أصول الفقه لابن مفلح

ابن مفلح، شمس الدين

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ... وبعد: فهذا كتاب (أصول الفقه على مذهب الإِمام أحمد بن حنبل) لمحمد بن مفلح المقدسي الحنبلي، المتوفى سنة 763 هـ. أقدمه لك -أخي القارئ- بعد تحقيق نصه، ومقابلة نسخه، وترقيم آياته، وتخريج أحاديثه وآثاره، وتوثيق نقوله، والتعريف بأعلامه وبالكتب الواردة فيه، والتعليق عليه، وصنع فهارسه، مع كتابة مقدمة عن الكتاب ومؤلفه. وقد دفعني إِلى تحقيق (¬1) هذا الكتاب وإخراجه ما يأتي: 1 - قيمة الكتاب العلمية (في المذهب الحنبلي)، وتظهر تلك القيمة فيما جمعه من أقوال لعلماء المذهب ونصوص من كتبهم في كثير من المباحث الأصولية (¬2). ¬

_ (¬1) أنهيت تحقيق هذا الكتاب في سنة 1404 هـ، وأقدمه -الآن- للنشر بعد تجريده من كثير من الهوامش والتعليقات التي علقتها في ذلك الوقت، مع اختصار مقدمة التحقيق؛ حرصًا على إِخراجه بحجم مناسب، وأود أن أنبه على أمرين: أ- سيجد القارئ في هوامشه العزو إِلى كتب مخطوطة طبعت بعد ذلك التاريخ. ب- أضفت -عند التعريف بالكتب- الإشارة إِلى ما عثر عليه أو حقق بعد ذلك التاريخ. (¬2) يأتي الحديث عن قيمة الكتاب في مقدمة التحقيق: الفصل الثاني، سابعًا.

2 - كون الكتاب عمدة -في النقل منه واتباع منهجه- عند بعض الحنابلة الذين أتوا بعد مؤلفه (¬1). 3 - كون مؤلف هذا الكتاب: أ- شيخ الحنابلة في وقته ومرجعهم. ب- صاحب قدم راسخة في فهم دقائق المذهب الحنبلي (أصوله وفروعه)، وفي كتابيه (الأصول، والفروع) خير دليل على ذلك. جـ- صاحب مكانة علمية جعلته مقصد الكثير من طلبة العلم (يستوي في ذلك زملاؤه وتلاميذه). د- أحد تلاميذ شيخ الإِسلام تقي الدين بن تيمية، وأخبر الناس باختياراته ومسائله. هـ- مشهودًا له بالعلم والفضل (¬2). و- ذا علم قيم كان محل ثقة الحنابلة الذين أتوا بعده وتقديرهم، فقد اعتمدوا على نقله وتحقيقه، واعتنوا ببعض مؤلفاته شرحًا أو تعليقًا. ¬

_ (¬1) يأتي الحديث عن هذا في مقدمة التحقيق: الفصل الثاني، سادسًا. (¬2) شهد له شيخه شيخ الإِسلام تقي الدين بن تيمية، وزميله ابن القيم، والحافظ المزي، والحافظ الذهبي، والقاضي جمال الدين المرداوي، وتقي الدين السبكي الشافعي، وابن كثير ... ويأتي الحديث عن المؤلف في مقدمة التحقيق: الفصل الأول.

ز- صاحب اطلاع واسع على الذاهب الأخرى وأقوال علمائها: وتظهر تلك السمة في كتابيه (الأصول، والفروع). ح- صاحب تأثير كبير فيمن أتى بعده من الحنابلة؛ فقد كان لمؤلفاته تأثير في بعض المؤلفات الحنبلية بعده. ط- صاحب اهتمام فائق بالأحاديث النبوية، مع خبرة برجال السند (¬1). وقد قسمت عملي هذا قسمين: القسم الأول: مقدمة التحقيق. وتتكون من ثلاثة فصول: الفصل الأول: المؤلف. الفصل الثاني: الكتاب. الفصل الثالث: منهجي في تحقيق الكتاب. وبعد هذا الفصل يأتي فهرس موضوعات هذا القسم. القسم الثاني: الكتاب المحقق، وبعده فهارسه. وأخيرًا: تأتي قائمة المراجع. ¬

_ (¬1) وقد شهد له الحافظ الذهبي بذلك، ونقل بعض مؤلفي كتب تخريج الأحاديث كلامه على بعضها، فانظر -مثلاً-: المقاصد الحسنة / 362، وكشف الخفاء 2/ 254.

القسم الأول مقدمة التحقيق

القسم الأول مقدمة التحقيق وتتكون من ثلاثة فصول: الفصل الأول: المؤلف. الفصل الثاني: الكتاب. الفصل الثالث: منهجي في التحقيق. وبعد هذا الفصل يأتي فهرس موضوعات هذا القسم.

الفصل الأول المؤلف: محمد بن مفلح المقدسي

الفصل الأول المؤلف: محمد بن مفلح المقدسي وفيه: أولاً: اسمه ونسبه وكنيته ولقبه. ثانيًا: مولده ووفاته. ثالثًا: حياته (مرحلة النشأة والطلب والتحصيل): 1 - شيوخه. 2 - العلوم التي تلقاها. رابعًا: حياته (مرحلة النضج والعمل والعطاء): 1 - أعماله ونشاطاته. 2 - مؤلفاته. 3 - تلاميذه والناقلون عنه. خامسًا: مكانته وثناء العلماء عليه. سادسًا: أولاده.

مراجع ترجمة المؤلف

مراجع ترجمة المؤلف: المقصد الأرشد / 276، والسحب الوابلة / 546، والدرر الكامنة 5/ 30، وشذرات الذهب 6/ 199، وذيل ذيل طبقات الحنابلة / 16، والدارس في تاريخ المدارس 2/ 43، 84، 107، وجلاء العينين/ 27، والقلائد الجوهرية 1/ 161، 2/ 448، والنجوم الزاهرة 11/ 16، والبداية والنهاية 14/ 294، ومختصر طبقات الحنابلة / 62، ومقدمة كتاب الفروع 1/ 8أ، 9، والأعلام للزركلي 7/ 327، ومعجم المؤلفين 12/ 44.

أولا: اسمه ونسبه وكنيته ولقبه

أولاً: اسمه ونسبه وكنيته ولقبه هو: محمد بن مفلح بن محمد بن مفرج، الملقب بشمس الدين، والمكنى بأبي عبد الله، الراميني (¬1) الأصل، القاقوني (¬2)، المقدسي، ثم الدمشقي، الصالحي (¬3)، الحنبلي. ثانيًا: مولده ووفاته ولد سنة 712 هـ، في بيت المقدس (¬4). وتوفي سنة 763 هـ، في الصالحية، ودفن بالروضة بسفح جبل قاسيون. وقيل في تاريخ مولده ووفاته غير هذا (¬5). ¬

_ (¬1) الراميني: نسبة إِلى (رامين)، وهي قرية من عمل نابلس. انظر: ذيل ذيل طبقات الحنابلة / 16. (¬2) انظر: الدرر الكامنة 5/ 30. والقاقوني: نسبة إِلى (قانون). قال في معجم البلدان 4/ 299: هو حصن بفلسطين قرب الرملة، وقيل: هو من عمل قيسارية من ساحل الشام. (¬3) الصالحي: نسبة إِلى (الصالحية). قال في معجم البلدان 3/ 390: وهي قرية كبيرة ذات أسواق وجامع، في لحف جبل قاسيون من غوطة دمشق، وفيها قبور جماعة من الصالحين، ويسكنها -أيضًا- جماعة من الصالحين لا تكاد تخلو منهم، وأكثر أهلها ناقلة البيت المقدس على مذهب أحمد بن حنبل. (¬4) لم يرد ذكر لمكان مولده -حسب اطلاعي- إِلا في كتاب الأعلام 7/ 327، ومعجم المؤلفين 12/ 44. (¬5) انظر: السحب الوابلة / 546، 548، والدرر الكامنة 5/ 30، 31، والقلائد الجوهرية 1/ 161، والدارس 2/ 44، 84 - 85، وشذرات الذهب 6/ 199 - 200، والمقصد الأرشد / 277، والبداية والنهاية 14/ 294، ومقدمة الفروع 1/ 8أ، ج،11.

ثالثا: حياته (مرحلة النشأة والطلب والتحصيل)

ثالثًا: حياته (مرحلة النشأة والطلب والتحصيل) نشأ المؤلف ببيت المقدس -على ما في الأعلام (¬1)، ومعجم المؤلفين- وقرأ القرآن وهو صغير. ولم تذكر المراجع زمن انتقاله من بيت المقدس، ويبدو أنه كان في سن مبكرة، نظرًا إِلى أنه سمع من عيسى المطعم، المتوفى سنة 719 هـ بالصالحية. لقد أقبل المؤلف على العلم في سن مبكرة، وجلس إِلى علماء في علوم مختلفة (في الفقه وأصوله، وفي الحديث، وفي العربية ... وفي غيرها) حتى برع في ذلك، وحقق وصنف، ودرس وناظر، وأفتى وقضى، وصار شيخ الحنابلة بالشام في وقته. وسأتكلم فيما يأتي عن: 1 - شيوخه. 2 - العلوم التي تلقاها. 1 - شيوخه: أخذ المؤلف العلم عن عدة شيوخ في علوم مختلفة، ومنهم: أ- عيسى المطعم (¬2): وهو عيسى بن عبد الرحمن المقدسي الصالحي الحنبلي، راوي صحيح البخاري وغيره، ولد سنة 626 هـ، وسمع ¬

_ (¬1) انظر: الأعلام 7/ 327، ومعجم المؤلفين 12/ 44. (¬2) انظر: البداية والنهاية 14/ 59، وشذرات الذهب 6/ 52، والدرر الكامنة 3/ 282.

ب- القاضي شمس الدين بن المسلم

الكثير من عدة شيوخ، وسمع منه خلق كثير. توفي بالصالحية سنة 719 هـ. وقد سمع منه المؤلف (¬1). ب- القاضي شمس الدين بن المسلم (¬2): وهو أبو عبد الله محمد بن مسلم بن مالك الزيني الصالحي، ولد سنة 662 هـ، وتوفي أبوه سنة 668 هـ، فنشأ يتيمًا فقيرًا، وعني بالحديث، وتفقه وبرع وأفتى، ومهر في العربية، وتصدى للتدريس والإِفادة. ورد تقليده القضاء سنة 716 هـ، فتوقف في القبول، ثم استخار الله وقبل. وكان من قضاة العدل، مصمما على الحق، لا يخاف في الله لومة لائم. توفي بالمدينة في طريقه إِلى الحجة الرابعة سنة 726 هـ. وقد لازمه المؤلف، وقرأ عليه الفقه (¬3). جـ- شيخ الإِسلام أحمد بن تيمية (¬4): وهو تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن ¬

_ (¬1) انظر: السحب الوابلة / 546، والدرر الكامنة 5/ 30، والقلائد الجوهرية 1/ 161، والدارس 2/ 43، 85، وشذرات الذهب 6/ 199، والمقصد الأرشد / 276، ومقدمة الفروع 1/ 9. (¬2) انظر: القلائد الجوهرية 2/ 360، والدارس 2/ 38. (¬3) انظر: السحب الوابلة/ 546، وشذرات الذهب 6/ 199، والمقصد الأرشد / 277. (¬4) انظر: ذيل طبقات الحنابلة 2/ 387، وفوات الوفيات 1/ 62، والبدر الطالع 1/ 63.

تيمية الحراني الدمشقي الحنبلي، كان واسع العلم بالفنون والمعارف النقلية والعقلية، صالحًا تقياً مجاهدًا، توفي سنة 728 هـ. من مؤلفاته الكثيرة القيمة: درء تعارض العقل والنقل، ومنهاج السنة النبوية، واقتضاء الصراط المستقيم، ورفع الملام عن الأئمة الأعلام. وقد لازم المؤلف شيخ الإِسلام حتى وفاته، وتفقه به، ونقل عنه كثيرًا، وكان أحفظ الناس لمسائله وأخبرهم باختياراته، حتى كان ابن القيم يراجعه في ذلك (¬1). وكان المؤلف معظمًا لشيخ لإِسلام، ينقل اختياراته في كتبه كثيرًا، وغالب ما ذكره ابن اللحام (¬2) -في اختياراته- هو من (الفروع) للمؤلف (¬3). وكان شيخ الإِسلام يثني عليه، ويقول له: ما أنت ابن مفلح، بل أنت مفلح (¬4). ¬

_ (¬1) انظر: السحب الوابلة/ 546، وشذرات الذهب 6/ 199. (¬2) هو: أبو الحسن علي بن محمد بن علي البعلي الحنبلي، كان يعظ بالجامع الأموي، وصار شيخ الحنابلة بالشام، وعرض عليه قضاء دمشق فأبى، ثم قدم القاهرة، وولي تدريس المنصورية. توفي سنة 803 هـ. من مؤلفاته: القواعد والفوائد الأصولية، والمختصر في أصول الفقه. انظر: الضوء اللامع 5/ 320، وشذرات الذهب 7/ 31، والمدخل / 236. (¬3) انظر: ذيل ذيل طبقات الحنابلة 16 - 17. (¬4) انظر: السحب الوابلة / 546.

د- الحجار

د- الحَجَّار (¬1): وهو أبو العباس أحمد بن أبي طالب الصالحي، ولد سنة 624 هـ، وسمع من أهل الحديث، وأجاز له بعضهم في بغداد وفي دمشق، وحدث بصحيح البخاري أكثر من سبعين مرة بدمشق والصالحية والقاهرة وغيرها، وأقبل عليه الحفاظ وتزاحموا من سنة 717 هـ إِلى أن توفي سنة 730 هـ. وقد سمع منه المؤلف (¬2). هـ- ابن الفويره النحوي (¬3): وهو بدر الدين محمد بن يحيى بن محمد السلمي الحنفي، ولد سنة 693 هـ، وكان رجلاً فاضلاً حسن السيرة، خطب ودرس في أماكن، وأفتى وأخذ عنه الطلبة، وكانت له حلقة بجامع دمشق، وسمع من جماعة من رواة الحديث، وحدَّث. توفي سنة 735 هـ. وكان المؤلف يتردد إِليه (¬4). ¬

_ (¬1) انظر: الدرر الكامنة 1/ 152 - 153، والبداية والنهاية 14/ 150، وشذرات الذهب 6/ 93، والقلائد الجوهرية 1/ 298. (¬2) انظر: المقصد الأرشد / 277. وشذرات الذهب 6/ 199، والسحب الوابلة /546. (¬3) انظر: الدارس 1/ 488، والدرر الكامنة 5/ 54، والجواهر المضية 2/ 142. (¬4) انظر: السحب الوابلة / 546، والمقصد الأرشد / 277.

و- القاضي برهان الدين الزرعي

و- القاضي برهان الدين الزرعي (¬1): وهو إِبراهيم بن أحمد بن هلال الحنبلي، ولد سنة 688 هـ، وسمع من كثير، وحدَّث وتفقه، وأخذ عن ابن تيمية وغيره، ومهر وتقدم في الإِفتاء، ودرس بأماكن، منها: (المدرسة الحنبلية) عوضًا عن ابن تيمية حين سجن، وكان أشعري المعتقد في الغالب من أحواله، وكتب الخط الحسن الفائق. كان من أذكياء الناس ذا إِنصاف في البحث، يتكلم التركية جيداً توفي سنة 741 هـ. وقد قرأ عليه المؤلف النحو والأصول (¬2). ز- القحفازي النحوي (¬3): وهو أبو الحسن نجم الدين علي بن داود بن يحيى الأسدي الحنفي، شيخ أهل دمشق في عصره في العربية، قرأ عليه أهل دمشق وانتفعوا به. ولد سنة 668 هـ، وقرأ الأصول والفقه والنحو والمعاني والبيان على أقطاب هذه الفنون في ذلك العصر، وسمع الحديث، درس في أماكن، وتوفي سنة 745 هـ. ¬

_ (¬1) انظر: الدرر الكامنة 1/ 16، والدارس 2/ 41، 45، 74، 90، وشذرات الذهب 6/ 129. (¬2) انظر: السحب الوابلة / 546، وشذرات الذهب 6/ 199، والمقصد الأرشد / 277. (¬3) انظر: بغية الوعاة / 337، والجواهر المضية 1/ 362، 2/ 335، 336، والبداية والنهاية 14/ 214، والدرر الكامنة 3/ 116 - 118، وشذرات الذهب 6/ 143، والدارس 1/ 547، 556.

ح- الحافظ المزي

وقد قال: ولم أصنف شيئًا لمؤاخذتي للمصنفين، فكرهت أن أجعل نفسي غرضًا لمن يأخذ علي، غير أني جمعت منسكًا للحج. وكان المؤلف يتردد إِليه (¬1). ح- الحافظ المزي (¬2): وهو أبو الحجاج جمال الدين يوسف بن عبد الرحمن بن يوسف القضاعي الكلبي، محدث الديار الشامية في عصره، ولد بظاهر حلب سنة 654 هـ، ونشأ بالمزة من ضواحي دمشق، ومهر في اللغة، ثم في الحديث ومعرفة رجاله. وسمع منه خلق كثير. توفي بدمشق سنة 742 هـ من مؤلفاته: تهذيب الكمال في أسماء الرجال. وكان المؤلف يتردد إِليه وينقل عنه كثيرًا، وكان المزي يعظمه (¬3). ط- الحافظ الذهبي (¬4): وهو أبو عبد الله شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان، محدث ¬

_ (¬1) انظر: السحب الوابلة/ 546، والمقصد الأرشد/ 277. (¬2) انظر: الدرر الكامنة 4/ 457، والنجوم الزاهرة 10/ 76، والبداية والنهاية 14/ 191، والقلائد الجوهرية/ 329. (¬3) انظر: السحب الوابلة/ 546، والمقصد الأرشد/ 277. (¬4) انظر: فوات الوفيات 2/ 183، ونكت الهميان/ 241، والدارس 1/ 78، وشذرات الذهب 6/ 153، وغاية النهاية 2/ 71، والدرر الكامنة 3/ 336، والنجوم الزاهرة 10/ 182.

ى- جمال الدين المرداوي

مؤرخ علامة محقق، ولد بدمشق سنة 673 هـ، وطاف بكثير من البلدان، وسمع منه خلق كثير، وكفَّ بصره سنة 741 هـ. توفي بدمشق سنة 748 هـ. من مؤلفاته: تاريخ الإِسلام، وتذكرة الحفاظ، الاعتدال، والكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة. وكان المؤلف يتردد إِليه وينقل عنه كثيرًا، وكان الذهبي يعظمه (¬1). وقال الذهبي عن المؤلف: شاب عالم له عمل ونظر في رجال السنن، ناظر وسمع، وكتب وتقدم (¬2). ى- جمال الدين المرداوي (¬3): وهو أبو الفضل يوسف بن محمد بن عبد الله الحنبلي، والد زوجة المؤلف، باشر وظيفة قضاء الحنابلة بالشام سبع عشرة سنة، ثم عزل، وتولى الحكم بدمشق عدة أعوام، ثم صرف. توفي سنة 769 هـ. من مؤلفاته: شرح المقنع، والانتصار، والأحكام. وفي السحب الوابلة (¬4): أن جمال الدين المرداوي كتب بخطه على نسخة من كتاب المقنع -وهي محشاة بخط الشيخ (ابن مفلح) - ما ¬

_ (¬1) انظر: المقصد الأرشد/ 277، والسحب الوابلة/ 546. (¬2) انظر: شذرات الذهب 6/ 199، والمقصد الأرشد/ 277. (¬3) انظر: الدرر الكامنة 5/ 245، والنجوم الزاهرة 3/ 100، والدارس 2/ 42 - 44. (¬4) ص 547.

2 - العلوم التي تلقاها

نصه: "قرأ عليَّ الشيخ الإِمام العالم الحافظ العلامة مجموع الفضائل ذو العلم الوافر والفضل الظاهر شمس الدين أبو عبد الله محمد بن الشيخ الصالح العابد مفلح بن محمد المقدسي جميع هذا الكتاب -وهو كتاب المقنع في الفقه على مذهب الإِمام المبجل أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رضي الله عنه- من أوله إِلى آخره، وكان قد قرأ عليَّ هذا الكتاب من حفظه غير مرة، وسألني عن مواضع منه، فأجبته عن ذلك بما يسره الله تعالى في ذلك الوقت، مع أنه قد قرأ عليَّ كتباً عديدة في علوم شتى حفظًا ومذاكرة، ولم أعلم أن أحدا في زماننا في المذاهب الأربعة له محفوظات أكثر منه، فمن محفوظاته: المنتقى من أحاديث الأحكام (¬1)، قرأه وعرضه عليَّ في قريب أربعة أشهر ... ". 2 - العلوم التي تلقاها: كانت سنة علماء السلف الإِقبال على علم الشريعة بجميع فروعه، وعلى ما يخدم هذا العلم من المعارف الأخرى. ولذا طرق المؤلف أبوابًا كثيرة مختلفة من أبواب العلم آخذاً بسنة من سبقه ومن عاصره، فجلس إِلى الفقهاء والمحدثين وأهل اللغة وعلماء الأصول ... ، وبذل في تحصيل ذلك جهده. ومن تتَبُّع ما كتب في ترجمة المؤلف، والشيوخ الذين تلقى العلم عنهم، والمؤلفات التي ألفها يمكنني أن أذكر -هنا- أبرز العلوم التي صرف همه إِلى تحصيلها: ¬

_ (¬1) لابن تيمية مجد الدين، صاحب المحرر، المتوفى سنة 652 هـ.

1 - علم الفقه وأصوله

1 - علم الفقه وأصوله: فكان هناك شيخ الإِسلام أحمد بن تيمية، والقاضي شمس الدين بن المسلم، والقاضي برهان الدين الزرعي، فلازمهم المؤلف، وأخذ عنهم الفقه وأصوله، فحصل الأصل والفرع، وجمع النظر والتطبيق. 2 - علم الحديث ومعرفة الأسانيد والرجال: وقد أولاه المؤلف عناية كبيرة، فجلس إِلى علماء الحديث والرجال، كالمزي والذهبي، ونقل عنهما كثيرًا، وسمع من المحدثين، كعيسى المطعم والحجار، وكون لديه علما عن الرجال وأسانيد الأحاديث. وقد شهد له الذهبي بذلك، فقال عنه: شاب عالم، له عمل ونظر في رجال السنن (¬1). وكان -رحمه الله- حريصًا على أن يجعل مؤلفاته خالية من الاستدلال بالأحاديث التي لا أصل لها، وقد صرح بذلك في مقدمة كتابه (أصول الفقه) (¬2)، وجمع إِلى ذلك -غالبا- بيانه لصحة الأحاديث وضعفها. وقد كان -رحمه الله- يحفظ المنتقى من أحاديث الأحكام (¬3). 3 - علوم العربية من نحو وصرف ... : فقد كان يتردد إِلى علماء النحو، كابن الفويره والقحفازي وبرهان ¬

_ (¬1) انظر: شذرات الذهب 6/ 199، والمقصد الأرشد/ 277. (¬2) انظر: ص 5 من القسم الثاني. (¬3) لابن تيمية مجد الدين، صاحب المحرر.

الدين الزرعي وغيرهم، وكان له اهتمام بالمسائل اللغوية، ولذا يجد القارئ فوائد لغوية منثورة في بعض مؤلفاته. هذه أظهر صنوف المعرفة التي تلقاها عن شيوخه، ولكن اشتغاله بالفقه وتأليفه فيه جعل شهرته في هذا الفن تطغى على شهرته في غيره، وكان لتأليفه كتاب (الفروع) أثر كبير في ذلك. يقول عنه ابن كثير: وكان بارعاً فاضلاً متفنناً في علوم كثيرة، ولا سيما علم الفروع (1).

رابعا: حياته (مرحلة النضج والعمل والعطاء)

رابعاً: حياته (مرحلة النضج والعمل والعطاء) 1 - أعمال ونشاط: عاش المؤلف -رحمه الله- حياته للعلم أخذًا وعطاءً، سماعًا وإسماعًا، قراءةً وتأليفاً، فقد سمع وتفقه، وتردد إِلى العلماء حتى برع، فدرس وأفتى، وأجاب عن المسائل، ووعظ وأفاد وقضى، وحقق ودقق، وناظر وحدث، وألف المؤلفات القيمة (¬1). وقد درس في عدة أماكن (¬2)، فدرس بالمدرسة الصاحبية، والمدرسة العمرية، والمدرسة السلامية، والمدرسة الصدرية، ومدرسة دار الحديث، والمدرسة العادلية (¬3). وقد ناب في الحكم -حكم دمشق- عن والد زوجته (شيخه جمال الدين المرداوي)، فشكرت سيرته وأحكامه (¬4). ¬

_ (¬1) انظر: ذيل ذيل طبقات الحنابلة/ 16، والسحب الوابلة/ 546، والدرر الكامنة 5/ 31، والدارس 2/ 84، 107، والمقصد الأرشد/ 276. (¬2) انظر: المقصد الأرشد/ 277، والدارس 2/ 84، 107، والدرر الكامنة 5/ 31 والسحب الوابلة/ 547، ومقدمة الفروع 1/ 9. (¬3) انظر: الكلام على هذه المدارس في: الدارس، والقلائد الجوهرية / 71 - 183. (¬4) انظر: القلائد الجوهرية 1/ 161 والدارس 2/ 43، 85، والسحب الوابلة/ 546، والدرر الكامنة 5/ 30، وشذرات الذهب 6/ 199، والمقصد الأرشد/ 276، ومقدمة الفروع 1/ 9.

2 - مؤلفاته

2 - مؤلفاته: خلف المؤلف ثروة علمية تمثلت في تلك المؤلفات التي قضى عمره في كتابتها وتهذيبها. وإِذا كان المؤلف قد طرق في طلب العلم أبوابًا متعددة: فإِنه قد ألف في علوم متعددة كذلك، فألف في الفقه وأصوله، وكتب الحواشي على كتب في الفقه، وعلق على كتب في الحديث، وضمّن كتبه الكلام على الأحاديث والرجال، وصنف في الآداب والوعظ، وأجاب عن المسائل ... وقد حظيت المؤلفات الفقهية باهتمامه الأكبر، فاشتهرت تلك المؤلفات، ولا سيما كتابه (الفروع) حتى أصبح المؤلف يعرف به، فيقال: ابن مفلح صاحب الفروع. وقد كانت تلك المؤلفات ذات قيمة علمية كبيرة جعلتها في موضع الاهتمام والتقدير ممن أتوا بعده، فكثر النقل منها وحصلت الثقة بما فيها، وصارت عمدة في معرفة المذهب، كما اعتنى بعض المذهب بشرح بعض مؤلفاته، أو التعليق عليها، أو اختصارها. ولكن تلك الثروة لم تصل إِلينا كاملة، بل فقد بعضها (حسب علمي). وسأذكر فيما يأتي: أ- مؤلفاته المطبوعة. ب- مؤلفاته المخطوطة. ج- مؤلفات نسبت إِليه، ولم أجدها (بعد البحث).

أ- مؤلفاته المطبوعة

أ- مؤلفاته المطبوعة: 1 - كتاب الفروع: وهو كتاب في الفقه الحنبلي، جمع فيه المؤلف غالب المذهب، (وكان يسمى: مكنسة المذهب)، وأشار فيه إِلى أقوال المذاهب الأخرى. وقد نال هذا الكتاب شهرة في الآفاق، واعتمد على نقله وتحقيقه من جاء بعده من علماء المذهب، وشهدوا بقيمة الكتاب العلمية، وما ضمنه المؤلف من الفروع والمسائل. وقد اعتنى (¬1) علماء المذهب بهذا الكتاب، فكتبوا عليه الشروح والحواشي، وأذكر منها: أ- حاشية على الفروع - لأحمد بن نصر الله بن أحمد البغدادي، ثم المصري الحنبلي، المتوفى سنة 844 هـ (¬2). وذكر أنه شرح. ب- حاشية على الفروع -لأبي بكر بن إِبراهيم بن قندس البعلي ثم الصالحي الحنبلي، المتوفى سنة 861 هـ (¬3). جـ- نهاية الحكم المشروع في تصحيح الفروع -لأبي المحاسن يوسف بن ¬

_ (¬1) انظر: مقدمة الفروع 8/ 1 ب. (¬2) ولد ببغداد سنة 765 هـ، ثم قدم القاهرة وبها توفي، كان متضلعاً بالعلوم الشرعية من تفسير وحديث وفقه وأصول، وانتهت إِليه مشيخة الحنابلة في وقته. من مؤلفاته -أيضًا-: حواشي المحرر. انظر: شذرات الذهب 7/ 250. (¬3) فقيه أصولي، ولد سنة 809 هـ. من مؤلفاته -أيضًا-: حاشية على المحرر. انظر: شذرات الذهب 7/ 300.

محمد بن عمر الصالحي المرداوي الحنبلي، المتوفى سنة 878 هـ (¬1). وهي حاشية صحح فيها ما أطلقه ابن مفلح من الخلاف. د- القصد المنجح لفروع ابن مفلح - لأحمد بن أبي بكر بن محمد بن العماد الحموي الحنبلي (¬2)، المتوفى سنة 883 هـ. وهو شرح على الفروع (¬3). هـ- تصحيح الفروع، وهي حاشية - لعلاء الدين أبي الحسن علي بن سليمان المرداوي الحنبلي (¬4)، المتوفى سنة 885 هـ. وتسمى: الدر المنتقى والجوهر المجموع في معرفة الراجح من الخلاف المطلق في الفروع. وقد طبع كتاب الفروع مع تصحيحه للمرداوي طبعتين: الطبعة الأولى: سنة 1345هـ (¬5)، بمطبعة المنار بمصر، وهي في ثلاثة مجلدات. ¬

_ (¬1) وله -أيضاً- الكفاية في الفرائض. انظر: السحب الوابلة/ 324. (¬2) رحل في طلب العلم إِلى القاهرة ودمشق، ثم أتى حماة، وبها توفي. انظر: شذرات الذهب 7/ 338. (¬3) انظر: كشف الظنون / 1256. (¬4) ولد في (مردا) قرب نابلس، ونشأ بها، وحفظ القرآن، وتعلم الفقه، ثم تحول إِلى دمشق، وقرأ على علمائها، وتصدى للإِقراء والإفتاء. من مؤلفاته -أيضًا-: الإِنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، والتحرير في أصول الفقه، وشرحه: التحبير. انظر: الضوء اللامع 5/ 225، والبدر الطالع 1/ 446. (¬5) بتصحيح: محمد رشيد رضا.

والطبعة الثانية: سنة 1379 هـ (¬1)، بدار مصر للطباعة، وهي في ستة مجلدات. 2 - كتاب النكت والفوائد السنية على مشكل المحرر لمجد الدين بن تيمية. والمحرر: هو كتاب في الفقه الحنبلي - لابن تيمية مجد الدين أبي البركات المتوفى سنة 652 هـ. والنكت: هي حاشية على هذا الكتاب، وأوضح فيها ابن مفلح ما خفي من عباراته، وفصل الخلاف في المذهب، وناقش كلام المجد أحيانًا. وقد طبع المحرر مع النكت سنة 1369 هـ، بمطبعة السنة المحمدية بمصر، في مجلدين. 3 - كتاب الآداب الشرعية الكبرى (الآداب الشرعية والمنح الرعية). جمع فيه المؤلف جملة من الآداب والشمائل التي ينبغي أن يتحلى بها المسلم في كل شؤون حياته، وقال في مقدمته: " ... أما بعد: فهذا كتاب يشتمل على جملة كثيرة من الآداب الشرعية والمنح المرعية، يحتاج إِلى معرفته أو معرفة كثير منه كل عالم أو عابد، وكل مسلم ... " (¬2). وقد طبع الكتاب سنة 1349 هـ، بمطبعة المنار بمصر، في ثلاثة مجلدات. ¬

_ (¬1) أشرف على هذه الطبعة الشيخ عبد اللطيف محمد السبكي. (¬2) انظر: الآداب الشرعية 1/ 2.

ب- مؤلفاته المخطوطة

ب- مؤلفاته المخطوطة: لم أجد إِلا كتاب (أصول الفقه)، الذي هو موضوع التحقيق، وقد أفردت الكلام عنه في الفصل الثاني. جـ- مؤلفات (¬1) نسبت إِليه، ولم أجدها (بعد البحث): أ- الحواشي على (كتاب المقنع - لابن قدامة الحنبلي، صاحب الروضة، المتوفى سنة 620 هـ). 2 - تعليقة على (المنتقى من أحاديث الأحكام، لابن تيمية مجد الدين، صاحب المحرر، المتوفى سنة 652 هـ). 3 - الآداب الشرعية الوسطى. 4 - الآداب الشرعية الصغرى. 5 - مسائل أجاب عنها المؤلف. 3 - تلاميذه الناقلون عنه: أشرت -فيما سبق- إِلى المكانة التي وصل إِليها هذا العالم الجليل بين أهل زمانه، ولا سيما الحنابلة منهم، فكان شيخهم المقدم، وقد حباه الله شهرة جعلته مقصد الكثير من طلبة العلم، بل كان بعض زملائه يترددون ¬

_ (¬1) انظر: البداية والنهاية 14/ 294، وذيل ذيل طبقات الحنابلة/ 16، والسحب الوابلة / 547، والدرر الكامنة 5/ 31، وشذرات الذهب 6/ 199، والمقصد الأرشد/ 277، والإِنصاف للمرداوي 1/ 15، ومختصر طبقات الحنابلة/ 63، ومقدمة الفروع 1/ 8 ب، 10.

أ- جمال الدين بن الطحان الحنبلي

إِليه فيما يشكل عليهم؛ لأنه كان على دراية واسعة بأصول المذهب وفروعه، وكان زميله ابن القيم يراجعه في اختيارات شيخهما (ابن تيمية)؛ لأن المؤلف كان أحفظ الناس لها وأخبرهم بها. وذكرت -أيضاً- أن المؤلف قد تولى التدريس في أماكن متعددة، وهذا يقتضي أن يكون كثير من العلماء -الذين تعلموا في هذه المدارس- قد أخذوا العلم عنه وتخرجوا على يديه. ولكن مراجع ترجمة المؤلف لم تذكر شيئًا عن تلاميذه الذين تلقوا العلم عنه سوى ما يتعلق بتلميذه (الشيخ شمس الدين بن عبيد) الذي جاء ذكره عرضًا عند سياق قوله في عمر المؤلف. ولذا قصت بتتبع تراجم العلماء الذين عاشوا في دمشق والصالحية وما حولهما (من عصر المؤلف إِلى منتصف القرن التاسع) للبحث عمن نص في ترجمته على تتلمذه على المؤلف. وأذكر فيما يلي بعضهم: أ- جمال الدين بن الطحان الحنبلي (¬1): وهو يوسف بن أحمد بن سليمان، كان بارعًا في الأصول والعربية والمعاني والبيان، صحيح الذهن، حسن الفهم، جيد العبارة، حسن السيرة، وتفقه في المذهب على ابن مفلح وغيره. توفي بالصالحية سنة 778 هـ. ¬

_ (¬1) انظر: القلائد الجوهرية 2/ 285، وشذرات الذهب 6/ 259.

ب- زين الدين العيفناوي

ب- زين الدين العيفناوي (¬1): وهو عبد الرحمن بن حمدان الحنبلي، ولد بـ (عيفنا) من نابلس، وقدم دمشق لطلب العلم، وتفقه بابن مفلح وغيره، وسمع من جماعة، وتميز في الفقه، وكان صاحب دين وتعفف، توفي سنة 784 هـ. وقد اختصر (الأحكام للمرداوي). جـ- الجرماني الحنبلي (¬2): وهو محمد بن إِبراهيم الجرماني ثم الدمشقي، ولد قبل سنة 740 هـ، وسمع الحديث من جماعة، وتفقه بابن مفلح وغيره، حتى برع وأفتى. وكان إِماماً في العربية، ذا عفة وصيانة وذكاء وحسن إِقراء. توفي بدمشق سنة 874 هـ. د- شرف الدين المرداوي (¬3): وهو محمد بن محمد بن يوسف الحنبلي، سبط القاضي جمال الدين، ولد قبل سنة 740 هـ، وأخذ عن جده، وتخرج بابن مفلح، وسمع الحديث من جماعة. توفي سنة 784 هـ. هـ- شمس الدين المرداوي (¬4): وهو محمد بن عبد الله بن داود الحنبلي، كان ذا عناية بالفرائض، وقرأ ¬

_ (¬1) انظر: شذرات الذهب 6/ 283. (¬2) انظر: المرجع السابق/ 6/ 284. (¬3) انظر: المرجع السابق 6/ 285. (¬4) انظر: المرجع السابق 6/ 289.

و- إبراهيم بن مفلح (ابن المؤلف

الفقه، ولازم ابن مفلح حتى فضل ودرس، وتفقه -أيضًا- بالقاضي جمال الدين المرداوي، وكان يحفظ فروعاً كثيرة وغرائب، وله ميل إِلى الشافعية. توفي سنة 785 هـ. و- إِبراهيم بن مفلح (ابن المؤلف (¬1): وهو برهان الدين وتقي الدين أبو إِسحاق إِبراهيم بن محمد بن مفلح الحنبلي، شيخ الحنابلة وقاضيهم، ولد سنة 749 هـ، وحفظ كتباً عديدة، وأخذ عن جماعة، منهم: والده، وجده لأمه القاضي جمال الدين المرداوي. وأفتى وناظر وصنف، واشتهر ذكره، ودرس في عدة مدارس، وناب في الحكم، وكان له ميعاد في الجامع الأموي بمحراب الحنابلة بكرة نهار السبت يسرد فيه نحو مجلد، ويحضر مجلسه الفقهاء من كل مذهب، ثم ولي القضاء بدمشق. توفي سنة 803 هـ. من مؤلفاته: كتاب فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وشرح المقنع، وشرح مختصر ابن الحاجب، وطبقات أصحاب الإِمام أحمد. وقد احترق غالب كتبه. ز- برهان الدين بن النقيب الحنبلي (¬2): وهو إِبراهيم بن إِسماعيل بن إِبراهيم المقدسي النابلسي القاضي، تفقه على جماعة، منهم: ابن مفلح، وكان فقيهًا جيدًا متقنًا للفرائض، وناب في ¬

_ (¬1) انظر: الدارس 2/ 47. وشذرات الذهب 7/ 22، والقلائد الجوهرية 1/ 161. (¬2) انظر: شذرات الذهب 7/ 22.

ح - شمس الدين بن عبيد

القضاء فباشر مباشرة حسنة. توفي بالصالحية سنة 803 هـ. من مؤلفاته: تعليقة على المقنع. ح - شمس الدين بن عبيد (¬1): جاء ذكره عند الكلام على عمر المؤلف، ووصف بأنه تلميذه، ولم أعثر على ترجمته. ¬

_ (¬1) انظر: المقصد الأرشد/ 277. ومقدمة الفروع 1/ 11.

خامسا: مكانته وثناء العلماء عليه

خامسًا: مكانته وثناء العلماء عليه بلغ المؤلف مرتبة عليا في صفوف العلماء، وذاع صيته، وتبوأ مكانة بارزة بين علماء عصره، بعد مرحلة طلب العلم التي أفنى فيها زهرة شبابه. وقد جاء وصفه في المقصد الأرشد بأنه شيخ الحنابلة في وقته، بل شيخ الإِسلام وأحد الأئمة الأعلام (¬1). وفي ذيل (¬2) ذيل طبقات الحنابلة: كان مقدما في عصره مرفوعًا في دهره ... ، وقد قابل به جماعة من شيوخنا وغيرهم المتقدمين من أصحابنا، وقدم قوله على طائفة من الأصحاب، ووصف بكثرة النقل والاطلاع واليد العليا في ذلك ... ، ويقال: أفقه أصحاب الشيخ -يعني ابن تيمية- هو ... (¬3). وقد برع في المذهب الحنبلي، يقول ابن القيم سنة 731 هـ: "ما تحت قبة الفلك أعلم بمذهب الإِمام أحمد من ابن مفلح (¬4)، ويقول ابن كثير: وكان غاية في نقل مذهب الإِمام أحمد (¬5). ¬

_ (¬1) انظر: المقصد الأرشد/ 276. (¬2) لجمال الدين يوسف بن حسن بن أحمد بن عبد الهادي، الشهير بابن المبرد الصالحي الحنبلي، المتوفى سنة 909 هـ. (¬3) انظر: ذيل ذيل طبقات الحنابلة/ 16 - 17. (¬4) انظر: السحب الوابلة/ 546. (¬5) انظر: البداية والنهاية 14/ 294.

وكان أحفظ الناس لمسائل شيخه شيخ الإِسلام (ابن تيمية) واختياراته وأخبرهم بها، حتى كان ابن القيم -تلميذ شيخ الإِسلام وناشر علمه- يراجعه في ذلك (¬1). وقد أثنى عليه القاضي جمال الدين المرداوي (¬2)، كما أثنى عليه تقي الدين السبكي الشافعي، وقال: ما رأيت أفقه منه (¬3). وكان كلٌّ من شيخيه -المزي، والذهبي- يعظمه (¬4). وقد أثني على خلقه -كما أثني على علمه- فذكر أنه حسن الخلق لين الجانب، معظم لشيوخه، ذو زهد وعبادة وتعفف وصيانة وورع ودين متين، مشكور السيرة والأحكام (¬5). ¬

_ (¬1) انظر: شذرات الذهب 6/ 199. (¬2) انظر: السحب الوابلة/ 547. (¬3) انظر: المرجع السابق/ 546. (¬4) انظر: المقصد الأرشد/ 277. (¬5) انظر: السحب الوابلة/ 546، والبداية والنهاية 14/ 294، والدر الكامنة 5/ 31، والدارس 2/ 44، 85، شذرات الذهب 6/ 199، والمقصد الأرشد / 276 - 277.

سادسا: أولاده

سادسًا: أولاده تزوج المؤلف ابنة القاضي جمال الدين المرداوي، ورزق منها سبعة أولاد: أربعة ذكور، وثلاث إِناث (¬1). والذكور هم: 1 - القاضي تقي الدين وبرهان الدين إِبراهيم: وقد تقدمت (¬2) ترجمته في الحديث عن تلاميذ المؤلف، وجاء لقبه في السحب الوابلة (¬3) (شرف الدين). 2 - الشيخ أبو محمد شرف الدين عبد الله (¬4): توفي والده وهو صغير، فحفظ القرآن، وكان يحفظه إِلى آخر عمره، ويقوم به في التراويح كل سنة، وله محفوظات كثيرة، منها: المقنع في الفقه، ومختصر ابن الحاجب في الأصول، والانتصار في الحديث مؤلف جده القاضي جمال الدين المرداوي، وكان علامة في الفقه يستحضر غالب فروع ¬

_ (¬1) انظر: البداية والنهاية 14/ 294، والسحب الوابلة/ 546، وشذرات الذهب 6/ 199، والمقصد الأرشد/ 276. (¬2) في ص 28. (¬3) ص 465. (¬4) انظر: القلائد الجوهرية/ 283 - 284، وشذرات الذهب 7/ 208، والسحب الوابلة/ 546.

3 - الشيخ زين الدين عبد الرحمن

والده، أستاذاً في الأصول، بارعًا في التفسير والحديث، مشاركا فيما سوى ذلك. وكان شيخ الحنابلة بالشام، بل بالمالك. وأثنى عليه الأئمة في عصره. أفتى ودرس وناظر واشتغل في العلوم، وباشر نيابة الحكم زمنا طويلاً، ثم ترك ذلك ولزم بيته يقصده طلبة العلم والمستفتون. توفي سنة 834 هـ. 3 - الشيخ زين الدين عبد الرحمن (¬1): وهو أصغر أولاد المؤلف، دأب واشتغل وحفظ المقنع في الفقه، وكان بارعًا حسن الطلعة، توفي سنة 788 هـ. 4 - الشيخ شهاب الدين أحمد (¬2): ولد سنة 754 هـ، وأخذ عن أخيه الشيخ برهان الدين وغيره، وأجاز له جده القاضي جمال الدين الرداوي وغيره، وناب في الحكم بدمشق مدة، ثم ترك ذلك وأقبل على الله تعالى. كان فقيها صالحًا متعبدًا. توفي سنة 814 هـ. ¬

_ (¬1) انظر: شذرات الذهب 6/ 302، والسحب الوابلة/ 546. (¬2) انظر: شذرات الذهب 7/ 106، والسحب الوابلة/ 546.

الفصل الثاني كتاب (أصول الفقه) لابن مفلح

الفصل الثاني كتاب (أصول الفقه) لابن مفلح أولاً: ذكر نسخ الكتاب المخطوطة التي وجدتها، وبيان أوصافها، وعرض نماذج منها. ثانيًا: تحقيق اسم الكتاب. ثالثًا: توثيق نسبة الكتاب إِلى مؤلفه. رابعًا: ملامح من منهج المؤلف في كتابه. خامسًا: مصادر الكتاب التي استقى منها مؤلفه مادته. سادسًا: بعض الكتب التي اتبع مؤلفوها منهج الكتاب ورجعوا إِليه. سابعًا: قيمة الكتاب العلمية.

أولا: ذكر نسخ الكتاب المخطوطة التي وجدتها، وبيان أوصافها، وعرض نماذج منها

أولاً: ذكر نسخ الكتاب المخطوطة التي وجدتها، وبيان أوصافها، وعرض نماذج منها: لقد بحثت عن نسخ لهذا الكتاب في جميع الفهارس التي تمكنت من الاطلاع عليها، وهي فهارس المكتبات المشهورة في العالم العربي، وإِيران، والهند، وتركيا، وهولندا، وألمانيا، وبريطانيا، وفرنسا، وأسبانيا، والولايات المتحدة الأمريكية، كما بحثت عنها -أيضًا- في بعض المكتبات الخاصة داخل المملكة. وقد وجدت خمس نسخ لهذا الكتاب، وهي: أ- نسخة في مكتبة برلين. ب- نسخة في دار الكتب الظاهرية في دمشق. جـ- نسخة في مكتبة الشيخ عبد الله بن حميد رحمه الله. د- نسخة في المكتبة السعودية بالرياض. هـ- نسخة في مكتبة خاصة بالقصيم. وفيما يأتي ذكر أوصاف هذه النسخ: أ- نسخة مكتبة برلين: 1 - رقمها: 4399. 2 - العنوان الذي تحمله: كتاب أصول القاضي شمس الدين بن مفلح. 3 - ما أثبت على صفحة العنوان من تملكات ونحوها: "ملكه من فضل ربه

يوسف بن حسن بن عبد الهادي (¬1) ... ثم ملكه بالابتياع ... أحمد ابن عبد الله العسكري ... لطف الله به -آمين- ثم ملكه الفقير أحمد ابن ... أحمد المذكور أعلى ... ثم دارت به المقادير حتى دخل في ملك أفقر الورى محيي الدين الجراعي عفا عنه بمنه (وتحت هذا الكلام ختم: محيي الدين) ". 4 - عدد أوراق هذه النسخة 262 ورقة (¬2)، (والنسخة كاملة)، ومقاس الصفحة 15 ×22 سم، وفي كل صفحة 19 - 21 سطرًا، ما عدا الصفحة 262 ب ففيها ثلاثة أسطر، وفي كل يسطر 12 كلمة تقريبًا. 5 - خط النسخة: خط نسخي مقروء، بخط محمد أبي بكر بن يعقوب بن مزهر النابلسي. 6 - تاريخ النسخ: فرغ من نسخها في 2 من ربيع الثاني سنة 765 هـ. 7 - النسخة مقابلة على عدة نسخ، وقد كتب في آخرها: "بلغ مقابلة حسب الطاقة على عدة نسخ، فصح -إِن شاء الله تعالى- بقراءة شيخنا أقضى القضاة علاء الدين المرداوي (¬3)، أبقاه الله تعالى". 8 - توجد بعض الهوامش في الورقات الأولى من النسخة. ¬

_ (¬1) وضعت النقط في مكان ما لم أستطع قراءته، إِما لخرم في الورقة أو لطمس على الكتابة. (¬2) الورقة صفحتان (أ، ب). (¬3) وهو أبو الحسن علي بن سليمان الحنبلي، المتوفى سنة 885 هـ.

ب- نسخة دار الكتب الظاهرية بدمشق

ب- نسخة دار الكتب الظاهرية بدمشق: 1 - رقمها: 7041. 2 - العنوان الذي تحمله: (مختصر أصول الفقه على مذهب الإِمام أحمد رضي الله عنه، تأليف العالم الأجل الشيخ محمد بن مفلح)، ثم بخط حديث بقلم الرصاص: (الرباني تلميذ شيخ الإِسلام تقي الدين بن تيمية). 3 - ما أثبت على صفحة العنوان من تملكات ونحوها: أ- انتقل بالابتياع الشرعي إِلى ملك كاتبه أحمد بن الحنبلي -لطف الله به- بحضرة الشيخ علي البغدادي، وبعلم الشيخ تقي الدين الجراعي وغيره، في شهور سنة ستين وثمانمائة. ب- الحمد لله رب العالمين، ثم صار في نوبة أضعف العباد -وأفقرهم إِلى لطف الملك الجواد- العبد الحقير محمد بن محمد ابن أحمد المرزناتي الحنبلي الأدهمي، لطف الله به وبهم وبالمسلمين أجمعين. جـ- ثم إِلى نوبة الفقير يس بن طه ... الحنبلي عفا عنهما، سنة 1168 هـ. د- من كتب الفقير عبد اللطيف بن محمد الحنبلي، الإِمام بالجامع الشريف الأموي، عفا عنه آمين.

هـ- دخل في نوبة الفقير لمولاه -تعالى- عبد الله بن الحاج شحاذة الحنبلي، عفا الله عنهما. و- ثم انتقل ليد الفقير إِليه -عز شأنه- محمد بن يوسف صوفان القدومي الحنبلي ثم النابلسي، عفا عنه آمين، سنة 1307 من الهجرة الشريفة، ثم ختم: محمود صوفان. ز- في وسط الصفحة ختم: دار الكتب الظاهرية الأهلية بدمشق. 4 - عدد أوراق هذه النسخة 175 ورقة، (والنسخة كاملة)، ومقاس الورقة 18× 27 سم، وفي كل صفحة 23 سطرًا تقريبًا، وفي كل سطر 13 كلمة تقريبًا (¬1). 5 - خط النسخة: خط نسخي مقروء، بخط أحمد بن محمد بن محمد الخطيب. 6 - تاريخ النسخ: فرغ من نسخها في يوم الاثنين 10 من جمادى الاَخرة سنة 769 هـ. 7 - النسخة مقابلة على بعض النسخ، يظهر ذلك مما أثبت في هوامشها من اختلافات النسخ. 8 - توجد بعض الهوامش في الورقات الأولى من النسخة. 9 - كتبت الصفحتان (156 ب-157 أ) بخط مغاير لما كتبت به النسخة (¬2). ¬

_ (¬1) ما عدا الصفحة الأخيرة، ففيها 16 سطرًا، ويتفاوت عدد كلمات سطورها. (¬2) ملحوظة: لم يرد -في هذه النسخة- لفظ (مسألة) من ورقة 159أإِلى الآخر، وترك مكانها خاليًا.

جـ- نسخة مكتبة الشيخ عبد الله بن حميد

جـ- نسخة مكتبة الشيخ عبد الله بن حميد: 1 - رقمت هذه النسخة بالصفحات، وعدد صفحاتها 490 صفحة، مع ملاحظة أنه قد كرر رقم 317 مرتين، (وقد ضاع منها صفحة 1، وصفحة 2، ولا أدري أكانت تحمل عنوانا أم لا؟)، ومقاس الصفحة 13,5× 19 سم، وفي كل صفحة 19 سطرًا، وفي كل سطر 12 كلمة تقريبًا. 2 - كتب في أعلى صفحة 3 - وهي أول الموجود من هذه النسخة -بخط حديث: "كتاب في أصول الفقه لابن مفلح صاحب الفروع"، وكتب تحته: "عبد الله بن محمد بن حميد"، ثم: "وقف لوجه الله تعالى". 3 - خط النسخة: خط نسخي حسن. 4 - تاريخ النسخ: وافق الفراغ من نسخها يوم الاثنين 2 من ربيع الأول سنة 780 هـ. 5 - توجد في هوامشها بعض العناوين باللون الأحمر، تنتهي في صفحة 129. 6 - جاء في آخرها: "بلغ مقابلته على حسب الطاقة، فصح ... ". 7 - أدت مقابلتها على أصلها إِلى استدراك ما سقط، وكان كثيرًا، فضاقت به هوامش النسخة، ويظهر ذلك بصورة واضحة في الصفحات الأولى منها. 8 - درست بعض أطراف الصفحات، فذهبت ببعض الكلمات. 9 - من صفحة 396 إِلى آخر النسخة كتب بخط مغاير لما كتب به أولها.

د- نسخة المكتبة السعودية بالرياض

د- نسخة المكتبة السعودية بالرياض: 1 - رقمها: 596/ 86. 2 - العنوان الذي تحمله: الأصول في الفقه للشيخ شمس الدين شيخ الإِسلام محمد بن مفلح رحمه الله تعالى، توفي سنة 763 من الهجرة النبوية. 3 - ما أثبت على صفحة العنوان: أ- ختم: وقف الشيخ محمد بن عبد اللطيف سنة 1381 هـ. ب- ختم: مكتبة الرياض العامة السعودية. 4 - رقمت النسخة بالصفحات، وعدد صفحاتها 385 صفحة + صفحة العنوان، ومقاس الصفحة 18× 25 سم، وفي كل صفحة 24 سطرًا (¬1)، وفي كل سطر 13 كلمة تقريبًا. 5 - خط النسخة: خط نسخي حسن. 6 - تاريخ النسخ: وافق الفراغ من نسخها يوم الجمعة 27 من ربيع الأول سنة 1350 هـ. 7 - جاء في آخرها: "بلغ مقابلة وتصحيحا على حسب الطاقة على أصله، وما أشكل من بعض الأحرف كتبناه على وضعه بعد التأمل، وحسبنا الله ونعم الوكيل". ومع ذلك فإِن ناسخها قد أهمل بعض ما هو مثبت في الأصل، وأثبت بعض ما هو ملغى من الأصل. ¬

_ (¬1) ما عدا الصفحة الأخيرة، ففيها 15 سطراً، ويتفاوت عدد كلمات سطورها.

هـ- نسخة القصيم

8 - هذه النسخة منقولة من النسخة السابقة، وقد صرح بذلك في آخرها. 9 - توجد بعض العناوين باللون الأحمر في الهامش، وتنتهي في صفحة 97. هـ- نسخة القصيم: 1 - هذه النسخة ناقصة، والموجود منها: من أول الكتاب إِلى أثناء الكلام على شروط القياس، وذلك نهاية صفحة 260، وسقطت بقية الكتاب، وسقطت -أيضًا- صفحتا 257، 258، ومقاس الصفحة 18,5 × 25 سم، وفي كل صفحة 21 سطرًا تقريبًا (¬1)، وفي كل سطر 11 كلمة تقريبًا. 2 - يوجد في أول الكتاب - بترقيم مستقل- فهرس (8 صفحات) مرقمة من 2 - 9، وقد وصلت الفهرسة فيه إِلى أول النسخ، وذلك في صفحة 239، وقد سقطت من الفهرس صفحتا 5، 6، وفيهما فهرس الصفحات 90 - 180. 3 - النسخة لا تحمل عنوانا في الصفحة الأولى، ولكن يوجد في أول الفهرس ما يلي: "هذا فهرست كتاب مختصر أصول الفقه على مذهب الإِمام أحمد بن محمد بن حنبل، لشيخ الإِسلام العالم العلامة شمس الدين أبي عبد الله محمد بن مفلح بن محمد بن مفرج المقدسي، ثم الصالحي الحنبلي، رحمه الله تعالى، ونفع بعلومه آمين". ¬

_ (¬1) ما عدا الصفحة الأولى - رقم 2 - ففيها 14 سطراً.

4 - خط النسخة: خط نسخي مقروء. 5 - تاريخ النسخ: يرجع -تقديرًا- إلى منتصف القرن الرابع عشر الهجري. 6 - توجد بعض العناوين باللون الأحمر في الهامش. 7 - بمقابلة هذه النسخة على نسخة الشيخ عبد الله بن حميد تبين لي أنها منقولة منها، ومع ذلك فلم تسلم -كسابقتها- من سوء النقل؛ فقد أثبت فيها ناسخها بعض ما هو ملغى في الأصل، وأهمل بعض ما هو مثبت في الأصل. * * * وسأعرض في الصفحات الآتية نماذج من هذه النسخ:

صفحة العنوان من نسخة مكتبة برلين (ب)

بداية نسخة مكتبة برلين (ب)

نهاية نسخة مكتبة برلين (ب)

صفحة العنوان من نسخة دار الكتب الظاهرية بدمشق (ظ)

بداية نسخة دار الكتب الظاهرية بدمشق (ظ)

نهاية نسخة دار الكتب الظاهرية بدمشق (ظ)

الصفحة الثالثة من نسخة مكتبة الشيخ عبد الله بن حميد (ح)، وهي أول الموجود من هذه النسخة

نهاية نسخة مكتبة الشيخ عبد الله بن حميد (ح)

صفحة العنوان من نسخة المكتبة السعودية بالرياض

بداية نسخة المكتبة السعودية بالرياض

نهاية نسخة المكتبة السعودية بالرياض

بداية الفهرس الموجود في أول نسخة القصيم

بداية نسخة القصيم

نهاية الموجود من نسخة القصيم

ثانيا: تحقيق اسم الكتاب

ثانيًا: تحقيق اسم الكتاب أ- ما أثبت على صفحة العنوان من كل نسخة من النسخ المخطوطة: 1 - نسخة مكتبة برلين: "كتاب أصول القاضي شمس الدين بن مفلح". 2 - نسخة دار الكتب الظاهرية بدمشق: "مختصر أصول الفقه على مذهب الإمام أحمد رضي الله عنه، تأليف العالم الأجل الشيخ محمد بن مفلح". 3 - نسخة المكتبة السعودية بالرياض: "الأصول في الفقه للشيخ شمس الدين شيخ الإِسلام محمد بن مفلح رحمه الله تعالى، توفي سنة 763 من الهجرة النبوية". أما نسخة الشيخ عبد الله بن حميد، فقد سقطت منها صفحة العنوان، وكتب على أول الموجود من النسخة - ص3 - بخط حديث: "كتاب في أصول الفقه لابن مفلح صاحب الفروع". وأما نسخة القصيم فلم تحمل عنواناً، ولكن كتب في أول الفهرس الملحق بها: "هذا فهرست كتاب مختصر أصول الفقه على مذهب الإمام أحمد بن محمد بن حنبل، لشيخ الإِسلام العالم العلامة شمس الدين أبي عبد الله محمد بن مفلح بن محمد بن مفرج المقدسي ثم الصالحي الحنبلي ... ".

ب- ما ذكرته الكتب التي ترجمت للشيخ: غالب الكتب التي ترجمت للشيخ تشير إِلى مؤلفه هذا بقولها: "وله كتاب في أصول الفقه" (¬1). وجاء في ذيل (¬2) ذيل طبقات الحنابلة (¬3): "وله الأصول المعروف"، وجاء فيه أيضًا: "وجدت في بعض نسخ كتابه: الأصول" (¬4). وفي المدخل (¬5) إِلى مذهب الإِمام أحمد بن حنبل: "ولأصحابنا في فن الأصول كتب كثيرة ... ومنها: مجلد كبير للعلامة ابن مفلح صاحب الفروع ... ". جـ- ما ذكرته الكتب التي نقلت من الكتاب ونسبت إِليه: تأتي الإِشارة إِليه في هذه الكتب -تارة- هكذا: "أصول ابن مفلح (¬6)، وتارة هكذا: "قال ابن مفلح في أصوله" (¬7). ¬

_ (¬1) انظر: المقصد الأرشد/ 277، وشذرات الذهب 6/ 199، ومختصر طبقات الحنابلة / 63، والسحب الوابلة/ 548. (¬2) لابن عبد الهادي، التوفى سنة 909 هـ. (¬3) ص 16. (¬4) انظر: المرجع السابق/ 17. (¬5) ص 241. (¬6) و (¬7) انظر -مثلاً-: شرح الكوكب المنير 1/ 47، 62، 224، 405، 496، ونزهة الخاطر العاطر 1/ 522، 377، والإنصاف للمرداوي 1/ 15، 12/ 241، 244، 245، 254،265.

وفي المقاصد الحسنة (¬1)، وكشف الخفاء (¬2): " ... وكذا أدرجه ابن مفلح في أول كتابه في الأصول". يظهر لي مما تقدم أن المؤلف لم يضع عنوانًا معينًا لكتابه، وإِنما اكتفى بما قاله في مقدمته في بيان موضوعه، فقد قال: " ... أما بعد: فهذا مختصر في أصول الفقه على مذهب الإِمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل ... " (¬3). فلما جاء من بعده -نسخ نسخة من كتابه، أو أراد أن يترجم له، أو نقل من من كتابه وأراد أن ينسب إِليه- تصرف في إِثبات اسم لهذا الكتاب، كما سبق بيانه. ولعل الأقرب في تسميته مراعاة ما قاله مؤلفه في مقدمته في بيان موضوعه، وعليه فيكون اسم الكتاب: (أصول الفقه على مذهب الإِمام أحمد بن حنبل). ¬

_ (¬1) ص 362. (¬2) 2/ 254. (¬3) انظر: ص 5 من الكتاب.

ثالثا: توثيق نسبة الكتاب إلى مؤلفه

ثالثًا: توثيق نسبة الكتاب (¬1) إِلى مؤلفه: مما يوثق نسبة هذا الكتاب إِلى مؤلفه (ابن مفلح) أمران: 1 - اتفاق جميع النسخ على نسبة الكتاب إِليه. 2 - ما ذكر في الكتب التي نقلت كلاماً، ونسبته إِلى "أصول ابن مفلح"، أو قالت: "قاله ابن مفلح في أصوله" أو "في كتابه في الأصول"، وذلك عند مقارنة المنقول بما في النسخ (نسخ الكتاب) والتحقق من مطابقته (¬2). رابعًا: ملامح من منهج المؤلف في كتابه: هذه بعض الملامح لمنهج المؤلف في كتابه تتعلق بترتيبه وبعض المصطلحات والعبارات التي استعملها: 1 - الترتيب الذي سلكه المؤلف في كتابه مقارب جدًا لترتيب الآمدي الشافعي (ت 631 هـ) لموضوعات كتابيه (الإِحكام في أصول الأحكام، ومنتهى السول في علم الأصول)، ولترتيب ابن الحاجب المالكي (ت ¬

_ (¬1) ذكرت قبل قليل: أن غالب الكتب التي ترجمت للشيخ تذكر أن له كتاباً في أصول الفقه، ولا تذكر اسماً معيناً لهذا الكتاب. (¬2) انظر -مثلاً-: المقاصد الحسنة/ 362، وكشف الخفاء 2/ 254، وقارن بما في ص 5، 7 من الكتاب، وانظر شرح الكوكب المنير 1/ 47، 62، 224، 405، 496، وقارن بما في ص 17، 190، 125، 235، 300 (على الترتيب) من الكتاب.

646 هـ) لموضوعات كتابيه (منتهى الوصول والأمل في علمي الأصول والجدل، ومختصره العروف بمختصر ابن الحاجب). 2 - يذكر المؤلف عنوان الموضوع دون ذكر كلمة (باب) أو (فصل) أو نحوهما، فيقول مثلاً: الإِجماع، الأمر، النهي ... ويبدأ الموضوع بذكر التعريف وما يتعلق به من تقسيم ونحوه، ثم يتحدث عن عناصر الموضوع جاعلاً كلاً منها تحت عنوان (مسألة)، من غير أن يعطي المسألة رقمًا وصفيًّا ترتيبيًّا، فلا يقول -مثلاً-: المسألة الأولى، المسألة الثانية ... 3 - استخدم المؤلف بعض العلامات للدلالة على موافقة بعض المذاهب لمذهبنا (الحنبلي) ومخالفتهم، وقد بين المراد بكل منها في مقدمة كتابه، فقال: وعلامة موافقة مذهب الأئمة -أبي حنيفة ومالك والشافعي- لمذهبنا (و)، ومخالفتهم (خ)، وموافقة الحنفية (وهـ)، والمالكية (وم)، والشافعية (وش)، والظاهرية (وظ)، والمعتزلة (وع)، والأشعرية (ور)، ومخالفة أحدهم حذف الواو. 4 - بين المؤلف في مقدمة كتابه أن مراده ب (القاضي) هو القاضي أبو يعلى الحنبلي. 5 - يعبر المؤلف عن اسم بعض العلماء بقوله: (صاحب كذا): صاحب التلخيص = ابن تيمية، محمد بن الخضر. صاحب التمهيد = أبو الخطاب الحنبلي. صاحب التنبيه الشافعي = أبو إِسحاق الشيرازي.

صاحب الرعاية = ابن حمدان الحنبلي. صاحب الروضة = ابن قدامة الحنبلي. صاحب المحرر = ابن تيمية، مجد الدين. صاحب المحصول = فخر الدين الرازي. صاحب المغني = ابن قدامة الحنبلي. صاحبا أبي حنيفة = محمد بن الحسن، وأبو يوسف. صاحبا الصحيح = البخاري، ومسلم. انظر: فهرس الأعلام في القسم الثاني. 6 - يذكر المؤلف (السرخسي)، فتارة يريد به: شمس الأئمة، صاحب الأصول المعروف، وتارة يريد به: أبا سفيان السرخسي الذي لم أعثر على ترجمته، وقد ورد له ذكر في: العدة، والتمهيد، والمسودة. انظر: فهرس الأعلام في القسم الثاني. 7 - يكثر المؤلف من ذكر هذا الوصف (بعض أصحابنا)، وبعد التأمل والبحث وجدته يطلقه -غالبًا- على بعض المتأخرين من الحنابلة بالنسبة لعصره، ويقصد به -أحيانًا- الإِشارة إِلى شخص واحد منهم. وأكثر تلك الأقوال التي أطلق على أصحابها وصف (بعض أصحابنا) وجدته في: مسودة آل تيمية، ومجموع فتاوى شيخ الإِسلام ابن تيمية، والبلبل (مختصر روضة الناظر، لابن قدامة) للطوفي الحنبلي، وقد أرجعته إِلى هذه المصادر.

8 - يذكر المؤلف هذا الوصف (بعض من تبع الآمدي) وبعد التأمل والبحث ظهر لي أنه يشير به إِلى ابن الحاجب. 9 - يعبر المؤلف -غالبًا- عما استُدل به للقول المختار -إِذا كان لا ينهض للاستدلال- بقوله: (واستدل)، ثم يذكر الرد عليه، وهذا التعبير قد استعمله -قبله- ابن الحاجب (¬1). ¬

_ (¬1) انظر: مختصر ابن الحاجب بشرح العضد 1/ 128.

خامسا: مصادر الكتاب التي استقى منها مؤلفه مادته

خامسًا: مصادر الكتاب التي استقى منها مؤلفه مادته (¬1) المصادر الحنبلية: أ- مصادر نص على ذكرها: 1 - مسائل (وأقوال) الإِمام أحمد -رواية: ابنه عبد الله، وابنه صالح، وحنبل، والمروذي، وأبي داود، وإسحاق بن إِبراهيم بن هانئ النيسابوري، والأثرم، ومهنا، وابن القاسم، والميموني، وبكر بن محمد، ويوسف بن موسى، وأحمد بن الحسن. انظر: فهرس الأعلام في القسم الثاني. ¬

_ (¬1) يضاف إِلى هذه مصادر أخرى متنوعة: 1 - ففي التفسير: تفسير ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبي بكر بن مردويه، وابن الجوزي، والقرطبي. 2 - وفي الأحاديث والآثار: الكتب الستة، ومسند أحمد، ومسند الشافعي، وموطأ مالك، ومسند البزار، ومسند الطيالسي، والسنة لابن أبي عاصم، ومعجم الطبراني، والسنن لسعيد بن منصور، وسنن الدارقطني، وسنن البيهقي، والسنن لابن أبي حاتم، والجمع بين الصحيحين للحميدي، والأحاديث المختارة للضياء المقدسي، وصحيح ابن حبان، ومستدرك الحاكم. 3 - وفي المغازي: مغازي الأموي. 4 - وفي اللغة والنحو: الصحاح للجوهري، وحلية العربية لابن الأنباري، وإِعراب القرآن للعكبري. انظر: فهرس الأعلام وفهرس الكتب في القسم الثاني.

2 - الرسالة للإِمام أحمد، رواية: أحمد بن جعفر. 3 - العلم - للخلال، التوفى سنة 311 هـ. 4 - الأصول - لابن حامد، المتوفى سنة 403 هـ. 5 - الإِرشاد في المذهب - لابن أبي موسى، المتوفى سنة 428 هـ. 6 - العدة في أصوك الفقه. 7 - العمدة في أصول الفقه. 8 - الكفاية في أصول الفقه. 9 - الجامع الكبير في الفروع. 10 - التعليق (الخلاف) في الفروع. 11 - المجرد في الفروع، ومقدمته في الأصول. 12 - المعتمد في أصول الدين. 13 - شرح مختصر الخرقي. 14 - الأحكام السلطانية. 15 - كتاب الروايتين والوجهين. 16 - جزء في المفهوم. 17 - إِبطال التأويل. 18 - مختصر في أصول الفقه والدين. وهذه المصادر (6 - 8) للقاضي أبي يعلى، التوفى سنة 458 هـ.

19 - المبهج في الفروع - لأبي الفرج المقدسي، المتوفى سنة 486 هـ. 20 - التمهيد في أصول الفقه. 21 - الانتصار في الفقه. وهما لأبي الخطاب، التوفى سنة 510 هـ. 22 - الواضح في أصول الفقه. 23 - الإِرشاد في أصول الدين. 24 - الفنون. 25 - عمد الأدلة. 26 - المناظرات. 27 - الفصول في الفقه. 28 - النظريات الكبار. 29 - المنثور. 30 - المفردات. وهذه المصادر (22 - 30) لابن عقيل، المتوفى سنة 513 هـ. 31 - الواضح في الفقه - لابن الزاغوني، المتوفى سنة 527 هـ. 32 - السر المصون في أصول الدين - لابن الجوزي، المتوفى سنة 597 هـ. 33 - الجدل - للفخر إِسماعيل البغدادي، المتوفى سنة 610 هـ. 34 - المستوعب في الفقه - للسامري، المتوفى سنة 616 هـ (¬1) ¬

_ (¬1) هو: نصير الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن الحسين -ويعرف بابن أبي سنينة- الفقيه الفرضي الحنبلي، ولد بسامرا سنة 535 هـ، وولي قضاءها، ثم ولي القضاء والحسبة ببغداد، وبها توفي. من مؤلفاته -أيضًا-: الفروق، والبستان في الفرائض. انظر: ذيل طبقات الحنابلة 2/ 121.

35 - الروضة في أصول الفقه. 36 - المغني في الفقه. 37 - الكافي في الفقه. 38 - رسالة إِلى صاحب التلخيص (الفخر بن تيمية). وهذه المصادر (35 - 38) لابن قدامة المتوفى سنة 620 هـ. 39 - الترغيب في الفقه. 40 - التلخيص في الفقه. وهما لابن تيمية فخر الدين محمد بن الخضر، المتوفى سنة 622 هـ. 41 - شرح الهداية في الفقه (لأبي الخطاب). 42 - المحرر في الفقه. وهما لابن تيمية مجد الدين، المتوفى سنة 652 هـ. 43 - الرعاية في الفروع. 44 - أصول الفقه (الوافي). وهما لابن حمدان الحراني، التوفى سنة 695 هـ. 45 - روضة الفقه لبعض أصحابنا. 46 - عيون المسائل. انظر: فهرس الكتب في القسم الثاني.

ب- مصادر لم ينص على ذكرها

ب- مصادر لم ينص على ذكرها: 1 - المسودة في أصول الفقه، وقد تعاقب على تصنيفها ثلاثة من آل تيمية: الأول: مجد الدين أبو البركات عبد السلام بن عبد الله الحراني، المتوفى سنة 652 هـ. الثاني: شهاب الدين عبد الحليم بن عبد السلام، المتوفى سنة 682 هـ (¬1). الثالث: تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم، المتوفى سنة 728 هـ. وقد جمعها وبيضها أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الغني الحراني الدمشقي، المتوفى سنة 745 هـ (¬2). وقد استفاد المؤلف منها في مواضع كثيرة من كتابه، وكان يشير إِلى ذلك بقوله: "قال بعض أصحابنا (¬3)، أو: "قال صاحب المحرر" وهو ¬

_ (¬1) فقيه فرضي مشارك في العلوم، ولد سنة 627 هـ بحران، ورحل في صغره إِلى حلب وسمع بها، ثم رجع إِلى حران، وفي سنة 667 هـ انتقل إِلى دمشق، وأقام بها إِلى أن توفي. انظر: ذيل طبقات الحنابلة 2/ 310 - 311. (¬2) فقيه أصولي مناظر، ولد سنة 702 هـ، وتوفي بدمشق. انظر: ذيل طبقات الحنابلة 2/ 440. (¬3) انظر: ص 64 من هذه المقدمة.

المصادر غير الحنبلية

مجد الدين أبو البركات. انظر: فهرس الأعلام في القسم الثاني - صاحب المحرر. 2 - مختصر روضة الناظر (البلبل) - لأبي الربيع سليمان بن عبد القوي الطوفي الصرصري، المتوفى سنة 716 هـ (¬1). وقد رجع إِليه المؤلف في بعض المواضع، وأشار إِلى ذلك بقوله: قال بعض أصحابنا. انظر: ص 64 من هذه المقدمة. وقد أرجعت -حسب الإِمكان- تلك المعلومات المستقاة من هذين الكتابين إِليهما. المصادر غير الحنبلية: أ- مصادر نص على ذكرها: 1 - الرسالة - للإِمام الشافعي. 2 - اللامع في أصول الفقه - لأبي عبد الله بن حاتم تلميذ ابن الباقلاني. 3 - تاريخ الحاكم النيسابوري، المتوفى سنة 405 هـ. ¬

_ (¬1) فقيه أصولي، ولد بقرية "طوف" أو "طوفا" من أعمال صرصر في العراق سنة 657 هـ، ودخل بغداد سنة 691 هـ، ورحل إِلى دمشق سنة 704 هـ، وزار مصر، وجاور بالحرمين، وتوفي في بلد الخليل بفلسطين سنة 716 هـ. من مؤلفاته -أيضًا-: شرح هذا المختصر، ومختصر الجامع الصحيح للترمذي. انظر: ذيل طبقات الحنابلة 2/ 366 والدرر الكامنة 2/ 154، والأنس الجليل 2/ 257، وشذرات الذهب 6/ 39، وجلاء العينين/ 36.

4 - الإِشارات لابن سيناء، المتوفى سنة 428 هـ. 5 - شرح أدب القاضي (للخصاف)، لعله: لبرهان الأئمة عمر بن عبد العزيز الحنفي، العروف بالحسام الشهيد، المتوفى سنة 536 هـ (¬1). 6 - المحصول في علم أصول الفقه - لفخر الدين الرازي الشافعي، المتوفى سنة 606 هـ، فقد ورد في كتاب المؤلف -عدة مرات-: "قال صاحب المحصول". وإن كان هناك احتمال أن يكون الرازي قاله في غير المحصول، ولم يكن المؤلف يذكر الفخر باسمه ولا بنسبته. 7 - شرح صحيح مسلم - لأبي زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي الشافعي، المتوفى سنة 676 هـ (¬2). 8 - شرح النهاج - لمؤلفه. لعله: منهاج الوصول إِلى علم الأصول -للبيضاوي الشافعي، التوفى سنة 685 هـ- فإِن مؤلفه قد شرحه. انظر: فهرس الكتب في القسم الثاني. ¬

_ (¬1) فقيه، ولد سنة 483 هـ. من مؤلفاته -أيضًا- الفتاوى الصغرى، والفتاوى الكبرى. انظر: الجواهر المضية 1/ 391، وتاج التراجم/ 46. (¬2) فقيه محدث عالم بالرجال متفنن في معارف شتى. من مؤلفاته -أيضًا-: المجموع شرح المهذب، ومنهاج الطالبين في الفقه، وتهذيب الأسماء واللغات. انظر: طبقات الشافعية للسبكي 8/ 395، وتذكرة الحفاظ/ 1470، وطبقات الحفاظ/ 510، وشذرات الذهب 5/ 354.

ب- مصادر لم ينص على ذكرها

ب- مصادر لم ينص على ذكرها: 1 - البرهان في أصول الفقه - لأبي العالي الجويني الشافعي، المتوفى سنة 478 هـ. وقد رجع إِليه المؤلف في مواضع، وكان يذكر أبا المعالي، ولم يكن يذكر اسم الكتاب. انظر: فهرس الأعلام في القسم الثاني - أبو العالي. 2 - الإِحكام في أصول الأحكام. 3 - منتهى السول في علم الأصول، وهما للآمدي الشافعي، المتوفى سنة 631 هـ. وقد استفاد منهما المؤلف في مواضع كثيرة من كتابه، ولاسيما عند ذكر الأدلة ومناقشتها، وكان يذكر اختيارات الآمدي، ولم ينص على ذكر اسم الكتابين، وإِنما كان يذكر (الآمدي). انظر: فهرس الأعلام في القسم الثاني - الآمدي. وقد أرجعت -حسب الإمكان- تلك المعلومات المستقاة من هذه الكتب الثلاثة إِليها. 4 - منتهى الوصول والأمل في علمي الأصول والجدل. 5 - مختصر المنتهى. وهما لابن الحاجب المالكي، المتوفى سنة 646 هـ. وقد استفاد المؤلف -فيما يظهر- من منهج ابن الحاجب، وذكر في بعض المواضع كلاماً مقارباً -إِلى حد كبير- لما في كتابيه، ويتضح

ذلك جليا لمن يقارن بينهما وبين كتاب المؤلف. وكان المؤلف -أحيانًا- يشير إِلى ابن الحاجب بقوله: "بعض من تبع الآمدي". 6 - منهاج الوصول إِلى علم الأصول - للبيضاوي الشافعي، المتوفى سنة 685 هـ. وقد رجع إِليه المؤلف فيما يظهر لي -في بعض المواضع- مكتفيا بقوله: "قال بعض الشافعية". ***

سادسا: بعض الكتب التي اتبع مؤلفوها منهج الكتاب ورجعوا إليه

سادساً: بعض الكتب التي اتبع مؤلفوها منهج الكتاب ورجعوا إِليه 1 - كتاب: المختصر في أصول الفقه على مذهب الإِمام أحمد بن حنبل - لعلاء الدين أبي الحسن علي بن محمد بن علي بن عباس بن شيبان البعلي ثم الدمشقي الحنبلي، المعروف بابن اللحام، المتوفى سنة 803 هـ. ويتضح لقارئه أنه مختصر من (أصول الفقه) لابن مفلح؛ فقد اتبع مؤلفه الترتيب الذي سلكه ابن مفلح في موضوعات الكتاب، بل جاءت عباراته مقاربة -إِلى حد كبير- لما في كتاب المؤلف (¬1). 2 - كتاب: منهاج الوصول إِلى علم الأصول - لأبي إِسحاق إِبراهيم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن مفلح الحنبلي، المتوفى سنة 884 هـ (¬2). ويوجد منه جزء مخطوط ينتهي عند تعريف الكتاب (القرآن)، وتوجد لدي صورة عنه. 3 - كتاب: التحرير في أصول الفقه - لعلاء الدين أبي الحسن علي بن سليمان المرداوي الحنبلي، المتوفى سنة 885 هـ. وقد ذكر المرداوي أنه قد استمد غالب كتابه من كتاب ابن مفلح (¬3)، ¬

_ (¬1) وقد حقق الكتاب الدكتور محمد مظهر بقا. وطبع سنة 1400 هـ. (¬2) وله -أيضًا-: المبدع شرح المقنع، والمقصد الأرشد في تراجم أصحاب الإمام أحمد. انظر: شذرات الذهب 7/ 338. (¬3) انظر: المدخل إِلى مذهب الإِمام أحمد بن حنبل/ 241.

ويظهر ذلك جليًا لمن يقارن بين الكتابين. والكتاب مختصر (¬1)، وتوجد منه نسخة بقسم المخطوطات بجامعة الإِمام محمد بن سعود الإِسلامية، برقم 2221. وقد شرح المرداوي كتابه هذا، وسمى شرحه (التحبير شرح التحرير). ويوجد في ثلاثة مجلدات مخطوطة: الأول في مكتبة الأوقات العامة ببغداد برقم 1/ 7406 مجاميع، والثاني في مكتبة خدا بخش بتنه في الهند برقم 687 عربي، والثالث في مكتبة خدا بخش برقم 688 عربي. وقد حققه -لنيل درجة الدكتوراه- ثلاثة من طلبة الدراسات العليا، بقسم أصول الفقه بكلية الشريعة بالرياض، وهم: 1 - عبد الرحمن الجبرين. 2 - عوض القرني. 3 - أحمد السراح. وقد نقل المرداوي كثيرًا من أصول ابن مفلح، فانظر: التحبير شرح التحرير (المحقَّق) بأجزائه الثلاثة (فهرس الكتب: أصول ابن مفلح) و (فهرس الأعلام: محمد بن مفلح). ¬

_ (¬1) وقد حققه -لنيل درجة الدكتوراه- أبو بكر عبد الله دكوري، بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، عام 1403 هـ.

4 - كتاب: شرح الكوكب المنير المسمى بمختصر التحرير أو المختبر المبتكر شرح المختصر في أصول الفقه - لمحمد بن أحمد بن عبد العزيز بن علي الفتوحي الحنبلي، المعروف بابن النجار، المتوفى سنة 972 هـ (¬1). وقد سار مؤلفه في المنهج العام على منهج ابن مفلح، كما نقل عنه في مواضع من كتابه، فانظر: كتاب شرح الكوكب المنير (فهرس الكتب - أصول ابن مفلح)، و (فهرس الأعلام - محمد بن مفلح). وقد طبع الكتاب (شرح الكوكب المنير) سنة 1372 هـ طبعة مليئة بالأخطاء، ثم أعيد تحقيقه (¬2) سنة 1400 - 1408 هـ وطبع في أربعة مجلدات. 5 - كتاب الذخر الحرير شرح مختصر التحرير (لابن النجار) - لأحمد بن عبد الله بن أحمد الحلبي البعلي الحنبلي، المتوفى سنة 1189 هـ (¬3). والكتاب مخطوط، وتوجد منه نسخة بالمكتبة السعودية بالرياض، برقم 341/ 86، وبها نقص في مواضع. ... ¬

_ (¬1) وله -أيضًا-: منتهى الإرادات في الفقه الحنبلي. انظر: السحب الوابلة / 220، ومختصر طبقات الحنابلة/ 87. (¬2) حققه: الدكتور محمد الزحيلي، والدكتور نزيه حماد. (¬3) وله -أيضًا-: منية الرائض شرح عمدة كل فارض، والروض الندي شرح كافي المبتدي. انظر: السحب الوابلة/ 44.

سابعا: قيمة الكتاب العلمية

سابعًا: قيمة الكتاب العلمية مما تقدم -من ذكر مصادر الكتاب التي استقى منها مؤلفه مادته، والكتب التي اتبع مؤلفوها منهجه ورجعوا إِليه- ومن واقع اطلاعي عليه ودراستي له أستطيع أن أسجل القيمة العلمية لهذا الكتاب فيما يأتي: 1 - اهتمام مؤلفه بالروايات الواردة عن الإِمام أحمد حول كثير من المسائل الأصولية، والترجيح بينها أحيانًا. 2 - ما جمعه من أقوال لعلماء المذهب، ونصوص من كتبهم، في كثير من المباحث الأصولية. 3 - ما احتواه من صياغة لمذهب الحنابلة في مسائل أصولية متعددة بما يتفق مع منهج بحثها عند المذاهب الأخرى، فاستقى من المراجع الحنبلية، وصب ما استقاه في قالب يتمكن المطلع عليه من الموازنة بين المذهب الحنبلي والمذاهب الأخرى في كثير من المسائل. 4 - كون الكتاب عمدة في النقل منه واتباع منهجه عند كثير من الحنابلة الذين أتوا بعد مؤلفه، فأظهر ذلك ثقتهم في مادة الكتاب ومدى تأثيره في مؤلفاتهم وكونه حلقة وصل بين مؤلفات الحنابلة المتقدمة وتلك المؤلفات المتأخرة. (وقد تقدم ذكر بعض هذه المؤلفات). 5 - كونه كتاب أصول فقه مقارن، عني فيه مؤلفه بنقل المذاهب الأخرى في غالب المسائل التي بحثها. 6 - استقاء مؤلفه غالب مادته من مصادر أصلية، مثل: العدة للقاضي أبي

يعلى، والواضح لابن عقيل، والتمهيد لأبي الخطاب، والروضة لابن قدامة، والبرهان لأبي المعالي الجويني، والمحصول للفخر الرازي، والإِحكام في أصول الأحكام للآمدي. (وقد تقدم ذكر مصادر الكتاب). 7 - ربط مؤلفه -في مواضع- بين القواعد الأصولية والفروع الفقهية، وذلك ببيان ثمرة الخلاف في بعض المسائل الأصولية. 8 - كونه كتابا ذا سمة حسنة جداً -يندر وجودها في كتب الأصول- وهي عناية مؤلفه بالأحاديث (كونها صحيحة أو ضعيفة) من جهة، وخلو الكتاب مما لا أصل له من جهة أخرى، وذلك ما صرح به مؤلفه حين قال في مقدمته: "اجتهدت فيه لا سيما في نقل المذاهب وتحريرها ... مع بيان صحة الأخبار وضعفها لمسيس الحاجة إِلى ذلك على ما لا يخفى، ولا أذكر -غالبًا- ما لا أصل له ... " (¬1). 9 - كونه كتابًا يظهر فيه موقف مؤلفه ونظرته الموضوعية عند عرض الأقوال والأدلة والمناقشة، وتبرز هذه السمة عند ذكره أدلة القول المختار عنده، فقد يكون بعضها لا ينهض للاستدلال، فيبين ما يردها أو يضعفها. 10 - كونه كتاباً أوضح فيه مؤلفه -غالبًا- كون الخلاف في بعض المسائل لفظيا لا يترتب عليه أثر في التطبيق. ¬

_ (¬1) انظر: ص 5 من القسم الثاني، ومما يدل على قيمة كلام المؤلف على ما لا أصل له أنه قد ذكره السخاوي في المقاصد الحسنة/ 362، والعجلوني في كشف الخفاء 2/ 254.

11 - اشتماله -في مباحث الأخبار- على معلومات في علم مصطلح الحديث يقل وجودها مجتمعة في كتاب أصولي. 12 - اشتماله -بعد مباحث القياس- على معلومات في علم الجدل وآداب المناظرة والسؤال والجواب.

الفصل الثالث منهجي في تحقيق الكتاب

الفصل الثالث منهجي في تحقيق الكتاب

أولا: اعتمدت على ثلاث من النسخ الخمس السابق ذكر أوصافها، وهذه الثلاث هي

منهجي في تحقيق الكتاب: اتبعت في تحقيقه النهج الآتي: أولاً: اعتمدت على ثلاث من النسخ الخمس السابق ذكر أوصافها، وهذه الثلاث هي: 1 - نسخة مكتبة برلين، ورمزت لها بالحرف (ب). 2 - نسخة دار الكتب الظاهرية بدمشق، ورمزت لها بالحرف (ظ). 3 - نسخة الشيخ عبد الله بن حميد، ورمزت لها بالحرف (ح). وصرفت النظر عن كل من: نسخة المكتبة السعودية بالرياض، ونسخة القصيم؛ وذلك لوجود الأصل الذي نقلتا عنه، وهو نسخة الشيخ عبد الله بن حميد، ولم تشتملا على تصحيحات أو مقابلة على نسخ أخرى، وإِنما أضافتا تصحيفات وتحريفات، ولم تحافظا على صورة الأصل. وقد كنت أريد الاستعانة بهاتين النسختين، لتعبرا عن نسخة الشيخ عبد الله بن حميد فيما سقط منها (¬1)، ولكني آثرت صرف النظر عن ذلك بعد إِدراكي لعدم مطابقتهما لأصلهما. ثانيا: عملت على إِخراج الكتاب على أقرب - صورة وضعه المؤلف عليها، مع مراعاة الصحة والضبط قدر الإِمكان، ولتحصيل ذلك قمت بمقابلة ¬

_ (¬1) انظر: ص 41 من هذه المقدمة.

النسخ الثلاث بعضها ببعض، واتخذت إِزاء اتفاقها أو اختلافها المواقف الآتية: 1 - إِثبات ما اتفقت عليه النسخ كما هو (وإن كان لي رأي حول لفظ أو عبارة جعلته في الهامش) ما لم تتفق على خطأ في الآيات القرآنية، فإِني أثبت الآية صحيحة في النص، وأشير في الهامش إِلى الخطأ الموجود في النسخ. 2 - إِذا حصل اختلاف بين النسخ (فورد في إِحداها لفظ أو ألفاظ، وفي الاثنتين الباقيتين لفظ أو ألفاظ مغايرة مكان ذلك اللفظ أو تلك الألفاظ) فإِني أثبت في النص الصواب (إِذا كنت أرى أن الثاني خطأ)، وإذا كنت أرى أن كلا منهما صواب جعلت في النص ما أراه أنسب للمقام، وفي كلتا الحالتين أشير في الهامش إِلى الاختلاف بين النسخ. ويلاحظ أنه إِذا حصل اختلاف في عبارات الصلاة والسلام ونحوها -كأن يرد في بعض النسخ - صلى الله عليه وسلم -، وفي بعضها (عليه السلام) - فإِني أثبت إِحداهما، ولا أشير إِلى ذلك الاختلاف في الهامش؛ لأنه لا يترتب عليه أثر يرجع إِلى موضوع الكتاب. 3 - إِذا حصلت زيادة في واحدة من النسخ أو في اثنتين منهما فإِن رأيت إِثباتها في النص جعلتها فيه بين علامتين هكذا []-وقد اصطلح على تسميتهما بالمعقوفتين- وأشرت في الهامش إِلى مصدر الزيادة، وإن رأيت عدم إِثباتها اكتفيت بذكرها في الهامش منبهًا على مصدرها. فإِن كانت الزيادة بذكر كلمة أو كلمات من بقية الآية، أو نحو: - صلى الله عليه وسلم - أو

ثالثا: ما يتعلق بالناحية اللفظية (الشكلية) للنص

(رضي الله عنه) جعلتها في النص، ولم أحصرها بين علامتي الزيادة، ولم أشر في الهامش إِلى مصدرها. 4 - إِذا حصل اختلاف بالتقديم والتأخير عملت ما عملته في رقم 2. 5 - ما أثبت في هوامش النسخ من اختلاف مع نسخ أخرى نظرت إِليه كنسخة مستقلة. ويلاحظ في كل ما سبق أنني أستعين بالمصادر الأخرى التي تعين على فهم النص واستقامة معناه، ويظهر ذلك بصورة واضحة إِذا كان النص مقتبسًا من مصدر آخر. ثالثًا: ما يتعلق بالناحية اللفظية (الشكلية) للنص: 1 - رسم الكتاب بالرسم المعاصر. 2 - ضبط الألفاظ -في النص- بالشكل عند خوف اللبس. 3 - وضع الرموز التي استخدمها المؤلف بين قوسين هكذا (). 4 - وضع الآيات بين قوسين هكذا {}. 5 - وضع الأحاديث القولية بين قوسين هكذا (). 6 - وضع الآثار بين علامتين هكذا "". رابعًا: ذكر اسم السورة التي وردت فيها الآية، ورقم الآية فيها. ويلاحظ أنني أكتفي ببيان موضع الآية من سورة واحدة إِذا ما تكررت في أكثر من سورة. خامسًا: تخريج الأحاديث الواردة في النص.

سادسا: تخريج الآثار الواردة في النص.

سادسًا: تخريج الآثار الواردة في النص. سابعًا: عزو الأبيات الشعرية إِلى قائليها. ثامنًا: التعريف بالأعلام الوارد ذكرهم في النص -باستثناء الأنبياء والصحابة والأئمة الأربعة- وذلك بإِيراد ترجمة موجزة لكل منهم، مع ذكر بعض المراجع التي ترجمت له. تاسعًا: التعريف بالطوائف والفرق الوارد ذكرها في النص. عاشرًا: التعريف بالكتب الوارد ذكرها في النص. حادي عشر: ربط النصوص المقتبسة بمصادرها (ما أمكن ذلك). ثاني عشر: بيان معنى ما يشكل من المفردات. ثالث عشر: ذكرت في وصف النسخ اشتمال هوامش بعضها على تعليقات، وقد أثبت منها في الهامش ما رأيت له فائدة كبيرة وصلة وثيقة بالنص. رابع عشر: (من أجل ربط النص المطبوع بأصوله المخطوطة وتسهيل الرجوع إِليها) أشرت في الهامش إِلى نهاية كل صفحة من صفحات النسخ الثلاث. خامس عشر: عملت فهارس عامة للكتاب، وهي: 1 - فهرس الآيات. 2 - فهرس الأحاديث

3 - فهرس الآثار. 4 - فهرس الأشعار. 5 - فهرس الحدود والمصطلحات. 6 - فهرس الأعلام المترجم لهم. 7 - فهرس الكتب الواردة في النص. 8 - فهرس الطوائف والفرق والمذاهب والأمم والجماعات ... 9 - فهرس الموضوعات. وبعد هذه الفهارس تأتي قائمة المراجع.

الجزء الأول

أصول الفقه تأليف شمس الدين محمد بن مفلح المقدسي الحنبلي (712 - 763 هـ) حققه وعلَّق عليه وقدَّم له الدكتور/ فهد بن محمَّد السَّدَحَان مقدمة التحقيق والجزء الأول مكتبة العبيكان

بسم الله الرحمن الرحيم

(¬1) بسم الله الرحمن الرحيم (¬2) الحمد لله رب العالمين، وصلواته وسلامه على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم (¬3). أما بعد: فهذا مختصر في أصول الفقه، على مذهب الإِمام أبي عبد الله أحمد ابن محمد بن حنبل رضي الله عنه، اجتهدت فيه لاسيما في نقل المذاهب وتحريرها؛ فإِنه جل القصد بهذا المختصر، مع بيان صحة الأخبار وضعفها؛ لمسيس الحاجة إِلى ذلك على ما لا يخفى. ولا أذكر -غالبًا- ما لا أصل له، نحو: (حكمي على الواحد حكمي على الجماعة) (¬4) ¬

_ (¬1) من هنا بداية الصفحة التي فقدت من نسخة (ح). (¬2) في (ظ): رب يسر. قال الشيخ الإمام العالم العلامة شيخ الإِسلام وحيد دهره، وفريد عصره، أقضى القضاة شمس الدين أبو عبد الله محمد بن مفلح بن محمد المقدسي -قدس الله روحه ونور ضريحه-: الحمد لله رب العالمين ... (¬3) كذا في (ب) و (ظ). وهو تكرار لما سبق ذكره من السلام. (¬4) لا يعرف له أصل بهذا اللفظ، كما قاله جمع من العلماء منهم: المزي والذهبي والزركشي والعراقي وابن قاسم العبادي والشوكاني. ويشهد لمعناه ما أخرجه النسائي والترمذي -وقال: حسن صحيح- من حديث أميمة بنت رقيقة مرفوعًا: (إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة) وهو من الأحاديث التي ألزم الدارقطني الشيخين بإِخراجها لثبوتها على شرطهما. انظر: سنن النسائي 7/ 149، وسنن الترمذي 3/ 77، والمقاصد الحسنة 192 - 193، وكشف الخفاء 1/ 436 - 437، والفوائد المجموعة/ 20.

و (نحن نحكم بالظاهر)، (¬1) و (خذوا شطر دينكم عن الحميراء) (¬2)، ¬

_ (¬1) لا يعرف له أصل بهذا اللفظ، كما قاله جمع من العلماء منهم: المزي وابن الملقن وابن كثير والزركشي والعراقي والسخاوي والشوكاني. ويشهد لمعناه: ما أخرجه البخاري ومسلم من حديث أم سلمة مرفوعًا: (إِنما أنا بشر وإِنه يأتيني الخصم فلعل بعضكم يكون أبلغ من بعض فأحسب أنه صدق فأقضي له بذلك ...)، وما أخرجه البخاري من حديث أبي سعيد مرفوعًا: (إِني لم أؤمر أن أنقب عن قلوب الناس). وترجم النسائي في سننه لحديث أم سلمة بقوله: باب الحكم بالظاهر. وقال ابن عبد البر في التمهيد: أجمعوا على أن أحكام الدنيا على الظاهر، وأن أمر السرائر إِلى الله. ونبه بعض المحققين على أن سبب وقوع الوهم من بعضهم في جعلهم هذا حديثًا مرفوعًا أن الشافعي أورد في كتابه (الأم) حديث أم سلمة السابق أم قال: "فأخبرهم - صلى الله عليه وسلم - أنه إِنما يقضي بالظاهر وأن أمر السرائر إِلى الله". فظن بعض من لا يميز أن هذا حديث آخر منفصل عن حديث أم سلمة فنقله كذلك، ثم قلده من بعده. انظر: الأم 5/ 126 - 128، 6/ 199، وصحيح البخاري 5/ 164، 9/ 72، 73، وصحيح مسلم/ 742، 1337 - 1338، وسنن النسائي 8/ 233، ومسند أحمد 1/ 41، 3/ 4، وشرح صحيح مسلم للنووي 7/ 163، والتلخيص الحبير 4/ 192، والمقاصد الحسنة/ 91 - 92، وكشف الخفاء 1/ 221، 222، والأسرار المرفوعة/ 114 - 115، والفوائد المجموعة / 200. (¬2) جاء في كتاب النهاية في غريب الحديث 1/ 438: يعني عائشة، كان يقول لها أحيانًا: (يا حميراء) تصغير الحمراء، يريد البيضاء، وقد تكرر في الحديث. انتهى. والشطر: النصف. وهذا من الأحاديث التي لا يعرف لها إِسناد كما قاله جمع من العلماء منهم: المزي والذهبي وابن كثير والسيوطي. قال صاحب الأسرار المرفوعة: قلت: لكن معناه صحيح، فإِن عندها من شطر الدين استنادًا يقتضي اعتمادًا.=

و (ما اجتمع الحلال والحرام إِلا وغلب الحرام على الحلال.) (¬1) وعلامة (¬2) موافقة مذهب الأئمة -أبي حنيفة ومالك والشافعي، رضي الله عنهم- لمذهبنا (و)، ومخالفتهم (خ)، وموافقة الحنفية (وهـ)، والمالكية (وم)، والشافعية (وش)، والظاهرية (وظ)، والمعتزلة (¬3) ¬

_ =انظر: الإِجابة لإِيراد ما استدركته عائشة على الصحابة / 58، والمقاصد الحسنة/ 198، وكشف الخفاء 1/ 449، الأسرار المرفوعة/ 190 - 191. (¬1) في المقاصد الحسنة/ 362: حديث (ما اجتمع الحلال والحرام إلا غلب الحرام الحلال). قال البيهقي: "رواه جابر الجعفي عن الشعبي عن ابن مسعود، وفيه ضعف وانقطاع"، وقال الزين العراقي في (تخريج منهاج الأصول): "إِنه لا أصل له"، وكذا أدرجه ابن مفلح في أول كتابه في الأصول، فيما لا أصل له. وانظر: سنن البيهقي 7/ 169، وكشف الخفاء 2/ 254، وانظر كلام العلماء عن جابر الجعفي في: ميزان الاعتدال 1/ 379 وما بعدها. وفي الأشباه والنظائر للسيوطي/ 117 - 118: "القاعدة الثانية: إذا اجتمع الحلال والحرام غلب الحرام. وأورده جماعة حديثًا بلفظ: (ما اجتمع الحلال والحرام إلا غلب الحرام الحلال ...) وقال السبكي في الأشباه والنظائر -نفلاً عن البيهقي-: هو حديث رواه جابر الجعفي، رجل ضعيف، عن الشعبي عن ابن مسعود، وهو منقطع. قلت: وأخرجه من هذا الطريق عبد الرزاق في مصنفه وهو موقوف على ابن مسعود لا مرفوع". (¬2) جاء المؤلف بصورة مقاربة لهذه العلامات في كتابة الفروع 1/ 64. (¬3) سموا بهذا الاسم؛ لاعتزال أصلهم -وهو واصل بن عطاء- عن مجلس الحسن البصري، وتفرده بان مرتكب الكبيرة ليس بمؤمن ولا كافر، وإثباته للمنزلة بين المنزلتين. فقال الحسن: قد اعتزل عنا.=

(وع)، والأشعرية (¬1) (ور)، ومخالفة أحدهم حذف (الواو). ¬

_ =ويلقبون بالقدرية؛ لإِسنادهم أفعال المختارين إِلى قدرتهم، ومنعهم من إِضافتها إِلى قدرة الله تعالى، وهم يزعمون أن القدري من يقول: "القدر خيره وشره من الله". ولقبوا أنفسهم بأصحاب العدل والتوحيد، لقولهم بوجوب الأصلح، ووجوب الثواب، ونفي الصفات، وقد اتفقوا على أن القدم أخص وصف الله تعالى، وعلى نفي الصفات القديمة عن ذاته، وأن كلامه محدث مخلوق، وأنه غير مرئي بالأبصار في الآخرة، وأنه تجب عليه الحكمة في أفعاله، وعلى التحسين والتقبيح العقليين، ووجوب ثواب المطيع والتائب، ووجوب عقاب صاحب الكبيرة مخلدًا في النار إِذا خرج من الدنيا غير تائب، وافترقوا بعد ذلك إِلى عدة فرق يكفر بعضها بعضًا، ولكل منها أصول وقواعد. انظر: الفرق بين الفرق/ 114، والملل والنحل 1/ 57، والفرق الإِسلامية / 6. وفي الحور العين/ 204: سميت معتزلة، لقولهم بالمنزلة بين المنزلتين في مرتكب الكبيرة؛ ذلك أن الخوارج يقولون: "كفار"، والمرجئة يقولون: "مؤمنون" فقالوا -أي المعتزلة- بالمنزلة بين المنزلتين، فاعتزلوا القولين معاً، فسموا معتزلة. (¬1) الأشعرية: هم أصحاب أبي الحسن علي بن إِسماعيل الأشعري المنتسب إِلى أبي موسى الأشعري. قال أبو الحسن: الباري تعالى عالم بعلم، قادر بقدرة، حي بحياة، مريد بإِرادة، متكلم بكلام، سميع بسمع، بصير ببصر، قال: وهذه صفات أزلية قائمة بذاته، ومن مذهب الأشعري: أن الله يصح أن يرى؛ وقد ورد في السمع أن المؤمنين يرونه في الآخرة. ومذهبه في الوعد والوعيد والأسماء والأحكام، والسمع والعقل، مخالف للمعتزلة من كل وجه. وقال: الإِيمان هو التصديق بالقلب، وأما القول باللسان، والعمل بالأركان ففروعه، وصاحب الكبيرة -إِذا مات من غير توبة- حكمه إلى الله، ولا يخلد في النار مع الكفار. قال: ولا يجب على الله قبول توبة التائب بحكم العقل، بل ورد السمع بقبول توبة التائبين. قال: والواجبات كلها سمعية، والعقل ليس يوجب شيئًا،=

والمراد بـ (القاضي) أبو يعلى (¬1)، من أئمة أصحابنا. ورتبته على ترتيب ما غلب تداوله والاعتناء به في هذا الزمان، والله أسأل أن ينفع به، وحسبنا الله ونعم الوكيل. ¬

_ =ولا يقتضي تحسينًا، ولا تقبيحًا. فمعرفة الله بالعقل تحصل، وبالسمع تجب، وكذلك شكر المنعم، وإثابة المطيع، وعقاب العاصي، يجب بالسمع دون العقل. ولا يجب على الله تعالى شيء ما بالعقل: لا الصلاح، ولا الأصلح، ولا اللطف، والكرامات للأولياء حق، وما ورد به السمع من الأخبار عن الأمور الغائبة، مثل: القلم، واللوح .... يؤمن بها كما جاءت. وقال: الإمامة ثبتت بالاتفاق والاختيار، دون النص والتعيين. انظر: الملل والنحل 1/ 127. (¬1) هو: محمد بن الحسين بن محمد بن خلف، ابن الفراء، شيخ الحنابلة، عالم عصره في الأصول والفروع وأنواع الفنون، من أهل بغداد. ولد سنة 380 هـ، وتوفي سنة 458 هـ. من مؤلفاته: الإيمان، والأحكام السلطانية، والعدة، والكفاية -وكلاهما في أصول الفقه- والمجرد في الفقه على مذهب أحمد. انظر: تاريخ بغداد 2/ 256، وطبقات الحنابلة 2/ 193، والوافي بالوفيات 3/ 7، والمنهج الأحمد 2/ 105، وشذرات الذهب 3/ 306.

الفقه

الفقه: لغة: (¬1) الفهم (¬2)؛ لأن العلم يكون عنه، وقدم في العدة (¬3) أنه العلم (¬4)، وقاله (¬5) ابن فارس (¬6) وغيره، وفي الكفاية (¬7): "معرفة قصد المتكلم"، وفي التمهيد (¬8): "هما" (¬9). ¬

_ (¬1) انظر: لسان العرب 17/ 418 - 419، وتاج العروس 9/ 402 (فقه). (¬2) في هامش (ب): الفهم: إِدراك الكلام، وقال ابن عقيل وغيره: "بسمع". والصحيح: لا حاجة إِلى قيد السمع. وانظر: الواضح 1/ 6 ب، 29 ب- 30أ. (¬3) العدة: كتاب في أصول الفقه للقاضي أبي يعلى محمد بن الحسين؛ المتوفى سنة 458 هـ، حققه الدكتور/ أحمد بن علي بن سير المباركي. وقد طبع في خمسة مجلدات. (¬4) انظر: العدة/ 67. (¬5) انظر: معجم مقاييس اللغة 4/ 442 (فقه). (¬6) هو: أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا القزويني الرازي، من أئمة اللغة والأدب، ولد سنة 329 هـ، وقرأ عليه البديع الهمذاني والصاحب ابن عباد وغيرهما، وهو من أعيان البيان، أصله من قزوين، وأقام مدة في همذان، ثم انتقل إلى الرى، فتوفي بها سنة 395 هـ، وقيل: سنة 390 هـ، وإليها نسبته. من مؤلفاته: معجم مقاييس اللغة، والمجمل، والصاحبي في علم العربية، والإِتباع والمزاوجة. انظر: نزهة الألباء/ 392، ووفيات الأعيان 1/ 118. (¬7) الكفاية: كتاب في أصول الفقه - للقاضي أبي يعلى محمد بن الحسين، المتوفى سنة 458 هـ، انظر طبقات الحنابلة 2/ 193. (¬8) التمهيد: كتاب في أصول الفقه - لأبي الخطاب محفوظ بن أحمد الكلوذاني، الحنبلي المتوفى سنة 510 هـ. حققه: الدكتور مفيد أبو عمشة، والدكتور محمد علي إِبراهيم، وطبع في أربعة مجلدات. (¬9) في هامش (ظ): أي الفهم والمعرفة. وانظر التمهيد/ 2 أ.

وشرعا

وقال ابن هبيرة (¬1): "استخراج الغوامض والاطلاع عليها". (¬2) ولعله مراد من أطلق. وشرعاً: الأحكام (¬3) الشرعية الفرعية، والفقيه: من عرف جملة غالبة منها عن أدلتها (¬4) التفصيلية بالاستدلال. (¬5) وهو مراد الأصحاب بقولهم: ¬

_ (¬1) هو: أبو المظفر يحيى بن محمد بن هبيرة -وقيل: يحيى بن هبيرة بن محمد بن هبيرة- الذهلي الشيباني، عون الدين، من كبار الوزراء في الدولة العباسية، عالم بالفقه والأدب، وله نظم جيد، ولد في قرية من أعمال دجيل بالعراق سنة 499 هـ، ودخل بغداد، فتعلم صناعة الإِنشاء، وقرأ التاريخ والأدب وعلوم الدين، استوزره المقتفي سنة 544 هـ، توفي ببغداد سنة 560 هـ. من مؤلفاته: الإِفصاح عن معاني الصحاح. انظر: الروضتين 1/ 141، ووفيات الأعيان 6/ 230، ومرآة الجنان 3/ 334، وذيل طبقات الحنابلة لابن رجب 1/ 251، والنجوم الزاهرة 5/ 369، والمنهج الأحمد 2/ 286، وشذرات الذهب 4/ 191. (¬2) انظر: الإِفصاح لابن هبيرة 1/ 56، ولفظه: "استخراج الغوامض والاطلاع على أسرار الكلم". (¬3) في هامش (ب) قال بعضهم: العلم بالأحكام، وقال آخرون: معرفة الأحكام. وما قاله هنا أحسن، لأن الفقه نفس الأحكام. وفي هامش (ظ): صوابه: معرفة الأحكام. ثم جاء فيه أيضًا: المعروف من كلام الأصوليين أن الفقه شرعًا العلم بالأحكام، لا نفس الأحكام. والمصنف جعله نفس الأحكام. والظاهر أن لفظ (المعرفة) أو (العلم) سقط من غير قصد، وهو مراده؛ بدليل قوله: وهو مراد الأصحاب بقولهم: الفقه معرفة الأحكام. (¬4) في هامش (ظ): قوله: "عن أدلتها التفصيلية بالاستدلال" راجع إِلى قوله: "الأحكام الشرعية الفرعية". (¬5) نهاية 2أمن (ب).

"الفقه: معرفة الأحكام بالفعل أو القوة (¬1) القريبة". وذكر بعض أصحابنا بدل "غالبة":" كثيرة " (¬2). وخرج بالأدلة التفصيلية علم الله ورسوله؛ لأنه لم يستفد من الأدلة. وقيل (¬3): علم الله عنها؛ لأن العلم بالعلة لازم للعلم بالمعلول. رد: ليست الأدلة علة للاحكام؛ بل أمارات (¬4). وقيل (¬5): خرج بها العلم عن دليل إِجمالي (¬6)، كالخلاف (¬7) نحو: "ثبت بالمقتضي، وامتنع بالنافي"، وكأصول الفقه. ¬

_ (¬1) في (ب): "والقوة". (¬2) انظر: المسودة/ 571، وكتاب صفة الفتوى والفتي والمستفتي، لأحمد بن حمدان الحراني الحنبلي/ 14. (¬3) انظر: البلبل/ 8. (¬4) الأمارات: جمع أمارة. والأمارة لغة: العلامة. واصطلاحًا: هي التي يلزم من العلم بها الظن بوجود المدلول، كالغيم بالنسبة إِلى المطر؛ فإِنه يلزم من العلم به الظن بوجود المطر. والفرق بين الأمارة والعلامة: أن العلامة ما لا ينفك عن الشيء كوجود الألف واللام على الاسم، والأمارة تنفك عن الشيء كالغيم بالنسبة للمطر. انظر: التعريفات/ 16. (¬5) وضع فوق (قيل) في (ب) علامة تشير إِلى سقوطها في بعض النسخ. (¬6) انظر: البلبل/ 7. (¬7) فن الخلاف: علم يعرف به كيفية إِيراد الحجج الشرعية ودفع الشبه وقوادح الأدلة الخلافية، بإِيراد البراهين القطعية، وهو الجدل الذي هو قسم من أقسام المنطق، إِلا أنه خص بالمقاصد الدينية. انظر: المدخل إِلى مذهب أحمد/ 231 ومفتاح السعادة 1/ 352 - 254, 2/ 426.

وقيل (¬1): خرج علم الله ورسوله بالاستدلال. والمقلد: قيل (¬2): خرج به (¬3)، وقيل: بالأول (¬4). وذكر (¬5) جماعة (¬6): "العلم بها"، وأن الظن بها ليس فقهًا في عرف ¬

_ (¬1) انظر: البلبل / 8. (¬2) انظر المرجع السابق. (¬3) في هامش (ب): قوله: "والمقلد خرج به" بالاستبدلال, لأن علمه ليس بالاستدلال (¬4) في هامش (ب): قوله "وقيل بالأول" أي بقوله: عن أدلتها التفصيلية. وفي هامش (ظ): قوله:" "وقيل بالأول" أي قوله: "معرفة الأحكام" ووجهه: أن المقلد ليس عارفًا بالحكم، وإِنما هو مقلد في معرفته. هذا ظاهر كلامه. وبعضهم أخرجه بالعلم على قول من حده بالعلم، فقال: العلم بالأحكام. قال الأسنوي في شرحه: "لأن ما عند المقلد يسمى تقليدًا لا علمًا"، وظاهر كلام الطوفي أنه خارج بقوله "عن أدلتها"، ولا يحتاج إِلى "التفصيلية"، قال: لأن علمه بها ليس عن دليل أصلاً. (¬5) انظر: البلبل/ 7، والإِحكام للآمدي 1/ 6. وفي هامش (ظ): قوله "وذكر جماعة العلم بها" أي أبدل لفظ المعرفة بلفظ العلم، فقيل: الفقه: العلم بالأحكام. ويحتمل أنه عائد إِلى قوله: "وشرعًا: الأحكام". ولم يذكر العلم ولا المعرفة؛ بل جعل الفقه نفس الأحكام. وهذا واضح إِن ثبت أن أحدًا عرف الفقه بنفس الأحكام لكني لم أره في كلامهم، وإِنما الذي رأيته في كلام الأصحاب وغيرهم أن الفقه معرفة الأحكام المذكورة. وجماعة قالوا: العلم بالأحكام. وأما جعل الفقه نفس الأحكام، من غير ذكر المعرفة أو العلم فلم أظفر به في كلام الأشياخ. ثم ظهر لي أن المصنف لم يرد إِلا أن الجماعة عدلوا عن لفظ المعرفة إِلى لفظ العلم؛ بدليل قوله: "وأن الظن بها ليس فقهاً". وهذا يمنع الاحتمال الثاني. والله أعلم. (¬6) نهاية الصفحة المفقودة من (ح).

اللغوي (¬1) والأصولي. وقال (¬2) الآمدي (¬3) وجماعة: "أو العلم (¬4) بالعمل بها". وفيه نظر وضعف. وعليه يحذف من الحد (¬5) "عن أدلتها التفصيلية" أو "بالاستدلال"؛ لصحة الحد بدونه. (¬6) ¬

_ (¬1) علم اللغة: علم باحث عن مدلولات جواهر المفردات وهيئاتها الجزئية التي وضعت تلك الجواهر معها لتلك المدلولات بالوضع الشخصي، وعما حصل من تركيب كل جوهر جوهر، وهيئاتها الجزئية على وجه جزئي، وعن معانيها الموضوع لها بالوضع الشخصي. انظر: مفتاح السعادة 1/ 89. (¬2) في (ح): فقال. (¬3) هو: أبو الحسن علي بن أبي علي بن محمد بن سالم التغلبي، الفقيه الأصولي، الملقب سيف الدين الآمدي. ولد سنة 551 هـ بـ (آمد) وهي مدينة كبيرة في ديار بكر مجاورة لبلاد الروم، وكان في أول اشتغاله حنبلي المذهب، وانحدر إِلى بغداد، وقرأ بها على ابن المني أبي الفتح نصر بن فتيان الحنبلي، وبقي على ذلك مدة، ثم انتقل إِلى مذهب الشافعي، توفي سنة 631 هـ بدمشق، وقد ألف في أصول الفقه والدين والمنطق والحكمة والخلاف. من مؤلفاته: الإِحكام في أصول الأحكام، ومنتهى السول في علم الأصول، وأبكار الأفكار في علم الكلام. انظر: وفيات الأعيان 3/ 293، وميزان الاعتدال 2/ 259، وطبقات الشافعية للسبكي 8/ 301، ولسان الميزان 3/ 134. (¬4) انظر: الإحكام للآمدي 1/ 6. وفي هامش (ظ): فهم المصنف من كلام الآمدي أنه حد الفقه بحدين: أحدهما: العلم بالأحكام. والآخر: العلم بالعمل بالأحكام. (¬5) في هامش (ظ): أي من الحد الأخير، وهو: العلم بالعمل بها. (¬6) نهاية 2 أمن (ظ).

والأصل لغة

والأصل لغة: (¬1) ما يبنى (¬2) عليه الشيء، وقيل: ما احتاج إِليه. (¬3) وأصول الفقه: ما تبنى (¬4) عليه مسائل الفقه، وتعلم أحكامها به. ذكره القاضي وأصحابه (¬5) وغيرهم. فهي القواعد التي يتوصل بها إِلى استنباط الأحكام الشرعية الفرعية. وزيادة "عن [أو "من"] (¬6) أدلتها التفصيلية" ضائع؛ لأن المراد بالأحكام الفقهيةُ، ولا تكون (¬7) إِلا كذلك. (¬8) وذكر جماعة: العلم بالقواعد. فورد: أن منها خبر الواحد والقياس، والعلم بوجوب العمل بمقتضاه لا يدل على العلم بنفسه. أجيب: ليس كل (¬9) منهما بقاعدة، بل ما أفاده من الظن، فالظن متعلق بما أفاده، والعلم متعلق بنفسه، ويلزم -من تصويب كل مجتهد- من الظن العلم. ¬

_ (¬1) انظر: لسان العرب 13/ 16 - 17، وتاج العروس 7/ 206 (أصل). (¬2) في (ح): ما ينبني. وفي هامش (ب): قوله: "ما يبنى عليه الشيء" كأساس الحائط. (¬3) في هامش (ب): وقيل: الأصل منشأ الشيء كأصل النخلة النواة. (¬4) في (خ) و (ب): تنبني. (¬5) انظر: العدة/ 70، والواضح 1/ 2 أ. (¬6) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬7) في (ب): "ولا يكون". (¬8) في هامش (ظ): أي لا تحصل إِلا عن دليل تفصيلي. (¬9) في (ب) و (ح): كلا.

والأصولي

والأصولي: من عرفها. وفائدتها: معرفة أحكام الله تعالى. وأوجب (¬1) ابن البنا (¬2) وابن عقيل (¬3) وغيرهما تقدم معرفتها، (¬4) وأوجب القاضي (¬5) وغيره تقدم معرفة الفروع، ليتمكن (¬6) الأصولي بها. (¬7) ¬

_ (¬1) انظر: الواضح 1/ 60 ب، والمسودة/ 571، وصفة الفتوى/ 14 - 15، وشرح الكوكب المنير 1/ 47، والتحرير/ 2 ب. (¬2) هو: أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الله بن البنا البغدادي، فقيه حنبلي من رجال الحديث، ولد سنة 396 هـ، وتوفي سنة 471 هـ. من مؤلفاته: شرح مختصر الخرقي في فقه الإِمام أحمد بن حنبل، وطبقات الفقهاء، وتجريد المذاهب، وأدب العالم والمتعلم. انظر: طبقات الحنابلة 2/ 243، وذيل طبقات الحنابلة لابن رجب 1/ 32، والنجوم الزاهرة 5/ 107، والمنهج الأحمد 2/ 138. (¬3) هو: أبو الوفاء علي بن عقيل بن محمد بن عقيل البغدادي الظفري، عالم العراف وشيخ الحنابلة ببغداد في وقته، كان قوي الحجة، ولد سنة 431 هـ، وتوفي سنة 513 هـ. من مؤلفاته: كتاب الفنون، والواضح في أصول الفقه، والفصول في فقه الحنابلة، والرد على الأشاعرة وإثبات الحرف والصوت في كلام الكبير المتعال، والجدل على طريقة الفقهاء. انظر: طبقات الحنابلة 2/ 259، ومناقب الإمام أحمد لابن الجوزي / 526، وذيل طبقات الحنابلة لابن رجب 1/ 142، وغاية النهاية 1/ 556، ولسان الميزان 4/ 243، والمنهج الأحمد 2/ 215، وشذرات الذهب 4/ 35. (¬4) في هامش (ب): قوله: "تقدم معرفتها". أي الأصول. (¬5) انظر العدة 1/ 70. (¬6) في (ب) و (ح): لتمكن. (¬7) نهاية 2 ب من (ب). وفي (ح): وأوجب القاضي وغيره تقدم معرفة الفروع لتمكن الأصولي بها، وأوجب ابن البنا، وابن عقيل وغيرهما تقدم معرفتها.

وتستمد

وأصول الفقه (¬1) فرض كفاية. وقيل: فرض عين، حكاه ابن عقيل وغيره، والمراد: لاجتهاد، (¬2) وقاله بعض أصحابنا، (¬3) وهي لفظية. (¬4) وتستمد: من أصول الدين؛ (¬5) لتوقف معرفة كون الأدلة الكلية حجة على معرفة الله بصفاته، وصدق صلى الله عليه وسلم ويتوقف صدقه على دلالة المعجزة (¬6) عليه. ومن (¬7) العربية؛ لتوقف فهم ما يتعلق بأصول الفقه من الكتاب والسنة وغيرهما عليها. ومن تصور أحكام التكليف؛ لتوقف معرفة كيفية الاستنباط عليه، دون ¬

_ (¬1) انظر: صفة الفتوى/ 14، والسودة/ 571، وشرح الكوكب المنير 1/ 47، والمحصول 1/ 1/ 227، والواضح 1/ 55 ب. (¬2) في (ح): لاجتهاده. وفي شرح الكوكب المنير 1/ 47: " ... وقيل: فرض عين، قال ابن مفلح في أصوله -لما حكى هذا القول-: والمراد للاجتهاد". (¬3) في هامش (ب): الذي قاله هو أبو العباس تقي الدين بن تيمية. (¬4) في هامش (ب): قوله: "وهي لفظية" أي الأقوال في أنها هل هي فرض كفاية أو فرض عين؟. (¬5) نهاية 3 من (ح). (¬6) المعجزة: أمر خارق للعادة داعية إِلى الخير والسعادة مقرونة بدعوى النبوة، قصد به إِظهار صدق من ادعى أنه رسول من الله. انظر التعريفات/ 96. (¬7) في (ظ): "من" بدون الواو.

إِثبات الأحكام في آحاد المسائل؛ فإِنه من الفقه، وهو (¬1) يتوقف على الأصول فيدور (¬2). ¬

_ (¬1) في هامش (ظ): أي الفقه. (¬2) الدور: توقف الشيء على ما يتوقف عليه، ويسمى الدور المصرح، كما يتوقف أعلى ب وبالعكس، أو بمراتب، ويسمى الدور المضمر كما يتوقف أعلى ب، وب على ج، وج على أ. والفرق بين الدور وبين تعريف الشيء بنفسه: هو أن في الدور يلزم تقدمه عليها بمرتبتين إِن كان صريحًا، وفي تعريف الشيء بنفسه يلزم تقدمه على نفسه بمرتبة واحدة. انظر التعريفات/ 47.

الدليل

الدليل: لغة: (¬1) المرشد إِلى مطلوب، والمرشد: الناصب للدليل، والذاكر له، وما به الإِرشاد. وشرعاً: (¬2) ما يمكن التوصل بصحيح النظر فيه إِلى مطلوب خبري، عند أصحابنا وغيرهم، واحتجوا بان أهل العربية لم يفرقوا. (¬3) قال أحمد: "الدال: الله تعالى، والدليل: القرآن، والمبين: الرسول صلى الله عليه وسلم والمستدل: أولو العلم، هذه قواعد الإِسلام (¬4) ". واحتج به أبو محمد البغدادي (¬5) على أن الدليل -حقيقة- قول الله. ¬

_ (¬1) انظر: لسان العرب 13/ 264 - 265، وتاج العروس 2/ 331 (دلل). (¬2) انظر: الإحكام للآمدي 1/ 9، واللمع/ 3، والحدود/ 39، والإنصاف للباقلاني/ 15، وشرح العبادي على شرح الورقات / 47، وشرح العضد 1/ 36، والتعريفات / 46، وشرح الكوكب المنير 1/ 51، والتحرير للمرداوي/ 2 ب، والتمهيد/ 10أ، والعدة/ 131، والواضح 1/ 8 أ، وشرح المحلي على جمع الجوامع 1/ 125، والمحصول 1/ 1/ 106، وإرشاد الفحول/ 5، وفتح الرحمن/ 33، والمسودة/ 573، والمعتمد للبصري/ 10. (¬3) أي: لم يفرقوا بين ما يوجب العلم، وما يوجب غلبة الظن، فسموا كل واحد منهما دليلاً. (¬4) انظر العدة/ 134 - 135. (¬5) ويلقب ب (الفخر إِسماعيل)، وقد ذكر المصنف هذا اللقب في مواضع من هذا الكتاب، وهو: إِسماعيل بن علي بن حسين البغدادي الأزجي المأموني، الفقيه=

وقيل: (¬1) يزاد في الحد "إِلى العلم بالمطلوب". فيخرج ما أفاد الظن؛ فإِنه أمارة، وجزم به (¬2) في الواضح (¬3)، وذكره الآمدي قول الأصوليين، وأن الأول قول الفقهاء. (¬4) قيل: قولان (¬5) عنهما قول آخر، وقيل: يستلزم لنفسه، فتخرج ¬

_ =الأصولي المناظر المتكلم، ويلقب بفخر الدين، ويعرف بابن الوفاء، وبابن الماشطة، واشتهر تعريفه بغلام ابن المنّي، ولد سنة 549 هـ، وسمع الحديث من شيخه أبي الفتح أبن المنّي وغيره، وقرأ عليه الفقه والخلاف أيضاً، وصار فريد زمانه في علم الفقه والخلاف والأصلين، والنظر والجدل. توفي سنة 610 هـ. من مؤلفاته: التعليقة المشهورة، والمفردات، وجنة الناظر وجنة المناظر في الجدل. انظر: ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب 2/ 66، والنجوم الزاهرة 6/ 102، وشذرات الذهب 5/ 40. (¬1) انظر: العدة/ 131، والتمهيد/ 10 أ. (¬2) انظر: الواضح 1/ 8أ، 13 ب. (¬3) الواضح: كتاب في أصول الفقه -في ثلاثة مجلدات مخطوطة- لأبي الوفاء علي بن عقيل البغدادي الحنبلي المتوفى سنة 513 هـ. يوجد منه مجلدان في دار الكتب الظاهرية بدمشق، برقم 2872، 2873. قام بتحقيق جزء منه الشيخ موسى القرني ثم قام الشيخ عطاء الله فيض الله بتحقيق جزء، ثم الشيخ عبد الرحمن السديس، ونال كل منهم بذلك درجة الدكتوراه من كلية الشريعة بجامعة أم القرى. (¬4) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 9. (¬5) وهو قول المنطقيين. وفي هامش (ظ): القول، هو: القضية، وهو أيضًا المقدمة، وهو التصديق.=

الأمارة، وقياس (¬1) المساواة، نحو: أمساو ب، وب مساو لـ ج، فيلزم: أمساو لـ ج، بواسطة مقدمة أجنبية، وهو (¬2): كل ما هو مساو لـ ب مساو لـ ج. وقيل: المراد بالقول تصور المعنى. ¬

_ =قال ابن الحاجب: ويسمى كل تصديق قضية، ويسمى في البرهان مقدمات. قال الأصفهاني: التصديق -أعني المركب الذي يحتمل الصدق والكذب- يسمى قضية، ويرادفها القول الجازم والخبر، وتسمى القضايا التي هي أجزاء القياس -أي البرهان- مقدمات؛ لأن المقدمة قضية جعلت جزء قياس، فقولك: "الوضوء عبادة" قول، وقولك: "وكل عبادة من شرطها النية" قول آخر، فهذان قولان، وهما دليل على اشتراط النية للوضوء. وفي هامش (ظ) أيضًا: قوله: "وقيل: قولان عنهما قول آخر"، كذا هو في نسخ هذا الأصل، وقال ابن الحاجب: "وقيل قولان فصاعداً يكون عنه قول آخر"، فزاد "فصاعداً"، وهكذا قاله القاضي علاء الدين في أصوله، قال الأصفهاني: وقوله "فصاعدًا" يتناول القياس البسيط والمركب. (¬1) القياس قول مؤلف من قضايا إِذا سلمت لزم عنها لذاتها قول آخر، كقولنا: "العالم متغير، وكل متغير حادث"، فإِنه قول مركب من قضيتين، إذا سلمتا لزم عنهما لذاتهما: العالم حادث. هذا عند المنطقيين ... وقياس المساواة، هو: الذي يكون متعلق محمول صغراه موضوعًا في الكبرى؛ فإِن استلزامه لا بالذات بل بواسطة مقدمة أجنبية، حيث تصدق يتحقق الاستلزام، كما في قولنا: "أمساو لـ ب، وب مساو لـ ج، ف أمساو لـ ج"؛ إِذ المساوي للمساوي للشيء مساو لذلك الشيء، وحيث لا تصدق لا يتحقق، كما في قولنا: "أنصف لـ ب، وب نصف لـ ج، فلا يصدق: أنصف لـ ج"؛ لأن نصف النصف ليس بنصف بل ربع. انظر: التعريفات للجرجاني/ 78 - 79. (¬2) كذا في النسخ. ولعلها: وهي.

ويخرج على الجميع المطلوب التصوري -وهو الحد- والقضايا (¬1) المرتبة ترتيبًا صحيحًا على الأول، لا الثالث. وذكر ابن عقيل (¬2): ما أفاد الظن أمارة اصطلاحاً، قال في الواضح: (¬3) قولنا: "إِنه طريق للظن، أو موصل، (¬4) أو مؤد إِليه" مجاز، أي يقع الظن عنده مبتدأ، (¬5) لا أنه طريق، كالنظر في الدليل الذي هو طريق للعمل بمدلوله (¬6). قال بعض أصحابنا: (¬7) "موافق لمن صوب كل مجتهد، وأن الظنيات ليست في نفسها على صفات توجب الظن كالعلميات، والجمهور خلافه، وهي مسألة اعتقاد الرجحان، ورجحان الاعتقاد"، وأبطله في الروضة (¬8) وغيرها بكثير من العقليات. (¬9) ¬

_ (¬1) في هامش ب: القضايا جمع قضية، وهو: ما يحتمل الصدق والكذب. (¬2) انظر: الواضح 1/ 13 ب، والمسودة/ 506. (¬3) انظر: الواضح 1/ 13 ب. (¬4) نهاية 2 ب من (ظ). (¬5) في (ح): "مبدا". (¬6) نهاية 3 أمن (ب). (¬7) انظر: المسودة/ 506. (¬8) الروضة: كتاب في أصول الفقه لموفق الدين أبي محمد عبد الله بن أحمد بن محمد ابن قدامة القدسي، المتوفى سنة 620 هـ. طبع الكتاب عدة مرات. (¬9) في هامش (ظ): قال في الروضة -في آخر مسألة: (الحق في قول واحد). قبل فصل (إِذا تعارض عند المجتهد دليلان) بأسطر-: قولهم: إِن الأدلة الظنية ليست أدلة=

المستدل

وفي العدة والواضح والتمهيد (¬1): المستدل: الطالب للدليل، يقع على السائل والمسؤول. قال القاضي: (¬2) " والاستدلال: طلب الدليل"، زاد ابن عقيل: (¬3) "فهو: استخراج لمعنى بسؤال عنه، أو بإِظهار ما يقتضيه". ودلالة - بفتح الدال وكسرها-: فعل الدليل، لانها مصدر "دل". والمستدل عليه: الحكم. والمستدل له: الخصم، وقيل: الحكم. والنظر - هنا- (¬4): الفكر والتأمل لمعرفة مطلوب من تصور وتصديق. (¬5) ¬

_ =لأعيانها، بدليل اختلاف الإضافات. قلنا: هذا باطل، فإِنا قد بينا أن في كل مسألة دليلاً، وذكرنا وجه دلالته، ولو لم يكن فيها دليل لاستوى المجتهد والعامي، ولجاز للعامي الحكم بظنه لمساواته المجتهد في عدم الدليل، وهل الفرق بينهما إِلا معرفة الأدلة، ونظره في صحيحها وسقيمها؟. ونبوة بعض الطباع عن قبول الدليل لا يخرجه عن دلالته؛ فإِن كثيرًا من العقليات يختلف فيها الناس، مع اعتقادهم أنها قاطعة. وجوابه هذا عن قولهم: الظنيات لا دليل فيها؛ فإِن الأمارات الظنية ليست أدلة لأعيانها، بل تختلف بالإِضافات من دليل يفيد الظن لزيد ولا يفيده عمراً، مع إِحاطته به، ومما يفيد الظن لشخص واحد في حالة دون حالة، بل قد يقوم في حق شخص واحد دليلان متعارضان. ولا يتصور في القطعية تعارض. وهذا الكلام مذكور في أول المسألة في الروضة. وانظر: الروضة/ 361، 372. (¬1) انظر: العدة/ 132، والواضح 1/ 104أ، والتمهيد/ 10 ب. (¬2) انظر: العدة/ 132. (¬3) انظر: الواضح 1/ 102 ب، 104 أ-ب. (¬4) في هامش (ظ): أي ليس المراد -هنا- النظر بالبصر. (¬5) نهاية 4 من (ح).

والعلم

والعلم يحد عند أصحابنا (وع ر). (¬1) فقال في العدة والتمهيد: (¬2) "معرفة المعلوم (¬3) (¬4) -وقاله (¬5) ابن الباقلاني (¬6) - وَزَيَّفا ثمانية حدود (¬7)، كذا قالا، والشيء متى عرف بما يعرف هو به: بقي كل منهما مجهولا، مع أن المعرفة اسم لعلم مستحدث، أو هي انكشاف شيء بعد لبس. ¬

_ (¬1) انظر: فتح الرحمن/ 41، وشرح الكوكب المنير 1/ 60، والإِحكام للآمدي 1/ 11، والمستصفى 1/ 24، والمحصول 1/ 1 / 102، وشرح المحلي على جمع الجوامع 1/ 156، والتحرير للمرداوي/ 2 ب، والتمهيد/ 6 ب، والعدة/ 76، والواضح 1/ 2 ب، وشرح العضد 1/ 46، وإرشاد الفحول/ 3، والمعتمد للبصري/ 10، وشرح العبادي على شرح الورقات/ 34، واللمع/ 2، والمسودة/ 575، والحدود/ 24، والتعريفات/ 67، ومفردات الراغب/ 348، والبرهان للجويني/ 115. (¬2) انظر: العدة/ 76 - 77، والتمهيد/ 6 ب. (¬3) في هامش (ب) وقال بعضهم: معرفة المعلوم على ما هو عليه، وقال آخرون: معرفة المعلوم صحيحًا. (¬4) في (ح) -هنا-: "كذا قالا". وهذه الجملة ستأتي في السطر اللاحق. فقد تكرر ذكرها في (ح) متقدمًا. (¬5) انظر: التمهيد للباقلاني/ 6، وفيه "فإِن قال قائل: ما حد العلم عندكم؟. قلنا: إِنه معرفة المعلوم على ما هو به". وانظر: الإِنصاف للباقلاني أيضًا/ 13. (¬6) هو: أبو بكر محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر، قاض من كبار علماء الكلام، انتهت إِليه الرئاسة في مذهب الأشاعرة، ولد في البصرة سنة 338 هـ، وتوفي فيها سنة 403 هـ، كان جيد الاستنباط، سريع الجواب. من مؤلفاته: التقريب والإِرشاد في أصول الفقه، وإعجاز القرآن، والإِنصاف، ومناقب الأئمة، وتمهيد الدلائل، والبيان عن الفرق بين المعجزة والكرامة. انظر: تاريخ بغداد 5/ 379، وتبيين كذب المفتري/ 217، ووفيات الأعيان 4/ 269، والوافي بالوفيات 3/ 177، وتاريخ قضاة الأندلس/ 37، والديباج المذهب/ 267. (¬7) انظر: العدة / 77، وما بعدها، والتمهيد 6/ ب وما بعدها.

ولا يوصف (¬1) الله تعالى بأنه عارف، ذكره بعضهم إِجماعًا، ووصفه الكرامية (¬2)؛ لاتحاد العلم والمعرفة. (¬3) ¬

_ (¬1) انظر: إِرشاد الفحول/ 4، وشرح الكوكب المنير 1/ 65. (¬2) الكرامية هم: أصحاب أبي عبد الله محمد بن كرام، من المثبتين للصفات، إِلا أن إِثباتهم ينتهي إِلى التجسيم والتشبيه، ولذلك عدت الكرامية من المشبهة، قال ابن كرام: إِن الله تعالى مستو على العرش، مماس له من الصفحة العليا، واختلفت الكرامية في تفسير الاستواء اختلافات كثيرة. واتفقوا على جواز حلول الحوادث بذاته تعالى، وزعموا أنه إِنما يقدر على الحوادث الحادثة في ذاته، دون الخارجة عن ذاته. وجوزوا وجود إِمامين في عصر واحد، وحكموا بأن علياً ومعاوية كانا إِمامين في عصر واحد، غير أن إِمامة علي على وفق السنة، وإِمامة معاوية على خلاف السنة، ومع ذلك أوجبوا طاعة رعيته له. وزعموا أن الإِيمان هو الإِقرار الذي وجد في الذر، حين قال تعالى: (ألست بربكم قالوا بلى ... الآية) الأعراف - آية 172. فقولهم حال كونهم ذرا هو الإِيمان، وأن ذلك الإِيمان باق في جميع الخلائق على السوية غير المرتدين، وأن إِيمان المنافقين مع كفرهم كإِيمان الأنبياء، لاستواء الجميع في ذلك، وأن الإِتيان بالشهادتين ليس بإِيمان، إِلا إِذا أتى بهما بعد الردة. انظر: الفرق بين الفرق/ 215، والملل والنحل 1/ 159، والفرق الإِسلامية/ 93. (¬3) في هامش (ب) و (ظ): قال القرطبي في تفسيره عند قوله تعالى: (ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت ... الآية) معناه: عرفتم أعيانهم. وقيل: علمتم أحكامهم. والفرق بينهما: أن المعرفة متوجهة إِلى ذات المسمى، والعلم متوجه إِلى أحوال السمى، فإِذا قلت: "عرفت زيدًا" فالمراد شخصه، وإذا قلت: "علمت زيدًا"=

والأولى

والأولى - ما أراده بعض أصحابنا-: صفة توجب للمتصف بها أن يميز تمييزًا لا يحتمل النقيض. قيل: فلا يدخل إِدراك الحواس؛ فإِنها تميز بين المحَسَّات -وفي لغة قليلة: المحسوسات- الجزئية، لا الأمور الكلية، والتصديق متعلق بالنسبة. وذكر الآمدي (¬1) ومن تبعه أنه يدخل إِدراك الحواس (ور) إِلا أن يزاد عليه: "في المعاني الكلية"، وفيه نظر؛ لأن المراد بالعلم المعنى الأخص الذي هو قسم من التصديق؛ وإلا لورد ما يحتمل النقيض، كالظن والتصورات الساذجة؛ فإِنه لا يعتبر فيها مطابقة. وقد قيل: الحد لا ينعكس؛ لأن العلوم العادية تستلزم جواز النقيض عقلاً. ورد: بإِمكانه لذاته، وامتناعه خارجًا لغيره عادة، وقيل: ليست (¬2) علمًا. وزيف ابن عقيل حدوده (¬3)، وكذا قال أبو المعالي: (¬4) "لا يحد ¬

_ =فالمراد به العلم بأحواله: من فضل، ونقص، فعلى الأول يتعدى الفعل إِلى مفعول واحد، وهو قول سيبويه: علمتم بمعنى عرفتم، وعلى الثاني إِلى مفعولين، وحكى الأخفش: ولقد علمت زيدًا، ولم أكن أعلمه، وفي التنزيل: (لا تعلمونهم الله يعلمهم ... الآية) كل هذا بمعنى المعرفة. (¬1) انظر: الإِحكام 1/ 11. (¬2) في هامش (ظ): أي العلوم العادية. (¬3) انظر: الواضح 1/ 2 ب- 3 ب. (¬4) هو عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن عبد الله الجويني، إِمام الحرمين، أصولي، متكلم على مذهب الأشاعرة، فقيه شافعي، ولد في (جوين) من نواحي نيسابور سنة 419 هـ، ورحل إِلى بغداد فمكة، وذهب إِلى المدينة، ثم عاد إِلى نيسابور.=

لعسره" (¬1) -لكن مراده بحد حقيقي- (¬2)، وقال: "يميز ببحث (¬3) وتقسيم (¬4) ومثال" (¬5)، كقول ¬

_ =توفي سنة 478 هـ. من مؤلفاته: الشامل في أصول الدين على مذهب الأشاعرة، والإِرشاد في أصول الدين، وغياث الأمم، والعقيدة النظامية في الأركان الإِسلامية، والبرهان، والورقات، وكلاهما في أصول الفقه. انظر: تبيين كذب المفتري/ 278، ووفيات الأعيان 3/ 167، وطبقات الشافعية للسبكي 5/ 165، ومفتاح السعادة 1/ 44، 2/ 188. (¬1) انظر: البرهان للجويني 1/ 115. (¬2) نهاية 3 ب من (ب). (¬3) قال أبو المعالي: "الرأي السديد عندنا أن نتوصل إِلى درك حقيقة العلم بمباحثة نبغي بها ميز مطلوبنا مما ليس منه، فإِذا انتفضت الحواشي، وضاق موضع النظر حاولنا مصادفة المقصد جهدنا ... ". انظر: البرهان/ 119 - 120. (¬4) التقسيم هو: تمييز الشيء عما يلتبس به. انظر: المستصفى 1/ 25. (¬5) المثال: كأن يقال: العلم إِدراك البصيرة المشابه لإدراك الباصرة، أو يقال: هو كاعتقادنا أن الواحد نصف الاثنين. انظر: المستصفى 1/ 26. وفي هامش (ب) و (ظ) على قوله: "يميز ببحث وتقسيم": وذلك مثل أن يقول: ليس بشك، ولا ظن؛ لانتفاء الجزم عنهما دون العلم، ولا بجهل؛ لكونه غير مطابق لما في نفس الأمر، والعلم مطابق له، ولا باعتقاد المقلد المصيب؛ لكونه غير ثابت لتغيره بالتشكيك، بخلاف العلم. وبعد هذا التمييز يكون -وفي هامش (ظ): يكاد يكون- العلم مرتسمًا في النفس، فإِن ساعدت عبارة صحيحة عرف بها، وإن لم تساعد اكتفي بدركه، ولم يضر تقاعد العبارات؛ إِذ ليس كل من يدرك شيئًا تنتظم له عبارة=

الغزالي (¬1)، وقال صاحب (¬2) ¬

_ =تعرفه إِياه، فلو فرضنا رفض اللغات، ودروس العبارات لاستقلت العقول بدرك المعقولات، قال الآمدي: "قولهما: (طريق معرفته القسمة) " غير سديد، لأنها إِن لم تكن مفيدة لتمييزه عما سواه فليست معرفة له، وإن كانت مميزة له عما سواه فلا معنى للتحديد بالرسم سوى هذا، وهما قد نفياه عنه". وهذا غير سديد؛ لأن ما نفياه عنه هو التعريف الحقيقي، غير ما ألزمهما به، وهو التعريف الرسمي، هذا مقارب لما ذكره العلامة في شرحه. وانظر: المستصفى 1/ 25، والمنخول 40/. (¬1) هو: أبو حامد محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الغزالي الطوسي الشافعي، الأصولي الفيلسوف الفقيه المتكلم الأشعري، ولد بالطابران (قصبة طوس بخراسان) سنة 450 هـ، ورحل إِلى نيسابور ثم بغداد فالحجاز فالشام فمصر، وعاد إِلى بلدته الطابران، فتوفي بها سنة 505 هـ. من مؤلفاته: إِحياء علوم الدين، وتهافت الفلاسفة، والوقف والابتداء في التفسير، والمستصفى، والمنخول، وشفاء الغليل -وهذه الثلاثة الأخيرة في أصول الفقه- والبسيط في الفقه، والوجيز في فروع الشافعية. والغزالي: قيل: بتشديد الزاي نسبة إِلى صناعة الغزل، وقيل: بتخفيفها نسبة إِلى (غزالة) من قرى طوس. انظر: تبيين كذب المفتري/ 291، واللباب في تهذيب الأنساب 2/ 379. ووفيات الأعيان 4/ 216، والوافي بالوفيات 1/ 274، وطبقات الشافعية للسبكي 6/ 191، ومفتاح السعادة 2/ 191، وشذرات الذهب 4/ 10. (¬2) هو: أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسين بن الحسن التيمي البكري الرازي، فخر الدين، الإِمام المفسر الفقيه الشافعي، ولد في الري سنة 544 هـ، ونسبته إِليها، ويقال له: ابن خطيب الري، رحل إِلى خوارزم وما وراء النهر وخراسان، وتوفي في هراة سنة 606هـ.

أحدهما

المحصول: (¬1) لأنه ضروري (¬2) من وجهين: أحدهما: لو لم يكن: امتنع تصوره؛ لأن غيره لا يعلم إِلا به، فلو علم العلم بغيره: كان دوراً. ورد: [بأنه] (¬3) لا دور، وجهة التوقف مختلفة؛ فتصور غير العلم يقف على حصول العلم بغيره، وحصول العلم لا يقف على العلم بغيره، بل تصور العلم على تصور غيره. ورده الآمدي (¬4): بأن توقف غيرالعلم [على العلم] (¬5) من جهة كونه إِدراكًا له، وتوقف العلم على غيره؛ لأن العلم مميز له. ¬

_ =من مؤلفاته: مفاتيح الغيب في التفسير، ولوامع البينات في شرح أسماء الله تعالى والصفات، ومعالم أصول الدين، والمحصول في علم أصول الفقه، ولباب الإِشارات. انظر: ذيل الروضتين/ 68، ووفيات الأعيان 4/ 248، وتاريخ ابن الوردي 2/ 127، وطبقات الشافعية للسبكي 8/ 81، والبداية والنهاية 13/ 55، ولسان الميزان 4/ 426، ومفتاح السعادة 1/ 445. (¬1) وهو: كتاب المحصول في علم أصول الفقه، كتاب قيم نافع حققه الدكتور/ طه بن جابر العلواني، وطبع في ستة مجلدات. (¬2) انظر: المحصول 1/ 1/ 102، والمحصل/ 69، والمباحث المشرقية 1/ 331 - 332، وشرح العضد 1/ 48، والإِحكام للآمدي 1/ 11. (¬3) ما بين المعقوفتين زيادة من (ح). (¬4) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 11. (¬5) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ظ)، (ب).

وعرف جماعة (¬1) "غير" بـ "اللام" (¬2) والمعروف لزوم إِضافتها، وكذا الأشهر في "كل" و "بعض" (¬3)، ذكره (¬4) أبو البقاء (¬5) في: (كل (¬6) له قانتون). (¬7) ¬

_ (¬1) انظر: المرجع السابق. (¬2) نهاية 5 من (ح). (¬3) انظر: في مسألة دخول "ال" على هذه الألفاظ الثلاثة-: كتاب سيبويه 1/ 377، 2/ 135، والمقتضب للمبرد 1/ 44، 3/ 243، وعبث الوليد لأبي العلاء المعري/ 430 - 431. (¬4) انظر: كتاب إِملاء ما من به الرحمن 1/ 59 - 60. (¬5) هو: عبد الله بن أبي عبد الله الحسين بن أبي البقاء عبد الله بن الحسين، العكبري الأصل، البغدادي المولد والدار، الفقيه الحنبلي، الحاسب الفرضي، النحوي الضرير، الملقب "محب الدين"، والعكبري: نسبة إِلى (عكبرا)، وهي بليدة على دجلة فوق بغداد بعشرة فراسخ، خرج منها جماعة من العلماء، ولد أبو البقاء سنة 538 هـ، وتوفي سنة 616 هـ. من مؤلفاته: إِعراب القرآن، وإِعراب الحديث، واللباب في علل النحو، وشرح ديوان المتنبي، وشرح المفصل للزمخشري. انظر: ذيل الروضتين/ 119، ووفيات الأعيان 3/ 100، وتاريخ ابن الوردي 2/ 138، ونكت الهميان / 178، وذيل طبقات الحنابلة لابن رجب 2/ 109، وبغية الوعاة/ 281. (¬6) في النسخ الثلاث: وكل. (¬7) سورة البقرة: آية 116.

الثاني

الثاني: أن كل أحد يعلم وجوده ضرورة -وهو علم خاص- فالمطلق أولى (¬1)؛ لأنه أحد تصورات هذا التصديق. ورده الآمدي (¬2): بأنه مبني على أن تصورات القضية الضرورية ضرورية، ولا كذلك؛ لأن القضية الضرورية يصدق العقل بها بعد تصور مفرداتها، ضرورية كانت تصوراتها أو نظرية. ورده غيره: بأنه لا يلزم من حصول العلم تصوره حال حصوله ولا قبيله. وقال بعضهم: لو كان ضروريًا لكان بسيطًا؛ لأن الضروري: ما لا يتوقف تصوره على تصور غيره، لانتفاء التركيب في متعلقه كالوجود؛ وإِلا لتوقف تصوره على تصور جزئه، وهو غيره، ولو كان بسيطًا لكان (¬3) كل معنى علماً؛ وإِلا كان المعنى أعم منه، فيتركب العلم من المعنى المشترك ومن أمر اختص به، والفرض: أنه بسيط. ورد: بأنه لا يلزم تركيبه، لجواز كون المعنى عرضًا عامًا للعلم، وبأنه يلزم ألا يتوقف تصور البسيط على تصور متقدم عليه، وفيه نظر؛ لجواز توقف تصور البسيط على تصور (¬4) لازم خارج عن حقيقته. وبأن الضروري -عند الجمهور-: ما لا يتوقف حصوله على طلب وفكر، فيجوز تركيبه، لجواز كون أجزائه ضرورية، وتصوره موقوف على ¬

_ (¬1) نهاية 3 أمن (ظ). (¬2) انظر: الإِحكام 1/ 11. (¬3) في (ح): كان. (¬4) في (ظ): على تصور لأنه خارج.

وعلم الله

تصورها، وهي غيره، والتصور المطلوب بخلاف (¬1) التصور الضروري، لأن تصور الشيء قد يكون ضعيفًا، فتطلب حقيقته ليتميز عن غيره. * * * وعلم الله (¬2) تعالى قديم (و)، ليس (¬3) ضروريًا (¬4)، ولا نظرياً (و) وعلم المخلوق (¬5) محدث (و): ضروري، ونظري (و). فالضروري: ما علم من غير نظر، والمطلوب: بخلافه، ذكره في العدة (¬6) والتمهيد. (¬7) وعند الجمهور: الضروري: ما لا يتقدمه تصديق يتوقف عليه، وإِن كان طرفاه أو أحدهما بالكسب، والمطلوب: بخلافه، أي: يطلب بالدليل. ¬

_ (¬1) نهاية 4 أمن (ب). (¬2) انظر: اللمع/ 2، والتحرير للمرداوي/ 2 ب. (¬3) في (ظ): وليس. (¬4) نهاية 6 من (ح). (¬5) انظر: اللمع/ 2، وفتح الرحمن / 42، والحدود/ 25، وشرح الكوكب المنير 1/ 66. (¬6) جاء في العدة/ 80 - 82: " ... فأما الضروري فحده: كل علم محدث، لا يجوز ورود الشك عليه، ويلزم نفس المخلوق، أو ما لا يمكنه معه الخروج عنه والانفصال منه ... وأما المكتسب فحده: كل علم يجوز ورود الشك عليه، وقد قيل: ما وقع عن نظر واستدلال ... ". (¬7) انظر: التمهيد/ 8 أ.

وأورد هنا: ما سبق في التصور المطلوب. وأجيب: بأنه يتصور النسبة، ولا يلزم من تصور شيء حصوله؛ وإلا لزم من تصور (¬1) نفيٍ وإِثباتٍ اجتماعُ النقيضين؛ لأن تصور النفي فرع تصور الإِيجاب، وإِضافة النفي إِليه؛ لأنه لا تميُّز ولا اختصاص للنفي المطلق. وعن أبي العالي: "والمرتضى: العلوم كلها ضرورية". (¬2) * * * وقد قسم المنطقيون (¬3) العلم إِلى: (¬4) علم بمفرد، يسمى تصورًا، (¬5) كالعلم بمعنى الإِنسان والكاتب، وعلم بنسبة، يسمى تصديقًا، وهي: إِسناد شيء إِلى شيء بالنفي أو الإِثبات، بمعنى إِيقاعها أو انتزاعها، وهو الحكم، كالحكم بأن الإِنسان كاتب، أو لا، وأما بمعنى حصول صورة النسبة في العقل فإِنه من التصور. ولم يذكر أصحابنا هذا التقسيم، واعترض بعض أصحابنا وغيرهم ¬

_ (¬1) في (ب): تصوم. (¬2) انظر: البرهان لأبي المعالي الجويني/ 126. (¬3) في مفتاح السعادة 1/ 243: علم المنطق: علم يتعرف منه كيفية اكتساب المجهولات التصورية أو التصديقية من معلوماتها. وفي كشاف اصطلاحات الفنون 1/ 46: هو علم بقوانين تفيد معرفة طرق الانتقال من المعلومات إِلى المجهولات وشرائطها، بحيث لا يعرض الغلط في الفكر. (¬4) انظر: إِيضاح المبهم/ 6 - 7. (¬5) في التعريفات/ 26: التصور: إِدراك الماهية من غير أن يحكم عليها بنفي أو إِثبات.

والذكر الحكمي

عليه: بأن العلم من مقولة "أن ينفعل"، والحكم -وهو الإِيقاع أو الانتزاع- من مقولة "أن يفعل"، فكيف يصح تقسيم العلم إِلى التصور وإِلى (¬1) التصديق؟. وأجيب: لا محيص عنه إِلا بتقسيمه إِلى التصور الساذج، وإِلى التصور مع التصديق، كما فعله (¬2) في الإِشارات (¬3)، أو المراد بالعلم أعم من الإِدراك، وهو الأمر المشترك بين الإِدراك والهيئة اللاحقة به المحتملة للصدق والكذب، (¬4) وهو المعنى الذهني المقيد بعدم غيرهما، فيصح تقسيمه (¬5) إِلى الإِدراك (¬6) الذي هو (¬7) التصور، وإِلى الهيئة المذكورة التي هي التصديق كذا قيل، وفيه نظر. (¬8) * * * والذكر الحكمي: هو الكلام الخبري، تخيّله، أو لفظ به. وما عنه الذكر الحكمي -وهو مفهوم الكلام الخبري-: إما أن يحتمل ¬

_ (¬1) في (ظ): أو إِلى التصديق. (¬2) انظر: الإِشارات والتنبيهات 1/ 182. (¬3) هو كتاب: الإشارات والتنبيهات في المنطق والحكمة للشيخ الرئيس أبي علي الحسين ابن عبد الله، الشهير بـ (ابن سيناء)، المتوفى سنة 428 هـ. والكتاب مطبوع. (¬4) نهاية 3 ب من (ظ). (¬5) نهاية 4 ب من (ب). (¬6) نهاية 7 من (ح). (¬7) في (ب) و (ظ): هي. (¬8) في (ح) -هنا-: "وعن أبي المعالي: والمرتضى العلوم كلها ضرورية" وهذا الكلام قد ذكر في الصفحة السابقة. فمجيئه هنا تكرار.

متعلقه -وهو النسبة الواقعة بين طرفي الخبر في الذهن؛ فإِن الحكم وهو التصديق، يتعلق بها- النقيض بوجه، أوْ لا، والثاني: العلم، والأول: إِما أن يحتمله عند الذاكر لو قدّره، أوْ لا، والثاني: الاعتقاد، فإِن طابق فصحيح، وإلا ففاسد، والأول: إِما أن يحتمل النقيض وهو راجح، أوْ لا، فالراجح: الظن، والمرجوح: الوهم، والمساوي: الشك. (¬1) فيقال في حد كل منها: ما عنه ذكر حكمي، ثم يذكر ما امتاز به: من احتمال النقيض، وعدمه. ولم يجعل الحكم مورد القسمة، لئلا يخرج الوهم والشك عنها عند من يمنع مقارنتها (¬2) للحكم. والحكم غير المطابق: جهل مركب، والبسيط: عدم معرفة الممكن بالفعل لا بالقوة. (¬3) * * * العقل: بعض العلوم الضرورية، عند أصحابنا والجمهور. ¬

_ (¬1) في هامش (ب): اليقين هو: الاعتقاد الجازم، والظن: رجحان أحد النقيضين، والوهم: المرجوح منهما، والشك: المستوى بينهما. (¬2) كذا في النسخ الثلاث. ولعل الصواب: مقارنتهما، أي: الوهم والشك. وانظر: شرح الكوكب المنير 1/ 73. (¬3) جاء في التعريفات للجرجاني / 36: الجهل: اعتقاد الشيء على خلاف ما هو عليه، والجهل البسيط: عدم العلم عما من شأنه أن يكون عالماً، والجهل المركب: عبارة عن اعتقاد جازم غير مطابق للواقع.

قال أحمد: "العقل غريزة"، (¬1) قال القاضي (¬2): "يعني: غير مكتسب"، وقال أبو محمد البربهاري (¬3) من أصحابنا: "ليس بجوهر (¬4)، ولا ¬

_ (¬1) جاء في العدة 85/ - 86: "وقال أحمد فيما رواه أبو الحسن التميمي في كتاب العقل عن محمد بن أحمد بن مخزوم عن إبراهيم الحربي عن أحمد أنه قال: العقل غريزة، والحكمة فطنة، والعلم سماع، والرغبة في الدنيا هوى، والزهد فيها عفاف. قال الدكتور/ أحمد بن سير المباركي في تعليقه على العدة: "كيف تصح نسبة هذا النقل إلى الإِمام أحمد، مع أن في سنده -كما ترى- أبا الحسن التميمي، وهو وضاع، ومحمد بن أحمد بن مخزوم، وهو كذاب، ومن لا يتورع عن الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يتورع عن الكذب على غيره". انظر: العدة 86/ - الهامش. (¬2) قال القاضي في العدة/ 86: ومعنى قوله: "غريزة": أنه خلق الله ابتداء، وليس باكتساب للعبد، خلافًا لما حكي عن بعض الفلاسفة أنه اكتساب. (¬3) هو الحسن بن علي بن خلف البربهاري، شيخ الحنابلة في وقته، من أهل بغداد، ولد سنة 233 هـ، وتوفي سنة 329 هـ، كان شديد الإِنكار على أهل البدع بيده ولسانه. من مؤلفاته: شرح كتاب السنة. والبربهاري: نسبة إلى البربهار، وهي أدوية كانت تجلب من الهند، ويقال لجالبها: البربهاري. انظر: طبقات الحنابلة 2/ 18، ومناقب أحمد لابن الجوزي/ 512، والمنتظم 6/ 323، والمنهج الأحمد 2/ 21، وشذرات الذهب 2/ 319. (¬4) في التعريفات/ 35: الجوهر: ماهية إِذا وجدت في الأعيان كانت لا في موضوع ... وفي كشاف اصطلاحات الفنون 1/ 302: والجوهر عند المتكلمين هو الحادث المتحيز بالذات، والمتحيز بالذات هو القابل للإشارة الحسية بالذات بأنه هنا أو هناك. ويقابله العرض.

عرض، (¬1) ولا اكتساب، وإِنما هو فضل من (¬2) الله". (¬3) قال بعض أصحابنا: هذا يقتضي أنه القوة المدركة، كما دل عليه كلام أحمد، ليس هو نفس الإِدراك. (¬4) وقال (¬5) أبو الحسن التميمي: (¬6) ليس بجسم، (¬7) ولا عرض، وإِنما هو نور في القلب، فهو كالعلم. (¬8) ¬

_ (¬1) في التعريفات/ 64: العرض: الموجود الذي يحتاج في وجوده إِلى موضع -أي محل- يقرم به، كاللون المحتاج في وجوده إِلى جسم يحله ويقوم به، والأعراض على نوعين: قارّ الذات، وهو الذي يجتمع أجزاؤه في الوجود، كالبياض والسواد، وغير قارّ الذات، وهو الذي لا يجتمع أجزاؤه في الوجود، كالحركة والسكون. (¬2) في (ب): وإِنما هو من فضل الله. (¬3) جاء في العدة/ 84: وقال أبو محمد البربهاري: وليس العقل باكتساب، وإِنما هو فضل من الله، ذكره في شرح السنة في جزء وقع إِلي. وانظر: التمهيد/ 8 أ. (¬4) انظر: المسودة / 558. وهذا الموضع هو نهاية 5 أمن (ب). (¬5) في (ظ): "فقال". (¬6) هو: عبد العزيز بن الحارث بن أسد بن الليث، أبو الحسن التميمي، فقيه حنبلي، له اطلاع على مسائل الخلاف، ولد سنة 317، وتوفي سنة 371 هـ، صنف كتباً في الأصول والفرائض. انظر: تاريخ بغداد 10/ 461، وطبقات الحنابلة 2/ 139، والمنتظم 7/ 110، والمنهج الأحمد 2/ 66. (¬7) الجسم: جوهر قابل للأبعاد الثلاثة. وقيل الجسم هو المركب المؤلف من الجوهر. انظر: التعريفات/ 34. (¬8) جاء في العدة / 84: وقال أبو الحسن التميمي عبد العزيز بن الحارث من أصحابنا في كتاب العقل: العقل ليس بجسم، ولا صورة، ولا جوهر، وإنما هو نور، فهو كالعلم. وانظر: التمهيد/ 8 أ.

وذهب (¬1) بعض الناس إِلى أنه اكتساب (¬2)، وبعضهم [إِلى (¬3)] أنه كل العلوم الضرورية، وبعضهم: أنه جوهر بسيط، (¬4) وبعضهم: أنه مادة وطبيعة. (¬5) قال القاضي وأصحابه: "قال أصحابنا: العقل يختلف، فعقل بعض الناس أكثر من بعض (ع ر) " (¬6) -ووافقهم (¬7) ابن عقيل- لحديث أبي سعيد: (¬8) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للنساء: (أليست (¬9) شهادة إِحداكن مثل ¬

_ (¬1) نهاية 8 من (ح). (¬2) وهم بعض الفلاسفة. انظر: العدة/ 86. (¬3) ما بين المعقوفتين زيادة من (ح). (¬4) قال في التعريفات/ 36: ... واعلم أن الجوهر ينقسم إِلى بسيط روحاني كالعقول والنفوس المجردة، وإِلى بسيط جسماني كالعناصر، وإِلى مركب في العقل دون الخارج، كالماهيات الجوهرية المركبة من الجنس والفصل، وإِلى مركب منهما، كالمولدات الثلاث. (¬5) في التعريفات/ 61: "الطبيعة: عبارة عن القوة السارية في الأجسام بها يصل الجسم إِلى كماله الطبيعي. وانظر هذه الأقوال الأخيرة في: العدة/ 86 - 87، والمعتمد للقاضي/ 101 - 102. (¬6) قال القاضي في العدة/ 94: وذكر أصحابنا أنه يصح أن يكون عقل أكمل من عقل، وأرجح ... خلافاً للمتكلمين من المعتزلة والأشعرية في قولهم: لا يصح أن يكون عقل أكمل من عقل، وأرجح. وانظر: التمهيد/ 9أ، والمسودة/ 560. (¬7) أي: وافق المخالفين، فقال: لا تتفاوت العقول. انظر: الواضح 1/ 6 ب. (¬8) الخدري. (¬9) في (ح): أليس.

نصف شهادة الرجل؟) قلن: بلى، قال: (فذلكن من نقصان عقلها). متفق عليه. (¬1) ولأنه إِجماع؛ لأن الناس يقولون: عقل فلان أكثر. وذكر بعض أصحابنا (¬2): أن مراد أصحابنا غير الضروري (¬3)، بل الغريزي (¬4)، والتجربي. (¬5) ¬

_ (¬1) ورد هذا الحديث بألفاظ متعددة، وطرق مختلفة: أخرجه البخاري في صحيحه 1/ 64، 3/ 35، من حديث أبي سعيد. وأخرجه مسلم في صحيحه/ 86 - 87، من حديث ابن عمر، ومن حديث أبي سعيد، ومن حديث أبي هريرة. (¬2) انظر: المسودة/ 559. (¬3) في هامش (ظ): الضروري مثل: استحالة اجتماع الضدين وكون الجسم الواحد في مكانين، فالعقلاء في هذا متساوون. قال في التمهيد: ولعمري أن العقلاء في هذا متساوون، لكن من عقله كثير يتدبر دقائق العلوم، ويتفكر في الأشياء، وليس كل الأجسام تظهر، ولا كل ضدين يعرف، وإِنما الكثير العقل يتدبر ذلك بقوى عقله. ذكره في أول الكتاب، في باب الحدود. (¬4) قال في المسودة في بيان استعمالات لفظ "العقل" ... الثاني: أنه غريزة تقذف في القلب، وهو معنى رسم المحاسبي والإمام أحمد فيما حكاه عنه الحربي، وهذا هو الذي يستعد به الإِنسان لقبول العلوم النظرية وتدبر الأمور الخفية، وهذا المعنى هو محل الفكر وأصله، وهو في القلب كالنور، وضوؤه مشرق إِلى الدماغ، ويكون ضعيفًا في مبتدأ العمر، فلا يزال يربي حتى تتم الأربعون، ثم ينتهي نماؤه، فمن الناس من يكثر ذلك النور في قلبه، ومنهم من يقل، وبهذا كان بعض الناس بليدًا، وبعضهم ذكيًا، بحسب ذلك. انظر: المسودة/ 558 - 559. (¬5) قال في المسودة -في بيان إِطلاقات العقل-/ 559: الرابع: شيء يستفاد من التجارب يسمى عقلاً.

ومحل العمل

وسلّم القاضي: أن ما يدرك بالحواس لا يختلف، ولا يختلف الإِحساس، بخلاف العقل، فإِنه يختلف ما يدرك به، وهو التمييز والفكر، فلهذا اختلف. (¬1) قال بعض أصحابنا: (¬2) "يلزم منه أن العلم الحسي ليس من العقل"، قال: (¬3) "ولنا في المعرفة الإِيمانية في القلب، هل تزيد (¬4) وتنقص؟ روايتان، فإِذا قيل: إِن النظري لا يختلف: فالضروري أولى [و] (¬5) هذه المسألة من جنس مسألة الإِيمان، وأن الأصوب: أن القوى التي هي الإحساس (¬6) وسائر العلوم والقوى تختلف". وقاس (¬7) ابن عقيل على النظري، وعلى حياة، وإِرادة، وعلم، وأمر. ومحل العمل القلب عندصحابنا (وش)، وذكروه عن الأطباء، (¬8) ¬

_ (¬1) انظر: العدة/ 100. (¬2) و (¬3) انظر: المسودة/ 558. (¬4) في (ب) و (ح): يزيد وينقص. وانظر: المسودة/ 558. (¬5) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب)، (ظ). وانظر المسودة/ 558. (¬6) في المسودة/ 558: الإحساسات. (¬7) انظر: الواضح 1/ 6 ب. (¬8) في التمهيد/ 9 ب: قال أصحابنا: إِن العقل في القلب ... وبه قال جماعة من الفلاسفة، وروى ابن شاهين عن أحمد أنه قال: محله الرأس، وبه قال جماعة الأطباء. وفي مجموع الفتاوى 9/ 303: " ... ولهذا قيل: إِن العقل في الدماغ، كما يقوله كثير من الأطباء". وهذا مخالف لما ذكره المؤلف من قول الأطباء وقول الفلاسفة. وفي شرح الكوكب المنير/ 83 موافقة لما ذكره المؤلف.

حتى قال ابن الأعرابي (¬1) وغيره: العقل القلب، والقلب العقل. (¬2) وعند أحمد: قال بعض أصحابنا: (¬3) في الأشهر عنه، (¬4) هو في الدماغ (وهـ) , (¬5) وحكوه عن ¬

_ (¬1) هو: أبو عبد الله محمد بن زياد المعروف بابن الأعرابي، راوية، ناسب، علامة باللغة، من أهل الكوفة، ولد سنة 150 هـ، وتوفي بسامراء سنة 231 هـ. من مؤلفاته: أسماء الخيل وفرسانها، والنوادر في الأدب، وشعر الأخطل، ورسالة "البئر"، والفاضل في الأدب، وأبيات المعاني. انظر: طبقات النحويين واللغويين/ 213، والفهرست/ 69، وتاريخ بغداد 5/ 282، ونزهة الألباء/ 207، ومعجم الأدباء 7/ 5، ووفيات الأعيان 4/ 306, والوفيات 3/ 79. (¬2) انظر: تاج العروس 8/ 27. (¬3) قال في العدة/ 89: ... ومن الناس من قال: هو في الدماغ، وقد نص أحمد -رحمه الله- على مثل هذا القول فيما ذكره أبو حفص بن شاهين في الجزء الثاني من أخبار أحمد بإِسناده عن فضل بن زياد، وقد سأله رجل عن العقل: أين منتهاه من البدن؟ فقال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: العقل في الرأس، أما سمعت إِلى قولهم: وافر الدماغ والعقل؟. وانظر: التمهيد/ 9 ب، والمسودة/ 559 - 560. (¬4) نهاية 4 أمن (ظ). (¬5) انظر: الحدود/ 34. وفيه: وتتعلق به -أي بالخلاف في محل العقل- مسألة من الفقه؛ وذلك أن من شج رجلاً موضحة فذهب عقله، لزمه عند مالك دية العقل وأرش الموضحة؛ لأنه إِنما تلف عليه منفعة ليست في عضو الشجة، فتكون الشجة تبعًا لها، وقال أبو حنيفة: إِنما عليه دية العقل فقط؛ لأنه لما شج رأسه وأتلف عليه العقل الذي هو منفعة في العضو المشجوج دخل أرش الشجة في الدية.=

الفلاسفة (¬1)، لتغير الفهم بسببه. رد: وبغيره. ¬

_ =وانظر: الكليات/ 250، وفتح الرحمن/ 22. (¬1) لفظ "فلسفة" مشتق من اليونانية. وأصله (فيلا - صوفيا) ومعناه: محبة الحكمة، ويطلق على العلم بحقائق الأشياء والعلم بما هو أصلح. وكانت الفلسفة عند القدماء مشتملة على جميع العلوم، وهي قسمان: نظري، وعملي. أما النظري، فينقسم إِلى: العلم الإِلهي، وهو العلم الأعلى، والعلم الرياضي، وهو العلم الأوسط، والعلم الطبيعي، وهو العلم الأسفل. وأما العملي، فينقسم إِلى ثلاثة أقسام أيضًا، أولها: سياسة الرجل نفسه، ويسمى بعلم الأخلاق، والثاني: سياسة الرجل أهله، ويسمى بتدبير المنزل، والثالث: سياسة المدينة والأمة والملك. ومع أن العلوم قد استقلت عن الفلسفة واحداً بعد واحد، فإِن بعض الفلاسفة ظل يطلق الفلسفة على جميع المعارف الإِنسانية. والصفات التي تتميز بها الفلسفة، هي الشمول والوحدة، والتعمق في التفسير والتعليل، والبحث عن الأسباب القصوى والمبادئ الأولى؛ لذلك عرفها أرسطو بقوله: إِنها العلم بالأسباب القصوى، أو علم الموجود بما هو موجود. وعرفها ابن سيناء بقوله: إِنها الوقوف على حقائق الأشياء كلها على قدر ما يمكن الإِنسان أن يقف عليه. وعرفها بعضهم، بأنها: معرفة الإِنسان نفسه. وعرفها الرواقيون بأنها: معرفة الأمور الإِلهية والإِنسانية. وقيل: هي التشبه بأفعال الله بقدر طاقة الإِنسان. أرادوا: أن يكون الإِنسان كامل الفضيلة. وكان المفهوم من إِطلاق لفظ "الفلسفة" عند علماء المسلمين في القرن الثالث الهجري، هي الفلسفة الطبيعية. وكان البحث فيها يدور على الإِنسان، من حيث هو عالم أصغر ينطوي فيه العالم وعناصره ... أما في العصور الحديثة، فإِن لفظ الفلسفة يطلق على دراسة المبادئ الأولى التي تفسر المعرفة تفسيرًا عقليًا، كفلسفة العلوم، وفلسفة الأخلاق، وفلسفة التاريخ ... الخ.=

الحد

وجهَّل ابن عقيل القائل بأن "العقل" مشتق من "عقال البعير"، و "الحكمة" من "حكمة الدابة"؛ لعلمه أنهما عُلِما بقرائح العقول. (¬1) * * * الحد (¬2): المنع. (¬3) شرطه: أن يكون مطرداً -وهو المانع (¬4) "إِذا وجد الحد، وجد المحدود"- ¬

_ =ومن معاني الفلسفة: إِطلاقها على الاستعداد الفكري الذي يجعل صاحبه قادرًا على النظر إِلى الأشياء نظرة متعالية، والفلسفة بهذا المعنى مرادفة للحكمة. وفي عام 1907 م انتشر اصطلاح الفلسفة العامة في فرنسا، وهو يتضمن دراسة المسائل الفلسفية التي يثيرها علم النفس والمنطق والأخلاق، دون أن تكون هذه المسائل خاصة بعلم دون آخر، ومن هذه المسائل: طبيعة المعرفة، والمسائل المتعلقة بالله تعالى، والروح، والنفوس الفردية، وعلاقة المادة بالحياة والشعور، ومسألة التقدم، فالفلسفة العامة بهذا المعنى مختلفة عن علم ما بعد الطبيعة. وقيل: تتناول الفلسفة الناحية النظرية من البحث في مظاهر الوجود، أما العلم: فهو الانتفاع بالنتائج الصحيحة التي وصلت إليها الفلسفة، فحينما كان الأقدمون يتكلمون على تركيب المادة من الذرات أو من العناصر كانوا يتفلسفون، فلما استطاع المعاصرون أن يستخدموا الطاقة الذرية في أغراض الحرب والسلم أصبحوا علماء. انظر: المعجم الفلسفي للدكتور مراد وهبة/ 313، والمعجم الفلسفي للدكتور جميل صليبا 2/ 160، وتاريخ الفكر العربي إِلى أيام ابن خلدون لعمر فروخ/ 19، وكشاف اصطلاحات الفنون 1/ 49. (¬1) نهاية 9 من (ح). (¬2) في (ح): والحد. (¬3) أي: في اللغة. انظر: لسان العرب 4/ 118، وتاج العروس 2/ 331 (حدد). (¬4) في هامش (ب): اختلفوا في تعريف الحد، فقيل: هو اللفظ الموضوع لمعنى، وقيل:=

منعكساً، وهو الجامع "إِذا انتفى الحد، انتفى المحدود"؛ لأنه يجب مساواته ¬

_ =هو اللفظ المعرف للشيء، وقيل: هو ما جمع جنس الشيء وفصله، وقيل: هو الجامع المانع، والصحيح: أن هذا شرطه؛ فإن شرط الحد أن يكون جامعًا مانعًا، وهو أن يجمع أقسام المحدود، ويمنع شيئًا منها أن يخرج، وقيل: يمنع غير المحدود أن يدخل على المحدود، وهو الذي يقال له: المطرد المنعكس، والذي عليه الأكثر أن الأولى للأولى، والثانية للثانية، فقولنا: "جامعًا" بمعنى قولنا: "مطردًا"، وقولنا: "مانعًا" بمعنى قولنا: "منعكسًا"، وقيل: الأولى للثانية، والثانية للأولى. والمعروفات خمسة: الحد التام، وهو ما أتي فيه بالجنس والفصل، نحو: الإنسان حيوان ناطق، والحد الناقص، وهو ما أتي فيه بالفصل فقط، نحو: الإنسان ناطق، والرسم التام، وهو: ما أتي فيه بالجنس والخاصة، نحو: الإِنسان حيوان ضاحك، والرسم الناقص ما أتي فيه بالخاصة فقط، نحو: الإنسان ضاحك، فقط، والخامس: تبديل اللفظ بما هو أظهر فيه، نحو: قولك: ما البر؟. تقول: القمح، وما العقار؟. تقول: الخمر. وفي هامش (ظ): قوله: "المانع إِذا وجد الحد وجد المحدود". يعرف منه أن معناه: وجد المحدود فقط، ولم يوجد معه غيره؛ لأنه إِذا وجد معه غيره لم يكن الحد مانعًا لغير المحدود، وكون الجامع هو الذي إِذا انتفى انتفى المحدود؛ هو أن الذي لا ينتفي بانتفائه، لم يجمعه الحد، ولم يدخل تحته؛ إِذ لو دخل تحته وجمعه الحد لانتفى بانتفائه وزال بزواله. وفي هامش (ظ) -أيضًا-: هذا الذي ذكره المصنف من أن المطرد هو المانع، والمنعكس هو الجامع، هو الذي عليه الجمهور -ابن الحاجب وغيره-. وذكره الطوفي في شرحه على العكس، فجعل الاطراد كونه جامعًا، وانعكاسه كونه مانعاً. ذكر ذلك في الفصل الثاني في التكليف. وهذا الذي ذكره، أظنه اختيار القرافي، والمسألة ذكر فيها الخلاف الزركشي الشافعي -رحمه الله- في شرح جمع الجوامع، مع أن تصرف الطوفي في شرحه مخالف لما ذكره في الفصل الثاني، وموافق لقول الجمهور، كما ذكره في حد أصول الفقه ونحوه. وأظن ما ذكره -أيضاً- في الفصل الثاني في حد التكليف موافق لقول الجمهور، ومخالف لما قرره في كلامه على المطرد والمنعكس والجامع والمانع، فكلامه مضطرب. وانظر: التعريفات/ 61، 66.

للمحدود؛ لأنه (¬1) إِن كان أعم، فلا دلالة له على الأخص، ولا يفيد التمييز، وِإن كان أخص، فلأنه أخفى؛ لأنه أقل وجودًا منه. والحد إِن أنبأ عن ذاتيات المحدود الكلية المركبة: فحقيقي، وإن أنبأ عنه بلازم له: فرسمي، وإِن أنبأ عنه بلفظ أظهر مرادف: فلفظي. قال أبو محمد البغدادي: "الحد على الحقيقة أصل كل علم، فمن لا يحيط به علمًا، لا ثقة له بما عنده". وجوز معظمهم إِيراد النقض (¬2)، والمعارضة (¬3) على الحط، لا المنع. وجوز بعضهم المنع؛ لأن الحد دعوى فيُمنع كغيره. وهذا خطأ، لعدم الفائدة غالبًا؛ ولهذا لا يجوز منع النقل لتكذيب الناقل وبعده عن الفائدة. ولأنه لا يمكن إِثباته إِلا بالبرهان (¬4)، وهو مقدمتان، كل منهما مفردان، ¬

_ (¬1) نهاية 5 ب من (ب). (¬2) النقض: كما لو قال: الإِنسان عبارة عن الحيوان، فيقال له: ينتقض عليك بالفرس؛ إِنه حيوان مع أنه ليس بإِنسان. انظر: شرح الكوكب المنير 1/ 96. (¬3) المعارضة: كما لو قال: الغاصب من الغاصب يضمن، لأنه غاصب، لأن حد الغاصب (من وضع يده بغير حق) وهذا وضع يده بغير حق، فيكون غاصبًا. فيقول الخصم: أعارض هذا الحد بحد آخر، وهو أن حد الغاصب (من رفع اليد المحقة ووضع اليد المبطلة) وهذا لم يرفع اليد المحقة، فلا يكون غاصبًا. انظر: المرجع السابق. (¬4) في التعريفات/ 19 - 20: البرهان: هو القياس المؤلف من اليقينيات، سواء كانت ابتداء -وهي الضروريات- أو بواسطة -وهي النظريات- والحد الأوسط فيه لا بد=

وطالب الحد يطلب تصور كل مفرد، فإِذا أتى المسؤول بحده ومنع، احتاج في إِثباته إِلى مثل الأول، وتسلسل (¬1). ثم [إِن (¬2)] الجدل (¬3) اصطلاح، يجب الرجوع إِلى أربابه. ¬

_ =أن يكون علة لنسبة الأكبر إِلى الأصغر. فإِن كان مع ذلك علة لوجود تلك النسبة في الخارج -أيضًا- فهو برهان لِمِّي، كقولنا: هذا متعفن الأخلاط، وكل متعفن الأخلاط محموم، فهذا محموم، فتعفن الأخلاط، كما أنه علة لثبوت الحمى في الذهن، كذلك علة لثبوت الحمى في الخارج، وإن لم يكن كذلك، بل لا يكون علة للنسبة إِلا في الذهن، فهو برهان إِنِّي، كقولنا: هذا محموم، وكل محموم متعفن الأخلاط، فهذا متعفن الأخلاط، فالحمى أن كانت علة لثبوت تعفن الأخلاط في الذهن إِلا أنها ليست علة له في الخارج، بل الأمر بالعكس. وقد يقال على الاستدلال من العلة إِلى المعلول: برهان لمِّي، ومن المعلول إلى العلة؛ برهان إِنِّي. (¬1) في التعريفات/ 25: التسلسل: هو ترتيب أمور غير متناهية. (¬2) ما بين المعقوفتين زيادة من (ظ). (¬3) في مفتاح السعادة 1/ 251 - 254، 2/ 426: علم الجدل: هو من فروع علم الأصول، وهو علم باحث عن الطرق التي يقتدر بها على إِبرام أي وضع أريد، وعلى هدم أي وضع كان، وهذا من فروع علم النظر، ومبنى لعلم الخلاف، وهذا مأخوذ من الجدل الذي هو أحد أجزاء مباحث النطق، لكنه خص بالعلوم الدينية، ومبادئه بعضها مبنية في علم النظر، وبعضها خطابية، وبعضها أمور عادية، وله استمداد من علم المناظرة، وموضوعه: تلك الطرف، والغرض منه: تحصيل ملكة الهدم والإِبرام، وفائدته كثيرة في الأحكام العلمية والعملية من جهة الإِلزام على المخالفين، ودفع شكوكهم، وللناس فيه طرق.

ووجه قول: "لا تُقبل العارضة [فيه (¬1)] " لشعورها بصحة المعارض، وليس لواحد حدان، فأحدهما حق، فلم يبقَ سوى النقض. ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين زيادة من (ح) و (ب).

فصل

فصل قد سبق استمداد الأصول من اللغة. (¬1) وسبب اللغة حاجة الناس ليعرف بعضهم مراد بعض، للتساعد والتعاضد بما لا مؤنة فيه ولا محذور، وهو الكلام، لأن الحروف كيفيات تعرض للنفس (¬2) الضروري، توجد للحاجة، (¬3) وتعدم بعدمها، وإفادته أعم من إِشارة ومثال. واللفظ: (¬4) قال بعض أصحابنا وغيرهم: مضع لمعنى خارجي (¬5) لتبادره إِلى الفهم، ومدلول "اضرب" فعل المأمور خارجًا، فكذا غيره. وقيل: لمعنى ذهني، لاختلاف المفردة (¬6) عند تغير الصور الذهنية، واستمرار الخارجية في المركب؛ ولهذا كان كذبًا. رد: الموضوع الخارجي في نفس الأمر لم يختلف، والكذب في المركب ¬

_ (¬1) انظر ص 17 من هذا الكتاب. (¬2) في (ح) و (ب): للتنفس. (¬3) في (ظ): يوجد عند الحاجة. (¬4) انظر: المحصول 1/ 1/ 269، وشرح الكوكب المنير 1/ 105، والمزهر 1/ 42، ونهاية السول 1/ 167، وإِرشاد الفحول/ 14، وشرح المحلي على جمع الجوامع 1/ 269، والتحرير/ 31 ب. (¬5) في (ح): خارج. (¬6) في (ح): المفرد.

واللغة

إِنما يمتنع لو كانت دلالته قاطعة. قيل: (¬1) القصد من المفرد إِفادة معناه، لتبادر الذهن إِليه. وقيل: بل التمكن من إِفادة المعاني المركبة بتركيبه؛ لأن إِفادته معناه موقوفة (¬2) على العلم [به (¬3)]، فلو استفيد العلم بمعناه من لفظه دار، والعلم بوضع مفردات المركب بحركاتها الخاصة لمعناها، وانتساب بعضها إِلى بعض (¬4) بالنسب الخاصة كافٍ في الإِفادة. فما (¬5) احتاجه الناس لم تخل اللغة من لفظ له، والظاهر عدم خلوها مما كثرت حاجته. واللغة: كل ألفاظ وضعت للمعاني. والوضع: اختصاص شيء بشيء، إِذا أطلق فُهِم الثاني. وهي: (¬6) مفرد، ومركب. ¬

_ (¬1) انظر: المحصول 1/ 1/ 267. (¬2) نهاية 6 أمن (ب). (¬3) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ظ). (¬4) نهاية 4 ب من (ظ). (¬5) في (ظ): فلما. (¬6) في (ح) و (ظ): وهو.

المفرد عند النحاة

المفرد (¬1) عند النحاة (¬2): كلمة واحدة. وعند المنطقيين: لفظ وضع لمعنى، ولا جزء لذلك اللفظ يدل في المعنى الموضوع على شيء. والمركب: بخلافه، عليهما. (¬3) فـ "عبد الله" -علماً لشخص- مركب على الأول، لا الثاني، ونحو: "يضرب" ليس مركبًا على الأول، بل على الثاني؛ لأن حرف المضارع يدل في معناه على شيء. وإِلزامهم بنحو: "ضارب" و "مخرج" -لدلالة الألف والميم على الفاعل والمفعول- فيه نظر، لمنع دلالتهما (¬4) (¬5)، بل الدال هو المجموع، وقيل: (¬6) المراد تركيب أجزاء مسموعه (¬7)، والمصدر مع الصيغة ليس كذلك، وقيل: بالتزامه. ¬

_ (¬1) انظر معنى المفرد والمركب على الاصطلاحين في: تحرير القواعد المنطقية/ 33، وفتح الرحمن/ 49، وشرح العضد مع حواشيه 1/ 117، ونهاية السول 1/ 184، وشرح الكوكب المنير 1/ 108. (¬2) علم النحو: هو علم يعرف به كيفية التركيب العربي صحة وسقاماً، وكيفية ما يتعلق بالألفاظ من حيث وقوعها فيه من حيث هو هو، أوْ لا وقوعها فيه، ويسمى علم الإعراب. انظر: كشاف اصطلاحات الفنون 1/ 23. (¬3) كذا في النسخ الثلاث. ثم كتب اللفظ في هامش (ظ): فيهما. (¬4) في (ظ): دلالتها. (¬5) نهاية 10 من (ح). (¬6) انظر: شرح العضد مع حواشيه 1/ 119 - 120. (¬7) في (ح): مجموعة.

والمركب: جملة،

والمركب (¬1): جملة، وهي: لفظ وضع لإِفادة نسبة، أي: إِسناد كلمة إِلى أخرى معنى يصح السكوت عليه. ولا يتألف (¬2) عند النحاة إِلا من اسمين، أو فعل واسم (¬3) فأكثر -والمراد من شخص واحد-، لأنه لابد من مسند ومسند إِليه، والاسم يصلح لهما، والفعل لكونه مسندًا. وفي الروضة (¬4) وغيرها: أو حرف نداء (¬5) واسم كقول الكوفيين. (¬6) ¬

_ (¬1) انظر: شرح الكوكب المنير 1/ 116. (¬2) انظر: شرح العضد 1/ 125 والمستصفى 1/ 334، وشرح الكوكب المنير 1/ 117، والإحكام للآمدي 1/ 72، وهمع الهوامع 1/ 33، والتمهيد للأسنوي/ 144، والروضة/ 177. (¬3) في هامش (ب): من اسمين، مثل: زيد قائم. وفعل واسم، مثل قام زيد. ولا يتألف من فعلين، ولا من حرفين، ولا من حرف واسم، ولا من حرف وفعل. (¬4) انظر: الروضة/ 177. (¬5) في هامش (ب): الصحيح أن حرف النداء قائم مقام فعل؛ فيكون ذلك مركبًا من فعل واسم، فلا مفرد. (¬6) نشأت في دراسة علم النحو مدارس (مذاهب) متعددة، تميز بعضها عن بعض في المنهج، وبعض الأصول والقواعد. ومن أشهر هذه المدارس: مدرسة الكوفة، ومدرسة البصرة، والمدرسة البغدادية، والمدرسة الأندلسية، والمدرسة المصرية. والكوفيون هم أصحاب مدرسة الكوفة. وأهم ما يميزها عن مدرسة البصرة: اتساعها في رواية الأشعار وعبارات اللغة عن جميع العرب، بدويهم وحضريهم، بينما كانت=

ولم يوضع (¬1) المركب التقييدي (¬2) -كـ "حيوان ناطق" و "كاتب" (¬3) في ¬

_ =مدرسة البصرة تتشدد تشدداً جعل أئمتها لا يثبتون في كتبهم النحوية إِلا ما سمعوه من العرب الفصحاء الذين سلمت فصاحتهم من شوائب التحضر وآفاته، ولم تقف المسألة عند حد الاتساع في الرواية، بل امتدت إِلى الاتساع في القياس، وضبط القواعد النحوية، فالبصريون اشترطوا في الشواهد المستمد منها القياس أن تكون جارية على ألسنة العرب الفصحاء، وأن تكون كثيرة بحيث تمثل اللهجة الفصحى، وبحيث يمكن أن تستنتج منها القاعدة المطردة، أما الكوفيون فقد اعتدوا بأقوال وأشعار المتحضرين من العرب، كما اعتدوا بالأشعار والأقوال الشاذة التي سمعوها على ألسنة الفصحاء مما خرج على قواعد البصريين وأقيستهم، ومما نعتوه بالخطأ والغلط، ولم يكتفوا بذلك، فقد حاولوا أن يقيسوا عليها وقاسموا كثيرًا. ومن أشهر النحاة البصريين: ابن أبي إسحاق، وعيسى بن عمر الثقفي، وأبو عمرو بن العلاء، ويونس بن حبيب، والخليل بن أحمد، وسيبويه، والأخفش الأوسط (سعيد بن مسعدة)، وقطرب، وأبو عمر الجرمي، وأبو عثمان المازني، والمبرد، والزجاج، وابن السراج، والسيرافي. ومن أشهر النحاة الكوفيين: الكسائي، وهشام بن معاوية الضرير، والفراء، وثعلب، وأبو بكر بن الأنباري. انظر: كتاب المدارس النحوية للدكتور شوقي ضيف/ 159 - 161. (¬1) انظر: شرح الكوكب المنير 1/ 118، وشرح العضد مع حواشيه 1/ 125، والإِحكام للآمدي 1/ 73. (¬2) المراد بالمركب التقييدي: المركب من اسمين أو من اسم وفعل، بحيث يكون الثاني قيدا في الأول، ويقوم مقامهما لفظ مفرد، مثل "حيوان ناطق" و "الذي يكتب" فإِنه يقوم مقام الأول "الإِنسان" ومقام الثاني "الكاتب". انظر: شرح الكوكب المنير 1/ 118 - 119. (¬3) في (ب): كانت.

وغير الجملة

"زيد كاتب"- لإِفادة النسبة. وغير الجملة بخلافها. ويطلق (¬1) المفرد على مقابل الجملة، ومقابل المثنى، ومقابل المركب. ويراد (¬2) بالكلمة لغة الكلام الكثير (¬3). وقال بعضهم (¬4): يراد بالكلام الكلمة، قال سيبويه (¬5) في قولهم: ¬

_ (¬1) انظر: شرح الكوكب المنير 1/ 120. (¬2) انظر: لسان العرب 15/ 428، وتاج العروس 9/ 49 (كلم)، وشرح الكوكب المنير 1/ 120، وهمع الهوامع 1/ 30، ومفردات الراغب/ 454 - 456. (¬3) في هامش (ب): كقوله عليه السلام: (أصدق كلمة قالها الشاعر قول لبيد: ألا كل شيء ما خلا الله باطل). وقوله: (كلمة التقوى لا إِله إِلا الله). وقوله تعالى: (كلا إِنها كلمة هو قائلها). (¬4) انظر: شرح الكوكب المنير 1/ 121، وهمع الهوامع 1/ 29، والإحكام للآمدي 1/ 72. (¬5) هو: عمرو بن عثمان بن قنبر الحارثي بالولاء، أبو بشر، وسيبويه لقبه، أمام النحاة، وأول من بسط علم النحو، ولد في إِحدى قرى شيراز سنة 148 هـ، وقدم البصرة فلزم الخليل بن أحمد، وأخذ عنه، ورحل إلى بغداد، وناظر الكسائي، وعاد إِلى الأهواز، فتوفي بها سنة 180 هـ، وقيل في مكان وزمان وفاته غير ذلك. من مؤلفاته: "الكتاب" في النحو، وهو مشهور. وسيبويه: لقب بالفارسية، معناه: رائحة التفاح. انظر: طبقات النحويين واللغويين/ 66، وتاريخ بغداد 12/ 195، ونزهة الألباء/ 71، ووفيات الأعيان 3/ 463، والبداية والنهاية 10/ 176.

وقيل: يطلق الكلام على الكلم

"من أنت، زيد؟ " معناه: "من أنت، كلامك زيد؟ "، (¬1) وقاله (¬2) أبو الحسين (¬3) المعتزلي وغيره. وقيل: (¬4) يطلق الكلام على الكلم (¬5)، وهو: كلمات لم ينتظم معناها. قال بعض أصحابنا: (¬6) "مسمى الكلام والقول عند الإِطلاق (¬7) يتناول اللفظ والمعنى جميعًا، كتناول لفظ "الإِنسان" للروح والبدن، عند السلف والفقهاء والجمهور. ¬

_ (¬1) انظر: كتاب سيبويه 1/ 147، 162. (¬2) انظر: المعتمد لأبي الحسين البصري/ 14. (¬3) هو: محمد بن علي بن الطيب البصري، المتكلم على مذهب المعتزلة، وهو أحد أئمتهم الأعلام المشار إليه في هذا الفن، كان جيد العبارة، مليح الكلام، غزير المادة، إمام وقته، سكن بغداد، وتوفي بها سنة 436 هـ. من مؤلفاته: المعتمد في أصول الفقه، وتصفح الأدلة، وغرر الأدلة، وشرح الأصول الخمسة، وكتاب في الإمامة. انظر: تاريخ بغداد 3/ 100، ووفيات الأعيان 4/ 271، ولسان الميزان 5/ 298. (¬4) انظر: شرح الكوكب المنير 1/ 122، وهمع الهوامع 1/ 31. (¬5) في هامش (ب): الكلم: ما تركب من ثلاث كلمات فصاعدًا سواء أفاد أو لم يفد، نحو: إِن قام غلام زيد. وقد يجتمع الكلام والكلم في قولك: "إِن قام زيد فأكرمه"، فإِنه كلام لوجود الفائدة فيه، كلم لأنه تركب من ثلاث. وقد يكون اللفظ كلماً لا كلاماً، كما قد مُثِّل. وقد يكون كلاماً لا كلماً، نحو: زيد قائم. (¬6) انظر: مجموع فتاوى شيخ الإِسلام ابن تيمية 7/ 170 - 171. (¬7) نهاية 6 ب من (ب).

وقال كثير من أهل الكلام (¬1) -من المعتزلة وغيرهم-: مسماه اللفظ، والمعنى ليس جزأه، بل مدلوله، وقاله النحاة؛ لتعلق صناعتهم باللفظ. وقال ابن كُلاَّب (¬2)، ومن اتبعه: مسماه المعنى، وقال بعض أصحابه: مشترك بينهما. وقال بعضهم (¬3) -ويروى عن الأشعري (¬4) -: مجاز في كلام الله؛ ¬

_ (¬1) في التعريفات/ 80: الكلام: علم يبحث فيه عن ذات الله تعالى وصفاته وأحوال الممكنات من المبدأ والمعاد على قانون الإِسلام. والقيد الأخير لإِخراج العلم الإِلهي للفلاسفة. وفي التعريفات -أيضا-: الكلام: علم باحث عن أمور يعلم منها المعاد، وما يتعلق به من الجنة والنار والصراط والميزان والثواب والعقاب. وقيل: الكلام هو العلم بالقواعد الشرعية الاعتقادية المكتسبة عن الأدلة. (¬2) هو: أبو محمد عبد الله بن سعيد -ويقال: عبد الله بن محمد- بن كلاب، القطان، البصري، محدث متكلم. و"كُلاَّب": لقب مثل "خُطَّاف" لفظاً ومعنى. توفي -فيما يظهر- بعد سنة 240 هـ بقليل. من مؤلفاته في الرد على المعتزلة: كتاب الصفات، وكتاب خلق الأفعال، وكتاب الرد على المعتزلة. انظر: مقالات الإِسلاميين 1/ 215، والفهرست/ 180، وطبقات الشافعية للعبادي/ 70، وطبقات الشافعية للسبكي 2/ 299، وطبقات الشافعية للأسنوي 2/ 344، ولسان الميزان 3/ 290. (¬3) أي: بعض أصحاب ابن كلاب. (¬4) هو: أبو الحسن علي بن إِسماعيل بن إسحاق، مؤسس مذهب الأشاعرة، كان من الأئمة المتكلمين المجتهدين، ولد في البصرة سنة 260 هـ، وتلقى مذهب المعتزلة، وتقدم فيهم، ثم رجع وجاهر بخلافهم، وتوفي ببغداد سنة 324 هـ.=

والمفرد: اسم، وفعل، وحرف معنى.

لأن الكلام العربي عندهم (¬1) لا يقوم به، حقيقة في كلام المخلوق، لقيامه به (¬2)." والله أعلم. والمفرد: اسم، وفعل، وحرف معنى (¬3). * * * ودلالة المفرد [الوضعية (¬4)] اللفظية في كمال معناه دلالة مطابقة، وفي بعض معناه دلالة تضمن، كدلالة البيت على الجدار، وغير اللفظية دلالة التزام، كدلالته على الباني، وذكر بعض أصحابنا أنها عقلية. وهي مساوية لدلالة المطابقة، وهما أعم من التضمن لجواز كون المدلول واللازم بسيطًا لا جزء له. ¬

_ =من مؤلفاته: مقالات الإِسلاميين، والإبانة عن أصول الديانة, ورسالة في الإيمان واستحسان الخوض في الكلام. انظر: تبيين كذب المفتري، واللباب 1/ 64، ووفيات الأعيان 3/ 284، والجواهر المضية 1/ 353، وطبقات الشافعية للسبكي 3/ 347، والبداية والنهاية 11/ 187، وخطط المقريزي 9/ 253. (¬1) نهاية 11 من (ح). (¬2) في (ح): بهم. (¬3) في هامش (ب): إِنما قال: "وحرف معنى" احترازًا من حرف الهجاء، فإِن الحرف ينقسم إِلى ثلاثة أقسام: حرف هجاء، وحرف معنى، وحرف مشترك بينهما. الأول: كالجيم والحاء. والثاني: كـ مِنْ وعَنْ. والثالث: كالباء والواو. (¬4) ما بين المعقوفتين زيادة من (ح). وانظر: شرح العضد 1/ 120.

ولم يشترط (¬1) الأصوليون في كون (¬2) اللازم ذهنيًا، واشترطه المنطقيون (¬3)، ليحصل الفهم. ولا يشترط اللازم خارجاً، لحصول الفهم بدونه، كالعدم والملكة، كدلالة العمى على البصر. وفي مقدمة الروضة (¬4): "لا يستعمل في نظر العقل دلالة الالتزام؛ لأن ذلك لا ينحصر في حد؛ إِذ السقف يلزم الحائط، والحائط الأس، والأس الأرض". وكذا قال بعضهم: هي مهجورة (¬5) في العلوم، لاختلاف كون اللازم بيناً باختلاف (¬6) الأشخاص؛ فلا ينضبط المدلول. * * * والاسم المفرد ومدلوله يتحد كل منهما، ويتعدد: فإِن اتحدا: فإِن اشترك في مفهومه كثيرون -وقعت فيه الشركة بالفعل بين أشخاص تناهت أوْ لا، أو لم تقع، بحكم الاتفاق، أو لمانع لذاته أو لغيره, ذاتًا كان أو صفة- فهو الكلي. ¬

_ (¬1) نهاية 5 أمن (ظ). (¬2) كذا في النسخ الثلاث. ولعل المناسب حذف "في"، أو أن تكون العبارة هكذا: في دلالة الالتزام كون اللازم ... (¬3) انظر: إِيضاح المبهم/ 7. (¬4) انظر: الروضة/ 14. ومقدمة الروضة مقدمة منطقية مذكورة في أولها. (¬5) في (ح): هي مما يجوز. (¬6) في (ح): لاختلاف.

فإِن تفاوتت الأفراد في مدلوله -بأولوية وعدمها، أو شدة وضعف، (¬1) أو تقدم وتأخر، كالوجود للخالق وللمخلوق- فمشكك لشك الناظر فيه: هل هو من المتواطئ أو المشترك؟ ذكره بعض أصحابنا (¬2) وغيرهم، تبعًا لمن قبلهم كالآمدي (¬3)، لكونه (¬4) حقيقة فيهما عند أصحابنا وغيرهم، وذكره (¬5) الآمدي إِجماعًا، وذكر أصحابنا (¬6) في كتب الفقه أنه حقيقة في الخالق، مجاز في المخلوق، وقاله (¬7) الناشئ المعتزلي (¬8)، وعن جهم (¬9) ومن تبعه عكس ذلك. ¬

_ (¬1) نهاية 7 أمن (ب). (¬2) انظر: مجموع الفتاوى 20/ 442. (¬3) انظر: الإحكام للآمدي 1/ 17. (¬4) في (ح) و (ظ): لكنه. وانظر: شرح الكوكب المنير 1/ 134. (¬5) انظر: الإحكام للآمدي 1/ 20. (¬6) نهاية 12 من (ح). (¬7) انظر: المسودة/ 565 - 566، ومجموع الفتاوى 20/ 441. (¬8) هو: أبو العباس عبد الله بن محمد الناشئ، الشاعر المتكلم، وهو معروف بـ "ابن شرشير"، ويعرف -أيضًا- بـ "الناشئ الأكبر" من أهل الأنبار، نزل بغداد، وأقام بها مدة طويلة، وخرج في آخر عمره إِلى مصر، وأقام فيها بقية عمره، حيث توفي بها سنة 293 هـ، كان متبحرًا في عدة علوم، من جملتها: المنطق، وله كتب كثيرة نقض فيها كتب المنطق، وله قصيدة على روي واحد، وهي أربعة آلاف بيت. انظر: تارخ بغداد 10/ 92، ووفيات الأعيان 3/ 61، والمنية والأمل في شرح كتاب الملل والنحل/ 98، وشذرات الذهب 2/ 421. (¬9) هو: أبو محرز جهم بن صفوان السمرقندي، رأس الجهمية، ضال مبتدع، فتح باب=

وإن لم تتفاوت: فمتواطئ،

وإن لم تتفاوت: فمتواطئ، لتوافقها فيه، فإِطلاق (¬1) لفظ "المبدأ" على النقطة أول خط، وعلى آن (¬2) أول زمان: متواطئ، وقيل: مشترك، والمراد إِن أضيفت إِلى الخط، وكذا لفظ الخمر على اللون (¬3) والعنب والدواء، لعموم النسبة إِلى الخمر: متواطئ، وباختلاف النسب: مشترك، ولفظ "أسود" لقار وزنجي: متواطئ، ولرجل مسمى بأسود وقار: مشترك. وإن لم يشترك فيه كثيرون: فجزئي، ويسمى النوع (¬4) جزئيًا إِضافيًا، فكل جنس (¬5) ونوع عال أو وسط أو سافل: كلي لما تحته، جزئي لما فوقه. وإن تعدد اللفظ والمعنى: فأسماء متباينة (¬6)، لتباينها. ¬

_ = شر عظيم، كان يقضي في عسكر الحارث بن سريج الخارج على أمراء خراسان، فقبض عليه نصر بن سيار، وأمر بقتله فقتل سنة 128 هـ. انظر: الكامل لابن الأثير 5/ 342، وميزان الاعتدال 1/ 426، وخطط المقريزي 2/ 349، ولسان الميزان 2/ 142، والحور العين/ 255، وفيه: قتل بـ "مرو"، قتله سلم ابن أحور على شط نهر "بلخ". (¬1) انظر: الإحكام للآمدي 1/ 22. (¬2) انظر: معنى "آن" في لسان العرب 16/ 183، وما بعدها. (¬3) في هامش (ب): اللون هو: ضرب من التمر، وهو الدقل من النخل. وفي لسان العرب 17/ 279: واللون: الدقل، وهو ضرب من النخل. وفي الإِحكام للآمدي 1/ 23: قولنا: "خمري" للون الشبيه بلون الخمر ... الخ. (¬4) في التعريفات/ 119: النوع: اسم دال على أشياء كثيرة مختلفة بالأشخاص. (¬5) في التعريفات/ 35: الجنس: اسم دال على كثيرين مختلفين بالأنواع. (¬6) انظر: شرح الكوكب المنير 1/ 137.

وإن اتحد اللفظ وتعدد المعنى

وإِن اتحد اللفظ وتعدد المعنى: إِن كان اللفظ حقيقة للمتعدد: فمشترك - تباينت المسميات، كالعين، وكالشفق (¬1)، وكالجون للسواد والبياض، أوْ لا، كأسود على أسود علمًا (¬2) وصفة، فمدلوله علماً: الذات، ومشتقاً: الذات مع الصفة، فمدلوله علماً جزء مدلوله مشتقًا، ومدلوله مشتقًا صفة لمدلوله علماً- وإِلا: فحقيقة ومجاز. وإِن اتحد المعنى وتعدد اللفظ: فمترادفة. والأقسام: (¬3) مشتق -إِن دل على ذي صفة، كعالم- وغير مشتق، كالإِنسان: صفة، وغير صفة. مسألة المشترك (¬4) واقع عند أصحابنا (وهـ ش). ومنع منه ابن الباقلاني (¬5)، وثعلب، (¬6) وجماعة. ¬

_ (¬1) في (ظ): والشفق. (¬2) في هامش (ب): العلم هو: كل اسم عين المسمى، فإِن أشعر بـ "أب" أو "ابن" فهو الكنية، وإن أشعر بمدح أو ذم: فهو اللقب، وإِلا فهو الاسم، وينقسم إِلى قسمين: منقول، ومرتجل، وهو: إِما مفرد، وإِما مركب، والمركب ينقسم إِلى قسمين: مركب تركيب مزج، ومركب تركيب إضافة. (¬3) أي: الأقسام السابقة. انظر: شرح الكوكب المنير 1/ 138، وشرح العضد 1/ 128. (¬4) في هامش (ب) المشترك: اللفظ الواحد لمعان مختلفة. (¬5) في (ب): ابن الباقلاني. (¬6) هو: أبو العباس أحمد بن يحيى بن زيد بن سيار، إِمام الكوفيين في النحو واللغة،=

لنا

ومنع منه بعضهم في القرآن. قال بعض أصحابنا: ولا يجب في اللغة، وقيل: بلى. لنا: لا يمتنع وضع لفظ (¬1) واحد لمعنيين مختلفين على البدل، من واضع أو (¬2) أكثر، ويشتهر الوضع. ولفظة (¬3) "عرض" في القرآن مختلفة المعنى في قوله: (وجنة عرضها السموات) (¬4)، (وعرضنا جهنم يومئذ (¬5) للكافرين عرضًا) (¬6)، ¬

_ =ولد ببغدادسنة 200 هـ، وسمع ابن الأعرابي، والزبير بن بكار، وروى عنه الأخفش الأصغر، وأبو بكر بن الأنباري، وأبو عمر الزاهد، توفي ببغداد سنة 291 هـ. من مؤلفاته: الفصيح، وقواعد الشعر، وشرح ديوان زهير، وشرح ديوان الأعشى، ومجالس ثعلب ... انظر: مروج الذهب 2/ 387، وتاريخ بغداد 5/ 204، وطبقات الحنابلة 1/ 83، ونزهة الألباء/ 293، وإِنباه الرواة 1/ 138، ووفيات الأعيان 1/ 102، وتذكرة الحفاظ 2/ 214، وبغية الوعاة/ 172. (¬1) نهاية 13 من (ح). (¬2) في (ظ): وأكثر. (¬3) نهاية 7 ب من (ب). (¬4) سورة آل عمران: آية 133. (¬5) لفظ "يومئذ" سقط من (ب) و (ح). (¬6) سورة الكهف: آية 100.

والعرض (¬1) واحد العروض، و (عسعس) (¬2) لإقبال الليل وإِدباره، ذكره (¬3) الجوهري (¬4) والزجاج (¬5). ولأن الموجود في القديم والحادث حقيقة، فإِن كان مدلول الموجود الذات: فهي مخالفة لما (¬6) سواها من الحوادث، وإلا لوجب الاشتراك في الوجوب، للتساوي في مفهوم الذات، وإن كان مدلوله صفة زائدة: فإِن اتحد ¬

_ (¬1) انظر: الصحاح/ 1082 (عرض) وفيه: "العرض: المتاع، وكل شيء فهو عرض سرى الدراهم والدنانير، فإِنهما عين، قال أبو عبيد: العروض: الأمتعة التي لا يدخلها كيل ولا وزن، ولا يكون حيوانًا ولا عقارًا، نقول: اشتريت المتاع بعرض، أي: بمتاع مثله". (¬2) قال تعالى: (والليل إِذا عسعس) سورة التكوير: آية 17. (¬3) انظر: الصحاح/ 946 (عسس). (¬4) هو: أبو نصر إِسماعيل بن حماد الجوهري، لغوي مشهور، أصله من "فاراب"، سافر إِلى العراق، ثم الحجاز، وعاد إِلى خراسان، ثم أقام في نيسابور، وتوفي بها سنة 393 هـ. من مؤلفاته: الصحاح، وكتاب في العروض، ومقدمة في النحو. انظر: نزهة الألباء/ 418، ومعجم الأدباء 2/ 266، وإنباه الرواة 1/ 194، ولسان الميزان 1/ 400، والنجوم الزاهرة 4/ 207. (¬5) هو: أبو إِسحاق إِبراهيم بن السري بن سهل -وفي وفيات الأعيان: إِبراهيم بن محمد- عالم بالنحو واللغة، ولد ببغداد سنة 241 هـ، وأخذ الأدب عن المبرد وثعلب، كان يخرط الزجاج، فنسب إِليه، ثم تركه واشتغل بالأدب، توفي ببغداد سنة 311 هـ. من مؤلفاته: معاني القرآن، والاشتقاق، وخلق الإنسان، والأمالي. انظر: تاريخ بغداد 6/ 89، ونزهة الألباء/ 308، والمنتظم 6/ 176، ومعجم الأدباء 1/ 47، وإِنباه الرواة 1/ 159، ووفيات الأعيان 1/ 49. (¬6) نهاية 5 ب من (ظ).

واستدل

المفهوم منها ومن اسم الموجود في الحادث: لزم منه كون مسمى الموجود في الحادث واجبًا لذاته، أو (¬1) وجود القديم ممكنًا، وإِن اختلف المفهومان وقع المشترك، احتج به الآمدي (¬2)، وهو معنى ما في أول العدة والتمهيد (¬3) وغيرهما، في بيان الكلام في "عالم" للقديم والحادث، لاختلاف معناهما. ورد: بأن الوجوب والإِمكان لا يمنع التواطؤ، ودعوى لزوم التركيب مما به الاشتراك وما به الامتياز، إِنما هو في الذهن. وقال بعض أصحابنا (¬4): وضع (¬5) لما به الاشتراك فقط، وامتاز ما به الامتياز بقرينة تعريف أو إِضافة، ونحو ذلك، لا من نفس اللفظ المفرد، فهو حقيقة فيهما، كما قلنا في أسماء الله التي يمسمى بها غيره، وقال -أيضًا- الجمهور: إِنه متواطئ (¬6)، قال: فقيل بالتواطؤ المتساوي والأصح: المتفاضل، ونقل صاحب المحصول عن الأشعري، وأبي الحسين البصري: مشترك. واستدل: المعاني لا تتناهى، واللفظ متناه، فإِذا وزعِّ لزم الاشتراك. رد: بالمنع، ثم: المقصود بالوضع متناه. (¬7) ¬

_ (¬1) في (ب): أو جود. (¬2) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 20 - 21. (¬3) انظر: العدة/ 77، 80، والتمهيد/ 7 ب، 12أ. (¬4) انظر: المسودة/ 566. (¬5) في (ب)، و (ح): ما وضع. (¬6) انظر: مجموع الفتاوى 20/ 442. (¬7) نهاية 14 من (ح).

وأما إِطلاق "القرء" على الطهر والحيض، فلم يقل أهل اللغة: "إِنه مشترك"، بل قال من منع: إِنه موضوع للانتقال، (¬1) وقال ثعلب: للوقت. وفي انتصار (¬2) أبي الخطاب: (¬3) مجاز في الطهر، لمجاورته للحيض؛ لأنه يصح نفيه. قولهم: الاشتراك يخل بمقصود (¬4) الوضع، وهو الفهم. أجيب: الوضع تابع لقصد الواضع، والتعريف الإِجمالي مقصود، كأسماء الأجناس. ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 566، ولسان العرب 1/ 125. (¬2) وهو كتاب الانتصار في المسائل الكبار على مذهب الإِمام أحمد ابن حنبل، لأبي الخطاب محفوظ بن أحمد الكلوذاني، المتوفى سنة 510 هـ. يذكر فيه مؤلفه أمهات المسائل في مختلف أبواب الفقه، والخلاف فيها، وأدلة الأقوال مفصلة، ثم يذكر القول الراجح. ويبدو أنه جعل الكتاب في أربعة أقسام، منها: ربع في العبادات، يوجد منه 18 مجلدة، في 344 ورقة، تنتهي في أثناء الزكاة. وهذه المجلدات موجودة في دار الكتب الظاهرية بدمشق، برقم (2743). وقد طبع هذا الموجود بتحقيق الدكتور سليمان العمير وآخرين، ونشرته مكتبة العبيكان بالرياض سنة 1413 هـ. (¬3) هو: محفوظ بن أحمد بن الحسن الكلوذاني، إِمام الحنابلة في عصره. أصله من (كلواذي) من ضواحي بغداد، ولد ببغداد سنة 432 هـ وتوفي بها سنة 510 هـ. من مؤلفاته: التمهيد في أصول الفقه، والانتصار في المسائل الكبار، والهداية، وعقيدة أهل الأثر، وهي منظومة صغيرة. انظر: طبقات الحنابلة 2/ 258، واللباب 3/ 107، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 116، والنجوم الزاهرة 5/ 212، والمنهج الأحمد 2/ 198. (¬4) نهاية 8 أمن (ب).

مسألة

قولهم: إِن بيَّنه طال بلا فائدة، وإِلا فلا فائدة. أجيب: فائدته الاستعداد للامتثال إِذا بُيِّن، فيثاب على العزم والاجتهاد. مسألة المترادف (¬1) واقع عند أصحابنا (وهـ ش)، خلافاً لبعضهم لأنه لا يمتنع ذلك من واضع، ولا من واضعين لا (¬2) يشعر أحدهما بالآخر، ويشتهر ذلك. وكأسد وسبع وليث: للحيوان المعروف، وصَلْهَب (¬3) وسَلْهَب: للطويل، وبُحْتُر وحَبْتَر (¬4) وبُهْتُر: (¬5) للقصير. فأما مُهنَّد -نسبة إِلى الهند- وصارم: فمترادفان على الذات كسيف، ومتباينان صفة. وناطق وفصيح: مترادفان على موصوفيهما من لسان أو إِنسان، متباينان معنى. قولهم: لا فائدة فيه. أجيب: فائدته توسعة تكثير طرق موصلة إِلى الغرض، وتيسير نثر ونظم ¬

_ (¬1) في هامش (ب): المترادف: اللفظ المتعدد لمعنى واحد. (¬2) في (ظ): ولا. (¬3) انظر: لسان العرب 2/ 19. (¬4) انظر: المصدر السابق 5/ 120. (¬5) انظر: المصدر السابق 5/ 152.

مسألة

للزنة والروي -وهو الحرف آخر القافية، وهي الكلمة آخر البيت- وتيسير تجنيس، وهو تشابه لفظين، ومطابقة، وهي جمع بين ضدين، والمراد هنا (¬1): بحيث يوازن أحدهما الآخر. قولهم: (¬2) تعريف للمعرف. أجيب: علامة ثانية، ويجوز الوضع معاً. مسألة الحد (¬3) والحدود، ونحو: "عطشانَ نَطْشانَ" غير مترادفين -وحكي قول- لأن الحد يدل على المفردات. (¬4) ¬

_ (¬1) هذا اللفظ "هنا". ضرب عليه في (ظ). (¬2) نهاية 15 من (ح). (¬3) في هامش (ظ): مثال الحد والمحدود؛ الحيوان الناطق والإنسان ذكره الأصفهاني. فالحد: قولنا: الحيوان الناطق. والمحدود هو: الإِنسان. وقال القرافي: "الحد هو المحدود إِن أريد معناه، وغيره إن أريد لفظه" ذكره في التنقيح في أوله. وعبارته: وهو -أي الحد- شرح ما دل عليه اللفظ بطريق الإجمال، وهو غير المحدود إِن أريد اللفظ، ونفسه إِن أريد المعنى. (¬4) في هامش (ظ): ليس المراد من المفردات أفراد الإنسان، كزيد أو عمرو أو بكر، بل المراد الأجزاء التي تركبت منها ماهية الإِنسان، كالحيوانية والنطقية، فإِن ماهية الإِنسان حاصلة منهما، فالحد -وهو الحيوان الناطق- يدل على هذه الأجزاء بالمطابقة، كدلالة البيت على جميع أجزائه، وأما دلالة الإنسان عليها فإِنها بالتضمن، كدلالة البيت على السقف؛ لأن السقف جزء من البيت. قال ابن مطهر: الحد يدل بالتفصيل على ما يدل عليه الاسم بالإجمال، فله دلالة على=

قال الجوهري وغيره: "نطشان" إِتباع له، لا يفرد (¬1)، ومثله: "حَسَنٌ" بَسَنٌ" (¬2) ويقال: "شَذَرَ مَذَرَ" (¬3) إِذا تفرقوا كل وجه، وكذا "شَغَرَ بَغَرَ" (¬4) قال (¬5) الجوهري: هما اسمان جعلا واحداً وبنيا على الفتح. ¬

_ =المفردات، كقولنا في تحديد الإِنسان: إِنه الحيوان الناطق، فإِنه دال على المفردات بالمطابقة، وأما الإِنسان فإِنه يدل عليها بالتضمن، وكيف لا يكون كذلك؟ والحد يدل على الأجزاء التي هي علل المحدود، والمحدود يدل على الماهية الحاصلة عقيب الأجزاء. (¬1) انظر: الصحاح/ 1012 (عطش)،/ 1021 (نطش). (¬2) انظر: الصحاح/ 2078 (بسن) / 2099 (حسن)، وفيه: ويقال: "رجل حسن بسن"، و "بسن" إِتباع له. وفي هامش (ظ): "نطشان" بمعنى "عطشان"، لكن لا يستعمل "نطشان" إِلا تبعًا لـ "عطشان"، ولا يفرد وحده، و "حسن": ما حسن من كل شيء، و "بسن" بمعناه، لكن لا يستعمل إلا تبعًا لـ "حسن"، فلما كان "عطشان" و "حسن" يستعمل كل واحد منهما وحده، و "نطشان" و "بسن" لا يستعمل كل واحد منهما وحده، لم يكن "نطشان" مرادفاً لـ "عطشان"، ولا "بسن" مرادفاً لـ "حسن". (¬3) قال في الصحاح / 695 (شذر): وتفرقوا شَذَرَ مَذَرَ، وشِذَرَ مِذَرَ، إِذا ذهبوا في كلِّ وجه. وقال فيه/ 813 (مذر): يقال: تفرقت إِبله شَذَرَ مَذَرَ، وشِذَرَ مِذَرَ، إِذا تفرقت في كل وجه، و "مذر" إِتباع له. (¬4) قال في الصحاح/ 700 (شغر): وتفرقوا شغر بغر. أي: في كل وجه، وهما اسمان جعلا واحداً وبنيا على الفتح. وقال فيه/ 594 (بغر): ويقال: تفرقت إِبله شغر بغر، إِذا تفرقت في كل وجه. (¬5) نهاية 6 أمن (ظ).

مسألة

قال بعض أصحابنا وغيرهم متابعة لمن قبلهم كالآمدي (¬1): المرادف لا يزيد مرادفه إِيضاحاً، ولا يجب تقديم أحدهما، ولا يرادف بنفسه، والمؤكد خلافه، والتابع اللفظي خلافهما، لكونه على زنته، وقد لا يفيد (¬2) معنى. مسألة يقوم كل مرادف مقام الآخر في التركيب، لأنه بمعناه، ولا مانع. قولهم: لو صح، لصح "خُداي (¬3) أكبر". أجيب: نلتزمه، ثم: بالفرق باختلاط اللغتين، وقاله بعض أصحابنا، قال: لأنه قد يختص أحدهما بصحة ضمه إِلى غيره. رد: خلاف الظاهر. (¬4) قال: وقد يكون أحدهما أجلى، فيكون شرحاً. والترادف خلاف الأصل. وأنكرت الملاحدة التأكيد (¬5)، لعدم فائدته. رد: جوازه ضروري، ومعلوم (¬6) وقوعه وإفادته قوة مدلول ما سبق. ¬

_ (¬1) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 25. (¬2) نهاية 8 ب من (ب). (¬3) في هامش (ظ) "خداي" في لسان العجم "الله"، وهو بضم الخاء المعجمة، بعدها دال مهملة مفتوحة -كذا سمعنا جماعة يقولونها بالدال المهملة، والذي كنت أسمعه من بعض مشايخي: بالذال المعجمة. ثم سألت بعض العجم عن ذلك، فقال: بعضهم يقولها بالمهملة كأهل شيراز، وبعضهم يقولها بالمعجمة كأهل خراسان. والله أعلم- وبعد الألف ياء مثناة من تحت مخففة مفتوحة. (¬4) في هامش (ظ): في نسخة: الأصل. (¬5) انظر: المحصول 1/ 1/ 356، والتمهيد للأسنوي/ 161. (¬6) في (ح): معلوم. وقد أشير في (ب) إِلى أن "الواو" قد زيدت من نسخة أخرى.

مسألة

مسألة الحقيقة: فعيلة من الحق بمعنى فاعل كعليم، فالتاء للتأنيث، أي: الثابتة، أو بمعنى مفعول كجريح، فالتاء لنقل اللفظ من الوصفية إِلى الاسمية، أي: المُثْبَتة، ثم نقلت إِلى الاعتقاد المطابق لكونه ثابتًا أو مُثْبَتاً، ثم منه إِلى القول المطابق، ثم منه إِلى المراد هنا، وهي اللفظ المستعمل (¬1) فيما وضع له أولاً في الاصطلاح الذي به التخاطب. ومعناه في الروضة (¬2) وغيرها. وقال بعض أصحابنا وغيرهم: استعمال اللفظ. ومعناه في الواضح (¬3)، ثم فسر الاسم عرفاً بغلبة الاستعمال، لا يجوز غيره. كذا قال. (¬4) وحدّها في العدة -في موضع- (¬5) باللفظ (¬6) المستعمل في موضوعه، و-في موضع- (¬7) باللفظ الباقي على موضوعه. وذكره في التمهيد (¬8) ¬

_ (¬1) في (ح): استعمال اللفظ. (¬2) انظر: الروضة/ 173. (¬3) انظر: الواضح 1/ 28 أ. (¬4) انظر: المصدر السابق 1/ 219 ب. (¬5) انظر: العدة/ 188. (¬6) نهاية 16 من (ح). (¬7) انظر: العدة/ 172. (¬8) انظر: التمهيد/ 12 ب، 79 ب- 80 أ.

وأن أبا عبد الله البصري (¬1) وعبد الجبار (¬2) المعتزلين قالا: "ما أفيد بها ما وضعت له"، (¬3) وأن أبا الحسين (¬4) زاد: "في أصل الاصطلاح الذي وقع التخاطب فيه"، (¬5) وأن قولهما أقوى؛ لأن عند أبي الحسين: لو قال الواضع (¬6) "سميت هذا حائطًا، أو قال: سمّوا هذا حائطًا "، لا يكون قوله في تلك الحال حقيقة ولا مجازًا؛ لأنه لم يتقدم ذلك مواضعة واصطلاح، وهذا خطأ؛ لأن (¬7) الكلام -إِذا خلا عن حقيقة ومجاز- مهمل، وهذا كلام مفهوم غير مهمل. ¬

_ (¬1) هو: الحسين بن علي، الملقب بـ "الجعل"، فقيه حنفي، من شيوخ المعتزلة. ولد في البصرة سنة 293 هـ، وسكن بغداد، وتوفي بها سنة 369 هـ. من مؤلفاته على مذهب المعتزلة: الإِيمان، والمعرفة. انظر: الفهرست/ 174، وطبقات الفقهاء للشيرازي 1/ 121، وتاريخ بغداد 8/ 73، والمنتظم 7/ 101، والجواهر المضية 1/ 216، وشذرات الذهب 3/ 68. (¬2) هو: أبو الحسين عبد الجبار بن أحمد بن عبد الجبار الهمذاني، قاض أصولي، كان شيخ المعتزلة في عصره، ولي القضاء بالري، ومات بها سنة 415 هـ. من مؤلفاته: تنزيه القرآن عن المطاعن، والأمالي. انظر: تاريخ بغداد 11/ 113، وطبقات الشافعية للسبكي 5/ 97، ولسان الميزان 3/ 386، والرسالة المستطرفة/ 160. (¬3) انظر: المعتمد للبصري/ 17 (¬4) وهو: أبو الحسين البصري، صاحب المعتمد في أصول الفقه. (¬5) انظر: المعتمد للبصري/ 16. (¬6) انظر: المصدر السابق/ 16 - 17. (¬7) نهاية 9 أمن (ب).

والحقيقة قد تصير مجازا،

فإن قيل: فيلزمكم أن من استعمل السماء في الأرض قد تَجَوَّز به؛ (¬1) لأنه أفاد به غير ما وضع له. قيل: كذا نقول، ومن سَلَّم قال: الأرض لا تعقل من اسم السماء، بخلاف الأسد في الشجاع. كذا قال (¬2) والحقيقة قد تصير مجازًا، وبالعكس. ذكره أصحابنا وغيرهم. وهي: لغوية كالأسد، والأصل بقاؤها، وعرفية كالدابة، وشرعية كالصلاة. مع أنه قال: ما لم يطرد مجاز، كتسميتهم الرجل الطويل نخلة، ولم يُسَمَّ كل طويل بها. (¬3) ولفظ "المجاز" حقيقة عرفاً -قاله بعض أصحابنا وغيرهم- مجاز لغة، لأنه (¬4) "مَفْعَل" للمصدر أو للمكان، من الجواز بمعنى العبور، ثم نقل إِلى المراد هنا، فهو مجاز في الدرجة الأولى؛ لأن العبور انتقال الجسم، و "مفعل" ¬

_ (¬1) نهاية 6 ب من (ظ) (¬2) انظر: التمهيد 12 ب، 79 ب- 80 أ. (¬3) قوله: "مع أنه قال: ما لم يطرد مجاز، كتسميتهم الرجل الطويل نخلة، ولم يسم كل طويل بها". كذا هو في النسخ الثلاث، ولكن أحد الذين قرؤوا نسخة (ب) وضع خطًا متقطعًا باللون الأحمر فوق هذا الكلام، وقد وضع خطًا مماثلاً لهذا الخط فوق كلام ملغى في صفحة أخرى من هذه النسخة. وانظر: التمهيد/ 14أ، 83أ- ب. (¬4) كذا في (ب) و (ح). وكذا كان اللفظ في (ظ) أيضًا، ثم ضرب عليه وزيدت الواو، فصار: ومفعل.

هنا بمعنى فاعل؛ لأن اللفظ ينتقل، فيكون مجازًا. وحد المجاز بخلاف [حد (¬1)]، الحقيقة على الخلاف السابق. (¬2) وزاد في حده في الروضة وغيرها: "على وجه يصح" (¬3). وظاهر كلامهم أنه غير العلاقة، فيكون قصد العلاقة، لا غلطاً. وفسره (¬4) جماعة بالعلاقة بين المفهوم الحقيقي والمجازي. وسبق (¬5) ما في التمهيد. وذكر بعضهم اعتبارها إِجماعاً؛ وإِلا يكون (¬6) الوضع بالنسبة إِلى المعنى الثاني أول، فيكون حقيقة فيهما. ولا يعتبر اللزوم الذهني بين المعنيين خلافاً لقوم (¬7). والعلاقة: المشابهة: إِما في الشكل، كإِنسان للصورة المنقوشة، أو صفة ظاهرة (¬8) كأسد للشجاع، لا خفية كالبخر (¬9)، أو لما كان كعبد على ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين زيادة من (ح). (¬2) في هامش (ب): فهو اللفظ المستعمل في غير وضع أول، أو في غير موضوعه. (¬3) انظر: الروضة 1/ 75، وشرح العضد 1/ 138، والبلبل/ 39. (¬4) نهاية 17 من (ح). (¬5) انظر: ص 71 من هذا الكتاب. (¬6) أي: لأنه لو لم تكن علاقة بين المعنيين، لكان الوضع بالنسبة إِلى المعنى الثاني أول. وانظر: شرح الكوكب المنير 1/ 154 - 155. ورفع "يكون" هنا ضعيف لغة. (¬7) انظر: شرح الكوكب المنير 1/ 155. (¬8) انظر: البلبل/ 39. (¬9) في (ب) و (ظ): كالبحر. والبخر -بفتحتين- هو: تغير رائحة الفم. انظر: لسان العرب 5/ 110.

عتيق، أو لما يكون كخمر على عصير، أو للمجاورة كـ "جرى النهر والميزاب". قال الآمدي: وجميع (¬1) جهات التجوز لا تخرج عن هذا. (¬2) قال القاضي -في مسألة ثبوت الأسماء قياسًا-: (¬3) "أهل اللغة أجروا اسم الشيء على الشيء لوجود بعض معناه فيه، كالشجاع سبعًا، ولَمَّا لم يوجد كل معانيه كان مجازًا، وأما (¬4) النبيذ فتوجد فيه معاني الخمر كلها، وكذا النَبَّاش؛ فلهذا كان حقيقة". قال بعض أصحابنا (¬5): "هذا تصريح بثبوت (¬6) الأسماء -حقائقها ومجازاتها- قياسًا، لكن فيه قياس المجاز بالحقيقة. وقياس المجاز بالمجاز مقتضى كلامه: إِن وجد فيه معاني المجاز المقاس عليه (¬7) كلها: جاز، كما أن الحقيقة إِذا وجد فيه (¬8) معنى الحقيقة كلها: جاز". ¬

_ (¬1) في (ب) و (ظ): كل جهات. (¬2) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 29. (¬3) انظر: العدة/ 206 ب. (¬4) نهاية 9 ب من (ب). (¬5) انظر: المسودة/ 174. (¬6) في (ظ): بعض الأسماء. وانظر: المسودة/ 174. (¬7) في (ظ): عليها. وفي المسودة: عليها. وفي بعض نسخها: "عليه". انظر: المسودة/ 174. (¬8) كذا في النسخ الثلاث، وفي المسودة/ 174. ثم جرى تصحيحها من نسخة أخرى في هامش (ب) هكذا: فيها.

وقال أيضًا في العدة (¬1): (¬2) قد قيل في المجاز: لا يقاس (¬3) عليه؛ لأنه غير موضوع ما تناوله في أصل اللغة؛ لأنه لا يصح: "وسَلِ الثوب"، "فبما كسبت أرجلكم (¬4) "، "فتحرير صدر" قياسًا ولم يذكر (¬5) غيره. وذكر (¬6) ابن عقيل أن المجاز نص (¬7) على وضعه، لا يقاس عليه، [فلا (¬8)]، يقال: "سَلِ البساط والسرير"؛ لأنه مستعار من حقيقة، فلو قيس عليه كان استعارة منه، فيتسلسل؛ ولهذا منعوا من تصغير المصغَّر. قال (¬9): "ويظهر أن المجاز قياس منهم". وقال في مسألة العموم (¬10): يحسن تأكيد العدد المفصل بالجملة، فكذا عكسه، فإِذا حسن: "عشرة وثلاثون، أربعون" حسن: "عشرة، ثمانية واثنان" قياسًا كان، فنحن نقول به، واللغة تثبت قياسًا أو استقراء. وقال في المتشابه: (¬11) "لا يستعار الشيء إِلا من أصل يقاربه". ¬

_ (¬1) انظر: العدة/ 702. (¬2) في (ظ) وقد قيل. وانظر: العدة/ 702. (¬3) نهاية 7 أمن (ظ). (¬4) في هامش (ظ): في نسخة: أرضكم. (¬5) في (ب): ولم يذكره غيره. (¬6) انظر: الواضح 1/ 215 ب، 2/ 167 ب. (¬7) في الواضح: "مقصور على وضعه". (¬8) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬9) انظر: الواضح 1/ 216 ب. (¬10) انظر: المصدر السابق 2/ 82 ب. (¬11) انظر: المصدر السابق 2/ 156 أ.

وقال أبو بكر الطرطوشي (¬1) المالكي: "أجمع العلماء أن (¬2) المجاز لا يقاس عليه في موضع القياس". (¬3) وكذا قال الآمدي: (¬4) "نسخت الكتاب" لا يشبه الإِزالة، فهو من النقل، فهو حقيقة في النقل؛ لأن المجاز لا يتجوز به في غيره بإِجماع أهل اللغة مع أنه ذكر هنا قولين: (¬5) هل يعتبر في إِطلاق الاسم على مسماه المجازي نقله عن العرب - كما قال بعض أصحابنا: لابد في المجاز من سمع أو تكفي العلاقة؟ واختاره بعض أصحابنا (¬6). وحكى (¬7) ابن الزاغوني (¬8) ¬

_ (¬1) هو: محمد بن الوليد بن محمد بن خلف القرشي الفهري الأندلسي، ويقال له: ابن أبي رندقة، أديب من فقهاء المالكية الحفاظ من أهل (طرطوشة) بشرق الأندلس، ولد سنة 451 هـ، وتفقه ببلاده، ورحل إِلى المشرق سنة 476 هـ، فحج، وزار العراق ومصر والشام، وأقام مدة فيها، وسكن الاسكندرية، فتولى التدريس، واستمر فيها إِلى أن توفي سنة 520 هـ. من مؤلفاته: سراج الملوك، والحوادث والبدع، ومختصر تفسير الثعلبي. انظر: بغية الملتمس / 125، ووفيات الأعيان 4/ 262، والديباج المذهب/ 276. (¬2) نهاية 18 من (ح). (¬3) حكاه في المسودة/ 174، قال: ذكره في مسألة الترتيب في خلافه. (¬4) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 103. (¬5) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 52. (¬6) انظر: البلبل/ 40. (¬7) حكى في المسودة/ 173 حكاية ابن الزاغوني هذه. (¬8) هو: أبو الحسن علي بن عبيد الله بن نصر بن السري، مؤرخ فقيه من أعيان الحنابلة=

فيه خلافًا عن بعض الأصحاب بناء على ثبوت اللغة قياسًا. (¬1) احتج من أجازه: بعدم توقف أهل العربية. وبأنه لو كان نقليًا لما احتيج إِلى نظر في علاقة. أجيب: ينظر (¬2) الواضع، وإِن نظر المستعمل فلتَعَرُّفِ الحكمة. قول المانع: يلزم جواز "نخلة" لطويل غير إِنسان، و "شبكة" للصيد، (¬3) و "ابن" للأب، وبالعكس. أجيب: لوجود مانع هنا، هي دعوى (¬4) بلا دليل. وما سبق (¬5) من كلام القاضي يقتضي جوازه. سبق (¬6) ما في التمهيد. ¬

_ =من أهل بغداد، كان متفنناً في علوم شتى من الأصول والفروع والحديث والوعظ وصنف في ذلك كله، ولد سنة 455 هـ، وتوفي سنة 527 هـ. من مؤلفاته: غرر البيان في أصول الفقه، والإيضاح في أصول الدين، وكتاب في التاريخ على السنين، والإقناع والواضح والخلاف الكبير والمفردات، وكلها في الفقه. انظر: اللباب 2/ 53، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 180، والمنهج الأحمد 2/ 238، وشذرات الذهب 4/ 80. (¬1) نهاية 10 أمن (ب). (¬2) في (ب): بنظر. (¬3) في (ح): لصيد. (¬4) في (ح): "وهذا لا يتوجه ولا دليل عليه". مكان قوله "هي دعوى بلا دليل" (¬5) انظر: ص 73 من هذا الكتاب. (¬6) انظر: ص 71 من هذا الكتاب.

قال الأصوليون: يعرف المجاز

قولهم: (¬1) لو جاز لكان قياسًا لغة -وفيه خلاف- أو اختراعاً وليس بلغة. أجيب: بأن العلاقة مصححة كرفع الفاعل. وسبق كلام أصحابنا. والله أعلم. قال الأصوليون: يُعرف المجاز بصحة النفي في نفس الأمر. وقيل: دور؛ لأنه يلزم سبق العلم بالمجاز، وإنما يلزم الدور إِن أريد نفي المستعمل لا نفي الواضع. وقيل: هو حكم. وبعدم تبادر مدلوله إِلى الفهم من غير قرينة وعلم به غالبًا. (¬2) وأورد: المشترك. وأجاب الآمدي: بأنه عام أو حقيقة في واحد على البدل، فيتبادر، ولا يتبادر المعيَّن، فليس حقيقة فيه، وفيه دقة. كذا قال. (¬3) قال بعض أصحابنا (¬4) وغيرهم: إِذا عرف أن الواضع استعمل الكلام في معنى لا يجوز حمله على غيره، ونقول: أراد القياس، كفعل أهل البدع. [و (¬5)]، قال بعض أصحابنا وغيرهم: لا يجوز وضع لفظ مشهور بين الناس لمعنى خفي مراد، إِن منعنا تكليف ما لا يطاق وتأخير البيان عن وقت (¬6) الحاجة، وإِلا جاز. ¬

_ (¬1) في (ح) قالوا. (¬2) نهاية 7 ب من (ظ). (¬3) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 30 - 31. (¬4) انظر: مجموع الفتاوى 7/ 115. (¬5) ما بين المعقوفتين زيادة من (ح). (¬6) نهاية 19 من (ح).

قال بعض أصحابنا وغيرهم: لا يجوز أن يرد في الكتاب والسنة ما يعنى به غير ظاهره بلا دليل، وقاله صاحب المحصول وغيره؛ لأنه مما لا يطاق، ولأنه بالنسبة إِلى غير ظاهره مهمل، ولرفع الوثوق، خلافًا للمرجئة. (¬1) [وقال صاحب (¬2)] المحصول (¬3): لا يجوز القول بأن الله [قد (¬4)] (¬5) يعني بكلامه خلاف ظاهره، ولا يدل عليه، خلافًا للمرجئة. (¬6) ¬

_ (¬1) المرجئة من كبار الفرق المشهورة. والإِرجاء يطلق على معنيين: أحدهما: التأخير. والثاني: إِعطاء الرجاء. وتسميتهم بالمرجئة: إِما للمعنى الأول؛ لأنهم كانوا يؤخرون العمل عن رتبته وعن النية والعقد، وإما للمعنى الثاني؛ لأنهم كانوا يقولون: لا يضر مع الإِيمان معصية كما لا تنفع مع الكفر طاعة. وقال في الحور العين/ 203: سموا مرجئة؛ أنهم يرجئون ون أمر أهل الكبائر من أمة محمد إِلى الله، ولا يقطعون على العفو عنهم، ولا على تعذيبهم. والمرجئة ثلاثة أصناف: صنف قالوا بالإِرجاء في الإِيمان، وبالقدر على مذهب القدرية المعتزلة كأبي شمر، وهؤلاء داخلون في مضمون الخبر الوارد في لعن القدرية، وصنف قالوا بالإِرجاء في الإِيمان، وبالجبر في الأعمال على مذهب جهم بن صفوان، فهم إِذًا من جملة الجهمية، والمصنف الثالث خارجون عن الجبرية والقدرية. والمرجئة فرق عديدة، تختلف فيما بينها في الأصول والقواعد. انظر: الفرق بين الفرق/ 202، والملل والنحل 1/ 222، والفرق الإِسلامية/ 81. (¬2) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب)، (ظ). (¬3) انظر: المحصول 1/ 1/ 545. (¬4) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ظ). (¬5) نهاية 10 ب من (ب). (¬6) في (ظ) ضرب على قوله: "المحصول: لا يجوز القول بأن الله يعني بكلامه خلاف=

ويعرف المجاز

ويعرف المجاز أيضًا بعدم اطراده. ولا عكس؛ لأنه المجاز قد يطرد، كإِطلاق اسم الكل على الجزء. ويرد: "السخي" و "الفاضل" لغير الله تعالى، ولا يطلقان على الله. و "القارورة" للزجاجة، ولا تطرد. فإِن أجيب بمانع شرعي أو لغوي، فدور، لسبق العلم بالمجاز. وبجمعه [على (¬1)] خلاف جمع الحقيقة، كأمور جمع "أمر" للفعل، وامتناع أوامر جمع "الأمر (¬2) " للقول. ولا عكس؛ لأنه يقال: "أُسْد" للشجعان كالضراغم، واختلاف المسمى لا يؤثر في اختلاف الجمع؛ لأن الجمع للاسم. وذكر بعضهم أن المجاز لا يجمع. وأبطله الآمدي (¬3) بأن لفظ "الحمار" للبليد يثنى ويجمع إِجماعًا. وبالتزام تقييده (¬4)، كـ "جناح الذل" و "نار الحرب". وبتوقفه على مقابله، كفهم مسمى المكر بالنسبة إِلى الله متوقف على فهمه بالنسبة إِلينا لا على إِطلاقه، كقوله: (أفأمنوا مكر الله) (¬5)، خلافًا ¬

_ =ظاهره، ولا يدل عليه، خلافًا للمرجئة". وجاء في هامشها: المضروب عليه أصل في غالب النسخ. (¬1) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬2) كذا في (ح) و (ب). وكذلك كانت في (ظ) ثم جعلت: الأول. (¬3) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 32. (¬4) أي: ويعرف المجاز أيضًا بالتزام تقييده. (¬5) سورة الأعراف: آية 99.

مسألة

لما ذكره بعض أصحابنا (¬1) وغيرهم. وبعدم الاشتقاق منه بلا منع، كالأمر للفعل. وبإِضافته إِلى غير قابل، نحو: (واسأل القرية) (¬2). وفي الفنون: (¬3) المجاز لا يؤكد. (¬4) مسألة (¬5) وكل لفظ مستعمل حقيقة أو مجاز. وقبل استعماله لا واحد منهما (¬6)، ذكره جماعة منهم الآمدي (¬7)، ومن تبعهم، منهم (¬8) بعض أصحابنا (¬9)؛ لأن الاستعمال جزء من مفهوم كل منهما، وينتفي الكل بنفي الجزء. وزاد بعض أصحابنا: إِن قلنا: اللغة اصطلاح كأسماء الأعلام والصفات. وقاله أيضًا بعض أصحابنا؛ (¬10) "إِنما ¬

_ (¬1) انظر: مجموع الفتاوى 7/ 111، 20/ 471. (¬2) سورة يوسف: آية 82. (¬3) الفنون: كتاب مشهور لأبي الوفاء علي بن عقيل البغدادي الحنبلي، المتوفي سنة 513 هـ. وهو كتاب كبير جداً، عثر على بعضه، وطبع في مجلدين. (¬4) انظر: المزهر 1/ 363، وشرح الكوكب المنير 1/ 183. (¬5) لفظ "مسألة" ورد في (ب) فقط. وقد ضرب عليه أحد قراء النسخة. (¬6) في (ح): ليس حقيقة ولا مجازا. (¬7) انظر: الإِحكام 1/ 34. (¬8) نهاية 8 أمن (ظ). (¬9) انظر: البلبل/ 40 (¬10) انظر: مجموع الفتاوى 7/ 90 - 11.

يصح إِن كانت اللغة اصطلاحية، وأن المعروف بالتواتر استعمال هذه الألفاظ فيما عنوه بها من المعاني، فإِن ادعى مدع أنه يعلم وضعاً يتقدم ذلك، (¬1) فهو مبطل، فإِنه لم ينقله أحد [من الناس (¬2)] ". وسبق (¬3) في الحد ما في التمهيد. وفيه (¬4) أيضًا: (¬5) أسماء الألقاب لا يدخلها الحقيقة (¬6) والمجاز؛ لأنها لم تقع على مسمياتها المعينة بوضع لغوي أو (¬7) شرعي، فلم يقل: إِن مستعملها اتبع حقيقتهما أو (¬8) مجازهما. وفي الواضح (¬9): "أسماء الأعلام حقيقة لا مجاز فيها، وضعت للفرق بين الأشخاص، لا في الصفات وأفادة معنى في المسمى، حتى إِذا جرى على من ليست له تلك الصفة: قيل: مجاز. وقد يجوز في موضع أن يتجوز بالاسم لمعناه وخصيصته، نحو -للنحوي-: هذا سيبويه زمانه، وللجواد: ¬

_ (¬1) نهاية 20 من (ح). (¬2) ما بين المعقوفتين زيادة من (ح). (¬3) انظر: ص 70 من هذا الكتاب. (¬4) انظر: التمهيد/ 12 ب، 79 ب، 83 ب. (¬5) نهاية 11 أمن (ب). (¬6) في (ب) و (ظ): "حقيقة ومجاز" مكان قوله "الحقيقة والمجاز". (¬7) في (ح): ولا. (¬8) في (ح): حقيقتها أو مجازها. وفي (ظ) حقيقتها ومجازها. (¬9) انظر: الواضح 1/ 215 أ-ب.

مسألة

هذا حاتم، وللشجاع: هذا علي. وهذا قياس على الوضع اللغوي بالمعنى (¬1) الذي سلكه أهل اللغة". وقال بعض أصحابنا وغيرهم: العلم لا علاقة بين أصله ومسماه، وهي شرط للمجاز. قال: ولا مجاز بالذات إِلا في اسم جنس؛ لأن الحرف لا يفيد؛ فإِن (¬2) ضم إِلى ما ينبغي فحقيقة، وِإلا مجاز في المركب. والفعل والاسم (¬3) تابعان في المجاز للمصدر والمشتق منه. وقال الآمدي (¬4): أسماء الألقاب قد تصير حقيقة ومجازًا. قال بعض أصحابنا: وهو غريب بعيد. مسألة (¬5) الحقيقة لا تستلزم المجاز (و)، خلافًا لما حكاه (¬6) ابن الباقلاني عن بعض القدرية: (¬7) أنها ¬

_ (¬1) في (ظ): وبالمعنى. (¬2) في (ح): وإِن. (¬3) تقدم ذكر الاسم على الفعل في (ظ) فجاء الكلام هكذا: والاسم والفعل. (¬4) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 34. (¬5) لفظ "مسألة" ورد في (ب) فقط. وضرب عليه أحد قراء النسخة. (¬6) حكيت هذه الحكاية في المسودة/ 564. (¬7) القدرية هم نفاة القدر، المكذبين به، الذين يقولون: "إِن الله لم يقدر ولم يشأ أفعال العباد"، بل منهم من أنكر أن يكون العلم سابقاً على ما به العباد عاملون، وما هم إِليه صائرون.=

تستلزمه، وأن ما (¬1) لا مجاز له، لا يقال له: حقيقة. قال (¬2) في التمهيد والروضة والواضح: والمجاز يستلزم الحقيقة؛ لأنه ما تُجُوِّز به عن موضوعه، فاحتجوا بمجرد الوضع، ولئلا يعرى الوضع عن فائدة. ورد: فائدته التجوز، وقد يستعمل بعد المجاز. وقال بعض أصحابنا: المجاز في معنى لا بد (¬3) كونه حقيقة في غيره، إِن ¬

_ =وقد حدث القول بالقدر -في زمان المتأخرين من الصحابة- من معبد الجهني المتوفى سنة 80 هـ، وغيلان الدمشقي، والجعد بن درهم. وقد تبرأ منهم المتأخرون من الصحابة: كعبد الله بن عمر وجابر بن عبد الله وأبي هريرة وابن عباس وأنس بن مالك وأقرانهم، وأوصوا أخلافهم بألا يسلموا على القدرية، ولا يصلوا على جنائزهم، ولا يعودوا مرضاهم. والقدرية على أصناف تتفاوت في شدة المقالة ونكيرها. انظر: التنبيه والرد/ 157، والفرق بين الفرق/ 18، والقاموس المحيط 2/ 118. ويرى صاحب الحور العين أن القدرية هم المحتجون بالقدر، قال في ص 204: "وسميت القدرية قدرية، لكثرة ذكرهم القدر وقولهم في كل ما يفعلونه: قدره الله عليهم، والقدرية يسمون العدلية بهذا الاسم، والصحيح ما قلناه؛ لأن من أكثر من ذكر شيء نسب إِليه. مثل: من أكثر من رواية النحو نسب إِليه، فقيل: نحوي، ومن أكثر من رواية اللغة نسب إِليها، فقيل: لغوي، وكذلك من أكثر من ذكر القدر وقال في كل فعل يفعله: "قدره الله عليه": قيل: قدري، والقياس في ذلك مطرد". (¬1) في (ظ): من. (¬2) انظر: التمهيد/ 14أ، 83 ب، ونزهة الخاطر 2/ 20، والواضح 1/ 28ب، 214 ب. (¬3) كذا في النسخ. والأولى: لابد من كونه.

استعمل فيه. وللحنفية والشافعية في استلزامه خلاف (¬1). وذكر بعضهم عدمه عن (¬2) المحققين، واختاره الآمدي، (¬3) لئلا يكون لنحو: "قامت الحرب على ساق" و" شابت لمَّة الليل" حقيقة. ورد: مشترك الالتزام، للزوم (¬4) الوضع لهما. وبأنه لا مجاز في التركيب، وأن قول الجرجاني (¬5) -في نحو: أحياني اكتحالي بطلعتك-: "إِن المجاز في الإِسناد" (¬6) بعيد، لاتحاد جهته، لأنه لم يوضع لمعنى ثم نقل لعلاقة. ¬

_ (¬1) انظر: فواتح الرحموت 1/ 208، وشرح المحلي 1/ 310، وشرح العضد 1/ 153، والإِحكام للآمدي 1/ 34. (¬2) نهاية 8 ب من (ظ). (¬3) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 34. (¬4) نهاية 11 ب من (ب). (¬5) هو: أبو بكر عبد القاهر بن عبد الرحمن بن محمد الجرجاني، واضع أصول البلاغة، كان من أئمة اللغة، من أهل جرجان بين طبرستان وخراسان، توفي سنة 471 هـ، وكان شافعي المذهب أشعري الأصول. من مؤلفاته: أسرار البلاغة، ودلائل الإعجاز، والجمل، والتتمة -وهما في النحو- وإعجاز القرآن، والعوامل المائة. انظر: نزهة الألباء/ 434، وإنباه الرواة 2/ 188، وفوات الوفيات 1/ 297، ومرآة الجنان 3/ 101، وطبقات الشافعية للسبكي 5/ 149، وبغية الوعاة/ 310، ومفتاح السعادة 1/ 143. (¬6) انظر: أسرار البلاغة للجرجاني/ 418.

ورد: بمنع اتحاده، وظهور المجاز في "طلعت الشمس" و "مات زيد"، لاستعمال مفرديه فيما وضعا له. وقاله بعض (¬1) أصحابنا "أن المجاز في الفرد والمركب، نحو: أشاب الصغير وأفنى الكبيـ ... ـر كَرُّ الغداة ومَرُّ العشي (¬2) وفيهما". قال: والمجاز (¬3) في التركيب عقلي (¬4)، نحو: (وأخرجت (¬5) الأرض أثقالها). (¬6) ¬

_ (¬1) في (ب) و (ظ): "وقاله غير واحد من أصحابنا". مكان قوله: وقاله بعض أصحابنا. (¬2) البيت للصَّلَتان العبدي. وهو قُثَم بن خَبِيئَة -ويقال: خَبِيَّة- وهو أحد بني محارب ابن عمرو بن وديعة بن عبد القيس، وينسب إِليه، فيقال: العبدي. قال الآمدي في المؤتلف والمختلف: "شاعر مشهور خبيث". توفي نحو سنة 80 هـ. والبيت من قصيدة يوصي بها ابنه، وهي حسنة، كثيرة الأمثال، وفيها يقول: أشار الصغير وأفنى الكبيـ ... ـر كر الغداة ومر العشي إِذا هرمت ليلة يومها ... أتى بعد ذلك يوم فتي نروح ونغدو لحاجاتنا ... وحاجة من عاش لا تنقضي تموت مع المرء حاجاته ... وتبقى له حاجة ما بقي انظر: الشعر والشعراء لابن قتيبة 1/ 500 - 502، وخزانة الأدب للبغدادي 1/ 308، ومعجم الشعراء للمرزباني / 229 - 230، والمؤتلف والمختلف للآمدي/ 145، والأعلام للزركلي 6/ 29. (¬3) في (ب) و (ح): أو المجاز. (¬4) انظر: المحصول 1/ 1/ 458. (¬5) في النسخ الثلاث: "أخرجت" بدون الواو. (¬6) سورة الزلزلة: آية 2.

مسألة

أسند (¬1) الإِخراج إِلى الأرض، وهو في حكم العقل مسند إِلى الله، فالنقل عن ذلك نقل لحكم عقلي. وقيل: بل لفظي؛ لأن "أخرج" موضوع لصدور الخروج عن قادر، فاستعماله في الأرض مجاز. قيل: أمثلة الفعل لا تدل على مؤثر خاص، وإِلا لكان "أخرج" خبرًا تاماً، و "أخرجه القادر" تكرارًا، ثم: لا تدل على تعيين القادر، وإلا لزم (¬2) الاشتراك بين كل قادر. مسألة إِذا دار اللفظ بين المجاز والاشتراك، فالمجاز أولى، ذكره بعض أصحابنا وغيرهم، لأن الاشتراك مُخِلّ (¬3) بالتفاهم، ولحاجته إِلى قرينتين بحسب معنييه، والمجاز أغلب وقوعًا -قال ابن جني (¬4): أكثر اللغة مجاز (¬5) - ¬

_ (¬1) في (ح): "لأن إِسناد الإِخراج إِلى الأرض بحكم عقلي" مكان قوله "أسند الإِخراج إِلى الأرض، وهو في حكم العقل مسند إِلى الله، فالنقل عن ذلك نقل لحكم عقلي". (¬2) في (ب) وللإِلزام. (¬3) في (ظ)، ونسخة في هامش (ب): يخل. (¬4) هو: أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي، من أئمة الأدب والنحو، وله شعر، ولد بالموصل، وقرأ الأدب على أبي علي الفارسي، وتوفي ببغداد عن نحو 65 عامًا، سنة 392 هـ. من مؤلفاته: المبهج، والخصائص، والتصريف الملوكي. انظر: نزهة الألباء/ 406، ومعجم الأدباء 5/ 15، ووفيات الأعيان 3/ 246، ومفتاح السعادة 1/ 114، وشذرات الذهب 3/ 140. (¬5) انظر: الخصائص 2/ 447.

مسألة

وأبلغ، أي: البلاغة وما يتبعها نحو: "زيد أسد أو بحر"، وأوجز، وأوفق للطباع، ويتوصل به إِلى السجع -وهو: رعاية الوزن- والمقابلة، وهي: جمع بين ضدين فأكثر، تشرط (1) هنا ضد ما شرطت هناك، كقوله: (فأما من أعطى) الآيتان (¬2)، وما سبق (¬3) في الترادف. وعورض: بأن المشترك حقيقة، فيطرد، ويشتق منه، ويتجوز من مفهوميه، فتكثر الفائدة، ويستغني عن العلاقة، وعن الحقيقة، وعن مخالفة ظاهر، وعن الغلط عند عدم القرينة، لوجوب التوقف. وفي المجاز يحمل على الحقيقة، وقد لا تكون مرادة (¬4)، فيغلط. وما ذكر من فوائد المجاز فمشتركة. لكن كون المجاز (¬5) أغلب لا يقابله شيء. (¬6). مسألة الحقيقة الشرعية واقعة منقولة عندنا (و)، وفي الواضح (¬7): كلام ¬

_ (في (ح) و (ظ): تشترط. (¬2) كذا في النسخ الثلاث. ولعل الصواب: "الآيات"، فإِن المقابلة لا تتحقق إِلا بذكر الآيات، من آية 5 إِلى آية 10 من سورة الليل، وهي قوله تعالى: (فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى). (¬3) انظر: ص 65 - 66 من هذا الكتاب. (¬4) في (ح) "مرادَهُ". وفي (ظ): "مراده" بدون شكل. (¬5) نهاية 12 أمن (ب). (¬6) نهاية 9 أمن (ظ). (¬7) انظر: الواضح 1/ 222 ب.

أحمد وأصحابه يعطي ذلك، وذكره الآمدي عن الفقهاء، (¬1) واختياره الوقف. (¬2) ثم ما تعلق بالأصول (¬3): دينية. وقال صاحب المحصول ومن تبعه: إِن أجري الاسم الشرعي على فعل شرعي كصلاة وزكاة وصوم وحج، سميت غير دينية، وإن أجري على مشتق من فاعل كمؤمن وفاسق وكافر، سميت دينية. كذا قال. (¬4) ومذهب (ع): الأسماء الدينية (¬5) موضوعات مبتدأة، لم تنقل من الحقيقة اللغوية. وفي التمهيد (¬6) وغيره: تارة يسمي -عليه السلام- أسماء (¬7) لمعانٍ لا تعرفها العرب (¬8)، وتارة لشبه من معنى الاسم لغة. وعند القاصي (¬9) ¬

_ (¬1) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 35. (¬2) انظر: المصدر السابق 1/ 44. (¬3) في (ح): بأصول. (¬4) قال ذلك نقلا عن المعتزلة. انظر: المحصول 1/ 1/ 414 - 415. (¬5) انظر: فواتح الرحموت 1/ 223. (¬6) انظر: التمهيد/ 15ب. (¬7) في (ح): اسما. (¬8) نهاية 22 من (ح). (¬9) انظر: العدة/ 189 - 190.

وأبي الفرج المقدسي (¬1): لم تنقل، وزيد عليها أحكام، وهي: حقيقة لغوية مجاز شرعي، وقاله (¬2) ابن الباقلاني، وحكاه في التمهيد عن الأشعرية، وأن للشافعي قولين: كهذا والأول (¬3). قال القاضي في الجامع (¬4): الإِيمان لغة: التصديق، وأقره الشرع، وزاد عليه الطاعات الظاهرة، كصلاة وغيرها، ونقل (¬5) ابن منصور (¬6): "كان ¬

_ (¬1) هو: عبد الواحد بن محمد -وقيل: بن أحمد- بن علي الشيرازي، ثم المقدسي، ثم الدمشقي، الأنصاري السعدي العبادي الخزرجي، شيخ الشام في وقته، من أعيان الحنابلة، أصله من شيراز، وتفقه ببغداد، وسكن بيت المقدس، واستقر في دمشق فنشر مذهب الإِمام أحمد، توفي بدمشق سنة 486 هـ. من مؤلفاته: المنتخب في الفقه، والمبهج، والإِيضاح، والتبصرة في أصول الدين. انظر: طبقات الحنابلة 2/ 248، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 68، والدارس 2/ 65، والأنس الجليل 1/ 297، والمنهج الأحمد 2/ 160. (¬2) انظر: البرهان للجويني/ 174، وشرح تنقيح الفصول/ 43، والوصول لابن برهان / 10أ، وانظر: التمهيد للباقلاني/ 346 - 347. (¬3) انظر: التمهيد/ 14 ب، 180. (¬4) للقاضي كتابان بهذا الاسم، أحدهما: الجامع الكبير، والآخر: الجامع الصغير -وهما في الفروع- وكلام القاضي هذا ورد بصورة مقاربة في كتابه "الإِيمان" 1/ 64 أ-ب، 80 ب-81أ، وانظر -أيضاً- المعتمد للقاضي/ 186. (¬5) أي: نقل عن الإِمام أحمد. (¬6) في كتاب الإِيمان للقاضي أبي يعلى 1/ 80 ب صرح باسمه: "إِسحاق" وهو: أبو يعقوب إِسحاق بن منصور بن بهرام الكوسج، المروزي، العالم الحنبلي الفقيه، ولد بمرو، ورحل إِلى العراق والحجاز والشام، فسمع من بعض العلماء، وورد بغداد، وحدث بها، وروى عنه جماعة، واستوطن نيسابور، وبها كانت وفاته سنة 251 هـ. من مؤلفاته: المسائل، دونها عن الإمام أحمد. انظر: طبقات الحنابلة 1/ 113.

بدء الإِيمان ناقصًا، فجعل يزيد"، وظاهره: أنه زيد عليه، ولم ينقل عنه. قال: ويفيد هذا: إِن ثبت نقله زال الاسم بوجود ضده، وهو المعاصي، وإِن لم ينقل لم يزل الاسم؛ لأنه لم يوجد ضده، بل ينقل اسم الكمال. وذكر (1) محمد بن نصر المروزي (¬2) في الخبر المشهور (لا يزني الزاني وهو مؤمن) (¬3): أنه يخرج منه إِلى الإِسلام، ثم (¬4): في تسميته كافراً كفراً لا ينقل عن الملة مذهبان عن أحمد وأهل (¬5) الحديث. ¬

_ (/) انظر: المسند للمروزي/ 113 - 120. (¬2) هو: أبو عبد الله محمد بن نصر المروزي، إِمام في الفقه والحديث، كان من أعلم الناس باختلاف الصحابة ومن بعدهم في الأحكام، ولد ببغداد سنة 202 هـ، ونشأ بنيسابور، ورحل رحلة طويلة، استوطن بعدها سمرقند، وتوفي بها سنة 294 هـ. من مؤلفاته: المسند في الحديث، وكتاب "ما خالف به أبو حنيفة علياً وابن مسعود", والقسامة في الفقه. انظر: تاريخ بغداد 3/ 315، والمنتظم 6/ 63، وتذكرة الحفاظ 2/ 201، وتهذيب التهذيب 9/ 489، والنجوم الزاهرة 3/ 161، ومفتاح السعادة 2/ 171. (¬3) هذا جزء من حديث رواه جمع من الصحابة. أخرجه البخاري في صحيحه 3/ 136, 8/ 157 / 8/ 164 من حديث ابن عباس وحديث أبي هريرة. وأخرجه مسلم في صحيحه/ 77 من حديث أبي هريرة. (¬4) في (ح): وفي. (¬5) ويطلق عليهم: أهل الأثر، وأهل الحجاز، وهم: أصحاب مالك، والشافعي، وسفيان الثوري، وأحمد، وداود الظاهري، وسموا بذلك لأن عنايتهم كانت بتحصيل الأحاديث ونقل الأخبار وبناء الأحكام على النصوص، ولا يرجعون إِلى القياس ما وجدوا خبراً أو أثرًا، بل منهم: من لم يجوز القياس. انظر: الملل والنحل 1/ 358 ,361.

وقال ابن عقيل: (¬1) الفاسق لا يُسْلَب اسم الإِيمان في أصح الروايتين، لكن يسلب الكمال، ولا يكفر بغير الصلاة عند أصحابنا، وبعض المتأخرين يجري المذهب على الكل، قال: وليس يصح عن صاحب المقالة، بل الصحيح تخصيصه (¬2) الصلاة. وقال في فنونه: إِن الشارع سمى الأعمال والعبادات إِيمانًا، لكونها شواهد، لا أنها حقيقة الإِيمان، كما سمى كثيرًا من المعاصي كفرًا. وقال ابن حامد (¬3): كلام أحمد في الإِسلام يحتمل روايتين، إِحداهما: أنه كالإِيمان (¬4) قول وعمل، والصحيح أن المذهب فيه رواية واحدة (¬5)، والثانية: قول (¬6). قال: ومراده أنه لا يجب فيه العمل كالإِيمان، لأن النص ¬

_ (¬1) انظر: الواضح 1/ 222ب- 223أ. (¬2) نهاية 12 ب من (ب). (¬3) هو: أبو عبد الله الحسن بن حامد بن علي بن مروان البغدادي، إِمام الحنابلة في زمانه ومدرسهم ومفتيهم، من أهل بغداد، كان ينسخ الكتب ويقتات من أجرها متعففاً عن هدايا الخلفاء، عالش طويلاً، وتوفي راجعًا من الحج بقرب "واقصة" سنة 403 هـ. من مؤلفاته: شرح أصول الدين، وتهذيب الأجوبة، والجامع في فقه ابن حنبل. انظر: طبقات الحنابلة 2/ 171، والمنتظم 7/ 263، والنجوم الزاهرة 4/ 232، والمنهج الأحمد 2/ 82. (¬4) نهاية 9 ب من (ظ). (¬5) قال القاضي في المعتمد/ 193: وقد أطلق أحمد القول بأن الإِسلام غير الإِيمان، ومعناه ليس هو جملة الإيمان، وإنما هو من خصاله وطاعاته. (¬6) جاء في المسودة/ 532 - 533: الروايات المطلقة نصوص للإِمام أحمد، وكذا قولنا: وعنه.=

عنه: لا يكفر بترك الصلاة. ¬

_ =وأما التنبيهات بلفظه فقولنا: أومأ إِليه أحمد، أو أشار إِليه، أو دل كلامه عليه، أو توقف فيه. وأما الأوجه فأقوال الأصحاب وتخريجهم إِن كانت مأخوذة من قواعد الإِمام أحمد أو إِيمائه أو دليله أو تعليله أو سياق كلامه وقوته، وإن كانت مأخوذة من نصوص الإِمام أو مخرجة منها، فهي روايات مخرجة له أو منقولة من نصوصه إِلى ما يشبهها من المسائل إِن قلنا: "ما قيس على كلامه مذهب له"،وإن قلنا: "لا" فهي أوجه لمن خرجها وقاسها، فإِن خرج من نص ونقل إِلى مسألة فيها نص يخالف ما خرج فيها صار فيها رواية منصوصة ورواية مخرجة منقولة من نصه إِذا قلنا: "المخرج من نصه مذهبه"، وإن قلنا: "لا" ففيها رواية لأحمد ووجه لمن خرجه، وإن لم يكن فيها نص يخالف القول المخرج فيها من نصه في غيرها فهو وجه لمن خرجه، فإِن خالفه غيره من الأصحاب في الحكم دون طريق التخريج ففيها لهم وجهان، ويمكن جعلهما مذهباً لأحمد بالتخريج دون النقل؛ لعدم أخذهما من نصه، وإن جهلنا مستندهما، فليس أحدهما قولاً مخرجًا للإِمام ولا مذهباً له بحال، فمن قال من الأصحاب هنا: "هذه المسألة رواية واحدة" أراد نصه، ومن قال: "فيها روايتان" فإِحداهما بنص، والأخرى بإِيماء أو تخريج من نص آخر له أو بنص جهله منكره، ومن قال: "فيها وجهان" أراد عدم نصه عليهما، سواء جهل مستنده أم لا، ولم يجعله مذهبًا لأحمد، فلا يعمل إِلا بأصح الوجهين وأرجحهما، سواء وقعا معاً أوْ لا، من شخص واحد أو أكثر، وسواء علم التاريخ أو جهل. وأما القولان هنا فقد يكون الإِمام نص عليهما، كما ذكره أبو بكر عبد العزيز في زاد المسافر، أو نص على أحدهما وأومأ إِلى الآخر، وقد يكون مع أحدهما وجه أو تخريج أو احتمال بخلافه.=

ونصر (¬1) الأشعري أن الإِيمان لغة وشرعًا: التصديق -وتبعه أكثر أصحابه- وأن الأفعال من شرائعه، لا من نفسه، ونصر مع ذلك أنه يستثنى فيه، ولا تدخل (¬2) أعمال القلوب عندهم في الإِيمان. وقال (¬3) حماد بن أبي سليمان، (¬4) وأبو حنيفة (¬5)، (¬6) والمرجئة، ¬

_ =وأما الاحتمال فقد يكون لدليل مرجوح بالنسبة إِلى ما خالفه، أو لدليل مساو له. وأما التخريج فهو نقل حكم مسألة إِلى ما يشبهها والتسوية بينهما فيه. وأما الوقف فهو ترك الأخذ بالأول والثاني والنفي والإِثبات، إِن لم يكن فيها قول؛ لتعارض الأدلة وتعادلها عنده، فله حكم ما قبل الشرع من حظر أو إِباحة أو وقف. وانظر: الإِنصاف للمرداوي 1/ 6، 12/ 256، 266، وصفة الفتوى/ 113، والمدخل إِلى مذهب أحمد/ 55. (¬1) انظر: مسألة الإِيمان للأشعري، ومجموع الفتاوى 7/ 120، 509، والمعتمد للقاضي أبي يعلى/ 187. (¬2) في (ح) و (ظ) ولا يدخل. (¬3) انظر: مجموع الفتاوى 7/ 119، 508. (¬4) هو: مولى إِبراهيم بن أبي موسى الأشعري، فقيه كوفي، كان قاضيًا، وروى عن جماعة، وعنه أخذ أبو حنيفة وغيره الفقه والحديث، وقيل عنه: إِنه مرجئ. توفي سنة 120 هـ. انظر: الفهرست/ 202، وتهذيب التهذيب 3/ 16، وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال/ 92. (¬5) انظر: شرح الفقه الأكبر/ 85. (¬6) نهاية 23 من (ح).

وابن كلاب: تصديق بالقلب، وعمل باللسان. ويد خل أكثر فرق المرجئة أعمال القلوب في الإِيمان، حكاه الأشعري. (¬1) قال بعض المرجئة: "وكما لا ينفع مع الكفر طاعة لا يضر مع الإِيمان معصية"، ورواه الحاكم (¬2) في تاريخه (¬3) عن أبي حنيفة (¬4) ¬

_ (¬1) انظر: مجموع الفتاوى 7/ 543. وانظر كلام الأشعري -على أقوال المرجئة في الإيمان- في كتابه مقالات الإِسلاميين 1/ 213. (¬2) هو: أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد بن حمدويه بن نعيم ابن الحكم الضبي، الطهماني، النيسابوري، الحاكم الشافعي الأشعري، المعروف بـ "ابن البَيِّع". محدث حافظ مؤرخ، ولد بنيسابور سنة 321 هـ، ورحل في طلب الحديث، وقرأ القراءات على جماعة، وتفقه على ابن أبي هريرة وغيره، وأخذ عنه أبو بكر البيهقي، توفي بنيسابور سنة 405 هـ. من مؤلفاته: تاريخ نيسابور، والمستدرك على الصحيحين، والمدخل، وتسمية من أخرجهم البخاري ومسلم، ومعرفة علوم الحديث. انظر: تاريخ بغداد 5/ 473، وتبيين كذب المفتري/ 227، ووفيات الأعيان 4/ 280، وميزان الاعتدال 3/ 680، والوافي بالوفيات 3/ 320، وطبقات الشافعية للسبكي 4/ 155، وغاية النهاية 2/ 184، ولسان الميزان 5/ 232، والرسالة المستطرفة/ 21. (¬3) وهو المسمى بـ "تاريخ نيسابور"، قال في كشف الظنون/ 308: أثنى عليه ابن السبكي حيث قال: هو التاريخ الذي لم ترعيني تاريخاً أجل منه، وهو عندي سيد الكتب الموضوعة للبلاد. ذكر فيه أيضًا تراجم من ورد خراسان ومن استوطنها، واستقصى أخبارهم. (¬4) الذي في الفقه الأكبر لأبي حنيفة: "ولا نقول: إن المؤمن لا تضره الذنوب، وإِنه لا يدخل النار، ولا إِنه يخلد فيها, وإن كان فاسقًا، بعد أن يخرج من الدنيا مؤمنًا.=

وأبي يوسف (¬1)، وقال بعضهم: لا يضر معه صغيرة. وقال ابن المبارك (¬2): المرجئة تقول: حسناتنا متقبلة، وسيئاتنا مغفورة. ¬

_ =ولا نقول: إِن حسناتنا مقبولة، وسيئاتنا مغفورة، كقول المرجئة". انظر: شرح الفقه الأكبر/ 76 - 77. (¬1) هو يعقوب بن إبراهيم بن حبيب الأنصاري الكوفي البغدادي، صاحب أبي حنيفة وتلميذه، وهو أول من عمل على نشر مذهبه، كان فقيهًا علامة من حفاظ الحديث، ولد بالكوفة سنة 113 هـ، وتفقه بالحديث والرواية، ثم لزم أبا حنيفة فغلب عليه الرأي، توفي سنة 182 هـ. من مؤلفاته: الخراج، والآثار. انظر: الفهرست/ 203، والانتقاء/ 172، وتاريخ بغداد 14/ 242، ووفيات الأعيان 6/ 378، والجواهر المضية 2/ 220، ومرآة الجنان 1/ 382، والبداية والنهاية 10/ 180، والنجوم الزاهرة 2/ 107، ومفتاح السعادة 2/ 100، وشذرات الذهب 1/ 298. (¬2) هو: أبو عبد الرحمن عبد الله بن المبارك بن واضح الحنظلي بالولاء التميمي المروزي، الحافظ شيخ الإسلام المجاهد، ولد سنة 118 هـ، وتفقه على سفيان الثوري، ومالك ابن أنس، وروى عنه الموطأ جمع الحديث والفقه والعربية وأيام الناس والشجاعة والسخاء، كان من سكان خراسان، ومات بـ "هيت" على الفرات منصرفًا من غزو الروم سنة 181 هـ. من مؤلفاته: كتاب في الجهاد، والرقائق. انظر: حلية الأولياء 8/ 162، وتاريخ بغداد 10/ 521، ووفيات الأعيان 3/ 23، وتذكرة الحفاظ 1/ 253، ومفتاح السعادة 2/ 112، وشذرات الذهب 1/ 295، والرسالة المستطرفة/ 48.

وقال الجهمية (¬1): المعرفة، (¬2) وذكره بعض أصحابنا (¬3) عن الأشعري وأكثر أصحابه، وبعضهم فرق بينهما. وفيه نظر. وقالت الكرامية (¬4): قول باللسان فقط، لتناوله المنافقين في أحكام الدنيا. وعند الجهمية والمرجئة والكرامية: إِيمان الناس كلهم سواء، ولا استثناء فيه. والكلام على هذا في أصول الدين. وقال بعض أصحابنا (¬5): لم تنقل، ولم يزد فيها، بل الشارع إِنما ¬

_ (¬1) الجهمية هم: أتباع جهم بن صفوان الذي فتح باب شر عظيم، وقد ظهرت بدعته بـ (ترمذ)، ثم انتشرت بعد ذلك، وقد قتل جهم في آخر ملك بني أمية سنة 128 هـ. والجهمية تقول: لا قدرة للإنسان على الفعل أصلاً، بل هو مجبور بما يخلقه الله من الأفعال فيه على حسب ما يخلقه في سائر الجمادات، فهم إِذًا من الجبرية الخالصة، والجبر هو: نفي الفعل عن العبد حقيقة، وإِضافته إِلى الرب تعالى، وتقول: الله تعالى لا يعلم الشيء قبل وقوعه، وأن علومه حادثة لا في محل، وأنه يمتنع أن يتصف الرب تعالى بما يصلح أن يوصف به غيره؛ لأن ذلك مما يوجب التشبيه، وذلك ككونه حياً وعالمًا ويصح أن يتصف بما لا يشاركه فيه غيره، ككونه خالقًا وفاعلاً. وزعموا أن الجنة والنار تفنيان بعد دخول أهلهما فيهما، ويفنى ما فيهما. ووافقوا المعتزلة في نفي الرؤية، وإثبات خلق الكلام، وإِيجاب المعرفة بالعقل قبل ورود الشرع. انظر: الفرق بين الفرق/ 211، والملل والنحل 1/ 113، والفرق الإسلامية/ 89. (¬2) انظر: المعتمد للقاضي/ 186 - 187، ومجموع الفتاوى 7/ 307، 308. (¬3) انظر: مجموع الفتاوى 7/ 120. (¬4) انظر: المعتمد للقاضي/ 187، ومجموع الفتاوى 7/ 140، 509. (¬5) انظر: محموع الفتاوى 7/ 298.

استعملها على وجه يختص بمراده، لا مطلقًا. لنا: أنه لا يمتنع وضع الشارع اسماً (¬1) لمعنى؛ لأن دلالته ليست ذاتية، ولا يجب اسم لمسمى، لجواز إِبداله أول الوضع، وانتفائه قبل التسمية. (¬2) والقطع: أن الصلاة لغة: الدعاء والاتباع، والزكاة: النماء، والصوم: إِمساك مطلق، والحج: قصد مطلق. وشرعًا: لأمور معروفة. قولهم: باقية، والزيادات شروط. رد: بصلاة أخرس منفرد، فإِنه غير داع ولا متبع. وفيه نظر؛ لأن إِشارة الأخرس كالنطق. قولهم: مجازات، فإِن الدعاء جزء الصلاة، والزكاة سبب النماء. رد: إِن أريد استعمال الشارع لها وغلبته فهو المراد، وإن أريد أهل اللغة فهم لم يعرفوها، والاستعمال فرع تعقل المعنى. ولأنها تفهم بلا قرينة، والمجاز يتوقف عليها. قالوا: لو وضعها الشارع لزمه تعريفها؛ (¬3) لئلا يلزم ما لا يطاق، ولو عرفها لنقل تواتراً؛ (¬4) لأن الآحاد لا تفيد، ولا تواتر. أجيب: بيّنه عاماً، ونُقل خاصاً، كالأذان. ¬

_ (¬1) في (ظ) أسماء. (¬2) نهاية 13 أمن (ب). (¬3) نهاية 10أمن (ظ). (¬4) نهاية 24 من (ح).

وبأن التعريف بالقرائن، كتعليم الأطفال. قالوا: يلزم كون هذه الأسماء غير عربية، لعدم وضعها لغة، فيلزم كون القرآن غير عربي. أجيب: عربية بوضع الشارع. وبأن ضمير (أنزلناه) (¬1) للسورة، وبعض القرآن قرآن، لاشتراكهما في المعنى، كبعض الماء وبعض اللحم، بخلاف نحو: مائة ورغيف. ثم يطلق العربي على الغالب، كشعر عربي فيه فارسية. قالت المعتزلة: الإِيمان لغة: التصديق، وشرعًا: فعل الواجبات، لأنها الدين، لقوله: (وما أمروا) (¬2)، والدين: الإِسلام، لقوله (إِن الدين) الآية (¬3)، والإِسلام: الإِيمان، لقبول الإِيمان من مبتغيه، وإلا لم يقبل، لقوله (ومن يبتغ) (¬4)، ولصحة (¬5) استثناء المسلم من المؤمن في قوله: (فما وجدنا فيها) الآية. (¬6) ¬

_ (¬1) سورة يوسف: آية 2: (إِنا أنزلناه قرآناً عربيًا لعلكم تعقلون). (¬2) سورة البينة: آية 5: (وما أمروا إِلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة). (¬3) سورة آل عمران: آية 19: (إِن الدين عند الله الإِسلام وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إِلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بين هم ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب). (¬4) سورة آل عمران: آية 85: (ومن يبتغ غير الإِسلام دينًا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين). (¬5) في (ب): والصحة. (¬6) سورة الذاريات: آية 35 - 36: (فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين * فما وجدنا=

أجيب: بالمعارضة بسلب الإِيمان وإثبات الإِسلام في قوله: (قل لم (¬1) تؤمنوا) الآية، (¬2) وقيل: كانوا منافقين. والإِسلام والدين: الانقياد (¬3) والعمل الظاهر، والإِيمان شرعًا: تصديق خاص. وبأن (وذلك (¬4) دين القيمة) (¬5) لا يعود إِلى (¬6) ما سبق؛ لأنه مذكر وما سبق كثير مؤنث. والذي في التفسير (¬7): (وذلك): الذي أمروا به أو الدين. وبأنه لا يلزم من صدق المؤمن على المسلم أن الإِسلام الإِيمان. وإِنما صح الاستثناء؛ لأن البيت -وهو لوط وابنتاه- كانوا مؤمنين ¬

_ =فيها غير بيت من المسلمين). (¬1) في النسخ الئلاث: قل لن. (¬2) سورة الحجرات: آية 14: (قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولمّا يدخل الإِيمان في قلوبكم) وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمالكم شيئًا إن الله غفور رحيم). (¬3) في (ظ): والانقياد. بزيادة الواو. (¬4) في النسخ الثلاث: ذلك. بدون الواو. (¬5) سورة البينة: آية 5: (وما أمروا إِلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة). (¬6) نهاية 13 ب من (ب). (¬7) انظر: تفسير الطبري 30/ 170، وتفسير القرطبي 20/ 144.

مسألة

مسلمين. قالوا: من دخل النار مخزى، لقوله: (فقد أخزيته) (¬1)، والمؤمن لا يخزى لقوله: (يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا). (¬2) رد: الخزي للمخلد، ثم: عدمه للصحابة، أو مستأنف. مسألة المجاز واقع (و) خلافًا (¬3) لأبي إِسحاق الإِسفراييني (¬4) الشافعي، ومن تبعه. واختاره بعض أصحابنا، وقال (¬5): المشهور أن الحقيقة والمجاز من ¬

_ (¬1) سورة آل عمران: آية 192: (ربنا إِنك من تدخل النار ففد أخزيته وما للظالمين من أنصار). (¬2) سورة التحريم: آية 8. (¬3) انظر: المحصول 1/ 1/ 744، والوصول لابن برهان/ 9 ب. (¬4) هو: إِبراهيم بن محمد بن إِبراهيم بن مهران، عالم بالفقه والأصول، يلقب بـ "ركن الدين"، نشأ في إِسفرايين بين نيسابور وجرجان، ثم خرج إِلى نيسابور، وبنيت له فيها مدرسة عظيمة، فدرّس بها, ورحل إِلى خراسان وبعض أنحاء العراق، فاشتهر، توفي في نيسابور سنة 418 هـ، ودفن في إِسفرايين. من مولفاته: الجامع في أصول الدين، ورسالة في أصول الفقه. انظر: تبيين كذب المفتري / 243، ووفيات الأعيان 1/ 28، وطبقات الشافعية للسبكي 4/ 256، وشذرات الذهب 3/ 209. (¬5) انظر: مجموع الفتاوى 7/ 88 - 90، 20/ 400 - 499، ومختصر الصواعق المرسلة 2/ 2 وما بعدها.

عوارض الألفاظ، وهذا التقسيم اصطلاح حادث بعد (¬1) انقضاء القرون الثلاثة، وأول من عرف أنه تكلم بلفظ "المجاز" أبو عبيدة (¬2)، ولم يعن بالمجاز ما هو قسيم الحقيقة، وإِنما عني بـ "مجاز الآية" ما يعبر به عنها، ولم يتكلم الشافعي ومحمد بن الحسن (¬3) بلفظ "الحقيقة" و "المجاز". ¬

_ (¬1) نهاية 25 من (ح). (¬2) هو: معمر بن المثنى، التيمي بالولاء، البصري، النحوي، من أئمة العلم بالأدب واللغة، كان إِباضياً شعوبيًا، ولد بالبصرة سنة 110 هـ، وتوفي بها سنة 209 هـ. من مؤلفاته: نقائض جرير والفرزدق، ومجاز القرآن، والعققة والبررة، وطبقات الشعراء، والمحاضرات والمحاورات، والخيل. انظر: أخبار النحويين البصريين/ 67، وطبقات النحويين واللغويين/ 192، وتاريخ بغداد 13/ 252، ونزهة الألباء/ 137، ومعجم الأدباء 7/ 164، وإِنباه الرواة 3/ 276، ووفيات الأعيان 5/ 235، وتذكرة الحفاظ 1/ 338، وميزان الاعتدال 4/ 155، وتهذيب التهذيب 10/ 246، وبغية الوعاة/ 395، ومفتاح السعادة 1/ 93. (¬3) هو: أبو عبد الله محمد بن الحسن بن فرقد، من موالي بني شيبان، إِمام في الفقه والأصول، صاحب اليد الطولى في نشر علم أبي حنيفة بعد أبي يوسف، ولد بواسط سنة 131 هـ، ونشأ بالكوفة، فسمع من أبي حنيفة، وغلب عليه مذهبه، وعرف به، وانتقل إِلى بغداد، مات بالري سنة 189 هـ. من مؤلفاته: المبسوط في الفقه، والزيادات، والجامع الكبير، والجامع الصغير، والآثار، والموطأ، والأمالي، والمخارج في الحيل، والأصل. انظر: الفهرست/ 203، والانتقاء/ 174، وتاريخ بغداد 2/ 172، ووفيات الأعيان 4/ 184، والجواهر المضية 2/ 42، والبداية والنهاية 1/ 202، ولسان الميزان 5/ 121، والنجوم الزاهرة 2/ 130، ومفتاح السعادة 2/ 107، والفوائد البهية / 163.

احتج من أثبته (¬1) بـ "الأسد" للشجاع، و "الحمار" للبليد، و "قامت الحرب على ساق"، وغير ذلك، قال في التمهيد (¬2) وغيره: "كتب اللغة مملوءة بهما"، قال الآمدي: (¬3) لم تزل أهل الأعصار تنقل عن أهل الوضع تسمية هذا حقيقة وهذا مجازاً. قولهم: هذه حقائق. رد: يلزم الاشتراك، ولو كانت مشتركة، لم يسبق منها ما يسبق عند إِطلاقها ضرورة التساوي. قولهم: هي مع القرينة حقيقة. رد: فالنزاع لفظي. زاد الآمدي (¬4) وبعض أصحابنا: كيف؟ والحقيقة والمجاز صفتا اللفظ دون القرائن المعنوية، فلا تكون الحقيقة صفة للمجموع. قولهم: فيه عدول عن الحقيقة بلا حاجة. رد: لفوائد في علم البيان، سبق (¬5) منها في ترجيحه على الاشتراك. قولهم: "يخل (¬6) بالتفاهم" ممنوع، ثم: استبعاد، لوقوعه. ¬

_ (¬1) نهاية 10 ب من (ظ). (¬2) انظر: التمهيد/ 12 ب، 82 ب. (¬3) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 45. (¬4) انظر: المرجع السابق 10/ 46. (¬5) انظر: ص 86 - 87 من هذا الكتاب. (¬6) نهاية 14 أمن (ب).

مسألة

مسألة في القرآن مجاز (و). قال القاضي (¬1) وجماعة: نص (¬2) عليه في قوله: (إِنا) و (نعلم) و (منتقمون): (¬3) "هذا من مجاز اللغة، يقول الرجل: إِنا سنجري عليك رزقك". وقال بعض أصحابنا: (¬4) "مقصوده يجوز في اللغة". ومنع منه ابن حامد (¬5)، وحكاه أبو الفضل التميمي (¬6) -ابن أبي الحسن- عن أصحابنا (¬7)، وحكاه الفخر إِسماعيل رواية عن ¬

_ (¬1) انظر: العدة/ 695، والتمهيد/ 13أ، 82 ب، والواضح 1/ 212ب- 213أ. وانظر: كتاب الرد على الجهمية للإمام أحمد/ 101. (¬2) أي: نص عليه الإِمام أحمد. (¬3) قال تعالى: (فلا يحزنك قولهم إنا نعلم ما يسرون وما يعلنون) سورة يس: آية 76. وقال تعالى: (يوم نبطش البطشة الكبرى إِنا منتقمون). سورة الدخان: آية 16. (¬4) انظر: المسودة/ 164 - 165، ومجموع الفتاوى 7/ 89. (¬5) في المسودة/ 165: قال ابن حامد في أصول الدين: ليس في القرآن مجاز. وانظر: تهذيب الأجوبة لابن حامد/ 79 ب. (¬6) هو: عبد الواحد بن عبد العزيز بن الحارث بن أسد، من علماء الحنابلة، له عناية بعلوم كثيرة، أملى الحديث بجامع المنصور، وحدث عن أبي بكر النجاد وأحمد بن كامل، وكانت له حلقة في جامع المدينة للوعظ والفتوى، توفي سخة 410 هـ. من مؤلفاته: الاعتقاد المروي عن أحمد بن حنبل. انظر: طبقات الحنابلة 2/ 179، والمنهج الأحمد 2/ 86. (¬7) جاء في العدة/ 697: ورأيت في كتاب أصول الفقه في كتب أبي الفضل التميمي =

أحمد (¬1)، وقاله بعض (¬2) الظاهرية -وحكاه (¬3) ابن برهان (¬4) عنهم- ومحمد بن خويز منداد (¬5)، وغيره من المالكية، والإِمامية (¬6). ¬

_ = قوله: والقرآن ليس فيه مجاز عند أصحابنا ... (¬1) انظر: المسودة/ 165. (¬2) نهاية 26 من (ح). (¬3) انظر: كتاب الوصول إِلى الأصول لابن برهان/ 10 أ. (¬4) هو: أبو الفتح أحمد بن علي بن محمَّد، الوكيل، الحنبلي ثم الشافعي، المعروف بـ "ابن بَرْهان"، فقيه أصولي، ولد ببغداد سنة 479 هـ، وولي التدريس بالنظامية، توفي ببغداد سنة 518 هـ، وقيل: سنة 520 هـ. من مؤلفاته: البسيط، والوسيط، والوجيز، والوصول إِلى الأصول. وكلها في أصول الفقه. انظر: وفيات الأعيان 1/ 99، والواقي بالوفيات 7/ 207، ومرآة الجنان 3/ 225، وطبقات الشافعية للسبكي 6/ 30، والبداية والنهاية 12/ 196، وشذرات الذهب 4/ 61. (¬5) في (ح): خويز بنذاد. وفي (ظ): خويز منذاد. وفي (ب): خويز بنداد. والمثبت من نسخة في هامش (ب). وهو: محمَّد بن أحمد بن عبد الله بن خويز منداد، أصولي فقيه، من كبار المالكية العراقيين، تفقه على الأبهري، وعنده شواذ عن مالك، وله اختيارات، كان يجانب الكلام وينافر أهله، توفي سنة 390 هـ تقريبًا. من مؤلفاته: الخلاف، وأصول الفقه، وأحكام القرآن. انظر: الوافي بالوفيات 2/ 52، والديباج الذهب/ 268. (¬6) الإِمامية: من فرق الشيعة، وهم الذين قالوا بالتنصيص على علي تعيينأوتصريحاً، وكفَّروا الصحابة بترك بيعته، وتعرضوا للوقيعة فيهم بسبب ذلك، واتفقدا على سوق الإِمامة إِلى جعفر الصادق، واختلفوا في المنصوص عليه بعد ذلك، والذي استقر عليه رأيهم: أن الإِمام بعد الرسول - صلى الله عليه وسلم - هو علي بن أبي طالب، ثم ولده: الحسن، ثم أخوه: الحسين، ثم ابنه: علي، ثم ابنه: محمَّد الباقر، ثم ابنه: جعفر الصادق، ثم أخوه: موسى الكاظم، ثم ابنه: علي الرضا، ثم ابنه: محمَّد المتقي، ثم ابنه: محمَّد النقي، ثم ابنه: الحسن الزكي، ثم ابنه: محمَّد، وهو القائم المنتظر. =

وحكى ابن أبي موسى (¬1) خلافاً لنا، واختار الأول، وهو ظاهر اختيار أبي بكر (¬2) في: (وأشربوا في قلوبهم العجل) (¬3)، أي: حبه (¬4)، واختار الخرزي (¬5) ¬

_ =وقد سميت الإِمامية بهذا الاسم لقولهم بالنص على إِمامة علي بن أبي طالب، وكان الإِمامية في الأول على مذهب أئمتهم، ثم تشعبوا حتى صار بعضهم معتزلة -إِما وعيدية، وإِما تفضيلية- وبعضهم أخبارية، إِما مشبهة، وِإما سلفية. انظر: مقالات الإسلاميين 1/ 88، والفرق بين الفرق/ 53، والملل والنحل 1/ 265، والفرق الإِسلامية/ 61. (¬1) إِذا أطلق "ابن أبي موسى" في كتب الحنابلة، فالمراد به: صاحب الإرشاد، وهو: محمد ابن أحمد بن أبي موسى، أبو علي، الهاشمي القاضي، ولد سنة 345 هـ، وسمع الحديث من جماعة، وكانت حلقته بجامع المنصور، يفتي بها، توفي سنة 428 هـ ببغداد. من مؤلفاته: الإِرشاد في المذهب، وشرح كتاب الخرقي. انظر: طبقات الحنابلة 2/ 182. (¬2) هو: عبد العزيز بن جعفر بن أحمد بن يزداذ بن معروف البغوي، غلام الخلال، مفسر ثقة في الحديث، من أعيان الحنابلة من أهل بغداد، ولد سنة 285 هـ، وكان تلميذًا لأبي بكر الخلال، فلقب بـ غلام الخلال، توفي سنة 363 هـ. من مؤلفاته: الشافعي، والمقنع -وكلاهما في الفقه- وتفسير القرآن، والخلاف مع الشافعي، وزاد المسافر، والتنبيه، ومختصر السنة. انظر: تاريخ بغداد 10/ 459، وطبفات الحنابلة 2/ 119، والبداية والنهاية 11/ 278، والنجوم الزاهرة 4/ 106، والمنهج الأحمد 2/ 56. (¬3) سورة البقرة: آية 93. (¬4) انظر: العدة/ 699، والمسودة/ 166. (¬5) تردد في كتب الحنابلة ذكر كنية هذا العالم ونسبته دون ذكر اسمه:=

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ =ففي طبقات الحنابلة للقاضي أبي الحسين محمد بن أبي يعلى 2/ 167: أبو الحسن الجزري البغدادي، كان له قدم في المناظرة ومعرفة الأصول والفروع، صحب جماعة من شيوخنا، وتخصص بصحبة أبي علي النجاد، وكانت له حلقة بجامع القصر، وأحد تلامذته: أبو طاهر بن الغباري، ومن جملة اختياراته: أنه لا مجاز في القرآن، وأنه يجوز تخصيص عموم الكتاب والسنة بالقياس، وأن ليلة الجمعة أفضل من ليلة القدر، وأن المني نجس، وغير ذلك. وانظر: طبقات الحنابلة 2/ 140، 188. وفي آخر كتاب المقصد الأرشد لبرهان الدين بن مفلح توجد مجموعة من التراجم تحت عنوان: "ذكر من اشتهر بكنيته ولم يذكر له اسم"، وذكر فيه: أبو الحسين الخرزي البغدادي، كان له قدم في المناظرة ... وهذا في نسخة دار الكتب الظاهرية ص 187 - 188، وفي نسخة دار الكتب المصرية -من الكتاب نفسه- جاء ذكره هكذا: أبو الحسين الجزري، وذلك في ص 339، وذكره في المقصد الأرشد جاء تبعًا لذكره في طبقات الحنابلة. وفي نسخ هذا الكتاب -أصول الفقه لابن مفلح- وردت النسبة هكذا: "الخرزي" و "الجزري" ووردت الكنية هكذا: "أبو الحسن" و "أبو الحسين". وفي نزهة الخاطر العاطر لابن بدران 1/ 182 - 183: وحكى برهان الدين إِبراهيم بن مفلح في طبقاته: أن أبا الحسين الخرزي البغدادي الحنبلي له اختيارات، منها: أنه لا مجاز في القرآن، وأنه يجوز تخصيص الكتاب والسنة بالقياس. ثم قال ابن بدران: وحكى شيخ الإِسلام -ابن تيمية- في كتاب الإِيمان أن أبا الحسن هذا .... أ. هـ فذكر أن كنيته: أبو الحسن، وهو قد ذكر قبله أن كنيته: أبو الحسين. والذي يظهر أن هذه المعلومات الواردة في هذه الكتب السابقة تتعلق بعالم واحد. وأمامنا في ترجمة هذا العالم ثلاثة أمور: 1 - كنيته: أهو أبو الحسن أم أبو الحسين؟ الذي ورد في أكثر الكتب: أبو الحسن.=

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = 2 - نسبته: أهو الخرزي أم الجزري؟ المشهور الذي جاءت به أكثر الكتب: الخرزي. وقد أدت تلك النسبة إِلى وقوع بعض المحققين في وهم، يأتي ذكره قريبًا. 3 - ما اسم هذا العالم؟ لم تشر الكتب إِلى ذلك، وتبدو صعوبة معرفة اسمه إِذا علمنا أن برهان الدين بن مفلح ذكره مع من اشتهر بكنيته ولم يذكر له اسم، وأن ابن القاضي أبي يعلى لم يذكر له اسماً، مع ذكره أسماء من ترجم لهم. وقد جاء في كتاب الأنساب 5/ 87 - 88 ذكر عالم يحمل هذه النسبة "الخرزي"، وهو: أبو الحسن عبد العزيز بن أحمد الخرزي، من أهل بغداد، ولي القضاء بالجانب الشرقي بها، وكان فاضلاً فقيه النفس، حسن النظر، جيد الكلام، ينتحل مذهب داود ابن علي الظاهري، وكان أبو بكر الخوارزمي يقول: ما رأيت الخرزي كلّم خصمًا له وناظره قط فانقطع، ومات في جمادى الآخرة سنة 391 هـ. انتهى ما في الأنساب. فهل هذه العالم صاحبنا المذكور؟ ذهب بعض المحققين إِلى ذلك، وقال بعضهم: ليس هذا صاحبنا، ونقض قول القائلين بأنه هو. وأسوق -فيما يلي- ما كتبه الشيخ عبد الرحمن بن يحيى المعلمي في تعليقه على كتاب الأنساب، حول هذا الموضوع، قال: عبد العزيز بن أحمد هذا: 1 - كنيته: أبو الحسن. 2 - بغدادي. 3 - كان قاضيًا. 4 - مبرز في النظر. 5 - توفي في أواخر القرن الرابع. 6 - يعرف بهذه النسبة (الخرزي). وفي علماء الحنابلة رجل يوافق هذا في الصفات الخمس الأولى، ففي ترجمته من طبقات ابن أبي يعلى رقم 631 ما يبين تلك الصفات ما عدا القضاء، وفي النقل عنه في كتاب لم يذكر بـ "القاضي"، وتقع نسبته تارة هكذا (الخرزي) وتارة (الجزري)، ولم يذكر اسمه واسم أبيه في الطبقات ولا في غيرها من كتبهم، وقد بحث عنه صديقنا البحاثة المدقق -الشيخ سليمان الصنيع- طويلاً، ثم جنح إِلى أنه هو عبد العزيز بن أحمد عينه.=

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ =أما أنا فعندي وقفة في ذلك؛ لأن الذين ترجموا لعبد العزيز -كالخطيب في التاريخ، وابن السمعاني هنا، وابن الجوزي الحنبلي في المنتظم وغيرهم- ذكروا أنه كان على مذهب داود الظاهري، ولم يشر أحد منهم إِلى علقة له بالحنابلة، والذين ترجموا لذلك الحنبلي -أو ذكروه- بنوا على أنه حنبلي صحب شيوخهم واختص بصحبة بعضهم وصحبه بعضهم، ولم يشر أحد منهم إِلى علقة له بمذهب داود، بل ذكر عنه ابن أبي يعلى أنه كان يرى جواز تخصيص عموم الكتاب والسنة بالقياس، وهذا ينفي داوديته البتة؛ لأن خاصة مذهب داود إِلغاء القياس البتة. وابن أبي يعلى كثير النقل عن تاريخ بغداد، ولا بد أن يكون قد تصفحه متقصيًا لأسماء الحنابلة المذكورين فيه، فلو كان عنده أن الذي ترجمه بكنيته فقط هو عبد العزيز هذا: فلماذا لم يشر إِلى ذلك؟. انتهى كلام العلمي. وقد جاء في تاريخ بغداد 5/ 184، واللباب في تهذيب الأنساب 1/ 432، والأنساب للسمعاني 5/ 87 ذكر عالم آخر يحمل نفس النسبة "الخرزي"، وهو: أبو الحسن أحمد ابن نصر بن محمد الزهري الخرزي "هذه النسبة إِلى الخرز وبيعها" البغدادي، نزل نيسابور، وسمع من أبي عبد الله المحاملي، روى عنه الحاكم أبو عبد الله، وتوفي في رمضان سنة 380 هـ. أهـ. فهل هو صاحبنا المذكور؟. يذهب بعض المحققين المحدثين إِلى أنه هو (انظر مثلاً: شرح الكوكب المنير 1/ 323)، وأصحاب هذا المذهب يعضدون رأيهم بأوجه الاتفاق الحاصلة بين العالمين، ولكن ما ذكره المعلمي في آخر كلامه السابق يضعف هذا الرأي، أضف إِلى ذلك: أن برهان الدين بن مفلح قد ذكره مع من اشتهر بكنيته ولم يذكر له اسم وبهذا يترجح لدي أنه ليس بواحد من هذين العالمين المذكورين سابقاً، وأنه عالم آخر اشتهر ذكره هكذا (أبو الحسن الخرزي) ولم يذكر له اسم. والله أعلم.

فيه نفسه (¬1)، وللتابعين قولان (¬2). وذكر بعضهم (¬3) عن ابن داود (¬4) منعه في الحديث أيضًا. احتج من أثبته بقوله: (تجري من تحتها الأنهار) (¬5)، (الحج أشهر) (¬6)، (واخفض لهما جناح الذل) (¬7)، (واشتعل الرأس شيبًا) (¬8)، (وجزاء سيئة سيئة مثلها) (¬9)، (الله يستهزئ بهم) (¬10)، وغير ¬

_ (¬1) انظر: العدة/ 697، والمسودة/ 165 - 166. (¬2) انظر: تفسير الطبري 1/ 335. (¬3) انظر: المحصول 1/ 1/ 462. (¬4) هو: أبو بكر محمد بن داود بن علي بن خلف الظاهري، أحد الأذكياء، أديب، مناظر، شاعر، أصله من أصبهان، ولد ببغداد سنة 255 هـ، وعاش بها، وتوفي بها مقتولاً سنة 297 هـ. من مؤلفاته: الزهرة في الأدب، والوصول إِلى معرفة الأصول، واختلاف مسائل الصحابة. انظر: تاريخ بغداد 5/ 256، والمنتظم 6/ 93، ووفيات الأعيان 4/ 259، والوافي بالوفيات 3/ 58، والنجوم الزاهرة 3/ 171. (¬5) سورة البقرة: آية 25. (¬6) سورة البقرة: آية 197. (¬7) سورة الإسراء: آية 24. (¬8) سورة مريم: آية 4. (¬9) سورة الشورى: آية 40. (¬10) سورة البقرة: آية 15.

ذلك. وأما: (واسأل القرية) (¬1)، (يريد أن ينقض) (¬2)، فقيل: القرية مجمع الناس، ثم: إِنطاق الجدار وخلق الإِرادة فيه ممكن. رد: بأن القرية مكان الاجتماع، لا نفس المجتمعين، وعن الثاني: بأنه معجزة يستلزم التحدي. وفيه نظر. وقوله: (ليس كمثله شيء) (¬3)، احتج به -أيضًا- جماعة من أصحابنا وغيرهم (¬4)، لزيادة (¬5) "الكاف"؛ لأن (¬6) وضعه لنفي مثل مثله، فيلزم محال (¬7)؛ لأنه مثل لمثله. وقيل: حقيقة؛ لأنه يلزم من نفي مثل مثله نفي مثله؛ لأنه مثل لمثله، والتقدير: انتفاء مثل مثله. وقيل: "مثل" زائدة، أي: ليس كهو، قال أبو البقاء: وهو بعيد. (¬8) ¬

_ (¬1) سورة يوسف: آية 82. (¬2) سورة الكهف: آية 77. (¬3) سورة الشورى: آية 11. (¬4) انظر: العدة/ 172 - 173، 696، والواضح 2/ 161أ. (¬5) في (ح): بزيادة. (¬6) في (ح): لأنه وصف. (¬7) نهاية 11 أمن (ظ). (¬8) انظر: كتاب إِملاء ما من به الرحمن 2/ 224.

واحتج ابن عقيل على [من (¬1)] منعه منا: بقدمه عندهم، وفيه عن الأنبياء: قالوا، وفعلوا، ونودوا، وأوذوا، وقيل لهم. (¬2) قالوا (¬3): المجاز كذب لصدق نفيه، ركيك يصار (¬4) إِليه للعجز عن الحقيقة. رد: بالمنع لما سبق، وإِنما يكذب لو أثبت حقيقة. قال ابن عقيل: (¬5) [و (¬6)] لم يعد المتجوز كذاباً، ولم يفسقه أحد. قالوا: فيه إِلباس. رد: لا مع قرينة. قالوا: (¬7) يلزم تسميته متجوزاً. رد: أسماؤه توقيفية، ولهذا لم يسم "مُحَقِّق (¬8) "، ويوهم التسمح في القبيح. والتزمه بعض أصحابنا. (¬9) ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين سقط من (ح). (¬2) انظر: الواضح 2/ 67أ. (¬3) في (ح): قولهم. (¬4) نهاية 14 ب من (ب). (¬5) انظر: الواضح 1/ 214 ب، 2/ 164 أ-ب. (¬6) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬7) انظر: التمهيد/ 83 أ. (¬8) كذا في النسخ. ولعل الصواب: "محققاً" بالنصب. (¬9) انظر: البلبل/ 47.

مسألة

مسألة ليس في القرآن إِلا عربي، ذكره أبو بكر (¬1) وأبو الخطاب (¬2) وابن عقيل (¬3) والقاضي (¬4) وذكراه (¬5) قول عامة الفقهاء والمتكلمين. (¬6) وعن ابن عباس ومجاهد (¬7) وسعيد بن جبير (¬8) (¬9) ¬

_ (¬1) حكاه في العدة/ 707. (¬2) انظر: التمهيد/ 84 أ. (¬3) انظر: الواضح 1/ 220 أ. (¬4) انظر: العدة/ 707. (¬5) في (ح): وحكاه. (¬6) انظر: العدة/ 707، والواضح 2/ 168 ب. (¬7) هو: أبو الحجاج مجاهد بن جبر المكي، مولى بني مخزوم، تابعي مفسر من أهل مكة، ولد سنة 21 هـ، وأخذ التفسير عن ابن عباس، وتنقل في الأسفار، واستقر في الكوفة، توفي سنة 104 هـ. من مؤلفاته: كتاب في التفسير. انظر: حلية الأولياء 3/ 279، وطبقات الفقهاء للشيرازي/ 45، والجمع بين رجال الصحيحين/ 510، وصفة الصفوة 2/ 117، ومعجم الأدباء 6/ 242، وميزان الاعتدال 3/ 439، وغاية النهاية 2/ 41. (¬8) في (ب): بن جبر. (¬9) هو: أبو عبد الله -وقيل: أبو محمد- سعيد بن جبير الأسدي بالولاء الكوفي، تابعي جليل، ولد سنة 45 هـ، وأخذ العلم عن ابن عباس وابن عمر، وروى عنه القراءة عرضًا المنهال بن عمر وأبو عمرو بن العلاء، وكان سعيد في أول أمره كاتبًا لعبد الله=

وعكرمة (¬1) وعطاء (¬2) وغيرهم: فيه ألفاظ بغير العربية (¬3)، وذكره أبو عبيد (¬4) قول أهل العلم من الفقهاء، وأن الأول قول أهل العربية، وجمع ¬

_ =ابن عتبة بن مسعود، ثم كتب لأبي بردة بن أبي موسى الأشعري، قتله الحجاج بواسط سنة 95 هـ. انظر: طبقات ابن سعد 6/ 178، وحلية الأولياء 4/ 272، ووفيات الأعيان 2/ 371، وتهذيب التهذيب 4/ 11. (¬1) هو: أبو عبد الله عكرمة بن عبد الله البربري المدني، مولى عبد الله بن عباس، أحد فقهاء مكة وتابعيها، كان من أعلم الناس بالتفسير والمغازي، ولد سنة 25 هـ، وحدث عن ابن عباس وابن عمر وعبد الله بن عمرو بن العاص وأبي هريرة وأبي سعيد الخدري والحسن بن علي وعائشة، وروى عنه زهاء ثلاثمائة رجل، منهم أكثر من سبعين تابعياً، منهم: الزهري وعمرو بن دينار والشعبي، ذهب إِلى نجدة الحروري، فأقام عنده ستة أشهر، ثم كان يحدث برأي نجدة، وخرج إِلى بلاد المغرب، فأخذ عنه أهلها راي الصفرية، وعاد إِلى المدينة، فطلبه أميرها، فتغيب عنه حتى مات، وكانت وفاته بالمدينة سنة 105 هـ. انظر: المعارف لابن قتيبة / 201، وحلية الأولياء 3/ 326، ووفيات الأعيان 3/ 265، وميزان الاعتدال 3/ 93، وتهذيب التهذيب 7/ 263. (¬2) هو: عطاء بن أبي رباح أسلم بن صفوان، تابعي من أجلاء الفقهاء، ولد في (جند) باليمن سنة 27 هـ، ونشأ بمكة، فكان مفتي أهلها ومحدثهم، وتوفي بها سنة 114 هـ. انظر: حلية الأولياء 3/ 310، وصفة الصفوة 2/ 119، ووفيات الأعيان 3/ 261، وتذكرة الحفاظ 1/ 92، ونكت الهميان/ 199، وتهذيب التهذيب 7/ 199. (¬3) انظر: تفسير الطبري 1/ 6، وتفسير مجاهد/ 307، 362، 782 - 783. (¬4) هو: القاسم بن سلام الهروي الأزدي الخزاعي بالولاء الخراساني البغدادي، من كبار العلماء بالحديث والأدب والفقه من أهل (هراة)، ولد بها سنة 157 هـ، وتعلم بها، ورحل إِلى بغداد، وولي القضاء بطرسوس ثمانية عشر عامًا، ورحل إِلى مصر سنة=

بينهما بتعريب لها فصارت عربية (¬1)، وقاله (¬2) ابن الزاغوني (¬3) وصاحب (¬4) الروضة (¬5) ونصره ابن برهان وجماعة (¬6). ¬

_ =213 هـ، وحج فتوفي بمكة سنة 224 هـ. من مؤلفاته: الغريب المصنف في غريب الحديث، والطهور في الحديث، والأجناس من كلام العرب، والأمثال، والأموال. انظر: طبقات النحويين واللغويين/ 217، والانتقاء/ 107، وتاريخ بغداد 12/ 403، وطبقات الحنابلة 1/ 259، ونزهة الألباء/ 188، ووفيات الأعيان 4/ 60، وتذكرة الحفاظ 2/ 5، وطبقات الشافعية للسبكي 2/ 153، وغاية النهاية 2/ 17، وتهذيب التهذيب 7/ 315، ومفتاح السعادة 2/ 167. (¬1) انظر: الصاحبي / 28 - 29، والمعرب للجواليقي/ 5، والإِتقان 2/ 108، والمزهر 1/ 268 - 269، ومعترك الأقران 1/ 198 - 199. (¬2) نهاية 27 من (ح). (¬3) حكاه في المسودة/ 174. (¬4) هو: أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة بن مقدام بن نصر بن عبد الله المقدسي ثم الدمشقي الصالحي، الفقيه، موفق الدين، ولد سنة 541 هـ، وقدم دمشق مع أهله وله عشر سنين، فقرأ القرآن، وحفظ مختصر الخرقي، ورحل إلى بغداد سنة 561 هـ، وسمع بها، وسمع -أيضًا- بمكة وبالموصل، ولازم أبا الفتح بن المني، ثم عاد إِلى دمشق، فتوفي بها سنة 620 هـ. من مؤلفاته: المغني، والمقنع، والكافي، والعمدة -وكلها في الفقه- والروضة في أصول الفقه. انظر: ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب 2/ 133 - 149، وشذرات الذهب 5/ 88، وفوات الوفيات 1/ 433. (¬5) انظر: الروضة/ 65. (¬6) انظر: المسودة/ 174، والوصول لابن برهان/ 12 أ-ب.

المثبت

المثبت: المشكاة (¬1) هندية، وقسطاس (¬2) رومية، وإستبرق (¬3) وسجيل (¬4) فارسية. رد: بأنه مما اتفق فيه اللغتان، كالدواة والمنارة والصابون والتنور. رد (¬5): بأنه بعيد، والأصل عدمه. وفيه نظر. النافي: بما سبق (¬6) في الشرعية. وبقوله: (أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ) (¬7)، فنفى تنوعه. ¬

_ (¬1) في زاد المسير 6/ 40 - 41: "فأما المشكاة ففيها ثلاثة أقوال: أحدها: أنها في موضع الفتيلة من القنديل الذي هو كالأنبوب، والمصباح: الضوء. قاله ابن عباس. والثاني: أنها القنديل، والمصباح: الفتيلة. قاله مجاهد. والثالث: أنها الكوة التي لا منفذ لها، والمصباح: السراج. قاله كعب. وكذلك قال الفراء: المشكاة: الكوة التي ليست بنافذة. وقال ابن قتيبة: المشكاة: الكوة بلسان الحبشة. وقال الزجاج: هي من كلام العرب. والمصباح: السراج". (¬2) في زاد المسير 5/ 34: عن ابن دريد قال: القسطاس: الميزان رومي معرب. وفي تفسير مجاهد/ 362: القسطاس هو: الميزان العدل بالرومية. (¬3) في زاد المسير 5/ 137 - 138: "قال ابن قتيبة: الإِستبرق: ثخين الديباج. وقرأت على شيخنا أبي منصور اللغوي قال ... والإِستبرق: غليظ الديباج فارسي معرب". (¬4) في تفسير مجاهد/ 307: قال: سجيل هي بالفارسية، أولها حجر وآخرها طين. وفيه -أيضًا-/ 782 - 783: عن عكرمة قال: هي بالفارسية (سنك وكل) يعني حجراً وطينًا. (¬5) انظر: البلبل/ 48. (¬6) انظر: ص 98 من هذا الكتاب. (¬7) سورة فصلت: آية 44: (وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلا فصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ).

مسألة

رد: بمنع نفيه، فإِن المفهوم إِنكار كون القرآن أعجميًا مع كون المخاطب عربياً لا يفهمه، وإِن كان الأعجمي والعربي صفتا (¬1) الكلام لم يلزم نفيه مطلقًا، لجواز كون بعضه أعجميًا يفهم. قالوا: لا يتحداهم بغير لسانهم، كغيره. رد: بالمتشابه. رد: (¬2) هو مجاز، لصرفه عن ظاهره، فهو عربي. وبأنه إِنما تحداهم بلغتهم، وصار لها حكم العربية بتعريبها. مسألة المشتق: فرع وافق أصلاً -وهو: (¬3) الاسم عند البصريين، وعند الكوفيين: الفعل- بحروفه الأصول ومعناه، كـ "خفق" من الخفقان. فيخرج ما وافق بمعناه، كـ "حبسٍ ومنعٍ"، وما وافق بحروفه، كـ "ذهبٍ وذهابٍ". وشرط بعضهم (¬4) زيادة التغيير (¬5): بزيادة أو نقص حرف (¬6) أو حركة أو هما، أو بزيادة أحدهما ونقصه أو نقص الآخر، أو بزيادتهما أو نقصهما مع زيادة أحدهما أو نقصه، أو بزيادتهما ونقصهما، نحو: كاذب، ونَصَر، وضارب، وخَفْ، وضَرْب -على مذهب الكوفيين- وغلى (¬7)، ومسلمات، ¬

_ (¬1) كذا في النسخ. ولعل الصواب: "صفتي" بالنصب. (¬2) في (ب) رده مجاز. وفي (ظ): رد: مجاز. (¬3) انظر: الإِنصاف لابن الأنباري/ 235. (¬4) نهاية 11 ب من (ظ). (¬5) نهاية 15 أمن (ب). (¬6) في (ح): "بحرف". (¬7) من الغليان. وفي (ظ) و (ح): علا. والمثبت من (ب)، ولكنه كتب هكذا: غلا.

وقال بعض أصحابنا: إذا قيل: "هذا مشتق من هذا" له معنيان

وحَذِر، وعادٌ -من العدد- ونبت (¬1)، واضرب، وخافَ، وعِدْ، وكالٍّ -من الكلال- وارْمِ. فذلك خمسة عشر نوعًا. ولا يرد على الأول مثل: "الجَلْب والجَلَب"، (¬2) ولو قلنا: "كلمة" ورد. وكذا على الثاني إِلا (¬3) أن يراد بالتغيير: "معنى ولفظاً"، لكن يرد مثل: "فُلْك" جمعًا ومفردًا، و "طَلب طَلباً"، إِلا أن يراد بالتغيير: "تحقيقًا أو تقديرًا". وقال بعض أصحابنا (¬4): إِذا قيل: "هذا مشتق من هذا" له (¬5) معنيان: أحدهما: أن بينهما تناسباً لفظًا ومعنى، تكلم (¬6) أهل اللغة بهذا بعد هذا أو (¬7) قبله، فكل منهما مشتق من الآخر، والفعل مشتق من المصدر، ¬

_ (¬1) في (ب): ثبت. والمثبت من (ح)، وهو من النبات، وانظر: نهاية السول 1/ 198 - 201. ولم تنقط الكلمة في (ظ). (¬2) في لسان العربِ 1/ 260: الجَلْب: سَوْق الشيء من موضع إِلى آخر. جَلَبه يَجْلِبه ويَجْلُبه جَلْباً وجَلَباً ... الخ. (¬3) في (ب): إِلى. (¬4) انظر: مجموع الفتاوى 20/ 419 - 420. (¬5) كذا في النسخ الثلاث. وأرى زيادة الفاء في جواب الشرط، فيكون الكلام هكذا: فله معنيان. (¬6) لفظ مجموع الفتاوى 20/ 419 - 420: من غير اعتبار كون أحدهما أصلاً، والآخر فرعًا. (¬7) في (ظ): وقبله. وفي (ب): "أو قبله"، وقد ضرب على الهمزة.

المعنى الثاني

وعكسه. (¬1) المعنى الثاني: كون أحدهما أصلاً للآخر، فإِن عني به التكلم بأحدهما قبل الآخر لم يقم على هذا دليل في أكثر المواضع، وإن عني به سبق أحدهما عقلاً -لكونه مفرداً وهذا مركبًا- فالفعل مشتق من المصدر والله أعلم. والاشتقاق الأصغر: اتفاق القولين في الحروف وترتيبها. والأوسط: في الحروف. وذكر بعضهم (¬2) اشتقاقاً أكبر، وهو: اتفاق القولين في جنس الحروف كاتفاقهما في حروف الحلق. وقد يطرد (¬3) المشتق، كاسم الفاعل والمفعول والصفة المشبهة (¬4) بهما. وقد يختص، كـ "القارورة" للزجاجة، و "الدَّبَران" (¬5) إِحدى منازل القمر وهما من الاستقرار والدبور. مسألة إِطلاق (¬6) الاسم المشتق قبل وجود الصفة المشتق منها: مجاز، ذكره ¬

_ (¬1) نهاية: 28 من (ح). (¬2) انظر: الخصائص 2/ 133، والمزهر 1/ 347. (¬3) انظر: شرح الكوكب المنير 1/ 212. (¬4) في (ظ): المشبه. (¬5) في لسان العرب 5/ 356 (دبر): والدَّبَران: نجم بين الثريا والجوزاء. ويقال له: التابع، والتويبع، وهو من منازل القمر، سمي دَبَرانا لأنه يدبر الثريا، أي: يتبعه. (¬6) انظر: المسودة/ 570، والقواعد والفوائد الأصولية لابن اللحام/ 126، وشرح الكوكب المنير 1/ 213.

وحال وجود الصفة

جماعة إِجماعًا، ولعل المراد: إِذا أريد الفعل، فإِن أريدت الصفة كقولهم: سيف قطوع، وخبز مشبع، وماء مرو، (¬1) [وخمر مسكر] (¬2) فقال القاضي (¬3) وغيره: هو حقيقة؛ لعدم صحة النفي، وقيل: مجاز. فأما أسماء الله وصفاته فقديمة، وهي حقيقة (¬4) عند الإِمام أحمد وأصحابه وجمهور أهل السنة، ومذهب (¬5) (ع) حدوثهما، ومذهب (ر) حدوث صفات الفعل. وحال وجود الصفة: (¬6) حقيقة إِجماعًا. وبعد انقضاء الصفة: حقيقة عند بعض أصحابنا وغيرهم، وذكره بعض أصحابنا عن الأكثر، واختاره أبو الطيب الطبري (¬7)، لكن عقيب (¬8) ¬

_ (¬1) نهاية 15 ب من (ب). (¬2) ما بين المعقوفتين زيادة من (ظ). (¬3) حكاه في المسودة/ 570. (¬4) انظر: المسودة/ 570، والقواعد والفوائد الأصولية لابن اللحام/ 127. (¬5) راجع: شرح المقاصد للتفتازاني 2/ 76. (¬6) نهاية 12 أمن (ظ). (¬7) هو: طاهر بن عبد الله بن طاهر الطبري، أبو الطيب، قاض من أعيان الشافعية، ولد في آمل طبرستان سنة 348 هـ، واستوطن بغداد، وولي القضاء بربع الكرخ، توفي ببغداد سنة 450 هـ. من مؤلفاته: شرح مختصر المزني في الفقه. انظر: وفيات الأعيان 2/ 512، وطبقات الشافعية للسبكي 5/ 12. (¬8) في (ح): عقب.

الفعل، حكاه عنه القاضي (¬1). وذكر القاضي (¬2) في مسألة الإِجماع: أنه مجاز (وهـ) (¬3)، وذكره ابن عقيل (¬4) إجماعًا بينه وبين المعتزلة في أنه لا يعتبر للأمر الإِرادة. واختار (¬5) أبو الخطاب في مسألة خيار المجلس: إِن لم يمكن بقاء (¬6) المعنى كالمصادر السيالة -كالبيع- فحقيقة؛ لوجود الفعل وتعذر بقائه -وكذا قال (¬7) القاضي وغيره في التبايع: إِنه حقيقة بعده- وإلا فلا. فأما حال التبايع، فمجاز عندهم، وقاله (¬8) أبو الطيب الطبري [(هـ) (¬9)] لعدم وجود الفعل. قولهم: يتعذر، واللغة لم تبن على المضايقة، لصحة إِطلاق لفظ "الحال" على زمان الفعل الحاضر. رد: بما سبق، وبأن بعضهم اعتبر بقاء الجزء الأخير. ¬

_ (¬1) انظر المسودة/ 568. (¬2) انظر العدة/ 160 أ. (¬3) انظر فواتح الرحموت 1/ 193، والمسودة/ 567. (¬4) انظر الواضح 1/ 224 أ. (¬5) انظر: المسودة/ 567 - 568. (¬6) نهاية 29 من (ح). (¬7) انظر: المسودة/ 568. (¬8) انظر: المرجع السابق. (¬9) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح).

القائل بالحقيقة

القائل بالحقيقة: صح الإِطلاق، والأصل الحقيقة. رد: بالمستقبل. ورد: إِذا كان الفاعل من ثبت له الفعل لم يلزم. قالوا: صح "مؤمن" ونحوه لنائم وميت. أجيب: مجاز، وقاله القاضي في مسألة الإِجماع. (¬1) قال بعض أصحابنا (¬2) وغيرهم: هذا غلط (¬3)؛ لأن الإِيمان لا يفارقه بالموت، والعصر الثاني محجوجون بالعصر الأول. القائل بالمجاز: يصح نفيه، فيصدق: ليس بضارب في الحال، والسلب المطلق جزء المقيد. رد: إِن أريد سلب أخص فمعناه: "الضارب مطلقاً صدق سلبه في الحال"، وهو محل النزاع، وإِن أريد سلب الأخص لم يصدق (¬4): ليس بضارب مطلقًا؛ لأن الضارب في الحال أخص منه، ونفي الأخص لا يستلزم نفي الأعم؛ لأن نقيضه أعم من نقيضه. قالوا: لا يقال: "كافر" لكفر سبق. رد: لمنعه شرعًا تعظيمًا للصحابة. واحتج الآمدي (¬5) بأنه يلزم أن يطلق على القائم "قاعد"، وبالعكس، ¬

_ (¬1) انظر: العدة/ 160 أ. (¬2) انظر: المسودة/ 568. (¬3) في (ح): خلط. (¬4) نهاية 16 أمن (ب). (¬5) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 56.

مسألة

وهو خلاف الإِجماع. ولقائل أن يجيب بالمانع. مسألة لا يصدق المشتق بدون صدق المشتق منه، خلافًا للجبائية (¬1)، لإِطلاقهم "العالِم" على الله، وإنكار حصول العلم له، مع أن "العالِم" مشتق من العلم، فلا يوجد بلا أصله، وعللوا العالمية فينا بالعلم. (¬2) ¬

_ (¬1) الجبائية هم: أصحاب أبي علي محمد بن عبد الوهاب الجبائي، من معتزلة البصرة. أثبتوا إِرادة حادثة لا في محل يكون الباري تعالى موصوفًا مريدًا بها، وفناء لا في محل إِذا أراد أن يفني العالم، والله تعالى مشارك لهذين الوصفين في أخص صفاتهما، وهو كونه لا في محل. وقالوا: الله تعالى متكلم بكلام يخلقه في محل. وحكموا بأن الله تعالى لا يرى في الآخرة بالأبصار، وبأن العبد خالق لفعله من الخير والشر، وبإثبات المنزلة بين المنزلتين، وبأن أصحابها -بلا توبة- يخلدون في النار. ونفوا كرامات الأولياء. وقالوا: يجب على الله تعالى اللطف والأصلح، وأن يكمل عقول الخلق ويهيئ أسباب التكليف إِذا كلفهم، وبأن الأنبياء معصومون. هذا كله مما اتفق عليه الجبائية والبهشمية. وانفردت الجبائية بأن الله تعالى عالم لذاته من غير إِيجاب صفة هي علم أو حال يوجب كونه عالماً. وقال أبو هاشم: معنى كونه عالماً لذاته أنه ذو حالة هي صفة وراء كونه ذاتاً موجودًا، وإينما تعلم تلك الصفة مع الذات لا بانفرادها. وأن معنى كون الباري سميعًا بصيرًا أنه حي لا آفة به. انظر: الفرق بين الفرق/ 183، والملل والنحل 1/ 103، والفرق الإِسلامية/ 31. (¬2) نهاية 30 من (ح).

مسألة

مسألة الاسم يشتق لمحله منه اسم فاعل لا لغيره منه، خلافاً للمعتزلة، فسموا الله متكلمًا (¬1) بكلام خلقه في جسم، ولم يسموا الجسم متكلمًا. وفرض جماعة (¬2) المسألة: لا يشتق اسم الفاعل لشيء، والفعل قائم بغيره [(ور) خلافا (ع)]. (¬3) لنا: الاستقراء. قالوا: ثبت "قاتل" (¬4) و "ضارب"، وهما أثران قاما بالمفعول. رد: بأنهما: التأثير، وهو للفاعل، والتأثر للمفعول. قالوا: التأثير الأثر، وإِلا فإِن كان حادثًا افتقر إِلى نسبة أخرى وتسلسل، أو قديمًا، فيلزم قدم الأثر وتقدم النسبة على المنتسبين. رد: العلم بأنه غيره ضروري. ثم: لا دليل على وجوب الانتهاء إِلى أثر آخر، بل إِلى مؤثر أول. ثم: بمنع التسلسل في الثاني، وتقدم النسبة في محلها ممتنع دون المنسوب إِليه. ولما قال الأشعري وأصحابه كالمعتزلة: الخلق: المخلوق -وقاله (¬5) ابن ¬

_ (¬1) نهاية 12 ب من (ص). (¬2) انظر: شرح العضد 1/ 181. (¬3) ما بين المعقوفتين زيادة من (ح). (¬4) في (ب): قايل. (¬5) في (ح): وقال.

مسألة

عقيل، وابن الزاغوني- أجابوا: بأنه ليس فعلاً قائمًا بغيره، بل ذاته، أو لأنه للتعلق الذي بين المخلوق والقدرة حال الإِيجاد، فلما نسب إِلى الله صح الاشتقاق، لقيامه بالقدرة القائمة به. والحنفية، وأكثر أصحابنا، والشافعية، وأهل الحديث، وحكوه عن السلف: الخلق غير مخلوق. مسألة المشتق كـ "أبيض" و "ضارب" و "مضروب" يدل على ذات ما متصفة بتلك الصفة، (¬1) لا على خصوصيتها (¬2)، وإِلا يلزم التكرار بتفسيره بجسم أو غيره. مسألة تثبت اللغة قياسًا، عند أكثر أصحابنا. ونفاه أبو الخطاب (¬3) وأكثر الحنفية (¬4)، واختاره الآمدي (¬5) وذكره عن معظم أصحابهم، وحكاه القاضي (¬6) عن أكثر المتكلمين. ¬

_ (¬1) نهاية 16 ب من (ب). (¬2) في (ب) و (ح) ونسخة في هامش (ظ): خصوصها. والمثبت من (ظ) ونسخة في هامش (ب). (¬3) انظر: التمهيد / 157 أ-158 ب. (¬4) انظر: فواتح الرحموت 1/ 185 - 186. (¬5) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 57. (¬6) انظر: العدة/ 206 ب، وحكاه -أيضًا- أبو الخطاب في التمهيد/ 157 أ.

وللشافعية (¬1) قولان، واختلفوا في الراجح. وللنحاة قولان اجتهادًا، فلا حجة، قال المبرد (¬2) وغيره: "ما قيس على كلامهم فمن كلامهم" وقال الأخفش (¬3) وغيره: الأسماء تؤخذ توقيفًا (¬4). والإِجماع على منعه في الأعلام والألقاب -ذكره جماعة، منهم: ابن ¬

_ (¬1) انظر: شرح المحلي على جمع الجوامع 1/ 276. (¬2) هو: أبو العباس محمد بن يزيد بن عبد الأكبر بن عمير بن حسان الثمالي الأزدي، المعروف بـ "المبرد" النحوي، ولد سنة 210 هـ بالكوفة، ونزل بغداد، وكان إِمامًا في النحو واللغة، أخذ الأدب عن أبي عثمان المازني وأبي حاتم السجستاني، وأخذ عنه نفطويه وغيره من الأئمة، وكان المبرد كثير الأمالي حسن النوادر، توفي سنة 286 هـ، وقيل: غير ذلك. والمبرد: الأكثر يفتح الراء، ومنهم من يكسرها. من مؤلفاته: الكامل في الأدب، والمقتضب في النحو. انظر: طبقات النحويين واللغويين/ 108، والفهرست/ 59، وتاريخ بغداد 3/ 380 ونزهة الألباء/ 279، ووفيات الأعيان 4/ 313، ولسان الميزان 5/ 430، وبغية الوعاة/ 116. (¬3) إِذا أطلق "الأخفش" فالمراد به "الأخفش الأوسط" وهو أبو الحسن سعيد بن سعدة المجاشعي بالولاء، البلخي، ثم البصري، المعروف بـ "الأخفش الأوسط"، نحوي عالم باللغة والأدب من أهل (بلخ)، سكن البصرة، وأخذ العربية عن سيبويه. توفي سنة 215 هـ. من مؤلفاته: تفسير معاني القرآن، وشرح أبيات المعاني. انظر: نزهة الألباء/ 184، وإِنباه الرواة 2/ 36، ووفيات الأعيان 2/ 380 ومرآة الجنان 2/ 61، وبغية الوعاة/ 258. (¬4) انظر: العدة/ 208أ، والتمهيد/ 158 ب، ففيهما حكاية ذلك.

وحل الخلاف

عقيل (¬1) لوضعها (¬2) لغير (¬3) معنى جامع، والقياس فرعه. ومثل: "هذا سيبويه (¬4) زمننا" مجاز عن حافظ كتابه. والإِجماع على منعه في الصفات؛ لأن "العالم" لمن (¬5) قام به العلم، فيجب طرده، فإِطلاقه بوضع اللغة، وكذا مثل "إِنسان" و "رجل" ورفع الفاعل، فلا وجه لجعله دليلاً من أصحابنا وغيرهم. وحل الخلاف: الاسم الموضوع لمسمى مستلزم لمعنى في محله وجوداً وعدما، كالخمر للنبيذ لتخمير العقل، والسارف للنَّبَّاش للأخذ (¬6) خفية، والزاني للائط للوطء المحرم. النافي: إِن كان وضع الخمر لكل مسكر فالتعميم باللغة، أو لعصير العنب فقط فلا تعميم، أو لم ينقل فيه شيء فلا لغة بالاحتمال. واستدل بقوله: (وعلم آدم). (¬7) رد: بعضها نصاً، وبعضها استنباطًا، ثم: هو نصاً، ونحن قياسًا، ولا ¬

_ (¬1) انظر: الواضح 1/ 216 أ. (¬2) في شرح الكوكب المنير 1/ 224 - نقلاً عن أصول ابن مفلح: لوضعهما. (¬3) في (ب): لغيره. (¬4) في (ح) زيادة: "في" هنا، وكانت موجودة في (ظ) و (ب)، ثم ضرب عليها. وفي شرح الكوكب المنير 1/ 225 - نقلاً عن أصول ابن مفلح: هذا سيجويه زمانه. (¬5) في شرح الكوكب المنير 1/ 225 - نقلاً عن أصول ابن مفلح-: من. (¬6) نهاية 13 أمن (ظ). (¬7) سورة البقرة: آية 31: (وعلم آدم الأسماء كلها).

يمتنع ثبوتهما -مع اختلافهما (¬1) - للشيء (¬2). قالوا: كونه دليلاً أظهر؛ لدوران الاسم مع الوصف. رد: بأنه دار -أيضًا- مع كونه من عنب، ومال حي، وقُبُلاً. ومنقوض بقولهم للطويل: "نخلة"، وللفرس الأسود: "أدهم"، ونحوهما، ولم (¬3) يطرد. رد: بأنهم جعلوا العلة فيه ذات وصفين: "الجنس، والصفة". رد: بمثله في كل محل. قالوا: ثبت شرعاً للمعنى، فهذا مثله. رد: للإِجماع (¬4) -ولا إِجماع هنا- أو لدليل شرعي (¬5) أو عقلي. قالوا: (فاعتبروا) (¬6). ¬

_ (¬1) في (ب): اختلافها. (¬2) نهاية 31 من (ح). (¬3) في (ظ): "لم يطرد" بدون الواو. (¬4) انظر: البلبل/ 37. (¬5) نهاية 17 أمن (ب). (¬6) سورة الحشر: آية 2: (هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار)

الاسم

رد: ليس بعام [وهو محل النزاع]. (¬1) ثم: محل النزاع غير مراد. [وعورض بقوله: (وعلم آدم)] (¬2) ... الاسم: كلمة دلت بنفسها دلالة أولية وضْعاً على معنى في نفسها غير مقترن بأحد الأزمنة الثلاثة. فـ "صَبوح (¬3) أمس"، و "غَبوق غد"، و "ضارب أمس"، نحوه يدل (¬4) بنفسه، وإِن لم يدل وضعاً، بل لعارض، كاللفظ بالاسم ومدلوله، فإِنها (¬5) لازم كالمكان. ونحو: "صه" دل على "اسكت"، وبواسطته على سكوت مقترن بالاستقبال. والمضارع إِن قيل: مشترك للحال والاستقبال، فوضعه لأحدهما واللبس عند السامع. ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬2) ما بين المعقوفتين زيادة من (ح). (¬3) في لسان العرب 3/ 336 - 337 (صبح): والصبوح: الغداء، والغبوق: العشاء، وأصلهما في الشرب، ثم استعمل في الأكل. وفيه -أيضًا- 3/ 334: الصبوح: ما شرب بالغداة. وفيه -أيضًا- 12/ 154 (غبق): الغبوق: الشرب بالعشي. في شرح الكوكب المنير 1/ 113 جاء الكلام هكذا: فصبوح، وغبوق، وأمس، وغد ... (¬4) في (ح): "لم يدل بنفسه، أو لم يدل وضعا". والمثبت من (ب) و (ظ) وكانت "لم" موجودة فيهما ثم محيت. وفي شرح الكوكب المنير 1/ 113: يدل بنفسه على الزمان، لكن لم يدل وضعاً. (¬5) كذا في النسخ. ولعل الصواب: فإِنه. وانظر: شرح الكوكب المنير 1/ 113.

والفعل

والفعل: ماض كـ "قام" -ويعرض له معنى الاستقبال بقرينة الشرط، نحو: "إِن قام". ولم يضرب على العكس- ومضارع كـ "يقوم"، وأمر للمستقبل كـ "قم". وحد الفعل كالاسم، لكنه مقترن بأحد الأزمنة، فلا نقض باسم الفاعل العامل؛ لأن الزمان عارض، لعدم لزومه مطلقًا. وتجرد الفعل عن الزمان عارض للإنشاء، فقد يلزمه الإِنشاء، وهو: (¬1) "عسى"، وقد لا، كـ "نِعْم" و "بِئْس". (¬2) الحرف: قال بعضهم: لا يحتاج إِلى حد. ورد: بأنه لتعريف حقيقة المحدود. وسكت جماعة عن حده. وحده آخرون: كلمة (¬3) دلت على معنى في غيرها. والمراد كما سبق. قالوا: (¬4) ومعناه: أن ذكر متعلق الحرف شرط دلالته على معناه الإِفرادي، فإِن "مِنْ" و "إِلى" لا يُفْهَم معنى الابتداء والانتهاء إِلا بذكر متعلقهما، وهو المكان الخاص، بخلاف "الابتداء" و "الانتهاء"، و "ابتدأ" و "انتهى". واحترز بـ "الإِفرادي" عن الاسم والفعل، فإِن ذكر متعلقهما -كالفاعل ¬

_ (¬1) لعل الأولى: كعسى. وانظر: شرح الكوكب المنير 1/ 112. (¬2) نهاية 32 من (ح). (¬3) انظر: العدة/ 186. (¬4) انظر: شرح العضد 1/ 186، وشرح الكوكب المنير 1/ 226.

مسألة

والخبر- شرط التركيب. ولا يرد (¬1) نحو: (¬2) "ذو" و "فوق"، فإِنه (¬3) وإِن لم يفد معناه الإِفرادي إِلا بذكر متعلقه، فليس لأنه شرط، بل لأن وضع "ذو" للتوصل (¬4) إِلى وصف العلم باسم الجنس، و "فوق" إِلى علو (¬5) خاص اقتضى ذلك. لكن قال بعض النحاة: لا يطرد؛ لأن "غير" المستثنى بها، والأسماء المؤكدة تدل على معنى في غيرها، ولا ينعكس، لدلالة "ليت" بنفسها على التمني، و "إِلا" على الاستثناء، وليس ذكر الجمل لتتم دلالة الحرف. ولقائل أن يجيب بما سبق. وفيه نظر. والله أعلم. مسألة الواو لمطلق الجمع، أي: للقدر المشترك بين الترتيب والمعية، عند أكثر طوائف الفقهاء والنحاة والمتكلمين (و)، وذكره الفارسي (¬6) إِجماع نحاة ¬

_ (¬1) في (ظ): "لا يرد" بدون الواو. (¬2) انظر: شرح الكوكب المنير 1/ 226. (¬3) نهاية 13 ب من (ظ). (¬4) في نسخة في هامش (ب): للمتوصل. (¬5) نهاية 17 ب من (ب). (¬6) هو: أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار، الفارسي الأصل، أحد الأئمة في علم العربية، ولد في "فسا" من أعمال فارس سنة 288 هـ، ودخل بغداد سنة 307 هـ، وتجول في كثير من البلدان، وقدم حلب سنة 341 هـ ثم عاد إِلى فارس، ثم رحل إِلى بغداد، فأقام بها إِلى أن توفي سنة 377 هـ، وكان متهماً بالاعتزال. =

البصرة والكوفة، (¬1) وهو الصحيح. وكلام أصحابنا يدل أن الجمع المعية، وذكر في التمهيد (¬2) وغيره ما يدل (¬3) أنه إِجماع أهل اللغة، لإِجماعهم أنها في الأسماء المختلفة كـ "واو الجمع" و "يا التثنية" في المتماثلة (¬4)، [واحتج به ابن عقيل (¬5) وغيره]، (¬6) وفيه نظر؛ لجواز ذلك مع كونها للترتيب، مع اختلاف أصحابنا فيما يلزم من قال: "له عليّ درهمان ودرهم إِلا درهمًا"، أو قال: (¬7) "خمسة إِلا درهمين ودرهماً"، بناء على أن الواو جعلت الجمل كجملة -كما ذكروه (¬8) في قوله لغير مدخول بها (¬9): "أنت طالق وطالق وطالق"- أوْ لا، ¬

_ =من مؤلفاته: الإيضاح في قواعد العربية، والحجة في علل القراءات، وجواهر النحو، والمسائل الشيرازيات. وله شعر قليل. انظر: تاريخ بغداد 7/ 275، ونزهة الألباء/ 387، وإنباه الرواة 1/ 273، ووفيات الأعيان 2/ 80. (¬1) حكاه في المحصول 1/ 1/ 507، وانظر: الإيضاح العضدي 1/ 285. (¬2) انظر: التمهيد/ 16 ب. (¬3) نهاية 33 من (ح). (¬4) في (ب): التماثلة. (¬5) انظر: الواضح 2/ 70 أ. (¬6) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬7) انظر: الفروع لابن مفلح 6/ 626. (¬8) في (ظ): ذكره. (¬9) انظر: الفروع لابن مفلح 5/ 405، والقواعد والفوائد الأصولية لابن اللحام/ 133، والمغني 7/ 480.

وأن الاستثناء رفع جميع الجملة الأخيرة، ولا نظير له. وكذا ذكروه في الاستثناء (¬1) في الطلاق، وكذا في الخلع (¬2) في: أنت طالق وطالق وطالق بألف. وقال (¬3) ابن أبي موسى عن أحمد في مسألة غير المدخول [بها] (¬4) المذكورة: تبين بواحدة - (وهـ ش)، وللمالكية خلاف (¬5) -لأن الواو عنده للترتيب. والأَوْلى: لأنه إِنشاء، وهو يترتب بترتب (¬6) اللفظ، والكلام لم (¬7)، بخلاف: أنت طالق ثلاثًا، فإِنه تتمة للأول وتفسير لقصده. واختار الحلواني (¬8) من أصحابنا: أنها للترتيب، ¬

_ (¬1) انظر: الفروع لابن مفلح 5/ 408، والقواعد والفوائد الأصولية لابن اللحام / 134، والمغني 7/ 420. (¬2) انظر: الفروع لابن مفلح 5/ 353، والقواعد والفوائد الأصولية لابن اللحام/ 135، والمغني 7/ 346. (¬3) انظر: القواعد والفوائد الأصولية لابن اللحام / 131. (¬4) ما بين المعقوفتين سقط من (ح). (¬5) انظر: تكملة المجموع شرح المهذب 17/ 130، وبدائع الصنائع 4/ 1877، وشرح العضد 1/ 189، وشرح الخرشي 4/ 49 - 50. (¬6) في (ح): ترتب. (¬7) في (ب): ثم. (¬8) في القواعد والفوائد الأصولية لابن اللحام/ 131: "أبو محمد الحلواني" وهو: عبد الرحمن بن محمد بن علي بن محمد الحلواني، ابن أبي الفتح، ولد سنة 490 هـ، وتفقه على أبيه وأبي الخطاب، وبرع في الفقه والأصول، وناظر وصنف، توفي سنة=

وقاله (¬1) ثعلب -وهو من أصحابنا- وغلامه (¬2) أبو عمر (¬3) وقطرب (¬4) ¬

_ =من مؤلفاته: التبصرة في الفقه، والهداية في أصول الفقه، وتعليقة في مسائل الخلاف، وتفسير القرآن. انظر: ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب 1/ 221، وشذرات الذهب 1/ 144. (¬1) انظر: المسودة / 355. (¬2) هو: أبو عمر محمد بن عبد الواحد بن أبي هاشم المطرز الباوردي. ويعرف بـ "غلام ثعلب" لأنه صحب ثعلباً النحوي زمناً، وهو أحد أئمة اللغة. ولد سنة 261 هـ، وتوفي ببغداد سنة 345 هـ. من مؤلفاته: اليواقيت -وهي رسالة في غريب القرآن- والمداخل -وهي رسالة في اللغة- وأخبار العرب. انظر: تاريخ بغداد 2/ 356، وطبقات الحنابلة 2/ 67، ونزهة الألباء/ 345، ومعجم الأدباء 7/ 26، ووفيات الأعيان 4/ 329، وتذكرة الحفاظ 3/ 84، وطبقات الشافعية للسبكي 3/ 189، ولسان الميزان 5/ 268. (¬3) في (ح): أبو عمرو قطرب. (¬4) هو: أبو علي محمد بن المستنير بن أحمد، الشهير بـ "قطرب" وهو لقب دعاه به أستاذه سيبويه فلزمه، نحوي عالم باللغة والأدب من أهل البصرة من الوالي، كان يرى رأي المعتزلة النظامية، وهو أول من وضع "المثلث" في اللغة، توفي سنة 206 هـ. من مؤلفاته: الأزمنة، والأضداد. انظر: طبقات النحويين واللغويين / 106، والفهرست/ 52، وتاريخ بغداد 3/ 298، ونزهة الألباء/ 119، ووفيات الأعيان 4/ 312، وبغية الوعاة/ 104، وشذرات الذهب 2/ 15.

وعلي بن عيسى الرَّبَعي (¬1) وبعض الشافعية. (¬2) واختار أبو بكر من أصحابنا: إِن كان كل واحد من المعطوف والمعطوف عليه شرطًا في صحة الآخر كآية الوضوء (¬3): فللترتيب، وإِلا فلا. (¬4) لنا: الإِجماع السابق. وعطفه تعالى السابق على اللاحق، كأيوب ويونس على عيسى (¬5). وحكايته عن قول منكري البعث: (نموت ونحيا) (¬6). ولو كانت للترتيب، لزم التناقض في آيتي البقرة والأعراف: (¬7) ¬

_ (¬1) هو: أبو الحسن علي بن عيسى الربعي، عالم بالعربية، أصله من شيراز، ولد سنة 328 هـ، واشتهر في بغداد، وتوفي بها سنة 420 هـ. من مؤلفاته في النحو: البديع، وشرح مختصر الجرمي، وشرح الإِيضاح لأبي علي الفارسي، والتنبيه على خطأ ابن جني في تفسبر شعر المتنبي. انظر: نزهة الألباء 4/ 41، ومعجم الأدباء 5/ 283، وإِنباه الرواة 2/ 297، ووفيات الأعيان 3/ 336. (¬2) انظر: المحصول 1/ 1/ 508، والتمهيد للأسنوي/ 202 - 203، ونهاية المسول 1/ 297. (¬3) وهي قوله تعالى في سورة المائدة: آية 6: (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إِلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إِلى الكعبين). (¬4) انظر: المسودة/ 355. (¬5) قال تعالى في سورة النساء: آية 163: (وعيسى وأيوب ويونس). (¬6) سورة المؤمنون: آية 37: (إِن هي إِلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين). (¬7) نهاية 14 أمن (ظ).

واستدل

(وادخلوا الباب سجدًا) (¬1)، ولما صح: تقاتل أو اشترك زيد وعمرو، ولكان: (¬2) "جاء زيد وعمرو (¬3) بعده" تكرارًا، و "قبله" تناقضًا، وعند رؤيتهما معاً كذبًا. ولا اشتراك ولا مجاز؛ لأنها للقدر المشترك، [وقال بعض أصحابنا: لأنهما (¬4) خلاف الأصل] (¬5) واستدل: لو كانت للترتيب، لما حسن الاستفسار عن المتقدم والمتأخر، وبأن الجمع معقول، فلا بد من وضع لفظ له، ولصح دخولها في جواب الشرط. أجيب عن الأول: لرفع الاحتمال. وعن الثاني: كما خلا الترتيب المطلق المشترك بين "الفاء" و "ثم" عن لفظ يطابقه. وعن الثالث: فيه لنا وجه، ثم يبطل بـ "ثم"، والواو فيه غير عاطفة. ¬

_ (¬1) سورة البقرة: آية 58: (وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدًا وادخلوا الباب سجداً وقولوا حطة). وسورة الأعراف: آية 161: (وإِذ قيل لهم اسكنوا هذه القرية وكلوا منها حيث شئتم وقولوا حطة وادخلوا الباب سجدًا). (¬2) نهاية 34 من (ح). (¬3) في (ب): وعمرو وبعده. (¬4) في (ظ): لأنها. (¬5) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح).

قالوا: (اركعوا واسجدوا) (¬1). ولمسلم (¬2) عن جابر (¬3): أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ: (إِن الصفا والمروة) (¬4)، فقال: (أبدأ بما بدأ الله به). (¬5) وللنسائي (¬6) وغيره بإِسناد جيد: (فابدءوا ¬

_ (¬1) سورة الحج: آية 77. (¬2) هو: أبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري، حافظ من أئمة المحدثين، ولد بنيسابور سنة 204 هـ، ورحل إِلى الحجاز ومصر والشام والعراق، وتوفي بظاهر نيسابور سنة 261 هـ. من مؤلفاته: صحيح مسلم، والعلل، والكنى، وأوهام المحدثين. انظر: تاريخ بغداد 13/ 100، وطبقات الحنابلة 1/ 337، ووفيات الأعيان 5/ 194، وتذكرة الحفاظ 2/ 150، والبداية والنهاية 11/ 33، وتهذيب التهذيب 10/ 126. (¬3) هو: الصحابي الجليل جابر بن عبد الله. (¬4) سورة البقرة: آية 158. (¬5) هذا جزء من حديث رواه جابر. أخرجه مسلم في صحيحه/ 886 - 893، وأبو داود في سننه 2/ 455 - 464، بلفظ: (نبدأ بما بدأ الله به)، والترمذي في سننه 2/ 176، 4/ 278 بمثل لفظ أبي داود، وقال: "هذا حديث حسن صحيح "، والنسائي في سننه 5/ 235، 239، 340 - 241، وابن ماجه في سننه/ 1022. (¬6) هو: أبو عبد الرحمن أحمد بن علي بن شعيب بن علي بن سنان بن بحر بن دينار النسائي، صاحب السنن، القاضي الحافظ شيخ الإِسلام أصله من "نسا" بخراسان، ولد سنة 215 هـ، وجال في البلاد، واستوطن مصر، ثم خرج إِلى فلسطين، توفي=

بما بدأ الله به).

بما بدأ الله به) (¬1). ولمسلم عن عدي بن حاتم: أنه عليه السلام قال: (بئس الخطيب أنت) -للقائل: ومن يعصهما- (قل: ومن يعص الله ورسوله) (¬2). رد: الترتيب مستفاد من غيره. والبدأة بالصفا من الأمر، وإلا لما أمر. ونهى الخطيب لتركه إِفراد اسم "الله" بالتعظيم؛ لأن معصيتهما لا ¬

_ =سنة 303 هـ. من مؤلفاته: السنن، والضعفاء والمتروكون. انظر: وفيات الأعيان 1/ 77، وتذكرة الحفاظ 2/ 241، وطبقات الشافعية للسبكي 3/ 140، والبداية والنهاية 11/ 123، وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال/ 7، وشذرات الذهب 2/ 239، والرسالة المستطرفة/ 11. (¬1) أخرج النسائي في سننه 5/ 236: أخبرنا علي بن حجر، قال: حدثنا إسماعيل، قال: حدثنا جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طاف سبعًا، رمل ثلاثًا ومشى أربعًا، ثم قرأ: (واتخذوا من مقام إِبراهيم مصلى)، فصلى سجدتين، وجعل المقام بينه وبين الكعبة، ثم استلم الركن، ثم خرج فقال: (إِن الصفا والمروة من شعائر الله)، (فابدءوا بما بدأ الله به). وأخرجه الدارقطني في سننه 2/ 254. وقد صححه بلفظ الأمر النووي في شرح صحيح مسلم 8/ 177. (¬2) هذا الحديث أخرجه مسلم في صحيحه/ 592، وأبو داود في سننه 1/ 660، 5/ 259، والنسائي في سننه 6/ 90. وليس في سنن أبي داود ولا في سنن النسائي: (قل: ومن يعص الله ورسوله).

