أشعار أولاد الخلفاء وأخبارهم

الصولي

بسم الله الرحمن الرحيم

بسم الله الرحمن الرحيم قال أبو بكر محمد بن يحيى بن عبد الله بن العباس الصولي: قد فرغنا من أشعار الخلفاء وأخبارهم. وهذه أشعار أولاد الخلفاء وأخبارهم، ثم نتبعهم بأشعار سائر بني العباس، ثم نتبع ذلك بأشعار ولد أبي طالب، ثم أشعار من بقى من بني هاشم إن شاء الله. أبو عَبْد الله مُحَمَّدُ بن أبي العَبَّاس السَّفَّاح له شعر قليل، وكان المنصور ولاه إمارة البصرة في أول خلافته وأمه أم سلمة بنت يعقوب بن سلمة بن عبد الله بن الوليد بن المغيرة المخزومي. حدّثنا الحسن بن عُليَل العنزي قال حدثني إسحاق بن عبد الله الحمراني، قال ولي المنصور محمد بن أبي العباس البصرة فقدمها ومعه حماد بن عمر المعروف بعجرد مولى بني عقيل. وكان كثير الطيب يملأ لحيته بالغاية إذا ركب، فلقبوه بأبي الدِّبس وفيه يقول بعض أهل البصرة يهجوه: صِرنا مِنَ الرِّبح إلَى وَكْسِ ... إذْ وَلِيَ المصْرَ أَبو الدِّبْسِ ما شِئْتَ مِنْ لَوْمٍ عَلَى نَفْسِهِ ... وَجِنْسُهُ مِنْ أَكْرَمِ الجِنْسِ

حدثنا أبو خلفية الفضل بن الحباب، قال حدثنا التوجي قال: مر أعرابي بحماد عجرد، وهو يلعب مع الصبيان في يوم شديد البرد وهو عريان، فقال تعجردت يا غلام، قسمى عجردا قال أبو حليفة والمتعجرد المتعري والعجرد أيضا الذهب حدثني يحيى بن علي قال حدثني أبي عن إسحاق الموصلي قال: كان حماد عجرد في ناحية محمد بن أبي العباس أمير المؤمنين وهو أدبَّه وكان محمد يهوي زينب بنت سليمان بن على لما قدم البصرة أميرا عليها من قبل عمه أبي جعفر المنصور، فخطبها فلم يزوجوه لشيء كان في عقله، وكان حماد عجرد، وحكم الوادي المغنى ينادمانه، فقال محمد لحماد قل فيها شعرا، فقال حماد على لسان محمد، وغنى فيه حكم الوادي في طريقه خفيف الثقيل ليس عن يحيى الطريقة زَيْنَبُ ماذَنْبِي ومَاذا الذَّي ... غَضِبْتُمْ فيِه وَلَمْ تُغْضَبُوا وَاللهِ ما أَعْرِفُ لِي عِنْدَكُمْ ... ذَنْباً فَفِيمَ الهَجْرُ يا زَيْنَبُ فجعل أهل البصرة يغنون فيه، فلما مات محمد بن أبي العباس طلب محمد بن سليمان أخو زينب بنت سليمان حماداً ليقتله، فهرب منه واستجار بقبر سليمان بن علي، وكتب إلى محمد.

مِنْ مُقِرّ بِالذَّنْبِ لَم يُوجِبِ اللهُ ... عَلَيْهِ بِسَىِّءٍ إقرارَا يا ابْنَ بِنْتِ النَّبِيِّ إنِّيَ لاَ أَجْعَلُ إلاَّ إلَيْك مِنْكَ الْفِرارَا وهي أبيات كثيرة، فلم يؤمنه فرجع إلى جعفر بن أبي جعفر المنصور فأجاره وقال لا أرضى أو تهجو محمد بن سليمان فهجاه فقال: قُلْ لِوَجْه اَلخِصيِّ ذِي اْلعارِ إنِّي ... سَوْفَ أُهْدي لزَيْنَبَ الأْشْعارا وهي أبيات، وسنحكم هذا في أخبار حماد عجرد إذا ذكرناه إن شاء الله. حدثنا الحسن بن يحيى الكاتب قال سمعت عمرو بن بانة يقول من شعر محمد بن أبي العباس في زينب بنت سليمان: قُولاَ لِزَيْنَبَ أَوْ رَأَيْتِ تَشَوُّقِي لَكِ وَاشْتِرافِي وَتَلُّفتِي خَوْفَ الْوُشا ... ةِ وَكانَ حُبُّكِ غَيْرَ خاِف قال وفيه لحكم الوادي لحن فيه في طريقة الثقيل الأول، ومن أشعار محمد فيها: أَحْبَبْتُ مَنْ لاَ ُينْصفُ ... وَرَجَوْتُ مَنْ لاُ يُسْعِفُ نَسَبٌ تَلِيدٌ بَيْنَنَا ... ووَدِادُنا مُسْتَطْرَفُ

بِاللهِ أَحلِفُ جاهداً ... وَمُصَدَّقٌ مَنْ يَحْلِفُ إنِّي لأَكْتُمُ حُبَّها ... جَهْدي لَمِا أَتَخَوَّفُ وَالْحُبُّ يَنْطِقُ إنْ سَكَتُّ ... بِما أُجِنُّ وَيُعْرَفُ فأما قوله المشهور فيها وقد روى لحماد عجرد مما يرويه أكثر الناس له أنشدنيه أبو ذكوان وأبو حليفة والغلابي لمحمد بن العباس. يا قَمَرَ الُمِربَد قَدْ هِجْتَ لِي ... شَوْقاً فَما أَنْفَكُّ بِالُمرَبِد أُراِقُد الفْرَقْدَ منْ حُبِّكُمْ ... كأَنَّني وكُلِّتُ بِالفْرَقْدِ أَهيمُ لَيْلِي وَنَهارِي بِكُمْ ... كَأَننَّيِ مِنْكُمْ عَلَى مَوْعِدِ عُلِّقْتُها رِيَّ الشَّوَى طِفْلةً ... قَرِيبةَ اَلْموَلْدِ مِنْ موَلْدِي جَدِّي إذا ما نُسِبَتْ جَدُّها ... فِي الْحَسَبِ الثَّاقِبِ وَالُمَحْتِدِ سَوْفَ أُوافِي حُفْرَتِي عاجِلاً ... يامُنْيِتي إنْ أَنْتِ لَمْ تُسعِدي وَاللهِ لا أَنْساكِ فيِ خَلْوةٍ ... يا نُورَ عَيِني وَلا مَشهَدِ حدثني أحمد بن علي قال لما قال عمرو بن سندي مولى ثقيف في حماد عجرد، ويعرض بمحمد بن أبي العباس

ما امْرُؤٌ يَصْطَفِيكَ يا عُقْدَةَ الْكَلْبِ لاِ يداعِ سِرِّه بِبَصيِر لا وَلا مَجْلْسٌ أَجَنَّكَ للِذَّا ... تِ يا عَجْرَدَ الْخَنا بِسَتيِر قال المنصور لمحمد بن أبي العباس ما لي ولعجرد يدخل عليك حدثنا الحارث بن أبي أسامة قال حدثنا المدائني قال كان محمد بن أبي العباس نهاية في الشدة، فعاتبه المهدي فغمز محمد بركابه حتى انضغطت رجل المهدي في الركاب، فلم يخرج حتى رد محمد الركاب بيده فأخرجها، وولاه عمه المنصور إمارة البصرة سنة سبع وأربعين ومائة، فخطب زينب بنت سليمان فلم يزوجوه إياها ولم ترده، فكان يعمل فيها الأشعار فمن شعره فيها: قُولاَ لِزيَنْبَ لَوْ رَأَيْ ... تِ تَشَوُّقي لَكِ وَاشْترافيِ وَتَلَذُّذِي كَيْما أَراِك ... وَكانَ شَخْصُكِ غَيْرَ خافِ وَوَجَدْتُ رِيحَكِ ساطِعاً ... كَالْبيْتِ جُمِّرَ للطَّوافِ وَتَرَكْتِنِي وَكَأَنَّما ... قَلْبِي يُغَرَّزُ بِالأْشافِي حدثنا الغلابي قال حدثنا عبد الله بن الضحاك عن هشام ابن محمد قال دخل دحمان المغنى بني مخزوم ويعرف بالأشقر على محمد بن أبي العباس وعنده حكم الوادي ونسب إلى ذلك لأنه من وادى فأحضر محمد عشرة آلاف درهم وقال من سبق

منكما إلى صوت يطربني فهذه له فابتدأ دهمان فغنى شعر قيس بن الحطيم في طريقة الثقيل الأول: حواء ممكورة منعمة ... كالماء شق وجهها نزف فلم يهش له مغنى حكم الوادي في شعر لمحمد قوله في زينب في لحن خفيف: زَيْنَبُ مالِي عَنْكِ مِنْ صَبْرِ ... وَلَيْسَ لِي مِنْكِ سِوَى الهَجْرِ وَجْهُكِ وَاللهِ وَإنْ شَفَّنِي ... أَحْسَنُ مِنْ شَمْسٍ وَمِنْ بَدْرِ لَوْ أَبْصَرَ الْعاِذلُ مِنْكِ الَّذِي ... أَبْصَرْتُهُ أَسْرَعَ باْلعُذْرِ فطرب وضرب برجله وقال خذها، وأمر لدحمان بخمسة آلاف درهم، وفي غير هذا الخبر: أنه سمي حكم الوادي لكثرة غنائه. حدثنا أبو ذكوان قال حدثنا العتبي قال كان محمد بن أبي العباس جواداً قوياً وكان يلوي العمود ويلقيه إلى أخته ريطة فترده، قال وكان ممدحا، وفيه يقول حماد عجرد: أَرْجُوكَ بَعْدَ أَبِي اْلَعَّبِاس إْذ بانَا ... يا أَكْرَمَ النَّاسِ أعْراقاً وَعِيدَانا فَأَنْتَ أَكْرَمُ مَنْ يَمشِي عَلَىَ قَدمٍوَأَنْضَرُ النَّاسِ عِنْدَ الَمْحِل أَغْصانا لَوْ مَجَّ عُودٌ عَلَى قَوْمٍ غَضارَتَهُ ... لَمَجَّ عُودُكَ فِينا المِسْكَ والَبْانَا

