. لأبى زيد القرشى. تحقيق على محمد البجاوى. نهضة مصر 1387 هـ‍-1967 م جمهرة الأمثال. لأبى هلال العسكرى. تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، وعبد المجيد قطامش. المؤسسة العربية الحديثة. القاهرة 1384 هـ‍-1964 م جمهرة أنساب العرب. لابن حزم. تحقيق عبد السلام محمد هارون. دار المعارف بمصر 1382 هـ‍-1962 م الجمهرة فى اللغة. لابن دريد. حيدرآباد. الهند 1351 هـ‍ الجنى الدانى فى حروف المعانى. لابن أم قاسم المرادى. تحقيق الدكتور فخر الدين قباوة، ومحمد نديم فاضل. المكتبة العربية بحلب 1393 هـ‍-1973 م جواهر الأدب فى معرفة كلام العرب. لعلاء الدين الإربلى. تحقيق الدكتور حامد أحمد نيل. مكتبة النهضة المصرية 1404 هـ‍-1984 م

(ح) حاشية الأمير على المغنى. طبع مع المغنى بمطبعة عيسى البابى الحلبى بمصر. بدون تاريخ. حاشية البغدادى على شرح بانت سعاد لابن هشام. تحقيق نظيف محرّم خواجه. النشرات الإسلامية لجمعية المستشرقين الألمانية. دار صادر-بيروت 1400 هـ‍-1980 م حاشية الدسوقى على مغنى اللبيب. مطبعة بولاق بمصر 1286 هـ‍ حاشية الصبان على الأشمونى-انظرها مع شرح الأشمونى على ألفية ابن مالك حاشية يس على التصريح-انظرها مع التصريح بمضمون التوضيح الحجّة فى القراءات السبع. لابن خالويه. تحقيق الدكتور عبد العال سالم مكرم. دار الشروق. بيروت 1971 م. حجّة القراءات. لابن زنجلة. تحقيق سعيد الأفغانى. بنغازى-ليبيا 1394 هـ‍-1974 م الحجة للقراء السبعة. لأبى على الفارسى. مصورة نسخة مكتبة البلدية بالإسكندرية برقم (3570) الحديث النبويّ الشريف وأثره فى الدراسات اللغوية والنحوية. للدكتور محمد ضارى حمّادى. اللجنة الوطنية للاحتفال بمطلع القرن الخامس عشر الهجرى. بغداد 1402 هـ‍-1982 م الحديث النبوى فى النحو العربى. للدكتور محمود فجّال. نادى أبها الأدبى. شركة العبيكان للطباعة والنشر. الرياض 1404 هـ‍-1984 م حروف المعانى. للزجاجى. تحقيق الدكتور على توفيق الحمد. مؤسسة الرسالة-دار الأمل -بيروت-الأردن 1406 هـ‍-1986 م حروف الممدود والمقصور. لابن السّكّيت. تحقيق الدكتور حسن شاذلى فرهود. دار العلوم -الرياض 1405 هـ‍-1985 م حسن المحاضرة فى تاريخ مصر والقاهرة. للسيوطى. تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم. مطبعة عيسى البابى الحلبى. القاهرة 1387 هـ‍-1968 م الحلبيّات-المسائل الحلبيّات الحلل فى شرح أبيات الجمل. لابن السيّد البطليوسى. تحقيق الدكتور مصطفى إمام. مطبعة الدار المصرية للطباعة والنشر. القاهرة 1979 م حلية الأولياء وطبقات الأصفياء. لأبى نعيم الأصبهانى. دار الكتاب العربى، بيروت 1405 هـ‍-1985 م. نسخة مصورة عن طبعة السعادة والخانجى بمصر 1357 هـ‍

حماسة أبى تمام. تحقيق الدكتور عبد الله عبد الرحيم عسيلان. مطبوعات جامعة الإمام محمد ابن سعود الإسلامية. الرياض 1401 هـ‍-1981 م حماسة البحترى. ضبط لويس شيخو. دار الكتاب العربى. بيروت 1387 هـ‍-1967 م الحماسة البصرية. لصدر الدين البصرى. تحقيق الدكتور مختار الدين أحمد. حيدرآباد. الهند 1383 هـ‍-1964 م. وتحقيق الدكتور عادل سليمان جمال. المجلس الأعلى للشئون الإسلامية. القاهرة 1398 هـ‍-1408 م الحماسة الشجرية. لابن الشجرى. تحقيق عبد المعين الملّوحى وأسماء الحمصى. منشورات وزارة الثقافة. دمشق 1970 م حواشى ابن برّى على الصحاح-التنبيه والإيضاح الحيوان. للجاحظ. تحقيق عبد السلام محمد هارون. مطبعة مصطفى البابى الحلبى بمصر 1385 هـ‍-1965 م (خ) الخاطريّات. لابن جنى. تحقيق على ذو الفقار شاكر. دار الغرب الإسلامى. بيروت 1408 هـ‍-1988 م خريدة القصر وجريدة العصر. تحقيق الشيخ محمد بهجة الأثرى-الأجزاء:2 - 3 - 4. بغداد 1384 هـ‍-1964 م-1396 هـ‍-1976 م خزانة الأدب ولبّ لباب لسان العرب. لعبد القادر بن عمر البغدادى. طبعة بولاق بمصر 1299 هـ‍. ونشرة الخانجى بمصر 1409 هـ‍-1989 م. بتحقيق عبد السلام محمد هارون الخصائص. لابن جنى. تحقيق الشيخ محمد على النجار. دار الكتب المصرية 1371 هـ‍- 1952 م. الخلاف النحوى بين البصريين والكوفيين وكتاب الإنصاف. للدكتور محمد خير الحلوانى (¬1). دار القلم العربى-حلب 1974 م. خلق الإنسان. لأبى محمد الحسن بن أحمد بن عبد الرحمن [قبل سنة 600 هـ‍] تحقيق الدكتور أحمد خان. ومراجعة مصطفى حجازى. منشورات معهد المخطوطات بالكويت 1407 هـ‍-1986 م ¬

(¬1) انظر حواشى ص 157 من الدراسة.

خلق الإنسان. للأصمعى (الكنز اللغوى) تحقيق الدكتور أوغست هفنر. المطبعة الكاثوليكية-بيروت 1903 م خلق الإنسان. لثابت بن أبى ثابت. تحقيق عبد الستار فرّاج. منشورات وزارة الإرشاد والأنباء. الكويت 1965 م الخيل. لأبى عبيدة. حيدرآباد. الهند 1358 هـ‍-وانظر: أسماء خيل العرب. (د) دخول الباء من مفعولى بدّل وأبدل. لابن لبّ الغرناطى. تحقيق الدكتور عياد بن عيد الثبيتى. مجلة معهد المخطوطات-الكويت-مجلد 29، جزءا 1405 هـ‍- 1985 م دراسات لأسلوب القرآن الكريم. للشيخ محمد عبد الخالق عضيمة. مطبعة السعادة بمصر 1392 هـ‍-1972 م الدر المصون فى علوم الكتاب المكنون. للسّمين الحلبى. تحقيق الدكتور أحمد الخرّاط. دار القلم. دمشق 1406 هـ‍-1986 م الدر المنثور فى التفسير بالمأثور. للسيوطى. دار الفكر-بيروت 1403 هـ‍-1983 م مصوّرة عن طبعة لا أعرفها. ودار المعرفة-بيروت، مصوّرة عن طبعة الميمنية بمصر 1314 هـ‍ الدرجات الرفيعة فى طبقات الشيعة. لابن معصوم. النجف-العراق 1962 م درّة الغوّاص فى أوهام الخواصّ. للحريرى. تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم. نهضة مصر 1975 م الدرّة الفاخرة فى الأمثال السائرة. لحمزة الأصفهاني. تحقيق الدكتور عبد المجيد قطامش. دار المعارف بمصر 1972 م الدّرر فى اختصار المغازى والسّير. لابن عبد البرّ. تحقيق الدكتور شوقى ضيف. المجلس الأعلى للشئون الإسلامية. القاهرة 1386 هـ‍-1966 م الدّرر اللوامع على همع الهوامع. لأحمد بن الأمين الشنقيطى. مطبعة كردستان. القاهرة 1328 هـ‍ دلائل الإعجاز. لعبد القاهر الجرجانى. قرأه وعلّق عليه محمود محمد شاكر. مكتبة الخانجى-مطبعة المدنى. القاهرة 1404 هـ‍-1984 م الدّيارات. للشابشتى. تحقيق كوركيس عوّاد. الطبعة الثانية. منشورات مكتبة المثنّى- مطبعة المعارف-بغداد 1386 هـ‍-1966 م

ديوان الأبيوردى. تحقيق الدكتور عمر الأسعد. مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق 1394 هـ‍-1974 م ديوان ابن أحمر-شعر عمرو بن أحمر ديوان الأحوص-شعر الأحوص ديوان أحيحة بن الجلاح. تحقيق الدكتور حسن باجودة. نادى الطائف الأدبى. المملكة العربية السعودية 1399 هـ‍-1979 م ديوان الأخطل. نشرة أنطون صالحانى. بيروت 1891 م. وصنعة السّكرى. بتحقيق الدكتور فخر الدين قباوة. دار الأصمعى. حلب 1390 هـ‍-1970 م ديوان الأدب. لأبى إبراهيم الفارابى. تحقيق الدكتور أحمد مختار عمر. مطبوعات مجمع اللغة العربية بالقاهرة 1394 هـ‍-1974 م ديوان أبى الأسود الدؤلى. تحقيق الشيخ محمد حسن آل ياسين. بغداد 1384 هـ‍- 1964 م ديوان الأسود بن يعفر. طبعة فينا 1927 م (ضمن الصبح المنير فى شعر أبى بصير) تحقيق رودلف جاير. وطبعة بغداد 1390 هـ‍-1970 م صنعة الدكتور نورى القيسى ديوان الأعشى الكبير، ميمون بن قيس. شرح الدكتور محمد محمد حسين. مكتبة الآداب. القاهرة 1950 م ديوان الأفوه الأودى (الطرائف الأدبية) تحقيق عبد العزيز الميمنى الراجكوتى. مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر. القاهرة 1937 م ديوان امرئ القيس. تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم. دار المعارف بمصر 1958 م ديوان أمية بن أبى الصّلت. تحقيق بهجة عبد الغفور الحديثى. مطبوعات وزارة الإعلام العراقية. بغداد 1395 هـ‍-1975 م ديوان أوس بن حجر. تحقيق الدكتور محمد يوسف نجم. دار صادر-دار بيروت 1380 هـ -1960 م ديوان البحترى-تحقيق حسن كامل الصيرفى. دار المعارف بمصر-الطبعة الثانية 1972 م ديوان بشار بن برد. جمع وتحقيق السيد محمد بدر الدين العلوى. دار الثقافة. بيروت 1383 هـ‍-1963 م ديوان بشر بن أبى خازم. تحقيق الدكتور عزّة حسن. مطبوعات وزارة الثقافة والإرشاد. دمشق 1379 هـ‍-1960 م ديوان تأبط شرّا. جمع وتحقيق على ذو الفقار شاكر. دار الغرب الإسلامى. بيروت 1404 هـ‍-1984 م

ديوان أبى تمام. بشرح التّبريزى. تحقيق الدكتور محمد عبده عزّام. دار المعارف بمصر 1957 م ديوان جران العود النّميرى. دار الكتب المصرية 1350 هـ‍ ديوان جرير. بشرح ابن حبيب. تحقيق الدكتور نعمان طه. دار المعارف بمصر 1969 م ديوان جميل بثينة. تحقيق الدكتور حسين نصار. مكتبة مصر 1967 م ديوان حاتم الطائى. تحقيق الدكتور عادل سليمان جمال. الطبعة الأولى. مطبعة المدنى. القاهرة 1395 هـ‍-1975 م. والطبعة الثانية. مكتبة الخانجى القاهرة 1411 هـ‍-1990 م ديوان حسّان بن ثابت. تحقيق الدكتور وليد عرفات. سلسلة جب التذكارية. بيروت 1971 م ديوان الحطيئة. تحقيق الدكتور نعمان طه. الطبعة الأولى. مطبعة مصطفى البابى الحلبى القاهرة 1378 هـ‍-1958 م. والطبعة الثانية بمكتبة الخانجى. القاهرة 1407 هـ‍- 1986 م ديوان حميد بن ثور. تحقيق عبد العزيز الميمنى الراجكوتى. دار الكتب المصرية 1371 هـ‍- 1951 م ديوان الخرنق بنت هفّان. تحقيق الدكتور حسين نصار. دار الكتب المصرية 1389 هـ‍- 1969 م ديوان الخنساء. بيروت 1383 هـ‍ وانظر: أنيس الجلساء ديوان دريد بن الصّمّة. تحقيق الدكتور عمر عبد الرسول. دار المعارف بمصر 1985 م ديوان دعبل الخزاعىّ. تحقيق الدكتور محمد يوسف نجم. بيروت 1962 م ديوان ابن الدّمينة. تحقيق أحمد راتب النّفّاخ (¬1). دار العروبة. القاهرة 1378 هـ‍- 1959 م ¬