مسائل

ترتيب فيها، وليس الترتيب في اللفظ من "الواو"، [بل (¬1)] لأن العرب تبدأ بالأهم؛ ولهذا لا ترتيب في: "رأيت زيدًا ورأيت (¬2) عمرًا" إِجماعًا. مسائل الفاء للترتيب والتعقيب (و)، قال بعضهم: عرفا. وفي الواضح (¬3): لا تعقيب في: (كن فيكون) (¬4). قال بعضهم (¬5): قوله (لا تفتروا على الله كذبًا (¬6) فيسحتكم) (¬7) مجاز. وحكى بعض أصحابنا عن بعض الناس: لا تعقيب. وهو باطل بإِجماع أهل اللغة، وبدخولها على الجزاء. و"ثم": للترتيب بمهلة [(و)]. (¬8) آية (¬9) "الحج" و "المؤمنون "في" النطفة" و "العلقة" قيل: الفاء لآخر ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬2) في (ح): "رأيت" بدون الواو. (¬3) انظر: الواضح 1/ 26 ب. (¬4) سورة البقرة: آية 117: (وإذا قضى أمرًا فإِنما يقول له كن فيكون). (¬5) انظر: نهاية السول 1/ 218. (¬6) نهاية 18 ب من (ب). (¬7) سورة طه: آية 61. (¬8) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬9) سورة الحج: آية 5: (يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة) وسورة المؤمنون=

و "حتى"

"النطفة" (*) وأول "العلقة"، و "ثم" لأولهما (¬1). وقيل: يتعاقبان. وقيل: قد يستقرب لعظم الأمر فيؤتى بـ "الفاء"، وقد يستبعد لطول الزمان فيؤتى بـ "ثم". وأما: (ثم الله شهيد) (¬2)، (ثم كان من الذين (¬3) آمنوا). (¬4) فقيل: لترتيب الأخبار بعضها على بعض، نحو: "زيد عالم ثم كريم"، لا المخبر عنه. وقيل: بمعنى "الواو". و"حتى" العاطفة: للجمع أيضًا، قيل: للترتيب كـ "ثم" , وقيل: بين "الفاء" و "ثم"، وقيل: لا ترتيب فيها. ويشترط (¬5) كون معطوفها جزءًا من متبوعه، ليفيد (¬6) قوة أو ضعفاً، ¬

_ =آية 12 - 14: (ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين * ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظامًا فكسونا العظام لحمًا). (*) كذا في النسخ. ولعل الصواب: وآية الحج والمؤمنون "في العلقة والمضغة"، "لآخر العلقة وأول المضغة" كما يتضح من قراءة الآيتين. (¬1) في (ظ): لأولها. (¬2) سورة يونس: آية 46: (وإما نرينَّك بعض الذي نعدهم أو نتوفينَّك فإِلينا مرجعهم ثم الله شهيد على ما يفعلون). (¬3) نهاية 35 من (ح). (¬4) سورة البلد: آية 11 - 17 (فلا اقتحم العقبة .. إِلى قوله .. ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة). (¬5) في (ب): ويشرط. (¬6) في (ب): ليقيد.

مسائل

لتحصل الغاية التي هي معناها. تقول: "مات الناس حتى الملوك، وقدم (¬1) الحاج حتى المشاة" لا يجوز العكس. ونحو: "أكلت السمكة حتى رأسُها" بالجر بـ "حتى" فإِنه باق، وبالنصب أي: أكلته، وبالرفع أي مأكول. مسائل مِنْ: لابتداء الغاية حقيقة، عند أكثر النحاة وعندنا، وقيل: حقيقة في التبعيض -وقاله ابن عقيل (¬2) في مسألة "الواو"- وقيل: في التبيين. و"إِلى": لانتهاء الغاية، قال [بعض] (¬3) أصحابنا (¬4): و [قد] (¬5) تكون بمعنى "مع" كقول الكوفيين (¬6). وابتداء الغاية داخل (و) (¬7)، لا ما بعد "إِلى" في الأصح عندنا فيهما (وم ش). وعند أبي بكر (¬8) من أصحابنا: إِن كانت الغاية من جنس المحدود ¬

_ (¬1) نهاية 14 ب من (ظ). (¬2) انظر: الواضح 2/ 71 أ. (¬3) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬4) انظر: العدة/ 203، والتمهيد / 17 ب. (¬5) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬6) انظر: الجنى الداني/ 308. (¬7) هذا الرمز محي من (ظ). (¬8) انظر: المسودة / 356 - 357.

و "على"

كالمرافق دخلت، وإِلا فلا كـ "إِلى الليل" و "إِلى الغد". وذكره القاضي عن أهل اللغة (¬1). وعند الحنفية (¬2): إِن قامت الغاية بنفسها، لم تدخل (¬3) في الحكم، كـ "بعتك من هنا إِلى هنا"، وإِن تناوله (¬4) صدر الكلام فالغاية لإِخراج ما وراءه (¬5) كالمرافق، والغاية في الخيار. ومنع (¬6) (هـ) دخول العاشر في: الإِقرار من درهم إِلى عشرة؛ لعدم التناول، وعند صاحبيه: (¬7) يدخل؛ لعدم القيام بنفسه. وكذا في الطلاق عندهم. (¬8) و"على": للاستعلاء، وهي للإِيجاب. و"في": للظرف، قال بعض أصحابنا: (¬9) حتى في: (ولأصلبنكم في (¬10) ¬

_ (¬1) انظر: المرجع السابق/ 357. (¬2) انظر: فواتح الرحموت 1/ 244. (¬3) في (ح): لم يدخل. (¬4) كذا في النسخ، ولعل المناسب: وإن تناولها. (¬5) كذا في النسخ، ولعل المناسب: ما وراءها. (¬6) انظر: فواتح الرحموت 1/ 246. (¬7) انظر: المرجع السابق 1/ 247. (¬8) انظر: كشف الأسرار 2/ 180. (¬9) انظر: كتاب إِملاء ما من به الرحمن 2/ 124. (¬10) نهاية 19 أمن (ب).

مسألة

جذوع) (¬1)، كقول البصريين. وأكثر أصحابنا: (¬2) بمعنى "على" كقول الكوفيين. قال بعض أصحابنا: وللتعليل نحو: (لمسَّكم فيما أخذتم) (¬3) وللسببية نحو: (دخلت امرأة النار في هرة حبستها). (¬4) وضعَّفه بعضهم بعدم ذكره لغة. وذكر [بعض] (¬5) أصحابنا والنحاة لـ "اللام" أقسامًا، وفي التمهيد: (¬6) حقيقة في الملك، لا يعدل عنه إِلا بدليل (¬7). مسألة ليس بين اللفظ ومدلوله مناسبة طبيعية، عندنا (و) خلافاً لعباد بن سليمان المعتزلي (¬8). ¬

_ (¬1) سورة طه: آية 71: (ولأصبلنكم في جذوع النخل). (¬2) انظر: العدة/ 208، والتمهيد/ 18أ، والواضح 1/ 27 أ. (¬3) سورة الأنفال: آية 68. (¬4) هذا جزء من حديث ورد بألفاظ. أخرجه البخاري في صحيحه 4/ 30، من حديث ابن عمر. وتتمته: (فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض)، وأخرجه مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة. (¬5) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬6) نهاية 36 من (ح). (¬7) انظر: التمهيد/ 17 ب. (¬8) هو: عباد بن سليمان الصيمري، كان من أصحاب هشام بن عمرو الفوطي، قال عنه=

مبدأ اللغات

لنا: ما سبق (¬1) من المشترك للشيء وضده ونقيضه. (¬2) ولاختلاف الاسم لاختلاف الأمم مع اتحاد المسمى، وإِنما اختص كل لفظ بمعنى بإِرادة الفاعل المختار. ... مبدأ اللغات: توقيف من الله -بإِلهام، أو وحي، أو كلام- عند أبي الفرج المقدسي وصاحب الروضة (¬3) وغيرهما، قال بعض أصحابنا (¬4): هو الظاهر عندنا (ور ظ) وجماعة. ¬

_ =أبو الحسين الملطي: كان أحد المتكلمين، فملأ الأرض كتبًا وخلافاً، وخرج عن حد الاعتزال إِلى الكفر والزندقة، لحدة نظره وكثرة تفتيشه. وقد بلغ مبلغاً عظيمًا. توفي في حدود سنة 250 هـ. من مؤلفاته: كتاب يسمى "الأبواب"، نقضه أبو هاشم. وله مجادلات ومناظرات مع عبد الله بن كلاب. انظر: التنبيه والرد/ 39، والفهرست / 180، والتبصير في الدين مع هامشه/ 72، والمنية والأمل/ 83. (¬1) انظر: ص 60، 62 من هذا الكتاب. (¬2) النقيضان هما: المعلومان اللذان لا يجتمعان ولا يرتفعان، كالوجود والعدم المضافين إِلى معين واحد. والضدان هما: المعلومان اللذان لا يجتمعان ويرتفعان، لاختلاف الحقيقة، كالسواد والبياض. انظر: شرح الكوكب المنير 1/ 68. (¬3) انظر: الروضة/ 172. (¬4) انظر البلبل/ 36، ومجموع الفتاوى 7/ 91، 12/ 447.

وقال أبو هاشم المعتزلي (¬1) وجماعة (¬2): اصطلاحية، وضعها واحد أو جحاعة، وعرف الباقون بإِشارة وتكرار، كالطفل والأخرس والجارح للاصطياد. وقال (¬3) أبو إِسحاق الإِسفراييني (¬4): ما يحتاج إِليه توقيف (¬5). قيل: وغيره ممكن، وقيل: اصطلاح. وقال ابن الباقلاني (¬6) وأبو المعالي (¬7) وابن برهان (¬8) وجماعة: الجميع ممكن. واختاره القاضي (¬9) وأبو الخطاب، (¬10) في كلامه أيضًا: لا يجوز ¬

_ (¬1) هو: عبد السلام بن محمد بن عبد الوهاب الجبائي، من أبناء "أبان" مولى عثمان، عالم بالكلام، من كبار المعتزلة، له آراء انفرد بها، وتبعته فرقة سميت "البهشمية" نسبة إِلى كنيته "أبو هاشم"، وله مصنفات في الاعتزال كما لأبيه من قبله. مولده ببغداد سنة 247 هـ، ووفاته بها سنة 321 هـ. انظر: تاريخ بغداد 11/ 55، ووفيات الأعيان 3/ 183، وميزان الاعتدال 2/ 618، والبداية والنهاية 11/ 176، وخطط المقريزي 2/ 348. (¬2) انظر: مجموع الفتاوى 7/ 91. (¬3) انظر: الوصول لابن برهان/ 12 ب، والمسودة / 563. (¬4) نهاية 15 أمن (ظ) (¬5) في (ب) و (ظ): توقيفي. (¬6) انظر: الوصول لابن برهان/ 12 ب، والمسودة/ 563. (¬7) انظر: البرهان لأبي المعالي 1/ 170. (¬8) انظر: الوصول لابن برهان/ 12 ب- 13 أ. (¬9) انظر: العدة/ 190 - 191. (¬10) انظر: التمهيد/ 12 أ-ب.

القائل بالتوقيف

أن شيئًا منها توقيف. وحكي عن المعتزلة. (¬1) واختار ابن عقيل: (¬2) بعضها توقيف، وبعضها اصطلاح. وذكره عن المحققين. وعنده: الاصطلاح بعد خطابه تعالى، وأبطل القول (¬3) بسبقه له. وقال بعض أصحابنا: قطع قوم بأحد ما ذكر عيناً، وظنه قوم، وتوقف (¬4) الأكثر. القائل بالتوقيف: (وعلم آدم) (¬5). قالوا: ألهمه أو (¬6) علمه بعضها، أو اصطلاحاً سابقًا، أو حقيقة الشيء وصفته، لقوله: (ثم عرضهم). رد: الأصل اتحاد (¬7) العلم، وعدم اصطلاح سابق (¬8)، وحقيقة اللفظ، وقد أكده بـ (كلها)، وفي الصحيحين (¬9) في حديث الشفاعة: (وعلمك ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 563. (¬2) انظر: الواضح 1/ 207 أوما بعدها. (¬3) في (ب): "وأبطل القول القول"، بتكرار لفظ "القول". (¬4) في (ب): وتوقيف. (¬5) سورة البقرة: آية 31: (وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إِن كنتم صادقين) (¬6) في (ب): وعلمه. (¬7) في (ح): إِيجاد. (¬8) نهاية 19 ب من (ب). (¬9) وهما: صحيح البخاري، وصحيح مسلم.

القائل بالاصطلاح

أسماء كل شيء) (¬1)، وفي الرابع (¬2): (¬3) إِضافة الشيء إِلى نفسه في قوله: (بأسماء هؤلاء)، فالتعليم للأسماء وضمير (عرضهم) للمسميات. ولظاهر قوله: (ما فَرَّطْنا) (¬4)، وقوله (عَلَّم الإِنسان) (¬5)، وقوله: (واختلاف ألسنتكم) (¬6)، وحمله على اللغة أبلغ من الجارحة، وعلى اختلاف اللغات أولى من الإِقدار عليها، لقلة الإِضمار. القائل بالاصطلاح: (وما أرسلنا من رسول إِلا بلسان قومه) (¬7)، فاللغة سابقة، لئلا يلزم الدور. ¬

_ (¬1) حديث الشفاعة حديث طويل أخرجه البخاري في صحيحه 6/ 17، 9/ 121، من حديث أنس. وأخرج مسلم أصل الحديث في صحيحه/ 180، وليس فيه: (وعلمك أسماء كل شيء). وأخرج أبو داود في سننه 5/ 78 - 79 حديث عمر في محاجة آدم وموسى، وفيه: (وعلمك الأسماء كلها). وسكت عنه. (¬2) وهو قولهم: "أو حقيقة الشيء وصفته". فيلزم منه إِضافة الشيء إِلى نفسه ... الخ. (¬3) نهاية 37 من (ح). (¬4) سورة الأنعام: آية 38: (ما فرطنا في الكتاب من شيء). (¬5) سورة العلق: آية 5: (علم الإِنسان ما لم يعلم). (¬6) سورة الروم: آية 22: (ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم). (¬7) سورة إِبراهيم: آية 4.

طريق معرفة اللغة

رد: لا ينحصر التوقيف في الرسالة، ويجوز تعليم آدم قبل بعثته. (¬1) قالوا: التوقيف يتوقف على معرفة أن ذلك اللفظ لذلك المعنى، ولا يعرف إِلا بأمر خارج، فإِن كان توقيفًا: تسلسل، فتعين الاصطلاح. رد: بقطع التسلسل بخلق علم ضروري لمن سمع اللفظ أنه لذلك المعنى، ويلزم مثله في الاصطلاح؛ لأن ما يتخاطب به إِن كان باصطلاح: تسلسل، فتعين التوقيف. (¬2) ويجوز (¬3) تسمية الشيء بغير التوقيف -ما لم يحظره الله- فيبقى له اسمان: "توقيف، واصطلاح"، ذكره القاضي (¬4) [وغيره] (¬5) وقاله ابن الباقلاني وغيره (ظ) وغيرهم (¬6). ... طريق معرفة اللغة: التواتر فيما لا يقبل تشكيكًا كـ "سماء" و "أرض"، والظن في غيره. قال بعض أصحابنا وغيرهم: (¬7) والأدلة القولية تفيد اليقين، وأن عند ¬

_ (¬1) في (ظ): بعثه. (¬2) في (ظ): التوقف. (¬3) انظر: شرح الكوكب المنير 1/ 287، والذخر الحرير/ 18. (¬4) انظر: العدة/ 191. (¬5) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬6) انظر: المسودة/ 563. (¬7) انظر: شرح الكوكب المنير 1/ 292، والمسودة / 240، والذخر الحرير/ 19.

السلف لا يعارض القرآن غيره بحال. وَحَدَثَ ما قيلَ أمورٌ قطعية عقلية تخالف القرآن. ومن النقل: استنباط العقل، كنقل دخول استثناء (¬1) في جمع معرف وأنه (¬2) إِخراج، فيقال بأنه عام. والله أعلم. ... ¬

_ (¬1) نهاية 15 ب من (ظ). (¬2) في (ظ): فإِنه.

فصل في مادة أصول الفقه من تصور الأحكام الشرعية

فصل في مادة أصول الفقه من تصور الأحكام الشرعية لا حاكم إِلا الله: فالعقل لا يحسن ولا يقبح، ولا يوجب ولا يحرم، عند أكثر أصحابنا -قاله أبو الخطاب (¬1) وغيره- منهم: ابن عقيل (¬2) وذكره مذهب أحمد (¬3) [وأهل السنة والفقهاء] (¬4)، والقاضي (¬5) وتعلّق بقول أحمد: "ليس في السنة قياس، ولا تضرب (¬6) لها الأمثال، ولا تدرك بالعقل، وِإنما هو الاتباع" (¬7). ورده أبو الخطاب (¬8): بأنه إِن صح عنه فالمراد به الأحكام الشرعية (¬9). ¬

_ (¬1) انظر: التميهيد/ 195 أ. (¬2) انظر: الواضح 1/ 6 ب. (¬3) نهاية 20 أمن (ب). (¬4) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬5) انظر: العدة/ 422، 190أ، والمعتمد للقاضي/ 21. (¬6) نهاية 38 من (ح). (¬7) رواه عبدوس بن مالك العطار عن أحمد. انظر: العدة/ 190 أ- ب، والتمهيد/ انظر: التمهيد/ 201 أ. (¬8) انظر التمهيد/ 201 أ. (¬9) التي سنها الرسول - صلى الله عليه وسلم - وشرعها. انظر: التمهيد/ 201 أ.

وهو قول الأشعرية وبعض الجهمية (¬1)، قال الآمدي (¬2): وأكثر العقلاء، وأن عندهم يطلقان باعتبار موافقة الغرض ومخالفته، وباعتبار (¬3) أمر الشارع بالثناء على فاعله فيعمّ [فعل الله و] (¬4) الواجب والمندوب، أو ذمّه فيختص الحرام، وباعتبار ما لفاعله -مع العلم والقدرة- فعله، بمعنى نفي الحرج، فيعم المباح -زاد بعضهم: والمكروه- والقبيح ما قابله، وهذه الاعتبارات إِضافية لا ذاتية، لاختلافها باختلاف الأغراض، وأمر الشارع، وأحوال الفاعلين. أما فعل الله فحسنٌ بعد الشرع بالاعتبار الثاني والثالث، وقبله بالثالث، وفعل العاقل قبل الشرع حصن بالأول والثالث، وبعده بالجميع. وفعل الله بالاعتبار الأول مسألة (¬5) فعله وأمره لعلة وحكمة، أو بهما (¬6): ينكره كثير من أصحابنا كالقاضي (¬7) وكثير من المالكية (¬8) ¬

_ (¬1) انظر: المحصول 1/ 1/ 160، والتمهيد/ 201 أ. (¬2) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 79. (¬3) في (ظ): "باعتبار" بدون الواو. (¬4) ما بين المعقوفتين زيادة من (ح). (¬5) في هامش (ظ): هذه المسألة ليست بمسألة مبتدأة، وإينما المعنى: وفعل الله تعالى باعتبار موافقة الغرض هو مسألة فعله وأمره لعلة أو حكمة أو لهما. فقوله "فعله" مجرور بإضافة "مسألة" إِليه. (¬6) في (ظ) أولهما. (¬7) انظر: العدة/ 421، والمعتمد للقاضي 1/ 107، 148. (¬8) انظر: شرح تنقيح الفصول/ 90.

والشافعية، وقاله الجهمية (¬1) والأشعرية والظاهرية وغيرهم. ويثبته آخرون من أصحابنا وغيرهم، وذكره بعضهم إِجماع السلف والجمهور، وقاله (¬2) المعتزلة والكرامية والشيعة (¬3)، للنصوص، ولئلا يكون أمر الشارع بأحد المتماثلين ترجيحًا بلا مرجح. ¬

_ (¬1) تقدم ذكر "الأشعرية" على ذكر "الجهمية" في (ظ). (¬2) قوله: "وقاله المعتزلة والكرامية والشيعة" مثبت من (ب). وقد جاء متأخرًا في (ح) و (ظ). وسأشير إِليه بعد قليل. ولعل الصواب: ثبوته هنا. وقد كان مثبتًا -هنا- في (ح)، ثم ضرب عليه، وأثبت متأخرًا. (¬3) الشيعة: إِحدى الفرق المشهورة، وهم الذين شايعوا علياً -رضي الله عنه- على الخصوص، وقالوا بإمامته نصاً ووصاية من الرسول- عليه السلام- إِما جليًا، وإما خفياً، واعتقدوا أن الإِمامة لا تخرج من أولاده، وإِن خرجت فبظلم يكون من غيره، أو بتقية منه ومن أولاده. وإِنما سميت الشيعة شيعة لمشايعتهم علياً وأولاده، والمشايعة: الوالاة والمناصرة، والشيعة: الأولياء والأنصار والأصحاب والأحزاب ... ويجمعهم القول بوجوب التعيين والتنصيص، وثبوت عصمة الأئمة -وجوبًا- عن الكبائر والصغائر، والقول بالتولي والتبرؤ قولاً وفعلاً وعقدًا لا في حال التقية، ويخالفهم بعض الزيدية في ذلك. وقد افترقوا إِلى فرق كثيرة، وأصولهم ثلاث فرق: غلاة، وزيدية، وإمامية، وبعضهم يميل في الأصول إِلى الاعتزال، وبعضهم إِلى السنة، وبعضهم إِلى التشبيه. انظر: الفرق بين الفرق/ 29، والملل والنحل 1/ 234، والفرق الإِسلامية/ 33، والحور العين/ 178.

وجوزت طائفة الأمرين. وعند الأولين ترجح لمجرد المشيئة (¬1)، ويقولون: علل الشرع أمارات محضة، وبعضهم يقول: بالمناسبة ثبت الحكم عندها لا بها، وبعضهم كالغزالي -وقاله من أصحابنا أبو الخطاب وأبو (¬2) محمد (¬3) بن المَنِّي وصاحب الروضة- يقول: (¬4) الشارع جعل الوصف المناسب موجباً لحسن ¬

_ (¬1) جاء -هنا- في (ح) و (ظ): "قاله المعتزلة والكرامية والشيعة". وقد أثبت في (ب) متقدماً، كما أشرت إِلى ذلك قبل قليل. وقلت: لعل ذكره هناك هو الصواب. (¬2) نهاية 39 من (ح). (¬3) كذا في النسخ. ولم أجد في أصحابنا: "أبو محمد بن المنِّي". والموضوع بين أمرين: 1 - إضافة "غلام" بين "أبو محمد" و "ابن"، فيكون هكذا: و "أبو محمد غلام ابن المني" وهو: الفخر إسماعيل". 2 - حذف "أبو محمد" أو إِبدالها بـ "أبو الفتح"، فيكون هكذا: "وابن المنِّي" أو "وأبو الفتح بن المنِّي". والأمر الثاني هو ما أميل إِليه استنادًا إِلى سياق هذا الكلام في شرح الكوكب المنير 1/ 318. وابن المنِّي هو: نصر بن فتيان بن مطر النهرواني ثم البغدادي، أبو الفتح، المعروف بـ "ابن المني"، الفقيه الزاهد، فقيه العراق، ولد سنة 501 هـ، وصرف همته طول عمره إِلى الفقه أصولاً وفروعًا، وقام بعدة رحلات علمية، قرأ الفقه عليه خلق كثير في الشام وبغداد وغيرهما، توفي سنة 583 هـ. انظر: ذيل طبقات الحنابلة 1/ 358، وشذرات الذهب 4/ 276. (¬4) في (ح): نقول.

الفعل وقبحه، لا أنه [كان] (¬1) حسناً وقبيحًا قبله، كما يقوله (¬2) المثبتون. ومن أهل السنة (¬3) من يسمي الحكمة "غرضًا" حتى من المفسرين كالثعلبي (¬4) -كقول المعتزلة- ومنهم من لا يطلقه؛ لأنه يوهم المقصود الفاسد. وقال (¬5) أبو الحسن التميمي من أصحابنا: "العقل (¬6) يحسن ويقبح، ويوجب ويحرم"، وقاله أبو الخطاب (¬7)، وقال: (¬8) "وهو قول عامة العلماء من الفقهاء والمتكلمين وعامة الفلاسفة"، وقاله الحنفية (¬9). ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬2) نهاية 20 ب من (ب). (¬3) انظر: المعتمد للقاضي/ 107، 148، ومنهاج السنة 2/ 240. (¬4) هو: أبو إِسحاق أحمد بن محمد بن إِبراهيم الثعلبي، مفسر من أهل نيسابور، وله اشتغال بالتاريخ، توفي سنة 427 هـ. من مؤلفاته: عرائس المجالس في قصص الأنبياء، والكشف والبيان في تفسير القرآن، ويعرف بـ "تفسير الثعلبي". انظر: اللباب 1/ 237، وإنباه الرواة 1/ 191، ووفيات الأعيان/ 791، والبداية والنهاية 12/ 40. (¬5) حكاه في العدة/ 190أ، وفي التمهيد/ 201 أ. (¬6) نهاية 16 أمن (ظ). (¬7) انظر: التمهيد/ 201 أ. (¬8) انظر: المرجع السابق. (¬9) في كشف الأسرار 4/ 231: والقول الصحيح هو قولنا: أن العقل غير موجب=

وللمالكية (¬1) والشافعية (¬2) وأهل الحديث قولان. وذكر (¬3) أبو نصر السِّجْزي (¬4)، وأبو القاسم الزَّنْجاني (¬5): أن الأول (¬6) ¬

_ =بنفسه، لا كما قال الفريق الأول -يعني المعتزلة- وغير مهدر أيضًا، لا كما قال الفريق الثاني -يعني الأشاعرة- فإن من أنكر معرفة الله تعالى بدلالات العقول وحدها فقد قصر، ومن ألزم الاستدلال بلا وحي ولم يعذره بغلبة الهوى- مع أنه ثابت في أصل الخلقة- فقد غلا ... الخ. وفي تيسير التحرير 2/ 150: قول الحنفية عين قول المعتزلة. وانظر: فواتح الرحموت 1/ 25. فالذي يظهر أن الحنفية عنهم قولان في المسألة. (¬1) انظر: شرح تنقيح الفصول/ 88، وشرح العضد 1/ 199. (¬2) انظر: المنخول 151، وغاية المرام/ 235. (¬3) انظر: كتاب الرد على المنطقيين/ 421. (¬4) هو عبيد الله -وقيل: عبد الله- بن سعيد بن حاتم السجزي الوائلي البكري، من حفاظ الحديث، جاء ذكره في طبقات الأحناف، أصله من سجستان، ونسبته إِليها على غير قياس، سكن مكة، وتوفي بها سنة 444 هـ. من مؤلفاته: الإبانة عن أصول الديانة في الحديث. انظر: المنتظم 8/ 310، والجواهر المضية 1/ 338، وتذكرة الحفاظ 3/ 297، وتاج التراجم/ 39، والرسالة المستطرفة/ 39. (¬5) في كتاب الرد على المنطقيين/ 421: سعد بن علي. وهو: أبو القاسم سعد بن علي بن محمد بن علي بن الحسين الزنجاني، الحافظ الزاهد الورع، الشافعي، ولد في حدود سنة 380 هـ. سمع بمصر وبزنجان وبدمشق، وجاور بمكة، وصار شيخ حرمها، وروى عنه كثيرون، توفي بمكة سنة 471 هـ. والزنجاني: نسبة إِلى "زنجان" وهي بلدة على حد أذربيجان. انظر: المنتظم 8/ 320، وطبقات الشافعية للسبكي 4/ 383، والنجوم الزاهرة 5/ 108، وشذرات الذهب 3/ 339. (¬6) وهو نفي الحسن والقبح العقليين. انظر: الرد على المنطقيين/ 421.

أحدثه الأشعري. وقالت المعتزلة والكرامية والرافضة (¬1) بالثاني، فقدماء المعتزلة: بغير صفة في الفعل بل لذاته، وقيل: بصفة لازمة، وقيل به في القبيح، والجبائية: بصفة عارضة: فإِن كانت بالقياس إِلى شيء آخر فهي اعتبار، لملاحظة العقل المحل المجاوز عنه إِلى غيره، وإلا فهي وجه تشبيهاً بوجه الإِنسان؛ لامتيازه به. ¬

_ (¬1) من المحققين من يجعل "الرافضة" مرادفة لـ "الشيعة"، فيقسمها إِلى أصناف الشيعة، وهي: غلاة، وزيدية، وإمامية. واعترض على ذلك بأن الزيدية ليست من الرافضة؛ لأنهم أتباع زيد بن علي الباقون على اتباعه، والرافضة هم الذين كانوا معه ثم تركوه، لأنهم طلبوا منه أن يتبرأ من الشيخين، فقال: لا. فرفضوه وتفرقوا عنه. وجاء تعيينهم في الملل والنحل بأنهم شيعة الكوفة. وجاء في الحور العين: وسميت الرافضة من الشيعة رافضة لرفضهم زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وتركهم الخروج معه حين سألوه البراءة من أبي بكر وعمر فلم يجبهم إِلى ذلك. وقال المعترض: وقد يطلق بعض الناس اسم الرافضي على كل من يتولى أهل البيت، فتدخل الزيدية على هذا الأساس. ومن المحققين من يجعل "الرافضة" مرادفة لـ "الإِمامية" التي هي صنف من أصناف الشيعة، كما فعل الإمام أبو الحسن الأشعري، فقد قسم الشيعة إِلى ثلاثة أقسام: غلاة، وإمامية "رافضة"، وزيدية. وقال: الرافضة "الإِمامية" ... وإِنما سموا رافضة لرفضهم إِمامة أبي بكر وعمر ... قال: وهم يدعون "الإِمامية" لقولهم بالنص على إِمامة علي بن أبي طالب ... أهـ. وما ذكره حسن. انظر: الفرق بين الفرق/ 21، والملل والنحل 1/ 251، والحور العين/ 184، ومقالات الإِسلاميين 1/ 88 - 89.

وجه الأول

وقال بعض أصحابنا (¬1): لم يقل أحد أن الحسن والقبح لازم لذات الفعل، كما تظنه طائفة نقلت قولهم. وقال أيضًا: كون الفعل سببًا للثواب والعقاب مما يلائم الفاعل وينافره، وكل ملاءمة ومنافرة للإِنسان إِنما تعود إِلى الملاءمة الطبيعية والمنافرة الطبيعية، لكن قد يكون الفعل ملائمًا من وجه، منافرًا من وجه، وعقله يأمره بأنفعهما له، فمن ادعى حسنًا أو قبحًا عقليًا أو شرعيًا -بغير ملاءمة ومنافرة- فقد (¬2) قال ما لا يعرف، ولم يتصور ما يقول، ولا دليل لمن نفاه، كما لا دليل لمن أثبته بغير ملاءمة الفاعل ومنافرته. والله أعلم. وجه الأول: قوله تعالى: (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً) (¬3)، (لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل) (¬4)، ويلزم من ترك (¬5) الواجب وفعل المحرم عدم الأمن من العذاب، لعدم تحققهما دونه، واللازم منتف قبل الشرع بالآية، فلا (¬6) ملزوم. اعتمد عليه الآمدي (¬7) وغيره. ¬

_ (¬1) انظر: كتاب الرد على المنطقيين/ 422. (¬2) نهاية 40 من (ح). (¬3) سورة الإسراء: آية 15. (¬4) سورة النساء: آية 165: (رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزًا حكيمًا) (¬5) في (ظ): يترك. (¬6) نهاية 21 أمن (ب). (¬7) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 92.

واعترض

واعترض بأن هذا فيما طريقه الشرع لا العقل بدليل أدلتنا، قاله أبو الخطاب (¬1)، ولا يلزم من الوجوب والتحريم استحقاق العذاب، كما سبق (¬2) من أنه الطلب الجازم فقط، ثم: لا يلزم من استحقاق العذاب وقوعه، لجواز العفو، أو لأن السمع شرط فيه، وإِرسال الرسل أقطع للعذر، ودلالتها مفهوم. رد: بعموم الآية، وتأتي أدلتهم، واللازم يلزم المعتزلة (¬3) على أصلهم. وقال بعض أصحابنا: لا يستحق العذاب إِلا بإِرسال الرسل، فهم (¬4) (¬5) شرط حصوله، فالأمن منه حاصل. ولأنه لا تكليف قبل البلوغ. كذا قيل، وفيه نظر. والاعتراض والجواب كما سبق، ومنعه أبو الخطاب (¬6) والمعتزلة فيما يستفاد بالعقل إِذا (¬7) عقل الحسن والقبيح. ولأنه (¬8) لو قبح الكذب لذاته أو صفة لازمة: اجتمع النقيضان في ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد لأبي الخطاب 2021 ب. (¬2) كذا في النسخ. ولعل الصواب: "كما سيأتي". فإِن الكلام على ذلك سيأتي في بحث "الواجب". ولم يسبق فيه شيء. (¬3) في (ظ): للمعتزلة. (¬4) في (ظ): فيهم. (¬5) نهاية 16 ب من (ظ). (¬6) انظر: التمهيد/ 203 ب. (¬7) في (ظ): إِن. (¬8) في (ظ): "ولا لو". وفي نسخة في هامش (ب): "وإلا لو".

ورد هذا: بمنع تعيينه، ثم بمنع حسنه

صدق من قال: "لأكذبن غداً"، وكذا في كذبه، ولَمَا حَسُنَ إِذا تعيّن لنع معصومٍ من قتل. ورد هذا: بمنع تعيينه، ثم (¬1) بمنع حسنه: روى ابن أبي الدنيا (¬2) بإِسناد ضعيف عن عمران (¬3) مرفوعًا: (إِن في المعاريض لمندوحة عن الكذب). (¬4) ¬

_ (¬1) من قوله: "ثم بمنع حسنه" إِلى قوله: "وثبت عن النخعي" أثبت من (ب) و (ظ). وجاء في (ح) تعبير عن هذا الكلام بألفاظ أخر، وهي: "اكتفاء بالتعريض، للخبر المرفوع والأثر، ثم بمنع حسنه". ثم أثبت في هامشها ما هو مثبت في (ب) و (ظ). وأبقي ما فيها على ما هو عليه. (¬2) هو: أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبيد بن سفيان القرشي، الأموي مولاهم، البغدادي، واعظ حافظ للحديث، مكثر من التصنيف، ولد ببغداد سنة 208 هـ، وتوفي بها سنة 281 هـ. من مؤلفاته: الفرج بعد الشدة، والشكر، والعقل وفضله، وذم الدنيا. انظر: الفهرست/ 185، وتاريخ بغداد 10/ 89، وطبقات الحنابلة 1/ 192، وتذكرة الحفاظ 2/ 224، وفوات الوفيات 1/ 236، وتهذيب التهذيب 6/ 12. (¬3) هو الصحابي أبو نجيد عمران بن حصين. (¬4) ترجم البخاري في صحيحه، في كتاب الأدب: باب المعاريض مندوحة عن الكذب 8/ 46 - 47. ولم يذكره. وفي الأدب المفرد للبخاري، باب المعاريض/ 305: حدثنا آدم قال: حدثنا شعبة عن قتادة عن مطرف بن عبد الله بن الشخير، قال: صحبت عمران ابن حصين إِلى البصرة، فما أتى علينا يوم إِلا أنشدنا فيه الشعر، وقال: إِن في معاريض الكلام لمندوحة عن الكذب.=

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ =وفي المقاصد الحسنة للسخاوي/ 115، 116 - بعد أن ذكر ما جاء في الأدب المفرد للبخاري-: وأخرجه الطبري في التهذيب، والبيهقي في الشعب، والطبراني في الكبير، ورجاله ثقات، وهو عند ابن السني من طريق الفضل بن سهل حدثنا سعيد بن أوس حدثنا شعبة عن قتادة به مرفوعًا، وكذا قال البيهقي: رواه داود بن الزبرقان عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة، لكن عن زرارة بن أوفى عن عمران مرفوعًا. قال: والموقوف هو الصحيح. وكذا وهّى المرفوع ابن عدي. قال البيهقي: وروي من وجه آخر ضعيف مرفوعًا، يشير إِلى ما أخرجه أيضًا من طريق أبي بكر بن كامل في فوائده من حديث علي مرفوعًا. وكذا هو عند أبي نعيم من طريق الديلمي من جهة يعقوب بن إِبراهيم بن سعد حدثنا أبو موسى عن عطاء بن السائب حدثنا عبد الله بن الحارث عن علي رفعه: (إِن في المعاريض ما يكفي الرجل العاقل عن الكذب). وبالجملة فقد حسن العراقي هذا الحديث، وقال عن سند ابن السني: "إِنه جيد"، ورد على الصغاني حكمه عليه بالوضع. وللبخاري أيضًا في الأدب المفرد -باب المعاريض ص 305 - والبيهقي في الشعب من طريق أبي عثمان النهدي عن عمر قال: أما في المعاريض ما يكفي المسلم من الكذب؟ ورواه العسكري من حديث محمد بن كثير عن ليث عن مجاهد قال، قال عمر بن الخطاب: إِن في المعاريض لمندوحة للرجل المسلم الحر عن الكذب. وأشار إِلى أن حكمه الرفع. وقال: المعاريض: ما حادت به عن الكذب، والمندوحة: السعة. انتهى ما في المقاصد. وانظر -أيضًا-: كشف الخفاء 1/ 270، 271. وفي النهاية لابن الأثير، مادة "عرض" 3/ 212: وفيد: (إِن في المعاريض لمندوحة عن الكذب). المعاريض: جمع معراض، من التعريض، وهو: خلاف التصريح من القول. يقال: عرفت ذلك في معراض كلامه ومعرض كلامه، بحذف الألف. أخرجه أبو عبيد وغيره من حديث عمران بن حصين. وهو حديث مرفوع. ومنه حديث عمر:=

ولأن المقتضي لقبح الخبر الكاذب

وثبت عن النخعي (¬1)، وسُلِك لدفع ما هو أقبح منه، وقاله أبو الخطاب أيضًا، وذكره ابن عقيل (¬2) عن قوم، وبعَّده بأنه يلزمهم تحريم الميتة في الضرورة، وسلك لبقاء النفس. ولأن المقتضي لقبح الخبر الكاذب: إِما نفس الخبر فيلزم قبحه مع صدقه، أو عدم الخبر عنه فيكون العدم علة لأمر ثبوتي، أو هما (¬3) فجزء علته، أو خارج: فإِما لازم للخبر، أو عدم المخبر عنه، أو هما، فيلزم ما لزم، أو لازم لخارج: عاد التقسيم [في الخارج] (¬4) وتسلسل، أو غير لازم، فيمكن مفارقته له، فلا يقبح الخبر الكاذب. ¬

_ ="أما في المعاريض ما يغني المسلم عن الكذب؟ ". وفي النهاية لابن الأثير، مادة "ندح" 5/ 35: فيه: (إِن في المعاريض لمندوحة عن الكذب). أي: سعة وفسحة. يقال: ندحت الشيء, إِذا وسعته. وإنك لفي ندحة ومندوحة من كذا. أي: سعة. يعني: أن في التعريض بالقول من الاتساع ما يغني الرجل عن تعمد الكذب. (¬1) هو: أبو عمران إِبراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود النخعي، من مذحج، من أكابر التابعين صلاحًا وصدق رواية وحفظًا للحديث، من أهل الكوفة، ولد سنة 46 هـ، وتوفي مختفيًا من الحجاج سنة 96 هـ. انظر: طبقات ابن سعد 6/ 188، وحلية الأولياء 4/ 219، ووفيات الأعيان 1/ 25، وتاريخ الإِسلام 3/ 335، وغاية النهاية 1/ 29، وتهذيب التهذيب 1/ 177. (¬2) انظر: الواضح 1/ 29 أ. (¬3) نهاية 41 من (ح). (¬4) ما بين المعقوفتين زيادة من (ح).

واحتج الآمدي: لو كان ذاتيا

ورد: بجواز كون عدم المخبر عنه شرطاً في القبح، والشرط غير مؤثر. ويأتي تعليل (¬1) أمر ثبوتي بعدم. (¬2) واحتج الآمدي (¬3): لو كان ذاتيًا: لزم قيام العَرَض بالعَرَض؛ لأن الحسن (¬4) زائد على الفعل، وإِلا لزم تعقله بتعقله، والحسن وجودي، لقيامه بالفعل، لأنه صفته، ولأن نقيضه: [لا] (¬5) حسن، وهو عدمي لاتصاف العدم به، وإِلا استلزم محلاً وجوديًا، والعرض لا يقوم إِلا بجوهر أو بما (¬6) يقوم به قطعًا للتسلسل. ورد: بأن الاستدلال بصورة النفي على الوجود دور، فإِنه قد يكون ثبوتيًا كـ "اللامعدوم" (¬7)، أو منقسمًا كـ "كاللا امتناع" (¬8) يصدق على ¬

_ (¬1) في (ظ): تعلل. (¬2) يأتي ذلك في القياس. (¬3) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 84. (¬4) نهاية 21 ب من (ب). (¬5) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬6) في (ب): "أو ما"، بدون الباء. (¬7) قوله: "كاللامعدوم" مثبت من (ب) و (ح). وكانت هذه الكلمة موجودة في (ظ) ثم محيت وبقي منها: "كالا". ثم كتب في هامشها: لعله "كالانعدام". وفي شرح العضد 1/ 206: ثبوتياً كاللاامتناع. (¬8) في (ب): "كالامتناع". والمثبت من (ح)، لكنه رسم هكذا: "كاللامتناع" وكانت مرسومة في (ظ) كما في (ح)، ثم جعلت "كالامتناع". وفي شرح العضد 1/ 207: أو منقسمًا ... كاللا معلوم.

واستدل: فعل العبد ليس اختياريا، فلا يوصف بهما لذاته إجماعا؛

موجود ومعدوم ممكنين. وبمنع أن العدم ليس صفة ذاتية للشيء، لاقتضاء (¬1) كل أمر باتصافه بنقيض مباينه، فإِن الإِنسان يتصف بكونه لا فرسًا. ولا نسلم امتناع قيام عرض بعرضٍ قائمٍ بجوهر. وبانطباق الدليل على الإِمكان بأنه ثبوتي؛ لأن نقيضه: لا إِمكان. ورده الآمدي (¬2): بأن الإِمكان تقديري، فنقيضه: نفي التقدير، والمقدر ليس عرضًا. فقيل له: فمثله (¬3) في الحسن. فقال: يخرج عن كونه صفة ثابتة للذات وهو المطلوب. واستدل: فعل العبد ليس اختياريًا، فلا يوصف بهما (¬4) لذاته إِجماعاً؛ لأنه إِن لم يمكنه تركه فضروري (¬5)، وإن أمكنه: فإِن افتقر إِلى مرجح عاد التقسيم وتسلسل، وإلا كان اتفاقيًا. ورد: بالقطع بأنه اختياري (¬6)، للعلم بالفرق بين الضرورة والاختيار، كحركة الإِنسان في أرض مستوية وإِلى أسفل، والتشكيك في الضروري لا يستحق جواباً. ¬

_ (¬1) في (ب): "لاقتفا". (¬2) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 85. (¬3) نهاية 17 أمن (ظ). (¬4) في (ظ): بها. (¬5) نهاية 42 من (ح). (¬6) في (ب):اختاري.

وبلزوم الدليل في فعل الله، وأن لا يوصف فعل العبد بحسن ولا قبح شرعًا لكونه غير مختار. والحق أن المرجح هو الاختيار، ولزوم الفعل (¬1) به لا ينافي القدرة عليه. ولا وجه لمن ذكر هذا الدليل وضَعَّفه، (1/ 1) ثم يحتج فيقول: لو حسن الفعل أو قبح لذاته أو لصفته (¬2) لم يكن الباري مختارًا في الحكم، لأن الحكم بالمرجوح على خلاف المعقول فيلزم الآخر، فلا اختيار. ولهذا لم يذكره الآمدي وغيره، لكن عندهم أن أفعاله تعالى لا تعلل، والخصم يخالفهم. وكذا لم يذكروا ما احتج (¬3) به هذا (3/ 1) على الجبائية -لضعفه- (¬4) من: أن الفعل لو حسن أو قبح لغير الطلب، لم يكن تعلق الطلب لنفس الفعل، بل لذلك الاعتبار، لتوقفه عليه، والتعلق نسبة بينهما، وهي لا تقف إِلا عليهما (¬5). ورد: بتعلق الطلب بالفعل بشرط حسنه، فالتعلق -الذي هو نسبة- متوقف على هذا الشرط. ¬

_ (¬1) في (ب) و (ظ): العقل. (1/ 1) انظر: مختصر ابن الحاجب بشرح العضد 1/ 203، 209. (¬2) في (ب) و (ح): "أو صفته" بدون اللام. (¬3) نهاية 22 أمن (ب). (3/ 1) انظر: مختصر ابن الحاجب بشرح العضد 1/ 209. (¬4) قوله: "لضعفه" ضرب عليه في (ظ). وفي (ب) ما يشير إلى سقوط هذه الكلمة في بعض النسخ. (¬5) في (ظ) إِلا عليها.

ووجه الثاني: أن حسن الإِيمان والصدق النافع وقبح ضدهما معلوم ضرورة بإِجماع العقلاء. ورد (¬1): إِنما علم بعرف أو شرع أو برهان، ولمخالفة أكثر العقلاء أو كثير منهم فيه، ثم: لا يلزم كونه ذاتيًا إِلا أن يتجرد عن أمر خارج وهو ممنوع. رد الأول: بأن غير أهل الأديان كهم في هذا بل أكثر، فدل أن طريقه العقل، ذكره في التمهيد (¬2)، والأصل عدم أمر خارج. وأيضًا: (¬3) من استوى في غرضه الصدق والكذب يؤثر الصدق، وليس إِلا لحسنه في ذاته. رد: بمنع تساويهما لتنافيهما، ثم: بمنع إِيثاره، ثم: لا يلزم في الغائب؛ لأنه يقبح منا التمكين من المعاصي، لا من الله. وأيضًا (¬4): يلزم إِفحام الرسل؛ لأن المدعو يمتنع عن النظر في المعجزة حتى (¬5) يعلم وجوبه، ولا وجوب قبل الشرع. ¬

_ (¬1) من قوله: "ورد" إِلى قوله: "عدم أمر خارج" أثبت من (ب) و (ظ). وجاء الكلام في (ح) هكذا: "قال أبو الخطاب وغيره: ومنهم من قال أعرفه بالنظر. فهو مقر بالحسن والقبح، ومدع غير طريق الجماعة. فيقال: غير أهل الأديان كهم في هذا بل أكثر. فدل أن طريقه العقل. ورد: إِنما علم بعرف أو شرع أو برهان. ولمخالفة أكثر العقلاء فيه. ثم لا يلزم كونه ذاتيًا إِلا أن يتجرد عن أمر خارج، وهو ممنوع". (¬2) انظر: التمهيد/ 202 أ. (¬3) في (ح): ولأن. (¬4) في (ح): ولأنه. (¬5) في (ب): يعتي.

ورد: يلزم مثله في النظر، فإِنه غير ضروري، فيمتنع ما لم يجب، ولا يجب (¬1) ما لم ينظر، على أن النظر لا يتوقف على وجوبه؛ لأنه قد (¬2) ينظر من لا يعلم وجوبه، تم: لو توقف فوجوبه شرعي، نظر أو لم ينظر، ثبت عنده الشرع أوْ لا، وغايته تكليف غافل عن وجوب المكلف به. ورد [الجواب] (¬3) الأول: باقتضاء العقل وجوب النظر للأمن. والثاني: بأن الأصل [عدمه] (¬4). وبمنع الثالث للعذر. وأيضًا: لو كانا شرعيين جاز إِظهار المعجزة للكاذب، والنهي عن الطاعة والأمر بالمعصية، ولم يقبح شيء من الكفر قبل السمع. ورد الأول: بأنه لا يمتنع لذاته. بل عادة، والثاني: بأنه لا يمتنع ورود (¬5) الشرع بخلافه، وبالتزام الثالث، كذا ذكره الأشعرية. وأما أصحابنا: فقال أبو الحسن التميمي: لا يجوز (¬6) أن يرد الشرع بما يخالف حكم العقل إِلا بشرط منفعة تزيد في العقل -أيضًا- على ذلك الحكم، كذبح الحيوان، والبط، والفصد، وقال أيضًا: (¬7) لا يجوز أن يرد ¬

_ (¬1) في (ح) -هنا- زيادة "على". وعبارته: ولا يجب على ما لم ينظر. (¬2) نهاية 17 ب من (ظ). (¬3) ما بين المعقوفتين زيادة من (ح). (¬4) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬5) نهاية 22 ب من (ب). (¬6) انظر: العدة/ 190أ، والتمهيد/ 200 أ. (¬7) انظر: المرجعين السابقين.

بحظر موجبات العقل أو إِباحة محظوراته. وقال القاضي والحلواني (¬1) وغيرهما: ما يعرف ببدائه العقول وضروراتها -كالتوحيد وشكر المنعم وقبح الظلم- لا يجوز أدن يرد الشرع بخلافه، وإِلا فلا يمتنع أن يرد. ومعناه قول أبي الخطاب (¬2) قال (¬3): وقيل: يرد بما لا يقتضيه العقل إِذا كان العقل لا يحيله. قال القاضي وغيره (¬4) -فيما لا يجوز أدن يرد الشرع بخلاف العقل-: لا يقع فيه الخلاف الآتي في مسألة الأعيان، بل هو على صفة واحدة لا يتغير. وطرد ابن عقيل قول الوقف فيها في الجميع (¬5) وأبطل قول الحظر والإِباحة قبل السمع باتفاق العقلاء أنه لا يجوز وروده قبله إِلا بما يجيزه ¬

_ (¬1) يوجد شخصان من الحنابلة بهذه النسبة: أحدهما: أبو الفتح محمد بن علي بن محمد بن عثمان بن المراق، الحلواني، الفقيه الحنبلي الزاهد، ولد سنة 439 هـ، وسمع الحديث، ودرس الفقه أصولاً وفروعًا حتى برع فيه، وأفتى، توفي سنة 505 هـ. من مؤلفاته: كفاية المبتدي في الفقه، وكتاب في أصول الفقه، ومختصر العبادات. انظر: طبقات الحنابلة 2/ 257، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 106. والآخر: ابنه عبد الرحمن. وقد تقدمت ترجمته ص 132 من -هذا الكتاب. ولم يتبين لي المراد منهما -هنا- بهذه النسبة. (¬2) انظر: التمهيد/ 200 أ. (¬3) انظر: المرجع السابق. (¬4) انظر: العدة/ 186أ، والمسودة 485. (¬5) حكاه في المسودة/ 485.

مسألة

العقل لا بما يخالفه، فلما ورد بإِباحة بعضها وحظر بعض: علم بطلانه، والواقف المنتظر للشرع لا يلزمه شيء، وهو يأتي بالعجائب مما لا يهتدي إِليه عقل (¬1)، كإِباحة كلمة الكفر للإِكراه، ووجوب الثبات للموت في صف المشركين لإِعلاء كلمة التوحيد. ويأتي كلام أبي الخطاب أول المسألة بعدها. مسألة شكر المنعم الإِيمان بالله (¬2) والشكر له: من قال: "العقل يحسن ويقبح" أوجبه عقلاً، ومن نفاه أوجبه شرعًا، ذكره أبو الخطاب وغيره (¬3)، ومعناه لابن عقيل وغيره. واحتجوا: بأن الإِحسان "التبرع" يستهجن الشكر عليه، ومع وجوبه لا يعد محسنًا بل تاجرًا، ولهذا لو طلبه المُحْسِن (¬4) عند الحكام، وأُعْدِيَ عليه: استهجن عند العقلاء بحكم العقل والشرع (¬5). وقال أيضًا: لا يهتدي العقل إِلى شكر الله فضلاً عن إِيجابه، ولو فرق بين شكره وشكر الوالد لساغ. كذا قال. ¬

_ (¬1) في (ب): عقله. (¬2) في (ظ): "الإِيمان بالله الشكر له" بدون الواو. وقد أشير في (ب) إِلى أن الواو قد زيدت من نسخة أخرى. (¬3) انظر: المعتمد للقاضي/ 103، والتمهيد / 201أ، والمسودة/ 455. (¬4) نهاية 23 أمن (ب). (¬5) نهاية 18 أمن (ظ).

وكذا بناها الآمدي (¬1). وسبق آخر المسألة قبلها كلام القاضي وغيره، مع قوله أيضًا: "معرفة الله (¬2) لا تجب قبل السمع مع القدرة عليها بالدليل"، وذكر أنه المذهب، وتعلق بكلام أحمد "أن معرفة الله كسبية (¬3) "، وأن قوماً من أصحابنا وغيرهم قالوا: تقع ضرورة، ولا يتوصل إِليها بأدلة العقل. وقال بعض أصحابنا (¬4): أرادوا المعرفة الفطرية كمعرفة إِبليس، لا المعرفة الإِيمانية. قال ابن عقيل: قال (¬5) أهل التحقيق: لا يتأتى أنه مطيع في نظره؛ لأنه لا تصح طاعة من لم يعرف، ولا معرفة لمن (¬6) لم ينظر. وجزم صاحب المحرر (¬7) بوجوبه شرعاً عندنا وعند ¬

_ (¬1) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 87. (¬2) انظر: المعتمد للقاضي/ 21، والمسودة/ 455، 456. (¬3) انظر: المعتمد للقاضي/ 23، 30. (¬4) انظر: المسودة/ 457. (¬5) حكاه في المسودة/ 455، وقال: ذكره ابن عقيل في آخر كتابه. (¬6) في (ظ): من. (¬7) هو: مجد الدين عبد السلام بن عبد الله بن الخضر بن محمد، ابن تيمية الحراني، جد شيخ الإِسلام تقي الدين بن تيمية، فقيه حنبلي، محدث مفسر، ولد بحران، ورحل إلى بغداد، فأقام بها ست سنين، ثم عاد إِلى حران، وتوفي بها سنة 652 هـ، عن نحو 60 عامًا. من مؤلفاته: المنتقى من أحاديث الأحكام، والمحرر في الفقه، والمسودة في أصول الفقه "وقد زاد عليها ابنه وحفيده من بعده". انظر: فوات الوفيات 1/ 274، وذيل طبقات الحنابلة لابن رجب 2/ 249، وغاية النهاية 1/ 385، وجلاء العينين/ 28. وكتابه "المحرر" كتاب قيم في الفقه، طبع مع "النكت والفوائد السنية على مشكل المحرر لابن تيمية" لابن مفلح.

واحتجوا: بأنه لو وجب لوجب لفائدة،

أهل (¬1) الأثر (¬2)، مع أنه حكى [لنا] (¬3) خلافاً في مسألة التحسين، (2) وكذا ذكره جماعة من الأشعرية عن أصحابهم. وذكر الآمدي (¬4) أنه ذكرها لبحث يخصها. واحتجوا: بأنه لو وجب لوجب (¬5) لفائدة، وإلا كان عبثًا، وهو قبيح عقلاً، ولا فائدة لله لتعاليه عنها -وذكره الآمدي (¬6) في اعتبار المناسبة إِجماعًا- ولا للعبد في الدنيا، لأن الشكر مشقة، ولاحظ له فيه، ولا في الآخرة لعدم استقلال العقل بمعرفة الفائدة الأخروية. واعترض: بأنه استد لال على إِبطال أمر ضروري. وبمنع أن الوجوب لفائدة، ثم: الفائدة نفس الشكر كتحصيل المصلحة ودفع المفسدة عن النفس "مطلوب لنفسه"، ثم: إِن كانت الفائدة أمرًا خارجًا (¬7) فهي الأمن من احتمال العقاب بتركه، ولا يخلو عاقل من خطور هذا الاحتمال بباله. ورد: بمنع الأول، ثم: فيمن ينتفع (¬8) بالشكر. ¬

_ (¬1) نهاية 44 من (ح). (¬2) انظر: المسودة/ 473. (¬3) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬4) انظر: الإحكام للآمدي 1/ 87. (¬5) في (ح): وجب. (¬6) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 87 - 88، 3/ 271. (¬7) في (ح): خارجيًا. (¬8) نهاية 23 ب من (ب).

وليس فعل الشكر الحكمة المطلوبة من إِيجاده وإِلا لعم الأفعال، وهو خلاف الإجماع، وعدم خلو العاقل من الخطور ممنوع، ثم: معارض باحتمال خطور العقاب على الشكر، لتصرفه في نفسه -وهي ملك لله- بلا فائدة، أو (¬1) لأنه كالاستهزاء كمن شكر ملكاً كريمًا على لقمة. وأما الإِلزام بالدليل في الإِيجاب الشرعي فالشرع يعلم الفائدة، وينبني على اعتبار الحكمة فيه. قال بعض أصحابنا: لا دليل لمن نفى الحسن والقبح على أن الفاعل المختار يفعل بلا داع، كما أنه لا دليل لمن أثبته على أنه يفعل بداع لا يعود إِلا إِلى (¬2) غيره؛ ولهذا لما عاد معناه إِلى هذا أثبتته (¬3) طائفة في فعل العبد، لا فعل الله، واختاره صاحب المحصول في آخر عمره (¬4)، وهذا (¬5) مبني على أن مشيئة الله: هل هي محبته ورضاه وسخطه وبغضه، أو بينهما فرق؟: فالمعتزلة والقدرية والأشعري وأكثر أصحابه ومن وافقه من المالكية والشافعية وأصحابنا: الجميع بمعنى واحد. والسلف وعامة الفقهاء الحنفية وأئمة المالكية والشافعية وأصحابنا وأهل الحديث وأئمة الصوفية (¬6) وابن كُلاَّب وأكثر طوائف النظار من الكرامية ¬

_ (¬1) في (ظ): ولأنه. (¬2) نهاية 18 ب من (ظ). (¬3) في (ح) و (ب): أثبته. (¬4) انظر: كتاب الرد على المنطقيين / 422. (¬5) نهاية 45 من (ح) (¬6) الصوفية: حركة بدأت زهداً وورعًا، ثم تطورت إِلى نظام شديد في العبادة، ثم=

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ =استقرت اتجاهاً نفسيًا وعقليًا بعيدًا عن مجراها الأول وعن الإِسلام في كثير من أوجهها المتطرفة. وقد اختلف في اشتقاق كلمة "صوفية". قال الصوفية أنفسهم: إِنها مشتقة من "الصفا" وأن الصوفي رجل صافاه الله، فهو رجل صُوْفِيّ -فعل ماض مبني للمجهول- "فهو صوفيّ". وقيل اشتقت من الصُّفَّة. وقيل: هي تعريب لكلمة "صوفيا" اليونانية، بمعنى "الحكمة". والمشهور: أنها مشتقة من (الصوف) فقد كان الصوف اللباس الغالب على الزهاد والعباد. وليس للصوفية تعريف واحد؛ فإن كل متصوف يضع للتصوف تعريفًا يتفق مع الاتجاه الذي يتجهه هو ومع الدرجة التي وصل إِليها في ذلك الاتجاه ... وعن نشأة التصوف وتطوره نقول: الزهد والورع قديمان في البشر، وجاء الإسلام فبرز عنصر الزهد بروزًا واضحًا، وفي العصر الأموي شاع الترف واللهو، فأحدث ذلك ردة فعل عنيفة عند آخرين، فأوغلوا في الزهد وكره الدنيا. ومنذ مطلع العصر العباسي بدأ الزهد ينقلب تصوفاً واضحًا، وأخذ الأمر يتدرج ... ولعل أبا يزيد طيفور بن عيسى البسطامي -المتوفى بعيد سنة 261 هـ- أول من أخرج الزهد الديني إلى النظر العقلي، ثم جاء عهد كثر فيه الرمز والشطح والشعوذة، كما عند أبي المغيث الحسين بن منصور الحلاج المتوفى سنة 309 هـ، وممن تأثر بالحلاج: محمد بن عبد الجبار النَّفْري المتوفى بعيد سنة 354 هـ. ولعل من أسباب هذا الانحراف: تسرب عناصر أجنبية إِلى البيئة الإِسلامية=

مسألة

وغيرهم: يُحب ما أمر به فقط، وخلق كل شيء بمشيئته لحكمة، فيحب تلك الحكمة وإن كان قد لا يحبه، فلم يفعل قبيحًا مطلقًا. مسألة الأعيان المنتفع بها قبل السمع محرمة عند أبن حامد (¬1) والحلواني وغيرهما وبعض الشافعية. (¬2) فعلى هذا يباح ما يحتاج إِليه -ذكره بعضهم إِجماعًا- كالتنفس وسد الرمق ونحوه، خلافًا (¬3) لبعض الناس، وبناه بعضهم على المحال. وعند أبي الحسن التميمي (¬4) وأبي الفرج المقدسي وأبي الخطاب (¬5) والحنفية (¬6) ¬

_ =وهي عناصر يونانية وهندية وصينية ومسيحية ... " وبذلك دخل الحلول والاتحاد ... إِلى هذه الحركة. انظر: تاريخ الفكر العربي إِلى أيام ابن خلدون/ 377، وكتاب تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة/ 24، وكتاب الفكر الإِسلامي، منابعه وآثاره، تأليف: M.M.Charif ترجمة الدكتور/ أحمد شلبي/ 146. (¬1) حكاه في العدة/ 185 ب، وفي التمهيد/ 195 أ. (¬2) انظر: نهاية السول 1/ 124. (¬3) في (ب): وخلافاً. (¬4) حكاه في العدة/ 185 ب، وفي التمهيد/ 194 ب. (¬5) انظر: التمهيد/ 194 ب. (¬6) انظر: فواتح الرحموت 1/ 49.

والظاهرية (¬1) وابن سريج (¬2) وأبي حامد المروزي (¬3) الشافعيين: مباحة، واختاره القاضي في مقدمة (¬4) المجرد، واختار في العدة الأول (¬5)، وقال: ¬

_ (¬1) حكاه -أيضًا- في العدة/ 185 ب. وقال ابن حزم في الإِحكام/ 47: وجميع أهل الظاهر يقولون: ليس لها حكم في العقل أصلاً لا بحظر ولا بإِباحة، وأن ذلك موقوف على ما ترد به الشريعة، وهذا هو الحق الذي لا يجوز غيره. (¬2) هو: أبو العباس أحمد بن عمر بن سريج البغدادي، فقيه الشافعية في عصره، ولد ببغداد سنة 249 هـ، وولي القضاء بشيراز، ونشر المذهب الشافعي في الآفاق، توفي ببغداد سنة 306 هـ. انظر: تاريخ بغداد 4/ 287، ووفيات الأعيان 1/ 66، وطبقات الشافعية للسبكي 3/ 21، والبداية والنهاية 11/ 129. (¬3) ويقال: المروروذي، نسبة إِلى: "مرو الروذ"، وهو: أحمد بن عامر بن بشر -وقيل: أحمد بن بشر بن عامر- بن حامد، فقيه من كبار الشافعية، ولد بمرو الروذ من مدن خراسان، وأخذ الفقه عن أبي إِسحاق المروزي، ونزل البصرة ودرس بها، وتوفي ببلده سنة 362 هـ، وذكره ابن كثير في البداية والنهاية مع من توفي سنة 332 هـ. من مؤلفاته: الجامع في المذهب، وشرح مختصر المزني، وكتاب في أصول الفقه. انظر: الأنساب للسمعاني/ 523، وتهذيب الأسماء واللغات 1/ 2/ 211، ووفيات الأعيان 1/ 69، والوافي بالوفيات 7/ 10، ومرآة الجنان 2/ 375، وطبقات الشافعية للسبكي 3/ 12، وطبقات الشافعية للأسنوي 2/ 377، والبداية والنهاية 11/ 209، وطبقات الشافعية لابن هداية الله/ 86، وشذرات الذهب 3/ 40. (¬4) وهي مقدمة في أصول الفقه ملحقة بكتاب "المجرد" في الفقه. (¬5) انظر: العدة/ 185 ب.

أومأ أحمد إِليه (¬1): (¬2) " لا يخمس السلب، ما سمعنا" (¬3)، وقال (¬4) في الحلي يوجد (¬5) لقطة: "إِنما جاء الحديث في الدراهم والدنانير"، وأومأ إِلى الثاني (¬6) -وسئل عن قطع النخل- قال: "لا بأس لم نسمع في قطعه شيئًا". ونازعه (¬7) بعض أصحابنا فيهما. واحتج أبو الخطاب (¬8) بالثاني لقوله (¬9) فيه. وفي الروضة (¬10) ما يقتضي أنه عرف بالسمع إِباحتها قبله، وقاله بعضهم كما في الآيات والأخبار. قال القاضي (¬11): لا يمتنع أن نقول قبل ورود الشرع: إِن العقل يحرم ¬

_ (¬1) في (ح): إِلى الأول. (¬2) في رواية صالح ويوسف بن موسى. انظر: العدة/ 185 ب. (¬3) نهاية 24 أمن (ب). (¬4) نقله الأثرم وابن بدينا. انظر: العدة/ 185 ب. (¬5) في (ب) و (ظ): يوخذ. (¬6) وذلك في رواية أبي طالب. انظر: العدة/ 185 ب، والتمهيد/ 194 ب. (¬7) يعني: نازع القاضي. انظر: المسودة/ 478، 479. (¬8) انظر: التمهيد/ 194 ب. (¬9) قوله: "لقوله فيه" ضرب عليه في (ظ)، وفي (ب) إِشارة إِلى سقوطه في بعض لنسخ. (¬10) انظر: الروضة / 39. (¬11) انظر: العدة / 187 ب.

ويبيح (¬1) إلى أن ورد الشرع، فمنع ذلك؛ إذ ليس قبل ورود الشرع ما يمنعه، قال: وقد قيل: علمناه (¬2) من طريق شرعي، وهو إِلهام (¬3) من الله لعباده بحظره وإِباحته، كما ألهم أبا بكر، وعمر -رضي الله عنهما- أشياء (¬4). وكذلك قال الحلواني (¬5) وغيره. وضعفهما (¬6) بعض الأصحاب (¬7) على هذا الأصل. وهل يرد الشرع بخلاف مقتضى العقل؟ سبق آخر مسألة التحسين. وقال أبو الحسن (¬8) الخزري من أصحابنا: (¬9) لا حكم لها، قال أبو الخطاب: (¬10) وأراه أقوى على أصل من يقول: العقل لا يحرم ولا يبيح (¬11)، ¬

_ (¬1) في (ح) و (ظ): يقبح. (¬2) نهاية 46 من (ح). (¬3) الإِلهام هو: ما يحرك القلب بعلم، يطمئن به حتى يدعو إِلى العمل به. انظر: شرح الكوكب المنير 1/ 329، 330. (¬4) انظر: المسودة/ 477، ومجموع الفتاوى 13/ 73. (¬5) انظر: المسودة/ 477. (¬6) في (ح): ومنعهما. (¬7) يعني: ضعف الجوابين. انظر: المسودة/ 477. (¬8) في (ظ): أبو الحسين. (¬9) حكاه في العدة/ 186أ، وفي التمهيد/ 195 أ. (¬10) انظر: التمهيد/ 195أ. (¬11) في (ح) و (ظ): ولا يقبح.

وقال في الروضة (¬1): "هو اللائق بالمذهب" وهو المذهب عند ابن عقيل، وغيره، [بناء منهم على عدم القول بمسألة التحسين]، (¬2) حتى قال بعضهم: لا يجوز على المذهب (¬3) غيره، زاد بعضهم: كما يقوله أكثر الناس. وهذا قول الصيرفي (¬4) وأبي علي الطبري (¬5) الشافعيين والأشعرية (¬6). ¬

_ (¬1) انظر: الروضة/ 39. (¬2) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬3) نهاية 19 أمن (ظ). (¬4) هو: أبو بكر محمد بن عبد الله الصيرفي، فقيه شافعي، متكلم، عالم بالأصول، من أهل بغداد، توفي سنة 330 هـ. من مؤلفاته: البيان في دلائل الإعلام على أصول الأحكام في أصول الفقه، وكتاب الفرائض. انظر: وفيات الأعيان 4/ 199، والوافي بالوفيات 3/ 346، وطبقات الشافعية للسبكي 3/ 186، ومفتاح السعادة 2/ 178. (¬5) هو الحسين -وقيل: الحسن- بن القاسم، أبو علي الطبري، فقيه شافعي، أحد الأئمة المحررين في الخلاف، ولد سنة 263 هـ، وسكن بغداد، ودرس بها، وبها كانت وفاته سنة 350 هـ على الراجح. من مؤلفاته: المحرر في الخلاف، والإِفصاح في الفقه، وكتاب في الجدل، وكتاب في أصول الفقه. انظر: تاريخ بغداد 8/ 87، والمنتظم 7/ 5، ووفيات الأعيان 2/ 76، ومرآة الجنان 2/ 345، وطبقات الشافعية للسبكي 3/ 382، والبداية والنهاية 11/ 238، وشذرات الذهب 3/ 3. (¬6) انظر: العدة / 185ب- 186أ، والتمهيد/ 195 أ، والمحصول 1/ 1/ 210، والتمهيد للأسنوي/ 106.

القائل بالحظر

فعلى (¬1) هذا القول: لا إِثم بالتناول كفعل البهيمة، ولا يفتى بالتناول، وفيه خلاف لنا. وقال ابن عقيل (¬2) أيضًا: الأليق بمذهبه أن يقال: لا ندري ما الحكم؟ واختاره بعضهم. وفرض ابن عقيل المسألة في الأفعال والأقوال قبل السمع. وعند المعتزلة (¬3): يباح ما يحتاج إِليه، وما حكم العقل فيه بشيء: اتبع، فينقسم (¬4) إِلى الأقسام الخمسة (¬5)، بحسب ترجيح فعله على تركه، وذم تاركه، وعدمه، وعكسه، واستوائه، وهذا معنى كلام التميمي وغيره من أصحابنا، قالت المعتزلة: وما لم يحكم العقل فيه بشيء فثالثها لهم: الوقف عن الحظر والإِباحة. وفيه نظر لعدم الدليل. القائل بالحظر: تصرف في ملك غيره بلا إِذنه. ورد: فيمن يلحقه ضرر. ولأنه يحتمل الضرر. رد: بأنه وهم لا أثر له. ¬

_ (¬1) في (ح): "وهل يفتى بالتناول؟ فيه خلاف لنا"، مكان قوله: "ولا يفتى بالتناول، وفيه خلاف لنا". (¬2) حكاه في المسودة/ 482. (¬3) انضر: المعتمد للبصري / 868، وشرح المحلي على جمع الجوامع 1/ 65 - 69. (¬4) في نسخة في هامش (ب): وينقسم. (¬5) نهاية 24 ب من (ب).

القائل بالإباحة

القائل بالإِباحة: خلقه وخلق المنتفع به لفائدة، وليست إِليه، فالحكمة تقتضي إِباحته (¬1)، وليس المراد الاستدلال بطعمه على خالقه، لحصوله من نفسه، فالمراد غيره. رد: خلقه ليصبر فيثاب. وتعرف مما سبق أدلة المسألة. أما فائدتها (¬2): فقال قوم: لا فائدة (¬3)، لأنه لم يخل وقت من شرع؛ لأنه أول ما خلق آدم قال له: (اسكن) الآية (¬4)، أمرهما ونهاهما. وكذا قال [أبو] (¬5) الحسن الخرزي (¬6): لم تخل الأم من حجة، واحتج بقوله: (أيحسب الإِنسان) (¬7)، وقوله: (ولقد بعثنا). (¬8) قال القاضي (¬9): هذا ظاهر كلام أحمد. ¬

_ (¬1) في (ب) زيادة: "رد: خلقه ليصبر فيثاب". وهو تكرار لما سيأتي ذكره بعد سطرين. (¬2) نهاية 47 من (ح) (¬3) انظر: العدة/ 188أ، والتمهيد/ 195 أ. (¬4) سورة البقرة: آية 35: (وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدًا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين). (¬5) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬6) حكاه في العدة/ 188 أ. (¬7) سورة القيامة: آية 36: (أيحسب الإِنسان أن يترك سدى). (¬8) سورة النحل: آية 36: (ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت) (¬9) انظر: العدة/ 188أ، وكتاب الرد على الجهمية لأحمد/ 85.

قال (¬1): وتتصور (¬2) فيمن خلق ببرية، لم يعرف شرعًا، وعنده فواكه. وكذا قال أبو الخطاب (¬3). وقال أيضًا: (¬4) لو قدَّرنا خلو شرع عن حكمها، ما حكمها؟. قال القاضي (¬5): وتفيد (¬6) في الفقه: أن من حرم شيئًا أو أباحه، فقال: بقيت على حكم العقل، هل يصح ذلك؟ وهل يلزم خصمه احتجاجه بذلك؟. وهذا مما يحتاج إِليه الفقيه. وكذا في التمهيد والروضة (¬7): يفيد أن من حرم شيئًا أو أباحه بقي على حكم الأصل. وكذا قال ابن عقيل (¬8): من شروط المفتي معرفة الأصل الذي ينبني عليه استصحاب الحال، ليتمسك به عند عدم الأدلة. وذكر بعض أصحابنا (¬9) في فائدتها أقوالاً: ¬

_ (¬1) انظر: المرجع السابق/ 186 أ. (¬2) في (ح): ويتصور. (¬3) انظر: التمهيد/ 195 أ. (¬4) انظر: المرجع السابق، والعدة/ 188 أ. (¬5) انظر: العدة/ 188 ب. (¬6) في (ح): ويفيد. (¬7) انظر: التمهيد/ 195أ، والروضة/ 140. (¬8) حكاه في المسودة/ 486. (¬9) انظر: المرجع السابق/ 480.

الحكم الشرعي

أحدها: قبل السمع. وبعده يقاس المسكوت على المنصوص. قاله الخرزي (¬1) وغيره. (¬2). والثاني: بعده، قاله ابن عقيل على عدم التحسين. والثالث: يعمهما، قاله القاضي وغيره. الحكم الشرعي نص أحمد (¬3) -رحمه الله- أنه: "خطاب الشرع (¬4) وقوله"، والمراد: ما وقع به الخطاب (¬5)، أي: مدلوله، وهو: الإِيجاب، والتحريم، والإِحلال، وهو صفة للحاكم. قال بعض أصحابنا وغيرهم: خطابه المتعلق بأفعال المكلفين. وقيل: بأفعال العباد. قيل: هو أولى؛ ليدخل إِتلاف غير المكلف. وقيل: أريد وليّه. فلم يطرد بمثل قوله: (والله خلقكم وما تعملون) (¬6)، (¬7) فزيد: ¬

_ (¬1) في (ظ): الجزري. (¬2) نهاية 25 أمن (ب). (¬3) انظر: المسودة/ 578. (¬4) في (ظ): الشارع. (¬5) نهاية 19 ب من (ظ). (¬6) سورة الصافات: آية 96. (¬7) نهاية 48 من (ح).

بالاقتضاء، أو التخيير. واعترض: شرط الحد وجوده في كل فرد من المحدود، ليجمع ويمنع، ولا يوجد هذا المعنى في التقسيم؛ لأنه وضع لمعرفة الكليات بواسطة الجزئيات، وسمي استقراء، والتحديد وضع بالعكس، وسمي برهاناً، فليسا باباً واحدًا. [رد: الترديد في أقسام المحدود، لا في الحد، فلا يضر] (¬1) وأورد: خطابه قديم، وحكمه حادث، لوصفه به. رد: لا يلزم من يقول: يتكلم إِذا شاء، ثم: الحادث التعلق، والحكم متعلق بفعل العبد لا صفته، كالقول (¬2) بمعدوم، والفعل يعرّف الحكم، كالعالَم للصانع، ولهذا سمي عالَماً. وهل يرد على العكس كون الشيء دليلاً كدلوك الشمس (¬3)، وسبباً كالزنا للحد، وشرطا كالطهارة؟ سبق في تعليل الأفعال أول مسألة التحسين. فمن يقول به يقول: هي أحكام، فيزيد: "أو الوضع"، ومن لا: يقول: أعلام (¬4) به، فإِن سميت حكماً فنزاع لفظي، الأفإِن أريد بالسببية التأثير فالحادث لا يؤثر في القديم. ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬2) يعني: كالقول المتعلق بمعدوم. (¬3) في (ح): للشمس. (¬4) في (ظ): إِعلامه. ولعل العبارة: ومن لا يقول به يقول: أعلام فإِن الخ.

وقيل: هي راجعة إِلى اقتضاء فعل وترك، وإباحة انتفاع وتحريمه (¬1). واختار الآمدي (¬2): الحكم: "خطابه بفائدة شرعية" مختصة به، أي: لا تفهم إِلا منه، لأنه إِنشاء لا خارج له يفهم منه، ليخرج مثل: (غلبت الروم) (¬3)، لجواز فهمه من خارج. قال بعض أصحابنا: وهو دور، وتعريف (¬4) بالأخفى. وقيل: الحكم: تعلق الخطاب بالأفعال. قال بعض أصحابنا: يلزمه أنه عدمي؛ لأن التعلق أمر عدمي. والخطاب: (¬5) قول يفهم منه من سمعه شيئًا مفيدًا (¬6). وقيل (¬7): مع قصد إِفهامه. زاد بعضهم (¬8): من هو متهيئ للفهم. ويخرج على ذلك: هل يسمى الكلام [في] (¬9) الأزل خطاباً؟. ¬

_ (¬1) في (ظ): وتحريم. (¬2) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 96. (¬3) سورة الروم: آية 2. (¬4) نهاية 25 ب من (ب). (¬5) انظر: الإحكام للآمدي 1/ 95، وشرح العضد مع حواشيه 1/ 221، وشرح الكوكب المنير 1/ 339. (¬6) في (ظ): مقيدا. (¬7) و (¬8) انظر: الإحكام للآمدي 1/ 95. (¬9) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ظ).

ولقائل أن يقول: إِنما يصح هذا على قِدَم الكلام الذي هو القول. وعند المعتزلة: الحكم الشرعي صفة للفعل (¬1) المحكوم بأنه حلال أو حرام أو واجب، وهو الوجوب والحرمة والحل، الذي هو موجَب الإِيجاب والتحريم والإِحلال، ومقتضاه. (¬2). فالحكم صفة ثابتة للفعل، والشرع كشفه، كما يقولون في الحكم العقلي: إِن العقل كشفه، فعرف ما هو حسن في نفسه، وقبيح في نفسه. وقال بعض أصحابنا: الحكم الشرعي يتناول الخطاب وصفة الفعل، قال: وهو قول السلف والجمهور، فيتناول صفة (¬3) المحكوم عليه، وهو: الفعل، والعبد، والأعيان التي أمر بتعظيمها أو إِهانتها، فوصف (¬4) الأعيان بأنها رجس، وإن كان فيها وصف قبح [قبل] (¬5) التحريم، فالذي اتصفت به بالتحريم لم يكن ثابتًا قبل ذلك. والله أعلم. فعلى المذهب الأول: إِن كان الحكم الشرعي طلباً لفعل ينتهض تركه في جميع وقته سبباً لاستحقاق العقاب: فإِيجاب -ومن يقول: الكف فعل: يقول: لفعل (¬6) غير كف- وإِدن انتهض فعله خاصة للثواب: فندب، ¬

_ (¬1) في (ظ): للقول. (¬2) نهاية 20أمن (ظ). (¬3) في (ب) و (ح): وصفه. (¬4) نهاية 49 من (ح). (¬5) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬6) في (ظ): الفعل.

وإِن كان طلباً لترك ينتهض فعله سبباً لاستحقاق العقاب (¬1): فتحريم، وإِن انتهض تركه خاصة للثواب: فكراهة، وإن كان الحكم تخييراً: فإِباحة، وإِلا فوضعي. وإن شئت قلت: الخطاب إِن اقتضى الوجود: فإِن منع النقيض فإِيجاب، وإلا فندب، وإن اقتضى الترك: فإِن منع النقيض فتحريم، وإِلا فكراهة، وإِن خير فإِباحة. وزاد ابن عقيل، فقال (¬2): المشكوك (¬3): قيل: ليس بحكم، (¬4) وهو الصحيح، والشاك لا مذهب له. وقيل: حكم، كما قال أبو حنيفة وأحمد -في رواية في الحمار (¬5). قال: والوقف: قيل: مذهب، وهو أصح، لأنه يفتي به ويدعو إِليه. وقيل: لا. * * * ¬

_ (¬1) في (ح): العذاب. (¬2) انظر: الواضح 1/ 7 ب. (¬3) انظر: المسودة/ 575، والتحرير/ 9أ، وشرح الكوكب المنير 1/ 344. (¬4) نهاية 26 أمن (ب). (¬5) يعني: في طهارة سؤر الحمار. انظر: بدائع الصنائع 1/ 225، والإنصاف للمرداوي 1/ 342.

الواجب: ما سبق من أنه فعل ينتهض تركه سبباً للعقاب. وقيل (¬1): ما يعاقب تاركه. ونقض عكسه بجواز العفو. وقيل: (¬2) ما أوعد بالعقاب على تركه. ونقض عكسه بصدق إِيعاد الله. ورده بعض أصحابنا (¬3) وغيرهم: خلف الوعيد ليس خلفاً بخلاف الوعد. وقيل: ما يخاف العقاب بتركه. ونقض طرده بما يشك في وجوبه. وقال بعض أصحابنا: ما يذم تاركه شرعًا. وزاد بعضهم -وقاله ابن الباقلاني (¬4) -: "بوجه ما"؛ ليدخل الموسع والكفاية. ونقض طرده بالناسي والنائم والمسافر، فإِنه يذم بتقدير ترك الجميع. فإِن قال: يسقط الوجوب بذلك. قيل: ويسقط بفعل البعض، فلا حاجة إِليه. فلو قيل: "ما ذم تاركه شرعًا قصدًا مطلقًا" صح. ¬

_ (¬1): (¬3) انظر: البلبل/ 19. (¬4) انظر: المستصفى 1/ 66.

والواجب لغة

ولم يقل بعض (¬1) أصحابنا: (¬2) " قصداً". وحده ابن عقيل (¬3) بأنه: "إِلزام الشرع"، وقال (¬4): "الثواب والعقاب أحكامه ومتعلقاته، فحده به يأباه المحققون". * * * والواجب لغة (¬5): الساقط، (¬6) والثابت. والفرض لغة (¬7): التقدير، والتأثير، قال ابن عقيل (¬8): والإِنزال، نحو: (إِن الذي فرض عليك القرآن)، (¬9)، والإِباحة، نحو: (ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له). (¬10) فلهذا قال هو (¬11) وغيره: الواجب أكد، لاختصاصه، وتأثيره أيضًا. ¬

_ (¬1) انظر: البلبل/ 19. (¬2) نهاية 20 ب من (ظ). (¬3) انظر: الواضح 1/ 7 أ. (¬4) انظر: المرجع السابق 1/ 7. (¬5) انظر: لسان العرب 2/ 292 - 294، وتاج العروس 1/ 500 (وجب). (¬6) في (ظ): "الساقط الثابت" بدون الواو. (¬7) انظر: لسان العرب 9/ 66 - 71، وتاج العروس 5/ 65 - 66 (فرض). (¬8) انظر: الواضح 2/ 3 ب- 4 أ. (¬9) سورة القصص: آية 85. (¬10) سورة الأحزاب: آية 38. (¬11) انظر: الواضح 2/ 4أ، 6أ- ب.

وخالف في الروضة (¬1) وغيرها. وهما مترادفان شرعًا في رواية عن أحمد (¬2)، اختارها جماعة منهم: ابن عقيل (¬3)، وقاله الشافعية (¬4). وعن أحمد (¬5): الفرض آكد، اختارها جماعة، منهم (¬6): أبو إِسحاق (¬7) بن شاقْلا (¬8)، والحلواني، وذكره ابن عقيل (¬9) عن أصحابنا، واختلف اختيار القاضي (¬10)، وقاله الحنفية (¬11)، وابن الباقلاني. ¬

_ (¬1) انظر: الروضة 27/. (¬2) انظر: العدة/ 162. (¬3) انظر: الواضح 1/ 27 ب، 2/ 2 ب. (¬4) انظر: التمهيد للأسنوي/ 54، والمستصفى 1/ 66، ومناهج العقول 1/ 43، والإِحكام للآمدي 1/ 98. (¬5) انظر: العدة/ 162. (¬6) تكرر هذا اللفظ في (ح). (¬7) نهاية 50 من (ح). (¬8) هو: إِبراهيم بن أحمد بن عمر بن حمدان بن شاقْلا، أبو إِسحاق البزار، عالم حنبلي، جليل القدر، كثير الرواية، حسن الكلام في الأصول والفروع، كانت له حلقتان: إِحداهما بجامع المنصور، والأخرى بجامع القصر، توفي سنة 369 هـ عن 54 عاماً. انظر: طبقات الحنابلة 2/ 128، والمنهج الأحمد 2/ 64، وشذرات الذهب 3/ 68، والمدخل إِلى مذهب أحمد/ 206. (¬9) انظر: الواضح 1/ 27 ب. (¬10) انظر: العدة/ 162، 376، وانظر -أيضًا- المسودة / 50، فقد نقل فيها كلام القاضي في هذه المسألة. (¬11) انظر: كشف الأسرار 2/ 303، وأصول السرخسي 1/ 110، وفواتح الرحموت 1/ 58، وتيسير التحرير 2/ 135.

قال الآمدي (¬1) والمسألة لفظية. فقيل: (¬2) ما ثبت بدليل مقطوع به، [وذكره ابن عقيل (¬3) عن (¬4) أحمد]. (¬5) وقيل: (¬6) ما لا يسقط في عمد ولا سهو. وعنه (¬7) رواية ثالثة: الفرض ما لزم بالقرآن، والواجب ما كان بالسنة. وعلى الثاني يجوز أن يقال: بعض الواجبات آكد (¬8) من بعض، ذكره لقاضي وغيره (¬9)، وأن فائدته: أنه يثاب على أحدهما أكثر، وأن طريق أحدهما مقطوع به، والآخر ظن. وذكرهما ابن عقيل (¬10) على الأول. ¬

_ (¬1) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 99. (¬2) انظر: العدة/ 376. (¬3) انظر: الواضح 1/ 28أ، 2/ 2 ب. (¬4) نهاية 26 ب من (ب). (¬5) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬6) انظر: المسودة/ 50. (¬7) انظر: المسودة/ 50. (¬8) في (ح): أوجب. (¬9) انظر: العدة/ 379، 404، والمسودة/ 58. (¬10) انظر: الواضح 2/ 6 ب.

وهذا الثاني "أنه ينقسم إِلى مقطوع ومظنون" (¬1) لا يقبل خلافاً؛ ولهذا قال في الروضة (¬2): لا خلاف فيه. لكن قال (¬3) أصحاب القول الآخر: اختلاف طريق الشيء لا يوجب اختلافه في نفسه من حيث هو. وعلى الأول: ليس بعضها آكد، وقاله بعض المتكلمين، وقاله (¬4) ابن عقيل (¬5) أيضاً، ولعله أراد ما قال رادًا على من قال: "التفاضل (¬6) في العقاب والثواب يعطي التفاضل في حقيقة الإِيجاب، الذي هو الاستدعاء"؛ لأنه لو رفع (¬7) العقاب والثواب رأساً، لما ارتفع صحة قوله: "أوجبت"، وصح أن يقوم الاستدعاء بنفسه حقيقة معقولة، وكذا لا يدل التفاضل على قوة الاستدعاء. وكذا قال (¬8): (¬9) إِن الاستدعاء لا يقبل التزايد، كجائز ولازم وصادق ¬

_ (¬1) انظر: البلبل/ 19. (¬2) انظر: الروضة/ 27. (¬3) انظر: العدة/ 384. (¬4) في (ح): واختاره. (¬5) انظر: الواضح 2/ 21 أ- 22 ب. (¬6) انظر: المرجع السابق 2/ 22 أ. (¬7) انظر: المرجع السابق 2/ 22 ب. (¬8) انظر: الواضح 2/ 21 أ. (¬9) في (ب) و (ظ):" وكذا قال آخر: إِن". وقد أشير في (ب) إِلى أن كلمة "آخر" قد زيدت من نسخة أخرى.

وكاذب وعالم، فلا يقال: أعلم وأصدق وأكذب، لأنه انتظمه حد واحد، وهو حقيقة واحدة. قال (¬1): وصرحوا (¬2) بأنهم أرادوا بقولهم تزايد العقاب والثواب -ولا ننكره، فحصل الوفاق منهم- لا يتزايد في نفسه، فالخلاف (¬3) لفظي. وقال بعض (¬4) أصحابنا (¬5): "وهذا ضعيف، والصواب: أن جميع الصفات المشروطة بالحياة تقبل التزايد. وعن (¬6) أحمد -في المعرفة الحاصلة في القلب في الإِيمان: هل تقبل التزايد والنقص؟ - روايتان، والصحيح في (¬7) مذهبنا ومذهب جمهور أهل السنة: إِمكان الزيادة في جميع ذلك". وقول ابن عقيل: "إِن الإِيجاب لا يستلزم العقاب" قاله -أيضًا- ابن الباقلاني (¬8) وصاحب المحصول (¬9). ¬

_ (¬1) انظر: المرجع السابق. (¬2) قوله: "وصرحوا بأنهم" كذا في النسخ، ثم أبدل في (ح) بقوله: "وقالوا جواباً أنهم إن". (¬3) في (ظ) و (ح): فإِطلاق. (¬4) انظر: المسودة/ 10. (¬5) نهاية 21 أمن (ظ). (¬6) في المسودة/ 10: ولنا في معرفة ... (¬7) نهاية 51 من (ح). (¬8) انظر: المستصفى 1/ 66، والمسودة/ 44. (¬9) انظر: المحصول 1/ 2/ 339.

وقال (¬1) أبو المعالي (¬2) والغزالي (¬3): يستلزمه لعصيانه، فيستحق الوعيد بالنص. وهو الأشهر، كما سبق. (¬4) لكن قال بعض أصحابنا (¬5): جمهور أصحابنا: لا يستلزمه. كذا قال. قال (¬6): ويوضح الفرق أن من أوجب شكر المنعم عقلاً، لا يلزمه أن يعاقب عليه في الآخرة، للنصوص، وإِن كان تاركًا للواجب وفاعلاً للمحرم. وقال [له] (¬7) في التمهيد (¬8) من لم ير النهي عن شئ أمر بضده: منهي عن قتل نفسه، وليس بمأمور بتركه، لعدم ثوابه. فأجاب: بالمنع. ثم: الثواب والعقاب غير مستحق على الأمر والنهي بالعقل (¬9)، بل بالسمع، فنقول: مأمور بتركه ولا ثواب. ¬

_ (¬1) نهاية 27 أمن (ب). (¬2) ذكر ذلك -أيضًا- في المسودة/ 44. (¬3) انظر: المستصفى 1/ 66، والمسودة/ 44. (¬4) انظر: ص 156، 183، 185 من هذا الكتاب. (¬5) انظر: المسودة/ 61. (¬6) انظر: المرجع السابق/ 62. (¬7) هذه الكلمة لم ترد في (ظ). وقد ضرب عليها في (ب). وهي مثبتة من (ح). (¬8) انظر: التمهيد/ 48 أ. (¬9) في (ظ): بالفعل.

وقال أيضًا: كان السلف لا يطلقون لفظ "الحرام" إِلا فيما علم قطعًا، ولهذا ذكر القاضي وغيره في إِطلاق لفظ "الحرام" على ما ثبت تحريمه بدليل ظني روايتين (¬1). وهذا غريب، والله أعلم. وقال أيضًا هو (¬2) وغيره: الوعيد نص في الوجوب، لا يقبل تأويلاً؛ لأنه خاصة الواجب، ولا يوجد خاصة الشيء بدونه. وذكر القاضي (¬3) وابن عقيل (¬4): إِطلاقه للوجوب، ويعدل عنه لدليل. وصيغة "الفرض" أو "الوجوب" نص فيه. قال ابن عقيل (¬5): "أوجبت" صريحة في الإِيجاب بإِجماع الناس. وعند طائفة من أصحابنا وغيرهم، منهم القاضي (¬6): ظاهرة، ويحتمل (¬7) توكيد الاستحباب، وأنه يحسن (¬8) الاستفهام، فتقول: أوجبته إِلزاما أو اختياراً؟ وذكره ابن عقيل (¬9) أيضًا. وفي كلام أبي الفرج (¬10)، ¬

_ (¬1) انظر: العدة/ 384. (¬2) انظر: المسودة/ 42. (¬3) انظر: العدة/ 242. (¬4) انظر: الواضح 1/ 247 ب، 250أ. (¬5) انظر: الواضح 1/ 232 أ. (¬6) انظر: العدة/ 242. (¬7) في (ح): "يحتمل" بدون الواو. (¬8) في (ب) و (ظ): "وحسن الاستفهام". والمثبت "وأنه يحسن الاستفهام" من (ح)، وقد وضع فوقه -أيضًا-: "حسن". (¬9) انظر: الواضح 1/ 347ب، 250 أ. (¬10) وهو: أبو الفرج المقدسي. تقدمت ترجمته في ص 89 من هذا الكتاب.

العبادة

والتمهيد (¬1) الأمران [أيضًا]. (¬2) * * * العبادة: إِن (¬3) لم يكن لها وقت معين لم توصف بأداء ولا إِعادة و [لا] (¬4) قضاء، وإلا (¬5) فما وقتها غير محدود كالحج توصف بالأداء، ولنا وجه: وبالقضاء. وإطلاق القضاء في حج فاسد، لشبهه بالمقضي في استدراكه. وما وقتها (¬6) محدود توصف بذلك. فالأداء: ما فعل أولاً في وقته المقدر له شرعًا. والقضاء: ما فعل بعد وقت الأداء استدراكًا لما سبق وجوبه، (¬7) بأن أخره عمدًا. (¬8) ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد/ 22 أ- 23 ب. (¬2) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬3) في (ح): "العبادة التي لا وقت لها معين لا توصف"، مكان قوله: "العبادة إِن لم يكن لها وقت معين لم توصف" (¬4) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬5) في (ح): "والتي لها وقت معين غير محدود كالحج توصف"، مكان قوله: "وإِلا فما وقتها غير محدود كالحج توصف". (¬6) في (ح): وإِن كان وقتها محدودًا وصفت"، مكان قوله: "وما وقتها محدود توصف بذلك". (¬7) نهاية 27 ب عن (ب). (¬8) نهاية 21 ب من (ظ).

فإِن أخره لعذر تمكن منه كمسافر ومريض، أوْ لا، لمانع شرعي كصوم حائض: فهل هو قضاء؟. ينبني على وجوبه عليه، وفيه أقوال لنا، وحكاه بعضهم روايات: قيل: يجب (¬1)، جزم به جماعة، وذكر صاحب المحرر (¬2): أنه نص أحمد، واختيار أصحابنا، قال ابن برهان: (¬3) هو قول الفقهاء قاطبة: لقول عائشة -رضي الله عنها-: (كنا نحيض على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنؤمر بقضاء الصوم) متفق عليه. (¬4) ولأنه تجب نية القضاء، ذكره في الروضة (¬5) إِجماعًا. وكالصلاة على محدث، ودين على معسر. ¬

_ (¬1) انظر: العدة/ 315. (¬2) انظر: المسودة/ 29. (¬3) حكاه في المسودة/ 29. (¬4) متفق عليه من حديث معاذة عن عائشة، لكن ليس في رواية البخاري تعرض لقضاء الصوم. أخرجه البخاري في صحيحه 1/ 67، ومسلم في صحيحه/ 265، وأبو داود في سننه 1/ 180 - 181، والنسائي في سننه 4/ 191 من حديث معاذة عن عائشة وأخرجه الترمذي في سننه 2/ 141 - 142، وابن ماجه في سننه/ 533 - 534 من حديث الأسود عن عائشة، وقال الترمذي: حديث حسن. وانظر: التلخيص الحبير 1/ 163 - 164، ونصب الراية 1/ 193. (¬5) انظر: الروضة/ 59.

وقيل: لا يجب، وحكاه القاضي (¬1) [وابن عقيل] (¬2) عن الحنفية؛ لأنه تكليف بالممتنع. وقيل: يجب على مسافر ونحوه، لا حائض. وحكى ابن عقيل (¬3) وغيره (¬4) عن الحنفية: على مسافر فقط، وعن الأشعرية (¬5): أن المسافر يلزمه صوم شهر الأداء (¬6) وشهر القضاء لا بعينه، وحكاه (¬7) ابن برهان قول أهل العراق (¬8). ¬

_ (¬1) انظر: العدة/ 315. (¬2) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬3) انظر: الواضح 1/ 288 ب. (¬4) في (ب) و (ظ): "وحكى ابن عقيل عنا وعن الحنفية"، مكان قوله: "وحكى ابن عقيل وغيره عن الحنفية". (¬5) انظر: المرجع السابق 1/ 288 ب- 289 أ. (¬6) كذا في النسخ. ولعل المناسب: أو شهر القضاء. (¬7) انظر: المسودة/ 30. (¬8) أهل العراق: هم أصحاب الرأي، وهم أصحاب أبي حنيفة، ومنهم: محمد بن الحسن وأبو يوسف وزفر بن هذيل والحسن بن زياد اللؤلؤي وابن سماعة. وإِنما سموا "أصحاب الرأي" لأن عنايتهم بتحصيل وجه من القياس والمعنى المستنبط من الأحكام، وبناء الحوادث عليها، وربما يقدمون القياس الجلي على آحاد الأخبار. وقد قال أبو حنيفة: علمنا هذا رأي، وهو أحسن ما قدرنا عليه، فمن قدر على غير ذلك، فله ما رأى، ولنا ما رأيناه.=

فإِن وجب كان قضاء، وإِلا فلا. وأطلق أصحابنا أنه قضاء، فيحتمل أنهم أرادوا قول بعض الأصوليين: إِن ما سبق له وجوب مطلقًا -أي: بالنظر إِلى انعقاد سبب الوجوب، لا بالنظر إِلى المستدرَك- يكون قضاء. وهذا ظاهر الروضة (¬1)، ولهذا ذكر أنه (¬2) قضاء من ساهٍ ونائم، مع عدم تكليفهما عنده (¬3). وكذا ذكر ابن عقيل (¬4) عدم تكليفهما، وأنه قول أكثر المتكلمين، وأنه نزاع (¬5) لفظي. ولهذا قال جماعة: لا يأثم نائم ومغمى عليه، ولا يعتبر كلامهما إِجماعًا. وقال القاضي (¬6) أسقط أحمد القضاء عن المجنون، وجعل -العلة فيه رفع القلم، فاقتضى أنه غير مرفوع عن المغمى عليه، وأسقط القضاء عن الكافر ¬

_ =وأصحابه ربما يزيدون على اجتهاده اجتهادًا، ويخالفونه في الحكم الاجتهادي. انظر: الملل والنحل 1/ 365. (¬1) انظر: الروضة/ 59. (¬2) نهاية 53 من (ح). (¬3) انظر: المرجع السابق/ 48. (¬4) انظر: الواضح 1/ 16 أ- ب. (¬5) في النسخ الثلاث: "نزاعي". والمثبت من نسخة في هامش (ب). (¬6) انظر: العدة / 351.

والصبي، وجعل العلة عدم الإِيجاب، فاقتضى هذا أن من وجب عليه القضاء قد كان واجباً عليه. وذكره بعض أصحابنا (¬1) قول أكثر الفقهاء. (¬2) وعن أحمد -رحمه الله- رواية ضعيفة: يقضي مجنون الصلاة [(خ (¬3)] (¬4). وعنه: يقضي الصوم (وم). (¬5) وعنه: إِن أفاق فيه (وهـ). (¬6) ويقضي المغمى عليه الصلاة عند أحمد (¬7)، كالصوم في الأصح عندنا (و). (¬8) ولنا قول: لا (وم ش). (¬9) ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 37. (¬2) نهاية 28 أمن (ب). (¬3) انظر: المجموع 3/ 7 والإِنصاف 1/ 393. (¬4) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬5) انظر: المغني 3/ 116، ومواهب الجليل 2/ 422. (¬6) انظر: بدائع الصنائع/ 1003. (¬7) انظر: الشرح الكبير 1/ 377. (¬8) انظر: المغني 3/ 115، والمجموع 6/ 277، ومواهب الجليل 2/ 422، وبدائع الصنائع/ 1003. (¬9) انظر: مواهب الجليل 1/ 469، والمجموع 3/ 8.

والإعادة

وعند أبي حنيفة (¬1): يقضي خمس صلوات. والله أعلم. والإِعادة: ما فعل في وقته المقدر مرة أخرى، زاد (¬2) بعضهم (¬3): لخلل، وبعضهم (¬4): لعذر. مسألة مقتضى الأمر لجماعة وجوبه على الأعيان، فلا يسقط عن بعضهم إِلا بدليل (و). وفرض الكفاية على الجميع (و). قال أحمد: (¬5) "الغزو واجب على الناس كلهم، فإِذا غزا بعضهم (¬6) أجزأ عنهم". قال (¬7) أصحابنا وغيرهم: ومن ظن أن غيره لا يقوم به وجب عليه، وإِن فعله الجميع معاً كان فرضًا إِجماعًا، ويسقط الطلب الجازم بفعل بعضهم، كما يسقط الإِثم إِجماعًا. ¬

_ (¬1) انظر: بدائع الصنائع / 319. (¬2) في (ح): "وزاد بعض الأصوليين"، مكان قوله: "زاد بعضهم". (¬3) انظر: البلبل/ 33. (¬4) في (ح): "وقال بعضهم"، مكان قوله: "وبعضهم". (¬5) في رواية حنبل. انظر: المسودة/ 30. (¬6) نهاية 22 أمن (ظ). (¬7) انظر: المرجع السابق/ 30 - 31.

وذكر بعض أصحابنا (¬1): إِذا فعله بعضهم بعد بعض: في (¬2) كون الثاني فرضًا وجهان. وجزم في الواضح (¬3) بالفرض؛ لتناول الفرض للجميع، بخلاف تطويل الواجب. وذكر بعض أصحابنا وجهًا (¬4) في صلاة الجنازة إِذا تكررت: تكون فرض كفاية بم فلا تجزئ بنية النافلة، لتعيينها بشروعه فيها. وقاله (¬5) الشافعية (¬6)؛ لأنها شرعت لمصلحة، وهي قبول الشفاعة، وتعلم. ورد: يكفي الظن، بدليل سقوط الإِثم. وقال بعض الأصوليين: فرض الكفاية يلزم طائفة مبهمة. لنا: إِثم الجميع بتركه إِجماعًا. وإثم واحد مبهم (¬7) لا يعقل (¬8)؛ لأنه لا يمكن عقابه. ¬

_ (¬1) انظر: المرجع السابق/ 31. (¬2) لعل الصواب: ففي كون. (¬3) انظر: الواضح 2/ 25 أ. (¬4) نهاية 54 من (ح). (¬5) انظر: التمهيد للأسنوي/ 73. (¬6) في (ظ): الشفاعية. (¬7) في (ظ): منهم. (¬8) انظر: البلبل/ 91.

مسألة

وسقوط الإِثم بفعل بعضهم ليس مانعًا. وأما (¬1) قوله: (فلولا نفر) (¬2) الآية، فالمراد بالطائفة المسقطة للواجب. مسألة الأمر بواحد من أشياء -كخصال الكفارة- (¬3) الواجبُ واحد لا بعينه (¬4)، قاله في الروضة (¬5) وغيرها، وذكره أبو محمد التميمي (¬6) عن أحمد، وأن أصحابه اختلفوا، وقاله (¬7) عامة الفقهاء (¬8) والأشعرية. ¬

_ (¬1) انظر: البلبل/ 91. (¬2) سورة التوبة: آية 122: (وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إِذا رجعوا إِليهم لعلهم يحذرون). (¬3) الواردة في قوله تعالى: (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إِطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة). سورة المائدة: آية 89. (¬4) في (ب): لا يعينه. (¬5) انظر: الروضة/ 27. (¬6) هو: رزق الله بن عبد الوهاب بن عبد العزيز بن الحارث بن أسد التميمي، البغدادي، المقرئ المحدث الفقيه الواعظ، شيخ أهل العراق في زمانه، أحد الحنابلة المشهورين. ولد سنة 400 هـ وقيل: سنة 401 هـ، وتوفي سنة 488 هـ. من مؤلفاته: شرح الإرشاد لشيخه ابن أبي موسى، والخصال، والأقسام. انظر: البداية والنهاية 12/ 150، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 77، والمنهج الأحمد 2/ 164. (¬7) في (ح): وهو قول. (¬8) نهاية 28 ب من (ب).

واختار القاضي (¬1): أن الواجب واحد، ويتعين بالفعل، وقاله ابن عقيل (¬2)، وذكره (¬3) عن الفقهاء والأشعرية. واختار أبو الخطاب: (¬4) أن الواجب واحد معيّن عند الله، قد علم أن المكلف لا يختار إِلا ما وجب عليه. وعن المعتزلة (¬5): كالقاضي، وبعضهم (¬6): معيّن يسقط به وبغيره. وعن (¬7) الجبائي (¬8) وابنه أبي هاشمم: جميعها (¬9) واجب على التخيير؛ بمعنى: أن كل واحد منها (¬10) مراد. ¬

_ (¬1) انظر: العدة/ 302. (¬2) و (¬3) انظر: الواضح 1/ 289 ب. (¬4) انظر: التمهيد/ 44 ب. (¬5): (¬7) انظر: البلبل/ 20، والمعتمد/ 87. (¬8) هو: أبو علي محمد بن عبد الوهاب بن سلام الجبائي، من أئمة المعتزلة، ورئيس علماء الكلام في عصره، وإِليه نسبة الطائفة "الجبائية"، له مقالات وآراء انفرد بها في المذهب، ورد عليه الأشعري. نسبته إِلى "جبّى" من قرى البصرة. ولد سنة 235 هـ، واشتهر في البصرة، وتوفي سنة 303 هـ، ودفن ب، "جبى". من مولفاته: تفسير حافل مطول. انظر: اللباب 1/ 255، ووفيات الأعيان 4/ 267، والبداية والنهاية 11/ 125، وخطط المقريزي 2/ 348، ومفتاح السعادة 2/ 35. (¬9) في (ظ): جميعًا. (¬10) في (ظ) منهما.

فلهذا قيل: الخلاف معنوي. وقيل: لفظي. ولا يجوز ترك جميعها، ولا يجب الجمع بين اثنين منها إِجماعًا. وِإن كفّر بها مترتبة (¬1)، فالواجب الأول إِجماعًا، ومعاً -إِن أمكن- لا يثاب ثواب الواجب على كل واحد إِجماعًا، بل على أعلاها. وإِن ترك الجميع لم يأثم على كل واحد إِجماعًا، [بل] (¬2) قال القاضي (¬3) وغيره: يأثم بقدر عقاب أدناها، لا أنه نفس عقاب أدناها. وفي التمهيد (¬4) وغيره: "يثاب على واحد، ويأثم بواحد"، ومعناه في في الواضح (¬5). (¬6) لنا: جوازه عقلاً، كتكليف السيد عبده بفعل هذا الشيء أو ذاك، على أن يثيبه على أيهما فعل، ويعاقبه بترك الجميع، ولو أطلق لم يفهم وجوبهما (¬7). ¬

_ (¬1) في (ظ): مرتبة. (¬2) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ظ). (¬3) انظر: العدة/ 306. (¬4) انظر: التمهيد/ 44 ب- 45 أ. (¬5) انظر: الواضح 1/ 290أ. (¬6) نهاية 55 من (ح). (¬7) في (ظ): وجوبها.

والنص دل عليه؛ لأنه لم يرد الجميع، ولا واحدًا بعينه؛ لأنه خيّره. ولو أوجب التخيير الجميع، لوجب عتق الجميع إِذا وكّله في إِعتاق أحد عبديه، (¬1) وتزويج موليته بالخاطبين إِذا وكلته بأحدهما. قالوا: غير المعين مجهول، فلا يشعر به، ويستحيل وقوعه، فلا يكلف به. ورد: بتعيينه من حيث هو واجب، وهو واحد من الثلاثة، فينتفي تعيينه الشخصي، فصح إِطلاقهما عليه باعتبارين. قالوا: لو لم يجب الجميع لوجب واحد، فإِن تعين فلا تخيير، أو وقع التخيير بين واجب وغيره، وإن لم يتعين فواحد غير واجب، فإِن تعددا (¬2) لزم التخيير بين واجب وغيره، وإِن اتحدا اجتمع الوجوب وعدمه. رد: يلزم في الإِعتاق والتزويج. ثم (¬3): الواجب لم يخير (¬4) فيه لإِبهامه، والمخير فيه لم يجب لتعيينه، وهي الأفراد الثلاثة. ولأنه يتعدد الوجوب والتخيير، فيتعدد متعلقاهما "الواجب والخير فيه"، كما لو حرم الشارع واحدًا وأوجب واحدًا. ¬

_ (¬1) نهاية 22 ب من (ظ). (¬2) ضرب في (ظ) و (ب) على الألف في "تعددا". (¬3) نهاية 29 أمن (ب). (¬4) في (ب): لم يخبر.

مسألة

وسبق جواب قولهم:"يعم ويسقط بفعل بعضها، كفرض الكفاية". قالوا: يجب أن يعلم الآمر ما أوجبه، لاستحالة طلب غير متصور. رد: يعلمه حسبما أوجبه، وإذا أوجبه غير معين، علمه كذلك. قالوا: علم ما يفعله المكلف، فكان الواجب؛ لأنه يمتنع إِيجابه ما علم عدم وقوعه. رد: بمنعه. ثم: لم يجب (¬1) بخصوصه، للقطع بتساوي الناس في الواجب (¬2) [(ع)] (¬3). مسألة إِذا علق وجوب العبادة بوقت موسع -كالصلاة- تعلق بجميعه موسعاً أداء عندنا، وقاله المالكية والشافعية والجمهور. وأوجب أكثر أصحابنا (¬4) والمالكية (¬5) العزم بدل الفعل أول الوقت، ويتعين الفعل آخره، وذكره (¬6) صاحب المحصول (¬7) عن أكثر المتكلمين، ولم ¬

_ (¬1) في (ح): "ثم المفعول ليس بواجب بخصوصه" مكان قوله "ثم لم يجب بخصّوصه". (¬2) نهاية 56 من (ح). (¬3) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬4) انظر: البلبل/ 21. (¬5) انظر: شرح تنقيح الفصول/ 152. (¬6) في (ظ): وذكر. (¬7) انظر: المحصول 1/ 2/ 292.

يوجبه صاحب التمهيد (¬1) والمحرر (¬2) وغيرهما، وللشافعية (¬3) والمعتزلة (¬4) قولان. وقال قوم (¬5): وقته أوله، فإِن أخّره فقضاء. وقال الحنفية (¬6): يتعلق بآخره -زاد الكرخي (¬7): أو بالدخول فيها- فإِن قدَّمه فنفل يسقط الفرض. وأكثرهم: إِن بقي مكلفاً فما قدمه واجب. وعندهم: إِن طرأ ما يمنع الوجوب فلا وجوب. ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد/ 32 ب-34 أ. (¬2) انظر: المسودة/ 28. (¬3) انظر: المحصول 1/ 2/ 291. (¬4) انظر: المعتمد للبصري/ 135. (¬5) انظر: المرجع السابق. (¬6) في هذه النسبة نظر؛ فقد ذكر في كشف الأسرار أن مذهب جمهورهم كقول الجمهور، وأن هذا قول لبعض الحنفية العراقيين. انظر: كشف الأسرار 1/ 219، وفواتح الرحموت 1/ 74، وأصول السرخسي 1/ 31، وتيسير التحرير 2/ 189، والتوضيح على التنقيح 2/ 205. (¬7) هو: أبو الحسن عبيد الله بن الحسين الكرخي، فقيه حنفي، انتهت إِليه رئاسة الحنفية بالعراق، ولد في الكرخ سنة 260 هـ، وتوفي ببغداد سنة 340 هـ. من مؤلفاته: رسالة في الأصول التي عليها مدار فروع الحنفية، وشرح الجامع الكبير، وشرح الجامع الصغير. انظر: الجواهر المضية 1/ 337، والفوائد البهية/ 108.

وعن بعض المتكلمين: يتعلق الوجوب بوقت غير معين، كخصال الكفارة، ويتأدى فيهما (¬1) بالمعين، وذكره في الواضح (¬2) عن الكرخي، واختاره (¬3) -أيضًا- في مسألة الواجب الخير (¬4)، واختاره صاحب المحرر، (¬5) قال: ويجب حمل مراد أصحابنا عليه. كذا قال. وصرح القاضي (¬6) وابن عقيل (¬7) وغيرهما بالفرق لظاهر النص، والكفارة هي الدليل، لوجوبها بالحنث، فما أداه سبق وجوبه، كذا هنا. وقال (¬8) ابن عقيل (¬9): التعميم يزيل معنى توسعة التخيير في التكفير، وتوسعة قيام شخص مقام آخر في الكفاية بالبعض، وهنا (¬10) لم تزل الرخصة، وفيه فائدة، هي: تعلق المأثم بالترك في كل الوقت، لا يختص بالأخير. ¬

_ (¬1) في (ح): فيها. (¬2) انظر: الواضح 1/ 280 أ. (¬3) ضمير الفاعل يعود إِلى الكرخي. (¬4) انظر: المرجع السابق. (¬5) انظر: المسودة/ 29. (¬6) انظر: العدة/ 311، 315. (¬7) انظر: الواضح 1/ 283 ب، 279أ. (¬8) نهاية 23 أمن (ظ). (¬9) انظر: الواضح 1/ 282أ. (¬10) يعني: إِذا علقنا الوجوب على جميع الوقت.

لنا: أن قوله: (أقم الصلاة) (¬1) -الآية- قيد بجميع وقتها. وصلى (¬2) - عليه السلام- أوله وآخره، وقال: (الوقت بينهما) (¬3) (¬4) له جبريل- عليه السلام- أيضًا. ¬

_ (¬1) سورة الإِسراء: آية 78: (أقم الصلاة لدلوك الشمس) إِلى غسق الليل وقرآن الفجر إِن قرآن الفجر كان مشهودًا) (¬2) في (ب): وصل. (¬3) جاء ذلك في حديث بريدة الأسلمي: أخرجه مسلم في صحيحه/ 428 - 429، والترمذي في سننه 1/ 102، وقال: "هذا حديث حسن غريب صحيح"، والنسائي في سننه 1/ 582، وابن ماجه في سننه / 219، وأحمد في مسنده 5/ 349، والدارقطني في سننه 1/ 262، والبيهقي في السنن الكبرى 1/ 371. وجاء ذلك -أيضًا- في حديث أبي موسى الأشعري: أخرجه مسلم في صحيحه / 429 - 430، وأبو داود في سننه 1/ 279 - 280، والنسائي في سننه 1/ 260، وأحمد في مسنده 4/ 416، والدارقطني في سننه 1/ 263، والبيهقي في السنن الكبرى 1/ 366 - 367، 370 - 371. وجاء ذلك -أيضًا- في حديث أنس: أخرجه النسائي في سننه 1/ 270، والبيهقي في السنن الكبرى 1/ 377 - 378. وجاء ذلك -أيضًا- في حديث جابر: أخرجه الدارقطني في سننه 1/ 257، والبيهقي في السنن الكبرى 1/ 382. وجاء ذلك -أيضًا- في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 1/ 369. (¬4) قال له ذلك حين أَمَّه أول الوقت وآخره. وحديث إِمامة جبريل للنبي - صلى الله عليه وسلم - رواه من الصحابه: أخرجه أبو داواد في سنته=

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = 1/ 274 من حديث ابن عباس، وأخرجه الترمذي في سننه 1/ 100 - 101 من حديث ابن عباس، وقال: حديث حسن صحيح، ومن حديث جابر، وقال: حسن غريب، ثم قال: وقال محمد -يعني البخاري-: أصح شيء في المواقيت حديث جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال أبو عيسى: وفي الباب عن أبي هريرة، وبريدة، وأبي موسى، وأبي مسعود الأنصاري، وأبي سعيد، وجابر، وعمرو بن حزم، والبراء، وأنس. وأخرجه النسائي في سننه1/ 249 - 250 من حديث أبي هريرة، ومن حديث جابر، وأخرجه الشافعي (انظر: بدائع المنن 1/ 46 - 48) من حديث ابن عباس. وأخرجه الدارقطني في سننه 1/ 256 - 257 من حديث جابر، 1/ 258 - 259 من حديث ابن عباس، 1/ 259 من حديث ابن عمر، 1/ 261 من حديث أبي هريرة. وأخرجه الحاكم في مستدركه 1/ 192 - 193 من حديث ابن عباس، وقال: صحيح، ولم يخرجاه، 1/ 195 - 196 من حديث جابر، وقال: صحيح مشهور من حديث عبد الله بن المبارك، ولم يخرجاه لقلة حديث الحسين بن علي الأصغر -ووافقه في التلخيص- وذكر له شاهدين مثل ألفاظه عن جابر. وأخرجه أحمد في مسند 1/ 333 من حديث ابن عباس، 3/ 30 من حديث أبي سعيد الخدري. وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى 1/ 364 من حديث ابن عباس، قال: وروينا عن جابر بن عبد الله، وأبي مسعود الأنصاري، وعبد الله بن عمرو، وأبي هريرة، وأبي سعيد الخدري في قصة إِمامة جبريل -عليه السلام- النبي - صلى الله عليه وسلم - 1/ 365 من حديث أبي مسعود الأنصاري، 1/ 368 - 369 من حديث جابر. وانظر: التلخيص الحبير 1/ 173، ونصب الراية 1/ 221.

القائل بالعزم

ولأنه لو تعين جزء لم يصج قبله، وبعده قضاء، فيعصي، وهو خلاف الإِجماع. ولأن (¬1) وجوب العزم والتخيير بينه وبين الفعل وتعيين وقت تحكّم لا دليل عليه. القائل بالعزم: كخصال الكفارة. رد: بأنه ممتثل؛ لأنه مصلٍّ، لا لأحد الأمرين. وبأنه يلزم سقوط المبدَل إِذا أتى بالبدل، كسائر الأبدال، وأن يعم العزم جميع الوقت كمبدَله. وبأن في (¬2) وجوبه في جزء ثان يقتضي تعدده، والمبدل واحد. وبِأن وجوب العزم لا يدل على التخيير، لوجوبه في كل أمر ديني إِجماعًا. وبأنه يجب قبل دخول (¬3) وقت المبدل. وبعضهم منع هذا، وبعضهم أوجب العبادة قبل وقتها. وقوله في الروضة (¬4): "لا يترك العزم على الفعل إِلا عازمًا على الترك ¬

_ (¬1) في (ح): "ولأن التخيير بين الفعل والعزم" مكان قوله: "ولأن وجوب العزم والتخيير بينه وبين الفعل". (¬2) لعل المناسب حذف كلمة (في)، أو إِضافة كلمة (ما) قبل (يقتضي)، فيكون الكلام هكذا: وبأن في وجوبه في جزء ثان ما يقتضي تعدده. (¬3) نهاية 57 من (ح). (¬4) انظر: الروضة/ 32.

مسألة

مطلقًا" ممنوع، فلهذا إِثمه بالتردد مبني على وجوب العزم. وإِنما لم يعص بتأخيره أول الوقت؛ لأنه كقضاء رمضان، وخصال الكفارة. مسألة من أخر الواجب الموسع مع ظن مانع -موت أو غيره- أثم إِجماعًا. وذكر بعض أصحابنا: يأثم مع عدم ظن البقاء إِجماعًا، وفي الروضة (¬1): "لا يؤخر إِلا إِلى وقت يظن بقاءه إِليه". ثم: إِن بقي ففعله في وقته فأداء. وعند ابن الباقلاني: (¬2) قضاء، لضيق وقته بظنه. وألزمه بعضهم أن يوجب نية القضاء، وأن يأثم بالتأخير من اعتقد قبل الوقت انقضاءه. وقال بعض أصحابنا: (¬3) له التزامه لعدوله عن (¬4) مناط التعبد، وهو ما ظنه حقاً. كذا قال. ومن له التأخير فمات لم يأثم [(و)] (¬5)، وحكاه (¬6) بعض أصحابنا ¬

_ (¬1) انظر: الروضة/ 33. (¬2) انظر: شرح المحلي على جمع الجوامع 1/ 192. (¬3) انظر: البلبل/ 23. (¬4) نهاية 30 أمن (ب). (¬5) ما بين المعقوفتين زيادة من (ب). (¬6) في (ظ) و (ح): "حكاه" بدون الواو.

مسألة

إِجماعًا. واعتبار (¬1) سلامة العاقبة ممنوع. ولنا وجه: يأثم، كبعض الشافعية (¬2). ويأثم من له تأخير الحج فمات قبل فعله (و) (¬3)، لتأخيره عن وقته وهو العمر. وقيل: لعدم ظن البقاء سنة، فيلزم قضاء رمضان. وحكى بعضهم (¬4) عن الشافعي في الحج: يأثم الشيخ، لا الشاب الصحيح. وفي الواضح (¬5) في مسألة "الأمر للفور" -عن بعض (¬6) من قال: للتراخي-: "لا يأثم بموته لئلا تبطل رخصة التأخير"، ثم ألزم بالموسع. م مسألة ما لا يتم الوجوب إِلا به ليس بواجب إِجماعًا، قدر عليه المكلف ¬

_ (¬1) في (ح): رسم اللفظ هكذا: واعا. (¬2) انظر: شرح المحلي على جمع الجوامع 1/ 193، والمستصفى 1/ 70. (¬3) انظر: شرح المحلي على جمع الجوامع 1/ 193، والمستصفى 1/ 71، وفواتح الرحموت 1/ 88، وشرح العضد 1/ 243، وتيسير التحرير 2/ 210 - 211. (¬4) انظر: المحصول 1/ 2/ 306. (¬5) انظر: الواضح 1/ 278أ. (¬6) نهاية 23 ب من (ظ).

كاكتساب المال في الحج والكفارة -قال ابن عقيل (¬1) وغيره: وإِرغاب العبد سيده في كتابته بمال كثير- أوْ لا، كاليد في الكتابة، وحضور الإِمام والعدد في الجمعة. وذكره (¬2) بعض أصحابنا (¬3) وغيرهم [من باب]: (¬4) ما لا يتم الواجب إِلا به لا يجب إِلا على تكليف المحال. كذا قالوا. وأما ما لا يتم الواجب إِلا به -كالطهارة، وقطع المسافة إِلى العبادة، وغسل بعض الرأس- فواجب، ذكره أصحابنا والشافعية (¬5) وأكثر الفقهاء، وحكاه الآمدي (¬6) عن المعتزلة. وحكى بعض أصحابنا (¬7) عن أكثر المعتزلة: ليس بواجب. وحكى (¬8) ابن الجوزي (¬9): لا يجب إِمساك جزء من الليل في الصوم في أصح الوجهين. ¬

_ (¬1) انظر: الواضح 1/ 259 أ. (¬2) في (ح): وذكر. (¬3) انظر: البلبل/ 23 - 24. (¬4) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬5) انظر: نهاية السول/ 1/ 95. (¬6) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 111. (¬7) انظر: المسودة/ 60. (¬8) انظر نحو ذلك في زاد المسير 1/ 193. (¬9) هو: أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي القرشي البغدادي الحنبلي،=

وأوجب بعض أصحابنا (¬1) ما كان شرطاً شرعيًا كالطهارة، (¬2) لا غيره، وقاله ابن برهان (¬3) وأبو المعالي (¬4) وغيرهما. وظاهر من أوجب: يعاقب بتركه كغيره، وقاله الآمدي (¬5) وغيره (¬6)، وقاله القاضي في الحج عن ميت من ميقات، كما يثاب. ¬

_ =علامة عصره في التاريخ والحديث، ولد في بغداد سنة 508 هـ، وتوفي بها سنة 597 هـ، ونسبته إِلى "مشرعة الجوز" من محالّها. من مؤلفاته: المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، والضعفاء والمتروكون، والناسخ والمنسوخ، وزاد المسير في علم التفسير، وجامع المسانيد والألقاب، وشرح مشكل الصحيحين. انظر: وفيات الأعيان 3/ 140، والبداية والنهاية 13/ 28، وذيل طبقات الحنابلة لابن رجب 1/ 399، ومفتاح السعادة 1/ 207. (¬1) انظر: البلبل/ 24. (¬2) نهاية 58 من (ح). (¬3) حكاه في المسودة/ 60. (¬4) انظر: البرهان لأبي المعالي/ 257. (¬5) انظر: الإحكام للآمدي 1/ 112. (¬6) كان النص في (ح) هكذا: "وقاله الآمدي وغيره كما يثاب وفي الروضة لا يعاقب" ثم استدرك في الهامش ما سقط بين قوله: "وغيره" وقوله: "كما يثاب"، وهو قوله: "وقاله القاضي في الحج عن ميت من ميقات" لكن جعلت إِشارة الاستدراك في النص قبل كلمة: غيره" وكرر في الهامش بعض ما هو في النص، حيث كتب في الهامش: "وقاله القاضي في الحج عن ميت من ميقات كما يثاب، وفي الروضة لا يعاقب"، فجاء النص متصلاً هكذا: "وقاله الآمدي، وقاله القاضي في الحج عن ميت من ميقات كما يثاب، وفي الروضة لا يعاقب وغيره، وفي الروضة لا يعاقب".

وفي الروضة: (¬1) لا يعاقب، وقاله بعض أصحابنا، قال (¬2): إِلا أن يقال: قد تكون عقوبة من كثرت واجباته أكثر. وقال (¬3) -أيضًا-: وجوبه عقلاً وعادة لا ينكر، والوجوب العقابي لا يقوله فقيه، والوجوب الطلبي محل النزاع، وفيه نظر. قال (¬4): وإِذا نسخ الأمر بالملزوم أو تبين عدم وجوبه، استدل به على اللوازم، فعند أصحابنا: اللوازم كالأجزاء، وصرحوا بأنه كالعموم إِذا خص منه صورة، وأن الكلام في قوة (¬5) أمرين، وأن اللازم مأمور به أمراً مطلقًا. ويشبهها (¬6) الأمر بهيئة أو صفةٍ لفعل، يحتج به على وجوبه، ذكره أصحابنا، ونص عليه أحمد رحمه الله؛ (¬7) لتمسكه لوجوب (¬8) الاستنشاق بالأمر (¬9) بالمبالغة (¬10)، (هـ) (¬11) وهو يشبه: نسخ اللفظ نسخ ¬

_ (¬1) انظر: الروضة/ 33 - 34. (¬2) و (¬3) انظر: المسودة/ 61. (¬4) انظر: المرجع السابق/ 62. (¬5) في (ظ)، ونسخة في هامش (ب): وقوع. (¬6) انظر: المرجع السابق/ 59، 62. (¬7) نهاية 30 ب من (ب). (¬8) في (ظ): بوجوب. (¬9) في (ظ)، ونسخة في هامش (ب): وبالمبالغة. (¬10) أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالمبالغة بالاستنشاق ورد في حديث لقيط بن صبرة. أخرجه أبو داود في سننه 1/ 97 - 100، 2/ 769، والترمذي في سننه 2/ 142 - وقال: حديث حسن صحيح - والنسائي في سننه 1/ 66، وابن ماجه في سننه/ 142، وأحمد في مسنده 4/ 32 - 33. وانظر: نصب الراية 1/ 16. (¬11) في (ظ) و (ب): (و). والمثبت من (ح) ونسخة في هامش (ب).

لفحواه، قال: وقول المخالف متوجه، وسرها: هل هو كأمرين، أو أمر بفعلين، أو بفعل ولوازمه ضرورة. هذا كلامه (¬1). وذكر أصحابنا: أن من سقط عنه النطق في الصلاة لعذر لم يلزمه تحريك لسانه، خلافاً للقاضي وأكثر الشافعية (¬2)؛ لوجوبه ضرورة، كجزء الليل في الصوم، وشروط الصلاة، (¬3) ويتوجه الخلاف. وقال بعض أصحابنا: يستحب في قول من استحب (¬4) موضع القطع في الطهارة، وكذا إِمرار الموسى (¬5) فيمن لا شعر له. كذا قال. وفي عمد (¬6) الأدلة لابن عقيل: (¬7) يمر الموسى ولا يجب، ذكره شيخنا (¬8)، وأما كلام أحمد فخارج مخرج الأمر، لكنه حمله شيخنا على الندب. ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 59. (¬2) انظر: المجموع شرح المهذب 3/ 361. (¬3) نهاية 24 أمن (ظ). (¬4) في شرح الكوكب المنير 1/ 361 نقلاً عن كلام ابن مفلح: من استحب غسل موضع القطع. (¬5) انظر: المغني 3/ 388. (¬6) ويسمى -أيضًا- "عمدة الأدلة"، وهو ذو قيمة علمية، فقد ذكره تقي الدين بن تيمية في جملة الكتب الكبار التي يذكر فيها مسائل الخلاف، ويذكر فيها الراجح. انظر: ذيل طبقات الحنابلة 1/ 156، وقواعد ابن رجب/ 66، والإِنصاف للمرداوي 1/ 18، والفتاوى الكبرى 2/ 235. (¬7) في (ح): وفي عمد الأدلة لا يمر الموسى. (¬8) يعني به: القاضي أبا يعلى.

واستدل

وفي تعليق (¬1) القاضي -وغيره- في وطء المظاهر: أن الأمر بالصلاة متضمن للأمر بالطهارة، وأن التابع يسقط بفوات المتبوع، كالطهارة بالصلاة. لنا: ما اعتمد عليه في التمهيد (¬2) وغيره: (¬3) أن الأمر بالشيء مطلقًا يستلزم وجوبه في كل أحواله الممكنة، فيقتضي وجوب لازمه، وإِلا كان واجبًا حال عدمه وهو محال، وتقييده بوقت وجود لازمه خلاف ظاهر الأمر؛ لأنه مطلق، واللازم لا ينفيه اللفظ لعدم دلالته عليه، فلا مخالفة لظاهره. (¬4) وقال ابن عقيل: ما عرف من اطراد العادة كالملفوظ. ولأنه لو لم يجب الشرط لم يكن شرطًا، لجواز تركه. واستدل: لو لم يجب لصح الفعل دونه، وإِلا لزم تكليف المحال بتقدير عدمه، ولما وجب التوصل إِلى الواجب. ورد: إِن أريد بالصحة والوجوب "ما لا بد منه" فمسلم، ولا يلزم (¬5) أنه مأمور به، وإِن أريد: "مأمور به" فأين دليله؟ وإِن سلم أن (¬6) التوصل واجب ففي الأسباب المستلزمة لمسبباتها، لا لنفس الأمر بالفعل. ¬

_ (¬1) وهو: كتاب التعليق الكبير في المسائل الخلافية بين الأئمة للقاضي أبي يعلى، يوجد منه المجلد الرابع في دار الكتب المصرية برقم 140 فقه حنبلي، يبتدئ بكتاب الحج، وينتهي في أثناء كتاب البيع. (¬2) انظر: التمهيد/ 43 أ. (¬3) نهاية 59 من (ح). (¬4) في (ح): لظاهر. (¬5) في (ظ) والا يلزم. (¬6) في (ب): إِلى.

قالوا: لو وجب لزم تعقل الموجب له، ولم يكن تعلق الوجوب لنفسه، لتوقف تعلقه على تعلقه بملزومه، والطلب لا يتعلق بغير المطلوب، ولامتنع التصريح بغير وجوبه، ولأثم بتركه، ولانتفى المباح، ولوجبت نيته. ورد (¬1) الأول: يلزم لو وجب أصلا لا تبعًا. ثم: ينتقض بالشرط. والثاني: بأنه إِن أراد التعلق بالأصالة منع انتفاء التالي؛ فإِن تعلق الوجوب باللازم (¬2) قرع تعلقه بملزومه، وإِلا فتعلق الوجوب الناشئ من وجوب الأول يتعلق باللازم لذاته. ثم: ينتقض بالشرط. والثالث: بمنع الملازمة في القادر على غسل الوجه دون غسل جزء من الرأس، ونفي التالي (¬3) في العاجز. وبه يجاب عن الرابع. ثم: تركه يوجب ترك الواجب أصلاً. ثم: ينتقض بالشرط. والخامس: يلزم نفي المباح لو تعيّن ترك الحرام به. والسادس: يلزم لو وجب أصلاً لا تبعًا، والله أعلم. ¬

_ (¬1) في (ظ): "رد" بد ون الواو. (¬2) نهاية 31 أمن (ب). (¬3) في (ظ): الثاني.

مسألة

وتسقط الوسيلة تبعًا. (¬1) مسألة (¬2) إِذا كنى الشارع عن العبادة ببعض فيها، نحو: (وقرآن الفجر) (¬3) (¬4) و (محلقين رؤوسكم) (¬5)، دل على فرضه -لم يذكر القاضي (¬6) وابن عقيل (¬7) خلافاً- لأن العرب لا تكني إِلا بالأخص بالشيء. مسألة إِذا نهى عن أشياء بلفظ التخيير فهو منع من أحدها (¬8) لا بعينه، [وله ¬

_ (¬1) نهاية 60 من (ح). (¬2) هذه المسألة لم ترد في (ح). (¬3) نهاية 24 ب من (ظ). (¬4) سورة الإِسراء: آية 78 (أقم الصلاة لدلوك الشمس إِلى غسق الليل وقرآن الفجر إِن قرآن الفجر كان مشهودًا) (¬5) سورة الفتح: آية 27 (لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إِن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون فعلم ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحًا قريبًا). (¬6) انظر: العدة/ 418. (¬7) انظر: الواضح 2/ 12 ب. (¬8) في (ح) و (ظ): أحدهما.

فعل أحدها (¬1)] (¬2) عند أصحابنا والشافعية (¬3)، وحكاه ابن برهان (¬4) قول الفقهاء والمتكلمين، كالواجب الخير، [ولأنه اليقين والأصل. واحتج بعضهم بقول الطبيب: "لا تأكل سمكاً أو لبناً"، وفيه نظر. وكذا دليل أبي الخطاب (¬5): قوله لعبده: لا تأكل هذا أو هذا]. (¬6) وذكره القاضي (¬7) ظاهر كلام أحمد: كل ما (¬8) في كتاب الله "أو" فللتخيير. واختار (¬9) أبو البقاء من أصحابنا في إِعرابه (¬10) في (ولا تطع منهم ¬

_ (¬1) في (ظ): أحدهما. (¬2) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬3) انظر: التمهيد للأسنوي/ 77، وشرح المحلي على جمع الجوامع 1/ 183، والإِحكام للآمدي 1/ 114. (¬4) انظر: كتاب الوصول إِلى الأصول لابن برهان/ 23أ، وقد حكى في المسودة/ 18 حكاية ابن برهان هذه. (¬5) انظر: التمهيد/ 48 ب. (¬6) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬7) انظر: العدة/ 429. (¬8) في (ظ): "كما في". والمثبت من (ب) و (ح)، ولكن اللفظ رسم فيهما هكذا: "كلما". (¬9) انظر: كتاب إِملاء ما من به الرحمن 2/ 277. (¬10) وهو: كتاب إِملاء ما من به الرحمن من وجوه الإِعراب والقراءات في جميع القرآن. والكتاب مطبوع.

آثمًا أو كفورًا) (¬1): أنه منع من الجميع، وأنه نهي عن كلام أحدهما، فمن كلّمه فهو أحدهما، وقاله المعتزلة (¬2) والجرجاني (¬3) الحنفي؛ للآية. (¬4) رد: بأن الآثم والكفور يأمران بالمعصية، فلا طاعة. قالوا: "لا تطع زيدًا أو عمراً" للجميع بإِجماع أهل اللغة. رد: بالمنع. قالوا: لتساويهما في القبح. رد: مبني على أصلهم في اعتبار الأصلح. ثم: إِنما خيّره لعلمه بتركه القبيح وفعله الحسن. قالوا: فيه احتياط. ¬

_ (¬1) سورة الإِنسان: آية 24. (¬2) انظر: شرح المحلي على جمع الجوامع 1/ 183، والتمهيد للأسنوي/ 77، والوصول لابن برهان/ 23 أ. (¬3) في المسودة/ 81، والواضح 2/ 38 أ:" أبو عبد الله الجرجاني". وهو: محمد بن يحيى بن مهدي الجرجاني، فقيه من أعلام الحنفية من أهل جرجان، سكن بغداد، وكان يدرس فيها، وتفقه عليه أبو الحسين القدوري، وغيره، توفي سنة 398 هـ. من مؤلفاته: ترجيح مذهب أبي حنيفة. انظر: الجواهر المضية 2/ 143، وطبقات الفقهاء لطاش كبرى زادة/ 72، والفوائد البهية/ 202، وإيضاح الكنون 2/ 225، وهدية العارفين 2/ 57. (¬4) حكاه في الواضح 2/ 38أ.

مسألة

فألزمهم القاضي (¬1) بالواجب المخير. وقال ابن عقيل (¬2): إِنما نمنع من اعتقاد ذلك، ولا احتياط فيه. كذا قال. مسألة في الشخص الواحد ثواب وعقاب، كنوع الآدمي (¬3)، خلافاً للمعتزلة في تخليد أهل الكبائر. والفعل الواحد [بالنوع] منه (¬4) واجب وحرام، كالسجود لله وللصنم، لتغايرهما بالشخصية، فلا استلزام بينهما خلافاً لبعض المعتزلة (¬5)؛ لأن السجود مأمور به لله، فلو حرم للصنم لاجتمع أمر ونهي في نوع واحد، والمنهي قصد تعظيمه. رد: بأن المأمور به السجود المقيد بقصد تعظيم الله، ولهذا قال: (لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله) (¬6)، والمنهي عنه هنا هو المأمور به. ¬

_ (¬1) انظر: العدة/ 430. (¬2) انظر: الواضح 2/ 40 أ. (¬3) في (ب) ما يشير إِلى سقوط قوله: "كنوع الآدمي" من بعض النسخ. (¬4) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬5) انظر: البرهان للجويني/ 304. (¬6) سورة فصلت: آية 37.

والفعل الواحد بالشخص

والفعل الواحد بالشخص - له جهة واحدة- يستحيل كونه واجباً حراماً، لتنافيهما، إِلا عند من قال بتكليف المحال عقلاً وشرعًا. وأما الصلاة في الدار المغصوبة: فمذهب أحمد وأكثر أصحابه: لا تصح، وقاله الظاهرية والزيدية (¬1) والجبائية، وحكاه بعضهم (¬2) عن أكثر المتكلمين، فوهم. فعلى هذا (¬3): لا يسقط الطلب [بها] (¬4)، وكذا عندها خلافاً لابن ¬

_ (¬1) الزيدية: إِحدى فرق الشيعة، وهم أتباع زيد بن علي بن الحسين بن علي، وقد ساقوا الإمامة في أولاد فاطمة، ولم يجوزوا ثبوت إِمامة في غيرهم، إِلا أنهم جوزوا أن يكون كل فاطمي -عالم زاهد شجاع سخي خرج بالإمامة- إِمامًا واجب الطاعة، سواء أكان من أولاد الحسن أم من أولاد الحسين. وجوزوا خروج إمامين في قطرين يستجمعان هذه الخصال، ويكون كل واحد منهما واجب الطاعة ولما كان زيد بن علي يذهب هذا المذهب أراد أن يحصل الأصول والفروع حتى يتحلى بالعلم، فتتلمذ في الأصول على واصل بن عطاء الغزال رأس المعتزلة، فاقتبس منه الاعتزال، وصارت أصحابه كلها معتزلة. وكان من مذهبه جواز إِمامة المفضول مع قيام الأفضل. وكان لا يتبرأ من الشيخين. ولما عرفت شيعة الكوفة أنه لا يتبرأ من الشيخين رفضوه، فسميت رافضة. انظر: الفرق بين الفرق/ 29، والملل والنحل 1/ 249، والفرق الإسلامية/ 57. (¬2) انظر: مختصر ابن الحاجب بشرح العضد 2/ 2. (¬3) انظر: المحصول 1/ 2/ 485. (¬4) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب) و (ح).

الباقلاني، وادعاه إِجماعًا. وهي دعوى لا دليل (¬1) عليها، ولا إِجماع، ثم: لا وجه (¬2) لسقوط العبادة عند (¬3) فعل باطل، ومع أنه لا يعرف عن أحد قبله، لا يبعد أنه خلاف الإِجماع. وعن أحمد: تصح مع التحريم، اختارها الخلال (¬4) وابن عقيل في فنونه وغيرهما (وم ش). وعنه: إِن علم التحريم [لم تصح] (¬5) وإلا صحت. وحكى بعض أصحابنا قولاً: تصح مع الكراهة (وهـ). (¬6) لنا: تعلق الوجوب والحرمة بفعل المكلف، وهما متلازمان في هذه الصلاة، فالواجب متوقف على الحرام، وما لا يتم الواجب إِلا به واجب، ¬

_ (¬1) نهاية 25 أمن (ظ). (¬2) نهاية 61 من (ح). (¬3) نهاية 31 ب من (ب). (¬4) هو: أبو بكر أحمد بن محمد بن هارون الخلال، مفسر عالم باللغة والحديث، من كبار الحنابلة من أهل بغداد، وهو جامع علم أحمد ومرتبه، توفي سنة 311 هـ. من مؤلفاته: تفسير الغريب، وطبقات أصحاب ابن حنبل، والسنة، والعلل، والجامع لعلوم الإِمام أحمد. انظر: طبقات الحنابلة 2/ 12، ومناقب الإِمام أحمد/ 512، وتذكرة الحفاظ 3/ 7، والبداية والنهاية 11/ 148. (¬5) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬6) انظر: التوضيح على التنقيح 2/ 228، وكشف الأسرار 1/ 278.

فالحرام واجب، وهو تكليف بالمحال. ولأن شغل الحيز حرام، وهو داخل في مفهومي الحركة والسكون الداخلين في مفهومها، فدخل في مفهومها؛ لأنه جزؤها، فالصلاة التي جزؤها حرام غير واجبة، لوجوب الجزء الحرام إِن استلزم وجوبها وجوب أجزائها، وإِلا كان الواجب بعض أجزاء الصلاة لا نفسها لتغاير الكل والجزء. واعترض الآمدي (¬1) وغيره: بأن العبد إِذا أمر بخياطة ثوب، ونهي عن مكان مخصوص، فجمع بينهما كان طائعًا عاصيًا للجهتين إِجماعًا، وما سبق جار فيه، [فالجواب واحد]. (¬2) ولقائل أن يقول: صورة الإِلزام لازمة في الصلاة في المكان النجس، والجواب واحد. ثم: في كلام أصحابنا ما يقتضي الفرق؛ فقال في الروضة (¬3) بعد أن احتج للصحة بالأمر بالخياطة، قال (¬4): ومن منع الصحة قال: متى أخل مرتكب النهي بشرط العبادة أفسدها، ونية التقرب بالصلاة شرط، والتقرب بالمعصية محال. وهذا معنى قول أبي الخطاب (¬5): من شرط الصلاة الطاعة، ونيته بها ¬

_ (¬1) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 117. (¬2) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬3) انظر: الروضة/ 43. (¬4) لعل المناسب حذف كلمة: قال. (¬5) انظر: الانتصار لأبي الخطاب 1/ 255 أ.

وأما صوم العيد،

أداء الواجب، وحركته معصية، ونية أداء الواجب بما يعلمه غير واجب -بل معصية- محال. وقال (¬1) أيضًا -ومعناه كلام القاضي (¬2) وغيره-: من شرط (¬3) العبادة إِباحة الموضع، وهو محرم، فهو كالنجس. ولأن الأمر بالصلاة لم يتناول هذه للنهي عنها، وهي غصب، لشغل ملك غيره بغير حق، فلا يجوز كونها واجبة من جهة أخرى. [قالوا: الغصب للدار، والصلاة غيرها. رد: بما سبق. وقال ابن عقيل (¬4): لا يملك الآدمي عين شيء عند الفقهاء أجمع، بل التصرف، فالمصلي غاصب بصلاته، والله يملك العين، وعند المعتزلة: لا (¬5)؛ لأن الملك: القدرة، ولا تقع (¬6) على موجود]. (¬7) وأما (¬8) صوم العيد، فيحرم إِجماعًا. (¬9) ¬

_ (¬1) نهاية 62 من (ح). (¬2) انظر: العدة/ 443. (¬3) انظر: الانتصار لأبي الخطاب 1/ 256 ب. (¬4) انظر: الواضح 2/ 47 ب. (¬5) قالوا: بأن الأعيان لا يملكها مالك، لا القديم ولا غيره. انظر: الواضح 2/ 47 ب. (¬6) أي: القدرة. (¬7) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬8) نهاية 25 ب من (ظ). (¬9) انظر: الشرح الكبير 3/ 110 - 111، والبحر الرائق 2/ 277، وبداية المجتهد 1/ 317.

ولا يصح عند أحمد (وم ش). (¬1) وعن أحمد: يصح (¬2) فرضًا. (¬3) وعنه: عن (¬4) نذره المعين (وهـ)، (¬5) وزاد أبو حنيفة: (¬6) ونفلاً (¬7). فنقول: لو صحت بالجهتين لصح بهما. وفرّق بأن صومه لا ينفك عن الصوم بوجه، فلا جهتان. وبأن اعتبار تعدد الجهة في نهي التحريم بدليل، وهو الأمر بالصلاة، والنهي عن الغصب (¬8). رد الأول: بأن هذه الصلاة إِن تناولها الأءمر فهي محرمة. والثاني: بأنه الأمر بالصوم، والنهي عن صوم العيد. * * * ¬

_ (¬1) انظر: المجموع 6/ 488، والمدونة 1/ 214، 215، 216 وحاشية العدوي 1/ 397، والشرح الكبير 11/ 345. (¬2) انظر: الإنصاف 3/ 35، والشرح الكبير 11/ 345. (¬3) نهاية 32 أمن (ب). (¬4) انظر: المرجعين السابقين. (¬5) انظر: الهداية 1/ 131، والبحر الرائق 2/ 316، وكشف الأسرار 1/ 270. (¬6) انظر: المبسوط 3/ 81، 95. (¬7) في (ظ): ونقلاً. (¬8) في (ظ): الغضب.

وأما من خرج من الغصب تائبًا فتصح توبته فيها، ولم يعص بحركة خروجه عند ابن عقيل وغيره (وش ر). وقال ابن عقيل (¬1): لم يختلفوا (¬2) لا يعد واطئًا -بنزعه- في الإِثم، بل في التكفير، وكإِزالة محرم طيباً بيده، وكأثر فعله بعلة عدم القدرة، ولعدم غصبه بعدم نيته، والمالك في الحقيقة الله، والآدمي مستخلف، وغرضه الضمان، وهو باق بصورة الفعل. قال ابن برهان (¬3): "قاله الفقهاء والمتكلمون كافة"، خلافًا لأبي الخطاب في الانتصار (¬4)؛ قال: "لكن يفعله ندفع أكبر المعصيتين بأقلهما (¬5)؛ ولهذا: الكذب معصية يجوز فعله لدفع قتل مؤمن ظلماً كذلك (¬6) "، وقاله أبو شمر (¬7) المرجئ وأبو هاشم المعتزلي. (¬8) ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 86. (¬2) لعل المناسب زيادة "أنه" هنا، فيكون الكلام: لم يختلفوا أنه لا يعد. (¬3) انظر: المسودة/ 85، والوصول لابن برهان/ 22 ب. (¬4) انظر: الانتصار 1/ 255 ب. (¬5) في (ظ): بأقلها. (¬6) في (ب): لذلك. (¬7) هو: ممن جمع بين الإِرجاء في الإِيمان، ونفي القول بالقدر -يعني: قال بالقدر على مذهب القدرية المعتزلة- وهو من تلاميذ النظام إِبراهيم بن سيار المتوفى سنة 231 هـ، فهو من رجال منتصف القرن الثالث الهجري. انظر: الفرق بين الفرق/ 202، والتبصير في الدين/ 90، الملل والنحل 1/ 34. (¬8) انظر: المسودة/ 85، 87، والمستصفى 1/ 89، والوصول لابن برهان/ 22 ب.

وضعّف: بأنه تكليف بالمحال، لتعلق الأمر والنهي بالخروج. واستصحب أبو المعالي حكم المعصية مع الخروج مع أنه غير منهي عنه. كذا قيل (¬1) عنه. وقيل (¬2) عنه: إِنه طاعة -لأخذه في ترك الغصب- معصية؛ لأنه في ملك غيره، مستند إِلى فعل متعدٍّ (¬3)، كالصلاة (¬4). وضعّف: بأنه لا جهتين لخروجه، لتعذر امتثاله به لو كان منهياً عنه، (¬5) ولو كان له جهتان لم يتعذر. وقال بعض أصحابنا (¬6): نظير المسألة توبة المبتدع الداعي إِلى بدعته، (¬7) وفيها روايتان، أصحهما الجواز، والأخرى اختيار ابن شاقلا: [لا] (¬8) لإضلال غيره. وقال بعضهم (¬9): من قال لزوجته: "إِذا وطئتك فظانت طالق ثلاثًا"، أو: ¬

_ (¬1) انظر: مختصر ابن الحاجب بشرح العضد 4/ 2. (¬2) انظر: المسودة/ 85، وهذا هو الذي ذكره في البرهان/ 301. (¬3) لعل المناسب زيادة "فيه"، فيكون الكلام: إِلى فعل متعد فيه. (¬4) يعني: كالصلاة في الدار المغصوبة. (¬5) نهاية 63 من (ح). (¬6) انظر: المسودة/ 87. (¬7) في (ح): بدعة. (¬8) ما بين المعقوفتين لها يرد في (ح). (¬9) انظر: المرجع السابق/ 85 - 86.

مسألة

"إِذا وطئتك فأنت علي كظهر أمي"، فروايتان في إِقدامه، فإِن حلّ وجب على قياسه أن الخارج من الغصب ممتثل، وإِن حرم توجّه لنا كقول أبي هاشم (¬1) وأبي المعالي. كذا قال، وهذا تكليف بممكن بخلاف ذلك (¬2) (¬3). مسألة المندوب لغة (¬4): المدعو (¬5) لمهم، من الندب وهو الدعاء. وشرعًا: فعل تعلق به الندب، وقد سبق (¬6). * * * وهو مأمور به حقيقة عند أحمد (¬7) وأكثر أصحابه -وجزم به التميمي عن أحمد- وفي الروضة (¬8)، وحكاه ابن عقيل (¬9) عن أكثر العلماء الأصوليين والفقهاء. ¬

_ (¬1) في (ب) و (ح): أو أبي المعالي. وانظر المسودة/ 86. (¬2) في (ح): ذاك. (¬3) نهاية 32 ب من (ب). (¬4) انظر: لسان العرب 2/ 251، وتاج العروس 1/ 481 (ندب). (¬5) نهاية 26 أمن (ظ). (¬6) انظر: ص 183 من هذا الكتاب. (¬7) انظر: العدة/ 158، 248، ومسائل الإمام أحمد للنيسابوري 1/ 45. (¬8) انظر: الروضة/ 35. (¬9) انظر: المسودة/ 6.

وجه الأول

وعند الحلواني (¬1) من أصحابنا: مجازًا (وهـ)، (¬2) واختاره في التمهيد (¬3) في مسألة "الأمر بالشيء نهي عن ضده". وللمالكية والشافعية قولان. (¬4) وذكر بعض أصحابنا (¬5) أن المرغب فيه من غير أمر، هل يسمى طاعة وأمراً حقيقة؟ فيه أقوال، لنا ثالثها: طاعة لا مأمور به. وذكر بعض أصحابنا أنه طاعة وقربة إِجماعاً. [وفي الواضح (¬6): النظر في دلائل العبر، قال قوم: "طاعة"، ولا يصح؛ لأنها موافقة الأمر، وهو في طرق النظر طالب متعرف، لا عارف. كذا قال (¬7)] (¬8). وجه الأول: دخوله في حد الأمر، [وانقسام الأمر إِليهما]. (¬9) ¬

_ (¬1) في المسودة/ 6، والقواعد والفوائد الأصولية لابن اللحام/ 164 صرح باسمه، وهو "عبد الرحمن الحلواني"، وقد تقدمت ترجمته ص 132 من هذا الكتاب. (¬2) انظر: فواتح الرحموت 1/ 111، وتيسير التحرير 2/ 222، وكشف الأسرار 1/ 119. (¬3) انظر: التمهيد/ 44 أ. (¬4) انظر: المستصفى 1/ 75، والإحكام للآمدي 1/ 120، وشرح العضد 2/ 5، والمحصول 1/ 2/ 353، وشرح المحلي على جمع الجوامع 1/ 172. (¬5) انظر: المسودة/ 8، والتحرير/ 11 ب. (¬6) انظر: الواضح 1/ 29 ب. (¬7) في (ظ): قاله. (¬8) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬9) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح).

ولأنه طاعة، لامتثال الأمر. [قال ابن عقيل: (¬1) لا يجوز غيره عند أهل اللغة]. (¬2) رد: بالمنع. ثم: للثواب عليه. رد: فيكون مأمورًا به للثواب، كالواجب. رد: بأنه يعصي بتركه. رد: نعقل الأمر ومقتضاه، وإِن لم يتضمن ثوابًا وعقابًا، وبأن الثواب بعضه. ووجه الثاني: قوله -عليه السلام-: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك). (¬3) متفق عليه (¬4). ولعصى بتركه. ¬

_ (¬1) انظر: الواضح 1/ 251 أ. (¬2) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬3) نهاية 64 من (ح). (¬4) هذا الحديث ورد بألفاظ متقاربة: أخرجه البخاري في صحيحه 9/ 85، 2/ 4، ومسلم في صحيحه/ 220، والنسائي في سننه 1/ 12، 266 - 267، وابن ماجه في سننه/ 105 من حديث أبي هريرة. وأخرجه أبو داود في سننه 1/ 40 والترمذي في سننه 1/ 18 - 19 من حديث أبي هريرة، ومن حديث زيد بن خالد الجهني. وقال الترمذي -عن الأول-: حديث صحيح. وقال -عن الثاني-: حديث حسن صحيح. وانظر -أيضاً-: التلخيص الحبير 1/ 62، ونصب الراية 1/ 9.

رد: المراد (¬1) أمر الإِيجاب، ولهذا قيده بالشقة. وكذا (¬2) قوله -عليه السلام- لبريرة: (لو راجعتيه، فإِنه أبو ولدك)، قالت: أتأمرني؟ قال: (لا، إِنما أنا أشفع)، قالت: فلا حاجة لي فيه. رواه (¬3) البخاري (¬4). [ثم: يسمى عاصياً. قال ابن عقيل (¬5) هذا قياس المذهب، لقول أحمد في تارك الوتر (¬6): ¬

_ (¬1) في (ب) و (ظ) -هنا- زيادة: "بها"، فجاء الكلام هكذا: رد: المراد بها أمر الإِيجاب. (¬2) من قوله: "وكذا قوله" إِلى قوله: "رواه البخاري" مثبت من (ح)، وقد جاء مكان هذا الكلام في (ب) و (ظ) ما نصه: "وكذا خبر بريرة الآتي في: الأمر للوجوب". (¬3) هذا الحديث رواه ابن عباس رضي الله عنه: أخرجه البخاري في صحيحه 7/ 48، وأبو داود في سننه 2/ 670، والنسائي في سننه 8/ 245، وابن ماجه في سننه/ 671. وانظر: التلخيص الحبير 1/ 773، ونصب الراية 3/ 206. (¬4) هو: أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إِبراهيم الجعفي، الإِمام الحافظ الشهير، صاحب الرحلات في طلب الحديث، توفي سنة 256 هـ. من مؤلفاته: الجامع الصحيح، والتاريخ، وخلق أفعال العباد، والضعفاء، والأدب المفرد. انظر: تهذيب الأسماء واللغات 1/ 1/ 67، وطبقات الحنابلة 1/ 271، وشذرات الذهب 2/ 134، والمنهج الأحمد 1/ 133. (¬5) انظر: الواضح 1/ 251 ب. (¬6) في هامش (ظ): يأتي بعد ذلك في المكروه ما يتعلق بقول أحمد في تارك الوتر.

"رجل سوء"، وهو مقتضى اللغة؛ لأن كل ما أطاع بفعله عصى بتركه. وقال (¬1): يقال: خالف أمر الله، إِذا أهمله أو داوم عليه]. (¬2) ولأنه يصح نفي الأمر عنه. رد: بالمنع. [وقال ابن عقيل (¬3): لا بد من تقييد في نفيه، فيقال: خالف أمر الله في النفل، كإِثباته، فيقال: أمر ندب]. (¬4) ولأن الأمر حقيقة للإِيجاب. رد: بأن الندب بعض الوجوب، فهو كاستعمال العام في بعضه، قاله في العدة (¬5) والتمهيد (¬6) والواضح (¬7) وغيرها. وأجاب بعض أصحابنا (¬8): بأنه مشكك، كالوجود والبياض. وبعضهم: بدخوله في مطلق الأمر، وأما الأمر المطلق -وهو ما لا قيد معه- فللإِيجاب. ¬

_ (¬1) انظر: المرجع السابق 1/ 252 ب. (¬2) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬3) انظر: الواضح 1/ 252 ب. (¬4) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح) (¬5) انظر: العدة/ 255، 374 - 375. (¬6) انظر: التمهيد/ 24 أ- ب. (¬7) انظر: الواضح 1/ 249 ب- 250أ، 251 ب. (¬8) انظر: المسودة/ 7.

مسألة

ولأنه (¬1) يجب أن يقتضي الفور. وسلّمه القاضي (¬2) وأبو الخطاب (¬3). (¬4) وقال ابن عقيل (¬5): وتكراره كواجب. مسألة الندب (¬6) تكليف، ذكره ابن عقيل وصاحب الروضة (¬7) وغيرهما، وقاله ابن الباقلاني (¬8) وأبو إِسحاق الإِسفراييني (¬9). ¬

_ (¬1) في (ب) و (ظ): وأيضًا. (¬2) انظر: العدة/ 256. (¬3) انظر: التمهيد/ 24 ب- 25 أ. (¬4) نهاية 33 أمن (ب). (¬5) انظر: الواضح 1/ 271 ب- 272 أ. (¬6) في (ظ)، ونسخة في هامش (ب): المندوب. (¬7) قال في المسودة/ 35: "ذكره صاحب المغني في فصل شروط التكليف، وابن عقيل في الجزء الثالث". وانظر الروضة / 25 - 26، 46 - 47، حيث عرف التكليف في الشريعة بأنه: الخطاب بأمر أو نهي، وهو ممن يقول بأن المندوب مأمور به، فيكون الندب تكليفاً. واتظر الواضح 1/ 21 ب فقد جعل المندوب داخلا تحت التكليف، لكن في كلامه -أيضًا- ما يقتضي خلال ذلك؛ حيث عرف التكليف بأنه إِلزام ما على العبد فيه كلفة ومشقة، إِما في فعله أو في تركه -الواضح 1/ 15 ب- والندب لا إلزام فيه، فلا يكون تكليفاً. (¬8) انظر: البرهان للجويني / 101. (¬9) انظر: شرح المحلي على جمع الجوامع 1/ 172 - 173، وشرح العضد 2/ 5. والإحكام للآمدي 1/ 121، والوصول لابن برهان/ 6 أ.

مسألة

ومنعه بعض أصحابنا (¬1) والأكثرون. (¬2) وهي لفظية. (¬3) مسألة إِذا طال واجب لا حد له -كطمأنينة وقيام- فما زاد على قدر الإِجزاء (¬4) نفل (و)؛ لجواز تركه مطلقًا. وعند الكرخي الحنفي (¬5): واجب؛ لتناول الأمر لهما. واختلف كلام القاضي (¬6)، وأن الثاني قول بعض الشافعية. وذكر أبو محمد التميمي الأول قول أحمد، واختلف أصحابه. ومن أدرك الركعة بعد الطمأنينة (¬7) أدركها (وهـ ش) (¬8)، لأن الاتباع ¬

_ (¬1) كابن حمدان. انظر: شرح الكوكب المنير 1/ 405. (¬2) انظر: فواتح الرحموت 1/ 112، والإِحكام للآمدي 1/ 121، وتيسير التحرير 2/ 224، وشرح العضد 2/ 5، وشرح المحلي على جمع الجوامع 1/ 172، وشرح تنقيح الفصول/ 79. (¬3) نهاية 26 ب من (ظ). (¬4) في (ظ): فما زاد على قدر الإِجزاء (و) نفل ولجواز. (¬5) حكاه في التمهيد/ 43 ب، والمسودة/ 58. (¬6) انظر: العدة/ 410، والمسودة/ 58. (¬7) أى: طمأنينة الإِمام. (¬8) انظر: المغني 1/ 363، والإِنصاف 2/ 223، والشرح الكبير 2/ 9، وتبيين الحقائق 1/ 184 - 185، والمجموع 4/ 113.

مسألة

يسقط الواجب -كمسبوق، وصلاة امرأة جمعة- ويوجب غير واجب كمسافر ائتم بمقيم. ولنا وجه (¬1): لا يدركها (وم). وأخذ القاضي (¬2) من إِدراكه كالكرخي. وردَّه ابن عقيل (¬3) وأبو الخطاب (¬4)، وردَّا قول (¬5) من قال لوكيله: "تصدق من مالي"، فتصدق [من ماله] (¬6) بكثير، بالمنع (¬7)، ثم: سلمه (¬8)، لأنه لو أراد مقدارًا ذكره. مسألة المكروه لغة (¬9) من الكريهة، والشدة في الكرب. ¬

_ (¬1) انظر: الإِنصاف 2/ 223. (¬2) انظر: العدة/ 411. (¬3) انظر: الواضح 2/ 24 أ. (¬4) انظر: التمهيد/ 43 ب. (¬5) انظر: العدة 412. (¬6) ما بين المعقوفتين زيادة من (ح). (¬7) انظر: الواضح 2/ 25 ب- 26أ، والتمهيد/ 43 ب- 44 أ. (¬8) كذا في النسخ. ولعل الصواب: "ثم سلماه"؛ فقد سلمه كل منهما. انظر: المرجعين السابقين. (¬9) انظر: لسان العرب 17/ 430 - 431، وتاج العروس 9/ 408 (كره).

وشرعاً: (¬1) فعل تعلَّق به الكراهية ,كما سبق (¬2). وهو -في كونه منهياً عنه حقيقة، ومكلفاً به- كالمندوب. ويطلق -أيضًا- على الحرام، وعلى ترك الأولى. ويتوجه فيه ما سبق (¬3) في "الطاعة من غير أمر"، ولا فرق، وهو ظاهر كلام جماعة. ولهذا في الروضة (¬4): وهو ما تركه خير من فعله. وذكر بعض أصحابنا (¬5) وجهاً لنا: أن المكروه حرام، وقاله محمد بن الحسن (¬6)، وعن أبي حنيفة وأبي يوسف (¬7): هو إِلى الحرام أقرب. والأشهر عندنا: لا يذم فاعله، ويقال: مخالف (¬8)، وغير ممتثل. قال أحمد -فيمن زاد على التشهد الأول-: "أساء"، وقال ابن عقيل- فيمن أمر بحج أو عمرة في شهر، ففعله في غيره-: "أساء، لمخالفته"، وذكر ¬

_ (¬1) نهاية 65 من (ح). (¬2) انظر: ص 184 من هذا الكتاب. (¬3) انظر: ص 230 من هذا الكتاب. (¬4) انظر: الروضة/ 41. (¬5) انظر: الإِنصاف 12/ 248، وشرح الكوكب المنير 1/ 419. (¬6) انظر: فواتح الرحموت 1/ 58. (¬7) انظر: المرجع السابق. (¬8) انظر: شرح الكوكب المنير 1/ 420، والمدخل إِلى مذهب أحمد/ 64.

ولا يأثم.

غيره في مأموم وافق إِمامًا في أفعاله: أساء. وظاهر كلام بعضهم (¬1): تختص (¬2) الحرام. ولا يأثم. (¬3) وذكر القاضي وابن عقيل: يأثم بترك السنن أكثر عمره، لقوله -عليه السلام-: (من رغب عن سنتي فليس مني). متفق عليه (¬4)، ولأنه يتهم أنه يعتقده غير سنة، واحتجا بقول (¬5) أحمد فيمن ترك الوتر: "رجل سوء" (¬6) ¬

_ (¬1) انظر: المدخل إِلى مذهب أحمد / 64. (¬2) أي: تختص الإساءة بالحرام. وفي (ب): يختص. (¬3) انظر: المدخل إلى مذهب أحمد/ 64، وشرح الكوكب المنير 1/ 421. (¬4) هذا جزء من حديث ورد في النهي عن التبتل. أخرجه البخاري في صحيحه 7/ 2، ومسلم في صحيحه/ 1020، والنسائي في سننه 6/ 60 من حديث أنس. وأخرجه الدارمي في سننه 2/ 58 من حديث سعد بن أبي وقاص. وأخرجه أحمد في مسنده 2/ 158 من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، 3/ 241، 259، 285 من حديث أنس، 5/ 409 من حديث رجل من الأنصار. (¬5) انظر: العدة/ 410، وبدائع الفوائد 4/ 111. والمغني 2/ 133. (¬6) في هامش (ظ): ذكر الشيخ زين الدين بن رجب في شرح البخاري، في الوتر: قال أحمد: من ترك الوتر فهو رجل سوء؛ هو سنة سنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وقال في رواية جعفر بن محمد: هو رجل سوء، لا شهادة له. فاختلف أصحابنا في وجه ذلك: فمنهم: من حمله على أنه أراد أنه واجب -كما قاله أبو بكر جعفر- وهو بعيد؛=

مع أنه سنة (¬1) -وأخذ بعضهم من هذا وجوبه عنده- وفي العدة (¬2) والتمهيد (¬3): "ذمَّه، مع قوله: الوتر سنة"، ونقل (¬4) أبو طالب (¬5): ¬

_ = فإِن أحمد صرح بأنه سنة. ومنهم من قال: أراد إِن داوم على تركه، أو أكثر منه، فإنه ترد شهادته بذلك؛ لما فيه من التهاون بالسنن المؤكدة، وكذا حكم سائر السنن الرواتب. وهذا قول المحققين من أصحابنا. ومنهم من قال: هو يدل على أن ترك المستحبات المؤكدة يلحق بها إثم دون إِثم ترك الفرائض. وقال القاضي أبو يعلى: من داوم على ترك السنن الرواتب آثم، وهو قول إِسحاق بن راهويه، قال في كتاب الجامع: لا يعذب أحد على ترك شيء من النوافل، وقد سن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سنناً غير الفرائض التي فرضها الله تعالى، فلا يجوز لمسلم أن يتهاون بالسنن التي سنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثل: الفطر، والأضحى، والوتر، والأضحية، وما أشبه ذلك، فإن تركها تهاوناً بها فهو معذب إِلا أن يرحمه الله تعالى، وإِني لأخشى في ركعتي الفجر والمغرب لما وصفها الله تعالى في كتابه وحرض عليها؛ قال: (فسبحه وأدبار السجود)، وقال: (فسبحه وإِدبار النجوم)، وقال سعيد بن جبير: لو تركت الركعتين بعد المغرب لخشيت أن لا يغفر لي. (¬1) نهاية 33 ب من (ب). (¬2) انظر: العدة/ 254. (¬3) انظر: التمهيد/ 24 ب. (¬4) أي: نقل عن الإمام أحمد. (¬5) أحمد بن حميد المشكاني، المتخصص بصحبة الإِمام أحمد، صحبه قديماً إِلى أن مات، وروى عنه مسائل كثيرة، وكان أحمد يكرمه ويعظمه، توفي سنة 244 هـ. انظر: طبقات الحنابلة 1/ 39.

مسألة

"الوتر سنة سنَّهُ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فمن ترك سنة (¬1) من سننه (¬2) فرجل سوء". مسألة الأمر لا يتناول المكروه (و) خلافاً (¬3) للرازي (¬4) الحنفي. فلا يستدل (¬5) لصحة طواف المحدث بقوله: (وليطوفوا) (¬6)، ولعدم ترتيب (¬7) وموالاة في الوضوء بالآية. (¬8) وذكر أبو محمد التميمي (¬9) الأول قول أحمد، وأن أصحابه اختلفوا. وقال ابن عقيل: وكذا وطء الزوج الثاني في حيض لا يُحِلُّها للأول. ¬

_ (¬1) في (ح): سنته. (¬2) في (ح): سنته. (¬3) انظر: أصول السرخسي 1/ 64. (¬4) هو: أبو بكر أحمد بن علي الرازي الجصاص، فاضل من أهل الري، ولد سنة 305 هـ، وسكن بغداد، وانتهت إِليه رئاسة الحنفية، وخوطب في أن يلي القضاء، فامتنع، توفي ببغداد سنة 370 هـ. من مؤلفاته: أحكام القرآن، وأصول الفقه. انظر: الجواهر المضية 1/ 84، وتاج التراجم/ 6. (¬5) انظر: أحكام القرآن للجصاص 3/ 240. (¬6) سورة الحج: آية 29: (ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذرورهم وليطوفوا بالبيت العتيق). (¬7) انظر: أحكام القرآن للجصاص 2/ 355 - 356، 360. (¬8) سورة المائدة: آية 6: (يا أيها الذين آمنوا إِذا قمتم إِلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إِلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إِلى الكعبين). (¬9) نهاية 27 أمن (ظ).

مسألة

ومرادهم ما ذكروه في المسألة من الصفة (¬1) المشروطة (¬2). (¬3) مسألة المباح لغة: (¬4) المعلن، والمأذون، من الإِباحة. وشرعًا: فعل تعلق به الإِباحة، كما سبق. (¬5) [والإِذن: أصله من الأُذن، كأنه التوسعة في الفعل بالقول الذي يسمع بالآذان، ومنه الأَذان. قاله في الواضح (¬6)]. (¬7) والجائز لغة (¬8): العابر. واصطلاحًا: على المباح، وعلى ما لا يمتنع شرعًا، وما لا يمتنع عقلاً -فيعم الواجب، والممكن الخاص- و [على] (¬9) ما لا يمتنع وجوده وعدمه -وهو ممكن خاص أخص مما قبله- وشرعًا وعقلاً على ما يشك أنه لا يمتنع، وعلى ما يشك أنه استوى وجوده وعدمه. ¬

_ (¬1) في (ب): للصفة. وفي (ظ) ونسخة في هامش (ب): أن الصفة. (¬2) وهي كون الوطء حلالاً. انظر: المغني 7/ 517. (¬3) نهاية 66 من (ح). (¬4) انظر: لسان العرب 3/ 239، وتاج العروس 2/ 126 - 127. (¬5) انظر: ص 184 من هذا الكتاب. (¬6) انظر: الواضح 1/ 29 ب. (¬7) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬8) انظر: تاج العروس 4/ 20. (¬9) ما بين المعقوفتين زيادة من (ظ).

مسألة

مسألة الإِباحة شرعية إِن أريد بها خطاب الشرع، وإن أريد نفي الحرج عن الفعل فعقلية؛ لتحققها قبل الشرع. وتسمى (¬1) شرعية، بمعنى التقرير. والإِباحة -بمعنى الإِذن- شرعية، إِلا أن نقول: العقل يبيح. وفي الروضة (¬2): ما لم يرد فيه سمع: يحتمل أن إِباحته شرعية، لدليل السمع أن ما لم يرد فيه طلب فمخيّر، ويحتمل أنه لا حكم له. وسبق (¬3) في "الأعيان قبل الشرع". وعن سعد (¬4) -مرفوعًا-: (إِن أعظم المسلمين في المسلمين جرمًا من سأل عن شيء لم يحرم على الناس (¬5)، فحرم من أجل مسألته) (¬6). وعن أبي هريرة- مرفوعًا-: (ذروني ما تركتكم؛ فإِنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم، واختلافهم على أنبيائهم، فإِذا نهيتكم عن شيء ¬

_ (¬1) أي: الإِباحة. (¬2) انظر: الروضة/ 37 - 38. (¬3) انظر ص 174 من هذا الكتاب. (¬4) هو: الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص. (¬5) في (ب): على للناس. (¬6) أخرجه البخاري في صحيحه 9/ 95، ومسلم في صحيحه/ 1831، وأبو داود في سننه 5/ 16 - 17، وأحمد في مسنده 1/ 176، 179.

فاجتنبوه، (¬1) وإذا أمرتكم بأمر فأْتوا منه ما استطعتم) (¬2). متفق عليهما. وعن سلمان (¬3) -مرفوعًا-: (الحلال ما أحل الله في كتابه، والحرام ما حرم الله في كتابه، وما سكت عنه فهو مما عفا عنه) -في سنده سيف بن هارون (¬4)، ضعيف عندهم- رواه (¬5) ¬

_ (¬1) نهاية 34 أمن (ب). (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه 9/ 94، ومسلم في صحيحه/ 975، 1830 - 1831، والترمذي في سننه 4/ 152 - وقال: حسن صحيح- والنسائي في سننه 5/ 110، وابن ماجه في سننه/ 3. (¬3) هو: الصحابي الجليل سلمان الفارسي. (¬4) هو: سيف بن هارون البرجمي الكوفي، روى عن إِسماعيل بن أبي خالد، وسليمان التميمي، وأبي الجحاف داود، وعنه: داود بن رشيد، وأحمد بن إِبراهيم الموصلي، ضعفه النسائي، وقال الدارقطني: "ضعيف متروك"، وقال ابن معين: "ليس بذاك" وقال ابن حبان: "يروى عن الأثبات الموضوعات"، قال الذهبي: "وقد وثقه أبو نعيم الملائي". وجاء في تهذيب التهذيب: روى له الترمذي، وابن ماجه حديثًا واحدًا في السؤال عن الفراء ... ، وقال مهنا عن أحمد: "أحاديثه منكرة"، وصحح ابن جرير حديثه في تهذيبه. نظر: ميزان الاعتدال 2/ 258، والكاشف 1/ 416، وتهذيب التهذيب 4/ 297. (¬5) أخرجه ابن ماجه في سننه/ 1117. وأخرجه الترمذي في سننه 3/ 134: حدثنا إسماعيل بن موسى الفزاري، حدثنا سيف بن هارون عن سليمان التيمي عن أبي عثمان -النهدي- عن سلمان قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن السمن والجبن والفراء. فقال: الحلال ... =

ابن ماجه (¬1) والترمذي (¬2)، وذكر أنه روي موقوفًا، قال: "وكأنه أصح"، وهو للدار قطني (¬3) من ¬

_ =قال الترمذي: وفي الباب عن المغيرة، قال: هذا حديث غريب لا نعرفه مرفوعًا إِلا من هذا الوجه، قال: وروى سفيان وغيره عن سليمان التيمي عن أبي عثمان قوله، وكأن الحديث الموقوف أصح. (¬1) هو: أبو عبد الله محمد بن يزيد الربعي القزويني، أحد الأئمة في علم الحديث، من أهل قزوين، ولد سنة 209 هـ، ورحل إِلى البصرة وبغداد والشام ومصر والحجاز والري لطلب الحديث، توفي سنة 273 هـ. من مؤلفاته: السنن، وتفسير القرآن، وتاريخ قزوين. انظر: وفيات الأعيان 4/ 279، وتذكرة الحفاظ 2/ 189، وتهذيب التهذيب 9/ 530. (¬2) هو: أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة السلمي البوغي، أحد الأئمة في علم الحديث وحفاظه، من أهل ترمذ "على نهر جيحون"، ولد سنة 209 هـ، وتتلمذ على البخاري، وشاركه في بعض شيوخه، وقام برحلة إِلى خراسان والعراق والحجاز، وعمي في آخر عمره، وكان يضرب به المثل في الحفظ، توفي بترمذ سنة 279 هـ. من مؤلفاته: الجامع الكبير في الحديث "السنن"، والشمائل النبوية، والتاريخ، والعلل في الحديث. انظر: الفهرست/ 233، ووفيات الأعيان 4/ 278، وتذكرة الحفاظ 1/ 872، وميزان الاعتدال 3/ 678، ونكت الهميان/ 264، وتهذيب التهذيب/ 3879. (¬3) هو: أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد بن مهدي الدارقطني الشافعي، إمام عصره في الحديث، ولد بدار القطن من أحياء بغداد سنة 306 هـ، ورحل إِلى مصر فساعد ابن حنزابة "وزير كافور الأخشيدي" على تأليف مسنده، وعاد إِلى بغداد، فتوفي بها=

حديث (¬1) أبي الدراء، ولأبي داود (¬2) عن (¬3) ابن عباس قوله. (¬4) ¬

_ = سنة 385 هـ. من مؤلفاته: السنن، والعلل، والضعفاء، والمجتبى من السنن المأثورة. انظر: تاريخ بغداد 12/ 34، واللباب 1/ 483، ووفيات الأعيان 3/ 217، وطبقات الشافعية للسبكي 3/ 462، وغاية النهاية 1/ 558، ومفتاح السعادة 2/ 14. (¬1) أخرج الدارقطني في سننه 4/ 217 - 218 من حديث أبي الدرداء قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إِن الله افترض عليكم فرائض فلا تضيعوها، وحد لكم حدودًا، فلا تعتدوها، ونهاكم عن أشياء، فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء من غير نسيان، فلا تكلفوها رحمة من ربكم، فاقبلوها). انتهى ما في السنن. في إِسناده نهشل الخراساني، روى عن الضحاك بن مزاحم وغيره، قال إِسحاق بن راهويه: كان كذابًا. وقال أبو حاتم والنسائي: متروك. وقال يحيى والدارقطني: ضعيف. انظر: ميزان الاعتدال 4/ 275، وتهذيب التهذيب 10/ 479. (¬2) هو: سليمان بن الأشعث بن إِسحاق بن بشير الأزدي السجستاني، إِمام في الحديث، أصله من سجستان، ولد سنة 202 هـ، ورحل رحلة طويلة في طلب العلم، وتوفي بالبصرة سنة 275 هـ. منْ مؤلفاته: السنن، والمراسيل، ورسالة البعث. انظر: تاريخ بغداد 9/ 55، وطبقات الحنابلة 1/ 159، وتهذيب ابن عساكر 6/ 244، ووفيات الأعيان 2/ 404، وتذكرة الحفاظ 2/ 152. (¬3) نهاية 67 من (ح). (¬4) أخرج أبو داود في سننه 4/ 157 ... عن ابن عباس قال: كان أهل الجاهلية يأكلون أشياء، ويتركون أشياء تقذراً، فبعث الله تعالى نبيه - صلى الله عليه وسلم - وأنزل كتابه، وأحل حلاله، وحرم حرامه، فما أحل فهو حلال، وما حرم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو ...

مسألة

مسألة المباح غير مأمور به (و) خلافاً للكعبي (¬1) البلخي المعتزلي وأصحابه. وعلى الأول: إِذا أريد بالأمر الإِباحة فمجاز (¬2) (و). وقال القاضي (¬3) وأبو الفرج الشيرازي وبعض الشافعية: حقيقة. وفي كلام القاضي (¬4) [أيضًا] (¬5) كالأول، وسبق دليلها. لنا: [أن] (¬6) الأمر [طلب] (¬7) يستلزم ترجيح الفعل، ولا ترجيح فيه. ولأنه قسم من الأحكام إِجماعًا. ¬

_ (¬1) هو: أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن محمود الكعبي -من بني كعب- البلخي الخراساني، أحد أئمة المعتزلة، وهو رأس طائفة منهم، تسمى "الكعبية"، وله آراء ومقالات في الكلام، انفرد بها، وهو من أهل "بلخ"، أقام ببغداد مدة طويلة، وتوفي بـ "بلخ" سنة 319 هـ. من مؤلفاته: أدب الجدل، وتحفة الوزراء. انظر: تاريخ بغداد 9/ 384، واللباب 3/ 101، ووفيات الأعيان 3/ 45، وخطط المقريزي 2/ 348، ولسان الميزان 3/ 255. (¬2) انظر: المسودة/ 6 - 7، وكشف الأسرار 1/ 119. (¬3) انظر: العدة/ 374 - 375. (¬4) انظر: المرجع السابق/ 263. (¬5) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬6) ما بين المعقوفتين زيادة من (ح). (¬7) ما بين المعقوفتين زيادة من (ح).

قال: كل مباح ترك حرام، وتركه واجب، ولا يتم إِلا (¬1) بأحد أضداده، وما لا يتم الواجب إِلا به واجب. وتأول الإِجماع بالنظر إِلى ذات الفعل، دون تعلق الأمر به، بسبب توقف ترك الحرام عليه، جمعاً بين الأدلة. ورد: بأن المباح ليس ترك (¬2) الحرام، بل شيء يترك به الحرام، مع إِمكان تركه بغيره، فلايجب. ورد: بأن فيه تسليم وجوب أحد ما يترك به الحرام، غايته أنه غير معيّن، ويتعين بفعله. وألزم الكعبي -أيضًا- بوجوب المحرم، إِذا تُرِك به محرم، وتحريم الواجب، إِذا تُرِك به واجب. فأجاب (¬3): لا مانع من اتصاف الفعل بهما، كالصلاة في الغصب. ولنا: منعه على أصلنا. [وذكر ابن عقيل (¬4) المسألة في النسخ، وأجاب: (¬5) بأن العمل الشاغل لأدوات المكلف وأبعاضه يمتنع معه فعل آخر، للتضاد والتنافي، فلا يسمى ¬

_ (¬1) نهاية 27 من (ظ). (¬2) في (ح): بترك. (¬3) في (ح): فقال. (¬4) انظر: الواضح 2/ 242أ. (¬5) انظر: المرجع السابق 2/ 243 ب، 244أ.

مسألة

متروكًا، ولا تاركاً حقيقة، ولا قادراً عليه، فمن هنا دهي الكعبي؛ لم يفصل بين الترك، وتعذر الفعل للتنافي]. (¬1) وذكر الآمدي (¬2): أن قوله (¬3) غاية الغوص والإِشكال، وأنه لا مخلص إِلا بمنع وجوب ما لا يتم الواجب إِلا به. مسألة الإِباحة ليست بتكليف عندنا (و) خلافاً لأبي إِسحاق الإِسفراييني. وفي الروضة (¬4) كالأول، وعدّها (¬5) -أيضًا- من أحكام التكليف، وقال (¬6): من قال: "التكليف: ما كلف اعتقاد كونه من الشرع" فهي تكليف، وضَعَّفه (¬7) بلزوم جميع الأحكام. (¬8) وقال بعض أصحابنا (¬9): هي تكليف، بمعنى اختصاصها بالمكلف، ولهذا: فعل صبي (¬10) ومجنون وعاقل -في غفلة (¬11)، وخطؤه- لا يوصف بها. ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬2) انظر: الإحكام للآمدي 1/ 125. (¬3) يعني: قول الكعبي. (¬4) انظر: الروضة/ 41. (¬5) انظر: المرجع السابق/ 25. (¬6) انظر: المرجع السابق/ 41. (¬7) نهاية 68 من (ح). (¬8) نهاية 34 ب من (ب). (¬9) انظر: المسودة/ 36. (¬10) انظر: العدة/ 167. (¬11) في (ح): عقله.

مسألة

مسألة إِذا صرف الأمر عن الوجوب: بقي الندب أو الإباحة، قال في التلخيص (¬1) في باب الحوالة: الأصح عند أصحابنا بقاؤه. (¬2). وفي التمهيد (¬3) وغيره: هي من فوائد الأمر: هل هو حقيقة في الندب؟ فيؤخذ منه بقاء الندب لا الإِباحة، على ما سبق. (¬4). ومنع في الروضة (¬5) -في مسألة "الأمر المطلق للوجوب"- أن الوجوب ندب وزيادة؛ لدخول جواز الترك في حد الندب. وجزم التميمي (¬6) -من أصحابنا- عن أحمد: لا يبقى الجواز (¬7)، وهو الأشهر للحنفية. (¬8) ¬

_ (¬1) وهو المسمى "تخليص المطلب في تلخيص المذهب"، كتاب في الفقه الحنبلي. ومؤلفه: محمد بن الخضر بن محمد بن تيمية الحراني المتوفى سنة 622 هـ. انظر: ذيل طبقات الحنابلة 2/ 151 - 162. (¬2) يعني: بقاء الجواز. وانظر هذا النص في: تصحيح الفروع 4/ 259. (¬3) انظر: التمهيد 24 أ- ب. (¬4) انظر: ص 229 من هذا الكتاب. (¬5) انظر: الروضة/ 197. (¬6) هو أبو محمد التميمي. (¬7) انظر: المسودة/ 16. (¬8) انظر: فواتح الرحموت 1/ 103.

وللشافعية كالمذهبين. (¬1) ولنا خلاف في بقاء نفل من أحرم بفرض قبل وقته، وبقاؤه قول (هـ) وأبي يوسف، خلافاً لمحمد بن الحسن، وللشافعي قولان. وهل يصح (¬2) قبض من قال: اقبض سَلَمي لنفسك، للآمر؟ عن أحمد روايتان. وجه الأول: تضمن الوجوب ذلك، كالعام. (¬3) رد: بالتغاير. ثم: ثبت تبعًا للوجوب فيتبعه، أو هو جزء الوجوب، ويستحيل بقاء حصة النوع من الجنس بعد عدم النوع، ولا وجود للأعم إِلا مشخصاً. واختار الآمدي (¬4) وغيره: أن المباح ليس داخلاً في مسمى الواجب، وأنها لفظية؛ فإِن أريد بالمباح ما أذن فيه مطلقًا فجنس للواجب والمندوب ¬

_ (¬1) انظر: المحصول 1/ 2/ 342، وشرح المحلي على جمع الجوامع 1/ 175، والمستصفى 1/ 73، ونهاية السول 1/ 109، والتمهيد للأسنوي/ 95. (¬2) قال في الإِنصاف 5/ 115: قوله -يعني: في المقنع-: "وإن كان لرجل سلم، وعليه سلم من جنسه، فقال لغريمه: اقبض سَلَمي لنفسك، ففعله، لم يصح قبضه لنفسه" لأن قبضه لنفسه حوالة به، والحوالة بالسلم لا تجوز. قوله: "وهل يقع قبضه للآمر؟ على وجهين" وهما روايتان ... (¬3) نهاية 28 أمن (ظ). (¬4) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 125 - 126.

خطاب الوضع أقسام

والمباح -بالمعنى الأخص- وإِن أريد ما أذن فيه -ولا ذم- فليس بجنس. * * * خطاب (¬1) الوضع أقسام: أحدهما: الحكم على الوصف (¬2) بالسببية. والسبب لغة (¬3): ما يتوصل به إِلى غيره، فلهذا سمي به الحبل والطريق. وشرعًا: وصف ظاهر منضبط دل السمع (¬4) على كونه معرّفا لحكم شرعي. فمنه: وقتي كالزوال للظهر، ومعنوي -يستلزم حكمة باعثة- كالإِسكار للتحريم، والملك لإِباحة الانتفاع، والضمان لمطالبة الضامن، والجناية لقصاص أو دية. الثاني: الحكم عليه بكونه مانعًا: إِما للحكم، وهو: وصف وجودي ظاهر منضبط مستلزم لحكمة تقتضي نقيض حكم (¬5) السبب مع بقاء حكمة (¬6) السبب، كالأبوة في القصاص ¬

_ (¬1) في شرح الكوكب المنير 1/ 434: خطاب الوضع: خبر استفيد من نصب الشارع عَلَما معرَّفا لحكمه. (¬2) نهاية 69 من (ح). (¬3) انظر: لسان العرب 1/ 440 - 442، وتاج العروس 1/ 293 (سبب). (¬4) في (ح) الشرع. (¬5) نهاية 35 أمن (ب). (¬6) في (ب): حكم.

وأما الصحة والبطلان

مع القتل العمد، وهي كون الأب سبب وجود الابن، فلا يحسن كونه سبب عدمه. وإِما لسبب الحكم، وهو: وصف يخل وجوده بحكمة السبب، كالدَّين في الزكاة مع ملك النصاب. الثالث: الحكم عليه بكونه شرطًا. (¬1) فإِن أخل عدمه بحكمة السبب فهو شرط السبب، كالقدرة على التسليم في البيع، عدمها يخل (¬2) بإِباحة الانتفاع. وإن استلزم عدمه حكمة تقتضي نقيض الحكم فشرط الحكم، كالطهارة للصلاة مع إِتيانه بمسمى الصلاة، عدمها مستلزم (¬3) ما يقتضي نقيض (¬4) الحكم، أي: عدم الثواب مع بقاء حكمة الصلاة، وهي: التوجه إِلى الحق. * * * وأما الصحة والبطلان: فعندنا: من باب الوضع. وقيل: معنى الصحة: الإِباحة، والبطلان: الحرمة. ¬

_ (¬1) في شرح الكوكب المنير 1/ 452: الشرط ما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته. (¬2) في (ظ): مخل. (¬3) في (ح): يستلزم. (¬4) تكررت هذه الكلمة في (ظ).

والبطلان، والفساد

وقيل (¬1): هما أمر عقلي؛ لأن الصحة في العبادة: سقوط القضاء بالفعل -وفي (¬2) المعاملات: ترتب (¬3) ثمرة العقد عليه- عند الفقهاء، وعند المتكلمين: (¬4) موافقة الأمر، فإِذا وجدت حكم العقل بصحتها بالتفسيرين. والبطلان، والفساد: نقيض الصحة، ذكره أصحابنا والشافعية، مع تفرقتهم في الفقه بين الكتابة (¬5) الفاسدة والباطلة، وفي ¬

_ (¬1) انظر: مختصر ابن الحاجب بشرح العضد 2/ 7. (¬2) هكذا جاء ترتيب الكلام في جميع النسخ. ولعل الأولى أن يكون ترتيبه هكذا " ... بالفعل عند الفقهاء. وعند المتكلمين: موافقة الأمر. وفي المعاملات: ترتب ثمرة العقد عليه. فإِذا وجدت ... ". (¬3) في (ح): ترتيب. (¬4) نهاية 70 من (ح). (¬5) في القواعد والفوائد الأصولية لابن اللحام/ 111: الكتابة تكون باطلة إِذا كاتب من لا يصح العقد منه، سواء كان السيد أو العبد، ولا يترتب عليها العتق. وإذا كانت بعوض مجهول فهي فاسدة، ولا تبطل من أصلها، ولكل واحد منهما فسخها، ويحصل العتق فيها بالأداء دون الإِبراء، والمغلب فيها التعليق. وفيه أيضًا/ 112: قال طائفة من أصحابنا: الفاسد من النكاح: ما كان يسوغ فيه الاجتهاد، والباطل: ما كان مجمعاً على بطلانه. فالباطل لا يترتب عليه شيء من أحكام الصحيح، والفاسد يثبت له أحكام الصحيح. وفي شرح الكوكب المنير 1/ 474: قال -يعني: المرداوي- في شرح التحرير: قلت: غالب المسائل التي حكموا عليها بالفساد إِذا كانت مختلفاً فيها بين العلماء،=

وأما العزيمة

النكاح أيضًا (¬1). وعند الحنفية (¬2): الفاسد ما شرع بأصله لا وصفه، كعقد الربا. * * * وأما العزيمة: فهي القصد (¬3) المؤكد لغة (¬4). وشرعًا: ما لزم بإِلزام الله تعالى من غير مخالفة دليل شرعي. * * * والرخصة: التيسير. (¬5) وشرعًا: ما شرع (¬6) لعذر مع قيام سبب تحريمه لولا العذر. ¬

_ =والتي حكموا عليها بالبطلان إِذا كانت مجمعًا عليها، أو الخلاف فيهما شاذاً، ثم وجدت بعض أصحابنا قال: الفاسد من النكاح ما يسوغ فيه الاجتهاد، والباطل ما كان مجمعاً على بطلانه. (¬1) انظر: القواعد والفوائد الأصولية لابن اللحام/ 110، والتمهيد للأسنوي/ 55،، ونهاية السول 1/ 59، والفروق 2/ 42. (¬2) يرى الحنفية أن الفاسد والباطل بمعنى واحد في العبادات. وإنما يفرقون بينهما في المعاملات، فالفاسد ما ذكر، والباطل ما لم يشرع بأصله ولا وصفه. انظر: تيسير التحرير 2/ 236. (¬3) انظر: لسان العرب 15/ 292 - 294، وتاج العروس 8/ 396 - 397 (عزم). (¬4) كذا في النسخ. ولعل المناسب هكذا: فهي لغة: القصد المؤكد. (¬5) هذا معناها في اللغة. انظر: لسان العرب 8/ 306، وتاج العروس 4/ 397 (رخص). (¬6) نهاية 28 ب من (ظ).

فمنها: واجب كأكل الميتة للمضطر [على خلاف مشهور لنا وللعلماء]، (¬1) ومندوب كالقصر، ومباح كالفطر للمسافر والمريض [على خلاف (¬2) في ذلك لنا وللعلماء]، (¬3) ويجب إِن خافا تلفاً (وم) (¬4) على خلاف لنا. وظاهر ذلك أن الرخصة ليست من خطاب الوضع، خلافاً لبعض أصحابنا (¬5). * * * ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين زيادة من (ح). (¬2) انظر: نهاية السول 1/ 71، وشرح العضد 2/ 9، والشرح الكبير 3/ 16، والمبسوط 3/ 91، ومغني المحتاج 1/ 437، وحاشية الدسوقي 1/ 439، وكشف الأسرار 2/ 319. (¬3) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). وهناك احتمال أن الزيادة المذكورة في (ح) قبل قليل مقدمة، وأن محلها هنا. (¬4) انظر: كشاف القناع 2/ 310، وحاشية الدسوقي 1/ 439. (¬5) كابن حمدان. انظر: شرح الكوكب المنير 1/ 482.

المحكوم فيه الأفعال

المحكوم فيه الأفعال تكليف ما لا يطاق - وهو المستحيل- يقال على ما تعلق العلم والخبر والمشيئة بأنه لا يكون، وعلى فعل العبد -لأنه مخلودق لله موقوف على مشيئته- وعلى ما يشق فعله لا يتعذر. وذلك واقع إِجماعًا. وهل خلاف (¬1) المعلوم أو وفقه لا يطاق؟ فيه أقوال، ثالثها: الفرق. وأما الممتنع في نفسه -كالجمع بين الضدين- أو عادة كصعود السماء: فممتنعان سمعاً، ذكره ابن الزاغوني وصاحب (¬2) المحرر من أصحابنا إِجماعًا. وفي (¬3) جوازهما عقلاً أقوال. (¬4) قال بعض أصحابنا: (¬5) فالخلاف عند التحقيق في الجواز العقلي أو (¬6) الاسم اللغوي، وأما (¬7) الشرع فلا (¬8) خلاف فيه. ¬

_ (¬1) و (¬2) انظر: المسودة/ 79. (¬3) نهاية 35 ب من (ب). (¬4) و (¬5) انظر: المرجع السابق. (¬6) في (ظ): والاسم. والمثبت من (ح). وكان اللفظ في (ب) هكذا: "أو والاسم"، ثم ضرب على "أو". (¬7) في نسخة في هامش (ب): "فأما". (¬8) نهاية 71 من (ح).

وقال أبو بكر من أصحابنا: "الله تعالى يتعبد خلقه بما يطيقون وبما لا يطيقون"، فأطلق. وقال أبو إِسحاق (¬1) من أصحابنا: إِن الله أراد تكليف عباده ما ليس (¬2) في طاقتهم ولا قدرتهم، واحتج بقوله: (ويدعون إِلى السجود فلا يستطيعون). (¬3) وقال (¬4) ابن الجوزي: قال النقاش: (¬5) ليس هذأ تكليفاً لهم وهم عجزة، بل توبيخ بتركهم السجود. ¬

_ (¬1) هو ابن شاقْلا. انظر: شرح الكوكب المنير 1/ 489. (¬2) في (ظ): بما. (¬3) سورة القلم: آية 42: (يوم يكشف عن ساق ويدعون إِلى السجود فلا يستطيعون). (¬4) انظر: زاد المسير 8/ 341 - 342. (¬5) هو: أبو بكر محمد بن الحسن بن محمد بن زياد بن هارون النقاش، عالم بالقرآن وتفسيره، أصله من الموصل، ولد سنة 266 هـ ببغداد، ونشأ بها، ورحل رحلة طويلة، وكان في أول أمره يشتغل بنقش السقوف والحيطان، فعرف بالنقاش، توفي سنة 351 هـ. من مؤلفاته: شفاء الصدور في التفسير، والإِشارة في غريب القرآن، والموضح في معاني القرآن، والمعجم الكبير في أسماء القراء وقراءاتهم، ومختصر هذا المعجم، وأخبار القصاص. انظر: الفهرست/ 33، وتاريخ بغداد 2/ 201، ومعجم الأدباء 6/ 496، ووفيات الأعيان 4/ 298، وغاية النهاية 2/ 119، ومفتاح السعادة 1/ 416.

وكذا قال الآمدي (¬1): ليس تكليفاً، للإِجماع على أن الآخرة دار مجازاة. كذا قال. وقال ابن حامد من أصحابنا: ذهبت طائفة من أصحابنا إِلى إِطلاق الاسم في جواز تكليف ما لا يطاق في زَمِن (¬2) وأعمى (¬3) وغيرهما، وهو مذهب جهم وبرغوث (¬4). ولنا خلاف: هل القدرة لا تكون إِلا مع الفعل، أو قبله -بمعنى سلامة الآلات- كقول المعتزلة (¬5)؟. قال ابن الزاغوني وغيره ما معناه (¬6): أن من قال: لا تكون إِلا معه كلف كل واحد (¬7) ما لا يطيقه. ¬

_ (¬1) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 138. (¬2) يعني: تكليفه بالمشي. (¬3) يعني: تكليفه بالإِبصار. (¬4) هو: محمد بن عيسى، من أتباع النجارية -من فرق المعتزلة- ويلقب ببرغوث، كان على مذهب النجار في أكثر مذاهبه، وخالفه في تسمية المكتسب فاعلاً، فامتنع عنه، وخالفه في المتولدات؛ فزعم أنها فعل لله تعالى بإِيجاب الطبع، وإِليه تنسب الفرقة البرغوثية. انظر: الفرق بين الفرق/ 209، والتبصير في الدين/ 93. (¬5) انظر: المعتمد للقاضي أبي يعلى/ 142. (¬6) انظر: المرجع السابق/ 147. (¬7) في (ح): أحد.

وقيل لأبي الخطاب -في وجوب الزكاة قبل إِمكان الأداء- هذا يفضي إِلى تكليف ما لا يطاق. فقال: يجوز، وهي مشهورة في الأصول، ثم: لا نكلفه الفعل فيأثم، وإينما يثبت في ذمته، يفعله (¬1) عند القدرة. وقال هو -وفي عيون المسائل (¬2)، في مسائل الامتحان-: إِذا قيل: ما شيء فعله محرم وتركه محرم؟ فصلاة السكران. وذكر الآمدي (¬3): أن ميل الأشعري في أكثر أقواله إِلى جواز تكليف ما لا يطاق كالجمع (¬4) بين الضدين، وأنه لازم على أصله في وجوب مقارنة القدرة الحادثة للمقدور بها، وأنه مخلوق لله، وهو مذهب أكثر أصحابه، وأنهم اختلفوا في (¬5) وقوعه، ووافقه بعضهم على النفي، كقول أكثر ¬

_ (¬1) في (ب): بفعله. (¬2) للحنابلة كتابان بهذا الاسم: أحدهما: للقاضي أبي يعلى. انظر: طبقات الحنابلة 2/ 205. والآخر: لأبي علي بن شهاب العكبري، قال ابن رجب في ذيل طبقات الحنابلة 1/ 172: أبو علي بن شهاب العكبري؛ صاحب كتاب عيون المسائل، متأخر، ونقل من كلام القاضي وأبي الخطاب ... ما وقفت له على ترجمة ... ولم يظهر لي المراد هنا. (¬3) انظر: الإحكام للآمدي 1/ 133 - 134. (¬4) نهاية 29 أمن (ظ). (¬5) نهاية 72 من (ح).

المعتزلة (¬1). واختار صاحب المحصول (¬2) وغيره وقوعه، وعكسه الآمدي (¬3) وغيره. وجه الأول: قوله: (ولا (¬4) نكلف نفسًا إِلا وسعها). (¬5) ولمسلم من حديث أبي هريرة: أنه لما نزل: (وإِن تبدو ما في أنفسكم أو تخفوه) الآية (¬6)، اشتد ذلك على الصحابة، وقالوا: لا نطيقها، وفيه: أن الله نسخها؛ فأنزل: (لا يكلف الله نفسًا) إِلى آخر السورة (¬7)، وفيه -عقب كل دعوة-: قال: (نعم). (¬8) ¬

_ (¬1) انظر: المعتمد للقاضي/ 146. (¬2) انظر: المحصول 1/ 2/ 363. (¬3) انظر: الإحكام للآمدي 1/ 134. (¬4) في (ظ): لا نكلف. (¬5) سورة المؤمنون: آية 62. (¬6) سورة البقرة: آية 284: (لله ما في السماوات وما في الأرض وأن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شيء قدير). (¬7) سورة البقرة: آية 286: (لا يكلف الله نفسًا إِلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إِن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إِصراً كما حلمته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين). (¬8) أخرجه مسلم في صحيحه/ 115 - 116، وأحمد في مسنده 2/ 412. وانظر: تفسير الطبري 3/ 95.

ولمسلم: نحوه من حديث ابن عباس، وفيه: قال: (قد فعلت) (¬1). قال (¬2) بعض أصحابنا: قيل: المراد به ما يثقل ويشق، كقوله -عليه السلام- في المملوك: (لا يكلف من العمل ما لا يطيق). (¬3) رواه مسلم. وكقوله: (لا تكلفوهم ما يغلبهم، فإِن كلفتموهم فأعينوهم عليه). متفق عليه (¬4). واحتجت الأشعرية (¬5) بسؤال (¬6) رفعه على جواز التكليف بالمستحيل لغيره. واحتج بعض أصحابنا (¬7) والآمدي (¬8) وغيرهما: بأنه لوصح ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في صحيحه/ 116. وانظر: تفسير الطبري 3/ 95. (¬2) نهاية 36 أمن (ب). (¬3) هذا جزء من حديث رواه أبو هريرة -رضي الله عنه: أخرجه مسلم في صحيحه 1284، ومالك في الموطأ/ 980، وأحمد في مسنده 2/ 247، 342. (¬4) هذا جزء من حديث رواه أبو ذر -رضي الله عنه- أخرجه البخاري في صحيحه 1/ 11, 3/ 149، 8/ 16، ومسلم في صحيحه/ 1282، 1283، وأبو داود في 5/ 360، والترمذي في سننه 3/ 224 - 225 وقال: "حسن صحيح"، وابن في سننه/ 1216 - 1217، وأحمد في مسنده 5/ 158، 161. (¬5) انظر: الإحكام للآمدي 1/ 135، 138، والمعتمد للقاضي/ 147. (¬6) الواردة في آية 286 من سورة البقرة. وقد ذكر نصها في هامش الصفحة السابقة. (¬7) انظر: البلبل/ 15. (¬8) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 135.

التكليف بالمستحيل لكان مطلوب الحصول، لأنه معناه، وهو محال لعدم تصور وقوعه؛ لأنه يلزم تصور الشيء على خلاف ماهيته، واستدعاء حصوله فرع تصور وقوعه. فإِن قيل: لو لم يتصور لم يحكم بكونه محالاً، لأن الحكم بصفة الشيء فرع تصوره. رد: بأن الجمع المتصور المحكوم بنفيه عن الضدين هو جمع المختلفات التي ليست بمتضادة، ولا يلزم من تصوره منفياً عن الضدين تصوره ثابتًا لهما، لاستلزامه (¬1) التصور على خلاف الماهية. واعترض على الدليل: بما علم الله أنه لا يقع، فإِنه لا يتصور وقوعه. وعلى الجواب: بما سبق (¬2) في (¬3) تقسيم العلم: أن تصور النفي فرع تصور الإيجاب، لأن النفي المطلق غير معقول، ولهذا قيل: الإيجاب أبسط منه. قالوا: لو لم يصح لم يقع، ثم ذكروا ما سبق (¬4): من تعلق (¬5) العلم والخبر والمشيئة بما لا يكون، وفعل العبد وقدرته. ورد: بأن الخلاف في الممتنع لذاته، وهذا لغيره، وهو لا يمنع تصور ¬

_ (¬1) في (ب): لاستلزام. (¬2) انظر ص 33 من هذا الكتاب. (¬3) نهاية 73 من (ح) (¬4) انظر: ص 256 من هذا الكتاب. (¬5) في (ح): تعلم.

الوقوع منه، لجواز إِمكانها (*) منه بالذات. وبأن ذلك مستلزم أن التكاليف تكليف بالمحال، وهو باطل إِجماعاً. [ورد بعض أصحابنا (¬1) الأول، وانتساخ (¬2) الإِمكان الذاتي بالاستحالة بالغير العرضية (¬3). وبالتزام الثاني، والمسألة (¬4) علمية، والإِجماع لا (¬5) يصلح (¬6) دليلاً فيها (¬7). كذا قال]. (¬8) قالوا: (أنه لن يؤمن من قومك إِلا من قد آمن)، (¬9) وكلفوا بتصديقه مطلقًا، ومنه: تكليفهم تصديقه في عدم تصديقهم. ¬

_ (*) كذا في النسخ. ولعل الصواب: إِمكانه. (¬1) انظر: البلبل/ 16 (¬2) كذا في النسختين. ولعل المناسب: لانتساخ. انظر: البلبل/ 16. (¬3) في (ب): الغرضية. (¬4) نهاية 29 ب من (ظ). (¬5) في (ب): ملا. (¬6) في (ظ): لا يصح. (¬7) تتمة الكلام من البلبل/ 16: لظنيته، بدليل الخلاف في تكفير منكر حكمه. (¬8) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬9) سورة هود: آية 36: (وأوحي إِلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إِلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون)

مسألة

وكلف أبو لهب (¬1) بتصديق النبي - صلى الله عليه وسلم - في إِخباره، ومنه: أنه (¬2) لا يصدقه، فقد كلف بتصديقه بعدم تصديقه. ورد: كلفوا بتصديقه، وعلمُ الله بعدمه (¬3) وإِخباره به لا يمنع الإِمكان الذاتي، كما سبق. (¬4) لكن لو كلفوا بتصديقه بعد علمهم بعدمه، لكان من باب (¬5) ما علم المكلف امتناع وقوعه، ومثله غير واقع، لانتفاء فائدة التكليف -وهي الابتلاء- لا لأنه محال. مسألة الكفار مخاطبون بالإِيمان إِجماعًا. وكذا بغيره عند أحمد (¬6) وأكثر أصحابه (¬7) (وش ع ر) ¬

_ (¬1) هو عبد العزى بن عبد المطلب بن هاشم، عم النبي - صلى الله عليه وسلم - من أشد الناس عداوة للمسلمين، كان أحمر الوجه فلقب في الجاهلية بأبي لهب، مات سنة 2 هـ بعد وقعة بدر بأيام، ولم يشهدها. انظر: الروض الأنف 1/ 265، 2/ 78 - 79، وتاريخ الإسلام للذهبي 1/ 84، 169. (¬2) في (ظ) أن. (¬3) في (ح): بعد موته. (¬4) انظر: ص 262 - 263 من هذا الكتاب. (¬5) نهاية 36 ب من (ب). (¬6) انظر: العدة/ 835، والتمهيد/ 40أ، والواضح 1/ 305 ب. (¬7) في (ب): وأصحابه.

والرازي (¬1) والكرخي (¬2) وغيرهما من الحنفية. وعن أحمد (¬3): يخاطبون بالنهي لا الأمر، وقاله الجرجاني (¬4) الحنفي وأبو حامد (¬5) الإِسفراييني الشافعي (¬6). وللمالكية كالقولين. (¬7) وذكر بعض أصحابنا (¬8) رواية: لا يخاطبون بالفروع [وحكي عن (ع)]. (¬9) ¬

_ (¬1) انظر: أصول الجصاص/ 107 ب. (¬2) حكاه الجصاص في أصوله/ 107 ب. (¬3) انظر: العدة/ 359، والتمهيد/ 40أ، والواضح 1/ 306 أ. (¬4) حكاه في التمهيد/ 40أ، والواضح 1/ 306 أ. (¬5) هو: أحمد بن محمد بن أحمد الإِسفراييني، من أعلام الشافعية، ولد في إِسفرايين سنة 344 هـ، ورحل إِلى بغداد، فتفقه فيها وعظمت مكانته، وتوفي بها سنة 406 هـ. من مؤلفاته: أصول الفقه، والرونق في الفقه. انظر: طبقات الفقهاء للشيرازي/ 103، ووفيات الأعيان 1/ 72، وطبقات الشافعية للسبكي 4/ 61، والبداية والنهاية 2112. (¬6) حكاه في التمهيد/ 40أ، والواضح 1/ 306أ. والذي في الإِحكام للآمدي 1/ 144، والمحصول 1/ 2/ 399: أن أبا حامد الإِسفراييني يقول: لا يخاطبون مطلقًا. (¬7) انظر: شرح تنقيح الفصول/ 162. (¬8) انظر: المسودة/ 46 - 47. (¬9) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح).

وجه الأول: قوله تعالى: (ومن يفعل ذلك يلق أثامًا) (¬1)، ولهذا يحد على الزنا، ومن أحكامنا: لا يحد على المباح. وقوله: (ولله على الناس حج البيت) الآية (¬2). وقوله: (لم يكن الذين (¬3) كفروا) إِلى قوله: (ويؤتوا الزكاة) (¬4). وقوله: (لم نك من المصلين) إِلى قوله: (وكنا نكذب). (¬5) واستدل: لو اشترط في التكليف بمشروط وجود شرطه، لم تجب صلاة على محدث، ولا قبل نيتها. ورد: بأن الشرط تابع يجب بوجوب مشروطه. ¬

_ (¬1) سورة الفرقان: آية 68: (والذين لا يدعون مع الله إِلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إِلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثامًا). (¬2) سورة آل عمران: آية 97: (ولله على الناس حج البيت من استطاع إِليه سبيلاً ومن كفر فإن الله غني عن العالمين). (¬3) نهاية 74 من (ح). (¬4) سورة البينة: الآيات 1 - 5: (لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة * رسول من الله يتلو صحفًا مطهرة * فيها كتب قيمة * وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إِلا من بعد ما جاءتهم البينة * وما أمروا إِلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة). (¬5) سورة المدثر: الآيات 43 - 46: (قالوا لم نك من المصلين * ولم نك نطعم المسكين * وكنا نخوض مع الخائضين:* وكنا نكذب بيوم الدين).

واحتج في العدة (¬1) والتمهيد (¬2): بأنه مخاطب بالإيمان -وهو شرط العبادة- ومن خوطب بالشرط -كالطهارة- كان مخاطبًا بالصلاة. [وكذا احتج ابن عقيل (¬3): بخطابه بصدق (¬4) الرسل، وهي (¬5) مشروطة بمعرفة الله، وهي (¬6) على النظر، وأن هذا -لقوته- مفسد لكل شبهة للخصم]. (¬7) قالوا: لو كلف بالعبادة لصحت، ولأمكنه الامتثال، وفي الكفر لا يمكنه، وبإِسلامه تسقط. رد: معنى التكليف: استحقاق العقاب، ويصح بشرطه، ويسلم ويفعلها كالمحدث. ولا ملازمة بين التكليف والقضاء، بدليل الجمعة، مع أنه بأمر جديد، وفيه تنفير عن الإِيمان. وأبطل في الواضح (¬8) بالمرتد؛ لا تصح منه وهو مخاطب (¬9). ¬

_ (¬1) انظر: العدة/ 364. (¬2) انظر: التمهيد/ 41 أ. (¬3) انظر: الواضح / 1/ 307 ب، 308 أ. (¬4) كذا في النسختين. ولعل المناسب: بتصديق الرسل. (¬5) كذا في النسختين. ولعل المناسب: وهو مشروط. (¬6) يعني: متوقفة على النظر. (¬7) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬8) انظر: المرجع السابق 1/ 310 ب، 311 أ. (¬9) في (ظ) ونسخة في هامش (ب): مخالف.

فقيل له: لالتزامه (¬1) حكم الإِسلام. فقال: وهذا ألزمه الشرع. وذكر غيره فيه الخلاف. قالوا: (¬2) المنهي عنه يصح تركه مع كفره، ويترتب عليه حكمه وهو الحد (¬3) والتعزير، وهو محرم كالكفر. وأجاب ابن عقيل (¬4) وغيره: وهو (¬5) لا يصح منه إِلا على وجه مكابدة النفس، لاحترام الناهي. والحد لالتزامه حكمنا عقوبة، ولنا (¬6) كفارة أو بلوى. ونمنعه من المحرم لا الكفر. وقال بعضهم: قولهم: "لا يكفي مجرد ترك وفعل" فيه (¬7) نظر. وفائدة الخلاف عند الأصحاب: زيادة العقاب في الآخرة، قال في (¬8) ¬

_ (¬1) في نسخة في هامش (ب): لإِلزامه. (¬2) في (ح): قال. (¬3) نهاية 30 أمن (ظ). (¬4) انظر الواضح 1/ 309 ب- 310 أ. (¬5) ضرب في (ظ) على قوله: وهو. (¬6) يعني: أهل الإسلام. (¬7) في (ب): وفيه. (¬8) نهاية 37 أمن (ب).

التمهيد (¬1): حسب. وفي الانتصار -فيمن أسلم على أكثر من عشر (1/ 1) نسوة-: قولهم -يعني الحنفية-: "النهي عن الجمع قائم في حال الشرك" لا يصح؛ لأن -عندهم- الكفار غير مخاطبين، وهو رواية لنا. [وفي الواضح (¬2) إِذا علم أنه مكلف كان أدعى له إِلى الاستجابة، وينتفع به إِذا آمن]. (¬3) وقال ابن الصيرفي (¬4) الحراني من أصحابنا: "يتفرع عنه مسائل (¬5): منها: ظهار الذمي يصح عندنا، لا عندهم؛ لتعقبه كفارة ليس من أهلها. ومنها: أن الكفار لا يملكون أموالنا بالاستيلاء -في صحيح المذهب- ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد / 40 أ. (1/ 1) كذا في النسخ. ولعله: أربع. (¬2) انظر: الواضح 1/ 311أ. (¬3) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬4) هو: أبو زكريا يحيى بن أبي منصور بن أبي الفتح بن رافع بن علي بن إِبراهيم، جمال الدين الحبيشي، فقيه حنبلي إِمام، ولد بحران سنة 583 هـ، وسافر إِلى الموصل وبغداد سنة 607 هـ، ثم استقر بدمشق، وكانت له حلقة بجامعها، وبها توفي سنة 678 هـ. من مؤلفاته: نوادر المذهب، وانتهاز الفرص فيمن أفتى بالرخص. انظر: ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب 2/ 295، وشذرات الذهب 5/ 363. (¬5) انظر: التمهيد للأسنوي/ 122، وتخريج الفروع على الأصول للزنجاني/ 98، 338، والقواعد والفوائد الأصولية لابن اللحام/ 49.

مسألة

لحرمة التناول، وعندهم: يملكونها؛ لأن حرمة التناول من فروع الإِسلام. ومنها: وجوب الصلاة على المرتد، يعني: القضاء". وكذا اختاره في المسألة الوسطى الطوفي (¬1) من أصحابنا، وهو متوجه، لكنه ليس (¬2) بصحيح المذهب. (¬3) مسألة يشترط كون المكلف به فعلاً. ففي النهي: كف النفس عن الفعل، عند الأكثر. ¬

_ (¬1) هو: أبو الربيع سليمان بن عبد القوي بن عبد الكريم الطوفي الصرصري، نجم الدين، فقيه حنبلي، ولد بقرية "طوف" أو "طوفا" من أعمال صرصر في العراق سنة 657 هـ، ودخل بغداد سنة 691 هـ ورحل إِلى دمشق سنة 704 هـ، وزار مصر، وجاور بالحرمين، وتوفي في بلد الخليل بفلسطين سنة 716 هـ. من مؤلفاته: مختصر روضة الناظر -لابن قدامة- في أصول الفقه "البلبل"، وشرح هذا المختصر، ومختصر الجامع الصحيح للترمذي. نسب إِلى الرفض، ويقال: إِنه تاب عنه، ونسب إِليه أنه قال عن نفسه: حنبلي رافضي ظاهري ... أشعري إِنها إِحدى الكبر انظر: ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب 2/ 366، والدرر الكامنة 2/ 154، والأنس الجليل 2/ 257، وشذرات الذهب 6/ 39، وجلاء العينين/ 36. (¬2) انظر: القواعد والفوائد الأصولية لابن اللحام/ 53. (¬3) نهاية 75 من (ح).

وعند أبي هاشم (¬1) المعتزلي: نفي الفعل مع قطع النظر عن التلبس بضده. وفي الروضة (¬2): المقتضى بالتكليف: فعل كالصلاة، وكف كترك الزنا. وقيل لا يقتضي الكف إِلا أن يتلبس بضده، فيثاب عليه لا على الترك. وذكره بعض أصحابنا (¬3) قول الأشعري (¬4) والقدرية وابن أبي الفرج (¬5) المقدسي وغيرهم، قالوا في مسألة الإِيمان: الترك في الحقيقة فعل، لأنه ضد الحال التي هو عليها. وفي الروضة (¬6) -أيضًا-: إِن قصد الكف -مع تمكنه- أثيب، وإِلا فلا ثواب ولا عقاب. ¬

_ (¬1) انظر: البلبل/ 17، وشرح العضد 2/ 13. (¬2) انظر: الروضة/ 54. (¬3) انظر: المسودة/ 80. (¬4) في (ح): الأشعرية. (¬5) هو: أبو القاسم عبد الوهاب بن عبد الواحد بن محمد بن علي الشيرازي ثم الدمشقي، المعروف بابن الحنبلي، الفقيه الواعظ المفسر، شرف الإسلام، شيخ الحنابلة بالشام بعد والده، وهو واقف المدرسة الحنبلية بدمشق، تفقه وبرع وأفتى وناظر ودرس التفسير، توفي بدمشق سنة 536 هـ. من مؤلفاته: البرهان في أصول الدين، والمنتخب في الفقه، والمفردات، ورسالة في الرد على الأشعرية. انظر: ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب 1/ 92، والدارس 2/ 64، والمنهج الأحمد 2/ 249. (¬6) انظر: الروضة/ 55.

مسألة

وجه الأول: لو كلف بنفي الفعل لكان مستدعى حصوله منه، ولا يتصور؛ لأنه غير مقدور له؛ لأنه نفي محض. ورد: بأنه مقدور، ولهذا يمدح بترك الزنا. ورد: بأن عدم الفعل مستمر، فلم تؤثر القدرة فيه. ورد: بأن المقارن منه للقدرة مقدور. مسألة لا يصح الأمر بالموجود عند أصحابنا والجمهور. قال ابن عقيل (¬1): ينبني على أصل -بان بهذا أن أصحابنا ذهبوا إِليه- وهو: أن الأمر بالمستحيل لا يجوز، خلافاً للأشعري. مع قول ابن عقيل (¬2) -أيضًا-: يصح أن يقارن الأمر الفعل حال وجوده (¬3)، وبه قال عامة سلف الأمة (¬4) وعامة الفقهاء، خلافًا للمعتزلة (¬5)؛ فبعضهم جوزه (¬6) بوقت، ¬

_ (¬1) انظر: الواضح 2/ 19 أ. (¬2) انظر: المرجع السابق 2/ 32 ب. (¬3) ووقوعه من المكلف، وليس من شرط صحة الأمر تقدمه على الفعل ... انظر: الواضح 2/ 32 ب. (¬4) نهاية 30 ب من (ظ). (¬5) فقد أحالوا مقارنة الأمر لوجود الفعل، وقالوا: لابد من تقدمه، ثم اختلفوا فيما يتقدم به .... انظر: الواضح 2/ 32 ب. (¬6) يعني: جوز تقدم الأمر على الفعل بوقت.

وأكثرهم: بأوقات، زاد بعضهم (¬1): للمصلحة. وقال بعض أصحابنا (¬2): "الفعل حال حدوثه مأمور به، وقاله الأشعري وأصحابه، خلافاً للمعتزلة، وقولهم مقتضى قول ابن عقيل (¬3) في مسألة: "الأمر (¬4) بالموجود"؛ فإِنه التزم أن المؤمن ليس مأمورًا بالإِيمان عند وجوده (¬5)، وأنه لا يصح منه فعلُ موجودِ، كالقيام -لا يفعله (¬6) - لاستغنائه بوجوده عن موجد، والمؤمن لا يفعل الإِيمان إِلا في مستقبل الحال، وأن هذا خلاف المذهب". وجه أنه غير مأمور به: أن إِيجاد الوجود محال. رد: بأن جميع الفعل لم يوجد، ولهذا صح الابتلاء. رد: فالأمر (¬7) لما لم يوجد منه، فالتكليف بالباقي. رد: تعلق التكليف بالذات بالمجموع من حيث هو. وفيه نظر. واحتج بعض الأشعرية: (¬8): بأنه مقدور حينئذ باتفاق، بناء على أن ¬

_ (¬1) يعني: بعض من جوز تقدم الأمر على الفعل بأوقات. (¬2) انظر: المسودة/ 70. (¬3) انظر: الواضح 2/ 19. (¬4) نهاية 37 ب من (ب). (¬5) نهاية 76 من (ح). (¬6) يعني: لا يصح أن يفعله القائم. (¬7) غيّر هذا اللفظ في (ظ) إِلى: بالأمر. (¬8) انظر: الإحكام للآمدي 1/ 148.

القدرة مع الفعل أو قبله. ورد: بما سبق (¬1). واحتج ابن عقيل (¬2) للمعتزلة: بأنه (¬3) ليس بمقدور حال وجوده وحال حدوثه، وإلا كان مقدوراً حال بقائه، لوجوده في الحالين (¬4). وأجاب: بأنه حال حدوثه مفعول متعلق بفاعل، بخلافه حال بقائه، وكالإِرادة يصح تعلقها به حال حدوثه لا بقائه. قال بعض أصحابنا: (¬5) هذا ضعيف، بل هو مقدور ومراد (¬6) في الحالين. وألزم الآمدي (¬7) المعتزلة بألا يكون الفعل أول زمن حدوثه أثراً لقدرة قديمة أو حادثة على اختلاف المذهبين ولا موجدة (¬8) له؛ لما فيه من إِيجاد الموجود، وجوابهم في إِيجاد القدرة له جوابنا في تعلق الأمر به. ¬

_ (¬1) وهو: أنه يلزم منه الأمر بإِيجاد الموجود، وهو محال. انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 149. (¬2) انظر الواضح 2/ 33أ. (¬3) أي: الفعل. (¬4) وهما: حال وجوده وحدوثه، وحال بقائه. (¬5) انظر: المسودة/ 56. (¬6) في (ح): "مراد" بدون الواو. (¬7) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 149. (¬8) في (ظ): ولا موجود.

مسألة

مسألة لا تجزئ النيابة في تكليف بدني كصلاة وصوم [(و)]. (¬1) وتجزئ في زكاة مطلقًا (و) وخلافاً (¬2) للمعتزلة. وكذا حج فرض لعذر مأيوس منه (و) خلافاً للمعتزلة. وهنا مسائل مشهورة في الفروع. لنا: أن الغرض في البدنية: الابتلاء بقهر النفس، فلا يحصل بنائب (¬3)، وفي المالية: تنقيصه (¬4)، ودفع حاجة الفقير، فيحصل به كقضاء الدين إِجماعًا، وكذا الحج للعذر، ومع القدرة: قهر النفس، والنص في الحج للعذر. مسألة يشترط علم المكلف بالمأمور به ليقصده، وكونه من الله ليتصور منه امتثاله. ولا يكفي مجرد الفعل، لقوله: (إِنما الأعمال بالنية). (¬5) ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬2) أشير في (ب) إِلى سقوط الواو في "وخلافاً" من بعض النسخ. (¬3) نهاية 77 من (ح). (¬4) في (ب): بنقيضه. (¬5) هذا حديث مرفوع رواه عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقد ورد هذا الحديث بلفظ: (إِنما الأعمال بالنية)، وبلفظ: (الأعمال بالنية)، وبلفظ:=

فلهذا قال بعضهم (¬1): من منع تكليف المحال لم يجوز تكليف غافل. ونقض: (¬2) بوجوب المعرفة، ورد: باستثنائه، قال: وفيه نظر. وسبق (¬3) في التحسين. (¬4) * * * ¬

_ = (إِنما الأعمال بالنيات)، وبلفظ: (إِنما العمل بالنية). أخرجه البخاري في صحيحه 1/ 2، 3/ 145 - 146، 8/ 140، ومسلم في صحيحه/ 1515، وأبو داود في سننه 2/ 651 - 652، والترمذي في سننه 3/ 100 - وقال: حسن صحيح- والنسائي في سننه 1/ 58، وابن ماجه في سننه/ 25، 43. وانظر: نصب الراية 1/ 301، والتلخيص الحبير 1/ 54. (¬1) انظر: نهاية السول 1/ 135 - 136. (¬2) نهاية 31 أمن (ظ). (¬3) انظر ص 165، 168 من هذا الكتاب. (¬4) نهاية 38 أمن (ب).

المحكوم عليه

المحكوم عليه شرط التكليف العقل والفهم، ذكره الآمدي (¬1) اتفاق (¬2) العقلاء، وذكر غيره أن بعض من جوز المستحيل قال به؛ لعدم الابتلاء. وأجاز (¬3) قوم تكليف مجنون وطفل. وسبق (¬4) في تقسيم العبادة -في الحكم- حكم نائم وساهٍ. لنا: لو صح لكان مطلوبًا حصوله منه على وجه الامتثال -كما سبق (¬5) في المستحيل- ولا يصح؛ لأن شرط الامتثال قصده، وإِنما يتصور بعد الفهم. وكذا المميز (و)، وقطع (¬6) به ابن الباقلاني، وذكره إِجماعًا، قال أبو المعالي: لا قطع، والإِجماع لم يتحقق. وعن أحمد: تكليفه (¬7)، لفهمه، وعنه: المراهق، واختار ذلك ابن ¬

_ (¬1) انظر: الإحكام للآمدي 1/ 150. (¬2) في (ظ): باتفاق. (¬3) انظر: القواعد والفوائد الأصولية/ 15، والمسودة/ 35. (¬4) انظر: ص 196 من هذا الكتاب. (¬5) انظر: ص 261 - 262 من هذا الكتاب. (¬6) انظر: المسودة/ 456. (¬7) انظر: الروضة / 48، والقواعد والفوائد الأصولية/ 16.

عقيل في مناظراته (¬1)؛ لأن التكليف: الخطاب بما يثقل، وفيه الزكاة والعشر وأمر الشارع بأمره بالصلاة، فهو تكليف، لكن بلا وعيد كندب في حق المكلف. وسبق (¬2) كلام أبي الخطاب في مسألة التحسين. لنا: حديث عائشة: (رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن المبتلى حتى يبرأ، وعن الصبي حتى يكبر). رواه (¬3) أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه. ولأحمد (¬4) وغيره -أيضًا-: (وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل). وهو حديث جيد الإِسناد. ولأحمد وأبي داود -بإِسناد جيد- عن أبي الضحى (¬5) عن ابن عباس: ¬

_ (¬1) جاء ذكر مناظرات ابن عقيل -أيضًا- في: القواعد والفوائد الأصولية/ 16، والآداب الشرعية لابن مفلح 3/ 144، والفروع 1/ 96، 292، 2/ 434، 5/ 150، 299، 625. (¬2) انظر: ص 157 من هذا الكتاب. (¬3) هذا الحديث روته عائشة -رضي الله عنها- مرفوعًا، أخرجه أبو داود في سننه 4/ 558، والنسائي في سننه 6/ 156، وابن ماجه في سننه / 658، وأحمد في مسنده 6/ 144، والحاكم في مستدركه 2/ 59، وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي في التلخيص. (¬4) أخرجه أحمد في مسنده 6/ 100 - 101 والدارمي في سننه 2/ 93. (¬5) كذا في النسخ. ولعل الصواب: "عن أبي ظبيان"؛ فإِنه لم يرد ذكر لأبي الضحى=

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ =في رواية هذا الحديث -حسب علمي- إِلا فيما يأتي من روايته له عن علي مرفوعًا. والذي ورد -هنا- إِنما هو أبو ظبيان، وهو: حصين بن جندب بن الحارث بن وحشي ابن مالك الجنبي الكوفي، ثقة في الحديث، روى عن عمر وعلي وابن عباس وغيرهم، وروى عنه ابنه قابوس والأعمش وعطاء بن السائب، وفي سماعه من علي وعمر خلاف، توفي سنة 90 هـ. انظر: ميزان الاعتدال 4/ 542، وتهذيب التهذيب 2/ 379 - 380، وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال/ 85. وأبو الضحى هو: مسلم بن صبيح الهمداني بالولاء -وقيل: مولى آل سعيد بن العاص- الكوفي العطار، روى عن النعمان بن بشير وابن عباس وعلقمة، وأرسل عن علي بن أبي طالب، وروى عنه الأعمش ومنصور بن المعتمر وسعيد بن مسروق وعطاء بن السائب وغيرهم. وثقه كثيرون، منهم: ابن معين وأبو زرعة وابن حبان وابن سعد والنسائي، توفي سنة 100 هـ في خلافة عمر بن عبد العزيز. انظر: الكاشف للذهبي 3/ 141، وتهذيب التهذيب 10/ 132. وهذا الخطأ تكرر -أيضًا- فيما يأتي من أن الدارقطني ذكر أن أبا الضحى لقي عمر وعلياً؛ فإِن كلام الدارقطني -الذي ذكره العلماء هنا- كان في شأن أبي ظبيان. وهذا الذي ذكره المصنف "عن ابن عباس ... " أخرجه أبو داود في سننه -4/ 558 - 559: حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير عن الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس قال: أتي عمر بمجنونة قد زنت، فاستشار فيها أناسًا، فأمر بها عمر أن ترجم، فمر بها على علي بن أبي طالب، فقال: ما شأن هذه؟ قالوا: مجنونة بني فلان زنت فأمر بها عمر أن ترجم. قال: فقال: ارجعوا بها، ثم أتاه فقال: يا أمير المؤمنين،=

أن (¬1) عليا قاله لعمر، فصدّقه. ولأبي داود (¬2) -أيضاً-: أو ما تذكر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكره، فصدّقه. ¬

_ =أما علمت أن القلم قد رفع عن ثلاثة: عن المجنون حتى يبرأ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يعقل؟ قال: بلى. قال: فما بال هذه ترجم؟ قال: لا شيء. قال: فأرسلْها. قال: فأرسلَها، قال: فجعل يكبّر. وفي سنن أبي داود -أيضًا- حدثنا يوسف بن موسى، حدثنا وكيع عن الأعمش: نحوه، وقال -أيضًا-: حتى يعقل، فقال: وعن المجنون حتى يفيق. قال: فجعل عمر يكبر. انتهى. وأخرجه الحاكم في مستدركه 4/ 388 - 389، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي في التلخيص. والذي وجدته في مسند أحمد حول رواية أبي ظبيان لهذا الحديث ما يأتي: أ- فيه 1/ 154 - 155: ... عن أبي ظبيان: أن عمر بن الخطاب أتي بامرأة ... قال -أي: علي-: أما سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: (رفع القلم عن ثلاثة ...) قال: بلى ... الحديث. 2 - وفيه 1/ 158: ... عن أبي ظبيان: أن علياً قال لعمر: يا أمير المؤمنين، أما سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (رفع القلم عن ثلاثة ...). ولم أجد ما ذكره المصنف " ... عن ابن عباس: أن علياً قاله لعمر". وفي صحيح البخاري 8/ 165: باب لا يرجم المجنون والمجنونة، وقال علي لعمر: أما علمت أن القلم رفع عن المجنون حتى يفيق، وعن الصبي حتى يدرك، وعن النائم حتى يستيقظ. وانظر -أيضًا- صحيح البخاري 7/ 46. (¬1) في (ح) أنه. (¬2) أخرج أبو داود في سننه 4/ 559: حدثنا ابن السرح، أخبرنا ابن وهب، أخبرني جرير ابن حازم عن سليمان بن مهران عن أبي ظبيان عن ابن عباس قال: مر على علىِ بن=

ورواه أيضًا- ولم يذكر ابن عباس. (¬1) ورواه أيضًا -ورجاله ثقات- عن أبي الضحى عن علي مرفوعًا. (¬2) ورواه (¬3) ابن ماجه عن القاسم بن يزيد (¬4) عن علي مرفوعًا، والقاسم فيه ¬

_ =أبي طالب ... بمعنى عثمان .. قال: أو ما تذكر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (رفع القلم عن ثلاثة ...)؟ قال: صدقت. قال: فخلى عنها. انتهى. وأخرجه الدارقطني في سننه 3/ 138 - 139، والحاكم في مستدركه 2/ 59، 1/ 258 - 259، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي في التلخيص. (¬1) أخرج أبو داود في سننه 4/ 559 - 560: حدثنا هناد عن أبي الأحوص، وحدثنا عثمان ابن أبي شيبة، حدثنا جرير المعنى عن عطاء بن السائب عن أبي ظبيان -قال هناد: الجنبي- قال: أتي عمر بامرأة ... فجاء علي، فقال: يا أمير المؤمنين، لقد علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (رفع القلم عن ثلاثة ...)، وأخرجه أحمد في مسنده 1/ 154/ 158. (¬2) أخرج أبو داود في سننه 4/ 560: حدثنا موسى بن إِسماعيل، حدثنا وهيب عن خالد عن أبي الضحى عن علي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (رفع القلم عن ثلاثة ...). وهذا منقطع؛ فإِن أبا الضحى لم يدرك علي بن أبي طالب. (¬3) أخرج ابن ماجه في سننه/ 659: حدثنا محمد بن بشار، حدثنا روح بن عبادة، حدثنا ابن جريج، أنبأنا القاسم بن يزيد عن علي بن أبي طالب: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم قال: (يرفع القلم عن الصغير، وعن المجنون، وعن النائم). وذكره أبو داود في سننه معلقًا 4/ 560 - 561. (¬4) روى عن علي، ولم يدركه، وعنه ابن جريج، وتفرد به. انظر: الكاشف 2/ 395، وميزان الاعتدال 3/ 381، وتهذيب التهذيب 8/ 342.

جهالة، ولم يدرك علياً. (¬1) ورواه الترمذي عن الحسن (¬2) عن علي مرفوعًا، وقال: حسن غريب، ولا نعرف للحسن سماعًا من علي، والعمل على هذا الحديث. (¬3) وكذا قال (¬4) أئمة الحديث: لم يسمع منه. (¬5) ¬

_ (¬1) نهاية 78 من (5). (¬2) في تحفة الأحوذي 2/ 317: هو الحسن البصري. وهو: أبو سعيد الحسن بن أبي الحسن يسار البصري، مولى الأنصار، ولد لسنتين بقيتا من خلافة عمر، كان فصيحًا حافظًا مهيباً فقيهًا ثقة عابدًا، روى عن أبي موسى وأبي بكرة وعمران بن حصين وابن عمر وابن عباس وغيرهم، وروى عنه قتادة وحميد الطويل وعطاء ابن السائب وغيرهم، توفي سنة 110 هـ. وللعلماء كلام حول سماعه من بعض الرواة. انظر: تهذيب التهذيب 2/ 263، وتذكرة الحفاظ 1/ 66، وميزان الاعتدال 1/ 527. (¬3) أخرج الترمذي في سننه 2/ 438: حدثنا محمد بن يحيى القطعي، حدثنا بشر بن عمر، حدثنا همام عن قتادة عن الحسن عن علي: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (رفع القلم عن ثلاثة ...). قال الترمذي: حديث علي حديث حسن غريب من هذا الوجه، وقد روي من غير وجه عن علي ... ، ولا نعرف للحسن سماعًا من علي، وقد روى هذا الحديث عن عطاء بن السائب عن أبي ظبيان عن علي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحو هذا الحديث، ورواه عن الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس عن علي موقوفًا ولم يرفعه، والعمل على هذا الحديث عند أهل العلم. وأخرجه أيضًا -عن الحسن عن علي مرفوعًا- أحمد في مسنده 1/ 116، 118. (¬4) في (ظ): "قاله". (¬5) انظر: الكلام -على سماع الحسن من علي- في: تحفة الأحوذي 2/ 317 - 318، وتهذيب التهذيب 2/ 266، وما بعدها.

وذكر الدارقطني: أن أثبت (¬1) طرقه الأولى، وأن أبا الضحى (¬2) لقي عمر وعلياً (¬3) وذكر غيره: لا (¬4). والله أعلم. ولأنه لم يكمل فهمه فيما يتعلق بالمقصود، فنصب الشرع البلوغ له ¬

_ (¬1) قال في نصب الراية 4/ 162 - 163: قال الدارقطني في كتاب العلل: "هذا حديث يرويه أبو ظبيان، واختلف عنه؛ فرواه سليمان الأعمش عنه، واختلف عليه؛ فرواه جرير بن حازم عن الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس، فرفعه إِلى - صلى الله عليه وسلم - عن علي وعمر، وتفرد به ابن وهب عن جرير بن حازم، وخالفه ابن فضيل ووكيع، فروياه عن الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس عن علي وعمر موقوفًا، ورواه عمار بن رزيق عن الأعمش عن أبي ظبيان موقوفاً، ولم يذكر ابن عباس، وكذلك رواه سعيد بن عبيدة عن أبي ظبيان موقوفًا، ولم يذكر ابن عباس، ورواه أبو حصين عن أبي ظبيان عن ابن عباس عن علي وعمر موقوفًا، واختلف عنه؛ فقيل: عن أبي ظبيان عن علي موقوفًا -قاله أبو بكر ابن عياش وشريك عن أبي حصين- ورواه عطاء بن السائب عن أبي ظبيان عن علي وعمر مرفوعًا، حدث به عنه حماد بن سلمة وأبو الأحوص وجرير بن عبد الحميد وعبد العزيز بن عبد الصمد وغيرهم، وقول وكيع وابن فضيل أشبه بالصواب". انتهى. (¬2) كذا في النسخ. ولعل الصواب: وأن أبا ظبيان. وانظر: هامش 5 ص 278 من هذا الكتاب. (¬3) في نصب الراية 4/ 163: أن الدارقطني سئل في علله؛ هل لقي أبو ظبيان علياً وعمر؟ فقال: نعم. وانظر: تهذيب التهذيب 2/ 380. (¬4) انظر: تهذيب التهذيب 2/ 380. وانظر الكلام -عن حديث: (رفع القلم عن ثلاثة ...) - في: نصب الراية 4/ 161 - 165، والدراية 2/ 198.

علامة ظاهرة، جعلها أمارة ظهور العقل وكماله. وإنما وجبت الزكاة، ونفقة القريب، والضمان بالإِتلاف، لأنه من ربط الحكم بالسبب، لتعلقها بماله أو بذمته بالإِنسانية التي بها يستعد لقوة الفهم في (¬1) ثاني الحال، (¬2) بخلاف البهيمة. قال في الروضة (¬3): والنطفة تملك مع عدم الحياة التي هي شرط الإِنسانية، لوجودها بالقوة. وبما سبق يجاب عن طلاقه إِن صح، وهو أشهر عن أحمد، وأكثر أصحابه (ح) (¬4)، وظهر أن تخريج بعضهم (¬5) له على تكليفه ضعيف، ومثله نظائره. * * * فأما السكران: فيقضي العبادة إِذا عقل (و) (¬6) خلافاً لبعض متأخري أصحابنا (¬7) وأبي ثور. (¬8) ¬

_ (¬1) نهاية 31 ب من (ظ). (¬2) نهاية 38 ب من (ب). (¬3) انظر: الروضة/ 48. (¬4) انظر: المغني 1/ 380 - 381، والقواعد والفوائد الأصولية لابن اللحام / 26، وبدائع الصنائع/ 1790، وحاشية الدسوقي 2/ 325، ومغني المحتاج 3/ 279. (¬5) أنظر: البلبل/ 12. (¬6) انظر: شرح الكوكب المنير 1/ 507. (¬7) وهو الشيخ تقي الدين. انظر: شرح الكوكب المنير 1/ 507. (¬8) هو إبراهيم بن خالد بن أبي اليمان الكلبي البغدادي، الفقيه، صاحب الإمام الشافعي، عالم فاضل ورع، توفي ببغداد سنة 240 هـ. =

وتعتبر أقواله وأفعاله في الأشهر عن أحمد وأكثر أصحابه (و) (¬1)، إِلا ردته في رواية (وهـ) (¬2). وقلم الإِثم غير مرفوع عنه عند أحمد (¬3)، وحكاه عن الشافعي، وقاله القاضي وجماعة (وهـ)، (¬4) لقوله: (لا تقربوا (¬5) الصلاة وأنتم سكارى) (¬6). وتأويله بأن المراد مثل: "لا تمت وأنت ظالم"، أو مبدأ النشاط والطرب: خلاف الظاهر. ولأن النص لم يذكره مع من رفع عنه القلم. وقال علي: "إِذا سكر هذى، وإذا هذى افترى (¬7)، وعلى المفتري ¬

_ =من مؤلفاته: كتاب ذكر فيه اختلاف مالك والشافعي، وذكر مذهبه في ذلك، وهو أكثر ميلاً إِلى الشافعي في هذا الكتاب وفي كتبه كلها. انظر: الانتقاء/ 107، وتاريخ بغداد 6/ 65، ووفيات الأعيان 1/ 26، وتذكرة الحفاظ 2/ 87، وميزان الاعتدال 1/ 29. (¬1) انظر: المستصفى 1/ 84، والأم 5/ 253، وفواتح الرحموت 1/ 144، والتمهيد للأسنوي/ 109. (¬2) انظر: فواتح الرحموت 1/ 145. (¬3) انظر: المسودة/ 37. (¬4) انظر: كشف الأسرار 4/ 353 - 354. (¬5) في (ظ): ولا تقربوا. (¬6) سورة النساء: آية 43: (يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبًا إِلا عابري سبيل حتى تغتسلوا). (¬7) نهاية 79 من (ح).

ثمانون جلدة". إِسناده جيد، رواه مالك والدارقطني (¬1). وجمع عمر الصحابة -رضي الله عنهم- فاستشارهم، فقال علي: "إِذا سكر افترى". رواه أحمد من رواية (¬2) أسامة بن زيد (¬3)، وفيه ضعف. ¬

_ (¬1) أخرج مالك في الوطأ/ 842: عن ثور بن زيد الديلي: أن عمر بن الخطاب استشار في الخمر يشربها الرجل، فقال له علي بن أبي طالب: نرى أن تجلده ثمانين؛ فإنه إِذا شرب سكر، وإِذا سكر هذى، وإِذا هذى افترى -أو كما قال- فحد عمر في الخمر ثمانين. وأخرجه الشافعي عن مالك عن ثور بن زيد. انظر: ترتيب المسند 2/ 90. قال في التلخيص الحبير 4/ 75: وهو منقطع؛ لأن ثوراً لم يلحق عمر بلا خلاف. ا. هـ. وله طريق آخر: عن ثور بن زيد عن عكرمة عن ابن عباس، أخرجه الدارقطني في سننه 3/ 166، والحاكم في مستدركه 4/ 375 - 376، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي في التلخيص. وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى 8/ 320 - 321. (¬2) أبو زيد الليثي المدني، روى عن الزهري ونافع وعطاء بن أبي رباح وغيرهم، وعنه يحيى القطان وابن المبارك والثوري وغيرهم، توفي سنة 153 هـ. قال ابن معين: ثقة. وقال ابن عدي: ليس به بأس. وقال أحمد: ليس بشيء. وقال النسائي: ليس بالقوي. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به. وكان يحيى القطان يضعفه. قال ابن حجر في التقريب: صدوق يهم. انظر: يحيى بن معين وكتابه التاريخ 2/ 22، وميزان الاعتدال 1/ 174، وتهذيب التهذيب 1/ 208، وتقريب التهذيب 1/ 53. (¬3) ورد ذلك من طريق أسامة بن زيد عن الزهري، قال: أخبرني عبد الرحمن بن أزهر ... أخرجه الدارقطني في سننه 3/ 157، والبيهقي في السنن الكبرى 8/ 320 وأبو داود في سننه 4/ 628، 629 ولم أجد كلام علي فيما رواه أحمد في مسنده 4/ 88.=

ورواه سعيد (¬1) -بإِسناد جيد- من حديث أبي سلمة (¬2)، فذكره، وفيه انقطاع. ¬

_ =قال في التلخيص الحبير 4/ 75: قال ابن أبي حاتم في العلل: سألت أبي عنه وأبا زرعة، فقالا: لم يسمعه الزهري من عبد الرحمن بن أزهر. وقال أبو داود في سننه 4/ 629: أدخل عقيل بن خالد بين الزهري وبين ابن الأزهر -في هذا الحديث- عبد الله بن عبد الرحمن بن الأزهر عن أبيه. وورد ذلك -أيضًا- من طريق أسامة بن زيد عن الزهري، قال: أخبرني حميد بن عبد الرحمن عن ابن وبرة الكلبي ... أخرجه الدارقطني في سننه3/ 157، والبيهقي في السنن الكبرى 8/ 320، والحاكم في مستدركه 4/ 374 - 375، وقال: هذا حديث صحيح الإِسناد ولم يخرجاه. (¬1) هو أبو عثمان سعيد بن منصور بن شعبة الخراساني المروزي ولد بـ "جوزجان"، ونشأ بـ "بلخ"، وطاف البلاد، وسكن مكة، وتوفي بها سنة 227 هـ. روى عن مالك وحماد بن زيد وداود بن عبد الرحمن وابن عيينة وجماعة، وروى عنه مسلم وأبو داود وأبو حاتم وأبو بكر الأثرم وأحمد بن حنبل وأبو زرعة ومحمد بن علي بن زيد الصائغ وأحمد بن نجدة بن العريان، وهما راويا كتاب السنن عنه. أثنى عليه جمع من العلماء. انظر: طبقات ابن سعد 5/ 367، وتهذيب التهذيب 4/ 89 - 90. (¬2) لعله أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني "قيل: اسمه عبد الله، وقيل: إسماعيل، وقيل: اسمه كنيته" روى عن أبيه وعثمان بن عفان وأبي هريرة وعائشة، وخلق كثير من الصحابة والتابعين وروى عنه ابنه عمر والأعرج وعروة بن الزبير والزهري والشعبي. قال: ابن سعد: كان ثقة فقيهاً كثير الحديث، توفي بالمدينة سنة 94 هـ في خلافة الوليد بن عبد الملك، وهو ابن 72 سنة، وهذا أثبت من قول من قال: إِنه توفي=

وذكر ابن عقيل (¬1): أنه غير مكلف -كقول أكثر المتكلمين (¬2) - لعدم تحرزه من المضار وقصده الفعل (¬3) بلطف ومداراة، بخلاف طفل ومجنون وبهيمة، فهو أولى. وقال (¬4): تحصل الغرامة والقضاء بالعقل بأمر مبتدأ. كذا قال، فيلزمه: لا غُرْم لو لم يعقل. وفي الروضة (¬5): غير مكلف، واختلف (¬6) كلامه في المغني (¬7). وخرج بعض أصحابنا (¬8) في إِثمه روايتين. وجزم الآمدي (¬9) وغيره بعدم تكليفه. ¬

_ = سنة 104 هـ. انظر: طبقات ابن سعد 5/ 115 - 117، وتهذيب التهذيب 12/ 115 - 118، وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال/ 451. (¬1) انظر: الواضح 1/ 16 ب- 17أ، والبلبل/ 12. (¬2) انظر: المسودة/ 35، 37. (¬3) في (ظ): للفعل. (¬4) انظر: الواضح 1/ 17أ. (¬5) انظر: الروضة/ 48. (¬6) انظر: المغني 1/ 391. (¬7) المغني: كتاب مشهور في الفقه المقارن بين المذاهب، لابن قدامة المقدسي صاحب الروضة، وقد طبع الكتاب عدة مرات. (¬8) انظر: المسودة/ 37. (¬9) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 152.

مسألة

والمعذور بالسكر كالمغمى عليه، فدل ذلك أن السكر لا يزيل العقل، لكنه يغطيه، كالنوم والإِغماء، وقاله (هـ) (¬1) وغيرهم، وفي كلام أصحابنا خلافه. مسألة المكره (¬2) المحمول كالآلة غير مكلف (هـ)، وهو مما لا يطاق. ¬

_ (¬1) انظر: كشف الأسرار 4/ 354. (¬2) في هامش (ظ): دل كلام المصنف على أن المحمول كالآلة -مثل: الملقى من شاهق ونحوه، مما لا يقدر على الامتناع- مكلف عند أبي حنيفة، وذكر ابن قاضي الجبل في أصوله: أنه غير مكلف إِجماعاً. ولذلك: البيضاوي الشافعي جزم بأن الإِكراه الملجئ يمنع التكليف لزوال القدرة. قال الأسنوي: وهذا القسم لا خلاف فيه، كما قال ابن التلمساني. ثم قال: واختار الإِمام والآمدي وأتباعهما التفصيل بين الملجئ وغيره -كما اختاره المصنف- لكنهما لم يبينا محل الخلاف، وقد بينه ابن التلمساني كما تقدم. قال الأسنوي: الإكراه قد ينتهي إِلى حد الإلجاء، وهو: الذي لا يبقى للشخص معه قدرة ولا اختيار، كالإلقاء من شاهق. وقال الطوفي: الإِلجاء أن لا يصح منه الترك، كمن ألقي من شاهق على إِنسان أو مال، فأتلفه، أو صائم مكتوف ألقي في الماء، فدخل الماء حلقه. وقال الآمدي: "اختلفوا في الملجأ إِلى الفعل بالإكراه بحيث لا يسعه تركه، في جواز تكليفه بذلك الفعل إِيجاداً وعدماً. والحق: أنه إِذا خرج إِلى حد الاضطرار -وصار نسبة ما يصدر عنه من الفعل إِليه كنسبة حركة المرتعش إِليه- أن تكليفه به إِيجادًا وعدمًا غير جائز، إِلا على القول بتكليف=

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ =ما لا يطاق، وإن كان ذلك جائزاً عقلاً، لكنه ممتنع الوقوع سمعاً، لقوله-: (رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) والمراد منه رفع المؤاخذة، وهو مستلزم لرفع التكليف، وأما ما يلزمه من الغرامات فقد سبق غير مرة. وأما إِن لم ينته به إِلى حد الاضطرار فهو مختار، وتكليفه جائز عقلاً وشرعًا. وأما الخاطئ فغير مكلف إِجماعًا فيما هو مخطئ فيه، لقوله -عليه السلام-: (رفع عن أمتي الخطأ والنسيان) الحديث". وفي هامش (ظ) -أيضًا-: قد فهم من كلام ابن قاضي الجبل، وابن التلمساني: أن المكره الذي بلغ حد الإِلجاء ليس مكلفاً إِجماعًا -على لفظ ابن قاضي الجبل- ولا خلاف فيه، على قول ابن التلمساني. والظاهر: نفي الخلاف عند العلماء، لا عند أرباب مذهبه فقط؛ لأنه قال بعده: (وأما الثاني -وهو غير الملجئ- فلا يمنع التكليف، وهو مذهب أصحابنا). فدل أن الأول منفي عند أصحابهم وغيرهم. وكلام الآمدي صريح أن الملجئ فيه خلاف. والذي ظهر لي أن الذي ذكر الخلاف في تكليفه، مراده: جواز تكليفه وعدم جوازه، كما هو مفهوم من كلام الآمدي، ولا شك أن غايته: أنه تكليف بالمحال، فيجيء فيه الخلاف في التكليف بالمحال. ومن حكى الإجماع ونفى الخلاف، مراده: أن تكليفه لم يقع، كما فهم من قول الآمدي: "لكنه ممتنع الوقوع". لكن قول المصنف: "إِن المحمول كالآلة غير مكلف خلافاً لأبي حنيفة" حمله على الجواز دون الوقوع مشكل؛ لأنه ذكر أنه مكلف عند أبي حنيفة، فحمله على الجواز لا يمكن، لأن جواز تكليفه الخلاف فيه معروف عند أشياخ مذهبنا وغيرهم، كما هو مصرح به في=

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ =تكليف المحال. وحمله على الوقوع لا يمكن؛ لأن أبا حنيفة يقول بتكليفه على ما حكاه عنه، فيخالف ما حكي من الإجماع على عدم تكليفه. ومما يدل على أن المراد بتكليفه الجواز وعدمه -لا نفس الوقوع- ما قاله ابن عقيل في الواضح، فإِنه قال: "والذي يدل على قصده ودخول فعله تحت التكليف منع الشرع من قتل البريء المكره على قتله، وإلحاق الوعيد به على إِيقاع القتل به، وبهذا النهي والوعيد والتأثيم قد بان أن الله تعالى يصح أن يكلفنا ترك كل ما يكره على فعله حسبما كلفنا ترك قتل البريء، وإنما رخص لنا قول كلمة الكفر تسهيلاً علينا منه ورفقاً بنا، وليس دخول الرفق -رخصة وسهولة- مما يمنع دخول التكليف، كما رخص لنا في المرض الإفطار، ولم يمنع ذلك تكليفه لنا الانزجار عن التداوي بما حرم علينا". لكن كلام ابن عقيل يفهم منه أن المكره الذي فيه الخلاف هو الذي يوجد الفعل منه، وأن من لم يوجد ليس من هذا القبيل، فإنه قال: "واعلم أن المكره داخل تحت التكليف على أن فيه اختلافاً بين الناس؛ وذلك أن المكره لا يكون مكرهاً إِلا على كسبه وما هو قادر عليه، نحو: المكره على الطلاق والبيع وكلمة الكفر، وكل ذلك إِذا وقع فهو كسب لمن وقع منه وواقع مع علمه وقصده إِليه بصيغة، فيصح لذلك تكليفه، كتكليف ما لا إِكراه عليه فيه". قلت: وهذا ظاهر؛ لأن الذي ألقي من شاهق لم يوجد منه فعل، وإينما الفعل ممن ألقاه، وإن كان الفعل قد ينسب إِلى الآلة، كقوله: "قطعتِ السكين"، فالفعل المنسوب إِلى المحمول "كالآلة" كالفعل المنسوب إِلى بقية الآلات، كالسكين ونحوها. انتهى ما في هامش (ظ). وانظر مذهب الحنفية -في هذه المسألة- في: فواتح الرحموت 1/ 166، وتيسير التحرير 2/ 307، وكشف الأسرار 4/ 384، والتوضيح على التنقيح 3/ 226.

وذكر بعض أصحابنا قولاً -وبعضهم رواية- في اليمين: يحنث. وبعضهم: كالحنفية. وهو سهو. وبالتهديد مكلف عندنا وعند الشافعية (¬1)، لصحة الفعل منه وتركه، ونسبة الفعل إِليه حقيقة، ولهذا يأثم المكرَه بالقتل بلا خلاف، قاله في المغني (¬2)، مع أنه علل أحد القولين لنا وللشافعية -فيما إِذا علق طلاقاً بقدوم زيد، فقدم مكرَها: (¬3) لا يحنث- بزوال اختياره بالإِكراه. (¬4) وهذه المسألة مختلفة الحكم (¬5) في الفروع (¬6) -في المذاهب- بالنسبة إِلى الأقوال والأفعال في حق الله وحق العبد، على ما لا يخفى. والأشهر عندنا: نفيه في حق الله، وثبوته في حق العبد. وعند المعتزلة: لا يجوز تكليفه بعبادة؛ لأن من أصلهم (¬7): وجوب إِثابة المكلف، والمحمول على الشيء لا يثاب عليه. ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد للأسنوي/ 116، والمستصفى 1/ 90، ونهاية السول مع مناهج العقول 1/ 138 - 139. (¬2) انظر: المغني 8/ 267. (¬3) نهاية 39أمن (ب). (¬4) انظر: المرجع السابق 7/ 475. (¬5) نهاية 32 أمن (ظ). (¬6) انظر: القواعد والفوائد الأصولية لابن اللحام/ 39، والتمهيد للأسنوي/ 116، والتوضيح على التنقيح 3/ 227، وكشف الأسرار 4/ 384. (¬7) انظر: المعتمد للقاضي/ 120.

وأطلق جماعة عنهم: لا يكلف. وألزمهم (¬1) ابن الباقلاني الإِكراه على القتل. قال (¬2) أبو المعالي: وهي هفوة (¬3) عظيمة؛ لأنهم لم يمنعوا النهي عن الشيء مع الإِكراه، بل الاضطرار إِلى فعل شيء مع الأمر به. (¬4) ¬

_ (¬1) في هامش (ظ): وجه إِلزامهم الإِكراه على القتل: أن المكره على القتل يحرم عليه فعل القتل بالإِجماع، فهو منهي، والنهي تكليف. (¬2) انظر: البرهان لأبي المعالي/ 107. (¬3) نهاية 80 من (ح). (¬4) في هامش (ظ): فإِذا أكره على فعل الصلاة، واضطر إلى فعله، لم تكن تلك الصلاة التي اضطر إِلى فعلها بالإِكراه مأمورًا، لأنه إِنما أمر أن يصلي بصلاة يفعلها بأمر الشارع، فإِذا أكره عليها، وفعلها لأجل الاضطرار بالإِكراه، فليست هي المأمور بها، وما ليس مأموراً به ليس داخلاً تحت التكليف بالمأمور. هذا معنى قوله: "بل الاضطرار إِلى فعل شيء مع الأمر به" أي: أنه لما صار مفعولاً بالإكراه خرج عن كونه مأمورًا به. وهذا المعنى يوضحه كلام ابن التلمساني كما نقله الأسنوي في شرح المنهاج. وفي هامش (ظ) -أيضًا- قال ابن التلمساني: وفيما قاله أبو المعالي نظر؛ لأن القاضي إِنما أورده عليهم من جهة أخرى، وذلك لأنهم منعوا أن المكره قادر على غير الفعل المكره عليه، فبين القاضي أنه قادر؛ وذلك لأنهم كلفوه بالضد، وعندهم: أن الله تعالى لا يكلف العبد إِلا بعد خلق القدرة له، والقدرة عندهم على الشيء قدرة على ضده، فإذا كان قادراً على القتل كان قادراً على ترك القتل. قال ذلك الأسنوي في شرح المنهاج.

وذكر ابن عقيل وغيره: أنه لا يجب (¬1) عليه شيء عقلاً ولا شرعًا. ومعنى كلام جماعة (¬2) من أصحابنا: يجب شرعاً بفضله وكرمه؛ ولهذا أوجبوا إِخراج الموحدين من النار بوعده، وقال (¬3) ابن الجوزي -في قوله: (وكان حقًا علينا نصر المؤمنين) - (¬4): "أي: واجباً أوجبه هو"، وذكره (¬5) بعض الشافعية عن أهل السنة. وقال بعض أصحابنا (¬6): أكثر الناس يثبت استحقاقاً زائداً على مجرد الوعد، لهذه الآية، ولحديث معاذ: (أتدري ما حق الله على العباد). (¬7) ¬

_ (¬1) انظر: شرح الكوكب المنير 1/ 515، والمستصفى 1/ 87، والمسودة/ 63 - 65، الإِرشاد للجويني/ 287، وغاية المرام/ 224، 228، ونهاية الإِقدام/ 404، والتحرير/ 14 ب، والذخر الحرير/ 39. (¬2) انظر: المعتمد للقاضي/ 120. (¬3) انظر: زاد المسير 6/ 308. (¬4) سورة الروم: آية 47. (¬5) في (ح): "وذكر بعض الشافعية أنه قول أهل السنة"، مكان قوله "وذكره بعض الشافعية عن أهل السنة". (¬6) وهو الشيخ تقي الدين. انظر: شرح الكوكب المنير 1/ 516. (¬7) أخرج البخاري في صحيحه 7/ 170: ... عن معاذ قال: بينما أنا رديف النبي - صلى الله عليه وسلم - ... قال: (هل تدري ما حق الله على عباده؟) قلت: الله ورسوله أعلم. قال: (حق الله على عباده أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا)، ثم سار ساعة ... فقال: (هل تدري ما حق العباد على الله إِذا فعلوه؟) قلت: الله ورسوله أعلم. قال: (حق العباد على الله ألا يعذبهم=

مسألة

وفي الانتصار -في قول البينة "عمدنا قتله"-: لا يقال: لو كان الوعيد إِكراها لكنا مكرهين على العبادات، فلا ثواب؛ لأن أصحابنا قالوا: يجوز أن يقال: إِننا مكرهون عليها، والثواب بفضله لا مستحقاً عليه عندنا، ثم العبادات تفعل للرغبة. ويبيح الإِكراه ما قبح ابتداء، خلافاً للمعتزلة، بناء منهم على التحسين. وسبق (¬1) فيه أبي الخطاب. لنا: إِباحة كلمة الكفر به بالآية (¬2)، والإِجماع. والمكرَه بحق مكلف (و). مسألة يجوز تكليف المعدوم بمعنى: أن الخطاب يعمه إِذا وُجد أهلاً، ولا يحتاج خطاباً آخر عند أصحابنا، وحكي (¬3) عن (ر) وبعض الشافعية، ¬

_ =وأخرجه البخاري -أيضًا- في صحيحه 8/ 60، 8/ 105، 9/ 114. وأخرجه مسلم في صحيحه 58 - 59، والترمذي في سننه 4/ 135 - 136 وقال: "حسن صحيح"، وابن ماجه في سننه/ 1435 - 1436، وأحمد في مسنده 5/ 228، 230، 234، 236، 238، 242. (¬1) انظر: ص 164، 167 من هذا الكتاب. (¬2) سورة النحل: الآيات 105 - 106: (إِنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون * من كفر بالله من بعد إِيمانه إِلا من أكره وقلبه مطمئن بالإِيمان ولكن من شرح بالكفر صدرًا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم). (¬3) حكاه في التمهيد/ 46 ب.

وحكاه الآمدي (¬1) عن طائفة من السلف والفقهاء. فليس الخلاف لفظياً، كما قاله (¬2) الجرجاني الحنفي، وإِنما قول الأشعرية: "يجوز تكليف المعدوم" بمعنى: تعلق الطلب القديم بالفعل من المعدوم حال وجوده وفهمه، وذكره (¬3) بعض أصحابنا عن أبي الخطاب. والمعتزلة قالوا هم وأكثر الشافعية: (¬4) ولا يعمه الحكم إِلا بدليل: نص، أو إِجماع، أو قياس. فلهذا قال الجرجاني: الخلاف لفظي. وللحنفية (¬5) في عموم الحكم له بغير دليل قولان. (¬6) قال (¬7) أحمد: لم يزل الله يأمر بما يشاء ويحكم، وقال (¬8) -أيضاً-: لم يزل متكلماً إِذا شاء، وقال القاضي: إِذا أراد أن يسمعنا. ¬

_ (¬1) انظر: الإحكام للآمدي 2/ 274. (¬2) انظر: العدة/ 392. (¬3) قوله: "وذكره بعض أصحابنا عن أبي الخطاب" مثبت -هنا- من (ح). وقد جاء ذكره في (ب) و (ظ) متأخرًا، وذلك بعد قوله: "وأكثر الشافعية". ولعل الصواب إِثباته هنا. انظر: التمهيد/ 46 ب. (¬4) جاء هنا في (ب) و (ظ): "وذكره بعض أصحابنا عن أبي الخطاب" وقد أشرت قبل قليل إِلى ما رأيته صوابًا في محل إِثباته. (¬5) انظر: فواتح الرحموت 1/ 146، وتيسير التحرير 2/ 238، وأصول السرخسي 2/ 334. (¬6) نهاية 39 ب من (ب)، وهي نهاية 81 من (ح). (¬7) و (¬8) انظر: العدة/ 386.

وقال الآمدي (¬1): يجوز تكليف المعدوم عندنا، خلافاً لباقي الطوائف. وحكى (¬2) غيره (¬3) المنع عن (¬4) (هـ ع). وفي كلام القاضي (¬5)، وغيره: أن المعدوم مأمور. وكذا ترجم (¬6) ابن برهان المسألة: بأن المعدوم مأمور منهي. وزيَّفه (¬7) أبو المعالي، وقال: بل حقيقة المسألة: هل يتصور أمر ولا مأمور؟. وذهب بعضهم (¬8) إِلى تكليفه تبعاً لموجود. وبعضهم (¬9) إِلى أنه أمر إِعلام. لنا: قوله: (لأنذركم به ومن بلغ) (¬10)، وقوله: (فاتبعوه) (¬11). ¬

_ (¬1) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 153. (¬2) في (ح): وحكاه. (¬3) انظر: المسودة/ 44. (¬4) نهاية 32 ب من (ظ). (¬5) انظر: العدة/ 386. (¬6) انظر: المسودة/ 45. وقال ابن برهان في كتابه الوصول/ 20 أ: مسألة: المعدوم يجوز أن يكون مأموراً بشرط الوجود ... (¬7) انظر: المسودة/ 45، والبرهان للجويني / 274. (¬8) و (¬9) انظر: العدة/ 387، والتمهيد/ 46 ب. (¬10) سورة الأنعام: آية 19: (وأوحي إِليّ هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ). (¬11) سورة الأنعام: آية 153: (وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه).

وكالأمر بالوصية لمعدوم متأهل، وخيفة الموصي الفوت لا أثر له. ولحسن لوم المأمور في الجملة بإِجماع العقلاء على تأخره عن الفعل مع قدرته وتقدم أمره. ولأنه أزلي، وتعلقه بغيره جزء من حقيقته، والكل ينتفي بانتفاء الجزء، وكلام (¬1) القديم صفته، وإِنما تطلب الفائدة في (¬2) سماع الخاطب به إِذا وجد. ولأن التابعين والأئمة لم يزالوا يحتجون بالأدلة، وهو دليل التعميم، والأصل عدم اعتبار غيره، ولو كان لنقل. (¬3) قالوا: تكليف ولا مكلف محال. رد: مبني على التقبيح العقلي. ثم: بالمنع في المستقبل، كالكاتب يخاطب من يكاتبه بشرط وصوله، ويناديه، وأمر الموصي والواقف، وليس مجازا، لأنه لا يحسن نفيه. قال ابن عقيل (¬4): ولا أقرب إِلى ذلك من أسماء الله المشتقة. (¬5) ¬

_ (¬1) من قوله: "وكلام" إلى قوله: "إِذا وجد" مثبت من (ب) و (ح)، وقد أثبت في هامش (ظ) من إِحدى النسخ، وقال مثبته: "ذُكر بعدُ" يعني: في (ظ)، وستأتي الإِشارة إليه بعد قوله: "أسماء الله المشتقة". (¬2) في (ح): "بسماع". (¬3) جاء -هنا- في (ظ): "قالوا لا يقال للمعدوم: تأس. رد: يقال بشرط وجوده أهلاً". وسيأتي ذلك في (ب) و (ح) بعد قوله: "أسماء الله المشتقة". (¬4) انظر: الواضح 2/ 12 ب. (¬5) جاء -هنا- في (ظ): "وكلام القديم صفته، وإِنما تطلب الفائدة في سماع المخاطب به إِذا وجد". وقد أشرت إِلى هذا قبل قليل.

قلوا: (¬1) لا يقال للمعدوم: ناس (¬2). رد: يقال بشرط وجوده أهلاً. قالوا: العاجز غير مكلف، فهذا (¬3) أولى. رد: بالمنع عند كل قائل بقولنا، بل مكلف بشرط قدرته وبلوغه وعقله، وإنما رفع عنه القلم في الحال، [أو] (¬4) قلم الإثم، بدليل النائم. قالوا: لو كان لمدح وذم. ورده أصحابنا بوجهين: المنع، لأن الله مدح (¬5) وذم، ثم: لعدم الامتثال والتفريط. (¬6) قالوا: من شرط القدرة وجود المقدور. رد: بالمنع؛ فإِن القدرة صفة لله ولا مقدور. قالوا: يلزم التعدد في القديم. ¬

_ (¬1) من قوله: "قالوا: لا يقال للمعدوم" إِلى قوله: "يقال بشرط وجوده أهلاً" مثبت من (ب) و (ح)، وقد أشرت قبل قليل إِلى مكان وروده في (ظ). (¬2) في (ظ): تأس. (¬3) في (ب) و (ح): فهنا. (¬4) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬5) في التمهيد / 47 أ: مدح الأنبياء والصالحين، وذم إِبليس في كلامه، وهو القرآن، وذلك قبل خلق الجميع. (¬6) أي: عدم إِمكان الفعل أو الترك؛ لأنه ليس بإِيجاب مضيق. انظر: العدة/ 390.

مسألة

ولم يقل به أكثر الأشعرية، فأجابوا: بأن التعدد بحسب الوجود غير واقع في الأزل، فكلامه واحد بحسب الذات، وإنما تعدد باعتبار (¬1) متعلقاته، وهو لا يوجب تعدداً وجوديًا. كذا قالوا. مسألة يجوز التكليف بما يعلم الله أن المكلف لا يمكَّن منه مع بلوغه حالة التمكن، عند القاضي (¬2) وابن عقيل (¬3) وأبي الخطاب (¬4) وقال: إِنه يقتضيه مذهب أصحابنا، فلهذا يعلم المكلف بالتكليف قبل وقت الفعل (ور) وغيرهم، وذكره (¬5) بعض أصحابنا (¬6) إِجماع الفقهاء. قال في الروضة (¬7) وغيرها: " [مسألة جواز التكليف] (¬8) تنبني (¬9) على النسخ قبل (¬10) التمكن"، قال بعضهم (¬11): ¬

_ (¬1) نهاية 82 من (ح). (¬2) انظر: العدة/ 392. (¬3) انظر: الواضح 2/ 14 ب وما بعدها. (¬4) انظر: التمهيد/ 36أ. (¬5) في (ظ): وذكر. (¬6) انظر: المسودة / 53. (¬7) انظر: الروضة / 214، والبلبل/ 94. (¬8) ما بين المعقوفتين زيادة من (ح). (¬9) في (ب) و (ظ): ينبني. (¬10) نهاية 33أمن (ظ). (¬11) انظر: المسودة/ 53.

"تشبهها؛ (¬1) لأن ذلك رفع للحكم بخطاب، وهذا بتعجيز، ونبَّه ابن عقيل عليه". ونفى ذلك (¬2) (ع) (¬3) وأبو المعالي. وزعم (¬4) غلاة القدرية -منهم ومن غيرهم- كمعبد الجهني (¬5) وعمرو (¬6) بن عبيد: أنه لم يعلم أفعال العباد حتى فعلوها. ¬

_ (¬1) نهاية 40 أمن (ب). (¬2) يعني جواز التكليف. (¬3) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 155، وشرح العضد 2/ 16، وشرح المحلي على جمع الجوامع 1/ 221، والبرهان للجويني/ 282، والمسودة/ 53 - 54. (¬4) انظر: المسودة/ 54، والقواعد والفوائد الأصولية لابن اللحام/ 189. (¬5) هو معبد بن عبد الله الجهني البصري، أول من قال بالقدر في البصرة، سمع الحديث من ابن عباس وعمران بن حصين وغيرهما، وحضر يوم التحكيم، وانتقل من البصرة إِلى المدينة، فنشر فيها مذهبه، قتله الحجاج لخروجه مع ابن الأشعث، وقيل: قتله عبد الملك ابن مروان بدمشق بعد صلبه، لقوله بالقدر، وكانت وفاته سنة 80 هـ. انظر: كتاب الضعفاء الصغير للبخاري/ 327، وميزان الاعتدال 4/ 141، والبداية والنهاية 9/ 34، وتهذيب التهذيب 10/ 225، وشذرات الذهب 1/ 88. (¬6) في (ظ): وعمر. وهو: أبو عثمان عمرو بن عبيد بن باب البصري، شيخ المعتزلة في عصره ومفتيها، ولد سنة 80 هـ وتوفي بمران قرب مكة سنة 144 هـ. له: كتب، ورسائل، وخطب. انظر: مروج الذهب 2/ 192، وتاريخ بغداد 12/ 166، ووفيات الأعيان 3/ 460، وميزان الاعتدال 3/ 273، والبداية والنهاية 10/ 78، ومفتاح السعادة 2/ 35.

ويصح (¬1) مع جهل الآمر اتفاقًا، كأمر السيد عبده بشيء. وجه الأول: لو لم يجز لم يعص أحد؛ لأن شرط الفعل إِرادة قديمة أو حادثة، فإِذا تركه علم الله (¬2) أنه لا يريده، وأن العاصي لا يريده. وأيضًا: (¬3) لم يعلم تكليف، لعدم العلم ببقاء المكلف قبله -وهو شرط- ولا معه، ولا بعده، لانقطاع التكليف فيهما، فإِن فرض زمانه موسعًا كالواجب الموسع -بحيث يعلم التمكن (¬4) - نقلنا الكلام إِلى أجزاء ذلك، كالضيق، والتكليف معلوم. وأيضًا: (¬5) لم يعلم إِبراهيم -عليه السلام- وجوب الذبح. واحضج الأصحاب وابن الباقلاني (¬6): بالإِجماع على تحقق الوجوب والتحريم قبل التمكن. ورده أبو العالي (¬7): بناء على ظن البقاء. ورد: بأنه لا تكليف مع الشك، وبأن احتمال الخطأ قائم في الظن، وهو ¬

_ (¬1) في (ب): وتصح. (¬2) أقول: لعل صحة العبارة هكذا: "فإِذا تركه علم أن الله لا يريده ... ". والمثبت وارد في جميع النسخ. (¬3) يعني: وأيضًا: لو لم يجز لم يعلم تكليف. (¬4) في (ظ): التمكن. (¬5) يعني: وأيضًا: لو لم يجز لم يعلم إِبراهيم ... (¬6) انظر: شرح العضد 2/ 17. (¬7) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 156 - 157، وشرح المحلي على جمع الجوامع 1/ 221.

ممتنع في الإِجماع. قالوا: لو جاز لم يكن إِمكان المكلف به شرطًا في التكليف؛ لأن هذا الفعل لا يمكن. رد: بأن الإِمكان (¬1) المشروط تأَتِّي الفعل عادة عند اجتماع شرائطه في وقته، وهو حاصل، والذي هو شرط وقوع الفعل محل النزاع. على أنه يلزم في جهل الآمر، لجواز (¬2) امتناع الفعل لانتفاء شرطه. قالوا: لو جاز (¬3) لجاز مع [علم] (¬4) المأمور اعتبارًا بالآمر، والجامع عدم الحصول. رد: بأن هذا يمتنع امتثاله، فلا يعزم، فلا يطيع ولا يعصي، ولا ابتلاء، بخلاف مسألتنا. على أن بعض أصحابنا (¬5) قال: "ينبغي أن نجوزه، كما نجوز توبة مجبوب من زنا، وأقطع من سرقة، وفائدته: العزم بتقدير القدرة". فمن جامع (¬6) صحيحًا -ثم مرض أو جن أو حاضت أو نفست- لم ¬

_ (¬1) نهاية 83 من (ح). (¬2) في (ظ): بجواز. (¬3) يعني: لو جاز التكليف مع علم الآمر ... كما في أول المسألة. (¬4) ما بين المعقوفتين زيادة من (ظ) ونسخة في هامش (ب). (¬5) انظر: المسودة/ 53. (¬6) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 157.

تسقط الكفارة عند (¬1) أحمد (¬2) (هـ ق (¬3))، لأمره -عليه السلام- الأعرابي بالكفارة، ولم يسأله (¬4)، وكما لو سافر (و). قال أصحابنا: لا يقال: تبينا أن الصوم غير مستحق؛ لأن الصادق لو أخبره أنه سيمرض أو يموت لم يجز الفطر، والصوم لا تتجزأ صحته، بل لزومه. وفي الانتصار [وجه]: (¬5) تسقط بحيض ونفاس، لمنعهما الصحة، ومثلهما موت، وكذا جنون إِن منع طرآنه (¬6) الصحة. ¬

_ (¬1) انظر: المغني 3/ 139. (¬2) انظر: المجموع 6/ 389، وبدائع الصنائع / 1031 - 1032، والمبسوط 3/ 75. (¬3) استخدم المصنف هذا الرمز (ق)، وهو لم يذكره مع الرموز التي بين المراد بها في أول هذا الكتاب، وقد استخدم المصنف هذا الرمز في كتابه "الفروع"، وبيّن مراده به فقال: ... وعلامة خلاف أبي حنيفة (هـ)، ومالك (م)، فإِن كان لأحدهما روايتان فبعد علامته (ر)، وللشافعي (ش)، ولقوليه (ق). انظر: الفروع 1/ 64. وقارن ما ذكره -هنا- في هذه المسألة بما ذكره في الفروع 3/ 80 - 81. (¬4) جاء ذلك في قصة الأعرابي الذي جامع في نهار رمضان، وقد روى هذا الحديث أبو هريرة رضي الله عنه، أخرجه البخاري في صحيحه 3/ 32 - 33، 160، 7/ 66، 8/ 144 - 145، ومسلم في صحيحه/ 781 - 782، وأبو داود في سننه 2/ 783 - 786، والترمذي في سننه 2/ 113 - 114، وقال: "حسن صحيح"، وابن ماجه في سننه/ 534، والدارمي في سننه1/ 343 - 344، وأحمد في مسنده 2/ 241، 281، 516. (¬5) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬6) في (ظ): طريانه. وكانت في (ب) "طرآنه" ثم غيرت إِلى: طريانه. وانظر: المصباح المنير 2/ 19.

وص علق طلاقاً بشروعه في صوم أو صلاة واجبين، فشرع، ومات فيه: طلقت (ع) (¬1). ¬

_ (¬1) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 157.

الأدلة الشرعية

الأدلة الشرعية (¬1) الكتاب، والسنة، والإِجماع، والقياس، ويأتي بيان غيرها. والأصل الكتاب، والسنة مخبرة عن حكم الله، (¬2) والإِجماع مستند إِليهما، والقياس مستنبط منها (¬3). (¬4) * * * الكتاب: القرآن قال في الروضة (¬5) وغيرها -متابعة لمن قبلهم (¬6) -: وهو ما نقل إِلينا بين دفتي المصحف تواتراً. وضعّف (¬7) بأن عدم نقله لا يخرجه عن حقيقته، وبأن النقل (¬8) ¬

_ (¬1) نهاية 33 ب من (ظ). (¬2) نهاية 40 ب من (ب). (¬3) في (ح): منهما. (¬4) انظر: شرح الكوكب المنير 2/ 5 - 6. (¬5) انظر: الروضة/ 62. (¬6) انظر: المستصفى 1/ 101. (¬7) نهاية 84 من (ح). (¬8) انظر: البلبل 45.

والتواتر فرع تصوره فهو دور. وقال الآمدي (¬1): الأقرب: هو القرآن القابل (¬2) للتنزيل. واحترز بالأول: عن غيره من الكتب، وعما أنزل ولم يتل، وبالثاني: عن الكلام النفسي، ولم نقل (¬3): "الكلام المعجز"؛ لأن السورة الواحدة كذلك، وإنما هي بعض الكتاب. وقيل (¬4): الكلام المنزل للإِعجاز (¬5) بسورة (¬6). فقيل: يلزم أن بعض القرآن قرآن (¬7) مجازًا (¬8). قال (¬9) أحمد: "القرآن معجز بنفسه". قال جماعة: كلام أحمد يقتضي أنه معجز في لفظه ونظمه ومعناه ¬

_ (¬1) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 159. (¬2) في الإِحكام للآمدي 1/ 159: هو القرآن المنزل. (¬3) في الإِحكام للآمدي 1/ 159: ولم نقل: هو الكلام المعجز، لأنه يخرج منه الآية وبعض الآية، مع أنها من الكتاب وإن لم تكن معجزة. (¬4) انظر: مختصر ابن الحاجب بشرح العضد 2/ 18، والبلبل/ 45. (¬5) في (ب): للإعجاب. (¬6) يعني: بسورة منه. (¬7) في (ب) و (ظ): قرآناً. (¬8) في (ب) و (ح): مجاز. (¬9) انظر: الفروع 1/ 418، وشرح الكوكب المنير 2/ 115 - 116.

(وهـ) وغيرهم. (¬1). وخالف القاضي في المعنى، واحتج بأن الله تحدى بمثله في اللفظ والنظم. قال ابن حامد (¬2): وهل يسقط الإِعجاز في الحروف المقطعة، أم باق؟ الأظهر من جواب أحمد: باق (ر). (¬3). وفي بعض آية إِعجاز، ذكره القاضي وغيره. وفي النسخ من التمهيد (¬4): "لا"، وذكره غيره، وقاله (هـ) (¬5) وغيرهم، وزاد بعضهم: والآية (¬6). وقال قوم (¬7): الكتاب غير القرآن. ¬

_ (¬1) انظر: أصول السرخسي 1/ 281 - 282، والبرهان في علوم القرآن 2/ 99، وفواتح الرحموت 2/ 8، والفروع 1/ 418. (¬2) انظر: الفروع 1/ 418، وشرح الكوكب المنير 2/ 116. (¬3) في (ب) -هنا- زيادة: "وغيرهم". وقد ضرب عليها. (¬4) انظر: التمهيد/ 98أ. (¬5) انظر: أصول السرخسي 1/ 280. (¬6) انظر: نهاية السول 1/ 161، والإِتقان في علوم القرآن 2/ 123، والبرهان في علوم القرآن 2/ 108. (¬7) انظر: البلبل/ 45، والروضة/ 62.

مسألة

رد: اتحاد مسماهما (¬1) (ع) (¬2)، وقوله: (إِنا سمعنا كتابًا) (¬3)، (إِنا سمعنا قرآناً) (¬4)، والمسموع واحد. مسألة ما لم يتواتر فليس بقرآن؛ لقضاء العادة بالتواتر في تفاصيله. و (بسم الله الرحمن الرحيم) (¬5) بعض آية في "النمل" إِجماعًا، وآية من القرآن (¬6) ¬

_ (¬1) في (ب): "مسماها". (¬2) الذي ظهر لي أن هذا الرمز لا يراد له أن يكون للمعتزلة خلاف في هذه المسألة، كما هو مقتضى منهج المؤلف الذي بينه في مقدمة كتابه؛ فإِني لم أجد -بعد البحث- ما يدل على خلافهم فيها، ولعل المراد به الدلالة على الإجماع، يؤيد ذلك سياق الكلام في كل من البلبل / 45، وشرح الكوكب المنير 2/ 7؛ فقد جاء فيهما: أن اتحاد مسماهما مجمع عليه، والمؤلف قد استخدم هذا الرمز للدلالة على الإجماع في كتابه (الفروع). انظر: الفروع 1/ 64. (¬3) سورة الأحقاف: آية 30: (قالوا يا قومنا إِنا سمعنا كتابًا أنزل من بعد موسى مصدقًا لما بين يديه يهدي إِلى الحق وإِلى طريق مستقيم). (¬4) سورة الجن: آية 1: (قل أوحي إِلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إِنا سمعنا قرآنا عجبًا). (¬5) سورة النمل: آية 30: (إِنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم). (¬6) انظر: شرح الكوكب المنير 2/ 122، وفواتح الرحموت 2/ 14، والإحكام للآمدي 1/ 163، وأصول السرخسي 1/ 280، والمجموع 2/ 291 وما بعدها، والمستصفى 1/ 102، وشرح المحلي على جمع الجوامع 1/ 230، وزاد المسير 1/ 7، ومجموع الفتاوى 13/ 399، وتيسير التحرير 3/ 7، وكشف الأسرار 1/ 23، والتلويح على التوضيح 1/ 159، وشرح العضد 2/ 19 والكشف عن وجوه القراءات السبع 1/ 22.

عند أحمد (وهـ ش)، وأكثر القراء السبعة (¬1). وعن أحمد: لا (وم) وأبي عمرو بن العلاء (¬2) وحمزة (¬3) وبعض الحنفية؛ (¬4) لعدم التواتر. وجه الأول: كتابتها في المصحف بخطه، بإِجماع الصحابة ومن بعدهم، ¬

_ (¬1) القراء السبعة هم: 1) عبد الله بن عامر الشامي اليحصبي، المتوفى سنة 118 هـ. 2) عبد الله بن كثير المكي، المتوفى سنة 126 هـ. 3) عاصم بن أبي النجود الكوفي، المتوفى سنة 128 هـ. 4) أبو عمرو بن العلاء البصري، المتوفى سنة 154 هـ. 5) حمزة بن حبيب الزيات الكوفي، المتوفي سنة 156 هـ. 6) نافع بن عبد الرحمن الليثي، المتوفى سنة 169 هـ. 7) علي بن حمزة الكسائي النحوي، المتوفى سنة 189 هـ. انظر: البرهان في علوم القرآن 1/ 327. (¬2) هو: زبان بن عمار التميمي المازني البصري -والعلاء لقب أبيه- من أئمة اللغة والأدب، أحد القراء السبعة، ولد بمكة سنة 70 هـ، ونشأ بالبصرة، وتوفي بالكوفة سنة 154 هـ. انظر: نزهة الألباء/ 31، ووفيات الأعيان 3/ 466، وغاية النهاية 1/ 288. (¬3) هو: حمزة بن حبيب بن عمارة بن إِسماعيل الزيات الكوفي، أحد القراء السبعة، ولد سنة 80 هـ، وتوفي سنة 156 هـ. انظر: وفيات الأعيان 2/ 216، وميزان الاعتدال 1/ 605، وتهذيب التهذيب 3/ 27. (¬4) نهاية 41 أمن (ب).

مع شدة اعتنائهم بتجريده، وكتبوها أول الفاتحة ولا فصل (¬1)، وحذفوها أول "براءة" مع الحاجة إِليه. ورد: لا يفيد، لمقابلة (¬2) القاطع له. ولهم الجواب بالتواتر. وقد قال الآمدي (¬3): كونها قرآناً حاصل في الجملة قطعًا، والخلاف في وضعها أوائل السور، ولا يشترط فيه تواتر. ورد: بضعفه، لما سبق (¬4) من قضاء العادة. وباستلزامه سقوط كثير من القرآن المكرر، لجواز عدم وصوله إِلينا، وإثبات ما ليس بقرآن من (¬5) المكرر -نحو: (فبأي) الآية (¬6) - قرآناً، لجواز إِثباته بالآحاد. قالوا: يجوز، لكنه اتفق تواتر المكرر. رد: وجب العلم بانتفاء السقوط لكونه قرآناً، كما سبق. ولا تكفير في هذه المسألة، لقوة الشبهة من الجانبين. ¬

_ (¬1) في (ظ): ولا فضل. (¬2) نهاية 85 من (ح) (¬3) انظر: الإحكام للآمدي 1/ 164. (¬4) انظر: ص 309. (¬5) نهاية 34 أمن (ظ). (¬6) سورة الرحمن: آية 13: (فبأيّ آلاء ربكما تكذبان).

مسألة

وليست آية من الفاتحة (¬1) على الأصح عن أحمد (¬2) (ش)، ولا آية (و) ولا بعض آية (و) من غيرها، ذكره القاضي إِجماعًا سابقاً. مسألة القراءات السبع -فيما ليس من الأداء، كمد (¬3) وإمالة (¬4) - قال بعض الأصوليين: مشهورة. وقال (¬5) بعض أصحابنا وغيرهم: متواترة، وإِلا كان بعض القرآن غير متواتر نحو: (ملك) و (مالك) (¬6)، وتخصيص أحدهما تحكّم؛ لاستوائهما. قال بعض أصحابنا: يجب نقل أحدهما تواتراً فيحصل المقصود به، ثم إِما أن لا يجب نقل الآخر، أو يجب ويكفي فيه ما في الأحكام. ¬

_ (¬1) انظر: الانتصار لأبي الخطاب 1/ 218 ب، وشرح الكوكب المنير 2/ 124، والمجموع 3/ 291 وما بعدها، وشرح العضد 2/ 21، وأصول السرخسي 1/ 280، والتلويح على التوضيح 1/ 159، والمحرر 1/ 53، والفروع 1/ 413. (¬2) انظر: الانتصار لأبي الخطاب 1/ 218 ب. (¬3) يعني: مقادير المد وكيفة الإِمالة، لا أصلهما. انظر: شرح الكوكب المنير 2/ 129. (¬4) الإِمالة: أن تنحو بالفتحة نحو الكسرة، وبالألف نحو الياء، في نحو: "الهدى" و" يخشى". انظر: النشر 2/ 30. (¬5) انظر: البلبل/ 46، وشرح العضد 2/ 21. (¬6) سورة الفاتحة: آية 4.

وقول بعض أصحابنا: (¬1) "التواتر معلوم، والآحاد مظنون، فيلزم التمييز (¬2) بينهما، ولا مظنون، فلا آحاد" دعوى، ثم: الآحاد غير معين. ولأحمد (¬3) وجماعة من السلف -في قراءة حمزة والكسائي (¬4) وإدغام (¬5) ¬

_ (¬1) انظر: البلبل/ 46. (¬2) في (ب): التميز. (¬3) نهاية 41 ب من (ب). (¬4) هو: أبو الحسن علي بن حمزة بن عبد الله الأسدي بالولاء الكوفي الكسائي، إِمام في اللغة والنحو والقراءة، من أهل الكوفة، ولد في إِحدى قراها، وتعلم بها، وقرأ النحو بعد الكبر، وتنقل في البادية، وسكن بغداد، وتوفي بالري سنة 189 هـ عن 70 عاماً. من مؤلفاته: معاني القرآن، والمصادر، والحروف، والقراءات، والنوادر، ومختصر في النحو. انظر: طبقات النحويين واللغويين/ 138، وتاريخ بغداد 11/ 403، ونزهة الألباء / 81، وإِنباه الرواة 2/ 256، ووفيات الأعيان 3/ 295، وغاية النهاية 1/ 535. (¬5) الإِدغام: هو اللفظ بحرفين حرفًا كالثاني مشددًا. وينقسم إلى: كبير، وصغير: فالكبير: ما كان الأول من الحرفين فيه متحركاً، سواء أكانا مثلين أم جنسين أم متقاربين، وسمي كبيراً لكثرة وقوعه إِذ الحركة أكثر من السكون، وقيل: لتأثيره في إِسكان المتحرك قبل إِدغامه، وقيل: لما فيه من الصعوبة، وقيل: لشموله نوعي المثلين والجنسين والمتقاربين. والصغير: هو الذي يكون الأول منهما فيه ساكناً. والمشهور بالإِدغام الكبير والمنسوب إِليه والمختص به من الأئمة العشرة هو: أبو عمرو بن العلاء، وليس بمنفرد به، بل قد ورد -أيضًا- عن الحسن البصري، وابن محيصن. انظر: النشر 1/ 274 وما بعدها.

مسألة

أبي عمرو الكبير- كلام (¬1) في كراهتها وتحريمها مذكور في الفقه. مسألة ما صح من الشاذ ولم يتواتر -وهو ما خالف مصحف عثمان، نحو: " (فصيام ثلاثة أيام) (¬2) متتابعات"- (¬3) فعن أحمد: لا تصح الصلاة به (و)؛ لأنه ليس بقرآن. وعنه: تصح، ورواه ابن وهب (¬4) عن (م) (¬5)، وقاله بعض ¬

_ =مثال الإدغام الكبير: (ما سلككم في سقر) سورة المدثر: آية 42، بإِدغام الكاف الأولى في الثانية. انظر: سراج القارئ/ 44 - 45. (¬1) انظر: الفروع 1/ 422 - 423، وشرح الكوكب المنير 2/ 131، والبرهان في علوم القرآن 1/ 320، وكشاف القناع 1/ 345، والشرح الكبير 1/ 345، والنشر 1/ 275. (¬2) سورة المائدة: آية 89. (¬3) وذلك في قراءة أبي بن كعب، وعبد الله بن مسعود، رضي الله عنهما. انظر: تفسير الطبري 7/ 20. (¬4) هو: أبو محمد عبد الله بن وهب بن مسلم الفهري بالولاء، المصري، إِمام فقيه مجتهد حافظ، من أصحاب مالك، جمع بين الحديث والفقه، ورفض القضاء، ولد بمصر سنة 125 هـ، وتوفي بها سنة 197 هـ. من مؤلفاته: الجامع في الحديث. انظر: الانتقاء/ 48، ووفيات الأعيان 3/ 36، وتذكرة الحفاظ 1/ 279، وتهذيب التهذيب 6/ 71. (¬5) في (ظ): (هـ).

والشاذ حجة

الشافعية؛ (¬1) لصلاة الصحابة بعضهم خلف بعض. وذكر بعض أصحابنا (¬2): أن قول أئمة السلف أن مصحف عثمان أحد الحروف السبعة (¬3). والله أعلم. والشاذ حجة في ظاهر مذهب أحمد (وهـ)، وذكره ابن عبد البر (¬4) إِجماعًا. وعن أحمد: "لا"، وهو جديد قولي الشافعي. لنا: أنه قرآن أو خبر. قولهم: يجوز كونه (¬5) مذهبه. رد: بالمنع، ثم: خلاف الظاهر. ¬

_ (¬1) نهاية 86 من (ح). (¬2) وهو: الشيخ تقي الدين. انظر: شرح الكوكب المنير 2/ 133، والفروع 1/ 423. (¬3) انظر: مجموع الفتاوى 13/ 395. (¬4) هو: أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري القرطبي المالكي، مؤرخ أديب، من كبار حفاظ الحديث، يقال له: "حافظ المغرب"، ولد بقرطبة سنة 368 هـ، وولي قضاء "لشبونة"، وتوفي بـ "شاطبة" سنة 463 هـ. من مؤلفاته: الاستيعاب، والانتقاء، وجامع بيان العلم وفضله، والكافي في الفقه، والتمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد. انظر: بغية الملتمس/ 474، ووفيات الأعيان 7/ 66، والديباج المذهب/ 357، وشذرات الذهب 3/ 314. (¬5) في (ظ): أن يكون.

المحكم

قؤلهم: خبر خطأ؛ لأنه نقله قرآناً، فلا يعمل به. رد: (¬1) بمنع كونه خطأ، والصحابي عدل جازم به، ولم يصرح بكونه قرآناً، فجاز كونه تفسيرًا، فاعتقده قرآناً، أو اعتقد إِضافته في القراءة، ثم: لو صرح فعدم (¬2) شرط القراءة لا يمنع صحة سماعه، فنقول: هو مسموع من الشارع، وكل قوله حجة. وهذا واضح. * * * المحكم: ما اتضح معناه، فلم يحتج إِلى بيان. والمتشابه: عكسه؛ لاشتراك أو إِجمال، قال (¬3) جماعة من أصحابنا وغيرهم: وما ظاهره تشبيه، كصفات الله. وليس فيه ما لا معنى له، ولا وجه لمن شذ، (¬4) بل لا (¬5) يجوز -أيضًا- عند عامة العلماء. وفيه ما لا يفهم معناه إِلا الله عند أصحابنا (¬6) وجمهور العلماء، وقاله (¬7) أبو الطيب الطبري (¬8) الشافعي، وحكاه عن الصيرفي منهم، قال ¬

_ (¬1) في (ح): ولنا منع كونه. (¬2) في (ظ) ونسخة في هامش (ب): بعدم. (¬3) انظر: العدة / 693. (¬4) نهاية 34 ب من (ظ). (¬5) في (ب) و (ح): بل ولا يجوز. (¬6) انظر: العدة/ 689. (¬7) انظر: المسودة/ 164. (¬8) نهاية 42 أمن (ب).

ابن برهان (¬1):"يجوز ذلك عندنا"، واختاره صاحب المحصول. قال أبو المعالي (¬2): ما ثبت التكليف في العلم به يستحيل دوام إِجماله، وإِلا فلا. وهذا مراد غيره بناء على تكليف ما لا يطاق. قالٍ بعض أصحابنا: (¬3) ثم: بحث أصحابنا يقتضي فهمه إِجمالاً لا تفصيلاً. وعند ابن عقيل: (¬4) لا، وأنه يتعين "لا أدري"، كقول أكثر الصحابة والتابعين، أو تأويله. كذا قال، مع قوله (¬5): إِن المحققين قالوا في: (سميع بصير): (¬6) نسكت عما به يسمع ويبصر (¬7)، أو تأويله بإِدراكه، وتأويله بما يوجب تناقضاً أو تشبيههاً زيغ، وقوله (¬8) في قوله تعالى: (وما يعلم تأويله إِلا ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 164، والوصول لابن برهان/ 11 ب-12 أ. (¬2) انظر: البرهان لأبي المعالي/ 425. (¬3) انظر: المسودة/ 164. (¬4) انظر: الواضح 1/ 211 ب، 2/ 153 ب- 154 أ. (¬5) انظر: المرجع السابق 2/ 154 ب- 55أ. (¬6) سورة الحج: آية 61: (ذلك بأن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وأن الله سميع بصير). (¬7) في (ظ): ويصبر. (¬8) انظر: الواضح 2/ 155أ.

الله) (¬1) أي كنه ذلك. وظاهر اختيار أبي البقاء من أصحابنا في إِعرابه (¬2): فهم الراسخين له، واختاره جماعة، منهم: الآمدي (¬3). (¬4) وعن ابن عباس قولان. (¬5) وقال بعض أصحابنا: الأول محدث لم يقله أحد من السلف: لا أحمد ولا غيره. وجه الأول: سياق الآية من ذم مبتغي التأويل. وقولهم: (آمنا به كل من عند ربنا) (¬6). ولأن واو: (والراسخون) (¬7) للابتداء،، و (يقولون) (¬8) خبره، لأنها لو كانت عاطفة عاد ضمير (يقولون) إِلى المجموع، ويستحيل على الله، ¬

_ (¬1) سورة آل عمران: آية 7: (هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إِلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذَّكّر إِلا أولو الألباب). (¬2) انظر: إِملاء ما من به الرحمن 1/ 124. (¬3) انظر: الإحكام للآمدي 1/ 168. (¬4) نهاية 87 من (ح). (¬5) انظر: تفسير الطبري 3/ 122 - 123، وأحكام القرآن للجصاص 2/ 5. (¬6): (¬8) سورة آل عمران: آية 7. وقد ذكر نصها في هامش (1).

وكان موضع (يقولون) نصباً حالاً (¬1) ففيه اختصاص المعطوف بالحال. قولهم: خص ضمير (يقولون) بالراسخين للدليل العقلي، والمعطوف قد يختص بالحال مع عدم اللبس، ونظيره: (¬2) (والذين تبوءوا) (يحبون) (¬3) فيها القولان، و (نافلة) قيل: حال من (يعقوب) لأنها الزيادة، وقيل: منهما؛ لأنها العطية، وقيل: مصدر كالعاقبة معاً، وعامله معنى (وهبنا) (¬4). ولنا: أن نقول: الأصل عدم ذلك، والأشهر خلافه، ولهذا: في قراءة ابن مسعود: "إِن تأويله إِلا عند الله (¬5) "، وفي قراءة أبي (¬6): "ويقول الراسخون في العلم". (¬7). ¬

_ (¬1) في (ح): "على الحال"، وقد ضرب على اللفظين. (¬2) نهاية 42 ب من (ب). (¬3) سورة الحشر: آيتا 8، 9، (للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من الله ورضوانًا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون * والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إِليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون). (¬4) سورة الأنبياء: آية 72: (ووهبنا له إِسحاق ويعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين). (¬5) انظر: تفسير الطبري 3/ 123، وزاد المسير 1/ 354. (¬6) هو: الصحابي الجليل أبي بن كعب. (¬7) انظر: تفسير الطبري 3/ 123، وزاد المسير 1/ 354.

مسألة

وقال الفراء (¬1) وأبو عبيدة: الله هو المنفرد (¬2). قالوا: فيه إِخراج القرآن عن كونه بياناً. والخطاب بما لا يفهم بعيد. رد: بالمنع. وفائدته الابتلاء. مسألة لا يجوز تفسيره برأي واجتهاد بلا أصل وفي جوازه بمقتضى اللغة روايتان عن أحمد (¬3). ¬

_ (¬1) هو: أبو زكريا. يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور الأسلمي الديلمي، أديب نحوي لغوي مشارك في الفقه والطب وأيام العرب وأشعارها، ولد بالكوفة سنة 144 هـ، وانتقل إِلى بغداد، وصحب الكسائي، توفي في طريق مكة سنة 207 هـ ويقال: إِنه يميل إِلى الاعتزال. من مؤلفاته: معاني القرآن، والمقصور والمدود، والمذكر والمؤنث، والفاخر في الأمثال، والأيام والليالي. انظر: الفهرست/ 66، وتاريخ بغداد 14/ 149، ونزهة الألباء/ 126، ومعجم الأدباء 7/ 276، ووفيات الأعيان 6/ 176، وغاية النهاية 2/ 371، وتهذيب التهذيب 11/ 212، ومفتاح السعادة 1/ 144. (¬2) انظر: معاني القرآن للفراء 1/ 191، وزاد المسير 1/ 354، والعدة للقاضي أبي يعلى/ 690. (¬3) انظر: العدة/ 719، وكتاب الرد على الجهمية لأحمد 101، 125، والتمهيد/ 84 ب.

وحمل بعضهم (¬1) المنع على صرفه عن ظاهره بقليل من اللغة. قال أحمد (¬2): ثلاث كتب ليس فيها أصول: المغازي، والملاحم، والتفسير. (¬3) يعني: ليس غالبها الصحة. * * * ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 176. (¬2) انظر: المرجع السابق/ 175. (¬3) نهاية 35 أمن (ظ).

السنة

السنة لغة (¬1): الطريقة والعادة. وشرعًا: العبادات النافلة. وقوله -عليه السلام- وفعله وتقريره. * * * وذلك متوقف على العصمة. (¬2) أما قبل البعثة فامتناع المعصية عقلاً مبني على التقبيح (¬3) العقلي، فيمن أثبته كالروافض منعها للتنفير، فينافي الحكمة -وقاله المعتزلة في الكبائح- ومن نفاه لم (¬4) يمنعها. ¬

_ (¬1) انظر: لسان العرب 17/ 89 - 90، وتاج العروس 9/ 244 (سنن). (¬2) في شرح الكوكب المنير 2/ 167 - 168: العصمة: سلب القدرة على المعصية ... وقال التلمساني عن الأشعرية: إِن العصمة تهيؤ العبد للموافقة مطلقًا، وذلك راجع إِلى خلق القدرة على كل طاعة، فإِذاً العصمة توفيق عام. وقالت المعتزلة: العصمة خلق ألطاف تقرب إِلى الطاعة، ولم يردوها إِلى القدرة، لأن القدرة عندهم على الشيء صالحة لضده. وانظر: فواتح الرحموت 2/ 97، وتيسير التحرير 3/ 20، والتعريفات/ 65، وشرح الكوكب المنير 2/ 167. (¬3) نهاية 88 من (ح). (¬4) في (ب): ولم.

وأما بعد البعثة فيعصوم من تعمد ما يخل بصدقه فيما دلت المعجزة على صدقه [فيه] (¬1) من رسالة وتبليغ. وللعلماء في جوازه غلطاً ونسيانًا قولان، بناء على أن المعجزة هل دلت على صدقه فيه؟، (¬2) واختلف فيه كلام ابن عقيل. وجوزه القاضي وغيره، واختاره ابن الباقلاني (¬3) والآمدي (¬4) وغيرهما، وذكره بعض أصحابنا (¬5) قول الجمهور، وأنه يدل عليه القرآن. وفي حديث أبي هريرة -حديث ذي اليدين-: لما سلم من ركعتين في رباعية، فقال له، فقال: (لم أنس، ولم تقصر)، فقال: بلى قد نسيت (¬6). وفي حديث ابن مسعود: (إِنما أنا بشر أنسى كما تنسون، فإِذا نسيت فذكروني). (¬7) متفق عليهما. ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬2) نهاية 43 أمن (ب). (¬3) انظر: شرح العضد 2/ 22. (¬4) انظر: الإحكام للآمدي 1/ 170. (¬5) انظر: المسودة/ 190. (¬6) أخرجه البخاري في صحيحه 1/ 99، 2/ 68، ومسلم في صحيحه/ 403، وأبو داود في سننه 1/ 612، والترمذي في سننه 1/ 247 وقال: "حسن صحيح"، والنسائي في سننه 3/ 20، وابن ماجه في سننه/ 383. (¬7) أخرجه البخاري في صحيحه 1/ 85، ومسلم في صحيحه / 400، 401 - 402، وأبو داود في سننه 1/ 260، والنسائي فى سننه 3/ 28 - 29، 32 - 33، وابن ماجه في سننه/ 380، 382، وأحمد في مسنده 1/ 379، 420، 424، 438، 448، 455.

وذكر القاضي عياض المالكي (¬1) وغيره الخلاف في الأفعال، وأنه لا يجوز في الأقوال (¬2) البلاغية إِجماعًا، ومعناه في إِرشاد (¬3) ابن عقيل (¬4). ¬

_ (¬1) هو: أبو الفضل عياض بن موسى بن عياض بن عمرو بن اليحصبي السبتي، عالم المغرب، وإمام أهل الحديث في وقته، كان من أعلم الناس بكلام العرب وأنسابهم وأيامهم، ولد في "سبتة" سنة 476 هـ، وولي القضاء فيها، ثم ولي قضاء غرناطة، وتوفي بمراكش سنة 544 هـ. من مؤلفاته: الشفاء بتعريف حقوق المصطفى، والغنية في ذكر مشيخته، وترتيب المدارك وتقريب المساللث في معرفة أعلام مذهب الإِمام مالك، وشرح صحيح مسلم، ومشارق الأنوار في الحديث. انظر: قلائد العقيان/ 222، والصلة 2/ 453، وبغية الملتمس/ 425، والمعجم لابن الأبار 394، ووفيات الأعيان 3/ 483، وتاريخ قضاة الأندلس/ 101، والديباج المذهب/ 168، ومفتاح السعادة 2/ 19. (¬2) انظر: كلام القاضي عياض عن هذا الموضوع في كتابه "الشفاء بتعريف حقوق المصطفى" 2/ 115 - 169. والأقوال البلاغية: هي التي تتعلق بالأحكام أو أخبار المعاد أو تضاف إِلى وحي. والأقوال غير البلاغية: هي التي لا مستند لها إِلى الأحكام ولا أخبار المعاد، ولا تضاف إلى وحي، بل في أمور الدنيا وأحوال نفسه. انظر: الشفاء 2/ 128. (¬3) هو كتاب الإِرشاد في أصول الدين، لأبي الوفاء بن عقيل. انظر: ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب 1/ 156. (¬4) انظر: شرح الكوكب المنير 2/ 171.

ثم: لا يقر عليه إِجماعًا، فيعلم به: قال الأكثر: على الفور، وقالت طائفة: مدة حياته، واختاره أبو المعالي (¬1). وأما ما لم يخل بصدقه فمعصوم من كبيرة إِجماعًا، ولا عبرة (¬2) بالحشوية (¬3) ¬

_ (¬1) انظر: البرهان للجويني/ 486. (¬2) في (ب): ولا غيره. (¬3) جاء في الحور العين/ 204: وسميت الحشوية حشوية؛ لأنهم يحشون الأحاديث التي لا أصل لها في الأحاديث المروية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي: يدخلونها فيها وليست منها، وجميع الحشوية يقولون بالجبر والتشبيه. وجاء في شفاء الغليل/ 105 - 106: حشوية بفتح الشين وسكونها، قال ابن عبد السلام: المشبهة الذين يشبهون الله بخلقه، وهم ضربان: أحدهما: لا يتحاشى من إِظهار الحشو. والثاني: يتسترون بمذهب السلف. أهـ. قلت: ويستعمل الحشو بمعنى الجهل، والحشوية بمعنى الجهلة، ومن مذهبهم أنه يجور أن يكون في الكتاب والسنة ما لا معنى له. وقال ابن الصلاح: الحشوية بإسكان الشين، وفتحها غلط. قال الأشموني: وليس كما قال، بل يجوز الإِسكان -على أنه نسبة إِلى الحشو، لقولهم بوجوده في الكتاب والسنة- والفتح على أنه نسبة إِلى الحشا، لما قيل: إِنهم سموا بذلك لقول الحسن البصري- لما وجد كلامهم ساقطًا، وكانوا يجلسون في حلقته أمامه-: "ردوا هؤلاء إِلى حشا الحلقة" أي: جانبها. أهـ. وقال السبكي: الحشوية طائفة ضالة تجري الآيات على ظاهرها، ويعتقدون أنه المراد، سموا بذلك؛ لأنهم كانوا في حلقة الحسن البصري، فتكلموا بما لم يرضه،=

وبعض الخوارج (¬1). ¬

_ =فقال: "ردوهم إِلى حشا الحلقة"، وقيل: سموا بذلك؛ لأن منهم المجسمة، أو هم، والجسم حشو، فعلى هذا القياس "حشوية" بسكون الشين؛ إِذ النسبة إلى الحشو. وقال أبو تمام: أرى الحشو والدهماء أضحوا كأنهم ... شعوب تلاقت دوننا وقبائل قال التبريزي في شرحه: أراد بالحشو العامة. انتهى ما في شفاء الغليل. وجاء في ضبط الأعلام/ 39: الحشوية طائفة من المبتدعة ... وذكرهم الزركشي في "المعتبر في تخريج أحاديث المنهاج والمختصر" في قسم التعريف بالرجال، ونقل عن أبي حاتم في كتاب "الزينة" أنهم لقبوا بذلك لاحتمالهم كل حشو روي من الأحاديث المختلفة المتناقضة، أو لأنهم عند من لقّبهم مجسمة، والمجسم محشو ... ثم نقل عن بعضهم أن الزنادقة تطلق هذا الاسم على أهل الحديث ليبطلوا بذلك مضمون الأحاديث، وأنها حشو لا فائدة فيها. وانظر: مجموع الفتاوى 12/ 176، وشرح الكوكب المنير 2/ 147، والحور العين / 147، 149، 150، 251، 256، 273. (¬1) جاء في الحور العين/ 200: سموا بذلك لخروجهم على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ومحاربتهم إِياه، ولهم أسماء أخرى، منها: الحرورية، والشراة، والمحكمة، والمارقة. أهـ. وأول من خرج على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه جماعة ممن كان معه في حرب صفين. وأشدهم خروجاً الأشعث بن قيس، ومسعر بن فدكي، وزيد بن حصن الطائي. وهذا مبدأ أمر الخوارج، ثم افترقوا بعد ذلك إلى عدة فرق، أكبرها ست: "الأزارقة، والنجدات، والصفرية، والعجاردة، والإباضية، والثعالبة"، والباقون فروعهم. ويجمعهم القول بالتبرؤ من عثمان وعلي، ويقدمون ذلك على كل طاعة، ولا يصححون المناكحات إِلا على ذلك. =

وهل مستند المنع السمع أو العقل؟ مبني على التحسين. وجوز القاضي وقوعها سهوًا، وقاله الأكثر، واختلف كلام ابن عقيل. وقال ابن أبي موسى من أصحابنا: لا يجوز، قال: وتجوز الهمّة بها (¬1) لا الفعل، وذكر لنا خلافاً في جواز صغيرة لا فعلها عمدًا. وذكر القاضي وابن عقيل وابن الزاغوني جواز صغيرة (¬2) عمدًا (وع ر). (¬3) والمنع منها سهوًا قول الشيعة (¬4). وجزم بعض أصحابنا بأن ما أسقط العدالة لا يجوز. ولعله مراد غيره، وهو معنى ما جزم به الآمدي (¬5) ومن تبعه: أن ما ¬

_ = ويكفرون أصحاب الكبائر. ويرون الخروج على الإِمام إِذا خالف السنة حقًا واجبًا. انظر: الفرق بين الفرق/ 72، والملل والنحل 1/ 170، والفرق الإسلامية/ 62. (¬1) في (ب): بما الفعل. (¬2) نهاية 89 من (ح). (¬3) انظر: كشف الأسرار 3/ 199، وفواتح الرحموت 2/ 99، وشرح العضد 2/ 22، وتيسير التحرير 3/ 21، وشرح المحلي على جمع الجوامع 2/ 99، والمستصفى 2/ 213، والإِرشاد للجويني/ 356، والمسودة/ 188، وإرشاد الفحول/ 34، والمنخول/ 223. (¬4) انظر: فواتح الرحموت 2/ 99. (¬5) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 171.

مسألة

أوجب خسة وإسقاط مروءة فكالكبيرة. وعند الحنفية (¬1): معصوم من معصية، (¬2) وهي مقصودة، لا زلة وهو فعل لم يقصد جَرّ إِليه مباح. مسألة ما كان من أفعاله -عليه السلام- من مقتضى طبع الإِنسان وجبلته -كقيام وقعود- فمباح له ولنا اتفاقًا. وما (¬3) اختص (¬4) به -كتخييره (¬5) نساءه (¬6) بينه وبين الدنيا، ¬

_ (¬1) انظر: كشف الأسرار 3/ 199 - 200، وفواتح الرحموت 2/ 100. (¬2) نهاية 43 ب من (ب). (¬3) انظر: الخصائص الكبرى للسيوطي، والبرهان للجويني/ 495. (¬4) نهاية 35 ب من (ظ). (¬5) في (ظ): كتخيير. (¬6) ورد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بتخيير نسائه في الآيتين 28، 29 من سورة الأحزاب: (يا أيها النبي قل لأزواجك إِن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحًا جميلاً * وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإِن الله أعد للمحسنات منكن أجرًا عظيمًا). وجاء خبر التخيير في الحديث الذي روته عائشة رضي الله عنها. أخرجه البخاري في صحيحه 16/ 17، 7/ 43، ومسلم في صحيحه/ 1103، وأبو داود في سننه 2/ 653 - 657، والترمذي في سننه 3/ 424، 5/ 30 وقال: "حسن صحيح"، والنسائي في سننه 6/ 55، 160، وابن ماجه في سننه/ 661 - 662، وأحمد في مسنده 16/ 103، 163، 248. وانظر: تفسير الطبري 21/ 100 - 101، والخصائص الكبرى للسيوطي 3/ 259.

وزيادته (¬1) منهن على أربع، ووصاله (¬2) الصوم- فمختص به اتفاقاً. وما كان بياناً بقول، نحو: (صلوا كما رأيتموني أصلي) (¬3)، أو بفعل عند الحاجة، كالقطع من الكوع (¬4)، وغسل اليد ¬

_ (¬1) انظر: الخصائص الكبرى للسيوطي 3/ 298. (¬2) حديث الوصال رواه جمع من الصحابة رضي الله عنهم. أخرجه البخاري في صحيحه 3/ 29، من حديث ابن عمر، 3/ 37، من حديث أنس وأبي سعيد وعائشة، 3/ 37 - 38، من حديث أبي هريرة، 3/ 38، من حديث أبي سعيد الخدري، 9/ 85 - 86، من حديث أنس وأبي هريرة، 9/ 97، من حديث أبي هريرة. وأخرجه مسلم في صحيحه 774 - 776، من حديث ابن عمر وأبي هريرة وأنس وعائشة. وانظر: الخصائص الكبرى للسيوطي 3/ 284. (¬3) هذا جزء من حديث رواه مالك بن الحويرث رضي الله عنه. أخرجه البخاري في صحيحه 1/ 124 - 125، 8/ 9، 9/ 86/ 87، ومسلم في صحيحه/ 465 - 466، والدارمي في سننه 1/ 229، وأحمد في مسنده 5/ 53، والشافعي (انظر: بدائع المنن 1/ 128 - 129). (¬4) أخرج الدارقطني في سننه 3/ 204 - 205: ... عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: كان صفوان بن أمية بن خلف نائمًا في السجد وثيابه تحت رأسه، فجاء سارق فأخذها، فأتي به النبي - صلى الله عليه وسلم - فأقر السارق ... ثم أمر -يعني: النبي - صلى الله عليه وسلم - بقطعه من المفصل. في إِسناده: أبو نعيم عبد الرحمن بن هانئ النخعي، ومحمد بن عبيد الله العرزمي. قال في نصب الراية 3/ 270: وضعفه ابن القطان في كتابه؛ فقال: العرزمي=

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ =متروك، وأبو نعيم عبد الرحمن بن هانئ النخعي لا يتابع على ما له من حديث. وفي ميزان الاعتدال 3/ 635: محمد بن عبيد الله بن ميسرة العرزمي الكوفي: قال أحمد ابن حنبل: ترك الناس حديثه. وقال ابن معين: لا يكتب حديثه. وقال الفلاس: متروك. وفي ميزان الاعتدال 2/ 595: عبد الرحمن بن هانئ، أبو نعيم النخعي: قال أحمد: ليس بشيء. ورماه يحيى بالكذب. وقال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابع عليه. وأخرج البيهقي في السن الكبرى 8/ 270 - 271: ... عن عدي أن النبي - صلى الله عليه وسلم قطع يد سارق من المفصل. وأخرج البيهقي -أيضًا-: عن عبد الله بن عمرو قال: قطع النبي - صلى الله عليه وسلم - سارقًا من المفصل. وقال في نصب الراية 3/ 370: حديث آخر رواه ابن عدي في الكامل: حدثنا أحمد ابن عيسى الوشاء التنيسي، حدثنا عبد الرحمن بن سلمة عن خالد بن عبد الرحمن الخراساني عن مالك بن مغول عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو قال: قطع النبي - صلى الله عليه وسلم - سارقًا من المفصل. انتهى. قال ابن القطان في كتابه: وخالد ثقة، وعبد الرحمن بن سلمة لا أعرف له حالاً. وانظر: ميزان الاعتدال 1/ 633، 2/ 56. وقال في نصب الراية -أيضًا- 3/ 370: حديث آخر رواه ابن أبي شيبة في مصنفه: حدثنا وكيع عن سبرة بن معبد الليثي قال: سمعت عدي بن عدي يحدث عن رجاء بن حيوة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قطع رجلاً من المفصل. انتهى. وهو مرسل. وقال في التلخيص الحبير 4/ 71: وفي كتاب الحدود لأبي الشيخ من طريق نافع عن ابن عمر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يقطعون السارق من المفصل. وانظر: سبل السلام 4/ 39.

مع الرفق (¬1)، فإِنه بيان ¬

_ (¬1) أخرج مسلم في صحيحه/ 216: ... عن نعيم بن عبد الله المجمر قال: رأيت أبا هريرة يتوضأ، فغسل وجهه، فأسبغ الوضوء، ثم غسل يده اليمنى حتى أشرع في العضد، ثم يده اليسرى حتى أشرع في العضد ... ثم قال: هكذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ. وأخرج الدارقطني في سننه 1/ 83: ... عن حمران مولى عثمان بن عفان أنه سمع عثمان بن عفان قال: هلموا أتوضأ لكم وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فغسل وجهه ويديه إِلى المرفقين حتى مس أطراف العضدين، ثم مسح برأسه .... قال ابن حجر في فتح الباري 1/ 304: إِسناده حسن. وفي نيل الأوطار 1/ 180: في إسناده ابن إِسحاق -محمد بن إِسحاق- وقد عنعن. وأخرج الدارقطني في سننه 1/ 83: ... عن جابر بن عبد الله قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إِذا توضأ أدار الماء على مرفقيه. في إِسناده: القاسم بن محمد بن عبد الله بن عقيل الهاشمي، قال الدارقطني في سننه 1/ 83: ليس بقوي. وفي ميزان الاعتدال 3/ 379: قال أبو حاتم: متروك. وقال أحمد: ليس بشيء. وقال أبو زرعة: أحاديثه منكرة. وأخرج البيهقي في السنن الكبرى 1/ 56: ... عن جابر قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدير الماء على المرفق. وأخرج البيهقي -أيضًا-: ... عن جابر بن عبد الله قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا توضأ أدار الماء على مرفقيه. وفي الجوهر النقي 1/ 56: ذكر -يعني: البيهقي- حديث جابر من طريقين، في كل منهما ثلاثة متكلم فيهم: أما الطريق الأول ففيه: سويد بن سعيد حدثنا القاسم بن محمد العقيلي عن=

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر: أما سويد -وإِن أخرج عنه مسلم- فقد قال ابن معين: هو حلال الدم. وقال ابن المديني: ليس بشيء. وقال النسائي: ليس بثقة. وقال أبو حاتم: صدوق. وكان كثير التدليس، وقيل: إِنه عمي في آخر عمره، فربما لقن ما ليس في حديثه، فمن سمع منه وهو بصير فحديثه عنه حسن. (وانظر: ميزان الاعتدال 2/ 248). وأما القاسم العقيلي فقال أحمد: ليس بشيء. وقال أبو حاتم: متروك الحديث. وعن أبي زرعة: أحاديثه منكرة. وهو ضعيف الحديث. وأما ابن عقيل -وهو جد القاسم المتقدم- فسكت عنه البيهقي هنا، وقال في باب "لا يتطهر بالماء المستعمل": لم يكن بالحافظ، وأهل العلم يختلفون في الاحتجاج بروايته. (وانظر: ميزان الاعتدال 2/ 484). والطريق الثاني فيه: عباد بن يعقوب حدثنا القاسم بن محمد عن جده: أما القاسم وجده فقد تقدما. وأما عباد بن يعقوب -هو الزواجني- فقد روى عنه البخاري مقرونًا بآخر، لكن ابن حبان قال فيه: هو رافضي داعية، ويروي المناكير عن مشاهير، فاستحق الترك. (وانظر: ميزان الاعتدال 2/ 379). وفي كشف الأستار عن زوائد البزار 1/ 140 - 142: حدثنا إِبراهيم بن سعيد الجوهري، حدثنا محمد بن حجر، حدثنا سعيد بن عبد الجبار بن وائل بن حجر عن أبيه عن أمه عن وائل بن حجر، فذكر حديثًا بهذا، ثم قال: وبإِسناده قال: شهدت النبي - صلى الله عليه وسلم - أتي بإِناء فيه ماء ... ثم أدخل يمينه في الإِناء فغسل بها ذراعه اليمنى حتى جاوز المرفق ثلاثًا، ثم غسل يساره بيمينه حتى جاوز المرفق ثلاثًا ... قال البزار: لا نعلمه بهذا اللفظ إِلا بهذا الإِسناد عن وائل.=

لآيتي (¬1) القطع (¬2) والوضوء (¬3) اتفاقًا. وما (¬4) لم يكن كذلك: فما علمت صفته -من وجوب، أو ندب، أو إِباحة- فالأشهر عندنا: الاقتداء به فيه على تلك الصفة، وقاله عامة الفقهاء والمتكلمين: الحنفية (¬5) والمالكية والشافعية. وقال بعض أصحابنا (¬6): من الممكن يجب علينا وإن لم يجب عليه، كما تجب متابعة الإِمام فيما لا يجب عليه، ونبه عليه القرآن بقوله: (ما كان لأهل المدينة) الآية (¬7)، فأوجب ولو لم يتعين ذلك الغزو. ¬

_ =وفي مجمع الزوائد 1/ 232: رواه الطبراني في الكبير والبزار، وفيه: سعيد بن عبد الجبار، قال النسائي: ليس بالقوي. وذكره ابن حبان في الثقات. وفي مسند البزار والطبراني: محمد بن حجر، وهو ضعيف. (¬1) في (ظ): لا نهي. (¬2) سورة المائدة: آية 38: (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما). (¬3) سورة المائدة: آية 6: (يا أيها الذين آمنوا إِذا قمتم إِلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إِلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إِلى الكعبين). (¬4) في (ظ): وأما لم يكن. (¬5) في (ظ): والحنفية. (¬6) انظر: المسودة/ 192. (¬7) سورة التوبة: آية 120: (ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطؤون موطئًا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلاً إِلا كتب لهم به عمل صالح إِن الله لا يضيع أجر المحسنين).

وقال (¬1): وقد يقال هذا فيما صدر منه اتفاقًا، كما كان ابن عمر يفعل في المشي (¬2) في طريق مكة، وكما في تفضيل (¬3) إِخراج التمر، وطريقة أحمد تقتضيه؛ فإِنه تسرى (¬4)، واختفى (¬5) ثلاثًا؛ لأجل المتابعة، وقال: "ما بلغني حديث إِلا عملت به"، حتى أعطى الحجام دينارًا (¬6). وقال (¬7) القاضي في الكفاية: (¬8) "ما تعبدنا بالتأسي به إِلا في ¬

_ (¬1) في (ب) و (ظ): "قال" بدون الواو. (¬2) أخرج أبو نعيم في الحلية 1/ 310: ... عن نافع عن ابن عمر - رضي الله عنه -: أنه كان في طريق مكة يقول برأس راحلته -يثنيها- ويقول: "لعل خفاً يقع على خف" يعني: خف راحلة النبي - صلى الله عليه وسلم - وانظر: طرفاً من أخبار ابن عمر -وتتبعه لآثار الرسول - صلى الله عليه وسلم - في: حيلة الأولياء 1/ 292 - 314. (¬3) تفضيل ابن عمر إِخراج التمر في زكاة الفطر رواه نافع. أخرجه البخاري في صحيحه 2/ 131 - 132، وأبو داود في سننه 2/ 267، ومالك في الموطأ/ 284 والحاكم في مستدركه 1/ 409 - 410، والبيهقي في السنن الكبرى 4/ 160 - 161، وابن خزيمة في صحيحه 4/ 81 - 82. (¬4) انظر: مناقب الإِمام أحمد لابن الجوزي 1/ 77، 301 - 302. (¬5) فقد اختفى النبي - صلى الله عليه وسلم - مع أبي بكر في الغار ثلاثة أيام، وذلك عند الهجرة. أخرجه البخاري في صحيحه 5/ 58 - 59، 7/ 145 - 146، وأحمد في مسنده 6/ 198 من حديث عائشة. (¬6) انظر: مناقب الإِمام أحمد/ 179. (¬7) انظر: المسودة/ 66. (¬8) نهاية 90 من (ح).

العبادات"، وقاله بعض الشافعية. (¬1) وقال أحمد -في رواية ابن إِبراهيم (¬2) -: الأمر (¬3) من النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬4) سوى الفعل؛ لأنه يفعل الشيء لجهة الفضل، ويفعله وهو خاص له، وإِذا أمر بالشيء فهو للمسلمين. قال بعض أصحابنا (¬5): ظاهره الوقف في تعديته إِلى أمته -وإِن عُلمت صفته- لتعليله باحتمال تخصيصه. وذكر بعض أصحابنا أنه أقيس، وقاله بعض الأصوليين. وبعضهم ذكر قولاً: أنه كما لم تعلم صفته. ويأتي (¬6) في خطابه الخاص هل يعمنا؟. وجه الأول: الآيات الدالة على التأسي، وأنه إِجماع الصحابة. والتأسي: أن نفعل مثل فعله على وجهه لأجل فعله، وكذلك الترك. ¬

_ (¬1) انظر: المحصول / 3/ 373. (¬2) هو: أبو يعقوب إسحاق بن إِبراهيم بن هانئ النيسابوري، ولد سنة 218 هـ، وخدم الإِمام أحمد وهو ابن تسع سنين، وكان صاحب دين وورع، توفي ببغداد سنة 275 هـ. من مؤلفاته: مسائل الإِمام أحمد. انظر طبقات الحنابلة 1/ 108. (¬3) انظر: مسائل الإِمام أحمد لابن هانئ النيسابوري 1/ 9. (¬4) نهاية 44 أمن (ب). (¬5) انظر: المسودة/ 67. (¬6) انظر: ص 859 من هذا الكتاب.

والمتابعة: كالتأسي.

والمتابعة: كالتأسي. والموافقة: مشاركته في أمر وإِن لم يكن لأجله. قال في التمهيد (¬1): وجوبه علينا -وإن علمنا أنه فعله للندب أو الإِباحة- الإِجماع ودليل وجوب التأسي يمنعان منه. وما (¬2) لم تعلم صفته: فذكر القاضي (¬3) وغيره في وجوبه عليه وعلينا روايتين، واختلف كلامه في اختياره وأن الوجوب قول جماعة من أصحابنا وقول المالكية، وأن الندب قول التميمي (¬4) والظاهرية، وأن السرخسي (¬5) الحنفي ذكره عن أصحابهم، واختاره -أيضًا- الفخر إِسماعيل من أصحابنا، حكاه (¬6) بعضهم (¬7)، والذي في جدله (¬8) الإِباحة. واختار الوجوب [جماعة] (¬9)، منهم ابن حامد (¬10)، وجزم (¬11) به ابن ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد/ 90 ب، وانظر: المعتمد/ 381. (¬2) في (ظ): ولما لم. (¬3) انظر: العدة/ 735، والواضح 2/ 195 أ. (¬4) هو: أبو الحسن التميمي. انظر: المسودة/ 187. (¬5) هو: أبو سفيان السرخسي. لم أعثر له على ترجمة. (¬6) نهاية 36 أمن (ظ). (¬7) انظر: المسودة/ 187. (¬8) المسمّى: جَنَّة الناظر وجُنَّة الناظر: انظر: ذيل طبقات الحنابلة 2/ 66. (¬9) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب)، (ح). (¬10) تكرر هذا اللفظ في (ب). (¬11) انظر: المسودة/ 72.

أبي موسى، واختاره في الواضح (¬1)، [وذكره عن أصحابنا] (¬2) (¬3). وعن أحمد: الوقف، واختاره (¬4) أبو الخطاب (¬5)، [وذكره] (¬6) قول التميمي (¬7) وأكثر المتكلمين، وذكره غيره (¬8) عن (ع ر)، وقاله الكرخي (¬9) الحنفي. وللشافعية (¬10) كالمذاهب. (¬11) واختار الجصاص (¬12) الحنفي (¬13) وصاحب (¬14) المحصول ¬

_ (¬1) انظر: الواضح 1/ 127أ، 2/ 195 أ. (¬2) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬3) نهاية 44 ب من (ب). (¬4) في (ب) و (ح): "اختاره" بدون الواو. (¬5) انظر: التمهيد/ 90 أ. (¬6) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬7) هو: أبو الحسن التميمي. انظر: التمهيد/ 90 أ. (¬8) انظر: العدة/ 738، والواضح 2/ 195 أ. (¬9) انظر: أصول الجصاص/ 206 أ. (¬10) في (ب) و (ظ): والشافعية. (¬11) وهي: الوجوب، والندب، والوقف. (¬12) في (ظ): الخصاص. (¬13) انظر: أصول الجصاص/ 206 أ- 209أ، 210 ب. (¬14) ذكر فخر الدين الرازي ما في المحصول 1/ 3/ 346: أن المختار التوقف. ووجدت فخر الإِسلام البزدوي قد اختار في أصوله الإباحة. انظر: كشف الأسرار 3/ 201=

الإِباحة، (¬1) وذكره الآمدي (¬2) مذهب (م). وقال بعض أصحابنا (¬3): هل يحمل (¬4) على الإِباحة، أو الندب، أو الوجوب، أو يتوقف في تعيين أحدها؟ هذا يحسن فيه الخلاف، وأن رواية ابن إِبراهيم السابقة (¬5) أن فعله للندب إِن كان قربة، أو الإِباحة إِن لم يكن؛ لأنه ذكر في مواضع كثيرة ما يدل على نحو ذلك. هذا كلامه. ومراد أحمد والأصحاب: ما فيه قصد قربة، وإِلا فلا وجه للوجوب في غيره، والندب فيه محتمل. وكذا ذكر بعض (¬6) أصحابنا (¬7) الخلاف لنا وللناس مع قصد القربة، وإِلا فللإِباحة، وأنه (¬8) قول الجمهور، وأن قوماً قالوا بالوجوب، وذكره بعضهم عن ابن سريج. قال أبو المعالي (¬9): قدره أجل من هذا. ¬

_ =202، وتيسير التحرير 3/ 122. فيظهر أن المؤلف رأى هذا القول منسوبًا للفخر، فظنه الفخر الرازي. والله أعلم. (¬1) نهاية 91 من (ح). (¬2) انظر: الأحكام 1/ 174. (¬3) انظر: المسودة/ 68. (¬4) في (ظ): هل يحمل الأمر على. (¬5) انظر: ص335 من هذا الكتاب. (¬6) انظر: المسودة 71/، 189. (¬7) تكررت هذه الكلمة في (ب). (¬8) في (ب): وأن. (¬9) انظر: البرهان لأبي المعالي/ 493.

القائل بالوجوب

وقال جماعة بالندب هنا احتياطًا. وذكر الشيرازي (¬1) عن أحمد -فيه-: الوجوب والندب. وذكر الآمدي (¬2) عن أصحابنا وغيرهم الوجوب، قال: غير أن الوجوب والندب فيه أبعد. واختار الآمدي (¬3): أنه مشترك بين الوجوب والندب فيما فيه قصد القربة، وإِلا بينهما وبين المباح، وما اختص به أحدها (¬4) فمشكوك فيه. القائل بالوجوب: قوله: (واتبعوه (¬5)) (¬6). (فليحذر الذين يخالفون عن أمره) (¬7)، والفعل (¬8) [أمر] (¬9) كما ¬

_ (¬1) لعله: أبو الفرج المقدسي الشيرازي. (¬2) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 174. (¬3) انظر: المرجع السابق 1/ 174 - 175. (¬4) في (ح) و (ظ): أحدهما. (¬5) في (ظ): فاتبعوه. (¬6) سورة الأعراف: آية 158: (فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون) (¬7) سورة النور: آية 63. (¬8) نهاية 45 أمن (ب). (¬9) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب).

يأتي (¬1). (وما آتاكم الرسول فخذوه) (¬2). (لقد كان لكم في (¬3) رسول الله أسوة حسنة) (¬4)، أي: تأسوا به. (قل إِن كنتم تحبون الله فاتبعوني) (¬5)، ومحبته واجبة، فيجب لازمها وهو اتباعه. وقوله: (فلما قضى زيد) (¬6)، فلولا الوجوب لما رفع تزويجه الحرج عن المؤمنين في أزواج أدعيائهم. ولما خلع [رسول الله] (¬7) - صلى الله عليه وسلم - نعله في الصلاة (¬8) (¬9) خلعوا، ¬

_ (¬1) يأتي في الأمر. (¬2) سورة الحشر: آية 7. (¬3) في (ب) لكم رسول. (¬4) سورة الأحزاب: آية 21. (¬5) سورة آل عمران: آية 31: (قل إِن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم). (¬6) سورة الأحزاب: آية 37: (وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه فلما قضى زيد منها وطراً زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إِذا قضوا منهن وطرأ وكان أمر الله مفعولاً). (¬7) ما بين المعقوفتين زيادة من (ح). (¬8) في (ب): الصلة. (¬9) نهاية 92 من (ح).

رواه (¬1) أحمد وأبو داود، من حديث أبي سعيد، وصححه (¬2) ابن (¬3) خزيمة وابن حبان (¬4) والحاكم، وروي مرسلاً (¬5). ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده 3/ 20، 92، وأبو داود في سننه 1/ 426 - 427، والدارمي في سننه 1/ 260، والبيهقي في سننه 2/ 402 - 403 وذكر له عدة طرق. (¬2) انظر: صحيح ابن خزيمة 1/ 384، وصحيح ابن حبان 3/ 469، والمستدرك للحاكم 1/ 260 وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي في التلخيص. (¬3) هو: أبو بكر محمَّد بن إِسحاق بن خزيمة السلمي، إِمام نيسابور في عصره، فقيه مجتهد عالم بالحديث، ولد في نيسابور سنة 223 هـ، ورحل إِلى العراق والشام ومصر، وتوفي بنيسابور سنة 311 هـ. من مؤلفاته: صحيح ابن خزيمة، والتوحيد وإثبات صفات الرب. انظر: الوافي بالوفيات 2/ 196، ومرآة الجنان 2/ 264، وطبقات الشافعية للسبكي 3/ 109، والبداية والنهاية 11/ 149، وطبقات الحفاظ اللسيوطي/ 310، وشذرات الذهب 2/ 262. (¬4) هو: أبو حاتم محمَّد بن حبان بن أحمد بن حبان بن معاذ بن معبد التميمي البستي الشافعي، محدث حافظ مؤرخ فقيه لغوي واعظ مشارك في علم الطب والنجوم وغيرهما، ولد في "بست" من بلاد سجستان سنة 270 هـ، وسمع خلائق بخراسان والعراق والحجاز والشام ومصر وغيرها، وفقه الناس بسمرقند وولي قضاءها، وقدم نيسابور، ثم خرج إِلى وطنه سجستان، وتوفي بمدينة "بست" سنة 354 هـ. من مؤلفاته: صحيح ابن حبان، وروضة العقلاء في الأدب، والأنواع والتقاسيم، ومعرفة المجروحين من المحدثين، والثقات. انظر: اللباب 1/ 151، وتذكرة الحفاظ 3/ 125، وميزان الاعتدال 3/ 506، ومرآة الجنان 2/ 357، وطبقات الشافعية للسبكي 3/ 131، ولسان الميزان 5/ 112، وشذرات الذهب 3/ 16. (¬5) في التلخيص الحبير 1/ 278: ... واختلف في وصله وإرساله، ورجح أبو حاتم في "العلل" الموصول.

ولما أمرهم بالتحلل في صلح الحديبية -رواه (¬1) البخاري- تمسكوا بفعله. وسأله - عليه السلام - رجل عن الغسل بلا إِنزال، فأجاب بفعله. رواه (¬2) مسلم. ولأنه أحوط، كنسيان تعيين صلاة (¬3) ومطلَّقة. ولأنه كقوله في بيان مجمل، وتخصيص، وتقييد، فكان مطلقه للوجوب. ¬

_ (¬1) جاء ذلك في حديث طويل عن قصة الحديبية، رواه المسور بن مخرمة، ومروان بن الحكم. أخرجه البخاري في صحيحه 3/ 193 - 198. وفيه 3/ 196 - : ... فلما فرغ من قضية الكتاب قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: (قوموا فانحروا ثم احلقوا)، قال: فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات، فلما لم يقم منهم أحد دخل على أم سلمة، فذكر لها ما لقي من الناس، فقالت أم سلمة: يا نبي الله، أتحب ذلك؟ اخرج ثم لا تكلم أحداً منهم كلمة حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلقك، فخرج فلم يكلم أحدًا منهم حتى فعل ذلك؛ نحر بدنه ودعا حالقه فحلقه، فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضًا. وأخرجه أحمد في مسنده 4/ 323 - 326، 328، 331. (¬2) أخرج مسلم في صحيحه/ 272: عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم - قالت: إِن رجلاً سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم - عن الرجل يجامع ثم يكسل، هل عليهما الغسل؟ -وعائشة جالسة- فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم - (إِني لأفعل ذلك أنا وهذه ثم نغتسل). وأخرجه الدارقطني في سننه 1/ 112، "والبيهقي في سننه 1/ 164. (¬3) نهاية 36 ب من (ظ).

ولأن في مخالفته تنفيرًا وتركًا للحق؛ لأن فعله حق. (¬1) ورد الأول: بأنه كالتأسي، وهو غير معلوم، ذكره في التمهيد (¬2) وغيره. وقال الآمدي (¬3): في أقواله، للإِجماع أن المتابعة في الفعل إِنما تحب بوجوبه، ومطلق الفعل غير معلوم. ورد الثاني: بأن المراد أمر الله. ثم: المراد به القول؛ لأنه حقيقة فيه، ولذكر (¬4) الدعاء قبله. [ثم]: (¬5) التحذير من مخالفة فعله يستدعي وجوبه، فلو استفيد وجوبه من التحذير كان دورًا. وكذا جواب الثالث: لا يجب الأخذ حتى يجب الفعل، فلو وجب من الآية دار، ثم: المراد: ما أمركم، لمقابلة: (وما نهاكم) (¬6). وجواب الرابع والخامس: ما سبق (¬7) في التأسي والإِتباع. وفي السادس مساواة حكمنا لحكمه، ولا يلزم وصف أفعاله كلها ¬

_ (¬1) في (ح) -هنا- زيادة: وكما لا يجب ترك ما تركه. (¬2) انظر: التمهيد/ 91 أ -ب. (¬3) انظر: الأحكام للآمدي 1/ 179. (¬4) في (ظ): وكذكر. (¬5) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب) و (ظ). (¬6) سورة الحشر: آية 7: (وما نهاكم عنه فانتهوا). (¬7) انظر ص 335 - 336 من هذا الكتاب.

بالوجوب ليجب (¬1) فعلنا. وليس في الخلع وجوب، ثم: لدليل: إِما (صلوا كما رأيتموني أصلي)، أو غيره. والتحلل وجب بالأمر، لكن رجوا نسخه، فلما تحلل أيسوا، أو بقوله: (خذوا عني مناسككم) (¬2)، رواه مسلم. والغسل بلا إِنزال إِنما وجب بالقول (¬3)؛ ففي مسلم عن أبي موسى (¬4): أنهم ذكروا ما يوجب الغسل، فسأل أبو موسى عائشة: ما يوجب الغسل؟ فقالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إِذا جلس بين شعبها الأربع ومس الختان الختان فقد وجب الغسل). (¬5) ¬

_ (¬1) نهاية 45 ب من (ب). (¬2) هذا جزء من حديث رواه جابر- رضي الله عنه - مرفوعًا. وقد ورد بلفظ: (لتأخذوا مناسككم)، وبلفظ: (فخذوا مناسككم)، وبلفظ: (خذوا مناسككم)، وبلفظ: (لتأخذ أمتي مناسكها). أخرجه مسلم في صحيحه/ 943 - 944، وأبو داود في سننه 2/ 495 - 496، والنسائي في سننه 5/ 270 وأحمد في مسنده 3/ 301، 318، 332، 337، 366، 367، 378. ولم أجده بهذا اللفظ (خذوا عني مناسككم) إِلا في جامع الأصول 4/ 99، وفي الفتح الكبير للسيوطي 1/ 387، ونحوهما من كتب التخريج. (¬3) نهاية 93 من (ح). (¬4) هو: الصحابي الجليل عبد الله بن قيس بن سليم، أبو موسى الأشعري. (¬5) أخرجه مسلم في صحيحه/ 271 - 272، وأحمد في مسنده 6/ 97.=

أو بفعل هو (¬1) بيان لقوله: (وإِن كنتم جنبًا). (¬2) والاحتياط فيما ثبت وجوبه، كصلاة فائتة من يوم وليلة، أو الأصل ثبوته، كالثلاثين من رمضان، فأما ما احتمل الوجوب وغيره فلا. ولا يلزم من كون الفعل بياناً أن يوجب ما يوجب القول. ويمنع التنفير، ولحصول المفارقة في أشياء، ولا يلزم من كونه حقًا وجوبه. فإِن قيل: فعله كتركه. رد: لا يجب ترك ما ترك الأمر به، ويجب بالأمر. وقال ابن عقيل (¬3): إِن فعل وترك مغايرًا بين شخصين أو مكانين أو زمانين وجب الترك وإلا فلا، على أن بيانه علة تركه أكل (¬4) الضب (¬5)، ¬

_ =وأحاديث الغسل من مس الختان الختان وردت بألفاظ متقاربة. انظر: صحيح البخاري 1/ 62 وصحيح مسلم/ 271 - 272، وسنن أبي داود 1/ 481، وسنن الترمذي 1/ 72 - 73، وسنن النسائي 1/ 110 - 111، وسنن ابن ماجه/ 199 - 200، ومسند أحمد 6/ 47، 112. (¬1) في (ظ): وهو. (¬2) سورة المائدة: آية 6 (وإن كنتم جنبًا فاطّهّروا). (¬3) انظر الواضح 2/ 199 أ- ب. (¬4) في (ب) و (ظ): وأكل. (¬5) ورد ذلك في قصة الضب الذي قدم للرسول - صلى الله عليه وسلم -، فلم يأكل منه حين أعلم أنه ضب، وقد جاءت تلك القصة من حديث خالد بن الوليد. أخرجه البخاري في صحيحه 7/ 71، وفيه: .... فقال خالد بن الوليد: أحرام=

القائل بالندب

وفسخ الحج (¬1) يعطي: أن تركه يجب الاقتداء به، ولأنه لا يفسر ولا يخص، ولم يجعله القائل بالندب ندبًا. كذا قال. القائل بالندب: لأنه اليقين وغالب فعله. رد: بالمنع، وبما (¬2) سبق (¬3). القائل بالإباحية: لأنها متيقنة. رد: بما سبق. القائل بالوقف: (¬4) لاحتماله الجميع، ولا صيغة له ولا ترجيح. رد: بما سبق. (¬5) وبأن الغالب: لا اختصاص، ولا عمل بالنادر. وقال ابن عقيل (¬6): المتَّبَع لا يجوز إِمساكه عن بيان ما يخصه لا سيما إِن ¬

_ =الضب يا رسول الله؟ قال: (لا، ولكن لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه). وأخرجه مسلم في صحيحه/ 1543 - 1544. (¬1) وهي: سوق الهدي. وقد ورد ذلك في حديث حفصة وجابر بن عبد الله، أخرجهما البخاري في صحيحه 2/ 143، وأخرج مسلم في صحيحه / 884 - 885 حديث جابر. (¬2) في (ب) و (ظ): بما. (¬3) في (ب): سبع. (¬4) نهاية 37 أمن (ظ). (¬5) نهاية 46 أمن (ب). (¬6) انظر: الواضح 2/ 200 أ.

ضر غيره؛ لأنه (¬1) غرور، ولو في طريق أو أكل أو (¬2) شرب إِد عَلِم أنه قد يُتَّبَع، فكيف بعلمه باتباعه؟ وقول (¬3) التميمي (¬4) وغيره بتجويز سهو أو غيره -حتى قيل: يتوقف في دلالته على حكم حقه- ضعيف لما سبق، ولأنه لا يقر عليه. وقد قال القاضي (¬5): لا يفعل المكروه ليبين به الجواز؛ (¬6) لأنه يحصل [فيه] (¬7) التأسي. ومراده: "ولا معارض له"، وإلا فقد يفعل -غالبًا- شيئًا ثم يفعل خلافه لبيان الجواز، وهو كثير عندنا وعند المذاهب، كقولهم -في تركه (¬8) ¬

_ (¬1) في (ح): "بأن غروره لو". (¬2) في (ب) و (ح): وشرب. (¬3) انظر: المسودة/ 191. (¬4) لعله أبو الحسن التميمي. (¬5) انظر: المسودة/ 189. (¬6) في (ب): أنه. (¬7) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬8) هنا ثلاث مسائل: المسألة الأولى: ترك الرسول - صلى الله عليه وسلم - الوضوء -مع جنابة- لنوم: أخرجه أبو داود في سننه 1/ 154 - 155: حدثنا محمَّد بن كثير، أخبرنا سفيان عن أبي إِسحاق عن الأسود عن عائشة قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينام وهو جنب من غير أن يمس ماء. قال أبو داود: حدثنا الحسن بن علي الواسطي قال: سمعت يزيد بن هارون يقول: هذا الحديث وهم. يعني حديث أبي إسحاق.=

الوضوء مع جنابة لنوم أو أكل أو معاودة وطء-: تركه لبيان الجواز، ¬

_ =وأخرج الترمذي في سننه 1/ 78: حدثنا هناد، حدثنا أبو بكر بن عياش عن الأعمش عن أبي إِسحاق عن الأسود عن عائشة قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينام وهو جنب ولا يمس ماء. حدثنا هناد، حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي إِسحاق: نحوه. قال الترمذي: وقد روى غير واحد عن الأسود عن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنه كان يتوضأ قبل أن ينام. وهذا أصح من حديث أبي إِسحاق عن الأسود، وقد روى عن أبي إِسحاق هذا الحديث شعبة والثوري وغير واحد، ويرون أن هذا غلط من أبي إِسحاق. وأخرج ابن ماجه في سننه/ 192: حدثنا محمَّد بن الصباح، حدثنا أبو بكر بن عياش عن الأعمش عن أبي إِسحاق عن الأسود عن عائشة قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجنب ثم ينام ولا يمس ماء حتى يقوم بعد ذلك فيغتسل. حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو الأحوص عن أبي إِسحاق عن الأسود عن عائشة قالت: إِن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إِن كانت له إِلى أهله حاجة قضاها ثم ينام كهيئته لا يمس ماء. حدثنا علي بن محمَّد، حدثنا وكيع، حدثنا سفيان عن أبي إِسحاق عن الأسود عن عائشة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يجنب ثم ينام كهيئته لا يمس ماء. قال سفيان: فذكرت الحديث يومًا، فقال لي إِسماعيل: يا فتى! يشد هذا الحديث بشيء. وفي مسند أبي حنيفة/ 40: عن أبي إِسحاق عن الأسود عن عائشة قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصيب أهله أول الليل ولا يصيب ماء، فإذا استيقظ من آخر الليل عاد واغتسل. وقد أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار 1/ 124 وما بعدها، من طرق عن أبي إِسحاق عن الأسود عن عائشة، وبألفاظ، وذكر أن بعض العلماء قالوا:=

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ =هذا الحديث غلط؛ لأنه حديث مختصر اختصره أبو إِسحاق من حديث طويل فأخطأ في اختصاره إِياه؛ قال: وذلك أن فهداً حدثنا، قال: حدثنا أبو غسان، قال: حدثنا زهير، قال: حدثنا أبو إِسحاق، قال: أتيت الأسود بن يزيد -وكان لي أخًا وصديقًا- فقلت: يا أبا عمرو، حدثني ما حدثتك عائشة أم المؤمنين عن صلاة رسول - صلى الله عليه وسلم - فقال: قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينام أول الليل ويحيي آخره ثم إِن كانت له حاجة قضى حاجته، ثم ينام قبل أن يمس ماء، فإِذا كان عند النداء الأول وثب -وما قالت: "قام" -فأفاض عليه الماء- وما قالت: "اغتسل" وأنا أعلم ما تريد- وإن كان جنبًا توضأ وضوء الرجل للصلاة. فهذا الأسود بن يزيد قد أبان في حديثه لما ذكرناه بطوله أنه كان إِذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ وضوء الرجل للصلاة، وأما قولها: "فإِن كانت له حاجة قضاها، ثم ينام قبل أن يمس ماء" فيحتمل أن يكون قدر ذلك على الماء الذي يغتسل به لا على الوضوء. وقد بين ذلك غير أبي إِسحاق عن الأسود عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يتوضأ وضوءه للصلاة ... ثم قال: فثبت -بما ذكرنا- فساد ما روي عن أبي إِسحاق عن الأسود ... ثم قال: وقد يحتمل -أيضًا- أن يكون ما أراد أبو إِسحاق في قوله: "ولا يمس ماء" يعني الغسل. وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى 1/ 201 - 202 ... كما سبق في شرح معاني الآثار" ثم قال: إِن الحفاظ طعنوا في هذه اللفظة "ولا يمس ماء"، وتوهموها مأخوذة عن غير الأسود، وأن أبا إِسحاق ربما دلس فرأوها من تدليساته ... قال الشيخ: وحديث أبي إِسحاق السبيعي صحيح من جهة الرواية؛ وذلك أن أبا إِسحاق بيّن سماعه=

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ =من الأسود في رواية زهير بن معاوية عنه، والمدلس إِذا بيّن سماعه ممن روى عنه -وكان ثقة- فلا وجه لرده. وذكر النووي في شرح صحيح مسلم 3/ 218 كلام العلماء في هذا الحديث، ثم قال -ما معناه-: فبان بما ذكرناه ضعف الحديث، ولو صح فهناك موقفان منه: أحدهما: ما ذكره أبو العباس بن سريج وأبو بكر البيهقي: أن المراد لا يمس ماء للغسل. والثاني -قال: وهو عندي حسن-: أن المراد أنه كان في بعض الأوقات لا يمس ماء أصلاً لبيان الجواز؛ إِذ لو واظب عليه لتوهم وجوبه. والله أعلم. المسألة الثانية: ترك الرسول - صلى الله عليه وسلم - الوضوء -مع جنابة- لأكل: ورد في الحديث اقتصار الرسول - صلى الله عليه وسلم - على غسل يديه -مع جنابة- لأكل، روته عائشة رضي الله عنها. أخرجه أبو داود في سننه 1/ 150 - 151 والنسائي في سننه 1/ 139، وابن ماجه في سننه/ 195، وابن أبي شيبة في مصنفه 1/ 60، والدارقطني في سننه 1/ 125 - 126، والطحاوي في شرح معاني الآثار 1/ 128، والبيهقي في سننه 1/ 203. المسألة الثالثة: ترك الرسول - صلى الله عليه وسلم - الوضوء -مع جنابة- لمعاودة الوطء: أخرج الطحاوي في شرح معاني الآثار 1/ 127: حدثنا ابن مرزوق، قال: حدثنا معاذ ابن فضالة، قال: حدثنا يحيى بن أيوب عن أبي حنيفة وموسى بن عقبة عن أبي إِسحاق الهمداني عن أبي الأسود بن يزيد عن عائشة أنها قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجامع ثم يعود ولا يتوضأ، وينام ولا يغتسل.