ومما يغنى فيه من شعر محمد وهو عندي من ملح كلامه أنشدنيه أبو موسى محمد بن موسى مولى بني هاشم بالبصرة سنة أربع وسبعين ومائتين: أَسْعِدِ الصَّبَّ يا حَكَمْ ... وَأَعنْهُ عَلَى الأْلَمْ وَأَدِرْ فِي غِناِئِه ... نَغَماً تُشْبِهُ النَّعَمْ أَجَمِيلٌ بِأَنْ تُرَى ... نائِماً وَهْوَ لَمْ يَنمْ لائِمي فِي هَوَى زَيْنَبَ أَنْصِفْ وَلا تَلُمْ لَبِسَ الجِسْمُ حُلَّةً ... فِي هَواها مِنَ السَّقَمْ ومن شعره بِنَفْسيَ مَنْ مَنَعَتْ نَفْعَها الْمُحِبَّ ومَا مَنَعَتْ ضَيْرَها لَها صَفْوُ وُدِّي وَلِكنَّنِي ... حُرِمْتُ عَلىَ وُدِّها خَيْرَها سَقَتْني عَنْ غَيْرِها سَلْوَةً ... فَلَسْتُ أَرَى حَسَناً غَيْرَها حدثنا الغلابي قال حدثنا محمد بن عبد الرحمن قال لما أراد محمد ابن أبي العباس الخروج من البصرة قال: أَيا وَقْفَةَ الْبَيْنِ ماذا شَبَبْتِ مِنَ النَّارِ في كَبِدِ المُغْرَمِ رَمَيْتِ جَواِنحهُ إذْ رَمَيْتِ ... بِقَوْسٍ مُشَدَّدَةِ الأْسُهِم

أبو أيوب سليمان بن المنصور

وَقَفْنا لِزَيْنَبَ يَوْمَ الْوَداعِ ... عَلَى مِثْلِ جَمْرِ الْغَضا الْمُضْرَمِ فَمِنْ صَرْفِ دَمْعٍ جَرَى لْلِفِرا ... قِ وَمُمْتَزِجٍ بَعْدَهُ بِالَّدمِ ومات محمد بن أبي العباس في أول سنة خمسين ومائة، فقال حماد عجرد يرثيه: صِرْتُ للدَّهْرِ خاشِعاً مُسْتَكِينا ... بَعْدَما كُنْتُ قَدْ قَهَرْتُ الدُّهُورا حِينَ أَوْدَى الأْمِيرُ ذاَك الذَّيِ ... كُنْتُ بِه حَيْثُ كُنْتُ أُدْعَى أمِيرا كُنْتُ فِيما مَضَى أُجِيرُ بِه الدَّهْرَ فَأَصْبَحْتُ بَعْدَهُ مُسْتَجِيرا ياسَمَّي الَّنِبِّي يا اْبَن أِبي الْعَبَّاِس حَقَّقتَ عِنِدي الْمَحْذُورا سَلَبَتْنِي المَنُونُ إْذ سَلَبْتِنيكَ سُرُورِي فَلَسْتُ أَرْجُو سُرُورا لَيْتَنِي مُتُّ حِينَ مُتَّ لا بَلْ ... لَيتْنَيِ كُنْتُ قَبْلَكَ المَقْبُورا أَنْتَ ظَلَّلْتَنِي الْغَمامَ بِنُعْما ... كَ وَوَطَّأْتَيِ وِطاَء وَثيِرا لَمْ تَدَعْ إذْ مَضَيْتَ فِينا نَظِيراً ... مِثْلَ ما َلْم يَدَعْ أَبوكَ نَظِيرا أبُو أيّوبَ سُلَيْمانُ بْنُ الَمْنصُور وأمه أم يعقوب وعيسى ابني المنصور فاطمة بنت محمد بن محمد

ابن عيسى بن طلحة بن عبيد الله قليل الشعر فصيح خطيب حدثنا محمد بن سعيد قال حدثنا محمد بن صالح قال: كتب سليمان ابن المنصور وهو يلي بعض الشام إلى محمد بن صالح بن بَيْهَسَ الكلابي حين ظهر المسمى بالسفياني كتاباً طويلاً يقول في آخره: أَتاكَ قَوْلُ مَهِيبٍ غَيْرِ مُهْتَضمِ ... حامِي الذِّمارَ مَنِيعِ الجَارِ وَالدِّمَمِ فَلْستُ لُبَّ بَنِي الْعَبَّاسِ إنْ سَلَمْتكِلابُ لَمْ أَغْشَها بِالصَّيْقَل الرَّقِمِ في عَسْكَرٍ قادَهُ منْ هاشم مَلٌك ... جاري الأْضاِ آة ثَبْتُ الْقَلْبِ وَاْلقَدَمِ حَتَّى أُغادرِها صَرعَي ومن لِمَنْ ... بَيْنَ المِنازِلِ وَالأْمْوال وَالحَرَمِ ثَوابَ ما فَعلوا إنِّي الزَّعِيمُ بِما ... فِيِه بَوارُهُمُ مِنْ عاجلِ النِّقَمِ حدثنا أبو الحسن الأسدي قال حدثني أبو هفان قال حدثني سعيد ابن هريم: قال اشترى سليمان بن المنصور جارية يقال لها ضعيفة بخمسة آلاف دينار، فبلغ المهدي خبرها فوجه إليه: يا أخي بحقي عليك إلا أخذت هذه العشرة الألف الدينار، وآثرتني بضعيفة عزمة مني عليك فأنفذها إليه، وقيل بل قسره على أخذها، ثم تتبعتها نفسه فسأل المهدي فيها، فلم يجبه فقال:

رَبِّي إِلَيْكَ المُشْتَكَى ... ماذا لَقِيتُ مِنَ الخَلِيفَةْ يَسَعُ الْبَريَّةَ عَدْلُهُ ... وَيَضِيقُ عَنِّي فيِ ضَعِيَفهْ عِلَقَ الْفُؤَادُ بِذِكْرها ... كَالْحِبِرْ يَعْلَقُ فِي الصَّحِيَفهْ لِي قِصَّةٌ فِي أَخْذِها ... وَخَدِيعَتِي عَنْها طَرِيفَهْ وهو القائل فيها، أنشدنيه أبو العباس المرشدي عن العنزي: أَللهُ يَعْلَمُ وَجْدِي ... بِمَنْ هَوِيتُ وَجَهْديِ وَأَنَّني حاِئرُ الْعَقْلِ لَسْتُ أُبْصرُ قَصْديِ يا قَوْمِ هَلْ مِنْ مُنادٍ ... عَلَى مُضَيِّعِ رُشْديِ مَنْ باعَ قُرْباً بِبُعْدٍ ... وَباعَ وَصْلاً بِصَدِّ هَلْ مِنْ مُجِيرٍ عَلَى ذا الإْ ... مامِ فِي اْلحُبِّ يُعْدِي يَقاتلُ المَنْعُ مِنْهُ ... بِلاَ سِلاَحٍ وَجُنْدِ حَتَّى يُقَرِّبَ مِنِّي الْحيَاةَ مِنْ بَعْدِ بُعْدِ َيُرُّد دينِي وَدُنْيا ... يَ عَاجِلاً أَوْ بِوَعْدِ ما كانَ طاِلعُ بَيْعِي ... لَها بطالعِ سَعْدِ ومن مشهور شعره فيها يخاطب المهدي قرأته بخط أبي المدور الوراق ورأيته في غير كتاب:

قُلْ لِلإماِم مَقالاً غَيْرَ مَجْحُودٍ ... يا أَعْرَقَ النَّاِس فِي مَجْدٍ وفِي جُودِ أَنْعِمْ عَلَيَّ وَلا تَبْخَلْ بِجارِيَةٍ ... أَوْدَى هَواها وَلَمْ يَظْلَمِ بِمَجْهودِي وَلا تُسْمنَي ظُلْماً فِي النِّعاجِ كَما ... خُبِّرْتَ عَنْ قصَّةِ الأَوَّابِ دَاوُدِ وَتُبْ كَما تابَ يا أَرْعَى الوْرَى نَسَباًوَاعْمَدْ لا بِرْاءِ صَبِّ الْقَلْبِ مَعْمودِ فَقَدْ تُرَى واجِداً ما تَشْتَهِي أَبَداً ... وَلَيْسَ ما أَشْتَهِى عِنْدي بِمَوْجُودِه ولاَ تَلُمْ قَلَقِي فيها وَلا جَزَعِي ... ما الصَّبْرُ عَنْ مِثْلهِا عِنْدِي بِمَحْمُودِ ومن أشعاره فيها: وَشاِدنٍ أَذْهَلَنِي فَقْدُهُ ... عَنْ لَذَّةِ اْلعَيْشِ وعَنْ طِيِبهِ نافَسَنِيهِ الدَّهْرُ حَتَّى لَقَدْ ... بَعَّدهُ مِنْ بَعْدِ تَقْريِبِهِ فَقُلْتُ لَمَّا هَدَّنِي فَقْدُهُ ... وَأَيقَنَ الْقَلْبُ بِتَعْذِيِبِه مَنْ ذا الذَّي يُوصلُ لِي لَحْظَهُ ... إلَى حَبِيِس الْقَصرِ مَحْجُوِبِه حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن إسحاق قال حدثني ابن أبي سعد قال حدثني أحمد بن عمران النسائي قال حدثني محمد بن عيسى الأواني قال دفع سليمان بن أبي جعفر رقعة منه إلى المهدي إلى ابنه موسى الهادي، وقال له: كلم أباك أن يرد على عمك جاريته ضعيفة، فكلمه فلم يفعل وقال: ولا كرامة، فبلغ سليمان قوله فقال: أُْعِقْبتُ مِنْ فِعْلِي النَّدامَهْ ... وَحَصَلْتُ فِيهِ عَلَى اْلعَرامَهْ

وَفقَدْتُ مِنْ فَقْدِي لَهُ ... فَقْدَ اِلكْتابَةِ وَالسَّلامَهْ وَأَنا شَكَوْتُ إلَى الذَّيِ ... وَرِثَ الِخلافَة وَالإِمامَهْ شَوْقِي بِها أَلْقاهُ مِنْ ... وَجْدٍ يَقَولُ وَلا كَرامَهْ يا لاِئِمي فِي حُبِّها ... الْحُسْنُ خَصْمُ ذَوِي المَلامَه حدثنا الحسن بن عليل العنزي قال حدثني محمد بن معاوية الأسدي قال حدثني محمد بن سلمة بن أبي تبيل اليشكري قال بلغني إن المهدي أخذ من بعض إخوته جارية فلم يصبر أخوه عنها، فسأله ردها فأبى فكان يعمل فيها الأشعار فقال: أَشْكُو إلَى مَنْ يَعْلَمُ الشَّكْوَى ... ما فيِكِ لاقَيْتُ مِنَ البْلَوَى يَظْلُمِني مَنْ حُكْمُهُ ناِفذٌ ... عَلَيَّ لا يَسْمَعُ لِي دَعْوَى مَنْ ذَا الَّذِي يُعْدِي عَلَى سَيِّدٍ ... عَلَيْهِ مِنْهُ يُؤْخَذُ الْعدْوَى فَاعْطِفْ إلهَ النَّاسِ لِي قَلْبَهُ ... بِرَدِّها يا سامِعَ النَّجْوَى فلما سمع المهدي أبياته هذه رق له وردها عليه قال أبو علي العنزي هو سليمان بن أبي جعفر وسليمان الذي يقول: بَقِيتُ غَداةَ النَّوى حائِراً ... وَقَدْ حان مِمَّنْ أُحِبُّ الرَّحِيلُ فَلَمْ تَبْقَ لِي دَمْعَةٌ فِي الشُّؤُو ... نِ إلاَّ غَدَتْ فَوْقَ خَدِّي تَجولُ فَقالَ نَصِيحٌ مِنَ اْلقَوْمِ لِي ... وَقَدْ كادَ يَقْضِي عَلَيَّ الْغَليِلُ

تَرَفَّقْ بِدَمْعِكَ لا تُفْنِهِ ... فَبَيْنَ يَدَيْكَ بُكاءٌ طَوِيلُ وقال: يا باعِثاً لِلْفُؤَادِ وَجْدا ... أَبْدَعَهُ حُسْنُهُ الْبَدِيعُ أَصْبَحَ حَرْباً لِيَ الهْجُوُعُ ... مِنْكَ وَسَلْماً لِيَ الدَّمُوعُ يُكَلِّفُ العاذِلون قلبِي ... بِاْلَعْذلِ ما لَيْسَ يَسْتَطيِعُ قَلْبِي لِمَنْ لامَ فِيهِ عاصٍ ... وَهُوَ لِمْنْ لَمْ يَلُمْ مُطِيعُ ضَعِيفَةٌ تُضْعِفُ اصْطِباري ... قَلْبِيَ مِنْ حُبِّها وَجِيعُ ِبيعَ عَلىَ رَغْمِ ماِلِكِيه ... مُغْتَبِطٌ لَيْسَ يَسْتَبِيعُ حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا مصعب الزبيري قال كان إسحاق ابن سماعة المطيعي نزل الرقة وكان شاعراً محسناً، فولى سليمان بن المنصور الرقة من قبل الرشيد والمأمون بعد، فلم يعرف لابن سماعة موضعه ورده عن حاجته، وتصدق سليمان بمال كثير فقال إسحاق ابن سماعة: وَزَلَّةٍ يُكْثِرُ ئلشَّيْطانُ إنْ ذِكرَتْ ... مِنْها التَّعَجُّبَ جاءَتْ مِنْ سُليَمْانا لا تَعْجَبَنَّ لِخَيْرٍ زَال عَنْ يَدِهِفَالْكَوْكَبُ النَّحْسُ يَسْقِي الأَرْضَ أَحْيانا حدثنا محمد بن الفضل بن الأسود قال حدثنا عمر بن شبة قال غزا الرشيد وخلف المأمون بالرقة وعلى الرقة سليمان بن أبي جعفر فقال ابن سماعة:

يا طالِباً أبِي بنَيِ اْلعَّباِس قُرْصَتَهُ ... فيِ الأَمْن دُونَكَها إنْ كُنْتَ يَقْظانا أما تَرَى الَّرقَّةَ الْبَيْضاءَ شاغِرَةً ... إلاَّ شَراذِمَ شُذَّاذاً وَخُصْيانا ما تَرْتَجِى بَعْدَ هَذا اْليَوْمِ لا ظَفِرَتْكَفَّاكَ إنْ لَمْ تَنَلْها مِنْ سُلَيْمانا لاَ عَيْبَ بِالَمْرءِ إلاَّ أَنَّهُ رَجُلٌ ... يَحْكِي الْخَرِائَد تَأْنِيثاً وَتِلْيانا يعني سليمان بن أبي بكر حدثنا عون بن محمد قال حدثنا سعيد بن هريم، قال كان إسحاق ابن وهب بن سماعة المعيطي يهجو سليمان بن أبي جعفر وهو يلي الرقة، وكان لإسحاق ضياع بها، فطلبه فاستتر ثم ظفر به فحبسه إلى أن مات في الحبس، فهجاه بأشعار قبيحة، فمن شعره فيه وهو محبوس: قُلْ لِسُلَيْمانَ عَلَى ما أَرَى ... مِنْ طُوِل حَبْسِي وَاقْترابِ الأَجَلْ حَبَسْتَنِي مِنْ غَيْر جُرْمٍ سِوَى ... حِكايَتيِ عَنْكَ مَقالَ الخْطَلْ قَوْلَكَ ما أَعْرفُ مِنْ لَذَّةٍ ... لَمْ أَشْفِ فيِها النَّفْسَ إلاَّ الْحَبَلْ حدثنا يحيى بن عبد الله، قال حدثني أحمد بن يحيى بن جابر قال: هجا ابن سماعة المعيطي سليمان بن أبي جعفر وهو بلي الرقة للمأمون فحبسه، فكلمه فيه سعيد الجوهري فخلى سبيله، ثم عاد لهجائه فاستأذن المأمون في حبسه فأذن له، فحبسه وجلده وضربه إلى أن مات في الحبس، فمن هجائه له:

أبو إسحاق إبراهيم بن المهدي

تَعْفُو اْلكُلومُ وَيَنْبُتُ الشَّعَرُ ... وَلِكُلِّ وَارِدِ مَنْهَلٍ صَدَرُ وَاْلعارُ في أَثْواب مُنْبَطِحٍ ... لِعبِيدِه ما أَوْرَقَ الشَّجَرُ حدثني يحيى بن علي قال حدثني أبي عن إسحاق قال شهدت سليمان بن أبي جعفر ذات ليلة عند محمد الأمين وأراد الانصراف فقال له أتركت الماء أو الظهر قال الماء ألين علي. قال أوقروا له زورقه ذهبا فأوقروه له. أبو إسحاق إبراهيم بن المهدي حدثنا يحيى بن علي عن أحمد بن يحيى بن جابر قال حدثني هبة الله بن ابراهيم بن المهدي أن محياه الطائفية أو ولد المنصور كانت بعثت بشكلة أم إبراهيم إلى الطائف فنشأت هناك ففصحت وقالت الشعر وأنشدني لها شعراً في أخ كان لها يقال له أحمد وهو: أَحْمَدُ تَفْدِيهِ شَبابُ فِهْرِ ... مِنْ كُلِّ ما رَيْبٍ وَأَمْرٍ نُكْرِ قَدْ جَاء مِثْلَ الشَّمسِ غِبَّ قَطْرِ ... فِي حُسْنِ بَدرٍ وَاعْتِدالِ صَدْرِ بُنَيَّ أَحْشائي وَذُخْرُ ذُخْرِي ... شَدَّ إلهِي بِأَبيِكَ ظَهْرِي وَزادَهُ رَبُّ الْعُلَى مِنْ عُمْرِي ... وَذَبَّ عَنْهُ خائفاتِ الدَّهْرِ وَعَنْكَ ما أَدْرِي ومَا لا أَدْرِي قال وإبراهيم شاعر عالم بالغناء مقدم في الحذق، بايعه أهل بغداد