(¬1) رحمه الله رحمة واسعة سابغة. فقد جاءنا نعيّه في يوم أسود كئيب من أيام هذا الشهر، شعبان 1412 هـ‍-فبراير 1992 م. وكان جبلا ضخما من جبال العلم، وقد انهدّ بموته ركن باذخ-عوّضنا الله عنه خيرا. ومن سوء الحظ أن هذا العالم الضخم لم يترك شيئا مكتوبا ينبئ عن علمه الثّرّ الغزير، فقد شغل بالقراءة والتحصيل شغلا تامّا، حجزه عما كان ينبغى أن يظهره من علمه الذى يعرفه تلاميذه والقريبون منه، وبخاصة ما كان معنيا به من علم القراءات والأحرف السبعة =

ديوان أبى دهبل الجمحى. تحقيق عبد العظيم عبد المحسن. النجف. العراق 1972 م ديوان أبى دؤاد الإيادى (ضمن كتاب دراسات فى الأدب العربى. تأليف جوستاف فون جرنباوم) زاد فى تخريجه وتحقيقه الدكتور إحسان عباس. بيروت 1959 م ديوان ذى الرمّة. تحقيق الدكتور عبد القدّوس أبو صالح. مطبوعات مجمع اللغة العربية. دمشق 1392 هـ‍-1972 م ديوان الراعى النّميرى. تحقيق راينهرت فايبرت. المعهد الألمانى للأبحاث الشرقية. بيروت 1401 هـ‍-1980 م ديوان رؤبة. تصحيح وليم آلورت (ضمن مجموع أشعار العرب) ليبزج 1902 م ديوان ابن الرومى. تحقيق الدكتور حسين نصار. دار الكتب المصرية 1393 هـ‍- 1973 م ديوان أبى زبيد الطائى-شعر أبى زبيد ديوان زهير بن أبى سلمى. صنعة ثعلب. دار الكتب المصرية 1362 هـ‍-1944 م وصنعة الأعلم الشنتمرى. تحقيق الدكتور فخر الدين قباوة. دار الآفاق الجديدة- بيروت. الطبعة الثالثة 1400 هـ‍-1980 م ديوان سحيم عبد بنى الحسحاس. تحقيق عبد العزيز الميمنى الراجكوتى دار الكتب المصرية 1369 هـ‍-1950 م ديوان سراقة البارقى. تحقيق الدكتور حسين نصار. مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر. القاهرة 1366 هـ‍-1947 م ديوان الشريف الرضىّ. دار صادر-بيروت 1380 هـ‍-1961 م ديوان الشمّاخ. تحقيق الدكتور صلاح الدين الهادى. دار المعارف بمصر 1968 م ديوان الشّنفرى (الطرائف الأدبية) تحقيق عبد العزيز الميمنى الراجكوتى. مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر. القاهرة 1937 م ديوان الصاحب بن عبّاد. تحقيق الشيخ محمد حسن آل ياسين. مكتبة النهضة. بغداد 1384 هـ‍-1965 م ديوان الصولى إبراهيم بن العباس (الطرائف الأدبية) -انظر: ديوان الشنفرى ¬

= ومن آثاره المطبوعة إلى جانب «ديوان ابن الدمينة» هذا: كتاب القوافى للأخفش، وفهرس شواهد سيبويه. أما مقالاته النقدية ومراجعاته فشىء كثير. رحمه الله ورضى عنه.

ديوان أبى طالب-ويسمى غاية المطالب فى شرح ديوان أبى طالب-شرح الشيخ محمد الخطيب. طنطا. من بلاد مصر 1371 هـ‍-1950 م ديوان طرفة بن العبد. تحقيق درّية الخطيب ولطفى الصقال. مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق 1395 هـ‍-1975 م ديوان الطّرمّاح. تحقيق الدكتور عزّة حسن. وزارة الثقافة والإرشاد. دمشق 1388 هـ‍-1968 م ديوان الطّفيل الغنوى. تحقيق الدكتور محمد عبد القادر أحمد. دار الكتاب الجديد. بيروت 1968 م ديوان عامر بن الطّفيل. دار صادر. بيروت 1399 هـ‍-1979 م ديوان عبد الله بن رواحة الأنصارى. تحقيق الدكتور حسن باجودة. دار التراث. القاهرة 1392 هـ‍-1972 م ديوان عبد الله بن الزّبير-بفتح الزاى-الأسدى. تحقيق الدكتور يحيى الجبورى. بغداد 1394 هـ‍-1974 م ديوان عبيد بن الأبرص. تحقيق الدكتور حسين نصار. مطبعة مصطفى البابى الحلبى. القاهرة 1377 هـ‍-1957 م ديوان عبيد الله بن قيس الرّقيّات. تحقيق الدكتور محمد يوسف نجم. بيروت 1378 هـ‍- 1958 م ديوان العجّاج. تحقيق الدكتور عزّة حسن. بيروت 1971 م ديوان عدىّ بن زيد العبادى. تحقيق محمد جبّار المعيبد. بغداد 1385 هـ‍-1965 م ديوان العرجى. تحقيق خضر الطائى، ورشيد العبيدى. بغداد 1375 - 1956 م ديوان عروة بن أذينة-شعر ابن أذينة ديوان علقمة بن عبدة (الفحل) تحقيق لطفى الصقال ودريّة الخطيب. مراجعة الدكتور فخر الدين قباوة. دار الكتاب العربى. حلب 1389 هـ‍-1969 م ديوان عمر بن أبى ربيعة. شرح الشيخ محمد محيى الدين عبد الحميد. مطبعة السعادة بمصر 1380 هـ‍-1960 م ديوان عمرو بن قميئة. تحقيق حسن كامل الصيرفى. معهد المخطوطات بالقاهرة 1385 هـ‍- 1965 م ديوان عمرو بن معديكرب-شعر عمرو بن معديكرب ديوان عنترة بن شدّاد. تحقيق عبد المنعم عبد الرءوف شلبى. المكتبة التجارية بالقاهرة.

بدون تاريخ. وتحقيق محمد سعيد مولوى. المكتب الإسلامى. دمشق 1390 هـ‍- 1970 م ديوان الفرزدق. بشرح عبد الله الصاوى. القاهرة 1354 هـ‍-1936 م ديوان القتّال الكلابى. تحقيق الدكتور إحسان عباس. بيروت 1381 هـ‍-1961 م ديوان القطامى. تحقيق الدكتور إبراهيم السامرائى والدكتور أحمد مطلوب. بيروت 1379 هـ‍- 1960 م ديوان أبى قيس بن الأسلت. تحقيق الدكتور حسن باجودة. دار التراث. القاهرة 1393 هـ‍- 1973 م ديوان قيس بن الخطيم. تحقيق الدكتور ناصر الدين الأسد. دار العروبة. القاهرة 1381 هـ‍- 1962 م ديوان كثيّر. تحقيق الدكتور إحسان عباس. دار الثقافة. بيروت 1391 هـ‍-1971 م ديوان كعب بن زهير. دار الكتب المصرية 1369 هـ‍-1950 م ديوان كعب بن مالك الأنصارى. تحقيق الدكتور سامى مكىّ العانى. مكتبة النهضة. بغداد 1386 هـ‍-1966 م ديوان الكميت-شعر الكميت ديوان لبيد. تحقيق الدكتور إحسان عباس. وزارة الإرشاد والأنباء. الكويت 1962 م ديوان لقيط بن يعمر الإيادى. تحقيق خليل إبراهيم العطيّة. وزارة الإعلام العراقية. بغداد 1968 م ديوان مالك بن الريب. تحقيق الدكتور نورى القيسى. مجلة معهد المخطوطات بالقاهرة. المجلد 15 - الجزء 1 - 1389 هـ‍-1969 م ديوان مالك ومتمم. بنى نويرة. تحقيق ابتسام مرهون الصفار. مطبعة الإرشاد. بغداد 1968 م ديوان المتلمّس. بشرح الأصمعىّ. تحقيق حسن كامل الصيرفى. مجلة معهد المخطوطات بالقاهرة.1390 هـ‍-1970 م ديوان المتنبى، بالشرح المنسوب خطأ إلى العكبرى. تصحيح مصطفى السّقّا، وإبراهيم الأبيارى، وعبد الحفيظ شلبى. مطبعة مصطفى البابى الحلبى. القاهرة 1376 هـ‍- 1956 م. وبشرح الواحدى. تصحيح فردريك ديتريصى. برلين 1861 م ديوان المثقّب العبدى. تحقيق حسن كامل الصيرفى. معهد المخطوطات بالقاهرة 1391 هـ‍- 1971 م

ديوان المجنون-قيس بن الملوّح-تحقيق عبد الستار فراج. مكتبة مصر. بدون تاريخ ديوان مروان بن أبى حفصة-شعر مروان. . . ديوان مسكين الدارمى. تحقيق خليل إبراهيم العطية، وعبد الله الجبورى. بغداد 1389 هـ‍-1970 م ديوان المعانى. لأبى هلال العسكرى. مكتبة القدسى. القاهرة 1352 هـ‍ ديوان ابن المعتز. مطبعة المحروسة بالقاهرة 1891 م. وتحقيق الدكتور محمد بديع شريف. دار المعارف بمصر 1977 م ديوان ابن مفرّغ الحميرى-شعر ابن مفرّغ ديوان ابن مقبل. تحقيق الدكتور عزّة حسن. وزارة الثقافة والإرشاد. دمشق 1381 هـ‍- 1962 م ديوان مهيار الدّيلمى. دار الكتب المصرية 1345 هـ‍ ديوان ابن ميّادة-شعر ابن ميّادة ديوان النابغة الجعدى-شعر النابغة ديوان النابغة الذّبيانى. صنعة ابن السّكيت. تحقيق الدكتور شكرى فيصل. بيروت 1388 هـ‍-1968 م. وتحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم. دار المعارف بمصر 1977 م ديوان أبى النجم العجلى. صنعة علاء الدين آغا. النادى الأدبى بالرياض 1401 هـ‍- 1981 م ديوان النمر بن تولب-شعر النمر بن تولب ديوان أبى نواس. شرح غريبه محمود واصف. العمومية بمصر 1898 م ديوان ابن هرمة-شعر ابن هرمة (ر) ربيع الأبرار ونصوص الأخبار. للزمخشرى. تحقيق الدكتور سليم النعيمى. رئاسة ديوان الأوقاف. بغداد 1976 م رسائل الجاحظ. تحقيق عبد السلام محمد هارون. مكتبة الخانجى. القاهرة 1384 هـ‍- 1964 م 1399 هـ‍-1979 م الرسالة. للإمام الشافعىّ. تحقيق وشرح الشيخ أحمد محمد شاكر. مطبعة مصطفى البابى الحلبى. القاهرة 1358 هـ‍-1939 م