وفعله (¬1) غالبًا للفضيلة. وتشبيكه في حديث ذي (¬2) اليدين في المسجد (¬3) لا ينفي (¬4) ¬

_ (¬1) هنا ثلاث مسائل: المسألة الأولى: وضوء الرسول - صلى الله عليه وسلم - للنوم، وهو جنب: جاء ذلك في الحديث الذي روته عائشة رضي الله عنها. أخرجه البخاري في صحيحه 1/ 61، ومسلم في صحيحه/ 248 - 249، وأبو داود في سننه 1/ 150 - 152، والترمذي في سننه 1/ 78، والنسائي في سننه 1/ 138، 139، وابن ماجه في سننه/ 193. المسألة الثانية: وضوء الرسول - صلى الله عليه وسلم - للأكل، وهو جنب: جاء ذلك في الحديث الذي روته عائشة رضي الله عنها. أخرجه مسلم في صحيحه/ 248، وأبو داود في سننه 1/ 151 - 152، والنسائي في سننه 1/ 138، وابن ماجه في سننه/ 194. المسألة الثالثة: وضوء الرسول - صلى الله عليه وسلم - لمعاودة الوطء وهو جنب: لم أجد نقلاً يفيد فعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - لذلك، وإنما الذي وجدته قول الرسول في هذا الموضوع؛ وذلك في الحديث الذي رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه. أخرجه مسلم في صحيحه/ 249: ... عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله: (إِذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعود فليتوضأ). وأخرجه أبو داود في سننه 1/ 149 - 150، والترمذي في سننه 1/ 94 وقال: "حسن صحيح"، والنسائي في سننه 1/ 142، وابن ماجه في سننه/ 193. (¬2) نهاية 94 من (ح) (¬3) انظر ص 323 من هذا الكتاب. (¬4) في (ب): لا تبقي.

الكراهة؛ لأنه نادر. وحمل (¬1) الحنفية (¬2) وضوءه (¬3) بسؤر الهرة على بيان الجواز مع ¬

_ (¬1) في (ب): وحمله. (¬2) انظر: بدائع الصنائع/ 224 - 225. (¬3) وضوء الرسول - صلى الله عليه وسلم - بسؤر الهرة: أ- أخرج أبو داود في سننه 1/ 61: ... أن عائشة قالت: ... وقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ بفضلها. تعني الهرة، وأخرجه الدارقطني في سننه 1/ 70. ب- أخرج ابن ماجه في سننه 1/ 13: ... عن عائشة قالت: كنت أتوضأ أنا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - من إِناء واحد قد أصابت منه الهرة قبل ذلك. وأخرجه الدارقطني في سننه 1/ 69، وأخرجه الدارقطني -أيضًا- والطحاوي في شرح معاني الآثار 1/ 19، بلفظ: كنت أغتسل ... وفي إِسناد هذا الحديث: حارثة بن أبي الرجال، وقد جاء في ميزان الاعتدال 1/ 445 - 446: "ضعفه أحمد وابن معين. وقال النسائي: متروك. وقال البخاري: منكر الحديث لم يعتد به أحد. وعن ابن المديني قال: لم يزل أصحابنا يضعفونه. وقال ابن عدي: عامة ما يرويه منكر". وفي نصب الراية للزيلعي 1/ 134: قال الدارقطني: وحارثة لا بأس به. ج- أخرج الدارقطني في سننه 1/ 66 - 67: ... عن عائشة أنها قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمر به الهر فيصغي لها الإِناء فتشرب ثم يتوضأ بفضلها. في إِسناده: عبد الله بن سعيد المقبري، وهو ضعيف. انظر: ميزان الاعتدال 2/ 429. وأخرجه الدارقطني -أيضًا- في سننه 1/ 70، من طريق آخر ... وفي إِسناده محمَّد بن عمر الواقدي، وهو ضعيف الحديث. انظر: ميزان الاعتدال 3/ 662 - 666.=

الكراهة. ثم: التأسي والوجوب (¬1) بالسمع لا بالعقل (¬2) خلافاً لبعض ¬

_ =وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار 1/ 19، من طريق آخر ... د- أخرج الطحاوي في شرح معاني الآثار 1/ 19: عن كعب بن عبد الرحمن عن جده أبي قتادة قال: رأيته يتوضأ، فجاء الهر، فأصغى له حتى شرب من الإِناء، قلت: يا أبتا! لم تفعل هذا؟ فقال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعله، أو قال: "هي من الطوافين عليكم". هـ - أخرج الطبراني في معجمه الصغير 1/ 227 - 228: حدثنا عبد الله بن محمَّد ابن الحسن بن أسيد الأصبهاني، حدثنا جعفر بن عنبسة الكوفي، حدثنا عمر بن حفص المكي عن جعفر بن محمَّد عن أبيه عن جده علي بن الحسين عن أنس بن مالك قال: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إِلى أرض بالمدينة يقال لها (بطحان) فقال: (يا أنس، اسكب لي وضوءًا)، فسكبت له، فلما قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حاجته أقبل إِلى الإِناء وقد أتى هو فولغ في الإِناء، فوقف له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقفة حتى شرب الهر، ثم توضأ، فذكرت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر الهر، فقال: (يا أنس، إِن الهر من متاع البيت لن يقذر شيئًا ولن ينجسه). لم يروه عن جعفر إِلا عمر بن حفص، ولا روى عن علي بن الحسين عن أنس حديثًا غير هذا. أهـ. في لسان الميزان 2/ 120: جعفر بن عنبسة الكوفي: قال ابن القطان: لا يعرف. وقال البيهقي في الدلائل -في إِسناد هو فيه-: إِسناد مجهول. قلت: وذكره الطوسي في رجال الشيعة، وقال: ثقة. وفي ميزان الاعتدال 3/ 190: عمر بن حفص المكي: لا يدرى من ذا؟ (¬1) انظر: العدة/ 745، 749، والمسودة/ 186، 189، وشرح الكوكب المنير 2/ 179. (¬2) في (ب) و (ظ): لا بالفعل.

مسألة

الأصوليين. وسبق (¬1) دليل [ذلك] (¬2) وجوابه. مسألة إِذا سكت - عليه السلام - عن إِنكار فعل أو قول بحضرته أو زمنه قادرًا عالمًا به، فإِن كان معتقدًا لكافر كمضيّه إِلى كنيسة فلا أثر لسكوته اتفاقًا، وإِلا دل على جوازه -وإِن سبق تحريمه فنسخ- لئلا يكون سكوته محرمًا، ولأن فيه تأخير البيان عن وقت الحاجة لإِيهام الجواز والنسخ، لا سيما إِن استبشر به، ولذلك احتج (¬3) الشافعي وأحمد في إِثبات النسب بالقيافة بحديث عائشة: أن (¬4) مُجَزِّزًا (¬5) المدلجي رأى زيد بن حارثة وابنه أسامة، فقال: "إِن هذه الأقدام بعضها من بعض"، فسر النبي - صلى الله عليه وسلم - وأعجبه. متفق عليه. (¬6) ¬

_ (¬1) انظر: ص 285، 288 من هذا الكتاب. (¬2) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬3) انظر: البرهان للجويني/ 499، والشرح الكبير 6/ 403. (¬4) نهاية 46 ب من (ب). (¬5) في (ب): محرز. وفي (ظ): مجزز. (¬6) أخرجه البخاري في صحيحه 4/ 189، 8/ 157، ومسلم في صحيحه/ 1081 - 1082، وأبو داود في سننه 2/ 698، والترمذي في سننه 3/ 298 وقال: "حسن صحيح"، والنسائي في سننه 6/ 184، وابن ماجه في سننه/ 787، وأحمد في مسنده 6/ 82، 226.

وضعف

وضعف (¬1) ابن الباقلاني وأبو المعالي هذه الحجة؛ لأن ترك إِنكاره لموافقة الحق. وسرَّ لإِلزام من طعن في نسب أسامة بما يلزمه على اعتقاده في إِثبات النسب بالقافة. ورد: بأن موافقة الحق لا تجوّز تركَ إِنكار طريقٍ منكر؛ لئلا يتوهم أنها حق. ولا يرتفع إِلزامه بالإِنكار؛ لأنه أُلزم باعتقاده وإن أنكره مُلزِمه. مسألة فعلاه - عليه السلام - إِن [تماثلا] (¬2) كالظهر مثلاً في وقتين، أو اختلفا وأمكن اجتماعهما كصوم وصلاة، أوْ لا لكنه لا يتناقض حكماهما: فلا تعارض، (¬3) لإِمكان الجمع. وكذا إِن تناقض كصومه في وقت (¬4) بعينه (¬5) وأكله في مثله، لإِمكان كونه واجبًا أو مندوبًا أو مباحًا، وفي الوقت الآخر بخلافه من غير أن يكون أحدهما رافعًا أو مبطلاً لحكم (¬6) الآخر؛ إِذ (¬7) لا عموم لفعل، لكن إِن دل ¬

_ (¬1) انظر: البرهان للجويني/ 499. (¬2) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬3) نهاية 37 ب من (ظ) (¬4) نهاية 95 من (ح). (¬5) في (ب): بعيبه. (¬6) في (ب): الحكم. (¬7) في (ب): إِذا.

دليل على وجوب تكرر صومه عليه، أو وجوب التأسي به في مثل ذلك الوقت، فتلبس بضده كالأكل مع قدرته على الصوم دل أكله على نسخ دليل تكرار الصوم في حقه، لا نسخ حكم الصوم السابق لعدم اقتضائه للتكرار، ورفعُ حكم وُجِد محال، أو أقر من أكل في مثله من الأمة فنسخ لدليل (¬1) تعميم الصوم على الأمة في حق ذلك الشخص أو تخصيصه. وقد يطلق النسخ والتخصيص على الفعل بمعنى زوال التعبد به (¬2) مجازًا. وذكر بعض أصحابنا (¬3): "أن كثيراً من العلماء [قال] (¬4) في فعليه المختلفين: الثاني ناسخ للأول وإلا تعارضا، ومال الشافعي إِليه لتقديمه (¬5) حديث سهل (¬6) على حديث ابن عمر في صلاة الخوف (¬7)، ¬

_ (¬1) في (ب): كدليل. (¬2) نهاية 47 أمن (ب). (¬3) انظر: المسودة/ 69. (¬4) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬5) في (ب) و (ح): كتقديمه. (¬6) هو: الصحابي الجليل أبو عبد الرحمن سهل بن أبي حثمة بن ساعدة. (¬7) قال الشافعي في الرسالة/ 244 - 245: والذي أخذنا به في صلاة الخوف: أن مالكاً أخبرنا عن يزيد بن رومان عن صالح بن خوات عمن صلى مع رسول الله صلاة الخوف يوم ذات الرقاع: أن طائفة صفت معه، وطائفة وجاه العدو، فصلى الذين معه ركعة ثم ثبت قائمًا وأتموا لأنفسهم، ثم انصرفوا، فصفوا وجاه العدو، وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت من صلاته، ثم تبت جالسًا، وأتموا لأنفسهم، ثم=

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ =سلم بهم. قال -أعني الشافعي-: أخبرنا من سمع عبد الله بن عمر بن حفص يخبر عن أخيه عبيد الله بن عمر عن القاسم بن محمَّد عن صالح بن خوات بن جبير عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: مثله. قال -أعني الشافعي-: وقد روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى صلاة الخوف على غير ما حكى مالك، وإنما أخذنا بهذا دونه لأنه كان أشبه بالقرآن وأقوى في مكايدة العدو. وانظر: الأم 1/ 210 - 211 وما بعدها. وهذا الحديث أخرجه البخاري في صحيحه 5/ 114، ومسلم في صحيحه/ 575 - 576، وأبو داود في سننه 2/ 30 - 31، والترمذي في سننه 2/ 40 - 41 وقال: "حسن صحيح"، والنسائي في سننه 3/ 171، والشافعي (انظر: بدائع السنن 1/ 202، وترتيب مسند الشافعي 1/ 177، والرسالة/ 182، 244، والأم 1/ 210، واختلاف الحديث -المطبوع آخر الأم- 8/ 526). وقوله في الحديث: "عمن صلى مع رسول الله صلاة الخوف" قال في فتح الباري 8/ 426: قيل: اسم هذا المبهم سهل بن أبي حثمة، ولكن الراجح أنه أبوه خوات ابن جبير ... أقول: وهذا الذي رجحه هو ما صرح به الشافعي في الرسالة/ 263، وفي اختلاف الحديث -المطبوعِ آخر الأم-8/ 526. وجاء في كتاب اختلاف الحديث -المطبوع آخر الأم- 8/ 526 بعد إِيراده الحديث السابق: قال الشافعي: وأخذنا بهذا في صلاة الخوف إِذا كان العدو في غير جهة القبلة أو جهتها غير مأمونين، لثبوته عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وموافقته للقرآن، قال: وروى ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الخوف شيئًا يخالف فيه هذه الصلاة؛ روى: أن طائفة صفت مع=

مسألة

واختيار (¬1) ابن الباقلاني وأبو المعالي (¬2): أنه يفيد جواز الأمرين ما لم يتضمن أحدهما حظراً (¬3)، وأنه ظاهر كلام أحمد في مسائل كثيره, لكن آخر الفعل أولى الفضيلة". مسألة إِذا تعارض فعله وقوله: فإِن لم يدل دليل على تكرره في حقه، ولا على التأسي به، والقول ¬

_ =النبي - صلى الله عليه وسلم -، وطائفة وجاه العدو، فصلى بالطائفة التي معه ركعة، ثم استأخروا ولم يتموا الصلاة، فوقفوا بإِزاء العدو، وجاءت الطائفة التي كانت بإِزاء العدو، فصلوا معه الركعة التي بقيت عليه، ثم انصرفت، وقامت الطائفتان معاً، فأتموا لأنفسهم. أقول: حديث ابن عمر في صلاة الخوف أخرجه البخاري في صحيحه 2/ 14، 5/ 114، ومسلم في صحيحه/ 574، وأبو داود في سننه 2/ 35، والترمذي في سننه 2/ 39 - 40 وقال: "حسن صحيح"، والنسائي في سننه 3/ 171، والدارمي في سننه 1/ 295 - 296، وأحمد في مسنده 2/ 147 - 148، والبيهقي في سننه 3/ 260. وجاء في كتاب اختلاف الحديث -المطبوع في آخر الأم- 8/ 526: قال الشافعي: فإن قال قائل: كيف أخذت بحديث خوات بن جبير دون حديث ابن عمر؟ قيل: لمعنيين ... وانضر: الرسالة/ 182 وما بعدها، 244 - 245، 259 - 267، والأم 1/ 210 وما بعدها، وكتاب اختلاف الحديث -المطبوع في آخر الأم- 8/ 526. (¬1) في (ظ): واختاره. (¬2) انظر: البرهان لأبي المعالي/ 497. (¬3) في (ح) و (ب): خطرًا.

خاص [به] (¬1)، وتأخر -كفعله فعلاً في وقت، ثم يقول: "لا يجوز لي مثله في مثله"- فلا تعارض، لإِمكان الجمع، لعدم تكرار (¬2) الفعل، فلم يكن رافعًا لحكم (¬3) في الماضي ولا المستقبل. وإِن تقدم القول -كقوله: "يجب علي كذا وقت كذا"، وتلبس بضده فيه- (¬4) فالفعل ناسخ لحكمه عند من جوز النسخ قبل التمكن من الفعل، كالأشهر عندنا، ومن لم يجوزه -كالمعتزلة- منعه، وقال: لا يتصور تعمده إِن قيل بالعصمة، وإِلا فمعصية. وإِن جهل (¬5) فالثلاثة (¬6) في (¬7) التكرار والتأسي والقول خاص به. وإِن اختص القول بنا فلا تعارض، تقدم أو تأخر؛ لا نه لم يتحد محلهما. ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬2) في (ب): تكرام. (¬3) في (ح): لحكمه. (¬4) نهاية 96 من (ح). (¬5) يعني: المتقدم منهما. (¬6) وهي: تقديم القول، وتقديم الفعل، والتوقف. (¬7) يعني: الآتية فيما إِذا دل دليل على تكرره في حقه، وعلى التأسي به، والقول خاص به، وجهل المتقدم.

وإِن عم، وتقدم الفعل فلا تعارض في حقه لما سبق (¬1)، ولا في حقنا؛ لأن فعله لم يتعلق بنا. وإن تقدم القول فالحكم في حقه كما سبق (¬2) في القول الخاص به، ولا تعارض في حقنا؛ لأنهما لم يتواردا علينا. فإِن كان العام ظاهرًا فيه (¬3) فالفعل تخصيص كما يأتي. (¬4) * * * وإِن دل على تكرره في حقه، وعلى التأسي به، والقول خاص به فالمتأخر (¬5) ناسخ في حقه، لكن الفعل ينسخ (¬6) القول المتقدم بعد التمكن من الامتثال، وقبله فيه الخلاف، وموجب الفعل (¬7) علينا. وإن جهل فلا تعارض في حقنا؛ لأن القول لم يعمنا، وفي حقه: قيل: يجب العمل بالقول، وقيل: بالفعل، وقيل: بالوقف للتحكم. وفي التمهيد (¬8) -فيما يرد به الخبر-: إِن ورد خبر يخالف فعله: إِن لم ¬

_ (¬1) من عدم وجوب تكرر الفعل. (¬2) فالفعل ناسخ. (¬3) يعني: في النبي - صلى الله عليه وسلم -. (¬4) من أن الأخص يخصص الأعم إِذا تخالفا، تقدم العام أو تأخر؛ لأن التخصيص أهون من النسخ. انظر: شرح العضد 2/ 27. وانظر: ص 950، 966 من هذا الكتاب. (¬5) نهاية 47 ب من (ب). (¬6) نهاية 38 أمن (ظ). (¬7) في (ب): الوجب. (¬8) انظر: التمهيد/ 122 ب.

يعمه (¬1) فلا تعارض، وإلا تعارضا، فالتخصيص ثم المتواتر ثم الترجيح ثم التوقف. والله أعلم. وإِن اختص القول بنا فلا معارضة فيه، والمتأخر ناسخ في حقنا. فإِن جهل فالثلاثة. واختار جماعة (¬2) العمل بالقول هنا؛ لأنه يدل بنفسه، ويقبل التأكيد بالقول، ويعبر به عن معقول ومحسوس، والعمل به -هنا- ينسخ مقتضى الفعل عنا دونه، والفعل يدل بواسطة أنه لا يفعل محرمًالأولا يقبل تأكيدًا، ويختص بمحسوس، والعمل به يبطل القول، والجمع بوجه أولى. واعترض: بأن (¬3) الفعل مبيِّن للقول كبيان الصلاة والحج به، فهو آكد، ولهذا: من بالغ في تفهيم أكد قوله بإِشارة ونحوها. رد: القول مبيِّن لأكثر الأحكام، ويبين الفعل في بيان وجه وقوعه، ولو تساويا ترجح القول بما سبق. وكذا اختار (¬4) في التمهيد (¬5): إِذا تعارض قوله وفعله من كل وجه ¬

_ (¬1) يعني: إِن لم يعم فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -. (¬2) انظر: شرح العضد 2/ 27. (¬3) نهاية 97 من (ح). (¬4) في (ظ): اختاره. (¬5) انظر: التمهيد/ 92 أ-ب.

فالمتأخر ناسخ فيه وفينا، فإِن جهل عمل بالقول. والله أعلم. وإِن عم القول فالمتأخر ناسخ في حقه وحقنا، والمراد: إِن اقتضى القول التكرار فالفعل ناسخ للتكرار، وإِلا فلا معارضة، وذكره (¬1) بعضهم. وإِن جهل فالثلاثة. * * * وِإن دل على تكرره في حقه، لا تأس، واختص القول بنا فلا معارضة، لعدم المزاحمة، أو به أو عَمَّ فلا معارضة في حقنا، لعدم دليل التأسي (¬2)، وفي حقه (¬3): المتأخر ناسخ، فإِن جهل فالثلاثة. * * * وإِن دل على تأس، لا [على] (¬4) تكرره في حقه، واختص القول به، وتأخر فلا معارضة فيه وفينا، لعدم تكرر (¬5) الفعل وتواردهما في محل واحد. وإِن تقدم فالفعل ناسخ في حقه. فإِن جهل فالثلاثة. ¬

_ (¬1) نهاية 48 أمن (ب). (¬2) في (ب): الناسخ. (¬3) في (ب): في حق. (¬4) ما بين المعقوفتين زيادة من (ظ). (¬5) في (ب): تكور.

مسألة

وإِن اختص بنا فلا معارضة فيه، لعدم المزاحمة، وفينا: المتأخر ناسخ، فإِن جهل فالثلاثة. وإن عم، وتقدم الفعل فلا معارضة فيه، وفينا: القول ناسخ. وإن تقدم القول فالفعل ناسخ، وبعد التمكن من العمل بمقتضى القول لا معارضة فيه وفينا، إِلا أن يقتضي القول التكرار، فالفعل ناسخ للتكرار. فإِن جهل فالثلاثة. مسألة قال بعض أصحابنا: فعل الصحابي: هل هو (¬1) مذهب (¬2) له؟ فيه وجهان (¬3)، وفي الاحتجاج به نظر. واحتج القاضي في الجامع الكبير (¬4) -في قضاء المغمى عليه الصلاة- بفعل (¬5) ¬

_ (¬1) انظر: التحرير/ 117، وشرح الكوكب المنير 2/ 208. (¬2) نهاية 98 من (ح). (¬3) أحدهما: أنه مذهب له، وهو أصح الوجهين. والثاني: أن فعل الصحابي إذا خرج مخرج القربة يقتضي الوجوب قياسًا على فعله - صلى الله عليه وسلم -. انظر: شرح الكوكب المنير 2/ 208. (¬4) وهو كتاب في الفروع - للقاضي أبي يعلى. انظر: طبقات الحنابلة 5/ 205. (¬5) أخرج الدارقطني في سننه 2/ 81: ... عن السدي عن يزيد مولى عمار: أن عمار ابن ياسر أغمي عليه في الظهر والعصر والمغرب والعشاء، فأفاق نصف الليل، فصلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء.

عمار (¬1) وغيره، وقال: فعل الصحابة إِذا خرج مخرج القربة يقتضي الوجوب، كفعله عليه السلام. وقد قال قوم: لو تصور اتفاق أهل الإِجماع على عمل لا قول منهم فيه كان كفعل الرسول؛ لثبوت العصمة، واختاره أبو المعالي (¬2) خلافاً لابن الباقلاني. قال بعض أصحابنا (¬3): الأول قول الجمهور حتى أحالوا الخطأ منهم فيه إِذا (¬4) لم (¬5) يشترطوا انقراض العصر. ¬

_ =وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى 1/ 388 بالسند المذكور. وفي التعليق المغني على سنن الدارقطني 2/ 81 - 82: قوله: "عن السدي" هو إِسماعيل بن عبد الرحمن السدي، كان يحيى بن معين يضعفه، وكان يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي لا يريان به بأسًا، ولم يحتج به البخاري (انظر: ميزان الاعتدال 1/ 236)، وشيخه -يزيد مولى عمار- مجهول، والحديث رواه البيهقي في المعرفة، وقال: قال الشافعي: هذا ليس بثابت عن عمار، ولو ثبت فمحمول على الاستحباب. والله أعلم. وفي الجوهر النقي على سنن البيهقي 1/ 387: قلت: سكت عنه، وسنده ضعيف. (¬1) هو: الصحابي الجليل عمار بن ياسر. (¬2) انظر: البرهان لأبي المعالي/ 715. (¬3) انظر: المسودة/ 334. (¬4) كذا في النسخ. ولعل الأقرب: "إِذ". (¬5) نهاية 48 ب من (ب).

الجزء الثاني

الجزء الثاني

الإجماع

الإِجماع لغة (¬1): العزم، والاتفاق. واصطلاحاً: اتفاق علماء العصر على حكم حادثة، ذكره (¬2) في العدة والتمهيد، وفيه -في مكان آخر- (¬3): على أمرٍ فعلٍ أو تركٍ. وفي الواضح كالأول، وأبدل "علماء" بـ "فقهاء"؛ لأن اتفاق النحاة والمفسرين غير حجة -وهم علماء- ولا يعتد بهم في حادثة. (¬4) وقال بعض أصحابنا (¬5): على حكم شرعي. وكذا في الروضة: اتفاق علماء العصر من هذه الأمة على أمر ديني (¬6). وكذا قاله الغزالي، وهو مراده بقوله (¬7): "أمة محمَّد عليه السلام"، فلا يرد عليه أنه لا يوجد اتفاقهم إِلى يوم القيامة، وأنه لا يطرد (¬8) بتقدير عدم ¬

_ (¬1) انظر: لسان العرب 9/ 408، وتاج العروس 5/ 307 (جمع). (¬2) انظر: العدة/ 170، والتمهيد/ 3 ب. (¬3) انظر: التمهيد/ 131 أ. (¬4) انظر: الواضح 1/ 9 ب. (¬5) كابن حمدان في المقنع. انظر: التحرير/ 17 ب. (¬6) انظر: روضة الناظر/ 130. (¬7) انظر: المستصفى 1/ 173. (¬8) لا يطرد: لا يكون مانعًا. قال المؤلف في كتابه هذا: شرطه -يعني الحد- أن يكون مطردًا، وهو المانع. انظر: ص 43 - 44 من هذا الكتاب.

مسألة

مجتهد في عصر اتفقت عوامه على أمر ديني، لكنه لا ينعكس (¬1) بتقدير اتفاق المجتهد بن على عقلي أو عرفي، إِلا أن يكون -كما قيل- ليس إِجماعًا عنده. مسألة يجوز ثبوت الإِجماع، خلافًا (¬2) للأشهر عن إِبراهيم (¬3) النَّظَّام المعتزلي وبعض الرافضة. وقد قال أحمد -في رواية عبد الله (¬4) -: "من ادعى (¬5) الإِجماع فهو ¬

_ (¬1) لا ينعكس: لا يكون جامعًا. قال المؤلف في كتابه هذا: شرطه -يعني الحد- أن يكون منعكسًا، وهو الجامع. انظر: المرجع السابق. (¬2) انظر: شرح العضد 2/ 29. (¬3) هو: أبو إِسحاق إِبراهيم بن يسار بن هانئ البصري، لقب بالنظام لأنه كان ينظم الخرز في سوق البصرة، كان أديبًا متكلمًا شديد الحفظ، وإليه تنسب (النظامية) إحدى فرق المعتزلة، وله آراء شاذة منها: إِنكار حجية الإِجماع والقياس. توفي في حدود سنة 231 هـ. انظر: روضات الجنات 1/ 151، وتاريخ بغداد 6/ 97، والتبصير في الدين/ 43، وفرق وطبقات المعتزلة/ 59، وفضل الاعتزال وطبقات المعتزلة/ 264، والفرق بين الفرق/ 113. (¬4) هو: أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل، إِمام عالم بالحديث وعلله، كان من أكثر الناس رواية عن أبيه، وقد رتب مسند والده وله فيه زيادات، توفي ببغداد سنة 290 هـ. من مؤلفاته: المسائل، رواها عن أبيه. انظر: طبقات الحنابلة 1/ 180، وتاريخ بغداد 9/ 375، وتذكرة الحفاظ/ 565، وطبقات الحفاظ / 288، وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال/ 190، وشذرات الذهب 2/ 203، والمنهج الأحمد 1/ 206. (¬5) انظر: مسائل الإِمام أحمد (رواية عبد الله) / 438 - 439، والعدة/ 160 أ،=

كذاب، لعل الناس اختلفوا، هذه دعوى (¬1) بشر المرِيْسِي (¬2) والأصم" (¬3)، وفي رواية المروذي (¬4): "كيف يجوز (¬5) أن يقول: "أجمعوا"؟ إِذا سمعتهم (¬6) يقولون: "أجمعوا" فاتَّهِمْهم، وإِنما وضع هذ الوضع الأخبار، وقالوا: الأخبار لا تجب بها حجة، وقالوا: نقول بالإِجماع، وأن ذلك قول ضرار (¬7) "، وفي رواية ¬

_ =والتمهيد/ 134 ب. (¬1) نهاية 99 من (ح). (¬2) هو: أبو عبد الرحمن بشر بن غياث المريسي، نسبة إِلى (مريسة) قرية في مصر، المبتدع المشهور واحد كبار شيوخ المعتزلة، من دعاة القول بخلق القرآن، توفي سنة 218 هـ. انظر: وفيات الأعيان 1/ 127، والبداية والنهاية 10/ 281، والجواهر المضية 1/ 44، والفوائد البهية/ 54، وطبقات الشافعية للأسنوي 1/ 143. (¬3) هو: أبو بكر عبد الرحمن بن كيسان المعتزلي، من رجال الطبقة السادسة من طبقات المعتزلة الذين كانت وفاتهم في أوائل القرن الثالث الهجري، له تفسير عجيب. انظر: فرق وطبقات المعتزلة/ 65 - 66، والفهرست/ 34، ولسان الميزان 3/ 427، وطبقات المفسرين للداودي 1/ 269. (¬4) هو: أبو بكر أحمد بن محمَّد بن الحجاج، من أجل أصحاب الإِمام أحمد، إِمام في الفقه والحديث، نقل عن أحمد كثيراً، وتوفي سنة 275 هـ. انظر: طبقات الحنابلة 1/ 56، والمنهج الأحمد 1/ 172، وشذرات الذهب 2/ 166. (¬5) انظر: العدة/ 160أ، والتمهيد/ 134 ب. (¬6) في (ظ): سمعتم. (¬7) هو: أبو عمر ضرار بن عمرو القاضي، قال بالجبر وأنكر عذاب القبر، أخذ عن واصل بن عطاء المعتزلي، وينسب هو وأصحابه إِلى المعتزلة، ويذكر البلخي ان سمة=

أبي الحارث (¬1): "لا ينبغي (¬2) لأحد أن يدعي الإِجماع، وأول من قال: (¬3) "أجمعوا" ضرار". قال القاضي: ظاهره منع صحة الإِجماع، وإينما هذا على الورع (¬4) أو فيمن ليس له معرفة بخلاف السلف (¬5)، لما يأتي (¬6). وكذا أجاب (¬7) أبو الخطاب. وحمله ابن عقيل [على] الورع (¬8)، أو لا يحيط علماً به غالبًا. وقال بعض أصحابنا (¬9): هذا نهي عن الإِجماع العام النطقي، وقال ¬

_ =الاعتزال لا تلزمهم ولا يقبلهم أهله، وقال الحاكم الجشمي المعتزلي: أخذ عنهم ثم خالفهم فكفروه وطردوه، ومن عده من المعتزلة فقد أخطأ لأنا نتبرأ منه فهو من المجبرة. انظر: فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة / 75، 163، 201، 245، ولسان الميزان 3/ 203، وميزان الاعتدال 2/ 328 - 329. (¬1) هو: أحمد بن محمَّد الصائغ، منَ أصحاب الإِمام أحمد المقربين إِليه، نقل عنه مسائل كثيرة. انظر: طبقات الحنابلة 1/ 74. (¬2) انظر: العدة/ 160.أ (¬3) نهاية 49 أمن (ب). (¬4) نهاية 39 أمن (ظ). (¬5) انظر: العدة/ 160.أ (¬6) في المسألة الآتية (الإجماع حجة قاطعة، نص عليه أحمد). (¬7) انظر: التمهيد/ 135 أ. (¬8) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬9) انظر: المسودة/ 316.

-أيضًا-: الظاهر إِمكان وقوعه، وأما إِمكان (¬1) العلم به فأنكره غير واحد من الأئمة، كما يوجد في كلام أحمد وغيره. وذكر الآمدي أن بعضهم خالف في تصوره، وأن القائلين به خالف بعضهم في إِمكان معرفته، منهم أحمد في رواية. (¬2) وتبع الآمدي بعض أصحابنا، وقال: مراد أحمد تعذر معرفة كل المجمعين لا أكثرهم. قالوا: إِن كان عن دليل قاطع فعدم نقله مستحيل عادة، والظني يمتنع اتفاقهم فيه عادة لتباين قرائحهم ودواعيهم المقتضية لاختلافهم. رد: بمنعهما (¬3)؛ للاستغناء عن نقل القاطع بالإِجماع، وكون الظن جليًا تتفق فيه القرائح. قالوا: تفرقهم في أطراف الأرض يمنع نقل الحكم إِليهم عادة. رد: بالمنع؛ لِجِدِّهم في الأحكام وبحثهم عنها. قالوا: العادة تحيل ثبوته عنهم؛ لخفاء بعضهم أو كذبه أو رجوعه قَبْل قول غيره، ثم لو جاز العلم بثبوته لم يقع العلم به؛ لأن العادة تحيل نقله لبُعد التواتر، ولا تفيد الآحاد. ورد: بما لو علم بحصرهم، وبأن تعذره لا يمنع كونه حجة كقول النبي ¬

_ (¬1) في (ب) و (ح): إِنكار. (¬2) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 961، 198. (¬3) في (ظ): بمنعها.

- صلى الله عليه وسلم -، وبأن العلماء كالأعلام لا سيما الصحابة (¬1)، وبالقطع (¬2) بتقديم النص القاطع على الظن (¬3). ورده بعض أصحابنا والآمدي (¬4): باتفاق أهل الكتاب على باطل، ولم نعرف مستندهم من قولِ متَّبَعٍ يقلدونه (¬5) ونقض (¬6) بعض أصحابنا (¬7) والآمدي (¬8) وغيرهم بالإِجماع على أركان الإِسلام، وطريق علمها ليس ضروريًا (¬9)، والوقوع دليل التصور وزيادة. ¬

_ (¬1) نهاية 100 من (ح) (¬2) نهاية 49 ب من (ب). (¬3) يعني: يعلم قطعاً من الصحابة والتابعين الإِجماع على تقديم الدليل القاطع على المظنون، وما ذلك إِلا بثبوته عنهم وبنقله إِلينا. انظر: شرح العضد 2/ 30. (¬4) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 199، ومنتهى السول له 1/ 50. (¬5) في (ب): يقدرونه. (¬6) في التعريفات/ 108: النقض لغة: الكسر، وفي الاصطلاح: بيان تخلف الحكم المدعى ثبوته أو نفيه عن دليل المعلل الدال عليه في بعض من الصور. (¬7) انظر: البلبل/ 128. (¬8) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 197. (¬9) يقول الشيخ عبد الرزاق عفيفي في تعليقه على الإِحكام للآمدي 1/ 197: وجوب أركان الإِسلام مما علم من الدين بالضرورة، والإِجماع في مثل ذلك مسلم، لكنه ليس محل النزاع.

مسألة

مسألة الإِجماع حج قاطعة، نص عليه أحمد (¬1)، وقاله عامة الفقهاء والمتكلمين، خلافاً (¬2) للنظام وبعض المرجئة وبعض الخوارج وبعض الشيعة. وهو حجة شرعًا لا عقلاً -ذكره القاضي (¬3) وغيره- خلافاً لبعضهم. وسبق اتفاقهم على عمل -لا قول منهم فيه- قبيل الإِجماع. (¬4) لنا: (ومن يشاقق الرسول) الآية (¬5) -احتج (¬6) بها الشافعي- توعد على متابعة غير سبيل المؤمنين، وإينما يجوز لمفسدة متعلقة به، وليست من جهة المشاقة وإلا كانت كافية. والسبيل: الطريق، فلو خص بكفر أو غيره كان اللفظ مبهماً، وهو خلاف الأصل. (¬7) ¬

_ (¬1) انظر: العدة/ 160أ، والتمهيد / 135 أ. (¬2) انظر: المعتمد/ 458، والمحصول 2/ 1/ 46، والإِحكام للآمدي 1/ 200، ونهاية السول 2/ 277، وشرح العضد 2/ 30. (¬3) انظر: العدة/ 162أ. (¬4) انظر: ص 364 من هذا الكتاب. (¬5) سورة النساء: آية 115: (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين قوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرًا). (¬6) انظر: أحكام القرآن للشافعي 1/ 39، والتبصرة/ 439، والمعرفة للبيهقي 1/ 89. (¬7) نهاية 39 ب من (ظ).

و"المؤمن" حقيقة في الحي المتصف به، ثم عمومه إِلى يوم القيامة يبطل المراد، وهو الحث على متابعة سبيلهم. والجاهل (¬1) غير مراد، ثم المخصوص حجة. والسبيل (¬2) عام. والتأويل بمتابعة النبي - صلى الله عليه وسلم - أو متابعتهم في الإِيمان [أو] (¬3) الاجتهاد: لا ضرورة إِليه فلا يقبل. وليس تبيين الهدى شرطًا للوعيد بالاتباع بل للمشاقة؛ لأن إِطلاقها لمن عرف الهدى أولاً، ولأن تبيين الأحكام الفروعية ليس (¬4) شرطًا في المشاقة، فإِن من تبين له صدق الرسول (¬5) وتركه فقد شاقه ولو جهلها. وقول الإِمامية: "المراد به من فيهم المعصوم؛ لأن سبيلهم حينئذ حق (¬6) " خلاف (¬7) الظاهر وتخصيص بلا ضرورة (¬8)، ولا دليل (¬9) لهم على ¬

_ (¬1) جواب عن اعتراض مقدر: إِن لفظ "المؤمنين" عام في كل مؤمن عالم وجاهل، والجهال غير داخلين في الإِجماع المتبع، فالآية غير دالة عليه. (¬2) جواب اعتراض مقدر: السبيل مفرد لا عموم له، فلا يقتضي اتباع كل سبيل. (¬3) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬4) في (ح) و (ظ): ليست. (¬5) نهاية 50 أمن (ب). (¬6) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 208. (¬7) في (ب) و (ظ): فخلاف. (¬8) في (ظ) ونسخة في هامش (ب): بالضرورة. (¬9) نهاية 101 من (ح).

العصمة. وما قيل من "أن الآية ظاهرة، ولا دليل على أن الظاهر حجة إِلا الإِجماع، فيلزم الدور" ممنوع؛ لجواز نص قاطع على أنه حجة، أو استدلال قطعي؛ لأن الظاهر مظنون وهو حجة لئلا يلزم رفع النقيضين أو اجتماعهما أو العمل بالمرجوح (¬1) وهو خلاف العقل. وأيضاً: (فإِن تنازعتم في شيء فردوه) (¬2)، والمشروط عدم عند عدم شرطه، فاتفاقهم كاف. واعترض: عدم الرد إِلى الكتاب والسنة عند الإِجماع إِن بني الإِجماع على أحدهما فهو كاف، وإِلا ففيه تجويز الإِجماع بلا دليل. ثم: لا نسلم عدم الشرط؛ فإِن الكلام مفروض في نزاع مجتهدين متأخرين لإِجماع (¬3) سابق. رد الأول: بأن الإِجماع إِن احتاج إِلى مستند فقد يكون قياسًا. والثاني: مشكل جدًا، قاله الآمدي (¬4). ¬

_ (¬1) في (ب): بالمرجوع. (¬2) سورة النساء: آية 59: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إِلى الله والرسول إِن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً). (¬3) في (ب) و (ظ): لا إِجماع. وانظر الإِحكام للآمدي 1/ 218. (¬4) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 218.

واختار أبو الخطاب (¬1): أن مراد الآية (¬2) فيما لا نعلم (¬3) أنه خطأ، وأن ظنناه (¬4) رددنا إِلى الله ورسوله. وأيضاً: (ولا تفرقوا) (¬5)، وخلاف الإِجماع تفرق، والنهي عن التفرق ليس في الاعتصام؛ للتأكيد (¬6) ومخالفة الظاهر، وتخصيصه بما (¬7) قبل الإِجماع لا يمنع الاحتجاج به (¬8)، ولا يختص الخطاب بالموجودين زمنه عليه السلام؛ لأن التكليف لكل من وجد مكلفاً (¬9) كما سبق. (¬10) وأيضاً: (كنتم خير أمة) (¬11) فلو اجتمعوا على باطل كانوا قد اجتمعوا على منكر لم ينهوا عنه ومعروف لم يؤمروا به، وهو خلاف ما وصفهم الله به. ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد/ 133 ب. (¬2) يعني: طاعة أولي الأمر فيما لا نعلم أنه خطأ. (¬3) في (ب) و (ظ): فيما لا يعلم. (¬4) يعني: ظننا الخطأ ونازعناهم فيه. (¬5) سورة آل عمران: آية 103: (واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا) (¬6) لأنه لو كان في الاعتصام لكان تأكيداً، والأصل التأسيس. (¬7) في (ظ) ونسخة في هامش (ب): بها. (¬8) لأن العام حجة بعد التخصيص. (¬9) في (ح): مطلقًا. (¬10) انظر: ص 295 من هذا الكتاب. (¬11) سورة آل عمران: آية 110: (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ...).

ولأنه جعلهم (أمة وسطًا) (¬1) أي عدولاً، ورضي بشهادتهم مطلقًا. وعلى ذلك اعتراضات وأجوبة (¬2) تطول. وعن أبي مالك (¬3) الأشعري مرفوعًا: (إِن الله أجاركم من (¬4) ثلاث خلال: أن لا يدعو عليكم نبيكم فتهلكوا جميعًا، وأن لا يظهر أهل الباطل على أهل الحق، وأن لا تجتمعوا [على] (¬5) ضلالة). رواه (¬6) أبو داود من رواية إِسماعيل بن عَيَّاش (¬7) عن ضَمْضَم بن زُرْعَة ¬

_ (¬1) سورة البقرة: آية 143: (وكذلك جعلناكم أمة وسطًا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدًا ...) (¬2) نهاية 50 ب من (ب). (¬3) هو: الصحابي الحارث بن الحارث. (¬4) نهاية 40 أمن (ظ). (¬5) ما بين المعقوفتين سقط من (ب). (¬6) انظر: سنن أبي داود 4/ 452، وأخرجه -أيضاً- الدارمي في سننه 1/ 32 من حديث عمرو بن قيس بألفاظ أخرى. قال المناوي في فيض القدير 2/ 199: قال في المنار: هذا الحديث منقطع. وقال ابن حجر: في إِسناده انقطاع، وله طرق لا يخلو واحد منها من مقال. وقال -في موضع آخر-: سنده حسن، وله شاهد عند أحمد، ورجاله ثقات، لكن فيه راو لم بسم. فانظر: مسند أحمد 6/ 396، وراجع: المعتبر/ 12 أ. (¬7) هو: أبو عتبة العنسي الحمصي عالم أهل الشام، ولد سنة 106 هـ، روى عن محمَّد ابن زياد الألهاني وضمضم بن زرعة وغيرهما، وروى عه محمَّد بن إِسحاق والثوري والأعمش والليث بن سعد وغيرهم، توفي سنة 181 هـ، وثقه أحمد وابن معين ودحيم والبخاري وابن عدي في أهل الشام وضعفوه في الحجازيين، قال ابن حجر في=

الحمصي (¬1)، وأكثرهم يصحح حديث إِسماعيل عن الشاميين، منهم (¬2): أحمد وابن معين (¬3) والبخاري. وعن ابن عمر مرفوعًا: (لا تجتمع هذه الأمة على ضلالة أبدًا) -فيه ¬

_ =التقريب: صدوق في روايته عن أهل بلده مخلط في غيرهم. انظر: يحيى بن معين وكتابه التاريخ 2/ 36، وميزان الاعتدال 1/ 240، وتهذيب التهذيب 1/ 321، وتقريب التهذيب 1/ 73، وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال / 35. (¬1) الحضرمي، روى عن شريح بن عبيد، وعنه إِسماعيل بن عياش، ويحيى بن زرعة الحضرمي، وثقه ابن معين، وذكره ابن حبان في الثقات، وضعفه أبو حاتم، قال ابن حجر في التقريب: صدوق يهم. انظر: ميزان الاعتدال 2/ 331، وتهذيب التهذيب 4/ 462، وتقريب التهذيب 1/ 375، وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال 1/ 178. (¬2) انظر: التاريخ الكبير للبخاري 1/ 1/ 369 - 370، والجرح والتعديل 1/ 1/ 192، والسنن الكبرى للبيهقي 1/ 142. (¬3) هو: أبو زكريا يحيى بن معين بن عون الغطفاني -مولاهم- البغدادي، إِمام حافظ ثبت متقن ذو معرفة واسعة بالحديث، توفي بالدينة سنة 233 هـ. من مؤلفاته: التاريخ. انظر: تاريخ بغداد 14/ 177، ووفيات الأعيان 5/ 190، وطبقات الحنابلة 1/ 420، وتذكرة الحفاظ/ 429، وتهذيب الأسماء واللغات 1/ 2/ 156، وطبقات الحفاظ / 185 والمنهج الأحمد 1/ 93، وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال/ 428، وشذرات الذهب 2/ 79.

سليمان (¬1) بن سفيان، ضَعَّفوه- رواه (¬2) (¬3) الترمذي، وقال: غريب من هذا الوجه. (¬4) ¬

_ (¬1) هو: أبو سفيان التيمي المدني، روى عن بلال بن يحيى وعبد الله بن دينار، وعنه أبو داود الطيالسي، ضعفه أبو حاتم وغيره. انظر: ميزان الاعتدال 2/ 209، وتهذيب التهذيب 4/ 194، وتقريب التهذيب 1/ 325، وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال/ 152. (¬2) انظر: سنن الترمذي 3/ 315، قال: وفي الباب عن ابن عباس. وأخرجه -أيضًا- أحمد في مسنده 5/ 145 من حديث أبي ذر وأبي بصرة مرفوعين، والحاكم في مستدركه 1/ 115 - 116 من حديث ابن عمر وابن عباس مرفوعين، قال الحاكم -عن حديث ابن عمر-: استقر الخلاف في إِسناده على المعتمر بن سليمان -وهو أحد أركان الحديث- من سبعة أوجه (وكان قد ذكرها) ... ولكن نقول: إِن المعتمر بن سليمان أحد أئمة الحديث، وقد روي عنه هذا الحديث بأسانيد يصح بمثلها الحديث، فلا بد أن يكون له أصل بأحد هذه الأسانيد، ثم وجدنا للحديث شواهد من غير حديث المعتمر لا أدعي صحتها ولا أحكم بتوهينها، بل يلزمني ذكرها لإِجماع أهل السنة على هذه القاعدة من قواعد الإِسلام، فممن روي عنه هذا الحديث من الصحابة ابن عباس. ثم ذكره. (¬3) نهاية 102 من (ح). (¬4) قال المباركفوري: والحديث قد استدل به على حجية الإِجماع، وهو ضعيف، لكن له شواهد، قال ابن حجر في التلخيص: قوله: (وأمته معصومة لا تجتمع على ضلالة) هذا في حديث مشهور له طرق كثيرة لا يخلو واحد منها من مقال. فانظر: تحفة الأحوذي 6/ 386، وانظر -أيضًا-: الإِحكام لابن حزم/ 496، والمعتبر/ 12 ب- 13أ، وتخريج أحاديث المنهاج للعراقي/ 298 والمقاصد الحسنة / 460، وتخريج أحاديث البزدوي/ 245.

وعن مُعان (¬1) بن رفاعة (¬2) عن أبي خلف (¬3) الأعمى عن أنس (¬4) مرفوعًا: (إِن أمتي لا تجتمع على ضلالة، فإِذا رأيتم الاختلاف فعليكم بالسواد الأعظم، الحق وأهله). إِسناد ضعيف، رواه (¬5) ابن ماجه ¬

_ (¬1) غيرت في (ب) و (ظ) إِلى معاذ. (¬2) هو: أبو محمَّد السلامي الدمشقي -ويقال: الحمصي- روى عن إِبراهيم بن عبد الرحمن العذري وعبد الوهاب بن بخت وعطاء الخراساني وأبي خلف الأعمى وغيرهم، وعنه إِسماعيل بن عياش ومبشر بن إِسماعيل الحلبي وعصام بن خالد وغيرهم، توفي سنة 157 هـ. وثقه ابن المديني ودحيم، وعن أحمد: لم يكن به بأس، وضعفه ابن معين، وقال الجوزجاني: ليس بحجة، وقال الذهبي: هو صاحب حديث ليس بمتقن، قال ابن حجر في التقريب: لين الحديث كثير الإِرسال. انظر: ميزان الاعتدال 4/ 134، وتهذيب التهذيب 10/ 201، وتقريب التهذيب 2/ 258. (¬3) هو: حازم بن عطاء البصري، روى عن أنس بن مالك، وعنه سابق البربري ومعان بن رفاعة وأبو عبد الله البكاء، كذبه يحيى بن معين، وقال أبو حاتم: منكر الحديث. قال ابن حجر في التقريب: متروك. انظر: ميزان الاعتدال 1/ 446، 4/ 521، وتهذيب التهذيب 12/ 87، وتقريب التهذيب 2/ 417 - 418. (¬4) هو الصحابي أبو حمزة أنس بن مالك. (¬5) انظر: سنن ابن ماجه/ 1303، والسنة لابن أبي عاصم / 8 أ. وأخرجه -أيضًا- الحاكم في مستدركه 1/ 115 من حديث ابن عمر (وتقدم كلامه عليه في الحديث السابق). قال ابن قُطلُوبُغَا: رواه ابن ماجه، وفيه ضعف، لكن له طريقان آخران، أحدهما: عند الحاكم، والآخر عند ابن أبي عاصم، وفي كليهما=

وابن أبي عاصم (¬1). وعن إِسماعيل بن عَيَّاش عن البَخْتَرِي (¬2) بن عبيد عن أبيه (¬3) عن أبي ذر (¬4) ¬

_ =ضعف. ورواه أبو نعيم في الحلية عن ابن عمر وأصله للترمذي. وقال البوصيري في زوائد ابن ماجه: في إسناده أبو خلف الأعمى، وهو ضعيف، وقد جاء الحديث بطرق في كلها نظر. انظر: تخريج أحاديث البزدوي / 243، وتخريج أحاديث المنهاج / 300. (¬1) هو: أبو بكر أحمد بن عمرو النبيل الشيباني، قاضي أصبهان، محدث فقيه، توفي سنة 287 هـ. من مؤلفاته: كتاب السنة. انظر: تذكرة الحفاظ / 640، وطبقات الحفاظ/ 280، وشذرات الذهب 2/ 197. (¬2) هو: البختري بن عبيد بن سلمان الطابخي الكلبي الشامي، روى عن أبيه وسعد بن مسهر، وعنه إِسماعيل بن عياش وأبو الوليد بن مسلم وهشام بن عمار وغيرهم. ضعفه أبو حاتم وغيره، وقال أبو نعيم: روى عن أبيه موضوعات. وقال الأزدي: كذاب ساقط. قال ابن حجر في التقريب: ضعيف متروك. انظر: ميزان الاعتدال 1/ 299، وتهذيب التهذيب 1/ 422، وتقريب التهذيب 1/ 94، وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال/ 46. (¬3) هو: عبيد بن سلمان الكلبي، روى عن أبي ذر وأبي هريرة ومعاوية، وعنه ابنه البختري ويزيد بن عبد الملك النوفلي. قال أبو حاتم والدارقطني: مجهول. وقال يعقوب بن شيبة: معروف. قال ابن حجر في التقريب: مجهول. انظر: ميزان الاعتدال 3/ 19، وتهذيب التهذيب 7/ 66، وتقريب التهذيب 1/ 543، وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال/ 255. (¬4) هو: الصحابي جندب بن جنادة بن سفيان الغفاري.

مرفوعًا: (عليكم بالجماعة، فإِن الله لن (¬1) يجمع أمتي إِلا على هدى). إِسناد ضعيف، رواه أحمد (¬2). ولأحمد (¬3) وأبي داود عن خالد بن وهبان (¬4) -وهو مجهول- عن أبي ذر مرفوعًا: (من فارق الجماعة شبرًا فقد خلع ربقة الإِسلام من عنقه). (¬5) ولهما (¬6) أيضاً -بإِسناد جيد- عن معاوية (¬7) مرفوعًا: (إِن هذه الأمة ¬

_ (¬1) في (ح): لا. وفي (ظ): لم. (¬2) انظر: مسند أحمد 1/ 145، وتحفة الأحوذي 6/ 384، 388. (¬3) انظر: مسند أحمد 5/ 180، وسنن أبي داود 5/ 118. (¬4) هو: ابن خالة أبي ذر، روى عنه، وعنه أبو الجهم سليمان بن الجهم الجوزجاني، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال أبو حاتم: مجهول. وكذا قال ابن حجر في التقريب. انظر: ميزان الاعتدال 1/ 644، وتهذيب التهذيب 3/ 125، وتقريب التهذيب 1/ 220، وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال/ 103. (¬5) وأخرجه -أيضًا- الحاكم في مستدركه 1/ 117، وقال: وخالد بن وهبان لم يجرح في رواياته، وهو تابعي معروف، إِلا أن الشيخين لم يخرجاه، وقد روى هذا المتن عن ابن عمر بإِسناد صحيح على شرطهما. أ. هـ ووافقه الذهبي في التلخيص على عدم تضعيف خالد. وأخرج نحوه النسائي في سننه 7/ 92 من حديث عرفجة مرفوعاً. (¬6) انظر: مسند أحمد 4/ 102، وسنن أبي داود 5/ 4 - 5. (¬7) هو: الصحابي معاوية بن أبي سفيان.

ستفترق (¬1) على ثلاث وسبعين -يعني ملة- ثنتان وسبعون في النار، وواحدة في الجنة، وهي الجماعة). (¬2) وللترمذي (¬3) عن ابن عمر مرفوعاً: (إِن الله لا يجمع أمتي -أو قال: أمة محمَّد- على ضلالة، ويد الله على الجماعة، ومن شذ شذ في النار). (¬4) ¬

_ (¬1) في (ب): ستفرق. (¬2) وأخرجه أبو داود -أيضًا- في سننه 4/ 5 من حديث أبي هريرة مرفوعًا، والترمذي في سننه 4/ 134 من حديث أبي هريرة، وقال: وهو حديث حسن صحيح، قال: وفي الباب عن سعد وعبد الله بن عمرو وعوف بن مالك. وأخرجه ابن ماجه في سننه / 1321 - 1322 من حديث أبي هريرة وعوف بن مالك وأنس. وأخرجه الدارمي في سننه 2/ 158 من حديث معاوية. وأخرجه ابن حبان في صحيحه (انظر: موارد الظمآن/ 454) من حديث أبي هريرة. وأخرجه الحاكم في مستدركه 1/ 128 من حديث أبي هريرة، وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وله شواهد -وذكرها- ثم قال: هذه أسانيد تقام بها الحجة في تصحيح هذا الحديث. أ. هـ، ووافقه الذهبي في التلخيص. (¬3) انظر: سنن الترمذي 31513 - 316، وفي سنده سليمان المديني، قال الترمذي: وسليمان المديني هو عندي سليمان بن سفيان، وفي الباب عن ابن عباس. وأخرج الترمذي عن ابن عباس مرفوعًا: (يد الله مع الجماعة)، وقال: غريب لا نعرفه من حديث ابن عباس إِلا من هذا الوجه. (¬4) وأخرجه -أيضاً- ابن أبي عاصم في السنة/ 8 ب، والحاكم في مستدركه 1/ 115 - 116 من حديث ابن عمر وابن عباس، وانظر: ص 377 من هذا الكتاب.

ولأحمد (¬1) عن أبي بصرة الغفاري (¬2) مرفوعًا: (سألت الله أن لا يجمع أمتي على ضلالة، فأعطانيه). (¬3) وعن ابن عباس مرفوعًا: (من رأى من أميره شيئًا يكرهه فليصبر، فإِنه من فارق الجماعة شبرًا -فمات- فميتة (¬4) جاهلية). (¬5) وعن أبي هريرة (¬6) مرفوعًا: (من خرج من الطاعة، وفارق الجماعة -فمات- مات ميتة جاهلية). متفق عليهما. (¬7) وعن عبد الرحمن (¬8) بن عبد الله بن مسعود عن أبيه مرفوعًا: (ثلاث ¬

_ (¬1) انظر: مسند أحمد 6/ 396، وفيه راو لم يسم. (¬2) الصحابي جميل بن بصرة. (¬3) وأخرجه -أيضًا- الطبراني في المعجم الكبير 2/ 314 - 315، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 2/ 30، وابن أبي خيثمة في تاريخه، فانظر: المعتبر/ 13 ب، والمقاصد الحسنة / 460. (¬4) في (ح): فميتته (¬5) أخرجه البخاري في صحيحه 9/ 47، 62، ومسلم في صحيحه / 1477 - 1478. (¬6) نهاية 51 أمن (ب). (¬7) أخرجه مسلم في صحيحه/ 1476 - 1477، وابن أبي عاصم في السنة/ 9 أ، والنسائي في سننه 7/ 123، ولم أجده في صحيح البخاري. (¬8) الهذلي الكوفي، ثقة روى عن أبيه وعلي بن أبي طالب وغيرهما، وعنه ابناه القاسم ومعن وسماك بن حرب وغيرهم، وقد تكلموا في روايته عن أبيه لصغره، فاختلفوا في سماعه منه، توفي سنة 79 هـ. نظر: ميزان الاعتدال 2/ 573، وتهذيب التهذيب 6/ 215.

لا (¬1) يغل (¬2) عليهن قلب مسلم: إِخلاص (¬3) العمل (¬4) لله، والنصيحة للمسلمين، ولزوم جماعتهم). إِسناده جيد، لكن اختلف في سماع عبد الرحمن من أبيه، رواه الشافعي (¬5). ولأحمد (¬6) مثله من حديث جبير (¬7) بن مطعم بإِسناد حسن (¬8). ¬

_ (¬1) في (ظ): لا تعل. (¬2) لا يغل -بضم الياء وكسر الغين وتشديد اللام-: من الإِغلال، وهو الخيانة في كل شيء. ويروى (يغل) -بفتح الياء وكسر الغين وتشديد اللام-: من الغل وهو الحقد والشحناء، أي لا يدخله حقد يزيله عن الحق. ويروى (يغل) -بفتح الياء وكسر الغين وتخفيف اللام-: من الوغول وهو الدخول في الشر. والمعنى أن هذه الخلال الثلاث تستصلح بها القلوب، فمن تمسك بها طهر قلبه من الخيانة والدغل والشر. انظر: النهاية في غريب الحديث 3/ 381. (¬3) في (ظ): اخلص. (¬4) في (ب): العلم. (¬5) انظر: بدائع المنن 1/ 14. (¬6) انظر: مسند أحمد 4/ 80، 82، وأخرجه أحمد -أيضًا- في مسنده 3/ 225، 5/ 183 من حديث أنس وزيد بن ثابت. (¬7) هو: الصحابي جبير بن مطعم القرشي. (¬8) وأخرجه -أيضًا- ابن ماجه في سننه/ 84، 1016 من حديث جبير وزيد بن ثابت، والدارمي في سننه 1/ 65 من حديث جبير، والحاكم في مستدركه 1/ 86 - 88 من حديث جبير من طرق، وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي في التلخيص.

وعن ثوبان (¬1) مرفوعًا: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله، وهم كذلك). وفي (¬2) حديث جابر (¬3): (إِلى يوم القيامة). وفي حديث جابر بن (¬4) سمرة: (حتى تقوم (¬5) الساعة). روى (¬6) ذلك مسلم، وفي الصحيحين (¬7) معناه من حديث معاوية (¬8). وعن عمر مرفوعًا: (عليكم بالجماعة، وإياكم والفرقة، فإِن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد، من أراد بُحْبُوحة الجنة فليلزم الجماعة). حديث صحيح له طرق، رواه (¬9) الشافعي وأحمد ¬

_ (¬1) هو: الصحابي ثوبان بن بُجْدُد. (¬2) نهاية 103 من (ح). (¬3) الصحابي جابر بن عبد الله. (¬4) هو: الصحابي أبو عبد الله السّوائي. (¬5) نهاية 40 ب من (ظ). (¬6) انظر: صحيح مسلم/ 1523 وما بعدها. (¬7) انظر: صحيح البخاري 1/ 21، 4/ 207، 9/ 10، وصحيح مسلم/ 1524. (¬8) وأخرجه البخاري -أيضًا- في صحيحه 4/ 207، 9/ 101 من حديث المغيرة بن شعبة، وأخرجه مسلم -أيضًا- في صحيحه/ 1523، 1524 - 1525 من حديث المغيرة وعقبة بن عامر. (¬9) انظر: الرسالة للشافعي/ 473 - 474، ومسند أحمد 1/ 26، وتخريج أحاديث البزدوي/ 243، وتحفة الأحوذي 6/ 184، وسنن الترمذي 3/ 315، وقال: حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه، وقد روى هذا الحديث من غير وجه عن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وعبد بن حميد (¬1) والترمذي وغيرهم (¬2). وفي مسند (¬3) أبي داود (¬4) الطيالسي: ثنا المسعودي (¬5) ¬

_ (¬1) هو: أبو محمَّد عبد بن حميد بن نصر الكِسِّي، قيل: اسمه عبد الحميد، إِمام حافظ ثقة، روى عنه مسلم والترمذي وخلق، توفي سنة 249 هـ. من مؤلفاته: المسند، والتفسير. انظر: تذكرة الحفاظ/ 534، وطبقات الحفاظ/ 234، وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال/ 248، وشذرات الذهب 1/ 120. (¬2) كالطيالسي في مسنده/ 7، وأبي يعلى في مسنده 1/ 21 - 22 مخطوط، وابن أبي عاصم في السنة/ 9أ، والحاكم في مستدركه 1/ 114 من طرق، وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي في التلخيص. (¬3) من أوائل المسانيد المصنفة، وهو مطبوع. (¬4) هو: سليمان بن داود بن الجارود البصري، حافظ محدث ثقة، توفي بالبصرة سنة 203 هـ. من مؤلفاته: المسند. انظر: تاريخ بغداد 9/ 24، وتذكرة الحفاظ 1/ 35، وميزان الاعتدال 2/ 203، وطبقات الحفاظ/ 149، وشذرات الذهب 2/ 12. (¬5) هو: عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود الكوفي، روى عن أبي إِسحاق السبيعي وأبي إِسحاق الشيباني وحبيب بن أبي ثابت وغيرهم، وعنه السفيانان وشعبة وأبو داود الطيالسي وغيرهم، توفي سنة 160 هـ، وثقه أحمد وابن معين، وقال ابن حبان: اختلط حديثه فلم يتميز، فاستحق الترك، وقال الذهبي: سيئ الحفظ، كره بعض الأئمة الرواية عنه. قال ابن حجر في التقريب: صدوق اختلط قبل موته، وضابطه: أن من سمع منه ببغداد فبعد الاختلاط.=

عن (¬1) أبي وائل (¬2) عن عبد الله بن مسعود: "ما رآه المسلمون (¬3) حسنًا فهو عند الله حسن، وما رآه (¬4) المسلمون سيئًا فهو عند الله سَيِّئ" (¬5). ¬

_ =انظر: يحيى بن معين وكتابه التاريخ 2/ 351، وميزان الاعتدال 2/ 574، وتهذيب التهذيب 6/ 210، وتقريب التهذيب 1/ 487. (¬1) كذا في النسخ، وفي المسند: المسعودي عن عاصم عن أبي وائل، وعاصم هو: أبو بكر عاصم بن أبي النجود -بهدلة- الأسدي الكوفي، أحد القراء السبعة، روى عن أبي وائل وأبي صالح السمان وأبي عبد الرحمن السلمي وغيرهم، وعنه الأعمش وشعبة والمسعودي وغيرهم، توفي سنة 127 هـ، قال أحمد وأبو زرعة: ثقة. وقال النسائي: ليس بحافظ. وقال الدارقطني: في حفظ عاصم شيء. وقال الذهبي: ثبت في القراءة، وهو في الحديث دون المثبت، صدوق يهم، خرج له الشيخان لكن مقرونًا بغيره لا أصلاً وانفرادًا. وقال ابن حجر في التقريب: صدوق له أوهام، حجة في القراءة، وحديثه في الصحيحين مقرون. انظر: تهذيب الكمال/ 634 مخطوط، وميزان الاعتدال 2/ 357، وتهذيب التهذيب 5/ 38، وتقريب التهذيب 1/ 383. (¬2) هو: شقيق بن سلمة الأسدي الكوفي، ثقة كثير الحديث، أدرك النبي ولم يره، روى عن ابن مسعود وغيره، وعنه عاصم وغيره، توفي سنة 82 هـ. انظر: الكاشف 2/ 15، وتهذيب التهذيب 4/ 361، وتقريب التهذيب 1/ 354. (¬3) في المسند: المؤمنون. (¬4) في المسند: وما رأوه قبيحًا فهو عند الله قبيح. (¬5) انظر: مسند الطيالسي/ 33. وأخرجه -أيضًا- أحمد في مسنده 1/ 379، والطبراني في المعجم الكبير 9/ 118، والخطيب في الفقيه والمتفقه 1/ 166 - 167، والبغوي في شرح السنة 1/ 214 - 215. وفي مجمع الزوائد 1/ 781:=

قال الآمدي (¬1) وغيره: السنة أقرب الطرق إِلى كون الإِجماع حجة قاطعة. فإِن قيل: آحاد. سلمنا التواتر، لكن يحتمل أنه أراد عصمتهم عن الكفر بلا تأويل وشبهة، أو عن الخطأ في الشهادة في الآخرة، أو فيما يوافق المتواتر (¬2)، ويحتمل أنه أراد كل الأمة إِلى يوم القيامة. ثم: لم يلزم أنه حجة على المجتهدين لا سيما إِن قيل: كل مجتهد مصيب. رد: (¬3) بالقطع بمجموعها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قصد تعظيم أمته وبيان (¬4) عصمتها عن الخط، كالقطع بوجود حاتم الطائي (¬5)، فهي متواترة معنى. وفي كلام القاضي (¬6) -وهو معنى الروضة (¬7) -: لا بد لكثرتها من ¬

_ =رواه أحمد والبزار والطبراني في الكبير، ورجاله موثقون. وفي كشف الخفاء 2/ 263: وهو موقوف حسن، وقال ابن عبد الهادي: روي مرفوعًا عن أنس بإِسناد ساقط، والأصح وقفه على ابن مسعود. (¬1) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 219. (¬2) في (ب) و (ظ): التواتر. (¬3) في (ح): ورد. (¬4) نهاية 51 ب من (ب). (¬5) هو: حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج، الشاعر الجاهلي الجواد المشهور. انظر: الشعر والشعراء 1/ 241 تحقيق: أحمد شاكر، وتاريخ الخميس 1/ 255. (¬6) انظر: العدة/ 161 ب. (¬7) انظر: روضة الناظر/ 134.

صحة بعض لفظها. ولأن الأمة تلقتها بالقبول، والظن يفيد في مسألة علمية لوجوب العمل به، ولو وجد منكر لاشتهر عادة، والاحتجاج في الأصول بما لا صحة له مستحيل عادة. وأجاب القاضي (¬1) (¬2) وأبو الخطاب (¬3) وابن عقيل -أيضًا-: بأن الإِجماع مسألة شرعية طريقه طريق مسائل الفروع. وقد قال (¬4) الحلواني من أصحابنا [ما (¬5) ذكره ابن عقيل (¬6) وغيره]: تثبت (¬7) مسائل أصول الفقه بالظن، ولا يفسق المخالف، وبه قال أكثر الفقهاء والمتكلمين، وخالف بعض الأشعرية -وهو ابن اللَّبَّان (¬8) - في ¬

_ (¬1) انظر: العدة/ 161 ب. (¬2) نهاية 104 من (ح). (¬3) انظر: التمهيد/ 133 ب. (¬4) انظر: المسودة/ 473. (¬5) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬6) انظر: الواضح 2/ 77أ، 196 ب، والمعتمد في أصول الدين للقاضي أبي يعلى/ 273. (¬7) في (ظ): "ثبت" بدون نقط. (¬8) هو: أبو محمَّد عبد الله بن محمَّد الأصفهاني، أخذ الأصول عن أبي بكر الباقلاني، وتوفي بأصفهان سنة 446 هـ. من مؤلفاته: روضة الأخبار، ودرة الغواص في علوم الخواص. انظر: تاريخ بغداد 10/ 144، واللباب 3/ 65، وتبيين كذب المفترى=

الأولى (¬1)، وبعض (¬2) المتكلمين في الثانية. واستدل: أجمعوا على القطع بتخطئة المخالف، والعادة تحيل إِجماع عدد كثير من المحققين على قطع في شرعي من غير قاطع، فوجب تقدير نص فيه، وأجمعوا -أيضًا- على تقديمه على الدليل القاطع، فكان قاطعًا؛ وإلا تعارض الإِجماعان (¬3)، لتقديم (¬4) القاطع على غيره إِجماعًا. وهذان الإِجماعان لا يلزم أن عددهما عدد التواتر، وإن لزم فيهما فلا يلزم في كل إِجماع. ورده الآمدي (¬5) -وبعضه في (¬6) كلام غيره-: بأن من قال ذلك اعتبر في الإِجماع عدد التواتر، وأنه يلزمه أن لا يختص الإِجماع بأهل الحل والعقد من المسلمين، بل عام في كل من بلغ عددهم عدد التواتر، وإن لم يكونوا مسلمين فضلاً من أهل الحل والعقد. ¬

_ =/ 145، وطبقات الشافعية للسبكي 5/ 72، وطبقات الشافعية للأسنوي 1/ 90، والنجوم الزاهرة 5/ 38، وشذرات الذهب 3/ 273. (¬1) في (ح) و (ظ) ونسخة في هامش (ب): الأولة. (¬2) في (ب) و (ظ): كبعض. (¬3) وهما: 1 - الإِجماع على تقديم الإجماع على الدليل القاطع. 2 - الإِجماع على تقديم القاطع على غيره. انظر: شرح العضد 2/ 30 - 31. (¬4) في (ب): كتقديم. (¬5) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 223. (¬6) نهاية 41أمن (ظ).

[وذكر بعض أصحابنا (¬1) أن أجود الأدلة الإِجماع الثاني (¬2)]. واستدل: يمتنع عادة اجتماعهم على مظنون، فدل على قاطع. رد: بمنعه في قياس جلي وأخبار آحاد (¬3) بعد علمهم بوجوب العمل بمظنون. قالوا: (تبيانًا لكل شي) (¬4)، (فردوه إِلى الله والرسول) (¬5)، (فحكمه إِلى الله) (¬6)، (وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون) (¬7) (¬8). رد: لا يلزم (¬9) أن لا يكون الإِجماع تبيانًا ولا حجة عند التوافق، ثم يلزم عليه السنة. ¬

_ (¬1) انظر: البلبل/ 129. (¬2) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬3) نهاية 52 أمن (ب). (¬4) سورة النحل: آية 89: (ونزلنا عليك الكتاب تبيانًا لكل شيء). (¬5) سورة النساء: آية 59: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إِلى الله والرسول). (¬6) سورة الشورى: آية 10: (وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إِلى الله). (¬7) سورة الأعراف: آية 33: (قل إِنما حرم ربي الفواحش) إِلى قوله: (وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون). (¬8) نهى كل الأمة عن القول على الله بغير علم، وذلك يدل على تصوره منهم، ومن تتصور منه المعصية لا يكون قوله ولا فعله موجبًا للقطع. انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 202. (¬9) هذا جواب عن الاستدلال بالآية الأولى.

ثم (¬1): إنما ثبت حجة (¬2) بالكتاب والسنة ,لا يعارض القطع (¬3). قالوا: في الصحاح: (لا ترجعوا (¬4) بعدي كفاراً) (¬5). وقوله: (حتى إِذا لم يُبْقِ [في الأرض] (¬6) عالماً اتخذ الناس رؤساء جهالاً). (¬7) رد: المراد بعض الأمة، والعصمة إِنما ثبتت (¬8) للمجموع، ثم الجواز ¬

_ (¬1) هذا جواب عن الاستدلال بالآيتين الثانية والثالثة. (¬2) نهاية 105 من (ح). (¬3) يعني: دلالة الآية ظاهرة، فلا تقاوم القاطع. (¬4) هذا جزء من حديث مرفوع، أخرجه البخاري في صحيحه 9/ 50 من حديث ابن عمر وأبي بكرة وابن عباس وجرير بن عبد الله. ومسلم في صحيحه / 81 - 82 من حديث ابن عمر وجرير. وأبو داود في سننه 5/ 63 من حديث ابن عمر. والترمذي في سننه 3/ 329 من حديث ابن عباس -وقال: وفي الباب عن عبد الله بن مسعود وجرير وابن عمر وكُرْز بن علقمة وواثلة بن الأسقع والصُّنابِحي، هذا حديث حسن صحيح- والنسائي في سننه 7/ 126 - 128 من حديث ابن عمر وابن مسعود وأبي بكرة وجرير. وابن ماجه في سننه/ 1300 من حديث جرير وابن عمر. (¬5) نهى الكل عن الكفر، وهو دليل جواز وقوعه منهم. (¬6) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب) و (ح). (¬7) هذا جزء من حديث أخرجه البخاري في صحيحه 1/ 27 - 28، ومسلم في صحيحه / 2058 - 2059 من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعًا. (¬8) في (ح): تثبت.

عقلي لا يلزم منه الوقوع. ويأتي (¬1) خلو العصر عن مجتهد (¬2). قالوا: روى أبو داود (¬3) من حديث شعبة (¬4) عن أبي عون -واسمه محمَّد بن عبيد الله (¬5) الثقفي (¬6) - عن الحارث (¬7) بن عمرو -وهو ابن ¬

_ (¬1) هذا جواب عن الاستدلال بالحديث الثاني. (¬2) انظر: ص 1552 من هذا الكتاب. (¬3) انظر: سنن أبي داود 4/ 18 - 19. (¬4) هو: أبو بِسْطام شعبة بن الحجاج العَتَكي الأزدى بالولاء الواسطي ثم البصري، من تابعي التابعين، توفي بالبصرة سنة 160 هـ. قال ابن حجر في التقريب: ثقة حافظ متقن، كان الثوري يقول: هو أمير المؤمنين في الحديث، وهو أول ما فتش بالعراق عن الرجال وذب عن السنة. انظر: حلية الأولياء 7/ 144، وتاريخ بغداد 9/ 255، وتهذيب الأسماء واللغات 1/ 1/ 245، وتذكرة الحفاظ/ 193، وطبقات الحفاظ/ 83، وتقريب التهذيب / 351، وشذرات الذهب 1/ 247. (¬5) في (ظ): عبد الله. (¬6) الكوفي، روي عن أبيه وأبي الزبير وجابر بن سمرة والحارث بن عمرو وسعيد بن جبير وغيرهم، وعنه الأعمش وأبو حنيفة والمسعودي وشعبة والثوري وغيرهم، توفي سنة 116 هـ. وثقه ابن معين وأبو زرعة والنسائي وغيرهم. انظر: تهذيب التهذيب 9/ 322، وتقريب التهذيب 2/ 187، وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال/ 250. (¬7) روى عن أناس من أهل حمص من أصحاب معاذ، وعنه أبو عون محمَّد بن عبيد الله=

أخي المغيرة بن شعبة-: حدثني ناس من أهل حمص من أصحاب معاذ عن معاذ: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما بعثه إِلى اليمن قال: (كيف تقضي إِذا عرض لك قضاء؟) قال: أقضي بكتاب الله. قال: (فإِن لم تجد؟) قال: فبسنة رسول الله. قال: (فإِن لم تجد؟) قال: أجتهد رأيي ولا آلو. فضرب بيده في صدره، وقال: (الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله). الحارث تفرد عنه أبو عون، فهو مجهول، قال البخاري (¬1): لا يصح ولا يعرف إِلا بهذا. ورواه (¬2) الترمذي من حديث شعبة، وقال: لا نعرفه إِلا من هذا الوجه، وليس إِسناده عندي بمتصل (¬3). ورواه (¬4) الأموي (¬5) في ¬

_ =الثقفي، توفي بعد المائة، ذكره ابن حبان في الثقات، وذكره العقيلي وابن الجارود في "الضعفاء" قال ابن حجر في التقريب: مجهول. انظر: ميزان الاعتدال 1/ 439، وتهذيب التهذيب 2/ 152، وتقريب التهذيب 1/ 143، وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال 68. (¬1) انظر: التاريخ الكبير للبخاري 2/ 1/ 277. (¬2) في (ظ): رواه. (¬3) انظر: سنن الترمذي 2/ 394. (¬4) في (ظ): ورواه الآمدي عن معاوية عن أبيه. (¬5) هو: أبو أيوب يحيى بن سعيد بن أبان الكوفي الحافظ، نزل بغداد، روى عن أبيه وهشام بن عروة والأعمش وغيرهم، وعنه ابنه سعيد وأحمد بن إِسحاق والحكم بن هشام الثقفي، وكان قليل الحديث، توفي سنة 194 هـ. وثقه ابن معين وابن سعد،=

مغازيه (¬1) عن أبيه (¬2) عن رجل عن عبادة بن نُسَي (¬3) عن عبد الرحمن (¬4) بن غَنْم عن معاذ. والرجل مجهول، والظاهر أنه محمَّد بن ¬

_ =وذكره العقيلي في "الضعفاء" وقال ابن حجر في التقريب: صدوق يغرب. انظر: يحيى بن معين وكتابه التاريخ 2/ 644، وميزان الاعتدال 4/ 380، وتهذيب التهذيب 11/ 213، وتقريب التهذيب 2/ 348، وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال / 423. (¬1) انظر: كشف الظنون/ 1747. (¬2) هو: سعيد بن أبان بن سعيد بن العاص بن أمية، روى عن معاوية بن إِسحاق، وعمر بن عبد العزيز وغيرهما، وعنه ابناه لا -عبد الله ويحيى- وعمرو بن عبد الغفار الثقفي وغيرهم، كان من خيار الناس، وذكره ابن حبان في الثقات، قال ابن حجر في التقريب: ثقة. انظر: تهذيب التهذيب 4/ 2، وتقريب التهذيب 1/ 291. (¬3) هو: أبو عمرو عبادة بن نسي الشامي الأردني التابعي، قاضي طبرية، روى عن عبادة بن الصامت وأبي الدرداء وعبد الرحمن بن غنم وغيرهم، وعنه بُردْ بن سنان والمغيرة بن زياد الموصلي والحسن بن ذكوان وغيرهم، توفي سنة 118 هـ. وثقه ابن سعد وأحمد وابن معين والعجلي والنسائي وغيرهم. انظر: تهذيب التهذيب 5/ 113، وتقريب التهذيب 1/ 395، وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال/ 188. (¬4) الأشعري، له صحبة على ما رجحه ابن حجر في الإِصابة، وفي الاستيعاب لابن عبد البر: كان مسلمًا على عهد رسول الله، ولم يرد ولم يفد عليه. لازم معاذًا منذ بعثه الرسول إلى اليمن إِلى أن مات (معاذ)، ويعرف بصاحب معاذ لملازمته له، وسمع من عمر، كان من أفقه أهل الشام، وروى عنه أبو إِدريس الخَوْلاني وجماعة من تابعي=

سعيد المصلوب (¬1) كما رواه ابن ماجه (¬2). والمصلوب كذاب لا (¬3) يحتج به عندهم. ورواه سعيد في سننه (¬4) من حديث شعبة (¬5). ¬

_ =أهل الشام، وهو الذي فقه عامتهم، توفي سنة 78 هـ. انظر: الاستيعاب/ 850، والإِصابة 4/ 350، وتهذيب التهذيب 6/ 250، وتقريب التهذيب 1/ 494. (¬1) هو: أبو عبد الرحمن -ويقال: أبو عبد الله، ويقال: أبو قيس- محمَّد بن سعيد بن حسان بن قيس الأسدي، ويقال: محمَّد بن سعيد بن عبد العزيز، ويقال: ابن أبي عتبة، ويقال: ابن أبي قيس، ويقال: ابن أبي حسان، ويقال: ابن الطبري، ويقال غير ذلك في نسبه، الشامي الدمشقي، ويقال: الأزدي. قال الذهبي: وقد غيروا اسمه على وجوه ستراً له وتدليسًا لضعفه. روى عن عبد الرحمن بن غنم وعبادة بن نسي وربيعة بن يزيد ومكحول وغيرهم، وعنه ابن عجلان والثوري وأبو معاوية وغيرهم، اتهم بالزندقة فصلبه المنصور. انظر: ميزان الاعتدال 3/ 561، وتهذيب التهذيب 9/ 184، وتقرب التهذيب 2/ 164. (¬2) انظر: سنن ابن ماجه/ 21. (¬3) في (ظ): ولا. (¬4) كتاب السنن لسعيد بن منصور واحد من كتب السنن المشهورة، عثر على المجلد الثالث منه، وطبع في قسمين، بتحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي سنة 1387 هـ. (¬5) نهاية 52 ب من (ب).

ورواه (¬1) أيضًا: ثنا أبو معاوية (¬2) ثنا أبو إِسحاق (¬3) الشيباني عن محمَّد بن عبيد الله الثقفي قال: لما بعث (¬4) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬5) معاذًا إِلى اليمن، وفيه -بعد الكتاب-: بما قضى به نبيه (¬6)، ثم قال: أقضي بما قضى به الصالحون، ثم قال: أؤم (¬7) الحق جهدي. فقال: (الحمد لله الذي جعل رسول رسول الله يقضي بما يرضى به رسول الله). مرسل جيد. (¬8) ¬

_ (¬1) أورده ابن حزم في الإِحكام/ 1012 من طريق سعيد بن منصور. (¬2) هو: محمَّد بن خازم الضرير التيمي الكوفي الحافظ، توفي سنة 195 هـ. قال ابن حبان: كان حافظًا، ولكن كان مرجئًا خبيثًا. وقال الذهبي: أحد الأئمة الأعلام الثقات، لم يتعرض له أحد، احتج به الشيخان، وقد اشتهر عنه غلو التشيع. انظر: ميزان الاعتدلال 4/ 575، وتذكرة الحفاظ/ 294، وتقريب التهذيب 2/ 157، وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال 334، وطبقات الحفاظ/ 122، وشذرات الذهب 1/ 343، ونكت الهميان/ 247. (¬3) هو: فيروز -ويقال: خاقان، ويقال: عمرو- الشيباني بالولاء الكوفي، روى عن عبد الله بن أبي أوفى وأبي بردة بن أبي موسى وعكرمة مولى ابن عباس وإِبراهيم النخعي وغيرهم، وعنه ابنه إِسحاق وأبو إِسحاق السبيعي والثوري وشعبة والمسعودي وغيرهم، توفي سنة 138 هـ. وثقه أبو حاتم وابن معين والنسائي والعجلي. انظر: تهذيب التهذيب 4/ 197، وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال/ 152. (¬4) نهاية 106 من (ح). (¬5) نهاية 41 ب من (ظ). (¬6) في (ب): بينه. (¬7) في (ب) و (ظ): لأؤم. (¬8) وأخرج حديث معاذ -أيضًا- أحمد في مسنده 5/ 230، 236، 242، والطيالسي في مسنده (انظر: منحة المعبود 1/ 286)، والخطيب في الفقيه والمتفقه=

رد: بأن الإِجماع لم يكن حجة في زمنه عليه السلام. قالوا: كغيرهم من الأم قبل النسخ. ورده أبو الخطاب (¬1) وغيره من أصحابنا وغيرهم: بأنه لا دليل عليه (¬2). وتوقف (¬3) فيه ابن الباقلاني وأبو المعالي. ¬

_ =1/ 188 - 189، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 2/ 69 - 70، والبيهقي في السنن الكبرى 10/ 114، وابن عدي والطبراني على ما في التلخيص الحبير 4/ 182، وفيه -أيضاً- 4/ 182 - 183: (وقال الدارقطني في العلل: رواه شعبة عن أبي عون هكذا، وأرسله ابن مهدي وجماعات عنه، والمرسل أصح. وقال ابن حزم: لا يصح؛ لأن الحارث مجهول، وشيوخه لا يعرفون -انظر: الإِحكام/ 1011 وما بعدها، 1265، وملخص إِبطال القياس/ 14 - قال: وادعى بعضهم فيه التواتر، وهذا كذب، بل ضد المتواتر؛ لأنه ما رواه أحد غير أبي عون عن الحارث، فكيف يكون متواتراً. وقال عبد الحق: لا يسند ولا يوجه من وجه صحيح. وقال ابن الجوزي في العلل المتناهية: لا يصح وإن كان الفقهاء كلهم يذكرونه في كتبهم ويعتمدون عليه، وإن كان معناه صحيحاً. وقال ابن طاهر في تصنيف له مفرد في الكلام على هذا الحديث: اعلم أني فحصت عن هذا الحديث في المسانيد الكبار والصغار، وسألت عنه من لقيته من أهل العلم بالنقل، فلم أجد له غير طريقين، وكلاهما لا يصح). وانظر: المعتبر/ 14 أ- 15أ. (¬1) انظر: التمهيد/ 135أ. (¬2) يعني: لم يرد في حقهم من الدلالة الدالة على الاحتجاج بإِجماعهم ما ورد في علماء هذه الأمة، فافترقا. انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 211. (¬3) حكى أبو المعالي عن ابن الباقلاني أنه توقف، وأما أبو المعالي فقد توقف إن=

مسألة

وعند أبي إِسحاق الإِسْفَراييني وغيره من (¬1) الشافعية وجماعة من العلماء: حجة (¬2). قال ابن عقيل: يحتمل أن نقوله (¬3)، والفرق بتطرق النسخ على الأم وتجدد الأنبياء. مسألة لا يعتد في الإِجماع بالعامة، خلافًا لجماعة منهم: ابن الباقلاني والآمدي (¬4). ولا بمن عرف أصول الفقه أو الفقه فقط عند أحمد (¬5) وأصحابه والجمهور، وقيل: باعتبارهما، وقيل: بالأصولي، وقيل: بالفروعي. وكذا (¬6) من فاته للاجتهاد ما يعتبر له، ذكر معناه ابن عقيل وغيره. ¬

_ =كان إِجماعهم على مظنون من غير قطع، قال: فإذا قطع أهل الإِجماع فقولهم في كل مسألة يستند إِلى حجة قاطعة، فإِن تلقى هذا من قضية العادات، والعادات لا تختلف إِلا إِذا انخرقت. انظر: البرهان/ 719. (¬1) في (ب): ومن. (¬2) انظر: اللمع/ 50، والنخول/ 309، والإِحكام للآمدي 2/ 211، وشرح تنقيح الفصول/ 323. (¬3) في (ح): أن تقوله. (¬4) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 226. (¬5) انظر: العدة / 170 ب، 171 أ. (¬6) في (ظ) ونسخة في هامش (ب): وكذلك.

مسألة

قال بعض (¬1) أصحابنا: ونحوي فيما بني على النحو، والأشبه: يعتبر هو والأصولي (¬2)؛ لتمكنهما من درك الحكم بدليله، قال: والخلاف بناء على تجزؤ الاجتهاد، قال: ويعتبر في إِجماع كل فن قول أهله. لنا: لا يمكنه إِقامة الدليل، ويلزمه التقليد كغير المكلف والكافر، ولأنه لو اعتبر لم يتصور إِجماع. مسألة ولا بكافرِ عند من كَفَّره (¬3). ولا بفاسق باعتقاد أو فعل عند القاضي (¬4) وابن عقيل (¬5)؛ لأنه لا يقبل قوله، ولا يقلَّد في فتوى كالكافر والصبي (¬6). وعند أبي الخطاب (¬7): يعتد به؛ لأنه مجتهد من الأمة، فتتناوله الأدلة بخلاف الكافر، والصبي قاصر، ولا يلزم من اعتبار قوله [تبعًا] (¬8) ¬

_ (¬1) انظر: البلبل/ 130. (¬2) في (ب): والأصول. (¬3) في (ظ): كفر. (¬4) انظر: العدة/ 171 ب. (¬5) انظر: الجدل على طريقة الفقهاء/ 8. (¬6) نهاية 53 أمن (ب). (¬7) انظر: التمهيد/ 135 ب. (¬8) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب) و (ظ).

اعتبار (¬1) [قوله] (¬2) منفردًا. وللحنفية (¬3) والشافعية (¬4) قولان. وقيل: يُسأل (¬5)، فإِن ذكر مستنداً صالحًا اعتد به. وقيل: يُعتبر في نفسه لا في حق غيره، فالإِجماع المنعقد به حجة عليه فقط. (¬6) ¬

_ (¬1) في (ب) و (ظ): اعتباره. (¬2) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب) و (ظ). (¬3) انظر: أصول السرخسي 1/ 311، 312، وكشف الأسرار 3/ 237، وتيسير التحرير 3/ 238، وفواتح الرحموت 2/ 218. (¬4) انظر: اللمع/ 50، والمعتمد / 486، والمستصفى 1/ 183، والمنخول/ 310، والإِحكام للآمدي 1/ 229، وشرح المحلي على جمع الجوامع 2/ 177، وشرح الورقات/ 167، ونهاية السول 2/ 378، وغاية الوصول/ 107. (¬5) نهاية 107 من (ح). (¬6) جاء في هامش (ب) و (ظ): من حاشية بخط شيخنا البعلي: قوله (وقيل: يعتبر في حق نفسه لا في حق غيره) معناه: أن الإِجماع الذي انعقد دونه لا ينعقد عليه بل على غيره. فيجوز له مخالفة إِجماع من عذاه، ولا يجوز ذلك لغيره. قال الآمدي: (اختلفوا في انعقاد الإِجماع مع مخالفته نفيًا وإثباتًا، ومنهم من قال: الإِجماع لا ينعقد عليه بل على غيره فتجوز له مخالفة إِجماع من عداه، ولا يجوز ذلك لغيره) -انظر: الإِحكام 1/ 229 - وقال الأصفهاني: (وثالثها: أنه تعتبر موافقته في حق نفسه دون غيره، بمعنى أنه يجوز له مخالفة الإِجماع الذي انعقد دونه، ولا يجوز لغيره ذلك)، وكلام المصنف يشعر بخلاف ذلك، فإِنه يشعر بأن معناه أن الإجماع الذي انعقد به=

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ =يكون حجة عليه دون غيره، لقوله: (فالإجماع الذي انعقد به حجة عليه فقط)، فيكون معناه أن غيره تجوز له مخالفته لكونه غير حجة عليه، وأن الفاسق لا تجوز له مخالفته لكونه حجة عليه، وهذا: إِن أراد به أن الإجماع انعقد بالفاسق فقط -بمعنى أنه لم يكن في الأمة مجتهد غيره، وقال ذلك القول، وجعلناه إِجماعًا- فإذا حصل بعد ذلك مجتهد غيره جاز له مخالفته، فهذا في نفسه واضح، مع أنه ظاهر عبارته لقوله: (فالإجماع الذي انعقد به)، فظاهر هذه العبارة أنه انعقد به فقط، لكن تفسير هذا القول بهذا المعنى بعيد، وكذلك تفسيره بهذا المعنى والمعنى الذي ذكرناه عن الآمدي والأصفهاني -أعني إذا فسر بالمعنيين جميعًا- فإِنه بعيد أيضًا؛ لأن المسألة ليست مفروضة في كلامهم في ذلك، وإينما هي مفروضة في كلامهم في أنه هل ينعقد إِجماع المجتهدين غيره بدونه أو لا بد من موافقته، مع أن كلامه إِذا فسر بذلك يكون قد فسر القول بغير ما فسروه به وترك ما فسروه به، ومثل المصنف لا يترك هذا التفسير مع شهرته وكثرته ويعدل إِلى ما لم يذكره أصحاب هذه الكتب المثسهورة، فإِن كان رآه لأحد فكان اللائق إِذا ذكره أن يذكر ما فسره به أصحاب هذه الكتب أيضًا، وإن كان أراد التفسير الذي ذكره الطوفي في شرحه فالذي أجزم أنه سهو فاحش ما أظن أحدًا يقوله "فإِنه قال: (ومثاله لو اجتمع مع بقية المجتهدين على تحريم بيع أم الولد -أو تحريم الجمع بين الأختين بالوطء بملك اليمين، أو أن المطلقة ثلاثًا لا يحلها للأول مجرد عقد الثاني عليها، أو على تحريم الثعلب ونحوه- كان ذلك الإجماع حجة عليه حتى لو ظهر له دليل الإِباحة لم يجز له المصير إِليه مؤاخذة له بإِقراره بالتحريم، ولو ظهر لغيره من المجمعين دليل الإباحة جاز له المصير إِليه؛ لأن الإِجماع لم يكمل بالنسبة إِليه فلا يؤاخذ بإِقرار غيره عليه بالتحريم) فانظر إِلى هذا التفسير الذي فيه أن إِجماع المجتهدين يجوز لأصحابه العمل بخلافه لكون الفاسق وافقهم. فالذي يظهر لي: أن مثل هذا=

مسألة

مسألة لايختص الإِجماع بالصحابة، وإجماع كل عصر حجة عند أحمد (¬1) وعامة الفقهاء والمتكلمين، خلافاً (¬2) لداود (¬3) وأصحابه، وعن أحمد (¬4) مثله (¬5)، قال ابن عقيل (¬6): وصرفها شيخنا (¬7) عن ظاهرها بلا دليل. ¬

_ =لا يقع إِلا سهواً، فلعل المصنف تابعه فيه ونقله ولم يجدد نظره فيه. هذا ما ظهر لي، وأسأل الله التوفيق للصواب. (¬1) انظر: العدة/ 163أ، والتمهيد/ 163 أ. (¬2) انظر: الإحكام لابن حزم/ 659. (¬3) هو: أبو سليمان داود بن علي بن خلف الأصبهاني البغدادي، إمام أهل الظاهر، كان ذا ميل للشافعي، وصنف في فضائله والثناء عليه، ثم صار صاحب مذهب مستقل، توفي ببغداد سنة 270 هـ. انظر: تاريخ بغداد 8/ 369، ووفيات الأعيان 2/ 26، وطبقات الشافعية للسبكي 2/ 284، وطبقات الحفاظ/ 253، وشذرات الذهب 2/ 158. (¬4) قال أبو داود في مسائل الإمام أحمد/ 276: سمعته يقول: الاتباع أن يتبع الرجل ما جاء عن النبي وعن أصحابه، ثم هو من بعد في التابعين غير. وانظر: العدة/ 163 أ، والتمهيد/ 136أ. (¬5) في (ح): نحو قوله. (¬6) جاء في المسودة/ 317: (قال ابن عقيل: وعن أحمد نحوه، وصرف شيخنا كلام أحمد على ظاهره، يعني إِلى موافقة داود) فاختلف عما ذكر المؤلف، ولعل ما ذكره المؤلف هو الصواب؛ لأن القاضي حملها على غير ظاهرها. (¬7) يعني: القاضي أبا يعلى، فقد قال في العدة/ 163أ: وهذا محمول من كلامه على آحاد التابعين لا على جماعتهم.

مسألة

وقال بعض أصحابنا (¬1): لا يكاد يوجد عن أحمد احتجاج بإِجماع بعد عصر التابعين (¬2) أو بعد القرون الثلاثة. لنا: عموم الأدلة. احتجوا: بظاهر الآيات السابقة (¬3)، فكانوا كل الأمة، وليس من بعدهم كلها دونهم، وموتهم لم يخرجهم منها. رد: فيقدح موت الموجود حين الخطاب في انعقاد إِجماع الباقين، ومن أسلم بعد الخطاب لا يعتد بخلافه. قالوا: ما لا قطع (¬4) فيه سائغ فيه الاجتهاد بإِجماع الصحابة، فلو اعتد بإِجماع غيرهم تعارض الإِجماعان. رد: لم يجمعوا على أنها اجتهادية مطلقًا، وإلا لما أجمع من بعدهم فيها لتعارض الإجماعين، وبلزومه في الصحابة قبل إِجماعهم، فكان مشروطًا بعدم الإِجماع. مسألة لا إِجماع مع مخالف واحد أو اثنين عند أحمد (¬5) وأصحابه والجمهور، ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 316. (¬2) نهاية 42 أمن (ظ). (¬3) في حجية الإِجماع، انظر: ص 371 وما بعدها من هذا الكتاب. (¬4) في (ظ): ما لا يقطع. (¬5) انظر: العدة/ 168أ، والتمهيد/ 136 ب.

كالثلاثة، جزم به في التمهيد (¬1) وغيره، وغيرهم من الشافعية (¬2) [وغيرهم] (¬3). وعن أحمد (¬4): ينعقد، اختاره بعض أصحابنا (¬5)، وقاله (¬6) ابن جرير الطبري (¬7) وأبو بكر (¬8) الرازي الحنفي وبعض (¬9) المالكية (¬10) وبعض (¬11) المعتزلة. ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد/ 136 ب. (¬2) انظر: اللمع/ 50، والمعتمد/ 486، والمستصفى 1/ 186، والمنخول/ 311، والإِحكام للآمدي 1/ 235، ونهاية السول 2/ 378، وشرح المحلي على جمع الجوامع 2/ 178. (¬3) ما بين المعقوفتين من (ظ)، وكان موجودًا في (ب) ثم ضرب عليه. (¬4) انظر: العدة/ 168أ، والتمهيد/ 136 ب. (¬5) كابن حمدان، فانظر: شرح الكوكب المنير 2/ 230. (¬6) انظر: العدة/ 168 ب، والبرهان/ 721، والتمهيد/ 136 ب، والإِحكام للآمدي 1/ 235، والإحكام لابن حزم/ 705. (¬7) هو: أبو جعفر محمَّد بن جرير بن يزيد، الإِمام الجليل الجامع لكثير من العلوم، توفي سنة 310 هـ. من مؤلفاته: جامع البيان في تفسير القرآن، وتاريخ الأمم والملوك، واختلاف الفقهاء. انظر: المنتظم 6/ 170، ووفيات الأعيان 3/ 332، وتهذيب الأسماء واللغات 1/ 1/ 78، وطبقات الشافعية للسبكي 3/ 120، وشذرات الذهب 2/ 260. (¬8) انظر: أصول الجصاص/ 225أ- ب، ومسائل الخلاف في أصول الفقه/ 46أ، والعدة / 168 ب، والمسودة/ 330، والإحكام للآمدي 1/ 235. (¬9) نهاية 53 ب من (ب). (¬10) انظر: شرح تنقيح الفصول/ 336. (¬11) انظر: المعتمد/ 486.

وقال الجُرْجاني الحنفي: إِن لم يسوغوا (¬1) اجتهاد المخالف -كالمتعة- (¬2) انعقد، وإلا فلا، كالعول. (¬3) (¬4) وفي الروضة (¬5) والآمدي (¬6) وغيرهما: الخلاف في الأقل، وأنه رواية عن أحمد. ¬

_ (¬1) انظر: كشف الأسرار 3/ 245، وتيسير التحرير 3/ 236 - 237، والعدة/ 168 ب، والمسودة/ 330. وحكي هذا القول -أيضًا- عن الرازي الحنفي، فانظر: أصول الجصاص/ 224 ب، وأصول السرخسي 1/ 316، وكشف الأسرار 3/ 245، وتيسير التحرير 3/ 237. (¬2) روي عن ابن عباس أنه كان يقول بإِباحتها، وأنكر عليه ذلك بإِثبات تحريمها ونسخ إِباحتها، أخرجه البخاري في صحيحه (انظر: فتح الباري 12/ 333، 9/ 166) ومسلم في صحيحه/ 1028، والدارقطني في سننه 3/ 257 - 258، وسعيد في سننه 3/ 1/ 209 - 210. وانظر: فتح الباري 9/ 168. وقد روي عن ابن عباس رجوعه عن القول بإِباحتها، أخرجه البخاري وغيره، فانظر: فتح الباري 9/ 167، 171، وسنن الترمذي 2/ 295 - 296، وسنن البيهقي 7/ 201 وما بعدها. (¬3) قال ابن عباس: الفرائض لا تعول، أخرجه البيهقي في سننه 6/ 253، وسعيد في سننه 3/ 1/ 19، وابن حزم في المحلى 10/ 332 - 333 من طرق. وقد جوز وسوغ هذا الخلاف، يقول الزهري: وأيْمُ الله لولا أنه تقدمه إِمام كان أمره على الورع -يعني عمر؛ فإِنه قال بالعول- ما اختلف على ابن عباس اثنان من أهل العلم. فانظر: سنن البيهقي 6/ 253، والمحلى 10/ 333. (¬4) نهاية 108 من (ح). (¬5) انظر: روضة الناظر/ 142. (¬6) انظر: الإحكام للآمدي 1/ 235.

وقال بعضهم: إِن بلغ الأقل عدد التواتر -وقيل: في الفروع- منع. لنا: تناول الأدلة للجميع حقيقة. ولأنه لا دليل عليه. قالوا: فقد أنكروا على المخالف. (¬1) رد: بالمنع، ثم: إِنكار مناظرة لا للإِجماع، أو لمخالفة السنة ولهذا إِنما احتجوا بها، ثم الأكثر كالأقل هنا. قال (¬2) ابن عقيل: العاقل من لم توحشه الوحدة ولم تؤنسه الكثرة، بل ثقته بالدليل، وضعفه بعدمه. وقيل: قولهم أولى، وقيل: حجة وأنه قول الأكثر -واختاره بعض أصحابنا (¬3) - لأنها (¬4) معهم غالبًا. رد: بالمنع. ثم: ظاهر ما سبق أن مخالفة الواحد زمنه عليه السلام تقدح في الإِجماع. وذكر القاضي في الخلاف (¬5) -في تطليق (¬6) ¬

_ (¬1) كما أنكروا على ابن عباس خلافه في تحليل المتعة على ما روي. انظر: ص 405. (¬2) في (ظ): وقال. (¬3) انظر: البلبل/ 132. (¬4) يعني: لأن الإِصابة. (¬5) وهو كتاب التعليق الكبير في المسائل الخلافية بين الأئمة، تقدم في ص 216. (¬6) خبر طلاق فاطمة بنت قيس ورد من طرق وبألفاظ، أخرجه مسلم في=

مسألة

زوج (¬1) فاطمة (¬2) ثلاثًا-: لا تقدح؛ لعدم كونه حجة [إِذًا]. (¬3) مسألة لا إِجماع للصحابة مع مخالفة تابعي مجتهد لهم عند أبي الخطاب (¬4) وابن عقيل (¬5) وصاحب (¬6) الروضة وعامة المتكلمين والفقهاء، منهم: أكثر الحنفية (¬7) والمالكية (¬8) والشافعية (¬9)، خلافًا (¬10) للخلال ¬

_ =صحيحه/ 1114 - 1121، وأبو داود في سننه 2/ 712 وما بعدها، والترمذي في سننه 2/ 425، والنسائي في سننه 6/ 144، 207 وما بعدها، وابن ماجه في سننه/ 656. (¬1) هو: أبو عمرو بن حفص بن المغيرة القرشي المخزومي، وقيل: أبو حفص بن عمرو بن المغيرة، واختلف في اسمه فقيل: أحمد، وقيل: عبد الحميد، وقيل: اسمه كنيته، خرج مع علي إِلى اليمن في عهد النبي، فمات هناك، ويقال: بل رجع إِلى أن شهد فتوح الشام. انظر: الاستيعاب/ 1719، والإِصابة 7/ 287. (¬2) هي: الصحابية فاطمة بنت قيس. (¬3) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬4) انظر: التمهيد/ 137أ. (¬5) انظر: المسودة/ 333. (¬6) انظر: روضة الناظر/ 139. (¬7) انظر: تيسير التحرير 3/ 241، وفواتح الرحموت 2/ 221. (¬8) انظر: المنتهى لابن الحاجب/ 40، ومختصره 2/ 35، وشرح تنقيح الفصول/ 335. (¬9) انظر: التبصرة/ 384، والمحصول 2/ 1/ 251، والإحكام للآمدي 1/ 240. (¬10) انظر: العدة/ 174أ، والتمهيد 1/ 137أ، والمسودة/ 333.

والحلواني من أصحابنا. واختلف اختيار القاضي. (¬1) ولأحمد روايتان (¬2). وإن صار مجتهدًا بعد إِجماعهم (¬3) فعند الجميع: إِن اعتبر انقراض العصر اعتد به، وإلا فلا، خلافاً لبعضهم "لا يعتبر"، وحكاه السرخسي (¬4) عن أصحابهم (¬5)، واختاره في الروضة (¬6)؛ لسبقه بالإِجماع كإِسلامه بعده. وفي التمهيد (¬7): أن هذا (¬8) لم يقله أحد. ¬

_ (¬1) انظر: العدة/ 173 ب، والمسودة/ 333. (¬2) انظر: العدة/ 173 ب، والتمهيد/ 137 أ، والمسودة، 333. (¬3) نهاية 42 ب من (ظ). (¬4) هو: أبو سفيان الحنفي. (¬5) جاء في العدة / 174 ب: حكى أبو سفيان عن أصحابهم: إن كان من أهل الاجتهاد عند الحادثة كان خلافه خلافاً، وإن لم يكن من أهل الاجتهاد عند الحادثة -لكنه صار من أهله قبل انقراض العصر، فأظهر الخلاف- لم يكن خلافاً. وانظر: المسودة/ 320. وذكر شمس الأئمة السرخسي في أصوله 1/ 315: أن انقراض العصر ليس بشرط عندهم. أقول: فلعل قولهم ذلك مبني على عدم اعتبارهم انقراض العصر، وظاهر كلام المؤلف أنهم قالوا: لا يعتد بقوله مطلقًا، وإن قلنا باشتراط انقراض العصر. (¬6) انظر: روضة الناظر/ 140. (¬7) انظر: التمهيد/ 144 أ. (¬8) يعني: عدم الاعتداد به مع اعتبار انقراض العصر.

ولا (¬1) تعتبر موافقته، ذكره بعض أصحابنا (¬2). واعتبره في الواضح، وقاله في (¬3) التمهيد (¬4) -في مسألة انقراض العصر- والآمدي (¬5)، ولعل المراد عدم مخالفته (¬6). وتابع التابعي مع إِجماع التابعين (¬7) كالتابعي مع الصحابة، ذكره القاضي (¬8) وغيره. لنا: ما سبق (¬9) واستدل: بأنهم جوزوا للتابعين (¬10) الاجتهاد معهم، ¬

_ (¬1) نهاية 54 أمن (ب). (¬2) انظر: المسودة / 320، 323. (¬3) في (ح): وفي. (¬4) انظر: التمهيد/ 144أ. (¬5) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 240. (¬6) في (ح): والآمدي بموافقته عدم مخالفته. (¬7) في (ظ): التابعي. (¬8) جاء في المسودة/ 331: قال القاضي: وإذا اختلف التابعون في حادثة جاز لغيرهم الدخول معهم في الاجتهاد إِذا كانوا من أهل الاجتهاد، وذكر شيخنا رواية أخرى: أنهم لا يدخلون معه في الاجتهاد ويسقط قولهم. (¬9) من الأدلة الدالة على كون الإِجماع حجة، وهي الأخبار الدالة على عصمة الأمة عن الخطأ، وهذا الاسم لا يصدق عليهم مع خروج التابعين المجتهدين عنهم؛ فإِنه لا يقال: إِجماع جميع الأمة، بل إِجماع بعضهم، فلا يكون حجة. انظر: الأحكام للآمدي 1/ 241. (¬10) كسعيد بن المسيب وشريح القاضي والحسن البصري ومسروق وأبي وائل والشعبي وسعيد بن جبير وغيرهم، حتى إِن عليًا وعمر وليا شريحاً القضاء. فانظر:=

مسألة

ورجعوا (¬1) إِليهم. رد: إِنما جوزوه مع اختلافهم. وأما اعتبار الفضيلة فتوجب رد الأنصار مع المهاجرين، وغير العشرة (¬2) معهم. مسألة إِجماع أهل المدينة ليس بحجة، خلافًا (¬3) لمالك، فقال بعض (¬4) أصحابه بظاهره زمن الصحابة، [وقيل]: (¬5) والتابعين، وقيل: ومن يليهم، ¬

_ =الإِحكام للآمدي 1/ 240. (¬1) فقد أخرج ابن سعد في طبقاته 7/ 1/ 138: ... عن خالد بن رياح أن أنس بن مالك سئل عن مسألة، فقال: عليكم مولانا الحسن فاسألوه، فقالوا: يا أبا حمزة، نسألك وتقول: سلوا مولانا الحسن، فقال: إِنا سمعنا وسمع، وحفظ ونسينا. وأخرج -أيضاً- 6/ 54: أن رجلاً جاء إِلى ابن عمر، فسأله عن فريضة، فقال: ائت سعيد بن جبير؛ فإِنه أعلم بالحساب مني، وهو يفرض منها ما أفرض. (¬2) وهم: الخلفاء الأربعة، وطلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد، وأبي عبيدة عامر بن الجراح. انظر: الرياض النضرة في مناقب العشرة. (¬3) انظر: المنتهى لابن الحاجب/ 41، ومختصره 2/ 35، وشرح تنقيح الفصول/ 334، ومفتاح الوصول/ 120. (¬4) نهاية 109 من (ح). (¬5) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح).

مسألة

وقيل أراد فيما طريقه النقل، واختار ابن عقيل مثله (¬1) في كتابه "النظريات الكبار"، وقيل: أراد المنقولات المستمرة كأذان وإقامة. لنا: ما سبق (¬2) قالوا: لا يجتمعون إِلا على راجح؛ لأنهم أفضل وأكثر. رد: بمنعهما؛ فإِن الصحابة بغيرها أكثر، ومنهم علي وابن مسعود وابن عباس. ثم: المفضول معتبر مع الفاضل. ولا حجة في فضلها ونفيها (¬3) للخبث (¬4)، بدليل مكة. مسألة قول الخلفاء الأربعة ليس بإِجماع ولا حجة -مع مخالفة صحابي لهم- عند أحمد (¬5) وعامة الفقهاء. ¬

_ (¬1) يعني: أن إِجماعهم حجة فيما طريقه النقل، ولا يكون حجة في باب الاجتهاد. انظر: المسودة/ 332 - 333. (¬2) من الأدلة الدالة على حجية الإجماع، فهي متناولة لأهل المدينة والخارج عن أهلها، وبدونه لا يكونون كل الأمة ولا كل المؤمنين، فلا يكون إِجماعهم حجة. انظر: الإحكام للآمدي 1/ 243. (¬3) نفي المدينة للخبيث: ورد في حديث الرسول، أخرجه البخاري في صحيحه 3/ 20 - 21 من حديث أبي هريرة مرفوعًا، ومسلم في صحيحه/ 1005 - 1007 من حديث أبي هريرة وجابر وزيد بن ثابت. (¬4) في (ظ) الخبث. (¬5) انظر: العدة/ 180أ، والتمهيد/ 134 ب.

وعنه: إِجماع، اختاره (¬1) ابن البنا من أصحابنا، وقاله (¬2) أبو خازم (¬3) -بالخاء المعجمة- الحنفي (¬4). وعنه: حجة. وقول أحدهم ليس بحجة -فيجوز لبعضهم خلافه- رواية واحدة عند أبي الخطاب (¬5) وذكر القاضي (¬6) وابن عقيل (¬7) وغيرهما رواية: لا ¬

_ (¬1) انظر: القواعد والفوائد الأصولية/ 294، وشرح الكوكب المنير 2/ 239. (¬2) انظر: أصول الجصاص/ 226أ، وأصول السرخسي 1/ 317، وفواتح الرحموت 2/ 231، والعدة/ 180أ، والتمهيد/ 134 ب، والمسودة/ 340. (¬3) ويقال: أبو حازم -بالحاء المهملة- وهو: عبد الحميد بن عبد العزيز القاضي، عالم متفنن، ولي قضاء الشام والكوفة والكرخ من بغداد، توفي سنة 292 هـ. من مؤلفاته: أدب القاضي، وكتاب في الفرائض. انظر: الفهرست/ 292، وأخبار أبي حنيفة وأصحابه/ 159، والجواهر المضية 1/ 296، والفوائد البهية/ 86، وتاج التراجم/ 33، وشذرات الذهب 2/ 210. (¬4) في (ب) و (ظ): وقاله أبو خازم الحنفي - بالخاء المعجمة. (¬5) قال في التمهيد/ 135أ: فأما قول أحدهم فليس بحجة رواية واحدة، وقال بعض الشافعية: هو حجة علينا وإن خالفه غيره من الصحابة، وهو اختيار أبي حفص من أصحابنا. لنا: أنه لو كان حجة لم يكن لمن بعده من الأئمة مخالفته، وقد خالف عمر أبا بكر في العطاء. وانظر: المسودة/ 340. (¬6) انظر: العدة/ 180 ب. (¬7) انظر: المسودة/ 340.

يجوز، واختارها (¬1) أبو حفص (¬2) البرمكي وغيره من أصحابنا، وبعض الشافعية (¬3). ولا يلزم (¬4) الأخذ بقول أفضلهم، وعجب أحمد (¬5) من قائل ذلك. وفي مقدمة روضة الفقه (¬6) لبعض أصحابنا: إِذا اختلفوا -وفي ¬

_ (¬1) انظر: العدة/ 180 ب، والتمهيد/ 135أ، والمسودة/ 340. (¬2) هو: عمر بن أحمد بن إِبراهيم، فقيه زاهد، حدث عن ابن الصواف، وصحب أبا بكر عبد العزيز غلام الخلال، وعمر بن بدر المغازلي، توفي ببغداد سنة 387 هـ. انظر: طبقات الحنابلة 2/ 153، والمنهج الأحمد 2/ 73. (¬3) جاء في العدة / 180 ب: فأما قول أحد الأئمة فليس بحجة إِذا خالفه غيره رواية واحدة، وحكي عن بعض الشافعية: أنه حجة لا تجوز لنا مخالفته -وإن خالفه غيره من الصحابة- وقد أومأ إِليه أحمد ... قال أبو حفص البرمكي: إِذا روي عن أحد الخلفاء شيء، وروي عن غير الخلفاء ضده، فالذي يلزم اتباعه ما جاء عن أحد الخلفاء. وجاء في المسودة/ 340: لا يقدم قول الواحد من الخلفاء الأربعة على غيرهم في أصح الروايتين، وفي رواية أخرى: يقدم، واختار الأول أبو الخطاب، وزعم أن المسألة رواية واحدة، وكذلك ابن عقيل صدر المسألة بأن قال: لا يختلف قول أصحابنا بأن الواحد من الخلفاء يسوغ خلافه، ولا يمنع بقية الصحابة من خلافه، ثم قال: وقد أومأ صاحبنا إِلى أنه لا يجوز خلافه، وليس كذلك، وإنما الرواية الواحدة أنه لا يقدم قول الخليفة الأول على الثاني؛ فإِنه هو الذي حكي لأحمد وأنكره، وانظر: التمهيد/ 135 أ. (¬4) نهاية 54 ب من (ب). (¬5) انظر: العدة/ 180 ب، والمسودة/ 340 - 341. (¬6) قال المرداوي في التحبير 1/ 13 أ: (الروضة في الفقه لا نعلم مصنفها وقيل: إِنها=

أحدهما قول إِمام- ففي ترجيحه على القول الآخر روايتان، فإِن كان مع كل منهما إِمام -وأحدهما أفضل- ففي ترجيحه روايتان. وذكر الآمدي (¬1) أن بعض الناس قال: قول أبي بكر وعمر إِجماع. وذكره بعض أصحابنا (¬2) عن أحمد. لنا: ما سبق (¬3) واحتجوا (¬4): بحديث العِرْباض (¬5): (إِنه من (¬6) يعش منكم (¬7) فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عَضُّوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإِن كل بدعة ضلالة). رواه (¬8) أحمد وأبو داود وابن ماجه والترمذي -وصححه- والحاكم، وقال: ¬

_ =لأبي الفتح نصر بن علي الضرير الحراني) أقول: لم أجد ترجمة لأبي الفتح، ولم أعثر على كتاب الروضة هذا. (¬1) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 249. (¬2) انظر: البلبل/ 135. (¬3) من أن الدليل جاء بعصمة كل الأمة لا بعضها. (¬4) في (ح): احتجوا. (¬5) هو: الصحابي أبو نجيح العرباض بن سارية السلمي. (¬6) نهاية 43 أمن (ظ). (¬7) نهاية 110 من (ح). (¬8) انظر: مسند أحمد 4/ 126 - 127، وسنن أبي داود 5/ 13 - 15، وسن ابن ماجه / 15 - 16، وسنن الترمذي 4/ 149 - 150، وقال: حسن صحيح، والمستدرك للحاكم 1/ 95 - 98.

على شرط الصحيحين. (¬1) وعن حذيفة (¬2) مرفوعًا: (اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر). حديث حسن له طرق، رواه (¬3) ابن ماجه والترمذي -وحسَّنه- وابن حبان والحاكم. رد: (الخلفاء) عام، فأين دليل الحصر؟. ثم يدل على أنه حجة، أو يحمل على تقليدهم في فتيا أو إِجماع لم يخالفهم غيرهم. فأما ما عقده أحدهم -كصلح بني تغلب (¬4) وخراجٍ وجزيةٍ- فلنا ¬

_ (¬1) ووافقه الذهبي في التلخيص 1/ 98. (¬2) هو: الصحابي أبو عبد الله حذيفة بن اليمان العبسي. (¬3) انظر: سنن ابن ماجه/ 37، وسنن الترمذي 5/ 271 - 272، وموارد الظمآن/ 538 - 539، والمستدرك للحاكم 3/ 75 وقال: هذا حديث من أجل ما روي في فضائل الشيخين. ثم تكلم عن إِسناد الحديث ثم قال: فثبت بما ذكرنا صحة هذا الحديث وإن لم يخرجاه. ووافقه الذهبي في التلخيص على تصحيحه. وقد أخرج الحديث أحمد في مسنده 5/ 382، وأبو نعيم في الحلية 9/ 109، والخطيب في تاريخ بغداد 12/ 20. (¬4) بنو تغلب: قبيلة عظيمة تنتسب إِلى تغلب بن وائل (المنتهي نسبه إِلى نزار بن معد ابن عدنان) تتفرع منها فروع عديدة. انظر: معجم قبائل العرب 1/ 120. وقد أخرج البيهقي في السنن الكبرى 9/ 216 - من طرق- عن عمر: أنه صالح بني تغلب على أن يضاعف عليهم الصدقة، وأن لا يمنعوا أحدًا منهم أن يسلم،=

مسألة

خلاف في جواز نقضه؛ اختار ابن عقيل (¬1): يجوز، قال: ومنعه أصحابنا. مسألة ولا إِجماع أهل البيت (¬2) -وقاله (¬3) (هـ م ش) - لما سبق (¬4) وذكر القاضي في المعتمد (¬5) وبعض العلماء والشيعة: أنه إِجماع، واختاره بعض أصحابنا (¬6)، قال: ومثله إِجماع [أهل] (¬7) المدينة زمن الخلفاء وإجماع أهل السنة. قالوا: (إِنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس) (¬8) ¬

_ =وأن لا يصبغوا أولادهم. وأخرجه أبو عبيد في الأموال/ 28 - 29، وانظر: نصب الراية 2/ 362، وكان ذلك سنة 17 هـ. فانظر: تاريخ الأمم والملوك 4/ 55، والكامل في التاريخ 2/ 533. (¬1) انظر: المسودة/ 341، والعدة/ 181أ. (¬2) في (ب) و (ظ) زيادة: لما سبق. وقد ضرب عليها في (ب). (¬3) في (ظ): هـ وش. (¬4) من أن المطلوب إِجماع كل الأمة. (¬5) المعتمد: كتاب في أصول الدين للقاضي أبي يعلى، وهو مطبوع بتحقيق الدكتور وديع زيدان حداد. وقد ذكر المحقق أن كتاب المعتمد المطبوع هو مختصر لكتاب كبير لأبي يعلى بالعنوان نفسه استنادًا إِلى قول القاضي في مقدمة المعتمد المطبوع: سألتموني ... اختصار مقدمة في أصول الدين من كتابنا المعتمد ... فأجبتكم إِلى ذلك. انظر: المعتمد/ 13، 19. (¬6) انظر: المسودة/ 333. (¬7) ما بين المعقوفتين من (ظ). (¬8) سورة الأحزاب: آية 33: (إِنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرًا).

قيل: (¬1) هو الإِثم، وقيل: الشرك (¬2)، والخطأ منه؛ لأنه لكل مستقذر. قيل (¬3): المراد أزواجه (¬4) لسياق القرآن، وهو مراد معهم (¬5)، فلهذا قال: (عنكم)، وقيل: أهله وأزواجه. وقيل: فاطمة وعلي وحسن وحسين؛ لرواية شَهْر بن حَوْشب - (¬6) وهو (¬7) مختلف في الاحتجاج به- عن أم سلمة: أن هذه الآية نزلت، ¬

_ (¬1) انظر: زاد المسير 6/ 381، وفتح القدير 4/ 278. (¬2) في (ظ): الشك. أقول: وهو قول -أيضًا- في معنى الرجس. فانظر: زاد المسير 6/ 381. (¬3) في (ح): وقيل. (¬4) انظر: تفسير القرطبي 14/ 182 - 183، وتفسير ابن كثير 3/ 283 - 486، وفتح القدير 4/ 278 - 280. (¬5) في (ب) و (ظ): بعضهم. والمثبت من (ح) ونسخة في هامش (ب). (¬6) هو: أبو سعيد -ويقال في كنيته غير ذلك- الأشعري الشامي، روى عن أم سلمة وأبي هريرة وجماعة، وعنه عبد الحميد بن بهرام وقتادة وداود بن أبي هند وجماعة، توفي سنة 111 هـ. وثقه ابن معين وأحمد ويعقوب بن سفيان، وقال أبو زُرْعة: لا بأس به، وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال ابن حجر في التقريب: صدوق كثير الإرسال والأوهام. انظر: يحيى بن معين وكتابه التاريخ 2/ 260، وميزان الاعتدال 2/ 283، وتهذيب التهذيب 4/ 369، وتقريب التهذيب 1/ 355، وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال / 169. (¬7) نهاية 55 أمن (ب).

وجلَّلَ عليهم بكساء، وقال: (اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصَّتي، فأذهب عنهم الرجس، وطهرهم تطهيرًا)، فقالت أم سلمة: وأنا معكم. قال: (إِنك إِليّ خير). (¬1) رواه أحمد والترمذي وصححه (¬2). ورواه (¬3) -أيضًا- من حديث عمر (¬4) بن أبي سلمة (¬5) بإِسناد ضعيف، وقال: غريب من هذا الوجه. وعن جابر مرفوعًا: (إِني تركت فيكم ما إِن أخذتم به لن تضلوا كتاب الله وعِتْرَتي (¬6) أهل بيتي). (¬7) فيه زيد بن ¬

_ (¬1) نهاية 111 من (ح). (¬2) انظر: مسند أحمد 6/ 292، وسنن الترمذي 5/ 360 - 361، لكن ليس فيه ذكر لنزول الآية، قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وهو أحسن شيء روي في هذا الباب، وفي الباب عن أنس وعمر بن أبي سلمة وأبي الحمراء. (¬3) انظر: سنن الترمذي 5/ 30 - 31، 328. وقد أخرجه مسلم في صحيحه/ 1883 من حديث عائشة -وليس فيه إِلا تلاوة الآية لا نزولها- والحاكم في مستدركه 2/ 416، 3/ 146 من حديث أم سلمة- وقال: صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه- وابن جرير الطبري في تفسيره 22/ 6 من حديث أم سلمة. وانظر: المعتبر/ 26 ب. (¬4) في (ح): عمرو. (¬5) هو: الصحابي أبو حفص عمر بن أبي سلمة. (¬6) راجع الخلاف في تحديد المراد بالعترة في: النهاية في غريب الحديث 3/ 177، ولسان العرب 6/ 211 - 212 (عتر). (¬7) أخرجه الترمذي في سننه 5/ 327 - 328 وقال: وفي الباب عن أبي ذر وأبي سعيد=

الحسن (¬1)، قال أبو حاتم (¬2): منكر الحديث (¬3). وقواه ابن حبان. وعن الأعمش (¬4) عن عطية (¬5) -وهو ضعيف- عن أبي سعيد مرفوعًا ¬

_ =وزيد بن أرقم وحذيفة بن أسيد، هذا حديث غريب حسن من هذا الوجه، وزيد بن الحسن قد روى عنه سعيد بن سليمان وغير واحد من أهل العلم. (¬1) هو: أبو الحسن القرشي الكوفي، روى عن جعفر بن محمَّد بن علي بن الحسين، ومعروف بن خَرَّبُوذ، وعنه إِسحاق بن راهويه ونصر الوشَّاء وعلي بن المديني وغيرهم. قال ابن حجر في التقريب: ضعيف. انظر: ميزان الاعتدال 2/ 102، وتهذيب التهذيب 3/ 406، وتقريب التهذيب 1/ 273. (¬2) هو: محمَّد بن إِدريس بن المنذر بن مهران الغطفاني الحنظلي الرازي، حافظ المشرق، ثبت بارع الحفظ، جمع أحاديث الزهري وصنفها ورتبها، وكان مرجعاً في معرفة رجال الحديث، توفي سنة 275 هـ. انظر: تاريخ بغداد 3/ 73، وتذكرة الحفاظ/ 567، وطبقات الحنابلة 1/ 284، وطبقات الشافعية للسبكي 2/ 207، وتقريب التهذيب 2/ 143، والمنهج الأحمد 1/ 183، وطبقات الحفاظ/ 255، وشذرات الذهب 2/ 171. (¬3) انظر: الجرح والتعديل 1/ 2/ 560. (¬4) هو: أبو محمَّد سليمان بن مهران الأسدي، مولى بني كاهل، محدث الكوفة وعالمها، ولد سنة 61 هـ، وتوفي سنة 148 هـ. قال ابن حجر في التقريب: ثقة حافظ عارف بالقراءة ورع لكنه يدلس. انظر: تاريخ بغداد 9/ 3، ووفيات الأعيان 2/ 136، وتذكرة الحفاظ/ 154، ومشاهير علماء الأمصار/ 111، وطبقات الحفاظ / 67، وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال / 155، وشذرات الذهب 1/ 220. (¬5) هو: أبو الحسن عطية بن سعد بن جُنادة العوفي الكوفي، تابعي شهير، روى عن=

والأعمش عن حبيب (¬1) بن أبي ثابت عن زيد بن أرقم مرفوعًا: (إِني تارك فيكم ما إِن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر، وهو كتاب الله وعِتْرَتي أهل بيتي، لن يفترقا حتى يردا (¬2) (¬3) على الحوض). (¬4) ¬

_ =ابن عباس وأبي سعيد وابن عمر وغيرهم، وعنه حجاج بن أرطأة والأعمش وإِدريس الأودي وغيرهم، توفي سنة 127 هـ. ضعفه أحمد وأبو حاتم والنسائي وجماعة. قال ابن حجر في التقريب: صدوق يخطئ كثيراً، كان شيعياً مدلسًا. انظر: ميزان الاعتدال 3/ 79، وتهذيب التهذيب 7/ 224، وتقرب التهذيب 2/ 24. (¬1) هو: أبو يحيى حبيب بن أبي ثابت قيس بن دينار الأسدي -بالولاء- الكوفي، من فقهاء التابعين، روى عن ابن عمر وأنس وابن عباس وزيد بن أرقم، وغيرهم، وعنه الأعمش وأبو إِسحاق الشيباني والثوري وغيرهم، توفي سنة 119 هـ. قال ابن حجر في التقريب: ثقة فقيه جليل، وكان كثير الإرسال والتدليس. انظر: ميزان الاعتدال 1/ 451، وتهذيب التهذيب 2/ 178، وتقريب التهذيب 1/ 148. (¬2) في (ب) و (ظ): يردوا. (¬3) نهاية 43 ب من (ظ). (¬4) أخرجه الترمذي في سننه 5/ 328 - 329، وقال: هذا حديث حسن غريب. وأخرج الحاكم في مستدركه 3/ 109 حديث زيد بن أرقم بلفظ: (إِني تارك فيكم الثقلين، أحدهما أكبر من الآخر، كتاب الله وعترتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، فإِنهما لن يتفرقا حتى يردا على الحوض) وأخرجه -أيضًا- 3/ 148 بلفظ: (إِني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وأهل بيتي، لن يتفرفا حتى يردا على الحوض). وقال: صحيح=

روى الترمذي الثلاثة، وقال في كل منها (¬1): حسن غريب. والأعمش إِمام، لكنه كثير التدليس، ولم يصرح بالسماع، فلا يحتج به عند المحدثين، وقد قال أحمد (¬2): في حديثه اضطراب كثير. وقال ابن المديني (¬3): كان كثير الوهم في أحاديث هؤلاء الضعفاء. (¬4) رد ذلك: بمنع الصحة (¬5) لما سبق، ولهذا في مسلم (¬6) من حديث زيد ¬

_ =الإِسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي في التلخيص. وأخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي سعيد 3/ 14، 17، 59 ومن حديث زيد بن ثابت 5/ 181 - 182، وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير من حديث زيد بن ثابت 5/ 171، ومن حديث زيد بن أرقم 5/ 190. (¬1) في (ظ): منهما. (¬2) انظر: ميزان الاعتدال 2/ 224، وتهذيب التهذيب 4/ 222. (¬3) هو: أبو الحسن علي بن عبد الله بن جعفر السعدي -بالولاء- البصري، إِمام حافظ عالم بالحديث والعلل، روى عنه أحمد والبخارى وأبو داود وأبو حاتم وخلق، توفي سنة 234 هـ. انظر: تاريخ بغداد 11/ 458، وطبقات الحنابلة 1/ 225، وتذكرة الحفاظ/ 428، وطبقات الشافعية للسبكي 2/ 145، وتهذيب الأسماء واللغات 1/ 1/ 350، وطبقات الحفاظ/ 184، وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال/ 275، والمنهج الأحمد 1/ 97، وشذرات الذهب 2/ 81. (¬4) انظر: ميزان الاعتدال 2/ 224، وتهذيب التهذيب 4/ 222. (¬5) في (ظ): لصحة. (¬6) انظر: صحيح مسلم/ 1873 - 1874.

ابن أرقم: (إِني تارك فيكم ثَقَلين، أولهما: كتاب الله، فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به)، ثم قال: (وأهل بيتي، أذكِّركم الله في أهل بيتي). (¬1) وفي الأخبار الصحيحة أنه أمر باتباع سنته -كما في المسألة (¬2) قبلها- ودل عليه حديث المقدام (¬3) وأبي رافع (¬4) وأبي هريرة وغيرها (¬5) مما يطول (¬6). ¬

_ (¬1) وأخرجه -أيضًا- أحمد في مسنده 4/ 367، والدارمي في سننه 2/ 310، والطبراني في المعجم الكبير 5/ 205 - 206. (¬2) في قول الرسول: عليكم بسنتي ... (¬3) هو: الصحابي المقدام بن معد يكرب. (¬4) هو: الصحابي أبو رافع مولى الرسول - صلى الله عليه وسلم -. (¬5) في (ح) و (ظ): وغيرهما. (¬6) حديث المقدام: عن رسول الله قال: (ألا إِني أوتيت القرآن ومثله معه، ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن، فما وجدتم من حلال فأحلوه ...) وقد ورد بألفاظ. أخرجه أبو داود في سننه 5/ 10 - 12، والترمذي في سننه 4/ 145 وقال: هذا حديث غريب من هذا الوجه، وابن ماجه في سننه/ 6، وأحمد في مسنده (انظر: الفتح الرباني 1/ 191 - 192)، والدارمي في سننه 1/ 117، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 2/ 232، والبيهقي في المدخل إِلى دلائل النبوة / 34، وفي المعرفة 1/ 19، والحاكم في مستدركه 1/ 109 وقال: إِسناده صحيح. حديث أبي رافع: عن رسول الله قال: (لا ألفين أحدكم متكئًا على أريكته يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه، فيقول: لا ندري، ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه ...) وقد ورد بألفاظ. أخرجه أبو داود في سننه/ 6 - 7، والشافعي=

ولمالك في الموطأ: بلغه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬1) [قال] (¬2): (تركت فيكم أمرين (¬3) لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله وسنة رسوله). (¬4) ¬

_ = (انظر: بدائع المنن 1/ 17)، وأحمد في مسنده (انظر: الفتح الرباني 1/ 192)، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 2/ 232، والبيهقي في المدخل إِلى دلائل النبوة / 34، وفي المعرفة 1/ 18، والحاكم في مستدركه 1/ 108 - 109 وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي في التلخيص. حديث أبي هريرة: قال رسول الله: (لا أعرفن أحداً منكم أتاه عني حديث -وهو متكئ في أريكته- فيقول: اتلوا عليَّ به قرآناً ...) أخرجه أحمد في مسنده 2/ 367، وابن ماجه في سننه/ 9 - 10، والبزار في مسنده" (انظر: كشف الأستار 1/ 80). (¬1) نهاية 55 ب من (ب). (¬2) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ظ). (¬3) نهاية 112 من (ح). (¬4) انظر: الموطأ/ 899. وفي شرح الزرقاني 4/ 246: "بلاغه صحيح كما قال ابن عيينة، وقد أخرجه ابن عبد البر من حديث كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده". وقد أخرجه ابن حزم في الإِحكام/ 1056 من حديث ابن عباس. وأخرج البيهقي في المدخل الكبير -على ما في مفتاح الجنة/ 7 - من حديث أبي هريرة: قال رسول الله: (إِني قد تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما: كتاب الله وسنتي، ولن يفترقا حتى يردا على الحوض)، وأخرجه ابن حزم في الإِحكام/ 1057، وأخرجه الحاكم في المستدرك 1/ 93، وأخرجه -أيضًا- من حديث ابن عباس. قال: وهذا الحديث لخطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - متفق على إِخراجه في الصحيح: (يا أيها الناس إني=

ثم: خبر الواحد ليس بحجة عند الشيعة. وأجاب في التمهيد (¬1) وغيره: بأنه لا يثبت به أصل. ثم: بما في المسألة (¬2) قبلها، أو أن روايتهم حجة، وخصهم لأنهم أعلم بحاله. ولأن زيدًا (¬3) قال (¬4): "أهل بيته من حرم الصدقة: [آل] (¬5) علي (¬6) وآل عقيل (¬7)، وآل جعفر (¬8)، وآل عباس (¬9) "، وهو أعلم بما روى. ¬

_ =قد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده -إِن اعتصمتم به- كتاب الله، وأنتم مسؤولون عنه، فما أنتم قائلون؟) وذكر الاعتصام بالسنة في هذه الخطب غريب ويحتاج إِليها. (¬1) انظر: التمهيد/ 134 ب. (¬2) يعني: أنه معارض بما فيها من قوله: (عليكم بسنتي ...)، وقوله (اقتدوا بالَّذين من بعدي ...). انظر: الإحكام للآمدي 1/ 248. (¬3) وهو زيد بن أرقم. (¬4) أخرجه مسلم في صحيحه/ 1873، وأحمد في مسنده 4/ 367، والطبراني في المعجم الكبير 5/ 204 - 205، 206. (¬5) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬6) ابن أبي طالب. انظر: كتاب نسب قريش/ 40. (¬7) ابن أبي طالب. انظر: المرجع السابق/ 84. وهو: الصحابي أبو يزيد، ابن عم النبي - صلى الله عليه وسلم -. (¬8) ابن أبي طالب. النظر: المرجع السابق/ 80. وهو: الصحابي أبو عبد الله، ابن عم النبي - صلى الله عليه وسلم -. (¬9) ابن عبد المطلب. انظر: المرجع السابق/ 25. وهو: الصحابي أبو الفضل، عم النبي - صلى الله عليه وسلم -.

مسألة

والخبر (¬1) في الخلفاء أصح، ولم تقل به الشيعة. ونمنع (¬2) أن الخطأ من الرجس، وفي الواضح: دل سياق الآية أنه أراد دفع التهمة. وبعض أصحابنا (¬3) قال: مفرد (¬4) حُلِّيَ (¬5) باللام، ولا يستغرق. ولم يحتج أهل البيت بذلك، ولا ذكروه، ولا أنكروا (¬6) على مخالفهم حتى عليّ زمن ولايته، ولو كان ذلك حجة كان تركه خطأ ولوجب ذكره، ومعلوم: لو ذَكَره لنُقِل وقَبِله منه أصحابه وغيرهم كما في غيره. مسألة لا يشترط في أهل الإِجماع عدد التواتر عندنا وعند الأكثر؛ لدليل السمع (¬7)، فلو بقي واحد: فظاهر كلام أصحابنا كذلك (¬8)، [وجعله ابن ¬

_ (¬1) وهو: قول الرسول: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين ...)، وقوله: (اقتدوا باللذين من بعدي ...). (¬2) في (ح): وبمنع. (¬3) انظر: البلبل/ 136. (¬4) يعني: (الرجس) لفظ مفرد. (¬5) في (ح) و (ظ): حكي. (¬6) في (ظ): أنكروه. (¬7) فمن صدق عليه لفظ (الأمة) و (المؤمنون) من الأشخاص كانت الأدلة السمعية موجبة لعصمتهم عن الخطأ. انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 250. (¬8) في (ح): فظاهر كلام أصحابنا: حجة، لذلك قال تعالى ...

مسألة

عقيل (¬1) حجة له في اعتبار مخالفة الواحد] (¬2)، قال تعالى: (إِن إِبراهيم كان أمة) (¬3)، وللشافعية (¬4) وجهان؛ لشعور الإِجماع بالاجتماع. مسألة إِذا قال مجتهد قولاً وانتشر ولم ينكر -قبل (¬5) استقرار المذاهب (¬6) - فإِجماع عند أحمد (¬7) وأصحابه -زاد ابن عقيل في مسألة قول الصحابي: في إِيجابه للعلم منع وتسليم. وقال بعض أصحابنا: إِجماع على الأشهر عندنا- (وهـ م) وبعض الشافعية (¬8). وقال بعض الحنفية (¬9): حجة، وذكره الصيرفي الشافعي مذهب ¬

_ (¬1) انظر: شرح الكوكب المنير 2/ 253. (¬2) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬3) سورة النحل: آية 120. (¬4) انظر: المستصفى 1/ 188، والمنخول / 313، والإِحكام للآمدي 1/ 250، وشرح لمحلي على جمع الجوامع 2/ 181، وشرح الورقات/ 167، وغاية الوصول/ 107. (¬5) في (ب): قيل. (¬6) جاء في شرح العضد 2/ 37: فإِن كان بعد استقرار المذاهب لم يدل على الموافقة قطعًا؛ إذ لا عادة بإِنكاره، فلم يكن حجة. وجاء في شرح الكوكب المنير 2/ 254: ليخرج ما احتمل أنه قاله تقليدًا لغيره. (¬7) انظر: العدة/ 175 ب، والتمهيد/ 140 ب. (¬8) انظر: التبصرة/ 391. (¬9) انظر: تيسير التحرير 3/ 346 - 247، وفواتح الرحموت 2/ 232.

(ش). (¬1) وقال داود (¬2) وأبو (¬3) هاشم (¬4): ليس بحجة، واختاره جماعة، منهم: ابن الباقلاني (¬5) وأبو المعالي، وذكره الآمدي (¬6) عن الشافعي (¬7)، وقاله ابن عقيل في فنونه، واختاره (¬8) (¬9) ابن أبي هريرة (¬10) إِن كان حكماً (¬11) لا فتيا (¬12). ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 335. (¬2) انظر: التبصرة/ 392، والإحكام للآمدي 1/ 252. (¬3) في المعتمد/ 533، والمحصول 2/ 1/ 215، والإِحكام للآمدي 1/ 252، والتمهيد 1401 ب: يقول أبو هاشم: هو حجة وليس بإجماع. (¬4) نهاية 44 أمن (ظ). (¬5) انظر: البرهان/ 699، 701. (¬6) انظر: الإحكام للآمدي 1/ 252. (¬7) نهاية 56 أمن (ب). (¬8) انظر: التبصرة/ 392، والمحصول 2/ 1/ 215، والإِحكام للآمدي 1/ 252. (¬9) نهاية 113 من (ح). (¬10) هو: أبو علي الحسن بن الحسين، أحد أئمة الشافعية، درس ببغداد، وتوفي سنة 345 هـ. من مؤلفاته: شرح مختصر المزني. انظر: طبقات الفقهاء للشيرازي/ 112، وطبقات الشافعية للسبكي 3/ 256، ووفيات الأعيان 1/ 158، وتذكرة الحفاظ/ 1857، ومرآة الجنان 2/ 337، والبداية والنهاية 11/ 304، وطبقات الشافعية لابن هداية الله/ 72، وطبقات الشافعية للعبادي/ 77. (¬11) في (ب) و (ظ): "إِن كان فتيا لا حكمًا". بعد تعديل ممن قرأ النسختين. (¬12) فيكون إِجماعًا وحجة إِن كان فتيا.

لنا: الظاهر يدل على الموافقة، لبعد سكوتهم عادة، ولذلك (¬1) يأتي (¬2) في قول الصحابي والتابعي في معرفي الحجة: "كانوا يقولون أو يرون ونحوه"، ومعلوم أن كل واحد لم يصرح به. قالوا: يحتمل أنه لم يجتهد، أو اجتهد ووقف، أو خالف وكتم للتروِّي والنظر، أو لأن كل مجتهد مصيب، أو وَقَّر، أو هاب. رد: خلاف الظاهر لا سيما في حق الصحابة -رضي الله عنهم- مع طول بقائهم. واعتقاد الإِصابة لا يمنع النظر لتعرف الحق كالمعروف من حالهم. واختار أبو الخطاب (¬3) والجبائي (¬4) والآمدي (¬5) وغيرهم اعتبار انقراض العصر -هنا- ليضعف الاحتمال. ابن أبي هريرة: العادة في الفتيا (¬6)، للزوم اتباع الحكم. رد: هذا لا يمنع من إِبداء الخلاف، كما قيل لعمر (¬7) وغيره في قضايا. ¬

_ (¬1) في (ظ): وكذلك. (¬2) انظر: ص 584، 586 من هذا الكتاب. (¬3) انظر: التمهيد/ 140 أ. (¬4) انظر: المعتمد/ 533، والإِحكام للآمدي 1/ 252. (¬5) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 253. (¬6) يعني: العادة في الفتيا أنها تخالف ويبحث عنها دون الحكم. (¬7) فقد اعترض عليه علي حين أمو برجم المجنونة التي زنت. خرجه أبو داود في سننه 4/ 558 - 559 من حديث ابن عباس، والدارقطني في سننه 3/ 138 - 139، والحاكم في مستدركه 4/ 388 - 389 وقال: هذا حديث صحيح على=

مسألة

قال في التمهيد (¬1) والروضة (¬2): وإن لم يكن القول في تكليف فلا إِجماع؛ لأنه لا حاجة إلى إِنكاره أو تصويبه. ولم يفرق آخرون من أصحابنا وغيرهم. وإن لم ينتشر القول فلا إِجماع، لعدم الدليل (¬3). وعند بعضهم: إِجماع؛ لئلا يخلو العصر عن الحق. رد: بجوازه لعدم علمهم. مسألة لا يعتبر انقراض العصر عند أبي الخطاب (¬4) -وقال: أومأ إِليه أحمد، وقاله عامة العلماء- (و). واعتبره أكثر أصحابنا، وجزم به القاضي (¬5) وغيره، وأنه ظاهر كلام ¬

_ =شرط الشيخين ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي في التلخيص. وأخرجه أحمد في مسنده 1/ 154 - 155: عن أبي ظبيان أن عمر بن الخطاب أتي بامرأة ... وانظر: الإحكام للآمدي 1/ 254. (¬1) انظر: التمهيد/ 140 أ. (¬2) انظر: روضة الناظر/ 151. (¬3) يعني: دليل الموافقة. (¬4) انظر: التمهيد/ 143 ب. (¬5) انظر: العدة/ 163 ب- 164 أ.

أحمد، وقاله (¬1) ابن فُوَرك (¬2)، وذكر ابن بَرْهان أنه مذهبهم (¬3)، فلهم ولبعضهم الرجوع لدليل، لا (¬4) على (¬5) الأول. واعتبر أبو المعالي (¬6) -إِن كان عن ظن- مُضِيَّ زمن طويل، حتى لو مضى استقر قبل موتهم، ولو لم (¬7) يمض لم يستقر ولو ماتوا. وفي الواضح: أن بعض الشافعية قالوا: إِجماع، إِلا أن يقولوا: قلناه ظناً. وجه الأول: أدلة الإِجماع. ولأنه لو اعتبر امتنع الإِجماع للتلاحق. احتج به أبو الخطاب (¬8) وجماعة. ¬

_ (¬1) انظر: المحصول 2/ 1/ 206، والإِحكام للآمدي 1/ 259. (¬2) هو: أبو بكر محمَّد بن الحسن بن فورك، فقيه شافعي أصولي نحوي متكلم، توفي سنة 406هـ. من مؤلفاته: رسالة في أصول الفقه. انظر: وفيات الأعيان 3/ 402، وطبقات الشافعية للسبكي 4/ 127، وطبقات المفسرين للداودي 2/ 129، وإنباه الرواة 3/ 110، وشذرات الذهب 3/ 181. (¬3) انظر: المسودة / 320، والوصول لابن برهان/ 162. (¬4) تكررت عبارة (لا على) في (ح). (¬5) نهاية 114 من (ح). (¬6) انظر: البرهان/ 614. (¬7) نهاية 56 ب من (ب). (¬8) انظر: التمهيد/ 144 أ.

ورده القاضي (¬1) وجماعة: بأنه لا يعتبر التابعي مع الصحابة في رواية، ثم إِن اعتبر لم يعتبر تابع تابعي أدركه مجتهداً؛ لأنه لم يعاصر الصحابة، زاد ابن عقيل: ولندرة إِدراكه مجتهداً. وللأول أن يقول: التابعي في هذا الإِجماع كالصحابي -لاعتبار قوله فيه- فلا فرق. واستدل: الحجة قولهم، فلم يعتبر موتهم كالرسول. رد: محل النزاع. وقول الرسول عن وحي، فلم يقابله غيره، وقولهم عن اجتهاد. واستدل: (¬2) باحتجاج الحسن (¬3) به (¬4) زمن أنس وغيره. (¬5) رد: بالمنع، ثم: لأن قول الصحابي عنده حجة. وضَعَّف هذا بعض أصحابنا (¬6): بأنا إذا اعتبرنا انقراضه (¬7) في الإِجماع ففي الواحد أولى، وأنه يتوجه أن يحتج بالإِجماع في حياتهم مع اعتبار ¬

_ (¬1) انظر: العدة/ 165 ب، والمسودة / 321، 333. (¬2) نهاية 44 ب من (ظ). (¬3) هو: الحسن البصري. (¬4) يعني: بإِجماع الصحابة. (¬5) انظر: العدة/ 165 أ. (¬6) انظر: المسودة/ 322. (¬7) في (ظ): انقضاضه.

انقراضه لظاهر الآيات (¬1)، والأصل عدم رجوعهم، ثم: (¬2) إِن رجعوا فلم يدم الخطأ، وعصمتهم عن (¬3) دوامه. قالوا: (لتكونوا شهداء على الناس) (¬4)، ومن منع رجوعهم جعلهم شهداء على أنفسهم. رد: بأنهم من الناس، وبأنهم شهداء [الله] (¬5) على غيرهم لأنه صواب، وبأن (¬6) من قبل قوله على غيره فهو أولى، ثم: المفهوم هنا ليس بحجة. قالوا: خالف علي عمر بعد موته في بيع أم الولد (¬7)، وأن حد الخمر ثمانون (¬8)، وعمر (¬9) خالف أبا بكر -رضي الله عنهم- في قسمة ¬

_ (¬1) الدالة على حجية الإِجماع، كقوله تعالى: (... ويتبع غير سبيل المؤمنين ...)، ذم بها من خالفهم في حياتهم قبل انقراضهم. انظر: المسودة/ 322. (¬2) في (ظ): وإن. (¬3) في (ظ): ونسخة في هامش (ب): من. (¬4) سورة البقرة: آية 143: (وكذلك جعلناكم أمة وسطًا لتكونوا شهداء على الناس). (¬5) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬6) في (ظ): ولأن. (¬7) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه 7/ 291، والبيهقي في السنن الكبرى 10/ 348، وابن حزم في الإِحكام/ 671، وسعيد في سننه، فانظر: المعتبر/ 85 أ. (¬8) أخرجه مسلم في صحيحه/ 1331 - 1332، وأبو داود في سننه 4/ 622، والبيهقي في سننه 8/ 318، وابن حزم في اللإِحكام/ 669 - 670. (¬9) نهاية 115 من (ح).

الفيء (¬1). رد: بمنع الإِجماع في ذلك، بل في الأخبار (¬2) ما يدل على عدمه. ¬

_ (¬1) فقد سوّى أبو بكر، وفَضَّل عمر. أخرجه أحمد في مسنده (انظر: الفتح الرباني 14/ 86)، وأبو عبيد في الأموال/ 263، والبيهقي في السنن الكبرى 6/ 346، وانظر: نيل الأوطار 8/ 84 - 85، وكنز العمال 4/ 521 - 541. (¬2) فبالنسبة لبيع أم الولد: أخرج ابن ماجه في سننه/ 841 عن جابر قال: كنا نبيع سرارينا أمهات أولادنا -والشعبي حي- ما نرى بذلك باسًا. في الزوائد: إِسناده صحيح، ورجاله ثقات. وأخرجه الشافعي (انظر: بدائع السنن 2/ 139)، وعبد الرزاق في مصنفه 7/ 288، والبيهقي في سننه 10/ 348، وأخرجه -أيضًا- عنه بلفظ: بعنا أمهات أولادنا على عهد النبي وأبي بكر، فلما كان عمر نهانا فانتهينا. وأخرج هذا أبو داود في سننه 4/ 262 - 264. وانظر في موضوع بيع أمهات الأولاد: المصنف لعبد الرزاق 7/ 287، والسنن الكبرى للبيهقي 10/ 347، وكنز العمال 10/ 343. وبالنسبة لحد الخمر: ليس ما فعل عمر إِجماعًا، لسَبْق فعل النبي وأبي بكر، فقد جلدا أربعين. فانظر: الإِحكام لابن حزم/ 670 - 671، والمغني 9/ 161. وبالنسبة لقسمة الفيء: ليس ما فعل أبو بكر إِجماعًا، قال أبو الخطاب في التمهيد/ 144 ب: خالف عمر أبا بكر في زمانه وناظره، فقال له: أتجعل من جاهد في سبيل الله بما له ونفسه كمن دخل في الإِسلام كرهاً؟ فقال: إِن إِخواننا عملوا لله، وأجورهم على الله، وإنما الدنيا بلاغ. ذكر ذلك في الفتوح والتواريخ. ولم يُرْوَ أن عمر رجع إِلى قول أبي بكر، بل أمسك عنه لأنه الإِمام، فلما صار الأمر إِليه فعله؛ لأنه كان رأيه في زمن الصديق. انتهى كلام أبي الخطاب. وانظر: سنن البيهقي 6/ 348.

مسألة

قالوا: يلزم ترك نص اطلع عليه. رد: بأنه بعيد (¬1)، وقيل: محال للعصمة. ثم: يلزم (¬2) لو انقرضوا، فلا أثر له؛ لأن الإِجماع قاطع، ولأنه إِن كان عن نص لم يعتبر (¬3)، وإلا لم يجز نقض اجتهاد بمثله، لا سيما لقيام الإِجماع هنا. وقال بعض الشافعية (¬4): إِذا عارضه نص أُوِّلَ القابل (¬5) له (¬6)، وإلا تساقطا. قالوا: موته - عليه السلام - شرط دوام الحكم، كذا هنا. رد: لإِمكان نسخه، فيرفع قطعي بمثله. مسألة لا إِجماع إِلا عن دليل عندنا وعند العلماء، خلافاً لما حكي عن بعض المتكلمين: أن الله يوفقهم للصواب. لنا: اعتبار الاجتهاد فيهم، ولأنه محال عادة، وكالواحد من الأمة، ولا ¬

_ (¬1) نهاية 157 من (ب). (¬2) يعني: يلزم ما ذكرتم. (¬3) في (ح) و (ظ): لم يتغير. (¬4) كالبيضاوي في منهاجه. فانظر: نهاية السول 2/ 315. (¬5) في (ح): القايل. (¬6) يعني: القابل للتأويل.

مسألة

عبرة بمخالفة صاحب النَّظَّام (¬1) فيه. (¬2) قالوا: لو كان عن دليل كان هو الحجة، فلا فائدة فيه. رد: قوله - عليه السلام - حجة في نفسه، وهو عن دليل هو (¬3) الوحي. ثم: فائدته سقوط البحث عنا عن دليله، وحرمة الخلاف الجائز قبله. وبأنه (¬4) يوجب عدم انعقاده عن دليل. وظهر للآمدي ضعف الأدلة من الجانبين، وقال: يجب إِن يقال: أن أجمعوا عن غير دليل لم يكن إِلا حقًا (¬5) مسألة يجوز الإِجماع عن اجتهاد وقياس، ووقع، وتحرم (¬6) مخالفته، عندنا ¬

_ (¬1) هو: أبو عمران مويس -وفي جل كتب أصول الفقه: موسى- ابن عمران، من الطبقة السابعة من طبقات المعتزلة (وفيات رجالها في النصف الأول من القرن الثالث الهجري)، فقيه واسع العلم في الكلام والفتيا، وكان يقول بالإِرجاء. انظر: فرق وطبقات المعتزلة/ 76، وفضل الاعتزال وطبقات المعتزلة/ 74، 279. (¬2) انظر: المعتمد/ 521، والتمهيد/ 1135. (¬3) في (ظ): وهو. (¬4) يعني: وبأن ما قلتم يوجب. (¬5) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 263. (¬6) في (ب): تحرم.

وعند أكثر العلماء، خلافًا للظاهرية (¬1) وابن جرير الطبري (¬2) والشيعة (¬3) في الجواز، ولبعضهم في القياس الخفي، ولبعضهم في الوقوع، (¬4) ولبعضهم (¬5) -وحكي عن بعض الحنفية (¬6) - في تحريم مخالفته. لنا: وقوعه لا يلزم محال. وأجمع (¬7) الصحابة على (¬8) خلافة أبي بكر (¬9) وقتال مانعي الزكاة (¬10) وتحريم شحم الخنزير (¬11)، والأصل عدم النص، ثم: لو كان لظهر واحتج به. ¬

_ (¬1) انظر: الإِحكام لابن حزم/ 648، 651، والتمهيد/ 135 ب. (¬2) انظر: العدة / 169أ، والتمهيد/ 135 ب، والتبصرة/ 372، والمحصول 2/ 1/ 269. (¬3) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 264. (¬4) نهاية 116 من (ح). (¬5) ضرب على (ولبعضهم) في (ظ). (¬6) انظر: المحصول 2/ 1/ 299، والمسودة/ 328. (¬7) نهاية 45أمن (ظ). (¬8) في (ب): عن. (¬9) قياسًا على إِمامة الصلاة. قال الزركشي في المعتبر/ 20 ب: أخرجه البيهقي في سننه عن زِرِّ بن حُبيش عن ابن مسعود. قال الذهبي في مختصره: سنده جيد. وقد اختلف في إِمامة أبي بكر: أثبتت بالنص أم بالإِجماع؟ وقد تكلم عن ذلك الزركشي. فانظر: العتبر/ 21 أوما بعدها. (¬10) بطريق الاجتهاد، حتى قال أبو بكر: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة. أخرجه البخاري في صحيحه 2/ 104، ومسلم في صحيحه/ 51 - 52 من حديث أبي هريرة. (¬11) انظر: تفسير القرطبي 2/ 222.

مسألة

قالوا: الخلاف في القياس في كل عصر. رد: بمنعه في الصحابة، (¬1) بل حادث، فهو كخبر الواحد والعموم: فيهما خلاف، وينعقد عنهما بلا خلاف. قالوا: القياس فرع معرض للخطأ، فلا (¬2) يصلح دليلاً لأصل معصوم عنه. رد: القياس فرع للكتاب والسنة لا للإِجماع، فلم يبن الإِجماع على فرعه، وحكم هذا القياس قطعي لعصمتهم عن الخطأ. ورده الآمدي (¬3): بأن إِجماعهم عليه يسبقه إِجماعهم على (¬4) صحته، فاستندوا إِلى قطعي، ثم ألزم بخبر الواحد؛ فإِنه ظني، والإِجماع المستند إِليه قطع. ولابن عقيل معناه. قالوا: يلزم تحريم مخالفة المجتهد، وهي جائزة إِجماعًا. رد: المجمع عليه مخالفة مجتهد منفرد (¬5) لا الأمة. مسألة إِذا اختلفوا على قولين لم يجز إِحداث ثالث عند أحمد (¬6) وأصحابه ¬

_ (¬1) نهاية 57 ب من (ب). (¬2) في (ب) و (ظ): ولا. (¬3) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 266. (¬4) في (ظ): في. (¬5) في (ظ): مفرد. (¬6) انظر: العدة / 167 ب، والتمهيد/ 138ب.

وعامة العلماء، خلافاً لبعض الحنفية (¬1) وبعض الظاهرية (¬2) وبعض المتكلمين (¬3) وبعض الرافضة (¬4)، وقاله في الانتصار في مسألة "وطء الأمة"، وذكره في التمهيد (¬5) ظاهر قول أحمد؛ لأن بعض الصحابة (¬6) قال: "لا يقرأ الجنب حرفًا"، وقال بعضهم: "يقرأ ما شاء"، فقال هو: "يقرأ بعض آية"، وفي تعليق القاضي -في قراءة الجنب-: قلنا بهذا موافقة لكل قول، ولم نخرج عنهم (¬7). فأما إِن اختلفوا (¬8) في مسألتين على قولين -إِثباتًا ونفياً- فلمن بعدهم موافقة كل قول في مسألة عند القاضي (¬9)، وذكره بعض (¬10) ¬

_ (¬1) انظر: تيسير التحرير 3/ 250، وفواتح الرحموت 2/ 235. (¬2) انظر: الأحكام لابن حزم/ 668، والإِحكام للآمدي 1/ 268. (¬3) انظر: كشف الأسرار 3/ 234. (¬4) انظر: الأحكام للآمدى 1/ 268. (¬5) انظر: التمهيد/ 138 ب. (¬6) أخرج بعض الآثار في ذلك: عبد الرزاق في مصنفه 1/ 336 - 337، وابن أبي شيبة في مصنفه 1/ 102 - 103، والدارقطني في سننه 1/ 118، 121، والبيهقي في سننه 1/ 89. (¬7) انظر: المسودة/ 328. (¬8) نهاية 117 من (ح). (¬9) قال في العدة/ 168 أ: إِن لم يصرحوا بالتسوية بين المسألتين جاز، وإن صرحوا بالتسوية بينهما لم يجز على قول أكثرهم، وعلى قول بعضهم: يجوز. (¬10) انظر: المسودة/ 327.

[أصحابنا] (¬1) عن أكثر العلماء. وذكر الآمدي (¬2) المنع عن أكثر العلماء. وفي الكفاية للقاضي: إِن صرحوا بالتسوية لم يجز، وإلا فوجهان، كإِيجاب بعض الأمة النية في الوضوء، ولا يعتبر صومًا لاعتكاف، ويعكس آخر. كذا قال. (¬3) وبَعَّد (¬4) بعض أصحابنا (¬5) هذا التمثيل. وفي التمهيد (¬6): إِن صرحوا بالتسوية لم يجز، لاشتراكهما (¬7) في المقتضي للحكم ظاهرًا، وإن لم يصرحوا: فإِن اختلف طريق الحكم فيهما (¬8) -كالنية في الوضوء، والصوم في الاعتكاف- جاز، إلا للزم من وافق إِماما في مسألة موافقته في جميع مذهبه، وإجماع الأمة خلافه، وإن اتفق الطريق -كزوج وأبوين، وامرأة (¬9) وأبوين (¬10)، وكإِيجاب نية في وضوء وتيمم، ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬2) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 268. (¬3) انظر: المسودة/ 327، 328. (¬4) في (ظ): وبعده. (¬5) انظر: المسودة/ 328. (¬6) انظر: التمهيد/ 139أ. (¬7) نهاية 58أمن (ب). (¬8) في (ح): فيها. (¬9) يعني: زوجة. (¬10) قيل: للأم ثلث الأصل في المسألتين، وقيل: لها ثلث ما بقي بعد نصيب =

وعكسه- لم يجز، وهو ظاهر كلام أحمد (¬1). وهذا التفصيل قاله (¬2) عبد الوهاب المالكي (¬3). وذكر ابن بَرْهان (¬4) -لأصحابه- في الجواز وعدمه وجهين. (¬5) واختار في الروضة (¬6) والحلواني: (¬7) إِن صرحوا بالتسوية لم يجز، وإِلا جاز لموافقة كل طائفة. قال أبو الطيب الشافعي: هو (¬8) قول أكثرهم (¬9). واختار [بعض أصحابنا (¬10) و] (¬11) الآمدي (¬12) ¬

_ =الزوج أو الزوجة -فانظر: سنن البيهقي 6/ 227 - 228، وسنن الدارمي 2/ 249 - 250، والمحلى 10/ 326 وما بعدها- فالقول بأن لها ثلث الأصل في إِحدى المسألتين، وثلث الباقي في الأخرى: قول ثالث. (¬1) انظر: التمهيد/ 139 ب. (¬2) انظر: شرح تنقيح الفصول/ 328، والمسودة/ 328. (¬3) هو: أبو محمَّد عبد الوهاب بن علي بن نصر البغدادي، أصولي أديب، توفي بمصر سنة 422 هـ. من مؤلفاته: أوائل الأدلة، والإفادة، والتلخيص. وكلها في أصول الفقه. انظر: وفيات الأعيان 2/ 387، والديباج المذهب / 120، وشذرات الذهب 3/ 223. (¬4) نهاية 45 ب من (ظ). (¬5) انظر: المسودة / 327، والوصول لابن برهان / 164. (¬6) انظر: روضة الناظر/ 150. (¬7) انظر: المسودة/ 327. (¬8) في (ظ): وهو. (¬9) انظر: المسودة/ 327. (¬10) انظر: البلبل/ 135. (¬11) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬12) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 269.

ومن تبعه (¬1): إِن رفع الثالث ما اتفقا عليه -كرد بكر وطئها بعيب مجانًا (¬2)، وإسقاط (¬3) جد بأخوة (¬4) - لم يجز لرفع الإِجماع، وإلا جاز كمسألة الفرائض المذكورة، كما (¬5) لو قيل: لا يجوز قتل مسلم بذمي، ولا يصح بيع غائب، وعكسهما، فالتفصيل ليس مخالفاً (¬6) للإِجماع إِجماعًا. قالوا (¬7): لم يفصل أحد، وكلهم قائل بنفيه. رد: عدمه لا يمنع القول به، وإلا امتنع الاجتهاد في مسألة (¬8) تتجدد، والتفصيل (¬9) في مسألة القتل والبيع. ¬

_ (¬1) انظر: مختصر ابن الحاجب 2/ 39. (¬2) كما لو قال بعض أهل العصر في الجارية البكر إِذا وطئها المشتري -ثم وجد بها عيباً-: نمنع الرد، وقال بعضهم بالرد مع أريق النقصان، فالقول بالرد مجاناً قول ثالث يرفع الإجماع. انظر: الإحكام للآمدي 1/ 268، وشرح العضد 2/ 39. (¬3) الجد مع الأخ: قيل: يرث المال كله ويحجب الأخ، وقيل: بل يقاسم الأخ. فالقول بحرمانه قول ثالث يرفع الإِجماع. انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 268، وشرح العضد 2/ 39 - 40. (¬4) في (ب): باجوة. (¬5) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 270، وشرح العضد 2/ 39 - 40. (¬6) في (ب): مخالفها. (¬7) هذان اعتراضان من القائلين بالمنع على مذهب من فصل (الآمدي ومن تبعه). انظر: الإحكام للآمدي 1/ 270. (¬8) نهاية 118 من (ح). (¬9) هذا جواب عن قولهم: وكلهم قائل بنفيه. انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 270.

قالوا: يلزم تخطئة كل منهما، وهما الأمة. رد: المحال تخطئة الأمة فيما اتفقوا عليه. وجه المنع مطلقًا: أن القول الثالث يمتنع إِن كان عن غير دليل، وعنه: يلزم تخطئة الأمة بالجهل به. رد: يلزم لو كان الحق في المسألة معيناً. (¬1) ولأن اختلافهم على قولين إِجماع معنى على المنع من ثالث؛ لإِيجاب كل قائل الأخذ بقوله أو قول مخالفه وتحريم غيره. رد: بتسليمه إِن لم يؤد اجتهاد غيرهم (¬2) إِلى ثالث. رد: لا يجوز لخروج الحق من أهل العصر، كإِجماعهم على واحد. وجه الجواز: اختلافهم في المسألة دليل أنها اجتهادية. رد: بمنع تسويغ اجتهاد غيرهم. ولأن لو امتنع لأنكِر مثل قول ابن سيرين (¬3) موافقته كل طائفة في ¬

_ (¬1) وليس كذلك. (¬2) نهاية 58 أمن (ب). (¬3) هو: أبو بكر محمَّد بن سيرين الأنصاري البصري، تابعي شهير، إِمام في التفسير والحديث والفقه، توفي سنة 110 هـ. انظر: حلية الأولياء 2/ 263، وتاريخ بغداد 5/ 331، ووفيات الأعيان 3/ 322، وطبقات الفقهاء للشيرازي/ 88، وتذكرة الحفاظ/ 77، ومشاهير علماء الأمصار/ 88، وتهذيب الأسماء واللغات 1/ 1/ 82، وطبقات الحفاظ/ 31، وشذرات الذهب 1/ 138.

مسألة

مسألتي الفرائض السابقتين (¬1). رد: لا مخالفة هنا (¬2)، أو أُنكر ولم ينقل، أو لم يثبت عنده إِجماع، أو علم قوله عن صحابي، أو أنه يعتد بخلافه معهم. مسألة يجوز إِحداث دليل آخر عندنا وعند الجمهور -زاد القاضي (¬3): من غير أن يقصد إِلى بيان الحكم به بعد ثبوته -لأنه قول عن اجتهاد غير مخالف إِجماعًا؛ لأنهم لم ينصوا على فساد غير ما ذكروه (¬4)، وأيضًا: وقع كثيرًا، ولم ينكر. قالوا: اتباع (¬5) لغير سبيل المؤمنين. ¬

_ (¬1) فقد قال في (زوجة وأبوين): للزوجة الربع، وللأم ثلث جميع المال، وما بقي للأب. وقال في (زوج وأبوين): للزوج النصف، وللأم ثلث ما بقي، وللأب ما بقي. قال: إِذا فضل الأب الأم بشيء فإن للأم الثلث. فانظر: المحلى 10/ 326. (¬2) لأنه من قسم الجائز. (¬3) انظر: العدة/ 179أ، والمسودة/ 329. (¬4) في (ب): ما ذكره. (¬5) في (ب) و (ظ): اتباعًا.

رد: المراد ما اتفقوا عليه، وإلا لزم المنع فيما حدث بعدهم. قالوا: لو كان معروفًا لأمروا به، لقوله: (تأمرون بالمعروف). (¬1) رد: لو كان منكرًا لنهوا عنه، لقوله: (وتنهون (1) عن المنكر). (¬2) قالوا: لو كان حقًا لكان (¬3) العدول عنه خطأ. رد: للاستغناء عنه. * * * وكذا إِحداث علة، ذكره في التمهيد (¬4) والروضة. (¬5) وقال (¬6) القاضي (¬7): إِن ثبت الحكم بعلة فهل يجوز للصحابة تعليله بأخرى؟ قيل: يجوز -كالدليل- مع عدم تنافيهما، ومن الناس من منع؛ لإِبطال الفائدة، كالعقلية. * * * ¬

_ (¬1) سورة آل عمران: آية 110: (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر). (¬2) نهاية 119 من (ح). (¬3) في (ب): كان. (¬4) انظر: التمهيد/ 139 ب. (¬5) انظر: روضة الناظر/ 150. (¬6) نهاية 46 أمن (ظ). (¬7) انظر: العدة/ 179أ - ب، والمسودة/ 329.

مسألة

فأما إِحداث تأويل: فجوزه بعضهم ما لم يكن فيه إِبطال الأول، ومنعه بعضهم، اقتصر في التمهيد (¬1) على هذا. قال بعض أصحابنا (¬2): لا يحتمل مذهبنا غير الثاني، وعليه الجمهور. ومراده: دفع تأويل أهل (¬3) البدع المنكر عند السلف. وذكر الآمدي (¬4) الجواز عند الجمهور -كذا قال- وتبعه بعض أصحابنا. مسألة اتفاق العصر الثاني على أحد قولي العصر الأول -وقد استقر (¬5) خلافهم- ليس إِجماعًا، ويجوز الأخذ بالقول (¬6) الآخر عند أكثر أصحابنا - وذكره القاضي (¬7) ظاهر كلام أحمد، وذكره ابن عقيل (¬8) نص أحمد-[وأكثر (¬9) الشافعية] (¬10)، وقاله (ر) (¬11). ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد / 140أ. (¬2) انظر: المسودة/ 329. (¬3) نهاية 59أمن (ب). (¬4) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 273. (¬5) في (ب): استقره. (¬6) تكررت عبارة (بالقول الآخر) في (ح). (¬7) انظر: العدة/ 165 ب. (¬8) انظر: المسودة/ 325. (¬9) انظر: التبصرة/ 378. (¬10) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬11) يعني المؤلف بهذا الرمز (ر) أبا الحسن الأشعري. وانظر في نسبة هذا=

وعند أبي الخطاب (¬1): إِجماع، وقاله (ع) (¬2)، وحكاه ابن الباقلاني (¬3) عن (ر) مع اختيار ابن الباقلاني للأول (¬4). وللحنفية (¬5) والمالكية (¬6) والشافعية (¬7) كالقولين. وعند جماعة: يمتنع ذلك، وذكره الآمدي (¬8) عن أحمد (ر)، واختياره: ممتنع سمعًا، ووجهه: أن الأولين أجمعوا على جواز الأخذ بكل منهما، والثاني يمنعه، فامتنع؛ لئلا يلزم تخطئة الأولين؛ لأن كون الحق في أخذه وتركه -معاً- محال. ¬

_ =إِليه: التمهيد/ 137أ، والمسودة / 325. والمشهور عنه: أنه ممتنع، فانظر: الإِحكام للآمدي 1/ 275، والمنتهى لابن الحاجب/ 45، وشرح العضد 2/ 41. (¬1) انظر: التمهيد/ 137أ. (¬2) انظر: المعتمد/ 498، 517. (¬3) انظر: المسودة/ 325. (¬4) انظر: البرهان / 710 - 711. (¬5) انظر: أصول السرخسي 1/ 319، 320، وكشف الأسرار 3/ 247، وتيسير التحرير 3/ 232، 234، وفواتح الرحموت 2/ 226. (¬6) انظر: المنتهى لابن الحاجب/ 45، ومختصره 2/ 41، وشرح تنقيح الفصول/ 328، ومفتاح الوصول/ 120. (¬7) انظر: اللمع/ 52، والتبصرة/ 378، والمستصفى 1/ 203، والمنخول / 320، والمحصول 1/ 2/ 194، والإِحكام للآمدي 1/ 275. (¬8) انظر: الإحكام للآمدي 1/ 275، فقد ذكره عن أحمد والأشعري.

رد: الإِجماع الأول ممنوع، فإِن أحد (¬1) القولين (¬2) خطأ، ولا إِجماع على خطأ. ثم: إِجماع بشرط عدم إِجماع ثان. ثم: الأول إِجماع على أحدهما، والثاني يوافق مقتضاه. رد الأول: بإِصابة كل مجتهد. والثاني: بإِطلاق (الأمة) ولم يشترط. ثم: يلزم الشرط مع إِجماعهم على قول واحد، كما يقوله (¬3) أبو عبد الله البصري المعتزلي. والثالث: باستلزامه امتناع (¬4) الأخذ بالقول الآخر. قالوا: يمتنع ذلك عادة. رد: بمنعه. وقد عرف وجه الأول. وقالوا: لو كان حجة لكان موت فريق وبقاء الآخر أو بعضه إِجماعًا؛ لأنهم كل الأمة. ¬

_ (¬1) في (ب): أخذ. (¬2) نهاية 120 من (ح). (¬3) انظر: المعتمد/ 497 - 498، والإحكام للآمدي 1/ 277. (¬4) في (ظ) و (ب): وامتناع.

مسألة

وأجاب أبو الخطاب (¬1) وغيره: بالتزامه، ثم: بالفرق -وقاله (¬2) الأكثر (¬3) - بمخالفة (¬4) أهل العصر، بخلاف مسألتنا. واحتج الثاني (¬5) بأدلة الإِجماع (¬6). رد: بالمنع لتحقق قول الماضي (¬7) لا من سيوجد. مسألة اتفاق عصر بعد اختلافهم إِجماع وحجة، وكذا بعد استقراره، ذكره القاضي (¬8) محل وفاق، وقاله الأكثر؛ لأنه لا قول لغيرهم بخلافه. وقيل لأبي الخطاب (¬9): من لم يعتبر انقراض العصر يقول: ليس بإِجماع. فقال: لا (¬10) (¬11) يصح المنع؛ لاتفاق الصحابة على قتال مانعي ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد/ 138أ، وشرح العضد 2/ 41 - 42. (¬2) نهاية 59 ب من (ب). (¬3) انظر: المعتمد / 501، والإِحكام للآمدي 1/ 279، والمسودة/ 324، وإرشاد الفحول/ 86. (¬4) يعني: أن قول الباقين قول من قد خولف في عصرهم. (¬5) وهو القائل بأنه إِجماع. (¬6) فلو لم يكن حجة لأدى إِلى أن تجتمع الأمة الأحياء على الخطأ، ودليل الإجماع يأباه. انظر: شرح العضد 2/ 41. (¬7) فالأحياء ليسوا كل الأمة. (¬8) انظر: العدة/ 165 ب، 167 أ. (¬9) انظر: التمهيد/ 137 أ. (¬10) تكررت (لا) في (ظ). (¬11) نهاية 46 ب من (ظ).

الزكاة (¬1) والخلافة (¬2) وقسمة (¬3) أرض (¬4) السواد (¬5) بعد اختلافهم. ورد: بالمنع. وقال ابن الباقلاني (¬6) وعبد الوهاب (¬7) المالكي: ليس إِجماعًا، واختاره أبو المعالي (¬8) إِن طال زمن الخلاف. وذكر الآمدي (¬9): أن من شَرَط انقراض العصر جَوَّزه، وأنه اختلف من ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في صحيحه 2/ 105 - 106، ومسلم في صحيحه / 51 - 52 من حديث أبي هريرة. (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه 5/ 6 - 7، وأحمد في مسنده 1/ 55 - 56 من حديث عائشة. وانظر: الكامل في التاريخ 2/ 220 - 225، والسيرة لابن هشام 2/ 656 - 661، والروض الأنف 7/ 551. (¬3) كذا في النسخ. ولعل العبارة: وترك قسمة أرض السواد. فانظر: التمهيد/ 137 ب. ملاحظة: من قوله هنا: (السواد) إِلى قوله فيما سيأتي ص 451 (ابن عقيل قالوا) تكرر في (ب). (¬4) السواد: يراد به رستاق -نخيل- العراق وضياعها التي افتتحها المسلمون على عهد عمر، سمي بذلك لسواده بالزروع والنخيل والأشجار، ولأنه متاخم لجزيرة العرب التي لا زرع فيها ولا شجر، وكانوا إِذا خرجوا من أرضهم ظهرت لهم خضرة الزروع والأشجار، فيسمونها سوادًا. انظر: معجم البلدان 3/ 272. (¬5) انظر: الأموال لأبي عبيد/ 57 - 58، وسنن البيهقي 1/ 339 - 139. (¬6) انظر: البرهان/ 710. (¬7) انظر: المسودة/ 324. (¬8) انظر: البرهان/ 712. (¬9) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 278.

مسألة

لم يشرطه (¬1)، واختياره (¬2) كالتي قبلها لا فرق إِلا أن الاتفاق هنا من المختلفين. وأطلق بعضهم (¬3) عن الصيرفي منع الاتفاق بعد الخلاف، واحتج عليه بالخلافة. (¬4) مسألة إِذا اقتضى دليل أو خبر حكمًا -لا دليل له غيره- لم يجز عدم علم الأمة به. وإن كان (¬5) له دليل راجح عُمِل على وفقه: فقيل: يجوز، وهو ظاهر كلام أصحابنا؛ لأن عدم العلم ليس من فعلهم، وخطأهم من أوصافه (¬6)، فلا يكون خطأ، فلا إِجماع منهم. وقيل: لا، لاتباعهم غير سبيل المؤمنين. ورد: سبيلهم ما كان فعلاً مقصودًا لهم. وأطلق الآمدي (¬7) الخلاف، ثم اختار: إِن عُمِل على وفقه جاز، وإلا فلا. ¬

_ (¬1) في (ب): من لم يشترطه. (¬2) في (ب): واختاره. (¬3) انظر: المحصول 2/ 1/ 190. (¬4) نهاية 121 من (ح). (¬5) تكررت (كان) في (ب). (¬6) يعني: من أوصاف فعلهم. (¬7) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 279 - 280.

مسألة

مسألة اختلفوا في امتناع ارتداد الأمة سمعاً، وظاهر كلام أصحابنا امتناعه، [وصرح (¬1) به بعضهم (¬2)]، واختاره الآمدي (¬3) ومن تبعه، لأدلة الإِجماع خلافًا لبعضهم، واختاره ابن عقيل (¬4). قالوا: (¬5) الردة تخرجهم من أمته. (¬6) رد: يصدق (¬7) قول القائل: "ارتدت الأمة"، وهو أعظم الخطأ. (¬8) مسألة الأخذ بأقل ما قيل -كالقول بأن دية الكتابي الثلث (¬9) - لا يصح ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬2) انظر: البلبل/ 137. (¬3) انظر: الإحكام للآمدي 1/ 280، ومختصر ابن الحاجب 2/ 43. (¬4) انظر: شرح الكوكب المنير 2/ 282. (¬5) نهاية 60 أمن (ب). ملاحظة: من قوله ص 449: (السواد) إِلى هنا تكرر في (ب). (¬6) لأنهم إِن ارتدوا لم يكونوا مؤمنين ولا الأمة، فلا تتناولهم الأدلة. انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 280، وشرح العضد 2/ 43. (¬7) في (ب) و (ظ): بصدق. (¬8) فيمتنع. (¬9) اختلف العلماء في دية الكتابي الحر، فمنهم من قال: إِنها مثل دية المسلم، ومنهم من قال: إنها على النصف، ومنهم من قال: إِنها على الثلث. فانظر: المغني 8/ 398 - 399.

مسألة

الاحتجاج بالإِجماع فيه، خلافًا لما ظنه بعض الفقهاء، للخلاف في الزائد. فنفيه -لمانع أو نفي شرط أو استصحاب- ليس من الإِجماع في شيء. وذكر ابن حزم (¬1) عن قوم (¬2) الأخذ بأكثر ما قيل، لتعلم براءة الذمة. رد: حيث يعلم شغلها، ولم نعلم الزائد. و [قد (¬3)] (¬4) قال بعض أصحابنا (¬5): إِذا اختلفت (¬6) البينتان في قيمة المتلَف فهل يجب الأقل أو نسقطهما؟ فيه روايتان، فهذا يبين أن في إِيجاب الأقل بهذا المسلك خلافًا، وهو متجه. كذا قال. ولنا قول: يجب الأكثر. مسألة يثبت الإِجماع بخبر الواحد عندنا وعند أكثر الحنفية والشافعية، ¬

_ (¬1) هو: أبو محمَّد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأموي الظاهري، حافظ عالم بالحديث وفقهه متفنن في علوم جمة، توفي سنة 456 هـ. من مؤلفاته: الأحكام في أصول الأحكام، والمحلى، والفصل في الملل والنحل. انظر: وفيات الأعيان 3/ 13، والصلة 2/ 415، وبغية الملتمس/ 403، وتذكرة الحفاظ / 1146، وطبقات الحفاظ/ 436، وشذرات الذهب 3/ 399. (¬2) انظر: الإِحكام لابن حزم/ 823، والمسودة/ 490. (¬3) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ظ). (¬4) نهاية 60 ب من (ب). (¬5) انظر: المسودة / 490. (¬6) في (ظ): اختلف.

مسألة

وحكاه ابن عقيل (¬1) عن أكثر الفقهاء، وأنه نزاع في عبارة لتعذر (¬2) القطع بالإِجماع ولا (¬3) بحصوله به، بل هو كثبوت قول الشارع به، والمنازع قال: الإِجماع دليل قطعي (¬4) فلا يثبت به. وفي التمهيد (¬5) وغيره: العلم لا يحصل إِلا بالتواتر. وقال الآمدي (¬6) وغيره: (¬7) سنده ظني، متنه قطعي. قالوا: الإِجماع أصل، فلا يثبت بالظاهر. رد: بالمنع. مسألة جاحد حكم إِجماع قطعي: قال ابن حامد وغيره من أصحابنا وغيرهم: يكفر (¬8). ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 344 - 345. (¬2) قال: لأننا إِذا قلنا: يثبت به الإِجماع، فلسنا قاطعين بالإجماع ولا بحصوله بخبر الواحد. (¬3) كذا في النسخ. ولعل العبارة: وبحصوله به. (¬4) نهاية 47 أمن (ظ). (¬5) انظر: التمهيد/ 140 أ. (¬6) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 281. (¬7) نهاية 122 من (ح). (¬8) انظر: المسودة/ 344.

مسألة

وذكر كثير من الطوائف من أصحابنا وغيرهم، منهم: القاضي (¬1) وأبو الخطاب (¬2) -في مسألة انعقاد الإِجماع عن قياس-: يفسق. واختار الآمدي (¬3) ومن تبعه قولاً ثالثًا: يكفر في نحو العبادات الخمس، وهو معنى كلام أصحابنا في كتب الفقه (¬4): "يكفر بجحد حكم ظاهر مجمع عليه كالعبادات الخمس"، واختاره بعض أصحابنا (¬5)، مع أنه حكى الأول عن أكثر العلماء، ولا أظن أحداً لا يكفر من جحد هذا. وذكر بعض أصحابنا (¬6): أن على قول بعض المتكلمين "الإِجماع حجة ظنية" لا يكفر ولا يفسق. وسبق (¬7) لنا في الإِجماع. مسألة لا يصح التمسك بالإِجماع فيما تتوقف صحة الإجماع عليه بلا خلاف، كوجود الباري وصحة الرسالة ودلالة المعجزة؛ لأنه دور. ويصح فيما لا يتوقف - (¬8) وهو ديني- كالرؤية ونفي الشريك ¬

_ (¬1) انظر: العدة/ 170 أ. (¬2) انظر: التمهيد/ 136 أ. (¬3) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 282. (¬4) انظر: المغني 9/ 11، والمقنع 3/ 516، والمحرر 2/ 167. (¬5) انظر: البلبل/ 137. (¬6) انظر: المسودة/ 344. (¬7) انظر: ص 388 من هذا الكتاب. (¬8) نهاية 61 أمن (ب).

ووجوب العبادات. وإِن كان دنيويًا -كالرأي في الحرب وتدبير الجيش وترتيب أمر الرعية- فسبق (¬1) كلامهم في حد الإِجماع. ولعبد الجبار المعتزلي قولان (¬2)، تابعه على كل منهما جماعة. واختار الآمدي (¬3) ومن تبعه: أنه حجة؛ لدليل السمع، وقاله بعض أصحابنا (¬4). وفي كلام القاضي أو ولد (¬5) ولده أبي يعلى (¬6): ليس بحجة. (¬7) * * * ¬

_ (¬1) انظر: ص 365 - 366 من هذا الكتاب. (¬2) انظر: المعتمد/ 494، والإِحكام للآمدي 1/ 284. (¬3) انظر: الإِحكام للآمدي 1/ 284. (¬4) كابن حمدان. فانظر: شرح الكوكب المنير 2/ 279. (¬5) في (ح): أولد (¬6) هو: عماد الدين محمَّد بن أبي خازم محمَّد بن أبي يعلى محمَّد بن الحسين، قاض من كبار الحنابلة، ولد سنة 494 هـ، وتفقه على أبيه وعلى عمه القاضي أبي الحسين، توفي سنة 560 هـ. انظر: ذيل طبقات الحنابلة 1/ 244، والمنهج الأحمد 2/ 283. (¬7) نهاية 123 من (ح).

ويشترك الكتاب والسنة والإجماع في السند والمتن

ويشترك الكتاب والسنة والإِجماع في السند والمتن فالسند: إِخبار عن طريق المتن، أي: تواتر أو (¬1) آحاد. والحبر: يطلق مجازًا على الدلالة المعنوية والإِشارة الحالية، كقولهم: عيناك تخبرني، والغراب يخبر. وأما حقيقة، فقال القاضي (¬2) وغيره: للخبر صيغة تدل بمجردها على كونه خبرًا. وناقشه ابن عقيل (¬3) -كما يأتي (¬4) في الأمر- فعنده أن الصيغة هي الخبر، فلا يقال: له صيغة، ولا: هي دالة عليه. واختار بعض أصحابنا (¬5) قول القاضي؛ لأن الخبر هو اللفظ والمعنى لا اللفظ، فتقديره: لهذا المركب جزء (¬6) يدل بنفسه على المركب، وإِذا قيل "الخبر الصيغة فقط" بقي الدليل هو المدلول عليه. وعند المعتزلة (¬7): لا صيغة له، ويدل اللفظ عليه بقرينة هي قصد ¬

_ (¬1) في (ح): تواترًا وآحادًا. وفي (ظ): تواتر وآحاد. (¬2) انظر: العدة/ 840. (¬3) انظر: المسودة/ 232. (¬4) انظر: ص 654 من هذا الكتاب. (¬5) انظر: المسودة/ 232. (¬6) في المسودة: خبر. (¬7) انظر: المعتمد/ 542، والمسودة/ 232، واللمع/ 39، والعدة/ 840.

المخبر (¬1) إِلى (¬2) الإِخبار به، كالأمر عندهم. وعند الأشعرية (¬3): هو المعنى النفسي. وقال الآمدي (¬4): يطلق على الصيغة وعلى المعنى، والأشبه لغة: حقيقة في الصيغة لتبادرها عند الإِطلاق. * * * قال بعضهم: لا يحد الخبر، لعسره، وقال (¬5) صاحب المحصول: لأن تصوره ضروري، لأن كل أحد يعلم أنه موجود، ومطلق الخبر جزء منه، والعلم بالخاص علم بالمطلق لتوقف العلم بالكل على العلم (¬6) بجزئه. ولأن كل أحد يجد (¬7) تفرقة بين الخبر والأمر وغيرهما ضرورة، والتفرقة بين شيئين مسبوقة بتصورهما. لا يقال: "الاستدلال (¬8) دليل أنه غير ضروري؛ لأنه لا يستدل على ¬

_ (¬1) نهاية 47 ب من (ظ). (¬2) في (ظ) ونسخة في هامش (ب): في. (¬3) انظر: المستصفى 1/ 132، والإِحكام للآمدي 2/ 4، والعدة/ 840، وشرح المحلي على جمع الجوامع 2/ 104. (¬4) انظر: الإِحكام للآمدي 412. (¬5) انظر: المحصول 2/ 1/ 314. (¬6) نهاية 61 ب من (ب). (¬7) في نسخة في هامش (ب): يعلم. (¬8) يعني: الاستدلال على كونه ضروريًا. انظر: شرح العضد 2/ 45.

ضروري"؛ لأن كون العلم ضروريًا أو نظرياً قابل للاستدلال، بخلاف الاستدلال على (¬1) حصول الخبر ضرورة، فإِنه مناف لضرورة الخبر. ورد الدليل الأول: بأن المطلق لو كان جزءًا لزم انحصار الأعم في الاخص، وهو محال. فإِن قيل: مشترك (¬2) فيه بين جزئياته، إِلى: أنه موجود فيما تحته، فكان جزءًا من معناها. رد: ليس معنى كونه مشتركًا (¬3) فيه هذا، بل بمعنى أن حد الطبيعة التي عرض لها أنها (¬4) كلية مطلقة مطابق لحد ما تحتها من الطبائع الخاصة. ولأنه ليس كل عام جزءًا من معنى الخاص؛ لأن الأعراض العامة خارجة عن مفهوم معناه (¬5)، كالأبيض والأسود بالنسبة إِلى ما تحته من معنى الإِنسان ونحوه. ورد الدليل الأول -أيضًا-: بأنه لا يلزم من حصول العلم بالخبر الخاص تصوره أو تقدم تصوره؛ لأن العلم الضروري بالثبوت لا يستلزم العلم بالتصور لتغاير التصور والثبوت، ومع عدم تلازم تصور (¬6) الخاص وثبوته لم ¬

_ (¬1) نهاية 124 من (ح). (¬2) يعني: الأعم مشترك فيه ... (¬3) في (ب) و (ظ): مشتركة. (¬4) في الإِحكام للآمدي 2/ 5: بل بمعنى أن حد الطبيعة التي عرض لها إِن كانت كلية مطلقة مطابق لحد طبائع الأمور الخاصة تحتها. (¬5) يعني: معنى الخاص. (¬6) في (ب): تصوم.

يلزم تصور المطلق منه. ورد هذا: بأنه لم يدع أن حصول الخبر تصوُّره بل العلم بحصوله تصوُّره، ولا يمكن منعه. ورد الدليل الثاني: بأنه لا يلزم سبق تصور أحدهما بطريق الحقيقة، فلم يعلم حقيقتهما. ثم: يلزم أن لا يحد المخالف الأمر، وقد حَدَّه. ولأن حقائق أنواع اللفظ -من خبر وأمر وغيرهما- مبنية على الوضع والاصطلاح، ولهذا لو أطلقت العرب الأمر على المفهوم من الخبر الآن أو عكسه لم يمتنع (¬1)، فلم تكن ضرورية. * * * والأكثر: يحد، وعليه أصحابنا: ففي التمهيد (¬2): حده لغة: كلام يدخله الصدق (¬3) والكذب، وقاله أكثر المعتزلة (¬4)، كالجبائية وأبي عبد الله البصري وعبد الجبار. ¬

_ (¬1) نهاية 62أمن (ب). (¬2) انظر: التمهيد/ 106 ب. (¬3) نهاية 125 من (ح). (¬4) انظر: المعتمد/ 542، والإِحكام للآمدي 2/ 6، وشرح العضد 2/ 45، وشرح المحلي على جمع الجوامع 2/ 106، وشرح الورقات/ 176، وفواتح الرحموت 2/ 102، وإِرشاد الفحول/ 42.

ونقض بمثل: "محمَّد ومسيلمة (¬1) (¬2) صادقان"، وبقول من يكذب دائمًا: "كل أخباري كذب"، فخبره هذا لا يدخله صدق (¬3) -وإِلا كذبت أخباره، وهو منها- ولا كذب وإلا كذبت (¬4) أخباره مع هذا، وصدق في قوله: "كل أخباري كذب"، فيتناقض. وبلزوم الدور؛ لتوقف معرفتهما على معرفة الخبر؛ لأن الصدق: الخبر المطابق، والكذب: ضده. وبانهما متقابلان فلا يجتمعان في خبر واحد، فيلزم امتناع الخبر (¬5) أو وجوده مع (¬6) عدم صدق الحد. وبخبر الباري. وأجيب عن الأول: بأنه في معنى خبرين لإِفادته حكماً لشخصين، ولا ¬

_ (¬1) هو: أبو ثُمَامة مسيلمة بن حبيب، من بني حنيفة، ادعى النبوة، وتبعه قومه، فأرسل أبو بكر خالد بن الوليد لقتاله، فقاتله وقتله سنة 11 هـ. سمي (مسيلمة الكذاب). انظر: المعارف/ 170، 267، 405، والبداية والنهاية 6/ 323. (¬2) نهاية 48 أمن (ظ). (¬3) في (ب) و (ظ): لا يدخله صدق ولا كذب وإلا كذبت ... (¬4) قوله: وإلا كذبت أخباره ... وصدق في قوله. كذا في النسخ. وهو كذا في الإِحكام للآمدى 2/ 6 - ولعل صوابه: وإلا صدقت أخباره ... وكذب في قوله. (¬5) وهو محال. (¬6) يعني: مع امتناع اجتماع دخول الصدق والكذب فيه، فيكون المحدود متحققاً دون ما قيل بكونه حدًا له، وهو محال. انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 6.

يوصفان (¬1) بهما بل يوصف بهما الخبر الواحد من حيث هو خبر. ورد: لا يمنع ذلك من وصفه بهما بدليل الكذب في قول القائل: "كل موجود حادث" وإن أفاد حكماً لأشخاص. وأجيب (¬2): بأنه كذب؛ لأنه أضاف الكذب (¬3) إِليهما معاً، وهو لأحدهما، وسَلَّمه بعضهم، ولكن لم يدخله الصدق. (¬4) وأجيب: (¬5) بأن معنى الحد بأن (¬6) اللغة لا تمنع القول للمتكلم به: صدقت أو كذبت. ورد: برجوعه (¬7) إِلى التصديق والتكذيب، وهو غير الصدق والكذب في الخبر. وقوله: "كل أخباري كذب": إِن طابق فصدق، وإلا فكذب، ولا يخلو عنها. ¬

_ (¬1) يعني: الخبرين. (¬2) هذا جواب ثان عن الأول. (¬3) كذا في (ب) و (ظ). وفي (ح): الخبر. ولعل صوابه: الصدق. انظر: الإحكام للآمدي 2/ 7. (¬4) وقد قيل: الخبر ما يدخله الصدق والكذب. (¬5) هذا جواب ثالث عن الأول. (¬6) كذا في النسخ. ولعل صوابه: أن. (¬7) في (ب): بوجوعه.

وقال بعض أصحابنا (¬1): يتناول قوله ما سوى هذا الخبر، إِذ الخبر لا يكون بعض المخبر. قال: ونص أحمد على مثله. ولا جواب عن الدور. وقد قيل: لا تتوقف معرفة الصدق (¬2) والكذب على الخبر، لعلمهما ضروة. وأجيب عن الأخير وما قبله: (¬3) بأن المحدود جنس الخبر، وهو قابل لهما كالسواد (¬4) والبياض في جنس اللون. ورد: لا بد من وجود الحد في كل خبر، وإلا لزم وجود الخبر دون حده. وأجيب: الواو وإِن كانت للجمع لكن المراد الترديد بين القسمين تجوزًا، لكن يصان الحد عن مثله. وحده في العدة: (¬5) بما (¬6) دخله الصدق أو الكذب، وفي الروض: (¬7) التصديق أو التكذيب. فيرد الدور وما قبله. ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 233. (¬2) نهاية 126 من (ح). (¬3) نهاية 62 ب من (ب). (¬4) يعني: كاجتماعهما. (¬5) انظر: العدة/ 839. (¬6) في (ب) و (ظ): كلما دخله. (¬7) انظر: روضة الناظر/ 93.

وبمنافاة (أو) للتعريف؛ لأنها للترديد، فلهذا أتى بعض أصحابنا (¬1) بالواو. وأجيب: المراد قبوله لأحدهما (¬2)، ولا تردُّد فيه. وحده أبو الحسين المعتزلي: كلام يفيد بنفسه نسبة. (¬3) والكلمة عنده (¬4) كلام، فإِنه (¬5) حَدَّه بما انتظم من حروف مسموعة متميزة. فقال: "بنفسه" ليخرج نحو "قائم" فإِنه يفيد نسبة إِلى (¬6) الضمير بواسطة (¬7) الموضوع. ويرد: النسب التقييدية (¬8) كحيوان ناطق، ومثل: "ما أحسن (¬9) زيدًا"، قال بعضهم: ومثل "قُمْ"؛ فإِنه يفيد بنفسه نسبة (¬10) القيام إِلى ¬

_ (¬1) انظر: البلبل/ 49. (¬2) في (ب) و (ظ): في أحدهما. (¬3) انظر: المعتمد/ 544. (¬4) انظر: المرجع السابق/ 14 - 15. (¬5) في (ظ): لأنه. (¬6) في (ظ): على. (¬7) ضرب في (ظ) على (بواسطة) وكتب مكانها: (بخلاف). (¬8) نهاية 48 ب من (ظ). (¬9) يفيد نسبة التعجب الحاصل إِلى المتكلم، وليس بخبر. انظر: المنتهى لابن الحاجب/ 47 - 48. (¬10) في (ح): نسبة إِلى القيام.

المأمور أو الطلب إِلى الآمر. وقال الآمدي (¬1): أخرجه "بنفسه"، فإِن المأمور به وجب بواسطة (¬2) ما استدعى (¬3) الأمر بنفسه من طلب الفعل. وحده جماعة: (¬4) كلام محكوم (¬5) فيه بنسبة خارجية، وهي: الأمر الخارج عن كلام النفس الذي يتعلق به كلام النفس بالطابقة واللامطابقة. فمثل: "طلبتُ القيام" حكم بنسبة لها خارجي وهو: نسبة طلب القيام إِلى المتكلم في الماضي، وهذه (¬6) النسبة خارجة عن (¬7) الحكم النفسي -ويسمى هذا الحكم (¬8) كلام النفس- تعلق بها الحكم النفسي بخلاف "قمْ"، فإِنه متعلق بالحكم النفسي، لا متعلق له خارجي. * * * ¬

_ (¬1) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 9. (¬2) في (ب): بواسطها. (¬3) يعني: ما استدعاه الأمر. (¬4) انظر: كشف الأسرار 2/ 360، وشرح العضد 2/ 45، وتيسير التحرير 3/ 25، وغاية الوصول/ 94، وشرح المحلي على جمع الجوامع 2/ 103، وإرشاد الفحول/ 43. (¬5) ضرب في (ظ) على (محكوم فيه) وكتب مكانه: (يفيد بنفسه) وحذفت الباء الأولى في: بنسبة. (¬6) في (ب): وهي. (¬7) نهاية 127 من (ح). (¬8) في (ظ): الكلام.

وغير الخبر: إِنشاء وتنبيه. ومن التنبيه: الأمر والنهي والاستفهام والتمني والترجي والقسم والنداء. وبعتُ [و] (¬1) اشتريث وطلقت -ونحوها مما تستحدث بها الأحكام (¬2) - إِنشاء عند القاضي وغيره (¬3) (وم ش) (¬4)؛ لأنها لا خارج لها، ولا تقبل صدقًا ولا كذبًا، ولو كان خبرًا لما قبل تعليقًا لكونه ماضيًا. وعند الحنفية (¬5): هي إِخبار؛ لأن الأصل التقرير (¬6) وعدم النقل. ولنا وجه (¬7): "طلقتك" (¬8) كناية، فعلى الأول: لو قاله لرجعية طلقت، ذكره بعض أصحابنا، ومعناه لغيره -خلافاً لبعضهم- ولم يسأل ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬2) نهاية 63 أمن (ب). (¬3) في (ح): وهو معنى كلام غيره. (¬4) انظر: الفروق 1/ 28، 29، وشرح العضد 2/ 49، وشرح المحلي على جمع الجوامع 2/ 163، وغاية الوصول/ 103. (¬5) انظر: تيسير التحرير 3/ 26، وفواتح الرحموت 2/ 103، 104. (¬6) في (ب) و (ظ): لأن الأصل عدم التقدير، وعدم النقل. (¬7) في (ب): وجل. (¬8) يعني: لنا وجه أن (طلقتك) من كنايات الطلاق، انظر: الفروع 5/ 378 قال: وقيل: (طلقتك) كناية، فيتوجه عليه أنه يحتمل الإِنشاء والخبر، وعلى الأول هو إِنشاء. وانظر: الإِنصاف 8/ 463.

(م) (¬1)، لكن لو ادعى طلاقًا ماضياً توجه لنا خلاف. * * * الخبر: صدق وكذب عند الجمهور؛ لأن الحكم -وهو مدلوله- إِما مطابق أوْ لا. وقال (¬2) الجاحظ (¬3): المطابق مع اعتقاد المطابقة صدق، وغير المطابق مع اعتقاد عدمها كذب، وما سوى ذلك ليس بصدق ولا كذب؛ لقوله: (أَفْتَرَى على الله كذبًا أم به جِنَّة) (¬4)، والمراد: الحصر فيهما (¬5)، وليس الثاني (¬6) بصدق لعدم اعتقاده (¬7) ولا كذب لتقسيمه (¬8). ¬

_ (¬1) انظر: المنتهى لابن الحاجب/ 48، ومختصره 2/ 49. (¬2) انظر: المعتمد/ 544، والتمهيد/ 106 ب. (¬3) هو: أبو عثمان عمرو بن بحر الكناني الليثي البصري، كان بحراً من بحور العلم والأدب رأسًا في الكلام والاعتزال، إليه تنسب (الجاحظية) من فرق المعتزلة، توفي بالبصرة سنة 255هـ. من مؤلفاته: الحيوان، والبيان والتبيين. انظر: وفيات الأعيان 3/ 140، وفرق وطبقات المعتزلة/ 73، وروضات الجنات 5/ 324، وبغية الوعاة 2/ 228، وشذرات الذهب 2/ 121. (¬4) سورة سبأ: آية 8. (¬5) يعني: في الافتراء والجنون. (¬6) وهو كلام المجنون. (¬7) يعني: لعدم اعتقاده صدقًا. (¬8) يعني: لكونه قسيم الكذب.

رد: المراد (¬1) الحصر في كونه خبرًا كذبًا أو ليس بخبر لجنونه فلا عبرة بكلامه. وأما المدح (¬2) والذم فيتبعان المقصد ويرجعان إِلى المخبر لا إِلى الخبر، ومعلوم عند الأمة صدق المكذب برسول الله في قوله: "محمَّد رسول الله" (¬3) مع عدم (¬4) اعتقاده، وكذبه في نفي الرسالة مع اعتقاده، وكثر (¬5) في السنة تكذيب من أخبر -يعتقد المطابقة- فلم يكن، كقوله عليه السلام: ¬

_ (¬1) في (ح): مرادهم. (¬2) هذا جواب دليل مقدر للجاحظ: ليس الصدق هو الخبر المطابق للمخبر، فإِن من أخبر بأن زيدًا في الدار على اعتقاد أنه ليس فيها -وكان فيها- فإِنه لا يوسف بكونه صادقًا ولا يستحق المدح على ذلك وإن كان خبره مطابقًا للمخبر، ولا يوصف بكونه كاذبًا لمطابقة خبره للمخبر. وكذلك ليس الكذب هو عدم مطابقة الخبر للمخبر؛ لأنه لو أخبر مخبر أن زيدًا في الدار على اعتقاد كونه فيها -ولم يكن فيها- فإِنه لا يوصف بكونه كاذبًا، ولا يستحق الذم على ذلك، ولا يوصف بكونه صادقًا لعدم مطابقة الخبر للمخبر. وإنما الصدق ما طابق المخبر مع اعتقاد المخبر أنه كذلك، والكذب ما لم يطابق المخبر مع اعتقاد أنه كذلك. انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 10 - 11. (¬3) نهاية 128 من (ح). (¬4) في (ب): مع اعتقاده. (¬5) في (ظ): وكثير.

(كذب أبو السنابل (¬1)) (¬2). وقيل: إِن اعتقد وطابق فصدق، وإلا فكذب، لتكذيب المنافقين في خبرهم عن الرسالة. (¬3) ورد: أكذبهم في شهادتهم (¬4)؛ لأن الشهادة الصادقة (¬5) أن يشهد بالمطابقة معتقدًا. وقال الفراء: الكاذبون في ضمائرهم (¬6) وقيل: [في] (¬7) ¬

_ (¬1) هو الصحابي أبو السنابل بن بَعْكَك بن الحجاج بن الحارث. (¬2) سبب الحديث: أن سُبَيْعة الأسلمية وضعت بعد وفاة زوجها ببضع وعشرين ليلة، فتزينت وتعرضت للتزويج، فقال لها أبو السنابل: لا سبيل إِلى ذلك، أي: حتى تمر عليك أربعة أشهر وعشرًا. فأتت النبي، فقال لها: (كذب أبو السنابل، أو ليس كما قال أبو السنابل، وقد حللت فتزوجي). كذا رواه الشافعي والبغوي، والحديث ورد بألفاظ مختلفة. أخرجه البخاري في صحيحه 6/ 155 - 156، ومسلم في صحيحه/ 1122، والترمذي في سننه/ 2/ 332، والنسائي في سننه 6/ 190، وابن ماجه في سننه/ 653، وأحمد في مسنده 7/ 289، والشافعي في الرسالة/ 575 (وانظر: بدائع المنن 2/ 402)، والبغوي في شرح السنة 9/ 304، والدارمي في سننه 2/ 166، وابن حبان في صحيحه (انظر: موارد الظمآن / 323). وانظر: فتح الباري 8/ 461. (¬3) قال تعالى: (إِذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إِنك لرسول الله والله يعلم إِنك لرسوله والله يشهد إِن المنافقين لكاذبون). سورة المنافقون: آية 1. (¬4) انظر: تفسير القرطبي 18/ 123. (¬5) نهاية 49 أمن (ظ). (¬6) انظر: معاني القرآن للفراء 3/ 158، وتفسير القرطبي 18/ 123. (¬7) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ظ).

يمينهم (¬1). قال بعضهم: (¬2) المسألة لفظية. وحكاه في التمهيد (¬3) عن بعض المتكلمين، ولم يخالفه. * * * والصدق: القوة والصلابة (¬4). والثبات (¬5)، ومنه سمي صداق المرأة، ذكره ابن عقيل (¬6) * * * قال (¬7) بعض أهل اللغة: لا يستعمل الكذب إِلا في خبر عن ماض بخلاف ما هو. وقد قال أحمد (¬8) -فيمن قال: لا آكل، ثم أكل-: هذا كذب لا ¬

_ (¬1) قال القرطبي في تفسيره 18/ 123: وهو قوله تعالى: (ويحلفون بالله إِنهم لمنكم وما هم منكم) سورة التوبة: آية 56. وانظر: تفسير الطبري 28/ 69، وزاد المسير 8/ 274، وتفسير ابن كثير 4/ 368. (¬2) انظر: شرح تنقيح الفصول/ 347. وشرح العضد 2/ 50. (¬3) انظر: التمهيد/ 107 أ. (¬4) نهاية 63 ب من (ب). (¬5) في (ظ): والبيان. (¬6) انظر: الواضح 1/ 28 ب. (¬7) انظر: الآداب الشرعية للمؤلف 1/ 32، وشرح الكوكب المنير 4/ 312، وشرح النووي على صحيح مسلم 16/ 57. (¬8) انظر: الآداب الشرعية 1/ 30، 38.

ينبغي أن يفعل. وقيل له: بم تعرف (¬1) الكذاب؟ قال: بخلف الوعد. ومعناه لابن عقيل (¬2) وابن (¬3) الجوزي وصاحب (¬4) المغني وغيرهم، لقوله: (وأقسموا بالله جهد إيمانهم لا يبعث الله) (¬5)، وقوله: (ألم تر إِلى الذين نافقوا) (¬6)] (وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا) (¬7). ورد أبو جعفر النحاس (¬8) على قائل ذلك (¬9) بقوله: (يا ليتنا ¬

_ (¬1) في (ب): بم يعرف. (¬2) في كتابه الفصول. انظر: الآداب الشرعية 1/ 30. (¬3) انظر: زاد المسير 5/ 128، والآداب الشرعية 1/ 30. (¬4) انظر: المغني 7/ 468، والآداب الشرعية 1/ 30. (¬5) سورة النحل: الآيتان 38، 39: (وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت بلى وعدًا عليه حقًا ولكن أكثر الناس لا يعلمون * ليبين لهم الذي يختلفون فيه وليعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين). (¬6) سورة الحشر: آية 11: (ألم تر إِلى الذين نافقوا يقولون لإِخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدًا أبدًا وإن قوتلتم لننصرنكم والله يشهد إِنهم لكاذبون). (¬7) سورة العنكبوت: آية 12: (وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم وما هم بحاملين من خطاياهم من شيء إِنهم لكاذبون). (¬8) هو: أحمد بن محمَّد بن إِسماعيل المرادي المصري النحوي، توفي سنة 338 هـ. من مؤلفاته: إِعراب القرآن، والكافي في العربية. انظر: وفيات الأعيان 1/ 82، وبغية الوعاة 1/ 362، وحسن المحاضرة 1/ 531، وشذرات الذهب 2/ 346. (¬9) يعني: على من قال: لا يكون إِلا في ماض. فانظر: الآداب الشرعية 1/ 31.

نرد) (¬1) الآية (¬2). وفي البخاري: قول سعد بن عبادة (¬3) -يوم فتح مكة-: "اليوم تستحل الكعبة". فقال - عليه السلام -: (كذب سعد) (¬4). وفي مسلم: قول عبد حاطب (¬5) -وجاء يشكو حاطبًا-: "ليدخلن حاطب النار". فقال - عليه السلام -: (كذبت، لا يدخلها). (¬6) * * * الخبر منه: معلوم صدقه، ومعلوم كذبه، وما لا يعلم واحد منهما. فالأول: ضروري بنفسه كالمتواتر، وبغيره كخبر من وافق (¬7) ضروريًا، أو نظري كخبر الله وخبر رسوله عنه وخبر الإِجماع، وخبر من ثبت بخبر ¬

_ (¬1) سورة الأنعام: آيتا 27، 28: (ولو ترى إِذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين * بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون). فقد جاء الحكم بالكذب على مستقبل. (¬2) في (ب): الاديه. أقول: والمناسب: الآيتان. (¬3) هو: الصحابي سعد بن عبادة بن دُلَيْم، سيد الخزرج. (¬4) أخرجه البخاري في صحيحه 5/ 146 من حديث عروة بن الزبير مرسلاً. قال ابن حجر في فتح الباري 8/ 6: ولم أره في شيء من الطرق عن عروة موصولاً. (¬5) هو: الصحابي حاطب بن أبي بلتعة. (¬6) أخرجه مسلم في صحيحه/ 1942 من حديث جابر، وأخرجه -أيضًا- أحمد في مسنده 3/ 349. (¬7) نهاية 129 من (ح).

أحدها صدقه، وخبر موافق خبر أحدها. (¬1) والثاني: ما خالف ما علم صدقه. ولثالث: ما ظن صدقه كالعدل، وكذبه كالكذاب، والمشكوك فيه المجهول. (¬2) وقول (¬3) قوم: "كل خبر لم يعلم صدقه كذب قطعًا، وإِلا لنصب عليه دليل كخبر مدعي الرسالة" باطل؛ فإِنه مقابل بمثله في نقيضه (¬4)، ويلزمه كذب كل شاهد وكفر كل مسلم لم يقم قاطع بصدقهما. (¬5) وإِنما كذب المدعي لأن الرسالة عن الله خلاف العادة، والعادة تقضي (¬6) بكذب ما يخالفها بلا دليل. * * * ¬

_ (¬1) في (ظ): أحدهما. (¬2) يعني: خبر مجهول الحال. (¬3) انظر: شرح الكوكب المنير 2/ 321، وتيسير التحرير 3/ 30، وفواتح الرحموت 2/ 109، ومختصر ابن الحاجب 2/ 51، والإِحكام للآمدي 2/ 13، وشرح العضد 2/ 51. (¬4) يعني: في نقيض ما أخبر به إِذا أخبر به آخر، فيلزم اجتماع النقيضين، ونعلم بالضرورة وقوع الخبر بهما. انظر: شرح العضد 2/ 51. (¬5) وذلك باطل بالإجماع والضرورة. انظر: المرجع السابق. (¬6) في (ظ) تقتضي.

الخبر تواتر وآحاد

الخبر تواتر وآحاد فالتواتر لغة (¬1): تتابع شيئين (¬2) فأكثر بمهلة، ومنه: (ثم أرسلنا رسلنا تَتْرى). (¬3) واصطلاحاً: خبر جماعة مفيد للعلم بنفسه. وقيل: "بنفسه" ليخرج ما أفاده بغيره كخيرٍ عُلِمَ صدقه بقرينة عادة أو غيرها. والعقلاء: أن التواتر يفيد العلم، لعلمهم (¬4) ببلاد نائية وأمم ماضية وأنبياء وخلفاء وملوك بمجرد الإِخبار كعلمهم بالمُحَسَّات. وحكي عن قوم -قيل (¬5): هم البراهمة (¬6) (¬7)، وهم لا يجوزون على ¬

_ (¬1) انظر: الصحاح/ 843، ولسان العرب 7/ 137. (¬2) نهاية 64 أمن (ب). (¬3) سورة المؤمنون: آية 44. (¬4) في (ح): كعلمهم. (¬5) انظر: العدة/ 841. (¬6) البراهمة: فرقة ضالة ظهرت في الهند، تنسب إِلى رجل يقال له: (برهم) أو (برهام)، كان يقول بنفي النبوات وأن وقوعها أمر مستحيل في حكم العقل؛ لأن الرسول إِما أن يأتي بأمر معقول أو بأمر غير معقول، فإِن كان الأول فقد كفانا فيه العقل، فلا حاجة لنا إِلى الرسول، وإن كان الثاني فلا يمكن قبوله؛ لأن قبوله خروج عن حد الإِنسانية ودخول في حريم البهيمية. وقد انقسموا إِلى فرق. انظر: الملل والنحل 3/ 342. (¬7) نهاية 49 ب من (ظ).

الله بعث الرسل، وقيل (¬1): هم السُّمَنِيَّة (¬2) فرقة من عبدة الأصنام تقول بالتناسخ-: أنه لا يفيد العلم -وقيل (¬3): يفيد عن الموجود (¬4) لا الماضي- لأن تباينهم يمنع اجتماعهم على خبر كامتناعه (¬5) على حب طعام واحد. ثم: الجملة مركبة من واحد، ويمكن كذبه، فكذا هي. ويلزم (¬6) تناقض المعلومين بتعارض تواترين، وحصول العلم بنقل [أهل] (¬7) الكتاب ما يضاد الإِسلام. ولأن الضروري لا يختلف (¬8)، ولا يخالَف، وقد فرقنا ضرورة بين المتواتر والمُحَسَّات وخالفناكم. ¬

_ (¬1) انظر: البرهان/ 578، والمستصفى 1/ 132. (¬2) السمنية: طائفة تنسب إِلى (سومنا) بلد في الهند، وكانوا يعبدون صنماً اسمه (سومنات)، كسره السلطان محمود بن سُبُكْتِكِين، ولديهم مذاهب غريبة كالقول بالتناسخ وقدم العالم وإنكار النظر والاستدلال واعتبار الحواس الخمس -وحدها- وسائل العلم والمعرفة. انظر: الفرق بين الفرق/ 170، والحور العين/ 139، وفواتح الرحموت 2/ 113. (¬3) انظر: المحصول 2/ 1/ 324. (¬4) في (ظ): الوجود. (¬5) في (ب) و (ظ): كامتناعهم. (¬6) نهاية 130 من (ح). (¬7) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ظ). (¬8) وقد وقع التفاوت بين علمنا بما أخبر به أهل التواتر من وجود بعض الملوك وعلمنا باستحالة اجتماع الضدين. انظر: الإحكام للآمدي 2/ 16.

ورد ذلك: بأنه تشكيك في الضروري، فلا يسمع. ثم: الأول ممنوع. ولا يلزم من ثبوت شيء للواحد ثبوته للجملة، فإِن الواحد جزء العشرة وليست جزءًا منه، والمعلوم الواحد متناه (¬1) لا معلومات الله. واجتماع التواترين فرض محال. وأخبار أهل الكتاب -فيما ذكروه- لم تتواتر (¬2)، والقاطع يقابله. ولا نسلم أن الضروري لا يتفاوت، ولا يلزم منه (¬3) أنه لا يفيد العلم، ثم: (¬4) للاستئناس (¬5) والمخالفة عناد كما (¬6) حكي (¬7) عن بعض السُّوفُسْطائيَّة (¬8) -وقال ابن ¬

_ (¬1) في (ظ): مبناه. (¬2) في (ب): لم يتواتر. (¬3) يعني: من تفاوته. (¬4) في (ح) ثم الاستئناس. (¬5) يعني: ثم لو سلمنا أن العلوم لا تتفاوت جلاء وخفاء فالتفاوت هنا للأنس وعدمه، لا لكون أحدهما جلياً أو خفياً. انظر: فواتح الرحموت 2/ 114. (¬6) في (ظ): وكما. (¬7) انظر: العدة/ 842. (¬8) السوفسطائية: هم مبطلو الحقائق، وهم ثلاث فرق في ذلك: فرقة نفت الحقائق جملة، وفرقة شكت فيها، وفرقة فصلت فقالت: هي حق عند من هي عنده حق، وهي باطل عند من هي عنده باطل. انظر: الفصل في الملل والأهواء والنحل 1/ 7.

مسألة

عقيل (¬1): أصحاب سُوفُسْطا (¬2) -: نعلم أن لا علم أصلاً، وعن بعضهم: لا علم لنا بمعلوم، وعن بعضهم: لا ننكر العلم لكن لا تقوى عليه القوة البشرية، وعن بعضهم: من اعتقد شيئًا (¬3) فهو كما اعتقده. والجواب واحد. (¬4) وأنكر الملحدة والرافضة العلم بالعقل، لتناقض, قضاياه لاختلاف العقلاء. وهذا تناقض منهم، مع أن العقل حجة الله على المكلف، واختلاف العقلاء لقصور علم أو تقصير في شرط النظر. ثم: جميع ذلك شبه لا أثر لها مع العلم كالحسيات (¬5) مع أن النظر يختلف فيها والسماع. وقالت اليهود (¬6): "من شرطه أن لا يكذب به أحد". وهذا باطل. مسألة عند أصحابنا -منهم القاضي في العدة (¬7) - وعامة الفقهاء والمتكلمين: أن العلم الحاصل بالتواتر ضروري. ¬

_ (¬1) انظر: الفنون لابن عقيل/ 401 وفي تلبيس إِبليس/ 39: ينسبون إِلى رجل يقال له: سوفسطا. (¬2) يذهب آخرون إِلى أن سوفسطا: اسم للحكمة المموهة والعلم الزخرف وأنه ليس في لوجود شخص اسمه سوفسطا. انظر: تيسير التحرير 3/ 32، والمعتبر/ 297. (¬3) نهاية 64 ب من (ب). (¬4) يعني: فكما تجيبون عليهم نجيب عليكم. انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 18. (¬5) في (ح): كالحساب. (¬6) انظر: العدة/ 845، والمسودة/ 234. (¬7) انظر: العدة/ 847.

واختار القاضي في الكفاية (¬1) وأبو الخطاب (¬2): نظري، وقاله (¬3) الكعبي وأبو الحسين البصري (¬4) المعتزليان والدقاق (¬5) (¬6) وأبو المعالي (¬7). وعند الغزالي (¬8): ضروري بمعنى عدم الحاجة إِلى الشعور بالواسطة مع حضورها (¬9) في الذهن، غير ضروري (¬10) بمعنى استغنائه (¬11) عنها، فلا بد منها. وقال بعض أصحابنا (¬12) لفظية: مراد الأول بالضروري: ما اضطر العقل ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 234. (¬2) انظر: التمهيد/ 108 أ- ب. (¬3) انظر: المعتمد/ 552، والبرهان/ 579، والمستصفى 1/ 132. (¬4) انظر: المعتمد/ 552. (¬5) انظر: التمهيد/ 108أ، والإِحكام للآمدي 2/ 18. (¬6) هو: أبو بكر محمَّد بن محمَّد بن جعفر البغدادي، أصولي فقيه شافعي، ولد سنة 306 هـ، وتوفي ببغداد سنة 392 هـ. انظر: تاريخ بغداد 3/ 229، وطبقات الفقهاء للشيرازي/ 97، والمنتظم 7/ 222، والواقي بالوفيات 1/ 116، وطبقات الشافعية للأسنوي 1/ 522، والنجوم الزاهرة 4/ 206. (¬7) انظر: البرهان/ 579. (¬8) انظر: المستصفى 1/ 331، والإِحكام للآمدي 2/ 18 - 19. (¬9) نهاية 131 من (ح). (¬10) يعني: وليس ضرورياً بمعنى استغنائه عنها. (¬11) في (ظ): الاستغناء به. (¬12) انظر: البلبل/ 50.

إِلى تصديقه، والثاني: البديهي الكافي في الجزم به تصور طرفيه، والضروري منقسم إِليهما. وتوقف (¬1) المرتضى (¬2) الشيعي (¬3) والآمدي (¬4). وجه الأول: لو كان نظريًا لافتقر إِلى توسط المقدمتين، ولما حصل لمن لا يتأتى له (¬5) كصبي ونحوه، ولساغ الخلاف فيه عقلاً كبقية النظريات. الوجه الثاني: لو كان ضروريًا ما افتقر، ولا يحصل إِلا بعد علم أن المخبر عنه مُحَسٌّ من جماعة لا داعي لهم إِلى الكذب، وأن ما كان كذلك ليس بكذب، فيلزم كونه صدقًا. رد: بمنع افتقاره إِلى سبق علم ذلك، بل يعلم ذلك عند حصول العلم بالخبر. ¬

_ (¬1) نهاية 50 أمن (ظ). (¬2) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 19. (¬3) هو: أبو القاسم الشريف علي بن الحسين بن موسى، ينتهي نسبه إِلى الحسين بن علي ابن أبي طالب، وهو أخو الشريف الرضي، إِمام في علم الكلام وأصول الفقه والأدب والشعر، توفي ببغداد سنة 436 هـ. من مؤلفاته: الذريعة في أصول الفقه، والغرر الدرر في الفقه والنحو. انظر: وفيات الأعيان 3/ 3، وفضل الاعتزال وطبقات المعتزلة/ 383، وتاريخ بغداد 11/ 402، ومرآة الجنان 3/ 55، وإنباه الرواة 2/ 249، وشذرات الذهب 3/ 256. (¬4) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 23. (¬5) يعني: لمن لا يتأتى له النظر.

ثم: حاصل بقوة قرينة (¬1) من (¬2) الفعل، فالنظر لا يحتاجه. قالوا: صورة الترتيب (¬3) ممكنة. رد: مطرد في كل ضروري (¬4). قالوا: لو كان ضروريًا (¬5) لعلم كونه ضروريًا ضرورة؛ لعدم حصول علم ضروري لا يشعر بضرورته. (¬6) رد: معارض بمثله في النظري. (¬7) ثم: لا يلزم من حصول (¬8) العلم الشعور بالعلم ضرورة، وإن سلّم فلا الشعور بصفته (¬9) ضرورة. قالوا: كالعلم عن خبر الله ورسوله. رد: لتوقفه على معرفتهما، وهي نظرية. ¬

_ (¬1) كذا في النسخ. ولعل الصواب: قريبة. (¬2) ضرب على (من) وعدلت العبارة -في (ب) و (ظ) - إِلى (للفعل). (¬3) يعني: النظر في المقدمات. (¬4) ولا يلزم الاحتياج إِليه. انظر: شرح العضد 2/ 53. (¬5) نهاية 65أمن (ب). (¬6) في (ظ): بصورته. وفي نسخة في هامشها: من ضرورته. (¬7) يعني: لو كان نظريًا لعلم كونه نظريًا بالضرورة كغيره من النظريات. انظر: المرجع السابق. (¬8) في (ظ): حصوله. (¬9) من كونه ضروريًا أو نظريًا. انظر: المرجع السابق.

مسألة

مسألة للمتواتر شروط متفق عليها: ففي المخبرين: أن يبلغوا عددًا يمتنع معه التواطؤ على الكذب لكثرتهم -وفي بعض كلام القاضي (¬1)، وذكره ابن عقيل عن أصحابنا: لكثرتهم أو لدينهم وصلاحهم- مستندين إِلى الحس، مستوين في طرفي الخبر ووسطه. وذكر الآمدي (¬2) من (¬3) المتفق عليه كونهم بما أخبروا به عالمين لا ظانين، واعتبره في الروضة (¬4)، واعتبره في التمهيد (¬5) -إِن قلنا: هو نظري- لأنه (¬6) لا يقع به العلم، ولأن علم السامع فرع على علم المخبر (¬7). كذا قال. ولم يعتبره القاضي وغيره (¬8) من أصحابنا وغيرهم؛ لأنه إِن أريد كلهم فباطل لجواز ظن بعضهم، وإن أريد بعضهم فلازم من استنادهم إِلى الحس. ¬

_ (¬1) انظر: العدة/ 856. (¬2) انظر: الإحكام للآمدي 2/ 25. (¬3) في (ظ): في. (¬4) انظر: روضة الناظر/ 96. (¬5) انظر: التمهيد/ 109أ. (¬6) قال: لأننا لو جوزنا أن يكونوا ظانين أو مخمنين -وهم يظنون أنهم محقين- لم يقع لنا العلم، فلهذا اعتبرنا أن يكونوا أخبروا عن يقين مشاهدة أو سماع أو حس ... (¬7) فعلم الخبر متى كان ظناً فعلم السامع يجب أن يكون ظنًا. (¬8) نهاية 132 من (ح).

ويعتبر (¬1) تأهل المستمع (¬2) للعلم، وعدمه (¬3) حال الإِخبار؛ لامتناع تحصيل الحاصل، وأن لا يعلمه السامع ضرورة، قال بعضهم (¬4): وأن لا يعتقد خلافه لشبهة دليل (¬5) أو تقليد. (¬6) وسبق في المسألة قبلها: أن من قال: "نظري" شَرَطَ سبق العلم بجميع ذلك، ومن قال: "ضروري" فلا، وضابطه: العلم بحصولها عند حصول العلم بالخبر، لا أن (¬7) ضابط حصول العلم به سبق حصول العلم بها. * * * واختلف: هل يعتبر في التواتر عدد؟ فقيل: يعتبر خمسة، وقيل: أربعة، وقيل: اثنان، وقيل: عشرة، وقيل: اثنا عشر بعدد النقباء (¬8) المبعوثين، وقيل: عشرون لقوله: (إِن يكن (¬9) ¬

_ (¬1) في (ب) و (ظ): ويعتبر في تأهل. وكانت كذلك في (ح)، ثم ضرب على (في). (¬2) في (ظ): السميع. (¬3) يعني: يعتبر عدم حصول العلم حال الإِخبار. (¬4) انظر: البلبل/ 52، والمدخل/ 91، وشرح الكوكب المنير 2/ 342، والمحصول 2/ 1/ 368، ونهاية السول 2/ 219. (¬5) إِن كان من العلماء. (¬6) إِن كان من العوام. (¬7) في (ظ) لأن. (¬8) قال تعالى: (ولقد أخذ الله ميثاق بني إِسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبًا) سورة المائدة: آية 12. وانظر -في التعريف بهم-: تفسير القرطبي 6/ 112. (¬9) سورة الأنفال: آية 65.

منكم عشرون) (¬1)، وقيل: أربعون كعدد الجمعة، وقيل: سبعون لاختيار موسى (¬2)، وقيل: ثلاثمائة ونيِّف بعدد أهل بدر (¬3)، وقيل: ألف وسبعمائة كبيعة الرضوان. (¬4) وعند (¬5) أصحابنا والمحققين: لا ينحصر في عدد، وضابطه: ما حصل العلم عنده، وذكره في التمهيد (¬6) عن أكثر العلماء -وعلى هذا يمتنع (¬7) الاستدلال بالتواتر على من لم يحصل له العلم منه- للقطع به (¬8) من غير ¬

_ (¬1) نهاية 65 ب من (ب). (¬2) قال تعالى: (واختار موسى قومه سبعين رجلاً) سورة الأعراف: آية 155. (¬3) وقعت غزوة بدر في 17 من شهر رمضان سنة 2 هـ. وكان عدد جند المسلمين فيها 314 رجلاً. فانظر: سيرة ابن هشام 2/ 333 وما بعدها، والروض الأنف 5/ 253 وما بعدها. (¬4) بيعة الرضوان: هي البيعة التي بايع فيها الناس رسول الله -على الموت أو على أن لا يفروا- تحت الشجرة. وذلك بعد أن بلغ النبي أن عثمان قد قتل، وكان الرسول قد بعثه إِلى أبي سفيان وأشراف قريش يخبرهم أنه لم يأت للحرب، وذلك عام الحديبية آخر سنة 6 هـ. فانظر: سيرة ابن هشام 3/ 321. وما ذكره المؤلف من تحديد العدد بـ 1700 موافق لما في حديث سلمة بن الأكوع عند ابن أبي شيبة. ورجح في فتح الباري 7/ 440 - 441: أنهم كانوا بين 1400 - 1500. (¬5) نهاية 50 ب من (ظ). (¬6) انظر: التمهيد/ 108 ب. (¬7) انظر: شرح الكوكب المنير 2/ 337. (¬8) يعني: للقطع بالعلم.

علم بعدد خاص، والعادة تقطع بأنه لا سبيل إِلى وجدانه لحصوله بتزايد (¬1) الظنون على تدريج خفي كحصول كمال العقل به. (¬2) ولا دليل للحصر، وما سبق -مع عدم مناسبته- مضطرب متعارض، ولا يحصل العلم عند عدد من ذلك ولا بد، بل يختلف باختلاف قرائن التعريف وقوة السماع والفهم (¬3) والوقائع. وقول (¬4) ابن الباقلاني وأبي الحسين المعتزلي: "من حصل بخبره علم بواقعة [لشخص] (¬5) حصل بمثله بغيرها (¬6) لشخص آخر" إِنما أرادا مع التساوي مع كل وجه -ومثله بعيد عادة- وإلا لم يصح. وقال القاضي (¬7) وأبو الطيب (¬8) وابن الباقلاني (¬9) والجبائي (¬10): لكن ¬

_ (¬1) في (ب): يتزايد. (¬2) يعني: بالتدريج. (¬3) نهاية 133 من (ح). (¬4) انظر: شرح الكوكب المنير 2/ 343، والمدخل / 90، وتيسير التحرير 3/ 35، وفواتح الرحموت 2/ 117، ومختصر ابن الحاجب 2/ 55، والمعتمد/ 561، 563، 564، 564، والمستصفى 1/ 135، والإِحكام للآمدي 2/ 29، وشرح العضد 2/ 55، وغاية الوصول/ 96. (¬5) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬6) في (ظ): لغيرها. (¬7) انظر: العدة/ 856. (¬8) انظر: المسودة/ 236. (¬9) انظر: البرهان / 570، 571. (¬10) انظر: المعتمد/ 552، 561، والتبصرة/ 295، والمسودة/ 236.

لا يحصل بأربعة -وذكره ابن برهان (¬1) إِجماعًا- لأنه لو حصل بهم حصل بخبر كل أربعة كالجم الغفير، فيعلم الحاكم صدقهم ضرورة، فيكون ورود الشرع بالسؤال عن عدالتهم باطلاً. واحتج بهذا (*) في التمهيد (¬2) على من حَدَّ بأربعة، فدل على موافقته. رد: حصول العلم بفعله تعالى، فلا يلزم اطراد، ثم: الشهادة آكد. ورد بعض أصحابنا (¬3) ذلك: بأنه فرق (¬4) في العمل أو الظن بين مخبر ومخبر، كذا في العلم، والعلم بتأثير الصفات ضروري، ثم (¬5): غير الأربعة كهي في السؤال فلا اختصاص، ثم: القضاء أمره (¬6) مضبوط (¬7) ظاهر للعدل (¬8)، ولهذا لا يحده (¬9) بعلمه، لكن لو شهد بالأمر من أفاد خبرهم العلم لكل أحد فهذا فيه نظر، لكن لا يكاد يقع لإِمكان التواطؤ. ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 236. (¬2) انظر: التمهيد/ 108 ب. (¬3) انظر: المسودة/ 237. (¬4) يعني: فرق القاضي. (¬5) تكررت (ثم) في (ب). (¬6) نهاية 66 أمن (ب). (¬7) في (ظ): مضبوطًا. (¬8) يعني: لأجل العدل. (¬9) يعني: لا يقيم الحد عليه. (*) في (ب): بها.

وقال أيضًا: إِن القاضي (¬1) ذكر أن الحاكم يحكم (¬2) بالتواتر (¬3). ... ولا يشترط غير ذلك. وشرط بعض الشافعية الإِسلام والعدالة -وبعضهم: إِن طال الزمان- لإِخبار النصارى بقتل المسيح. ورد: بعدم استواء طرفي الخبر ووسطه. وشرط: (¬4) طوائف من الفقهاء: أن لا يحويهم بلد ولا يحصيهم عدد. وشرط قوم اختلاف النسب والدين والوطن. وشرطت الشيعة (¬5): المعصوم فيهم؟ دفعًا للكذب، واليهود (¬6): أهل الذلة والمسكنة فيهم؛ لاحتمال (¬7) تواطؤ غيرهم على الكذب لعدم خوفهم، وهو باطل بحصول العلم ¬

_ (¬1) جاء ذكر هذا في المسودة بدون نسبته إِلى القاضي. (¬2) في (ظ) و (ب): لم يحكم. (¬3) فيما يحكم فيه بعلمه. (¬4) في (ب): وشرطه. (¬5) انظر: الإحكام للآمدي 2/ 29، وشرح العضد 2/ 55. (¬6) انظر: البرهان/ 581، والإحكام للآمدي 2/ 29، والمسودة/ 234، وشرح العضد 2/ 55. (¬7) نهاية 134 من (ح).

مسألة

بإِخبار غيرهم (¬1)، وهم (¬2) أولى لترفُّعهم عن الكذب. وشرط قوم إِخبارهم طوعًا. وهو باطل؛ فإِن الصدق (¬3) لا يمتنع حصول العلم به، وإِلا (¬4) فات شرط (¬5). مسألة (¬6) إِذا اختلف المتواتر (¬7) في الوقائع كحاتم في السخاء: فما اتفقوا عليه بتضمن أو التزام هو المعلوم. * * * خبر الواحد: ما عدا المتواتر، ذكره في الروضة (¬8) وغيرها، وقيل: ما أفاد الظن، ونُقِض طرده بالقياس، وعكسه بخبر لا يفيده. وذكر الآمدي (¬9) ومن وافقه من أصحابنا وغيرهم: إِن زاد نَقَلَتُه على ¬

_ (¬1) من الشرفاء والعظماء. (¬2) في (ظ) و (ب): وهو. (¬3) الذي حملوا عليه. (¬4) يعني: وإن حملوا على الكذب. انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 28. (¬5) وهو إِخبارهم عن معلوم محس. انظر: المرجع السابق. (¬6) نهاية 51أمن (ظ). (¬7) في (ظ): التواتر. (¬8) انظر: روضة الناظر/ 99 (¬9) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 31.

مسألة

ثلاثة سمي مستفيضاً مشهوراً، وذكره الإِسفراييني (¬1)، وأنه (¬2) يفيد العلم نظرًا، والمتواتر (¬3) ضرورة. مسألة خبر العدل يفيد الظن، نص أحمد (¬4) في رواية الأثرم (¬5): أنه يعمل به ولا يشهد أنه - عليه السلام - قاله. وأطلق ابن عبد البر وجماعة (¬6): أنه قول جمهور أهل الفقه والأثر والنظر، [وظاهره] (¬7) ولو مع قرينة، وذكره جماعة قول الأكثر. ¬

_ (¬1) يعني: أبا إِسحاق الإسفراييني. انظر: البرهان/ 584. (¬2) يعني: المستفيض. (¬3) في (ب) و (ظ): والتواتر. (¬4) ذكر القاضي في العدة/ 898: أنه رآه في كتاب معاني الحديث للأثرم. (¬5) هو: أبو بكر أحمد بن محمَّد بن هانئ الطائي، إِمام حافظ كثير الرواية عن أحمد، توفي سنة 260 هـ. من مؤلفاته: العلل، ومعاني الحديث. انظر: طبقات الحنابلة 1/ 66، وتذكرة الحفاظ/ 570، وطبقات الحفاظ/ 256، وشذرات الذهب 2/ 141، والمنهج الأحمد 1/ 206. (¬6) انظر: التمهيد لابن عبد البر 1/ 7، 8، والمسودة 244. (¬7) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب).

ونقل (¬1) حنبل (¬2) عن أحمد (¬3): أخبار الرؤية (¬4) [حق] (¬5) نقطع على العلم بها. وقال له المروذي (¬6): هنا إِنسان يقول: "الخبر يوجب عملاً لا علمًا"، فعابه، وقال: لا أدري ما هذا. وفي كتاب الرسالة (¬7) لأحمد بن جعفر (¬8) عن أحمد: لا نشهد على ¬

_ (¬1) نهاية 66 ب من (ب). (¬2) هو: أبو علي حنبل بن إِسحاق بن حنبل الشيباني، ابن عم الإِمام أحمد وتلميذه، ثقة ثبت، توفي بواسط سنة 273 هـ. من مؤلفاته: المسائل (رواها عن أحمد)، وكتاب في التاريخ. انظر: طبقات الحنابلة 1/ 143، وتذكرة الحفاظ / 600، وطبقات الحفاظ/ 268، والمنهج الأحمد 1/ 166، وشذرات الذهب 2/ 163. (¬3) انظر: العدة/ 900. (¬4) أخبار الرؤية: أخرجها البخاري في صحيحه 1/ 111، 115، ومسلم في صحيحه/ 163 وما بعدها. (¬5) ما بين المعقوفتين من (ظ). (¬6) انظر: العدة/ 899. (¬7) جاء في العدة/ 898 - 899: في كتاب الرسالة لأحمد، رواية أبي العباس أحمد بن جعفر. أقول: ولعله الكتاب المسمى (السنة) للإمام أحمد؛ لأني وجدت النص المشار إِليه موجودًا فيها. فانظر: شذرات البلاتين (الذي جمع فيه محمَّد حامد الفقي مجموعة من الرسائل، منها: السنة) 1/ 46. وانظر: طبقات الحنابلة 1/ 26. وقد وردت فيها الرسالة 1/ 24 - 36. (¬8) هو: أبو العباس أحمد بن جعفر بن يعقوب الفارسي الإِصْطَخْرِي، من أصحاب أحمد، نقل عنه مسائل في الفقه والعقيدة. انظر: طبقات الحنابلة 1/ 24.

أحد من أهل القبلة (¬1) في النار، إِلا أن يكون في حديث كما جاء (¬2) نصدقه، ونعلم أنه كما جاء. قال القاضي (¬3): ذهب إِلى ظاهر هذا جماعة من أصحابنا: "أنه يفيد العلم"، وذكره في مقدمة المجرد عن أصحابنا (¬4)، وجزم به ابن أبي موسى من أصحابنا (¬5)، وقاله كثير من أهل الأثر وبعض أهل النظر والظاهرية (¬6) وابن خُوَيْزِ مَنْداد (¬7) المالكي وأنه يخرج على مذهب مالك (¬8). وحمل القاضي (¬9) كلام أحمد: أنه يفيد العلم من جهة الاستدلال بأن تتلقاه الأمة بالقبول، وأن هذا المذهب. وفي التمهيد (¬10) -فيما إِذا تلقته-: "هو (¬11) ظاهر كلام أصحابنا"، ¬

_ (¬1) يعني: لا نشهد أنه في النار. (¬2) نهاية 135 من (ح). (¬3) انظر: العدة/ 900. (¬4) انظر: المسودة/ 247. (¬5) انظر: المسودة/ 240. (¬6) انظر: الإحكام لابن حزم/ 132. (¬7) في (ب) و (ظ): خويز بنداد. وهي في (ح) كذلك، لكن بدون نقط. والمثبت من نسخة في هامش (ب). (¬8) انظر: التمهيد لابن عبد البر 1/ 8، والإحكام لابن حزم/ 132، والمسودة/ 244. (¬9) انظر: العدة/ 900. (¬10) انظر: التمهيد / 115 أ. (¬11) في (ظ): وهو.

ولم يذكر لنا خلافًا، وقاله المعتزلة (1) وغيرهم. وذكر بعض أصحابنا (2): إِفادته للعلم -إِن تلقَّته بالقبول أو عملت بموجبه لأجله- قول عامة العلماء. زاد بعضهم: من المالكية فيما ذكره عبد الوهاب، والحنفية فيما أظن، والشافعية وأصحابنا، وأن هؤلاء اختلفوا: هل يشترط علمهم بصحته قبل العمل به؟ على قولين. وهما في العدة (3) والتمهيد (4)، قالا: لا يجمعون إِلا بعد القطع بصحته، ولأنه ثبت بذلك صحته. وعند ابن الباقلاني (5) وابن برهان (6) والآمدي (7): لا يفيده فيما تلقته، وقاله بعض أصحابنا (8)، وضَعَّف في الواضح غيره، وأن الصحابة أجمعت على رد ما انفرد به ابن مسعود من صفات الله. كذا قال (9). (1) انظر: المعتمد/ 555. (2) انظر: المسودة/ 241. (3) انظر: العدة/ 900. (4) انظر: التمهيد / 115أ. (5) انظر: البرهان/ 585، والمسودة/ 240. (6) انظر: الوصول لابن برهان/ 72 أ. (7) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 41. (8) كابن الجوزي. انظر: شرح الكوكب المنير 2/ 351. (9) قال في الواضح 1/ 156: وتثبت بخبر التواتر الأصول، ولا تثبت بخبر الواحد إِلا الأحكام، وقد قال بعض أصحابنا: إِذا تلقته الأمة بالقبول صار كالمتواتر في إِثبات الصفات. وليس بصحيح؛ لأن التلقي بالقبول قد يقع لحسن الظن في الراوي أو=

وظاهر ما ذكره في الروضة (¬1) رواية عن أحمد وقول (¬2) الأكثر ومتأخري أصحابنا كقولهم، وقاله (¬3) الإِسفراييني إِن تلقته عملاً لا قولاً (¬4). وعند النظام (¬5) (¬6) يفيد العلم بقرينة، واختاره الآمدي (¬7) وغيره، ¬

_ =لعدم العلم بما يوجب رده أو لأنه غير مقطوع بكذبه ولا هو مما ينافي ما يجب للقديم لكونه محتملاً للتأويل وصرفه عن ظاهره بدليل العقل النافي لما لا يليق بالقديم وبالنصوص النافية للشبيه. فلا يقع من التلقي بالقبول ما يتحصل من تواتر الرواية، فلذلك ثبت بالتواتر القرآن بإجماع الصحابة، وردوا بإِجماعهم ما انفرد به ابن مسعود، فصفات الله لا تدنو عن رتبة القرآن؛ لأنه صفة لله سبحانه، فصار ردهم لخبر الواحد فيما طريقه الكلام بإِجماعهم دلالة على أنه لا يجوز قبول خبر الواحد إِلا في الإِضافة إِلى الله، فأما على أن المذكور صفة لله فلا، وليس كل مضاف إِلى الله صفة لله بدليل الروح المضاف إِليه في حق آدم وعيسى، وكشفت أدلة القرآن وأدلة العقول على أنها مجرد تشريف بإِضافة لا أن لله صفة يقال لها الروح ولجت آدم ولا عيسى، وإينما ذلك قول الحلولية. (¬1) انظر: روضة الناظر / 99. (¬2) نهاية 51 ب من (ظ). (¬3) في (ظ): وقال. (¬4) نقل هذا القول في البرهان/ 585، والمسودة/ 240 عن ابن فورك، وقد ورد فيهما قبل نقله كلامٌ عن أبي إسحاق الإسفراييني، فلعل الأمر قد خفي على المؤلف. (¬5) انظر: المعتمد/ 566، والإِحكام للآمدي 2/ 32، والمسودة/ 240. (¬6) نهاية 67 أمن (ب). (¬7) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 32.

وجزم به في الروضة (¬1) في مسألة: "ما أفاد العلم في واقعة أفاده في غيرها"، وقال: القرائن قد تفيد العلم بلا إِخبار. وجه (¬2) الأول (¬3): لو أفاد العلم لتناقض معلومان عند إِخبار عدلين بمتناقضين، فلا يتعارض خبران، ولثبتت (¬4) نبوة مدعي (¬5) النبوة بقوله بلا معجزة، ولكان كالمتواتر فيعارض به (¬6) المتواتر ويمتنع التشكيك بما يعارضه وكذبُه وسهوُه وغلطه، ولا يتزايد بخبر ثان وثالث، ويخطئ من خالفه باجتهاد، وذلك خلاف الإِجماع. ووجه الثاني: لو لم يفده لم يعمل به، لقوله: (ولا تقف ما ليس لك به علم) (¬7)] (إِن يتبعون إِلا الظن) (¬8). رد: لم يرد بالآيتين مسألتنا بدليل السياق وإِجماع المفسرين (¬9)، ثم: المراد ما اعتبر فيه قاطع من الأصول، أو الظن في مقابلة قاطع [بلا دليل، أو ¬

_ (¬1) انظر: روضة الناظر/ 95. (¬2) نهاية 136 من (ح). (¬3) وهو أنه لا يفيد العلم مطلقًا. (¬4) في (ب): لتثبت. (¬5) في (ظ): من يدعي. (¬6) في (ح): فيعارض المتواتر به. (¬7) سورة الإِسراء: آية 36. (¬8) سورة الأنعام: آية 116. (¬9) انظر: تفسير القرطبي 10/ 257.

مطلقًا] (¬1)، وعمل به (¬2) هنا (¬3) للدليل القاطع (¬4) وللإِجماع (¬5). قالوا: يلزم عدم حفظ الشريعة (¬6). ورد: المراد بالذكر في الآية (¬7) القرآن إِجماعًا (¬8). ثم: لا يلزم من الجواز (¬9) الوقوع. قالوا: لو لم يفده لم يعمل به في الأصول، ويعمل به (¬10) فيها عند أصحابكم وغيرهم، وذكره ابن عبد البر (¬11) إِجماعًا، وقد قال أحمد: "لا نتعدى القرآن والحديث"، وذكر ابن حامد (¬12) في كفر منكره خلافًا، ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬2) يعني: بالظن. (¬3) يعني: في الشرعيات. (¬4) يفهم من كلام الآمدي في الإِحكام 2/ 36: أن الدليل القاطع هو الإجماع. (¬5) يعني: الإِجماع على العمل به. (¬6) فلو جاز الكذب والسهو في الأخبار لم تكن محفوظة. انظر: العدة/ 904. (¬7) سورة الحجر: آية 9: (إِنما نحن نزلنا الذكر وإِنا له لحافظون). (¬8) انظر: تفسير القرطبي 10/ 5. (¬9) يعني: جواز السهو والغلط. (¬10) انظر: المسودة/ 245، 247، 248، وشرح الكوكب المنير 2/ 352، وكشف الأسرار 3/ 27، وشرح تنقيح الفصول/ 372، والمعتمد/ 577، والكفاية / 432. (¬11) انظر: التمهيد لابن عبد البر 1/ 8، والمسودة/ 245. (¬12) انظر: المسودة/ 245.

ونقل (¬1) تكفيره عن إِسحاق بن راهويه (¬2). رد: لا يعمل به فيها عند ابن عقيل (¬3) وغيره، وجزم به في التمهيد (¬4) في مسألة "التعبد به"؛ لأن طريقها (¬5) العلم، ولا يفيده، والفروع مظنونة. وعند القاضي (¬6) وغيره (¬7): يعمل بما تلقته الأمة (¬8) بالقبول، ولهذا قال أحمد: قد تلقتها العلماء بالقبول. ثم: بمنع اعتبار قاطع في كل الأصول. ¬

_ (¬1) انظر: جامع بيان العلم وفضله 2/ 230 - 236، والإِحكام لابن حزم/ 111، والمسودة/ 245. (¬2) هو: أبو يعقوب إِسحاق بن إِبراهيم بن مَخْلَد الحنظلي المروزي، محدث فقيه حافظ، جالس أحمد وروى عنه، وناظر الشافعي ثم صار من أتباعه، توفي بنيسابور سنة 238 هـ. من مؤلفاته: المسند، والتفسير. انظر: حلية الأولياء 9/ 234، والفهرست/ 321، وطبقات الفقهاء للشيرازي/ 94، وطبقات الحنابلة 1/ 109، وطبقات الشافعية للسبكي 2/ 83، ووفيات الأعيان 1/ 179، وتذكرة الحفاظ/ 433، وطبقات الحفاظ/ 188، والمنهج الأحمد 1/ 108. وشذرات الذهب 2/ 179. (¬3) انظر: الواضح 1/ 56 أ. (¬4) انظر: التمهيد / 110 أ-ب. (¬5) يعني: طريق الأصول. (¬6) ذكره في مقدمة المجرد. انظر: شرح الكوكب المنير 2/ 352. (¬7) انظر: الواضح 1/ 56أ، والمسودة/ 248. (¬8) في (ب) و (ح): العلماء.

ووجه الثالث (¬1): عصمة الإِجماع عن الخطأ. رد: (¬2) عملوا بالظاهر وبما لزمهم، ولا يلزم العلم، والخطأ ترك ما لزمهم. وفيه نظر، لا سيما على القول بأنه بعد القطع (¬3) بصحته. ويلزم الآمدي (¬4) ما ذكره في الإِجماع عن اجتهاد (¬5). ووجه الرابع: العلم بخبر ملك بموت (¬6) ولده مع قرائن، وكذا نظائره. لا يقال: "علم بمجرد القرائن"؛ لأنه لولا الخبر لجاز كونها في موت آخر. ورد القاضي (¬7) وأبو الخطاب (¬8) وغيرهما بالمنع لاحتمال غرض لعبة (¬9) ومبايعة وولاية ودفع أذى وغير ذلك، وقد وقع ذلك (¬10)، ولذلك لا يمتنع التشكيك. ¬

_ (¬1) وهو أنه يفيده فيما تلقته الأمة بالقبول. (¬2) نهاية 137 من (ح). (¬3) في نسخة في هامش (ظ): القول. (¬4) إِذا أنكر إِفادة ما تلقته الأمة بالقبول للعلم. (¬5) فقد ذكر في الإحكام 1/ 266: أن الأمة إِذا اتفقت على ثبوت حكم القياس فإِجماعهم على ذلك يسبقه إِجماعهم على صحة ذلك القياس، وبذلك يخرج عن كونه ظنيًا. أ. هـ فكذا إِذا أجمعوا على حكم خبر الواحد. (¬6) في (ب) و (ظ): يموت. (¬7) انظر: العدة/ 905. (¬8) انظر: التمهيد/ 114 ب، 115 أ. (¬9) في (ظ) ونسخة في هامش (ب): غرض كعند مبايعة وولاية. (¬10) انظر: العدة/ 905.

مسألة

مسألة إِذا أخبر (¬1) واحد بحضرته - عليه السلام - ولم ينكر دل على صدقه ظناً -في ظاهر كلام أصحابنا وغيرهم، واختاره الآمدي (¬2) وغيره- لتطرقِ الاحتمال، وقيل: قطعًا. وكذا الخلاف لو أخبر واحد بحضرة جمع عظيم، وسكتوا عن تكذيبه. وقال بعضهم: إِن علم أنه لو كان لعلموه -ولا داعي إِلى السكوت- علم صدقه للعادة. ورد: يحتمل لم يعلمه إِلا واحد أو اثنان، والعادة لا تحيل سكوتهما (¬3) , ثم: يحتمل مانع. (¬4) وحمل القاضي (¬5) الرواية عن أحمد في إِفادة خبر العدل للعلم على صور، منها: هاتان الصورتان. قال بعض أصحابنا (¬6): ومنه (¬7) ما تلقاه - عليه السلام - بالقبول، ¬

_ (¬1) نهاية 52 أمن (ظ). (¬2) انظر: الإحكام للآمدي 2/ 39 - 40. (¬3) في (ب): سكوتها. (¬4) منعهم من تكذيبه. (¬5) انظر: العدة/ 900 - 901. (¬6) انظر: المسودة/ 243 - 244، وشرح الكوكب المنير 2/ 355. (¬7) يعني: ومما يوجب العلم.

مسألة

كإِخباره عن تميم (¬1) الداري (¬2)، ومنه إِخبار شخصيز عن قضية يتعذر عادة تواطؤهما عليها أو على كذب وخطأ. مسألة إِذا انفرد مخبر فيما تتوفر الدواعي على نقله مع (¬3) مشاركة خلق كثير -مثل: أن انفرد بأن ملك مدينة قتل عقب الجمعة (¬4) وسط الجامع أو خطيبها على المنبر- قُطِع بكذبه عند الجميع، خلافًا للشيعة. (¬5) لنا: العلم بكذب مثل هذا عادة، فإِنها (¬6) تحيل السكوت عنه (¬7)، ولو ¬

_ (¬1) هو: الصحابي تميم بن أوس الداري، ذَكَر للنبي قصة الجساسة والدجال فحدث بها الرسول على المنبر. انظر: الاستيعاب / 193، والإِصابة 1/ 367، وتهذيب الأسماء واللغات 1/ 1/ 381. (¬2) في قصة الجساسة. والحديث أخرجه مسلم في صحيحه/ 2262، وأبو داود في سننه 4/ 494، 499، والترمذي في سننه 3/ 355، وابن ماجه في سننه/ 1354، وأحمد في مسنده 6/ 373، 413، والطيالسي في مسنده (انظر: منحة المعبود 2/ 218). (¬3) في (ظ): في. (¬4) نهاية 138 من (ح). (¬5) انظر: الإحكام للآمدي 2/ 41، وشرح العضد 2/ 57. ملاحظة: خالفت الشيعة في المسألة -واحتجوا بما احتجوا به على أنه إِذا نقل الواحد ما تتوفر الدواعي على نقله لايكون كذباً- توصلاً منهم إِلى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - على إِمامة علي ولم يتواتر. وهو احتجاج باطل. (¬6) يعني: فإِن العادة. (¬7) يعني: السكوت عن نقله.

جاز كتمانه لجاز الإِخبار عنه بالكذب وكتمان مثل بغداد. وبمثله نقطع بكذب مدعي (¬1) معارضة القرآن، (¬2) والنص على علي (¬3) كما تدعيه الشيعة. ولم تنقل (¬4) شرائع الأنبياء لعدم الحاجة -ونقلت شريعة موسى وعيسى لتمسكِ قوم بهما- ولا كلام المسيح في المهد لأنه قبل ظهوره ¬

_ (¬1) يعني: مدعي أن القرآن عورض. (¬2) نهاية 68 أمن (ب). (¬3) روى ابن حبان في الضعفاء من رواية مطر بن ميمون عن أنس عن النبي قال: (إِن أخي ووزيري وخليفتي من أهلي وخير من أترك بعدي يقضي ديني وينجز موعدي علي بن أبي طالب). قال ابن حبان: مطر يروي الموضوعات. وللطبراني في الأوسط عن ابن مسعود: كنت مع النبي ليلة الجن، وفيه: قال: (نُعِيَتْ نفسي) قال: قلت: فاستخلف، قال: قلت: علي بن أبي طالب، قال: (والذي نفسي بيده لئن أطاعوه ليدخلن الجنة). وقد أورد ابن الجوزي الحديثين في "الموضوعات" وقال: إِنهما موضوعان. انظر: الموضوعات لابن الجوزي 1/ 346 - 347، وتخريج أحاديث المنهاج/ 297، والجرح والتعديل 4/ 1/ 287، وميزان الاعتدال 4/ 127. (¬4) هذا جواب كلام مقدر: الحوامل المقدرة على كتمان الأخبار كثيرة لا يمكن ضبطها، فكيف الحزم بعدمها؟ ومع جوازها لا يحصل الجزم، ويدل عليه أمور، منها: أن النصارى لم ينقلوا كلام المسيح في المهد مع أنه مما تتوفر الدواعي على نقله. ومنها: معجزات الرسول -كانشقاق القمر- لم تتواتر، بل نقلت آحادًا. ومنها: أن كثيراً من الأمور الكثيرة الوقوع مما تعم به البلوى لم يتواتر، بل نقل آحادًا كإِفراد الإِقامة ... انظر: شرح العضد 2/ 57.

واتباعه (¬1). ومعجزات نبينا: ما كان بحضرة خلق تواترًا (¬2)، ولم يستمر استغناء بالقرآن، وِإلا فلا يلزم (¬3)؛ لأنه نقله من رآه. ومثل: إِفراد (¬4) الإِقامة -وإِفراد (¬5) الحج (¬6) ومسح الخف (¬7) والرجم (¬8) - لم يترك نقله، فمنه ما تواتر، وما لم يتواتر لم يكن بحضرة ¬

_ (¬1) في نسخة في هامش (ب)، ونسخة في هامش (ظ): وانتقاله. (¬2) كذا في النسخ. ولعل صوابه: تواتر. (¬3) يعني: فلا يلزم تواتره. (¬4) أحاديث إِفراد الإِقامة أخرجها البخاري في صحيحه 1/ 121، ومسلم في صحيحه/ 286، وأبو داود في سننه 1/ 349، والترمذي في سننه 1/ 124، والنسائي في سننه 2/ 3، وابن ماجه في سننه/ 241. (¬5) في (ب) و (ظ): وأفرد. (¬6) أحاديث إِفراد الحج أخرجها البخاري في صحيحه 2/ 142، ومسلم في صحيحه/ 870، 886، 904، وأبو داود في سننه 2/ 377، والترمذي في سننه 2/ 158، والنسائي في سننه 5/ 145، وابن ماجه في سننه / 988. (¬7) أحاديث مسح الخف أخرجها البخاري في صحيحه 1/ 47، ومسلم في صحيحه / 228، وأبو داود في سننه 1/ 103، والترمذي في سننه 1/ 63، والنسائي في سننه 1/ 81، وابن ماجه في سننه 181. (¬8) أحاديث الرجم أخرجها البخاري في صحيحه 8/ 164 - 165، ومسلم في صحيحه/ 1316 - 1325، وأبو داود في سننه 4/ 569 وما بعدها، والترمذي في سننه 2/ 442 وما بعدها، وابن ماجه في سننه/ 852 - 854.

مسألة

خلق أو لجواز الأمرين (¬1) أو اختلاف السماع (¬2) أو غير ذلك. وقولهم: يجوز ترك النقل لغرض أو أغراض. رد: بالمنع لما سبق، وأنه لو جاز لجاز كذبهم لذلك (¬3) (¬4)؛ لأنهما قبيح (¬5). مسألة يجوز التعبد بخبر الواحد العدل عقلاً، خلافًا للجبائي. (¬6) لنا: لا يلزم منه محال. وليس احتمال الكذب والخطأ بمانع، وإلا لمنع في الشاهد والمفتي. ولا يلزم الأصول لما سبق (¬7) في إِفادته للعلم، ولا نقل القرآن لقضاء العادة فيه بالتواتر، ولا التعبد به في الإِخبار عن الله بلا معجزة؛ لأن العادة تحيل صدقه بدونها، ولا التناقض (¬8) بالتعارض؛ لأنه ¬

_ (¬1) كإفراد الإِقامة وتثنيتها مثلاً. انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 45، وشرح العضد 2/ 58. (¬2) لاحتمال أن المؤذن كان يفرد تارة ويثني أخرى، فنقل كلٌّ بعض ما سمعه، وأهمل الباقي لعلمه بأنه من الفروع المتسامح فيها. انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 45. (¬3) في (ظ): كذلك. (¬4) يعني: لذلك الغرض. (¬5) كذا في النسخ. ولعل العبارة: لأن كلاً منهما قبيح. (¬6) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 45، وشرح العضد 2/ 58. (¬7) انظر: ص 493 - 494 من هذا الكتاب. (¬8) نهاية 52 ب من (ظ).

مسألة

يندفع بالترجيح (¬1) أو التخيير أو الوقف، ثم قولوا بالتعبد ولا تعارض (¬2). مسألة يجب العمل بخبر الواحد. وجوزه قوم. وقوم: التعبد (¬3) به عقلاً، لكن هل في الشرع ما يمنعه أو ليس فيه ما يوجبه؟ على قولين (¬4). واعتبر الجبائي (¬5) -لقبوله- موافقة خبر آخر أو ظاهر أو انتشاره في الصحابة أو عمل بعضهم به. وحكي عنه (¬6): أنه اعتبر في خبر الزنا أربعة. ومنعه الرافصة (¬7)، وتناقضوا، فأثبتوا تصدق علي بخاتمه في صلاة (¬8) ونكاح المتعة (¬9) والنقض بلحم ¬

_ (¬1) نهاية 139 من (ح). (¬2) يعني: قولوا بالتعبد في حالة عدم التعارض. انظر الإِحكام للآمدي 2/ 50. (¬3) يعني: جوزوا التعبد به عقلاً. (¬4) انظر: المسودة/ 238. (¬5) انظر: المغني لعبد الجبار 17/ 380، والمعتمد/ 622، والإِحكام للآمدي 2/ 94. (¬6) انظر: المعتمد/ 622، والبرهان 607. (¬7) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 51. (¬8) روي بأسانيد ضعيفة، وقال شيخ الإِسلام ابن تيمية: موضوع باتفاق أهل العلم. انظر: تفسير الطبري 10/ 425 ط دار المعارف، وتفسير ابن كثير 2/ 71، ومجمع الزوائد 7/ 17، ومجموع الفتاوى 13/ 354. (¬9) كان نكاح المتعة مباحًا في أول الإِسلام، ثم حرمه الرسول. ورد ذلك في=

إِبل (¬1). ومنع بعض (¬2) القدرية (¬3) وبعض المعتزلة (¬4) وابن (¬5) داود. قال القاضي (¬6) وغيره: يجب عندنا سمعًا، وقاله (¬7) عامة الفقهاء والمتكلمين. ونصر في الكفاية (¬8): وعقلاً، واختاره أبو الخطاب (¬9)، وقاله (¬10) ان ¬

_ =أحاديث أخرجها البخاري في صحيحه 5/ 136، 7/ 12، ومسلم في صحيحه/ 1025، وأبو داود في سننه 2/ 558، والترمذي في سننه 2/ 295، والنسائي في سننه 6/ 125، وابن ماجه في سننه / 631، وأحمد في مسنده 1/ 103، 2/ 95، 3/ 405، 4/ 55. (¬1) أحاديث النقض بلحم الإبل أخرجها مسلم في صحيحه / 275، وأبو داود في سننه 1/ 128، والترمذي في سننه 1/ 54، وابن ماجه في سننه/ 166، وأحمد في مسنده 5/ 86، 88 وابن حبان في صحيحه (انظر: موارد الظمآن / 78). (¬2) انظر: المستصفى 1/ 148. (¬3) نهاية 68 ب من (ب). (¬4) انظر: المعتمد/ 583، والبرهان/ 600. (¬5) انظر: اللمع / 43، والإِحكام للآمدي 2/ 51، وشرح العضد 2/ 58. (¬6) انظر: العدة/ 859 - 861. (¬7) في (ظ): قاله. (¬8) انظر: المسودة/ 237. (¬9) انظر: التمهيد / 110 ب. (¬10) انظر: المحصول 2/ 1/ 507، والإحكام للآمدي 2/ 51.

سريج والقفال (¬1) الشافعيان وأبو الحسين (¬2) المعتزلي. ولم يحتج أحمد (¬3) في وجوب العمل به إِلا بالشرع. لنا: كثر جداً قبوله والعمل به في الصحابة والتابعين شائعًا (¬4) من غير نكير، يحصل به إِجماعهم عليه عادة قطعًا. فمنه: قول أبي بكر -لما جاءته الجدة تطلب ميراثها-: "مالك في كتاب الله شيء، وما علمت لك في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئًا، فارجعي حتى أسأل الناس". فسأل الناس، فقال المغيرة: "حضرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعطاها السدس". فقال: "هل معك غيرك؟ ". فقال محمَّد بن مسلمة (¬5) مثله، فأنفذه لها أبو بكر. رواه (¬6) أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه ¬

_ (¬1) هو: أبو بكر محمَّد بن علي بن إِسماعيل الشاشي (القفال الكبير)، فقيه أصولي محدث متكلم لغوي، توفي سنة 336 هـ، وقيل: سنة 365 هـ. من مؤلفاته: شرح الرسالة، وكتاب في أصول الفقه، وأدب القضاء. انظر: تبيين كذب المفتري/ 182، ووفيات الأعيان 3/ 338، وطبقات الشافعية للسبكي 3/ 200، وتهذيب الأسماء واللغات 1/ 2/ 282، وطبقات المفسرين للداودي 2/ 196، وشذرات الذهب 3/ 51. (¬2) انظر: المعتمد/ 583، 604. (¬3) انظر: العدة/ 859 - 860. (¬4) يعني: عملاً شائعًا. (¬5) هو: الصحابي محمَّد بن مسلمة بن سلمة الأوسي. (¬6) من حديث قبيصة بن ذؤيب، انظر: مسند أحمد 5/ 327، وسنن أبي داود 3/ 316، (والمعتبر للزركشي/ 35 ب، فقد نسبه -أيضًا- للنسائي، ولم أجده في=

والترمذي وقال: حسن صحيح. واستشار عمر الناس في الجنين، فقال المغيرة: "قضى (¬1) فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - بغرةٍ عبدٍ أو أمةٍ". فقال: "لتأتين بمن يشهد معك". فشهد له محمَّد بن مسلمة. متفق عليه (¬2). ولأبي داود (¬3) من حديث طاوس (¬4) عن عمر: "لو لم نسمع هذا لقضينا بغيره". ¬

_ =السنن -المجتبى- فلعله في الكبرى)، وسنن ابن ماجه / 910، وسنن الترمذي 3/ 283، وأخرجه كذلك الدارمي في سننه 2/ 359، وابن حبان في صحيحه (انظر: موارد الظمآن / 300). قال الزركشي في المعتبر/ 35 ب: وقال ابن حزم: خبر قبيصة لا يصح؛ لأنه منقطع، قبيصة لم يدرك أبا بكر ولا سمعه من المغيرة ولا من ابن مسلمة. ونازعه بعضهم بأن أبا علي الطوسي والترمذي لما ذكراه صححاه، ومن شرط الصحة الاتصال. (¬1) نهاية 140 من (ح). (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه 9/ 11، ومسلم في صحيحه/ 1311 من حديث أبي هريرة. (¬3) انظر: سنن أبي داود 4/ 699. (¬4) هو: أبو عبد الرحمن طاوس بن كيسان اليماني، من كبار التابعين، توفي بمكة سنة 106هـ. قال ابن حجر في التقريب: ثقة فقيه فاضل. انظر: حلية الأولياء 4/ 3، ووفيات الأعيان 2/ 194، ومشاهير علماء الأمصار 122، وتذكرة الحفاظ/ 90، وتقريب التهذيب 1/ 377.

ورواه (¬1) الشافعي (¬2) وسعيد من حديث طاوس عن عمر: أنه سأل عن ذلك، فقال حَمَل بن مالك (¬3): "إِن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى فيه بغرة". وقول عمر ذلك. وطاوس لم يدركه (¬4). ورواه (¬5) الدارقطني [أيضًا] (¬6) موصولاً بذكر ابن عباس (¬7). وأخذ عمر بخبر عبد الرحمن بن عوف في أخذ الجزية من المجوس. رواه البخاري. (¬8) ¬

_ (¬1) في (ظ): رواه. (¬2) انظر: بدائع المنن 2/ 268، والأم 6/ 107، والرسالة/ 427، وأخرجه- أيضًا- النسائي في سننه 8/ 47 دون قول عمر. (¬3) هو: الصحابي حمل بن مالك بن النابغة الهذلي. (¬4) انظر: تهذيب التهذيب 5/ 10. (¬5) في (ظ): رواه. (¬6) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬7) انظر: سنن الدارقطني 3/ 115 - 117. وأخرجه -أيضًا- أبو داود في سننه 4/ 698، وابن ماجه في سننه/ 882، وأحمد في مسنده 4/ 79 - 80، والدارمي في سننه 2/ 117، وابن حبان في صحيحه (انظر: موارد الظمآن/ 367) ولم يذكروا قول عمر، وأخرجه الحاكم في مستدركه 3/ 575 مع قول عمر، وسكت عنه. (¬8) انظر: صحيح البخاري 4/ 96. وأخرجه -أيضًا- أبو داود في سننه 3/ 432، والترمذي في سننه 3/ 73 - 74، وأحمد في مسنده 1/ 191، ومالك في الموطأ/ 278، والشافعي (انظر: بدائع المنن 2/ 126).

وكان لا يورث المرأة من دية زوجها حتى أخبره الضحاك (¬1): أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كتب إِليه: أن يورث امرأة أَشْيَم (¬2) من (¬3) دية زوجها. رواه (¬4) مالك وأحمد وأبو داود والترمذي وصححه. وروى هؤلاء (¬5) (¬6) أن عثمان أخذ بخبر فُرَيْعة بنت مالك (¬7) -أخت أبي سعيد الخدري-: أن عدة الوفاة في منزل الزوج (¬8). وفي البخاري (¬9) عن ابن عمر: "أن سعداً (¬10) حدثه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ¬

_ (¬1) هو: الصحابي الضحاك بن سفيان بن عوف العامري. (¬2) هو الصحابي أشيم الضِّبَابي. (¬3) نهاية 69 أمن (ب). (¬4) انظر: الموطأ/ 866، ومسند أحمد 3/ 452، وسنن أبي داود 3/ 339 - 340، وسنن الترمذي 3/ 288 وقال: حسن صحيح. وأخرجه -أيضًا- ابن ماجه في سننه/ 883. (¬5) انظر: الموطأ/ 591، ومسند أحمد 6/ 370، وسنن أبي داود 2/ 723 - 724، وسنن الترمذي 2/ 338. (¬6) نهاية 53أمن (ظ). (¬7) هي الصحابية فريعة بنت مالك بن سنان الخدرية. (¬8) وأخرجه -أيضاً- النسائي في سننه 6/ 199، وابن ماجه في سننه/ 654 - وليس فيهما ذكر أخذ عثمان بخبرها- والشافعي (انظر: بدائع المنن 2/ 409)، والدارمي في سننه 2/ 90، وابن حبان في صحيحه (انظر: موارد الظمآن/ 323)، والحاكم في مستدركه 2/ 208 وصححه، ووافقه الذهبي في التلخيص. (¬9) انظر: صحيح البخاري 1/ 47. (¬10) هو الصحابي سعد بن أبي وقاص.

مسح على الخفين"، فسأل ابن عمر أباه عنه، فقال: نعم، إِذا حدثك سعد عن النبي - صلى الله عليه وسلم -[شيئًا] (¬1) فلا تسأل عنه غيره. ورجع ابن عباس إِلى خبر (¬2) أبي سعيد في تحريم ربا الفضل. رواه الأثرم وغيره، وقاله الترمذي (¬3) وغيره. وروى سعيد من طرق عدم رجوعه. (¬4) وتحول أهل قباء (¬5) إِلى القبلة -وهم في الصلاة- بخبر واحد. رواه أحمد ومسلم وأبو داود من حديث أبي هريرة (¬6)، ومعناه في الصحيحين من حديث ابن عمر (¬7). ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين من (ح). (¬2) خبر أبي سعيد: أخرجه البخاري في صحيحه 3/ 74، ومسلم في صحيحه/ 1208 - 1209، 1211. (¬3) في (ظ): الآمدي. (¬4) انظر: في مسألة رجوع ابن عباس: صحيح مسلم/ 1216 - 1218، وسنن الترمذي 2/ 356، وسن ابن ماجه/ 759، والمصنف لعبد الرزاق 8/ 118 - 119، وشرح معاني الآثار 4/ 68، 71، وسنن البيهقي 5/ 281 - 282، 285 - 286، والمطالب العالية 1/ 389، وفتح الباري 4/ 381. (¬5) نهاية 141 من (ح). (¬6) كذا في النسخ. والذي وجدته: في صحيح مسلم/ 374 - 375 من حديث أنس والبراء، وفي سنن أبي داود 1/ 633 من حديث أنس، وفي مسند أحمد 2/ 113، 4/ 283 من حديث ابن عمر والبراء. وانظر: نصب الراية 1/ 530 - 306. ولم أجد لأبي هريرة ذكراً في رواية هذا الحديث. (¬7) انظر: صحيح البخاري 1/ 85، وصحيح مسلم / 375. وقد أخرجه -أيضًا- البخاري في صحيحه 1/ 84 - 85، ومسلم في صحيحه/ 374 من حديث البراء.

وقال ابن عمر: "ما كنا نرى بالمزارعة (¬1) بأساً حتى سمعت رافع بن خديج (¬2) يقول: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنها"، فتركها ابن عمر. وللشافعي ومسلم عن ابن عمر: "كنا نخابر (¬3)، فلا نرى بذلك بأسًا، فزعم رافع أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عنه، فتركناه من أجله". (¬4) وكان زيد بن ثابت يرى أن لا تصدر الحائض حتى تطوف بالبيت، فقال له ابن عباس: "سَلْ فلانة الأنصارية: هل أَمَرها النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك؟ " فأخبرته، فرجع زيد يضحك، وقال لابن عباس: "ما أراك إِلا صدقت". رواه مسلم (¬5) ¬

_ (¬1) في المغني 5/ 309: المزارعة دفع الأرض إِلى من يزرعها أو يعمل عليها والزرع بينهما. (¬2) هو: الصحابي رافع بن خديج الأنصاري الأوسي. (¬3) في المغني 5/ 309: المخابرة: المزارعة. وفي النهاية في غريب الحديث 2/ 7: قيل هي المزارعة على نصيب معين كالثلث والربع وغيرهما. (¬4) أخرجه البخاري في صحيحه 3/ 108، ومسلم في صحيحه/ 1179 - 1181، وأبو داود في سننه 3/ 682، 687، والنسائي في سننه 7/ 40، 44، 46 - 48، وابن ماجه في سننه/ 819، 820، والشافعي (انظر: بدائع المنن 2/ 199)، وأحمد في مسنده 3/ 463. (¬5) انظر: صحيح مسلم/ 963 - 964. وقد أخرجه البخاري في صحيحه 2/ 179 - 180، ومسلم في صحيحه/ 963 - 965، وأبو داود في سننه 2/ 510، والترمذي في سننه 2/ 210، وابن ماجه في سننه/ 1021، وأحمد في مسنده 1/ 776، والدارمي في سننه 1/ 398، وابن حبان في صحيحه (انظر: موارد الظمآن/ 251) عن عائشة وعمر وابن عمر وابن عباس: أن الحائض تقضي المناسك كلها إِلا الطواف، وأن الحائض تنفر قبل أن تودع.

وغير (¬1) ذلك مما يطول. لا يقال: "أخبار آحاد، فيلزم الدور"؛ لأنها متواترة كما سبق في أخبار الإِجماع. (¬2) ولا يقال: "يحتمل أن عملهم بغيرها"، لأنه محال عادة، ولم ينقل، بل خلافه كما سبق، والسياق يدل عليه. ولا يقال: "أنكر عمر خبر أبي موسى في الاستئذان -حتى رواه أبو (¬3) سعيد، متفق عليه- (¬4) وخبر فاطمة بنت قيس في المبتوتة: "لا سكنى لها ولا نفقة"، رواه مسلم (¬5)، وعائشة خبر (¬6) ابن عمر في تعذيب الميت ببكاء أهله (¬7)؛ لأنهم قبلوه بموافقة غير الراوي ولم يتواتر (¬8)، ولا يدل على ¬

_ (¬1) في (ب): وغيره. (¬2) انظر: ص 387 من هذا الكتاب. (¬3) نهاية 69 ب من (ب). (¬4) أخرجه البخاري في صحيحه 8/ 54 - 55، ومسلم في صحيحه/ 1694 وما بعدها. (¬5) انظر: صحيح مسلم/ 1118 - 1119. وأخرجه -أيضًا- أبو داود في سننه 2/ 717 - 718، والترمذي في سننه 2/ 425، والدارمي في سننه 2/ 87 - 88، والدارقطني في سننه 4/ 23 - 27. (¬6) في (ظ): وخبر. (¬7) أخرجه البخاري في صحيحه 2/ 79 - 80، 5/ 77، ومسلم في صحيحه/ 638 وما بعدها، وأبو داود في سننه 3/ 494، والنسائي في سننه 4/ 17 - 18، وابن ماجه في سننه/ 508، وأحمد في مسنده 6/ 107، ومالك في الموطأ/ 234، والشافعي (انظر: بدائع المنن 1/ 205)، والبغوي في شرح السنة 5/ 440، 444. (¬8) في (ح): ولم تتواتر.

عدم قبوله لو انفرد، وكان عمر يفعل ذلك سياسة -ولهذا قال لأبي موسى: "لم أتهمك (¬1) وخشيت أن يتقول (¬2) الناس" -أو للريبة، ولهذا قال عمر عن خبر فاطمة: "كيف (¬3) نترك كتاب ربنا لقول امرأة، حفظت أو نسيت؟ "، وقالت عائشة عن ابن عمر: "ما كذب (¬4)، ولكنه وَهِمَ" -متفق عليه- أي: لم يتعمد. ولا يقال: "عملهم بها لكونها أخبار مخصوصة (¬5) " للعلم بأن (¬6) ¬

_ (¬1) أخرجه مالك في الموطأ / 964، وأبو داود في سننه 5/ 372. (¬2) نهاية 142 من (ح). (¬3) انظر: هامش قم 5 في ص 509. (¬4) أخرج البخاري في صحيحه 5/ 77 عن هشام عن أبيه قال: ذكر عند عائشة أن ابن عمر رفع إِلى النبي: (إِن الميت يعذب في قبره ببكاء أهله). فقالت: وَهِلَ -أي: غلط- ابن عمر، إِنما قال رسول الله: (إِنه ليعذب بخطيئته وذنبه، وأن أهله ليبكون عليه الآن). وفي صحيح مسلم/ 641: فقالت -أي عائشة-: لا والله! ما قال رسول الله قط: (إِن الميت يعذب ببكاء أحد)، ولكنه قال: (إِن الكافر يزيده الله ببكاء أهله عذابًا، وإن الله لهو أضحك وأبكى، ولا تزر وازرة وزر أخرى). وفيه: قالت: إِنكم لتحدثوني غير كاذبين ولا مكذبين، ولكن السمع يخطئ. وفيه/ 642: فقالت: رحم الله أبا عبد الرحمن، سمع شيئًا فلم يحفظه. وفيه/ 643: فقالت: يغفر الله لأبي عبد الرحمن، أما إِنه لم يكذب ولكنه نسي أو أخطأ. وأخرجه الترمذي في سننه 2/ 236 - 237 بلفظ: فقالت عائشة: يرحمه الله، لم يكذب ولكنه وهم ... قال الترمذي حسن صحيح. (¬5) يعني: لا يلزم قبول كل خبر. (¬6) في (ظ) ونسخة في هامش (ب): لأن.

عملهم لظهور صدقها لا لخصوصها كظاهر الكتاب (¬1) والمتواتر. وأيضًا: تواتر (¬2) أنه - عليه السلام - كان يبعث الآحاد إِلى النواحي لتبليغ الأحكام، مع العلم بتكليف المبعوث إِليهم العمل بذلك. ولا يقال: "هذا من الفتيا للعامي"؛ لأن الاعتماد على كتبه مع الآحاد إِلى الأطراف وما يأمر به من قبض زكاة وغير ذلك، وعمل به الصحابة ومن بعدهم وتأسوا به، وذلك مقطوع به. فإِن قيل: قد بعث الآحاد إِلى الملوك في الإِسلام، ولا يقبل فيه واحد. رد: بالمنع (¬3) عند القاضي وغيره، وفي الروضة (¬4) وغيرها: بعثهم لتبليغ الرسالة (¬5). ورده (¬6) أبو الخطاب (¬7): "بأن دعاءه إِلى الإِسلام انتشر في الآفاق، فدعاهم للدخول فيه، على أن ذلك طريقه العقل"، أي: وبعث للتنبيه على ¬

_ (¬1) نهاية 53 ب من (ظ). (¬2) فقد بعث معاذًا وعليًا وأبا موسى إِلى اليمن، وأبا عبيدة إِلى البحرين، وبعث إِلى هرقل بالروم والنجاشي بالحبشة والمقوقس بمصر، وغالب من تولى أمر ذلك الآحاد. انظر: المعتبر / 36 أ. (¬3) يعني: بل يقبل فيه. انظر: العدة / 865. (¬4) انظر: روضة الناظر / 110. (¬5) والشعبي مأمور بتبليغ الرسالة، ولم يكن ليبلغها بمن لا يكتفى به. انظر: المرجع السابق. (¬6) هذا رد ثان. (¬7) انظر: التمهيد/ 112 أ.

إِعمال فكر ونظر، وقاله بعضهم. واستدل جماعة من أصحابنا وغيرهم بمثل: (إِن الذين يكتمون) (¬1) (إِن جاءكم فاسق) (¬2)] (فلولا نفر) (¬3) الآيات. واعترض وأجيب كما (¬4) سبق (¬5) في آيات الإِجماع. قالوا وأجيب بما سبق (¬6) في عدم العلم (¬7) به (¬8)، ثم: يلزمهم للمنع (¬9) ¬

_ (¬1) سورة البقرة: آية 159: (إِن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون). (¬2) سورة الحجرات: آية 6: (يا أيها الذين آمنوا إِن جاءكم فاسق بنبا فتبينوا أن تصيبوا قومًا بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين). (¬3) سورة التوبة: آية 122: (وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إِذا رجعوا إِليهم لعلهم يحذرون). (¬4) في (ظ): بما. (¬5) انظر: ص 371 وما بعدها من هذا الكتاب. (¬6) انظر: ص 492 من هذا الكتاب. (¬7) يعني في مسألة: عدم إِفادته للعلم. وفي (ح) و (ظ): في عدم العمل به. (¬8) من قوله: (إِن يتبعون إِلا الظن)، (ولا تقف ما ليس لك به علم). وجوابه: أن العمل بخبر الواحد ووجوب اتباعه إِنما هو بدليل مقطوع به مفيد للعلم بذلك وهو الإِجماع. (¬9) في (ب) و (ظ): المنع.

دليل (¬1) (¬2) قاطع، (¬3) وقول (¬4) الشاهد (¬5) والمفتي والطبيب. واعترض: بخصوص هذا وعموم الرواية. ورد: بأصل الفتوى (¬6). وقال أبو الخطاب (¬7): مذهب كثير من هذه الطائفة: لا يلزم قبول مفت واحد. (¬8) وأما (¬9) توقفه (¬10) - عليه السلام - عن قبول ذي اليدين في السلام من الصلاة عن نقص، حتى أخبره (¬11) أبو بكر (¬12) وعمر؛ فلأنه لا يقبل ¬

_ (¬1) تكرر (دليل) في (ب). (¬2) نهاية 70 أمن (ب). (¬3) لأنهم لا يقولون بالظن، ولا قاطع لهم. انظر: شرح العضد 2/ 60. (¬4) تكرر (قول) في (ب). (¬5) هذا نقض لقولهم. (¬6) فهي عامة. (¬7) انظر: التمهيد/ 111 ب. (¬8) نهاية 143 من (ح). (¬9) جواب دليل مقدر: توقفه دليل على أنه لا حجة في خبر الواحد. (¬10) أخرجه البخاري في صحيحه 1/ 99، ومسلم في صحيحه/ 403 من حديث أبي هريرة. (¬11) في (ب) و (ظ): أخبر. (¬12) قال الزركشي في المعتبر/ 46 أ- ب: قوله -يعني ابن الحاجب-: "حتى=

فيه واحد، ثم: للريبة لظهور الغلط (¬1)، ثم: لم يتواتر (¬2). واحتج القائل به عقلاً: بأن العمل بالظن في تفصيل جمعة عُلِم وجوبها يجب عقلاً، كإِخبار عدل بمضرة شيء، وقيام من تحت حائط مائل يجب؛ لأنه في تفصيل ما علم وجوبه وهو اختيار دفع المضار ,والشعبي - صلى الله عليه وسلم - بعث للمصالح ودفع المضار, فالخبر تفصيل لها. رد: العقل لا يحسن (¬3)، ثم: لم يجب في العقلي بل هو أولى (¬4)، وإن سلم (¬5) - عملاً بالعادة، ولمعرفة المصلحة فيها وظن المضرة بالمخالفة- منع في الشرعي لعدم ذلك، وإن سلم فهو قياس (¬6) ظني في الأصول. ثم: المسألة دليلها قطعي عند العلماء، وعند الآمدي (¬7) وغيره: ظني، وسبق (¬8) في الإِجماع مثله، فهنا أولى. * * * ¬

_ =أخبره أبو بكر وعمر" كذا في المستصفى والمحصول، ولم يرد اختصاصهما بالإخبار، بل ظاهر الحديث يدل على أن المخبر كل من حضر، وفي الصحيح: "وفي القوم أبو بكر وعمر، فهابا أن يكلماه"، فهذا يدل على أنهما من جملة المخبرين، لا أنهم المخبرون. (¬1) يعني: غلط المخبر. (¬2) يعني: فلا تعملوا به. (¬3) وكلامكم مبني على التحسين العقلي. (¬4) يعني: غير واجب، بل هو أولى للاحتياط. (¬5) يعني: وإن سلم في العقلي. (¬6) في (ب): قياسي. (¬7) انظر: الإحكام للآمدي 2/ 52 - 53، 71. (¬8) انظر: ص 388، 454 من هذا الكتاب.

فأما (¬1) إِن كان للعلم طريق لم يجز العمل بخبر الواحد، ذكره القاضي (¬2) وغيره هنا. وذكر بعض (¬3) أصحابنا (¬4) عن أبي الخطاب: إِن أمكنه سؤاله -عليه السلام- فكاجتهاده، واختياره (¬5): لا يجوز، وأن بقية أصحابنا -القاضي وابن عقيل- يجوز إِن أمكنه سؤاله أو الرجوع إِلى التواتر محتجين به في المسألة. [كذا قال]. (¬6) وذكر القاضي (¬7) وأبو الخطاب (¬8) المسألة فيما بعد، وجزما بالجواز خلافاً لبعضهم اكتفاء بقول السعاة (¬9) وغيرهم، ولا يمتنع في الأحكام كالوضوء بما لا قطع بطهارته -وعنده نهر مقطوع به- وكذا ذكر ابن عقيل. وفي التمهيد (¬10) -في كون قول الصحابي حجة-: منع عدول ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 239، 291، والبلبل/ 49، وشرح الكوكب المنير 2/ 376. (¬2) انظر: العدة/ 875. (¬3) انظر: المسودة/ 239. (¬4) نهاية 54أمن (ظ). (¬5) يعني: اختيار أبي الخطاب. (¬6) ما بين المعقوفتين من (ح). (¬7) انظر: العدة/ 986 - 987. (¬8) انظر: التمهيد/ 127 ب. (¬9) فقد كان الناس يرجعون إِلى قولهم ويقدمون على النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا يسألونه عن شيء من ذلك. (¬10) انظر: التمهيد / 142 ب.

الشرائط في الراوي

متمكن من العلم إِلى الظن، وجوزه بعضهم (¬1). قال: ولا يصح؛ لأنه لا يجوز تعارضهما. (¬2) * * * الشرائط في الراوي منها: العقل إِجماعًا. ومنها: البلوغ عندنا وعند الجمهور (و)؛ لاحتمال كذبه كالفاسق، بل أولى؛ لأنه (¬3) مكلف يخاف العقاب. واستدل: بعدم قدرته على الضبط. ونقض: بالمراهق. وبأنه لا يقبل إِقراره على نفسه، فهنا (¬4) أولى. (¬5) ونقض: بمحجور عليه وعبد. (¬6) وعن أحمد (¬7): تقبل شهادة المميز، وعنه: ابن عشر (¬8) ¬

_ (¬1) نهاية 70 ب من (ب). (¬2) فلو جاز العدول لجاز تعارضهما. (¬3) يعني: لأن الفاسق. (¬4) يعني: في مجال الرواية. (¬5) من قوله (ونقض) إِلى قوله (أولى) تكرر في (ب). (¬6) وروايتهما مقبولة بالإجماع. انظر: الإحكام للآمدي 2/ 71. (¬7) انظر: المغني 10/ 144. (¬8) في (ظ): ابن عشرة.

-واختلفت (¬1) الصحابة (¬2) والتابعون فيها- فهنا أولى. وقال بعض (¬3) أصحابنا: قد (¬4) يتخرج فيه (¬5) روايتان كشهادته. قولهم: يصح الائتمام به بناء على خبره بطهره، وأذانه لبالغ. رد: بالمنع، ثم: لا تقف صحة صلاة المأموم على ذلك (¬6). وفيه نظر. وإن تَحَمل صغيرًا [عاقلاً ضابطًا] (¬7) وروى كبيرًا قُبِل عند أحمد (¬8) والجمهور؛ لإِجماع الصحابة ومن بعدهم على قبول مثل ابن عباس (¬9) وابن الزبير (¬10)، ولإِسماع الصغار، وكالشهادة وأولى. ¬

_ (¬1) في (ظ): واختلف. (¬2) انظر: المصنف لعبد الرزاق 8/ 348 - 351، وسنن البيهقي 10/ 161 - 162، والمحلى 10/ 613 - 617، والأم 7/ 48، والمغني 10/ 144. (¬3) انظر: المسودة/ 258. (¬4) مسحت (قد) من (ظ). (¬5) يعني: في خبر المميز. (¬6) يعني: على طهره. انظر: المحصول 2/ 1/ 565، ونهاية السول 2/ 294. (¬7) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬8) انظر: العدة/ 949، والتمهيد / 117 ب. (¬9) توفي الرسول ولابن عباس 13 سنة على المشهور. انظر: الإِصابة 4/ 142، وفتح الباري 9/ 84، 11/ 90. (¬10) هو: عبد الله بن الزبير بن العوام، من صغار الصحابة، ولد سنة 2 هـ، وقيل: سنة 1 هـ، وتوفي سنة 73 هـ. انظر: الاستيعاب/ 905، والإِصابة 4/ 89.

ومنها: الإِسلام إِجماعًا؛ لتهمة عداوة الكافر للرسول وشرعه. ولا تقبل رواية مبتدع داعية عند جمهور العلماء، منهم: الشافعية، (¬1) وجزم به القاضي (¬2) وأبو الخطاب (¬3) وغيرهما، وعلَّلوا بخوف الكذب لموافقة هواه، ونُقِض: بالداعية في الفروع. ولم يفرق الحنفية (¬4) والآمدي (¬5) وجماعة بين الداعية وغيره. وقبله بعض أصحابنا وغيرهم، وحكي عن الشافعي (¬6). وقال ابن عقيل -في الكفاءة من الفصول (¬7) -: إِن دعا كَفَرَ، قال: والصحيح لا كفر؛ لأن أحمد أجاز الرواية عن الحرورية والخوارج. ¬

_ (¬1) انظر: اللمع/ 45. (¬2) انظر: العدة/ 948. (¬3) انظر: التمهيد / 119 أ. (¬4) انظر: كشف الأسرار 3/ 25 - 26، وتيسير التحرير 3/ 41 - 42، وفواتح الرحموت 2/ 142. (¬5) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 73، 83. (¬6) انظر: المسودة/ 262. (¬7) كتاب الفصول لابن عقيل: أحد مطولات كتب الفقه الحنبلي، ويسمى -أيضًا-: كفاية المفتي، توجد في دار الكتب المصرية رقم 13 فقه حنبلي نسخة خطية من الجزء الثالث من الكتاب، وتقع في 230 ورقة، تبدأ بفصول الخراج بالضمان، وتنتهي بآخر الوكالة، كما يوجد منه جزء مصور في قسم المخطوطات بجامعة الإِمام محمَّد بن سعود الإِسلامية رقم 1922، يشمل الجهاد وعقد الذمة والسبي.

وفي مبتدع غير داعية روايات عن أحمد (¬1): القبول -اختاره أبو الخطاب (¬2)، وقاله أبو الحسين (¬3) المعتزلي وغيره، وأطلقه الحنفية (¬4) - لعدم علة المنع، (¬5) ولما في الصحيحين وغيرهما من (¬6) المبتدعة (¬7) كالقدرية والخوارج (¬8) والرافضة والمرجئة، ورواية السلف والأئمة عنهم، فهو إِجماع. [لا يقال: "قد تكلم في بعضهم"؛ لأنه أريد معرفة حالهم أو للترجيح عند التعارض، ثم: يحصل المقصود بمن لم يُتكلم فيه] (¬9)، ولا يلزم من رده رد الجميع أو الأكثر (¬10) [لكثرة تفسيق الطوائف وتكفير بعضهم بعضًا. ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 263، 264. (¬2) انظر: التمهيد/ 118 ب. (¬3) انظر: المعتمد/ 617 - 618. (¬4) انظر: كشف الأسرار 3/ 26 - 27، وتيسير التحرير 3/ 42، وفواتح الرحموت 2/ 140. (¬5) نهاية 145 من (ح). (¬6) في (ظ) في. (¬7) نهاية 71 أمن (ب). (¬8) نهاية 54 ب من (ظ). (¬9) ما بين المعقوفتين من (ظ)، وقد تكرر فيها -أيضًا- بنفس ترتيب الكلام في النسختين الأخريين، وسأشير إِليه بعد قليل، وأرى أن مكان الكلام المناسب هو هذا. (¬10) في (ح): والأكثر.

ولأنها حاجة عامة، فهي أولى من تصديقه أنه ملكه وفي استيدانه (¬1) وإِرساله بهدية، وهي إِجماع ذكره (¬2) القرطبي (¬3)، وخص الآية (¬4) به (¬5)، ولا تهمة لعموم روايته له ولغيره]. (¬6) ولأنه يوثق به لتديُّنه، وكفره بتأويل أخطأ فيه، [وهو يظن أنه على حق] (¬7) فلم يبتع غير الإِسلام دينًا بخلاف غيره فإِنه يقدم على ما ¬

_ (¬1) كذا في النسختين. ولعل صوابه: استدانته. (¬2) انظر: تفسير القرطبي 16/ 312. (¬3) هو: أبو عبد الله محمَّد بن أحمد بن أبي بكر الأنصاري الخزرجي، فقيه مالكي مفسر محدث، توفي سنة 671 هـ. من مؤلفاته: الجامع لأحكام القرآن، وشرح أسماء الله الحسنى. انظر: الديباج/ 184، وطبقات المفسرين للداودي 2/ 65، وشذرات الذهب 5/ 335، وشجرة النور الزكية/ 197. (¬4) وهي قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إِن جاءكم فاسق ...) سورة الحجرات: آية 6. (¬5) يعني: بهذا الإِجماع. (¬6) ما بين المعقوفتين من (ب) و (ظ). وقد جاء مكانه في (ح): (لأنه إِن وجد متفق عليه فنادر). وقد جاء في النسخ -بعد هذا- الكلام المحصور بين المعقوفتين (انظر: هامش 9 من الصفحة السابقة) وقد ذكرت أن مكانه المناسب هو ذاك. (¬7) ما بين المعقوفتين من (ح) و (ظ).

يعتقده (¬1) محرماً لغرضه، فمثله يكذب ولا يوثق به. واعترض بقوله: (إِن جاءكم فاسق) الآية (¬2). أجيب: بمنع فسقه عند بعض أصحابنا وغيرهم، وقاله ابن عقيل في غير الداعية، وقاله القاضي -في شرح (¬3) الخرقي (¬4) - في المقلد. قال [بعض (¬5) أصحابنا] (¬6): ونهي أحمد عن الأخذ عنهم إِنما هو لهجرهم، وهو يختلف بالأحوال والأشخاص، ولهذا لم يرو الخلال عن قوم لنهي المروذي، ثم روى عنهم بعد موته، ولهذا (¬7) جعل القاضي (¬8) الدعاء (¬9) إِلى البدعة قسمًا غير داخل في مطلق العدالة. ¬

_ (¬1) في (ب): ما يعتقد. (¬2) سورة الحجرات: آية 6. (¬3) يعني: شرح مختصر الخرقي في الفقه الحنبلي - للقاضي أبي يعلى، يوجد بعضه مخطوطًا. (¬4) هو: أبو القاسم عمر بن الحسين بن عبد الله، من مشاهير فقهاء الحنابلة، توفي بدمشق سنة 334 هـ. من مؤلفاته: المختصر في الفقه. انظر: طبقات الحنابلة 2/ 75، وشذرات الذهب 2/ 336، والمدخل / 209. (¬5) انظر: المسودة/ 264. (¬6) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬7) تكرر (ولهذا) في (ب). (¬8) انظر: العدة/ 948. (¬9) في (ب) و (ظ): الداعي. وفي المسودة/ 264: عدم الدعاء. أقول: ولعله الصواب.

ثم: المراد (¬1) غير البتدع بدليل ما سبق وسببها (¬2) وسياقها. والثانية: لا يقبل، اختاره القاضي (¬3) وغيره (وم) وقاله ابن الباقلاني والجبائية (¬4) والآمدي (¬5) وجماعة (¬6)، كما (¬7) لو تديَّن بالكذب (¬8) كالخَطَّابية (¬9) من الرافضة، لما (¬10) سبق. ¬

_ (¬1) في (ح): ثم المراد فاسق بالفعل بدليل. (¬2) سببها: أن الرسول بعث الوليد بن عقبة بن أبي معيط إِلى بني المصطلق ليأخذ منهم الصدقات -وكان بينهم وبين الوليد عداوة في الجاهلية- فلما أتاهم رحبوا به وأقروا بالزكاة وأعطوا ما عليهم من الحق، فرجع الوليد إِلى الرسول فقال: منعوا الصدقة ورجعوا عن الإِسلام، فغضب الرسول وأرسل إِليهم، فأتوه، فقال: أمنعتم الزكاة وطردتم رسولي؟ فقالوا: والله ما فعلنا ... فأنزل الله الآية. أخرج ذلك الطبري في تفسيره 26/ 78 - 79، والواحد في في أسباب النزول/ 222 - 223. (¬3) انظر: التمهيد/ 119 أ. (¬4) انظر: المسودة/ 263، والمعتمد/ 617، والكفاية/ 120، والإحكام للآمدي 2/ 83، وشرح العضد 2/ 62، ونهاية السول 2/ 295، وشرح نخبة الفكر/ 156. (¬5) انظر: الإحكام للآمدي 2/ 73، 83. (¬6) في (ح): وجماعة منهم. (¬7) تكرر (كما) في (ب). (¬8) في (ب): كالكذب. (¬9) نسبة إِلى أبي الخطاب محمَّد الأجدع مولى بني أسد، كان ينسب نفسه إِلى أبي عبد الله جعفر بن محمَّد الصادق، ولكن الصادق تبرأ منه، وأمر أصحابه بالبراءة منه لما اطلع على كفره بنسبته وآبائه إِلى الألوهية وقوله: إِنهم أبناء الله وأحباؤه. وكان أبو الخطاب يدعي بعد ذلك الألوهية لنفسه، وزعم أتباعه أن جعفرًا إِله غير أن أبا الخطاب أفضل منه وأفضل من علي. ثم إِن أبا الخطاب خرج على والي الكوفة في أيام المنصور، فبعث إِليه المنصور بعيسى بن موسى في جيش كثيف فقتله. وقد افترق أتباعه بعد قتله إِلى فرق. انظر: الفرق بين الفرق/ 247، والحور العين/ 169، ومقالات الإِسلاميين 1/ 76، والملل والنحل 1/ 300. (¬10) جاء قبل (لما) عبارة (وهو يظن أنه على حق) في (ب) و (ظ).

والثالثة: يقبل مع بدعة مفسقة لا مكفرة (وش) وأكثر الفقهاء وبعض الحنفية (¬1)، لعظم الكفر، فيضعف العذر، ويقوى عدم الوثوق، ولم يفرقوا بين المكفر (¬2) وغيره. (¬3) وقد قال أبو الخطاب (¬4) -عن قول أحمد (¬5): يُكتب عن القدرية-: وهم عنده كفار. وكذا اختاره بعض الشافعية. (¬6) وقال بعض (¬7) الأصوليين (¬8): (¬9) من كَفَّره فهو كالكافر عنده، وأن الخلاف في قبوله مع بدعة واضحة، وإلا قُبِل لقوة الشبهة من الجانبين. وقال بعض أصحابنا (¬10): كلام أحمد يفرق بين أنواع البدع وبين الحاجة إِلى الرواية عنهم وعدمها. ¬

_ (¬1) انظر: كشف الأسرار 3/ 26 - 27، وتيسير التحرير 3/ 42، وفواتح الرحموت 2/ 140، والإِحكام للآمدي 2/ 83، وشرح المحلي على جمع الجوامع 2/ 147، وتوضيح الأفكار 2/ 215. (¬2) نهاية 146 من (ح). (¬3) يعني: لم يوضحوا ضابط المكفر وغيره. (¬4) انظر: التمهيد / 119 أ. (¬5) انظر: العدة/ 948. (¬6) انظر: المحصول 2/ 1/ 567، والإحكام للآمدي 2/ 73. (¬7) انظر: شرح العضد 2/ 62. (¬8) في (ب) و (ظ): العلماء. (¬9) نهاية 71 ب من (ب). (¬10) انظر: المسودة/ 264 - 265.

قال أحمد (¬1): "احتملوا من المرجئة الحديث، ويُكتب عن القدري إِذا لم يكن داعية"، واستعظم الرواية عن رجل (¬2)، وقال: ذاك جهمي امتحن فأجاب. وأراد: بلا إِكراه. وفي شرح مقدمة (¬3) مسلم: إِن العلماء من المحدثين والفقهاء والأصوليين قالوا: لا تقبل رواية (¬4) من كفر ببدعته اتفاقًا. * * * أما (¬5) الفقهاء: فذكرهم القاضي وغيره في أهل الأهواء، وخالفه ابن عقيل وغيره، وهو المعروف عند العلماء وأولى. فمن شرب نبيذًا مختلفاً فيه: فالأشهر عندنا: يحد ولا يفسق (وش) (¬6)، وفيه نظر؛ لأن الحد أضيق، ورد الشهادة أوسع، ولأنه يلزم من الحد التحريم فيفسق به، أو إِن تكرر. ¬

_ (¬1) انظر: العدة/ 948. (¬2) هو: سعد العوفي. انظر: المرجع السابق. وهو رجل ضعيف. انظر: تاريخ بغداد 9/ 126، ولسان الميزان 3/ 18. (¬3) للنووي، فانظر: شرحه على صحيح مسلم 1/ 60. (¬4) نهاية 55 أمن (ظ). (¬5) في (ظ): وأما. (¬6) انظر: المحصول 2/ 1/ 572، والإحكام للآمدي 2/ 83.

وعن أحمد: يفسق، اختاره في الإِرشاد (¬1) والمبهج (¬2) (وم)؛ (¬3) لأنه يدعو إِلى المجمع عليه (¬4)، وللسنة المستفيضة (¬5) وعن أحمد: نفيهما، اختاره بعض أصحابنا، وقاله (¬6) أبو ثور (¬7)، للخلاف فيه كغيره، ولئلا يفسق بواجب لفعله معتقدًا وجوبه في موضع، ولا أثر لاعتقاد الإِباحة. ومثل المسألة متعة النكاح إِن قيل: لا إِجماع فيها، ولهذا سوى بينهما القاضي (¬8) في الأحكام السلطانية (¬9)، وكذا ربا الفضل، والماء من الماء. ¬

_ (¬1) وهو كتاب الإِرشاد في المذهب - لابن أبي موسى الحنبلي. انظر: طبقات الحنابلة 2/ 182. يوجد مخطوطًا في المكتبة الوطنية بباريس برقم 1105، وقد حققه الشيخ عبد الرحمن الجار الله، لنيل درجة الدكتوراه من المعهد العالي للقضاء بالرياض. (¬2) لأبي الفرج المقدسي الحنبلي، المتوفى سنة 486 هـ. انظر: ذيل طبقات الحنابلة 1/ 71. ولم أعثر عليه. (¬3) انظر: شرح تنقيح الفصول/ 362. (¬4) يعني: يجر إِلى شرب المجمع عليه وهو الخمر. (¬5) يعني: في تحريم هذا المختلف فيه. انظر: صحيح البخاري 7/ 106 - 108، وصحيح مسلم/ 1574 وما بعدها، وسنن أبي داود 4/ 92، 99، وسنن الترمذي 3/ 195 - 196، 198، وسنن النسائي 8/ 288 وما بعدها، وسنن ابن ماجه / 1125 - 1127. (¬6) في (ظ): وقال. (¬7) انظر: المغني 9/ 160. (¬8) انظر: الأحكام السلطانية/ 278، 281. (¬9) الأحكام السلطانية: كتاب تكلم فيه مؤلفه عن الإِمامة، وما يجوز للإمام فعله من الولايات. وهو مطبوع.

وذكر بعض أصحابنا -قياس رواية (¬1) فسق الشارب- من لعب بشَطرَنْج وتسمع غناء بلا آلة، وذكر بعضهم رواية فيمن أخر الحج قادرًا، ونقله صالح (¬2) والمروذي (¬3) في تأخير الزكاة. وهذا (¬4) كله في مجتهد (¬5) ومقلد، وإلا فلا يجوز أن يقدم على ما لا يعلم (¬6) جوازه إِجماعًا، واختلف كلام القاضي في فسقه، وفَسَّقه ابن الباقلاني (¬7)، وقال: ضم جهلاً إِلى فسق، ورده بعض الشافعية (¬8): بالفرق بعدم الجُرْأة (¬9). وفَسَّق (¬10) ابن عقيل عامياً شرب نبيذاً، ولا يعارض ذلك قوله: من زوج أمته أو أم ولده، ووطئها جهلاً: هل يأثم لتركه السؤال أم لا لعدم شكه في ¬

_ (¬1) نهاية 147 من (ح). (¬2) هو: أبو الفضل، أكبر أولاد الإِمام أحمد، ولد سنة 203 هـ، وروى عن أبيه مسائل كثيرة، توفي بأصبهان سنة 266 هـ. انظر: طبقات الحنابلة 1/ 173. (¬3) في (ظ): صالح المروذي. (¬4) انظر: شرح الكوكب المنير 2/ 408، 409. (¬5) في (ظ): مجتهد أو مقلد. (¬6) نهاية 72 أمن (ب). (¬7) انظر: المحصول 2/ 1/ 574، والإحكام للآمدي 2/ 83. (¬8) انظر: المحصول 2/ 1/ 575، والإِحكام للآمدي 2/ 83. (¬9) في (ظ): الجزاه. (¬10) في (ح): وقاله ابن عقيل في عامي شرب نبيذًا.

التحريم؟ فيه احتمالان. يعني: لعذره (¬1) بالاستصحاب، وكذا جمعه في الكافي (¬2) -في بطلان الصلاة بكلام الجاهل- بينه وبين الناسي بعدم التأثيم (¬3). واستقصاء ذلك وبيان حكم البدع في الفقه. قال الحلواني (¬4) من أصحابنا: ولا يحكم بفسق مخالف في أصول الفقه، وبه قال جماعة الفقهاء والمتكلمين، خلافًا لبعض المتكلمين (¬5). كذا أطلقه، وسبق (¬6) في الإِجماع وخبر الواحد، ويأتي (¬7) في الأمر. * * * ومنها: الضبط، لئلا يغير اللفظ والمعنى، فلا يوثق به، قال أحمد (¬8): لا ينبغي لمن لم يعرف الحديث أن يحدث به. والشرط غلبة (¬9) ضبطه وذكره على سهوه، لحصول الظن إِذًا، ذكره ¬

_ (¬1) في (ب) و (ظ): لعدم عذره. (¬2) وهو كتاب الكافي في الفقه الحنبلي - لابن قدامة المقدسي. مطبوع. (¬3) انظر: الكافي 1/ 209 - 210. (¬4) انظر: المسودة/ 473. (¬5) انظر: المعتمد للقاضي/ 273. (¬6) انظر: ص 388، 454، 493، 514 من هذا الكتاب. (¬7) انظر: ص 668. (¬8) انظر: العدة/ 949. (¬9) في (ب): عليه.

الآمدي (¬1) وجماعة، وهو محتمل. وفي الواضح: قول أحمد -وقيل له: متى يترك حديث الرجل؟ - قال: إِذا غلب عليه الخطأ. وذكر أصحابنا في الفقه (¬2): لا تقبل (¬3) شهادة معروف بكثرة غلط وسهو ونسيان، ولم يذكروا هنا شيئًا، فالظاهر منهم التسوية، وذكره جماعة من الشافعية (¬4) وغيرهم، قالوا: إِذا لم يحدث من أصل صحيح. فإِن جهل حاله لم يقبل، ذكره في الروضة (¬5) وغيرها؛ لأنه لا غالب لحال الرواة. وفيه نظر، وأنه (¬6) يحتمل ما قال الآمدي (¬7): يُحمل على غالب حال الرواة، فإِن جهل حالهم اعتبر (¬8) حاله. فإِن قيل: ظاهر (¬9) (¬10) حال العدل لا يروي إِلا ما يضبطه، وقد ¬

_ (¬1) انظر: الإحكام للآمدي 2/ 75. (¬2) انظر: المغني 10/ 170. (¬3) في (ب): لا يقبل. (¬4) نهاية 55 ب من (ظ). (¬5) انظر: روضة الناظر/ 114. (¬6) في (ح): ويتوجه أن يحتمل. (¬7) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 75. (¬8) يعني: اختبر. انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 75. (¬9) يعني: فإِن قيل: إِنه -وإن غلب السهو على الذكر أو تعادلا- فالراوي عدل، والظاهر منه ... انظر: المرجع السابق. (¬10) نهاية 72 ب من (ب).

أنكر (¬1) على أبي هريرة (¬2) الإِكثار، وقُبِل (¬3). (¬4) ود: لكنه (¬5) لا يوجب ظنا للسامع، ولم ينكر على أبي هريرة لعدم (¬6) الضبط، بل خيف ذلك لإِكثاره. فإِن قيل: الخبر دليل، والأصل صحته، فلا نتركه (¬7) باحتمال، كاحتمال حدثٍ بعد طهارة. ود: إِنما هو دليل مع الظن، ولا ظن مع تساوي المعارض. (¬8) واحتمال الحدث ورد على يقين الطهر فلم يؤثر. * * * ومنها: العدالة (¬9) -إِجماعًا- لما سبق. ¬

_ (¬1) يعني: ولهذا أنكرت الصحابة على أبي هريرة ... انظر: المرجع السابق. (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه 1/ 31، 3/ 109، ومسلم في صحيحه/ 1939 - 1941. (¬3) في (ب) و (ح): وقيل. ولم تنقط في (ظ). (¬4) يعني: وقبل ما رواه لما كان الظاهر من حاله أنه لا يروي إِلا ما يشق من نفسه بضبطه وذكره. انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 75. (¬5) يعني: إِذا فرضنا غلبة سهوه أو التعادل. انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 76. (¬6) نهاية 148 من (ح). (¬7) في (ح): فلا يتركه. (¬8) وهو النسيان. انظر: المرجع السابق. (¬9) العدالة: هيئة راسخة في النفس تحمل على ملازمة التقوى والمروءة جميعاً وترك=

قال في التمهيد (¬1): يحتمل: باطنًا، كالشهادة -وذكره الآمدي (¬2) عن الاَّ كثر، منهم: الشافعي وأحمد- ويحتمل: ظاهرًا، اختاره القاضي (¬3)؛ للمشقة، وللشافعية (¬4) خلاف. ويعتبر (¬5) أن لا يأتي كبيرة للآية (¬6) في القاذف، وقيس عليه (¬7). وقال أصحابنا: إِن قذف بلفظ الشهادة قبلت روايته؛ لأن نقص العدد ليس من جهته، وقد اختلفوا (¬8) في الحد، زاد في العدة (¬9): وليس بصريح في القذف، وقد اختلفوا في الحد، ويسوغ فيه الاجتهاد، ولا ترد الشهادة بما ¬

_ =الكبائر والرذائل بلا بدعة مغلظة، حتى تحصل ثقة النفوس بصدق من اتصف بها. انظر: الغني 10/ 148، وشرح الكوكب المنير 2/ 384. (¬1) انظر: التمهيد/ 119أ. (¬2) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 78. (¬3) انظر: العدة/ 925، 937. (¬4) انظر: اللمع/ 46، والمستصفى 1/ 157 - 158، والمحصول 2/ 1/ 576، والإِحكام للآمدي 2/ 78. (¬5) في (ظ): ويحتمل. (¬6) قال تعالى: (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدًا وأولئك هم الفاسقون إِلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإِن الله غفور رحيم). سورة النور: الآيتان 4، 5. (¬7) يعني: وقيس على القذف بقية الكبائر. (¬8) كذا في النسخ. وسترد هذه الجملة (وقد اختلفوا في الحد) بعد قليل. (¬9) انظر: العدة/ 948.

يسوغ فيه الاجتهاد. وكذا زاد ابن عقيل، و [قد] (¬1) قال: نص على الشهادة، فالخبر أولى. كذا قال، وهو سهو. وجزم صاحب المغني (¬2) برد شهادته (¬3) وبفسقه، لقول عمر لأبي بكرة (¬4): "إِن تبتَ قبلتُ شهادتك" (¬5). احتج به أحمد وغيره، واتفق (¬6) الناس على الرواية عن أبي بكرة. والمذهب عندهم: يحد. وعن أحمد والشافعي (¬7): لا، فيتوجه منها بقاء عدالته، وقاله ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬2) انظر: المغني 10/ 180. (¬3) وبقبول روايته. (¬4) هو: الصحابي نُفَيْع بن الحارث بن كَلَدة -وقيل: نفيع بن مسروح- الثقفي، مشهور بكنيته، كان قد تدلى إلى النبي من حصن الطائف ببكرة فاشتهر بأبي بكرة، وهو ممن شهد على المغيرة ابن شعبة بالزنا، فلم تتم الشهادة فجلده عمر، ثم سأله الرجوع عن ذلك فلم يفعل وأبى، فلم يقبل له شهادة، توفي بالبصرة سنة 51 هـ. انظر: الاستيعاب/ 1530، والإِصابة 6/ 467، وتهذيب الأسماء واللغات 1/ 2/ 198، وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال/ 404. (¬5) ترجم البخاري في صحيحه 3/ 170: باب شهادة القاذف ... وجلد عمر أبا بكرة ... وقال: من تاب قبلت شهادته. وأخرجه الطبري في تفسيره 18/ 60 بلفظ المؤلف، والبيهقي في سننه 10/ 152 بلفظ المؤلف وبألفاظ أخرى، وعبد الرزاق في مصنفه 7/ 384 بلفظ: توبوا تقبل شهادتكم. (¬6) انظر: تهذيب التهذيب 10/ 469، وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال/ 404. (¬7) انظر: المهذب 2/ 332، ونهاية المحتاج 7/ 417.

الشافعية (¬1)، وهو معنى ما جزم به الآمدي (¬2) ومن وافقه، وأنه ليس من الجرح؛ لأنه لم يصرح بالقذف، اقتصروا على هذا، وكيف يقال مع حده عند الأئمة (¬3) الأربعة (¬4)؟ وصرح الإِسماعيلي (¬5) بالفسق، وفَرَّق بأن الرواية (¬6) لا تهمة فيها، وبأنه لم (¬7) يمتنع من قبوله أحد مع إِجماعهم على منع الشهادة، فأجرى قبول خبره مجرى الإِجماع. كذا قال. والأظهر العمل بالآية، وهذا رام [وإِلا لم يحد] (¬8)، ولا وجه للتفرقة كما ¬

_ (¬1) انظر: اللمع/ 46، وشرح المحلي على جمع الجوامع 2/ 165. (¬2) انظر: الإحكام للآمدي 2/ 89، وشرح العضد 2/ 66. (¬3) في (ب): الآية. (¬4) انظر: المهذب 2/ 332، ونهاية المحتاج 7/ 416، وبدائع الصنائع / 4182، والكافي لابن عبد البر / 1071. (¬5) هو: أبو بكر أحمد بن إِبراهيم بن إِسماعيل الجرجاني، كبير الشافعية بناحيته، إِمام حافظ فقيه محدث، ولد سنة 277 هـ، وتوفي سنة 371 هـ. من مؤلفاته: المسند، والمستخرج على الصحيح، والمعجم. انظر: طبقات الفقهاء للشيرازي/ 95، وتبيين كذب المفتري/ 192، وطبقات الشافعية للسبكي 3/ 7، وتذكرة الحفاظ/ 947. (¬6) نهاية 73 أمن (ب). (¬7) في (ب): لا. (¬8) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح).

قاله الحنفية (¬1) والمالكية، لكن إِن حد لم يقبله الحنفية (¬2) ولو تاب (¬3)، وقضية أبي بكرة واقعة عين تاب منها، فلهذا (¬4) روى عنه الناس، ومات بعد الخمسين. وقال بعض أصحابنا: صرح القاضي (¬5) في قياس الشبه (¬6) من العدة بعدالة من أتى كبيرة، لقوله: (¬7) (فمن ثقلت) (¬8) الآية (¬9). وعن أحمد -فيمن أكل الربا-: إِن أكثر (¬10) لم يُصَلَّ خلفه. قال القاضي (¬11) [وابن عقيل] (¬12): فاعتبر الكثرة. ¬

_ (¬1) انظر: كشف الأسرار 2/ 402، 404، وفواتح الرحموت 2/ 144، 148. (¬2) هذا رواية عن أبي حنيفة، قال في فواتح الرحموت 2/ 144: وهو خلاف الظاهر من المذهب. وانظر: كشف الأسرار 2/ 404، وتيسير التحرير 3/ 46 - 47، 55. (¬3) أما المالكية فتقبل شهادة من حد إِذا تاب. انظر: المدونة 5/ 158، والكافي لابن عبد البر/ 897. (¬4) نهاية 149 من (ح). (¬5) انظر: العدة/ 204 أ. (¬6) في (ب): الشبهه. (¬7) نهاية 56 أمن (ظ). (¬8) سورة الأعراف: آية 8. (¬9) الذي في العدة: (فأما من ثقلت موازينه * فهو في عيشة راضية) سورة القارعة: الآيتان 6، 7. (¬10) في (ظ): أكثره. (¬11) انظر: العدة/ 925. (¬12) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح).

وفي المغني (¬1): إِن أخذ صدقة محرمة -وتكرر- رُدَّتْ. وأما الصغائر: فإِن كُفِّرَتْ باجتناب الكبائر -كما دل عليه الكتاب (¬2) والسنة (¬3)، وقاله جماعة من أصحابنا وكثير من العلماء، وقاله (¬4) (ع)، زاد ابن عقيل (¬5): أو بمصائب الدنيا- لم تقدح (¬6)، وإلا قدحت؛ لأنه صح عن ابن عباس: "لا صغيرة مع إِصرار، ولا كبيرة مع استغفار". رواه (¬7) ابن ¬

_ (¬1) انظر: المغني 10/ 164. (¬2) قال تعالى: (إِن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلاً كريمًا) سورة النساء: آية 31. (¬3) أخرج مسلم في صحيحه/ 209، والترمذي في سننه 1/ 138، وابن ماجه في سننه/ 196، وأحمد في مسنده 2/ 229: عن أبي هريرة عن النبي قال: (الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إِذا اجتنبت الكبائر). وأخرج مسلم في صحيحه/ 206 عن عثمان قال: سمعت رسول الله يقول: (ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها إِلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم يؤتِ كبيرة، وذلك الدهر كله). وأخرج النسائي في سننه 7/ 88، وأحمد في مسنده 5/ 413 - واللفظ له-: عن أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله قال: (من جاء يعبد الله لا يشرك به شيئاً ويقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويصوم رمضان ويجتنب الكبائر فإِن له الجنة). وانظر: الآداب الشرعية للمؤلف 1/ 143. (¬4) في (ب) و (ظ): وقاله بعضهم (ع)، وانظر: الآداب الشرعية 1/ 146 - 147. (¬5) انظر: المرجع السابق 1/ 142. (¬6) في (ب): لم يقدح. (¬7) انظر: تفسير الطبري 5/ 27، وتفسير القرطبي 5/ 159، والمقاصد الحسنة/ 467، وكشف الخفاء 2/ 508، والآداب الشرعية 1/ 144.

جرير وابن أبي حاتم (¬1). ويتوجه إِن قيل: قول الصحابي حجة، وإلا فلا. ثم جزم صاحب (¬2) الروضة: إِن غلب عليه الطاعات لم يقدح، لقوله: (فمن يعمل) الآية (¬3). وقيل: يقدح تكرار صغيرة. وقيل: تكرارها ثلاثًا. وفي الترغيب (¬4) وغيره: يقدح كثرة الصغائر وإدمان واحدة. والمعاصي كبائر وصغائر ضط جمهور العلماء. ¬

_ (¬1) هو: أبو محمَّد عبد الرحمن بن محمَّد بن إِدريس التميمي الحنظلي الرازي، إِمام حافظ ناقد ثقة ثبت بحر في علم معرفة الرجال، أخذ علم أبيه وأبي زرعة الرازي، توفي سنة 327 هـ. من مؤلفاته: الجرح والتعديل، والعلل، والتفسير. انظر: طبقات الحنابلة 2/ 55، وميزان الاعتدال 2/ 587، وفوات الوفيات 1/ 542، وتذكرة الحفاظ/ 839، وطبقات الشافعية للسبكي 3/ 324. (¬2) قال في الكافي 3/ 519: اعتبرنا في مرتكب الصغائر الأغلب؛ لأن الحكم للأغلب بدليل قوله: (فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون) سورة الأعراف: آية 8. وانظر: المغني 10/ 149. (¬3) سورة الأنبياء: آية 94، وسورة الزلزلة: آية 7. (¬4) وهو كتاب ترغيب القاصد في تقريب المقاصد، في الفقه الحنبلي - لابن تيمية محمَّد ابن الخضر الحراني الحنبلي المتوفى سنة 622 هـ.

ثم: الأخبار في الصحاح (¬1) وغيرها مختلفة في عدد الكبائر، وكلام العلماء. والكبيرة عند أحمد (¬2): ما فيه حد في الدنيا أو وعيد خاص في الآخرة، لوعد (¬3) الله (¬4) مجتنبيها (¬5) بتكفير الصغائر، ولأنه معنى قول ابن عباس (¬6)، ذكره أحمد وأبو عبيد. وفي المعتمد للقاضي: (¬7) لا يُعلمان إِلا بتوقيف. * * * والكذب من الصغائر في رواية عن أحمد (¬8)، فلا تقدح (¬9) كذبة واحدة، للمشقة وعدم (¬10) دليله، وذكر ابن عقيل في الشهادة من الفصول: ¬

_ (¬1) انظر: صحيح البخاري 3/ 172، 4/ 10، 8/ 3، 4، 17، 61 - 62، 137، 9/ 3 - 4، 14، وصحيح مسلم/ 91 - 92، وسنن أبي داود 3/ 295، 5/ 352، وسنن الترمذي 2/ 341، 3/ 208، 4/ 302 - 303 وسنن النسائي 7/ 88، 8/ 63، والمستدرك للحاكم 1/ 59، وتفسير الطبري 5/ 27 وما بعدها. (¬2) انظر: العدة/ 946، والتمهيد/ 118أ. (¬3) في (ظ): أو وعد. (¬4) انظر: هامش 2 من ص 534 من هذا الكتاب. (¬5) في (ب) و (ظ): مجتنبها. (¬6) انظر: تفسير الطبري 5/ 27، 27/ 40، وزاد المسير 2/ 66. (¬7) نهاية 73 ب من (ب). (¬8) انظر: العدة/ 927. (¬9) في (ظ): فلا يقدح. (¬10) نهاية 150 من (ح).

أنه ظاهر مذهب أحمد وعليه جمهور أصحابه. وعن أحمد (¬1): ترد بكذبة واحدة، واحتج أحمد (¬2) بأنه -عليه السلام - رد شهادة رجل في كذبة، وإِسناده جيد، لكنه مرسل، رواه (¬3) إِبراهيم الحربي (¬4) والخلال. وجعله في التمهيد (¬5) -إِن صح- للزجر، وفيه وعيد في منامه (¬6) - عليه السلام - في الصحيح (¬7). ¬

_ (¬1) انظر: العدة/ 926 - 927، والتمهيد/ 118 أ. (¬2) انظر: العدة/ 927. (¬3) أخرجه إِبراهيم الحربي في كتاب النهي عن الكذب: بإِسناده عن موسى الجندي. فانظر: العدة/ 927. وأخرجه -أيضًا- البيهقي في السنن الكبرى 10/ 196 من حديث معمر عن موسى بن شيبة، ويقال: ابن أبي شيبة. قال ابن حجر في تهذيب التهذيب 10/ 349: قلت: ذكره العقيلي في "الضعفاء" وأخرج من طريق عبد الرزاق عن معمر عنه: أن رسول الله أبطل شهادة رجل في كذبة. قال معمر: لا أدري، كذب على الله أو على رسوله. قال العقيلي: لا يتابع عليه، ولا يعرف إِلا به. (¬4) هو: إِبراهيم بن إِسحاق بن إِبراهيم الحربي، فقيه حافظ، ناقل عن أحمد، توفي سنة 285 هـ. من مؤلفاته: غريب الحديث، ودلائل النبوة. انظر: طبقات الحنابلة 1/ 86، وتذكرة الحفاظ/ 584، وطبقات الحفاظ/ 259، والمنهج الأحمد 1/ 196، وشذرات الذهب 2/ 190. (¬5) انظر: التمهيد/ 118 ب. (¬6) كذا في النسخ. ولعل الصواب: في مقامه، أو في جنابه. (¬7) أخرجه البخاري في صحيحه 1/ 29، ومسلم في صحيحه/ 10 من حديث أبي هريرة.

وفي الصحيحين (¬1) من حديث أبي بكرة: أنه - عليه السلام - ذكر شهادة الزور وقول الزور من الكبائر. واختار ابن عقيل في الواضح هذه الرواية، وذكر في الشهادة من الفصول: أن بعضهم اختارها وقاس عليها بقية الصغائر، وأنه بعيد؛ لأنه معصية فيما (¬2) تحصل به الشهادة وهو الخبر. ولهذا المعنى جزم به (¬3) القاضي (¬4) في الشهادة والخبر، للحاجة إِلى صدق المخبر، فهو أولى بالرد مما (¬5) يسمى به فاسقًا، وأخذ هو (¬6) وأبو الخطاب (¬7) من هذه الرواية: أنه كبيرة. ويُرد. (¬8) بالكذب -ولو تدَيَّن في الحديث- عند مالك وأحمد وغيرهما، خلافًا لبعضهم. فأما الكذبة الواحدة في الحديث فتقدح. وتقبل (¬9) توبته في ظاهر كلام جماعة من أصحابنا، وقاله بعضهم ¬

_ (¬1) انظر: صحيح البخاري 3/ 172، وصحيح مسلم/ 91. (¬2) في (ظ): فيما لا تحصل. وقد زيدت في (ب) كلمة (لا) من نسخة أخرى. (¬3) يعني: جزم بالرد. (¬4) انظر: العدة/ 927. (¬5) يعني: فهو أولى بالرد ممن جعلت أمارة رده المعاصي التي يسمى بها فاسقًا. (¬6) انظر: العدة/ 926 - 927. (¬7) انظر: التمهيد/ 118 أ. (¬8) في (ب): وترد. (¬9) نهاية 56 ب من (ظ).

وكثير من العلماء، لكن في غير ما كذب فيه، كتوبته مما أقر بتزويره. وقبلها (¬1) الدامَغاني الحنفي (¬2) فيه، قال (¬3): لأن ردها (¬4) ليس بحكم، ورد الشهادة حكم. ونص أحمد (¬5): لا تقبل مطلقًا، قال القاضي (¬6): لأنه زنديق، فتخرج توبته على توبته (¬7)، وفارق الشهادة؛ لأنه قد يكذب فيها لرشوة أو تقرب إِلى أبناء الدنيا. وقال ابن عقيل: فرق بعيد؛ لأن الرغبة إِليهم بأخبار الرَّجاء أو الوعيد غايته (¬8) الفسق. والغيبة (¬9) والنميمة من الكبائر، وذكرهما جماعة من أصحابنا من الصغائر. (¬10) ¬

_ (¬1) ذكر القاضي في العدة/ 928: أنه سأل الدامغاني عن ذلك، فأجاب بما ذكر. (¬2) هو: أبو عبد الله محمَّد بن علي بن محمَّد، فقيه محدث قاض ببغداد، توفي سنة 478 هـ. من مؤلفاته: شرح مختصر الحاكم. نظر: تاريخ بغداد 3/ 109، والجواهر المضية 2/ 96، والفوائد البهية/ 182. (¬3) قال هذا رداً على قولهم: لا يقبل خبره فيما رد، ويقبل في غيره اعتبارًا بالشهادة. (¬4) يعني: رد الرواية. (¬5) انظر: العدة/ 928. (¬6) انظر: المرجع السابق/ 929. (¬7) وفيها روايتان. فانظر: المعتمد للقاضي/ 202. (¬8) نهاية 74 أمن (ب). (¬9) انظر: تفسير القرطبي 16/ 337، وشرح الكوكب المنير 2/ 384. (¬10) نهاية 151 من (ح).

ولم يفرق أصحابنا وغيرهم في الصغائر، بل ذكر في التمهيد (*) التطفيف منها، واعتبر التكرار. وقال (¬1) الآمدي ومن وافقه: إِن مثل سرقة (¬2) لقمة والتطفيف بحبة واشتراط أخذ الأجرة على إِسماع الحديث يعتبر (¬3) تركه كالكبائر (¬4) بلا خلاف. كذا قال. وقد قال أحمد (¬5) -في اشتراط الأجرة-: لا يكتب عنه الحديث ولا كرامة. قال القاضي (¬6): هو على الورع؛ لأنه مجتهد فيه. (¬7) وفي التمهيد (¬8): هذا غلط؛ لأنه أكثر دناءة من الأكل على الطريق. يؤيد ما ذكره نقل أبي الحارث: هذه طعمة سوء. ¬

_ (*) انظر: التمهيد/ 118 أ. (¬1) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 77، وشرح العضد 2/ 63. (¬2) في (ب): شرقه. (¬3) يعني: يشترط. (¬4) يعني: كما يشترط ترك الكبائر. (¬5) رواه عنه الخطيب في الكفاية/ 153، وانظر: العدة/ 954. (¬6) انظر: العدة/ 954. (¬7) يعني: وما يجتهد فيه لا يفسق فاعله. انظر: العدة/ 954. (¬8) انظر: التمهيد / 118 أ.

وحمله ابن عقيل على أنه فرض كفاية، [قال] (¬1): فإِن قطعه عن شغله فكنسخ حديث ومقابلته [(هـ) (¬2)]. (¬3) * * * ويعتبر ترك ما فيه دناءة وترك مروءة، كأكله في السوق بين الناس الكثير، ومد رجليه أو كشف رأسه بينهم، والبول في الشوارع، ولعب بحمام، وصحبة أراذل (¬4)، وإفراط في مزح، لحديث أبي مسعود (¬5) البدري: (إِذا لم تستحيِ فاصنع ما شئت). رواه البخاري (¬6)، أي: صنع ما شاء، فلا يوثق به، لكن يعتبر تكرار ذلك كالصغائر. ومن ذلك: من صنعته دَنِيَّة عرفاً -ولا ضرورة- كحَجَّام وزَبَّال وقَرَّاد، قيل: تقدح، وقيل: لا؛ لحاجة الناس إِليها. وكذا حائك وحارس ودَبَّاغ، وقيل: يقبل. (¬7) * * * ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬2) انظر: تيسير التحرير 3/ 45، وفواتح الرحموت 2/ 144. (¬3) ما بين المعقوفتين من (ب). (¬4) في (ح): أرذال. (¬5) هو: الصحابي عقبة بن عمرو بن ثعلبة الأنصارى، سمي بالبدري لأنه سكن ماء بدر. (¬6) انظر: صحيح البخاري 8/ 29. وأخرجه -أيضًا- أبو داود في سننه 5/ 148، وابن ماجه في سننه/ 1400، وأحمد في مسنده 4/ 121. (¬7) في (ح): تقبل.

وتعتبر هذه الشروط للشهادة. * * * ولا يعتبر للرواية غير ذلك، فتقبل رواية عبد وأنثى وضرير وقريب وعدو؛ لقبول عائشة وغيرها، ولأن حكم الرواية عام للمخبِر والخبَر فلا (¬1) تهمة. ولا الإِكثار من سماع (¬2) الحديث، ولا معرفة نسبه كعدمه، ولا علمه بفقه أو عربية أو معنى الحديث. واعتبر مالك الفقه، ونقل عن أبي حنيفة مثله (¬3) (¬4)، وعنه -أيضًا- إِن خالف القياس. لنا: حديث زيد بن أرقم (¬5): (نضر الله امرءًا سمع منا حديثًا، فحفظه حتى يبلغه (¬6) غيره، فرب حامل فقه إِلى من هو أفقه منه، ورب حامل فقه ليس بفقيه). إِسناده جيد، رواه (¬7) أبو داود والنسائي والترمذي وحَسَّنه. ¬

_ (¬1) في (ح): ولا. (¬2) نهاية 152 من (ح). (¬3) انظر: شرح تنقيح الفصول/ 369، وفواتح الرحموت 2/ 144 - 145، ونهاية السول 2/ 310، وشرح المحلي على جمع الجوامع 2/ 147، والإِحكام لابن حزم/ 132. (¬4) نهاية 74 ب من (ب). (¬5) كذا في النسخ. ولعل الصواب: زيد بن ثابت. (¬6) نهاية 57 أمن (ظ). (¬7) انظر: سنن أبي داود 4/ 68 - 69، والمعتبر/ 38 ب، وتخريج أحاديث البزدوي/ 188، وسنن الترمذي 4/ 141 - 142. وأخرجه -أيضًا- ابن ماجه في سننه/ 84، وأحمد في مسنده 5/ 183، والدارمي في سننه 1/ 66.

ورواه (¬1) الشافعي وأحمد بإِسناد جيد من حديث عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه، واختلفوا في سماعه منه (¬2). نضر (¬3) -رواه الأصمعى (¬4) لتشديد الضاد، وأبو عميد لتخفيفها- أي: نعمه الله (¬5) وكانت الصحابة تقبل رواية أعرابي لحديث واحد، وعلى ذلك عمل المحدثين. * * * وما يعتبر من ذلك في الشهادة -والخلاف فيه- في الفقه. * * * ومن عرف بالتساهل في الرواية -كنوم في سماع وقبول تلقين- لم تقبل روايته، كما هو في كلام المحدثين والشافعية وغيرهم؛ لأنه قادح في ¬

_ (¬1) انظر: بدائع المنن 1/ 14 ومسند أحمد 1/ 437. وأخرجه -أيضًا- الترمذي في سننه 4/ 142 وقال: حسن صحيح، وابن ماجه في سننه/ 85. (¬2) انظر: المعتبر/ 37 ب- 38 أ. (¬3) في (ظ): نظر. (¬4) هو: أبو سعيد عبد الملك بن قُرَيْب بن عبد الملك بن أصمع البصري، إِمام في اللغة، توفي سنة 216 هـ. من مؤلفاته: غريب القرآن، وغريب الحديث، والاشتقاق. انظر: طبقات النحويين واللغويين/ 167، وتهذيب الأسماء واللغات 1/ 2/ 273، وطبقات المفسرين للداودي 1/ 354، ووفيات الأعيان 2/ 344. (¬5) انظر: لسان العرب 7/ 69، وتاج العروس 3/ 570 - 571 (نضر).

مسألة

قياس قول أصحابنا وغيرهم: يحرم التساهل في الفتيا واستفتاء معروف به. مسألة مجهول العدالة لا يقبل عند أحمد (¬1) وأصحابه والجمهور (وم ش). وعن أحمد: تقبل، واختاره بعض (¬2) أصحابنا، وإِن لم تقبل شهادته. وفي الكفاية (¬3) للقاضي: تقبل في زمن لم تكثر فيه الخيانة. وقال (¬4) الحنفية (¬5): إِن رده جميعهم لم يقبل، وإِن اختلفوا فيه قُبِلَ، وإن لم يرد ولم يقبل جاز قبوله -لظاهر عدالة السلف (¬6) - ولم يجب، وجَوَّز أبو حنيفة القضاء بظاهر العدالة، أما اليوم فتعتبر التزكية لغلبة الفسق. لنا: عُمِل بخبر الواحد (¬7) للإِجماع، ولا إِجماع ولا دليل (¬8). ولأن (¬9) الفسق مانع (¬10)، كجهالة الصبا والكفر. ¬

_ (¬1) انظر: العدة/ 936. (¬2) انظر: البلبل/ 58، والمسودة/ 255. (¬3) انظر: المسودة 253. (¬4) نهاية 153 من (ح). (¬5) انظر: أصول السرخسي 1/ 352، وكشف الأسرار 2/ 386، 388، 400، 3/ 20، وتيسير التحرير 3/ 48 - 49، وفواتح الرحموت 2/ 147. (¬6) في (ظ) ونسخة في هامش (ب): المسلم. (¬7) يعني: الواحد العدل. (¬8) لمن لم تثبت عدالته، فيبقى على أصل عدم العمل بالظن. (¬9) في (ظ): لأن. (¬10) فوجب تحقق ظن عدمه كجهالة الصبا ... انظر: شرح العضد 2/ 64.

قالوا: الفسق سبب التثبت (¬1)، فإِذا انتفى انتفى (¬2)، وعملاً بالظاهر، وقبول الصحابة. رد: ينتفي (¬3) بالخبرة (¬4) والتزكية، وبمنع الظاهر (¬5) والقبول. ويقبل الخبر بالملك والذكاة ولو من فاسق (¬6) وكافر، للنصوص وللحاجة، والأشهر لنا: في المجهول، وأنه (¬7) متطهر فيصح الائتمام به، (¬8) لا أن (¬9) الماء طاهر أو نجس في ظاهر مذهبنا والشافعية (¬10)، وقبله الآمدي (¬11) ومن وافقه مع فسقه. قالوا: كروايته عقب إِسلامه. أجاب في الروضة (¬12) والآمدي (¬13) بمنعه لاستصحابه ¬

_ (¬1) في (ظ): للتثبت. (¬2) في (ح) و (ب): ينتفي. (¬3) يعني: لا ينتفي إِلا بهما. (¬4) في (ب) و (ظ): بالخبر. (¬5) يعني: منع أن ظاهره العدالة، بل يستوي صدقه وكذبه. انظر: شرح العضد 2/ 64. (¬6) نهاية 75أمن (ب). (¬7) يعني: ويقبل خبره في أنه متطهر. (¬8) جاء -هنا- في (ح) عبارة (وأنه متطهر). (¬9) يعني: لا يقبل خبره في أن الماء طاهر. (¬10) انظر: المستصفى 1/ 160، ونهاية المحتاج 1/ 99. (¬11) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 81، 82، وشرح العضد 2/ 64. (¬12) انظر: روضة الناظر/ 116. (¬13) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 82.

للكذب (¬1)، وتسليمه؛ لأنه يعظِّمه ويهابه. ويتوجه أن يحتمل عدالة كل من اعتنى بالعلم، وقاله (¬2) ابن عبد البر، واحتج بقوله - عليه السلام -: (يحمل هذا العلم من كل خَلَف عدوله، ينفون عنه تحريف الجاهلين وإبطال المبطلين وتأويل الغالين). رواه الخلال وابن عدي (¬3) والبيهقي (¬4)، وله طرق (¬5) ¬

_ (¬1) في (ح): الكذبه. (¬2) انظر: التمهيد لابن عبد البر 1/ 28، 58 - 60. (¬3) هو: أبو أحمد عبد الله بن عدي -وقيل: عبد الله بن محمَّد بن عدي- الجرجاني، إِمام حافظ، ولد سنة 277 هـ، وتوفي سنة 365 هـ. من مؤلفاته: الكامل. انظر: تذكرة الحفاظ/ 940، واللباب 1/ 291، ومرآة الجنان 2/ 381، وطبقات الشافعية للسبكي 3/ 315، وشذرات الذهب 3/ 51. (¬4) هو: أبو بكر أحمد بن الحسين النيسابوري الشافعي، حافظ كبير أصولي فقيه، توفي سنة 458 هـ. من مؤلفاته: السنن الكبرى ومعرفة السنن والآثار. انظر: وفيات الأعيان 1/ 57، والمنتظم 8/ 242، وطبقات الشافعية للسبكي 4/ 8، وشذرات الذهب 3/ 304. (¬5) أخرجه ابن عدي في الكامل 1/ 73 - 74، 90 - 91 مخطوط. قال ابن حجر في الإِصابة 1/ 226: وقد أورد ابن عدي هذا الحديث من طرق كثيرة كلها ضعيفة. وأخرجه -أيضًا- الخطيب في كتاب شرف أصحاب الحديث/ 11، 28 - 29 من حديث معاذ بن جبل وأبي هريرة وأسامة بن زيد وعبد الله بن=

وقال مهنا (¬1) لأحمد: كأنه موضوع. قال: لا، هو صحيح. قلت: سمعته أنت؟ قال: من غير واحد (¬2). ولقائل أن يجيب عنه بضعفه (¬3)، ثم بتقدير لام الأمر في (¬4): (يحمل)، وهو (¬5) جائز لغة، واختاره (¬6) الزَّجَّاج في: (يحذر (¬7) المنافقون) (¬8). ¬

_ =مسعود وإبراهيم العذري بألفاظ متقاربة ومن طرق متعددة، منها: طريق عن عبد العزيز ابن جعفر الفقيه قال: حدثنا أبو بكر الخلال. وأخرجه ابن عبد البر في التمهيد 1/ 58 - 60 من حديث إِبراهيم العذري وعبد الله بن عمرو وأبي هريرة وأبي أمامة. وانظر: الآداب الشرعية للمؤلف 2/ 59 - 60. (¬1) هو: أبو عبد الله مهنا بن يحيى الشامي السلمي، من كبار أصحاب أحمد، لزمه وروى عنه مسائل كثيرة. انظر: طبقات الحنابلة 1/ 345، والمنهج الأحمد 1/ 331. (¬2) انظر: شرف أصحاب الحديث/ 30، والآداب الشرعية 2/ 59. (¬3) انظر: تدريب الراوي 1/ 303. (¬4) في (ح): وهو. (¬5) نهاية 57 ب من (ظ). (¬6) انظر: معاني القرآن إعرابه للزجاج 2/ 508. (¬7) سورة التوبة: آية 64. (¬8) نهاية 154 من (ح).

مسألة

مسألة يكفي جرح الواحد وتعديله في الرواية عند أحمد (¬1) وأصحابه والجمهور (و). واعتبر قوم العدد، وبعض المحدثين (¬2) وبعض الشافعية (¬3): في الجرح. ويعتبر في الشهادة (وم ش). وعن أحمد (¬4): كالرواية، اختاره (¬5) أبو بكر من أصحابنا (وهـ) (¬6) وابن الباقلاني. (¬7) وعنه: وفي الشهادة (¬8)، اختاره (¬9) أبو بكر من أصحابنا، وقاله (هـ) وابن الباقلاني. (¬10) ¬

_ (¬1) انظر: العدة/ 934، 935. (¬2) انظر: الكفاية/ 105. (¬3) انظر: المسودة 271. (¬4) انظر: العدة/ 935. (¬5) في (ظ): واختاره. (¬6) انظر: تيسير التحرير 3/ 58 - 59، وكشف الأسرار 3/ 37 - 38. (¬7) انظر: المستصفى 1/ 162، والمحصول 1/ 2/ 585، والإحكام للآمدي 2/ 85. (¬8) يعني: يكفي الواحد. (¬9) في (ب) و (ظ): واختاره. (¬10) كذا في النسخ. والذي يظهر لي أن هذين السطرين يؤديان معنى السطرين اللذين قبلهما.

مسألة

واعتبره (¬1) قوم فيهما (¬2). وبعض المحدثين (¬3): في الجرح، وقاله بعض الشافعية. [وبعضهم: وفي التعديل] (¬4). لنا: أن الشرط لا يزيد على مشروطه، ويكفي في الرواية واحد لا الشهادة. قالوا: شهادة. رد: بأنها خبر. قالوا: أحوط. رد: قولنا أحوط، لئلا يضيع الشرع. مسألة مذهب أحمد (¬5) وأصحابه والجمهور، منهم (ش) (¬6): يشترط ذكر سبب الجرح لا التعديل، للاختلاف في سببه بخلاف العدالة. ¬

_ (¬1) في (ظ): واعتبر. بعد أن مسحت الهاء. (¬2) في (ب) و (ظ): فيهما العدد. (¬3) انظر: الكفاية/ 105. (¬4) ما بين المعقوفتين من (ح). والذي يظهر لي أنه يدل على ما يدل عليه قوله (واعتبره قوم فيهما). (¬5) انظر: العدة / 931 - 932. (¬6) انظر: المحصول 2/ 1/ 586، والبرهان/ 620.

واشترطه (¬1) بعض أصحابنا (¬2) وغيرهم فيهما؛ للمسارعة إِلى التعديل بناء على الظاهر. وعن أحمد (¬3): عكسه، (¬4) واختاره جماعة منهم ابن الباقلاني (¬5) -[وحكي عن الحنفية، وكأنه أُخِذ من الشهادة، وإِنما قولهم الأول]- (¬6) حملاً لأمره على السبب الصحيح. ويتوجه أن يحتمل هذا إِن كان عالمًا بذلك وإِلا لم يقبل، وقاله أبو المعالي (¬7) والآمدي (¬8)، وذكره عن ابن الباقلاني، عملاً بالظاهر من حال العدل العالم، وقاله مالك في الجرح، واختاره بعض أصحابنا. واشترط قوم السبب في التعديل فقط، ونقل عن ابن الباقلاني (¬9)، لالتباس العدالة لكثرة التصنع. وهذا الخلاف مطلق، والمراد - (¬10) والله أعلم- ما أشار إِليه بعض ¬

_ (¬1) نهاية 75 ب من (ب). (¬2) كابن حمدان. فانظر: شرح الكوكب المنير 2/ 423. (¬3) انظر: العدة/ 933. (¬4) في (ح): عكسه (وهـ) واختاره. (¬5) انظر: المحصول 2/ 1/ 587، وشرح العضد 2/ 65. (¬6) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬7) انظر: البرهان/ 621. (¬8) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 86. (¬9) انظر: البرهان / 621، والمسودة/ 269. (¬10) نهاية 155 من (ح).

أصحابنا وغيرهم: (¬1) لا أثر لمن عادته التساهل في التعديل أو المبالغة فيجرح بلا سبب شرعي أو يعطيه فوق مقتضاه، ويتوجه -أيضًا- أن يراد أن من ضَعَّفه أو وثقه واحد فأكثر -لم يخالف- يعتبر (¬2) قولهم؛ لأنه إِجماع أهل الفن، والعادة تحيل السكوت في مثله، لا سيما مع طول الزمن، وهذا من فائدة وضع كتب "الجرح والتعديل"، وعليه عمل المحدثين. * * * وإذا لم يقبل الجرح المطلق لم يلزم التوقف حتى يبين سببه كالشهادة؛ لأن الخبر يلزم العمل به ما لم يثبت القدح، والشهادة أحمد، ذكره القاضي وأبو الخطاب في مسألة: ما لا نفس له سائلة (¬3). ويتوجه أن يحتمل التوقف؛ لأنه أوجب ريبة، وإلا انسد (¬4) باب الجرح غالبًا، وقاله بعض الشافعية وغيرهم. ومن اشتبه اسمه بمجروح وقف خبره. * * * وتضعيف (¬5) بعض المحدثين للخبر (¬6) يخرج عندنا على الجرح المطلق، ¬

_ (¬1) في (ظ): ولا. (¬2) في (ظ) ونسخة في هامش (ب): تعبير. (¬3) انظر: المسودة/ 254. (¬4) في (ظ): وإِلا استد. (¬5) انظر: شرح الكوكب المنير 2/ 421، وكشف الأسرار 3/ 68، وتيسير التحرير 3/ 62، وفواتح الرحموت 2/ 152، وغاية الوصول / 103. (¬6) نهاية 58أمن (ظ).

ولا يمنع عند الشافعية، وتقبله (¬1) (¬2) الحنفية (¬3). ومن (¬4) أطلق تصحيح حديث فكتعديل (¬5) مطلق. وعن أحمد: إِذا سمعت أصحاب الحديث يقولون: "حديث غريب أو فائدة"، فاعلم أنه خطأ -أي: لأنه شاذ- وإِذا (¬6) سمعتهم يقولون: "حديث لا شيء"، فاعلم أنه صحيح، أي: لم تُفِد روايته لشهرته. حكاه القاضي (¬7) وجماعة عن حكايته أبي إِسحاق (¬8) عن أبي بكر النَّقَّاش، وهو كذاب، ثم: الشاذ منقسم عندهم، و"لا شيء" للجرح بالاستقراء. * * * ويجوز الجرح بالاستفاضة. ومنعه بعض أصحابنا كالتزكية. وخالف فيها جماعة من أصحابنا، واحتج بعضهم بمن شاعت إِمامته ¬

_ (¬1) في (ح): ويقبله. (¬2) يعني: التضعيف. (¬3) في نسبة هذا إِليهم نظر. فانظر: المراجع السابقة. (¬4) انظر: المسودة/ 251، وشرح الكوكب المنير 2/ 424، وتيسير التحرير 3/ 62، وتوضيح الأفكار 1/ 309. (¬5) في (ظ): فلتعديل. (¬6) نهاية 76 أمن (ب). (¬7) انظر: العدة / 930. (¬8) هو: ابن شاقْلا.

مسألة

وعدالته من الأئمة. ويتوجه أن هذا احتمال قول ثالث، وأنه المذهب، وهو معنى قول أحمد (¬1) وجماعة، يُسأل واحد منهم عن مثلهم، فيقول: "ثقة لا يسأل (¬2) عن مثله"، وذكر (¬3) بعض الشافعية (¬4) أنه صحيح مذهبهم. مسألة يقدم (¬5) الجرح (و)؛ لأن فيه زيادة، وجمعا بينهما. (¬6) وقيل: الترجيح (¬7)، واختاره بعض أصحابنا (¬8) مع جرح مطلق إِن قبلناه. ويعتبر الترجيح في إِثباتِ معينٍ ونفيه يقينًا. (¬9) ¬

_ (¬1) انظر: الكفاية/ 87، ومقدمة ابن الصلاح/ 50، وتدريب الراوي 1/ 301 - 302. (¬2) في (ظ): لا تسأل. (¬3) نهاية 156 من (ح). (¬4) انظر: مقدمة ابن الصلاح / 50. (¬5) في (ب): يقدح. (¬6) فغاية قول المعدل أنه لم يعلم فسقًا ولم يظنه فظن عدالته، والجارح يقول: أنا علمت فسقه، فلو حكمنا بعدم فسقه كان الجارح كاذبًا، ولو حكمنا بفسقه كانا صادقين فيما أخبرا به، والجمع أولى ما أمكن. انظر: شرح العضد 2/ 66. (¬7) في (ب): التعديل. (¬8) قال في المسودة/ 272: إِذا تعارض الجرح والتعديل قدم الجرح وإِن كثر المعدلون، وقيل: يقدم قول المعدلين إِذا كثروا، وعندي: أن هذا لا وجه له مع بيان السبب، فأما إِذا كان جرحًا مطلقًا -وقبلناه- فإِن تعديل الأكثرين أولى منه. (¬9) يعني: إِذا حصل النفي بطريق يقيني. انظر: شرح العضد 2/ 66.

