أصول الدين الإسلامي مع قواعده الأربع

محمد بن عبد الوهاب

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. س: ما هي المسائل الأربع التي يجب على كل إنسان أن يعلمها؟ ج: (الأولى) العلم وهو معرفة الله ومعرفة نبيه ومعرفة دين الإسلام بالأدلة. (الثانية) العمل بهذا العلم. (الثالثة) الدعوة إليه. (الرابعة) الصبر على الأذى فيه. س: ما الدليل على ذلك؟ ج: قوله تعالى {وَالْعَصْرِ - إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ - إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر: 1 - 3] س: ما الذي قاله الشافعي في هذه السورة؟ ج: قال: لو ما أنزل الله على خلقه إلا هذه السورة لكفتهم.

المسائل الثلاث التي يجب تعلمها والعمل بها ودليلها

س: هل القول والعمل قبل العلم أو العلم قبلهما؟ ج: العلم قبلهما بدليل قوله تعالى {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [محمد: 19] (¬1) فبدأ بالعلم قبل القول والعمل. قاله البخاري رحمه الله. [المسائل الثلاث التي يجب تعلمها والعمل بها ودليلها] س: ما المسائل الثلاث التي يجب تعلمها والعمل بها؟ ج: (الأولى) أن الله خلقنا ورزقنا ولم يتركنا هملا، بل أرسل إلينا رسولاً، فمن أطاعه دخل الجنة، ومن عصاه دخل النار. س: ما الدليل على ذلك؟ ج: قوله تعالى {إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا - فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا} [المزمل: 15 - 16] (¬2) . (الثانية) أن الله لا يرضى أن يشرك معه في عبادته أحد، لا ملك مقرب، ولا نبي مرسل. س: ما الدليل على ذلك؟ ¬

(¬1) سورة محمد الآية 19. (¬2) سورة المزمل الآيات 15، 16.

الحنيفية ملة إبراهيم ودليلها

ج: قوله تعالى {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [الجن: 18] (¬1) . (الثالثة) أن من أطاع الرسول ووحد الله لا يجوز له موالاة من حاد الله ورسوله ولو كان أقرب قريب. س: ما الدليل على ذلك؟ ج: قوله تعالى {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ} [المجادلة: 22] (¬2) الآية. [الحنيفية ملة إبراهيم ودليلها] س: ما الحنيفية ملة إبراهيم؟ ج: أن تعبد الله وحده مخلصاً له الدين، وبذلك أمر الله جميع الناس وخلقهم لها. س: ما الدليل على ذلك؟ ج: قوله تعالى {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56] (¬3) . س: ما معنى يعبدون؟ ج: يوحدوني وآمرهم وأنهاهم. ¬

(¬1) سورة الجن الآية 18. (¬2) سورة المجادلة الآية 22. (¬3) سورة الذاريات الآية 56.

أعظم شيء أمر الله به وأعظم شيء نهى الله عنه والدليل على ذلك

[أعظم شيء أمر الله به وأعظم شيء نهى الله عنه والدليل على ذلك] س: ما هو أعظم شيء أمر الله به؟ ج: التوحيد. س: ما هو التوحيد؟ ج: هو إفراد الله بالعبادة وإثبات اتصافه بما وصف به نفسه، ووصفه به رسوله، وتنزيهه عن النقائص والحدوث ومشابهة المخلوقات. س: ما هو أعظم شيء نهى الله عنه؟ ج: الشرك. س: ما هو الشرك؟ ج: دعوة غير الله معه، وأن تجعل لله نداً في العبادة وهو خلقك. س: ما الدليل على ذلك؟ ج: قوله تعالى {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} [النساء: 36] (¬1) {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا} [البقرة: 22] (¬2) [الأصول الثلاثة التي يجب على الإنسان معرفتها] س: ما الأصول الثلاثة التي يجب على الإنسان معرفتها؟ ج: معرفة العبد ربه ودينه ونبيه محمدا صلى الله عليه وسلم. ¬

(¬1) سورة النساء آية: 36. (¬2) سورة البقرة آية: 22.

س: من ربك؟ ج: ربي الله الذي رباني وربى جميع العالمين بنعمته وهو معبودي ليس لي معبود سواه. س: ما الدليل على ذلك؟ ج: قوله تعالى {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] وكل من سوى الله عالم، وأنا واحد من ذلك العالم. س: بم عرفت ربك؟ ج: عرفته بآياته ومخلوقاته، الليل والنهار والشمس والقمر، والسموات السبع والأرضون السبع ومن فيهن وما بينهما. س: ما الدليل على ذلك؟ ج: قوله تعالى {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [فصلت: 37] (¬1) وقوله تعالى {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: 54] ¬

(¬1) سورة فصلت آية: 37.

ما هي العبادة وأنواعها وحكم من صرف منها شيئا لغير الله

(¬1) . س: ما هو الرب؟ ج: الرب هو السيد المالك الموجد من العدم إلى الوجود، وهو المستحق للعبادة. س: ما الدليل على ذلك؟ ج: قوله تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ - الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 21 - 22] (¬2) فالخالق لهذه الأشياء هو المستحق للعبادة. [ما هي العبادة وأنواعها وحكم من صرف منها شيئاً لغير الله] س: ما هي العبادة؟ ج: العبادة هي غاية الخضوع والتذلل، وغاية الحب والتعلق لمن فعل له ذلك، وبعبارة أخرى هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأعمال الظاهرة والباطنة. س: كم أنواع العبادة التي أمر الله بها؟ ج: كثيرة، منها: الإسلام والإيمان والإحسان والدعاء ¬

(¬1) سورة الأعراف آية: 54. (¬2) سورة البقرة الآيات: 21، 22.