الرسالة الحاتمية فى موافقة شعر المتنبى لكلام أرسطاطاليس. للحاتمى. (التحفة البهية والطرفة الشهيّة) مطبعة الجوائب. استانبول 1302 هـ‍ رسالة الغفران. لأبى العلاء المعرى. تحقيق الدكتورة عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطئ) دار المعارف بمصر. الطبعة الأولى 1950 م. والطبعة السابعة 1981 م رسالة الملائكة. لأبى العلاء المعرى. تحقيق محمد سليم الجندى. دار الآفاق الجديدة-بيروت 1979 م. مصوّرة عن طبعة الترقى. دمشق الرسالة الموضحة فى ذكر سرقات أبى الطيب المتنبى وساقط شعره. للحاتى. تحقيق الدكتور محمد يوسف نجم. دار صادر-بيروت 1385 هـ‍-1965 م رصف المبانى فى شرح حروف المعانى. للمالقى. تحقيق الدكتور أحمد الخراط. الطبعة الأولى. دمشق 1395 هـ‍-1975 م. والثانية. دار القلم. دمشق 1405 هـ‍-1985 م رغبة الأمل من كتاب الكامل. للشيخ سيد بن على المرصفى. مصر 1346 هـ‍ روح المعانى للآلوسى. دار إحياء التراث العربى. بيروت 1405 هـ‍-1985 م مصورة عن طبعة إدارة الطباعة المنيرية بمصر الروض الأنف. للسّهيلى. مطبعة الجمالية بمصر 1332 هـ‍ ريحانة الألبّا. للشهاب الخفاجى. تحقيق الدكتور عبد الفتاح محمد الحلو. مطبعة عيسى البابى الحلبى. القاهرة 1386 هـ‍-1967 م (ز) زاد المسير فى علم التفسير. لابن الجوزى. المكتب الإسلامى. دمشق 1384 هـ‍-1964 م زاد المعاد فى هدى خير العباد. لابن قيّم الجوزية. تحقيق الشيخ شعيب الأرنئوط، والشيخ عبد القادر الأرنئوط. مؤسسة الرسالة-مكتبة المنار الإسلامية دمشق 1399 هـ‍- 1979 م الزاهر فى معانى كلمات الناس. تحقيق الدكتور حاتم صالح الضامن. وزارة الثقافة والإعلام. بغداد 1399 هـ‍-1979 م الزهد. لابن المبارك. تحقيق المحدّث حبيب الرحمن الأعظمى. دار الكتب العلمية. بيروت. بدون تاريخ. مصوّرة عن طبعة دائرة المعارف العثمانية. حيدرآباد: الهند 1386 هـ‍ زهر الآداب. للحصرى. تحقيق على محمد البجاوى. مطبعة عيسى البابى الحلبى القاهرة 1372 هـ‍-1953 م الزّهرة. لابن داود الأصبهانى. النصف الثانى. تحقيق الدكتور إبراهيم السامرائى، والدكتور نورى القيسى. وزارة الإعلام العراقية. بغداد 1975 م الزّينة فى الكلمات الإسلامية العربية. لأبى حاتم أحمد بن حمدان الرازى. عارضه بأصوله وعلّق

عليه حسين بن فيض الله الهمدانى. القاهرة 1957 م (س) السّبعة فى القراءات. لابن مجاهد. تحقيق الدكتور شوقى ضيف. الطبعة الثانية. دار المعارف بمصر 1400 هـ‍-1980 م سبل الهدى والرشاد فى سيرة خير العباد. للصالحى الشامى. الجزء الأول بتحقيق الدكتور مصطفى عبد الواحد. المجلس الأعلى للشئون الإسلامية. القاهرة 1392 هـ‍- 1972 م سرّ صناعة الإعراب. لابن جنى. الجزء الأول بتحقيق مصطفى السقا، ومحمد الزفزاف وإبراهيم مصطفى، وعبد الله أمين. مطبعة مصطفى البابى الحلبى بمصر 1374 هـ‍- 1954 م والطبعة الكاملة بتحقيق الدكتور حسن هنداوى. دار الفكر بدمشق 1405 هـ‍-1985 م سرّ الفصاحة. لابن سنان الخفاجى. دار الكتب العلمية-بيروت 1402 هـ‍-1982 م سرح العيون فى شرح رسالة ابن زيدون-وهى الرسالة الهزليّة-لابن نباتة المصرى. تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم. دار الفكر العربى. القاهرة 1383 هـ‍-1964 م سفر السّعادة وسفير الإفادة. لعلم الدين السخاوى. تحقيق محمد أحمد الدالى. مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق 1983 م سقط الزّند-شروح سقط الزند سمط اللآلي. لأبى عبيد البكرى (¬1). تحقيق عبد العزيز الميمنى الراجكوتى. مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر. القاهرة 1354 هـ‍-1936 م سنن الدارمىّ. بعناية محمد أحمد دهمان. دار الكتب العلمية. بيروت. بدون تاريخ سنن أبى داود. تحقيق الشيخ محمد محيى الدين عبد الحميد. مطبعة السعادة بمصر 1369 هـ‍ سنن ابن ماجة. تحقيق محمد فؤاد عبد الباقى. مطبعة عيسى البابى الحلبى. القاهرة 1373 هـ‍ سنن النّسائى. مطبعة مصطفى البابى الحلبى. القاهرة 1383 هـ‍-1964 م سير أعلام النبلاء. للذهبى. تحقيق جمهرة من العلماء وإشراف الشيخ شعيب الأرنئوط. مؤسسة الرسالة. بيروت 1401 هـ‍-1981 م ¬

(¬1) هذه تسمية العلاّمة الميمنى-رحمه الله-أما كتاب البكرى فاسمه: اللآلى فى شرح الأمالى: أمالى أبى على القالى.

السّير الحثيث إلى الاستشهاد بالحديث فى النحو العربى. للدكتور محمود فجّال. مطبوعات نادى أبها الأدبى. المملكة العربية السعودية 1407 هـ‍-1986 م السّيرة النبوية. لابن إسحاق. رواية وتهذيب ابن هشام. تحقيق مصطفى السّقّا، وإبراهيم الأبيارى، وعبد الحفيظ شلبى. مطبعة مصطفى البابى الحلبى. القاهرة 1375 هـ‍ (ش) شذرات الذهب فى أخبار من ذهب. لابن العماد الحنبلى. نشره حسام الدين القدسى. القاهرة 1350 هـ‍ شذور الذهب. لابن هشام. تحقيق الشيخ محمد محيى الدين عبد الحميد. القاهرة 1371 هـ‍ -1951 م شرح أبنية سيبويه. لابن الدّهّان. تحقيق الدكتور حسن شاذلى فرهود. دار العلوم-الرياض 1408 هـ‍-1987 م شرح أبيات سيبويه. لابن السّيرافى. تحقيق الدكتور محمد على سلطانى. مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق 1396 هـ‍-1976 م شرح أبيات سيبويه المختصر. لابن النحاس. تحقيق زهير غازى زاهد. مطبعة الغريّ. النجف العراق 1974 م شرح أبيات مغنى اللبيب. للبغدادى. تحقيق عبد العزيز رباح، وأحمد يوسف الدقاق. دار المأمون للتراث. دمشق 1393 هـ‍-1973 م شرح أدب الكاتب. للجواليقى. نشره حسام الدين القدسى. القاهرة 1350 هـ‍ شرح أشعار الهذليّين. صنعة السّكريّ. تحقيق عبد الستار فراج. ومراجعة محمود محمد شاكر. دار العروبة. القاهرة 1384 هـ‍-1965 م شرح الأشمونى على الألفية. ومعه حاشية الصبّان. مطبعة عيسى البابى الحلبى. القاهرة. بدون تاريخ شرح الألفية لابن الناظم. بعناية محمد سليم اللبابيدى. بيروت 1312 هـ‍ شرح الجاربردى على الشافية (مجموعة الشافية من علمى الصرف والحظ) عالم الكتب-بيروت 1404 هـ‍-1984 م. مصوّرة عن طبعة المطبعة العامرة باستانبول 1310 هـ‍ شرح الجمل. لابن عصفور. تحقيق الدكتور صاحب أبو جناح. بغداد 1400 هـ‍- 1980 م شرح الحماسة. للتبريزى. تحقيق الشيخ محمد محيى الدين عبد الحميد. مطبعة حجازى. القاهرة 1358 هـ‍

شرح الحماسة. للمرزوقى. تحقيق أحمد أمين. وعبد السلام محمد هارون. مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر. القاهرة 1371 هـ‍-1951 م شرح الدّمامينى على المغنى. طبع بهامش الشّمنّى على المغنى. مصر 1305 هـ‍ شرح الرّضىّ على الكافية: المطبعة العثمانية باستانبول 1310 هـ‍-وتحقيق الشيخ يوسف حسن عمر. مطبوعات جامعة بنغازى. مطابع الشروق-بيروت 1393 هـ‍- 1973 م-والقسم الثانى: رسالة دكتوراه-مخطوطة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض. من إعداد يحيى بشير مصرى شرح السّيرة النبوية. لأبى ذرّ الخشنى. مطبعة هندية بالموسكى. تصحيح بولس برونله. القاهرة 1329 هـ‍ شرح الشافية. للرضىّ. تحقيق المشايخ محمد نور الحسن، ومحمد الزفزاف، ومحمد محيى الدين عبد الحميد. مطبعة حجازى. القاهرة 1356 هـ‍ شرح شواهد شرح الشافية. للبغدادى. منشور مع شرح الشافية السابق. وهو الجزء الرابع منه شرح شواهد شرح التحفة الورديّة. للبغدادى. تصحيح نظيف محرّم خواجه. مطبعة كلية الآداب-جامعة استانبول 1398 هـ‍-1978 م شرح الشواهد الكبرى-المقاصد النحوية شرح شواهد الكشّاف. لمحبّ الدين افندى: وهو محمد بن أبى بكر بن داود بن عبد الرحمن الحنفى، المتوفى سنة 1016 هـ‍ (¬1). طبع بآخر الكشاف. مطبعة مصطفى البابى الحلبى. القاهرة 1385 هـ‍-1966 م شرح شواهد المغنى. للسيوطى. المطبعة البهية بمصر 1322 هـ‍-ونشرة أحمد ظافر كوجان. دار مكتبة الحياة. بيروت 1386 هـ‍-1966 م شرح ابن عقيل على الألفية. تحقيق الشيخ محمد محيى الدين عبد الحميد. الطبعة السادسة. القاهرة 1370 هـ‍-1951 م شرح القصائد التسع. لأبى جعفر النحاس. تحقيق الدكتور أحمد خطاب العمر. بغداد 1393 هـ‍-1973 م ¬

(¬1) كتبت اسمه كاملا ووفاته؛ لأن بعضهم يظنه «محب الدين الخطيب» هذا العالم المحقّق المجاهد، المولود بدمشق 1303 هـ‍-1886 م، والمتوفى بالقاهرة 1389 هـ‍-1969 م.