مسألة

مسألة سبق التعديل بالقول. * * * وحكم الحاكم تعديل اتفاقاً، أطلق في الروضة (¬1)، ومراده ما صرح به غيره: حاكم يشترط العدالة. وهو أقوى من تعديله بسبب، ذكره في الروضة (¬2)، للإِلزام (¬3)، وفسقه لو حكم بفاسق. واختار الآمدي (¬4) وغيره التسوية (¬5). * * * وعمله (¬6) به يقينًا (¬7): في كونه تعديلاً قولان للناس، وذكره ¬

_ (¬1) انظر: روضة الناظر/ 118. (¬2) قال في روضة الناظر/ 118: أن يحكم بشهادته، وذلك أقوى من تزكيته بالقول. (¬3) يعني: إِلزام غيره بقبول الشاهد. انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 88. (¬4) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 88. (¬5) يأتي في الترجيح: النقل عن الآمدي بترجيح التزكية بصريح القول على حكمه وعمله بشهادته. فانظر: ص 1591 من هذا الكتاب. (¬6) أي: عمل من يعتبر تعديله. (¬7) يعني: إِن علم أنه لا مستند له غيره. انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 88.

القاضي (¬1) والباجي (¬2) المالكي (¬3) تعديلاً (¬4) -وقاله أبو المعالي (¬5)، إِلا فيما العمل به احتياطاً، وقاله في الروضة (¬6) - لفسقه لو عمل بفاسق. وضعف الآمدي (¬7) التعليل باحتمال كونه مجروحاً (¬8) بما لا يراه جارحًا. كذا قال، فيلزمه في الحاكم. وفرق بعض أصحابنا (¬9) بين من يرى قبول مستور الحال أوْ لا، أو يُجْهَل مذهبه (¬10) فيه. ¬

_ (¬1) انظر: العدة/ 936. (¬2) في (ب): والتاجي. (¬3) هو: أبو الوليد سليمان بن خلف بن سعد التُّجيبي القرطبي، إِمام في الحديث والفقه والأصول، توفي بالرباط سنة 474 هـ. من مؤلفاته: إِحكام الفصول في أحكام الأصول، والإِشارات في أصول الفقه، والحدود في الأصول. انظر: وفيات الأعيان 2/ 142، وتذكرة الحفاظ/ 1178، والديباج المذهب/ 184، وشذرات الذهب 3/ 344. (¬4) انظر: إِحكام الفصول/ 43 ب. (¬5) انظر: البرهان/ 624. (¬6) انظر: روضة الناظر / 118. (¬7) انظر: منتهى السول للآمدي 1/ 81. (¬8) في (ب) و (ظ): مرجوحًا. (¬9) انظر: المسودة/ 272. (¬10) في (ب) مذهب.

ثم: في الروضة (¬1): هو كتعديله بلا سبب. ومعناه للآمدي (¬2) وقيل: كحكمه به. * * * ورواية العدل ليست تعديلاً عند أكثر العلماء (¬3) من الطوائف (وم ش). وذكر القاضي (¬4) وأبو الخطاب (¬5) عن أحمد روايتين، واختارا أنها تعديل - (وهـ) (¬6) وبعض الشافعية- (¬7) عملاً بظاهر الحال. رد: بالمنع، وبأنه خلاف الواقع، وبعدم الدليل. ¬

_ (¬1) انظر: روضة الناظر/ 118. (¬2) الذي في الإِحكام 2/ 88 - 89: وهذا الطريق وإن احتمل أن يكون العمل فيه مستندًا إِلى ظهور الإِسلام والسلامة من الفسق ظاهرًا -كما في التعديل بالقول من غير ذكر السبب- فهو راجح على التعديل بالقول من غير ذكر السبب، للاتفاق عليه، والاختلاف في ذلك، ومرجوح بالنسبة إِلى التزكية بالقول مع ذكر السبب وبالنسبة إلى الحكم بالشهادة ... (¬3) نهاية 76 ب من (ب). (¬4) انظر: العدة/ 934 - 935. (¬5) انظر: التمهيد/ 120 أ. (¬6) قالوا: إِذا كان من عادته أن لا يروي إِلا عن عدل. انظر: تيسير التحرير 3/ 56، وفواتح الرحموت 2/ 150. (¬7) انظر: مقدمة ابن الصلاح/ 53، ونهاية السول 2/ 306.

وليس عن أحمد كلام مطلق في المسألة، (¬1) فلهذا قال بعض أصحابنا (¬2): مذهبه: إِن كانت عادته لا يروي إِلا عن عدل فتعديل، وإِلا فلا. واختاره أبو المعالي (¬3) وفي الروضة (¬4) والآمدي (¬5) وغيرهم. (¬6) وأشار بعض أصحابنا (¬7): إِن سماه فلا تعديل؛ لعدم الغرر (¬8)، وإِلا فتعديل؛ لئلا تكون روايته ضياعاً. كذا قال. ونقل الجماعة عن أحمد (¬9): أنه كان يكتب حديث الرجل الضعيف، كابن لَهِيعة (¬10) وجابر ¬

_ (¬1) نهاية 157 من (ح). (¬2) انظر: المسودة/ 254، 272، والبلبل/ 61، وشرح الكوكب المنير 2/ 435. (¬3) انظر: البرهان/ 623. (¬4) انظر: روضة الناظر/ 118. (¬5) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 89. (¬6) نهاية 58 ب من (ظ). (¬7) انظر: المسودة/ 254. (¬8) في (ب): الغرز. وفي (ح): الغرور. وفي المسودة: إِذا سمى المحدث فقد أزال العذر. (¬9) انظر: العدة/ 942 - 944. (¬10) هو: أبو عبد الرحمن عبد الله بن لهيعة بن عقبة المصري الفقيه، قاضي مصر ومسندها، توفي سنة 174 هـ. خرج له الترمذي وأبو داود وغيرهما. قال ابن معين: لا يحتج بحديثه. وقال النووي: ضعيف عند أهل الحديث. وقال السيوطي: وثقه أحمد وغيره، وضعفه يحيى القطان وغيره. قال ابن حجر في التقريب: صدوق، اختلط بعد احتراق كتبه، ورواية ابن المبارك وابن وهب عنه أعدل من غيرهما، وله في مسلم=

الجُعْفي (¬1) وأبي بكر بن أبي مريم (¬2)، فيقال له، فيقول: أعرفه أعتبر به، كأني أستدل به مع غيره، لا أنه حجة إِذا انفرد. ويقول: يقوي بعضها بعضًا (¬3). ورأى ذلك أيضًا. ويقول (¬4): الحديث عن الضعفاء قد يُحتاج إِليه في وقت. وقال (¬5): كنت لا أكتب حديث جابر الجعفي، ثم كتبته أعتبر به. وعجب -أيضًا- من ذلك، وقال: ما أعجب أمر الفقهاء في هذا، ¬

_ =بعض شيء مقرون. انظر: يحيى بن معين وكتابه التاريخ 2/ 327، وتذكرة الحفاظ/ 237، وتهذيب الأسماء واللغات 1/ 2/ 301، وحسن المحاضرة 1/ 301، 2/ 141، وتقريب التهذيب 1/ 444. (¬1) هو: جابر بن يزيد بن الحارث الكوفي، أحد كبار علماء الشيعة، توفي سنة 128هـ. وثقه الثوري، وكذبه أبو حنيفة وابن معين، قال ابن حجر: ضعيف رافضي. انظر: يحيى بن معين وكتابه التاريخ 2/ 76، وكشف الأسرار 3/ 3، وميزان الاعتدال 1/ 379، وتقريب التهذيب 1/ 123. (¬2) هو: أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم الغساني الحمصي، قيل: اسمه بكر، وقيل: بكير، وقيل: عمرو، وقيل: عامر، وقيل: عبد السلام، توفي سنة 156 هـ، خرج له أبو داود والترمذي وابن ماجه، وهو ضعيف عند علماء الحديث. انظر: يحيى بن معين وكتابه التاريخ 2/ 695، وميزان الاعتدال 4/ 497، وتقريب التهذيب 2/ 398. (¬3) في (ب): بعضها. (¬4) انظر: العدة/ 941. (¬5) انظر: المرجع السابق/ 943.

ويزيد بن هارون (¬1) من أعجبهم؛ يكتب عن الرجل مع علمه بضعفه. وظاهر هذا منه: أنه لا يحتج به مع غيره، كما هو ظاهر كلام جماعة، وظاهر الأول: يحتج به، وقاله بعض أصحابنا (¬2) وغيرهم، والمراد: إِلا من ضعفه لكذبه. أما منفرداً فلا يحتج به عند العلماء لاعتبار الشروط السابقة في الراوي، ولهذا قال أحمد (¬3): إِذا جاء الحلال والحرام أردنا أقوامًا هكذا -وقبض كفيه وأقام إِبهاميه- وقال (¬4) أيضًا: شددنا في الأسانيد. وفي جامع (¬5) (¬6) القاضي -في أوقات الصلاة- وفي غيره: أن الحديث الضعيف لا يحتج به في المآثم (¬7). ¬

_ (¬1) هو: أبو خالد السلمي -بالولاء- الواسطي، حافظ ثقة متقن، توفي بواسط سنة 206هـ. انظر: يحيى بن معين وكتابه التاريخ 2/ 677، وتذكرة الحفاظ/ 317، وتقريب التهذيب 2/ 372. (¬2) انظر: المسودة/ 275. (¬3) انظر: الآداب الشرعية 2/ 310. (¬4) انظر: طبقات الحنابلة 1/ 425. والمسودة/ 273، والآداب الشرعية 2/ 310 - 311، والكفاية/ 134، والمدخل إِلى دلائل النبوة 1/ 50. وأخرج الحاكم في المستدرك 1/ 490 نحوه عن عبد الرحمن بن مهدي. (¬5) وهو: الجامع الكبير في الفروع. انظر: الآداب الشرعية 2/ 311. (¬6) نهاية 77 أمن (ب). (¬7) انظر: الآداب الشرعية 2/ 311.

وقال الخلال (¬1) -في حديث: (الصعيد الطيب وضوء المسلم (¬2) -: مذهبه -يعني أحمد-: أن الحديث الضعيف (¬3) إِذا لم يكن له معارض قال به. ¬

_ (¬1) في جامعه. انظر: المرجع السابق 2/ 315. (¬2) ورد من حديث أبي ذر، حدث به أبو قلابة عن عمرو بن بُجْدان عنه، أخرجه أبو داود في سننه 1/ 235 - 236، والترمذي في سننه 1/ 81، وقال: حسن صحيح، والنسائي في سننه 1/ 171، وأحمد في مسنده 5/ 180 والدارقطني في سننه 1/ 186 - 187، وابن حبان في صحيحه (انظر: موارد الظمآن/ 75)، والحاكم في مستدركه 1/ 176 - 177 وقال: هذا حديث صحيح ولم يخرجاه، إذ لم يجدا لعمرو بن بجدان راويًا غير أبي قلابة الجرمي. وقد ضعف ابن القطان في كتابه (الوهم والإِبهام) هذا الحديث فقال: وهذا حديث ضعيف بلا شك، إِذ لا بد فيه من عمرو بن بجدان، وعمرو بن بجدان لا يعرف له حال، وإِنما روى عنه أبو قلابة واختلف عنه ... أ. هـ. وقد رُدَّ على تضعيف ابن القطان له، لا سيما وقد صححه الترمذي. فانظر: نصب الراية 1/ 148 - 149. وورد -أيضًا- من حديث أبي هريرة، أخرجه البزار في مسنده: حدثنا مُقَدَّم بن محمَّد بن علي بن مقدم المقَدَّمي: حدثني عمي القاسم بن يحيى بن عطاء بن مقدم ثنا هشام بن حسان عن محمَّد بن سيرين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: (الصعيد وضوء المسلم ...) قال البزار: لا نعلمه يروى عن أبي هريرة إِلا من هذا الوجه، ومقدم ثقة معروف النسب. انظر: كشف الأستار 1/ 157. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 1/ 261: قلت: ورجاله رجال الصحيح. (¬3) نهاية 158 من (ح).

وقال (¬1) -في كفارة وطء الحائض- (¬2): مذهبه في الأحاديث وإِن كانت مضطربة -ولم يكن لها معارض- قال بها. واحتج القاضي (¬3) بحديث مظاهر بن أسلم (¬4): (أن عدة الأمة قرءان) (¬5)، ¬

_ (¬1) يعني: الخلال في جامعه. فانظر: الآداب الشرعية 2/ 316. (¬2) ورد ذلك في حديث ابن عباس مرفوعًا من طرق، وفي إِسناده ومتنه اضطراب كثير جدًا. وقيل: إِنه موقوف على ابن عباس. فانظر: سنن أبي داود 1/ 181، وسنن الترمذي 1/ 91، وسنن النسائي 1/ 188، وسنن ابن ماجه/ 213، والمنتقى لابن الجارود/ 45 - 46، وسنن الدارمي 1/ 202 - 204، وسنن البيهقي 1/ 314 وما بعدها، والمستدرك للحاكم 1/ 171 - 172. وراجع: التلخيص الحبير 1/ 164 - 166. (¬3) في تعليقه. انظر: الآداب الشرعية 2/ 316. (¬4) ويقال: ابن محمَّد بن أسلم المخزومي المدني، روى عن القاسم بن محمَّد وسعيد المَقْبري، وعنه: ابن جُرَيْج والثوري وأبو عاصم وغيرهم. ذكره ابن حبان في الثقات. وقال ابن معين: ليس بشيء. وقال البخاري: ضعفه أبو عاصم. وقال ابن حجر في التقريب: ضعيف. انظر: ميزان الاعتدال 4/ 130، وتهذيب التهذيب 10/ 183، وتقريب التهذيب 2/ 255. (¬5) ورد من حديث عائشة، أخرجه أبو داود في سننه 1/ 639 - 640، والترمذي في سننه 2/ 427، وابن ماجه في سننه/ 672: عن أبي عاصم عن ابن جريج عن مظاهر ابن أسلم عن القاسم عن عائشة عن النبي: (طلاق الأمة تطليقتان وقرؤها حيضتان). وفي لفظ: (وعدتها حيضتان). قال أبو داود: وهو حديث مجهول. وقال الترمذي:=

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ =حديث غريب لا نعرفه مرفوعاً إِلا من حديث مظاهر بن أسلم، ومظاهر لا يعرف له في العلم غير هذا الحديث، والعمل على هذا الحديث من أصحاب النبي وغيرهم. قال المنذري في مختصره 3/ 115: وقد ذكر له أبو أحمد بن عدي حديثًا آخر رواه عن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة أن رسول الله كان يقرأ عشر آيات من آخر آل عمران كل ليلة. قال في نصب الراية 3/ 226: قلت: ورواه الطبراني في معجمه الوسط والعقيلي في كتابه كما رواه ابن عدي، ونقل ابن عدي تضعيف مظاهر هذا عن أبي عاصم النبيل فقط، قال ابن عدي: وهو معروف بحديث طلاق الأمة، وقد ذكرنا له حديثًا آخر، وما أظن له غيرهما، وإِنما أنكروا عليه حديث طلاق الأمة. أ. هـ. وأخرج حديث عائشة الحاكم في مستدركه 2/ 205 بسند السنن، وقال: ومظاهر شيخ من أهل البصرة، ولم يذكره أحد من متقدمي مشايخنا بجرح، فإِذًا الحديث صحيح ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي في التلخيص على تصحيحه. وفي التاريخ الكبير للبخاري 2/ 4/ 73: مظاهر بن أسلم عن القاسم عن عائشة رفعته في طلاق الأمة، كان أبو عاصم يضعفه. وفي التاريخ الصغير للبخاري/ 178: حدثنا أبو عاصم عن ابن جريج عن مظاهر بن أسلم عن القاسم عن عائشة رفعته: (طلاق الأمة تطليقتان وعدتها حيضتان ...) قال البخاري: قال يحيى بن سليمان: حدثنا ابن وهب قال حدثني أسامة بن زيد بن أسلم عن أبيه عن القاسم وسالم: عدة الأمة حيضتان ... وقال: ليس هذا في كتاب الله ولا سنة رسول الله، ولكن عمل بها المسلمون، وهذا يرد حديث مظاهر. وانظر: سنن الدارقطني 4/ 40. وقال العقيلي -على ما في نصب الراية 3/ 226 - : مظاهر بن أسلم منكر الحديث، وله هذان الحديثان، ولا يعرفان إِلا عنه. أ. هـ.=

فضعفه خصمه، فطالبه بسببه، ثم قال: مع أن أحمد يقبل الحديث الضعيف. وقال في العدة (¬1) والواضح (¬2): أطلق أحمد القول بالحديث الضعيف، فقال: (الناس أكفاء إِلا حائك أو حَجَّام (¬3)) ضعيف، والعمل ¬

_ =وفي ميزان الاعتدال 4/ 131: قال النسائي: ضعيف. وأما ابن حبان فذكره في الثقات. وأخرج حديث عائشة -أيضًا- الدارقطني في سننه 4/ 39 - 40، والبيهقي في سننه 7/ 370. (¬1) انظر: العدة/ 938. (¬2) انظر: الجدل على طريقة الفقهاء/ 31. (¬3) روي من حديث ابن عمر وعائشة ومعاذ. فحديث ابن عمر: أخرجه البيهقي في سننه 7/ 134 - 135 من طريق الحاكم ... ثنا شجاع بن الوليد ثنا بعض إِخواننا عن ابن جريج عن عبد الله بن أبي مُلَيْكَة عنه مرفوعًا بلفظ: (العرب بعضهم أكفاء لبعض قبيلة بقبيلة ورجل برجل، والموالي بعضهم أكفاء لبعض قبيلة بقبيلة ورجل برجل، إِلا حائك أو حجام). وقال البيهقي: هذا منقطع بين شجاع وابن جريج حيث لم يسم شجاع بعض أصحابه. ثم ذكر البيهقي له طرقا أخرى وضعفها. وأخرجه أبو يعلى الموصلي في مسنده من طريق آخر. قال ابن عبد البر: هذا حديث منكر موضوع. أ. هـ. وأخرجه الدارقطني من طريق آخر فيه راو مطعون فيه. وأخرجه ابن عدي في الكامل من طريق آخر، وقال عن أحد رجاله -علي بن عروة-: منكر الحديث. فانظر: نصب الراية 3/ 198.=

عليه (¬1). وقال -في حديث غَيْلان (¬2): "أنه أسلم على عشر نسوة (¬3) "-: ¬

_ =وقال أبو حاتم -عن حديث ابن عمر هذا، على ما نقله ابنه في كتاب العلل 1/ 412 - : هذا كذب لا أصل له. وقال أيضًا 1/ 421: باطل، أنا نهيت ابن أبي شريح أن يحدث به. وقال -أيضًا- 1/ 424: حديث منكر. وحديث عائشة: أخرجه البيهقي في سننه 7/ 135، وقال: وهو ضعيف أيضًا. وحديث معاذ: أخرجه البزار في مسنده (انظر: كشف الأستار 2/ 160 - 161). قال الهيثمي في مجمع الزوائد 4/ 275: رواه البزار، وفيه سليمان بن أبي الجَوْن، ولم أجد من ذكره، وبقية رجاله رجال الصحيح. أ. هـ. وفي نصب الراية 3/ 198: وذكره عبد الحق في أحكامه من جهة البزار، وقال: إِنه منقطع؛ فإِن خالد بن معدان لم يسمع من معاذ. قال: ابن القطان في كتابه: وهو كما قال، وسليمان بن أبي الجَوْن لم أجد له ذكرًا. أ. هـ. وانظر: نصب الراية 3/ 197، والتلخيص الحبير 3/ 164. (¬1) في (ب) عيه. (¬2) هو: الصحابي غيلان بن سلمة الثقفي. (¬3) هذا الحديث رواه ابن عمر، أخرجه الترمذي في سننه 2/ 298 - 299، ولفظه: أن غيلان بن سلمة الثقفي أسلم -وله عشر نسوة في الجاهلية- فأسلمن معه، فأمره النبي أن يتخير منهن أربعًا. قال الترمذي: والعمل على حديث غيلان بن سلمة عند أصحابنا. وأخرجه ابن ماجه في سننه/ 628، والشافعي (انظر: بدائع المنن 2/ 351)، والحاكم في مستدركه 2/ 192 - 193 وقال: وقد حكم مسلم أن هذا الحديث مما وهم فيه معمر -أحد رجال السند- بالبصرة، فإِن رواه عنه ثقة خارج البصريين حكمنا بالصحة. فوجدت الثوري والمُحَارِبي وعيسى بن يونس -وثلاثتهم كوفيون- حدثوا به. ثم ساق الحاكم أحاديثَهم. ونقل الذهبي في التلخيص كلام الحاكم وسكت عنه. وأخرج الحديث -أيضًا- البيهقي في=

لا يصح، والعمل (¬1) عليه. فمعنى قوله "ضعيف": عند المحدثين بما لا يوجب ضعفه عند الفقهاء، كتدليس وإرسأل والتفرد بزيادة في حديث. ثم ذكر [في العدة (¬2)] (¬3) ما سبق (¬4) من رواية أحمد عن الضعيف، وقال (¬5): فيه فائدة بأن يروى الحديث من طريق صحيح، فرواية الضعيف ترجيح، أو ينفرد الضعيف بالرواية، فيعلم ضعفه، فلا يقبل. وقال بعض أصحابنا (¬6): قول أحمد (¬7): "أستدل به مع غيره، لا أنه حجة إِذا انفرد" يفيد (¬8): يصير حجة بالانضمام لا منفرداً (¬9). ¬

_ =سننه 7/ 149، 181 - 182، وابن حبان في صحيحه (انظر: موارد الظمآن / 310 - 311). قال ابن عبد البر: طرقه كلها معلولة. فانظر الكلام على هذا الحديث في: التلخيص الحبير 3/ 168 - 169. (¬1) في (ظ): العمل. (¬2) انظر: العدة/ 941. (¬3) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬4) انظر: ص 557 من هذا الكتاب. (¬5) يعني: القاضي. فانظر: العدة/ 944. (¬6) انظر: المسودة/ 275. (¬7) نهاية 159 من (ظ). (¬8) في (ب): يقيد. (¬9) في (ظ): لا مفردا.

وقد قال أحمد (¬1) -في رواية عبد الله-: طريقتي: لست (¬2) أخالف ما ضعف من الحديث إِذا لم يكن في الباب ما يدفعه. ولم ير أحمد (¬3) العمل بالخبر في صلاة (¬4) التسبيح لضعفه، فيدل أنه ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 275. (¬2) في (ب): ليست. (¬3) انظر: المغني 2/ 98. (¬4) أخرجه أبو داود في سننه 2/ 67 - 69 من حديث ابن عباس وعبد الله بن عمرو، وأخرجه الترمذي في سننه 1/ 299 - 301 من حديث أبي رافع وقال: حديث غريب، ومن حديث أنس وقال: حسن غريب، قال: قد روي عن النبي غير حديث في صلاة التسبيح، ولا يصح منه كبير شيء. وأخرجه ابن ماجه في سننه/ 442 - 443 من حديث أبي رافع وابن عباس. وصفة صلاة التسبيح ووقت فعلها نأخذهما من الحديث، فقد روى هؤلاء أن النبي قال للعباس: (يا عماه، ألا أعطيك ألا أمنحك ألا أحبوك ألا أفعل بك؟ عشر خصال، إِذا أنت فعلت ذلك غفر الله لك ذنبك أوله وآخره وقديمه وحديثه وخطأه وعمده وصغيره وكبيره وسره وعلانيته، عشر خصال: أن تصلي أربع ركعات تقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة، فإذا فرغت من القرآن قلت: سبحان الله والحمد لله ولا إِله إِلا الله والله أكبر خمس عشرة مرة، ثم تركع وتقولها وأنت راكع عشرًا، ثم ترفع رأسك من الركوع فتقولها عشرًا، ثم تهوى ساجدًا فتقولها وأنت ساجد عشرًا، ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشرًا، ثم تسجد فتقولها عشرًا، ثم ترفع رأسك فتقولها عشرًا، فذلك خمس وسبعون في كل ركعة، تفعل ذلك في الأربع ركعات، إِن استطعت أن تصليها في كل يوم مرة فافعل، فإِن لم تفعل ففي كل جمعة مرة، فإِن لم تفعل ففي كل شهر مرة، فإِن لم تفعل ففي كل سنة مرة).

لا يعمل بالحديث (¬1) الضعيف في الفضائل. واستحبابه (¬2) الاجتماع ليلة العيد في رواية يدل على العمل به ولو كان شعارًا (¬3). وفي المغني (¬4) - (¬5) في صلاة التسبيح-: الفضائل لا يشترط لها صحة الخبر. واستحبها جماعة لا ليلة العيد، فيدل على التفرقة بين الشعار وغيره. وقال بعض أصحابنا (¬6): يعمل به (¬7) في الترغيب والترهيب كالإِسرائيليات والمنامات، ولا يجوز إِثبات حكم شرعي به لا استحباب ولا غيره. والله أعلم. * * * ولا يقبل تعديل مبهم، نحو: "حدثني الثقة أو عدل أو من لا أتهمه (¬8) "، عند بعض أصحابنا، لاحتمال كونه مجروحًا عند غيره، وقاله ¬

_ (¬1) في (ح) و (ظ): لا يعمل بالضعيف. (¬2) انظر: الآداب الشرعية 2/ 110 - 112، والمغني 2/ 296، والإِنصاف 2/ 441. (¬3) نهاية 77 ب من (ب). (¬4) انظر: المغني 2/ 98. (¬5) نهاية 159 من (ح). (¬6) وهو شيخ الإِسلام تقي الدين ابن تيمية. فانظر: الآداب الشرعية للمؤلف 2/ 314. (¬7) في (ح): بها. وقد ضرب عليها. (¬8) في (ب) و (ظ): أو من لا أتهم به.

أكثر الشافعية. قال أبو الطيب: ولم يذكره الشافعي احتجاجًا على غيره (¬1). وذكره القاضي (¬2) وأبو الخطاب (¬3) وابن عقيل من صور المرسل على الخلاف فيه، وكذا أبو المعالي (¬4)، واختياره (¬5) قبوله، وأن الشافعي أشار إِليه. وقبله بعض أصحابنا (¬6) وِإن لم يقبل (¬7) المرسل والمجهول. وقال بعضهم (¬8): ليس بمرسل في أصح الوجهين. وظهر من ذلك زوال جهالة العين براو واحد -وعزاه بعض الشافعية (¬9) إِلى صاحبي الصحيح؛ لأن فيهما من ذلك جماعة، و [ذكر] (¬10) أن الخلاف ¬

_ (¬1) في المسودة/ 257: ذهب أبو الطيب إِلى أنه لا يقبل، فإِنه قال في مسألة المرسل: إِن قال قائل: قد قال الشافعي: "أخبرني الثقة وأخبرني من لا أتهم"، ولا يكفي عندكم أن يكون ثقة عنده. فالجواب: أنه ذكره لبيان مذهبه وما وجب عليه بما صح عنده من الخبر، ولم يذكره احتجاجًا على غيره. (¬2) انظر: العدة/ 906. (¬3) انظر: التمهيد/ 120 أ. (¬4) انظر: البرهان/ 633، 638، 639. (¬5) في (ح): واختار. (¬6) انظر: المسودة/ 256 - 257. (¬7) في (ب): لم نقبل. ولم تنقط في (ظ). (¬8) انظر: المسودة/ 256. (¬9) انظر: مقدمة ابن الصلاح/ 55. (¬10) ما بين المعقوفتين من (ح).

متوجه كتعديل واحد- يؤيده: أن عمرو بن بُجْدان (¬1) تفرد عنه أبو قِلابة (¬2)، وقبله أكثرهم. وذكر (¬3) الخطيب البغدادي (¬4) عن أهل الحديث: لا تزول إِلا باثنين. وذكره البيهقي (¬5) عن البخاري ومسلم. كذا قال. ¬

_ (¬1) العامري، تابعي بصري، روى عن أبي ذر الغفاري وأبي زيد الأنصاري، وعنه أبو قِلابة؛ ذكره ابن حبان في الثقات، وقال العِجْلي: ثقة. وقال ابن القطان: لا يعرف. وقال الذهبي وابن حجر: مجهول الحال. انظر: ميزان الاعتدال 3/ 247، وتهذيب التهذيب 8/ 7، وتقريب التهذيب 2/ 66. (¬2) هو: عبد الله بن زيد بن عمر الجَرْمي، تابعي بصري، سكن الشام، وتوفي سنة 104 هـ. وهو ثقة في نفسه إلا أنه كان يدلس عمن لحقهم وعمن لم يلحقهم. قال ابن حجر في التقريب: ثقة فاضل كثير الإرسال. انظر: يحيى بن معين وكتابه التاريخ 2/ 309، وميزان الاعتدال 2/ 455، وتذكرة الحفاظ / 94، وتقريب التهذيب 1/ 417. (¬3) انظر: الكفاية/ 88. (¬4) هو: أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الشافعي، حافظ محدث فقيه أصولي مؤرخ، توفي ببغداد سنة 463 هـ. من مؤلفاته: تاريخ بغداد، والفقيه والمتفقه، والكفاية. انظر: تبيين كذب المفتري/ 268، ووفيات الأعيان 10/ 76، وطبقات الشافعية للسبكي 4/ 29، وطبقات الشافعية للإِسنوي 1/ 201. (¬5) انظر: رسالته إِلى أبي محمَّد الجويني، ضمن مجموع/ 18 أ.

مسألة

مسألة ترك العمل بشهادة أو رواية ليس (¬1) بجرح؛ لاحتمال سبب سواه. * * * وسبق (¬2). في العدالة حكم قاذف بلفظ الشهادة، وفعل (¬3) ما فيه خلاف. * * * أما التدليس -كقول (¬4) من عاصر الزُّهْري (¬5)، سمع منه في الجملة أم لا: "قال الزهري"، موهمًا أنه سمعه منه، وتدليس (¬6) الأسماء: أن يسمي الرجل أو يصفه بما لا يعرف به- فقال (¬7) أصحابنا وأكثر العلماء: يكره. قال أحمد (¬8) -في رواية حرب (¬9) -: يكره. ¬

_ (¬1) نهاية 160 من (ح). (¬2) انظر: ص 530 من هذا الكتاب. (¬3) انظر: ص 524 من هذا الكتاب. (¬4) هذا تدليس الإسناد. (¬5) هو: أبو بكر محمَّد بن مسلم بن عبيد الله، ابن شهاب المدني، تابعي ثقة متقن، توفي سنة 124 هـ. انظر: حلية الأولياء 3/ 360، ووفيات الأعيان 3/ 317، وتذكرة الحفاظ/ 108، وشذرات الذهب 1/ 162. (¬6) في (ح): ومدلس. (¬7) نهاية 78أمن (ب). (¬8) انظر: العدة/ 957. (¬9) هو: أبو محمَّد -وقيل: أبو عبد الله- حرب بن إِسماعيل بن خلف الحنظلي الكَرْماني، أحد أصحاب أحمد الناقلين عنه. انظر: طبقات الحنابلة 1/ 145.

ونقل المروذي (¬1): لا يعجبني، هو من الزينة (¬2)، ولا (¬3) يغير اسم رجل لئلا يعرف. وسأله مهنا عن هُشَيْم (¬4)، فقال (¬5): "ثقة إِذا لم يدلس" (¬6)، قلت (¬7): التدليس عيب؟ قال: نعم. وقال بعض أصحابنا (¬8): "هل كراهته تنزيه أو تحريم؟ يخرج على الخلاف لنا في معاريض غير ظالم ولا مظلوم، قال: والأشبه تحريمه (¬9)؛ لأنه أبلغ من تدليس المبيع (¬10)، ومن فعله متأولاً (¬11) لم يفسق". يعني: وإِلا ¬

_ (¬1) انظر: العدة/ 957. (¬2) في (ب) و (ظ): الريبة. وهي في (ب) معدولة عن (الزينة). (¬3) في (ظ): لا يغير. (¬4) هو: أبو معاوية هُشَيْم بن بشير بن القاسم السُّلَمي -بالولاء- الواسطي، توفي سنة 183 هـ ببغداد. قال العجلي: ثقة يدلس. وقال ابن سعد وابن حجر: ثقة حجة كثير الحديث يدلس كثيراً. انظر: مشاهير علماء الأمصار/ 177، وتاريخ بغداد 14/ 85، وتذكرة الحفاظ/ 248، وتقريب التهذيب 2/ 320. (¬5) في (ب) و (ح): قال. (¬6) نهاية 59 ب من (ظ). (¬7) انظر: العدة/ 957. (¬8) انظر: المسودة/ 277. (¬9) في (ب): تجريمه. (¬10) في (ظ): البيع. (¬11) انظر: المسودة/ 277، وشرح الكوكب المنير 2/ 451.

فالخلاف، وأطلق جماعة الخلاف. * * * وأحمد وأصحابه وجمهور الفقهاء والمحدثين على قبوله (¬1)، ورد أحمد (¬2) قول شُعْبة: التدليس كذب (¬3). وجزم بعض أصحابنا (¬4) وجماعة كثيرة بأن تدليس الأسماء ليس يجرح (¬5). ومن عرف (¬6) بالتدليس عن الضعفاء لم تقبل روايته حتى يبين السماع عند بعض أصحابنا، وعليه المحدثون، وقاله أبو الطيب (¬7) وغيره من الشافعية، وسبقت (¬8) رواية مهنا. وقال بعض أصحابنا (¬9): من كثر منه التدلس لم تقبل (¬10) عنعنته. ¬

_ (¬1) انظر: العدة / 957. (¬2) المصدر نفسه / 957. (¬3) روى ابن عدي في الكامل 1/ 18 - مخطوط- عن شعبة: التدليس أخو الكذب. (¬4) انظر: المسودة/ 277. (¬5) في (ح): بجرح. (¬6) انظر: شرح الكوكب المنير 2/ 450، وكشف الأسرار 3/ 70، وفواتح الرحموت 2/ 149، ومقدمة ابن الصلاح/ 35، وشرح نخبة الفكر/ 116، وتدريب الراوي 1/ 229. (¬7) النظر: المسودة/ 276. (¬8) انظر: ص/ 57 من هذا الكتاب. (¬9) انظر: المسودة/ 278، وفيها: من كثر منه التدليس عن الضعفاء لم تقبل ... (¬10) في (ب): لم يقبل.

ويتوجه أن يحتمل تشبيه ذلك بما سبق (¬1) في الضبط من كثرة السهو وغلبته (¬2). وما في البخاري ومسلم من ذلك محمول على السماع من طريق آخر. كذا قيل. وقد قيل لأحمد في رواية أبي داود (¬3): الرجل يعرف بالتدليس، يحتج (¬4) بما لم يقل فيه: حدثني أو سمعت؟ قال: لا أدري. قلت: الأعمش متي تُصاب له الألفاظ؟ قال: يضيق هذا إِن لم يحتج به. * * * أما الإِسناد المعنعن -بأي لفظ كان- فهو على الاتصال عند أحمد (¬5) وعامة المحدثين -خلافاً لبعضهم- عملاً بالظاهر، والأصل عدم التدليس. ونقل أبو داود (¬6) عن أحمد: "أن فلانًا" ليست للاتصال. وأطلق (¬7) القاضي (¬8) وغيره وبعض العلماء، فلم يفرقوا بين المدلس وغيره، أو علْم إِمكان اللقاء أوْ لا. ولعله غير مراد. ¬

_ (¬1) انظر: ص 527 من هذا الكتاب. (¬2) نهاية 161 من (ح). (¬3) انظر: المسودة 276. (¬4) في (ب): تحتج. ولم تنقط الكلمة في (ظ). (¬5) انظر: العدة/ 986. (¬6) انظر: مقدمة ابن الصلاح/ 29. (¬7) نهاية 78 ب من (ب). (¬8) انظر: العدة/ 986، والمسودة/ 261.

ويكفي إِمكان اللقاء في قول، وهو معنى ما ذكره أصحابنا فيما يرد به الخبر وما لا يرد، وذكر مسلم (¬1) أنه الذي عليه أهل العلم بالأخبار قديمًا وحديثًا، وقصد رد قول (¬2) ابن المدِيني والبخاري وغيرهما في اعتبار العلم باللقاء، وبعضهم: العلم بالرواية عنه، وبعضهم: طول الصحبة. وظاهر (¬3) الأول: أن من روى عمن لم يعرف بصحبته والرواية عنه يقبل (¬4) ولو اجتمع أصحاب ذلك الشيخ على أنه ليس منهم، وقاله (هـ) وابن برهان (¬5). ولم يقبله (ش)، وقال بعض (¬6) أصحابنا: هو ظاهر كلام أحمد في مواضع، وأكثر المحدثين، وأن الأول يدل عليه كلام أحمد في اعتذاره للراوي في قصة (¬7) هشام (¬8) بن عروة مع زوجته (¬9). ¬

_ (¬1) انظر: صحيح مسلم/ 29، وشرح النووي عليه 1/ 130. (¬2) انظر: توضيح الأفكار 1/ 44، 86، 100. (¬3) انظر: المسودة/ 305، وشرح الكوكب المنير 2/ 461. (¬4) في (ب): تقبل. ولم تنقط الكلمة في (ظ). (¬5) انظر: المسودة/ 305. (¬6) انظر: المسودة/ 305. (¬7) نهاية 162 من (ح). (¬8) هو: أبو المنذر هشام بن عروة بن الزبير بن العوام الأسدي المدني، تابعي ثقة ثبت كثير الحديث، توفي ببغداد سنة 146 هـ. انظر: وفيات الأعيان 5/ 129، وتاريخ بغداد 14/ 37، وتذكرة الحفاظ / 144، وشذرات الذهب 1/ 218. (¬9) هي فاطمة بنت المنذر بن الزبير الأسدية المدنية، روت عن أم سلمة وعن جدتها أسماء بنت أبي بكر، وحدث عنها زوجها هشام وابن سُوقة، وثقها العجلي. انظر: تذكرة الحفاظ/ 144، وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال/ 494.

وقد قال ابن عقيل (¬1): المحققون من العلماء (¬2) يمنعون رد الخبر بالاستدلال (¬3)، كرد خبر (¬4) القهقهة استدلالاً بفضل الصحابة المانع من الضحك، ورد عائشة قول ابن عباس في الرؤية (¬5)، وقول بعضهم: إِن قوله: (لأزيدن على السبعين (¬6) بعيد الصحة؛ لأن السنة تأتي بالعجائب. ¬

_ (¬1) انظر: الواضح 2/ 57 أ - ب، والمسودة/ 238. (¬2) نهاية 60 أمن (ظ). (¬3) انظر: المسودة/ 238، وشرح الكوكب المنير 2/ 462. (¬4) خبر القهقهة: ورد من حديث أبي موسى، قال: بينما رسول الله يصلي بالناس إِذ دخل رجل فتردى في حفرة كانت في المسجد -وكان في بصره ضرر- فضحك كثير من القوم وهم في الصلاة، فأمر رسول الله من ضحك أن يعيد الوضوء ويعيد الصلاة. أخرجه الطبراني في المعجم الكبير. انظر: مجمع الزوائد 1/ 246، 2/ 82. وورد من حديث أبي المليح بن أسامة عن أبيه. أخرجه الدارقطني في سننه 1/ 161 - 162. وورد من حديث أنس. أخرجه الدارقطني في سننه 1/ 162 - 163. وورد من أحاديث آخرين. وورد -أيضاً- مرسلاً من طريق أبي العالية ومَعْبَد الجهني وإبراهيم النخعي والحسن. وفي كل حديث مقال يقدح في صحته. فراجع: نصب الراية 1/ 47 - 53، وسنن الدارقطني 1/ 161 - 175، وسنن البيهقي 1/ 146 - 148. (¬5) يعني: في رؤية النبي ربه. أخرجه البخاري في صحيحه 4/ 115، 6/ 140 - 141، 9/ 116، ومسلم في صحيحه/ 158 وما بعدها، والترمذي في سننه 4/ 328، 5/ 69 - 70، وأحمد في مسنده 6/ 49، وانظر: فتح الباري 8/ 606 وما بعدها. (¬6) أخرجه البخاري في صحيحه 6/ 67 من حديث ابن عمر -في قصة صلاة النبي على عبد الله بن أبي- وفيه: فقال عمر: يا رسول الله، تصلي عليه وقد نهاك ربك=

ولو شهدت بينة على معروف بالخير بإِتلاف أو غصب لم تُرَدّ بالاستبعاد، وهذا (¬1) معنى كلام أصحابنا وغيرهم في رده بما يحيله العقل. والله أعلم. * * * وليس (¬2) ترك الإِنكار شرطًا (¬3) في قبول الخبر عندنا، وأومأ إِليه [أحمد] (¬4)، خلافًا للحنفية، ذكره القاضي في الخلاف في خبر فاطمة بنت ¬

_ =أن تصلي عليه؟ فقال رسول الله: (إِنما خيرني الله فقال: (استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إِن تستغفر لهم سبعين مرة) وسأزيدنه على السبعين). وأخرجه مسلم في صحيحه/ 1865. وأخرجه الطبري في تفسيره من حديث هشام بن عروة عن أبيه 10/ 138، وهو منقطع لأن عروة لم يدرك عبد الله بن أبي، ومن حديث قتادة -وهو مرسل- وهما بلفظ المؤلف. وأخرجه عبد بن حميد من طريق قتادة بلفظ المؤلف. انظر: فتح الباري 8/ 335، وفيه 8/ 355: وهذه طرق وإن كانت مراسيل فإِن بعضها يعضد بعضًا. وأخرجه عبد الرزاق عن معمر عن قتادة بلفظ المؤلف. قال ابن حجر: ورجاله ثقات مع إِرساله. فانظر: فتح الباري 8/ 336 - 337. وأخرج البخاري في صحيحه 6/ 68 من حديث عمر، وفيه: فقال النبي: (إِني خيرت فاخترت، لو أعلم أني إِن زدت على السبعين يغفر له لزدت عليها). وأخرج حديث عمر -أيضًا- الترمذي في سننه 4/ 342 - 343 وقال: حسن غريب صحيح، والنسائي في سننه 4/ 67 - 68. (¬1) في (ب) و (ظ): هذا. (¬2) انظر: المسودة/ 272، وشرح الكوكب المنير 2/ 464. (¬3) في (ب) و (ظ): شرط. (¬4) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب).

مسألة

قيس ورد عمر له. وكذا (¬1) قال ابن عقيل: جواب من قال: "رده السلف" أن الثقة لا يرد حديثه بإِنكار (¬2) غيره؛ لأن (¬3) معه زيادة. مسألة الصحابة -رضي الله عنهم- عدول (¬4)، ومرادهم من جهل حاله فلم يعرف بقدح. وقيل: كغيرهم (¬5)، وقيل: إِلى الفتن، وقيل: يُرد من قاتل عليًّا. لنا: (كنتم خير أمة) (¬6)، (جعلناكم أمة وسطًا) (¬7)] (والذين معه أشداء على الكفار) (¬8)، والتواتر بامتثالهم الأوامر والنواهي. وادعي في المسألة إِجماع سابق. وتحمل الفتن على اجتهادهم، والعمل به واجب أو جائز. ¬

_ (¬1) في (ظ): كذا. (¬2) في (ب): بإِنكاره. (¬3) نهاية 79 أمن (ب). (¬4) في (ح) -هنا- زيادة (إِجماعًا سابقًا). وقد ضرب عليها. (¬5) في (ب) لغيرهم. (¬6) سورة آل عمران: آية 110. (¬7) سورة البقرة: آية 143. (¬8) سورة الفتح: آية 29.

مسألة

مسألة الصحابي: من رآه - عليه السلام - مسلمًا، عند أحمد (¬1) وأصحابه، وقاله البخاري (¬2) وغيره -قال بعض الشافعية (¬3): هو طريقة أهل الحديث- والمراد: أو اجتمع به، وقاله بعض أصحابنا (¬4) وغيرهم. وزاد الآمدي (¬5) على الرؤية: وصحبه ولو ساعة، وأنه قول أحمد وأكثر أصحابهم. وقال بعض الحنفية (¬6) وابن الباقلاني (¬7) (¬8) وغيرهم: من اختص به. ولعله قول من قال: من أطال المكث معه، وذكره في التمهيد (¬9) عن أكثر العلماء. وقيل: وروى عنه. ¬

_ (¬1) انظر: العدة/ 987، والمسودة/ 292. (¬2) في صحيحه. فانظر: فتح الباري 7/ 3. (¬3) انظر: مقدمة ابن الصلاح/ 146. (¬4) انظر: البلبل/ 62. (¬5) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 92، ومنتهى السول له 1/ 82. (¬6) انظر: مسائل الخلاف في أصول الفقه/ 37 ب. (¬7) انظر: الكفاية/ 51، والمسودة / 292. (¬8) نهاية 163 من (ح). (¬9) انظر: التمهيد/ 125 أ.

احتج بعضهم للأول: بشرف منزلته عليه السلام (¬1). وقال بعض الشافعية (¬2): في التابعي مع الصحابي الخلاف. ووجه الثاني (¬3): قبول تقييد الصحبة بقليل وكثير فكان للمشترك كزيارة (¬4)، ولأنه مشتق كضارب، ولو حلف (¬5) ليصحبنه بر بذلك. احتج أصحابنا بجميع ما سبق. قالوا: صح نفيه عن غير الملازم (¬6)، وأطلق عليه (¬7) كأصحاب الجنة (¬8) والحديث والقرية، والأصل الحقيقة. رد: نفي (¬9) الأخص (¬10) لا يستلزم نفي الأعم (¬11)، والملازمة (¬12) ¬

_ (¬1) فمن رآه أعطي حكم الصحبة. (¬2) انظر: مقدمة ابن الصلاح/ 151. (¬3) وهو قول من قال: وصحبه ولو ساعة. (¬4) في (ظ): كزيادة. (¬5) في (ب): خلف. (¬6) كالوافد والرائي. انظر: شرح العضد 2/ 67. (¬7) يعني: على الملازم. (¬8) قال تعالى: (أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون). سورة البقرة: آية 82. (¬9) هذا جواب قولهم: صح نفيه عن غير الملازم. (¬10) وهو الصحبة بقيد اللزوم. انظر: شرح العضد 2/ 67. (¬11) وهو الصحبة المطلقة. (¬12) هذا جواب قولهم: وأطلق عليه.

مسألة

لعرف الاستعمال. * * * ولا يعتبر العلم في ثبوت الصحبة (و)، خلافًا لبعض الحنفية (¬1)؛ فلو قال معاصر عدل: "أنا صحابي" قبل عند أصحابنا والجمهور. وجه المنع - (¬2) ومال إِليه بعض أصحابنا (¬3) - (¬4): للتهمة. رد: بالمنع كروايته. مسألة ما لا يعتبر في الراوي -وما فيه خلاف- سبق (¬5). مسألة في مستند الراوي الصحابي فإِذا قال: "قال - صلى الله عليه وسلم - كذا" حمل على سماعه منه عند أصحابنا وأكثر العلماء؛ لأنه الظاهر. وعند ابن (¬6) الباقلاني (¬7): لا يحمل؛ لاحتماله، وقاله (¬8) أبو ¬

_ (¬1) انظر: المسودة / 292. (¬2) نهاية 60 ب من (ظ). (¬3) انظر: البلبل/ 62. (¬4) نهاية 79 ب من (ب). (¬5) انظر: ص 542 وما بعدها من هذا الكتاب. (¬6) في (ح): وعند أبي الخطاب. (¬7) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 95، والمسودة/ 260، وشرح العضد 2/ 68. (¬8) في (ح): وقاله ابن الباقلاني.

مسألة

الخطاب (¬1)، وذكره قول الأشعرية، وأنه ظاهر قول من نصر أن المرسل ليس بحجة، فظاهره كمرسل؛ لاحتمال سماعه من تابعي. والأشهر: ينبني (¬2) على عدالة الصحابة [لظهور سماعه منهم] (¬3). مسألة إِذا قال: "أمر - عليه السلام - بكذا أو نهى، أو أمرنا أو نهانا" -ونحوه- فهو حجة عند أحمد (¬4) وعامة العلماء، خلافًا لبعض المتكلمين. ونقل (¬5) عن داود قولان (¬6). ومن خالف في التي قبلها ففيها أولى. لنا: أنه الظاهر من حاله؛ لأنه عدل عارف، ومعرفة حقيقة ذلك من اللغة، وهم أهلها، ولا خلاف بينهم فيه، ولهذا ذكره (¬7) للحجة ورجع إليه الصحابة. مسألة إِذا قال: "أمرنا أو نهينا" -ونحوه- فحجه عندنا وعند الأكثر ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد/ 127 أ. (¬2) نهاية 164 من (ح). (¬3) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬4) انظر: العدة/ 1000. (¬5) في (ح): وحكي. (¬6) انظر: الواضح 2/ 29 ب. (¬7) في (ب): ذكر.

[منهم: (ش) (¬1)] (¬2)، وذكره بعض الشافعية (¬3) عن أهل الحديث؛ لما سبق، خلافًا (¬4) للكرخي وأبي بكر الرازي (¬5) وابن الباقلاني (¬6) والصيرفي (¬7) وغيرهم. وقال بعض أصحابنا (¬8): إِن اقترن به [أن الأمر على عهده -عليه السلام - لم يتوجه الخلاف] (¬9). وقال (¬10) بعض أصحابنا (¬11): يحتمل أراد أمر الله بناء على تأويل أخطأ فيه، فيخرج قبوله -إِذًا- على كون مذهبه حجة. كذا قال. (¬12) ¬

_ (¬1) انظر: الإحكام للآمدي 2/ 97. (¬2) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬3) انظر: مقدمة ابن الصلاح/ 24. (¬4) انظر: تيسير التحرير 3/ 69. (¬5) انظر: أصول الجصاص/ 203 ب. (¬6) انظر: المسودة/ 296. (¬7) انظر: المرجع السابق. (¬8) انظر: المرجع السابق/ 295. (¬9) ما بين المعقوفتين من (ح). وقد ورد ذكره في (ب) و (ظ) متأخرًا، وسأشير إِليه بعد قليل. (¬10) في (ب) و (ظ): قال. (¬11) انظر: البلبل/ 64. (¬12) جاء -هنا- في (ب) و (ظ): أن الأمر على عهده - عليه السلام - لم يتوجه الخلاف.

مسألة

واحتج ابن عقيل (¬1) بأنه لو قال: "رُخص في كذا" فحجة بلا خلاف. كذا قال. مسألة ومثلها: من (¬2) السنة. واختار (¬3) أبو المعالي (¬4): لا تقتضي سنته عليه السلام. مسألة إِذا قال: "كنا على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - نفعل كذا" ونحو ذلك، فأطلق في التمهيد (¬5) والروضة (¬6): أنه حجة، وذكره أبو الطيب (¬7) ظاهر مذهبهم؛ لأنه في معرض الحجة، فالظاهر بلوغه وتقريره. وخالف (¬8) الحنفية (¬9). ¬

_ (¬1) انظر: الواضح 2/ 31 ب، والمسودة/ 293. (¬2) نهاية 80أمن (ب). (¬3) في (ب): واختاره. (¬4) انظر: البرهان/ 649. (¬5) انظر: التمهيد/ 126 ب. (¬6) انظر: روضة الناظر / 92. (¬7) انظر: المسودة/ 297. (¬8) في (ح): وعند الحنفية: ليس بحجة. (¬9) الذي في تيسير التحرير 3/ 70، وفواتح الرحموت 2/ 162 موافق للأول. ويظهر أن المؤلف تبع ما في المسودة/ 297.

مسألة

وأطلق القاضي في الكفاية (¬1) احتمالين (¬2). ويتوجه احتمال: ما يشيع (¬3) مثله فقط حجة، وقاله الشافعي (¬4). ولم يذكر الأصوليون أنه حجة لتقرير الله له. وذكره بعض أصحابنا (¬5) محتجًا بقول (¬6) جابر: "كنا نعزل، والقرآن ينزل (¬7)، لو كان شيء (¬8) ينهى عنه لنهانا عنه القرآن". متفق عليه. مسألة إِذا قال: "كانوا يفعلون كذا" (¬9) فحجة (وهـ) (¬10)، واختاره الآمدي (¬11) ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 297. (¬2) جاء -هنا- في (ح) عبارة: (وذكر أبو الطيب الأول ظاهر مذهب الشافعي) وهو مكرر مع قوله -فيما تقدم-: (وذكره أبو الطيب ظاهر مذهبهم). (¬3) قوله: (ما يشيع مثله فقط حجة) جاء -مكانه- في (ح): (إن كان مما يشيع مثله فحجة، والإ فلا). (¬4) انظر: المسودة/ 297. (¬5) انظر: المرجع السابق/ 298. (¬6) أخرجه البخاري في صحيحه 7/ 33 - دون قوله: لو كان ... - ومسلم في صحيحه / 1065. (¬7) نهاية 165 من (ح). (¬8) في صحيح مسلم: شيئًا. (¬9) نهاية 61 أمن (ظ). (¬10) انظر: تيسير التحرير 3/ 69. (¬11) انظر: الإحكام للآمدي 2/ 99.

وغيره، وذكروه عن الأكثر، خلافا لقوم من الشافعية وغيرهم، وجزم به بعض متأخري أصحابنا (¬1). كذا قال. وفي شرح مقدمة (¬2) مسلم -عن جمهور المحدثين والفقهاء والأصوليين-: موقوف، فالخلاف (¬3) في قول الصحابي، انتشر أوْ لا. وهو مراد (¬4) القاضي (¬5) وأبي الخطاب (¬6) أنه إِجماع؛ لأنه ظاهر اللفظ في معرض الحجة، وجازت مخالفته لأن طريقه ظني كخبر واحد. واقتصر بعض أصحابنا على قوله: انصرف إِلى فعل الأكثرين. كذا قال، وسَوَّى بين "كنا" و"كانوا"، وكذ اسَوَّى الآمدي (¬7) وغيره، وهو متجه، واقتصار [بعض (¬8)] (¬9) أصحابنا على "كانوا" لا يدل على التفرقة. ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 296. (¬2) قال النووي في شرحه على صحيح مسلم 1/ 30 - 31: إِن لم يضفه إِلى زمن الرسول، فإن أضافه فهو مرفوع. (¬3) في (ب): فالخلال. (¬4) قوله: (وهو مراد القاضي وأبي الخطاب أنه إِجماع) جاء -مكانه- في (ب) و (ظ): (وذكره القاضي وأبو الخطاب إِجماعًا أو حجة). (¬5) انظر: العدة/ 998 - 999. (¬6) انظر: التمهيد/ 127أ، والمسودة/ 296. (¬7) انظر: الإحكام للآمدي 2/ 99، وشرح العضد 2/ 69. (¬8) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح) (¬9) انظر: المسودة/ 296.

مسألة

مسألة قول التابعي: "أمرنا [أو نهينا] (¬1) أو من السنة" كالصحابي عند أصحابنا، وأومأ إِليه أحمد (¬2) في: "من السنة"، لكنه كالمرسل. وقوله: "كانوا" كالصحابي، ذكره القاضي (¬3) وأبو الخطاب (¬4) وابن عقيل (¬5). ومال بعض أصحابنا (¬6) إِلى أنه ليس (¬7) بحجة؛ لأنه قد يعني من أدركه، كقول إِبراهيم (¬8): "كانوا يفعلون" يريد: أصحاب عبد الله (¬9)، وأشار إِلى أنه وجه لنا. وذلك ممنوع. ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬2) انظر: العدة/ 992 - 993. (¬3) انظر: المرجع السابق/ 998. (¬4) انظر: التمهيد/ 127. (¬5) في (ح): وغيرهما. (¬6) انظر: المسودة/ 297. (¬7) نهاية 80 ب من (ب). (¬8) يعني: النخعي. (¬9) يعني: عبد الله بن مسعود - الصحابي.

مسألة

مسألة ومستند غير الصحابي: قراءة الشيخ، أو القراءة عليه، أو إِجازته له، أو مناولته له ما يرويه عنه، أو كتابته له بذلك. فالأول: أعلاها، ذكره في الروضة (¬1) وغيرها، وقاله جمهور المحدثين وغيرهم. وعن أبي حنيفة (¬2) وغيره: القراءة عليه أعلى من (¬3) السماع من لفظه، وذكره (¬4) بعضهم اتفاقًا. وعن مالك (¬5): مثله، والأشهر عنه (¬6) سواء، وعليه أشياخه وأصحابه وعلماء الكوفة والبخاري وغيرهم (¬7). ثم: إِن قصد إِسماعه وحده -أو مع غيره- قال: "حدثنا" و"أخبرنا"، و" قال"، و"سمعته". وإن لم يقصد (¬8) قال: "حدَّث" و"أخبر"، و"قال"، و"سمعته". ¬

_ (¬1) انظر: روضة الناظر/ 120. (¬2) انظر: أصول السرخسي 1/ 375، والكفاية/ 276. (¬3) نهاية 166 من (ح). (¬4) في (ب): ذ كره. (¬5) انظر: الكفاية/ 276. (¬6) انظر: المرجع السابق/ 269، 270. (¬7) انظر: المرجع السابق، ومقدمة ابن الصلاح/ 64. (¬8) انظر: المعتمد/ 664، والإحكام للآمدي 2/ 100، ومقدمة ابن الصلاح/ 64،=

وله -إِذا سمع مع (¬1) غيره- قول: "حدثني"، وإذا سمع -وحده- قول: "حدثنا" عند أحمد (¬2) والعلماء. ونقل الفضل (¬3) بن زياد: إِذا سمع مع الناس يقول: حدثني؟ قال: ما أدري، وأحب إِليّ أن يقول: حدثنا. * * * وقراءته أو قراءة غيره عليه تجوز الرواية به عند أحمد (¬4) والعلماء، =خلافا لبعض العراقيين (¬5)، كعرض الحاكم والشاهد على المقر (¬6). ¬

_ =وشرح العضد 2/ 69، ونهاية السول 2/ 320، ومناهج العقول 2/ 318، وشرح نخبة الفكر/ 211، وشرح الورقات/ 194، وكشف الأسرار 3/ 39، وإرشاد الفحول/ 61، 62. (¬1) في (ح): ومع. (¬2) انظر: مسائل الإِمام أحمد - رواية أبي داود/ 283. (¬3) هو: أبو العباس القطان البغدادي، من أصحاب أحمد المقدمين عنده، وممن نقلوا عنه مسائل كثيرة. انظر: طبقات الحنابلة 1/ 251. (¬4) انظر: العدة/ 977 وما بعدها. (¬5) انظر: المسودة/ 286. (¬6) والمشهود عليه، كما إِذا قال الحاكم للمدعى عليه: هل عليك الحق لفلان؟ فقال: نعم، جاز للحاكم أن يقول: أقر عندي فلان بكذا. وكذا إِذا قال الشاهد للمشهود عليه: أأشهد عليك بما في هذا الكتاب؟ -بعد قراءته عليه- فقال: نعم، جاز للشاهد أن يقول: أشهدني فلان على نفسه بكذا. انظر: العدة/ 979.

وكرهه (¬1) ابن عُيَيْنَة (¬2) وغيره. * * * وسكوته عند القراءة عليه -بلا موجب من غفلة أو غيرها- الظاهر: أنه كإِقراره، ذكره القاضي (¬3) وغيره، وذكره ابن عقيل عن أصحابنا، وعليه جمهور الفقهاء والمحدثين. * * * ويقول: حدثنا (¬4) وأخبرنا قراءة عليه. ويجوز الإِطلاق في رواية -اختارها الخلال (¬5) وصاحبه (¬6) والقاضي (¬7) (¬8) وغيرهم، وقاله (هـ م) وعلماء الحجاز والكوفة والبخاري ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 286. (¬2) هو: أبو محمَّد سفيان بن عيينة الكوفي ثم المكي، الهلالي بالولاء، من تابعي التابعين، إِمام حافظ، توفي بمكة سنة 198 هـ. قال ابن حجر في التقريب: ثقة حافظ فقيه إِمام حجة، إِلا أنه تغير حفظه باخَرَة، وكان ربما يدلس لكن عن الثقات. انظر: حلية الأولياء 7/ 270، وتاريخ بغداد 9/ 174، ووفيات الأعيان 2/ 129، وتذكرة الحفاظ/ 262، وتقريب التهذيب 1/ 312. (¬3) انظر: العدة/ 980. (¬4) في (ب): حديثًا. (¬5) انظر: المسودة/ 283. (¬6) هو: أبو بكر عبد العزيز، غلام الخلال. (¬7) انظر: العدة/ 978. (¬8) نهاية 61 ب من (ظ).

وغيرهم، وذكره القاضي (¬1) عن الشافعية- لأنه معناه. وعنه (¬2): لا. وقاله جماعة من المحدثين (¬3)؛ لأنه [كذب] (¬4) كما لا يجوز "سمعت" عند الجمهور. وعنه: يجوز "أخبرنا" لا "حدثنا"، وقاله (ش) وأصحابه وعلماء المشرق (¬5). وعنه: جوازهما -وعنه: أخبرنا- فيما أَقَرَّ به لفظًا لا حالاً. * * * وإِذا قال الشيخ: "أخبرنا" أو "حدثنا" لم يجز (¬6) للراوي إِبدال إِحداهما بالأخرى في رواية (¬7)؛ لاحتمال أن الشيخ لا يرى التسوية بينهما. وعنه: يجوز، اختاره الخلال (¬8)، وبناه على الرواية بالمعنى. * * * ¬

_ (¬1) انظر: العدة/ 977. (¬2) انظر: المسودة / 285 - 286. (¬3) نهاية 81 أمن (ب). (¬4) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬5) انظر: مقدمة ابن الصلاح / 65. (¬6) نهاية 167 من (ح). (¬7) انظر: العدة/ 680 - 981. (¬8) انظر: المرجع السابق/ 981.

وظاهر ما سبق: أن منع الشيخ للراوي من روايته عنه -ولم يسند ذلك إِلى خطأ أو شك- لا يؤثر، وقاله بعضهم. وظاهر ما سبق: أنه ليس له أن يروي إِلا ما سمعه من الشيخ، فلا يستفهمه ممن (¬1) معه ثم يرويه، وقاله جماعة، خلافًا لآخرين. ومن شك في سماع حديث لم تجز روايته مع الشك، ذكره الآمدي (¬2) إِجماعًا. ولو اشتبه بغيره لم يرو شيئًا، فإِن (¬3) ظن عمل به (¬4) عندنا وعند الجمهور. قيل لأحمد (¬5): الشيخ يدغم الحرف، يعرف أنه كذا وكذا، ولا يفهم عنه، ترى أن يروى ذلك عنه؟ قال: أرجو أن لا يضيق هذا. * * * وتجوز الرواية بالإِجازة في الجملة عند أحمد (¬6) وأصحابه وعامة العلماء -وذكره الباجي (¬7) المالكي إِجماعًا، كذا قال- خلافاً لإِبراهيم (¬8) الحربي ¬

_ (¬1) في (ظ): من. (¬2) انظر الإحكام للآمدي 2/ 101. (¬3) في (ح): وإن. (¬4) يعني: بالظن. (¬5) انظر: المسودة/ 289، وتدريب الراوي 2/ 26. (¬6) انظر: العدة/ 981. (¬7) انظر: إِحكام الفصول/ 45 ب. (¬8) انظر: مقدمة ابن الصلاح/ 72.

من أصحابنا وجماعة من المحدثين وجماعة من الحنفية والشافعية، ونقله (¬1) الربيع (¬2) عن الشافعي؛ لأن معناها: أجزت لك ما لا يجوز شرعًا؛ لأن الشرع لا يجيز رواية ما لم يسمع، ولبطلان الرحلة (¬3)، وخلافًا لبعض الظاهرية. ويجب (¬4) العمل به؛ لأنه كالمرسل. وعند أبي حنيفة ومحمد (¬5): إِن علم المجيز (¬6) ما في الكتاب -والمُحاز له ضابط- جازت، وإلا فلا، لما فيه من (¬7) صيانة السنة وحفظها (¬8). وأجازها (¬9) أبو يوسف، وذلك تخريج من كتاب القاضي إِلى مثله، فإِنَّ عِلْمَ ما فيه شرط عندهما دونه. ¬

_ (¬1) انضر: مقدمة ابن الصلاح/ 72. (¬2) هو: أبو محمَّد الربيع بن سليمان بن عبد الجبار المرادي المصري، صاحب الشافعي، الذي روى أكثر كتبه، توفي سنة 270 هـ. انظر: وفيات الأعيان 2/ 52، وطبقات الشافعية للسبكي 2/ 132. (¬3) في (ب): الزحلة. (¬4) في نسخة في هامش (ظ): لا وجوب العمل ... (¬5) انظر: أصول السرخسي 1/ 377، وكشف الأسرار 3/ 43، 44، وتيسير التحرير 3/ 94، وفواتح الرحموت 2/ 165. (¬6) في (ب) و (ظ): المخبر. (¬7) نهاية 168 من (ح). (¬8) نهاية 81 ب من (ب). (¬9) انظر: أصول السرخسي 1/ 377، وكشف الأسرار 3/ 43، 44، وتيسير التحرير 3/ 94، وفواتح الرحموت 2/ 165.

وحكى السرخسي (¬1) عن أبي حنيفة وأبي يوسف: المنع. ... ثم: الإِجازة: معيَّن لمعيَّن، نحو: أجزت لك هذا الكتاب. ومثلها -وإن كان دونه (¬2) -: غير معين -كجميع ما أرويه- لمعين. وتجوز بمعين (¬3) وغيره للعموم، ذكره القاضي (¬4)، وقاله أبو بكر (¬5) من أصحابنا في جميع ما يرويه لمن أراده، وقال (¬6) ابن مَنْدَه (¬7) من أصحابنا: أجزت لمن قال: لا إِله إِلا الله، وقاله جماعة من المالكية والشافعية، خلافًا لآخرين. ولا تجوز لمعدوم تبعًا لموجود -كفلان ومن يولد له- في ظاهر كلام جماعة (¬8) من أصحابنا، وقاله غيرهم؛ لأنها محادثة أو إِذن في الرواية ¬

_ (¬1) وهو: أبو سفيان الحنفي. فانظر: العدة/ 983، والمسودة/ 287، وانظر -أيضًا- أصول السرخسي 1/ 377. (¬2) يعني: دون الأول. (¬3) في (ظ): لمعين. (¬4) و (¬5) انظر: العدة/ 985. (¬6) انظر: مقدمة ابن الصلاح/ 73. (¬7) هو: أبو عبد الله محمَّد بن إِسحاق بن محمَّد الأصْبَهاني العَبْدي، حافظ ثقة، توفي سنة 395 هـ. من مؤلفاته: كتاب معرفة الصحابة. انظر: طبقات الحنابلة 2/ 167، وتذكرة الحفاظ 1/ 1031. (¬8) نهاية 62 أمن (ظ).

بخلاف الوقف. وأجازها (¬1) أبو بكر (¬2) بن أبي داود السِّجِسْتاني من أصحابنا، وقاله غيره، كما تجوز لطفل لا سماع له في أصح قولي العلماء؛ لأنها إِباحة للرواية، كما تجوز للغائب. ولا تجوز لمعدوم أصلاً، نحو: "أجزت لمن يولد لفلان"، وقاله الشافعية (¬3)، كالوقف عندنا وعندهم (¬4). وأجازهما القاضي وبعض المالكية وغيرهم (¬5). واختار صاحب المغني (¬6) جواز الوقف، فقد يتوجه منه احتمال تخريج. * * * ويقول: أجاز لي فلان. ويجوز: "حدثنا وأخبرنا إِجازة" عندنا وعند عامة العلماء، ومنعه قوم ¬

_ (¬1) انظر: الكفاية/ 325، ومقدمة ابن الصلاح/ 76. (¬2) هو: عبد الله بن أبي داود سليمان بن الأشعث، إمام ابن إمام، من أكابر الحفاظ ببغداد، توفي سنة 316 هـ. من مؤلفاته: السنن، والناسخ والمنسوخ. انظر: طبقات الحنابلة 2/ 51، وتذكرة الحفاظ/ 767. (¬3) انظر: مقدمة ابن الصلاح/ 76. (¬4) انظر: الإِنصاف 7/ 23، ونهاية المحتاج 1/ 365. (¬5) انظر: مقدمة ابن الصلاح/ 76. (¬6) انظر: المغني 6/ 182.

في: "حدثنا"، وأجازه قوم مطلقًا. * * * والمناولة المقترنة بالإِجازة أو الإِذن في الرواية (¬1) مثلها، وإِلا لم تجز عندنا وعند الجمهور. وقال بعض أصحابنا (¬2): والمنصوص عن أحمد إِنما هو في مناولة ما عرفه المحدِّث. وجوز الزهري ومالك وغيرهما إِطلاق "حدثنا" و"أخبرنا" فيها؛ لأنها كالسماع عندهم، ولم ير (¬3) هذا أحمد (¬4) (وهـ ش) والجمهور. ويكفي اللفظ بلا مناولة. * * * والمكاتبة (¬5) المقترنة بالإِجازة [كمناولة] (¬6). وإِن لم تقترن فظاهر كلام بعض أصحابنا مختلف، وظاهر ما نقل عن أحمد (¬7): ¬

_ (¬1) نهاية 169 من (ح). (¬2) انظر: المسودة/ 288. (¬3) نهاية 82 أمن (ب). (¬4) انظر: العدة/ 981. (¬5) في (ح): وكذا المكاتبة. (¬6) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬7) انظر: العدة/ 982.

يجوز؛ فإِن أبا مُسْهر (¬1) وأبا تَوْبة (¬2) كتبا إِليه بأحاديث وحدَّث بها، وهو ظاهر ما ذكره الخلال (¬3)، وهو أشهر للمحدثين -وللشافعية (¬4) خلاف- عملاً بالقرينة، فإِنها تضمنت الإِجازة. وتكفي معرفة خطه عندنا وعند الأكثر. ولا يجوز إِطلاق: "حدثنا وأخبرنا"، خلافا لقوم. * * * وجه الرواية بما سبق: أنه تضمن إِخباره به؛ لأن الخبر لا يتوقف على التصريح، بدليل القراءة عليه، فجاز كما تجوز ولا فرق. وصح عنه - عليه السلام -: أنه كان يبعث كتبه مع الآحاد (¬5)، ولم يعلموا ما فيها، ويعمل بها حاملها وغيره. ¬

_ (¬1) هو: عبد الأعلي بن مُسْهر الغساني الدمشقي، شيخ دمشق ومحدثها، حافظ عالم ب"الجرح والتعديل" توفي ببغداد سنة 218 هـ. انظر: تاريخ بغداد 11/ 72، وتذكرة الحفاظ/ 381. (¬2) هو: الربيع بن نافع الحلبي الطرسوسي، حافظ حجة، توفي سنة 241 هـ. انظر: طبقات الحنابلة 1/ 156، وتذكرة الحفاظ/ 472. (¬3) انظر: العدة/ 983. (¬4) انظر: مقدمة ابن الصلاح/ 83. (¬5) فقد بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عبد الله بن جحش في سرية، وكتب له كتابا، وأمره أن لا ينظر فيه حتى يسير يومين ثم ينظر فيه فيمضي لما أمره ... علقه البخاري في صحيحه 1/ 19، وأخرجه الطبري في تفسيره 2/ 202، والخطيب في الكفاية/ 312. وانظر: السيرة النبوية لابن هشام 2/ 239، وزاد المعاد 2/ 214.

والشهادة (¬1) آكد إِن سُلِّمَتْ. * * * ومجرد قول الشيخ للطالب: "هذا سماعي أو روايتي" لا تجوز له روايته عنه عندنا وعند غيرنا، لعدم إِذنه، لاحتمال خلل فيه، خلافًا لبعض المالكية وبعض الشافعية وبعض الظاهرية (¬2). وجوزه بعضهم ولو قال: لا تروه عني. * * * ولو وجد شيئًا بخط الشيخ لم تجز روايته عنه، لكن يقول: وجدت (¬3) بخط فلان، وتسمى: الوِجادة. وقال بعض أصحابنا: لا تجوز الرواية برؤية خط (¬4) الشيخ: "سمعت كذا"، سواء قال: "هذا خطي" أو (¬5) لم يقل، وأن أبا الخطاب قال: نص أحمد على جوازه. كذا قال. * * * ¬

_ (¬1) هذا جواب عما احتج به المانع لذلك، فقد خرج المنع على الشهادة في الصك إِذا لم يقرأ على المشهود عليه، بل قال: اشهد علي بما فيه. فإِن القول بمنعه مشهور. انظر: شرح الكوكب المنير 2/ 504، وشرح العضد 2/ 70. (¬2) انظر: مقدمة ابن الصلاح/ 84 - 85. (¬3) في (ب): وجد. (¬4) نهاية 170 من (ح). (¬5) في (ب): ولم.

مسألة

ويجب العمل بما ظن صحته من ذلك، فلا يتوقف (¬1) على الرواية عند (¬2) أصحابنا والشافعية وغيرهم؛ لعمل الصحابة -رضوان الله عليهم- على كتبه عليه السلام. وذكر بعض المالكية (¬3): أن أكثر المحدثين والفقهاء (¬4) - (¬5) من المالكية وغيرهم- لا يرون العمل به. مسألة من رأى سماعه ولم يذكره فله روايته والعمل به -إِذا عرف الخط- عند أحمد (¬6) والشافعي وأبي يوسف ومحمد؛ لما سبق (هـ). قال أكثر (¬7) أصحابنا وغيرهم: إِذا ظَنَّه، ونقلوه عن هؤلاء -ولهذا قيل لأحمد (¬8): فإِن أعاره من لم يشق به، فقال: كل ذلك أرجو (¬9)، فإِن الزيادة ¬

_ (¬1) نهاية 62 ب من (ظ). (¬2) في (ظ): عندنا والشافعية وغيرهم. وفي (ح): على ما عليه أصحابنا وغيرهم وقاله الشافعية وغيرهم. (¬3) انظر: مقدمة ابن الصلاح/ 87. (¬4) تكرر (والفقهاء) في (ب). (¬5) نهاية 82 ب من (ب). (¬6) انظر: العدة/ 974. (¬7) في (ب): أكثره. (¬8) انظر: العدة/ 975. (¬9) يعني: أرجو أن لا يُحْدِث فيه. انظر: العدة / 975.

مسألة

في الحديث لا تكاد تخفى- لأن الأخبار مبنية على حسن الظن وغلبته. وقال بعضهم: إِذا تَحَقَّقَهُ. مسألة تجوز رواية الحديث بالمعنى للعارف عند أحمد (¬1) وأصحابه والجمهور (وهـ ش)، قال أحمد: ما زال الحفاظ يحدثون بالمعنى. وأطلق ابن حامد في أصوله (¬2) -في جوازه- روايتين عن أحمد. فإِن جاز (¬3) فليس بكلام الله، وهو وحي، وإِلا فكلامه. هذا إِن روى مطلقًا، وإِن بين النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الله أمر به أو نهى عنه فكالقرآن. وقال حفيد القاضي: ما كان خبرًا عن الله أنه قاله فكالقرآن. وقاله ابن أبي موسى وغيره من أصحابنا. واختار (¬4) أحمد بن يحيى -ثعلب- من أصحابنا المنع، وقال: "ما من لفظة في كلام العرب إِلا وبينها وبين صاحبتها فرق (¬5) "، واختاره أبو ¬

_ (¬1) انظر: العدة/ 969. (¬2) أصول الفقه -لابن حامد: من أوائل الكتب المصنفة في أصول الفقه على مذهب الحنابلة. ولم أعثر عليه. (¬3) انظر: شرح الكوكب المنير 2/ 533، وفواتح الرحموت 2/ 168. (¬4) في (ح): واختاره. (¬5) نقله عنه الخطابي على ما في المسودة/ 281.

بكر الرازي (¬1) وبعض الشافعية (¬2). ونقل هذا عن ابن عمر والقاسم (¬3) وابن سيرين ورجاء بن حَيْوَة (¬4) (¬5) ومالك وابن علَيَّة (¬6) وغيرهم (¬7). ¬

_ (¬1) انظر: أصول الجصاص/ 205 ب. (¬2) انظر: مقدمة ابن الصلاح/ 105. (¬3) هو: أبو محمَّد القاسم بن محمَّد بن أبي بكر الصديق، أحد الفقهاء السبعة، ثقة كثير الحديث، توفي سنة 106 هـ. انظر: تذكرة الحفاظ/ 96، وتهذيب التهذيب 7/ 333. (¬4) هو: أبو المقدام -ويقال: أبو نصر- الكندي، أرسل عن معاذ، روى عن عبد الله بن عمرو وعبادة بن الصامت وأبي الدرداء وغيرهم، وعنه ابن عجلان وثور بن يزيد والزهري وغيرهم، توفي سنة 112 هـ. انظر: تهذيب التهذيب 3/ 265، وتقريب التهذيب 1/ 248. (¬5) نهاية 171من (ح) (¬6) هو: أبو بشر إِسماعيل بن إِبراهيم بن مِقْسَم الأسدي البصري -وعُلَيَّة أمه- حافظ فقيه ثقة، توفي سنة 193هـ. انظر: الفهرست/ 317، وتاريخ بغداد 6/ 229، وتذكرة الحفاظ/ 322، وتهذيب الأسماء واللغات 1/ 1/ 120، وشذرات الذهب 1/ 333. (¬7) نقله عنهم الخطابي على ما في المسودة/ 281. وانظر: كتاب شفاء الغلل للترمذي (المطبوع في آخر سننه 5/ 402، 406)، والكفاية/ 206.

وفيه نظر (¬1)؛ فإِنه لم يصح عنهم سوى مراعاة (¬2) اللفظ، فلعله استحباب (¬3) أو لغير عارف، فإِنه إِجماع فيهما، ولهذا روى عبد الرزاق (¬4) عن مَعْمَر (¬5) عن أيوب (¬6) عن ابن سيرين: "كنت أسمع الحديث من ¬

_ (¬1) في (ب) نظرة. (¬2) (ب) و (ظ): مرعاة. (¬3) في (ح): استحباباً. (¬4) هو: أبو بكر عبد الرزاق بن همام الحميري -بالولاء- الصنعاني، حافظ محدث ثقة مصنف، توفي سنة 211 هـ. كان يتشيع، وفي حديثه بعد أن كف بصره -بعد المائتين - مقال. من مؤلفاته: المصنف. انظر: ميزان الاعتدال 2/ 209، وتذكرة الحفاظ/ 364، وتهذيب التهذيب 6/ 310، وتقريب التهذيب 1/ 505، والبداية والنهاية 10/ 265. (¬5) هو: أبو عروة معمر بن راشد الأزدي -بالولاء- البصري ثم اليماني، توفي سنة 153 هـ. قال الذهبي: له أوهام معروفة احتملت له في سعة ما أتقن. وقال ابن حجر في التقريب: ثقة ثبت فاضل، إِلا أن في روايته عن ثابت والأعمش وهشام بن عروة شيئًا، وكذا فيما حدث به بالبصرة. انظر: ميزان الاعتدال 4/ 154، وتهذيب التهذيب 10/ 243، وتقريب التهذيب 2/ 266. (¬6) هو: أبو بكر أيوب بن أبي تميمة كَيْسان السِّخْتِياني البصري، إِمام فقيه ثقة ثبت في الحديث، توفي 31 اهـ.=

عشرة، المعنى واحد واللفظ مختلف" (¬1)، وقال علي (¬2) بن مُسْهِر: ما أدركت (¬3) أحدًا من الفقهاء إِلا أنه يغير كلامه إِذا أصاب (¬4) المعنى، فلا يبالي. وجوزه بعضهم بلفظ مرادف. ومنع أبو الخطاب (¬5) إِبداله بما هو أظهر منه معنى أو أخفى، لجواز قصد الشارع التعريف بذلك. وفي الواضح: بالظاهر أولى. وذكر بعض أصحابنا: يجوز بأظهر اتفاقًا، لجوازه بعربية (¬6)، وهي أتم ¬

_ =انظر: الكاشف 1/ 451، وتهذيب التهذيب 1/ 398، وتقريب التهذيب 1/ 89. (¬1) أخرجه الترمذي في (شفاء الغلل شرح كتاب العلل) المطبوع في آخر الجزء الخامس من سننه 5/ 402، والرامَهُرْمُزِي في المحدث الفاصل/ 534، والخطيب في الكفاية / 206، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 1/ 95 من طريق عبد الرزاق. (¬2) هو: أبو الحسن القرشي الكوفي، قاضي الموصل، روى عن يحيى بن سعيد الأنصاري وهشام بن عروة والأعمش وغيرهم، وعنه أبو بكر وعثمان -ابنا أبي شيبة- وخالد بن مخلد وغيرهم، توفي سنة 189 هـ. وثقه ابن معين والعجلي وأبو زرعة والنسائي وغيرهم. انظر: يحيى بن معين وكتابه التاريخ 2/ 422، وتهذيب التهذيب 7/ 383، وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال/ 277. (¬3) في (ح): ما أدري. (¬4) نهاية 83 أ. من (ب). (¬5) انظر: التمهيد/ 124 أ. (¬6) كذا في النسخ. ولعل الصواب: بغير عربية.

بيانًا. ولعل (¬1) المراد بالخلاف غير الكتب المصنفة، لما فيه من تغيير تصنيفه، وقاله بعضهم. لنا: عمل (¬2) السلف من غير نكير زمنهم، فهو إِجماع. ولأحمد بإِسناد حسن عن واثِلة (¬3): "إِذا حدثناكم بالحديث على معناه فحسبكم". (¬4) وروى أبو محمَّد الخَلال (¬5) هذا المعنى عن ابن مسعود ¬

_ (¬1) انظر: شرح الكوكب المنير 2/ 536، ومقدمة ابن الصلاح/ 68، 105، وشرح النووي على صحيح مسلم 1/ 361، وتدريب الراوي 2/ 22/ 102. (¬2) نهاية 63أمن (ظ). (¬3) هو: الصحابي واثلة بن الأسقع. (¬4) ورد هذا الأثر بألفاظ مختلفة تؤدي معنى واحدًا. أخرجه الدارمي في مقدمة سننه 1/ 79، والترمذي في شفاء الغلل (مطبوع آخر سننه 5/ 402)، والخطيب في الكفاية / 204 من طرق، منها: طريق عن أحمد، والرامهرمزي في المحدث الفاصل / 533، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 1/ 94، 95 - 96. (¬5) هو: الحسن بن محمَّد بن الحسن، حافظ ثقة، ولد سنة 352 هـ، وسمع من القَطِيعِي وابن مُظَفَّر وغيرهما، ومنه القاضي، أبو يعلى والخطيب البغدادي، توفي ببغداد سنة 439 هـ. انظر: المنتظم 8/ 132، والعبر 3/ 189، وتذكرة الحفاظ / 1109، وطبقات الحفاظ/ 426، وشذرات الذهب 3/ 262.

مرفوعًا (¬1)، ورواه أبو بكر بن مردويه (¬2) من غير حديثه، ورواه أبو بكر الخلال عن الحسن (¬3) مرسلاً. وحدث ابن مسعود عنه - عليه السلام - حديثًا، فقال: "أو دون ذلك، أو فوق ذلك، أو قريبًا من ذلك" (¬4). ¬

_ (¬1) قال القاضي في العدة/ 969: حدثنا أبو محمَّد الخلال -بإِسناده- عن ابن مسعود قال: سأل رجل النبي، فقال: يا رسول الله، إِنك تحدثنا حديثًا لا نقدر أن نسوقه كما نسمعه. فقال: (إِذا أصاب أحدكم المعنى فليحدث). وأخرجه -أيضًا- الخطيب في الكفاية/ 200. (¬2) هو: أحمد بن موسى بن مردويه الأصْبَهاني، حافظ محدث مؤرخ مفسر، ولد سنة 323 هـ، وتوفي سنة 410 هـ. من مؤلفاته: كتاب في التفسير، وكتاب في التاريخ. انظر: تذكرة الحفاظ/ 1050، وشذرات الذهب 3/ 190. (¬3) روي عن الحسن البصري -من عدة طرق- جواز نقل الحديث بالمعنى. أخرج ذلك الدارمي في مقدمة سننه 1/ 79، والترمذي في شفاء الغلل 5/ 402، والرامهرمزي في المحدث الفاصل/ 533، 535، 536، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 1/ 96، والخطيب في الكفاية/ 207، 208. (¬4) أخرجه ابن ماجه في سننه/ 10 - 11 وفي الزوائد: إِسناده صحيح، احتج الشيخان بجميع رواته. وأخرج -نحوه- الحاكم في المستدرك 1/ 110 - 111 وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي في التلخيص، وأخرجه الدارمي في سننه 1/ 72، 74، والخطيب في الكفاية/ 205، والرامهرمزي في المحدث الفاصل/ 549.

وكان أنس إِذا حدث عنه - عليه السلام - قال (¬1): "أو كما قال" (¬2). إِسنادهما صحيح، رواهما ابن ماجه. وكذلك (¬3) نقلت وقائع متحدة بألفاظ مختلفة. ولأنه يجوز تفسيره بعجمية (¬4) إِجماعًا، فبعربية أولى. ولحصول المقصود وهو المعنى، ولهذا لا يجب تلاوة اللفظ ولا ترتيبه بخلاف القرآن والأذان ونحوه. واحتج أصحابنا بجوازه في (¬5) كلام غيره عليه السلام، لتحريم الكذب فيها. رد: بالخلاف فيه (¬6)، ثم: بالفرق. قالوا: (نَضَّر الله امْرَءًا)، وسبق (¬7) في شروط الراوي. رد: لا وعيد، ثم: أداه كما سمعه بدليل ترجمته، أو لغير عارف. ¬

_ (¬1) في (ظ): فقال. (¬2) أخرجه ابن ماجه في سننه/ 11، والدارمي في سننه 1/ 73، والخطيب في الكفاية / 206، والرامهرمزي في المحدث الفاصل/ 550. (¬3) في (ح): ولذلك. (¬4) في (ظ): بعجمته. (¬5) نهاية 172 من (ح). (¬6) يعني: في كلام غير النبي. (¬7) انظر: ص 542 من هذا الكتاب.

مسألة

قالوا: يؤدي إِلى اختلال المعنى لتفاوت الأفهام، ولهذا: لما علم النبي - صلى الله عليه وسلم - للبَراء بن عازِب عند النوم: (آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيك (¬1) الذي أرسلت)، قال: "ورسولك"، قال: (¬2) (لا، ونبيك)، متفق عليه (¬3). رد: إِنما يجوز لمن علم المعنى. وابدال لفظ (النبوة) بـ (الرسالة) وعكسه ينبني على المسألة. والخبر للاستحباب، أو لأنه ذكر ودعاء، أو لوحي بذلك، أو لجمع النبوة والرسالة وعدم التكرار (¬4). وأجاب أحمد (¬5): بأن الرسالة طرأت على النبوة -ولم يكن رسولاً- وأرسل كشئعَيْب. مسألة إِذا أنكر الأصل رواية الفرع بأن كَذَّبه لم يعمل به إِجماعًا (¬6) -وذكره جماعة- لكذب أحدهما. ¬

_ (¬1) في (ح): ونبيك. (¬2) نهاية 83 ب من (ب). (¬3) أخرجه البخاري في صحيحه 1/ 54 - 55، ومسلم في صحيحه / 2081 - 2082. (¬4) فلو قال: (ورسولك الذي أرسلت) لحصل التكرار. (¬5) انظر: العدة/ 973، والتمهيد/ 124 ب. (¬6) في حكايته هذا الإجماع نظر، فقد نقل عن بعضهم: أنه يعمل به، منهم: السمعاني وابن السبكي، وعزاه الشاشي للشافعي. انظر: شرح المحلى على جمع الجوامع 2/ 138، وتدريب الراوي 1/ 334.

وهما على عدالتهما، لا تبطل بالشك. وإِن لم يكذبه عمل به في أصح الروايتين عن أحمد (¬1)، وعليها أصحابنا والجمهور (وم ش) ومحمد (¬2). والثانية (¬3): لا يعمل به (وهـ) وأبي يوسف والكرخي (¬4). وقال بعض أصحابنا (¬5): عموم (¬6) كلام أحمد يقتضي: ولو جحد ¬

_ (¬1) انظر: العدة/ 959 وما بعدها، والتمهيد/ 119 ب. (¬2) انظر: شرح تنقيح الفصول/ 369، وشرح العضد 2/ 71، والمستصفى 1/ 167، والإحكام للآمدي 2/ 106، ونهاية السول 2/ 310، وشرح المحلى على جمع الجوامع 2/ 140، وأصول السرخسي 2/ 3، وكشف الأسرار 3/ 60، وتيسير التحرير 3/ 107، وفواتح الرحموت 2/ 170. (¬3) انظر: العدة/ 960، والتمهيد/ 119 ب. (¬4) انظر: وأصول السرخسي 2/ 3، وكشف الأسرار 3/ 60، وتيسير التحرير 3/ 107، وفواتح الرحموت 2/ 170. (¬5) انظر: المسودة/ 279. (¬6) جاء في العدة / 160 - 161: قال أحمد في رواية الأثرم فيما ذكره في كتاب العلل: قلت لأبي عبد الله: يضعف الحديث عندك بمثل هذا: إِن حدث الرجل الثقة بالحديث عن الرجل، فيسأل عنه فينكره ولا يعرفه؟ فقال: لا، ما يضعف عندي بهذا ... وكذلك نقل الميموني عنه قال: كان ابن عيينة يحدث بأشياء ثم قال: "ليس من حديثي ولا أعرفه" قد يحدث الرجل ثم ينسى ... وكذلك نقل حرب عنه: أنه سئل عن حديث الولي، فقال: لا يصح؟ لأن الزهري سئل عنه فأنكره. وجاء في المسودة/ 279: قال شيخنا: قلت: وضع المسألة يقتضي أنه لا=

المروي عنه؛ لأن الإِنكار يشمل القسمين، وقول ابن غيَيْنَة (¬1): "ليس من حديثي" نفي، وعلله (¬2) القاضي (¬3) بأن المروي عنه غير عالم (¬4) ببطلان روايته، وهذا القيد اعتبره أصحابنا فيما إِذا سَبَّح به اثنان (¬5) وفي الحاكم. وقال ابن الباقلاني (¬6): "إِن كَذَّبه أو غَلَّطه لم يعمل به"، وحكاه عن الشافعي. وقال أبو المعالي (¬7): إِن قطع بكذبه (¬8) وغلطه تعارضا، ووقف الأمر على مرجح كخبرين. لنا: عدل جازم غير مكذَّب، كموت الأصل أو جنونه. ¬

_ =يشمل إِذا جحد المروي عنه، وعموم كلامه يقتضي العموم لهذه الصورة؛ لأن الإِنكار ... ، وعلله القاضي بأن المروي عنه غير عالم ببطلان روايته، والراوي عنه ثقة، فالمروي عنه كسائر الناس. (¬1) انظر: العدة/ 960. (¬2) يعي: علل العمل به. (¬3) انظر: المرجع السابق/ 962. (¬4) نهاية 173 من (ح). (¬5) في المسودة: إِنسان. (¬6) انظر: البرهان/ 650 - 651. (¬7) انظر: البرهان/ 655. (¬8) نهاية 63 ب من (ظ).

وروى سعيد عن الدَّرَاوَرْدِي (¬1) عن ربيعة (¬2) عن سهيل (¬3) بن أبي صالح عن أبيه (¬4) عن أبي هريرة: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى باليمين مع الشاهد" (¬5)، ونسيه سهيل، وقال: حدثني ربيعة عني. ورواه الشافعي عن الدَّرَاوَرْدِي قال: فذكرت ذلك لسهيل، فقال: ¬

_ (¬1) هو: أبو محمَّد عبد العزيز بن محمَّد بن عبيد المدني، أصله من (دراورد) قرية من خراسان، ولد بالمدينة ونشأ بها. توفي سنة 187 هـ. وهو ثقة فقيه كثير الحديث. انظر: المعارف / 515، واللباب 1/ 496، وتذكرة الحفاظ / 269، وشذرات الذهب 1/ 163. (¬2) هو: أبو عثمان ربيعة بن أبي عبد الرحمن فَرُّوخ القرشي التميمي -بالولاء- المدني، شيخ مالك، ويقال له: (ربيعة الرأي) لأنه كان يعرف بالرأي والقياس، تابعي فقيه حافظ ثقة ثبت، توفي بالمدينة سنة 36 اهـ. انظر: الفهرست/ 285، وتاريخ بغداد 8/ 420، ووفيات الأعيان 2/ 50، وتذكرة الحفاظ/ 157، وميزان الاعتدال 2/ 44. (¬3) هو: أبو يزيد سهيل بن أبي صالح ذَكْوان السمان، محدث، توفي سنة 140 هـ. قال ابن حجر في التقريب: صدوق تغير حفظه بأخرة، روى له البخاري مقرونًا وتعليقًا. انظر: المعارف/ 478، ومشاهير علماء الأمصار/ 137، وميزان الاعتدال 2/ 243، وتذكرة الحفاظ / 137، وتقريب التهذيب 1/ 338. (¬4) هو: أبو صالح ذكوان السمان المدني، تابعي ثقة ثبت، توفي سنة 101 هـ. انظر: يحيى بن معين وكتابه التاريخ 2/ 158، وميزان الاعتدال 4/ 539، وتقريب التهذيب 1/ 238، وطبقات الحفاظ/ 33. (¬5) حديث أبي هريرة: أخرجه أبو داود في سننه 4/ 34، والترمذي في سننه=

"أخبرني ربيعة -وهو عندي ثقة- أني حدثته إِياه، ولا أحفظه"، فكان سهيل (¬1) يحدثه بعد عن ربيعة عنه عن أبيه (¬2). ورواه أبو داود (¬3)، وإسناده (¬4) جيد (¬5). ولم ينكَر ذلك. فإِن قيل: فأين العمل به؟ قيل: مذكور في معرض الحجة، ثم: فلا فائدة فيه فيجب تركه وإِنكاره (¬6) كتكذيبه، ثم: يوهم الحجة، ففيه تلبيس. قالوا: كالشهادة لو نسي شاهد الأصل. رد: بأنها أضيق. قالوا: كما لا يعمل حاكم بحكمه لو شهد به شاهدان ونسي. ¬

_ =2/ 399، وابن ماجه في سننه/ 793، والشافعي (انظر: بدائع المنن 2/ 235)، والخطيب في الكفاية/ 381. وقد أخرجه هذا الحديث -من رواية جابر- الترمذي في سننه 2/ 400، وابن ماجه في سننه / 793، وأحمد في مسنده 3/ 305. (¬1) في (ح): سهل. (¬2) انظر: بدائع المنن 2/ 235. (¬3) انظر: سنن أبي داود 4/ 34. (¬4) وانظر: الكفاية/ 222 - 223، 380 - 381، والمحدث الفاصل/ 516. (¬5) نهاية 84 أمن (ب). (¬6) يعني: ويجب إِنكاره كما لو كذبه.

مسألة

رد: يعمل به (وم) (¬1)، وعند ابن عقيل: لا (¬2) (وش) (¬3)؛ لأنه أضيق، ويجب على غيره من الحكام. مسألة إِذا انفرد الثقة الضابط بزيادة في حديث (¬4) -لفظًا أو معنى- قبِلَت إِن تعدد المجلس إِجماعًا. فإِن اتحد -وكان غيره جماعة لا يتصور غفلتهم عادة- لم تقبل، ذكره بعضهم إِجماعًا، واختاره في التمهيد (¬5). وذكر عن أصحابنا: تقبل، وهو ظاهر ما ذكره القاضي (¬6) وجماعة، وذكروه عن أحمد وجماعة [من] (¬7) الفقهاء والمتكلمين. وإن تصورت غفلتهم قُبِلَتْ، وقاله الجمهور. وقال أبو الخطاب (¬8): إِن استوى العدد قدِّمَ بزيادة حفظ وضبط وثقة، ¬

_ (¬1) انظر: شرح العضد 2/ 71. (¬2) يعني: لا يجب عليه. (¬3) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 108. (¬4) نهاية 174 من (ح). (¬5) انظر: التمهيد/ 122 ب. (¬6) انظر: العدة/ 1004. (¬7) ما بين المعقوفتين من (ظ). (¬8) انظر: التمهيد/ 122 ب-123 أ.

فإِن استويا فذكر شيخنا (¬1) روايتين، ثم ضَعَّف مأخذ رواية عدم القبول. وأطلق في العدة (¬2): أن زيادة ثقة في حديث تقبل، وأن أحمد نص على الأخذ بالزائد في مواضع. وردها جماعة من المحدثين، وعن أحمد (¬3) نحوه. وإِنما ذكر كلام أحمد في وقائع، إِلا رواية ابن القاسم (¬4) في فوات الحج: فيه زيادة دم (¬5)، قال أحمد (¬6): والزائد أولى أن يؤخذ به، قال: وهذا مذهبنا في الأحاديث، إِذا كانت الزيادة في أحدهما أخذنا (¬7) بالزيادة. وكذا أطلقه الخطيب (¬8) البغدادي عن جمهور الفقهاء وأهل الحديث، ¬

_ (¬1) يعني: القاضي أبا يعلى. (¬2) انظر: العدة/ 1004. (¬3) انظر: المرجع السابق / 1007. (¬4) هو: أحمد بن القاسم، صاحب أبي عبيد القاسم بن سَلام، حدث عنه وعن إِمامنا بمسائل كثيرة. انظر: طبقات الحنابلة 1/ 55، والمنهج الأحمد 1/ 290. (¬5) وقد أخرج هذه الزيادة -من حديث عمر موقوفًا- مالك في الموطأ/ 383، والشافعي في الأم 2/ 166 - 169، وفيها كلام للشافعي عن الزيادة في الحديث (وانظر: بدائع المنن 2/ 74 - 76)، والبيهقي في سننه 5/ 174 - 175. وانظر: نصب الراية 3/ 145 - 146. (¬6) انظر: العدة/ 1005. (¬7) في (ب) و (ح): أخذ بالزيادة. (¬8) انظر: الكفاية/ 424.

وذكره بعض الشافعية (¬1) مذهب (¬2) (ش). وللمالكية (¬3) وجهان (¬4). وخص بعضهم (¬5) رواية عدم قبولها عن أحمد (¬6) بمخالفتها (¬7) ظاهر المزيد عليه، وبعضهم بمخالفة رواية الجمهور. وفي الواضح (¬8): أنها إِن خالفت المزيد عليه رُدَّت، وليس مسألة الخلاف. وإِن جهل حال المجلس فكما لو اتحد في ظاهر كلام القاضي (¬9) وغيره، وقاله بعض أصحابنا. وظاهر الروضة (¬10) وغيرها: تقبل (¬11)، وهو أولى. ¬

_ (¬1) انظر: مقدمة ابن الصلاح/ 37، والمنخول/ 284. (¬2) في (ظ): في مذهب. (¬3) في (ح): وعن المالكية. (¬4) انظر: شرح تنقيح الفصول/ 382. (¬5) انظر: المسودة/ 299. (¬6) نهاية 84 ب من (ب). (¬7) في (ظ): لمخالفتها. (¬8) نهاية 64 أمن (ظ). (¬9) انظر: العدة/ 1004. (¬10) انظر: روضة الناظر/ 124. (¬11) نهاية 175 من (ح).

وقال بعض أصحابنا (¬1): كلام أحمد وغيره يختلف في الوقائع، وأهل الحديث أعلم به. لنا: عدل جازم، ولا نسلم مانعًا، والأصل عدمه. ومن تركها يحتمل أنه لشاغل أو سهو أو نسيان. وقاس أصحابنا (¬2) على الشهادة: لو شهد ألف أنه أقر بألف، واثنان بألفين: ثبتت الزيادة. قالوا: ظاهر الغلط لتفرده، مع احتمال ما سبق فيه. رد: قولنا أرجح، بدليل انفراده بخبر (¬3) وبالشهادة (¬4). والسهو فيما سمعه أكثر منه فيما لم يسمعه. * * * وإِن خالفت الزيادة للمزيد عليه تعارضا، فيرجح، ذكره القاضي (¬5) وغيره. وأطلق آخرون من أصحابنا وغيرهم (¬6). ¬

_ (¬1) انظر: المسودة 3/ 30. (¬2) انظر: العدة/ 1010، والمسودة/ 304. (¬3) فيعمل به مع انفراده. انظر: العدة/ 1007، 1011. (¬4) يعني: الشهادة على الإقرار، فلو انفرد بعضهم بزيادة عمل بها. انظر: العدة/ 1011. (¬5) انظر: العدة/ 1009. (¬6) يعني: أطلقوا تقديم الزيادة، وبعضهم أطلق الرد. انظر: شرح الكوكب المنير 2/ 544 - 545.

وعند أبي الحسين (¬1): إِن غيرت المعنى لا الإِعراب قُبِلَتْ، وإِلا فلا. * * * ولو رواها العدل مرة وتركها مرة فكتعدد الرواة. * * * ولو أسند وأرسله غيره، أو وصله وقطعه، أو رفعه ووقفه: فكالزيادة، ذكره (¬2) في العدة (¬3) وغيرها؛ لأنه زيادة. وذكر الخطيب (¬4) عن أهل الحديث: الحكم لمن أرسله. كذا قال. وجزم في التمهيد (¬5) وغيره بقوله. وذكروه (¬6) -أيضًا- في الراوي الواحد، وحكاه بعض أصحابنا (¬7) عن الشافعية خلافًا لبعض المحدثين. وقال بعضهم: إِن أرسل ثم أسند قُبِلَ. وقيل: لا؛ لدلالة إِهماله على الضعف. ¬

_ (¬1) انظر: المعتمد/ 610 - 611. (¬2) في (ح): لأنه زيادة، ذكره في العدة وغيرها. (¬3) انظر: العدة/ 1004. (¬4) انظر: الكفاية/ 411. (¬5) انظر: التمهيد/ 121 ب. (¬6) يعني: ذكروا القبول. انظر: المسودة/ 251. (¬7) انظر: المسودة / 251.

مسألة

مسألة يستحب نقل الحديث بكماله. فإِن ترك بعضه: فإِن لم يتعلق بعضه (¬1) ببعض جاز عند أحمد (¬2) ومالك والشافعي وجمهور (¬3) العلماء، كأخبار متعددة، وإلا لم يجز إِجماعًا، لبطلان المقصود به، [نحو] (¬4): (حتى تزهي (¬5))، و (إِلا سواء بسواء) (¬6). مسألة خبر الواحد فيما تعم به البلوى كمس الذكر (¬7) ورفع ¬

_ (¬1) نهاية 85 أمن (ب). (¬2) انظر: العدة/ 1015. (¬3) نهاية 176 من (ح). (¬4) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬5) أخرج البخاري في صحيحه 3/ 77، ومسلم في صحيحه/ 1190 عن أنس: أن رسول الله نهى عن بيع الثمار حتى تزهي. (¬6) أخرج البخاري في صحيحه 3/ 74، 75، ومسلم في صحيحه/ 1213 عن أبي بكرة قال: نهى رسول الله عن الفضة بالفضة والذهب بالذهب إِلا سواء بسواء. (¬7) الوضوء من مس الذكر: ورد في حديث أبي هريرة مرفوعاً، أخرجه أحمد في المسند (انظر: الفتح الرباني 2/ 85 - 86)، والشافعي (انظر: بدائع المنن 1/ 34)، والدارقطني في سننه 1/ 147، والبيهقي في سننه 1/ 130 - 131، والحاكم في المستدرك 1/ 138 وقال حديث صحيح، وابن حبان في صحيحه (انظر: موارد الظمآن=

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ =/ 77 - 78)، والطحاوي في شرح معاني الآثار 1/ 74. وورد في حديث بُسْرة مرفوعًا، أخرجه أبو داود في سننه 1/ 125 - 126، والترمذي في سننه 1/ 55 - 56 وقال: حديث صحيح، قال محمَّد -يعني البخاري-: وأصح شيء في هذا الباب حديث بسرة. قال الترمذي: وفي الباب عن أم حبيبة وأبي أيوب وأبي هريرة وأروى ابنة أنيس وعائشة وجابر وزيد بن خالد وعبد الله بن عمرو. ا. هـ وأخرجه النسائي في سننه 1/ 100 - 101، وابن ماجه في سننه/ 161، وأحمد في مسنده (انظر: الفتح الرباني 2/ 86 - 88)، والحاكم في المستدرك 1/ 136 - ثم تكلم عنه، ثم قال: فدلنا ذلك على صحة الحديث وثبوته على شرط الشيخين- والشافعي (انظر: بدائع المنن 1/ 34)، والدارمي في سننه 1/ 150، وابن حبان في صحيحه (انظر: موارد الظمآن/ 78)، والطيالسي في مسنده (انظر: منحة المعبود 1/ 57)، والطحاوي في شرح معاني الآثار 1/ 71 - 73. وورد الوضوء من مس الذكر في حديث غيرهما، فانظر: سنن ابن ماجه 162، وشرح معاني الآثار 1/ 73، والفتح الرباني 2/ 84، والسنن الكبرى للبيهقي 1/ 128 وما بعدها، وسنن الدارقطني 1/ 146. ترك الوضوء من مس الذكر: ورد في حديث طلق مرفوعًا، أخرجه أبو داود في سننه 1/ 127 - 128، والترمذي في سننه 1/ 56 - 57 - وقال فيه: هذا الحديث أحسن شيء روي في هذا الباب. قال: وفي الباب عن أبي أمامة- والنسائي في سننه 1/ 101، وابن ماجه في سننه/ 163، والبيهقي في السنن الكبرى 1/ 134، والطيالسي في مسنده (انظر: منحة المعبود 1/ 57)، وأحمد في مسنده (انظر: الفتح الرباني 2/ 88 - 89)، والطحاوي في شرح معاني الآثار 1/ 75 - 76، والدارقطني في سننه 1/ 149 - 150، وابن حبان في صحيحه (انظر: موارد الظمآن/ 77).=

اليدين (¬1) في الصلاة (¬2) - مقبول عندنا وعند عامة الفقهاء والمتكلمين، خلافًا للحنفية. لنا: ما سبق في خبر الواحد (¬3)، وقبول (¬4) الزيادة، وقبولهم للقياس ¬

_ =وورد في حديث أبي أمامة مرفوعًا، أخرجه ابن ماجه في سننه/ 163، وفي إِسناده مقال. وانظر: نصب الراية 1/ 54 - 70، والتلخيص الحبير 1/ 122 - 127. (¬1) أخرج البخاري في صحيحه 1/ 144، ومسلم في صحيحه/ 292 عن ابن عمر قال: رأيت رسول الله إِذا قام في الصلاة رفع يديه حتى يكونا حذو منكبيه، وكان يفعل ذلك حين يكبر للركوع، ويفعل ذلك إِذا رفع رأسه من الركوع، ويقول: سمع الله لمن حمده، ولا يفعل ذلك في السجود. وأخرجاه -أيضًا- من حديث مالك بن الحويرث، فانظر: صحيح البخاري 1/ 144، وصحيح مسلم/ 293. (¬2) تبع المؤلف ابن الحاجب وغيره في كون رفع اليدين ورد من طريق الآحاد. قال الزركشي في المعتبر/ 41 أ- ب: ظن بعضهم أن مراد المصنف -يعني ابن الحاجب- الافتتاح، ثم أنكر على المصنف كونه من أخبار الآحاد، ثم قال: "اللهم إلا أن يراد برفع اليدين فيما عدا تكبيرة الإِحرام، فإِن الدليل على ذلك أخبار آحاد"، وفي دعوى أن أحاديث الرفع فيما عدا التحريم لم تبلغ مرتبة التواتر نظر، وكلام البخاري في كتاب "رفع اليدين" مصرح ببلوغها ذلك، وقال البيهقي: "سمعت الحاكم يقول: لا نعلم سنة اتفق على روايتها عن النبي الخلفاء الأربعة ثم العشرة فمن بعدهم من أكابر الصحابة على تفرقهم في البلاد الشاسعة غير هذه السنة. قال البيهقي: وهو كما قال". (¬3) انظر: ص 503 وما بعدها من هذا الكتاب. (¬4) انظر: ص 614 من هذا الكتاب.

فيه وهو دونه. قالوا: البلوى به تستلزم شِيَاعه؛ لتوفر الدواعي على نقله، والعادة تقضي (¬1) بتواتره. رد: بالمنع (¬2). ويلزمهم وجوب الوِتْر (¬3) ¬

_ (¬1) في (ظ): تقتضي. (¬2) يعني: منع قضاء العادة بتواتره. (¬3) القائل بوجوب الوتر استدل بحديث: (إِن الله زادكم صلاة، ألا وهي الوتر، فصلُّوها ما بين العشاء إِلى طلوع الفجر). انظر: الهداية 1/ 65. وقد ورد من حديث خارجة بن حُذافة قال: قال الرسول: (إِن الله أمدكم بصلاة هي خير لكم من حُمْر النَّعَم، وهي الوتر، فجعلها لكم فيما بين العشاء إِلى طلوع الفجر). أخرجه أبو داود في سننه 2/ 128 - 129، والترمذي في سننه 1/ 281، وقال: غريب، وابن ماجه في سننه/ 369، والحاكم في المستدرك 1/ 306 وقال: صحيح الإِسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي في التلخيص. وورد من حديث عمرو بن العاص وعقبة، أخرجه إِسحاق بن راهويه في مسنده والطبراني في معجمه بلفظ: (إِن الِله عَزَّ وَجَلَّ زادكم صلاة هي خير لكم من حمر النعم، الوتر ...) فانظر: نصب الراية 1/ 109، ومجمع الزوائد 2/ 240. وورد من حديث ابن عباس، أخرجه الدارقطني في سننه، والطبراني في معجمه بلفظ: (إِن الله قد زادكم صلاة وهي الوتر)، فانظر: سنن الدارقطني 2/ 30، ونصب الراية 1/ 110. وورد من حديث أبي بَصْرة الغفاري، أخرجه الحاكم في المستدرك 3/ 593=

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ =تعليقًا، وأحمد في مسنده 6/ 397، والطبراني في معجمه (انظر: مجمع الزوائد 2/ 239) بلفظ: (إِن الله زادكم صلاة، وهي الوتر، فصلوها فيما بين صلاة العشاء إِلى صلاة الصبح). وورد من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعًا: (إِن الله قد زادكم صلاة)، فأمرنا بالوتر. أخرجه الدارقطني في سننه 2/ 31، وأحمد في مسنده 2/ 180، 206، 208. وورد من حديث ابن عمر، أخرجه الدارقطني في غرائب مالك. فانظر: نصب الراية 1/ 100 - 111. ومن أحاديث الباب التي ذكرها من قال بوجوب الوتر: حديث أبي أيوب: قال - عليه السلام -: (الوتر حق على كل مسلم). أخرجه أبو داود في سننه 2/ 132، والنسائي في سننه 3/ 238، وابن ماجه في سننه/ 376، والحاكم في المستدرك 3/ 301، والطبراني في الأوسط والكبير بلفظ: (الوتر واجب على كل مسلم). (انظر: مجمع الزوائد 2/ 240). وحديث بريدة: قال - عليه السلام -: (الوتر حق، فمن لم يوتر فليس منا). أخرجه أبو داود في سننه 2/ 129، والحاكم في المستدرك 1/ 305 - 306 وصححه. وحديث أبي سعيد: قال - عليه السلام -: (أوتروا قبل أن تصبحوا). أخرجه مسلم في صحيحه/ 519 - 520. وحديث معاذ: سمعت رسول الله يقول: (زادني ربي صلاة هي الوتر، ووقتها ما بين العشاء إِلى طلوع الفجر). انظر: مسند أحمد 5/ 242. وحديث ابن مسعود: (الوتر واجب على كل مسلم). أخرجه البزار في مسنده (انظر: كشف الأستار 1/ 352).=

ونقض الطهارة بخاسة من غير السبيل (¬1) ¬

_ =وراجع الكلام عن هذه الأحاديث وبيان درجتها في: نصب الراية 2/ 108 - 113، والدراية 1/ 188 - 190، ومجمع الزوائد 2/ 239، وسنن البيهقي 2/ 468 - 470. (¬1) كالنقض بالقيء والرُّعاف: ورد من حديث عائشة مرفوعًا، أخرجه ابن ماجه في سننه/ 385 - 386 قال - عليه السلام -: (من أصابه قيء أو رعاف ... فلينصرف فليتوضأ ثم ليبن علي صلاته وهو في ذلك لا يتكلم). في الزوائد: في إِسناده إِسماعيل بن عياش، وقد روى عن الحجازيين، وروايته عنهم ضعيفة. وأخرجه الدارقطني في سننه 1/ 153 - 155 وتكلم فيه، والبيهقي في سننه 1/ 142 - 143 وتكلم فيه. وورد النقض -أيضًا- من حديث أبي سعيد مرفوعًا: (من رعف في صلاته فليرجع فليتوضأ وليس علي صلاته). أخرجه الدارقطني في سننه 1/ 157 وقال: فيه أبو بكر الداهرى عبد الله بن حكيم متروك الحديث. وأخرج أحمد في مسنده 6/ 449، والترمذي في سننه 1/ 59 عن أبي الدرداء: أن رسول الله قاء فأفطر فتوضأ. قال الترمذي: وقد جود حسين المُعَلِّم هذا الحديث، وحديث حسين أصح شيء في هذا الباب. وأخرج الدارقطني في سننه 1/ 156 عن سلمان قال: رآني النبي وقد سال من أنفي دم، فقال: (أحدث وضوءًا). وأخرجه البزار في مسنده وسكت عنه على ما في نصب الراية، وفي إِسناد الحديث مقال. فانظر: نصب الراية 1/ 41. وأخرج الدارقطني في سننه 1/ 156 - 157 عن ابن عباس قال: كان رسول الله إِذا رعف في صلاته توضأ ثم بني على ما مضى من صلاته. في إِسناده: عمر بن رِيَاح، متروك.=

وتثنية الإِقامة (¬1) والمشي خلف الجنازة (¬2). ¬

_ =وأخرج الدارقطني في سننه 1/ 152 - 153 عن ابن عباس قال: قال رسول الله: (إِذا رعف أحدكم في صلاته فلينصرف فليغسل عنه الدم ثم ليعد وضوءه ويستقبل صلاته). فيه سليمان بن أرقم، متروك. (¬1) تثنية الإِقامة: وردت من حديث معاذ مرفوعًا، أخرجه أبو داود في سننه 1/ 347 - 348، وأحمد في مسنده 5/ 246، والبيهقي في سننه 1/ 420 - 421. ووردت من حديث عبد الله بن زيد مرفوعاً، أخرجه الترمذي في سننه 1/ 125 ... عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عبد الله بن زيد. قال الترمذي: وعبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من عبد الله بن زيد. ووردت من حديث أبي محذورة مرفوعًا، أخرجه أبو داود في سننه 1/ 341 - 342، والنسائي في سننه 2/ 4، وابن ماجه في سننه/ 235. وانظر الكلام عن أحاديث تثنية الإِقامة في: نصب الراية 1/ 266 - 271. (¬2) المشي خلف الجنازة: ورد من حديث ابن مسعود مرفوعاً، أخرجه أبو داود في سننه 3/ 525، والترمذي في سننه 2/ 239، وابن ماجه في سننه/ 476، وفي إِسناده: يحيى المجبر، قال أبو داود: ضعيف. وفيه: أبو ماجدة، قال أبو داود والترمذي: مجهول. وقال الترمذي: هذا حديث لا نعرفه من حديث ابن مسعود إِلا من هذا الوجه، وسمعت محمَّد بن إِسماعيل يضعف حديث أبي ماجدة هذا. وورد من حديث أبي هريرة مرفوعًا، أخرجه أبو داود في سننه 3/ 517 - 518، وأحمد في مسنده 2/ 528 وفي إِسناده رجلان مجهولان. فانظر: نصب الراية 2/ 290. وورد من حديث أبي أمامة مرفوعًا، أخرجه الحاكم في مستدركه 4/ 40 وسكت عنه. وورد من حديث سهل بن سعد مرفوعًا، أخرجه ابن عدي في الكامل -على ما في نصب الراية 2/ 291 - والطبراني في الكبير على ما في مجمع الزوائد 3/ 31.=

مسألة

مسألة خبر الواحد فيما يوجب الحد مقبول عندنا وعند (¬1) العلماء خلافًا للكرخي (¬2) وأبي عبد الله البصري (¬3)، لما سبق (¬4). قالوا: الحد يُدْرأ بالشبهة. رد: لا شبهة كما لا شبهة مع البينة والقياس. مسألة يجب العمل بحمل الصحابي ما رواه على أحد محمليه عندنا وعند عامة العلماء؛ عملاً بالظاهر. ¬

_ =وقد تكلم في سنده. وورد من حديث علي مرفوعًا، أخرجه عبد الرزاق في مصنفه 3/ 447 - 449، وقد أعله ابن عدي في الكامل. فانظر: نصب الراية 2/ 291. وورد من حديث ابن عمر، أخرجه ابن عدي في الكامل وضعفه. فانظر: نصب الراية 2/ 292. وأخرج عبد الرزاق في مصنفه 3/ 445 ... عن طاوس: ما مشى رسول الله -حتى مات- إِلا خلف الجنازة. وهو مرسل. (¬1) نهاية 64 ب من (ظ). (¬2) انظر: أصول السرخسي 1/ 333، وفواتح الرحموت 1/ 372. (¬3) انظر: المعتمد/ 570 - 571. (¬4) في قبول خبر الواحد. انظر: ص 503 من هذا الكتاب.

وقال الآمدي (¬1): لا يبعد أن لا يجب، فيعمل باجتهاده، فإِن لم يظهر شيء وجب. وحكى السرخسي (¬2) عن أبي بكر الرازي: لا يعمل به، كتفسير ابن عمر تفرق المتبايعين (¬3) بفعله (¬4). قال بعض أصحابنا (¬5): هذه المسألة فرع على أن قوله ليس بحجة، أو (¬6) اختلفوا فيها (¬7). وللمالكية خلاف (¬8). * * * ¬

_ (¬1) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 115. (¬2) أبو سفيان. فانظر: العدة/ 591. (¬3) الوارد في قوله - عليه السلام -: (البيعان بالخيار ما لم يتفرقا). أخرجه البخاري في صحيحه 3/ 64، ومسلم في صحيحه/ 1163 من حديث ابن عمر. (¬4) وهو: أنه كان إِذا بايع رجلاً فأراد أن لا يقيله قام فمشى ثم رجع إِليه. أخرجه البخاري في صحيحه 3/ 65، ومسلم في صحيحه/ 1164. (¬5) انظر: المسودة/ 129، والآداب الشرعية 2/ 301. (¬6) في (ح) و (ظ): واختلفوا. (¬7) في المسودة: أو كان ذلك في مسألة فيها خلاف بين الصحابة. (¬8) انظر: مختصر ابن الحاجب 2/ 72، وشرح تنقيح الفصول/ 371.

وفي وجوب الرجوع إِلى التابعي (¬1) روايتان عن أحمد، ذكرهما أبو الخطاب وغيره (¬2). وتَأوَّل (¬3) القا ضي (¬4) رواية الوجوب (¬5). واختار ابن عقيل: لا يجب (¬6). * * * وإِن حمله الصحابي- بتفسيره أو عمله- على غير ظاهره عُمِل بالظاهر في رواية، واختارها القاضي (¬7) (¬8) وغيره -ولو قلنا: قوله حجة- وأكثر ¬

_ (¬1) نهاية 177 من (ح). (¬2) انظر: التمهيد/ 128أ، والواضح 2/ 171أ. (¬3) في (ظ): وتأويل. (¬4) نقل القاضي في العدة/ 582 عن أحمد -في رواية المروذي-: يوجد العلم بما كان عن النبي، فإِن لم يكن فعن أصحابه، فإِن لم يكن فعن التابعين. قال القاضي: وإِنما قال هذا لأن غالب أقوالهم لا تنفك عن أثر. (¬5) قال ابن عقيل في الواضح 2/ 171أ: قال شيخنا -يعني القاضي-: يحمل على إِجماعهم. (¬6) انظر: المسودة/ 177. أقول: وظاهر صنيع ابن عقيل في الواضح 2/ 171أ: أنه اختار الوجوب؛ لأنه ضَعَّف تأويل القاضي لرواية الوجوب. (¬7) انظر: العدة/ 589. (¬8) نهاية 85 ب من (ب).

الفقهاء، منهم: الشافعي وأكثر الحنفية (¬1). وفي رواية: يُعْمل بقوله، وقاله بعض الحنفية (¬2) وغيرهم. وللمالكية خلاف (¬3). واختار عبد الجبار (¬4) وأبو الحسين والآمدي (¬5): يُعْمل بالظاهر (¬6)، إِلا أن يُعْلَم مأخذه ويكون صالحًا، واختاره ابن عقيل، ولعله مراد من أطلق. * * * وإِن كان الظاهر عمومًا فيأتي في التخصيص (¬7). * * * وإِن كان الخبر نصا لا يحتمل تأويلا -وخالفه- فالخلاف عندنا لا يُرَدّ به الخبر ولا ينسخ (وش) (¬8)؛ لاحتمال نسيانه، ثم: لو عرف ناسخه ¬

_ (¬1) انظر: شرح المحلي على جمع الجوامع 2/ 146، والإحكام للآمدي 2/ 115، وغاية الوصول/ 99، وتيسير التحرير 3/ 71. (¬2) انظر: تيسير التحرير 3/ 72، وفواتح الرحموت 2/ 163. (¬3) انظر: مختصر ابن الحاجب 2/ 73، والمسودة/ 129. (¬4) انظر: المعتمد/ 670. (¬5) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 115 - 116. (¬6) في (ب) و (ظ): بالظاهر، واختاره ابن عقيل، ولعله مراد من طلق، إِلا أن يعلم مأخذه ويكون صالحًا. (¬7) انظر: ص 970 من هذا الكتاب. (¬8) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 116.

مسألة

لذَكَره ورواه ولو مرة؛ لئلا يكون كاتما للعلم. وعن أحمد (¬1) لا يعمل به (وهـ) (¬2). وقال الآمدي (¬3): يتعين ظهور ناسخ عنده، وقد لا يكون ناسخًا عند غيره، فلا يترك النص باحتمال (¬4). وبعض (¬5) من تبع الآمدي خالفه، وقال: في العمل بالنص نظر. * * * وإن عمل بخلاف خبرٍ أكثرُ الأمة لم يُرَدّ إِجماعًا. واستثنى بعضهم (¬6) إِجماع المدينة بناء على أنه إِجماع. مسألة خبر الواحد المخالف للقياس -من كل وجه- مقدم عليه عند أحمد (¬7) والشافعي (¬8) وأصحابهما والكرخي (¬9) والأكثر. ¬

_ (¬1) انظر: العدة/ 590. (¬2) انظر: أصول السرخسي 2/ 6، وتيسير التحرير 3/ 72، وفواتح الرحموت 2/ 163. (¬3) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 116. (¬4) في (ح): بالاحتمال. (¬5) انظر: مختصر ابن الحاجب 2/ 72. (¬6) انظر: مختصر ابن الحاجب 2/ 72. (¬7) انظر: العدة/ 888. (¬8) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 118. (¬9) انظر: كشف الأسرار 2/ 378.

وعند المالكية (¬1): القياس، وقاله (هـ) إِن خالف (¬2) الأصول أو معنى (¬3) الأصول لا قياس الأصول، وأجازوا الوضوء بالنبيذ (¬4) سفرًا، وأبطلوا الوضوء بالقهقهة (¬5) داخل الصلاة فقط. ¬

_ (¬1) للمالكية قولان. فانظر: شرح تنقيح الفصول/ 387. (¬2) تبع المؤلف القاضي في نقل مذهب الحنفية. فانظر: العدة/ 889. وقد جاء في تيسير التحرير 3/ 116 عن أبي حنيفة: أنه يقول بتقديم خبر الآحاد على القياس مطلقًا. وراجع مذهب الحنفية في المسألة في: أصول السرخسي 1/ 339، وكشف الأسرار 2/ 377، وفواتح الرحموت 2/ 177. (¬3) نهاية 178 من (ح). (¬4) الوضوء بالنبيذ: ورد من حديث ابن مسعود -في قصة ليلة الجن- مرفوعاً: (تمرة طيبة وماء طهور)، وأن النبي توضأ به. أخرجه أبو داود في سننه 1/ 66، والترمذي في سننه 1/ 59 - 60، وابن ماجه في سننه/ 135 - 136، وأحمد في مسنده 1/ 449، والدارقطني في سننه 1/ 76 - 78، والطحاوي في شرح معاني الآثار 1/ 94 - 96. وقد ضعف هذا الحديث جمع من المحدثين، فانظر: سنن الترمذي 1/ 60، وسنن ابن ماجه/ 135 - 136، والفتح الرباني 1/ 205، ونصب الراية 1/ 137 - 147، والدراية 1/ 63 - 66، وشرح معاني الآثار 1/ 95 - 96، وسنن الدارقطني 1/ 76 - 78، والمعتبر/ 87 ب. وورد من حديث ابن عباس مرفوعًا: (إِذا لم يجد أحدكم ماء ووجد النبيذ فليتوضأ به). أخرجه الدارقطني في سننه 1/ 76، وأخرج -نحوه- من طريق آخر 1/ 75. وفيهما ضعف، فانظر: سننه، ونصب الراية 1/ 147 - 148. (¬5) تقدم خبر نقض الوضوء بالقهقة داخل الصلاة في ص 575.

وتوقف ابن الباقلاني (¬1). وعند (¬2) أبي الحسين (¬3): إِن كانت العلة بنص قطعي فالقياس كالنص (¬4) على حكمها، وإن كان الأصل مقطوعًا به فقط فالاجتهاد والترجيح. وعند صاحب المحصول: يقدم (¬5) الخبر ما لم توجب الضرورة تركه كخبر المُصَرَّاة (¬6)، لمعارضته للإِجماع في ضمان المِثْل أو (¬7) القيمة. وعند الآمدي (¬8) ومن وافقه: إِن ثبتت العلة بنص راجح على الخبر -وهي قطعية في الفرع (¬9) - فالقياس، أو ظنية فالوقف، وإلا فالخبر. ¬

_ (¬1) انظر: الإحكام للآمدي 2/ 118، ونهاية السول 2/ 312. (¬2) نهاية 65أمن (ظ). (¬3) انظر: المعتمد/ 654. (¬4) يعني: لأن النص على العلة كالنص على حكمها. (¬5) هذا الرأي قاله فخر الإسلام البزدوي في أصوله (انظر: كشف الأسرار 2/ 377)، فلعل المؤلف قد رآه منسوباً للفخر، فظنه فخر الدين الرازي، فقال: قال صاحب المحصول. وانظر: مذهب الرازي في كتابه المحصول 2/ 1/ 619. (¬6) أخرج البخاري في صحيحه 3/ 70 - 71، ومسلم في صحيحه/ 1155 عن أبي هريرة مرفوعًا: إلا تصَرُّوا الإبل والغنم، فمن ابتاعها بعد ذلك فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها، فإِن رضيها أمسكها، وإن سخطها ردها وصاعًا من تمر). (¬7) في (ظ): والقيمة. (¬8) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 118 - 119. (¬9) نهاية 86 أمن (ب).

ومعنى كلام جماعة من أصحابنا يقتضيه، وهو متجه. لنا: ما سبق في خبر الواحد من قول (¬1) عمر: "لولا هذا لقضينا فيه برأينا (¬2) "، ورجوعه إِلى توريث المرأة من دية زوجها (¬3)، وعمل جماعة من الصحابة. وقال أحمد: أكثرهم ينهى الرجل عن الوضوء بفضل وضوء المرأة (¬4). والقرعة في عتق (¬5) جماعة في مرض موته، وغير ذلك، وشاع ولم ينكر. ¬

_ (¬1) انظر: ص 504 من هذا الكتاب. (¬2) أخرجه الشافعي في الأم 6/ 107، والرسالة/ 427، وانظر: بدائع المنن 2/ 268. (¬3) انظر: ص 506 من هذا الكتاب. (¬4) ورد النهي عن وضوء الرجل بفضل وضوء المرأة في حديث رسول الله، من رواية الحكم ابن عمرو (الأقرع) مرفوعًا. أخرجه أبو داود في سننه 1/ 63، والترمذي في سننه 1/ 44، وقال: حديث حسن، والنسائي في سننه 1/ 179، وابن ماجه في سننه / 132، والطيالسي في مسنده (انظر: منحة المعبود 1/ 42)، وأحمد في مسنده 5/ 66، وابن حبان في صحيحه (انظر: موارد الظمآن/ 80). (¬5) وردت هذه القرعة في حديث رسول الله، فقد أخرج مسلم في صحيحه/ 1288 عن عمران بن حصين: أن رجلاً أعتق ستة مملوكين له عند موته لم يكن له مال غيرهم، فدعا بهم رسول الله، فجزأهم أثلاثًا، ثم أقرع بينهم فأعتق اثنين وأرق أربعة، وقال له قولاً شديدًا. وأخرجه أبو داود في سننه 4/ 266 - 270، والترمذي في سننه 2/ 409 وقال: حسن صحيح، والنسائي في سننه 4/ 64 وابن ماجه في سننه/ 786. قال الخطابي في معالم السنن -المطبوعة في هامش سنن أبي داود 4/ 267 - :

واعترض: بمثل قول ابن عباس لأبي هريرة -وقد روى عنه عليه السلام: (توضؤوا مما مَسَّت النار (¬1) - فقال: أنتوضأ من الحميم؟ أي: الماء الحار، ¬

_ =وقد اعترض على هذا قوم، فقالوا: في هذا ظلم للعبيد؛ لأن السيد إِنما قصد إِيقاع العتق عليهم جميعًا، فلما منع حق الورثة من استغراقهم وجب أن يقع الجائز منه شائعًا فيهم، لينال كل واحد منهم حصته منه، كما لو وهبهم ولا مال له غيرهم، وكما لو كان أوصى بهم فإِن الهبة والوصية قد تصح في الجزء في كل واحد منهم. قلت: هذا قياس ترده السنة، وإذا قال صاحب الشريعة قولاً وحكم بحكم لم يجز الاعتراض عليه برأي ولا مقابلة بأصل آخر، ويجب تقريره على حاله واتخاذه أصلاً في بابه ... ا. هـ. (¬1) هذا الحديث أخرجه مسلم في صحيحه/ 272 - 273 من حديث أبي هريرة وعائشة باللفظ المذكور، ومن حديث زيد بن ثابت بلفظ: (الوضوء مما مست النار). وأخرجه أبو داود في سننه 1/ 134 من حديث أبي هريرة بلفظ: (الوضوء مما أنضجت النار). ومن حديث أم حبيبة بلفظ: (توضؤوا مما غيرت النار أو مما مست النار). وأخرجه الترمذي في سننه 1/ 52 من حديث أبي هريرة بلفظ: (الوضوء مما مست النار). قال: وفي الباب عن أم حبيبة وأم سلمة وزيد بن ثابت وأبي طلحة وأبي أيوب وأبي موسى. وأخرجه النسائي في سننه 1/ 105 - 106 من حديث زيد بن ثابت وأبي هريرة وأم حبيبة بلفظ: (توضؤوا مما مست النار)، ومن حديث أبي أيوب وأبي طلحة بلفظ: (توضؤوا مما غيرت النار). وأخرجه ابن ماجه في سننه/ 163 من حديث أبي هريرة بلفظ (توضؤوا مما غيرت النار)، ومن حديث عائشة وأنس بلفظ: (توضؤوا مما مست النار). وأخرجه الطيالسي في مسنده (انظر: منحة العبود 1/ 58) من حديث أبي هريرة بلفظ: (الوضوء مما مست النار)، ومن حديث أم حبيبة بلفظ: (الوضوء مما غيرت النار أو مما مست النار).

فقال أبو هريرة: يابن أخي، إِذا سمعتَ حديثًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا تضرب له مثلاً. رواه الترمذي وابن ماجه (¬1). رد بأن ذلك استبعاد لمخالفة الظاهر (¬2). وفي الصحيحين (¬3): عن ابن عباس: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أكل كتف شاة وصلى (¬4) ولم يتوضأ". وأيضًا: خبر معاذ، سبق (¬5) في أن الإِجماع حجة. ولأن الخبر أقوى في غلبة الظن؛ لأنه يجتهد فيه في العدالة والدلالة، ويجتهد في القياس في: ثبوت حكم الأصل، وكونه معللاً، وصلاحية الوصف للتعليل، ووجوده في الفرع، ونفي المعارض في الأصل والفرع. واعترض: باحتمال كذب الراوي، وفسقه، وكفره، وخطئه، والإِجمال في الدلالة، والتجوز والإِضمار والنسخ، مما لا يحتمله القياس. رد: بأنه بعيد، وبتطرقه إِلى أصل ثبت بخبر الواحد، وبتقديم ظاهر الكتاب والسنة المتواترة مع التطرق في الدلالة. قالوا: ظنُّه في الخبر من جهة غيره، وفي القياس من نفسه، وهو بها ¬

_ (¬1) انظر: سنن الترمذي 1/ 52، وسنن ابن ماجه/ 163. (¬2) يعني: لم يخالفه للقياس، بل لاستبعاده له لظهور خلافه. انظر: شرح العضد 2/ 73. (¬3) انظر: صحيح البخاري 1/ 48، وصحيح مسلم / 273. (¬4) نهاية 179 من (ح). (¬5) انظر: ص 393 من هذا الكتاب.

مسألة

أوثق. رد: بأن الخطأ إِليه أقرب من (¬1) الخبر، والخبر مستند إِلى المعصوم، ويصير ضروريًا بضم أخبار إِليه، ولا يفتقر إِلى قياس. ولا (¬2) إِجماع في لبن المصراة (¬3)، وهو أصل بنفسه، أو مستثنى للمصلحة وقطع النزاع لاختلاطه. * * * فأما إِن كان أحدهما أعم خص بالآخر على خلاف يأتي (¬4). مسألة (¬5) المرسَل: قول غير الصحابي في سائر الأعصار: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -، عند أصحابنا -قال القاضي (¬6) وابن عقيل (¬7): هو ظاهر كلام أحمد "ربما كان المنقطع أقوى إِسنادًا"- وقاله الكرخي والجرجاني وجماعة من الشافعية ¬

_ (¬1) نهاية 86 ب من (ب). (¬2) هذا رد على ما نقله عن صاحب المحصول. (¬3) يعني: لا إِجماع على أن الضمان يكون بالمثل أو القيمة. (¬4) انظر: ص 980، 1629 من هذا الكتاب. (¬5) نهاية 65 ب من (ظ). (¬6) انظر: العدة/ 906 - 907، 917. (¬7) انظر: المسودة/ 251.

وغيرهم (¬1) وبعض المحدثين (¬2). وقد قال يحيى القَطَّان (¬3): مرسلات (¬4) ابن عُيَيْنَة تشبه الريح، ثم قال: إِيْ والله، وسفيان بن سعيد (¬5)، قال ابن المديني: قلت: فمرسلات مالك؟ قال: هي أَحَبُّ إِليَّ. وقال بعض أصحابنا (¬6): ليس هذا (¬7) مذهب أحمد، فإِنه لم يحتج ¬

_ (¬1) نهاية 180 من (ح). (¬2) انظر: العدة / 918، والمسودة/ 251، وأصول الجصاص / 193 ب، وتيسير التحرير 3/ 102، وفواتح الرحموت 2/ 174، والكفاية/ 20، والمستصفى 1/ 169، والإحكام للآمدي 2/ 123، ونهاية السول 2/ 324، وشرح العضد 2/ 74، وشرح المحلي على جمع الجوامع 2/ 168. (¬3) هو: أبو سعيد يحيى بن سعيد بن فَرُّوخ، التميمي -بالولاء- البصري، من تابعي التابعين، محدث حافظ إِمام في "الجرح والتعديل" توفي سنة 198 هـ. انظر: تاريخ بغداد 14/ 135، ومشاهير علماء الأمصار/ 161، وتذكرة الحفاظ/ 298، وميزان الاعتدال 4/ 380، والمنهج الأحمد 1/ 57. (¬4) انظر: الكفاية/ 386 - 387. (¬5) هو: أبو عبد الله سفيان بن سعيد بن مسروق الثورى الكوفي إِمام حافظ محدث فقيه، توفي بالبصرة سنة 161 هـ. قال ابن حجر في التقريب: ثقة حجة ... وكان ربما دلس. انظر: حلية الأولياء 6/ 356، وصفة الصفوة 3/ 147، ووفيات الأعيان 2/ 127، وتذكرة الحفاظ/ 203، وتقريب التهذيب 1/ 311. (¬6) انظر: المسودة/ 251. (¬7) يعني: كون مرسل كل عصر مقبولاً.

بمراسيل وقته، لكن هذا إِذا قاله محدِّث عارف أو احتج به فنَعَمْ كتعليق البخاري المجزوم به، قال: وبحثُ القاضي يدل على أنه أراد بالمرسل في عصرنا ما أرسله عن واحد، وهذا قريب. وفي التمهيد (¬1) -أيضًا-: يقبل إِن أرسل في وقت لم تكن الأحاديث مضبوطة، وإلا فلا. وعند أكثر المحدثين: إِن قاله تابع التابعي فهو مُعْضَل. وبعضهم -أيضًا-: إِن قاله تابعي صغير فليس بمرسل. * * * ثم: هو حجة في الأصح عن أحمد، وعليه أصحابه (وهـ م ع)، وحكاه بعضهم عن الأكثر. قال ابن جرير (¬2) وأبو الوليد الباجي (¬3): إِنكار كونه حجة بدعة حَدَثَتْ بعد المائتين (¬4). ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد / 121 ب. (¬2) انظر: التمهيد لابن عبد البر 1/ 4. (¬3) انظر: إِحكام الفصول/ 39 أ. (¬4) التوقف في قبول المرسل والتحري في شأنه بدأ في عصر مبكر، ففي مقدمة صحيح مسلم/ 12 - 13، 15: أن ابن عباس لم يقبل مرسل بعض التابعين مع كون ذلك التابعي ثقة حجة، وأن ابن سيرين قال: لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة قالوا: سموا لنا رجالكم، فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم وينظر إِلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم.

فعلى هذا فهم بعض أصحابنا (¬1) من قول ابن إِبراهيم لأحمد (¬2): مرسَل برجال ثبت أَحَبُّ (¬3) إِليك أو حديث عن الصحابة؟ قال: عن الصحابة، أعجب إِليَّ تقديم قول الصحابي. وقال (¬4) القاضي (¬5): لو كان حجة لم يقدم عليه قول الصحابي (¬6)؛ لأن من جَعَلَه حجة قدَّمه عليه. وعن أحمد (¬7): ليس بحجة، وحكاه مسلم (¬8) عن أهل العلم بالأخبار، وابن عبد البر (¬9) عن أهل الحديث. فعلى هذا: هل يُرَجَّح به؟ قال فيه في العدة (¬10): لا يجوز الترجيح بما لا يثبت به حكم. ¬

_ (¬1) قال في المسودة/ 250: وهذا عندي يدل على خلاف ما قاله القاضي؛ لأن الترجيح بينهما عند التعارض دليل الاكتفاء بكل واحد منهما عند الإِنفراد. (¬2) انظر: مسائل الإٍ مام أحمد لابن هانئ النيسابورى 2/ 165، والعدة/ 909. (¬3) في (ب): أحب. (¬4) نهاية 87 أمن (ب). (¬5) انظر: العدة/ 909. (¬6) في (ب): الصحابة. (¬7) انظر: العدة/ 908. (¬8) انظر: صحيح مسلم/ 30. (¬9) انظر: التمهيد لابن عبد البر 1/ 5. (¬10) انظر: العدة/ 915.

وخالف أبو الطيب وغيره من الشافعية (¬1). وسبق (¬2) مثله في الحديث الضعيف. وقال السرخسي (¬3): حجة في القرون الثلاثة؛ لأنه - عليه السلام - أثنى عليهم (*). وقال عيسى بن أَبَان (¬4): ومن أئمة النقل أيضًا (¬5). وقال (ش) (¬6): إِن أسنده غيره (¬7)، أو أرسله -وشيوخهما مختلفة- ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 250، 252. (¬2) انظر: ص 558، 565 من هذا الكتاب. (¬3) أبو سفيان. فانظر: العدة/ 918. (¬4) هو: أبو موسى عيسى بن أبان بن صدقة، فقيه حنفي مشهور، كان من أصحاب الحديث ثم غلب عليه الرأي، توفي بالبصرة سنة 221 هـ. من مؤلفاته: إِثبات القياس، وخبر الواحد. انظر: أخبار أبي حنيفة وأصحابه/ 141، والجواهر المضية 1/ 401، والفوائد البهية/ 151، وتاريخ بغداد 11/ 175، والفهرست/ 289. (¬5) انظر: أصول الجصاص/ 193 ب. (¬6) انظر: الرسالة/ 461، والإِحكام للآمدي 2/ 123، والمجموع 1/ 61، ونهاية السول 2/ 324، وشرح المحلي على جمع الجوامع 2/ 169. (¬7) في (ح): غيرهما وأرسله. (*) أخرجه البخاري في صحيحه 3/ 171، ومسلم في صحيحه/ 1962 - 1965 من حديث جمع من الصحابة مرفوعاً.

أو عضده قول صحابي أو أكثر العلماء أو عرف أنه لا يُرْسِل إِلا عن عدل: قُبِلَ، وإلا فلا. وأُخِذَ عليه: بأن العمل بالمسند (¬1). وبأن ضم باطل إِلى مثله لا يفيد. رد الأول: بأن المرسل صار حجة، والمسند قوي به، فيرجح على مسند عارضه. وبأن (¬2) الانضمام يحصل به (¬3) الظن أو يقوى. وذكر الآمدي (¬4): أنه وافق الشافعي على ذلك أكثر أصحابه وابن الباقلاني وجماعة. واختار بعض أصحابنا (¬5) [بناء] (¬6) المسألة على الخلاف في قبول المجهول. كذا قال. وبعض أصحابنا (¬7): ما سبق (¬8) في (¬9) رواية العدل عن غيره. ¬

_ (¬1) نهاية 181 من (ح). (¬2) في (ح) و (ظ): وبأن بالانضمام. (¬3) نهاية 66 أمن (ظ). (¬4) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 123. (¬5) انظر: البلبل/ 69. (¬6) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ظ). (¬7) يعني: اختار بعض أصحابنا ما سبق -في رواية العدل عن غيره- من التفصيل بين من عادته أن لا يروي إِلا عن ثقة ... إِلخ. فانظر: المسودة/ 253. (¬8) انظر: ص 557 من هذا الكتاب. (¬9) في (ظ): من.

ويتوجه أنه مذهب أحمد؛ فإِنه فرق بين مرسل من يُعرف أنه لا يروي [إِلا] (¬1) عن ثقة وبين غيره، فإِنه قال (¬2): مرسلات سعيد بن المسيب (¬3) أصحها، ومرسلات إِبراهيم (¬4) لا بأس بها، وأضعفها: مرسلات الحسن وعطاء (¬5)؛ كانا يأخذان عن كلٍّ، ومرسلات ابن سِيرين صحاح، ومرسلات عمرو بن دينار (¬6) أحب إلى من مرسلات إِسماعيل بن أبي خالد (¬7)؛ ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح) و (ب). (¬2) انظر: العدة/ 907، 920 - 924، والكفاية/ 386. (¬3) هو: أبو محمَّد سعيد بن المسيب بن حَزْن المخزومي، تابعي محدث مفسر فقيه، توفي سنة 93 هـ. انظر: حلية الأولياء 2/ 161، ووفيات الأعيان 2/ 117، ومشاهير علماء الأمصار/ 63، وتذكرة الحفاظ/ 54، وشذرات الذهب 1/ 102. (¬4) يعني: النخعي. (¬5) هو: عطاء بن أبي رباح. (¬6) هو: أبو محمَّد الجُمَحي -بالولاء- المكي، تابعي ثقة ثبت، روى عن جابر وأبي هريرة وابن عمر وغيرهم، وعنه شعبة والسفيانان وقتادة وغيرهم، توفي سنة 126 هـ. انظر: المعارف/ 468، وتذكرة الحفاظ/ 113، وتهذيب الأسماء واللغات 1/ 2/ 27، وتقريب التهذيب 2/ 69. (¬7) هو: أبو عبد الله البَجَلي الأحْمَسي -بالولاء- الكوفي، حافظ ثقة ثبت، سمع من ابن أبي أوفى وطارق بن شهاب وآخرين، وحدث عنه شعبة والسفيانان ويحيى القطان وغيرهم، توفي سنة 146 هـ. انظر: العبر 1/ 203، وتذكرة الحفاظ/ 153، وتهذيب التهذيب 1/ 291، وطبقات الحفاظ/ 66.

إِسماعيل لا يبالي عمن حدَّث (¬1)، وعمرو لا يروي إِلا عن ثقة، ولا يعجبني مرسل يحيى بن أبي كثير (¬2)؛ لأنه روى عن ضعاف. وقيل له: لم كرهتَ مرسلات الأعمش؟ قال: لا يبالي عمن حدَّث. وقيل له عن مرسلات سفيان (¬3). فقال (¬4): لا يبالي عمن روى. ونقل مهنا (¬5): أن مرسل الحسن صحيح. وقاله ابن المديني (¬6). ومثل ذلك كثير في كلام الأئمة. احتج الأولون: بقبول مراسيل الأئمة من غير نكير. وبأن الظاهر منهم: لا يطلقون إِلا بعد ثبوته، لإِلزام الناس بحكم. وذلك (¬7) ممنوع؛ لما سبق من التفرقة (¬8). ¬

_ (¬1) نهاية 87 ب من (ب). (¬2) هو: أبو النضر يحيى بن أبي كثير صالح بن المتوكل الطائي -بالولاء- اليماني، روى عن أنس وجابر وأبي أمامة مرسلاً، توفي سنة 129 هـ. قال ابن حجر في التقريب: ثقة ثبت، لكنه يدلس ويرسل. انظر: يحيى بن معين وكتابه التاريخ 2/ 652، ومشاهير علماء الأمصار/ 191، وتذكرة الحفاظ/ 127، وتقريب التهذيب 2/ 356. (¬3) هو: سفيان الثوري. (¬4) في (ح): قال. (¬5) انظر: العدة/ 924. (¬6) انظر: تهذيب التهذيب 2/ 266. (¬7) يعني: كون الظاهر ما ذكر. (¬8) بين مرسل ومرسل.

واحتج الثاني: بأن فيه جهلاً بعين الراوي وصفته. رد: من عادته التحري فإِرساله دليلُ تعديلِه. قالوا: كالشهادة (¬1) في (¬2) العدالة (¬3)، وإرسال شهادة الفرع (¬4). ولا يبقى للإِسناد فائدة. رد: الشهادة أضيق. وفائدته: عند التعارض ورفع الخلاف (¬5)، وقد يعين الراوي المرويَّ عنه لعدم معرفته به، أو ليبحث المجتهد عنه بنفسه (¬6)، فظنه أقوى من غيره. * * * أما مرسل الصحابة فحجة عندنا وعند الجمهور؛ عملا بالظاهر، خلافا لبعض الشافعية. وزعم (¬7) الصَّيْمَرِي (¬8) الحنفي (¬9): أن الصحابي إِذا قال: "هذا كتاب ¬

_ (¬1) يعني: الخبر كالشهادة. (¬2) نهاية 182 من (ح). (¬3) يعني: في اشتراط العدالة. (¬4) وهو غير مقبول. (¬5) حيث اختلف في المرسل، ولم يختلف في المسند. (¬6) في (ح): نفسه. (¬7) انظر: المسودة/ 260. (¬8) في (ح): الصميري. (¬9) هو: أبو عبد الله الحسين بن علي بن محمَّد، إِمام الحنفية ببغداد، ثقة صاحب حديث، توفي سنة 436 هـ.=

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه مرسل حتى يقول: "حدثني بما فيه"؛ لأنه يحتمل: "هذا كتابه دَفَعه إِليَّ، وقال: اعمل بما فيه أو اروِه عني"، وهو مرسل، لا يختلف أهل الأصول في ذلك. كذا قال. وذكر بعض أصحابنا (¬1) خلافه إِجماعًا. وسبقت المناولة (¬2). * * * وإِن انقطع في الإِسناد رجل -كرواية تابع تابعي عن صحابي- فمرسل، ذكره القاضي (¬3) وطوائف من الفقهاء وغيرهم. والأشهر عند المحدثين: يسمى منقطعًا. * * * ومن روى عمن لم (¬4) يلقَه -ووقَفَه عليه- فمرسل أو منقطع يسمى موقوفاً. وسبق (¬5) في التعديل: هل يُعمل بالضعيف؟ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ =من مؤلفاته: مسائل الخلاف في أصول الفقه، وأخبار أبي حنيفة وأصحابه. انظر: تاريخ بغداد 8/ 78، وتذكرة الحفاظ/ 1109، والجواهر المضية 1/ 214، والفوائد البهية/ 67، وتاج التراجم/ 26. (¬1) انظر: المسودة/ 260. (¬2) انظر: ص 595 من هذا الكتاب. (¬3) انظر: العدة / 906. (¬4) نهاية 88 أمن (ب). (¬5) انظر: ص 559 من هذا الكتاب.

الأمر

الأمر وهو حقيقة في القول المخصوص (¬1) اتفاقًا، وهو (¬2) قسم من أقسام الكلام. وعند الأشعرية (¬3): كما يطلق عليه يطلق على الكلام النفسي (¬4)، وهو المعنى القائم بالنفس الذي دل عليه اللفظ، والنفسي القديم وإِن كان واحداً بالذات فيسمى أمرًا ونهيًا وخبرًا وغيرها من أقسام الكلام باختلاف (¬5) تعلُّقه ومتعلَّقه، وإنما الخلاف في الفعل. كذا ذكره الأشعرية. وعند أحمد وأصحابه والجمهور: الكلام الأصوات والحروف -والمعنى النفسي لا يسمى كلاما، أو يسمى مجازًا- لاستعمال الكتاب (¬6) ¬

_ (¬1) نهاية 66 ب من (ظ). (¬2) يعني: الأمر. (¬3) عدلت في (ب) و (ظ) إِلى: الأشعري. (¬4) انظر: الإحكام للآمدي 2/ 130 - 131. (¬5) نهاية 183 من (ح). (¬6) قال تعالى لزكريا: (آيتك ألا تُكلم الناس ثلاث ليال سَوِيًّا * فخرج على قومه من المحراب فأوحى إِليهم أن سبحوا بكرة وعَشِيًّا) سورة مريم: الآيتان 10، 11. فلم بسم إِشارته كلاما.

والسنة (¬1) وإجماع أهل اللغة (¬2)، ولو حلف "لا يتكلم" -فلم ينطق- لم يَحْنَثْ إِجماعًا، واتفاق أهل العرف أن من لم ينطق ليس متكلمًا. واعترض: بنحو: (ويقولون في أنفسهم) (¬3)] (وأسِرُّوا قولكم) (¬4). رد: أي يقول لعضهم لبعض، ثم: مجاز. وفي فنون ابن عقيل: أَزْرَى رجل على من قال: "الكلام في النفس"، فقال حنبلي محقِّق -يقصد إِبانة الحق لا إِرضاء الخلق-: القرآن كلام الله قبل تلاوته علينا، وهو في الصدور ولم يخرج إِلى الصوت والحرف، فلا تُنكر ما لا تعلم. * * * واختلف كلام القاضي (¬5) وغيره في تسمية الكتابة كلاماً حقيقة. * * * ¬

_ (¬1) أخرج البخاري في صحيحه 8/ 135، ومسلم في صحيحه/ 116 - واللفظ له- عن أبي هريرة مرفوعًا: (إِن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم يتكلموا أو يعملوا به). (¬2) فقد اتفقوا على أن الكلام: اسم، وفعل، وحرف. انظر: الكتاب 1/ 2، والمقتضب 1/ 4، وروضة الناظر/ 189 - 190. (¬3) سورة المجادلة: آية 8. (¬4) سورة الملك: آية 13. (¬5) انظر: العدة/ 224، والمسودة/ 14، والقواعد والفوائد الأصولية/ 162.

وعند أحمد وأصحابه والجمهور: الأمر مجاز في الفعل [(و)] (¬1). وفي الكفاية (¬2): "مشترك بينه وبين الشأن والطريقة ونحو ذلك"، قال بعض أصحابنا (¬3): هو الصحيح لمن أنصف، وقاله بعض المالكية وابن برهان وأبو الطيب وأبو الحسين البصري (¬4). واختار الآمدي (¬5): متواطئ. لنا: سَبْق القول إِلى الفهم عند الإِطلاق (¬6)، ولو كان متواطئا لم يفهم (¬7) منه الأخص؛ لأن الأعم لا يدل على الأخص. وقول أهل اللغة (¬8). واستدل: لو كان حقيقة في الفعل لزم الاشتراك (¬9)، ولاطَّرد؛ لأنه (¬10) ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين من (ح). (¬2) انظر: المسودة/ 16. (¬3) انظر: المرجع السابق. (¬4) انظر: المعتمد / 45. (¬5) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 137. (¬6) يعني: إِطلاق لفظ (أمر). (¬7) نهاية 88 ب بن (ب). (¬8) حيث حدوا الأمر بقول القائل: افعل ... إِلخ. انظر: العدة/ 222، 223. (¬9) وهو خلاف الأصل، لكونه مخلا بالتفاهم. انظر: شرح العضد 2/ 76. (¬10) يعني: لأن الاطراد. انظر: الإِحكام للآمدى 2/ 131.

من لوازمها (¬1)، ولا يقال للأكل (¬2): أمر، ولاشْتُقَّ له منه "آمر" ولا مانع (¬3)، ولاتَّحَدَ جمعاهما، ولَوُصِف بكونه مطاعا ومخالفا، ولَمَا صح نفيه. ورد الأول: بمنع إِطلاقه عليه، بل على شأنه وقصته (¬4)، ومنه قوله. ثم: مجاز، لدليلنا. وسبق (¬5) في تعارض المجاز والحقيقة. والثاني: بالمنع، ثم: خُصَّ ببعض الأفعال، كالأمر بقول مخصوص. والثالث: بأن الاشتقاق تابع للنقل والوضع (¬6)، وكما يتبع (¬7) الحقيقة يتبع بعض المسميات فلا يطرد (¬8) لعدم الاشتراك في ذلك المسمى. وبه يجاب عن الرابع والخامس. والسادس: بالمنع. ¬

_ (¬1) يعني: لوازم الحقيقة. انظر: المرجع السابق. (¬2) في (ب) و (ح): للآكل آمر. وانظر: المرجع السابق. (¬3) يعني: ولا مانع من ذلك في اللغة، ولم يشتق منه. انظر: المرجع السابق. (¬4) كذا في النسخ. ولعلها: وصفته. (¬5) انظر: ص 86 - 87 من هذا الكتاب. (¬6) نهاية 184 من (ح). (¬7) يعني: وكما يتبع الاشتقاق الحقيقة. انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 135. (¬8) يعني: فلا يطرد في غيره. انظر: المرجع السابق.

القائل "مشترك": إِطلاقه (¬1) وجمعه (¬2) -ولا علاقة- فكان حقيقة. رد: بالمنع، والمراد (¬3) القول (¬4) أو شأنه وقصته (¬5). و"حمار" (¬6) للبليد جمعه "حُمُر". ثم: كل (¬7) واحد من الأمر والأمور يقع موقع الآخر، وليس جمعًا له. القائل "متواطئ": لدفع المجاز والاشتراك (¬8)، فيجعل لقدر مشترك وهو الوجود والصفة. رد: يلزم رفعهما أبدا كذلك، وأن (¬9) يدل الأعم على الأخص، وبأنه إِحداث قول ثالث. * * * ¬

_ (¬1) يعني: إِطلاقه على الفعل. انظر: الإحكام للآمدي 2/ 137. (¬2) يعني: يجمع على (أمور). (¬3) من قولهم -مثلاً-: أمر فلان. (¬4) نهاية 67 أمن (ظ). (¬5) كذا في النسخ. ولعلها: وصفته. (¬6) يعني: لا نسلم أن الجمع دليل الحقيقة. انظر: الإحكام للآمدي 2/ 136. (¬7) يعني: إِن سلمنا أن الجمع يدل على الحقيقة فلا نسلم أن (أمور) جمع (أمر). انظر: المرجع السابق. (¬8) لأنهما محذوران. انظر: شرح العضد 2/ 76. (¬9) يعني: ويلزم أن يدل ...

حد الأمر: اقتضاء فعل أو استدعاء فعل بقول من هو دونه، قاله في العدة (¬1) والواضح (¬2)، وقال: "استدعاء الأعلى" لتعود الهاء إِليه؛ لأنه لا يجوز في الحد إِضمار، فيجوز: استدعاء فعل بقول من الدُّون. وفي التمهيد (¬3) والروضة (¬4): "استدعاء فعل بقول بجهة الاستعلاء"، وهو معنى حد الأشعرية (¬5). وقال بعض أصحابنا (¬6): لو أُسقِط "بقول" أو زِيد "أو ما قام مقامه" استقام. وبعضهم (¬7) -أيضًا-: قول يطلب به الأعلى من الأدنى فعلا أو غيره. كذا قالوا (¬8). والأولى على أصلنا: قول مع اقتضاء بجهة الاستعلاء. وقال ابن برهان (¬9): تعتبر إِرادة المتكلم بالصيغة بلا خلاف، حتى لا يرد ¬

_ (¬1) انظر: العدة 1/ 157. (¬2) انظر: الواضح 1/ 24 أ. (¬3) انظر: التمهيد/ 18 ب. (¬4) انظر: روضة الناظر/ 189. (¬5) انظر: المحصول 1/ 2/ 22، والإِحكام للآمدي 2/ 140. (¬6) انظر: البلبل/ 84. (¬7) انظر: المسودة/ 10. (¬8) نهاية 89 أمن (ب). (¬9) انظر: المسودة/ 4.

نحو: نائم وساه (¬1). وأخرج أصحابنا ذلك والتهديد وغيره (¬2) بالاستدعاء بجهة الاستعلاء، وإن عدلنا فلقرينة. [ثم] (¬3) قال ابن عقيل (¬4) وغيره: اتفقنا أن إِرادة النطق معتبرة، وإِلا فليس طلبًا واقتضاء واستدعاء، واختلف الناس: هل هو كلام؟ فنفاه المحققون: فقدم لقيام الكلام بالنفس (¬5)، وقوم لعدمِ إِرادة، وعندنا: لأنه مدفوع إِليه، كخروج حروف (¬6) عن غلبة عطاس ونحوه. [(¬7) والكتابة ليست كلاما حقيقة، قال ابن عقيل (¬8): عند أحد] (¬9). ¬

_ (¬1) جاء -هنا- في (ب) و (ظ): (والكتابة ليست كلاما حقيقة، قال ابن عقيل: عند أحد). وسيرد هذا الكلام في السطر الثامن من هذه الصفحة. (¬2) في (ب) و (ظ): وغيره وحد أصحابنا وجود اللفظ بالاستدعاء. (¬3) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬4) انظر: الواضح 1/ 238 ب. (¬5) وهذا لم يعبر عما في النفس. (¬6) في (ب) و (ظ): حرف. (¬7) ما بين المعقوفتين -هنا- من (ح). وقد ورد في (ب) و (ظ) متقدمًا، وسبقت الإِشارة إِليه في هامش 1. (¬8) انظر: الواضح 1/ 236 أ. (¬9) جاء -بعد هذا- في (ح): (وفي التمهيد والروضة: استدعاء فعل بقول بجهة الاستعلاء، وقال بعض أصحابنا: قول يطلب به الأعلى من الأدنى فعلا أو غيره). وهو مكرر مع ما تقدم في ص 648.

وحد أكثر المعتزلة (¬1) الأمر بقول القائل لمن دونه: "افعل" أو ما يقوم مقامه من غير العربية. ونُقِضَ طرده: بالتهديد والإِباحة والتكوين والإِرشاد، والحاكي، وبصدوره من الأعلى خضوعًا، وعكسه: بصدوره من الأدنى استعلاء. وبعضهم: صيغة "افعل" مجردة عن القرائن الصارفة عن الأمر. وفيه: تعريف الأمر بالأمر. وإن أسقط قيد القرائن بقي: "صيغة افعل مجردة"، فيرد التهديد وغيره. وبعضهم: صيغة "افعل" باقتران إِرادات ثلاث: إِرادة (¬2) وجود اللفظ (¬3)، وإرادة دلالتها على الأمر، وإرادة الامتثال. فالأول: عن النائم، والثاني: عن التهديد وغيره، والثالث: عن الحاكي والمبلِّغ. وهو فاسد؛ فإِن الأمر الذي هو المدلول إِن كان الصيغة فسد، فإِنها لم تُرَد (¬4) دلالتها على اللفظ، وإن كان المعنى (¬5) لم يكن الأمر الصيغة، وقد قال: إِنه هي. ¬

_ (¬1) انظر: المحصول 1/ 2/ 19، والإحكام للآمدي 2/ 137. (¬2) نهاية 185 بن (ح). (¬3) كذا في النسخ. والمناسب: اللفظة. (¬4) في (ح): لم يرد. (¬5) عدلت في (ب) و (ظ) إِلى: الأمر.

فإِن (¬1) قيل: الأمر الأول اللفظ مفسر بالصيغة، والأمر الثاني المعنى وهو الطلب (¬2)، أي: الأمر: الصيغة المراد بها دلالتها على الطلب. رد: فيه استعمال المشترك في التعريف بلا قرينة. واعتبر الجبائي (¬3) وابنه: إِرادة الدلالة. وبعضهم (¬4): إِرادة الفعل. ونقض عكسه: بصدوره بلا إِرادة، بأن توعد سلطان على ضرب زيدٍ عبدَه بلا جرم، فادعى مخالفة أمره، وأراد تمهيد عذره بمشاهدته، فإِنه يأمره ولا يريد امتثاله. وهذا -أيضًا- يلزم من حد الأمر بالطلب (¬5) وهو الاقتضاء. ورده -أيضًا- أصحابنا وغيرهم: بأنه كان يجب وجود كل أوامر الله؛ فإِن إِرادة الفعل تخصيصه بوقت حدوثه، فإِذا لم يوجد لم يتخصص، فلم تتعلق (¬6) به. ¬

_ (¬1) نهاية 67 ب من (ظ). (¬2) نهاية 89 ب من (ب). (¬3) انظر: المحصول 1/ 2/ 43، ونهاية السول 2/ 11. (¬4) يعني: عرف بعضهم الأمر بأنه: إِرادة الفعل. (¬5) لأن السيد -في هذه الصورة- آمر لعبده مع علمنا بأنه يستحيل منه طلب الفعل من عبده، لما فيه من تحقيق عقابه وكذبه، والعاقل لا يطلب ما فيه مضرته وإظهار كذبه. انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 139. (¬6) في (ب): فلم يتعلق.

ولا تشترط الإِرادة لغة إِجماعًا. وحده بعض الشافعية (¬1) بأنه: خبر عن الثواب على الفعل والعقاب على الترك. وفيه: لزومهما. فقيل: باستحقاقهما (¬2). فرد: باستلزام الخبر للصدق أو الكذب، والأمر لا يحتمله. وحده ابن الباقلاني (¬3) وأبو المعالي (¬4) والغزالي (¬5) -قال الآمدي (¬6): وأكثرهم-: بالقول المقتضي طاعة المأمور بفعل المأمور به. ورد: بأن المأمور مشتق من الأمر، وبأن الطاعة موافقة الأمر، وهما دور. واختار الآمدي (¬7) -على قاعدة أصحابه في كلام النفس-: طلب فعل على جهة (¬8) الاستعلاء. فالفعل: عن النهي، والباقي: عن الدعاء ¬

_ (¬1) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 139. (¬2) يعني: قيل: هو خبر عن استحقاق الثواب والعقاب. انظر: المرجع السابق. (¬3) انظر: المحصول 1/ 2/ 19، والإِحكام للآمدي 2/ 140. (¬4) انظر: البرهان/ 203. (¬5) انظر: المستصفى 1/ 411. (¬6) انظر: الإحكام للآمدي 2/ 140. (¬7) انظر: المرجع السابق. (¬8) نهاية 186 من (ح).

والالتماس. وقَيَّد بعضهم (¬1) الفعل بـ "غير كف"، ليخرج النهي، فإِنه فعل كف. وأورد: "اترك" و"كُف" أمران، وهما اقتضاء فعل هو كف، و"لا تترك" و"لا تكف" نهي، وهما اقتضاء فعل غير كف بجهة الاستعلاء. ولم يشترط بعض الأشعرية (¬2) الرتبة، [وهو غريب ضعيف] (¬3)، وحكي عن المعتزلة، لقول فرعون: (فماذا (¬4) تأمرون) (¬5). وحكى بعضهم (¬6) اعتبار (¬7) العلو، وأبي (¬8) الحسين (¬9) الاستعلاء، وأبطلهما بـ (فماذا (¬10) تأمرون). رد: من قول الملأ، ثم (¬11): هو استشارة؛ لأن من أمر سيده أحمق ¬

_ (¬1) انظرة مختصر ابن الحاجب 2/ 77. (¬2) انظر: المحصول 1/ 2/ 45، ونهاية السول 2/ 3. (¬3) ما بين المعقوفتين من (ح). (¬4) في النسخ: ماذا. (¬5) سورة الأعراف: آية 110. (¬6) انظر: المحصول 1/ 2/ 45، ونهاية السول 2/ 4. (¬7) يعني: حكى بعضهم عن المعتزلة اعتبار العلو. (¬8) يعني: وحكى عن أبي الحسين الاستعلاء. (¬9) انظر: المعتمد / 49. (¬10) في النسخ: ماذا. (¬11) نهاية 90 أمن (ب).

إِجماعا. قال في الواضح (¬1): لا خلاف أنه من العبد لله ليس أمرًا لدنو الرتبة، وأجمعوا على اعتبار الرتبة في الحد. وهو من المماثل: سؤال. وقال بعض المعتزلة: اقتضاء وطلب. وفي الواضح (¬2): هو قول حسن. * * * وعند أحمد (¬3) وأصحابه والجمهور: للأمر صيغة تدل بمجردها عليه لغة. ومنع ابن عقيل (¬4) أن يقال: "للأمر صيغة"، أو أن يقال: "هي دالة عليه"، بل الصيغة نفسها هي الأمر، والشيء لا يدل على نفسه، وإِنما يصح (¬5) عند المعتزلة "الأمر (¬6) الإِرادة"، والأشعرية (¬7) "معنى (¬8) في النفس". ¬

_ (¬1) انظر: الواضح 1/ 235 ب. (¬2) انظر: الواضح 1/ 232 أ- ب. (¬3) انظر: العدة/ 214. (¬4) انظر: الواضح 2/ 134 - ب، والمسودة/ 9. (¬5) نهاية 68 أمن (ظ). (¬6) يعني: المعتزلة الذين يقولون: الأمر الإرادة. (¬7) في (ب) و (ح): أو الأشعرية. (¬8) يعني: الأشعرية الذين يقولون: معنى في النفس.

وكذا قال أبو المعالي (¬1): صيغة الأمر كقولك: ذات الشيء ونفسه. وقال بعض أصحابنا (¬2): "للأمر صيغة "صحيح؛ لأن الأمر: اللفظ والمعنى، فاللفظ دل على التركيب، وليس هو عين المدلول، ولأن اللفظ دل على صفته (¬3) التي هي الأمرية (¬4)، كما يقال (¬5): يدل على كونه أمرًا. ولم يُقَل: على الأمر. وقد قال القاضي (¬6): "الأمر يدل على طلب الفعل واستدعائه". فجعله مدلول الأمر لا عين الأمر. وقال القاضي (¬7) في كتاب الروايتين (¬8) -عن قول أحمد في رواية ¬

_ (¬1) انظر: البرهان/ 212. (¬2) انظر: المسودة/ 9. (¬3) في المسودة: صيغته. (¬4) في (ب) و (ظ): الأمر به. (¬5) في (ظ): كما يقول. (¬6) انظر: العدة/ 246، والمسودة/ 8. (¬7) انظر: الروايتين والوجهين/ 233 ب. (¬8) كتاب الروايتين والوجهين: كتاب في الفقه الحنبلي، يذكر فيه مؤلفه المسائل ذات الروايتين عن أحمد أو الوجهين في المذهب، وفي آخره مسائل من أصول الفقه وأصول الدين وعلوم القرآن والقراءات. وقد حقق المسائل الفقهية منه الدكتور عبد الكريم اللاحم -لنيل درجة الدكتوراه- ثم حقق المسائل الأصولية منه.

الجُوزجاني (¬1): "من تأول القرآن على ظاهره بلا أدلة من الرسول ولا أحد من الصحابة فهو تأويل أهل البدع؛ لأن الآية قد تكون عامة قصدت لشيء بعينه، والشعبي - صلى الله عليه وسلم - (¬2) هو المعبر عن كتاب الله"-: ظاهره: لا صيغة له، بل الوقف حتى يتبين (¬3) المراد من وجوب وندب. قال بعض أصحابنا (¬4): نص أحمد في العموم (¬5)، واعتبر القاضي جنس الظواهر (¬6)، وهو اعتبار جيد، فيبقى قد حكى رواية بمنع التمسك بالظواهر المجردة حتى يعلم ما يفسرها، وهو الوقف المطلق وقوفًا شرعيًا، لمجيء التفسير والبيان (¬7) كثيراً مع ظهوره (¬8) لغة (¬9)، ومن أصحابنا من يفسر ¬

_ (¬1) هو: أبو عبد الرحيم محمَّد بن أحمد بن الجراح، أحد أصحاب الإِمام أحمد الذين نقلوا عنه. انظر: طبقات الحنابلة 1/ 262، واللباب 1/ 308. (¬2) نهاية 187 من (ح). (¬3) في (ح): يبين. (¬4) انظر: المسودة/ 12 - 13. (¬5) يعني: لا في الأمر. انظر المسودة/ 12. (¬6) من الأمر والعموم وغيرهما. انظر: المرجع السابق. (¬7) يعني: بخلاف الظهور اللغوي. انظر: المسودة/ 13. (¬8) يعني: كثيراً ما يأتي التفسير والبيان مع وجود الظهور اللغوي. انظر: المرجع السابق. (¬9) نهاية 90 ب من (ب).

هذه الرواية بما يوافق كلامه (¬1): إِما الرواية المشهورة: يقف حتى يبحث عن المعارض فإِذا لم يوجد عمل به، وإِما منع الاكتفاء بها مع مخالفة سنة كطريقة (¬2) كثير من أهل الكلام والرأي، ولهذا صنف الرسالة (¬3) في الرد على من اتبع الظاهر وإن خالف (¬4) السنة. وعند أكثر القائلين (¬5) بكلام النفس: للأمر صيغة. وعند (¬6) الأشعري (¬7) ومن تبعه: لا صيغة له، فقيل: مشتركة. وقيل: لا ندري. وقال أبو المعالي (¬8) والغزالي (¬9): لا خلاف في "أمرتك" و"أنت مأمور" و"أوجبت" و"ندبت"، إِنما الخلاف في صيغة "افعلْ" لترددها؛ فإِنها تستعمل في: الوجوب (أقم الصلاة) (¬10)، والندب (فكاتبوهم) (¬11)، ¬

_ (¬1) يعني: كلام أحمد. (¬2) في (ظ): طريقة. (¬3) المسماة: طاعة الرسول. انظر: إِعلام الموقعين 2/ 290. (¬4) يعني: وإن خالف الظاهر السنة. (¬5) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 141. (¬6) في (ب): عند. (¬7) انظر: البرهان/ 212، والإِحكام للآمدي 2/ 141. (¬8) انظر: البرهان 1/ 214. (¬9) انظر: المستصفى 1/ 417. (¬10) سورة الإسراء: آية 78. (¬11) سورة النور: آية 33.

والإِرشاد (فاستشهدوا) (¬1)، والإِباحة (فاصطادوا) (¬2)، والتأديب "كل مما يليك (¬3) "، والامتنان (كلوا مما رزقكم الله) (¬4)، والإكرام (ادخلوها بسلام) (¬5)، والتهديد (اعملوا ما شئتم) (¬6)، والتسخير (كونوا قردة) (¬7)، والتعجيز (كونوا (¬8) حجارة) (¬9)، والإِهانة والاحتقار (ذق إِنك أنت العزيز) (¬10)، (ألقوا (¬11) ما أنتم ملقون) (¬12)، والتسوية (فاصبروا (¬13) أو ¬

_ (¬1) كذا في النسخ. وهي آية 15 من سورة النساء (فاستشهدوا عليهن أربعة منكم)، ولكنها للوجوب، فلعل المراد قوله تعالى: (واشتهدوا شهيدين من رجالكم) سورة البقرة: آية 282. (¬2) سورة المائدة: آية 2. (¬3) أخرجه البخاري في صحيحه 7/ 68، ومسلم في صحيحه/ 1599 من حديث عمر ابن أبي سلمة مرفوعاً. (¬4) سورة الأنعام: آية 142. (¬5) سورة الحجر: آية 46. (¬6) سورة فصلت: آية 40. (¬7) سورة البقرة: آية 65. (¬8) في (ب): كونوه. (¬9) سورة الإِسراء: آية 50. (¬10) سورة الدخان: آية 49. (¬11) في النسخ: بل ألقوا. (¬12) سورة يونس: آية 80. (¬13) نهاية 188 من (ح).

لا تصبروا) (¬1)، والدعاء (اغفر لي) (¬2)، والتمني: ألا أيها (¬3) الليل الطويل ألا انجلي (¬4) وكمال القدرة والتكوين (كن فيكون) (¬5)، والخبر "أَسْمِعْ بهم) (¬6) أي: سمعوا يوم القيامة ما أسمعهم حين لم ينفعهم (¬7). رد: الصيغة لغة للاستدعاء حقيقة، ولغيره بقرينة، بدليل السبق إِلى الفهم والأصل عدم عرف طارئ (¬8). وفي الواضح (¬9): هذا (¬10) عند قوم، وإلا فهي موضوعة في كل محل ¬

_ (¬1) سورة الطور: آية 16 (¬2) سورة الأعراف: آية 151. (¬3) نهاية 68 ب من (ظ). (¬4) هذا صدر بيت من معلقة امرئ القيس المشهورة، وعجزه: بصبح وما الإِصباح فيك بأمثل انظر: ديوان امرئ القيس/ 18. (¬5) سورة البقرة: آية 117. (¬6) سورة مريم: آية 38. (¬7) في زاد المسير 5/ 233: فالمعنى: ما أسمعهم يوم القيامة سمعوا حين لم ينفعهم ذلك. (¬8) في (ب): طاهر. (¬9) انظر: الواضح 1/ 231 ب- 232 أ. (¬10) يعني: كونها للاستدعاء حقيقة ولغيره بقرينة.

مسألة.

حقيقة، وأن الصيغة للتهديد وغيره، شابهت الأمر وليست أمرًا صُرِفت (¬1) إِلى غير الأمر بقرينة، وأن هذا سماعه من أئمة الأصول وأهل اللغة والعربية. وقال: إِذا سمعت (¬2) الصيغة من وراء حجاب فهي لطلب الفعل في أصل الوضع (¬3)، كقول القائل: "يا عفيف يا كريم" موضوع (¬4) (¬5) للمدح، وفي الخصومة للذم، ولا يحسن استفهام السامع. مسألة. الأمر المطلق المجرد عن قرينة مجاز في غير الوجوب والندب والإِباحة والتهديد اتفاقًا، قاله الآمدي (¬6) وغيره. وعند أحمد (¬7) وأصحابه وعامة المالكية (¬8) والشافعية (¬9) والفقهاء ¬

_ (¬1) في (ظ): اصرفت. (¬2) في (ح): عرفت. (¬3) فإِن كان مهددًا فهي للتهديد. انظر: الواضح 1/ 232 أ. (¬4) يعني: فإِنه موضوع للمدح. (¬5) نهاية 91 أمن (ب). (¬6) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 143. (¬7) انظر: العدة/ 224. (¬8) انظر: المنتهى لابن الحاجب/ 66، ومختصره 2/ 79، وشرح تنقيح الفصول / 127، ومفتاح الوصول/ 16. (¬9) انظر: البرهان 216، والإِحكام للآمدي 2/ 144.

وأبي الحسين (¬1) وغيره من المعتزلة: حقيقة في الوجوب. وعن أحمد (¬2): ما أمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - أسهل مما نهى عنه. قال جماعة (¬3): لعله أراد: لأن جماعة (¬4) قالوا: "الأمر للندب ولا تكرار، والنهي للتحريم والدوام)؛ لئلا (¬5) يخالف نصوصه. وأخذ أبو الخطاب (¬6) منه: أنه للندب، وقاله أبو هاشم (¬7) ومن تبعه وبعض الشافعية (¬8). وقيل: للطلب المشترك بينهما. وقيل: بالاشتراك (¬9) اللفظي. الأشعري (¬10) وابن الباقلاني وغيرهما: بالوقف فيهما، أي: في ¬

_ (¬1) انظر: المعتمد/ 57، والإِحكام للآمدي 2/ 144. (¬2) انظر: العدة/ 228. (¬3) انظر: المرجع السابق/ 229، والمسودة/ 5. (¬4) في (ظ): الجماعة. (¬5) يعني: لا يحمل على أنه عنده للندب؛ لئلا يخالف منصوصاته الكثيرة. انظر: المسودة/ 5. (¬6) انظر: التمهيد/ 21 أ. (¬7) انظر: المعتمد/ 57 - 58، والمحصول 1/ 2/ 66، والإِحكام للآمدي 2/ 144. (¬8) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 144. (¬9) في (ظ): للاشتراك. (¬10) انظر: البرهان/ 216 - 218.

الاشتراك والانفراد. وقيل: مشترك فيهما وفي الإباحة. وقيل: في الإِذن المشترك فيها (¬1). وعند الشيعة (¬2): مشترك (¬3) فيها (¬4) وفي التهديد. وقيل: في الإباحة (¬5). لنا -على الوجوب-: أن الذم يستلزمه، وقد ذم بالاتفاق بقوله: (ما منعك ألا تسجد إِذ أَمَرْتُك) (¬6)، وأراد قوله: (اسجدوا (¬7)) (¬8)، (وإِذا قيل لهم اركعوا) (¬9). ¬

_ (¬1) يعني: في الثلاثة. انظر: شرح العضد 2/ 80. (¬2) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 144. (¬3) في (ح): مشتركة. (¬4) يعني: في الثلاثة. انظر: شرح العضد 2/ 80. (¬5) انظر: الإحكام للآمدي 2/ 143. (¬6) سورة الأعراف: آية 12. (¬7) سورة الأعراف: آية 11. (¬8) في (ظ) و (ب): اسجد وإذا قيل. (¬9) سورة المرسلات: آية 48.

وأيضًا (¬1): (أَفَعَصَيْتَ أمري) (¬2)، (لا يعصون (¬3) الله ما أمرهم) (¬4). والتهديد يستلزمه، وقد قال: (فليحذر الذين يخالفون عن أمره) (¬5). واعترض: يدل على وجوب أمر هدد فيه أو حذر على مخالفته أو سمي به عاصيًا لا مطلقًا، وإِلا لزم الندب (¬6). ثم: (يخالفون عن أمره) مطلق (¬7). ثم: يلزم الندب. ثم: المخالفة اعتقاد غير موجَبه (¬8) (¬9) من وجوب أو ندب (¬10). ¬

_ (¬1) يعني: تارك الأمور به عاص بدليل الآية، وكل عاص متوعد، وهو دليل الوحوب. انظر: شرح العضد 2/ 80 (¬2) سورة طه: آية 93. (¬3) نهاية 189 من (ح). (¬4) سورة التحريم: آية 6. (¬5) سورة النور: آية 63. (¬6) لأنه مأمور به. (¬7) فلا يعم. النظر: شرح العضد 2/ 80. (¬8) في (ح): موجوبه. (¬9) نهاية 69 أمن (ظ). (¬10) وليست المخالفة ترك المأمور به. انظر: شرح العضد 2/ 80.

رد هذا (¬1): بأنه خلاف الظاهر (¬2). وأمره عام (¬3). ولا يلزم الندب، لقرينة فيه (¬4). وقوله: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة) الآية (¬5). وقال - عليه السلام - لبَريرة عن زوجها (¬6): (لو راجعتيه، فإِنه أبو ولدك)، قالت: تأمرني؟ قال: (لا، إِنما أشفع)، قالت: فلا حاجه لي فيه. رواه (¬7) البخاري. فهمت الوجوب من الأمر، وأقرها، وقبول شفاعته مستحب. ¬

_ (¬1) يعني: قولهم: المخالفة اعتقاد ... إِلخ. (¬2) فالظاهر المتبادر إِلى الفهم -إِذا قيل: خالف أمره-: أنه ترك المأمور به، فلا يصرف عنه إِلا بدليل. انظر: المرجع السابق. (¬3) فلا نسلم أنه مطلق، والمصدر إِذا أضيف كان عاما مثل: ضرب زيد، وأكل عمرو. انظر: المرجع السابق. (¬4) تدل على جواز الترك. (¬5) سورة الأحزاب: آية 36: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إِذا قضى الله ورسوله أمرًا أن يكون لهم الخِيَرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبينًا). فالمراد من (قضى): ألزم، ومن (أمرا): مأمورا، وما لا خيرة فيه من المأمورات لا يكون إِلا واجبًا. انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 147. (¬6) نهاية 91 ب من (ب). (¬7) تقدم الحديث في ص 232.

ودعا - عليه السلام - أبا سعيد بن المُعَلَّى (¬1) وهو يصلي فلم يجبه، فاحتج عليه بقوله: (استجيبوا لله وللرسول إِذا دعاكم) (¬2). رواه البخاري (¬3). ولأن الصحابة والأئمة استدلوا بمطلقها على الوجوب من غير بيان قرينة من غير نكير، كما عملوا بالأخبار. واعترض: بأنه ظن (¬4). رد: بالمنع (¬5)، ثم: يكفي (¬6) في مدلول اللفظ، وإِلا تعذر العمل بأكثر الظواهر (¬7). ولأن السيد لو أمر عبده بشيء أمراً مطلقًا -فخالفه- عد قطعا عاصيا، ولهذا يقال -لغة وعرفًا-: أمره فعصاه، وأمرتك فعصيتني. واستدل: الإِيجاب معنى مطلوب، فلا بد من لفظ صريح يخصه. ولأنه مقابل للنهي، وهو للتحريم، فيكون للوجوب. ¬

_ (¬1) هو: الصحابي الحارث بن نُفَيْع بن المعلى الأنصاري الزُّرَقي. (¬2) سورة الأنفال: آية 24. (¬3) أخرجه البخاري في صحيحه 6/ 61، وأبو داود في سننه 2/ 150، والنسائي في سننه 2/ 139 من حديث أبي سعيد بن المعلى. (¬4) يعني: بأنه ظن في الأصول فلا يجزئ. انظر: شرح العضد 2/ 80. (¬5) يعني: فليس بظن. انظر: المرجع السابق. (¬6) يعني: يكفي الظن. انظر: المرجع السابق. (¬7) لأن المقدور فيها هو تحصيل الظن بها. انظر: المرجع السابق.

وبأنه أحوط. رد الأول: بالندب (¬1). والثاني: بالمنع (¬2)، ثم: قياس في اللغة. والثالث: باحتمال الندب، فيكون (¬3) جهلاً، ونية (¬4) الوجوب قبيحة، ثم: معارض بالإِضرار. القائل بالندب: قوله - عليه السلام -: (إِذا أمرتكم بأمر فَأْتُوا منه (¬5) ما استطعتم) (¬6)، فرده إِلى استطاعتنا. ولأنه اليقين. ولأن المندوب مأمور به [حقيقة] (¬7). رد الأول: بأن كل واجب كذلك. والثاني: بأن الإِباحة أولى؛ لتيقن نفي الحرج عن الفعل، ¬

_ (¬1) فإِنه معنى مطلوب، فلا بد ... إِلخ. انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 153. (¬2) يعني: منع أن مطلق النهي يقتضي المنع من الفعل إِلا أن يدل عليه دليل. انظر الإِحكام للآمدي 2/ 153. (¬3) يعني: فيكون اعتقاد كونه واجبًا جهلاً. انظر: المحصول 1/ 2/ 153. (¬4) يعني: وتكون نية الوجوب قبيحة. انظر: المرجع السابق. (¬5) نهاية 190 من (ح). (¬6) تقدم الحديث في ص 242 - 243. (¬7) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ظ).

بخلاف رجحان (¬1) جانبه (¬2). والثالث: سبق (¬3) في التكليف. القائل بمطلق الطلب: ثبت الرجحان، ولا دليل يقيد، فكان للمشترك دفعا للاشتراك. رد: ثبت الدليل. ورد -أيضًا-: بأن فيه إِثبات اللغة بلازم (¬4) الماهِيَّة، وهو خطأ؛ لأن كل شيئين مشتركان في لازم، فيلزم رفع المشترك، (¬5) ولأنه (¬6) (¬7) طريق عقلي (¬8). رد: لا يلزم لنص الواضع عليه، ويجوز أن معه مقدمة نقلية، فليس عقليًا (¬9) صرفا. ¬

_ (¬1) وهو معنى المندوب. انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 154. (¬2) فإِنه غير متيقن. انظر: المرجع السابق. (¬3) انظر: ص 229 من هذا الكتاب. (¬4) حيث جعلتم الرجحان لازمًا للوجوب والندب، فجعلتم -باعتباره- صيغة الآمر لهما مع احتمال أن تكون للمقيد بأحدهما وللمشترك بينهما. انظر: شرح العضد 2/ 81. (¬5) هذا وجه ثان لخطأ إِثبات اللغة بلازم الماهية. (¬6) يعني: إِثبات اللغة بلازم الماهية. (¬7) نهاية 92 أمن (ب). (¬8) فلا مدخل له في اللغات. (¬9) في (ب): عليا.

القائل "مشترك": أطلق (¬1)، والأصل الحقيقة. ويحسن الاستفهام والتقييد: افعل واجبا أو ندبًا أو مباحا. رد: خلاف (¬2) الأصل. ومنع أصحابنا وغيرهم: حسن الاستفهام. وبأنه يبطل بأسماء الحقائق. والتقييد بالوجوب: تأكيد، وبغيره: قرينة صارفة. القائل بالوقف: لو ثبت لثبت بدليل، ولا مجال للعقل، ولا (¬3) تواتر، ولا يكفي الظن، والواقف (¬4) ساكت (¬5) عن الحكم، فلا دليل عليه. وأجاب أصحابنا وغيرهم: بوجود التواتر، ثم: يكفي الظن لتسويغ الخلاف (¬6) فيه إِجماعًا. واقتصر بعض أصحابنا وغيرهم على الثاني. القائل بالإِذن المشترك: كمطلق الطلب (¬7). * * * ¬

_ (¬1) يعني: أطلق على كل منهما. (¬2) يعني: الاشتراك خلاف الأصل. (¬3) في (ب): ولو تواتر. (¬4) في (ح): والوقف. (¬5) نهاية 69 ب من (ظ). (¬6) فالمسألة مظنونة. (¬7) يعني: قالوا: ثبت الإِذن بالضرورة، والتقييد لا دليل عليه، فوجب جعله للقدر المشترك. والجواب: أنه ثبت التقييد بأدلتنا. انظر: شرح العضد 2/ 81.

وظاهر المسالة: الوجوب ولو خرج (¬1) جوابًا لسؤال. واحتج أصحابنا (¬2) وغيرهم -لوجوب الصلاة في التشهد- بخبر (¬3) كعب (¬4)، وفيه نظر هنا. واحتج ابن عقيل (¬5) بأن (¬6) الأمر بعد الحظر للإِباحة بسبق الاستئذان، بأن قال: أفعلُ كذا؟ قال: "افعلْ"، فإِنه (¬7) قرينة للإِباحة، فالحظر (¬8) أولى (¬9)، لتحققِ المنع منه (¬10). وفي المغني (¬11) -في صوم نذر عن ميت-: الجواب يختلف باختلاف ¬

_ (¬1) في (ب): جرج. (¬2) انظر: المغني 1/ 389. (¬3) عن كعب بن عُجْرة قال: إِن النبي خرج علينا، فقلنا: قد علمنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك؟ قال: (قولوا اللهم صل على محمَّد وعلى آل محمَّد ...) الحديث. أخرجه البخاري في صحيحه 6/ 120 - 121، ومسلم في صحيحه/ 305. (¬4) هو: الصحابي كعب بن عجرة القُضَاعي. (¬5) انظر: الواضح 1/ 253 أ. (¬6) كذا في النسخ. ولعلها: لأن. (¬7) يعني: تقدم الاستئذان. (¬8) يعني: فالحظر المتقدم. (¬9) يعني: أولى أن يكون قرينة للإِباحة. (¬10) بخلاف الاستئذان ففيه تردد بين المنع والإِطلاق. (¬11) انظر: المغني 10/ 29.

مسألة

مقتضى سؤاله من (¬1) إِباحة أو إِجزاء أو وجوب. * * * وظاهرها -أيضًا- الخبر بمعنى الأمر كذلك، كـ (والمطلقات (¬2) يتربصن) (¬3). وقال بعض أصحابنا: لا يحتمل الندب؛ لأنه إِذن أنه كالمحقق المستمر. مسألة الأمر -بلا قرينة- للتكرار حسب الإِمكان، ذكره (¬4) ابن عقيل (¬5) مذهب أحمد وأصحابه، وذكره (¬6) صاحب المحرر عن أكثر أصحابنا، وقاله أبو إِسحاق (¬7) الإِسفراييني، قال الآمدي (¬8): وجماعة من الفقهاء ¬

_ (¬1) يعني: إِذا كان مقتضى سؤاله السؤال عن الإِباحة فالأمر في جوابه يقتضي الإباحة، وكذا الباقي. انظر: المغني 10/ 29. (¬2) في النسخ: كالمطلقات. (¬3) سورة البقرة: آية 228. (¬4) نهاية 191 من (ح). (¬5) انظر: الواضح 1/ 259 ب. (¬6) انظر: المسودة/ 20. (¬7) انظر: البرهان/ 224، والوصول لابن برهان/ 15 ب. (¬8) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 155.

والمتكلمين، وذكره ابن برهان (1) عن الحنفية، وحكي (2) عن المزني (3). وقال أكثر الفقهاء والمتكلمين (¬4): لا يقتضيه. ذكر أبو محمَّد التميمي: أنه قول أحمد، وأن أصحابه اختلفوا (¬5). واختلف اختيار القاضي (¬6). وفي التمهيد (¬7) -عن أكثر الفقهاء والمتكلمين-: لا يقتضي إِلا فعل مرة، وأنه أقوى، ثم: أكثر كلامه: يحتمل التكرار. وقال بكل منهما جماعة كثيرة. والأشهر للشافعية: احتماله، واختاره الآمدي (¬8). ¬

_ انظر: المسودة/ 20 - 21. انظر: أصول السرخسي 1/ 20، والمسودة/ 23. هو: إِسماعيل بن يحيى بن إِسماعيل المصري الشافعي، فقيه مشهور، توفي سنة 264 هـ عن 89 عامًا. من مؤلفاته: مختصر المزني في الفقه. انظر: وفيات الأعيان 1/ 196، وشذرات الذهب 2/ 148. (¬4) نهاية 92 ب من (ب). (¬5) انظر: المسودة/ 20، 22. (¬6) انظر: العدة/ 224، والمسودة / 20، 21. (¬7) انظر: التمهيد/ 26 أ. (¬8) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 155.

وذكر السرخسي (¬1) الأصح عن علمائهم: لا يحتمله (¬2). ومعنى اختياره في الروضة (¬3): لا يدل على تكرار ولا مرة، وقاله -أيضًا- بعض أصحابنا (¬4) وغيرهم. وقيل: بالوقف فيما زاد على مرة، واختاره أبو المعالي (¬5) [وذكر ابن عقيل (¬6) عن الأشعرية: الوقف في المرة (¬7) والتكرار] (¬8). وجه الأول: تكرار الصوم والصلاة. رد: التكرار بدليل (¬9). ¬

_ (¬1) هو: شمس الأئمة محمَّد بن أحمد بن أبي سهل، من أئمة الحنفية، فقيه أصولي، توفي سنة 483 هـ، وقيل: في حدود سنة 490 هـ. من مؤلفاته: أصول الفقه، والمبسوط في الفقه. انظر: الجواهر المضية 2/ 28، والفوائد البهية/ 158، وتاج التراجم/ 52. (¬2) انظر: أصول السرخسي 1/ 20، والمسودة/ 22. (¬3) انظر: روضة الناظر/ 200. (¬4) انظر: البلبل / 88. (¬5) انظر: البرهان/ 229. (¬6) انظر: الواضح 1/ 260 أ. (¬7) في (ظ): المدة. (¬8) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬9) يعني: لا من مطلق الأمر.

وعورض (¬1) بالحج. وأيضًا: كالنهي؛ لأنهما طلب. رد: قياس في اللغة. وبأن النهي يقتضي النفي (¬2)، ولهذا لو قال: "لا تفعل كذا مرة" عم. وبأن التكرار في النهي لا يمنع من فعل غيره، بخلافه في الأمر (¬3). وأيضًا (¬4): الأمر (¬5) نهي عن ضده، والنهي يعم، فيلزم تكرار المأمور [به] (¬6). رد: بالمنع (¬7). وبأن النهي المستفاد من الأمر لا يعم؛ لأن عمومه فرع عموم الأمر. وأيضًا (¬8): قوله لعبده: "أكرم فلانًا، وأحسن عشرته"، أو (¬9) "احفظ ¬

_ (¬1) يعني: وإن سلم فهو معارض بالحج؛ فإِنه أمر به ولا تكرار. انظر: العضد 2/ 82. (¬2) والأمر يقتضي الإثبات، وهو يحصل بمرة، ففارق الأمر النهي. انظر: المرجع السابق. (¬3) فإِنه يمنع من فعل غيره، ففارق الأمر النهي. انظر: المرجع السابق، والإحكام للآمدي 2/ 158. (¬4) في (ح): ولأن. (¬5) يعني: الأمر بالشيء نهي عن ضده. (¬6) ما بين المعقوفتين من (ظ). (¬7) يعني: منع أن الأمر بالشيء نهي عن ضده. انظر: شرح العضد 2/ 83. (¬8) في (ح): ولأن. (¬9) نهاية 70 أمن (ظ).

كذا" للدوام. رد: لقرينة (¬1) إِكرامه وحفظه (¬2). ولأنه يجب تكرار اعتقاد الوجوب وعزم الامتثال (¬3)، كذا الفعل. رد: لو غفل بعد الاعتقاد والعزم جاز. وبأنه وجب بإِخبار الشارع أنه يجب اعتقاد أوامره، فمن عرف الأمر ولم يعتقد وجوبه صار مكذبًا (¬4). وبوجوبهما دون الفعل في (¬5): افعل مرة واحدة. وأيضًا: (إِذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم). رد: مفهومه: العجز عن بعضه لا يسقطه. وأيضًا: لو لم يتكرر لم يرد نسخ. ¬

_ (¬1) في (ب): كقرينة. (¬2) فالتكرار مستفاد من هذه القرينة؛ لأن الإكرام والحفظ الأصل استدامتهما. انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 160. (¬3) نهاية 192 من (ح). (¬4) فدوام اعتقاد الوجوب عند قيام دليل الوجوب ليس مستفادًا من نفس الأمر، وإِنما هو من أحكام الإيمان، كتركه يكون كفرًا، والكفر منهي عنه دائمًا، ولهذا كان اعتقاد الوجوب دائمًا في الأوامر المقيدة. انظر: الإحكام للآمدي 2/ 159. (¬5) في (ظ): من.

رد: هو قرينة (¬1). ووجه المرة: لو قال: "افعل كذا" -ففعله مرة- امتثل (¬2). رد: لفعل (¬3) المأمور به؛ لأنها (¬4) من ضرورته (¬5)، لا أن الأمر ظاهر فيها ولا في التكرار (¬6). ومنع ابن عقيل (¬7): أنه امتثل، وأنه دعوى، فقيل له: يحسن قوله: "فعلتُ"، فقال: "للعرف ووقوعه على (¬8) شروعه فيه (¬9)، ولهذا لو أمره بتكراره لم يقبح منه في الفعلة الواحدة" (¬10)، وقال: لا يمتنع أن يقف اسم "ممتثل" على الخاتمة بناء على مسألة (¬11) الموافاة (¬12). ¬

_ (¬1) يعني: النسخ لا يجوز وروده عليه، فإِذا ورد صار ذلك قرينة في أنه كان المراد به التكرار. انظر: المحصول 1/ 2/ 176. (¬2) نهاية 93أمن (ب). (¬3) في (ظ): الفعل. (¬4) يعني: لأن المرة. (¬5) يعني: ضرورة الفعل. (¬6) بل في المشترك، ويحصل في ضمنهما. انظر: شرح العضد 2/ 83. (¬7) انظر: الواضح 1/ 263 ب، 265 ب- 266 أ. (¬8) فليس الدوام من العرف. (¬9) لا أنه فراغ مما أمر به. (¬10) يعني: لم يقبح منه أن يقول: فعلت. (¬11) في (ح): الوفاة. (¬12) قال القاضي في المعتمد/ 190 - 191: ومعنى ذلك هو ما يكون عليه الإِنسان في آخر عمره وخاتمته، وعلى ذلك يعلق وعده ووعيده ورضاه وسخطه وولايته=

قالوا: لو كان للتكرار كان "صل (¬1) مراراً" تكريرا، و"مرة" نقضا. رد: يقال مثله لو كان للمرة، وحَسنَ (¬2) لرفع الاحتمال. واحج الفريقان (¬3) بحسن الاستفهام. ومنع القاضي (¬4) وغيره: حسن الاستفهام، ثم سلموه (¬5) (¬6). قالوا: لو قال: "طَلِّقِي نفسك" أو "طلِّقْها يا فلان" -ولا نية- ¬

_ =وعداوته، وقد نعتقد في الإِنسان أنه مؤمن في غالب ظننا ونحكم له بذلك، ويكون حكمه عند الله خلاف ذلك، ويجوز أن يكون الكافر عندنا مؤمناً عند الله، ويكون ما يجري عليه من الأحكام -في المواريث والأنكحة وغيرها- على ظاهر الأمر دون باطنه ... (¬1) في (ح): صلي. (¬2) يعني: وحسن التعبير السابق. (¬3) قال صاحب المرة: لو اقتضى التكرار لم يحسن الاستفهام. انظر: العدة/ 274. وقال صاحب التكرار: لو لم يقتض التكرار لم يحسن الاستفهام. انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 156. (¬4) انظر: العدة / 274. (¬5) في (ب) و (ظ): ثم سلموا. (¬6) فيكون لرفع الاحتمال.

فواحدة. وأجاب القاضي (¬1): بأن هذا في الشرع، والخلاف في اللغة. كذا قال. ورده (¬2) أبو الخطاب (¬3): بأن الشرع لا يغير (¬4) اللغة (¬5)، بدليل: "طَلِّقْها ما أملكه". وأجاب (¬6) ابن عقيل (¬7): بأنها نيابة في مشروع فتقيدت به، ولهذا لا يطلقها في حيض وطهر وطئت فيه، وقال (¬8): اليمين والوكالة للعرف، والأمر للحقيقة (¬9)، بدليل مسألة الرؤوس المشهورة (¬10). ¬

_ (¬1) انظر: العدة/ 273. (¬2) هذا رد على جواب القاضي. (¬3) انظر: التمهيد/ 26 ب. (¬4) في (ب): لا يعتبر. (¬5) بل يقررها ويضيف إِليها حكماً زائدًا، ألا ترى أنه لو قال: (طلِّقْ زوجتي ما أملكه) لم يقطعه الشرع عن مقتضاه في اللغة فيقطعه عن التكرار. انظر: المرجع السابق. (¬6) هذا جواب عن دليلهم. (¬7) انظر: الواضح 1/ 266 أ. (¬8) في (ح): قال. (¬9) في (ح): الحقيقة. (¬10) فتنصرف اليمين على الامتناع عن أكل الرؤوس إِلى رؤوس بهيمة الأنعام خاصة، وفي الأمر يعم سائر الرؤوس.

مسألة

ووجه ما في الروضة: أن مدلول الأمر طلب الفعل، والمرة والتكرار خارجان عنه، وإلا لزم التكرار أو النقض لو قرن بأحدهما، ولم يبرأ بالمرة (¬1). ولأنهما صفتان للفعل كالقليل والكثير، ولا دلالة للموصوف على الصفة. ووجه الوقف: كالتي قبلها (¬2). مسألة إِذا علق الأمر بشرط أو صفة: فإِن كان علة تكرر بتكررها اتفاقًا (¬3)؛ لاتباع العلة لا للأمر، وإلا فكالمسألة قبلها عند الجميع. واختار القاضي (¬4) وصاحب المحرر (¬5) وبعض الحنفية (¬6) وكثير من المالكية (¬7) وبعض الشافعية (¬8): التكرار (¬9). ¬

_ (¬1) إِن حمل على التكرار أو جعل محتملا له. (¬2) يعني: لو ثبت لثبت بدليل: .. إِلخ. انظر: ص 668 من هذا الكتاب، وشرح العضد 2/ 83. (¬3) كذا في مختصر ابن الحاجب 2/ 83. وقال في مسلم الثبوت: دعوى الإِجماع في العلة -كما في المختصر وغيره- غلط. فانظر: فواتح الرحموت 1/ 386. (¬4) انظر: العدة/ 264، 275. (¬5) انظر: المسودة/ 20. (¬6) انظر: أصول السرخسي 1/ 20. (¬7) انظر: شرح تنقيح الفصول / 131. (¬8) انظر: اللمع/ 8. (¬9) نهاية 93 ب من (ب).

لنا: ما سبق، ولا أثر للشرط (¬1) بدليل قوله لعبده: "إِن دخلتَ السوق فاشتر كذا" يمتثل بمرة، و"إِن قمتِ فأنت طالق". قولهم: الترتيب يفيد العلية. رد: بالمنع (¬2)، ثم: بما سبق (¬3). واستدل في التمهيد (¬4) وغيره: بأن تعليق الخبر (¬5) لا يقتضي تكرار المخبر عنه، كذا هنا. وهو قياس في اللغة. قالوا: أكثر أوامر الشرع (¬6): (إِذا قمتم) (فاغسلوا)، (وإِن كنتم جنبًا فاطهروا) (¬7)] (والسارق) (¬8)، و (الزانية) (¬9) الآيتان. ¬

_ (¬1) نهاية 193 من (ح). (¬2) نهاية 70 ب من (ظ). (¬3) من قوله: إِن دخلت السوق ... إِلخ. (¬4) انظر: التمهيد/ 28 أ. (¬5) نحو: زيد يدخل الدار إِن دخلها عمرو. (¬6) وجدناها معلقة بشروط وصفات، وهي متكررة بتكرارها، ولو لم يكن ذلك مقتضياً للتكرار لما كان متكرراً. انظر: الإحكام للآمدي 2/ 162. (¬7) سورة المائدة: آية 6. (¬8) سورة المائدة: آية 38. (¬9) سورة النور: آية 2.

مسألة

رد: في غير (¬1) العلة بدليل خارجي، ولذلك لم يتكرر الحج مع تعليقه بالاستطاعة (¬2) قالوا: تكرر بالعلة، فبالشرط أولى؛ لانتفاء المشروط بانتفائه (¬3). رد: العلة مقتضية معلولها، والشرط لا يقتضي مشروطه. * * * قال ابن عقيل (¬4): والأمر (¬5) المعلق [بمستحيل] (¬6) ليس أمراً، نحو: "صلِّ إِن كان زيد متحركاً ساكنًا"، فهو كقوله: كن الآن متحركًا ساكنًا. مسألة من قال: "الأمر للتكرار" قال: للفور. واختلف غيرهم: ¬

_ (¬1) يعني: ما ثبتت عليته كالزنا والسرقة والجنابة ليس محل النزاع، وغير العلة بدليل خارجي. انظر الإِحكام للآمدي 2/ 163، وشرح العضد 2/ 83. (¬2) قال تعالى: (ولله على الناس حج البيت من استطاع إِليه سبيلاً) سورة آل عمران: آية 97. (¬3) بخلاف العلة. انظر: شرح العضد 2/ 83. (¬4) انظر: الواضح 1/ 269 ب. (¬5) في (ح): الأمر. (¬6) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح).

فظاهر مذهبنا: للفور، وقاله الكرخي (¬1) وغيره من الحنفية، وحكاه جماعة (¬2) عنهم، وقاله المالكية (¬3) والصيرفي (¬4) وأبو حامد المروزي وغيرهما من الشافعية وبعض المعتزلة (¬5). وذكر أصحابنا رواية: لا يقتضيه -لقوله (¬6) عن قضاء رمضان: يفرق؛ قال الله تعالى: (فعدة من أيام أخر) (¬7) - وقاله أكثر الشافعية (¬8) والجبائية (¬9) وأبو الحسين (¬10) المعتزلي، وذكر السرخسي (¬11): أنه الذي يصح عنده ¬

_ (¬1) انظر: أصول الجصاص/ 97أ، وأصول السرخسي 1/ 26، وفواتح الرحموت 1/ 387. (¬2) انظر: المعتمد/ 120، والإِحكام للآمدي 2/ 165، وشرح تنقيح الفصول/ 128. (¬3) للمالكية قولان، أشهرهما ما ذكر. انظر: شرح تنقيح الفصول/ 128، ومفتاح الوصول/ 18. (¬4) انظر: اللمع/ 9، والمسودة/ 25. (¬5) انظر: المسودة/ 25. (¬6) انظر: العدة/ 283. (¬7) سورة البقرة: آية 184. (¬8) انظر: اللمع/ 9، والتبصرة/ 52، والإِحكام للآمدي 2/ 165. (¬9) انظر: المعتمد/ 120، والإِحكام للآمدي 2/ 165. (¬10) انظر: المعتمد/ 120. (¬11) شمس الأئمة. فانظر: أصول السرخسي 1/ 26، وكشف الأسرار 1/ 254، والمسودة/ 25.

من مذهب علمائهم، ونصره ابن الباقلاني (¬1) والآمدي (¬2). ثم: في اعتبار العزم لجواز (¬3) التأخير ما سبق (¬4) في الموسع. وقال أكثر الأشعرية (¬5): بالوقف، وقيل (¬6): ولو بادر (¬7). والإِجماع -قبله- خلافه. وجه الأول: نقطع بالفور إِذا قال: اسقني. رد: لقرينة (¬8) (¬9) حاجة طالب الماء إِليه سريعًا عادة. وأيضًا: كل مخبر أو منشئ فالظاهر قصده الزمن الحاضر، كـ "قام زيد (¬10) "، و"أنت طالق أو حرة". رد: (¬11) قياس في اللغة. ¬

_ (¬1) انظر: البرهان/ 233، والإِحكام للآمدي 2/ 165. (¬2) انظر: الإحكام للآمدي 2/ 165. (¬3): في (ظ): بجواز. (¬4) انظر: ص 204 من هذا الكتاب. (¬5) انظر: البرهان/ 232، والعدة/ 282. (¬6) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 165. (¬7) يعني: قيل بالوقف ولو بادر العبد بالفعل. انظر: الإحكام للآمدي 2/ 516. (¬8) في (ح): للقرينة. (¬9) نهاية 94 أمن (ب). (¬10) في المنتهى لابن الحاجب/ 69: زيد قائم. (¬11) نهاية 194 من (ح).

ورده (¬1) في التمهيد: يتبين بذلك أن اللفظ وضع للتعجيل. وأيضًا: نهي عن ضده، والأمر طلب كالنهي. وسبق (¬2) ذلك. وأيضًا: (ما منعك ألا تسجد) (¬3)، ذمه إِذ (*) لم يبادر. رد: لقوله: (فإِذا سَوَّيتُه) (¬4). وأيضًا: مستلزم (¬5) للأمر؛ لاستلزام (¬6) الوجوب (¬7) إِياه؛ لأن وجوب ¬

_ (¬1) هذا رد على الرد؛ لأن أبا الخطاب -في التمهيد / 29 أ- استدل على الفورية: بأن لفظ الأمر يقتضي ذلك، والوجوب المستفاد من الأمر يقتضي ذلك، ودليل أن لفظ الأمر يقتضي ذلك ضرورة الفعل المأمور به أن يقع في وقت، فوجب أن يقع في أقرب الأوقات كعقد البيع والإِيقاعات يقع الحكم عقبها, لأنه أقرب الأوقات إِليه، كذلك الأمر يجب أن يقع الفعل في أقرب الأوقات إِليه، وهو عقيب الأمر. فإِن قيل: حمل الأمر على البيع والإِيقاع قياس، فلو صح لكان الدال على التعجيل غير الأمر. قيل: يتبين بهذا أن لفظ الأمر موضوع للتعجيل، كما أن لفظ البيع موضوع للملك ولفظ العتق موضوع للوقوع، فإِذا وجد هناك تعقبه الحكم، كذلك هنا. (¬2) انظر: ص 673 من هذا الكتاب. (¬3) كذا في النسخ. وهي الآية 12 من سورة الأعراف. ولعل المناسب آية 75 من سورة (ص): (ما منعك أن تسجد)، فهي الآية التي سبقها قوله: (فإِذا سويته)، وإِن كانت الآية المذكورة تنفرد بذكر لفظ الأمر (أمرتك). (*) في (ظ): إِذا (¬4) سورة (ص): آية 72. (¬5) يعني: الفور مستلزم للأمر. (¬6) في (ظ): لاستلزم. (¬7) الذي هو مدلول الأمر.

الفعل مستلزم لوجوب اعتقاده على الفور، ولأنه أحوط، لخروجه عن العُهْدة إِجماعًا، ولإِثمه بموته. رد: لو صرح بالتأخير وجب تعجيل الاعتقاد لا تعجيل الفعل، فلا ملازمة (¬1). وقيل للقاضي (¬2): يجب الاعتقاد في "صلِّ بعد شهر" لا الفعل (¬3). فأجاب: بتأخير الاعتقاد بالشرط (¬4). والاحتياط: اتباع موجَب الظن، وإِلا فوجوب التعجيل -لمن ظن التراخي- حرام. ثم: لا يلزم من كونه أحوط وجوبه (¬5). وأيضًا لو جاز التأخير: فإِما إِلى غاية معينة معلومة مذكورة -والخلاف في الأمر المطلق- أو لا إِليها، فإِما إِلى ظن الموت فلا ينضبط ويأتي بغتة، أو مطلقًا فمحال لإِخراج الواجب عن حقيقته، وإِما ببدل غير واجب فلا يجوز إِجماعًا، أو واجب فممتنع: لعدم دليله، ولوجب إِنباه النائم أول الوقت حذرًا من ذوات البدل كضيق الوقت، ولكان البدل محصلاً مقصود المبدل ¬

_ (¬1) بين وجوب الفعل ووجوب الاعتقاد. (¬2) انظر: العدة/ 285 - 286. (¬3) القائل يقصد أنه لا ملازمة بينهما. (¬4) كما تأخر الفعل بالشرط. (¬5) نهاية 71أمن (ظ).

فيسقط المبدل به، ولكان البدل إِما أن يجوز تأخيره -فالكلام (¬1) فيه كالمأمور به، وهو تسلسل ممتنع- أو لا يجوز فيزيد البدل على (¬2) أصله. رد: يلزم لو صرح بجواز التأخير (¬3). وجوابه: يجري الدليل فيه. ورده (¬4) في الروضة (¬5): (¬6) بأنه بتناقض (¬7)، لجواز (¬8) تركه مطلقًا. [كذا قال] (¬9). وفي التمهيد (¬10): لا يتم الوجوب مع جواز التأخير. ¬

_ (¬1) في (ب) و (ظ): فكالكلام. (¬2) نهاية 94 ب من (ب). (¬3) مع جواز تأخيره. انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 170. (¬4) هذا رد على قوله: رد: يلزم لو صرح بجواز التأخير. (¬5) انظر: روضة الناظر/ 204. (¬6) نهاية 195 من (ح). (¬7) الإِيجاب مع جواز التأخير بأن قال: افعل أي وقت شئت فقد أوجبته عليك. انظر: المرجع السابق. (¬8) في (ظ): بجواز. (¬9) ما بين المعقوفتين من (ح). (¬10) انظر: التمهيد/ 31 ب.

واعترض على القاضي (¬1): بالأمر بالوصية عند الموت للأقربين (¬2). فأجاب: بأن الموت عليه أمارة، وبإِمكان فعلها (¬3) عند الموت بخلاف غيرها. وأيضاً: (فاسْتَبِقُوا الخَيْرات) (¬4)، [(وسارِعوا إِلى مغفرة)] (¬5)] (¬6)، والأمر للوجوب. ¬

_ (¬1) استدل القاضي -في العدة/ 284 - للفورية: بأنه لو كان على التراخي لم يخل المأمور به من أحد أمرين: 1 - أن يكون له تأخيره أبدًا حتى لا يلحقه التفريط ولا يستحق الوعيد إِذا مات قبل فعله، فهذا يخرج عن حد الواجب ... 2 - أن يكون مفرطًا مستحقًّا للوعيد إِذا تركه حتى مات، فهذا يؤدي إِلى أن يكون الله ألزمه إِتيان عبادة في وقت لم ينصب له عليه دليلاً يوصله إِلى العلم به، ونهاه عن تأخيرها عنه، ولا يجوز أن يتعبده بعبادة مجهولة. فإذا بطل هذان القسمان صح ما ذهبنا إِليه وهو كونه على الفور. قال القاضي: ولا يلزم عليه تكليف الوصية عند الموت للأقربين -وإن كان وقت الموت مجهولاً- لأن الموت عليه أمارة وعلامة تتعلق الوصية بحضوره فلا يكون تعليقًا له بوقت مجهول لا دلالة عليه، ولأن الوصية يمكن فعلها عند حضور الموت، وفعل العبادات لا يمكن -في الغالب- عند حضور الموت. (¬2) قال تعالى: (كتب عليكم إِذا حضر أحدكم الموت إِنْ ترك خيرًا الوصية للوالدين والأقربين). سورة البقرة: آية 180. (¬3) يعني: فعل الوصية. (¬4) سورة البقرة: آية 148. (¬5) سورة آل عمران: آية 133. (¬6) ما بين المعقوفتين من (ح).

رد: المسارعة (¬1) إِلى سبب الخير [والمغفرة] (¬2)، فهي (¬3) دلالة اقتضاء لا تعم (¬4)، فيختص بما يلزم تعجيله إِجماعًا كالتوبة. ثم: المراد الأفضلية (¬5)، وإِلا فلا (¬6) مسارعة لضيق وقته (¬7). وجوابهما: بالمنع، والخيرات: الأعمال الصالحة عند المفسرين (¬8)، والأصل لا تقدير (¬9). وضيق الوقت لا يمنع المسارعة بدليل ما يلزم تعجيله كالتوبة. وسلم بعضهم الفور من (سارعوا) لا من الأمر. القائل "لا فور": ما سبق (¬10) أنه لا يدل على تكرار ولا مرة. ورد: بالمنع، بل يقتضيه بلفظه. ¬

_ (¬1) يعني: هما بمنطوقهما يدلان على المسارعة إِلى الخيرات والمغفرة، والمراد به إِنما هو المسارعة إِلى سبب ذلك. انظر: الإحكام للآمدي 2/ 170. (¬2) ما بين المعقوفتين من (ح). (¬3) أي: دلالتهما على السبب. انظر: المرجع السابق. (¬4) فلا دلالة لهما على المسارعة إِلى كل سبب للخيرات والمغفرة. انظر: المرجع السابق. (¬5) يعني: أفضلية المسارعة لا وجوبهما. انظر: شرح العضد 2/ 85. (¬6) يعني: إِن كانت للوجوب وجب الفور فلم يكن مسارعاً. انظر: المرجع السابق. (¬7) والمسارعة تتصور في الموسع. انظر: المرجع السابق. (¬8) انظر: تفسير الطبري 3/ 196، وتفسير القرطبي 2/ 165. (¬9) في (ب) و (ظ): لا يقدر. (¬10) انظر: ص 678 من هذا الكتاب.

ولأنه لا يختص بمكان (¬1). رد: بالنهي (¬2). ثم: بالمنع (¬3) لفوت زمن، حتى لو قال (¬4): "اضربْ رجلاً" اختص بما قرب منه، ثم: (¬5) لا (¬6) مزية في الأشخاص (¬7) فتساويا (¬8). [ذكر ذلك في التمهيد (¬9) وغيره] (¬10)، ومعناه في الواضح (¬11). ¬

_ (¬1) فلا يختص بزمان بعينه. انظر: العدة/ 289. (¬2) لا يختص بمكان ويختص بزمان وهو عقيب النهي. انظر: المرجع السابق. (¬3) يعني: منع أنه لا يختص بمكان، بل يختص بالمكان الذي أمر بالفعل فيه لئلا يفوت زمن لأنه على الفور. انظر: المرجع السابق. (¬4) هذا جواب عن دليل مقدر: قوله (افعل) مطلق في الأزمان كما هو مطلق للأعيان، ثم لو قال: (اضرب رجلاً) صار ممتثلاً بضرب أي رجل كان، كذا يجب أن يصير ممتثلاً للأمر في أي وقت كان فاعلاً له. انظر: التمهيد/ 32 أ. (¬5) في (ح): قال في التمهيد وغيره: ثم لا مزية ... إِلخ. (¬6) يعني: إِن سلمنا أنه لا يختص. انظر: المرجع السابق. (¬7) لرجل على رجل. انظر: المرجع السابق. (¬8) في الضرب، بخلاف الأزمان فللوقت الأول مزية على الآخر. انظر: المرجع السابق. (¬9) انظر: المرجع السابق. (¬10) ما بين المعقوفتين من (ب) و (ظ). وقد ورد في (ح) متقدما، بلفظ مقارب، فانظر: هامش 5. (¬11) انظر: الواضح 1/ 280 أ.

وأجاب (¬1) في الروضة (¬2): بتساوي الأمكنة بخلاف الزمان. ولأنه يحسن الاستفهام. ومنعه (¬3) القاضي (¬4) إِن كان الآمر لا يضع شيئًا غير مكانه. وكالوعد، كقضية الحديبية (¬5). رد: بأن عمر تَعَجَّل فيها الوعد (¬6)، ثم: بالفرق (¬7). ¬

_ (¬1) يعني: أجاب عن دليلهم الثاني. (¬2) انظر: روضة الناظر/ 204. (¬3) يعني: منع حسن الاستفهام. (¬4) انظر: العدة/ 288. (¬5) خبر صلح الحديبية وما جرى فيها أخرجه البخاري في صحيحه 5/ 121 وما بعدها، وتحدث عنه ابن كثير في البداية والنهاية 4/ 164 - 170. (¬6) روي أنه قال لأبي بكر -وقد صد عام الحديبية-: أليس قد وعدنا الله بالدخول، فكيف صددنا؟! فقال: إِن الله وعد بذلك، ولم يقل في وقت دون وقت. انظر: العدة/ 287، وتفسير ابن كثير 4/ 201. وفي لباب النقول للسيوطي/ 199: وأخرج الفِرْيابي وعبد بن حميد والبيهقي في الدلائل عن مجاهد قال: أريَ النبي -وهو بالحديبية- أنه يدخل مكة هو وأصحابه آمنين محلقين رؤوسهم ومقصرين، فلما نحو الهدي بالحديبية قال أصحابه: أين رؤياك يا رسول الله؟ فنزلت: (لقد صدق الله رسوله) الآية. وانظر: تفسير مجاهد/ 603. (¬7) ففي الأمر إِيجاب، والإِيجاب لا يتم إِلا بالإِيجاد، والوعد خبر يتردد بين الصدق والكذب، ومقصود الخبر أن يكون صدقًا، وأي وقت وجد ما أخبر به صدق. انظر: التمهيد/ 32 أ.

مسألة

واليمين (¬1) كالوعد (¬2)، ثم: مقيدة (¬3) بالعرف بدليل مسألة الرؤوس، واليمين على لبس أو ركوب يختص بملبوس ومركوب عرفًا. مسألة الأمر بشيء معين نهي عن (¬4) ضده -من جهة المعنى لا اللفظ- عند أصحابنا (و) والكعبي (¬5) وأبي الحسين البصري (¬6)، وذكره في التمهيد (¬7) عن الفقهاء، قال القاضي (¬8) وغيره: بناء على أصلنا أن مطلق الأمر للفور. وعند أكثر المعتزلة (¬9): ليس نهياً عن ضده (¬10)، بناء على أصلهم في ¬

_ (¬1) هذا جواب سؤال مقدر: البر في اليمين يكون في أي وقت، فكذا امتثال الأمر. انظر: العدة/ 288، والتمهيد/ 31 ب. (¬2) فلا تشبه الأمر؛ لأن اليمين خير فيها بين أن يفعل -إِذا قال: والله لأفعلن- أو يكفر، وفي الأمر لم يخير المأمور بين الفعل والترك، فافترقا. انظر: التمهيد 32 أ. (¬3) يعني: اليمين مقيدة ... انظر: الواضح 1/ 280 أ. (¬4) نهاية 95أمن (ب). (¬5) انظر: المنخول/ 114. (¬6) انظر: المعتمد/ 106. (¬7) انظر: التمهيد/ 44 أ. (¬8) قال القاضي: الأمر بالشيء نهي عن ضده من طريق المعنى، سواء كان له ضد واحد أو أضداد كثيرة، وسواء كان مطلقًا أو معلقًا بوقت مضيق؛ لأن من أصلنا: أن إِطلاق الأمر يقتضي الفور. انظر: العدة/ 368. (¬9) انظر: المعتمد/ 106. (¬10) نهاية 71 ب من (ظ).

عتبار إِرادة الناهي، وليست معلومة. وعند الأشعرية (¬1): الأمر معنى في النفس. فبعضهم: نهي عن ضده. وبعضهم: يستلزمه، واختاره (¬2) ابن الباقلاني (¬3) آخرًا، واختاره الآمدي (¬4): إِلا أن نقول بتكليف المحال (¬5). وبعضهم: ليس نهيًا، واختاره أبو المعالي (¬6) والغزالي (¬7). وعند بعض الحنفية (¬8): يستلزم كراهة ضده. وعند صاحب المحصول (¬9): يقتضي الكراهة؛ لأن النهي لما لم يكن ¬

_ (¬1) انظر: البرهان/ 250، والإِحكام للآمدي 2/ 170. (¬2) نهاية 196 من (ح). (¬3) انظر: البرهان/ 250، والإِحكام للآمدي 2/ 170. (¬4) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 171. (¬5) فلا يكون نهياً عن ضده ولا مستلزمًا للنهي عنه، بل يجوز أن نؤمر بالفعل وبضده في الحالة الواحدة فضلاً عن كونه لا يكون منهيًا عنه. (¬6) انظر: البرهان/ 252. (¬7) انظر: المستصفى 1/ 82. (¬8) انظر: أصول السرخسي 1/ 94. (¬9) الذي اختاره الرازي في المحصول 1/ 2/ 334: أنه نهي عن ضده بطريق الالتزام، فقد قال: الأمر بالشيء قال على المنع من نقيضه بطريق الالتزام. وهذا القول (يقتضي الكراهة) -بهذا التعليل- قاله فخر الإِسلام البزدوي في أصوله (انظر:=

مقصودًا سَمَّاه "اقتضاء"؛ لأنه ضروري، وأثبت به أقل ما أثبت (¬1) بالنهي وهو الكراهة. * * * وأمر (¬2) الندب كالإِيجاب عند الجميع إِن قيل: مأمور به حقيقة، وذكره القاضي (¬3) وغيره، خلافاً لبعضهم. * * * والنهي عن الشيء: هل هو أمر بضده؟ على الخلاف. وعند الجرجاني (¬4) الحنفي: ليس أمراً به. وعند الجصاص (¬5) الحنفي (¬6): أمر (¬7) بضد لا أضداد. ¬

_ =كشف الأسرار 2/ 330 - 333)، ونسبه إِليه -أيضًا- الكمال بن الهمام في التحرير (انظر: تيسير التحرير 1/ 363). أقول: فلعل المؤلف رآه منسوبًا إِليه بلفظ (الفخر)، فظنه الفخر الرازي. والله أعلم. (¬1) في (ح): يثبت. (¬2) انظر: المسودة/ 50، والإِحكام للآمدي 2/ 171. (¬3) انظر: العدة/ 372. (¬4) انظر: العدة/ 431، والتمهيد/ 48أ، والمسودة/ 81 - 82. (¬5) في (ح): الخصاص. (¬6) انظر: أصول الجصاص/ 108 ب. (¬7) في (ح): أمرا.

ولنا (¬1) خلاف في حِنْت من قال: "إِن أمرتُكِ فخالفتني (¬2) فأنتِ طالق" فنهاها، فخالفتْه -ولا نية- بناء على ذلك (¬3). * * * وذكر أبو محمَّد (¬4) التميمي: أن الأمر بشيء نهي عن ضده عند أحمد، وأن أصحابه اختلفوا. * * * وجه الأول (¬5): أمر الإِيجاب طلب فعل يذم تاركه إِجماعًا، ولا ذم إِلا على فعل، وهو الكف عنه أو الضد، فيستلزم النهي عن ضده أو النهي عن الكف عنه. رد: مبني على أن الأمر يدل على الذم لا بدليل خارجي. وإن سلم فالذم على أنه لم يفعل لا على فعل، بناء على أن العدم مقدور. وإن سلم فالنهي (¬6) طلب كف عن فعل لا عن كف، وإلا لزم تصور الكف عن الكف لكل آمر، والواقع خلافه. وفيه نظر ومنع. ¬

_ (¬1) انظر: العدة/ 373، والمغني 7/ 473. (¬2) في (ح) و (ظ): فخالفتيني. (¬3) يعني: هل النهي عن شيء أمر بضده؟. (¬4) انظر: المسودة/ 22. (¬5) وهو: أنه مستلزم للنهي عن ضده. انظر: شرح العضد 2/ 87. (¬6) نهاية 95 ب من (ب).

ولأنه لا يتم الواجب إِلا بترك ضده فيكون (¬1) مطلوبًا، وهو معنى النهي. وسبقت (¬2) المسألة. واحتج ابن عقيل (¬3): بأن عند المعتزلة يقتضي الأمر إِرادة المأمور به وحسنه، فبتركه (¬4) يقتضي ضدهما " [كراهته] (¬5)، وقبحه" (¬6)، وهما مقتضيان حظره (¬7). ولأن (¬8) الأمر غير النهي؛ لتغاير الصيغتين، والمعنى النفسي (¬9) القديم غير متحد، وإن اتحد فإِنه يختلف بتعلقه (¬10) ومتعلَّقه، فهما (¬11) غيران لتعددِ الحادث. ¬

_ (¬1) يعني: ترك الضد. (¬2) انظر: ص 211، 247 من هذا الكتاب. (¬3) انظر: الواضح 1/ 312 ب. (¬4) كذا في النسخ. ولعلها: فتركه. (¬5) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ظ). وفي الواضح: كراهيته. (¬6) وفعل الضد ترك في الحقيقة، والقبح والكراهية يقتضيان حظره، فالضد محظور منهي عنه. انظر: الواضح 1/ 312 ب. (¬7) في (ح): حضره. (¬8) هذا رد على من يقول: عين الأمر عين النهي. انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 172. (¬9) يعني: إِذا قلنا: الأمر هو صيغة (افعل) فقد ظهر تغاير الصيغتين، وإن قلتم: الأمر -عندنا- هو الطلب القائم بالنفس فهو غير متحد ... إِلخ. انظر: المرجع السابق. (¬10) يعني: يكون أمراً بسبب تعلقه بإِيجاد الفعل، وهو من هذه الجهة لا يكون نهيًا. انظر: المرجع السابق. (¬11) يعني: الأمر والنهي.

القائل: "الأمر عين النهي": لو لم يكن هو لكان ضدا أو مِثْلا أو خلافا؛ لأنهما إِن تساويا في (¬1) الذاتيات واللوازم فمِثْلان (¬2)، وإِلا فإِن تنافيا بأنفسهما (¬3) فضدان (¬4)، وإِلا فخلافان (¬5)، وليس هو بالأولَيْن (¬6) وإلا لما اجتمعا (¬7)، ولا الثالث وإلا لجاز أحدهما مع ضد الآخر ومع (¬8) خلاف الآخر؛ لأنه حكم الخلافين، فالعلم والإِرادة خلافان، يوجد العلم مع الكراهة وهي ضد الإِرادة وخلاف المحبة (¬9)، وتوجد الإِرادة مع الجهل والسخاء "ضد العلم وخلافه"، ويستحيل الأمر بفعل مع ضد (¬10) النهي عن ضده وهو الأمر بضده؛ لأنهما نقيضان أو تكليف بغير ممكن. رد: إِن أريد بطلب ترك الضد -وهو معنى النهي عنه- طلب الكف ¬

_ (¬1) نهاية 197 من (ح). (¬2) كبياض وبياض. (¬3) يعني: امتنع اجتماعهما في محل واحد بالنظر إِلى ذاتهما. انظر: شرح العضد 2/ 86. (¬4) كالسواد والبياض. (¬5) كالسواد والحلاوة. (¬6) يعني: المثلين والضدين. (¬7) وهما يجتمعان، إِذ جواز الأمر بالشيء والنهي عن ضده معا ووقوعه ضروري. انظر: شرح العضد 2/ 86 - 87. (¬8) في (ظ): مع. (¬9) كذا في النسخ. ولعل العبارة: ومع خلافها -أي: خلاف الإرادة- وهي المحبة. (¬10) نهاية 72 أمن (ظ).

عنه فهما خلافان، ونمنع أن حكم الخلافين ما سبق (¬1)، فالمتضايفان (¬2) متلازمان فيستحيل وجود أحدهما مع ضد الآخر لاجتماع الضدين، وقد يكون كل من الخلافين ضدا لضد الآخر كالكاتب والضاحك كل منهما ضد للصاهل، فيكون كل من (¬3) الأمر بالشيء والنهي عن ضده ضدًّا لضده (¬4) فيمكن اجتماعهما (¬5). وإن أريد بترك ضده عين (¬6) الفعل المأمور به عاد النزاع لفظيًا في تسمية الفعل تركا (¬7)، ثم في تسمية طلبه (¬8) نهيا. القائل بالنفي: لو كان عينه أو يستلزمه لزم تعقل الضد والكف عنه؛ لأنه مطلوب النهي، ويمتنع تعقل الشيء بدون نفسه أو لازمه، ونقطع بالطلب مع الذهول عنهما (¬9). ¬

_ (¬1) وهو اجتماع كل مع ضد الآخر وخلافه، فالخلافان قد يكونان متلازمين. انظر: شرح العضد 2/ 87. (¬2) المتضايفان: كل نسبتين يتوقف تعقل كل منهما على الأخرى، كالأبوة والبنوة، فوصف الأبوة لا يعقل إِلا بتعقل وصف البنوة، وكذا العكس. (¬3) نهاية 96 أمن (ب). (¬4) يعني: لضد الآخر. (¬5) كذا في النسخ. ولعل الصواب: فلا يمكن اجتماعهما. (¬6) يعني: فعل ضد ضده الذي هو عين الفعل ... إِلخ. انظر: شرح العضد 2/ 87. (¬7) يعني: تركا لضده. انظر: المرجع السابق. (¬8) يعني: طلب ترك الضد. (¬9) يعني: عن الضد والكف عنه. انظر: شرح العضد 2/ 86.

ورد: المراد الضد العام -وهو ترك الأمور به- لا الخاص، وهو ما يستلزم فعله ترك المأمور كالأكل بالنسبة إِلى الصلاة، والضد العام متعقل؛ لأن الطلب لا يكون لموجود (¬1). رد (¬2): (¬3) المراد (¬4) طلبه في المستقبل، ولو سلم (¬5) تعقل الضد فعدم تعقل الكف واضح. رد: أمر الإيجاب لا يتحقق بغير الكف عن الضد العام؛ لأنه (¬6) طلب فعل مع المنع من تركه. القائل بالنفي في الندب: لعدم الذم (¬7). ¬

_ (¬1) يعني: الضد العام متعقل؛ لأن المأمور لو كان على الفعل ومتلبسًا به لم يطلبه الآمر منه؛ لأنه طلب الحاصل، فإِذاً إِنما يطلبه إِذا علم أنه متلبس بضده لا به وأنه يستلزم تعقل ضده. انظر: المرجع السابق. (¬2) هذا رد على الرد. (¬3) نهاية 198 من (ح). (¬4) يعني: إِنما يطلب منه الفعل في المستقبل فلا يمنع التلبس به في الحال، فيطلب منه أن يوجده في ثاني الحال كما يوجده في الحال. انظر: المرجع السابق. (¬5) في المنتهى لابن الحاجب/ 70، ومختصره 2/ 85: ولو سلم فالكف عنه واضح. وفي شرح العضد 2/ 86: ولو سلم فالكف واضح يعلم بالمشاهدة، ولا حاجة في العلم به إِلى العلم بفعل الضد، وإنما يلزم النهي عن الكف وذلك واضح ولا نزاع لنا فيه فلا يصلح موردًا للنزاع والاحتجاج. (¬6) يعني: أمر الإيجاب. انظر: شرح العضد 2/ 90. (¬7) على الترك بخلاف أمر الإِيجاب. انظر: المرجع السابق.

ولاستلزامه نفي المباح (¬1). * * * القائل: "النهي عن شيء أمر بضده": ما سبق (¬2) في الأمر. ولأن النهي طلب ترك فعل، والترك فعل ضد، فالنهي طلبه (¬3)، فهو أمر (¬4). رد: فيجب كل من الزنا (¬5) واللواط (¬6). وبأن لا مباح (¬7). وبأن النهي طلب كف عن فعل لا فعل ضد. ¬

_ (¬1) إِذ ما من وقت إِلا ويندب فيه فعل، فإِن استغراق الأوقات بالمندوبات مندوب بخلاف الواجب فإنه لا يستغرق الأوقات، فيكون الفعل في غير وقت لزوم أداء الواجب مباحا، ولا يلزم نفي المباح. انظر: المرجع السابق. (¬2) انظر: أدلة القائل (الأمر عين النهي عن الضد) ص 695 من هذا الكتاب. وانظر أيضًا: شرح العضد 2/ 88. (¬3) يعني: طلب فعل الضد. (¬4) يعني: أمر بالضد. (¬5) من حيث هو ترك لواط. (¬6) من حيث هو ترك زنا؛ لأن كلا منهما ضد الآخر. (¬7) إِذ ما من مباح إِلا وهو ترك حرام.

فإِن قيل: فالكف فعل (¬1)، فطلبه (¬2) أمر (¬3). رد: يعود النزاع لفظيًا، ويلزم أن النهي نوع من الأمر. القائل "يستلزمه": لا يتم النهي إِلا بفعل أحد أضداد المنهي عنه، وما لا يتم الواجب إِلا به واجب. رد: يلزم وجوب الزنا (¬4) وأن لا مباح. القائل " [لا] (¬5) يستلزمه": لأنه طلب نفي فعل وهو عدم، والأمر طلب وجود فعل. وللزوم وجوب الزنا ونفي المباح (¬6). ولاستلزام أمر الإِيجاب الذم على الترك، وهو (¬7) فعل لاستلزام الذم الفعل (¬8)، والنهي طلب كف عن فعل (¬9) فلم يستلزم الأمر؛ لأنه طلب ¬

_ (¬1) يعني: فيكون ضدا. (¬2) في (ب): طلبه. (¬3) فتحقق الأمر بالضد. (¬4) لأنه ترك للواط وبالعكس. (¬5) ما بين المعقوفتين لم يرد في كل من (ب) و (ظ). (¬6) نهاية 96 ب من (ب). (¬7) أي: الترك. (¬8) فاستلزم النهي عن فعل ينافي المأمور به وهو الضد. (¬9) يذم فاعله.

مسألة

فعل لا كف (¬1). ورد: يلزم ذلك في الأمر؛ لأن طلب الوجود لا يستلزم طلب العدم. ويلزم من الأمر بصلاةٍ النهيُ عن حج؛ لأنها ضده. وكما لا يستلزم طلب الكف لطلب (¬2) غير الكف لا يستلزم طلب غير الكف الكف (¬3). مسألة الإِجزاء: امتثال الأمر، ففعل المأمور به بشروطه (¬4) يحققه إِجماعًا. وكذلك إِن فسر الإِجزاء بسقوط القضاء (¬5) عندنا وعند عامة الفقهاء والمتكلمين. وعند عبد الجبار (¬6) وغير من المعتزلة وابن ¬

_ (¬1) والنهي طلب فعل هو كف. (¬2) كذا في النسخ. ولعلها: طلب. (¬3) في (ح) و (ظ): للكف. (¬4) نهاية 199 من (ح). (¬5) فإِنه يستلزم الإجزاء. (¬6) انظر: المعتمد/ 99، والتمهيد / 142، والإِحكام للآمدي 2/ 175. وقال عبد الجبار في المغني 17/ 125 - 126: من حكم الأوامر أن المكلف إِذا أدى الفعل على شرطه يكون مجزئًا عن فاعله، وإنما يخرج عن أن يكون مجزئًا لاختلال في شرطه ... ثم قال: والذي ذكرناه في أصول الفقه -في الظاهر- كأنه مخالف لهذه الجملة، وليس=

الباقلاني (¬1): لا يستلزم (¬2) الإِجزاء. وجه الأول: لو لم يستلزمه لم يعلم امتثال. ورد: بصلاة مَن عَدِم ماءً وترابًا، امتثل مع بقاء التكليف. كذا قيل. ولأن القضاء استدراك ما فات من الأداء، وقد أتي بجميع المأمور به، فيكون تحصيلاً للحاصل. ورد: بأن الأداء المستدرك بالقضاء غير الأداء الحاصل. كذا قيل. ولأنه لو لم يسقط بالأمر قيل في القضاء مثله؛ لأنه مأمور به فلا يتصور إِجزاءٌ بفعلِ مأمورٍ به. واحتح ابن عقيل (¬3) وغيره: بأن الذمة إِنما اشتغلت به، وبالنهي. ¬

_ =الأمر كذلك؛ لأنا أردنا بقولنا: (إِن المأمور به لا يجب أن يكون مجزئًا) إِذا كان مأمورا بإِتمامه مع اختلال حاصل في أدائه أولاً وآخرا. فقلنا: إِن الأمر بذلك لا يمنع من القول بأنه غير مجزئ، فعلى هذه الطريقة يصح في المأمور به أن لا يكون مجزئًا، فأما إِذا أدى على شرطه قطعا فالحال فيه على ما قدمناه. (¬1) انظر: المسودة/ 27. (¬2) نهاية 72 ب من (ظ). (¬3) قال في الواضح 1/ 287 ب- 288 أ: الأمر المطلق اقتضى إِيجاب الفعل بالأمر، وإِذا ثبت أنه إِنما لزمه الفعل المأمور به بالأمر وأنه لم يشغل ذمته بعد فراغها سوى الأمر بالأمور به خاصة، فإِذا أتى بالمأمور به على حسب ما تناوله الأمر عادت الذمة فارغة على حكم الأصل، وعاد كما كان قبل الأمر، ولم يبق عليه شيء من قبل الأمر، وهذا معنى الإِجزاء، ومن ذلك أنه لو نهاه عن فعل شيء فتركه ولم يتعرض له خرج=

واحتج في التمهيد (¬1): بأنه لا يجوز قوله لعبده: "افعل كذا، فإِذا فعلته كما أمرتك لم يجزئك، وعليك القضاء"؛ للتناقض. قالوا: لو استلزمه لزمه أن لا يعيد أو يأثم إِذا علم الحدث بعد ما صلى بظن الطهارة؛ لأنه: إِما مأمور بالصلاة بظن الطهارة (¬2) أو (¬3) بيقينها (¬4). قال الآمدي (¬5): لا نسلم وجوب القضاء على قول لنا، كذا قال، وتبعه بعضهم (¬6) في ذكر خلاف، وهو خلاف الإِجماع (¬7)، لكن ليس قضاء لما أتى به، بل لما أمر به أولاً من الصلاة بشرطها. وذكر (¬8) أبو الحسين (¬9): لو صلى بظن الطهارة ومات عقبها سقط القضاء ولا إِجزاء. ¬

_ =بذلك عن عهدة النهي، لا سيما إِذا كان في وقت معين. (¬1) انظر: التمهيد/ 42 ب. (¬2) فقد أتى بها على وجهها، والمفروض أنه يسقط القضاء فكان ساقطا عنه القضاء. (¬3) نهاية 97 أمن (ب). (¬4) فلم يفعل، فيكون آثما، واللازم منتف بالاتفاق. (¬5) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 177. (¬6) انظر: مختصر ابن الحاجب 2/ 90. (¬7) فوجوب القضاء مجمع عليه. انظر: الفروع 1/ 366 - 367. (¬8) قال الآمدي في الأحكام 2/ 175: أورد أبو الحسين إِشكالا على تفسير إِجزاء الفعل بكونه مسقطًا للقضاء. ثم ذكره الآمدي. (¬9) انظر: المعتمد/ 100 - 101.

وأبطله الآمدي (¬1): بأن الإِجزاء ليس بسقوط القضاء مطلقًا، بل في حق من يتصور في حقه قضاء (¬2). وقيل (¬3): الإِجزاء ما كفى لسقوط التعبد (¬4) به (¬5)؛ لأن سقوط القضاء يعلل بالإِجزاء، والعلة غير المعلول، ولأن القضاء لم يجب؛ لانتفاء موجبه، فكيف سقط؟!. قالوا: يؤمر من أفسد حجه بالأداء (¬6)، ولا إِجزاء (¬7). رد: أمر بحج صحيح ولم يأت به، (¬8) وهذا (¬9) غيره (¬10)، وهو (¬11) مجزئ في إِسقاط الأمر به (¬12). ¬

_ (¬1) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 176. (¬2) وهو غير متصور في حق الميت. (¬3) انظر: المحصول 1/ 2/ 414 - 415، والإِحكام للآمدي 2/ 175. (¬4) في (ب): العبد. (¬5) وليس سقوط القضاء. (¬6) يعني: بالمضي فيه. (¬7) فلا يسقط القضاء اتفاقًا. (¬8) نهاية 200 من (ح). (¬9) الذي فعل. (¬10) يعني: غير المأمور به. (¬11) يعني: الفاسد. (¬12) يعني: الأمر بالإِتمام، وغير مجزئ بالنسبة إِلى الأمر الأول.

مسألة

مسألة الأمر بعد الحظر للإِباحة عند أصحابنا ومالك (¬1) وأصحابه، وذكره أبو محمَّد (¬2) التميمي قول أحمد وأن أصحابه اختلفوا، وذكره أبو الطيب (¬3) ظاهر مذهب الشافعي وأنه قول أكثر الأصوليين، وذكره الآمدي (¬4) قول أكثر الفقهاء، واختياره الوقف كأبي المعالي (¬5). وعن بعض أصحابنا (¬6): كالأمر ابتداء، ولا أثر للحظر، وذكره في العدة (¬7) والتمهيد (¬8) قول عامة الفقهاء والمتكلمين، واختاره المعتزلة (¬9) وصاحب المحصول (¬10)، وذكر بعضهم أن القاضي اختاره في إِعادة الجماعة ¬

_ (¬1) انظر: المنتهى لابن الحاجب/ 71، ومختصره 2/ 91، وشرح تنقيح الفصول/ 139 - 140. (¬2) انظر: المسودة/ 22. (¬3) انظر: المرجع السابق/ 16 - 17. (¬4) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 178. (¬5) انظر: البرهان/ 264. (¬6) انظر: المسودة/ 16. (¬7) انظر: العدة/ 257. (¬8) انظر: التمهيد / 25أ. (¬9) انظر: المغني لعبد الجبار 17/ 122، والمعتمد/ 82، والإِحكام للآمدي 2/ 17. (¬10) انظر: المحصول 1/ 2 / 159.

بعد العصر، وذكر بعضهم (¬1) أنه ظاهر قول أحمد (¬2) -[في] (¬3): (وإذا (¬4) حللتم فاصطادوا (¬5))، (فإِذا قضيت الصلاة فانتشروا) (¬6) -: أكثر من سمعنا "إِن شاء فعل"، كأنهم ذهبوا: لا يجب، وليسا على ظاهرهما. واحتج به القاضي (¬7) للإِباحة. واختار بعض (¬8) أصحابنا (¬9): أن الفعل كما كان قبل الحظر، وأنه المعروف عن السلف والأئمة، ومعناه (¬10) كلام المزني، وأن القاضي (¬11) جعله (¬12) بعد الحظر كالغاية يزول الحكم (¬13) عند ¬

_ (¬1) قال في المسودة/ 17 هذا اللفظ يقتضي أن ظاهرها الوجوب، وأنه من المواضع المعدولة عن الظاهر لدليل، ولذلك ذكره في الرد على المتمسك بالظاهر معرضًا عما يفسره. (¬2) انظر: العدة/ 256. (¬3) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ظ). (¬4) في النسخ: فإِذا. (¬5) سورة المائدة: آية 2. (¬6) سورة الجمعة: آية 10. (¬7) انظر: العدة/ 256. (¬8) نهاية 97 ب من (ب). (¬9) انظر: المسودة/ 18، 19 - 20. (¬10) نهاية 73أمن (ظ). (¬11) انظر: العدة/ 260. (¬12) يعني: جعل الأمر. (¬13) يعني: حكم الحظر.

انقضائها، وأنه (¬1) يؤيد ذلك (¬2). وجه الأول: عرف الشرع، كقوله: (فإِن طِبْنَ لكم عن شيء منه نفسًا فكلوه) (¬3)، (فكلوا مما أَمْسكنَ عليكم) (¬4)، وقوله - عليه السلام -: "كنت نهيتكم عن ادخار لحوم الأضاحي فادخروها" (¬5). والأصل (¬6) عدم دليل سوى الحظر. والإِجماع (¬7) حادث بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬8). ¬

_ (¬1) يعني: ما ذكره القاضي. (¬2) يعني: ما اختاره. (¬3) سورة النساء: آية 4. (¬4) سورة المائدة: آية 4. (¬5) حديث النهي عن ادخار لحوم الأضاحي ثم الرخصة في ذلك ورد من طرق وبألفاظ. أخرجه مسلم في صحيحه/ 1561 - 1564 من حديث عائشة وجابر وأبي سعيد وبريدة، وأبو داود في سننه 4/ 97 - 98 من حديث بريدة، والترمذي في سننه 3/ 33 - 34 من حديث بريدة وقال: حسن صحيح. قال: "وفي الباب عن ابن مسعود وعائشة ونُبَيْشة وأبي سعيد وقتادة بن النعمان وأنس وأم سلمة"، والنسائي في سننه 7/ 233 - 236 من حديث جابر وقتادة بن النعمان وأبي سعيد وبريدة وعائشة، وابن ماجه في سننه/ 1055 من حديث عائشة ونبيشة. وانظر: نصب الراية 4/ 218، والتلخيص الحبير 4/ 144. (¬6) هذا جواب عما يقال: هذه المواضع حملناها على الإِباحة بدليل، كما حملنا ما لم يرد بعد الحظر من أوامر القرآن على غير الواجب بدليل. (¬7) هذا جواب عما يقال: الإِجماع هو الدليل على الإِباحة. (¬8) والإِباحة مستفادة بهذه الألفاظ في وقته.

وأيضًا: العرف، كقوله لعبده: "لا تأكل هذا"، ثم يقول: كُلْه. واعترض بقوله له: "لا تقتل هذا"، ثم يقول: "اقتله" للإِيجاب. رد: (¬1) بالمنع (¬2) في قول لنا، وهو ظاهر قول غيرنا. ثم: الخلاف في حظر أفاده النهي (¬3) اعتمد عليه في العدة (¬4) والتمهيد (¬5) والواضح (¬6)، مع قول القاضي (¬7) (¬8) وأبي الفرج المقدسي -لما قيل لهما (¬9): يلزم أن جميع الأوامر للإِباحة على قولكم "إِن الأصل في الأشياء الحظر"- بأنها مسألة الخلاف (¬10). ¬

_ (¬1) نهاية 201 من (ح). (¬2) يعني: منع أنه للوجوب. (¬3) وهذا حظر مستفاد قبل نهيه، فنهيه تأكيد. (¬4) انظر: العدة/ 258. (¬5) انظر: التمهيد/ 25 أ. (¬6) انظر: الواضح 1/ 252 ب- 253 أ- ب. (¬7) أجاب القاضي في العدة/ 263: بأن المواضع التي حملناها على الوجوب لدليل دل عليها اقتضت الوجوب. (¬8) في (ح): القاضي وأبي الخطاب وأبي الفرج ... (¬9) في (ح): لهم. (¬10) يعني: إِذا سلمنا أنها على الحظر فهو ورود صيغة الأمر على ما هو باق على حكم الأصل، فمقتضاه الإِباحة، وهو مسألة الخلاف.

وكذا في التمهيد (¬1)، وفيه: هي مباحة في وجه (¬2)، فالأمر بعد الحظر يرفعه (¬3) ويعود إِلى أصل الإِباحة. وكذا احتج ابن عقيل (¬4) -على من جعلها للإِباحة (¬5) -: بأن الأمر يرفع الحظر فيعود (¬6) إِلى الأصل (¬7)، وقال: عندنا ليس بأمر بل إِباحة، ومن لقب المسألة بالأمر فلصيغته، وقال: إِن جعلناها (¬8) للإِباحة فالأمر بعد إِباحة (¬9)، وإن جعلناها للحظر فليس بحظر نطقي (¬10)، وفرق بينهما بدليل النسخ لحكم ثبت نطقًا (¬11). ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد/ 25 ب. (¬2) يعني: في أحد الوجهين لنا. (¬3) يعني: يرفع الحظر. (¬4) انظر: الواضح 1/ 253 أ- ب، 256 ب- 257 أ. (¬5) يعني: على من قال: الأصل في الأعيان الإباحة. (¬6) في (ح): ويعود. (¬7) وهو الإِباحة. (¬8) يعني: جعلنا الأعيان -في الأصل- للإِباحة. (¬9) فلا يكون أمراً بعد حظر، فلا يرد قولكم: الأصل في الأشياء عندكم الحظر. (¬10) بل حكمي. (¬11) قال: بدليل أن الحظر الوارد من جهة النطق بعد إِياحة الأعيان في الأصل -على قول من يقول بالإِباحة- وورود الإِباحة بعد حظر الأعيان في الأصل لا يكون نسخًا، وما ذاك إِلا لأن النسخ إِنما يكون لحكم ثبت نطقًا، فكذلك ورود الأمر نطقًا بعد الحظر حكماً لا يلزم أن يكون إِباحة كما لم يكن نسخًا.

مسألة

قالوا: لو منع الحظر الوجوب منع التصريح (¬1) [به] (¬2)، ولم يختص (¬3) الأمر بصيغة: افعل. رد: الصريح (¬4) لا يحتمل تغيره بقرينة (¬5) (¬6). ولا يختص في ظاهر كلام الأكثر، وقاله في الروضة (¬7). ثم (¬8): (¬9) اختص؛ لأن العرف فيها، قال صاحب المحرر (¬10): عندي أنه المذهب، وقال قوم (¬11). مسألة الأمر بعبادة في وقت مقدر -إِذا فات عنه - فالقضاء بأمر جديد عند ¬

_ (¬1) ولا يمتنع أن يقول: حرمت عليك ذلك، ثم يقول: أوجبته عليك. (¬2) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ظ). (¬3) بل يعم لو قال: "أمرتكم بالصيد إِذا حللتم"، وهو يختص. (¬4) كما وجبت. (¬5) وهي الحظر المتقدم. (¬6) بخلاف الظاهر. (¬7) انظر: روضة الناظر/ 198. (¬8) تكررت (ثم) في (ب). (¬9) نهاية 98 أمن (ب). (¬10) انظر: المسودة/ 20. (¬11) انظر: روضة الناظر/ 198، والمسودة/ 20.

أبي الخطاب (¬1) وابن عقيل (¬2) وصاحب (¬3) المحرر، وقاله أكثر الفقهاء والمتكلمين، منهم: أكثر الشافعية (¬4) والمعتزلة (¬5) وبعض الحنفية (¬6). وعند القاضي (¬7) والحلواني (¬8) وصاحب الروضة (¬9): بالأمر الأول. وأوجب (¬10) أكثر الحنفية (¬11) قضاء المنذور بالقياس (¬12) على المفروض (¬13). وإن لم يقيد الأمر بوقت -وقيل: هو على الفور- فالقضاء بالأمر الأول ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد/ 35أ. (¬2) انظر: الواضح 1/ 285أ. (¬3) انظر: المسودة/ 27. (¬4) انظر: اللمع/ 9، والمنخول/ 120، والإِحكام للآمدي 2/ 179. (¬5) انظر: المعتمد/ 144، والإِحكام للآمدي 2/ 179. (¬6) انظر: أصول السرخسي 1/ 45، وكشف الأسرار 1/ 139، وتيسير التحرير 2/ 200. (¬7) انظر: العدة/ 293. (¬8) انظر: المسودة/ 27. (¬9) انظر: روضة الناظر/ 204. (¬10) جاء في تيسير التحرير 2/ 201: قيل: ثمرة الخلاف تظهر في الصيام المنذور المعين إِذا فات وقته، يجب قضاؤه على القول بأن القضاء يجب بما يجب به الأداء، ولا يجب على القول بأن القضاء يجب بأمر آخر لعدم ورود ما يدل عليه. (¬11) انظر: أصول السرخسي 1/ 46، وتيسير التحرير 2/ 200 - 201. (¬12) لا بما وجب به أداء المنذور، فقد أوجبوا قضاء المنذور بسبب آخر. (¬13) وأن المفروض يجب قضاؤه بالأمر الأول.

عند أصحابنا والجمهور، منهم: أكثر المالكية (¬1) والرازي الحنفي (¬2). وذكر أبو المعالي (¬3): الإِجماع أنه مؤد لا قاض. وعند أبي الفرج (¬4) المالكي (¬5) والكرخي (¬6) وغيره من الحنفية: هو كالمؤقت (¬7). وجه الأول: لو وجب بالأول (¬8) لأشعر به (¬9)، و"صم يوم الخميس" لا يشعر بيوم الجمعة. رد: بالأمر (¬10) المطلق (¬11). ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 26. (¬2) انظر: أصول الجصاص/ 97 ب، 99أ، والمحصول 1/ 2/ 423. (¬3) انظر: البرهان/ 248، والمسودة/ 26. (¬4) انظر: المسودة/ 26. (¬5) هو: عمرو بن محمَّد بن عمرو الليثي البغدادي، فقيه أصولي، تولى قضاء طرسوس وغيرها، توفي سنة 331 هـ. انظر: الفهرست/ 283، والديباح المذهب/ 126، وشجرة النور الزكية/ 79. (¬6) انظر: التمهيد/ 35 ب، والمسودة/ 26. (¬7) يعني: يسقط، ولا يجب القضاء إِلا بأمر جديد. (¬8) يعني: لو وجب القضاء بالأمر الأول. (¬9) يعني: بالقضاء. (¬10) نهاية 73 ب من (ظ). (¬11) فإِن القضاء يجب فيه بالأمر الأول، فكان يلزم على قولكم أن لا يجب به، إِذ لا إِشعار له بما بعد وقت الأداء.

ثم: لا يشعر به (¬1) بلفظه بل بمعناه لثبوته في ذمته، كذا قيل. ولأن تقييده بوقت لحكمة؛ لأنه (¬2) الأصل في الأحكام، والأصل عدم حصولها في غيره، ثم: إِن ساوتها في الوقت الأول امتنع ترجيح الأول، وإِن زادت عليه [وجب] (¬3) ترجيح الثاني (¬4). رد: الأمر لا يقف على المصلحة. ثم: هي حاصلة (¬5) مع العذر، ومع عدمه لإِسقاط (¬6) الوجوب، كذا قيل. ولأن الأمر الأول لو اقتضى القضاء اقتضاه في الجمعة والجهاد، ولخلا قوله - عليه السلام -: (فَلْيصلِّها إِذا ذكرها) (¬7) عن فائدة التأسيس. ¬

_ (¬1) نهاية 202 من (ح). (¬2) يعني: كون التقييد لحكمة. (¬3) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬4) فإذا لم تكن حاصلة في الوقت الثاني حسب حصولها في الوقت الأول فلا يلزم من اقتضاء الأمر للفعل في الوقت الأول أن يكون مقتضياً له فيما بعد. (¬5) في (ب): حاصل. (¬6) يعني: لأن الوجوب يسقط بذلك. (¬7) أخرج البخاري في صحيحه 1/ 118 - 119، ومسلم في صحيحه/ 477 عن أنس مرفوعاً: (من نسي صلاة فليصلها إِذا ذكرها، لا كفارة لها إِلا ذلك (وأقم الصلاة لذكري)).

ورد: الجمعة تقضى ظهرًا، والجهاد فرض كفاية (¬1). والمراد بالخبر رفع ظن سقوطها بفوت وقتها، ولهذا نص - عليه السلام - على المعذور (¬2)، للإِشكال فيه (¬3). وقياسًا على المكان (¬4). ورد: بأنه لا جامع. ثم: لا يفوت (¬5)، فلو صار في لجة بحر وشبهه فعله في غيره. وفرق (¬6) القاضي (¬7)، واعتبره بدين الآدمي لا يسقط بفوت زمنه، بل بمكانه كموت عبد جانٍ (¬8). ¬

_ (¬1) إِذا قام به من يكفي سقط عن الباقين. (¬2) نهاية 98 ب من (ب). (¬3) يعني: لأن الإِشكال موجود في حقه. (¬4) يعني: لو قيل له (صل في المسجد الفلاني أربعًا) -ففات فعله فيه- لم يجز فعله في غيره، فكذلك صيغة الأمر تتناول زماناً محصورًا، فإِذا فات الوقت قبل فعله لم يبق زمان أمر يفعله فيه. انظر: العدة/ 298. (¬5) يعني: المكان لا يفوت فأمكن الفعل فيه، فلا يعدل إِلى غيره ... (¬6) انظر: العدة/ 298. (¬7) بين تعلق الأمر بزمان وبين فعله بمكان معين. (¬8) يعني: أن دين الآدمي لو تعلق بعين ففاتت سقط.

وفي الروضة (¬1): الزمن الثاني تابع للأول بخلاف الأمكنة والأشخاص. قال (¬2) ابن عقيل (¬3): لا يجوز الإِقدام (¬4) والتعدية إِلا بدليل كالمكان وأمر معلق بشرط فات، وعتق (¬5)، وأضحية، والجامع المصلحة المخصصة (¬6) أو المشيئة عند من لم يعتبرها، ولأنا لا نأمن المفسدة. وقياسًا (¬7) على النهي المؤقت (¬8). ورد: بالمنع (¬9)، ثم: ما الجامع؟ ثم: النهي لا يثبت في ذمته شيئًا (¬10). واحتج بعض أصحابنا (¬11): لو نذر الصدقة يوم الجمعة لم يسقط بفوته، كذا قال. ¬

_ (¬1) انظر: روضة الناظر/ 205. (¬2) هذا دليل لمن قال: لا يجب القضاء إِلا بأمر جديد. (¬3) انظر: الواضح 1/ 285أ - ب. (¬4) يعني: الإِقدام على إِقامة وقت مقام الوقت الذي نص عليه الشرع. (¬5) يعني: لو تعلق بعين عتقًا أو تضحية -ففاتت- سقط الخطاب. (¬6) في (ح) ونسخة في هامش (ب): المتخصصة. وفي الواضح: المتحققة. (¬7) في (ب) و (ظ): وقياس. (¬8) يسقط بفوات الوقت، فكذلك الأمر. (¬9) يعني: لا نسلم، فإِنا إِذا نهينا عن شيء في وقت لقبحه لم يجز فعله في وقت آخر لقبحه. انظر: التمهيد/ 35 ب. (¬10) والأمر يوجب في ذمته فعلا، فلا يسقط إِلا بتأديته. (¬11) يعني: احتج عليهم.

قالوا: قال - عليه السلام -: (فأْتوا منه ما استطعتم) (¬1). ولأن الزمان ظرف ليس من فعل المكلف (¬2)، فالمطلوب بالأمر الفعل فقط. وكأجل الدين (¬3). ولكان أداء (¬4). رد: (ما استطعتم) في زمانه (¬5). والمطلوب (¬6) فعل مقيد بوقت، فهو صفة له، فلا يحصل إِلا بصفته (¬7)، ولهذا لو قدمه لم يعتد به. ووقت الدين (¬8) أجل للمهلة تتأخر فيه المطالبة (¬9)، يعتد بتقديمه ولا ¬

_ (¬1) ومن فاته الوقت الأول فهو مستطيع للفعل في الوقت الثاني. (¬2) فاختلاله لا يؤثر في مقتضى الأمر وهو الفعل. (¬3) يعني: أن العبادة حق لله، والوقت المفروض كالأجل لها، ففوات أجلها لا يوجب سقوطها كما في دين الآدمي. (¬4) لو احتاج أمرًا جديدًا. (¬5) يعني: وإنما يفيدكم لو كان الفعل في الوقت الثاني داخلاً تحت الأمر الأول، وهو محل النزاع. (¬6) هذا رد على دليلهم الثاني. (¬7) نهاية 203 من (ح). (¬8) في (ب): الوتن. (¬9) وليس أجلاً للفعل المأمور به.

يأثم بتأخيره عنه. وإنما سمي قضاء لاستدراك مصلحة المأمور به. * * * فأما الأمر المطلق: ففيه (¬1) الفور وعدم تخصيصه بوقت، ولا يمكن (¬2) إِلا (¬3): إِذا تركه (¬4) في الأول وجب فيما بعده (¬5). واعترض: الفور جعله مختصًّا بالأول كالمؤقت. رد: ما لم يتركه في الأول (¬6). والمؤقت لم يتناول ما بعده (¬7)، وتقييده صفة زائدة (¬8) على المطلق، وإلا لعَرِيَ عن فائدة. ¬

_ (¬1) يعني: ففيه أمران: 1 - الفور. 2 - عدم تخصيصه بوقت. (¬2) يعني: ولا يمكن الجمع بينهما. (¬3) يعني: إِلا إِذا قلنا: إِذا تركه ... (¬4) وينزل منزلة قول الآمر: افعل في الأول، فإِن عصيت ففي الثاني، فإن عصيت ففي الثالث كذلك أبدًا. انظر: التمهيد / 35 ب. (¬5) بالأمر الأول. (¬6) فإن تركه لم يكن مختصا به. (¬7) بخلاف المطلق. (¬8) في (ب) و (ظ): زيادة.

مسألة

مسألة الأمر بالأمر بشيء ليس أمراً به عندنا، وذكره (¬1) الآمدي (¬2) وغيره، خلافاً لبعضهم. لنا: لو كان لكان "مُرْ عبدك بكذا" تعدياً على ملك غيره، ولتناقض قول السيد لعبده غانم: "مُرْ سالمًا (¬3) بكذا" مع قوله لسالم: "لا تطعه"، ولكان: (مروهم بالصلاة لسبع (¬4)) أمر إِيجاب للصبيان. وهذا فيه نظر؛ لقيام المانع (¬5). ¬

_ (¬1) نهاية 99 أمن (ب). (¬2) انظر: الإحكام للآمدي 2/ 182، والمحصول 1/ 2/ 426. (¬3) نهاية 74 أمن (ظ). (¬4) أخرجه أبو داود في سننه/ 332 - 334 من حديث سَبْرة بن معبد الجهني مرفوعًا: (مروا الصبي بالصلاة إِذا بلغ سبع سنين، وإذا بلغ عشر سنين فاضربوه عليها) ومن حديث عبد الله بن عمرو مرفوعًا: (مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين، وفرقوا بينهم في المضاجع). وأخرجه الترمذي في سننه 1/ 253 - 254 من حديث سبرة مرفوعاً: (علموا الصبي الصلاة ابن سبع سنين ...) وقال: حسن صحيح. وأخرجه أحمد في مسنده 2/ 187، 3/ 201 من حديث ابن عمرو وسبرة. وأخرجه الدارقطني في سننه 1/ 230 - 231 من حديث سبرة وابن عمرو وأنس. وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى 2/ 14، 3/ 83 - 84 من حديث سبرة وابن عمرو. وأخرجه الدارمي في سننه 1/ 273 من حديث سبرة. وأخرجه الحاكم في المستدرك 1/ 197 من حديث ابن عمرو، 1/ 201 من حديث سبرة، وقال: صحيح على شرط مسلم. ووافقه الذهبي في التلخيص. (¬5) وهو عدم تكليف الصبيان.

مسألة

قالوا: فهم ذلك من أمر الله (¬1) ورسوله، ومن قول (¬2) السلطان لوزيره: قل لفلان: افعل كذا. رد: لأنه مبلغ (¬3). مسألة إِذا أطلق الأمر، كقوله لوكيله: "بِعْ هذا": فعند أصحابنا: تناول البيع بغبن فاحش، واعتبر (¬4) ثمن المثل للعرف والاحتياط للموكِّل، وفرقوا -أيضًا - بينه وبين أمره - عليه السلام - في اعتبار إِطلاقه بالتعدية (¬5) بتعليله بخلاف الموكِّل. ثم: هل يصح العقد ويضمن الوكيل النقص أم لا، كقول المالكية (¬6) والشافعية (¬7)؟ فيه (¬8) روايتان عن أحمد (¬9). ¬

_ (¬1) كذا في النسخ. ولعل العبارة: أمر الله رسولَه، أي: أمره أن يأمرنا .. (¬2) في (ب): قوله. (¬3) يعني: للعلم بأنه مبلغ. (¬4) انظر: المغني 5/ 98. (¬5) في (ظ): في التعدية بتعليله. وفي نسخة في هامش (ب): في التعدية وبتعليله. (¬6) انظر: بداية المجتهد 2/ 330، وشرح تنقيح الفصول/ 145. (¬7) انظر: المهذب 1/ 354، والمحصول 1/ 2/ 428. (¬8) نهاية 204 من (ح). (¬9) انظر: المغني 5/ 98، والفروع 4/ 358، والإنصاف 5/ 379.

وعند الحنفية (¬1): لا يعتبر (¬2) ثمن الله (¬3)، واعتبروه في الوكيل في الشراء. وقال بعض أصحابنا وبعض الشافعية: الأمر بالماهية الكلية إِذا أتى بمسماها امتثل، ولم يتناول اللفظ للجزئيات (¬4)، ولم ينفها، فهي مما لا يتم الواجب إِلا به، وجبت عقلا لا قصدًا أي: بالقصد الأول، بل بالثاني. واختار صاحب المحصول (¬5): أن المطلوب بالأمر نفس الماهية الكلية، فالامر بالبيع ليس أمرًا بغبن فاحش ولا ثمن المثل؛ لتعلقه بقدر مشترك، وهو غير مستلزم لكل منهما، والأمر بالأعم ليس أمرًا بالأخص، وأنه لا يمتثل (¬6) إِلا بالأمر بمعين. وذكر بعضهم: الاتفاق على بطلانه. ¬

_ (¬1) انظر: بدائع الصنائع/ 3463 - 3464، 3469، والهداية 3/ 145 - 146، وبداية المجتهد 2/ 330، والمغني 5/ 98. (¬2) بل قالوا: إِذا أطلق الوكالة في البيع فله البيع بأي ثمن كان؛ لأن لفظه في الإِذن مطلق، فيجب حمله على إِطلاقه. (¬3) هذا هو المشهور عن أبي حنيفة، وعند محمَّد وأبي يوسف: يعتبر. فانظر: المراجع السابقة. (¬4) كذا في النسخ. ولعلها: الجزئيات. (¬5) انظر: المحصول 1/ 2/ 427. (¬6) في (ب): لا تمتثل. بعد أن كانت: لا يمتثل. وفي (ظ): لا تمثيل.

وقال الآمدي (¬1) وغيره (¬2): المطلوب فعل ممكن مطابق للماهية المشتركة، وأنه لو سلم تعلقه بقدر مشترك -فأتى ببعض الجزئيات- فقد أتى بمسماه. وجه هذا: أن ماهية الفعل المطلق كلي، لاشتراكها بين كثيرين، فيستحيل وجودها خارجاً، إلا لتشخص، فيكون كليا وجزئيا معًا، وهو محال، فلم يكن مطلوباً بالأمر، وِإلا كان تكليفًا بالمحال. رد: الماهية بشرط عدم التشخيص -وتسمى المجرد وبشرط لا شيء-: لا توجد خارجاً -قال بعض أصحابنا وغيرهم: ولا ذهنا- وبشرط (¬3) عدم التقييد الخارجي: توجد ذهنا، ومن حيث هي من غير اعتبار تشخيص أوْ لا تسمى المطلق والماهية لا (¬4) بشرط شيء: توجد خارجاً جزء المشخص، فمن حيث هي لا تقتضي وحدة، ولو اقتضت (¬5) تعددًا امتنع عروض التشخص لها، ولهذا قيل (¬6): لكل شيء حقيقة هو بها هو: لنا دل عليها (¬7) المطلق، وعليها مع وحدة معينة المعرفة، وإلا فالنكرة، وعليها مع وحدات معدودة العدد، ومع كل جزئياتها العام. ¬

_ (¬1) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 183، 184، ومختصر ابن الحاجب 2/ 93. (¬2) نهاية 99 ب من (ب). (¬3) في (ظ): ويشترط. (¬4) في (ظ): إِلا بشرط. (¬5) نهاية 205 من (ح). (¬6) انظر: البلبل/ 97. (¬7) في (ح): عليه.

مسألة

وجه الثاني: (¬1) الفعل مطلق، والجزئي مقيد بالمشخص، فليس بمطلوب، فالمطلوب الفعل المشترك (¬2). رد: باستحالته بما سبق (¬3). ورد: الماهية بقيد الاشتراك ليست مطلوبة، بل من حيث معروضة له، وهي موجودة خارجاً. مسألة الأمران المتعاقبان بلا عطف: إِن اختلفا عمل بهما إِجماعًا على الخلاف (¬4) في مقتضى الأمر كما سبق (¬5) وإن تماثلا: فإِن لم يقبل التكرار كـ "صم يوم الجمعة، صم يوم الجمعة"، أو قبله ومنعت العادة كـ "اسقني (¬6) ماء، اسقني ماء"، أو الثاني معرَّف، فهو مؤكد للأول إِجماعًا. وإن لم تمنع ولم يتعرَّف -كـ "صُمْ صُمْ"، أو "صَلِّ صلِّ"، أو "أعط زيدًا درهما، أعط زيدًا درهما"- فالثاني تأسيس -عند ابن عقيل (¬7) ¬

_ (¬1) وهو مذهب صاحب المحصول. (¬2) نهاية 74 ب من (ظ). (¬3) من الدليل. (¬4) في (ب) و (ظ): الاختلاف. (¬5) انظر: ص 660 وما بعدها، 670 وما بعدها من هذا الكتاب. (¬6) نهاية 100 أمن (ب). (¬7) انظر: الواضح 1/ 270أ.

والقاضي (¬1)، وذكره هو (¬2) وغيره عن الحنفية، وقاله في التمهيد (¬3) في مسألة المطلق والمقيد- كبعد امتثال الأول، قال صاحب المحرر (¬4): "وهو أشبه بمذهبنا، لقولنا -فيمن (¬5) قال لزوجته: أنت طالق، أنت طالق-: يلزمه طلقتان، وذكره ابن برهان عن الفقهاء قاطبة"، وقاله عبد الجبار (¬6) والجبائي (¬7) وابن الباقلاني (¬8) والآمدي (¬9)؛ لأن الأصل التأسيس. وفي التمهيد (¬10): الثاني تأكيد؛ لئلا يجب فعل بالشك (¬11)، ولا ترجيح، ومنع أن تغاير اللفظ يفيد تغاير المعنى، ثم سلمه (¬12)، والتأكيد فائدة. ¬

_ (¬1) في كتابيه: الروايتين/ 235 أ- ب، والمجرد. انظر: المسودة/ 23. واختار في لعدة/ 279 - 280: أنه للتأكيد. (¬2) انظر: العدة/ 278، والتمهيد/ 28 ب. (¬3) انظر: التمهيد/ 69 أ. (¬4) انظر: المسودة/ 23. (¬5) في (ح): لمن. (¬6) انظر: المغني 17/ 128، والمعتمد/ 174، والإحكام للآمدي 2/ 185. (¬7) انظر: التمهيد/ 28 ب. (¬8) انظر: الواضح 1/ 270 أ. (¬9) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 185. (¬10) انظر: التمهيد/ 28 ب- 29 أ. (¬11) لأن الثاني يحتمل الاستئناف ويحتمل التأكيد. (¬12) قال: وإِن سلم فقد حملنا الثاني على فائدة وهي التأكيد.

كذا قال، وقاله في الروضة (¬1)، (¬2) واحتج باليمين (¬3) والنذر. كذا قال. وذكر أبو محمَّد التميمي (¬4): عن أحمد: الثاني تأكيد، واختلف أصحابه. والشافعية (¬5) كالقولين وثالث "الوقف"، وقاله أبو الحسين (¬6) البصري، لما سبق (¬7)، ولمخالفته (¬8) البراءة الأصلية. وعورض: يلزم من الوقف مخالفة مقتضى الأمر، فيسلم الترجيح بالتأسيس. وإن كان الثاني معطوفاً: فإِن اختلفا عمل بهما. ¬

_ (¬1) انظر: روضة الناظر/ 202. (¬2) نهاية 206 من (ح). (¬3) يعني: لو كرر لفظ اليمين، نحو: (والله لأصومن، والله لأصومن) بر بصوم واحد، ولو كرر لفظ النذر لكان الواجب به واحداً. (¬4) انظر: المسودة/ 22. (¬5) انظر: اللمع/ 9، والتبصرة/ 50، والمحصول 1/ 2/ 255، والإِحكام للآمدي 2/ 185، ونهاية السول 2/ 49، والعدة/ 279. (¬6) انظر: المعتمد/ 175. (¬7) من أنه يحتمل الاستئناف ويحتمل التأكيد، فوجب الوقف. (¬8) يعني: لمخالفة التأسيس للبراءة.

وإن تماثلا -ولم يقبل تكرارًا (¬1) - فتأكيد بلا خلاف. وإن قبله -ولم تمنع منه عادة، ولا الثاني معرَّف- فالأقوال الثلاثة، مع ترجيح آخر (¬2) وهو العطف (¬3). وإلأن منعت العادة (¬4) تعارضا (¬5)، والأقوال الثلاثة. وجزم بعض أصحابنا (¬6) بالتكرار. وإن تعرَّف الثاني -كـ "صل ركعتين وصل الركعتين أو الصلاة"- فتأكيد، ذكره القاضي (6) وأبو الفرج المقدسي. واختار (¬7) أبو الحسين (¬8) البصري: الوقف، لمعارضة (¬9) لام العهد للعطف. واختار صاحب المحصول (¬10): التغاير؛ لأن لام الجنس كما هي للعهد ¬

_ (¬1) في (ب): تكرار. (¬2) يعني: مع ترجيح آخر للتأسيس. (¬3) فإِن الظاهر من العطف المغايرة. (¬4) في (ح): عادة. (¬5) يعني: الظاهر من حروف العطف مع منع العادة من التكرار. (¬6) انظر: المسودة/ 24. (¬7) في (ب): واختاره. (¬8) انظر: المعتمد/ 176. (¬9) نهاية 100 ب من (ب). (¬10) انظر: المحصول 1/ 2/ 259.

تكون لبيان حقيقة الجنس، نحو (¬1): "اشتر الخبز واللحم"، فما تعينت (¬2) معارضتها للعطف. وذكر الآمدي (¬3) الخلاف (¬4)، قال: فإِن اجتمعا (¬5) مع العطف -كـ "اسقني ماء واسقني الماء"- فالوقف لتعارض العطف (¬6) والتأسيس (¬7) مع منع العادة (¬8) والتعريف (¬9). وقال صاحب (¬10) المحصول (¬11): الأشبه في عطف عام على خاص: الوقف، لظاهر العموم والعطف (¬12). ¬

_ (¬1) في (ب) و (ظ) ... الجنس واشتر ... (¬2) يعني: فلم تتعين. (¬3) انظر: الإحكام للآمدي 2/ 186. (¬4) فيما إِذا تعرف الثاني. (¬5) يعني: التعريف، والعادة المانعة من التكرار. (¬6) المقتضي للمغايرة. (¬7) الذي ذكرناه سابقًا. (¬8) من التكرار. (¬9) المقتضي لكون الثاني هو الأول. (¬10) نهاية 75أمن (ظ). (¬11) انظر: المحصول 1/ 2/ 261. (¬12) قال: لأنه ليس ترك ظاهر العموم أولى من ترك ظاهر العطف وحمله على التأكيد.

النهي

النهي مقابل للأمر، فكل (¬1) ما قيل في حد الأمر، وأن له (¬2) صيغة -وما في مسائله من مختار ومزيف- فمثله هنا. * * * وصيغة "لا تفعل" -وإن احتملت تحريمًا وكراهة (¬3) وتحقيرًا كقوله: (لا تَمُدَّنَّ عينيك) (¬4)، وبيان العاقبة: (ولا تَحْسَبَنَّ الله غافلاً) (¬5)، والدعاء: (لا تؤاخذنا) (¬6)، واليأس: (لا تعتذروا اليوم) (¬7)، والإِرشاد: (لا تسألوا عن أشياء) (¬8) - فهي حقيقة في طلب الامتناع. وكونها حقيقة في التحريم أو الكراهة -وهو وجه لنا، مع أن أحمد قال: "أخاف على قائل هذا أنه صاحب بدعة"- أو مشتركة أو موقوفة، فعلى ما ¬

_ (¬1) في (ح): فما. (¬2) نهاية 207 من (ح). (¬3) في (ب) و (ظ): وكراهية. (¬4) سورة الحجر: آية 88. (¬5) سورة إِبراهيم: آية 42. (¬6) سورة البقرة: آية 286. (¬7) سورة التحريم: آية 7. (¬8) سورة المائدة: آية 101.

سبق (¬1) في الأمر. * * * وتقدُّمُ الوجوب قرينة في أن النهي بعده للكراهة، جزم به أبو الفرج المقدسي (¬2)، وقاله القاضي (¬3) وأبو الخطاب (¬4)، ثم سَلَّما: أنه للتحريم؛ لأنه (¬5) آكد، واختاره (¬6) الحلواني (¬7). وفي الروضة (¬8): هو لإِباحة الترك، كقوله - عليه السلام -: (ولا ¬

_ (¬1) انظر: ص 660 وما بعدها من هذا الكتاب. (¬2) انظر: المسودة/ 17. (¬3) قال في العدة/ 262: احتج -يعني: من قال: الأمر بعد الحظر للوجوب-: بأن النهي بعد الأمر للحظر، فكذا الأمر بعد النهي للوجوب. فأجاب: بأن النهي بعد الأمر يحتمل أن نقول فيه ما نقول في الأمر بعد الحظر وأنه يقتضي التخيير دون التحريم، ويحتمل أن نفرق بينهما ونقول: النهي بعد الأمر للحظر، والأمر بعد الحظر لا يقتضي الوجوب؛ لأن النهي آكد، ولهذا قال مخالفونا: إِن النهي يقتضي التكرار، والأمر المطلق لا يقتضي، ولأن الأمر أحد الطرق إِلى الإِباحة، فلهذا جاز أن يرد ويراد به الإِباحة، وليس النهي طريقًا إِلى الإباحة، فلم يجز أن يراد به الإِباحة. (¬4) انظر: التمهيد/ 25 ب. (¬5) يعني: النهي. (¬6) يعني: اختار التحريم. (¬7) انظر: المسودة/ 84. (¬8) انظر: روضة الناظر/ 199.

توضؤوا من لحوم الغنم) (¬1)، ثم سَلَّم: أنه للتحريم. وكذا (¬2) اختار ابن عقيل (¬3): يقتضي إِسقاط ما أوجبه الأمر، وأنه وِزان الإِباحة (¬4) بعد الحظر، لإِخراجهما (¬5) عن جميع أقسامهما (¬6)، وغَلَّط [ما] (¬7) حكاه (¬8) قول أصحابنا "للتنزيه" فضلاً عن التحريم، وقال (¬9): ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في سننه 1/ 128، والترمذي في سننه 1/ 54، وابن حبان في صحيحه (انظر: موارد الظمآن/ 78) من حديث البراء بن عازب مرفوعًا: سئل عن الوضوء من لحوم الإِبل فقال: (توضؤوا منها)، وسئل عن لحوم الغنم فقال: (لا توضؤوا منها). وأخرجه أحمد في مسنده 5/ 86، 88 من حديث جابر بن سمرة مرفوعًا. (¬2) في (ظ): كذا. (¬3) انظر: الواضح 1/ 254 أ- ب، 256 أ- ب، والمسودة/ 84. (¬4) يعني: في الأمر بعد الحظر. (¬5) يعني: إِخراج الأمر والنهي. (¬6) فأقسام الأمر: إِيجاب وندب، أما الإِطلاق والإباحة فليسا من أقسامه. وأقسام النهي: تحريم وتنزيه، أما الإِسقاط فليس من أقسامه. (¬7) ما بين المعقوفتين من (ظ). (¬8) كانت العبارة في (ح): (وغلط من قال للتنزيه) ثم ضرب على (قال)، وكتب في الهامش (حكاه قول أصحابنا). (¬9) قال هذا ردًّا على من قال: يقتضي التحريم.

تأكده لا يزيد على مقتضى الأمر، وقد جعلوا (¬1) تقدم (¬2) الحظر قرينة (¬3). وذكر أبو إِسحاق (¬4) الإِسفراييني (¬5): التحريم إِجماعًا. قال أبو المعالي (¬6): ما أرى المخالفين (¬7) في الأمر بعد الحظر يسلِّمون ذلك. واختار أبو (¬8) المعالي (¬9): الوقف. ¬

_ (¬1) يعني: أصحابنا. (¬2) في (ظ): تقديم. (¬3) قال: تأكده لا يزيد على مقتضى الأمر؛ لأن مقتضى الأمر إِيجاب الفعل، ومقتضى النهي إِيجاب الترك، فلا وجه لتأكد أحدهما على الآخر، ولأنه مع تأكده تعمل فيه القرينة فينحط عن رتبة الحظر إِلى التنزيه، وقد جعل أصحابنا تقدم الحظر قرينة حطت الأمر عن رتبته، فهلا جعلوه كسائر القرائن في حط النهي عن رتبته -وهي الحظر- إِلى أحد أمرين: إِما إِسقاط ما أوجبه الأمر، أو التنزيه دون الحظر، والمنع مذهب حسن على الوجه الذي ذكرناه، وهو أن يجعل للإِسقاط. (¬4) نهاية 101 أمن (ب). (¬5) انظر: البرهان/ 265. وفي المسودة/ 84: وغلط من ادعى في المسألة إِجماعًا. (¬6) انظر: البرهان/ 265. (¬7) يعني: الحاملين له على الإِباحة. (¬8) تكرر (أبو) في (ب). (¬9) انظر: البرهان/ 265.

مسألة

مسألة إِطلاق النهي عن الشيء لعينه يقتضي فساد المنهي عنه عندنا وعند جمهور الفقهاء من الحنفية (¬1) والمالكية (¬2) والشافعية (¬3) والظاهرية (¬4) وغيرهم وبعض المتكلمين، قال الخَطَّابي (¬5): هذا مذهب العلماء في قديم الدهر وحديثه (¬6). ثم قيل: النهي يدل (¬7) على الفساد شرعًا، وقيل: لغة، وتارة قاله أصحابنا، وتارة: لا. ¬

_ (¬1) انظر: أصول السرخسي 1/ 80، وكشف الأسرار 1/ 257. (¬2) انظر: المنتهى لابن الحاجب/ 73، ومختصره 2/ 95، وشرح تنقيح الفصول/ 173، ومفتاح الوصول/ 27. (¬3) انظر: اللمع/ 14، والتبصرة/ 100، والمستصفى 2/ 9، والمنخول/ 126، والأحكام للآمدي 2/ 188. (¬4) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 188. (¬5) هو: أبو سليمان حَمْد بن محمَّد بن إِبراهيم بن الخطاب البُسْتي، حافظ فقيه محدث، توفي سنة 388 هـ. من مؤلفاته: معالم السنن، وغريب الحديث. انظر: وفيات الأعيان 1/ 453، وتذكرة الحفاظ/ 1081، وطبقات الشافعية للسبكي 3/ 282، والبداية والنهاية 11/ 236. (¬6) جاء في المسودة/ 83: ذكره الخطابي في الأعلام في النهي عن بيع الكلب. وانظر: معالم السنن 3/ 753. (¬7) نهاية 208 من (ح).

قال ابن عقيل (¬1): فلو قام دليل [على] (¬2) أنه ليس للفساد لم يكن مجازًا؛ لأنه إِنما انتقل عن بعض موجَبه كمسألة صرفه عن التحريم إِلى التنزيه كما سبق (¬3). وهذا المعنى في العدة (¬4) والتمهيد (¬5) وغيرهما. قال بعض أصحابنا (¬6): مبني على أن الفساد مدلول عليه بلفظ النهي، وإلا فإِن علم بعقل أو شرع لم يكن (¬7) مجازاً ولا إِخراج (¬8) شيء، وكذا عدم كل دلالة لزومية: هل يَجعل اللفظ مجازاً؟ وهل يكون تخصيصًا؟ وقال كثير من الحنفية (¬9) كالكرخي (¬10) وعامة ¬

_ (¬1) انظر: الواضح 2/ 44 ب، والمسودة/ 84. (¬2) ما بين المعقوفتين من (ظ). (¬3) في ص 659 - 660. (¬4) انظر: العدة / 441. (¬5) انظر: التمهيد/ 49 ب. (¬6) انظر: المسودة/ 84 - 85. (¬7) يعني: انتفاؤه. (¬8) يعني: ولا إِخراج بعض مدلول اللفظ. (¬9) انظر: مذهبهم في: أصول السرخسي 1/ 80، وكشف الإصرار 1/ 257، وتيسير التحرير 1/ 376، وفواتح الرحموت 1/ 399. (¬10) جاء في أصول الجصاص/ 110 أ: وكذلك -أي: القول بالفساد- كان يقول شيخنا أبو الحسن، إِلا أنه كان يقول مع ذلك: قد قامت الدلالة على أن النهي عنه إِذا كان=

المعتزلة (¬1) والأشعرية (¬2) والمتكلمين: لا يقتضي فسادًا، وحكاه الآمدي (¬3) عن محققي أصحابهم كالقفال والغزالي. وذكر أبو محمَّد التميمي (¬4) عن أحمد (¬5): أن النهي يدل على فساد المنهي عنه، وأن له عنده صيغة، وأن (¬6) أصحابه اختلفوا في ذلك. وحكى جماعة (¬7) عن بعض العلماء: يقتضي الصحة. وفيه نظر. وعند أبي الحسين (¬8): يقتضي فساد العبادات فقط. وجه الأول: حديث عائشة عنه - عليه السلام -: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رَدّ). متفق عليه (¬9). ¬

_ =إِنما تعلق النهي به لمعنى في غيره لا لنفسه لم يوجب فساد هذه العقود ولا القرب المعقولة. (¬1) انظر: المعتمد/ 184. (¬2) انظر: البرهان/ 283، والإِحكام للآمدي 2/ 188. (¬3) انظر: الإحكام للآمدي 2/ 188. (¬4) نهاية 75 ب من (ظ). (¬5) انظر: المسودة/ 22. (¬6) في (ح): واختلف في ذلك أصحابه. (¬7) انظر: المسودة/ 82. (¬8) انظر: المعتمد/ 184. (¬9) أخرجه البخاري في صحيحه 3/ 184، ومسلم في صحيحه/ 1343 - 1344 واللفظ له.

ولأحمد: (من صنع أمرًا على غير أمرنا فهو مردود) (¬1). واعترض (¬2): آحاد، ثم: المراد: لا يثاب عليه. وأجاب أصحابنا: تلقته الأمة بالقبول، فهو كالتواتر، ثم: هذا من مسائل الاجتهاد، فهو كالفروع (¬3). والرد ظاهر فيما تعلق به (¬4). ولأن الصحابة والأئمة لم تزل تستدل على الفساد بالنهي، والأصل عدم قرينة، وعادة (¬5) المحتج بيان الدليل، ولنقلت؛ لئلا يضيع الشرع. ولأن النهي (¬6) طلب ترك الفعل، ولا يخلو من حكمة: إِما وجوبًا (¬7) أو بحكم الواقع (¬8)، على اختلاف المذهبين، ثم: لو خلا (¬9) فنادر والحكم ¬

_ (¬1) انظر: المسند 6/ 83 ولفظه: (من غير أمرنا). وأخرجه أبو داود في سننه 5/ 13 بلفظ: (من صنع أمرًا على غير أمرنا فهو رد). (¬2) نهاية 101 ب من (ب). (¬3) فيكفي فيه الآحاد. (¬4) يعني: في جميع ما يتعلق به، فلا يثاب عليه، ويكون فاسدا. (¬5) يعني: لو كان الدليل لا يتم إِلا بقرينة لبينوها؛ لأن عادة المحتج بيان الدليل. (¬6) نهاية 209 من (ح). (¬7) على مذهب المعتزلة. (¬8) عن مذهب الأشعرية. انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 189. (¬9) عن الحكمة.

للأغلب (¬1)، فلو لم يفسد لزم لنفي المنهي عنه حكمة للنهي (¬2)، ولثبوته حكمة لصحته، واللازم باطل؛ لأنهما إِن تساويا أو رجحت حكمة الصحة امتنع النهي (¬3) لخلوه (¬4) عن الحكمة، وإلا امتنعت الصحة لعدم حكمتها. القائل "لا يدل لغة": فساده نف أحكامه، والنهي لا يشعر بذلك؛ لأنه طلب ترك الفعل، بدليل: "لا تبع غلامك، فإِن فعلت ملكه المشتري" لم يتناقض لغة. القائل "لغة": لخبر (¬5) عائشة (¬6). رد: لا حجة فيه (¬7)، ثم: لقوله: (فهو رد) (¬8). ولاستدلال العلماء. رد: لم يقولوا: لغة، بل (¬9) لفهمهم شرعًا. ¬

_ (¬1) وهو عدم الخلو. (¬2) يعني: لوجود النهي. (¬3) في (ح): لخلوة. (¬4) يعني: لخلو النهي. (¬5) في (ب): بخبر. (¬6) فالمردود ما ليس بصحيح ولا مقبول، ولا يخفى أن المنهي عنه ليس بمأمور به ولا هو من الدين، فكان مردودًا. (¬7) على الفساد. انظر: الإحكام للآمدي 2/ 191. (¬8) يعني: أصبح الدليل شرعيًا لا لغويًا. (¬9) في (ح) و (ب): ثم.

قالوا: الأمر يقتضي الصحة، والنهي مقابله، فيقتضي نقيضها؛ لتقابلهما. رد: الأمر لا يقتضي الصحة لغة. ثم: المتقابلات (¬1) يجوز اشتراكها في لازم واحد (¬2). ثم: يلزم أن لا يقتضي الصحة (¬3) لا أن يقتضي الفساد. القائل "لا يدل على الفساد مطلقًا": لأنه لا دليل عليه. ولأن الشارع لو قال: "نهيتك عن هذا لعينه، فإِن فعلتَ ثبت حكمه" صح ولا تناقض، ولو دل النهي تناقض. رد: تقدم الدليل. وبمنع لزوم التناقض؛ لأنه يدل (¬4) ظاهرًا، والصريح أقوى (¬5). القائل "يدل على صحة (¬6) غير (¬7) العبادة): لو لم يدل (¬8) كان المنهي ¬

_ (¬1) يعني: لا يجب اختلاف أحكامها، بل يجوز ... إِلخ. (¬2) فضلاً عن تناقض أحكامها. (¬3) لأنه نقيض: (يقتضي الصحة). (¬4) يعني: لأن النهي يدل على الفساد ظاهرًا. (¬5) من الظاهر. (¬6) في (ب): الصحة. (¬7) نهاية 102 أمن (ب). (¬8) على الصحة.

عنه غير شرعي؛ لأنه لو كان شرعيًا كان صحيحًا. رد: الشرعي: صحيح وفاسد (¬1)؛ لقوله - عليه السلام - للحائض: (دعي (¬2) الصلاة) (¬3). قالوا: لم يكن المنهي (¬4) عنه الشرعي صحيحًا كان ممتنعا، فلم يُمنع منه، لعدم فائدة. رد: امتنع للنهي لا لذاته. ثم: صلاة حائض (¬5) ونكاح مشركة (¬6) ممتنعان (¬7) وقد منعا (¬8)، فإِن حملا (¬9) على اللغة لم يصح في حائض لعدم منعها من الدعاء، والنكاح ¬

_ (¬1) فليس كل شرعي صحيحا. (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه 1/ 51، 67، ومسلم في صحيحه/ 262 من حديث عائشة مرفوعًا. (¬3) وصلاة الحائض لا تصح اتفاقًا. (¬4) نهاية 210 من (ح). (¬5) في (ب) و (ظ): الحائض. (¬6) قال تعالى: (ولا تنكحوا المشركات حتى يُوْمِنّ). سورة البقرة: آية 221. (¬7) فإِن النهي فيهما لا يدل على الصحة بالإجماع. (¬8) فهذا ينقض قولكم. (¬9) هذا رد على سؤال مقدر، قالوا: نحمله على اللغوي فلا يلزم الصحة. قلنا: دليلكم قائم في اللغوي وهو أنه -حينئذ- يمتنع اللغوي وقد منعوا عنه.

مسألة

لغة (¬1): الوطء، فيكون الممتنع شرعا امتنع (¬2). مسألة النهي عن الشيء لوصفه كذلك عندنا وعند الشافعية (¬3) وغيرهم. وذكر بعضهم (¬4) عن الأكثر: لا يقتضي فسادًا، كذا قال. وعند الحنفية (¬5): يقتضي صحة الشيء وفساد وصفه، فالمحرم عندهم وقوع الصوم في العيد لا الواقع، فهو حسن؛ لأنه صوم، قبيح لوقوعه في العيد، فهو طاعة فيصح النذر به، ووصف قبحه لازم للفعل (¬6) لا للاسم (¬7)، ولا يلزم بالشروع (¬8)، والفساد في الصلاة وقت النهي في وصفه (¬9) للنسبة إِلى الشيطان، والوقت سبب وظرف، فأثر نقصه في نقصها، فلم يَتَأدَّ بها الكامل (¬10)، وضُمِنَتْ بالشروع، ووقت الصوم معيار ¬

_ (¬1) نهاية 76 أمن (ظ). (¬2) لغة، فلا يمنع منه. (¬3) انظر: المنخول/ 205، وتحقيق المراد / 106، وشرح المحلي على جمع الجوامع 1/ 394. (¬4) انظر: مختصر ابن الحاجب 2/ 98. (¬5) انظر: أصول السرخسي 1/ 82، 85 وما بعدها، وكشف الأسرار 1/ 258 وما بعدها. (¬6) يعني: لوقوع الصوم يوم العيد. (¬7) يعني: لا لاسم الصوم. (¬8) يعني: فلو أفسده بعد الشروع فلا قضاء. (¬9) يعني: وصف الوقت. (¬10) الذي وجب في ذمته.

فلم يضمن به (¬1) عند أبي حنيفة، وخالفه صاحباه (¬2)، وإذا باع بخمر صح بأصله لا وصفه، ولو باع خمراً بعبد (¬3) لم يصح؛ لأن الثمن تابع غير مقصود بخلاف المثمن. كذا قالوا. وقيل لأبي الخطاب في الانتصار في نذر صوم العيد: نهيه - عليه السلام - عن صوم العيد (¬4) يدل على الفساد، فقال: هو حجتنا؛ لأن النهي عما لا يكون (¬5) محال كنهي الأعمى عن النظر، فلو لم يصح لما نهى عنه. وصحح بعض أصحابنا (¬6) المنهي لوصف غير (¬7) لازم. وجه الأول: ما سبق. واستدلال الصحابة (¬8) بالنهي في صوم العيد وغيره من غير فرق. ¬

_ (¬1) يعني: بالشروع. (¬2) انظر: كشف الأسرار 1/ 277. (¬3) في (ب): بعيد. (¬4) ورد من حديث عمر وابن عمر وأبي سعيد وأبي هريرة مرفوعًا، أخرجه البخاري في صحيحه 3/ 42 - 43، ومسلم في صحيحه/ 799 - 800. وورد من حديث عائشة مرفوعًا، أخرجه مسلم في صحيحه/ 800. (¬5) في (ح): عما لا يتكون. (¬6) انظر: البلبل/ 96. (¬7) نهاية 102 ب من (ب). (¬8) نهاية 211 من (ح).

وسَلَّم المخالف الصلاة بلاَ طهارة (¬1). وفي إِلزامه بيع الملاقيح والمضامين (¬2) ونحوهما (¬3) نظر. ومنع صاحب المحرر (¬4): أن النهي لم يعد إِلى عين المنهي عنه، لأن النص أضافه إِلى صوم هذا اليوم كإِضافته النهي إِلى صلاة حائض ومحدث. قالوا: وأجيب بما سبق (¬5): أنه (¬6) لا يقتضي فسادًا، ويقتضي صحة غير (¬7) العبادة. قالوا: [لو] (¬8) دل لما صح طلاق حائض والحد بسوط غصب وذبح ملْك غيره. [رد] (¬9):ترك الظاهر (¬10) لدليل, وهو خبر ¬

_ (¬1) يعني: سلم الفساد فيها. (¬2) في المغني 4/ 157: الملاقيح: ما في البطون وهي الأجنة، والمضامين: ما في أصلاب الفحول. كانوا يبيعون الجنين في بطن الناقة وما يضربه الفحل في عامه. (¬3) يعني: إِلزامه أن يقول بصحتهما. انظر: أصول السرخسي 1/ 80. (¬4) انظر: المسودة/ 83. (¬5) انظر: ص 735 من هذا الكتاب. (¬6) في (ب): أن. (¬7) انظر: ص 735 من هذا الكتاب. (¬8) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬9) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬10) وهو الدلالة على الفساد.

ابن عمر (¬1) في الطلاق (¬2)، وقال القاضي (¬3): تغليظًا عليه. وفي الحد للإِجماع -قاله (¬4) في التمهيد (¬5) - لئلا يُزاد الحد. ويحل المذبوح على الأصح عندنا (¬6) (و) (¬7) للخبر (¬8). وقال بعض أصحابنا: النهي (¬9) إِن أوجب حظرا أوجبه مع النهي عن السبب (¬10) كطلاق الحائض والظهار محرَّمان موجبان للتحريم، ونبه عليه أبو ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في صحيحه 7/ 41، 59، ومسلم في صحيحه / 1093 - 1098. (¬2) يعني: طلاق الحائض، فقد اعتد بهذا الطلاق مع النهي عنه. (¬3) انظر: العدة/ 446. (¬4) في (ظ): وقاله. بزيادة الواو. وقد زيدت في (ب) من نسخة أخرى. (¬5) انظر: التمهيد/ 49أ. (¬6) انظر: بدائع الصنائع/ 4427، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 3/ 444، والمجموع 14/ 72. (¬7) مسحت الواو في (ظ). (¬8) وهو أن النبي قال -في شاة ذبحت بدون إذن صاحبها-: (أطعموها الأسارى). أخرجه أبو داود في سننه 3/ 627 - 628 من حديث رجل من الأنصار، وكذا أخرجه أحمد في مسنده 5/ 293 - 294، ومحمد بن الحسن في كتاب الآثار -على ما في نصب الراية 4/ 168 - والدارقطني في سننه 4/ 285 - 286. وأخرجه الطبراني في معجمه الكبير والأوسط من حديث أبي موسى. فانظر: نصب الراية 4/ 169، ومجمع الزوائد 4/ 173. (¬9) كذا في النسخ. ولعلها: المنهي. (¬10) يعني: سبب الحظر.

الخطاب في مسألة "البيع الفاسد لا ينقل الملك". وقال في المغني (¬1) -لمن احتج بالنهي (¬2) عن العُمْرَى (¬3) ¬

_ (¬1) انظر: المغني 6/ 68. (¬2) أخرج أبو داود في سننه 3/ 820 عن جابر أن النبي قال: (لا تُرْقبوا ولا تُعْمروا فمن أُرْقب شيئًا أو أُعْمره فهو لورثته). وأخرجه النسائي في سننه 6/ 273. وأخرج أبو داود في سننه 3/ 821 عن زيد بن ثابت مرفوعًا: (من أعْمر شيئًا فهو لمُعْمَره محياه ومماته، ولا تُرْقبوا، فمن أَرْقب شيئًا فهو سبيله). وأخرجه النسائي في سننه 6/ 272. وأخرج النسائي -أيضًا- في سننه 6/ 269 عن ابن عباس عن رسول الله قال: (لا تُرْقبوا أموالكم، فمن أَرْقب شيئًا فهو لمن أُرْقبه). وفيه اختلاف ذكره النسائي. وأخرج النسائي في سننه 6/ 273 عن ابن عمر أن رسول الله قال: (لا عمرى ولا رقبى، فمن أُعْمر شيئًا أو أُرْقبه فهو له حياته ومماته). وأخرجه ابن ماجه في سننه/ 796. وأخرجه ابن ماجه -أيضًا- في سننه/ 796 من حديث أبي هريرة مرفوعًا: (لا عمرى، فمن أُعْمر شيئًا فهو له). في الزوائد: إِسناده صحيح على شرط الشيخين. وانظر: سنن النسائي 6/ 268 - 278، ونصب الراية 4/ 128 - 129. (¬3) في المغني 6/ 68: العمرى والرقبى نوعان من الهبة. وصورة العمرى: أن يقول الرجل: أعمرتك داري هذه، أو هي لك عمري، أو ما عشت، أو مدة حياتك، أو ما حييت، أو نحو هذا. سميت عمرى لتقييدها بالعمر. والرقبى: أن يقول: أرقبتك هذه الدار، أو هي لك حياتك على أنك إِن من قبلي عادت إِلي وإن من قبلك فهي لك ولعقبك، فكأنه يقول: هي لآخرنا موتا، وسميت رقبى لأن كل واحد منهما يرقب موت صاحبه.

مسألة

والرُّقْبَى (¬1) -: النهي إِنما يمنع صحة ما يفيد النهي (¬2) عنه فائدة، فإِن كانت صحته ضررًا على مرتكبه لم يمنع صحته كطلاق الحائض والعمرى، لزوال ملكه بلا عوض. مسألة النهي لمعنى في غير المنهي عنه -كالبيع بعد نداء الجمعة- كذلك عند أحمد (¬3) و [أكثر] (¬4) أصحابنا (وم (¬5) ظ) (¬6) والجبائية (¬7) -قال أبو المعالي (¬8): وعُزِيَ هذا (¬9) إِلى طوائف من الفقهاء- خلافاً لأكثر الفقهاء والمتكلمين. والدليل والاعتراض والجواب كما سبق. وألزم القاضي (¬10) الشافعية ببطلان (¬11) البيع بالتفرقة بين ¬

_ (¬1) يعني: قال لمن احتج بالنهي عن العمرى والرقبى على فسادهما. (¬2) يعني: الشخص المنهي عنه. (¬3) انظر: العدة/ 441. (¬4) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬5) انظر: شرح تنقيح الفصول / 173، والفروق 2/ 85، والإحكام للآمدي 2/ 188. (¬6) انظر: الإِحكام لابن حزم/ 390 - 311. (¬7) انظر: المعتمد/ 195. (¬8) انظر: البرهان/ 284. (¬9) نهاية 76 ب من (ظ). (¬10) انظر: العدة/ 443. (¬11) فيلزمهم طرد البطلان فيما شابهها.

والدة (¬1) وولدها (¬2) (¬3). ¬

_ (¬1) نهاية 103 أمن (ب). (¬2) نهاية 212 من (ح). (¬3) النهي عن التفرقة بين الوالدة وولدها: أخرجه الترمذي في سننه 2/ 376، 3/ 64 عن حيي بن عبد الله عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن أبي أيوب الأنصاري قال: سمعت رسول الله يقول: (من فرق بين الوالدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة). وقال الترمذي: حسن غريب. وأخرجه الحاكم في المستدرك 2/ 55 وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. قال الزيلعي في نصب الراية 4/ 23 - 24: وفيما قاله نظر؛ لأن حيي بن عبد الله لم يخرج له في الصحيح شيء، بل تكلم فيه بعضهم ... ا. هـ. وأخرجه البيهقي في شعب الإيمان من طريق آخر فيه انقطاع. فانظر: نصب الراية 4/ 24. وأخرجه الدارمي في سننه 2/ 146 من طريق آخر. وأخرج الدارقطني في سننه 3/ 68 من طريق الواقدي ... عن حُرَيْث بن سليم العُذري عن أبيه قال: سألت رسول الله عمن فرق في السبي بين الوالد والولد؟ فقال: (من فرق بينهم فرق الله بينه وبين الأحبة يوم القيامة). وأخرج الدارقطني -أيضًا- في سننه 3/ 67 ... عن إِبراهيم بن إِسماعيل بن مُجَمِّع عن طلَيْق بن عمران عن أبي بردة عن أبي موسى: لعن رسول الله من فرق بين الوالدة وولدها. وفي لفظ: نهى أن يفرق ... الحديث. وذكر الدارقطني فيه اختلافاً على طليق. فانظر: نصب الراية 4/ 25. وأخرج البيهقي في المعرفة في كتاب السير عن الحاكم بسنده عن جعفر بن محمَّد عن أبيه عن جده أن أبا أسد جاء إِلى النبي بسبي عن البحرين، فنظر - عليه السلام - إِلى امرأة منهن تبكي، فقال: (ما شأنك؟) قالت: باع ابني، فقال - عليه السلام -=

وحيث قال أصحابنا: باقتضاء النهي الفساد، فمرادهم: ما لم يكن النهي لحق آدمي يمكن استدراكه، فإِن [كان] (¬1) ولا مانع كتلقي الرُّكْبان (¬2) والنَّجْش (¬3) فإِنهما يصحان على الأصح عندنا وعند الأكثر؛ لإِثبات الشارع الخيار في التلقي، وعللوه بما سبق. ¬

_ =لأبي أسد: (أبعت ابنها؟) قال: نعم، قال: (فيمن؟) قال: في بني عبس، فقال -عليه السلام-: (اركب أنت بنفسك فَأْت به). انظر: نصب الراية 4/ 24. وأخرج الحاكم في المستدرك 2/ 55 عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله: (ملعون من فرق بين والدة وولدها). قال الحاكم: إِسناده صحيح ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. وأخرجه الدارقطني في سننه 3/ 66 - 67. وأخرج أبو داود في سننه/ 3/ 144 - 145 ... عن ميمون بن أبي شبيب عن علي: أنه فرق بين جارية وولدها، فنهاه - عليه السلام - عن ذلك، ورد البيع. وضعفه أبو داود بأن ميمونًا لم يدرك عليا. وأخرجه الدارقطني في سننه 3/ 66، والحاكم في مستدركه 2/ 55، 125 وقال: صحيح على شرط الشيخين. ووافقه الذهبي. (¬1) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬2) تلقي الركبان: أن يتلقى الرجل من جلب متاعًا إِلى البلد فيشتريه منه قبل وصوله، فربما غبنه غبنا بينا فيضره. انظر: المغني 4/ 164. والنهي عنه: أخرجه البخاري في صحيحه 3/ 72 - 73 من حديث أبي هريرة وابن عمر مرفوعاً، وأخرجه مسلم في صحيحه/ 1155 - 1157 من حديثهما ومن حديث ابن عباس مرفوعاً. وفي حديث أبي هريرة عند مسلم: إِثبات الخيار للمتلقى. (¬3) النجش: أن يزيد في السلعة من غير إِرادة شرائها. انظر: المغني 4/ 160. والنهي عنه: أخرجه البخاري في صحيحه 3/ 69 - 70، 71 من حديث ابن عمر=

مسألة

وفي الفروع مسائل كبيع الفُضُولي (¬1) والمجهول وغير ذلك (¬2) لها أدلة خاصة هناك. مسألة النهي يقتضي الفور والدوام عند أصحابنا وعامة العلماء، خلافاً لابن الباقلاني (¬3) وصاحب المحصول (¬4). لنا: أن من نهي عن فعل بلا قرينة عُدّ مخالفًا لغة وعرفاً أي وقت فعله، ولهذالم تزل العلماء تستدل به (¬5) من غير نكير. والنهي يقتضي قبح المنهي عنه، ذكره في التمهيد (¬6). ومنعه القاضي (¬7)؛ لأنه قد يكون نذرًا وصلاة، كذا قال. قالوا: منقسم إِلى الدوام وغيره كالزنا والحائض عن الصلاة، فكان للقدر المشترك، دفعاً للاشتراك والمجاز. ¬

_ =وأبي هريرة مرفوعاً، ومسلم في صحيحه / 1155 من حديث أبي هريرة مرفوعًا. (¬1) الفضولي: من يبيع ملك غيره بلا إِذنه. انظر: المغني 4/ 155، 158. (¬2) في (ظ): هذا. (¬3) انظر: العدة/ 428. (¬4) انظر: المحصول 1/ 2/ 470. (¬5) يعني: بالنهي. (¬6) انظر: التمهيد/ 48 أ. (¬7) انظر: العدة/ 268 وفيها: لأن المنهي عنه قد يكون ندبًا وفضلاً.

رد: عدم الدوام لقرينة هي تقييده بالحيض. وكونه حقيقة للدوام أولى من المرة؛ لدليلنا، ولإِمكان التجوز به عن بعضه لاستلزامه له بخلاف العكس. * * * وسبق (¬1) في الأمر: إِذا قال: "لا تفعل كذا مرة" عَمَّ. وعند القاضي (¬2): لا؛ لقُبْح المنهي عنه في وقت وحُسْنه في آخر (¬3). قال بعض أصحابنا (¬4): وقال غيره: يعم (¬5). * * * ¬

_ (¬1) انظر: ص 673 من هذا الكتاب. (¬2) انظر: العدة/ 268. (¬3) في (ب): آخره. (¬4) انظر: المسودة/ 81. (¬5) في (ظ): نعم.

العام والخاص

العام والخاص قال أبو الحسين (¬1) وبعض الأشعرية (¬2) -واختاره في التمهيد (¬3) -: العام اللفظ المستغرق لما (¬4) يصلح له. فقيل: ليس بمانع؛ لدخول كل نكرة من أسماء الأعداد كعشرة، ونحو (¬5): ضرب زيد عمرًا. وفيه نظر؛ فإِنه أريد بما يصلح أفراد مسمى اللفظ فلم تدخل النكرة، وإن فسر ما يصلح (¬6) بأجزاء اللفظ لا بجزئياته كالعشرة مستغرقة أجزاءها أي: وحداتها، ونحو "ضرب زيد عمرًا": إِن استغرق لما يصلح من أفراد "ضرب زيد عمرًا" فعام، وإلا لم يدخل. وأبطله الآمدي (¬7): بأنه عرف العام بالمستغرق وهما مترادفان، وليس القصد شرح اسم العام ليكون الحد لفظيا، بل مسماه بحد (¬8) حقيقي أو ¬

_ (¬1) انظر: المعتمد/ 203. (¬2) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 195. (¬3) انظر: التمهيد/ 50 أ. (¬4) نهاية 213 من (ح). (¬5) في (ب): ونحوه. (¬6) نهاية 103 ب من (ب). (¬7) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 195. (¬8) في (ظ): لحد.

رسمي. (¬1) وفي الروضة (¬2): اللفظ الواحد الدال على شيئين فصاعدا مطلقًا. وهو أجود من حد الغزالي (¬3)، وليس بجامع لخروج لفظ "المعدوم" و"المستحيل"؛ لأن مدلولهما ليس بشيء، والوصول؛ [لأنه] (¬4) ليس بلفظ واحد؛ لأنه لا يتم إِلا بصلته. واختاره الآمدي (¬5)، وأبدل "شيئين" بـ "مسميين". وقيل (¬6): ما دل على مسميات باعتبار أمر اشتركت فيه مطلقًا. فدخل فيه المعاني، وفيها خلاف (¬7) يأتي (¬8)، ودخل في "المسميات" الموجود والمعدوم، وخرج المسمى الواحد والمثنى والنكرة المطلقة كرجل، وخرج نحو: عشرة بـ "اشتركت فيه"، والمعهود بـ "مطلقًا". ¬

_ (¬1) وما ذكره خارج عن القسمين. (¬2) انظر: روضة الناظر/ 220. (¬3) قال الغزالي: العام عبارة عن اللفظ الواحد الدال من جهة واحدة على شيئين فصاعدا. انظر: المستصفى 2/ 32. (¬4) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ظ). (¬5) انظر: الإحكام للآمدي 2/ 196. (¬6) انظر: مختصر ابن الحاجب 2/ 99. (¬7) نهاية 77 أمن (ظ). (¬8) في الصفحة التالية.

مسألة

ولا وجه لزيادة "ضربة" -أي: دفعة- ليخرج نحو: رجل (¬1). * * * والخاص: بخلافه، أي: ما دل وليس بعام، فلا يرد المهمل. * * * [ثم] (¬2): العام لا أعم منه "المذكور"، لتناوله الموجود والمعدوم والمعلوم والمجهول، والخاص (¬3) لا أخص منه "أسماء الأعلام"، وعام بالنسبة إِلى ما تحته خاص بالنسبة إِلى ما فوقه كحيوان. مسألة العموم من عوارض الألفاظ (¬4) حقيقة إِجماعًا، أي: بمعنى الشركة في المفهوم لا بمعنى الشركة في اللفظ. قال بعض أصحابنا (¬5): وفي المعاني أيضًا، وذكره عن القاضي وغيره. وعن أبي الخطاب (5): من عوارض الألفاظ فقط، وذكره ¬

_ (¬1) قال من زاده: ليخرج نحو: رجل؛ فإِنه يدل على مسمياته لا دفعة بل دفعات على البدل. (¬2) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ظ). (¬3) نهاية 214 من (ح). (¬4) في (ب): ألفاظ. (¬5) انظر: المسودة/ 97.

الآمدي (¬1) (¬2) عن أصحابهم وجمهور الأئمة، لكنه مجاز (¬3). وللحنفية (¬4) قولان. و [عن] (¬5) بعض الأصوليين: ولا مجازًا أيضًا، وهو ظاهر ما حكي عن أبي الخطاب. وذكر بعض أصحابنا (¬6) عن الغزالي (¬7) وصاحب الروضة (¬8): من عوارض اللفظ والمعنى الذهني. وفي الروضة (8): من عوارض الألفاظ، مجاز في غيرها، وقال في المعنى الكلي: إِن سُمِّي عامًّا فلا بأس. وجه الأول: حقيقة العام لغة: شمول أمر لمتعدد، وهو في المعاني كعم المطر والخصب، وفي المعنى الكلي لشموله لمعاني الجزئيات. ¬

_ (¬1) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 98. (¬2) نهاية 104 أمن (ب). (¬3) يعني: لكنه مجاز في المعاني. (¬4) انظر: أصول السرخسي 1/ 125، وتيسير التحرير 1/ 119، وفتح الغفار 1/ 84، وفواتح الرحموت 1/ 258. (¬5) ما بين المعقوفتين من (ظ). (¬6) انظر: المسودة/ 97. (¬7) انظر: المستصفى 2/ 33 - 34 (¬8) انظر: روضة الناظر/ 220.

مسألة

واعترض: المراد أمر واحد شامل، وعموم المطر شمول متعدد لمتعدد؛ لأن كل جزء من الأرض يختص بجزء من المطر. رد: ليس هذا بشرط للعموم (¬1) لغة، ولو سلم فعموم الصوت (¬2) باعتبار واحد شامل للأصوات المتعددة الحاصلة لسامعيه، وعموم الأمر والنهي باعتبار واحد وهو الطلب الشامل لكل طلب تعلق بكل مكلف، وكذا المعنى الكلي الذهني (¬3) (¬4). مسألة مذهب الأئمة الأربعة (¬5) والظاهرية (¬6) وعامة المتكلمين: للعموم صيغة موضوعة له خاصة به -وقال ابن عقيل (¬7): للعموم صيغة (¬8) - كما ¬

_ (¬1) في (ظ): العموم. (¬2) وهو من المعاني. (¬3) يتصور لعمومه الآحاد التي تحته. (¬4) نهاية 215 من (ح). (¬5) انظر: العدة/ 485، 489، وأصول السرخسي 1/ 151 - 162، وتيسير التحرير 1/ 971، وشرح تنقيح الفصول/ 178 - 182، والإحكام للآمدي 2/ 200، وشرح المحلي على جمع الجوامع 1/ 408 - 414. (¬6) انظر: الإِحكام لابن حزم/ 463. (¬7) انظر: الواضح 2/ 74 ب. (¬8) في (ب): صيغة به كما سبق.

سبق (¬1) في الأمر، وسبق فيه رواية في الظواهر (¬2). وقالت المرجئة (¬3): لا صيغة له، وذكره التميمي (¬4) عن بعض أصحابنا (¬5)، وكذا قاله الأشعري وأصحابه (¬6). ثم: لهم ولجماعة من الأصوليين قولان: أحد هما: الاشتراك (¬7) بين العموم والخصوص. والثاني: الوقف، فقيل: لا ندري (¬8)، وقيل: ندري ونجهل: حقيقة في العموم أو مجاز؟. وقيل: الأمر والنهي للعموم، والوقف في الأخبار. وعند أرباب الخصوص: هي حقيقة فيه، واختاره الآمدي (¬9)، وتوقف فيما زاد. ¬

_ (¬1) يعني: كما سبق في أن للأمر صيغة. انظر: ص 654 من هذا الكتاب. (¬2) انظر: ص 655 - 656 من هذا الكتاب. (¬3) انظر: المعتمد/ 209، والإحكام للآمدي 2/ 200. (¬4) هو: أبو محمَّد التميمي. وفي (ح): اليميمي. (¬5) انظر: المسودة/ 89. (¬6) انظر: الإحكام للآمدي 2/ 200، والعدة/ 489. (¬7) في (ظ): للاشتراك. (¬8) هل وضع للعموم صيغة؟ (¬9) انظر: الإحكام للآمدي 2/ 201.

وعند محمَّد (¬1) بن شجاع الثلجي (¬2) (¬3) وأبي هاشم (¬4) وجماعة من المعتزلة (¬5): لفظ الجمع واسم الجنس لثلاثة، ويوقف (¬6) فيما زاد. لنا: "لا تضرب أحدًا" (¬7) و"كل من قال كذا فقل له كذا" عام قطعا. ولأن (¬8) نوحًا تمسك بقوله: (وأهلك) (¬9) بأن ابنه من أهله، وأقره ¬

_ (¬1) قال في العدة/ 489: وحكي عن محمَّد بن شجاع الثلجي أنه قال: يحمل على الثلاثة، ويتوقف فيما زاد عليها حتى يقوم الدليل على المراد به، وحكي ذلك عن جماعة من المعتزلة. وانظر: كشف الأسرار 2/ 299. (¬2) هو: أبو عبد الله، فقيه الحنفية في وقته، توفي سنة 266 هـ. اتهم بالوضع وبالكذب. قال فيه أحمد: مبتدع صاحب هوى. انظر: تاريخ بغداد 5/ 350، والمغني في الضعفاء 2/ 591، وشذرات الذهب 2/ 151. (¬3) نهاية 104 ب من (ب). (¬4) نقل في المعتمد/ 211، 240، 244، 246 عن أبي هاشم: عدم الاستغراق في اسم الجمع المشتق وغير المشتق إِذا دخله الألف والسلام نحو: (المشركون - الناس) والاسم المفرد إِذا دخله الألف واللام مشتقا أو غير مشتق والجمع العاري عن الألف واللام. وانظر: الإِحكام للآمدي 2/ 200. (¬5) انظر: العدة/ 490، والمسودة/ 89. (¬6) في (ب) و (ح): وتوقف. (¬7) نهاية 77 ب من (ظ). (¬8) من قوله: (ولأن نوحاً) إِلى قوله: (لننجينه) ورد في (ب) و (ظ) متأخرًا، وسأشير إِليه في موضعه وذلك في ص 755. (¬9) سورة هود: آية 40.

الله وبَيَّن المانع. ولأن إِبراهيم فهم العموم من: (أهل هذه القرية) (¬1)، فقال للملائكة: (إِنَّ فيها لوطاً) (¬2)، وأجابوه: (لننجينه) (2). [يقال (¬3): أهْل وأَهْلَة، والجمع: أهْلات وأَهَلات وأَهالٍ] (¬4). ولمسلم من حديث (¬5) أبي هريرة: قالوا: فالحمر يا رسول الله؟ قال: (ما أنزل الله علي فيها شيئًا إِلا هذه الآية الجامعة الفاذة (فمن (¬6) يعمل مثقال ذرة خيرًا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرًّا يره (¬7)). وعن ابن عمر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما (¬8) رجع من الأحزاب قال: (لا يصلين أحد العصر إِلا في بني قريظة)، فأدرك بعضهم العصر في الطريق، فقال بعضهم: لا نصلي حتى نأتيها، وقال بعضهم: بل نصلي، لم يرد ذلك منا، فذكر للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فلم يعنف واحدًا منهم. رواه البخاري ومسلم (¬9). ¬

_ (¬1) سورة العنكبوت: آية 31. (¬2) سورة العنكبوت: آية 32. (¬3) انظر: لسان العرب 13/ 28 - 29. (¬4) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬5) أخرجه البخاري في صحيحه 9/ 109، ومسلم في صحيحه/ 682. (¬6) في النسخ: من يعمل. (¬7) سورة الزلزلة: الآيتان 7، 8. (¬8) نهاية 216 من (ح). (¬9) انظر: صحيح البخاري 5/ 112، وصحيح مسلم/ 139.

وأجنب عمرو بن العاص (¬1) في غزوة ذات (*) السلاسل، فصلى بأصحابه ولم يغتسل لخوفه، وتأول قوله: (ولا تقتلوا أنفسكم) (¬2)، وذكر للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فضحك ولم يقل شيئًا. حديث صحيح رواه (¬3) أحمد وأبو داود والحاكم وقال: على شرط البخاري ومسلم (¬4). واستدلال الصحابة والأئمة على حد كل سارق وزان بقوله: (والسارق) (¬5)، (والزاني) (¬6). وفي الصحيحين (¬7): احتجاج عمر على أبي بكر في قتال مانعي الزكاة ¬

_ (¬1) في (ب) و (ح): العاصي. (*) وقعت سنة 8 هـ، والسلاسل: اسم ماء بأرض جذام على مشارف الشام. انظر: تاريخ الأمم والملوك 3/ 104، والبداية والنهاية 4/ 273، ومعجم البلدان 3/ 233. (¬2) سورة النساء: آية 29. (¬3) انظر: المسند 4/ 203 - 204، وسنن أبي داود 1/ 238 - 239، والمستدرك 1/ 177 - 178 ووافقه الذهبي. وأخرجه الدارقطني في سننه 1/ 178 - 179، والبيهقي في السنن الكبرى 1/ 225 - 226. وعلقه البخاري في صحيحه 1/ 73. (¬4) جاء -بعد هذا- في كل من (ب) و (ظ) الكلام المشار إِليه في هامش 8 من صفحة 753. وجاء معه -أيضًا- الكلام المحصور بين المعقوفتين في الصفحة السابقة، والذي قدمته لمناسبته لذلك الكلام. (¬5) سورة المائدة: آية 38. (¬6) سورة النور: آية 2. (¬7) انظر: صحيح البخاري 2/ 105، وصحيح مسلم/ 51 - 52، وقد أخرجاه من حديث أبي هريرة.

بقوله - عليه السلام -: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا (¬1): لا إِله إِلا الله). وللشافعي (¬2): فقال أبو بكر: هذا من حقها. وللترمذي في غير جامعه (¬3): عن عمر عن أبي بكر مرفوعًا: (إِنا معشر الأنبياء لا نورث) (¬4). ولمالك عن ابن (¬5) شهاب (¬6) عن قبيصة (¬7) بن ذؤيب: أن رجلاً سأل ¬

_ (¬1) في (ظ): حتى يشهدوا أن لا إِله إِلا الله. (¬2) انظر: بدائع المنن 1/ 223، وقد أخرجه من حديث أبي هريرة. (¬3) وهو سننه المعروفة المطبوعة. (¬4) أخرجه الترمذي في الشمائل المحمدية/ 232 - 234 من حديث أبي بكر: سمعت رسول الله يقول: (لا نورث). وكذا أخرجه في جامعه (السنن) 3/ 81 - 83 من حديث أبي بكر وعمر مرفوعًا. ولم أجده باللفظ المذكور. وأخرجه البخاري في صحيحه 8/ 149 من حديث أبي بكر وعائشة وعمر مرفوعًا: (لا نورث، ما تركناه صدقة). وأخرجه مسلم في صحيحه / 1379 - 1383 من حديث عائشة وأبي بكر وأبي هريرة مرفوعًا، بلفظ البخاري. وباللفظ الذي ذكره المؤلف أخرجه أحمد في مسنده 2/ 463 من حديث أبي هريرة مرفوعًا. وأخرجه النسائي في السنن الكبرى عن عمر مرفوعًا: (إِنا معاشر الأنبياء لا نورث). فانظر: المعتبر/ 46 ب. (¬5) نهاية 105 أمن (ب). (¬6) هو: الزهري. (¬7) هو: أبو إِسحاق -ويقال: أبو سعيد- الخزاعي، ولد سنة اهـ، وقيل: عام الفتح،=

عثمان عن الأختين من ملك اليمين هل يجمع بينهما؟ فقال (¬1): "أحلتهما آية (¬2)، وحرمتهما آية (¬3)، وأنا لا أحب أن أصنع هذا"، فخرج من عنده فلقي رجلاً من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: لو كان لي من الأمر شيء ثم وجدت أحدًا فعل (¬4) ذلك لجعلته نكالاً. قال ابن شهاب (¬5): أراه [علي] (¬6). قال مالك: وبلغني عن الزبير (¬7) مثل ذلك (¬8). ¬

_ =وقيل غير ذلك، ذكره ابن شاهين في الصحابة، وقال ابن قانع: له رؤية. وقال العجلي: مدني تابعي ثقة. وذكره ابن حبان في ثقات التابعين، روى عن النبي مرسلاً وعن عمر وعثمان وبلال وغيرهم، توفي سنة 86 هـ. انظر: الاستيعاب/ 1272، والإصابة 5/ 517، وتهذيب التهذيب 8/ 347. (¬1) في (ظ): قال. (¬2) وهي قوله تعالى: (فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم) سورة النساء: آية 3. (¬3) وهي قوله تعالى: (وأن تجمعوا بين الأختين إِلا ما قد سلف). سورة النساء: آية 23. (¬4) في (ظ) ونسخة في هامش (ب): يفعل. (¬5) هو: الزهري. (¬6) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬7) هو: الصحابي الزبير بن العوام. (¬8) انظر: الموطأ/ 538 - 539. وأخرجه الدارقطني في سننه 3/ 281، والبيهقي في السنن الكبرى 7/ 163 - 164، ومسدد في مسنده (انظر: المطالب العالية 3/ 74).

وللطحاوي (¬1) والدارقطني (¬2) (¬3) عن علي وابن عباس كقول عثمان (¬4). وللبخاري عن زيد بن ثابت: أنه لما نزل: (لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون) (¬5) قال ابن أم مكتوم: يا رسول الله، لو أستطيع الجهاد لجاهدت، فأنزل [الله] (¬6): (غير أولي الضرر) (¬7). ¬

_ (¬1) هو: أبو جعفر أحمد بن محمَّد بن سلامة الأزدي المصري، فقيه حنفي، حافظ ثقة ثبت، توفي بمصرسنة 321 هـ. من مؤلفاته: أحكام القرآن، والعقيدة، وشرح معاني الآثار. انظر: الفهرست/ 292، ووفيات الأعيان 1/ 53، وتذكرة الحفاظ/ 1808، وتاج التراجم/ 8. (¬2) انظر: سنن الدارقطني 3/ 281، 282، وقد أخرجه عن علي وابن عباس. قال صاحب (التعليق المغني على الدارقطني): الحديث -يعني: حديث على- فيه محمَّد بن جابر السحيمي، ضعفه ابن معين، وقال الفلاس: متروك الحديث. وفيه: أبو إِسحاق الكوفي عبد الله بن ميسرة الحارثي، ضعفه ابن معين والنسائي، وقال أبو زرعة: واهي الحديث. وأما ابن حبان فوثقه. (¬3) نهاية 217 من (ح). (¬4) وأخرجه سعيد في سننه 3/ 1/ 403، 404، والبيهقي في السنن الكبرى 7/ 164، ومسدد وأبو يعلى في مسنديهما (انظر: المطالب العالية 2/ 73 - 74، ومجمع الزوائد 4/ 269). وانظر: تفسير الجصاص 2/ 130، وتفسير القرطبي 5/ 117. (¬5) سورة النساء: آية 95. (¬6) ما بين المعقوفتين من (ح). (¬7) أخرجه البخاري في صحيحه 4/ 25، ومسلم في صحيحه/ 1508 - 1509، والترمذي في سننه 4/ 308 - 309، والنسائي في سننه 6/ 9.

وشرب قدامة بن مظعون (¬1) خمرًا، واحتج بقوله: (ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إِذا ما اتقوا (¬2) وآمنوا) الآية (¬3)، فقال له عمر: أخطأت التأويل، إِذا اتقيت اجتنبت ما حرم الله. وحَدَّه عمر. رواه الحميدي (¬4) بسند البخاري (¬5). وشاع ولم ينكر. ¬

_ (¬1) هو: الصحابي أبو عمرو القرشي الجمحي. (¬2) نهاية 78 أمن (ظ). (¬3) سورة المائدة: آية 93. (¬4) هو: أبو عبد الله محمَّد بن أبي نصر فتوح بن عبد الله الأزدي الأندلسي الظاهري، حافظ ثبت، إِمام في الحديث والفقه والأدب والعربية، سمع بالأندلس ومصر والشام والعراق والحجاز، توفي سنة 488 هـ. من مؤلفاته: الجمع بين الصحيحين، وتاريخ الأندلس. انظر: العبر 3/ 323، وتذكرة الحفاظ/ 1218، والنجوم الزاهرة 5/ 156، وشذرات الذهب 3/ 392. (¬5) انظر: صحيح البخاري 5/ 84، وفتح الباري 7/ 319 - 320، والجمع بين الصحيحين للحميدي 1/ 20 ب- 21 أ. وأخرجه عبد الرزاق في مصنفه 9/ 240 - 243، والبيهقي في سننه 8/ 315 - 316، والدارقطني في سننه 3/ 166، ولم يصرح باسم قدامة. وانظر: أحكام القرآن لابن العربي/ 654 - 655، وتفسير القرطبي 6/ 297 - 299، والإِصابة 5/ 424.

واعترض: فهم بالقرائن (¬1)، ثم: أخبار آحاد. رد: الأصل عدم قرينة، ثم: لنقلت، ثم (¬2): ينسد باب الفهم لظاهرٍ من لفظٍ لجوازه (¬3) من قرينة، ثم: حديث أبي هريرة صريح. وهي متواترة معنى، وتلقتها الأمة بالقبول، ثم: الظن كاف. وأيضًا: صحة الاستثناء في "أكرم الناس إِلا الفساق"، وهو: إِخراج ما لولاه لدخل بإِجماع العربية، لا لصلح دخوله. وأيضًا: "من دخل من عبيدي حر، ومن نسائي طالق" يعم اتفاقًا، أو "فأكرمه" يتوجه اللوم بترك واحد. وأيضًا: "من جاءك؟ " -استفهامًا (¬4) - عام؛ لأنه موضوع اتفاقًا، وليس بحقيقة في الخصوص لحسن جوابه بجملة العقلاء، وكذا الاشتراك والوقف، وإِلا لما حسن (¬5) إِلا بعد (¬6) الاستفهام (¬7). والفرق بين "كل" و"بعض" وبين تأكيد العموم والخصوص قطعي (¬8)، ¬

_ (¬1) (ح): بالقران. (¬2) يعني: على قولكم: فهم بالقرائن. (¬3) يعني: لجواز أن يكون الفهم من قرينة. (¬4) في (ب) و (ظ): استفهام. (¬5) يعني: لما حسن الجواب. (¬6) نهاية 105ب من (ب). (¬7) يعني: استفهام السائل عن مراده بقوله: من جاءك؟ (¬8) فلولا أن للعموم صيغة يتميز بها عن الخصوص لما اختلف حكمهما في التوكيد.

وكذا تفريق أهل اللغة بين لفظ العموم ولفظ الخصوص (¬1). وأيضاً (¬2): "كل الناس علماء" يكذبه: "كلهم ليسوا علماء". واحتج أصحابنا (¬3) وغيرهم: بأنه (¬4) لما نزل قوله: (إِنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم) (¬5) قال عبد الله بن الزبعري (¬6) للنبي - صلى الله عليه وسلم -: قد عُبدت الملائكة وعزير وعيسى، هؤلاء في النار مع آلهتنا؟ فنزل: (ولما ضرب ابن مريم) (¬7)، ثم: (إِن الذين سبقت) (¬8). إِسناده جيد، رواه أبو بكر بن مردويه (¬9) من حديث عكرمة عن ابن عباس، ورواه -أيضاً- بإِسناد حسن ¬

_ (¬1) فإِنا وجدنا أهل اللغة يقولون: هذا اللفظ عموم، وهذا اللفظ خصوص. (¬2) نهاية 219 من (ح). (¬3) انظر: العدة/ 490. (¬4) في (ظ) ونسخة في هامش (ب): أنه. (¬5) سورة الأنبياء: آية 98. (¬6) هو: الصحابي أبو سعد القرشي السهمي، من شعراء قريش المشهورين، هجا المسلمين بشعره قبل إسلامه، ثم أسلم عام الفتح. انظر: الاستيعاب/ 901، والإِصابة 4/ 870. (¬7) سورة الزخرف: آية 57. (¬8) سورة الأنبياء: آية 101. (¬9) في تفسيره، فانظر: تفسير ابن كثير 3/ 198، والمعتبر / 165. وأخرجه الواحدي في أسباب النزول/ 175، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد 7/ 68 - 69 وقال: رواه الطبراني، وفيه: عاصم بن بهدلة، وقد وثق، وضعفه جماعة. وانظر: تفسير الطبري 17/ 76، وتفسير القرطبي 11/ 343.

من حديث سعيد بن جبير عنه (¬1)، وفيه: "قال المشركون"، وليس فيه: "الملائكة" ولا: (ولما (¬2) ضرب) الآية. ورواه (¬3) الحافظ (¬4) الضياء (¬5) في المختارة (¬6) من طريقه. ¬

_ (¬1) انظر: تفسير الطبري 17/ 77، وتفسير ابن كثير 1/ 198. (¬2) في (ظ): لما. (¬3) في (ظ): رواه. (¬4) انظر: تفسير ابن كثير 3/ 198، والمعتبر/ 66 أ. (¬5) هو: أبو عبد الله ضياء الدين محمَّد بن عبد الواحد بن أحمد السعدي المقدسي الحنبلي، محدث الشام، إِمام حافظ ثقة ثبت عالم بالحديث وأحوال الرجال، توفي بدمشق سنة 643 هـ. من مؤلفاته: الأحاديث المختارة، ودلائل النبوة. انظر: ذيل طبقات الحنابلة 2/ 236، وتذكرة الحفاظ/ 1405، وطبقات الحفاظ/ 494، وشذرات الذهب 5/ 224. (¬6) جاء في الرسالة المستطرفة/ 240: كتاب الأحاديث الجياد المختارة مما ليس في الصحيحين أو في أحدهما -لضياء الدين المقدسي، المتوفى سنة 643 هـ، وهو مرتب على المسانيد على حروف المعجم لا على الأبواب، في ستة وثمانين جزءًا، ولم يكمل، التزم فيه الصحة، وذكر فيه أحاديث لم يسبق إِلى تصحيحها، وقد سلم له فيه إِلا أحاديث يسيرة جداً تعقبت عليه، وذكر ابن تيمية والزركشي وغيرهما: أن تصحيحه أعلى مزية من تصحيح الحاكم ... وذكر الزركشي: أنه قريب من تصحيح الترمذي وابن حبان ...

وروى الثاني الحاكم (¬1). والزبعري -بفتح الباء-: سمي به لسوء الخلق، وقيل: لكثرة شعر وجهه ولحيته وحاجبيه. ورد: بأن "ما" لما لا يعقل، ولهذا قال - عليه السلام - لابن الزبعري: (ما أجهلك بلغة قومك!). كذا قيل (¬2). ولا وجه له لصحة ¬

_ (¬1) أخرجه الحاكم في مستدركه 2/ 385 عن عكرمة عن ابن عباس قال: لما نزلت: (إِنكم وما تعبدون ...) قال المشركون: الملائكة وعزير يعبدون من دون الله ... قال: فنزلت: (إِن الذين سبقت ...) قال الحاكم: حديث صحيح الإِسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. وانظر: المعتبر/ 65 ب- 68أ. (¬2) قال الزركشي في المعتبر/ 67 ب: وما وقع في بعض كتب الأصول: أنه -عليه السلام- قال لابن الزبعري: (ما أجهلك بلغة قومك، "ما" لما لا يعقل)، فقال الشيخ الحافظ أبو سعيد العلائي: غير صحيح. وقال الألوسي في روح المعاني 17/ 94: شاع أن الرسول قال له: يا غلام، ما أجهلك بلغة قومك؛ لأني قلت: (وما تعبدون) و"ما" لما لا يعقل، ولم أقل: (ومن تعبدون)، وتعقبه ابن حجر في تخريج أحاديث الكشاف: بأنه اشتهر على ألسنة كثير من علماء العجم وفي كتبهم، وهو لا أصل له، ولم يوجد في شيء من كتب الحديث مسندًا ولا غير مسند، والوضع عليه ظاهر، والعجب ممن نقله من المحدثين. ا. هـ. وكلام ابن حجر هذا قد ورد مع زيادة مفيدة في كتابه المذكور المطبوع باسم (الكافي الشاف بتخريج أحاديث الكشاف) ملحقًا بالجزء الرابع من تفسير الكشاف/ 111 - 112، ط: مصطفى محمَّد.

الإِسناد (¬1)، ولم يصح قوله ذلك له. ولو اختصت "ما" بمن لا يعقل لما احتيج إِلى قوله: (من دون الله) لعدم تناولها لله، و"ما" -هنا- بمعنى: "الذي"، و"الذي" يصح لما لا (¬2) يعقل، لقولهم: " [الذي] (¬3) جاء زيد"، وصحة: "ما في الدار من العبيد أحرار". (¬4) قال بعضهم (¬5): فكذا "ما" بمعناها تكون للعاقل أيضاً، كقوله: (والسماء وما بناها) وما بعدها (¬6). وذكره (¬7) بعضهم فيهن (¬8). وبعضهم: بمعنى "مَنْ". وبعضهم: مصدرية. واحتجوا -أيضًا- بأن العموم معنى ظاهر يحتاج إِلى التعبير عنه كغيره. ورد (¬9): بالاستغناء بالمجاز والمشترك. كذا قيل، والظاهر خلافه. ¬

_ (¬1) يعني: إِسناد ما ذكرناه. (¬2) كذا في النسخ. ولعل الصواب: لما يعقل. (¬3) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬4) في (ب): اجرار. (¬5) عدلت في (ب) و (ظ): إِلى: بعض أصحابنا. (¬6) سورة الشمس: الآيات 5 - 7. (¬7) انظر: زاد المسير 9/ 138 - 139. (¬8) ضرب في (ح) على (فيهن)، وكتبت بعد (واحتجوا أيضاً) الآتي بعد قليل. (¬9) نهاية 78 ب من (ظ).

القائل بالخصوص (¬1): متيقن، فجعله (¬2) له حقيقة أولى. رد: إِثبات للغة بالترجيح، وليس (¬3) بطريق لها. وسبق (¬4) في الأمر. وعورض: بأن العموم أحوط، فكان أولى. قالوا: يلزم من كونها للعموم كذب الخصوص، كعشرة مع إِرادة خمسة. رد: يلزم إِذا كان نصا كعشرة (¬5). قالوا: يلزم من كونها للعموم كون التأكيد عبثًا والاستثناء نقضا، وأن لا يحسن الاستفهام. رد: لدفع احتمال التخصيص، وبلزوم ذلك (¬6) في الخاص، وبصحة استثناء خمسة من عشرة، وليس بنقض مع أنه (¬7) صريح. قالوا: الخصوص أغلب (¬8)، فهو أولى. ¬

_ (¬1) نهاية 106أمن (ب). (¬2) نهاية 219 من (ح). (¬3) يعني: وليس الترجيح بطريق لها. (¬4) انظر: ص 666 من هذا الكتاب. (¬5) في (ح) و (ظ): لعشرة. (¬6) يعني: التأكيد. (¬7) يعني: العدد "عشرة". (¬8) لأنه لا عام إِلا مخصص.

مسألة

رد: بمنعه في المؤكد، ومنعه بعضهم في الخبر (¬1)، ثم: هذا الغالب لا يختص بثلاثة، وقد يستعمل الشيء غالبًا مجازًا، وافتقار تخصيصها إِلى دليل يدل أنها للعموم. القائل "مشتركة" أو "موقوفة": ما سبق (¬2) في: الأمر للوجوب. القائل بالفرق: الإِجماع على تكليف المكلفين لأجل العام بالأمر والنهي، فتجب إِفادتهما للعموم. رد: مثله الخبر الذي يقع التكليف العام بمعرفته نحو: (وهو بكل شيء عليم) (¬3) وعموم الوعد والوعيد. مسألة صيغ العموم عند القائلين بها: أسماء الشروط (¬4) والاستفهام، كـ "مَنْ" فيمن يعقل، و"ما" فيما لا يعقل -وفي الواضح عن آخرين: "ما" لهما في الجزاء (¬5) والاستفهام- وأين وأَنَّى وحيث للمكان، ومتى للزمان، [وأَيّ للكل] (¬6). ¬

_ (¬1) في (ب): الجزء. وفي (ظ): الحد. والمثبت من (ح) ونسخة في هامش (ب). (¬2) انظر: ص 668 من هذا الكتاب. (¬3) سورة البقرة: آية 29. (¬4) في (ح): الشرط. (¬5) في (ظ): الخبرا والاستفهام. (¬6) ما بين المعقوفتين من (ب) و (ظ). وكان مكتوبًا في (ح) -بعد قوله: فيما لا يعقل- (وأي في الخبرا والاستفهام) ثم ضرب عليها، وكتب: وفي الواضح ... إِلخ.

وتعم "من" و"أي" المضافة إِلى الشخص ضميرهما فاعلا كان أو مفعولا، فلو قال: "من قام منكم" (¬1) أو "أيكم قام" أو "من أقمته" أو "أيكم أقمته فهو حر" (¬2) -فقاموا أو أقامهم- عتقوا. قال في المحرر (¬3): وعلى قياسه: "أي عبيدي ضربتَه أو من ضربته من عبيدي فهو حر" فضربهم عتقوا، كقوله: "أي عبيدي ضربك أو من ضربك من عبيدي (¬4) فهو حر" فضربوه عتقوا. وفي الإِرشاد لابن أبي موسى من أصحابنا: إِن قال: "أيكم جاء بخبر كذا فهو حر" -فجاءه به جماعة- فعن أحمد: يعتقون. وعنه: أحدهم. وقال (¬5) الحنفية (¬6) -في: أي عبيدي ضربك حر، فضربوه-: عتقوا لعموم صفة الضرب لأي. ولو قال: "ضربتَه" -فضربهم- عتق واحد؛ لأنه (¬7) نكرة في إِثبات لانقطاع هذه الصفة عنها إِليه (¬8)، ولو قال: "من شئت من عبيدي فأعتقه" -فشاء عتق كلهم- فعند أبي حنيفة (¬9): ¬

_ (¬1) في (ح): منكن. (¬2) نهاية 220 من (ح). (¬3) انظر: المحرر 2/ 64. (¬4) نهاية 106 ب من (ب). (¬5) في (ب) و (ظ): قال. (¬6) انظر: أصول السرخسي 1/ 161 - 162. (¬7) في (ب): لا نكرة. (¬8) يعني: إِلى المخاطب. (¬9) انظر: أصول السرخسي 1/ 155.

يستثنى واحد؛ لأن "مِنْ" للتبعيض، وعند صاحبيه (¬1): يعتق كلهم؛ لأن "من" للبيان. والله أعلم. والموصولات. والجمع المعرف تعريف جنس لمذكر أو مؤنث سالم أو مكسر (¬2)، جمع قلة أو كثرة. وقيل: لا يعم (¬3) وقيل: يعم فقط. قال القاضي (¬4) وغيره: التعريف يصرف الاسم إِلى ما الإِنسان به أعرف، فإِن كان معهود فهو به أعرف، فينصرف إِليه، ولا يكون مجازًا، وإِلا انصرف إِلى الجنس؛ لأنه به أعرفه من أبعاضه، واحتج بعمومها مع العهد على من خالف فيه مع الجنس، وقاله أبو الحسين (¬5) وأبو الخطاب (¬6)، وقال (¬7): لو قيل: "يصير الاسم مجازًا بقرينة العهد" لجاز. وجزم غيره به. والله أعلم. ¬

_ (¬1) انظر: أصول السرخسي 1/ 155. (¬2) في (ظ): أو لمكسر. (¬3) نهاية 79 أمن (ظ). (¬4) انظر: المسودة/ 113. (¬5) انظر: المعتمد/ 241. (¬6) انظر: التمهيد/ 55 أ. (¬7) قال أبو الخطاب: وإن قيل: (لو حمل الاسم المعرف على العهد بقرينة هي تقدم العهد لجعل الاسم مجازًا؛ لأنه اسم مخصوص) لجاز ذلك على قول من جعل العموم الخصوص مجازاً.

والجمع المضاف. وأسماء التأكيد: مثل: كل، وأجمعون. واسم الجنس المعرف تعريف جنس. ومنع بعضهم عموم ما يفرق بينه وبين واحده (¬1) بالهاء كتمرة وتمر؛ لأنه ليس بجمع، ولأنه يجمع. وزيفه أبو المعالي (¬2): بأنه جمع، والجمع قد يجمع، وأنه قول الأكثر. وكذا -عندنا وعند الأكثر-: يعم الاسم المفرد إِذا دخله آلة التعريف ولم يسبق تنكير كالرجل والسارق، خلافًا لبعض الشافعية (¬3) والجبائية (¬4)، حملاً للتعريف على فائدة لم تكن وهي (¬5) تعريف جميع الجنس؛ لأنه الظاهر كالجمع، وللاسثناء (¬6) منه كقوله: (إِن الإِنسان لفي خسر (¬7) إِلا (¬8) الذين آمنوا) (¬9). ¬

_ (¬1) نهاية 221 من (ح). (¬2) انظر: البرهان/ 341 - 342. (¬3) انظر: المحصول 1/ 2/ 599. (¬4) انظر: المعتمد/ 244. (¬5) في (ب) و (ح): وهو. (¬6) في (ح): والاستثناء. (¬7) نهاية 107أمن (ب). (¬8) في (ح): إِن. (¬9) سورة العصر: الآيتان 2، 3.

قالوا: لا يؤكد بكل وجميع. رد: بالمنع (¬1) كقول العرب: أهلك الناس الدرهم البِيْض والدينار الصُّفْر. ثم: التأكيد بحسب اللفظ المؤكد. ولا يعم مع قرينة اتفاقاً، كسبق تنكير. ومع جهلها: يعم عندنا وعند الأكثر، واختار أبو المعالي (¬2) الوقف. أما إِن عارض الاستغراق احتمال تعريف الجنس والعرف نحو: "الطلاق يلزمني، وعلي الطلاق" فروايتان عن أحمد (¬3): هل تطلق ثلاثاً أو واحدة؟ ويشبهه: "أنت مُدَبَّر إِن قرأتَ القرآن"، فقرأ بعضه. وجزموا: لا يصير مُدَبَّرا؛ لأنها للاستغراق إِلا بدليل. وقد ذكر بعض أصحابنا حنث من حلف "لا يقرأ القرآن" ببعضه. أما لو عرف الجنس (¬4) عمل بمطلقه، لسقوط الاستغراق، نحو (¬5): "والله لا أشتري العبيد" حنث بواحد. ¬

_ (¬1) بل يجوز. (¬2) انظر: البرهان/ 341. (¬3) انظر: المغني 7/ 484. (¬4) في (ح): للجنس. (¬5) في (ب): ونحو.

وأما إِضافته -كعبدي حر وامرأتي طالق- يعم عند أحمد (¬1)، واحتج بقول ابن عباس، وقاله [بعض] (¬2) الأصحاب (¬3) ومالك (¬4)، وذكره بعض الشافعية عن أكثر الفقهاء. واختلف كلامه في المغني في الطلاق (¬5) وفي امرأة نذرت (¬6) ذبح ولدها. وعند الحنفية والشافعية: لا يعم (¬7). وسبق في العموم (¬8) إِضافة أهل (¬9)، وأمر (¬10) في الأمر (¬11) للوجوب (¬12) [والله أعلم] (¬13). ¬

_ (¬1) انظر: المغني 7/ 497. (¬2) ما بين المعقوفتين من (ظ). (¬3) انظر: البلبل/ 98. (¬4) انظر: شرح تنقيح الفصول/ 181. (¬5) قال في المغني 7/ 497: لا يعم. (¬6) قال في المغني 9/ 518: يعم. (¬7) انظر: نهاية السول 2/ 67، وشرح المحلي 1/ 413. (¬8) انظر: ص 754 من هذا الكتاب. (¬9) في (ح): أهلي. (¬10) في (ح): وأمري. (¬11) انظر: ص 663 - 664 من هذا الكتاب. (¬12) ضرب في (ظ) على قوله: (وسبق) إِلى قوله (للوجوب). (¬13) ما بين المعقوفتين من (ح).

والنكرة المنفية. وعند بعضهم: تعم النكرة المنفية مع "مِنْ" ظاهرة أو مقدرة، فعندهم لا يعم: "ما عندي رجل" و"لا رجل في الدار" برفع رجل. واختاره (¬1) أبو البقاء من أصحابنا (¬2) في إِعرابه في: (لا ريب فيه) (¬3)، وذكره بعضهم (¬4) عن سيبويه وغيره، وأنه إِجماع؛ لأنه نفي الوحدة لا الماهية التي لا تنتفي إِلا بجميع أفرادها؛ لأنه (¬5) يحسن: ما رأيت رجلاً وما عندي رجل بل رجلان. ورد: للقرينة؛ ومع "مِنْ" العموم (¬6) قطعي، فلا مجاز (¬7). والله أعلم. قال القاضي (¬8) وغيره: إِذا قيل (¬9): "لا أكرم من دخل داري" أو "لا ألبس الثياب" فهم منه العموم في النفي، ولو قال: "لا أكرم كل عاقل دخل داري" جاز إِكرام بعضهم. ¬

_ (¬1) انظر: إِملاء ما من به الرحمن 1/ 11. (¬2) نهاية 79 ب من (ظ). (¬3) سورة البقرة: آية 2. (¬4) انظر: البرهان/ 338، والمسودة/ 103. (¬5) في (ح): أفرادها لا يحسن ما رأيت ... (¬6) في (ظ): للعموم. (¬7) يمني: فلا يتطرق إِليها مجاز. (¬8) انظر: المسودة/ 114. (¬9) نهاية 107 ب من (ب).