والخوف والرجاء والتوكل والرغبة والرهبة والخشوع والخشية والإنابة والاستعانة والاستعاذة والاستغاثة والذبح والنذر وغير ذلك من العبادات التي أمر الله بها، كلها مخصوصة بالله تعالى. س: ما الدليل على ذلك؟ ج: قوله تعالى {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [الجن: 18] (¬1) وقوله تعالى {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [الإسراء: 23] (¬2) . س: ما حكم من صرف منها شيئاً لغير الله؟ ج: من صرف منها شيئاً لغير الله تعالى فهو مشرك كافر وإن صلى وصام وحج وزعم أنه مسلم. س: ما الدليل على ذلك؟ ج: قوله تعالى {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} [المؤمنون: 117] (¬3) . س: ما الدليل على أن الدعاء عبادة؟ ¬

(¬1) سورة الجن آية: 18. (¬2) سورة الإسراء آية: 23. (¬3) سورة المؤمنون آية: 117.

ج: قوله تعالى {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: 60] (¬1) وقوله عليه الصلاة والسلام «الدعاء مخ العبادة» وفي رواية «الدعاء هو العبادة» . س: ما الدليل على أن الخوف عبادة؟ ج: قوله تعالى {فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 175] (¬2) . س: ما الدليل كل أن الرجاء عبادة؟ ج: قوله تعالى {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: 110] (¬3) س: ما الدليل على أن التوكل عبادة؟ ج: قوله تعالى {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [المائدة: 23] (¬4) {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: 3] (¬5) س: ما الدليل على أن الرغبة والرهبة والخشوع عبادات؟ ج: قوله تعالى ¬

(¬1) سورة غافر آية: 60. (¬2) سورة آل عمران آية: 175. (¬3) سورة الكهف آية: 110. (¬4) سورة المائدة آية: 23. (¬5) سورة الطلاق آية: 3.

{إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} [الأنبياء: 90] (¬1) . س: ما الدليل على أن الخشية عبادة؟ ج: قوله تعالى {فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ} [المائدة: 3] (¬2) . س: ما الدليل على أن الإنابة عبادة؟ ج: قوله تعالى {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ} [الزمر: 54] (¬3) الآية. س: ما الدليل على أن الاستعانة عبادة؟ ج: قوله تعالى {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] وفي الحديث (إذا استعنت فاستعن بالله) . س: ما الدليل على أن الاستعاذة عبادة؟ ج: قوله تعالى {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ - مَلِكِ النَّاسِ} [الناس: 1 - 2] س: ما الدليل على أن الاستغاثة عبادة؟ ج: قوله تعالى {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ} [الأنفال: 9] (¬4) . س: ما الدليل على أن الذبح عبادة؟ ج: قوله تعالى ¬

(¬1) سورة االأنبياء آية: 90. (¬2) سورة المائدة آية: 3. (¬3) سورة الزمر آية: 54. (¬4) سورة الأنفال آية: 9.

الأصل الثاني معرفة دين الإسلام ومراتبه وأركانه

{إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ - لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام: 162 - 163] (¬1) ومن السنة قوله عليه الصلاة والسلام: «لعن الله من ذبح لغير الله» . س: ما الدليل على أن النذر عبادة؟ ج: قوله تعالى {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا} [الإنسان: 7] (¬2) . [الأصل الثاني معرفة دين الإسلام ومراتبه وأركانه] س: ما الأصل الثاني؟ ج: معرفة دين الإسلام بالأدلة. س: ما هو دين الإسلام؟ ج: هو الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، والبراءة من الشرك وأهله. س: كم مراتب دين الاسلام؟ ج: مراتبه ثلاثة (الإسلام، والإيمان، والإحسان) وكل مرتبة لها أركان. س: كم أركان الإسلام؟ ج: خمسة: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم ¬

(¬1) سورة الأنعام آية: 162. (¬2) سورة الإنسان آية: 7.

رمضان، وحج بيت الله الحرام. س: ما دليل شهادة أن لا إله إلا اللهّ؟ ج: قوله تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران: 18] (¬1) . س: ما معنى لا إله إلا اللهّ؟ ج: معناه لا معبود بحق إلا الله وحده. س: ما المقصود بلا إله؟ ج: المقصود نفي جميع ما يعبد من دون الله. س: ما المقصود ب (إلا الله) ؟ ج: المقصود إثبات العبادة لله وحده لا شريك له في عبادته، كما أنه ليس له شريك في ملكه. س: ما تفسيرها الذي يوضحها؟ ج: قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ - إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ - وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الزخرف: 26 - 28] (¬2) وقوله تعالى ¬

(¬1) سورة آل عمران آية: 18. (¬2) سورة الزخرف الآيات: 26، 27، 28.

{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 64] (¬1) . س: ما دليل شهادة أن محمدًا رسول الله؟ ج: قوله تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 128] (¬2) وقوله تعالى {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح: 29] (¬3) . س: ما معنى شهادة أن محمداً رسول الله؟ ج: طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، وأن لا نعبد الله إلا بما شرع. س: ما دليل الصلاة والزكاة وتفسير التوحيد؟ ج: قوله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة: 5] (¬4) . س: ما دليل الصيام؟ ¬

(¬1) سورة آل عمران آية: 64. (¬2) سورة التوبة آية: 128. (¬3) سورة الفتح آية: 29. (¬4) سورة البينة آية: 5.