شرح القصائد السبع. لأبى بكر بن الأنبارى. تحقيق عبد السلام محمد هارون. دار المعارف بمصر 1382 هـ‍-1963 م شرح القصائد العشر. للتّبريزى. تحقيق الدكتور فخر الدين قباوة. دار الآفاق الجديدة. بيروت-الطبعة الرابعة 1400 هـ‍-1980 م شرح قصيدة كعب بن زهير (بانت سعاد) لابن هشام. مطبعة محمد مصطفى وأحمد الحلبى بالكحكيين-الميمنيّة. القاهرة 1302 هـ‍. ونشرة الدكتور محمود حسن أبو ناجى. مؤسسة علوم القرآن. دمشق-بيروت 1404 هـ‍-1984 م شرح الكافية البديعيّة فى علوم البلاغة ومحاسن البديع. لصفى الدين الحلىّ. تحقيق الدكتور نسيب نشاوى. مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق 1403 هـ‍-1983 م شرح الكافية الشافية. لابن مالك. تحقيق الدكتور عبد المنعم هريدى. مركز البحث العلمى وإحياء التراث الإسلامى. جامعة أم القرى. مكة المكرمة 1402 هـ‍-1982 م الشرح الكبير على المقنع. لابن قدامة المقدسى. طبع بأسفل المغنى. دار الكتاب العربى- بيروت 1392 هـ‍-1972 - مصوّرة عن طبعة المنار بعناية الشيخ محمد رشيد رضا. القاهرة 1347 هـ‍ شرح لاميّة العرب للزمخشرى-أعجب العجب شرح ما يقع فيه التصحيف والتحريف. لأبى أحمد العسكرى. تحقيق عبد العزيز أحمد. مطبعة مصطفى البابى الحلبى. القاهرة 1383 هـ‍-1963 م شرح مشكل شعر المتنبى. لابن سيده. تحقيق الدكتور محمد رضوان الداية. دار المأمون للتراث. دمشق 1395 هـ‍-1975 م شرح المشكل من شعر المتنبى. لابن القطاع. تحقيق الدكتور محسن غياض. مجلة المورد- العراقية المجلد 6 - العدد 3 - 1397 هـ‍-1977 م شرح المفصل. لابن يعيش. دار الطباعة المنيرية بمصر 1928 م شرح المفضليات. لأبى محمد القاسم بن محمد الأنبارى. تحقيق كارلوس لايل. بيروت 1920 م شرح مقامات الحريرى. للشريشى. تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم. المؤسسة العربية الحديثة. مطبعة المدنى. القاهرة 1389 هـ‍-1969 م شرح الملوكى فى التصريف. لابن يعيش. تحقيق الدكتور فخر الدين قباوة. المكتبة العربية- حلب 1393 هـ‍-1973 م شرح نهج البلاغة. لابن أبى الحديد. تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم. مطبعة عيسى البابى الحلبى. القاهرة 1378 هـ‍-1959 م

شرح هاشميات الكميت (¬1). لأبى رياش أحمد بن إبراهيم القيسى. تحقيق الدكتور داود سلوم، والدكتور نورى القيسى. عالم الكتب-مكتبة النهضة العربية-بيروت 1404 هـ‍-1984 م شروح سقط الزند. لأبى العلاء المعرى. لجنة إحياء آثار أبى العلاء. دار الكتب المصرية 1364 هـ‍-1945 م شعر إبراهيم بن هرمة. تحقيق محمد نفاع وحسين عطوان. مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق 1389 هـ‍-1969 م شعر الأحوص الأنصارى. تحقيق الدكتور عادل سليمان جمال. الطبعة الأولى. الهيئة المصرية العامة للكتاب 1390 هـ‍-1970 م. والطبعة الثانية مكتبة الخانجى. القاهرة 1411 هـ‍-1990 م شعر الأشهب بن رميلة (شعراء أميون-الجزء الرابع) تحقيق الدكتور نورى القيسى. عالم الكتب-مكتبة النهضة العربية-بيروت 1405 هـ‍-1985 م شعر الأغلب العجلى-نشر مع السابق. شعر أبى حيّة النّمرى. مجلة المورد العراقية. المجلد 4 - العدد-1 - 1975 م وتحقيق الدكتور يحيى الجبورى. وزارة الثقافة والإرشاد. دمشق 1975 م شعر خفاف بن ندبة. تحقيق الدكتور نورى القيسى. بغداد 1387 هـ‍-1967 م شعر الخوارج. جمع وتحقيق الدكتور إحسان عباس. بيروت 1963 م شعر ربيعة بن مقروم الضبّى (شعراء إسلاميون) تحقيق الدكتور نورى القيسى. عالم الكتب -مكتبة النهضة العربية-بيروت-الطبعة الثانية 1405 هـ‍-1984 م شعر أبى زبيد الطائى. تحقيق الدكتور نورى القيسى. بغداد 1386 هـ‍-1967 م شعر زيد الخيل (شعراء إسلاميون) -انظره مع شعر ربيعة بن مقروم شعر سويد بن كراع العكلى (شعراء مقلّون) جمع وتحقيق الدكتور حاتم صالح الضامن- عالم الكتب-مكتبة النهضة العربية. بيروت 1407 هـ‍-1987 م شعر عبيد بن أيوب العنبرى. جمع وتحقيق الدكتور نورى القيسى. مجلة المورد العراقية. المجلد 3 - العدد 2 - 1974 م. ونشر أيضا ضمن (أشعار اللصوص وأخبارهم) جمع وتحقيق عبد المعين الملّوحى. دار طلاّس للدراسات والترجمة. دمشق 1988 م ¬

(¬1) ينسب هذا الشرح خطأ إلى ابنه أبى بكر بن الأنبارى. وهذا إنما قرأه على أبيه ونقّحه ليس غير.

شعر عروة بن أذينة. تحقيق الدكتور يحيى الجبورى. بغداد 1970 م شعر عمرو بن أحمر الباهلى. تحقيق الدكتور حسين عطوان. مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق. بدون تاريخ. شعر عمرو بن معديكرب. جمع وتحقيق مطاع طرابيشى. مطبوعات مجمع اللغة العربية. دمشق 1974 - ونشرة هاشم الطعّان. وزارة الثقافة والإعلام العراقية. بدون تاريخ. شعر الكميت بن زيد الأسدى. جمع وتحقيق الدكتور داود سلّوم. بغداد 1969 م شعر محمد بن بشير الخارجى (شعراء أمويون-الجزء الثالث) تحقيق الدكتور نورى القيسى. مطبوعات المجمع العلمى العراقى-بغداد 1402 هـ‍-1982 م شعر مروان بن أبى حفصة. تحقيق الدكتور حسين عطوان-دار المعارف بمصر 1973 م شعر المغيرة بن حبناء (شعراء أمويون-الجزء الثالث) -انظره مع شعر محمد بن بشير شعر ابن مفرّغ الحميرى. تحقيق الدكتور داود سلوم. بغداد 1968 م شعر ابن ميّادة. تحقيق الدكتور حنّا جميل حدّاد. مراجعة قدرى الحكيم. مطبوعات مجمع اللغة العربية. دمشق 1402 هـ‍-1982 م شعر النابغة الجعدىّ. تحقيق عبد العزيز رباح. المكتب الإسلامى دمشق 1384 هـ‍- 1964 م شعر نصيب بن رباح. تحقيق الدكتور داود سلوم. بغداد 1968 م شعر النمر بن تولب. صنعة الدكتور نورى القيسى. بغداد 1388 هـ‍-1968 م شعر يزيد بن الحكم الثقفى (شعراء أمويون) انظره مع شعر محمد بن بشير شعر يزيد بن الطثرية. صنعة الدكتور حاتم صالح الضامن. دار التربية للطباعة والنشر. بغداد 1973 م-وتحقيق الدكتور ناصر بن سعد الرشيد. دار مكة للطباعة والنشر. المملكة العربية السعودية 1400 هـ‍-1980 م الشعر لأبى على الفارسى-كتاب الشعر الشعر والشعراء. لابن قتيبة. تحقيق الشيخ أحمد محمد شاكر. دار المعارف بمصر 1966 م الشّعور بالعور. لصلاح الدين الصفدى. تحقيق الدكتور عبد الرزاق حسين. دار عمار- الأردن 1409 هـ‍-1988 م شفاء العليل فى إيضاح التسهيل. للسّلسيلىّ. تحقيق الدكتور الشريف عبد الله الحسينى البركاتى. المكتبة الفيصلية بمكة المكرمة 1406 هـ‍-1986 م شفاء الغليل فيما فى كلام العرب من الدخيل. للشهاب الخفاجى. تصحيح الشيخ نصر الهورينى. الوهبية بمصر 1282 هـ‍

شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح. لابن مالك. تحقيق محمد فؤاد عبد الباقى. مطبعة عيسى البابى الحلبى. القاهرة 1376 هـ‍-1957 م-وتحقيق طه محسن. وزارة الأوقاف العراقية 1405 هـ‍-1985 م الشيرازيات لأبى على الفارسى-المسائل الشيرازيات (ص) الصاحبى. لابن فارس. تحقيق السيد أحمد صقر. مطبعة عيسى البابى الحلبى. القاهرة 1397 هـ‍-1977 م الصاهل والشاحج. لأبى العلاء المعرى. تحقيق الدكتورة عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطئ) دار المعارف بمصر 1395 هـ‍-1975 م الصبح المنبى عن حيثيّة المتنبّى. للبديعى. تحقيق مصطفى السّقّا، ومحمد شتا، وعبده زيادة. دار المعارف بمصر 1963 م الصبح المنير فى شعر أبى بصير (وهو الأعشى الكبير. وفيه شعر الأعشين الآخرين) تحقيق رودلف جاير. فينا 1927 م الصحاح (تاج اللغة وصحاح العربية) للجوهرى. تحقيق أحمد عبد الغفور عطار. دار الكتاب العربى (حلمى المنياوى) القاهرة 1956 م صحيح البخارى، دار الشعب بمصر 1378 هـ‍-مصوّرة عن طبعة بولاق. صحيح مسلم. تحقيق محمد فؤاد عبد الباقى. مطبعة عيسى البابى الحلبى. القاهرة 1374 هـ‍ الصناعتين. لأبى هلال العسكرى. تحقيق على محمد البجاوى، ومحمد أبو الفضل إبراهيم. مطبعة عيسى البابى الحلبى. القاهرة 1371 هـ‍-1952 م (ض) ضرائر الشعر. لابن عصفور. تحقيق السيد إبراهيم محمد. دار الأندلس. بيروت 1980 م ضرورة الشعر. لأبى سعيد السّيرافى [مستلّ من شرحه على كتاب سيبويه] تحقيق الدكتور رمضان عبد التواب. دار النهضة العربية. بيروت 1405 هـ‍-1985 م وانظر: ما يجوز للشاعر فى الضرورة. (ط) طبقات الأطباء والحكماء. لابن جلجل الأندلسى. تحقيق فؤاد سيد. منشورات المعهد

الفرنسى. القاهرة 1955 م طبقات الشافعية الكبرى. لابن السبكى. تحقيق الدكتور عبد الفتاح محمد الحلو، ومحمود محمد الطناحى. مطبعة عيسى البابى الحلبى. القاهرة 1383 هـ‍-1964 م طبقات الشعراء. لابن المعتز. تحقيق عبد الستار فراج. دار المعارف بمصر 1375 هـ‍- 1956 م طبقات فحول الشعراء. لابن سلاّم. قرأه وشرحه أبو فهر محمود محمد شاكر. مطبعة المدنى القاهرة 1394 هـ‍-1974 م طبقات القراء-المسمّى غاية النهاية-لابن الجزرى. نشره براجستراسر. مطبعة السعادة بمصر 1352 هـ‍ الطبقات الكبرى. لابن سعد. دار صادر-بيروت 1388 هـ‍-1968 م طبقات المعتزلة. لأحمد بن يحيى بن المرتضى. تحقيق سوسنه ديفيلد فلزر. سلسلة النشرات الإسلامية لجمعية المستشرقين الألمانية-بيروت 1961 م الطرائف الأدبية. لعبد العزيز الميمنى الراجكوتى. مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر. القاهرة 1937 م الطّراز المتضمّن لأسرار البلاغة وعلوم حقائق الإعجاز. ليحيى بن حمزة العلوى. دار الكتب العلمية-بيروت 1400 هـ‍-1980 م-مصورة عن نشرة دار الكتب المصرية 1332 هـ‍-1914 م بمطبعة المقتطف بمصر. تصحيح الشيخ سيد بن على المرصفى (¬1). طراز المجالس. لشهاب الدين الخفاجى. المطبعة الوهبية بمصر 1284 هـ‍. (ع) عارضة الأحوذى بشرح صحيح الترمذى. لأبى بكر بن العربى. دار الكتب العلمية- بيروت. بدون تاريخ. مصوّرة عن طبعة المطبعة المصرية 1350 هـ‍ عبث الوليد. لأبى العلاء المعرى. مطبعة الترقى. دمشق 1936 م العبر فى خبر من عبر (¬2). للذهبى. تحقيق صلاح الدين المنجد، وفؤاد سيّد. وزارة الإرشاد والأنباء. الكويت 1960 م ¬

(¬1) وهكذا حظيت هذه الطبعة بتصحيح هذا العالم الجليل. ولم يشر إلى ذلك فى طبعة بيروت المصوّرة. وهكذا يغتال تاريخ الرجال، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله! (¬2) صوابه بالعين المهملة، كما ترى، وليس بالغين المعجمة كما طبع.