قال بعض أصحابنا (¬1): فجعلوا بعض (¬2) ألفاظ [العموم] (¬3) نفيها (¬4) عاما، وبعضها (¬5) نفيها نفيا للعموم لا عموماً للنفي. والله أعلم. والنكرة في النهي. قال (¬6) بعض أصحابنا (¬7) وغيرهم: والنكرة في الاستفهام والشرط كـ "من يأتني بأسير فله دينار" يعم كل أسير. وقال بعض أصحابنا: أما في الشرط فهل تفيده لفظا أو بطريق التعليل؟ فيه نظر، وقال -في: (إِذا قمتم إِلى الصلاة) (¬8) -: يحتمل أن التكرار من "إِذا"، وأن تفريق الأصحاب بينها وبين "متى" فيه نظر. * * * أما الجمع المنكر: فليس بعام عند أحمد (¬9) وأصحابه وأكثر الشافعية (¬10) وغيرهم. ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 114. (¬2) مثل: (مَنْ). (¬3) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬4) في (ظ): بعضها. (¬5) مثل: (كل). (¬6) في (ح): قال بعض أصحابنا: قال بعض أصحابنا وغيرهم: والنكرة ... (¬7) انظر: المسودة/ 103. (¬8) سورة المائدة: آية 6. (¬9) انظر: العدة/ 523. (¬10) انظر: التبصرة/ 118، والمحصول 1/ 2/ 614.

وفي التمهيد (¬1) وجه: عام، وذكره (¬2) ابن عقيل (¬3) والحلواني (¬4) رواية وكذا القاضي (¬5)؛ لأن أحمد (¬6) احتج على تحريم الحرير على الصغير بقوله: (هذان (¬7) حرام على ذكور أمتي) (¬8). كذا قال (¬9)، وهذا مضاف (¬10) (¬11). وقاله أبو ثور وبعض (¬12) الحنفية (¬13) وبعض الشافعية (¬14) وأبو علي ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد/ 55 ب. (¬2) في (ظ): وذكر. (¬3) انظر: الواضح 2/ 94 أ. (¬4) انظر: المسودة/ 106. (¬5) انظر: العدة/ 523، والمسودة/ 106. (¬6) انظر: العدة/ 523 - 524. (¬7) يعني: الحرير والذهب. (¬8) هذا الحديث رواه علي مرفوعاً. أخرجه أبو داود في سننه 4/ 330، وابن ماجه في سننه/ 1189، والنسائي في سننه 8/ 160، والطحاوي في شرح معاني الآثار 4/ 250 - 251، وابن حبان في صحيحه (انظر: موارد الظمآن/ 353). وأخرجه الطيالسي في مسنده (انظر: منحة المعبود 1/ 355) من حديث ابن عمر. وأخرجه الترمذي في سننه 3/ 132 عن أبي موسى مرفوعًا بلفظ: (حرم لباس الحرير والذهب على ذكور أمتي وأحل لإِناثهم)، قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. (¬9) يعني: القاضي. (¬10) فهو معرف وليس منكرًا. انظر: المسودة/ 106. (¬11) نهاية 223 من (ح). (¬12) في (ب) و (ظ): بعض. (¬13) انظر: كشف الأسرار 2/ 2، وتيسير التحرير 1/ 205. (¬14) انظر: التبصرة/ 118.

الجبائي (¬1) وحكاه الغزالي (¬2) عن الجمهور. لنا: لو قال: "اضرب رجالا" أو "له عندي عبيد" امتثل بأقل الجمع، وقبل تفسيره به (¬3). قال أبو الخطاب (¬4): وإينما جاز ضرب أكثر، لمعنى الجمع، كمن أمر بدخول الدار فزاد على أقله. ويأتي (¬5) في المجمل -في السارق- خلافه. ولأنه لو عَمَّ لم يُسَمَّ نكرة؛ لأن الجنس كله معروف، ولصح تأكيده بـ "كل"، ولم يحسن تأكيده بـ (¬6) "ما" كالمعرف باللام (¬7). قالوا: يطلق على كل جمع، فجعله للجميع يكون لكل حقائقه، فهو أولى. أجاب أبو الخطاب (¬8): حقيقة في أقل الجمع، فلا يكون حقيقة في ¬

_ (¬1) انظر: المعتمد/ 246، والمستصفى 2/ 37. (¬2) انظر: المستصفى 2/ 37. (¬3) يعني: بأقل الجمع. (¬4) انظر: التمهيد/ 55ب. (¬5) انظر: ص 1011. (¬6) في (ظ): بها. (¬7) وقد صح نحو: أعط رجالا ما. (¬8) انظر: التمهيد / 55 ب.

الاستغراق؛ لأن الحقيقة واحدة، ثم: ما زاد مشكوك فيه. وأجاب الآمدي (¬1): ليس حقيقة في كل جمع بخصوصه، بل في الجمع المشترك بينهما (¬2)، فلا يدل على الأخص لا حقيقة ولا مجازا، فبطل (¬3) قولهم (¬4): لاتحاد مدلوله، ثم: يحتمل عدم إِرادة الاستغراق، والأقل متيقن. وأجاب بعضهم: إِنما يصح إِطلاقه على جميع مراتب الجمع على البدل، فلا عموم كنحو: رجل. واعترض: من مراتب الجمع مرتبة مستغرقة لجميعها. رد: لا يتصور ذلك؛ (¬5) لأنه لا مرتبة إِلا ويمكن فرض أخرى فوقها، لعدم تناهي المراتب، فتناول مرتبة لجميعها تناول الكل لأجزائه، ولا يجوز اشتمال الكل على أجزاء غير متناهية. فإِن قيل: فلا يتصور جمع عام؛ لأنه إِنما يتصور إِذا كان مستغرقًا لمراتب الجمع. رد: عمومه ليس باعتبار مرتبة (¬6) مستغرقة لها، بل باعتبار مفهومه ¬

_ (¬1) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 217. (¬2) في (ح) و (ظ): بينهما .. (¬3) نهاية 108 أمن (ب). (¬4) يعني: قولهم: إِنا إِذا حملناه على الاستغراق كان حملا على جميع حقائقه ضرورة اتحاد مدلوله. (¬5) نهاية 80 أمن (ظ). (¬6) نهاية 224 من (ح).

مسألة

الشامل لجميعها، فهو مشترك بينها، وتناوله لجميعها تناول الكلي لجزئياته يجوز عدم تناهيها. قالوا: لو لم يعم اختص ببعضها، وإِلا كان مشتركا. رد: بنحو "رجل" (¬1)، وبوضعه للجمع المشترك (¬2). والله أعلم. * * * و"سائر": بمعنى "باقي". وفي الصحاح (¬3) وغيرها: "هي (¬4) لجملة الشيء"، فتكون عامة. مسألة أقل الجمع ثلاثة حقيقة عند أحمد (¬5) وأصحابه (وهـ (¬6) م (¬7) ¬

_ (¬1) مما ليس للعموم ولا مختصا ببعض، بل شائعًا يصلح للجميع. (¬2) بين العموم والخصوص، ولا يلزم من عدم اعتبار قيد هو العموم اعتبار عدمه حتى يلزم اعتبار القيد الآخر وهو الخصوص، فلا يلزم من عدم كونه للعموم كونه مختصا بالبعض. (¬3) الصحاح: أحد معاجم اللغة القيمة - للغوي البارع إِسماعيل بن حماد الجوهري، المتوفى سنة 393 هـ. والكتاب مطبوع متداول. (¬4) انظر: الصحاح / 692. (¬5) انظر: العدة/ 649. (¬6) انظر: أصول السرخسي 1/ 151، وكشف الأسرار 2/ 28. (¬7) في شرح تنقيح الفصول/ 233: قال ابن الباقلاني: مذهب مالك: أقل الجمع اثنان. وحكى عبد الوهاب عن مالك: ثلاثة.

ش (¬1)) أكثر المتكلمين، وذكره ابن درهان (¬2) قول الفقهاء قاطبة. وعند عبد الملك (¬3) بن الماجشون (¬4) وابن داود (¬5) وعلي (¬6) بن عيسى النحوي ونفطويه (¬7) (¬8) وابن الباقلاني (¬9) وأبي إِسحاق الإِسفراييني (¬10) ¬

_ (¬1) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 222. (¬2) انظر: الوصول له/ 36 ب، والمسودة/ 149. (¬3) انظر: شرح تنقيح الفصول/ 233، والمسودة/ 151. (¬4) هو: أبو مروان عبد الملك بن عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون، التيمي بالولاء، المدني الفقيه، صاحب مالك، توفي سنة 212 هـ. انظر: الديباج المذهب/ 153، وميزان الاعتدال 2/ 658، ووفيات الأعيان 1/ 287، وتهذيب التهذيب 6/ 407. (¬5) انظر: اللمع/ 15، والمسودة/ 149. وفي الإِحكام للآمدي 2/ 222: داود. (¬6) انظر: المسودة/ 149. (¬7) انظر: اللمع/ 15. (¬8) هو: أبو عبد الله إِبراهيم بن محمَّد بن عرفة الأزدي الواسطي، نحوي لغوي عالم بالحديث، فقيه ظاهري، توفي سنة 323 هـ. من مؤلفاته: المقنع في النحو، وغريب القرآن، وإعراب القرآن. انظر: وفيات الأعيان 1/ 30، وطبقات النحويين واللغويين/ 154، وطبقات المفسرين للداودي 1/ 19، وإِنباه الرواة 1/ 176، وبغية الوعاة 1/ 428، ومعجم الأدباء 1/ 254، والمنتظم 6/ 277. (¬9) انظر: المستصفى 2/ 92، والإِحكام للآمدي 2/ 222، وشرح تنقيح الفصول/ 233. (¬10) انظر: البرهان/ 349، والإِحكام للآمدي 2/ 222.

والغزالي (¬1) [وغيره من الشافعية (¬2)] (¬3): اثنان حقيقة. وفي مذهب الحنفية (¬4) ما يدل عليه. ومن فوائد المسألة عندهم: الوصية والإِقرار والنذر ونحوها. واستبعده (¬5) أبو المعالي، وقال: ما أرى الفقهاء يسمحون بهذا. كذا قال. قال بعض أصحابنا (¬6): لا ندري معنى قوله، فإِنه إِن استبعده في الثلاثة فهو مذهب الجمهور، ووجدناه في الاثنين في مذهب أبي حنيفة وأصحابه (¬7) في مواضع. واحتج ابن حزم (¬8): بأن من أقر بدراهم لزمه ثلاثة إِجماعًا. ¬

_ (¬1) انظر: المستصفى 2/ 91 وما بعدها. (¬2) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 222. (¬3) ما بين المعقوفتين من (ح). (¬4) انظر: أصول السرخسي 1/ 151. (¬5) يعني: استبعد ما انبنى على المسألة، حيث قال: وقد ذكر بعض الأصوليين أن من آثار الخلاف في معنى أقل الجمع أن الرجل إِذا قال: "لفلان علي دراهم" أو أوصى بدراهم، فلفظ المقر والموصي محمول على أقل الجمع، فإِن قيل: (أقل الجمع اثنان) قبل حمل اللفظ عليهما، وإِن قيل: (أقل الجمع ثلاثة) لم يقبل التفسير باثنين، وما أرى الفقهاء يسمحون بهذا ... انظر: البرهان/ 355. (¬6) انظر: المسودة/ 150. (¬7) نهاية 108 ب من (ب). (¬8) انظر: المحلى 10/ 324.

ثم: عند أصحابنا: يصح في الاثنين والواحد مجازا، وقاله أبو المعالي (¬1)، وقيل: لا يصح، وقيل: يصح في الاثنين. ومحل الخلاف نحو: "رجال ومسلمين" وضمائر الخطاب والغيبة، لا لفظ "جمع"، ولا نحو: "نحن" و"قلنا"، ولا نحو: (صغت قلوبكما) (¬2) مما في الإِنسان (¬3) منه شيء واحد:؛ فإِنه وفاق (¬4). وقيل (¬5): جمع القلة من ثلاثة إِلى عشرة حقيقة، وجمع الكثرة ما زاد على عشرة حقيقة، وحكاه بعضهم عن أهل اللغة. لنا: سبق الثلاثة عند الإِطلاق، ولا يصح نفي الصيغة عنها، وهما في دليل الحقيقة، والمثنى بالعكس. وروى جماعة، منهم: ابن حزم (¬6) -محتجا به- والبيهقي (¬7)، بإِسناد جيد إِلى ابن أبي ذئب (¬8) عن ¬

_ (¬1) انظر: البرهان / 352. (¬2) سورة التحريم: آية 4. (¬3) نهاية 225 من (ح). (¬4) يعني: فيجوز التعبير بها عن الاثنين. (¬5) انظر: شرح تنقيح الفصول/ 233. (¬6) انظر: المحلى له 10/ 322 - 323، والإِحكام له/ 507. (¬7) انظر: السنن الكبرى له 6/ 227. (¬8) هو: أبو الحارث محمَّد بن عبد الرحمن بن المغيرة القرشي العامري المدني، أحد الأعلام الثقات، روى عن نافع والزهري وغيرهما، وعنه الثوري ويحيى القطان=

شعبة (¬1) مولى ابن عباس عنه: أنه قال لعثمان: إِن الأخوين لا يردان الأم إِلى السدس؛ إِنما قال الله: (فإِن كان له إِخوة) (¬2)، والأخوان -في لسان قومك- ليسوا بإِخوة. فقال عثمان: لا أستطيع أن أنقض أمرًا كان قبلي وتوارثه الناس ومضى في (¬3) الأمصار (¬4). قال أحمد (¬5) في شعبة: ما أرى به بأساً. ¬

_ =وأبو نعيم وغيرهم، توفي سنة 159 هـ. انظر: ميزان الاعتدال 3/ 620، وتهذيب التهذيب 9/ 303، وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال / 248. (¬1) هو: أبو عبد الله -وقيل: أبو يحيى- شعبة بن دينار -وقيل: بن يحيى- المدني، روى عن ابن عباس، وعنه ابن أبي ذئب وبكير بن الأشج وداود بن الحصين وغيرهم، قال ابن حجر في التقريب: صدوق سيئ الحفظ. انظر: يحيى بن معين وكتابه التاريخ 2/ 256 - 257، وميزان الاعتدال 2/ 274، وتهذيب التهذيب 4/ 346، وتقريب التهذيب 1/ 351. (¬2) سورة النساء: آية 11. (¬3) نهاية 80 ب من (ظ). (¬4) وأخرجه الحاكم في مستدركه 4/ 335 وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي في التلخيص. وتعقب ابن حجر -في التلخيص الحبير 3/ 85 - تصحيح الحاكم له، فقال: وفيه نظر؛ فإِن فيه شعبة مولى ابن عباس، وقد ضعفه النسائي. (¬5) انظر: الجرح والتعديل 2/ 1/ 367، وتهذيب التهذيب 4/ 346 - 347.

ولما (¬1) حجب القوم الأم بالأخوين دل على أن الآيه قصدت الأخوين فما فوق. واختلف قول ابن معين (¬2) فيه، وقال (م) (¬3): ليس بثقة، وقال (3) أبو زرعة (¬4): ضعيف، وقال النسائي (¬5): ليس بقوي. وهذا دليل صحة الإِطلاق مجازا. القائل "حقيقة": هذه الآية، والأصل الحقيقة. وعن زيد بن ثابت: "يسمى الأخوان إِخوة" (¬6). ¬

_ (¬1) من قوله: (ولما حجب) إلى قوله: (فما فوق) كذا ورد في النسخ. ولعل مكانه المناسب بعد قوله (ليس بقوي). (¬2) فنقل الدوري عنه: ليس به بأس، وهو أحب إِليّ من صالح مولى التوأمة. ونقل ابن أبي خيثمة عنه: لا يكتب حديثه. انظر: يحيى بن معين وكتابه التاريخ 2/ 256 - 257، وتهذيب التهذيب 4/ 347. (¬3) انظر: الجرح والتعديل 2/ 1/ 367، 368. (¬4) هو: عبيد الله بن عبد الكريم القرشي بالولاء المخزومي، الرازي، إمام حافظ ثقة، عالم بالحديث والعلل والرجال، توفي بالري سنة 264 هـ. انظر: طبقات الحنابلة 1/ 199، وتاريخ بغداد 10/ 326، وتذكرة الحفاظ/ 557، والمنهج الأحمد 1/ 148، وشذرات الذهب 2/ 142. (¬5) انظر: كتاب الضعفاء والمتروكين له/ 293. (¬6) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 6/ 277، والحاكم في المستدرك 4/ 335 وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي في التلخيص.

رد: بما سبق. وإِن صح قول زيد -فإن فيه عبد الرحمن (¬1) بن أبي الزناد، مختلف فيه- فمراده: مجازًا، أو في حجب الأم. قالوا: (إِنا معكم مستمعون) (¬2) لموسى وهارون. رد (¬3): ومن آمن من قومهما، أو وفرعون (¬4) أيضًا. ¬

_ (¬1) هو: أبو محمَّد عبد الرحمن بن أبي الزناد عبد الله بن ذكوان القرشي بالولاء المدني، ولد سنة 100 هـ، وروى عن أبيه وهشام بن عروة والأوزاعي وغيرهم، وعنه ابن جريج وزهير بن معاوية وأبو داود الطيالسي وغيرهم، توفي سنة 174 هـ. وثقه الترمذي والعجلي، وقال يعقوب بن شيبة: ثقة صدوق، وفي حديثه ضعف. وعن ابن معين: أثبت الناس في هشام بن عروة عبد الرحمن بن أبي الزناد. وعنه: ليس ممن يحتج به أصحاب الحديث، ليس بشيء. وعنه: ضعيف. وعنه: لا يحتج بحديثه، وهو دون الدراوردي. وعن أحمد: مضطرب الحديث. وعن ابن المديني: كان عند أصحابنا ضعيفاً. وعنه: ما حدث بالمدينة فهو صحيح، وما حدث ببغداد أفسده البغداديون. وقال النسائي: لا يحتج بحديثه. قال ابن حجر في التقريب: صدوق تغير حفظه لما قدم بغداد. انظر: يحيى بن معين وكتابه التاريخ 2/ 347، وتهذيب التهذيب 6/ 170، وتقريب التهذيب 1/ 479. (¬2) سورة الشعراء: آية 15. (¬3) نهاية 109 أمن (ب). (¬4) في (ب) و (ظ): أو فرعون.

قالوا: (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا) (¬1). رد: الطائفة الجماعة لغة، ذكره الزجاج (¬2) (¬3) وابن الأنباري (¬4) وغيرهما، وأصحابنا وغيرهم، زاد الزجاج (2): "وأقل الجماعة اثنان"، واختاره صاحب التلخيص (¬5) من أصحابنا، واختار غيره: ثلاثة. وعن ابن عباس (¬6) وغيره: "الطائفة الواحد فما فوقه"، فإِن صح فمجاز، ولا يلزم مثله في الجمع -ومعناه لبعض أصحابنا، ولهذا قال الجوهري: "هي ¬

_ (¬1) سورة الحجرات: آية 9. (¬2) انظر: معاني القرن وإعرابه للزجاج 1/ 435، 2/ 509، وزاد المسير 3/ 466، 6/ 8. (¬3) نهاية 226 من (ح). (¬4) هو: أبو بكر محمَّد بن القاسم بن محمَّد بن بشار، عالم بالنحو والأدب، ولد سنة 271 هـ، وتوفي سنة 328 هـ. من مؤلفاته: الكافي في النحو، والمقصور والممدود، وغريب الحديث. انظر: طبقات الحنابلة 2/ 69، وتاريخ بغداد 3/ 181، وطبقات النحويين واللغويين / 153، ونزهة الألباء / 330، وشذرات الذهب 2/ 315. (¬5) هو: أبو عبد الله محمَّد بن الخضر بن محمَّد، ابن تيمية الحراني، فقيه مفسر، ولد بحران سنة 542 هـ، وتوفي بها سنة 622 هـ. من مؤلفاته: التفسير الكبير، وثلاثة مصنفات في المذهب (أكبرها: تخليص المطلب في تلخيص المذهب، وأوسطها: ترغيب القاصد في تقريب المقاصد، وأصغرها: بلغة الساغب وبغية الراغب). انظر: ذيل طبقات الحنابلة 2/ 151 - 162. (¬6) انظر: تفسير الطبري 18/ 54، والمصنف لعبد الرزاق 7/ 367، وزاد المسير=

القطعة من الشيء" (¬1)، وذكر قول ابن عباس هذا- كالخصم للواحد والجمع (¬2)؛ لأنه في الأصل مصدر، ومنهم من يثنيه ويجمعه. قالوا: (وكنا لحكمهم شاهدين) (¬3). رد: الضمير للقوم، أو لهما وللحاكم، زاد بعضهم: فيكون الحكم بمعنى الأمر؛ لأنه لا يضاف المصدر إِلى الفاعل والمفعول معا. وقيل: للحاكم (¬4)، كقوله: (وكنا). وأجاب ابن عقيل (¬5): بأنه للأنبياء. قالوا: قال - عليه السلام -: (الاثنان فما فوقهما جماعة). رد: خبر ضعيف رواه ابن ماجه (¬6) من حديث أبي موسى، ¬

_ =6/ 8، والمحلى 13/ 246، وتفسير القرطبي 12/ 166، وتفسير ابن كثير 3/ 262، والدر المنثور 5/ 18، وفتح القدير 4/ 6. (¬1) انظر: الصحاح/ 1397. (¬2) فهو محتمل. (¬3) سورة الأنبياء: آية 78. (¬4) يعني: على سبيل التفخيم، كقوله تعالى: (مبرءون مما يقولون) سورة النور: آية 26. وأراد: عائشة. (¬5) انظر: الواضح 2/ 123 ب. (¬6) انظر: سنن ابن ماجه / 312. وفيه: الربيع بن بدر، ووالده بدر، قال في الزوائد: وهما ضعيفان. وأخرجه -أيضًا- الدارقطني في سننه 1/ 280، والحاكم في مستدركه 4/ 334، وسكت عنه، ولم يذكره الذهبي في التلخيص، وأخرجه=

والدارقطني (1) من حديث عمرو (¬2) بن شعيب عن أبيه (¬3) عن جده (¬4)، ¬

_ =البيهقي في السنن الكبرى 3/ 69 وقال: رواه جماعة عن الربيع بن بدر، وهو ضعيف. (1) انظر: سنن الدارقطني 1/ 281. قال صاحب (التعليق المغني على الدارقطني): وفيه عثمان بن عبد الرحمن بن عمر بن سعد بن أبي وقاص، قال البخاري: تركوه. (¬2) هو: أبو إِبراهيم عمرو بن شعيب بن محمَّد بن عبد الله بن عمرو بن العاص السهمي، روى عن الربيع بنت معوذ الصحابية وعن أبيه وطاوس وغيرهم، وعنه مكحول وعطاء والزهري وغيرهم، توفي بالطائف سنة 118 هـ. وثقه ابن معين وابن راهويه وغيرهما، وقال البخاري فيه: رأيت أحمد وإسحاق والحميدي يحتجون بحديث عمرو بن شعيب، فمن الناس بعدهم؟ قال الذهبي -معلقًا على قول البخاري-: ومع هذا القول لم يحتج به في صحيحه. قال ابن حجر في التقريب: صدوق. انظر: ميزان الاعتدال 3/ 263، والمغني في الضعفاء 2/ 484، وتهذيب التهذيب 8/ 48، وتقريب التهذيب 2/ 72. (¬3) هو: شعيب بن محمَّد بن عبد الله بن عمرو بن العاص السهمي، روى عن جده وابن عباس وابن عمر وغيرهم، وعنه ابناه عمرو وعمر وغيرهما. ذكره ابن حبان في الثقات، وذكر البخاري وأبو داود وغيرهما أنه سمع من جده. وقال ابن حبان: يقال إِنه سمع من جده -عبد الله بن عمرو- وليس ذلك عندي بصحيح. قال ابن حجر في التقريب: صدوق ثبت سماعه من جده. انظر: تهذيب التهذيب 4/ 356، وتقريب التهذيب 1/ 353، وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال/ 167. (¬4) هو: الصحابي عبد الله بن عمرو بن العاص. انظر: الاستيعاب/ 956، والإصابة 4/ 192.

وأحمد (¬1) من حديث أبي أمامة (¬2)، ورواه (¬3) -أيضًا- عن هشام ابن سعيد (¬4) عن ابن المبارك عن ثور (¬5) بن يزيد عن الوليد ¬

_ (¬1) انظر: المسند 5/ 254، 269. وفيه: عبيد الله بن زهر، وعلي بن يزيد الألهاني، وهما ضعيفان. فانظر: ميزان الاعتدال 3/ 6، 161، وأخرجه الطبراني في الأوسط عن أبي أمامة. وفيه: مسلمة بن علي، وهو ضعيف. فانظر: مجمع الزوائد 2/ 45. (¬2) هو: الصحابي صدي بن عجلان الباهلي. (¬3) انظر: المسند 5/ 269. وقد ترجم البخاري في صحيحه 1/ 128: (باب: اثنان فما فوقهما جماعة)، وساق حديث مالك بن الحويرث: (فأذنا وأقيما وليؤمكما أكبركما). وانظر: التلخيص الحبير 3/ 81 - 82. (¬4) هو: أبو أحمد البزار الطالقاني، نزيل بغداد، روى عن الحسن بن أيوب الحضرمي وأبي عوانة وابن لهيعة وغيرهم، وروى عنه أحمد ومحمد بن سعد وغيرهما. وثقه أحمد وابن سعد، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال النسائي: ليس به بأس. وكان ابن معين لا يروي عنه. قال ابن حجر في التقريب: صدوق. انظر: ميزان الاعتدال 4/ 299، وتهذيب التهذيب 11/ 41، وتقريب التهذيب 2/ 318، وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال/ 409. (¬5) هو: أبو خالد الحمصي، حافظ روى عن خالد بن معدان وغيره، وعنه يحيى القطان وأبو عاصم وغيرهما، توفي سنة 150 هـ. قال ابن حجر في التقريب: ثقة ثبت، إِلا أنه يرى القدر. انظر: ميزان الاعتدال 1/ 374، وتهذيب التهذيب 2/ 33، وتقريب التهذيب 1/ 121.

ابن أبي (¬1) مالك (¬2) مرفوعًا، كلهم ثقات، والوليد غير تابعي. ثم: المراد: في الفضيلة لتعريفه (¬3) الشرع لا اللغة. وقال (¬4) ابن عقيل (¬5): لو كان (¬6) جمعا لغة لما بَيَّنه؛ للتسوية فيها. القائل "لا يصح مجازا": قول ابن عباس السابق (¬7). ¬

_ (¬1) في (ظ): الوليد بن مالك. (¬2) هو: أبو العباس الوليد بن عبد الرحمن بن أبي مالك هانئ الهمداني الدمشقي، نزل الكوفة، وروى عن أبي إِدريس الخولاني وغيره، وعنه حجاج بن أرطأة ومسعر بن كدام وثور بن يزيد، توفي سنه 125 هـ. وثقه أحمد والعجلي ويعقوب بن سفيان، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الدارقطني: لا بأس به. وقال يعقوب بن شيبة: في حديثه ضعف. قال ابن حجر في التقريب: ثقة. انظر: تهذيب التهذيب 11/ 139، وتقريب التهذيب 2/ 333، وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال/ 416، 417. (¬3) في (ب): لتعريف. (¬4) في (ح): فقال. (¬5) قال في الواضح 2/ 124 أ: هذا حجة لنا من وجه، وهو: أنه لو كان جمعا في اللغة لما احتاجوا إِلى بيانه، فإِنهم في اللغة مثله، فلم يبق إِلا أنه بين ما يخصه ولا يشاركونه فيه وهو الحكم، فكأنه بين أن ذلك جمع في الصلاة. (¬6) يعني: لو كان الاثنان جمعا. (¬7) انظر: ص 781 من هذا الكتاب.

مسألة

رد: أراد حقيقة لما سبق، ولهذا: عنه (¬1) وعن جماعة من المفسرين وأهل اللغة -في: (يا أيها (¬2) الرسل) (¬3) -: المراد محمَّد - صلى الله عليه وسلم - وحده. وقال ابن الأنباري (¬4) -عن قول مجاهد في: (كان الناس أمة) (¬5): المراد آدم-: العرب توقع الجمع على الواحد. قالوا: لا يصح: (¬6) رجلان عاقلون، ولا: رجال عاقلان. رد: مراعاة للفظ (¬7) في الصفة للتبعية (¬8). مسألة العام بعد التخصيص مجاز عند أبي الخطاب (¬9) وغيره، وقاله أكثر المعتزلة (¬10) والأشعرية (¬11). ¬

_ (¬1) انظر: زاد المسير 5/ 477. (¬2) نهاية 109 ب من (ب). (¬3) سورة المؤمنون: آية 51. (¬4) انظر: زاد المسير 1/ 213. (¬5) سورة البقرة: آية 213. (¬6) نهاية 81 أمن (ظ). (¬7) في (ب): اللفظ. (¬8) نهاية 227 من (ح). (¬9) انظر: التمهيد / 64 ب-65 أ. (¬10) انظر: المعتمد / 282، والإحكام للآمدي 2/ 227. (¬11) انظر. الإِحكام للآمدي 2/ 227.

واختار القاضي (¬1) وابن عقيل (¬2): حقيقة، وذكره الآمدي (¬3) عن أصحابنا. وللحنفية (¬4) والشافعية (¬5) كالقولين. وعند أبي بكر الرازي (¬6): حقيقة إِن كان الباقي جمعا. وعند الكرخي (¬7) وأبي الحسين البصري (¬8): حقيقة إِن خُص بما لا يستقبل من شرط أو صفة أو استثناء. ابن الباقلاني (¬9): بشرط أو استثناء. عبد الجبار (¬10): بشرط أو صفة. ¬

_ (¬1) انظر: العدة/ 533. (¬2) انظر: الواضح 2/ 97أ. (¬3) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 227. (¬4) انظر: أصول السرخسي 1/ 144، وتيسير التحرير 1/ 308، وفواتح الرحموت 1/ 311. (¬5) انظر: المستصفى 2/ 54، والإحكام للآمدي 2/ 227. (¬6) انظر: أصول الجصاص/ 42أ - ب، وتيسير التحرير 1/ 308، وفواتح الرحموت 1/ 311. (¬7) انظر: أصول السرخسي 1/ 145، وفواتح الرحموت 1/ 311، والمعتمد/ 285. (¬8) انظر: المعتمد/ 285. (¬9) انظر: الإحكام للآمدي 2/ 227. (¬10) انظر: المعتمد/ 283.

وقيل: بدليل لفظي. أبو المعالي (¬1): حقيقة في تناوله (¬2)، مجاز في الاقتصار عليه. وجزم بعض أصحابنا (¬3): أن هذا معنى كونه مجازًا. وقال بعض أصحابنا (3): الخلاف في الاستثناء بعيد. وجه الأول: حقيقة في الاستغراق، فلو كان حقيقة فيه (¬4) لم يفتقر إِلى قرينة (¬5)، ويلزم الاشتراك (¬6). وجه الثاني: التناول باقٍ، وكان حقيقة، فكذا بعده. قال ابن عقيل (¬7): هو مع المخصِّص موضوع للخصوص (¬8). رد: كان (¬9) مع غيره (¬10). ¬

_ (¬1) انظر: البرهان/ 412. (¬2) يعني: تناوله لبقية السميات. (¬3) انظر: المسودة/ 116. (¬4) يعني: في الباقي. (¬5) وقد افتقر إِلى قرينة المخصَّص، فكان مجازا. (¬6) لكونه حقيقة في معنيين مختلفين. (¬7) انظر: الواضح 2/ 98 ب. (¬8) في (ح): للتخصيص. (¬9) يعني: كان حقيقة مع غيره. (¬10) والآن يتناوله وحده، فاستعمل في غير ما وضع له.

قالوا: يسبق إِلى الفهم. رد: بقرينة. وجه الثالث: بقاء معنى العموم إِذا كان الباقي غير منحصر. رد: بالمنع. وجه الرابع: لو أوجب ما لا يستقل تجوزًا لزم كون "المسلمين" للجماعة مجازًا؛ لأن حرف الجمع لا يستقل، ونحو "المسلم" للجنس أو للعهد مجازا (¬1)، ونحو: (ألف سنة إِلا خمسين عامًا) (¬2) مجازًا. رد: واو الجمع كألف "ضارب" وواو "مضروب" مجموع الكلمة هو الدال على المعنى، والشرط والصفة ليسا من صيغة الكلمة. ولام الجنس أو العهد جزء الصيغة (¬3) على قولنا: "حرف"، وعلى قولنا: "اسم" فكالموصولات (¬4). وكذا وجه الخامس، إِلا أن الصفة كمستقلة؛ لجواز استعمالها دون موصوفها. وكذا وجه السادس، إِلا أن الاستثناء ليس تخصيصا؛ لمنافاته المستثنى ¬

_ (¬1) نهاية 110 أمن (ب). (¬2) سورة العنكبوت: آية 14. (¬3) نهاية 228 من (ح). (¬4) فالمجموع هو الدال. وَرُدَّ الاستدلال بالآية: بأن الاستثناء إِخراج بعد إِرادة العموم من اللفظ.

منه حكماً. وقيل: المتصل لم يتناول غيرا (¬1). رد: بالمنع (¬2)، ثم: الركب لم يوضع (¬3)، والمفرد متناول. وجه السابع: لو أوجبت القرينة اللفظية تجوزا لزم كون "المسلمين" مجازا؛ لأن الواو قرينة لفظية تُفهم الجمع. وهو أضعف مما قبله لاستقلاله (¬4). وجه الثامن: العام كتكرير الآحاد، فمعنى "الرجال": زيد وعمرو وبكر -فإِخراج بعضها لا يخرج الباقي عن حقيقته في تناوله- وإنما اختصر (¬5). رد: العام (¬6) ظاهر في الجميع، فبتخصيصه خرج عن وضعه الأول (¬7)، والمكرر نص في مدلوله (¬8). ¬

_ (¬1) يعني: غير ما اتصل به. (¬2) بل تناوله. (¬3) يعني: لم يرد وضع المستثنى مع المستثنى منه مثلاً. (¬4) يعني: لأنه يعم المستقل وغيره. (¬5) فاستغني بـ (الرجال) عن: زيد وعمرو وبكر ... إِلخ. (¬6) يعني: نمنع كونه كتكرار الآحاد. (¬7) وهو معنى المجاز. (¬8) فاستعمل كل واحد في كل واحد نصا، وإذا خرج بعضٌ عن الإِرادة بقي الباقي نصا فيما يتناوله ولم يتغير عن وضعه أصلاً.

مسألة

مسألة العام المخصوص حجة عند أحمد (¬1) وأصحابه والجمهور، وذكره الآمدي (¬2) عن الفقهاء. وعن بعض أصحابنا (¬3): ليس بحجة. ومراده: "إِلا في الاستثناء بمعلوم"؛ فإِنه بالاتفاق، ذكره القاضي (¬4) وغيره، واحتجوا به، وقاله عيسى بن أبان (¬5) وأبو ثور (¬6) والكرخي (¬7). وفهم الآمدي (¬8) وغيره (¬9) الإِطلاق. البلخي (¬10): حجة إِن خص بمتصل. ¬

_ (¬1) انظر: العدة/ 533. (¬2) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 232. (¬3) انظر: المسودة/ 116. (¬4) انظر: العدة/ 542. (¬5) انظر: فواتح الرحموت 1/ 308، والإِحكام للآمدي 2/ 232. (¬6) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 232، والمسودة / 116. (¬7) انظر: أصول السرخسي 1/ 145. (¬8) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 232، والمعتمد/ 286. (¬9) نهاية 81 ب من (ظ). (¬10) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 232. وقد نسب هذا الرأي -في المعتمد/ 286، والمحصول 1/ 3/ 23، وفواتح الرحموت 1/ 308 - إِلى الكرخي. ويبدو أن المؤلف قد تبع ما في الإحكام للآمدي 2/ 232، والمنتهى لابن الحاجب/ 79، ومختصره=

أبو عبد الله البصري (¬1): إِن كان العموم منبئاً عنه (¬2) قبل التخصيص كـ (فاقتلوا المشركين) (¬3) منبئ عن الذمي، وإِلا فلا كـ (السارق) (¬4)، لا ينبئ عن النصاب والحرز، فيفتقر إِلى بيان كحكم مجمل (¬5). عبد الجبار (*): إِن كان قبله (¬6) غير مفتقر إِلى بيان كـ (المشركين) (¬7)، وإلا فلا كـ (وأقيموا (¬8) الصلاة) (¬9) فإِنه مفتقر قبل إِخراج الحائض (¬10). رد: لا فرق (¬11). ¬

_ =2/ 108 - 109. وقد ذكر الشيخ عبد الرزاق عفيفي في تعليقه على الإِحكام للآمدي: أنه تحريف، وأن صوابه: الكرخي. (¬1) انظر: المعتمد/ 286، والإِحكام للآمدي 2/ 232. (¬2) يعني: عن المخصوص. (¬3) سورة التوبة: آية 5. (¬4) سورة المائدة: آية 38. (¬5) في (ظ): محمَّد. (*) انظر: المعتمد/ 287، والإِحكام للآمدي 2/ 232. (¬6) يعني: قبل التخصيص. (¬7) لا يفتقر إِلى بيان قبل إخراج الذمي. (¬8) نهاية 229 من (ح). (¬9) سورة البقرة: آية 43. (¬10) فكذا بعده. (¬11) فنقول: (وأقيموا الصلاة) كل دعاء إلا ما يخرجه الدليل، فلا إِجمال.

ثم (¬1): فرق ابن عقيل (¬2): بأنه إِذا خرج من (وأقيموا الصلاة) من لم يُرَد (¬3) لم يمكن الحمل على المراد (¬4) بالآية (¬5) (¬6). وقيل: حجة في أقل الجمع؛ للشك في الزائد. لنا: ما سبق (¬7) في إِثبات العموم. ولو قال: "أكرم بني تميم ولا تكرم فلانا" -فترك- عصى قطعا. ولأنه كان حجة، والأصل بقاؤه. ولأن دلالته على بعض لا تتوقف على بعض آخر للدور. واستدل: لو لم يكن حجة بعد التخصيص كانت دلالته عليه قبله (¬8) موقوفة على دلالته على الآخر، واللازم باطل؛ لأنه إِن عكس (¬9) قدور، وإِلا ¬

_ (¬1) على التسليم بأن (وأقيموا الصلاة) مجملة. (¬2) بين (وأقيموا الصلاة) وبين آية السرقة. انظر: الواضح 2/ 172أ، 173أ-ب. (¬3) كالحائض ونحوها. وفي (ب): من لم يزد. (¬4) وهو: الطاهر المستقبل القبلة ... إِلخ. (¬5) بخلاف آية السرقة، فإنه إِذا أخرج منها من لا يراد قطعه أمكن قطع من أريد قطعه بظاهر الآية. (¬6) نهاية 110 ب من (ب). (¬7) من استدلال الصحابة بعمومات مع التخصيص. انظر: ص 755 من هذا الكتاب. (¬8) في (ظ): وقبله. (¬9) يعني: إِن قيل: تتوقف إِفادته للآخر على إِفادته له لزم الدور.

فتحكم (¬1). أجيب: بالعكس، ولا دور؛ لأنه توقف معية كتوقف كل من معلولي علة على الآخر، لا توقف تقدُّم كتوقف معلول على علة. قالوا: صار مجازا. رد: بالمنع (¬2)، ثم: هو (¬3) حجة. وأجاب في التمهيد (¬4): بأنه مجاز لغةً حقيقة شرعًا. قالوا: صار مجملاً؛ لأنه يحتمل أنه مجاز في الباقي وفي كل فرد منه، ولا ترجيح. رد: بالمنع (¬5)؛ لأن الباقي كان مراداً، والأصل بقاؤه. قالوا: لو خص بمجهول (¬6) -نحو: (فاقتلوا المشركين) (¬7) إِلا بعضهم -لم يبق حجة اتفاقا- قاله الآمدي (¬8) وغيره، وجزم به في التمهيد (¬9) ¬

_ (¬1) لأنه ترجيح بلا مرجح. (¬2) فليس مجازا. (¬3) يعني: المجاز. (¬4) انظر: التمهيد / 65 ب. (¬5) يعني: منع عدم الترجيح، بل يحمل على الباقي. (¬6) في (ظ): لو خص بمجهول لم يكن حجة نحو ... إِلخ. (¬7) سورة التوبة: آية 5. (¬8) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 236. (¬9) انظر: التمهيد/ 166.

مسألة

والواضح (¬1) وغيرهما- فكذا بمعلوم. رد: ما الجامع؟ [ثم: للجهل به] (¬2). ثم: يحتمل أنه حجة، وقاله بعضهم، واختاره صاحب المحصول (¬3)، وأشار إِليه في التمهيد (¬4)؛ فإِنه قال: ألا ترى، لو أقر بعشرة إِلا درهمًا لزمه تسعة، ولو قال: "إِلا شيئًا"، "إِلا عددًا" جهلنا الباقي، فلم يمكن الحكم به (¬5). فعلى هذا: يقف على البيان، وقيل: يسقط، ويعتبر العموم. مسألة الجواب غير المستقل تابع للسؤال في عمومه اتفاقا، كجوابه لمن سأله عن بيع الرطب بالتمر: (أينقص الرطب (¬6) إِذا يبس؟) قيل: نعم، قال: (فلا ¬

_ (¬1) انظر: الواضح 2/ 172 ب. (¬2) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬3) الذي اختاره الرازي في المحصول 1/ 3/ 23: أنه إذا خص تخصيصا مجملا لا يجوز التمسك به. وهذا الاختيار المذكور ذكره فخر الإِسلام البزدوي في أصوله (انظر: كشف الأسرار 1/ 308). أقول: فلعل المؤلف رآه منسوبًا إِليه بلفظ (الفخر)، فظنه الفخر الرازي. والله أعلم. (¬4) انظر: التمهيد/ 66 ب. (¬5) يعني: بالاستثناء. (¬6) نهاية 230 من (ح).

إذاً) (¬1). وكذا في خصوصه، قال في التمهيد (¬2) [وغيره] (¬3): كقوله لغيره: "تَغَدَّ عندي"، فيقول: لا. وقال القاضي (¬4) وغيره: كقوله لأبي بردة (¬5): (تجزيك (¬6) ولا تجزي أحدا بعدك) أي: في الأضحية (¬7). ¬

_ (¬1) هذا الحديث رواه سعد بن أبي وقاص مرفوعاً. أخرجه أبو داود في سننه 3/ 654 - 657، والترمذي في سننه 2/ 348، وقال: حديث حسن صحيح. وابن ماجه في سننه/ 761، والنسائي في سننه 7/ 268 - 269، والشافعي (انظر: بدائع المنن 2/ 182 - 183)، والدارقطني في سننه 3/ 49، والحاكم في مستدركه 2/ 38 - 39. وانظر: التلخيص الحبير 3/ 9 - 10، ونصب الراية 4/ 40 - 42. (¬2) انظر: التمهيد/ 68 أ. (¬3) ما بين المعقوفتين من (ح). (¬4) انظر: العدة/ 596. (¬5) هو: الصحابي هانئ بن نيار الأنصاري. (¬6) نهاية 111أمن (ح). (¬7) بالجذعة. أخرجه البخاري في صحيحه 2/ 23، 7/ 101، ومسلم في صحيحه/ 1552 - 1554 من حديث البراء بن عازب. وقد وردت الرخصة لعقبة بن عامر في أن يضحي بالجذعة، أخرجه البخاري في صحيحه 7/ 99 عن عقبة قال: قسم النبي بين أصحابه ضحايا، فصارت لعقبة جذعة، فقلت: يا رسول الله، صارت لي جذعة. قال: (ضَّحَ بها). وأخرجه مسلم في صحيحه/ 1556، وأخرجه البيهقي في سننه 9/ 270 بزيادة: (ولا رخصة لأحد=

قال الآمدي (¬1): فهذا وأمثاله وإن ترك فيه الاستفصال مع تعارض الأحوال لا يدل على التعميم في حق غيره كما قاله الشافعي، إِذ اللفظ لا عموم له، ولعل الحكم على ذلك الشخص لمعنى يختص به كتخصيصه أبي بردة بقوله (¬2): (ولا تجزي أحدا بعدك)، ثم: بتقدير تعميم المعنى (¬3) فبالعلة لا بالنص. وقاله [قبله] (¬4) أبو المعالي (¬5)، لاحتمال معرفة حاله، فأجاب على ما عرف، وعلى هذا تجري (¬6) أكثر الفتاوى من المفتين. كذا قال. والذي عند أصحابنا: التعميم، قالوا: لو اختص به لا احتيج إِلى ¬

_ = فيها بعد). وعلى هذا يكون هناك تعارض بين القصتين (قصة أبي بردة، وقصة عقبة)، قال البيهقي: فهذه الزيادة إِذا كانت محفوظة كانت رخصة له كما رخص لأبي بردة. وقد رد هذا الجمع ابن حجر فقال: وفي هذا الجمع نظر؛ لأن في كل منهما صيغة عموم، فأيهما تقدم على الآخر اقتضى انتفاء الوقوع للثاني، وأقرب ما يقال فيه: إِن ذلك صدر لكل منهما في وقت واحد، أو تكون خصوصية الأول نسخت بثبوت الخصوصية للثاني ... فانظر: فتح الباري 10/ 14 - 15. (¬1) انظر: الإحكام للآمدي 2/ 237. (¬2) نهاية 82 أمن (ظ). (¬3) الجالب للحكم فالحكم في حق الغير إِن ثبت فبالعلة المتعدية. (¬4) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ظ). (¬5) انظر: البرهان/ 346. (¬6) في (ب): يجزي.

تخصيصه. وكذا قال بعض أصحابنا (¬1): إِن ظاهر كلام أحمد كقول الشافعي؛ لأنه احتج بمثله في مواضع كثيرة، وكذلك أصحابنا، قال: وما سبق (¬2) إِنما يمنع قوة العموم لا ظهوره؛ لأن الأصل عدم المعرفة لما لم يذكر. ومَثَّله الشافعي (¬3) بقوله لغيلان -وقد أسلم على عشر نسوة-: (أمسك أربعاً) (¬4). وعنه (¬5) -أيضًا-: حكايات الأحوال إِذا تطرق (¬6) إِليها الاحتمال كساها ثوب الإِجمال وسقط بها (¬7) الاستدلال. فقيل (¬8): له قولان، وقيل: الأول مع بعد الاحتمال، وهذا مع قربه (¬9). ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 109. (¬2) يعني: الذي ذكره أبو المعالي. (¬3) انظر: البرهان/ 346. (¬4) فلم يسأل غيلان عن كيفية عقوده عليهن في الجمع والترتيب، فكان إِطلاقه القول دالا على أنه لا فرق بين أن تتفق العقود عليهن معا، أو تجري عقود مرتبة. (¬5) انظر: شرح تنقيح الفصول/ 186 - 187، ونهاية السول 2/ 74. (¬6) في (ب): نظرت. (¬7) في (ظ) و (ح): منها. (¬8) انظر: شرح تنقيح الفصول/ 187، ونهاية السول 2/ 74. (¬9) في (ظ): قرينه.

ثم: [إِن] (¬1) الاحتمال القريب (¬2) إِن كان في دليل الحكم سقط الاستدلال كقوله في المحرم: (ولا تقربوه (¬3) طيبا، فإِنه يبعث يوم القيامة مُلَبِّيا) (¬4)، وإِن كان في محل الحكم كقصة (¬5) غيلان لم يسقط. كذا قال (¬6). وعند أحمد والشافعي (¬7) وأصحابهما: الحكم عام في كل محرم. قال أصحابنا في ذلك: حكمه في واحد حكمه في مثله إِلا أن يرد تخصيصه، ولهذا حكمه في شهداء (¬8) أحد حكم في سائر الشهداء. قال القاضي وغيره: اللفظ خاص، والتعليل عام في كل محرم. ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين من (ظ). (¬2) ضرب على (القريب) في (ظ). وفي شرح تنقيح الفصول/ 187: الاحتمال المساوي. (¬3) نهاية 231 من (ح). (¬4) أخرجه البخاري في صحيحه 2/ 76، 3/ 15 - 16، 17، ومسلم في صحيحه/ 866 - 867 من حديث ابن عباس. (¬5) في (ح): كقضية. (¬6) يعني: هذا القائل. (¬7) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 256. (¬8) فكان يجمع الرجلين منهم في ثوب واحد، وأمر بدفنهم بدمائهم ولم يصل عليهم ولم يغسلوا. جاء ذلك في حديث جابر، أخرجه البخاري في صحيحه 2/ 91 - 92، 5/ 102، وأبو داود في سننه 3/ 501، والترمذي في سننه 2/ 25 وقال: حسن صحيح، والنسائي في سننه 4/ 62، وابن ماجه في سننه/ 485. وانظر: نصب الراية 2/ 307 - 317.

وعند (¬1) الحنفية (¬2) والمالكية (¬3): يختص بذلك المحرم. * * * وإِن استقل الجواب (¬4): فإِن ساوى السؤال فالحكم في عمومه وخصوصه عند كون السؤال عاما أو خاصا كما لو لم يستقل. فالخصوص: كسؤال الأعرابي عن وطئه في نهار رمضان، فقال (أعتق رقبة) (¬5) والعموم: كسؤاله عن الوضوء بماء البحر. فقال: (هو الطهور ماؤه) (¬6). ¬

_ (¬1) في (ب): عند. (¬2) انظر: بدائع الصنائع / 770 - 771. (¬3) انظر: الكافي لابن عبد البر/ 282، وشرح تنقيح الفصول/ 187. (¬4) نهاية 111 ب من (ب). (¬5) سبق تخريجه ص 304. (¬6) هذا الحديث رواه أبو هريرة مرفوعًا. أخرجه أبو داود في سننه 1/ 64، والترمذي في سننه 1/ 47 وقال: حسن صحيح، والنسائي في سننه 1/ 176، وابن ماجه في سننه / 136، والدارقطني في سننه 1/ 36 - 37، والدارمي في سننه 1/ 151، ومالك في الموطأ/ 22، والشافعي (انظر: بدائع المنن 1/ 19)، والبيهقي في سننه 1/ 3، وابن حبان في صحيحه (انظر: موارد الظمآن/ 60)، والحاكم في مستدركه 1/ 140 - 142 وقال: صحيح على شرط مسلم، وشواهده كثيرة، ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. ثم ذكر الحاكم تلك الشواهد.

وإن كان الجواب أخص من السؤال -كسؤاله عن قتل النساء الكوافر، فيقول: اقتلوا المرتدات- اختص بالجواب. وإن كان الجواب أعم من السؤال - كسؤاله عن ماء بئر بضاعة (¬1)، فقال: (الماء طهور لا ينجسه شيء) (¬2)، أو ورد عام على سبب خاص بغير سؤال، كما روي (¬3) أنه مر بشاة ميتة لميمونة (¬4)، فقال: (أيما إِهاب دُبغ فقد طهر) (¬5) - اعتبر عمومه ولم يقصر على سببه عند أحمد وأصحابه ¬

_ =وقد ورد هذا الحديث من غير طريق أبي هريرة، فانظر: نصب الراية 1/ 95 - 99، والتلخيص الحبير 1/ 9 - 12. (¬1) في معجم البلدان 1/ 442: بضاعة بالضم، وقد كسره بعضهم، والأول أكثر، وهي دار بني ساعدة بالمدينة، وبئرها معروفة. (¬2) هذا الحديث رواه أبو سعيد مرفوعاً. أخرجه أبو داود في سننه 1/ 53 - 55، والترمذي في سننه 1/ 45 - وقال: حسن، وفي الباب عن ابن عباس وعائشة- والنسائي في سننه 1/ 174، والدارقطني في سننه 1/ 30 - 32، والبيهقي في سننه 1/ 4 - 5، وأحمد في مسنده 3/ 15 - 16، 31، والطيالسي في مسنده (انظر: منحة المعبود 1/ 41) والطحاوي في شرح معاني الآثار 1/ 11 - 12. وانظر: التلخيص الحبير 1/ 12 - 14. (¬3) في (ح) و (ظ): كما لو روى. (¬4) هي: أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث. (¬5) ورد قول النبي هذا من حديث ابن عباس. أخرجه النسائي في سننه 7/ 173، والترمذي في سننه 3/ 135 وقال: حسن صحيح، وابن ماجه في سننه/ 1193، وأحمد في مسنده 1/ 270، 343، والشافعي في مسنده (انظر: ترتيب مسند=

والحنفية (¬1) وأكثر المالكية (¬2) وأكثر الشافعية (¬3) والأشعرية (¬4). وفي (¬5) الكفاية للقاضي عن بعض أصحابنا: يقصر على سببه. وذكره بعض أصحابنا (¬6) رواية من لفظين: أحدهما: في "العلم (¬7) " للخلال؛ فإِن بعضهم احتج عند أحمد على ¬

_ =الشافعي 1/ 26)، والبيهقي في سننه 1/ 16. وأخرجه مسلم في صحيحه/ 277 بلفظ: (إِذا دبغ الإِهاب فقد طهر). ويلاحظ أنني -بعد البحث- لم أجد هذا القول مقترنا بقصة شاة مولاة ميمونة، وإنما ورد قول النبي في تلك القصة بغير الألفاظ الواردة هنا. وحديث شاة مولاة ميمونة أخرجه البخاري في صحيحه 2/ 128، 3/ 81 - 82، 7/ 96، ومسلم في صحيحه/ 276 - 277 من حديث ابن عباس، وفيه: فقال: (هلا أخذتم إِهابها فدبغتموه فانتفعتم به)، فقالوا: إِنها ميتة، قال: (إِنما حرم أكلها). وانظر: التلخيص الحبير 1/ 46، والمعتبر/ 47 ب. (¬1) انظر: أصول السرخسي 1/ 271، وكشف الأسرار 2/ 266، وتيسير التحرير 1/ 264. (¬2) انظر: المنتهى لابن الحاجب / 79، وشرح تنقيح الفصول/ 216. (¬3) انظر: اللمع/ 22، والتبصرة/ 144. (¬4) انظر: المحصول 1/ 3/ 188 - 189، والإِحكام للآمدي 2/ 239. (¬5) في (ب): في. (¬6) انظر: المسودة/ 130 - 131. (¬7) انظر: طبقات الحنابلة 2/ 12. ولم أعثر على هذا الكتاب.

مسألة (¬1) بقوله: (وإن كان ذو عسرة فنظرة إِلى ميسرة) (¬2)، فأجاب: بأن هذا إِنما ورد في ربائين (¬3). واللفظ الثاني: في حد الإِكراه (¬4) من "عمد الأدلة" لابن عقيل، وقد نبه ابن عقيل على هذا. وقاله أبو ثور (¬5) والمزني والقفال (¬6) والدقاق، وقاله أبو الفرج (¬7) وابن نصر (¬8) وغيرهما من المالكية، وذكره أبو الطيب (¬9) وابن برهان عن مالك. قال أبو المعالي (¬10): هو الذي صح عندنا من مذهب الشافعي، ثم نصر الأول. ¬

_ (¬1) نهاية 232 من (ح). (¬2) سورة البقرة: آية 280. (¬3) كذا في (ب) و (ح)، وهي بنفس الرسم في (ظ) ولم تنقط. وفي المسودة: إِنما ورد في الربا. وفي هامش (ظ): صوابه: في ربا تائبين ... يشير إِلى أنه ورد في حق التائبين من الربا؛ لأن الله قال: (وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم) ثم قال: (وإن كان ذو عسرة فنظرة)، فالآية جاءت في حق التائب من الربا، فجعلها الإِمام لمن جاءت في حقه وهو التائب من الربا. (¬4) نهاية 82 ب من (ظ). (¬5) انظر: المحصول 1/ 3/ 189، والإِحكام للآمدي 2/ 239. (¬6) انظر: التبصرة/ 145. (¬7) انظر: المسودة/ 130. (¬8) هو: عبد الوهاب المالكي. (¬9) انظر: المرجع السابق/ 130. (¬10) انظر: البرهان/ 372، 375.

لنا: أن الصحابة ومن بعدهم استدلوا على التعميم مع السبب الخاص ولم ينكر، كآية اللعان (¬1) -وهي في هلال بن أمية في الصحيحين (¬2) - وآية الظهار (¬3) في أوس (¬4) بن الصامت، رواه أحمد (¬5) وأبو داود وغيرهما (¬6)، ومعناه في البخاري (¬7)، وقصة عائشة (¬8) في الإِفك في الصحيحين (¬9)، وغير ذلك، [فكذا هنا] (¬10). ¬

_ (¬1) سورة النور: الآيات 6 - 9. (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه 6/ 100 - 101 عن ابن عباس، وأخرجه مسلم في صحيحه/ 1134 عن أنس. وانظر: فتح الباري 8/ 450، وشرح النووي على صحيح مسلم 10/ 119. (¬3) سورة المجادلة: الآيات 2 - 4. (¬4) نهاية 112 أمن (ب). (¬5) انظر: مسند أحمد 6/ 410 - 411، وسنن أبي داود 2/ 662 وما بعدها. (¬6) كالواحدي في أسباب النزول/ 232 - 233، والطبري في تفسيره 28/ 2 وما بعدها، والنسائي في سننه 6/ 168، وابن ماجه في سننه/ 666، والحاكم في المستدرك 2/ 481. وانظر: التلخيص الحبير 3/ 220. (¬7) انظر: صحيح البخاري 6/ 50، 9/ 117، وفتح الباري 9/ 432، 13/ 372، والتلخيص الحبير 3/ 220. (¬8) ورد ذكرها في سورة النور: الآيات 11 - 17. (¬9) انظر: صحيح البخاري 5/ 116 وما بعدها، 6/ 101 وما بعدها، وصحيح مسلم/ 2129 - 2138. (¬10) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح).

ولأن اللفظ عام بوضعه، والاعتبار به (¬1)، بدليل ما لو كان (¬2) أخص (¬3)، والأصل عدم مانع. وقاس صحابنا وغيرهم على الزمان والمكان (¬4)، مع أن المصلحة قد تختلف بهما. رد: لا يصلحان علة للحكم، بخلاف لفظ السائل. رد: بالمنع. قالوا: لو عم جاز تخصيص السبب بالاجتهاد كغيره. رد: السبب مراد قطعاً (¬5) بقرينة خارجية [هي ورود] (¬6) الخطاب بيانا له، وغيره ظاهر، ولهذا: لو سألته امرأة من نسائه طلاقها (¬7)، فقال: "نسائي طوالق " طلقت -ذكره ابن عقيل (¬8) إِجماعًا، وأنه لا يجوز تخصيصه- والأشهر عندنا: "ولو استثناها بقلبه"، لكنه يُدَيّن ويتوجه فيه خلاف، ولو استثنى غيرها لم تطلق. ¬

_ (¬1) يعني: باللفظ الوارد في الجواب. (¬2) يعني: لو كان الجواب أخص. (¬3) فإِنه يحمل على خصوصه، فكذا إِذا كان أعم يحمل على عمومه. (¬4) لأن الخطاب يرد في زمان ومكان، ثم لا يقتصر به على ذلك الزمان والمكان. (¬5) وهذا سبب اختصاصه بمنع إِخراجه. (¬6) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). وفي (ظ): لورود. (¬7) في (ب): طلاقا. (¬8) انظر: الواضح 2/ 115 ب - 116 أ.

على أنه (¬1) منع -في "الإِرشاد، والمبهج، والفصول"- المعتمر المحصر من التحلل (¬2) مع أن سبب (¬3) (¬4) الآية (¬5) في حصر الحديبية (¬6) -وكانوا معتمرين- وحكي هذا عن مالك، وأنه لا هدي أيضًا (¬7). وعن أحمد: أنه حمل ما في الصحيحين من حديث أبي هريرة (¬8): (لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين) على أمر الآخرة مع أن سببه (¬9) الدنيا، لكن يحتمل أنه لم يصح عنده سببه. ¬

_ (¬1) يعني: أنه يجوز تخصيص السبب. (¬2) في (ظ): التحليل. (¬3) انظر: تفسير الطبري 2/ 125، وتفسير القرطبي 2/ 373، وتفسير ابن كثير 1/ 231. (¬4) نهاية 233 من (ح). (¬5) قال تعالى: (فإِن أحصرتم فما استيسر من الهدي). سورة البقرة آية 196. (¬6) خبر حصر الحديبية ورد من طرق، أخرجه البخاري في صحيحه 3/ 8 - 9، 185 - 186، 193 وما بعدها. وانظر: نصب الراية 3/ 129، 144، والتلخيص الحبير 2/ 288. (¬7) انظر: تفسير القرطبي 2/ 373. (¬8) مرفوعاً. انظر: صحيح البخاري 8/ 31، وصحيح مسلم/ 2295. (¬9) سبب الحديث: أن النبي أسر أبا عزة الشاعر يوم بدر، فَمَنّ عليه وعاهده أن لا يحرض عليه ولا يهجوه، وأطلقه، فلحق بقومه، ثم رجع إِلى التحريض والهجاء، ثم أسره يوم أحد، فسأله المن، فقال النبي ذلك. انظر: فتح الباري 10/ 530، وشرح النووي على صحيح مسلم 18/ 125، والسيرة لابن هشام 3/ 56.

والأصح عن أحمد: أنه لا يصح اللعان على حمل، وقاله أبو حنيفة (¬1)، وهو سبب آية اللعان، واللعان عليه في الصحيحين (¬2)، لكن ضعفه أحمد، ولهذا في الصحيحين: "أنه لا عن بعد الوضع (¬3) "، ثم: يحتمل أنه علم بوجوده بوحي، فلا يكون اللعان معلقا بشرط، وليس سبب الآيه قذف حامل ولعانها. ¬

_ (¬1) انظر: الهداية 2/ 25. (¬2) انظر: صحيح البخاري 6/ 100، وصحيح مسلم / 1134. (¬3) أخرجه البخاري في صحيحه 7/ 55، 56، ومسلم في صحيحه 1134 من حديث ابن عباس، وفيه: فأتاه رجل من قومه يشكو إِليه أنه قد وجد مع امرأته رجلاً، فذهب به إِلى النبي، فأخبره بالذي وجد عليه امرأته -وكان ذلك الرجل مصفرا قليل اللحم ... - فقال الرسول: (اللهم بَيِّن)، فوضعت شبيها بالرجل الذي ذكر زوجها أنه وجده عندها، فلاعن رسول الله بينهما. وانظر: نصب الراية 3/ 252. وقال في فتح الباري 9/ 455: ظاهره أن الملاعنة بينهما تأخرت حتى وضعت، فيحمل على أنه قوله (فلاعن) معقب بقوله (فذهب به إِلى النبي فأخبره)، واعترض قوله (وكان ذلك الرجل إِلخ)، والحامل على ذلك موافقة رواية القاسم عن ابن عباس لحديث سهل بن سعد. وقال -في مكان آخر 9/ 461 - : قد أوضحت أن رواية ابن عباس هذه هي في القصة التي في حديث سهل بن سعد، وفيه أن اللعان وقع بينهما قبل أن تضع، فعلى هذا تكون الفاء في قوله (فلاعن) معقبة بقوله (فأخبره بالذي وجد) وأما قوله (وكان ذلك الرجل مصفرا ...) فهو كلام اعترض بين الجملتين، ويحتمل -على بعد- أن تكون الملاعنة وقعت مرة بسبب القذف وأخرى بسبب الانتفاء، والله أعلم.

وفي الصحيحين (¬1) عن عائشة: أن عتبة بن أبي وقاص (¬2) عهد إِلى أخيه سعد "أن (¬3) ابن (¬4) وليدة (¬5) (¬6) زمعة (¬7) ابني، فاقبضه إِليك"، فلما كان عام الفتح أخذه سعد، وفيه: فقال سعد: "هذا يا رسول الله ابن أخي عتبة عهد إِلي أنه ابنه، انظر إِلى شبهه"، وقال عبد بن زمعة (¬8): "هذا أخي، ولد على فراش أبي من وليدته"، فنظر إِلى شبهه، فرأى شبها بينا بعتبة، فقال: (هو لك يا عبد بن زمعة، الولد للفراش وللعاهر الحجر (¬9)، ¬

_ (¬1) انظر: صحيح البخاري 3/ 54، 81، 146 - 147، 4/ 4، وصحيح مسلم / 1080. (¬2) هو: عتبة بن أبي وقاص بن أهيب القرشي الزهري، قال ابن حجر: لم أر من ذكره في الصحابة إِلا ابن مندة ... وقد اشتد إِنكار أبي نعيم عليه في ذلك، وقال: هو الذي كسر رباعية النبي، وما علمت له إِسلاما. انظر: الإِصابة 5/ 259. (¬3) في (ظ): سعد بن أبي وليدة ... (¬4) ابن وليدة زمعة: هو عبد الرحمن بن زمعة بن قيس القرشي العامري، توفي بالمدينة، وله عقب. انظر: تهذيب الأسماء واللغات 1/ 1/ 311، وأسد الغابة 2/ 448. (¬5) الوليدة: الجارية. انظر: النهاية في غريب الحديث 5/ 225. (¬6) نهاية 112 ب من (ب). (¬7) هو: زمعة بن قيس بن عبد شمس القرشي العامري، مات كافرًا قبل فتح مكة. انظر: الإصابة 4/ 387. (¬8) هو: الصحابي عبد بن زمعة القرشي العامري. (¬9) قال ابن حجر في فتح الباري 12/ 36 - 37: أي: للزاني الخيبة والحرمان. ومعنى=

واحتجبي منه يا سودة (¬1) بنت زمعة)، وكانت تحت النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬2). وفي لفظ للبخاري (¬3): (هو أخوك يا عبد). ولأحمد (¬4) والنسائي بإِسناد جيد من حديث عبد الله بن الزبير: أن زمعة كانت له جارية يطؤها، وكانت تظن بآخر (¬5)، وفيه: (واحتجبي منه يا سودة، فليس لك بأخ). زاد أحمد (¬6): (¬7) (أما الميراث فله). ¬

_ =الخيبة هنا حرمان الولد الذي يدعيه، وجرت عادة الجرب أن تقول لمن خاب: (له الحجر، وبفيه الحجر والتراب) ونحو ذلك. وقيل: المراد بالحجر هنا أنه يرجم، قال النووي: وهو ضعيف؛ لأن الرجم مختص بالمحصن، ولأنه لا يلزم من رجمه نفي الولد، والخبر إِنما سيق لنفي الولد. وقال السبكي: والأول أشبه بمساق الحديث لتعم الخيبة كل زان، ودليل الرجم مأخوذ من موضع آخر فلا حاجة للتخصيص من غير دليل. قال ابن حجر: قلت ويؤيد الأول -أيضاً- ما أخرجه أبو أحمد الحاكم من حديث زيد بن أرقم رفعه (الولد للفراش وفي فم العاهر الحجر)، وفي حديث ابن عمر عند ابن حبان: (الولد للفراش وبفي العاهر الأثلب) قيل: هو الحجر، وقيل: دقاقه، وقيل: التراب. (¬1) هي: أم المؤمنين سودة بنت زمعة القرشية. (¬2) نهاية 83 أمن (ظ). (¬3) انظر: صحيح البخاري 5/ 151. (¬4) انظر: مسند أحمد 4/ 5، وسنن النسائي 6/ 180 - 181. (¬5) في سنن النسائي 6/ 181: وكان يظن بآخر يقع عليها. وفي مسند أحمد 4/ 5: وكانوا يتهمونها. (¬6) انظر: مسند أحمد 4/ 5. (¬7) نهاية 234 من (ح).

وعند أبي حنيفة (¬1): لا تفسير الأمة فراشًا حتى يقرّ بولدها، فإِذا أقر به صارت فراشًا ولحقه أولاده بعد ذلك. فأخرج السبب. قال أبو المعالي (¬2): لم يبلغه (¬3) هذا واللعان (¬4) على الحمل. كذا قال. وسبق (¬5) الجواب عن اللعان، وهذا لا جواب عنه. قالوا: لو عم لم ينقل السبب لعدم الفائدة. رد: فائدته: منع تخصيصه، ومعرفة الأسباب. قالوا: لو قال: "تَغَدّ عندي"، فحلف: "لا تَغديتُ" لم يعم، ومثله نظائرها. رد: بالمنع في الأصح عن أحمد. وإِن سلّم -كقول مالك (¬6) - فللعرف، ولدلالة السبب على النية، فصار كمنويّ. ¬

_ (¬1) انظر: فواتح الرحموت 1/ 290 - 291. (¬2) انظر: البرهان/ 379. (¬3) جاء في فواتح الرحموت 1/ 291: (والقول بعدم بلوغ الحديث غير صحيح؛ فإِنه مذكور في مسنده). وفي مسند أبي حنيفة/ 134: عن عمر أن النبي قال: (الولد للفراش وللعاهر الحجر) ا. هـ. ولم يذكر سبب الحديث. (¬4) يعني: ولم يبلغه اللعان على الحمل. (¬5) انظر: ص 810 من هذا الكتاب. (¬6) انظر: المنتهى لابن الحاجب/ 80.

مسألة

قالوا: لو عم لم يطابق الجواب السؤال. رد: طابق وزاد. مسألة يجوز أن يراد بالمشترك معنياه معا، والحقيقة (¬1) والمجاز من لفظ واحد، ويحمل عليهما (¬2) عند القاضي (¬3) وابن عقيل (¬4) والحلواني (¬5) وغيرهم، وقاله في الانتصار لما قيل له -فيمن لا يجد نفقة امرأته-: يفرق بينهما، أي: لا يحبسها، فقال: الظاهر منها (¬6) الطلاق (¬7) على أنه عام في العقد والمكان معا. ثم: هل هو ظاهر في ذلك مع عدم قرينة كالعام (¬8)، أم مجمل فيرجع إِلى مخصص خارج؟ ظاهر كلامهم أو صريحه: الأول، ولهذا قالوا: يحمل عليهما، وهو كثير في كلام القاضي وأصحابه، وقال (¬9) ¬

_ (¬1) في (ح): الحقيقة. (¬2) في (ب): عليها. (¬3) انظر: العدة/ 703 - 704. (¬4) انظر: الواضح 1/ 288 ب، 2/ 168 أ، 171 أ. (¬5) انظر: المسودة/ 166. (¬6) نهاية 113 أمن (ب). (¬7) في (ظ): إِلا الطلاق. (¬8) فيحمل عليهما معا. (¬9) كذا في النسخ. ولعل المناسب: قال، بدون الواو.

هو (¬1) وابن عقيل (¬2): اللمس (¬3) حقيقة في اللمس باليد، مجاز في الجماع، فيحمل عليهما، ويجب الوضوء منهما جميعًا؛ لأنه لا تدافع بينهما. وسبق كلامه في الانتصار. وقال (¬4) صاحب المحرر -في قوله عليه السلام: (اقرءوا يس على موتاكم) (¬5): يشمل المحتضر والميت قبل الدفن وبعده. وهذا قول الشافعي (¬6). ¬

_ (¬1) انظر: العدة/ 704. (¬2) انظر: الواضح 1/ 229أ، 2/ 168 أ. (¬3) في (ظ): للمس. (¬4) نهاية 235 من (ح). (¬5) هذا الحديث رواه معقل بن يسار مرفوعاً. أخرجه أبو داود في سننه 3/ 489، والنسائي في عمل اليوم والليلة/ 581 - 582، وابن ماجه في سننه/ 466، وأحمد في مسنده 5/ 26، 27، وابن أبي شيبة في مصنفه 3/ 237، والحاكم في المستدرك 1/ 565 - وقال: أوقفه يحيى بن سعيد وغيره عن سليمان التيمي، والقول فيه قول ابن المبارك؛ إِذ الزيادة من الثقة مقبولة. قال الذهبي في التلخيص: رفعه ابن المبارك، ووقفه يحيى القطان- والبيهقي في السنن الكبرى 3/ 383، والطيالسي في مسنده (انظر: منحة المعبود 2/ 23)، وابن حبان في صحيحه (انظر: موارد الظمآن/ 184). وقد أعل الحديث بالاضطراب -فبعضهم يقول: عن أبي عثمان عن أبيه عن معقل، وبعضهم يقول: عن أبي عثمان عن معقل- وبجهالة أبي عثمان وأبيه. ونقل عن الدارقطني أنه قال: هذا حديث ضعيف الإِسناد مجهول المتن، ولا يصح في الباب حديث. انظر: التلخيص الحبير 2/ 104. (¬6) انظر: الإحكام للآمدي 2/ 242، وشرح العضد 2/ 111.

وقال (¬1) بعض أصحابنا: (¬2) صرح القاضي وابن عقيل بالثاني، [كذا قال] (¬3). وقاله (¬4) أبو علي الجبائي وعبد الجبار وغيرهما من المعتزلة (¬5). قال الآمدي (¬6): عنهم وعن الشافعي وابن الباقلاني (¬7): ما لم يمتنع الجمع بينهما كـ "افْعَل" أمرًا وتهديدًا. ومعناه ذكره أبو المعالي (¬8) وأبو الخطاب (¬9) عن المجوزين، وقاله ابن عقيل (¬10)؛ قال: ولهذا لا يحسن أن يصرح به (¬11) بخلاف هذا (¬12). ¬

_ (¬1) في (ب) و (ظ): وصرح القاضي وابن عقيل بالثاني. ولم يرد فيهما: (وقال بعض أصحابنا). (¬2) انظر: المسودة/ 171. (¬3) ما بين المعقوفتين من (ح). (¬4) عني: جواز إِرادة المعنيين، والحقيقة والمجاز من لفظ واحد، ولا يكون ذلك كالعام، بل كالمجمل. (¬5) انظر: المعتمد/ 325، والإِحكام للآمدي 2/ 242. (¬6) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 242. (¬7) يعني: يجوز أن يراد كلا المعنيين معا ما لم يمتنع ... إِلخ. (¬8) انظر: البرهان/ 343. (¬9) انظر: التمهيد/ 78 ب. (¬10) الواضح 1/ 229أ، 2/ 172 أ- ب. (¬11) فيقول: أريد بقولي: (افعل) الأمر والتهديد. (¬12) فإنه يحسن أن يقول: أريد بـ (القرء) الطهر والحيض. كذا في الواضح.

وأطلق بعضهم (¬1): يجوز مجازًا. وعن ابن الباقلاني والمعتزلة (¬2): حقيقة إِن جاز الجمع كالعين، لا كالقرء، وسبق (¬3) قول القاضي: لأنه لا تدافع بينهما. وذكر القاضي أول العدة (¬4): لا يجوز؛ ونصره في التمهيد (¬5)، وقاله الحنفية (¬6) وأبو هاشم (¬7) وأبو عبد الله البصري (¬8) وغيرهما من المعتزلة، وذكره أبو المعالي (¬9) عن (¬10) ابن الباقلاني. وعن الشافعية (¬11): الجواز والمنع. وجوزه بعض أصحابنا (¬12) بالنظر إِلى الإِرادة لا اللغة، وقاله أبو ¬

_ (¬1) يعني: أطلقوا في أصل المسألة. انظر: شرح العضد 2/ 111. (¬2) انظر: مختصر ابن الحاجب 2/ 111. (¬3) في ص 815. (¬4) انظر: العدة/ 188 - 189. (¬5) انظر: التمهيد/ 78أ. (¬6) انظر: كشف الأسرار 1/ 40، 2/ 45، وفواتح الرحموت 1/ 201، 216. (¬7) انظر: المعتمد/ 325، والمحصول 1/ 1/ 372. (¬8) انظر: المعتمد/ 325. (¬9) في الحمل على الحقيقة والمجاز. انظر: البرهان/ 344. (¬10) نهاية 83 ب من (ظ). (¬11) انظر: التبصرة/ 184، والإِحكام للآمدي 2/ 242. (¬12) انظر: المسودة/ 167.

المعالي (¬1) وأبو الحسين (¬2) البصري والغزالي (¬3). ومنعه بعضهم (¬4). وقيل في أصل المسألة: يجوز في نفي لا إِثبات. ولم أجد خلافا عندنا: لو وَصَّى بثلثه لجاره أو قريبه فلان -باسم مشترك- لم (¬5) يعم. وهل تصح الوصية أم لا؟ فيه عن أحمد روايتان. فإِن صحت: فقيل: تعينه (¬6) الورثة. وقيل: يقرع. ويتوجه العموم إِن قيل به هنا، ويحتمل مطلقًا؛ لعمومه بالإِضافة (¬7)، ولا يتحقق مانع. وأكثر الأصوليين: أن الخلاف في الجمع كالخلاف في المفرد (¬8). وقيل: يجوز. ¬

_ (¬1) انظر: البرهان / 344 - 345. (¬2) انظر: المعتمد/ 326. (¬3) انظر: المستصفى 2/ 71 - 73. (¬4) انظر: مختصر ابن الحاجب 2/ 111. (¬5) في هامش (ظ): لعله: أنه يعم. أقول: لعل ما أثبت في الأصل هو الصواب. (¬6) نهاية 113 ب من (ب). (¬7) على مثال: عبدي وامرأتي. (¬8) نهاية 236 من (ح).

وفي الكفاية (¬1) للقاضي: أن لفظ الجمع كالمنقول عن الشافعي إِن لم يتنافيا، وإن تنافيا أو كان مفردا فمجمل. وجه الجواز (¬2): أما في المشترك: فلسبق أحدهما، فإِطلاقه عليهما مجاز. ولا (¬3) يلزم من وضعه لهما على البدل وضعه لهما معا، فاستعماله في المجموع لغير ما وضع له، للتغاير بين المجموع وأفراده، وإن وضع للمجموع أيضاً: فإِن استعمله فيه فقط لم يفد إِلا أحد مفهوماته، وإِن استعمله فيه وفي الأفراد معا فمحال؛ لأن إِفادة المجموع معناه لا يحصل الاكتفاء إِلا به، وإفادته للمفرد معناه الاكتفاء (¬4) بكل (¬5) منهما. وهو (¬6) مبني على أنا المشترك موضوع لأحدهما على البدل كقول المعتزلة (¬7)، فيلزمهم. وعن الشافعي (¬8) وابن الباقلاني: حقيقة في المجموع -جملة مدلولاته ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 171. (¬2) يعني: الجواز مجازا. (¬3) في (ب) و (ظ): ولأنه يلزم. (¬4) يعني: يحصل الاكتفاء. وقد ضرب في (ظ) على (الاكتفاء)، وكتب (إِفادته). (¬5) في (ظ): لكل. (¬6) يعني: هذا الدليل. (¬7) انظر: المعتمد/ 22 - 23، والإِحكام للآمدي 2/ 245. (¬8) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 245.

وأفرادها- كالعام. واعترض (¬1): لكن يجوز استعماله في أحدهما بقرينة حقيقة (¬2) أو مجازا (¬3)، فإِذا استعمل في المجموع فقط (¬4): فإِن كان حقيقة في الأفراد فمشترك لم يعم كل مسمياته، وِإن كان مجازاً فيها لم يعم الحقيقة والمجاز، وهو خلاف مذهبكم. وِإن أريدت الأفراد (¬5) استحال بما سبق من لزوم الاكتفاء وعدمه. ورد: لا تناقض؛ لأن عند دخول الأفراد في المجموع معنى استعماله فيها: أنه لا بد منها، لا بمعنى الاكتفاء بها، وعند عدم دخولها والعمل به في أحدها بقرينة ليست الجملة شرطا في الاكتفاء. فإِن قيل: دخولها (¬6) فيها لا يدل اللفظ عليها حقيقة ولا مجازًا ليلزم ما ذكر (¬7)، بل لزوما (¬8) (¬9). ¬

_ (¬1) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 245. (¬2) يعني: سواء كان ذلك حقيقة أو مجازا. (¬3) في (ظ): أو مجاز. (¬4) يعني: على وجه لا تدخل فيه الأفراد. (¬5) يعني: إِن كان على وجه تدخل فيه الأفراد. (¬6) يعني: إِذا كانت الأفراد داخلة في مسمى الجملة. (¬7) نهاية 237 من (ح). (¬8) يعني: بطريق الملازمة، وليست دلالة لفظية ليلزم ما قيل. (¬9) نهاية 114 أمن (ب).

رد: بل دلالة لفظية لدخولها فيها حقيقة أو مجازًا. وأما الحقيقة (¬1) والمجاز: فلأن استعماله لهما استعمال في غير ما وضع له أولاً، والعلاقة المصححة الجزئية والكلية. وجه المنع: لو جاز في المشترك لكان حقيقة في المجموع لوضعه لهما، ولو كان لكان المستعمل له مريدًا أحدهما فقط لاستعماله فيه غير مريد له لاستعماله في الآخر. ولو جاز في الحقيقة والمجاز لكان مريدا لما (¬2) وضع له اللفظ أولاً لاستعماله فيه، غير مريد له لاستعماله في غيره، وذلك محال. رد: بالمنع، فإِن المراد من استعمال اللفظ معنياه معا مجازًا، لا بقاؤه لكل مفرد منهما حتى يكون حقيقة في المجموع. وأراد (¬3) ما وضع اللفظ أولاً وثانيًا (¬4) إِما حقيقة وإما مجازًا. واحتج في العدة (¬5): بأنه إِجماع الصحابة لعدم حمل القرء على المعنيين، ولو حمل عليهما لم يمنعوا (¬6) منه بغير دلالة. ¬

_ (¬1) نهاية 84 أمن (ظ). (¬2) في (ح): اما. (¬3) هذا رد على الدليل الثاني. (¬4) في (ظ): أو ثانيا. (¬5) انظر: العدة/ 189. (¬6) في العدة: لم يمتنعوا.

ويجاب: لعلمهم أن المراد أحدهما. واحتج بعضهم (¬1) بها (¬2) على إِرادتهما (¬3)، فأجاب أبو الخطاب (¬4): بأن المراد أحدهما (¬5)، قال: ومن صَوَّب كل مجتهد يقول: يحتمل أنه نقل لغة إِلى الشرع بدليل، فيردان (¬6) شرعًا. واحتج في التمهيد (¬7): بعدم استعماله لغة. وجه المعموم: (إِن الله وملائكته يصلّون) (¬8)] (ألم تر أن الله يسجد له) (¬9)، والصلاة من الله رحمة ومن الملائكة استغفار، والسجود مختلف. رد: السجود: الخضوع، فهو متواطئ، والصلاة: الاعتناء بإِظهار شرفه ¬

_ (¬1) ضرب على (بعضهم) في (ظ). (¬2) في التمهيد/ 179: واحتج بقوله: (ثلاثة قروء)، قيل: الحيض والطهر؛ لأن للمرأة تقليد من يرى الحيض وتقليد من يرى الطهر، وأيهما فعلت فقد أراده الله منها، وكذلك قد أراد من المجتهد ما يؤديه إِليه اجتهاده منهما. والآية من سورة البقرة: آية 228. (¬3) في (ب): إِرادتها. (¬4) انظر: التمهيد/ 79 أ. (¬5) على قول من يقول: الحق في واحد. (¬6) كذا في النسخ. ولعلها: فيرادان. (¬7) انظر: التمهيد / 79أ. (¬8) سورة الأحزاب: آية 56. (¬9) سورة الحج: آية 18.

عليه السلام، فمتواطئ (¬1) بين الله وملائكته. أو يقدر خبر -كأنه قال: "إِن الله يصلي"- وفِعْل "يسجد" في الآية الثانية بدليل ما يقارنه. وقيل (¬2): "أو بأنه مجاز"، فيلزم إِسناد معنى الصلاة ومعنى السجود إِلى كل واحد، وفساده (¬3) ظاهر. وأجاب أبو هاشم (¬4): بأنه لا يبعد (¬5) أنه مما نقلته الشريعة من اللغة. ورفى: بمنع النقل على ما سبق (¬6). ورد الأول: بأنه لو كان لاطرد، وليس كل اعتناء بأمرٍ صلاةً، ولا كل سجودٍ خضوعًا. والثاني: بتعدد الفعل معنى لا لفظا، وإِن سلّم أن حرف العطف كعامل فبمثابته (¬7) بعينه، والله أعلم. * * * ¬

_ (¬1) نهاية 238 من (ح). (¬2) انظر: المنتهى لابن الحاجب/ 80. (¬3) نهاية 114 ب من (ب). (¬4) انظر: المعتمد/ 332. (¬5) في (ظ) ونسخة في هامش (ب): لا يتعذر. (¬6) انظر: ص 87 وما بعدها. (¬7) يعني: فيكون بمثابة الفعل بعينه.

فأما إِن وصى لمواليه: صح -خلافا للحنفية (¬1) وبعض الشافعية (¬2) - قال [بعض] (¬3) أصحابنا: لشمول الاسم، كوصيته لإِخوته. واعترض على القاضي وغيره: بالفرق بأنه مشترك، فلا يمكن حمله عليهما. فأجاب: لا يمتنع دخولهما في لفظ واحد، كمن حلف: "لا كلمت موالي فلان"، والحكم يتبع الاسم نفيا وإثباتًا، كمن حلف: "لأكلمن موالي فلان". كذا قال، فسلم أنه مشترك، فيخرج على ما سبق. وفي الواضح: مشترك لا ينصرف إِطلاقه إِلى معين إِلا بدليل. وكذا قال أهل (¬4) اللغة: المولى: المعتق والمعتق وابن العم والناصر والجار والحليف. وأما استدلاله (¬5) (¬6) بالنفي فكأنه على من سلّمه، وقد سبق (¬7). ¬

_ (¬1) انظر: أصول الشاشي/ 39، وأصول السرخسي 1/ 126، والهداية 4/ 251. وقال زفر: تصح الوصية وتكون للموالي من أعلى ومن أسفل، وعن أبي يوسف: تجوز وتصرف إِلى الموالي من أعلى. (¬2) انظر: التمهيد للأسنوي/ 174. (¬3) ما بين المعقوفتين من (ظ). (¬4) انظر: لسان العرب 20/ 289 - 290. (¬5) في (ح): استدلالهم. (¬6) نهاية 84 ب من (ظ). (¬7) في ص 818.

وكذا احتج في المغني (¬1): لو حلف: "لا كلمت مواليّ (¬2) " حنت بكلام أيهم كان. وجمع الاسم وتعميمه (¬3) إِنما يفيد في مدلوله مفردًا. ولا يعم "الموالي" غير المولى من فوق ومن أسفل تقديما للحقيقة عرفا؛ فقد يعلل شموله لهما بالحقيقة عرفا، وهي (¬4) دعوى، وللمخالف المنع. ولا شيء لموالي عصبته -خلافا لزفر (¬5) - لعدم الحقيقة فيهم، إِلا مع عدم مواليه ابتداء -خلافا لأبي يوسف (¬6) ومحمد- لتعذر الحقيقة ابتداء، فيعمل بالمجاز تصحيحًا لكلامه ولإِرادته (¬7) ظاهراً. ¬

_ (¬1) انظر: المغني 6/ 233. (¬2) في (ب) و (ظ): مولاي. (¬3) يعني: تعميم الجمع. (¬4) يعني: التعليل بالحقيقة عرفا. (¬5) هو: أبو الهذيل زفر بن الهذيل العنبري، فقيه حنفي، كان من أصحاب الحديث فغلب عليه الرأي، ولد سنة 110 هـ، وتوفي بالبصرة سنة 158 هـ. انظر: الجواهر المضية 1/ 243، 2/ 534، والانتقاء/ 173، وشذرات الذهب 1/ 243. (¬6) نهاية 239 من (ح). (¬7) أي: المجاز، يعني: ولأن الظاهر إِرادة المجاز.

مسألة

مسألة نفي المساواة للعموم عند أصحابنا والشافعية (¬1)، نحو: (لا يستوي) (¬2)] (لا يستوون) (¬3)] (هل يستويان مثلا) (¬4)] (هل يستوي الذين يعلمون) (¬5) (¬6). وعند الحنفية (¬7): يكفي نفيها في شيء واحد. وجه الأول: نفي على نكرة (¬8) كغيره (¬9)، فينتفي مسماها. قالوا: المساواة (¬10) أعم منها بوجه خاص (¬11)، والأعم لا يدل على الأخص. ¬

_ (¬1) انظر: الإحكام للآمدي 2/ 247، وشرح المحلي 1/ 422. (¬2) سورة النساء: آية 95. (¬3) سورة التوبة: آية 19. (¬4) سورة هود: آية 24. (¬5) سورة الزمر: آية 9. (¬6) نهاية 115 أمن (ب). (¬7) انظر: تيسير التحرير 1/ 250، وفواتح الرحموت 1/ 289. (¬8) لأن الجملة نكرة باتفاق النحاة، ولذلك يوصف بها النكرة دون المعرفة. (¬9) يعني: فوجب التعميم كغيره من النكرات. (¬10) يعني: مطلقًا. (¬11) وهو: المساواة من كل وجه.

رد: في (¬1) الإِثبات، إلا لم يعم نفي، ولهذا يعد كاذبًا من قال: "لم أر حيوانا" وقد رأى إِنسانا أو غيره. قالوا: لو (¬2) عم لم يصدق؛ لأنه لا بد من مساواة، وأقلها نفي ما سواهما عنهما. رد: خص بدليل؛ لأنه نفي ما يصح نفيه (¬3). قالوا: المساواة في إِثبات عامة، وإِلا لم يستقم إِخبار بها (¬4)؛ لأنه لا وجه لاختصاصهما (¬5) (¬6)؛ إِذ ما من شيئين إِلا وبينهما مساواة، لكنه مستقيم إِجماعًا، ونقيض الإِيجاب الكلي سلب جزئي. رد: بل خاصة (¬7)، وإِلا لم تصدق مساواة بين شيئين؛ لأنه لا بد من نفي مساواة بينهما وأقله في تعينهما (¬8)، ونقيض الإِيجاب الجزئي سلب كلي، فتعارضا، وسلم الدليل الأول (¬9). ¬

_ (¬1) يعني: ما ذكرتم من عدم إِشعار الأعم بالأخص. (¬2) في (ب): لم. (¬3) فالمقصود بقولنا: (نفي المساواة) يعني: التي يصح انتفاؤها. (¬4) يعني: بالمساواة. (¬5) في (ظ): لاختصاصها. (¬6) يعني: المساواة بوجه ما لا تختص بهما، بل تعم كل شيئين. (¬7) يعني: المساواة في الإثبات للخصوص. (¬8) في (ظ): تعينها. (¬9) يعني: دليل الوجه الأول.

مسألة

مسألة دلالة الإِضمار والاقتضاء (¬1) عامة عند أصحابنا -منهم القاضي (¬2) - وأكثر المالكية (¬3). مثل: ما روى (¬4) الطبراني (¬5) والدارقطني (¬6) -بإِسناد جيد- من حديث بشر بن بكر (¬7) عن الأوزاعي (¬8) عن عطاء عن ¬

_ (¬1) في الإِحكام للآمدي 2/ 249: المقتضى: هو ما أضمر ضرورة صدق المتكلم. (¬2) انظر: العدة/ 513. (¬3) انظر: مفتاح الوصول/ 50. (¬4) انظر: فيض التقدير 2/ 219. وأخرجه -الطبراني- في المعجم الكبير 2/ 94 عن ثوبان، قال في مجمع الزوائد 6/ 250: وفيه يزيد بن ربيعة الرحبي، وهو ضعيف. وأخرجه -أيضًا- من حديث أبي الدرداء، فانظر: نصب الراية 2/ 65. (¬5) هو: أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب اللخمي، محدث حافظ، سمع بالشام والحجاز واليمن وبغداد وغيرها، توفي سنة 360 هـ. من مؤلفاته: العجم الكبير، والأوسط، والصغير. انظر: طبقات الحنابلة 2/ 49، والمنتظم 7/ 54، وتذكرة الحفاظ/ 912، وميزان الاعتدال 2/ 195، والنجوم الزاهرة 4/ 59. (¬6) انظر: سنن الدارقطني 3/ 170 - 171. (¬7) هو: أبو عبد الله التنيسي البجلي، دمشقي الأصل، ثقة صدوق، ولد سنة 124 هـ، روى عن الأوزاعي وحريز بن عثمان وغيرهما، وعنه: دحيم والحميدي والشافعي وغيرهم، توفي بدمياط سنة 205 هـ. انظر: ميزان الاعتدال 1/ 314، وتهذيب التهذيب 1/ 443. (¬8) هو: أبو عمرو عبد الرحمن بن عمرو بن يحمد، حافظ محدث فقيه من تابعي=

عبيد بن (¬1) عمير (¬2) عن ابن عباس مرفوعًا: (إِن الله تجاوز (¬3) لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه). وذكر ابن حزم (¬4): أنه حديث مشهور متصل رواه الناس هكذا. وصحح عبد الحق (¬5) إِسناده (¬6). ¬

_ =التابعين، وهو إِمام أهل الشام، وكان أهل الشام والمغرب على مذهبه قبل انتقال الغرب إِلى مذهب مالك نحو 200 سنة، سكن بيروت وتوفي بها سنة 157 هـ. انظر: تذكرة الحفاظ/ 178، ووفيات الأعيان 2/ 310، ومشاهير علماء الأمصار/ 180، وتهذيب الأسماء واللغات 1/ 1/ 298. (¬1) نهاية 240 من (ح). (¬2) هو: أبو عاصم الليثي المكي، ولد في حياة الرسول - صلى الله عليه وسلم -, روى عن عمر وعلي وعائشة وغيرهم، وعنه: مجاهد وعطاء وغيرهما، توفي سنة 64 هـ. قال ابن حجر في التقريب: مجمع على ثقته. انظر: تذكرة الحفاظ/ 50، وغاية النهاية 1/ 496، وتهذيب التهذيب 6/ 71، وتقريب التهذيب 1/ 544. (¬3) في (ب): تجاولي. (¬4) انظر: الإِحكام له/ 930. (¬5) هو: أبو محمَّد عبد الحق بن عبد الرحمن الأزدي الأشبيلي، ويعرف بابن الخراط، فقيه حافظ عالم بالرجال وعلل الحديث، ولد سنة 510 هـ، وتوفي ببجاية سنة 581 هـ. من مؤلفاته: الأحكام الكبرى والأحكام الصغرى. انظر: تهذيب الأسماء واللغات 1/ 1/ 292، وتذكرة الحفاظ/ 1350، وفوات الوفيات 1/ 248. (¬6) انظر: الأحكام الكبرى له 1/ 21 ب، والأحكام الصغرى له/ 8 ب-9أ.

ورواه البيهقي (¬1)، وقال: جَوَّد إِسناده بشر بن بكر وهو من الثقات، ورواه الوليد بن مسلم (¬2) عن الأوزاعي، فلم يذكر عبيد بن عمير. ومن طريقه رواه ابن ماجه (¬3)، ولفظه: (إِن الله وضع). وسئل أحمد عن هذا، فأنكره جداً، وقال: لا يُروى إِلا عن الحسن مرسلاً (¬4). ¬

_ (¬1) انظر: سنن البيهقي 7/ 356. (¬2) هو: أبو العباس الدمشقي، عالم أهل الشام، روى عن الأوزاعي وغيره، وعنه أحمد وغيره، توفي سنة 195 هـ. وثقه ابن سعد والعجلي ويعقوب بن شيبة وغيرهم. قال الذهبي: كان مدلسًا فيتقى من حديثه ما قال فيه: عن. وقال ابن حجر في التقريب: ثقة لكنه كثير التدليس. انظر: الكاشف 3/ 242، وتهذيب التهذيب 11/ 151، وتقريب التهذيب 2/ 336. (¬3) انظر: سنن ابن ماجه/ 659. وفي الزوائد: إِسناده صحيح إِن سلم من الانقطاع، والظاهر أنه منقطع بدليل زيادة عبيد بن عمير في الطريق الثاني ... وليس ببعيد أن يكون السقط من جهة الوليد بن مسلم؛ فإِنه كان يدلس. وأخرجه ابن ماجه -أيضًا- في سننه/ 659 من حديث أبي ذر مرفوعاً. وفيه: أبو بكر الهذلي، قال في الزوائد: إِسناده ضعيف لاتفاقهم على ضعف أبي بكر الهذلي. وقد أخرج الحديث الطحاوي في شرح معاني الآثار 3/ 95، وابن حبان في صحيحه (انظر: موارد الظمآن / 360)، والحاكم في المستدرك 1/ 982 وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. (¬4) انظر: التلخيص الحبير 1/ 282.

وقال أبو حاتم: لا يثبت (¬1). وروى ابن عدي (¬2) من حديث جعفر (¬3) بن جسر بن فرقد عن أبيه (¬4) -وهما ضعيفان عند المحدثين- (¬5) عن الحسن عن (¬6) أبي بكرة مرفوعًا: (رفع الله عن هذه الأمة ثلاثاً: الخطأ، والنسيان، والأمر يكرهون عليه) (¬7). مثل هذا يقال: مقتضي الإِضمار (¬8)، ومقتضاه الإِضمار، ودلالته على ¬

_ (¬1) انظر: العلل لابن أبي حاتم 1/ 431. (¬2) رواه في الكامل 1/ 432 مخطوط، وعده من منكرات جعفر هذا. وانظر: نصب الراية 2/ 65. (¬3) هو: أبو سليمان القصاب البصري، قال ابن عدي: ولجعفر مناكير، ولعل ذلك من قبل أبيه فإِنه مضعف. وذكره العقيلي فقال: في حفظه اضطراب شديد، كان يذهب إِلى القدر، وحدث بمناكير. نظر: ميزان الاعتدال 1/ 403. (¬4) هو: أبو جعفر جسر بن فرقد القصاب البصري، قال البخاري: ليس بذاك عندهم. وقال ابن معين: ليس بشيء. وقال النسائي: ضعيف. نظر: ميزان الاعتدال 1/ 398. (¬5) نهاية 115 ب من (ب). (¬6) نهاية 85 أمن (ظ). (¬7) وانظر الكلام عن الحديث في: التلخيص الحبير 1/ 181 - 183، ونصب الراية 2/ 64 - 66، والمقاصد الحسنة/ 228 - 230، وكشف الخفاء 1/ 522 - 523. (¬8) في (ح): للإِضمار.

المضمَر دلالة إِضمار واقتضاء. فالمضمر عام (¬1) عند أصحابنا -منهم: القاضي (¬2) - وأكثر المالكية (¬3). واختار القاضي (¬4) في مواضع من كتبه: لا يعم، وأنه مجمل -كقول أبي عبد الله (¬5) وأبي الحسين (¬6) البصريين [وغيرهما] (¬7) - وأن أحمد (¬8) أومأ إِلى القولين. وذكر صاحب (¬9) المحرر (¬10): أنه (¬11) لا يدل على الثاني بل على خلافه، وأن الأول ظاهر كلامه. ¬

_ (¬1) في المأثم والحكم به. (¬2) انظر: العدة/ 513. (¬3) انظر: مفتاح الوصول/ 50. (¬4) انظر: العدة/ 145، والمسودة/ 91. (¬5) انظر: المعتمد/ 333. (¬6) انظر: المرجع السابق/ 336. (¬7) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ظ). (¬8) انظر: العدة/ 515، والمسودة/ 91. (¬9) انظر: المسودة/ 91. (¬10) في (ب): المحرز. (¬11) يعني: الكلام الذي نقله القاضي ورأى فيه إِيماءً من أحمد إِلى أنه مجمل لا يعم.

وعند أكثر الحنفية (¬1) والشافعية (¬2): هو لنفي الإِثم. وجه الأول: أنه لم يُرِد رفع الفعل الواقع، بل ما تعلق به، فاللفظ محمول عليه بنفسه لا بدليل (¬3). احتج به القاضي (¬4) وغيره. قال بعض أصحابنا (¬5): مضمونه أن ما حمل عليه اللفظ بنفسه مع قرينة عقلية فهو (¬6) حقيقة أو أنه حقيقة عرفية، لكن مقتضاه (¬7) الأول. وكذا في التمهيد (¬8) والروضة (¬9): أن اللفظ يقتضي ذلك (¬10). واعترض: لا بد من إِضمار، فهو مجاز. ¬

_ (¬1) انظر: أصول السرخسي 1/ 251، وتيسير التحرير 1/ 242، وفواتح الرحموت 1/ 295. (¬2) انظر: اللمع/ 17، والمستصفى 1/ 384، والإِحكام للآمدي 3/ 15. (¬3) في (ب): لا بدليله. (¬4) انظر: العدة/ 517. (¬5) انظر: المسودة/ 93. (¬6) نهاية 241 من (ح). (¬7) يعني: مقتضى كلام القاضي. (¬8) انظر: التمهيد / 77 ب. (¬9) انظر: روضة الناظر/ 184. (¬10) يعني: يقتضي رفع ما تعلق بالفعل.

رد: بالمنع لذلك (¬1). (¬2) ثم: قولنا (¬3) أقرب إِلى الحقيقة (¬4). وعورض: بأن باب الإِضمار في المجاز (¬5) أقل (¬6)، فكلما قل قلت مخالفة الأصل فيه، فيسلم قولنا: لو عم أضمر من غير حاجة، ولا يجوز. رد: بالمنع، فإِن حكم الخطأ عام، ولا زيادة (¬7)، ونمنع أن زيادة "حكم" مانع. وقال بعض أصحابنا (¬8): عن بعضهم (¬9) التخصيص كالإِضمار، وكذا ذكر (¬10) الكيا (¬11) في الإِضمار: هل هو من المجاز أم لا؟ فيه قولان كالقولين ¬

_ (¬1) في (ظ): كذلك. (¬2) يعني. لأن اللفظ دل بنفسه. (¬3) وهو إِضمار الكل. (¬4) وهي رفع ذات الخطأ. (¬5) يعني: على قولنا. (¬6) وعلى قولكم يكون إِضمار الكل كأنه مجازات. (¬7) يعني: في الإِضمار. (¬8) انظر: المسودة/ 565. (¬9) في (ح): وقال بعض أصحابنا: قال: التخصيص ... إِلخ. (¬10) في (ظ): ذكره. (¬11) هو: أبو الحسن علي بن محمَّد بن علي الطبري المعروف بإلْكِيا الهراسي، أصولي فقيه شافعي، توفي سنة 504 هـ.

في العموم المخصوص، فإِنه نقص (¬1) المعنى عن اللفظ، والإِضمار عكسه، ليس فيهما استعمال اللفظ في موضوع (¬2) آخر. وفي التمهيد (¬3): ولأن (¬4) الإِثم لا مزية لأمته فيه على الأمم؛ لأن الناسي غير مكلف. ولأنه العرف نحو: "ليس للبلد سلطان" لنفي الصفات التي تنبغي له. ولا وجه (¬5) لمنع الآمدي (¬6) العرف في نحو: "ليس للبلد سلطان"، ولا لرد غيره (¬7): بأنه (¬8) قياس في العرف ولا يجوز كاللغة، فإِنه (¬9) لم يرد به القياس، ثم: من منعه عرفا؟ ثم؟ فيه لغة خلاف سبق (¬10). ¬

_ =من مؤلفاته: كتاب في أصول الفقه، وشفاء المسترشدين في الجدل. انظر: المنتظم 9/ 167، ووفيات الأعيان 2/ 448، وطبقات الشافعية للسبكي 7/ 231، وشذرات الذهب 4/ 8. (¬1) في (ظ): نقض. (¬2) في المسودة: موضع. (¬3) انظر: التمهيد/ 77 ب. (¬4) ضرب على الواو من (ولأن) في (ب). وفي (ظ): لأن. (¬5) نهاية 116أمن (ب). (¬6) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 250. (¬7) في (ب): غير. (¬8) انظر: المنتهى لابن الحاجب/ 81. (¬9) في (ظ): لأنه. (¬10) انظر: ص 124.

وكلام الآمدي (¬1) وغيره في التحريم (¬2) المضاف إِلى العين، ونحو: (لا صلاة إِلا بطهور (¬3) يخالف ما ذكروه هنا، وقالوا فيه بزيادة الإِضمار، وأنه ¬

_ (¬1) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 12 - 13. (¬2) في (ظ): التعريف. (¬3) أخرج أبو داود في سننه 1/ 75 عن أبي هريرة مرفوعًا: (لا صلاة لمن لا وضوء له). وأخرج ابن ماجه في سننه/ 140 عن سعيد بن زيد وأبي هريرة وسهل بن سعد الساعدي مرفوعًا: (لا صلاة لمن لا وضوء له). في الزوائد -في حديث سهل بن سعد-: ضعيف لاتفاقهم على ضعف عبد المهيمن (أحد رجال السند)، وقال السندي: لكن لم ينفرد به عبد المهيمن فقد تابعه عليه ابن أخي عبد المهيمن، رواه الطبراني في الكبير. وأخرج الحاكم في المستدرك 1/ 269 حديث سهل بن سعد، وقال: لم يخرج هذا الحديث على شرطهما؛ فإِنهما لم يخرجا عبد المهيمن. قال الذهبي في التلخيص: عبد المهيمن واه. وأخرجه الحاكم -أيضًا- في مستدركه 1/ 146 - 147 من حديث أبي هريرة وأبي سعيد الخدري. وأخرج الطبراني في الكبير عن أبي سبرة مرفوعًا: (لاصلاة لمن لا وضوء له). وفيه: يحيى بن أبي يزيد بن عبد الله بن أنيس، قال الهيثمي: ولم أر من ترجمه. وأخرجه -أيضًا- في الكبير عن أبي الدرداء مرفوعاً. قال الهيثمي: ورجاله موثوقون، إلا أني لم أعرف شيخ الطبراني ثابت بن نعيم الهوجي. وأخرجه في الكبير 6/ 147 - 148 عن سهل بن سعد مرفوعًا. وأخرج الطبراني في الأوسط عن عيسى بن سبرة عن أبيه عن جده مرفوعاً: (لا صلاة إِلا بوضوء ...) قال الهيثمي: وعيسى بن سبرة وأبوه وعيسى بن يزيد لم أر من ذكر أحدا منهم. فراجع -في ذلك كله-: مجمع الزوائد 1/ 228. وأخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عمر مرفوعًا: (لا صلاة لمن لا طهور له). فراجع: التلخيص الحبير 1/ 129. وأخرج أحمد في مسنده عن أبي هريرة وسعيد بن زيد مرفوعاً: (لا صلاة لمن لا وضوء له).=

أولى، وقالوا (¬1) أيضًا -في: (رفع عن أمتي (¬2) -: لا إِجمال فيه ولا إِضمار؛ لظهوره لغة قبل الشرع في نفي المؤاخذة والعقاب، وتبادره إِلى الفهم، والأصل فيما تبادر: أنه حقيقة لغة أو (¬3) عرفاً (¬4). فقيل لهم: فَلِمَ يجب الضمان؟ ¬

_ =فانظر: الفتح الرباني 2/ 19، 20. قال في مجمع الزوائد 1/ 228: فيه أبو ثقال -المري- قال البخاري: في حديثه نظر. وبقية رجاله رجال الصحيح. وأخرج الدارقطني في سننه 1/ 72 - 73، 79 عن سعيد بن زيد وأبي هريرة مرفوعًا: (لا صلاة لمن لا وضوء له). وعن سعيد بن زيد -أيضًا-: (لا صلاة إِلا بوضوء). وأخرج البيهقي في السنن الكبرى 1/ 43 عن أبي سعيد وسعيد بن زيد وأبي هريرة مرفوعًا: (لا صلاة لمن لا وضوء له). وانظر: تخريج أحاديث المنهاج للعراقي/ 291. (¬1) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 15 - 16. (¬2) انظر: ص 829 - 831 من هذا الكتاب. وقال الزركشي في المعتبر/ 50 أ: حديث (رفع عن أمتي الخطأ والنسيان ...) قيل: إِنه بهذا اللفظ رواه أبو القاسم التميمي، وذكره النووي في الروضة بهذا اللفظ، وقال: إِنه حديث حسن. وذكره السيوطي في الجامع الصغير (انظر: فيض القدير 4/ 34) بهذا اللفظ (رفع عن أمتي الخطأ ...)، وقال: أخرجه الطبراني عن ثوبان. أقول: الذي وجدته في المعجم الكبير للطبراني 2/ 94 عن ثوبان مرفوعًا: إِن الله تجاوز ... الحديث. (¬3) نهاية 242 من (ح). (¬4) وذلك لا إِجمال فيه ولا تردد.

مسألة

فقالوا: ليس بعقوبة لوجوبه على من لا عقوبة عليه، أو تخصيصًا لعموم الخبر (¬1). مسألة (¬2) الفعل المتعدي إِلى مفعول -نحو: والله لا آكل، أو: إِن أكلت فعبدي حر- يعم مفعولاته، فيقبل تخصيصه، فلو نوى مأكولاً معينا لم يحنث. بعيره (¬3) باطنا عند أصحابنا (وم (¬4) ش (¬5). وهل يُقبل حكماً -كقول مالك وأبي يوسف ومحمد- أم لا، كقول الشافعية؟ فيه عن أحمد روايتان. وعند ابن البنا من أصحابنا: لا يقبل (¬6) باطنًا (وهـ) (¬7). لنا: عمومه (¬8) وإطلاقه (¬9) بالنسبة إِلى الأكل، ولا يعقل إِلا به، فثبت ¬

_ (¬1) وهو أسهل من القول بالإِجمال. (¬2) نهاية 85 ب من (ظ). (¬3) في (ظ): يعني. (¬4) انظر: شرح تنقيح الفصول / 179، 184، ومفتاح الوصول/ 51. (¬5) انظر: المستصفى 2/ 62 - 63، والمحصول 1/ 2/ 626 - 627، والإِحكام للآمدي 2/ 251. (¬6) يعني: لا يقبل تخصيصه. (¬7) انظر: أصول السرخسي 1/ 250، وتيسير التحرير 1/ 246، والهداية 2/ 82. (¬8) في طرف النفي. (¬9) في طرف الإِثبات.

فيه حكمه. وكقوله: لا آكل أكلاً. وفرق الحنفية (¬1): بأن "أكلا" يدل على التوحيد. رد: هو تأكيد (¬2)، فالواحد والجمع [فيه] (¬3) سواء. واحتج القاضي: بصحة الاستثناء فيه، فكذا تخصيصه. -قالوا: المأكول لم يلفظ به، فلا عموم كالزمان والمكان. رد: الحكم واحد عندنا وعند المالكية (¬4). ويتوجه احتمال بالفرق كقول الشافعية، وجزم به الآمدي (¬5)؛ لأنهما لا يدل عليهما اللفظ بل من ضرورة (¬6) الفعل بخلاف المأكول. قالوا: الأكل مطلق كلي لا يشعر بالمخصص، فلا يصح تفسيره به. رد: الكلي غير مراد لاستحالته خارجًا، بل المقيد المطابق له، ولهذا يحنث به إِجماعًا. * * * ¬

_ (¬1) انظر: فواتح الرحموت 1/ 288. (¬2) في (ح): توكيد. (¬3) ما بين المعقوفتين من (ب). (¬4) انظر: المنتهى لابن الحاجب/ 82. (¬5) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 251. (¬6) نهاية 116 ب من (ب).

فأما إِن زاد، فقال: "لحما" مثلاً -ونوى معينا- قبل عندنا، وهو ظاهر ما ذكر عن غيرنا، وقاله الحنفية (¬1)، وذكره بعض أصحابنا اتفاقا، وخرجه الحلواني من أصحابنا على روايتين باطنا، وذكره غيره عن ابن البنا: لا يقبل. كذا قال، وذكر بعضهم: يقبل حكماً على الأصح عن أحمد (¬2). * * * وقد عرف من ذلك: أن العام في شيء عام في متعلقاته كما هو المعروف عند العلماء، خلافاً لبعض المتأخرين. قال أحمد -في قوله: (يوصيكم الله في أولادكم) (¬3) -: ظاهرها على العموم أن من وقع عليه اسم "ولد" فله ما فرض الله، فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو (¬4) المعبر عن الكتاب: أن الآية [إِنما] (¬5) قصدت للمسلم لا الكافر. وقال بعض أصحابنا: سماه عاما، وهو مطلق في الأحوال يعمها على البدل (¬6)، ومن أخذ بهذا لم يأخذ بما دل عليه ظاهر لفظ القرآن، بل بما ظهر له مما سكت عنه القرآن. ¬

_ (¬1) انظر: أصول السرخسي 1/ 250، وفواتح الرحموت 1/ 286، والهداية 2/ 82. (¬2) نهاية 243 من (ح). (¬3) سورة النساء: آية 11. (¬4) في (ظ): وهو. (¬5) ما بين المعقوفتين من (ح). (¬6) يعني: لا الشمول.

وقال -في: (فاقتلوا المشركين) (¬1) -: عامة فيهم مطلقة في أحوالهم، لا يدل عليها بنفي ولا إِثبات، فإِذا جاءت السنة بحكم لم يكن مخالفا لظاهر لفظ القرآن، بل لما لم يتعرض له. ويأتي (¬2) في المطلق، والله أعلم. قال (¬3): واحتج أصحابنا -كالقاضي وأبي الخطاب- وغيرهم من المالكية والشافعية بعموم قوله: (لا وصية لوارث) (¬4) في الوصية للقاتل، وفي وصية المميز (¬5)، وفيه نظر. واحتج جماعة على الشفعة للذمي على المسلم بقوله: (الشفعة فيما لم ¬

_ (¬1) سورة التوبة: آية 5. (¬2) انظر: ص 995 - 996. (¬3) انظر: المسودة/ 108. (¬4) هذا جزء من حديث مرفوع، أخرجه أبو داود في سننه 3/ 824 من حديث أبي أمامة الباهلي، والترمذي في سننه 3/ 293 - 294 من حديث أبي أمامة -وقال فيه: حسن- ومن حديث عمرو بن خارجة، وقال فيه: "حسن صحيح"، والنسائي في سننه 6/ 247 من حديث عمرو بن خارجة، وابن ماجه في سننه/ 905 - 906 من حديث أبي أمامة وعمرو بن خارجة وأنس، والدارقطني في سننه 4/ 97، 152 من حديث عمرو بن خارجة وابن عباس وجابر، وأحمد في مسنده 4/ 186 - 187، 5/ 267 من حديث عمرو بن خارجة وأبي أمامة. وانظر: التلخيص الحبير 3/ 92، ونصب الراية 4/ 403 - 405. (¬5) في (ح): المهر. وفي هامشها: في نسخة: المميز.

مسألة

يقسم) (¬1)، (¬2) فأجاب جماعة من أصحابنا (¬3): إِنما هو عام في الأملاك. مسألة الفعل الواقع لا يعم أقسامه وجهاته، كصلاته - عليه السلام - داخل الكعبة (¬4) لا يعم الفرض والنفل، فلا يحتج به على جوازهما فيها. ¬

_ (¬1) أخرج البخاري في صحيحه 3/ 87 عن جابر: قضى رسول الله بالشفعة في كل ما لم يقسم ... وفي لفظ للبخاري 3/ 140 عن جابر: إِنما جعل النبي الشفعة في كل ما لم يقسم .. - وأخرج مسلم في صحيحه / 1229 عن جابر: قضى رسول الله بالشفعة في كل شركة لم تقسم ... وأخرجه أبو داود في سننه 3/ 784 عن جابر، بلفظ البخاري الثاني، وأخرجه النسائي في سننه 7/ 320 عن جابر، بلفظ مسلم، وأخرجه أيضًا 7/ 321 عن أبي سلمة مرفوعًا: (الشفعة في كل مال لم يقسم)، وأخرجه ابن ماجه في سننه / 835 عن جابر، بلفظ البخاري الثاني، وأخرجه أيضًا/ 834 عن أبي هريرة: أن رسول الله قضى بالشفعة فيما لم يقسم ... وأخرجه الشافعي (انظر: بدائع المنن 2/ 11) عن جابر مرفوعاً: (الشفعة فيما لم يقسم). وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى 6/ 102 - 105. (¬2) نهاية 86 أمن (ظ). (¬3) نهاية 117 أمن (ب). (¬4) أخرج ذلك البخاري في صحيحه/ 841، ومسلم في صحيحه/ 966 - 967 من حديث ابن عمر.

وقول الراوي: "صلى - عليه السلام - بعد الشفق" (¬1) (¬2) لا يعم الشفقين إِلا عند من حمل المشترك على معنييه. وقوله: "كان - عليه السلام - يجمع بين الصلاتين في السفر" (¬3) لا يعم وقتيهما، ولا سفر النسك وغيره. وهل تكرَّرَ الجمع منه؟ مبني على "كان"، والذي ذكره القاضي وأصحابه في مواضع: أنها لدوام الفعل. وذكر -أيضًا- في الكفاية (¬4): هل تفيد التكرار؟ فيه قولان. وفي المغني (¬5) -في اعتبار التكرار للعادة (¬6) -: "كان" لدوام الفعل وتكراره. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في صحيحه/ 428 - 429 من حديث بريدة وأبي موسى. وأبو داود في سننه 1/ 280 من حديث أبي موسى. والترمذي في سننه 1/ 102 من حديث بريدة. والنسائي في سننه 1/ 260 - 261 من حديث أبي موسى. وابن ماجه في سننه/ 219 من حديث بريدة. (¬2) نهاية 244 من (ح). (¬3) أخرجه البخاري في صحيحه 2/ 46 من حديث أنس وابن عباس. ومسلم في صحيحه/ 488 - 489 من حديث أنس وابن عمر. (¬4) انظر: المسودة/ 115. (¬5) انظر: المغني 1/ 230. (¬6) يعني: عادة الحيض.

وجزم الآمدي (¬1) وغيره بالتكرار؛ لأنه العرف كقول القائل: كان فلان يكرم الضيف. وهي لغة: لمطلق الفعل في الماضي كسائر الأفعال، تكرر، أو انقطع، أو لا، فلهذا قال جماعة: يصح ويصدق على وجود الله "كان" كما في الصحيحين: (كان الله ولا شيء قبله) (¬2). ومنعه جماعة؛ لشعوره بالتقضي والعدم، ولعل المراد: عرفا. ونحو: (وكان الله غفورًا رحيمًا) (¬3) أي: لم يزل (¬4)، قال بعضهم: للقرينة، وزعم الجوهري (¬5) زيددتها. وفي الصحيحين (¬6) قول عائشة: "كنت أفتل قلائد هدي النبي - صلى الله عليه وسلم -". ¬

_ (¬1) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 253. (¬2) أخرج البخاري في صحيحه 4/ 105 - 106 عن عمران بن حصين مرفوعاً: (كان الله ولم يكن شيء غيره). وأخرجه أيضًا 9/ 124 بلفظ: (ولم يكن شيء قبله). وأخرجه البيهقي في الأسماء والصفات/ 9 بلفظ البخاري الأول، وأخرجه في السنن الكبرى 9/ 2 - 3 بلفظي البخاري، وأخرجه أحمد في مسنده 4/ 431 بلفظ: (كان الله قبل كل شيء). قال في فتح الباري 6/ 289: في رواية غير البخاري: (ولم يكن شيء معه). أقول: ولم أجده في صحيح مسلم. (¬3) سورة النساء: آية 96. (¬4) انظر: زاد المسير 2/ 29. (¬5) انظر: الصحاح/ 2190. (¬6) انظر: صحيح البخاري 2/ 169 - 170، 7/ 103، وصحيح مسلم/ 957.

وللبخاري عن ابن عمر: كان عبد الله بن رواحة يأتيهم (¬1) في كل عام، ¬

_ (¬1) في الجمع بين الصحيحين 1/ 17 أ: ورواه -يعني حديث ابن عمر- حماد بن سلمة عن عبيد الله -هو: ابن عمر- أحسبه عن نافع -شك أبو سلمة في نافع- عن ابن عمر ... وكان عبد الله ... وأخرجه ابن حبان في صحيحه (انظر: موارد الظمآن/ 412): أخبرنا خالد بن النضر بن عمر القرشي العدل أبو يزيد بالبصرة حدثنا عبد الواحد بن غياث حدثنا حماد بن سلمة أنبأنا عبيد الله بن عمر -فيما يحسب أبو سلمة- عن نافع عن ابن عمر. وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى 6/ 114: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمَّد المقرئ أنبأنا الحسن بن محمَّد بن إِسحاق ثنا يوسف ابن يعقوب القاضي ثنا عبد الواحد بن غياث ... إِلخ كسند ابن حبان. وقد تعقب الذهبي البيهقي: بأن ابن رواحة إِنما خرصها عليهم عامًا واحدًا؛ لأنه استشهد بمؤتة بعد فتح خيبر بلا خلاف في ذلك. فانظر: التلخيص الحبير 2/ 172. وأخرج أبو داود في سننه 3/ 699، وأحمد في مسنده 6/ 163، وعبد الرزاق في مصنفه 4/ 129، والبيهقي في سننه 4/ 123، والدارقطني في سننه 2/ 134 عن عائشة قالت -وهي تذكر شأن خيبر-: كان النبي يبعث عبد الله بن رواحة، فيخرص النخل حين يطيب قبل أن يؤكل منه. وأخرج مالك في الموطأ/ 703، والشافعي (انظر: بدائع المنن 1/ 232)، والبيهقي في سننه 4/ 122 عن سعيد بن المسيب قال: فكان رسول الله يبعث عبد الله بن رواحة، فيخرص ... قال ابن عبد البر: أرسله جميع رواة الموطأ وأكثر أصحاب ابن شهاب. وأخرج مالك في الموطأ/ 703، والبيهقي في سننه 4/ 122 عن سليمان بن يسار: أن رسول الله كان يبعث عبد الله بن رواحة إِلى خيبر، فيخرص ... وهو مرسل في جميع الموطآت. وأخرج البيهقي في سننه 6/ 115 عن أبي هريرة: فكان رسول الله يبعث عبد الله يخرصها.

فيخرصها (¬1) عليهم. يعني: خيبر. ولمالك (¬2) عن ابن شهاب (¬3) عن عروة (¬4) عن عائشة: قول الصديق [لها] (¬5) -لما حضرته الوفاة-: كنت نحلتك جاد (¬6) عشرين ¬

_ (¬1) في النهاية في غريب الحديث 2/ 22: خرص النخلة والكرمة يخرصها خرصا: إِذا حزر ما عليها من الرطب تمرا ومن العنب زبيبا. وقال الترمذي في سننه 2/ 78: والخرص أن ينظر من يبصر ذلك، فيقول: يخرج من هذا من الزبيب كذا، ومن التمر كذا، فيحصى عليهم، وينظر مبلغ العشر من ذلك فيثبت عليهم، ثم يخلى بينهم وبين الثمار فيصنعون ما أحبوا، وإذا أدركت الثمار أخذ منهم العشر. هكذا فسره بعض أهل العلم. ا. هـ. وانظر: فتح الباري 3/ 344. (¬2) انظر: الموطأ/ 752. وأخرجه عبد الرزاق في مصنفه 9/ 101 - 102، والبيهقي في سننه 6/ 170، 178، وابن سعد في الطبقات 3/ 1/ 138، وعن مالك رواه محمَّد بن الحسن في موطئه، فانظر: نصب الراية 4/ 122. (¬3) هو: الزهري. (¬4) هو: أبو عبد الله عروة بن الزبير بن العوام الأسدي المدني، أحد فقهاء المدينة السبعة، حافظ كثير الحديث، توفي سنة 94 هـ. انظر: مشاهير علماء الأمصار/ 64، وتذكرة الحفاظ/ 62، وطبقات الحفاظ/ 23، وشذرات الذهب 1/ 103. (¬5) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ظ). (¬6) في النهاية في غريب الحديث 1/ 244: الجاد: بمعنى المجدود، أي: نخل يجد منه ما يبلغ ... ثم ذكر أثر أبي بكر. وفي شرح الزرقاني على الموطأ 4/ 44: (جاد عشرين وسقا) من نخله إِذا جد أي:=

وسقا (¬1). ولمسلم عن جابر بن سمرة: كان - عليه السلام - يأمرنا بصوم عاشوراء (¬2). ولمسلم عن جابر بن عبد الله: كنا نتمتع مع النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬3). قال (¬4) بعض الشافعية: فيه دليل للأصح للأصوليين: لا تكرار. والله أعلم. * * * ¬

_ =قطع، قاله عيسى، فهو صفة للثمرة، وقال ثابت: يعني أن ذلك يجد منها. قال الأصمعي: هذه أرض جاد مائة وسق أي: يجد ذلك منها، فهو صفة للنخل التي وهبها ثمرتها، يريد: نخلا يجد منها عشرون. (¬1) الوسق: ستون صاعاً، وهو 320 رطلاً عند أهل الحجاز، و 480 رطلاً عند أهل العراق على اختلافهم في مقدار الصاع والمد. انظر: النهاية في غريب الحديث 5/ 185. (¬2) انظر: صحيح مسلم/ 794 - 795. وأخرج البخاري في صحيحه 1/ 43، ومسلم في صحيحه/ 792 عن عائشة قالت: كان رسول الله يأمر بصيام عاشوراء، فلما فرض رمضان كان من شاء صام ومن شاء أفطر. (¬3) تتمته: بالعمرة، فنذبح البقرة عن سبعة نشترك فيها. انظر: صحيح مسلم/ 956. وأخرجه أبو داود في سننه 3/ 239 بلفظ: كنا نتمتع في عهد رسول الله ... وأخرجه النسائي في سننه 7/ 222، وأحمد في مسنده 3/ 318، كلاهما بلفظ مسلم. (¬4) نهاية 117 ب من (ب).

وأما الأمة (¬1) فلم تدخل بفعله عليه السلام، بل بدليل قول أو قرينة نحو: (صلوا كما رأيتموني أصلي) (¬2)، و (خذوا عني مناسككم) (¬3)، ووقوعه بعد إِجمال أو إِطلاق أو عموم قصد بيانه أو بالتأسي به أو بالقياس على فعله. واعترض: بعمومه، نحو: "سها (¬4) فسجد (¬5) "، (¬6) وقوله -عليه السلام (¬7) -: (أما (¬8) أنا فأفيض الماء (¬9)) (¬10). ¬

_ (¬1) تكلم المؤلف -فيما سبق- عن عموم الفعل في الأقسام والجهات والأزمان، وهنا يتكلم عن عمومه للأمة. (¬2) سبق تخريجه في ص 329. (¬3) سبق تخريجه في ص 344. (¬4) نهاية 245 من (ح). (¬5) أخرجه أبو داود في سننه 1/ 630 - 631، والترمذي في سننه 1/ 245، والنسائي في سننه 3/ 26 عن عمران بن حصين: أن النبي صلى بهم، فسها، فسجد سجدتين، ثم تشهد، ثم سلم. قال الترمذي: حسن كريب. وأخرجه الحاكم في المستدرك 1/ 323 وقال: صحيح على شرطهما. قال الزركشي في المعتبر/ 51 أ: ووهم من قال: "إِن مراد المصنف -يعني: ابن الحاجب- حديث ذي اليدين"؛ إِذ ليس فيه هذه اللفظة. (¬6) وأجمعت الأمة على تعميم سجود السهو في كل سهو. (¬7) تكرر (عليه) في (ب). (¬8) في (ح): وأما. (¬9) أخرجه البخاري في صحيحه 1/ 56، ومسلم في صحيحه/ 258 - 259 من حديث جبير بن مطعم. وقد قال النبي ذلك لما ذكر أناس عنده غسل الجنابة، فقال: (أما أنا فأفيض على رأسي ثلاثًا). (¬10) فلولا أن لفعله عموماً لما أجاب بذلك.

مسألة

رد: بالفاء، فإِنها للسببية (¬1)، وبما سبق (¬2). مسألة نحو قول الصحابي: "نهى عن بيع (¬3) الغرر (¬4) والمخابرة (¬5) "، و"قضى بالشفعة [للجار] (¬6) فيما لم يقسم" (¬7) يعم كل غرر ومخابرة وجار عندنا، ¬

_ (¬1) في (ب): للسببه. (¬2) من القرائن المذكورة. (¬3) في النهاية في غريب الحديث 3/ 355: بيع الغرر: هو ما كان له ظاهر يغر المشتري وباطن مجهول. وقال الأزهري: بيع الغرر ما كان على غير عهدة ولا ثقة، وتدخل فيه البيوع التي لا يحيط بكنهها المتبايعان من كل مجهول. (¬4) النهي عن بيع الغرر: أخرجه مسلم في صحيحه/ 1153، وأبو داود في سننه 3/ 672، والترمذي في سننه 2/ 349، والنسائي في سننه 7/ 262، وابن ماجه في سننه/ 739 من حديث أبي هريرة مرفوعًا. (¬5) النهي عن المخابرة: أخرجه البخاري في صحيحه 1/ 115، ومسلم في صحيحه/ 1174 من حديث جابر مرفوعًا. (¬6) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬7) يلاحظ أن قوله: (فيما لم يقسم) زيادة من حديث آخر، وقد سبق تخريجه في ص 842 من هذا الكتاب. وإثبات الشفعة للجار: ورد من حديث جابر قال: قال رسول الله: (الجار أحق بشفعة جاره، ينتظر بها وإن كان غائبًا، إِذا كان طريقهما واحداً). أخرجه أبو داود في سننه 3/ 788، والترمذي في سننه 2/ 412، وابن ماجه في سننه/ 833، والطحاوي في شرح معاني الآثار 4/ 120، وأحمد في مسنده 3/ 303، والطيالسي في مسنده=

واختاره جماعة، منهم: الآمدي (¬1)، وقال: عن أكثر الأصوليين: لا يعم. لنا: إِجماع الصحابة والتابعين في رجوعهم إِليه وعملهم به، كما سبق (¬2) في خبر الواحد (¬3). ولأنه عدل عارف باللغة والمعنى، فالظاهر أنه لم ينقل العموم إِلا بعد ظهوره، وظنُّ صدقه موجبٌ لاتباعه. ¬

_ = (انظر: منحة المعبود 1/ 278)، والبيهقي في السنن الكبرى 6/ 106. قال الترمذي: هذا حديث غريب، ولا نعلم أحدا روى هذا الحديث غير عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن جابر، وعبد الملك -وهو ثقة مأمون عند أهل الحديث- لا نعلم أحداً تكلم فيه غير شعبة من أجل هذا الحديث ... وعن سفيان الثوري قال: عبد الملك بن أبي سليمان ميزان. يعني: في العلم. وفي الجوهر النقي على سنن البيهقي 6/ 106 - 107: وقد أخرج النسائي في سننه عن محمَّد بن عبد العزيز بن أبي رزمة عن الفضل بن موسى في حرب بن أبي العالية عن أبي الزبير عن جابر: أن النبي قضى بالشفعة بالجوار ... وفي مصنف ابن أبي شيبة -في كتاب أقضيته عليه السلام -: ثنا جرير عن منصور عن الحكم عن علي وعبد الله قالا: قضى رسول الله بالشفعة للجوار. ا. هـ. والذي وجدته في سنن النسائي 7/ 321: قضى رسول الله بالشفعة والجوار. وذكر ابن فرج القرطبي في كتابه (أقضية الرسول) / 88: أنه ورد في كتاب أبي عبيد: أن النبي قضى بالشفعة للجار. (¬1) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 255. (¬2) نهاية 86 ب من (ظ). (¬3) انظر: ص 503 وما بعدها من هذا الكتاب.

مسألة

قالوا: يحتمل فعلا وجارا خاصا، أو سمع صيغة غير عامة فتوهم العموم، والحجة هي المحكية لا الحكاية. رد: خلاف الظاهر. مسألة الحكم المعلق على علة: هل يعم أوْ لا، بالقياس أو بالصيغة؟ يأتي (¬1) في القياس. مسألة الخلاف في "أن المفهوم له عموم" لفظي (¬2)؛ لأن مفهومي الموافقة والمخالفة عام فيما سوى المنطوق به بلا خلاف. ومَنْ نفى العموم -كالغزالي (¬3) - أراد: أن العموم لم يثبت بالمنطوق به بغير توسط المفهوم، ولا خلاف فيه أيضًا، كذا ذكره الآمدي (¬4) ومن تبعه، وكذا قال صاحب المحصول (¬5): إِن عني "لا يسمى عاما لفظيا" فقريب، وإِن عني "لا يفيد انتفاء عموم الحكم" فدليل كون المفهوم حجة ينفيه (¬6). ¬

_ (¬1) انظر: ص 1341. (¬2) قوله (لفظي) خبر لقوله: (الخلاف) (¬3) انظر: المستصفى 2/ 70. (¬4) انظر: الإحكام للآمدي 2/ 257، ومختصر ابن الحاجب 2/ 119 - 120. (¬5) انظر: المحصول 1/ 2/ 654 - 655. (¬6) في (ب): بنفيه.

وعند أصحابنا (¬1): عام فيما سوى المنطوق به (¬2) يجوز تخصيصه بما يجوز به تخصيص العام، ورفع كله تخصيص أيضاً؛ لإِفادة اللفظ في منطوقه ومفهومه، فهو كبعض العام. وقيل لأبي الخطاب (¬3) وغيره من أصحابنا: لو كان حجة لما خص؛ لأنه مستنبط من اللفظ (¬4) كالعلة. فأجابوا: بالمنع (¬5) وأن اللفظ بنفسه دل عليه بمقتضى اللغة، فخص (¬6) كالنطق. وقد قال أحمد في المحرم: يقتل السبع والذئب والغراب ونحوه، واحتج بقوله: (لا تقتلوا الصيد) الآية (¬7). لكن مفهوم الموافقة: هل يعمه النطق؟ فيه خلاف يأتي (¬8). واختار في المغني (¬9) -في مسألة القلتين- في مفهوم المخالفة: لا يعم، ¬

_ (¬1) نهاية 118أمن (ب). (¬2) نهاية 246 من (ح). (¬3) انظر: التمهيد / 75 أ. (¬4) وما استنبط من اللفظ لا يجوز تخصيصه كالعلة. (¬5) يعني: ليس مستنبطًا من اللفظ. (¬6) يعني: فجاز تخصيصه. (¬7) سورة المائدة: آية 95. (¬8) انظر: ص 1061. (¬9) انظر: المغني 1/ 20، 25.

مسألة

وتكفي المخالفة (¬1)، وأن البخاري لا ينجس إِلا بالتغيير، خلاف الأشهر عن أحمد وأصحابه. واختار بعض متأخري الشافعية: لا يعم، وبعض أصحابنا أيضًا، وقال: لأنه يدل بطريق التعليل والتخصيص، والحكم إِذا ثبت بعلة -فانتفت- جاز أن يخلفها في بعض الصور أو كلها علة أخرى، وقصد التخصيص يحصل بالتفصيل (¬2) (¬3)، والله أعلم. مسألة هل يلزم أن يضمر في المعطوف ما يمكن مما في المعطوف عليه؟ وإذا لزم (¬4) والمضمر في المعطوف خاص: يلزم أن المعطوف عليه كذلك؟ فعند الشافعية (¬5): لا يلزم. وعند الحنفية (¬6): يلزم. فقدله - عليه السلام -: (لا يقتل مسلم بكافر) أي: حربي؛ لئلا يعم (¬7) ¬

_ (¬1) يعني: مخالفة ما دون القلتين لما بلغهما. (¬2) في (ب): بالتفضيل. (¬3) فيمكن أن يخص بعض المفهوم مفصلاً. (¬4) في (ظ) الضمر. بدون الواو. (¬5) انظر: الإحكام للآمدي 2/ 258، والمحصول 1/ 3/ 205. (¬6) انظر: تيسير التحرير 1/ 261، وفواتح الرحموت 1/ 298 - 299. (¬7) يعني: الكافر.

في: (ولا ذو عهد في عهده) (¬1)، فلا يصح. وقاله القاضي (¬2) في الكفاية (¬3)، قال: "وقد حكينا في مسائل الخلاف خلافه"، وجعل هذه المسألة كمسألة تخصيص العموم في الحكم الثاني: هل (¬4) يقتضي تخصيصه في الحكم الأول؟. وصحح في التمهيد (¬5) الأول. قال بعض أصحابنا (¬6): ومقتضى بحثه (¬7): إِن قيد المعطوف بغير قيد (¬8) ¬

_ (¬1) حديث (لا يقتل مسلم بكافر ولا ذو عهد في عهده) أخرجه أبو داود في سننه 4/ 666 - 669، والنسائي في سننه 8/ 24، والبيهقي في سننه 8/ 29، وأحمد في مسنده 1/ 122، والطحاوي في شرح معاني الآثار 3/ 192، والحاكم في مستدركه 2/ 141 - وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي- من حديث علي مرفوعًا. وأخرجه ابن ماجه في سننه/ 888 من حديث ابن عباس مرفوعًا، وأخرجه البيهقي في سننه 8/ 30 من حديث معقل بن يسار مرفوعاً. وأخرجه البخاري في صحيحه 1/ 29 دون قوله: (ولا ذو عهد في عهده). (¬2) نهاية 247 من (ح). (¬3) نهاية: المسودة/ 140. (¬4) نهاية 87 أمن (ظ). (¬5) انظر: التمهيد/ 68 ب. (¬6) انظر: المسودة/ 140. (¬7) يعني: بحث أبي الخطاب. (¬8) نهاية 118 ب من (ب).

المعطوف عليه لم يضمر فيه، وإن أطلق أضمر فيه؛ لأنه احتج فقال (¬1): المعطوف إِذا قيد بصفة لم يضمر (¬2) من المعطوف عليه إِلا ما يصير به مستقلاً، نحو: "لا تقتل اليهود بالحديد، ولا النصارى في الشهر الحرام" لم يضمر فيه إِلا القتل، فَشَرَّك (¬3) بينهما فيه، وخالف بينهما في كيفيته. وجه الأول: أن إِضمار حكم المعطوف عليه في المعطوف ضرورة الإِفادة؛ لأنه (¬4) خلاف الأصل، وتندفع بالتشريك في أصل الحكم، ولأنه اليقين. واحتج بعضهم: لو عم فيهما كان "بكافر" الأول للحربي فقط، فيفسد المعنى؛ لأنه يكون حجة في قتل مسلم بكافر (¬5). والمخالف كذا يقول. وأجاب بعض (¬6) من وافق في الحكم: بأنه خص في الثاني بدليل (¬7). واحتج أيضاً: لو عم كان نحو: "ضربت زيدًا يوم الجمعة وعمرًا" أي: يوم الجمعة (¬8). ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد/ 68 ب. (¬2) يعني: لم يضمر فيه. (¬3) يعني: القائل. (¬4) يعني: الإضمار. (¬5) وهو الذمي. (¬6) انظر: مختصر ابن الحاجب 2/ 120. (¬7) والأول يبقى على عمومه. (¬8) وذلك غير لازم اتفاقا.

مسألة

وقد التزمه بعضهم (¬1)، ثم: لا يمتنع ضرب عمرو في غير يوم الجمعة (¬2). قالوا: العطف يجعل الجمل كجملة. رد: بمنع ما زاد على أصل الحكم. قالوا: لو لم يقدر شيء حرم قتل ذي عهد مطلقا، وهو باطل، فيقدر "بكافر" للقرينة. رد: بمنع تحريمه مطلقًا لتعلقه بوصف العهد (¬3)، ولقوله: (كتب عليكم القصاص) (¬4)، ثم: يقدَّر (¬5) "ما دام على عهده" للقرينة. مسألة القرآن بين شيئين لفظا لا يقتضي التسوية بينهما حكماً غير المذكور إِلا بدليل من خارج، ذكره بعض أصحابنا (¬6)، وقال: "ذكر معناه القاضي وغيره"، وقاله الحنفية (¬7) والشافعية (¬8) وغيرهم، كقوله: (لا يبولن أحدكم ¬

_ (¬1) انظر: مختصر ابن الحاجب 2/ 120. (¬2) فلا ضرورة للتقدير بخلاف (ولا ذو عهد في عهده) فإنه لو لم يقدر لامتنع قتل ذي لعهد مطلقًا. (¬3) فإِذا قتل خرج عن وصف العهد. (¬4) سورة البقرة: آية 178. (¬5) نهاية 248 من (ح). (¬6) انظر: المسودة/ 140 - 142. (¬7) انظر: أصول السرخسي 1/ 273، والميزان/ 141أ، وكشف الأسرار 1/ 261. (¬8) انظر: اللمع/ 25، والتبصرة/ 229، وشرح المحلي 2/ 19.

في الماء الدائم ولا يغتسل فيه من جنابة) (¬1)، خلافا لأبي يوسف والمزني (¬2)، وقاله الحلواني (¬3) والقاضي (¬4) -أيضًا- قال: فعطف (¬5) اللمس على الغائط (¬6) موجب (¬7) للوضوء، قال: وخصص أحمد بالقرينة، فذكر قوله في آية النجوى (¬8)، وقوله -[في] (¬9) (وأشهدوا إِذا تبايعتم) (¬10) -: إِذا أَمِن فلا بأس، انظر إِلى آخر الآية (¬11). ¬

_ (¬1) أخرج البخاري في صحيحه 1/ 53، ومسلم في صحيحه/ 235 عن أبي هريرة مرفوعًا: (لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يغتسل فيه). هذا لفظ البخاري، ولفظ مسلم: (ثم يغتسل منه). وأخرج مسلم في صحيحه/ 236، والنسائي في سننه 1/ 125 عن أبي هريرة مرفوعاً: (لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب). وأخرجه باللفظ الذي ذكره المؤلف (ولا يغتسل فيه ...) أبو داود في سننه 1/ 56 - 57، وأحمد في مسنده 2/ 433. (¬2) انظر: التبصرة/ 229. (¬3) انظر: المسودة/ 141. (¬4) انظر: العدة/ 220أ، والمسودة/ 141. (¬5) في (ظ): وعطف. (¬6) في سورة المائدة: آية 6. (¬7) نهاية 119 أمن (ب). (¬8) وهي قوله تعالى: (ما يكون من نجوى ثلاثة إِلا هو رابعهم) الآية. سورة المجادلة: آية 7. قال أحمد: المراد العلم؛ لأنه افتتحها بذكر العلم وختمها بذكر العلم. (¬9) ما بين المعقوفتين من (ح). (¬10) سورة البقرة: آية 282. (¬11) سورة البقرة: آية 283.

واختلف كلام أبي يعلى الصغير وغيره. وجه الأول: الأصل عدم الشركة ودليلها. وجه الثاني: قول الصديق: "لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة". (¬1) واستدلال ابن عباس (¬2) لوجوب العمرة: بأنها (¬3) قرينة الحج في كتاب الله (¬4). رد: لدليل (¬5)، وقرينته: في الأمر بها. ويأتي (¬6) كلام الآمدي آخر التأويل. ومَثَّل بعضهم بقوله: (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) (¬7)، فلا زكاة على الصبي كالصلاة. (¬8) ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في صحيحه 2/ 105، ومسلم في صحيحه/ 51 - 52 من حديث أبي هريرة. (¬2) أخرجه الشافعي في الأم 2/ 132، والبيهقي في سننه 4/ 351، وسعيد بن منصور والحاكم (انظر: التلخيص الحبير 2/ 227). وعلقه البخاري في صحيحه 3/ 2 بصيغة الجزم: وقال ابن عباس ... (¬3) في (ظ): فإِنها. (¬4) قال تعالى: (وأتموا الحج والعمرة لله) سورة البقرة: آية 196. (¬5) في (ظ): الدليل. (¬6) انظر: ص 1054 - 1055. (¬7) سورة البقرة: آية 43. (¬8) نهاية 87 ب من (ظ).

مسألة

مسألة الخطاب الخاص بالنبي - صلى الله عليه وسلم -نحو: (يا أيها المزمل) (¬1)، (لئن أشركت) (¬2) - عام للأمة إِلا بدليل يخصه عند أحمد وأكثر أصحابه والحنفية (¬3) والمالكية (¬4). وعند (¬5) أبي الحسن (¬6) التميمي وأبي الخطاب (¬7) من أصحابنا وأكثر الشافعية (¬8) والمعتزلة والأشعرية (¬9): لا يعمهم إِلا بدليل. واختار أبو المعالي (¬10): الوقف. وكذا إِذا توجه خطاب الله للصحابة: هل يعمه عليه السلام؟ ¬

_ (¬1) سورة المزمل: آية 1. (¬2) سورة الزمر: آية 65. (¬3) انظر: تيسير التحرير 1/ 251، وفواتح الرحموت 1/ 281. (¬4) الذي في المنتهى لابن الحاجب المالكي / 83: أنه لا يعمهم. وكذا نقل صاحب مسلم الثبوت، انظر: فواتح الرحموت 1/ 281. (¬5) نهاية 249 من (ح). (¬6) انظر: العدة/ 324، والتمهيد/ 37 ب، والمسودة/ 31. (¬7) انظر: التمهيد/ 37 ب، والمسودة/ 31. (¬8) انظر: اللمع/ 12، والمستصفى 2/ 64، والمحصول 1/ 2/ 620، والإِحكام للآمدي 2/ 260. (¬9) انظر: المحصول 1/ 2/ 620، والإِحكام للآمدي 2/ 260. (¬10) انظر: البرهان/ 367 - 370، والمسودة/ 31.

وفي الواضح (¬1): النفي هنا عن أكثر الفقهاء والمتكلمين؛ بناء على أنه لا يأمر نفسه كالسيد مع عبيده. ورد: بأنه مخبر بأمر الله. احتج الأول: بفهم أهل اللغة من الأمر للأمير بالركوب لكسر العدو ونحوه: أنه أمر لأتباعه معه. رد: بالمنع، ولهذا يقال: "أُمِر الأمير لا أتباعه"، قال الآمدي (¬2): ولو حلف "لم يأمر أتباعه" لم يحنث إِجماعًا. كذا قال. ثم: فُهِم لتوقف المقصود على المشاركة، بخلاف هذا. قالوا: (إِذا طلقتم النساء) (¬3). رد: عام، وذكر عليه السلام أولاً (¬4) لتشريفه. ثم: لو عم اكتفي (¬5) بالمفرد مع مناسبته أول الآية. قالوا: (زوجناكها لكي لا) (¬6)، ولو خص لم يصح التعليل. ¬

_ (¬1) انظر: الواضح 1/ 300 ب- 301أ. (¬2) انظر: الإحكام للآمدي 2/ 262. (¬3) سورة الطلاق: آية 1. (¬4) نهاية 119 ب من (ب). (¬5) في (ظ): النفي. (¬6) سورة الأحزاب: آية 37.

رد: (¬1): للإِلحاق بقياسهم عليه. قالوا: لا يكون لتخصيصه (¬2) - عليه السلام - ببعض الأحكام نحو: (خالصة لك) (¬3) و (نافلة لك) (¬4) فائدة. رد: فائدته (¬5) قطع الإِلحاق به قياسًا. احتج الثاني: بأن المفرد لا يعم غيره، كأمرٍ بعبادة والسيد بعض عبيده إِجماعًا. ولفظ العموم لا يحمل على الخصوص بلا دليل، فكذا عكسه. ويحتمل أنه مصلحة له لا لأمته. رد: لفظ الشارع أدخل في العموم؟ لتعديه بالعلة. والخطاب له خطاب لأمته شرعا؛ لوجوب اتباعه والتأسي به. واحتج أصحابنا في المسألة: برجوع الصحابة إِلى أفعاله. فأجاب أبو الخطاب وغيره: "لدليل"، فدل على التسوية. ¬

_ (¬1) تكرر (رد) في (ب). (¬2) في (ظ): كتخصيصه. (¬3) سورة الأحزاب: آية 50. (¬4) سورة الإِسراء: آية 79. (¬5) في (ح): فائدة.

مسألة

وكذا قال (¬1) بعض (¬2) أصحابنا (¬3): (¬4) حكم فعله عليه السلام -تعديه إِلى أمته- يخرج على هذا الخلاف. زاد بعضهم: إِذا عرف وجهه (¬5). وفرق أبو المعالي (¬6) وغيره، فقالوا: يتعدى فعله. ومعنى كلام الآمدي وغيره: الفرق أيضًا. مسألة وكذا خطابه - عليه السلام - لواحد من الأمة: هل يعم غيره؟ فيه الخلاف. وعند الحنفية (¬7): لا يعم؛ لأنه عَمَّ في التي قبلها لفهم الاتباع؛ لأنه متَّبَع، وهنا متَّبِع. واختار أبو المعالي (¬8): يعم هنا، وأنه قول الواقفة (¬9) في الفعل، وذكره ¬

_ (¬1) في (ح) و (ب): قاله. (¬2) انظر: المسودة/ 32. (¬3) في (ب): أصحابه. (¬4) نهاية 250 من (ح). (¬5) يعني: وجه فعل الرسول. (¬6) انظر: البرهان/ 369 - 370، 494، والمسودة/ 31. (¬7) انظر: تيسير التحرير 1/ 252، وفواتح الرحموت 1/ 280. (¬8) انظر: البرهان/ 370 - 371، 498 - 499، والمسودة/ 32. (¬9) في (ب): الواقفية.

بعض أصحابنا (¬1) عن أبي الخطاب. كذا قال. والدليل والجواب كما سبق. وأيضًا: لو اختص لم يكن - عليه السلام - مبعوثًا إِلى الجميع. رد: بالمنع (¬2)؛ فإِن معناه تعريف كل أحد ما يختص به، ولا يلزم شركة الجميع في الجميع. قالوا: وهو إِجماع الصحابة لرجوعهم إِلى قصة (¬3) ماعز وبروع (¬4) بنت واشق (¬5) وأخذه الجزية من مجوس هجر (¬6)، وغير ذلك. ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 32. (¬2) نهاية 88 أمن (ظ). (¬3) قصة رجم ماعز أخرجها البخاري في صحيحه 8/ 165، 167، ومسلم في صحيحه/ 1318 وما بعدها، من حديث جمع من الصحابة. (¬4) نهاية 120 أمن (ب). (¬5) خلاصة القصة: أن امرأة تزوجت ولم يفرض لها صداق، ومات زوجها قبل الدخول بها، فسئل ابن مسعود عن حكمها؟ فقال: لها مثل صداق نسائها لا وَكْس ولا شَطَط، وعليها العدة، ولها الميراث، فقام معقل بن سنان الأشجعي، فقال: قضى رسول الله في بروع بنت واشق بمثل ما قضيت، ففرح ابن مسعود بذلك. والحديث أخرجه أبو داود في سننه 2/ 588 - 590، والترمذي في سننه 2/ 306 وقال: حسن صحيح، والنسائي في سننه 6/ 121 - 123، وابن ماجه في سننه/ 609، والطيالسي في مسنده (انظر: منحة المعبود 1/ 307 - 308). وانظر: نصب الراية 3/ 201 - 202. (¬6) انظر: ص 505 من هذا الكتاب. وانظر -أيضًا-: منحة المعبود 1/ 240، ونصب الراية 3/ 448 - 450.

مسألة

رد: بدليلٍ هو التساوي في السبب. مسألة جمع "الرجال" لا يعم النساء، ولا بالعكس إِجماعًا. ويعم "الناس" ونحوه الجميع إِجماعًا. ونحو: "المسلمين" و"فعلوا" -مما يغلب فيه المذكر- يعم النساء تبعًا عند أصحابنا وأكثر الحنفية (¬1) وبعض الشافعية (¬2) وابن داود (¬3)، وهو ظاهر كلام أحمد (¬4). وذكر أبو محمَّد التميمي (¬5): "أنه لا يعمهن إِلا بدليل عند أحمد، وأن أصحابه اختلفوا"، واختاره أبو الخطاب (¬6) وغيره، وذكر الحلواني (¬7): [أن] (¬8) ¬

_ (¬1) انظر: أصول السرخسي 1/ 234، وفواتح الرحموت 1/ 273، وتيسير التحرير 1/ 231. (¬2) فيما حكاه أبو الطيب منهم. انظر: المسودة/ 46. (¬3) انظر: اللمع/ 12، والإِحكام للآمدي 2/ 265. (¬4) انظر: العدة/ 351. (¬5) انظر: المسودة/ 22. (¬6) انظر: التمهيد/ 39أ، والمسودة/ 46. (¬7) انظر: المسودة/ 46. (¬8) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ظ).

عن أحمد ما يقتضيه (¬1)، لمنعه الوالدة من الرجوع في الهبة (¬2). وقاله الأكثر، منهم: [أكثر] (¬3) الشافعية (¬4) والأشعرية. وجه الأول: مشاركة الذكور في الأحكام لظاهر اللفظ. رد: بالمنع، بل لدليل، ولهذا لم يعمهن الجهاد والجمعة وغيرهما. أجيب: بالمنع، ثم: لو كان لعرف، والأصل عدمه، وخروجهن من بعض الأحكام لا يمنع كبعض الذكور (¬5). ولأن أهل اللغة غلبوا المذكر باتفاق بدليل: (اهبطوا) (¬6) لآدم وحواء وإبليس. ¬

_ (¬1) نهاية 251 من (ح). (¬2) وقد قالوا النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لا يحل لأحد أن يعطي عطية فيرجع فيها إِلا الوالد فيما يعطي ولده). أخرجه أبو داود في سننه 3/ 808، والترمذي في سننه 2/ 382، والنسائي في سننه 6/ 265، وابن ماجه في سننه 795 عن ابن عمر وابن عباس مرفوعًا. قالوا الترمذي: حديث ابن عباس حديث حسن صحيح. وأخرجه عنهما -أيضًا- ابن حبان في صحيحه (انظر: موارد الظمآن/ 280)، والحاكم في مستدركه 2/ 46 - 47 وقال: صحيح الإِسناد. ووافقه الذهبي. (¬3) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ظ). (¬4) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 265. (¬5) مثل: الصغار والضعاف والعبيد. (¬6) سورة البقرة: آية 36.

رد: بقصد (¬1) المتكلم، ويكون مجازًا (¬2). أجيب: لم يشرط أحد من أهل اللغة العلم بقصده. ثم: لو لم يعمهن لما عَمَّ بالقصد، بدليل جمع "الرجال". والأصل الحقيقة، ولو كان مجازًا لم يعد العدول عنه عِيّا (¬3). وسبق (¬4) تعارض المجاز والمشترك. واستدل: لو وصى لرجال ونساء بشيء ثم قال: "ووصيت لهم بكذا" عمهم. رد: بقرينة الإِيصاء الأول. قالوا: لو عمهن لما حَسُن: (إِن المسلمين والمسلمات) (¬5). رد: تنصيص وتأكيد لما سبق، وإِن كان التأسيس أولى. والعطف (¬6) لا يمنع؛ بدليل عطف (جبريل وميكال) على (ملائكته ¬

_ (¬1) يعني: الإِطلاق صحيح إِذا قصد المتكلم الجميع. (¬2) ولا يلزم أن يكون ظاهرا، وفيه النزاع. (¬3) في لسان العرب 19/ 346 - 347: عَيّ بالأمر عِيا: عجز عنه ولم يطق أحكامه، والرجل يتكلف عملا فيعيا به: إذا لم يهتد لوجه عمله. (¬4) انظر: ص 86 من هذا الكتاب. (¬5) سورة الأحزاب: آية 35. (¬6) في (في (ب): وكعطف.

ورسله) (¬1)، وقوله: (وإذ أخذنا من النبيين (¬2) ميثاقهم ومنك ومن نوح) (¬3). وذكر [بعض] (¬4) أصحابنا وجهًا بمنعه. ومن عطف العام قوله: (وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم) (¬5)، (وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم) (¬6). قالوا: قالت أم سلمة -[له عليه السلام] (¬7) -: ما لنا لا نذكر في القرآن كما يذكر الرجال (¬8)؟ فنزلت: (إِن المسلمين والمسلمات) الآية (¬9)، إِسناده جيد (¬10)، رواه النسائي (¬11) وغيره، ولو دخلن لم يصدق نفيها ولم يصح تقريره له. ¬

_ (¬1) سورة البقرة: آية 98. (¬2) نهاية 120 ب من (ب). (¬3) سورة الأحزاب: آية 7. (¬4) ما بين المعقوفتين من (ح). (¬5) سورة البقرة: آية 136. (¬6) سورة الأحزاب: آية 27. (¬7) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ظ). (¬8) في (ب): للدجال. (¬9) سورة الأحزاب: آية 35. (¬10) نهاية 252 من (ح). (¬11) أخرجه عنها النسائي على ما في تفسير ابن كثير 3/ 487، والمعتبر / 53أ، والدر المنثور 5/ 200، والفتح الرباني 18/ 239، ولم أجده في سننه الصغرى "المجتبى"،=

رد: يصدق ويصح؛ لأنها أرادت التنصيص تشريفاً لهن لا تبعًا لما سبق. قالوا: الجمع: تضعيف الواحد، و"مسلم" لرجل، فـ "مسلمون" لجمعه. رد: يحتمل منعه (¬1)، قاله الحلواني (¬2). وقال في العدة (¬3): إِن سلّمناه ثم فرق (*). ¬

_ =فلعله في السنن الكبرى، وقد أشار إِلى ذلك الشيخ أحمد شاكر في حاشيته على تفسير الطبري 7/ 487 ط: دار المعارف. وأخرجه عنها أحمد في مسنده (انظر: الفتح الرباني 18/ 238 - 239)، والطبري في تفسيره 22/ 8، والحاكم في مستدركه 2/ 416 وقال: حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. وقد أخرجه ابن المنذر وابن مردويه والطبراني والفريابي وابن سعد وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي حاتم. انظر: الدر المنثور 5/ 200. (¬1) يعني: منع الحكم في الأصل وهو المفرد. (¬2) انظر: المسودة/ 46. (*) نهاية 88 ب من (ظ). (¬3) قالوا في العدة/ 357 - 358: إِنا إِن سلمنا هذا فليس إِذا لم يدخل في آحاد جمع الذكور ما يمنع من دخوله في الجمع كما قلنا في آحاد الأيام والليالي، لا يتبعه الآخر، وفي الجمع يتبع أحدهما الآخر، وكذلك من يعقل وما لا يعقل آحاده لا ينتظم الآخر وجمعه ينتظم، كذلك هنا. وجواب آخر وهو: أن لفظ الجمع يحتمل اجتماع المذكر والمؤنث في الخطاب، وإنما غلب المذكر، ولفظ الواحد لا يحتمل أن يجتمع فيه المذكر والمؤنث، فغلب فيه وضع اللفظة. وجواب آخر وهو: أنا لو حملنا لفظ الواحد على المذكر والمؤنث لم يمتز المذكر=

وقال في التمهيد (¬1): منعه بعضهم (¬2)، والصحيح تسليمه (¬3) للّبس (¬4)، ولعموم الجمع لهما (¬5) بدليل قصده (¬6) بخلاف المفرد (¬7). وقد احتج أصحابنا: بأن قوله: (الحر بالحر) (¬8) عام للذكر والأنثى. وفي القياس من الواضح (¬9): لا يقع "مؤمن" على الأنثى، فالتكفير بالرقبة في قتلها قياسا، وخص الله الحجب بالإِخوة (¬10)، فعداه القَيَّاسون (¬11) إِلى الأخوات بالمعنى. وفي الوقف من المغني (¬12): الإِخوة والعمومة للذكر والأنثى. ¬

_ =والمؤنث، وليس كذلك إِذا حمل لفظ الجمع عليهما؛ لأنه يحصل الامتياز بينهما في حال أخرى وهو لفظ الواحد. (¬1) انظر: التمهيد/ 39 ب- 40 أ. (¬2) فقال: يجوز أن يطلق (مؤمن) على الرجل والمرأة. (¬3) وهو أنه لا يطلق (مؤمن) إِلا على الرجل. (¬4) فيما لو أدخلنا المذكر والمؤنث في الواحد. (¬5) في (ب): لها. (¬6) يعني: لو قصد المذكر والمؤنث بلفظ الجمع. (¬7) فلا يمكن أن يقصدهما بلفظ الواحد. (¬8) سورة البقرة: آية 178. (¬9) انظر: الواضح 1/ 147 ب- 148 أ. (¬10) قالوا تعالى: (فإِن كان له إِخوة فلامه السدس) سورة النساء: آية 11. (¬11) كذا في النسخ. وفي الواضح: القائسون. (¬12) انظر: المغني 6/ 177. وقد وجدته في الوصايا لا في الوقف.

مسألة

مسألة " مَنْ" الشرطية تعم المؤنث عند الأئمة الأربعة وغيرهم. قالوا الآمدي (¬1): "ونفاه الأقلون"، وقاله (¬2) بعض الحنفية (¬3) في مسألة المرتدة (¬4). لنا: استعمال الكتاب (¬5) والسنة (¬6) واللغة. ولو قال: "من دخل داري فأكرمه" أو "فهو حر" وجب الإِكرام وعتقن بالدخول، والأصل الحقيقة. ¬

_ (¬1) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 269. (¬2) يعني: النفي. (¬3) انظر: الهداية 2/ 165، وبدائع الصنائع/ 4385. (¬4) فلم يجعلوا قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (من بدل دينه فاقتلوه) متناولاً للأنثى المرتدة. ويأتي تخريج هذا الحديث في ص 1384. (¬5) مثل قوله تعالى: (ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى) سورة النساء: آية 124. فالتفسير بالذكر والأنثى دل على تناول القسمين. (¬6) مثل قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إِليه)، فقالت أم سلمة: فكيف تصنع النساء بذيولهن؟. فأقرها النبي على فهم دخول النساء في "مَنْ" الشرطية. والحديث أخرجه الترمذي في سننه 3/ 137، والنسائي في سننه 8/ 209 من حديث ابن عمر. قالوا الترمذي: حسن صحيح. وأخرجه -دون قول أم سلمة- البخاري في صحيحه 7/ 141، ومسلم في صحيحه/ 1652 من حديث ابن عمر.

مسألة

واعترض: لقرينة دخول الدار كالزائر (¬1). رد: لو قالوا: "فأهنه"، أو "من قال لك: أَلِف، فقل له: ب" فالحكم سواء. مسألة الخطاب العام (¬2) كـ "الناس والمؤمنين" يعم العبيد عند الجمهور، منهم: أحمد (¬3) وأصحابه وأكثر الشافعية (¬4) والجرجاني (¬5) وغيره من الحنفية، خلافًا لأكثر المالكية (¬6) وبعض الشافعية (¬7)، وذكره التميمي (¬8) عن بعض أصحابنا، واختاره أبو بكر الرازي (¬9) الحنفي في حق الآدمي، قالوا: ولهذا لم يجز أصحابنا شهادتهم. لنا (¬10): أنه منهم قطعاً، فوجب العموم. ¬

_ (¬1) فكان من باب المجاز. (¬2) نهاية 121 أمن (ب). (¬3) انظر: العدة/ 348. (¬4) انظر: اللمع/ 12، والمحصول 1/ 3/ 201، والإِحكام للآمدي 2/ 270. (¬5) انظر: تيسير التحرير 1/ 253، وفواتح الرحموت 1/ 276، والعدة/ 349. (¬6) الذي في المنتهى لابن الحاجب/ 85، وشرح تنقيح الفصول/ 196: أنه يعمهم. (¬7) انظر: اللمع/ 12. (¬8) هو: أبو محمَّد التميمي. انظر: المسودة/ 22. (¬9) انظر: تيسير التحرير 1/ 153. (¬10) نهاية 253 من (ح).

مسألة

واحتج بعض أصحابنا -فيهم وفي دخول المؤنث في جمع المذكر-: بدخولهم في الخبر فكذا الأمر، وباستثناء الشارع لهم في الجمعة. قالوا: مال، وخرج من خطاب جهاد وحج ونحوهما. رد: غير مانع لتكليفه إِجماعًا، وكخروج مريض ومسافر بدليل. قالوا: منافعه لسيده، فلو أمر بصرفها إِلى غيره تناقض. رد: في غير (¬1) وقت عبادة تضيقت؛ لاستثنائها من المالك القديم سبحانه، ولهذا يقدم حقه (¬2) بالخطاب الخاص (¬3)، فلا تناقض. مسألة مثل: (ياأيها الناس) (¬4)، (ياأيها الذين آمنوا) (¬5)، (يا عبادي) (¬6) يعم الرسول عندنا وعند الجمهور، خلافاً لبعض الفقهاء والمتكلمين، واختاره (¬7) الصيرفي (¬8) والحليمي (¬9) من الشافعية إِن كان في ¬

_ (¬1) يعني: تصرف منافعه لسيده في غير وقت ... إِلخ. (¬2) يعني: حق الله تعالى. (¬3) يعني: الخاص بالعبد. (¬4) سورة البقرة: آية 21. (¬5) سورة البقرة: آية 172. (¬6) سورة العنكبوت: آية 56. (¬7) في (ظ): واختار. (¬8) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 272. (¬9) هو: أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن محمَّد بن حليم البخاري الجرجاني،=

مسألة

[وله] (¬1) (قُلْ). لنا: ما سبق، ولأنهم فهموه؛ فإِنهم كانوا يسألونه إِذا ترك (¬2)، فيذكر المخصص كفسخ الحج إِلى العمرة (¬3). قالوا: هو آمر، فلا يكون مأمورًا، وكيف يبلغ نفسه! رد: الأمر لله، وجبريل مبلغ، وهو مبلغ للأمة. قالوا: له خصائص. رد: لا يمنع دخوله في العموم كمريض ومسافر. مسألة مثل: (يا أيها الناس) (¬4) خطاب للموجود، وهل يعم من بعده؟ سبق في المحكوم عليه (¬5). ¬

_ =فقيه شافعي قاض، ولد سنة 338 هـ، وتوفي سنة 403 هـ. من مؤلفاته: المنهاج في شعب الإِيمان. انظر: العبر 3/ 84، والمنتظم 7/ 264، وطبقات الشافعية للسبكي 4/ 333، وطبقات الشافعية للأسنوي 1/ 404، واللباب 1/ 313. (¬1) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬2) في (ب): نزل. (¬3) أخرجه البخاري في صحيحه 2/ 143، ومسلم في صحيحه/ 884 - 885 من حديث جابر مرفوعًا. (¬4) سورة البقرة: آية 21. (¬5) انظر: ص 295 من هذا الكتاب.

مسألة

مسألة المخاطِب داخل في عموم خطابه - ذكره في (¬1) الروضة (¬2) وغيرها (¬3) خبرًا أو أمرًا أو نهياً، نحو: (وهو بكل شيء عليم) (¬4) وقول السيد (¬5) لعبده: "من أحسن إِليك فأكرمه أو فلا تُهِنْه"، وذكره الآمدي (¬6) عن الأكثر. وقال بعض أصحابنا (¬7): إِذا أمر - عليه السلام - أمته بشيء دخل في حكمه عند أصحابنا، وهو ظاهر كلام أحمد؛ لأنه عارض أمره ونهيه بفعله، وقاله بعض الشافعية (¬8) وعبد الجبار وجماعة من المعترلة (¬9)، خلافًا لأكثر الفقهاء والمتكلمين "لا يدخل"، وقاله أكثر الشافعية (¬10) وأبو الخطاب (¬11)، ¬

_ (¬1) نهاية 254 من (ح). (¬2) انظر: روضة الناظر/ 241. (¬3) نهاية 89 أمن (ظ). (¬4) سورة البقرة: آية 29. (¬5) نهاية 121 ب من (ب). (¬6) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 278. (¬7) انظر: المسودة/ 34. (¬8) انظر: اللمع/ 13. (¬9) انظر: المعتمد/ 148. (¬10) انظر: اللمع/ 13. (¬11) انظر: التمهيد/ 36 ب- 37 أ.

وقال (¬1): "كلام أحمد إِنما يدل (¬2) على معارضة فعله لقوله حيث يتعدى فعله إِلى أمته" (¬3)، واحتج: بأن الأمر لمن دونه، وليس الإِنسان دون نفسه، ومقصود الأمر الامتثال، ولا يكون إِلا (¬4) من غيره. واختلف كلام القاضي (¬5): هل يدخل الآمر في أمر نفسه؟ قالوا بعض أصحابنا (¬6): أكثر كلامه "لا يدخل"، وذكر في الكفاية (¬7): يدخل، خلافًا لأكثر الفقهاء والمتكلمين. واحتج (¬8): بأن الأصل أن المخاطِب لا يدخل في خطابه (¬9)، ولهذا لو قال: "أنا ضارب من في البيت" لم يدخل. وجوابه: للقرينة. واحتج (¬10) لدخوله (¬11): بأنه ليس يأمر نفسه، وإِنما هو مبلِّغ عن الله، ¬

_ (¬1) يعني: أبا الخطاب. (¬2) في (ب): يدخل. (¬3) فأما أن يدل على أنه يدخل في الأمر أوْ لا يدخل فلا. (¬4) في (ب): الأمر. (¬5) انظر: العدة/ 339، والمسودة/ 32 - 33. (¬6) انظر: المسودة/ 33. (¬7) انظر: المرجع السابق/ 32. (¬8) انظر: المرجع السابق. (¬9) يعني: إِلا بدليل. (¬10) انظر: العدة/ 346، والمسودة/ 32 - 33. (¬11) في (ظ): بدخوله.

على أنه غير ممتنع أن يقول لنفسه: "افعلي". وقد ذكر عن المخالف: أنه (¬1) لا يجوز أن يأمر نفسه بلفظ يخصه، فلا يجوز بلفظ يعمه، فأجاب بهذا. وذكر التميمي (¬2): أن عند أحمد: لا يدخل الآمر في الأمر إِلا بدليل، واختلف أصحابه. وفي الروضة (¬3): (¬4) يمكن أن تنبني هذه المسألة على أن ما ثبت في حقهم شاركهم. لنا: أن اللفظ عام ولا مانع، والأصل عدمه (¬5). قالوا: يلزم: (الله خالق كل شيء) (¬6)، وقوله: "من دخل الدار فأعطه درهماً " -فدخل- أنه يعطى. رد: امتنع الأول لعقل أو غيره. ويعطى الداخل، قالوا بعض أصحابنا (¬7): "هو أقيس بكلام أصحابنا" (¬8)، ¬

_ (¬1) في (ب): أن. (¬2) هو: أبو محمَّد التميمي. انظر: المسودة/ 33. (¬3) انظر: روضة الناظر/ 241. (¬4) نهاية 255 من (ح). (¬5) يعني: عدم المانع. (¬6) سورة الرعد: آية 16. (¬7) انظر: المسودة/ 32. (¬8) نهاية 122أمن (ب).

مسألة

وقاله أبو المعالي (¬1)، واحتج به بعض أصحابنا (¬2). وفي الروضة (¬3) والآمدي (¬4): لا يعطى للقرينة الحالية كـ"مَنْ دخلها فأهنه". مسألة مثل: (خذ من أموالهم صدقة) (¬5) يقتضي أخذ الصدقة من كل نوع من المال في ظاهر كلام أبي الفرج المقدسي من أصحابنا، ورجحه بعض أصحابنا، وقاله أكثر العلماء، خلافا للكرخي (¬6)، ورجحه الآمدي (¬7) وغيره وقال: مأخذه (¬8) دقيق. واحتج الحنفية -على أنه لا يحنث من حلف "لا مال له"، وله مال غير زكوي- بقوله (¬9): (وفي أموالهم حق) (¬10)، فأجاب في المغني (¬11): أن ¬

_ (¬1) انظر: البرهان/ 364. (¬2) انظر: البلبل/ 105. (¬3) انظر: روضة الناظر / 241. (¬4) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 278. (¬5) سورة التوبة: آية 103. (¬6) انظر: تيسير التحرير 1/ 257، وفواتح الرحموت 1/ 282. (¬7) انظر: الإحكام للآمدي 2/ 279. (¬8) يعني: مأخذ الكرخي. (¬9) فعندهم: أن (وفي أموالهم حق) يعني: في كل نوع من المال، فما لم يجب فيه زكاة ليس بمال. (¬10) سورة الذاريات: آية 19. (¬11) انظر: المغني 9/ 604 - 605.

الزكاة مدنية والآية مكية (¬1)، ثم (¬2): إِذا كان الحق في بعض المال كان في المال، ثم (¬3): لو عَمّ خُص بما دون النصاب. وجه الثاني: أنه بأخذ (¬4) صدقة واحدة من نوع واحد يصدق أنه أخذ (¬5) منها (¬6)، فيمتثل؛ لأنها نكرة في إِثبات لا تعم، ولهذا لا يجب أخذ الصدقة من خصوص كل دينار ودرهم إِجماعًا. قالوا: جمع مضاف، وهو عام، فمعناه: من كل مال. رد: "كل" عام بمعنى التفصيل؛ للفرق (¬7) بين "للرجال عندي درهم" و"لكل رجل عندي درهم" إِجماعًا، ولهذا قالوا الفقهاء (¬8) من أصحابنا وغيرهم: قوله: "ضَمنَّا لك الألف الذي على زيد": ضمان اشتراك، و"كل واحد منا ضامنه": ضمان انفراد. ¬

_ (¬1) فالحق غير الزكاة. (¬2) يعني: لو كان الحق الزكاة فلا حجة فيها؛ لأنه إِذا كان ... (¬3) يعني: لو اقتضى هذا العموم لوجب تخصيصه، فإِن ما دون النصاب مال ولا زكاة فيه. (¬4) في (ب): يأخذ. (¬5) نهاية 89 ب من (ظ). (¬6) يعني: من أموالهم. (¬7) يعني: ولذلك فرق بين ... إِلخ. (¬8) نهاية 256 من (ح).

مسألة

مسألة العام إِذا تضمن مدحًا أو ذمًا كـ (الأبرار) (¬1) و (الفجار) (¬2) لا يمنع عمومه عند الأئمة الأربعة، خلافا لبعض الحنفية -الكرخي وغيره- وبعض المالكية وبعض الشافعية (¬3)، ونقل عن الشافعي (¬4)، حتى منع من التمسك في زكاة الحلي بقوله: (والذين يكنزون) (¬5). قالوا: القصد المبالغة في الحث والزجر، فلم يعم. رد: العموم أبلغ (¬6) في ذلك، ولا منافاة، فَعَمَّ للمقتضي وانتفاء المانع. ¬

_ (¬1) سورة الانفطار: آية 13. (¬2) سورة الانفطار: آية 14. (¬3) انظر: التبصرة/ 193. (¬4) انظر: الإحكام للآمدي 2/ 280. (¬5) سورة التوبة: آية 34. (¬6) نهاية 122 ب من (ب).

الجزء الثالث

الجزء الثالث

التخصيص

التخصيص قصر العام على بعض أجزائه. ولعله مراد من قالوا: "مسمياته" (¬1)؛ فإِن مُسَمَّى العام جميع ما يصلح له اللفظ لا بعضه. وعند أبي الحسين (¬2) المعتزلي: "إِخراج بعض ما يتناوله الخطاب عن الخطاب"، لشموله -بتقدير (¬3) وجود المخصص- جميع الأفراد في نفسه، والمخصِّص أخرج بعضها عنه. وقيل (¬4): "أراد ما يتناوله بتقدير عدم المخصص، نحو قولهم: خص العام (¬5) ". فيرد -إِذًا- دور لا جواب عنه. وعند الآمدي (¬6): تعريف أن العموم للخصوص. فيرد الدور؛ لأنهما لمعنى واحد. أجيب: المراد في الحد التخصيص لغة أُخِذ في حَدِّه اصطلاحا، والله أعلم. * * * ويطلق "التخصيص" على قصر لفظ غير عام على بعض مسماه، كما يطلق "عام" على لفظ غير عام كـ "عشرة" و"المسلمين" (¬7) للعهد، زاد ¬

_ (¬1) انظر: المنتهى لابن الحاجب/ 87. (¬2) قالوا في المعتمد/ 251 - 252: التخصيص إِخراج بعض ما تناوله الخطاب مع كونه مقارنا له. (¬3) في (ب): بتقديره. (¬4) انظر: المنتهى لابن الحاجب/ 87. (¬5) ولا شك أن ما خص ليس بعام، لكن المراد به كونه عاما لولا تخصيصه. (¬6) قالوا في الإِحكام 2/ 282: تعريف أن المراد باللفظ الموضوع للعموم حقيقة إِنما هو للخصوص. (¬7) نهاية 257 من (ح).

بعضهم (¬1): "وضمائر الجمع (¬2)؛ لأنها لا تدل بنفسها"، وليس كذلك كما سبق (¬3)؛ لأنها متابعة للمظهر. * * * ولا تخصيص إِلا فيما يصح توكيده بـ "كل" وهو: ما له شمول حسا -نحو: جاءني القوم- أو حكماً نحو: اشتريت العبد. * * * قالوا ابن عقيل (¬4): التخصيص والنسخ في الحقيقة إِنما يتناول أفعالنا الواقعة في الأزمان والأعيان فقط، والفقهاء والمتكلمون أكثروا القول بأن النسخ يتناول الأزمان فقط (¬5)، والتخصيص يتناول الجميع (¬6)، وإِنما يستعمله المحصلون (¬7) تجوزًا (¬8). ¬

_ (¬1) انظر: المنتهى لابن الحاجب/ 87. (¬2) في (ب): الجميع. (¬3) في ص 767. (¬4) انظر: الواضح 1/ 49 ب. (¬5) دون الأعيان. (¬6) يعني: الأعيان والأزمان والأحوال. (¬7) في (ح): المحصولون. (¬8) قال: وهذا إِنما يستعمله المحصلون لعلم هذا الباب على سبيل التجوز والاتساع؛ لأن الأزمان والأعيان -باتفاق- ليست من أفعال العباد ومقدوراتهم ولا مما يدخل تحت تكاليف، وإذا كان كذلك وجب أن يتناول النسخ على الحقيقة رفع فعل في بعض=

مسألة

مسألة التخصيص جائز عند الأئمة الأربعة وغيرهم، خلافًا لبعض الشافعية وبعض الأصوليين في الخبر، وعن بعضهم: وفي الأمر. لنا: استعمال الكتاب والسنة. قالوا: يوهم (¬1) في الخبر الكذب، وفي الأمر (¬2) البداء (¬3). رد: بالمنع. قالوا: كنسخ الخبر. وأجاب أبو الخطاب (¬4) وابن عقيل (¬5) والآمدي (¬6): بالمنع (¬7). ثم: التخصيص يبين المراد باللفظ، والنسخ رفع. ¬

_ =الأزمان دون رفع الزمان، وكذلك فإِنما يدخل التخصيص في إِسقاط فعل في بعض الأعيان. (¬1) نهاية 123 أمن (ب). (¬2) نهاية 90 أمن (ظ). (¬3) في لسان العرب 18/ 70 - 71: بدا لي بَداء: أي تغير رأيي عما كان عليه. ويقال: بدالي من أمرك بداء، أي: ظهر لي ... والبداء: استصواب شيء علم بعد أن لم يعلم. (¬4) انظر: التمهيد/ 64 ب. (¬5) انظر: الواضح 2/ 114 أ. (¬6) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 283. (¬7) بل يجوز نسخ الخبر، كالوعيد: يجوز نسخه بالعفو.

مسألة

مسألة يجوز تخصيص العام إِلى أن يبقى واحد عند أصحابنا، قال الحلواني (¬1): "هو قول الجماعة"، قالوا ابن برهان (¬2): هو المذهب المنصور. ومنع أبو بكر الرازي الحنفي والقفال (¬3) والغزالي (¬4) النقص من أقل الجمع، واختاره بعض أصحابنا (¬5)، قالوا أبو المعالي (¬6): "جمهور الفقهاء أن صيغ الجمع نصوص في الأقل لا تقبل تأويلا، ظاهرة فيما عداه تقبل تأويلا"، ثم: في مسألة "أقل الجمع" (¬7) اختار الأول. واختار القاضي في الكفاية (¬8) -في جميع صيغ العموم-: لا بد أن يبقى كثرة وإن لم تُقَدَّر (¬9)، وصححه بعض أصحابنا (¬10)، وحكاه عن أبي ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 116 - 117. (¬2) انظر: المرجع السابق/ 117. (¬3) انظر: اللمع/ 18. (¬4) انظر: المستصفى 2/ 91. (¬5) انظر: المسودة/ 117. (¬6) انظر: البرهان/ 321، والمسودة/ 117. (¬7) انظر: البرهان/ 351 - 354. (¬8) انظر: المسودة/ 117. (¬9) قالوا: إِلا أن تستعمل في الواحد على سبيل التعظيم. (¬10) انظر: المرجع السابق.

الحسين (¬1) المعتزلي (¬2) وصاحب المحصول (¬3)، وحكاه ابن برهان (¬4) عن أكثر المعتزلة. وذكر الآمدي (¬5) عن أبي الحسين: كثرة تقرب من مدلول اللفظ، وأن إِليه ميل أبي المعالي وأكثر أصحابهم. واختاره بعض أصحابنا. وجه الأول: لو امتنع لكان: لأنه مجاز، أو لاستعماله في غير موضوعه، فيمتنع تخصيصه مطلقًا. واعترض: المنع لعدم استعماله فيه لغة. وجوابه: بالمنع، ثم: لا فرق. وأيضًا: أكرم الناس إِلا الجهال (¬6). واعترض: خص بالاستثناء (¬7). وجوابه: المعروف التسوية (¬8)، ثم: لا فرق. ¬

_ (¬1) انظر: المعتمد/ 254. (¬2) نهاية 258 من (ح). (¬3) انظر: المحصول 1/ 3 / 16. (¬4) انظر: المسودة/ 117. (¬5) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 283 - 284. (¬6) يجوز وإن كان العام واحدًا اتفاقا. (¬7) وفرق بينه وبين غيره. (¬8) في الجواز.

واستدل: بقوله: (الذين قالوا لهم الناس) (¬1)، وأريد (¬2): نعيم بن مسعود. رد: ليس بعام؛ لأنه لمعهود. واستدل: بقوله: (وإنا له لحافظون) (¬3). أجيب: أطلق الجمع عليه للتعظيم، ومحل النزاع في الإِخراج منه. واستدل (¬4): يجوز: "أكلت الخبز وشربت الماء" لأقل. رد: المراد بعض مطابق لمعهود ذهني (¬5). القائل بأقل الجمع: ما سبق (¬6) فيه (¬7). ¬

_ (¬1) سورة آل عمران: آية 173. (¬2) قاله مجاهد ومقاتل وعكرمة والكلبي وغيرهم. انظر: زاد المسير 1/ 504، والاستيعاب/ 1508، وتفسير القرطبي 4/ 279، وفتح القدير 1/ 400. وقيل: المراد بـ (الناس) ركب لقيهم أبو سفيان، فضمن لهم ضمانا لتخويف النبي وأصحابه. قاله ابن عباس وابن إِسحاق. وقيل: إِنهم المنافقون، لما رأوا النبي يتجهز نهوا المسلمين عن الخروج، وقالوا: إِن أتيتموهم في ديارهم لم يرجع منكم أحد. وهذا قول السدي. انظر: زاد المسير 1/ 504 - 505، وتفسير القرطبي 4/ 279 - 280. (¬3) سورة الحجر: آية 9. (¬4) نهاية 123 ب من (ب). (¬5) فليس محل النزاع. (¬6) في ص 777 وما بعدها. (¬7) كأنه جعله فرعا لكون الجمع حقيقة في الثلاثة أو في الاثنين.

رد: ليس الجمع بعام ليطلق العام على ما يطلق عليه (¬1). القائل بالكثرة: لو قال: "قتلت كل من في البلد" أو: "أكلت كل رمانة " أو: "من دخل فأكرمه" -وفسره بثلاثة- عُدّ قبيحا لغة. أجاب الآمدي (¬2): بالمنع مع قرينة (¬3)؛ بدليل ما سبق من إِرادة نعيم بن مسعود بـ (الناس)، وصحة: أكلت الخبز. وأجاب في التمهيد (¬4): يلزم الاستثناء (¬5)؛ قبيح (¬6) لغة، ويجوز عند الخصم. وبأنه قد يقول ذلك وإن أكل قليلاً كقول مريض: "أكلت اللحم" يريد: قليلاً (¬7). وفي هذا الموضع يقول الخصم: "المراد أكل الجنس"، فلا يلزمه. * * * المخصِّص: المُخْرِج، وهو إِرادة المتكلم، ويطلق على ما دل عليها مجازًا. * * * ¬

_ (¬1) فالكلام في أقل مرتبة يخصص إِليها العام، لا في أقل مرتبة يطلق عليها الجمع. (¬2) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 285. (¬3) فليس قبيحا. (¬4) انظر: التمهيد/ 64 ب. (¬5) يعني: لو قال -مثلاً-: له علي ألف إِلا تسعمائة وتسعين. (¬6) غيرت في (ب) و (ظ) إِلى: فيه. (¬7) نهاية 259 من (ح).

وهو: متصل، ومنفصل. وخصه بعض أصحابنا بالمنفصل، وقال: هو اصطلاح كثير من الأصوليين (¬1)؛ لأن الاتصال منعه العموم، فلم يدل إِلا متصلاً، فلا يسمى عاما مخصوصًا، وقال أيضًا: لا يدخل في التخصيص المطلق (¬2). وفي التمهيد (¬3): العموم بدون ذلك ليس حقيقة ولا مجازًا، بل المجموع الحقيقة؛ لأن المتكلم أراد البعض بالمجموع. واحتج بهذا على أنه لا يصح الاستثناء من غير الجنس. وفي الروضة (¬4) -في كلامه على الشرط- معنى ذلك. * * * والمتصل: الاستثناء المتصل، والشرط، والصفة، والغاية. وزاد بعضهم (¬5): بدل (¬6) البعض. وقد قيل: المُبْدل في حكم المطَّرح (¬7). ¬

_ (¬1) نهاية 90 ب من (ظ). (¬2) (المطلق) صفة لـ (التخصيص). (¬3) انظر: التمهيد/ 59 أ. (¬4) انظر: روضة الناظر/ 259. (¬5) انظر: المنتهى لابن الحاجب/ 88. (¬6) في (ظ): وبدل. (¬7) فلا يعم ولا يخص.

مسألة

مسألة لا يصح الاستثناء من غير الجنس عند أحمد (¬1) وأصحابه وزفر (¬2) ومحمد (¬3)، وذكره الآمدي (¬4) عن الأكثر، وذكر التميمي (¬5): أن أصحاب أحمد اختلفوا فيه. وعن أحمد: يصح نقد من آخر، ففي روضة الفقه لبعض أصحابنا: بناء على أنهما جنس أو جنسان (¬6)، وفي العدة (¬7) والواضح (¬8): لأنهما كالجنس في أشياء (¬9)، وفي المغني (¬10): يمكن حملها على ما إِذا كان أحدهما يعبر به عن الآخر، أو يُعلم قدره منه. وقال بعض أصحابنا: يلزم منها صحة نوع من آخر، وقال أبو الخطاب (¬11): صحة استثناء ثوب وغيره. ¬

_ (¬1) انظر: العدة/ 673، والمسودة/ 156. (¬2) انظر: بدائع الصنائع/ 4565. (¬3) انظر: أصول السرخسي 2/ 44، وكشف الأسرار 3/ 136، والهداية 3/ 184. (¬4) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 291. (¬5) هو: أبو محمَّد التميمي. (¬6) نهاية 124أمن (ب). (¬7) انظر: العدة/ 677 - 678. (¬8) انظر: الواضح 2/ 148أ. (¬9) مثل: كونهما قيم الأشياء والأروش ونحو ذلك. (¬10) و (¬11) انظر: المغني 5/ 114.

وقاله المالكية (¬1) وابن الباقلاني (¬2) وجماعة (¬3) من المتكلمين والنحاة (¬4). وللشافعية (¬5) كالقولين. قالوا ابن برهان (¬6): (¬7) عدم صحته قول عامة أصحابنا والفقهاء قاطبة وهو المنصور. وحكاه جماعة (¬8) عن أبي حنيفة، والأشهر عنه (¬9): صحته في مكيل أو موزون من أحدهما فقط. وجه الأول: أن الاستثناء صرف اللفظ بحرفه (¬10) عما يقتضيه لولاه، أو إِخراج؛ لأنه مأخوذ من الثني (¬11) من قولهم: ثنيت فلانا عن رأيه، وثنيت ¬

_ (¬1) انظر: شرح تنقيح الفصول/ 241. (¬2) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 291. (¬3) نهاية 260 من (ح). (¬4) انظر: شرح الرضي على الكافية 1/ 224، والإِحكام للآمدي 2/ 291. (¬5) انظر: اللمع/ 23، والتبصرة/ 165، والمستصفى 2/ 166، والمحصول 1/ 3/ 43، والإِحكام للآمدي 2/ 291. (¬6) انظر: الوصول لابن برهان/ 129، والمسودة/ 156. (¬7) في (ب) و (ظ): قال ابن برهان: قول عدم صحته قول ... إِلخ. (¬8) انظر: روضة الناظر/ 253، والبلبل/ 111. (¬9) انظر: أصول السرخسي 2/ 44، وكشف الأسرار 3/ 136، والهداية 3/ 184. (¬10) يعني: بحرف الاستثناء. (¬11) في (ظ): الشيء.

عنان دابتي. ولأن الاستثناء إِنما يصح لتعلقه بالأول، لعدم استقلاله، وإِلا لصح كل شيء من كل شيء؛ لاشتراكهما في معنى عام. ولأنه لو قال: "جاء الناس إِلا الكلاب أو إِلا الحمير" عُدّ قبيحًا لغة وعرفا. ورد الأول: بأنه (¬1) محل النزاع، وبأنه مشتق من التثنية كأنه ثنى الكلام به، ولا يلزم من الاشتقاق لمعنى نفي كونه حقيقة لمعنى آخر ولا الاطراد (¬2). وقُبْح ما ذكر لا يمنع (¬3) لغة كقول الداعي: "يا رب الكلاب والحمير"، ثم: إِن امتنع من اللفظ مطابقة لا يمتنع من لازم له. ولا يلزم استثناء كل شيء من كل شيء، لاعتبار (¬4) مناسبة بينهما كقول القائل: "ليس لي بنت (¬5) إِلا ذكر"، بخلاف قوله: إِلا أني بِعْتُ داري. واحتج أصحابنا وغيرهم: بأنه تخصيص فلا يصح في (¬6) غير داخل. ¬

_ (¬1) في (ظ): لأنه. (¬2) يعني: لا يلزم أن يكون كل شيء وجد فيه معنى التثنية أنه استثناء. (¬3) يعني: لا يمنع الجواز لغة. وفي (ح): لا يمتنع. (¬4) يعني: ما المانع أن تكون صحة الاستثناء مشروطة بمناسبة بين المستثنى والمستثنى منه؟. (¬5) في (ب): بيت. (¬6) في (ح): لغير.

وجه (¬1) الثاني: وقوعه، كقوله: (إِلا رمزا (¬2)) (¬3)، (أن يقتل مؤمنا إِلا خطئا) (¬4)، (من علم إِلا اتباع الظن) (¬5)، (من سلطان إِلا أن دعوتكم) (¬6). وقول العرب: ما بالدار أحد إِلا الوَتَد، وما جاءني زيد إِلا عمرو. ولأنه لو أقر (¬7) بمائة درهم إِلا ثوبا لَغَا على الأول، (¬8) مع إِمكان تصحيحه بأن معناه: "قيمة ثوب"، لا سيما إِن أراده. ورد: أن "إِلا" في ذلك بمعنى "لكن" عند النحاة، منهم: الزجاج (¬9) وابن (¬10) قتيبة (¬11)، وقال: "هو قول ¬

_ (¬1) نهاية 124 ب من (ب). (¬2) في (ب): زمرا. (¬3) سورة آل عمران: آية 41. (¬4) سورة النساء: آية 92. (¬5) سورة النساء: آية 157. (¬6) سورة إِبراهيم: آية 22. (¬7) نهاية 91 أمن (ظ). (¬8) نهاية 261 من (ح). (¬9) انظر: معاني القرآن وإعرابه للزجاج 2/ 97، 140. (¬10) في كتابه (الجامع في النحو). انظر: العدة/ 676 - 677. (¬11) هو: أبو محمَّد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري، أديب نحوي، ولد ببغداد سنة 213 هـ، وتوفي بها سنة 276 هـ.=

سيبويه" (¬1)، وهو استدراك، ولهذا لم يأت إِلا بعد نفي أو بعد إِثبات (¬2) بعده جملة. ولا مدخل للاستدراك في إِقرار، فبطل ولو مع جملة بعده كقوله: "له مائة درهم إِلا ثوبا لي عليه"، فيصح إِقراره وتبطل دعواه، كتصريحه (¬3) بذلك بغير استثناء. وفي (¬4) العدة والتمهيد (¬5): لو صح لصح إِذا أقر بثوب وأراد قيمته، زاد في التمهيد: وقد قيل يصح ذلك، لا على وجه الاستثناء، بل للفظِ المُقِرّ كمن أقر بمائة ثم فَسَّرها. كذا قالا. والمذهب الأول أظهر؛ لسبق المتصل إِلى الفهم، وهو دليل الحقيقة (¬6)، لكن عند تعذره في العمل بالمنقطع نظر. وعلى المذهب الثاني: قال قوم: مشترك؛ لأن المتصل إِخراج، والمنقطع ¬

_ =من مؤلفاته: تأويل مختلف الحديث، والمعارف، وأدب الكاتب. انظر: تاريخ بغداد 10/ 170، ووفيات الأعيان 1/ 251، ومرآة الجنان 2/ 191، والنجوم الزاهرة 3/ 75، والبداية والنهاية 11/ 48. (¬1) انظر: الكتاب 1/ 363، 366 - 368، وشرح الفصل 2/ 80. (¬2) يعني: ولم يأت في الإثبات إِلا إِذا كان بعده جملة. (¬3) في (ظ): لتصريحه. (¬4) في (ب): في. (¬5) انظر: التمهيد/ 59 ب. (¬6) يعني: فيكون حقيقة فيه مجازا في المنقطع.

مخالفة، فلا اشتراك معنوي بينهما. وقال قوم: متواطئ لتقسيم الاستثناء إِليهما، والأصل عدم الاشتراك والمجاز. ورد: بسبق المتصل، وبتقسيم اسم الفاعل، وهو مجاز في المستقبل، وبما سبق في رد "الأمر (¬1) في الفعل (¬2) ومطلق الطلب" (¬3). * * * ثم: يعتبر لصحة المنقطع مخالفة في نفي الحكم نحو: "ما جاءني القوم إِلا حمارًا"، أو أنه (¬4) حكم آخر له مخالفة (¬5) كقول العرب: ما زاد إِلا ما نَقَص، وما نفع إِلا ما ضَرّ". قال سيبويه (¬6): "ما" الأولى (¬7) نافية، والثانية مصدرية، وفاعلهما مضمر أي: فلان، ومفعولهما محذوف أي: إلا نقصانًا ومضرة (¬8). * * * ¬

_ (¬1) يعني: كون الأمر متواطئًا في الفعل ... إلخ. (¬2) انظر: ص 647 من هذا الكتاب. (¬3) انظر: ص 667 من هذا الكتاب. (¬4) يعني: المستثنى. (¬5) للمستثنى منه بوجه. (¬6) انظر: الكتاب 1/ 367، وشرح المفصل 2/ 81. (¬7) نهاية 125أمن (ب). (¬8) نهاية 262 من (ح).

حد الاستثناء على التواطؤ: ما دل على مخالفة بـ "إِلا" - غير الصفة (¬1) أو أحد أخواتها. وعلى المجاز والاشتراك: يجمع بينهما في حد لفظا، فيقال: المذكور بعد "إِلا" أو أحد أخواتها. ولا يجمع بينهما معنى؛ لاختلاف الحقيقتين، فيحد المنقطع بالأول بزيادة: من غير إِخراج. والمتصل: كلام ذو صيغ محصورة يدل على أن المذكور به لم يرد بالقول الأول، ذكره القاضي (¬2) وابن عقيل (¬3) والغزالي (¬4). ومرادهم: أدوات الاستثناء بأحدها، ولهذا قال القاضي (¬5) وابن عقيل (¬6): لا يرد ما اتصل بالواو؛ لأنها محصورة ليس الواو منها، فلا ينتقض طرده بالتخصيص بالشرط والوصف بـ "الذين" والغاية، كـ "أكرم بني فلان إِن دخلوا والذين وإلى (¬7) أن يدخلوا" و"قاموا ولم يقم زيد" مع ¬

_ (¬1) إِنما قيد (إلا) بـ (غير الصفة) ليخرج نحو: (لو كان فيهما آلهة إِلا الله لفسدتا)؛ لأنه بمعنى: غير الله، فتكون صفة لا استثناء. انظر: شرح العضد 2/ 133. (¬2) انظر: العدة / 659. (¬3) انظر: الواضح 2/ 137 أ. (¬4) انظر: المستصفى 2/ 163. (¬5) انظر: العدة/ 660. (¬6) انظر: الواضح 2/ 137 أ. (¬7) في (ح): أو إِلى.

مسألة

أنه مراد (¬1) مع الشرط والوصف، ولا عكسه بـ "أكرمهم (¬2) إِلا زيدا" (¬3). واختار الآمدي (¬4): لفظ متصل بجملة لا يستقل بنفسه قال -على أن مدلوله غير مراد بما اتصل به- بحرف "إِلا" أو أحد أخواتها. قال: ولا غبار عليه (¬5). ونقض عكسه بـ "ما جاء إِلا زيد"؛ لأنه (¬6) لم يتصل بجملة؛ لأن "زيدًا" فاعل. وقال بعض أصحابنا (¬7) وغيرهم: إِخراج بـ "إِلا" أو أحد أخواتها. مسألة الاستثناء إِخراج ما تناوله المستثنى منه، يبين أنه لم يُرَدْ به، كالتخصيص عند القاضي (¬8) وغيره. ¬

_ (¬1) يعني: هذا سبب ثان لعدم ورودهما على الطرد. (¬2) في (ظ): بأكرههم. (¬3) فإِنه ليس بذي صيغ. فيجاب: بأن المراد بالصيغ أدوات الاستثناء. (¬4) انظر: منتهى السول له / 2/ 41، وقال في الإِحكام 2/ 287: الاستثناء عبارة عن لفظ متصل بجملة لا يستقل بنفسه قال بحرف (إِلا) أو أخواتها على أن مدلوله غير مراد مما اتصل به ليس بشرط ولا صفة ولا غاية. (¬5) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 288. (¬6) نهاية 91 ب من (ظ). (¬7) انظر: البلبل / 111. (¬8) انظر: العدة/ 673 - 674.

وفي التمهيد (¬1) أيضاً: "ما لولاه لدخل في اللفظ، كالتخصيص" ومراده: كالأول، ومعناه قاله (¬2) صاحب الروضة (¬3) وغيرها، وذكره بعضهم عن أكثر العلماء. وعند ابن الباقلاني (¬4): "عشرة إِلا ثلاثة" مركب لسبعة (*)، فلها اسمان: مركب، ومفرد. ومعناه في الروضة (¬5) في كلامه (¬6) على الشرط. وسبق (¬7) كلامه في التمهيد في المخصِّص. وحكي عن الشافعي (¬8): إِخراج لشيء دل عليه صدر الجملة بالمعارضة، فمعنى "عشرة إِلا ثلاثة" فإِنها ليست عَلَيَّ، وعلى الأول: معناه: سبعة. ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد/ 59أ. (¬2) نهاية 125 ب من (ب). (¬3) انظر: روضة الناظر/ 253، 254. (¬4) انظر: المنتهى لابن الحاجب/ 89، ومختصره 2/ 134. (*) فالاستثناء عنده ليس تخصيصا. (¬5) انظر: روضة الناظر/ 259. (¬6) نهاية 263 من (ح). (¬7) في ص 887. (¬8) انظر: تخريج الفروع على الأصول/ 152. وقال في فواتح الرحموت 1/ 316: حكاه مشايخنا عن الشافعي. فانظر: أصول السرخسي 2/ 36، 44، وكشف الأسرار 3/ 121، 123، وتيسير التحرير 1/ 293.

وقيل: المراد بـ "عشرة" مجموع آحادها، ثم أخرج منها ثلاثة، وأسند بعد إِخراجه، فالمسند إِليه سبعة. فعلى هذا: قيل: يحتمل أن الاستثناء تخصيص كالمذهب الأول؛ لقصر لفظ المستثنى منه بعد الإِسناد على بعض مسماه، ويحتمل: لا، كالمذهب الثاني؛ لأنه أريد به تمام مسماه. وجه الأول: لو أريد عشرة كاملة امتنع مثل: (فلبث فيهم ألف سنة إِلا خمسين عامًا) (¬1)؛ لأنه يلزم كذب أحدهما، ولم نقطع بأنه إِنما أقر بسبعة (¬2). رد ذلك: بأن الصدق والكذب والحكم بالإِقرار باعتبار الإِسناد لا باعتبار العشرة، والإِسناد بعد الإِخراج. وجه الثاني: ما سبق، وضعف أدلة غيره (¬3). وجه الثالث: أن الاستثناء من النفي إِثبات وبالعكس -لما يأتي (¬4) - فوجب كونه معارضًا لصدر (¬5) الجملة في بعض. رد: معارض بقولهم: تكلم (¬6) بالباقي بعد (¬7) الثُّنْيا (¬8). ¬

_ (¬1) سورة العنكبوت: آية 14. (¬2) وقد قطعنا بذلك. (¬3) يعني: إِذا بطل أن يكون عشرة وبطل أن يكون سبعة تعين أن يكون الجميع سبعة. (¬4) انظر: ص 930. (¬5) في (ظ): لمصدر. (¬6) يعني: الاستثناء تكلم ... إِلخ. (¬7) الثنيا: اسم من الاستثناء. انظر: لسان العرب 18/ 135، وتيسير التحرير 1/ 294. (¬8) فهذا يعارض كونه من الإِثبات نفيا، ومن النفي إِثباتا.

وجه الأخير: ضعف ما سبق: أما الأول: فلأنه يلزم من قال: "اشتريت الشيء إِلا نصفه" أن يريد استثناء نصفه من نصفه، ولتسلسله إِذًا، وللقطع بأن الضمير للشيء (¬1) البيع كاملاً، ولإِجماع النحاة (¬2): أنه إِخراج بعض من كل، ولإِبطال النصوص (¬3)، وللقطع بأنا نسقط الخارج (¬4)، فالمسند (¬5) إِليه ما بقي، ولو كان المراد بالمستثنى منه هو الباقي لم نعلم بالإِسقاط أن المسند إِليه ما بقي؛ لتوقف إِسقاطه على حصول خارج، ولا خارج إِذًا. رد ذلك: أن المستثنى منه هو الجميع بحسب ظاهره، والاستثناء بين أن المراد به النصف، فجميع ذلك بحسب الظاهر، فلا منافاة. ولا يلزم (¬6) (¬7) إِبطال نص وهو: ما لا يحتمل إِلا معنى واحداً عند عدم (¬8) قرينة. ¬

_ (¬1) نهاية 126 أمن (ب). (¬2) انظر: شرح الرضي على الكافية 1/ 225. (¬3) كله؛ إِذ ما من لفظ إلا ويمكن الاستثناء لبعض مدلوله، فيكون المراد هو الباقي، فلا يبقى نصا في الكل، ونحن نعلم أن نحو "عشرة" نص في مدلوله. (¬4) يعني: نسقط الخارج من العشرة عنها. (¬5) يعني: فيعلم أن المسند إِليه ما بقي. (¬6) في (ظ): ويلزم. (¬7) نهاية 264 من (ح). (¬8) في (ظ): عام.

مسألة

وأما ضعف الثاني: فخروجه (¬1) عن اللغة؛ إِذ ليس فيها كلمة واحدة مركبة من ثلاث، وأولها معرب أيضًا ولا إِضافة (¬2)، ولأنه يعود الضمير في "إِلا نصفه" على جزء الاسم، وهو ممتنع، ولإِجماع النحاة: أنه إِخراج (¬3). مسألة الاستثناء إِخراج ما لولاه لوجب دخوله -عند أصحابنا والأكثر- لا ما جاز دخوله، خلافاً لقوم. واحتج أصحابنا: باللغة، وبأنه لا يصح الاستثناء من جمع منكّر كـ "اضرب رجالا إِلا زيدا" -وقال في التمهيد (¬4): قال: "إِلا" بمعنى "ليس" أي: ليس زيد منهم- كما لا يصح: اضرب رجلاً إِلا زيدًا. واعترض: بـ "مَنْ دخل داري أكرمته" لا تدخل الملائكة والجن. فأجاب القاضي (¬5): خرجوا بدليل؛ لعدم جواز دخولهم. ¬

_ (¬1) في (ظ): لخروجه. (¬2) يعني: من غير إِضافة. (¬3) نهاية 92 أمن (ظ). (¬4) انظر: التمهيد/ 51 ب، 55 ب. (¬5) انظر: العدة/ 500، 503، قال: لفظة (مَنْ) إذا استعملت في الاستفهام نحو: من عندك؟ صلح أن يجيب بذكر كل عاقل، فثبت أن اللفظ يتناول الجميع، وكذلك إِذا استعملت في المجازاة نحو: "من دخل داري أكرمته" صلح استثناؤهم؛ لأن الاستثناء يخرج من اللفظ ما لولاه كان داخلاً فيه، ألا تراه لما لم يتناول غير العقلاء لم يصح استثناوهم. فإِن قيل: لا نسلم أن صيغة (مَنْ) لكل من يعقل؛ لأن ممن يعقل=

وفي التمهيد (¬1): يصح، وإذا قلنا: "لا يصح" (¬2) فلمانع (¬3)؛ لأن المتكلم ما عناهم، ثم (¬4) يلزمهم صحة استثنائهم؛ لأنه يصلح دخولهم. وأبطل أبو البقاء (¬5) النصب في: (لو كان فيهما آلهة إِلا الله) (¬6)؛ لأنه (¬7) لا يصح الاستثناء من جمع منكّر عند جماعة من المحققين (¬8)؛ لأنه لا يعم. ¬

_ =الجن والملائكة، ولا يدخلون فيه. قيل: الصيغة تناولت كل هؤلاء، وإنما خرج ذلك بدليل؛ لأنه إِنما يسأله عمن يجوز أن يكون عنده وعمن يجوز دخوله. (¬1) قال في التمهيد/ 52 أ: فإِن قيل: لو كان الاستثناء لا يخرج إِلا ما لولاه لوجب دخوله تحت اللفظ لحسن أن يقول: (من دخل داري ضربته إِلا الجن والملائكة)؛ لأنهم يدخلون تحت لفظة (من). قيل: يصح. (¬2) يعني: فإِنما يخرج الاستثناء ما لولاه لتناوله الكلام ولم يمنع مانع من دخوله تحته، والملائكة والجن يمنع مانع من دخولهم تحت اللفظ، وهو: علمنا أن المتكلم قبل الاستثناء لم يردهم ولا عناهم، فلم يكن في الاستثناء فائدة. (¬3) في (ح): فللمانع. (¬4) قال: ثم يلزمهم مثل هذا؛ لأن الاستثناء لو أخرج من الكلام ما لولاه لصلح دخوله لوجب إِذا استثنى الملائكة والجن أن يصح؛ لأن دخولهم في قوله: (من دخل داري ضربته) يصح ويصلح أن يدخلوا فيه، فكل ما يلزمنا يلزمهم. (¬5) انظر: إِملاء ما من به الرحمن 2/ 132. (¬6) سورة الأنبياء: آية 22. (¬7) في (ب) و (ظ): الآية. (¬8) نهاية 126 ب من (ب).

مسألة

وسلّم القاضي (¬1) وابن عقيل (¬2) [أيضًا] (¬3) -في الجمع المنكر- صحة الاستثناء؛ لأنه قد يكون إِخراج بعضٍ من بعضٍ الذي هو أقل الجمع. مسألة شرط الاستثناء الاتصال لفظاً أو حكماً -كانقطاعه بتنفس أو سعال ونحوه- عند الأئمة الأربعة وغيرهم والمتكلمين. وروى سعيد: ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن مجاهد عن ابن (¬4) عباس: أنه كان يرى الاستثناء ولو بعد سنة (¬5). ¬

_ (¬1) انظر: العدة/ 525، والمسودة/ 159. (¬2) انظر: الواضح 2/ 94 ب. (¬3) ما بين المعقوفتين من (ح). (¬4) نهاية 265 من (ح). (¬5) أخرجه الحاكم في مستدركه 4/ 303 ... عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس، وقال: "صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي. وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى 10/ 48 من طريق سعيد بن منصور، وأخرجه الطبري في تفسيره 15/ 151 وفيه: قيل للأعمش: سمعته من مجاهد؟ فقال: ثني به ليث بن أبي سليم. وقد ورد عن ابن عباس خلاف هذا، فقد أخرج الطبراني في معجمه عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس -في قوله تعالى: (واذكر ربك إِذا نسيت) - قال: إِذا شئت الاستثناء فاستثن إِذا ذكرت، وهي لرسول الله، وليس لنا أن نستثني إِلا بصلة اليمين. ا. هـ. قال الزيلعي: وقد استوفينا الروايات عن ابن عباس في ذلك والكلام عليها في أحاديث الأصول. انظر: نصب الراية 3/ 303. وفي مجمع الزوائد=

الأعمش مدلّس (¬1). ومعناه قول طاوس (¬2) ومجاهد. وقال بعض المالكية (¬3): يصح اتصاله بالنية وانفصاله (¬4) لفظا فيديّن، قال الآمدي (¬5): ولعله مذهب ابن عباس. وعن أحمد (¬6) -في الاستثناء في اليمين-: يصح منفصلاً في زمن ¬

_ =4/ 182: وعن ابن عباس: (واذكر ربك إِذا نسيت) الاستثناء فاستثن إِذا ذكرت. قال: هي خاصة لرسول الله، وليس لأحد أن يستثني إِلا في صلة. رواه الطبراني في الأوسط والصغير وفيه عبد العزيز بن حصين وهو ضعيف. وانظر: المعتبر/ 54 أ-ب، وقال الزركشي فيه بعد كلام طويل: وتحصل من هذا أن إِطلاق النقل عن ابن عباس في هذه المسألة ليس بجيد لأمرين: أحدهما: أنه لم يقل ذلك في الاستثناء، وإِنما قاله في تعليق المشيئة، قال ابن جرير: ولو صح عنه فهو محمول على أن السنة أن يقول الحالف: "إن شاء الله" ولو بعد سنة، ليكون آتيا بسنة الاستثناء حتى ولو كان بعد الحنث لا أن يكون رافعا لحنث اليمين ومسقطا للكفارة. وثانيهما: أنه جعل ذلك من الخصائص النبوية. (¬1) انظر: ميزان الاعتدال 2/ 224. (¬2) انظر: المصنف لعبد الرزاق 8/ 517، والمحلى لابن حزم 8/ 408 - 409. (¬3) انظر: المنتهى لابن الحاجب/ 91، ومختصره 2/ 137، وشرح تنقيح الفصول/ 242، والإحكام للآمدي 2/ 289. (¬4) في هامش (ب) و (ظ): أصله: وانقطاعه. (¬5) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 289. (¬6) انظر: العدة/ 660 - 661.

يسير، ولم يختلط كلامه بغيره. وعنه (¬1) أيضاً: وفي المجلس، وذكره في الإِرشاد قول بعض أصحابنا، وهو عن الحسن وعطاء (¬2)، وفي المبهج لبعض أصحابنا: ولو تكلم. وفي المستوعب (¬3) لبعض أصحابنا (¬4): يعتبر للاستثناء في الإِقرار الاتصال كاليمين. وفي الواضح (¬5) لابن الزاغوني (¬6) -في الإِقرار-: إِن سكت ما يمكنه الكلام فروايتان، أصحهما: لا يصح استثناؤه، والثانية: يصح، كما لو تقارب ما بينهما، أو منع مانع. كذا قال. وقال بعض أصحابنا (¬7) -عن الروايتين السابقتين في اليمين-: يجب إِجراؤهما في جميع صلات الكلام المغيرة له من تخصيص وتقييد، والأحكام تدل على ذلك كسكوته (¬8) في ¬

_ (¬1) انظر: العدة / 661. (¬2) حكاه الحلواني، فانظر: المسودة/ 152. (¬3) المستوعب: كتاب في الفقه الحنبلي - لمحمد بن عبد الله السامري الحنبلي، المتوفى سنة 616 هـ. توجد منه نسخة مخطوطة بدار الكتب الظاهرية بدمشق، برقم 2738. وقد حقق في رسائل دكتوراه -بقسم الفقه بكلية الشريعة بالرياض- لكل من: د/ مساعد الفالح، د/ فهد السنيدي، د / محمَّد الشمراني، د/ عبد الرحمن الداود. (¬4) انظر: المستوعب 3/ 161 ب. (¬5) الواضح: كتاب في الففه الحنبلي. ولم أعثر عليه. (¬6) في (ب): لابن الزاغوي. (¬7) انظر: المسودة/ 152 - 153. (¬8) في (ح): لسكوته.

الفاتحة (¬1)، وهو (¬2) شبيه بمجلس العقود من الإِيجاب والقبول أو أقصر منه (¬3). لنا: قوله - عليه السلام -: (من حلف على يمين فرأى غيرها خيرًا منها (¬4) فليكفر عن يمينه) (¬5). متفق عليه، احتج به أحمد والأئمة، فلو صح ¬

_ (¬1) يعني: لو سكت في أثنائها سكوتا يسيرا لم يخل بالمتابعة الواجبة، ولو طال أو فصل بأجنبي أخل. (¬2) يعني: اعتبار الزمان القريب وعدم الأجنبي. (¬3) لأن ارتباط كلام المتكلم الواحد بعضه ببعض إِن لم تكن موالاته أشد من موالاة كلام المتكلمين لم تكن دونه. (¬4) نهاية 127 أمن (ب). (¬5) أخرج البخاري في صحيحه 18/ 147 - 148، ومسلم في صحيحه/ 1273 - 1274 عن عبد الرحمن بن سمرة مرفوعًا: (وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرًا منها فأْتِ الذي هو خير وكفّر عن يمينك). وأخرج مسلم في صحيحه/ 1272 عن أبي هريرة مرفوعاً: (من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأْت الذي هو خير وليكفر عن يمينه). وأخرجه -بمثل هذا اللفظ- النسائي في سننه 7/ 11 عن عدي بن حاتم مرفوعًا، وأخرجه النسائي أيضًا في سننه 7/ 10 عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعاً، إِلا أنه قال: (فليكفر عن يمينه وليأت الذي هو خير). وأخرجه الترمذي في سننه 3/ 43 عن أبي هريرة مرفوعًا، بلفظ: ... (فليكفر عن يمينه وليفعل). وأخرجه ابن ماجه في سننه/ 681 عن عدي مرفوعاً، بلفظه السابق، وأخرجه -كذلك- أيضاً الدارمي في سننه 2/ 107، وأحمد في مسنده 4/ 256. وأخرجه مالك في الموطأ/ 478 عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ: (فليكفر عن يمينه وليفعل الذي هو خير).

لم يعين الكفارة وأرشده إِلى الاستثناء؛ لأنه أسهل، لعدم حنثه (¬1) (¬2). وعن ابن عمر مرفوعًا: (من حلف -فقال: إِن شاء الله- فلا حِنْث عليه). رواه أحمد والنسائي والترمذي وحسنه (¬3)، (¬4) وإسناده جيد، والأشهر وقفه (¬5). والفاء للتعقيب، وإلا (¬6) كانت الواو أولى، لكثرة الفائدة وعدم (¬7) اللبس. ولَمَا تَمَّ إِقرار ولا طلاق ولا عتاق. ولما علم صدق ولا كذب لإِمكان الاستثناء. ولأنه غير مستعمل لغة. ¬

_ (¬1) في (ظ): خبثه. والحِنْث في اليمين: نقضها والنَّكْث فيها. انظر: النهاية في غريب الحديث 1/ 449. (¬2) يعني: لأنه لا حنث بالاستثناء. (¬3) انظر: مسند أحمد 2/ 6، 48، 153، وسنن النسائي 7/ 12، وسنن الترمذي 3/ 43 - 44، وأخرجه أبو داود في سننه 3/ 575 - 576، وابن ماجه في سننه/ 680، وابن حبان في صحيحه (انظر: موارد الظمآن/ 287)، والشافعي (انظر: بدائع السنن 2/ 142)، والحاكم في مستدركه 4/ 303 وقال: صحيح الإِسناد ولم يخرجاه هكذا. ووافقه الذهبي. (¬4) نهاية 266 من (ح). (¬5) انظر: سنن الترمذي 3/ 44، ونصب الراية 3/ 301، والتلخيص الحبير 4/ 168. (¬6) نهاية 92 ب من (ظ). (¬7) في (ظ): ولعدم.

ولأنه غير مستقل، كالجزاء مع الشرط والخبر مع المبتدأ. وجوّزه بعض أصحابنا (¬1) فيهما (¬2) بزمن يسير. قالو ا: لو لم يصح لم يفعله - عليه السلام - في: (لأغزون قريشًا)، ثم سكت، قال: (إِن شاء الله)، ثم لم يغزهم. رواه أبو داود (¬3) من حديث شريك (¬4) عن ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 153. (¬2) يعني: في المبتدأ والخبر، والشرط والجزاء. (¬3) انظر: سنن أبي داود 3/ 589 - 591. وأخرجه ابن حبان في صحيحه موصولا (انظر: موارد الظمآن/ 288)، والبيهقي في سننه 10/ 47 - 48 موصولاً ومرسلاً. وأخرجه أبو يعلى الموصلي في مسنده وابن عدي في الكامل موصولاً. انظر: نصب الراية 3/ 303. وقال ابن حبان في كتاب الضعفاء: هذا حديث رواه شريك ومسعر، فأسنداه مرة، وأرسلاه أخرى. ا. هـ. وذكره ابن القطان في كتابه -وفيه عبد الواحد بن صفوان- ثم قال: وعبد الواحد هذا ليس بشيء، والصحيح مرسل. ا. هـ. انظر: نصب الراية 3/ 303. وقال أبو حاتم: روي مرسلاً وهو أشبه. فانظر: العلل لابنه 1/ 440، وراجع: المعتبر/ 55 أ- ب. (¬4) هو: أبو عبد الله شريك بن عبد الله بن أبي شريك النخعي الكوفي القاضي، روى عن أبي إِسحاق السبيعي وسماك بن حرب والأعمش وغيرهم، وعنه: ابن مهدي ووكيع وابنه عبد الرحمن بن شريك وغيرهم، توفي سنة 177 هـ. قال أحمد: هو في أبي إِسحاق أوثق من زهير. وقال ابن معين: ثقة يغلط. وقال العجلي: ثقة. وقال يعقوب بن سفيان: ثقة سيئ الحفظ. قال ابن حجر في التقريب: صدوق يخطئ كثيراً، تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة. انظر: ميزان الاعتدال 2/ 270، وتهذيب التهذيب 4/ 333، وتقريب التهذيب 1/ 351

سِمَاك (¬1) عن عكرمة عن ابن عباس مرسلاً وموصولاً. رد: إِن صح فسكوته لعارض، أو التقدير: أفعل إِن شاء الله. قال: لولا صحته لم يقل به ابن عباس. رد: قال ابن عمر بخلافه، رواه سعيد (¬2) من رواية عبد الرحمن بن أبي الزناد. ¬

_ (¬1) هو: أبو المغيرة سماك بن حرب بن أوس الذهلي البكري الكوفي، روى عن جابر بن سمرة وأنس والنعمان بن بشير وغيرهم، وعنه: ابنه سعيد والثوري وشريك وغيرهم، توفي سنة 123 هـ. وثقه أبو حاتم وابن معين في رواية ابن أبي خيثمة وابن أبي مريم. وقال أبو طالب عن أحمد: مضطرب الحديث. قال ابن حجر في التقريب: صدوق، وروايته عن عكرمة خاصة مضطربة. وقد تغير بأخرة فكان ربما يلقن. انظر: ميزان الاعتدال 2/ 232، وتهذيب التهذيب 4/ 232، وتقريب التهذيب 1/ 332. (¬2) أخرج الدارقطني في سننه 4/ 162: نا إِسماعيل بن محمَّد الصفار نا عمر بن مدرك نا سعيد بن منصور نا ابن أبي الزناد عن أبيه عن سالم عن ابن عمر قال: كل استثناء غير موصول فصاحبه حانث. قال في نصب الراية 3/ 303: وعمر بن مدرك ضعيف. وفي المعرفة للبيهقي: وروى سالم عن ابن عمر أنه قال: كل استثناء موصول فلا حنث على صاحبه، وكل استثناء غير موصول فصاحبه حانث. فانظر: نصب الراية 3/ 303. وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى 10/ 47: أخبرنا أبو نصر بن قتادة أنبأنا أبو منصور النضروي ثنا أحمد بن نجدة ثنا سعيد بن منصور ... إِلخ. وأخرج -أيضاً- من طريق آخر عن ابن عمر قال: إِذا حلف الرجل فاستثنى فقال: "إِن شاء الله" ثم وصل الكلام بالاستثناء ثم فعل الذي حلف عليه لم يحنث.

ثم: إِن صح فلعل مراده: "أفعل إِن شاء الله"، أو ما سبق (¬1). وذكر الآمدي (¬2): اتفاق أهل اللغة -سواه- على إِبطاله. ونقض بعضهم بصفة وغاية. كذا قال. واحتج بعض أصحابنا (¬3): بأن الاتصال والموالاة (¬4) في الأقوال لا يخل بهما (¬5) فصل يسير كما في (¬6) الأفعال، وقوله - عليه السلام -: (إِلا الإِذخر) (¬7)، وقوله -عن سليمان عليه السلام -: (لو قال: "إِن شاء الله" لم يحنث) (¬8)، وقوله: (إِلا سهيل (¬9) ¬

_ (¬1) وهو ما ذكره الآمدي في ص 902. (¬2) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 291. (¬3) انظر: المسودة / 152، 153. (¬4) في (ب): المولاة. (¬5) في (ح): بها. (¬6) يعني: كالاتصال والموالاة في الأفعال؛ إِذ المتقارب متواصل. (¬7) أخرج البخاري في صحيحه 4/ 104 - 105، ومسلم في صحيحه/ 986 - 987 عن ابن عباس: أن النبي قال -عن بلد مكة- (لا يختلى خلاه)، فقال العباس: يا رسول الله، إِلا الإِذخر، فإِنه لقينهم وبيوتهم، فقال: (إِلا الإِذخر). (¬8) وتتمته: (وكان دَرَكا لحاجته). أخرجه البخاري في صحيحه 8/ 146 - 147، ومسلم في صحيحه/ 1275 عن أبي هريرة مرفوعاً. (¬9) هو: الصحابي سهيل بن بيضاء القرشي، وبيضاء أمه، واسمها وعد، واسم أبيه وهب ابن ربيعة الفهري القرشي، توفي بالمدينة سنة 9 هـ. انظر: الاستيعاب/ 667، والإِصابة 3/ 208.

ابن بيضاء (¬1) , ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في سننه 4/ 335 - 336 من حديث أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه -في شأن أسارى بدر- وفيه: فقال رسول الله: (لا ينفلتن أحد منهم إِلا بفداء أو ضرب عنق). فقال عبد الله بن مسعود: فقلت: يا رسول الله، إِلا سهيل ابن بيضاء؛ فإِني سمعته يذكر الإِسلام، قال: فسكت رسول الله، قال: فما رأيتني في يوم أخوف أن تقع عليّ حجارة من السماء مني في ذلك اليوم حتى قال رسول الله: (إِلا سهيل بن البيضاء ...) قال الترمذي: حديث حسن، وأبو عبيدة بن عبد الله لم يسمع من أبيه. وأخرجه أحمد في مسنده 1/ 383 - 384، والطبري في تفسيره 14/ 61 - 62ط: دار المعارف، والحاكم في مستدركه 3/ 21 - 22 وقال: صحيح الإِسناد ولم يخرجاه .. ووافقه الذهبي. وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد 6/ 86 - 87، وقال: ورواه أبو يعلى بنحوه، ورواه الطبراني أيضاً، وفيه أبو عبيدة ولم يسمع من أبيه، ولكن رجاله ثقات. وانظر: الإصابة 3/ 209. ملاحظة: قول المؤلف: (سهيل بن بيضاء) كذا ورد -أيضًا- في الروايات. أقول: ولعله الصحابي سهل بن بيضاء أخو سهيل، قال ابن سعد في الطبقات 4/ 1/ 156: سهل بن بيضاء: أسلم بمكة وكتم إِسلامه، فأخرجته قريش معها في نفير بدر، فشهد بدرًا مع المشركين، فأسر يومئذ، فشهد له عبد الله بن مسعود أنه رآه يصلي بمكة، فخلي عنه. والذي روى هذه القصة في سهيل بن بيضاء قد أخطأ؛ سهيل بن بيضاء أسلم قبل عبد الله بن مسعود ولم يستخف بإسلامه، وهاجر إِلى المدينة، وشهد بدرا مع رسول الله مسلما لا شك فيه، فخلط من روى ذلك الحديث ما بينه وبين أخيه؛ لأن سهيلا أشهر من أخيه سهل، والقصة في سهل. ا. هـ.

وبما [سبق (¬1)] (¬2) من الأحكام. ويجاب عن القياس: بالمنع، وبأنه (¬3) خلاف ما سبق (¬4) من النص واللغة. و (إِلا الإِذخر) ونحوه: من بيان الفقه، وهو أسهل، ولهذا اكتفي فيه بالإِشارة في أحكام الحج. ولم يحنث سليمان؛ لوجود ما حلف عليه لقوله: (وكان دركا لحاجته) (¬5). والأحكام تعمها أدلة الإِجزاء، ولا يختل المقصود بها، والجمع (¬6) متعين. وأجاب ابن عقيل (¬7) -عن كون المجلس كحالة الكلام بدليل (¬8) الصرف (¬9) -: بما (¬10) ¬

_ (¬1) في ص 903 - 904. (¬2) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬3) نهاية 127 ب من (ب). (¬4) في ص 904 - 905. (¬5) نهاية 267 من (ح). (¬6) بين أدلتها وأدلة وجوب الاتصال. (¬7) انظر: الواضح 2/ 140أ. (¬8) يعني: بدليل قبض ثمن الصرف. (¬9) ضرب على (الصرف) في (ظ). (¬10) في (ب) و (ظ): ما.

مسألة

سبق (¬1)، وأن ذلك (¬2) لا يعقل معناه. والله أعلم. مسألة لا يصح الاستثناء إِلا نطقا (¬3) عند الأئمة الأربعة وغيرهم، لما سبق، إِلا في اليمين لخائف من نطقه. وقال بعض المالكية -في اليمين-: قياس مذهب مالك (¬4) صحته بالنية. * * * ويجوز تقديمه عندهم، كقوله - عليه السلام -: (إِني والله إِن شاء الله لا أحلف على يمين) الحديث (¬5)، متفق عليه. ¬

_ (¬1) من تشبيه الاستثناء بالشرط والجزاء ... انظر: ص 906. (¬2) قال: وبأن ذلك تعبد لا يعقل معناه، فأين هو من صلة الكلام بعضه ببعض من طريق اللغة والوضع؟ (¬3) في هامش (ظ): مراده -والله أعلم-: إِذا كان المستثنى منه عددا صريحًا، بخلاف ما إِذا كان المستثنى منه عاما، فإِنه يصح الاستثناء منه بالنية على ما ذكروه في كتب الفقه فيما إِذا قال: (أنت طالق ثلاثاً) واستثنى بقلبه: (إِلا واحدة) فإِنه لا يديّن على المقدم، خلافا لأبي الخطاب، وإذا قال: (نسائي طوالق) واستثنى بقلبه واحدة فإِنه يدين؛ لأن (نسائي) عام، فإِن قال: (نسائي الأربع) لم يدين على المقدم؛ لكونه صرح بالعدد بقوله: (الأربع)، والله أعلم. (¬4) في المدونة 2/ 109: قال مالك: وإن استثنى في نفسه ولم يحرك به لسانه لم ينتفع بذلك. (¬5) وتمامه: (فأرى غيرها خيرا منها إِلا أتيت الذي هو خير وتحللتها). أخرجه البخاري في صحيحه 8/ 147، ومسلم في صحيحه/ 1270 عن أبي موسى مرفوعاً.

مسألة

وكقول الكميت (¬1): فما لي إِلا آل أحمد شيعة (¬2). مسألة استثناء الكل باطل إِجماعًا. ثم: إِذا استثني منه: فهل يبطل الجميع؛ لأن الثاني فرع الأول، أم يرجع إِلى ما قبله؛ لأن الباطل كالعدم، أم يعتبر ما تؤول إِليه الاستثناءات (¬3)؟ فيه أقوال لنا وللعلماء. وقال ابن أبي طلحة (¬4) ¬

_ (¬1) هو: أبو المستهل -أو أبو السهيل- الكميت بن زيد بن خنيس الأسدي، شاعر رافضي متعصب، ولد سنة 60 هـ، وتوفي سنة 126 هـ. انظر: الشعر والشعراء 2/ 581، وطبقات فحول الشعراء لابن سلام الجمحي/ 45. (¬2) هذا صدر من بيت عجزه: وما لي إِلا مشعب الحق مشعب وقد نسبه إِليه المبرد في المقتضب 4/ 398، وابن يعيش في شرح المفضل 2/ 79، وابن منظور في لسان العرب 1/ 483، وخالد الأزهري في التصريح 1/ 355. ويروى بلفظ: وما لي إِلا مذهب الحق مذهب فانظر: شرح شذور الذهب/ 263، ومعجم شواهد العربية 1/ 35. (¬3) في (ب): الاستثناءان. (¬4) كذا في النسخ، ولعل صوابه: ابن طلحة، فانظر: شرح تنقيح الفصول/ 244.=

المالكي (¬1) -في: أنت طالق ثلاثاً إِلا ثلاثاً-: في لزوم الثلاث قولان. قال بعض المالكية (¬2): عدمه (¬3) يقتضي استثناء الجميع (¬4). * * * والأكثر -أيضًا- باطل عند أحمد (¬5) وأصحابه، وقاله أبو يوسف (¬6) وعبد الملك (¬7) بن الماجشون وأكثر النحاة (¬8)، وذكر (¬9) ابن هبيرة: أنه قول ¬

_ =وهو: أبو بكر عبد الله بن طلحة بن محمَّد اليابري الإشبيلي، فقيه أصولي مفسر، روى عن أبي الوليد الباجي، ورحل إِلى المشرق، وروى عنه أبو الحجاج يوسف بن محمَّد القيرواني، وكان سماعه منه سنة 516 هـ، استوطن مصر، ثم رحل إلى مكة وتوفي بها، ولم أقف على تاريخ وفاته. من مؤلفاته: المدخل في الفقه، وسيف الإِسلام على مذهب مالك. انظر: نيل الابتهاج بتطريز الديباج/ 131 - 132، وشجرة النور الزكية 130. (¬1) قال ذلك في كتابه: المدخل. انظر: شرح تنقيح الفصول/ 244، 246. (¬2) انظر: شرح تنقيح الفصول/ 244 - 245. (¬3) يعني: عدم اللزوم. (¬4) يعني: جواز استثناء الجميع من الجميع. (¬5) انظر: العدة/ 666، والمسودة/ 154. (¬6) انظر: بدائع الصنائع / 4562. (¬7) نقله عنه المازري. انظر: المسودة/ 155. (¬8) انظر: همع الهوامع 1/ 228. (¬9) انظر: الإفصاح 2/ 17.

أهل (¬1) اللغة. وعند أكثر الفقهاء والمتكلمين -منهم: الأئمة الثلاثة-: يصح، واختاره أبو بكر الخلال من أصحابنا. وجه الأول: أنه لغة، فمن ادعاه فعليه (¬2) البيان. ثم نقول: لا يعرف لما سبق (¬3)، وأنكره الزجاج (¬4) وابن قتيبة (¬5) وابن (¬6) درستويه (¬7) وابن (¬8) جني. فإِن قيل: جوزه (¬9) أكثر الكوفيين. ¬

_ (¬1) نهاية 93 أمن (ظ). (¬2) نهاية 128 أمن (ب). (¬3) من أن أهل اللغة قالوا بخلافه. (¬4) في كتابه: معاني القرآن إعرابه. انظر: العدة/ 667. (¬5) في كتابيه: (جوابات المسائل، والجامع في النحو). انظر: العدة/ 667 - 668. (¬6) انظر: العدة/ 666. (¬7) هو: أبو محمَّد عبد الله بن جعفر بن درستويه الفارسي، نحوي مشهور، توفي سنة 347 هـ. من مؤلفاته: الإرشاد في النحو، وغريب الحديث. انظر: وفيات الأعيان 2/ 247، وطبقات النحويين واللغويين/ 116، وبغية الوعاة 2/ 36، وإنباه الرواة 2/ 113. (¬8) انظر: العدة/ 667. (¬9) انظر: شرح الرضي على الكافية 1/ 240، والتسهيل لابن مالك/ 103، وهمع الهوامع 1/ 228.

قيل: (¬1) نمنع ثبوته عنهم في الأعداد (¬2)، ثم: عليهم الدليل، والبصريون (¬3) أثبت في اللغة -كالخليل (¬4) وسيبويه (¬5) - وقد منعوه، وأنكره من تتبعه كما سبق. وأيضًا: وضع للاستدراك والاختصار، فمن أقر بألف إِلا تسعمائة تسعة (¬6) وتسعين، فهو خلاف الوضع، ولهذا يعد قبيحًا عرفًا، والأصل التقرير. واستدل: بأنه خلاف الأصل؛ لأنه إِنكار بعد إِقرار فصح في الأقل لأنه قد ينساه فينضر (¬7) إِن لم يصح. ¬

_ (¬1) في (ب) و (ظ): يمتنع. (¬2) نهاية 268 من (ح). (¬3) انظر: همع الهوامع 1/ 228. (¬4) هو: أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد الأزدي الفراهيدي البصري، واضع علم العروض، إِمام في العربية، توفي سنة 170 هـ. من مؤلفاته: كتاب العين، والعروض. انظر: المعارف/ 541، ومعجم الأدباء 11/ 72، ووفيات الأعيان 2/ 15، وطبقات النحويين واللغويين/ 47، وإنباه الرواة 1/ 341. (¬5) انظر: المسودة / 154 - 155. (¬6) كذا في النسخ. ولعلها: وتسعة. (¬7) في (ب) و (ظ): فينضر في الأقل إِن لم يصح.

رد: بالمنع؛ فإِنهما كجملة (¬1)، وهو (¬2) تكلم بالباقي. ثم: بمنع مخالفة الأصل، فيصح في الأكثر؛ لئلا ينضر، وصدقه ممكن. قالوا: وقع في قوله: (إِلا من اتبعك من الغاوين) (¬3)، وقوله: (إِلا عبادك منهم المخلصين) (¬4)، وأيهما كان الأكثر فقد استثناه، أو أن الغاوين أكثر لقوله: (وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين) (¬5). رد: الخلاف في الاستثناء من عدد، وهذا تخصيص بصفة، وفرق بينهما؛ لأنه يستثنى بالصفة مجهولا من معلوم ومن مجهول والجميع أيضًا، فلو قال "اقتل من في الدار إِلا بني تميم أو إِلا البيض" -فكانوا كلهم بني تميم أو بيضًا- لم يجز قتلهم بخلاف العدد، ثم: الجنس ظاهر والعدد صريح، فلهذا فرقت اللغة بينهما. ثم: هو استثناء منقطع أي: لكن. ثم: قوله: (إِلا عبادك منهم) (¬6) يعني: ولد آدم، وفي الآية الأخرى (¬7) أضاف العباد إِليه، والملائكة منهم، فاستثنى الأقل فيهما. ¬

_ (¬1) في (ظ): كحكمه. (¬2) يعني: الاستثناء. (¬3) سورة الحجر: آية 42. (¬4) سورة الحجر: آية 40. (¬5) سورة يوسف: آية 103. (¬6) سورة الحجر: آية 40. (¬7) وهي قوله تعالى: (إِن عبادي ليس لك عليهم سلطان). سورة الحجر. آية 42.

واعتمد في العدة (¬1) والتمهيد (¬2) وغيرهما على الجواب الأول، وبه يجاب عن (¬3) قوله تعالى: (كلكم جائع إِلا من أطعمته). رواه مسلم من حديث أبي ذر (¬4). ولم يعرج عليه (¬5) صاحب الروضة (¬6). وبعض الناس ذكر فيه (¬7) خلافاً، كذا قال -[وفي الواضح (¬8): لا خلاف فيه (*)] (¬9) - لكن (¬10) اتفقوا: أنه لو أقر بهذه الدار إِلا هذا البيت صح، ولو كان أكثر، بخلاف "إِلا ثلثيها"، فإِنه على الخلاف، ولهذا قال ¬

_ (¬1) انظر: العدة/ 669 - 670. (¬2) انظر: التمهيد/ 58أ. (¬3) نهاية 128 ب من (ب). (¬4) انظر: صحيح مسلم/ 1994. وأخرجه أحمد في مسنده 5/ 16. وهذا حديث قدسي. (¬5) يعني: على الجواب الأول. (¬6) انظر: روضة الناظر/ 256. (¬7) يعني: في استثناء بعض الجملة التي لم ينص فيها على عدد. (¬8) انظر: الواضح 2/ 143 أ-ب. (*) يعني: استثناء بعض الجملة التي لم ينص فيها على عدد لا في المستثنى منه ولا الاستثناء، وإنما تعلم الكثرة بالاستدلال، وإنما الخلاف في استثناء الأكثر من جملة ذات عدد محصور منطوق به ويستثنى منها بعدد منصوص عليه. كذا قال في الواضح. (¬9) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬10) نهاية 269 من (ح).

صاحب المحرر (¬1): لا خلاف في جوازه إِذا كانت الكثرة من دليل خارج، لا من اللفظ. قالوا: كالتخصيص، كاستثناء الأقل. وجوابه واضح. وعجبٌ ممن (¬2) ذكر الخلاف ثم يحتج بالإِجماع: أن من أقر بعشرة إِلا درهمًا يلزمه تسعة (¬3). * * * وفي صحة استثناء النصف وجهان لنا (¬4)، وذكر ابن هبيرة (¬5) الصحة ظاهر المذهب. والمنع قول أكثر البصريين (¬6) وابن الباقلاني (¬7) -وذكره أبو الطيب (¬8) ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 155. (¬2) في (ب) و (ظ): من. (¬3) كذا في النسخ. وفي المنتهى لابن الحاجب/ 91: من أقر بعشرة إِلا تسعة لم يلزمه إِلا درهم. (¬4) انظر: العدة/ 270. (¬5) انظر: الإِفصاح 2/ 17. (¬6) انظر: شرح الرضي على الكافية 1/ 240، والتسهيل لابن مالك/ 103، وهمع الهوامع 1/ 228. (¬7) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 297، وشرح العضد 2/ 138. (¬8) انظر: المسودة/ 155.

الشافعي عن أحمد- لقول الزجاج (¬1): لم يأت إِلا في القليل. وجه الأول: قوله: (قم الليل إِلا قليلاً * نصفه) (¬2)، فـ (نصفه) بدل من (¬3) "قليل"؛ لأنه لو كان بدلا من (الليل) كان الاستثناء منه (¬4)، فقوله: (أو انقص منه) (¬5)، (أو زد عليه) (¬6) الهاء فيهما للنصف، أي: انقص من نصفه (¬7) قليلاً -أي: على (¬8) الباقي- والقليل المستثنى ليس (¬9) بمقدر فيعقل (¬10) النقصان منه. وقيل: "نصفه إِلا قليلاً" (أو انقص منه قليلاً) (¬11) معناها واحد. كذا قيل. * * * ¬

_ (¬1) في كتابه: معاني القرآن وإعرابه. انظر: العدة/ 667. (¬2) سورة المزمل: الآيتان 2، 3. (¬3) نهاية 93 ب من (ظ). (¬4) يعني: من النصف. (¬5) سورة المزمل: آية 3. (¬6) سورة المزمل: آية 4. (¬7) انظر: زاد المسير 8/ 388، وتفسير القرطبي 19/ 35، وإملاء ما من به الرحمن 2/ 271. (¬8) في (ح): أي على القليل الباقي. (¬9) في (ح): وليس. (¬10) يعني: فالنقصان منه لا يعقل، فكان المؤلف يقول: والقليل المستثنى ليس مقدر حتى يعقل النقصان منه. (¬11) سورة المزمل: آية 3.

مسألة

وعن جماعة من أهل اللغة (¬1) لا يصح استثناء عقد كـ "عشرة" من "مائة"، بل بعضه كـ "خمسة". مسألة الاستثناء -إِذا تعقب جملاً بالواو العاطفة- لجميعها عند أصحابنا والمالكية (¬2) والشافعية (¬3). وعند الحنفية (¬4): للأخيرة، قال صاحب المحرر (¬5): وهو (¬6) أقوى. وسبق (¬7) في الواو اختلاف أصحابنا: هل تجعل الجُمَل كجملة؟ وذكروا على هذا الأصل مسائلٍ (¬8) في الطلاق والإِقرار. وقال جماعة من المعتزلة، منهم: عبد الجبار وأبو الحصين (¬9) -ومعناه ¬

_ (¬1) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 297، والمسودة/ 155. (¬2) انظر: شرح تنقيح الفصول/ 249. (¬3) انظر: اللمع/ 24، والتبصرة/ 172، والمستصفى 2/ 174، والمحصول 1/ 3/ 63، والإِحكام للآمدي 2/ 300. (¬4) انظر: أصول السرخسي 2/ 44، وكشف الأسرار 3/ 133. (¬5) انظر: المسودة/ 156. (¬6) نهاية 129أمن (ب). (¬7) انظر: ص 131 - 132 من هذا الكتاب. (¬8) نهاية 270 من (ح). (¬9) انظر: المعتمد/ 264، والإِحكام للآمدي 2/ 300.

قول القاضي في الكفاية (¬1) -: إِن تبين إِضراب (¬2) عن الأولى فللأخيرة، وإلا فللجميع، والإِضراب: أن يختلفا نوعاً كالأمر والخبر نحو: "أكرم بني تميم، وجاء القوم إِلا الطوال"، أو اسمًا نحو: "أكرم بني تميم، وأهن بني زيد إِلا الطوال"، وليس الاسم في الثانية ضميراً للاسم في الأولى كـ "أكرم بني تميم، واستأجرهم إِلا الطوال"، أو حكماً كـ "أكرم واستأجر"، ولم تشترك الجملتان في غرض كـ "أكرم الضيف، وتصدق على الفقراء إِلا الفاسق"، فالغرض: الحمد (¬3). وتوقف ابن الباقلاني (¬4) والغزالي (¬5) وجماعة من الشافعية (¬6) القاضي (¬7) عن الأشعرية. قال ابن عقيل (¬8) وغيره: هو مُحْدَث بعد الإِجماع (¬9). ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 156. (¬2) في (ظ) ونسخة في هامش (ب): الإِضراب. (¬3) في (ب): الجمل. وفي (ظ): الحمل. (¬4) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 301، ومختصر ابن الحاجب 2/ 139. (¬5) انظر: المستصفى 2/ 177 - 178 وقال: وإن لم يكن بد من رفع التوقف فمذهب المعممين أولى. (¬6) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 301. (¬7) انظر: العدة/ 679. (¬8) انظر: الواضح 2/ 150 ب. (¬9) يعني: هو إِحداث قول آخر.

وقال المرتضى (¬1) الشيعي: بالاشتراك. واختار الآمدي (1): إِن ظهر أن الواو للابتداء -كالقسم الأول- فللأخيرة، أو عاطفة فللجميع، وإِن أمكنا فالوقف. وقيل: إِن كان بينهما تعلق كـ "أكرم العلماء والزهاد، وأنفق عليهم إِلا المبتدعة" فللجميع وإلا فللأخيرة (¬2). وجه الأول: أن العطف يجعل الجميع كواحد. رد: هذا في المفردات، وفي الجمل محل النزاع. قالوا: كالشرط فإِنه للجميع. رد: بالمنع (¬3)، ثم: قياس في اللغة، ثم: الشرط رتبته التقديم لغة بلا شك، فالجمل هي الشرط، والجزاء لها. قالوا: لو كرر الاستثناء كان مستهجنًا قبيحًا لغة، ذكره في الروضة (¬4) باتفاقهم. رد: بالمنع لغة، قاله الآمدي (¬5)، (¬6) ولهذا روى سعيد عنه - عليه ¬

_ (¬1) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 301. (¬2) في (ح): فلاخيرة. (¬3) يعني: منع أنه كالشرط. (¬4) انظر: روضة الناظر/ 258. (¬5) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 302. (¬6) نهاية 129 ب من (ب).

السلام -: (لا يؤم الرجل الرجل في سلطانه إِلا بإِذنه، ولا يقعد على تكرمته في بيته إِلا بإِذنه) (¬1). ثم: (¬2) عند قرينة اتصال الجمل. ثم: الاستهجان لترك (¬3) الاختصار؛ لأنه يمكن بعد الجمل: "إِلا كذا في الجميع". قالوا: صالح للجميع، فكان له كالعام، فبعضه تحكّم. رد: لا ظهور (¬4)، بخلاف العام، والجملة الأخيرة (¬5) أولى لقربها. قالوا: "خمسة وخمسة إِلا ستة" للجميع إِجماعًا -ذكره في التمهيد (¬6) - فدل أن المراد بالجمل ما يقبل الاستثناء، لا الجمل النحوية، ولهذا ذكر القاضي (¬7) وغيره الأعداد من صورها، وسوى بين قوله: "رجل ¬

_ (¬1) وأخرجه -بدون تكرار الاستثناء- مسلم في صحيحه / 465، وأبو داود في سننه 1/ 390 - 391، والترمذي في سننه 1/ 149 - 150 وقال: حسن صحيح، والنسائي في سننه 2/ 76، 77، وابن ماجه في سننه 133/ 314 من حديث أبي مسعود البدرى مرفوعًا. (¬2) يعني: إِنما يكون مستهجنا عند قرينة اتصال الجمل. (¬3) نهاية 271 من (ح). (¬4) يعني: صلاحيته لا توجب ظهوره. (¬5) نهاية 94 أمن (ظ). (¬6) انظر: التمهيد / 60أ. (¬7) انظر: العدة/ 680.

ورجل "وقوله: "رجلين". ورد: مفردات، والخلاف في الجمل، واختاره بعض أصحابنا (¬1)، وقال: فرق بين: "أكرم هؤلاء وهؤلاء إِلا الفساق" وبين: "أكرم هؤلاء، وأكرم هؤلاء إِلا الفساق". وإن سلم (¬2) فلتعذره (¬3) ليصح الكلام. واقتصر الآمدي (¬4) على منع صحة الاستثناء. واحتج بعض أصحابنا (¬5)؛ فقال: من تأمل غالب الاستثناءات في الكتاب والسنة واللغة وجدها للجميع، والأصل إِلحاق الفرد (¬6) بالغالب (¬7)، ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 157 - 158. (¬2) يعني: وإن سلم أنها من الباب فإنما قيل: يعود الاستثناء إِلى الجميع لتعذره ... (¬3) يعني: تعذر عوده إِلى الأخير فقط. (¬4) في منتهى السول 2/ 46. وقال في الإِحكام 2/ 303: لا نسلم صحة الاستثناء على رأي لنا، وإن سلمنا فإِنما عاد إِلى الجميع لقيام الدليل عليه، وذلك لأنه لا بد من إِعمال لفظه مع الإِمكان، وقد تعذر استثناء الستة من الجملة الأخيرة؛ لكونه مستغرقًا لها، وهو صالح للعود إِلى الجميع، فحمل عليه، ومع قيام الدليل على ذلك فلا نزاع، وإنما النزاع فيما إِذا ورد الاستثناء مقارنا للجملة الأخيرة من غير دليل يوجب عوده إِلى ما تقدم. (¬5) انظر: مجموع المتاوى 13/ 167. (¬6) في (ب) و (ظ): المفرد. (¬7) قال: لأن الاستثناء إِما أن يكون موضوعا لهما حقيقة فالأصل عدم الاشتراك، أو يكون موضوعًا للأقل فقط فيلزم أن يكون استعماله في الباقي مجازًا، والمجاز على=

فإِذا جعل حقيقة في الغالب (¬1) مجازًا فيما قل (¬2) عمل (¬3) بالأصل النافي للاشتراك والأصل النافي للمجاز (¬4)، وهو أولى من تركه مطلقًا. القائل "يخص بالجملة الأخيرة": لم يرجع في آية القذف (¬5) إِلى الجلد، فكذا غيرها، دفعا للاشتراك والمجاز. رد: بالمنع في رواية عن أحمد. ثم: لأنه حق آدمي فلا يسقط بتوبة، ولهذا عاد إِلى غيره. قال: (اللاتي دخلتم بهن) (¬6) شرط في الربائب دون أمهات النساء. رد: ليس باستثناء. ثم: لأنه من تتمة نعت الربائب. ¬

_ =خلاف الأصل، فكثرته على خلاف الأصل، فإِذا جعل حقيقة ... إِلخ. (¬1) يعني: فيما غلب استعماله فيه. (¬2) يعني: قل استعماله فيه. (¬3) يعني: كنا قد عملنا بالأصل ... (¬4) في صور التفاوت. (¬5) قال تعالى: (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون* إِلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم) سورة النور: الآيتان 4، 5. (¬6) قال تعالى: (وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن) الآية. سورة النساء: آية 23.

ولأن (نسائكم) (¬1) (¬2) الأولى مجرورة بالإِضافة، والثانية بـ "مِنْ"، فتمتنع الصفة؛ لاختلاف الجر، كاختلاف العمل. ثم: للنص (¬3). (¬4) ¬

_ (¬1) قال تعالى: (وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن) الآية. سورة النساء: آية 23. (¬2) نهاية 130أمن (ب). (¬3) أخرج الترمذي في سننه 2/ 393: حدثنا قتيبة أخبرنا ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن النبي قال: (أيما رجل نكح امرأة فدخل بها فلا يحل له نكاح ابنتها، فإِن لم يكن دخل بها فلينكح ابنتها، وأيما رجل نكح امرأة فدخل بها أو لم يدخل بها فلا يحل له نكاح أمها). وأخرجه البيهقي في سننه 7/ 160 من طريق ابن لهيعة ومن طريق المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب، وأخرجه الطبري في تفسيره 4/ 222 من طريق المثنى. قال الترمذي: هذا حديث لا يصح من قبل إِسناده، وإنما رواه ابن لهيعة والمثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب، والمثنى بن الصباح وابن لهيعة يضعفان في الحديث، والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم. وقال ابن حجر في التلخيص الحبير 3/ 166 - بعد ذكره كلام الترمذي السابق-: وقال غيره: يشبه أن يكون ابن لهيعة أخذه عن المثنى ثم أسقطه؛ فإِن أبا حاتم قد قال: لم يسمع ابن لهيعة من عمرو بن شعيب. وقال البيهقي -عن المثنى بن الصباح-: وهو غير قوي. وقال الطبري: وهذا خبر وإن كان في إِسناده ما فيه فإِن في إِجماع الحجة على صحة القول به مستغنى عن الاستشهاد على صحته بغيره. (¬4) نهاية 272 من (ح).

قال: "علي عشرة إِلا أربعة إِلا اثنين" للأخير (¬1). رد: لا عطف، ومفردات. ثم: لتعذره؛ لأن الاستثناء من الإِثبات نفي ومن النفي إِثبات، ولو تعذر الأخير فالأول كـ "عشرة إِلا اثنين إِلا اثنين". قالوا: الجملة الثانية فاصلة كالسكوت. رد: الجمل كجملة، ثم: يجب أن لا يعود إِلى الجميع في موضع. قالوا: ثبت حكم الأولى، وعوده إِليها مشكوك فيه. رد: بالمنع (¬2)، ثم (¬3): إِنما ثبت (¬4) بالسكوت من غير استثناء، ذكره في العدة (¬5) والتمهيد (¬6) والروضة (¬7) وغيرها، قال بعض أصحابنا (¬8): هذا جيد؛ فإِنه مانع لا رافع. ¬

_ (¬1) في (ظ): للأخيرة. (¬2) يعني: لم يثبت مع الجواز للجميع. (¬3) في (ح): بل. (¬4) في (ح): يثبت. (¬5) انظر: العدة/ 681. (¬6) انظر: التمهيد/ 60 ب. (¬7) انظر: روضة الناظر/ 258. (¬8) انظر: المسودة/ 159.

ومنع ابن عقيل (¬1) كالأول (¬2)، ثم عارض بتخصيص قاطع بظاهر. ثم: يبطل بالشرط (¬3). قالوا: عَوْده لعدم استقلاله، فتندفع الضرورة بالأقل، وما يليه متيقن. رد: بالمنع، بل لصلاحيته وظهوره (¬4)، والجمل كجملة، ثم: يبطل بالشرط. القائل بالاشتراك: حسن الاستفهام عن عوده. رد: لعدم العلم (¬5)، أو لرفع الاحتمال. قالوا: أطلق، والأصل الحقيقة. رد: سبق (¬6) تعارض الاشتراك والمجاز. * * * ¬

_ (¬1) قال في الواضح 2/ 152أ: لا نسلم ثبوت العموم مع اتصال الاستثناء ... ، ولأنا نعارضهم بمثله في العموم، فنقول: إِنه كما يخص بالقطع -وهو خبر التواتر ودليل العقل- يخص بالقياس وخبر الواحد، وليس بقطع بل ظن، وفي مسألتنا ما خصصناه إِلا بظن، فأما بشك فلا؛ لأن الترجيح لا يبقى معه شكٌّ. (¬2) يعني: كالجواب الأول. (¬3) حيث يلزم أن لا يعود على باقي الجمل. (¬4) وليس لعدم استقلاله. (¬5) يعني: للجهل بحقيقته. (¬6) في ص 86 من هذا الكتاب.

وقولنا في فرض المسألة: "الواو العاطفة" -كذا [في] (¬1) العدة (¬2) والتمهيد (¬3) وغيرهما في بحث المسألة-: أن واو العطف تجعل الجمل كجملة، وكذا بحثوا في الواو: أنها للجمع المطلق لا ترتيب فيها، وأنه هو المعنى الموجب جعل الجمل كجملة، وبنوا على ذلك "أنت طالق وطالق وطالق إِلا واحدة": هل (¬4) يصح الاستثناء؟ وأنه لو أتى بـ "الفاء" أو "ثم" لم يصح؛ لأن الترتيب أفرد (¬5) الأخيرة عما قبلها، فاختص بها الاستثناء (¬6) فلم يصح، وكذا لم أجد (¬7) إِلا من خَصّ الواو بذلك، إِلا ما قال بعض أصحابنا (¬8): إِن أصحابنا وغيرهم أطلقوا، فموجب ما ذكروه: لا فرق، وأنه يلزم من التفرقة أن لا تشرك الفاء و"ثم" حيث تشرك الواو، وهو خلاف اللغة، وأن من فرق -وهو أبو المعالي- قوله بعيد جداً (¬9)، وأنه اعترف بأن الأئمة أطلقوا. كذا قال، ويأتي (¬10) في الشرط. ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬2) انظر: العدة/ 680، 683. (¬3) انظر: التمهيد/ 60 أ. (¬4) نهاية 94 ب من (ظ). (¬5) في (ظ): افراد. (¬6) نهاية 130 ب من (ب). (¬7) من العلماء من أطلق ولم يقيد بالواو، فانظر: تيسير التحرير 1/ 302، وفواتح الرحموت 1/ 332، وشرح المحلي 2/ 17. (¬8) انظر: المسودة/ 158، ومجموع الفتاوى 13/ 158 - 159. (¬9) نهاية 273 من (ح). (¬10) انظر: ص 940.

مسألة

مسألة مثل: "بنو تميم وربيعة أكرمهم إِلا الطوال" للجميع. وجعله في التمهيد (¬1) أصلاً للمسأله قبلها. كذا قال. وقال بعض أصحابنا (¬2): لو قال: "أدخل بني هاشم ثم بني المطلب ثم سائر قريش وأكرمهم" فالضمير للجميع؛ لأنه (¬3) موضوع لما تقدم (¬4)، وليس من المسألة قبلها (¬5) مسألة الاستثناء من النفي إِثبات وبالعكس عند أصحابنا والمالكية (¬6) والشافعية (¬7)، ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد/ 60أ. (¬2) انظر: مجموع الفتاوى 31/ 147. (¬3) يعني: الضمير. (¬4) في الجملة. (¬5) يعني: مسألة الاستثناء المتعقب جملاً. (¬6) انظر: المنتهى لابن الحاجب/ 93، وشرح تنقيح الفصول/ 247. وقال في الفروق 2/ 93: اعلم أن مذهب مالك: أن الاستثناء من النفي إِثبات في غير الأيمان، هذه قاعدته في الأقارير، وقاعدته في الأيمان: أن الاستثناء من النفي ليس بإِثبات. (¬7) انظر: المحصول 1/ 3/ 56، والإِحكام للآمدي 2/ 308.

خلافاً للحنفية (¬1) في الأولى (¬2)، وسَوّى بعض الحنفية بينهما (¬3). لنا: اللغة (¬4)، وأن قول القائل: "لا إِله إِلا الله" توحيد، وتبادر فَهْم من سمع "لا عالم إِلا زيد" و"ليس لك عليَّ شيء إِلا درهم" إِلى علمه وإِقراره. فإِن قيل: فلو قال: "أليس له عليَّ أو عندي عشرة إِلا خمسة". قيل: لنا وللشافعية (¬5) خلاف: قيل: لا يلزمه شيء؛ لأن قصده نفي الخمسة وإِلا لأتى بكلام العرب: "ليس له عليّ إِلا خمسة". وقيل: يلزمه خمسة؛ لأنه إِثبات من نفي؛ لأن (¬6) التقدير: ليس له عشرة لكن خمسة. قالوا: لو كان لزم من قوله - عليه السلام -: (لا صلاة إِلا بطهور) ¬

_ (¬1) انظر: أصول السرخسي 2/ 36، وكشف الأسرار 3/ 122، 130، وتيسير التحرير 1/ 294، والتوضيح 2/ 289، وفتح الغفار 1/ 124، وفواتح الرحموت 1/ 326. وقد ذهبت طائفة من محققيهم إِلى قول الجمهور. (¬2) وهي: الاستثناء من النفي إِثبات. (¬3) في عدم إِثبات نقيض المحكوم به بعد "إِلا". (¬4) يعين: النقل عن أهل العربية أنه كذلك، وهو المعتمد في إِثبات مدلولات الألفاظ. (¬5) انظر: التمهيد للأسنوي/ 387، ونهاية المحتاج 5/ 105، ومغني المحتاج 2/ 258. (¬6) في (ح): ولأن. وكانت كذلك في (ظ)، ثم ضرب على الواو.

ثبوتها بالطهارة، ومثله: (لا نكاح إِلا بولي) (¬1)، و (لا تبيعوا البر بالبر إِلا سواء بسواء) (¬2). رد: لا يلزم؛ لأنه (¬3) استثناء من غير الجنس، وإنما سيق (¬4) لبيان اشتراط (¬5) الطهور للصلاة، ولا يلزم من وجود الشرط وجود المشروط (¬6). ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في سننه 2/ 280، 281، 282 من حديث أبي موسى مرفوعاً، وقال: وفي الباب عن عائشة وابن عباس وأبي هريرة وعمران بن حصين وأنس، وقال: وحديث أبي موسى حديث فيه اختلاف ... وقال: وحديث عائشة حديث حسن. وأخرجه عن أبي موسى -أيضًا- أبو داود في سننه 2/ 568، وابن ماجه في سننه/ 605، والدارمي في سننه 2/ 62، والطيالسي في مسنده (انظر: منحة المعبود 1/ 305)، والحاكم في مستدركه 2/ 169 - 172، ووصفه بأنه الأصل الذي لم يسع الشيخين إِخلاء الصحيحين عنه، وأطال الكلام عليه، وأخرجه ابن حبان في صحيحه (انظر: موارد الظمآن/ 304). وانظر: سنن البيهقي 7/ 105 وما بعدها. (¬2) أخرج مسلم في صحيحه/ 1210 عن عبادة بن الصامت قال: سمعت رسول الله ينهى عن بيع الذهب بالذهب ... والبر بالبر ... إِلا سواء بسواء. وأخرجه النسائي في سننه 7/ 275، وابن ماجه في سننه/ 757، والدارمي في سننه 2/ 174. وأخرج الشافعي (انظر: بدائع المنن 2/ 177) عن عبادة مرفوعاً: (لا تبيعوا الذهب بالذهب ... ولا البر بالبر ... إِلا سواء بسواء). وأخرجه -هكذا- البيهقي في سننه 5/ 276. (¬3) في (ب): لا يلزم لا استثناء ... (¬4) في (ب): سبق. (¬5) نهاية 131 أمن (ب). (¬6) وإن لزم من فواته ذوات المشروط.

وقال في الروضة (¬1): هذه صيغة الشرط، ومقتضاها نفيها (¬2) عند نفيها (¬3) ووجودها (¬4) عند وجودها ليس منطوقًا بل من المفهوم، فَنَفْي شيء لانتفاء شيء لا يدل على إِثباته عند وجوده، بل يبقى كما قبل النطق، بخلاف: "لا عالم إِلا زيد" (¬5). قال بعض أصحابنا (¬6): "جعله المثبت من قاعدة المفهوم ليس (¬7) بجيد"، وكذا جعله ابن عقيل في الفصول في قول أحمد: كل شيء يباع قبل قبضه إِلا ما كان مأكولا. وقد احتج القاضي (¬8) -في أن النكاح لا يفسد بفساد المهر-: بقوله: (لا نكاح إِلا بولي وشاهدي عدل (¬9))، قال: فاقتضى الظاهر ¬

_ (¬1) انظر: روضة الناظر/ 270 - 271. (¬2) يعني: نفي الصلاة. (¬3) يعني: نفي الطهارة. (¬4) يعني: وأما وجودها. (¬5) فهو صريح في الإِثبات والنفي. (¬6) انظر: المسودة / 354. (¬7) نهاية 274 من (ح). (¬8) انظر: المسودة/ 160. (¬9) سبق تخريج قوله: (لا نكاح إِلا بولي) في ص 932. أما الحديث بهذه الزيادة (وشاهدي عدل) فقد أخرجه الدارقطني في سننه 3/ 221 - 222، 225 - 227 من حديث ابن عباس مرفوعًا -ثم قال الدارقطني: رفعه علي بن الفضل ولم=

صحته (¬1)، ولم يفرق (¬2). قال بعض أصحابنا (¬3): هذه دلالة ضعيفة (¬4). فإِن قيل: فيه إِشكال سوى ذلك، وهو: أن المراد المنفي الأعم، أي: لا صفة للصلاة (¬5) معتبرة إِلا صفة الطهارة، فنفى الصفات المعتبرة وأثبت الطهارة. ¬

_ =يرفعه غيره- ومن حديث ابن مسعود وابن عمر وعائشة مرفوعاً. وقد تكلم في أسانيدها، فانظر: التعليق المغني على الدارقطني، ونصب الراية 3/ 189. وأخرجه الشافعي (انظر: بدائع المنن 2/ 317) موقوفاً على ابن عباس. وأخرجه ابن حبان في صحيحه (انظر: موارد الظمآن/ 305) من حديث عائشة مرفوعًا، وانظر: نصب الراية 3/ 167. وأخرجه البيهقي في سننه 7/ 111، 112 عن علي موقوفاً وعن ابن عباس موقوفاً، وأخرجه في سننه 7/ 125 من حديث عائشة وأبي هريرة مرفوعاً. وأخرجه عبد الرزاق في مصنفه 6/ 196 من حديث عمران بن حصين مرفوعاً. وراجع: نصب الراية 3/ 188، 189، والتلخيص الحبير 3/ 156، 162، ومجمع الزوائد 4/ 286، والفتح الرباني 16/ 156. (¬1) إِذا حضر الولي والشهود. (¬2) بين أن يكون المهر صحيحا وأن يكون فاسدًا. (¬3) انظر: المسودة/ 160. (¬4) قال: لكن قد يظن أن هذا يعكّر على قولنا: "إِن الاستثناء من النفي إِثبات"، وليس كذلك. (¬5) نهاية 95 أمن (ظ).

مسألة

قيل: المراد من نفيها المبالغة في إِثبات تلك الصفة، وأنها آكدها. والقول بـ "أنه استثناء منقطع، فلا إِشكال" بعيد؛ لأنه مُفَرَّغ، فهو من تمام الكلام، ومثله: "ما زيد إِلا قائم" ونحوه. مسألة من استثنى استثناء بعد استثناء -وعطف الثاني- أضيف إِلى الأول، فـ "عشرة إِلا ثلاثة وإلا اثنين" كـ "عشرة إِلا خمسة"، و"أنت طالق ثلاثاً إِلا واحدة وإلا واحدة" يلغو الثاني إِن بطل استثناء الأكثر. وإن لم يعطفه فاستثناء من استثناء يصح إِجماعًا، فـ "عليه عشرة إِلا ثلاثة إِلا درهما" يلزمه ثمانية؛ لأنه من إِثباتٍ نفيٌ (¬1) ومن نفيٍ إِثباتٌ، و"أنت طالق ثلاثاً إِلا واحدة إِلا واحدة" قيل: يلغو (¬2) الثاني، فتقع اثنتان، وقيل: لا، فتقع ثلاث؛ لأنه من نفي إِثبات. التخصيص بالشرط قال في التمهيد (¬3): الشرط ما وجد الحكم بوجوده وعدم (¬4) بعدمه (¬5). ¬

_ (¬1) نهاية 131 ب من (ب). (¬2) على أنه استثناء الكل. (¬3) انظر: التمهيد/ 11أ. (¬4) في (ب): وعدمه. (¬5) قال: مع قيام سببه.

وفي الروضة (¬1) -وقاله الغزالي (¬2) -: ما لا يوجد المشروط دونه، ولا يلزم وجوده بوجوده. وهو دور، وتعريف بالأخفى؛ لأن المشروط مشتق منه. ونقض طرده (¬3): بجزء السبب (¬4). (¬5) وقيل (¬6): ما يقف عليه تأثير (¬7) المؤثر في تأثيره لا في ذاته. ونقض عكسه: بالحياة القديمة، شرط للعلم القديم، ولا (¬8) تأثير ولا مؤثر. ولا ينتقض طرده بالمؤثر ومؤثر المؤثر؛ لإِشعار ذكر "تأثير المؤثر" بخروجهما؛ فإِن المؤثر لا يقف تأثيره على نفسه ولا [على] (¬9) مؤثره، بل ¬

_ (¬1) انظر: روضة الناظر/ 259. (¬2) انظر: المستصفى 2/ 181 - 182. (¬3) فهو غير مانع. (¬4) وليس بشرط. (¬5) نهاية 275 من (ح). (¬6) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 309. (¬7) كذا -أيضاً- في الإحكام للآمدي. وقال الشيخ عبد الرزاق عفيفي في تعليقه عليه: كان فيه تحريفا، ولعل الصواب: ما يتوقف عليه المؤثر في تأثيره لا في ذاته، وفي معناه ما قاله غيره: ما يتوقف تأثير المؤثر عليه. أ. هـ. فانظر: المنتهى لابن الحاجب/ 93. (¬8) في (ظ): لا. (¬9) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ظ).

يقف وجوده على مؤثره. واختار الآمدي (¬1) وغيره: ما يلزم من نفيه نفي أمر على وجه لا يكون سبباً لوجوده ولا داخلاً فيه (¬2). فيدخل: شرط الحكم، وشرط السبب. وهو: عقلي كالحياة للعلم، وشرعي كالطهارة للصلاة، ولغوي كـ: أنت طالق إِن دخلتِ. والشرط اللغوي أغلب استعماله في السببية العقلية نحو: "إِذا طلعت الشمس فالعالم مضيء"، والشرعية: (وإن كنتم جنبًا فاطهروا) (¬3). واستعمل لغة في شرط لم يبق للمسبَّب سواه، أي: في الشرط الأخير، نحو: إِن تأتني أُكْرِمك. * * * والشرط مخصِّص يخرج به ما لولاه لدخل كـ "أكرم بني تميم إِن دخلوا" فيقصره الشرط على من دخل، و"أكرمهم أبدًا إِن قدرت" وإِن خرج عدم القدرة بالعقل لا ينافي الدخول لغة. * * * ويتحد الشرط ويتعدد على الجمع والبدل، فهذه ثلاثة أقسام، كل منها ¬

_ (¬1) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 309. (¬2) يعني: في السبب. (¬3) سورة المائدة: آية 6.

مع الجزاء (¬1) كذلك، فهي تسعة. * * * وللشرط صدر الكلام، يتقدم على الجزاء لفظًا؛ لتقدمه في الموجود طبعا. فإِن تأخر لفظا: فأكثر النحاة: أن ما تقدم (¬2) ليس بجزاء بل قام مقامه ودَلَّ عليه، وهو محذوف (¬3). * * * والشرط كالاستثناء في اعتبار اتصاله بالمشروط. * * * وإن تعقب جملاً متعاطفة فللجميع عند الأئمة الأربعة، وذكره في التمهيد (¬4) إِجماعًا، وفي الروضة (¬5): سلّمه الأكثر. وفي المغني (¬6): "أنتِ عليّ حرام (¬7) ووالله لا أكلمك إِن شاء الله" ¬

_ (¬1) نهاية 123أمن (ب). (¬2) في (ح): ما يقدم. (¬3) نهاية 95 ب من (ظ). (¬4) انظر: التمهيد/ 59 ب. (¬5) انظر: روضة الناظر/ 258. (¬6) انظر: المغني 8/ 15. (¬7) في (ظ): حرام والله لا أكلمك ...

الاستثناء لهما في أحد (¬1) الوجهين؛ لأنه إِذا تعقب جملا عاد إِليها إِلا أن ينوي (¬2). ولعل مراده بالخلاف لاختلاف اليمين. واحتج في الواضح (¬3) لخصمه في الاستثناء: بـ "امرأتي طالق وأعط زيدًا درهما إِن قام" (¬4). فأجاب: لعدوله عن إِيقاع الطلاق إِلى الأمر (¬5)، بخلاف: "امرأتي طالق ومالي صدقة على فلان الفقير إِن قام" (¬6). ويأتي (¬7) في "على (¬8) أنه" مثله. واختار الآمدي (¬9) وغيره كما سبق (¬10) في الاستثناء، قال: وبعض النحاة خصه بالجملة التي تليه متقدمة أو متأخرة. ¬

_ (¬1) نهاية 276 من (ح). (¬2) الاستثناء في بعضها، فيعود إِليه وحده. (¬3) انظر: الواضح 2/ 151 ب- 152 أ. (¬4) فلا يرجع الشرط إِلى الطلاق، بل يقع الطلاق، ويقف دفع الدرهم على القيام، فكذا هنا أي: في الاستثناء. (¬5) فعلمنا أنه لم يصل الثاني بالأول، وإنما بدأ بأمر علَّقه على شرط. (¬6) وهذا وزان مسألتنا. (¬7) في ص 943. (¬8) في (ب) و (ح): علي أنه. (¬9) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 311. (¬10) في ص 922.

ثم: أطلق الجميع العطف، لكن أحالوه على الاستثناء. وصرح بعضهم بالواو. وسبق (¬1) كلام بعض أصحابنا في الاستثناء، وفيه (¬2) أيضاً: لو حلف "لأضربن زيدًا ثم عمرًا ثم بكرًا إِن شاء الله" كان للجميع، وغير ذلك من الصور. وإِن قال (¬3) لمدخول [بها] (¬4): "إِن دخلت فأنت طالق فطالق فطالق" -قد خلت- وقع ثلاث إِجماعًا. وإِن أتى بـ "ثم" فكذلك عند جماعة من أصحابنا والشافعية (¬5) وأبي يوسف ومحمد (¬6)، وذكر القاضي (¬7) وجماعة من أصحابنا: وقعت الثانية والثالثة في الحال، وتعلقت الأولى بالدخول؛ لأن "ثم" للتراخي، فكأنه سكت، ثم قال (¬8) أنت طالق. ¬

_ (¬1) في ص 929. (¬2) انظر: مجموع الفتاوى 13/ 148 - 149، 150 - 151، 155، 160. (¬3) استقى المؤلف هذه الفروع من المغني 7/ 482. (¬4) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬5) انظر: التمهيد للأسنوي / 396. (¬6) انظر: بدائع الصنائع/ 1882. (¬7) انظر: المغني 7/ 482. (¬8) نهاية 132 ب من (ب).

التخصيص بالصفة

وغير المدخول بها: إِن دخلت وقع بالفاء واحدة فقط، للترتيب. وعند أبي يوسف (¬1) ومحمد: ثلاث كالواو، خلافاً لأبي حنيفة (1) فيهما (¬2). وكذا يقع بـ "ثم" واحدة عند جماعة من أصحابنا. وعند القاضي (¬3) وجماعة: إِن أخر الشرط فواحدة في الحال، وبطل ما بعدها، وإِن قَدَّمه تعلقت الأولى بالدخول، ووقعت الثانية في الحال، وبطلت الثالثة؛ بناء على أن "ثُمَّ" كسكتة. التخصيص بالصفة نحو: "أكرم بني تميم الداخلين"، فيقصر عليهم. قال بعض أصحابنا (¬4) والآمدي (¬5) وغيرهم: وهي كالاستثناء (¬6). وفي الروضة (¬7): سَلَّم الأكثر: تعود إِلى الجميع. ¬

_ (¬1) انظر: بدائع الصنائع/ 1878، 1881. (¬2) يعني: فيما إِذا أتى بالواو أو بالفاء، فقال: يقع واحدة. (¬3) انظر: المغني 7/ 482، ومجموع الفتاوى 13/ 151. (¬4) انظر: المسودة/ 157. (¬5) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 312. (¬6) يعني: في عودها إِلى الجمل المذكورة قبلها. (¬7) انظر: روضة الناظر/ 258.

التخصيص بالغاية

التخصيص بالغاية كـ "أكرم بني تميم حتى أو إِلى أن يدخلوا"، فيقصر (¬1) على غيرهم (¬2)؛ لأن (¬3) ما بعد الغاية يخالف ما قبلها، وإلا لم تكن غاية بل وسطًا بلا فائدة. * * * والغاية والمُغَيَّا -أي: المقيد بها- يتحدان ويتعددان، تسعة أقسام كالشرط. * * * قال بعض أصحابنا والآمدي (¬4) وغيرهم: وهي كالاستثناء بعد جمل. مسألة قال بعض أصحابنا (¬5): والتوابع المخصصة للأسماء المتقدمة -كالبدل وعطف البيان- كالاستثناء (¬6)، (¬7) والشروط المعنونة (¬8) بحروف الجر ¬

_ (¬1) نهاية 277 من (ح). (¬2) يعني: غير الداخلين. (¬3) في (ب): لا ما بعد. (¬4) انظر: الإحكام للآمدي 2/ 313. (¬5) انظر: المسودة/ 157، ومجموع الفتاوى 13/ 156 - 157. (¬6) يعني: في العود إِلى ما تقدم. (¬7) نهاية 96 أمن (ظ). (¬8) في (ح): المعنوية. ولم تنقط الكلمة في (ظ).

مسألة

-كقوله: "على أنه" أو "بشرط أنه"- أو بحروف العطف كقوله: "ومن شرطه (¬1) كذا" فهذا كالشرط، فـ "أكرم بني تميم وبني أسد وبني بكر المؤمنين" أمكن كونه تمامًا لـ "بكر" فقط، و"بشرط كونهم مؤمنين" أو "على أنهم" متعلق بالإِكرام، وهو للجميع معا، كقوله: "إِن كانوا مؤمنين"، وكذا تتعلق حروف الجر المتأخرة بالفعل المتقدم، وهو قوله: "وقفت (¬2) "، وهو الكلام والجملة، فيجب الفرق بين ما تعلق بالاسم وما تعلق بالكلام. قال (¬3): والوقف على جمل أجنبيات (¬4) -كالوقف على أولاده ثم أولاد فلان ثم المساكين، على أنه لا يعطى منهم إِلا صاحب عيال- يقوى اختصاص الشرط بالجملة الأخيرة؛ لأنها أجنبية من الأولى. مسألة الإِشارة بـ "ذلك" بعد الجمل: سبق (¬5) في الحقيقة الشرعية. وقال ابن عقيل -في الوعد والوعيد من الإِرشاد، في قوله: (ومن يفعل ذلك يلق أثاما) (¬6) -: يجب عوده إِلى جميع ما تقدم، وعوده إِلى ¬

_ (¬1) في (ب): ومن شرط. (¬2) وذلك في المثال المذكور في مجموع الفتاوى 13/ 100، 157. (¬3) انظر: مجموع الفتاوى 13/ 157. (¬4) نهاية 133 أمن (ب). (¬5) في ص 99 من هذا الكتاب. (¬6) سورة الفرقان: آية 68.

بعضه ليس بلغة العرب، ولهذا لو قال: "من دخل وخدمني وأكرمني فله درهم" لم يعد إِلى الدخول فقط. وذكره -أيضاً- في الواضح (¬1) في مخاطبة الكفار، وقال: إِذا عاد للجميع فالمؤاخذة بكل من الجمل (¬2)، فالخلود للكفر، والمضاعفة في قدر العذاب لما ذكره من الذنوب. وقال ابن الجوزي (¬3) -في قوله: (وعلى الوارث مثل ذلك) (¬4) -: قيل: الإِشارة إِلى أجرة الرضاع والنفقة، وقيل: إِلى النهي عن الضرار، وقيل: إِلى الجميع -اختاره القاضي- لأنه (¬5) على المولود له (¬6)، وهذا معطوف عليه، فيجب الجميع. وقال أبو البقاء (¬7) -في: (ذلكم فسق) (¬8) -: إِشارة إِلى الجميع، ويجوز أن يرجع إِلى الاستقسام (¬9). ¬

_ (¬1) انظر: الواضح 1/ 306أ، 307أ. (¬2) المذكورة. (¬3) انظر: زاد المسير 1/ 273. (¬4) سورة البقرة: آية 233. (¬5) يعني: الجميع من النفقة والكسوة وعدم الضرار. (¬6) نهاية 278 من (ح). (¬7) انظر: إِملاء ما من به الرحمن 1/ 207. (¬8) سورة المائدة: آية 3. (¬9) يعني: الاستقسام بالأزلام، والأزلام هي القداح، واحدها زَلَم وزُلَم،=

التخصيص بالمنفصل

وقال أبو يعلى الصغير من أصحابنا -في قتل مانع الزكاة، في آية الفرقان (¬1) المذكورة-: ظاهر اللفظ يقتضي عود العذاب والتخليد إِلى الجميع، وكل واحد منه، لكن قام دليل على أن التخليد لا يكون إِلا بالكفر، فخصت به الآية. [كذا قال] (¬2). التخصيص بالمنفصل مسألة يجوز التخصيص بالعقل عند أصحابنا والجمهور، قال أحمد (¬3) -في قوله: (وهو الله في السماوات وفي الأرض) (¬4) -: "قد عرف المسلمون أماكن كثيرة ليس فيها شيء من (¬5) عظمة الله"، قال القاضي (¬6): فخص (¬7) ¬

_ =والاستقسام: استفعال من القَسْم (قسم الرزق والحاجات) ومعناه: أن يضرب بها، فيعمل بما يخرج فيها من أمر أو نهي، فكانوا إِذا أرادوا أن يقتسموا شيئًا بينهم -فأحبوا أن يعرفوا قسم كل امرئ- تعرفوا ذلك منها، فأخذ الاستقسام من القسم وهو النصيب. انظر: زاد المسير 2/ 284. (¬1) سورة الفرقان: آية 68. (¬2) ما بين المعقوفتين من (ح). (¬3) انظر: الرد على الجهمية والزنادقة/ 135، والعدة/ 548. (¬4) سورة الأنعام: آية 3. (¬5) نهاية 133 ب من (ب). (¬6) انظر: العدة/ 548. (¬7) في العدة: فعارض.

الظاهر بالعقل. ومنع منه قوم من المتكلمين، قال أبو الخطاب (¬1): وهو ظاهر قول من يقول: "لا يحسن ولا يقبح، وأن الشرع يرد بما لا يقتضيه العقل"، وهو مذهب أصحابنا والأشعري. كذا قال، مع أنه لا يرد بما يحيله كما سبق (¬2) آخر مسألة التحسين. وقال بعض أصحابنا (¬3): المعرفة (¬4) إِنما تعم ما أوجبه التعريف، فقول الله: (يا أيها الناس) (¬5) إِنما يعم من ثبت أن الله يخاطبه، والصبيان والمجانين لم يخاطبوا، فلا يشملهم اللفظ. قال (¬6): ومن لم (¬7) يجعل العقل مخصصا؛ فلأنه -والله أعلم- كمخصِّص (¬8) لفظي متصل، وهو نظير ما قاله القاضي وغيره من أصحابنا والشافعية، لما قيل لهم: لا يجوز تأخير بيان النسخ إِلا أن يقترن به بيان النسخ؛ فيقول: "صلوا إِلى بيت المقدس ما لم أنسخه عنكم"، فقالوا: هذا ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد/ 61أ. (¬2) في ص 165 من هذا الكتاب. (¬3) يعني: ابن تيمية شيخ الإِسلام. انظر: المسودة/ 101. (¬4) نهاية 96 ب من (ظ). (¬5) سورة البقرة: آية 21. (¬6) انظر: المسودة/ 118 - 119. (¬7) في المسودة: الذين يجعلون العقل مخصصا. (¬8) في (ح) و (ظ): لمخصص.

خطأ؛ لأنه (¬1) مقرون بكل خطاب، وإن لم ينطق به الخاطِب (¬2)، فهما سواء. قال: فجعلوا التقييد (¬3) المعلوم بالعقل كتقييد لفظي، وذلك يمنع اللفظ (¬4) دالا على غير المقيد. وقال جده صاحب المحرر -في شرح الهداية (¬5)، في إِمامة الصبي-: والذي عليه أهل العلم أن الصبيان لا يدخلون في مطلق الخطاب. وجه الأول: (الله خالق كل شيء) (¬6)] (وهو على كل شيء قدير) (¬7)، والعقل قاطع باستحالة كون القديم مخلوقاً أو مقدورًا بلا خلاف بين العقلاء، فالمخالف موافق على معنى التخصيص مخالف في التسمية. وأيضًا: (ولله على الناس حج البيت) (¬8)، وكل من طفل ومجنون غير مراد بالعقل؛ لعدم الفهم. ¬

_ (¬1) في المسودة: لأن هذا. (¬2) قال: لأن الدليل قد دل على جواز النسخ، فصار ذلك مقدرًا في خطاب صاحب الشريعة ومقرونا به وإِن لم يذكره، فوجب أن يكونا سواء، فيجب أن يجري هذا في العموم. (¬3) نهاية 279 من (ح). (¬4) في المسودة: كون اللفظ. (¬5) الهداية: كتاب في الفقه الحنبلي - لأبي الخطاب الحنبلي، المتوفى سنة 510 هـ. والكتاب مطبوع. ولم أعثر على شرحه هذا. (¬6) سورة الرعد: آية 16. (¬7) سورة المائدة: آية 120. (¬8) سورة آل عمران: آية 97.

واعترض: بأرش الجناية وضمان المتلَف لازم للصبي، وبصحة صلاته وحجه. رد الأول: بعصمة المحل، فهو من خطاب الوضع، والمخاطَب الولي بتمرينه. قالوا: لو خَصّ العقل (¬1) لأريد المخصص لغة؛ لأن اللفظ لا دلالة له بالذات (¬2)، والعاقل لا يريد ما يخالف العقل. رد: اللفظ متناول (¬3) للمفرد لغة (¬4)، وما نسب إِليه المفرد (¬5) مانع من إِرادته، فلا منافاة. قالوا: لو خَصّ العقل لكان متأخرًا؛ لأنه بيان. رد: إِن أريد تأخير بيانه فمسلَّم، أو تأخير ذاته منع. قالوا: لو خص لنسخ. رد: النسخ محجوب عن العقل بخلاف التخصيص. قال ابن عقيل (¬6): والعقل يجوّز بقاء الحكم (¬7)، وأجمع [العقلاء] (¬8) ¬

_ (¬1) نهاية 134 أمن (ب). (¬2) بل: بإِرادة المتكلم. (¬3) يعني: للمخصَّص. (¬4) نحو: كل شيء. (¬5) من المخلوقية أو المقدورية. (¬6) انظر: الواضح 2/ 101 ب. (¬7) قال: إِذ قد اجتمع العقلاء ... (¬8) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب).

مسألة

من أهل الشرائع أنه لا يجوز أن يرد الشرع بما لا يجيزه العقل (¬1). قالوا: تعارض العام والعقل. رد: فيجب تأويل المحتمل -وهو العام- جمعًا بينهما (¬2). مسألة وبالحس، نحو: (وأُوتيت من كل شيء) (¬3)] (تدمر كل شيء) (¬4). مسألة إِذا ورد خاص وعام (¬5) مقترنين (¬6) قدم الخاص (¬7) عند عامة الفقهاء والمتكلمين. ¬

_ (¬1) قال: فإِذا جوز ذلك وعلم أن الواضع له الحاكم الأزلي الذي لا يصدر عنه ما يقضي عليه العقل بل يقضي به العقل فلا سبيل إِلى نسخ ذلك الحكم بالعقل، فأما إِذا قال: (يا أيها الناس اتقوا ربكم) حسن أن يشعر العقل بتخصيص هذا الأمر العام بإخراج من لا يسوغ في العقل خطابه من الأطفال والمجانين. (¬2) ضرب في (ب) و (ظ) على (بينهما)، وكتب: (بين الأدلة). (¬3) سورة النمل: آية 23. (¬4) سورة الأحقاف: آية 25. (¬5) في (ب): مقربين. (¬6) زمانا. (¬7) يعني: خص الخاص العام.

وعن بعضهم: تعارض الخاص بما قابله من العام. * * * وإن لم يقترنا قدم الخاص مطلقا في ظاهر كلام أحمد (¬1) (¬2) في مواضع، وعليه أصحابه والشافعي (¬3) وأصحابه وجماعة من الحنفية (¬4)، منهم: أبو زيد (¬5). وعند أكثر الحنفية (¬6) والمعتزلة (¬7) وابن الباقلاني (¬8) وأبي المعالي: إِن تأخر العام نَسَخ، أو الخاص نَسَخ العام بقدره، والوقف (¬9) إِن جهل التاريخ، ¬

_ (¬1) انظر: العدة/ 615. (¬2) نهاية 280 من (ح). (¬3) انظر: المحصول 1/ 3/ 164، 170، والإِحكام للآمدي 2/ 318. (¬4) انظر: تيسير التحرير 1/ 272، وفواتح الرحموت 1/ 345. (¬5) هو: عبد الله أو عبيد الله بن عمر بن عيسى الدبوسي، أصولي فقيه، توفي ببخارى سنة 430 هـ. من مؤلفاته: تقويم الأدلة في أصول الفقه، وتأسيس النظر، والأسرار في الفروع. انظر: وفيات الأعيان 2/ 251، والفوائد البهية/ 109، وتاج التراجم/ 36، وشذرات الذهب 3/ 245. (¬6) انظر: تيسير التحرير 1/ 272، وفواتح الرحموت 1/ 345. (¬7) انظر: المعتمد / 276 وما بعدها. (¬8) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 319، والمنتهى لابن الحاجب/ 95، ومختصره 2/ 147. (¬9) نهاية 97 أمن (ظ).

قالت الحنفية (¬1): ويؤخر المحرّم احتياطا. وقال أحمد (¬2) -في رواية عبد الله بعد كلام طويل-: يؤخذ بهما حتى تأتي دلالة بأن الخبر قبل الخبر، فيكون الأخير أولى. وتأولها (¬3) القاضي (¬4) على أن الخبرين خاصان، قال في التمهيد (¬5): "وفيه نظر"، وقال بعض أصحابنا (¬6): فاسد (¬7)، لتمثيله أول الرواية بخبر (¬8) حكيم (¬9) -وهو عام في البيع- مع (¬10) السلم (¬11)، وهو ¬

_ (¬1) انظر: تيسير التحرير 1/ 272، وفواتح الرحموت 1/ 345 - 346. (¬2) انظر: مسائل الإِمام أحمد - رواية عبد الله/ 15. (¬3) يعني: تأول قوله: (الأخير أولى). (¬4) انظر: العدة/ 620. (¬5) انظر: التمهيد/ 66 ب. (¬6) انظر: المسودة/ 136. (¬7) يعني: تأويل القاضي. (¬8) وهو قول الرسول: (لا تبع ما ليس عندك). أخرجه أبو داود في سننه 3/ 768 - 769، والترمذي في سننه 2/ 350 - 351 وقال: حسن صحيح، والنسائي في سننه 7/ 289، وابن ماجه في سننه/ 737، والطيالسي في مسنده (انظر: منحة المعبود 1/ 264) من حديث حكيم بن حزام مرفوعًا. (¬9) هو: الصحابي حكيم بن حزام. (¬10) في (ب): من. (¬11) أحاديث جواز السلم: أخرجها البخاري في صحيحه 3/ 85 من حديث ابن عباس وابن أبزي وابن أبي أوفى مرفوعًا، ومسلم في صحيحه/ 1226 من حديث ابن عباس مرفوعاً.

خاص (¬1)، وبخبر المصراة -وهو خاص- مع (الخراج بالضمان (¬2)، وهو عام في كل ضمان. وفي الروضة (¬3) رواية: يقدم المتأخر كقول أكثر الحنفية -وخرجه بعض أصحابنا (¬4) على قول من منع من تأخير البيان عن وقت الخطاب إِلى وقت الحاجة من أصحابنا، وقاله بعض المالكية (¬5) وبعض الشافعية (¬6) (¬7) - فإِن جهل التاريخ اقتضت تعارضهما. ¬

_ (¬1) نهاية 134 ب من (ب). (¬2) هذا الحديث روته عائشة مرفوعًا. أخرجه -بهذا اللفظ- أبو داود في سننه 3/ 777 - 780، وابن ماجه في سننه / 754، وأحمد في مسنده 6/ 49، والشافعي (انظر: بدائع المنن 2/ 166)، والطحاوي في شرح معاني الآثار 4/ 21 - 22، وابن حبان في صحيحه (انظر: موارد الظمآن/ 275)، والحاكم في مستدركه 2/ 14 - 15 وقال: صحيح الإِسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. وأخرجه -بلفظ: قضى أن الخراج بالضمان- الترمذي في سننه 2/ 376 - 377 وقال: حسن -وأورده من طريق آخر، وقال: صحيح غريب من حديث هشام بن عروة- والنسائي في سننه 7/ 254 - 255. قال في التلخيص الحبير 3/ 22: وصححه ابن القطان، وقال ابن حزم: لا يصح. (¬3) انظر: روضة الناظر/ 245. (¬4) انظر: المسودة/ 136. (¬5) كابن نصر (عبد الوهاب المالكي). انظر: المرجع السابق. (¬6) كأبي الطيب. انظر: المرجع السابق. (¬7) ما بين الشرطتين جاء في (ح) بعد قوله: اقتضت تعارضهما.

وقال بعض أصحابنا (¬1): منصوص أحمد: إِن فقد التاريخ يقدم الخاص، وإلا (¬2) قدم (¬3) المتأخر، وهو أقوى -كذا قال- وقاله بعض الحنفية وبعض المعتزلة، قال (¬4): ويقدم الخاص لجهل التاريخ -وإن قلنا: العام المتأخر ينسخ- لأن (¬5) العام لم يعلم ثبوته في قدر الخاص؛ لجواز اتصالهما أو تقدم العام أو تأخره (¬6) مع بيان التخصيص مقارنًا. ومنع بعض الناس من تخصيص الكتاب بمالكتاب مطلقًا. وجه الأول: أن: (والمحصنات (¬7) من الذين) (¬8) خَصَّ (ولا تنكحوا المشركات) (¬9)، (¬10) قال ابن الجوزي: على هذا عامة الفقهاء، وروي معناه عن جماعة من الصحابة، منهم: عثمان وطلحة (¬11) وحذيفة وجابر وابن ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 136. (¬2) يعني: وإن علم التاريخ. (¬3) في (ظ): وإلا يقدم. (¬4) انظر: المسودة/ 137. (¬5) يعني: لأن الخاص قد علم ثبوته، والعام لم يعلم ... إِلخ. (¬6) يعني: تأخر العام. (¬7) في (ظ): والمخصات. (¬8) سورة المائدة: آية 5. (¬9) سورة البقرة: آية 221. (¬10) نهاية 281 من (ح). (¬11) هو: الصحابي طلحة بن عبيد الله.

عباس (¬1). وأيضاً: الخاص قاطع، أو أشد تصريحًا وأقل احتمالاً. ولأنه لا فرق -لغة- بين تقديم الخاص وتأخيره. قال: في النسخ إِعمال للدليلين في زمانين، وفي التخصيص إِبطال للعموم في بعض أفراده. ولأنه لو قال: "لا تقتل زيداً المشرك"، ثم قال: "اقتل المشركين" كان في قوة "اقتل زيدًا"، وأنه نسخ. رد: شرطه (¬2) المساواة وعدم الجمع. ثم: التخصيص مانع، والنسخ رافع، والدفع أسهل منه (¬3)، وهو أغلب، والنسخ نادر. قالوا: عن ابن عباس عنه - عليه السلام - (¬4): أنه صام في سفر ثم أفطر، قال: "وكان صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتبعون الأحدث فالأحدث من أمره". رواه مسلم (¬5). ¬

_ (¬1) انظر: زاد المسير 1/ 247. وراجع: تفسير الطبري 4/ 362 ط: دار المعارف، وسنن البيهقي 7/ 171 - 173، وتفسير القرطبي 3/ 68، والدر المنثور 1/ 256. (¬2) يعني: شرط النسخ. (¬3) يعني: من الرفع. (¬4) نهاية 135 أمن (ب). (¬5) انظر: صحيح مسلم/ 784 - 785. وأخرجه مالك في الموطأ/ 294، والدارمي في سننه 1/ 34.=

وفي البخاري (¬1) عن الزهري: "وإنما يؤخذ من أمره - عليه السلام - بالآخر فالآخر". واحتج به (¬2) أحمد في رواية عبد الله السابقة (¬3). رد: بحمله على غير المخصّص (¬4) جمعاً بين الأدلة. المانع منه في الكتاب: لو جاز لم يكن - عليه السلام - مبينًا (¬5) ,وقد قال: (لتبين للناس) (¬6). عورض: بقوله: (تبيانًا لكل شيء) (¬7). ثم: هو - عليه السلام - مبيِّن بهما (¬8). ¬

_ =وقد ذكر أن: (وكان صحابة رسول الله ...) من قول الزهري، فانظر: صحيح مسلم -الموضع السابق- وفتح الباري 4/ 181. (¬1) انظر: صحيح البخاري 5/ 146، وصحيح مسلم/ 785. (¬2) يعني: بقوله: (يؤخذ بالأحدث ... إِلخ). (¬3) في ص 951. (¬4) يعني: على ما لا يقبل التخصيص. (¬5) إِذ التخصيص تبيين. (¬6) سورة النحل: آية 44. (¬7) سورة النحل: آية 89. (¬8) يعني: بالكتاب والسنة.

مسألة

مسألة يجوز تخصيص السنة بالسنة. والخلاف (¬1) كالتي قبلها. * * * وتخصيص السنة بالكتاب عند الجمهور، خلافًا لبعض أصحابنا (¬2) وبعض الشافعية وبعض المتكلمين، وذكره ابن حامد (¬3) والقاضي (¬4) رواية عن أحمد، قال بعض أصحابنا (¬5): وهو مقتضى قول مكحول (¬6) ويحيى بن أبي كثير: "السنة تقضي على الكتاب، والكتاب لا يقضي على السنة"، قال (¬7): وهو الأغلب على كلام الشافعي. والأدلة كالتي قبلها. ¬

_ (¬1) نهاية 97 ب من (ظ). (¬2) انظر: المسودة/ 122. (¬3) انظر: العدة/ 570، والمسودة/ 122. (¬4) انظر: العدة/ 570. (¬5) انظر: المسودة/ 123. (¬6) هو: أبو عبد الله مكحول بن عبد الله الدمشقي، تابعي فقيه، توفي سنة 112 هـ، وثقه جماعة، وضعفه آخرون، قال ابن حجر في التقريب: ثقة كثير الإِرسال. انظر: مشاهير علماء الأمصار/ 114، ووفيات الأعيان 4/ 368، وحلية الأولياء 5/ 177، وتذكرة الحفاظ/ 107، وتقريب التهذيب 2/ 273. (¬7) نهاية 282 من (ح).

مسألة

مسألة يجوز تخصيص الكتاب بالمتواتر (¬1) إِجماعًا. وبخبر الواحد عند أحمد (¬2) والشافعي (¬3) وأصحابهما والمالكية (¬4)، وذكره ابن نصر (¬5) المالكي عن كثير من الحنفية. وعن أحمد: المنع -ذكره ابن شهاب العكبري (¬6) في مسألة الدباغ، ¬

_ (¬1) في (ب): بالمواتر. (¬2) انظر: العدة / 551. (¬3) انظر: اللمع/ 19، والتبصرة/ 132، والمستصفى 2/ 114، والمحصول 1/ 3/ 131، والإحكام للآمدي 2/ 322. (¬4) انظر: المنتهى لابن الحاجب/ 96، وشرح تنقيح الفصول/ 206، 208، ومفتاح الوصول/ 59. (¬5) وهو: عبد الوهاب. انظر: المسودة/ 119. (¬6) في طبقات الحنابلة وذيلها شخصان بهذا النسب وهذه النسبة: أحدهما: أبو علي الحسن بن شهاب بن الحسن، فقيه محدث أديب، ولد بعكبرا سنة 335 هـ، وتوفي بها سنة 428 هـ له مصنفات في الفقه والفرائض والنحو. انظر: طبقات الحنابلة 2/ 186. والثاني: أبو علي الحنبلي، صاحب كتاب (عيون المسائل)، ينقل من كلام القاضي أبي يعلى وأبي الخطاب، قال ابن رجب: ما وقفت له على ترجمة. انظر: ذيل طبقات الحنابلة 1/ 172، والمنهج الأحمد 2/ 233.

وهي فيها في الانتصار (¬1) وجه (¬2) لنا، وقال الفخر من أصحابنا: له ظهور واتجاه- وقاله بعض المتكلمين. وعند الحنفية (¬3): إِن كان خص بدليل مجمع عليه (¬4) جاز، وإلا فلا. وعن الكرخي (¬5): إِن كان خص بمنفصل. ووقف القاضي (¬6). [وقيل: لم يقع] (¬7). لنا: أنه إِجماع الصحابة، كما خصوا: (وأحل لكم ما وراء ذلكم) (¬8) ¬

_ (¬1) انظر: الانتصار 1/ 20أ. (¬2) في (ب) و (ظ): ووجه. (¬3) بناء على أن العام عندهم قطعي الدلالة. انظر: أصول السرخسي 1/ 141، وكشف الأسرار 1/ 294، وتيسير التحرير 1/ 267، وفواتح الرحموت 1/ 349. (¬4) يعني: قبل التخصيص بخبر الواحد، لتضعف دلالته. (¬5) حكاه عنه الآمدى في الإِحكام 2/ 322، وابن الحاجب في المنتهى/ 96. (¬6) يعني: المؤلف بـ (القاضي) -هنا-: ابن الباقلاني؛ فإِن القاضي أبا يعلى يقول بالجواز -انظر: العدة/ 550 - وابن الباقلاني يقول بالوقف، انظر: مختصر ابن الحاجب 2/ 149. فخالف المؤلف بهذا ما ذكره في مقدمة كتابه من أنه إِذا ذكر (القاضي) فالمراد به: أبو يعلى. (¬7) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬8) سورة النساء: آية 24.

بحديث أبي (¬1) هريرة: (لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها) متفق عليه (¬2)، وآية السرقة (¬3) بما دون النصاب (¬4)، وقتل المشركين (¬5) بإِخراج المجوس، وغير ذلك. وقاس ابن عقيل (¬6) على ظاهر أمر ونهي. كذا قال. قالوا: رد عمر خبر (¬7) فاطمة بنت قيس: "أنه - عليه السلام - لم يجعل لها سكنى ولا نفقة"؛ لتخصيصه لقوله: (أسكنوهن) (¬8)، ولهذا قال: "كيف نترك كتاب الله لقول امرأة؟! ". ¬

_ (¬1) نهاية 135 ب من (ب). (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه 7/ 12، ومسلم في صحيحه/ 1029 مرفوعًا، واللفظ لمسلم، وبلفظ مسلم أخرجه ابن ماجه في سننه/ 621. (¬3) سورة المائدة: آية 38. (¬4) أخرجه البخاري في صحيحه 8/ 160 عن عائشة مرفوعًا: (تقطع اليد في ربع دينار فصاعدًا). وأخرجه مسلم في صحيحه/ 1312 - 1313 بألفاظ منها: (لا تقطع يد السارق إِلا في ربع دينار فصاعداً). (¬5) كما في سورة التوبة: آية 5. (¬6) قال في الواضح 2/ 104 أ: رجحنا الصريح -يعني: الخاص- على الظاهر المظنون، كما تصرف صيغ الأوامر التي في الكتاب عن الإِيجاب إِلى الندب، والنواهي عن التحريم إِلى التنزيه، بأدلة مظنونة. (¬7) في (ح): حديث. (¬8) سورة الطلاق: آية 6.

رد: لتردده في صحته، أو مخالفته سنة عنده، ولهذا: في مسلم (¬1): "لا نترك كتاب الله وسنة نبينا لقول امرأة، لعلها حفظت أو نسيت"، مع أن أحمد ضَعَّفه (¬2)، وذكر (¬3) ابن عقيل (¬4) عنه: أنه أجاب بأنه احتياط منه. وضعف الدارقطني (¬5) قوله: "وسنة نبينا". ولا يصح: "صدقت (¬6) أو كذبت" (¬7). ¬

_ (¬1) انظر: صحيح مسلم/ 1119. (¬2) انظر: مسائل الإِمام أحمد - لأبي داود/ 302، والتعليق المغني على الدارقطني 4/ 23. وقال ابن أبي حاتم في العلل 1/ 438: سئل أبي عن حديث عمر: "لا ندع كتاب ربنا وسنة نبينا"، فقال: الحديث ليس بمتصل، فقيل له: حديث الأسود عن عمر، قال رواه عمارة بن رزيق عن أبي إِسحاق وحده، لم يتابع عليه. (¬3) في (ب): وذكره. (¬4) انظر: الواضح 2/ 102 ب. (¬5) انظر: العلل له 1/ 42ب-43أ، وسننه مع التعليق المغني 4/ 26 - 27، وشرح النووي على صحيح مسلم 10/ 95. (¬6) في (ح): أصدقت. (¬7) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار 3/ 67 بلفظ: "لا ندري لعلها كذبت"، ولم يتكلم على هذا اللفظ. وقال الزركشي في المعتبر/ 57 ب- 58 أ: وأما قوله: "ولا ندري أصدقت أم كذبت" مما أنكروه على المصنف -يعني: ابن الحاجب- فإن المحفوظ: "لا ندري أحفظت أم نسيت" كما رواه مسلم وغيره، وليس بمنكر؛ فقد رواه الحازمي في مسنده: أنا أحمد بن محمَّد بن سعيد الهمداني ثنا الحسن بن حماد بن حكيم الطالقاني ثنا أبي ثنا خلف بن ياسين الزيات عن أبي حنيفة عن حماد=

مسألة

قالوا: العام قطعي، والخبر ظني، لا سيما إِن ضعف بتخصيصه. رد: دلالته (¬1) ظنية، والتخصيص فيها، والخبر دلالته قطعية. قال [بعض] (¬2) أصحابنا: وحكمه ثبت بأمر (¬3) قاطع، فالجمع أولى. القائل بالوقف: كلاهما قطعي ظني من وجه. رد: الجمع أولى. مسألة الجمهور: أن الإِجماع مخصِّص، أي تَضَمَّنه، لا أنه في نفسه مخصص؛ لأنه لا يعتبر زمن الوحي. ولو عمل أهل الإِجماع بخلاف نص خاص: تضمن (¬4) ناسخًا. مسألة العام يخص بالمفهوم عند القائل به، وقاله أحمد (¬5) وأصحابه ¬

_ =عن إِبراهيم عن الأسود قال: قال عمر بن الخطاب: لا ندع كتاب ربنا وسنة نبينا بقول امرأة لا ندري: صدقت أم كذبت ... قال صاحب التنقيح: وهذا إِسناد مظلم إِلى أبي حنيفة، وأحمد بن محمَّد بن سعيد هو ابن عقدة، وهو مجمع الغرائب والمناكير. (¬1) يعني: دلالة العام. (¬2) ما بين المعقوفتين من (ظ). (¬3) نهاية 283 من (ح). (¬4) يعني: تضمن عملُهم. (¬5) انظر: المسودة/ 127.

والشافعية (¬1) وغيرهم، خلافا للقاضي في الكفاية (¬2) والمالكية (¬3) وابن حزم (¬4)، وقاله أبو الخطاب (¬5) أيضًا. لنا: أنه (¬6) خاص، وفيه جمع بينهما، فكان أولى. قالوا: العام مجمع (¬7) على دلالته. رد: بالمنع، ثم: الفرض: أن المفهوم حجة. * * * فإِن كانت صورة السكوت أولى بالحكم من المنطوق فهو التنبيه، وهو أولى من المفهوم، أو اقتضى القياس استواءهما (¬8) فهو (¬9) أولى من المفهوم، ¬

_ (¬1) انظر: اللمع/ 20، والمستصفى 2/ 105، والمحصول 1/ 3/ 159، والإِحكام للآمدي 2/ 328. (¬2) انظر: المسودة/ 127. (¬3) قال في المسودة / 127: فيما ذكروه في مسألة الماء والتيمم. وقال القرافي في شرح تنقيح الفصول/ 215: في التخصيص بالمفهوم نظر وإن قلنا: إِنه حجة؛ لكونه أضعف من المنطوق. وذكر التلمساني المالكي في مفتاح الوصول / 60 - عن أكثر أصحابهم-: يخص به. (¬4) انظر: الإِحكام لابن حزم/ 1153. (¬5) انظر: التمهيد/ 69أ، والمسودة/ 127. (¬6) يعني: المفهوم. (¬7) نهاية 98 أمن (ظ). (¬8) نهاية 136أمن (ب). (¬9) يعني: القياس.

كنهيه عن بيع (¬1) الطعام مع نهيه (¬2) عن بيع ما لم يقبض، وقوله -في اختلاف البائعين-: (والسلعة قائمة (¬3)). ¬

_ (¬1) نهي الرسول عن بيع الطعام قبل قبضه: ورد من حديث ابن عمر وابن عباس مرفوعاً، أخرجه البخاري في صحيحه 3/ 68، ومسلم في صحيحه/ 1159 - 1161. (¬2) نهي الرسول عن بيع ما لم يقبض: أخرج الدارقطني في سننه 3/ 8 - 9 عن حكيم بن حزام: أنه قال: يا رسول الله، إِني أشتري هذه البيوع، فما تحل لي منها وما تحرّم علي؟ قال: (يابن أخي، إذا اشتريت بيعا فلا تبعه حتى تقبضه). وأخرجه الطيالسي في مسنده (انظر: منحة المعبود 1/ 264)، والبيهقي في سننه 5/ 313، وأحمد في مسنده 3/ 402، والنسائي في السنن الكبرى وابن حبان في صحيحه. انظر: نصب الراية 4/ 32. وقد قال ابن عباس -في الحديث السابق الذي أخرجه البخاري ومسلم، في النهي عن بيع الطعام قبل قبضه-: ولا أحسب كل شيء إِلا مثله. وأخرج أبو داود في سننه 3/ 765 عن زيد بن ثابت: أن رسول الله نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إِلى رحالهم. وأخرجه الدارقطني في سننه 3/ 12 - 13، وابن حبان في صحيحه (انظر: مواد الظمآن/ 274)، والحاكم في مستدركه 2/ 40 وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي في التلخيص. وانظر: نصب الراية 4/ 32 - 33، والتلخيص الحبير 3/ 25. (¬3) أخرج ابن ماجه في سننه/ 737 عن ابن مسعود مرفوعاً: (إِذا اختلف البيعان وليس بينهما بينة والبيع قائم بعينه فالقول ما قال البائع أو يترادان البيع). وأخرجه الدارمي في سننه 2/ 166، والدارقطني في سننه 3/ 20 - 21، والبيهقي في سننه 5/ 333 - 334 وضعف هذه الزيادة (والبيع قائم بعينه)، وأحمد في مسنده 1/ 466، والطبراني في المعجم الكبير 10/ 215 بلفظ: (والسلعة قائمة).

ذكر (¬1) ذلك القاضي (¬2). وفي الواضح (¬3): نهيه عن بيع الطعام مع الحاجة إِليه تنبيه على غيره، فقدم (¬4)، والتحالف مع تلف السلعة أولى؛ لإِمكان الدلالة على صدق أحدهما بقيمتها الشاهدة بالثمن لمثلها. قال بعض أصحابنا (¬5): ويجب أن يخرج في (¬6) تقديم القياس على المفهوم وجهان، كتخصيص العموم بالقياس، بل أولى (¬7). ¬

_ =وأخرج أبو داود في سننه 3/ 780 - 783 عن ابن مسعود مرفوعًا: (إِذا اختلف المتبايعان وليس بينهما بينة فهو ما يقول رب السلعة أو يتتاركان). وأخرجه الترمذي في سننه 2/ 371 عن عون بن عبد الله عن ابن مسعود مرفوعًا، قال: هذا حديث مرسل؛ عون لم يدرك ابن مسعود. وأخرجه النسائي في سننه 7/ 302 - 303، والدارقطني في سننه 3/ 20، وأحمد في مسنده 1/ 466، والبيهقي في السنن الكبرى 5/ 333، والشافعي (انظر: بدائع المنن 2/ 63)، والحاكم في مستدركه 2/ 45 وقال: صحيح الإِسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي في التلخيص. وانظر: التلخيص الحبير 3/ 30 - 32. (¬1) في (ب): ذكره. (¬2) انظر: العدة/ 634 - 635، والمسودة / 144. (¬3) انظر: الواضح 2/ 129 ب- 130أ. (¬4) على دليل الخطاب. (¬5) انظر: المسودة/ 144. (¬6) في المسودة: من. (¬7) لأنهم قدموا المفهوم على العموم، فلأن يقدموه على القياس الذي هو دون العموم -على أحد الوجهين- أولى.

وصرح القاضي (¬1): بأن تقديم القياس (¬2) مأخوذ من تقديمه (¬3) على العموم، وقاله في التمهيد. وفي القياس من الواضح (¬4): لا عدة على ذمية قبل الدخول قياسًا على المؤمنة، تقديماً له على المفهوم، قال: ولم يذكر الله قذف المحصنين من الرجال، فنظر القائمون إِلى المعنى، ومنه قياس عبد على أمة في تنصيف الحد، وقاس الجمهور استعمال آنية ذهب وفضة في غير أكل وشرب عليهما، وغير الحجر عليه في الاستجمار، والظفر على الشعر في الإِحرام. قال بعض أصحابنا: تخصيص العموم بالمفهوم إِنما هو في كلامين منفصلين من متكلم واحد أو في حكم الواحد ككلام الله ورسوله، لا في كلام واحد متصل ولا متكلمين يجب اتحاد مقصودهما كبينة (¬5) شهدت "أن جميع الدار لزيد" وأخرى "أن الموضع الفلاني منها (¬6) لعمرو" فإِنهما يتعارضان في ذلك الموضع، قال: وغلط بعض الناس فجمع بينهما (¬7)؛ لأنه من باب العام والخاص، كما غلط بعضهم في كلام متكلم متصل. ¬

_ (¬1) انظر: العدة/ 635 - 636، والمسودة/ 144. (¬2) على المفهوم. (¬3) يعني: تقديم القياس. (¬4) انظر: الواضح 1/ 147 ب، 148 أ، 149 أ-ب. (¬5) في (ح): لبينة. (¬6) نهاية 284 من (ح). (¬7) يعني: قال بالجمع.

مسألة

مسألة فعله - عليه السلام - يخص العموم عند الأئمة الأربعة، كما لو قال: "كشف الفخذ حرام على (¬1) كل مسلم" (¬2)، ثم فعل (¬3)؛ لأن فعله كقوله في الدلالة، فاستويا في التخصيص، والظاهر أنه وأمته سواء فيه. وقد خص أحمد (¬4) قوله: (ولا تقربوهن حتى يطهرن) (¬5) بفعله عليه السلام (¬6)، وقال: دل على أنه أراد الجماع. ¬

_ (¬1) نهاية 136 ب من (ب). (¬2) قال البخاري في صحيحه 1/ 79: ويروى عن ابن عباس وجرهد ومحمد بن جحش عن النبي: (الفخذ عورة). وأخرجه الترمذي في سننه 4/ 197 - 198 من حديث جرهد -وقال: حسن- ومن حديث ابن عباس، وقال: حسن غريب، وأخرجه أبو داود في سننه 4/ 303، وأحمد في مسنده 3/ 478 من حديث جرهد، وأخرج أبو داود في سننه 4/ 303، وأحمد في مسنده 1/ 146، وابن ماجه في سننه / 469 عن علي مرفوعًا: (لا تكشف فخذك ولا تنظر إِلى فخذ حي ولا ميت). (¬3) أخرج البخاري في صحيحه 1/ 79، ومسلم في صحيحه/ 1043 - 1044 عن أنس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حسر عن فخذه. (¬4) انظر: العدة/ 574. (¬5) سورة البقرة: آية 222. (¬6) فقد كان الرسول يباشر زوجته وهي حائض. أخرجه البخاري في صحيحه 1/ 63 - 64، ومسلم في صحيحه/ 242 - 243 من حديث عائشة وميمونة.

ومنعه الكرخي (¬1) وابن برهان (¬2) وغيرهما (¬3)؛ تخصيصًا (¬4) لدليل الاتباع العام (¬5) بهذا العام (¬6)، جمعاً بينهما. وتوقف عبد الجبار (¬7). أما [إِن] (¬8) ثبت وجوب اتباع الأمة في الفعل بدليل خاص، فالدليل ناسخ للعام. واختار الآمدي (¬9): أنه لا وجه للخلاف في التخصيص بفعله؛ لأنه إِن وجب التأسي فنسخ، وإلا فلا تخصيص، قال: والأظهر الوقف؛ لأن دليل وجوب التأسي عام أيضاً، فتعارضا، فقيل له: الفعل مع أدلة التأسي أخص ¬

_ (¬1) انظر: المعتمد/ 391، والإِحكام للآمدى 2/ 329. (¬2) انظر: المسودة / 125. وفي الوصول لابن برهان/ 31 ب: اختار أنه يخص، فقال: وعمدتنا أن فعل الرسول دليل معمول به، وهو أخص من اللفظ، فكان مقدما على اللفظ العام، فإنه متى تقابل دليلان -واحد الدليلين مصرح بالحكم، والدليل الآخر قد تناوله تناولا ظاهرًا- فالمصرح أولى. (¬3) في (ب): وغيرها. (¬4) يعني: تخصيصًا منهم، فقالوا: نخصص دليل الاتباع العام. (¬5) في الفعل. (¬6) يعني: العام القولي، كقوله -مثلاً- كشف الفخذ حرام. (¬7) انظر: المعتمد/ 391. (¬8) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬9) انظر: الإحكام للآمدى 2/ 329 - 331.

من اللفظ العام (¬1)، فأجاب: لا دلالة للفعل على وجوب التأسي، والموجب (¬2) مساو للعام. وسبق (¬3) الأشهر عن التميمي (¬4) من أصحابنا: لا يثبت فعله في حقنا (¬5). وحكى القاضي (¬6) عنه منع نسخ القول به، وأجاز تخصيصه به. وأجازهما القاضي (¬7)، وهو ظاهر كلام أحمد (¬8). ومنع ابن عقيل (¬9) نسخ القول به؛ لأن دلالته دونه، واختاره بعض أصحابنا (¬10). وسبق (¬11) كلام أبي الخطاب في تعارضهما. ¬

_ (¬1) نهاية 98 ب من (ظ). (¬2) وهو: أدلة التأسي العامة. (¬3) في ص 337، 347 من هذا الكتاب. (¬4) وهو: أبو الحسن التميمي. (¬5) فمدلول هذا: أنه لا يخص العموم بالفعل. (¬6) انظر: العدة/ 838. (¬7) انظر: المرجع السابق. (¬8) انظر: المرجع السابق/ 573، 838. (¬9) انظر: الواضح 2/ 270 ب، والمسودة/ 229. (¬10) انظر: المسودة/ 229. (¬11) في ص 360 - 361 من هذا الكتاب.

مسألة

مسألة تقريره عليه السلام ما فعل واحد من أمته بحضرته مخالفاً لعموم -ولم ينكره مع علمه- مخصِّص عند الجمهور، وهو أقرب من نسخه (¬1) مطلقًا أو عن فاعله. لنا: دليل (¬2) جوازه، وإلا لوجب إِنكاره. قالوا: التقرير لا صيغة له، فلا يقابل الصيغة. رد: بجوازه (¬3) -زاد الآمدي (¬4): قطعا- فجاز تخصيصه. ثم: قال في الروضة (¬5): "يعم غيره (¬6) "، على ما سبق (¬7). وذكر الآمدي (¬8): إِن لم يفهم معنى لم يتعد؛ لعدم دليله (¬9)، وللجمع ¬

_ (¬1) نهاية 285 من (ح). (¬2) يعني: التقرير دليل جوازه. (¬3) يعني: جواز ما أقر الشخص عليه وإن كان لا صيغة له. (¬4) انظر: الإحكام للآمدي 2/ 332. (¬5) انظر: روضة الناظر/ 248. (¬6) يعني: ما أقر عليه واحداً من أمته يعم غيره. (¬7) في ص: 862 وما بعدها. (¬8) انظر: الإِحكام للآمدى 2/ 332. (¬9) يعني: دليل التعدية، وهو القياس.

مسألة

بينهما (¬1) -زاد غيره (¬2): (¬3) على المختار- وإن فُهِم معنى (¬4) فمثله مُشَارِكُه فيه (¬5)، ولو عم الأمة كان نسخاً لا تخصيصًا كما ظن بعضهم. وقال غيره: يكون ناسخًا إِن جاز النسخ بالقياس. مسألة مذهب الصحابي يخص العموم إِن قيل: "هو حجة"، وإلا فلا في مذهب الأئمة الأربعة. ومنعه بعض الشافعية (¬6) مطلقًا؛ لأنه يترك مذهبه للعموم، كترك ابن عمر المخابرة لخبر رافع. وأجاب أصحابنا: لا يتركه إِلا لنص؛ لأن قوله عن دليل نص أو قياس -ويخص بهما العموم- أو عموم فالترجيح. وخرج بعض أصحابنا (¬7) من الرجوع إِلى قوله مطلقًا -إِذا كان الراوي ¬

_ (¬1) يعني: بين العموم وبين ما أقر عليه. (¬2) انظر: مختصر ابن الحاجب 2/ 151. (¬3) نهاية 137 أمن (ب). (¬4) قال: إِن أمكن تعقل معنى أوجب جواز مخالفة ذلك الواحد للعموم. (¬5) يعني: في المعنى، بالقياس على ذلك الشخص عند من يرى جواز تخصيص العام بالقياس على محل التخصيص. (¬6) انظر: اللمع/ 21. (¬7) انظر: المسودة/ 128.

مسألة

للخبر، وتَرَكه- مثله (¬1) هنا؛ لأنه إِنما يخالف لدليل فيخص، وِإلا فسق، فيجب الجمع. رد: لدليل في ظنه يلزمه اتباعه لا غيره؛ بدليل صحابي آخر. وقال بعض أصحابنا (¬2): يخصه إِن سمع العام وخالفه، وإلا فمحتمل. وقد ترجم بعض أصحابنا وبعض الحنفية (¬3) وابن برهان (¬4) المسألة: هل يخص العموم بمذهب الراوي؟ مسألة العادة (¬5) لا تخص العموم ولا تقيد المطلق -نحو: "حرمت الربا في ¬

_ (¬1) فيخص العموم. (¬2) انظر: المسودة/ 127. (¬3) انظر: أصول السرخسي 2/ 5، وكشف الأسرار 3/ 65. (¬4) انظر: الوصول لابن برهان/ 35 ب، والمسودة/ 127. (¬5) في التعريفات/ 63: العادة: ما استمر الناس عليه وعادوا إِليه مرة بعد أخرى. وفي التقرير والتحبير 1/ 282: هي الأمر المتكرر من غير علاقة عقلية. وفي التعريفات/ 63: العرف: ما استقرت النفوس عليه بشهادة العقول، وتلقته الطبائع بالقبول. والعرف والعادة -في استعمالات الفقهاء- بمعنى واحد، ومنهم من خص العادة بالعرف العملي، والعرف بالعرف القولي، كابن الهمام في التحرير، انظر: تيسير التحرير 1/ 317. وقال صاحب التلويح 1/ 175: "أو عادة": يشمل العرف العام والخاص، وقد يفرق بينهما باستعمال العادة في الأفعال، والعرف في الأقوال.

الطعام" (¬1)، وعادتهم البر- عند أصحابنا والشافعية (¬2) والجمهور، خلافاً للحنفية (¬3) والمالكية (¬4)، ولهذا: لا نقض بنادر (¬5) عند المالكية (¬6)، قصرًا للغائط على المعتاد، وذكره (¬7) القاضي في مواضع؛ فقال في النقض بالنوم (¬8): "المراد به النوم المعتاد، وهو المضطجع؛ لأنه المعقول من قولك: نام فلان" وقاله -أيضًا- بعض أصحابنا (¬9)، وقال: إِن (¬10) كتب القاضي التي في الفقه على هذا، وأنه ذكر في الوصية لأقاربه وبعض مسائل الأيمان: أن العام يخص بعادة المتكلم وغيره في الفعل (¬11). وجه الأول: العموم (¬12) لغة (¬13) وعرفا، والأصل عدم مخصِّص. ¬

_ (¬1) انظر: ص 1244 من هذا الكتاب. (¬2) انظر: اللمع/ 22، والبرهان 446، والمستصفى 2/ 111، والمحصول 1/ 3/ 198، والإِحكام للآمدي 2/ 334. (¬3) انظر: تيسير التحرير 1/ 317، وفواتح الرحموت 1/ 345. (¬4) انظر: شرح تنقيح الفصول/ 211. وقد ذكر القرافي في المسألة تفصيلاً. (¬5) مثل: الدم والدود والحصاة التي لا أذى عليها. (¬6) انظر: الكافي لابن عبد البر/ 145. (¬7) يعني: التخصيص بالعادة. (¬8) نهاية 286 من (ح). (¬9) انظر: المسودة/ 123 - 124. (¬10) ضرب على (ان) في (ظ). (¬11) يعني: لا في الخطاب. (¬12) يعني: اللفظ عام لغة وعرفا. (¬13) نهاية 137 ب من (ب).

قالوا: المراد ظاهر عرفًا، فيخصص (¬1) (*) به (¬2) كالدابة (¬3). رد: بما سبق (¬4)، فلم يتخصص الاسم، فلو تخصص كالدابة اختص به، فهو تخصيص بالنسبة إِلى اللغة بعرف قولي، والأول بعرف فعلي. ومنه مسألة من حلف "لا يأكل رأسا وبيضا" -قاله بعض أصحابنا (¬5)، قال: وكذا لحمًا- هل يحنث بمحرم غير (¬6) معتاد؟ على وجهين. كذا قال، والمعروف حنثه. وفي الفقه مثل هذه مسائل مختلفة، فيتوجه القول بأن هذه المسألة في عرف الشارع، وكلام المكلف يعمل فيه بعرفه أو عرف خاص أو عام (¬7) -ولهذا قيل للقاضي في تعليقه في الطلاق قبل النكاح: "ليس مطلقا؛ بدليل ما لو علّق عتق عبده بطلاقها، فعلّقه، لم يعتق"، فقال: لفظ الحالف يحمل ¬

_ (¬1) لم تنقط هذه الكلمة في (ح) و (ظ). وكانت في (ب): (فتخصص) ثم حولت إِلى: (فيخصص). (*) نهاية 99 أمن (ظ). (¬2) يعين: بالعرف. (¬3) خصت بالعرف بذوات الأربع. (¬4) من أن اللفظ عام لغة وعرفا. (¬5) انظر: المسودة/ 125. (¬6) في (ب): غيره. (¬7) كتب -هنا- في (ح): (أو أن تلك المسائل من العرف القولي، ولهذا لا يحنث في مذهب الأئمة الثلاثة برأس كل مأكول وبيضه).=

على المستعمل المعهود، وهو الإِيقاع (¬1) والوقوع، ولفظ الشارع يحمل على العموم فيهما، ولو حرم الله أكل الرؤوس عم، وعندهم (¬2): لا يحنث إِلا بأكل رؤوس الأنعام- أو أن تلك المسائل من العرف القولي (¬3)، ولهذا لا يحنث في مذهب الأئمة الثلاثة (¬4) برأس (¬5) كل مأكول وبيضه. قال بعض أصحابنا (¬6): ومثل المسألة قصر الحكم على المعتاد زمنه عليه السلام، ومنه قصر أحمد لنهيه - عليه السلام - عن البول في الماء الدائم، على غير المصانع المحدثة، وله نظائر. كذا قال، وفيه نظر؛ للعلم بأنه لم يرد كل ماء، فلم يخالف الأصحاب أحمد في هذا، وقال أيضًا -لما قيل له: اليمين بالطلاق حدثت بعد الشارع، فلم يتناولها كلامه- فقال: يتناولها. ¬

_ =وهو موجود فيها -أيضاً- بنفس ترتيب الكلام في النسختين الأخريين، فتكرر. وكأن أحد قراء النسخة نقله -هنا- لطول الفصل. (¬1) كذا في النسخ. ولعلها: لا الوقوع. (¬2) يعني: يحمل لفظ المكلفين الحالفين على المستعمل المعهود. (¬3) فيخصص العام. (¬4) انظر: الهداية 2/ 81، وبدائع الصنائع/ 1698، والكافي لابن عبد البر/ 451، والمهذب 2/ 134. (¬5) يعني: لا يعم اليمين كل الرؤوس، بل يختص ببعضها. (¬6) انظر: المسودة/ 125.

مسألة

مسألة العام لا يخص بمقصوده عند الجمهور -لما سبق- خلافاً لعبد (¬1) الوهاب وغيره من المالكية (¬2) وغيرهم. وقال صاحب المحرر (¬3): "المتبادر إِلى الفهم (¬4) من لمس (¬5) النساء ما يقصد منهن غالبًا من الشهوة، ثم: لو عمت خصت به"، وخَصَّه حفيده (¬6) -أيضًا- بالمقصود، وكذا قاله في آية المواريث (¬7): مقصودها بيان مقدار (¬8) أنصباء المذكورين إِذا كانوا ورثة، وقوله: (وأحل الله ¬

_ (¬1) نهاية 287 من (ح). (¬2) انظر: المسودة/ 132. (¬3) في (ب): المحرز. (¬4) نهاية 138أمن (ب). (¬5) في سورة المائدة: آية 6. (¬6) وهو: شيخ الإِسلام أبو العباس تقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية الحراني الدمشقي الحنبلي، كان واسع العلم محيطًا بالفنون والمعارف النقلية والعقلية، صالحًا تقيًا مجاهدًا، توفي سنة 728 هـ. من مؤلفاته: مجموع الفتاوى، ومنهاج السنة النبوية، ودرء تعارض العقل والنقل، ورفع الملام عن الأئمة الأعلام. انظر: ذيل طبقات الحنابلة 2/ 387، وفوات الوفيات 1/ 62، والبدر الطالع 1/ 63. (¬7) سورة النساء: الآيتان 11، 12. (¬8) في (ب): مقداره.

مسألة

البيع) (¬1) قصده الفرق بينه وبين الربا، و: (فيما سقت السماء العشر (¬2)) قصده ما يجب فيه العشر ونصفه، وكذا قاله بعض أصحابنا، فلا يحتج (¬3) بعموم ذلك. مسألة إِذا وافق خاص عامًّا لم يخصصه في مذهب الأئمة الأربعة وغيرهم، خلافاً لأبي ثور (¬4)، كقوله: (أيما إِهاب دبغ فقد طهر) وقوله في شاة ميمونة: (دباغها طهورها) (¬5). ¬

_ (¬1) سورة البقرة: آية 275. (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه 2/ 126 من حديث ابن عمر مرفوعًا، ومسلم في صحيحه/ 675 من حديث جابر، وأبو داود في سننه 2/ 252 من حديث ابن عمر، والترمذي في سننه 2/ 75 - 76 من حديث أبي هريرة وابن عمر، والنسائي في سننه 5/ 41 - 42 من حديث ابن عمر وجابر، وابن ماجه في سننه/ 580 - 581 من حديث أبي هريرة وابن عمر. (¬3) في (ب): فلا يجتمع. (¬4) انظر: المحصول 1/ 3/ 195، والإِحكام للآمدي 2/ 335، والمسودة / 142. (¬5) قول الرسول هذا: ورد مجردًا عن قصة شاة ميمونة، أخرجه مسلم في صحيحه/ 278، والدارمي في سننه 2/ 13، 171، والدارقطني في سننه 1/ 43 من حديث ابن عباس. وأخرجه الدارقطني -أيضًا- في سننه 1/ 44، 46، 48 من حديث عائشة وسلمة بن المحبق وزيد بن ثابت وابن عمر. وأخرجه أبو داود في سننه 4/ 369 من حديث سلمة بن المحبق، والنسائي في سننه 7/ 174 من حديث عائشة، وأحمد في مسنده 3/ 476، 6/ 155 من حديث سلمة بن المحبق وعائشة.=

مسألة

لنا: لا تعارض، فيعمل بهما. قالوا: المفهوم يخص العموم. رد: لا مفهوم فيه، ثم: مفهوم لقب ليس بحجة، ثم: دلالة العموم أقوى (¬1) منه. مسألة رجوع الضمير إِلى بعض العام المتقدم لا يخصصه عند أصحابنا وأكثر ¬

_ =وفي التعليق المغني على الدارقطني 1/ 43: وجزم الرافعي وبعض أهل الأصول أن هذا اللفظ ورد في شاة ميمونة، ولكن لم أقف على ذلك صريحًا مع قوة الاحتمال فيه؛ لكون الجميع -يقصد ما رواه الدارقطني في ذلك الموضع- من رواية ابن عباس. ا. هـ. وقال العراقي في تخريج أحاديث المنهاج/ 293: "حديث: (دباغها طهورها)، قاله في شاة ميمونة" أبو بكر البزار في مسنده من حديث ابن عباس: ماتت شاة ميمونة. وقال ابن حجر في التلخيص الحبير 1/ 50: وروى البزار والطبراني والبيهقي من حديث يعقوب بن عطاء عن أبيه عن ابن عباس قال: ماتت شاة لميمونة، فقال رسول الله: (ألا استمتعتم بإِهابها؛ فإِن دباغ الأديم طهوره؟) وابن عطاء ضعفه يحيى بن معين وأبو زرعة. وانظر: المعتبر/ 60أوفيه: قال البزار: "لا نعلم رواه عن يعقوب عن أبيه عن ابن عباس إِلا شعبة". وهذا لا يضره؛ لأنه إِمام. نعم: العلة يعقوب، ضعفه أحمد وغيره، لكن ذكره ابن حبان في الثقات، وقال: ربما أخطأ. وقال ابن عدي: له أحاديث صالحة، وهو ممن يكتب حديثه. فحصل من هذا أنه حديث حسن. (¬1) في (ب): أقوم.

الشافعية (¬1) وعبد الجبار وغيره من المعتزلة (¬2) -كقوله: (وبعولتهن) (¬3)، (إِلا أن (¬4) يعفون) (¬5)، (لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً) (¬6) - خلافاً للقاضي في الكفاية (¬7)، وذكره (¬8) هو (¬9) وأبو الخطاب (¬10) عن أحمد، لقوله (¬11) في رواية أبي طالب: "يأخذون بأول الآية ويدعون آخرها"، وقوله (¬12) في آية النجوى (¬13): "هو علمه؛ لقوله (¬14) في أولها ¬

_ (¬1) انظر: اللمع/ 22، والإِحكام للآمدي 2/ 336. (¬2) انظر: المعتمد/ 306، والإِحكام للآمدي 2/ 336. (¬3) سورة البقرة: آية 228. (¬4) نهاية 99 ب من (ظ). (¬5) سورة البقرة: آية 237. (¬6) سورة الطلاق: آية 1. (¬7) انظر: المسودة/ 138. (¬8) في (ب): وذكر. (¬9) انظر: العدة/ 614، والمسودة/ 138. (¬10) انظر: التمهيد/ 68 ب، والمسودة/ 139. (¬11) في (ب) و (ظ): كقوله. (¬12) انظر: العدة/ 614، والمسودة/ 141. (¬13) سورة المجادلة: آية 7. (¬14) في (ظ): كقوله.

وآخرها (¬1) "، [وذكره (¬2) في الواضح (¬3) المذهب، وخَطَّأ من خالفه؛ لأنه أقرب من آية أخرى] (¬4). وقال القاضي (¬5) -أيضًا-: إِنما قال ذلك (¬6) بدليل (¬7)، وعَضَّده بسياق الآية (¬8). وللحنفية (¬9) القولان. وتوقف أبو المعالي (¬10) وأبو الحسين (¬11) البصري. وجه الأول (¬12): أن المظهر عام، والأصل بقاؤه، فلا يلزم من تخصيص المضمر تخصيصه. ¬

_ (¬1) في (ب): واخر لها. (¬2) يعني: حمل العام على الخاص. (¬3) انظر: الواضح 2/ 125 ب. (¬4) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬5) انظر: العدة / 615. (¬6) يعني: قوله: يأخذون بأول الآية ... إِلخ. (¬7) دل على ذلك. (¬8) ولم يقل ذلك لأنه يجب تخصيص أول الآية بآخرها. (¬9) انظر: تيسير التحرير 1/ 320، وفواتح الرحموت 1/ 356. (¬10) انظر: الإِحكام للآمدي 2/ 336. (¬11) انظر: المعتمد/ 306. (¬12) نهاية 138 ب من (ب).

مسألة

قال: يلزم، وإلا لم يطابقه. رد: لا يلزم، كرجوعه مظهرًا. الوقف: تعارضا -كما سبق- ولا ترجيح. رد: الأول أولى؛ لأن دلالة الظاهر على العموم أقوى من المضمر (¬1). مسألة يخص العام بالقياس عند أصحابنا والمالكية (¬2) وأكثر الشافعية (¬3) والأشعري (¬4) وأبي هاشم (¬5) وأبي الحسين (5) البصري. ومنعه ابن حامد وجماعة من أصحابنا -قاله القاضي (¬6) - والجبائي (¬7) وبعض الشافعية (¬8). ¬

_ (¬1) نهاية 288 من (ح). (¬2) انظر: المنتهى لابن الحاجب/ 98، وشرح تنقيح الفصول / 203، ومفتاح الوصول/ 60. (¬3) انظر: اللمع / 21، والتبصرة/ 137، والمستصفى 2/ 122، والمحصول 1/ 3/ 148، والإِحكام للآمدي 2/ 337. (¬4) انظر: الإحكام للآمدي 2/ 337، وشرح ننقيح الفصول/ 203. (¬5) انظر: المعتمد/ 811. (¬6) انظر: العدة/ 562. (¬7) انظر: المعتمد/ 811. (¬8) انظر: التبصرة/ 138.

وأطلق القاضي في الكفاية (¬1) روايتين. وأطلق أبو إِسحاق (¬2) من أصحابنا وجهين، ثم حكى عنه المنع وجوازه إِن كان المقيس عليه مُخْرجا من العموم، كقول بعضهم. وعند الحنفية (¬3): إِن كان خُص بدليل مجمع عليه جاز. جوزه ابن سريج (¬4) بقياس جلى، واختاره بعض أصحالنا (¬5). وتوقف ابن الباقلاني (¬6) وأبو المعالي (¬7). وجوزه الآمدي (¬8) إِن ثبتت العلة بنص أو إِجماع، زاد بعض من تبعه (¬9): أو كان الأصل مخصّصا (¬10)، أو ظهر ترجيح خاص للقياس. ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 119. (¬2) انظر: العدة/ 563، والمسودة/ 120. (¬3) انظر: أصول السرخسي 1/ 141، وكشف الأسرار 1/ 294، وتيسير التحرير 1/ 321، وفواتح الرحموت 1/ 357. (¬4) انظر: الإحكام للآمدي 2/ 337. (¬5) انظر: البلبل/ 109 - 110. (¬6) انظر: الإحكام للآمدي 2/ 337، والمنتهى لابن الحاجب/ 98. (¬7) انظر: البرهان/ 429. (¬8) انظر: الإحكام للآمدي 2/ 337. (¬9) انظر: المنتهى لابن الحاجب/ 98، ومختصره 2/ 153. (¬10) يعني: مخرجا عن العموم.

وكذا صرف ظاهر -غير عموم- إِلى احتمال مرجوح بقياس. وجه الأول: أنه (¬1) خاص لا يحتمل التخصيص، وفيه جمع بينهما، فقُدِّم. وادعى بعضهم إِجماع الصحابة، وليس كذلك. وجه الثاني: لو قدم لقدم الأضعف، لما سبق (¬2) في تقديم خبر الواحد عليه (¬3). رد: بما سبق، ثم: ذلك عند إِبطال أحدهما، والتخصيص إعمال لهما. وألزم بعضهم (¬4) الخصم تخصيص الكتاب بالسنة، والمفهوم لهما. قالوا وأجيب: بما سبق (¬5) في المفهوم (¬6). وكاستصحاب الحال (¬7). رد: بأنه دليل عند عدم دليل شرعي (¬8). ¬

_ (¬1) يعني: القياس. (¬2) في ص 630. (¬3) يعني: على القياس. (¬4) انظر: المنتهى لابن الحاجب / 98. (¬5) في ص 962. (¬6) نهاية 139 أمن (ب). (¬7) فقالوا: لم يخص به. (¬8) فلهذا لم يخص به لوجود الدليل.

واقتصر في التمهيد (¬1) على أنه ليس دليلاً. واحتج الحنفية: بما سبق (¬2) في خبر الواحد. وجه الوقف: للتعارض. رد: بما سبق، على أنه خلاف الإِجماع (¬3). وجه الأخير: أن العلة كذلك (¬4) كنص خاص. وللمخالف: المنع. واستدل (¬5): المستنبطة مرجوحة أو مساوية -فلا تخصيص- أو راجحة، ووقوع واحد من اثنين (¬6) أقرب من واحد معين (¬7). رد: بلزومه في كل تخصيص (¬8) (¬9). ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد/ 63 ب. (¬2) في ص 958، 961. (¬3) لأنه إِحداث قول ثالث. (¬4) يعني: إِذا ثبتت بنص أو إِجماع، أو كان الأصل مخرجاً ... إِلخ. (¬5) على أن المستنبطة لا تخصص. (¬6) وهما: كونها مرجوحة، وكونها مساوية. (¬7) وهو كونها راجحة. (¬8) وقد رجحتم الاحتمال الواحد فيها على الاحتمالين. (¬9) نهاية 289 من (ح).

مسألة

وبأنها راجحة (¬1) أو مساوية، والجمع أولى. وهذه المسألة ونحوها ظنية؛ لأن أدلتها ظنية، قطعيهَ عند ابن الباقلاني (¬2)؛ للقطع بالعمل بالظن (¬3) الراجح. مسألة يخص العموم بقضايا الأعيان. قال بعض أصحابنا (¬4): ويحتمل منعه على منعه بفعله عليه السلام - والخطاب له بلفظ يخصه، وكلام أحمد يحتمله في الحريم (¬5) للحِكَّة (¬6). ¬

_ (¬1) يعني: نجعل الاثنين: كونها راجحة، وكونها مساوية. (¬2) انظر: المنتهى لابن الحاجب/ 99. (¬3) نهاية 100 أمن (ظ). (¬4) انظر: المسودة/ 118، 130. (¬5) فقد ورد نهي الرسول عن لبس الحرير للرجال. أخرجه البخاري في صحيحه 7/ 149 - 150، ومسلم في صحيحه/ 1635 وما بعدها من حديث جمع من الصحابة مرفوعًا. وأخرج البخاري في صحيحه 7/ 151، ومسلم في صحيحه/ 1646 عن أنس قال: رخص رسول الله للزبير بن العوام وعبد الرحمن بن عوف في لبس الحرير، لحكة كانت بهما. (¬6) في (ب): للحكمة.

المطلق والمقيد

المطلق والمقيد المطلق: لفظ دل على شائع في جنسه. فتخرج المعرفة بـ "شائع". وقوله: "في جنسه" -أي: له أفراد يماثله كل واحد بعد حذف ما به صار فردًا- يخرج العام؛ فإِنه ليس له ذلك، لاستغراقه. ودخل ما دل على الماهية من حيث هي، ونكرة لواحد غير معين. وقيل: المطلق: نكرة في إِثبات، لا نحو: رأيت رجلاً (¬1). * * * والمقيد: بخلافه. فالعام مقيد بالحد الأول. ويطلق المقيد -أيضًا- على ما دل على مفهوم المطلق بصفة زائدة عليه كـ: (ورقبة مؤمنة) (¬2) * * * ¬

_ (¬1) لأنه لا يتصور الإِطلاق في معرض الخبر المتعلق بالماضي نحو هذا المثال ضرورة تَعَيّنه من إِسناد الرؤية إِليه. (¬2) سورة النساء: آية 92.

مسألة

وما ذكر في تخصيص العموم -من متفق عليه، ومختلف فيه، ومختار (¬1)، ومزيِّف- جارٍ في تقييد المطلق. مسألة إِذا ورد مطلق ومقيد: فإِن اختلف حكمهما لم يحمل أحدهما على الآخر، قال في (¬2) العدة (¬3) والتمهيد (¬4) والواضح (¬5): كالخاص والعام، وفي الروضة (¬6): لأن القياس شرطه اتحاد الحكم. قال الآمدي (¬7): لا يحمل بلا خلاف، إِلا في صورة نحو: "أعتق في الظهار رقبة"، [ثم] (¬8): "لا تعتق رقبة كافرة" بلا خلاف. وسواء اتفق السبب -كالتتابع في الصيام، وإطلاق الإِطعام- أو اختلف كامره بالصيام متتابعا وبالصلاة مطلق، ولهذا عن أحمد (¬9) رواية: لا يحرم ¬

_ (¬1) في (ظ): ومجاز. (¬2) نهاية 139 ب من (ب). (¬3) انظر: العدة/ 636. (¬4) انظر: التمهيد/ 69 ب. (¬5) انظر: الواضح 2/ 1130. (¬6) انظر: روضة الناظر/ 262. (¬7) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 4. (¬8) ما بين المعقوفتين من (ح). (¬9) انظر: العدة/ 636.

وطء من ظاهر منها قبل تكفيره بالإِطعام، واختاره أبو بكر (¬1) وأبو إِسحاق (¬2) من أصحابنا، وأبو ثور (¬3)، واحتج بها القاضي (¬4) وأصحابه هنا. ومذهب الأئمة الأربعة (¬5): يحرم، وقاسوه على العتق والصوم (¬6). واحتج القاضي في تعليقه لهذا: يحمل المطلق على المقيد، وللذي قبله: بعكسه. وادعى بعض متأخرى أصحابنا اتفاق الحكم هنا؛ لأنها أنواع الواجب، لا فَرْق إِلا الأسماء. * * * وإن لم يختلف حكمهما: فإِن اتحد سببهما وكانا مثبتين -نحو: "أعتق في الظهار رقبة"، ثم قال: "أعتق رقبة مؤمنة"- حمل المطلق على المقيد عند الأئمة الأربعة، وذكره صاحب (¬7) المحرر إِجماعًا، وقال الآمدي (¬8): لا أعرف فيه خلافا. ¬

_ (¬1) العدة / 636. (¬2) انظر: المرجع السابق/ 639. (¬3) انظر: المغني 8/ 12. (¬4) انظر: العدة/ 636. (¬5) انظر: المغني 8/ 12، والهداية 2/ 17، 19، والكافي لابن عبد البر/ 606، 607، والأم 5/ 285، والمهذب 2/ 114. (¬6) نهاية 290 من (ح). (¬7) انظر: المسودة/ 146. (¬8) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 4.

وقيل للماضي في تعليقه (¬1) -في خبر ابن عمر (¬2) -: أمر المحرم بقطع الخف، وأطلق في خبر ابن عباس (¬3)، فيحمل عليه، فقال: إِنما يحمل إِذا لم يمكن تأويله، وتأولنا (¬4) التقييد على الجواز (¬5)، وعلى أن المروذي قال: احتججت على أبي عبد الله بخبر ابن عمر هذا، وقلت: فيه زيادة، فقال: "هذا حديث وذاك حديث"، وظاهر هذا: أنه لم يحمل المطلق على (¬6) المقيد. وأجاب في الانتصار: لا يحمل، نص (¬7) عليه في رواية المروذي، وإِن سلّمنا -على رواية- فإِذا لم يمكن التأويل. وقيل له (¬8) - (¬9) في التحالف لاختلاف المتبايعين-: المراد: والسلعة قائمة؛ لقوله: (والسلعة قائمة). فقال: لا يحمل على وجه لنا. ¬

_ (¬1) انظر: التعليق الكبير للقاضي 4/ 112 - 113 مخطوط. (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه 2/ 137، ومسلم في صحيحه/ 834 مرفوعًا. (¬3) أخرجه البخاري في صحيحه 3/ 16، ومسلم في صحيحه/ 835 مرفوعاً. وانظر: في الموقف من الحديثين-: فتح الباري 3/ 403، 4/ 57. (¬4) في (ظ): وتأويلنا. (¬5) يعني: دون الإِيجاب. (¬6) نهاية 140أمن (ب). (¬7) في (ظ): النص. (¬8) يعني: لأبي الخطاب. (¬9) نهاية 100 من (ظ).

وللمالكية (¬1) خلاف [في حمله]. (¬2) لنا: أنه عمل بالصريح واليقين (¬3)، مع الجمع بينهما (¬4). فإِن قيل: الأمر بالإِيمان (¬5) للندب؛ لأجل المطلق. رد: بما سبق (¬6). ................. ثم: إِن كان المقيد آحادًا والمطلق تواترا: انبني على مسألة الزيادة: هل هي نسخ؟، وعلى النسخ للتواتر بالآحاد. والمنع: قول الحنفية (¬7). ¬

_ (¬1) انظر: الإِشارات للباجي/ 42. وقد ذكر الطرطوشي: أن أصحابه اختلفوا في حمل المطلق على المقيد مع اتحاد السبب والحكم. فانظر: المسودة/ 147. وانظر -أيضًا-: شرح تنقيح الفصول/ 266 - 267. (¬2) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬3) وهو المقيد. (¬4) لأنه يلزم من العمل بالمقيد العمل بالمطلق. (¬5) يعني: إِن قيل: يحمل: (رقبة مؤمنة) على الندب بقرينة المطلق. (¬6) يعني: بأنه الصريح واليقين ... الخ. (¬7) لأنهم يرون أن الزيادة نسخ -ويأتي في ص 1179 - ويمنعون نسخ التواتر بالآحاد. فانظر: أصول السرخسي 2/ 77، وفتح الغفار 2/ 134، والتلويح 2/ 36، وفواتح الرحموت 2/ 76، والمسودة/ 136.

والأشهر: أن المقيد بيان للمطلق لا نسخ له كتخصيص العام، وكما لا يكون تأخير المطلق نسخا للمقيد مع رفعه لتقييده، فكذا عكسه. قال (¬1): فيكون المراد بالمطلق المقيد، فيكون مجازًا. رد: بلزومه في تقييد الرقبة بالسلامة، وفيما إِذا تقدم المقيد؛ فإِنه بيان له عندهم (¬2). وبأن المجاز أولى من النسخ (¬3). * * * وإن اتحد سببهما -وكانا نهيين نحو: "لا تعتق مكاتبا"، "لا تعتق مكاتبا كافراً"، أو "لا تكفر [بعتق] (¬4) "، "لا تكفر بعتق كافراً - فالمقيد (¬5) دل بالمفهوم. قال أبو الخطاب (¬6): فمن لا يراه حجة -قال صاحب المحرر (¬7): أو لا يخص العموم- يعمل بمقتضى الإِطلاق، وإلا بالمقيد. ¬

_ (¬1) يعني: من قال: إِنه نسخ لا بيان. (¬2) فيجب أن تكون دلالته عليه مجازا. (¬3) نهاية 291 من (ح). (¬4) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬5) في (ح): فالقيد. (¬6) انظر: التمهيد / 69 أ- ب. (¬7) انظر: المسودة / 146.

واختار في الكفاية (¬1): يعمل بالمطلق؛ لأنه لا يخص الشيء بذكر بعض ما دخل تحته. وذكر الآمدي (¬2): بالمقيد بلا خلاف. قال بعض أصحابنا (¬3): والإِباحة والكراهة كالنهي، وفي الندب نظر. * * * وإِن اختلف سببهما، كالرقبة في الظهار والقتل: فعن أحمد (¬4): يحمل عليه لغة -اختاره القاضي (4)، وقال: أكثر كلام أحمد عليه (¬5) - وروي عن مالك (¬6) وقاله بعض الشافعية (¬7)، لأن اللغة كقوله: (والذاكرات) (¬8) أي: لله، وقوله: (ولنبلونكم) إِلى قوله: ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 146 - 147. (¬2) انظر: الإحكام للآمدي 3/ 5. (¬3) انظر: المسودة/ 147. (¬4) انظر: العدة/ 638. (¬5) نهاية 140 ب من (ب). (¬6) ذكر ابن نصر المالكي: أنه روي عن مالك ما يحتمل أن يكون أراد به أن المطلق يتقيد بنفس تقييد المقيد، ويحتمل أن يرد إِليه قياسًا، وذكر أن الصحيح عند أصحابه أنه يحمل عليه قياسًا. انظر: المسودة/ 145. (¬7) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 5. (¬8) سورة الأحزاب: آية 35.

(والأنفس والثمرات) (¬1) أي: بعضهما (¬2). رد: للعطف، أو عدم استقلاله، أو لدليل. وأيضًا: القرآن كالكمة الواحدة. رد: إِن عني في عدم تناقضه فصحيح، أو في تقييده فالخلاف، وإلا لزم المحال. وأيضًا: كخبرين عام وخاص في حكم واحد. وأجاب في التمهيد (¬3): هما كمسألتنا. وكذا قال القاضي (¬4) وابن عقيل (¬5): العام نحو: (فيما سقت السماء العشر)، والخاص (ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة) (¬6) كالمطلق والمقيد على الخلاف. وعن أحمد (¬7): قياسًا بجامع بينهما، واختاره أكثر أصحابنا ¬

_ (¬1) سورة البقرة: آية 155. (¬2) في (ح) و (ظ): بعضها. أقول: لعل الصواب: نقصهما. (¬3) انظر: التمهيد/ 70 أ. (¬4) انظر: العدة/ 639 - 640. (¬5) انظر: الواضح 2/ 130 ب. (¬6) أخرجه البخاري في صحيحه 2/ 107، ومسلم في صحيحه/ 674 من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعًا. (¬7) انظر: المسودة/ 145.