المرتبة الثانية من مراتب دين الإسلام وهي الإيمان وشعبه وأركانه

ج: قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183] (¬1) . س: ما دليل الحج؟ ج: قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران: 97] (¬2) . [المرتبة الثانية من مراتب دين الإسلام وهي الإيمان وشعبه وأركانه] س: ما المرتبة الثانية من مراتب دين الإسلام؟ ج: هي الإيمان. س: كم شعب الإيمان؟ ج: هي بضع وسبعون شعبة أعلاها قول (لا إله إلا الله) وأدناها (إماطة الأذى عن الطريق) والحياء شعبة من الإيمان. س: كم أركان الإيمان؟ ج: ستة " أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره ". س: ما الدليل على ذلك؟ ¬

(¬1) سورة البقرة آية: 183. (¬2) سورة آل عمران آية: 97.

المرتبة الثالثة من مراتب دين الإسلام وهي الإحسان والدليل على مراتب الدين الثلاثة

ج: قوله تعالى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ} [البقرة: 177] (¬1) الآية. س: ما دليل القدر؟ ج: قوله تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49] (¬2) . [المرتبة الثالثة من مراتب دين الِإسلام وهي الإحسان والدليل على مراتب الدين الثلاثة] س: ما المرتبة الثالثة من مراتب دين الِإسلام؟ ج: هي الإحسان وله ركن واحد. س: ما هو الإحسان؟ ج: هو أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك. س: ما الدليل على ذلك؟ ج: قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} [النحل: 128] (¬3) وقوله تعالى {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ - الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ - وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ - إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [الشعراء: 217 - 220] (¬4) وقوله تعالى ¬

(¬1) سورة البقرة آية: 177. (¬2) سورة القمر آية: 49. (¬3) سورة النحل الآية 128. (¬4) سورة الشعراء آية: 217- 220.

{وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ} [يونس: 61] (¬1) . س: ما الدليل من السنة على مراتب الدين الثلاثة؟ ج: حديث جبريل المشهور عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: «بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد، فجلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه وقال: يا محمد أخبرني عن الإسلام فقال: أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً، قال صدقت، فعجبنا له يسأله ويصدقه، قال: أخبرني عن الإيمان، قال " أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره " قال: أخبرني عن الإحسان، قال " أن تعبد الله كأنك تراه. فإن لم تكن تراه فإنه يراك " قال: أخبرني عن الساعة؟ قال: ¬

(¬1) سورة يونس آية: 61.

الأصل الثالث وهو معرفة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعمره وبعثته

" ما المسئول عنها بأعلم من السائل " قال أخبرني عن أماراتها، قال: " أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان " قال: فمضى، فلبثنا قليلاً. فقال " يا عمر أتدري من السائل "؟ قلت الله ورسوله أعلم، قال: هذا جبريل أتاكم ليعلمكم أمر دينكم» رواه مسلم في صحيحه. [الأصل الثالث وهو معرفة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعمره وبعثته] س: ما هو الأصل الثالث؟ ج: معرفة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وهو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم، وهاشم من قريش، وقريش من العرب والعرب من ذرية إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام. س: ما عمر النبي صلى الله عليه وسلم؟ ج: ثلاث وستون سنة منها أربعون قبل النبوة، وثلاث وعشرون نبياً رسولاً، نبئ ب (اقرأ) وأرسل (بالمدثر) وبلده مكة. س: بأي شيء بعثه الله؟ ج: بعثه الله بالنذارة عن الشرك وبالدعوة إلى التوحيد.

الهجرة وحكمها والدليل على بقائها

س: ما الدليل على ذلك؟ ج: قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ - قُمْ فَأَنْذِرْ - وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ - وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ - وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ - وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ - وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ} [المدثر: 1 - 7] (¬1) . س: ما معنى {قُمْ فَأَنْذِرْ} [المدثر: 2] ؟ ج: معناه أنذر عن الشرك وادع إلى التوحيد. س: ما معنى {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ - وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 3 - 4] ؟ ج: معناه عظم ربك بالتوحيد، وطهر أعمالك عن الشرك. س: ما معنى {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} [المدثر: 5] ؟ ج: معناه اهجر الأصنام، وهجرها تركها وأهلها والبراءة منها وأهلها. س: كم أخذ على هذا صلى الله عليه وسلم؟ ج: أخذ على هذا عشر سنين وبعدها عرج به إلى السماء وفرضت عليه صلى الله عليه وسلم الصلوات الخمس ليلتئذ، وبعدها أمر بالهجرة إلى المدينة المنورة. [الهجرة وحكمها والدليل على بقائها] س: ما هي الهجرة؟ ¬

(¬1) سورة المدثر الآيات: 1- 7.

ج: هي الانتقال من بلد الشرك إلى بلد الإسلام ومن بلد البدعة إلى بلد السنة. س: ما حكم الهجرة؟ ج: حكمها أنها فريضة على هذه الأمة من بلد الشرك إلى بلد الإسلام ومن بلد البدعة التي يدعوا أهلها إليها إلى بلد السنة وأنها باقية إلى أن تطلع الشمس من مغربها. س: ما الدليل على ذلك؟ ج: قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا - إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا - فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا} [النساء: 97 - 99] (¬1) وقوله تعالى: {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ} [العنكبوت: 56] (¬2) . ¬

(¬1) سورة النساء الآيات: 97 - 99. (¬2) سورة العنكبوت آية: 56.