العربيّة. ليوهان فك. ترجمة وتحقيق الدكتور عبد الحليم النجار. دار الكتاب العربى. نشر مكتبة الخانجى. القاهرة 1370 هـ‍-1951 م عروس الأفراح فى شرح تلخيص المفتاح. لبهاء الدين السبكى. نشر ضمن (شروح التلخيص) مطبعة عيسى البابى الحلبى. القاهرة 1937 م العروض. للأخفش. تحقيق الدكتور أحمد محمد عبد الدائم. المكتبة الفيصلية. مكة المكرمة 1405 هـ‍-1985 م العروض. لابن جنى. تحقيق الدكتور حسن شاذلى فرهود. بيروت 1392 هـ‍- 1972 م العسكريات-المسائل العسكريات العضديات-المسائل العضديّات العقد الفريد. لابن عبد ربه. تحقيق أحمد أمين، وأحمد الزين، وإبراهيم الأبيارى. مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر. القاهرة 1384 هـ‍-1965 م العققة والبررة. لأبى عبيدة (نوادر المخطوطات) تحقيق عبد السلام محمد هارون. مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر. القاهرة 1374 هـ‍-1954 م علل الحديث. لأبى محمد عبد الرحمن الرازى. دار المعرفة-بيروت 1405 هـ‍-1985 م مصوّرة عن طبعة المطبعة السلفيّة بمصر 1343 هـ‍ علوم الحديث للحاكم-معرفة علوم الحديث العمدة فى صناعة الشعر ونقده. لابن رشيق. تحقيق الشيخ محمد محيى الدين عبد الحميد. الطبعة الرابعة. دار الجيل-بيروت 1972 م. مصورة عن الطبعة المصرية. عمدة الطالب فى أنساب آل أبى طالب. لابن عنبة. النجف. العراق 1380 هـ‍- 1961 م عمل اليوم والليلة. للنّسائى. تحقيق الدكتور فاروق حمادة. مؤسسة الرسالة. بيروت 1406 هـ‍ عيار الشعر. لابن طباطبا. تحقيق الدكتور عبد العزيز ناصر المانع. دار العلوم-الرياض 1405 هـ‍-1985 م العين. للخليل بن أحمد. تحقيق الدكتور مهدى المخزومى، والدكتور إبراهيم السّامرائى. مؤسسة الأعلمى للمطبوعات-بيروت 1408 هـ‍-1988 م عيون الأخبار. لابن قتيبة. دار الكتب المصرية 1343 هـ‍ العيون الغامزة على خبايا الرامزة. للدّمامينى. تحقيق الحسّانى حسن عبد الله. مطبعة المدنى. القاهرة 1973 م

(غ) غرر الفوائد ودرر القلائد-أمالى المرتضى غريب الحديث. للحربى. تحقيق الدكتور سليمان بن إبراهيم العائد. مركز البحث العلمى وإحياء التراث الإسلامى-جامعة أم القرى. مكة المكرمة 1405 هـ‍-1985 م غريب الحديث. لابن قتيبة. تحقيق الدكتور عبد الله الجبورى. وزارة الأوقاف العراقية. بغداد 1397 هـ‍-1977 م غريب الحديث. لأبى عبيد القاسم بن سلام. تصحيح محمد عظيم الدين. حيدرآباد. الهند 1384 هـ‍-1964 م غريب الحديث. للخطّابى. تحقيق عبد الكريم العزباوى. خرّج أحاديثه عبد القيوم عبد ربّ النبى. مركز البحث العلمى وإحياء التراث الإسلامي-جامعة أم القرى. مكة المكرمة 1402 هـ‍-1982 م غريب القرآن. لابن عزيز السجستانى. تصحيح الشيخ مصطفى عنانى. مطبعة حجازى. القاهرة 1355 هـ‍ غريب القرآن. لابن قتيبة. تحقيق السيد أحمد صقر. مطبعة عيسى البابى الحلبى. القاهرة 1378 هـ‍-1958 م الغريبين-غريبى القرآن والحديث-لأبى عبيد الهروى. تحقيق محمود محمد الطناحى. الجزء الأول. المجلس الأعلى للشئون الإسلامية. القاهرة 1390 هـ‍-1970 م غوامض الأسماء المبهمة الواقعة فى متون الأحاديث المسندة. لابن بشكوال. تحقيق الدكتور عز الدين علىّ السيد، وابنه محمد كمال الدين عز الدين. عالم الكتب-بيروت 1407 هـ‍-1987 م الغيث المسجم فى شرح لامية العجم. لصلاح الدين الصفدى. دار الكتب العلمية-بيروت 1395 هـ‍-1975 م (ف) الفائق فى غريب الحديث. للزمخشرى. تحقيق على محمد البجاوى، ومحمد أبو الفضل إبراهيم. مطبعة عيسى البابى الحلبى. الطبعة الثانية. القاهرة 1971 م الفاخر فى الأمثال. للمفضّل بن سلمة. تحقيق عبد العليم الطحاوى، مطبعة عيسى البابى الحلبى. القاهرة 1380 هـ‍-1960 م الفاضل. للمبرّد. تحقيق عبد العزيز الميمنى الراجكوتى. دار الكتب المصرية 1956 م

فتح البارى بشرح صحيح البخارى. لابن حجر العسقلانى. رقم كتبه وأبوابه وأحاديثه محمد فؤاد عبد الباقى. وصحّحه وأخرجه محب الدين الخطيب. المكتبة السلفيّة. القاهرة 1379 هـ‍ الفتح على أبى الفتح. لابن فورجة. تحقيق عبد الكريم الدجيلى. بغداد 1394 هـ‍- 1974 م فتح القدير الجامع بين فنّى الرواية والدراية من علم التفسير. للشوكانى. دار الفكر-بيروت 1401 هـ‍-1981 م-مصورة عن طبعة دار الطباعة المنيرية بمصر الفتح الوهبى على مشكلات المتنبى. لابن جنى-وهو شرحه الصغير على ديوان المتنبى- تحقيق الدكتور محسن غياض. وزارة الإعلام العراقية. بغداد 1973 م فتوح البلدان. للبلاذرى. تحقيق الدكتور صلاح الدين المنجد. مكتبة النهضة المصرية 1956 م فرحة الأديب فى الردّ على ابن السّيرافى فى شرح أبيات سيبويه. للأسود الغندجانى. تحقيق الدكتور محمد على سلطانى. دمشق 1401 هـ‍-1981 م الفروق اللغوية. لأبى هلال العسكرى. دار الكتب العلمية. بيروت 1401 هـ‍-1981 م مصورة عن طبعة حسام الدين القدسى بمصر 1353 هـ‍ فصل المقال فى شرح كتاب الأمثال. لأبى عبيد البكرى. تحقيق الدكتور إحسان عباس، والدكتور عبد المجيد عابدين. دار الأمانة-مؤسسة الرسالة-بيروت 1391 هـ‍- 1971 م الفصول الخمسون. لابن معطى. تحقيق محمود محمد الطناحى. مطبعة عيسى البابى الحلبى. القاهرة 1397 هـ‍-1977 م فصيح ثعلب. تعليق محمد عبد المنعم خفاجى. المطبعة النموذجية. القاهرة 1368 هـ‍- 1949 م فعلت وأفعلت (¬1). لأبى حاتم السجستانى. تحقيق الدكتور خليل إبراهيم العطية. منشورات جامعة البصرة 1979 م فعلت وأفعلت. للزجّاج. منشور مع فصيح ثعلب-انظره فى موضعه فقه اللغة وسرّ العربيّة. للثعالبى. تحقيق مصطفى السقا، وإبراهيم الأبيارى. وعبد الحفيظ شلبى. مطبعة مصطفى البابى الحلبى. الطبعة الثانية. القاهرة 1373 هـ‍-1954 م ¬

(¬1) ونشر فى العدد الرابع من مجلة البحث العلمى وإحياء التراث الإسلامى-جامعة أم القرى-مكة المكرمة (1401 هـ‍) باسم: (فعل وأفعل للأصمعى) وهو خطأ.

هرس دار الكتب المصرية. القاهرة 1345 هـ‍-1927 م فهرس شواهد سيبويه. صنعة أحمد راتب النفّاخ. دار الإرشاد ودار الأمانة-بيروت 1390 هـ‍-1970 م فهرس المخطوطات المصورة بمعهد المخطوطات. تصنيف فؤاد سيد. القاهرة 1954 م الفوائد المجموعة فى الأحاديث الموضوعة. للشوكانى. تحقيق عبد الرحمن بن يحيى المعلمى اليمانى. وتصحيح الشيخ عبد الوهاب عبد اللطيف. مطبعة السنّة المحمدية. القاهرة 1380 هـ‍ الفوائد المحصورة فى شرح المقصورة-مقصورة ابن دريد-لابن هشام اللخمى. تحقيق أحمد عبد الغفور عطار. مكتبة الحياة. بيروت 1400 هـ‍-1980 م فوات الوفيات. لابن شاكر الكتبى. تحقيق الشيخ محمد محيى الدين عبد الحميد. مطبعة السعادة بمصر 1371 هـ‍-1951 م فى اللهجات العربية-اللهجات العربية. (ق) القاموس المحيط. للفيروزآبادي. المطبعة المصرية 1352 هـ‍-1933 م قطب السّرور فى أوصاف الخمور. لأبى إسحاق إبراهيم، المعروف بالرقيق النديم. تحقيق أحمد سليم الجندى. مطبوعات مجمع اللغة العربية. دمشق 1969 م قطر الندى وبلّ الصّدى. لابن هشام. تحقيق الشيخ محمد محيى الدين عبد الحميد. القاهرة 1370 هـ‍-1950 م القطع والائتناف. لأبى جعفر النحاس. تحقيق الدكتور أحمد خطاب العمر. وزارة الأوقاف العراقية. بغداد 1398 هـ‍-1978 م قواعد الشعر. لثعلب. تحقيق الدكتور رمضان عبد التواب. دار المعرفة. القاهرة 1966 م القوافى. للأخفش. تحقيق أحمد راتب النّفّاخ. دار الأمانة. بيروت 1394 هـ‍-1974 م القوافى. للتّنوخى. تحقيق عمر الأسعد، ومحيى الدين رمضان. دار الإرشاد. بيروت 1389 هـ‍-1970 م القوافى. لنشوان بن سعيد الحميرى. تحقيق محمد عزير شمس. مجلة المجمع العلمى الهندى (على كره) المجلد 8 - 1984 م (ك) الكافى فى العروض والقوافى. للخطيب التّبريزى. تحقيق الحسّانى حسن عبد الله. مجلة معهد

المخطوطات (الجزء الأول من المجلد الثانى عشر) القاهرة 1386 هـ‍-1966 م الكافى فى علم القوافى. للشّنترينى. منشور مع كتاب: المعيار فى أوزان الأشعار. تحقيق الدكتور محمد رضوان الداية. دار الأنوار-بيروت 1388 هـ‍-1968 م الكامل-فى الأدب-للمبرّد. تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم. نهضة مصر 1956 م. وتحقيق محمد أحمد الدالى. مؤسسة الرسالة. بيروت 1406 هـ‍-1986 م الكامل-فى التاريخ. لعز الدين بن الأثير. المطبعة الأزهرية المصرية 1301 هـ‍ الكتاب. لسيبويه. تحقيق عبد السلام محمد هارون. الهيئة المصرية العامة للكتاب 1385 هـ‍ -1966 م كتاب الآداب. لجعفر بن شمس الخلافة. تصحيح محمد أمين الخانجى. مطبعة السعادة بمصر 1349 هـ‍-1930 م كتاب الشعر. لأبى على الفارسى. تحقيق محمود محمد الطناحى. مكتبة الخانجى. القاهرة 1408 هـ‍-1988 م كتاب الكتّاب. لابن درستويه. تحقيق الدكتور إبراهيم السامرائى، والدكتور عبد الحسين الفتلى. دار الكتب الثقافية. الكويت-حولّى 1397 هـ‍-1977 م الكشّاف. للزمخشرى. مطبعة مصطفى البابى الحلبى. القاهرة 1385 هـ‍-1966 م كشف الخفاء ومزيل الإلباس عمّا اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس. للعجلونى. نشره حسام الدين القدسى. القاهرة 1351 هـ‍ كشف الظنون عن أسامى الكتب والفنون. للحاج خليفة. استانبول 1941 م الكشف عن مساوئ المتنبى. للصاحب بن عباد (منشور مع الإبانة عن سرقات المتنبى) - انظره فى موضعه. الكشف عن وجوه القراءات السبع. لمكى بن أبى طالب. تحقيق الدكتور محيى الدين رمضان. مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق 1394 هـ‍-1974 م الكشكول. لبهاء الدين العاملى. تحقيق الشيخ طاهر أحمد الزاوى. مطبعة عيسى البابى الحلبى. القاهرة 1380 هـ‍-1961 م الكليّات. لأبى البقاء الكفوى. تحقيق الدكتور عدنان درويش، ومحمد المصرى. وزارة الثقافة والإرشاد. دمشق 1981 م كنوز العرفان فى أسرار وبلاغة القرآن. لابن قيم الجوزية. تصحيح السيد محمد بدر الدين النّعسانى. مطبعة السعادة بمصر 1327 هـ‍ الكوكب الدّرّى فى تخريج الفروع الفقهية على المسائل النحوية. للإسنوى. تحقيق الدكتور