والمالكية (¬1) وأكثر الشافعية (¬2)، كتخصيص العموم بالقياس على ما سبق (¬3)، واختاره الآمدي (¬4) وتبعه (¬5)، وأبو المعالى (¬6): الوقف. وعن أحمد (¬7) رواية ثالثة: لا يحمل عليه -واختاره أبو إسحاق (¬8) وابن عقيل في فنونه، قال: لجواز قصد الباري للتفرقة لمعنى باطن أو ابتلاء- وقاله الحنفية (¬9)؛ لأنه رفع لمقتضاه بالقياس، وهو نسخ به، ¬

_ (¬1) سبق كلام ابن نصر المالكي قد هامش 6 من ص 991. وفي الإِشارات/ 41: فإِن تعلق بسببين مختلفين -نحو أن يقيد الرقبة في القتل بالإيمان ويطلقها في الظهار- فإِنه لا يحمل المطلق على المقيد عند أكثر أصحابنا إِلا بدليل يقتضي ذلك. وفي شرح تنقيح الفصول/ 267: الذي حكاه عبد الوهاب في الإِفادة والملخص عن المذهب: عدم الحمل إِلا القليل من أصحابنا. واختار ابن الحاجب في المنتهى/ 99: الحمل عليه قياسا. وذكر في نشر البنود 1/ 268: أن جل المالكية لا يحملون المطلق على المقيد مع اتحاد الحكم إِذا اختلف السبب. (¬2) انظر: الإحكام للآمدي 3/ 5. (¬3) في ص 980. (¬4) انظر: الإحكام للآمدى 3/ 7. (¬5) انظر: المنتهى لابن الحاجب/ 99. (¬6) انظر: البرهان/ 440. (¬7) انظر: العدة/ 638. (¬8) انظر: المرجع السابق/ 639. (¬9) انظر: أصول السرخسي 1/ 267، وكشف الإصرار 2/ 287، وفواتح الرحموت 1/ 365، والتوضيح 1/ 63.

فلا يجوز (¬1)، وقد سبق (¬2). * * * وإن كان مقيدان (¬3) -كتتابع صوم (¬4) الظهار (¬5) وتفريق (¬6) صوم المتعة (¬7)، وقضاء رمضان (¬8) مطلق- فلا يحمل لغة بلا خلاف، وقياسا بجامع معتبر: الخلاف. وحكى بعضهم عن أبي الخطاب: قياس قضاء رمضان على كفارة اليمين في التتابع أولى منه على المتعة في عدمه. * * * وقد عرف مما سبق دلالة المطلق وأنه كالعام في تناوله، وأطلقوا عليه "العموم" لكنه على البدل. وسبق (¬9) في "إِن أكلت": هل يعم الزمان والمكان؟. ¬

_ (¬1) في (ح): ولا يجوز. (¬2) انظر: ص 989 - 990. ويأتي النسخ بالقياس في ص 1160. (¬3) في (ظ): (مقيدا) بعد أن مسحت النون. (¬4) نهاية 292 من (ح). (¬5) في سورة المجادلة: آية 4. (¬6) نهاية 101 أمن (ظ). (¬7) في سورة البقرة: آية 196. (¬8) في سورة البقرة: آية 184. (¬9) في ص 839.

وقيل للقاضي (¬1) -وقد احتج على القضاء في المسجد بقوله: (وأن احكم بينهم) (¬2) -: لا يدل على المكان (¬3)، فقال: هو أمر بالحكم في عموم الأمكنة والأزمنة إِلا ما خصه الدليل. وقال في التمهيد (¬4): المطلق مشتمل على جميع صفات الشيء وأحواله. وأجاب في المغني (¬5) -لمن احتج بآية القصاص (¬6) والسرقة (¬7) والزنا (¬8) في الملتجىء إِلى الحرم-: الأمر بذلك مطلق في الأمكنة (¬9) والأزمنة يتناول مكانا (¬10) ضرورة إِقامته، فيمكن في غير الحرم، ثم: لو عم خُصّ (¬11). والمعروف في كلامه وكلام غيره هو الثاني. ¬

_ (¬1) انظر المسودة: 98. (¬2) سورة المائدة: آية 49. (¬3) نهاية 141 أمن (ب). (¬4) انظر: التمهيد/ 70أ. (¬5) انظر: المغني 9/ 101، 102، 103. (¬6) سورة البقرة: آية 178. (¬7) سورة المائدة: آية 38. (¬8) سورة النور: آية 2. (¬9) في (ح): في الأزمنة والأمكنة. (¬10) يعني: غير معين. (¬11) بنحو: (ومن دخله كان آمنا) سورة آل عمران: آية 97.

مسألة

وسبق (¬1) كلام بعض أصحابنا في "إِن أكلت"، وفيه: أن المطلق تناول أفراده على البدل لزومًا عقليًا، وأوصاف الرقبة لم يدل عليها لفظها بنفي ولا إِثبات، فإِيجاب الإِيمان إِيجاب لما لم يوجبه اللفظ ولم ينفه، فلو قال: "أعط هذا لفقير (¬2) "، ثم قال: "لا تعطه كافرا" فلا تنافي، ولو قال: "أعطه أي فقير كان"، ثم قال: "لا تعطه كافرا" تنافيا؛ لقصده ثبوت الحكم لكل فرد، والمطلق قصد ثبوته للمعنى العام، فإِذا شرط فيه شرطًا لم يتنافيا، وقال -أيضًا-: التقييد زيادة حكم، والتخصيص نقص، فلو كان بعد المطلق جاز بخبر الواحد، وحمله -لجهل التاريخ- على التأخر أولى. مسألة قال بعض أصحابنا (¬3) وغيرهم: المطلق من الأسماء (¬4) يتناول الكامل من المسميات في إِثبات لا نفي كالماء والرقبة، وعقد النكاح الخالي عن وطء يدخل في قوله: (ولا تنكحوا) (¬5)، لا (¬6): (حتى تنكح) (¬7). ¬

_ (¬1) في ص 840. (¬2) في (ح) و (ظ): الفقير. (¬3) انظر: المسودة/ 99. (¬4) نهاية 293 من (ح). (¬5) سورة البقرة: آية 221. (¬6) في (ح) و (ظ): الا. (¬7) سورة البقرة: آية 230.

ولو حلف: "لا (¬1) يتزوج" حنث بمجرد العقد عند الأئمة الأربعة (¬2). ولو حلف: "ليتزوجن" يبر (¬3) بمجرده عند أحمد (¬4) ومالك. وكذا قال بعض أصحابنا: الواجبات المطلقة تقضي السلامة من العيب في عرف (¬5) الشارع؛ بدليل الإِطعام في الكفارة (¬6)، والزكاة. وصرح القاضي وابن عقيل وغيرهما: أن إِطلاق الرقبة في الكفارة يقتضي الصحة، بدليل المبيع وغيره. وسبق خلافه من كلام الآمدي (¬7) وغيره، وكذا لابن (¬8) عقيل (¬9) في الزيادة على النص. وحكي عن داود (¬10): أنه جوز عتق كل رقبة، لإِطلاق اللفظ، وسلّمه ¬

_ (¬1) في (ب): ولا يتزوج. (¬2) انظر: المغني 9/ 528، والهداية 2/ 89، وبدائع الصنائع/ 1755، والكافي لابن عبد البر/ 449، والمهذب 2/ 138. (¬3) في (ح) و (ب): لم يحنث. وقد كانت في (ظ) كذلك، ثم غيرت. (¬4) انظر: المغني 9/ 528، والكافي لابن عبد البر/ 449. (¬5) في (ب): عرق. (¬6) نهاية 141 ب من (ب). (¬7) انظر: ص 720، والإِحكام للآمدي 3/ 7. (¬8) في (ح): ابن. (¬9) انظر: الواضح 2/ 251أ- ب. (¬10) انظر: المغني 8/ 22، والمحلى 6/ 290.

في المغني (¬1) وغيره، وقيدوه قياسًا على الإِطلاق (¬2)، واختار (¬3) في "ليتزوجن": يحنث (¬4) بالعقد كالنفي؛ لأن المسمى واحد، فما تناوله النفي تناوله الإِثبات (¬5). أما المعاملة -كالبيع- فإِطلاق الدرهم مختص بعرفها. والله أعلم. ¬

_ (¬1) انظر: المغني 8/ 22. (¬2) فإنه لا يجزء أن يطعم مسوسا ولا عفنا. (¬3) انظر: المغني 9/ 528. (¬4) كذا في النسخ. ولعلها: يبر. فانظرك المغني. (¬5) نهاية 101 ب من (ظ).

المجمل

المجمل هو لغة (¬1): المجموع -من: أجملت الحساب- وقيل: أو المبهم. واصطلاحاً: [ما] (¬2) لم تتضح دلالته. وفي التمهيد (¬3): ما أفاد جملة من الأشياء. وفي العدة (¬4): ما لا يعرف معناه من لفظه. وفي الروضة (¬5): ما لا يفهم منه عند الإِطلاق معنى، قال: وقيل: ما احتمل أمرين لا مزية لأحدهما، مثل: المشترك. وقيل: ما لا يعرف المراد منه إِلا ببيان غير اجتهادي. فيخرج "المشترك"؛ لجواز التأويل باجتهاد (¬6)، وما أريد مجازه، للنظر في الوضع (¬7) والعلاقة. وقيل: لفظ لا يفهم منه عند إِطلاقه شيء. ¬

_ (¬1) انظر: الصحاح/ 1662، ومعجم مقاييس اللغة 1/ 481. (¬2) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬3) انظر: التمهيد / 76 ب. (¬4) انظر: العدة/ 143. (¬5) انظر: روضة الناظر/ 180. (¬6) في (ح): باجتهاده. (¬7) في (ب) و (ظ): الموضع.

ونقض طرده: بالمهمل والمستحيل، وعكسه: بجواز فهم أحد محامله كقوله: (وآتوا حقه) (¬1)، وقيامه - عليه السلام - من الثانية ولم يتشهد (¬2)، لاحتمال جوازه وسهوه (¬3). * * * والإِجمال يكون في مفرد كـ "القرء" (¬4) و"العين" و"المختار" يصلح فاعلاً ومفعولاً. وفي مركب، كقوله: (أو يعفو (¬5)) (¬6). وفي مرجع الضمير، نحو: ضرب زيد عمرًا وأكرمني. ومرجع الصفة، نحو: "زيد طبيب (¬7) ماهر"، فـ "ماهر" صفة لـ "طبيب " أو لصفة أخرى. وفي تعدد المجاز عند تعذر الحقيقة. ¬

_ (¬1) سورة الأنعام: آية 141. (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه 1/ 161 - 162، ومسلم في صحيحه/ 399 من حديث عبد الله بن بعينة مرفوعاً. (¬3) فتقييد حد المجمل بـ "اللفظ" يخرجه عن كونه جامعًا؛ لأن الإِجمال يعم الأقوال والأفعال. (¬4) نهاية 294 من (ح). (¬5) سورة البقرة: آية 237. (¬6) فهو متردد بين الزوج والولي. (¬7) في (ح): للطبيب.

مسألة

والعام المخصوص بمجهول. والمستثنى المجهول (¬1)، نحو: (إِلا ما يتلى عليكم) (¬2). والصفة المجهولة، نحو: (محصنين) موجِب للإِجمال في: (وأحل لكم) (¬3). قال في الروضة (¬4) وغيرها: والواو للعطف والابتداء، و"مِنْ" لمعان. مسألة لا إِجمال في إِضافة التحريم إِلى الأعيان -نحو: (حرمت عليكم الميتة) (¬5) و (أمهاتكم) (¬6) - خلافا لأكثر الحنفية (¬7) -الكرخي (¬8) وغيره- ولأبي عبد الله البصري (¬9). ¬

_ (¬1) نهاية 142 أمن (ب). (¬2) سورة المائدة: آية 1. (¬3) سورة النساء: آية 24. (¬4) انظر: روضة الناظر/ 181. (¬5) سورة المائدة: آية 3. (¬6) سورة النساء: آية 23. (¬7) ذكر في تيسير التحرير 1/ 661، وفواتح الرحموت 2/ 33: أن المختار: لا إِجمال. ونقل -فيهما- القول بالإجمال عن الكرخي. وانظر: أصول السرخسي 1/ 195، وكشف الأسرار 2/ 106. (¬8) انظر: تيسير التحرير 1/ 166، وفواتح الرحموت/ 332. (¬9) انظر: المعتمد/ 333.

ثم: هو عام عند ابن عقيل (¬1) والحلواني (¬2) وغيرهما من أصحابنا. وقال (¬3) في التمهيد (¬4) والروضة (¬5) والمالكية (¬6) وجماعة من المعتزلة (¬7): ينصرف إِطلاقه في كل عين إِلى المقصود اللائق بها؛ لأنه متبادر لغة (¬8) وعرفا. وللشافعية (¬9) وجهان. وذكر أبو الطيب (¬10) -منهم- العموم عن قوم من الحنفية. وللقاضي (¬11): الأقوال الثلاثة. ¬

_ (¬1) انظر: الواضح 2/ 191، والمسودة/ 95. (¬2) انظر: المسودة/ 95. (¬3) في (ح): قال. (¬4) النظر: التمهيد/ 77 أ. (¬5) انظر: روضة الناظر/ 181. (¬6) انظر: المنهاج للباجي/ 103، والمنتهى لابن الحاجب/ 100، وشرح تنقيح الفصول/ 275، ومفتاح الوصول/ 39. (¬7) انظر: المعتمد/ 333. (¬8) في (ح): أو عرفا. (¬9) انظر: اللمع/ 30، والتبصرة/ 201، والمحصول 1/ 3/ 241، والإِحكام للآمدي 3/ 12. (¬10) انظر: المسودة/ 95. (¬11) انظر: العدة/ 106، 145، والتمهيد/ 76 ب، والمسودة/ 94 - 95.

واختار أبو الفرج المقدسي: الإِجمال. وحكى القاضي (¬1) عن أبي الحسن التميمي: أن وصف الأعيان بالحل والحظر مجاز، كما قاله البصري (¬2). قالوا: التحريم إِنما يتعلق بأفعال مقدورة، والأعيان غير مقدورة، فلا بد من إِضمار للضرورة، والمضمر لها يتقدر بقدرها، فلا يضمر الجميع، ولا أولوية لبعضه. رد: بوصف العين بالحل والحظر حقيقة، فهي محظورة علينا ومباحة كوصفها بطهارة ونجاسة وطيب وخبث، فالعموم في لفظ التحريم (¬3)، اختاره بعض أصحابنا (¬4) وغيرهم. ثم: بمنع الحاجة إِلى الإِضمار مع تبادر الفهم. ثم: يضمر الجميع؛ لأن الإِضمار واقع إجماعاً (¬5)، بخلاف الإِجمال، وأكثر وقوعا منه، ولإِضماره (¬6) في قوله: (لعن الله اليهود؛ حرمت عليهم الشحوم، فَجَمَلوها، فباعوها) (¬7)، ¬

_ (¬1) انظر: العدة/ 518، والمسودة/ 93. (¬2) وهو أبو عبد الله البصري. (¬3) نهاية 295 من (ح). (¬4) انظر: المسودة/ 93. (¬5) نهاية 102 أمن (ظ). (¬6) يعني: إِضمار الجميع. (¬7) أخرجه البخاري في صحيحه 4/ 170، ومسلم في صحيحه/ 1207 من حديث ابن عباس مرفوعًا

مسألة

وإلا (¬1) لما لعنهم ببيعها، ولو كان الإِجمال أولى منه (¬2) كان خلاف الأولى. ثم: بعضه أولى بالعرف. مسألة (¬3) لا إِجمال في نحو: (وامسحوا برؤسكم) (¬4)، خلافا للحنفية -أو لبعضهم (¬5) -لتردده (¬6) بين مسح كله وبعضه، وبَيَّنه - عليه السلام - بفعله (¬7). رد: بما يأتي. ثم: حقيقة اللفظ مسح كله عند أحمد (¬8) ومالك (¬9) وأصحابهما وغيرهم؛ لأن الياء -لغة- زائدة لإِلصاق المسح به، وحقيقة الرأس كله، ¬

_ (¬1) يعني: لو لم يدل ذلك على إِضمار جميع التصرفات المتعلقة بالشحوم. (¬2) يعني: من إِضمار الكل. (¬3) نهاية 142 ب من (ب). (¬4) سورة المائدة: آية 6. (¬5) خالف بعض الحنفية في ذلك. فانظر: كشف الأسرار 1/ 83، 2/ 169، وتيسير التحرير 1/ 166، وفواتح الرحموت 2/ 35. (¬6) في (ظ): كتردده. (¬7) يعني: مسح على ناصيته. انظر: حاشية التفتازاني على شرح العضد 2/ 159. (¬8) انظر: المغني: 1/ 93. (¬9) انظر: المدونة 1/ 16، والكافي لابن عبد البر/ 166 - 167، والمنتهى لابن الحاجب/ 101.

كآية التيمم: (فامسحوا بوجوهكم) (¬1). وعند الشافعي (¬2) وأصحابه: يكفي مسح بعضه -وللمعتزلة (¬3) القولان- لأنه العرف نحو: مسحت بالمنديل. رد: لأنه آلة، والعمل بالآلة يكون ببعضها، بخلاف: مسحت بوجهي. وأما "الباء للتبعيض" فلا يعرف لغة، وأنكره (¬4) أهلها، وعنهم يؤخذ، فلا يقال: "شهادة نفي"، والمثبِت عليه الدليل والأصل عدمه. وقال أبو المعالي (¬5): هو (¬6) خلف (¬7) من الكلام. وبعض الشافعية -واختاره صاحب المحصول (¬8) -: تفيد التبعيض إِذا دخلت على فعل يتعدَّى بدونها. والتبعيض في: شربن بماء البحر (¬9) استفيد من القرينة، كـ شربن ماء ¬

_ (¬1) سورة المائدة: آية 6. (¬2) انظر: الأم 1/ 26، والمهذب 1/ 17، والإِحكام للآمدي 3/ 14. (¬3) انظر: المعتمد/ 334، والإِحكام للآمدي 3/ 14. (¬4) في (ب) و (ح): أنكره. (¬5) انظر: البرهان/ 180. (¬6) يعني: كونها للتبعيض. (¬7) الخَلْف: الرديء من القول. انظر: لسان العرب 10/ 433. (¬8) انظر: المحصول 1/ 1/ 532. (¬9) هذا جزء من صدر بيت لأبي ذؤيب الهذلي في وصف السحاب، وهو:=

مسألة

البحر (*). مسألة لا إِجمال في (رفع عن أمتي الخطأ والنسيان) عند الجمهور. وسبق في تحريم العين (¬1) ودلالة الإِضمار (¬2). مسألة لا إِجمال في نحو: (لا صلاة إِلا بطهور)، (إِلا بفاتحة الكتاب (¬3)، (لا ¬

_ =شربن بماء البحر ثم ترفعت ... متى لجج خضر لهن نثيج وورد بروايات أخرى. انظر نسبته إِليه في: شرح أشعار الهذليين 1/ 129، والخصائص 2/ 85، والتصريح 2/ 2، وخزانة الأدب 3/ 193، ولسان العرب 1/ 469 - 470. وأبو ذؤيب هو: خويلد بن خالد، شاعر جاهلي إِسلامي. انظر: الشعر والشعراء 2/ 653 تحقيق: أحمد شاكر. (*) فالتبعيض مفهوم بدون الباء. (¬1) في ص/ 100 وما بعدها. (¬2) في ص 828 - 838. (¬3) أخرجه البخاري في صحيحه 1/ 147 - 148، ومسلم في صحيحه/ 295 عن عبادة بن الصامت مرفوعًا: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب). وأخرجه -باللفظ الذي ذكره المؤلف- ابن عدي في الكامل عن أبي سعيد مرفوعًا (انظر: نصب الراية 1/ 363)، والطبراني في كتابه مسند الشاميين عن عبادة مرفوعاً (انظر: نصب الراية 1/ 364، ومجمع الزوائد 2/ 115)، وأبو محمَّد الحارثي في مسنده عن أبي سعيد مرفوعًا. انظر: نصب الراية 1/ 367.

نكاح إِلا بولي)، ويقتضي نفي الصحة عند أحمد ومالك (¬1) والشافعي (¬2) وأصحابهم، واختاره أبو المعالي (¬3). وقيل: عام في نفي الموجود والحكم، خص الوجود بالعقل، قال أبو المعالي (¬4): قاله جمهور الفقهاء. كذا قال وقيل: عام في نفي الصحة والكمال، وهو في كلام القاضي (¬5) -أيضًا وابن عقيل (¬6)؛ بناء على عموم المضمَر. وعند بعض (¬7) الشافعية (¬8) والجبائية وابن الباقلاني (¬9) وأبي عبد الله البصري (¬10): مجمل، وقاله الحنفية أو بعضهم (¬11). ¬

_ (¬1) انظر: المنتهى لابن الحاجب/ 101، وشرح تنقيح الفصول/ 276. (¬2) انظر: اللمع / 30، والتبصرة/ 203. (¬3) انظر: البرهان/ 306. (¬4) انظر: المرجع السابق/ 307. (¬5) انظر: العدة/ 515، 517. (¬6) انظر: الواضح 2/ 91 أ، 176 ب. (¬7) نهاية 296 من (ح). (¬8) انظر: التبصرة/ 203. (¬9) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 17، والمنتهى لابن الحاجب/ 101. (¬10) انظر: المعتمد/ 335. (¬11) جاء في تيسير التحرير 1/ 681، وفواتح الرحموت 2/ 38: لا إِجمال فيه. ولم يذكرا لهم خلافا.

وجه عدم الإِجمال: أنه (¬1) عرف (¬2) الشارع [فيه] (¬3) نفي الصحة، أي: لا عمل شرعي، وإن لم يثبت (¬4) فعرف اللغة نفي الفائدة نحو: "لا علم إِلا ما نفع"، ولو قدر عدمهما (¬5) -وأنه لا بد من إِضمار- فنفي الصحة أولى؛ لأنه يصير كالعدم، فهو أقرب إِلى الحقيقة المتعذرة، وليس هذا إِثباتًا للغة بالترجيح، بل إِثبات لأولوية أحد المجازات بعرف استعماله. قال: العرف مختلف في الصحة والكمال. رد: بالمنع، بل اختلف العلماء. ثم: نفي الصحة أولى؛ لما سبق (¬6). وقيل: بالإِجمال؛ لاقتضائه نفي العمل حسا. وهو ضعيف. (¬7) * * * ومثل المسألة (¬8): قوله - عليه السلام -: (إِنما الأعمال بالنية) ونحوه. ¬

_ (¬1) كذا في النسخ. ولعلها: أن. (¬2) نهاية 143 أمن (ب). (¬3) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬4) يعني: وإن لم يثبت عرف الشارع ... (¬5) يعني: عدم العرفين. (¬6) من أنه أقرب إِلى نفي الذات. (¬7) نهاية 102 ب من (ظ). (¬8) انظر: التمهيد/ 77 ب، والمسودة/ 107، واللمع / 30، والتبصرة/ 203، والإحكام للآمدي 3/ 18.

مسألة

وفيه في التمهيد (¬1): أن نفيه يدل على عدمه وعدم إِجزائه. مسألة رفع إِجزاء الفعل نص، فلا ينصرف إِلى عدم إِجزاء الندب إِلا بدليل. مسألة نفي قبول الفعل يقتضي عدم الصحة، ذكره ابن عقيل (¬2) في مسألة "النهي للفساد"، قال: "وإنما يلزم من قال: الصلاة في الدار المغصوبة تصح ولا تقبل"، ثم حكى عن قوم: لا يمنع الصحة، لكنه لا ثواب. مسألة لا إِجمال في: (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما) (¬3). وعند بعض الأصوليين: لفظ "القطع" و"اليد" مجمل. وفي التمهيد (¬4): قيل: مجمل فيهما، وقال قوم: لا. وجه الأول: أن "اليد" إِلى المنكب حقيقة، وما دونه بعض اليد، ولهذا لما نزلت آية التيمم (¬5) تيممت الصحابة معه - عليه السلام - إِلى ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد/ 77 ب. (¬2) انظر: الواضح 2/ 40 ب، 41أ، 42أ. (¬3) سورة المائدة: آية 38. (¬4) انظر: التمهيد/ 77 ب. (¬5) سورة المائدة: آية 6.

المناكب (¬1). و"القطع" حقيقة في إِبانة المتصل. وأيضًا: لو كان مشتركًا (¬2) في الكوع والمرفق والمنكب لزم الإِجمال، والمجاز أولى منه على ما سبق (¬3). واستدل: يحتمل الاشتراك والتواطو وحقيقة أحد هما (¬4)، ووقوع واحد من اثنين (¬5) أقرب من معين (¬6). (¬7) رد: إِثبات لغة بالترجيح، وبنفي المجمل. وفيه نظر؛ لاختصاص هذا الدليل بلفظ أطلق (¬8) علي معان اختلف في ظهوره في بعضها. ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في سننه 1/ 224 - 227، والنسائي في سننه 1/ 167 - 168، وابن ماجه في سننه/ 187، وأحمد في مسنده 4/ 263 - 264، والطحاوي في شرح معاني الآثار 1/ 110 وما بعدها، والبيهقي في السنن الكبرى 1/ 208 عن عمار بن ياسر. وانظر: نصب الراية 1/ 155 - 156. (¬2) نهاية 297 من (ح). (¬3) في ص 86 من هذا الكتاب. (¬4) ومجازية الآخر. (¬5) وهما: التواطؤ، وحقيقة أحدهما. (¬6) وهو: الاشتراك (الإِجمال). (¬7) نهاية 143 ب من (ب). (¬8) في (ظ): المطلق.

مسألة

قالوا: "اليد" للثلاث (¬1)، و"القطع" للإبانة والجرح، والأصل عدم مرجح. رد: بظهوره بما سبق. وسلم الآمدي (¬2): أن قطع السارق خلاف الظاهر، وأنه أولى من الإِجمال. وفي التمهيد (¬3): قام الدليل عليه (¬4)، قال: ولأنه رجب حمله على أقل ما يقع عليه الاسم وهو الكف؛ لأن من أمر بفعل يقع على أشياء -والعقل يحظره- وجب فعل أقلها. وسبق (¬5) خلافه في عموم جمع منكر. مسألة لا إِجمال في: (وأحل الله البيع) (¬6)، خلافا للحلواني (¬7) وبعض الشافعية (¬8)؛ لأن الله حكى عنهم (¬9): أنه (مثل الربا)، فاعتبر ما يميز ¬

_ (¬1) يعني: تطلق عليها. (¬2) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 20. (¬3) انظر: التمهيد/ 78 أ. (¬4) يعني: على أنه من الكوع. (¬5) في ص775. (¬6) سورة البقرة: آية 275. (¬7) انظر: المسودة/ 178. (¬8) انظر: اللمع/ 29، والتبصرة/ 200. (¬9) يعني: عن المشركين.

مسألة

بينهما. رد (¬1): فرقوا بينهما في الاسم، وقالوا: هو مثله في المعنى. واختلف كلام القاضي (¬2). وعزي هذا الاختلاف إِلى الشافعي، قاله ابن برهان (¬3) وأبو المعالي (¬4) , وقال (¬5): كل بيع فيه زيادة فمجمل، وإلا (¬6) عام. قال بعض أصحابنا (¬7): وكلام القاضي المذكور يوافقه. مسألة اللفظ لمعنى تارة ولمعنيين أخرى (¬8) -ولا ظهور- مجمل في ظاهر كلام أصحابنا، وقاله الغزالي (¬9) وجماعة. ¬

_ (¬1) يعني: فما احتججتم به فهو عليكم؛ لأنهم فرقوا ... (¬2) انظر: العدة/ 110، 148، والتمهيد/ 78أ، والمسودة/ 178. (¬3) انظر: المسودة/ 178. (¬4) انظر: البرهان/ 422. وراجع: أحكام القرآن للشافعي 1/ 135. (¬5) يعني: أبا المعالي. (¬6) يعني: وإلا فاللفظ عام لجميع صور المبايعات. (¬7) قال في المسودة/ 178: وكلام القاضي يوافق هذا؛ فإِنه قال: لما قال -وهم أهل اللسان-: (إِنما البيع مثل الربا) افتقر إِلى قرينة تفسره وتميز بينه وبين الربا. فانظر: لعدة/ 148 - 149. (¬8) مثل: (الدابة) يراد بها الفرس تارة، والفرس والحمار أخرى. (¬9) انظر: المستصفى 1/ 355.

مسألة

وقال الآمدي (¬1): ظاهر في المعنيين -وذكره قول الأكثر- لتكثير الفائدة. رد: إِثبات لغة بالترجيح، ثم: الحقائق لمعنى واحد أكثر. قال وأجيب: بما سبق (¬2) في "السارق" من (¬3) احتمال الاشتراك وغيره. مسألة ما له محمل (¬4) (¬5) لغة، ويمكن حمله على حكم شرعي -كـ: (الطواف بالبيت صلاة) (¬6) يحتمل: كالصلاة حكماً، ويحتمل: أنه صلاة ¬

_ (¬1) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 21. (¬2) في ص 1010. (¬3) نهاية 298 من (ح). (¬4) في (ظ): مجمل. (¬5) نهاية 103أمن (ظ). (¬6) أخرجه الترمذي في سننه 2/ 217، وابن حبان في صحيحه (انظر: موارد الظمآن/ 247)، والحاكم في المستدرك 1/ 459، 2/ 267 - وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقد وفقه جماعة. ووافقه الذهبي - والبيهقي في سننه 5/ 85، 87، والدارمي في سننه 2/ 374 عن ابن عباس مرفوعًا. قال الترمذي: وقد روي عن ابن طاوس وغيره عن طاوس عن ابن عباس موقوفًا، ولا نعرفه مرفوعاً إِلا من حديث عطاء بن السائب. وقد اختلف في رفع هذا الحديث ووقفه. فراجع: نصب الراية 3/ 57 - 58، والتلخيص الحبير 1/ 129 - 131.

مسألة

لغة؛ للدعاء فيه، وكقوله (¬1): (الاثنان جماعة) -لا إِجمال فيه عند أصحابنا والأكثر- خلافا للغزالي (¬2) -لأنه عليه السلام (¬3) بعث لتعريف الأحكام [لا اللغة] (¬4)، وفائدة التأسيس أولى. قالوا: يصلح لهما، والأصل عدم النقل. رد: بما سبق (¬5) مسألة ما له حقيقة لغة وشرعًا -كالصلاة- غير مجمل، وهو للشرعي عند صاحب التمهيد (¬6) والروضة (¬7) وغيرهما والحنفية (¬8)؛ لما في التي قبلها. وظاهر كلام أحمد (¬9) -قال بعض (¬10) أصحابنا: بل نصه-: مجمل، ¬

_ (¬1) في (ب) و (ظ): كقوله. (¬2) انظر: المستصفى 1/ 357. (¬3) نهاية 144 أمن (ب). (¬4) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ظ). وفي (ب): لا للغة. (¬5) من دليلنا. وانظر: ص 87 وما بعدها من هذا الكتاب. (¬6) انظر: التمهيد/ 14 ب. (¬7) انظر: روضة الناظر: 174. (¬8) انظر: تيسير التحرير 1/ 172، وفواتح الرحموت 2/ 41. (¬9) انظر: العدة/ 143. (¬10) انظر: المسودة 1/ 177.

وقاله الحلواني (¬1)، وحكي عن ابن عقيل (1)؛ لما في التي قبلها. وللشافعية (¬2) وجهان. واختلفكلام القاضي (¬3): فتارة بناه على إِثبات الحقيقة الشرعية -كابن عقيل (¬4) - وتارة قال بالإِجمال ولو أثبتها (¬5)، وفي جامعه الكبير: نفاها وجعله للشرعي، وقاله ابن عقيل في تقسيم الأدلة من الواضح (¬6)، وفيه -في آخر العموم (¬7) -: مجمل قبل البيان مفسر بعده. والغزالي (¬8): في الإِثبات -مثل: (إِني إِذًا لصائم (¬9)) - للشرعي، وفي ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 177. (¬2) انظر: اللمع/ 30، والتبصرة/ 198، والإِحكام للآمدي 3/ 23. (¬3) انظر: العدة/ 143، 259. (¬4) انظر: المسودة/ 17. (¬5) يعني: الحقيقة الشرعية. (¬6) انظر: الواضح 1/ 125 أ. (¬7) انظر: المرجع السابق 2/ 176 أ. (¬8) انظر: المستصفى 1/ 359. (¬9) أخرج مسلم في صحيحه/ 809 عن عائشة قالت: وقف علي النبي ذات يوم، فقال: (هل عندكم شيء؟) فقلنا: لا. قال: (فإِني إِذاً صائم). وأخرجه -عنها - أبو داود في سننه 2/ 824، والترمذي في سننه 2/ 1118 - 1119 وقال: حسن، والنسائي في سننه 4/ 193 وما بعدها، وابن ماجه في سننه/ 543.

النهي -كصوم يوم النحر (¬1) - مجمل، لتعذُّر حمله على الشرعي، وإِلا لزم صحته. رد: ليس معنى "الشرعي" الصحيح، وإلا لزم في قوله للحائض: (دعي الصلاة) الإِجمال. والآمدي (¬2): كالغزالي، إِلا في النهي فلغوي، لتعذر الشرعي، للزوم صحته كبيع الحر (¬3) والخمر (¬4)، واللغوي أولى من الإِجمال. رد: ليس معنى "الشرعي" الصحيح. وبلزوم اللغوي في"دعي الصلاة"، وهو باطل. فإن قيل: يعم المعنيين. قيل: ظاهر في الشرعي. ¬

_ (¬1) النهي عن صوم يوم النحر: أخرجه البخاري في صحيحه 3/ 42 - 43، ومسلم في صحيحه/ 799 - 800 من حديث عمر وأبي سعيد مرفوعًا. (¬2) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 23. (¬3) أخرج البخاري في صحيحه (انظر: فتح الباري 4/ 417) عن أبي هريرة عن النبي قال: (قال الله: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرا فأكل ثمنه ...) وأخرجه ابن ماجه في سننه/ 816، وأحمد في مسنده 2/ 358. (¬4) النهي عن بيع الخمر: أخرجه البخاري في صحيحه (انظر: فتح الباري 4/ 313، 424)، ومسلم في صحيحه/ 1206 من حديث عائشة وجابر مرفوعًا.

ثم: لم يقل (¬1) به أحد، قاله في التمهيد (¬2). وفي الواضح (¬3) عن بعض الشافعية: عام. وأبطله: بأنه لم يُرَد به. * * * والأقوال (¬4) السابقة: في مجاز مشهور وحقيقة لغوية، وسبق معناه في كلام القاضي (¬5). وإن لم يكن مشهورًا عمل بالحقيقة. وفي اللامع (¬6) لأبي عبد الله بن حاتم (¬7) -تلميذ ابن الباقلاني-: اختلف فيه أصحابنا، فمنهم من قال: لا يصرف إِلى واحد منهما إِلا (¬8) بدليل. ¬

_ (¬1) يعني: بالعموم. (¬2) انظر: التمهيد/ 81 أ. (¬3) انظر: الواضح 2/ 176أ. (¬4) نهاية 299 من (ح). (¬5) انظر: ص 1015، 88 - 89 من هذا الكتاب. (¬6) انظر: المسودة/ 565. واللامع: كتاب في أصول الفقه، ورد ذكره عدة مرات في المسودة. (¬7) هو: الحسين بن حاتم الأزدي، أصولي أشعري، بعثه ابن الباقلاني من بغداد إِلى دمشق للوعظ والتذكير في مسائل التوحيد، فعقد مجلس التذكير في جامع دمشق، وأقام بها مدة، ثم توجه إِلى المغرب فنشر العلم بتلك الناحية، واستوطن القيروان إلى أن مات بها. من مؤلفاته: اللامع في أصول الفقه. انظر: تبيين كذب المفترى/ 216، وكشف الظنون/ 1536. (¬8) نهاية 144 ب من (ب).

البيان

البيان يطلق على [فعل] (¬1) المُبَيِّن وهو التبيين، وعلى الدليل، وعلى المدلول، فلهذا قال في العدة (¬2): إِظهار المعنى للمخاطب [وإيضاحه له] (¬3). وفي التمهيد (¬4): إِظهار المعلوم للمخاطب منفصل (¬5) عما يشكل به (¬6). ومعناه في الواضح (¬7)، ولم يقل: للمخاطب. وقال الشافعي (¬8): اسم جامع لمعانٍ مجتمعة الأصول متشعبة الفروع، فأقل ما فيها (¬9) أنها بيان لمن خوطب، وبعضها آكد بيانا. ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب) و (ظ). (¬2) انظر: العدة/ 100. (¬3) ما بين المعقوفتين من (ح). وقد ورد في (ب) و (ظ) متأخرًا، وسأشير إِليه بعد قليل. وقد جاء في (ح) -بعد هذا-: (ومعناه في الواضح) إِلى قوله -في الصفحة التالية-: (هذبه)، ثم أتى: وفي التمهيد ... (¬4) انظر: التمهيد/ 10 أ. (¬5) كذا في النسخ. ولعل الصواب: منفصلاً. (¬6) في (ب) و (ظ): عما يشكل به وإيضاحه له. (¬7) انظر: الواضح 1/ 40أ. (¬8) انظر: الرسالة/ 21. (¬9) يعني: ما في تلك المعاني المجتمعة المتشعبة.

ورد ابن عقيل (¬1) على من اعترض عليه -كابن داود (¬2) - وقال: الشافعي أبو هذا العلم وأول من هذبه. وقال أبو بكر (¬3) (¬4) من أصحابنا وابن عقيل (¬5) -أيضًا- والصيرفي (¬6): إِخراج المعنى من حيّز الإِشكال إِلى حيّز التجَلّي. ورده القاضي (¬7): بالبيان ابتداء. ورده غيره: بالتجوزبـ "الحيز (¬8)، فإِنه حقيقة للجوهر لا للعَرَض. وقال أبو عبد الله البصري (¬9) وغيره: العلم الحاصل عن دليل. وقال الأكثر -منهم: أكثر المعتزلة (¬10) وأكثر الأشعرية (¬11) -: الدليل، ¬

_ (¬1) انظر: الواضح 1/ 40 أ- ب. (¬2) انظر: العدة/ 103. (¬3) انظر: المرجع السابق / 105. (¬4) نهاية 103 ب من (ظ). (¬5) انظر: الواضح 2/ 179 أ. (¬6) انظر: الإحكام للآمدي 3/ 25. (¬7) انظر: العدة/ 105. (¬8) في (ظ): بالخبر. (¬9) في المعتمد/ 318: قال: هو العلم الحادث. (¬10) انظر: المعتمد / 317. (¬11) انظر: الإحكام للآمدي 3/ 25.

مسألة

لصحة إِطلاقه عليه لغة وعرفا مع عدم ما سبق، والأصل الحقيقة، واختاره أبو الحسن التميمي (¬1) من أصحابنا، وزاد: المظهر للحكم. ورده القاضي (¬2): بالمجمل. وفي التمهيد (¬3): له (¬4) أن يقول: المجمل ليس دليلاً. ...................... والمبين: نقيض المجمل، مفرد أو مركب أو فعل. مسألة الفعل يكون بيانا عند العلماء. ومنعه الكرخي (¬5) وبعض الشافعية (5). لنا: أنه - عليه السلام - بين به الصلاة والحج، ولهذا قال: (صلوا كما رأيتموني [أصلي]) (¬6)، و (خذوا عني). ولأنه أدل، ولهذا قال - عليه السلام -: (ليس الخبر كالمعاينة)، رواه ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد/ 10 أ. وحكى في العدة/ 106 عنه: البيان هو الدلالة. (¬2) انظر: العدة/ 106. (¬3) انظر: التمهيد/ 10أ. (¬4) في (ب): أنه. (¬5) انظر: التبصرة/ 247. (¬6) ما بين المعقوفتين من (ظ).

أحمد (¬1) من حديث ابن عباس، والطبراني (¬2) من حديث أنس (¬3)، وقال -للسائل عن مواقيت الصلاة- (¬4): (صل (¬5) معنا هذين اليومين). رواه مسلم (¬6). قال: الفعل يطول، فيتأخر البيان. رد: بما سبق، ثم: لم يتأخر لشروعه فيه، ثم: قد يطول بالقول، ثم: الفعل أقوى (¬7)، ولم يتأخر عن وقت الحاجة. ¬

_ (¬1) انظر: المسند 1/ 215، 271. وأخرجه من حديث ابن عباس -أيضًا- ابن حبان في صحيحه (انظر: موارد الظمآن/ 510)، والحاكم في مستدركه 2/ 321 - وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي في التلخيص- والبزار في مسنده (انظر: كشف الأستار 1/ 111)، والطبراني في الكبير والأوسط. انظر: مجمع الزوائد 1/ 153. (¬2) انظر: مجمع الزوائد 1/ 153 وفيه: رواه الطبراني في الأوسط، ورجاله ثقات. (¬3) وانظر -عن الحديث-: مجمع الزوائد 1/ 153، والمقاصد الحسنة/ 351، وفيض القدير 5/ 357، وكشف الخفاء 2/ 236. (¬4) نهاية 300 من (ح). (¬5) في (ظ): صلى. (¬6) من حديث بريدة. انظر: صحيح مسلم/ 428 - 429. وأخرجه الترمذي في سننه 1/ 102، وابن ماجه في سننه/ 219. (¬7) نهاية 145 أمن (ب).

مسألة

مسألة القول والفعل بعد المجمل: إِن اتفقا وعُرف أسبقهما فهو البيان، والثاني تأكيد. وإن جهل فأحدهما. وعند الآمدي (¬1): يتعين للتقديم غير الأرجح؛ لأن المرجوح لا يكون تأكيدًا، لعدم الفائدة. رد: يجوز (¬2) بمرجوح مستقل. وعند ابن عقيل (¬3): القول أولى؛ لدلالته بنفسه، وعمومها (¬4) لنا (¬5)، وبيانه عما في النفس. وبعض الشافعية (¬6): مثله، وبعضهم: الفعل. .............................. ¬

_ (¬1) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 28. (¬2) يعني: يجوز التأكيد. (¬3) انظر: الواضح 2/ 209 ب- 211أ، لكن صدّر المسألة بقوله: إِذا تعارض القول والفعل في البيان فالقول أولى من الفعل. (¬4) كذا في النسخ. ولعلها: (وعمومه) أي: عموم القول. (¬5) في (ب) و (ظ): وعمومها ولنا بيانه ... (¬6) انظر: التبصرة/ 249.

وإن لم يتفقا -كما لو طاف عليه السلام بعد آية (¬1) الحج قارنًا طوافين (¬2)، وأمر القارن بطواف واحد (¬3) - فقوله بيان، وفعله ندب أو واجب مختص به. ¬

_ (¬1) سورة الحج: آية 29. (¬2) أخرج النسائي في سننه الكبرى -في مسند علي- عن حماد ابن عبد الرحمن الأنصاري عن إِبراهيم بن محمَّد الحنفية قال: طفت مع أبي -وقد جمع الحج والعمرة- فطاف لهما طوافين، وسعى لهما سعيين، وحدثني: أن عليًّا فعل ذلك، وقد حدّثه: أن رسول الله فعل ذلك. انظر: نصب الراية 3/ 110. وحماد ضعفه الأزدي، وذكره ابن حبان في الثقات. انظر: تهذيب التهذيب 3/ 18. وفي نصب الراية: قال بعض الحفاظ: هو مجهول، والحديث من أجله لا يصح. وأخرج الدارقطني في سننه 2/ 258 عن ابن عمر: أنه جمع بين حجه وعمرته معا، فطاف لهما طوافين، وسعى سعيين، وقال: هكذا رأيت رسول الله صنع كما صنعت. وأخرج الدارقطني -أيضًا- في سننه 2/ 263 عن علي: أن النبي كان قارنا، فطاف طوافين، وسعى سعيين. وأخرج -أيضاً- في سننه 2/ 264 عن ابن مسعود قال: طاف رسول الله لعمرته وحجته طوافين وسعى سعيين. وأخرج -أيضاً- في سننه 2/ 264 عن عمران بن حصين: أن النبي طاف طوافين، وسعى سعيين. وقد تكلم في أسانيد هذه الأحاديث، فراجع: سنن الدارقطني في المواضع السابقة، ونصب الراية 3/ 110 - 111. (¬3) أخرج الترمذي في سننه 2/ 213 عن ابن عمر قال: قال رسول الله: (من أحرم بالحج والعمرة أجزأه طواف واحد وسعي واحد حتى يحل منهما جميعًا). قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب صحيح تفرد به الدراوردي على ذلك اللفظ، وقد رواه غير واحد عن عبيد الله بن عمر ولم يرفعوه، وهو أصح. أ. هـ. وأخرجه ابن ماجه في سننه/ 990، وأحمد في مسنده 2/ 67، والدارقطني في سننه 2/ 257.

مسألة

وعند أبي الحسين (¬1) البصري: المتقدم منهما بيان. ويلزمه نسخ الفعل المتقدم؛ لوجوب الطوافين ورفع أحدهما بالقول المتأخر، مع إِمكان الجمع، وهو أولى من النسخ. مسألة يجوز عند أصحابنا والأكثر كون البيان أضعف. واعتبر الكرخي (¬2) المساواة. لنا: تبيين السنة لمجمل القرآن. وسبق تخصيص العام (¬3) وتقييد المطلق (¬4). ويعتبر كون المخصص والمقيد أقوى عند القائل به، وإلا لزمه تقديم الأضعف (¬5) أو التحكم (¬6). واختار الآمدي (¬7) وغيره هذا التفصيل، وأحسبه اتفاقا. .................. ¬

_ (¬1) انظر: المعتمد/ 340. (¬2) حكاه عنه الآمدي في الأحكام 3/ 31، وابن الحاجب في المنتهى/ 103. (¬3) انظر: ص 957، 980. (¬4) انظر: ص 989. (¬5) عند كون المخصص أضعف. (¬6) عند التساوي. (¬7) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 31.

مسألة

ولا تعتبر مساواة البيان للمبين في الحكم (¬1) -قاله في التمهيد (¬2) وغيره- لتضمنه صفته، والزائد بدليل، خلافاً لقوم (¬3). مسألة لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، إِلا عند القائل بتكليف ما لا يطاق. قال بعض أصحابنا (¬4): ولمصلحة (¬5) هو البيان الواجب أو المستحب، كتأخيره للأعرابي المسيء في صلاته إِلى ثالث مرة (¬6)، ولأنه إِنما يجب لخوف فوت الواجب المؤقت في وقته. ....................... ويجوز تأخيره إِلى وقت الحاجة عند ابن (¬7) حامد (¬8) والقاضي (¬9) وابن ¬

_ (¬1) نهاية 104 أمن (ظ). (¬2) انظر: التمهيد/ 85 ب. (¬3) نهاية 301 من (ح). (¬4) انظر: المسودة/ 181 - 182. (¬5) يعني: وتأخيره لمصلحة ... (¬6) أخرجه البخاري في صحيحه 1/ 154، ومسلم في صحيحه/ 298 من حديث أبي هريرة مرفوعًا. (¬7) نهاية 145 ب من (ب). (¬8) انظر: العدة/ 725، والمسودة/ 178. (¬9) انظر: العدة/ 726.

عقيل (¬1) -وحكاه عن جمهور الفقهاء- وأبي الخطاب (¬2) والحلواني (¬3) وصاحب الروضة (¬4)، وذكره صاحب (¬5) المحرر عن أكثر الأصحاب، وقاله أكثر الشافعية (¬6) والأشعري (¬7) وأصحابه. ومنعه أبو بكر (¬8) وأبو الحسن (¬9) التميمي (¬10) من أصحابنا وداود (¬11) وأصحابه وأكثر المعتزلة (¬12) وبعض الشافعية (¬13). ولأحمد (¬14) روايتان. ¬

_ (¬1) انظر: الواضح 2/ 178 ب. (¬2) انظر: التمهيد / 86أ. (¬3) انظر: المسودة/ 178. (¬4) انظر: روضة الناظر/ 186. (¬5) انظر: المسودة/ 178. (¬6) انظر: اللمع/ 31، والتبصرة/ 207، والإِحكام للآمدي 3/ 32. (¬7) انظر: البرهان/ 166، والمستصفى 1/ 368. (¬8) انظر: العدة/ 725. (¬9) في (ظ): وأبو الحسين. (¬10) انظر: العدة/ 725. (¬11) انظر: الأحكام لابن حزم/ 94، والعدة/ 726. (¬12) انظر: المعتمد/ 342، واللمع/ 31. (¬13) انظر: اللمع/ 31، والتبصرة/ 207، والإحكام للآمدي 3/ 32. (¬14) انظر: العدة/ 725، والمسودة/ 178.

وللحنفية (¬1) والمالكية (¬2) القولان. ومنعه أكثر الحنفية وبعض الشافعية (¬3) في غير المجمل. وأبو الحسين (¬4): مثله، إِلا أنه منع تأخير بيانه (¬5) إِجمالاً (¬6) نحو: هذا العموم مخصوص، والمطلق مقيد، والحكم سَيُنسخ. ومنعه بعض الشافعية (¬7) في المجمل فقط. ومنعه الجبائي (¬8) وابنه في غير النسخ. ومنعه قوم في الخبر فقط، وقوم: بالعكس. لنا: (فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى) (¬9)، ثم بَيَّن -عليه ¬

_ (¬1) انظر: أصول السرخسي 2/ 28، وكشف الأسرار 3/ 108، وتيسير التحرير 3/ 174، وفواتح الرحموت 2/ 49. (¬2) ذكر ابن الحاجب في المنتهى/ 103، والقرافي في شرح تنقيح الفصول/ 282: الجواز. (¬3) انظر: التبصرة/ 207. (¬4) انظر: المعتمد/ 343. (¬5) يعني: بيان غير المجمل. (¬6) وأجاز تأخير بيانه التفصيلي. (¬7) انظر: التبصرة/ 208، والتمهيد للأسنوي/ 423. (¬8) انظر: المعتمد/ 342. (¬9) سورة الأنفال: آية 41.

السلام- في الصحيحين: "أن السلَب للقاتل (¬1) "، ولأحمد وأبي داود بإِسناد حسن: "أنه لم يخمسه (¬2) ". ولما أعطى بني المطلب (¬3) مع (¬4) بني هاشم (¬5) من سهم ذي القربى -ومنع بني نوفل (¬6) وبني عبد شمس (¬7) - سُئِل، فقال: (بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد)، رواه البخاري (¬8)، ولأحمد وأبي (¬9) داود والنسائي (¬10) بإِسناد صحيح: (إِنهم لم يفارقوني في جاهلية ولا إِسلام). ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في صحيحه 4/ 92، ومسلم في صحيحه/ 1370، 1371 من حديث أبي قتادة مرفوعًا. (¬2) أخرجه أحمد في مسنده 4/ 90، 6/ 26، وأبو داود في سننه 3/ 165 عن عوف بن مالك الأشجعي وخالد بن الوليد مرفوعاً. (¬3) ابن عبد مناف بن قصي. انظر: كتاب نسب قريش/ 92. (¬4) في (ب): معي. (¬5) ابن عبد مناف بن قصي. انظر: المرجع السابق/ 15. (¬6) ابن عبد مناف بن قصي. انظر: المرجع السابق/ 197. (¬7) ابن عبد مناف بن قصي. انظر: المرجع السابق/ 97. (¬8) من حديث جبير بن مطعم مرفوعًا. فانظر: صحيح البخاري 4/ 91. وأخرجه أبو داود في سننه 3/ 382، والنسائي في سننه 7/ 130، وابن ماجه في سننه 961. (¬9) في (ب): ولأبي. (¬10) انظر: مسند أحمد 4/ 81، وسنن أبي داود 3/ 383 - 384، وسنن النسائي 7/ 131. وراجع: نصب الراية 3/ 425 - 426.

ولم (¬1) ينقل بيان إِجمالي مقارن، ولو كان نُقِل، والأصل عدمه. وكذا الحجة من إِطلاق الأمر بالصلاة والزكاة والحج والجهاد، ثم بَيَّن ذلك. وكذا بيع ونكاح وميراث وسرقة، وكل عموم قرآن وسنة. وفي الصحيحين (¬2) -من حديث عائشة-: أن جبريل قال للنبي -عليهما السلام-: اقرأ، قال: (ما أنا بقارئ)، وكرر ثلاثاً، ثم قال: (اقرأ باسم ربك) (¬3). واعترض: هذه الأوامر ظاهرها متروك؛ لتأخير البيان عن وقت الخطاب وهو وقت الحاجة إِن كان للفور، أو (¬4) للتراخي (¬5): فالفعل (¬6) جائز في الوقت الثاني، فيمتنع تأخيره عنه. ¬

_ (¬1) نهاية 302 من (ح). (¬2) انظر: صحيح البخاري 1/ 3، وصحيح مسلم / 139 وما بعدها. (¬3) سورة العلق: آية 1. (¬4) نهاية 146 أمن (ب). (¬5) في (ح): التراخي. (¬6) يعني: فإِن الوجوب يتراخى دون الجواز، بل جواز الفعل يثبت بالفور، فإِن أحداً لم يقل بوجوب التأخير، والجواز -أيضًا- حكم يحتاج إِلى البيان كما يحتاج الوجوب إِليه لا فرق بينهما في ذلك، فيمتنع تأخيره -أيضاً- لأنه تأخير عن وقت الحاجة. انظر: شرح العضد 2/ 164.

رد: الأمر -قبل بيان المأمور به- لا يجب به [شيء (¬1)] (¬2)، وهو كثير عرفا كقول السيد: "افعلْ" فقط. واحتج في التمهيد (¬3) وغيره: بقصة ابن الزبعري، وسبقت -هي والاعتراض فيها- في العموم (¬4). واعترض: بأنه خبر واحد، والمسألة علمية. وجوابه: المنع، مع أنه متلقَّى بالقبول. وأيضًا: لو امتنع لكان لعدم البيان (¬5)، وليس بمانع بدليل النسخ. واعترض: بما يأتي (¬6). فإِن قيل: يعتبر الإِشعار بالناسخ. رد: بالمنع، وبأنه خلاف الواقع. واستدل: بقوله: (أن تذبحوا بقرة) (¬7)، والمراد: "معينة"؛ بدليل ¬

_ (¬1) لا بالفور ولا بالتراخي. (¬2) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬3) انظر: التمهيد/ 86 ب. (¬4) انظر: ص 761 وما بعدها. (¬5) نهاية 104 ب من (ظ). (¬6) من الفرق بين تأخير بيان المجمل وبيان النسخ، ويأتي في أدلة القائل بمنع تأخير بيان المجمل. (¬7) سورة البقرة: آية 67.

تعيينها بسؤالهم المتأخر عن الأمر بذبحها، وبدليل أنهم لم يؤمروا بمتجدد، وبدليل مطابقة الأمور بها لما ذبح. رد: بمنع التعيين، فلم يتأخر بيان، لتأخيره (¬1) عن وقت الحاجة لفورية الأمر، وبدليل (بقرة) والنكرة غير معينة ظاهراً، وبدليل قول المفسرين (¬2): "لو ذبحوا أي بقرة أجزأت"، وروي نحوه عن ابن عباس (¬3)، وبدليل أن من طلب البيان لا يُعَنَّف، وعَنَّفه بقوله: (وما كادوا يفعلون) (¬4). واستدل: لو امتنع لكان لذاته أو لغيره بضرورةٍ أو نظرٍ، وهما منتفيان. رد: لو جاز إِلى آخره. واستدل: لو (¬5) امتنع لامتنع مع زمن قصير، وبعد جمل معطوفة، وبكلام طويل. رد: لأنه ليس مُعْرِضا عن كلامه الأول، فهو كجملة (¬6)، وإِنما يجوز بكلام طويل للمصلحة. ¬

_ (¬1) يعني: تأخير البيان. (¬2) انظر: تفسير الطبري 2/ 182 ط: دار المعارف. (¬3) أخرجه -عنه- الطبري في تفسيره 2/ 204، 206. وانظر: تفسير القرطبي 1/ 448، وتفسير ابن كثير 1/ 100، والمعتبر/ 64 ب- 65 ب، والدر المنثور 1/ 77، وفتح القدير 1/ 110. (¬4) سورة البقرة: آية 71. (¬5) نهاية 303 من (ح). (¬6) وأيضاً: الجمل المعطوفة كجملة.

واحتج ابن عقيل (¬1): بأن المسألة أولى من تجويز خطاب المعدوم. القائل بمنع تأخير سمان الظاهر: لو جاز لكان إِلى مدة معينة، وهو تحكم لا قائل به، أو إِلى الأبد، فيلزم التجهيل، لعمل المكلف أبدًا بعام أريد به الخاص. رد: إلى مدة معينة عند الله (¬2)، وهو وقت وجوب العمل على المكلف وقت الحاجة، وقبله لا عمل له بل هو مجرد اعتقاد، فلا يمتنع، بدليل النسخ. قالوا: لو جاز لكان الشارع مفهماً بخطابه، لاستلزامه (¬3) الإِفهام، وظاهره يوقع في الجهل؛ لأنه غير مراد، وباطنه لا طريق إِليه. رد: يجرى الدليل في النسخ، لظهوره في الدوام (¬4). وبأنه أريد إِفهام الظاهر مع تجويز التخصيص عند الحاجة، فلا يلزم شيء (¬5). واعترض: التخصيص يوجب شكاً في كل شخص: هل هو مراد من العام؟ بخلاف النسخ. رد: يوجبه على البدل، وفي النسخ يوجبه في الجميع، لاحتمال الموت ¬

_ (¬1) انظر: الواضح 2/ 182 ب-183 أ. (¬2) نهاية 146 ب من (ب). (¬3) يعني: لاستلزام الخطاب الإِفهام. (¬4) مع أنه غير مراد. (¬5) من الجهالة والإِحالة.

مسألة

قبل وقت العبادة المستقبلة، فهو أولى (¬1). القائل بمنع تأخير بيان المجمل: لأنه يُخِل بفعل العبادة في وقتها للجهل بصفتها، بخلاف النسخ. رد: وقتها وقت بيانها. قال: لو جاز (¬2) لجاز الخطاب بالمهمل، ثم يبيّنه؛ لأنه لا يُفهم منهما شيء. رد: المجمل مخاطب بأحد معانيه، فيطيع ويعصي بالعزم، والمهمل لا يفيد شيئًا. ولأصحابنا منع وتسليم في جواز خطاب فارسي بعربية، لعدم الفائدة، أو لعلمه أنه أراد منه شيئًا سيبيّنه، ولهذا خاطبهم -عليه السلام- بالقرآن (¬3). (¬4) مسألة يجوز -على المنع (¬5) - تأخير إِسماع المخصص الموجود عندنا وعند عامة العلماء. ¬

_ (¬1) يعني: فالنسخ أولى بالمنع. (¬2) يعني: تأخير بيان المجمل. (¬3) في (ظ): في القرآن. (¬4) نهاية 105 أمن (ظ)، ونهاية 304 من (ح). (¬5) وعلى الجواز أولى.

ومنعه أبو الهذيل (¬1) (¬2) والجبائي، ووافقا على المخصص العقلي. لنا: يحتمل سماعه (¬3) بخلاف المعدوم (¬4). وسمعت فاطمة: (يوصيكم الله في أولادكم) (¬5)، ولم تسمع المخصص (¬6). وسمع الصحابة الأمر بقتل الكفار (¬7) إِلى الجزية، ولم يأخذ عمر الجزية من المجوس حتى شهد عبد الرحمن بن عوف: أنه -عليه (¬8) السلام - أخذ ها منهم. رواه البخاري (¬9). ¬

_ (¬1) هو: محمَّد بن الهذيل بن عبد الله بن مكحول العلاف العبدي، من أئمة المعتزلة، وتنسب إِليه فرقة (الهذلية) منهم، توفي سنة 235 هـ. انظر: فرق وطبقات المعتزلة/ 54، والفرق بين الفرق/ 102، ونكت الهميان/ 277. (¬2) انظر: المعتمد/ 360. (¬3) يعني: سماع المخصص الموجود. (¬4) وقد جاز مع العدم. (¬5) سورة النساء: آية 11. (¬6) وهو قول الرسول: (لا نورث ما تركناه صدقة). فقد أخرجه البخاري في صحيحه 4/ 79، ومسلم في صحيحه / 1380 عن عائشة: أن فاطمة بنت الرسول سألت أبا بكر بعد وفاة الرسول أن يقسم لها ميراثها، فقال لها أبو بكر: إِن رسول الله قال: (لا نورث ما تركناه صدقة). (¬7) في سورة التوبة: آية 29. (¬8) نهاية 147 أمن (ب). (¬9) انظر: ص 505 من هذا الكتاب.

وروى مالك (¬1) في الموطأ والشافعي (¬2) عنه عن جعفر (¬3) بن محمَّد عن أبيه (¬4): أن عمر ذكرهم، فقال: ما أدري كيف أصنع في أمرهم؟ فشهد عبد الرحمن بأنه - عليه السلام - قال: (سنوا بهم سنة أهل الكتاب). منقطع (¬5). ¬

_ (¬1) انظر: الموطأ/ 278. (¬2) انظر: بدائع المنن 2/ 126. (¬3) هو: أبو عبد الله جعفر بن محمَّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، الصادق المدني، روى عن أبيه ومحمد بن المنكدر والزهري وغيرهم، وعنه شعبة والسفيانان وأبو حنيفة وغيرهم، توفي سنة 148 هـ عن 68 عامًا. قال الشافعي وابن معين وأبو حاتم: ثقة. انظر: يحيى بن معين وكتابه التاريخ 2/ 87، وميزان الاعتدال 1/ 414، وتهذيب التهذيب 2/ 103. (¬4) هو: أبو جعفر محمَّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، الباقر، روى عن أبيه والحسن بن علي -جده لأمه- والحسين جده لأبيه وغيرهم، وعنه ابنه جعفر والزهري والأوزاعي وغيرهم، توفي سنة 114 هـ. قال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث. وقال العجلي: ثقة. انظر: تهذيب التهذيب 9/ 350، وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال/ 352. (¬5) لأن أبا جعفر لم يلق عمر ولا عبد الرحمن؛ لأنه ولد بعد وفاتهما. انظر: تهذيب التهذيب 9/ 351. وقال ابن حجر في فتح البارى 6/ 261: وهذا منقطع مع ثقة رجاله، ورواه ابن المنذر والدارقطني في "الغرائب" من طريق أبي علي الحنفي عن مالك، فزاد فيه: "عن جده"، وهو منقطع -أيضًا- لأن جده علي بن الحسين لم يلحق عبد الرحمن بن عوف ولا عمر، فإِن كان الضمير في "جده" يعود على محمَّد بن علي فيكون=

مسألة

مسألة يجوز -على المنع- تأخير النبي - صلى الله عليه وسلم - تبليغ الحكم إِلى وقت الحاجة عند القاضي (¬1) والمالكية (¬2) والمعتزلة (¬3) وأبي المعالي (¬4) -وذكره الآمدي (¬5) قول المحققين- خلافاً لبعضهم؛ لأنه لا يلزم منه محال، والأصل الجواز عقلاً، والأمر بالتبليغ (¬6) -بعد تسليم أنه للوجوب والفور- المراد به القرآن؛ لأنه المفهوم من لفظ "المُنزَل". ومنعه أبو الخطاب (¬7) وابن عقيل (¬8) مطلقًا؛ لأنه يُخِل أن لا يعتقد المكلف شيئًا، وهو إِهمال، بخلاف تأخير البيان، ولهذا يجوز تأخير النسخ لا تبليغ المنسوخ. ¬

_ =متصلاً؛ لأن جده -الحسين بن علي- سمع من عمر ومن عبد الرحمن، وله شاهد من حديث مسلم بن العلاء بن الحضرمي، أخرجه الطبراني بلفظ: (سنوا بالمجوس سنة أهل الكتاب). (¬1) انظر: العدة/ 732. (¬2) انظر: المنتهى لابن الحاجب/ 105، وشرح تنقيح الفصول/ 285. (¬3) انظر: المعتمد/ 341. (¬4) انظر: البرهان/ 166، والمسودة/ 180. (¬5) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 48. (¬6) قال تعالى: (يا أيها الرسول بلِّغ ما أنزل إِليك من ربك) سورة المائدة: آية 67. (¬7) انظر: التمهيد/ 85 ب. (¬8) انظر: الواضح 2/ 190 أ- ب.

مسألة

مسألة يجوز -على الجواز- التدريج في البيان عندنا وعند المحققين، لوقوعه (¬1)، والأصل عدم مانع. قالوا: تخصيص بعض بذكره يوهم نفي غيره ووجوب استعمال اللفظ في الباقي، وهو تجهيل للمكلف (¬2). رد: بذكر العام بلا مخصص (¬3). مسألة هل يجب اعتقاد العموم والعمل به قبل أن يبحث فلا يجد ما يخصه؟ فيه روايتان عن أحمد (¬4): ¬

_ (¬1) فقد قال تعالى: (فاقتلوا المشركين) سورة التوبة: آية 5، ثم بين خروج الذمي والعبد والمرأة بالتدريج، فقد أخرج البخاري في صحيحه (انظر: فتح الباري 6/ 269) عن ابن عمرو: أن النبي قال: (من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة). وأخرج البخاري في صحيحه (انظر: فتح الباري 6/ 148)، ومسلم في صحيحه/ 1364 عن ابن عمر: (أن امرأة وجدت في بعض مغازي الرسول مقتولة، فأنكر رسول الله قتل النساء والصبيان). وأخرج أبو داود في سننه 3/ 121 - 122، وابن ماجه في سننه/ 948 عن رباح بن ربيع: أنه - عليه السلام - بعث رجلاً لخالد بن الوليد، وقال: (قل لخالد: لا يقتلن امرأة ولا عسيفًا). (¬2) نهاية 305 من (ح). (¬3) فإِنه يوهم الاستعمال في الجميع. (¬4) انظر: العدة/ 525.

الوجوب: قول أبي بكر (¬1) والقاضي (¬2) وابن عقيل (¬3) وصاحب الروضة (¬4) من أصحابنا والصيرفي (¬5) الشافعي والسرخسي (¬6) الحنفي. والمنع: قول أبي الخطاب (¬7) والحلواني (¬8) وغيرهما من أصحابنا وأكثر الشافعية (¬9)، وذكره بعضهم إِجماعًا. وذكر الآمدي (¬10) عن الصيرفي: يجب اعتقاد عمومه جزمًا (¬11) قبله (¬12)، وهو خطأ؛ لاحتمال إِرادة خصوصه، قال: ولا نعرف خلافاً في امتناع العمل به قبل بحثه عن مخصص. وقال الجرجاني (¬13): إِن سمعه منه - عليه السلام - على طريق تعليم ¬

_ (¬1) انظر: العدة/ 526. (¬2) انظر: المرجع السابق/ 528. (¬3) انظر: الواضح 2/ 94 ب- 95 أ. (¬4) انظر: روضة الناظر/ 242. (¬5) انظر: اللمع/ 16. (¬6) هو: أبو سفيان. فانظر: العدة/ 528، والمسودة/ 109. (¬7) انظر: التمهيد / 57أ. (¬8) انظر: المسودة/ 109. (¬9) انظر: اللمع/ 16. (¬10) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 50. (¬11) نهاية 147 ب من (ب). (¬12) يعني: قبل ظهور المخصص. (¬13) انظر: العدة/ 527، والمسودة/ 109.

الحكم وجب اعتقاد عمومه في الحال، وإلا فلا؛ لمنع تأخير (¬1) بيان التخصيص منه (¬2). رد: يجوز (¬3)، ثم: الراوي عنه مثله. وجه الأول: الموجب للاستغراق لفظ العموم، والمخصص معارض، والأصل عدمه. أجاب بعض أصحابنا (¬4): لكن النفي لا يحكم به قبل البحث. وأجاب في التمهيد (¬5): إِنما يفيده بشرط تجرده عن مخصص، وما نعلمه (¬6) إِلا أن نبحث فلا نجده. وكذلك [قال] (¬7) بعض أصحابنا (¬8): عدم المخصِّص شرط في العموم أو هو (¬9) من باب المعارض؟ فيه قولان، كما في تخصيص العلة (¬10). ¬

_ (¬1) في (ب) و (ظ): لمنع بيان تأخير التخصيص منه. (¬2) يعني: من الرسول. (¬3) يعني: يجوز تأخير البيان. (¬4) انظر: المسودة/ 112. (¬5) انظر: التمهيد/ 57أ. (¬6) نهاية 105 ب من (ظ). (¬7) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬8) انظر: المسودة / 113. (¬9) يعني: المخصص. (¬10) غيرت في (ب) و (ظ) إِلى: العام.

ثم ذكر القاضي (¬1): اللفظ الدال على العموم هو المجرد عن قرينة، فلا يوجد إِلا وهو قال عليه، وإنما يدل على الخصوص بقرينة. ثم ذكر -أيضًا (¬2) -: الموجب للعموم قصد المتكلم، فيكفي في الخصوص عدم قصد العموم، أو يقال: الموجب للخصوص قصد المتكلم، فيكفي في العموم عدم قصد الخصوص. كلام القاضي (¬3) يقتضي: أن اللفقالا يتصف في نفسه بعموم ولا خصوص إِلا بقصد المتكلم. قال (3): وهذا جيد، فيفرق بين إِرادة عدم الصورة المخصوصة أو عدم إِرادتها. كذا قال [وأيضاً] (¬4): كما يجب حمله على عموم الزمان وإن جاز نسخه في بعضه. أجاب في التمهيد (¬5): ما يخص الأعيان يرد معه وقبله، فيجب البحث، والنسخ لا يرد إِلا بعد ورود الصيغة، فلا يجب، كما لا يتوقف فيمن ثبتت عدالته حتى يرد عليه الفسق. ¬

_ (¬1) انظر: العدة / 507. (¬2) في الكفاية. فانظر: المسودة/ 114. (¬3) انظر: المسودة/ 115. (¬4) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬5) انظر: التمهيد/ 57 ب.

قال بعض أصحابنا (¬1): فيه نظر بعد (¬2) النبي - صلى الله عليه وسلم -، لِتَقَدُّم معرفة الناسخ والمنسوخ على الفتوى. وقال (¬3) ابن عقيل (¬4): النسخ قد يخفى عن البعيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا يلزمه التوقف وإن [كان] (¬5) ذلك لا يفوت أصل العمل عن ورود النسخ. واحتج القاضي (¬6) بأسماء الحقائق، وذكر عن خصمه منعًا وتسليمًا. واحتج ابن عقيل (¬7) -وفي الروضة (¬8) -: بها، وبالأمر والنهي. وقال بعض أصحابنا (¬9): يجب أن نقول: "جميع الظواهر كالعموم"، وكلام أحمد في مطلق الظاهر من غير فرق. وكذا جزم به الآمدي (¬10) وغيره. ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 110. (¬2) نهاية 148 أمن (ب). (¬3) نهاية 306 من (ح). (¬4) انظر: الواضح 2/ 95أ، ب- 96 أ. (¬5) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ظ). (¬6) انظر: العدة/ 528 - 529. (¬7) انظر: الواضح 2/ 95أ، ب. (¬8) انظر: روضة الناظر/ 243. (¬9) انظر: المسودة / 110. (¬10) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 51.

وفي التمهيد (¬1): جميع ذلك كمسألتنا، وإن سلمنا أسماء الحقائق فقط فلأن لفظ العموم حقيقة فيه ما لم نجد مخصصا وحقيقة فيه وفي الخصوص (¬2). وأيضاً: لا يلزمه طلب ما لا يعلمه كطلب: هل بحث الله رسولاً؟ وأجاب في التمهيد (¬3): يلزمه (¬4)، كما يلزمه هنا طلب المخصص في بلده. قيل له: فلو ضاق الوقت عن طلبه (¬5). فقال: الأشبه: يلزمه العمل بالعموم، وإلا لما أسمعه الله إِيّاه قبل تمكنه من المعرفة بالمخصِّص؛ لأنه وقت الحاجة إِلى البيان. قال: ويحتمل: لا يعمل حتى يطلبه؛ كمجتهد ضاق وقت اجتهاده، لا يقلِّد غيره. * * * وظاهر كلام أصحابنا -وقاله الأكثر-: يكفي بحثٌ يظن معه انتفاؤه. واعتبر ابن الباقلاني (¬6) وجماعة: القطع. ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد/ 57 أ. (¬2) وأسماء الحقائق لا تستعمل في غيرها إِلا مجازاً. (¬3) انظر: التمهيد/ 89 أ- ب. (¬4) يعني: في بلده. (¬5) يعني: طلب المخصص. (¬6) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 50، والمنتهى لابن الحاجب/ 106.

لنا: لا طريق إِليه، فشَرْطه يبطل العمل بالعموم. قالوا: ما كثر البحث بين العلماء فيه (¬1) يفيد القطع عادة، وإلا فبحث المجتهد يفيده لاستحالة أن لا ينصب الله عليه دليلاً ويبلغه للمكلف. رد الأول: بمنع الاطلاع عليه (¬2)، (¬3) ثم: لو اطلع بعضهم فنقله غير قاطع. والثاني: بمنع نصب دليل (¬4) ولزوم الاطلاع (¬5) ونقله، وقد يجد مخصِّصا (¬6) يرجع به عن العموم، ولو قَطَع لم يرجع (¬7). ¬

_ (¬1) يعني: ولم يوجد مخصص. (¬2) مع وجوده. (¬3) نهاية 148 ب من (ب). (¬4) يعني: وإن سلمنا فلا نسلم لزوم الاطلاع. (¬5) يعني: وبتقدير ذلك لا نسلم لزوم نقله. (¬6) نهاية 106أمن (ظ). (¬7) نهاية 307 من (ح).

الظاهر والتأويل

الظاهر والتأويل الظاهر لغة (¬1): الواضح. واصطلاحاً: ما دل دلالة ظنية وضعًا -كأسد- أو عرفًا كغائط. * * * والتأويل لغة (¬2): من "آل يؤول" أي: رجع، كقوله: (وابتغاء تأويله) (¬3) (¬4). واصطلاحًا: حمل الظاهر على المحتمل المرجوح. فإِن أردت التأويل الصحيح زدْتَ: بدليل يصيّره راجحًا على مدلوله الظاهر. وحَدّه الغزالي (¬5) -وفي الروضة (¬6) -: احتمال يعضده دليل يصير به أغلب على الظن من الظاهر. ¬

_ (¬1) انظر: معجم مقاييس اللغة 3/ 471. (¬2) انظر: معجم مقاييس اللغة 1/ 159 - 162. (¬3) سورة آل عمران: آية 7. (¬4) أي: ما يؤول إليه. (¬5) انظر: المستصفى 1/ 387. (¬6) انظر: روضة الناظر/ 178.

ويرد: أن الاحتمال شرط التأويل لا نفسه. وليس بجامع، لخروج تأويل مقطوع به. * * * ثم: الاحتمال المرجوح: إِن قرب التأويل ترجَّح بأدنى مرجِّح، وإن بَعْدَ افتقر إِلى الأقوى، وإن تعذر رُدَّ. فمن التأويل البعيد: تأويل الحنفية (¬1) قوله - عليه السلام - لغيلان بن سلمة -وقد أسلم على عشر نسوة (¬2) -: (اختر (¬3) -وفي لفظ: (أمسك (¬4) - (منهن أربعًا، وفارق سائرهن) على ابتداء النكاح أو إِمساك الأوائل؛ لأن (¬5) الفرقة لو وقعت (¬6) بالإسلام لم يخيره (¬7)، والمتبادر من ¬

_ (¬1) انظر: تيسير التحرير 1/ 145، وفواتح الرحموت 2/ 31. (¬2) انظر: ص 564، 801، 802 من هذا الكتاب. (¬3) أخرجه -بهذا اللفظ- ابن ماجه في سننه/ 628، والحاكم في المستدرك 2/ 192، والبيهقي في سننه 7/ 149، وابن حبان في صحيحه (انظر: موارد الظمآن/ 311) من حديث ابن عمر. (¬4) أخرجه -بهذا اللفظ- الشافعي (انظر: بدائع المنن 2/ 351)، والبيهقي في سننه 7/ 181 من حديث ابن عمر. (¬5) هذا وجه البعد. (¬6) في (ب): وقت. (¬7) لتوقف النكاح على رضا الزوجة.

"الإِمساك" الاستدامة (¬1)، والسؤال وقع عنه (¬2)، وحصر التزويج فيهن، ولم يبين له شروط النكاح مع الحاجة لقرب إِسلامه، ولم ينقل تجديد نكاح، وروى الشافعي (¬3) أنه قاله لمن أسلم على خمس نسوة، قال: فعمدت إِلى أقدمهن عندي ففارقتها (¬4). وأبعد من هذا: تأويلهم (¬5) ما روي من قوله لفيروز الديلمي -وقد أسلم على أختين-: (اختر (¬6) أيتهما شئت) (¬7)؛ لقوله (¬8): (أيتهما (¬9). ومنه: تأويلهم (¬10) في: (فإِطعام ستين مسكينًا) (¬11) أي: إِطعام ¬

_ (¬1) دون التجديد. (¬2) يعني: عن "الإِمساك" بمعنى: الاستدامة، لا بمعنى تجديد النكاح. (¬3) أخرج الشافعي (انظر: بدائع المنن 2/ 351)، والبيهقي في سننه 7/ 184 عن نوفل بن معاوية الديلمي قال: أسلمت وتحتي خمس نسوة، فسألت النبي، فقال: (فارق واحدة وأمسك أربعًا)، فعمدت ... (¬4) فهذا يرد إِمساك الأوائل. (¬5) انظر: تيسير التحرير 1/ 145، وفواتح الرحموت 2/ 31. (¬6) أخرجه أبو داود في سننه 2/ 678، والترمذي في سننه 2/ 299 - وقال: حسن غريب- وابن ماجه في سننه/ 627، والبيهقي في سننه 7/ 184 - 185، وابن حبان في صحيحه (انظر: موارد الظمآن/ 310) من حديث فيروز الديلمي مرفوعًا. (¬7) نهاية 149أمن (ب). (¬8) هذا وجه البعد. (¬9) فدل على أن الترتيب غير معتبر. (¬10) انظر: أصول السرخسي 1/ 239، وتيسير التحرير 1/ 146، وفواتح الرحموت 2/ 24. (¬11) سورة المجادلة: آية 4.

طعام ستين مسكينًا؛ لأن المقصود دفع (¬1) الحاجة، ودفع حاجة ستين كحاجة واحد في ستين يومًا، فجعلوا المعدوم -وهو: طعام- مذكرراً مفعولاً به، والمذكرر -قوله: (ستين) - معدومًا، لم يجعلوه مفعولاً، مع ظهور قصد (¬2) العدد لفضل الجماعة وبركتهم وتظافر قلوبهم على الدعاء للمحسن. ومنلى: تأويلهم (¬3): (في أربعين شاة شاة) (¬4) أي: قيمة شاة كما ¬

_ (¬1) نهاية 308 من (ح). (¬2) في (ب): قصهده. وفي (ظ): قصده. (¬3) انظر: تيسير التحرير 1/ 146، وفواتح الرحموت 2/ 22. (¬4) ورد في كتاب عمرو بن حزم الذي بعث به النبي معه إِلى أهل اليمن. أخرجه النسائي في الديات وأبو داود في مراسيله (راجع: نصب الراية 2/ 339)، وأخرجه ابن حبان في صحيحه (انظر: موارد الظمآن/ 202 - 203)، والحاكم في مستدركه 1/ 395 - 342. وورد في حديث ابن عمر مرفوعًا. أخرجه أبو داود في سننه 2/ 225، والترمذي في سننه 2/ 66 - 67 وقال: حسن، وابن ماجه في سننه/ 577 - 578، وابن أبي شيبة في مصنفه 3/ 131. وورد في حديث علي -شك زهير أحد رواته في رفعه أخرجه أبو داود في سننه 2/ 228، والبيهقي في سننه 4/ 99. وانظر: نصب الراية 2/ 352. وورد في حديث أنس مرفوعًا. أخرجه الطبراني في الأوسط. انظر: مجمع الزوائد 3/ 73، ونصب الراية 2/ 355 - 356.

سبق (¬1)، وهو أبعد؛ لأنه يلزم أن لا تجب الشاة، وكل فرع استنبط من أصل يبطل ببطلانه. ومنه: تأويلهم (¬2): (أيما امرأة نكحت نفسها بغير إِذن وليها فنكاحها باطل باطل باطل، فإِن أصابها فلها المهر بما استحل من فرجها) (¬3) على الصغيرة والأمة والكاتبة، و (باطل) لمصيره إِليه (¬4) غالبًا لاعتراض الولي إِن تزوتجما بغير كفء؛ لأنها (¬5) مالكة لبضعها فكان كبيع مالها. فالصغيرة (¬6) لا تسمى امرأة، ونكاحها موقوف (¬7) عندهم، ومهر الأمة للسيد، والمكاتبة ¬

_ (¬1) من أن المقصود دفع الحاجة. (¬2) انظر: تيسير التحرير 1/ 147، وفواتح الرحموت 2/ 25. (¬3) هذا الحديث روته عائشة مرفوعاً. أخرجه أبو داود في سننه 2/ 566 - 568، والترمذي في سننه 2/ 380 - 381 وقال: حسن، وابن ماجه في سننه/ 605، وأحمد في مسنده 6/ 47، والدارمي في سننه 2/ 62، والدارقطني في سننه 3/ 221، والطيالسي في مسنده (انظر: منحة المعبود 1/ 305)، والحاكم في مستدركه 2/ 168 - وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه- والطحاوي في شرح معاني الآثار 3/ 7، وابن حبان في صحيحه (انظر: موارد الظمآن/ 305). وانظر -أيضًا-: نصب الراية 3/ 184 - 185، والتلخيص الحبير 3/ 156 - 157، والتعليق المغني على الدارقطني 3/ 211. (¬4) يعني: إِلى البطلان. (¬5) هذا تعليل للتأويل. (¬6) هذا وجه البعد. (¬7) انظر: جامع أحكام الصغار 1/ 28.

نادرة، فأبطلوا ظهور قصد التعميم لظهور "أي" مؤكدة بـ "ما" وتكرير لفظ البطلان، وحَمْله على نادر يعد كاللغز (¬1) -بضم اللام وفتحها مع سكون العنِن وضمها، وأصله: جحر اليربوع، يخفي مكانه بتلك (¬2) الألغاز- وليس مثل هذا من كلام العرب، ولا يجوز. ومعنى كلام أصحابنا -وقاله الآمدي (¬3) -: لا يصح الاستثناء بحيث لا يبقى إِلا النادر، مع إِمكان قصد النبي - صلى الله عليه وسلم - منع (¬4) استقلال المرأة فيما يليق بمحاسن العادات (¬5) وهو النكاح (¬6). وأقرب من [هذا] (¬7) التأويل -مع بعده-: تأويلهم (¬8): (لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل (¬9)) على القضاء ¬

_ (¬1) انظر: معجم مقاييس اللغة 5/ 257، ولسان العرب 7/ 273. (¬2) نهاية 106 ب من (ظ). (¬3) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 58. (¬4) في (ظ): مع. (¬5) في (ظ): العبادات. (¬6) نهاية 149 ب من (ب). (¬7) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬8) انظر: تيسير التحرير 1/ 148، وفواتح الرحموت 2/ 26. (¬9) أخرج أبو داود في سننه 2/ 823 - 824 عن ابن عمر عن حفصة أن رسول الله قال: (من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له). وذكر أبو داود أنه روي موقوفًا على حفصة. ونقل ابن حجر في التلخيص 2/ 188 عنه أنه قال: لا يصح رفعه.=

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ =وقال الخطابي في معالم السنن 2/ 824: أسنده عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم، وزيادات الثقات مقبولة. وأخرجه -عنها- الترمذي في سننه 2/ 117 بمثل لفظ أبي داود، ثم قال: حديث حفصة حديث لا نعرفه مرفوعًا إِلا من هذا الوجه، وقد روي عن نافع عن ابن عمر قوله، وهو أصح. وذكر ابن حجر في التلخيص 2/ 188: أن الترمذي نقل عن البخاري أنه قال: هو خطأ وهو حديث فيه اضطراب، والصحيح عن ابن عمر موقوف. وانظر: التاريخ الصغير للبخاري/ 68 - 69. وأخرجه -عنها- النسائي في سننه 4/ 196 - 197 بلفظ: (من لم يبيّت الصيام من الليل فلا صيام له). ورواه -أيضاً- موقوفاً على حفصة. وفي التلخيص الحبير 2/ 188: قال النسائي: الصواب عندي موقوف، ولم يصح رفعه. وأخرجه -عنها- ابن ماجه في سننه بلفظ: (لا صيام لمن لم يفرضه من الليل). وأخرجه -عنها- أحمد في مسنده 6/ 287. ونقل ابن حجر في التلخيص 2/ 188 عنه قوله: ما له عندي ذلك الإِسناد. وأخرجه -عنها- الدارمي في سننه 1/ 339، والدارقطني في سننه 2/ 172 - وأخرجه أيضاً عن عائشة، وقال: كل رجاله ثقات- والطحاوي في شرح معاني الآثار 2/ 54. وأخرجه مالك في الموطأ/ 288 عن ابن عمر وحفصة وعائشة موقوفًا. وأخرجه -عن حفصة مرفوعًا- البيهقي في سننه 4/ 202 وقال: وهذا حديث قد اختلف على الزهري في إِسناده وفي رفعه إِلى النبي، وعبد الله بن أبي بكر أقام إِسناده ورفعه، وهو من الثقات الأثبات. وأخرجه البيهقي -أيضاً- في سننه 4/ 203 عن عائشة مرفوعًا بمثل حديث الدارقطني. والخلاصة: أن هناك اختلافاً بين العلماء في رفع هذا الحديث ووقفه، فذهب فريق إِلى أنه مرفوع، منهم: الحاكم والدارقطني وابن خزيمة وابن حزم، وذهب فريق إِلى أنه موقوف ولا يصح رفعه، منهم: البخاري والترمذي وأبو داود والنسائي. انظر: نصب الراية 2/ 433 - 435، والتلخيص الحبير 2/ 188، وفتح الباري 4/ 142.

والنذر المطلق (¬1)، لعمومه، ووجوبهما بسبب عارض، وادعوا ثبوت صحة الصوم بنية من النهار. ومنه: تأويلهم (¬2): (ولذي القربى) (¬3) على الفقراء منهم؛ لأن المقصود سد الخلّة، ولا خلة مع الغنى، فأبطلوا العموم مع ظهور أن القرابة هي العلة لتعظيمها وتشريفها مع إِضافته بلام التمليك. ولا يلزمنا والمالكية (¬4) والشافعية (¬5) في اليتم (¬6)، للخلاف فيه، ثم (¬7): هو (¬8) مع قرينة دفع المال مشعر بالحاجة (¬9)، ولا يصلح مجرده (¬10) علة. ومن التأويل البعيد عندنا -وذكره الآمدي (¬11) وغيره-: تأويل ¬

_ (¬1) نهاية 309 من (ح). (¬2) انظر: تيسير التحرير 1/ 148، وفواتح الرحموت 2/ 28. (¬3) سورة الأنفال: آية 41. (¬4) انظر: الكافي لابن عبد البر/ 478. (¬5) انظر: الإحكام للآمدي 3/ 61. (¬6) حيث اشترطنا الحاجة. (¬7) في (ح): بم. (¬8) يعني: اليتم. (¬9) فاعتبرناها. (¬10) يعني: مجرد اليتم. (¬11) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 60.

المالكية (¬1) والشافعية (¬2): (من ملك ذا رحم فهو حر (¬3)) على عمودي نسبه، لعمومه وظهور (¬4) قصده (¬5) للتنبيه على حرمة المَحْرم وصلته. ¬

_ (¬1) انظر: الكافي لابن عبد البر/ 971، ومواهب الجليل 6/ 333. (¬2) انظر: البرهان/ 539، والمستصفى 1/ 405. (¬3) أخرجه أبو داود في سننه 4/ 259 - 260 ... عن حماد بن سلمة عن قتادة عن الحسن عن سمرة عن النبي قال: (من ملك ذا رحم محرم فهو حر). وكذا أخرجه الترمذي في سننه 2/ 409 - 410، وابن ماجه في سننه/ 843، والبيهقي في سننه 10/ 489، والطحاوي في شرح معاني الآثار 3/ 109، والحاكم في مستدركه 2/ 214 وسكت عنه، وصححه الذهبي في التلخيص. قال أبو داود: لم يحدث ذلك الحديث إِلا حماد بن سلمة وقد شك فيه؛ فإِن موسى بن إِسماعيل -الذي حدث أبا داود بهذا الحديث- قال في موضع آخر: عن سمرة فيما يحسب حماد. وقد رواه شعبة مرسلاً عن الحسن عن النبي، وشعبة أحفظ من حماد. انظر: سنن أبي داود 4/ 260، ونصب الراية 3/ 279. وقال الترمذي: هذا حديث لا نعرفه مسنداً إِلا من حديث حماد بن سلمة، وقد روى بعضهم هذا الحديث عن قتادة عن الحسن عن عمر. وقد أخرجه ابن ماجه في سننه/ 844 عن ضمرة بن ربيعة عن سفيان عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر عن النبي. وكذا أخرجه الترمذي في سننه 2/ 410، والبيهقي في سننه 10/ 289، والطحاوي في شرح معاني الآثار 3/ 109، والحاكم في مستدركه 2/ 214 وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. وفي زوائد ابن ماجه "في إِسناده من تكلم فيه". وقال الترمذي: ولا يتابع ضمرة على هذا الحديث، وهو حديث خطأ عند أهل الحديث. وقد أخرج هذا القول -موقوفًا على عمر- أبو داود في سننه 4/ 261؛ والبيهقي في سننه 10/ 289، 290، والطحاوي في شرح معاني الآثار 3/ 110. (¬4) في (ب): ظهور. (¬5) يعني: قصد التعميم.

وَعَدَّ الآمدي (¬1) حمل أبي حنيفة (¬2) ومالك (¬3) والأصح عن أحمد (إنما الصدقات للفقراء) -الآية (¬4) - على بيان المصرِف (¬5) (¬6)، من ذلك، لإِضافتها (¬7) إِليهم بلام التمليك، والعطف المقتضي للتشريك. وقال بعضهم (¬8): سياق الآية -من الرد على لمزهم في المعطِين، ورضاهم في إِعطائهم، وسخطهم في منعهم- يدل عليه (¬9). قال الآمدي (¬10): لا نسلم أنه لا مقصود من الآية سواه (¬11). فيقال: فسرها حذيفة كقولنا (¬12)، ¬

_ (¬1) انظر الإحكام للآمدي 3/ 56. (¬2) انظر: تيسير التحرير 1/ 148، وفواتح الرحموت 2/ 30. (¬3) انظر: المنتهى لابن الحاجب/ 107. (¬4) سورة التوبة: آية 60. (¬5) فيجوز الاقتصار على بعض الأصناف. (¬6) يعني: لا الاستحقاق. (¬7) هذا وجه البعد. (¬8) انظر: المنتهى لابن الحاجب/ 107. (¬9) يعني: على الحمل، فلا تأويل. (¬10) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 57. (¬11) يعني: سوى بيان المصرف. (¬12) أخرج الطبري في تفسيره 14/ 322 - ط: دار المعارف - ... عن المنهال بن عمرو عن زر بن حبيش عن حذيفة في قوله: (إنما الصدقات للفقراء ...) قال:=

رواه (¬1) سعيد، وعارضها: (وتؤتوها الفقراء) الآية (¬2)، وحديث معاذ في الصحيحين (¬3): (فترد على فقرائهم) (¬4)، فالجمع وحملها على الندب أولى، وترك ظاهرها لو فرقها الساعي (¬5)، وفي استيعاب (¬6) من أمكن من الأصناف، وتفضيل بعضهم على بعض، فيلزم التسوية أو الفرق. وعَدّ الآمدي (¬7) (¬8) من التأويل البعيد: قول القائلين بوجوب غسل ¬

_ =إِن شئت جعلته في صنف واحد أو صنفين أو ثلاثة. وأخرج عنه -أيضاً-: إِذا وضعتها في صنف واحد أجزأ عنك. وأخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه 3/ 182. وفي تفسير القرطبي 8/ 168: روى المنهال بن عمرو عن زر بن حبيش عن حذيفة في قوله: (إِنما الصدقات ...) قال: إِنما ذكر الله هذه الصدقات لتعرف، وأي صنف منها أعطيت أجزأك. وراجع: تفسير ابن كثير 2/ 364، والدر المنثور 3/ 250 - 251. (¬1) في (ح): ورواه. (¬2) سورة البقرة: آية 271. (¬3) في (ب) و (ظ): في الصحيح. (¬4) انظر: صحيح البخاري 2/ 104، 119، وصحيح مسلم / 50 - 51. (¬5) يعني: إِذا أخذها الساعي وفرقها فإِنه لا يجب صرفها إِلى جميع الأصناف، فكذلك إِذا فرقها المالك. (¬6) يعني: استيعاب أهل كل صنف. (¬7) انظر: الإحكام للآمدي 3/ 63. (¬8) نهاية 150 أمن (ب).

الرجلين (¬1): "إِنه المراد من آية (¬2) الوضوء"؛ لترك (¬3) ظاهر التشريك في المسح بلا ضرورة. فقيل له: لا يوجب العطف الاشتراك في تفاصيل حكم المعطوف عليه. فقال: هذا الأصل. وجوابه: المنع. وسبقت (¬4) في العموم. ثم: قراءة نصب "الأرجل" صريحة أو ظاهرة، وقراءة الجر محتملة. ثم: إِن سلم ظهورها (¬5) تعين الغسل بالسنة المتواترة وإِجماع الصحابة. ......................... ¬

_ (¬1) نهاية 310 من (ح). (¬2) سورة المائدة: آية 6. (¬3) هذا وجه البعد. (¬4) انظر: ص 853 - 856، 858. (¬5) يعني: في المسح.

المفهوم

المفهوم الدلالة: منطوق: وهو ما دل عليه اللفظ في محل النطق. والمفهوم: ما دل عليه لا في محل النطق. .................... والمنطوق: صريح: وهو ما وضع اللفظ له. وغير الصريح: ما يلزم عنه: فإِن (¬1) قصده المتكلم -وتوقف صدقه عليه نحو: (رفع عن أمتي الخطأ)، أو الصحة العقلية (¬2) نحو: (واسأل القرية) (¬3)، أو الصحة الشرعية نحو: "أعتق عبدك عني على مائة"؛ لاستدعائه سبق الملك لتوقف العتق عليه- فدلالة اللفظ عليه دلالة اقتضاء. وإن لم يتوقف -واقترن الملفوظ به بحكم لو لم يكن لتعليله استبعد من الشارع مثله- فتنبيه وإِيماء. وسيأتي في القياس (¬4). ¬

_ (¬1) في (ب): فإنه. (¬2) نهاية 107أمن (ظ). (¬3) سورة يوسف: آية 82. (¬4) في ص 1259.

وإن لم يقصد فدلالة إِشارة، كما رواه عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي في سننه عنه - عليه السلام -: (النساء ناقصات عقل ودين)، قيل: وما نقصان دينهن؟ قال: (تمكث إِحداهن شطر عمرها لا تصلي) (¬1). لم ¬

_ (¬1) أخرج البخاري في صحيحه 1/ 64، 3/ 35 من حديث أبي سعيد مرفوعاً: (... أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم؟ قلن: بلى. قال: فذلك من نقصان دينها). وأخرجه مسلم في صحيحه/ 86 - 87 من حديث ابن عمر، وفيه: (وتمكث الليالي ما تصلي، وتفطر في رمضان، فهذا نقصان الدين). أما لفظ: (تمكث إِحداهن شطر عمرها لا تصلي) فقد قال ابن الجوزي في التحقيق 1/ 201: ذكره أصحابنا، وهذا لفظ لا أعرفه. وأقره صاحب التنقيح عليه. وقال الشيرازي في المهذب: لم أجده بهذا اللفظ إِلا في كتب الفقه. قال النووي: حديث باطل لا يعرف. فانظر: المجموع شرح المهذب 2/ 389. وقال ابن حجر في التلخيص 1/ 162: لا أصل له بهذا اللفظ، قال الحافظ أبو عبد الله بن منده -فيما حكاه عنه ابن دقيق العيد في الإِمام-: "ذكر بعضهم هذا الحديث، ولا يثبت بوجه من الوجوه"، وقال البيهقي في المعرفة: "هذا حديث يذكره بعض فقهائنا، وقد تطلبته كثيراً فلم أجده في شيء من كتب الحديث، ولم أجد له إِسنادًا"، وقال المنذري: "لم يوجد له إِسناد بحال"، وأغرب الفخر ابن تيمية في شرح الهداية لأبي الخطاب، فنقل عن القاضي أبي يعلى أنه قال: ذكره عبد الرحمن بن أبي حاتم البستي في كتاب السنن له. كذا قال، وابن أبي حاتم ليس بستيا، وإنما هو رازي، وليس له كتاب يقال له: السنن. وراجع: كشف الخفاء 1/ 379 - 380، والمقاصد الحسنة/ 1 - 165. وقال الزركشي في المعتبر/ 70 ب: زعم جماعة من الحفاظ -منهم: البيهقي- أنه بهذا اللفظ لا أصل له ... وقد ذكرت في الذهب الإِبريز أصله.

يقصد - عليه السلام - بيان أكثر الحيض وأقل (¬1) الطهر، لكنه لزم من اقتضاء المبالغة (¬2) ذكر ذلك. وكذا: (وحمله وفصاله (¬3) ثلاثون شهرًا) (¬4) مع: (وفصاله في عامين) (¬5) يلزم أن أقل مدة الحمل ستة أشهر. وكذا: (أحل لكم ليلة الصيام الرفث) (¬6) يلزم منه جواز الإِصباح جنبًا. ومثله: (فالآن باشروهن) إِلى (حتى يتبين لكم) (6). وسَمَّى في العدة (¬7) الإِضمار مفهوم الخطاب وفحواه ولحنه (¬8). وسماه في التمهيد (¬9) لحن الخطاب، قال (¬10): ومعنى الخطاب القياس. قال -هو (¬11) وابن عقيل (¬12) -: والنص هو الصريح، لا ¬

_ (¬1) في (ب): وأكثر. (¬2) في نقصان دينهن. (¬3) نهاية 311 من (ح). (¬4) سورة الأحقاف: آية 15. (¬5) سورة لقمان: آية 14. (¬6) سورة البقرة: آية 187. (¬7) انظر: العدة/ 152 - 153. (¬8) نهاية 150 ب من (ب). (¬9) انظر: التمهيد/ 4 أ. (¬10) انظر: التمهيد/ 4 ب. (¬11) انظر: المرجع السابق / 2أ- ب. (¬12) انظر: الواضح 1/ 8أ، 22أ، 124 ب، 126أ.

يعدل [عنه] (¬1) إِلا بنسخ. وفي العدة (¬2): الصريح في حكم وإن احتمل غيره. واختار (¬3) في الروضة (¬4): ما أفاد بنفسه بلا احتمال أو احتمال لا دليل عليه. قال: وقد يطلق على الظاهر، ولا مانع منه؛ فإِنه (¬5) في اللغة: الظهور. قال (¬6): وما فهم منه التعليل يسمى: إِيماء وإشارة وفحوى الكلام ولحنه. والله أعلم. * * * والمفهوم: [مفهوم] (¬7) موافقة، ومفهوم مخالفة. فالأول: أن يكون المسكوت موافقاً في الحكم -ويسمى: فحوى الخطاب ولحن الخطاب، قال الآمدي (¬8): "أي معنى الخطاب"، وسماه في العدة (¬9) ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬2) انظر: العدة/ 138. (¬3) في (ب): واختاره. (¬4) انظر: روضة الناظر/ 177. (¬5) يعني: النص. (¬6) انظر: المرجع السابق/ 262 - 263. (¬7) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬8) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 66. (¬9) انظر: العدة/ 153.

كالإِضمار، ومثله في التمهيد (¬1) أيضًا (¬2)، وسماه في الروضة (¬3): فحواه -كتحريم الضرب من قوله: (فلا تقل لهما أفٍّ) (¬4)، وكالجزاء بما فوق المثقال من قوله: (فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره) (¬5)، وكتأدية ما دون القنطار من قوله: (يؤده إليك) وعدم الآخر (¬6) من: (لا يؤده إِليك) (¬7)، وهذا تنبيه بالأعلى، وما قبله بالأدنى، فلهذا: الحكم في المسكوت أولى منه في الملفوظ. ويعرف الحكم في المسكوت بمعرفة المعنى المقصود من الحكم في النطق، وأنه أولى فيه. ..................... وهو حجة -ذكره بعضهم إِجماعًا- لتبادر فهم العقلاء. واختلف النقل عن داود (¬8). ..................... ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد / 4أ. (¬2) في (ح): أيضًا في التمهيد. (¬3) انظر: روضة الناظر/ 263. (¬4) سورة الإِسراء: آية 23. (¬5) سورة الزلزلة: آية 7. (¬6) في (ب): الآخرة. (¬7) سورة آل عمران: آية 75. (¬8) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 67، والمسودة/ 346.

ثم: دلالته لفظية عند القاضي (¬1) والحنفية (¬2) والمالكية (¬3) وبعض الشافعية (¬4) وجماعة من المتكلمين والظاهرية (¬5) -قال بعض أصحابنا (¬6): (¬7) نص عليه أحمد في مواضع- واختاره ابن عقيل (¬8)، وذكره عن أصحابنا، واختاره الآمدي (¬9) وغيره؛ لفهمه لغة قبل شرع القياس، ولاندراج أصله في فرعه نحو: "لا تعطه ذرة" (¬10). واحتج ابن عقيل (¬11) وغيره: بأنه لا يحسن الاستفهام، ويشترك في ¬

_ (¬1) انظر: العدة/ 480 وما بعدها، 205 أ- ب، والتمهيد/ 160أ، وروضة الناظر/ 263. (¬2) انظر: أصول السرخسي 1/ 241، وكشف الأسرار 1/ 73، وتيسير التحرير 1/ 94، وفواتح الرحموت 1/ 410، وفتح الغفار 2/ 45. (¬3) انظر: المنتهى لابن الحاجب/ 108، والإِشارات/ 92، ونشر البنود 1/ 96. (¬4) انظر: اللمع/ 25، والتبصرة/ 227، والآيات البينات 2/ 20، وشرح المحلي 1/ 243. (¬5) انظر: الأحكام لابن حزم/ 1210 وما بعدها، والتبصرة/ 227. (¬6) انظر: المسودة/ 389. (¬7) نهاية 312 من (ح). (¬8) انظر: الواضح 2/ 149. (¬9) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 68. (¬10) في (ب): ذرة ابن عقيل واحتج ابن عقيل ... (¬11) انظر: الواضح 2/ 49 أ- ب، 52 ب.

فهمه (¬1) اللغوي وغيره بلا قرينة -وضعف ابن عقيل (¬2) وغيره ما حكوه عن قوم "أنه مستفاد من اللفظ": أنه لم يلفظ به (¬3)، ولهذا افتقر إِلى استدلال وعلم قصد المتكلم وسياقه- ويفهم بأول وهلة. فقيل (¬4) له: لو قال لمدعي دينارًا (*): "لا يستحق عَلَيَّ حبَّة" لم يجبه (¬5). فقال (¬6): لأنه لا يكتفى في دفع الدعوى بظاهر بل بنص، ولهذا لو حلف "والله إِني لصادق فيما ادعيته عليه" أو حلف المنكر "إنه لكاذب فيما ادعاه عَلَيّ" لم يُقبل. وخالفه بعض أصحابنا (¬7)، فقال: إِنه (¬8) يعم من باب الفحوى، إِلا أن يقال: يعم حقيقة عرفية (¬9). ¬

_ (¬1) نهاية 151 أمن (ب). (¬2) انظر: الواضح 2/ 50 ب، 51 ب. (¬3) نهاية 107 ب من (ظ). (*) كذا في النسخ. ولعل الصواب: دينار. (¬4) انظر: الواضح 2/ 52 ب. (¬5) يعني: ولو كان مستفادًا من فحوى اللفظ لكان قد أجابه. (¬6) انظر: الواضح 2/ 52 ب- 53 أ. (¬7) انظر: المسودة/ 172. (¬8) يعني: قوله -مثلاً-: لا يستحق علي حبَّة. (¬9) يعني: لا من باب الفحوى.

ولنا وجهان (¬1) في اللعان في اعتبار قوله: "فيما رميتها به" (¬2). وعند ابن أبي موسى (¬3) وأبي الحسن (3) الخرزي وأبي الخطاب (¬4) والحلواني (¬5) وغيرهم من أصحابنا والشافعي (¬6) وأكثر أصحابه: هو قياس جلي؛ لأنه لم يلفظ به، وإنما حكم بالمعنى المشترك. رد: المعنى شرط لدلالة الملفوظ عليه لغة (¬7)، بخلاف القياس (¬8). وقال بعض أصحابنا (¬9): إِن قصد التنبيه (¬10) فليس قياساً؛ لأنه ¬

_ (¬1) انظر: المغني 8/ 87. والفروع 5/ 509. (¬2) بعد قوله: (لمن الصادقين) سورة النور: آية 6. (¬3) انظر: المسودة/ 348 (¬4) في التمهيد/ 160أ: رجح أنه قياس الأولى. وفيه / 101أ: صرح بأن التنبيه ليس بقياس. وفي المسودة/ 346: حكى عنه أنه مستفاد من اللفظ، ثم حكى عنه فيها/ 348: أنه قياس. وانظر: التمهيد/ 76أ. (¬5) انظر: المسودة/ 348. (¬6) انظر: اللمع/ 27، والتبصرة/ 227، والإبهاج 2/ 19، والآيات البينات 2/ 20، وشرح المحلي 1/ 242. وحكاه -عن الشافعي- ابن برهان وأبو الطيب الطبري. فانظر: المسودة/ 346 - 347. (¬7) لا أنه يثبت به الحكم فيكون قياسًا. انظر: فواتح الرحموت 1/ 411. (¬8) ومن ثم قال به النافي للقياس. (¬9) انظر: المسودة/ 347. (¬10) بالأدنى على الأعلى.

المراد (¬1)، وإن قصد الأدنى فقياس، كاحتجاج أحمد في رهن المصحف عند الذمي: بنهيه (¬2) - عليه السلام - عن السفر بالقرآن إِلى أرض العدو، مخافة أن تناله أيديهم، فهذا قاطع، واحتجاجه -في أن لا شفعة لذمي على مسلم- بقوله في الصحيحين: (وإذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إِلى أضيقه (¬3))، فهذا مظنون. وزعم أبو محمَّد البغدادي (¬4) من أصحابنا في جدله: ليس فيه قطعي. وأما "إِذا ردت شهادة الفاسق فالكافر أولى" فقيل: ظني، وقيل فاسد. وكذا إِيجاب الكفارة [في قتل العمد واليمين الغموس. ومن الفاسد نحو: "إِذا] (¬5) جاز السلم مؤجلاً فحالّ أولى؛ لبُعْده من الغرر (¬6) ¬

_ (¬1) يعني: بالخطاب. (¬2) أخرج البخاري في صحيحه 4/ 56، ومسلم في صحيحه/ 1490 - 1491 عن ابن عمر: أن رسول الله نهى أن يسافر بالقرآن إِلى أرض العدو. (¬3) هذا الحديث رواه أبو هريرة مرفوعًا. أخرجه مسلم في صحيحه/ 1707، وأبو داود في سننه 5/ 383 - 384، والترمذي في سننه 4/ 142 وقال: حسن صحيح، والطيالسي في مسنده (انظر: منحة المعبود 1/ 362)، وأحمد في مسنده 2/ 263. ولم أجده في صحيح البخاري، وإنما وجدته قد أخرجه في الأدب المفرد/ 378، 380. (¬4) انظر: المسودة/ 348. (¬5) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬6) في (ح): العرض.

وهو (¬1) المانع"، والحكم (¬2) لا يثبت لانتفائه (¬3) بل لمقتضيه، وهو الارتفاق (¬4) بالأجل (¬5). * * * مفهوم المخالفة: أن يكون المسكوت مخالفاً للمنطوق في الحكم. ويسمى (¬6): دليل الخطاب. ....................... وشرطه -عند القائلين [به] (¬7) -: أن لا تظهر أولوية ولا مساواة في المسكوت، فيكون موافقة. ولا خرج مخرج الأغلب -ذكره الآمدي (¬8) اتفاقاً- نحو: (وربائبكم اللاتي في حجوركم) (¬9)، (فإِن خفتم ألا يقيما) (¬10)، وقوله: (أيما ¬

_ (¬1) يعني: الغرر. (¬2) هذا بيان وجه فساده. (¬3) يعني: لانتفاء المانع. (¬4) في لسان العرب 11/ 409: ارتفق به: ترفق به، وانتفع به. (¬5) فإِذا انعدم الأجل انعدم الرفق. (¬6) نهاية 151 ب من (ب). (¬7) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬8) انظر: الإحكام للآمدي 3/ 100. (¬9) سورة النساء: آية 23. (¬10) سورة البقرة: آية 229.

امرأة (¬1) نكحت نفسها بغير إِذن وليها). وقال أبو المعالي (¬2): له مفهوم؛ ترجيحًا لما أشعر به اللفظ على القرينة العرفية. وقال بعض أصحابنا (¬3): يظهر أنه من مسالك التأويل، فيخف على المتأول ما يبديه (¬4) من الدليل العاضد. فعلى الأول: لا يعم (*)، ولهذا احتج العلماء من أصحابنا (¬5) وغيرهم لداود (¬6) -على اختصاص تحريم الربيبة بالحجر- بالآية، وأجابوا: لا حجة فيها؛ لخروجها على الغالب. وفي المغني (¬7): تجوز خطبة مسلم على ذمي. فقيل له: النهي (¬8) على الغالب. ¬

_ (¬1) نهاية 311 من (ح). (¬2) انظر: البرهان/ 477 - 478. (¬3) انظر: المسودة / 362. وقد ورد هذا الكلام في البرهان/ 477. (¬4) في المسودة: ما يبذله. (*) كذا في النسخ. ولعل الصواب: يعم. (¬5) انظر: المغني 7/ 111. (¬6) في (ظ): كداود. (¬7) انظر: المغني 7/ 46. (¬8) أخرج البخاري في صحيحه 7/ 19، ومسلم في صحيحه/ 1029 عن أبي هريرة أن النبي قال: (لا يخطب الرجل على خطبة أخيه).

فقال: هو خاص بالسلم، وإلحاق غيره به إِنما يصح إِذا كان مثله. واحتج في الانتصار -على نشر الحرمة بلبن الميتة- بقوله: (وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم) (¬1)، فقيل له: الآية حجتنا؛ لاقتضائها تعلق التحريم بفعلها للإِرضاع، فقال: عَلَّقه (¬2) لأنه الغالب كالربيبة، ولهذا: لو حلب منها ثم سقي نشر. وأجاب أبو (¬3) الفتح بن المني من أصحابنا -من احتج لصحة النكاح (¬4) بلا إِذن (¬5) بالمفهوم-: بأن المفهوم ليس بحجة على أصلنا، ثم: هذا خرج مخرج الغالب، فيعم ويصير كقوله: (وربائبكم اللاتي في حجوركم) (¬6)، لما خرج مخرج الغالب عَمّ. كذا قال. وشرطه -أيضًا-: أن لا يخرج جوابًا لسؤال -ذكره صاحب (¬7) المحرر من أصحابنا في صلاة التطوع من شرحه (¬8) اتفاقاً، وذكر القاضي (¬9) ¬

_ (¬1) سورة النساء: آية 23. (¬2) نهاية 108 أمن (ظ). (¬3) في (ب): وأبو. (¬4) في (ح): نكاح. (¬5) كذا في النسخ. ولعل الصواب: بالأذن. (¬6) سورة النساء: آية 23. (¬7) انظر: المسودة/ 361. (¬8) يعني: شرح الهداية لأبي الخطاب. (¬9) في الجزء الذي صنفه في المفهوم. انظر: المسودة/ 361.

احتمالين- ولا لحادثة كما (¬1) روي أنه مر بشاة ميمونة فقال: (دباغها طهورها)، ولا لتقدير جهل المخاطب بأن علم وجوب زكاة المعلوفة لا السائمة، ولا لرفع خوف كالقول -للخائف عن ترك الصلاة (¬2) أول الوقت (¬3) -: جاز ترك الصلاة أول الوقت" (¬4)، وغير ذلك مما يقتضي تخصيصه بالذكر. وقال بعض أصحابنا (¬5): إِن تقدم ما يقتضي التخصيص من سؤال أو حاجة إِلى بيان -كقوله: (إِن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث) - فلا مفهوم له، واحتج [به] (¬6) القاضي وغيره من المالكية والشافعية على الوصية للقاتل (¬7)، هي دلالة ضعيفة. هذا كلامه، وهو حسن. واحتج في الروضة (¬8) للمفهوم: بسؤاله - عليه السلام -: "ما يلبس المحرم من الثياب (¬9) "؟، وبقوله (¬10) - عليه السلام -: (يقطع الصلاة ¬

_ (¬1) في (ح): كما لو روي. (¬2) في (ح): للصلاة. (¬3) نهاية 152أمن (ب). (¬4) 314 من (ح). (¬5) انظر: المسودة/ 361. (¬6) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬7) في (ب): للقايل. (¬8) انظر: روضة الناظر/ 267. (¬9) فقال الرسول: (لا يلبس القميص ولا العمامة ...) الحديث. أخرجه البخاري في صحيحه 1/ 35، 2/ 137، ومسلم في صحيحه/ 834 - 835 من حديث ابن عمر مرفوعًا. (¬10) في (ب): ويقول.

والمفهوم أقسام

الكلب الأسود)، فسأله أبو ذر: "ما بال الأسود من الأحمر من الأصفر؟ " فقال: (شيطان) (¬1). وقد قال أحمد (¬2) -عن (لا وصية لوارث) -: يدل على أن الوصية لمن لا يرث. * * * والمفهوم أقسام مفهوم الصفة: أن يقترن بعام صفة خاصة كقوله: (في الغنم في سائمتها الزكاة) (¬3). قال به أحمد (¬4) ومالك (¬5) والشافعي (¬6) وأكثر أصحابهم، وذكره في ¬

_ (¬1) هذا الحديث رواه أبو ذر مرفوعًا. أخرجه مسلم في صحيحه/ 365، وأبو داود في سننه 1/ 450 - 451، والترمذي في سننه 1/ 212 وقال: حسن صحيح، والنسائي في سننه 2/ 63 - 64، وابن ماجه في سننه/ 306، وأحمد في مسنده 5/ 149. (¬2) انظر: العدة/ 449. (¬3) هذا جزء من حديث رواه أنس مرفوعًا، وهو الحديث الذي روي في كتاب أبي بكر، وفيه بيّن أحكام الزكاة التي فرضها رسول الله. أخرجه البخاري في صحيحه 2/ 118، وأبو داود في سننه 2/ 214 - 221، والنسائي في سننه 5/ 18 - 21، 27 - 29، والدارقطني في سننه 2/ 113 - 116، والحاكم في مستدركه 1/ 390 - 392، والبيهقي في سننه 4/ 86. وانظر: نصب الراية 2/ 335 - 337. (¬4) انظر: العدة/ 449. (¬5) انظر: شرح تنقيح الفصول/ 270. (¬6) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 72.

الروضة (¬1) عن أكثر المتكلمين. ثم: مفهومه عند الجميع: لا زكاة في معلوفة الغنم؛ لِتعلّق الحكم بالسوم والغنم، فهما العلة. ولنا وجه -واختاره ابن عقيل (¬2)، وذكره القاضي (¬3) ظاهر (¬4) كلام أحمد-: لا زكاة في معلوفة كل حيوان -وقاله بعض الشافعية (¬5) - بناء على أن السوم العلة. فعلى هذا قال القاضي (*): يلزم (¬6) لا زكاة في غير سائمة الغنم من حيوان وغيره، وقد لا يلزم. وهل يعتبر البحث عما يعارضه؟ هو كالعموم، ذكره في التمهيد (¬7) وغيره. وزعم الآمدي (¬8): (¬9) أنه لا يعتبر عند من قال به. ¬

_ (¬1) انظر: روضة الناظر/ 264. (¬2) انظر: الواضح 2/ 66أ. (¬3) انظر: العدة/ 473 - 474. (¬4) في (ب): ظاهره. (*) انظر: العدة/ 474. (¬5) انظر: المحصول 1/ 2/ 249، ونهاية السول 1/ 319. (¬6) يعني: على هذا القول. (¬7) انظر: التمهيد / 74 أ. (¬8) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 77. (¬9) نهاية 315 من (ح).

وإن كانت الصفة غير مقصودة فلا مفهوم، كقوله: (لا جناح عليكم إِن طلقتم النساء) الآية (¬1)، أراد: نفي الحرج عمن طلق ولم يمس، وإيجاب المتعة تبعاً (¬2)، ذكره القاضي (¬3) وغيره من المتكلمين (¬4). ولم يقل بمفهوم الصفة أبو حنيفة (¬5) وأصحابه وجماعة من المالكية (¬6) وابن داود (¬7) وابن سريج (¬8) والقفال وابن الباقلاني (¬9) وأبو المعالي (¬10) ¬

_ (¬1) سورة البقرة: آية 236. (¬2) فصار كأنه مذكور ابتداء من غير تعليق على صفة. (¬3) انظر: المسودة/ 363 - 364. (¬4) نهاية 152 ب من (ب). (¬5) انظر: أصول السرخسي 1/ 256، وكشف الأسرار 2/ 256، وتيسير التحرير 1/ 98، 103، وفواتح الرحموت 1/ 414. (¬6) انظر: شرح تنقيح الفصول/ 270. (¬7) انظر: العدة/ 454. (¬8) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 72. (¬9) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 72، والمنتهى لابن الحاجب/ 109. (¬10) قال في البرهان/ 466 - 469: إِذا كانت الصفات مناسبة للأحكام المنوطة بالموصوف بها مناسبة العلل لمعلولاتها فذكرها يتضمن انتفاء الحكم عند انتفائها كقوله: (في سائمة الغنم زكاة)، وكل صفة لا يفهم منها مناسبة للحكم فالموصوف بها كالملقب بلقبه، والقول في تخصيصه بالذكر كالقول في تخصيص المسميات بألقابها، فقول القائل: "زيد يشبع إِذا أكل" كقوله: "الأبيض يشبع"؛ إِذ لا أثر للبياض، فيما ذكركما لا أثر للتسمية بـ "زيد" فيه.

والغزالي (¬1) والشاشي (¬2) (¬3) وأكثر المعتزلة (¬4) وأبو الحسن التميمي (¬5) من أصحابنا والآمدي (¬6)، وقال في الانتصار (¬7) في مسألة الولي: "هو (¬8) إِحدى الروايتين"، وذكره في التمهيد (¬9) عن أكثر المتكلمين. واختلف النقل عن الأشعري (¬10). وأثبته أبو عبد الله البصري (¬11) إِن كان للبيان كـ "السائمة"، أو للتعليم ¬

_ (¬1) انظر: المستصفى 2/ 192. (¬2) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 72. (¬3) هو: أبو بكر فخر الإِسلام محمَّد بن أحمد بن الحسين بن عمر، فقيه أصولي، من كبار أئمة الشافعية، توفي سنة 507 هـ. من مؤلفاته: حلية العلماء. انظر: العبر 4/ 13، ووفيات الأعيان 3/ 356، وتبيين كذب المفترى/ 306، وطبقات الشافعية للسبكي 6/ 80، وتذكرة الحفاظ/ 1241. (¬4) انظر: المعتمد/ 162، والإِحكام للآمدي 3/ 72. (¬5) انظر: العدة/ 455. (¬6) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 85. (¬7) انظر: المسودة/ 351. (¬8) نهاية 108 ب من (ظ). (¬9) انظر: التمهيد/ 72 ب. (¬10) انظر: العدة / 454، والبرهان/ 450، والمستصفى 2/ 191، والإِحكام للآمدي 3/ 72، والمسودة/ 351. (¬11) انظر: المعتمد/ 166 - 169، والإِحكام للآمدي 3/ 72.

كـ "تحالف المتبايعين إِذا اختلفا"، أو دخل ما عدا الصفة تحتها كـ "الحكم بالشاهدين" يدخل شاهد واحد، وإلا فلا. الوجه الأول: لو لم يدل لغة لما فهمه أهلها؛ قال - عليه السلام - (لَيّ الواجد يُحِل عرضه وعقوبته) -حديث حسن رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه (¬1) - أي: مطل الغني. وفي الصحيحين (¬2): (مطل الغني ظلم). وفيهما: الآن يمتلئ جوف [أحدكم] (¬3) قيحاً خير له من أن يمتلئ شعرا) (¬4). قال أبو عبيد (¬5) في الأول: يدل أن لَيَّ من ليس بواجد لا يحل عقوبته ¬

_ (¬1) من حديث الشريد بن سويد الثقفي مرفوعًا. فانظر: مسند أحمد 4/ 222، وسنن أبي داود 4/ 45 - 46، وسنن النسائي 7/ 316 - 317، وسنن ابن ماجه/ 811. وعلقه البخاري في صحيحه 3/ 118: ويذكر عن النبي: (لي الواجد يحل عقوبته وعرضه). (¬2) من حديث أبي هريرة مرفوعاً. فانظر: صحيح البخاري 3/ 94، 118، وصحيح مسلم/ 1197. (¬3) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬4) أخرجه البخاري في صحيحه 8/ 36 - 37 من حديث ابن عمر وأبي هريرة مرفوعًا، ومسلم في صحيحه/ 1769 - 1770 من حديث أبي هريرة وسعد وأبي سعيد مرفوعًا. (¬5) انظر: غريب الحديث لأبي عبيد 2/ 174 - 175، والعدة/ 463.

وعرضه، وفي الثاني (¬1): مثله (¬2). وقيل له في الثالث: المراد (2) الهجاء وهجاء النبي عليه (¬3) السلام، فقال: لو (¬4) كان كذلك لم (¬5) يكن (¬6) لِذِكْر الامتلاء معنى؛ لأن قليله كذلك (¬7). فألزم أبو عبيد من تقدير الصفة المفهوم، قَدّر الامتلاء صفة للهجاء، وهو -والشافعي- من أئمة اللغة. وذكره (¬8) (¬9) الآمدي (¬10) قول جماعة من أهل العربية. فالظاهر أنهم فهموا ذلك لغة، فتثبت (¬11) اللغة به، واحتمال البناء على ¬

_ (¬1) وهو قوله: (مطل الغني ظلم). (¬2) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 73، والمنتهى لابن الحاجب / 109. (¬3) في (ب): علي. (¬4) في (ب): له. (¬5) في (ب): لن. (¬6) نهاية 316 أمن (ح). (¬7) فقد فهم أبو عبيد من ذكر الامتلاء أن ما عداه بخلافه. (¬8) في (ب): وذكر. (¬9) يعني: القول بالمفهوم. (¬10) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 72. (¬11) في (ب): فثبتت. ولم تنقط الكلمة في (ظ).

الاجتهاد مرجوح، [وإنما ذكره في كتب اللغة لا الأحكام، وهي نقل] (¬1). وقد حكاه القاضي (¬2) عن أبي عمرو بن العلاء وثعلب، وأن أبا عبيد حكى عن العرب القول به. عورض بمذهب الأخفش؛ قال (¬3): قول القائل: "ما جاءني غير (¬4) زيد" لا يدل على مجيء زيد. رد: بمنع ثبوته، ثم: [هو (¬5)] (¬6) نحوي، ثم: من ذكرناهم أكثر، وبعضهم أفضل، ثم: المثبِت أولى. وأيضًا: لو لم يدل كان تخصيص محل النطق بالذكر بلا فائدة، وهو ممتنع من آحاد البلغاء، فالشارع أولى. واعترض: بأن هذا إِثبات للوضع بما (¬7) فيه من الفائدة، والفائدة مترتبة عليه (¬8). ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬2) في الجزء الذي ألفه في المفهوم. انظر: المسودة / 360. (¬3) انظر: العدة/ 464، والإحكام للآمدي 3/ 73 - 74، والمنتهى لابن الحاجب/ 109. (¬4) نهاية 153أمن (ب). (¬5) يعني: الأخفش. (¬6) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬7) يعني: بسبب ما فيه من الفائدة. (¬8) فلا يثبت الوضع بما فيه من الفائدة.

رد: يعرف بالاستقراء: إِذا لم يكن للفظ فائدة غير واحدة تعينت إِرادتها به. وبأن دلالة الإِيماء ثبتت بالاستبعاد -كما سبق (¬1) في الصريح (¬2) - فهذا أولى. واعترض: بمفهوم اللقب. رد: بأنه حجة، ثم (¬3) فائدته حصول الكلام به؛ لأنه (¬4) يختل بعدمه (¬5)، بخلاف الصفة، أو لم يحضره المسكوت، أو قياس في اللغة. واعترض: فائدته (¬6) تقوية دلالة ما جعل الوصف وصفاً له، حتى لا يُتوهم تخصيصه. رد: بأن (¬7) هذا إِذا كان الاسم المقيد بالصفة عامًا (¬8)، ولا قائل به. ¬

_ (¬1) في ص 1056. (¬2) كذا في النسخ. ولعله: (في غير الصريح) يعني: في المنطوق غير الصريح. (¬3) يعني: على تسليم أنه ليس حجة. (¬4) يعني: الكلام. (¬5) يعني: اللقب. (¬6) يعني: فائدة ذكر الوصف. (¬7) يعني: إِنما يكون هذا إِذا كان الاسم ... إِلخ. (¬8) مثل: الغنم.

ثم (¬1): الفرض: لا شيء يقتضي (¬2) تخصيصه سوى المخالفة، كذا أجاب بعضهم (¬3). والآمدي (¬4) إِنما اعترض بأن فائدته معرفة حكم المنطوق والمسكوت بنصين مختلفين؛ لأنه أدل (¬5)، للخلاف (¬6) في العموم وإمكان تخصيص محل الصفة وغيره باجتهاد، وليس مراد التخصيص. وجوابه: أن العموم لغة العرب، والخلاف فيه حادث، فمثل هذا لا يقصد. ثم: العرب لا تقصد قطع التوهُّم، ولهذا تتكلم بالحقيقة مع توهم (¬7) غيرها. واعترض: فائدته ثواب الاجتهاد بالقياس، فإِن تخصيصه يشعر بأنه علة. ¬

_ (¬1) يعني: لو سلم العموم في بعض الصور فهو خارج عن محل النزاع؛ لأن الفرض ... إِلخ. (¬2) نهاية 316 ب من (ح). (¬3) انظر: المنتهى لابن الحاجب/ 109، ومختصر 25/ 175. (¬4) انظر: الإحكام للآمدي 3/ 78. (¬5) على المقصود من التعميم. (¬6) في (ب): للخلال. (¬7) نهاية 109 أمن (ظ).

رد: إِن ساوى الفرع الأصل خرج (¬1)، وإلا فهو مما لا فائدة له سوى المخالفة. وفيه نظر (¬2)؛ لأنه لا يخرج إِلا مع ثبوته لغة، والقياس يثبته عقلاً. وأجاب في التمهيد (¬3): الكلام في اللغة، وقال أيضًا: الظاهر ما ذكرنا. وأجاب في الروضة (¬4): النبي - عليه السلام - بعث لتبيين الأحكام، والاجتهاد ثبت ضرورة. وأيضًا: الترتيب يدل على العلِّيَّة، وانتفاؤها يدل على انتفاء معلولها. واستدل: لو لم يدل (¬5) لزم مشاركة المسكوت للمنطوق؛ لعدم واسطة بينهما، ولا مشاركة اتفاقا. رد: بالمنع (¬6)، فلا يدل على حصر (¬7) ولا اشتراك، وبأنه يجري في اللقب. وأما لفظ "السائمة" فلا يتناول المعلوفة اتفاقا (¬8). ¬

_ (¬1) عن محل النزاع؛ لأننا شرطنا عدم المساواة وعدم رجحان المسكوت عنه. (¬2) نهاية 153 ب من (ب). (¬3) انظر: التمهيد/ 73 ب، 74 أ- ب. (¬4) انظر: روضة الناظر/ 269. (¬5) في (ح): لو لم يكن. (¬6) ضرب على (بالمنع) في (ظ). (¬7) يعني: على مفهوم المخالفة. (¬8) وليس محل النزاع.

واستدل: لو لم يدل لم تنفر الشافعية من قول: "الفقهاء الحنفية فضلاء". رد: النفرة لتركهم على الاحتمال، كتقديم (¬1) الحنفية عليهم، أو لتوهم ذلك من يرى المفهوم. واستدل: بما في الصحيحين: أنه - عليه السلام - لما قام يصلي على (¬2) عبد الله بن أبي (¬3) فقال (¬4) له عمر، فقال: (خَيَّرني الله، وسأزيد على السبعين)، وفي البخاري: (خُيِّرت، فاخترت، لو أعلم أني إِن زدت على السبعين يغفر له لزدت عليها) (¬5)، ففهم أن ما زاد بخلافه. رد: بالمنع؛ لأن الآية (¬6) مبالغة في أن السبعين وما فوقها سواء. وقال: (لأزيدن) استمالة للاحياء (¬7)، أو فَهْم لبقاء وقوع المغفرة بالزيادة على أصله في الجواز قبل الآية. ¬

_ (¬1) يعني: كما تنفر من التقديم. (¬2) نهاية 317 من (ح). (¬3) هو: المنافق عبد الله بن أبي بن سلول، توفي سنة 9 هـ. انظر: البداية والنهاية 5/ 34. (¬4) كذا في النسخ. ولعل الصواب: قال (¬5) انظر: ص 575 من هذا الكتاب. (¬6) سورة التوبة: آية 80. (¬7) وترغيبا لهم في الدين.

ويجاب: بأنه خلاف الظاهر. قال ابن عقيل (¬1): "لم يقصد فيها (¬2)، بل بعد هذا في سورة المنافقين (¬3) ". وفيه نظر. واستدل: بقول يعلى (¬4) بن أمية لعمر: (فليس عليكم جناح أن تقصروا) (¬5)، فقد أَمِن الناس، فقال: عجبتُ مما عجبتَ منه، فسألت (¬6) النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال (¬7): (صدقة تصدق الله بها عليكم، فاقبلوا صدقته)، رواه مسلم (¬8)، فَفَهِما عدم القصر لعدم الخوف، وأقر عليه السلام. ¬

_ (¬1) انظر: الواضح 2/ 58 أ. (¬2) يعني: لم يقصد فيها الإِياس. (¬3) سورة المنافقون: آية 6. (¬4) هو: الصحابي أبو صفوان التميمي الحنظلي. (¬5) سورة النساء: آية 101. (¬6) في (ب): فسأل. (¬7) في (ب): ... وسلم صدقة فقال تصدق. (¬8) انظر: صحيح مسلم/ 478. وأخرجه أبو داود في سننه/ 712، والترمذي في سننه 4/ 309 وقال: حسن صحيح، والنسائي في سننه 3/ 116 - 117، وابن ماجه في سننه / 339، والدارمي في سننه 1/ 292 - 293، وأحمد في مسنده 1/ 25، والطحاوي في شرح معاني الآثار 1/ 415. وراجع: نصب الراية 2/ 190.

رد: لا يتعين من المفهوم، لجواز استصحابهما (¬1) وجوب الإِتمام، فعَجِبا لمخالفة الأصل. أجيب: لم يدل القرآن على أنه الأصل. وعند المخالف: الأصل القصر، وقد قال عمر: "صلاة السفر ركعتان تمام غير قصر على لسان محمَّد - صلى الله عليه وسلم -" -حديث حسن رواه أحمد والنسائي وابن ماجه (¬2) - وفي الصحيحين (¬3) عن عائشة: "فرضت ركعتين، فأُقرّت صلاة السفر، وأُتمّت صلاة الحضر"، وفي مسلم (¬4) عن ابن عباس: "فرضت في الحضر أربعًا وفي السفر ركعتين". ثم: هو خلاف الظاهر. واستدل: دلالته على المسكوت فيه فائدة، فهو أولى تكثيرًا للفائدة، ¬

_ (¬1) نهاية 154أمن (ب). (¬2) انظر: مسند أحمد 1/ 37، وسنن النسائي 3/ 111، 1118، 183، وسنن ابن ماجه/ 338. وأخرجه ابن حبان في صحيحه (انظر. موارد الظمآن/ 144)، والطحاوي في شرح معاني الآثار 1/ 421، والطيالسي في مسنده (انظر: منحة المعبود 1/ 124). (¬3) انظر: صحيح البخاري 2/ 44، وصحيح مسلم/ 478. (¬4) انظر: صحيح مسلم/ 279. وأخرجه النسائي في سننه 3/ 118 - 119، وابن ماجه في سننه/ 339، وأحمد في مسنده 1/ 355، والطحاوي في شرح معاني الآثار 1/ 421.

وهي (¬1) تدل على الوضع على ما سبق (¬2) في المجمل في: "اللفظ لمعنى تارة ولمعنيين أخرى". ورد: بأنه دور؛ لتوقف دلالته على (¬3) المسكوت (¬4) على الوضع، وهو (¬5) على تكثير الفائدة، وهي على دلالته على المسكوت. أجيب: يلزم في كل موضع، فيقال: دلالة اللفظ تتوقف على الوضع، وهو على الفائدة لوضع اللفظ لها، وهي على الدلالة لعدم الفائدة بعدم اللفظ. وبأن دلالة اللفظ على المسكوت تتوقف على تعقل تكثير الفائدة، لا على حصولها، وتعقلها لا يتوقف (¬6) بل حصولها. واستدل: لو لم يكن مخالفاً لم تكن السبع -فيما رواه مسلم (¬7): ¬

_ (¬1) يعني: تكثير الفائدة. (¬2) في ص 1012 - 1013. (¬3) نهاية 318 من (ح). (¬4) نهاية 109 ب من (ظ). (¬5) يعني: الوضع. (¬6) على الدلالة. (¬7) من حديث أبي هريرة مرفوعًا. فانظر: صحيح مسلم/ 234. وأخرجه البخاري في صحيحه 1/ 41 بلفظ: (إِذا شرب الكلب في إِناء أحدكم فليغسله سبعًا). وأخرجه أبو داود في سننه 1/ 57، والترمذي في سننه 1/ 61 وقال: حسن صحيح، والنسائي في سننه 1/ 52 - 54، وابن ماجه في سننه/ 130.

(طهور إِناء أحدكم إِذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبعًا) - مطهرة، لتطهيره بما دونها. رد: لا يلزم، لجواز عدم الطهارة فيما دونها بدليل. وجوابه: خلاف الظاهر، والأصل عدمه. ومثله: "خمس رضعات يحرمن". رواه مسلم (¬1). واحتج ابن عقيل (¬2) وغيره: بأنه إِجماع الصحابة؛ فإِن بعضهم لم يَرَ الغسل بدون إِنزال (¬3)؛ لقوله: (الماء من الماء) (¬4)، وخالفهم غيرهم بأنه منسوخ. ¬

_ (¬1) أخرج مسلم في صحيحه/ 1075 عن عائشة قالت: كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات ... وأخرجه أبو داود في سننه 2/ 551 - 552، والترمذي في سننه 2/ 409، والنسائي في سننه 6/ 100، وابن ماجه في سننه 625. (¬2) انظر: الواضح 2/ 54أ - ب. (¬3) أخرجه البخاري في صحيحه/ 62، ومسلم في صحيحه/ 271 - 272، وابن أبي شيبة في مصنفه 1/ 89، وعبد الرزاق في مصنفه 1/ 248، والبيهقي في سننه 1/ 66. (¬4) أخرجه مسلم في صحيحه/ 269، وأبو داود في سننه 1/ 148، وأحمد في مسنده 3/ 29، والبيهقي في سننه 1/ 167 من حديث أبي سعيد مرفوعاً. وأخرجه النسائي في سننه 1/ 115، وابن ماجه في سننه/ 199، وأحمد في مسنده 5/ 416، والدارمي في سننه 1/ 159 من حديث أبي أيوب مرفوعًا.

وجه الثاني: لو ثبت لثبت بدليل، وهو: عقلي أو نقلي إِلى (¬1) آخره. رد: تثبت (*) اللغة بالآحاد -وذكره بعض أصحابنا (¬2) عن الجمهور، وذكره ابن عقيل (¬3) عن جماعة (¬4) العلماء- لأن التواتر في البعض تحكّم لا قائل به، وفي الجميع متعذر، فيتعطل أكثر الكتاب والسنة واللغة، وهو فوق (¬5) محذور قبول خبر (¬6) الواحد، وذكر الآمدي (¬7): لم تزل العلماء عليه. وذكره أبو الفرج المقدسي من أصحابنا إِجماع (¬8) أهل اللغة، وأن عندنا تثبت بالعقل، وذكره الآمدي (¬9) منعاً. وذكر (¬10) القاضي (¬11) في مسألة العموم عن السِّمْناني (¬12): لا تثبت بالآحاد. ¬

_ (¬1) نهاية 154 ب من (ب). (*) في (ب): ثبتت. (¬2) انظر: المسودة/ 564. (¬3) انظر: الواضح 2/ 62 ب. (¬4) في (ظ): جماعة من العلماء. (¬5) في (ب) و (ظ): فرق. (¬6) في (ظ): الخبر. (¬7) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 81. (¬8) في (ب): إِجماعًا. (¬9) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 80 - 81. (¬10) في (ظ): وذكره. (¬11) انظر: المسودة/ 564. (¬12) هو: أبو جعفر محمَّد بن أحمد بن محمَّد، فقيه حنفي أشعري، أصله من سمنان العراق، ولد سنة 361 هـ، ونشأ ببغداد، وولي القضاء بالموصل إِلى أن توفي بها سنة 444 هـ. انظر: تبيين كذب المفترى/ 259، والجواهر المضية 2/ 21، ونكت الهميان/ 237.

وفي التمهيد (¬1): (¬2) ثبت ذلك باستقراء كلامهم ومعرفة مرادهم، وفهمته الصحابة وهم أهل اللسان. قالوا: لو ثبت لثبت في الخبر؛ لتقييد كل منهما بصفة نحو: "في الغنم (¬3) السائمة" أو "زيد الطويل في [الدار] (¬4) ". (¬5) رد: بالتزامه (¬6)، وقاله في العدة (¬7) والتمهيد (¬8)، وذكر ابن عقيل (¬9) أن المذهب القول به في الخبر وفي الأسماء والحكم (¬10) كالاستثناء والتخصيص، ثم فرق -هو (¬11) وغيره- بين الأمر والخبر بأنه (¬12) قد لا يعلم غيره، ويقصد بالأمر البيان والتمييز. ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد / 74أ. (¬2) هذا رد على دليلهم. (¬3) في المنتهى لابن الحاجب/ 111: رأيت الغنم السائمة. وفي مختصره 2/ 179: في الشام الغنم السائمة. (¬4) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬5) نهاية 319 من (ح). (¬6) في (ب): لتزامه. (¬7) انظر: العدة/ 476 - 477. (¬8) انظر: التمهيد/ 74 ب. (¬9) انظر: الواضح 2/ 63 ب. (¬10) كتضحية بحيوان بعينه يدل على نفي التضحية عن غيره. (¬11) انظر: الواضح 2/ 63 ب-164 أ. (¬12) يعني: المخبر.

وبأن هذا قياس لغة، وقال بعضهم (¬1): ليس به. وفرق بعض (¬2) أصحابنا (¬3) بين أسماء الأعلام والأجناس. وفرق في التمهيد (¬4): بأنه لا يخبر عنه لئلا ينضر. وفرق بعضهم (¬5): بأن الخبر لا يلزم (¬6) عدم حصوله للمسكوت؛ لأن له خارجياً، بخلاف الحكم، فإِنه إِذا لم يدل على المخالفة لم يحصل للمسكوت؛ لأنه [لا] (¬7) خارجي له. قالوا: لو (¬8) دل امتنع: "أَدِّ (¬9) زكاة السائمة والمعلوفة"؛ لعدم الفائدة، وللتناقض، كما يمتنع: "لا تقل لهما أف واضربهما". رد: الفائدة عدم تخصيص المعلوفة باجتهاد، والتناقض في القاطع (¬10). ¬

_ (¬1) انظر: المنتهى لابن الحاجب/ 111، ومختصره 2/ 179. (¬2) في (ب): بعضهم أصحابنا. (¬3) انظر: المسودة/ 361. (¬4) انظر: التمهيد/ 74 ب. (¬5) انظر: المنتهى لابن الحاجب/ 111. (¬6) من دلالته على أن المسكوت غير مخبر به. (¬7) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). وقد مسح من (ظ). (¬8) في (ب): له. (¬9) في (ب) و (ظ): إِذ. (¬10) فلا تناقض في الظواهر، ودلالة المفهوم ظاهر.

قالوا: لو دل لما ثبت خلافه للتعارض، والأصل عدمه، وقد ثبت في نحو: (لا تأكلوا الربا (¬1) أضعافاً مضاعفة) (¬2)، واعتمد عليه الآمدي (¬3)، وعلى بيان دليل (¬4)، والأصل (¬5) عدمه. رد: هو دليل ظاهر عارضه قاطع، والأصل (¬6) يخالف لدليل. قال: لو كان دليلاً لم يبطل ببطلان المنطوق. رد: ذكر القاضي (¬7) وجهين، قال: وبطلانه أشبه -جزم به في الروضة (¬8) في نسخ المنطوق- لأنه فرعه، وعَدَمه كالخطابين، واختاره ابن فُورك. قالوا: لو دل لم يحسن الاستفهام. رد: ذكر أصحابنا منعاً كالصريح (¬9) وتسليمًا لرفع الاحتمال، وجزم به ¬

_ (¬1) نهاية 155 أمن (ب). (¬2) سورة آل عمران: آية 130. (¬3) انظر: الإحكام للآمدي 3/ 85. (¬4) يعني: دليل للمفهوم. (¬5) نهاية 110 أمن (ظ). (¬6) وهو عدم التعارض. (¬7) انظر: العدة/ 472 - 473. (¬8) انظر: روضة الناظر/ 88. (¬9) في (ب): لصريح.

في الواضح (¬1)؛ لأن معنى الخطاب (¬2) مقدم عليه عند جمهور العلماء، ويحسن الاستفهام فيه نحو: "لا تشرب الخمر؛ لأنه يوقع العداوة"، فيقول: "فهل أشرب النبيذ؟ "، ولا ينكر أحد استفهامه هذا. وفي التمهيد (¬3): يحتمل أن [لا] (¬4) يحسن (¬5)، ولهذا يحسن الإِنكار عليه. ويتوجه تخريج حُسْن إِنكاره على الخلاف. قال: ليس في اللغة كلمة تفيد أمرين متضادين (¬6). رد: بالمنع؛ بدليل: الغاية، والأمر بشيء نهي عن ضده، والمشترك. ثم: لم تفده من طريق واحد. * * * التقسيم - نحو: (الثيب أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأذن (¬7)) -: ¬

_ (¬1) انظر: الواضح 2/ 63أ. (¬2) وهو القياس. (¬3) انظر: التمهيد/ 75 أ-ب. (¬4) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬5) يعني: الاستفهام. (¬6) نهاية 320 من (ح). (¬7) هذا الحديث رواه ابن عباس مرفوعاً. أخرجه مسلم في صحيحه/ 1037، وأبو داود في سننه 2/ 577، والترمذي في سننه 2/ 387 وقال: حسن صحيح، والنسائي في=

كالذي قبله -ذكره في الروضة (¬1) - لأن الحكم لو عَمّ انتفت الفائدة (¬2). * * * الصفة (¬3) العارضة المجردة (¬4) -كقوله: "السائمة فيها الزكاة"- كالصفة المقترنة بالعام عند أصحابنا وغيرهم، وذكره الآمدي (¬5) وغيره، مع أن الأول أقوى دلالة عندهم، مع أن ظاهر كلام جماعة من أصحابنا وغيرهم: التسوية. وقال [به] (¬6) أبو المعالي (¬7) مع مناسبة الصفة للحكم، وإلا فليس بحجة. وذكره بعض أصحابنا (¬8) ظاهر اختيار القاضي في موضع. * * * ¬

_ =سننه 6/ 84، 85، وابن ماجه في سننه/ 601، والدارمي في سننه 2/ 63، ومالك في الموطأ/ 524، والشافعي (انظر: بدائع المنن 2/ 321 - 322)، والدارقطني في سننه 3/ 239 - 320. (¬1) انظر: روضة الناظر/ 274. (¬2) يعني: فائدة التقسيم. (¬3) انظر: المسودة/ 353، وشرح الكوكب المنير 3/ 504، والإحكام للآمدي 3/ 87. (¬4) عن الموصوف. (¬5) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 87. (¬6) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ظ). (¬7) انظر: البرهان/ 466 وما بعدها. (¬8) انظر: المسودة/ 360.

مفهوم (¬1) الشرط: نحو: (وإن كن أولات حمل) (¬2). وهو أقوى من الصفة، فلهذا قال به ابن سريج وغيره من الشافعية (¬3) والكرخي وغيره من الحنفية (¬4) وأبو الحسين (¬5) البصري. ولم يقل [به] (¬6) الجرجاني (¬7) وغيره من الحنفية (¬8) -وهو أشهر لهم- وابن الباقلاني (¬9) والآمدي (¬10)، وحكاه صاحب المحصول (¬11) عن أكثر المعتزلة. القائل به: ما سبق (¬12). ¬

_ (¬1) نهاية 155 ب من (ب). (¬2) سورة الطلاق: آية 6. (¬3) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 88. (¬4) انظر: كشف الأسرار 2/ 271، وفواتح الرحموت 1/ 421 - 422. (¬5) انظر: المعتمد/ 152. (¬6) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬7) انظر: العدة/ 454. (¬8) انظر: أصول السرخسي 1/ 260، وكشف الأسرار 2/ 271، وتيسير التحرير 1/ 100، وفواتح الرحموت 1/ 421. (¬9) انظر: المحصول 1/ 2/ 205، والمنتهى لابن الحاجب/ 111، وشرح تنقيح الفصول/ 270. (¬10) انظر: الإِحكام للآمدى 3/ 88. (¬11) انظر: المحصول 1/ 2/ 205. (¬12) في (ح): ما سبق في مفهوم الشرط.

ولأنه يلزم من عدم الشرط عدم المشروط. فإِن قيل: يحتمل أنه سبب لمسبَّب، فلا تلازم. رد: خلاف الظاهر. ثم: إِن قيل باتحاد السبب فأولى بالنفي؛ لأنه موجب للمسبَّب، وإن (¬1) قيل بتعدده فالأصل عدمه (¬2). وقوله (¬3): (إِن أردن تحصّناً (¬4)) أي: تعفُّفًا، شرط إِرادته في الإِكراه لا في تحريمه؛ لاستحالة الإِكراه إِلا عند إِرادته، وإلا (¬5) فهي تبغي طبعًا (¬6). وقيل: النهي لسبب؛ قال جابر: "كان عبد الله بن أبيّ يقول لجارية (¬7) له: اذهبي فابغنا (¬8) شيئًا، فنزلت الآية" (¬9). ¬

_ (¬1) في (ظ): فإِن. (¬2) يعني: عدم غير ذلك السبب. (¬3) هذا جواب اعتراض مقدر، وهو: أن قوله: (ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إِن أردن تحصنا) لو ثبت مفهوم الشرط فيه لثبت جواز الإِكراه عند عدم إِرادة التحصن، والإِكراه عليه غير جائز بحال من الأحوال إِجماعًا. (¬4) سورة النور: آية 33. (¬5) يعني: إِن لم يردن التحصن. (¬6) فلا إِكراه. (¬7) نهاية 321 من (ح). (¬8) كذا في النسخ. وفي صحيح مسلم: فابغينا. (¬9) أخرجه مسلم في صحيحه/ 2320، والطبري في تفسيره 18/ 103، والواحدي في أسباب النزول / 187. وراجع: تفسير ابن كثير 3/ 288، وفتح القدير 4/ 31.

وقيل: عارض ظاهر الآية إِجماع قطعي. وبنى صاحب المحصول (¬1) الخلاف على أصل، وهو أن عندنا وعند الشافعية: الشرط (¬2) مانع من الحكم، وعند الحنفية (¬3): من انعقاد السبب، فالتعليق سبب، وعندهم: عند وجود (¬4) الشرط، فعدمُ الحكم مضاف إِلى انتفاء شرطه مع وجود سببه، وعندهم: إِلى عدم سببه، وقالوا: شرط الخيار في البيع خلاف القياس؛ لعدم إِمكان تعليق البيع؛ لأنه [إيجاب] (¬5)، والغرض التدارك، فجعل داخلاً على الحكم لمنع اللزوم، وقالوا: لو علق طلاقها بقيامها ثم قال: "إِن طلقتها فعبدي حر" -ثم قامت- فالقياس: "يعتق (¬6) "؛ لأنه طلقها، لكن تركناه؛ لأن الأيمان تحمل على العرف والعادة إِنما يعقد يمينه (¬7) على ما يمكنه الامتناع منه (¬8)، وبنوا على هذا صحة ¬

_ (¬1) انظر: المحصول 1/ 2/ 205، ولم أجد فيه ما ذكر هنا. والمذكور -بتفاصيله- قد أورده فخر الإِسلام البزدوي في أصوله (انظر: كشف الأسرار 2/ 271 وما بعدها)، فيظهر أن المؤلف وجد هذا الكلام منسوبًا للفخر، فظنه الفخر الرازي. والله أعلم. (¬2) يعني: عدم الشرط. (¬3) انظر: أصول السرخسي 1/ 260 وما بعدها، وكشف الأسرار 2/ 271 وما بعدها، وتيسير التحرير 1/ 119 وما بعدها، وفواتح الرحموت 1/ 423 وما بعدها. (¬4) نهاية 110 ب من (ظ). (¬5) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬6) في (ب): تعتق. (¬7) كقوله: إِن طلقتها ... إِلخ. (¬8) والطلاق هنا لا يمكنه الامتناع منه؛ لأنه معلق بالقيام.

تعليق (¬1) الطلاق بالملك (¬2) وامتناع تعجيل كفارة اليمين (¬3) وأن طول الحرة لا يمنع من نكاح الأمة. وبنى صاحب المحصول (¬4) الخلاف في الصفة على هذا؛ لمنعها من عمل اللفظ المطلق، فهي كالشرط، وعند الحنفية (¬5): غايتها علة، ولا أثر لها في النفي. * * * مفهوم الغاية -نحو: (حتى تنكح) (¬6) - أقوى من الشرط، فلهذا قال به من لا يقول به كقوم من الحنفية (¬7) وعبد الجبار (¬8) المعتزلي. ¬

_ (¬1) نهاية 156أمن (ب). (¬2) نحو: إِن تزوجتك فأنت طالق. (¬3) بعد اليمين وقبل الحنث. (¬4) اختار الفخر الرازي في مسألة الصفة مذهب الحنفية، فانظر: المحصول 1/ 2/ 229. وما ذكره المؤلف -هنا- قد ذكره فخر الإِسلام البزدوي في أصوله (انظر: كشف الأسرار 2/ 256 وما بعدها)، فيظهر لي أن المؤلف وجد هذا الكلام منسوبًا للفخر، فظنه الفخر الرازي. والله أعلم. (¬5) انظر: أصول السرخسي 1/ 258. (¬6) سورة البقرة: آية 230. (¬7) انظر: تيسير التحرير 1/ 105، وفواتح الرحموت 1/ 432. (¬8) انظر: المعتمد/ 157.

وأكثر الحنفية (¬1) (¬2) وجماعة من الفقهاء والمتكلمين والتميمي (¬3) من أصحابنا -ذكره عنه (¬4) ابن شهاب من أصحابنا- والآمدي (¬5) وغيرهم: على المنع. قال الحنفية (¬6): هو من قبيل الإِشارة، وهي: ما (¬7) استفيد من اللفظ غير مقصود به -كما سبق (¬8) - لا المفهوم. القائل به: ما سبق في الصفة. واستدل: بأن معنى "صوموا إِلى أن تغيب الشمس": "صوموا صوماً آخره غيبوبة الشمس"، فلو وجب صوم بعدها كانت وسطاً لا آخراً. ورده الآمدي (¬9): بأن هذا معناه، وإنما الخلاف: هل نفي الحكم بعد الغاية لازم من التقييد بها؛ وهي غاية للصوم المأمور به أولاً (¬10)، وإنما تصير ¬

_ (¬1) انظر: تيسير التحرير 1/ 100، وفواتح الرحموت 1/ 432. (¬2) في (ب): وأكثر الحنفية وجماعة من الحنفية وجماعة من الفقهاء والمتكلمين ... (¬3) لعله: أبو الحسن التميمي. (¬4) في (ب): عن. (¬5) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 92. (¬6) انظر: فواتح الرحموت 1/ 432. (¬7) نهاية 322 من (ح). (¬8) في ص 1057. (¬9) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 93. (¬10) فلا يلزم من وجود صوم بعد الغاية أن تصير الغاية وسطاً.

وسطاً لو استند الصوم بعدها إِلى الخطاب قبلها، وليس كذلك. وجوابه: أن هذا ظاهر التقييد ما لم يعارضه دليل، ولهذا يتبادر إِلى الفهم ولا يحسن الاستفهام فيما بعدها. وسلم الآمدي (¬1) أنه لا يحسن، لكن لعدم دلالة اللفظ عليه (¬2). وفيه نظر؛ لاحتماله [له] (¬3) عنده. وقال ابن عقيل (¬4): لا يحسن التصريح بأن ما بعدها كما قبلها. وهو خلاف ما في التمهيد (¬5) فيه وفي الشرط، ونقض بهما (¬6) في الصفة. وقال الآمدي (¬7): لا مانع منه (¬8) إِجماعًا. * * * ¬

_ (¬1) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 93. (¬2) حيث إِن ما بعد الغاية غير متعرض له بنفي ولا إِثبات. (¬3) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬4) انظر: الواضح 2/ 56أ. (¬5) انظر: التمهيد/ 74 ب. (¬6) يعني: التصريح بأن ما بعد الغاية كما قبلها وأن الحكم بدون الشرط كما هو مع الشرط. (¬7) انظر: الإحكام للآمدي 3/ 92. (¬8) يعني: من ورود الخطاب فيما بعد الغاية بمثل الحكم السابق قبل الغاية.

مفهوم العدد الخاص (¬1) -كـ (ثمانين جلدة) (¬2) - قال به أحمد وأكثر أصحابه ومالك (¬3) وداود (¬4) وبعض الشافعية (¬5)، وذكره أبو المعالي (¬6) عن الشافعي، واختياره: أنه من قسم الصفات -وكذا قال أبو الطيب (¬7) وغيره- لأن قَدْر الشيء صفته. ونفاه الحنفية (¬8) والمعتزلة (¬9) والأشعرية (¬10) وأكثر الشافعية، واختاره القاضي (¬11) في جزء صنقه في المفهوم، وذكره أبو الخطاب (¬12) عن أبي إِسحاق (¬13) من أصحابنا في (¬14) مسألة: "الزيادة على النص هل هي نسخ؟ ". ¬

_ (¬1) نهاية 156 ب من (ب). (¬2) سورة النور: آية 4. (¬3) انظر: شرح تنقيح الفصول/ 270. (¬4) نقله في العدة/ 453، والمسودة/ 358. وذكر ابن حزم في الأحكام/ 1153: أن جمهور أصحابهم قال: دليل الخطاب ليس بحجة. (¬5) انظر: المنخول/ 209، ونهاية السول 1/ 324. (¬6) انظر: البرهان/ 453، 454. (¬7) انظر: المسودة/ 352. (¬8) انظر: تيسير التحرير 1/ 100، وفواتح الرحموت 1/ 432. (¬9) انظر: المعتمد/ 157. (¬10) انظر: المحصول 1/ 2/ 216، والإِحكام للآمدي 3/ 94. (¬11) انظر: المسودة/ 359. وقد تردد فيها ذكر هذا الجزء للقاضي. (¬12) انظر: التمهيد / 102 ب. (¬13) الذي وجدته في التمهيد -في هذا الموضع-: عن أبي الحسن التميمي. (¬14) نهاية 323 من (ح).

القائل به: ما سبق (¬1) في الصفة من قوله: (لأزيدن على السبعين) (¬2). ولئلا يعرى عن فائدة. * * * مفهوم اللقب (¬3): حجة عند أكثر أصحابنا، وذكروه (¬4) عن أحمد، وقاله مالك (¬5) وداود (¬6)، واختاره أبو بكر الدقاق وغيره من الشافعية، ذكره أبو المعالي (¬7). ونفاه أكثر العلماء، واختاره القاضي (¬8) في الجزء الذي صنفه (¬9)، وابن عقيل (¬10) في تقسيم الأدلة، وصاحب الروضة (¬11)، وقال: ولو كان مشتقًا كالطعام. ¬

_ (¬1) في ص 1079 - 1080. (¬2) نهاية 111 أمن (ظ). (¬3) أي: الاسم. قال في تيسير التحرير 1/ 131: المراد باللقب -هنا- ما ليس بصفة. (¬4) في (ظ): وذكره. (¬5) انظر: شرح تنقيح الفصول/ 270. (¬6) نقله في العدة/ 453. وقد ذكر ابن حزم في الإِحكام/ 1153: أن جمهور أصحابهم قال: دليل الخطاب ليس بحجة. (¬7) انظر: البرهان/ 453 - 454، واللمع/ 28، والإحكام للآمدي 3/ 95. (¬8) انظر: المسودة/ 359. (¬9) في المفهوم. (¬10) انظر: الواضح 1/ 131 أ-ب. (¬11) انظر: روضة الناظر/ 275.

وقيده بعض أصحابنا (¬1) بغير المشتق. قال بعض أصحابنا (1): فيصير في المشتق اللازم كالطعام -هل هو من الصفة أو اللقب؟ - وجهان. وقال صاحب المحرر (¬2) وغيره من أصحابنا -وقال: أشار إِليه أبو الطيب في موضع-: إِنه حجة بعد سابقة ما يعمه -كقوله: (وترابها طهوراً) بعد قوله: (جعلت لي الأرض مسجدًا (¬3))، وكما لو قيل: يا رسول الله، [هل] (¬4) في بهيمة الأنعام زكاة؟ فقال: "في الإِبل زكاة"، أو: هل نبيع الطعام بالطعام (¬5)؟ فقال: "لا تبيعوا البر بالبر"- تقوية للخاص بالعام كالصفة بالموصوف. قال: وأكثر ما جاء عن أحمد في مفهوم اللقب لا يخرج عن هذا. وجعله (¬6) بعض أصحابنا (¬7) حجة في اسم جنس لا اسم عين؛ لأن ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 352. (¬2) انظر: المرجع السابق / 352 - 353. (¬3) هذا الحديث رواه حذيفة بن اليمان مرفوعًا. أخرجه مسلم في صحيحه/ 371، والدارقطني في سننه 1/ 175 - 176، وابن خزيمة في صحيحه 1/ 133، وأبو عوانة في مسنده 1/ 303، والبيهقي في سننه 1/ 213. وراجع: التلخيص الحبير 1/ 148 - 149، ونصب الراية 1/ 158 - 159. (¬4) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬5) يعني: متفاضلاً. (¬6) نهاية 157 أمن (ب). (¬7) انظر: المسودة/ 359.

خطاب الشارع إِنما يجيء عاما لا مشخصًا. وجه الأول: لو تعلق الحكم بالعام لم يتعلق بالخاص؛ (¬1) لأنه (¬2) أخصر وأعم. ولأنه يميز مسماه كالصفة. فإِن قيل: الصفة يجوز جعلها علة. قيل: وكذا الاسم، فالتراب علة. واحتج ابن عقيل (¬3): لو قال لمن يخاصمه: "ما أمي بزانية" فهم نسبة الزنا إِلى أمه، وحُدّ عند مالك (¬4) وأحمد. رد هذا: للقرينة. القائل "ليس بحجة" (¬5): ما سبق (¬6) من الفرق بينه وبين الصفة. واستدل: يلزم كفر من قال: "محمَّد رسول الله" و"زيد موجود" ظاهرًا. ¬

_ (¬1) هذا تعليل لعدم تعليقه بالخاص. (¬2) يعني: التعليق بالعام. (¬3) انظر: الواضح 2/ 64 ب. (¬4) انظر: المنتهى لابن الحاجب/ 112. (¬5) نهاية 324 من (ح). (¬6) في ص 1076.

رد: لا يكفر؛ لأنه لم يتنبه للدلالة أو لم يُرِدْها. واستدل: يلزم إِبطال القياس، لظهور الأصل في مخالفة الفرع له ظاهرًا. رد: سبق (¬1) في تخصيص العام بالمفهوم: يقدم القياس، أو يتعارضان. وسبق (¬2) في الصفة: أن مع المساواة لا مفهوم. وأجاب في العدة (¬3): يبطل بالصفة تمنع (¬4) القياس (¬5)، كذا هنا (¬6). وأجاب أيضًا (¬7) -وفي التمهيد (¬8) -: بأنه يدل لغة وبمنعه شرعًا وبأنه حجة ما لم يُسقط القياس. واستدل: لو دل لم يحسن الخبر عن أكل زيد إِلا بعد علمه بنفيه عن غيره. رد: للقرينة. واستدل: لا يدل على نفيه عن عمرو. ¬

_ (¬1) في ص 962 وما بعدها. (¬2) في ص 1078. (¬3) انظر: العدة/ 477. (¬4) في (ب): بمنع. (¬5) فيما عداها. (¬6) يمنع الاسم القياس فيما عداه، ولا فرق بينهما. (¬7) انظر: العدة/ 477. (¬8) انظر: التمهيد/ 72 ب.

أجاب في التمهيد (¬1) بمنعه إِن أخبر عنهما نحو: دعوتهما فأكل زيد. ثم: هذا في الخبر بخلاف التكليف. * * * إِذا خص نوع بالذكر بحكم مدح أو ذم -أو غيره مما لا يصلح للمسكوت- فله مفهوم، كقوله: (كلا إِنهم عن ربهم يومئذٍ لمحجوبون) (¬2)، فالحجاب عذاب، فلا يحجب من لا يعذب، ولو حجب الجميع لم يكن عذابًا. قال مالك (¬3): لما حجب أعداءه تجلى لأوليائه حتى رأوه (¬4). وقال الشافعي (¬5): لما حجب قومًا بالسخط دل على أن قوماً يرونه بالرضا. وكذا احتج بها أحمد (¬6) وغيره في الرؤية. ¬

_ (¬1) انظر: المرجع السابق. (¬2) سورة المطففين: آية 15. (¬3) انظر: زاد المسير 9/ 56، وتفسير القرطبي 19/ 261. (¬4) نهاية 157 ب من (ب). (¬5) انظر: أحكام القرآن للشافعي 1/ 40، وزاد المسير 9/ 56، وتفسير القرطبي 19/ 261، وتفسير ابن كثير 4/ 485 - 486. (¬6) انظر: الرد على الجهمية والزنادقة/ 129.

وقال الزجاج (¬1): لولا ذلك لم يكن فيها فائدة، ولا خَسّت منزلتهم بحجبهم. * * * إِذا اقتضى الحال أو (¬2) اللفظ عموم الحكم لو عم (¬3) فتخصيص بعضٍ بالذكر (¬4) له مفهوم (¬5)، كقوله: (وفضلناهم على كثير) (¬6)، و (ألم تر أن الله (¬7) يسجد له) إِلى قوله: (وكثير من الناس) (¬8)، ذكره بعض أصحابنا (¬9) وغيرهم (¬10). * * * ¬

_ (¬1) انظر: زاد المسير 9/ 56، وتفسير القرطبي 19/ 261. (¬2) نهاية 111 ب من (ظ). (¬3) يعني: الحكم. (¬4) مع قيام المقتضي للبعض الآخر. (¬5) يعني: يكون دليلاً على انتفاء الحكم فيه. (¬6) سورة الإِسراء: آية 70. (¬7) جاء أول الآية في النسخ هكذا (لله يسجد). (¬8) سورة الحج: آية 18. (¬9) انظر: المسودة/ 364. (¬10) نهاية 325 من (ح).

فعله - عليه السلام - له دليل، ذكره أصحابنا، منهم: القاضي (¬1)، وأخذوه من قول أحمد (¬2): لا يصلى على ميت بعد شهر؛ لحديث أم (¬3) سعد (¬4). وضَعَّف هذه الدلالة بعض أصحابنا (¬5) وغيرهم. وأكثر كلام ابن عقيل (¬6) مثله، وجَوَّز أن المستند استصحاب الحال، وقال: ليس للفعل صيغة تخص ولا تعم فضلاً أن نجعل لها دليل خطاب. * * * وذكر بعضهم ضهوم قِران العطف. وسبقت المسألة في العموم (¬7). ¬

_ (¬1) و (¬2) انظر: العدة/ 478. (¬3) هي: الصحابية عمرة بنت مسعود بن قيس، والدة سعد بن عبادة. (¬4) أخرج الترمذي في سننه 2/ 251 - وسكت عنه- والبيهقي في سننه 4/ 48 - 49 عن سعيد بن المسيب -مرسلاً-: أن أم سعد ماتت والشعبي غائب، فلما قدم صلى عليها، وقد مضى لذلك شهر. قال البيهقي: وهو مرسل صحيح. قال: ورواه سويد بن سعيد عن يزيد بن زريع عن شعبة عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس موصولاً ... والمشهور: عن قتادة عن ابن المسيب عن النبي مرسلاً. وحكى أبو داود عن أحمد أنه قيل له: حدث به سويد عن يزيد بن زريع، قال: لا تحدث بمثل هذا. (¬5) انظر: المسودة/ 353. (¬6) انظر: الواضح 2/ 68 أ-ب، والمسودة/ 353. (¬7) في ص 856.

مسألة

مسألة " إنما" تفيد الحصر نطقًا عند صاحب التمهيد (¬1) والروضة (¬2) والفخر إِسماعيل (¬3) وغيرهم، وقاله الجرجاني (¬4) وغيره من الحنفية (¬5) والغزالي (¬6) وغيره من الشافعية (¬7). وعند ابن عقيل (¬8) والحلواني (¬9) من أصحابنا: تفيده بالمفهوم، وقاله بعض الشافعية وجماعة من المتكلمين، وذكره في العدة (¬10)، وذكر في العمدة (¬11) احتمالين (¬12). ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد/ 4 ب، 75 ب. (¬2) انظر: روضة الناظر/ 271. (¬3) انظر: المسودة/ 354. (¬4) انظر: العدة/ 479، والمسودة/ 354. (¬5) انظر: تيسير التحرير 1/ 132، وفواتح الرحموت 1/ 434. (¬6) انظر: المستصفى 2/ 207. (¬7) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 97. (¬8) انظر: الواضح 2/ 69أ. (¬9) انظر: المسودة/ 354. (¬10) انظر: العدة/ 205، 478 - 479. (¬11) العمدة: كتاب في أصول الفقه للقاضي أبي يعلى. انظر: مقدمة تحقيق العدة/ 10. (¬12) انظر: المسودة/ 354.

وعند أكثر (¬1) الحنفية (¬2): لا تفيد الحصر، وتؤكد الإِثبات، واختاره بعض أصحابنا (¬3) والآمدي (¬4) وغيرهما (¬5). القائل بالحصر: تبادر الفهم بلا دليل. عورض: هذا لو انحصر دليل الحصر في "إِنما". وجوابه: الأصل عدم غيره، والفرض فيه. واحتج ابن عباس على إِباحة (¬6) ربا الفضل (¬7) بقوله - عليه السلام -: (إِنما الربا في النسيئة) (¬8) -وشاع في الصحابة ولم ينكر، وعُدِل إِلى دليل- وهو في الصحيحين، لكن فيهما: (لا ربا إِلا في النسيئة) (¬9). ¬

_ (¬1) ضرب على (أكثر) في (ب) و (ظ). (¬2) قال في تيسير التحرير 1/ 132: "نسب للحنفية"، ثم تعقبه. وانظر: فواتح الرحموت 1/ 434. (¬3) انظر: البلبل/ 125. (¬4) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 97. (¬5) في (ب): وغيره. (¬6) نهاية 158 أمن (ب). (¬7) تقدمت مسألة إِباحة ابن عباس لربا الفضل في ص 507. (¬8) أخرجه مسلم في صحيحه/ 1218، والنسائي في سننه 7/ 28، وابن ماجه في سننه / 759، والطحاوي في شرح معاني الآثار 4/ 64 من حديث أسامة مرفوعًا. (¬9) أخرجه البخاري في صحيحه 3/ 74 - 75، والنسائي في سننه 7/ 281، وأحمد في مسنده 5/ 202، والطحاوي في شرح معاني الآثار 4/ 64 من حديث أسامة مرفوعاً=

واستدل: بأن "إِن" للإِثبات، و"ما" للنفي. رد: تحكم؛ لأن "ما" لها أقسام. ثم: يلزم نفي طلب المجد في قول امرئ القيس (¬1): ولكنما أسعى لمجد مؤثَل (¬2) وهو يناقض ما قبله وما بعده. ثم: "ما" -هنا- زائدة عند النحاة (¬3)، تكف "إِنّ" عن العمل. وبأن كلا منهما له صدر الكلام فلا يجمع بينهما، كـ "لام الابتداء" مع (¬4) "إِنّ"، لكن تدخل، "لام الابتداء (¬5) " على خبرها، وتدخل عليه "ما" ¬

_ =وأخرجه مسلم في صحيحه/ 1217 - 1218 بلفظ: (الربا في النسيئة) وبلفظ: (إِنما الربا في النسيئة). وانظر: فتح الباري 4/ 381. (¬1) هو: امرؤ القيس بن حجر بن عمرو الكندي، الشاعر الجاهلي المشهور. انظر: الشعر والشعراء 1/ 52 - 86، وتهذيب الأسماء واللغات 1/ 1/ 125، والمزهر 2/ 443. (¬2) هذا صدر بيت عجزه: وقد يدرك المجد المؤثل أمثالي. وهو من قصيدة مطلعها: ألا عِمْ صباحا أيها الطلل البالي ... وهل يَعِمَنْ من كان في العُصُر الخالي فانظر: ديوان امرئ القيس / 39. والمؤثل: المثمر الذي له أصل، وهو الكثير أيضًا. (¬3) انظر: المقتضب 1/ 54، 2/ 363. (¬4) في (ب): من. (¬5) في (ظ): الابتنا.

مسألة

إِن كان جملة، و"إِنّ" لتأكيد مضمونها. وفي التمهيد (¬1) والروضة (¬2) وغيرهما: "إِنما" كأداة الاستثناء. رد: عين الدعوى. القائل بعدمه: "إِنما زيد قائم" بمعنى: "إِن زيدًا قائم" (¬3)، و"ما" زائدة، فهي كالعدم. ولأنها ترد للحصر وغيره، فيلزم منه المجاز أو الاشتراك، وهما خلاف الأصل. رد: بما سبق، ويخالف الأصل بدليل. مسألة مثل قوله: (تحريمها التكبير وتحليلها التسليم (¬4))، وقول القائل: ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد/ 4 ب، 75 ب. (¬2) انظر: روضة الناظر/ 271. (¬3) نهاية 326 من (ح). (¬4) هذا جزء من حديث رواه علي مرفوعاً. أخرجه أبو داود في سننه/ 49 - 50، والترمذي في سننه 1/ 5 - وقال: هذا الحديث أصح شيء في هذا الباب وأحسن- وابن ماجه في سننه/ 101، والطحاوي في شرح معاني الآثار 1/ 273، والبيهقي في سننه 2/ 173، 379، وأحمد في مسنده 1/ 123، 129، والدارقطني في سننه 1/ 360، وابن أبي شيبة في مصنفه 1/ 229. ورواه أبو سعيد مرفوعًا. أخرجه الترمذي في سننه 1/ 151، وابن أبي شيبة في مصنفه 1/ 229، وابن ماجه في سننه/ 101، والبيهقي في سننه 2/ 280، والدارقطني في سننه 1/ 359. وراجع: نصب الراية 1/ 307 - 308.

"العالم زيد وصديقي زيد" -ولا قرينة عهد- يفيد الحصر نطقًا (¬1)، على كلام القاضي في تعليقه في قوله (¬2): (الشفعة فيما لم يقسم)، واختاره صاحب الروضة (¬3) والمحرر (¬4) من أصحابنا -وذكره قول المحققين- وأبو المعالي (¬5) والغزالي (¬6) وجماعة. وقيل: يفيده بالفهوم، ولهذا احتج ابن عقيل (¬7) -أن المفهوم حجة- بأن الصحابة احتجت (¬8) بقوله: (الماء من الماء) على أنه لا غسل بغير إِنزال. وعند الحنفية (¬9) -أو أكثرهم- وابن الباقلاني (¬10) والآمدي (¬11) وغيرهم: لا يفيد الحصر. ¬

_ (¬1) في (ظ): قطعاً. (¬2) في (ب): قول. (¬3) انظر: روضة الناظر/ 272. (¬4) انظر: المسودة/ 363. (¬5) انظر: البرهان/ 478. (¬6) انظر: المستصفى 2/ 207. (¬7) انظر: الواضح 2/ 54 أ - ب، والمسودة/ 363. (¬8) نهاية 112 أمن (ظ). (¬9) انظر: تيسير التحرير 1/ 134، وفواتح الرحموت 1/ 434. (¬10) انظر: المستصفى 2/ 207، والإِحكام للآمدي 3/ 98. (¬11) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 98.

القائل بالحصر: التعريف (¬1) باللام والإِضافة للاستغراق، وخبر المبتدأ يجب كونه مساويا للمبتدأ أو أعم، لا يجوز أخص نحو: "الحيوان إِنسان"، ولهذا احتجت به الصحابة. وسلمه الآمدي (¬2) لو ثبت أن اللام للجنس، لكن هي ظاهرة في البعض. وجوابه: ما سبق (¬3) في عمومها. واستدل: لو لم يفده لأخبر عن الأعم بالأخص، لتعذر كون اللام للجنس لعدم صدق "كل عالم زيد" و"كل صديقي زيد"، ولا قرينة عهد، فوجب جعله لمعهود ذهني بمعنى: الكامل والمنتهي في العلم والصداقة. رد: المعروف جعله لمعهود بعضي نحو: أكلت الخبز. ثم: بتسليمه (¬4)، واللام للمبالغة، فلا حصر (¬5). ونص سيبويه (¬6) في "زيد الرجل": اللام للمبالغة، أي: الكامل في الرجولية. ¬

_ (¬1) نهاية 158 ب من (ب). (¬2) انظر: الإحكام للآمدي 3/ 98. (¬3) في ص 769 - 770. (¬4) يعني: تسليم ما ذكرتم. (¬5) في (ح): ولا حصر. (¬6) انظر: المنتهى لابن الحاجب/ 112.

ويلزم الخصم الحصر بما ذكره في "زيد العالم" (¬1). فإِن قال: اللام فيه للماهية، فيخبر بالأعم عن الأخص. فجوابه: (¬2) شرطه (¬3) تنكير الأعم (¬4) ليعم على البدل. فإِن قال: اللام فيه للعهد بقرينة تقديم "زيد". فجوابه: يمنع منه استقلاله (¬5) بالتعريف، وإلا لتوقف تعريفه على تقديم (¬6) قرينة "زيد". القائل بعدمه: ما سبق: لو أفاده لأفاده عكسه. وأيضاً: لكان التقديم يغير مدلول نفس الموضوع والمحمول. وجواب: منع أن الدلالة لا تختلف بالتركيب. ¬

_ (¬1) في (ح): شرط. (¬2) فيقال: يلزم الأخبار بالعام عن الخاص ... إِلخ. (¬3) يعني: شرط جواز الأخبار بالأعم عن الأخص. (¬4) نهاية 327 من (ح). (¬5) يعني: وجوب استقلاله. (¬6) في (ح) و (ظ): تقدم.

النسخ

النسخ لغة (¬1): الرفع والإِزالة "نسخت الشمس الظل"، والنقل "نسخت النحل (¬2) " (¬3)، ومنه: المناسخات في المواريث. فعند أصحابنا وأبي الحسين (¬4) وغيرهم: حقيقة في الأول. وعند القفال (¬5) الشافعي: في الثاني. وعند ابن الباقلاني (5) والغزالي (¬6) وغيرهما: مشترك. ..................... وشرعًا: رفع حكم شرعي بقول الشارع (¬7) أو فعله متراخيًا. فيخرج: مباح (¬8) بحكم الأصل، والرفع لعدم الفهم (¬9)، وبنحو: صَلِّ إِلى آخر الشهر. ¬

_ (¬1) انظر: معجم مقاييس اللغة 5/ 424. (¬2) في (ح): النخل. (¬3) إذا نقلته من خلية إِلى أخرى. (¬4) انظر: المعتمد/ 394. (¬5) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 102. (¬6) انظر: المستصفى 1/ 107. (¬7) نهاية 159 أمن (ب). (¬8) يعني: رفع مباح. (¬9) يعني: بالنوم والغفلة مثلاً.

والمراد بـ "الحكم" ما تعلق بالمكلف بعد وجوده أهلاً، فالتكليف المشروط بالعقل عدم عند عدمه. فلا يرد: الحكم قديم، فلا يرتفع. ولا ينتقض عكسه بتخصيص متأخر؛ لأنه بيان لا رفع عند أصحابنا وغيرهم، خلافاً لبعضهم. وهذا معنى حدّ أبي الخطاب (¬1)، وزاد: "رفع مِثْل الحكم"؛ لئلا يرد البَدَاء -وهو ظهور ما لم يكن- لأنه رفع نفس الحكم، وقال: على وجه لولاه لكان ثابتًا. وأبطله الآمدي (¬2): بأن إِزالة المِثْل قبل وجوده وبعد عدمه محال، وكذا معه؛ لأنها إِعدام. وفيه نظر، لكن يلزم منع نسخ أمر مقيد بمرة قبل فعله. وقال بعض أصحابنا: منع استمرار [حكم] (¬3) خطاب شرعي بخطاب شرعي متراخ عنه. وهو مراد الآمدي (¬4) بحدّه. ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد/ 93أ - ب. (¬2) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 104. (¬3) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ظ). (¬4) انظر: المرجع السابق 3/ 107.

وكذا في الروضة (¬1): رفع حكم ثابت بخطاب [بخطاب] (¬2) متراخ عنه. وقال القاضي (¬3): بيان انقضاء (¬4) مدة العبادة (¬5) التي ظاهرها الإِطلاق، أو: بيان ما لم يرد باللفظ العام في الأزمان. وقال -أيضاً- (¬6): إِخراج ما لم يرد باللفظ العام في الأزمان، مع تراخيه عنه. وغَلّط من قال: "ما أريد (¬7) باللفظ"؛ لإِفضائه إِلى البَدَاء. وهو خلاف ما قاله في النسخ قبل الوقت (¬8) وما قاله أكثر الأصحاب وغيرهم. وقال أبو المعالي (¬9): لفظ قال على ظهور انتفاء شرط دوام الحكم الأول. ¬

_ (¬1) انظر: روضة الناظر/ 69. (¬2) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب) و (ظ). (¬3) انظر: العدة/ 155 - 156. (¬4) نهاية 328 من (ح). (¬5) نهاية 112 ب من (ظ). (¬6) انظر: العدة / 778 - 779. (¬7) يعني: إِخراج ما أريد باللفظ. (¬8) انظر: العدة/ 810 - 811، والمسودة/ 195. (¬9) انظر: البرهان/ 1297.

فيرد: أن اللفظ دليل النسخ لا نفسه. ونقض طرده بقول العدل: "نُسِخ حكم كذا"، وعكسه (¬1): بفعله عليه السلام. ثم: حاصله: "اللفظ الدال على النسخ (¬2) "؛ لأنه فَسَّر "شرط دوام الحكم" بانتفاء النسخ، فانتفاء شرط (¬3) دوامه (¬4) حصوله (¬5). (¬6) وقال ابن الباقلاني (¬7) وابن عقيل (¬8) والغزالي (¬9): خطاب قال على ارتفاع حكم ثابت بخطاب متقدم، على وجه لولاه لكان ثابتًا، مع تراخيه عنه. وأُورد: الثلاث السابقة على أبي المعالي، وأن قوله: "على وجه إِلى آخره" زيادة. ¬

_ (¬1) نهاية 159 ب من (ب). (¬2) فيكون تعريفًا للشيء بنفسه. (¬3) شرط دوامه: هو انتفاء النسخ. (¬4) يعني: دوام الحكم. (¬5) قوله (حصوله) خبر لقوله (فانتفاء). (¬6) يعني: حصول النسخ. (¬7) انظر الإِحكام للآمدي 3/ 105، والمنتهى لابن الحاجب/ 113. (¬8) انظر: الواضح 1/ 44 ب- 45 أ. (¬9) انظر: المستصفى 1/ 107.

وأجاب الآمدي (¬1) عن الأول: بمنع أن النسخ ارتفاع الحكم، بل (¬2) نفس الرفع -وهو الفعل- صفة الرافع، وهو الخطاب الدال على الارتفاع -ومستلزم له (¬3) - وهو الانفعال صفة المرفوع المفعول، على نحو فسخ العقد وانفساخه، وأن فعله - عليه السلام - لا يدل على الارتفاع، بل على الخطاب الدال عليه، والزيادة لا تخل بصحة الحد، وفيها فائدة. وحكي عن الفقهاء (¬4): النص الدال على انتهاء أمد الحكم الشرعي مع التأخر عن زمن وروده. فيرد: الأول والثالث. فإِن فرّوا من "الرفع (¬5) " -لِقِدم الحكم وتعلقه (¬6) عقلاً -فانتهاء أمد الوجوب [ينافي بقاء الوجوب] (*) على المكلف، وهو معنى الرفع. وإن فروا -لأنه لا يرتفع تعلق بمستقبل- لزم منع النسخ قبل الفعل (¬7). ¬

_ (¬1) انظر: الإحكام للآمدي 3/ 106 - 107. (¬2) تكرر (بل) في (ب). (¬3) يعني: للارتفاع. (¬4) انظر: البرهان/ 1293. (¬5) إِلى الانتهاء. (¬6) يعني: وقدم تعلقه. (*) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ظ). (¬7) وهو خلاف مذهبهم.

وإن فروا -لأنه ينافي (¬1) أمد تعلق الحكم بالمستقبل المظنون دوامه- فلا بد من زوال التعلق، فصح إِطلاق الرفع عليه. وقالت المعتزلة (¬2): خطاب قال على أن مِثْل الحكم الثابت بالنص المتقدم زائل على وجه لولاه لكان ثابتًا. فيرد: ما على الغزالي. وأورد: الأمر المقيد بمرة ينسخ قبل فعله (¬3). وهم يمنعونه (¬4). وفي الواضح (¬5): حَدُّهم يصرح بأن الناسخ يزيل ما ثبت بالخطاب الأول، وكلهم يقول: "ما أزاله لم يثبت بالأول، ولو ثبت به لم يجز زواله (¬6) [للبَدَاء] (¬7) على الله"، وهذه مناقضة. * * * ¬

_ (¬1) في المنتهى لابن الحاجب 1/ 13، ومختصره بشرح العضد 2/ 186، 187: لأنه بيان أمد ... إِلخ. (¬2) انظر: المعتمد/ 395، 396، 397، والبرهان/ 1294. (¬3) ولم يتناوله الحد. (¬4) يعني: لا يجيزون نسخه. (¬5) انظر: الواضح 1/ 46أ. (¬6) نهاية 160أمن (ب). (¬7) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب).

مسألة

والناسخ -حقيقة- هو: الله عندنا وعند الأشعرية (¬1)، وطريق معرفته عند (¬2) المعتزلة (¬3). مسألة أهل الشرائع على جواز النسخ عقلاً ووقوعه شرعًا. وخالف أكثر اليهود (¬4) في الجواز، وأبو مسلم (¬5) الأصفهاني في الوقوع (¬6). ¬

_ (¬1) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 108. (¬2) نهاية 329 من (ح). (¬3) انظر: المعتمد / 369، والإحكام للآمدي 3/ 108. (¬4) قال العطار في حاشيته على شرح المحلي على جمع الجوامع 2/ 121: نبه البلقيني على أن حكايته خلاف اليهود في كتب أصول الفقه مما لا يليق؛ لأن الكلام في أصول الفقه فيما هو مقرر في الإسلام وفي اختلاف الفرق الإسلامية، أما حكايته خلاف الكفار فالمناسب ذكرها في أصول الدين. (¬5) هو: محمَّد بن بحر، معتزلي متكلم بليغ، ولد سنة 254 هـ، وتوفي سنة 322 هـ. من مؤلفاته: جامع التأويل لمحكم التنزيل، وهو كتاب في التفسير على مذهب المعتزلة. انظر: فرق وطبقات المعتزلة/ 299، ولسان الميزان/ 895، وطبقات المفسرين للداودي 2/ 106. (¬6) كثرت النقول عن أبي مسلم في مسألة جواز النسخ وعدمه، فقيل: يمنعه بين الشرائع، في الشريعة الواحدة، وقيل: في القرآن خاصة، وحرر ابن السبكي في رفع الحاجب 2/ 132 ب المسألة، وردّ الخلاف فيها إِلى الخلاف اللفظي، فقال: الإِنصاف أن الخلاف=

لنا: القطع بعدم استحالة تكليف في وقت (¬1) ورفعه. وإن قيل: "أفعال الله متابعة لمصالح العباد -كالمعتزلة-" فالمصلحة قد تختلف باختلاف الأوقات. وفي التوراة: أنه أمر آدم بتزويج بناته من بنيه، وقد حرم ذلك. واستدل: بتحريم السبت، وكان مباحًا، وبجواز الختان مطلقًا، ثم وجب في ثامن الولادة عندهم، وبجواز جمع الأختين، ثم حرم. رد: رفع مباح الأصل ليس بنسخ إِجماعًا. قالوا: لو صح بطل قول موسى المتواتر: إِن شريعته مؤبدة. ¬

_ =بين أبي مسلم والجماعة لفظي؛ وذلك أن أبا مسلم يجعل ما كان مُغَيّا في علم الله تعالى كما هو مُغَيّا باللفظ، ويسمي الجميع تخصيصًا، ولا فرق عنده بين أن يقول: "وأتموا الصيام إِلى الليل" وأن يقول: "صوموا مطلقًا"، وعلمه محيط بأنه سينزل: "لا تصوموا وقت الليل"، والجماعة يجعلون الأول تخصيصًا والثاني نسخًا، ولو أنكر أبو مسلم النسخ بهذا المعنى لزمه إِنكار شريعة المصطفى، وإنما يقول: كانت شريعة السابقين مغياة إِلى مبعثه عليه السلام، وبهذا يتضح لك الخلاف الذي حكاه بعضهم في أن هذه الشريعة مخصصة للشرائع أو ناسخة، وهذا معنى الخلاف. انتهى كلام ابن السبكي، وهو من أدرى الناس بكلام الأصفهاني؛ إِذ قد وقف على تفسيره واطلع على آرائه كما ذكر ذلك في رفع الحاجب. انظر: تعليق الدكتور -محمَّد حسن هيتو- على التبصرة/ 251، وراجع: شرح المحلي على جمع الجوامع 2/ 88 - 89. (¬1) نهاية 113أمن (ظ).

رد: موضوع؛ للقطع -عادة- بأنه لو صح عارضوا به محمدًا - صلى الله عليه وسلم -، ولَمَا أسلم علماؤهم كابن سلام (¬1) وكعب (¬2) ووهب (¬3). ثم: المراد نحو التوحيد، أو: مؤبدة ما لم تنسخ. قالوا: إِن نسخ لحكمة ظهرت بعد أن لم تكن فهو البَدَاء، وإلا فعبث (¬4)، ولا يجوز البداء على الله -وهو تجدّد العلم- إِلا عند الرافضة، وهو كفر، ومن كذبهم حكايته (¬5) عن موسى بن جعفر (¬6) ¬

_ (¬1) هو: الصحابي أبو يوسف عبد الله بن سلام. (¬2) هو: أبو إِسحاق كعب بن ماتع الحميري، المعروف بكعب الأحبار، قال ابن حجر: أدرك النبي رجلاً، وأسلم في خلافة أبي بكر، وقيل: في زمن النبي، والراجح أن إِسلامه كان في خلافة عمر. أ. هـ. كان يهوديًا قبل إِسلامه، وتوفي بحمص سنة 32 هـ. انظر: الإِصابة 5/ 647. (¬3) هو: أبو عبد الله وهب بن منبه بن كامل اليماني الصنعاني الذماري، عالم أهل اليمن، تابعي حافظ، كان عنده من علم أهل الكتاب شيء كثير، فإِنه صرف عنايته إِلى ذلك، وكان ثقة واسع العلم ينظر بكعب الأحبار في زمانه، توفي بصنعاء سنة 116 هـ، وكان مولده سنة 34 هـ. انظر: حلية الأولياء 4/ 23، والعبر 1/ 143، وتذكرة الحفاظ/ 100، وتهذيب التهذيب 11/ 166، وشذرات الذهب 1/ 50. (¬4) ضرب على (وإلا فعبث) في (ب) و (ظ)، ثم كتب متأخرًا على ما سيأتي في الصفحة التالية. (¬5) في (ظ): حكايتهم. (¬6) هو: أبو الحسن موسى بن جعفر بن محمَّد بن علي بن الحسين بن علي بن=

وعن علي (¬1)، وذكره ابن عقيل (¬2) عن المختار (¬3) وغيره، وأن بعضهم جَوّزه فيما لم يطلعنا عليه (¬4). رد: إِن سلم اعتبار المصلحة فهو لحكمة علمها قديمًا تكون عند نسخه؛ لاختلاف الأوقات والأحوال، فلم يظهر ما لم يكن. ¬

_ =أبي طالب، الكاظم، توفي ببغداد سنة 183 هـ. انظر: تاريخ بغداد 13/ 27، ووفيات الأعيان 2/ 131، وصفة الصفوة 1/ 103، والبداية والنهاية 10/ 183. (¬1) انظر: الواضح 2/ 223أ، والإِحكام للآمدى 3/ 109 - 110. (¬2) انظر: الواضح 2/ 223 ب. (¬3) هو: أبو إِسحاق المختار بن أبي عبيد بن مسعود الثقفي، من زعماء الثائرين على بني أمية، ولد سنة اهـ، وسكن البصرة بعد علي، ولما قتل الحسين سنة 61 هـ انحرف المختار عن عبيد الله بن زياد -أمير البصرة- فقبض عليه ابن زياد وجلده، ثم نفاه إِلى الطائف، ولما مات يزيد بن معاوية سنة 64 هـ -وقام عبد الله بن الزبير في المدينة يطلب الخلافة- ذهب إِليه المختار وعاهده، ثم خرج إِلى الكوفة فتتبع قتلة الحسين، واشتهر أمره، واستبد بالسلطة، فقاتله مصعب بن الزبير- أمير البصرة بالنيابة عن أخيه- حتى قتله سنة 67 هـ بالكوفة. انظر: تاريخ الأمم والملوك 7/ 58، 93، 112، 130، 133، 140، 146، والكامل في التاريخ 4/ 168، 211، 246، 258، 267، والإِصابة 6/ 349. (¬4) في (ب) و (ظ): لم يطلعنا عليه، وإلا فعبث. وسبقت الإِشارة إلى هذا في هامش 4 من الصفحة السابقة.

قالوا: إِنْ قيد الأول بوقت فلا نسخ؛ لانتهائه بانتهاء وقته (¬1)، وإن دل على التأبيد فلا نسخ؛ لاجتماع الإِخبار بالتأبيد ونفيه، وهو تناقض، ولأنه يؤدي إِلى تعذر الإِخبار بالتأبيد لاحتمال النسخ، وإلى أنه لا يوثق بتأبيد حكم، وإلى نسخ شريعتكم. رد: مطلق، فيدل على تعلق الوجوب، لا على البقاء ونفيه. ثم: لو دل على التأبيد فالأمر بشيء في المستقبل أبداً لا يستلزم دوامه، بل إِن الفعل فيه (¬2) متعلق الوجوب (¬3)، فزوال التعلق به بنسخ ليس مناقضة كالموت، إِنما التناقض في خبره ببقاء الوجوب أبدًا ثم ينسخه. ونسخ شريعتنا محال؛ للتواتر بأن محمدًا خاتم النبيين. قالوا: لو جاز لكان قبل الفعل، ولا رفع لما لم يوجد، ولا بعده لعدمه، ولا معه، وإلا ارتفع حال وجوده. رد: المراد زوال التكليف الثابت بعد أن لم يكن (¬4)، كزواله بالموت، لا ارتفاع الفعل. قالوا: إِن عُلِم دوامه أبدًا فلا نسخ، أو إِلى مدة معينة فارتفاع الحكم بوجود غايته ليس بنسخ. ¬

_ (¬1) نهاية 160 ب من (ب). (¬2) يعني: في المستقبل أبدًا. (¬3) نهاية 330 من (ح). (¬4) يعني: بعد أن لم يكن التكليف قد ثبت.

رد: يعمله مستمراً إِلى وقت ارتفاعه بالنسخ، وعلمه بارتفاعه به يحقق النسخ (¬1). ولنا -على الأصفهاني-: الإِجماع أن شريعتنا ناسخة لما خالفها. ونسخ [التوجه] (¬2) إِلى بيت المقدس (¬3)، وتقديم الصدقة لمناجاته عليه السلام (¬4)، وصوم عاشوراء (¬5)، وغيره. ¬

_ (¬1) لا يمنعه. (¬2) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬3) قال تعالى: (قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فولّ وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره) سورة البقرة: آية 144. وقد أخرج خبر نسخ التوجه إِلى بيت المقدس البخاري في صحيحه 1/ 84، ومسلم في صحيحه/ 374 من حديث البراء بن عازب. (¬4) قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إِذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ذلكم خير لكم وأطهر فإِن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم * أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات فإِذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الله ورسوله والله خبير بما تعملون) سورة المجادلة: الآيتان 12، 13. وخبر نسخ تقديم الصدقة: أخرجه الترمذي في سننه 5/ 80 - 81، والطبري في تفسيره 28/ 14 - 16، ومجاهد في تفسير5/ 660 - 661. وانظر: أسباب النزول للواحدي/ 234 - 235، والمعتبر 179أ- ب. (¬5) نسخ صوم عاشوراء: أخرجه البخاري في صحيحه 3/ 43، ومسلم في صحيحه/ 792 من حديث عائشة مرفوعًا.

مسألة

مسألة بيان الغاية المجهولة -كقوله: (حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلاً) (¬1) - اختلف كلام أصحابنا وغيرهم: هل هو نسخ أم لا؟ والأظهر النفي. مسألة (¬2) يجوز النسخ قبل الفعل بعد دخول الوقت، ذكره القاضي (¬3) وابن عقيل (¬4) إِجماعًا، وفي التمهيد (¬5): "لا أعلم فيه خلافاً"، قال: ولا فرق -عقلاً- بين (¬6) أن يعصَي أو يطيع. وجزم بعضهم بالمنع (¬7)؛ لعصيانه. .................... ¬

_ (¬1) سورة النساء: آية 15. (¬2) نهاية 113 ب من (ظ). (¬3) انظر: العدة/ 807. (¬4) انظر: الواضح 2/ 264أ. (¬5) انظر: التمهيد / 95 ب- 96أ. (¬6) نهاية 161 أمن (ب). (¬7) يعني: منع النسخ.

ويجوز قبل وقت الفعل عند أصحابنا، وذكره القاضي (¬1) ظاهر قول أحمد: "إِذا شاء الله نسخ من كتابه ما أحبّ" -وفيه نظر- وقاله الأشعرية (¬2) وأكثر الشافعية، وذكره الآمدي (¬3) قول أكثر الفقهاء. ومنعه أكثر الحنفية (¬4) والمعتزلة (¬5) ولأبي الحسن (¬6) التميمي من أصحابنا قولان. لنا: ما تواتر (¬7) -وفي الصحيحين (¬8) وغيرهما- من نسخ فرض ¬

_ (¬1) انظر: العدة/ 807. (¬2) انظر: اللمع/ 33، والتبصرة/ 260، والمنخول 297، والمستصفى 1/ 112، والإِحكام للآمدي 3/ 126. (¬3) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 126. (¬4) نقل عن جمهورهم القول بالجواز. فانظر: أصول السرخسي 2/ 63، وتيسير التحرير 3/ 87، ومسلم الثبوت (فواتح الرحموت 2/ 61). وقال في فواتح الرحموت -بعد أن حكى صاحب السلم القول بالمنع عن بعض الحنفية-: بل رؤسائهم كالكرخي والماتريدي والجصاص والدبوسي، قال: وقولهم هو الحق المتلقى بالقبول. (¬5) انظر: المعتمد/ 407. (¬6) انظر: العدة/ 808. والمسودة/ 207. (¬7) في (ح) و (ظ): ما تواترا وفي. (¬8) أخرجه البخاري في صحيحه 1/ 74 - 75، 4/ 109 - 110، 135 - 136، ومسلم في صحيحه/ 145 وما بعدها، والترمذي في سننه 1/ 137، والنسائي في سننه=

خمسين [صلاة] (¬1) في السماء ليلة الإِسراء بخمس قبل تمكّنه - عليه السلام - من الفعل. والإِسراء يقظة (¬2) عند أحمد وأصحابه وعامة السلف والخلف، وهو ظاهر الأخبار. وفي فنون ابن عقيل: إِن الرواية عن أحمد اختلفت فيه. كذا قال. وفي رواية شريك (¬3): "وهو نائم". رواه البخاري (¬4). ¬

_ =1/ 217 وما بعدها، وابن ماجه في سننه/ 448، وأحمد في مسنده 3/ 149، 5/ 144 من حديث أنس مرفوعًا. (¬1) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬2) انظر: تفسير الطبري 15/ 13، وشرح الطحاوية/ 246، والمعراج للقشيري/ 65، وتفسير القرطبي 10/ 208، وفتح الباري 13/ 484. (¬3) هو: أبو عبد الله شريك بن عبد الله بن أبي نمر القرشي -وقيل: الليثي- المدني، تابعي روى عن أنس وسعيد بن المسيب وعكرمة وغيرهم، وعنه الثوري ومالك والدراوردي وغيرهم، توفي سنة 144 هـ. قال النسائي: ليس بالقوي. وقال أبو داود: ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن عدي: إِذا روي عنه ثقة فإِنه ثقة. قال ابن حجر في التقريب: صدوق يخطئ. انظر: ميزان الاعتدال 2/ 269، وتهذيب التهذيب 4/ 337، وتقريب التهذيب 1/ 351. (¬4) أخرج البخاري في صحيحه 9/ 149 - 150 ... عن شريك قال: سمعت أنس بن مالك يقول ليلة أسري برسول الله من مسجد الكعبة: إِنه جاءه ثلاثة نفر قبل أن يوحى إِليه وهو نائم في المسجد الحرام ... وفي آخره: واستيقظ وهو في المسجد الحرام.=

وأنكرها العلماء، ثم: يحتمل أول وصول الملك إِليه. وفي الواضح (¬1): من منعه يقظة منع ذلك. ولا يجوز النسخ قبل علم المكلف بالمأمور [به] (¬2)؛ لعدم الفائدة باعتقاد الوجوب (¬3) والعزم على الفعل. وجوزه الآمدي (¬4)؛ لعدم مراعاة الحِكَم في أفعاله تعالى. ¬

_ =وأخرجه مسلم في صحيحه/ 148 باللفظ السابق إِلى قوله: "وهو نائم في المسجد الحرام"، ثم قال: وساق الحديث بقصته نحو حديث ثابت البناني، وقدم فيه وأخر وزاد ونقص. ونقل ابن حجر في فتح الباري 13/ 484 عن عبد الحق قال: زاد فيه -يعني شريكًا- زيادة مجهولة، وأتى فيه بألفاظ غير معروفة، وقد روى الإسراء جماعة من الحفاظ فلم يأت أحد منهم بما أتى به شريك، وشريك ليس بالحافظ. ثم ذكر ابن حجر ما خالفت فيه رواية شريك غيره من المشهورين -ومن ذلك كونه مناماً- وأفاض في ذلك. وقال ابن القيم في زاد المعاد 2/ 55: وقد غلَّط الحفاظ شريكًا في ألفاظ من أحاديث الإسراء. (¬1) انظر: الواضح/ 2/ 267 ب. (¬2) ما بين المعقوفتين من (ظ). (¬3) نهاية 331 من (ح). (¬4) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 132.

وفي البخاري (¬1) عن أبي هريرة: أنه - عليه السلام - بعثه في بعث، وقال: (إِن وجدتم فلانًا وفلاناً فأحرقوهما بالنار)، ثم قال -حين أردنا الخروج-: (إِن النار لا يعذب بها إِلا الله، فإِن وجدتموهما فاقتلوهما). وأمر -عليه [السلام] (¬2) - بكسر قدور من لحم حمر إِنسية، فقال [رجل] (¬3): أو نغسلها؟ فقال: (اغسلوا). متفق عليه (¬4). ولأحمد (¬5): أنه - عليه السلام - بعث أبا بكر يبلغ "براءة"، فسار ثلاثاً (¬6)، ثم قال لعلي: (الحقه وبلّغها أنت). وأيضًا: كما يجوز رفعه بالموث وغيره. ¬

_ (¬1) انظر: صحيح البخاري 4/ 61. وأخرجه أبو داود في سننه 3/ 125، والترمذي في سننه 3/ 67 وقال: حسن صحيح، والدارمي في سننه 2/ 141، وأحمد في مسنده 2/ 307. (¬2) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬3) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬4) أخرجه البخاري في صحيحه 3/ 136، ومسلم في صحيحه/ 1540 من حديث سلمة بن الأكوع. (¬5) أخرجه أحمد في مسنده 1/ 3 من حديث أبي بكر. وأخرج -نحوه- الترمذي في سننه 4/ 339 من حديث أنس -وقال: حسن غريب من حديث أنس- والطبري في تفسيره 14/ 106، 108 - 109 (ط: دار المعارف) من حديث زيد بن يثيع وأبي جعفر محمَّد بن علي بن حسين بن علي والسدي. (¬6) نهاية 161 ب من (ب).

ولأن كل نسخ قبل الفعل؛ لاستحالته بعده -لتحصيل الحاصل- ومعه؛ لامتناع الفعل ونفيه. واحتج أصحابنا وغيرهم: بأن إِبراهيم أمر بذبح الولد بإِجماع علماء النقل، بدليل: (افعل ما تؤمر) (¬1)، ولإِقدامه عليه، ونُسِخ قبل وقته، وإلا لعصى بتأخيره. رد: لم ينسخ؛ لأن الأمر قائم لم ينته، ولم يحصل بمحله للفداء لا للنسخ. وجوابه: منع بقاء الأمر بذبحه، بل نسخ بالفداء. وسلّم الآمدي (¬2): أنه نسخ، لكن بعد تمكنه، وإنما يكون قبله (¬3) لو اقتضى الأمر الفور (¬4) وتضيّق وقت الإِمكان. ورد: لو كان موسعًا قضت العادة بتأخيره (¬5) رجاء نسخه أو موته لِعِظَم الأمر، ولم يمنع (¬6) رفع تعلق الوجوب بالمستقبل لبقاء الأمر على المكلف (¬7) لعدم ¬

_ (¬1) سورة الصافات: آية 102. (¬2) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 129. (¬3) يعني: قبل تمكنه. (¬4) في (ب): الفوت. (¬5) ولم يقدم عليه. (¬6) يعني: لو كان موسعًا لم يمنع ... إِلخ. (¬7) نهاية 114 أمن (ظ).

فعله، وبقاء الأمر هو المانع عندهم (¬1). قال: لم يؤمر، ولهذا قال: (إِني أرى في المنام) (¬2)، أو أُمر بمقدمات الذبح؛ لقوله: (صَدقْتَ الرؤيا) (¬3). رد: منام النبي وحي. وأراد بـ (أرى): رأيت، ولهذا أقدم. وقيل: (افعل ما تؤمر) (¬4) أي: ما أُمرت، أو وقتاً بعد وقت. ولو أُمر بمقدماته (¬5) لم يقل: (أذبحك) (¬6)، ولم يحتج إِلى فداء. وصَدَّق الرؤيا باعتقاد جازم وبكل فعل أمكنه. وهو (¬7) جواب قولهم: "ذبحه والتحم"، مع أنه كان يشتهر لأنه معجزه (¬8). قال: صفّح عنقه بنحاس منعه منه. ¬

_ (¬1) من النسخ، فإِذا نسخ عنه فقد نسخ تعلق الوجوب بالمستقبل، وجاز ما قال بامتناعه. (¬2) سورة الصافات: آية 102. (¬3) سورة الصافات: آية 105. (¬4) سورة الصافات: آية 102. (¬5) نهاية 332 من (ح). (¬6) الصافات: آية 102. (¬7) يعني: لو كان ذبحه لم يحتج إِلى فداء. (¬8) في (ح): معجز.

مسألة

رد: فيكون تكليفًا بما لا يطاق، ونسخاً قبل الفعل، وكان يشتهر. قالوا: إِن أمر بالفعل وقت (¬1) نسخه توارد النفي والإِثبات، وإلا فلا نسخ (¬2) لعدم رفع شيء. رد: يبطل بـ "صُمْ رمضان" ونسخه فيه. وبأنه ليس مأمورا ذلك الوقت (¬3) بل قبله، وانقطع (¬4) بالناسخ عند وقته (¬5) كالموت. مسألة يجوز نسخ أمر مقيد بالتابيد -نحو: "صوموا أبداً"- عند الجمهور؛ لأنه يجوز في المطلق -وظاهره التأبيد- ولو قبل الوقت، فمثله هذا، والعادة والعرف التأكيد للمبالغة نحو: "الزمْ فلاناً أو السوق أبدًا"، وكما يجوز تخصيص عموم مؤكد بـ "كل". قالوا: متناقض؛ لأن التأبيد للدوام، والناسخ بيان انتهائه ويقطعه، فالمنافاة ثابتة بين تكليفين ضرورة، بخلاف قطعه بالموت. ¬

_ (¬1) في (ظ): قبل. (¬2) نهاية 162 أمن (ب). (¬3) أي: وقت النسخ. (¬4) يعني: وانقطع التكليف. (¬5) يعني: وقت الناسخ.

رد: بمنع التأبيد عرفاً. وبالإِلزام بتخصيص عموم مؤكد. والجواب واحد. قالوا: كالخبر. وجوابه: اختلفوا في نسخه: فمنعه جمهور الفقهاء والأصوليين، واختاره جماعة من أصحابنا، منهم: أبو بكر بن الأنباري (¬1) وابن الجوزي (¬2)، وجزم به في الروضة (¬3). وجوزه قوم، ولعلهم أرادوا ما قاله القاضي (¬4): إِن صَحَّ تَغَيُّره -كالخبر عن زيد بأنه مؤمن وكافر- جاز نسخه، وإِلا فلا، كصفات الله وخبر ما كان وما يكون؛ لأنه الذي يفضي إِلى الكذب، واختاره بعض أصحابنا (¬5)، ويخرج عليه نسخ المحاسبة بما في النفوس في قوله: (وإِن تبدوا ما في أنفسكم) (¬6) كقول جماعة من الصحابة (¬7) والتابعين، فهو في مسلم (¬8) ¬

_ (¬1) انظر: زاد المسير 1/ 344، والمسودة/ 197. (¬2) من قوله (واختاره جماعة) إِلى قوله (الجوزي) ورد في (ح) بعد قوله (الروضة). (¬3) انظر: روضة الناظر/ 73. (¬4) انظر: العدة/ 825. (¬5) انظر: المسودة/ 196. (¬6) سورة البقرة: آية 284. (¬7) انظر: تفسير الطبري 6/ 103 - 112، ط: دار المعارف، وفتح الباري 8/ 206. (¬8) انظر: صحيح مسلم/ 115 - 116. وأخرجه أحمد في مسنده 2/ 412، والطبري في تفسيره 3/ 95.

عن أبي هريرة وفي البخاري (¬1) عن ابن عمر. وذكر ابن عقيل (¬2) كالأول، ثم اختار: إِن تعلَّق بمستقبل جاز فيه نوع احتمال كعفو في وعيد وصفة (¬3) وشرط (¬4)، حتى وقع في "الأبد" خلاف وأنه أبد (¬5) من الآباد، ولا احتمال في ماض. وكذا قال بعض الشافعية (¬6): يجوز خلافاً لأبي هاشم (¬7)، لاحتمال: "لأعاقبنه (¬8) أبدًا"، ثم يقول: "أردت سنة". كذا قال. وِإيهام الكذب (¬9) لا يمنع كالأمر البداء (¬10). ¬

_ (¬1) انظر: صحيح البخاري 6/ 33. (¬2) انظر: الواضح 2/ 240أ، ب، 241 أ- ب. (¬3) نهاية 162 ب من (ب). (¬4) يعني: يقع الخبر من الله مطلقًا، ويكشف البيان عن أنه أراد به خبرًا على صفة وشرط نحو: (إِن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى) مشروط بقوله: (ولا تقربا هذه الشجرة)؛ لأنه عرى وبدت له سوأته. (¬5) في معجم مقاييس اللغة 1/ 34: الأبد: الدهر، ؤجمعه: آباد. (¬6) كالبيضاوي في منهاجه. انظر: نهاية السول 2/ 177. (¬7) انظر: المعتمد/ 420. (¬8) في (ب): لا عاقبته. (¬9) نهاية 114 ب من (ظ). (¬10) يعني: كإِيهام الأمر البداء.

فلو قيد (¬1) الخبر بالتأبيد لم يجز، خلافاً للآمدي (¬2). وفي التمهيد (¬3): إِفادة الدوام (¬4) فيهما (¬5) لا يمنع من دليل أن المراد به غير ظاهره كالعموم، ثم: مطلق الخبر كالمقيد بالتأييد، فالأمر مثله (¬6)، ثم: مطلق الأمر يُنسخ، فكذا مقيده. وجواز تأبيد التكليف بلا غاية مبني على وجوب الجزاء، وجوزه ابن عقيل (¬7) وغيره، وأنه قول الفقهاء والأشعرية (¬8)، وخالف بعض أصحابنا والمعتزلة (¬9). ¬

_ (¬1) في (ب): قيل. (¬2) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 135. (¬3) انظر: التمهيد/ 95 أ. (¬4) نهاية 333 من (ح). (¬5) يعني: الأمر والخبر المقيد بن بالتأبيد. (¬6) يعني: يجب أن يكون مطلق الأمر مثل المقيد بالتأبيد. (¬7) انظر: المسودة/ 55، وقال: حكاه ابن عقيل في أواخر كتابه. وانظر: الواضح 2/ 16 ب- 17 أ. (¬8) انظر: المعتمد/ 413 - 415. (¬9) انظر: البرهان/ 1313.

مسألة

مسألة الجمهور: جواز النسخ من غير بدل. ومنعه بعضهم؛ وذكره أبو المعالي (¬1) عن جمهور المعتزلة. ومنعه بعضهم في العبادة، بناء على أن النسخ يجمع معنى الرفع والنقل. لنا: ما اعتمد عليه في إِثبات النسخ. ولأنه نسخ تقديم الصدقة أمام المناجاة وتحريم ادخار (¬2) لحوم الأضاحي (¬3). وفي البخاري (¬4): أنه كان إِذا دخل وقت الفطر -فنام قبل أن يفطر- ¬

_ (¬1) انظر: البرهان/ 1313. (¬2) في (ب): الادخار. (¬3) كذا -أيضًا- في مختصر ابن الحاجب 2/ 193. وقال الزركشي في المعتبر/ 76 أ: واعلم أن في جعل هذا من النسخ نظرًا، وإنما هو من باب ارتفاع الحكم لارتفاع علته، وعَوْده إِذا عادت، لا من باب النسخ الذي إِذا ارتفع لا يعود أبدًا، ولهذا قال - عليه السلام -: (إِنما نهيتكم من أجل الدافة)، فدل على أنه لم يرفعه أبدًا، فلو قدم على أهل بلد محتاجون في زمن الأضحية امتنع الادخار، وعلى هذا نص الشافعي في الأم؛ فإِنه قال: فإِذا دفت الدافة ثبت النهي عن إِمساك لحوم الأضاحي بعد ثلاث، وإذا لم تدف الدافة فالرخصة ثابتة بالأ كل والتزود والادخار. هذا كلامه. (¬4) هذا الحديث رواه البراء بن عازب. أخرجه البخاري في صحيحه 3/ 28، وأبو داود في سننه 2/ 737، والترمذي في سننه 4/ 278 - 279 وقال: حسن صحيح، والنسائي في سننه 4/ 147 - 148، والدارمي في سننه 1/ 337 - 338.

حرم الطعام والشراب وإتيان النساء إِلى الليلة الآتية، ثم نسخ (¬1). واحتج الآمدي (¬2) على عادته: أنه لو فرض وقوعه لم يلزم منه محال. ورده بعض أصحابنا وغيرهم: بأنه مجرد دعوى، وأن إِمكان هذا ذهني بمعنى عدم العلم بالامتناع، ليس إِمكانه خارجيًا بمعنى العلم به خارجًا؛ فإِنه يكون للعلم بوجوده أو نظيره (¬3) أو أولى منه كما يذكر في القرآن. قالوا: (نأتِ بخير منها أو مثلها) (¬4). رد: الخلاف في الحكم لا في اللفظ (¬5)، ثم (¬6): ليس عامًا في كل حكم، ثم: مخصوص بما سبق (¬7)، ثم: يكون نسخه بغير بدل خيرًا لمصلحة علمها، ثم: إِنما تدل الآية أنه لم يقع لا أنه لا يجوز. ¬

_ (¬1) بقوله تعالى: (أحل لكم ليلة الصيام الرفث) إِلى قوله: (من الفجر) سورة البقرة: آية 187. (¬2) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 135. (¬3) نهاية 163 أمن (ب). (¬4) سورة البقرة: آية 106. (¬5) ومراد الآية: نأت بلفظ خير منها. (¬6) يعني: على تسليم أن معناها: نأت بحكم. (¬7) مما نسخ إِلى غير بدل.

مسألة

مسألة الجمهور: جواز النسخ بأثقل، خلافاً لبعض الشافعية (¬1) وابن داود (¬2) وغيره من الظاهرية (¬3)، وذكره ابن برهان (¬4) عن المعتزلة. ومنعه قوم شرعًا، وقوم عقلاً. لنا: ما سبق. ووقع كنسخ تخيير (¬5) الصحيح بين صوم رمضان والفدية بصومه (¬6)، وعاشوراء برمضان، والحبس في البيوت (¬7) بالحد (¬8)، والصفح عن ¬

_ (¬1) انظر: التبصرة / 258، والإِحكام للآمدي 3/ 137. (¬2) انظر: العدة/ 786، والمسودة/ 201. (¬3) حكاه ابن حزم عن قوم من أصحابهم، ثم خَطَّأهم، فانظر: الإِحكام له / 602. (¬4) انظر: المسودة/ 201. وفي الوصول لابن برهان/ 52أ: عن بعض المتكلمين. (¬5) نهاية 334 من (ح). (¬6) أخرجه البخاري في صحيحه (انظر: فتح الباري 8/ 181)، ومسلم في صحيحه/ 802 عن سلمة بن الأكوع قال: لما نزلت (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين) -سورة البقرة: آية 184 - كان من أراد أن يفطر ويفتدي، حتى نزلت الآية التي بعدها، فنسختها. (¬7) في سورة النساء: آية 15. (¬8) قال تعالى: (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة) سورة النور: آية 2. وأخرج النسخ بهذه الآية الطبرى في تفسيره 8/ 74 - ط: دار المعارف - وأبو داود في سننه 4/ 569 عن ابن عباس.=

الكفار (¬1) بقتل مقاتلهم (¬2) ثم بقتالهم كافة (¬3). قال: أبعد من المصلحة وأشق. رد: لازم في ابتداء التكليف. وإن اعتبرت المصلحة فقد تكون في الأثقل كمرض (¬4) وغيره. قالوا: (نأتِ بخير منها) (¬5)، قال ابن عباس (¬6): "بأيسر على ¬

_ =وعن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله: (خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلاً، البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم). أخرجه مسلم في صحيحه/ 1316 - 1317، وأبو داود في سننه 4/ 569 - 571، والترمذي في سننه 2/ 445 وقال: صحيح، وابن ماجه في سننه/ 852، والدارمي في سننه 2/ 101، وأحمد في مسنده 3/ 476، والشافعي (انظر: بدائع المنن 2/ 286)، والطيالسي في مسنده (انظر: منحة المعبود 1/ 298)، والطبري في تفسيره 8/ 76 وما بعدها، ط: دار المعارف. (¬1) في سورة الزخرف: آية 89. (¬2) في سورة البقرة: الآيتان 190، 191. (¬3) في سورة التوبة: آية 36. (¬4) بعد صحة. (¬5) سورة البقرة: آية 106. (¬6) انظر: زاد المسير 1/ 128. وأخرج الطبري في تفسيره 2/ 481 عن ابن عباس: (نأت بخير منها أو مثلها) يقول: خير لكم في المنفعة وأرفق بكم. وأخرجه ابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي. راجع: الدر المنثور 1/ 104.

الناس"، وقال غيره (¬1): (أو مثلها) أي: في الثواب، والحكمة في تبديلها الاختبار (¬2). وجوابه: ما سبق في التي قبلها (¬3). وإن ثبت عن ابن عباس فمعناه: "غالبًا"؛ لما سبق (¬4)، وهو خير باعتبار الثواب (¬5)، وقاله القاضي (¬6) [أيضًا] (¬7)، وقال: وفي بعضه من الإِعجاز أكثر من بعض. وقال ابن عقيل (¬8) هذا والذي قبله، قال: كالمرسِل واحد، والمرسَلون بعضهم أفضل. وقال القاضي -أيضًا-: لا يجوز أن يتفاضل ثوابه، وجميعه صفة لله. ¬

_ (¬1) انظر: زاد المسير 1/ 128. (¬2) في (ب): الاختيار. (¬3) من أن الخلاف في الحكم لا في اللفظ، ومراد الآية: اللفظ. (¬4) من ثبوت النسخ بالأثقل. (¬5) نهاية 115 أمن (ظ). (¬6) انظر: العدة/ 787، 792. (¬7) ما بين المعقوفتين من (ح). (¬8) انظر: الواضح 2/ 237 ب- 238أ، 247 ب.

مسألة

مسألة يجوز نسخ التلاوة دون الحكم وعكسه عند العلماء، خلافاً لبعض المعتزلة (¬1). ولم يخالفوا في نسخهما معاً، خلافًا لما حكاه الآمدي (¬2) عنهم. لنا (¬3): ما سبق. ولأن التلاوة حكم، وما تعلق بها من الأحكام حكم آخر، فجاز نسخهما ونسخ أحدهما كغيرهما. وأيضًا: وقع؛ عن عمر: "كان فيما أنزل الله آية الرجم، فقرأناها وعقلناها، ورجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ورجمنا بعده، ثم إِنا كنا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله: أن (¬4) لا ترغبوا عن آبائكم، فإِنه كُفْر بكم أن ترغبوا عن آبائكم". متفق عليه (¬5). ¬

_ (¬1) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 141. وما ذكر أبو الحسين في المعتمد/ 418 موافق لقول الجمهور. (¬2) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 141. (¬3) نهاية 163 ب من (ب). (¬4) في (ظ): لئلا. (¬5) أخرجه البخاري في صحيحه 8/ 168 - 169. وأخرجه مسلم في صحيحه/ 1317 دون قوله: ثم إِنا كنا نقرأ ... الحديث.

ولمالك والشافعي وابن ماجه (¬1): "الشيخ والشيخة إِذا زنيا فارجموهما ألبتة". قال في الواضح (¬2): علّقه على الشيخين لإِحصانهما غالبًا. وسبق (¬3) في العمل بالشاذ: "متتابعات". ونسخ آية الاعتداد (¬4) بالحول (¬5)، (¬6) وحبس الزواني بالحد. ¬

_ (¬1) انظر: الموطأ/ 824، وبدائع المنن 2/ 283 - 284، وسنن ابن ماجه/ 853 - 854. وأخرج أحمد في مسنده 5/ 132، وابن حبان في صحيحه (انظر: موارد الظمآن/ 435) من حديث أبي بن كعب: لقد قرأنا فيها -أي: في سورة الأحزاب- آية الرجم: "والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة نكالاً من الله والله عزيز حكيم". وفي إِسناده: عاصم بن أبي النجود، وقد ضعف. وأخرج أحمد في مسنده 5/ 183، والدارمي في سننه 2/ 100، والحاكم في مستدركه 4/ 360 عن زيد بن ثابت قال: سمعت رسول الله يقول: الشيخ والشيخة إِذا زنيا فارجموهما البتة. قال الحاكم: حديث صحيح الإِسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي في التلخيص. (¬2) انظر: الواضح 1/ 53 أ. (¬3) في ص 314 من هذا الكتاب. (¬4) نهاية 335 من (ح). (¬5) سورة البقرة: آية 240. (¬6) بآية الاعتداد بأربعة أشهر وعشراً. سورة البقرة: آية 234.

وعن عائشة: "كان فيما نزل من القرآن عشر رضعات يُحَرِّمْن، ثم نُسِخ بخمس". رواه مسلم. وفي جواز مس محدث ما نسخ لفظه -وتلاوة جنب له- قولان لنا ولغيرنا. وجه ابن عقيل (¬1) المنع؛ لبقاء حرمته كبيت المقدس، نسخ كونه قبلة، وحرمته باقية، والجواز، لعدم (¬2) حرمة كتبه في المصحف. قالوا: التلاوة مع حكمها متلازمان كالعلم مع العالِمية والحركة مع المتحرِّكية والمنطوق مع المفهوم. رد: العلم هو العالمية، والحركة هي المتحركية. ومنع أن المنطوق لا ينفك عن المفهوم. سلمنا المغايرة (¬3) وأن المنطوق لا ينفك، فالتلاوة أمارة الحكم ابتداء لا دوامًا، فلا يلزم من نفيها نفيه (¬4)، وبالعكس. قالوا: بقاء التلاوة يوهم بقاء الحكم، فيؤدي إِلى التجهيل وإبطال فائدة القرآن. ¬

_ (¬1) انظر: الواضح 2/ 234أ. (¬2) في (ب) و (ظ): كعدم. (¬3) بين العلم والعالمية، وبين الحركة والمتحركية. (¬4) يعني: فلا يلزم من نفي التلاوة نفي الحكم.

مسألة

رد: مبني على التحسين، ثم: لا جهل مع الدليل للمجتهد، وفرض المقلِّد التقليد، والفائدة: الإِعجاز وصحة الصلاة به. مسألة (¬1) سبق (¬2) نسخ الخبر في نسخ الأمر المقيد بالتأبيد. وقال الآمدي (¬3): نسخ تلاوة خبر ماض أو مستقبل وتكليف (¬4) الإِخبار به -تغيَّر مدلوله أوْ لا- جائز بلا خلاف. ويجوز نسخ تكليفنا بالإِخبار عما لا يتغير بتكليفنا بالإِخبار بنقيضه. ومنعه المعتزلة (¬5)؛ بناء على التحسين العقلي ورعاية المصلحة في أفعاله تعالى. ونسخ مدلول خبر لا يتغير محال إِجماعًا، وإلا جاز (¬6) عند عبد الجبار وأبي عبد الله وأبي الحسين (¬7) من المعتزلة والآمدي (¬8)، ¬

_ (¬1) نهاية 164 أمن (ب). (¬2) في ص 1131. (¬3) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 144. (¬4) يعني: ونسخ تكليف الإخبار به. (¬5) انظر: المعتمد/ 419. (¬6) نهاية 115 ب من (ظ). (¬7) انظر: المعتمد/ 419، والإِحكام للآمدي 3/ 144. (¬8) انظر: الأحكام للآمدى 3/ 145.

مسألة

لتكرُّر (¬1) مدلوله كما في الأمر، وكالخبر بمعنى الأمر. ومنعه ابن الباقلاني (¬2) والجبائية (¬3) وجماعة من الفقهاء والمتكلمين. ومنعه بعضهم في الخبر الماضي (¬4). مسألة يجوز نسخ القرآن بالقرآن، والسنة المتواترة بمثلها، والآحاد بمثلها وبالمتواتر. ...................... ويجوز نسخ المتواتر بالآحاد عقلاً، ذكره الآمدي (¬5) اتفاقًا. وذكر الباجي (¬6) المالكي فيه خلافا. ولا يجوز شرعًا، ذكره ابن برهان (¬7) وأبو المعالي (¬8) إِجماعًا. ¬

_ (¬1) فيكون عائد، فالناسخ يكون مبيناً لإخراج بعض ما تناوله اللفظ. (¬2) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 144، والمنتهى لابن الحاجب/ 117. (¬3) انظر: المعتمد/ 420. (¬4) نهاية 336 من (ح). (¬5) انظر: الإِحكام للآمدى 3/ 146. (¬6) انظر: إِحكام الفصول/ 54أ. (¬7) انظر: الوصول لابن برهان/ 55 ب، والمسودة / 206. (¬8) انظر: البرهان/ 1311.

وجوزه داود (*) والظاهرية. وقيل: يجوز زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -، واختاره الباجي (¬1)، قال: لا يجوز بعده إِجماعًا. ........................ ولا يجوز نسخ القرآن بالآحاد. وجزم القاضي (¬2) بجوازه في مسألة تخصيصه به، وقال: "نص أحمد على هذا؛ قال: يجب العمل به، ثم ذكر قصة قباء، وخبر الخمر (¬3) أهْرَقوها ولم ينظروا (¬4) غيره (¬5) "، قال: فاحتج بقصة قباء وأن الصحابة أخذت بالخبر وإن كان فيه نسخ. وكذا ابن (¬6) عقيل (¬7)، وأنه مذهب أحمد، وقال: "وهي تشبه مذهبه ¬

_ (*) انظر: الإِحكام لابن حزم/ 617، والوصول لابن برهان/ 55 ب، والإِحكام للآمدي 3/ 146. (¬1) انظر: إِحكام الفصول/ 54أ، والإِشارات/ 74. (¬2) انظر: العدة/ 554. (¬3) في (ب) و (ظ): الحمر. (¬4) ينظروا: بمعنى ينتظروا. انظر: معجم مقاييس اللغة 5/ 444، ولسان العرب 7/ 73. (¬5) هذا الخبر رواه أنس. أخرجه البخاري في صحيحه 7/ 105، ومسلم في صحيحه/ 1570 - 2572. (¬6) نهاية 164 ب من (ب). (¬7) انظر: الواضح 1/ 48 أ- ب، 2/ 146 أ.

في إِثبات الصفات بها، وهو أكثر من النسخ"، وقرره في فنونه (¬1)، وقال -فيه (¬2) وفي القياس-: يصير كأن الشارع قال: "اقطعوا بحكم كلامي ما لم يضاده خبر واحد أو قياس"، هذا هو التحقيق، وبناه على أن العمل بهما (¬3) قطعي. وذكر أبو الخطاب (¬4) النسخ بالآحاد عن بعض الظاهرية، وقال: في هذه المسألة نظر؛ لأن دليل المخالف فيها قوي ظاهر. وقال بعض أصحابنا: الأصح عن أحمد وقوعه. كذا قال. وقال في قراءة الفاتحة من الانتصار (¬5) -وقاله القاضي (¬6) -: الثابت باليقين كان يحتمل الرفع بخبر واحدٍ زمنه عليه السلام؛ لأنه ثابت لعدم (¬7) دلالة الرفع، فيرتفع بأدنى دليل، ألا ترى إِلى قصة قباء. وذكر (¬8) ابن الباقلاني (¬9) -فيما ذكر ابن حاتم في اللامع (¬10) -: "أن ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 203. (¬2) يعني: في خبر الواحد. (¬3) يعني: بخبر الواحد والقياس. (¬4) انظر: التمهيد / 99 ب، 100أ. (¬5) انظر: الانتصار 1/ 216أ، والمسودة/ 205. (¬6) انظر: المسودة/ 205. (¬7) يعني: ثبوته إِنما كان لعدم دلالة دليل على الرفع. (¬8) في (ظ): وذكره. (¬9) نهاية 337 من (ح). (¬10) انظر: المسودة / 204.

الآحاد التي قامت الحجة على ثبوتها كالمتواتر هنا، وعن أبي يوسف المنع بها" (¬1). قال بعض أصحابنا (¬2): هذا يقتضي أن من أصله (¬3) أن بعض الآحاد كالمتواتر (¬4). احتج المانع: بما سبق (¬5) في منع التخصيص به. وأيضًا: قاطع، فلا يرفع بالظن. رد: خبر الواحد دلالته قطعية، فيرفع دلالة ظنية (¬6). فإِن قيل: فيكون مخصِّصاً. رد: يكون نسخاً إِذا ورد بعد العمل بقرآن أو متواتر عامين. واحتج ابن عقيل (¬7): بأن رد الصحابة لبعض قراءة ابن مسعود تنبيه لرد روايته في نسخه. ¬

_ (¬1) يعني: بالآحاد، وقال: لا يجوز إِلا بأخبار متواترة. (¬2) انظر: المسودة/ 204. (¬3) يعني: أصل الباقلاني. (¬4) في (ب): كالتواتر. (¬5) في ص 959. (¬6) وهي البقاء. (¬7) انظر: الواضح 2/ 261 ب.

احتج (¬1) المجوز: بقصة قباء السابقة (¬2) في خبر الواحد. رد: يحتمل أنه - عليه السلام - كان (¬3) وعدهم أو أخبرهم بنسخه إِذا جاءهم رسوله، أو أعلن الناس به، وهم بقرب مسجده. وأيضًا: سبق (¬4): أنه كان يبعث الآحاد لتبليغ الأحكام. رد: إِن كان منها ناسخ لمتواتر فمعلوم بالقرائن. وأيضًا: (قل لا أجد في ما أوحي إِليّ مُحَرَّماً) (¬5) نُسِخ بنهيه عن كل ذي ناب من السباع (¬6). رد: ليس فيها إِباحة الجميع (¬7)، وبالتخصيص، وبأن (لا أجد) للحال (¬8)، وتحريم مباح الأصل ليس بنسخ. ¬

_ (¬1) نهاية 116أمن (ظ). (¬2) في ص 507. (¬3) نهاية 165 أمن (ب). (¬4) في ص 511. (¬5) سورة الأنعام: آية 145. (¬6) نهى الرسول عن كل ذي ناب من السباع: أخرجه البخاري في صحيحه 7/ 96 من حديث أبي ثعلبة الخشني، ومسلم في صحيحه 1533 - 1534 من حديث أبي ثعلبة وابن عباس، وأبو داود في سننه 4/ 151، 159 - 160 من حديث خالد بن الوليد وأبي ثعلبة وابن عباس، والترمذي في سننه 3/ 60 من حديث أبي ثعلبة، والنسائي في سننه 7/ 200 - 201، 206 من حديث أبي ثعلبة وابن عباس، وابن ماجه في سننه / 1077 من حديث أبي ثعلبة وابن عباس. (¬7) في (ب): والجميع. (¬8) في (ح): (وبأن معناها لا أجد الآن)، وكتب فوقها: وبأن (لا أجد) للحال.

مسألة

مسألة يتعين الناسخ بعلم تأخره (¬1) -زاد بعض أصحابنا: أو ظنِّه- أو بقوله -عليه السلام-: "هذا ناسخ"، أو معناه نحو: (كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزورها) (¬2)، أو بالإِجماع، أو بقول (¬3) الراوي: "كان هذا وقت كذا، وهذا وقت كذا"، وتقدُّم أحدهما معلوم. وإن قال الصحابي: "هذه (¬4) الآية منسوخة" لم يُقبل حتى يخبر بماذا نُسِخت، قال القاضي (¬5): "أومأ إِليه أحمد، كقول الحنفية والشافعية (¬6) ". وذكر ابن عقيل (¬7) رواية: يُقبل كقول بعضهم؛ لعلمه فلا احتمال. ¬

_ (¬1) في (ح): تأخيره. (¬2) هذا جزء من حديث رواه بريدة مرفوعًا. أخرجه مسلم في صحيحه/ 672، 1564، وأبو داود في سننه 3/ 558، 4/ 97 - 98، والترمذي في سننه 2/ 259 - وقال: حسن صحيح- والنسائي في سننه 4/ 89. وقد أخرجه ابن ماجه في سننه/ 501 من حديث ابن مسعود مرفوعًا. وأخرجه مالك في الموطأ/ 485، والشافعي (انظر: بدائع المنن 1/ 220) من حديث أبي سعيد مرفوعًا. (¬3) في (ح): أو يقول. (¬4) نهاية 338 من (ح). (¬5) انظر: العدة/ 835 - 836. (¬6) انظر: اللمع/ 36. (¬7) انظر: الواضح 2/ 270أ.

وقاله بعض أصحابنا (¬1) إِن كان هناك نص يخالفها، عملاً بالظاهر. ..................... وإن قال: "نزلت هذه بعد هذه" قُبِل، ذكره القاضي (¬2) وغيره، وهو ظاهر قول من سبق، وجزم به بعض الشافعية (¬3). وجزم الآمدي (¬4) بالمنع؛ لتضمنه (¬5) نسخ متواتر بآحاد. وذكر (*) بعضهم تردداً؛ للعلم بنسخ أحدهما (¬6)، وخبر الواحد معين للناسخ (¬7). وذكر الباجي (¬8) المالكي قولاً: إِنْ ذكر الناسخ لم يقع به نسخ، وإلا وقع. ......................... وإن قال: "هذا الخبر منسوخ" فكالآية. ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 230. (¬2) انظر: العدة/ 832. (¬3) كالبيضاوي في منهاجه. انظر: نهاية السول 2/ 193. (¬4) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 181. (¬5) في (ب): كتضمنه. (*) في (ظ): وذكره. (¬6) كذا في النسخ. ولعلها: إِحداهما. (¬7) في (ب): الناسخ. (¬8) انظر: إِحكام الفصول / 54أ.

وجزم أبو الخطاب (¬1): يُقبل، كالرواية الثانية. (¬2) ...................... وإن قال: "كان كذا ونسِخ" قُبِل قوله في النسخ في قياس مذهبنا -قاله بعض أصحابنا (¬3) - وقاله الحنفية (¬4). وقال (¬5) ابن برهان (¬6): لا يقبل عندنا. وجزم به الآمدي (¬7). وقال القاضي (¬8): خبر الواحد إِذا أخبر به صحابي وقال: "منسوخ" قُبِل عند من يجوّز رواية الخبر بالمعنى، وإِلا فلا. ...................... ولا يثبت كون الحكم منسوخًا بقبليته في المصحف. ولا كونه ناسخًا بحداثة الصحابي، ولا بتأخر إِسلامه -خلافاً للروضة (¬9) فيه (¬10) - ولا بموافقته للأصل، ولا بعقل وقياس. ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد/ 127 ب. (¬2) نهاية 165 ب من (ب). (¬3) انظر: المسودة/ 231. (¬4) انظر: فواتح الرحموت 2/ 95. (¬5) في (ب): وقاله. (¬6) انظر: الوصول لابن برهان / 157، والمسودة/ 231. (¬7) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 181. (¬8) انظر: العدة/ 837. (¬9) انظر: روضة الناظر/ 89. (¬10) يعني: في حالة تأخر إسلامه.

مسألة

وإِذا لم يعلم وقف أو يتخير. ويأتي (¬1). ................. مسألة ويعتبر: تأخر الناسخ، وإلا فاستثناء أو تخصيص. والتعارض، فلا نسخ إِن أمكن الجمع. ومن قال: "نُسِخ صوم عاشوراء برمضان" فالمراد: [وافق] (¬2) نسخ عاشوراء فرض رمضان، فحصل النسخ معه لا به. وأن (¬3) لا يكون أضعف من المنسوخ. وفي التمهيد (¬4): اشترطه أصحابنا كنسخ قرآن بآحاد (¬5). كذا قال (¬6). مسألة مذهب الأئمة الأربعة وعامة الفقهاء والمتكلمين: جواز نسخ السنة بالقرآن. ¬

_ (¬1) في ص 1501 - 1502. (¬2) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ظ). (¬3) في (ظ): أن لا يكون. (¬4) انظر: التمهيد/ 94أ. (¬5) نهاية 339 من (ح). (¬6) نهاية 117 ب من (ظ).

وعن أحمد (¬1) والشافعي (¬2) وبعض الشافعية (¬3): المنع. لنا: لا يلزم عنه محال لذاته، والأصل عدم مانع لغيره (¬4). ووجوب التوجه إِلى بيت المقدس -وتأخيره صلاة الخوف يوم الخندق (¬5)، وتحريم المباشرة ليلاً في رمضان، وصوم عاشوراء- نُسِخ بالقرآن. عورض: بجواز نسخه بسنة وافقت القرآن. رد: خلاف الظاهر، والأصل عدمه، وبأنه يمنع تعيين ناسخ (¬6). وأيضًا: القرآن أعلى. ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 206. (¬2) انظر: الرسالة/ 108، والإِحكام للآمدي 3/ 150. (¬3) انظر: اللمع/ 35، والتبصرة/ 272. (¬4) في (ح): كغيره. (¬5) تأخير صلاة الخوف يوم الخندق: رواه أبو سعيد الخدري. أخرجه النسائي في سننه 2/ 17، والدارمي في سننه 1/ 296، وأحمد في مسنده 3/ 25، والشافعي (انظر: بدائع المنن 1/ 55)، وابن خزيمة في صحيحه 2/ 99، وابن حبان في صحيحه (انظر: موارد الظمآن/ 94). ثم نسخ تأخيرها بالقرآن، قال تعالى: (فإِن خفتم فرجالاً أو ركبانًا) سورة البقرة: آية 239، وقال تعالى: (وإذا كنت فيهم فأقمتَ لهم الصلاة) الآية. سورة النساء: آية 102. وانظر: تفسير الطبري 5/ 237، 9/ 141 ط: دار المعارف. (¬6) يعني: لو صح ما ذكر لما أمكن تعيين ناسخ أبداً؛ لتطرق مثل ذلك الاحتمال إِليه، وهو خلاف الإِجماع.

قالوا: (لتبين للناس) (¬1)، (¬2) والنسخ رفع. رد: معناه: "لتبلغ"، ثم: النسخ بيان، ثم: ليس (¬3) فيه منع النسخ (¬4). (¬5) قالوا: مُنَفِّر عنه عليه [السلام] (¬6). رد: يبطل بأصل النسخ (¬7)، ولا نفرة مع العلم بأنه مبلغ. قالوا: يشترط كون الناسخ من جنس المنسوخ. رد: بالمنع، قال في التمهيد (¬8): ولهذا يُنْسخ حكم العقل بالشرع، وهم لا يسمونه نسخًا، والنسخ رفع، وقد وجد. ثم (8): ليس الكلام في الأسماء (¬9). ¬

_ (¬1) سورة النحل: آية 44. (¬2) فالرسول عمله البيان. (¬3) نهاية 166 أمن (ب). (¬4) في (ب) و (ظ): للنسخ. (¬5) يعني: كونه مبينًا لا ينفي كونه ناسخًا أيضاً؛ لأنه قد يكون مبينًا لما ثبت من الأحكام ناسخًا لما ارتفع منها، ولا منافاة بينهما. (¬6) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬7) فلو امتنع نسخ السنة بالقرآن -لدلالته على أن ما شرعه أولاً غير مرضي- لامتنع نسخ القرآن بالقرآن والسنة بالسنة، وهو خلاف إجماع القائلين بالنسخ. (¬8) انظر: التمهيد/ 100 أ. (¬9) فالناسخ -هنا- من جنس المنسوخ، وإن اختلف الاسم، فالكل وحي.

مسألة

مسألة يجوز -عقلاً- نسخ قرآن بخبر مواتر، قاله القاضي (¬1)، وقال: ظاهر كلام أحمد منعه. واختلفت الشافعية (¬2)، قال ابن الباقلاني (¬3): منهم من منعه تبع القدرية في الأصلح. .................... ويجوز شرعًا في رواية عن أحمد -اختارها أبو الخطاب (¬4) - وقاله أكثر الفقهاء والمتكلمين (¬5)، منهم: الحنفية (¬6) وأكثر المالكية (¬7). ثم: قيل: وقع، واختاره ابن عقيل (¬8)، وذكره في المغني (¬9) عن أصحابنا في حد الزنا. ¬

_ (¬1) انظر: العدة/ 801، وروضة الناظر/ 84. (¬2) انظر: اللمع/ 35، والإِحكام للآمدي 3/ 153. (¬3) انظر: المسودة/ 204. (¬4) انظر: التمهيد/ 97 ب. (¬5) نهاية 340 من (ح). (¬6) انظر: أصول السرخسي 2/ 67، وكشف الأسرار 3/ 167. (¬7) انظر: الإِشارات/ 71، والمنتهى لابن الحاجب/ 118، وشرح تنقيح الفصول/ 313. (¬8) انظر: الواضح 2/ 246 ب، 260 أ. (¬9) انظر: المغني 9/ 34.

وقيل: لا، واختاره أبو الخطاب (¬1). ومنعه أحمد (¬2) في الأشهر عنه -واختاره ابن أبي موسى (¬3) والقاضي (¬4) وصاحب الروضة (¬5) - وقاله الشافعي (¬6) وأكثر أصحابه وأكثر الظاهرية (¬7). وجه الأول: ما سبق: لا يلزم عنه محال. وأيضاً: (لتبين للناس) (¬8). وللقطع بأن القاطع يرفع القاطع، ولا أثر للفضل، ككلام النبي المسموع منه والمتواتر. واستدل: بأن (لا وصية لوارث) نَسَخ الوصية للوالدين والأقربين (¬9)، ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد/ 99 أ. (¬2) انظر: العدة/ 788. (¬3) انظر: المسودة/ 202. (¬4) انظر: العدة/ 788. (¬5) انظر: روضة الناظر/ 84 - 85. (¬6) انظر: الرسالة/ 106، والتبصرة/ 264، والإِحكام للآمدي 3/ 153. (¬7) كذا -أيضًا- حكى عنهم الآمدي في الإِحكام 3/ 153. والذي ذكره ابن حزم في الإِحكام/ 617 هو الجواز. (¬8) سورة النحل: آية 44. (¬9) قال الزركشي في المعتبر/ 178: في جعل هذا -يعني: النسخ بـ (لا وصية لوارث) - من نسخ القرآن بالسنة وأنه أبطل الوصية للأقربين نظر من وجهين:=

ورجم المحصن نسخ الجلد (¬1). أجيب: آحاد (¬2). وبنسخ الوصية بآية الميراث (¬3)، أو بقوله بعدها: (تلك حدود الله) (¬4) إِلى قوله: (ومن يعص الله) الآية (¬5). والجلد لم ينسخ، أو دل عدم فعله على ناسخ. ¬

_ =أحدهما: أنه من نسخ القرآن بالقرآن، والناسخ آية المواريث، وفي صحيح البخاري ما يدل عليه. الثاني: أن هذا ليس من باب النسخ، وغايته أنه مجمل فسرته الوصية أو عام خصص به، قال الأستاذ أبو إِسحاق الإسفراييني: لا يجوز أن يقال: "الوصية للوارث منسوخة بآية المواريث"؛ لإِمكان الجمع. (¬1) قال الزركشي في المعتبر/ 78 ب- 79أ: يعني أن الجلد كان ثابتًا بالقرآن لكل زان محصن وغيره، وهو قوله تعالى: (الزانية والزاني فاجلدوا)، ثم نسخ بالسنة المتواترة بحديث ماعز والغامدية وحديث (خذوا عني ...)، وفي التمثيل بهذا نظر من وجهين: أحدهما: أن ابن بطال حكى عن بعضهم أن الرجم ثابت بالقرآن، إِما بقوله: (ويدرأ عنها العذاب)، أو بما كان قرآنًا ونسخت تلاوته لحديث عمر: "الشيخ والشيخة إِذا زنيا فارجموهما". ولهذا قال النبي -في قصة العسيف-: (لأقضين بينكم بكتاب الله)، وجعل على المرأة الرجم. الثاني: سلمنا، لكن دعوى النسخ ممنوعة لإمكان الجمع، إِذ المرفوع من قوله: (الزانية والزاني) حكم المحصن، فهو تخصيص؛ لأنه رفع البعض، لا نسخ؛ لأنه لم يرفع الكل. (¬2) وهو خلاف الفرض، إِذ فرض المسألة في المتواتر. (¬3) سورة النساء: آية 11. (¬4) سورة النساء: آية 13. (¬5) سورة النساء: آية 14.

قالوا: (نأتِ بخير منها أو مثلها) (¬1). أجيب: لا عموم، (¬2) وليس فيه ما يدل أن ما يأتي هو الناسخ، ولا أنه من جنس المنسوخ، والمراد: حكم أنفع للمكلف، والجميع من الله (¬3). رد الأولان: خلاف الظاهر، قال ابن عقيل (¬4): "والمماثلة تقتضي إِطلاقها من كل وجه"، وقاله القاضي (¬5) وغيره، مع قول بعضهم: قد يتفاوتان شدة كالحركتين والسوادين، قال الجوهري (¬6): "مثل" (*) كلمة تسوية. قالوا (¬7): (قل ما يكون لي أن أبدله) (¬8). أجيب: أي الوحي (¬9)، ثم: السنة بوحي. وبه يجاب عن قولهم: "القرآن أصل (¬10) "، ثم: المنسوخ ليس أصلاً. ¬

_ (¬1) سورة البقرة: آية 106. (¬2) نهاية 166 ب من (ب). (¬3) هذا جواب اعتراض مقدر، وهو: أنه قال: (نأت)، والضمير لله. (¬4) انظر: الواضح 2/ 247 أ. (¬5) انظر: العدة/ 790، 791. (¬6) انظر: الصحاح/ 1816. (*) نهاية 117 أمن (ظ). (¬7) في (ظ): قال. (¬8) سورة يونس: آية 15. (¬9) يعني: لفظه، بأن يضع ما لم ينزل مكان ما نزل. (¬10) يعني: فالسنة أصل أيضًا.

قالوا: القرآن أقوى؛ لإِعجازه ويثاب بعد حفظه على تلاوته، بخلاف السنة -قالوا القاضي (¬1): بلا خلاف- فلا مماثلة، وكذا ذكر ابن عقيل (¬2) وغيره: "يثاب على تلاوته دونها"، واقتصر بعضهم على أنها دونه. رد: الخلاف في الحكم، جزم به في الروضة (¬3) والآمدي (¬4) وغيرهما، وقاله في التمهيد (¬5)؛ لأن اللفظ لا يمكن رفعه إِلا أن يشاء الله، قالوا: ويحتمل أن يجوز بأن يقول - عليه السلام -: "لا تقرؤوا هذه الآية"، وجزم القاضي (¬6) بهذا وأن الخلاف في الجميع، ومعناه لابن عقيل (¬7). وفي التمهيد (¬8): بعض آية لا إِعجاز فيها، ويجوز نسخ آية فيها إِعجاز بآية لا إِعجاز فيها (¬9)، ومن سلم اعتبار (¬10) المماثلة (¬11)؟ قالوا: عن جابر مرفوعًا: (كلامي لا ينسخ كلام الله، وكلام الله ينسخ ¬

_ (¬1) انظر: العدة/ 795. (¬2) انظر: الواضح 2/ 247 ب، 261 ب. (¬3) انظر: روضة الناظر/ 85. (¬4) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 159. (¬5) انظر: التمهيد/ 99 أ. (¬6) انظر: العدة/ 794. (¬7) انظر: الواضح 2/ 248أ، 258 ب. (¬8) انظر: التمهيد/ 98أ، ب. (¬9) نهاية 341 من (ح). (¬10) في (ب) و (ظ): اعتبر. (¬11) هذا جواب سؤال مقدر، وهو: الآيات متماثلة، والقرآن والسنة غير متماثلين.

مسألة

كلامي، وكلام الله ينسخ بعضه بعضًا). رواه الدارقطني (¬1). رد: موضوع (¬2)، فيه جبرون (¬3) بن واقد. مسألة أصحابنا والجمهور: أن الإِجماع لا ينسخ؛ لأنه إِن نُسِخ بنص أو إِجماع قاطعين فالأول خطأ، وهو باطل، وإلا (¬4) (¬5) فالقاطع مقدم. قالوا: لو أجمعوا على قولين فهي اجتهادية إِجماعًا، فلو اتفقوا [على] (¬6) أحدهما كان نسخًا لحكم الإِجماع. رد: بمنع انعقاد إِجماع ثان. ثم: شرط الإِجماع الأول عدم إِجماع ثان، فانتفى لانتفاء (¬7) شرطه. ¬

_ (¬1) انظر: سنن الدارقطني 4/ 145. (¬2) انظر: ميزان الاعتدال 1/ 388، والتعليق المغني على الدارقطني 4/ 145. (¬3) الإفريقي، روى عن سفيان بن عيينة، وعنه محمَّد بن داود القنطري، قالوا الذهبي: متهم. وفي "المغني في الضعفاء": ليس بثقة. انظر: ميزان الاعتدال 1/ 387، والمغني في الضعفاء 1/ 127. (¬4) يعني: وإن لم يكن الناسخ نصًا أو إِجماعًا قاطعين. (¬5) نهاية 167أمن (ب). (¬6) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬7) في (ظ): بانتفاء.

مسألة

مسألة أصحابنا والجمهور: أن الإِجماع لا يُنسخ به؛ لأنه إِن كان عن نص فهو الناسخ، وإن كان عن قياس فالمنسوخ إِن كان قطعيًا فالإِجماع خطأ -لانعقاده بخلافه- وإن كان ظنيًا زال شرط العمل به، وهو رجحانه على معارضه الذي هو سند الإِجماع، وإلا يكون الإِجماع خطأ (¬1)، ومع زواله لا (¬2) ثبوت له، فلا نسخ. قالوا: ما سبق (¬3) في أقل الجمع من قول ابن عباس لعثمان وردّه عليه. أجيب: حجب الأم عن الثلث إِنما يكون نسخًا لو ثبت المفهوم (¬4)، وأن الأخوين ليسا بإِخوة قطعًا، فيجب (¬5) تقدير نص دل على حجبها عن الثلث، وإلا كان الإِجماع خطأ (¬6)، فالنص الناسخ (¬7). مسألة أصحابنا والجمهور: أن القياس لا يُنسخ به. وجوزه ابن سريج (¬8)، وحكاه ابن برهان (8) عن أصحابه. ¬

_ (¬1) إِذ كيف يجمع على قياس مع رجحان غيره عليه؟. (¬2) في (ب): ولا. (¬3) في ص 781. (¬4) يعني: بأن تفيد الآية عدم حجب ما ليس بإِخوة قطعًا. (¬5) يعني: لو سلم وجب تقدير نص ... إِلخ. (¬6) لمخالفته للقاطع. (¬7) في (ب): ناسخ. (¬8) انظر: المسودة/ 225.

وجوزه أبو (¬1) القاسم الأنماطي (¬2) (¬3) الشافعي بقياس جلي، ومعناه اختيار الباجي (¬4) المالكي والآمدي (¬5). وعن طائفة: ما جاز التخصيص به جاز النسخ. ونقض: بالعقل (¬6) والحس. وجه الأول: أن المنسوخ: إِن كان قطعيًا لم ينسخ بمظنون، وإن كان ظنيًا فالعمل به مقيد برجحانه على معارضه، وتبين بالقياس زوال شرط العمل به -وهو رجحانه- فلا ثبوت له، فلا نسخ. ....................... وأما القياس فلا يُنسخ- ذكره القاضي (¬7)، وذكره الآمدي (¬8) عن ¬

_ (¬1) انظر: التبصرة/ 274. (¬2) هو: عثمان بن سعيد بن بشار، صاحب المزني والربيع، أصولي فقيه، اشتهرت به كتب الشافعي ببغداد، وعليه تفقه ابن سريج. توفي سنة 288 هـ. انظر: تاريخ بغداد 11/ 292، والعبر 2/ 81، ووفيات الأعيان 2/ 406، وطبقات الشافعية للسبكي 2/ 301، ومرآة الجنان 2/ 215. (¬3) نهاية 342 من (ح). (¬4) انظر: إِحكام الفصول/ 54 ب. وقال في الإِشارات/ 75: فأما القياس فلا يصح النسخ به جملة. (¬5) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 164. (¬6) نهاية 117 ب من (ظ). (¬7) انظر: العدة/ 827. (¬8) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 163.

أصحابنا- لبقائه (¬1) ببقاء أصله. وعن بعض المعتزلة (¬2): الجواز والمنع. واختار أبو الخطاب (¬3): لا نسخ إِلا إِن ثبت القياس في وقته -عليه السلام- بنصه على العلة أو تنبيهه، فيجوز نسخه بنصه، كـ "حرمتُ التفاضل (¬4) في البُرِّ؛ لأنه مطعوم"، ثم يقول: "بيعوا الأرز بالأرز متفاضلاً". وقاله ابن عقيل (¬5) -وأن قومًا قال: يكون تخصيصًا للعلة بالطعم في البُرِّ- وابن برهان (¬6) وأبو الحسين (¬7)، وقال: "ويجوز نسخه بقياس أمارته أقوى من أمارة الأول"، وقاله الآمدي (¬8)، قال: إِلا أن من ذهب إِليه (¬9) بعد النبي عليه السلام -ثم بان ناسخه- نتبين أنه كان منسوخًا (¬10)، قال: وسواء ¬

_ (¬1) نهاية 167 ب من (ب). (¬2) انظر: المعتمد/ 434، والإِحكام للآمدي 3/ 163. (¬3) انظر: التمهيد/ 100 ب. (¬4) في (ب) و (ظ): الفضل. (¬5) انظر: المسودة/ 215 وقال: قاله ابن عقيل في أواخر كتابه. (¬6) انظر: الوصول لابن برهان/ 56 أ- ب. (¬7) انظر: المعتمد/ 434. (¬8) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 163 - 164. (¬9) يعني: إِلى القياس. (¬10) لا أن النسخ تجدد، وفرق ما بين الأمرين.

مسألة

قلنا: " [إِن] (¬1) كل مجتهد مصيب" أوْ لا. وكذا لم يفرق أصحابنا. وقال أبو الحسين (¬2): من لم يقل به (¬3) لا يقول بتعبده بالقياس الأول، فرفْعه لا يُعلم (¬4). وفي الروضة (¬5): ما ثبت بالقياس: إِن نُصّ على علته فكالنص -يُنسخ ويُنسخ به- وإلا فلا. مسألة ما حكم به الشارع مطلقًا أو في أعيان لا يجوز تعليله بعلة مختصة بذلك الوقت عندنا وعند الشافعية. وجوزه الحنفية والمالكية؛ ذكروه في مسألة التخليل (¬6)، وذكره المالكية في حكمه (¬7) بتضعيف الغرم على سارق الثمر ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين من (ظ). (¬2) انظر: المعتمد/ 435، والإِحكام للآمدي 3/ 163. (¬3) يعني: بأن كل مجتهد مصيب. (¬4) يعني: لا يكون رفعه متحققًا. (¬5) انظر: روضة الناظر/ 87. (¬6) يعني: تخليل الخمر. فقد قالوا: إِن النهي الوارد عن تخليلها إِنما كان في ابتداء التحريم منعاً لهم من أن يحوموا حول الخمور. فانظر: العناية على الهداية 8/ 167، وبداية المجتهد 1/ 492. (¬7) في (ب) و (ظ): حكم.

المعلق (¬1) ومانع الزكاة (¬2) (¬3) ¬

_ (¬1) ورد من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعًا. أخرجه أبو داود في سننه 4/ 550 - 551، والنسائي في سننه 8/ 85 - 86، وابن ماجه في سننه/ 865 - 866، وابن الجارود في المنتقى/ 281، والدارقطني في سننه 3/ 195، والبيهقي في سننه 8/ 278، وأحمد في مسنده 2/ 180، والحاكم في مستدركه 4/ 381 وقال: هذه سنة تفرد بها عمرو بن شعيب بن محمَّد عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص، إِذا كان الراوي عن عمرو بن شعيب ثقة فهو كأيوب عن نافع عن ابن عمر. ووافقه الذهبي في التلخيص. (¬2) نهاية 343 من ح. (¬3) أخرج البخاري في صحيحه 2/ 122 عن أبي هريرة قال: أمر رسول الله بالصدقة، فقيل: منع ابن جميل وعباس بن عبد الطلب. فقال النبي: (... وأما العباس فعَمُّ رسول الله، فهي عليه صدقة ومثلها معها). وأخرجه مسلم في صحيحه/ 676 - 677 بلفظ: (فهي علي ومثلها معها). قال ابن حجر في فتح الباري 3/ 333: فعلى الرواية الأولى (فهي عليه صدقة ومثلها معها) يكون - عليه السلام - ألزمه بتضعيف صدقته ليكون أرفع لقدره وأنبه لذكره وأنفى للذم عنه، فالمعنى: فهي صدقة ثابتة عليه سيصّدّق بها ويضيف إِليها مثلها كرماً. ودلت رواية مسلم على أنه - عليه السلام - التزم بإِخراج ذلك عنه، لقوله: (فهي علي)، وفيه تنبيه على سبب ذلك وهو قوله: (إِن العم صنو الأب). ثم قال ابن حجر في الفتح 3/ 334: وأبعد الأقوال كلها قول من قال: كان هذا في الوقت الذي كان فيه التأديب بالمال، فألزم العباس -بامتناعه من أداء الزكاة- بأن يؤدي ضعف ما وجب عليه، لعظم قدره وجلالته، كما في قوله تعالى -في نساء النبي-: (يضاعف لها العذاب ضعفين) الآية. سورة الأحزاب: آية 30. وقد ذكر ابن قدامة في المغني 2/ 428: أن إِسحاق بن راهويه وأبا بكر عبد العزيز قالا -فيمن منع الزكاة-: يأخذها الإمام وشطر ماله؛ لما روى بهز بن حكيم عن أبيه عن=

وتحريق متاع (¬1) الغال (¬2). وهو شبهة من يقول: انقطع حكم المؤلَّفة. لنا: لا يجوز رفع حكم شرعي بغير دليل شرعي. ¬

_ =جده -معاوية بن حيدة- عن النبي أنه قال: (... ومن أباها -أي: الزكاة- فإِني آخذها وشطر ماله). أخرجه أبو داود في سننه 2/ 333، وأحمد في مسنده 5/ 2، 4، والبيهقي في سننه 4/ 105، وابن الجارود في المنتقى/ 125، والحاكم في مستدركه 1/ 398 وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. وقال المنذري في مختصر سنن أبي داود 2/ 194: وبهز بن حكيم وثقه بعضهم وتكلم فيه بعضهم. فانظر: ميزان الاعتدال 1/ 353. وقال ابن قدامة في المغني 2/ 428: واختلف أهل العلم في العذر عن هذا الخبر، فقيل: كان في بدء الإِسلام حيث كانت العقوبات في المال، ثم نسخ ... وراجع: معالم السنن 2/ 233 - 234. (¬1) انظر: تفسير القرطبي 2/ 259 - 260. (¬2) أخرج أبو داود في سننه 3/ 157 عن عمر عن النبي قال: (إِذا وجدتم الرجل قد غل فأحرقوا متاعه واضربوه). وأخرجه الترمذي في سننه 3/ 11 - وقال: غريب لا نعرفه إِلا من هذا الوجه، وسألت محمدًا "يعني البخاري" فقال: إِنما روى هذا صالح بن محمَّد بن زائدة، وهو أبو واقد الليثي، وهو منكر الحديث - والدارمي في سننه 2/ 149، وأحمد في مسنده 1/ 22، والبيهقي في سننه 9/ 102 - 103 وضعفه، والحاكم في مستدركه 2/ 127 - 128 وقال: صحيح الإِسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. وأخرج أبو داود في سننه 3/ 158، والبيهقي في سننه 9/ 102 عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن رسول الله وأبا بكر وعمر حرقوا متاع الغال وضربوه. وروي عنه مرسلاً.

ثم: قيل: قد تزول العلة ويبقى الحكم، كالرَّمَل والاضطباع. وقيل: النطق حكم مطلق، وإن كان سببه خاصًا. وتمسّك الصحابة بنهيه (¬1) عن الادخار في العام القابل (¬2). قال (¬3) بعض أصحابنا (¬4): وهل يجوز تعليل حكم مطلق بعلة قد زالت، لكن إِذا عادت يعود (¬5)؟ فيه نظر، وعكسه: تعليل الناسخ بعلة مختصة بذلك الزمان بحيث إِذا زالت العلة زال النسخ، لكن وقوعه في خطاب عام فيه نظر. ¬

_ (¬1) أخرج مسلم في صحيحه/ 1560 عن ابن عمر عن النبي قال: (لا يأكل أحد من لحم أضحيته فوق ثلاثة أيام). وأخرجه البخاري -بنحوه- في صحيحه 7/ 104. (¬2) أخرج البخاري في صحيحه 7/ 103، ومسلم في صحيحه/ 1563 عن سلمة بن الأكوع: ... فلما كان في العام المقبل قال: يا رسول الله أنفعل كما فعلنا عام أول؟ فقال: (لا؛ إِن ذاك عام كان الناس فيه بجهد فأردت أن يفشو فيهم). وأخرج مسلم في صحيحه/ 1561 عن عائشة قالت: قال رسول الله: (ادخروا ثلاثاً، ثم تصدقوا بما بقي)، فلما كان بعد ذلك قال: يا رسول الله، إِن الناس يتخذون الأسقية من ضحاياهم ويجملون منها الودك، فقال رسول الله: (وما ذاك؟) قال: نهيت أن تؤكل لحوم الضحايا بعد ثلاث. فقال: (إِنما نهيتكم من أجل الدافة). (¬3) نهاية 168أمن (ب). (¬4) انظر: المسودة: 228. (¬5) في (ب): تعود.

مسألة

مسألة الفحوى يُنسخ وينسخ به، ذكره الآمدي (¬1) اتفاقاً. وفي التمهيد (¬2): المنع عن بعض الشافعية. وذكره في العدة (¬3) عن الشافعية -قال: فيما حكاه الإِسفراييني- واختاره بعض أصحابنا. لنا: أنه كالنص. وإن قيل: "قياس" فقطعي، ولهذا (¬4) قال الشافعي (¬5): "لا يجوز أن يرد الشرع بخلافه، وينتقض به حكم الحاكم": وكذا قال أبو الخطاب (¬6): لا يحسن المنع منه -وإن نُهي عن القياس الشرعي- لمناقضته (¬7) (¬8) التعليل، وِإن لم يكن مناقضًا في اللفظ. وقال بعض أصحابنا (¬9): هذا يقتضي أنه مع تسميته قياسًا وانه (¬10) ¬

_ (¬1) انظر: الإحكام للآمدى 3/ 165. (¬2) انظر: التمهيد/ 101أ. (¬3) انظر: العدة/ 828. (¬4) نهاية 118 أمن (ظ). (¬5) حكاه عنه ابن برهان وأبو الطيب. انظر: المسودة/ 346 - 347. (¬6) انظر: التمهيد/ 160 ب. (¬7) في (ب): لمناقضة. (¬8) يعني: لمناقضة المنع. (¬9) انظر: المسودة/ 387. (¬10) في المسودة: فإِنه.

مسألة

مستفاد من دلالة اللفظ، حتى مع النهي عن القياس، فصارت المذاهب ثلاثة. كذا قال. مسألة يجوز نسخ أصل الفحوى -كالتأفيف- دونه، كالضرب، ذكره أبو محمَّد (¬1) البغدادي من أصحابنا، وعليه أكثر كلام ابن عقيل (1)، وقاله القاضي (¬2)، وحكي عن الحنفية (¬3) وغيرهم. وفي الروضة (¬4): المنع، وذكره الآمدي (¬5) قول الأكثر. ويجوز نسخ الفحوى دون أصله في ظاهر كلام أصحابنا (¬6). وجزم بعض أصحابنا بالمنع، وحكي عن الحنفية (¬7) وغيرهم. واختلف كلام عبد الجبار (¬8) المعتزلي، ومنعه أبو الحسين (8) منهم، وهو أظهر. ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 221. (¬2) انظر: العدة/ 197 أ- ب، والمسودة/ 221. (¬3) انظر: تيسير التحرير 3/ 214، وفواتح الرحموت 2/ 87، والمسودة/ 221. (¬4) انظر: روضة الناظر/ 88. (¬5) انظر: الإحكام للآمدي 3/ 165. (¬6) نهاية 344 من (ح). (¬7) انظر: تيسير التحرير 3/ 214، وفواتح الرحموت 2/ 87. (¬8) انظر: المعتمد/ 437.

ومنع بعضهم هنا (¬1)؛ لأن تحريم التأفيف يستلزم تحريم الضرب؛ لأنه (¬2) معلوم منه، وجوازه (¬3) لا يستلزم جوازه (¬4)؛ لأنه (4) أكثر أذى. قالوا: دلالتان، فجاز رفع كل منهما (¬5). رد: بمنعه (¬6) مع الاستلزام، لامتناع بقاء ملزوم (¬7) بدون لازمه (¬8). قالوا: الفحوى تابع لأصله، فيرتفع به. رد: تابع (¬9) لدلالة المنطوق على حكمه، لا لحكمه، ودلالته باقية. ¬

_ (¬1) يعني: وأجاز هناك. (¬2) نهاية 168 ب من (ب). (¬3) يعني: التأفيف. (¬4) يعني: الضرب. (¬5) يعني: إِفادة اللفظ للأصل والفحوى دلالتان متغايرتان، فجاز رفع كل منهما بدون الأخرى ضرورة. (¬6) يعني: منع دلالة التغاير على رفع كل واحد منهما دون الآخر مع الاستلزام. (¬7) كتحريم التأفيف. (¬8) كتحريم الضرب. (¬9) يعني: دلالة اللفظ على الفحوى متابعة لدلالته على الأصل، وليس حكمها تابعًا لحكمه، فإِن فَهْمنا لتحريم الضرب حصل من فهمنا لتحريم التأفيف لا أن الضرب إِنما كان حراماً لأن التأفيف حرام ولولا حرمة التأفيف لما كان الضرب حراماً، والذي يرتفع هو حكم تحريم التأفيف، لا دلالة اللفظ عليه، فإِنها باقية، فالمتبوع لم يرتفع، والمرتفع ليس بمتبوع.

مسألة

مسألة إِن ثبت حكم المفهوم جاز نسخه، وإلا فلا نسخ. قال في التمهيد (¬1): يجوز نسخه مع بقاء اللفظ؛ لأنه لا ينقض الغرض به، كقول الصحابة في: (الماء من الماء). وسبق (¬2) في المفهوم: هل يبطل ببطلان أصله؟ مسألة إِذا نسخ حكم أصل القياس تبعه حكم الفرع عند أصحابنا والشافعية (¬3)، خلافًا للحنفية (¬4) -أو لبعضهم-[وبعض (¬5) الشافعية] (¬6). وقال القاضي (¬7) -في إِثبات القياس عقلاً-: لا يمتنع عندنا بقاء حكم الفرع مع نسخ حكم الأصل. ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد/ 101 أ. (¬2) في ص 1087. (¬3) انظر: التبصرة/ 275. (¬4) اختار في تيسير التحرير 3/ 215: أنه لا يبقى حكم الفرع. وفي مسلم الثبوت: (ونسب -يعني: بقاء حكم الفرع عند نسخ حكم الأصل- إِلى الحنفية). قال في فواتح الرحموت: أشار إِلى أن هذه النسبة لم تثبت. انظر: فواتح الرحموت 2/ 86. (¬5) انظر: التبصرة/ 275. (¬6) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬7) انظر: العدة / 197أ- ب.

وفي التمهيد (¬1): "يحتمل أن يثبت النسخ في الفرع"، ثم منعه. وَمَثّله أصحابنا -وذكره ابن عقيل (*) عن المخالف- ببقاء حكم النبيذ المطبوخ في الوضوء بعد نسخ النَّيء (¬2)، وصوم رمضان بنية من النهار بعد نسخ عاشوراء (¬3) عندهم. وقال بعض (¬4) أصحابنا (¬5): المنسوخ عندهم تجويز شربه، فتتبعه الطهورية، فإِنها نفس المسألة، وقال (¬6): جاز الوضوء بهما، ثم حرم الأصل، فالمعنى الناسخ اختص به (¬7). ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد/ 152أ، والمسودد/ 220. وفي التمهيد/ 101 أ: مسألة: إِذا ثبت الحكم في عين من الأعيان بعلة نص عليها، وقيس عليه غيره، ثم نسخ ذلك الحكم في تلك العين: بطل الحكم في فروعه. (*) انظر: الواضح 2/ 254 ب- 255أ. (¬2) بقوله تعالى: (فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدًا طيبًا) سورة المائدة: آية 6. انظر: العدة/ 821، وبدائع الصنائع / 114 وما بعدها. (¬3) فالرسول أجاز صوم عاشوراء بنية من النهار، أخرج البخاري في صحيحه 3/ 44، ومسلم في صحيحه/ 798 عن سلمة بن الأكوع قال: أمر النبي رجلاً من أسلم أن أذن في الناس: (أن من كان أكل فليصم بقية يومه ومن لم يكن أكل فليصم، فإن اليوم يوم عاشوراء). (¬4) انظر: المسودة/ 213. (¬5) قال: الأولى صحيحة، وفيها نظر أيضًا؛ فإِن المنسوخ عندهم ... إِلخ. (¬6) انظر: المسودة/ 218. (¬7) يعني: بالأصل.

قال (¬1): والصحيح في الثانية أن ذلك لا يوجب نسخ ذلك الحكم، والمنسوخ وجوب صوم عاشوراء، فسقط إِجزاؤه (¬2) [بنية] (¬3) من النهار لعدم المحل، فأما إِجزاء الواجب بنية من النهار فلم يتعرض لنسخه. وقال (¬4) -أيضًا-: التحقيق أن هذا من باب نسخ الأصل نفسه -الذي هو حكم- هل هو نسخ لصفاته؟. قال (¬5): ويشبه نسخ نفس (¬6) الأصل قرعة يونس، فإِنها لا تجوز في شرعنا؛ لأن المذنب لو عرفناه لم نُلْقِه، فهل نسخ القرعة (¬7) في هذا الأصل نسخ لجنس القرعة؟ قد احتج أصحابنا (¬8) بها (¬9) على القرعة، وقرعة زكريا -كانوا أجانب، وكان لهم في شرعهم ولاية حضانة المحررة (¬10) - فارتفاع الحكم في غير ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 213. (¬2) نهاية 118 ب من (ظ). (¬3) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬4) انظر: المسودة/ 218. (¬5) انظر: المرجع السابق/ 213 - 214. (¬6) في المسودة: بعض. (¬7) نهاية 169 أمن (ب). (¬8) نهاية 345 من (ح). (¬9) أي: بالآية التي فيها القرعة، وهي آية 141 من سورة الصافات. (¬10) في تفسير القرطبي 4/ 66: (محرراً) أي: عتيقًا خالصاً لله خادماً للكنيسة حبيساً عليها مفرغاً لعبادة الله، وكان ذلك جائزاً في شريعتهم، وكان على أولادهم أن يطيعوهم، والأنثى لا تصلح لخدمة الكنيسة.

الأصل لارتفاع الأصل لا يكون رفعاً له في مثل ذلك الأصل إِذا وجد. قال: (¬1) ومثله نهيه لمعاذ عن الجمع بين الائتمام وإمامة قومه (¬2) -إِذا كان للتطويل عليهم-: هل هو نسخ لما دل الجمع عليه من ائتمام مفترض بمتنفل (¬3)؟. وذكر في التمهيد (¬4) -في آخر مسألة القياس- ما سبق (¬5) عن الأصحاب احتمالاً، ثم سلم. ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 214. (¬2) أخرجه أحمد في مسنده 5/ 74 عن معاذ بن رفاعة عن رجل من بني سلمة -يقال له سليم-: أنه قال للرسول: إِن معاذًا يطول علينا في الصلاة. فقال - عليه السلام - لمعاذ: (إِما أن تصلي معي وإما أن تخفف على قومك). وكذا أخرجه ابن حزم في المحلى 4/ 325. قال ابن حجر في فتح الباري 2/ 194: وفيه أنه استشهد بأحد، وهذا مرسل لأن معاذ بن رفاعة لم يدركه. وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار 1/ 409 عن معاذ بن رفاعة أن رجلاً من بني سلمة، فذكره مرسلاً. وكذا أخرجه الطبراني في المعجم الكبير. انظر: مجمع الزوائد 2/ 72. قال الطحاوي: قال: (إِما أن تصلي معي) أي: ولا تصل بقومك، (وإما أن تخفف على قومك) أي: ولا تصل معي. قال ابن حجر في فتح الباري 2/ 197: فيه نظر؛ لأن لمخالفه أن يقول: "بل التقدير: إِما أن تصلي معي فقط إِذا لم تخفف، وإما أن تخفف على قومك فتصلي معي" وهو أولى من تقديره؛ لما فيه من مقابلة التخفيف بترك التخفيف؛ لأنه هو المسؤول عنه المتنازع فيه. (¬3) في (ح): لمتنفل. (¬4) انظر: التمهيد/ 152أ. (¬5) في ص 1170. وفي (ب): ما سيق.

وضعّف -أيضًا- في الانتصار منع أصحابنا من نسخ عاشوراء وبقاء حكمه (¬1) في رمضان: بأنه إِذا ثبت جواز النية نهاراً في صوم واجب لا يزول بنقل الواجب من محل إِلى محل وزمن إِلى زمن. وفرق ابن عقيل وغيره: بأن رمضَان وجد سبب إِيجابه قبل شروعه فيه، فالنية فيه كحكم وضعها في كل واجب. وإن قلنا بقول أصحابنا ومحققي الشافعية (¬2): "إِن عاشوراء كان نفلاً" فواضح. (¬3) واختار بعض أصحابنا (¬4): إِن نص على العلة لم يتبعه الفرع، إِلا أن يعلّل في نسخه بعلة، فيتبعها النسخ. وجه الأول: خروج العلة عن اعتبارها، فلا فرع، وإلا وجد المعلول بلا علة. فإِن قيل: أمارة، فلم يحتج إِليها دوامًا. ¬

_ (¬1) في (ب): حكم. (¬2) انظر: المجموع 6/ 443. (¬3) جاء -بعد هذا- في (ب): (وبعض الشافعية، ومثله أصحابنا -وذكره ابن عقيل عن المخالف- ببقاء حكم النبيذ المطبوخ في الوضوء بعد نسخ النبي، وصوم رمضان بنية من النهار بعد نسخ عاشوراء). وهو -ماعدا قوله: وبعض الشافعية- تكرار لما سبق في ص 1171. وقد ضرب عليه أحد قراء النسخة. (¬4) انظر: المسودة/ 220.

مسألة

رد: باعثة. قالوا: الفرع تابع للدلالة لا للحكم، كما سبق (¬1) في (¬2) الفحوى. رد: زال الحكم بزوال حكمته (¬3). وفي التمهيد (¬4) -أيضًا- لا يسمى نسخًا كزوال حكم بزوال علته. ومعناه في العدة (¬5). مسألة لا حكم للناسخ مع جبريل اتفاقاً. فإِذا بلَّغه النبي - عليه السلام - لم يثبت [حكمه] (¬6) في حق من لم يبلغه في ظاهر كلام أحمد (¬7) -لأنه أخذ بقصة أهل قباء، والقبلة وإن جاز تركها لعذر لكن يعيد (¬8) عند الخصم- وقاله أصحابنا والحنفية (¬9) وأكثر ¬

_ (¬1) في ص 1169. (¬2) نهاية 169 ب من (ب). (¬3) فيزول الحكم مطلقًا لانتفاء حكمته. (¬4) انظر: التمهيد/ 101أ. (¬5) انظر: العدة/ 823. (¬6) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬7) انظر: العدة/ 823. (¬8) في (ح): بعيد. (¬9) انظر: تيسير التحرير 3/ 216، وفواتح الرحموت 2/ 89.

العلماء. وللشافعية (¬1) وجهان. واختار أبو الطيب (¬2) وابن برهان (¬3) ثبوته. وخرّجه أبو الخطاب (¬4) من عزل الوكيل قبل العلم في إِحدى الروايتين. وليس بتخريج دوري كما قالوا بعضهم (¬5). وفرق الأصحاب (¬6): بأن أمر الشارع يتعلق به ثواب وعقاب، فاعتبر العلم، وحق الآدمي يتعلق به الضمان. وقال أبو الخطاب (¬7): للخصم (¬8) أن يقول: إِذن الموكل يتعلق به صحة التصرف وفساده (¬9)، فلا فرق. ¬

_ (¬1) انظر: التبصرة/ 282، والمستصفى 1/ 120، والإِحكام للآمدي 3/ 168. (¬2) انظر: المسودة/ 223. (¬3) انظر: الوصول لابن برهان/ 57 ب، والمسودة/ 223. (¬4) انظر: التمهيد/ 101 ب- 102أ، والمسودة/ 223. (¬5) قالوا بعضهم: إِنه تخريج دوري؛ لأن هذه المسألة أصولية، ومسألة الوكيل فرعية، فهي فرع على مسألة النسخ؛ لأن الأصل تخريج الفروع على الأصول، فلو خرجنا هذا الأصل المذكور في النسخ على ما في الوكالة لزم الدور. (¬6) انظر: العدة/ 825. (¬7) انظر: التمهيد/ 102 أ. (¬8) نهاية 119 أمن (8). (¬9) وذلك يعتبر فيه علم الوكيل.

قال: (¬1): وقال (¬2) شيخنا (¬3): حكم الخطاب يلزم المعدوم ولم (¬4) يوجد. كذا قال. وقال بعض أصحابنا (¬5): كلام القاضي يقتضي أن هذا [لا] (¬6) يختص بمسألة النسخ، ويشمل الحكم المبتدأ. وجه الأول: لو ثبت لزم وجوب شيء وتحريمه في وقت واحد؛ لأنه لو نُسخ واجب بمحرم أثم بترك الواجب اتفاقًا، وأيضًا: يأثم بعمله بالثاني اتفاقًا. قالوا: إسقاط حق لا يعتبر فيه رضا من يسقط عنه، فكذا علمه، كطلاق وإبراء. رد: إِنما هو تكليف تضمن رفع حكم خطاب. ثم: يلزم قبل تبليغ جبريل. قالوا: كما يثبت حكم إِباحة الآدمي (¬7) قبل العلم -فيمن حلف: "لا ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد/ 101 ب. (¬2) نهاية 346 من (ح). (¬3) يعني: القاضي أبا يعلى. انظر: العدة/ 386. (¬4) في التمهيد: ومن لم يوجد. (¬5) انظر: المسودة/ 223. (¬6) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬7) لآدمي آخر.

مسألة

خرجت إِلا بإِذنه (¬1) "- وإباحة ماله (¬2). رد: بالمنع. قالوا: رفع الحكم بالناسخ. رد (¬3): بشرط العلم. قالوا: الناسخ حكم، فلم يتوقف ثبوته على عِلْم المكلف كبقية الأحكام. رد: إِن أريد بثبوته تعلقه بالمكلف تَوَقَّفَ؛ لاعتبار التمكّن من الامتثال. مسألة زيادة عبادة مستقلة ليست نسخًا عند العلماء. وعن بعض العراقيين (¬4): صلاة سادسة نسخ: [لتغير الوسط] (¬5). رد: بزيادة عبادة (¬6). * * * ¬

_ (¬1) ثم خرج قبل علمه بإِذنه لم يحنث. (¬2) كما لو قال: "أبحت ثمرة بستاني لكل من دخله"، فإِنه يباح لكل داخل وإن لم يعلم ذلك. (¬3) نهاية 170أمن (ب). (¬4) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 170، وكشف الأسرار 3/ 191. (¬5) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬6) لإِخراج الأخيرة عن كونها أخيرة.

وزيادة غيرها ليست نسخاً عند أصحابنا والمالكية (¬1) والشافعية (¬2) والجبائية (¬3). وعند الحنفية (¬4): "نسخ"، مع اعتبارهم الفقر في ذوي القربى قياسًا (¬5). وقيل: إِن رفعت الزيادة مفهوم المخالفة فنسخٌ. وقيل: إِن غيرت حكم المزيد عليه في المستقبل -كالتغريب (¬6) على ¬

_ (¬1) انظر: المنتهى لابت الحاجب/ 120، وشرح تنقيح الفصول/ 317 ومفتاح الوصول / 77. (¬2) انظر: اللمع/ 37، والتبصرة / 276، والمستصفى 1/ 117، والمحصول 1/ 3/ 540، والإِحكام للآمدي 3/ 170. (¬3) انظر: المعتمد / 437. (¬4) انظر: أصول السرخسي 2/ 82، وكشف الأسرار 3/ 191، وتيسير التحرير 3/ 218، وفواتح الرحموت 2/ 91. (¬5) انظر: ص 1051 من هذا الكتاب، والهداية 2/ 148. (¬6) التغريب ورد في أحاديث، منها: حديث عبادة بن الصامت مرفوعًا، وفيه: (البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة). وقد تقدم تخريجه في هامش ص 1137. ومنها حديث أبي هريرة وزيد بن خالد في قصة العسيف، وفيه قول الرسول: (وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام). أخرجه البخاري في صحيحه 8/ 167 - 168، ومسلم في صحيحه / 1324 - 1325.

الحد، وزيادة عدد الجلد- فنسخ (¬1)، وإلا فلا (¬2). وقيل: إِن غيّرتْه حتى صار وجوده (¬3) كعدمه شرعًا -كركعة على ركعتي الفجر- فنسخ، وإلا فلا. وقيل: إِن غيرته حتى ارتفع التعدد بينهما -كركعة على ركعتي الفجر- فنسخ، وإلا فلا (¬4). واختار أبو الحسين (¬5) والآمدي (¬6) وغيرهما: إِن رفعت الزيادة حكماً شرعيًا بعد ثبوته بدليل شرعي فنسخ، وإلا فلا، ومعناه لبعض أصحابنا (¬7)، وكلام الباقين نحوه. * * * فقوله (¬8): "في السائمة زكاة" ثم قوله: "في المعلوفة زكاة" نسخ ¬

_ (¬1) لتغيره من الكل إِلى البعض. (¬2) كزيادة وجوب ستر الركبة بعد وجوب ستر الفخذ، فإِنها لا تكون نسخًا لوجوب ستر كل الفخذ؛ لأن ستر الفخذ لا يتصور بدون ستر بعض الركبة، فلا تكون الزيادة مغيرة للحكم الأول في المستقبل، بل تكون مقررة له. (¬3) يعني: دونها. (¬4) كزيادة عشرين جلدة على حدِّ القذف. (¬5) انظر: المعتمد/ 442 - 443. (¬6) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 171. (¬7) انظر: المسودة/ 208. (¬8) بدأ المؤلف في ذكر بعض الأمثلة التطبيقية على المسألة.

للمفهوم إِن علم أنه (¬1) مراد، وإِلا فلا. ومثله (¬2): "اجلدوا مائة" (¬3). قال في العدة (¬4) والروضة (¬5): استقراره (¬6) بتأخير البيان (¬7) نسخ. وفي التمهيد (¬8) والواضح (¬9): نسخٌ لمنع الزيادة (¬10)، والمفهوم ينسخ بخبر الواحد والقياس. وفي العدة (¬11) (¬12): ربما قال قائل: "تخصيص؛ لرفعه (¬13) بقياس وخبر واحد"، قال: والصحيح نسخٌ كالخطاب. ¬

_ (¬1) يعني: المفهوم. (¬2) نهاية 347 من (ح). (¬3) في حدّ الزنا. (¬4) انظر: العدة/ 820. (¬5) انظر: روضة الناظر/ 80، 81. (¬6) يعني: دليل الخطاب. (¬7) بما يرد بعده مما يوجب تركه. (¬8) انظر: التمهيد/ 102 ب-103أ. (¬9) انظر: الواضح 2/ 253أ، 254 أ. (¬10) المفهوم من التقييد بالعدد. (¬11) انظر: العدة/ 820. (¬12) نهاية 170 ب من (ب). (¬13) يعني: دليل الخطاب.

وقال بعض أصحابنا (¬1): تراخي البيان لا يوجب أنه (¬2) مراد في ظاهر المذهب لجوازه (¬3)، وإلا (¬4) وجب (¬5). ........................ ولو زيد ركعة في الفجر فليس بنسخ (¬6) عند أصحابنا وأبي الحسين (¬7) وغيرهم؛ لعدم رفع حكم شرعي، بل ضم إِليه حكم. وعند الآمدي (¬8): نسخ، لرفع وجوب التشهد عقب الركعتين. رد: التشهد آخر الصلاة للخروج منها، فلا نسخ. ثم: يلزم زيادة التغريب على الحد. وقيل (¬9): نسخ لتحريم الزيادة. رد: لم تحرم بالأمر بالركعتين، بل لدليل. ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 210، 212. (¬2) يعني: دليل الخطاب. (¬3) يعني: تأخير البيان. (¬4) يعني: وإن لم نجوز تأخير البيان. (¬5) أن يكون مراداً. (¬6) نهاية 119 ب من (ظ). (¬7) انظر: المعتمد/ 445 - 446. (¬8) انظر: الإحكام للآمدي 3/ 172 - 173. (¬9) يعني: زيادة الركعة نسخ لتحريم الزيادة.

وقيل: نسخ؛ لرفع الصحة والإِجزاء. رد: لم يثبتا (¬1) بالخطاب، بل بالاستصحاب (¬2)، زاد بعض أصحابنا (¬3): والمفهوم. وأجاب في الروضة (¬4): بأن النسخ رفع جميع موجب الخطاب لا رفع بعضه، وبأنه إِنما يكون نسخًا إِذا استقر (¬5) وثبت، ومن المحتمل أن دليل الزيادة كان مقارنًا (¬6). كذا قال. ................... وزيادة التغريب على الجلد ليست نسخًا -واختاره الآمدي (¬7) - لما سبق، خلافاً لبعضهم. قال بعض أصحابنا: قصد بالزيادة تعبد المكلف بها لا رفع استقلال ما كان قبلها، بل حصل (¬8) ضرورة وتبعاً، والمنسوخ مقصود بالرفع (¬9)، ولا ¬

_ (¬1) يعني: الصحة والإجزاء. (¬2) يعني: استصحاب النفي الأصلي من أنه لا يجب شيء غيرهما، فليس حكماً شرعيًا. (¬3) انظر: المسودة/ 209، 210. (¬4) انظر: روضة الناظر/ 81. (¬5) يعني: الإِجزاء. (¬6) في (ظ): مقرنًا. (¬7) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 173. (¬8) في (ح): حصلت. (¬9) ورفع الاستقلال لم يقصد.

يلزم من قصدها (¬1) قصد لازمها، وهو رفع الاستقلال، لتصور الملزوم غافل (¬2) عن لازمه. والله أعلم. ..................... ولو أوجب غسل الرجل عيْنًا، ثم خيّر بينه وبين المسح: فذكر الآمدي (¬3): أنه نسخ؛ لأن التخيير رفع الوجوب. ولعل المراد: عَيَّنَه مع الخف (¬4)، وإلا فلا نسخ. ....................... وقوله: (واستشهدوا شهيدين) (¬5)، ثم حكمه - عليه السلام - بشاهد ويمين (¬6): ليس بنسخ؛ لأنه لم يرفع شيئًا، ولو ثبت مفهومه ومفهوم (فإِن لم يكونا رجلين) الآية (¬7)؛ لأنه ليس فيه منع الحكم بغيره، بل حصر الاستشهاد. ¬

_ (¬1) يعني: الزيادة. (¬2) (غافل) فاعل للمصدر (تصور). وفي (ح): غافلاً. (¬3) في منتهى السول 2/ 92. وقال في الإِحكام 3/ 174: ليس بنسخ. (¬4) نهاية 171 أمن (ب). (¬5) سورة البقرة: آية 282. (¬6) تقدم تخريجه في ص 609. وأخرجه -أيضاً- مسلم في صحيحه / 1337، وأبو داود في سننه 4/ 33، وابن ماجه في سننه/ 793 من حديث ابن عباس. (¬7) سورة البقرة: آية 282.

مسألة

وقال الآمدي (¬1): إِن كان المفهوم حجة فرفعه نسخ، ولا يجوز بخبر الواحد. كذا قال ..................... ولو زيد في الوضوء اشتراط غسل عضو -أو شَرْط في الصلاة- فلا نسخ؛ لما سبق. ................... وفرضية الفاتحة واشتراط الطهارة للطواف ليس بنسخ، خلافًا للحنفية (¬2) في جميع ذلك وغيره. وسبق (¬3) في المطلق (¬4). مسألة نسخ جزء العبادة أو شرطها ليس نسخاً لجميعها عند أصحابنا وأكثر الشافعية (¬5) والكرخي (¬6) وأبي الحسين البصري (¬7). ¬

_ (¬1) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 175. (¬2) انظر: أصول السرخسي 2/ 82، وكشف الأسرار 3/ 191، وتيسير التحرير 3/ 218، وفواتح الرحموت 2/ 91. (¬3) في ص 989 - 990. (¬4) نهاية 348 من (ح). (¬5) انظر: اللمع/ 37، والتبصرة/ 281، والإحكام للآمدي 3/ 178، والمستصفى 1/ 116، والمحصول/ 1/ 3/ 556. (¬6) انظر: المعتمد/ 477، والتبصرة/ 281، والإِحكام للآمدي 3/ 178. (¬7) انظر: المعتمد/ 448.

مسألة

وعن بعض المتكلمين والغزالي (¬1) -وحكاه ابن برهان (¬2) عن الحنفية (¬3) -: نسخ. وعن عبد الجبار (¬4): نسخ بنسخ جزئها (¬5). وقال بعض أصحابنا (¬6): الخلاف في شرط متصل كالتوجه، ومنفصل -كوضوء- ليس نسخًا لها إِجماعًا. وذكره الآمدي (¬7) فيهما. لنا: بقاء وجوبها، ولا يفتقر إِلى دليل ثان إِجماعًا، ولم يتجدد وجوب، وكنسخ سنتها (¬8) اتفاقاً. مسألة يستحيل تحريم معرفته (¬9) -إِلا على تكليف المحال- لتوقفه (¬10) على معرفته، وهو دور. ¬

_ (¬1) انظر: المستصفى 1/ 116. (¬2) انظر: المسودة/ 213. (¬3) انظر: تيسير التحرير 3/ 220، وفواتح الرحموت 2/ 94. (¬4) انظر: المعتمد/ 447 - 448. (¬5) يعني: لا شرطها. (¬6) انظر: المسودة/ 213. (¬7) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 178. (¬8) في (ح): سننها. (¬9) يعني: معرفة الله تعالى. (¬10) يعني: توقف التحريم.

وما حسن أو قبح لذاته -كمعرفته والكفر- يجوز نسخ وجوبه وتحريمه عند القائل بنفي الحسن والقبح (¬1) ورعاية الحكمة في أفعاله، ومن أثبته منعه، ذكره الآمدي (¬2). وقيل للقاضي (¬3): لو جاز النسخ لجاز في اعتقاد التوحيد، (¬4) فقال: التوحيد مصلحة لجميع المكلفين في جميع الأوقات، ولهذا لا يجوز الجمع بين إِيجابه والنهي عن مثله [في] (¬5) المستقبل، بخلاف الفعل الشرعي. ومعناه لابن عقيل (¬6). قالوا بعض أصحابنا (¬7): ويجوز نسخ جميع التكاليف -سوى معرفة الله- على أصل أصحابنا وسائر أهل الحديث، خلافاً للقدرية في قولهم: مصالح، فلا يجوز رفعها. قال ابن عقيل: وإن قلنا بالمصالح فلا يمتنع، لعلمه أن التكاليف (¬8) ¬

_ (¬1) نهاية 120أمن (ظ). (¬2) انظر: الإحكام للآمدي 3/ 180. (¬3) انظر: العدة/ 776. (¬4) نهاية 171 ب من (ب). (¬5) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬6) انظر: الواضح 2/ 231 ب-232أ. (¬7) انظر: المسودة/ 200. (¬8) في (ح): التكليف.

تفسدهم (¬1)، وكجنون بعضهم وموته، وكنسخه منها بحسب بالأصلح. وقال الآمدي (¬2): وبعد تكليف العبد بها اختلفوا في جواز نسخ جميع التكاليف. واختار الغزالي (¬3) المنع -وقال بعض أصحابنا: نحن بمنعه أولى- لأنه لا بد من بقاء وجوب معرفة النسخ والناسخ. ورد: لا يمتنع معرفته، وإن لم يكن مكلّفاً به. ........................ ¬

_ (¬1) في (ب): يفسدهم. (¬2) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 180. (¬3) انظر: المستصفى 1/ 123.

القياس

القياس لغة (¬1): التقدير، فهو نسبة وإصافة بين شيئين بالمساواة. واصطلاحًا: قيل: إِصابة الحق. وقيل: بذل الجهد في استخراجه. وقيل: العلم عن نظر. ويبطل ذلك بالنص والإِجماع، وبأن إِصابة الحق والعلم فرع للقياس وثمرته، مع أن أكثره ظن، والبذل حال القائس. أبو هاشم (¬2): حمل الشيء على غيره بإِجراء حكمه عليه، وزاد عبد الجبار (2): بضرب من الشبه. وأُبطلا: بخروج قياس فرعه معدوم ممتنع لذاته، فإِنه ليس بشيء (¬3)، ويحتاج الأول: بجامع. وفي العدة (¬4): رد فرع إِلى أصل بعلة جامعة. ¬

_ (¬1) انظر: معجم مقاييس اللغة 5/ 40، ولسان العرب 8/ 70. (¬2) انظر: المعتمد/ 697. (¬3) نهاية 349 من (ح). (¬4) انظر: العدة/ 174.

وقاله في التمهيد (¬1)، وفيه: تحصيل (¬2) حكم الأصل في الفرع؛ لاشتباههما في علة الحكم، وقيل: حمل فرع على أصل بعلة الأصل، قال: ومعناهما سواء. واختار أبو الحسين (¬3) البصري الأول، ومراده: تحصيل مثل حكم الأصل، ومعناه في الواضح (¬4)، وقال: "إِنه أسد ما رآه"، لكن: هو نتيجة القياس لا نفسه. وفي الروضة (¬5): حمل فرع على أصل في حكم بجامع. ابن الباقلاني (¬6) -وتبعه أكثر الشافعية-: حمل معلوم على معلوم في إِثبات حكم لهما أو نفيه عنهما بأمر جامع بينهما من إِثبات حكم أو صفة أو نفيهما. ورد: بأن المراد من الحمل إِثبات الحكم، وهو ثمرة القياس. ورد أيضًا: بأن قوله: "في إِثبات حكم لهما" يُشعر بأن الحكم في الأصل والفرع بالقياس. ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد/ 4 ب، 145أ. (¬2) نهاية 172 أمن (ب). (¬3) انظر: المعتمد/ 697. (¬4) انظر: الواضح 1/ 131 ب. (¬5) انظر: روضة الناظر/ 275. (¬6) انظر: البرهان/ 745، والإِحكام للآمدي 3/ 186، والمنتهى لابن الحاجب/ 123.

وبأن "بجامع" كاف؛ لأنه المعتبر في ماهية القياس، لا أقسامه. وأجاب الآمدي (¬1) عن الأول: بالمنع لما علم: مم يتركب منه القياس (¬2)؟ وعن الثاني: بأنه زيادة إِيضاح، ولا يلزم منه ذكر أقسام الحكم والصفة، لعدم وجوبه. قال (¬3): لكن يرد (¬4) إِشكال لا محيص عنه، وهو: أنه أخذ في الحد ثبوت حكم الفرع، وهو فرع القياس، وهو دور. ورد: بأن المحدود القياس الذهني وثبوت حكم الفرع الذهني، والخارجي ليس فرعاً للقياس الذهني. وقال ابن المنِّي من أصحابنا: مساواة معلوم لمعلوم في معلوم ثالث يلزم من مساواة الثاني للأول فيه مساواته في حكمه. وهو معنى من قال: "مساواة فرع لأصل في علة حكمه"، وقول الآمدي (¬5) (¬6): الاستواء بين الفرع والأصل في العلة المستنبطة من حكم الأصل. ويحتاج: أو غيرها. ¬

_ (¬1) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 189، 190. (¬2) وهو: الأصل، والفرع، وحكم الأصل، والوصف الجامع. (¬3) انظر: المرجع السابق 3/ 190. (¬4) نهاية 120 ب من (ظ). (¬5) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 190. (¬6) نهاية 172 ب من (ب).

ومن قال بتصويب كل مجتهد لزمه (¬1) زيادة: "في نظر المجتهد"؛ لأنه صحيح ولو تبين غلطه ورجوعه عن الحكم. وإن أريد تعريف الفاسد مع الصحيح قيل: تشبيه إِلى آخره. ................... وقياس الدلالة (¬2) لم يرد بالحد. وقيل: ليس بقياس حقيقة. وقيل: داخل؛ لتضمنه المساواة في العلة، كالجمع بين الخمر والنبيذ بالرائحة الدالة على الشدة المطربة. ...................... وقياس العكس -مثل: لما (¬3) وجب الصيام في الاعتكاف بالنذر وجب بغير نذر، عكسه الصلاة لما لم تجب فيه بالنذر لم تجب بغير نذر- لم يرد بالحد. وقيل: ليس بقياس حقيقة. وفي التمهيد (¬4): لا يسمى قياسًا؛ لاختلاف الحكم والعلة، قال: وسماه ¬

_ (¬1) في (ح): يلزمه. (¬2) قالوا الآمدى في الإِحكام 4/ 4: قياس الدلالة: ما كان الجامع فيه دليل العلة لا العلة. (¬3) نهاية 350 من (ح). (¬4) انظر: التمهيد/ 145أ.

بعض الحنفية قياسًا مجازاً، قال: وحَدَّ أبو الحسين (¬1) البصري القياس بحد يشملهما، فقال: إِثبات الحكم في الشيء باعتبار تعليل غيره، قال: فعلى هذا حدُّه: إِثبات نقيض حكم الشيء في غيره، لافتراقهما في علة الحكم. وأولى منه قول بعض أصحابنا والآمدي (¬2): تحصيل نقيض حكم المعلوم في غيره، لافتراقهما في علة الحكم. وقيل: داخل؛ لأن القصد مساواة الاعتكاف بغير نذرِ الصوم في اشتراط الصوم له بنذر الصوم، بمعنى: "لا فارق بينهما"، أو السبر، فيقال: الموجب للصوم الاعتكاف لا نذره بدليل الصلاة، فالصلاة ذكرت لبيان إِلغاء النذر، فالأصل اعتكاف بنذر صوم، والفرع بغير نذره، والحكم اشتراطه (¬3)، والعلة الاعتكاف، أو أن القصد قياس الصوم بنذر على الصلاة بنذر (¬4)، فيقال: بتقدير عدم وجوب الصوم في الاعتكاف لا يجب فيه بنذر كصلاة، والعلة: أنهما عبادتان. * * * ¬

_ (¬1) انظر: المعتمد/ 1031. (¬2) انظر: الإحكام للآمدي 3/ 183. (¬3) في (ب): واشتراطه. (¬4) نهاية 173أمن (ب).

أركان القياس

أركان القياس أصل وفرع وعلة وحكم فإِذا قسنا النبيذ على الخمر بعلة الإِسكار: فالأصل: الخمر، وهو محل الحكم المشبه به، وذكره الآمدي (¬1) عن الفقهاء، وأنه أشبه، لافتقار الحكم والنص إِليه. وقيل: الأصل ليل الحكم، وحكي عن (¬2) المتكلمين. وقيل: حكم المحل. وذكر الآمدي (¬3): أنه ليس بالوصف الجامع اتفاقًا. وحكي قول. وقال بعض أصحابنا (¬4): الأصل يقع على الجميع. واختار ابن عقيل (¬5): أنه الحكم والعلة. والفرع: النبيذ، وهو المحل المشبه. ¬

_ (¬1) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 192. (¬2) نهاية 121 أمن (ظ). (¬3) انظر: المرجع السابق 3/ 191. (¬4) انظر: المسودة/ 371. (¬5) انظر: الواضح 1/ 133 ب-134أ، والمسودة/ 370 - 371.

شروط القياس

وقيل: حكمه، واختاره الآمدي (¬1). والأقوال متوجهة؛ لأن الأصل ما ينبني عليه غيره، ولهذا كان الجامع فرعًا (¬2) للأصل؛ لأخذه منه، وهو أصل للفرع اتفاقًا؛ لبناء حكمه عليه. قال ابن عقيل (¬3): والمعلول الحكم لا (¬4) المحكوم فيه، خلافاً لأبي علي الطبري الشافعي؛ لأنها أثارته، ويقال: "بِمَ تُعلل الحكم؟ واعتل فلان لحكمه بكذا"، وعلة المريض تقوم به وتؤثر فيه، فلهذا كان الجسم معلولاً. شروط القياس من شرط حكم الأصل: كونه شرعيًا؛ لأنه القصد من القياس الشرعي، قالوا في الروضة (¬5): والعقلي ومسائل الأصول قطعية لا تثبت بظني، وكذا لا يثبت به (¬6) أصل القياس وأصل خبر الواحد. .......................... ¬

_ (¬1) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 192. (¬2) نهاية 351 من (ح). (¬3) انظر: الواضح 1/ 134أ. (¬4) في (ب): على. (¬5) انظر: روضة الناظر: 318. (¬6) يعني: بالقياس.

ومنه: كونه [غير] (¬1) منسوخ؛ لأنه زال اعتبار الجامع. (¬2) ................... ومنه: كونه غير فرع، اختاره القاضي (¬3) في مقدمة المجرد، وقال: هو ظاهر قول أحمد -وقيل له: يقيس الرجل بالرأي؟ - فقال: "لا، هو أن يسمع الحديث فيقيس عليه"، ثم ذكر أنه يجوز أن يستنبط من الفرع المتوسط علة ليست في الأصل، ويقاس عليه، وذكر -أيضًا- (¬4) في مسألة القياس جواز كون الشيء أصلاً لغيره في حكم وفرعاً لغيره في حكم آخر لا في حكم واحد. وجوزه القاضي (¬5) -أيضاً- وأبو محمَّد البغدادي، وقال: لأنه (¬6) لا يخل بنظم القياس (¬7) وحقيقته. وكذا أبو الخطاب (¬8)، ومنعه (¬9) أيضًا، (¬10) وقال في سؤال ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬2) نهاية 173 ب من (ب). (¬3) انظر: المسودة/ 395. (¬4) انظر: العدة/ 203 أ. (¬5) انظر: العدة/ 209 ب. (¬6) في (ظ): انه. (¬7) في (ظ): القرآن. (¬8) انظر: التمهيد/ 155 ب. (¬9) انظر: المرجع السابق/ 165أ، والمسودة/ 396. (¬10) جاء -هنا- في (ظ): (وقال على أصلنا) إِلى قوله (على مثله) وهو الكلام الآتي بعد سطر.

المعارضة (¬1): "يقاس عليه بغير العلة التي ثبت بها، وإلا كان باطلاً"، وقاله ابن عقيل (¬2)، وقال: على أصلنا، وأنه قول أبي عبد الله البصري وأحد وجهي الشافعية، كأصل ثبت بنص، لصحة تعليله بعلتين، ولأنه لا مزية لأحدهما (¬3)، كمنصوص على (¬4) مثله. واختار في الروضة (¬5) منعه مطلقًا إِلا باتفاق الخصمين، وذكره بعض أصحابنا (¬6) عن أكثر الجدليين، وقال -أيضاً-: إِن كانا (¬7) قياس علة (¬8) لم يجز، وإلا جاز. والمنع: قاله الكرخي والآمدي (¬9)، وذكره عن أكثر أصحابهم. والجواز: قاله الرازي (¬10) والجرجاني (¬11) وأبو عبد الله البصري (¬12). ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد/ 186 ب- 187أ. (¬2) انظر: المسودة/ 397. (¬3) يعني لأحد الفرعين. (¬4) في (ظ): عليه. (¬5) انظر: روضة الناظر/ 315. (¬6) انظر: المسودة/ 395، 396. (¬7) في (ب): كان. (¬8) قال الآمدي في الإحكام 4/ 4: قياس العلة: هو ما كان الجامع فيه العلة الباعثة على الحكم في الأصل. (¬9) انظر: الأحكام للأمدي 3/ 194. (¬10) انظر: أصول الجصاص/ 274 ب، والعدة/ 209 ب، والمسودة/ 394. (¬11) انظر: العدة/ 201 ب، والمسودة/ 394. (¬12) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 194.

وقال ابن برهان (¬1): يجوز عندنا، خلافاً للحنفية والصيرفي من أصحابنا، قال: وحرف المسألة تعليل الحكم بعلتين. وجه المنع: إِن اتحدت العلة فالوسط لغو، كقول شافعي: "السفرجل مطعوم، فيكون ربوياً كالتفاح"، ثم يقيس التفاح على البر. وإن لم تتحد فسد (¬2) القياس؛ لأن الجامع بين الفرع الأخير والمتوسط (¬3) لم يثبت اعتباره؛ لثبوت (¬4) الحكم في الأصل الأول بدونه، والجامع بين المتوسط وأصله ليس في فرعه، كقول (¬5) شافعي: "الجذام عيب يفسخ به البيع، فكذا النكاح كالرَّتَق"، ثم (¬6) يقيس الرتق على الجبّ بفوات الاستمتاع. وإنما يجوز تعليل الحكم بعلتين مع ظن اعتبارهما (¬7) بثبوت الحكم على وفقهما (¬8)، وهو ثابت [في أصلها] (¬9) بغيرها (¬10). ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 398. (¬2) نهاية 174 أمن (ب). (¬3) نهاية 121 ب من (ظ). (¬4) في (ظ): كثبوت. (¬5) في (ب): كقوله. (¬6) نهاية 352 من (ح). (¬7) في (ح): اعتبارها. (¬8) في (ح): على وفقها. (¬9) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬10) انظر: الإحكام للآمدي 3/ 195.

أما إِن كان حكم الأصل لا يقول به المستدل -كقول حنفي في صوم رمضان بنية نفل: أتى بما أمر به كفريضة حج بنية نفل- ففاسد، لفساد أصله عنده. ومنه ذكره إِلزامًا لخصمه بقوله: "علة الأصل عندك في الفرع، فيلزم الاعتراف بحكمه أو إِبطالها لتخلف الحكم بلا معارض، فيمتنع ثبوت حكم الأصل"، فلخصمه أن يقول: "حكم الأصل ثبت بغيرها"، فَيُصدّق؛ لأنه عدل أعرف بمأخذ مذهبه، ولو ثبت بها (¬1) فليس تخطئته في حكم الفرع وتصويبه فيها أولى من العكس. ويأتي (¬2) في النقض: هل له أن يُلزم خصمه ما لا يقول به؟ .................. ومنه: كونه (¬3) معدولاً به عن سنن القياس لا يعقل معناه، كشهادة خزيمة (¬4) وحده (¬5)، وأعداد الركعات، وتقدير نصاب زكاة وحدٍّ وكفارة. ¬

_ (¬1) يعني: ولو ثبت حكم الأصل بهذه العلة. (¬2) في ص 1374. (¬3) كذا في النسخ. ولعل الصواب: ومنه كونه غير معدول به. أو: ومنه عدم كونه معدولاً به. (¬4) هو: الصحابي خزيمة بن ثابت الأنصاري. (¬5) فقد جعل النبي شهادته بشهادة رجلين. أخرجه أبو داود في سننه 4/ 31 - 32 من حديث عمارة بن خزيمة عن عمه، وهو من أصحاب النبي، وأخرجه النسائي في سننه 7/ 301 - 302، والبيهقي في سننه 10/ 145 - 146، وأحمد في مسنده=

ومنه (¬1): كونه لا نظير له، أي: لم يوجد ما يساويه في العلة، له معنى ظاهر -كرخص السفر للمشقة- أوْ لا، كاليمين في القسامة، والدية على العاقلة. وما خُص من القياس (¬2) يجوز القياس عليه وقياسه على غيره عند أصحابنا والشافعية (¬3) وبعض الحنفية وإسماعيل (¬4) بن إِسحاق المالكي (¬5)؛ ¬

_ =5/ 215 - 216. وأخرج البخاري في صحيحه 4/ 19 - 20، وعبد الرزاق في مصنفه 8/ 367، وأحمد في مسنده 5/ 188، 189 عن زيد بن ثابت قال: نسخت الصحف في المصاحف، ففقدت آية من سورة الأحزاب كنت أسمع رسول الله يقرأ بها، فلم أجدها إِلا مع خزيمة بن ثابت الأنصاري الذي جعل رسول الله شهادته شهادة رجلين. وأخرج البيهقي في سننه 10/ 146 من حديث عمارة بن خزيمة عن أبيه: أن رسول الله قال: (من شهد له خزيمة أو شهد عليه فهو حسبه). وأخرجه الطبراني وابن شاهين. انظر: فتح الباري 8/ 519. وأخرجه عبد الرزاق في مصنفه 8/ 366 - 367 من حديث محمَّد بن عمارة عن خزيمة بن ثابت. (¬1) يعني: مما هو معدول به عن سنن القياس. (¬2) نهاية 174 ب من (ب). (¬3) انظر: اللمع / 60، والتبصرة/ 448. (¬4) انظر: المسودة/ 400. (¬5) الجهضمي الأزدى، فقيه جليل، ولد بالبصرة سنة 200 هـ، واستوطن بغداد وولي قضاءها، وبها توفي سنة 282 هـ. من مؤلفاته: الموطأ، وأحكام القرآن، والمبسوط في الفقه.=

لأن الظن الخاص أرجح، ولهذا قُدم أصله. وسبق (¬1) في تخصيص العموم بقياس. فالأول: كقول أحمد (¬2) -فيمن نذر ذبح نفسه-: يفدي بكبش (¬3). والثاني: كتجويزه شراء أرض السواد لا بيعها، قال: "استحسان"، واحتج بتجويز الصحابة شراء المصاحف لا بيعها (¬4). ومنعه الحنفية (¬5) وأكثر المالكية (¬6)، إِلا أن يكون معللاً -كقوله: (إِنها من الطوافين (¬7)) - أو مجمعاً على قياسه، ¬

_ =انظر: ترتيب المدارك 3/ 167، والديباج المذهب/ 92، وتاريخ بغداد 6/ 284. (¬1) في ص 981، 982. (¬2) انظر: العدة/ 216 ب، والمسودة/ 400. (¬3) قياسًا على من نذر ذبح ولده. (¬4) أخرج بعض الآثار في ذلك عبد الرزاق في مصنفه 8/ 110 - 114، والبيهقي في سننه 6/ 16 - 17. (¬5) انظر: كشف الأسرار 4/ 11، واللمع/ 60. (¬6) انظر: شرح تنقيح الفصول/ 415، ومفتاح الوصول/ 93 - 95. (¬7) هذا جزء من حديث رواه أبو قتادة مرفوعًا، وفيه: قال النبي: (إِنها -يعني: الهرة- ليست بنجس، إِنها من الطوافين عليكم والطوافات). أخرجه -بهذا اللفظ- أبو داود في سننه 1/ 60، والدارقطني في سننه 1/ 70، والطحاوي في شرح معاني الآثار 1/ 18 - 19، والحاكم في مستدركه 1/ 160 وقال: صحيح ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. وأخرجه -بلفظ: (إِنما هي) =

كالتحالف (¬1) في الإِجارة كالبيع. وهو (¬2) لنا وجه في التمهيد (¬3)، قال: ولهذا لا نقيس على لحم الإِبل في نقض الوضوء، وغير ذلك من أصولنا. كذا قال، وفيه نظر؛ لعدم فهم المعنى أو اختلافه أو مساواته، ولهذا نقيس في الأشهر لنا -أو العنب (¬4) فقط- على العرايا. وقد قاس الحنفية (¬5) القدَّر -كالموضِحة (¬6) - على دية النفس في حمل العاقلة. ¬

_ =الترمذي في سننه 1/ 62 وقال: حسن صحيح، والنسائي في سننه 1/ 178، ومالك في الموطأ / 22 - 23، وابن خزيمة في صحيحه 1/ 55، وابن حبان في صحيحه (انظر: موارد الظمآن/ 60). وأخرجه -بلفظ: (هي من الطوافين) - ابن ماجه في سننه/ 131. وورد الحديث -أيضًا- من رواية عائشة. أخرجه أبو داود في سننه/ 61. (¬1) في (ب): كالتخالف. (¬2) نهاية 353 من (ح). (¬3) انظر: التمهيد/ 156 أ. (¬4) ضرب على (أو العنب فقط) في (ب) و (ظ). (¬5) واستدلوا -أيضاً- بالنص. انظر: الهداية 4/ 229. (¬6) الموضحة: الشجة التي توضح العظم، أي: تبينه. وفيها: خمس من الإبل. انظر: الهداية 4/ 182.

وذكر القاضي (¬1) -في أثناء المسألة-: لا يقاس على غيره في إِسقاط حكم النص، ويقاس غيره عليه. * * * ولا يعتبر اتفاق الأمة على حكم الأصل، ويكفي اتفاق الخصمين. واعتبره قوم، وسموا ما اتفق عليه الخصمان قياسًا مركبًا، وهو: أن يكتفي المستدل (¬2) بموافقة خصمه في الأصل مع منعه علة الأصل أو منعه وجودها في الأصل. فالأول: مركب الأصل، قيل: سمي مركبًا لاختلافهما في علته، وقيل: في تركيب الحكم عليها في الأصل؛ فعند المستدل: هي فرع له، والمعترض: بالعكس. وسمي "مركب الأصل" للنظر في علة حكمه. مثاله: "عبد، فلا (¬3) يقتل به الحر كالمكاتب"، فيقول الحنفي: "العلة جهالة المستحق من السيد والورثة، فإِن صحت بطل قياسك، وإن بطلت منعت حكم الأصل لانتفاء مُدْرَكه، فيمتنع القياس لعدم العلة في الفرع أو منع الأصل". ¬

_ (¬1) انظر: العدة / 228أ. (¬2) نهاية 122أمن (ظ). (¬3) نهاية 175 أمن (ب).

والثاني: مركب الوصف، سمي به لاختلافهما فيه، كقوله في تعليق الطلاق بالنكاح: "تعليق، فلا يصح قبل النكاح، كما لو قال: زينب التي أتزوجها طالق"، فيقول الحنفي: العلة التعليق (¬1)، وفي الأصل تنجيز (¬2)، فإِن صح هذا بطل قياسك، وإن بطل منعت حكم الأصل، فيمتنع القياس؛ لعدم العلة في الأصل أو منع الأصل. وضَعَّف في الروضة (¬3) هذا القول؛ لندرة المجمع عليه، وبأن كلاً منهما مقلِّد، فليس له منع حكمٍ ثبت مذهباً لإِمامه؛ لأنه لا يعلم مأخذه (¬4)، ثم: لا يلزم من عجزِه عجزُه، ثم: لا يتمكن أحدهما من إِلزام ما لم يجمع عليه. وكذا قال الآمدي (¬5): المختار -بعد إِبطال معارضة الخصم في الأول وتحقيق وجود ما يدعيه في الأصل في الثاني- أن المقلد ليس له المنع وتخطئة إِمامه. وجزم بعضهم (¬6): بأن المقلد إِن سلم دليل المستدل، أو أثبت المستدل وجود العلة في الأصل في الثاني: قامت الحجة عليه لاعترافه، كما لو كان ¬

_ (¬1) في نسخة في هامش (ب): تعليق. (¬2) فالعلة عندي مفقودة في الأصل. (¬3) انظر: روضة الناظر/ 316، 317. (¬4) نهاية 354 من (ح). (¬5) انظر: الإحكام للآمدي 3/ 199. (¬6) انظر: المنتهى لابن الحاجب/ 124، ومختصره 2/ 211.

مجتهدًا (¬1). وهذا القياس المركب ليس بحجة. وقال بعض أصحابنا (¬2): القياس المركب أصله ليس بحجة عند محققي الشافعية والحنفية، وأشار إِليه أبو الخطاب، وجوزه أبو إِسحاق الإِسفراييني وجماعة (¬3) من الطرديين، وهو كثير في كلام القاضي وغيره من أصحابنا. والله أعلم و [قال] (¬4) في الواضح (¬5): يجوز جعل وصف مركب علة، وهو أولى من أصل مركب، نحو: "العلي لا زكاة فيه لصغير، فكذا كبير كجوهر"، لكن تقف صحة كونه علة على دليل كغيره (¬6)، وهل تجب مساواة كبير وصغير في زكاة (¬7)؟ والله أعلم. ولو أثبت المستدل حكم الأصل بنص، ثم أثبت العلة بأحد طرقها: جاز، ونهض دليله على الخصم، زاد بعضهم: المجتهد؛ لجواز اعتقاد القلد دفع إِمامه دليلَ المستدل. ¬

_ (¬1) يعني: وظن ذلك، فإِنه لا يسعه المخالفة. (¬2) انظر: المسودة/ 399. (¬3) نهاية 175 ب من (ب). (¬4) ما بين المعقوفتين من (ظ). (¬5) انظر: الواضح 1/ 142 أ. (¬6) يعني: كغيره من الأوصاف. (¬7) يعني: أو لا تجب.

ومنع قوم القياس على مختلف فيه، لنقل الكلام. لنا (¬1): لو لم يُقبل من المستدل لم يُقبل منه مقدمة يثبتها بعد منع خصمه، فلا يُقبل (¬2) إِلا البديهي. * * * ومن شرط حكم الأصل: كون دليله غير شامل حكم الفرع؛ لأنه لا أولوية (¬3)، ولا (¬4) قيام دليل على تعليله وجواز القياس عليه، خلافاً لبعضهم. ولو قاس على مجمع عليه، فقيل: "بيّن مستنده، لعله يعمّ الفرع": لم يلزمه، ذكره ابن عقيل. لنا: أنه (¬5) أصل كالنص. قالوا: الإِجماع عن دليل، فيجب طلبه لاحتمال تناوله للفرع، أو لا يتعدى معناه. ¬

_ (¬1) انظر: مختصر ابن الحاجب بشرح العضد 2/ 213. (¬2) نهاية 122 ب من (ظ). (¬3) في (ظ): أولية. (¬4) كذا في النسخ. ولعل الصواب: لا قيام. أي: لا يشترط قيام دليل ... إِلخ. النظر: الإحكام للآمدي 3/ 199. (¬5) يعني: الإجماع.

أجاب في التمهيد (¬1): تناوله للفرع لا يمنع القياس بل يقوِّيه، وإن كان معنى لا يتعدى لم يمنع أن هناك معنى (¬2) يتعدى. ................. ويجوز القياس على عام خُصّ، كاللائط ومن أتى بهيمة على الزاني، قال ابن عقيل (¬3): هو الأصح لنا وللشافعية. وقيل: لا، لضعف معناه، للخلاف (¬4) فيه. .................. وليس من شرطه أن يكون فيه نص. وذكر ابن برهان (¬5) عن بعض أصحابهم: يشترط، حتى لو أجمعت (¬6) الأمة عليه لم يجز القياس عليه. (¬7) ..................... ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد/ 155 ب. (¬2) يعني: معنى آخر غيره. (¬3) انظر: الواضح 1/ 143 ب. (¬4) نهاية 176 أمن (ب). (¬5) انظر: المسودة/ 408. (¬6) في (ح) و (ظ): اجتمعت. (¬7) نهاية 355 من (ح).

شروط علة الأصل

شروط علة الأصل هل من شرطها كونها باعثة -أي: مشتملة على حكمة مقصودة للشارع من شرع الحكم- أم هي مجرد أمارة وعلامة نَصَبَها الشرع دليلاً على الحكم؟ سبق (¬1) أول مسألة التحسين. والثاني: قول أصحابنا، زاد ابن عقيل (¬2) وغيره: مع أنها موجِبة لمصالح ودافعة لمفاسد، ليست من جنس الأمارة الساذجة (¬3). واختار الآمدي (¬4) وغيره الأول؛ لأنه لا فائدة في الأمارة سوى تعريف الحكم، وقد عُرِف بالخطاب، ولأنها معرِّفة لحكم الأصل، فهو (¬5) فرعها، وهي مستنبطة منه، فهي فرعه، فيلزم الدور. وفيه (¬6) نظر؛ لجواز كون فائدتها تعريف حكم الفرع. فإِن قيل: يلزم منه تعريفها لحكم الأصل، وإلا لم يكن للأصل مدخل في الفرع، لعدم توقف ثبوت الوصف فيه وتعريفه لحكمه على حكم الأصل، لعدم تعريفه لحكم الأصل. ¬

_ (¬1) في ص 152 من هذا الكتاب. (¬2) انظر: المسودة/ 385. (¬3) يعني: العاطلة عن الإِيجاب. (¬4) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 202. (¬5) في (ح): فهي. (¬6) في (ب): فيه.

قيل: إِلا أن (¬1) الوصف مستفاد من الأصل. وبنى أصحابنا على قولهم صحة التعليل بالاسم، وأنه ظاهر قول أحمد (¬2): "يجوز الوضوء بماء الباقِلاء والحِمَّص؛ لأنه ماء"، وقول أكثر الحنفية والشافعية (¬3)، وذكره الجرجاني (¬4) والإِسفراييني (4) عن أصحابهما، وذكر ابن برهان (¬5) الجواز عندهم، قال: وقال أبو حنيفة: لا يجوز. وقال ابن البنا (¬6) من أصحابنا: اختلف في التعليل بالاسم اللقب على وجهين، قال: ومذهبنا جوازه، نص عليه أحمد، كما لو نص عليه الشرع بقوله: "حرمت التفاضل في البر لكونه براً"، فإِنه اتفاق (¬7)، وليست موجبة بخلاف العلة العقلية. قال ابن عقيل وغيره: العقوبة (¬8) لما لم يجز كونها معللة بإِحسان المُحسِن لم يجز ورود الشرع بها (¬9). ....................... ¬

_ (¬1) في (ظ): إِلا أن يكون الوصف. (¬2) انظر: العدة/ 206 أ. (¬3) انظر: اللمع/ 63، والتبصرة/ 454. (¬4) انظر: العدة/ 206أ، والمسودة/ 393. (¬5) انظر: الوصول لابن برهان/ 86 ب، والمسودة/ 393. (¬6) نهاية 176 ب من (ب). (¬7) نهاية 356 من (ح). (¬8) نهاية 123أمن (ظ). (¬9) قال ابن عقيل في الواضح 1/ 134 ب: وقال قوم: "إِن الاسم العلم لا يجوز أن يكون علة؛ لأن العلة ما أفادت معنى يتعلق به الحكم، والاسم إِنما هو مواضعة بين أهل=

هل يجوز التعليل بحكمة مجردة عن وصف ضابط لها؟ اختلف أصحابنا وغيرهم: قال الآمدي (¬1): "منعه الأكثر، وجوزه الأقل"، ثم اختار قول من جوزه بحكمة ظاهرة منضبطة، وإلا فلا، وذكره بعض أصحابنا (¬2) عن طائفة من أصحابنا وغيرهم والمالكية. وجه الأول (¬3): رَدُّ الشارع في ذلك إِلى المظان الظاهرة دفعاً للعسر واختلاف الأحكام، ولهذا لم يرخّص للحَمَّال ونحوه للمشقة. ولأنه يكون الوصف الظاهر المنضبط عدم التأثير، استغناء بأصل الحكمة. ¬

_ =اللغة للتعريف، وما كان للتعريف لم يقتض التعليل كقولنا: "زيد وعمرو"، ولهذا كان موجودا قبل الشرع"، وهذا ليس بصحيح؛ لأن العلل الشرعية أمارات من جهة صاحب الشرع جعلت علامات على الأحكام وصارت علة بجعل جاعل، ولذلك لو ورد التعليل به من صاحب الشرع -فقال: "أزيلوا النجاسة بالماء لا بغيره؛ لأنه ماء، وتيمموا بالتراب؛ لأنه تراب"- كان تعليلاً صحيحًا، وإذا جاز ورود الشرع لم يجز المنع من كونه علة، ألا ترى أن العقوبة لما لم يجز أن تكون معللة بإِحسان المحسن وطاعة المطيع لم يجز أن يرد الشرع بها، فيقول: عاقبوا زيدًا؛ لأنه أحسن، أو لأنه وَحَّد الله. (¬1) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 202. (¬2) انظر: المسودة/ 424. (¬3) وهو: المنع.

ولأن فيه حرجًا بالبحث عنها، فينتفي بالآية (¬1). ورد (¬2): بأنه يلزم في الوصف؛ للزوم معرفتها (¬3) في جعله (¬4) علة، بل المشقة (¬5) أكثر. والاطلاع (¬6) على الوصف أسهل، فلا يلزم منه المنع. أجيب: تعتبر معرفة كميتها وخصوصيتها، لئلا يختلف الأصل والفرع فيها، ولا يمكن (¬7)، بخلافه في الوصف. كذا قيل. ويلزم من كونه أسهل تأخير الحكم لو علّل بها (¬8)، وهو ممتنع. وجه الثالث (¬9): أنها مع ظهورها وانضباطها كالوصف أو (¬10) أولى؛ لأنها المقصودة من شرع الحكم. ¬

_ (¬1) قال تعالى (وما جعل عليكم في الدين من حرج) سورة الحج: آية 78. (¬2) هذا رد على الوجه الأول. (¬3) يعني: معرفة الحكمة. (¬4) يعني: جعل الوصف. (¬5) وفي هذا رد على الوجه الثالث. (¬6) في هذا رد على الوجه الثاني، حيث قالوا: لا حاجة إِليه، استغناء بأصل الحكمة. (¬7) يعني: في الحكمة الخفية المضطربة. (¬8) فيؤخر الحكم إلى زمان إِمكان الاطلاع على الحكمة مع إِمكان اتباعه بالضابط في أقرب زمان. (¬9) وهو التفصيل. (¬10) نهاية 177أمن (ب).

رد: لا يمكن ذلك (¬1)، لرجوعها إِلى الحاجة إِلى المصلحة ودفع المفسدة، وهي مختلفة. ثم: نادر، وفيه حرج، فينتفي بالآية (¬2). أجيب: الفرض: أنها (¬3) ظاهرة منضبطة، فلا محذور. وفيه نظر. * * * يصح تعليل الحكم الثبوتي بالعلم عند أصحابنا، وذكره ابن برهان (¬4) عن الشافعية (¬5)، والمنع عن الحنفية، واختاره الآمدي (¬6) وغيره، ولم يذكره في التمهيد (¬7) إِلا عن بعض الشافعية. واستثنى بعض الحنفية (¬8) مثل قول محمَّد بن الحسن -في ولد المغصوب (¬9) -: "لم يُغصب"، وفيما لا خمس فيه من اللؤلؤ: "لم ¬

_ (¬1) يعني: التعليل بالحكمة الظاهرة المنضبطة. (¬2) انظر: هامش 1 من الصفحة السابقة. (¬3) في (ظ): بأنها. (¬4) انظر: المسودة/ 418. (¬5) نهاية 357 من (ح). (¬6) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 206. (¬7) انظر: المسودة/ 418، والتمهيد/ 164أ. (¬8) انظر: كشف الأسرار 3/ 375، وتيسير التحرير 4/ 4، وفواتح الرحموت 2/ 274. وقد نسب إِلى الحنفية أنهم يمنعون التعليل بالعلم مطلقًا. (¬9) يعني: في عدم ضمانه.

يُوجف (¬1) عليه دخيل ولا ركاب (¬2) ". القائل بالصحة: كنص الشارع عليه. وكالأحكام تكون (¬3) نفياً. وكالعلة العقلية، مع أنها موجبة. وكتعليل العدم به، ذكره بعضهم اتفاقًا نحو: "لم أفعل هذا لعدم الداعي إِليه" و"لم أسلم على فلان لعدم رؤيته"؛ لأن نفي الحكم لنفي مقتضيه أكثر من نفيه لوجود منافيه. ولأنه يصح تعليل ضربه لعبده بعدم امتثاله. ولأن العلة أمارة، فالعدمية تُعَرِّف الحكم كالوجودية، وإن اعتبر الباعث فالعدم المقابل للوصف الوجودي -الظاهر المنضبط المشتمل على مصلحة أو دفع مفسدة- مشتمل على نقيض اشتمل عليه، فإِن اشتمل الوجودي على مصلحة فعدمه عدمها، وهو مفسدة، وإلا (¬4) فعدم المفسدة (¬5) مصلحة، وهو مقدور للمكلف، فيصح التعليل به كالوجودي. ¬

_ (¬1) الإِيجاف بالخيل والركاب: الإِسراع بها في السير، من الوجف، وهو: سرعة السير. انظر: لسان العرب 11/ 267 - 268. (¬2) فإِن الخمس إِنما يجب فيما أخذ من أيدي الكفار بإِيجاف الخيل والركاب، والمستخرج من البحر ليس في أيديهم. انظر: تيسير التحرير 4/ 4. (¬3) في (ب): يكون. (¬4) يعني: وإن اشتمل على مفسدة فعدمه عدمها، فعدم الفسدة مصلحة. (¬5) نهاية 123 ب من (ظ).

وقد يجيب الخصم (¬1) عن الأول والثاني والثالث: بالمطالبة (¬2) بصحة القياس وبالمانع أو بالمنع. وأجاب الآمدي (¬3) عن الرابع: بأن وجود الرؤية والداعي شرط لا علة، وأضيف عدم الأثر إِليه بلام التعليل مجازاً؛ لافتقار الأثر إِلى كل منهما جمعًا بين الأدلة. وعن الخامس: بأن تعليله بامتناعه وكف نفسه عنه، وهو ثبوتي. وعن السادس: بأنه تعليل بالإِعدام المقدور، وهو وجودي، لا عدم محض لا قدرة للمكلف عليه، وليس محل النزاع. كذا قال. وخالفه بعض (¬4) من يتبعه، فاحتج به للمنع (¬5)، فقال: لو كان عدماً لكان مناسباً أو مظنته، وتقرير الثانية: أن العدم إِن كان مطلقًا فباطل؛ لأنه لا يختص ببعض الأحكام الثبوتية، وإن كان مخصَّصاً بأمر -أي: مضافاً إِليه- فإِن كان وجوده منشأ مصلحة فباطل؛ لأن عدمه عدمها، وإن كان منشأ مفسدة فمانع، وعدم المانع ليس علة -زاد بعضهم: اتفاقاً- وإن كان وجوده ينافي وجود المناسب للحكم الثبوتي لم يصلح عدمه مظنة لنقيضه المناسب؛ لأن المناسب إِن كان ظاهرًا فهو علة بلا مظنة، وإلا لاجتمع علتان على معلول ¬

_ (¬1) نهاية 177 ب من (ب). (¬2) في (ظ): بالمطابقة. (¬3) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 208. (¬4) انظر: المنتهى لابن الحاجب/ 124، ومختصره 2/ 214. (¬5) نهاية 358 من (ح).

واحد، وإن كان خفياً فنقيضه -الأمر العدم- خفي، والخفي ليس مظنة للخفي، وإن لم يناف وجوده وجود المناسب فوجوده كعدمه، فليس (¬1) مناسبًا ولا مظنته. وجوابه: بمنع المقدمة الأولى (¬2). وبأن المناسب هو: الظاهر المنضبط، فكيف يقول: وإن كان خفياً؟!. ولا يلزم من خفاء أحد المتقابلين خفاء الآخر، وإنما يلزم في المتضايفين يلزم من تصوُّر أحدهما تصوُّر الآخر، فإِن ادعى أنه المراد بطل قوله: "وإن لم يكن فوجوده كعدمه"، وقد جعل في الدليل المنافي للمناسب قسيماً لما هو منشأ مفسدة، وهو منه. قالوا: "لا علة" عدم، فنقيضه وجود، فلو كان العدم علة اتصف المعدوم (¬3) بالوجودي. رد: سبق (¬4) مثله في مسألة التحسين. قالوا: فيلزم سبر الأعدام. ¬

_ (¬1) يعني: العدم. (¬2) نهاية 178أمن (ب). (¬3) يعني: اتصف المعدوم بالعلة وهي أمر وجودي. (¬4) في 160، 161 من هذا الكتاب.

أجاب بعض أصحابنا (¬1): يلزم. ثم: لعدم تناهيها، لا لعدم صلاحيتها علة، وجزم به بعضهم. قالوا: الأعدام لا تتميز. رد: بالمنع لتميز عدم لازم عن عدم ملزوم. فعلى هذا: لا يكون العدم جزءًا منها، لما سبق. قالوا (¬2): انتفاء معارضة المعجزة جزء من المعرِّف بها؛ لأنها فعل خارق (¬3) مع التحدي ونفي (¬4) المعارض، والدوران جزؤه -وهو العكس- عدم. رد: شرط، لا جزء (¬5). وقال بعضهم: العدم علة في قياس الدلالة لا قياس العلة، ذكره بعض أصحابنا (¬6) في قاعدة له في التوحيد، وقال: هذا فصل الخطاب، فلا يكون العدم علة تامة في قياس العلة بل جزءًا منها. * * * ¬

_ (¬1) انظر: البلبل/ 155. (¬2) يعني: من جوز أن يكون العدم جزءًا منها. (¬3) نهاية 124أمن (ظ). (¬4) نهاية 359 من (ح). (¬5) في (ظ): الآخر. (¬6) انظر: مجموع الفتاوى 14/ 25.

ويشترط أن لا تكون محلَّ الحكم ولا جزأه، وذكره الآمدي (¬1) عن الأكثر، وجوزه آخرون، ثم اختار: امتناعه بالمحل دون الجزء. وجه الأول (¬2): لو كانت المحل كانت قاصرة؛ لأنه لو تحقق (¬3) بخصوصه في الفرع اتحدا، وكذا جزؤه، أطلقه بعضهم (¬4)، ولعله مراده: "الخاص به" كقول بعضهم، لإِمكان وجود الجزء المشترك في الفرع. وتجوز القاصرة (¬5)؛ لجواز استلزام محل الحكم لحكمة داعية إِليه، زاد الآمدي (¬6): كاستلزام (¬7) التعليل به لاحتمال عمومه للأصل والفرع. وقال بعض الحنفية (¬8) في القاصرة: نحن منعناه مطلقًا. وأطلق بعضهم: لا يُعلل بالمحلّ؛ لأن القابل لا يفعل. ¬

_ (¬1) انظر: الإحكام للآمدي 3/ 201. (¬2) نهاية 178 ب من (ب). (¬3) يعني: لو تحقق المحل. (¬4) انظر: المنتهى لابن الحاجب/ 124. (¬5) يعني: يجوز أن تكون محل الحكم. (¬6) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 201. (¬7) كذا في النسخ. وفي الإِحكام للآمدي 3/ 201: كاستلزام الأوصاف العامة لمحل لأصل والفرع، وأما الجزء فلا يمتنع التعليل به لاحتمال عمومه للأصل والفرع. (¬8) يأتي الخلاف في التعليل بالعلة القاصرة في الصفحة التالية.

رد: بالمنع، ثم: العلة المعرف (¬1). .................. يصح التعليل بعلة قاصرة مستنبطة عند صاحب التمهيد (¬2) والروضة (¬3) والمحرر (¬4) -وقال: ثبت مذهباً لأحمد؛ حيث علل الربا في النقد بن بالثمنية- وقاله الشافعي (¬5) وأكثر أصحابه والمالكية (¬6) وعبد الجبار (¬7) وأبو الحسين (¬8) والآمدي (¬9)، وذكره عن أكثر الفقهاء والمتكلمين. ومنعه أكثر أصحابنا وأبو حنيفة (¬10) وأكثر أصحابه. ¬

_ (¬1) يعني: لا الفاعل. (¬2) انظر: التمهيد/ 165 ب. (¬3) انظر: روضة الناظر/ 319 - 323. (¬4) انظر: المسودة/ 411. (¬5) انظر: اللمع/ 63، والتبصرة/ 452، والمستصفى 2/ 345، والمنخول/ 419، والمحصول 2/ 2/ 423، والإِحكام للآمدي 3/ 216. (¬6) انظر: المنتهى لابن الحاجب/ 126، وشرح تنقيح الفصول/ 409، ومفتاح الوصول/ 102. (¬7) انظر: المعتمد / 801. (¬8) انظر: المرجع السابق/ 801 - 805. (¬9) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 216. (¬10) انظر: أصول السرخسي 2/ 158، وكشف الأسرار 3/ 315، وتيسير التحرير 4/ 5، وفواتح الرحموت 2/ 276.

وجه الأول: حصول الظن بأن الحكم لأجلها، ولا معنى للصحة سوى هذا. وكالثابتة (¬1) بنص أو إِجماع اتفاقاً. ورده الآمدي (¬2): بتحققها إِذًا، وبأنه قياس في الأسباب. وجوابه: الظن كاف (¬3)، وهو إِلحاق بعدم الفارق. ولأن دوران الحكم مع الوصف القاصر علة كالمتعدي. ويأتي (¬4) الدوران. واستدل: لو وقفت صحتها على تعديتها لم تنعكس (¬5)؛ للدور، وتنعكس اتفاقا. رد: إِنما يلزم لو كان التوقف مشروطاً بتقدم كل منهما على (¬6) الآخر، لا في توقف المعية كالمتضايفين. قالوا: لو صحت لأفادت، والحكم (¬7) في الأصل بنص أو إِجماع، ولا فرع؛ لقصورها. ¬

_ (¬1) في (ظ): أو كالثابتة. (¬2) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 217. (¬3) نهاية 360 من (ح). (¬4) في ص 1297. (¬5) يعني: لم تكن تعديتها موقوفة على صحتها. (¬6) نهاية 179أمن (ب). (¬7) (ظ): الحكم.

رد: يلزم في القاصرة بنص. وبأن فائدته معرفة الباعث ليكون أسرع قبولاً. وبأنه يمتنع لأجلها تعدية الحكم إِلى الفرع. وبأنه إِذا قُدِّر في محلها وصف آخر متعد اعتبر دليلٌ لاستقلاله (¬1). وفي التمهيد (¬2): وربما حدث جنس يجعل ثمناً، فتكون تلك علته (¬3). وقيل: ثبت حكم الأصل بها، والنص أو الإِجماع دليل الدليل. ورد: ثبت بالنص، ثم: هي به، فلو ثبت بها دار. ................... النقض: وجود العلة بلا حكم. واختلف قول أحمد وأصحابه في جواز تخصيص (¬4) العلة المستنبطة ونقضها به. والمنع: اختاره أبو الحسن الخوزي (¬5) وابن حامد (¬6)، وقاله أكثر ¬

_ (¬1) يعني: اشترط دليل يدل على استقلاله. (¬2) انظر: التمهيد/ 166 أ. (¬3) في (ظ): علة. (¬4) نهاية 124 ب من (ظ). (¬5) انظر: العدة/ 214أ، والمسودة/ 412. (¬6) انظر: المسودة/ 415.

الحنفية (¬1) والمالكية (¬2) والشافعية (¬3)، وذكره ابن برهان (¬4) عن الشافعي. والجواز: اختاره أبو الخطاب (¬5) وبعض الحنفية والمالكية والشافعية، وذكره الآمدي (¬6) عن أكثر أصحابنا. واختلف اختيار القاضي (¬7). فعلى الأول: في المنصوصة قولان لنا ولغيرنا. وعلى الثاني: إِن لم يكن في محل التخصيص مانع ولا عدم شرط: اختلف كلام أبي الخطاب (¬8) وغيره، والمنع قاله الأكثر. وعليه -أيضًا-: يجوز تخصيص المنصوصة، ذكره الآمدي (¬9) (¬10) اتفاقًا، وخالف بعضهم. ¬

_ (¬1) انظر: أصول السرخسي 2/ 208، وكشف الأسرار 4/ 32، وتيسير التحرير 4/ 9، وفواتح الرحموت 2/ 277. (¬2) انظر: المنتهى لابن الحاجب/ 126، وشرح تنقيح الفصول/ 399، ومفتاح الوصول/ 101. (¬3) انظر: التبصرة/ 466، والمستصفى 2/ 336، والإِحكام للآمدي 3/ 218. (¬4) انظر: المسودة/ 413، والوصول لابن برهان / 85 أ. (¬5) انظر: التمهيد / 166أ. (¬6) انظر: الإحكام للآمدي 3/ 218. (¬7) انظر: العدة/ 214أ، والمسودة/ 412، 414 - 415. (¬8) انظر: المسودة/ 412، 413. (¬9) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 419. (¬10) نهاية 361 من (ح).

اختار في الروضة (¬1) وغيرها: تخصيص المنصوصة، ومنع المستنبطة إِلا لمانع أو (¬2) فوات شرط، واختاره (¬3) الآمدي (¬4) وغيره. واختار أبو محمَّد البغدادي (¬5) من أصحابنا: المنع إِلا في المنصوصة، أو فيما استثني عن القواعد كالمصراة والعاقلة. وجه ما في الروضة: أن المنصوصة كظاهر عام، ولا يبطل بالتخصيص. ولأنه جمع بين دليلين. وكما لا تبطل العلة القاطعة كعلل القصاص (¬6). والمستنبطة لا يثبت كونها علة عند تخلف الحكم إِلا بمانع -لبقاء (¬7) الظن معه (¬8) - أو عدم شرط، وإلا فَلِعَدمِ المقتضي، ويمتنع تخلف المعلول عن العلة عند الشرط وعدم المانع. القائل بالمنع: النقض يلزم فيه مانع أو عدم شرط، وإلا فلا علة، ونقيض أحدهما جزء من العلة، لتوقف الحكم عليه، والكل -وهو العلة- ينتفي ¬

_ (¬1) انظر: روضة الناظر/ 324. (¬2) نهاية 179 ب من (ب). (¬3) في (ح): اختاره. (¬4) انظر: الإحكام للآمدي 3/ 219. (¬5) انظر: المسودة/ 414. (¬6) للتخلف في الوالد. (¬7) في (ب) و (ظ): كبقاء. (¬8) يعني: لبقاء ظن العلية مع المانع.

بعدم جزئه. رد: إِن أريد بالعلة "الباعث" فليس جزء أحدهما (¬1) منها، ولا يقدح، وإن أريد ما يثبت الحكم فمنها، ويقدح، فالنزاع لفظي. قالوا: لو جاز لزم الحكم في صورة النقض؛ لاستلزام العلة معلولها. رد: بالمنع (¬2)؛ لأنها باعثة (¬3). وإن قيل: "تامة (¬4) " فلفظي. قالوا: سقط دليل اعتبارها وإبطالها بتعارضهما (¬5). رد: انتفاء الحكم لمعارض (¬6) لا ينافي دليل اعتبارها. قالوا: كالعقلية. رد: باقتضائها معلولها بالذات، قال ابن عقيل (¬7): "فلا يجوز تخصيصها عند أحد، ولا تفتقر إِلى شرط، وتنعكس، كالحركة علة كون المحل القائمة (¬8) به متحركاً، فما لم تقم (¬9) به ليس متحركاً، وهي مقارنة ¬

_ (¬1) كذا في النسخ. ولعل الصواب: فليس أحدهما جزءاً منها، أو: فليس نقيض أحدهما منها. (¬2) يعني: منع كونه من لوازم العلية. (¬3) يعني: لأن مرادنا بها كونها باعثة، لا لزوم الحكم لها مطلقًا. (¬4) يعني: مشروطة بعدم المانع ووجود الشرط. (¬5) في (ب) و (ح) بتعارضها. (¬6) في (ب): لعارض. (¬7) انظر: الواضح 1/ 84 ب- 85أ- ب. (¬8) في النسخ: المحل القائم متحركاً. والمثبت من نسخة في هامش (ب). (¬9) في (ب): لم يقم.

لحكمها موجبة له بنفسها، فلا (¬1) توجب حكمين، والشرعية بوضع الشارع" (¬2). وجوز الآمدي (¬3) تخلف حكم العقلية عنها عند عدم القابل له. وكذا منعها (¬4) في التمهيد (¬5) لأن علة هبوط الحجر ثِقَله، ثم قد لا يهبط في موضع لمانع. وفي الواضح (¬6): لا يجوز تخصيصها عند أحد. القائل "يجوز في المنصوصة": صحة المستنبطة تتوقف على المانع -وإلا (¬7) لم يتخلف الحكم -وهو علتها (¬8)؛ لأن المانع إِنما يكون مانعاً مع المقتضي، فدار. رد: توقف معية. ¬

_ (¬1) نهاية 180 أمن (ب). (¬2) يعني: باختياره لحكمين مختلفين معلقين عليها مع اتحادها. (¬3) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 228. (¬4) نهاية 125 أمن (ظ). (¬5) انظر: التمهيد/ 167 ب. (¬6) انظر: الواضح 1/ 84 ب. (¬7) نهاية 362 من (ح). (¬8) كذا في النسخ. ولعل الصواب: عليها. وقد كانت في (ح): "عليها"، ثم غيرت إلى: علتها.

وبأن صحتها لا تتوقف على المانع، بل دوام ظنها عند تخلف الحكم وتحقق المانع يتوقف على ظهور صحتها، فلا دور، كإِعطاء فقير يظن أنه لفقره، فإِن لم يُعط آخر وقف الظن، فإِن بأن مانع عاد، وإلا فلا. القائل "يجوز في المستنبطة (¬1) ": دليل المنصوصة عام (¬2). رد: إِن دل على العلة قطعاً لم يقبل النقض، وإلا قبل. القائل "يجوز في المستنبطة (¬3) ": لأنها علة بدليل ظاهر هو المناسبة، وتخلف الحكم يحتمل لعدم العلة ولمعارض (¬4)، فلا يعارض الظاهر. رد: بتساوي الاحتمال (¬5)؛ لأن الشك في أحد المتقابلين، شك في الآخر. قالوا: لا يتوقف كونها أمارة على ثبوت الحكم في محل النقض؛ لأنه إِن انعكس (¬6) فدور، وإلا تحكم. رد: دور معية. وبأن دوام الظن بكونه أمارة يتوقف على المانع في محل النقض، وثبوت ¬

_ (¬1) يعني: دون المنصوصة. انظر: شرح العضد 2/ 220. (¬2) يعني: فلا يقبل التخصيص. (¬3) يعني: وإن لم يكن لمانع ولا لعدم شرط. انظر: شرح العضد 2/ 218، 220. (¬4) يعني: أنه مشكك. (¬5) يعني: تخلف الحكم ظاهر في أنها ليست بعلة، والمناسبة والاستنباط مشكك. (¬6) يعني: فتوقف في محل النقض على ثبوته في غيره.

الحكم فيه على ظهور كونه أمارة، فلا دور. وفي التمهيد (¬1): أمارة، فلا يجب اطرادها، كغيم (¬2) [رطب] (¬3) شتاء أمارة على المطر، ومركوب قاض على باب أمير أمارةٌ على كونه عنده، قال: وهذا عمدة المسألة، ومن هنا قال: يجوز زوال الحكم وبقاء العلة كالعكس. والله أعلم. ثم: العلة عند من لا يخصصها: إِن كانت لجنس الحكم اعتبر طردها وعكسها كالحد. وإن كانت لعين الحكم: فإِن كانت لإِلحاقه انتقضت بأعيان المسائل. وإن كانت لإِثبات حكم مجمل لم تنتقض إِلا بنفي مجمل، ولإِثبات مفصل تنتقض بنفي مجمل، ولنفي مجمل تنتقض بإِثبات مجمل أو مفصل، ولنفي مفصل (¬4) تنتقض بإِثبات مجمل. وأمثلتها في التمهيد (¬5) وغيره. ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد/ 166 ب-167 أ. (¬2) نهاية 180 ب من (ب). (¬3) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ظ). (¬4) في (ح): ولنفي مفصل لم تنتقض. وقد كانت كذلك في (ب) و (ظ)، ثم مسحت (لم) منهما. وانظر: التمهيد/ 174 ب. (¬5) انظر: التمهيد/ 174 ب.

والتعليل (¬1) لجواز الحكم لا ينتقض بأعيان المسائل، مثل: "الصبي حر مسلم، فجاز أن تجب زكاة ماله كبالغ"، فلا ينتقض بغير الزكوي. والتعليل (¬2) لنوع (¬3) الحكم لا ينتقض بعين مسألة (¬4)، كقولنا في نقض الطهارة بلحم الإِبل: "نوع عبادة تفسد بالحدث، فتفسد بالأكل كالصلاة"، فلا ينتقض بالطواف (¬5)؛ لأنه بعض النوع. * * * الكسر: وجود الحكمة بلا حكم. لا يبطل العلة عند أصحابنا، وذكره الآمدي (¬6) عن الأكثر. كقول الحنفي -في العاصي بسفره-: "مسافر (¬7)، فيترخص كغير العاصي"، ثم يبين مناسبة السفر بالمشقة، فيعترض: بمن صَنْعته شاقة حضراً لا يترخص إِجماعًا. ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 416. (¬2) المرجع نفسه:/ 416. (¬3) غيرت في (ظ) إلى: بنوع. (¬4) في (ظ): المسألة. (¬5) فإِنه يفسد بالحدث، ولا يفسد بالأكل. (¬6) انظر: الإحكام للآمدي 3/ 230. (¬7) نهاية 363 من (ح).

لنا: سبق (¬1) عدم التعليل بالحكمة، فالعلة (¬2) السفر، ولا نقض عليه (¬3). قالوا: الحكمة هي المقصودة (¬4) من شرع الحكم. رد: مساواة قدر حكمة النقض حكمة الأصل مظنون. ثم: لعل انتفاء حكمه لمعارض، والعلة في الأصل موجودة قطعاً، ولا (¬5) تعارض بين قطع وظن. فإِن قيل: لو وجد قدرها قطعاً. قيل: إِن وقع فذكر الآمدي (¬6) عن بعض أصحابهم: لا أثر له؛ لندرته وعسره، ثم اختارو هو من تبعه؛ [أنه] (¬7) يبطل لتعارضهما (¬8) حينئذ؛ لأن محذور (¬9) نفي الحكم مع وجود حكمته قطعا -والعكس (¬10) - فوق المحذور ¬

_ (¬1) في ص 729. (¬2) نهاية 125 ب من (ظ). (¬3) يعني: ولم يرد النقض عليه. (¬4) في (ح): المقصود. (¬5) نهاية 181 أمن (ب). (¬6) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 231 - 232. (¬7) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬8) في (ح): لتعارضها. (¬9) في (ح): محذوره. (¬10) وهو إِثبات الحكم مع نفي حكمته.

اللازم للمجتهد من البحث عن الحكمة في آحاد الصور، إِلا أن يثبت حكم آخر في محل النقض أليق بالحكمة، فلا يبطل (¬1)، كما لو علل قطع اليد قصاصاً بحكمة الزجر، فيعترض: "بأنها في القتل العمد العدوان أعظم"، فيقول المستدل: "ثبت معها حكم أليق بها، وهو القتل". والله أعلم. وذكر القاضي (¬2) -ضمن جواب التسوية- أن سؤال الكسر صحيح، وأن جوابه بالتسوية يصح وفاقاً. قال أبو الخطاب (¬3) وغيره: فإِن التزم المعلِّل الكسر لزمه أن يجيب عنه بفرق تضمنته علته نطقًا أو معنًى، كجواب (¬4) النقض. وعند بعضهم: يكفيه ولو لم تضمنه؛ واختاره بعض أصحابنا (¬5). (¬6) * * * النقض المكسور: نقض بعض الأوصاف. لا يبطل عندنا، وذكره الآمدي (¬7) عن الأكثر. ¬

_ (¬1) في (ح): فلا تبطل. (¬2) انظر: العدة / 266 ب، والمسودة/ 421. (¬3) انظر: التمهيد/ 179 ب، والمسودة/ 429. (¬4) في (ظ): لجواب. (¬5) انظر: المسودة/ 429. (¬6) نهاية 364 من (ح). (¬7) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 233.