س: ما سبب نزول هاتين الآيتين؟ ج: سبب نزول الآية الأولى أن قوماً من أهل مكة أسلموا وتخلفوا في الهجرة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وافتتن بعضهم وشهد مع المشركين حرب يوم بدر، فأبى الله قبول عذرهم فجازاهم جهنم، وسبب نزول الآية الثانية أن قوماً من المسلمين كانوا بمكة لم يهاجروا فناداهم الله باسم الإيمان وحضهم على الهجرة. س: ما الدليل على بقاء الهجرة في الحديث؟ ج: قوله صلى الله عليه وسلم: " «لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها» ". س: ما الذي أمر صلى الله عليه وسلم به بعد أن استقر بالمدينة؟ ج: أمر ببقية شرائع الإسلام من الزكاة والصوم والحج والآذان والجهاد وغير ذلك من شرائع الإسلام. س: كم أخذ على هذا صلى الله عليه وسلم؟ ج: أخذ على هذا عشر سنين وتوفي صلاة الله وسلامه عليه ودينه باق، وهذا دينه لا خير إلا دل الأمة عليه ولا شر إلا حذرها منه. س: ما الخير الذي دل الأمة عليه وما الشر الذي

بعثته إلى الناس كافة والدليل على ذلك

حذرها عنه؟ ج: الخير الذي دل الأمة عليه التوحيد وجميع ما يحبه الله ويرضاه والشر الذي حذرها عنه الشرك وجميع ما يكره الله ويأباه. [بعثته إلى الناس كافة والدليل على ذلك] س: هل بعثه الله لقبيلة مخصوصة أم لجميع الناس؟ ج: بعثه الله إلى كافة الناس وافترض طاعته على جميع الثقلين: الجن والإنس. س: ما الدليل على ذلك؟ ج: قوله تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} [الأعراف: 158] (¬1) وقوله تعالى {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ} [الأحقاف: 29] (¬2) الآية. س: هل أكمل الله به الدين أو أكمل بعده؟ ج: نعم كمل الله به الدين حتى لا يحتاج لشيء من الدين بعده. س: ما الدليل على ذلك؟ ج: قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3] (¬3) . ¬

(¬1) سورة الأعراف آية: 158. (¬2) سورة الأحقاف الآية: 29. (¬3) سورة المائدة آية: 3.

الدليل على موته والبعث بعد الموت والحساب والجزاء وحكم من كذب البعث

[الدليل على موته والبعث بعد الموت والحساب والجزاء وحكم من كذب البعث] س: ما الدليل على موته؟ ج: قوله تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ - ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ} [الزمر: 30 - 31] (¬1) . س: هل يبعث الناس بعد موتهم أم لا؟ ج: نعم يبعثون لقوله تعالى {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} [طه: 55] (¬2) وقوله تعالى {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا - ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا} [نوح: 17 - 18] (¬3) . س: هل الناس محاسبون ومجزيون بأعمالهم بعد البعث أم لا؟ ج: نعم محاسبون ومجزيون بأعمالهم بدليل قوله تعالى {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى} [النجم: 31] (¬4) . س: ما حكم من كذب البعث؟ ج: حكمه أنه كافر بدليل قوله تعالى {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [التغابن: 7] ¬

(¬1) سورة الزمر الآيات: 30 - 31. (¬2) سورة طه آية: 55. (¬3) سورة نوح آية: 17 - 18. (¬4) سورة النجم آية: 31.

ما أرسل به الرسل وذكر أول الرسل وإرسال الرسل إلى جميع الأمم

(¬1) . [ما أرسل به الرسل وذكر أول الرسل وإرسال الرسل إلى جميع الأمم] س: بأي شيء أرسل الله الرسل؟ ج: أرسلهم الله بالبشارة لمن وحد الله بالجنة وبالنذارة لمن أشرك بالله بعذاب النار. س: ما الدليل على ذلك؟ ج: قوله تعالى: {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: 165] (¬2) . س: من أول الرسل؟ ج: نوح عليه السلام. س: ما الدليل على ذلك؟ ج: قوله تعالى: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ} [النساء: 163] (¬3) . س: هل بقيت أمة لم يبعث الله لها رسولاً يأمرهم بعبادة الله وحده واجتناب الطاغوت؟ ج: لم تبق أمة إلا بعث إليها رسولا بدليل قوله تعالى {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل: 36] (¬4) . ¬

(¬1) سورة التغابن آية: 7. (¬2) سورة النساء آية: 165. (¬3) سورة النساء آية: 163. (¬4) سورة النحل آية: 36.

ما هو الطاغوت وذكر عدد الطواغيت

[ما هو الطاغوت وذكر عدد الطواغيت] س: ما هو الطاغوت؟ ج: هو ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع. س: كم عدد الطواغيت؟ ج: كثيرون ورؤوسهم خمسة: إبليس لعنه الله، ومن عبد وهو راض، ومن دعا الناس إلى عبادة نفسه، ومن ادعى شيئاً من علم الغيب، ومن حكم بغير ما أنزل الله [وقد أمرنا الله أن نكفر بها ونجتنب عنها ونكون من المسلمين] (¬1) . س: ما الدليل على ذلك؟ ج: قوله تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 256] (¬2) وقوله تعالى {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل: 36] (¬3) وقوله تعالى ¬

(¬1) من زيادة الناشر السابق محمد عبد الرؤوف المليباري. (¬2) سورة البقرة آية: 256. (¬3) سورة النحل آية: 36.

{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 64] (¬1) (¬2) وهذا معنى لا إله إلا الله، وفي الحديث: " رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله " والله أعلم. (تمت) ¬

(¬1) سورة آل عمران آية: 64. (¬2) من زيادة الناشر السابق.