عبد الرزاق السّعدى. ومراجعة الدكتور عبد الستار أبو غدّة. وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية. الكويت 1404 هـ‍-1985 م (ل) اللامات. للزّجّاجى. تحقيق الدكتور مازن المبارك. مطبوعات مجمع اللغة العربية. دمشق 1389 هـ‍-1969 م اللامات للهروى. تحقيق الدكتور أحمد عبد المنعم الرّصد. مطبعة حسّان. القاهرة 1404 هـ‍-1984 م لباب الآداب. لأسامة بن منقذ. تحقيق الشيخ أحمد محمد شاكر. المطبعة الرحمانية بمصر 1354 هـ‍-1935 م لباب الإعراب. لتاج الدين الأسفرايني. تحقيق بهاء الدين عبد الوهاب عبد الرحمن. دار الرفاعى للنشر والطباعة. الرياض 1405 هـ‍-1984 م لسان العرب. لابن منظور. مطبعة بولاق بمصر 1300 هـ‍ لسان الميزان. لابن حجر العسقلانى. حيدرآباد. الهند 1329 هـ‍ لطائف المعارف. للثعالبى. تحقيق إبراهيم الأبيارى، وحسن كامل الصيرفى. مطبعة عيسى البابى الحلبى. القاهرة 1379 هـ‍-1960 م اللمع. لابن جنى. تحقيق الدكتور حسين شرف. عالم الكتب. القاهرة 1399 هـ‍- 1979 م اللهجات العربية. للدكتور إبراهيم أنيس. مكتبة الأنجلو بمصر. الطبعة الرابعة 1973 م اللهجات العربية فى التراث. للدكتور أحمد علم الدين الجندى. الدار العربية للكتاب. تونس 1983 م اللهجات فى الكتاب لسيبويه: أصواتا وبنية. تأليف صالحة راشد آل غنيم. مركز البحث العلمى وإحياء التراث الإسلامى. جامعة أم القرى. مكة المكرمة 1405 هـ‍- 1985 م ليس فى كلام العرب. لابن خالويه. تحقيق أحمد عبد الغفور عطار. دار العلم للملايين- الطبعة الثانية-بيروت 1399 هـ‍-1979 م (م) ما بنته العرب على فعال. للصاغانى. تحقيق الدكتور عزّة حسن. مطبوعات مجمع اللغة العربية. دمشق 1383 هـ‍-1964 م

ما لم ينشر من الأمالى الشجرية. تحقيق الدكتور حاتم صالح الضامن. مجلة المورد العراقية- المجلد الثالث-العددان الأول والثانى 1974 م ما يجوز للشاعر فى الضرورة. للقزّار القيروانى. تحقيق الدكتور المنجى الكعبى. الدار التونسية للنشر 1971 م ما ينصرف ومالا ينصرف. للزجاج. تحقيق الدكتور هدى قراعة. المجلس الأعلى للشئون الإسلامية. القاهرة 1391 هـ‍-1971 م مآخذ الأزدى على أبى اليمن الكندى فى تفسير شعر المتنبى. تحقيق هلال ناجى. مجلة المورد العراقية-المجلد السادس-العدد الثالث 1397 هـ‍-1977 م المؤتلف والمختلف. للآمدى تحقيق عبد الستار فراج. مطبعة عيسى البابى الحلبى 1381 هـ‍ -1961 م المباحث المرضية المتعلقة ب‍ «من» الشرطيّة. لابن هشام. تحقيق الدكتور مازن المبارك. دار ابن كثير-دمشق، بيروت 1408 هـ‍-1987 م مبادئ اللغة. للخطيب الإسكافى. تصحيح السيد محمد بدر الدين النعسانى الحلبى. مطبعة السعادة بمصر 1325 هـ‍ المبهج فى تفسير أسماء شعراء الحماسة. لابن جنى. تحقيق الدكتور حسن هنداوى. دار القلم -دمشق-دار المنارة-بيروت 1407 هـ‍-1987 م مثالب الوزيرين-الصاحب بن عبّاد، وابن العميد-لأبى حيان التوحيدى. تحقيق الدكتور إبراهيم الكيلانى. دار الفكر بدمشق 1961 م المثل السائر فى أدب الكاتب والشاعر. لضياء الدين بن الأثير. تحقيق الدكتور أحمد الحوفى، والدكتور بدوى طبانة. نهضة مصر 1379 هـ‍-1959 م. وتحقيق الشيخ محمد محيى الدين عبد الحميد. مطبعة مصطفى البابى الحلبى. القاهرة 1358 هـ‍-1939 م المثلّث. لابن السيّد البطليوسى. تحقيق الدكتور صلاح مهدى الفرطوسى. وزارة الثقافة والإعلام العراقية. بغداد 1401 هـ‍-1981 م مجاز القرآن. لأبى عبيدة معمر بن المثنى. تحقيق الدكتور فؤاد سزكين. مكتبة الخانجى. القاهرة 1374 هـ‍-1954 م المجازات النبوية. للشريف الرضىّ. تحقيق الشيخ طه الزينى. مؤسسة الحلبى. القاهرة 1387 هـ‍-1967 م مجالس ثعلب. تحقيق عبد السلام محمد هارون. الطبعة الثانية. دار المعارف بمصر 1375 هـ‍ -1956 م

مجالس العلماء. للزجاجى. تحقيق عبد السلام محمد هارون. الكويت 1962 م والطبعة الثانية بمكتبة الخانجى بالقاهرة 1405 هـ‍-1985 م مجمع الأمثال. للميدانى. تحقيق الشيخ محمد محيى الدين عبد الحميد. مطبعة السعادة بمصر 1379 هـ‍-1959 م مجمع الزوائد ومنبع الفوائد. لنور الدين الهيثمى. مؤسسة المعارف-بيروت 1406 هـ‍- 1986 م-مصورة عن نشرة حسام الدين القدسى بمصر 1352 هـ‍ المجمل فى اللغة. لابن فارس. تحقيق زهير عبد المحسن سلطان. مؤسسة الرسالة. بيروت 1404 هـ‍-1984 م المجموع المغيث فى غريبى القرآن والحديث. لأبى موسى المدينى. تحقيق عبد الكريم العزباوى. مركز البحث العلمى وإحياء التراث الإسلامى. جامعة أم القرى. مكة المكرمة 1406 هـ‍-1986 م المحاجاة بالمسائل النحوية (¬1). للزمخشرى. تحقيق الدكتورة بهيجة الحسنى. بغداد 1973 م المحاسن والمساوئ. للبيهقى. تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم. نهضة مصر 1380 هـ‍- 1961 م المحبر. لابن حبيب. تصحيح الدكتورة إيلزه ليختن شتيتر. دائرة المعارف العثمانية. حيدرآباد. الهند 1361 هـ‍ المحتسب فى تبيين وجوه شواذّ القراءات. لابن جنى. تحقيق الدكتور عبد الحليم النجار، والأستاذ على النجدى ناصف، والدكتور عبد الفتاح إسماعيل شلبى. المجلس الأعلى للشئون الإسلامية. القاهرة 1386 هـ‍ المحكم. لابن سيده. مطبعة مصطفى البابى الحلبى. القاهرة 1377 هـ‍-1958 م المحمدون من الشعراء. للقفطى. تحقيق رياض عبد الحميد مراد. مطبوعات مجمع اللغة العربية. دمشق 1395 هـ‍-1975 م مختارات شعراء العرب. لابن الشجرى. تحقيق على محمد البجاوى. نهضة مصر 1394 هـ‍ -1974 م مختارات البارودى. مشروع المكتبة الجامعة. اختيار وتنفيذ إبراهيم أمين فودة-مكة المكرمة 1404 هـ‍-1984 م-مصوّرة عن الطبعة المصرية: مطبعة الجريدة 1329 هـ‍- ¬

(¬1) ونشره الأستاذ مصطفى الحدرى باسم: (الأحاجى النحوية) مكتبة الغزالى-حماة-سورية 1969 م.

بتصحيح ياقوت المرسى مختصر فى شواذّ القراءات. لابن خالويه. نشره براجستراسر. المطبعة الرحمانية بمصر 1934 م مختلف القبائل ومؤتلفها. لابن حبيب. تحقيق وستنفلد-جوتنجن 1850 م وتحقيق الشيخ حمد الجاسر (طبع مع الإيناس فى علم الأنساب) النادى الأدبى بالرياض 1400 هـ‍- 1980 م المخصّص. لابن سيده. تحقيق محمد محمود التركزى الشنقيطى، ومعاونة عبد الغنى محمود. مطبعة بولاق بمصر 1321 هـ‍ المدارس النحوية. للدكتور شوقى ضيف. دار المعارف بمصر 1968 م مدخل إلى تاريخ نشر التراث العربى. تأليف محمود محمد الطناحى. مكتبة الخانجى. القاهرة 1405 هـ‍-1985 م مدرسة الكوفة ومنهجها فى دراسة اللغة والنحو. للدكتور مهدى المخزومى. مطبعة مصطفى البابى الحلبى. الطبعة الثانية القاهرة 1377 هـ‍-1958 م المذكّر والمؤنث. لابن التّسترى. تحقيق الدكتور أحمد عبد المجيد هريدى. مكتبة الخانجى. القاهرة 1403 هـ‍-1983 م المذكر والمؤنث. لأبى بكر بن الأنبارى. تحقيق الدكتور طارق الجنابى. وزارة الأوقاف العراقية. بغداد 1978 م المذكر والمؤنث. للمبرد. تحقيق الدكتور رمضان عبد التواب، والدكتور صلاح الدين الهادى. دار الكتب المصرية 1970 م وانظر: البلغة مراتب النحويين. لأبى الطيب اللغوى. تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم. نهضة مصر 1375 هـ‍-1955 م مرآة الجنان وعبرة اليقظان. لليافعى. حيدرآباد. الهند 1338 هـ‍ المرتجل شرح الجمل-جمل عبد القاهر الجرجانى-لابن الجرجانى-لابن الخشاب. تحقيق على حيدر. دمشق 1392 هـ‍-1972 م المردفات من قريش. لأبى الحسن المدائنى (نوادر المخطوطات) تحقيق عبد السلام محمد هارون. مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر. القاهرة 1370 هـ‍-1951 م المرصّع فى الآباء والأمهات والبنين والبنات والأذواء والذوات. لمجد الدين بن الأثير. تحقيق الدكتور إبراهيم السامرائى. وزارة الأوقاف العراقية. بغداد 1971 م مروج الذهب ومعادن الجوهر. للمسعودى. تحقيق الشيخ محمد محيى الدين عبد الحميد.