كقولنا -في بيع الغائب-: "مبيع مجهول الصفة عند العاقد، فلا يصح، كقوله: بعتك عبدًا"، فيعترض: بما لو تزوج امرأة لم يَرَها. لنا: العلة مجموع الأوصاف، ولم ينقضها، فإِن بَيَّن المعترض: لا لكونه بيعاً، فإِن أصر المستدل على التعليل بالوصفين بطل ما (¬1) علل به؛ لعدم تأثيره لا بالنقض، وإن اقتصر على الوصف المنقوض بطل بالنقض؛ لأن ورد على كل العلة، وإن أتى بوصف لا أثر له في الأصل -ليحترز به من النقض- لم يجز. وفي مقدمة المجرد (¬2): يحتمل أن لا يجوز، ويحتمل أن يجوز؛ لأن الأوصاف يحتاج إِليها للتأثير والاحتراز، والحكم يعلق بالمؤثر، فكذا المحترز به. رد: بمنع ما لا تأثير له. وأجازه من صحح العلة بالطرد، وبعصهم مطلقًا، ذكره أبو المعالي (¬3)، ثم اختار (¬4) تفصيلاً. * * * العكس: عدم الحكم لعدم العلة. اشتراطه مبني على منع تعليل الحكم بعلتين: ¬

_ (¬1) نهاية 181 ب من (ب). (¬2) انظر: المسودة/ 428. (¬3) انظر: البرهان/ 797 - 798. (¬4) في (ب): اختاره.

فمن منعه اشترطه؛ لعدم الحكم لعدم دليله، والمراد بعدم الحكم: عدم العلم (¬1) أو الظن به؛ لتوقفه على النظر الصحيح في الدليل، ولا دليل، وإِلا فالصنعة دليل وجود الصانع، ولا يلزم من عدمها عدمه. ومن جوزه لم يشترطه؛ لجواز دليل آخر. هذا إن كان التعليل لنوع الحكم، نحو: الردة علة لإِباحة الدم. فأما لجنسه فالعكس شرط، نحو: "الردة علة لجنس إِباحة الدم"، فلا يصح؛ لفوت العكس. وظاهر ما سبق: أن الخلاف في تعليل الحكم الواحد بعلتين (¬2) معاً وعلى البدل. وكذا لم يقيد جماعة المسألة (¬3) بالمعية. وقيدها الآمدي (¬4)، وقال في العكس: "أثبته قوم، ونفاه أصحابنا والمعتزلة"، ثم اختار: أنه إِنما يكون معللاً بعلة على البدل، فلا يلزم من نفيها (¬5)؛ لجواز بدلها. * * * ¬

_ (¬1) يعني: لا انتفاء نفس الحكم. (¬2) نهاية 126أمن (ظ). (¬3) نهاية 365 من (ح). (¬4) انظر: الإحكام للآمدي 3/ 234، 235، 236. (¬5) يعني: فلا يلزم من نفيها نفي الحكم.

يجوز تعليل الحكم (¬1) بعلل، كل صورة بعلة اتفاقاً. ويجوز تعليل حكم واحد في صورة واحدة بعلتين أو علل معا عند أصحابنا، قال بعضهم (¬2): "ويقتضيه كلام أحمد في خنزير ميت وغيره"، وذكره (¬3) ابن عقيل عن جمهور الفقهاء والأصوليين. ومنعه متقدمو المالكية وابن برهان (¬4)، واختاره الآمدي (¬5)، وحكاه -هو وغيره- عن ابن الباقلاني وأبي المعالي ومن تابعهما. ومنعه في الروضة (¬6) في المستنبطة فقط، واختاره -أيضًا- بعض أصحابنا والغزالي (¬7) وصاحب المحصول (¬8)، وحكاه بعضهم (¬9) عن ابن الباقلاني. ومنعه بعضهم (9) في المنصوصة. ¬

_ (¬1) نهاية 182أمن (ب). (¬2) انظر: المسودة/ 417. (¬3) في (ح): قال وذكره ... إِلخ. (¬4) انظر: الوصول لابن برهان/ 83 ب. (¬5) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 336. (¬6) انظر: روضة الناظر/ 333 - 334. (¬7) انظر: المستصفى 2/ 342 - 344. (¬8) انظر: المحصول 2/ 7/ 362، 375. (¬9) انظر: المنتهى لابن الحاجب/ 128.

وحكى بعضهم (¬1) عن أبي المعالي: جائز عقلاً، ممتنع شرعًا. القائل بالجواز: وقوعه دليل جوازه، وللحدث علل مستقلة كالبول والغائط والمذي، وكذا للقتل وغيره. واعترض الآمدي (¬2): بأن الحكم -أيضًا- متعدد شخصًا متحد نوعًا، ولهذا ينتفي القتل بالردة -بأن (¬3) ارتد بعد القتل، تم أسلم- ويبقى القصاص، وينتفي القتل بالقصاص -بأن عفا الولي- ويبقى بالردة، وإلإِباحة بجهة القتل حق للآدمي (¬4)، وبالردة لله، ولا يتصور ذلك في شيء واحد، ويقدم الآدمي في الاستيفاء. وقاله قبله أبو المعالي (¬5)، واختاره بعض أصحابنا (¬6)، قال: وعليه نص الأئمة، كقول أحمد في بعض ما ذكره: "هذا (¬7) مثل خنزير ميت، حرام من وجهين"، فأثبت تحريمين، وحل الدم متعدد، لكن ضاق المحل، ولهذا (¬8) يزول واحد ويبقى الآخر، ولو اتحد الحل بقي بعض حل، فلا يبيح، وقول ¬

_ (¬1) انظر: المرجع السابق، والبرهان/ 832. (¬2) انظر: الإحكام للآمدي 3/ 237. (¬3) في (ب): وبأن. (¬4) في (ح): لآدمي. (¬5) انظر: البرهان/ 828 - 829. (¬6) انظر: المسودة/ 417. (¬7) نهاية 366 من (ح). (¬8) نهاية 182 ب من (ب).

الفقهاء: "وتتداخل هذه الأحكام" هو دليل تعددها، وإِلا شيء واحد لا يعقل (¬1) فيه تداخل. قال (¬2): وقول أبي بكر من أصحابنا في مسألة الأحداث: "إِذا نوى أحدها ارتفع وحده" يقتضي ذلك، والأشهر لنا (¬3) وللشافعية (¬4): يرتفع الجميع، وقاله المالكية (¬5). ورد ذلك: بأن الشيء لا يتعدد في نفسه بتعدد إِضافاته (¬6)، وإلا غاير حدث البول حدث الغائط، وتعدده باختلاف الأحكام المتعلقة فدعوى (¬7) خاصة لا تفيد (¬8). وأجاب في الروضة (¬9): باستحالة اجتماع مثلين. كذا قال. وأيضًا: العلة دليل، فجاز تعددها (¬10) كالأدلة. ¬

_ (¬1) في (ظ): ولا يعقل. (¬2) انظر: المسودة/ 417، ومجموع الفتاوى 20/ 169 - 171. (¬3) في (ب): ولنا. (¬4) انظر: المهذب 1/ 15. (¬5) انظر: الكافي لابن عبد البر/ 164. (¬6) يعني: إِضافة الشيء إِلى أحد دليليه لا يوجب تعددًا. (¬7) كذا في النسخ. ولعلها: دعوى. (¬8) في (ح): لا تقبل. وفي نسخة في هامشها: لا تفيد. (¬9) انظر: روضة الناظر/ 334. (¬10) في (ب): فعددها.

ويعرف جوابه مما سبق. القائل بالمنع: لو جاز كانت كل منهما مستقلة غير مستقلة؛ لأن معنى استقلالها ثبوت الحكم، فتتناقض بتعددها. رد: مستقلة حالة الانفراد فقط، فلا تناقض (¬1). أجيب: الكلام في حالة الاجتماع. (¬2) وأيضًا: لو جاز: فإِن كانتا معاً اجتمع مثلان؛ للزوم كل منهما ما لزم من الأخرى، وهو معلولها، فيلزم التناقض؛ لأن الحكم يكون مستغنياً غير (¬3) مستغن، لثبوته بكل منهما، وإن تَرَتَّبا ففيه تحصيل الحاصل. رد: إِنما يلزم في العلل العقلية، ويجوز لمدلول واحد أدلة. وأيضًا: لو جاز لم تقل الأئمة في علة الربا بالترجيح؛ لصحة استقلال كل منهما (*)، والترجيح (¬4) ينافيه (¬5)، وإلا كان الجميع علة. رد: إِنما تعرضوا (¬6) للإِبطال (¬7). ¬

_ (¬1) يعني: فلا تناقض في التعدد. (¬2) نهاية 126 ب من (ظ). (¬3) في (ب): عن. (*) كذا في النسخ. ولعلها: منها. (¬4) نهاية 183 أمن (ب). (¬5) يعني: ينافي التعدد. (¬6) نهاية 367 من (ح). (¬7) يعني: لا للترجيح.

سلمنا، فلاتحاد علة الربا إِجماعاً، فتعرضوا للترجيح؛ لئلا يلزم جعلها أجزاء علة؛ لأن جعل أحدها (¬1) علة -بلا مرجِّح- محال. قالوا: لا يجتمع مؤثِّران على أثر واحد، كمقدور بين قادرين. أجاب ابن عقيل (¬2): تستقل منفردة، ومع الاجتماع العلة واحدة؛ لأنها بوضع الشارع، كشدة الخمر، والمقدور بينهما (¬3) ليس بالجعل والوضع فمن أحاله فلمعنى يعود إِلى نفسه. وقال ابن عقيل -أيضًا- في مناظراته: التحقيق أن الحكم إِذا استقل بعلة تعطلت الأخرى، كمكان امتلأ بجسم، وفعل وقع بواحد، وكما لا يصح فعل بين فاعلين، هذا مع تساويهما، وإلا فالعلة الضعيفة لا تعمل مع القوية بلا خلاف. القائل بالمنصوصة: لاستقلال كل منهما بنصه، فكل واحدة علامة، والمستنبطة: إِن عُيّن بنص استقلال كل وصف فمنصوصة، وإلا فإِسناد الحكم إِلى أحدهما تحكم، وإلى كل منهما تناقض؛ لأنه يكون مستغنيًا عن كل منهما غير مستغن، فتعين إِليهما معا، كل منهما جزء علة. رد: يستنبط استقلالها بثبوت الحكم في محل كل منهما منفردًا. وسبق جوابه (¬4). ¬

_ (¬1) في (ظ): أحدهما. (¬2) انظر: المسودة/ 416 - 417. (¬3) يعني: بين قادرين. (¬4) وهو قوله -في الصفحة السابقة-: أجيب: الكلام في حالة الاجتماع.

القائل بالمستنبطة: لاستقلالها؛ لما سبق فيما قبله، والمنصوصة قطعية، ففي استقلالها اجتماع المثلين أو تحصيل الحاصل. رد: ليس قطعية. ثم: يجوز اجتماع أدلة قطعية على مدلول واحد. ..................... ثم: اختلف (¬1) من قال بوقوع تعليل الحكم الواحد بعلل إِذا اجتمعت: فذكر بعض أصحابنا وغيرهم: كل واحدة علة. وقيل: جزء، واختاره ابن عقيل (¬2). وقيل: واحدة لا بعينها. وجه الأول: ثبت استقلال كل منهما منفردة. رد: لم يثبت (¬3) مجتمعة. وأيضًا: لامتنع (¬4) اجتماع الأدلة؛ لأنها (¬5) أدلة. وجه الثاني: يلزم من الاستقلال اجتماع مثلين -وسبق (¬6) دليلاً للقائل ¬

_ (¬1) نهاية 183 ب من (ب). (¬2) انظر: المسودة/ 416. (¬3) نهاية 368 من (ح). (¬4) يعني: لو امتنع كون كل واحدة علة لامتنع ... إلخ. (¬5) يعني: العلل الشرعية. (¬6) في ص 1235.

بالمنع- أو التحكم إِن ثبت بواحدة، فتعين الجزء. رد: ثبت بكل واحدة، كأدلة عقلية وسمعية، يثبت المدلول بكل منها. وجه الثالث: ما يلزم من التحكم أو الجزئية. وجوابه: ما سبق. وقد ذكر في التمهيد (¬1) جواز تعليل الحكم بعلتين، فإِن دلت إِحداهما على حكم الأصل، والأخرى لم تدل -كقولنا في الطلاق قبل النكاح: "من لا ينفذ (¬2) طلاقه المباشر لا ينفذ المعلق كالصبي"، فيقول (¬3) الحنفي: "العلة في الصبي أنه غير مكلف"، فيقول الحنبلي: "أقول بالعلتين (¬4) "- فقال بعضهم: يجوز تعليله (¬5) بالعلة التي لا تدل (¬6) عليه (¬7)؛ لأنها (¬8) طريق فيه، كالنص على حكمه لا يمنع التعليل ببعض أوصافه المؤثرة، ومنعه بعضهم؛ لأنها لو وجدت وحدها في الأصل لم يثبت حكمه بها، قال: والأول أشبه بأصولنا. ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد/ 165 ب، والمسودة/ 417 - 418. (¬2) في (ح): من لا ينعقد. وفي نسخة في هامشها: من لا ينفذ. (¬3) نهاية 127 أمن (ظ). (¬4) وهما: 1 - أنه غير مكلف. 2 - أنه لا ينفذ طلاقه المباشر. (¬5) يعني: الأصل. (¬6) وهي: امتناع وقوع طلاقه المباشر. (¬7) يعني: حكم الأصل. (¬8) انظر: التمهيد/ 175 ب.

وبناه بعض أصحابنا (¬1) على القياس على فرع ثبت بالقياس بعلة غير علته، وسبق (¬2) لنا فيه قولان. * * * يجوز تعليل حكمين بعلة -بمعنى الأمارة- اتفاقًا، كغروب الشمس للفطر والصلاة (¬3). واختلفوا فيه بمعنى الباعث. وجوازه أظهر؛ لأنه لا مانع، كالإِسكار للتحريم والحد. قالوا: أحد الحكمين حصل الحكمة، فإِن حصلها الثاني فتحصيل الحاصل، وإلا فليست علة (¬4) له. رد: يتوقف المقصود عليهما، فلا يحصل جميعها إِلا بهما (¬5)، أو يحصّل الحكم الثاني حكمة أخرى، فتعدد الحكمة، والوصف ضابط لإِحداهما (¬6). * * * اختلفوا في جواز تأخير علة الأصل عن حكمه، كتعليل ولاية الأب ¬

_ (¬1) في المسودة / 418: قلت: على هذا ينبني القياس على فرع .. إلخ. (¬2) في ص 1196. (¬3) نهاية 184أمن (ب). (¬4) نهاية 369 من (ح). (¬5) في (ح): إِلا بها. (¬6) في (ح): لإِحداها.

على صغير عَرَضَ له جنون بالجنون (¬1). واختار الآمدي (¬2) وغيره: المنع؛ لاستحالة ثبوت الحكم بلا باعث، وإن جاز التعليل بالأمارة (¬3) فتعريف المعرَّف؛ لتعريف الحكم بالنص. وفيه نظر؛ لجواز [كون] (¬4) فائدتها تعريف حكم الفرع، فيتوجه قول ثالث. * * * ومن شروط علة الأصل: أن لا ترجع عليه بالإِبطال؛ لبطلانها به، كما سبق (¬5) في التأويل بقيمة شاة. وإن عادت عليه بالتخصيص فالخلاف (¬6). وقد قال بعض أصحابنا (¬7): "ما حكم به الشارع مطلقًا أو في عين أو ¬

_ (¬1) يعني: فالولاية ثابتة قبل الجنون. (¬2) انظر: الإحكام للآمدي 3/ 241. (¬3) والأمارة هي المعرف. (¬4) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬5) في ص 1048. (¬6) ضرب على (فالخلاف) في (ح). (¬7) انظر: المسودة/ 227 - 228، وص 1163 من هذا الكتاب.

فَعَله أو أقرّه، هل يجوز تعليله (¬1) بعلة مختصة بذلك الوقت بحيث يزول الحكم مطلقًا؟ جوزه الحنفية والمالكية، ذكروه في مسألة التخليل، وذكره المالكية في حكمه بتضعيف الغرم على سارق الثمر المعلق والضالة المكتومة (¬2) ومانع الزكاة وتحريق متاع الغال، وهو شبهتهم أن حكم المؤلفة انقطع (¬3)، ومنعه أصحابنا والشافعية، ثم قال بعضهم: قد تزول العلة ويبقى الحكم كالرمل (¬4)، وقال بعضهم: النطق حكم مطلق وإن كان سببه خاصاً، فقد تثبت العلة مطلقًا. وهذان جوابان لا حاجة إِليهما، واحتج بأن هذا رأي مجرد، وبتمسك الصحابة بنهيه عن ادخار لحم الأضاحي في العام القابل -ومراده: أنه صح عن ابن عمر (¬5) وأبي سعيد (¬6) وقتادة (¬7) بن ¬

_ (¬1) من قوله: (وقد قال) إِلى قوله: (تعليله) درس محله في (ح). (¬2) أخرج عبد الرزاق في مصنفه 10/ 129 عن معمرعن عمرو بن مسلم عن عكرمة -أحسبه عن أبي هريرة- أن النبي قال: (ضالة الإبل المكتومة غرامتها ومثلها معها). وأخرجه أبو داود في سننه 2/ 339 من طريق عبد الرزاق. قال المنذري في مختصره 2/ 273: لم يجزم عكرمة بسماعه من أبي هريرة، فهو مرسل. وأخرجه البيهقي في سننه 6/ 191 من طريق أبي داود. (¬3) نهاية 184 ب من (ب). (¬4) في (ب): وكالرمل. (¬5) أخرجه البخاري في صحيحه 7/ 104، ومسلم في صحيحه/ 1561. (¬6) أخرجه البخاري في صحيحه 7/ 103، والنسائي في سننه 7/ 233، والبيهقي في سننه 9/ 292. (¬7) أخرجه النسائي في سننه 7/ 234، وابن حبان في صحيحه (انظر: موارد=

النعمان (¬1)، وقول جابر: كنا لا نأكل فأرخص لنا (¬2) - أما تعليله بعلة زالت -لكن إِذا عادت عاد- ففيه نظر، وعكسه: تعليل الناسخ بعلة مختصة بذلك الزمن بحيث إِذا زالت زال، ويقع الفقهاء فيه كثيراً" والله أعلم. ويأتي (¬3) كلام أبي الخطاب في استصحاب حكم الإِجماع (¬4). وفي واضح ابن عقيل: "ألحق الحنفية النسخ بزوال العلة، كالخمر: حرمت أولاً وألفوا شربها، فنهي عن تخليلها (¬5) تغليظًا، وزالت باعتياد (¬6) الترك، فزال الحكم"، ثم أبطله بأنه نسخ بالاحتمال، كمنعه في حدٍّ وفسق ونجاستها. * * * ¬

_ =الظمآن/ 260). قال ابن حجر في فتح الباري 10/ 25: فيه قلب للمتن؛ جعل راوي الحديث أبا سعيد، والممتنع من الأكل قتادة، وما في الصحيحين -يعني: كون الممتنع أبا سعيد- أصح. (¬1) هو: الصحابي أبو عمرو الأوسي. (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه 2/ 172، ومسلم في صحيحه/ 1562. (¬3) في ص 1436 - 1437. (¬4) نهاية 127 ب من (ظ). (¬5) أخرجه مسلم في صحيحه/ 1573، وأبو داود في سننه 4/ 82، والترمذي في سننه 2/ 380، والدارمي في سننه 2/ 43، وأحمد في مسنده 3/ 119 من حديث أنس مرفوعًا. وقال الترمذي: حسن صحيح. (¬6) في (ب) و (ح): باعتبار.

ومن شورط العلة: أن لا يكون للمستنبطة (¬1) معارض في الأصل؛ لجواز كونه العلة، أو هما. وقيل: معارض راجح. وفيه نظر. وقيل: ونفي المعارض في الفرع. وقيد الآمدي (¬2) المعارض بكونه راجحاً عند من جوز تخصيص العلة، ليفيد القياس (¬3)، وقال: ويكفي الظن في نفي معارض في أصل وفرع (¬4). ................ وأن لا تخالف نصاً أو إِجماعًا. وأن لا تتضمن زيادة على النص، أي: زاد الاستنباط قيدًا عليه. وقال الآمدي (¬5): إِن نافت مقتضاه. وأن يكون دليلها شرعيًا. .................... وأن لا يعم دليلها حكم الفرع بعمومه أو بخصوصه -كقول شافعي: "الفواكه مطعومة فجرى الربا كالبر"، ثم أثبت الطعم علة بقوله (لا ¬

_ (¬1) في (ظ): المستنبطة. (¬2) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 248. (¬3) يعني: ليكون القياس مفيدًا. (¬4) نهاية 185 أمن (ب). (¬5) انظر: الإحكام للآمدي 3/ 245.

تبيعوا (¬1) الطعام بالطعام (¬2))، وكقول حنفي في نجاسة غير السبيل: "خارج نجس، فنقض كالسبيل"، ثم أثبت العلة بما يروى من قوله: (من قاء (¬3)) - لأنه تطويل بلا فائدة ورجوع عن القياس؛ لثبوت (¬4) الحكم بدليلها (¬5). وقال الآمدي (¬6): هذه مناقشة جدلية، فلا (¬7) تمنع صحة القياس، وقد يكون العام مخصوصًا لا يراه المستدل حجة، فيتمسك به في إِثبات العلة. * * * ¬

_ (¬1) نهاية 370 من (ح). (¬2) لم أجده بهذا اللفظ، وإنما وجدت ما أخرجه مسلم في صحيحه/ 1214، وأحمد في مسنده 6/ 400، والدارقطني في سننه 3/ 24، والطحاوي في شرح معاني الآثار 4/ 3، والبيهقي في سننه 5/ 283 عن معمر بن عبد الله قال: كنت أسمع رسول الله يقول: (الطعام بالطعام مثلاً بمثل)، وكان طعامنا يومئذ الشعير. (¬3) أخرج ابن ماجه في سننه/ 385 - 386 عن عائشة مرفوعًا: (من أصابه قيء ... فلينصرف فليتوضأ ...) وأخرجه الدارقطني في سننه 1/ 153 - 155 بلفظ: (إِذا قاء أحدكم في صلاته ... فلينصرف فليتوضأ). وأخرجه البيهقي في سننه 1/ 142 - 143 بلفظ: (إِذا قاء أحدكم). ثم أسند البيهقي إِلى أحمد أنه قال: حديث ابن عياش عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن عائشة أن النبي قال: (من قاء أو رعف ...) الحديث، هكذا رواه ابن عياش، وإنما رواه ابن جريج عن أبيه ولم يسنده، وليس فيه ذكر عائشة. وقد تقدم الكلام على هذا الحديث في ص 621. (¬4) في (ب) و (ظ): كثبوت. (¬5) يعني: دليل العلة. (¬6) انظر: الإحكام للآمدي 3/ 246. (¬7) في (ح): ولا.

ويجوز كون العلة حكمًا شرعيًا عند قوم، وقاله ابن عقيل (¬1)، وذكره (¬2) أبو الخطاب (¬3) عن أصحابنا، وعقله بأنها أمارة، والعلة التي يحتاج إِلى إِثباتها في الأصل المتعديةُ (¬4) إِلى الفرع، وأيضًا: قد يدور حكم مع حكم، والدوران علة كما يأتي (¬5) ومنعه آخرون -قال بعض أصحابنا (¬6): أظنه اختيار ابن عقيل وابن المنّي- لأن الحكم المعلّل إِن تقدم أو تأخر فباطل؛ لِتَقَدّم المعلول أو تأخره، ومعه لا أولوية لتعليل (¬7) أحدهما بالآخر. رد: يجوز تأخره (¬8)؛ لأنه معرّف، ولأن الشدة المطربة وإن (¬9) سبقت التحريم فإِنما هي علة بجعل الشارع، وقد يكون أحدهما أولى لمناسبته للآخر (¬10) بلا عكس. ¬

_ (¬1) انظر: الواضح 1/ 134 ب. (¬2) في (ب): ذكره. (¬3) انظر: التمهيد/ 163 ب- 164أ، والمسودة/ 411. (¬4) يعني: هي المتعدية إلى الفرع. (¬5) في ص 1297. (¬6) انظر: المسودة/ 411. (¬7) في (ح): كتعليل. (¬8) في (ح): تأخيره. (¬9) في (ظ): ان. (¬10) نهاية 185 ب من (ب).

وأيضاً: يحتمل أن لا علة، أو أنها غير الحكم المعلل به، ووقوع احتمال من اثنين أغلب. رد: يلزم في التعليل بالأوصاف. واختار الآمدي (¬1): يجوز كونه علة له بمعنى الأمارة في غير أصل القياس، نحو: "مهما رأيتم أني حرمت كذا فقد حرمت كذا"، وفيه (¬2): لا يجوز كما سبق (¬3)، وإن كان باعثًا عليه فحكم الأصل: إِن كان تكليفيًا لم يجز؛ لأنه لا قدرة للمكلف عليه، وبهذا (¬4) يمتنع (¬5) تعليله بوصف لا قدرة له عليه، وإن كان بخطاب (¬6) الوضع لم يجز إِن بعث على حكم الأصل لدفع مفسدة تلزم (¬7) من شرع الحكم المعلل به؛ لأنها لو طلب الشرع نفيها بشرع (¬8) حكم الأصل لم يشرع الحكم المعلل به، وإن بعث عليه لمصلحة جاز؛ لأنه قد يستلزم ترتب أحد الحكمين على الآخر مصلحة لا يستقل بها ¬

_ (¬1) انظر: الإحكام للآمدي 3/ 211. (¬2) يعني: في أصل القياس. (¬3) في ص 1208 من أنه لا يجوز أن تكون العلة فيه بمعنى الأمارة، بل بمعنى الباعث. (¬4) في (ح): ولهذا. (¬5) نهاية 371 من (ح). (¬6) يعني: ثبت حكم الأصل بخطاب الوضع. (¬7) في (ب): يلزم. ولم تنقط الكلمة في (ح) و (ظ). وانظر الإِحكام للآمدي 3/ 212. (¬8) نهاية 128أمن (ظ).

أحدهما، كجعل الحكم بالنجاسة علة في بطلان بيع الخمر؛ لتحصيل مصلحة التنزه عنه. قال في التمهيد (¬1): يجوز جعل صفة الاتفاق والاختلاف علة عند أصحابنا والأكثر، كالإِجماع (¬2): "حادث، وهو دليل"، والاختلاف يتضمن خفة حكمه، وعكسه الاتفاق -واختاره ابن عقيل (¬3) - كقولنا في المتولد بين الظباء والغنم: "متولد من أصلين يزكي أحدهما إِجماعًا، فوجب فيه كمتولد بين سائمة ومعلوفة"، وكقول الحنفية في الكلب: مختلف في حل لحمه، فلم يجب في ولوغه عدد، كالسَّبُع. ومنعه بعضهم؛ لحدوثهما (¬4) بعد الأحكام، وقاله القاضي (¬5) (¬6) في تعليقه ضمن مسألة النبيذ لنا. * * * ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد / 164أ- ب. (¬2) هذا جواب سؤال مقدر: اِن الاتفاق والاختلاف حادثان بعد الرسول، والعلة أمارة شرعية تحتاج إِلى نصب الشرع. فأجاب: بأن هذا وإن كان حادثًا فيجوز أن يكون أمارة دالة، كما أن الإِجماع حادث، وكان دليلاً معلومًا. (¬3) انظر: الواضح 1/ 141 ب- 142 أ. (¬4) يعني: الاتفاق والاختلاف. (¬5) انظر: المسودة/ 410. (¬6) نهاية 186 أمن (ب).

ويجوز تعدد الوصف ووقوعه عندنا وعند الأكثر، كتعليل القصاص بالقتل العمد العدوان؛ لأن طريق إِثبات الواحد يثبت به غيره (¬1). قالوا: لو جاز كانت العلية صفة زائدة؛ لأنا نعقل مجموع الأوصاف، ونجهل كونها علة، والمعلوم غير المجهول، ولأنا نصفها بأنها علة، والصفة غير الموصوف، وليست (¬2) صفة زائدة؛ لأنها إِن قامت بوصف فهو العلة، وإن قامت بكل وصف فكل وصف علة، وإن قام كل بعض منها بوصف لزم تعدد المتحد لقيامه بالتعدد (¬3) أو اتحاد المتعدد. رد: يجرى الدليل في امتناع وصف الكلام بكونه خبرًا أو استخبارًا (¬4). وبأن (¬5) العلية قائمة بالمجموع من حيث هو، فلا يلزم شيء. وبأن معنى العلة قضاء الشرع بالحكم عند الوصف للحكمة، فليست العلية صفة زائدة، ثم (¬6): ليست وجودية؛ لئلا يقوم العَرَض بالعَرَض؛ لأنها عرض، والأوصاف عرض. ¬

_ (¬1) وهو المتعدد. (¬2) في (ظ): فليست. (¬3) كذا في النسخ. ولعل صوابه: بالمتعدد. (¬4) وهو موصوف بذلك مع تعدد ألفاظه وحروفه. (¬5) في (ح): أو بأن. (¬6) يعني: لو سلم أنها زائدة.

قالوا: لو جاز (¬1) لزم أن عدمَ كلِ جزءٍ علةٌ لعدم صفة العلية؛ لانتفائها بعدمه، والتالي باطل؛ لأنه يلزم نقض علية عدم جزء لعدم صفة العلية؛ لأنه لو عدم وصف آخر لم تعدم العلية؛ لعدمها (¬2) بالأول (¬3). رد: كل جزء شرط للعلة، فعدمت لعدمه، وليس عدمه علة لعدم المشروط. ولو سلم أن عدم كل جزءٍ علةٌ فهو كبول بعد مس وعكسه (¬4)، كل منهما (¬5) علة للوضوء؛ لأنها علامات، فتقع معًا ومرتبة، فلا يلزم النقض. قال الآمدي (¬6): وسبق (¬7) أن العدم ليس علة. * * * لا يشترط في علة (¬8) الأصل القطع بحكمه (¬9)، ولا القطع بها في الفرع، ولا انتفاء مخالفة مذهب صحابي -إِن لم يكن حجة- خلافاً ¬

_ (¬1) نهاية 372 من (ح). (¬2) في (ح): في الأول. (¬3) يعني: بعدم الجزء الأول. (¬4) نهاية 186 ب من (ب). (¬5) في (ب) و (ح): منها. (¬6) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 215. (¬7) انظر: ص 1212. (¬8) في (ظ) ونسخة في هامش (ب): محل. (¬9) في (ح): بحكمة.

لبعضهم في الثلاثة. ولا النص (¬1) عليها، أو الإجماع على تعليله، خلافاً للمريسي (¬2). * * * وإذا كانت العلة لنفي الحكم وجود مانع -كعدم القصاص على الأب لمانع- أو عدم شرط، كعدم الرجم (¬3) لعدم الإِحصان: اختلفوا في اشتراط وجود المقتضي، فيبين بدليل، ونَفْي الشارع للحكم دليل وجوده حملاً له على التأسيس. واختار الآمدي (¬4): يشترط؛ لأن الحكم شرع لمصلحة الخلق؛ فما لا فائدة فيه لم يشرع، فانتفى لنفي فائدته. قالوا: أدلة (¬5) متعددة، وإذا استقل المانع وعدمُ الشرط مع وجود معارضة المقتضي فمع عدمه أولى. رد: لا يلزم؛ لما سبق (¬6). ¬

_ (¬1) في (ب): التضمن. (¬2) انظر: المعتمد/ 761. (¬3) نهاية 128 ب من (ظ). (¬4) انظر: الإحكام للآمدي 3/ 242. (¬5) يعني: عدم المقتضي ووجود المانع. (¬6) في اختيار الآمدي. وانظر: الإِحكام للآمدي 3/ 242.

قالوا: يلزم التعارض بينهما، وهو خلاف (¬1) الأصل. رد: هو أهون (¬2)، ولهذا اتفق من خصص العلة على نفي الحكم بالمانع وعدم الشرط مع وجود المقتضي (¬3)، واختلفوا فيه مع عدمه. قالوا: لو أحيل نفي الحكم عند انتفاء المقتضي على نفيه (¬4) -مع مناسبة نفيه من المانع وعدم الشرط- لزم إِهمالهما، وهو خلاف الأصل. رد: هو (¬5) أولى، ولهذا يستقل بنفيه عند عدم المعارض اتفاقاً، وفي استقلال (¬6) المانع وعدم (¬7) الشرط بنفيه (¬8) الخلاف في تخصيص العلة. وإِن قيل: يحال نفيه عليهما (¬9) معاً. رد: إِن استقل كل منهما بنفيه ففيه تعليل حكم واحد في صورة بعلتين، وإلا امتنع؛ لخروج المستقل بالنفي -وهو نفي المقتضي عند نفي معارضه- عن الاستقلال. * * * ¬

_ (¬1) نهاية 373 من (ح). (¬2) من نفيه لوجود مانع مع ذوات المقتضي. (¬3) في (ح): الشرط. (¬4) يعني: نفي المقتضي. (¬5) يعني: انتفاؤه لنفي المقتضي أولى من انتفائه للمانع. (¬6) نهاية 187أمن (ب). (¬7) ضرب في (ب) و (ظ) على: عدم الشرط. (¬8) في (ب) و (ظ): نفيه. (¬9) يعني: على المانع ونفي المقتضي.

قال ابن عقيل (¬1): هل يصح كون العلة صورة المسألة نحو: "يصح رهن مشاع كرهنه من شريكه" منعه بعضهم؛ لإِفضائه (¬2) إِلى تعليلِ المسألة وعدمِه، وصححه بعضهم، قال: وهو أصح. قال بعضهم: يستدل بوجود العلة على الحكم لا بعليتها، لتوقفها (¬3) عليه؛ لأنها (¬4) نسبة. * * * حكم الأصل ثابت بالنص عندنا وعند الحنفية (¬5)؛ لأنه قد يثبت تعبدًا، فلو ثبت بالعلة لم يثبت مع عدمها، ولأنها مظنونة وفرع عليه. ومرادهم: أنه معرِّف له. وعند الشافعية (¬6): بالعلة. ومرادهم: الباعثة عليه. فالخلاف لفظي. * * * ¬

_ (¬1) انظر: الواضح 1/ 141أ. (¬2) يعني: يفضي إِلى أن تكون العلة هي المعلَّل له، فيفضي إِلى التنافي؛ لأنه يؤدي إِلى كون المسألة معللة لا معللة؛ لأنك إِذا قلت: "حرمت الخمر لأنها خمر" فقد بينت أنها معللة، إلا أن قولك: "لأنها خمر" معناه: أنها غير معللة. (¬3) يعني: العلية. (¬4) في (ب): لأنه. (¬5) انظر: تيسير التحرير 3/ 294 - 295، وفواتح الرحموت 2/ 293. (¬6) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 247. وكذا عند الحنفية السمرقنديين، فانظر: تيسير التحرير 3/ 295.

شروط الفرع

شروط الفرع منها: مساواة علته علة الأصل فيما يقصد من عين العلة أو جنسها، كالشدة المطربة في النبيذ، وكالجناية في قياس قصاص طرف على نفس. وعن بعض الحنفية (¬1): يكفي مجرد الشبه. لنا: اعتبار الصحابة المعنى المؤثر في الحكم. ولاشتراك العامي والعالم فيه (¬2). ولأنه ليس هذا الشبه بأولى من عكسه (¬3). وكالقياس العقلي (¬4). قالوا: لم تعتبر الصحابة سوى مجرد الشبه. رد: بالمنع. * * * ¬

_ (¬1) انظر: اللمع/ 62، والتبصرة/ 458. (¬2) يعني: إِذا جاز رد الفرع إِلى الأصل من غير علة مخصوصة لم يحتج إِلى النظر والفكر. (¬3) قال في التبصرة/ 458: ولأنه لو جاز رد الفرع إِلى الأصل بمجرد الشبه لم يكن حمل الفرع على بعض الأصول بأولى من حمله على البعض؛ لأنه ما من فرع تردد بين أصلين إلا وفيه شبه من كل واحد من الأصلين. (¬4) يعني: يعتبر فيه معنى مخصوص.

ويشترط تأثيرها في أصلها المقيس عليه عند أصحابنا والحنفية (¬1) (¬2) والشافعية (¬3). واكتفى الحلواني (¬4) من أصحابنا وأبو الطيب (¬5) الطبري الشافعي بتأثيرها في أصل ما. واشترط بعضهم: في أصلها وفي بقية المواضع. كقول المالكية (¬6) في الكلب: "حيوان، فكان طاهرًا كالشاة"، تأثيره في الحيوان إِذا مات، ولا تأثير له في (¬7) الجماد، فالحياة تؤثر في محل دون محل. * * * ومنها: مساواة حكمه حكم الأصل فيما يقصد كونه وسيلة للحكمة (¬8) من عين الحكم أو جنسه، كالقصاص في النفس بالمثقل على ¬

_ (¬1) انظر: تيسير التحرير 4/ 134، 151. (¬2) نهاية 187 ب من (ب). (¬3) انظر: اللمع 671، والتبصرة/ 464. (¬4) هو: عبد الرحمن الحلواني. انظر: المسودة/ 438 - 439. (¬5) انظر: اللمع/ 67، والمسودة/ 438. (¬6) انظر: مفتاح الوصول/ 107، والمسودة/ 422. (¬7) نهاية 129أمن (ظ). (¬8) نهاية 374 من (ح).

المحدد، وكالولاية في نكاح الصغيرة على الولاية في مالها. ويأتي (¬1) في الأسئلة. .................. ومنها: أن لا يكون منصوصًا على حكمه. قالت الحنفية (¬2) وغيرهم -وجزم به الآمدي (¬3)، وتبعه بعض أصحابنا -: ولا متقدمًا على حكم الأصل، كقياس أصحابنا والشافعية (¬4) الوضوء على التيمم في اشتراط النية؛ لثبوت حكم الفرع قبل ثبوت العلة؛ لتأخر الأصل. قال الآمدي (4): إِلا أن يذكره إِلزامًا للخصم. وفي الروضة (¬5): الصحيح: يشترط لقياس العلة لا الدلالة، فيقاس الوضوء على التيمم؛ لجواز تأخر (¬6) الدليل عن المدلول، كحدوث العالم دليل على القديم، والأثر على المؤثر. وذكر أبو الخطاب (¬7) وابن عقيل (¬8) -من الأسئلة الفاسدة-: تأخر ¬

_ (¬1) في ص 1393 وما بعدها. (¬2) انظر: تيسير التحرير 3/ 299، وفواتح الرحموت 2/ 259. (¬3) و (¬4) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 251. (¬5) انظر: روضة الناظر/ 319. (¬6) في (ح): تأخير. (¬7) انظر: التمهيد/ 181 ب-182أ. (¬8) انظر: الواضح 1/ 167 ب، 203أ.

حكم الأصل عن حكم الفرع؛ لأن الأمارة والدليل يتأخر ويتقدم، كالمعجزة مع النبوة، والعالَم على الصانع، ويمتنع في العلة العقلية، كتحرك الجسم أو سواده لحركة (¬1) أو سواد يتأخر. ...................... وشرط قوم -وحكوه عن أبي هاشم (¬2) - ثبوت حكم (¬3) الفرع بنص جملة لا تفصيلاً، كميراث الأخ مع الجد. وهو باطل بما يأتي (¬4) من (¬5) أدلة القياس، ولا دليل عليه. واحتج الآمدي (¬6) وغيره (¬7): بأن الصحابة قاسوا (¬8) "أنت حرام" على الطلاق واليمين والظهار. وجوابه: منع صحته، بل لا يصح. * * * ¬

_ (¬1) في (ح) و (ظ): بحركة. (¬2) انظر: المعتمد/ 809 - 810. (¬3) نهاية 188 أمن (ب). (¬4) في ص 1311 وما بعدها. (¬5) في (ب) و (ظ): عن. (¬6) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 251. (¬7) يعني: لإِبطال هذا القول. (¬8) سيأتي في ص 1320 الإِشارة إِلى الآثار عن الصحابة في مسألة الحرام.

مسالك إثبات العلة

مسالك إِثبات العلة الأول: الإِجماع. ...................... الثاني: النص: فمنه: صريح، نحو: "لعلة كذا أو لسبب"، قال بعض أصحابنا وغيرهم: وكذا: "لأجْل أو من أجْل أو كي أو إِذًا" لا يحتمل غير التعليل -وكذا اختار أبو محمَّد البغدادي (¬1): أن "كيلا ولأجل ونحوهما" صريح، وعندنا وذكره الآمدي (¬2): (¬3) إِن قام دليل لم يقصد التعليل فمجاز نحو: لم فعلت؟ فيقول: لأني أردت- كقوله: لكذا أو (¬4) إِن كان كذا أو لكذا (¬5) أو بكذا نحو: (فبما رحمة) (¬6). وكذا "إِنّ"، ذكره القاضي (¬7) وغيره والآمدي (¬8)، وذكره في ¬

_ (¬1) في (ح): في أن. (¬2) انظر: الإحكام للآمدي 3/ 253. (¬3) نهاية 375 من (ح). (¬4) في (ب) و (ظ): وإن كان. (¬5) قوله: (أو لكذا) كذا في (ب) و (ظ). وفي (ح): أو إِن كان كذا لكذا. وعلى أي حال فهذه الزيادة (أو لكذا) مكررة مع قوله: (كقوله: لكذا). (¬6) سورة آل عمران: آية 159. (¬7) انظر: العدة/ 221 ب. (¬8) انظر: الإحكام للآمدي 3/ 252.

الروضة (¬1) عن أبي الخطاب. وقيل: تنبيه. وقيل لأبي الفتح بن المنّي من أصحابنا -في زوال البكارة بالزنا-: إِن "إِنّ" موضوعة للتعليل، كقوله: (إِنها من الطوافين). فقال: لا نسلم، وإنما هي موضوعة للتأكيد، وإنما كان الطواف علة، لعسر الاحتراز عنه؛ لا لفظة (¬2) "إِنَّ". وكذا قال أبو محمَّد البغدادي: أجمع علماء العربية أنها لم تأتِ للتعليل، بل للتأكيد أو بمعنى "نعم"، وإنما، جعلنا الطواف علة لأنه قرنه بحكم الطهارة، وهو مناسب. ..................... ومن التنبيه والإيمان (¬3) ترتب الحكم عقب وصف بالفاء، فإِنها للتعقيب ظاهراً، ويلزم منه السببية عندنا، وذكره الآمدي (¬4) وغيره، كقوله: (والسارق والسارقة فاقطعوا) (¬5)، وقول الراوي: "سها (¬6) فسجدا)، ¬

_ (¬1) انظر: روضة الناظر/ 297. (¬2) كذا في النسخ. ولعلها: للفظة. (¬3) نهاية 188 ب من (ب). (¬4) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 254. (¬5) سورة المائدة: آية 38. (¬6) نهاية 129 ب من (ظ).

و"زنى ماعز فرجم" (¬1)، وقيل: كما قبله (¬2)، والفقيه وغيره سواء؛ لأنه ظاهر (¬3) حاله مع دينه وعلمه (¬4). * * * ومنه: اقتران الوصف بحكم لو لم يكن هو أو نظيره علة للحكم كان اقترانه بعيدًا شرعًا ولغة، كقول الأعرابي له - عليه السلام -: وقعت على أهلي في رمضان، فقال: (أعتق رقبة) (¬5)، فكأنه قيل: "إِذا واقعت فكفّر"؛ لأن الظاهر كونه جوابا، والسؤال معاد فيه. فإِن حذف (¬6) بعض الأوصاف -كـ "ذلك الشهر، وكونه أعرابيا"- ¬

_ (¬1) تقدم تخريج حديث رجم ماعز في ص 863. وهذا اللفظ: "زنى ماعز فرجم" ورد -أيضاً- في مختصر ابن الحاجب. قال الزركشي في المعتبر/ 80 أ: هو مروي بالمعنى في الصحيحين، لكن مقصود ابن الحاجب هذا اللفظ، ولم يَرِد. (¬2) يعني: كالصريح. (¬3) يعني: ظاهر حاله أنه لو لم يفهم ترتب الحكم على الوصف لم يقله. (¬4) يعني: علمه أن الفاء للتعقيب. (¬5) قصة الأعرابي الذي جامع في نهار رمضان رواها أبو هريرة، وسبق تخريج ذلك في ص 304. قال الزركشي في المعتبر/ 80 أ: واقعت أهلي في رمضان، فقال: (أعتق رقبة) هو في الكتب الستة، لكن بغير هذه الصيغة، أما بهذه الصيغة ففي سنن ابن ماجه. أ. هـ. فانظر: سنن ابن ماجه / 534. (¬6) في (ح): حذفت.

سمي تنقيح المناط، أي: تنقيح ما ناط به حكم الشارع. وأقر به أكثر منكري القياس، وأجراه أبو حنيفة (¬1) في الكفارات مع منعه القياس فيها. وذكر بعضهم (¬2): أنه أحد مسالك العلة، بأن يبين إِلغاء الفارق. وقد يقال: العلة إِما المشترك أو المميز، والثاني باطل (¬3)، فثبت الأول. ولا يكفي أن يقال: "محل الحكم إِما المشترك أو مميّز الأصل"؛ لأنه لا يلزم من ثبوت المحل ثبوت الحكم. قيل: لا دليل على عدم عليته (¬4)، فهو علة. رد: لا دليل لعليته، فليس بعلة. قيل: لو كان علة لتأتَّى القياس المأمور به. رد: هو دور. والله أعلم. .................... ومن الإِيماء (¬5): أن يقدّر الشارع وصفاً لو لم يكن للتعليل كان بعيداً لا ¬

_ (¬1) انظر: تيسير التحرير 4/ 42، فواتح الرحموت 2/ 298. (¬2) انظر: المحصول 2/ 2/ 315. (¬3) لأن الفارق ملغى. (¬4) يعني: علية الوصف. وانظر: المحصول 2/ 2/ 319 - 320. (¬5) نهاية 376 من (ح).

فائدة (¬1) فيه، كقوله عليه السلام -لما سئل عن بيع التمر بالرطب- فقال (¬2): (أينقص الرطب إِذا يبس؟)، قالوا (¬3): "نعم"، فنهى عن ذلك، صححه الترمذي وغيره. ومثال التقدير في نظير محل السؤال قول امرأة (¬4) من جهينة (¬5) له -عليه السلام -: إِن أمي نذرت أن تحج، فلم تحج حتى ماتت، أفأحج عنها؟ قال: (حجّي عنها، أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؟) قالت: "نعم"، قال: (اقضوا الله، فالله أحق بالوفاء). متفق عليه (¬6). ¬

_ (¬1) نهاية 189 أمن (ب). (¬2) كذا في النسخ. ولعل المناسب حذف كلمة: "فقال". (¬3) في (ح): قال. (¬4) قيل: اسمها غاثية أو غايثة أو غاينة. انظر: الإِصابة 8/ 44، وفتح الباري 4/ 65. (¬5) جهينة: حي عظيم من قضاعة من القحطانية، وهم: بنو جهينة بن زيد بن ليث بن سود بن أسلم بن الحافي بن قضاعة. انظر: معجم قبائل العرب 1/ 216. (¬6) أخرجه البخاري في صحيحه 3/ 18، 9/ 102 من حديث ابن عباس، وأخرجه النسائي في سننه 5/ 116 بمعناه. ولم أجده في صحيح مسلم، وإِنما وجدت مسلم قد أخرج هذا المعنى من حديث ابن عباس في الصيام في قصة المرأة التي أخبرت الرسول أن أمها ماتت وعليها صوم واجب، فقال - عليه السلام -: (أرأيت لو كان عليها دين أكنت تقتضينه؟) قالت: نعم، قال: (فدين الله أحق بالقضاء). انظر: صحيح مسلم/ 804.

وفيه تنبيه على الأصل -وهو دين الآدمي- والفرع، وهو الحج الواجب، والعلة، وهي قضاء الدين عن الميت. وذكر في التمهيد (¬1) وغيره: أن من هذا قول عمر له - عليه السلام -: "صنعت اليوم أمراً عظيمًا، قبّلت وأنا صائم"، فقال.: (أرأيت لو تمضمضت بماء، وأنت صائم؟) قلت: "لا بأس"، فقال: (ففيم (¬2)؟). وقال الآمدي (¬3): إِنما هو نقض لما توهمه عمر من إِفساد مقدمة إِفساد الصوم التي هي القُبلة مقدمة الوقاع، فنقض بالمضمضة مقدمة الشرب، ولم يقدّر - عليه السلام - المضمضة لتعليل منع الإِفساد؛ لأنه ليس فيها ما يتخيل مانعاً منه، بل غايتها أن لا تفسد. ......................... ومن الإِيماء: أن يفرق - عليه السلام - بين حكمين بصفة مع ذكرهما، ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد/ 159 ب. (¬2) أخرجه أبو داود في سننه 2/ 779 - 780 من حديث عمر. قال المنذري في مختصره 3/ 263: "وأخرجه النسائي، وهذا حديث منكر، قال أبو بكر البزار: هذا الحديث لا نعلمه يروى عن عمر إِلا من هذا الوجه". وأخرجه أحمد في مسنده 1/ 21، 52، والدارمي في سننه 1/ 345، وابن خزيمة في صحيحه 3/ 245، وابن حبان في صحيحه (انظر: موارد الظمآن/ 227)، والحاكم في مستدركه 1/ 431 وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. (¬3) انظر: الإحكام للآمدي 3/ 258.

نحو: (للراجل سهم، وللفارس سهمان (¬1)، أو مع ذكر أحدهما نحو: ¬

_ (¬1) لم أجده من لفظ النبي هكذا، وإنما وجدت ما أخرجه أبو داود في سننه 3/ 174 - 175، 413 عن مجمع بن جارية الأنصاري قال: قسمت خيبر على أهل الحديبية، فأعطى النبي الفارس سهمين، وأعطى الراجل سهما. قال أبو داود: "حديث أبي معاوية- (وهو ما أخرجه أبو داود في سننه 3/ 172 - 173: حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا أبو معاوية حدثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر: أن رسول الله أسهم لرجل ولفرسه ثلاثة أسهم، سهما له، وسهمين لفرسه. وأخرجه البخاري في صحيحه 4/ 30، ومسلم في صحيحه 1383) - أصح، والعمل عليه". وأخرج حديث مجمع أحمد في مسنده 3/ 420، والدارقطني في سننه 4/ 105 - 106، والحاكم في مستدركه 2/ 131 وقال: هذا حديث كبير صحيح الإِسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. قال في نصب الراية 3/ 416 - 417: ورواه الطبراني في معجمه وابن أبي شيبة في مصنفه والبيهقي في سننه ... قال ابن القطان في كتابه: وعلة هذا الحديث الجهل بحال يعقوب بن مجمع، ولا يعرف روى عنه غير ابنه، وابنه مجمع ثقة. وأخرج ابن أبي شيبة في مصنفه: حدثنا أبو أسامة وابن نمير قالا: ثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر: أن رسول الله جعل للفارس سهمين وللراجل سهما. انظر: نصب الراية 3/ 417. ومن طريق ابن أبي شيبة رواه الدارقطني في سننه 4/ 106 ثم قال: قال الرمادي: كذا يقول ابن نمير، قال لنا النيسابورى: هذا عندي وهم من ابن أبي شيبة أو من الرمادي: لأن أحمد بن حنبل وعبد الرحمن بن بشر وغيرهما رووه عن ابن نمير خلاف هذا -انظر: سنن الدارقطني 4/ 102 - ورواه ابن كرامة وغيره عن أبي أسامة خلاف هذا. انظر: سنن الدارقطني 4/ 102. وأطال الدارقطني الكلام عليه، فراجع: سننه 3/ 106 - 107، ونصب الراية 3/ 418.

(القاتل لا يرث (¬1))، أو بالشرط والجزاء نحو: (فإِذا اختلفت هذه الأصناف (¬2) فبيعوا (¬3))، أو بغاية: (ولا تقربوهن (¬4) حتى ¬

_ (¬1) ورد من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعًا. أخرجه أبو داود في سننه 4/ 692 - 694. قال المنذري في مختصره 6/ 363: في إِسناده محمَّد بن راشد الدمشقي المكحولي، وقد وثقه غير واحد، وتكلم فيه غير واحد. وانظر: ميزان الاعتدال 3/ 543. وورد من حديث أبي هريرة مرفوعًا. أخرجه الترمذي في سننه 3/ 288 وقال: هذا حديث لا يصح؛ لا يعرف هذا إِلا من هذا الوجه، وإسحاق بن عبد الله بن أبي فروة -أحد رجال الإِسناد- قد تركه بعض أهل العلم، منهم: أحمد بن حنبل. وأخرجه ابن ماجه في سننه/ 883. وورد من حديث عمرو بن شعيب عن عمر مرفوعاً. أخرجه مالك في الموطأ/ 867، وابن ماجه في سننه/ 884 وفي الزوائد: "إِسناده حسن". وهو منقطع؛ لأن عمرا لم يدرك عمر. وراجع: الرسالة/ 171، وسنن البيهقي 6/ 219 - 221، وقيل الأوطار 6/ 194، وتحفة الأحوذى 6/ 291. (¬2) في (ب): الأوصاف. (¬3) أخرجه مسلم في صحيحه/ 1211 من حديث عبادة مرفوعاً: (الذهب بالذهب ... مثلاً بمثل سواء بسواء يداً بيد، فإِذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إِذا كان يدا بيد). وأخرجه أحمد في مسنده 5/ 320، وأبو داود في سننه 3/ 647، وابن الجارود في المنتقى/ 218 - 219، والدارقطني في سننه 3/ 24، والبيهقي في سننه 5/ 278، 284. (¬4) نهاية 189 ب من (ب).

يطهرن) (¬1)، أو استثناء: (فنصف (¬2) ما فرضتم إِلا أن يعفون) (¬3)، أو استدراك: (ولكن (¬4) يؤاخذكم بما عقدتم) (¬5). ...................... ومن الإِيماء: ذكره في سياق الكلام شيئًا لو لم يكن علة لذلك الحكم المقصود كان الكلام غير منتظم، كنهيه عن البيع وقت الجمعة (¬6)، فإِنه علة للمنع عن السعي إِلى الجمعة؛ لا مطلقًا. ...................... ومن الإِيماء: ذكر وصف مناسب مع الحكم، نحو: (لا يقضي القاضي وهو غضبان (¬7)). ....................... ¬

_ (¬1) سورة البقرة: آية 222. (¬2) نهاية 377 من (ح). (¬3) سورة البقرة: آية 237. (¬4) نهاية 130 أمن (ظ). (¬5) سورة المائدة: آية 89. (¬6) في سورة الجمعة: آية 9. (¬7) هذا الحديث رواه أبو بكرة مرفوعًا. أخرجه البخاري في صحيحه 9/ 65 بلفظ: (لا يقضين حكم بين اثنين وهو غضبان)، ومسلم في صحيحه/ 1342 - 1343 بلفظ: (لا يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان)، وابن ماجه في سننه/ 776 بلفظ:=

فإِن ذكر الوصف صريحًا، والحكم مستنبط منه -نحو: (وأحل الله البيع) (¬1)، صحته مستنبطة من حله- فهو مُوْمَأ إِليه، واختاره الآمدي (¬2) وذكره عن المحققين؛ للزوم الصحة للحل كذكره (¬3). وخالف قوم، كذكر الحكم صريحًا والوصف مستنبط، فإِنه لا إِيماء (¬4)، جزم به الآمدي (¬5)، كعلة الربا مستنبطة من حكه. رد: بالمنع؛ لأن الإِيماء اقتران الوصف بالحكم، وهو حاصل. ثم: لا استلزام (¬6). ...................... وهل تشترط مناسبة الوصف المومأ إِليه؟ أطلق أصحابنا وجهين. ¬

_ = (لا يقضي القاضي بين اثنين وهو غضبان)، والشافعي (انظر: بدائع المنن 2/ 232) بلفظ: (لا يقضي القاضي أو لا يحكم الحاكم بين اثنين وهو غضبان). (¬1) سورة البقرة: آية 275. (¬2) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 263. (¬3) يعني: كذكر الحكم. وفي (ب): لذكره. (¬4) في (ب): لا إيماء بما جزم به الآمدي. (¬5) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 262. (¬6) يعني: في الوصف المستنبط.

وقال الآمدي (¬1): "اشترطه قوم، ونفاه آخرون"، ثم اختار: إِن فُهِم التعليل من المناسبة اشترط؛ لأن المناسبة فيه منشأ للإِيماء، وإِلا فلا؛ لأنه بمعنى الأمارة. ومعناه في الروضة (¬2) وجدل أبي محمَّد البغدادي. وقال بعض أصحابنا (¬3): ترتيب الحكم على اسم مشتق يدل [على] (3/ 1) أن ما منه الاشتقاق علة في قول [أكثر] (¬4) الأصوليين، واختاره ابن المني، وقال قوم: إِن كان مناسبًا (¬5)، واختاره أبو الخطاب -في تعليل الربا من الانتصار- وأبو المعالي (¬6) والغزالي. كذا قال، وإنما ذكر أبو الخطاب منعًا وتسليماً. قالوا: لو اشترط لم يُفهَم التعليل من ترتيب الحكم على وصف غير مناسب،: كـ "أَهِن العالم وأكرم الجاهل"، ولم يُلَم عليه. رد: لم يفهم منه، واللوم للإِساءة في الجزاء، ولهذا توجه اللوم لو سكت عن الجزاء في موضع يفهم من السكوت. * * * ¬

_ (¬1) انظر: الإحكام للآمدي 3/ 261 - 262. (¬2) انظر: روضة الناظر/ 297 - 300. (¬3) انظر: المسودة/ 438. (3/ 1) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب) و (ظ). (¬4) ما بين المعقوفتين من نسخة في هامش (ب). (¬5) نهاية 378 من (ح). (¬6) نهاية 190 أمن (ب).

المسلك الثالث: السبر والتقسيم. وهو حصر الأوصاف في الأصل، وإِبطال بعضها بدليل، فيتعين الباقي للعلة. ويكفي المناظر: "بحثت عن الأوصاف، فلم أجد غير ذلك"؛ لأنه أهلٌ عدل ثقة فيما يقول، فالظاهر صدقه. أو يقول: الأصل عدم ما سوى ذلك. فإِن قيل: قوله: "سبرتُ فلم أَجِدْ" عدمُ علمٍ. ثم: ليس علمًا بالنسبة إِلى الخصم؛ لاحتمال عِلْمه بوصف آخر. ثم: صحة العلة إِنما تكون بوجود مصحِّحها، وهذا إبطال مُعارِضها، فلا يلزم صحة كون الباقي علة. قيل: بل هو ظنٌّ بعدمه، فإِن الظن بعدم الشيء لازم للبحث عنه. والظاهر: لو علم الخصم وصفا آخر أظهره إِفحاماً لخصمه إِظهارًا لعلم، وإلا فهو معاند. وليس صحة الباقي علة لإِبطال المعارض (¬1)، بل لأنه لا بد من علة -لما يأتي (¬2) - فيُظَنُّ انحصارها في الأوصاف، فإِذا بطل بعضها ظُنَّ صحة الباقي. ¬

_ (¬1) يعني: ليس كون الباقي علة؛ لأننا أبطلنا المعارض. (¬2) في ص 1274.

وإن بين المعترض وصفا آخر لزم (¬1) المستدل (¬2) إِبطاله؛ لا انقطاعه (¬3)؛ لأنه أبطله. وأما الناظر (¬4) المجتهد فيعمل بظنه. ومتى كان الحصر والإِبطال قطعيًا فالتعليل قطعي، وإلا فظني. .................... وطرق الحذف: منها: الإِلغاء، وهو: بيان المستدل إِثبات الحكم بالباقي فقط في صورة، ولم يثبت دونه، فيظهر استقلاله وحده. وقال الآمدي (¬5): لا يكفي ذلك في استقلاله بدون طريق من طرق إِثبات العلة، وإلا لكفى في أصل القياس (¬6)، فإِن بَيَّنه (¬7) في صورة الإِلغاء بالسبر فالأصل الأول تطويل بلا فائدة، وإن بيَّنه بطريق آخر لزم محذور آخر وهو الانتقال. ¬

_ (¬1) نهاية 379 من (ح). (¬2) نهاية 130 ب من (ظ). (¬3) يعني: لا يكون ذكر ذلك الوصف ملزمًا للمستدل بالانقطاع؛ لأنه إِذا أبطله فقد سَلِم حصره. (¬4) نهاية 190 ب من (ب). (¬5) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 267 - 268. (¬6) ولم يكن إِلى البحث والسير حاجة. (¬7) يعني: بين الاستقلال.

وعلل بعضهم بجواز أن الوصف المحذوف جزء علة وأعم من المعلول، فلا يلزم من وجود الحكم دونه -وعدم الحكم عند وجوده- استقلال الباقي. ويشبه الإِلغاء نفي العكس؛ لأن كلاً منهما إِثبات الحكم بدون الوصف، وليس هو؛ لأنه لم يقصد في (¬1) الإِلغاء: لو كان المحذوف علة لانتفى عند انتفائه، بل قصد: لو أن الباقي جزء علة لما استقل. ومنها: طرد المحذوف، أي: ألفنا عدم اعتباره شرعاً كالطول والقصر، أو بالنسبة إِلى ذلك الحكم كالذكورة (¬2) في العتق. ومنها -عند [بعض] (¬3) الشافعية وغيرهم، وجزم به الآمدي (¬4) وغيره-: عدم ظهور مناسبته. ويكفي المناظر (¬5): بحثت (¬6). فإِن ادعى المعترض أن الباقي كذلك: فإِن كان بعد تسليمه (¬7) مناسبته يقبل، وإلا فَسَبْر المستدل أرجح؛ لموافقته للتعدية، وليس له (¬8) بيان (¬9) ¬

_ (¬1) في (ح): في للإِلغاء. (¬2) في (ب): كالذكورية. وفي (ظ): كذكورية. (¬3) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ظ). (¬4) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 268. (¬5) نهاية 380 من (ح). (¬6) يعني: فلم أجد له مناسبة. (¬7) يعني: تسليم المعترض. (¬8) يعني: وليس للمستدل. انظر: الإحكام للآمدي 3/ 269. (¬9) نهاية 191 أمن (ب).

المناسبة؛ لانتقاله إِلى طريق آخر. وفي الروضة (¬1): ليس منها؛ لمعارضة خصمه له بمثل كلامه، ولا يكفيه نقضه (¬2) لاحتمال كونه جزء علة أو شرطاً فيها (¬3). .................. والسبر مسلك صحيح لإِثبات العلة في ظاهر كلام القاضي (¬4) وغيره، وقاله ابن عقيل (¬5)، وذكره بعضهم عن الأكثر، وجزم به الآمدي (¬6) وغيره، خلافاً للحنفية (¬7). واختار في الروضة (¬8) -وذكره عن أبي الخطاب-: أنه لا يصح؛ لجواز التعبد، وتعارض قول المستدل بقول المعترض: "بعثت فيما ذكرتَه، فلم أَرَ ¬

_ (¬1) انظر: روضة الناظر/ 307. (¬2) يعني: نقض علة خصمه. (¬3) فلا يستقل بالحكم، ولا يلزم من عدم استقلاله صحة علة المستدل دونه. (¬4) انظر: العدة/ 219 ب. (¬5) انظر: الواضح 1/ 172أ. (¬6) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 264. (¬7) انظر: تيسير التحرير 4/ 48، وفواتح الرحموت 2/ 299، وفيهما: عن الجصاص والمرغيناني كقول الجمهور. (¬8) انظر: روضة الناظر/ 306 - 307.

ما يصلح علة"، إِلا أن تجمع الأمة على تعليل أصل، فيبطل ما علّل به إِلا واحدة، فيصح؛ لئلا يخرج الحق عن الأمة. وفي التمهيد (¬1): إِن لم يجمعوا، لكن علّله بعضهم واختلفوا: فهل إِفساد إِحداهما دليل صحة الأخرى؟ على مذهبين. قال (¬2) -وقاله ابن عقيل أيضًا-: فأما إِن أفسد حنبلي علة شافعي في الربا لم يدل على صحة علته؛ لتعليل بعض الفقهاء بغيرهما، وليس إِجماعهما دليلاً على من خالفهما، لكن يكون طريقاً في إِبطال مذهب خصمه وإلزاماً له صحة علته. وفي الروضة (¬3) -في هذه الصورة- الخلاف في التي قبلها. وفيه (¬4) نظر. وقد ذكر القاضي (¬5) عن ابن حامد: أن علة الأصل -كعلة الربا- لا تثبت بالاستنباط، قال: وأومأ إِليه أحمد، فسأله مهنا (¬6): هل يقيس بالرأي؟ قال: "لا، هو أن يسمع الحديث فيقيس عليه"، وعلّله بعدم القطع بصحتها، ¬

_ (¬1) انظر: التمهيدا / 16 أ. (¬2) انظر: المرجع السابق. (¬3) انظر روضة الناظر / 307. (¬4) نهاية 381 من (ح). (¬5) انظر: الروايتين والوجهين/ 243أ، والمسودة/ 404 - 405. (¬6) نهاية 131أمن (ظ).

ثم اختار (¬1) أنه يصح، وذكر كلام أحمد في (¬2) علة الربا. قال بعض أصحابنا (¬3): "لا يخالف ابن حامد في استنباط سمعي، وهو التنبيه والإِيماء (¬4) "، وهذا أشهر. وعن (¬5) البخاريين (¬6): لا يقبل السبر في ظني، وذكره أبو المعالي (¬7) عن بعض الأصوليين، وذكر -أيضًا- (¬8) عن النهرواني (¬9) والقاشاني (¬10): ¬

_ (¬1) يعني: القاضي. (¬2) نهاية 191 ب من (ب). (¬3) انظر: المسودة/ 402. (¬4) يعني: وإنما يخالف في أننا بالعقل نعرف علة الحكم. (¬5) انظر: المسودة/ 427. (¬6) بخارى: من أعظم مدن ما وراء النهر -نهر جيحون- وأجلها. انظر: معجم البلدان 1/ 353. وفي (ب) و (ظ): النجاريين. (¬7) انظر: البرهان/ 816. (¬8) انظر: المرجع السابق/ 774 - 775. (¬9) هو: أبو الفرج المعافى بن زكريا بن يحيى، ويلقب بالجريري؛ لأنه كان على مذهب ابن جرير الطبري، توفي سنة 390 هـ. انظر: الفهرست/ 236، واللباب 3/ 249، والنجوم الزاهرة 4/ 201، وشذرات الذهب 2/ 134. (¬10) هو: أبو بكر محمَّد بن إِسحاق القاشاني نسبة إِلى (قاشان) ناحية مجاورة لـ (قم)،=

لا يقبل في التعليل إِلا الإِيماء (¬1) وما علم بغير نظر، كبوله في إِناء (¬2)، ثم يصبّه في ماء، ووافقهما أبو هاشم (¬3). وجه الأول: لا بد للحكم من علة، وذكره الآمدي (¬4) إِجماع الفقهاء، بطريق الوجوب عند المعتزلة، وبطريق اللطف والاتفاق (¬5) عند الأشعرية. وسبق (¬6) في مسألة التحسين. وكذا ذكر أبو الخطاب: أن ما ثبت حكمه بنص أو إِجماع كله معلّل، وتخفى علينا علته نادرًا. واحتج الآمدي (¬7) بقوله: (وما أرسلناك إِلا رحمة) (¬8)، وظاهره جميع ¬

_ =وبالسين ناحية من نواحي أصبهان، كان ظاهريا ثم صار شافعيا، توفي سنة 280 هـ. من مؤلفاته: كتاب في الرد على داود في إِبطال القياس. انظر: الفهرست/ 213، وطبقات الفقهاء للشيرازي/ 176، وهدية العارفين 2/ 20، ومعجم المؤلفين 9/ 41. (¬1) في (ظ): إِلا إِيماء. (¬2) غيرت في (ظ): إِلى: في ماء. وفي نسخة في هامش (ب): في ماء. (¬3) انظر: البرهان/ 775 - 776. (¬4) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 264، 285. (¬5) في (ظ): والارتفاق. (¬6) في ص 150 وما بعدها، 170 من هذا الكتاب. (¬7) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 286. (¬8) سورة الأنبياء: آية 107.

ما جاء به، فلو خلا حكم عن علة لم يكن رحمة (¬1)؛ لأن التكليف به -بلا حكمة وفائدة- مشقة. كذا قال. ثم: لو سلم فالتعليل الغالب، قال القاضي: التعليل الأصل تُرِك نادرًا؛ لأن تعقل العلة أقرب إِلى القبول من التعبد، ولأنه الألوف عرفا، والأصل موافقة الشرع له (¬2)، فيحمل ما نحن فيه على الغالب، ويجب العمل بالظن في علل الأحكام إِجماعًا، على ما يأتي (¬3) في العمل بالقياس. وقيل: الأصل عدم التعليل؛ لأن الموجِب الصيغة، وبالتعليل ينتقل حكمه إِلى معناه، فهو كالمجاز من الحقيقة، ونصره بعض الحنفية (¬4)؛ لأن التعليل لا يجب للنص دائمًا، فيعتبر لدعواه دليل. وفي (¬5) واضح ابن عقيل -في مسألة القياس-: أكثر الأحكام غير معلّل. وقال في فنونه -لمن قاس الزكاة في مال الصبي على العُشْر، وبَيَّن العلة، فأبطلها ابن عقيل، فقال له: فما العلة إِذًا؟ - فقال (¬6): لا يلزم، ونتبرع فنقول: سؤالك عن العلة قول من يوجب لكل حكم علة، وليس كذلك؛ ¬

_ (¬1) نهاية 382 من (ح). (¬2) يعني: للعرف. (¬3) في ص 1338. (¬4) انظر: فواتح الرحموت 2/ 293 - 294. (¬5) نهاية 192أمن (ب). (¬6) كذا في النسخ. ولعل المناسب حذف كلمة (فقال).

لأن من الناس من يقول: الأصول معللة، [وبعضهم يقول غير معللة]، (¬1) وبعضهم يقول: "بعضها معلل، وبعضها غير معلل"، فيجوز أن هذا لا علة له، أو له علة خافية عنا. قالوا: شرع الحكم لا يستلزم الحكمة والمقصود؛ لأنه من صنعه، وهو (¬2) لا يستلزم ذلك؛ لخلق المعاصي وموت الأنبياء وإِنظار إِبليس والتخليد في النار وتكليف من علم عدم إِيمانه وخلق العالم في وقته المحدود (¬3) وشكله القدّر (¬4). رد: ليست الحكمة قطعية، ولا ملازمة لجميع (¬5) أفعاله. سلمنا لزومها، لكن قد تخفى علينا. وقد قيل (¬6): القدرة تتعلق بالحدوث والوجود، والمعاصي راجعة إِلى مخالفة نهي الشارع، وذلك ليس من متعلق القدرة. ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ظ). (¬2) يعني: صنعه. (¬3) في (ح): المعدود. ثم كتب تحتها: المحدود. (¬4) نهاية 383 من (ح). (¬5) في (ب): بجميع. (¬6) كذا نقل المؤلف هذا القول بهذه الصيغة. وهذا القول قد أجاب به الآمدي في الإِحكام 3/ 290. وقد رد عليه الشيخ عبد الرزاق عفيفي في تعليقه.

قالوا: لو كان: فإِن وجب الفعل عنده صار غير مختار (¬1)، وكذا إِن ترجَّح، وهو تسلسل. رد: لا يجب، وهو تبع لتعلق القدرة والإِرادة، وهو مختار. قالوا: إِن كان المقصود قديماً لزم (¬2) قدم الصنع والمصنوع، وإِلا فإِن توقف حدوثه على مقصود آخر تسلسل (¬3). رد: حادث، ولا يفتقر إِلى مقصود آخر؛ للتسلسل، وإِن افتقر فذلك المقصود هو نفسه (¬4). (¬5) قالوا: إِن كان قديماً لزم قدم غير الباري وصفاته، وإِلا تَعَلَّل (¬6) القديم بالحادث. رد: الحكم: الكلام بصفة التعلق، فكان حادثًا. ثم: لو كان قديمًا -والمقصود حادثًا- فإِنما يمتنع تعليله به لو أوجب الحكم وأثر فيه، وإنما هو أمارة أو باعث، فلا يمتنع تأخره (¬7). ¬

_ (¬1) في (ظ): مختارا. (¬2) نهاية 131 ب من (ظ). (¬3) يعني: وإن لم يتوقف فهو المطلوب. (¬4) يعني: لا غيره، فلا تسلسل. (¬5) نهاية 192 ب من (ب). (¬6) في (ب) و (ظ): وإلا تعليل. (¬7) في (ح) تأخيره.

قالوا: إِن كان: فإِن كان فعله معه أولى (¬1) يلزم استكمال الباري (¬2)، وإلا فلا أولوية. رد: بأنه أولى، لكن بالنسبة إِلى المخلوق. قالوا: ما سبق (¬3) في منع التعليل (¬4) بالحكمة. وسبق جوابه. قالوا: إن قدر الباري على تحصيل الحكمة بدون الحكم، فالحكم مجرد تعب، وإلا لزم وصفه بالنقص. رد: طريقان لحصول الفائدة. قالوا: إِنما تطلب الحكمة فيمن تميل نفسه في فعله إِلى نفعٍ أو دفع ضررٍ، أو في فعلِ من لو خلا فعله عنها ذُمَّ وكان عابثًا. رد الأول: بل في فعلِ من لو وجدت (¬5) فيه (¬6) لم يمتنع، بل وقع غالبًا. وجواب الثاني: بالمنع. ¬

_ (¬1) يعني: أولى من الترك. (¬2) يعني: بذلك الصنع، ويكون ناقصًا قبله. (¬3) في ص 1210. (¬4) نهاية 384 من (ح). (¬5) يعني: الحكمة. (¬6) يعني: في فعله.

وأجاب الآمدي (¬1): إِنما يلزم فيمن تجب رعايتها (¬2) في فعله، ولا كذلك الباري. .................... المسلك الرابع: المناسبة، ويرادفها: الإِخالة (¬3)، وتخريج المناط. وهو: تعيين علة الأصل بمجرد إِبداء المناسبة من ذات الوصف لا بنص وغيره، كالإِسكار للتحريم، والقتل العمد العدوان للقصاص. "المناسبة" لغوية، فلا دور. والمناسب: وصف ظاهر منضبط يلزم من ترتيب الحكم عليه ما يصلح كونه مقصودًا من شرع الحكم من حصول مصلحة أو دفع (¬4) مفسدة. فيمكن إِثباته على الخصم في المناظرة، يكون (¬5) (¬6) معاندًا بمنعه (¬7). فإِن كان الوصف خفيّا أو غير منضبط فكل منهما غيب عن العقل، فلا ¬

_ (¬1) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 293. (¬2) يعني: رعاية الحكمة. (¬3) الإخالة في اللغة بمعنى الظن. انظر: الصحاح/ 1692 - 1693، ولسان العرب 13/ 240. (¬4) نهاية 193أمن (ب). (¬5) كذا في النسخ. ولعله: ويكون. (¬6) يعني: الخصم. (¬7) في (ب): يمنعه.

يعرف الغيب عنه، وهو الحكم، فيعتبر (¬1) ملازمه، وهو المظنة كالسفر للمشقة، والفعل المقضي عليه عرفا بالعمد في العمدية. وقال أبو زيد (¬2) الحنفي: المناسب ما لو عُرض على العقول السليمة تلقته بالقبول. فلا يمكن المناظر إِثباته على خصمه. ...................... والمقصود من شرع الحكم: قد يحصل يقينًا -كالبيع الصحيح يحصل منه الملك- وظنا كالقصاص يزجر عن القتل. وقد يتساوى الحصول وعدمه، كحد الخمر لحفظ العقل. وقد يكون عدمه أرجح، كنكاح الآيسة لمصلحة التوالد. وأنكر بعضهم جواز التعليل بهذا والذي قبله، ذكره بعضهم (¬3)، واحتج عليه: بأن البيع مظنة الحاجة إِلى التعاوض (¬4)، والسفر مظنة المشقة، واعتبرا، وإن انتفى الظن في بعض الصور. كذا قال. ¬

_ (¬1) نهاية 385 من (ح). (¬2) انظر: تقويم الأدلة/ 131 أ- 139أ، وكشف الأسرار 3/ 352، وتيسير التحرير 3/ 325، وفواتح الرحموت 2/ 301، والإِحكام للآمدي 3/ 270، وشرح العضد 2/ 239. (¬3) انظر: المنتهى لابن الحاجب/ 134، ومختصره 2/ 240. (¬4) في (ظ): التعارض.

والأظهر ما ذكره الآمدي (¬1): أنه يصح التعليل بهما اتفاقا إِذا ظهر المقصود (¬2) في غالب صور الجنس، وإلا فلا، أي: لأن احتمال الترتيب وعدمه سواء، أو عدمه (¬3) أرجح. والأظهر -أيضًا- ما في الفنون وغيرها: السفر مشقته عامة، ويختلف قدرها، ولذا (¬4) تحسن التهنئة بالقدوم للجميع، كالمرض بالسلامة. أما لو فات المقصود يقينًا -وهو ظاهر في غالب الصور- لم يجز التعليل به (¬5) -قال الآمدي (¬6): خلافاً للحنفية- لمخالفة عادة الشارع في رعاية الحكمة، ولأن الحكم شُرع لأجلها، فمع عدمها لا يفيد، فلا يشرع. ومَثَّله الآمدي (6) بلحوق نسب مشرقي بمغربية (¬7)، واستبراء جارية يشتريها بائعها في المجلس، مع أن مذهب الشافعي: تستبرأ (¬8)، خلافا للحنفية، ولأ حمد روايتان (¬9). ..................... ¬

_ (¬1) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 272. (¬2) يعني: المقصود من الوصف. (¬3) نهاية 123أمن (ظ). (¬4) في (ظ): وكذا. (¬5) نهاية 193 ب من (ب). (¬6) انظر: الإحكام للآمدي 3/ 273. (¬7) نهاية 386 من (ح). (¬8) في (ح): يستبرى. (¬9) انظر: المهذب 2/ 154، والمغني 8/ 150.

والمقاصد من شرع الحكم: ضروري أصلاً، وهي أعلى مراتب المناسبات، وهي الخمسة التي روعيت في كل ملة: حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال، بقتل الكفار وعقوبة المبتدع والقصاص وحد المسكر وشرع الزواجر لزانٍ ومحارب وسارق وغاصب. ومكمل للضروري: كحفظ العقل بالحد بقليل المسكر. وغير ضروري: حاجي: كبيع وِإجارة ومساقاة ومضاربة، وبعضها أبلغ. وقد يكون ضروريًا، كإِجارة لتربية (¬1) طفل وشراء مطعوم وملبوس له، زاد غير (¬2) الآمدي: ولغيره. ومكمل للحاجي: كرعاية كفاءة ومهرِ مِثْلٍ في تزويج صغيرة؛ لأنه أفضى (¬3) إِلى دوام النكاح. وغير حاجي -ولكنه تحسيني-: كسلب العبد أهلية الشهادة؛ لشرفها جرياً على ما أُلِف من محاسن العادات، ذكر ذلك الآمدي (¬4). ومثَّل أبو (¬5) محمَّد البغدادي تتمة الضروري -أيضًا- بمراعاة المماثلة ¬

_ (¬1) في (ب): كتربية. (¬2) انظر: المنتهى/ 124، ومختصره 2/ 240. (¬3) في (ح): افضآ. (¬4) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 275. (¬5) في (ب): ومثل محمَّد البغدادي.

في القصاص، والحاجي بتسليط الولي على تزويج صغيرة، وتتمَّته كما سبق، ومثَّل التحسيني -هو وغيره (¬1) - أيضًا: بتحريم تناول القاذورات وسلب المرأة عبارة النكاح. وكون حفظ العقل من الضروري في كل ملة فيه نظر؛ فإِنه لا يحد عند أهل الكتاب، ولا عندنا على الأصح؛ لاعتقاده إِباحته. ويتوجه من الضروري حفظ العرض بشرع عقوبة المفتري. والعبد أهل للشهادة عندنا؛ فما ذكره ممنوع. وفي الروضة (¬2): ما لم يشهد الشرع بإِبطاله أو اعتباره: منه: حاجي، كتسليط الولي على تزويج صغيرة تحصيلاً للكفء، ومنه: تحسيني، كاعتبار الولي في نكاح، فلا يُحتج بهما؛ لا نعلم فيه خلافا؛ فإِنه وضع للشرع (¬3) بالرأي، ومنه: ضروري، وهي الخمسة السابقة، فليست هذه المصلحة بحجة خلافا لمالك وبعض الشافعية. وفي الواضح (¬4): ما يسميه (¬5) الفقهاء "الذرائع"، وأهل الجدل "المؤدي إِلى المستحيل عقلاً أو شرعاً"، ومثَّل بمسألة الولي وغيرها، ثم اعترض على ¬

_ (¬1) نهاية 194أمن (ب). (¬2) انظر: روضة الناظر/ 169 - 170. (¬3) نهاية 387 من (ح). (¬4) انظر: الواضح 1/ 138أ. (¬5) في (ظ): وفي الواضح تسمية الفقهاء ... إِلخ.

مسألة

هذه الدلالة بوجهين. قال بعضهم (¬1): والمناسب أخروي -أيضًا- كتزكية النفس، وإِقناعي ينتفي ظنُّ مناسبته بتأمُّله. مسألة (¬2) إِذا اشتمل الوصف على مصلحة ومفسدة راجحة على المصلحة أو مساوية فهل تنخرم مناسبته (¬3) للحكم؟: نفاه قوم، واختاره في الروضة (¬4) وأبو محمَّد البغدادي؛ قالا: لأنها أمر حقيقي، فلا تبطل بمعارض، وجزم به بعض أصحابنا. وأثبته آخرون، واختاره الآمدي (¬5) وغيره. ووجهه (¬6): حكم العقل بأن (¬7) لا مناسبة مع مفسدة مساوية، ولهذا ينسب العقلاء الساعي في تحصيل مثل هذه المصلحة إِلى السفه. ¬

_ (¬1) انظر: نهاية السول 3/ 52. (¬2) نهاية 132 ب من (ظ). (¬3) في (ظ): مناسبة. (¬4) انظر: روضة الناظر/ 311. (¬5) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 276. (¬6) في (ظ): ووجه. (¬7) نهاية 194 ب من (ب).

قال بعضهم (¬1): لا يعدم نفعه لقلته، لكن يندفع مقتضاه (¬2). قالوا: لو لم يكن لما حَسُن قول العاقل: الداعي إِلى إِثبات الحكم حاصل لولا المانع. رد: المراد به المصلحة التي في المناسبة لا مصلحة مستقلة بتحقيقها (¬3)، فالمانع أخلّ بمناسبة المصلحة، فليس الانتفاء محالاً على المفسدة مع المناسبة لفوات شرطها. قالوا: تصح الصلاة في الدار المغصوبة، فإِن غلب الحرام زادت مفسدتها، وإلا تساوتا. رد: لم تنشأ مفسدة الغصب عن الصلاة ومصلحة الصلاة عن الغصب، ولو نشأتا من الصلاة لم تصح. وللمعلل ترجيح وصفه بطريق تفصيلي يختلف باختلاف المسائل، وإجمالي [وهو] (¬4): لو لم يُقدر رجحان المصلحة ثبت الحكم تعبدًا (¬5)، ذكره [بعض] (¬6) أصحابنا وغيرهم، وسبق (¬7) في السبر. ¬

_ (¬1) انظر: نهاية السول 3/ 60. (¬2) يعني: لكونه مرجوحًا. (¬3) يعني: بتحقيق المناسبة. (¬4) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬5) يعني: وهو خلاف الأصل. انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 279. (¬6) ما بين المعقوفتين من (ظ). (¬7) في ص 1275.

وذكر الآمدي (¬1): أن لقائلٍ أن يعارضه بعدم الاطلاع على ما به يكون راجحًا مع البحث عنه. فإِن قيل: بَحْثُنا عن وصف صالح للتعليل لا يتعدى محل الحكم (¬2)، فهو أولى. قيل: إِن خرج (¬3) ما به الترجيح عن محل الحكم لم يتحقق به ترجيح فيه (¬4)، وإلا اتحد محلّهما، فلا ترجيح (¬5). وإن سلم اتحاد محل بحث المستدل فقط: فإِنما يترجح بحثه (¬6) بتقدير كون ظنه راحجًا؛ لا العكس ولا مساويًا، ووقوع احتمال من اثنين أقرب. قال (¬7) (¬8) واشتراط (¬9) الترجيح في تحقيق المناسبة إِنما هو عند من لا يخصص العلة، وإلا فلا. .............. ¬

_ (¬1) انظر: الإحكام للآمدي 3/ 269 - 280. (¬2) يعني: فمحله متحد، وبحثكم إِنما هو عما به الترجيح، وهو غير منحصر في محل الحكم. (¬3) نهاية 388 من (ح). (¬4) يعني: في محل الحكم. (¬5) يعني: بهذه الجهة. (¬6) في (ظ): ظنه. (¬7) في (ح): قالوا. (¬8) نهاية 195 أمن (ب). (¬9) في (ح): فاشتراط.

والمناسب: مؤثر وملائم وغريب ومرسل؛ لأ نه إِما معتبر، أوْ لا، والمعتبر -بنص، كتعليل الحدث بمس الذكر، أو إِجماع كتعليل ولاية المال بالصِّغَر- يسمى مؤثرًا؛ لأنه ظهر تأثيره في الحكم. والمعتبر بترتيب الحكم على الوصف فقط (¬1) -إِن ثبت بنص أو إِجماع اعتبار عينه في جنس الحكم أو بالعكس أو جنسه في جنس الحكم- يسمى ملائمًا؛ لكونه موافقًا لما اعتبره الشارع، وإلا سميَّ غريباً. وغير المعتبر يسمى مرسلاً، فإِن اعتبر الشارع جنسه البعيد في جنس الحكم سميَّ ملائمًا مرسلاً، وإلا غريبًا مرسلاً، أو مرسلاً ثبت إِلغاؤه. فالأول من أقسام الملائم: كالتعليل بالصغر في قياس النكاح على المال في الولاية، فعين الصغر معتبر في جنس حكم الولاية إِجماعًا. والثاني: كالتعليل بعذر (¬2) الحرج في قياس الحضر بعذر المطر على السفر في الجمع، فجنس الحرج معتبر في عين رخصة (¬3) الجمع (¬4) إِجماعًا. والثالث: كالتعليل بجناية القتل العمل العدوان في قياس المثقل على المحدد في القصاص، فجنس الجناية معتبرة (¬5) في جنس قصاص النفس، لاشتماله على قصاص النفس وغيرها كالأطراف. ¬

_ (¬1) يعني: من غير نص أو إِجماع. (¬2) في (ظ): بعلة. (¬3) نهاية 133 أمن (ظ). (¬4) نهاية 389 من (ح). (¬5) كذا في النسخ. ولعل المناسب: معتبر.

ومثَّله بعضهم (¬1) بإِيجاب حد القذف في الشرب لكونه مظنة للقذف، والمظنة تقوم مقام المظنون. والرابع: الغريب من المعتبر، كالتعليل بالإِسكار في قياس النبيذ على الخمر بتقدير عدم نص بعلية الإِسكار (¬2)، فعين الإِسكار معتبر في عين التحريم بترتيب الحكم عليه فقط، كاعتبار جنس المشقة المشتركة بين الحائض والمسافر في جنس التخفيف، وهذا المثال (¬3) دون ما قبله (¬4)؛ لرجحان الظن باعتبار الخصوص؛ لكثرة ما به الاشتراك. والخامس: الملائم المرسل، كتعليل تحريم قليل الخمر بأنه يدعو إِلى كثيرها، فجنسه البعيد معتبر في جنس الحكم، كتحريم الخلوة بتحريم الزنا. والسادس: الغريب المرسل، كالتعليل بالفعل المحرم لغرض فاسد في قياس الباتّ في مرضه على القاتل في الحكم بالمعارضة بنقيض مقصوده، وصار توريث المبتوتة كحرمان القاتل. والسابع: المرسل الملغى، كإِيجاب صوم شهرين ابتداءً في الظهار على من يسهل عليه العتق، كما أفتى به بعض العلماء. ¬

_ (¬1) كالبيضاوي في منهاجه. انظر: نهاية السول 3/ 55. (¬2) نهاية 195 ب من (ب). (¬3) وهو مثال: الحائض والمسافر. (¬4) وهو مثال: النبيذ والخمر.

فهذا مردود إِجماعًا، ذكره جماعة، وذكره الآمدي (¬1)، وأن الملائم الأول متفق عليه، مختلف فيما عداه، واختار اعتبار (¬2) الرابع، وأن ما بعده -وهو المناسب المرسل- لم يشهد الشرع باعتباره وإلغائه؛ ليس بحجة عند الحنفية والشافعية وغيرهم، وهو الحق؛ لتردده بين معتبر وملغى، فلا بد من شاهد قريب بالاعتبار، فإِن قيل: "هو من جنس ما اعتُبر"، قيل: "ومن جنس ما أُلغي، فيلزم اعتبار وصف واحد وإِلغاؤه بالنظر إِلى حكم واحد، وهو محال"، وعن مالك: القول به، وأنكره أصحابه، قال (¬3) فإِن صح عنه فالأشبه أنه في مصلحة ضرورية كلية قطعية كمسألة التَّتَرُّس (3/ 1). ومعنى اختياره في الروضة (¬4) (¬5) واختيار (¬6) أبي محمَّد (¬7) البغدادي (¬8) من أصحابنا: أن غير الملغى حجة، وذكره بعض أصحابنا (8) عنهما، ويوافقه ما احتج به الأصحاب (¬9) في الفروع -كالقاضي وأصحابه- ¬

_ (¬1) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 282، 284، 285، 4/ 160 - 161. (¬2) في (ب): اختبار. (¬3) يعني: الآمدى. (3/ 1) في (ظ): الترس. (¬4) انظر: روضة الناظر/ 305. (¬5) نهاية 196 أمن (ب). (¬6) في (ح): اختيار. (¬7) نهاية 390 من (ح). (¬8) انظر: المسودة/ 408. (¬9) جاء -هنا- في (ب): (لما سبق، ولما يأتي، وسبق كلامه في الروضة قريبًا قبل اشتمال لوصف على مصلحة ومفسدة). وقد جاء هذا الكلام في (ح) و (ظ) متأخرا.

بالقسم الخامس والسادس؛ لما سبق (*)، ولما يأتي (**). وسبق (¬1) كلامه في الروضة قريبا قبل "اشتمال الوصف على مصلحة ومفسدة". ومنع في الانتصار -في أن علة الربا الطعم- التعليلَ بالقسم الرابع كقول الحنفية، ثم قال: الأقوى أن لا تنازع في المناسبة وما يُظن تعليق (¬2) الحكم عليه. وسبق (¬3) (¬4) قول ابن حامد في السبر. وقال بعض أصحابنا (¬5): لا يشترط في المؤثر كونه مناسبًا، وجعله في الروضة (¬6) من قسم المناسب. قال: ونظيره تعليق الحكم بوصف مشتق: في اشتراط مناسبته وجهان. وقد سبقا (¬7). ¬

_ (*) في السير في ص 1274. (**) في ص 1292. (¬1) في ص 1283. (¬2) في (ظ): بتعليق. (¬3) في ص 1272 - 1273. (¬4) نهاية 133 ب من (ظ). (¬5) انظر: المسودة/ 408. (¬6) انظر: روضة الناظر/ 303. (¬7) في ص 1266.

قال: وكلام القاضي والعراقيين يقتضي أنه لا يحتج بالمناسب الغريب، ويحتج بالمؤثر: مناسبا، أوْ لا. قال: فصار المؤثر المناسب لم يخالف فيه إِلا ابن حامد، والمؤثر غير المناسب أو المناسب غير المؤثر: فيهما أوجه. وذكر بعض الأصوليين (¬1): أن القسم السادس مردود اتفاقًا. وقَبِل أبو المعالي (¬2) القسم الخامس، وذكره عن المحققين، ويذكر عن مالك (¬3) والشافعي. ورده بعضهم (3). وقبله الغزالي (¬4) بشرط كون المصلحة ضرورية قطعية كلية، كَتَتَرُّس كفار بمسلمين، مع الجزم لو لم نقتلهم ملكوا جميع بلاد الإِسلام، وقتلوا جميع المسلمين حتى الترس، فَقَتْل الترس مصلحة ضرورية قطعية (¬5) كلية. قال القرطبي (¬6) -في تفسير سورة الفتح-: قال علماؤنا: هذه المصلحة لا ينبغي أن يختلف فيها، ونَفَر منها من لم يُمعن النظر فيها؛ ¬

_ (¬1) كابن الحاجب في المنتهى/ 135. (¬2) انظر: البرهان / 1114. (¬3) انظر: المنتهى لابن الحاجب/ 135. (¬4) انظر: المستصفى 1/ 294 - 296. (¬5) نهاية 391 من (ح). (¬6) انظر: تفسير القرطبي 16/ 287 - 288.

للمفسدة (¬1). ويجوز قتل الترس عند إِمامنا أحمد والأكثر؛ للخوف على (¬2) المسلمين. ومذهبه: من مات بموضع لا حاكم فيه فلرجلٍ مسلم بيعُ ما فيه مصلحة؛ لأنه ضرورة، كولاية تكفينه. وجه العمل بالمناسبة: ما سبق (¬3) في السير من ظهور العلة؛ لأنه لا بد للحكم من علة، ثم: العلة ظاهرة بالمناسبة؛ لأن مناسبة الوصف للحكم [تفيد] (¬4) ظن كونه علة. قالوا: لا يلزم كونه علة. ثم: لو دلّ كانت أجزاء العلة المناسبة عِللاً. رد: يلزم كونه علة ظاهراً؛ لما سبق. والعلة مجموع الأوصاف. .................... ¬

_ (¬1) يعني: المترتبة عليها. (¬2) نهاية 196 ب من (ب). (¬3) في ص 1274. (¬4) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ظ).

المسلك الخامس: إثبات العلة بالشبه

المسلك الخامس: إِثبات العلة بالشبه: وهو عند القاضي (¬1) وابن عقيل (¬2) وغيرهما: تردد الفرع بين أصلين فيه مناط كل منهما، إِلا أنه يشبه أحدهما في أوصاف أكثر، فإِلحاقه به هو الشبه، كالعبد: هل يَمْلك؟ وهل يضمنه قاتله بأكثر من دية الحر؟. وقال الآمدي (¬3): ليس من الشبه في شيء، فإِن كل مناط مناسب، وكثرة المشابهة (¬4) للترجيح (¬5). وفسره بعضهم: بـ "ما عُرف مناطه، ويفتقر في بعض الصور إِلى تحقيقه"، كالمِثْل في جزاء الصيد. وليس منه؛ لأن الكلام في العلة الشبهية، وهنا في تحقيق الحكم الواجب، وهو (¬6) الأشبه؛ لا في تحقيق المناط، وهو (¬7) متفق عليه، والشبه مختلف فيه. ¬

_ (¬1) انظر: العدة/ 203 ب. (¬2) انظر: الواضح 1/ 132 ب- 133أ. (¬3) انظر: الإحكام للآمدي 3/ 295. (¬4) في (ح): المشابه. (¬5) يعني: كثرة المشابهة ليست إِلا من باب الترجيح لأحد المناطين على الآخر، وذلك لا يخرجه عن المناسب، وإن كان يفتقر إِلى نوع ترجيح. (¬6) في (ب): هو. (¬7) نهاية 392 من (ح).

وفسره ابن الباقلاني (¬1): بقياس الدلالة. وبعضهم: بما يُوهِم (¬2) المناسبة. ويتميز الشبه عن الطردي: بأن وجود الطردي كالعدم. وعن المناسب الذاتي: بأن مناسبته عقلية يُعْلَم قبل الشرع، كالإِسكار في التحريم. فالشبه: كقولنا في إِزالة النجاسة (¬3): طهارة تراد للصلاة، فَتَعَيَّن لها الماء، كطهارة الحدث، فمناسبة الطهارة -وهو الجامع- لِتَعَيُّن الماء غير ظاهرة، واعتبارها للصلاة ومس المصحف يُوهِمها. قال الآمدي (¬4): اصطلاحات لفظية، وهذا أقربها، وقاله أكثر المحققين. ................ ثم: قياس علة الشبه حجة عندنا وعند الشافعية (¬5)، [حتى] (¬6) قال ابن عقيل (¬7): "لا عبرة بالمخالف"؛ لما سبق (¬8) في السير. ¬

_ (¬1) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 295. (¬2) نهاية 134أمن (ظ). (¬3) نهاية 197 أمن (ب). (¬4) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 296. (¬5) انظر: اللمع / 59، والمحصول 2/ 2 / 280، والإِحكام للآمدي 3/ 297. (¬6) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬7) انظر: الواضح 1/ 133 أ. (¬8) في ص 1274.

وذكر القاضي (¬1) روايتين. وفساده: قول الحنفية (¬2) وأبي إِسحاق (¬3) المروزي الشافعي (¬4) وابن الباقلاني (¬5)، وذكره في الروضة (¬6) اختيار القاضي، وأن للشافعي [قولين] (¬7). قال أحمد: (¬8): إنما يقاس الشيء على الشيء إذا كان مثله في كل أحواله. واكتفى بعض الحنفية (¬9) بضرب من الشبه. ¬

_ (¬1) انظر: العدة/ 203. (¬2) انظر: تيسير التحرير 4/ 53، وفواتح الرحموت 2/ 301. (¬3) انظر: المسودة 375. (¬4) هو إِبراهيم بن أحمد، فقيه انتهت إِليه رئاسة الشافعية بالعراق بعد ابن سريج، ولد بمرو الشاهجان، وأقام ببغداد، وتوفي بمصر سنة 340 هـ. من مؤلفاته: شرح مختصر المزني. انظر: طبقات الفقهاء للشيرازي/ 112، ووفيات الأعيان 1/ 4، وطبقات الشافعية للأسنوي 2/ 375، ومرآة الجنان 2/ 331. (¬5) انظر: البرهان / 870، والمحصول 2/ 2/ 280. (¬6) انظر: روضة الناظر / 314. (¬7) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬8) انظر: العدة/ 203 ب. (¬9) انظر: العدة/ 209 أ، واللمع/ 62، والتبصرة/ 458.

وذكر الآمدي (¬1) عن بعض أصحابهم: صحة الشبه إِن اعتبر عينه في عين الحكم فقط؛ لعدم الظن (¬2)، ولأنه دون المناسب المرسل. وأجاب: بالمنع؛ لاعتبار الشارع له في بعض الأحكام. ويلزم من كونه حجة -على تفسير القاضي- التسوية بين شيئين، مع العلم بافتراقهما (¬3) في صفة أو صفات مؤثرة، لكن لضرورة إِلحاقه بأحدهما، كفعل القافة بالولد، قاله بعض أصحابنا (¬4)، وقال: القائلون بالأشبه -كالقاضي- سلموا أن العلة لم توجد في الفرع، وأنه حكم بغير قياس، بل بأنه أشبه بهذا من غيره، ويقولون: "لا يعطى حكمهما (¬5) "، ذكره الشافعية وأصحابنا، وكذا من قال: "ليس بحجة"، وعند الحنفية: يعطى حكمهما (5)، وقاله المالكية، وهو طريقة الشبهيين (5/ 1). وقال (¬6) بعض أصحابنا (¬7): هو كثير في مذهب مالك وأحمد، كتعلق الزكاة بالعين (¬8) أو بالذمة، والوقف: هل هو ملك لله أو للموقوف عليه؟، ¬

_ (¬1) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 297 (¬2) يعني: إِذا اعتبر جنسه في جنسه. (¬3) نهاية 393 من (ح). (¬4) انظر: المسودة/ 375 - 376. (¬5) في (ح): حكمها. (5/ 1) في المسودة: الشبهين. (¬6) نهاية 197 ب من (ب). (¬7) انظر: المسودة/ 375 - 376. (¬8) في (ظ): بالمعين.

وملك العبد، وسلك القاضي وغيره هذا في تعليل إِحدى الروايتين فيما إِذا أقر اثنان بنسب أو دين: لا يعتبر لفظ الشهادة والعدالة؛ لأنه يشبه الشهادة، لأنه إِثبات حق على (¬1) غيره، والإِقرار (¬2) لثبوت المشاركة [له] (¬3) فيما بيده من المال، فأعطيناه حكم الأصلين، فاشترطنا العدد كالشهادة؛ لا غير (¬4) كالإِقرار، وكذا قاله الحنفية، وقاله المالكية في شبه مع فراش. وقاله بعض أصحابنا (¬5)، وأنه يعمل بهما إِن أمكن، وإِلا بالأشبه. * * * المسلك السادس: الطرد والعكس، وهو الدوران: وهو: ترتب الحكم على الوصف وجودًا وعدما. يفيد العلية (¬6) عند أكثر أصحابنا والمالكية (¬7) والشافعية (¬8) والجرجاني (¬9) والسرخسي (¬10). (¬11) ¬

_ (¬1) في (ب): لا غيره. (¬2) يعني: ويشبه الإقرار. (¬3) ما بين المعقوفتين من (ح). (¬4) يعني: ولم نشترط فيه غير العدد. (¬5) انظر: المسودة/ 376. (¬6) في حاشية (ب): أي: ظنا. (¬7) انظر: شرح تنقيح الفصول/ 396، ومفتاح الوصول/ 107. (¬8) انظر: اللمع/ 65، والمحصول 2/ 2/ 285. (¬9) انظر: العدة/ 222 ب، والمسودة/ 427. (¬10) هو: أبو سفيان. انظر: العدة/ 222 ب، والمسودة/ 427. (¬11) نهاية 394 من (ح).

وذكر القاضي وجهاً (¬1): لا يفيدها -وأن أحمد أومأ إِليه: "إِنما يقاس على الشيء إِذا كان مثله في كل أحواله، وأقبل به وأدبر"- وقاله أكثر الحنفية -كالكرخي وأبي زيد (¬2) - واختاره الآمدي (¬3)، وذكره قول المحققين من أصحابهم وغيرهم. وقيل: يفيدها قطعاً. وجه الأول: لو دُعي رجل باسم فغضب، وبغيره لم يغضب، وتكرر -ولا مانع- دل أنه سبب الغضب. رد: بالمنع، بل بطريق السير؛ لجواز ملازمة الوصف للعلة كرائحة الخمر مع الشدة المطربة، ولهذا: الدوران في المتضايفين، ولا علة. أجيب: الجواز لا يمنع الظهور، والقطع بأن (¬4) الرائحة ليست علة، وكذا الدوران في المتضايفين كالأبوة والبنوة، ولأن كلاً منهما مع الآخر. وأجاب أبو محمَّد البغدادي عن الأول: بأن العلة الأمارة المعرفة للحكم، فالمُدار معه علة، لكن التعليل بالشدة المطربة، فقدم على الطرد المحض. وقاس أصحابنا على العلة العقلية. ¬

_ (¬1) نهاية 134 ب من (ظ). (¬2) انظر: تقويم الأدلة/ 133أ. (¬3) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 399. (¬4) نهاية 198أمن (ب).

قال الغزالي (¬1): الطرد سلامته من النقض، وسلامته من مفسد لا يوجب نفي كل مفسد، ولو سلّم فالصحة بمصحِّح، ولا أثر للعكس؛ لأنه غير شرط فيها. رد: للاجتماع (¬2) تأثير، كأجزاء العلة. قال في التمهيد (¬3) والروضة (¬4): ويشبه ذلك شهادة الأصول نحو: الخيل لا زكاة في ذكورها منفردة، فكذا إِناثها، كبقية الحيوان. وصححه القاضي (¬5)، وللشافعية وجهان. ................. وديس الطرد وحده دليلاً في مذهب الأربعة والمتكلمين، خلافاً لبعض الحنفية (¬6) والشافعية (¬7)، منهم: الصيرفي (¬8). ¬

_ (¬1) انظر: المستصفى 2/ 306، 307، 308. (¬2) يعني: اجتماع الطرد والعكس، وإن كان كل واحد لا يؤثر منفردًا. (¬3) انظر: التمهيد/ 161 ب. (¬4) انظر: روضة الناظر/ 309. (¬5) انظر: العدة/ 223 أ. (¬6) انظر: كشف الأسرار 3/ 365، والبرهان/ 789، والمسودة/ 427. (¬7) انظر: التبصرة/ 460، والمحصول 2/ 2 / 305. (¬8) انظر: اللمع/ 66، والتبصرة/ 460.

وجوزه الكرخي (¬1) جدلاً؛ لا عملاً أو فتوى (¬2). وقيل (¬3): يكفي مقارنته في صورة. ...................... قال بعض أصحابنا (¬4) وغيرهم: تنقسم العلة العقلية والشرعية إِلى ما تؤثر في معلولها كوجود علة الأصل في الفرع [مؤثر في نقل حكمه] (¬5)، وإلى ما يؤثر فيها معلولها كالدوران (¬6). * * * سبق تنقيح المناط في الإِيماء (¬7)، وتخريج المناط في المناسبة (¬8)، وهو القياس الآتي (¬9) المختلف فيه. وأما تحقيق المناط: فإِن علمت العلة بنص كجهة القبلة -مناط وجوب ¬

_ (¬1) انظر: البرهان/ 789، والمسودة/ 427 - 428. (¬2) نهاية 395 من (ح). (¬3) انظر: المحصول 2/ 2/ 305. (¬4) انظر: المسودة/ 389. (¬5) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬6) فذلك مؤثر في كونه علة حكم الأصل. (¬7) في ص 1260. (¬8) في ص 1279. (¬9) في 1302، 1310.

استقبالها (¬1) - ومعرفتها عند الاشتباه مظنون، أو (¬2) إِجماع كالعدالة -مناط قبول الشهادة- ومظنونة في الشخص المعين، وكالمِثْل في جزاء الصيد (¬3): فقال في الروضة (¬4) والآمدي (¬5): لا نعرف خلافاً في صحة الاحتجاج به. وذكر أبو المعالي (¬6): "أن النهرواني والقاشاني لم يقبلا من النظر في مسالك الظن إِلا ترتيب الحكم على اسم مشتق -كآية السرقة (¬7)، وقول الراوي: زنى ماعز فرجم- وما يعلم أنه في معنى المنصوص بلا نظر كالبول في إِناء ثم صبه في الماء، ووافقهما أبو هاشم (¬8)، وزاد قسما ثالثًا، وَمَثَّله بطلب القبلة عند الاشتباه والمِثْل في الصيد"، ثم رد عليهم في الحصر، وقال (¬9): إِنه لم ينكر إِلحاق معنى المنصوص إِلا حشوية لا يبالَى بهم -داود وأصحابه- وأن ابن الباقلاني قال: لا يخرقون الإِجماع. * * * ¬

_ (¬1) في سورة البقرة: آية 144. (¬2) نهاية 198 ب من (ب). (¬3) في سورة المائدة: آية 95. (¬4) انظر: روضة الناظر/ 277. (¬5) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 302. (¬6) انظر: البرهان/ 774 - 775. (¬7) سورة المائدة: آية 38. (¬8) نهاية 135 أمن (ظ). (¬9) انظر: البرهان/ 784.

مسألة

القياس: إِن قُطِع بنفي الفارق فيه -كما سبق (¬1)، وكالأمة على العبد في سراية [العتق] (¬2) - فهو جلي، وإلا فخفي كالمثقل على المحدد في القود. وينقسم القياس -أيضًا- إِلى: قياس علة: بأن صرح فيه بالعلة، وقياس دلالة: بأن جُمع فيه بما يلازم العلة كالرائحة الملازمة للشدة، أو جُمع بأحد موجَبي العلة في الأصل لملازمة الآخر ليستدل به عليه، كقياس قطع جماعة بواحد على قتلها بواحد، بواسطة الاشتراك في وجوب الدية عليهم بتقدير إِيجابها، وثبوت حكم الفرع بعلة الأصل أولى؛ لتعدِّيها (¬3) واطرادها وانعكاسها. وإلى قياس في معنى الأصل: بأن جُمِع بنفي الفارق، كالأمة في (¬4) العتق. مسألة يجوز التعبد بالقياس في الشرعيات عقلاً عند الأئمة الأربعة وعامة الفقهاء والمتكلمين، خلافا للشيعة (¬5) وجماعة من معتزلة بغداد، كالنظام (¬6) ¬

_ (¬1) انظر: ص 1260، 1270، 1301. (¬2) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬3) نهاية 396 من (ح). (¬4) نهاية 199 أمن (ب). (¬5) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 5. (¬6) انظر: المعتمد/ 746.

والجعفرين (¬1) (¬2) ويحيى الإِسكافي (¬3). فقيل (¬4): لعدم معرفة الحكم منه (¬5)؛ لبنائه على المصلحة التي لا تعرف به (¬6). ¬

_ (¬1) انظر: الإحكام للآمدي 4/ 5. (¬2) الجعفران هما: 1 - أبو محمَّد جعفر بن مبشر الثقفي، من الطبقة السابعة من طبقات المعتزلة؛ له آراء انفرد بها وتصانيف، ولد ببغداد، وبها توفي سنة 234 هـ. انظر: تاريخ بغداد 7/ 162. 2 - أبو الفضل جعفر بن حرب الهمداني من الطبقة السابعة من طبقات المعتزلة، من أهل بغداد، ولد سنة 177 هـ، وتوفي سنة 236 هـ. انظر: تاريخ بغداد 7/ 162، ومروج الذهب 2/ 298. واليهما تنسب (الجعفرية) من فرق المعتزلة. فانظر: الفرق بين الفرق/ 167، وفرق وطبقات المعتزلة/ 78، 81، وميزان الاعتدال 1/ 405، 414. (¬3) كذا في الإِحكام للآمدى 4/ 5. وفي العدة/ 195: محمَّد بن عبد الله الإِسكافي. أقول: ولعله الصواب؛ فهو الذي وجدته من معتزلة بغداد بهذه النسبة، وهو: أبو جعفر محمَّد بن عبد الله الإِسكافي -نسبة إِلى إسكاف: ناحية ببغداد- معتزلي من رجال الطبقة السابعة من طبقاتهم، كان عالمًا فاضلاً، تتلمذ على جعفر بن حرب، وصنف في الكلام، وإليه تنسب (الإِسكافية) فرقة من المعتزلة، توفي سنة 240 هـ. انظر: المنية والأمل/ 83، والفرق بين الفرق/ 102، والأنساب 1/ 334 - 335، ولسان الميزان 5/ 221. (¬4) انظر: المسودة/ 368، 369. (¬5) يعني: من القياس. (¬6) يعني: بالقياس.

وقيل: لوجوب الحكم المتضاد. وقيل: لأنه أَدْون البيانين مع القدرة على أعلاهما (¬1). وأوجبه أبو الخطاب (¬2) والقفال (¬3) وأبو الحسين (¬4) البصري، وقاله القاضي أيضًا. لنا: لا يمتنع عقلاً نحو قول الشارع: "حرمت الخمر لإِسكاره، فقيسوا عليه معناه"، قال ابن عقيل (¬5) والآمدي (¬6): لا خلاف بين العقلاء في حسن ذلك. ولأنه وقع شرعًا كما يأتي (¬7). قالوا: العقل يمنع من وقوع ما فيه خطأ؛ لأنه محذور (¬8). ردَّ: منع احتياط لا إِحالة. ثم: لا منع مع ظن الصواب، بدليل العموم وخبر الواحد والشهادة. قالوا: أمر الشارع بمخالفة الظن، كالحكم بشاهد واحد، وشهادة النساء ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد/ 146أ. (¬2) انظر: الإحكام للآمدي 4/ 5. (¬3) انظر: المعتمد/ 707 - 708، 725. (¬4) انظر: العدة/ 196 ب-197أ. (¬5) انظر: الواضح 1/ 149أ. (¬6) انظر: الإحكام للآمدي 4/ 6. (¬7) في ص 1312 وما بعدها. (¬8) في (ب): محذوف.

في الزنا، ونكاح أجنبية من عشرٍ فيهن رضيعة مشتبهة. رد: لمانع شرعي لا عقلي؛ لما سبق (¬1). واحتج النظام (¬2): بأن الشرع فرق بين المتماثلات -كإِيجاب غسل بمني لا ببول، وغسل بول صبية ونضح بول صبي، والجلد بنسبةِ زنا لا كفر، وقطع سارقِ قليل لا غاصبِ كثير، والقتل بشاهدين لا الزنا، وعدَّتَيْ موت وطلاق- وجَمَع بين المختلفات، كردة وزنا في إِيجاب قتل، وقتلِ (¬3) صيدٍ عمدًا وخطاً في ضمانه، وقاتل وواطىء -في صوم رمضان- (¬4) ومظاهرٍ في كفارة. رد: فرق لعدم صلاحية ما وقع جامعًا، أو لعارض له في أصل أو فرع. وجمع لاشتراك المختلفات في معنى جامع أو اختصاص كل منها بعلة مثلِ حكمِ خلافِه (¬5). وألزمه في التمهيد (¬6) وغيره بالقياس العقلي، كقطع العرق والرفق ¬

_ (¬1) من العمل بخبر الواحد والشهادة. (¬2) انظر: المعتمد/ 746، والإِحكام للآمدي 4/ 7. (¬3) نهاية 199 ب من (ب). (¬4) نهاية 135 ب من (ظ). (¬5) يعني: فإِن العلل المختلفة لا يمتنع أن توجب في المحال المختلفة حكماً واحداً. (¬6) انظر: التمهيد/ 151 ب.

بالصبي، (¬1) كل منهما يكون حسنًا وقبيحًا، وهما متفقان، والرفق به وضربه، حسنان (¬2)، وهما مختلفان معنى. قالوا: القياس فيه اختلاف؛ لتعدد الأمارة والمجتهد، فَيُرَدّ؛ لقوله: (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيرًا) (¬3). رد: بنقضه بالظاهر. وبأن مراد الآية (¬4): "تناقضه (¬5) أو ما يخل ببلاغته"؛ للاختلاف (¬6) في الأحكام قطعاً. قالوا: إِذا اختلف قياس مجتهدين: فإِن كان كل مجتهد مصيباً لزم كون الشيء ونقيضه حقاً، وإلا فتصويب أحد الظنين -مع استوائهما- ترجيح بلا مرجح. رد: بالظاهر، وحكم الله يختلف لتعدد المجتهد والمقلِّد والزمن، فلا اتحاد، فلا تناقض. وبأن أحد المجتهدين لا بعينه مصيب، فلا يلزم ترجيح بلا مرجح. ¬

_ (¬1) نهاية 397 من (ح). (¬2) يعني: يكونان حسنين. (¬3) سورة النساء: آية 82. (¬4) يعني: مرادها بالاختلاف. (¬5) غيرت في (ب) إِلى: يناقضه. (¬6) يعني: لأنه حصل الاختلاف.

قالوا: مقتضى القياس إِن وافق البراءة الأصلية فمستغنَى عنه، وإلا لم يُرفع اليقين بالظن. رد: بالظاهر. قالوا: حكم الله يستلزم خبر الله عنه؛ لأنه مفسَّر بخطابه (¬1)، ويستحيل خبره بلا توقيف. رد: القياس توقيف؛ لثبوته بنص أو إِجماع. قالوا: إِن تعارض علتان فالعمل بأحدهما (¬2) (¬3) ترجيح بلا مرجح، وبهما تناقض. رد: بالظاهر. ثم: لا تناقض إِن تعدد المجتهد، وإلا (¬4) رجّح، فإِن تعذر وقف. وذكر الآمدي (¬5): أنه عرف من مذهب الشافعي وأحمد: يعمل بما شاء. وكذا خيره ابن عقيل (¬6) كالكفارة، قال: وهذا لا يجيء ¬

_ (¬1) يعني: لأن الحكم مفسر بخطاب الله. (¬2) كذا في النسخ. ولعلها: بإحداهما. (¬3) نهاية 200 أمن (ب). (¬4) يعني: وإن كان واحدا. (¬5) انظر: الإحكام للآمدي 4/ 21. (¬6) انظر: المسودة/ 447.

على (¬1) تصويب كل مجتهد، ونحن وكل من لم يصوبه على أنه لا بد من ترجيح (¬2)، فعدمه لتقصيره. قالوا: كالأصول. رد: لا جامع. ثم: فيها أدلة تقتضي العلم (¬3)، ذكره في التمهيد (¬4) وغيره. وفي الواضح: ليس في أصلٍ صفة جعلت أمارة لإِثبات أصل آخر، ولو كان قلنا به، فمنعنا لعدم الطريق كما لو عُدمت في الفروع؛ لا لكونه أصلاً. وقال بعض أصحابنا (¬5): في كل منهما قياس بحسب مطلوبه، قطعًا في الأول (¬6)، وظنًا في الثاني. ¬

_ (¬1) نقل في المسودة عنه: من قال بالتساوي فحكمه التخيير، وإنما يجيء على قول من يقول: كل مجتهد مصيب. أ. هـ. أقول: فلعل صواب العبارة هنا: وهذا لا يجيء إِلا على تصويب كل مجتهد. (¬2) يعني: فلا يمكن التساوى. (¬3) فلا يكلف فيها بالظن. (¬4) انظر: التمهيد/ 146 ب. (¬5) انظر: البلبل/ 150. (¬6) نهاية 398 من (ح).

ثم: هذا قياس منكم، فإِن صح صح قولنا. وقيل: يجرى في العقليات (¬1) عند أكثر المتكلمين. قالوا: بيان (¬2) بالأدنى. رد: بالظاهر، ثم: قد يكون مصلحة. قالوا: مبني على المصالح، ولا يعلمها إِلا الله. رد: تعرف به. القائل "يجب": النص مُتَنَاهٍ، والأحكام لا تتناهى، فيجب؛ لئلا يخلو بعضها عن حكم، وهو (¬3) خلاف القصد من بعثة الرسل. رد: إِنما كلف النبي - صلى الله عليه وسلم - بما يمكنه تبليغه خطابا. وأيضًا: العموم يستوعبها، نحو: (كل مسكر حرام) (¬4). أجاب في الروضة (¬5): إِن تصور فليس بواقع. كذا قال، وذكر بعض أصحابنا اختلاف الناس فيه، فقيل: لا يمكن، وقيل: بلى، فقيل: وقع -قال: وهو الصواب- وقيل: لا، فقيل: النص بقي بالقليل، وقيل: بالكثير أو الأكثر. ¬

_ (¬1) نهاية 136أمن (ظ). (¬2) في (ظ): إِثبات. (¬3) في (ح): وهذا. (¬4) أخرجه البخاري في صحيحه 8/ 30، ومسلم في صحيحه/ 1586 من حديث أبي موسى مرفوعًا. (¬5) انظر: روضة الناظر/ 280.

مسألة

مسألة (¬1) القائل بـ "جوازه عقلاً" قال: وقع شرعا، إِلا داود (¬2) وابنه والقاشاني (¬3) والنهرواني، فإِن عندهم منع الشرع منه، وقيل: بل لا دليل فيه بجوازه. وأكثر أصحابنا وغيرهم: وقع التعبد سمعا، وقيل: وعقلاً. وفي كلام القاضي وأبي الخطاب وابن عقيل: أنه قطعي. وفي كلامهم -أيضاً-: ظني. وذكر الآمدي (3) القطع عن الجميع، وعند أبي الحسين: ظني، قال: وهو المختار. وذكر ابن حامد (¬4) عن بعض أصحابنا: ليس بحجة؛ لقول (¬5) أحمد في رواية الميموني (¬6): "يجتنب المتكلم هذين الأصلين: المجمل، والقياس". وحمله القاضي (¬7) وابن عقيل (¬8) على قياس عارض سنة. ¬

_ (¬1) نهاية 200 ب من (ب). (¬2) انظر: الإِحكام لابن حزم/ 1208، والإِحكام للآمدي 4/ 24. (¬3) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 24. (¬4) انظر: المسودة/ 372 - 373. (¬5) في (ب) و (ظ): كقول. (¬6) هو: أبو الحسن عبد الملك بن عبد الحميد بن مهران الرقي، فقيه، من أصحاب أحمد الذين لازموه ونقلوا عنه، توفي سنة 274 هـ. انظر: طبقات الحنابلة 1/ 212، وشذرات الذهب 2/ 165. (¬7) انظر: العدة/ 195 أ. (¬8) انظر: المسودة/ 367.

قال أبو الخطاب (¬1): والظاهر خلافه. واحتج القاضي (¬2) وغيره بقول أحمد: "لا يستغني أحد عن القياس"، وقوله: "ما تصنع به، وفي الأثر ما يغنيك [عنه] (¬3)؟ "، وقوله في رواية الميموني: "سألت الشافعي عنه، فقال: ضرورة"، وأعجبه ذلك. لنا: (فاعتبروا) (¬4)، وهو اختبار شيء بغيره، وانتقال من شيء إِلى غيره، والنظر في شيء ليعرف به آخر من جنسه. فإِن قيل: هو الاتعاظ؛ لسياق (¬5) الآية. رد: مطلق. فإِن قيل الدال على الكلي لا يدل على الجزئي. رد: بلى. ثم: مراد الشارع القياس [الشرعي] (¬6)؛ لأن خطابه غالبًا بالأمر الشرعي. وفي كلام أصحابنا وغيرهم: عام؛ لجواز الاستثناء. ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد / 146أ. (¬2) انظر: العدة/ 195 أ-ب، والمسودة/ 367، 368. (¬3) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬4) سورة الحشر: آية 2. (¬5) نهاية 399 من (ح). (¬6) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ظ).

ثم: متحقق فيه؛ لأن المتعظ بغيره منتقل من العلم بغيره إِلى نفسه (¬1)، فالمراد قدر مشترك. ومنعه الآمدي (¬2) بمعنى الاتعاظ؛ لقولهم: "اعتبر فلان، فاتعظ"، لشيء لا يترتب على (¬3) نفسه. وجوابه: منع صحته. فإِن قيل: لو كان بمعنى القياس لما حسن ترتيبه (¬4) في الآية (¬5). رد: بالمنع (¬6) مع تحقق الانتقال في الاتعاظ (¬7). وسبق (¬8) في الأمر ظهور صيغة "افعلْ" في الطلب. وأيضًا: سبق (¬9) خبر الخثعمية (¬10) وغيره في مسالك العلة. ¬

_ (¬1) نهاية 136 ب من (ظ). (¬2) انظر: الإحكام للآمدي 4/ 30. (¬3) نهاية 201أمن (ب). (¬4) يعني: على قوله تعالى: (يخربون بيوتهم). (¬5) يعني: وإنما يحسن عند إِرادة الاتعاظ. (¬6) يعني: لا نسلم امتناع ترتيب القياس. (¬7) على ما قدمنا. (¬8) في ص 660 وما بعدها. (¬9) في ص 1261. (¬10) كذا في النسخ. ولعله يريد: الجهنية.

وسبق (¬1) خبر معاذ في الإِجماع. وروى سعيد بإِسناد (¬2) جيد معنى حديث معاذ عن ابن مسعود قوله (¬3)، وعن الشعبي (¬4) عن عمر قوله (¬5) -وولد لست سنين خلت من خلافته (¬6)، قال أحمد بن عبد الله العِجْلي (¬7): مرسله ¬

_ (¬1) في ص 393. (¬2) في (ظ): بإسناده. (¬3) وأخرجه الدارمي في سننه 1/ 54، والخطيب في الفقيه والمتفقه 1/ 200 - 201، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 2/ 70 - 71، والحاكم في مستدركه 4/ 94 وقال: صحيح الإِسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. وأورده ابن حزم في الإحكام/ 1004 من طريق سعيد. (¬4) هو: أبو عمرو عامر بن شراحيل، تابعي كوفي، ثقة فقيه، توفي بالكوفة سنة 103 هـ. انظر: حلية الأولياء 4/ 310، وتاريخ بغداد 12/ 229، والمعارف/ 449، ووفيات الأعيان 2/ 227، وتذكرة الحفاظ/ 79. (¬5) وأخرجه الخطيب في الفقيه والمتفقه 1/ 199 - 200، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 2/ 70، وأورده ابن حزم في الإِحكام/ 1005 من طريق سعيد. (¬6) انظر: تهذيب التهذيب 5/ 68. (¬7) هو: أبو الحسن الكوفي نزيل طرابلس الغرب، ولد سنة 182 هـ، وسمع من والده وحسين بن علي الجعفي ويعلي بن عبيد وطبقتهم، وحدث عنه ولده صالح بمصنفه في "الجرح والتعديل" وحدث عنه سعيد بن عثمان وسعيد بن إِسحاق ومسند الأندلس محمَّد الغافقي، توفي بطرابلس سنة 261 هـ. انظر: العبر 2/ 21، وتذكرة الحفاظ/ 560، وطبقات الحفاظ/ 242.

صحيح (¬1) - وبإِسناد جيد معناه عن ابن عباس فعله (¬2). وللنسائي قول ابن مسعود (¬3)، وله عن (¬4) شريح (¬5) (¬6) عن عمر -بعد: "ما قضى به الصالحون"-: "فإِن شئت تَقَدَّم، والتأخير خير لك (¬7) ". ¬

_ (¬1) في تهذيب التهذيب 5/ 67: قال العجلي: ولا يكاد الشعبي يرسل إِلا صحيحاً. (¬2) وأخرجه الدارمي في سننه 1/ 55، والخطيب في الفقه والمتفقه 1/ 202 - 203، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 2/ 71 - 72، والبيهقي في سننه 10/ 115. وأورده ابن حزم في الإِحكام/ 1005 من طريق سعيد ومن طريق آخر. (¬3) انظر: سنن النسائي 8/ 230. وأخرجه البيهقي في سننه 10/ 115، والخطيب في الفقيه والمتفقه، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله، فانظر: هامش 3، ص 1313. (¬4) في (ب): من. (¬5) في (ظ): عن ابن شريح. (¬6) هو: أبو أمية شريح بن الحارث بن قيس الكندي الكوفي، أدرك النبي ولم يلقه على المشهور، روى عن عمر وعلي وابن مسعود وغيرهم، ولاه عمر قضاء الكوفة، وتوفي سنة 78هـ. انظر: صفة الصفوة 3/ 38، ووفيات الأعيان 2/ 167، وتهذيب الأسماء واللغات 1/ 1/ 243، وشذرات الذهب 1/ 85. (¬7) انظر: سنن النسائي 8/ 231. وأخرج الخطيب نحوه في الفقه والمتفقه 1/ 199 - 200، وأخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 2/ 70 - 71، والدارمي في سننه 1/ 55، والبيهقي في سنة 10/ 115، وابن حزم في الإِحكام/ 1006، 1300. وراجع موقف ابن حزم من هذه الآثار في: الإِحكام/ 1016 - 1017.

وعن أم سلمة مرفوعاً: (إِنما أقضي بينكم برأيي فيما لم ينزل عليَّ فيه). حديث حسن، فيه أسامة بن زيد الليثي، مختلف فيه، رواه أبو عبيد (¬1) وأبو داود (¬2)، وكذا المعمري (¬3) والطبراني والبيهقي (¬4) وغيرهم، وزادوا في آخره: (الوحي). واحتج القاضي (¬5) وأبو الخطاب (¬6) وغيرهما: بقوله - عليه السلام - (إِذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر) (¬7). رواه مسلم. ¬

_ (¬1) في كتاب: أدب القضاء. انظر: العدة/ 198 ب. (¬2) انظر: سنن أبي داود 4/ 15. وأخرجه ابن حزم في الإِحكام/ 915 - 116 وقال: حديث ساقط مكذوب؛ لأن أسامة بن زيد هذا ضعيف لا يحتج بحديثه. (¬3) هو: أبو علي الحسن بن علي بن شبيب البغدادي، حافظ صدوق، كان إِماما في جمع الحديث وتصنيفه، توفي سنة 295 هـ. انظر: تاريخ بغداد 7/ 369، والعبر 2/ 101، وتذكرة الحفاظ/ 667، وطبقات الحفاظ/ 290. (¬4) أخرجه البيهقي في سننه 10/ 260 بلفظ: (إِنما أنا بشر أقضي فيما لم ينزل عليّ فيه شيء برأيي). وأخرجه الدارقطني في سننه 4/ 239 بلفظ: (إِني إِنما أقضي بينكما برأيي فيما لم ينزل علي). (¬5) انظر: العدة / 198أ- ب. (¬6) انظر: التمهيد/ 148 ب. (¬7) هذا الحديث رواه عمرو بن العاص مرفوعًا، أخرجه البخاري في صحيحه 9/ 108، ومسلم في صحيحه/ 1342.

فقيل لهم: يحتمل أن اجتهاده في تأويل أو بناء لفظ على لفظ. فقالوا: عام. وفي الروضة (¬1): يتجه عليه أنه (¬2) يجتهد في تحقيق المناط لا تخريجه. واحتج أصحابنا وغيرهم: بإِجماع الصحابة، قال بعض أصحابنا والآمدي (¬3) وغيرهم: هو أقوى (¬4) الحجج: فمنه: اختلافهم الكثير الشائع المتباين في ميراث الجد مع الإِخوة، وفي الأكدرية (¬5) ¬

_ (¬1) انظر: روضة الناظر/ 286. (¬2) في (ح): أن. (¬3) انظر: الإحكام للآمدي 4/ 40. (¬4) نهاية 400 من (ح). (¬5) الأكدرية: (زوج، وأم، وأخت، وجد)، سميت بذلك لتكديرها لأصول زيد بن ثابت في الجد، فإنه أعالها، ولا عول عنده في مسائل الجد، وفرض للأخت معه، ولا يفرض لأخت مع جد، وجمع سهامه وسهامها فقسمها بينهما، ولا نظير لذلك، وقيل: سميت بذلك لأن عبد الملك بن مروان سأل عنها رجلاً اسمه الأكدر، فأفتى فيها على مذهب زيد وأخطأ فيها، فنسبت إِليه. وقد اختلف العلماء في قسمتها، فراجع: من سعيد بن منصور 3/ 1/ 26 - 27، وسنن الدارمي 2/ 258، ومصنف عبد الرزاق 10/ 270، 271، وسنن البيهقي 6/ 251، والمحلى 10/ 377 - 378، والمغني 6/ 313، وكنز العمال 11/ 69.

والخرقاء (¬1)، ولا نص عندهم (¬2)، ولهذا: في الصحيحين (¬3) أن عمر قال في الخطبة على المنبر: "ثلاث وددت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان عهد إِلينا فيهن عهدًا ننتهي إِليه: الجد، والكلالة (¬4)، وأبواب من أبواب الربا". وصح عن ابن عمر (¬5): "أجرؤكم على الجد أجرؤكم على جهنم"، وصح عن ابن المسيب عن عمر وعلي (¬6)، ورواه سعيد في سننه بإِسناد جيد ¬

_ (¬1) الخرقاء: (أم، وأخت، وجد)، سميت بذلك لكثرة اختلاف الصحابة فيها، فكأن الأقوال خرقتها. فراجع: سنن سعيد بن منصور 3/ 1/ 27 - 28، ومصنف عبد الرزاق 10/ 269، 271، وسنن البيهقي 6/ 252، والمحلى 10/ 376 - 377، والمغني 6/ 315، وكنز العمال 11/ 61، 68. (¬2) نهاية 201 ب من (ب). (¬3) انظر: صحيح البخاري 7/ 106، وصحيح مسلم/ 2322. (¬4) في النهاية في غريب الحديث 4/ 197: الكلالة: الوارثون الذين ليس فيهم ولد ولا والد. (¬5) أخرج عبد الرزاق في مصنفه 10/ 262 عن معمر عن أيوب عن نافع قال: قال ابن عمر: أجرؤكم على جراثيم جهنم أجرؤكم على الجد. وانظر: المحلى 10/ 365. (¬6) أخرج سعيد في سننه 3/ 1/ 24، وعبد الرزاق في مصنفه 10/ 263، والدارمي في سننه 2/ 254، والبيهقي في سننه 6/ 245 عن سعيد بن جبير عن رجل من مراد قال: سمعت عليا يقول: من سره أن يتقحم جراثيم جهنم فليقض بين الجد والإخوة. وانظر: المحلى 10/ 365، فقد أورد ابن حزم من طريق حماد بن زيد ثنا أيوب السختياني عن حميد بن هلال قال: سألت سعيد بن المسيب عن فريضة فيها جد فقال: ما تصنع=

عن ابن المسيب مرفوعًا (¬1)، وضعفه ابن حزم (¬2). (¬3) وضرب زيد لعمر مثلاً (¬4) بشجرة انشعب من أصلها غصن، ثم انشعب من الغصن خُوْطان (¬5)، فالغصن (¬6) يجمع الخُوْطين دون الأصل، واحد الخوطين أقرب إِلى أخيه منه إِلى الأصل. وضرب علي وابن عباس لعمر مثلاً، معناه: أن سيلا سال، فخلج منه خليج، ثم خَلَج من ذلك الخليج شِعْبان (¬7). وفيه عبد الرحمن ابن أبي ¬

_ =إِلى هذا -أو تريد إِلى هذا- إِن عمر بن الخطاب قال: أجرؤكم على الجد أجرؤكم على النار. (¬1) انظر: سنن سعيد بن منصور 3/ 1/ 24. وأورده ابن حزم في المحلى 10/ 380 من طريق سعيد. (¬2) انظر: المحلى 10/ 380 - 381. (¬3) نهاية 137أمن (ظ). (¬4) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه 10/ 265، والبيهقي في سننه 6/ 247 - 248 من طرق في أحدها عبد الرحمن بن أبي الزناد. وأخرجه الدارقطني في سننه 4/ 93 - 94 بسند ليس فيه ابن أبي الزناد. (¬5) الخوط: الغصن الناعم. انظر: معجم مقاييس اللغة 2/ 229، ولسان العرب 9/ 168. (¬6) في (ب): والغصن. (¬7) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه 10/ 265، والبيهقي في سننه 6/ 247 - 248، بسند ليس فيه عبد الرحمن بن أبي الزناد، وأورده ابن حزم في الإِحكام/ 1317 - 1318. وأورده -أيضًا- في الإِحكام/ 1318 - 1329، والمحلى 10/ 382 من طريق فيها عبد الرحمن بن أبي الزناد. وأخرجه -مختصرًا- الحاكم في مستدركه 4/ 339=

الزناد، مختلف فيه، وضعفه ابن حزم (¬1). وصح عن عمر قوله لعثمان: "رأيت في الجد رأيا، فإِن رأيتم (¬2) فاتبعوه"، فقلت: "إِن نتبع رأيك فهو رشد، وإن نتبع رأى الشيخ قبلك فنعم ذو الرأي كان". (¬3) وسئل عبيدة (¬4) عن مسألة فيها جد، فقال: "حفظت عن عمر فيه مائة قضية مختلفة" (¬5). ¬

_ =بسند فيه ابن أبي الزناد، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. (¬1) قال في الإِحكام -بعد أن أورده بالإِسنادين-: كلا الإِسنادين ضعيف؛ في الأول -وهو من رواية الشعبي عن عمر- عيسى بن أبي عيسى الخياط، وهو ضعيف، ومع ذلك منقطع؛ لأن الشعبي لم يدرك عمر. والثاني: فيه عبد الرحمن بن أبي الزناد، وهو ضعيف ألبتة. وانظر: المحلى 10/ 383 - 384، وملخص إِبطال القياس/ 7. (¬2) في (ح): رأيتموه. (¬3) أخرجه الدارمي في سننه 2/ 256، وعبد الرزاق في مصنفه 10/ 263 - 264، والبيهقي في سننه 6/ 246، وابن أبي خيثمة في تاريخه الكبير (انظر: المعتبر/ 84 ب- 85أ)، وأورده ابن حزم في المحلى 10/ 367. (¬4) هو: أبو عمرو عبيدة بن قيس بن عمرو السلماني المرادي الهمداني، تابعي كبير، أسلم قبل وفاة النبي ولم يره، وسمع عمر وعليا وابن مسعود وابن الزبير، توفي سنة 72 هـ. انظر: تاريخ بغداد 11/ 117، وتهذيب الأسماء واللغات 1/ 1/ 317، وتذكرة الحفاظ/ 50، وشذرات الذهب 1/ 78. (¬5) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه 10/ 261 - 262، والبيهقي في سننه 6/ 245، وابن حزم في المحلى 10/ 386. وأخرجه الدارمي في سننه 2/ 254 بلفظ "ثمانين" مكان "مائة"، ولم يذكر عمر. وراجع: التلخيص الحبير 3/ 87.

قال ابن حزم (¬1): لا إِسناد أصح منه. وصح عن ابن عباس (¬2) -واحتج به ابن حزم (¬3) -: أنه قال لزيد عن قوله في العمريتين (¬4): "أتقوله برأيك أو تجده في كتاب الله؟ "، قال: "برأيي لا أفضل أمًّا على أب". ومنه: اختلافهم في قوله لزوجته: "أنت عليّ حرام" (¬5). ¬

_ (¬1) انظر: المحلى 10/ 386. (¬2) أخرجه الخطيب في الفقيه والمتفقه 1/ 202، وابن حزم في المحلى 10/ 328. وأخرجه البيهقي في سننه 6/ 228 بلفظ: أبكتاب الله قلت أم برأيك؟ فقال: برأيي. فقال ابن عباس: وأنا أقول برأيي. وأخرجه البيهقي -أيضًا- في سننه 6/ 228، ولفظه: فأرسل إِليه ابن عباس: أفي كتاب الله تجد هذا؟ قال: لا، ولكن أكره أن أفضل أما على أب. وأخرج الدارمي في سننه 2/ 250 عن عكرمة قال: أرسل ابن عباس إِلى زيد بن ثابت: أتجد في كتاب الله للأم ثلث ما بقي؟ فقال زيد: إِنما أنت رجل تقول برأيك، وأنا رجل أقول برأيي. وانظر: جامع بيان العلم وفضله 2/ 72. (¬3) انظر: المحلى 10/ 328. (¬4) العمريتان: 1 - زوج، وأم، وأب. 2 - زوجة، وأم، وأب. وسميتا بذلك لأن عمر قضى للأم فيهما بثلث الباقي، فاتبعه على ذلك جمع، وجعل ابن عباس للأم فيهما الئلث كاملا. انظر: المغني 6/ 279. (¬5) أخرجه بعض الآثار عن الصحابة في هذه المسألة: البخاري في صحيحه 7/ 44، ومسلم في صحيحه/ 1100، وابن ماجه في سننه/ 670، ومالك في الموطأ/ 552، وابن أبي شيبة في مصنفه 5/ 72 - 75، وعبد الرزاق في مصنفه 6/ 399 - 405، وسعيد في سننه 3/ 1/ 391 - 397، والبيهقي في سننه 7/ 350 - 353. وراجع: المحلى 11/ 384 وما بعدها، والتلخيص الحبير 3/ 215 - 216.

وعن عبيد الله (¬1) بن أبي حميد (¬2) -وهو ضعيف عندهم- عن أبي المليح (¬3) الهذلي (¬4): كتب عمر إِلى أبي موسى: "ما لم يبلغك في الكتاب والسنة اعرف الأمثال والأشباه، ثم قس الأمور عند ذلك، فاعمد إِلى أحبها إِلى الله وأشبهها بالحق"، وذكر الحديث (¬5). (¬6) رواه الدارقطني (¬7). ¬

_ (¬1) غيرت (عبيد الله) في (ب) و (ظ) إِلى: عبيدة. (¬2) هو: أبو الخطاب عبيد الله بن أبي حميد غالب الهذلي البصري، روى عن أبي المليح الهذلي، وعنه عيسى بن يونس ووكيع وغيرهما. ضعفه محمَّد بن المثنى ودحيم، وقال البخاري: منكر الحديث، يروى عن أبي المليح عجائب. وقال النسائي: متروك. وقال أحمد: ترك الناس حديثه. انظر: ميزان الاعتدال 3/ 5، وتهذيب التهذيب 7/ 9. (¬3) نهاية 2/ 2 أمن (ب). (¬4) هو: عامر بن أسامة بن عمير -وقيل في اسمه غير ذلك- روى عن أبيه ومعقل بن يسار وابن عباس وغيرهم، وعنه سالم بن أبي الجعد وقتادة وأيوب وطائفة، توفي سنة 98 هـ. وثقه أبو زرعة. انظر: تهذيب التهذيب 12/ 246، وتقريب التهذيب2/ 476. (¬5) في (ب): الحريث. (¬6) نهاية 401 من (ح). (¬7) انظر: سنن الدارقطني 4/ 206. وأخرجه البيهقي في المعرفة: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو العباس محمَّد بن يعقوب ثنا محمَّد بن إِسحاق الصغاني ثنا محمَّد بن عبد الله بن كناسة ثنا جعفر بن برقان عن معمر البصري عن أبي العوام البصري قال: كتب عمر، فذكره. انظر: نصب الراية 4/ 82.

وقال أحمد: ثنا سفيان بن عيينة ثنا إِدريس الأَوْدي (¬1) عن سعيد بن أبي بردة (¬2)، وأخرج الكتاب، فقال: "هذا كتاب عمر"، وذكره. إِسناد جيد، وسعيد لم ير عمر. ورواه الدارقطني من (¬3) حديثه (¬4)، وأبو بكر الخلال من حديث سفيان ¬

_ (¬1) هو: إِدريس بن يزيد بن عبد الرحمن الأودي الزعافري، روي عن أبيه وأبي إِسحاق السبيعي وسماك بن حرب وغيرهم، وعنه ابنه عبد الله والثوري ووكيع وغيرهم، وثقه ابن معين والنسائي وأبو داود، وذكره ابن حبان في الثقات. انظر: يحيى بن معين وكتابه التاريخ 2/ 21، والكاشف 1/ 101، وتهذيب التهذيب 1/ 195. (¬2) هو: سعيد بن عامر بن أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري الكوفي، روى عن أبيه وأنس بن مالك وأبي وائل وغيرهم، وعنه قتادة وأبو إِسحاق الشيباني وشعبة وغيرهم، وتوفي سنة 138 هـ. وثقه ابن معين والعجلي وأبو حاتم. انظر: تهذيب التهذيب 4/ 8، وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال/ 136. (¬3) في (ب) و (ظ): من غير حديثه. (¬4) يعني: من حديث أحمد. انظر: سنن الدارقطني 4/ 207. وأخرجه الخطيب في الفقيه والمتفقه 1/ 200، والبيهقي في سننه 10/ 115 كلاهما ... حدثنا سفيان بن عيينة حدثنا إِدريس ... بالسند السابق. وأخرجه ابن حزم في الإِحكام/ 1298، والمحلى 10/ 565. وانظر: المعتبر/ 83 ب. وقد أورد ابن القيم كتاب عمر في إِعلام الموقعين 1/ 85 - 86، وقال: "هذا كتاب جليل تلقاه العلماء بالقبول، وبنوا عليه أصول الحكم والشهادة، والحاكم والمفتي أحوج شيء إِليه وإلى تأمله والتفقه فيه"، ثم شرحه شرحًا مليئًا بالفوائد استغرق بقية الجزء الأول و"183" صفحة من الجزء الثاني.

وبإِسناد جيد إِلى قتادة (¬1): أن (¬2) عمر كتب إِلى أبي موسى، فذكره. منقطع (¬3). قال أحمد -في رواية أحمد بن الحسن (¬4) -: قال عمر بن الخطاب: "اعرف الأمثال والأشباه، وقايس الأمور". وقال ابن حزم (¬5): موضوع على عمر، تفرد به عبد الملك بن الوليد بن ¬

_ (¬1) هو: أبو الخطاب قتادة بن دعامة السدوسي، حافظ مفسر ثقة ثبت، ولد سنة 61 هـ، وروى عن أنس، وأرسل عن أبي سعيد الخدري وعمران بن حصين، وروى عن سعيد بن المسيب وعكرمة والحسن البصري وغيرهم، وعنه أيوب السختياني وشعبة والأوزاعي وغيرهم، توفي بواسط سنة 117 هـ. انظر: ميزان الاعتدال 3/ 385، والكاشف 2/ 396، وتهذيب التهذيب 8/ 351. (¬2) في (ح): وأن. (¬3) بين قتادة وعمر؛ لأن قتادة ولد سنة 61 هـ. (¬4) يوجد في طبقات الحنابلة 1/ 36 - 38 شخصان بهذا الاسم: 1 - أبو عبد الله أحمد بن الحسن بن عبد الجبار بن راشد، ثقة، نقل عن إِمامنا أشياء، وتوفي سنة 306 هـ. 2 - أبو الحسن أحمد بن الحسن الترمذي، نقل عن إِمامنا مسائل كثيرة. (¬5) انظر: الإِحكام/ 1300، والمحلى 1/ 77. وقال في ملخص إِبطال القياس/ 6: وهذه رسالة لا تصح، تفرد بها عبد الملك بن الوليد بن معدان عن أبيه، وكلاهما متروك، ومن طريق عبد الله بن أبي سعيد، وهو مجهول، ومثلها بعيد عن عمر. وساق الكتاب في الإِحكام/ 1298 من طريقين، قال: فأما رسالة عمر فحدثنا بها أحمد بن عمر العذري نا أبو ذر عبد بن أحمد الهروي نا أبو سعيد الخليل بن=

معدان (¬1) -وهو ساقط بلا خلاف- عن أبيه (¬2)، وهو أسقط منه. كذا قال، فَوَهِم (¬3). ¬

_ =أحمد القاضي السجستاني نا يحيى بن محمَّد بن صاعد نا يوسف بن موسى القطان نا عبيد الله بن موسى نا عبد الملك بن الوليد بن معدان عن أبيه قال: كتب عمر إِلى أبي موسى، فذكر الرسالة. وحدثناها أحمد بن عمر نا عبد الرحمن بن الحسن الشافعي نا القاضي أحمد بن محمَّد الكرخي نا محمَّد بن عبد الله العلاف نا أحمد بن علي بن محمَّد الوراق نا عبد الله بن سعد نا أبو عبد الله محمَّد بن يحيى بن أبي عمر المدني نا سفيان عن إِدريس بن يزيد الأودي عن سعيد بن أبي بردة بن أبي موسى عن أبيه قال: كتب عمر ... وانظر: المحلى 10/ 565. ثم قال في الإِحكام/ 1299: وهذا لا يصح؛ لأن السند الأول فيه عبد الملك بن الوليد ابن معدان، وهو كوفي متروك الحديث ساقط بلا خلاف، وأبوه مجهول، وأما السند الثاني فمن بين الكرخي إِلى سفيان مجهولون، وهو أيضاً منقطع، فبطل القول به جملة. قال ابن حجر في التلخيص الحبير 4/ 196: ساقه ابن حزم من طريقين، وأعلهما بالانقطاع، لكن اختلاف المخرج فيهما مما يقوي أصل الرسالة؛ لا سيما وفي بعض طرقه أن راويه أخرج الرسالة مكتوبة. (¬1) الضبعي البصري، وقد ينسب إلى جده، روى عن أبيه وعاصم بن بهدلة وهارون بن رياب، وعنه أبو داود الطيالسي وغيره، قال ابن معين: صالح. وقال أبو حاتم: ضعيف. وقال البخاري: فيه نظر. وقال النسائي: ليس بالقوي. وقال ابن حبان: يقلب الأسانيد، لا يحل الاحتجاج به. وقال ابن عدي: روى أحاديث لا يتابع عليها. وقال الأزدي: منكر الحديث. انظر: ميزان الاعتدال 2/ 666، وتهذيب التهذيب 6/ 428. (¬2) هو: الوليد بن معدان، حدث عنه ولده عبد الملك. قال الذهبي: انفرد بحديث عمر في كتابه إِلى أبي موسى أن يجتهد رأيه. انظر: ميزان الاعتدال 4/ 349. (¬3) انظر: المعتبر/ 84أ.

وقال أحمد (¬1) -أيضًا- في رواية بكر (¬2): على الإِمام والحاكم يَرِد عليه الأمران يقيس ويشبه، كما كتب عمر إِلى شريح (¬3): "أن قس الأمور وكذا وكذا"، فأما رجل لم يقلّد إِليه هذا فأرجو أن لا يلزمه. وسئل -في رواية يوسف بن موسى (¬4) - عن القياس، فقال: ذهب قوم إِليه؛ لأن عمر قال (¬5): "يشبّه بالشيء"، وقال آخرون: "لا"، قيل: فما تقول؟ قال: اعْفِني، قيل: من فعله يُعَنَّف؟ قال: إِذا وضع الكتب وأكثر. ومراده: ما سبق (¬6) أنه ضرورة. وصح عن عثمان القضاء بتوريث المبتوتة في مرض الموت، رواه (¬7) مالك ¬

_ (¬1) انظر: العدة 1/ 195 أ. (¬2) هو: أبو أحمد بكر بن محمَّد، النسائي الأصل، البغدادي النشأة، من أصحاب أحمد الناقلين عنه. انظر: طبقات الحنابلة 1/ 119. (¬3) سبق كتاب عمر إِلى شريح في الاجتهاد بالرأي في ص 1314. (¬4) يوجد في طبقات الحنابلة 1/ 420 - 421 شخصان بهذا الاسم: 1 - يوسف بن موسى العطار الحربي. 2 - أبو يعقوب يوسف بن موسى بن راشد القطان الكوفي، المتوفى سنة 253 هـ. وكلاهما من أصحاب أحمد الناقلين عنه. (¬5) نهاية 137 ب من (ظ). (¬6) في ص 1311. (¬7) انظر: الموطأ/ 571 - 572، وبدائع المنن 2/ 229 - 230. وأخرجه عبد الرزاق=

والشافعي وأحمد. ورواه البيهقي (¬1) عن عمر وضعفه (¬2). لكن رواه ابن حزم (¬3) وغيره من حديث جرير (¬4) عن ¬

_ =في مصنفه 7/ 61، وابن أبي شيبة في مصنفه 5/ 217، وسعيد في سننه 3/ 2/ 42، 46، والبيهقي في سننه 7/ 362 - 363، والدارقطني في سننه 4/ 64 - 65. وراجع: التلخيص الحبير 3/ 217. وقال في المعتبر / 82أ -بعد أن ذكر ما ورد في الموطأ-: وفيه انقطاع، ووصله أبو عبيد القاسم بن سلام، فقال: حدثنا يحيى القطان ... (¬1) نهاية 202 ب من (ب). (¬2) انظر: سنن البيهقي 7/ 363 فقد أخرجه ... عن المغيرة عن إِبراهيم أن عمر ... قال البيهقي: وهذا منقطع، ولم يسمعه مغيرة من إِبراهيم، إِنما قال: ذكر عبيدة عن إِبراهيم عن عمر، وعبيدة الضبي ضعيف، ولم يرفعه عبيدة إِلى عمر في رواية يحيى القطان عنه، إِنما ذكره عن إِبراهيم والشعبي عن شريح ليس فيه عمر. أ. هـ. وأخرجه البيهقي -كذلك- في سننه 8/ 97. وأخرجه من هذا الطريق عبد الرزاق في مصنفه 7/ 64، وسعيد في سننه 3/ 2/ 43 - 44. وانظر: المحلى 11/ 556، والمعتبر/ 82 ب، ففيه: أن ابن المديني أخرجه في العلل. (¬3) في المحلى 11/ 556 من طريق ابن أبي شيبة الذي أخرجه في مصنفه 5/ 217 - 218. وانظر: الجوهر النقي على سنن البيهقي 7/ 363. (¬4) هو: أبو عبد الله جرير بن عبد الحميد الضبي، عالم أهل الري، نشأ بالكوفة، وروى عن أبي إِسحاق الشيباني ومغيرة وعطاء بن السائب وغيرهم، وعنه ابن راهويه وابن=

مغيرة (¬1) عن إِبراهيم عن شريح قال: أتاني عروة الباقي (¬2) من عند عمر، فذكره. صحيح. ولما حوصر عثمان طلق أم البنين (¬3)، فَوَرَّثَها علي، وقال: تركها حتى إِذا أشرت على الموت طلقها (¬4). وسبق (¬5) في المحكوم عليه قوله: "إِذا سكر هذى". ¬

_ =معين وابن المديني، توفي سنة 188 هـ. قال ابن حجر في التقريب: ثقة صحيح الكتاب، قيل: كان في آخر عمره يهم من حفظه. انظر: ميزان الاعتدال 1/ 182، وتهذيب التهذيب 2/ 75، وتقريب التهذيب 1/ 127. (¬1) هو: أبو هشام مغيرة بن مقسم الضبي -بالولاء- الكوفي الفقيه، روى عن أبيه وأبي وائل والنخعي وغيرهم، وعنه: شعبة وجرير وهشيم وغيرهم، توفي سنة 136 هـ. قال ابن حجر في التقريب: ثقة متقن إلا أنه كان يدلس، ولا سيما عن إِبراهيم. انظر: ميزان الاعتدال 4/ 165، وتهذيب التهذيب 10/ 269، وتقريب التهذيب 2/ 270. (¬2) هو: الصحابي عروة بن الجعد. (¬3) هي: أم البنين بنت عيينة بن حصن الفزارى؛ لوالدها صحبة، ولها إِدراك. انظر: الإصابة 8/ 178. (¬4) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه 5/ 218 - 219. ومن طريقه رواه ابن حزم في المحلى 11/ 592. (¬5) في ص 285 من هذا الكتاب.

ولم يُنْكَر شيء مما سبق. فإِن قيل: آحاد، والمسألة قطعية. ثم: لعل عملهم بغير القياس. ثم: من عمل بعض الصحابة. ثم: لا نسلم عدم الإِنكار، فلعله لم ينقل، ثم: قد نُقِل، فعن الصديق: "أي أرض تُقِلُّني أو أي سماء تُظِلّني إِن قلت في آية من كتاب الله برأيي أو بما لا أعلم (¬1)؟! ". قال ابن حزم (¬2): ثبت عنه. وفي الصحيح عن الفاروق: "اتهموا الرأي على الدين (¬3) "، وكذا عن سهل (¬4) بن حنيف (¬5). ¬

_ (¬1) أخرجه الطبري في مقدمة تفسيره 1/ 27، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 2/ 64، وعبد بن حميد (انظر: المعتبر/ 85 ب)، وابن حزم في الإِحكام/ 1018 - 1019. (¬2) انظر: المحلى 1/ 80، وملخص إِبطال القياس/ 56 - 57، والإِحكام/ 1018 - 1019. (¬3) أخرجه البيهقي في المدخل/ 117، وابن حزم في الأحكام/ 1019، 1022 - 1023، وانظر: ملخص إِبطال القياس/ 57. وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد 1/ 179 وقال: رواه أبو يعلى، ورجاله موثقون وإن كان فيهم مبارك بن فضالة (قال فيه ابن معين: قدرى. وضعفه النسائي وغيره. انظر: ميزان الاعتدال 3/ 431 - 432). وانظر: المقصد العلي في زوائد أبي يعلى الموصلي/ 9أ. (¬4) أخرجه البخاري في صحيحه 5/ 128، 9/ 100، ومسلم في صحيحه/ 1412 - 1413. (¬5) هو: الصحابي أبو سعد -ويقال: أبو عبد الله- الأنصاري الأوسي.

وعن (¬1) علي: "لو كان الدين بالرأي لكان أسفل (¬2) الخف أولى بالمسح من أعلاه". إِسناده جيد، رواه (¬3) أبو داود وغيره. وعن عمر: "إِياكم وأصحاب الرأي، فإِنهم أعداء السنن" أعْيَتْهم الأحاديث أن يحفظوها، فقالوا بالرأي، فضلوا وأضلوا". فيه مجالد (¬4)، ضعيف عندهم، رواه جماعة، منهم: الدارقطني وابن عبد البر (¬5). ¬

_ (¬1) في (ظ) و (ح): عن علي. (¬2) نهاية 402 من (ح). (¬3) هذا الأثر من رواية عبد خير عن علي. أخرجه أبو داود في سننه 1/ 114، والدارقطني في سننه 1/ 199، والبيهقي في سننه 1/ 292 وقال: وعبد خير لم يحتج به صاحبا الصحيح. وأخرجه ابن حزم في الإِحكام / 1020. قال ابن حجر في بلوغ الرام (انظر: حاشية الدهلوي على بلوغ المرام 1/ 37): إِسناده حسن. وقال في التلخيص الحبير 1/ 160: إِسناده صحيح. قال الشوكاني في نيل الأوطار 1/ 218: في إِسناده عبد خير بن يزيد الهمداني، وثقه ابن معين والعجلي، وأما قول البيهقي: "لم يحتج به صاحبا الصحيح" فليس بقادح بالاتفاق. وقد أخرجه هذا الأثر الخطيب في الفقيه والمتفقه 1/ 181 عن عمر. (¬4) هو: أبو عمرو -ويقال: أبو سعيد- مجالد بن سعيد الهمداني الكوفي، توفي سنة 143هـ. قال ابن معين وغيره: لا يحتج به. وقال أحمد: يرفع كثيراً مما لا يعرفه الناس، ليس بشيء. وقال النسائي: ليس بالقوي. وضعفه جماعة. انظر: يحيى بن معين وكتابه التاريخ 2/ 549، وميزان الاعتدال 3/ 439، وتهذيب التهذيب 10/ 39. (¬5) انظر: من الدارقطني 4/ 146، وجامع بيان العلم وفضله 2/ 164. وأخرجه البيهقي في المدخل/ 17 أ. وأخرجه الخطيب في الفقه والمتفقه 1/ 180 - 181، وابن حزم=

وعن ابن مسعود: "يجيء قوم يقيسون الأمور بآرائهم". فيه مجالد، رواه جماعة، منهم: الدارمي (¬1) (¬2) وأبو بكر الخلال. ورووا -أيضًا- بإِسناد جيد عن ابن سيرين: "أول من قاس إِبليس، وما عبدت الشمس والقمر (¬3) إِلا بالمقاييس". (¬4) ورووا -أيضًا- من رواية عيسى الخياط (¬5) -وهو ضعيف عندهم- ¬

_ =في الإِحكام/ 1019 - 1020 من طرق ليس في بعضها مجالد. وأخرجه ابن عبد البر -أيضاً- في جامع بيان العلم وفضله 2/ 165 من طريق ليس فيها مجالد. (¬1) انظر: سنن الدارمي 1/ 58. وأخرجه البيهقي في المدخل/ 16 ب، والخطيب في الفقيه والمتفقه 1/ 182، وابن حزم في الإِحكام/ 1025، 1378، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 2/ 165 - 166. وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد 1/ 1/ 180 وقال: رواه الطبراني في الكبير، وفيه مجالد بن سعيد، وقد اختلط. (¬2) هو: أبو محمَّد عبد الله بن عبد الرحمن بن الفضل التميمي السمرقندي، حافظ ثقة، ولد سنة 181هـ، وتوفي سنة 255 هـ. من مؤلفاته: السنن. انظر: تاريخ بغداد 10/ 29، والعبر 2/ 18، والنجوم الزاهرة 3/ 22. وتذكرة الحفاظ / 534، وتهذيب التهذيب 5/ 294. (¬3) في (ح): والعجل. (¬4) أخرجه الدارمي في سننه 1/ 58، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 2/ 93، وابن حزم في الإِحكام/ 1381. (¬5) هو: أبو موسى عيسى بن أبي عيسى ميسرة الغفاري المدني، يقال له: "الخياط، والحناط، والخباط"؛ لأنه عمل المعايش الثلاث، روى عن أبيه وأنس والشعبي=

عن (¬1) الشعبي: "إِياكم والمقايسة (¬2) "، وروي عنه نحوه من وجوه (¬3). قال ابن حزم (¬4): "القول بالقياس أو بالرأي لا يحل في الدين، أبطلناه بالنص والعقل، وأجمع الصحابة على إِبطاله؛ لأنهم مصدقون بالقرآن، وفيه: (اليوم أكملت لكم دينكم) (¬5)، (فإِن تنازعتم في شيء) الآية (¬6)، وكل رأي جاء عنهم فليس أنه إِلزام أو حق؛ لكنه إِشارة بعفو أو صلح أو تورع"، ثم احتج بخبر عوف بن مالك (¬7): (تفترق أمتي على بضع وسبعين فرقة، أعظمها فتنة على أمتي قوم يقيسون (¬8) الأمور برأيهم، فيحللون ¬

_ =ونافع وغيرهم، وعنه وكيع وابن أبي فديك وجماعة، توفي سنة 151 هـ. ضعفه أحمد وغيره، وقال الفلاس والنسائي: متروك. انظر: ميزان الاعتدال 3/ 320، وتهذيب التهذيب 8/ 224. (¬1) نهاية 203 أمن (ب). (¬2) أخرجه الدارمي في سننه 1/ 45، والخطيب في الفقيه والمتفقه 1/ 283، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 2/ 94، 167، وابن حزم في الإِحكام / 1381. (¬3) انظر: سنن الدارمي 1/ 59، والفقيه والمتفقه 1/ 183 - 184، وجامع بيان العلم وفضله 2/ 94، 167 - 168، والإحكام لابن حزم/ 1025، 1381 - 1382. (¬4) انظر: المحلى 1/ 73، 76، 79، 81، 82. (¬5) سورة المائدة: آية 3. (¬6) سورة النساء: آية 59. (¬7) هو: الصحابي أبو محمَّد الأشجعي. (¬8) نهاية 138.

الحرام، ويحرمون الحلال). وفيه نعيم بن حماد (¬1) عن ابن المبارك (¬2) عن عيسى بن يونس (¬3)، والمعروف: نعيم عن عيسى (¬4). ونعيم وثقه جماعة (¬5)، ¬

_ (¬1) هو: أبو عبد الله نعيم بن حماد بن معاوية الخزاعي المروزي الفرضي، روى عن إِبراهيم بن طهمان وابن المبارك وهشيم وغيرهم، وعنه ابن معين والذهلي والدارمي وغيرهم، توفي سنة 228 هـ. وثقه أحمد وابن معين وغيرهما، وضعفه النسائي. قال ابن حجر في التقريب: صدوق يخطئ كثيراً ... وقد تتبع ابن عدي ما أخطأ فيه، وقال: باقي حديثه مستقيم. انظر: تاريخ بغداد 13/ 316، وتذكرة الحفاظ/ 418، وميزان الاعتدال 4/ 267، وتقريب التهذيب 2/ 305، والنجوم الزاهرة 2/ 257. (¬2) أخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 2/ 163، وابن حزم في الإِحكام / 1374. وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد 1/ 179 وقال: رواه الطبراني في الكبير والبزار، ورجاله رجال الصحيح. (¬3) هو: أبو عمرو -ويقال: أبو محمَّد- عيسى بن يونس بن أبي إِسحاق السبيعي الكوفي، إِمام صدوق ثقة، سكن الشام، روى عن سليمان التيمي وهشام بن عروة والأعمش وغيرهم، وعنه حماد بن سلمة وابن المديني وابن راهويه وغيرهم، توفي سنة 187 هـ. انظر: ميزان الاعتدال 3/ 328، وتهذيب التهذيب 8/ 237. (¬4) أخرجه الخطيب في الفقيه والمتفقه 1/ 180، وفي تاريخه 13/ 307 - 311، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 2/ 93. وانظر: ميزان الاعتدال 4/ 268، وتهذيب التهذيب 10/ 460. (¬5) انظر: ميزان الاعتدال 4/ 267 - 268، وتهذيب التهذيب 10/ 459 - 460.

وقال النسائي (¬1) وغيره: لا يحتج به. وقال ابن يونس (¬2) وغيره: روى مناكير (¬3)، واتهمه الأزدي (¬4) بالوضع في مثل هذا (¬5). قال ابن معين: لا أصل له، قيل له: كيف يُحَدِّث ثقة بباطل؟ قال: شُبِّه له (¬6). ¬

_ (¬1) انظر: الضعفاء والمتروكين للنسائي/ 305، وتهذيب التهذيب 10/ 461. (¬2) هو: أبو سعيد عبد الرحمن بن أحمد بن يونس الصدفي المصري، إِمام حافظ ثبت مؤرخ محدث، ولد بالقاهرة سنة 281 هـ، وسمع أباه وأبا عبد الرحمن النسائي وأبا يعقوب المنجنيقي وغيرهم، روي عنه ابن مندة وغيره، توفي بالقاهرة سنة 347 هـ. انظر: العبر 2/ 276، وفوات الوفيات 1/ 252، وتذكرة الحفاظ/ 898، وطبقات الحفاظ/ 367. (¬3) انظر: تاريخ بغداد 13/ 314، وتهذيب التهذيب 10/ 462. (¬4) هو: أبو الفتح محمَّد بن الحسين بن أحمد الموصلي، من حفاظ الحديث، نزيل بغداد، توفي بالموصل سنة 374 هـ، وقيل: سنة 367 هـ. من مؤلفاته: تسمية من وافق اسمه اسم أبيه من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من المحدثين، ومصنف في الضعفاء. انظر: تاريخ بغداد 2/ 283، وتذكرة الحفاظ/ 967، وطبقات الحفاظ/ 386، وشذرات الذهب 3/ 84، والأعلام 6/ 98 ط 4 سنة 1979 م. (¬5) يعني: في تقوية السنة وذم الرأي. انظر: ميزان الاعتدال 4/ 269، وتهذيب التهذيب 10/ 463. (¬6) انظر: تاريخ بغداد 13/ 307 وما بعدها، وتهذيب التهذيب 10/ 460 - 463.

وقال البيهقي (¬1): تفرد به وسرقه منه جماعة ضعفاء، وهو منكر. وقال الخطيب (¬2): وافقه على روايته سويد (¬3) وعبد الله بن جعفر (¬4) عن عيسى. ¬

_ (¬1) حكى ابن حجر في تهذيب التهذيب 10/ 460 - 461 نحو هذا الكلام عن ابن عدي. (¬2) انظر: تاريخ بغداد 13/ 308. (¬3) هو: أبو محمَّد سويد بن سعيد الهروي الحدثاني الأنباري، روى عن مالك وعيسى بن يونس وعبد الرحمن بن أبي الزناد وغيرهم، وعنه مسلم وابن ماجه وأبو زرعة وغيرهم، توفي سنة 240 هـ عن 100 عام. احتج به مسلم، وقال أبو حاتم: صدوق كثير التدليس. وقال النسائي: ضعيف. وقال البخاري: حديثه منكر. وعن أحمد: متروك الحديث. وكذبه ابن معين. انظر: ميزان الاعتدال 2/ 248، وتهذيب التهذيب 4/ 272. (¬4) هو: أبو عبد الرحمن عبد الله بن جعفر بن غيلان الرقي القرشي بالولاء، روى عن عبد العزيز الدراوردي وأبي المليح ومعتمر بن سليمان وغيرهم، وعنه أبو زرعة الدمشقي وأبو حاتم الرازي والدارمي وغيرهم، توفي سنة 220 هـ. وثقه ابن معين وأبو حاتم، وقال النسائي: ليس به بأس قبل أن يتغير. وقال هلال بن العلاء: عمي سنة 216 هـ، وتغير سنة 218 هـ. وقال ابن حبان: اختلط سنة 218 هـ، ولم يكن اختلاطه اختلاطا فاحشا. انظر: ميزان الاعتدال 2/ 403، وتهذيب التهذيب 5/ 173.

وقال ابن عدي (¬1): رواه الحكم (¬2) بن المبارك (¬3) -ويقال: لا بأس به- عن عيسى. سلمنا عدم الإِنكار؛ لكنه لا يدل على الموافقة؛ لاحتمال خوف أو غيره. ثم: لا حجة في إِجماعهم. ثم: هي أقيسة مخصوصة. ثم: يجوز لهم خاصة (¬4). رد الأول: بتواترها معنى، كشجاعة علي وسخاء حاتم. ثم: هي ظنية. ولأصحابنا الجوابان ¬

_ (¬1) حكاه الخطيب في تاريخه 13/ 309. (¬2) في (ح): الحاكم. (¬3) هو: أبو صالح البلخي، حافظ ثقة، روى عن مالك وأبي عوانة وحماد بن زيد، وعنه أبو محمَّد الدارمي وجماعة، توفي سنة 213 هـ. ولوح ابن عدي بأنه ممن يسرق الحديث. قال ابن حجر في التقريب: صدوق ربما وهم. انظر: الكاشف 1/ 247، وميزان الاعتدال 1/ 579، وتهذيب التهذيب 2/ 438، وتقريب التهذيب 1/ 192. (¬4) نهاية 403 من (ح).

والثاني: بأنه دل السياق والقرائن (¬1) أن العمل به (¬2)، ولو كان بغيره لظهر واشتهر ونقل. وسبق الثالث (¬3) والرابع (¬4) والخامس (¬5) والسادس (¬6) في الإِجماع (¬7). والمراد من الإِنكار القياس الباطل، بأن صدر عن غير مجتهد، أو في مقابلة نص، أو فيما اعتبر فيه العلم، أو أصله فاسد، أو على من غلب عليه ولم يعرف الأخبار، أو احتج به قبل طلب نص لا يعرفه مع رجائه لو طلبه -فإِنه لا يجوز عند أحمد والشافعي وفقهاء الحديث، ولهذا جعلوه بمنزلة التيمّم، قال بعض أصحابنا (¬8): وطريقة الحنفية تقتضي جوازه- بدليل ما سبق (¬9) جمعا وتوفيقا. ودعوى ابن حزم باطلة. ¬

_ (¬1) نهاية 203 ب من (ب). (¬2) يعني: بالقياس. (¬3) يعني: يجاب عنه بأن شياعه وتكريره قاطع عادة بالموافقة. (¬4) وهو قولهم: لا نسلم عدم الإِنكار. فيجاب: بأن العادة تقتضي نقل مثله. (¬5) فيجاب عنه بما سبق في الثالث. (¬6) فيجاب عنه بما سبق من حجية الإِجماع. (¬7) انظر: ص 371 وما بعدها، 426 وما بعدها. (¬8) انظر: المسودة/ 370. (¬9) من قولهم بالقياس.

وجواب ما احتج به من الكتاب: ما سبق (¬1). ومن الباطل حجته (¬2) بقوله: (فلا تضربوا لله الأمثال) (¬3). ثم: القياس مأمور به شرعا، وهو دين (¬4). وعند أبي الهذيل (¬5) المعتزلي (¬6): لا يطلق عليه اسم دين: وهو في بعض كلام القاضي. وعند الجبائي (6): الواجب منه دين. وكذا جواب من احتج بقوله: (لا تقدموا بين يدي الله ورسوله (¬7)) (¬8)، (وأن احكم بينهم بما أنزل الله) (¬9)، (ما فرطنا في الكتاب من شيء) (¬10)، وقيل: الكتاب: اللوح المحفوظ، وعن ابن ¬

_ (¬1) من ورود الأحاديث بالقياس وقول الصحابة به، وانظر: ص 373، 390. (¬2) في (ب): حجة. (¬3) سورة النحل: آية 74. (¬4) انظر: التمهيد/ 158 ب، والإِحكام للآمدي 4/ 68. (¬5) في (ح): أبي الحسين الهذلي المعتزلي. (¬6) انظر: المعتمد/ 766. (¬7) في النسخ: والرسول. وفي هامش (ب): صوابه: ورسوله. (¬8) سورة الحجرات: آية 1. (¬9) سورة المائدة: آية 49. (¬10) سورة الأنعام: آية 38.

عباس (¬1) القولان. وسبق (¬2) في خبر الواحد النهي عن الظن (¬3). قولهم: أقيسة مخصوصة. رد: بما سبق. ثم: عملوا لظهورها (¬4) -كالأدلة الظاهرة- لا لخصوصها (¬5). (¬6) وقولهم: يجوز لهم خاصة. رد: بما سبق، ثم: لا قائل بالتفرقة. وأيضًا: ظن تعليل حكم الأصل بعلة توجد في الفرع يوجب التسوية (¬7)، والنقيضان لا يجتمعان ولا يرتفعان، والعمل بالمرجوح ممنوع، فالراجح متعين. قالوا: يؤدي [إِلى] (¬8) التفرق والمنازعة المنهي عنهما. ¬

_ (¬1) انظر: تفسير الطبري 11/ 345، وزاد المسير 3/ 35، والدر المنثور 3/ 11. (¬2) في ص 492. (¬3) يعني: الاحتجاج بالنهي عن الظن، والجواب عنه. (¬4) في (ب): لظهورا. (¬5) في (ح) و (ظ): لا بخصوصها. (¬6) نهاية 138 ب من (ظ). (¬7) نهاية 204 أمن (ب). (¬8) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ظ) و (ب).

رد: بالمنع، ثم: بخبر الواحد (¬1) والعموم. ....................... وقد (¬2) أثبت قوم القياس في الأحكام لا الحقائق، فقالوا في (¬3) حياة الشعر (¬4): "جزء من الحيوان، فنجس بالموت، كالأعضاء"، واحتجوا على الحياة بخصيصتها وهو النماء، وانقطاعه (¬5) بالموت، كما يحتج بالحركة الاختيارية عليها (¬6). ورد: العلم بالخصيصة (¬7) بتعليل أو باطراد عادة، وهو القياس، فإِن القياس يحتج به على الحكم في الفرع بخصيصته بالعلة (¬8) أو دليلها. وفي الصحيحين (¬9) من حدتحا أبي هريرة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال -للذي أراد الانتفاء من ولده بمخالفة لونه-: (لعله نَزَعه عِرْق)، وهو قياس لجواز ¬

_ (¬1) في (ح): ثم بالعموم. (¬2) انظر: المسودة/ 366. (¬3) نهاية 404 من (ح). (¬4) يعني: في إِثبات حياته. (¬5) يعني: انقطاع النماء. (¬6) يعني: على الحياة. (¬7) يعني: إِنما يكون بتعليل ... إِلخ. (¬8) يعني: بخصيصته التي هي العلة ... (¬9) انظر: صحيح البخاري 7/ 53، 8/ 173، وصحيح مسلم/ 1137 - 1138.

مخالفة لون الولد للوالد في أحد نوعي الحيوان على نوع آخر، وقياس في الطبيعيات؛ لأن الأصل (¬1) لا نسب فيه، وعمدة الطب مبناه على القياس، وهو لإِثبات حقيقة الجسم، وعامة أمر الناس في عرفهم في عين وصفة وفعل مبناها عليه. (¬2) ..................... فإِن قيل: ما حكم قياس العكس؟ قيل: حجة، ذكره القاضي (¬3) وغيره والمالكية (¬4)، وهو المشهور عن الحنفية (¬5) والشافعية، كالدلالة لطهارة دم السمك بأكله به؛ لأنه لو كان نجساً لما أكل به كالحيوانات النجسة (¬6) دمها، ونحو: لو سنت السورة في الأخريين لسن الجهر كالأوليين. وفي مسلم (¬7) من حديث أبي ذر: (وفي بضع أحدكم صدقة)، قالوا: ¬

_ (¬1) وهو الحيوان. (¬2) يعني: على القياس. (¬3) انظر: العدة/ 219أ. (¬4) ذكره عبد الوهاب. انظر: المسودة/ 425. (¬5) انظر: الإِحكام للآمدي 3/ 183، والمسودة/ 425. (¬6) كذا في النسخ. ولعل الصواب: النجسة دماؤها. أو: النجس دمها. (¬7) انظر: صحيح مسلم/ 697 - 698. وأخرجه أحمد في مسنده 5/ 167، 168. وأخرج -نحوه- أبو داود في سننه 2/ 61، 5/ 407.

مسألة

يا رسول الله، (¬1) أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: (أرأيتم لو وضعها في حرام، أكان (¬2) عليه وِزْر؟ فكذلك إِذا وضعها في الحلال كان له أجر). ومنع منه قوم، منهم: ابن الباقلاني (¬3). وسبق (¬4) بيانه أول القياس في حده. مسألة النص على علة حكم الأصل يكفي في التعدي عند أصحابنا، قال القاضي (¬5) وابن عقيل: أشار أحمد إِليه: "لا يجوز بيع رطب بيابس"، واحتج بنهيه (¬6) عن بيع الرطب بالتمر. وذكره بعض أصحابنا (¬7) وغيرهم عن الأكثر (¬8) من مثبتي القياس -كالرازي والكرخي وأكثر الشافعية- ومن منكريه، كالنظام والقاشاني والنهرواني. ¬

_ (¬1) نهاية 204 ب من (ب). (¬2) في (ظ): كان. (¬3) انظر: المسودة/ 425. (¬4) في ص 1192. (¬5) انظر: العدة / 211أ. (¬6) يعني: بنهي النبي - صلى الله عليه وسلم -. (¬7) انظر: المسودة/ 390. (¬8) نهاية 139 أمن (ظ).

وفي الروضة (¬1): (¬2) إِن ورد التعبد بالقياس كفى، وإلا فلا. وذكره في التمهيد (¬3) ضمن مسألة تخصيص العلة، واختاره السرخسي (¬4)، وذكره عن بعض شيوخه، واختاره الآمدي (¬5)، وذكره عن أكثر الشافعية، وقاله الجعفران (¬6) وبعض الظاهرية (¬7)، وذكره عبد الوهاب المالكي (¬8) وبعض أصحابنا قول الجمهور ونصروه. وعند أبي عبد الله البصري (¬9): يكفي في علة التحريم؛ لا غيرها (¬10)، قال بعض أصحابنا (¬11): هو قياس مذهبنا في الأيمان وغيرها؛ لأنه يجب ترك المفاسد كلها، بخلاف المصالح، فإِنما يجب تحصيل ما يُحتاج إِليه. وسمى ابن عقيل (¬12) العلة المنصوصة استدلالا، وقال: مذهبنا: ليس بقياس، وأنه قول جماعة من الفقهاء؛ لأن الفأرة كالهرة في الطواف المصرح به. ¬

_ (¬1) انظر: روضة الناظر/ 293. (¬2) نهاية 405 من (ح). (¬3) انظر: التمهيد/ 167أ، 168أ. (¬4) هو: أبو سفيان. انظر: العدة/ 211أ، والمسودة/ 390. (¬5) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 55، 56. (¬6) انظر: المعتمد/ 753. (¬7) انظر: المعتمد/ 753، والإِحكام للآمدي 4/ 55، والإِحكام لابن حزم/ 1110. (¬8) انظر: المسودة/ 391. (¬9) انظر: المعتمد/ 753. (¬10) كالإِيجاب والندب. (¬11) انظر: المسودة/ 391. (¬12) انظر: المرجع السابق/ 392.

وذكر القاضي (¬1) التنبيه (¬2) والعلة المنصوصة وما في معنى الأصل -كالزيت مع السمن (¬3)، والأمة مع العبد، والجوع مع الغضب- مسألة واحدة. وسبق (¬4) في التنبيه. وكذا ذكر أبو المعالي (¬5) الأمة مع العبد والبول في إِناء وصبه في ماء ونحوهما: في تسميته قياسا مذهبان نحو الخلاف في العلة المنصوصة، ورجح تسميته قياسا، قال: وهي لفظية. وفي التمهيد (¬6): لا يجوز المنع من هذا القياس، وإن نهي عن القياس الشرعي. وقصره ابن الباقلاني (¬7) وأبو حامد الإِسفراييني وغيرهما على الصورة المعللة، تُعبدنا بالقياس، أوْ لا. وفي التمهيد (¬8): لم يقله أحد. كذا قال. ¬

_ (¬1) انظر: العدة / 205أ. (¬2) في (ب): الشبيه. (¬3) نهاية 205أمن (ب). (¬4) في ص 1061 وما بعدها. وانظر: المسودة/ 389. (¬5) انظر: البرهان/ 785 - 786. (¬6) انظر: التمهيد/ 160 ب وفيه: لا يحسن. (¬7) انظر: المسودة/ 390. (¬8) انظر: التمهيد / 154أ.

وفي مقدمة المجرد (¬1): احتمالان، أحدهما: لا يتعدى، حتى يقول: قيسوا عليه، والثاني: يتعدى. وذكر الشيرازي (¬2) احتمالين، أحدهما: يتعدى. والثاني: لا، كالوكيل فيه، ورجّحه. وقال بعض أصحابنا (¬3): يظهر في: "حرمت السكرّ لحلاوته" التعليل بالحلاوة الخاصة لا المطلقة، بخلاف قوله: "لأنه حلو". وسوى ابن عقيل (3) وغيره. وجه الثاني: لا دليل، والأصل عدمه. وأيضًا: "أعتقت سالما (¬4) لدينه أو لأنه دَيِّن" لا يتعدى. ومناقضة العقلاء له لطلب فائدة التخصيص لا للعموم. وذكر (¬5) الآمدي (¬6) عن بعضهم: إِن علم قصده للدين عم، وعن بعضهم: يعم بالنية، وعن بعضهم: يعم إِن قال: "قيسوا عليه كل دَيِّن"، ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 390. (¬2) هو: أبو الفرج المقدسي. (¬3) انظر: المسودة/ 386. (¬4) نهاية 406 من (ح). (¬5) نهاية 139 ب من (ب). (¬6) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 17.

واختاره الصيرفي الشافعي. وفي الروضة (¬1) -في هذه الصورة-: لا يعم. وفي العدة (¬2): يعم. فإِن احتج به نفاة القياس. رد: بأن (¬3) التعبد منع منه مبالغة في صيانة ملك الآدمي بخلاف الأحكام (¬4)، ولجواز تناقض علته، ولهذا لو قال الشارع: "قيسوا عليه" عم، ولهذا فُهِم القياس لغة وعرفا في غير الملك نحو: "لا تشربه فإِنه مُسْهِل، ولا تجالسه لبدعته". ولو قال لوكيله: "أعتقه لدينه أو لأنه دين" لم يعم إِجماعًا، ذكره الآمدي (¬5) وكذا لو قال: "قس عليه"، أو كان قال له: "إِذا أمرتُك بشيء لعلة فقس عليه"؛ لجواز المناقضة عليه (¬6) والبداء، ولأن الشرع لم يدل عليه ولم يكلف به. ¬

_ (¬1) انظر: روضة الناظر/ 290، 293. (¬2) انظر: العدة/ 202أ، 212 ب. (¬3) نهاية 205 ب من (ب). (¬4) في (ظ): لجواز. (¬5) انظر: منتهى السول للآمدي 3/ 37، والإِحكام له 2/ 256. (¬6) ضرب في (ظ) على: (عليه).

وعند أبي الخطاب (¬1): يعم -وفي كلام القاضي (¬2) والآمدي (¬3) ما يوافقه- ككلام الشارع، والأصل عدم البداء، ولأنه كجواز ورود النسخ، ولا يمنع القياس. قالوا: "حرمت الخمر لإِسكاره" كـ"حرمت كل مسكر". رد: دعوى بلا دليل، ثم: لو كان عتق من سبق. فإِن قيل: لأنه حق آدمي، فوقف على الصريح. رد: دعوى، ثم: يلزم التعارض، وهو خلاف الأصل، ثم: الظاهر فيه (¬4) كالصريح. قالوا: قوله لابنه: "لا تأكله؛ لأنه مسموم" يتعدى. رد: لقرينة شفقة الأب، والأحكام يجمع فيها بين مختلفين، ويفرق بين متماثلين؛ لأن المصلحة إِن اعتبرت (¬5) فقد تختلف بالأوقات. وألزم ابن عقيل بالزمان. قالوا: إِن لم يعم فلا فائدة. رد: فائدته تعقّل المعنى -فإِنه أدعى إِلى القبول- ونفي الحكم عند عدمه. ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد / 154 ب. (¬2) انظر: العدة/ 212 ب. (¬3) انظر: الإحكام للآمدي 4/ 18. (¬4) يعني: في العتق. (¬5) في (ب): اعتبر.

قالوا: كالتنبيه. رد: إِنما فهم فيه لقرينة إِكرام الوالدين. قالوا: كقوله: "الإِسكار علة التحريم" (¬1). رد: (¬2): حكم بالعلة على مسكر، فلا أولوية (¬3)؛ لتساوي (¬4) نسبتها إِلى الجميع (¬5) واعتمد في التمهيد (¬6) على قوله: أوجبت أكل السكر كل يوم؛ لأنه حلو. كذا قال. وقال بعض أصحابنا (¬7): وفيه نظر؛ لأنه يبطل إِيجاب السكر. احتج البصري (¬8): بأن من ترك رمانه لحموضتها لزمه التعميم، بخلاف صدقته على فقير. رد: لا يلزمه. ¬

_ (¬1) في (ظ): للتحريم. (¬2) نهاية 407 من (ح). (¬3) يعني: للخمر. (¬4) نهاية 206 أمن (ب). (¬5) يعني: الخمر والنبيذ. (¬6) انظر: التمهيد / 154أ. (¬7) انظر: المسودة/ 391. (¬8) انظر: المعتمد/ 754.

مسألة

ثم: لقرينة الأذى، ولا قرينة في الأحكام (¬1). احتج من قصره: باحتماله الجزئية. رد: ظاهر اقتصار الشارع عليه استقلاله، فلا يُترك باحتمال. مسألة الحكم المتعدي إِلى (¬2) الفرع بعلة منصوصة مراد بالنص، كعلة مجتَهَدٍ فيها: فرعها مراد بالاجتهاد؛ لأن الأصل مستتبع لفرعه، خلافا لبعضهم. ذكره أبو الخطاب (¬3). قال بعض أصحابنا (¬4): كلامه يقتضي أنها مستقلة، قال: وهي عندي مبنية على المسألة قبلها، قال: وذكر القاضي أعم من ذلك، فقال: الحكم بالقياس على أصل منصوص عليه (¬5) مراد بالنص الذي في الأصل، خلافا لبعض المتكلمين. مسألة يجري القياس في الكفارات والحدود والأبدال والمقدرات عند أصحابنا ¬

_ (¬1) فقد تختص ببعض المحال لأمر لا يدرك. (¬2) نهاية 140أمن (ظ). (¬3) انظر: التمهيد / 155أ، والمسودة/ 386. (¬4) انظر: المسودة/ 386. (¬5) يعني: وإن لم ينص على العلة.

مسألة

والشافعية والأكثر -وأومأ إِليه أحمد (¬1) - خلافا للحنفية (¬2)، مع تقديرهم (¬3) الجمعة بأربعة، وخرق الخف بثلاث أصابع قياسًا. وفي الانتصار (¬4) -في مسألة الموالاة-: "شروط الطهارة لا مدخل للقياس فيها؛ لعدم فهم معناها"، ثم سلّم. لنا: عموم دليل كون القياس حجة، وقوله: "إِذا سكر هذى"، وكبقية (¬5) الأحكام. قالوا: فهم المعنى شرط. رد: الفرض فهمه، كالقتل بالمثقل وقطع النبَّاش. قالوا: فيه شبهة، والحد يُدرأ بها. رد: بخبر الواحد والشهادة. مسألة يجرى القياس في الأسباب عند أصحابنا وأكثر الشافعية (¬6). ¬

_ (¬1) انظر: العدة/ 218 ب، والمسودة/ 399. (¬2) انظر: تيسير التحرير 4/ 103، وفواتح الرحموت 2/ 317. (¬3) انظر: الهداية 1/ 28 - 29، 83، وبدائع الصنائع/ 105، 680 - 681. (¬4) انظر: الانتصار 1/ 61أ. (¬5) نهاية 206 ب من (ب). (¬6) انظر: المحصول 2/ 2/ 465، والإِحكام للآمدي 4/ 65، ونهاية السول 3/ 33.

ومنعه الحنفية (¬1)، واختاره الآمدي (¬2) وغيره. وفي المغني (¬3) -في مسألة اللوث (¬4) -: لا يجوز القياس في المظان؛ لأنه جمع بمجرد الحكمة، وإنما يتعدى الحكم بتعدى سببه. القائل بالأول: إِطلاق الصحابة، وقول علي: "إِذا سكر افترى"، ولإِفادته للظن. وأيضاً: لصحة التعليل بالحكمة أو ضابطها. رد: ذلك مستقل بثبوت الحكم، والوصف الذي جُعل سببا للحكم مستغنى عنه. وقد (¬5) يجاب: بأنه لا يمنع الجواز. القائل (¬6): ثبت القتل بالمثقل سببا كالمحدد، واللواط سببا كالزنا، وفحو ذلك. ¬

_ (¬1) انظر: فواتح الرحموت 2/ 319. (¬2) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 65. (¬3) انظر: المغني 8/ 494. (¬4) اللوث: العداوة الظاهرة بين المقتول والمدعَى عليه، كنحو ما بين القبائل والأحياء. وقيل: اللوث: ما يغلب على الظن صدق المدعي، فتكون العداوة صورة من صوره. انظر: المغني 8/ 491 - 493. (¬5) نهاية 408 من (ح). (¬6) في (ح) و (ظ): القائل بالثاني: ثبت ... إِلخ. والذي يظهر: أن هذا تابع لدليل القائل بالأول. وانظر: الإِحكام للآمدي 4/ 66، وشرح العضد 2/ 256.

مسألة

رد: السبب واحد، وهو القتل العمد العدوان، وإيلاج فرج في فرج. مسألة يجوز عند أصحابنا والجمهور ثبوت الأحكام كلها بتنصيص من الشارع؛ لا بالقياس؛ لأنه لا بد له من أصل، ولأن فيها (¬1) ما لا يعقل معناه. قالوا: متماثلة يجمعها (¬2) حد الحكم، فتتساوى (¬3) فيما جاز (¬4) على بعضها (¬5). رد: قد يجوز باعتبار خصوصيته. قالوا: الحوادث لا تتناهي، فكيف تنطبق عليها نصوص (¬6) متناهية؟. رد: بل متناهية (¬7)؛ لتناهي التكليف بالقيامة. ثم: يجوز أن يحدث نصوص لا تتناهى. مسألة النفي: إِن كان أصليا جرى فيه قياس الدلالة -وهو الاستدلال ¬

_ (¬1) يعني: في الأحكام. (¬2) في (ح): فيجمعها. (¬3) في (ح): فيتساوى. (¬4) في (ظ): ونسخة في هامش (ب): زاد. (¬5) وهو القياس، فقد جاز على بعضها. (¬6) نهاية 140 ب من (ظ). (¬7) يعني: الحوادث متناهية.

الاعتراضات على القياس

بانتفاء (¬1) حكم شيء على انتفائه عن مثله، فيؤكَّد به الاستصحاب- وإلا جرى فيه القياسان؛ لأنه حكم شرعي كالإِثبات. * * * ويستعمل القياس على وجه التلازم؛ فيجعل حكم الأصل في الثبوت ملزومًا، وفي النفي نقيضه لازما، نحو: "لما وجبت زكاة مال البالغ للمشترك بينه وبين مال الصبي وجب (¬2) فيه"، و"لو وجبت في حلي وجبت في جوهر قياسا، واللازم منتف، فينتفي ملزومه". * * * الاعتراضات على القياس خمسة وعشرون: الاستفسار: وهو طلب معنى لفظ المستدل؛ لإِجماله أو غرابته. وبيانهما على المعترض باحتماله أو بجهة الغرابة بطريقة؛ لأن الأصل عدمهما (¬3). ولا يلزمه (¬4) بيان تساوي الاحتمال، لعسره. ¬

_ (¬1) نهاية 207 أمن (ب). (¬2) كذا في النسخ. ولعلها: وجبت. (¬3) يعني: الإِجمال والغرابة. (¬4) يعني: المعترض.

ولو قال: "الأصل عدم مرجح (¬1) " فقيل: جيد. وقيل: لا؛ لأنه سلّمه لما سلم الاستعمال، والأصل عدم الاشتراك. رد: لا ينحصر سبب (¬2) الإِجمال في الاشتراك. ثم: جواب المستدل: منع احتماله، أو بيان ظهوره في مقصوده بنقل أو عرف أو قرينة، أو تفسيره إِن تعذر إِبطال غرابته. ولو قال: "يلزم ظهوره في أحدهما -دفعا للإِجمال (¬3) - أو فيما قصدتُه؛ لعدم ظهوره في الآخر اتفاقًا" كفى، بناء على أن المجاز أولى (¬4). ولا يعتد بتفسيره بما لا يحتمله لغة. * * * فساد الاعتبار: وهو مخالفة (¬5) القياس نصا (¬6). وجوابه: بضعفه، أو منع ظهوره، أو تأويله، أو القول بموجَبه، أو معارضته بمثله ليسلم القياس، أو يبين ترجيحه على النص بما سبق (¬7) (¬8) في خبر الواحد. ¬

_ (¬1) يعني: التزم التساوي تبرعًا، وبين التساوي بأن الأصل عدم مرجح. (¬2) في (ح): بسبب. (¬3) وهو خلاف الأصل. (¬4) لأنه يلزم أن يكون مجازاً في الآخر، لكن المجاز أولى من الإجمال. (¬5) نهاية 409 من (ح). (¬6) يعني: مخالفته لنص. (¬7) في ص 632 - 633. (¬8) نهاية 207 من (ب).

وفي الواضح (¬1): منه اعتبار ما بناؤه على التوسعة أو (¬2) التضييق بالآخر، أو الابتداء بالدوام، أو الرق بالعتق، أو العتق بالبيع، أو المرأة بالرجل في القتل بالردة مع اختلافهما في كفر أصلي (¬3). * * * فساد الوضع: وهو اعتبار الجامع في نقيض الحكم. كقول شافعي في مسح الرأس: مسح، فَسُنَّ تكراره كالاستنجاء. فيعترض: بكراهة تكرار مسح الخف. وجواب المستدل: ببيان المانع؛ لتعرضه لتلفه (¬4). وسؤال فساد الوضع نقض خاص (¬5)؛ لإِثباته نقيض الحكم. فإِن ذكر المعترض نقيض الحكم مع أصله -فقال: لا يسن تكرار مسح الرأس كالخف- فهو القلب، لكن اختلف أصلهما (¬6). ¬

_ (¬1) انظر: الواضح 1/ 187 ب- 188أ. (¬2) في (ظ): والتضييق. (¬3) يعني: هذا الاعتبار يعترض عليه لفساده؛ لمخالفة ما بني على التوسعة لما بني على التضييق، ومخالفة الابتداء للدوام؛ لأن الدوام أقوى، والابتداء أضعف، فلا يعتبر أحدهما بالآخر ... إِلخ. (¬4) يعني: تلف الخف. (¬5) نهاية 141 أمن (ظ). (¬6) ففي القلب يثبت نقيض الحكم بأصل المستدل، وفي فساد الوضع يثبت بأصل آخر.

منع حكم الأصل

وإن بين المعترض مناسبة الجامع للنقيض ولم يذكر أصله: فإِن بَيّنها من جهة دعوى المستدل فهو القدح في المناسبة، وإلا لم يقدح؛ لجواز أن للوصف جهتين، كمحل مشتهى: يناسب حلّه لإِراحة القلب، وتحريمه لكف النفس. وفسر أبو محمَّد البغدادي فسماد الوضع بجعله القياس دليلاً على منكره، فيمنعه، وجوابه: بيان كونه حجة، وَرَدَّ التفسير السابق إِلى القلب. * * * منع حكم الأصل: ولا ينقطع بمجرده عند أصحابنا والأكثر، فيدل عليه، كمنع (¬1) العلة أو وجودها، فإِنه (¬2) إِجماع (¬3)، ذكره الآمدي (¬4). وقيل: ينقطع؛ لانتقاله، واختاره أبو إِسحاق الإِسفراييني (¬5) مع ظهور المنع. واختار الغزالي (¬6): اتباع عُرْف المكان (¬7). ¬

_ (¬1) يعني: كمنع علية العلة أو منع وجودها. وفي (ظ): "منع" بعد أن مسحت الكاف. (¬2) يعني: إِثباتها بدليل. (¬3) ولا يعد المنع قطعاً له. (¬4) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 75، ومنتهى السول له 3/ 40. (¬5) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 75 - 76. (¬6) انظر: المستصفى 2/ 349، والإحكام للآمدي 4/ 76. (¬7) فإِن عدوه قطعا فقطع، وإلا فلا؛ لأنه أمر وضعي لا مدخل فيه للشرع والعقل.

واختار صاحب التنبيه الشافعي (¬1): لا يُقبل (¬2) منعه، فلا يلزمه يدل عليه. كذا قال. (¬3) قال في الواضح (¬4): فإِن اعترض على حكم الأصل بأني لا أعرف مذهبي فيه: فإِن أمكن المستدل بيانه، وإلا دل على إِثباته (¬5). ثم: أصح القولين: لا ينقطع المعترض بمجرد دلالة المستدل، فله الاعتراض، وليس بخارج عن المقصود الأصلي. قال أصحابنا (¬6) والشافعية وغيرهم: للمستدل أن يحتج بدليل عنده ¬

_ (¬1) هو: أبو إِسحاق جمال الدين إبراهيم بن علي بن يوسف الشيرازي الفيروز آبادي، فقيه أصولي متقن في علوم شتى، توفي سنة 476 هـ. من مؤلفاته: المهذب، والتنبيه -وهما في الفقه- واللمع، وشرحه، والتبصرة، وهي في أصول الفقه. انظر: المنتظم 9/ 7، وتهذيب الأسماء واللغات 1/ 2/ 172، ووفيات الأعيان 1/ 9, وطبقات الشافعية للسبكي 4/ 215، وشذرات الذهب 3/ 349. وكتابه "التنبيه" من أهم المختصرات الفقيه في المذهب الشافعي، وهو مطبوع. انظر: الإِمام الشيرازي -حياته وآراؤه الأصولية- ص 168. (¬2) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 76، والمنتهى لابن الحاجب/ 143. (¬3) نهاية 208 أمن (ب). (¬4) انظر: الواضح 1/ 170 ب. (¬5) يعني: حكم الأصل. (¬6) انظر: المسودة/ 439 - 440.

فقط كمفهوم وقياس، فإِن منعه خصمه دَلَّ عليه ولم ينقطع، خلافا لأبي علي الطبري الشافعي إِن كان الأصل خفيا. وأطلق أبو محمَّد البغدادي المنع عن قوم. وليس للمعترض أن يلزمه ما يعتقده هو فقط (¬1)، ولا أن يقول: "إِن سلمتَه وإلا دللتُ عليه"، خلافا لبعض الشافعية (¬2)، (¬3) قال: لأنه بالمعارضة كالمستدل. وقال بعض أصحابنا (¬4): لم ينقع واحد منهما، فيكون الاستدلال في مهلة النظر في المعارِض. * * * التقسيم: وارد عندنا وعند الأكثر. وهو: احتمال لفظ المستدل لأمرين أحدهما ممنوع. وبيانه على المعترض كالاستفسار. مثاله -في الصحيح في الحضر (¬5) -: وُجِد السبب بتعذر الماء، فجاز التيمم. ¬

_ (¬1) ولا يعتقده المستدل. (¬2) انظر: المسودة/ 440. (¬3) نهاية 410 من (ح). (¬4) انظر: المسودة/ 440 قال: والتحقيق أن المستدل إِن أمكنه من ذلك وأجاب انقطع المعترض، وإن لم يمكنه لم ينقطع واحد منهما. (¬5) يعني: إِذا لم يجد الماء.

فيقول المعترض: السبب تعذره مطلقًا، أو في سفر أو مرض (¬1)، الأول ممنوع. فهو منع بعد تقسيم. وجوابه: كالاستفسار. ولو ذكر (¬2) المعترض احتمالين لم يدل عليهما لفظ المستدل -كقول المستدل (¬3): "وُجِد سبب استيفاء القصاص (¬4) [فيجب] (¬5) "، فيقول: متى (¬6)، مع مانع الالتجاء إلى الحرم أو عدمه؟ الأول ممنوع- فإن أورده على لفظ المستدل لم يقبل؛ (¬7) لعدم تردد لفظ السبب بين الاحتمالين، وإن أورده على دعواه الملازمة بين الحكم ودليله فهو مطالبة بنفي المانع، ولا يلزم المستدل. وإن استدل المعترض مع ذلك (¬8) على وجود المعارِض فمعارضة. * * * ¬

_ (¬1) يعني: تعذره في سفر أو مرض. (¬2) نهاية 141 ب من (ظ). (¬3) في مسألة الملتجئ إِلى الحرم. (¬4) وهو القتل العمد العدوان. (¬5) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬6) يعني: متى كان سببا؟ (¬7) نهاية 208 ب من (ب). (¬8) في (ح): دليل.

منع وجود ما ادعاه المستدل علة في الأصل: كقوله في الكلب: حيوان يُغسل من ولوغه سبعا، فلا يطهر بالدباغ كالخنزير. فيمنع (¬1). وجوابه: ببيانه بدليله من عقل أو حس أو شرع بحسب حال الوصف. وله (¬2) تفسير لفظه بمحتمل. وذكر الآمدي (¬3) عن بعضهم: "يُقبل بما له وجود في الأصل ولو لم يحتمله"، وليس بشيء. * * * منع كونه علة: وهو أعظم الأسئلة؛ لعموم وروده وتشعب مسالكه، قاله الآمدي (¬4). ويقبل عندنا وعند الأكثر؛ لئلا يحتج المستدل بكل طرد، وهو لعب، ولأن الأصل عدم دليل القياس، خُولف فيما نقل عن الصحابة أو أفاد الظن. وليس (¬5) القياس رد فرع إِلى أصل بجامع ما، بل بجامع مظنون. ¬

_ (¬1) يعني: يمنع أن الخنزير يغسل من ولوغه سبعا. (¬2) يعني: للمستدل. (¬3) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 81. (¬4) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 82. (¬5) هذا جواب دليل مقدر.

وليس عجز المعارض دليل صحته؛ للزوم صحة كل صورةِ دليلٍ لعجزه (¬1). وجوابه: ببيانه بأحد مسالك العلة السابقة (¬2). * * * عدم التأثير: قال بعض أصحابنا (¬3): ولا يؤثر في قياس الدلالة على الصحيح فيه -وقاله ابن عقيل (¬4) - لأنه لا يلزم من عدم الدليل عدم المدلول، وذكره في الانتصار في مسألة عدالة الشهود والنكاح بلفظ الهبة. وقال أيضًا: لا يرد على القياس النافي للحكم؛ لتعدد سبب انتفائه لعدم العلة أو جزئها، (¬5) أو وجود مانع أو ذوات شرط، بخلاف سبب ثبوته؛ (¬6) لأن عدم التأثير إِنما يصح إِذا لم يخلف العلة علة أخرى، ولأنه يرجع إلى قياس الدلالة، والقاضي يفسد كثيراً (¬7) الجمع والفرق بعدم التأثير في النفي، وهو ¬

_ (¬1) يعني: لعجز المعارض. (¬2) في ص 1257 وما بعدها. (¬3) انظر: انظر: المسودة/ 420، 422. (¬4) انظر: الواضح 1/ 175 ب، والجدل على طريقة الفقهاء/ 56. (¬5) نهاية 209أمن (ب). (¬6) نهاية 411 من (ح). (¬7) في (ب) و (ظ): كثير الجمع.

ضعيف، كالفرق في لبن الآدميات بين الحية والميتة بالنجاسة، فيقول: "لا تأثير لهذا؛ فإِن لبن (¬1) الرجل والصيد طاهر، ولا يجوز بيعه"، وكالفرق بين اللبن وبين الدمع والعرق بعدم المنفعة، فيقول: "الوقف وأم الولد فيه منفعة، ولا يجوز بيعه". وقسم الجدليون عدم التأثير أربعة أقسام: عدم التأثير في الوصف: مثاله: الصبح صلاة لا تقصر، فلا يقدم أذانها على وقتها كالمغرب. فعدم القصر هنا طردي (¬2)، فيرجع إِلى سؤال المطالبة (¬3) قبله. الثاني: عدم التأثير في الأصل؛ لثبوت حكمه بدونه. مثاله في بيع الغائب: مبيع غير مرئي، فبطل كالطير في الهواء. فالعجز عن التسليم مستقل (¬4). وقبوله وردُّه مبني على تعليل الحكم بعلتين. ولم يقبله أبو محمَّد البغدادي (¬5) بناء على هذا. ¬

_ (¬1) نهاية 142 أمن (ظ). (¬2) لا أثر له في عدم تقديم الأذان. (¬3) يعني: المطالبة بكون الوصف علة. (¬4) يعني: كاف في عدم صحة بيع الطير، فكونه غير مرئي وإن ناسب نفي الصحة فلا تأثير له. (¬5) انظر: المسودة/ 421.

وقبله في الروضة (¬1) وغيرها. وهو معارضة في الأصل (¬2). الثالث: عدم التأثير في الحكم (¬3): مثاله في المرتدين: مشركون أتلفوا مالا في دار الحرب، فلا ضمان كالحربي. فـ "دار الحرب" طردي، فيرجع إِلى الأول. ومثَّله بعض أصحابنا (¬4) بقولنا في تخليل الخمر: مائع لا يطهر بالكثرة، فلا يطهر بالصنعة كالدهن واللبن. فقيل للقاضي (4): قولك: "لا يطهر بالصنعة" لا أثر (¬5) له في الأصل (¬6). فقال: هذا (¬7) حكم العلة، والتأثير يعتبر في العلة دون الحكم. ¬

_ (¬1) انظر: روضة الناظر/ 249. (¬2) يعني: بإِبداء علة أخرى. (¬3) وهو: أن يذكر في الدليل وصفا لا تأثير له في الحكم المعلَل. انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 85. (¬4) انظر: المسودة/ 420 - 421. (¬5) نهاية 209 ب من (ب). (¬6) يعني: فإنه لا يطهر بالصنعة ولا بغيرها. (¬7) يعني: قولنا: لا يطهر بالصنعة.

قال بعض أصحابنا (¬1): هذا ضعيف، وذكر أبو الخطاب (¬2) فيه مذهبين، ومثَّله بهذا. الرابع: عدم التأثير في الفرع (¬3): مثاله: زوجت نفسها، فبطل، كما لو زوجت بلا كفء. وتزويجها نفسها مطلقًا لا أثر له في الأصل (¬4)، فيرجع إِلى الثاني (¬5). قال الآمدي (¬6): عدم التأثير في محل النزاع، كـ "زوجت نفعسها بلا كفء فبطل"، فرده قوم؛ لمنعهم جواز الفرض في الدليل، وقَبِله من لم يمنعه، وهو المختار، ومع ذلك كله فالوصف قد يفيد لقصد دفع النقض أو لقصد الفرض (¬7) في الدليل. كذا قال. وقال بعض أصحابنا (¬8): يجوز الفرض في بعض صور المسألة المسئول عنها عند عامة الأصوليين. ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 421. (¬2) انظر: التمهيد/ 174أ. (¬3) وهو: أن يكون الوصف المذكور في الدليل لا يطرد في جميع صور النزاع وإن كان مناسبًا. انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 86. (¬4) انظر: حاشية التفتازاني على شرح العضد 2/ 266. (¬5) وهو: عدم التأثير في الأصل. (¬6) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 86. (¬7) يعني: فلا يكون عدم التأثير. (¬8) انظر: المسودة/ 425.

وكذا (¬1) في الروضة (¬2): له أن يخص الدليل، فيفيد لغرض الفرض ببعض صور الخلاف، إِلا أن يعم الفتيا فلا (¬3). وقال أبو محمَّد البغدادي (¬4): المختار مطابقة الجواب للسؤال، ويجوز أعم، وإن كان أخص: فمنع ابن فورك الفرض في الجواب والدليل، وجوزه غيره، مثل: السؤال (¬5) عن فسخ النكاح بالعيوب الخمس (¬6)، فيفرض في واحد منها؛ لأن الدليل قد يساعده في الرتق دون غيره، فله غرض صحيح، وجوز قوم الفرض في الدليل لا الجواب؛ ليطابق، وهو خطأ. ومن جوز الفرض اختلفوا في وجوب بيان (¬7) ما خرج عنه عليه، ثم اختلف الباقون في كيفية البناء، والمختار: جواز الفرض من غير بناء، وعليه الاصطلاح (¬8)؛ لإِرفاق (¬9) المستدل وتقريب الفائدة. هذا كلامه. ¬

_ (¬1) نهاية 412 من (ح). (¬2) انظر: روضة الناظر/ 349. (¬3) لأنه لا يفي بالدليل على ما أفتى به. (¬4) انظر: المسودة/ 425. (¬5) نهاية 142 ب من (ظ). (¬6) كذا في النسخ. ولعلها: الخمسة. (¬7) كذا في النسخ. ولعلها: بناء. (¬8) في (ح) و (ظ) ونسخة في هامش (ب): الاصلاح. (¬9) نهاية 210 أمن (ب).

وعندنا (¬1) وعند الأكثر: إِن أتى بما لا أثر له في الأصل -لقصد دفع النقض- لم يجز. وفي مقدمة المجرد (1): يحتمل أن لا يجوز، ويحتمل أن يجوز؛ لأنه محتاج إِليه كتعليق الحكم بالوصف المؤثر. وذكر أبو المعالي (¬2): أنه أجازه من صحح العلة بالطرد، وبعضهم مطلقًا، ثم اختار تفصيلاً. وفي التمهيد (¬3): ان أتى في العلة بما لا أثر له، نحو: "الجمعة صلاة مفروضة، فلم تفتقر إِلى إِذن كغيرها": فـ "مفروضة" قيل: يضر دخوله؛ لأنه بعض (¬4) العلة، وقيل: لا، فإِن فيه تنبيها على أن غير الفرض أولى أن لا يفتقر، ولأنه يزيد تقريبه (¬5) من الأصل (¬6)، فالأولى ذكره. وِإن أتى به تأكيدا فكلامه (¬7) يقتضي منعه، بخلافه لزيادة بيان. ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 428. (¬2) انظر: البرهان/ 797 - 798. (¬3) انظر: التمهيد/ 174 أ. (¬4) كذا في النسخ. ولعل الصواب: لأنه نقص العلة. فقد قال في التمهيد: لأنه نقص العلة بعد أن كانت تامة؛ لأن قوله: "صلاة" يعم الفرائض والنوافل، فإِذا قال: "مفروضة" أخرج النوافل وأوهم. (¬5) انظر: التمهيد/ 174أ، والمسودة/ 429. (¬6) لأنه يكثر ما يجتمعان فيه. (¬7) انظر: التمهيد/ 174أ، والمسودة/ 429.

ويقتضي كلام ابن عقيل (¬1) [أن] (¬2) له ذكره تأكيدا أو لتأكيد العلة، فيتأكد الحكم، وللبيان ولتقريبه من الأصل، وقال (¬3): إِن جعل الوصف مخصصا لحكم العلة -كتخليل الخمر: "مائع لا يطهر بكثرة، فكذا بصنعة آدمي كخل نجس"، فلا (¬4) يطهر الأصل مطلقًا- فصححه (¬5) بعض الجدليين وبعض الشافعية؛ لأن الأثير يطالب به في العلة لا الحكم، وقيل: الحكم عدم الطهارة، وتعلقه بالصنعة من العلة (¬6)، فيجب بيان تأثيره، قال (¬7): وهذا أصح. * * * القدح في مناسبة الوصف بما يلزم من مفسدة راجحة أو مساوية: وجوابه: بالترجيح (¬8)، كما سبق (¬9) في انخرام المناسبة. * * * ¬

_ (¬1) انظر: الواضح 1/ 178 ب. (¬2) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬3) انظر: الواضح 1/ 177 ب-178 أ. (¬4) يعني: فيقول المعترض: لا تأثير لقولك: "بصنعة" في الأصل. لأنه لا يطهر بصنعة ولا بغيرها. (¬5) يعني: ولم يصحح السؤال. (¬6) يعني: من تمامها. (¬7) انظر: الواضح 1/ 178 أ. (¬8) في (ب): وبالترجيح. (¬9) في ص 1284 - 1286.

القدح في إِفضاء الحكم إِلى ما علّل به من المقصود: كتعليله حرمة المصاهرة أبدا بالحاجة إِلى رفع الحجاب المؤدي (¬1) إِلى الفجور، فإِذا تَأَبَّد انسد باب الطمع في مقدمات الهمّ بها ونظره إِليها. فيعترض: بأن سَدَّه أفضى إِلى الفجور؛ (¬2) لميل النفس إِلى الممنوع. وجوابه (¬3): بأن التأبيد يمنع عادة منه؛ لأنه يصير طبيعيا كالأمهات. * * * كون الوصف خفيا: كتعليله صحة النكاح بالرضا، ووجوب القود بالقصد. فيعترض: بأنه خفي، والخفي لا يعرِّف الخفي. وجوابه: ضبطه بما يدل عليه من صيغة -كإِيجاب وقبول- أو فعل. * * * كونه غير منضبط: كتعليله بالحِكَم والمقاصد، كتعليله رخص السفر بالمشقة، وقطع السارق بالزجر. فيعترض: باختلافها (¬4) بالأشخاص والأزمان والأحوال. ¬

_ (¬1) نهاية 210 ب من (ب). (¬2) نهاية 413 من (ح). (¬3) نهاية 143أمن (ظ). (¬4) في (ظ): باختلافهما.

وجوابه: ببيان أنه منضبط بنفسه، أو بضابط للحكمة (¬1) كضبط الحرج بسفر أو مرض. * * * النقض: سبق (¬2) (¬3) بيانه والخلاف في إِبطال العلة به. مثاله -في الحلي-: مال غير نام، فلا زكاة، كثياب البذلة (¬4). فيعترض: بالحلي المحرم (¬5). وجوابه: منع وجود العلة في صورة النقض، أو منع الحكم فيها. وليس للمعترض الدلالة على وجود العلة فيها؛ لقلب القاعدة بجعله مستدلا، والمستدل معترضا، ذكره في الروضة (¬6)، وذكره القاضي (¬7) وأبو الطيب (7) الشافعي إِلا أن يبين (¬8) مذهب المانع. وقيل: له ذلك؛ لتحقيق تمام سؤاله ومقصود النظر، وإنما يتقرر المنع بالدلالة، ¬

_ (¬1) في (ب): للحكم. (¬2) في (ظ): ما سبق. (¬3) في ص 1220. (¬4) ثياب البذلة: ما يمتهن من الثياب. انظر: الصحاح/ 1632، ولسان العرب 13/ 52. (¬5) فإنه غير نام، وتجب فيه الزكاة. (¬6) انظر: روضة الناظر / 342. (¬7) انظر: المسودة/ 437. (¬8) في (ب) و (ظ): إلا أن يبين فيه مذهب المانع. وانظر: المسودة/ 437.

واختاره الآمدي (¬1) إِن تعذر الاعتراض بغيره، واختاره بعضهم إِن لم يكن له طريق أولى بالقدح. ومنعه بعضهم في الحكم الشرعي؛ لأن للمستدل فيه أن (¬2) يجيبه بتخلف الحكم لمانع أو انتفاء شرط جمعا بين الدليلين؛ بخلاف الحكم العقلي. وكذا ذكر أبو محمَّد البغدادي: له الجواب بجواز تخلف الحكم فيها لمانع أو انتفاء شرط، وإن قيل: "انتفاء الحكم مع علته خلاف الأصل"، قيل: "وانتفاؤها (¬3) مع دليلها خلاف الأصل"، وهذا أرجح؛ لإِمكان إحالة الحكم على مانع أو انتفاء شرط، فهو ترك للدليل وأخذ بغيره، وإذا لم يعمل بدليل العلة ترك بالكلية من غير عدول إِلى غيره. قال: وإن أجاب بأن انتفاء الحكم لمانع أو انتفاء شرط لزمه تحقيقه؛ لأنه كان من حقه (¬4) أن يحترز عنه أولاً، فلزمه ثانيًا. قال أهل المناظرة -وتبعهم الآمدي (¬5) وغيره-: ولو دل المستدل على وجود العلة بدليل موجود في صورة النقض (¬6)، فقال المعترض: "ينتقض ¬

_ (¬1) انظر: الإحكام للآمدي 4/ 89. (¬2) نهاية 211أمن (ب). (¬3) في (ح): وابتداؤها. (¬4) نهاية 414 من (ح). (¬5) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 89 - 90. (¬6) يعني: ثم نقض المعترض العلة، فقال المستدل: لا أسلم وجودها.

دليلك (¬1) "فقد انتقل (¬2) من نقض العلة إِلى نقض دليلها، فلا يقبل، كقول حنفي في عدم تبييت (*) النية: "أتى بمسمى الصوم -لأنه إِمساك (¬3) مع النية- فصح كمحل الوفاق"، فينقض المعترض بالنية بعد الزوال، فيجيبه بمنع وجودها فيه، فيقول: ينتقض دليلك. وقال بعضهم (¬4): فيه نظر. وفي الروضة (¬5): انتقل، ويكفي المستدل دليل يليق بأصله. أما لو قال المعترض ابتداء: "يلزمك انتقاض علتك أو دليلها" قُبِل. ولو منع المستدل تخلف الحكم في صورة النقض ففي تمكين المعترض من الدلالة الخلاف في تمكينه يدل على وجود العلة فيها. وذكر ابن برهان (¬6): إِن منع الحكم انقطع الناقض، وإن منع الوصف فلا، فيدل عليه، وحكاه بعض أصحابنا (6) عن أبي (¬7) الخطاب وابن عقيل، وعلّله في التمهيد (¬8): بأنه بيان للنقض لا من جهة الدلالة عليه، فجاز. .................... ¬

_ (¬1) لوجوده في محل النقض بدون مدلوله، وهو وجود العلة. (¬2) في (ح): انتقض. (*) في (ح): تبيت. (¬3) نهاية 143ب من (ب). (¬4) انظر: المنتهى/ 145، ومختصره 2/ 268. (¬5) انظر: روضة الناظر/ 343. (¬6) انظر: المسودة/ 431. (¬7) نهاية 211 ب من (ب). (¬8) انظر: التمهيد/ 175أ.

ويكفي قول المستدل في دفع النقض: لا أعرف الرواية فيها -ذكره أصحابنا (¬1) - للشك في كونها من مذهبه. وفي الواضح (¬2): لقائل أن يجيب عنه: لا يثبت أنه قياس حتى يعلم سلامته من النقض، بخلاف استصحاب الحال؛ فإِنه تمسك بأصل موضوع، وكذا اختاره بعض الشافعية. وإن قال: "أنا أحملها على مقتضى القياس، وأقول فيها كمسألة الخلاف" فإِن كان إِمامه يرى تخصيص العلة لم يجز؛ لأنه لا يجب الطرد عنده، وإلا احتمل الجواز -لأنه طرد علته- واحتمل المنع؛ لئلا يثبت لإِمامه مذهبا بالشك، وهو الأظهر عندي، ذكره في التمهيد (¬3). وفي الواضح (¬4): ليس له؛ لأنه إِثبات مذهب بقياس، إِلا أن ينقل عنه أنه علّل بها، فيجريها. ...................... وإن فسر المستدل (¬5) لفظه بما يدفع النقض -بخلاف ظاهره، كتفسيره العام بالخاص- لم يُقبل، ذكره القاضي (¬6) وأبو الخطاب (¬7) ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 435. (¬2) انظر: الواضح 1/ 179أ- ب. (¬3) انظر: التمهيد/ 175أ. (¬4) انظر: الواضح 1/ 179 ب. (¬5) نهاية 415 من (ح). (¬6) انظر: العدة / 225 ب. (¬7) انظر: التمهيد/ 175أ.

وابن عقيل (¬1) وأبو الطيب (¬2) الشافعي وغيرهم؛ لأنه يزيد وصفا لم يكن، وذكره للعلة وقت حاجته، فلا يؤخر عنه بخلاف تأخير الشارع البيان عن وقت خطابه. وظاهر كلام بعض أصحابنا: يُقبل وفاقا لبعضهم. وكذا قال أبو محمَّد البغدادي (¬3): تفسير اللفظ بما يحتمله. وإن (¬4) قال المستدل (¬5): "عللتُ لما سألتني عنه" فيجعل سؤاله من تمام العلة (¬6)؛ لوجوب استقلالها فلا تحتاج إِلى قرينة ونية. ................... وإن أجاب المستدل بالتسوية (¬7) بين الأصل والفرع (¬8) لدفع النقض جاز عند القاضي (¬9) والحلواني (¬10) والحنفية (¬11). ¬

_ (¬1) انظر: الواضح 1/ 180 ب- 181أ. (¬2) انظر: المسودة/ 430. (¬3) انظر: المسودة/ 407. (¬4) في (ب) و (ظ): إِن قال. (¬5) انظر: المسودة/ 436. (¬6) يعني: فلا يجوز؛ لوجوب ... إِلخ. (¬7) نهاية 212 أمن (ب). (¬8) نهاية 144أمن (ب). (¬9) انظر: العدة/ 226 ب. (¬10) انظر: المسودة/ 431. (¬11) انظر: أصول السرخسي 2/ 233، 277، 283، وكشف الأسرار 4/ 32، 43،=

ومنعه الشافعية (¬1) وابن عقيل (¬2) -وذكره عن المحققين، والأول عن أصحابنا- وعلّل باشتراط الطرد. وأجازه أبو الخطاب (¬3) إِن جاز تخصيص العلة؛ لأن الطرد ليس بشرط للعلة إِذًا، وإلا لم يجز؛ لاشتراطه، فقد وجد النقض -وهو وجود العلة بلا حكم- في الأصل والفرع. فإِن قيل: من شرطه (¬4) أن لا يستوي الأصل والفرع. رد: باطل. مثاله -في المسح على العمامة-: عضو يسقط في التيمم، فمسح حائله كالقدم، فينقض: بالرأس في الطهارة الكبرى. فيجيبه: يستوي فيها الأصل والفرع (¬5). ومثله: بائن، فلزمها الإِحداد كالمتوفَى عنها، فينقض: بالذمية ¬

_ =وتيسير التحرير 4/ 9، 117، 138، وفواتح الرحموت 2/ 277، 341، والواضح 1/ 181أ، والمسودة/ 431. (¬1) انظر: اللمع/ 67، والتبصرة/ 266، والمستصفى 2/ 336، والمحصول 2/ 2/ 323، والإِحكام للآمدي 3/ 218، والواضح 1/ 181أ، والمسودة/ 431. (¬2) انظر: الواضح 1/ 181 ب. (¬3) انظر: التمهيد/ 176أ. (¬4) يعني: شرط النقض. (¬5) يعني: في عدم المسح.

والصغيرة، فيجيبه: بالتسوية (¬1). * * * وليس للمعترض أن يلزم المستدل ما لا يقول به المعترض، كمفهوم وقياس وقول صحابي؛ لأنه احتج واً ثبت الحكم بلا دليل، ولاتفاقهما على تركه؛ لأن أحدهما لا يراه (¬2) دليلاً، والآخر لَمَّا خالفه دل على دليل أقوى منه، إِلا النقض والكسر على قول من التزمهما؛ لأن الناقض لم يحتجّ بالنقض ولا أثبت الحكم به، ولاتفاقهما على فساد العلة على أصل المستدل بصورة الإِلزام، وعلى (¬3) أصل المعترض بمحل النزاع، ذكره أصحابنا والشافعية (¬4) وغيرهم. وجوز (¬5) بعض الشافعية (¬6): معارضته (¬7) بعلة منتقضة على أصل المعترض، وقاله (¬8) بعض أصحابنا (¬9) إِن قصد (¬10) إِبطال دليل المستدل لا ¬

_ (¬1) يعني: في عدم الإحداد. (¬2) نهاية 416 من (ح). (¬3) في (ح): الالزام على أصل ... (¬4) انظر: المسودة/ 432. (¬5) في (ح): وجوزه. (¬6) انظر: التمهيد / 177 ب، والمسودة / 436. (¬7) في (ح): معارضة. (¬8) في (ح): وقال. (¬9) انظر: المسودة/ 435. (¬10) يعني: المعترض.

إِثبات مذهبه؛ لأن المستدل إِنا يتم دليله إِذا سلم عن المعارضة (¬1) (¬2) والمناقضة، فكيف يلزم به غيره؟. وقال ابن عقيل: إِن احتج بما لا يراه -كحنفي بخبر واحد فيما تعم به البلوى- فاعترض عليه: "لا تقول به"، فأجاب (¬3): "أنت تقول به، فيلزمك"، فهذا قد استمر عليه أكثر الفقهاء، وعندي: لا يحسن مثل هذا؟ لأنه -إِذًا- إِنما هو مستدل صورة. قال: ومن نصر الأول قال: على هذا لا يحسن بنا أن نحتج على نبوة نبينا - صلى الله عليه وسلم - بالتوراة والإِنجيل المبدَّلين، لكن نحتج به على أهل الكتاب، لتصديقهم به. ................. وإن نقض المعترض أو المستدل علة الآخر بأصل نفسه لم يجز عند أصحابنا والشافعية (¬4)، خلافا للجرجاني (¬5) الحنفي وبعض الشافعية (¬6). (¬7) ¬

_ (¬1) من قوله: (وقاله بعض أصحابنا) إِلى قوله: (المعارضة) تكرر في (ب). (¬2) نهاية 212 ب من (ب). (¬3) في (ح): أجاب. (¬4) انظر: المسودة/ 434. (¬5) انظر: العدة/ 227أ، والمسودة/ 434. (¬6) انظر: المسودة/ 434. (¬7) نهاية 144 ب من (ظ).

قال ابن الباقلاني (¬1): له وجه، فإِن (¬2) سلمه خصمه، وإلا دل عليه. وقال بعض أصحابنا (¬3): نقض المعترض بأصل نفسه كقياسه على أصل نفسه، وحاصله (¬4): أن مقدمة الدليل المعارض ممنوعة، وليس ببعيد، كما يجوز ذلك للمستدل. كذا قال. .................. ولو زاد (¬5) المستدل وصفا معهودًا [معروفا (¬6)] (¬7) في العلة لم يجز. ذكره في التمهيد (¬8) والواضح (¬9). ويتوجه احتمال -وفاقا لبعض الجدليين وبعض (¬10) الشافعية- لأنه تركه سهوا أو سبق لسان (¬11)، فعذر. ..................... ¬

_ (¬1) انظر: العدة/ 227أ، والمسودة/ 432. (¬2) في (ب): فإِنه. (¬3) انظر: المسودة/ 435. (¬4) في (ب): وحاصل. (¬5) يعني: بعد أن نقضت علته. (¬6) أما إِذا لم يكن معروفا فقد اتفقوا على عدم قبوله. (¬7) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح)، وترك مكانه خاليا. (¬8) انظر: التمهيد/ 175 ب. (¬9) انظر: الواضح 1/ 181 ب، والمسودة/ 431. (¬10) نهاية 417 من (ح). (¬11) في (ح): لسان سهوا. وضرب في (ب) و (ظ) على: سهوا.

وفي قبول النقض بمنسوخ، وبخاص بالنبي عليه السلام: مذهبان في التمهيد (¬1) والواضح (¬2). .................... ولا نقض برخصة ثابتة على خلاف مقتضى (¬3) الدليل، ذكره جماعة من أصحابنا (¬4) وغيرهم. وقال أبو الخطاب (¬5): "هل تنتقض العلة بموضع الاستحسان؟ يحتمل وجهين"، ومثّله بما إِذا سوى بين العمد والسهو فيما يبطل العبادة (¬6)، فينقض بأكل الصائم (¬7). وفي الواضح (¬8): عن أصحابنا والشافعية: لا نقض بموضع استحسان، ومثَّل بهذا، ثم قال: يقول المعترض: النص دل على انتقاضه، فيكون آكد للنقض. ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد/ 175 ب. (¬2) انظر: الواضح 1/ 182أ. (¬3) نهاية 213 أمن (ب). (¬4) انظر: المسودة/ 437. (¬5) انظر: التمهيد / 178أ. (¬6) يعني: كالحدث. (¬7) فإِنه يبطل عمدا لا سهوا. (¬8) انظر: الواضح 1/ 180أ.

وعند بعض أصحابنا (¬1): تنتقض المستنبطة إِن لم يبين مانعا كالنقض بالعرايا في الربا، وإِيجاب الدية على العاقلة؛ لاقتضاء المصلحة الخاصة ذلك، أو لدفع مفسدة آكد كحل الميتة للمضطر إِذا نقض بها علة تحريم النجاسة. ....................... وهل يجب احتراز المستدل في دليله عن النقض؟ قيل: يجب -اختاره في الواضح (¬2) والروضة (¬3) وأبو محمَّد البغدادي، وذكره عن معظم الجدليين- لقربه من الضبط. وقيل: لا؛ لأن انتفاء المعارض ليس من الدليل؛ لحصول العلم أو الظن بدون التعرض له، ولأن الدليل يتم بدونه إِن (¬4) لم يكن في نفس الأمر، وإلا ورد وإن احترز عنه اتفاقًا. ومُنعا (¬5)، وضُعِّف المنع. وقيل: يجب إِلا في نقض ورد (¬6) بطريق الاستثناء. ...................... ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 414، 437. (¬2) انظر: الواضح 1/ 180أ. (¬3) انظر: روضة الناظر/ 342. (¬4) في (ظ): وإن. (¬5) يعني: الدليلين. (¬6) في (ظ): وطرد.

وإن احترز عن النقض بشرط ذكره في الحكم نحو: حران مكلفان محقونا الدم، فيجب القود بينهما في العمد كالمسلمين: فقيل: لا يصح؛ لاعترافه بالنقض، فإِن الحكم يتخلف عن الأوصاف (¬1) في الخطأ. وقيل: يصح؛ لأن الشرط المتأخر متقدم (¬2) في المعنى كتقديم المفعول على الفاعل (¬3)، اختاره أبو الخطاب (¬4)، قال: وإن احترز بحذف (¬5) الحكم لم يصح كقول حنفي في الإِحداد على المطلقة: "بائن كالمتوفى عنها"، ينقض بصغيرة وذمية، فيقول: "قصدت التسوية بينهما"، فيقال: التسوية بينهما حكم، فيحتاج إِلى أصل يقاس عليه. * * * الكسر: نقض المعنى، والكلام فيه كالنقض، وقد سبق (¬6). .................... ¬

_ (¬1) نهاية 418 من (ح)، ونهاية 145أمن (ظ). (¬2) في (ح): مقدم. (¬3) نهاية 213 ب من (ب). (¬4) انظر: التمهيد/ 178 ب، 179 أ. (¬5) في نسخة في هامش (ظ): بخلاف. (¬6) في ص 1227.

قال في التمهيد (¬1): يشبه الكسر من الأسئلة الفاسدة قولهم: لو كان هذا علة في كذا لكان علة في كذا، نحو: لو مَنع عدمُ الرؤية صحة البيع مَنَعَ النكاح. ويشبه ذلك قولهم: "أخذتَ النفي من الإِثبات أو بالعكس، فلم يجز"، كالقول في الموطوءة مغلوبة: ما فَطَّرها مع العمد لم يفطرها مغلوبة، كالقيء. وجوابه: يجوز؛ لتضاد (¬2) حكمهما؛ للاختيار وعدمه، ولهذا: للشارع تفريق الحكم بهما. ومن ذلك قولهم: "هذا استدلال بالتابع على المتبوع، فلم يجز، بخلاف العكس"، كقولنا في نكاح موقوف: "نكاح لا تتعلق به أحكامه المختصة به (¬3) كالمتعة"، فيقال: "الأحكام متابعة، والعقد متبوع"، فهذا فاسد بدليل بقية الأنكحة، وتناقضوا؛ فأبطلوا ظهار الذمي ويمينه لبطلان تكفيره، وهو فرع يمينه. * * * المعارضة في الأصل بمعنى آخر: مستقل بإِثبات الحكم -كمعارضة علة الطعم في الربا بالكيل- أو غير مستقل، كمعارضة القتل العمد العدوان بوصف الجارح. ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد/ 180 أ. (¬2) في (ب): كتضاد. (¬3) يعني: فكان باطلا.

وهذا القسم الثاني مقبول (¬1) عندنا وعند أكثر الشافعية (¬2) والجمهور؛ لئلا يلزم التحكم؛ لأن وصف المستدل ليس بأولى بكونه جزءًا أو مستقلاً (¬3). فإِن رجّح استقلاله بتوسعة الحكم في الأصل والفرع فتكثر الفائدة: فللمعترض منع دلالة الاستقلال عليها، ثم (¬4): له معارضته بأن الأصل انتفاء الأحكام، وباعتبارهما معا، فهو أولى. قالوا: يلزم منه استقلالهما (¬5) بالعلية، فيلزم تعدد العلة المستقلة. رد: بالمنع؛ لجواز اعتبارهما معا، كما لو أعطى قريبا عالماً. ومثَّل في التمهيد (¬6) المعارضة في الأصل: بأن الذمي يصح طلاقه فصح ظهاره كالمسلم، فيعترض: بصحة تكفيره، فيجيبه: بأنها علة واقفة لا تصح (¬7)، وإن قال بصحتها قال: "أقول بالعلتين في الأصل، وتتعدى علتي إِلى الفرع"، فإِن قال: "أقررتَ بصحة علتي، فإِن ادعيت علة أخرى لزمك الدليل" قيل: هذا مطالبة بتصحيح العلة، فيجب تقديمه على المعارضة، وإلا ¬

_ (¬1) نهاية 214 أمن (ب). (¬2) انظر: المنخول/ 416، والإِحكام للآمدي 4/ 93. (¬3) نهاية 419 من (ح). (¬4) يعني: لو سلم. (¬5) في (ظ): استقلالها. (¬6) انظر: التمهيد/ 185 ب- 186أ. (¬7) نهاية 145 ب من (ظ).

خرجت عن مقتضى الجدل. كذا قال. وقال (¬1) -وقاله قبله أبو الطيب (¬2) الشافعي-: إِن عارضه بعلةٍ معلولُها داخل في معلول علته لم يصح، كمعارضة الكيل (¬3) بالقوت. ومعنى ذلك كله في الواضح (¬4). قال بعض أصحابنا (¬5): هي كمعارضة متعدية بقاصرة، وهي معارضة صحيحة. .................. ولا يلزم المعترض بيان نفي وصف المعارضة عن الفرع. وقيل: يلزمه؛ لأنه قَصَد الفرق، ولا يتم إِلا به. واختاره الآمدي (¬6) إِن قَصَد الفرق، وإلا فلا بأن يقول: هو من العلة، فإِن لم يوجد في الفرع ثبت (¬7) الفرع (¬8)، وإلا فالحكم فيه بهما. ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد/ 186 ب. (¬2) انظر: المسودة/ 442. (¬3) في التمهيد/ 186 ب، والمسودة/ 442: كمعارضة الطعم بالقوت. (¬4) انظر: الواضح 1/ 86 ب وما بعدها، 189 ب- 190 أ- ب-194 أ. (¬5) انظر: المسودة/ 442. (¬6) انظر: الإِحكام للآمدى 4/ 94. (¬7) نهاية 214 ب من (ب). (¬8) في الإِحكام للآمدي 4/ 94: الفرق.

وقيل: إِن صرّح بنفيه لزمه (¬1). ..................... ولا يحتاج وصف العارضة إِلى أصل (¬2) عند أصحابنا والأكثر؛ لأن حاصله نفي حكم الفرع (¬3) لعدم (¬4) العلة (¬5) أو منع المستدل من علته (¬6)، ولأن (¬7) أصل المستدل أصله (¬8). .................... وجواب المستدل عن المعارضة: بمنع وجود الوصف، أو المطالبة بتأثيره إِن أثبت المعترض عليته (¬9) بمناسبة أو بشبه لا بسبر، أو بخفائه، أو ليس منضبطا، أو منع ظهوره أو انضباطه، أو أنه عدم معارضٍ في الفرع: كقياس ¬

_ (¬1) في (ح): لزمته. (¬2) يعني: فيبين تأثير وصفه الذكر أبداه في ذلك الأصل. (¬3) يعني: بعلة المستدل. (¬4) في (ح): كعدم. (¬5) ويكفيه أن لا تثبت عليتها بالاستقلال، ولا يحتاج في ذلك إِلى أن يثبت علية ما أبداه بالاستقلال. (¬6) لجواز تأثير ما أبداه، والاحتمال كاف. (¬7) في (ح): لأن. (¬8) بأن يقول: العلة الطعم أو الكيل أو كلاهما، كما في البر بعينه، فإِذًا: مطالبته بأصل مطالبة له بما قد تحقق حصوله، فلا فائدة فيه. (¬9) في (ح): علته.

المكره على المختار بجامع القتل، فيعترض: بالطواعية، فيجيب: بأنها عدم (¬1) الإِكراه، والإِكراه مناسب لعدم القود الذي هو نقيض وجوبه، فالإِكراه معارض في الفرع، فعدمه عدم معارض فيه، فيكون وصفا طرديا. أو (¬2) أنه ملغى. أو (¬3) أن ما عداه مستقل في صورة بظاهر نص أو إِجماع، كتعليله بالطعم، فيعترض: بالكيل، فيجيب: باستقلاله بقوله: (لا تبيعوا الطعام بالطعام)، وكتعليله حل القتل بتبديل الدين (¬4)، فيعترض: بتبديل الإِيمان بالكفر بعده، [فيجيب: باستقلاله] (¬5) بقوله: (من بدّل دينه فاقتلوه) (¬6). واكتفى في الروضة (¬7) وغيرها -في بيان استقلاله- بإِثبات الحكم في ¬

_ (¬1) نهاية 420 من (ح). (¬2) في (ح): وأنه. (¬3) في (ظ): وأن ما عداه. (¬4) يعني: في يهودي صار نصرانياً مثلاً. (¬5) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬6) هذا الحديث رواه ابن عباس مرفوعًا. أخرجه البخاري في صحيحه 4/ 61 - 62، 9/ 15، وأبو داود في سننه 4/ 520، والترمذي في سننه 3/ 9 - 10 وقال: حسن صحيح، والنسائي في سننه 7/ 104، وابن ماجه في سننه/ 848، والطيالسي في مسنده (انظر: منحة المعبود 1/ 296). وقد أخرجه الطبراني في معجمه الكبير من حديث معاوية بن حيدة مرفوعاً، وفي معجمه الوسط من حديث عائشة مرفوعاً. راجع: نصب الراية 3/ 456. (¬7) انظر: روضة الناظر/ 347.

صورة دونه؛ لأن الأصل عدم غيره، ويدل عليه عجز المعارض عنه. وقيل: لا؛ لجواز علة أخرى، ولأجل هذا لو أبدى المعترض وصفا آخر يقوم مقام ما ألغاه المستدل (¬1) بثبوت (¬2) الحكم دونه فسد الإِلغاء، ويسمى (¬3) "تعدد الوضع"؛ لتعدد أصلهما (¬4)، كقولنا في أمان العبد للكافر: "أمان من مسلم عاقل، فصح كالحر؛ لأنهما (¬5) مظنتان لإِظهار مصالح الإِيمان (¬6)، فيعلل بهما"، فيعترض: بالحرية؛ فإِنهما مظنة الفراغ للنظر (¬7) في المصلحة، فهو أكمل، فنلغيها (¬8): بعبد أذن له في القتال، فيقول المعترض: قام الإِذن مقام الحرية، فإِنه مظنة لبذل الوسع في النظر، أو مظنة لعلم السيد بصلاحية العبد. وجواب إفساد الالغاءِ [الالغاءُ] (¬9) إِلى أن يقف أحدهما. ¬

_ (¬1) نهاية 146أمن (ظ). (¬2) "بثبوت" جار ومجرور متعلق بـ "ألغاه". (¬3) نهاية 215 أمن (ب). (¬4) في (ب) و (ظ): أصليهما. (¬5) يعني: الإِسلام والعقل. (¬6) يعني: بذل الأمان وجعله آمنا. (¬7) في (ب): لنظر. (¬8) يعني: نلغي الحرية. وفي (ب) و (ح): فيلغيها. (¬9) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ظ).

ولا يفيد المستدل بيان الإِلغاء لضعف المظنة في صورة بعد تسليمها (¬1)، كقياس المرتدة على المرتد في حل القتل بجامع الردة، فيعترض: بالرجولية، فإِنها مظنة الإِقدام على القتال، فيلغيها (¬2): بالمقطوع اليدين (¬3). ولا يكفي المستدل رجحان وصفه، خلافا للآمدي (¬4)؛ لقوة (¬5) بعض أجزاء العلة كالقتل على العمد العدوان. أما لو اتفقا على كون الحكم معللا بأحدهما قدم الراجح. ولا يكفيه كونه متعديًا؛ لاحتمال جزئبة القاصر. ........................ ويجوز تعدد أصول المستدل؛ لأنه يقوى الظن يكون وصفه علة. وقيل: لا؛ للنشر (¬6) وحصول المقصود بواحد (¬7). فعلى الأول: قيل: يجوز اقتصار المعارضة على أصل واحد لإِبطال ما التزمه المستدل من صحة القياس على الجميع (¬8). ¬

_ (¬1) يعني: المظنة. (¬2) يعني: يلغي المستدل الرجولية. (¬3) فإِنه يقتل مع ضعف مظنة القتال. (¬4) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 96. (¬5) في (ظ): كقوة. (¬6) نهاية 431 من (ح). (¬7) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 95. (¬8) في (ح): الجمع.

وقيل: لا -وجزم به في الواضح (¬1) - لحصول مقصوده بصحة قياس واحد، فقيل: يجب اتحاد المعارض في الجميع؛ للنشر (¬2)، وقيل: لا؛ (¬3) للتيسير على المعترض، فقيل: للمستدل الاقتصار في جوابه على أصل واحد (¬4)، وقيل: لا؛ لما سبق (¬5). * * * التركيب: سبق (¬6) في شروط حكم الأصل. وذكره في الروضة (¬7) من الأسئلة الفاسدة، وقال: هو القياس المركب من اختلاف مذهب الخصم، نحو: "البالغة أنثى، فلا تزوج نفسها كابنة خمس عشرة"، فالخصم يعتقد (¬8): "لصغرها"، فقيل: فاسد؛ لرد الكلام إِلى سن البلوغ (¬9)، وليس بأولى من عكسه، وقيل: يصح؛ لأن حاصله ¬

_ (¬1) انظر: الواضح 1/ 192أ. (¬2) يعني: دفعا للنشر. والنشر: انتشار الكلام. انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 95. (¬3) نهاية 215 ب من (ب). (¬4) إِذ به يتم مقصوده. (¬5) من التزام المستدل صحة القياس على الجميع. (¬6) في ص 1203. (¬7) انظر: روضة الناظر/ 349. (¬8) يعني: يعتقد أنها لا تزوج نفسها لصغرها. (¬9) يعني: وما مقداره؟.

منازعة في الأصل، فيُبطل المستدل ما يدعي المعترض تعليل الحكم به ليسلم ما يدعيه جامعا في الأصل. واختار بعض أصحابنا (¬1): الصحة. وقال أبو محمَّد البغدادي: يرجع إِلى منع الحكم في الأصل أو العلة، ثم: هو غير صحيح (¬2)؛ لاشتماله على منع حكمٍ على مذهب إِمامٍ نصُّه بخلافه، فلا يجوز. * * * التعدية: وهو معارضة وصف المستدل بوصف آخر متعد، مثل: "البكر البالغ بكر، فأجبرت كبكر صغيرة"، فيعترض: بالصغر، وتعديه إِلى الثيب الصغيرة يرجع بالاعتراض إِلى المعارضة في الأصل. قال الآمدي (¬3): اختلف فيه، والحق: "لا يخرج عنها (¬4) "، ولا أثر لزيادة التسوية في التعدية، خلافا للداركي (¬5). ¬

_ (¬1) انظر: البلبل/ 172. (¬2) نهاية 146 ب من (ظ). (¬3) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 101. (¬4) يعني: عن المعارضة في الأصل. (¬5) هو: أبو القاسم عبد العزيز بن عبد الله بن محمَّد، أحد أئمة المذهب الشافعي، فقيه مؤرخ، توفي سنة 375 هـ. من مؤلفاته: تاريخ نيسابور. انظر: تاريخ بغداد 10/ 463، والعبر 2/ 370، وطبقات الشافعية للسبكي 3/ 330، وطبقات الفقهاء للشيرازي/ 297.

منع وجود وصف المستدل في الفرع: مثل: "أمان من أهله كالعبد المأذون"، فيمنع المعترض الأهلية في غير المأذون، فيجيب المستدل: ببيان وجود ما عناه بالأهلية في الفرع، كجواب منع وجود (¬1) الوصف المدعَى علة في الأصل. ويمنع المعترض -في الأصح- من تقرير نفي الوصف عن الفرع؛ لأنه مانع من الإِثبات، وتقريره (¬2) النفي يُوهِم الإِثبات. * * * المعارضة في الفرع (¬3) بما يقتضي نقيض حكم المستدل بأحد طرق إِثبات العلة: وعندنا وعند الأكثر: تقبل؛ لأنه فائدة المناظرة. قالوا: صار المعترض مستدلا. رد: قصده هدم ما بناه المستدل، فلا حجر عليه فيه. وجواب المستدل: بما يعترض عليه المعترض ابتداء. ويقبل ترجيح ما ذكره بوجه ترجيح عندنا وعند قوم، واختاره الآمدي (¬4)؛ لتعيين العمل به وهو المقصود، خلافا لبعضهم. ¬

_ (¬1) نهاية 216 أمن (ب). (¬2) في (ظ): وتقرير. (¬3) نهاية 422 من (ح). (¬4) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 102.

ولا يلزم المستدل الإِيماء إِلى الترجيح في دليله -خلافا لبعضهم- لخروجه عنه، وتوقفُ العمل عليه (¬1) من توابع ورود المعارضة لدفعها، لا أنه من الدليل. * * * الفرق: راجع إِلى المعارضة في الأصل أو الفرع؛ لأنه: جعل أمر مخصوص بالأصل علة أو بالفرع مانعا. وبنى بعضهم قبول الأول على منع التعليل بعلتين، والثاني على جعل النقض مع المانع قادحاً. وقيل: بل إِليهما معا، فلهذا: قيل: لا يقبل؛ لأنه جمع بين أسئلة مختلفة، وقيل: يقبل، فقيل: سؤالان جاز الجمع بينهما؛ لأنه أدل على الفرق، وقيل: واحد؛ لاتحاد مقصوده، وهو الفرق. قال ابن عقيل (¬2): يحتاج الفرق القادح في الجمع إِلى دلالة وأصل كالجمع، وإِلا فدعوى بلا دليل، خلافا لبعض الشافعية، وإن أحب (¬3) إِسقاطه (¬4) عنه طالب (¬5) المستدل بصحة الجمع. ¬

_ (¬1) يعني: على الترجيح. (¬2) انظر: الواضح 1/ 202 ب، 1203، 203 ب. (¬3) يعني المعترض. (¬4) يعني: الأصل والدلالة. (¬5) نهاية 216 ب من (ب).

ومثل: "الصبي غير مكلف، فلا يزكي كمن لم تبلغه (¬1) الدعوة"، فينقض: بعشر زرعه والفطرة (¬2): فسؤال صحيح، بخلاف التفرقة (¬3) بالفسق بين النبيذ والخمر؛ لأنه (¬4) ليس من حكم العلة، ثم: يجوز جلبها للتحريم فقط؛ لأنه أعم. ومن يرى أن العلة لا تستدعي أحكامها لا يلزم (¬5)؛ لأنها تكون علة في موضع دون آخر. ومثل (¬6): "النكاح الموقوف لا يحيى، فبطل"، فيقال: "اعتبرت فساد الأصل بفساد الفرع؛ لأن الإِباحة حكم العقد (¬7) ": ¬

_ (¬1) نهاية 147 أمن (ظ). (¬2) يعني: يقال: هذه العلة لم تستدع عدم إِيجاب العشر في زرعه وزكاة الفطر في ماله، وهما نظيرا زكاة ربع العشر، فلا تستدعي نفي ربع العشر. (¬3) يعني: إِذا علل حنبلي أو شافعي تحريم النبيذ بأن فيه شدة مطربة فكان محرما كالخمر، فيقول المعارض: لو كانت هذه علة التحريم لكانت علة في الفسق، وإنما كان كذلك -أي: فاسدا- لأن الفسق أبطأ من التحريم، والتحريم أسرع من التفسيق؛ لأن لنا محرمات لا تفسق، ولأن مسالك الاجتهاد لا يفسق بها، فهذا وجه فساده ... إِلخ. (¬4) يعني: الفسق. (¬5) يعني: لا يلزمه هذا السؤال، فيقول في بيان فساده: إِن العلة تكون علة في موضع دون آخر. (¬6) هذا تابع لكلام ابن عقيل. (¬7) يعني: فلا يكون نفيها موجبا لنفي العقد.

ففاسد (¬1)؛ لأن العقد يراد لأحكامه (¬2). (¬3) * * * اختلاف الضابط في الأصل والفرع: مثاله -في شهود القود-: "تسببوا (¬4) بالشهادة كالمكره"، فيقال: ضابط الفرع الشهادة، والأصل الإكراه، فلا يتحقق تساويهما. وجوابه: بيان أن الجامع التسبب المشترك بينهما، وهو مضبوط عرفا، أو بأن إِفضاء ضابط الفرع إِلى المقصود أكثر، كما لو (¬5) كان أصل الفرع المغري للحيوان، بجامع التسبب، فإِن انبعاث الولي على القتل بسبب الشهادة للتشفي أكثر من انبعاث الحيوان بالإِغراء؛ لنفرته من الإِنسان، وعدم علمه بجواز القتل وعدمه، فاختلاف أصل التسبب لا يضر، فإِنه اختلاف أصل وفرع. ¬

_ (¬1) يعني: سؤال فاسد. (¬2) يعني: لا لعينه، فإِذا وجد ولم تتعلق به أحكامه -لا من جهة شرط يحتاج إِليه- دل على فساده. (¬3) جاء -بعد هذا- في (ب): (جاز الجمع بينهما؛ لأنه أدل على الفرق، وقيل: واحد لاتحاد مقصوده وهو الفرق). وقد سبق في ص 1390، فهو تكرار، ولا محل له هنا. (¬4) نهاية 423 من (ح). (¬5) يعني: كما لو جعلنا -في مسألة القصاص من الشهود- الأصل هو المغري للحيوان على القتل.

ولا يفيد قول المستدل في جوابه: "التفاوت في الضابط مُلْغَى لحفظ النفس، كما ألغي التفاوت بين قطع الأنملة (¬1) وقطع الرقبة في قود النفس"؛ لأن إِلغاء التفاوت في صورة لا (¬2) يوجب عمومه، كإِلغاء الشرف (¬3) وغيره، دون الإِسلام والحرية. * * * اختلاف جنس المصلحة: مثل: أولج فرجا في فرج مشتهى طبعا محرم شرعًا، فيحد كالزاني. فيقال: حكمة الفرع الصيانة عن رذيلة اللواط، وحكمة الأصل دفع محذور هو اشتباه الإنساب، فقد يتفاوتان في نظر الشرع. وحاصله: معارضة في الأصل. وجوابه: بحذفه (¬4) عن الاعتبار. وسبق (¬5) في السبر. * * * مخالفة حكم الفرع لحكم الأصل: لأن القياس تعدية حكم الأصل إِليه بالجامع. ¬

_ (¬1) إِذا مات منه. (¬2) نهاية 217 أمن (ب). (¬3) فيقتل الشريف بالوضيع. (¬4) يعني: حذف خصوص الأصل. (¬5) في ص 1269 - 1270.

وجوابه: بيان اتحاد الحكم عينا -كصحة البيع على النكاح، والاختلاف عائد إِلى المحل، واختلافه (¬1) شرط فيه- أو جنسا كقطع الأيدي باليد كالأنفس (¬2) بالنفس. وتعتبر مماثلة التعدية، ذكره في الروضة (¬3) وغيرها، وذكره القاضي (¬4) ومثّله بقول الحنفية -في ضم الذهب إِلى الفضة في الزكاة-: "كصحاح (¬5) ومكسرة"، فالضم في الأصل بالأجزاء، وفي الفرع بالقيمة عندهم. ثم: لما نصر (¬6) جواز قلب التسوية -لأن الحكم التسوية فقط (¬7)، كقياس الحنفية طلاق المكره على المختار، (¬8) فيقال: فيجب استواء حكم (¬9) إِيقاعه وإقراره كالمختار- قال (¬10): فعلى هذا يجوز قياس الحنفية ¬

_ (¬1) يعني: المحل. (¬2) في (ب): كالنفس. (¬3) انظر: روضة الناظر/ 317 - 318. (¬4) انظر: العدة/ 233 أ- ب، والسودة/ 374. (¬5) نهاية 147 ب من (ظ). (¬6) في (ظ): لما يضر. (¬7) وإنما يختلفان في كيفية الاستواء، والكيفية حكم غير الاستواء. (¬8) نهاية 424 من (ح). (¬9) يعني: استواء حكم إِيقاعه مع حكم إِقراره قياسًا على المختار. (¬10) انظر: العدة / 236أ، والمسودة/ 374.

المذكور (¬1)، ومن منع هذا القلب -لتضاد حكم الأصل والفرع- لم يجزه (¬2)؛ لاختلافهما. قال بعض أصحابنا (¬3): فصار له قولان، والمنع فيهما قول بعض الشافعية، والجواز قول الحنفية، واختاره في التمهيد (¬4). وفي الواضح (¬5) - (¬6) في مسألة الضم-: إن اعترض بـ "أن حكم الأصل لم يتعدَّ" أجيب: "ألحقتُ في وجوب الضم لا صفته"، ويمكن المعترض أن يقول: الضم في الأصل نوع غير (¬7) الفرع. وجعله الآمدي (¬8) كالقلب الثالث -وسيأتي (¬9) - ومثّله بقول الحنفي -في إِزالة النجاسة بالخل-: "مائع طاهر مزيل كالماء"، فيقال (¬10): فيستوي فيه الحدث والخبث كالماء. ¬

_ (¬1) في الضم. (¬2) يعني: القياس. (¬3) انظر: المسودة/ 374. (¬4) انظر: التمهيد/ 172 ب، 184 أ- ب، والمسودة/ 426. (¬5) انظر: الواضح 1/ 170أ- ب. (¬6) نهاية 217 ب من (ب). (¬7) يعني: غير النوع الذي في الفرع. (¬8) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 109. (¬9) في ص 1397، 1398. (¬10) يعني: يقال: مائع طاهر مزيل للعين والأثر، فتستوي فيه طهارة الحدث والخبث=

وجعله في الواضح (¬1) كالقلب الثاني. فأما إِن اختلف الحكم جنسا ونوعاً -كوجوب على تحريم، ونفي على إِثبات، وبالعكس- فباطل؛ لأن الحكم إِنما شرع لإِفضائه إِلى مقصود العبد، واختلافه موجب للمخالفة بينهما في الإِفضاء إِلى الحكمة، فإِن كان بزيادة في إِفضاء حكم الأصل إِليها لم يلزم من شرعه شرع حكم (¬2) الفرع؛ لأن زيادة الإِفضاء مقصودة، ويمتنع (¬3) كون حكم (¬4) الفرع أفضى إِلى المقصود، وإلا كان تنصيص الشارع عليه أولى. فإِن قيل: الحكم لا يختلف؛ لأنه كلام الله وخطابه، بل يختلف تعلُّقه ومتعلَّقه. قولكم: "كان النص عليه أولى" إِنما يلزم لو لم يقصد التنبيه بالأدنى على الأعلى. ثم: يحتمل أنه لمانع مختص به. رد الأول: بأن التعلق داخل في مفهوم الحكم -كما سبق (¬5) في حد ¬

_ =كالماء، فإِنه يلزم من القول بالتسوية في الخل بين طهارة الحدث والخبث عدم حصول الطهارة بالخل في الخبث؛ لعدم حصولها به في الحدث، والحكم بالتسوية. (¬1) انظر: الواضح 1/ 184 أ- ب. (¬2) في (ب): الحكم الفرع. وفي (ظ): الحكم في الفرع. (¬3) في (ظ): يمتنع. (¬4) في (ظ) كون الحكم أفضى ... إِلخ. (¬5) في ص 181 من هذا الكتاب.

الحكم- فيلزم من اختلافه اختلافُه (¬1). والثاني: بأنه لو كان لجاز إِثبات الفرع في الأصل. والثالث: بأنه يلزم منه امتناع ثبوت حكم الأصل فيه. * * * القلب: تعليق نقيض الحكم أو لازمه على العلة إِلحاقا بالأصل. وهو: قلب لتصحيح مذهبه. وقلب لإِبطال مذهب المستدل صريحًا (¬2). وقلب بالالتزام (¬3). فالأول (¬4): كقول الحنفي -في اعتبار الصوم لصحة الاعتكاف-: لبث، فلا يكون قربة بنفسه كالوقوف بعرفة. فيقلبه المعترض: بأنه لبث، فلا يعتبر فيه الصوم كالوقوف. والثاني: كقول الحنفي -في مسح الرأس-: عضو من أعضاء الوضوء (¬5)، فلا يكفي أقله كبقية الأعضاء. ¬

_ (¬1) يعني: اختلاف الحكم. (¬2) نهاية 218 أمن (ب). (¬3) يعني: لإِبطال مذهب المستدل بالالتزام. (¬4) نهاية 425 من (ح). (¬5) نهاية 148 أمن (ظ).

فيقول المعترض: فلا يقدر (¬1) بالربع كغيره. والثالث: كقول الحنفي -في بيع المجهول-: عقد معاوضة، فيصح مع جهل المعوَّض كالنكاح. فيقال: عقد معاوضة، فلا يعتبر فيه خيار الرؤية كالنكاح، فإِذا انتفى اللازم (¬2) انتفى الملزوم (¬3). والقلب نوع معارضة (¬4) عند أصحابنا (¬5) وبعض الشافعية (¬6) -وذكره في الواضح (¬7) عن أكثر العلماء- بل أولى بالقبول؛ لأنه اشترك فيه الأصل والجامع، وإن نشأ من نفس دليل المستدل لكن لما التزم في دليله وجود الوصف لم يمنعه، وكالشركة في دلالة النص، كاستدلال الحنفي -في مسألة الساجة (¬8) وعدم نقض بناء الغاصب- بقول: (لا ضرر ولا ¬

_ (¬1) في (ب) و (ظ): فلا يتقدر. (¬2) وهو ثبوت خيار الرؤية. (¬3) وهو الصحة. (¬4) في (ب): معاوضة. (¬5) انظر: المسودة/ 441. (¬6) انظر: اللمع/ 67، والتبصرة/ 475. (¬7) انظر: الواضح 1/ 184أ. (¬8) الساجة: واحدة الساج، وهو خشب يجلب من الهند، قال ابن الأعرابي: يقال: الساجة الخشبة الواحدة المربعة. انظر: لسان العرب 3/ 127.

ضرار) (¬1)، واستدلال غيره به لمنع المغصوب من أخذ ماله. ¬

_ (¬1) أخرجه ابن ماجه في سننه/ 784 من حديث ابن عباس مرفوعاً. وفي الزوائد: في إِسناده جابر الجعفي، متهم. وأخرجه -أيضاً- من حديث إِسحاق بن يحيى بن الوليد عن عبادة بن الصامت: أن رسول الله قضى أن لا ضرر ولا ضرار. وفي الزوائد: هذا إِسناد رجاله ثقات إلا أنه منقطع؛ لأن إِسحاق لم يدرك عبادة. وانظر: ميزان الاعتدال 1/ 204، وتهذيب التهذيب 1/ 256. وأخرجه مالك في الموطأ/ 745 عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه مرسلاً. ومن طريق مالك أخرجه الشافعي في مسنده، انظر: ترتيب مسند الشافعي 2/ 134. وأخرجه أحمد في مسنده 5/ 326 - 327 عن إِسحاق بن يحيى بن الوليد عن عبادة مرفوعًا، كابن ماجه، وأخرجه -أيضًا- في مسنده 1/ 313 عن ابن عباس مرفوعاً، وفي سنده: جابر الجعفي. وأخرجه الدارقطني في سننه 4/ 227 من حديث عائشة مرفوعًا. وفيه: الواقدي. وأخرجه -أيضًا- في سننه 4/ 228 من حديث ابن عباس مرفوعًا، من طريق ليس فيه جابر الجعفي، لكن فيه إِبراهيم بن إِسماعيل بن أبي حبيبة، وفيه مقال، فوثقه أحمد، وضعفه النسائي. وقال الدارقطني: ليس بالقوي -وقال البخاري: عنده مناكير. وضعفه أبو حاتم، وقال: منكر الحديث لا يحتج به، فانظر: ميزان الاعتدال 1/ 19، وتهذيب التهذيب 1/ 104. وأخرجه الدارقطني -أيضًا- في سننه 4/ 228 من حديث أبي سعيد مرفوعًا، وأخرجه -أيضًا- في سننه 4/ 228 من حديث أبي هريرة مرفوعًا، بلفظ: (لا ضرر ولا ضرورة). وفيه: أبو بكر بن عياش، مختلف فيه، فانظر: ميزان الاعتدال 4/ 499 - 500. وأخرجه البيهقي في سننه 6/ 69 من حديث أبي سعيد مرفوعًا. وأخرجه الطبراني في الكبير 2/ 80 - 81 من حديث ثعلبة بن أبي مالك مرفوعًا. وفيه: إِسحاق بن إِبراهيم بن سعيد الصواف، قال أبو زرعة:=

وقال بعض الشافعية (¬1): القلب إِفساد لا معارضة، فلا يتكلم عليه بما يُتكلم على العلة المبتدأة؛ لأن العلة الواحدة لا يعلق عليها حكمان متضادان. رد: ليس القلب بحكمين متضادين من كل وجه، بل لا يمكن الخصم الجمع بينهما بمعنى آخر، فالحجة مشتركة، ولابد لتعلُّق أحمد الحكمين بالعلة (¬2) ترجيح (¬3). ¬

_ =منكر الحديث. وقال أبو حاتم: لين. فانظر: ميزان الاعتدال 1/ 176. وأخرجه في معجمه الوسط من حديث جابر مرفوعًا، وعن القاسم عن عائشة مرفوعًا، وقال لم يروه عن القاسم إِلا نافع بن مالك. فانظر: نصب الراية 4/ 386. وأخرجه أبو داود في المراسيل عن واسع بن حبان عن أبي لبابة عن النبي. فانظر: نصب الراية 4/ 385. قال ابن حجر في الدراية 2/ 282: وهو منقطع بين واسع وأبي لبابة. وأخرجه ابن أبي شيبة: حدثنا معاوية بن عمرو ثنا زائدة عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعًا. فراجع: نصب الراية 4/ 384 - 385. وأخرجه الحاكم في مستدركه 2/ 57 - 58 من حديث أبي سعيد مرفوعًا، وقال: صحيح الإِسناد على شرط مسلم ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. والحديث حسنه النووي، وقال: له طرق يقوى بعضها بعضًا. فانظر: متن الأربعين النووية/ 54 - 55. وقال المناوي في فيض القدير 6/ 432: قال العلائي: للحديث شواهد ينتهي مجموعها إلى درجة الصحة أو الحسن المحتج به. (¬1) انظر: اللمع/ 67، والتبصرة/ 475. (¬2) في (ح): بالحكمة. (¬3) كذا في النسخ. ولعلها: من ترجيح.

ومنع آخرون من الشافعية (¬1) وغيرهم من القلب -واختاره الآمدي (¬2) - لأنه ليس للمعترض فرض مسألة (¬3) على المستدل. رد: بالمشاركة في دلالة النص (¬4). ثم: إِنما شاركه في علته وأصله في معنى الحكم الذي فرض فيه. قالوا: اعترف (¬5) المعترض باقتضاء الدليل لا رتبه عليه من الحكم، ومحال اقتضاؤه لمقابل (¬6) ذلك الحكم من جهة احتج بها المستدل؛ لاقتضاء العلة من جهة واحدة (¬7) للحكم ونقيضه. ومن (¬8) جهة أخرى: ليس بقلب؛ لأنه لا بد فيه من اتحاد العلة في القياسين، بل معارضة بدليل منفصل. أجاب في التمهيد (¬9): إِنما لا يجتمع الشيء وضده إِذا صرح به، وإِلا ¬

_ (¬1) انظر: اللمع/ 67. والتبصرة/ 475. (¬2) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 110. (¬3) نهاية 218 ب من (ب). (¬4) فإِنه يجوز وإن لم يمكن ذلك إلا بفرض مسألة على المستدل. (¬5) في (ظ): اعترض. (¬6) في (ح): بمقابل. (¬7) نهاية 426 من (ح). (¬8) في (ح) و (ظ) ك من جهة. (¬9) انظر: التمهيد/ 183 ب.

جاز، وإن أدى أحدهما إِلى نفي الآخر. وأجاب غيره: بأن التنافي حصل في الفرع لما هو بعرض الاجتماع. وقلب التسوية سبق (¬1) في السؤال قبله. قال أبو الخطاب (¬2): يصح جعل المعلول علة والعلة معلولاً، مثل: "من صح طلاقه صح ظهاره، ومن صح ظهاره صح طلاقه"، فالسابق في الثبوت علة للآخر، وهذا نوع من القلب لا يفسد العلة عند أصحابنا وأكثر الشافعية، خلافا للحنفية وبعض المتكلمين (¬3). ثم احتج (¬4): بأن العلة أمارة، وكما لو صرح به الشارع، وإنما (¬5) امتنع في الحكم العقلي؛ لأنه لا يثبت بأكثر من علة (¬6). ................... أما قلب (¬7) الدعوى مع إِضمار الدليل فيها فمثل: "كل موجود مرئي"، فيقال: "كل ما ليس في جهة ليس مرئيًا"، فدليل الرؤية الموجود، وكونه لا في جهة دليلُ منعها. ¬

_ (¬1) في ص 1394، 1395. (¬2) انظر: التمهيد/ 184 ب- 185أ. (¬3) انظر: المسودة/ 446. (¬4) انظر: التمهيد/ 184 ب- 185 أ. (¬5) في (ب): واما. (¬6) نهاية 148 ب من (ظ). (¬7) انظر: الإحكام للآمدي 4/ 105 - 106.

ومع عدم إِضماره مثل: "شكْر المنعم واجب لذاته"، فيقلبه. وقلب الاستبعاد في الدعوى: كقولنا -في مسألة الإِلحاق-: "تحكيم الولد فيه تحكم بلا دليل"، فيقال: [تحكيم] (¬1) القائف تحكم بلا دليل. وقلب الدليل على وجه يكون ما ذكره المستدل يدل عليه فقط: كاستدلاله بقوله: (الخال وارث من لا وارث له) (¬2)، ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬2) هذا جزء من حديث أخرجه أبو داود في سننه 3/ 320 - 321 من حديث المقدام بن معد يكرب مرفوعًا. قال المنذري في مختصره 4/ 170: وأخرجه النسائي، واختلف في هذا الحديث فروي عن راشد بن سعد عن أبي عامر الهوزني عن المقدام، وروي عن راشد بن سعد أن رسول الله قال، مرسلاً. وقال أبو بكر البيهقي في هذا الحديث: كان يحيى بن معين يضعفه ويقول: ليس فيه حديث قوي. وأخرجه الترمذي في سننه 3/ 285 من حديث عمر مرفوعًا، وقال: "حسن"، ومن حديث عائشة مرفوعاً، وقال: حسن غريب، وقد أرسله بعضهم ولم يذكر فيه "عن عائشة". وأخرجه النسائي في سننه 2/ 914 - 915 من حديث عمر والمقدام مرفوعًا. وأخرجه ابن حبان في صحيحه (انظر: موارد الظمآن/ 300 - 301) من حديث عمر والمقدام مرفوعًا. وأخرجه الدارمي في سننه 2/ 274 من حديث أبي هريرة مرفوعًا. وأخرجه أحمد في مسنده 1/ 28، 46، 4/ 131 من حديث عمر والمقدام مرفوعًا. وأخرجه الدارقطني في سننه 4/ 84 - 86 من حديث عمر وعائشة والمقدام وأبي هريرة مرفوعًا. وأخرجه الحاكم في مستدركه 4/ 344 من حديث المقدام مرفوعًا، وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. قال الذهبي: قلت: فيه علي بن أبي طلبة، قال أحمد: له أشياء منكرات، قلت: ولم يخرج له البخاري. وانظر: التلخيص الحبير 3/ 80.

فيقال (¬1): [يدل] (¬2) أنه لا يرث بطريق أبلغ؛ لأنه نفي عام، مثل: الجوع زاد من لا زاد له. وليس بمثال جيد. وِإن سلم أن ما احتج به المستدل يدل له (¬3) من وجه فهو الأنواع السابقة (¬4). * * * القول بالموجَب: وهو تسليم دليل المستدل مع بقاء النزاع. وهو ثلاثة أنواع: أحدها: أن يستنتج المستدل من دليله ما يتوهمه محل النزاع أو لازمه. مثاله -في القتل بالمثقل-: قتل بما (¬5) يقتل غالبًا، فلا ينافي وجوب (¬6) القود كالمحدد. فيرد: أن عدم المنافاة ليس محل النزاع ولا لازمه، فلا يلزم من (¬7) عدم ¬

_ (¬1) نهاية 219 أمن (ب). (¬2) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ظ). (¬3) يعني: للمستدل. (¬4) يعني: الثلاثة المذكورة في ص 1397. وانظر: الإحكلام للآمدي 4/ 108. (¬5) في (ح): بما لا يقتل. (¬6) في (ظ): وجود. (¬7) نهاية 427 من (ح).

منافاة بين شيئين ملازمة. الثاني: أن يستنتجه (¬1) إِبطال ما يتوهمه مأخذَ الخصم، مثل: التفاوت في الوسيلة لا يمنع وجوب القود كالمتوسل إِليه فيقول المعترض: أقول بموجب الدليل، ولكن لا يلزم منه وجوبه، فإِنه لا يلزم من إِبطال مانعٍ عدمُ كل مانع ووجودُ الشرائط (¬2) والمقتضي. وأكثر القول بالموجب من غلط المأخذ لخفائه، بخلاف الحكم المختلف فيه. ويصدّق (¬3) المعترض في أن ما ذهب إِليه المستدل ليس مأخذ إمامه؛ فإِنه أعرف به، ثم: لو لزمه إِبداء المأخذ: فإِن مَكَّنَّا المستدل من إِبطاله صار معترضًا، وإلا فلا فائدة. وقيل: لا يصدق (¬4)؛ لاحتمال عناده، واختاره (¬5) بعض أصحابنا، منهم: أبو محمَّد البغدادي، وقال: فإِن أبطله المستدل، وإلا انقطع. الثالث: أن يسكت في دليله عن صغرى قياسه وليست مشهورة، مثل (¬6): "كل قربة شرطها النية"، ويسكت عن: "والوضوء قربة"، فيقول ¬

_ (¬1) يعني: يستنتج منه. (¬2) في (ظ): الشرط. (¬3) في (ب): يصدق. (¬4) يعني: فيلزمه إِبداء المأخذ. (¬5) في (ب) و (ظ): وأجازه. (¬6) يعني: قوله في اشتراط النية للوضوء.

المعترض: أقول بموجَبه ولا يُنتِج. ولو ذكر الصغرى لم يرد إِلا منعها (¬1). ولا وجه لقول بعضهم: "يلزم في هذا النوع (¬2) انقطاع أحدهما"؛ لاختلاف مرادهما. وجواب الأول: بأنه محل (¬3) النزاع أو لازمه، مثل: "لا يجوز قتل مسلم بذمي"، (¬4) فيقال بموجبه لأنه يجب، فيقول المستدل: أعني بـ "لا يجوز" تحريمه، ويلزم عدم الوجوب. والثاني: بأنه (¬5) المأخذ لشهرته. والثالث: بجواز الحذف. ويجاب في الجميع: بقرينة أو عهد ونحوه. وفي (¬6) التمهيد (¬7): في مثل قول حنفي في زكاة الخيل: "حيوان تجوز ¬

_ (¬1) يعني: الصغرى. (¬2) نهاية 149أمن (ظ). (¬3) نهاية 219 ب من (ب). (¬4) يعني: قياسًا على الحربي. (¬5) في (ظ): بأن. (¬6) في (ب): في التمهيد. (¬7) انظر: التمهيد/ 180 ب.

المسابقة عليه، فزكّاه كالإِبل"، فيقال بموجبه في زكاة التجارة (¬1)، فيجيب المستدل بالألف والسلام (¬2)، والسؤال عن زكاة السوم. فقيل: لا يصح -وجزم به في الواضح (¬3) - لوجوب استقلال العلة بلفظها. وقيل: يصح، وجزم به في الروضة (¬4) وغيرها. أما مثل قوله -في إِزالة النجاسة بالخل-: "مائع كالمرق"، فيقال بموجبه في خل نجس: فلا يصح (¬5). قال أبو (¬6) محمَّد البغدادي وغيره: ولو كان حكم العلة فقال به في صورة لم يقل بالموجَب. * * * وترد الأسئلة على قياس الدلالة، إِلا ما تعلق بمناسبة الجامع؛ لأنه ليس بعلة فيه (¬7)، وكذا القياس في معنى الأصل (¬8)، ولا يرد عليه -أيضًا- ما ¬

_ (¬1) يعني: والنزاع إِنما هو في زكاة السوم. (¬2) في: "زكاة الخيل"، فإِنهما يستعملان للعهد. (¬3) انظر: الواضح 1/ 182 ب. (¬4) انظر: روضة الناظر/ 351. (¬5) لأن المستدل يقول: ظاهر كلامي إِنما هو النحل الطاهر. انظر: الإحكام للآمدي 4/ 113. (¬6) نهاية 428 من (ح). (¬7) يعني: قياس الدلالة. (¬8) يعني: لا يرد عليه ما تعلق بمناسبة الجامع.

تعلق بنفس الجامع؛ لعدم ذكره فيه. * * * الاعتراضات من جنس -كنقوض ومعارضات- تتعدد اتفاقا. ومن أجناس -كمنع ومطالبة ونقض ومعارضة- تتعدد إِلا عند أهل (¬1) سمرقند (¬2)؛ للخبط. قال الآمدي (¬3): ويلزمهم تعددها من جنس (¬4). وإن كانت (¬5) مرتبة (¬6) منعه الأكثر، ولهذا قال القاضي (¬7) وغيره وأبو الطيب (¬8): لو أورد النقض ثم منع وجود العلة لم يقبل؛ لتسليمه للمتقدم، فلا يجاب المعترض لغير الأخير. ¬

_ (¬1) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 116. (¬2) سمرقند -بفتح أوله وثانيه- مدينة مشهورة فيما وراء النهر بعد بخارى. انظر: معجم البلدان 3/ 246. (¬3) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 116. (¬4) فإِنها مقبولة اتفاقًا مع إِفضائها إِلى النشر. (¬5) يعني: على تجويز التعدد. (¬6) مثل: منع حكم الأصل ومنع العلية؛ إِذ تعليل الحكم بعد ثبوته طبعًا. انظر: شرح العضد 2/ 280. (¬7) انظر: العدة/ 228أ. (¬8) انظر: المسودة/ 437.

وجوزه أبو إِسحاق الإِسفراييني (¬1) وغيره، واختاره الآمدي (1) وغيره؛ لأن التسليم تقديري. وإن (¬2) لم يرتب الاعتراضات فمنع بعد تسليم (¬3)، (¬4) كالمطالبة بتأثيره ثم منع وجوده. واختاره أبو محمَّد البغدادي؛ لأنا نقدرها من جماعة، ولأن مفسدة الاخلال بتقرير الدليل آكد من الاخلال بالترتيب. وبعضها مقدم طبعا، فليقدم وضعا، فيقدم (¬5) الاستفسار ليعرف ما يرد على اللفظ، ثم: فساد الاعتبار؛ لأنه نظر في فساده جملة، ثم: فساد الوضع؛ لأنه أخص منه، ثم: ما تعلق بالأصل، ثم: العلة؛ لاستنباطها منه، ثم: الفرع لبنائه عليهما، ويقدم النقض على المعارضة؛ لإِيراده لإِبطال العلة (¬6)، وهي (¬7) لإِبطال استقلالها (¬8). ¬

_ (¬1) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 116. (¬2) يعني: إِذا عرفنا جواز المرتبة فالواجب إِيرادها مترتبة ورعاية الترتيب في الإِيراد، وإلا كان منعا بعد تسليم. انظر: شرح العضد 2/ 280. (¬3) يعني: فلا يسمع. (¬4) نهاية 220 أمن (ب). (¬5) في (ح): فليقدم. (¬6) نهاية 149 ب من (ظ). (¬7) يعني: المعارضة. (¬8) يعني: العلة.

وأوجب أبو محمَّد البغدادي ترتيب الأسئلة، فاختار: فساد الوضع، ثم: الاعتبار، ثم: الاستفسار، ثم: المنع، ثم: المطالبة -وهو منع العلة في الأصل- ثم: الفرق، ثم: النقض، ثم: القول بالموجب، ثم: القلب، وَرَدّ التقسيم إِلى الاستفسار أو الفرق، وأن (¬1) عدم التأثير مناقشة لفظية. وقال بعض أصحابنا (¬2): ذكر ابن (¬3) عقيل وابن المني وجمهور الجدليين: لا يطالبه بطرد دليل إِلا بعد تسليم ما ادعاه من دلالته، فلا ينقضه حتى يسلمه، فلا يقبل المنع بعد التسليم. قال: وهذا ضعيف؛ لأن السكوت لا يدل على التسليم، ولأنه (¬4) لو سلم صريحاً جاز -بل وجب- رجوعه للحق كمفت وحاكم وشاهد، ولا عيب فيه، وقد اعترفوا بالفرق بين أسئلة الجدل وأسئلة الاسترشاد، فمن هنا التخبيط، [وإِلا] (¬5) فلا ينبني (¬6) الجدل إلا على وجه الإِرشاد والاسترشاد؛ لا الغلبة والاستزلال (¬7)، والواجب رد الجميع (¬8) إِلى ما دل عليه كتاب أو سنة، وإِلا فلهم من الحيل والاصطلاح الفاسد أوضاع، كما ¬

_ (¬1) في (ظ): فإِن. (¬2) انظر: المسودة/ 551، 552 - 553. (¬3) نهاية 429 من (ح). (¬4) في (ظ): لأنه. (¬5) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ظ). (¬6) كذا في النسخ، وفي المسودة أيضًا، ولعلها: فلا ينبغي. (¬7) في المسودة: الاستذلال. (¬8) يعني: جميع أبواب الجدل والمخاصمة في العلم وفي الحقوق.

للفقهاء والحكام في الجدل الحكمي، وقد (¬1) ذكر ابن عقيل (¬2) في الجدل: أن الجواب إِذا زاد أو نقص لم يطابق السؤال؛ لعدوله عن مطلوبه، ويجيب قوم بمثله ويعدونه جوابا، ولو سئل عن المذهب فذكر دليله فليس بجواب محقق، كما لا يخلط السؤال عن المذهب بالسؤال عن دليله، كقوله: "مذهبي كذا بدليل كذا"، فإِن قال: "والدليل عليه كذا" فهو الإِتباع بجواب ما لم يسأل عنه، كالخلط بما لم يسأل عنه. والصحيح خلاف هذا، وعليه عمل أكثر الجدليين (¬3). والله أعلم. * * * فأما الجدال: فمأمور به لقصد الحق، دل عليه القرآن (¬4)، وفعله الصحابة والسلف، وذكره بعضهم إِجماعًا. وقال البربهاري من أصحابنا: المسترشد (¬5) كَلَّمه وأَرْشده، والمناظر احذره، في المناظرة المراء والجدال والغلبة والخصومة والغضب، وتزيل عن ¬

_ (¬1) نهاية 220 ب من (ب). (¬2) انظر: الواضح 1/ 63 ب- 64 أ. (¬3) انظر: المسودة/ 551. (¬4) قال تعالى: (وجادلهم بالتي هي أحسن) سورة النحل: آية 125. وقال تعالى: (قل هاتوا برهانكم) سورة البقرة: آية 111. (¬5) قال هذا في كتابه "شرح كتاب السنة" الذي أورد صاحب "طبقات الحنابلة" مقتطفات منه عند الكلام على ترجمته. وانظر ما قاله هنا في الطبقات 2/ 39، 43. وانظر: الآداب الشرعية للمؤلف 1/ 229، ففيها ما نقل هنا بعبارة أوضح وأوفى.

الحق، ولم (¬1) يبلغنا عن أحد من علمائنا أنه فعله، وفيه غلق باب الفائدة، والمجالسة للمناصحة (¬2) فتح باب الفائدة. وفي فنون ابن عقيل (¬3): قال بعض مشايخنا المحققين: إِذا كانت مجالس النظر مشحونة بالمحاباة لأرباب المناصب تَقَربا، وللعوام تَخَوُّنًا (¬4)، وللنظراء (¬5) تعملاً وتَجَمُّلا (¬6)، ثم: إِذا لاح دليل خونتم اللائح وأطفأتم مصباح (¬7) (¬8) الحق [الواضح] (¬9)، هذا والله الإِياس من الخير، مصيبة عمت العقلاء في أديانهم، وترك المحاباة في أموالهم، ما ذاك إِلا لأنهم لم يشموا ريح اليقين. وقال في الواضح (¬10): لولا ما يلزم من إِنكار (¬11) الباطل واستنقاذ ¬

_ (¬1) في (ح): ولو لم. (¬2) في (ظ): والمناصحة. (¬3) انظر: الآداب الشرعية للمؤلف 1/ 228، ففيها ما نقله هنا بعبارة أوضح. (¬4) تخونا: أي تنقصا. انظر: معجم مقاييس اللغة 2/ 231، والصحاح/ 2110. (¬5) نهاية 430 ص (ح). (¬6) التجمل: تكلف الجميل. انظر: الصحاح/ 1662، ولسان العرب 13/ 133. (¬7) في (ح): مصابيح. (¬8) نهاية 150أمن (ظ). (¬9) ما بين المعقوفتين من نسخة في هامش (ب). (¬10) انظر: الواضح 1/ 120 ب- 121 أ. (¬11) في (ظ): الإنكار.

الهالك بالاجتهاد في رده عن ضلالته لَمَا حَسُنت المجادلة للإِيحاش فيها غالبا، ولعن فيها أعظم المنفعة إِذا قصد بها نصرة الحق -وقال أيضًا- أو التقوِّي على الاجتهاد، ونعوذ (¬1) بالله من قصد المغالبة وبيان الفراهة (¬2)، وينبغي أن يجتنبه. وقال في الفنون: قال بعض العلماء: يجوز (¬3) أن يطلب المذهب، ولا يجوز وضع مذهب ويطلب له دليل، ولكن أهل مذهبنا يتبعون مذهبا بالعصبية، ثم يطلبون له أدلة، وصاحب العصبية يقنع بأي شيء تَخَيَّله دليلاً لِما قد حصل في نفسه من نفسه، ويسخر من نفسه لِتَطَلّبِه لما وضعه بما يقويه في نفسه (¬4). وقال ابن هبيرة (¬5): الجدل الذي يقع بين المذاهب أوفق ما يحمل الأمر فيه بأن يخرج مخرج الإِعادة (¬6) والدرس، فأما اجتماع جمع متجادلين في مسألة -مع أن كلا منهم لا يطمع أن يرجع إِن ظهرت حجة، ولا فيه ¬

_ (¬1) نهاية 221أمن (ب). (¬2) الفراهة: الحذق بالشيء، وكذلك الأشر والبطر. انظر: الصحاح/ 2242 - 2243. (¬3) في (ب): يجب. والمثبت من (ظ) ونسخة في هامش (ب). (¬4) جاء -بعد هذا- في (ب) كلام سيأتي في ص 1425، وهو من قوله: "كتقبيحه" إِلى قوله: "وأكل جائع". وقد نبهت على محله. (¬5) انظر: المسودة/ 541. (¬6) نهاية 221 ب من (ب).

مؤانسة ومودة وتوطئة القلوب لوعيِ حقٍّ، بل هو على الضد -فتكلم (¬1) فيه العلماء- كابن بطة (¬2) -وهو محدث. وما قاله صحيح، وذكره بعضهم عن العلماء، وعليه يحمل ما رواه أحمد والترمذي وصححه (¬3) عن أبي غالب (¬4) -وهو مختلف فيه- عن ¬

_ (¬1) في (ظ) و (ب): وتكلم. (¬2) هو: أبو عبد الله عبيد الله بن محمَّد العكبري الحنبلي، فقيه محدث، توفي بعكبرا سنة 387 هـ. من مؤلفاته: الإبانة في أصول الديانة -كبرى وصغرى- والسنن. انظر: طبقات الحنابلة 2/ 144، والمنهج الأحمد 2/ 69، وشذرات الذهب 3/ 122. (¬3) انظر: مسند أحمد 5/ 252، 256، وسنن الترمذي 5/ 55 - 56 وقال: حسن صحيح. وأخرجه ابن ماجه في سننه/ 19، والطبري في تفسيره 25/ 53، والحاكم في مستدركه 2/ 447 - 448 وقال: صحيح الإِسناد ولم يخرجاه. ووافقه والذهبي. وأخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 2/ 119، والخطيب في الفقيه والمتفقه 1/ 230. (¬4) هو: صاحب أبي أمامة، قيل: اسمه حزور، وقيل: سعيد بن الحزور، وقيل: نافع، بصري، ويقال: أصبهاني، روى عن أبي أمامة الباهلي وأنس بن مالك، وعنه: الأعمش وحماد بن سلمة وسفيان بن عيينه وغيرهم. وعن ابن معين قال: صالح الحديث. وقال الدارقطني: ثقة. وقال أبو حاتم: ليس بالقوي. وقال النسائي: ضعيف. وحسن الترمذي بعض أحاديثه، وصحح بعضها. وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به إِلا فيما وافق الثقات. وقال ابن سعد: كان ضعيفاً. قال ابن حجر في التقريب: صدوق يخطئ. انظر: ميزان الاعتدال 1/ 476، 4/ 560، وتهذيب التهذيب 12/ 197، وتقريب التهذيب 2/ 460.

أبي أمامة مرفوعًا: (ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إِلا أوتوا الجدل)، ثم تلا: (ما ضربوه لك) الآية (¬1). ولأحمد (¬2) عن مكحول عن أبي هريرة -ولم يسمع (¬3) منه- مرفوعًا: (لا يؤمن العبد الإِيمان كله حتى يترك المراء وإن كان (¬4) مُحِقًّا). وللترمذي عن ابن عباس مرفوعًا: (لا تُمارِ أخاك) (¬5). ولأبي داود (¬6) -بإِسناد حسن- عن أبي أمامة مرفوعًا: (أنا زعيم ببيت في ربض (¬7) الجنة لمن ترك المراء وإن كان مُحِقًّا). ¬

_ (¬1) سورة الزخرف: آية 58. (¬2) انظر: مسند أحمد 2/ 352، 364، وهو بلفظ: (وإن كان صادقًا). (¬3) انظر: تهذيب التهذيب 10/ 290 - 291. (¬4) نهاية 431 من (ح). (¬5) انظر: سنن الترمذي 3/ 242 وقال: غريب لا نعرفه إِلا من هذا الوجه. قال الحافظ العراقي: يعني من حديث ليث بن أبي سليم، وضعفه الجمهور، وقال الذهبي: فيه ضعف من جهة حفظه. انظر: فيض القدير 6/ 421. (¬6) أخرجه أبو داود في سننه 5/ 150. وراجع: مجمع الزوائد 1/ 156 - 157. (¬7) في النهاية في غريب الحديث 2/ 185: ربض الجنة -بفتح الباء-: ما حولها خارجا عنها تشبيها بالأبنية التي تكون حول المدن وتحت القلاع. وانظر: لسان العرب 9/ 12.

ولابن ماجه والترمذي (¬1) -وحسنه- عن سلمة بن وردان (¬2) -وهو ضعيف- عن أنس مرفوعاً: (ومن ترك المراء وهو مُحِقّ بُني له في وسط الجنة). يقال: مارى (¬3) يماري مماراة ومراء، أي: جادل، والمراء: استخراج غضب المجادل، من قولهم: "مَرَيْتُ الشاة" إذا استخرجت لبنها. ومن بان له سوء قصد خصمه فيتوجه في تحريم مجادلته خلاف كدخول من لا جمعة عليه (¬4) مع من تلزمه: لنا فيه (¬5) وجهان. ويأتي (¬6) -في شروط المفتي- جدال المنافق. ¬

_ (¬1) انظر: سنن ابن ماجه/ 19 - 20، وسنن الترمذي 3/ 241 - 242 وقال: حديث حسن لا نعرفه إِلا من حديث سلمة بن وردان عن أنس. (¬2) هو: أبو يعلى الليثي -بالولاء- المدني، روى عن أنس ومالك بن أوس بن الحدثان، ورأى جابرًا، وعنه ابن وهب والقعنبي وإسماعيل بن أبي أويس وجماعة، توفي سنة 106 هـ. قال أبو حاتم: ليس بقوي، عامة ما يرويه عن أنس منكر. وقال أبو داود: ضعيف. وقال ابن معين: ليس بشيء. وقال أحمد: منكر الحديث. انظر: يحيى بن معين وكتابه التاريخ 2/ 227، وميزان الاعتدال 2/ 193، وتهذيب التهذيب 4/ 160. (¬3) انظر: معجم مقاييس اللغة 5/ 314، والصحاح/ 2491. (¬4) يعني: في البيع بعد نداء الجمعة الثاني. (¬5) في (ح): لنا وجهان فيه. (¬6) في ص 1548 - 1550.

قال ابن الجوزي (¬1) -في قوله: (فلا ينازعنك في الأمر) - (¬2): أي: في الذبائح، والمعنى: فلا تنازعنهم (¬3)، ولهذا قال: (وإن جادلوك (¬4) فقل الله أعلم بما تعملون) (¬5)، قال: وهذا (¬6) [وجه] (¬7) أدب حسن علَّمه الله عباده ليردّوا به من جادل تعنتا (*) ولا يجيبوه. والجدل (¬8): فتل الخصم عن قصده (¬9)، والإِجدال (¬10) هو الظفر (¬11) عندهم، وجدلت الحبل أجدُله جدلا: فتلته (¬12) فتلا محكما، والجَدَالة: الأرض، يقال: طعنه فجَدله -أي: رماه بالأرض- فانجدل أي: سقط، وجادله -أي: خاصمه- مجادلة وجدالاً، والاسم: الجَدَل، وهو شدة (¬13) الخصومة. ¬

_ (¬1) انظر: زاد المسير 5/ 448 - 450. (¬2) سورة الحج: آية 67. (¬3) في (ح) و (ظ): فلا تنازعهم. (¬4) نهاية 222 أمن (ب). (¬5) سورة الحج: آية 68. (¬6) نهاية 150 ب من (ظ). (¬7) ما بين المعقوفتين من (ظ) (*) في (ظ): تعبثًا. (¬8) انظر: معجم مقاييس اللغة 1/ 433 - 434، والصحاح/ 1653. (¬9) في (ح): قصد. (¬10) كذا في النسخ. ولعلها: الأجدل. (¬11) كذ افي (ب). وفي (ح) و (ظ): الضفر. أقول: ولعلها: الصقر. (¬12) في (ح): قتله. (¬13) في (ب) و (ظ): شدة في الخصومة.

قال ابن الجوزي: "طلب الرئاسة والتقدم بالعلم مُهْلِك"، ثم ذكر اشتغال أكثرهم بالجدل (*) ورفع أصواتهم في المساجد -وإنما المقصود الغلبة والرفعة- وإفتاء من ليس أهلا. ......................... والسؤال: طلب الإِخبار، فهو استخبار من مستخبِر. والجواب لغة (¬1): القطع، ومنه: (جابوا الصخر بالواد) (¬2)، والمجيب يقطع لمعنى الخبر بإِثبات أو نفي. قال ابن عقيل (¬3): ويبدأ كل منهما بحد الله والثناء عليه، قال (¬4): وللسائل مضايقته إِلى الجواب (¬5)، فيلجئه إِليه، أو بأن جهله بتحقيقه، وليس له الجواب تعريضًا لمن أفصح به، ولا يقنع به، وإنما عليه أن يجيبه فيما بينه وبينه فيه خلاف لتظهر حجته فيه، والكلام في هذا الشأن إِنما يعول فيه على الحجة لتُظْهر والشبهة (¬6) لتُبْطل، وإلا فهدر (¬7)، وهو الذي رفعت ¬

_ (*) في (ب) و (ظ): في الجدل. (¬1) انظر: معجم مقاييس اللغة 1/ 491، والصحاح/ 104. (¬2) سورة الفجر: آية 9. (¬3) انظر: الواضح 1/ 121أ. (¬4) انظر: المرجع السابق 1/ 63 ب، 65 ب، 71 ب، 73 ب-74أ. (¬5) نهاية 432 من (ح). (¬6) في (ظ): والشبه. (¬7) كذا في النسخ. ولعلها: فهذر.

بشؤمه (¬1) ليلة القدر (¬2)، وإليه انصرف النهي (¬3) عن قيل وقال. والحجة (¬4) لغة (¬5): القصد، ومنه: (حج البيت) (¬6). وقد يقال للشبهة: "حجة داحضة"، ولا يجوز إِطلاقه حتى يبين أنه استعارة. وما شهد بمعنى حكم آخر: حجة، نحو: "الجسم محدَث" يشهد (¬7) بأن له محدثًا، وما لا يشهد: دلالة، كـ "الجسم موجود"، إِلا أنه كثر فوقعت موضع الحجة، ومن الفرق: إِشارة الهادي إِلى الطريق والنجم والريح على القبلة: دلالة لا حجة. ¬

_ (¬1) في (ظ): لشومه. (¬2) أخرج البخاري في صحيحه (انظر: فتح الباري 1/ 113) عن عبادة بن الصامت: أن رسول الله خرج يخبر بليلة القدر، فتلاحى رجلان من المسلمين، فقال: (إني خرجت لأخبركم بليلة القدر، وإنه تلاحى فلان وفلان فرفعت ...) وأخرج مسلم نحوه في صحيحه/ 826 - 827 من حديث أبي سعيد. قال في فتح الباري: (تلاحى) من التلاحي وهو التنازع والخاصمة. (¬3) يأتي هذا النهي في ص 1568. (¬4) هذا تابع لكلام ابن عقيل. (¬5) انظر: معجم مقاييس اللغة 2/ 29 - 31، والصحاح/ 303 - 304. (¬6) سورة آل عمران: آية 97. (¬7) في (ظ): ليشهد.

وإن قال المجيب: "لو جاز كذا لجاز كذا" فهو كقول السائل: "إِذا كان كذا (¬1) فلم لا يجوز كذا؟ " إِلا أنه لا يلزمه أن يأتي بالعلة الموافقة بينهما؛ لأنه من فرض المجيب، ويلزم المجيب أن يبين له، ولو كان للمجيب أن يقول له: "ومن أين اشتبها؟ " لكان له أن يصير سائلاً، وكان على السائل أن يصير مجيبا، وكان له أيضًا: ولِمَ ينكر تشابههما والمجيب مدعيه؟. وللسائل (¬2) أن يقول له: "لِمَ ذلك؟ "، فإِن قال: "لأنه لا فرق" فللسائل (¬3) أن يقول: دعواك لعدم الفرق كدعواك للجمع، ومُخالِفُك فيهما. فإِن قال المجيب: "لا أجد فرقًا" فللسائل (3) أن يقول: [ليس] (¬4) كل ما لم تحده يكون باطلاً. وقال أبو محمَّد البغدادي: لا بد للسائل من الانتماء إِلى مذهبِ ذي مذهب للضبط، وإن كان الأليق بحاله التجرد عن المذاهب (¬5)، (¬6) لاسترشاده -كذا قال- وأن لا يسأل (¬7) عن أمر جلي فيكون معاندا، ¬

_ (¬1) نهاية 222 ب من (ب). (¬2) في (ظ): ولسائل. (¬3) في (ب) و (ح): فلسائل. (¬4) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬5) في (ح): المذهب. (¬6) نهاية 151 أمن (ظ). (¬7) نهاية 433 من (ح).

قال المتنبي (¬1): ليس (¬2) يصح في الأذهان (¬3) شيء إِذا احتاج النهار إِلى دليل (¬4) قال: ويكره اصطلاحاً تأخير الجواب عن السؤال كثيراً. وعند بعض الجدليين: منقطع. ولا يكفيه عزو حديث إِلى كتب الفقهاء؛ لأن المطلوب منه صنعة المحدِّثين، بل إِلى كتاب منهم غير مشهور بالسقم. كذا قال. .................... قال في التمهيد (¬5) وغيره: يعرف انقطاع السائل بعجزه عن بيان السؤال وطلب الدليل وطلب وجه الدليل وطعنه في دليل المستدل ومعارضته. قال في مكان آخر: "وانتقاله إِلى دليل أو مسألة أخرى"، ومراده: قبل ¬

_ (¬1) هو: أبو الطيب أحمد بن الحسين بن الحسن الجعفي الكندي الكوفي، الشاعر المشهور، توفي سنة 354 هـ. انظر: وفيات الأعيان 1/ 102، وحسن المحاضرة 1/ 560، وشذرات الذهب 3/ 13. (¬2) كذا في النسخ. وفي الديوان: وليس. (¬3) في الديوان: الأفهام. (¬4) انظر: ديوان أبي الطيب المتنبي/ 334. (¬5) انظر: التمهيد/ 191 ب.

تمام الأول، كما ذكره القاضي (¬1) وابن عقيل (¬2)، (¬3) وقال (¬4): من الانتقال ما ليس انقطاعًا، كمن سئل عن رد اليمين، فبناه على الحكم بالنكول، أو عن قضاء صوم نفل، فبناه على لزوم إِتمامه، وإن طالبه السائل بدليل على ما سأله فانقطاع منه (¬5)؛ لبناء بعض الأصول على بعض، وليس لكلها دليل يخصها. وانقطاع (¬6) المسئول: بعجزه عن الجواب وإِقامة الدليل وتقوية وجه الدليل ودفع اعتراضه. وانقطاعهما (6): بجحد ما عُرِف من مذهبه أو ثبت بنص أو إِجماع -ومراده: وليس مذهبه خلاف النص- وعجزه عن تمام ما شرع فيه، وخلط كلامه على وجه لا يفهم، وسكوته سكوت حيرة (¬7) بلا عذر، وتشاغله بما لا يتعلق بالنظر، وغضبه أو قيامه في غير مكانه، وسفهه على خصمه. وبأن من ذلك القطع بالشغب بالإِبهام بلا شبهة -وقاله ابن عقيل (¬8) ¬

_ (¬1) انظر: العدة/ 238أ (¬2) انظر: الواضح 1/ 67 ب-68أ. 1115أ. (¬3) نهاية 223أمن (ب) (¬4) انظر: الواضح 1/ 204أ. (¬5) يعني: من السائل. (¬6) التمهيد/ 191 ب. (¬7) في (ب): خيرة. (¬8) انظر: الواضح 1/ 113أ. 115 ب، 204أ.

وغيره، وقال: إِن تمادى أعرض عنه، وهو الأولى بذي الرأي والعقل؛ لا سيما إِن أوهم الحاضرين (¬1) أنه سألك طريق الحجة- وبالاستفسار (¬2) عما (¬3) لا يُستفهَم عن مثله لعدم ترديده وغموضه (¬4). وفي طريق الحكم من الفصول: لا ينبغي أن يصيح على الخصم (¬5) في غير موضعه؛ لأنه يمنعه من إِقامة حجته، ولهذا منعناه (¬6) في المناظرة والجدال وجعلناه من الشغب. وفي الواضح (¬7): واحذر الكلام في مجالس الخوف أو التي لا إِنصاف فيها، وكلام من تخافه أو تبغضه أو لا يفهم عنك، واستصغار الخصم، ولا ينبغي كلام مَنْ عادته ظلم خصمه والهزء والتشفي لعداوته والمترصد للمساوئ والتحريف [والتَّزَيُّد] (¬8) والبهت، وكل جدل وقع فيه ظلم الخصم اختل، فينبغي أن (¬9) يحترز منه، ¬

_ (¬1) في (ظ): الحاضرون. (¬2) في (ظ): والاستفسار. (¬3) في (ح): عمن. (¬4) نهاية 434 من (ح). (¬5) في (ح): خصمه. (¬6) في (ظ): معناه. (¬7) انظر: الواضح 1/ 63 ب- 70أ، 118 ب- 124أ. (¬8) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬9) نهاية 151 ب من (ظ).

وقَدِّر في نفسك (¬1) الصبر والحلم، ولا تنقص بالحلم إِلا عند جاهل، ولا بالصبر على شغب السائل إِلا عند غبي، وترتفع في نفوس العلماء، وتَنْبُل عند أهل الجدل، ومن خاض في الشغب تعوده، ومن تعوده حُرِم الإصابة واستروح إِليه، ومن (¬2) عرف به سقط سقوط الذرة، ومن عرف لرئيس فضله وغفر زلة نظير ورفع نفسه عن دنيء سلم من الغضب، وفي رد الغضب الظفر، ولا رأى لغضبان، والغالب في السفه الأسفه كالغالب بالعلم الأعلم، ومع (¬3) هذا فلا أحد يسلم من الانقطاع إِلا من عصمه الله، وليس حد العالم كونه حاذقا بالجدل؛ فإِنه صناعة، والعلم صناعة، وهو مادة الجدل، والمجادل يحتاج إِلى العلم ولا عكس. وينبغي [أن] (¬4) يحترز في كل جدل من حيلة الخصم، وأدب الجدل يزين صاحبه، وتركه يشينه، ولا ينبغي أن ينظر لما اتفق لبعض من تركه [من] (¬5) الحظوة في الدنيا؛ فإِنه إِن كان رفيعًا عند الجهال فإِنه ساقط عند أولي الألباب. ¬

_ (¬1) نهاية 223 ب من (ب). (¬2) في (ب): من. (¬3) في (ب): ومن. (¬4) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬5) مما بين المعقوفتين لم يرد في (ظ).

واحذر أن تغتر يخطأ الخصم في مذهب، فإِنه لا يدل على الخطأ في (¬1) غيره. وإن صد عن الجدل آفة فينبغي إِزالتها، كتقبيحه (¬2) أو لا نفع فيه أو التقليد أو (¬3) الإِلف والعادة أو محبة (¬4) الرئاسة والميل إِلى الدنيا والمفاخرة. ويجب لكل منهما الإِجمال في خطابه، وِإقباله عليه، وتأمّله لما يأتي به، وترك قطع كلامه والصياح في وجهه والحدة والضجر عليه والإِخراج له عما عليه، والاستصغار له. وإِذا نفرت النفوس عميت القلوب وخمدت الخواطر وانسدت أبواب الفوائد، وقد قال تعالى عن فرعون: (فقولا له قولاً لينا) (¬5). ورياضة الأدون واجبة على العلماء، وتركه سدى مضرة له، فإِن عود (¬6) ما يستحقه الأعلى أخلد إِلى خطئه (¬7) ولم يزعه عن الغلط وازع، ومقام التعلم والتأدب تارة بالعنف وتارة باللطف؛ لئلا يفوت أحدهما. ¬

_ (¬1) نهاية 435 من (ح). (¬2) من قوله: (كتقبيحه) إِلى قوله -في الصفحة التالية-: (وأكل جائع) جاء في (ب) في ورقة 221 ب. وقد سبق التنبيه إِليه في ص 1413. (¬3) في (ب) و (ظ): والألف. (¬4) في (ح): حجبه. (¬5) سورة طه: آية 44. (¬6) يعني: الأدون. (¬7) في (ح): خطابه.

وعلل في الفنون عدم العزل بكسر الغرض كتسكيت متكلم عن كلام يشفي به غليله أو يوضح به دليله أو كسر فرس (¬1) جرى في ميدان وشبهه من كسر الغرض كمدافعة نوم ساهر وأكل جائع. وقال بعض أصحابنا (¬2): "انتقال السائل انقطاع عند الجمهور، ويقتضيه كلامه في العدة"، قال: وهو بعيد، وقال الشاشي: "ليس بانقطاع"، فإِن قال: "ظننته لازما فمكنوني من سؤال آخر" ففيه (¬3) خلاف، قال: والأصح: يمكَّن من أدنى، فأما من أعلى (¬4) -كانتقاله (¬5) من المعارضة إِلى المنع- فقيل: لا يمكَّن لتكذيبه لنفسه، وقيل: يمكَّن؛ لأن قصده الاسترشاد. قال (¬6): وترك المسئول الدليل لعجز فهم السائل ليس انقطاعا؛ لقصة إِبراهيم، وقيل: بلى؛ لأنه التزم تفهيمه. قال ابن عقيل في الفنون: لما قابل نمروذ (¬7) قول الخليل (¬8) - عليه ¬

_ (¬1) في (ح): قوس. (¬2) انظر: المسودة / 443. (¬3) في (ظ): فيه. (¬4) في (ب) و (ظ): الأعلى. (¬5) نهاية 152أمن (ظ). (¬6) نهاية 224 أمن (ب). (¬7) هو: النمروذ بن كنعان -وفي نسبه خلاف بين المفسرين- ملك بابل، وأحد المتجبرين في الأرض. انظر: تفسير القرطبي 3/ 283، والبداية والنهاية 1/ 148. (¬8) في سورة البقرة: آية 258.

السلام - في الحياة الحقيقة (¬1) بالحياة المجازية انتقل إِلى دليل لا يمكنه يقابل (¬2) الحقيقة فيه بالمجاز، ومن انتقل من دليل غامض إِلى واضح فذلك طلب للبيان، وليس انقطاعًا. وقال (¬3) -أيضًا- في الواضح: انتقل إِلى الدليل (¬4) الأوضح في تعجيزه. وقال ابن الجوزي (¬5): رأى ضعف فهمه -لمعارضته اللفظ بمثله مع اختلاف الفعلين- فانتقل إِلى حجة أخرى قصدًا لقطعه لا عجزا. قال بعض أصحابنا (¬6): حاصله: يجوز الانتقال لمصلحة، وليس انقطاعًا. قال ابن عقيل (¬7): الانتقال عن السؤال هو الخروج عما يوجبه أوله من ملازمة السنن فيه، مثل قوله: "هل الخمر مال لأهل الذمة؟ "، فيقول: ¬

_ (¬1) نهاية 436 من (ح). (¬2) في (ظ): فقابل. (¬3) انظر: الواضح 1/ 117 أ. (¬4) في (ظ): دليل. (¬5) انظر: زاد المسير 1/ 308. (¬6) انظر: المسودة/ 445. (¬7) انظر: الواضح 1/ 67 ب- 68أ.

"نعم"، فيقول: "وما حد المال؟ "، فهذا انتقال، فإِن أجابه عن ذلك خرج معه أيضًا، وهذا كثير يتم بين المخلين بآداب الجدل. * * *

الجزء الرابع

الجزء الرابع

الاستدلال

الاستدلال لغة (¬1): طلب الدليل. واصطلاحا: ذكر الدليل. والمقصود هنا: ما ليس بنص ولا إِجماع ولا قياس. وقيل: "ولا قياس علة"، فيدخل فيه القياس بنفي الفارق وقياس الدلالة. وأما نحو: وُجِد السبب فيثبت الحكم، ووجد المانع أو فات الشرط فينتفي الحكم. فقيل: دعوى دليل. وقيل: دليل -ولم يذكره جماعة من أصحابنا، وذكره بعضهم وآخرون- لأن الدليل ما يلزم منه الحكم المطلوب قطعا أو ظاهرًا، وهذا كذلك (¬2)، والمطلوب (¬3) يتوقف على الدليل من جهة وجوده في آحاد الصور (¬4)، ¬

_ (¬1) انظر: معجم مقاييس اللغة 2/ 259، والصحاح/ 1698. (¬2) نهاية 224 ب من (ب). (¬3) هذا جواب سؤال مقدر: تعريف الدليل بما يلزم من إِثباته الحكم المطلوب تعريف للدليل بالمدلول، والمدلول لا يعرف إِلا بدليله، فكان دورا ممتنعًا. (¬4) لا من جهة حقيقته؛ لأنا نعرف حقيقة الحكم من حيث هو حكم وإن جهلنا دليل وجوده.

والدليل يتوقف على لزوم المطلوب من جهة حقيقة (¬1)، فلا دور. ثم: قيل (¬2): إِنه استدلال؛ لدخوله في تعريفه. وقيل (¬3): إِن ثبت بغير نص أو إِجماع أو قياس، وإلا كان ثابتًا بأحدها. كذا قيل. وقيل: الاستدلال: مقدمتان عنهما نتيجة، وهو: القياس الاقتراني والاستثنائي (¬4)، ونفي الحكم لنفي مداركه ووجود المانع أو فوات الشرط، أو ثبت الحكم لوجود السبب. وقيل: هو تلازم بين حكمين بلا تعيين علة، واستصحاب، وشرع من قبلنا. واختار أبو محمَّد البغدادي هذا والذي قبله، وأسقط شرع من قبلنا، وقال: ومنه قول القائل: لا فارق بين محل النزاع والاجماع إِلا هذا، ولا أثر له. الأول: تلازم بين ثبوتين أو نفيين أو ثبوت ونفي أو نفي وثبوت. ¬

_ (¬1) لا من جهة وجوده في آحاد الصور، فاختلفت الجهة. (¬2) يعني: على أنه دليل. (¬3) نهاية 437 من (ح). (¬4) القياس الاقتراني: ما لم تذكر النتيجة ولا نقيضها فيه بالفعل. والقياس الاستثنائي: ما ذكرت النتيجة أو نقيضها فيه بالفعل. انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 119.

فإِن تلازما طردا وعكسا -كالجسم والتأليف (¬1) - لزم من وجود كل (¬2) منهما وجود الآخر، ومن نفيه نفيه. وِإن تلازما طردا -كالجسم والحدوث- جرى فيهما تلازم ثبوتين طرداً ونفيين عكسًا، فلزم من وجود الجسم الحدوث، ومن نفي الحدوث نفيه، بلا عكس فيهما (¬3). والمتنافيان طردا وعكسا -كالحدوث ووجوب البقاء- يلزم من ثبوت كل منهما نفي الآخر، ومن نفيه ثبوته. وإن تنافيا إِثباتا -كالتأليف والقدم- جرى فيهما تلازم ثبوت ونفي طردًا وعكسا، فلزم من ثبوت كل منهما نفي الآخر. وإن تنافيا نفيا -كالأساس والخلل- جرى فيهما تلازم نفي وثبوت طردًا وعكساً، فلزم من نفي كل منهما ثبوت الآخر. مثال الأول في الأحكام: "من صح طلاقه صح ظهاره"، (¬4) ويثبت (¬5) استلزام [أحكام] (¬6) الطلاق للظهار بالطرد، ويقوى التلازم بالعكس، ¬

_ (¬1) في (ب): والتاليق. (¬2) نهاية 152 ب من (ظ). (¬3) فلا يجرى فيهما تلازم ثبوتين عكسا ولا تلازم نفيين طردا، فلا يلزم من وجود الحدوث وجود الجسم ولا من نفي الجسم نفي الحدوث. (¬4) نهاية 225أمن (ب). (¬5) في (ب): وثبت. وفي (ظ): يثبت. (¬6) ما بين المعقوفتين من (ظ).

ويقرر التلازم: بأن الصحتين أثران لمؤثر، فيلزم من ثبوت أحدهما الآخر (¬1)؛ للزوم ثبوت المؤثِّر لثبوت أحدهما، ويقرر -أيضًا- بأن يقال: ثبت المؤثر في صحة الطلاق، فيثبت الآخر؛ لأنهما أثراه (¬2)، ولا يعيِّن المؤثر فيكون انتقالاً إِلى قياس العلة. مثال الثاني: "لو صح الوضوء بلا نية صح التيمم"، ويثبت التلازم بالطرد، ويقوى بالعكس، كما سبق، ويقرر -أيضًا-: بانتفاء أحد الأثرين، فينتفي الآخر؛ للزوم انتفاء المؤثِّر. مثال الثالث: ما يكون مباحًا لا يكون حرامًا. مثال الرابع: ما لا يكون جائزًا يكون حرامًا. ويقرران: بثبوت التنافي بينهما أو بين لوازمهما. ويرد على جميع الأقسام منع المقدمتين ومنع أحدهما (¬3)، وسبق -بعد ذكر مسالك العلة في تقسيم القياس (¬4)، وبعد ذكر الأسئلة (¬5) - ما يرد عليه. * * * ¬

_ (¬1) نهاية 438 من (ح). (¬2) في (ب): لا تراه. (¬3) كذا في النسخ. ولعلها: إِحداهما. (¬4) في ص 1302. (¬5) في ص 1407.

الاستصحاب: دليل عند أصحابنا والشافعية وغيرهم (¬1)، وذكره القاضي (¬2) إِجماعًا -وكذا أبو الطيب (¬3) الشافعي- وقال: وقد ذكره الحنفية، وذكره السرخسي (¬4) منهم، وقال: عدمُ الدليل دليلٌ، ثم ذكر (¬5) عن بعض الفقهاء بطلانه. وذكر الآمدي (¬6) بطلانه عن أكثر الحنفية وجماعة من المتكلمين -كأبي الحسين- ثم: منهم من جوز به الترجيح. وكذا ذكر أبو الخطاب (¬7) -في مسألة القياس-: أنه ليس دليلاً، واختاره بعض أصحابنا (¬8). واستصحاب أمر وجودي أو عدمي عقلي أو شرعي سواء، نحو: لا يجب الوتر؛ لأنه الأصل (¬9). ¬

_ (¬1) نهاية 439 من (ح). (¬2) انظر: العدة / 191 ب، 192 أ، والمسودة/ 488. (¬3) انظر: العدة/ 191 ب، والمسودة/ 488. (¬4) وهو: أبو سفيان. (¬5) يعني: السرخسي. (¬6) انظر: الإحكام للآمدي 4/ 127. (¬7) انظر: التمهيد/ 150 ب. (¬8) انظر: المسودة/ 489. (¬9) نهاية 225 ب من (ب).

لنا: استلزام ما عُلِم -ولا معارض- ظَنَّ (¬1) بقائه، ولهذا ليس الشك في الزوجية ابتداء كالشك في بقائها في (¬2) التحريم والجواز إِجماعًا. ويبني العقلاء عليه في إِنفاذ وديعة (¬3)، والشهادة بَديْن على (¬4) من أَقَرَّ به. ويتوقف تغييره على تبدل وجوده بعدمه وعكسه (¬5). قالوا: الحكم الشرعي يعتبر له دليلٌ شرعي. رد: ليس البقاء حكمًا شرعيًا. ثم: دليله الاستصحاب، زاد في التمهيد (¬6): أو دليل مِنْ شرعِ من قبلنا. قالوا: يلزم تقديم بينة النفي (¬7). رد: قُدِّم المثبِت؛ لِبُعْد غلطه لاطلاعه على سبب الثبوت. قالوا: لا ظن في بقائه مع جواز الأقيسة. ¬

_ (¬1) قوله: "ظن" مفعول لقوله: "استلزام". (¬2) في (ح): بالتحريم. (¬3) يعني: إِرسالها إِلى صاحبها المسافر. (¬4) نهاية 153أمن (ظ). (¬5) بخلاف البقاء، فإِنه لا يتوقف على ذلك. (¬6) انظر: التمهيد/ 192 أ. (¬7) لو كان الأصل البقاء؛ لأن بينة النفي تساعدها البراءة الأصلية.

رد: إِنما يفيد الظن بعد بحث العالم، قال ابن عقيل (¬1): "نقطع بعدم دليل، وإلا لعلمناه مع شدة بحثنا عنه"، وقال بعض أصحابنا (¬2): لا ينبغي فيه خلاف البحث عن المخصِّص (¬3)، وأنه اتفاق. قالوا: لا يجزي في كفارة عتق غائب انقطع خبره. رد: بالمنع، ثم: لظهور موته، وشَغْل ذمَّته يقيناً. ....................... استصحاب حكم الإِجماع في محل الخلاف: ليس بدليل عند أكثر أصحابنا، وقاله الحنفية (¬4) وأكثر الشافعية (¬5) وجماعة من المالكية (¬6)، وذكره أبو الخطاب (¬7) وابن عقيل (¬8) عن عامة محققي الفقهاء والمتكلمين. وعند أبي إِسحاق بن شاقلا (¬9) وابن حامد (¬10) -وغيرهما من أصحابنا- ¬

_ (¬1) انظر: الواضح 1/ 201 أ-ب. (¬2) انظر: المسودة/ 489. (¬3) نهاية 440 من (ح). (¬4) انظر: أصول السرخسي 2/ 116. (¬5) انظر: اللمع/ 72. (¬6) ذكر في المسودة/ 343: أن عبد الوهاب قد نقله. وانظر: مفتاح الوصول/ 190. (¬7) انظر: التمهيد/ 192 ب. (¬8) انظر: الواضح 1/ 110. 195 ب- 196أ، والمسودة/ 343. (¬9) انظر: العدة/ 192 أ - ب، والتمهيد/ 192 ب، والمسودة 343. (¬10) انظر: المسودة/ 343، وإعلام الموقعين 1/ 341.

والصيرفي (¬1) الشافعي وداود (¬2) وأصحابه والآمدي (¬3): هو حجة؛ لأن بقاء الحكم لا يفتقر إِلى دليل إِن نُزِّل منزلة الجوهر، ولا نسلم أنه كالعرض، ثم: الاستصحاب دليل، ثم: هو دليل الدليل؛ لأن بقاء الظن له دليل. وذكر أبو الخطاب (¬4) (¬5) الثاني (¬6) عن أبي ثور والمزني، وأنه يؤدي إِلى تكافؤ الأدلة؛ لأنه إِذا قيل: "أجمعوا أن رؤية الماء في غير الصلاة تبطل تيممه، فكذا الصلاة" قيل: أجمعوا على صحة تحريمته، فمن أبطله (¬7) لزمه (¬8) الدليل. وجواب: بمنع التكافؤ وإن تعارضا. واحتج له -أيضًا-: بالقياس (¬9) على قول الشارع (¬10). ¬

_ (¬1) انظر: اللمع/ 72. (¬2) انظر: العدة/ 192 أ، والتبصرة/ 526، والتمهيد/ 192 ب، والواضح 1/ 196أ، والمسودة/ 343. (¬3) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 136. (¬4) انظر: التمهيد/ 192 ب-193 أ- ب. (¬5) نهاية 226 أمن (ب). (¬6) يعني: القول بأنه دليل. (¬7) يعني: أبطل التيمم. (¬8) في (ب): الزمه. (¬9) في (ح): بقياس. (¬10) يعني: فهو لا ينتقل عن حكمه إِلا بالنسخ أو ما أشبهه، فكذلك الإجماع.

وأجاب بما معناه: أنه لا يجوز استصحاب حكم الدليل في الحالة الثانية إِلا أن يتناولها الدليل. قيل له: فيجب قصره على الزمن الواحد. فالتزمه إِلا أن يكون دليل الحكم وعلته (¬1) قد عم الأزمنة. كذا قال، وسبق (¬2) خلافه في "شروط العلة: أن لا ترجع على الأصل بالإِبطال". ولكن جوابه: أن قول الشارع مطلق، فيعم، والإِجماع إِنما هو في صفة خاصة، ولهذا يجوز تركه في الحالة الثانية بدليل غير الإِجماع (¬3)، خلافا لبعض الشافعية، ذكره عنهم القاضي (¬4) وابن عقيل (¬5)، وهو ضعيف. * * * شرع من قبلنا: يجوز تعبد نبي بشريعة نبي قبله عقلاً. ومنعه بعضهم؛ لعدم الفائدة. رد: فائدته إِحياؤها، وقد (¬6) يكون مصلحة (¬7). .................. ¬

_ (¬1) في نسخة في هامش (ب): أو علته. (¬2) في ص 1240 - 1241. (¬3) نهاية 441 من (ح). (¬4) انظر: العدة/ 181 ب. (¬5) انظر: الواضح 1/ 195 ب، والمسودة/ 344. (¬6) في (ظ) ونسخة في هامش (ب): ولعل فيه مصلحة. (¬7) نهاية 153 ب من (ظ).

وكان نبينا - صلى الله عليه وسلم - قبل بعثه متعبدا بشرع من قبله مطلقًا عند الحلواني (¬1) والقاضي (¬2)، وذكره عن الشافعية، وأن أحمد أومأ إِليه. وقيل: بشرع آدم. وقيل: نوح. وقيل: إِبراهيم، واختاره ابن عقيل (¬3)، وذكره عن الشافعية. وقيل: موسى. وقيل: عيسى. ومنع الحنفية (¬4) والمالكية (¬5) وابن الباقلاني (¬6) وأبو الحسين (¬7)، وذكره بعض أصحابنا عن الأكثر، وأن عن أحمد قولين. ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 182. (¬2) انظر: العدة/ 765. (¬3) انظر: الواضح 2/ 222أ. (¬4) اختار صاحب التحرير (انظر: تيسير التحرير 3/ 129)، وصاحب مسلم الثبوت (انظر: فواتح الرحموت 2/ 183): أنه متعبد. (¬5) انظر: شرح تنقيح الفصول/ 295. واختار ابن الحاجب المالكي في المنتهى/ 153: أنه متعبد. (¬6) انظر: البرهان/ 508. (¬7) انظر: المعتمد/ 899.

وتوقف أبو هاشم (¬1) وعبد الجبار وأبو الخطاب (¬2) (¬3) والغزالي (¬4) وأبو المعالي (¬5) وقال -هو وجماعة-: لفظية. وعن المعتزلة (¬6): تعبد بشريعة العقل. وجه الأول: في مسلم عن عائشة: "أنه كان يتحنث -وهو التعبد- في غار حراء" (¬7). رد: معناه التفكر والاعتبار، ولم يثبت عنه عبادة صوم ونحوه. ثم: من قِبَل نفسه تشبُّها بالأنبياء. وأيضاً: الأنبياء قَبْله لكل مكلف (¬8). رد: بالمنع، ثم: لم يثبت عنده، ولهذا بُعِث. وجه الثاني: لو تعبد بشرع لخالط (¬9) أهله عادة. ¬

_ (¬1) انظر: المرجع السابق/ 900. (¬2) انظر: التمهيد/ 104 ب. (¬3) نهاية 226 ب من (ب). (¬4) انظر: المستصفى 1/ 246. (¬5) انظر: البرهان/ 509. (¬6) انظر: المرجع السابق/ 507. (¬7) أخرجه البخاري في صحيحه 1/ 3، ومسلم في صحيحه/ 139 - 140. (¬8) يعني: أن شرع الأنبياء قبله لكل شخص مكلف، فيعمه. (¬9) في (ح): يخالط.

رد: باحتمال مانع. وأجيب -أيضًا-: يعمل بما تواتر فقط، فلا يحتاج إِلى مخالطة. وفيه نظر. .................. ولم يكن - عليه السلام - على ما كان عليه قومه عند أئمة (¬1) الإِسلام، كما تواتر عنه. قال أحمد (¬2): من زعمه فهو قول سوء. .................... وتعبد - عليه السلام - بعد بعثه بشرع من قبله، نقله الجماعة عن أحمد، واختاره أبو الحسن التميمي (¬3) والقاضي (3) وابن عقيل (¬4) والحلواني (¬5) وصاحب الروضة (¬6) وغيرهم، وقاله الحنفية والمالكية والشافعي وأكثر أصحابه. ¬

_ (¬1) في (ب): الأئمة. (¬2) انظر: الواضح 2/ 222أ. (¬3) انظر: العدة/ 756. (¬4) انظر: الواضح 2/ 212 ب. (¬5) انظر: المسودة/ 193. (¬6) انظر: روضة الناظر/ 160.

ثم: منهم من خصه بشرع، كما سبق (¬1). وعند أصحابنا: لا يختص، وقاله المالكية (¬2). فعلى هذا: هو شرع لنا ما لم يُنسخ، قال القاضي (¬3): من حيث صار شرعًا (¬4) لنبينا؛ لا من حيث كان شرعا لمن قبله. وذكر أيضًا (¬5) -كما ذكر أبو محمَّد البغدادي (¬6) من أصحابنا-: أنه شرع لم يُنسخ، فيعمنا لفظا. وقال بعض أصحابنا (¬7): عقلا؛ لتساوي الأحكام، وهو الاعتبار (¬8) المذكور في قصصهم، فيعمنا حكماً. ثم: اعتبر القاضي (¬9) وابن عقيل (¬10) وغيرهما: ثبوته قطعًا. ¬

_ (¬1) في ص 1438. (¬2) انظر: شرح تنقيح الفصول/ 297 - 298، والمنتهى/ 153. (¬3) انظر: العدة/ 753. (¬4) نهاية 442 من (ح). (¬5) انظر: العدة/ 761. (¬6) انظر: المسودة/ 185، 186. (¬7) انظر: المسودة/ 186. (¬8) مثل: المذكور في سورة يوسف: آية 111. (¬9) انظر: العدة/ 753. (¬10) انظر: الواضح 2/ 214 ب.

وقال بعض أصحابنا (¬1) وغيرهم: أو آحادا. وعن أحمد (¬2): لم يتعبد، وليس بشرع (¬3) لنا، اختاره أبو الخطاب (¬4) والآمدي (¬5)، وقاله المعتزلة (¬6) والأشعرية (¬7). وجه الأول: (فبهداهم اقتده) (¬8). رد: أراد الهدى المشترك وهو التوحيد؛ لاختلاف شرائعهم (¬9)، والعقل هادٍ إِليه. ثم: أمر باتباعه بأمر مجدَّد لا بالاقتداء. أجيب: الشريعة من الهدى. وقد (¬10) أمر بالاقتداء. ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 186. (¬2) انظر: العدة/ 756. (¬3) نهاية 227 أمن (ب). (¬4) انظر: التمهيد/ 104 أ. (¬5) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 140. (¬6) انظر: المعتمد/ 901. (¬7) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 140. (¬8) سورة الأنعام: آية 90. (¬9) يعني: وفيها ناسخ ومنسوخ. (¬10) نهاية 154 أمن (ظ).

وإنما يعمل بالناسخ (¬1)، كشريعة واحدة. قال مجاهد لابن عباس، "أسجد في ص؟ "، فقرأ هذه الآية، فقال: "نبيكم - صلى الله عليه وسلم - ممن أُمر أن يقتدي بهم". رواه البخاري (¬2). وأيضاً: (أن أَتبع ملة إِبراهيم) (¬3). رد: أراد التوحيد؛ لأن الفروع ليست ملة، ولهذا لم يبحث عنها، وقال: (وما كان من المشركين) (3)، وقال: (إِلا من سفه نفسه) (¬4). ثم: أمر باتباعها بما أوحي ما إِليه. أجيب: الفروع من الملة تبعًا، كملة نبينا - عليه السلام - لأنها دينه عند عامة المفسرين، قال ابن الجوزي (¬5): هو الظاهر. وذكره البغوي (¬6) عن ¬

_ (¬1) يعني: لا المنسوخ. (¬2) انظر: صحيح البخاري 4/ 161. وأخرج نحوه أحمد في مسنده 1/ 360. وانظر: فتح الباري 8/ 294، 544. (¬3) سورة النحل: آية 123. (¬4) سورة البقرة: آية 130. (¬5) انظر: زاد المسير 4/ 504. (¬6) هو: أبو محمَّد الحسين بن مسعود بن محمَّد الشافعي، إِمام في التفسير والحديث والفقه، توفي سنة 516 هـ. من مؤلفاته: معالم التنزيل في التفسير، وشرح السنة، والتهذيب في الفقه الشافعي. انظر: وفيات الأعيان 1/ 402، وطبقات الشافعية للسبكي 7/ 75، وطبقات المفسرين للداودي 1/ 157، وشذرات الذهب 4/ 48.

الأصوليين (¬1). وقد أمر باتباعها مطلقًا. وكذا: (شرع لكم من الدين ما وصَّى به نوحًا) الآية (¬2). وأيضًا: ظاهر قوله عن التوراة: (يحكم بها النبيون) (¬3)، والمراد: من بعد موسى. وقوله: (ومن لم يحكم بما نزل الله) (3). والقول (¬4) بتعارض الآيات دعوى بلا دليل. وأيضاً: في الصحيحين (¬5): أنه - عليه السلام - قضى بالقصاص في السن، وقال: (كتاب الله القصاص)، وإِنما هذا في التوراة (¬6). ¬

_ (¬1) انظر: تفسير البغوي (معالم التنزيل) 5/ 101. (¬2) سورة الشورى: آية 13. (¬3) سورة المائدة: آية 44. (¬4) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 147. (¬5) هذا الحديث رواه أنس. أخرجه البخاري في صحيحه 3/ 186، وأخرجه مسلم في صحيحه/ 1302، ولم يصرح بأنه في السن، وإنما لفظه: "جرحتْ إِنسانا". وأخرجه أبو داود في سننه 4/ 717، والنسائي في سننه 8/ 26 - 28، وابن ماجه في سننه/ 884 - 885. (¬6) كما جاء في سورة المائدة: آية 45.

وسياق قوله: (فاعتدوا (¬1) عليه) (¬2) في غيره، ولهذا لم يفسر به. وللترمذي والنسائي عن عمر (¬3): أن رجلاً عض يد رجل، فنزعها من فيه، فوقعت ثنيتاه، فقال - عليه السلام -: (لا دية لك)، فأنزل (¬4) الله: (والجروح قصاص) (¬5). وقرئ في السبع برفع (¬6) (الجروح) ونصبها (¬7). وأيضًا: في مسلم (¬8) من حديث أنس وأبي هريرة: (من نسي صلاة ¬

_ (¬1) سورة البقرة: آية 194. (¬2) نهاية 443 من (ح). (¬3) كذا في النسخ. ولعل الصواب: عن عمران. (¬4) انظر: سنن الترمذي 2/ 434، قال: وفي الباب عن يعلي بن أمية وسلمة بن أمية، وهما أخوان، وحديث عمران بن حصين حديث حسن صحيح. وأخرجه النسائي في سننه 8/ 28 - 29 دون ذكر نزول (والجروح قصاص). وفي تحفة الأحوذي 4/ 676: وهذه الجملة -أعني: فأنزل الله (والجروح قصاص) - لم أجدها في غير رواية الترمذي. (¬5) سورة المائدة: آية 45. (¬6) نهاية 227 ب من (ب). (¬7) قرأ نافع وعاصم وحمزة بالنصب، وقرأ الكسائي وابن عامر وأبو عمرو بن العلاء وابن كثير بالرفع. انظر: التبصرة في القراءات السبع/ 315. (¬8) انظر: صحيح مسلم/ 471، 477. وأخرج البخاري في صحيحه 1/ 118 - 119 عن أنس مرفوعًا: (من نسي صلاة فليصل إِذا ذكرها، لا كفارة لها إِلا ذلك (وأقم الصلاة لذكري) قال الزركشي في المعتبر/ 188أ: ولم يذكر البخاري الآية. وانظر: فتح الباري 2/ 72.

فليصلها إِذا ذكرها، فإِن الله قال: (وأقم الصلاة لذكري). (¬1) وهو خطاب لموسى، وسياقه وظاهره: أنه احتج به؛ لا أن أُمَّته أُمرت كموسى. واستدل: بتعبده به قبل بعثه، والأصل بقاؤه. وبالاتفاق على الاستدلال بقوله: (النفس بالنفس) (¬2). رد: بالمنع. واستدل: برجوعه (¬3) -عليه السلام- إِلى التوراة في الرجم (¬4). رد: لإِظهار (¬5) كذبهم، ولهذا لم يرجع في غيره. قالوا: (لكل جعلنا منكم شرعة) (¬6). رد: اختلفت في شيء، فباعتباره: هي شرائع مختلفة. قالوا: لم يذكر في خبر معاذ السابق (¬7) في مسألة الإِجماع. ¬

_ (¬1) سورة طه: آية 14. (¬2) سورة المائدة: آية 45. (¬3) في (ح): لرجوعه. (¬4) أخرجه البخاري في صحيحه 8/ 172، ومسلم في صحيحه/ 1326 من حديث ابن عمر. (¬5) في (ح): باظهار. (¬6) سورة المائدة: آية 48. (¬7) في ص 393.

رد: إِن صح فَلِذِكْره في القرآن، أو عَمَّه "الكتاب"، أو لِقِلَّتِه، أو لعلمه (¬1) بعدم من يثق به. قالوا: أتاه عمر بكتاب، فغضب، وقال: (أمُتَهَوِّكون (¬2) فيها يابن الخطاب؟ والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية)، رواه (¬3) أبو بكر ابن أبي عاصم والبزار (¬4) وأحمد، وزاد (¬5): (ولو كان موسى حيًّا ما ¬

_ (¬1) في (ح): أو علمه. (¬2) في النهاية في غريب الحديث 5/ 282: التهوك كالتهور، وهو الوقوع في الأمر بغير روية، والمتهوك الذي يقع في كل أمر، وقيل: هو التحير. (¬3) هذا الحديث رواه جابر. أخرجه ابن أبي عاصم في السنة/ 6أ، وأحمد في مسنده 3/ 338، 387، والبغوي في شرح السنة 1/ 270، والبزار (انظر: كشف الأستار/ 781 - 79) وقال: لا نعلمه يروى عن جابر إِلا بهذا الإِسناد، وقد رواه سعيد بن زيد عن مجالد. قال الهيثمي في مجمع الزوائد 1/ 174: ورواه أبو يعلى، وفيه مجالد بن سعيد، ضعفه أحمد ... وانظر: المقصد العلي في زوائد أبي يعلى الموصلي/ 8 ب. وأخرجه -أيضًا- البزار- وعند أحمد بعضه- من طريق فيه جابر الجعفي، وهو ضعيف. فانظر: مجمع الزوائد 17411. وقد ورد -أيضًا- من حديث عمر، قال الهيثمي في مجمع الزوائد 1/ 173: رواه أبو يعلى، وفيه عبد الرحمن بن إِسحاق، ضعفه أحمد وجماعة. (¬4) هو: أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق، بصري حافظ محدث، توفي بالرملة سنة 292 هـ. والبزار: نسبة لمن يخرج الدهن من البرز ويبيعه. من مؤلفاته: المسند. انظر: تاريخ بغداد 4/ 334، واللباب 1/ 181، وتذكرة الحفاظ/ 653، والنجوم الزاهرة 3/ 157، وشذرات الذهب 2/ 209. (¬5) وزاده -أيضًا- البزار. فانظر: كشف الأستار 1/ 79، ومجمع الزوائد 1/ 174.

وسعه (¬1) إِلا اتباعي)، ورواه أيضًا (¬2)، وفيه: (والذي نفس محمَّد بيده لو أصبح فيكم موسى ثم اتبعتموه وتركتموني لضللتم). رد: في الأول: مجالد، وفي الثاني: جابر الجعفي، وهما ضعيفان. ثم: لم يشق به. قالوا: لو كان لوجب تعلمها والبحث عنها ومراجعتها في الوقائع، واحتج بها الصحابة. رد: إِن اعتبر المتواتر فقط لم يحتج. ثم: لعدم الوثوق -لتبديلها وتحريفها إِجماعًا- وعدم ضبط وتمييز. قالوا: يلزم أن لا ينسب شرعنا إِلى نبينا. رد: لا يلزم؛ (¬3) لأنه شَرْعه، أو نُظِر إِلى الأكثر. قالوا: شرعه ناسخ إِجماعاً. ¬

_ (¬1) نهاية 154 ب من (ظ). (¬2) هذا الحديث رواه عبد الله بن ثابت. أخرجه أحمد في مسنده 3/ 470 - 471، وأخرجه الطبراني -أيضًا- على ما في مجمع الزوائد 1/ 173، قال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح، إِلا أن فيه جابراً الجعفي، وهو ضعيف. ورواه أبو الدرداء، قال الهيثمي في مجمع الزوائد 1/ 174: رواه الطبراني في الكبير، وفيه أبو عامر القاسم بن محمَّد الأسدي، ولم أَرَ من ترجمة، وبقية رجاله موثقون. (¬3) نهاية 444 من (ح).

رد: لِمَا خالفه؛ (¬1) لأن النسخ عند التنافي، ولهذا لم ينسخ التوحيد ولا تحريم الكفر. واحتج الآمدي (¬2): بأن في الصحيحين (¬3): (أن كل نبي بعث إِلى قومه)، وليس من قومهم. رد: بالمنع، ثم: ثبت بشرعنا. وقد قال بعض أصحابنا: المأخذ الصحيح لهذه المسأله التحسين العقلي، فإِن المثبِت يقول: "الأحكام الشرعية حُسْنها ذاتي لا يختلف باختلاف شرع، فتركُها قبيح"، والنسائي يقول: "حُسْنها شرعي إِضافي، فيجوز حسنه لهم وقبحه لنا". كذا قال. * * * الاستقراء: دليل؛ لإِفادته الظن، ذكره بعض أصحابنا وغيرهم، نحو: الوتر يُفْعل راكباً، فليس واجبا؛ لاستقراء الواجبات. * * * ¬

_ (¬1) نهاية 228 أمن (ب). (¬2) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 147، ومنتهى السول 3/ 53. (¬3) أخرجه البخاري في صحيحه 1/ 70، ومسلم في صحيحه/ 370 - 371 من حديث جابر مرفوعاً.

مذهب الصحابي: إِن [لم] (¬1) يخالفه صحابي: فإِن انتشر ولم ينكَر فسبق (¬2) في الإِجماع. وإن لم ينتشر فعن أحمد روايتان: إِحداهما: حجة مقدمة على القياس، اختاره [أبو بكر (¬3)] (¬4) والقاضي (¬5) وابن شهاب وصاحب الروضة (¬6) وغيرهم، وقاله مالك (¬7) وإِسحاق (¬8) والشافعي (¬9) -في القديم، وفي الجديد أيضاً- والحنفية غير الكرخي، ونقله أبو يوسف (¬10) وغيره عن أبي حنيفة. والثانية: ليس بحجة، ويقدم القياس عليه، اختاره ابن عقيل (¬11) وأبو ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬2) في ص 426. (¬3) انظر: المسودة/ 336. (¬4) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬5) انظر: العدة/ 77 أ- ب. (¬6) انظر: روضة الناظر / 165. (¬7) انظر: شرح تنقيح الفصول / 445. (¬8) انظر: التبصرة/ 395، والمسودة/ 337. (¬9) انظر: مناقب الشافعي للبيهقي 1/ 443 - نقلا عن الرسالة القديمة- واللمع/ 55. (¬10) انظر: أخبار أبي حنيفة وأصحابه/ 10 - 11. (¬11) انظر: الواضح 1/ 291 ب- 130أ، والمسودة/ 337. وفي الجدل على طريقة الفقهاء/ 8: أنه حجة.

الخطاب (¬1) والفخر إِسماعيل (¬2)، وقاله الشافعي في الجديد (¬3) وأكثر أصحابه والكرخي (¬4) وعامة المعتزلة (¬5) والأشعرية (¬6) والآمدي (6)، وذكره ابن برهان (¬7) عن أبي (¬8) حنيفة نفسه: لأنه لا دليل عليه، والأصل عدمه. وسبق (¬9) في دليل القياس: (فاعتبروا) (¬10). واستدل: (فإِن تنازعتم في شيء فردوه إِلى الله والرسول) (¬11). رد: إِن أمكن (¬12)، ثم: قوله من الرسول. ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد/ 141 ب. (¬2) انظر: المسودة/ 337. (¬3) انظر: اللمع / 55، والبرهان/ 1362، والإِحكام للآمدي 4/ 149. (¬4) انظر: أصول السرخسي 2/ 105، وتيسير التحرير 3/ 133، وفواتح الرحموت 2/ 186. (¬5) انظر: المعتمد/ 539 - 540. (¬6) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 149. (¬7) انظر: المسودة/ 337، والوصول لابن برهان / 97أ. (¬8) في (ب): ابن. (¬9) في ص 1311. (¬10) سورة الحشر: آية 2. (¬11) سورة النساء: آية 59. (¬12) يعني: إِن أمكن الرد بأن يكون الحكم المختلف فيه مبينا في الكتاب أو في السنة، وأما بتقدير أن لا يكون مبينا فيهما فلا.

واستدل: يلزم أن قول الأعلم حجة (¬1). رد: لا يلزم لمشاهدة التنزيل وتمام المعرفة. واستدل: يلزم التقليد مع إِمكان الاجتهاد. رد: لا تقليد، وهو حجة. واستدل: يلزم تناقض الحجج. رد: يدفعه الترجيح أو الوقف أو (¬2) التخيير كبقية (¬3) الأدلة. قالوا: (كنتم خير أمة) (¬4). رد: للجميع. قالوا: (أصحابي كالنجوم، بأيهم اقتديتم اهتديتم) (¬5). رواه (¬6) ¬

_ (¬1) نهاية 228 ب من (ب). (¬2) نهاية 155 أمن (ظ). (¬3) في (ظ): وكبقية. (¬4) سورة آل عمران: آية 110. (¬5) هذا الحديث ورد بألفاظ، ومن طرق حكم عليها أكثر العلماء بالضعف، وقال بعضهم: إِنه موضوع. فراجع -إِن شئت-: جامع بيان العلم وفضله 2/ 110 - 111، والفقيه والمتفقه 1/ 177، والكفاية/ 48، والإحكام لابن حزم / 1057، وملخص إِبطال القياس/ 53 - 54، والمعتبر/ 18 ب، والتلخيص الحبير 4/ 190، وتخريج أحاديث الإِحياء (المغني عن حمل الأسفار) للعراقي 1/ 25، وتخريج أحاديث المنهاج للعراقي/ 299، وسلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة/ 78 - 85، 439. (¬6) نهاية 445 من (ح).

عثمان (¬1) الدارمي (¬2) وابن عدي (¬3) وأبو ذر (¬4) من حديث عمر من رواية عبد الرحيم بن زيد العمي (¬5)، ومن حديث ابن عمر من رواية حمزة الجزري (¬6)، وروي حديث جماعة. ¬

_ (¬1) في مسنده. انظر: المعتبر/ 18 ب. (¬2) هو: أبو سعيد عثمان بن سعيد بن خالد السجستاني، محدث هراة، حافظ فقيه، توفي سنة 280 هـ. من مؤلفاته: المسند الكبير، والرد على الجهمية. انظر: طبقات الحنابلة 1/ 221، وتذكرة الحفاظ/ 621، وطبقات الشافعية للسبكي 2/ 302، والبداية والنهاية 11/ 69. (¬3) انظر: الكامل 1/ 552، مخطوط. (¬4) يعني: الهروي. انظر: الإِحكام لابن حزم/ 1057. وهو: عبد بن أحمد بن محمَّد الأنصاري المالكي، المعروف بابن السماك، عالم حافظ، توفي سنة 434 هـ. من مؤلفاته: دلائل النبوة، وشمائل القرآن. انظر: تبيين كذب المفتري/ 255، وتاريخ بغداد 11/ 141، والعبر 3/ 180، وتذكرة الحفاظ/ 1103، والنجوم الزاهرة 5/ 36. (¬5) هو: أبو زيد البصري، روى عن أبيه ومالك بن دينار، وعنه أحمد بن محمَّد الأزرقي وغيره، توفي سنة 184 هـ. قال البخاري: تركوه. وقال ابن معين: كذاب. وقال مرة: ليس بشيء. وقال الجوزجاني: غير ثقة. وقال أبو حاتم: ترك حديثه. وقال أبو زرعة: واه. وقال أبو داود: ضعيف. انظر: يحيى بن معين وكتابه التاريخ 2/ 362، وميزان الاعتدال 2/ 605، وتهذيب التهذيب 6/ 305. (¬6) هو: أبو الحسن حمزة بن أبي حمزة ميمون الجعفي النصيبي، روى عن عمرو بن دينار وأبي الزبير ومكحول وغيرهم، وعنه حمزة الزيات وغيره. قال ابن معين:=

رد: لا يصح عند علماء الحديث، وعبد الرحيم وحمزة لا يحتج بهما عندهم. قال أحمد: لا يصح. وذكره في رواية حنبل، قال القاضي: فقد احتج به، فدل على صحته عنده. رد: سبق (¬1) كلامه في الخبر الضعيف، ثم: الرواية الأولى أصح وأصرح. ثم: لا يدل على عموم الاهتداء في كل (1/ 1) ما يقتدى فيه، فالمراد الاقتداء في طرق الاجتهاد أو في روايتهم (¬2)، أو هو خطاب للعامة. وبه يعرف جواب ما سبق (¬3) في الإِجماع: أن الحجة قول الخلفاء أو قول أبي بكر وعمر. وأجاب في التمهيد (¬4): بأنها لا تفيد العلم، وأن أحدا لم يوجب الاقتداء بأبي بكر وعمر فقط. كذا قال. ¬

_ =لا يساوي فلسا. وقال البخاري: منكر الحديث. وقال الدارقطني: متروك. وقال ابن عدي: عامة ما يرويه موضوع. انظر: يحيى بن معين وكتابه التاريخ 2/ 134، وميزان الاعتدال 1/ 606، وتهذيب التهذيب 3/ 28. (¬1) في ص 557 وما بعدها. (1/ 1) في (ظ): فيما يقتدى. (¬2) في (ح): روايته. (¬3) في ص 411، 414 - 415. (¬4) انظر: التمهيد/ 142 ب-143 أ.

قالوا: في البخاري (¬1): أن عبد الرحمن بن عوف قال لعثمان: "أبايعك على سنة الله ورسوله والخليفتين من بعده"، فبايعه عبد الرحمن وبايعه الناس. رد: في السياسة، ولهذا: بينهم خلاف في الأحكام. وذكر الآمدي (¬2): أن مذهب صحابي ليس بحجة على صحابي إِجماعًا، وكذا نقل ابن عقيل (¬3)، وزاد (¬4): ولو كان أعلم أو إِماما أو حاكما. وسبقت (¬5) في الإِجماع المسألة. قالوا: يقدم مع قياس ضعيف على قياس قوي، فقدم مطلقًا، كقول الشارع. رد: بالمنع، ذكره في الواضح (¬6)، وكذا التمهيد (¬7)، ثم سلّمه، وقاله القاضي (¬8)؛ لاجتماعهما كشاهدين ويمين مع شاهد. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في صحيحه 9/ 78 من رواية المسور بن مخرمة. وورد نحوه في مسند أحمد 1/ 75 من رواية أبي وائل شقيق بن سلمة، وهو من زيادات عبد الله بن أحمد. وانظر: فتح الباري 13/ 198. (¬2) انظر: الإحكام للآمدي 4/ 149. (¬3) انظر: الواضح 1/ 130أ، والجدل على طريقة الفقهاء/ 8، والمسودة/ 340. (¬4) نهاية 229 أمن (ب). (¬5) في ص 412. (¬6) انظر: الواضح 1/ 130 أ. (¬7) انظر: التمهيد/ 143 أ. (¬8) انظر: العدة/ 176 ب-177 أ.

قالوا: قال الزهري لصالح بن كيسان (¬1): "نكتب ما جاء عن الصحابة، فإِنه سنة"، فقال: "ليس بسنة، فلا (¬2) نكتبه (2/ 1) "، قال: "فَأَنْجَحَ وضعت" (¬3). رواه (¬4) أحمد عن عبد الرزاق عن معمر عن صالح. رد: لا حجة فيه. ..................... مذهب الصحابي فيما يخالف القياس: توقيف ظاهرا -لوجوب حسن الظن به- عند أحمد (¬5) والقاضي (¬6) وصاحب المغني والحنفية، وذكره أبو ¬

_ (¬1) هو: أبو محمَّد -ويقال: أبو الحارث- المدني، عالم ثقة فقيه، توفي بعد سنة 140 هـ. قال الذهبي: رمي بالقدر، ولم يصح عنه ذلك. انظر: يحيى بن معين وكتابه التاريخ 2/ 264، وميزان الاعتدال 2/ 299، وتهذيب التهذيب 4/ 399. (¬2) في (ح): ولا. (2/ 1) في (ب) و (ظ): تكتبه. (¬3) في مصنف عبد الرزاق وغيره: وضيعت. (¬4) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه 11/ 259، وابن سعد في الطبقات 2/ 2/ 135، والخطيب في تقييد العلم 106/ -107، وأبو نعيم في الحلية 3/ 360 - 361، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 1/ 92، 2/ 228 من طرق في أحدها: أحمد عن عبد الرزاق ... إِلخ. (¬5) انظر: المسودة / 338. (¬6) انظر: العدة/ 178 ب.

المعالي (¬1) اختيار (¬2) الشافعي، قال: وبنينا عليه مسائل، كتغليظ الدية (¬3) بالحرمات الثلاث (¬4). وعند ابن عقيل (¬5) والشافعية (¬6): لا -وكذا أبو الخطاب (¬7)، وأطلق وجهين- (¬8). لأنه يلزم كونه حجة على صحابي. رد: نقول به، وقاله أبو المعالي (¬9). وأيضاً: يعارض خبرا متصلاً. ¬

_ (¬1) انظر: البرهان/ 1361 - 1362، والمسودة/ 470. (¬2) في (ظ): واختار. (¬3) أخرج الشافعي في الأم 6/ 92 - 93، ط/ بولاق: أخبرنا سفيان عن ابن أبي نجيح: أن رجلاً أوطأ امرأة بمكة، فقضى فيها عثمان بن عفان بثمانية آلاف درهم، دية وثلث. قال الشافعي: ذهب عثمان إِلى التغليظ لقتلها في الحرم. وأخرج الأثر عبد الرزاق في مصنفه 9/ 298، والبيهقي في سننه 8/ 70 - 71. (¬4) الحرمات الثلاث: حرمة الحرم، وحرمة الإِحرام، وحرمة الشهر الحرام. (¬5) كذا -أيضًا- حكي عنه في المسودة/ 338. والذي في الجدل على طريقة الفقهاء لابن عقيل/ 8: أنه توقيف. (¬6) انظر: التبصرة/ 399، والمستصفى 1/ 260 - 261. (¬7) انظر: التمهيد/ 128 أ. (¬8) نهاية 446 من (ح). (¬9) انظر: البرهان/ 1361، والمسودة/ 470.

رد: نعم عند أبي الخطاب (¬1). ثم: المتصل ثبت (¬2) بالنقل، فقُدِّم. وأيضاً: لا يجوز إِضافته إِلى النبي - عليه السلام - بالظن. رد: بالمنع، كخبر الواحد. (¬3). وأيضاً: لو كان لَنَقله؛ لئلا يكون كاتمًا للعلم. رد: يحتمل أنه نقله ولم يبلغنا، أوظن نقل غيره له فاكتفى به، أو كَرِه الرواية. ...................... مذهب التابعي (¬4) ليس حجة عند أحمد والعلماء؛ للتسلسل. وذكر بعض الحنفية عنه روايتين. وسبق (¬5) اختلاف الرواية عن أحمد في تفسيره (¬6). وقال (¬7) ابن عقيل (¬8): لا يخص (¬9) به العموم، ولا يفسر به؛ لأنه ليس ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد 128 أ. (¬2) في (ظ): يثبت. (¬3) نهاية 155 ب من (ظ). (¬4) انظر: المسودة/ 339، وفواتح الرحموت 2/ 188. (¬5) في ص 625. (¬6) يعني: في قبول تفسير التابعي. (¬7) في (ح): وقاله. (¬8) انظر: الواضح 2/ 110أ. (¬9) نهاية 229 ب من (ب).

بحجة، قال (¬1): "وعنه جواز ذلك"، ثم ذكر قول أحمد: لا يكاد يجيء شيء عن التابعين إِلا يوجد عن الصحابة. قال بعض أصحابنا (¬2): كلام أحمد (¬3) يعم تفسيره وغيره. ويتوجه على هذا قطع التسلسل بالقرون الثلاثة؛ لثنائه - عليه السلام - عليها. ................. وكذا لو خالف القياس في ظاهر كلام أحمد وأصحابنا وغيرهم، وذكره ابن عقيل (¬4) محل وفاق. وذكر صاحب (¬5) المحرر -عن قول الحسن (¬6): "ينجس ماء غَمَس فيه يده قائمٌ من نوم الليل"-: الظاهر أنه توقيف عن صحابي أو نص. وقاله عن قول أسد بن وداعة (¬7) في التخفيف بقراءة "يس" ¬

_ (¬1) انظر: الواضح 2/ 110 أ- ب. (¬2) انظر: المسودة/ 177. (¬3) يعني: في قول التابعي. (¬4) انظر: المسودة/ 339. (¬5) انظر: المرجع السابق. (¬6) انظر: المصنف لابن أبي شيبة 1/ 100، والمحلى 1/ 281، والمغني 1/ 73 - 74، والمجموع 1/ 399، وشرح النووي على صحيح مسلم 1/ 180. (¬7) الشامي، من صغار التابعين، ناصبي يسب، قال ابن معين: كان هو وأزهر الحرازي وجماعة يسبون عليا. وقال النسائي: ثقة. انظر: ميزان الاعتدال 1/ 207.