ثانيا القواعد الأربع

[ثانيا القواعد الأربع] [مقدمة] القواعد الأربع بسم الله الرحمن الرحيم أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يتولاك في الدنيا والآخرة، وأن يجعلك مباركا أينما كنت، وأن يجعلك ممن إذا أعطي شكر، وإذا ابتلي صبر، وإذا أذنب استغفر، فإن هؤلاء الثلاث عنوان السعادة. اعلم أرشدك الله لطاعته أن الحنيفية ملة إبراهيم أن تعبد الله وحده مخلصا له الدين، كما قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56] (¬1) فإذا عرفت أن الله خلقك لعبادته فاعلم أن العبادة لا تسمى عبادة إلا مع التوحيد، كما أن الصلاة لا تسمى صلاة إلا مع الطهارة، فإذا دخل الشرك في العبادة فسدت كالحدث إذا دخل في ¬

(¬1) سورة الذاريات آية: 56 قال ابن كثير في تفسيره: أي إنما خلقتهم لأمرهم بعبادتي، لا لاحتياجي إليهم. أقول: ولا شك أن العالم خُلق على حالة صالحة للعبادة مستعدة لها حيث ركب سبحانه فيهم عقولا وجعل لهم حواس ظاهرة وباطنة إلى غير ذلك من وجود الاستعداد. علقه الشيخ محمد منير الدمشقى.

القاعدة الأولى إقرار الكفار الذين قاتلهم رسول الله بأن الله تعالى هو الخالق الرازق المدبر

الطهارة (¬1) كما قال تعالى {مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ} [التوبة: 17] (¬2) فإذا عرفت أن الشرك إذا خالط العبادة أفسدها وأحبط العمل وصار صاحبه من الخالدين في النار عرفت أن أهم ما عليك معرفة ذلك لعل الله أن يخلصك وينجيك من هذه الشبكة، وهي الشرك بالله الذي قال الله تعالى فيه: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 116] (¬3) وذلك بمعرفة أربع قواعد ذكرها الله تعالى في كتابه. [القاعدة الأولى إقرار الكفار الذين قاتلهم رسول الله بأن الله تعالى هو الخالق الرازق المدبر] القاعدة الأولى أن تعلم أن الكفار الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم مقرون بأن الله تعالى هو الخالق الرازق المدبر وإن ذلك لم يدخلهم في الإسلام [أي وأن مجرد الإقرار لم يدخلهم في الإسلام حتى يضيفوا إلى ذلك إفراد الله بالعبادة] (¬4) والدليل قوله تعالى: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ} [يونس: 31] (¬5) ¬

(¬1) وكالخل إذا خالط العسل أو السم إذا دخل في الجسم نعوذ بالله من ذلك. علقه الشيخ محمد منير الدمشقي. (¬2) سورة التوبة آية: 17. (¬3) سورة النساء آية: 116. (¬4) من زيادة الناشر السابق. (¬5) سورة يونس آية: 31.

القاعدة الثانية قول المشركين ما دعوناهم إلا لطلب القربة والشفاعة

[القاعدة الثانية قول المشركين ما دعوناهم إلا لطلب القربة والشفاعة] القاعدة الثانية أنهم: أي المشركين يقولون: ما دعوناهم [أي الأولياء] (¬1) وتوجهنا إليهم إلا لطلب القربة والشفاعة، فدليل القربة [أي فدليل أن دعاء الأولياء لقصد أن يقربوهم إلى الله شرك] (¬2) قوله تعالى {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} [الزمر: 3] (¬3) ودليل الشفاعة [أي ودليل أن دعاء الأولياء والتوسل بهم لقضاء الحاجات وتفريج الكربات واتخاذهم شفعاء عند الله شرك] (¬4) قوله تعالى {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [يونس: 18] (¬5) والشفاعة شفاعتان، شفاعة منفية، وشفاعة مثبتة، فالشفاعة المنفية ما كانت تطلب من غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله، والدليل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [البقرة: 254] ¬

(¬1) من زيادة الناشر السابق. (¬2) من زيادة الناشر السابق. (¬3) سورة الزمر آية: 3. (¬4) من زيادة الناشر السابق. (¬5) سورة يونس آية: 18.

(¬1) والشفاعة المثبتة هي التي تطلب من الله، والشافع مكرم بالشفاعة والمشفوع له من رضي الله قوله وعمله بعد الإذن [وهذه الشفاعة لا تطلب إلا من الله وحده لأنها ملك لله وحده فمن طلبها من غير الله فقد أشرك وأتى بما يناقض طلبه ويمتنع عليه حصوله لأن الله لا يرضى إلا التوحيد ولا يأذن للشفاعة إلا للموحدين] (¬2) قال تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [البقرة: 255] (¬3) ¬

(¬1) سورة البقرة آية: 254. قال الحافظ عماد الدين المشهور بابن كثير في تفسير هذه الآية: يأمر الله تعالى عباده بالإنفاق مما رزقهم في سبيله سبيل الخير ليدخروا ثواب ذلك عند ربهم ومليكهم وليبادروا إلى ذلك في هذه الحياة الدنيا من قبل أن يأتي يوم - يعني يوم القيامة - لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة، أي لا يباع أحد من نفسه ولا يفادى بمال لو بذله ولو جاء بملء الأرض ذهباً، ولا تنفعه خلة أحد - يعنى صداقته - بل ولا نسابته كما قال تعالى (فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ) ولا شفاعة أي ولا تنفعهم شفاعة الشافعين، وقوله تعالى: (وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ) مبتدأ محصور في خبر، أي ولا ظالم أظلم ممن وافى الله يومئذ كافراً، وقد روى ابن أبي حاتم عن عطاء بن دينار أنه قال: الحمد لله الذي قال (والكافرون هم الظالمون) ولم يقل والظالمون هم الكافرون، والله أعلم. علقه الشيح محمد منير الدمشقي. (¬2) من زيادة الناشر السابق. (¬3) سورة البقرة آية: 255. أي لا يتجاسر أحد على أحد يشفع لأحد عند الله إلا بإذنه له في الشفاعة لعظمته تعالى وجبروت كبريائه كما في حديث الشفاعة (آتي تحت العرش فأخر ساجداً فيدعني ما شاء الله أن يدعني ثم يقال: ارفع رأسك، وقل تسمع، واشفع تشفع، فيحد لي حداً فأدخلهم الجنة) والله أعلم. علقه الشيخ محمد منير الدمشقي.