بعد قتل محمد الأمين، فلما ظهر قواد المأمون استخفى فلم يزل كذلك مدة طويلة إلى أن قدم المأمون بغداد، ثم ظهر عليه فعفا عنه فعمل فيه أشعارا وشكلة من سبى دنباوند قتل أبوها شاهمرد وسبيت هي وبخترية أم منصور بن المهدي، فوهبها المنصور لمحياة أم ولد له فوهبتها للمهدي وولد إبراهيم بن المهدي غرة ذي القعدة سنة اثنتين وستين ومائة وتوفي في أول سنة أربع وعشرين ومائتين، وقيل في آخر سنة ثلاث وعشرين بسر من رأى. حدثنا يموت بن المزرع قال حدثني الجاحظ قال أرسل إلى ثمامة يوم جلس المأمون لإبراهيم بن المهدي، وأمر بإحضار الناس على مراتبهم فحضروا، فجيء بإبراهيم في قيد فسلم، فقال له المأمون: لا سلم الله عليك، ولا حفظك فقال: على رسلك يا أمير المؤمنين، فلقد أصبحت ولي ثأري، والقدرة تذهب الحفيظة، ومن مدله في الأمل هجمت به الأناة على التلف، وقد أصبح ذنى فوق كل ذنب، وعفوك فوق كل عفو، فإن تعاقب فبحقك، وإن تغفر فبفضلك فقال له المأمون إن هذين أشارا علي بقتلك وأومأ إلى المعتصم وإلى ابنه العباس فقال قد أشارا بما يشار بمثله في مثلي، وما غشاك في عظم الخلافة ولكن الله دعوك من العفو عادة، فأنت تجري عليها دافعا ما تخاف بما ترجو، فقال: أطلقوا عمي، فقد عفوت عنه.

فقال بعقب هذا: وَعَفَوْتَ عَمَّنْ لَمْ يَكُنْ عَنْ مِثْلِه ... عَفْوٌ وَلَمْ يَشْفَعْ إلَيْكَ بِشافِعِ إلاَّ الْعُلُوَّ عَنِ الْعُقَوبَةِ بَعْدَما ... ظَفِرَتْ يَداكَ بِمُسْتَكِينٍ خاضِعِ فَرَحْمتَ أَطفالاً كأَفْراخِ الْقَطا ... وَعَوِيلَ عانِسَةٍ كَقَوْسِ النَّازِعِ قَسَماً وَما أُدْلِي إِلَيْكَ بِحُجَّةٍ ... إلاَّ التَّضَرُّعَ مِنْ مِقُرٍ خاشِعِْ ما إنْ عَصَيْتُكَ وَاْلغُواةُ تُمدُّنِي ... أَسْبابُها إلاَّ بنيَّةِ طائِعِ وهذه قصيدة طويلة أولها: يا خَيْرَ مَنْ ذَمَلَتْ يَمانِيَةٌ بِهِ ... بَعْدَ الرَّسُولِ لآِيِسٍ أوْ طامِعِ وله في عفوه أشعار كثيرة منها قصيدة أولها: أَعْنِيكَ يا خَيْرَ مَنْ تُعْنَى بِمُؤْتَلِفٍمِنَ الثَّناءِ ائْتلافَ الدُّرِّ فِي النَّظْمِ أُثْنِى عَلَيْكَ بِما جَدَّدْتَ مِنْ نِعَمِوَما شَكَرْتُكَ إنْ لَمْ أُثْنِ بِالنِّعَمِ وفيها رَدَدْتَ مالِي وَلَمْ تَمْنُنْ عَلَيَّ بِهِ ... وَقَبْلَ رَدِّك مالِي ما حَقَنْتَ دَمِي فَنُؤْتُ مْنُه وَما كافَأْنُها بِيَدٍ ... هِي الْحَياتانِ مِنْ مَوْتٍ وَمِنْ عُدْمِ اْلبُّرِ لِي مِنْكَ وَطْءُ اْلعُذْرِ عِنْدَكَ لِيفِيما أَتَيْتُ فَلَمْ تَعْذُلْ وَلَمْ تَلُمِ وَقَامَ عِلْمُكَ بِي فَاحْتَجَّ عِنْدَكَ لِي ... مَقامَ شاهِدِ عَدْلٍ غَيْرِ مُتَّهَمِ

تَعْفُو بِعَدْلٍ وَتَسْطَو إنْ سَطَوْتَ بِهِ ... فَلا فَقَدْناكَ مِنْ عافٍ وَمُنْتَقِمِ حدثنا محمد بن موسى بن حماد قال حدثنا عبد الوهاب بن محمد ابن عيسى قال استخفى إبراهيم عند بعض أهله من النساء، فوكلت بخدمته جارية جميلة، وقالت لها: أنت له، فإن أرادك لشيء فطاوعيه وأعلميه ذلك حتى يتسع له. فكانت توفيه حقه في الخدمة والاعظام، ولا تعلمه بما قالت لها، فجعل مقدارها في نفسه، إلى أن قبل يوماً يدها فقبلت الأرض بين يديه فقال: يا غَزالاً لِي إِليْهِ ... شافِعٌ مِنْ مُقْلَتَيْهِ وَالَّذِي أَجْلَلْتُ خَدَّ ... يْه فَقَبَّلْتُ يَدَيْهِ بأَبي وَجْهَكَ ما ... أَكْثَرَ حُسَّادِي عَلَيْهِ أَنا ضَيْفٌ وَجَزاُء الْضَّيْفِ إحْسانٌ إلَيْهِ وعمل بعد ذلك فيه لحنا من طريق الهزج حدثني عبد الله بن محمد بن علي الكاتب قال حدثنا أبو العيناء قال سمعت إبراهيم بن الحسن بن سهل يقول: لم يكن إبراهيم بن المهدي يصدق أن عفو المأمون عنه يدوم، ويرى أنه سيلحق به جملة، فكان يتعهر ويتهتك ويغنى لكل واحد، ولا يخلى المأمون في كل وقت من مدح. حدثنا أحمد بن يزيد المهلبي قال حدثنا أبي قال كتب إبراهيم ابن المهدي إلى عمرو بن بانة حين ظهر ورضي عنه المأمون يدعوه

فكتب إليه عمرو: أخاف سخط أمير المؤمنين. فكتب إليه إبراهيم: ليس يخلو أمير المؤمنين من أن يكون راضياً عني فما يكره أن تسرني، أو ساخطاً فما يكره أن تعرني، وما تخرج عن هاتين. حدثني الحسن بن يحيى الكاتب قال سمعت هبة الله بن إبراهيم ابن المهدي يقول حين أخذ أبي إبراهيم كتب إلى المأمون رقعة فقرأها قبل أن يراه وهو أول شعر قرأه له: أيا مُنْعِماً لَمْ تَزَلْ مُفْضِلا ... أَدامَ الضَّنَى سُخْطُكَ الدَّائُم ظُلْمتُ فَانْ قُلْتَ لا بَلْ ظَلَمْتَ فَإِّنِي أَنا الكْاذِبُ الآْثِمُ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ مِنْ زَلَّتي ... فَإِّنَي مِنْ جُرْمِها واجِمُ يُفَزُّ الْحَلِيمُ وَيَكْبو الْجَوا ... دُ وَيَنْبُو لَدَي الضَّرْبَة الصَّارِمُ فَها أَنا ذا اْلعاِئذُ الْمسِتجيرُ فَاحْكُمْ بِما شِئْتَ يا حاكمُ عَصَيْتُ وَتُبْتُ كما قَدْ عَصَى ... وَتَابَ إلَى رَبِّه آدَمُ فَقُلْ قَوْلَ يُوسُفَ لا تَثْرِبُنَّ فَقَدْ يَغْفرُ الْغاِفرُ الرَّاِحمُ فَلَسْتُ إلىَ زَلَّةٍ عائِداً ... يَدَ الدَّهْرِ ما قَعَدَ الْقاِئمُ قال فحل ذلك أكثر ما كان في نفسه حدثنا عون بن محمد قال حدثنا محمد بن راشد قال دخلت يوما إلى إبراهيم بتن المهدي فتجارينا ذكر الدول فأنشدني لنفسه: فَلّلِهِ نَفْسِي إنَّ فِيَّ لَعِبْرَةً ... وَلِلدَّهْرِ نَقْضٌ لِلقُوىَ بَعْدَ إبْرام