عند المحتضر (¬1). وقد احتج أحمد -في أقل الحيض- بقول عطاء: أقله يوم (¬2). وقاله ابن الأنباري (¬3) المتأخر (¬4) -في "حلية العربية"- في قول مقاتل (¬5): كلام أهل السماء عربي. ¬

_ (¬1) في المغني 2/ 335: رواه سعيد: حدثنا فرج بن فضالة عن أسد بن وداعة. أ. هـ. أقول: فرج بن فضالة ضعفه جماعة، فانظر: ميزان الاعتدال 3/ 343، وتهذيب التهذيب 8/ 260. وأخرج أحمد في مسنده 4/ 105: ثنا أبو المغيرة ثنا صفوان قال: كان المشيخة يقولون: إِذا قرئت عند الميت -يعني: يس- خفف عنه بها. قال ابن حجر في التلخيص 2/ 104: وأسنده صاحب الفردوس من طريق مروان بن سالم عن صفوان بن عمرو عن شريح عن أبي الدرداء وأبي ذر قالا: قال رسول الله: ما من ميت يموت فيقرأ عنده "يس" إِلا هون الله عليه. (¬2) أخرجه الدارمي في سننه 1/ 172، والدارقطني في سننه 1/ 208، والبيهقي في سننه 1/ 320. وعلقه البخاري في صحيحه 1/ 68 بلفظ: وقال عطاء: الحيض يوم إِلى خمسة عشر. وانظر: فتح الباري 1/ 425. (¬3) في (ظ): والمتأخر. (¬4) هو: أبو البركات عبد الرحمن بن محمَّد بن عبد الله، من علماء النحو واللغة والأدب، ولد سنة 513 هـ، وسكن بغداد، وبها توفي سنة 577 هـ. من مؤلفاته: حلية العربية، وأسرار العربية، والإِنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين الكوفيين والبصريين. انظر: وفيات الأعيان 1/ 279، وفوات الوفيات 1/ 262، والروضتين 2/ 27، وبغية الوعاة/ 301. (¬5) هو: أبو الحسن مقاتل بن سليمان البلخي، من أعلام المفسرين، أصله من بلخ، انتقل=

الاستسحان

الاستسحان: أطلق أحمد (¬1) القول به في مواضع، وقاله الحنفية. قال عبد الوهاب (¬2): لم ينص عليه مالك، وكتب أصحابنا مملوءة منه، كابن القاسم (¬3) وأشهب (¬4) وغيرهما. ¬

_ =إِلى البصرة، ودخل بغداد فحدث بها، روى عن مجاهد والضحاك وابن بريدة، وعنه: حرمي بن عمارة وعلي بن الجعد وخلق، توفي بالبصرة سنة 150 هـ. قال ابن المبارك: ما أحسن تفسيره لو كان ثقة. وكذبه وكيع والنسائي وغيرهما، وقال ابن حبان: كان يأخذ عن اليهود علم الكتاب، وكان مشبها يكذب. من مؤلفاته: التفسير الكبير، ومتشابه القرآن. انظر: يحيى بن معين وكتابه التاريخ 2/ 583، وتاريخ بغداد 13/ 160، وميزان الاعتدال 4/ 173، وتهذيب التهذيب 10/ 279. (¬1) انظر: العدة/ 251 ب. (¬2) انظر: المسودة / 451. (¬3) هو: أبو عبد الله عبد الرحمن بن القاسم بن خالد العتقي المصري المالكي، حافظ فقيه، وهو أثبت الناس في مالك وأعلمهم بأقواله، ولد سنة 132 هـ، وتوفي بمصر سنة 191 هـ. انظر: ترتيب المدارك 1/ 433، والديباج المذهب/ 146، وشجرة النور الزكية/ 58. (¬4) هو: أبو عمرو أشهب بن عبد العزيز بن داود القيسي المعافري الجمدي، الفقيه المالكي، اسمه مسكين، وأشهب لقب، ولد سنة 140 هـ، وانتهت إِليه رئاسة المالكية في=

وقال الشافعي (¬1): أستحسن في التعة ثلاثين درهما، وثبوت الشعفة إِلى ثلاثة أيام، وترك شيء من الكتابة له، وأن لا تقطع يمنى سارق أخرج يده اليسرى فقطعت. والأشهر عنه: إِنكاره، وقاله أصحابه، وقال: "من استحسن فقد شرع"، وأنكره على الحنفية. وعن أحمد (¬2): الحنفية تقول: "نستحسن هذا، وندع القياس"، فتدع ما تزعمه (¬3) الحق بالاستحسان (¬4)، وأنا أذهب إِلى كل حديث جاء ولا أقيس عليه (¬5). قال القاضي (¬6): هذا يدل (¬7) على إِبطاله. وقال أبو الخطاب (¬8): "أنكر استحسانا بلا دليل"، قال: ومعنى "أذهب ¬

_ =مصر بعد موت ابن القاسم، وتوفي بها سنة 204 هـ. انظر: ترتيب الدارك 1/ 447، والديباج الذهب/ 98، وشجرة النور الزكية/ 59. (¬1) انظر: المحصول 2/ 3/ 172 - 173، والإحكام للآمدي 4/ 157. (¬2) انظر: العدة/ 251 ب، والمسودة/ 452. (¬3) في (ظ): ما يزعمه. (¬4) في (ح): الحق من استحسان. (¬5) نهاية 230 أمن (ب). (¬6) انظر: العدة/ 251 ب. (¬7) نهاية 447 من (ح). (¬8) انظر: التمهيد/ 169 أ.

إِلى ما جاء ولا أقيس" أي: أترك القياس بالخبر، وهو الاستحسان بالدليل. .................... ثم: ثبوت استحسان -مختلف فيه- فيه انظر: فحكى بعضهم (¬1) عن أبي حنيفة: ما استحسنه المجتهد بلا دليل. وهو نقل باطل، والإِجماع [قبله] (¬2) خلافه. وعن (¬3) بعض أصحابه: دليل ينقدح في نفس المجتهد يعجز عن التعبير عنه. قال في الروضة (¬4): ما لا يُعَبَّر عنه لا يُدرَى: أَوَهْمٌ أو تحقيق؟ ومراده (¬5): ما قال الآمدي (¬6): يُرَدّ إِن شك فيه (¬7)، وإلا عمل به اتفاقا. ومراده: الناظر لا المناظر (¬8). وقيل: ترك قياس لقياس أقوى منه. ¬

_ (¬1) انظر: اللمع/ 71، والتبصرة/ 492. (¬2) ما بين المعقوفتين من (ظ). (¬3) انظر: المنخول/ 375، والإِحكام للآمدي 4/ 156. (¬4) انظر: روضة الناظر/ 169. (¬5) في (ح): فمراده. (¬6) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 157، ومنتهى السول 3/ 55. (¬7) في (ب): وفيه. (¬8) نهاية 156 أمن (ظ).

وأبطله في التمهيد (¬1) وغيره: بأنه (¬2) لو تَرَكه لنص كان اسحساناً (¬3). وفي مقدمة المجرد: تَرْك قياس لما هو أولى منه، أومأ إِليه أحمد. وأبطل في التمهيد (¬4) قوله في العدة (¬5): "ترك حكم لحكم أولى" -وقاله الكرخي (¬6) -: بأن (¬7) القوة للأدلة لا للأحكام، واختار أن كلام أحمد يقتضي: أنه عدول عن موجَب قياس لدليل أقوى. واختاره في الواضح (¬8). وذكر الحلواني (¬9) [من أصحابنا] (¬10) -وقاله القاضي (¬11) أيضًا-: القول بأقوى الدليلين. ولا نزاع معنوي في ذلك. ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد/ 169 ب. (¬2) في (ح): لأنه. (¬3) يعني: فالتعريف غير جامع. (¬4) انظر: التمهيد/ 169 ب. (¬5) انظر: العدة/ 252أ. (¬6) انظر: أصول الجصاص/ 295 أ. (¬7) في (ح): لأن. (¬8) انظر: الواضح 1/ 144 أ. (¬9) انظر: المسودة/ 454. (¬10) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ظ). (¬11) انظر: العدة/ 252 ب.

وقيل: عدول عن (¬1) حكم الدليل إِلى العادة لمصلحة الناس، كشرب الماء من السقاء ودخول الحمام. قلنا: مستنده فعله زمنه عليه السلام، أو زمن (¬2) العلماء وعلموه ولم ينكَر، أو غيره من دليل، وإلا رد. .................... وعند الحنفية (¬3): يثبت الاستحسان بالأثر -كالسلم (¬4) والإِجارة (¬5) وبقاء الصوم (¬6) في الناسي (¬7) - وبالإِجماع، وبالضرورة كتطهير الحياض. وسمَّوا ما ضعف أثره "قياسًا"، والقوي"استحسانًا" أي: قياسا مستحسنًا لقوة أثره، كتقديمه في طهارة (¬8) سباع الطير. ¬

_ (¬1) في (ظ): على الحكم. (¬2) في (ظ): أو زمنا. (¬3) انظر: أصول السرخسي 2/ 199، وكشف الأسرار 4/ 4، وتيسير التحرير 4/ 78. (¬4) انظر: ص 951. (¬5) ورد جوازها ومشروعيتها في الكتاب، قال تعالى: (فإِن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن) سورة الطلاق: آية 6. وورد في أخبار كثيرة، فانظر: صحيح البخاري 3/ 88 وما بعدها. (¬6) نهاية 230 ب من (ب). (¬7) أخرجه البخاري في صحيحه 3/ 31، ومسلم في صحيحه/ 809 من حديث أبي هريرة مرفوعًا. (¬8) في (ظ): طهارتي.

وقدموا قياسًا ظهر فساده واستتر أثره على استحسان ظهر أثره واستتر فساده، كالركوع بدل سجود التلاوة للخضوع الحاصل به؛ لأن السجود لم يؤمر به لعينه، فلم يشرع قربةً مقصودة. وفرقوا بين الاستحسان بالثلاثة الأول وبالقياس الخفي: بصحة التعدية به دونها (¬1)، كالاختلاف في ثمن مبيع قبل قبضه: لا يحلف بائع قياسًا -لأنه مدَّعِ- ويحلف استحسانًا؛ لإِنكاره تسليمه بما (¬2) يدعيه مشتر (¬3)، فيتعدى إِلى الوارث والإِجارة، وبعد قبضه: ثبتت اليمين بالأثر (¬4)، فلم يتعد إِلى (¬5) وارث إلى حال تلف مبيع. كذا قالوا، ولا يخفى ما فيه، ومثل هذا لم يقل به أحمد والشافعي. والله أعلم. .................. وإن ثبت استحسان مختلف فيه فلا دليل عليه، والأصل عدمه. وقوله تعالى: (واتبعوا (¬6) أحسن ما أنزل) (¬7): لا نسلِّم أن هذا مما ¬

_ (¬1) يعني: لأنها غير معلولة. (¬2) نهاية 44 من (ح). (¬3) يعني: بما يدعيه المشتري ثمنا. (¬4) انظر: ص 963 من هذا الكتاب. (¬5) نهاية 156 ب من (ظ). (¬6) في (ظ): واتبع أحسن ما أنزل إِليك. (¬7) سورة الزمر: آية 55.

أنزل فضلا عن كونه أحسن، ولم يفسره (¬1) به أحد. و"ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن" سبق (¬2) في الإِجماع، وهو (¬3) (¬4) المراد (¬5) قطعا. ونازع ابن عقيل (¬6) الحنفية، وقال: "القياس هو موضع (¬7) الاستحسان"، وأنه يتصور الخلاف معهم في ترك القياس للعرف (¬8) والعادة، واحتج: بأن القياس حجة، فلا يجوز تركه لعرف (¬9) طارئ كغيره. * * * المصالح المرسلة: سبقت (¬10) في المسلك الرابع "إِثبات العلة بالمناسبة" (¬11). ¬

_ (¬1) في (ظ): ولم يفسر. (¬2) في ص 386. (¬3) في (ح): فهو. (¬4) يعني: الإِجماع. (¬5) يعني: من هذا الأثر. (¬6) انظر: الواضح 1/ 145 أ. (¬7) في (ب) و (ظ): وضع. (¬8) في (ظ): في العرف. (¬9) في (ظ): بعرف. (¬10) في ص 1283، 1287 - 1292. (¬11) نهاية/ 231أمن (ب).

قال بعض أصحابنا (¬1): أنكرها متأخرو أصحابنا -من أهل الأصول والجدل- وابن الباقلاني وجماعة من المتكلمين، وقال بها مالك والشافعي في قول قديم، وحكي عن (¬2) أبي حنيفة، وقال ابن برهان: "الحق ما قاله الشافعي: إِن لاءمت أصلاً كليا أو جزئيا قلنا بها، وإلا فلا"، قال: ومالك لا يخالف هذا المذهب. وذكر أبو الخطاب (¬3) -في تقسيم أدلة الشرع- أن الاستنباط: قياس، واستدلال بأمارة أو علة، وبشهادة الأصول. قال بعض أصحابنا (¬4): الاستدلال بأمارة أو علة هو المصالح، وأنكر بعض أصحابنا مذهبا ثالثا فيها. والله أعلم. ...................... ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 450 - 451. (¬2) في (ب): على. (¬3) انظر: التمهيد/ 222أ، وانظر أيضًا: نسخة جامعة الإِمام من كتاب التمهيد 2/ 268، والمسودة/ 451. (¬4) انظر: المسودة/ 451.

الاجتهاد

الاجتهاد لغة: (¬1) استفراغ الوسع لتحصيل أمر (¬2) مشق (¬3). واصطلاحاً: استفراغ الفقيه وسعه لدرك حكم شرعي. وسبق (¬4) تعريف الحكم والفقيه والأصولي. وفي ورود النبي عليه السلام - على عكسه- نظر. وقد عرف (¬5) المجتهِد والمجتهَد فيه خاصة. مسألة يتجزأ الاجتهاد عند أصحابنا وغيرهم، وجزم به الآمدي (¬6)، خلافا لبعضهم. وذكر بعض أصحابنا مثله، وقولا "يتجزأ في باب لا مسألة". لنا: أن من اطلع على أدلةِ مسألةٍ كغيره فيها ظاهرا، واحتمالُ تعلقِ ما لم يعلمه بها بعيد، كمسائل الطهارة والذكاة بالنسبة إِلى الفرائض، فلا ¬

_ (¬1) انظر: معجم مقاييس اللغة 1/ 487، والصحاح/ 460 - 461. (¬2) نهاية 157أمن (ظ). (¬3) كذا في النسخ. ولعلها: يشق. (¬4) في ص 180، 11، 16 من هذا الكتاب. (¬5) يعني: عرف من هذا التعريف معنى المجتهد ومعنى المجتهد فيه. (¬6) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 164.

مسألة

يضر، كخفاء بعضها عن مجتهد مطلق، ثم: الفرض علمه بأدلتها. وأيضًا: تواتر توقف الصحابة والأئمة، والظاهر أنه ليس كله (¬1) لتعارضِ (¬2) الأدلة وعدم استفراغ الوسع لمانع. مسألة يجوز اجتهاده - عليه السلام - في أمر الدنيا، ووقع منه إِجماعًا. ويجوز في أمر الشرع عقلاً عند أصحابنا والجمهور. ويجوز شرعا، ووقع، اختاره من أصحابنا: ابن بطة (¬3) -وذكر عن أحمد نحوه- والقاضي (3) -وقال: أومأ إِليه أحمد- وأبو الخطاب (¬4) وابن عقيل (¬5) وابن الجوزي (¬6) وصاحب الروضة (¬7)، وقاله الحنفية وأكثر الشافعية. ومنعه أكثر المعتزلة (¬8) والأشعرية (¬9)، واختاره من أصحابنا ¬

_ (¬1) نهاية 231 ب من (ب)، ونهاية 449 من (ح). (¬2) في (ب): كتعارض. (¬3) انظر: العدة/ 346 ب، والمسودة/ 507، 508. (¬4) انظر: التمهيد / 152أ. (¬5) انظر: المسودة/ 507. (¬6) انظر: زاد المسير 8/ 63. (¬7) انظر: روضة الناظر/ 356. (¬8) انظر: المعتمد/ 761، وكشف الأسرار 3/ 205. (¬9) انظر: كشف الأسرار 3/ 205، والمسودة/ 507.

أبو حفص (¬1) العكبري (¬2) وابن حامد (¬3)، وقال: "هو قول أهل الحق"، وذكره القاضي (¬4) ظاهر كلام أحمد في رواية عبد الله (وما ينطق عن الهوى) (¬5). وذكر الشافعي (¬6) أول رسالته (¬7) فيه خلافا، وجوزه فيها من غير قطع، كأبي المعالي (¬8) -وغيره من أصحابه- وعبد الجبار (¬9) وأبي الحسين. وجوزه القاضي (¬10) -أيضًا- في أمر الحرب فقط، كالجبائي (¬11). وتوقف بعض أصحابنا وغيرهم. ¬

_ (¬1) انظر: العدة / 247أ، والمسودة/ 508. (¬2) هو: عمر بن إِبراهيم بن عبد الله، ويعرف بابن المسلم، ذو معرفة قوية بالمذهب الحنبلي، توفي سنة 387 هـ. من مؤلفاته: المقنع، وشرح مختصر الخرقي. انظر: طبقات الحنابلة 2/ 163، والمنهج الأحمد 2/ 73. (¬3) انظر: المسودة/ 507. (¬4) انظر: العدة / 247أ. (¬5) سورة النجم: آية 3. (¬6) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 165، والمسودة/ 507. (¬7) الرسالة للشافعي: هي أول مصنف في أصول الفقه. (¬8) انظر: البرهان/ 1356، والمسودة/ 506 - 507. (¬9) انظر: المعتمد/ 762. (¬10) انظر: المسودة/ 506. (¬11) انظر: المعتمد/ 761، والإِحكام للآمدي 4/ 165، والمسودة/ 507.

وجه الأول: لا يلزم منه محال. والأصل مشاركته لأمته. وظاهر قوله: (فاعتبروا) (¬1)] (وشاورهم) (¬2)، وطريق المشاورة الاجتهاد. وفي مسلم (¬3): أنه استشار في أسرى بدر، فأشار أبو بكر بالفداء، فأعجبه، وعُمَرُ بالقتل، فجاء عمر من الغد، وهما يبكيان، وقال - عليه السلام -: (أبكي للذي عرض عليَّ (¬4) أصحابك من أخذهم الفداء)، وأنزل الله: (ما كان لنبي) (¬5). وأيضًا: (عفا الله عنك لِمَ أذنت لهم) (¬6)، قال في الفنون: هو من أعظم دليلٍ لرسالته؛ إِذ لو كان من عنده سَتَرَ على نفسه أو صَوَّبه لمصلحة (¬7) يدعيها، فصار رتبة لهذا المعنى، كَسَلْبِه الخَطّ (¬8). ¬

_ (¬1) سورة الحشر: آية 2. (¬2) سورة آل عمران: آية 159. (¬3) أخرجه مسلم في صحيحه / 1383 - 1385 من حديث عمر. وأ خرجه أحمد في مسنده 1/ 30 - 31، والطبري في تفسيره 14/ 63 - ط: دار المعارف- والواحدي في أسباب النزول / 137 - 138، وانظر: تفسير ابن كثير 2/ 289. (¬4) نهاية 157 ب من (ظ). (¬5) سورة الأنفال: آية 67. (¬6) سورة التوبة: آية 43. (¬7) نهاية 232 أمن (ب). (¬8) في (ب): الحظ.

وفي الصحيحين (¬1): (لو استقبلت [من أمري] (¬2) ما استدبرت لما سقتُ الهدي)، وإنما يكون ذلك فيما لم يوحَ. واستدل: (بما أراك الله) (¬3)، أي: بما جعله لك رأيًا؛ لأن الإِراءة ليست الإِعلام، وإلا لَذَكَرَ المفعول الثالث لذكرِ الثاني. رد: "ما" مصدرية، فلا ضمير, ويجوز حذف المفعولين. ولو كانت موصولة حذف الثالث للثاني (¬4). واستدل: اجتهاده أثوب للمشقة. رد: عدمُه لِعلوِّ درجته. قالوا: (وما ينطق عن الهوى) (¬5). أجيب: رد على منكري (¬6) القرآن. ثم: تعبده بالاجتهاد بوحي، فنطقه عن وحي. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في صحيحه 9/ 83، ومسلم في صحيحه/ 879 من حديث عائشة مرفوعًا. (¬2) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬3) سورة النساء: آية 105. (¬4) يعني: لأن الثاني محذوف. (¬5) سورة النجم: آية 3. (¬6) في (ح): منكر.

قالوا: لو اجتهد لجاز مخالفته فيه؛ لجواز (¬1) مخالفة المجتهد لكنه يكفر إِجماعَا. رد: لتكذيبه. قال (¬2) في التمهيد (¬3) والواضح وغيرهما: وكالإِجماع عن اجتهاد. قالوا: لو جاز لم يتأخر في جواب. رد: لجواز وحيٍ أو استفراغ وسعه فيه، أو تعذره. قالوا: قادر على العلم، فلم يجز الظن. رد: القدرة بعد (¬4) الوحي، كحكمه (¬5) بالشهادة. قالوا: فيه تهمة وتنفير، فَيُخِلّ بمقصود البعثة. رد: بالنسخ. ثم: بنفيه بصدقه بالمعجزة القاطعة. واحتج أبو -حفص (¬6) بما رواه عنه - عليه السلام -: (لا يسألني الله عن ¬

_ (¬1) في (ح): بجواز. (¬2) نهاية 450 من (ح). (¬3) انظر: التمهيد/ 152 ب. (¬4) يعني: إِنما تكون بعد الوحي. (¬5) في (ح): لحكمه. (¬6) قال القاضي في العدة / 247أ: وذكر أبو حفص في الجزء السابع من البيوع في باب التسعير: ... عن أبي فضلة قال: أصاب الناس على عهد رسول الله سنة، فقالوا:=

سنة أحدثتها فيكم لم يأمرني بها). واحتج به أبو القاسم بن مندة (¬1) في ذم من فَعَلَ عبادة بلا شرع. رد: سبق جوابه إِن صح. وللشافعي عن عبيد بن عمير مرسلاً: (إِني والله لا يُمْسك عليّ الناس بشيء، ألا إِني لا أحل (¬2) إِلا ما أحل الله في كتابه، ولا أحرم إِلا ما حرم الله في كتابه) (¬3). ¬

_ =يا رسول الله، سعر لنا. فقال: (لا يسألني الله عن سنة أحدثتها فيكم لم يأمرني الله بها). وانظر: المسودة/ 508. (¬1) هو: عبد الرحمن بن محمَّد بن إِسحاق العبدي الأصبهاني، حافظ مؤرخ، ولد بأصبهان سنة 383 هـ، وكان شديداً في السنة، قويًا على أهل البدع، وتوفي سنة 470 هـ. انظر: طبقات الحنابلة 2/ 242، وفوات الوفيات 1/ 260، وتاريخ ابن الوردي 1/ 379، والنجوم الزاهرة 5/ 105. (¬2) نهاية 232 ب من (ب). (¬3) انظر: مسند الشافعي (مطبوع آخر الجزء الثامن من الأم 8/ 344)، وانظر: الأم 1/ 80. وأخرجه ابن حزم في الإِحكام/ 251 وقال: هذا مرسل لا يصح، وأخرجه -أيضًا- في الإحكام/ 250 من طريق ... مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن: أن رسول الله قال ... قال ابن حزم: وهذا مرسل، إِلا أن معناه صحيح. وقد أخرجه الشافعي في المسند (انظر: بدائع المنن 1/ 18)، وفي جماع العلم/ 113: أخبرنا ابن عيينة بإِسناد أن رسول الله قال ... وأخرجه من طريقه البيهقي في المعرفة 1/ 25: ... أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا ابن عيينة بإِسناد عن طاوس: أن رسول الله=

مسألة

مسألة يجوز الاجتهاد لمن عاصره - عليه السلام - عقلاً، ذكره الآمدي (¬1) عن الأكثر. وخالف قوم واختاره أبو الخطاب (¬2). ويجوز شرعا، ووقع ذكره في العدة (¬3) والواضح وغيرهما وأكثر الشافعية. ومنعه قوم مع القدرة، وذكره في مقدمة المجرد (¬4). ومنعه قوم لمن بحضرته، وقاله ابن حامد (¬5)، زاد بعضهم: أو قريبًا منه. وتوقف عبد الجبار (¬6) فيمن حضر، وبعضهم مطلقًا. ¬

_ =قال ... وفي جماع العلم/ 113: قال الشافعي: هذا منقطع. وورد من حديث عائشة مرفوعًا. أورده الهيثمي في مجمع الزوائد 1/ 171 - 172، وقال: "رواه الطبراني في الأوسط" وقال: لم يروه عن يحيى بن سعيد إِلا علي بن عاصم تفرد به صالح بن الحسن بن محمَّد الزعفراني، قلت: ولم أر من ترجمهما". (¬1) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 175. (¬2) انظر: التمهيد/ 153 ب. (¬3) انظر: العدة/ 249أ. (¬4) و (¬5) انظر: المسودة/ 511. (¬6) انظر: المعتمد/ 765، والإِحكام للآمدي 4/ 175.

وجوزه في الروضة (¬1) للغائب، وجوزه للحاضر بإِذنه، كالحنفية. وجوزه في التمهيد (¬2) للغائب، وجوزه بإِذنه أو يسمع حكمه فيقره لحاضر (¬3) أو يمكنه (¬4) سؤاله قبل ضيق وقت الحادثة، وحكاه عن الحنفية؛ لأن أبا قتادة (¬5) قال له (¬6) - عليه السلام -: "إِنه قتل رجلاً"، فقال رجل: "صَدَقَ، سَلَبه عندي، فَأَرْضِه مِنْ حقه"، فقال أبو بكر: "لاها الله إِذاً (¬7) لا يعمد إِلى أسد من أسد الله يقاتل عن الله ورسوله فيعطيك سلبه"، فقال: (صدق). متفق عليه (¬8). ¬

_ (¬1) انظر: روضة الناظر/ 354. (¬2) انظر: التمهيد/ 153 أ- ب. (¬3) في (ظ): للحاضر. (¬4) يعني: أن الحاضر أو من يمكنه سؤاله قبل ضيق وقت الحادثة يجوز له الاجتهاد في إِحدى الحالتين: 1 - الأذن. 2 - أن يسمع حكمه فيقره. (¬5) هو: الصحابي الحارث بن ربعي الأنصاري. (¬6) نهاية 158أمن (ظ). (¬7) يعني: "لا والله لا يعطي إِذًا"، فيكون قوله: "لا يعمد ... إِلخ " تأكيدًا للنفي المذكور وموضحًا للسبب فيه. انظر: فتح الباري 8/ 37 - 39. (¬8) هذا الحديث رواه أبو قتادة، أخرجه البخاري في صحيحه 4/ 92. وانظر: فتح الباري 8/ 34 وما بعدها. وأخرجه مسلم في صحيحه/ 1370 - 1371. وقال الزركشي في المعتبر/ 92 أ- ب: وظاهر القصة أن الصديق لم يقله بالاجتهاد، بل هو تنفيذ لقول الرسول: (من قتل قتيلاً فله سلبه).

والمعروف لغة: "لا هَا الله ذا (¬1) " أي: يميني. وقيل: زائدة (¬2). ونزل بنو قريظة على حكم سعد بن معاذ، فأرسل - عليه السلام - إِليه، فجاء، فقال: (نزل هؤلاء على حكمك)، قال: "فإِني أحكم بقتل مقاتلتهم وسبي ذراريهم"، فقال: (قضيت بحكم الله) متفق عليه (¬3). وجاءه - عليه السلام - رجلان، فقال لعمرو بن العاص؛ (اقض بينهما)، قال: "وأنت ها هنا يا رسول الله! "، قال: (نعم) وعن عقبة (¬4) مرفوعًا بمثله (¬5)، رواهما الدارقطني (¬6) وغيره من رواية فرج بن فضالة (¬7)، ¬

_ (¬1) يعني: بغير الف قبل الذال. انظر: تيسير التحرير 4/ 194، وحاشية التفتازاني على شرح العضد 2/ 292. (¬2) يعني: "إِذاً". (¬3) أخرجه البخاري في صحيحه 5/ 112، ومسلم في صحيحه/ 1388 - 1389 من حديث أبي سعيد وعالًشة. (¬4) هو: الصحابي عقبة بن عامر الجهني. (¬5) نهاية 451 من (ح). (¬6) من حديث عبد الله بن عمرو وعقبة بن عامر. انظر: من الدارقطني 4/ 203. وأخرج الحاكم في مستدركه 4/ 88 حديث عبد الله بن عمرو، وقال: صحيح الإِسناد ولم يخرجاه. قال الذهبي: فرج ضعفوه. (¬7) هو: أبو فضالة التنوخي الحمصي -وقيل: الدمشقي- روى عن عبد الله بن عامر اليحصبي وغيره، وعنه علي بن حجر وغيره، توفي سنة 176 هـ. قال ابن معين: صالح الحديث. وضعفه النسائي والدارقطني. وقال أحمد: إِذا حدث عن الشاميين فليس به بأس، لكن إِذا حدث عن يحيى بن سعيد أتى بمناكير.=

ضعفه الأكثر (¬1). ولأحمد (¬2) الأول. وله (¬3): أنه - عليه السلام - أمر معقل بن يسار أن يقضي بين قوم. وله (¬4) ولأبي داود وابن ماجه والترمذي -وحسنه-: أنه بعث عليا إِلى اليمن قاضيًا (¬5). ¬

_ =قال ابن حجر في التقريب: ضعيف. انظر: ميزان الاعتدال 3/ 343، وتهذيب التهذيب 8/ 260، وتقريب التهذيب 2/ 108. (¬1) نهاية 233 أمن (ب). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده 4/ 205 من حديث عمرو بن العاص، ثم جاء بعده مباشرة: ... عن عقبة عن النبي مثله. وأخرجه الطبراني في الكبير من حديث عمرو -قال الهيثمي: وفيه من لم أعرفه- وفي الصغير والأوسط من حديث عقبة، قال الهيثمي: وفيه حفص بن سليمان الأسدي وهو متروك، ورواه أحمد بإِسناد رجاله رجال الصحيح. انظر: مجمع الزوائد 4/ 195. (¬3) أخرجه أحمد في مسنده 5/ 26 من حديث معقل، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد 4/ 193 وقال: رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط، وفيه أبو داود الأعمى (نفيع بن الحارث) وهو كذاب. فانظر: ميزان الاعتدال 4/ 272. (¬4) ضرب في (ب) و (ظ): على: وله. (¬5) هذا الحديث رواه علي. فانظر: مسند أحمد 2/ 53 - 54، 73، 266، 317 - 318، 341 - ط: دار المعارف - وسنن أبي داود 4/ 11، وسن ابن ماجه/ 774، وسنن الترمذي 2/ 395. ولفظ الترمذي: عن علي قال: قال لي رسول الله:=

وسبق (¬1) في الإِجماع خبر معاذ. القائل بالأول: (فاعتبرو) (¬2). رد: لا مع وجود اليقين، كنص مع قياس. واحتج في العدة (¬3): يجوز ترك اليقين للظن، كمن أخبره (¬4) بحضرته: يعمل به ويمكنه سؤاله؛ لفعل الصحابة، صح عن أسماء (¬5) وغيرها. ¬

_ = (إِذا تقاضى إِليك رجلان فلا تقض للأول حتى تسمع كلام الآخر، فسوف تدري كيف تقضي). قال علي: فما زلت قاضيا بعد. هذا حديث حسن. والحديث أخرجه الطيالسي في مسنده (انظر: منحة المعبود 1/ 286) والبزار وأبو يعلى في مسنديهما -انظر: نصب الراية 4/ 61 - والحاكم في مستدركه 3/ 135 وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. وأخرجه أيضًا في مستدركه 4/ 93 وقال: صحيح الإِسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. وقد ورد هذا الحديث من رواية ابن عباس قال: بعث النبي عليا إِلى اليمن، فقال: (علمهم الشرائع واقض بينهم ...) أخرجه الحاكم في مستدركه 4/ 88 وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. وفي بعض طرق الحديث انقطاع. فراجع: نصب الراية 4/ 60 - 62، والتلخيص الحبير 4/ 182. (¬1) في ص 393. (¬2) سورة الحشر: آية 2. (¬3) انظر: العدة/ 249 ب. (¬4) كذا في النسخ. ولعلها: أُخبر. (¬5) هي: الصحابية أسماء بنت أبي بكر الصديق.

أجاب في التمهيد (¬1): هو كمسألتنا. وسبق (¬2) في [خبر] (¬3) الواحد. وقد يفرق بالمشقة، أو بحصول العلم للقرينة. وأيضاً: كالغائب. رد: بمنعه، ثم (¬4): للحاجة بتأخير الحق وفوته. قالوا: كإِذنه وإقراره. رد: لا يُقِرُّ على خطأ. القائل بالثاني: قادر على اليقين، فهو كمن ببرية لا يدري أين يذهب، لا يجوز اجتهاده مع خبير يسأله، وكالحاضر. وأيضًا: من باب التعاطي (¬5) والافتيات عليه، وهو قبيح. رد ذلك: بمنعه في غائب أو حاضر بإِذنه وإقراره، وبما سبق (¬6)، وبأنه كغير المعاصر. ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد/ 154أ. (¬2) في ص 515. (¬3) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬4) في).ظ): للحاجة ثم. (¬5) التعاطي: تناول ما ليس له بحق. انظر: معجم مقاييس اللغة 4/ 354. (¬6) من وقوع الاجتهاد.

مسألة

مسألة من جهل وجود الرب، أو عَلِمه -وفَعَلَ أو قال ما أجمعت الأمة أنه لا يصدر إِلا من كافر- فكافر، وإلا فلا في رواية عن أحمد، واختاره القاضي في إِبطال التأويل (¬1) وابن الجوزي في السر المصون (¬2) وصاحب (¬3) المغني في رسالته (¬4) إِلى صاحب التلخيص، وذكر أبو المعالي (¬5) أن عليه معظم (¬6) كلام الأشعري وأصحابهم، واختاره ابن عقيل في فنونه، وأنه لا يفسق، وقاله جماعة من أصحابنا، زاد بعضهم: هو الذي عليه الصحابة وجمهور الأئمة، كالفروع، والتفرقة بينهما متناقضة، وهو مخطئ غير آثم، يثاب على اجتهاده، واحتج بالخبر (¬7) المتفق على صحته: (إِذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر)، وصح أن الله عفا عن النسيان والخطأ (¬8). ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 496. (¬2) وهو كتاب في أصول الدين. انظر: ذيل طبقات الحنابلة 1/ 417. (¬3) انظر: ذيل طبقات الحنابلة 2/ 154 - 157. والبلبل/ 184. (¬4) وهي الرسالة التي بعثها ابن قدامة -ت: 620 هـ- إِلى ابن تيمية فخر الدين، ت: 622 هـ. وموضوعها: تخليد أهل البدع في النار. ويوجد بعضها في ذيل طبقات الحنابلة 2/ 154 - 157. (¬5) انظر: المسودة/ 495 - 496. (¬6) نهاية 233 ب من (ب). (¬7) نهاية 158 ب من (ظ). (¬8) انظر: ص 829 - 831، 837 من هذا الكتاب.=

والأشهر عن أحمد وأصحابه تكفير الداعية، وإلا فروايتان. وكفره قول المعتزلة (¬1). وفي الكفاءة من الفصول: لا يفسق غيره. ولا يكفر المقلِّد في الأشهر عن أحمد وأصحابه، زاد القاضي -في شرح الخرقي-: ولا يفسق. ولأحمد روايتان في كُفْر من لم يكَفِّر من كَفَّرْناه، زاد صاحب المحرر: لا يفسق (¬2). والله أعلم. ................... والمصيب واحد. وذكر أبو المعالي (¬3): أن مذهب أقوام: أن المخطئ معذور مثاب في الآخرة إِذا لم يعاند، وفي الدنيا كافر نقاتله، قال: وقد يتمسكون بقوله: (إِن الذين آمنوا والذين هادوا) الآية (¬4). ¬

_ =وقد أخرج مسلم في صحيحه/ 115 - 116، وأحمد في مسنده 2/ 412 من حديث أبي هريرة: أد الله قال -عقب كل دعوة من الدعوات المذكورة في سورة البقرة: آية 286 - : نعم. وقال -في حديث ابن عباس-: قد فعلت. وانظر: تفسير الطبري 3/ 95. (¬1) انظر: المسودة/ 496. (¬2) نهاية 452 من (ح). (¬3) انظر: المسودة/ 495. (¬4) سورة البقرة: آية 62.

وقال (¬1) الجاحظ وثمامة (¬2): المعارف ضرورية، ولم يؤمر بها ولا بالنظر، فمن حصلت له وفاقاً أُمِر بالطاعة، فإِن أطاع أثيب، وإلا فالنار، وأما (¬3) من مات جاهلاً فقيل: يصير تراباً، وقيل: إِلى الجنة. وعن (¬4) عبيد الله بن الحسن العنبري (¬5) الإِمام المشهور -قاله بعض أصحابنا، وذكر الآمدي (¬6) أنه معتزلي-: المجتهدون من أهل القبلة مصيبون مع اختلافهم. ومراده -والله أعلم-: بما كُلِّفوا، فلا (¬7) إِثم، أو يثابون لاجتهادهم، وإِلا فإِن أراد مطابقة الاعتقاد للمعتَقَد مجمعٌ بين النقيضين، ولا يريده عاقل. ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 495. (¬2) هو: أبو معن ثمامة بن الأشرس النميري المعتزلي، من الطبقة السابعة من طبقات المعتزلة، عالم أديب، حاذق فصيح، يقال: إِنه الذي أغوى المأمون ودعاه للاعتزال؛ توفي سنة 213 هـ. انظر: فرق وطبقات المعتزلة/ 70، وفضل الاعتزال وطبقات المعتزلة/ 272، وتاريخ بغداد 7/ 145، وميزان الاعتدال 1/ 173 وفيه أقوال له في مسائل الاجتهاد والتقليد. (¬3) في (ح): وإلا (¬4) انظر: المعتمد/ 988، والمسودة / 495. (¬5) البصري، قاض صدوق مقبول، لكن تكلم في معتقده ببدعة، توفي سنة 168 هـ. ونقل عنه أنه رجع عن قوله: إِن كل مجتهد مصيب. انظر: حلية الأولياء 9/ 6، وتاريخ بغداد 10/ 306، وميزان الاعتدال 3/ 5، وتهذيب التهذيب 7/ 7. (¬6) انظر: الإحكام للآمدي 4/ 178. (¬7) نهاية 234 أمن (ب).

مسألة

ورده بعض أصحابنا وغيرهم: بمخالفة القاطع، فَقَصَّر لتقليد أو عصبية أو إِهمال، فلم يعذَر، كأصل التوحيد ولا فرق. كذا قالوا. ولم يقيد بعضهم (¬1) كلامه بأهل القبلة، ففهم منه ما لا ينبغي، فتأوله بعض المعتزلة (¬2) -وكلام الجاحظ- على المسائل الكلامية كالرؤية والكلام وأعمال العباد؛ لتعارض الأدلة الظنية. قال الآمدي (¬3): فإِن صح أنه المراد فلا نزاع. وحكى هو (¬4) وجماعة عن الجاحظ: لا يأثم من خالف الملة مجتهدًا. وهذا وقوله السابق والقول قبله خلاف الكتاب والسنة والإِجماع قبله. وليس تكليفهم نقيضَ اجتهادهم محال (¬5)، بل ممكن، غايته: منافٍ لِما تعودوه. مسألة (¬6) لا إِثم على مجتهد في حكم شرعي اجتهادي -ويثاب- عند أهل الحق، منهم: الأئمة الأربعة. ¬

_ (¬1) انظر: المرجع السابق. (¬2) انظر: المرجع السابق 4/ 180. (¬3) انظر: المرجع السابق 4/ 181. (¬4) انظر: المرجع السابق 4/ 178. (¬5) كذا في النسخ. ولعل الصواب: محالاً. (¬6) من هنا إِلى آخر الكتاب لم يرد لفظ (مسألة) في (ظ).

مسألة

ويأثم (¬1) عند المريسي وابن علية والأصم والظاهرية. ولا يفسق عندهم، ذكره الآمدي (¬2) وغيره، وذكر ابن برهان (¬3): يفسق. لنا: إِجماع الصحابة والتابعين؛ فإِنهم اختلفوا في كثير [وتكرر] (¬4) وشاع من غير نكير ولا تأثيم، مع القطع: لو خالف أحد في نحو (¬5) أركان الإِسلام الخمس (¬6) أنكروا، كمانعي الزكاة والخوارج. ولا يأثم من بذل وسعه ولو خالف قاطعاً (¬7)، وإلا أثم لتقصيره. مسألة المسألة الظنية: الحق عند الله واحد، وعليه (¬8) دليل، وعلى المجتهد طلبه، فمن أصابه فمصيب، وإلا فمخطئ مثاب عند (¬9) أحمد وأكثر (¬10) ¬

_ (¬1) انظر: المعتمد/ 949، والإِحكام للآمدي 4/ 182. (¬2) انظر: الإحكام للآمدي 4/ 182. (¬3) يعني: ذكر عنهم. انظر: المسودة/ 498. (¬4) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬5) في (ب) و (ظ): أحد. (¬6) كذا في النسخ. ولعلها: الخمسة. (¬7) نهاية 159 أمن (ظ). (¬8) نهاية 234 ب من (ب). (¬9) انظر: اللمع/ 76، والتبصرة/ 498، والفقيه والمتفقه 2/ 58 - 59، وشرح تنقيح الفصول/ 438، والمسودة/ 503. (¬10) نهاية 453 من (ح).

أصحابه، وقاله الأوزاعي ومالك والشافعي وإسحاق والمحاسبي (¬1) وابن كلاب، وذكره أبو المعالي (¬2) عن معظم الفقهاء، وذكره ابن برهان (2) عن الأشعري. زاد في التمهيد (¬3): يطلبه حتى يعلم أنه وصله ظاهرًا -ومراده: يظن، كما ذكره [أيضًا] (¬4) هو وغيره- قال: "وثوابه على قصده واجتهاده لا على الخطأ"، وقاله ابن عقيل وغيره وبعض الشافعية، وبعضهم: على قصده. وفي العدة (¬5) وغيرها: مخطئ عند الله وحكما. وفي كتاب الروايتين (¬6) للقاضي: "مخطئ عند الله، وفي الحكم روايتان، إِحداهما: مصيب" وجزم به ابن عقيل (¬7) عن حنبلي، يعني: ¬

_ (¬1) هو: أبو عبد الله الحارث بن أسد، إِمام في الفقه والحديث والكلام، صنف في الرد على المعتزلة والرافضة، توفي سنة 243 هـ. من مؤلفاته: مائية العقل، والرعاية لحقوق الله. انظر: صفة الصفوة 2/ 367، ووفيات الأعيان 1/ 348، وطبقات الشافعية للسبكي 2/ 275، وشذرات الذهب 2/ 103. (¬2) انظر: المسودة/ 502. (¬3) انظر: التمهيد/ 204 ب، 205 ب. (¬4) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬5) انظر: العدة/ 239أ. (¬6) انظر: الروايتين/ 246 أ. (¬7) انظر: المسودة/ 498.

نفسه، وأخذها القاضي (¬1) من قول أحمد: لا يقول لمخالفه: مخطئ. وفي التمهيد (¬2): يعني: لا يقطع بخطئه. وبعض أصحابنا (¬3): من لم يحتج بنص فمخطئ، وإلا فلا، قال: وهو المنصوص. ثم ذكر القاضي (¬4) اختلاف أصحابنا في أصحاب الجمل وصفين: هل كلاهما مصيب حكماً، أم واحد لا بعينه، أم عليّ؟ على أوجه، وأنه يجب البناء على هذا الأصل، وأن نص أحمد الوقف. وقال بعض أصحابنا (¬5): لم يرد أحمد الوقف الحكمي، بل الإِمساك خوف الفتنة، ولهذا بني قتال البغاة على سيرة عليّ. وقال القاضي (¬6) -في أثناء المسألة-: هو مصيب فيما فعله من الاجتهاد، مخطئ في تركه للزيادة (¬7) عليه. ¬

_ (¬1) انظر: الروايتين/ 246أ. (¬2) انظر: التمهيد/ 204 ب. (¬3) انظر: المسودة/ 499. (¬4) انظر: الروايتين والوجهين/ 246أ- ب. (¬5) انظر: المسودة/ 500. (¬6) انظر: العدة/ 241 أ. (¬7) نهاية 235 أمن (ب).

قال بعض أصحابنا (¬1): وبه ينحل الإِشكال. وعند (¬2) المريسي والأصم وابن علية: الدليل قطعي، ونقطع بخطأ مخالفنا. قال في التمهيد (¬3): حكاه بعضهم عن الشافعي، واختاره أبو الطيب (¬4) وأبو إِسحاق الإِسفراييني (¬5)، وأومأ إِليه أحمد في حاكم "حكم في مفلس أن صاحب المتاع أسوة الغرماء": يرد حكمه. وفي العدة (¬6): لاعتقاده (¬7) خلاف النص (¬8)؛ لا أنه يقطع بإِصابة وخطأ. وفي الخلاف: ظاهره: لا يسوغ فيه الاجتهاد. وقال فيها -في مسألة الظفر (¬9) -: إِن سوَّغْنا الاجتهاد فيه لم يأخذه ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 501. (¬2) انظر: المعتمد/ 949، والإحكام للآمدي 4/ 183. (¬3) انظر: التمهيد/ 204 ب. (¬4) و (¬5) انظر: المسودة/ 497، 498. (¬6) انظر: العدة/ 239 أ. (¬7) يعني: إِنما قال ذلك. (¬8) فقد دل النص على أن صاحب المتاع أحق به من غيره. أخرجه البخاري في صحيحه 3/ 118، ومسلم في صحيحه/ 1193 من حديث أبي هريرة مرفوعًا. (¬9) مسألة الظفر: أن يكون لشخص على آخر حق مالي لم يُوَفِّه إِياه، فيظفر هذا الشخص بمال لمن عليه الحق، فيستوفي حقه منه. وفيها خلاف بين العلماء. انظر:=

بلا حكم، وإلا أخذه كمغصوب. وذكر -أيضًا-: أنه لا ينقض بالآحاد؛ لعدم القطع. وفي أثناء المسألة ذكر نقضه؛ لمخالفة النص. وجزموا في الفروع] (¬1) منهم: الرعاية (¬2) (¬3) -إِلا ظاهر الفصول، واحتمالا في الكافي (¬4) في مسألة المفلس- بنقضه بنص آحاد، خلاف الأشهر هنا. وجزم صاحب (¬5) الرعاية -في أصول (¬6) الفقه-: "لا ينقض إِلا ¬

_ = فتح الباري 5/ 108. والمحلى 8/ 643. (¬1) في (ظ): الفروع بنقضه منهم ... إِلخ. (¬2) هناك الرعايتان -الكبرى والصغرى- في الفقه الحنبلي، وهما لابن حمدان، المتوفى سنة 695 هـ. وتوجد من الكبرى نسخة في دار الكتب الظاهرية في دمشق، رقم 2755. (¬3) انظر: الرعاية الكبرى 3/ 222 أ. (¬4) انظر: الكافي 2/ 174 - 175. (¬5) هو: أبو عبد الله نجم الدين أحمد بن حمدان بن شبيب الحراني الحنبلي، فقيه أصولي، ولد بحران سنة 603 هـ، وتوفي بالقاهرة سنة 695 هـ. من مؤلفاته: الوافي في أصول الفقه، والرعاية الكبرى والرعاية الصغرى -وهما في الفقه- وصفة الفتوى والمفتي والمستفتي. انظر: ذيل طبقات الحنابلة 2/ 331، وشذرات الذهب 5/ 428. (¬6) ذكرت قريبًا أن له كتابا في أصول الفقه، اسمه: الوافي.

بقاطع"، مع أنه ذكر نقضه بتقليد غيره (¬1). وقال بعض أصحابنا (¬2): يقطع في بعض المسائل (¬3) بحسب الأدلة، وعلى هذا ينبني نقض (¬4) الحكم وحلفُ أحمد في مسائل وتوقفه (¬5) في أخرى، وكذا قاله ابن حامد: لا خلاف عن أبي عبد الله أن الأخذ بالرأي مع الخبر مقطوع بخطئه ويرد عليه. وما قاله صحيح، قاله أحمد في قتل مؤمن بكافر. وقال: "إِنما لا يرد حكم الحاكم إِذا اعتدلت (¬6) الرواية"، وذكر قوله - عليه السلام -: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد (¬7))، (¬8) فمن عمل خلاف السنة رد عليه. وإنما قال أبو الطيب (¬9): أمنعه من الحكم باجتهاده ولا أنقضه. ¬

_ (¬1) انظر: الرعاية الكبرى 3/ 222أ. (¬2) انظر: المسودة/ 504. (¬3) نهاية 454 من (ح). (¬4) نهاية 159 ب من (ظ). (¬5) في (ب): وتوقف. (¬6) كذا في النسخ. ولعلها: إِذا اغتلت. (¬7) في (ب) و (ظ): مردود. (¬8) نهاية 235 ب من (ب). (¬9) انظر: العدة/ 239 ب، والمسودة/ 497 - 498.

وذكر الآمدي (¬1) عن الإِسفراييني وابن فورك: أنه ظني. وقال قوم: لا دليل عليه، كدفين يُصاب (¬2). (¬3) وعند أبي حنيفة (¬4) وأصحابه والمزني (¬5): كل مجتهد مصيب، والحق واحد عند الله، وهو الأشبه الذي لو نَصَّ الله على الحكم لنص عليه، وعليه دليل، ولم يكلف المجتهد إِصابته، بل الاجتهاد. قال بعض أصحابه: فهو مصيب ابتداء -أي: في الطلب- مخطئ انتهاء، أي: في المطلوب، وحكاه بعضهم عن الشافعي (¬6). وقال المعتزلة (¬7): كل مجتهد مصيب. فقيل: كالحنفية. وقيل: حكم الله تابع لظن المجتهد؛ لا دليل عليه، ولم يكلف غير اجتهاده، وحكي عن أبي حنيفة (¬8)، وقاله ابن الباقلاني (8)، وحكى عن ¬

_ (¬1) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 183. (¬2) في (ب): يضاف. (¬3) يعني: فمن أصابه فهو المصيب، ومن أخطأه فهو المخطئ. (¬4) انظر: كشف الأسرار 4/ 18، وتيسير التحرير 4/ 201، وفواتح الرحموت 2/ 380. (¬5) انظر: المسودة/ 502. (¬6) انظر: المسودة/ 502. (¬7) انظر: المعتمد/ 949، 956. (¬8) انظر: العدة/ 240أ، والمسودة/ 502.

الأشعري قولين أحدهما كقوله، وذكره (¬1) أبو المعالي (¬2) عن معظم المتكلمين وابن عقيل عن أكثر الأشعرية. وبنى ابن الباقلاني (¬3) على هذا قوله: ليس في الأقيسة المظنونة تقديم ولا تأخير، وإنما الظنون بحسب الاتفاقات. قال أبو المعالي (3): وهي هفوة عظيمة هائلة. وعن الجبائي (¬4): "لا يجتهد، ويتخير من الأقوال"، واستنبطه ابن الباقلاني (4) من كلام الشافعي. قال أبو المعالي (4): وهو خرق للإِجماع، وعن بعضهم: لصالح الأمة الإِفتاء بالتشهِّي، وعن قوم: إِن أفتى مجتهد أو غيره وبذل وسعه يريد التقرب إِلى الله فمصيب. قال (4): وطرده قوم في مسالك العقول، وحكاه بعضهم عن داود والظاهرية. وذكر الآمدي (¬5): أنه نقل التصويب والتخطئة (¬6) عن الشافعي وأبي حنيفة وأحمد والأشعري. ¬

_ (¬1) في (ح): وذكر. (¬2) انظر: المسودة/ 502. (¬3) انظر: البرهان/ 889. (¬4) انظر: المسودة/ 502، 503. (¬5) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 184. (¬6) نهاية 236 أمن (ب).

وخرجه (¬1) ابن عقيل (¬2) من دلالته (¬3) على استفتاء غيره بلا حاجة، بخلاف حكم أحمد بصحة الصلاة خلفهم [فإِنه مأخذ بعيد] (¬4) للحاجة (¬5)، كصحة صلاة عامي (¬6) خلف مجتهد في القبلة، ولا يجوز أن يدله إِلى من يدله إِلى غيرها. وأخذه بعض أصحابنا (¬7) من قول أحمد -لمن سمى: كتاب الاختلاف-: سَمِّه كتاب السعة، [وهو مأخذ بعيد] (¬8). لنا: (ففهمناها سليمان) (¬9)، فتخصيصه دليل اتحاد الحق وإصابته، ولا نص؛ وإلا لَمَا اختلفا، أو ذُكِر فَنُقِل، ولأنه (¬10) ورث النبوة بعده، وإنما ¬

_ (¬1) يعني: أن كل مجتهد مصيب. (¬2) انظر: المسودة/ 450. (¬3) يعني: أحمد. (¬4) ما بين المعقوفتين من (ح) و (ظ). (¬5) نهاية 455 من (ح). (¬6) في (ب): عامل. (¬7) انظر: المسودة/ 450. (¬8) ما بين المعقوفتين من (ب). (¬9) سورة الأنبياء: آية 79. (¬10) هذا جواب سؤال مقدر: "يحتمل أن الحكم الذي حكم به داود كان هو الحكم في شرعهم، ثم نسخ ذلك، فعلم بالنسخ سليمان، ولم يعلم به داود، فحكم فأصاب". والجواب: ما ذكره المؤلف، وهو: أن سليمان إِنما صار نبيا بعد داود، فكيف=

يوسف بالفهم (¬1) المشتبه، وفي صحيح (¬2) الحاكم: أن سليمان قال: (أسألك حكماً يوافق حكمك (¬3)، ولما عُزِيَ إِلى سليمان، ولا سمي باسم "تفهيم". قال الحسن (¬4): أُثني (¬5) لصوابه، وعُذِر (¬6) باجتهاده. ولمسلم (¬7) عن بريدة (¬8): أن النبي - صلى الله عليه وسلم -[كان] (¬9) إِذا أَمَّر أميرا على ¬

_ =يعلم بالوحي من ليس بنبي -ولا أنزل عليه- ولا يعلم به من أنزل عليه؟!. فانظر: التمهيد/ 205 أ. (¬1) نهاية 160 أمن (ظ). (¬2) في الرسالة المستطرفة/ 21: وهو المعروف بالمستدرك على الصحيحين مما لم يذكراه وهو على شرطهما أو شرط أحدهما، أولاً على شرط واحد منهما، وهو متساهل في التصحيح. أ. هـ. وا الكتاب مطبوع. (¬3) هذا الحديث رواه عبد الله بن عمرو عن النبي: أن سليمان ... أخرجه الحاكم في مستدركه 1/ 30 - 31: أن سليمان سأل ربه حكماً يصادف حكمه، فأعطاه إِياه. قال الحاكم: صحيح قد تداوله الأئمة، وقد احتجا بجميع رواته، ثم لم يخرجاه، ولا أعلم له علة. ووافقه الذهبي. وأخرجه الحاكم -أيضًا- في مستدركه 2/ 434، والنسائي في سننه 2/ 34، وابن ماجه في سننه/ 452، وأحمد في مسنده 2/ 176. (¬4) انظر: تفسير الطبري 17/ 41، وزاد المسير 5/ 372، وتفسير القرطبي 11/ 309. (¬5) يعني: على سليمان. (¬6) يعني: داود. (¬7) انظر: صحيح مسلم/ 1357 - 1358. وأخرجه أبو داود في سننه 3/ 83 - 85، والترمذي في سننه 3/ 85 - 86 وقال: حسن صحيح، وابن ماجه في سننه/ 953 - 954، والخطيب في الفقيه والمتفقه 1/ 193. (¬8) هو: الصحابي بريدة بن الحصيب الأسلمي. (¬9) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب).

جيش أو سرية قال: (إِذا حاصرت أهل حصن، وأرادوك أن تنزلهم على حكم الله، فلا تنزلهم على حكم الله، ولكن أنزلهم على حكمك؛ فإِنك لا تدري: تصيب فيهم [حكم الله] (¬1) أم لا؟). واحتج القاضي (¬2) وغيره: بالخبر السابق (¬3): (وإِن أخطأ فله أجر). فقيل لهم: آحاد. فقالوا: قبلته الأمة، وأجمعت على صحته، فصار كمتواتر. ومعناه في التمهيد (¬4). فدل أن المسألة عندهم قطعية، وَزَعَمَهُ بعض المصوبة. وقيل لابن عقيل (¬5): يُحمل على جهله بكذب الشهود ونحوه، كإِقرار الخصم تهزِّيا. فقال: هذا لا يُضاف إِلى الحاكم به (¬6) خطأ، ولهذا: من توضأ بماء جهل نجاسته -وأخطأ جهة القبلة (¬7) - لا ينقص ثوابه وأجر عمله، ولهذا قال ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬2) انظر: العدة/ 240 ب- 241أ. (¬3) في ص 1315. (¬4) انظر: التمهيد/ 250 ب. (¬5) انظر: المسودة/ 505. (¬6) في (ب) و (ظ): الحاكم به هذا خطأ. وانظر: المسودة/ 505. (¬7) نهاية 236 ب من (ب).

عمر: "يا صاحب الميزاب لا (¬1) تُعْلِمْهم (¬2) "، على أن اللفظ عام (¬3). وأيضًا: أطلق (¬4) الصحابة -كثيراً- الخطأ في الاجتهاد، وشاع، ولم ينكر. وأيضًا: لو كان كل مجتهد مصيبا لاجتمع النقيضان؛ للقطع بالحكم عند ظنه؛ لعلمه بإصابته، ودوام قطعه مشروط ببقاء ظنه؛ لأنه لو تغير ظنُّه لزمه الرجوع إلى الثاني إِجماعًا، فيلزم علمه بشيء وظنّه له معا. لا يقال: "ينتفي الظن بالعلم"؛ لأنا نقطع (¬5) ببقائه (¬6) لدوام القطع، ¬

_ (¬1) في (ب): لا تعملهم. (¬2) أخرجه مالك في الموطأ/ 23 - 24، وعبد الرزاق في مصنفه 1/ 76 - 77، والدارقطني في سننه 1/ 32 ... عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب: أن عمر خرج في ركب فيهم عمرو بن العاص حتى وردوا حوضا، فقال عمرو: يا صاحب الحوض، هل ترد حوضك السباع؟ فقال عمر: يا صاحب الحوض لا تخبرنا، فإِنا نرد على السباع وترد علينا. وقال ابن القيم في إغاثة اللهفان 1/ 174: مر عمر يومًا، فسقط عليه شيء من ميزاب، ومعه صاحب له، فقال: يا صاحب الميزاب، ماؤك طاهر أو نجس؟ فقال عمر: يا صاحب الميزاب لا تخبرنا، ومضى. ذكره أحمد. (¬3) يعني: قوله: (وإن أخطأ)، فلا يقصر على جهالته بكذب الشهود ونحوه. (¬4) انظر: الإحكام للآمدي 4/ 187، وروضة الناظر/ 366. (¬5) نهاية 456 من (ح). (¬6) يعني: الظن.

وإلا (¬1) كان (¬2) يستحيل ظن النقيض مع ذكر (¬3) الحكم؛ لأجل العلم بالحكم، ولا يستحيل إِجماعًا. فإِن قيل: اجتماع النقيضين مشترك الإِلزام؛ لأنه يجب الفعل أو يحرم قطعًا عند ظنه أحدهم؛ لاتباع ظنه. رد: الظن متعلق بالوجوب أو الحرمة، والعلم بتحريم (¬4) مخالفته. فإِن قيل: متعلقهما متحد؛ لزوال العلم بتحريمها (¬5) بتبدل الظن. رد: لأن الظن شرطه. فإِن قيل: لا يلزم اجتماع النقيضين؛ لتعلق الظن يكون الدليل، والعلم بثبوت مدلوله وهو الحكم، وزوال العلم بتبدل الظن لا يوجب اتحادهما؛ لأن الظن شرطه. رد: كونه دليلاً حكم، فإِذا ظنَّه عَلِمَه، وإلا جاز تعبّده بغيره، فلا يكون كل مجتهد مصيبًا. وأيضًا: الأصل عدم التصويب ودليله، وصُوِّب غير معيَّن للإِجماع. ولم يحتجّ الآمدي (¬6) بغيره. ¬

_ (¬1) في (ح) و (ظ): ولا. (¬2) يعني: لو كان الظن موجبا للعلم لامتنع ظن النقيض مع تذكره. (¬3) يعني: مع تذكر الحكم. (¬4) يعني: متعلق بتحريم مخالفته. (¬5) يعني: المخالفة. (¬6) انظر: الإحكام للآمدي 4/ 192.

واستدل: إِذا اختلف اجتهادهما: فإِن كان بدليلين تعيَّن (¬1) أرجحهما (¬2)، [وإلا] (¬3) تساقطا. رد: الدليل الظني من الأمور الإِضافية، يترجح بالنسبة إِلى من يراه. واستدل: بشرع المناظرة (¬4) إِجماعًا، وفائدتها إِصابة الحق. رد: أو تبيين (¬5) ترجيح دليل على الآخر أو تساويهما، أو تمرين النفس. واستدل: المجتهد طالب، ويستحيل طالب ولا مطلوب، فلا بد من ثبوت حكم قبل طلبه، فمن أخطأه فمخطئ. رد: مطلوبُ كلٍّ ما يظنه، فليس معيَّنًا. وأيضاً: يلزم المحال لو قال مجتهد شافعي لمجتهدة حنفية: "أنت بائن"، ثم قال: "راجعتك (¬6) "، أو تزوج امرأة بغير ولي (¬7)، ثم تزوجها بعده آخر بولي (¬8). ¬

_ (¬1) نهاية 237 أمن (ب). (¬2) في (ب) و (ح): أرجحها. (¬3) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬4) نهاية 160 ب من (ظ). (¬5) في (ح) و (ظ): أو تبين. (¬6) فالرجل يعتقد الحل، والمرأة تعتقد الحرمة، فيلزم من صحة المذهبين حلها وحرمتها. انظر: شرح العضد 2/ 298. (¬7) يعني: لأنه يرى صحته. (¬8) يعني: لأنه يرى بطلان نكاح الأول.

رد: مشترك الإِلزام؛ لوجوب اتباع ظنه، فَيُرفع إِلى حاكم فيتبع حكمه، ذكره القاضي (¬1) وابن برهان والآمدي (¬2) وغيرهم. وفي انتصار أبي الخطاب (¬3): يعمل باطنًا بظنه. قالوا: (وكلا (¬4) آتينا حكماً وعلمًا) (¬5)، ولو أخطأ أحدهما لم يَحْسُن. رد: بما سبق (¬6)، وبأنه غير مانع، وبحمله على العمل (¬7). قالوا: (بأيهم اقتديتم اهتديتم)، ولا هدى مع خطأ. رد: بالمنع؛ لفعله ما يلزمه (¬8). (¬9) قال ابن عقيل: ويحتمل (¬10) مراده الأخذ بالرواية، أو الإِمامة لصلاحيتهم لها، أو تقليد من شاء في حكم اتفقوا عليه. ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 472. (¬2) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 192. (¬3) انظر: المسودة/ 472. (¬4) نهاية 457 من (ح). (¬5) سورة الأنبياء: آية 79. (¬6) في ص 1494 - 1495. (¬7) يعني: العمل بوسائل الاجتهاد، فالكل أوتي ذلك، لكن أصاب أحدهما. (¬8) في (ب): ما يلزم. (¬9) يعني: الصحابي يفعل ما يلزمه، وهو ما أداه إِليه اجتهاده. (¬10) في (ب): ويحمل.

مسألة

قالوا: لو كان لم تتفق الصحابة على تسويغ (¬1) الخلاف، وتولية الحكام مع مخالفتهم لهم. رد: لاتفاقهم أن كل مجتهد يتبع ظنَّه، ولم يتعين المخطئ، فلا إِنكار. قالوا: لو كان لزم النقيضان إِن بقي الحكم المطلوب على المجتهد (¬2)، وإن سقط عنه لزم الخطأ (¬3). رد: يلزم الخطأ؛ لأنه لو كان في المسألة نص أو إِجماع وبذل (¬4) وسعه -فلم يجد- لزم مخالفته، فهنا أولى؛ لأمره بالحكم بظنه، فحكم بما أنزل الله. مسألة تعادل دليلين قطعيين محال اتفاقًا؛ لاستلزام كل منهما مدلوله. وكذا ظنيين -فيجتهد في الترجيح، ويقف إِلى أن يتبينه- عند أصحابنا وأكثر الشافعية (¬5) والكرخي (¬6) والسرخسي (6)، وحكاه الإِسفراييني (6) عن أصحابه. ¬

_ (¬1) في (ح): تشريع. (¬2) يعني: لأنه يلزمه العمل بظنه، ويبقى الحكم في نفس الأمر عليه، وهما متناقضان. (¬3) يعني: لأنه يكون العمل بالحكم الخطأ واجباً، وبالصواب حراماً. (¬4) نهاية 237 ب من (ب). (¬5) انظر: اللمع/ 77، والتبصرة/ 510. (¬6) انظر: العدة/ 238أ، والمحصول 2/ 2/ 506، والإِحكام للآمدي 4/ 197، والمسودة/ 446. والسرخسي: هو أبو سفيان.

وذكر بعض أصحابنا (¬1): إِن عجز عن الترجيح قَلَّد عالمًا. وقال الرازي (¬2) والجرجاني (¬3) والجبائي (¬4) وابنه وابن الباقلاني (¬5) -وقال: قاله الأشعري وكل من صوب كل مجتهد، وأنه محكي عن الحسن والعنبري-: يجوز تعادلهما، وذكره بعض أصحابنا رواية عن أحمد، واختاره ابن عقيل (¬6) ضمن [مسألة] (¬7) القياس، وذكر الأول عن الفقهاء وكل من صوب واحداً، وكذا في التمهيد (¬8): المسألة مبنية عليه، ومع تعادلهما لا نعلم الحق. واختاره الآمدي (¬9)، وذكره عن أكثر الفقهاء، والأول عن أحمد. فعلى هذا: يتخير كالكفارة وغيرها، والفرق أنه لا تعارض (¬10) فيها، ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 449. (¬2) انظر: أصول الجصاص/ 289 ب. (¬3) انظر: العدة/ 238أ، والمسودة/ 446. (¬4) انظر: المعتمد/ 853، والتبصرة/ 510. (¬5) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 197، والمسودة/ 446. (¬6) انظر: المسودة/ 447، 449. (¬7) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬8) انظر: التمهيد/ 214 أ. (¬9) انظر: الإحكام للآمدي 4/ 197. (¬10) في (ح): لا يعارض.

ولهذا يجوز ورود الشرع بإِيجاب الكل، ولا يجوز في مسألتنا، ويكون (¬1) (¬2) علامة التخيير. وفي الخلاف (¬3) -في تعارض البينتين- والروضة (¬4): تعارضهما وتساقطهما، وقاله بعضهم. وفي مختصر القاضي (¬5): يجوز (¬6) تعادلهما، ويكون كعامي يجب تقليد غيره. وذكر أبو المعالي (¬7): أن كلا من المصوبة والمخطئة قال: هل يقلد عالمًا -كعامي- أو يتوقف أو يتخير؟ فيه أقوال (¬8). وجه الثاني: الأصل عدم المنع ودليله. قالوا: لو تعادلا: فإِما أن يعمل بهما، أو بأحدهما معينًا أو مخيرا (¬9)، ¬

_ (¬1) يعني: التعادل. (¬2) نهاية 161 أمن (ظ). (¬3) انظر: المسودة/ 448. (¬4) انظر: روضة الناظر/ 374. (¬5) مختصر القاضي: هو كتاب ألفه القاضي فيما اختصره من أصول الدين والفقه. قال صاحب المسودة: "رأيته بخطه"، وأورد هذا الكلام عنه. فانظر: المسودة/ 449. (¬6) نهاية 458 من (ح). (¬7) انظر: المسودة/ 449 - 450. (¬8) في (ح): أقول. (¬9) نهاية 238 أمن (ب).

أوْ لا، والأول: جمع بين النقيضين، والثاني: تحكم، والثالث: تخيير للمجتهد، ومنعه إِجماع، والرابع: تناقض؛ لأنه يقول: "لا حرام ولا واجب"، وهو أحدهما. رد: يعمل بهما في أن كلا منهما وقف الآخر (¬1) في ترتيب مقتضاه عليه، فيقف المجتهد أو يتخير. وإن سلم امتناعه (¬2) عمل بأحدهما على التخيير، والإِجماع (¬3) إِذا لم يتعادلا، وليس التخيير مطلقًا -ليلزم منه تركُ العمل بأحدهما- بل مشروط بقصد العمل بدليله، كالشرط في التخيير بين القصر والإِتمام. قال ابن الباقلاني (¬4): "وليس له تخيير المستفتي والخصوم، ولا الحكم في وقت بحكم، وفي وقت بحكم آخر، بل يلزم أحد القولين"، وذكر أن هذا قول من حكاه عنه. قال: وهل يتعين أحد الأقوال بالشروع فيه -كالكفارة- أو بالتزامه كالنذر؟ لهم فيه قولان. قال بعض أصحابنا (¬5): هما نظيرا الوجهين لنا في جواز انتقال الإِنسان عنه. ¬

_ (¬1) في (ح): للآخر. (¬2) يعني: العمل بهما. انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 198 - 199. (¬3) يعني: الإجماع على منع التخيير إِنما يكون إِذا لم يتعادلا. (¬4) انظر: المسودة/ 446. (¬5) انظر: المسودة/ 446.

مسألة

وذكر الآمدي (¬1): أنه لا يمتنع ذلك (¬2)، كما لو تغير اجتهاده، إِلا أن يكون المحكوم عليه واحداً؛ لتضرره بالحكم له بحل النكاح في وقت، وتحريمه في آخر. كذا قال. واحتج ابن الباقلاني -أو (¬3) غيره-: بأنه قال - عليه السلام - لأبي بكر (¬4): (لا تقض في شيء واحد بحكمين مختلفين). كذا قال. وإن (¬5) سلم امتناع التخيير فلا يعمل بهما، ويتساقطان. وإنما يلزم التناقض لو اعتقد نفي الحكمين في نفس الأمر. مسألة ليس لمجتهد أن يقول في شيء واحد في وقت واحد قولين متضادين عندنا وعند عامة (¬6) العلماء؛ لأن اعتقادهما محال، وإلا: فإِن رجح أحدهما ¬

_ (¬1) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 199. (¬2) يعني: نحو حكمه لزيد بحكم، ولعمرو بنقيضه. (¬3) كذا في النسخ. (¬4) كذا في النسخ. ولعل الصواب: لأبي بكرة. والحديث أخرجه النسائي في سننه 8/ 247 من حديث أبي بكرة قال: سمعت رسول الله يقول: (لا يقضين أحد في قضاء بقضاءين). وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد 4/ 196 بلفظ: (لا يقضين أحد في أمر قضاءين). وقال: رواه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات. وانظر: تخريج أحاديث المنهاج للعراقي/ 307. (¬5) هذا تمام الرد على دليلهم. (¬6) نهاية 238 ب من (ب).

تعين، وإلا فلا قول له. وأطلق الشافعي (¬1) في سبع عشرة مسألة: فيها قولان. فقيل: للعلماء (¬2). رد: حكاهما على أنهما قوله، ولهذا ذكرهما أصحابه له، واختلفوا في المختار. وبه رد ما قيل: فيها ما يقتضي للعلماء قولين؛ لتعادل الدليلين عنده. قال الآمدي (¬3): (¬4) إِنما يمكن تصحيحه به (¬5) لكنه ليس قولاً بحكم شرعي. وقيل: معنى القولين التخيير بين الحكمين أو الشك. (¬6) رد: التخيير قول واحد، والشك ليس قولاً، ومن قال (¬7) بالتخيير في الكفارة -أو شك (¬8) - ليس له أقوال. ¬

_ (¬1) انظر: اللمع/ 77، والبرهان/ 1366، والإحكام للآمدي 4/ 201. (¬2) يعني: فيها قولان للعلماء. (¬3) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 202. (¬4) نهاية 459 من (ح). (¬5) يعني: بهذا القول (فيها ما يقتضي للعلماء قولين). (¬6) نهاية 161 ب من (ظ). (¬7) يعني: ولهذا فمن قال بالتخيير ... إِلخ. (¬8) يعني: شك في شيء.

مسألة

أما لو أطلق وبين قوله منهما -كما فعله أحمد (¬1) - جاز. مسألة فإِن قاله في وقتين: فإِن جهل أسبقهما جعلنا الحكم فيها مختلفا؛ لأنه لا أولوية بالسبق، ذكره القاضي (¬2). قال بعض الشافعية (¬3): "ويحكى القولان عنه، وأن أقوال الشافعي كذلك"، وكذا بعض أصحابنا، وأنه إِجماع لنقل (¬4) أقوال السلف. وفي التمهيد (¬5) وغيره: يجتهد في الأشبه بأصوله الأقوى في الحجة، فيجعله مذهبه، ويشك في الآخر. وقاله في الروضة (¬6)، وفيها أيضًا: أنهما كخبرين عنه - عليه السلام - تعارضا. وكذا جزم الآمدي (¬7): يمتنع العمل بأحدهما؛ لاحتمال رجوعه كنصين. ¬

_ (¬1) انظر: العدة/ 254أ- ب. (¬2) انظر: العدة/ 253 ب-254 أ. (¬3) كالبيضاوي في منهاجه. انظر: نهاية السول 3/ 153. (¬4) في (ب) و (ح): كنقل. (¬5) انظر: التمهيد/ 217 ب. (¬6) انظر: روضة الناظر/ 376، 380. (¬7) انظر: الأحكام للآمدي 4/ 201.

وإن علم أسبقهما فالثاني مذهبه، وهو ناسخ للأول، اختاره في التمهيد (¬1) والروضة (¬2) والعدة (¬3) -وذكره ظاهر كلام الخلال وصاحبه (¬4)، كقولهما: "هذا (¬5) قول قديم أو أَوَّل، والعمل على كذا"- كنصين، ولأنه الظاهر، قال أحمد: إِذا رأيتُ ما هو أقوى أخذتُ به، وتركت القول الأول. وجزم به الآمدي (¬6) وغيره. وقال بعض أصحابنا (¬7): والأول مذهبه أيضًا؛ لأن الاجتهاد لا ينقض باجتهاد. وفيه نظر، ويلزمه لو صرح بالرجوع (¬8). وبعض أصحابنا خالف، وذكره (¬9) بعضهم (¬10) مقتضى كلامهم. ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد/ 217أ- ب. (¬2) انظر: روضة الناظر/ 376. (¬3) انظر: العدة/ 253 ب، 254أ. (¬4) هو: أبو بكر عبد العزيز. (¬5) نهاية 239 أمن (ب). (¬6) انظر: الإحكام للآمدي 4/ 202. (¬7) انظر: روضة الناظر / 380 - 381. (¬8) يعني: فإِن الاجتهاد ينقض بالاجتهاد. (¬9) يعني: كونهما مذهبا له، وإن صرح بالرجوع. (¬10) انظر: المسودة/ 527.

مسألة

مسألة مذهب الإِنسان: ما قاله أو جرى مجراه من تنبيه أو غيره، وإلا لم تجز نسبته إِليه. ولأصحابنا وجهان في جواز نسبته إِليه من جهة القياس أو فعله أو مفهوم. فإِن قلنا: "المفهوم مذهب"، فقال في مسألة بخلافه (¬1): بطل (¬2). وقيل: لا. وإن علله بعلة فقوله ما وُجِدَتْ فيه، ولو قلنا بتخصيص العلة؛ لعدمِ نقلِ مخصِّص، ومنعه قوم من أصحابنا. وإن قلنا: "ما قيس على كلامه مذهبه"، فأفتى في مسألتين متشابهتين بحكمين مختلفين في وقتين: لم يجز نقله من كل (¬3) منهما إِلى الأخرى، كقول الشارع، ذكره في التمهيد (¬4) وغيره. وذكر ابن حامد (¬5) عن بعض أصحابنا: يجوز. ¬

_ (¬1) في (ب): بخلاف. (¬2) يعني: المفهوم. (¬3) في (ب): نقل. (¬4) انظر: التمهيد/ 216 ب- 217 أ. (¬5) انظر: تهذيب الأجوبة/ 89 أ- ب.

مسألة

ونص أحمد على إِعادة فصل في مكان نجس عجزًا: "لا يعيد" بخلاف الثوب (¬1)، وسَوَّى أصحابنا، ومنع بعضهم، وهو أظهر هنا؛ للفرق. ولو نص على حكم مسألة، ثم قال: "لو قال قائل بكذا، أو ذهب ذاهب إِليه (¬2) ": لم يكن (¬3) مذهبا له؛ للشك، قال أبو الخطاب (¬4): خلافا لبعضهم؛ لأن الظاهر أنه سئل، فأجاب بمذهبه. قال بعض (¬5) أصحابنا (¬6): يحتمله كلام أصحابنا في مسألة القصر. مسألة لا ينقض حكم في مسألة اجتهادية؛ للتساوي في الحكم بالظن -وإلا نُقِضَ بمخالفة قاطع في مذهب الأئمة الأربعة- إِلا ما سبق (¬7) في مسألة أن المصيب واحد، وذكره الآمدي (¬8) اتفاقًا؛ لأنه عمل الصحابة، وللتسلسل، فتفوت مصلحة نصب الحاكم. ¬

_ (¬1) نهاية 460 من (ح). (¬2) في التمهيد/ 217 ب: " ... أو ذهب ذاهب إِليه كان مذهبا" لم يكن مذهبا له. (¬3) نهاية 239 ب من (ب). (¬4) انظر: التمهيد/ 217 ب. (¬5) نهاية 162 أمن (ظ). (¬6) انظر: المسودة/ 525. (¬7) في ص 1489 وما بعدها. (¬8) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 203.

ولنا خلاف فيمن حُبِس في ثمنِ كلب أو خمرِ ذمي أراقه: هل يُطْلقه حاكم بعده، أمْ لا، أم يتوقف ويجتهد في الصلح؟. وللشافعي كالأخيرين. ولنا خلاف في نكاح بلا ولي، وقاله بعض أصحابه. وعن أبي ثور (¬1) وداود: يُنْقض ما بان خطؤه. وجوز ابن القاسم (¬2) المالكي نقض ما بأن غيرهُ أصوب. ................... وحكمه بخلاف اجتهاد باطل، ولو قَلَّد غيره، وذكره الآمدي (¬3) اتفاقا. وفي إِرشاد ابن أبي موسى: لا؛ للخلاف في المدلول، ويأثم. وينبغي هذا فيمن قضى بخلاف رأيه ناسيًا له: لا إِثم، وينفذ كقول أبي حنيفة (¬4). وعند أبي يوسف (¬5): يرجع عنه وينقضه، كقول المالكية (¬6) ¬

_ (¬1) انظر: المغني 10/ 50. (¬2) انظر: الكافي لابن عبد البر/ 958 - 959، وتفسير القرطبي 11/ 312. (¬3) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 203. (¬4) انظر: تيسير التحرير 4/ 234، وفواتح الرحموت 2/ 293، 395. (¬5) انظر: شرح أدب القاضي 1/ 76، وتيسير التحرير 4/ 130، وفواتح الرحموت 2/ 392، 396. (¬6) انظر: الكافي لابن عبد البر/ 958 - 959، والمنتهى/ 161.

والشافعية (¬1). وبناه في شرح الخصاف (¬2) على جواز تقليد غيره (¬3). نقل أبو طالب: إِذا أخطأ بلا تأويل فَلْيَرُده، ويطلب صاحبه، فيقضي بحق. ................. وإن حكم مقلِّد بخلاف [مذهب] (¬4) إِمامه: فإِن صح حكم المقلِّد (¬5) انبنى نقضه على منع تقليد غيره (¬6)، ذكره (¬7) الآمدي (¬8)، وهو واضح، ومعناه لبعض أصحابنا. ¬

_ (¬1) انظر: أدب القاضي للماوردي 1/ 261، 647 والإِحكام للآمدي 4/ 203، ومغني المحتاج 4/ 378. (¬2) الخصاف: هو أبو بكر أحمد بن عمر -ويقال: ابن عمرو- الشيباني، فقيه حنفي، توفي سنة 261 هـ. من مؤلفاته: أدب الفاضي، والحيل، وأحكام الأوقاف. انظر: الجواهر المضية 1/ 87، والفوائد البهية/ 29، وتاج التراجم / 7. ويعني المؤلف -هنا-: شرح كتابه "أدب القاضي". وقد شرحه جمع من العلماء، والشرح المشهور المتداول هو شرح عمر بن عبد العزيز بن مازه المعروف بالحسام الشهيد، المقتول سنة 536 هـ. انظر: كشف الظنون 1/ 46 - 47. وهذا الشرح مطبوع. (¬3) انظر: شرح أدب القاضي 1/ 75 - 76. (¬4) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب) و (ظ). (¬5) ضرورة عدم وجود المجتهد في زماننا. (¬6) يعني: غير إِمامه. (¬7) نهاية 240 أمن (ب). (¬8) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 203.

وذكر ابن هبيرة (¬1) أن عمله بقول الأكثر أولى. ...................... ومن اجتهد لنفسه -كتزويجه بغير ولي- ثم تغير اجتهاده: ففي الروضة (¬2): تحرم، إِلا أن يحكم به ثم يتغير، وقاله الآمدي (¬3)، قال: لأن استدامة حلها بخلاف معتقده خلاف الإِجماع. وقيل: تحرم مطلقًا. ....................... والمقد (3/ 1) يتغير اجتهاد مقلَّده: لا يحرم، ذكره في التمهيد (¬4) والروضة (¬5)؛ لأن عمله بفتواه كالحكم. وعند الشافعية (¬6) وبعض أصحابنا: يحرم. وهو متجه، كالتقليد في القبلة. وفي الرعاية (¬7): احتمال وجهين، وفي التي قبلها: يحرم، ويحتمل: لا. ¬

_ (¬1) انظر: الإِفصاح 2/ 344 - 345، والمسودة/ 539، 540. (¬2) انظر: روضة الناظر/ 381. (¬3) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 203. (3/ 1) انظر: المسودة/ 543، وتيسير التحرير 4/ 236. (¬4) انظر: التمهيد 2/ 269. نسخة جامعة الإمام. (¬5) انظر: روضة الناظر/ 381. (¬6) انظر: المستصفى 2/ 382، والإِحكام للآمدي 4/ 203. (¬7) انظر: الرعاية الكبرى 3/ 231 ب- 232 أ.

أما إِن لم يعمل بفتواه لزم المفتي تعريفه. فإِن (¬1) لم يعمل ومات المفتي فاحتمالان في التمهيد (¬2): المنع؛ لتردد (¬3) بقائه عليها لو كان حيا -قال بعض أصحابنا (¬4): فعلى هذا: لو كان حيا لم يجز (¬5)، وهو بعيد- والجواز للظاهر (¬6). * * * ويجوز تقليد مجتهد ميت؛ لبقاء قوله في الإِجماع، وكحاكم وشاهد. ولنا وللشافعية (¬7) وجه: لا، وذكره ابن عقيل (¬8) عن قوم من الفقهاء والأصوليين، واختاره في التمهيد (¬9) في أن عثمان لم يشرط عليه تقليد أبي بكر وعمر؛ لموتهما. * * * ¬

_ (¬1) نهاية 461 من (ح). (¬2) انظر: التمهيد 2/ 269. نسخة جامعة الإِمام. (¬3) في (ح): كتردد. (¬4) انظر: المسودة/ 543. (¬5) أن يعمل بالفتيا ثانيا حتى يستفتيه مرة ثانية. (¬6) يعني: لأن الظاهر أنه قوله حتى مات. (¬7) انظر: المحصول 2/ 3/ 97 - 98، والمجموع 1/ 95، ونهاية السول 3/ 210 - 211. (¬8) انظر: المسودة/ 466. (¬9) انظر: التمهيد 2/ 276. نسخة جامعة الإِمام.

مسألة

قال بعض أصحابنا (¬1): ومخالفة المفتي نصَّ إِمامه الذي قلده كمخالفة المفتي (¬2) نص الشارع. وإن عمل بفتياه في إِتلاف فبان خطؤه قطعًا ضمنه لا مستفتيه. ويتوجه فيه كَمتَّهِب مع غاصب (¬3). وإن لم يكن (¬4) أهلا للفتيا فوجهان. وعند الإِسفراييني (¬5) وغيره: يضمن الأهل فقط. مسألة إِذا أداه [اجتهاده] (¬6) إِلى حكم لم يجز له تقليد غيره إِجماعًا. وكذا إِن لم يجتهد عند أحمد وأكثر أصحابه ومالك (¬7) وجديد قولي الشافعي (¬8)، واختاره الآمدي (¬9)، وذكره عن أكثر الفقهاء. ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 522. (¬2) نهاية 162 ب من (ظ). (¬3) انظر: المغني 5/ 204، والفروع 4/ 510. (¬4) نهاية 240 ب من (ب). (¬5) انظر: المجموع 1/ 81. (¬6) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬7) انظر: شرح تنقيح الفصول/ 443. (¬8) انظر: البرهان/ 1339. (¬9) انظر: الإحكام للآمدي 4/ 204.

وقيل: فيما يفتي به؛ لا فيما يخصه. وجوزه بعض أصحابنا وبعض المالكية: لعذر. ولأبي حنيفة (¬1) روايتان، وللشافعية وجهان: المنع -قاله أبو يوسف (¬2) - والجواز، حكي (¬3) عن أحمد والثوري وإسحاق، وذكره بعض أصحابنا قولاً لنا. ومحمد (¬4): لأعلم منه. وعن ابن سريج (¬5) مثله ومثل ضيق الوقت. وجوز الشافعي (¬6) في القديم والجبائي (¬7) وابنه والسرخسي (¬8) وبعض شيوخه لغير صحابي تقليد صحابي أرجح ولا إِنكار منهم، فإِن استووا تَخَيَّر، ¬

_ (¬1) انظر: تيسير التحرير 4/ 228، وفواتح الرحموت 2/ 393. (¬2) انظر: تيسير التحرير 4/ 227. (¬3) انظر: اللمع/ 74، والتبصرة/ 403، والمحصول 2/ 3/ 115، والإِحكام للآمدي 4/ 204. (¬4) انظر: تيسير التحرير 4/ 228، وفواتح الرحموت 2/ 393. (¬5) انظر: اللمع/ 74، والتبصرة/ 412. والعدة/ 185أ، والإِحكام للآمدي 4/ 204، والمسودة/ 468، 469. (¬6) انظر: المحصول 2/ 3/ 115، والإحكام للآمدي 4/ 204. (¬7) انظر: المعتمد/ 942. (¬8) شمس الأئمة. انظر: أصول السرخسي 2/ 105، 108.

وقاله بعض المتكلمين قبل الفرقة، واختلف قول الشافعي في اعتبار انتشاره. وقيل: وتابعي. وذكر أبو المعالي (¬1) عن أحمد: يقلد (¬2) صحابيا، ويتخير فيهم، ومن التابعين: عمر بن عبد العزيز (¬3) فقط. وللمجتهد أن يجتهد ويدع غيره إِجماعًا. لنا: إِثباته (¬4) يعتبر دليله، والأصل عدمه، ونفيه لانتفاء دليله. وأيضاً: اجتهاده أصل متمكّن منه، فلم يجز بَدَلُه كغيره (¬5). فإِن قيل: لو توقف في مسألة نحوية على سؤاله النحاة، أو في حديث على أهله: ما حكمه؟. قيل: في التمهيد (¬6): "عامي فيه"، وفي الروضة (¬7) والآمدي: ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 470. (¬2) في (ح): تقليد. (¬3) هو: أمير المؤمنين الأموي المدني ثم الدمشقي، الخليفة العادل، روى عن أنس وسعيد بن المسيب وجماعة، وعنه الزهري وجماعة، توفي سنة 101 هـ. انظر: غاية النهاية 1/ 593، وتذكرة الحفاظ/ 118، وتهذيب التهذيب 7/ 435، والنجوم الزاهرة 1/ 246، وطبقات الحفاظ/ 46. (¬4) يعني: إِثبات جواز تقليده لغيره. (¬5) كالتيمم مع الوضوء. (¬6) انظر: التمهيد 2/ 772. نسخة جامعة الإِمام. (¬7) انظر: روضة الناظر/ 377.

هو الأشبه (¬1). وأيضًا: (فاعتبروا) (¬2)، (فردوه إلى الله والرسول) (¬3). واستدل: كبعد اجتهاده. رد: بالمنع؛ لأنه حصل ظن أقوى. واستدل (¬4): كالعقليات. رد: المطلوب فيها العلم، ولا يحصل بتقليد. قالوا: (فاسألوا أهل الذكر) (¬5). رد: المراد: يسأل من ليس أهلا أهل الذكر، وكلهم أهل، فلم يدخلوا، ولقوله (¬6): (إِن كنتم لا تعلمون (¬7)) (¬8)، وأمره هنا للوجوب (¬9) ¬

_ (¬1) نهاية 241أمن (ب). (¬2) سورة الحشر: آية 2. (¬3) سورة النساء: آية 59. (¬4) نهاية 462 من (ح). (¬5) سورة النحل: آية 43. (¬6) في (ح) و (ظ): وكقوله. (¬7) سورة النحل: آية 43. (¬8) فهو يقتضي أن يجب على المجتهد بعد اجتهاده استفتاء غيره؛ لأنه بعد اجتهاده ليس بعالم، بل هو ظان، وبالإِجماع لا يجوز ذلك. انظر: المحصول 2/ 3/ 121. (¬9) يعني: والسؤال غير واجب بالاتفاق.

ولتخصيصه بما بعد الاجتهاد -وسبق (¬1): (أصحابي كالنجوم) (¬2) - وكتعارض دليلين، ولم يسوغوا الأخذ بكل من قوليهما، بل بالراجح. قالوا: الظن كاف. رد: ظنُّه متعين؛ لعلمه بشروطه، كعِلمٍ على ظن، ولأنه (¬3) مبدَل؛ لتعينه بعد اجتهاده (¬4). قالوا: عاجز مع العذر، كعامي. رد: اجتهاده شرط يمكنه كسائر الشروط، فيؤخر العبادة. وفي التمهيد (¬5): مثل الصلاة، يفعله بحسبه ثم يعيد، كعادمِ (¬6) ماء وتراب ومحبوس بموضع نجس. وقال بعض أصحابنا (¬7): لا يعيد، كظاهر مذهبنا في الأصل. وكالعقليات لا يقلِّد فيها من خشي الموت، قاله في التمهيد (¬8)، وكذا ¬

_ (¬1) في ص 1452، 1500. (¬2) يعني: وأنه للمقلد. (¬3) يعني: الظن الحاصل باجتهاده. (¬4) يعني: والأصل أنه لا يجوز العدول إِلى البدل مع إِمكان تحصيل المبدل. (¬5) انظر: التمهيد / 222 ب. (¬6) نهاية 163أمن (ظ). (¬7) انظر: المسودة/ 471. (¬8) انظر: التمهيد/ 222 ب.

مسألة

في الواضح: (¬1) مع ضيق الوقت. وفي الفصول: لا يقلد في التوحيد مع ضيقه. والعامي يلزمه التقليد مطلقًا. مسألة يجوز أن يقال يجتهد: "احكم بما (¬2) شئت فهو صواب" عند بعضهم، ويؤخذ من كلام القاضي وابن عقيل. وَصَرَّحا (¬3) بجوازه للنبي عليه السلام، وقاله الشافعي (¬4) وأكثر أصحابه والجرجاني (4) وجمهور أهل الحديث. ثم: في وقوعه (¬5) قولان. وتأول بعضهم كلام الشافعي، وَرَدَّدَه الآمدي (¬6). (¬7) ¬

_ (¬1) في (ظ): في. (¬2) في (ح): ثم. (¬3) انظر: العدة/ 248 ب، والمسودة/ 510. (¬4) انظر: اللمع/ 78، والمحصول 2/ 3/ 184، والإحكام للآمدي 4/ 209، والعدة/ 248 ب، والمسودة/ 510. (¬5) في (ب): وقوفه. (¬6) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 209. (¬7) يعني: جعل كلامه مترددا بين الجواز والمنع.

ومنعه السرخسي (¬1) وجماعة من المعتزلة (1)، واختاره أبو الخطاب (¬2)، وذكره عن أكثر الفقهاء، وأنه أشبه بمذهبنا (¬3): الحق عليه (¬4) أمارة، فكيف يحكم بغير طلبها؟. القائل بالأول: الله قادر عليه، فجاز كالوحي، ولا مانع، والأصل عدمه. واستدل: بتخييره (¬5) في الكفارة، والعامي في المجتهدين. رد: لا يلزم؛ لأنه يختص هنا بمجتهد (¬6). القائل "وقع": احتج القاضي (¬7) وابن عقيل وغيرهما بقوله: (إِلا ما حرم إِسرائيل على نفسه) (¬8). رد: محتمل، وللمفسرين (¬9) قولان: هل هو باجتهاد، أو بإِذن الله؟. ¬

_ (¬1) انظر: المعتمد/ 890، والعدة/ 248 ب، والمسودة/ 510. والسرخسي: هو أبو سفيان. (¬2) انظر: التمهيد / 218أ. (¬3) في (ح): بمذهب. (¬4) في (ح): علي. (¬5) في (ح) و (ظ): بتخيره. (¬6) والتخيير في الكفارة يعم المجتهد والمقلد. (¬7) انظر: العدة/ 248 ب. (¬8) سورة آل عمران: آية 93. (¬9) انظر: تفسير الطبري 7/ 7 - ط: دار المعارف - وزاد المسير 1/ 423، وتفسير القرطبي 4/ 35.

وأيضاً: في الصحيحين عن بلد مكة: (لا يختلى خلاه)، فقال العباس (¬1): "يا رسول الله، إِلا الإِذخر؛ فإِنه لقينهم وبيوتهم"، فقال (إِلا الإِذخر (¬2). الخلا (¬3) -مقصور-: الحشيش الرطب، واختلاؤه: قَطْعه، والقين (¬4): الحدَّاد. رد: ليس الإِذخر من الخلا، فإِباحته بالاستصحاب (¬5)، واستثناؤه تأكيد (¬6)، أو منه ولم يُرِدْه، واستثناؤه لفهم ذلك، أو أراده وَنُسِخَ بوحي سريع، أو أراد استثناءه فسبقه السائل. وأيضاً: في الصحيحين: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة). وفي مسلم: (فرض عليكم الحج، فحجوا)، فقال رجل: "أكل عام؟ "، فقال: (لو قلت: "نعم" لوجبت، ولما استطعتم) (¬7). ¬

_ (¬1) هو: العباس بن عبد المطلب. (¬2) تقدم هذا الحديث في ص 908. (¬3) انظر: النهاية في غريب الحديث 2/ 75. (¬4) انظر: المرجع السابق 4/ 135. (¬5) نهاية 463 من (ح). (¬6) في (ح): تأكيدا ومنه. وقد ضرب على الواو. (¬7) أخرجه مسلم في صحيحه/ 975 من حديث أبي هريرة مرفوعاً. وأخرجه -أيضًا- النسائي في سننه 5/ 110، وأحمد في مسنده 2/ 508. وأخرجه النسائي في سننه 5/ 111 من حديث ابن عباس مرفوعاً، وأخرجه=

رد: يجوز أن الله خَيَّره في ذلك بعينه. ويجوز أن (¬1) قوله - عليه السلام - بوحي. القائل بالمنع: وضعت الشريعة لمصلحة العبد، وهو يجهلها، وقد يختار المفسدة، ثم: يمتنع دوام اختياره الصلاح، كأفعال كثيرة مُحْكَمَة بلا علم، ثم: يلزم (¬2) العامي. رد: الأول: مبني على رعاية المصلحة، ثم: أَمِنَّا المفسدة. والثاني: ممنوع، ثم: لا مانع في أفعال قليلة. ويجوز لعامي عقلا، قاله الآمدي (¬3)، وفيه (¬4) وفي التمهيد (¬5): منعه فيه إِجماع. ¬

_ =-كذلك- الدارمي في سننه 1/ 361، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 2/ 235، وأحمد في مسنده 1/ 255، والحاكم في مستدركه 2/ 293 وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. وأخرجه الترمذي في سننه 2/ 154 - 155، 4/ 321 - 322 من حديث علي، بلفظ: قالوا: يا رسول الله، أفي كل عام؟. قال الترمذي: حسن غريب من حديث علي. وأخرجه ابن ماجه في سننه/ 963. وأخرجه ابن ماجه -أيضًا- في سننه/ 963 من حديث أنس. وانظر: نصب الراية 3/ 1 - 4. والتلخيص الحبير 2/ 220. (¬1) نهاية 242 أمن (ب). (¬2) في (ب): يكرم. (¬3) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 214. (¬4) انظر: المرجع السابق 4/ 213. (¬5) انظر: التمهيد/ 218 ب- 219 أ.

فقيل: لفضل المجتهد وإكرامه. رد: استويا هنا في الصواب. وقال القاضي (¬1): لا يمتنع (¬2) في مجتهد بلا اجتهاد، كتخيير عامي في تقليد من شاء، والتخيير في الكفارة وغيرها. وفي التمهيد (¬3): منعه بلا اجتهاد إِجماع. وأيضًا: كما لا يجوز: أخْبِرْ، فإِنك لا تخبر إِلا بصواب. رد: لا يمتنع، قاله القاضي (¬4) وابن عقيل. قال في التمهيد (¬5): لو جاز خرج كون الأخبار عن الغيوب دالة على ثبوت (¬6) الأنبياء، وكلّف تصديق النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيره (¬7) من غير علم بذلك. كذا قال، والفرق بالمعجزة. قالوا: لجعل وضع الشريعة إِلى النبي. ¬

_ (¬1) انظر: العدة/ 248 ب، 249 أ. (¬2) نهاية 163 ب من (ظ). (¬3) انظر: التمهيد/ 218 ب. (¬4) انظر: العدة/ 249 أ. (¬5) انظر: التمهيد/ 218 ب. (¬6) كذا في (ب) و (ح). ولم تنقط في (ظ). ولعلها: نبوة. (¬7) كذا في النسخ. وفي التمهيد: "دون غيره". أقول: ولعله الصواب.

مسألة

رد: لا يمتنع، قاله ابن عقيل وغيره. قال القاضي (¬1): إِن (¬2) أمكنه (¬3) بفكر ورأي إِن عَلِمه الله مصلحة، كحِلِّه (¬4) (4/ 1) له أكل (¬5) ما شاء إِن عَلِمه لا يختار حراما. مسألة لا يقر - عليه السلام - على خطأ في اجتهاده إِجماعًا. ومنع بعض الشافعية من الخطأ. وفي العدة (¬6) -أيضًا- معصوم في اجتهاده كالأمة، فليس طريقه غالب الظن. وفي التمهيد (¬7) -أيضًا-: حكمه معصوم بعصمته وإن صدر عن (¬8) ظن كالإِجماع. احتج الأول: بما سبق (¬9) في اجتهاده. ¬

_ (¬1) انظر: العدة/ 249 أ. (¬2) يعني: لا يمتنع إِن أمكنه. (¬3) يعني: إِن أمكنه الوصول إِليه. (¬4) يعني: كما لا يمتنع حله ... إِلخ. (4/ 1) كذا في النسخ. ولعلها: كإِحلاله. (¬5) في (ب) و (ظ): أكمل. (¬6) انظر: العدة / 248أ. (¬7) انظر: التمهيد/ 152 ب. (¬8) نهاية 242 ب من (ب). (¬9) في ص 1472.

وفي الصحيحين (¬1) عن أم سلمة مرفوعًا: (إِنما أنا بشر، وإِنكم تختصمون إِليّ، ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض، فأقضي نحو ما أسمع، فمن قضيت له من حق أخيه شيئًا فلا يأخذه، فإِنما أقطع له قطعة من النار). واعترض (¬2): بأنه خطأ في فصلِ خصومة، والكلام في الحكم. رد: يستلزمه. قالوا: يلزم منه أمره لنا بخطأ. رد: بالعامي يتبع المفتي مع جواز خطئه. زاد ابن عقيل: وبسهو كسلام عن نقص (¬3). وأجيب عن قياسه على الإِجماع: بأنه لا نقص ولا أولوية مع اتصافه برتبة أعلى -وهي الرسالة- ولزوم (¬4) أهل الإِجماع باتباعه، فيتبع (¬5) دليلهما (¬6). قال ابن عقيل: ثم يُسْتَدْرَك بوحي، بخلاف الأمة. ¬

_ (¬1) انظر: صحيح البخاري 9/ 72، وصحيح مسلم/ 1337 - 1338. (¬2) نهاية 464 من (ح). (¬3) انظر: ص 513 من هذا الكتاب. (¬4) يعني: ومع لزوم ... إِلخ. (¬5) يعني: فيكون الدليل هو المتبع. (¬6) يعني: دليل عصمة الإِجماع، ودليل جواز الخطأ من الرسول. وفي (ظ): دليلها.

مسألة

قالوا: مخل (¬1) بمقصود البعثة. رد: بالمنع. مسألة النافي للحكم عليه دليل عند أصحابنا والشافعية، وذكره [في] (¬2) التمهيد (¬3) عن عامة العلماء، وابن [عقيل (¬4)] (¬5) عن محققي الفقهاء والأصوليين. وعند قوم منهم -وقاله بعض الشافعية (¬6) -: لا. وعند قوم منهم: عليه في حكم عقلي لا شرعي. وعكسه عنهم في الروضة (¬7). لنا: أنه أثبت يقينا أو ظنا بنفيه (¬8)، فلزمه كَمُثْبِت. ¬

_ (¬1) يعني: الشك في حكمه. (¬2) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬3) انظر: التمهيد/ 193 ب. (¬4) انظر: الواضح 1/ 202 أ. (¬5) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬6) انظر: اللمع/ 73، والتبصرة/ 530. (¬7) انظر: روضة الناظر/ 158. (¬8) في (ح): ينفيه.

ولئلا يعبِّر (¬1) كل أحد عن مقصوده بنفي، فيقول -بدل: محدَث-: ليس بقديم. ولأنه كاتم للعلم. واحتج في التمهيد (¬2): بأنه يلزم من نَفَى قِدَم الأجسام بلا خلاف، فكذا غيره. واحتج الآمدي (¬3): بأنه يلزم مدعي الوحدانية والقِدَم إِجماعًا، وحاصلها (¬4) نفي شريك وحدوث (¬5). قالوا: لو (¬6) لزمه لزم منكر مدعي النبوة وصلاة سادسة ومنكر الدعوى، ولا يلزمه إِجماعًا. رد: الدليل الاستصحاب مع عدم رافعه. قال الآمدي (¬7): قد يكتفى بظهور دليل عن ذكره. ¬

_ (¬1) في (ب): يغير. (¬2) انظر: التمهيد/ 194 أ. (¬3) انظر: الإحكام للآمدي 4/ 219 - 220. (¬4) كذا في النسخ. ولعلها: وحاصلهما. (¬5) نهاية 164 أمن (ظ). (¬6) نهاية 243 أمن (ب). (¬7) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 220.

مسألة

قال في التمهيد (¬1): دليله قوله: "لو كنتَ نبيًّا لأَيَّدَك الله بالمعجزة"، فلا فرق، وذكر في الأخريين الاستصحاب. وفي الواضح (¬2) والروضة (¬3): اليمين دليل. وأجاب بعضهم: بأنه مانع بدفع الدعوى؛ لا (¬4) مُدَّعٍ. ويستدل (¬5): بانتفاء لازم على انفاء ملزوم، وبقياس شرعي على نفي بجعل جامع وجود مانع أو انتفاء شرط إِن جاز تخصيص العلة. مسألة (¬6) إِذا حدثت مسألة لا قول فيها فللمجتهد الاجتهاد فيها والفتوى والحكم. وهل هذا أفضل، أم التوقف، أم توقفه في الأصول (¬7)؟ فيه أوجه لنا، ذكرها ابن حامد على ما ذكره بعضهم (¬8). ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد/ 194 أ-ب. (¬2) انظر: الواضح 1/ 202 ب. (¬3) انظر: روضة الناظر/ 159. (¬4) في (ظ): ولا. (¬5) يعني: ويستدل النافي -بالإِضافة إِلى الاستصحاب- بانتفاء ... إِلخ. (¬6) انظر: المسودة/ 450، 543. (¬7) في (ظ): الأصل. (¬8) انظر: طبقات الحنابلة 2/ 176، والمسودة/ 450.

وذكرها بعضهم في الجواز، ومعناه كلام (¬1) أبي الحسين (¬2) في ترجمة ابن حامد، وذكر قول أحمد: من قال: "الإِيمان غير مخلوق" ابتدع، ويهجر. وذكرها صاحب (¬3) الرعاية، وأن أحمد أومأ إِلى المنع، كقوله (¬4) للميموني: إِياك أن تتكلم في مسألة ليس لك (¬5) فيها إِمام. وفي خطبة الإِرشاد وغيرها: لا بد من الجواب. ¬

_ (¬1) انظر: طبقات الحنابلة 2/ 176. (¬2) هو: محمَّد بن محمَّد بن الحسين، القاضي الشهيد، ابن القاضي أبي يعلى، كان عارف بالمذهب الحنبلي مفتيا مناظرا بارعا في الأصول والفروع، قتله خدمه سنة 526 هـ. من مؤلفاته: طبقات الحنابلة، والمفردات في أصول الفقه. انظر: ذيل طبقات الحنابلة 1/ 176، وشذرات الذهب 4/ 79، والمدخل/ 210. (¬3) انظر: صفة الفتوى والمفتي والمستفتي/ 30. (¬4) انظر: المسودة/ 350، 543. (¬5) نهاية 465 من (ح).

التقليد

التقليد العمل بقول غيرك بلا حجة. مأخوذ من التقليد لغة (¬1): وضع شيء بعنقه محيطًا به، وهو القلادة، فكأنه يُطوِّقه إِثم ما غشه أو كتمه. فالرجوع إِلى الإِجماع، والعامي إِلى المفتي، والقاضي إِلى العدول (¬2): ليس بتقليد؛ لقيام الحجة عليها، قال الآمدي (¬3): وِإن سمي تقليدا عرفا فلا مشاحة في اللفظ. قال بعض أصحابنا: المشهور أن أخذ عامي بقول مفتٍ تقليد. قال في التمهيد (¬4): المفتي غير معصوم (¬5)، والتقليد حقيقة للشر، فهذا الفرق، وإلا فهما سواء (¬6). وقد نقل أبو الحارث (¬7): من قلد الخبر رجوتُ أن يَسْلم. ...................... ¬

_ (¬1) انظر: معجم مقاييس اللغة 5/ 19 - 20، والصحاح/ 527. (¬2) نهاية 243 ب من (ب). (¬3) انظر: الإحكام للآمدي 4/ 221. (¬4) انظر: التمهيد 2/ 269. نسخة جامعة الإِمام. (¬5) بخلاف قول الرسول والإِجماع. (¬6) يعني: من حيث يجب على العامي الرجوع إلى العالم، كما يجب على العالم الرجوع إِلى قول الرسول وإلى الإِجماع. (¬7) انظر: المسودة/ 462.

والمفتي (¬1): العالم بأصول الفقه وما يستمد منه والأدلة السمعية مفصلة واختلاف مراتبها -كما سبق (¬2) - أي: غالبا، ذكره جماعة من أصحابنا وغيرهم. وفي الواضح (¬3): يجب معرفة جميع أصول الفقه وأدلة الأحكام. قال أصحابنا وغيرهم: يجب أن يحفظ من القرآن ما يتعلق بالأحكام، وذكره في الواضح (¬4) عن المحققين، وأن كثيرا من العلماء أوجب حفظ جميعه. قال أصحابنا: ويعرف المجمع عليه والمختلف فيه. ولم يذكره في التمهيد (¬5) وغيره. واعتبر بعض أصحابنا وبعض الشافعية: معرفة أكثر الفقه. والأشهر: لا؛ لأنه نتيجته. والمستفتي: إِن كان مجتهدًا أو محصلاً لعلم معتبر للاجتهاد فقد سبق (¬6)، أو عاميًا. ¬

_ (¬1) انظر: العدة/ 249 ب، والإِحكام للآمدي 4/ 222. (¬2) في هذا الكتاب. (¬3) انظر: الواضح 1/ 85أ. (¬4) انظر: المرجع السابق 1/ 57 ب. (¬5) انظر: التمهيد 2/ 267. نسخة جامعة الإمام. (¬6) في ص 1469، 1515 وما بعدها.

مسألة

والمستفتَى فيه: المسائل الاجتهادية. (¬1) مسألة لا يجوز التقليد في معرفة الله والتوحيد والرسالة، ذكره القاضي (¬2) وابن عقيل (¬3) وأبو الخطاب (3)، وذكره عن عامة العلماء. وأجازه العنبري (¬4) وغيره وبعض الشافعية (¬5) (¬6)، وسمعه ابن عقيل (¬7) من أبي القاسم بن التبان (¬8) المعتزلي، وأنه يكفي (¬9) بطريق فاسد، وأن قوما من أهل الحديث والظاهر (¬10) أوجبوا التقليد فيما لم يُعلم بالحس، وأبطلوا ¬

_ (¬1) نهاية 164 ب من (ظ). (¬2) انظر: العدة/ 183أ، والمسودة/ 457. (¬3) انظر: المسودة/ 457. (¬4) انظر: اللمع/ 73، والتبصرة/ 401، والإحكام للآمدي 4/ 223. (¬5) انظر: المعتمد/ 941. (¬6) نهاية 244 أمن (ب). (¬7) انظر: المسودة/ 457، 458. (¬8) هو صاحب أبي الحسين البصري شيخ المعتزلة، وهو أحد شيوخ ابن عقيل الحنبلي الذين أخذ علم الكلام عنهم. انظر: العبر 4/ 29، ومعرفة القراء الكبار 1/ 380، وذيل طبقات الحنابلة 11/ 42، والمنتظم 9/ 212 وهو فيه: ابن البيان. وفي المسودة/ 457: ابن البقال. (¬9) يعني: معرفة الله. (¬10) في (ب): والظاهرية.

حجج العقول، واحتج أحمد بها وعامة الفقهاء والأصوليين. وظاهر خطبته في الإِرشاد: جوازه. وفي شرح المنهاج (¬1) لمؤلفه -عن الفقهاء-: يجوز مطلقًا؛ لأنه - عليه السلام - لم يسأل أحدا أسلم. وأطلق الحلواني (¬2) وغيره (¬3) -من أصحابنا وغيرهم-: منع التقليد في أصول الدين. لنا: أَمْره -تعالى- بالتفكر والتدبر والنظر. وفي صحيح (¬4) ابن حبان: لما نزل في آل عمران: (إِن في خلق ¬

_ (¬1) لعله يعني: شرح "منهاج الوصول إِلى علم الأصول" للبيضاوي، فإِن مؤلفه -وهو البيضاوي- قد شرحه. والمنهاج مطبوع، والشرح لم أجده. والبيضاوي: هو أبو الخير عبد الله بن عمر بن محمَّد الشافعي، فقيه أصولي مفسر عالم بالعربية، توفي سنة 685 هـ من مؤلفاته: أنوار التنزيل وأسرار التأويل، ومنهاج الوصول إِلى علم الأصول، وشرحه، والإِيضاح في أصول الدين. انظر: طبقات المفسرين للداودي 1/ 242، وبغية الوعاة 2/ 50، وطبقات الشافعية للسبكي 8/ 157، وشذرات الذهب 5/ 392. (¬2) انظر: المسودة/ 457. (¬3) نهاية 466 من (ح). (¬4) في الرسالة المستطرفة / 20: وهو المسمى بالتقاسيم والأنواع، وترتيبه مخترع ليس على الأبواب ولا على المسانيد، والكشف عنه عسر جداً، وقد رتبه على الأبواب الأمير علاء الدين الفارسي، المتوفى سنة 739 هـ، وسماه: الإِحسان في تقريب صحيح ابن حبان.

السماوات) -الآيات- (¬1) قال: (ويل لمن قرأهن ولم يتدبرهن، ويل له، ويل له) (¬2). والإِجماع على وجوب معرفة الله تعالى، ولا تحصل بتقليد؛ لجواز كذب الخبر واستحالة حصوله لمن (¬3) قَلَّد (¬4) في حدوث العالم ولمن (¬5) قَلَّد في قِدَمه، ولأن التقليد لو أفاد علماً: فإِما بالضرورة -وهو باطل- أو النظر، فيستلزم الدليل، والأصل عدمه، والعلم يحصل بالنظر، واحتمال الخطأ لعدم تمام مراعاة القانون الصحيح. ولأنه ذم التقليد بقوله: (إِنا وجدنا آباءنا على أمة) (¬6)، وهي فيما يطلب العلم، فلا يلزم الفروع. ولأنه يلزم الشارع؛ لقوله: (فاعلم أنه لا إِله إِلا الله) (¬7)، فيلزمنا، ¬

_ (¬1) سورة آل عمران: الآيات 190 - 195. (¬2) أخرجه ابن حبان -في صحيحه- وعبد بن حميد، وابن أبي الدنيا في التفكر، وابن المنذر، وابن مردويه، والأصبهاني في "الترغيب" وابن عساكر عن عطاء عن عائشة مرفوعًا. فانظر: الدر المنثور 2/ 110 - 111، وتفسير ابن كثير 1/ 440 - 441، وفتح القدير 1/ 412. (¬3) في (ب): كمن. (¬4) في (ح): قلده. (¬5) في (ب): وكمن. (¬6) سورة الزخرف: آية 22. (¬7) سورة محمَّد: آية 19.

لقوله: (فاتبعوه) (¬1). قالوا: لو وجب لما نهى - عليه السلام - ناسا من أصحابه عن الكلام في القدر. رد: رواه الترمذي (¬2) من حديث أبي هريرة من رواية صالح المري (¬3)، وهو ضعيف. ¬

_ (¬1) سورة الأنعام: آية 153، 155. وفي سورة الأعراف: آية 158 (واتبعوه). ولعل ما في الأعراف هو المراد؛ لأن المقصود -هنا- اتباع الرسول. (¬2) أخرجه الترمذي في سننه 3/ 300، وقال: غريب لا نعرفه إِلا من هذا الوجه من حديث صالح المري، وصالح له غرائب يتفرد بها. قال: وفي الباب عن عمر وعائشة وأنس. قلت: أما حديث عمر فأخرجه أبو داود في سننه 5/ 84، 91 مرفوعاً بلفظ: (لا تجالسوا أهل القدر ولا تفاتحوهم). وأخرجه أحمد في مسنده 1/ 30، وابن حبان في صحيحه (انظر: موارد الظمآن/ 451)، والحاكم في مستدركه 1/ 85 وسكت عنه. وأما حديث عائشة فأخرجه ابن ماجه في سننه/ 33 مرفوعاً بلفظ: (من تكلم في شيء من القدر سئل عنه يوم القيامة، ومن لم يتكلم فيه لم يسأل عنه). وفي الزوائد: إِسناد هذا الحديث ضعيف. وأما حديث أنس فأخرجه الترمذي وابن ماجه. فانظر: تحفة الأحوذي 6/ 336. (¬3) هو: أبو بشر صالح بن بشير البصري، زاهد واعظ، روى عن الحسن وابن سيرين وغيرهما، توفي سنة 173 هـ. ضعفه ابن معين والدارقطني، وقال أحمد: هو صاحب قصص؛ ليس هو صاحب حديث، ولا يعرف الحديث. وقال الفلاس: منكر الحديث جداً. وقال النسائي: متروك. وقال البخاري: منكر الحديث. انظر: ميزان الاعتدال 2/ 289، وتهذيب التهذيب 4/ 382.

ورواه أحمد وابن ماجه (¬1) (¬2) من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه) (*) عن جده (**)، وفيه: (ما لكم تضربون كتاب الله بعضه ببعض، بهذا هلك من كان قبلكم). فإِن صح فنهي عن جدال بباطل؛ لقوله: (وجادلهم بالتي هي أحسن) (¬3)، ولقوله: (إِلا بالتي هي أحسن) (¬4)، أو فيما لا ينبغي، كما في مسلم (¬5): أنه سمع أصوات رجلين اختلفا في آية، فغضب، فقال: (إِنما هلك من كان قبلكم باختلافهم في الكتاب). ولهذا روى ابن ماجه والترمذي (¬6) -وصححه- عن أبي هريرة: "أن مشركي قريش أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - يخاصمونه في القدر". ¬

_ (¬1) انظر: مسند أحمد 2/ 178، وسنن ابن ماجه/ 33. وفي الزوائد: هذا إِسناد صحيح، رجاله ثقات. وراجع: تحفة الأحوذي 6/ 336. (¬2) نهاية 244 ب من (ب). (*) هو: شعيب بن محمَّد بن عبد الله. (**) هو: عبد الله بن عمرو بن العاص. (¬3) سورة النحل: آية 125. (¬4) سورة العنكبوت: آية 46. (¬5) أخرجه مسلم في صحيحه/ 2053 من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعًا. وأخرج -نحوه- أحمد في مسنده 1/ 401، 421 من حديث ابن مسعود. (¬6) انظر: سنن ابن ماجه/ 32، وسنن الترمذي 3/ 311. وأخرجه مسلم في صحيحه/ 2046، وأحمد في مسنده 2/ 444، 476، والطبري في تفسيره 27/ 65، والواحدي في أسباب النزول/ 228.

قالوا: لو كان فعلته الصحابة، ونقل كالفروع. رد: هو كذلك؛ لئلا يلزم نسبتهم إِلى الجهل به (¬1) وهو باطل؛ لأنه غير ضروري، ولم يُنْقل لعدم الحاجة. قالوا: لو كان أنكرت (¬2) على العامة تركه. رد: المراد دليل جملي -ويحصل بأيسر نظر- لا تحريرُ دليلٍ وجوابٌ عن شبهة. قالوا: النظر مظنة وقوع في شبهة وضلالة، فيحرم. رد: بالمنع. ثم: يحرم التقليد إِن استند (¬3) إِلى نظر (¬4)، أو يتسلسل. أجيب: يجوز أن يستند إِلى كشف (¬5) ومشاهدة. رد: بمنعه طريقًا شرعيا؛ لعدم دليله، والمعارضة بمثله، خلافا للغزالي وغيره، وسبق (¬6) في الأعيان قبل الشرع. ¬

_ (¬1) يعني: بالله تعالى. (¬2) نهاية 165 أ. من (ظ). (¬3) يعني: اعتقاد من يقلده. (¬4) لأن المحذور اللازم من النظر لازم في التقليد، مع احتمال كذب من قلده فيما أخبره به. (¬5) نهاية 467 من (ح). (¬6) ص 175 من هذا الكتاب.

مسألة

وسبق (¬1) في مسألة التحسين: أن النظر لا يتوقف على وجوبه، فلا دور. مسألة لا يجوز للعامي التقليد في أركان الإِسلام الخمسة ونحوها مما تواتر واشتهر (¬2)، ذكره القاضي (¬3)، وذكره أبو الخطاب (¬4) وابن عقيل (¬5) إِجماعًا، لِتساوي الناس في طريقها، وإلا لزمه -ساغ فيه اجتهاد، أوْ لا- عندنا وعند الشافعية والأكثر. ومنعه قوم من المعتزلة البغداديين (¬6) ما لم يتبين له صحة اجتهاده بدليله، وذكره ابن برهان (¬7) عن الجبائي، وعنه: كقولنا. ومنعه أبو علي (¬8) الشافعي فيما لا يسوغ فيه اجتهاد. وبعضهم: في المسائل الظاهرة (¬9). ¬

_ (¬1) في 165 من هذا الكتاب. (¬2) نهاية 245 أمن (ب). (¬3) انظر: العدة/ 184 أ. (¬4) انظر: التمهيد 2/ 271. نسخة جامعة الإِمام. (¬5) انظر: المسودة/ 458. (¬6) انظر: المعتمد/ 934، والإحكام للآمدي 4/ 228. (¬7) انظر: المسودة/ 459. (¬8) الطبري. انظر: المسودة/ 459. (¬9) في (ب): الظاهرية.

واختار الآمدي (¬1) لزومه في الجميع، وذكره عن محققي الأصول. لنا: (فاسألوا أهل الذكر إِن كنتم لا تعلمون) (¬2)، وهو عام؛ لتكرره بتكرر الشرط، وعلة الأمر بالسؤال الجهل. وأيضًا: الإِجماع؛ فإِن العوام يقلدون العلماء -من غير إِبداء مستند- من غير نكير. وأيضًا: يؤدي إِلى خراب الدنيا بترك المعايش والصنائع. ولا يلزم التوحيد والرسالة؛ لِيُسْره وقلّته، ودليله العقل. قالوا: عنه - عليه السلام -: (طلب العلم فريضة على كل مسلم) (¬3). ¬

_ (¬1) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 228. (¬2) سورة النحل: آية 43. (¬3) أخرجه ابن ماجه في سننه/ 81: حدثنا هشام بن عمار ثنا حفص بن سليمان ثنا كثير بن شنظير عن محمَّد بن سيرين عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله: (طلب العلم فريضة على كل مسلم). في الزوائد: إِسناده ضعيف لضعف حفص بن سليمان. وأخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 1/ 8/ 11 من عدة طرق عن أنس مرفوعًا. وأخرجه ابن الجوزي في العلل المتناهية 1/ 54 وما بعدها من حديث علي وابن مسعود وابن عباس وابن عمر وجابر وأنس وأبي سعيد من طرق، ثم قال: "هذه الأحاديث كلها لا تثبت"، وبين وجه ذلك، ثم قال: قال أحمد بن حنبل: لا يثبت عندنا في هذا الباب شيء. وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد 1/ 119 - 120 من حديث ابن مسعود رواه الطبراني في الكبير والأوسط، ومن حديث أبي سعيد وابن عباس رواهما الطبراني=

رد: لم يصح. ثم: طلبه بطريقه الشرعي، فتقليد المفتي منه، فإِن العلم لا يجب عند أحد، بل النظر. ¬

_ =في الأوسط، ومن حديث الحسين بن علي رواه الطبراني في الصغير، وضعفها الهيثمي، وبين وجه ذلك. قال ابن عبد البر: يروى عن أنس من وجوه كثيرة كلها معلولة؛ لا حجة في شيء منها عند أهل العلم بالحديث من جهة الإسناد. وقال البزار: روي عن أنس بأسانيد واهية، وفي الباب عن أبي وجابر وحذيفة والحسين بن علي ... وقال البيهقي: متنه مشهور، وإسناده ضعيف، وروي من أوجه كلها ضعيفة. وقال العراقي: قد صحح بعض الأئمة بعض طرقه. وأخرجه ابن الجوزي في منهاج القاصدين من جهة أبي بكر بن داود، وقال: ليس في حديث (طلب العلم فريضة) أصح من هذا. وقال السيوطي: سئل النووي عن هذا الحديث، فقال: إِنه ضعيف -أي: سندا- وإن كان صحيحًا، أي: معنى. وقال تلميذه جمال الدين المزي: هذا الحديث روي من طرق تبلغ رتبة الحسن. وهو كما قال؛ فإني رأيت له خمسين طريقًا، وقد جمعتها في جزء. انتهى كلام السيوطي. وراجع: سنن ابن ماجه/ 81، وجامع بيان العلم وفضله 1/ 8 - 11، والعلل المتناهية 1/ 54 - 66، ومجمع الزوائد 1/ 191 - 120، والمقاصد الحسنة/ 275 - 277، واللآلئ المصنوعة 1/ 193، وكشف الخفاء 2/ 56 - 57، وفيض القدير 4/ 267.

مسألة

مسألة للعامي استفتاء من عَرَفه عالماً عدلاً، أو رآه منتصبا مُعظَّما. ولا يجوز في ضده عند العلماء، وذكره الآمدي (¬1) اتفاقًا. قال في الروضة (¬2) وغيرها: "يكفيه قول عدل"، ومراده: خبير. وعند بعض الشافعية (¬3): إِنما يعتمد على قوله (¬4): "أنا أهل للفتوى"؛ لإِفادة التواتر في المحسوس (¬5)، واشتهار ما لا أصل له. واعتبر بعض أصحابنا (¬6) الاستفاضة؛ لا مجرد اعتزائه إِلى العلم ولو بمنصب تدريس أو غيره، ومراده: في زمانه، وقاله بعض الشافعية (¬7). وذكر (¬8) ابن عقيل (¬9): يجب سؤال أهل الثقة والخبرة عنه؛ لأنه لا ¬

_ (¬1) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 232. (¬2) انظر: روضة الناظر/ 384. (¬3) انظر: البرهان/ 1341، والمجموع 1/ 94. (¬4) نهالة 245 ب من (ب). (¬5) يعني: وكونه مجتهدًا ليس بمحسوس. (¬6) انظر: المسودة/ 464. (¬7) انظر: المجموع 1/ 94. (¬8) في (ح): وكذا ذكر. (¬9) انظر: الواضح 1/ 61 أ- 62 أ.

يجور (¬1) الرجوع إِلى غيره إِلا بعد علمه بأنه أهل، بدليل النبي والحاكم والمقوِّم والمخبِر بعيب. ثم قال: يكفي خبرُ واحدٍ كحكم شرعي. وذكر بعض (¬2) أصحابنا (¬3): يقلد من عَلِمه (¬4) أو ظَنَّه أهلا بطريق ما اتفاقًا. واعتبر ابن الباقلاني (¬5): ثقتين. وذكر ابن عاقيل (¬6) عن قوم: لا يلزمه، فيسأل من شاء، وعن الشيعة: منع تقليد غير المعصوم. وهما باطلان. ويمنع عندنا وعند الجمهور من لم يُعرف بعلم أو جهل؛ لأنه الأصل والظاهر الجهل، فالظاهر أنه منه. ولا يلزم الجهل بالعدالة؛ لأنا نمنعه، ثم سلَّمه في الروضة (¬7) والآمدي (¬8) ¬

_ (¬1) نهاية 468 من (ح). (¬2) نهاية 165 ب من (ظ). (¬3) انظر: البلبل/ 185. (¬4) في (ب) و (ظ): علم. (¬5) انظر: البرهان/ 1341، والمسودة/ 472. (¬6) انظر: الواضح 1/ 61أ، والمسودة/ 471، 513. (¬7) انظر: روضة الناظر/ 385. (¬8) انظر: الإحكام للآمدي 4/ 232.

وغيرهما؛ لأن الغالب عدالة العلماء. قال في التمهيد (¬1) وغيره: من عرف ذلك -يعني: علم الاجتهاد- وكان عدلا لزمه الاجتهاد وجاز له أن يفتي. وفي الواضح (¬2): صفة من تسوغ فتواه العدالة. وكذا أطلق بعض أصحابنا وغيرهم: يلزم ولي الأمر منع من ليس أهلا. وكذا قال الشافعي (¬3) وغيره: لا ينبغي أن يفتي إِلا من كان كذلك. وقال ربيعة (¬4): بعض من يفتي أحق بالسجن من السُّرَّاق. وفي الروضة (¬5): العدالة شرط لجواز اعتماد قوله (¬6). ومعناه في العدة (¬7). وفي المغني (¬8): أن من شهد مع ظهور فسقه لم يُعَزَّر؛ لأنه (¬9) لا يمنع صدقه. ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد/ 221 ب. (¬2) انظر: الواضح 1/ 57 أ. (¬3) نقله عنه الخطيب في الفقيه والمتفقه 2/ 157. (¬4) انظر: صفة الفتوى والمفتي والمستفتي/ 11. (¬5) انظر: روضة الناظر/ 352. (¬6) نهاية 246 أمن (ب). (¬7) انظر: العدة/ 250 أ. (¬8) انظر: المغني 10/ 233. (¬9) يعني: فسقه.

مسألة

وكلامه -هو وغيره- يدل [على] (¬1) أنه لا يحرم أداء فاسق مطلقًا. ويفتي فاسق نفسه، ذكره أصحابنا والشافعية (¬2) وغيرهم. قال بعض أصحابنا (¬3): لا تشترط عدالته في اجتهاده، بل في قبول فتياه وخبره. مسألة لا يشترط في المفتي الذكورية والحرية كالراوي، ولا مانع (¬4) شهادة. ويفتي أخرس بإِشارة مفهومة أو كتابة. وذكر بعض أصحابنا (¬5) قولاً: لا يفتي على عدوه -وقاله (¬6) الماوردي (¬7) - كالحكم عليه. ...................... ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬2) انظر: المجموع 1/ 76. (¬3) انظر: البلبل/ 174. (¬4) كذا في النسخ. ولعل الصواب: ولا عدم مانع شهادة. (¬5) انظر: المسودة/ 555. (¬6) انظر: المجموع 1/ 75. (¬7) هو: أبو الحسن علي بن محمَّد بن حبيب البصري الشافعي، فقيه أصولي مفسر، توفي سنة 450 هـ. من مؤلفاته: النكت في التفسير، والحاوي في الفقه، والأحكام السلطانية.=

وللحاكم أن يفتي. وذكر بعض أصحابنا (¬1) قولاً: لا، وقولاً: فيما يتعلق بالحكم، ويجوز في نحو طهارة وصلاة. وللشافعية (¬2) -فيما يتعلق بالحكم- وجهان. .......................... ولا يفتي في حال لا يحكم فيها كغضب وغيره. فظاهره: يحرم [كالحكم] (¬3). وذكر بعض أصحابنا: إِن أفتى وأصاب صح وكره. وقيل (¬4): لا يصح. ................... وله أخذ رزق من بيت المال. وإن تعيَّن أن يفتي -وله كفاية- فوجهان. ومن أخذ لم يأخذ أجرة، وإلا أخذ أجرةَ خطِّه. وقيل: في أجرة خطه وجهان. ¬

_ =انظر: وفيات الأعيان 2/ 444، وطبقات الشافعية للسبكي 5/ 267، وطبقات المفسرين للداودي 1/ 423، وشذرات الذهب 3/ 276. (¬1) انظر: المسودة/ 555. (¬2) انظر: المجموع 1/ 76. (¬3) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬4) نهاية 469 من (ح).

وإن جعل له أهل بلد رزقًا -ليتفرغ لهم- جاز. وفي الرعاية (¬1): هو بعيد. وله قبول هدية، والمراد: "لا ليفتيه بما يريده"، وإلا حرمت، زاد بعضهم (¬2): أو لنفعه بجاهه أو ماله. وفيه نظر. ونقل المروذي: لا يقبل هدية إِلا أن يكافِئ. قال أحمد (¬3): الدنيا داء، والسلطان داء، والعالم طبيب، فإِذا رأيت الطبيب يجر الداء إِلى نفسه فاحذره. قال بعض أصحابنا (¬4): فيه التحذير من (¬5) استفتاء من يرغب في مال وشرف بلا حاجة. واعتبر (¬6) بعض أصحابنا (¬7) في القاضي: الورع، وبعضهم: والزهد. .................. ¬

_ (¬1) انظر: الرعاية الكبرى 3/ 216 ب. (¬2) انظر: المرجع السابق، وصفة الفتوى والمفتي والمستفتي/ 35. (¬3) انظر: المسودة/ 550. (¬4) انظر: المسودة/ 550 - 551. (¬5) نهاية 246 ب من (ب). (¬6) نهاية 166 أمن (ظ). (¬7) انظر: المسودة/ 550.

قال أحمد (¬1): لا ينبغي أن يفتي حتى يكون له نية، ووقار وسكينة، قويا على ما هو فيه ومعرفته، والكفاية وإِلا مضغه الناس، ومعرفة الناس. قال ابن عقيل: هذه الخصال مستحبة، فيقصد الإِرشاد وإِظهار أحكام الله؛ لا رياء وسمعة والتنويه باسمه، والسكينة والوقار ترغِّب المستفتي، وهم ورثة الأنبياء فيجب أن يتخلقوا بأخلاقهم، والكفاية لئلا ينسبه الناس إِلى التكسب بالعلم وأخذ العوض عليه، فيسقط قوله، ومعرفة الناس يحتمل: حال الرواة، ويحتمل: حال المستفتين، فالفاجر لا يستحق الرخص، فلا يفتيه بالخلوة بالمحارم مع علمه بأنه يسكر، ولا برخص السفر لِجُنْدِ وقتنا لمعرفتنا بسفرهم، والتسهيل على معتدات على صفات وقتنا؛ لئلا يضع الفتيا في غير محلها. كذا قال، والخصلة الأولى واجبة. وعن عمران (¬2) مرفوعًا: (إِن أَخْوَف ما أخاف على أمتي كل منافق عليم اللسان). حديث حسن، رواه (¬3) أحمد والدارقطني، وقال: موقوف أشبه. ¬

_ (¬1) انظر: العدة/ 250 ب-251أ. (¬2) هو: الصحابي أبو نجيد عمران بن حصين الخزاعي. وفي الآداب الشرعية للمؤلف 3/ 313: عن عمر. (¬3) أخرجه أحمد في مسنده 1/ 22، 44 من حديث عمر. وفي العلل للدارقطني 1/ 49 أ: سئل عن حديث عبد الله بن بريدة عن عمر عن النبي: (أخوف ما أخاف عليكم منافق عليم اللسان)، فقال: "هو حديث رواه حسين المعلم، واختلف عنه: فرواه معاذ بن معاذ عن حسين المعلم عن ابن بريدة عن عمران=

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ =ابن حصين عن النبي، ووهم فيه، ورواه عبد الوهاب بن عطاء وروح بن عبادة وغيرهما عن حسين عن ابن بريدة عن عمر بن الخطاب، وهو الصواب. وفي العلل -أيضاً- 1/ 71 أ: سئل عن حديث- أبي عثمان النهدي عن عمر قوله: "أخوف ما أخاف عليكم كل منافق عليم اللسان"، فقال: رواه المعلي بن زياد عن أبي عثمان عن عمر موقوفًا غير مرفوع، وكذلك رواه حماد بن زيد عن ميمون الكردى عن أبي عثمان عن عمر قوله، وخالفه ديلم بن غزوان -ويكني: أبا غالب- عن ميمون الكردي عن أبي عثمان عن عمر عن النبي، وتابعه الحسن بن أبي جعفر الجعفرى عن ميمون الكردي فرفعه -أيضًا- إلى النبي، والموقوف أشبه بالصواب. أ. هـ. وعن عمر: عهد إِلينا نبينا، فقال: (إِن أخوف ما أخشى عليكم بعدي منافق عالم اللسان). أخرجه إِسحاق بن راهويه في مسنده. انظر: المطالب العالية 3/ 92. وأخرجه ابن حبان في صحيحه (انظر: موارد الظمآن/ 51) عن عمران بن حصين مرفوعًا: (أخوف ما أخاف عليكم جدال منافق عليم اللسان). وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد 1/ 187 عن عمران بن حصين مرفوعًا: (إِن أخوف ما أخاف عليكم بعدي كل منافق عليم اللسان). قال الهيثمي: رواه الطبراني في الكبير والبزار، ورجاله رجال الصحيح. وأورد -أيضاً- عن عمر بن الخطاب قال: حذرنا رسول الله كل منافق عليم اللسان. قال الهيثمي: رواه البزار وأحمد وأبو يعلى، ورجاله موثقون. انتهى كلام الهيثمي. وأخرجه إِسحاق بن راهويه في مسنده (انظر: المطالب العالية 3/ 89)، وانظر: المقصد العلي في زوائد أبي يعلى الموصلي / 11 أ، وهو فيه باللفظ الذي ذكره المؤلف. وأخرجه الخطيب في الفقيه والمتفقه 2/ 13 عن ابن عمر مرفوعًا. وانظر: جامع بيان العلم وفضله 2/ 135 - 136، والفقيه والمتفقه 1/ 234.

وعن عمر: كنا (¬1) نتحدث: إِنما يُهْلِك هذه الأمة كل منافق عليم اللسان". رواه أبو يعلى (¬2)، وفيه: مؤمل بن إِسماعيل (¬3)، مختلف فيه. وقال معاذ: "احذر زلة (¬4) وجدال المنافق" (¬5). ...................... ¬

_ (¬1) في العلل للدارقطني 1/ 43 أ: سئل عن حديث الأحنف بن قيصى عن عمر قال: "كنا نتحدث: إِنما يهلك هذه الأمة كل منافق عليم"، فقال: يرويه حماد بن سلمة، واختلف عنه: فرواه مؤمل عن حماد عن حميد ويونس عن الحسن عن الأحنف عن عمر، وخالفه عبد الأعلي بن حماد، فرواه عن حماد عن علي بن زيد عن الحسن، وهو أشبه بالصواب. (¬2) هو: أحمد بن علي بن المثنى التميمي الموصلي، حافظ ثقة محدث، ولد سنة 210 هـ، وسمع ابن معين، ومنه ابن حبان وأبو بكر الإِسماعيلي، توفي سنة 307 هـ. من مؤلفاته: المسند الكبير. انظر: تذكرة الحفاظ/ 707، والعبر 2/ 134، وطبقات الحفاظ/ 360. (¬3) هو: أبو عبد الرحمن العدوي -بالولاء- البصري، نزيل مكة، روي عن عكرمة بن عمار وشعبة وسفيان، وعنه أحمد ومؤمل بن إِهاب، توفي سنة 206 هـ. قال أبو حاتم: صدوق شديد في السنة كثير الخطأ، قيل: دفن كتبه وحدث حفطا فغلط. وعن ابن معين: ثقة. وذكره ابن حبان في الثقات. قال ابن حجر في التقريب: صدوق سيئ الحفظ. انظر: الكاشف 3/ 190، وتهذيب التهذيب 10/ 380، وتقريب التهذيب 2/ 290. (¬4) كذا في النسخ. ولعل الصواب: زلة العالم وجدال المنافق. (¬5) أخرج نحوه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 2/ 135 - 136. وانظر: الفقيه والمتفقه 1/ 234.

مسألة

ومن عدم مفتيا -ببلده وغيره- فله حكم ما قبل الشرع (¬1). مسألة يلزم المفتي تكرير النظر عند تكرر (¬2) الواقعة، جزم به القاضي (¬3) وابن عقيل (¬4)، وقال: وإِلا يكون مقلدا لنفسه؛ لاحتمال تغيير اجتهاده، قال: وكالقبلة يجتهد لها ثانيًا (¬5). واعترض: فيجب تكريره أبدًا. رد: نعم. وغلط بعضهم فيه. وذكر بعض أصحابنا: لا يلزم؛ لأن الأصل بقاء ما اطلع عليه وعدم غيرِه. وللشافعية الوجهان (¬6). ولزوم السؤال ثانيًا فيه الخلاف. وعند أبي الخطاب (¬7) والآمدي (¬8): إِن ذكر المفتي طريق الاجتهاد لم يلزمه، وإلا لزمه. ¬

_ (¬1) نهاية 470 من (ح). (¬2) نهاية 247 أمن (ب). (¬3) انظر: العدة/ 184 ب، 245، والمسودة / 467. (¬4) انظر: المسودة / 467. (¬5) في (ح): ثابتاً. (¬6) ذكرهما ابن برهان وغيره على ما في المسودة/ 467. وانظر: المجموع 1/ 83، والبرهان/ 1343، والمحصول 2/ 3/ 95، والإِحكام للآمدي 4/ 233. (¬7) انظر: التمهيد 2/ 268. نسخة جامعة الإِمام. (¬8) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 233.

مسألة

مسألة لا يجوز خلو العصر عن مجتهد عند أصحابنا وطوائف. قال بعض أصحابنا (¬1): ذكره أكثر من تكلم في الأصول في مسائل الإِجماع، ولم يذكر ابن عقيل خلافه إِلا عن بعض المحدثين. وقال الآمدي (¬2): جوزه آخرون، وهو المختار؛ لأنه لو امتنع لكان لغيره، والأصل عدمه. وفي الصحيحين (¬3): (إِن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه، ولكن يقبض العلماء، حتى إِذا لم يُبْق عالمًا اتخذ الناس رؤساء جهالاً، فسئلوا، فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا). وجه الأول: سبق (¬4) في الإِجماع: (لا تزال طائفة من أمتي (¬5) ظاهرين على الحق). رد: الخبر الأول أدل على المقصود، ولو تعارضا سلم الأول. وأيضاً: التفقه فرض كفاية، ففي تركه اتفاق الأمة على باطل. ¬

_ (¬1) انظر: المسودة / 472 - 473. (¬2) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 233. (¬3) تقدم في ص 391. (¬4) في ص 384. (¬5) نهاية 166 ب من (ظ).

رد: منعه الآمدي (¬1) إِن أمكن تقليد العصر السابق. ثم: فرض عند إِمكانه، فإِذا مات العلماء لم يمكن. ويتوجه أن هذا مراد أصحابنا وغيرهم، فلا اختلاف؛ لقوله: (لا تقوم الساعة (¬2) حتى لا يقال (¬3) في الأرض: الله الله (¬4)، وقوله: (إِن الله يبعث ريحاً، فلا تدع أحداً في قلبه مثقال حبَّة من إِيمان إِلا قبضته) (¬5). رواهما مسلم. ¬

_ (¬1) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 236. (¬2) نهاية 247 ب من (ب). (¬3) في (ظ): حتى لا يبقى في الأرض من يقول: الله الله. (¬4) أخرجه مسلم في صحيحه/ 131 من حديث أنس مرفوعًا. وأخرجه الترمذي في سننه 3/ 333 - 334 وقال: حديث حسن، وحدثنا محمَّد بن المثنى أخبرنا خالد بن الحارث عن حميد عن أنس نحوه، ولم يرفعه، وهذا أصح من الحديث الأول. وأخرجه أحمد في مسنده (انظر: الفتح الرباني 24/ 44)، وأخرجه الحاكم في مستدركه 4/ 494 بلفظ: (حتى لا يقال في الأرض: لا إِله إِلا الله)، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. وأخرجه -أيضًا- من حديث ابن مسعود مرفوعًا: (لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض: الله الله)، وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. (¬5) أخرجه مسلم في صحيحه/ 109 من حديث أبي هريرة مرفوعًا. وأخرج أحمد في مسنده 2/ 66 نحوه من حديث عبد الله بن عمرو. وأخرج مسلم في صحيحه/ 2250 - 2255، والترمذي في سننه 3/ 346 - 349 نحوه من حديث النواس بن سمعان مرفوعًا. قال الترمذي: غريب حسن صحيح لا نعرفه إِلا=

ولأحمد وأبي داود (¬1) عن عمران مرفوعًا: (لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين على من ناوأهم حتى يقاتل آخرهم الدجال (*)). وأما قوله في التمهيد (¬2): قال - صلى الله عليه وسلم -: (لا يخلو العصر من حجة لله) (¬3) -وذكره القاضي (¬4) أيضًا- وقوله: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى يردوا عليّ) (¬5) فلا يصح. وقول بعض أصحابنا (¬6) وبعض الشافعية (¬7): "عدم المجتهد المطلق من زمن طويل، مع أنه الآن أَيْسَر" فيه نظر. ¬

_ =من حديث عبد الرحمن بن يزيد بن جابر. وأخرج حديث النواس -أيضًا- أحمد في مسنده 4/ 181 - 182. (¬1) انظر: مسند أحمد 4/ 437، وسنن أبي داود 3/ 11. (*) اقرأ بعض أخباره في صحيح البخاري 9/ 59 - 61، وصحيح مسلم/ 2247 وما بعدها، 2266. (¬2) انظر: التمهيد/ 140 ب، 144 أ. (¬3) قال في التمهيد / 144أ: هذا الحديث غير معروف في أصل. وقال الشيرازي في التبصرة/ 376: لا نعرف هذا الحديث. (¬4) انظر: العدة/ 176 أ. (¬5) ذكره في التمهيد/ 140 ب. (¬6) انظر: صفة الفتوى والمفتي والمستفتي/ 17. (¬7) انظر: المجموع 1/ 77.

مسألة

مسألة ذكر القاضي (¬1) وأصحابه وصاحب الروضة (¬2) (¬3) وغيرهم: لا يجوز أن يفتي إِلا مجتهد، وقاله أبو الحسين (¬4) وجماعة. قال القاضي (¬5): ومعناه عن أحمد، فقال: ينبغي للمفتي أن يكون عالماً بوجوه القرآن والأسانيد الصحيحة والسنن، وقال: ينبغي أن يكون عالمًا بقول من تَقَدَّم، وقال: لا يجوز الاختيار إِلا لعالم بكتاب وسنة. قال بعض أصحابنا (¬6): الاختيار ترجيحُ قولٍ، وقد يفتي بالتقليد. ثم ذكر القاضي (¬7) رواية عبد الله فيمن في مصره أصحاب رأي وأصحاب حديث لا يعرفون الصحيح: لمن يسأل؟ قال: أصحاب الحديث. قال: فظاهره يجوز تقليدهم (¬8). ¬

_ (¬1) انظر: العدة/ 249 ب. (¬2) انظر: روضة الناظر/ 384. (¬3) نهاية 471 من (ح). (¬4) انظر: المعتمد/ 929. (¬5) انظر: العدة/ 250 أ. (¬6) انظر: المسودة/ 515. (¬7) انظر: العدة/ 250أ، والإِحكام لابن حزم/ 1035، والمحلى 1/ 89. (¬8) يعني: وإن لم توجد فيهم الشرائط السابقة.

قال بعض (¬1) [أصحابنا] (¬2): ولم يتأوله (¬3)، فظاهره أنه جعلها على روايتين، قال: وقد يقال (¬4): للحاجة. وفي الواضح (¬5): "أن ظاهر رواية عبد الله أن صاحب الحديث أحق بالفتيا"، وحملها على أنهم فقهاء، أو أن السؤال يرجع إِلى الرواية. ثم ذكر القاضي (¬6) قول أحمد: "لا يكون فقيهًا حتى يحفظ أربعمائة ألف"، وحمله -هو وغيره- على المبالغة والاحتياط، ولهذا قال أحمد: الأصول التي يدور عليها العلم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ينبغي أن تكون ألفًا أو ألفًا ومائتين. وذكر القاضي (¬7): أن ابن شاقلا اعتُرِض عليه به، فقال: إِن كنت لا أحفظه فإِني أمَّتي بقول من يحفظ أكثر منه. قال القاضي (7): لا يقتضي هذا أنه كان يقلِّد أحمد؛ لمنعه (¬8) الفتيا بلا علم (¬9). ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 515. (¬2) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬3) يعني: لم يتأول القاضي كلام أحمد. (¬4) نهاية 248 أمن (ب). (¬5) انظر: الواضح 1/ 59 ب. (¬6) انظر: العدة/ 250 ب، 251 أ. (¬7) انظر: العدة/ 250 ب. (¬8) يعني: ابن شاقلا. (¬9) نهاية 167أمن (ظ).

قال بعض أصحابنا (¬1): ظاهره تقليده إِلا أن يُحمل على أخذه طرق العلم منه. ثم ذكر (¬2) عن ابن بطة: "لا يجوز أن يفتي بما يسمع من مفتٍ"، وعن ابن بشار (¬3): ما أعيب على رجل حفظ لأحمد خمس مسائل استند إِلى سارية المسجد يفتي بها. قال القاضي (¬4): هذا منه مبالغة في فضله. قال بعض أصحابنا (¬5): هو صريح بالإِفتاء بتقليد أحمد، قال: فصار لأصحابنا فيها وجهان، قال: فإِن لم يجز لحاجة مطلقًا، وإلا فالأقوال ثلاثة. وقال ابن هبيرة (¬6): من لم يجوِّز إِلا توليه قاض مجتهد إِنما عني قبل استقرار هذه المذاهب، وانحصر الحق فيهم. وقال (¬7): المجتهد اليوم لا يتصور اجتهاده في هذه المسائل التي تحررت ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 516. (¬2) يعني: ذكر القاضي. انظر: العدة/ 250 ب. (¬3) هو: أبو الحسن علي بن محمَّد بن بشار الحنبلي، عالم زاهد، حدث عن أبي بكر المروذي وصالح وعبد الله ابني أحمد، وروى عنه أبو علي النجاد وغيره، توفي سنة 313 هـ. انظر: طبقات الحنابلة 2/ 57 - 63. (¬4) انظر: العدة/ 250 ب. (¬5) انظر: المسودة/ 517. (¬6) انظر: الإِفصاح 2/ 343. (¬7) انظر: المسودة/ 541.

في المذاهب؛ لأن المتقدمين فرغوا منها، فلا يؤدي اجتهاده إِلا إِلى أحدهم (¬1). كذا قال. وفي التلخيص: عَزَّ المجتهد، والمقلد لا يصح قضاؤه، يبقى المجتهد في مذهب إِمام ألجأت الضرورة إِلى الاكتفاء به (¬2)، وقد عَزَّ. واختاره الآمدي (¬3)؛ للإِجماع على قبوله، فيدل أنه ليس كعامي، ولبعده عن خطأ، وأن بعضهم جوزه مطلقًا -كالحنفية (¬4) - لأنه ناقل كالراوي. رد: ليس -إِذاً- مفتيا، بل مخبر، ذكره جماعة، منهم: ابن عقيل وأبو الخطاب (¬5) وصاحب المغني (¬6)، وزاد -ومعناه لغيره-: فيحتاج يخبر عن معيَّن مجتهد، فيعمل بخبره لا بفتياه. وكذا عند الحليمي والروياني (¬7) من الشافعية (¬8): لا يفتي مقلد. ¬

_ (¬1) نهاية 248 ب من (ب). (¬2) نهاية 472 من (ح). (¬3) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 236. (¬4) انظر: تيسير التحرير 4/ 249، وفواتح الرحموت 2/ 404. (¬5) انظر: التمهيد 2/ 268. نسخة جامعة الإِمام. (¬6) انظر: المغني 10/ 38. (¬7) هو: أبو المحاسن عبد الواحد بن إِسماعيل بن أحمد، فقيه شافعي أصولي عالم بالخلاف، قتله الباطنية الملاحدة بجامع آمل سنة 502 هـ. من مؤلفاته: البحر، والحلية في الفقه، والفروق. انظر: تهذيب الأسماء واللغات 1/ 2/ 277، ووفيات الأعيان 2/ 369، وطبقات الشافعية للسبكي 7/ 197، وشذرات الذهب 4/ 4. (¬8) انظر: المجموع 1/ 80.

مسألة

وعند القفال (¬1) المروزي (¬2) منهم: من حفظ مذهب إِمام أفتى به. وعند أبي محمَّد (¬3) الجويني (¬4): [يفتي] (¬5) المتبحر فيه. وذكر الماوردي (¬6) منهم -في عامي عرف حكم حادثة بدليلها-: يفتي، أو إِن كان من كتاب أو سنة، أو المنع مطلقًا -وهو أصح- فيه أوجه. مسألة للمقلد تقليد المفضول من المجتهدين عند أكثر أصحابنا كالقاضي (¬7) ¬

_ (¬1) انظر: المرجع السابق، والمسودة/ 544. (¬2) هو: أبو بكر عبد الله بن أحمد بن عبد الله، القفال الصغير، فقيه شافعي أصولي، توفي سنة 417 هـ. من مؤلفاته: الفتاوى. انظر: العبر 3/ 124، ووفيات الأعيان 2/ 249، والنجوم الزاهرة 4/ 265، وطبقات الشافعية للسبكي 5/ 53، وشذرات الذهب 3/ 207. (¬3) انظر: المجموع 1/ 80، والمسودة/ 544. (¬4) هو: عبد الله بن يوسف بن عبد الله، والد إِمام الحرمين، مفسر فقيه شافعي أصولي أديب، درس وأفتى بنيسابور، وبها توفي سنة 438 هـ. من مؤلفاته: شرح رسالة الشافعي، والفروق. انظر: تبيين كذب المفترى/ 257، ووفيات الأعيان 2/ 250، وطبقات المفسرين للداودي 1/ 253، وطبقات الشافعية للسبكي 5/ 73. (¬5) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ظ). (¬6) انظر: المجموع 1/ 80، والمسودة/ 545. (¬7) انظر: العدة/ 184 ب.

وأبي الخطاب (¬1) وصاحب الروضة (¬2)، وقاله الحنفية (¬3) والمالكية (¬4) وأكثر الشافعية. وذكر ابن عقيل (¬5): يلزمه الاجتهاد، فيقدم الأرجح، ومعناه قول الخرقي (¬6)، وقاله ابن سريج (¬7) والقفال وجماعة من الفقهاء والأصوليين. ولأحمد روايتان. لنا: أنهم استفتُوا زمن الصحابة والسلف، وأفتوا، وشاع ولم ينكر. وسبق (¬8): (فاسألوا أهل الذكر) (¬9)، (أصحابي كالنجوم) (¬10). واستدل: قاصر عن الترجيح (¬11). ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد 2/ 273. نسخة جامعة الإِمام. (¬2) انظر: روضة الناظر / 385. (¬3) انظر: تيسير التحرير 4/ 251، وفواتح الرحموت 2/ 404. (¬4) انظر: المنتهى/ 165، وشرح تنقيح الفصول/ 442. (¬5) انظر: الواضح 1/ 62أ. (¬6) انظر: مختصر الخرقي (مع المغني 1/ 323)، وروضة الناظر/ 375، 385. (¬7) انظر: اللمع / 75، والإِحكام للآمدي 4/ 237، والمجموع 1/ 95. والقفال: هو المروزي. (¬8) في ص 1518، 1540. (¬9) سورة النحل: آية 43. (¬10) سبق في ص 1452، 1500، 1518. (¬11) نهاية 249أمن (ب).

رد: يظهر بالشهرة والمراجعة. قالوا: أقوالهم له كالأدلة للمجتهد. رد: دليلنا إِجماع، وهذا (¬1) قياس، ثم: ترجيحه عسر. .................... أما لو بأن له الأرجح لزمه تقليده، زاد بعض أصحابنا (¬2) وبعض الشافعية (¬3): في الأظهر. وفي التمهيد (¬4): إِن رجح دينُ واحدٍ قَدَّمه في أحد الوجهين، وفي الآخر: لا؛ لأن العلماء لا تنكر على العامي تركه. وذكر في تقديم الأدين على الأعلم وعكسه مذهبين. ولنا وجهان، قيل لأحمد: من نسأل بعدك؟ قال: عبد الوهاب الوراق (¬5)؛ فإِنه صالح، مثله يوفَّق للحق. قال في الرعاية (¬6): ولا يكفيه من لم تسكن نفسه إِليه. ¬

_ (¬1) نهاية 167 ب من (ظ). (¬2) انظر: صفة الفتوى والمفتي والمستفتي/ 70، والمسودة/ 464. (¬3) انظر: المجموع 1/ 95. (¬4) انظر: التمهيد 2/ 273. نسخة جامعة الإِمام. (¬5) هو: أبو الحسن -ويقال: أبو الحكم- عبد الوهاب بن عبد الحكم البغدادي، حافظ محدث ثقة صدوق، توفي سنة 250 هـ. انظر: تاريخ بغداد 11/ 25، وتذكرة الحفاظ/ 526، وتهذيب التهذيب 6/ 448، وطبقات الحفاظ/ 229. (¬6) انظر: الرعاية الكبرى 3/ 216 ب، وصفة الفتوى والمفتي والمستفتي/ 56.

مسألة

مسألة فإِن استووا تخير، ذكره أبو الخطاب (¬1) وجماعة من أصحابنا وغيرهم. وذكر بعض أصحابنا (¬2) والمالكية (¬3) والشافعية (¬4): هل يلزمه التمذهب بمذهب والأخذ برخصه وعزائمه؟ على وجهين: أشهرهما: لا -كجمهور العلماء (¬5) - فيتخير، وعند بعض أصحابنا (¬6) وبعض الشافعية (¬7): يجتهد في أصح المذاهب فيتبعه. والثاني: يلزمه. واختار الآمدي (¬8): منع الانتقال فيما عمل به. وقال بعض أصحابنا: "في لزوم الأخذ برخصه وعزائمه طاعة غير النبي - صلى الله عليه وسلم - في كل أمره ونهيه، وهو خلاف الإِجماع"، وتوقف أيضًا في جوازه، وقال أيضًا: إِن خالفه لقوة دليل أو زيادة علم أو تقوى فقد (¬9) ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد 2/ 273. نسخة جامعة الإِمام. (¬2) انظر: صفة الفتوى/ 72. (¬3) انظر: المنتهى/ 166. (¬4) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 238. (¬5) نهاية 473 من (ح). (¬6) انظر: المسودة / 465. (¬7) انظر: المجموع 1/ 95 - 96. (¬8) انظر: الإحكام للآمدي 4/ 238. (¬9) نهاية 249 ب من (ب).

أحسن، ولم يقدح في عدالته بلا نزاع، وقال أيضًا: بل يجب في هذه الحال، وأنه نص أحمد. وكذا قال (¬1) القدوري (¬2) الحنفي: ما ظَنَّه أقوى عليه تقليده فيه، وله الإِفتاء به حاكياً مذهب من قلده. وذكر ابن هبيرة: من مكايد الشيطان أن يقيم أوثانا في المعنى تعبد من دون الله، مثل أن يتبين الحق فيقول: ليس هذا مذهبنا تقليدًا لمعظَّم عنده قد قَدَّمه على الحق. وقال ابن حزم (¬3): أجمعوا أنه لا يحل لحاكم ولا لمفتٍ تقليد رجل، فلا يحكم ولا يفتي إِلا بقوله. ..................... ولا يجوز (¬4) للعامي تتبع الرخص، وذكره ابن عبد البر إجماعًا (¬5). ويفسق عند أحمد والقطان وغيرهما (¬6). ¬

_ (¬1) انظر: تيسير التحرير 4/ 255، والمسودة/ 512. (¬2) هو: أبو الحسين أحمد بن محمَّد بن أحمد، فقيه انتهت إِليه رئاسة الحنفية بالعراق، ولد ببغداد سنة 362 هـ، وتوفي بها سنة 428 هـ. من مؤلفاته: المختصر في الفقه الحنفي. انظر: وفيات الأعيان 1/ 21، والجواهر المضية 1/ 93. والنجوم الزاهرة 5/ 24. (¬3) انظر: المحلى 10/ 509، والفروع 6/ 451، وتيسير التحرير 4/ 253. (¬4) انظر: تيسير التحرير 4/ 254، وفواتح الرحموت 2/ 406. (¬5) انظر: جامع بيان العلم وفضله 2/ 112. (¬6) انظر: المسودة/ 518.

مسألة

وحمله القاضي (¬1) على غير متأول أو مقلِّد. وفيه نظر. وذكر بعض أصحابنا في فسق من أخذ بالرخص روايتين، وإن قوي دليل أو كان عاميًا فلا. كذا قال. وقال الحنفية (¬2) كالقاضي، إِلا أن يتمذهب بمذهب فيأخذ به في الصحيح. مسألة فأما المفتي فيجب أن يعمل بموجَب اعتقاده فيما له وعليه إِجماعًا، قاله بعض أصحابنا. قال بعض الشافعية (¬3): من اكتفى من فتياه بموافقة قولٍ أو (¬4) وجهٍ في المسألة -من غير نظر (¬5) في ترجيح ولا تقيّد به- فقد جهل وخرق الإِجماع. وذكر عن أبي الوليد الباجي (¬6): أنه ذكر عن بعض أصحابهم: أنه كان ¬

_ (¬1) انظر: المرجع السابق/ 519. (¬2) انظر: تيسير التحرير 4/ 253، وفواتح الرحموت 2/ 406، وذكر فيهما: أن الأصح: لا يلزمه. (¬3) انظر: المسودة/ 537. (¬4) في (ب) و (ح): قول أوجه. (¬5) نهاية 168 أمن (ظ). (¬6) انظر: المسودة/ 537.

مسألة

يقول: الذي لصديقي عليَّ أن أفتيه بالرواية التي توافقه. قال أبو الوليد: وهذا لا يجوز عند أحد يعتد به في الإِجماع (¬1). مسألة إِذا استفتى واحدا أخذ بقوله، ذكره ابن البنا وغيره. والأ شهر: يلزمه بالتزامه، وقيل: ويظنه حقا، و [قيل: و] (¬2) يعمل به، وقيل: يلزمه إِن ظنه حقًا. وإن لم يجد مفتيا آخر لزمه، كما لو حكم عليه (¬3) به حاكم. وقال بعضهم: لا يلزمه مطلقًا إِلا مع عدم غيره. ............... وإن اختلف عليه فتيا مفتيين تخير عند القاضي (¬4) وصاحب الروضة (¬5) والتمهيد (¬6)، وذكره ظاهر كلام أحمد؛ فإِنه سئل عن مسألة في الطلاق، فقال: "إِن فعل حنث"، فقال السائل: "إِن أفتاني إِنسان: لا أحنث"، قال: ¬

_ (¬1) نهاية 250 أمن (ب). (¬2) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬3) نهاية 474 من (ح). (¬4) انظر: العدة/ 184 ب. (¬5) انظر: روضة الناظر/ 385. (¬6) انظر: التمهيد/ 2/ 273. نسخة جامعة الإِمام.

مسألة

"تعرف حلقة المدنيين؟ "، قلت: "فإِن أفتوني حلّ"، قال: نعم. وذكر ابن البنا وجها: يأخذ بقول الأرجح -واختاره بعض أصحابنا (¬1) - ووجها: بأغلظهما -وللشافعية (¬2) هذه الوجوه- ووجها: الأخف- وقاله عبد الجبار (¬3) - ووجها: يسأل مفتيا آخر. وذكرها -أيضًا- بعض أصحابنا (¬4)، وذكر -أيضًا- وجها: بأرجحهما دليلاً. مسألة [للمفتي] (¬5) رد الفتوى (¬6) وفي البلد غيره أهل لها شرعًا، خلافاً للحليمي (¬7) الشافعي، وإلا لزمه، ذكره أبو الخطاب (¬8) وابن عقيل (¬9) وغيرهما. ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 463، 465 (¬2) انظر: اللمع/ 75، والبرهان/ 1344، والمنخول/ 483، والمجموع 1/ 97. (¬3) انظر: المعتمد/ 940. (¬4) انظر: صفة الفتوى/ 80 - 81. (¬5) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬6) انظر: الواضح 1/ 160، والمسودة/ 512. (¬7) انظر: المسودة/ 512. (¬8) انظر: التمهيد 2/ 268. نسخة جامعة الإِمام. (¬9) انظر: الواضح 1/ 60أ.

ولا يلزم (¬1) جواب ما لم يقع، وما لا يحتمله السائل ولا ينفعه. سئل أحمد عن يأجوج ومأجوج (¬2): أمسلمون هم؟ فقال للسائل: أَحْكَمتَ العلم حتى تسأل عن ذا؟ وسئل عن مسألة في اللعان، فقال: سَلْ -رحمك الله- عما ابتليت به. وسأله مهنا عن مسألة، فغضب، وقال: خذ -ويحك- فيما تنتفع به، وإياك وهذه المسائل المحدثة، وخذ فيما فيه حديث. وسئل عن مسألة، فقال: ليت (*) أنا نُحْسن ما جاء فيه الأثر. ولأحمد (¬3) عن ابن عمر: "لا تسألوا عما لم يكن، فإِن عمر نهى عنه (¬4) ". ¬

_ (¬1) انظر: الآداب الشرعية للمؤلف 2/ 76 وما بعدها. (¬2) انظر -في التعريف بهم-: تفسير القرطبي 1/ 561. (*) كذا في النسخ. ولعلها: ليتنا. (¬3) رواه أحمد من رواية ليث عن طاوس عن ابن عمر. انظر: الآداب الشرعية للمؤلف 2/ 77. (¬4) وأخرجه الدارمي في سننه 1/ 47 عن ابن عمر قال: لا تسأل عما لم يكن، فإني سمعت عمر بن الخطاب يلعن من سأل عما لم يكن. وأخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 2/ 170 - وانظر: ص 174، 175 منه- والخطيب في الفقيه والمتفقه 2/ 7 - 8.

وله (¬1) -أيضًا- عن ابن عباس: أنه قال عن (¬2) الصحابة: ما كانوا يسألون إِلا عما ينفعهم (¬3). واحتج الشافعي (¬4) على (¬5) كراهة السؤال عن الشيء قبل وقوعه بقوله: (لا تسألوا عن أشياء) الآية (¬6). وكان - عليه السلام - ينهى عن قيل وقال وإضاعة المال وكثرة السؤال (¬7). وفي لفظ: (إِن الله كره لكم ذلك) (¬8). متفق عليهما. وفي حديث اللعان: "فكره - عليه السلام - المسائل (¬9) ¬

_ (¬1) قال المؤلف في الآداب الشرعية 2/ 77 - 78: بإِسناد حسن. (¬2) نهاية 250 ب من (ب). (¬3) وأخرجه الدارمي في سننه 1/ 48، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 2/ 173. (¬4) انظر: الأم: 5/ 127. (¬5) في (ب): عن. (¬6) سورة المائدة: آية 101. (¬7) أخرجه البخاري في صحيحه 9/ 95، والدارمي في سننه 2/ 219، وأحمد في مسنده 4/ 250 - 251 من حديث المغيرة. ووجدته في صحيح مسلم/ 1341 بلفظ: سمعت رسول الله يقول: (إِن الله حرم ثلاثاً، ونهى عن ثلاث ... ، ونهى عن قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال). (¬8) أخرجه البخاري في صحيحه 2/ 124، 8/ 4، ومسلم في صحيحه 1341 من حديث المغيرة مرفوعاً. (¬9) نهاية 168 ب من (ظ).

وعابها" (¬1). قال البيهقي (¬2): "كره السلف السؤال عن المسألة قبل كونها إِذا لم يكن فيها كتاب أو سنة؛ لأن الاجتهاد إِنا يباح ضرورة"، ثم روى عن معاذ: "أيها الناس لا تعجلوا بالبلاء قبل نزوله (¬3) "، وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن -مرسلاً- معناه. وقال ابن عباس لعكرمة: "من سألك عما لا يعينه فلا تفته" (¬4). وسأل المروذي لأحمد (¬5) عن ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في صحيحه 6/ 99 - 100، ومسلم في صحيحه/ 1129 من حديث سهل بن سعد. (¬2) في المدخل. فانظر: الآداب الشرعية للمؤلف 2/ 79. (¬3) وأخرجه -كذلك- الخطيب في الفقيه والمتفقه 2/ 12. وأخرجه إِسحاق بن راهويه في مسنده مرفوعًا وموقوفًا على معاذ، فانظر: المطالب العالية 3/ 106. وأخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 2/ 174 عن معاذ مرفوعًا. وأخرج الدارمي في سننه 1/ 46 ... حدثنا أبو سلمة الحمصي أن وهب بن عمرو الجمحي حدثه أن النبي قال: (لا تعجلوا بالبلية قبل نزولها). وفي فتح الباري 13/ 266 - 267: وأخرج أبو داود في المراسيل من رواية يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة مرفوعًا ومن طريق طاوس عن معاذ رفعه: (لا تعجلوا بالبلية قبل نزولها ...) وهما مرسلان يقوي بعض بعضا، ومن وجه ثالث عن أشياخ الزبير بن سعيد مرفوعًا: (لا يزال في أمتي مَنْ إِذا سئل سُدد وأرشد حتى يتساءلوا عما لم ينزل ...) الحديث. (¬4) انظر: الآداب الشرعية للمؤلف 2/ 80، وفيه: قال عكرمة: قال لي ابن عباس: انطلق فأفت الناس، فمن سألك عما يعنيه فأفته، ومن سألك عما لا يعنيه فلا تفته، فإِنك تطرح عن نفسك ثلثي مؤنة الناس. ورواه الحاكم في تاريخه، وفيه: انطلق فأفت الناس، وأنا لك عون. (¬5) كذا في النسخ. ولعلها: أحمد.

شيء (¬1) من أمر العدل، فقال: لا تسأل عن هذا؛ فإِنك لا تدركه. وذكر ابن عقيل: أنه يحرم إِلقاء علم لا يحتمله. وذكر ابن الجوزي: أنه لا ينبغي. وقال البخاري (¬2): قال علي: "حدثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذَّب الله ورسوله". وروي معناه (¬3) مرفوعًا من غير طريق. ¬

_ (¬1) نهاية 475 من (ح). (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه 1/ 33، وقال: حدثنا عبد الله بن موسى عن معروف بن خَرَّبُوذ عن أبي الطفيل عن علي بذلك. قال العراقي في تخريج أحاديث الإِحياء (المغني عن حمل الأسفار) 1/ 36: ورفعه أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس من طريق أبي نعيم. (¬3) قال المؤلف في الآداب الشرعية 2/ 164: روى أبو الحسن التميمي من أصحابنا في كتاب العقل له بإِسناده عن ابن عباس عن النبي قال: (نحن معاشر الأنبياء نخاطب الناس على قدر عقولهم). وكذا أورده أبو الخطاب في التمهيد/ 9 ب. وأبو الحسن التميمي متهم بالوضع، فانظر: المغني في الضعفاء 2/ 396 - 397، وميزان الاعتدال 2/ 624 - 626. ثم قال المؤلف في الآداب 2/ 164 - 165: روى الحافظ ضياء الدين في المختارة من رواية أحمد بن زياد العتكي ثنا الأسود بن سالم أنا أبو عبد الرحمن يزيد بن يزيد الزراد عن محمَّد بن عجلان عن نافع عن ابن عمر عن النبي قال: (أمرنا معشر الأنبياء أن نكلم الناس على قدر عقولهم). ثم قال الحافظ الضياء: الزراد لم يذكره ابن أبي حاتم ولا الحاكم أبو أحمد في كتابه الكنى. أ. هـ. وهذا الحديث (أمرنا أن نكلم) =

وفي مقدمة مسلم: قال ابن مسعود: "ما أنت بمحدِّث قوما حديثًا لا تبلغه عقولهم إِلا كان فتنة لبعضهم" (¬1). وعن معاوية مرفوعًا: "نهى عن الغلُوطات". رواه أحمد وأبو داود (¬2). قيل (¬3): بفتح الغين، واحدها غلوطة، وهي المسائل التي يغالط بها. وقيل: بضمها، وأصلها الأُغْلوطات. ¬

_ =أورده الغزالي في إِحياء علوم الدين 1/ 57. قال العراقي في تخريج أحاديثه (المغني عن حمل الأسفار): حديث: (نحن معاشر الأنبياء أمرنا أن ننزل الناس منازلهم ونكلمهم على قدر عقولهم)، رويناه في جزء من حديث أبي بكر بن الشخير من حديث عمر أخصر منه، وعند أبي داود من حديث عائشة: أنزلوا الناس منازلهم. أ. هـ. وبهذا اللفظ -الذي ذكره العراقي عن أبي داود- أخرجه أبو داود في سننه 5/ 173 - 174 من حديث ميمون بن أبي شبيب عن عائشة. قال أبو داود: ميمون لم يدرك عائشة. أ. هـ. وأخرج البيهقي في شعب الإِيمان عن المقدام بن معد يكرب مرفوعاً: (إِذا حدثتم الناس عن ربهم فلا تحدثوهم ما يعزب عنهم ويشق عليهم). انظر: تدريب الراوي 2/ 138. (¬1) انظر: صحيح مسلم/ 11. قال العراقي في تخريج أحاديث الإِحياء 1/ 36 (المغني عن حمل الأسفار): ورواه العقيلي في الضعفاء وابن السني وأبو نعيم في الرياء من حديث ابن عباس بإسناد ضعيف. (¬2) انظر: مسند أحمد 5/ 435 - وفيه: قال الأوزاعي: الغلوطات شداد المسائل وصعابها- وسنن أبي داود 4/ 65. وأخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 2/ 170، والخطيب في الفقيه والمتفقه 2/ 11 بلفظ: الأغلوطات. وانظر: الآداب الشرعية للمؤلف 2/ 82. (¬3) انظر: النهاية في غريب الحديث 3/ 378.

مسألة

ونهى عنها السلف، ويعزر فاعله، ذكره بعض أصحابنا. مسألة قيل لأحمد (¬1): الرجل يسأل (¬2) عن مسألة، أَدُلُّه على إِنسان: هل عليَّ شيء؛ قال: إِن كان متبعًا (¬3) فلا بأس، ولا يعجبني رأي أحد. ونقل الأثرم عنه: قوم يفتون هكذا يتقلدون قول الرجل، ولا يبالون بالحديث. ونقل أبو طالب: عجبا لقوم عرفوا الإِسناد وصحته، يدعونه ويذهبون إِلى رأي سفيان وغيره، قال الله: (فليحذر الذين يخالفون عن أمره) الآية (¬4)، الفتنة: الكفر. وقال لأحمد بن الحسن: ألا تعجب، يقال للرجل: "قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" فلا يقنع، و"قال فلان" فيقنع. قال ابن الجوزي -عن أصول ظاهرة البرهان-: لا يهولنك مخالفتها (¬5) لقول معظَّم في النفس وَلِطَغَام (¬6). ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 513. (¬2) نهاية 251أمن (ب). (¬3) في (ظ): ونسخة في هامش (ب): متعينا. (¬4) سورة النور: آية 63. (¬5) يعني: كونها مخالفة لقول .. إِلخ. (¬6) الطعام: أراذل الناس.

قال رجل لعليّ: أتظن أنا نظن أن طلبة والزبير على الخطأ، وأنت على الصواب؟ فقال: إِنه ملبوس عليك، اعرف الحق تعرف أهله (¬1). وقال رجل لأحمد: "إِن ابن المبارك قال كذا"، قال: إِن ابن المبارك لم ينزل من السماء. وقال أحمد: من ضيق علم الرجل أن يقلد. وذُكر لأحمد كلمات عن إِبراهيم بن أدهم (¬2)، فقال: وقعنا في بنيات (¬3) الطريق، عليك بما كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه. وقال ابن الجوزي: التقليد للأكابر أفسد العقائد، ولا ينبغي أن يناظر بأسماء الرجال، وإِنما ينبغي أن يتبع الدليل، فإِن أحمد (¬4) أخذ (¬5) في الجد ¬

_ (¬1) ذكر ذلك ابن عقيل في فنونه على ما سيذكره المؤلف في الصفحة التالية. وانظر: تلبيس إِبليس/ 81 - 82. (¬2) هو: أبو إِسحاق العجلي، وقيل: التميمي، البلخي، سكن الشام، وروى عن يحيى بن سعيد الأنصاري والثوري وغيرهما، وعنه الأوزاعي والثوري -أيضًا- وغيرهما، توفي سنة 162 هـ. وثقه النسائي وابن معين والعجلي. انظر: الكاشف 1/ 75، وتهذيب التهذيب 1/ 102. (¬3) بنيات الطريق: هي الطرق الصغار تتشعب من الجادة، وهي الترهات. انظر: الصحاح/ 2287. وفي (ظ): بنيان. (¬4) انظر: تلبيس إِبليس/ 82، والفنون/ 606. (¬5) نهاية 169 أمن (ظ).

بقول زيد (¬1)، وخالف الصديق (¬2). وفي واضح ابن عقيل: من أكبر الآفات الإِلف لمقالة من سلف أو السكون إِلى قولِ معظَّم في النفس لا بدليل، فهو أعظم حائل عن الحق (¬3) وبلوى تجب معالجتها (¬4). وقال في فنونه عمن قال في مفردات أحمد: "الانفراد ليس بمحمود"، قال: "الرجل ممن يؤثر الوحدة"، ثم ذكر قول علي السابق (¬5)، وانفراد الشافعي، وصواب عمر في أسرى بدر (¬6)، فمن يعيّر بعد هذا بالوحدة؟ ¬

_ (¬1) أعطى زيد بن ثابت الجد ثلث المال مع الأخوة، ونصفه مع الأخ، أخرج هذا سعيد في سننه 3/ 1/ 20، والدارمي في سننه 2/ 258، وعبد الرزاق في مصنفه 10/ 265 - 266، 267، والبيهقي في سننه 6/ 245، 246 - 248. (¬2) جعل أبو بكر الجد أبا. أخرج هذا سعيد في سننه 3/ 1/ 20 - 22، والدارمي في سننه 2/ 254 - 256، وعبد الرزاق في مصنفه 10/ 263، 265، والبيهقي في سننه 6/ 246. وانظر: فتح الباري 12/ 18 وما بعدها. (¬3) نهاية 476 من (ح). (¬4) نهاية 251 ب من (ب). (¬5) في الصفحة السابقة. (¬6) فقد أشار بقتلهم، ونزل القرآن بما يوافق رأيه. ورد ذلك من طرق، أخرجه مسلم في صحيحه/ 1383 - 1385، والطبري في تفسيره 14/ 61 - 63، والحاكم في مستدركه 3/ 21 - 22، والواحدي في أسباب النزول/ 136 - 138، وأحمد في مسنده 1/ 244، 250، 5/ 227 ط: دار المعارف. وانظر: ص 1472.

وقال: من صدر اعتقاده عن برهان لم يبق عنده تَلَوُّن يراعي به أحوال الرجال، (أفإِن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم) (¬1)، وكان الصديق ممن ثبت مع اختلاف الأحوال، فلم تنقلب به الأحوال في كل مقام زلت به الأقدام. وقال: عاب كِيَا في بعض المجامع مذهب أبي حنيفة، وأخذ يقول: "المجموع والكثرة، والله أكرم أن يجمع هؤلاء على ضلالة"، فقال له حنبلي: دليلك في هذا بالكثرة ان استدل به الحنفية وراء النهر أفلست ووجب عليك الانقياد إِلى مذهبه، فإِن تعاند دليلك هناك نقلته إِلى الأديان، فمضيت إِلى قسطنطينية (¬2)، فصرت نصرانيًا، وهكذا الجهال يفرحون بسوق الوقت، حتى لو اجتمع ألف أقرع (¬3) يزعقون (¬4) على بقرة هراس لقوى قلبه بما يعتقد أولئك، وينفر قلبه من أدلة المحققين، بهيمية في طباع الجُهَّال لا تزول بمعالجة. ¬

_ (¬1) سورة آل عمران: آية 144. (¬2) وهي المعروفة اليوم بـ "استانبول". وانظر: معجم البلدان 4/ 347. وقد كانت -زمن هذا القول- تحت سيطرة النصارى. (¬3) في لسان العرب 10/ 39: وقولهم: "ألف أقرع" أي: تام، يقال سقت إِليك ألفا أقرع من الخيل أو غيرها، أي: تاما، وهو نعت لكل ألف، كما أن "هنيدة" اسم لكل مائة. (¬4) يعني: يصيحون. انظر: معجم مقاييس اللغة 3/ 8.

مسألة

مسألة كان السلف يهابون الفتيا ويشددون فيها ويتدافعونها. وأنكر أحمد وغيره على من يهجم في الجواب، وقال: "لا ينبغي أن يجيب في كل ما يستفتى"، وقال: إِذا هاب الرجل شيئًا لا ينبغي أن يحمل على أن يقول. قال أصحابنا وغيرهم: يحرم تساهل المفتي وتقليد معروف به. قال في الواضح (¬1): وِإن كان في المسألة خلاف (¬2) استحب إِعلامه إِن كان أهلا للرخصة، كطالب للتخلص من الربا، فيدله على من يرى التحيل للخلاص منه، والخلع بعدم وقوع طلاق. وذكر غيره: يحرم الخلع حيلة. مسألة (¬3) ينبغي أن يحفظ الأدب مع المفتي ويُجِلَّه، فلا يقول أو يفعل ما جرت عادة العوام به، كإِيماء بيده في وجهه، و"ما مذهب إِمامك في كذا؟ "، أو "ما تحفظ في كذا؟ "، أو "أفتاني غيرك أو فلان بكذا"، أو "كذا (¬4) قلتُ أنا؛ أو ¬

_ (¬1) انظر: الواضح 1/ 59 ب،60أ. (¬2) نهاية 252 أمن (ب). (¬3) انظر: المسودة/ 545، 554. (¬4) يعني: لا يقول هذا بعد أن يجيبه.

وقع لي"، أو "إِن كان جوابك (¬1) موافقًا (¬2) فاكتب، وإلا فلا" -لكن إِن علم غرض السائل لم يجز أن يكتب بغيره (¬3) - أو يسأله (¬4) على ضَجَر أو هَمِّ (¬5) أو قيام ونحوه، ولا يطالبه بالحجة، وذكر بعض الشافعية (¬6): لا يمنع منه، وأنه يلزمه ذكر دليل قاطع، وِإلا فلا. قال ابن عقيل في المنثور (¬7): ومن أراد كتابة في فتيا أو شهادة لم يجز أن يكبر خطه؛ لتصرفه في ملك غيره بلا إِذنه [ولا حاجة] (¬8)، كما لو أباحه قميصه، فاستعمله فيما يخرج عن العادة بلا حاجة. وكذا في عيون المسائل -في الفتيا والشهادة-: لا يجوز أن يوسع الأسطر ولا يكثر إِن أمكنه الاختصار. ويتوجه -مع قرينة- خلاف لنا. ¬

_ (¬1) يعني: إِذا استفتى في رقعة. (¬2) يعني: لمن أجاب فيها. (¬3) يعني: بل يقتصر على مشافهته بالجواب. انظر: المجموع 1/ 88. (¬4) نهاية 169 ب من (ظ). (¬5) نهاية 477 من (ح). (¬6) انظر: المجموع 1/ 99. (¬7) لم أعثر على هذا الكتاب. وانظر: ذيل طبقات الحنابلة 1/ 84. (¬8) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح).

مسألة

مسألة قال ابن عقيل في فنونه: لا يجوز إِطلاق الفتيا في اسم مشترك إِجماعًا، فلو سئل: أيجوز الأكل بعد طلوع الفجر؟ فلا بد أن يقول يجوز بعد الفجر الأول لا الثاني. قال: ومن هنا إِرسال أبي حنيفة من سأل أبا (¬1) يوسف عمن دفع ثوبا إِلى قَصَّار، فقصره وجحده: "هل له أجرة إِن عاد سَلَّمه لِرَبِّه؟ "، وقال: "إِن قال: نعم، أوْ: لا، فقد أخطأ"، فجاء إِليه، فقال له: "إِن كان قصره قبل جحوده؛ لا بعده؛ لأنه قصره لنفسه" (¬2)، واختبر (¬3) أبو الطيب الطبري أصحابا له في بيع رطل تمر (¬4) برطل تمر (¬5)، فأجازوا، فَخَطأهم، [فمنعوا، فخطأهم] (¬6)، فخجلوا، فقال: "إِن تساويا كيلا جاز"، فهذا يوضح خطأ المطلق في كل ما احتمل التفصيل. كذا قال، ويتوجه عمل بعض أصحابنا بظاهر. وقال: حادثة نَبَّهت على التحوز من الخديعة في الفتيا: صبي بسرته (¬7) ¬

_ (¬1) نهاية 252 ب من (ب). (¬2) انظر: أخبار أبي حنيفة وأصحابه/ 15 - 16. (¬3) في (ظ): واحترز. (¬4) في (ظ): بر. (¬5) في (ظ): بر. (¬6) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ظ). (¬7) في لسان العرب 5/ 124: البُسْرة: رأس قضيب الكلب. وفي (ب) و (ح): بشرفه.

ظاهرة، وجلدته مقلّصة، فشاهده الفقهاء، وأفتى أقوام: "لا يجب خَتْنه"، فوقع في نفس الحنبلي أن يمد يده ويحرك الجلد، فامتد، واستخف بهم حيث دلّسوا. قال: وأوجب الشرع والعقل التحرز من العوام بالتقية، كما يلزمه التحرز من مضار الآخرة، حكي أن حنفيا وطئ رجعيته، فتحدثت -هي وابن لها من غيره- في قتله وإباحة ماله، فعلم حنبلي، فأعلمهم بإِباحتها، وهل يسوغ لعاقل أن يهمل هؤلاء ولا يفزع منهم كل الفزع، ويتجاهل كل التجاهل في الأخذ بالاحتياط [منهم] (¬1)؟، وإن أهملهم بعين الازدراء ضيع نفسه، فإِنه عندهم أهون، وهم أكثر، وعلى الإِضرار به أقدر، وهل طاحت دماء الأنبياء والأولياء إِلا بأيدي هؤلاء وأمثالهم، حيث رأوا من التحقيق ما ينكرون، ولا إِقالة لعالم زَلَّ في شيء (¬2) مما يكرهون. وقيل له: ينبغي أن تفتي بظاهر ما تسمع. فقال: لا، فإِني لو سئلت عمن قال لرجل: "يا عالم (¬3)، يا فاضل، يا كريم": أمدحٌ هو؟ لم أُفْتِ، فإِن كان فيه معان تنطبق عليها هذه الأوصاف، وإلا فهي مَجَانَة واستهزاء. ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬2) نهاية 253 أمن (ب). (¬3) نهاية 478 من (ح).

والأولى: ما قاله (¬1) في مفرداته (¬2)، وقيل له عن جماع الأعرابي: لم يستفصله النبي عليه السلام: هل كان سفرا أو حضرا؟، فقال: شاهده وظاهره يقتضي أنه حاضر، فعلامة ذلك ودلائله أغنته. .................... ¬

_ (¬1) نهاية 170 أمن (ظ). (¬2) لم أعثر على هذا الكتاب.

الترجيح

الترجيح فرع التعارض ولا تعارض بالحقيقة في حجج الشرع، فلهذا أُخِّر ما أمكن. والمعارضة: تقابل الدليلين على سبيل الممانعة. والترجيح: اقتران الأمارة بما تقوى به على معارضها. وقال بعضهم: المراد: بوصف، فلا يرجح نص أو قياس بمثله. ................... واختلف عن البصري (¬1) المعتزلي في جواز ترجيح دليل ظني على آخر. وذكر أبو محمَّد البغدادي عن قوم: منع الترجيح مطلقًا -وحكي عن ابن الباقلاني (¬2) - كالشهادة. وقال بعض أصحابنا (¬3): التزامه فيها متجه، ثم: هي آكد. .................... قال ابن عقيل: إِذا أمكن استعمال خبرين متعارضين لم يسقطا كآيتين، ¬

_ (¬1) هو: أبو عبد الله. انظر: البرهان/ 1142، والمسودة/ 309. (¬2) انظر: البرهان/ 1143، والبلبل/ 186. (¬3) انظر: البلبل/ 187.

خلافا للظاهرية (¬1)؛ لقوله: (ولو كان من عند غير الله) (¬2)، ولأنه لا أولوية. والشهادتان كالخبرين عندنا. ..................... وذكر بعض أصحابنا عن قوم: منع تعارض عامَّين بلا مرجح. وخص أحمد (¬3) نهيه عن الصلاة بعد الصبح والعصر (¬4) بقوله: (من نام عن صلاة) (¬5). وذكر القاضي (¬6) وأصحابه (¬7) والشافعية (¬8): تعارضهما؛ لأن كلا ¬

_ (¬1) انظر: التبصرة/ 159، والإحكام لابن حزم/ 198، 204، وص 208 فقد رد على من ذهب من أصحابهم إِلى ترك الحديثين إِذا كان أحدهما حاظرًا والآخر مبيحًا ... (¬2) سورة النساء: آية 82. (¬3) انظر: العدة/ 627. (¬4) أخرجه البخاري في صحيحه 1/ 116 - 117، ومسلم في صحيحه/ 566 - 568 من حديث عمر وأبي هريرة وابن عمر مرفوعاً. (¬5) انظر: ص 1446. وأخرج مسلم في صحيحه/ 477، والدارمي في سننه 1/ 224 عن أنس مرفوعًا: (من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إِذا ذكرها). وأخرج الترمذي في سننه 1/ 114، والنسائي في سننه 1/ 294، وابن ماجه في سننه/ 228 عن أبي قتادة مرفوعًا: (فإِذا نسي أحدكم صلاة أو نام عنها فليصلها إِذا ذكرها). قال الترمذي: حسن صحيح. (¬6) انظر: العدة/ 627. (¬7) نهاية 253 ب من (ب). (¬8) انظر: اللمع/ 20، والمحصول 2/ 2/ 548، والإِحكام للآمدي 3/ 182.

منهما عام من وجه خاص من وجه. وقدم الحنفية (¬1) النهي؛ لذكر الوقت فيه. ................... ولا ترجيح في المذاهب الخالية عن دليل. وحكى عبد الجبار (¬2) عن أصحابه جوازه. وفي التمهيد (¬3) وغيره: لا يصح ترجيح بين علتين، إِلا أن تكون كل منهما طريقًا للحكم منفردة؛ لأنه لا يصح ترجيح طريقٍ على ما ليس بطريق. قال بعض أصحابنا (¬4): يقع (¬5) إِن أمكن كونه طريقًا قبل ثبوته (¬6). ................... ¬

_ (¬1) انظر: تيسير التحرير 3/ 160. وقال في العدة/ 627: ذكره الجرجاني الحنفي عن أصحابه. وانظر: المسودة/ 139. (¬2) انظر: البرهان/ 1156، والبلبل/ 187، والمسودة/ 309. (¬3) انظر: التمهيد/ 187 ب. (¬4) انظر: المسودة/ 383. (¬5) يعني: الترجيح. (¬6) قال: قبل ثبوت كونه طريقًا، أما مع العلم بفساده فلا.

ويجب تقديم الراجح إِجماعًا. ........................ ولا تعارض في قطعيين -لاجتماع النقيضين- ولا بين قطعي وظني -لانتفاء الظن- بل بين ظنيين منقولين أو معقولين أو منقول ومعقول: الأول: في السند، والمتن، ومدلول اللفظ، وأمر خارج. الأول: كثرة الرواة (¬1) في مذهب الأئمة الأربعة (¬2)؛ لزيادة الظن، ولهذا ينتهي إِلى التواتر. ورجح - عليه السلام - قول ذي اليدين بقول أبي بكر وعمر (¬3). وعمل به الصحابة (¬4) والعقلاء. وسبق (¬5) في الإِجماع: (الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد). ¬

_ (¬1) في (ح): الرواية. (¬2) في أصول السرخسي 2/ 24، وتيسير التحرير 3/ 169، وفواتح الرحموت 2/ 210: أن أبا حنيفة وأبا يوسف قالا: لا ترجيح بكثرة الرواة. وفي كشف الأسرار 3/ 102: لا يرجح بها عند عامة أصحابنا. (¬3) تقدم في ص 513. (¬4) انظر: ص503، 504، 509. (¬5) في ص 384.

وخالف (¬1) الكرخي (¬2) -وذكره ابن عقيل (¬3) عن بعض الشافعية- كالشهادة والفتوى. رد: بمنع الشهادة عند مالك (¬4) وقول لنا (¬5). ثم: هي تعبُّد وحجة متفق عليها ومقدرة شرعًا بعدد، ولم ترجح الصحابة فيها بمثله، قال القاضي (¬6) وأبو الخطاب (¬7): ولم يرجح فيها بالأتقن الأعلم. زاد ابن عقيل: ولا بكونه (¬8) مباشرًا أو أقرب. والفتوى لا يقع العلم بها (¬9)، فليس طريقها الخبر، إِنما تقف على علم المفتي، وقد يكون الواحد أعلم. ¬

_ (¬1) نهاية 479 من (ح). (¬2) كذا في أصول الجصاص/ 200 ب، والإحكام للآمدي 4/ 242، والمنتهى لابن الحاجب/ 166. ونسب إِليه في المعتمد/ 676 القول بالترجيح. وفي كشف الأسرار 3/ 102: وبه -أي: بالترجيح- قال الكرخي في رواية. (¬3) انظر: الواضح 1/ 204 ب. (¬4) كذا في المعتمد/ 676، والمحصول 2/ 2/ 540. وفي المدونة 5/ 188: ولا ينظر مالك في ذلك إِلى كثرة العدد ... وإن كانت بينة أحدهما اثنين، والآخر مائة، فكان هذان -في العدالة- وهؤلاء المائة سواء: فقد تكافأت البينتان. (¬5) في (ح): وقول النايم هي ... إِلخ. (¬6) انظر: العدة/ 1023. (¬7) انظر: التمهيد/ 129 ب. (¬8) نهاية 170 ب من (ب). (¬9) نهاية 254 أمن (ب).

قال أبو الخطاب (¬1): ثم لو رجح بكثرة المفتين جاز. فإِن كان الأقل أوثق فظاهر ما سبق: يقدم الأكثر. وقدم ابن برهان (¬2) الأوثق، قال بعض أصحابنا (2): وهو قياس مذهبنا. وذكر بعض أصحابنا في الشهادة: هل يقدم الأكثر أو الأشهر عدالة أو سواء؟ يحتمل أوجها. .................... ويرجح بزيادة الثقة. وبالفطنة والورع والعلم والضبط والنحو. وبأنه أشهر بأحد هذه الأمور (¬3). وبكونه أحسن سياقًا. وباعتماد الراوي على حفظه لا نسخة سمع منها، أو ذاكرا للرواية (¬4). وبعمله بروايته. ولا يرسل (¬5) إِلا عن عدل. ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد/ 129 ب. (¬2) انظر: المسودة/ 305. (¬3) يعني: وإن لم يعلم رجحانه فيها، فإِن كونه أشهر يكون في الغالب لرجحانه. (¬4) يعني: سماعه من الشيخ لا على خط نفسه؛ فإِن الاشتباه في النسخة والخط محتمل دون الحفظ والذكرِ. انظر: شرح العضد 2/ 310. (¬5) هذا مرجح بين المرسلَين.

وبكونه مباشرًا، كرواية أبي رافع: "تزوج - عليه السلام - ميمونة وهو حلال، وكنت السفير بينهما (¬1) " على رواية ابن عباس: "تزوجها وهو محرم" (¬2). وبكونه صاحب القصة -كرواية ميمونة: "تزوجني - صلى الله عليه وسلم - ونحن حلالان (¬3) "- خلافا للجرجاني (¬4). وبكونه مشافها، كروأية القاسم عن عائشة -وهي عمته-: "أن بريرة عتقت وزوجها عبد (¬5) " على رواية ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في سننه 2/ 167 - 168، وقال: هذا حديث حسن، ولا نعلم أحدا أسنده غير حماد بن زيد عن مطر الوراق عن ربيعة. وأخرجه أحمد في مسنده 6/ 392 - 393، وابن حبان في صحيحه (انظر: موارد الظمآن/ 310). وأخرجه مالك في الموطأ/ 348 عن سليمان بن يسار مرسلاً، وأخرجه -كذلك مرسلاً- الطحاوي في شرح معاني الآثار 2/ 270. (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه 3/ 15، ومسلم في صحيحه/ 1031. (¬3) أخرجه مسلم في صحيحه/ 1032، وأبو داود في سننه 2/ 422 - 423، وابن ماجه في سننه/ 632، والترمذي في سننه 2/ 168، 169، وأحمد في مسنده 6/ 332، 333، 335، والطحاوي في شرح معاني الآثار 2/ 270. وانظر -في الموقف من هذه الروايات-: نصب الراية 3/ 172. (¬4) انظر: العدة/ 1025، والمسودة/ 306. (¬5) أخرجه مسلم في صحيحه 1/ 143 - 1144، وأبو داود في سننه 2/ 672، والنسائي في سننه 6/ 165 - 166، وابن ماجه في سننه/ 671، والدارمي في سننه 2/ 91، والدارقطني في سننه 3/ 292.

الأسود (¬1) عنها: "أنه كان حرا (¬2) "؛ لأنه أجنبي. وبكونه أقرب عند سماعه. وبكونه من أكابر الصحابة؛ لقربه غالبا؛ لقوله - عليه السلام - (ليلني منكم أولو الأحلام والنهى ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم) رواه مسلم (¬3)، ولتثبته غالبا محافظة على منصبه. (¬4) ¬

_ (¬1) هو: أبو عمرو الأسود بن يزيد النخعي الكوفي، روى عن الخلفاء الأربعة وعائشة وغيرهم، وعنه ابنه عبد الرحمن وأخوه عبد الرحمن وأبو إِسحاق وغيرهم، توفي سنة 75هـ. انظر: غاية النهاية 1/ 171، وتذكرة الحفاظ / 50، وتهذيب التهذيب 1/ 342، وشذرات الذهب 1/ 82. (¬2) أخرجه البخاري في صحيحه 8/ 154 من حديث الحكم عن إِبراهيم عن الأسود عن عائشة، وقال في آخره: قال الحكم: "وكان زوجها حرا"، وقول الحكم مرسل، وقال ابن عباس: رأيته عبدا. وأخرجه -أيضًا- من طريق آخر، وفيه قال: قال الأسود: "وكان زوجها حرا"، قول الأسود منقطع، وقول ابن عباس: "رأيته عبدا" أصح. وأخرجه أبو داود في سننه 2/ 672، والترمذي في سننه 2/ 312، وابن ماجه في سننه/ 670، والنسائي في سننه 6/ 163، والدارمي في سننه 2/ 90 - 91، والدارقطني في سننه 3/ 290. (¬3) هذا الحديث رواه ابن مسعود مرفوعًا. أخرجه مسلم في صحيحه / 323، وأبو داود في سننه 1/ 436، والنسائي في سننه 2/ 87 - 88، وابن ماجه في سننه/ 312 - 313، والدارمي في سننه 1/ 233، وأحمد في مسنده 1/ 457. (¬4) نهاية 254 ب من (ب).

وذكر الفخر إِسماعيل (¬1) من أصحابنا في جدله روايتين، فإِن رُجّح به قُدمتْ رواية الخلفاء الأربعة، كذا ذكره بعض أصحابنا (1). وذكر الفخر إسماعيل في جدله الروايتين في الخلفاء الأربعة فقط؛ لقوله - عليه السلام -: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء [الراشدين من بعدي] (¬2)؛ زاد بعضهم عنه: فإِن رجحت رجحت رواية الأكابر. أو متقدم الإِسلام. وعند القاضي (¬3) وغيره: هما سواء. وقدم بعض الشافعية (¬4): المتأخر. وبكونه أكثر صحبة، ذكره ابن عقيل (¬5) وأبو الخطاب (¬6)، وزاد: أو قدمت هجرته. قال [الآمدي (¬7)] (¬8) وغيره -وتبعه بعض أصحابنا وغيرهم-: أو ¬

_ (¬1) انظر: المسودة / 307. (¬2) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬3) انظر: العدة/ 1033. (¬4) انظر: اللمع/ 49، ونهاية السول 3/ 167. (¬5) انظر: الواضح 1/ 204 ب. (¬6) انظر: التمهيد/ 129 ب. (¬7) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 244. (¬8) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب).

مشهور النسب؛ لكثرة تحرزه عما ينقص رتبته. وانفرد الآمدي (¬1) بقوله: أو غير ملتبس باسم بعض (¬2) "الضعفاء" لغلبة الظن (¬3). كذا قال. أو سمع وهو بالغ؛ لكثرة ضبطه واحتياطه. قال ابن عقيل (¬4): وأهل الحرمين أولى، قال زيد بن ثابت: "إِذا وجدتم أهل المدينة على شيء فهو السنة (¬5) " (¬6)، قال: فأشار إِلى زمنه، فأما زمننا فنعوذ بالله من انتشار البدع بهما. قال بعض أصحابنا (¬7): مراده مقامه زمنه - عليه السلام - بموضعه (¬8). ورجح بعضهم بالذكورية والحرية. وليس بشيء. ويرجح بكثرة مزكي الراوي أو أعدليتهم أو أوثقيتهم. ¬

_ (¬1) انظر: المرجع السابق. (¬2) نهاية 480 من (ح). (¬3) يعني: من لم يلتبس اسمه أغلب على الظن. (¬4) انظر: الواضح 1/ 204 ب- 205أ. (¬5) أورد هذا الأثر ابن عقيل في الواضح، وصاحب المسودة/ 332. (¬6) نهاية 171 أمن (ظ). (¬7) انظر: المسودة/ 308. (¬8) يعني: سواء انتقل بعد موت النبي إلى غير الحرمين، أم لا.

قال الآمدي (¬1) -وتبعه بعض أصحابنا-: وتزكيته بصريح القول على حكمه أو عمله بشهادته؛ لاحتماله بغيره، والحكم على عمله. وسبق (¬2) في السنة. ويرجح المتواتر (¬3) على الآحاد. والمسند على المرسل عند أحمد وأصحابه والجمهور، زاد بعض أصحابنا (¬4): إِلا مرسل صحابي. وعند الجرجاني (¬5): المرسل، وقاله في الانتصار (¬6) في النقض بنجاسة (¬7). ومرسل التابعي على غيره؛ لأن الظاهر أنه عن صحابي. وبالأعلى إِسنادًا؛ لقلة احتمال الغلط. ولم يرجح القاضي (¬8) بقلة احتماله، وقال (¬9): ما يوجب صحة الشيء ¬

_ (¬1) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 245. (¬2) في ص 554 - 556. (¬3) نهاية 255أمن (ب). (¬4) انظر: البلبل/ 187. (¬5) انظر: العدة/ 1032. (¬6) انظر: الانتصار 1/ 95أ. (¬7) يعني: نقض الوضوء بخروج نجاسة من غير السبيلين. (¬8) انظر: المسودة/ 309. (¬9) في (ب): وقاله.

يقوى بكثرة وجوه الإِثبات ككثرة الرواية وكثرة الأشباه، وما يوجب فساده لا يعتبر فيه بقلة وكثرة كتغفيل الراوي: يمنع قبول خبره، ولا يختلف بوجود (¬1) الفسق معه وعدمه. قال بعض أصحابنا (¬2): هذا ضعيف، ولو صح لكان الفرق بين ما يوجب الفساد وما يحتمله ظاهرًا. ويرجح المعنعن علي إِسناده إِلى بعض كتب المحدثين وعلى شهرته بلا نكير. والكتاب على شهرته. وبمثل البخاري أو مسلم على غيره. والمتفق على رفعه أو وصله (¬3) على مختلف فيه. والرواية بقراءة الشيخ. والرواية المتفقة على المختلفة المضطربة. وفي الواضح (¬4): الأول، وأن من الناس من قال: "سواء فيما اتفقا، ويسقط ما اختلفا فيه"، وأن منهم من أسقطهما، وعمل بما لم يختلف. ¬

_ (¬1) في (ح): بوجوده. (¬2) انظر: المسودة/ 309. (¬3) في (ظ): أو وصوله. (¬4) انظر: الواضح 1/ 204 ب، 205أ، والمسودة/ 306.

ثم ذكر -في مكان آخر (¬1) - احتمالا: كالأول، واحتمالا: سواء. وذكر الفخر إِسماعيل (¬2): ترجيح ما ورد بألفاظ مختلفة متفقة المعنى (¬3)؛ لاشتهاره. قال: وقد يعارض ذلك؛ لإِتقانه (¬4). ويرجح المسموع منه - عليه السلام - على رواية عن كتابه (¬5)؛ لبعد غلط وتصحيف، ولم يعمل بكتاب القاضي إِلى القاضي في العقوبة كاللفظ. ذكره الجرجاني (¬6) والآمدي (¬7)، واختاره ابن عقيل (¬8). وقال أحمد: "قوله وكتابه سواء"، فيحتمل: في الحجة، ويحتمل: لا ترجيح. وذكر القاضي (¬9): أنهما سواء، وتعلق بخبر ابن عكيم (¬10) ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 306. (¬2) انظر: المسودة/ 306 - 307. (¬3) يعني: على المتحد لفطًا. (¬4) قال: وقد يعارض ذلك بأن الاتحاد دليل على الإتقان. (¬5) نهاية 255 ب من (ب)، ونهاية 481 من (ح). (¬6) انظر: العدة/ 1029، والمسودة/ 309. (¬7) انظر: الإحكام للآمدي 4/ 248. (¬8) انظر: المسودة/ 309. (¬9) انظر: العدة/ 1028 - 1029. (¬10) هو: أبو معبد عبد الله بن عكيم الجهني، اختلف في سماعه من النبي، وتوفي في ولاية الحجاج. انظر: الاستيعاب/ 949، وتهذيب التهذيب 5/ 323.

في الدباغ (¬1) (¬2) وكذا ابن عقيل (¬3)، وأنه ظاهر كلام أحمد. ¬

_ (¬1) عن عبد الله بن عكيم: أن رسول الله كتب إِلى جهينة -قبل موته بشهر-: (أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب). أخرجه أبو داود في سننه 4/ 371، والترمذي في سننه 3/ 136 - دون ذكر الشهر- وقال: هذا حديث حسن، ويروى عن عبد الله بن عكيم عن أشياخ له هذا الحديث، وليس العمل على هذا عند أكثر أهل العلم ... وقد روي هذا الحديث عن عبد الله بن عكيم أنه قال: أتانا كتاب رسول الله قبل وفاته بشهرين. سمعت أحمد بن الحسن يقول: كان أحمد بن حنبل يذهب إِلى هذا الحديث؛ لما ذكر فيه "قبل وفاته بشهرين"، وكان يقول: كان هذا آخر أمر النبي. ثم ترك أحمد هذا الحديث لما اضطربوا في إِسناده، حيث روى بعضهم وقال: عن عبد الله بن عكيم عن أشياخ من جهينة. وقد أخرجه النسائي في سننه 7/ 175، وابن ماجه في سننه/ 1194، والبيهقي في سننه 1/ 14 - 15، 25، وقال: وقد قيل في هذا الحديث من وجه آخر: قبل وفاته بأربعين يومًا. وقيل: عن عبد الله بن عكيم قال: حدثنا مشيخة لنا من جهينة أن النبي كتب إِليهم. وأخرجه أحمد في مسنده 4/ 310 - 311، وفي أحد ألفاظه: قبل وفاته بشهر أو شهرين. قال النووي: حديث ابن عكيم أعل بأمور ثلاثة: أحدها: الاضطراب في سنده، والثاني: الاضطراب في متنه، فروي: قبل موته بثلاثة أيام، وروي: بشهرين، وروي: بأربعين يومًا، والثالث: الاختلاف في صحبته، قال البيهقي وغيره: "لا صحبة له"، فهو مرسل. انظر: نصب الراية 1/ 120 - 122، والتلخيص الحبير 1/ 46 - 48. (¬2) فقد عارض به أحمد أخبار الدباغ. (¬3) انظر: المسودة/ 309.

المتن

قال بعض أصحابنا (¬1): عمل به أحمد لتأخره، فلا معارضة. والمسموع على ما (¬2) سكت عنه مع حضوره. وهو على غيبته (¬3). وما خطر السكوت عنه أعظم. ولفظه - عليه السلام - على ما فهم من فعله. وما لا تعم به البلوى في الآحاد، وما لم ينكره المروي عنه، وما أنكره إِنكار نسيان على غيره. ..................... المتن: يرجح النهي على الأمر؛ لشدة الطلب فيه (¬4)؛ لاقتضائه الدوام، ولقلة محامله، ولأن دفع المفسدة أهم. قال الآمدي (¬5): والمبيح على الأمر -وتبعه بعض أصحابنا- لاتحاد مدلوله (¬6)، ولعدم تعطيله، وإمكان تأويل الأمر. ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 309. (¬2) نهاية 171 ب من (ظ). (¬3) يعني: على ما سكت عنه مع غيبته. (¬4) يعني: في النهي. (¬5) انظر: الإحكام للآمدي 4/ 250. (¬6) وتعدد مدلول الأمر.

وقيل: الأمر؛ لاحتمال الضرر بتقديم المبيح، بلا عكس. فيرجح النهي على المبيح، وعلى الأول عكسه. والخبر على الثلاثة. والحقيقة والمتواطئ على مشترك ومجاز. ومشترك قَلَّ مدلوله على ما كثر. قال ابن عقيل: وبظهور أحد المعنيين استعمالا، كالحمرة في الشفق. قال بعض أصحابنا وغيرهم: والمشترك بين علمين أو عَلَم ومعنى أولى من معنيين؛ لقلة الاحتمال (¬1). ومجاز على مجاز: بشهرة علاقته كالمشابهة وباب (¬2) اسم التعلَّق على المتعلِّق (¬3)، وبقوة العلاقة كإِطلاق اسم الكل على الجزء على عكسه، وبقرب جهته كحمل نفي الذات على الصحة لا الكمال، وبرجحان دليله بأن تكون قرينة أحدهما قطعية، وبشهرة استعماله. ومجاز على مشترك في الأصح، كما سبق (¬4). وتخصيص على مجاز. ¬

_ (¬1) في (ب): الاختلال. (¬2) نهاية 256 أمن (ب). (¬3) يعني: إِطلاق اسم المتعلَّق على المتعلِّق، كإِطلاق السبب على المسبب يقدم على عكسه؛ لأن السبب مستلزم لمسببه، ولا عكس. (¬4) في ص 86 من هذا الكتاب.

وهما على إِضمار؛ لقلته، [وقيل: هو] (¬1)، وقيل: هو ومجاز سواء، جزم به بعض أصحابنا. والثلاثة على نقل (¬2)؛ لأنه إِبطال كالنسخ. وجزم بعضهم بتقديمه (¬3) على مشترك؛ لإِفراده في الحالين (¬4) كزكاة. ويقدم حقيقة متفق عليها، والأشهر منها ومن مجاز على عكسه. وقيل: ومجاز أشهر عليها. وفيه نظر. وسبق (¬5) -آخر المجمل-: مجاز مشهور وحقيقة لغوية. وقال بعض أصحابنا: مجاز (¬6) راجح أولى من حقيقة مرجوحة عندنا وعند أبي يوسف؛ لرجحانه وزوال الأصل بالنقل، وعند أبي حنيفة: الحقيقة، وقيل: سواء. ولغوي مستعمل شرعاً في مفهومه اللغوي على منقول شرعي؛ لعدم التغيير، بخلاف مفرد لغوي صار حقيقة شرعية (¬7). ¬

_ (¬1) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬2) يعني: من اللغة إِلى الشرع. (¬3) يعني: النقل. (¬4) فيكون لكل لفظ معنى، بخلاف المشترك. (¬5) في ص 1017. (¬6) نهاية 482 من (ح). (¬7) فيرجح المعنى الشرعي؛ لأن الغالب من الشارع أنه إِذا أطلق لفظا -وله موضوع في عرفه- أنه لا يريد به غيره.

وما قل مجازه أو تعدد (¬1) جهة دلالته أو تأكدت أو كانت مطابقة. ويرجح في الاقتضاء بضرورة صدق المتكلم على ضرورة وقوعه شرعا أو عقلاً، وعقلاً على شرعا؛ لبعد الخلف شرعا وامتناع مخالفة معقول لا مشروع. ويرجح في الإِيماء ما لولاه لكان في الكلام عبث (¬2) أو حشو على بقية أقسامه. ومفهوم الموافقة على المخالفة (¬3)؛ للاتفاق عليه. قال الآمدي (¬4): وقد يمكن ترجيح المخالفة؛ لفائدة التأسيس. ويرجح الاقتضاء على الإِشارة وعلى الإِيماء وعلى المفهوم؛ لأنه مقصود بإِيراد اللفظ صدقا أو حصولاً، ويتوقف الأصل عليه، ومقطوع بثبوته. قال الآمدي (¬5): والإِيماء على المفهوم؛ لقلة مبطلاته. وقال بعض أصحابنا (¬6) -عن تقديم أبي الخطاب النص على التنبيه-: ليس بجيد؛ لأنها مثله أو أقوى. ¬

_ (¬1) كذا في النسخ. ولعلها: أو تعددت. (¬2) نهاية 172أمن (ظ). (¬3) نهاية 256 ب من (ب). (¬4) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 253. (¬5) انظر: المرجع السابق/ 4/ 254. (¬6) انظر: المسودة/ 383.

وتخصيص عام على تأويل خاص؛ لكثرة. والخاص -ولو من وجه (¬1) - لقوة دلالته، فكذا ما قرب منه، ولئلا تتعطل دلالته. والعام لم (¬2) يخصص أو قل تخصيصه على عكسه. والمقيد والمطلق كخاص وعام. والعام الشرطي -كـ "مَنْ" و"ما"- على غيره؛ لإِلغاء فاء السببية، فالحكم فيه معلل (¬3). وقال الآمدي (¬4): يمكن هذا، ويمكن ترجيح النكرة المنفية؛ لأنه يعد خروج واحد منه خلْفا. ويرجح الجمع واسمه العرفان باللام و"مَنْ" و"ما" على الجنس باللام؛ لخلاف المحققين ؤيه، قال الآمدي (¬5): ولإِمكان حمله (¬6) على معهود، وقال: وربما رجح جمع منكَّر على مُعَرَّف (¬7)؛ لقربه (¬8) من الخصوص. ¬

_ (¬1) يعني: على العام. (¬2) يعني: الذي لم يخصص. (¬3) والمعلل أولى من غير المعلل. (¬4) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 255. (¬5) انظر: المرجع السابق 4/ 255، 256. (¬6) يعني: اسم الجنس. (¬7) في (ح): معروف. وفي (ظ): معرفة. (¬8) في (ب) و (ح): بقربه.

المدلول

والإِجماع على نص؛ لعدم نسخه. وما اتفق عليه أو ضعف الخلاف فيه أولى. وإِجماع ظني على آخر بعده (¬1)؛ لقربه من النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال بعضهم: وفصيح لا أفصح. ومعناه لبعض أصحابنا، ولم يذكره أكثرهم. .................... المدلول (*): يرجح الحظر على الإِباحة عند أحمد (¬2) وأصحابه والكرخي (¬3) (¬4) والرازي، وذكره الآمدي (¬5) عن الآكثر وأصحابهم. ¬

_ (*) انظر: المسودة / 310 وما بعدها، والمنتهى / 168، ومختصره 2/ 314، والبرهان / 1198 - 1200، والمحصول 2/ 2/ 579، والإِحكام للآمدي 4/ 259، ونهاية السول 3/ 176. (¬1) يعني: يكون الترجيح بالقرب من الرسول. (¬2) انظر: العدة/ 1042. (¬3) انظر: أصول الجصاص/ 198 ب، والمعتمد/ 685، والعدة/ 1042، والإحكام للآمدي 4/ 259. (¬4) نهاية 257 أمن (ب). (¬5) انظر: الإحكام للآمدي 4/ 259.

وعند عيسى (¬1) بن أبان (¬2) وأبي هاشم (¬3) وبعض الشافعية (¬4): يتساويان ويسقطان. وجه الأول: أنه أحوط. واستدل: بتحريم متولِّد بين مأكول وغيره، وجارية مشتركة. رد: لم تحصل جهة إِباحة؛ لأن المبيح ملكُ جميعها، وانفراد الماء (¬5) المباح بالمتولد منه. وجه الثاني: لا يفوت مقصود الحظر؛ لأن الغالب ظهور المفسدة (¬6) وعلم المكلف بها وقدرته على دفعها بتركه، ولاستفادة المباح من التخيير [قطعاً] (¬7)، بخلاف الحظر من النهي (¬8). واستدل: لا أولوية. ¬

_ (¬1) انظر: أصول السرخسي 2/ 21. وكشف الأسرار 3/ 94، والمعتمد/ 685، والعدة / 1042، والإِحكام للآمدي 4/ 259. (¬2) نهاية 483 من (ح). (¬3) انظر: المعتمد/ 685، والإحكام للآمدي 4/ 259. (¬4) انظر: اللمع/ 50. (¬5) بالنسبة للمأكول. (¬6) يعني: لو كان محظورًا فلا بد أن تكون المفسدة ظاهرة. (¬7) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ب). (¬8) لأنه متردد بين الحرمة والكراهة.

رد: بالمنع. وأيضاً: كالبينتين (¬1). رد: لا مزية، ولا يجوز ورود حظر وإباحة معا، فقدم الأقوى. .................... ويرجح الحظر على الندب والوجوب؛ لأن دفع المفسدة أهم، بدليل ترك مصلحة لمفسدة مساوية وشرع عقوبته أكثر (¬2) كرجم زان محصن، ولأن إِفضاء الحرمة إِلى مقصودها أتم؛ (¬3) لحصوله بالترك، قَصَدَه أوْ لا، بخلاف الواجب (¬4). وعلى الكراهة؛ لأنه أحوط. وكذا وجوب على ندب. ..................... والمثبت على النافي عند أحمد والشافعي (¬5) [وأصحابهما] (¬6)، وجزم ¬

_ (¬1) في (ب): كالبينين. وفي (ح): كالنبتين. (¬2) يعني: أن ما شرعت فيه العقوبات من فعل المحرمات أكثر من ترك الواجبات وأشد. (¬3) نهاية 172 ب من (ظ). (¬4) يعني: فلابد فيه من القصد. (¬5) انظر: اللمع/ 50، والمنخول/ 434. (¬6) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح).

به في العدة (¬1) والواضح (¬2) والتمهيد (¬3) والروضة (¬4)، كدخوله - عليه السلام - البيت، قال بلال (¬5): "صلى فيه (¬6) " وقال أسامة: لا (¬7). وقال القاضي -في الكفاية (¬8) - وأبو الحسين (¬9): سواء. والمراد ما قاله الفخر إِسماعيل (¬10): إِن استند النفي إِلى علم بالعلم بعلمه جهات إِثباته فسواء. ¬

_ (¬1) انظر: العدة/ 1036. (¬2) انظر: الواضح 1/ 205أ. (¬3) انظر: التمهيد/ 129 ب- 130 أ. (¬4) انظر: روضة الناظر/ 390. (¬5) هو: الصحابي أبو عبد الله بلال بن رباح الحبشي. (¬6) أخرجه البخاري في صحيحه/ 841، ومسلم في صحيحه/ 966 - 968 من حديث ابن عمر. (¬7) أخرجه مسلم في صحيحه/ 968، والبيهقي في سننه 2/ 328 من حديث ابن عباس. وانظر: نصب الراية 2/ 320. وانظر -في الجمع بين الروايتين-: فتح الباري 3/ 468. (¬8) انظر: المسودة/ 314. (¬9) كذا في المسودة/ 314. والذي في المعتمد/ 680: تقديم المثبت. وحكى القول بالتسوية عن عبد الجبار. (¬10) انظر: المسودة/ 310 - 311.

وفي الخلاف والانتصار (¬1) -في (¬2) حديث ابن مسعود ليلة الجن (¬3) -: النفي أولى، اختاره الآمدي (¬4). وقال (¬5) أبو محمَّد الجوزي (¬6): في ترجيح ما وافق نفيا أصليا وجهان، ¬

_ (¬1) انظر: الانتصار 1/ 15 ب. (¬2) نهاية 257 ب من (ب). (¬3) يعني: كون ابن مسعود مع النبي، أوْ لا، فعن عبد الله بن مسعود: أن النبي قال له -ليلة الجن-: (ما في إِداوتك؟) قال: نبيذ. قال: (تمرة طيبة وماء طهور). أخرجه أبو داود في سننه 1/ 66، والترمذي في سننه 1/ 59 - 60 (ولم يذكر: ليلة الجن)، وابن ماجه في سننه/ 135 - 136، وأحمد في مسنده 1/ 449، والدارقطني في سننه 1/ 76 - 78، والطحاوي في شرح معاني الآثار 1/ 94 - 95. وقد تقدم الحديث في ص 628. وقد أخرج مسلم في صحيحه/ 332 عن علقمة قال: سألت ابن مسعود، فقلت: هل شهد أحد منكم مع رسول الله ليلة الجن؟ قال: لا ... وأخرجه أبو داود في سننه 1/ 67، والترمذي في سننه 5/ 58 - 59 وقال: حسن صحيح، والدارقطني في سننه 1/ 77، والطحاوي في شرح معاني الآثار 1/ 96. وراجع: نصب الراية 1/ 139 - 141. (¬4) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 261. (¬5) انظر: المسودة/ 314. (¬6) هو: يوسف بن أبي الفرج عبد الرحمن بن علي البكري القرشي البغدادي الحنبلي، أصولي فقيه عالم بالخلاف مشارك في العلوم، توفي سنة 656 هـ. من مؤلفاته: معادن الإِبريز في تفسير الكتاب العزيز، والمذهب الأحمد في مذهب أحمد، والإِيضاح في الجدل. انظر: ذيل طبقات الحنابلة 2/ 258، وطبقات المفسرين للداودي 2/ 380، وشذرات الذهب 5/ 286.

وكذا العلتان. وفي الخلاف -عن نفي صلاته على شهداء أحد (¬1) -: الزيادة معه هنا، لأن الأصل غسل الميت والصلاة، ثم: سواء. لنا: أن معه زيادة علم. قالوا: يؤخر النفي؛ لتكون فائدته التأسيس. رد: فيه رفع حكم المثبت. فإِن عورض بمثله (¬2). رد: إن صح فرفع ما فائدته التأكيد، بخلاف العكس. فإِن قيل: بل رفع حكماً تأسيسيًا وهو الباقي على الحال الأصلي وزيادة تأكيد النافي، بخلاف العكس. رد: بالمنع. ................... قال الشريف (¬3) (¬4) والحلواني من أصحابنا: يقدم نافي الحد على مثبته ¬

_ (¬1) انظر: ص 802 من هذا الكتاب. (¬2) ضرب في (ظ) على قوله: فإِن عورض بمثله. (¬3) هو: أبو جعفر عبد الخالق بن عيسى بن أحمد المطلبي الحنبلي، فقيه أصولي، ولد ببغداد سنة 411 هـ، وتوفي بها سنة 470 هـ. من مؤلفاته: رؤوس المسائل. انظر: طبقات الحنابلة 2/ 237، وذيل طبقات الحنابلة 1/ 15، والمنتظم 8/ 315، والمنهج الأحمد 2/ 126. (¬4) انظر: المسودة/ 312.

-ورجحه في التمهيد (¬1) - لأن الحد يدرأ (¬2) بالشبهة، روي عن الصحابة، وفيه أخبار ضعيفة (¬3)، ولقلة مبطلات ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد/ 130أ. (¬2) نهاية 484 من (ح). (¬3) ورد مرفوعاً من حديث عائشة ومن حديث علي ومن حديث أبي هريرة: فحديث عائشة: لفظه: (ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإِن وجدتم للمسلم مخرجا فخلوا سبيله، فإِن الإِمام لأن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة). أخرجه الترمذي في سننه 5/ 112 - 113 (نسخة بتعليق: عزت عبيد الدعاس)، وقال الترمذي: لا نعرفه مرفوعًا إِلا من حديث محمَّد بن ربيعة عن يزيد بن زياد الدمشقي عن الزهري عن عروة عن عائشة عن النبي، ورواه وكيع عن يزيد بن زياد نحوه، ولم يرفعه، ورواية وكيع أصح، وقد روي نحو هذا عن غير واحد من أصحاب النبي أنهم قالوا مثل ذلك، ويزيد بن زياد الدمشقي ضعيف في الحديث. وأخرجه الدارقطني في سننه 3/ 84، والبيهقي في سننه 8/ 238 - قال: "ورواه وكيع عن يزيد ابن زياد موقوفاً على عائشة"، وساق إِسناده، ثم قال: ورواية وكيع أقرب إِلى الصواب- والحاكم في مستدركه 4/ 384 - 385 وقال: صحيح الإِسناد ولم يخرجاه. وتعقبه الذهبي في التلخيص، فقال: قال النسائي: يزيد بن زياد شامي متروك. وحديث علي: لفظه: (ادرءوا الحدود). أخرجه الدارقطني في سننه 3/ 84، والبيهقي في سننه 8/ 238. وفي إِسناده: مختار التمار، وهو ضعيف. فانظر: نصب الراية 3/ 309 وسنن البيهقي 8/ 238. وحديث أبي هريرة: أخرجه أبو يعلى الموصلي في مسنده -انظر: نصب الراية 3/ 309 - وابن ماجه في سننه/ 850 بلفظ: (ادرءوا الحدود ما استطعتم). وفي إِسناده -عندهما-: إِبراهيم بن الفضل المخزومي، قال في الزوائد: ضعفه أحمد=

نفيه (¬1) [وكتعارض بينتين، ولأن إِثباته خلاف دليل نفيه (¬2)] (¬3). وقدم في الكفاية (¬4): المثبت -وقاله في الواضح- لتقديم أحمد خبر عبادة (¬5) في الجلد والرجم (¬6)؛ لإِثباته بخبر واحد وقياس. رد: لا شبهة فيهما. ¬

_ =وابن معين والبخاري وغيرهم. وقد أخرجه الدارقطني في سننه 3/ 84 موقوفًا على ابن مسعود ومعاذ وعقبة بن عامر الجهني. وفي إِسناده: إِسحاق بن عبد الله بن أبي فروة وهو متروك. فانظر: التعليق المغني على الدارقطني. وأخرجه البيهقي في سننه 8/ 238 موقوفاً على عمر وابن مسعود ومعاذ وعقبة بن عامر بأسانيد فيها انقطاع، ثم أخرجه موقوفاً على ابن مسعود بإِسناد آخر، وقال: هذا موصول. قال ابن حجر في التلخيص 4/ 56: ورواه ابن حزم في كتاب الإِيصال من حديث عمر موقوفاً عليه بإِسناد صحيح. وعند ابن أبي شيبة من طريق إِبراهيم النخعي عن عمر: لأن أخطئ في الحدود بالشبهات أحب إِليّ من أن أقيمها بالشبهات. (¬1) بخلاف مبطلات إِثباته. (¬2) يعني: خلاف الدليل النافي للحد والعقوبة. (¬3) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ظ). (¬4) انظر: المسودة/ 312. (¬5) هو: الصحابي أبو الوليد عبادة بن الصامت. (¬6) تقدم في ص 1137.

وسوى في العدة (¬1) بينهما، كعبد الجبار (¬2) وظاهر الروضة (¬3). وللشافعية (¬4) كالأقوال. ......................... ورجح في التمهيد (¬5): تقديم موجب العتق -وذكره قول غير عبد الجبار- وقاله الكرخي (¬6) (¬7)؛ لقلة سبب مبطل الحرية، ولا تبطل بعد ثبوتها (¬8)، ولموافقة النفي الأصلي رفع العقد. وظاهر (¬9) الروضة (¬10): سواء -كعبد الجبار (¬11) - لأنهما حكمان. ¬

_ (¬1) انظر: العدة/ 1044. (¬2) انظر: المعتمد/ 683. (¬3) انظر: روضة الناظر/ 391. (¬4) انظر: المستصفى 2/ 398، والمحصول 2/ 2/ 590، والإِحكام للآمدي 4/ 263، ونهاية السول 3/ 178. (¬5) انظر: التمهيد / 130أ. (¬6) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 263. (¬7) غيرت في (ظ) إِلى: الحنفية. (¬8) بخلاف الرق، فإِنه يبطل بعد ثبوته، فكانت آكد. (¬9) نهاية 258 أمن (ب). (¬10) انظر: روضة الناظر/ 391. (¬11) انظر: المعتمد/ 684.

ويتوجه احتمال النفي -كقول بعضهم- لوافقة دليل بقاء الصحة. ومثله الطلاق. ................... ولم يذكر أصحابنا: ترجيح حكم تكليفي على وضعي، فظاهره: سواء. قال الآمدي (¬1): إِن ترجح (¬2) بالثواب توقف على أهلية الخاطب وتمكنه. .................... ويتوجه في تقديم الأخف وعكسه: احتمالان. وذكر الآمدي (¬3) قولين؛ لأن الشريعة سمحة وثقله التأكد المقصود منه (¬4). وفي الروضة (¬5): رجح قوم العلة بخفة حكمها، وعكس آخرون، وهي ترجيحات ضعيفة. فظاهره: التسوية. .................... ¬

_ (¬1) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 263. (¬2) يعني: الحكم التكليفي وإن ترجح بكذا فإِنه يتوقف. (¬3) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 263 - 264. (¬4) نهاية 173 أمن (ظ). (¬5) انظر: روضة الناظر/ 392.

الخارج: يرجح ما وافق دليلاً آخر؛ لأن الظنين أقوى. ثم: قيل: يقدم الخبر على الأقيسة. وقيل: بالمنع إِن تعدد أصلها، وإِلا فمتحدة. فإِن تعارض قرآن وسنة وأمكن بناء كل منهما على الآخر -كخنزير (¬1) الماء- فقال القاضي (¬2): ظاهر كلام أحمد: "يقدم ظاهر السنة"؛ لقوله: "تفسر القرآن وتبينه". قال: ويحتمل عكسه؛ للقطع به (¬3). وذكر أبو الطيب (¬4) للشافعية وجهين. وبنى القاضي (¬5) عليها (¬6): خبرين، مع أحدهما ظاهر قرآن، والآخر ظاهر سنة، ثم ذكر: نص أحمد تقديم الخبرين. وذكر الفخر إِسماعيل: أيهما يقدم؟ على روايتين (¬7)، وكذا ابن عقيل، وبنى الأولى عليها. ...................... ¬

_ (¬1) فقوله تعالى: (ولحم الخنزير) -سورة المائدة: آية 3 - يحرمه، وقول الرسول -عن لبحر-: (هو الطهور ماؤه الحل ميتته) يحله. وقد تقدم تخريج هذا الحديث في ص 803. (¬2) انظر: العدة/ 1041. (¬3) يعني: بالقرآن. (¬4) انظر: المسودة/ 311. (¬5) انظر: العدة/ 1048 - 1049. (¬6) يعني: على مسألة تعارض القرآن والسنة. (¬7) انظر: المسودة/ 312.

ويرجح بعمل أهل المدينة عند أحمد (¬1) -كترجيحه نهي نكاح (¬2) المُحْرِم بعملهم، وقوله: ما رووه ثم عملوا به أصح ما يكون- واختاره في التمهيد (¬3) (¬4) كالشافعية (¬5)؛ لأنهم أعرف، والظاهر بقاؤهم على ما أسلموا عليه، وأنه ناسخ؛ لموته بينهم. وذكر القاضي (¬6) وابن عقيل وأبو محمَّد البغدادي: لا، كغيره. رد: بالفرق. ورجح الحنفية (¬7) بعمل الكوفة إِلى زمن أبي حنيفة قبل ظهور البدع. ¬

_ (¬1) انظر: المرجع السابق/ 313. (¬2) ورد النهي عن نكاح المحرم في حديث عثمان مرفوعًا. أخرجه مسلم في صحيحه/ 1030، وأبو داود في سننه 2/ 421، والترمذي في سننه 2/ 167 - وقال: حسن صحيح- والنسائي في سننه 5/ 192، وابن ماجه في سننه/ 632، وأحمد في مسنده 1/ 57، 64، ومالك في الموطأ/ 348، والدارمي في سننه 2/ 65. (¬3) انظر: التمهيد/ 131أ. (¬4) نهاية 258 ب من (ب). ونهاية 485 من (ح). (¬5) انظر: اللمع/ 50، والمستصفى/ 396، والإِحكام للآمدي 4/ 264. (¬6) انظر: العدة/ 1052. (¬7) ذكره الجرجاني الحنفي في أصوله. انظر: العدة/ 1053.

وفي التمهيد (¬1): ما أقام به الصحابة أُخِذُ به إِلى أن ظهرت البدع، وهو ما كان زمن (¬2) الخلفاء، نحو: الكوفة والبصرة، قال: وقاله الجرجاني. ........................ ويرجح بعمل الخلفاء الأربعة عند أصحابنا، قال القاضي (¬3) وابن عقيل: "نص عليه أحمد في مواضع"، وذكر الفخر إِسماعيل (¬4) روايتين. ونقل المروذي: أو الصحابة. وقال الآمدي (¬5): أو بعض الأمة، أو بعض من عمل أعلم (¬6). ....................... وإن كانا مؤولين ودليل أحدهما أرجح قدم. ويقدم ما علل (¬7) أو رجحت علته. والعام الوارد على سبب خاص في السبب. والعام (¬8) عليه (¬9) في غيره. ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد/ 131أ. (¬2) في (ظ): بين. (¬3) انظر: العدة/ 1050. (¬4) انظر: المسودة/ 314. (¬5) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 264 - 265. (¬6) يعني: يعمل بكل منهما طائفة، ويكون من عمل بأحدهما أعلم ممن عمل بالآخر. (¬7) يعني: ما كان دالاً على الحكم والعلة على ما دل على الحكم دون العلة. (¬8) يعني: الذي لم يرد على سبب خاص. (¬9) يعني: على العام الذي ورد على سبب خاص.

ومثله الخطاب شفاها مع العام (¬1). ويقدم ما لم يقبل نسخا، أو أقرب إِلى الاحتياط، أو لا يستلزم نقص صحابي (¬2) كالقهقهة في صلاة (¬3). قال ابن عقيل وغيره (¬4): أو إِصابته (¬5) - عليه السلام - ظاهرا وباطنا، كامتناعه من الصلاة حتى قال علي (¬6): "هما علي (¬7) "، وأنه ابتداء ¬

_ (¬1) فإِن تقابلا في حق من وردت المخاطبة إِليه شفاها فخطاب الشافهة أولى، وإِن كان ذلك بالنظر إِلى غير من وردت المخاطبة إِليه شفاها كان الآخر أولى. (¬2) في (ب): صحابي في خبر كالقهقهة. وضرب في (ظ) على: في خبر. وفي نسخة في هامش (ب): نقض صحابي خبرا كالقهقهة. (¬3) تقدم خبر القهقهة في ص575. (¬4) انظر: العدة/ 1036. (¬5) يعني: يترجح ما تضمن إِصابته ظاهرا وباطنا على ما تضمن خطأه باطنا. (¬6) ضرب في (ظ) على: علي. (¬7) وذلك في الذي مات وعليه دين مقداره ديناران، فامتنع النبي من الصلاة عليه حتى قال علي ذلك. أخرجه الدارقطني في سننه 3/ 47، 78 - 79، والبيهقي في سننه 6/ 73 عن عاصم بن ضمرة عن علي، ومن طريق آخر عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري. وقد ضعف هذا الحديث البيهقي وابن حجر. فانظر: سنن البيهقي 6/ 73، والتلخيص الحبير 3/ 47. وقد ورد نحو هذا الموقف من الرسول في قصة أخرى كان الضامن فيها أبا قتادة، أخرجها البخاري في صحيحه (انظر: فتح الباري 4/ 466 - 467)، والنسائي في سننه 4/ 65، والبيهقي في سننه 6/ 72 من حديث سلمة بن الأكوع. وأخرجها=

ضمان (¬1). وقال القاضي وابن عقيل وغيرهما: وعام عُمِل به؛ لقوته به. وقيل: عكسه -اختاره الآمدي (¬2) - لإِهماله (¬3). والعام (¬4) بأنه أمس بالمقصود، نحو: (وأن تجمعوا بين الأختين (¬5)) (¬6) على (أو ما ملكت (¬7) أيمانكم) (¬8). (¬9) ¬

_ =الدارقطني في سننه 3/ 79، وأبو داود في سننه 3/ 638، والنسائي في سننه 4/ 65، والبيهقي في سننه 6/ 73، وابن حبان في صحيحه (انظر: موارد الظمآن / 282)، والحاكم في مستدركه 2/ 58 من حديث جابر. قال الحاكم: صحيح الإِسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. وأخرجها الترمذي في سننه 4/ 23 - نسخة بتعليق: عزت عبيد الدعاس- والنسائي في سننه 4/ 65، وابن حبان في صحيحه (انظر: موارد الظمآن/ 282) من حديث أبي قتادة. قال الترمذي: حسن صحيح. (¬1) يعني: وليس بإخبار عن ضمان سابق؛ لأنه لو كان إِخبارا عن ضمان سابق لكان الميت قد خلف وفاء، وكان النبي -بامتناعه عن الصلاة- مخطئًا في الباطن. (¬2) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 266. (¬3) يعني: لأن ترجيح ما عمل به يؤدي إِلى إِهمال ما لم يعمل به، بخلاف العكس فإِن ترجيح ما لم يعمل به لا يؤدى إِلى إِهمال الأول؛ لكونه قد عمل به في الجملة. (¬4) يعني: في عامين أحدهما أمس بالمقصود. (¬5) فإِنه أمس بمسألة الجمع. (¬6) سورة النساء: آية 23. (¬7) نهاية 259 أمن (ب). (¬8) فإنه لم يقصد بيان الجمع. (¬9) سورة النساء: آية 3.

المعقولان: قياسان، أو استدلالان.

وما فسره راو بفعله أو قوله أو ذكر سببه؛ لعنايته بالرواية. أو أحسن سياقا. وما دلت (¬1) قرينة على تأخره، كتأخير إِسلام، أو تاريخ مضيق (¬2)، أو تشديده. * * * المعقولان: قياسان، أو استدلالان (¬3). فالأول: يعود إِلى أصله، وفرعه، ومدلوله، وأمر خارج: الأول: بقطع حكمه ولو عدم دليل خاص بتعليله، وفي معناه: أو ليس حكمه ممنوعا (¬4)، ذكره الآمدي (¬5). وبقوة دليله، أو رجح (¬6) مع خلف في نسخه (¬7) أو عدم (¬8) دليل خاص ¬

_ (¬1) نهاية 173 ب من (ظ). (¬2) يعني: بأن تكون إِحدى الروايتين مؤرخة بتاريخ مضيق. (¬3) لم يتعرض المؤلف للاستدلالين، كابن الحاجب. انظر: مختصره 2/ 318. وأشار إِليهما الآمدي في الإِحكام 4/ 280 إِشارة خفيفة. (¬4) يعني: أن يكون الحكم في أصل أحدهما ممنوعا، وفي الآخر غير ممنوع، فغير الممنوع أولى. (¬5) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 268. (¬6) يعني: دليله. (¬7) يعني: وإن كان مختلفا في نسخه، والآخر لم يختلف في نسخه. (¬8) يعني: أو رجح مع عدم دليل ...

بتعليله؛ لا مع (¬1) عدوله (¬2) عن من القياس. والاتفاق على عدم (¬3) نسخه. وبأنه على سنن القياس مع خلف في نسخه أو دليل (¬4) خاص بتعليله، لا مع خلف في تعليله. ورجح بعضهم بحسب دليل الحكم (¬5): النص، ثم الإِجماع؛ لأنه فرعه. وتعليله بدليل خاص أو اتفاق، رجح معه دليل حكمه، أوْ لا. وظني على من القياس أو اتفق على تعليله (¬6). وبالقطع بالعلة أو دليلها أو بظن غالب فيهما (¬7). والسبر على المناسبة -لأن فيه بيان المقتضي وعدم المعارض- وعلى الدوران، وقدمه (¬8) بعضهم على السبر. ¬

_ (¬1) يعني: لا إِن رجح مع عدوله. (¬2) نهاية 486 من (ح). (¬3) في (ب) ونسخة في هامش (ظ): والاتفاق على حكمه. (¬4) كذا في النسخ. ولعلها: أو عدم دليل. يعني: أو مع عدم دليل خاص. (¬5) في (ح): الحكمة. (¬6) على قطعي على خلاف سنن القياس أو لم يتفق على تعليله. (¬7) يعني: في العلة أو في دليلها. (¬8) في (ب): وقدم.

وبالقطع بنفي الفارق (¬1) أو ظن غالب (¬2). والوصف الحقيقي أو الثبوتي أو الباعث على غيرهما (¬3)؛ للاتفاق عليهما (¬4)، ولأن الحسية كالعقلية، وهي موجبة، ولا تفتقر إِلى غيرها في ثبوتها. ورجح أبو الخطاب (¬5) الحكمية (¬6)، وذكره عن آخرين - وللشافعية (¬7) وجهان- لأنها أشد مطابقة للحكم، وتلازمه، فهي أخص به. ولم يرجح بعض أصحابنا (¬8) الثبوتي. وكونه (¬9) نفس العلة على ملازمه (¬10)، ذكره الآمدي (¬11). ¬

_ (¬1) في أصل أحد القياسين، وفي الآخر مظنون. (¬2) يعني: يكون نفي الفارق فيهما مظنونا، لكن أحد الظنين غالب. (¬3) كذا في النسخ. ولعلها: غيرها. يعني: على الحكمي والعدمي والأمارة. (¬4) كذا في النسخ. ولعلها: عليها. (¬5) انظر: التمهيد/ 188 أ- ب. (¬6) في (ظ): الحكمه. (¬7) انظر: اللمع/ 70. (¬8) نهاية 259 ب من (ب). (¬9) يعني: كون الوصف الجامع في أحد القياسين. (¬10) كذا في النسخ. ولعلها: ملازمها. يعني: يكون الوصف الجامع في القياس الآخر ملازم علة الأصل. (¬11) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 277.

والعلة الظاهرة والمنضبطة والمتعدية والأكثر تعدية والمطردة والمنعكسة على غيرها. وقدم بعضهم القاصرة؛ لأنها أوفق للنص. وبعضهم: سواء، واختاره الفخر إِسماعيل (¬1)؛ لأن الفروع لا تبنى (*) عن قوة ذاتها. وإِن تقابلت علتان في أصل فما قَلَّ أوصافها أولى؛ للشبه (¬2) بالعلة العقلية، ولأنها أجرى على الأصول وأسهل على المجتهد وأكثر فروعًا وفائدة كشهادة (¬3) الأصول. وإِن كانتا من أصلين فما كثر أوصافها أولى؛ لقوة شبهه بالأكثر. وفي التمهيد (¬4): احتمال القليلة -كأكثر الشافعية (¬5) - واحتمال الكثيرة، واختياره: التسوية -كالحنفية (¬6) وبعض الشافعية (¬7) - لتساويهما في إِفادة الحكم والسلامة من الفساد، وهما من جنس، فلا يلزم (¬8) تقديم ¬

_ (¬1) انظر: المسودة/ 378. (¬2) في (ب): للشبيه. (*) تم كذا في (ب) و (ح)، ولم تنقط في (ظ). أقول: ولعلها: لا تنبئ. (¬3) يعني: كثرة الفروع كشهادة الأصول. (¬4) انظر: التمهيد/ 191 أ. (¬5) انظر: اللمع/ 70، والتبصرة/ 489. (¬6) انظر: تيسير التحرير 4/ 96، وفواتح الرحموت 2/ 325. (¬7) انظر: التبصرة/ 489. (¬8) هذا جواب سؤال مقدر: استواؤهما في إفادة الحكم لا يدل على استوائهما في القوة، كالخبر مع القياس.

الخبر على القياس؛ لأن دلالته نطق، والقياس معنى (¬1). وبناها (¬2) بعض أصحابنا (¬3) على المتعدية والقاصرة. وأطلق الآمدي (¬4) وغيره: تقديم المتحدة؛ للضبط والبعد من الخلاف. وفي الواضح (¬5): المتحدة وقليلة الأوصاف أولى، وفيه (¬6): (¬7) إِذا صحتا لنا كثر فروعها أو استوتا سواء (¬8)، واعتبر قوم جدليون لصحتها (¬9) تساوي الفروع، ولا يصح (¬10). وبعضهم: العدمي للعدمي (¬11). ¬

_ (¬1) يعني: فليسا من جنس، فجاز أن يتفاضلا في القوة، بخلاف العلتين فهما من جنس واحد. (¬2) في (ظ): وبناهما. (¬3) انظر: المسودة/ 378. (¬4) انظر: الإحكام للآمدي 4/ 273. (¬5) انظر: الواضح 1/ 140 أ- ب. (¬6) انظر: الواضح 1/ 143 أ. (¬7) نهاية 174 أمن (ظ). (¬8) يعني: فهما سواء. (¬9) كذا في النسخ. ولعلها: لصحتهما. (¬10) نهاية 487 من (ح). (¬11) يعني: يرجح التعليل بالعدمي للعدمي. انظر: نهاية السول 3/ 182.

ولم يرجح القاضي في العدة (¬1) والحنفية (¬2) وبعض الشافعية (¬3): بكون إحداهما أعم كالطعم أعم من الكيل، كالعمومين (¬4). رد: يمكن بناء أحدهما على الآخر، بخلاف (¬5) هذا (¬6). ورجحها في الكفاية (¬7)؛ لما سبق (¬8). واختلف اختيار أبي الخطاب (¬9)، وذكر على الأول وجهين: هل ترجح المتعدية، أو سواء؟. والمطردة فقط [على] (¬10) المنعكسة فقط. وقال بعض أصحابنا (¬11): والمطردة على غيرها (¬12) إِن قيل بصحتها، ¬

_ (¬1) انظر: العدة/ 236 ب، والمسودة/ 379. (¬2) انظر: تيسير التحرير 4/ 97، وفواتح الرحموت 2/ 329. (¬3) انظر: اللمع/ 70، والتبصرة/ 488. (¬4) يعني: لا يرجح أحدهما على الآخر. (¬5) نهاية 260 أمن (ب). (¬6) فلا يمكن بناء إِحداهما على الأخرى. (¬7) انظر: المسودة/ 379، 381. (¬8) من أن الأعم أكثر فروعا وفائدة كشهادة الأصول. انظر: ص 1618. (¬9) انظر: التمهيد/ 189أ، 190 ب، والمسودة/ 380، 381. (¬10) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬11) انظر: المسودة/ 378. (¬12) يعني: على المخصوصة.

والمنعكسة على غيرها إِن اشترط العكس؛ لزيادة تأثير بانتفاء الحكم لانتفائها. وبكون ضابط الحكمة جامعا مانعا لها (¬1). والمناسبة على الشبهية. والمقاصد الضرورية الخمسة على غيرها، ومكمِّلُها على الحاجية، وهي على التحسينية. وحفظ الدين على الأربعة؛ لأن ثمرته سعادة الآخرة، وغيره قُصِد لأجله؛ لقوله: (وما خلقت الجن) الآية (¬2). وقيل: الأربعة؛ لأنه حق آدمي يتضرر به، ولهذا قُدِّم القود على قتل الردة، ومصلحةُ النفس في تخفيف صلاة عن مريض ومسافر، وأداءِ صوم وإنجاء غريق، وحفظُ المال بترك جمعة وجماعة، وبقاء الذمي مع كفره. رد: قدم القتل؛ لأن فيه حقين، ولا يفوت حق الله بالعقوبة البدنية في الآخرة. وفي التخفيف عنهما تقديم على فروع الدين لا أصوله، ثم: هو قائم مقامه (¬3)، فلم يختلف المقصود، وكذا غيرهما (¬4). ¬

_ (¬1) يعني: للحكمة. (¬2) سورة الداريات: آية 56. (¬3) يعني: مشقة الركعتين في السفر تقوم مقام مشقة الأربع في الحضر، وكذلك صلاة المريض قاعدًا بالنسبة إِلى صلاته -وهو صحيح- قائمًا. (¬4) فالصوم لا يفوت مطلقًا، بل إِلى قضاء، وكذلك الكلام في ترك الجمعة والجماعة.

وبقاء الذمي من مصلحة الدِّين؛ لاطلاعه على محاسن الشريعة، فيسهل انقياده، كما في صلح الحديبية (¬1) وتسميته (فتحا مبينا) (¬2). ثم: مصلحة النفس؛ لأن البقية لأجلها. ثم: النسب؛ لشدة تعلقه ببقائها (¬3)؛ لبقاء الولد (¬4) لا مربي له. ثم: العقل؛ لأن به التكليف. ثم: المال. ويقدم ما موجِب نقض علته مانع أو فوات شرط على ما موجبه ضعيف، لأن (¬5) قوته (¬6) دليل قوتها. وما موجب نقضها محقَّق على محتمل. وبانتفاء مزاحمها في أصلها. وبرجحانها عليه (¬7). ¬

_ (¬1) تقدم خبر صلح الحديبية في ص 689، 809. (¬2) سورة الفتح: آية 1. (¬3) يعني: النفس. (¬4) نهاية 260 ب من (ب). (¬5) في (ب): لا قوته. (¬6) يعني: الناقض. (¬7) يعني: ما رجحت على مزاحمها تقدم على ما لم ترجح على مزاحمها.

والمقتضية للثبوت عند القاضي (¬1) وأصحابه والروضة (¬2)؛ للاحتياط لإِفادتها حكماً شرعيًا. وقاسه أبو الخطاب (¬3) على الخبرين. وسبق (¬4) كلام أبي محمَّد. واختار الآمدي (¬5): النافية؛ لتتمة (¬6) مقتضاها بتقدير رجحانها وبتقدير مساواتها (¬7)، ولتأييدها بالأصل، والحكم (¬8) إِنما طلب (¬9) للحكمة (¬10)، والشارع يحصلها (¬11) بالحكم وبنفيه (¬12). ¬

_ (¬1) انظر: العدة/ 237 أ. (¬2) انظر: روضة الناظر/ 393. (¬3) انظر: التمهيد/ 189 ب. (¬4) في ص 1604 - 1605. وأبو محمَّد: هو الجوزي. (¬5) انظر: الإحكام للآمدي 4/ 278. (¬6) يعني: أنه يتم مقتضاها ... (¬7) والمثبتة لا يتم مقتضاها إِلا بتقدير رجحانها. (¬8) نهاية 488 من (ح). (¬9) هذا جواب دليل مقدر: المثبتة مقتضاها حكم شرعي بالاتفاق، بخلاف النافية، وما فائدتها شرعية بالاتفاق تكون أولى. (¬10) في (ب): للحكم. وفي (ح): الحكمة. (¬11) في (ب) و (ح): يخصها. (¬12) في (ظ): وينفيه.

وبقوة المناسبة: بأن تكون أفضى إِلى مقصودها، أو لا تناسب نقيضه (¬1). والعامة للمكلفين على الخاصة؛ لكثرة الفائدة. وفي الواضح (¬2): له الاستدلال بكل من علتين مستقلتين. وقدم قوم الخاصة؛ لتصريحها بالحكم. وما أصلها من جنس فرعها: كإِلحاق بيع الغائب بالسلم بلا صفة وبقوله: "بعتك عبدًا"، وقاله الكرخي (¬3) وأكثر الشافعية (¬4). والمقتضية للحرية، ذكره في الكفاية (¬5) وبعض المتكلمين. واختار في التمهيد (¬6): "سواء"، وذكره عن الشافعية، وذكر في القتضية لنفي الحد احتمالات، أحدها: سواء، كالحلواني (¬7) وبعض الشافعية (¬8) وظاهر اختيار الروضة (¬9)، والثاني: النافية، كأبي عبد الله ¬

_ (¬1) نهاية 174 ب من (ظ). (¬2) انظر: الواضح 1/ 143 أ. (¬3) انظر: المعتمد/ 853، والمسودة/ 385. (¬4) انظر: اللمع/ 70، والمعتمد/ 853. (¬5) انظر: المسودة/ 377. (¬6) انظر: التمهيد/ 189 ب. (¬7) انظر: المسودة/ 378. (¬8) انظر: اللمع/ 70، والتبصرة/ 485. (¬9) انظر: روضة الناظر/ 391 - 392.

البصري (¬1)، والثالث: المثبتة، كعبد (1) (¬2) الجبار، قال في الكفاية (¬3): "هو أشبه بأصلنا"، وتعلق بكلام أحمد. والحاظرة أولى عند القاضي (¬4) وابن عقيل (¬5) والكرخي (¬6) وأبي الخطاب (¬7)، وذكر احتمالا: سواء، كظا هو اختيار الروضة (¬8). وللشافعية (¬9) وجهان. وما لم يخص أصلها -ذكره ابن عقيل (¬10) وأبو الخطاب (¬11) - كالطعم مع الكيل عند من يجيز التفاضل في القليل. وما وجد حكمها معها لا قبلها عند أصحابنا -قال بعض أصحابنا (¬12): ¬

_ (¬1) انظر: المعتمد/ 849. (¬2) نهاية 261أمن (ب). (¬3) انظر: المسودة/ 378. (¬4) انظر: العدة/ 237 أ. (¬5) انظر: الواضح 1/ 193 أ. (¬6) انظر: التبصرة/ 484، والمسودة/ 378. (¬7) انظر: التمهيد/ 189 ب- 190 أ. (¬8) انظر: روضة الناظر/ 391 - 392. (¬9) انظر: اللمع/ 70، والتبصرة/ 484. (¬10) انظر: الواضح 1/ 192 ب، والمسودة/ 381 - 382. (¬11) انظر: التمهيد/ 190 ب. (¬12) انظر: المسودة / 382.

وفيه نظر- كـ "المبتوتة أجنبية، فلا نفقة كالمنقضية العدة" على قول الخصم: معتدة كالرجعية (¬1). وما وصفت بموجود في الحال، كرهن المشاع: "يصح بيعه (¬2) " راجح (¬3) على قول الخصم: قارن العقد معنى يوجب استحقاق رفع يده في الثاني (¬4). وما عَمَّت معلولها، كـ "القود بين الرجل والمرأة في النفس، فكذا الطرف كالحرين" على قول الخصم: "مختلفان في بدل النفس، كمسلم مع مستأمن"؛ لانتفاء قود في طرفي عبدين (¬5). والمفسرة على المجملة -كتقديمه في كتاب وسنة- كنفي كفارة بأكله؛ لأنه إِفطار بغير جماع كبلع [حصاة] (¬6) على قول الخصم: أفطر بممتنع جنسه. وهذه الثلاث في التمهيد (¬7) وغيره، ولم يذكرها جماعة. ..................... ¬

_ (¬1) فسقوط نفقة من انقضت عدتها وجد بوجودها، ووجوب النفقة والسكنى للرجعية موجود قبل طلاقها. (¬2) يعني: فصح رهنه. (¬3) في (ب) و (ظ): يصح بيعه على قول الخصم: راجح قارن ... (¬4) يعني: في ثاني الحال. (¬5) تساويا في القيمة، فهذا يدل على أنه لا تأثير لقولهم: مختلفان في بدل النفس. (¬6) ما بين المعقوفتين لم يرد في (ح). (¬7) انظر: التمهيد/ 188أ، 190 ب.

الفرع

الفرع: يقوى الظن بالمشاركة في الأخص والبعد عن الخلاف: فيقدم عين (¬1) الحكم وعين العلة على الثلاثة (¬2)، وعين (¬3) أحدهما على الجنسين، وعين العلة على عين الحكم؛ لأنها أصله (¬4). وبالقطع بها فيه (¬5) وبتأخر (¬6) الفرع. وبثبوته بنص جملة. ................. والترجيح في المدلول -وهو حكم (¬7) الفرع- وبأمر خارج: نظير ما سبق (¬8) في المنقولين. ¬

_ (¬1) يعني: الاشتراك في عين الحكم وعين العلة. (¬2) وهي: جنس الحكم وجنس العلة، عين الحكم وجنس العلة، عين العلة وجنس الحكم. (¬3) نهاية 489 من (ح). (¬4) يعني: العلة أصل التعدية. (¬5) يعني: في الفرع. (¬6) في (ح): وبعد. (¬7) نهاية 261 ب من (ب). (¬8) في ص 1610، 1600.

وترجح علة وافقها قول صحابي، ذكره ابن عقيل (¬1) -لقوة علته لمشاهدة التنزيل- وأبو الخطاب (¬2)، وقال: من لم (¬3) يجعله حجة يرجِّح به الأدلة. وذكر أبو الطيب (¬4): أو مرسل. وهو محتمل، وسبق (¬5) فيه قول القاضي: لا يجوز الترجيح بما لا يثبت به حكم. وأطلق ابن عقيل وغيره: الترجيح به. وقيل له أيضًا -في مسألة تصويب كل مجتهد-: لا خلاف في الترجيح بما لا يجوز ثبوت الحكم به. فقال: لا نسلم. ¬

_ (¬1) انظر: الواضح 1/ 192أ، والمسودة/ 377. (¬2) انظر: التمهيد/ 188 أ. (¬3) نهاية 175أمن (ظ). (¬4) انظر: المسودة/ 377. (¬5) في ص 636.

المنقول والقياس

المنقول والقياس: يرجح (¬1) خاص دل بنطقه، وإلا (¬2) فمنه: ضعيف، وقوي، ومتوسط، فالترجيح فيه بحسب ما يقع للناظر؛ لأنه لا ينضبط. وسبق (¬3) العام مع القياس. .................. ويقع الترجيح بين الحدود المفيدة لمعانٍ مفردة تصورية. والمراد هنا: السمعية الظنية. فيرجح حد بلفظ صريح. وبكونه (¬4) أعرف أو ذاتيا. ورسمي على لفظي. وبعمومه بأن عم مدلول الآخر؛ لفائدته. وقال الآمدي (¬5): وقد يمكن عكسه؛ للاتفاق على مدلوله. وبموافقة نقل سمعي أو لغوي -أو قربه منهما (¬6) - أو عمل المدينة أو ¬

_ (¬1) يعني: إِما أن يكون المنقول خاصا أو عاما. (¬2) يعني: إِن لم يدل بنطقه. (¬3) في ص 980. (¬4) يعني: المعرِّف. (¬5) انظر: الإِحكام للآمدي 4/ 282. (¬6) يعني: من النقل السمعي أو اللغوي.

الخلفاء أو عالم. وبكون طريق تحصيله أسهل أو أظهر. وما لزم من العمل به تقرير حكم حظر أو نفي أو درء حكمها (¬1) أو ثبوت عتق ونحو ذلك: فالترجيح به على ما سبق (¬2) في الحجج. ويتركب من تقابل الترجيحات في المركبات والحدود ما لا ينحصر بأن (¬3) تزيد جهة الترجيح في أحدهما. والله أعلم. والحمد (¬4) لله وحده، وصلى الله على سيدنا محمَّد وآله وصحبه وسلم (*). ......................... ¬

_ (¬1) كذا في (ظ). وفي (ب): أو درء حكمها وثبوت. وفي (ح): أو درء حلها وثبوت. ولعل الصواب: أو درء حد أو ثبوت. (¬2) في ص 1600 - 1609، 1623، 1624 - 1625. (¬3) نهاية 262 أمن (ب). (¬4) في (ب): والله وحده، وصلى الله عليه وعلى آله وصحبه وصحبه وسلم. (*) في نهاية (ب): وكتب في ثاني ربيع الآخر سنة خمس وستين وسبعمائة، وكتبه محمَّد أبي بكر -كذا- بن يعقوب بن مزهر النابلسي. وفي الهامش: بلغ مقابلة حسب الطاقة على عدة نسخ، فصح -إِن شاء الله تعالى- بقراءة شيخنا أقضى القضاة علاء الدين المرداوي، أبقاه الله تعالى. وفي نهاية (ظ): وافق الفراغ منه في يوم الاثنين عاشر جمادى الآخرة سنة تسع وستين وسبعمائة، على يد فقير رحمة ربه أحمد بن محمَّد بن محمَّد الخطيب الطوخي، غفر الله له ولوالديه ولمالكه ومؤلفه ومن كتب لأجله، ختم الله له بخير وجميع المسلمين، وحسبنا الله ونعم الوكيل. وفي نهاية (ح): وافق الفراغ من نسخه يوم الاثنين المبارك ثاني شهر ربيع الأول من سنة ثمانين وسبعمائة، حسبنا الله ونعم الوكيل. وفي الهامش: بلغ مقابلة على حسسب الطاقة، فصح ...

قائمة المراجع

قائمة (¬1) المراجع أ- المراجع المطبوعة. ب- المراجع المخطوطة. ¬

_ (¬1) هذه القائمة تشمل مراجع القسم الأول (مقدمة التحقيق)، ومراجع القسم الثاني (الكتاب المحقق).

أ- المراجع المطبوعة

أ- المراجع المطبوعة * آداب الشافعي ومناقبه -لابن أبي حاتم الرازي، المتوفى سنة 327 هـ. تحقيق: عبد الغني عبد الخالق. ط 1، سنة 1372 هـ. * الآداب الشرعية والمنح المرعية - لابن مفلح المقدسي، المتوفى سنة 763 هـ. طبع بمطبعة المنار بمصر، سنة 1349 هـ. * الآيات البينات (على شرح المحلي على جمع الجوامع) - لأحمد بن قاسم العبادي، المتوفى سنة 992 هـ. طبعة مصر، سنة 1289 هـ. * الإِبهاج في شرح المنهاج - لتقي الدين السبكي، المتوفى سنة 756 هـ، وولده تاج الدين، المتوفى سنة 771 هـ، مطبعة التوفيق الأدبية، مصر. * الإِتقان في علوم القرآن - لجلال الدين السيوطي المتوفى سنة 911 هـ. تحقيق: محمد أبو الفضل إِبراهيم. مطبعة المشهد الحسيني، القاهرة سنة 1387 هـ. * الأحكام السلطانية - للقاضي أبي يعلى الحنبلي، المتوفى سنة 458 هـ. تصحيح: محمد حامد الفقي. ط 1، مطبعة مصطفى البابي الحلبي بالقاهرة، سنة 1356 هـ. * الإِحكام في أصول الأحكام - للآمدي الشافعي، المتوفى سنة 631 هـ. طبع مؤسسة النور للطباعة بالرياض، سنة 1387 هـ. * الإِحكام في أصول الأحكام - لابن حزم الظاهري، المتوفى سنة 456 هـ. مطبعة العاصمة بالقاهرة، نشر: زكريا علي يوسف.

* أحكام القرآن - للجصاص الحنفي، المتوفى سنة 370 هـ. دار الكتاب العربي، بيروت. * أحكام القرآن - للإِمام الشافعي، المتوفى سنة 204 هـ، تحقيق: عبد الغني عبد الخالق. طبع دار الكتب العلمية، ببيروت، سنة 1395 هـ. * أحكام القرآن - لابن العربي المالكي، المتوفى سنة 543 هـ، تحقيق: علي محمد البجاوي. طبع دار المعرفة ببيروت. * أخبار أبي حنيفة وأصحابه - لحسين بن علي الصيمري، المتوفى سنة 436 هـ. مطبعة المعارف الشرقية - حيدر آباد، سنة 1394 هـ. * أخبار النحويين البصريين - للسيرافي، المتوفى سنة 268 هـ. المطبعة الكاثوليكية، بيروت، سنة 1936 م. * اختلاف الحديث - للإِمام الشافعي، المتوفى سنة 204 هـ، تحقيق: محمد زهري النجار. شركة الطباعة الفنية المتحدة بالقاهرة، سنة 1381 هـ. (مطبوع في آخر كتاب "الأم" للشافعي). * أدب القاضي - للماوردي الشافعي، المتوفى سنة 450 هـ. تحقيق: محيي هلال السرحان. مطبعة الإِرشاد ببغداد، سنة 1391 هـ. * الأدب المفرد - للإِمام البخاري، المتوفى سنة 256 هـ. ط 2، القاهرة، سنة 1379 هـ. * الإِرشاد إِلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد - لإِمام الحرمين الجويني، المتوفى سنة 478 هـ. بتحقيق: د/ محمد يوسف موسى، وعلي عبد المنعم عبد الحميد. مطبعة السعادة بمصر، سنة 1950 م.

* إِرشاد الفحول إِلى تحقيق الحق من علم الأصول - للشوكاني، المتوفى سنة 1250 هـ. مطبعة مصطفى البابي الحلبي بالقاهرة، سنة 1358 هـ. * أسباب النزول - للواحدي النيسابوري، المتوفى سنة 468 هـ، ط 2، مطبعة البابي الحلبي بالقاهرة، سنة 1387 هـ. * الاستيعاب في معرفة الأصحاب - لابن عبد البر، المتوفى سنة 463 هـ. تحقيق: علي محمد البجاوي. مطبعة نهضة مصر بالقاهرة. * أسد الغابة في معرفة الصحابة - لابن الأثير الجزري، المتوفى سنة 630 هـ. طبع دار الشعب بالقاهرة، سنة 1970 م. * أسرار البلاغة - للجرجاني، المتوفى سنة 471 هـ. تعليق: أحمد مصطفى المراغي. مطبعة الاستقامة بالقاهرة، سنة 1351 هـ. * الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة - للملا علي القاري، المتوفى سنة 1014 هـ. دار الأمانة، ومؤسسة الرسالة، بيروت، سنة 1391 هـ. * الأسماء والصفات - للبيهقي، المتوفى سنة 458 هـ. مطبعة السعادة بالقاهرة، سنة 1358 هـ. * الإِشارات في الأصول - للباجي المالكي، المتوفى سنة 474 هـ. ط 4، مطبعة التليلي بتونس، سنة 1368 هـ. * الإِشارات والتنبيهات - لابن سيناء، المتوفى سنة 428 هـ. تحقيق: د/ سليمان دنيا. دار المعارف بمصر، سنة 1960 م. * الأشباه والنظائر - لابن نجيم الحنفي، المتوفى سنة 970 هـ. دار الكتب العلمية ببيروت، سنة 1400 هـ.

* الأشباه والنظائر في قواعد وفروع فقه الشافعية - لجلال الدين السيوطي، المتوفى سنة 911 هـ. دار إِحياء الكتب العربية بمصر. * الإِصابة في تمييز الصحابة - لابن حجر العسقلاني، المتوفى سنة 852 هـ. تحقيق: علي محمد البجاوي. مطبعة السنة المحمدية بالقاهرة. * أصول السرخسي الحنفي، المتوفى سنة 490 هـ. تحقيق: (أبو الوفاء الأفغاني). مطابع دار الكتاب العربي بالقاهرة، سنة 1372 هـ. * أصول الشاشي الحنفي، المتوفى سنة 344 هـ. طبع دار الكتاب العربي ببيروت، سنة 1402 هـ. * الأعلام - لخير الدين الزركلي. ط 4، سنة 1979 م. * إِعلام الموقعين عن رب العالمين - لابن القيم، المتوفى سنة 751 هـ. شركة الطباعة الفنية المتحدة بالقاهرة، سنة 1388 هـ. * إِغاثة اللهفان من مصايد الشيطان - لابن القيم، المتوفى سنة 751 هـ. تحقيق: محمد سيد كيلاني. مطبعة البابي الحلبي بالقاهرة، سنة 1381 هـ. * الإِفصاح عن معاني الصحاح - لابن هبيرة الحنبلي، المتوفى سنة 560 هـ. مطابع الدجوي بالقاهرة، سنة 1398 هـ. * أقضية الرسول - لعبد الله محمد بن فرج المالكي القرطبي. دار إِحياء الكتب العربية بالقاهرة، سنة 1346 هـ. * الأم - للإِمام الشافعي، المتوفى سنة 204 هـ. تحقيق: محمد زهري النجار. شركة الطباعة الفنية المتحدة بالقاهرة، سنة 1381 هـ. ورجعت -في مواضع- إِلى طبعة بولاق سنة 1321 هـ، وأشرت إِلى ذلك.

* الإِمام الشيرازي (حياته وآراؤه الأصولية) - للدكتور محمد حسن هيتو. ط 1، دار الفكر بدمشق، سنة 1400 هـ. * إِملاء ما من به الرحمن من وجوه الإِعراب والقراءات في جميع القرآن - للعكبري، المتوفى سنة 616 هـ. تصحيح وتحقيق: إِبراهيم عطوة عوض. ط 2، مطبعة البابي الحلبي بمصر، سنة 1389 هـ. * الأموال - لأبي عبيد القاسم بن سلام، المتوفى سنة 224 هـ. تصحيح: محمد حامد الفقي، طبع القاهرة. * إِنباه الرواة على أنباه النحاة - لجمال الدين القفطي، المتوفى سنة 646 هـ. تحقيق: محمد أبو الفضل إِبراهيم. ط 1، مطبعة دار الكتب المصرية بالقاهرة، سنة 1369 هـ. * الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء - لابن عبد البر، المتوفى سنة 463 هـ، مطبعة المعاهد بمصر، سنة 1350 هـ. * الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل - للعليمي الحنبلي، المتوفى سنة 928 هـ. المطبعة الحيدرية في النجف الأشرف، سنة 1388 هـ. * الأنساب - لعبد الكريم بن محمد السمعاني، المتوفى سنة 562 هـ. تصحيح وتعليق: عبد الرحمن بن يحيى المعلمي. ط 1، مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد، سنة 1385 هـ. وقد رجعت إِلى النسخة التي نشرها -بالتصوير- مرجليوث، بلندن، سنة 1912 م. وتتميز الإِحالة عليها بذكر أرقام الصفحات دون أجزاء. * الإِنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين - لابن الأنباري المتوفى سنة 577 هـ. ط 4، مطبعة السعادة بمصر، سنة 1380 هـ.

* الإِنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإِمام أحمد - للمرداوي الحنبلي، المتوفى سنة 885 هـ. تحقيق: محمد حامد الفقي. ط 1، مطبعة السنة المحمدية بالقاهرة، سنة 1375 هـ. * الإِنصاف فيما يجب اعتقاده ولا يجوز الجهل به - لابن الباقلاني، المتوفى سنة 403 هـ. تحقيق: محمد زاهد الكوثري. ط 2، مؤسسة الخانجي للطباعة بمصر، سنة 1382 هـ. * الإِيضاح العضدي - لأبي علي الفارسي، المتوفى سنة 377. تحقيق: د/ حسن شاذلي فرهود. ط 1، مطبعة دار التأليف بمصر، سنة 1389 هـ. * إِيضاح المبهم من معاني السلم - للدمنهوري. مطبعة مصطفى الحلبي بالقاهرة، سنة 1355 هـ. * إِيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون - لإِسماعيل باشا البغدادي، المتوفى سنة 1339 هـ. منشورات مكتبة المثنى ببغداد. * البحر الرائق شرح كنز الدقائق - لابن نجيم، المتوفى سنة 970 هـ. المطبعة العلمية بمصر، سنة 1311 هـ. * بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع - للكاساني الحنفي، المتوفى سنة 587 هـ. مطبعة الإِمام بمصر. * بدائع الفوائد - لابن القيم، المتوفى سنة 751 هـ. إِدارة الطباعة المنيرية بمصر. * بدائع المنن في جمع وترتيب مسند الشافعي والسنن - ترتيب: أحمد عبد الرحمن البنا الشهير بالساعاتي. ط 1، دار الأنوار للطباعة والنشر بمصر، سنة 1369 هـ.

* بداية المجتهد ونهاية المقتصد - لابن رشد القرطبي المالكي، المتوفى سنة 595 هـ. الناشر: مكتبة الكليات الأزهرية بمصر، سنة 1386 هـ. * البداية والنهاية - لابن كثير الدمشقي، المتوفى سنة 774 هـ. ط 2، مكتبة المعارف ببيروت، سنة 1974 م. * البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع - للشوكاني، المتوفى سنة 1250 هـ. ط 1 مطبعة السعادة بالقاهرة، سنة 1348 هـ. * البرهان في أصول الفقه - لأبي المعالي الجويني، المتوفى سنة 478 هـ. تحقيق: الدكتور عبد العظيم الديب. ط 1، مطابع الدوحة الحديثة بقطر، سنة 1399 هـ. * بغية الملتمس في تاريخ رجال أهل الأندلس - لأحمد بن يحيى بن أحمد بن عميرة الضبي، المتوفى سنة 599 هـ. طبع في مدينة مجريط، بمطبع روخس، سنة 1884 م. * بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة لجلال الدين السيوطي، المتوفى سنة 911 هـ. ط 1، مطبعة السعادة بمصر، سنة 1326 هـ. * البلبل (مختصر روضة الناظر) - للطوفي الحنبلي، المتوفى سنة 716 هـ. طبع مؤسسة النور للطباعة بالرياض، سنة 1383 هـ. * تاج التراجم في طبقات الحنفية - لقاسم بن قطلوبغا، المتوفى سنة 879 هـ. مطبعة العاني ببغداد، سنة 1962. * تاج العروس من جواهر القاموس - لمحمد مرتضى الحسيني الزبيدي، المتوفى سنة 1205 هـ. ط 1، المطبعة الخيرية بمصر، سنة 1306 هـ. * تاريخ الإِسلام وطبقات المشاهير والأعلام - للذهبي، المتوفى سنة 748 هـ. مطبعة السعادة بالقاهرة، سنة 1368 هـ.

* تاريخ الأمم والملوك - لابن جرير الطبري، المتوفى سنة 310 هـ. ط 1، المطبعة الحسينية بمصر. * تاريخ بغداد - للخطيب البغدادي، المتوفى سنة 463 هـ. ط 1، مطبعة السعادة بمصر، سنة 1349 هـ. * تاريخ الخميس في أحوال أنفس نفيس - لحسين بن محمد الدياربكري، المتوفى سنة 966 هـ. المطبعة الوهبية بمصر، سنة 1283 هـ. * التاريخ الصغير - للإِمام البخاري، المتوفى سنة 256 هـ. مطبوع ضمن مجموع، طبع إِدارة ترجمان السنة، لاهور، باكستان. * تاريخ الفكر العربي -إِلى أيام ابن خلدون- للدكتور عمر فروخ. ط 1، المكتب التجاري، بيروت سنة 1382 هـ. * تاريخ قضاة الأندلس - للمالقي الأندلسي، المتوفى بعد سنة 792 هـ. المكتب التجاري للطباعة والنشر والتوزيع ببيروت. * التاريخ الكبير - للإِمام البخاري، المتوفى سنة 256 هـ. ط 1، حيدر آباد، سنة 1362 هـ. * تاريخ ابن الوردي، المتوفى سنة 749 هـ. المطبعة الوهبية بمصر، سنة 1285 هـ. * التبصرة في أصول الفقه - لأبي إِسحاق الشيرازي، المتوفى سنة 476 هـ. تحقيق: الدكتور محمد حسن هيتو. طبع دار الفكر بدمشق، سنة 1400 هـ. * التبصرة في القراءات السبع - لمكي بن أبي طالب، المتوفى سنة 437 هـ. تصحيح وتعليق: محمد غوث الندوي. مطبعة دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد، سنة 1399 هـ. * التبصير في الدين وتمييز الفرق الناجية عن الفرق الهالكين - لأبي المظفر

الإِسفراييني، المتوفى سنة 471 هـ. تعليق: محمد زاهد الكوثري. مكتبة الخانجي بمصر، ومكتبة المثنى ببغداد، سنة 1374 هـ. * تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق - للزيلعي المتوفى سنة 743 هـ. المطبعة الأميرية بالقاهرة، سنة 1315 هـ. * تبيين كذب المفتري فيما نسب إِلى الإِمام أبي الحسن الأشعري - لابن عساكر الدمشقي، المتوفى سنة 571 هـ. مطبعة التوفيق بدمشق، سنة 1347 هـ. * تحرير القواعد المنطقية - لقطب الدين الرازي، المتوفى سنة 766 هـ. وهو شرح للرسالة الشمسية - للقزويني، المتوفى سنة 493 هـ. ومعه حاشية الشريف الجرجاني، المتوفى سنة 816 هـ، على الشرح المذكور، مطبعة مصطفى البابي الحلبي بالقاهرة، سنة 1352 هـ. * تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي - لمحمد بن عبد الرحمن المباركفوري، المتوفى سنة 1354 هـ. تصحيح: عبد الوهاب عبد اللطيف. ط 3، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع. سنة 1399 هـ (¬1). * التحقيق في اختلاف الحديث - لابن الجوزي، المتوفى سنة 597 هـ. (ومعه: التنقيح - لابن عبد الهادي، المتوفى سنة 744 هـ). تحقيق: محمد حامد الفقي. مطبعة السنة المحمدية بالقاهرة، سنة 1373 هـ. * تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة - للبيروني، المتوفى سنة 440 هـ. مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد، الهند، سنة 1377 هـ. ¬

_ (¬1) ورجعت إِلى نشرة دار الكتاب العربي ببيروت، بالتصوير عن طبعة الهند، سنة 1343هـ، وذلك فيما قبل ص 365 من الكتاب.

* تحقيق المراد في أن النهي يقتضي الفساد، للعلائي، المتوفى سنة 761 هـ. تحقيق: الدكتور إِبراهيم محمد سلقيني. مطبعة زيد بن ثابت بدمشق، سنة 1395 هـ. * تخريج أحاديث أصول البزدوي - لقاسم بن قطلوبغا، المتوفى سنة 879 هـ. مطبوع على هامش أصول البزدوي، كراتشي. * تخريج أحاديث المنهاج - لعبد الرحيم بن الحسين العراقي، المتوفى سنة 804 هـ. تحقيق: صبحي السامرائي. مطبوع بمجلة البحث العلمي والتراث الإِسلامي -بكلية الشريعة والدراسات الإِسلامية بمكة المكرمة- العدد الثاني، سنة 1399 هـ. * تخريج الفروع على الأصول - لأبي المناقب الزنجاني الشافعي، المتوفى سنة 656 هـ. تحقيق: الدكتور محمد أديب الصالح. ط 3، مؤسسة الرسالة، سنة 1399 هـ. * تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي - لجلال الدين السيوطي، المتوفى سنة 911 هـ. تحقيق: عبد الوهاب عبد اللطيف. ط 2، مطبعة السعادة بالقاهرة، سنة 1385 هـ. * تذكرة الحفاظ - للذهبي، المتوفى سنة 748 هـ. ط 2، مطبعة مجلس دائرة المعارف النظامية، حيدر آباد، سنة 1333 هـ (¬1). * ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك - للقاضي عياض، المتوفى سنة 544 هـ. تحقيق: د/ أحمد بكير محمود. نشر: مكتبة الحياة ببيروت، ودار مكتبة الفكر بطرابلس ليبيا، سنة 1387 هـ. ¬

_ (¬1) وقد رجعت إِلى طبعة دائرة المعارف العثمانية سنة 1377 هـ في مواضع. وتتميز الإحالة عليها بذكر رقم الصفحة دون ذكر الجزء، وذلك لتسلسل أرقام صفحات الأجزاء.

* ترتيب مسند الشافعي، المتوفى سنة 204 هـ - ترتيب: محمد عابد السندي. مكتب الثقافة الإِسلامية، سنة 1369 هـ. * تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد - لابن مالك النحوي، المتوفى سنة 672 هـ. تحقيق: محمد كامل بركات. دار الكتاب العربي للطباعة والنشر، سنة 1387 هـ. * التصريح على التوضيح (لابن هشام، المتوفى سنة 761 هـ) لخالد الأزهري، المتوفى سنة 905 هـ. ط 1، مطبعة الاستقامة بالقاهرة، سنة 1374 هـ. * تصحيح الفروع -للمرداوي، المتوفى سنة 885 هـ. مطبوع مع الفروع- لابن مفلح، المتوفى سنة 763 هـ. ط 2، دار مصر للطباعة، سنة 1379 هـ. * التعريفات - لعلي بن محمد الشريف الجرجاني، المتوفى سنة 816 هـ. طبع مكتبة لبنان ببيروت، سنة 1969 م. ورجعت إِلى ط 1، المطبعة الخيرية، مصر، سنة 1306 هـ، وذلك فيما قبل ص 365 من الكتاب. * التعليق المغني على الدارقطني - لأبي الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي. مطبوع بذيل سنن الدارقطني. * تفسير الجصاص = أحكام القرآن للجصاص. * تفسير الطبري (جامع البيان في تفسير القرآن) - لابن جرير الطبري، المتوفى سنة 310 هـ. ط 1، المطبعة الكبرى الأميرية بمصر، سنة 1327 هـ (¬1). * تفسير القرطبي (الجامع لأحكام القرآن) - للقرطبي المالكي، المتوفى سنة 671 هـ. طبعة مصورة عن طبعة دار الكتب المصرية، نشر: دار الكتاب العربي بالقاهرة، سنة 1387 هـ. ¬

_ (¬1) ورجعت في بعض المواضع إلى طبعة دار المعارف بتحقيق: أحمد شاكر، وأشرت إلى ذلك.

* تفسير ابن كثير، المتوفى سنة 774 هـ (تفسير القرآن العظيم). طبع دار إِحياء التراث العربي ببيروت، سنة 1388 هـ. * تفسير مجاهد المكي، المتوفى سنة 104 هـ. تحقيق: عبد الرحمن الطاهر بن محمد السورتي. ط 1، الدوحة، سنة 1396 هـ. * تقريب التهذيب - لابن حجر العسقلاني، المتوفى سنة 852 هـ. تحقيق: عبد الوهاب عبد اللطيف. مطابع دار الكتاب العربي بالقاهرة، سنة 1380 هـ. * التقرير والتحبير (شرح التحرير) - لابن أمير الحاج، المتوفى سنة 879 هـ. المطبعة الأميرية ببولاق، سنة 1317 هـ. * تقييد العلم - للخطيب البغدادي، المتوفى سنة 463 هـ. تحقيق: يوسف العش. ط 2، دار إِحياء السنة النبوية، سنة 1974 م. * تلبيس إِبليس - لابن الجوزي، المتوفى سنة 597 هـ، ط 2، إِدارة الطباعة المنيرية، سنة 1368 هـ. * التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير - لابن حجر العسقلاني، المتوفى سنة 852 هـ، شركة الطباعة الفنية المتحدة بالقاهرة، سنة 1384 هـ. * التلويح على التوضيح - لمسعود بن عمر التفتازاني، المتوفى سنة 792 هـ ط 1، المطبعة الأميرية بمصر، سنة 1322 هـ. * التمهيد - لأبي بكر الباقلاني، المتوفى سنة 403 هـ. المكتبة الشرقية ببيروت، سنة 1957 م. * التمهيد في تخريج الفروع على الأصول - للأسنوي الشافعي، المتوفى سنة 772 هـ. تحقيق: محمد حسن هيتو. ط 1، مؤسسة الرسالة ببيروت، سنة 1400 هـ.

* التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد - لابن عبد البر، المتوفى سنة 463 هـ. تحقيق: مصطفى بن أحمد العلوي، ومحمد البكري. المطبعة الملكية بالرباط، سنة 1387 هـ. * التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع - لأبي الحسين الملطي الشافعي، المتوفى سنة 377 هـ. تقديم وتعليق: محمد زاهد الكوثري. مكتبة المثنى ببغداد، ومكتبة المعارف ببيروت، سنة 1388 هـ. * تهذيب الأسماء واللغات - لمحيي الدين النووي، المتوفى سنة 676 هـ. إِدارة الطباعة المنيرية بمصر. * تهذيب التهذيب - لابن حجر العسقلاني، المتوفى سنة 852 هـ. ط 1، مطبعة مجلس دائرة المعارف النظامية الكائنة في الهند، سنة 1327 هـ. * تهذيب ابن عساكر (تهذيب التاريخ الكبير - لابن عساكر الشافعي، المتوفى سنة 571 هـ) - اعتنى بترتيبه وتصحيحه عبد القادر أفندي بدران، المتوفى سنة 1346 هـ. مطبعة روضة الشام، سنة 1329 هـ. * توضيح الأفكار لمعاني تنقيح الأنظار - لمحمد بن إِسماعيل الأمير الصنعاني، المتوفى سنة 1182 هـ. تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد. تصوير دار إِحياء التراث العربي ببيروت، عن ط 1، سنة 1366 هـ. * التوضيح على التنقيح - لصدر الشريعة عبيد الله بن مسعود، المتوفى سنة 747 هـ. ط 1، المطبعة الأميرية بمصر، سنة 1322 هـ. * تيسير التحرير (شرح كتاب التحرير لابن الهمام، المتوفى سنة 861 هـ) - لمحمد أمين المعروف بأمير بادشاه الحنفي، المتوفى سنة 972 هـ. مطبعة البابي الحلبي بمصر، سنة 1350 هـ.

* جامع أحكام الصغار - لمحمد الإِستروشني الحنفي، المتوفى سنة 632 هـ. ط 1، المطبعة الأزهرية، سنة 1300 هـ. * جامع الأصول من أحاديث الرسول - لابن الأثير الجزري، المتوفى سنة 606 هـ. ط 1، مطبعة السنة المحمدية، سنة 1369 هـ. * جامع بيان العلم وفضله - لابن عبد البر، المتوفى سنة 463 هـ، دار الفكر ببيروت. * جامع مسانيد الإِمام الأعظم - جمع: محمد بن محمود الخوارزمي، المتوفى سنة 665 هـ. طبع حيدر آباد، سنة 1332 هـ. * الجدل على طريقة الفقهاء - لابن عقيل الحنبلي، المتوفى سنة 513 هـ. * الجرح والتعديل - لابن أبي حاتم الرازي، المتوفى سنة 327 هـ. ط 1، مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد. سنة 1371 هـ. * جلاء العينين في محاكمة الأحمدين - لنعمان خير الدين، الشهير بابن الآلوسي البغدادي. مطبعة المدني بالقاهرة، سنة 1381 هـ. * جماع العلم - للإِمام الشافعي، المتوفى سنة 204 هـ. تحقيق: أحمد شاكر. مطبعة المعارف بالقاهرة، 1359 هـ. * الجمع بين رجال الصحيحين - لابن القيسراني الشيباني، المتوفى سنة 507 هـ. ط 1، مطبعة مجلس دائرة المعارف النظامية، حيدر آباد، سنة 1323 هـ. * جمع الجوامع - لابن السبكي الشافعي، المتوفى سنة 771 هـ. انظر: شرح المحلي. * الجنى الداني في حروف المعاني - للمرادي، المتوفى سنة 749 هـ. تحقيق: د/ فخر الدين قباوة، ومحمد نديم فاضل. طبع: المكتبة العربية بحلب، سنة 1393 هـ.

* الجواهر المضية في طبقات الحنفية - لابن أبي الوفاء القرشي الحنفي المصري، المتوفى سنة 696 هـ. ط 1، مطبعة مجلس دائرة المعارف النظامية، حيدر آباد، سنة 1332 هـ. * الجوهر النقي على سنن البيهقي - لابن التركماني، المتوفى سنة 745 هـ. مطبوع بذيل السنن الكبرى للبيهقي. * حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير على مختصر خليل - لمحمد عرفة الدسوقي، المتوفى سنة 1230 هـ. دار إِحياء الكتب العربية، القاهرة. * حاشية الدهلوي -أحمد بن حسن- على بلوغ المرام من أدلة الأحكام (لابن حجر العسقلاني، المتوفى سنة 852 هـ). ط 1، المكتب الإِسلامي بدمشق، سنة 1393 هـ. * حاشية العدوي، المتوفى سنة 1189 هـ, على شرح المنوفي، المتوفى سنة 939 هـ, المسمى "كفاية الطالب الرباني لرسالة ابن أبي زيد القيرواني". شركة الطباعة الفنية المتحدة، مصر. * حاشية العطار -المتوفى سنة 1250 هـ- على شرح المحلي على جمع الجوامع. مطبعة مصطفى محمد، القاهرة، سنة 1358 هـ. * الحدود في الأصول - للباجي المالكي، المتوفى سنة 474 هـ. تحقيق: الدكتور نزيه حماد. طبعة بيروت، سنة 1392 هـ. * حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة - لجلال الدين السيوطي، المتوفى سنة 911 هـ. تحقيق: محمد أبو الفضل إِبراهيم. ط 1، دار الكتب العربية بالقاهرة، سنة 1387 هـ.

* حلية الأولياء وطبقات الأصفياء - لأبي نعيم الأصبهاني، المتوفى سنة 430 هـ. ط 2، دار الكتاب العربي ببيروت، سنة 1387 هـ. * الحور العين - لأبي سعيد نشوان الحميري، المتوفى سنة 573 هـ. تحقيق: كمال مصطفى. مطبعة السعادة بمصر، سنة 1948 م. * خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب - لعبد القادر بن عمر البغدادي، المتوفى سنة 1093 هـ. ط 1، مطبعة بولاق، سنة 1299 هـ. * الخصائص - لابن جني، المتوفى سنة 392 هـ. تحقيق: محمد علي النجار. ط 2، دار الهدى للطباعة والنشر ببيروت. * الخصائص الكبرى - لجلال الدين السيوطي، المتوفى سنة 911 هـ. تحقيق: محمد خليل هراس. مطبعة المدني بالقاهرة، سنة 1386 هـ. * الخطط والآثار في مصر والقاهرة والنيل وما يتعلق بها من الأخبار - للمقريزي، المتوفى سنة 845 هـ. دار الطباعة المصرية ببولاق، سنة 1270 هـ. * خلاصة تذهيب تهذيب الكمال في أسماء الرجال - لصفي الدين الخزرجي الأنصاري، المتوفى بعد سنة 923 هـ. ط 1، المطبعة الكبرى ببولاق، سنة 1301 هـ. * الدارس في تاريخ المدارس - لعبد القادر بن محمد النعيمي، المتوفى سنة 927 هـ. تحقيق: جعفر الحسني. مطبعة الترقي بدمشق، سنة 1370 هـ. * الدر المنثور في التفسير بالمأثور - لجلال الدين السيوطي، المتوفى سنة 911 هـ. ط 1، المطبعة الميمنية بالقاهرة، سنة 1314 هـ. * الدراية في تخريج أحاديث الهداية - لابن حجر العسقلاني، المتوفى سنة 852 هـ. تصحيح: عبد الله هاشم اليماني. مطبوعات كتب السنة النبوية، سنة 1384 هـ.

* الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة - لابن حجر العسقلاني، المتوفى سنة 852 هـ. ط 1، مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد، سنة 1349 هـ. * دلائل النبوة - للبيهقي، المتوفى سنة 458 هـ. تحقيق: أحمد صقر، مطابع الأهرام التجارية بالقاهرة، سنة 1389 هـ. * الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب - لابن فرحون اليعمري المالكي، المتوفى سنة 799 هـ. ط 1، مطبعة المعاهد بمصر، سنة 1351 هـ. * ديوان امرئ القيس. تحقيق: محمد أبو الفضل إِبراهيم. ط 2، دار المعارف بالقاهرة، سنة 1964 م. * ديوان المتنبي. تصحيح وتعليق: الدكتور عبد الوهاب عزام. مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر بالقاهرة، سنة 1363 هـ. * الذيل على الروضتين (تراجم رجال القرنين: السادس، والسابع) - لأبي شامة المقدسي الدمشقي، المتوفى سنة 665 هـ. ط 1، سنة 1366 هـ. * الذيل على طبقات الحنابلة - لابن رجب الحنبلي، المتوفى سنة 795 هـ. تصحيح: محمد حامد الفقي. مطبعة السنة المحمدية بالقاهرة، سنة 1372 هـ. * الرد على الجهمية والزنادقة - للإِمام أحمد، المتوفى سنة 241 هـ. تحقيق: الدكتور عبد الرحمن عميرة. نشر: الشركة المتحدة للتوزيع، بيروت، سنة 1397 هـ. * الرد على المنطقيين - لشيخ الإِسلام ابن تيمية، المتوفى سنة 728 هـ. مطبعة إِدارة ترجمان السنة، لاهور، باكستان، سنة 1396 هـ.

* رد المحتار على الدر المختار (حاشية ابن عابدين، المتوفى سنة 1252 هـ). ط 2، مطبعة البابي الحلبي بالقاهرة، سنة 1386 هـ. * الرسالة - للإِمام الشافعي، المتوفى سنة 204 هـ. تحقيق: أحمد شاكر. مطبعة البابي الحلبي بالقاهرة، سنة 1358 هـ. * الرسالة المستطرفة لبيان مشهور كتب السنة المشرفة - لمحمد بن جعفر الكتاني، المتوفى سنة 1345 هـ. ط 3، مطبعة دار الفكر بدمشق، سنة 1383 هـ. * روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني - لمحمود الألوسي البغدادي، المتوفى سنة 1270 هـ. إِدارة الطباعة المنيرية بالقاهرة. * الروض الأنف - للسهيلي، المتوفى سنة 581 هـ. مطبعة الجمالية بمصر، سنة 1332 هـ. * روضات الجنات في أحوال العلماء والسادات - لمحمد الخوانساري، المتوفى سنة 1313 هـ. طبع حيدر آباد، سنة 1925 م. * روضة الناظر وجنة المناظر في أصول الفقه - لابن قدامة، المتوفى سنة 620 هـ، مطابع الرياض، سنة 1397 هـ. * الروضتين في أخبار الدولتين - لأبي شامة المقدسي، المتوفى سنة 665 هـ. مطبعة وادي النيل، سنة 1287 هـ. * زاد المسير في علم التفسير - لابن الجوزي، المتوفى سنة 597 هـ. ط 1، المكتب الإِسلامي للطباعة والنشر "بيروت - دمشق"، سنة 1384 هـ. * زاد المعاد في هدي خير العباد - لابن القيم، المتوفى سنة 751 هـ. تحقيق: محمد حامد الفقي. مطبعة السنة المحمدية، سنة 1373 هـ.

* سبل السلام - للصنعاني، المتوفى سنة 1182 هـ. ط 3، مطبعة الاستقامة بالقاهرة، سنة 1369 هـ. * سراج القارئ المبتدي وتذكار المقرئ المنتهي (وهو شرح المنظومة المسماة بحرز الأماني ووجه التهاني - للشاطبي المتوفى سنة 590 هـ) - لابن القاصح، المتوفى سنة 801. ط 1، مطبعة مصطفى محمد بمصر، سنة 1352 هـ. * سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة - لمحمد ناصر الدين الألباني. ط 2، طبع المكتب الإِسلامي ببيروت ودمشق. * سنن الترمذي، المتوفى سنة 279 هـ. مطبعة الفجالة الجديدة (¬1). * سنن الدارقطني، المتوفى سنة 385 هـ. دار المحاسن للطباعة بالقاهرة، سنة 1386 هـ. * سنن الدارمي، المتوفى سنة 255 هـ. (مع تخريج الدارمي وتصحيحه وتحقيقه - لعبد الله هاشم يماني المدني). شركة الطباعة الفنية المتحدة، سنة 1386 هـ. * سنن أبي داود، المتوفى سنة 275 هـ. دار الحديث بحمص، ط 1، سنة 1394 هـ. * السنن - لسعيد بن منصور، المتوفى سنة 227 هـ. تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي. طبع الهند، سنة 1387 هـ. * السنن الكبرى - للبيهقي، المتوفى سنة 458 هـ. ط 1، مطبعة مجلس دائرة المعارف النظامية، حيدر آباد، سنة 1344 هـ. * سنن ابن ماجه، المتوفى سنة 273 هـ. تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي. مطبعة عيسى البابي الحلبي بمصر. ¬

_ (¬1) ورجعت إِلى طبعة بتعليق: عزت عبيد الدعاس، وأشرت إِلى ذلك في موضعه.

* سنن النسائي، المتوفى سنة 303 هـ. (مع شرح جلال الدين السيوطي، وحاشية السندي). المطبعة المصرية بالأزهر، ومطبعة مصطفى البابي الحلبي. * سيرة النبي - لأبي محمد عبد الملك بن هشام، المتوفى سنة 218 هـ. تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد. مطبعة حجازي بالقاهرة. * شجرة النور الزكية في طبقات المالكية - لمحمد بن محمد مخلوف. المطبعة السلفية بالقاهرة، سنة 1349 هـ. * شذرات البلاتين (مجموعة رسائل حققها محمد حامد الفقي، وطبعها بهذا العنوان). مطبعة السنة المحمدية بالقاهرة، سنة 1375 هـ. * شذرات الذهب في أخبار من ذهب - لابن العماد الحنبلي، المتوفى سنة 1089 هـ. المكتب التجاري للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت. * شرح أدب القاضي للخصاف - للصدر الشهيد حسام الدين عمر بن عبد العزيز البخاري، المتوفى سنة 536 هـ، تحقيق: عبد العزيز عبد الفتاح قاري، مطبوع على الإستنسل، سنة 1399 هـ. * شرح أشعار الهذليين - لأبي سعيد الحسن بن الحسين السكري، المتوفى سنة 275 هـ. تحقيق: عبد الستار أحمد فراج. مطبعة المدني بالقاهرة. * شرح تنقيح الفصول - للقرافي المالكي، المتوفى سنة 684 هـ. تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد. ط 1، نشر: مكتبة الكليات الأزهرية ودار الفكر، سنة 1393 هـ. * شرح الخرشي، المتوفى سنة 1101 هـ، على مختصر خليل، مع حاشية العدوي. مطبعة بولاق بالقاهرة، سنة 1318 هـ.

* شرح الرضي -رضي الدين محمد بن الحسن الإِستراباذي النحوي، المتوفى سنة 686 هـ- على الكافية في النحو لابن الحاجب، المتوفى سنة 646 هـ. ط 1، المطبعة العثمانية، سنة 1310 هـ. * شرح الزرقاني - سيدي محمد، المتوفى سنة 1122 هـ - على موطأ مالك. طبع ونشر: عبد الحميد أحمد حنفي، القاهرة. * شرح السنة - للبغوي، المتوفى سنة 516 هـ. تحقيق: شعيب أرناؤوط، نشر: المكتب الإِسلامي بدمشق. * شرح شذور الذهب في معرفة كلام العرب - لابن هشام النحوي، المتوفى سنة 761 هـ. طبع المكتبة التجارية بالقاهرة، سنة 1968 م. * شرح صحيح مسلم = شرح النووي. * شرح العبادي = شرح الورقات. * شرح العضد (عضد الملة والدين، المتوفى سنة 756 هـ) على مختصر ابن الحاجب، المتوفى سنة 646 هـ. (وبهامشه: حاشية التفتازاني، المتوفى سنة 791 هـ، وحاشية الشريف الجرجاني، المتوفى سنة 716 هـ). ط 1، المطبعة الأميرية، بولاق، سنة 1317 هـ. * شرح العقيدة الطحاوية - ليوسف بن موسى الحنفي، المتوفى سنة 803 هـ. ط 4، المكتب الإِسلامي ببيروت، سنة 1391 هـ. * شرح الفقه الأكبر (لأبي حنيفة، المتوفى سنة 150 هـ) - للملا علي القاري، المتوفى سنة 1014 هـ. ط 2، مطبعة مصطفى البابي الحلبي بالقاهرة، سنة 1375 هـ.

* الشرح الكبير - لعبد الرحمن بن محمد بن قدامة، المتوفى سنة 682 هـ. مطبوع بذيل المغني، لموفق الدين ابن قدامة، المتوفى سنة 620 هـ، مطبعة المنار بمصر. * شرح الكوكب المنير - للفتوحي الحنبلي، المتوفى سنة 972 هـ. تحقيق: الدكتور محمد الزحيلي، والدكتور نزيه حماد. طبع: دار الفكر بدمشق، سنة 1400 هـ، 1402 هـ. * شرح المحلي (محمد بن أحمد، المتوفى سنة 864 هـ) على جمع الجوامع لابن السبكي، المتوفى سنة 771 هـ. (مع حاشية البناني، المتوفى سنة 1198 هـ، وتقرير الشربيني، المتوفى سنة 1326 هـ). ط 1، مصر، سنة 1331 هـ. * شرح معاني الآثار - للطحاوي، المتوفى سنة 321 هـ. تحقيق: محمد سيد جاد الحق. مطبعة الأنوار المحمدية بالقاهرة، سنة 1387 هـ. * شرح المفصل - لابن يعيش النحوي، المتوفى سنة 643 هـ. المطبعة المنيرية بالقاهرة. * شرح المقاصد في علم الكلام - للتفتازاني، المتوفى سنة 792 هـ. طبع إِستانبول، سنة 1305 هـ. * شرح المنار - لابن ملك، المتوفى سنة 801 هـ - وحواشيه. المطبعة العثمانية، سنة 1315 هـ. * شرح نخبة الفكر - لابن حجر العسقلاني، المتوفى سنة 852 هـ. طبع إِستانبول، سنة 1327 هـ. * شرح النووي (المتوفى سنة 676 هـ) على صحيح مسلم. المطبعة المصرية. * شرح الورقات (شرح العبادي الشافعي -المتوفى سنة 992 هـ- على شرح جلال الدين المحلي -المتوفى سنة 864 هـ- على الورقات في الأصول لأبي

المعالي الجويني، المتوفى سنة 478 هـ). مطبوع بهامش إِرشاد الفحول. طبع: مصطفى البابي الحلبي بالقاهرة، سنة 1356 هـ. * شرف أصحاب الحديث - للخطيب البغدادي، المتوفى سنة 463 هـ. تحقيق: الدكتور محمد سعيد خطيب أوغلي. مطبعة جامعة أنقرة، سنة 1971 م. * الشعر والشعراء - لابن قتيبة، المتوفى سنة 276 هـ. تحقيق: أحمد شاكر، طبعة سنة 1966 م. ورجعت إِلى ط 1، سنة 1322 هـ. وذلك فيما قبل ص 365 من الكتاب، باستثناء ص 85. * الشفاء بتعريف حقوق المصطفى - للقاضي عياض، المتوفى سنة 544 هـ. المطبعة العثمانية، سنة 1312 هـ. * شفاء الغلل شرح كتاب العلل - للترمذي، المتوفى سنة 279 هـ. مطبوع في آخر الجزء الخامس من سننه. * شفاء الغليل فيما في كلام العرب من الدخيل - للخفاجي المصري، المتوفى سنة 1069 هـ. تصحيح وتعليق ومراجعة: محمد عبد المنعم خفاجي. ط 1، المطبعة المنيرية بالأزهر، سنة 1371 هـ. * الشمائل المحمدية - للترمذي، المتوفى سنة 279 هـ. ط 1، مطبعة السعادة بالقاهرة، سنة 1344 هـ. * الصاحبي في فقه اللغة - لابن فارس، المتوفى سنة 395 هـ. تحقيق: د/ مصطفى الشويمي. طبع: مؤسسة بدران، بيروت، سنة 1963 م. * الصحاح - للجوهري، المتوفى سنة 393 هـ. تحقيق: أحمد عبد الغفور عطار. مطابع دار الكتاب العربي بمصر. * صحيح البخاري، المتوفى سنة 256 هـ. المطبعة الأميرية، سنة 1314 هـ.

* صحيح ابن حبان (الإِحسان في تقريب صحيح ابن حبان، المتوفى سنة 354 هـ) - ترتيب: علاء الدين الفارسي، المتوفى سنة 739 هـ. تحقيق: عبد الرحمن محمد عثمان. ط 1، المكتب الإِسلامي "دمشق، بيروت"، سنة 1391 هـ. * صحيح ابن خزيمة، المتوفى سنة 311 هـ. تحقيق: الدكتور محمد مصطفى الأعظمي. ط 1، المكتب الإِسلامي "دمشق - بيروت"، سنة 1391 هـ. * صحيح مسلم، المتوفى سنة 261 هـ. تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي. ط 1، دار إِحياء الكتب العربية بمصر، سنة 1374 هـ. * صفة الصفوة - لابن الجوزي، المتوفى سنة 597 هـ. ط 1، مطبعة دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد، سنة 1355 هـ. * صفة الفتوى والمفتي والمستفتي - لابن حمدان الحنبلي، المتوفى سنة 695 هـ. ط 1، دمشق، سنة 1380 هـ. * الصلة - لابن بشكوال، المتوفى سنة 578 هـ. مطابع سجل العرب بالقاهرة، سنة 1966 م. * ضبط الأعلام - لأحمد تيمور باشا. ط 1، مطبعة دار إِحياء الكتب العربية بمصر، سنة 1366 هـ. * (كتاب) الضعفاء الصغير - للإِمام البخاري، المتوفى سنة 256 هـ. مطبوع ضمن مجموع، إِدارة ترجمان السنة، لاهور، باكستان. * الضعفاء والمتروكون - للنسائي، المتوفى سنة 303 هـ. مطبوع ضمن مجموع، إِدارة ترجمان السنة، لاهور، باكستان.

* الضوء اللامع لأهل القرن التاسع - للسخاوي، المتوفى سنة 902 هـ. طبع القاهرة، سنة 1353 هـ. * طبقات الحفاظ - لجلال الدين السيوطي، المتوفى سنة 911 هـ. تحقيق: علي محمد عمر. ط 1، مطبعة الاستقلال الكبرى بالقاهرة، سنة 1393 هـ. * طبقات الحنابلة - لابن أبي يعلى، المتوفى سنة 526 هـ. مطبعة السنة المحمدية بالقاهرة. * طبقات ابن سعد (كتاب الطبقات الكبير) - لمحمد بن سعد، المتوفى سنة 230 هـ. عني بتصحيحه وطبعه: إِدوارد سخو. مطبعة بريل، ليدن، سنة 1321 هـ. * طبقات الشافعية - للأسنوي، المتوفى سنة 772 هـ. تحقيق: عبد الله الجبوري. ط 1، مطبعة الإِرشاد ببغداد، سنة 1391 هـ. * طبقات الشافعية - لابن هداية الله الحسيني، المتوفى سنة 1014 هـ. تحقيق: عادل نويهض. ط 1، دار الآفاق الجديدة بيروت، سنة 1971 م. * طبقات الشافعية الكبرى - لابن السبكي، المتوفى سنة 771 هـ. تحقيق: عبد الفتاح محمد الحلو، ومحمود محمد الطناحي. ط 1، مطبعة عيسى البابي الحلبي بالقاهرة، سنة 1383 هـ. * طبقات فحول الشعراء - لابن سلام الجمحي، المتوفى سنة 231 هـ. تحقيق: محمود محمد شاكر. طبع القاهرة، سنة 1952 م. * طبقات الفقهاء - لأبي إِسحاق الشيرازي، المتوفى سنة 476 هـ. مطبعة بغداد، سنة 1356 هـ. * طبقات الفقهاء - لطاش كبرى زاده. ط 2، مطبعة الزهراء بالموصل، سنة 1961 م.

* طبقات الفقهاء الشافعية - لأبي عاصم العبادي، المتوفى سنة 458 هـ. طبعة ليدن، سنة 1964 م. * طبقات المفسرين - لمحمد بن علي الداودي، المتوفى سنة 945 هـ. تحقيق: علي محمد عمر. مطبعة الاستقلال الكبرى بالقاهرة، سنة 1392 هـ. * طبقات النحويين واللغويين - لأبي بكر محمد بن الحسن الزبيدي، المتوفى سنة 379 هـ. تحقيق: محمد أبو الفضل إِبراهيم. ط 1، مصر، سنة 1373 هـ. * عبث الوليد في الكلام على شعر البحتري، المتوفى سنة 284 هـ - لأبي العلاء المعري المتوفى سنة 449 هـ. تحقيق: ناديا علي الدولة. طبع بمصر، سنة 1398 هـ. * العبر في خبر من غبر - للذهبي، المتوفى سنة 748 هـ. تحقيق: الدكتور صلاح الدين المنجد، وفؤاد سيد. طبع الكويت، سنة 1960 م. * العدة في أصول الفقه - للقاضي أبي يعلى الحنبلي، المتوفى سنة 458 هـ. تحقيق: الدكتور أحمد بن علي المباركي. ط 1، مؤسسة الرسالة، سنة 1400 هـ. * علل الحديث - لابن أبي حاتم، المتوفى سنة 327 هـ. المطبعة السلفية بالقاهرة، سنة 1343 هـ. * العلل المتناهية في الأحاديث الواهية - لابن الجوزي، المتوفى سنة 597 هـ. تحقيق: إِرشاد الحق الأثري. ط 1، مطبعة المكتبة العلمية، لاهور، باكستان، سنة 1399 هـ. * عمل اليوم والليلة - للنسائي، المتوفى سنة 303 هـ. تحقيق: الدكتور فاروق حمادة. ط 1، مكتبة المعارف بالرباط، سنة 1401 هـ. * العناية على الهداية - لأكمل الدين محمد بن محمود البابرتي الحنفي، المتوفى

سنة 786 هـ. مطبوع بهامش نتائج الأفكار تكملة فتح القدير. مطبعة مصطفى محمد بالقاهرة. * غاية المرام في علم الكلام - للآمدي، المتوفى سنة 631 هـ. تحقيق: حسن محمود عبد اللطيف. طبع: المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالقاهرة، سنة 1391 هـ. * غاية النهاية في طبقات القراء - لابن الجزري، المتوفى سنة 833 هـ. ط 1، سنة 1351 هـ. * غاية الوصول شرح لب الأصول - لزكريا الأنصاري الشافعي، المتوفى سنة 926 هـ. مطبعة عيسى البابي الحلبي بالقاهرة. * غريب الحديث - لأبي عبيد القاسم بن سلام، المتوفى سنة 224 هـ. ط 1، حيدر آباد، سنة 1384 هـ. * الفتاوى الكبرى - لابن تيمية، المتوفى سنة 728 هـ. مطبعة دار الجهاد بالقاهرة، سنة 1385 هـ. * فتح الباري بشرح صحيح البخاري - لابن حجر العسقلاني، المتوفى سنة 852 هـ. المطبعة السلفية بالقاهرة، سنة 1380 هـ. * الفتح الرباني لترتيب مسند أحمد بن حنبل الشباني - لأحمد عبد الرحمن البنا، الشهير بالساعاتي. ط 1، القاهرة، سنة 1357 هـ. * فتح الرحمن (شرح زكريا الأنصاري، المتوفى سنة 926 هـ، على لقطة العجلان وبلة الظمآن، للزركشي المتوفى سنة 794 هـ)، وبهامشه: حاشية العليمي الحمصي على الشرح المذكور. طبع: مصطفى البابي الحلبي بالقاهرة، سنة 1355 هـ. * فتح الغفار بشرح المنار - لابن نجيم الحنفي، المتوفى سنة 970 هـ. مطبعة البابي

الحلبي بالقاهرة، سنة 1355 هـ. * فتح القدير - لابن الهمام الحنفي، المتوفى سنة 861 هـ. مطبعة مصطفى محمد، القاهرة، سنة 1356 هـ. * فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير - للشوكاني، المتوفى سنة 1250 هـ. ط 3، دار الفكر، بيروت، سنة 1393 هـ. * الفتح الكبير في ضم الزيادة إِلى الجامع الصغير - لجلال الدين السيوطي، المتوفى سنة 911 هـ. مزجهما الشيخ يوسف النبهاني. مطبعة مصطفى البابي الحلبي بمصر، سنة 1350 هـ. * الفتح المبين في طبقات الأصوليين - لعبد الله مصطفى المراغي. ط 2، الناشر: محمد أمين دمج، بيروت سنة 1394 هـ. * الفرق الإسلامية، ذيل كتاب شرح المواقف - لمحمد بن يوسف الكرماني، المتوفى سنة 786 هـ. تحقيق: سليمة عبد الرسول. مطبعة الإِرشاد ببغداد، سنة 1973 م. * الفرق بين الفرق - لعبد القاهر البغدادي الإِسفراييني، المتوفى سنة 429 هـ. تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد. مطبعة المدني بالقاهرة. * فرق وطبقات المعتزلة = المنية والأمل. * الفروع - لابن مفلح المقدسي، المتوفى سنة 763 هـ. (ومعه: تصحيح الفروع - لعلاء الدين المرداوي، المتوفى سنة 885 هـ). ط 2، دار مصر للطباعة، سنة 1379 هـ. * الفروق - للقرافي المالكي، المتوفى سنة 684 هـ. ط 1، سنة 1344 هـ. * الفصل في الملل والأهواء والنحل - لابن حزم، المتوفى سنة 456 هـ. مطبعة محمد علي صبيح.

* فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة - لأبي القاسم البلخي المتوفى سنة 319 هـ، والقاضي عبد الجبار المتوفى سنة 415 هـ، والحاكم الجشمي المتوفى سنة 494 هـ. تحقيق: فؤاد سيد. نشر: الدار التونسية، تونس، سنة 1393 هـ. * الفقيه والمتفقه - للخطيب البغدادي، المتوفى سنة 463 هـ. تصحيح: إِسماعيل الأنصاري. ط 1، مطابع القصيم، الرياض، سنة 1389 هـ. * الفكر الإِسلامي، منابعه وآثاره - تأليف: M. M. Sharif ترجمة: د/ أحمد شلبي. ط 5، دار الاتحاد العربي للطباعة بمصر، سنة 1975 م. * الفنون - لابن عقيل الحنبلي، المتوفى سنة 513 هـ، تحقيق: جورج المقدسي. المطبعة الكاثولويكية، بيروت، سنة 1971 م. * الفهرست - لابن النديم، المتوفى سنة 385 هـ. طبع ألمانيا، سنة 1872 م. * فوات الوفيات - لمحمد بن شاكر الكتبي، المتوفى سنة 764 هـ. مطبعة بولاق، سنة 1299 هـ. * فواتح الرحموت بشرح مسلم الثبوت في أصول الفقه (لابن عبد الشكور، المتوفى سنة 1119 هـ) - لعبد العلي محمد بن نظام الدين الأنصاري، المتوفى سنة 1225 هـ. ط 1، مطبعة بولاق، سنة 1322 هـ. مطبوع بذيل المستصفى - للغزالي. * الفوائد البهية في تراجم الحنفية - لمحمد عبد الحي اللكنوي الهندي، المتوفى سنة 1304 هـ. ط 1، مطبعة السعادة بمصر، سنة 1324 هـ. * الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة - للشوكاني، المتوفى سنة 1250 هـ. تحقيق: عبد الرحمن المعلمي. ط 2، سنة 1392 هـ.

* فيض القدير (شرح الجامع الصغير - للسيوطي) - لزين الدين محمد بن عبد الرؤوف المناوي، المتوفى سنة 1031 هـ. ط 1، مطبعة مصطفى محمد، القاهرة، سنة 1356 هـ. * القاموس المحيط - للفيروز آبادي، المتوفى سنة 817 هـ. ط 2، مطبعة البابي الحلبي بمصر، سنة 1371 هـ. * القلائد الجوهرية في تاريخ الصالحية - لمحمد بن طولون الصالحي، المتوفى سنة 953 هـ. تحقيق: محمد أحمد دهمان. نشر: مكتب الدراسات الإِسلامية بدمشق، سنة 1949 م. * قلائد العقيان - لابن خاقان، المتوفى سنة 535 هـ. * القواعد - لابن رجب الحنبلي، المتوفى سنة 795 هـ. دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت. * قواعد الأحكام في مصالح الأنام - لابن عبد السلام، المتوفى سنة 660 هـ. مراجعة وتعليق: طه عبد الرؤوف سعد. نشر: مكتبة الكليات الأزهرية. * قواعد التحديث من فنون مصطلح الحديث - لمحمد جمال الدين القاسمي، المتوفى سنة 1332 هـ. ط 1، دار الكتب العلمية، بيروت، سنة 1300 هـ. * القواعد والفوائد الأصولية - لابن اللحام البعلي الحنبلي، المتوفى سنة 803 هـ. تحقيق: محمد حامد الفقي. مطبعة السنة المحمدية بالقاهرة، سنة 1375 هـ. * الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة - للذهبي، المتوفى سنة 748 هـ. تحقيق: عزت علي عطية. مطبعة دار التأليف بمصر. * الكافي - لابن قدامة، المتوفى سنة 620 هـ. ط 1، المكتب الإِسلامي للطباعة والنشر، دمشق، سنة 1382 هـ.

* الكافي الشاف بتخريج أحاديث الكشاف - لابن حجر العسقلاني، المتوفى سنة 852 هـ. ملحق بالجزء الرابع من تفسير الكشاف. مطبعة مصطفى محمد، القاهرة. * الكافي في فقه أهل المدينة المالكي - لابن عبد البر، المتوفى سنة 463 هـ. تحقيق: الدكتور محمد محمد الموريتاني. ط 1، الناشر: مكتبة الرياض الحديثة، سنة 1398 هـ. * الكافية في الجدل - لأبي المعالي الجويني، المتوفى سنة 478 هـ. تحقيق: الدكتورة فوقية حسن محمود. مطبعة البابي الحلبي بالقاهرة، سنة 1399 هـ. * الكامل في التاريخ - لابن الأثير، المتوفى سنة 630 هـ. طبع بيروت، سنة 1385 هـ. * الكتاب في النحو - لسيبويه، المتوفى سنة 180 هـ. ط 1، مطبعة بولاق، سنة 1316 هـ. * كشاف اصطلاحات الفنون - للتهانوي، المتوفى في القرن الثاني عشر الهجري. تحقيق: د/ لطفي عبد البديع. نشر: المؤسسة المصرية العامة للتأليف والترجمة والطباعة والنشر، سنة 1382 هـ. * كشاف القناع عن متن الإِقناع - للبهوتي، المتوفى سنة 1051 هـ. الناشر: مكتبة النصر الحديثة بالرياض. * كشف الأستار عن زوائد البزار على الكتب الستة - للهيثمي، المتوفى سنة 807 هـ. تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي. ط 1، مؤسسة الرسالة، بيروت، سنة 1399 هـ.

* كشف الأسرار عن أصول فخر الإسلام البزدوي - لعلاء الدين عبد العزيز البخاري، المتوفى سنة 730 هـ. مطبعة در سعادت بإِستانبول، سنة 1308 هـ. * كشف الخفاء ومزيل الإِلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس - للعجلوني، المتوفى سنة 1162 هـ. مطبعة الفنون بحلب. * كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون - لحاجي خليفة، المتوفى سنة 1067 هـ. منشورات: مكتبة المثنى ببغداد. * الكشف عن وجوه القراءات السبع - لمكي بن أبي طالب، المتوفى سنة 437 هـ. تحقيق: د/ محيي الدين رمضان. طبع: مجمع اللغة العربية بدمشق، سنة 1394 هـ. * الكفاية في علم الدراية - للخطيب البغدادي، المتوفى سنة 463 هـ. طبع دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد، سنة 1357 هـ. * الكليات - لأبي البقاء الكفوي، المتوفى سنة 1094 هـ. طبعة بولاق، القاهرة، سنة 1253 هـ. * كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال - لعلاء الدين علي البرهان فوري، المتوفى سنة 975 هـ. ط 1، مكتبة التراث الإِسلامي، حلب، سنة 1394 هـ. * اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة - لجلال الدين السيوطي، المتوفى سنة 911 هـ. ط 1، المطبعة الحسينية، القاهرة. * اللباب في تهذيب الأنساب - لابن الأثير الجزري، المتوفى سنة 630 هـ. دار صادر للطباعة والنشر، بيروت. * لباب النقول في أسباب النزول - لجلال الدين السيوطي، المتوفى سنة 911 هـ. ط 2، مطبعة البابي الحلبي، القاهرة.

* لسان العرب - لابن منظور، المتوفى سنة 711 هـ، ط 1، المطبعة الكبرى الأميرية بمصر، سنة 1308 هـ. * لسان الميزان - لابن حجر العسقلاني، المتوفى سنة 852 هـ. ط 1، مطبعة مجلس دائرة المعارف النظامية، حيدر آباد، سنة 1329 هـ. * اللمع في أصول الفقه - لأبي إِسحاق الشيرازي، المتوفى سنة 476 هـ. ط 1، مطبعة محمد علي صبيح بمصر، سنة 1347 هـ. * المباحث المشرقية في علم الإِلهيات والطبيعيات - للفخر الرازي، المتوفى سنة 606 هـ. ط 1، مطبعة مجلس دائرة المعارف النظامية، الهند، حيدر آباد، سنة 1343 هـ. * المبسوط - للسرخسي الحنفي، المتوفى سنة 490 هـ. ط 1، مطبعة السعادة بمصر، سنة 1324 هـ. * متن الأربعين النووية في الأحاديث الصحيحة النبوية - للنووي، المتوفى سنة 676 هـ. مطبعة البابي الحلبي، القاهرة. * مجمع الزوائد ومنبع الفوائد - للهيثمي، المتوفى سنة 807 هـ. ط 2، دار الكتاب العربي، بيروت، سنة 1967 م. * المجموع (شرح المهذب - لأبي إِسحاق الشيرازي، المتوفى سنة 476 هـ) - للنووي المتوفى سنة 676 هـ. وتكملته: لتقي الدين السبكي، المتوفى سنة 756 هـ، ومحمد نجيب المطيعي. مطبعة العاصمة ومطبعة الإِمام، القاهرة. * مجموع فتاوى شيخ الإِسلام (ابن تيمية) المتوفى سنة 728 هـ. جمع وترتيب: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم. ط 1، مطابع الرياض، سنة 1381 هـ.

* المحدث الفاصل بين الراوي والواعي - للحسن بن عبد الرحمن الرامهرمزي، المتوفى سنة 360 هـ. تحقيق: الدكتور محمد عجاج الخطيب. ط 1، دار الفكر، دمشق، سنة 1391 هـ. * المحرر في الفقه - لابن تيمية مجد الدين أبي البركات، المتوفى سنة 652 هـ. مطبعة السنة المحمدية بالقاهرة، سنة 1369 هـ. * محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين من العلماء والحكماء والمتكلمين - للفخر الرازي، المتوفى سنة 606 هـ. ط 1، المطبعة الحسينية المصرية، سنة 1323 هـ. * المحصول في علم أصول الفقه - لفخر الدين الرازي، المتوفى سنة 606 هـ. تحقيق: الدكتور طه جابر العلواني. ط 1، مطابع الفرزدق بالرياض، سنة 1399 هـ. * المحلى - لابن حزم، المتوفى سنة 456 هـ. دار الاتحاد العربي للطباعة، القاهرة، سنة 1390 هـ. * مختصر ابن الحاجب (مختصر المنتهى) - لابن الحاجب المالكي، المتوفى سنة 646 هـ. انظر: شرح العضد. * مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة (لابن القيم، المتوفى سنة 751 هـ) - لمحمد الموصلي. المطبعة السلفية بمكة، سنة 1349 هـ. * مختصر طبقات الحنابلة - للشيخ جميل أفندي. مطبعة الترقي بدمشق، سنة 1339 هـ. * المختصر في أصول الفقه - لابن اللحام البعلي الحنبلي، المتوفى سنة 803 هـ. تحقيق: الدكتور محمد مظهر بقا. طبع دار الفكر بدمشق، سنة 1400 هـ.

* مختصر المزني، المتوفى سنة 264 هـ. مطبوع بهامش "الأم"، مطبعة بولاق. * مختصر المنتهى = مختصر ابن الحاجب. * مختصر المنذري (مختصر سنن أبي داود) - لعبد العظيم المنذري، المتوفى سنة 656 هـ. تحقيق: أحمد محمد شاكر، ومحمد حامد الفقي. مطبعة أنصار السنة المحمدية، القاهرة، سنة 1367 هـ. * المدارس النحوية - للدكتور شوقي ضيف. ط 3، مطابع دار المعارف بمصر، سنة 1976 م. * المدخل إِلى مذهب الإِمام أحمد بن حنبل - لابن بدران الدمشقي، المتوفى سنة 1346 هـ. إِدارة الطباعة المنيرية بالقاهرة. * المدونة - للإِمام مالك، المتوفى سنة 179 هـ. ط 1، مطبعة السعادة بمصر. * مرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة ما يعتبر من حوادث الزمان - لليافعي اليمني المكي، المتوفى سنة 768 هـ. ط 1، مطبعة دائرة المعارف النظامية، حيدر آباد، سنة 1338 هـ. * مروج الذهب ومعادن الجوهر في التاريخ - للمسعودي، المتوفى سنة 346 هـ. طبع بولاق، القاهرة، سنة 1283 هـ. * المزهر في علوم اللغة - لجلال الدين السيوطي، المتوفى سنة 911 هـ. ط 1، دار إِحياء الكتب العربية، القاهرة. * مسائل الإِمام أحمد، رواية أبي داود سليمان بن الأشعث، المتوفى سنة 275 هـ. طبع دار المعرفة، بيروت. * مسائل الإمام أحمد - رواية ابنه عبد الله، المتوفى سنة 290 هـ. تحقيق: زهير الشاويش. طبع المكتب الإِسلامي "بيروت - دمشق"، ط 1، سنة 1401 هـ.

* مسائل الإِمام أحمد - رواية ابن هانئ النيسابوري، المتوفى سنة 275 هـ. تحقيق: زهير الشاويش. نشر: المكتب الإِسلامي. * المستدرك على الصحيحين - للحاكم النيسابوري، المتوفى سنة 405 هـ. (وبذيله: التلخيص - للذهبي، المتوفى سنة 748 هـ). ط 1، مطبعة مجلس دائرة المعارف النظامية، حيدر آباد، سنة 1334 هـ. * المستصفى من علم الأصول - للغزالي، المتوفى سنة 505 هـ. ط 1، المطبعة الأميرية، بولاق سنة 1322 هـ. * مسند الإِمام أحمد. المطبعة الميمنية بمصر، سنة 1313 (¬1) هـ. * مسند الإِمام أبي حنيفة. تحقيق: صفوة السقا. ط 1، مطبعة الأصيل بحلب، سنة 1382 هـ. * مسند أبي داود الطيالسي، المتوفى سنة 204 هـ. ط 1، مطبعة دائرة المعارف النظامية، حيدر آباد، سنة 1321 هـ. * مسند الإِمام الشافعي. مطبوع في آخر الجزء الثامن من "الأم". * مسند أبي عوانة يعقوب بن إِسحاق الإِسفراييني، المتوفى سنة 316 هـ. ط 1، مطبعة دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد، سنة 1362 هـ. * المسودة في أصول الفقه - لثلاثة أئمة من آل تيمية تتابعوا على تصنيفها، وهم: 1 - مجد الدين، المتوفى سنة 652 هـ. 2 - شهاب الدين، المتوفى سنة 682 هـ. 3 - تقي الدين، المتوفى سنة 728 هـ. ¬

_ (¬1) ورجعت في مواضع إِلى طبعة دار المعارف، بتحقيق: أحمد شاكر، وأشرت إِلى ذلك.

جمعها وبيضها أحمد بن محمد الحراني الدمشقي، المتوفى سنة 745 هـ. تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد. مطبعة المدني بالقاهرة، سنة 1384 هـ. * مشاهير علماء الأمصار - لمحمد بن حبان البستي، المتوفى سنة 354 هـ. مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة، سنة 1379 هـ. * المصباح المنير في غريب الشرح الكبير - للفيومي، المتوفى سنة 770 هـ. المطبعة الأميرية ببولاق، سنة 1323 هـ. * المصنف - لابن أبي شيبة، المتوفى سنة 235 هـ. المطبعة العزيزية، حيدر آباد، سنة 1386 هـ. * المصنف - لعبد الرزاق الصنعاني، المتوفى سنة 211 هـ، ط 1، طبع المجلس العلمي بالهند، سنة 1390 هـ. * المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية - لابن حجر العسقلاني، المتوفى سنة 852 هـ. تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي. دار الكتب العلمية، بيروت. * المعارف - لابن قتيبة، المتوفى سنة 276 هـ. ط 1، المطبعة الإِسلامية بمصر، سنة 1353 هـ. * معالم التنزيل - للبغوي، المتوفى سنة 516 هـ. مطبوع بهامش تفسير ابن كثير. ط 1، مطبعة المنار بالقاهرة، سنة 1346 هـ. * معالم السنن - للخطابي، المتوفى سنة 388 هـ. مطبوع بذيل سنن أبي داود. * معاني القرآن - للفراء، المتوفى سنة 207 هـ. تحقيق: الدكتور عبد الفتاح إِسماعيل شلبي. مطابع الهيئة المصرية العامة للكتاب، سنة 1972 م. ورجعت إِلى طبعه بتحقيق: أحمد يوسف نجاتي، ومحمد علي النجار. مطبعة دار الكتب المصرية بالقاهرة، سنة 1374 هـ. وذلك فيما قبل ص 365 من الكتاب.

* معاني القرآن وإِعرابه - للزجاج، المتوفى سنة 311 هـ. تحقيق: عبد الجليل عبده شلبي. الهيئة العامة لشؤون المطابع الأميرية، القاهرة، سنة 1973 م. * معترك الأقران في إِعجاز القرآن - لجلال الدين السيوطي، المتوفى سنة 911 هـ. تحقيق: علي محمد البجاوي. دار الثقافة العربية للطباعة، سنة 1376 هـ. * المعتمد في أصول الدين - للقاضي أبي يعلى الحنبلي، المتوفى سنة 458 هـ. تحقيق: الدكتور وديع حداد. دار المشرق، بيروت، سنة 1973 م. * المعتمد في أصول الفقه - لأبي الحسين البصري، المتوفى سنة 436 هـ. تحقيق: الدكتور محمد حميد الله. المطبعة الكاثوليكية، بيروت، سنة 1964 م. * معجم الأدباء (إِرشاد الأريب إِلى معرفة الأديب) - لياقوت الحموي، المتوفى سنة 626 هـ. ط 2، مصر، سنة 1923 م. * معجم البلدان - لياقوت الحموي، المتوفى سنة 626 هـ. طبع بيروت، سنة 1376 هـ. * معجم الشعراء - للمرزباني، المتوفى سنة 384 هـ. نشر: مكتبة القدس بمصر، سنة 1354 هـ. * معجم شواهد العربية - لعبد السلام هارون. طبع مكتبة الخانجي، القاهرة، سنة 1972 م. * المعجم الصغير - للطبراني، المتوفى سنة 360 هـ. دار النصر للطباعة بالقاهرة، سنة 1388 هـ. * المعجم الفلسفي - للدكتور جميل صليبا. ط 1، دار الكتاب اللبناني، بيروت، سنة 1973 م. * المعجم الفلسفي - للدكتور مراد وهبة. ط 1، دار الثقافة الجديدة، سنة 1979 م.

* المعجم في أصحاب القاضي أبي علي الصدفي - لابن الأبار، المتوفى سنة 658 هـ. طبع في مدينة مجريط، بمطبع روخس، سنة 1885 م. * معجم قبائل العرب - لعمر رضا كحالة. دار العلم للملايين، بيروت، سنة 1388 هـ. * المعجم الكبير - للطبراني، المتوفى سنة 360 هـ. تحقيق: حمدي عبد المجيد السلفي. الدار العربية للطباعة، بغداد، سنة 1397 هـ. * معجم مقاييس اللغة - لابن فارس، المتوفى سنة 395 هـ. تحقيق: عبد السلام محمد هارون. ط 1، دار إِحياء الكتب العربية بالقاهرة، سنة 1369 هـ. * معجم المؤلفين - لعمر رضا كحالة. مطبعة الترقي بدمشق، سنة 1380 هـ. * المعراج - لعبد الكريم القشيري، المتوفى سنة 465 هـ. ط 1، مطبعة السعادة بالقاهرة، سنة 1384 هـ. * المعرب من الكلام الأعجمي - للجواليقي، المتوفى سنة 540 هـ. تحقيق: أحمد محمد شاكر. ط 1، مطبعة دار الكتب المصرية بالقاهرة، سنة 1361 هـ. * معرفة السنن والآثار - للبيهقي، المتوفى سنة 458 هـ. تحقيق: أحمد صقر، طبع سنة 1969 م. * معرفة علوم الحديث - للحاكم النيسابوري، المتوفى سنة 405 هـ تحقيق: الدكتور السيد معظم حسين. ط 2، نشر: المكتب التجاري للطباعة والتوزيع، بيروت، سنة 1977 م. * معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار - للذهبي، المتوفى سنة 748 هـ. تحقيق: محمد سيد جاد الحق. ط 1، مطبعة دار التأليف، القاهرة.

* المغني - لابن قدامة، المتوفى سنة 620 هـ. تحقيق: الدكتور طه محمد الزيني. مطابع سجل العرب بمصر. * المغني عن حمل الأسفار في الأسفار في تخريج ما في الإِحياء من الأخبار -لعبد الرحيم بن الحسين العراقي، المتوفى سنة 804 هـ. مطبوع بذيل إِحياء علوم الدين- للغزالي، المتوفى سنة 505 هـ. دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت. * المغني في أبواب العدل والتوحيد - لعبد الجبار المعتزلي، المتوفى سنة 415 هـ. مطبعة دار الكتب المصرية، سنة 1382 هـ. * المغني في الضعفاء - للذهبي، المتوفى سنة 748 هـ. تحقيق: نور الدين عتر. ط 1، مطبعة البلاغة بحلب، سنة 1391 هـ. * مغني المحتاج إِلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (وهو شرح الخطيب الشربيني، المتوفى سنة 977 هـ، على متن "منهاج الطالبين" للنووي، المتوفى سنة 676 هـ). دار الفكر للطباعة والنشر، سنة 1398 هـ. * مفتاح الجنة في الاحتجاج بالسنة - لجلال الدين السيوطي، المتوفى سنة 911 هـ. ط 1، المطبعة السلفية بالقاهرة، سنة 1394 هـ. * مفتاح السعادة ومصباح السيادة - لطاش كبرى زاده، المتوفى سنة 962 هـ. ط 1، مطبعة دائرة المعارف النظامية، حيدر آباد، سنة 1329 هـ. * مفتاح الوصول إِلى بناء الفروع على الأصول - للتلمساني المالكي، المتوفى سنة 771 هـ. ط 1، المطبعة الأهلية بتونس، سنة 1346 هـ. * المفردات في غريب القرآن - للراغب الأصبهاني، المتوفى سنة 502 هـ. مطبعة نور محمد بكراتشي، سنة 1380 هـ.

* المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة - للسخاوي، المتوفى سنة 902 هـ. دار الأدب العربي للطباعة بمصر، سنة 1375 هـ. * مقاصد الشريعة ومكارمها - لعلال الفاسي، الناشر: مكتبة الوحدة العربية، الدار البيضاء، سنة 1963 م. * مقالات الإِسلاميين واختلاف المصلين - لأبي الحسن الأشعري، المتوفى سنة 324 هـ. ط 1، القاهرة، سنة 1369 هـ. * المقتضب - للمبرد، المتوفى سنة 286 هـ. تحقيق: محمد عبد الخالق عضيمة. ط 1، مطبعة دار التحرير، سنة 1385 هـ. * مقدمة ابن الصلاح في علوم الحديث - لعثمان بن عبد الرحمن الشهرزوري المعروف بابن الصلاح، المتوفى سنة 642 هـ. دار الكتب العلمية، بيروت، سنة 1398 هـ. * المقنع في فقه إِمام السنة أحمد بن حنبل - لابن قدامة، المتوفى سنة 620 هـ. ط 3، المطبعة السلفية بالقاهرة، سنة 1382 هـ. * ملخص إِبطال القياس والرأي والاستحسان والتقليد والتعليل - لابن حزم، المتوفى سنة 456 هـ. تحقيق: سعيد الأفغاني. مطبعة جامعة دمشق، سنة 1379 هـ. * الملل والنحل - لأبي الفتح الشهرستاني، المتوفى سنة 548 هـ. تصحيح وتعليق: أحمد فهمي محمد. ط 1، مطبعة حجازي بالقاهرة، سنة 1368 هـ. * مناقب الإِمام أحمد بن حنبل - لابن الجوزي، المتوفى سنة 597 هـ. ط 1، مصر، سنة 1349 هـ.

* مناقب الإِمام الأعظم - للكردلي، الحنفي، المتوفى سنة 827 هـ. مطبعة دائرة المعارف، حيدر آباد، سنة 1321 هـ. * مناقب الإمام الأعظم - للموفق المكي، المتوفى سنة 568 هـ. مطبعة دائرة المعارف النظامية، حيدر آباد، سنة 1321 هـ. * مناقب الشافعي - للبيهقي، المتوفى سنة 458 هـ. تحقيق: أحمد صقر. ط 1، دار النصر للطباعة، القاهرة، سنة 1391 هـ. * مناهج العقول شرح منهاج الوصول - لمحمد بن الحسن البدخشي، المتوفى سنة 826 هـ. مطبوع بذيل نهاية السول. مطبعة محمد علي صبيح بمصر. * المنتظم في تاريخ الملوك والأم - لابن الجوزي، المتوفى سنة 597 هـ. مطبعة دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد، سنة 1357 هـ. * المنتقى شرح الموطأ - للباجي المالكي، المتوفى سنة 474 هـ. ط 1، مطبعة السعادة بالقاهرة، سنة 1331 هـ. * المنتقى من السنن المسندة عن رسول الله - لابن الجارود، المتوفى سنة 307 هـ. مطبعة الفجالة الجديدة، القاهرة، سنة 1382 هـ. * منتهى السول في علم الأصول - للآمدي، المتوفى سنة 631 هـ. مطبعة محمد علي صبيح، القاهرة. * منتهى الوصول والأمل في علمي الأصول والجدل - لابن الحاجب، المتوفى سنة 646 هـ. ط 1، مطبعة السعادة بمصر، سنة 1326 هـ. * المنثور في القواعد - لبدر الدين الزركشي، المتوفى سنة 794 هـ. تحقيق: الدكتور تيسير فائق أحمد محمود. ط 1، مؤسسة الفليج للطباعة والنشر، الكويت، سنة 1402 هـ.

* منحة المعبود في ترتيب مسند الطيالسي أبي داود، المتوفى سنة 204 هـ - لأحمد عبد الرحمن البنا، الشهير بالساعاتي. ط 1، المطبعة المنيرية بالقاهرة، سنة 1372 هـ. * المنخول من تعليقات الأصول - للغزالي، المتوفى سنة 505 هـ. تحقيق: الدكتور محمد حسن هيتو. ط 1، مطبعة دار الفكر بدمشق، سنة 1390 هـ. * منهاج السنة النبوية - لشيخ الإِسلام ابن تيمية، المتوفى سنة 728 هـ. ط 1، المطبعة الكبرى الأميرية ببولاق، مصر، سنة 1321 هـ. * المنهاج في ترتيب الحجاج - للباجي المالكي، المتوفى سنة 474 هـ. تحقيق: عبد المجيد التركي. طبع باريس، سنة 1978 م. * المنهج الأحمد في تراجم أصحاب الإِمام أحمد - للعليمي، المتوفى سنة 928 هـ. ط 1، مطبعة المدني بالقاهرة، سنة 1384 هـ. * المنية والأمل في شرح كتاب الملل والنحل - تأليف: القاضي عبد الجبار المعتزلي، المتوفى سنة 415 هـ. جمع: أحمد بن يحيى بن المرتضى، المتوفى سنة 840 هـ. تحقيق وتعليق: الدكتور علي سامي النشار، والأستاذ عصام الدين محمد. دار المطبوعات الجامعية، سنة 1972 م. * المهذب في فقه مذهب الشافعي - لأبي إِسحاق الشيرازي، المتوفى سنة 476 هـ. مطبعة عيسى البابي الحلبي، القاهرة. * موارد الظمآن إِلى زوائد ابن حبان -المتوفى سنة 354 هـ- للهيثمي، المتوفى سنة 807 هـ. تحقيق: محمد عبد الرزاق حمزة. المطبعة السلفية، القاهرة. * الموافقات - لأبي إِسحاق الشاطبي، المتوفى سنة 790 هـ. تحقيق وشرح: الشيخ عبد الله دراز. دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت.

* مواهب الجليل لشرح مختصر خليل - للحطاب، المتوفى سنة 954 هـ. مطبعة السعادة بمصر، سنة 1329 هـ. * المؤتلف والمختلف في أسماء الشعراء وكناهم وألقابهم وأنسابهم وبعض شعرهم - للآمدي، المتوفى سنة 370 هـ. نشر: مكتبة القدس بمصر، سنة 1354 هـ. * الموضوعات - لابن الجوزي، المتوفى سنة 597 هـ. تحقيق: عبد الرحمن محمد عثمان. ط 1، نشر: المكتبة السلفية، المدينة المنورة، سنة 1386 هـ. * الموطأ - للإِمام مالك، المتوفى سنة 179 هـ. تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي. مطبعة عيسى البابي الحلبي بالقاهرة، سنة 1370 هـ. * ميزان الاعتدال في نقد الرجال - للذهبي، المتوفى سنة 748 هـ. تحقيق: علي محمد البجاوي. طبع دار إِحياء الكتب العربية بالقاهرة. * النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة - ليوسف بن تغري بردي الأتابكي، المتوفى سنة 874 هـ. ط 1، مطبعة دار الكتب المصرية بالقاهرة، سنة 1348 هـ. * نزهة الألباء في طبقات الأدباء، أي النحاة - لابن الأنباري أبي البركات، المتوفى سنة 577 هـ. طبع مصر، سنة 1294 هـ. * نزهة الخاطر شرح روضة الناظر - لابن بدران، المتوفى سنة 1346 هـ. المطبعة السلفية بالقاهرة، سنة 1342 هـ. * نسب قريش - للمصعب بن عبد الله الزبيري، المتوفى سنة 236 هـ. نشر وتصحيح وتعليق: إِ. ليفي بروفنسال. دار المعارف للطباعة والنشر، سنة 1953 م. * نشر البنود على مراقي السعود - لعبد الله بن إِبراهيم العلوي الشنقيطي المالكي، المتوفى في حدود سنة 1233 هـ. مطبعة فضالة بالمحمدية، المغرب.

* النشر في القراءات العشر - لابن الجزري، المتوفى سنة 833 هـ. مطبعة مصطفى محمد بمصر. * نصب الراية لأحاديث الهداية - للزيلعي، المتوفى سنة 762 هـ. ط 1، مطبعة دار المأمون، سنة 1357 هـ. * نكت الهميان في نكت العميان - لصلاح الدين الصفدي، المتوفى سنة 764 هـ. المطبعة الجمالية بالقاهرة، سنة 1329 هـ. * النكت والفوائد السنية على مشكل المحرر (لمجد الدين ابن تيمية) - لابن مفلح المقدسي، المتوفى سنة 763 هـ. مطبوع بذيل المحرر. * نهاية الإِقدام في علم الكلام - للشهرستاني، المتوفى سنة 548 هـ. حرره وصححه: الفرد جيوم. تصوير مكتبة المثنى ببغداد. * نهاية السول (شرح منهاج الوصول في علم الأصول - للبيضاوي، المتوفى سنة 685 هـ) - للأسنوي، المتوفى سنة 772 هـ. مطبعة محمد علي صبيح. * النهاية في غريب الحديث والأثر - لابن الأثير أبي السعادات، المتوفى سنة 606 هـ. تحقيق: طاهر أحمد الزاوي، ومحمود محمد الطناحي. ط 1، دار إِحياء الكتب العربية بالقاهرة، سنة 1383 هـ. * نهاية المحتاج إِلى شرح المنهاج - لمحمد الرملي، المتوفى سنة 1004 هـ. مطبعة مصطفى البابي الحلبي، القاهرة، سنة 1386 هـ. * نيل الابتهاج بتطريز الديباج - لأبي العباس أحمد بابا التنبكتي المالكي، المتوفى سنة 1036 هـ، مطبوع بهامش الديباج المذهب. * نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار - لمحمد بن علي الشوكاني، المتوفى سنة 1250 هـ. مطبعة البابي الحلبي، القاهرة.

* الهداية شرح بداية المبتدي - للمرغيناني الحنفي، المتوفى سنة 593 هـ. مطبعة مصطفى البابي الحلبي، القاهرة. * هدية العارفين (أسماء المؤلفين وآثار المصنفين) - إِسماعيل باشا البغدادي، المتوفى سنة 1339 هـ. مطبعة وكالة المعارف بإِستانبول. أعادت طبعه بالأوفست مكتبة المثنى ببغداد. * همع الهوامع في شرح جمع الجوامع - لجلال الدين السيوطي، المتوفى سنة 911 هـ. تحقيق: عبد السلام هارون، والدكتور عبد العال مكرم. مطبعة الحرية ببيروت، سنة 1394 هـ. * الوافي بالوافيات - لصلاح الدين الصفدي، المتوفى سنة 764 هـ. ط 2، باعتناء: هلموت ريتر، سنة 1381 هـ. * وفيات الأعيان - لابن خلكان، المتوفى سنة 681 هـ. تحقيق: الدكتور إِحسان عباس. مطبعة الغريب، بيروت. * يحيى بن معين - المتوفى سنة 233 هـ - وكتابه التاريخ. تحقيق: الدكتور أحمد نور سيف. ط 1، مطابع الهيئة المصرية العامة للكتاب، سنة 1399 هـ.

ب- المراجع المخطوطة

ب- المراجع المخطوطة * الإجازة للمجهول والمعدوم - للخطيب البغدادي، المتوفى سنة 463 هـ. (ضمن مجموع 251 أ - 252 ب). مكتبة أحمد الثالث، إِستانبول، رقم 624/ 27. * الأحكام الصغرى من حديث النبي وأخباره - لعبد الحق الإِشبيلي، المتوفى سنة 581 هـ. مكتبة فيض الله، تركيا، رقم 258. * إِحكام الفصول في أحكام الأصول - للباجي المالكي، المتوفى سنة 474 هـ. خزانة جامع القرويين بفاس 4/ 621. * الأحكام الكبرى - لعبد الحق الإِشبيلي، المتوفى سنة 581 هـ. دار الكتب المصرية، رقم 29 حديث. * أصول الجصاص الحنفي، المتوفى سنة 370 هـ. دار الكتب المصرية، رقم 229 أصول فقه. * الانتصار في المسائل الكبار على مذهب أحمد - لأبي الخطاب الحنبلي، المتوفى سنة 510 هـ. دار الكتب الظاهرية بدمشق، رقم 2743. * الإِيمان - للقاضي أبي يعلى، المتوفى سنة 458 هـ. مخطوطة دار الكتب الظاهرية، مصورة بقسم المخطوطات بجامعة الإِمام، برقم 4810. * البحر المحيط في أصول الفقه - لبدر الدين الزركشي، المتوفى سنة 794 هـ. مكتبة أحمد الثالث، إِستانبول، رقم 1230. * التحبير شرح التحرير - للمرداوي، المتوفى سنة 885 هـ. ثلاثة مجلدات: الأول في مكتبة الأوقاف العامة ببغداد برقم 1/ 7406 مجاميع، والثاني والثالث مكتبة خدا بخش بتنه في الهند برقم 687، 688 عربي.

* التحرير في أصول الفقه - للمرداوي الحنبلي، المتوفى سنة 885 هـ. قسم المخطوطات بجامعة الإِمام محمد بن سعود الإِسلامية، رقم 2221. * تخريج أحاديث أصول البزدوي - لقاسم بن قطلوبغا، المتوفى سنة 879 هـ. * مكتبة الأحقاف - مجموعة آل يحيى، 35 مجاميع، تريم، نسخة بخط المؤلف، ضمن مجموع 319 - 380. * التعليق الكبير في المسائل الخلافية - للقاضي أبي يعلى الحنبلي، المتوفى سنة 458 هـ. دار الكتب المصرية، رقم 140 فقه حنبلي. * تقويم الأدلة - لأبي زيد الدبوسي الحنفي، المتوفى سنة 430 هـ. مكتبة شستربتي، رقم 3343. * التمهيد في أصول الفقه - لأبي الخطاب الحنبلي، المتوفى سنة 510 هـ. دار الكتب الظاهرية بدمشق، رقم 2801 (¬1). * تهذيب الأجوبة - لابن حامد الحنبلي، المتوفى سنة 403 هـ. مكتبة برلين، رقم 1378. * تهذيب الكمال في أسماء الرجال - للحافظ المزي، المتوفى سنة 742 هـ. صورة عن المخطوطة المحفوظة بدار الكتب المصرية. تصوير ونشر: دار المأمون للتراث بدمشق، سنة 1402 هـ. * الجمع بين الصحيحين - للحميدي محمد بن أبي نصر، المتوفى سنة 488 هـ. صورة في قسم المخطوطات بجامعة الإِمام محمد بن سعود الإِسلامية، رقم 3795. * الذخر الحرير شرح مختصر التحرير - للبعلي الحنبلي، المتوفى سنة 1189 هـ. ¬

_ (¬1) ورجعت في مواضع إلى نسخة في قسم المخطوطات بجامعة الإِمام محمد بن سعود الإسلامية، رقم 5797، وبينت ذلك.

المكتبة السعودية بالرياض، رقم 341/ 86. * ذيل الذيل على طبقات الحنابلة (لابن رجب) - لابن عبد الهادي الصالحي الحنبلي، المتوفى سنة 909 هـ. قسم المخطوطات بجامعة الإِمام محمد بن سعود الإِسلامية، رقم 2216. * رسالة البيهقي -المتوفى سنة 458 هـ- إِلى أبي محمد الجويني -المتوفى سنة 438 هـ- مستدركًا فيها عليه (في أول تصنيف شرع فيه سماه المحيط) استدراكًا فيما يتعلق بعلم الحديث. توجد ضمن مجموع (13 أ - 19 ب)، مكتبة بايزيد، إِستانبول، رقم 807. * الرعاية الكبرى - لابن حمدان الحنبلي، المتوفى سنة 695 هـ. دار الكتب الظاهرية بدمشق، رقم 2755. * (كتاب) الروايتين والوجهين - للقاضي أبي يعلى الحنبلي، المتوفى سنة 458 هـ. مكتبة أحمد الثالث، إِستانبول، رقم 1121. * السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة - لمحمد بن عبد الله، ابن حميد الحنبلي، المتوفى سنة 1295 هـ. قسم المخطوطات بجامعة الإِمام محمد بن سعود الإِسلامية، رقم 4951. * السنة - لابن أبي عاصم، المتوفى سنة 287 هـ، صورة بقسم المخطوطات بجامعة الإِمام محمد بن سعود الإِسلامية، رقم 4856. * شرح مختصر روضة الناظر - للطوفي الحنبلي، المتوفى سنة 716 هـ. مكتبة الحرم المكي، رقم 46 أصول فقه.

* العدة في أصول الفقه - للقاضي أبي يعلى الحنبلي، المتوفى سنة 458 هـ. دار الكتب المصرية، رقم 76 أصول فقه. * العلل - للدارقطني، المتوفى سنة 385 هـ. دار الكتب المصرية، رقم 394 حديث. * الكامل - لابن عدي، المتوفى سنة 365 هـ. مكتبة أحمد الثالث، إِستانبول، رقم 2943. * المحصول في علم الأصول - لابن العربي المالكي، المتوفى سنة 543 هـ. مكتبة فيض الله أفندي، إِستانبول، رقم 636. * المدخل - للبيهقي، المتوفى سنة 458 هـ. مكتبة كلكتا، رقم 213. * مسألة الإِيمان - للأشعري، المتوفى سنة 324 هـ. شستربتي، ضمن مجموع كرقم 3849 (50 - 52 ق). * مسائل الخلاف في أصول الفقه - للصيمري الحنفي، المتوفى سنة 436 هـ. مكتبة شستربتي، رقم 3757. * المستوعب في الفقه - للسامري الحنبلي، المتوفى سنة 616 هـ. دار الكتب الظاهرية بدمشق، رقم 2738. * مسند المروزي، محمد بن نصر، المتوفى سنة 294 هـ. دار الكتب المصرية، رقم 418 حديث. * المسند - لأبي يعلى الموصلي، المتوفى سنة 307 هـ. صورة بقسم المخطوطات بجامعة الإِمام محمد بن سعود الإِسلامية، رقم 4879. * المعتبر في تخريج أحاديث المنهاج والمختصر - لبدر الدين الزركشي، المتوفى سنة 794 هـ. دار الكتب الظاهرية بدمشق، رقم 1115. ورجعت في ص 476 إِلى النسخة المطبوعة بتحقيق / حمدي السلفي.

* المقصد الأرشد في تراجم أصحاب الإِمام أحمد - لابن مفلح، المتوفى سنة 884 هـ. دار الكتب المصرية، رقم 3981 تاريخ (¬1). * المقصد العلي في زوائد أبي يعلى الموصلي - للهيثمي، المتوفى سنة 807 هـ. مكتبة سليم أغا، إِستانبول، رقم 233. * ميزان الأصول في نتائج العقول - لعلاء الدين السمرقندي الحنفي، المتوفى سنة 539 هـ. دار الكتب المصرية، رقم 778 أصول فقه. * نفائس الأصول في شرح المحصول - للقرافي المالكي، المتوفى سنة 684 هـ. دار الكتب المصرية، رقم 472 أصول فقه. * الواضح في أصول الفقه - لابن عقيل الحنبلي، المتوفى سنة 513 هـ. دار الكتب الظاهرية بدمشق، رقم 2872، 2873. (وهذان رقما المجلدين الأول والثاني منه). * الوصول إِلى الأصول - لابن برهان الشافعي، المتوفى سنة 518 هـ. مكتبة أحمد الثالث، إِستانبول، رقم 1237. ¬

_ (¬1) ورجعت في مواضع إلى نسخة في دار الكتب الظاهرية بدمشق، رقم 8750، وبينت ذلك.

§1/1