القاعدة الثالثة ظهور النبي صلى الله عليه وسلم في أناس متفرقين في عبادتهم

{وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} [الأنبياء: 28] (¬1) و {قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا} [الزمر: 44] (¬2) . [القاعدة الثالثة ظهور النبي صلى الله عليه وسلم في أناس متفرقين في عبادتهم] القاعدة الثالثة أن النبي صلى الله عليه وسلم ظهر في أناس متفرقين في عبادتهم، منهم من يعبد الملائكة، ومنهم من يعبد الأنبياء والصالحين ومنهم من يعبد الأشجار والأحجار ومنهم من يعبد الشمس والقمر. وقاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يفرق بينهم، والدليل قوله تعالى {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} [الأنفال: 39] (¬3) ودليل الشمس والقمر [أي دليل أن عبادة الشمس والقمر وسائر الكواكب واعتقاد أن لها تأثيراً وتصرفات في حوادث العالم السفلي شرك] (¬4) قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [فصلت: 37] (¬5) ودليل الملائكة [أي ودليل أن عبادة الملائكة شرك] (¬6) قوله تعالى: ¬

(¬1) سورة الأنبياء الآية 28. (¬2) سورة الزمر الآية 44. (¬3) سورة الأنفال آية: 39. (¬4) من زيادة الناشر السابق. (¬5) سورة فصلت آية: 37. (¬6) من زيادة الناشر السابق.

{وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا} [آل عمران: 80] (¬1) ودليل الأنبياء [أي ودليل أن عبادة الأنبياء ودعاءهم شرك] (¬2) قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ} [المائدة: 116] (¬3) ودليل الصالحين [أي ودليل أن عبادة الأولياء والصالحين بدعائهم والاستغاثة بهم والتوسل بهم شرك بالله تعالى سبحان الله وتعالى عما يشركون] (¬4) قوله تعالى {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} [الإسراء: 57] (¬5) ودليل الأشجار والأحجار [أي ¬

(¬1) سورة آل عمران آية: 80. قال الحافظ ابن كثر في تفسيره أي ولا يأمركم بعبادة أحد غير الله لا نبي مرسل ولا ملك مقرب أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون أي لا يفعل ذلك إلا من دعا إلى عبادة غير الله، ومن دعا إلى عبادة غير الله، فقد دعا إلى الكفر، والأنبياء إنما يأمرون بالإيمان وهو عبادة الله وحده لا شريك له، كما قال تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) وقوله أرباباً أي آلهة من دون الله، والله أعلم. (¬2) من زيادة الناشر السابق. (¬3) سورة المائدة آية: 116. (¬4) من زيادة الناشر السابق. (¬5) سورة الإسراء آية: 57. روى البخاري بسنده عن عبد الله في قوله تعالى: (أُولَئِكَ الَّذِينَ) الآية، قال ناس من الجن كانوا يعبَدُون فأسلموا وعنه أيضَاَ قال: نزلت في نفر من العرب كانوا يعبدون نفراً من الجن فأسلم الجنيون، والإنس الذين كانوا يعبدونهم لا يشعرون بإسلامهم، فنزلت هذه الآية، والله أعلم. علقه الشيخ محمد منير الدمشقي.

ودليل أن التبرك بالأشجار والأحجار وبقبور الأولياء والنذر والذبح لها لقضاء الحاجات وتفريج الكربات والتبرك بالعكوف والتعبد عندها والتبرك بأستارها وأترابها شرك] (¬1) قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى - وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى} [النجم: 19 - 20] (¬2) . ¬

(¬1) من زيادة الناشر السابق. (¬2) سورة النجم آية: 19. يقول الله تعالى ذلك مقرعا المشركين في عبادتهم الأصنام والأوثان والأنداد واتخاذهم لها البيوت مضاهاة للكعبة التي بناها خليل الرحمن عليه السلام، وكانت اللات صخرة بيضاء منقوشة وعليها بيت بالطائف له أستار وخدمة وحوله فناء معظم عند أهل الطائف وهم ثقيف ومن تابعها يفتخرون بها على من عداهم من أحياء العرب بعد قريش، والعزى كانت شجرة عليها بناء وأستار بنخلة وهي بين مكة والطائف وكانت قريش تعظمها، ولذلك قال أبو سفيان يوم وقعه أحد: لنا العزى ولا عزى لكم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: " قولوا الله مولانا ولا مولى لكم "، ومناة كانت بالمشلل عند قديد بين مكة والمدينة، وكانت خزاعة والأوس والخزرج في جاهليتهم يعظمونها ويهلون منها للحج إلى الكعبة، فبعث النبي صلى الله عليه وسلم أناسا من الصحابة رضي الله عنهم إلى هدمها، فأرسل خالد بن الوليد سيف الله على المشركين إلى العزى فهدمها وجعل يقول: يا عز كفرانك لا سبحانك ... إني رأيت الله قد أهانك وأرسل المغيرة بن شعبة وأبا سفيان صخر بن حرب إلى اللات فهدماها، وجعلا مكانها مسجداً بالطائف، وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مناة أبا سفيان صخر بن حرب فهدمها، ويقال هدمها علي بن أبي طالب. فالنبي صلى الله عليه وسلم جاء بالدين الحق، وإخلاص العبودية، وإفراد المعبود بالحق، وإبطال العادات القبيحة، وكل ما يشوبه شيء من الشرك، وجرى على ذلك أصحابه العظام وتابعوه الكرام من بعده إلى أن اختلط الحابل بالنابل واستحوذ الشيطان وغواة الباطل على عقول كثير من المسلمين، فجددوا عبادة الأوثان لا سيما في عصرنا الحاضر عصر الجهل المركب والصور المزخرفة، فلقد طم البلاء وعم، والعلماء ساكتون إلا من شاء الله، فإنا لله وإنا إليه راجعون. علقه الشيخ محمد منير الدمشقى.