غَدَوْتُ عَلَى الدُّنْيا مَلِيكاً مُسَلَّطاً ... وَرُحْتُ وَما أحْوِى بِها قَبْسَ إبهاِم حدثنا عون قال أنشد إبراهيم بن المهدي المأمون شعراً يعتذر فيه فقال له حين فرغ منه: قد أفرط شكرك، كما أفرط جرمك، والإحسان محاء للإساءة. وأنشدني عون له بعقب هذا وكان يستجيده: وَنَهَيْمتَ نَوْمِي عَنْ جُفونِي فَانْتَهَى ... وأَمَرْتَ لَيْلِي أَنْ يَطُولَ فَطالاَ نَظَرُ اْلعُيوِن عَلَى اْلعُيوِن هُوَ الَّذِيجَعَلَ الْعُيونَ عَلَى اْلعُيوِن وَبالاَ حدثنا محمد بن يحيى بن أبي عباد قال حدثني أبي قال كان إبراهيم ابن المهدي قد ترك الغناء في آخر أيامه، وذاك أنه غنى المعتصم صوتاً بشعر له في طريقة الثقيل الثاني في الأصبع الوسطى نوحيا على عمد: ذَهْبْتُ مِنَ الدُّنْيا وَقَدْ ذَهَبًتْ مِنِّيهَوَى الشَّيبُ بِي عَنْها وَوَلَّي بِها عَنِّى فِإنْ أَبْكِ نَفْسِي أَبْكٍ نَفْساً نَفِيسَةًوَإنْ أَحْتَسِبْها أَحْتَسِبْها عَلَى ضَنِّ وجعل يغني ويبكي، فقال له المعتصم: ما هذا يا عم؟ قال: حلفت بين يدي الرشيد أني إذا بلغت الستين لم أشرب ولم أغن، قال ومن يشهد بهذا؟ قال جماعة قد بقي منهم مسرور الخادم، فسأله عن ذلك فشهد له، فأعفاه عن الغناء الشرب والغناء فما عاد لذلك إلى أن مات. حدثني الحسين بن يحيى قال سمعت عبد الله بن العباس بن

من شعر إبراهيم

الفضل بن الربيع يقول بلغ إبراهيم بن المهدي من حسن الغناء والعلم إلى نهاية ما بعدها، حتى أنه كان يجاذب إسحاق الموصلي. . . صنعة حسنة شبه بها صنعة الأوائل، منها أنه غنى في شعر مروان أبي حفصة من طريقة الثقيل الأول: طَرَقَتْكَ زائِرَةٌ فَحَيِّ خَيالَها ... حَسْناءُ تَخْلطُ بِالْجَمَالِ دَلالهَا حدثنا يحيى بن علي عن أبيه عن إبراهيم بن علي بن هشام أن إسحاق كتب إلى إبراهيم بن المهدي بجنس صوت صنعه مجزأ وأجزاء لحنه فغناه إبراهيم من غير أن يسمعه والصوت: حَيِّيا أُمَّ يَعْمُرٍ ... قَبْلَ شَحْطٍ مِنَ النَّوِى فَقُلْتُ لاَ تُعْجِلُو الروَّاحَ فَقالُوا أَلاَ بَلَى وهذا مما لم يسمع بمثله من فعلهما، والذي فعله إبراهيم بن المهدي أشد وأعجب، واللحن الذي عمله إسحاق في هذا الشعر من الثقيل الثاني وللهذلي فيه لحن في طريقة خفيف الثقيل الأول. وكان إبراهيم بن المهدي ينسب الثقيل الأول الذي عليه الناس جميعاً إلى الثقيل الثاني، وينسب الثقيل الثاني إلى الثقيل الأول، وتابعه على ذلك عمرو بن بانة، وكان أحد غلمانه. من شعر إبراهيم الشَّيْبُ شَيْنٌ وَالْخُضابُ عَذابُ ... وَلِكُلِّ حَيٍّ مُهْجَةٌ سَتُصابُ

قاَلتْ أماَمُة شِبْتَ يا ابْنَ مُحَمَّدٍ ... شَيْباً وَشابَ أُمامَةُ الأَتْرابُ وهذا معنى مليح، يقول وقد شبت أنت أيضاً، ومثله لكعب بن زهير وهو أوضح من هذا: ألاَ بَكَرَتْ عِرْسِي تَلُومُ وَتَعْذِلُ ... وَغْيرَ الذَّيِ قالَتْ أَعَفُّ وَأَجْمَلُ أُرِيتُ مِنْ الشَّيِب الْعَجيِب الذَّي رَأَتْفَهَلْ أَنْتِ مِنِّي وَيْبَ عَيْرِكِ أَمْثَلُ كِلانا عَلَتْهُ كَبْرَةٌ فَكَأَنَّما ... رَمَتْهُ سِهاٌم فِي الْمَفارِقِ نُصَّلُ يقول نحن وإن شبنا على أمرنا في اللهو والبطالة، فكأن سهام الشيب نصل لا زجاج عليها، حين أصابتنا فلم تغن شيئاً. فأخذها أبو نواس فقال وخلط: خَلَقَ الشَّبابُ وَشرَّتِي لَمْ تَخْلَقِ ... وَرُميِتُ مِنْ عِوَضِ الشَّبابِ بأَفْوقِ وليس من ذاك لأنه يقول رميت بسهم في اللهو مكسور الفوق لأني شيخ. يقال خلق الثوب يَخْلَق وَأَخْلَقَ يُخْلِقُ ومن مليح ما يشبه هذا ما حدثني به الحسن البلعي عن أبي حاتم السجستاني قال قرأت على الأصمعي شعر حسان ومرت قصيدته: مَنَعَ النَّوْمَ بالِعْشاءِ الْهُمُومُ إلى أن بلغت: لَمْ تَفُقْها شَمْسُ النَّهار بِشَيْءٍ ... غَيْرَ أَنَّ الشَّبابَ لَيْسَ يَدْومُ فقال الأصمعي: آه، أخبر والله أنها كبيرة!

حدثنا ميمون بن هارون قال سمعت الفضل بن مروان يقول كان إبراهيم بن المهدي أصح الناس رأياً لغيره وأفسدهم رأياً لنفسه. فقيل له في ذلك فقال أنا أنظر في أمر غيري برأي سليم من الهوى ويغلب على رأيي في أمر نفسي ما أهواه حدثنا يحيى بن علي قال أخبرني أبي عن يوسف بن إبراهيم وهو ابن خالة إبراهيم بن المهدي قال حضرت إبراهيم بن المهدي وإسحاق بن إبراهيم الموصلي يتلاحيان في التجزئة والقسمة في الغناء، فقلت لهما أراكما توجبان لهما له معنيين ومعناهما واحد، فقال لي إبراهيم لا لوم عليك فيما أنكرت من باب التجزئة والقسمة، لأن المنطق يوجب ما قلت، ولكن أصحاب صناعة اللحون إذا أرادوا وضع صوت ما قلت، ولكن أصحاب صناعة اللحون إذا أرادوا وضع صوت جزؤا شعره على أجزاء معلومة ثم قسموا اللحن على تلك الأجزاء فالتجزئة عندهم تجزئة الشعر، والقسمة قسمة اللحن على الأجزاء. قال ولم يكن أحد بعد اسحق أعلم بالغناء من إبراهيم حدثني يحيى بن علي قال حدثني أبو العيبس بن حمدون عن عمرو بن بانة قال رأيت إبراهيم بن المهدي يناظر اسحق في الغناء، فتكلما فيه بما فهماه ولم أفهم منه شيئا، فقلت لهما لئن كان ما أنتما فيه من الغناء فما نحن منه في قليل ولا كثير. حدثني محمد بن سعيد قال حدثني أبو أمامة الباهلي عن الحسين ابن الضحاك وحدثناه المغيرة بن محمد المهبلي أن الحسين بن الضحاك شرب عند ابراهيم بن المهدي يوماً فجرت بينهما ملاحاة في الدين

والمذهب فدعا له ابراهيم بنطع وسيف وقد أخذ الشراب منه وانصرف الحسين غضبان فكتب ابراهيم يعتذر إليه ويسأله أن يحيبه فقال الحسين: نديمي غيْرُ مَنْسوبٍ ... إلَى شَيْءِ مِنَ الْحَيْفِ سَقانِي مِثْلَ ما يَشْرَ ... بُ فِعْلَ الضَّيْفِ بالضَّيْفِ فَلَمَّا دارَتِ الْكَأْسُ ... دَعا بالنِّطْعِ والسَّيْفِ كَذا مَنْ يَشْرَبُ الْخَمْرَ ... مَعَ التِّنِّينِ فِي الصَّيْفِ فلم يعد لمنادمته مدة، ثم إن إبراهيم تحمل عليه ووصله، فعاد لمنادمته. حدثنا أحمد بن محمد أبو إسحاق الطالقاني قال حدثني عبيد الله ابن محمد بن عبد الملك الزيات قال لما وثب إبراهيم بن المهدي على الخلافة اقترض من مياسير التجار مالا فأخذ من عبد الملك جدي عشرة آلاف دينار، وقال أردها إذا جاءني مال، ولم يتم أمره واستخفى. ثم ظهر فطولب بالأموال، فقال إنما أخذتها للمسلمين وأردت أن اقضيها من أموالهم، والأمر إلى غيري. فعمل أبي محمد بن عبد الملك قصيدة يخاطب بها المأمون ومضى بها إلى إبراهيم بن المهدي فأقرأه إياها وقال: والله لئن لم تعطني المال الذي اقترضته من أبي