مطبعة السعادة بمصر 1964 م المزهر. للسيوطى. تحقيق محمد أحمد جاد المولى، وعلى محمد البجاوى، ومحمد أبو الفضل إبراهيم. مطبعة عيسى البابى الحلبى. القاهرة 1361 هـ‍ المسائل البصريات. لأبى على الفارسى. تحقيق الدكتور محمد الشاطر أحمد. مطبعة المدنى بالقاهرة 1405 هـ‍-1985 م المسائل الحلبيات. لأبى على الفارسى. تحقيق الدكتور حسن هنداوى. دار القلم. دمشق- دار المنارة-بيروت 1407 هـ‍-1987 م. مسائل خلافية فى النحو. لأبى البقاء العكبرى. تحقيق الدكتور محمد خير الحلوانى دار المأمون للتراث. دمشق. الطبعة الثانية. بدون تاريخ المسائل الشيرازيات. لأبى على الفارسى. مصورة عن نسخة راغب باشا باستانبول. برقم (1374) المسائل العسكريات. لأبى على الفارسى. تحقيق الدكتور محمد الشاطر أحمد. مطبعة المدنى بالقاهرة 1403 هـ‍-1982 م المسائل العشر-ملك النحاة المسائل العضديات. لأبى على الفارسى. تحقيق الدكتور على جابر المنصورى عالم الكتب- مكتبة النهضة العربية-بيروت 1406 هـ‍-1986 م المسائل المشكلة المعروفة بالبغداديات. لأبى على الفارسى. تحقيق صلاح الدين عبد الله السنكارى. وزارة الأوقاف العراقية. بغداد 1983 م المسائل المنثورة. لأبى على الفارسى. تحقيق مصطفى الحدرى. مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق 1986 م المساعد على تسهيل الفوائد. لابن عقيل. تحقيق الدكتور محمد كامل بركات. مركز البحث العلمى وإحياء التراث الإسلامى. جامعة أم القرى. مكة المكرمة 1400 هـ‍- 1980 م مسألة الحكمة فى تذكير «قريب» فى قوله تعالى: {إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} لابن هشام. تحقيق الدكتور عبد الفتاح الحموز. دار عمار-الأردن 1405 هـ‍- 1985 م المستدرك على الصحيحين. للحاكم النيسابورى. دائرة المعارف العثمانية. حيدرآباد. الهند 1341 هـ‍ المستطرف من كلّ فن مستظرف. للأبشيهى. مطبعة بولاق بمصر 1285 هـ‍

المستفاد من ذيل تاريخ بغداد. لابن النجار. انتقاء أحمد بن أيبك المعروف بابن الدمياطى. تحقيق الدكتور قيصر أبو فرح. دائرة المعارف العثمانية. حيدرآباد. الهند 1399 هـ‍-1988 م المستقصى فى أمثال العرب. للزمخشرى. حيدرآباد. الهند 1962 م مسند أحمد بن حنبل. المطبعة الميمنية بمصر 1313 هـ‍ المشتبه فى الرجال: أسمائهم وأنسابهم. للذهبى. تحقيق على محمد البجاوى. مطبعة عيسى البابى الحلبى. القاهرة 1381 هـ‍-1962 م مشكل إعراب القرآن. لمكّى بن أبى طالب. تحقيق ياسين محمد السّواس. مطبوعات مجمع اللغة العربية. دمشق 1974 م. وطبعة بغداد 1395 هـ‍-1975 م بتحقيق الدكتور حاتم صالح الضامن. المشوف المعلم فى ترتيب إصلاح المنطق على حروف المعجم. لأبى البقاء العكبرى. تحقيق ياسين محمد السّواس. مركز البحث العلمى. وإحياء التراث الإسلامى. جامعة أم القرى. مكة المكرمة 1403 هـ‍-1983 م المصباح المنير فى غريب الشرح الكبير للرافعى. تأليف الفيومى. تصحيح الشيخ حمزة فتح الله. الطبعة الثالثة. المطبعة الأميرية-بولاق بمصر 1912 م مصنّف ابن أبى شيبة. منشورات إدارة القرآن والعلوم الإسلامية. كراتشى. باكستان (¬1) 1406 هـ‍-1987 م المصنّف. لعبد الرزّاق بن همّام الصنعانى. تحقيق المحدّث حبيب الرحمن الأعظمى. منشورات المجلس العلمى. الهند. الطبعة الثانية-المكتب الإسلامى-بيروت 1403 هـ‍-1983 م المصون فى الأدب. لأبى أحمد العسكرى. تحقيق عبد السلام هارون. الطبعة الأولى- الكويت 1960 م، والثانية-مكتبة الخانجى. القاهرة 1402 هـ‍-1982 م المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية. لابن حجر العسقلانى. تحقيق المحدّث حبيب الرحمن الأعظمى. وزارة الأوقاف الكويتية 1390 هـ‍-1970 م المطر. لأبى زيد الأنصارى. طبع ضمن (البلغة فى شذور اللغة) نشر أوغست هفنر، ولويس شيخو-بيروت 1914 م ¬

(¬1) هذه الطبعة محتوية على الحصّة المتروكة فى طبعة الهند. وهى أربع مائة وتسعون بابا. هكذا جاء على صفحة الغلاف من الجزء الأول من طبعة كراتشى.

مطلع الفوائد ومجمع الفرائد. لابن نباتة المصرى. تحقيق الدكتور عمر موسى باشا. مطبوعات مجمع اللغة العربية. دمشق 1972 م-1392 هـ‍ المعارف. لابن قتيبة. تحقيق الدكتور ثروت عكاشة. دار المعارف بمصر 1969 م معالم الكتابة ومغانم الإصابة. لعبد الرحيم بن على بن شيث القرشى. تحقيق محمد حسين شمس الدين. دار الكتب العلمية. بيروت 1408 هـ‍-1988 م معانى أبيات الحماسة. لأبى عبد الله النّمرى. تحقيق الدكتور عبد الله عبد الرحيم عسيلان. مطبعة المدنى. القاهرة 1403 هـ‍-1983 م معانى الحروف. للرمّانى-وفى نسبته إليه شكّ-تحقيق الدكتور عبد الفتاح إسماعيل شلبى. نهضة مصر 1973 م معانى القرآن. للأخفش. تحقيق الدكتور فائز فارس. الكويت. الطبعة الثانية 1401 هـ‍- 1981 م-وطبعة الخانجى بالقاهرة 1411 هـ‍-1990 م بتحقيق الدكتور هدى محمود قرّاعة معانى القرآن. للفرّاء. الجزء الأول بتحقيق أحمد يوسف نجاتى، والشيخ محمد على النجار، والثانى بتحقيق الشيخ النجار، والثالث بتحقيق الدكتور عبد الفتاح إسماعيل شلبى. الأول دار الكتب المصرية 1374 هـ‍-1955 م. والثانى: الدار المصرية للتأليف والترجمة. بدون تاريخ. والثالث: الهيئة المصرية العامة للكتاب 1972 م معانى القرآن وإعرابه. للزجاج. مصوّرة عن مخطوطة الخزانة العامة بالرباط. برقم (333 ق) وهى مخطوطة نفيسة (¬1) جدّا، كتبت سنة 383 هـ‍. ونشرة الدكتور عبد الجليل شلبى. عالم الكتب. بيروت 1408 هـ‍-1988 م المعانى الكبير. لابن قتيبة. تحقيق كرنكو، وعبد الرحمن بن يحيى المعلّمى اليمانى. دار الكتب العلمية-بيروت 1405 هـ‍-1984 م (¬2) معاهد التنصيص على شواهد التلخيص. لعبد الرحيم العبّاسى. تحقيق الشيخ محمد محيى الدين عبد الحميد. مطبعة السعادة والمكتبة التجارية بمصر 1367 هـ‍-1947 م معجم الأدباء. لياقوت الحموى. دار المأمون. القاهرة 1355 هـ‍-1936 م معجم البلدان. لياقوت الحموى. تحقيق وستنفلد. ليبزج 1866 م ¬

(¬1) رأيتها بعينى، وصوّرتها لمعهد المخطوطات بالقاهرة، سنة 1975 م. (¬2) هذه الطبعة صفّت بحروف جديدة، ولكنها التزمت أرقام طبعة حيدرآباد-الهند 1368 هـ‍- 1949 م، وسلخت تعليقاتها، وأغارت على فهارسها. وهو لون جديد من ألوان السرقة والنصب والاحتيال. وحسبنا الله ونعم الوكيل.

معجم الشعراء. للمرزبانى. تحقيق عبد الستار فراج. مطبعة عيسى البابى الحلبى. القاهرة 1379 هـ‍-1960 م معجم شواهد العربية: تأليف عبد السلام محمد هارون. مكتبة الخانجى. القاهرة 1392 هـ‍ -1972 م المعجم فى بقية الأشياء. لأبى هلال العسكرى. تعليق وضبط إبراهيم الأبيارى، وعبد الحفيظ شلبى. دار الكتب المصرية 1353 هـ‍-1934 م المعجم الكبير. للطبرانى. حقّقه وخرّج أحاديثه حمدى عبد المجيد السّلفى. الدار العربية للطباعة ببغداد 1978 م معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع. لأبى عبيد البكرى. تحقيق مصطفى السّقّا. مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر 1364 هـ‍-1945 م المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوى. تأليف جماعة من المستشرقين، بإشراف فنسنك. ليدن 1936 م المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم. لمحمد فؤاد عبد الباقى. دار الكتب المصرية 1364 هـ‍ معجم مقاييس اللغة-مقاييس اللغة المعرّب. للجواليقى. تحقيق الشيخ أحمد محمد شاكر. دار الكتب المصرية 1361 هـ‍- 1942 م معرفة علوم الحديث. للحاكم النيسابورى. تصحيح الدكتور السيد معظّم حسين. دائرة المعارف العثمانية. مطبعة دار الكتب المصرية 1356 هـ‍-1937 م المعمرون. لأبى حاتم السجستانى. تحقيق عبد المنعم عامر. مطبعة عيسى البابى الحلبى. القاهرة 1381 هـ‍-1961 م معنى لا إله إلاّ الله. لبدر الدين الزركشى. تحقيق على محيى الدين على القرة داغى. دار البشائر الإسلامية. بيروت. الطبعة الثالثة 1406 هـ‍-1986 م معيد النّعم ومبيد النّقم. لتاج الدين السبكى. تحقيق المشايخ: محمد على النجار، وأبو زيد شلبى، ومحمد أبو العيون. مكتبة الخانجى بمصر 1367 هـ‍-1948 م مغازى الواقدىّ. تحقيق مارسدن جونز. مطبوعات جامعة اكسفورد. دار المعارف بمصر 1966 م المغنى. لابن قدامة المقدسى. دار الكتاب العربى-بيروت 1392 هـ‍-1972 م مصوّرة عن طبعة المنار. بعناية الشيخ محمد رشيد رضا. القاهرة 1347 هـ‍ مغنى اللبيب عن كتب الأعاريب. لابن هشام. تحقيق الشيخ محمد محيى الدين عبد الحميد. مطبعة المدنى بمصر. بدون تاريخ. وطبعة دار الفكر-بيروت 1964 م بتحقيق الدكتور مازن المبارك ومحمد على حمد الله

المغنى عن حمل الأسفار فى الأسفار فى تخريج ما فى الإحياء من الأخبار. للحافظ زين الدين العراقى. بهامش إحياء علوم الدين. مطبعة عيسى البابى الحلبى بمصر 1377 هـ‍- 1957 م المغيث-المجموع المغيث مفردات القرآن الكريم. للراغب الأصبهانى. ضبط محمد سيد كيلانى. مطبعة مصطفى البابى الحلبى. القاهرة 1381 هـ‍-1961 م المفصّل. للزمخشرى. تصحيح السيد محمد بدر الدين النعسانى. القاهرة 1323 هـ‍ المفضليات. للمفضل الضبىّ. تحقيق الشيخ أحمد محمد شاكر. وعبد السلام محمد هارون. دار المعارف بمصر 1964 م مقاتل الطالبيين. لأبى الفرج الأصبهانى. تحقيق السيد أحمد صقر. مطبعة عيسى البابى الحلبى. القاهرة 1368 هـ‍-1949 م المقاصد الحسنة فى بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة. لشمس الدين السخاوى. تصحيح الشيخ عبد الله محمد الصديق الغمارى. تقديم الشيخ عبد الوهاب عبد اللطيف. دار الكتب العلمية. بيروت 1399 هـ‍-1979 م. مصوّرة عن طبعة الخانجى. القاهرة 1375 هـ‍ المقاصد النحوية فى شرح شواهد شروح الألفية. لبدر الدين العينى. طبع بهامش الخزانة. طبعة بولاق 1299 هـ‍ مقامات بديع الزمان الهمذانى. بشرح الشيخ محمد محيى الدين عبد الحميد. القاهرة 1342 هـ‍ مقاييس اللغة. لابن فارس. تحقيق عبد السلام محمد هارون. مطبعة عيسى البابى الحلبى القاهرة 1366 هـ‍ المقتصد فى شرح الإيضاح. لعبد القاهر الجرجانى. تحقيق الدكتور كاظم بحر المرجان. وزارة الثقافة والإعلام العراقية. بغداد 1982 م المقتضب. للمبرّد. تحقيق الشيخ محمد عبد الخالق عضيمة. المجلس الأعلى للشئون الإسلامية. القاهرة 1385 هـ‍ المقتضب فى اسم المفعول من الثلاثى المعتل العين. تحقيق الدكتور مازن المبارك. دار ابن كثير-دمشق. بيروت 1408 هـ‍-1988 م مقدّمة فى النحو. للذكىّ الصقلىّ. تحقيق الدكتور محسن سالم العميرى. المكتبة الفيصلية. مكة المكرمة 1405 هـ‍-1985 م