وحديث أبي واقد الليثي رضي الله عنه قال: «خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى حنين، ونحن حدثاء عهد بكفر، وللمشركين سدرة يعكفون عندها وينوطون بها أسلحتهم يقال لها ذات أنواط فمررنا بسدرة فقلنا يا رسول الله: اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الله أكبر إنها السنن، قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى:

القاعدة الرابعة مشركو زماننا أغلظ شركا من الأولين

{اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} [الأعراف: 138] لتركبَنّ سنن من كان قبلكم، أي النصارى واليهود» (¬1) رواه الترمذي. [القاعدة الرابعة مشركو زماننا أغلظ شركاً من الأولين] القاعدة الرابعة أن مشركي زماننا أغلظ شركاً من الأولين لأن الأولين يشركون في الرخاء ويخلصون في الشدة، ومشركوا زماننا شركهم دائماً في الرخاء والشدة والدليل قوله تعالى: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} [العنكبوت: 65] (¬2) . [لذا نرى كثيراً ممن يعبدون الأولياء وأضرحة المشايخ والسادة يخلصون في الشرك بدعائهم والاستغاثة بهم في ¬

(¬1) الحديث أخرجه الترمذي وصححه، وقوله حدثاء عهد بكفر " أي قريب عهدهم بالكفر والخروج منه والدخول في دين الإسلام، فلم يتمكن الإسلام من قلوبهم، وقوله ينوطون أي يعلقون بها أسلحتهم تبركاً بها وتعظيماً لها، وقوله " ذات أنواط " هو جمع نوط مصدر سمي به المنوط، أي المعلق، ظنوا أن هذا الأمر محبوب عند الله فقصدوا التقرب به إليه سبحانه وإلا فهم أجل قدراً من أن يقصدوا مخالفة النبي صلى الله عليه وسلم، وباقي الحديث مع شرحه لنا مذكور في كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد، فارجع إليه فإنك تجد ما يسرك، والله أعلم. وعلقه الشيخ محمد منير الدمشقي. (¬2) سورة العنكبوت آية: 65.

حال الشدة والرخاء، بل ربما أن بعضهم ليزداد في الشرك كلما اشتد بهم البلاء، بخلاف المشركين الأولين فإنهم كانوا يشركون بالله في حال الرخاء والسرور، وفي حال الشدة كانوا يخلصون الدعاء والتضرع إلى الله نطق بذلك القرآن الكريم، ومشركو زماننا شركهم في الرخاء والشدة دائم يدعون الأولياء ويستغيثون بهم في كل وقت، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل. ويقول عز وجل {قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ} [الزمر: 38] (¬1) ويقول: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلا مَا تَذَكَّرُونَ} [النمل: 62] (¬2) ويقول: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ - إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} [فاطر: 13 - 14] ¬

(¬1) سورة الزمر آية: 38. (¬2) سورة النمل آية: 62.

(¬1) ويقول: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ - وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} [الأحقاف: 5 - 6] (¬2) . والله الموفق وهو الهادي إلى الصراط المستقيم ولا حول ولا قوة إلا بالله (¬3) ¬

(¬1) سورة فاطر آية: 13 - 14. (¬2) سورة الأحقاف آية: 5 - 6. (¬3) من زيادة الناشر السابق.

ثالثا عقيدة السلف الصالح

[ثالثا عقيدة السلف الصالح] عقيدة السلف الصالح للشيخ المحدث محمد الطيب بن إسحاق الأنصاري المدني بسم الله الرحمن الرحيم وبعد. . فإني أعتقد أن الله إله واحد لا إله إلا هو فرد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد. وأنه لا يستحق شيئاً من أنواع العبادة غيره، وأن من صرف شيئاً من أنواع العبادة لغيره فهو مشرك كافر، والعبادة هي: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال كأركان الإسلام الخمسة، الدعاء والرجاء، والخوف والتوكل والرغبة والرهبة، والاستعانة والاستغاثة والذبح والنذر، وغير ذلك من أنواع العبادة، وأنه سبحانه موصوف ومسمى بجميع ما وصف به نفسه وسماه به، وما وصفه وسماه به رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء الحسنى والصفات العليا وصفاً حقيقياً لا مجازاً، ومنه استواؤه على عرشه أي علوه عليه بذاته بلا كيف ولا تشبيه ولا تمثيل كما

قال تعالي {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] (¬1) وأنه متكلم بكلام قديم النوع حادث الآحاد كما نقل عن السلف أنهم يقولون لم يزل متكلماً ويتكلم إذا شاء، ومن كلامه القرآن، وهو اللفظ المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم للتعبد به والإعجاز، الذي سمعه جبريل عليه السلام من الله تعالى بلا واسطة وأنزل على محمد صلى الله عليه وسلم بحروفه ومعانيه كما سمعه من ربه عز وجل، وليس هو بعبارة من جبريل ولا محمد صلى الله عليه وسلم وكيفما تصرف فهو كلام الله وأنه سبحانه يتكلم بحرف وصوت كما نادى موسى لما أتى الشجرة {إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى} [طه: 12] (¬2) وينادي عباده يوم القيامة بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب " أنا الملك أنا الديان " وأن مثل هذا مما يخاطب به رسله وملائكته ومن شاء من عباده أو ينزل عليهم من كتبه من آحاد كلامه غير الأزلي، ولكنه غير مخلوق لأنه من صفاته وصفاته كلها غير مخلوقة، وأنه سبحانه يحب ويرضى ويكره وينزل، ويحيي ويميت ويسخط ويفرح بتوبة عبده ¬

(¬1) سورة طه آية: 5. (¬2) سورة طه آية: 12.