لأوصلن هذه القصيدة إلى المأمون، فهاب إبراهيم أن يقرأ المأمون مثلها، وقال خذ مني بعض المال ونجم بعضه ففعل أبي ذلك وأحلفه أنه لا يظهر القصيدة في حياة المأمون ووفى له بباقي المال، والقصيدة أَلَمْ تَرَ أَنَّ الشَّيْءَ للشَّيءِ علَّةٌتَكُونُ لَهُ كالنَّارِ تُقْدَحُ بِالزَّنْدِ كَذلِكَ جَرَّبْنا الأْمُوُرَ وَإنَّما ... يَدُلُّكَ ما قَدْ كانَ قَبْلُ عَلَى الْبُعْدِ وَظَنِّي بإبْراهيِمَ أَنَّ مَكانَهُ ... سَيَبْعَثُ يَوْماً مِثْلَ أَيَّامِهِ النُّكْدِ رَأَيْتُ حُسَيْناً حيِنَ صارَ مُحَمَّدٌ ... بِغَيْرِ أمانٍ فيِ يَدَيْهِ وَلا عَقْدِ فَلَوْ كانَ أَمْضَى السَّيْفَ فِيِهِ بِضَرْبةٍيُصَيِّرُهُ بِالْقاعِ مُنْعَفَر الخَدِّ إذاً لَمْ يَكُنْ لْلُجْندِ فِيِه بَقِيَّةٌفَقَدْ كانَ ما بُلِّغْتُ مِنْ خَبَرِ الْجُنْدِ هُمُ قَتَلُوهُ بَعْدَ أَنْ قَتَلُوا لَهُ ... ثَلاثيِنَ أَلفْاً مِنْ كُهُولٍ وَمِنْ مُرْدِ وَما نَصَرُوهُ عَنْ يَدِ سَلَفَتْ لَهُ ... وَلا قَتَلُوهُ يَوْمَ ذَلكَ عَنْ حِقْدِ وَلكنَّهُ الْغَدْرُ الصُّراحُ وَخِفَّةُ الْحُلًومِ وَبَعْدُ الرَّأْيِ عَنْ سَنَنْ الْقْصدِ فَذَلَكِ يَوْماً كانَ لِلنَّاِس عِبْرَةًسَيَبْقَى بَقَاءَ الْوَحْيِ فِي الْحَجَرِ الصَّلْدِ يعني بهذا الحسين بن علي بن عيسى بن ماهان أخرج محمد الأمين على رؤوس الناس حاسرا حتى حبسه في مدينة أبي جعفر في الخضراء فلما كان الغد قال له الجند: كن في حيلة أرزاقنا. فدفعهم الحسين يومين ثم هرب في اليوم الثالث فتبعه تميم مولى أبي جعفر وغالب في جماعة

فقتلوا وجاؤا برأسه إلى محمد وأخرجوا محمداً وهو عطشان قد كاد يتلف فردوه إلى الخلافة وَمَا يَوْمُ إْبَرِاهيمَ إنْ طَالَ عُمْرُهُبِأَبْعَدَ فِي الْمَكْرُوهِ مِنْ يَوْمِهِ عِنْدي تَذَكَّرْ أَمِيَر المُؤْمِنِينَ قِياَمهُوَأَيْمانَهُ فِي الهَزْلِ منْهُ وَفِي الِجدِّ أَما وَالذَّي أَمْسَيْتُ عَبْداً خَلِيَفةٌ ... لَهُ شَرُّ أَيْمانِ الخَليفَةِ وَالْعَبْدِ إذا هَزَّ أَعْواَد الَمناِبِر بأسْتِهِ ... تَغَنَّى بِلَيْلَى أَوْ بِميَّةَ أَوْ هِنِدْ وَوَاللهِ ما مِنْ تَوْبَةٍ نَزَعَتْ بِهِ ... لَدْيكَ وَلاَ مَيْلٍ إلَيْكَ وَلا وُدِّ وَلِكنَّ إخْلاصَ الضَّمِيِر مًقَرِّبٌ ... إلىَ اللهِ زُلْفَى لاَ تَخِيبُ وَلا تُكْدِى أَتاَك بِها طَوْعاً إلَيْكَ بِأَنْفِهِ ... عَلَى رَغْمِهِ واسْتَأْثَرَ اللهُ بالَحْمِدِ فَلاَ تَتْرُكَنْ لِلنَّاسِ مَوْضعَ شُبْهَةٍ ... فَإنَّك مَجْزِىٌّ بِمِثِل الذَّي تُسْدِى فَقَدْ غَلُطوا لِلنَّاسِ فِي نَصْبِ مِثْلِهِوَمَنْ لَيْسَ للْمَنْصورِ بِابْنٍ وَلا الْمَهدْىِ فَكَيْفَ بِمَنْ قَدْ باَيعَ النَّاس وَالْتَقَتْببِيَعْتَهِ الرُّكْبانُ غَوْراً إلىَ نَجْدِ وَمَنْ صَكَّ تَسلِيمُ الْخِلافَةِ سَمْعَهُينادَي بِها بَيْنَ السِّماطَيْنِ مِنْ بُعْدِ وَأَيُّ امْرئٍ يُسْمى بِها قَطُّ نَفْسَهُ ... فَفارقَها حَتَّى يُغَيَّبَ في اللَّحْد وَتَزْعُمُ هَذا النَّابِتِيَّةُ أَنَّهُ ... إمامٌ لهَا فيما يُجنُّ ومَا يُبْدِى

يَقُولُونَ سُنِّىٌّ فَأَيَّةُ سُنَّةٍتَقُومُ بِجَوْنِ اللَّوْنِ ثَغْلِ الْقَفا جَعْدِ وَقَدْ جَعَلُوا رُخْصَ الطَّعامِ بَعْهِدِهزَعيِماً لَهُ باْليمْنِ واْلَكْوكَبِ السَّعْدِ إذا ما رَأَوْا يَوْماً غَلاءً رَأَيْتَهُمْ ... يَحنُّونَ تَحْناناً إلىَ ذَلَك الْعَهْدِ وَأَقَبَلَ يَوْمَ الْعِيِد يَرْجُفُ حَوْلَهُرَجِيُف الْجِيادِ وَاصْطِكاكُ الْقَنا اْلُجرِد وَرَجاَّلَةٌ يَمْشُونَ بِالِبْيضِ قَبْلَهُ ... وَقَدْ تَبِعُوهُ بالقَضيِبِ وَباْلبُرْدِْ فَإنْ قُلْتُ قَدْ زانَ الْخِلاَفةَ غَيْرُهُ ... فَلَمْ يُؤْتَ فِيما كانَ حاوَلَ منْ جَدِّ فَلَمْ أَجْزِهِ إذْ خَيَّبَ اللهُ سَعْيَهُ ... عَلَى خَطَأ إنْ كانَ منْهُ وَلا عَمْد وَلَمْ أَرْضَ بُعْدَ العَهْدِ حَتَّى رَفَدْتُهُوَلَلْعَمُّ أَوْلىَ بِالتَّغَمُّد وَالرِّفْدِ فَلَيْس سَواءً خارِجِيٌّ رَمَى بِهِ ... إلَيْكَ سِفاهُ الرَّأْي وَالرَّأْيُ قَدْ يُرْدِى تَعاوَتْ لَهُ مِنْ كُلِّ أَوْبٍ عِصابَةٌ ... مَتَى يُورِدُوا لا يُصْدِرُوهُ عَنِ الْورْدِ وَمَنْ هُوَ فِي بَيْتِ الْخِلافَةِ يَلْتَقِيبِهِ وَبِكَ الآْباءُ فِي ذِرْوَةِ الَمْجدِ فَمَوْلاكَ مَوْلاهُ وَجُنْدُكُ جُنْدُهُوَهَلْ يَجْمَعُ القْيَنُ الحُسَامَيْنِ فِي غِمْدِ وَقَدْ رابَنِى مِنْ أَهْلِ بَيْتكَ أَنَّنِي ... رَأَيْتُ لُهْم وَجْداً بِه أَيمَّا وَجْدِ يَقُولُونَ لا تَبَعْد مِنِ ابْنِ مُلَّمِةٍصَبُورٍ عَلَيْها النَّفْسَ ذِي مِرَّةٍ جَلْدِ فَدانا فَهانَتْ نَفْسُهُ دُونَ مُلكِناعَلَيْهِ عَلَى الحْالِ التَّيِ قلَّ مَنْ يُفْدِى

عَلَى حِينِ أَعطْىَ النَّاس صَفْقَ أَكُفِّهِمْعَليُّ بْنُ مُوسَى بِالْولايةِ وَالْعَهْدِ فَما كَاَنَ فِينا مَنْ أَبَي الضَّيْمَ غَيْرَهُكَرِيمٌ كَفَى باقِي الْقُبولِ وَفِي الرَّدِّ وَجَرَّر إبْرَاهيمُ لِلْمَوْتِ نَفْسَهُ ... وَأَبْدَىِ سلاحاً فَوْقَ ذِي مَنْعَةٍ نَهْدِ فَأَبْلَى وَمَنْ يَبْلُغْ مِنَ الأَمْرِ جُهْدَهُفَلَيْسَ بِمَذْمُومٍ وَإنْ كانَ لَمْ يُجْدِي فَهَذي أُمُورٌ قَدْ يَخافُ ذَوُو النُّهَى ... مَغَبَّتَها وَاللهُ يَهْديِكَ للِرُّشْدِ حدثنا يحيى بن علي قال حدثني أبو أيوب المديني قال حدثني إبراهيم بن علي قال قال إبراهيم بن المهدي ثلاثة أشياء من الغناء إن لم يكن لصاحبها طبع لم يمكنه معرفتها، منها. المعرفة بالغناء، فلو أدركها إنسان بفهم وعقل وأدب لأدركها أحمد بن يوسف، وهو أجهل الناس بالغناء. ودخول الحلق في الوتر لو بلغه أحد بغير طبع لبلغه إسحق مع تقدمه في هذا الشأن وعلمه به، وما دخل حلقه في وتر قط. وغناء الصوت على مثال واحد لو بلغه أحد بغير طبع لقدر عليه عَلُّوَيةُ في حذقه وإحسانه، ولكنه يحبس موضعا ويحث موضعا، ومثل من كان كذا مثل الصبي الذي يعوج سطوره. فلا ينفع فيه التعليم حدثنا أحمد بن يزيد المهلبي قال حدثني أبي عن إسحق قال طهرت بعض ولدي فكتب إلى إبراهيم بن المهدي لولا أن البضاعة قصرت عن الهوى لأتعبت السابقين إلى برك، وحسبك أن تطوى