المقرّب. لابن عصفور. تحقيق أحمد عبد الستار الجوارى، وعبد الله الجبورى. رئاسة الأوقاف العراقية. بغداد 1391 هـ‍-1971 م المقصود والممدود. لابن ولاّد. تصحيح السيد محمد بدر الدين النعسانى الحلبى. مكتبة الخانجى. مطبعة السعادة بمصر 1326 هـ‍-1908 م وانظر: المنقوص والممدود-وحروف الممدود المقنع فى معرفة مرسوم مصاحف أهل الأمصار. لأبى عمرو الدانى. تحقيق محمد أحمد دهمان. دار الفكر. دمشق. الطبعة الثانية 1403 هـ‍-1983 م مصوّرة عن الطبعة الأولى 1940 م. المكاثرة عند المذاكرة. لجعفر بن محمد الطيالسى. تحقيق محمد بن تاويت الطنجى. أنقرة 1956 م الملاحن. لابن دريد. تصحيح الشيخ إبراهيم اطفيش الجزائرى. المطبعة السلفية بمصر 1347 هـ‍ ملك النحاة: حياته وشعره ومسائله العشر. تحقيق الدكتور حنّا جميل حدّاد. مطبوعات جامعة اليرموك-الأردن 1402 هـ‍-1982 م الممتع فى التصريف. لابن عصفور. تحقيق الدكتور فخر الدين قباوة. دار الآفاق الجديدة. بيروت. الطبعة الثالثة 1398 هـ‍-1978 م الممدود والمقصور-حروف الممدود من نسب إلى أمه من الشعراء-ألقاب الشعراء المنازل والديار. لأسامة بن منقذ. تحقيق مصطفى حجازى. المجلس الأعلى للشئون الإسلامية. القاهرة 1387 هـ‍ منال الطالب فى شرح طوال الغرائب. لمجد الدين بن الأثير. تحقيق محمود محمد الطناحى. مركز البحث العلمى وإحياء التراث الإسلامى. جامعة أم القرى. مكة المكرمة 1403 هـ‍-1983 م مناهج التأليف عند العلماء العرب. للدكتور مصطفى الشكعة. بيروت-دار العلم للملايين 1979 م المنتظم لابن الجوزى. حيدرآباد. الهند 1357 هـ‍ منح المدح. لابن سيّد الناس اليعمرى. تقديم عفّت وصال حمزة. دار الفكر. دمشق 1407 هـ‍-1987 م المنصف. شرح تصريف المازنى. لابن جنى. تحقيق إبراهيم مصطفى، وعبد الله أمين. مطبعة مصطفى البابى الحلبى. القاهرة 1373 هـ‍-1954 م

المنصفات. جمع وتحقيق عبد المعين الملّوحى. وزارة الثقافة والإرشاد. دمشق 1967 م المنقوص والممدود. للفراء. تحقيق عبد العزيز الميمنى الراجكوتى. دار المعارف بمصر 1387 هـ‍ منهاج البلغاء وسراج الأدباء. لحازم القرطاجنّى. تحقيق محمد الحبيب بن الخوجة. تونس 1966 م المهذّب فيما وقع فى القرآن من المعرّب. للسيوطى. تحقيق الدكتور التهامى الراجى الهاشمى. طبع بتعاون دولة المغرب مع دولة الإمارات العربية المتحدة. فضالة- المحمدية-المغرب. بدون تاريخ موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبّان. لنور الدين الهيثمى. تحقيق محمد عبد الرزاق حمزة. المطبعة السلفية بمصر الموازنة بين شعر أبى تمام والبحترى. للآمدى. الجزء الأول والثانى بتحقيق السيد أحمد صقر. دار المعارف بمصر 1380 هـ‍-1961 م. والثالث بتحقيق الدكتور عبد الله حمد محارب. مكتبة الخانجى. القاهرة 1410 هـ‍-1990 م الموجز فى النحو. لابن السّراج. تحقيق مصطفى الشويمى، وبن سالم دامرجى. مؤسسة أ. بدران-بيروت 1384 هـ‍-1965 م الموجز فى مراجع التراجم والبلدان والمصنّفات وتعريفات العلوم. تأليف محمود محمد الطناحى. مكتبة الخانجى. القاهرة 1406 هـ‍-1985 م الموشّح. للمرزبانى. تحقيق على محمد البجاوى. نهضة مصر 1965 م الموطّأ. للإمام مالك ابن أنس. تحقيق محمد فؤاد عبد الباقى. مطبعة عيسى البابى الحلبى. القاهرة 1370 هـ‍-1951 م الموفّقيات-الأخبار الموفّقيات موقف النحاة من الاحتجاج بالحديث. تأليف الدكتورة خديجة الحديثى. وزارة الثقافة والإعلام العراقية. دار الرشيد للنشر. بغداد 1401 هـ‍-1981 م ميزان الاعتدال فى نقد الرجال. للذهبى. تحقيق على محمد البجاوى. مطبعة عيسى البابى الحلبى. القاهرة 1382 هـ‍-1963 م المواهب الفتحية فى علوم اللغة العربية. للشيخ حمزة فتح الله. المطبعة الأميرية. بولاق بمصر 1312 هـ‍. (ن) النبات. لأبى حنيفة الدّينورى-الموجود منه الجزء الثالث، والنصف الأول من الجزء الخامس-

تحقيق برنهارد لفين-النشرات الإسلامية لجمعية المستشرقين الألمانية. دار القلم. بيروت 1394 هـ‍-1974 م النبات. للأصمعى. تحقيق الدكتور عبد الله يوسف الغنيم. مطبعة المدنى. القاهرة 1392 هـ‍-1972 م نتائج الفكر فى النحو. للسّهيلى. تحقيق الدكتور محمد إبراهيم البنا. دار الرياض للنشر والتوزيع 1404 هـ‍-1984 م النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة. لابن تغرى بردى. دار الكتب المصرية 1932 م نزهة الأعين النواظر فى علم الوجوه والنظائر. لابن الجوزى. تحقيق محمد عبد الكريم كاظم الراضى. مؤسسة الرسالة. بيروت. الطبعة الثانية 1405 هـ‍-1985 م نزهة الألبّاء فى طبقات الأدباء. لأبى البركات الأنبارى. تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم. نهضة مصر 1386 هـ‍-1967 م نسب قريش. لمصعب الزّبيرى. تحقيق ليفى بروفنسال. دار المعارف بمصر 1976 م النشر فى القراءات العشر. لابن الجزرى. تصحيح الشيخ محمد على الضباع. المكتبة التجارية بمصر. بدون تاريخ نصب الراية لأحاديث الهداية. للزّيلعى. دار إحياء التراث العربى-بيروت 1407 هـ‍- 1987 م-مصوّرة عن نشرة المجلس العلمى للجامعة الإسلامية فى دابهيل- سورت. الهند. طبع دار المأمون بالقاهرة 1357 هـ‍-1938 م نضرة الإغريض فى نصرة القريض. للمظفر بن الفضل العلوى. تحقيق الدكتورة نهى عارف الحسن. مطبوعات مجمع اللغة العربية. دمشق 1396 هـ‍-1976 م نفح الطّيب من غصن الأندلس الرطيب. للمقرّى بتحقيق الدكتور إحسان عباس. دار صادر-بيروت 1388 هـ‍-1968 م نقائض جرير والأخطل. لأبى تمام. تحقيق أنطون صالحانى. بيروت 1922 م نقائض جرير والفرزدق. بشرح أبى عبيدة معمر بن المثنى. تحقيق بيفان. ليدن 1905 م. النكت فى إعجاز القرآن. للرّمّانى (نشر ضمن ثلاث رسائل فى إعجاز القرآن) تحقيق محمد خلف الله أحمد، ومحمد زغلول سلاّم. دار المعارف بمصر. بدون تاريخ النكت فى تفسير كتاب سيبويه. للأعلم الشنتمرى. تحقيق زهير عبد المحسن سلطان. منشورات معهد المخطوطات بالكويت 1407 هـ‍-1987 م نكت الهميان فى نكت العميان. لصلاح الدين الصّفدى. تحقيق أحمد زكى باشا. المطبعة

الجمالية بمصر 1329 هـ‍-1911 م نهاية الأرب فى فنون الأدب. للنّويرى. دار الكتب المصرية 1347 هـ‍-1929 م النهاية فى غريب الحديث والأثر. لمجد الدين بن الأثير. تحقيق محمود محمد الطناحى. مطبعة عيسى البابى الحلبى. القاهرة 1383 هـ‍-1963 م النوادر. لأبى زيد الأنصارى. دار الكتاب العربى. بيروت 1387 هـ‍-1967 م وطبعة دار الشروق-بيروت 1401 هـ‍-1981 م-بتحقيق الدكتور محمد عبد القادر أحمد نيل العلا فى العطف بلا. لتقىّ الدين السّبكى. تحقيق الدكتور خالد عبد الكريم. مجلة معهد المخطوطات بالكويت. المجلد 30 - الجزء 1 - 1406 هـ‍-1986 م (هـ‍) الهاشميات. للكميت. بشرح محمد محمود الرافعى. مطبعة شركة التمدّن الصناعية بمصر 1330 هـ‍-1912 م وانظر: شرح الهاشميات همع الهوامع فى شرح جمع الجوامع. للسيوطى. تصحيح السيد محمد بدر الدين النعسانى الحلبى. مطبعة السعادة بمصر 1327 هـ‍ (و) الواضح فى مشكلات شعر المتنبى. لأبى القاسم الأصفهانى. تحقيق الشيخ محمد الطاهر بن عاشور. الدار التونسية للنشر 1968 م الوافى بالوفيات. لصلاح الدين الصّفدى. مصوّرة بمعهد المخطوطات بالقاهرة برقم (565) تاريخ الوحشيات-وهو الحماسة الصغرى-لأبى تمام. حقّقه عبد العزيز الميمنى الراجكوتى. وزاده فى حواشيه محمود محمد شاكر. دار المعارف بمصر 1963 م الوساطة بين المتنبى وخصومه. للقاضى على بن عبد العزيز الجرجانى. تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، وعلى محمد البجاوى. مطبعة عيسى البابى الحلبى. القاهرة. الطبعة الثالثة. بدون تاريخ وصف المطر والسحاب. لابن دريد. تحقيق عز الدين التّنوخى. مطبوعات مجمع اللغة العربية. دمشق 1382 هـ‍-1963 م

وفيات الأعيان. لابن خلكان. تحقيق الشيخ محمد محيى الدين عبد الحميد. مطبعة السعادة بمصر 1375 هـ‍-1956 م-وتحقيق الدكتور إحسان عباس. دار صادر-بيروت 1398 هـ‍-1978 م وقعة صفّين. لنصر بن مزاحم. تحقيق عبد السلام محمد هارون. الطبعة الأولى بمؤسسة المطبوعات الحديثة. القاهرة 1382 هـ‍-والطبعة الثانية بمكتبة الخانجى. القاهرة 1401 هـ‍ (ى) يتيمة الدهر فى محاسن أهل العصر. لأبى منصور الثعالبى. تحقيق الشيخ محمد محيى الدين عبد الحميد. مطبعة السعادة بمصر 1375 هـ‍-1956 م ... والحمد لله على ما وفّق وأعان. وصلاته وسلامه على خير خلقه محمد بن عبد الله، وعلى إخوانه المصطفين الأخيار، وآله الأطهار، وصحابته الأبرار. وكتب ذلك: أبو محمد محمود محمد الطناحى، فى الليلة التى يسفر صباحها عن يوم الثلاثاء 28 من شهر شعبان 1412 - الموافق 3 من مارس 1992 م ...

§1/1