أشد فرح، وأنه سبحانه يراه المؤمنون يوم القيامة بأبصارهم دلت عليه الآيات والأحاديث الصحيحة، وكل هذا وما أشبهه صفات له حقيقية لا مجازية - كما أثبتها الكتاب والسنة. كما قَال تعالى {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ - اللَّهُ الصَّمَدُ - لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ - وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص: 1 - 4] فهذا ما نعتقده وندين الله في أسمائه وصفاته بلا تكييف، ولا تشبيه ولا تمثيل ولاتعطيل كما قال تعالى {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11] (¬1) ونشهد أن محمداً عبده ورسوله إلى جميع الثقلين الجن والِإنس، وأنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة، ونصح الأمة، ولم يزل مجاهداً في سبيل الله حتى كمل الله به الدين كما قال تعالى {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3] (¬2) ثم استأثر به ربه وألحقه بالرفيق الأعلى، وفارق الدنيا وأهلها وأنه لا يؤمن أحد حتى يكون هواه تبعاً لما جاء به، وحتى يكون هو أحب إليه من نفسه وولده والناس أجمعين، وأن معنى محبته صلى الله عليه وسلم طاعته فيما أمر وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، ¬

(¬1) سورة الشورى آية: 11. (¬2) سورة المائدة الآية 3.

وأن لا يعبد الله إلا بما شرع، لا إطراؤه والغلو فيه ورفعه عن منزلته التي أنزله الله عز وجل بدعائه والاستغاثة به فقد قال صلى الله عليه وسلم: «الدعاء هو العبادة» وقال عليه الصلاة والسلام «إنه لا يستغاث بي وإنما يستغاث بالله عز وجل» وأن الاستغاثة به - فضلا عن غيره من الأولياء وأصحاب المشاهد - شرك بالله تعالى، والتعلق بغير الله تعالى في جلب خير أو دفع شر، استقلالاً أو توسيطاً: شرك [أي وأن تعلق القلب بالأولياء أو الجن بالتوكل عليهم والالتجاء إليهم ومراقبة روحانياتهم بأنواع من النسك في قضاء الحاجات وتفريج الكربات شرك بالله تعالى سواء كان ذلك باسم الطلسمات أو التوسلات كل ذلك شرك وضلال ما أنزل الله الكتاب ولا أرسل الرسول إلا لإبطالها وإبادة جذورها وتطهير القلوب منها فلا حول ولا قوة إلا بالله] (¬1) ونعتقد أن الملائكة وكتب الله حق، والنبيين حق، والبعث بعد الموت حق، والجنة حق، والنار حق، ونؤمن ¬

(¬1) زيادة من الناشر السابق.

أن الميزان حق، وأن حوض نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حق، لا يظمأ من شرب منه، ويذاد عنه من بدل وغير، ونؤمن بالقدر خيره وشره، ونعتقد أن شفاعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وجميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام والصالحين حق لكن بعد إذن الله للشافع. ورضاه عن المشفوع له قال تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [البقرة: 255] (¬1) وقال تعالى {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} [الأنبياء: 28] (¬2) وأن نبينا صلى الله عليه وسلم هو أول شافع وأول مشفع وأنه قد خص بشفاعات لا يشاركه فيها غيره: أولها الشفاعة في فصل القضاء وهو المقام المحمود الذي يغبطه به الأنبياء والمرسلون. ومنها الشفاعة في إخراج من أدخل النار (¬3) . ¬

(¬1) سورة البقرة الآية 255. (¬2) سورة الأنبياء الآية 28. (¬3) الصواب أن الشفاعة في إخراج من دخل النار بذنوبه ليست خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم بل هي من الشفاعة المشتركة كما يعلم ذلك من الأحاديث المستفيضة عن النبي صلى الله عليه وسلم وإنما الذي يخصه عليه الصلاة والسلام بعد الشفاعة العظمى الشفاعة في دخول أهل الجنة كما صرح به الحديث عنه عليه الصلاة والسلام، وهكذا الشفاعة في تخفيف العذاب عن عمه أبي طالب من خصائصه عليه الصلاة والسلام والله الموفق. قاله عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد. عفا الله عنه، ووفقه لكل خير.

ومنها الشفاعة في تسريحهم إلى الجنة بعدما نقوا وهذبوا. ونعتقد أن خير القرون القرن الذين اجتمعوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤمنين به وهم أصحابه، ثم الذين اتبعوهم بإحسان كما قال صلى الله عليه وسلم: «خير القرون قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم» . ونعتقد أن أحسن الكلام كلام الله تعالى وخير الهدى هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة. هذا ولولا خشية الِإطالة لأتينا بدليل كل مسألة من هذه المسائل من كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام وإجماع السلف الصالح. ونسأل الله تعالى أن يهدينا صراطه المستقيم في جميع الأقوال والأعمال ويعصمنا من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن ويثبتنا ويتوفانا على الإسلام. وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم. هذه العقيدة السلفية التي كتبها الشيخ محمد الطيب بن إسحاق الأنصاري بالمدينة المنورة سنة 1358 هـ المتوفى بها في 7 / 6 / 1363 هـ نصيحة وذكرى لنفسه ولإخوانه المسلمين رحمه الله تعالى.

§1/1