صحيفة البر وليس لي فيها برة، قد بعثت إليك ما المبتدأ به ليمنه والمختوم به لطيبه ورائحته، جراب ملح، وجراب أشنان. حدثنا عون بن محمد قال حدثني هبة الله بن إبراهيم بن المهدي مرات وكان ابن خالته يوسف بن إبراهيم الخراساني أصدق الناس، قال كان الرشيد يحب أن يسمع إلى إبراهيم فخلا به مرات إلى أن سمعه ثم حضر معه سليمان بن أبي جعفر فقال لإبراهيم: عمك سيد ولد المنصور بعد أبيك، وهو يحب أن يسمعك، فلم يتركه حتى غنى بين يديه شعر الأحوص إذْ أَنْتَ فِينا لَمِنْ يَنْهاكَ عاصِيِه ... وَإْذ أَجُرُّ إلَيْكُمْ سادِراً رَسَنِي قال فأمر له بألف درهم ثم قال له ليلة، ولم يبق في المجلس عنده غير جعفر بن يحيى: أنا أحب أن أشرف جعفرا بأن تغنيه صوتا فغناه في صوت صنعه في طريقة الرمل والشعر للدارمي: كَأَنَّ صُورَتَها فِي الْوَصْفِ إذْ وصِفَتْدِينارُ عَيْنٍ مِنَ الِمْصريَّةٍ الْعُتُقِ فأمر له الرشيد بمائة ألف دينار. حدثني عون بن محمد قال كان إبراهيم بن المهدي يشنأ محمد بن عبد الملك الزيات فلما ولى وزارة المعتصم قال إبراهيم: يا ُبؤْسَ يَوْمٍ كاسِفٍ ... إنْ لَمْ يُغَيَّرْ فِي غَدِهْ لأُمَةٍ وَزِيُرها ... عاصرُ زَيْتٍ بَيدِهْ يُظْهِرُ نُصْحاً وَجْهُهُ ... وَغُّشهُ فِي كَبِدِهْ

حدثنا محمد بن موسى بن حماد قال حدثنا محمد بن صالح قال كان إبراهيم بن المهدي مع إحسان المأمون يشنؤه ويعيب أفعاله، وله في ذلك أشعار منها: صَدَّ عَنْ تَوْبةٍ وَعَنْ إخْباتِ ... وَلهَا بِالُمُجونِ والْقَيْناتِ لَيْسَ يَنْفَكُّ مَازِجاً فِي يَديِهْ ... خَمْرَ قَطْرَبُّلٍ بِماءِ الْفُراتِ ما يُبالِي إذا خَلاَ بِأبِي عِيسَى وَشَرْبٍ مِنْ بُدَّنٍ عَطِراتِ أَنْ يَغَصَّ المَظْلوُمُ فِي حَوْمةِ الَجْو ... رِ بِداَءٍ بَيْنَ الحَشَا وَالَّلهِاة حدثني عون بن محمد الكندي كاتب حجر بن أحمد الحويمي بفارس وما رأيت قط شيخا أكمل منه من نظرائه، ولا أسند ولا أصدق، رأى الناس قديما فكان يروي الحرفين والثلاثة، ولو ادعى كل شيء جاز له، وكانت معه أصول أبيه بخط عون فلو أنكر أنها أصوله لصدق قال حدثنا إسحاق الموصلي قال كان إبراهيم بن المهدي لا يزال ينازعني في الغناء، فقلت له يوما يا سيدي أنت ابن الخلفاء وأخو الخلفاء وإذا بلغت ما تريد من الغناء فأنت أنت فيه، وإذا قصرت قلت كسلت ولم أنشط، وتفعل ما تريد. وأنا أغنى على كل حال وفي كل وقت فقال: صدقت في هذا ونقصت من الاستحقاق. فقلت في نفسي والله لأبغضنه ما قلت، فقلت يا سيدي قد غنيت لنفسك أصواتا كثيرة، فهل قمت على حق صوت منها حتى استوفيته كله؟ فقال أعطيتني برك هاريق، وعقوقك جملة!

حدثنا عون بن محمد الكندي قال حدثني الحسين بن الضحاك سنة عشرين ومائتين وإبراهيم بن المهدي حي، قال دخل إبراهيم إلى المأمون فقال: يا أمير المؤمنين إن الله فضلك في نفسك علي، وألهمك الرأفة والعفو عني، والنسب واحد، وقد هجاني دعبل فانتقم لي منه، فقال وما قال لك، لعله قوله: نَفَرَا بْنُ شِكْلَةَ بِاْلعِراقِ وَأَهْلِهِ ... فَهَفا إلَيْهِ كُلُّ أَطْيَشَ مائِقِ إنْ كانَ إبْراهِيم مُضْطَلعاً بِها ... فَلَتَصْلُحَنْ مِنْ بَعْدِهِ لُمخارِقِ وَلتَصْلُحَنْ مِنْ بَعْدِ ذاكَ لِزَلْزَلٍ ... وَلتَصْلُحَّن وِراثَةً للْماِرقِ أَنَّيَ يَكونُ وَلَيْسَ ذاكَ بِكاِئنٍ ... يَرثُ الخِلافَةَ فاسِقٌ عَنْ فاسِقِ فقال هذا من هجائه، وقد هجاني بأقبح منه، فقال لك في أسوة لأنه هجاني فاحتملته فقال في إنِّي مِنَ اْلقَوْمِ الذَّيِنَ سُيُوفُهُمْ ... قَتَلَتْ أَخاكَ وَشَرَّفَتْكَ بِمَقْعِدِ شاُدوا بِذِكْركَ بَعْدَ طُولِ خُموِلِه ... وَاسْتَنْقَذُوكَ مِنَ الَحضِيضِ الأَوْهَدِ فقال إبراهيم زادك الله يا أمير المؤمنين حلما وعلما، فما تنطق العلماء إلا عن فضل علمك، ولا يحلمون إلا اتباعا لحلمك. وأنشدني عبد الله بن المعتز لإبراهيم بن المهدي مَنْ قالَ فِي النَّاِس قاُلوِا فيِه مِا فيِه ... وَحَسْبُهُ ذاكَ مِنْ خِزْيٍ وَيَكْفِيِه

مَنْ نَمَّ فِي النَّاسِ لَمْ تُؤْمَنْ عَقاربُهُعَنِ الصَّديِقِ وَلَمْ تُؤْمَنْ أَفاعِيِه كَالسَّيْلِ يَجْرِي وَلا يَدْرِي بِهِ أَحَدٌمِنْ أَيْنَ جاءَ ولا مِنْ أَيْنَ يَأْتيِهِ لَوْ فَرَّ مِنْ رِزْقِهِ عَبْدٌ إلىَ جَبَلٍ ... دُونَ السَّماءِ لأَلْفَى رِزْقَهُ فِيِه حدثنا عون بن محمد قال حدثنا محمد بن راشد قال رأيت أحمد بن يوسف الكاتب يناظر إبراهيم بن المهدي في دار المأمون في أمر بني هاشم وتقديم بعضهم على بعض، فعلاه إبراهيم فصاحة وحجة، فسر من ذاك، وقلت لإبراهيم: قد رأيت هذا الذي لا يطاق منحطا في يدك فقال إبراهيم: والله لو رأيتني في يد جعفر بن يحيى لرأيت دون هذا في يدي، وما رأيت أكمل من جعفر قط. حدثنا عبد الله بن المعتز قال حدثني إبراهيم بن إسحاق قال أنشدني أبو يعقوب إسحاق بن سليمان بن المنصور لإبراهيم بن المهدي أَنا أَفْدِي عَلَى الهِجْرانِ زَيْنا ... وَإنْ كُنَّا عَلَى عَمْدٍ كَنْينا وَما زَيْناً بِتَفْدِيةٍ أَرَدْنا ... وَلكِنَّا عَنَيْنا مَنْ عَنَيْنا أَقُولُ وَقَد رَأَيْتُ لَها سَماءً ... مِنَ الِهْجْرْانِ مُقْبَلةً إلَيْنا وَقَدْ سَحَّتْ عَزاليهِا ِبَصّدٍ ... حَوالَينْا الصُّدُودُ وَلا عَلَينْا قلت أنا: وأظنه كنى عن زينب ولعلية في الكناية أخبار نجيء بها بعد فراغنا من أخبار إبراهيم وابنه هبة الله إن شاء الله. حدثني عبد الله بن المعتز قال كتب إبراهيم نب المهدي إلى بعض

فصل منه إلى منصور بن المهدي

أصحابه في يوم غيم: إنْ كُنْتُ تَنْشَطُ للصَّبوُح فَإنَّهُ ... يَوْمٌ أَغَرُّ مُحَجَّلُ الأَطْرافِ وَأَرَى الغْمَامَةَ كَالْعُقابِ مُحَلِّقاً ... مُسْوَدَّة الأَوْساطِ والأَكْناِف طَوْراً تَبُلُّكَ بالرَّذاذ وَتارَةً ... تَهْمِي عَلَيْكَ بِدَلْوِها اْلغَرَّاِف فَانْعَمْ صَباحاً وَائْتنا مُتَفَضِّلاً ... وَدَعِ الخْلافَ فَلَيْسَ يَوْمَ خلافِ حدثنا عبد الله قال كتب إبراهيم إلى طاهر كتاباً منه: زادك الله للحق قضاء، وللشكر أداء. أبلغني رسولي عنك ما لم أزل أعرفه منك، والله يمتعني بك، ويحسن في ذلك عني جزاءك، ومع ذلك فإني أظن أني علمتك الشوق لأني ذكرته لك، فهيجته منك والسلام. فصل منه إلى منصور بن المهدي وما الحق إلا حق الله، فمن أداه فلنفسه، ومن قصر عنه فعليها، نسأل الله أن يعمرنا بالحق، ويصلحنا بالتوفيق ويحصننا بالتقوى. إلى العباس بن موسى عبد الرحمن بن عبد الله، من لا أحتاح إلى وصف حاله لك، ولعلي عرفتها بعدك، غير أني أحب مسرته بقضاء حقه، وواجب حرمته في مودته وموالاته. وقد جعلك ممن يحافظ على ذلك ومثله، أراك الله ما تحب أن تحفظني ونفسك فيه، وتوليه ما جعلك الله أهله وجعله حقيقا به.

في كتاب له

في كتاب له لو عرفت فضل الحسن لتجنبت القبيح، وأنا وإياك كما قال زهير وَذِيَ خَطَلٍ فِي اْلقَوْلِ يَحْسِبُ أَنَّهُمُصِيبٌ فَما يَلْمُمْ بِهِ فَهُوَ قائُلِهْ عَبَأْتُ لَهُ حِلِمْي وَأَكْرمْتُ غَيْرَهُ ... وَأَعْرضْتُ عَنْهُ وَهُوَ بادٍ مَقاِتلُهْ وإن من إحسان الله إلينا وإساءتك إلى نفسك، أنا صفحنا عما أمكننا، وتناولت ما أعجزك، فله الحمد كما هو أهله. وفصل له لم يبق لنا بعد هذا الجنس شيء نمد أعيننا إليه إلا الله الذي هو الرجاء قبله ومعه وبعده. فصل له أما الصبر فمصير كل ذي مصيبة، غير الحازم يقدم ذلك عند اللوعة طلبا للمثوبة، والعاجز يؤخر ذلك إلى السلوة. فيكون مغبونا نصيب الصابرين. ولو أن الثواب الذي جعل الله لنا على الصبر كان على الجزع لكان ذلك أثقل علينا، لأن جزع الإنسان قليل وصبره طويل، والصبر في أوانه أيسر مؤونة من الجزع بعد السلوة. ومع هذا فان سبيلنا من أنفسنا على ما ملكنا الله منها إن لا نقول ولا نفعل ما كان الله مسخطا، فأما ما يملكه الله من حسن عزاء النفس، فلا نملكه من أنفسنا.

وفصل له

وفصل له وصل كتابك السار المؤنس، فكان سر طالع إلي وأحسنه موقعا مني، إذ كنت أستعلي بعلوك وأرى نعمتك تنحط إلي، ويتصل بي ما يتصل بالأدنين من لحمتك، وحملة شكرك، ومظان معروفك والمقيمين على تأميلك. فلا أعدمني الله ما استجنى ولا أزال عني ظلك ولا أفقدني شخصك. وله: كتبت إليك ونحن في عافية مجددة، والحمد لله المتطول بالنعمة المرجو للمزيد، ولست وإن باعدتك الدار مني، ونأي بك الزمن عنا بمقصى القلب عن برك بالذكر، والعناية، ولا اللسان بالدعاء والمسئلة، ولا النية في الإخلاص والمحبة لا حياء العهد بالمكاتبة، وتجديد الوصلة بالمراسلة. فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال التواصل بين الناس في الحضر التزاور، وفي السفر التكاتب. قلت أنا: وأنشدني عبيد الله بن عبد الله بن طاهر لنفسه في معنى التزاور والتكاتب: حَقُّ التَّنِائي بَيْنَ أَهْلِ الْهَوَى ... تَكاتُبٌ يُسْخِنُ عَيْنَ النَّوَى وَفِي التَّدابِي لاَ انْقَضَى عُمْرُهُ ... تَزاوُرٌ يَشْفِى غَلِيلَ الْجوَى

وأنشدني عبد الله بن المعتز لإبراهيم بن المهدي: قَلَيْتُ الصَّبَي وَهَجَرْتُ الْغَوانيِ ... وَسلَّمْتُ مُعْتَرفاً للِزَّماِن وَأَعْنَقْتُ مُنْطَلِقاً فِي الْقِيا ... دِ بَعْدَ الجِماعِ وَجَذْبِ الْعَنانِ كَذاَك الْفَتَى وصَرُوفُ الزَّما ... نِ يُحْدثْنَ شَأْناً لَهُ بَعْدَ شَانِ رَأَيْتُ الحَياةَ وَلَذَّاتِها ... مُعَلَّقَةً بِلَيالٍ فَواِن وَإنِّي صَبوُرٌ لِما نابَنِي ... سَرِيعٌ إلىَ كُلِّ حَقٍّ عَرانِي وَلَيْسَ يُرَى خِائفاً مَنْ أَجَرْ ... تُ ولا خائبِاً سَعْيُهُ مَنْ رَجاِني نَداىَ يَمُدِّحُنيِ ماِدِحى ... وَيَبْكي عَلَيَّ بِهِ مَنْ رَثانِي أُحبُّ الْوَفاَء إذا ما وَعَدْ ... تُ وَأَلاَّ يُعابَ بَمطْلٍ ضَمانِي كَذلِكَ عَوَّدِني وَالَدِايَ ... فَعَوَّدْتُ نَفْسِي الذَّيِ عَوَّدانِي وقال: وَإنِّي وَوَاهِي مُلْككُمْ مثْلَ سائقٍ ... طَليِحاً يُزَجِّيها عَلَى اْلأَيْنِ رَاِكبُ إذا صَدَقَتْني النَّفْسُ عَنْكُمْ تَقُولُ لِي ... أَتَدِري هَداكَ اللهُ مَنْ ذا تُعاتبُ فَوَ اللهِ ما أَدْرِي إذا ما ذَكَرْتُكُمْأَأَعْفُو لَكُمْ عَنْ ذَنْبِكُمْ أَمْ أُعاقبُ بَلَى لَيْسَ لِي إلاَّ تَغَمُّدُ ذَنْبكُمْوَإنْ لَمْ يَكُنِ فِيكُمْ مِنَ الذَّنْبِ تائِبُ

وَإنَّي وأَمِّي أُمُّكُمْ وَأَبِي لَكُمْ ... أَبٌ عَنْكُمُ لِي لَوْ أَرَدْتُ مَذَاهِبُ وقال: وَقَدْ تَلِينُ بِبَعْضِ القَوْل تَبْذُلُهُ ... وَالْوَصْلُ فِي جَبَلٍ صَعْبٍ مَراقِيِه كَالْخَيْزرانِ مَنِيعاً مِنْكَ مَكْسَرُهُ ... وَقَدْ يُرَى لَيِّناً فِي كَفِّ لاوِيِه فَتلْكَ هَمُّ فُؤَادٍ أَنْتَ صاحِبُهُ ... لَوْ أَنَّها مَرَّةً كانَتْ تُجازِيِه وَإنَّ فِي طُولِ ما ضَنَّتْ عَلَيْهِ لمَا ... يُسْليِهِ لَوْ أَنَّ شَيْئاً كانَ يُسْليِهِ وقال: أَطَعْتَ الْهَوَى وَعَصَيْتَ الرَّشَدْ ... وَلَمْ تَمَلْكِ الصَّبْرَ عَمَّنْ تَوَدّْ وفيها يقول: إذا الَّلْيلُ أَسْبَلَ سِرْباَلهُ ... عَلىَ الأَرْضِ واْسَودَّ وَجْهُ اْلَبَلدْ رَعَيْتُ اْلَكواِكبَ حَتَّى الصَّبا ... حِ وَدَمْعِيَ كاَللؤُّلْؤُ الُمُنْسَرِدْ فَمِنْ ظِالعاتٍ وَمِنْ غِائراتٍ ... وَآَخَر فِي حَيْرَةٍ قَدْ رَقَدْ وَمِنْ ضاِجعاتٍ بأُفْقِ الَمغِيبِ ... يُراقِبُها كارْتِقابِ الرَّصَدْ وَما النَّاسُ إلاَّ عَدُوُّ الشَّقَّيِ ... وَإلاَّ صَدِيقُ أَمْرِئٍ قَدْ سَعدْ إذا ما الزَّمانُ بِأَخْلافِهِ ... طَواكَ كَطَيِّ الثِّيابِ الجُدُدْ يِفُيضُ عَلَيْكَ قِداَح الرَّدَى ... لِتَأْخُذَ مِنْها بِقْدح نِكَدْ

فَما أَنْتَ إلاَّ أَسِيرٌ لَهُ ... وَإنْ أَمْكَنَ الحَيْدُ عَنْهُ فَحِدْ هَبِ الدَّهْرِ لَمْ يَتَحاَملْ عَلَى ... سِواَك فَهَلْ لَكَ مِنْهُ الْقَوَدْ وَإنْ يَسْقِكَ الْيَوْمَ مِنْ آجِنٍ ... صَرًى لا يُذاقُ وَلا يُزْدَرَدْ فَقَدْ كاَن يُسْقِيك مِنْ صَفْوِهِ ... نِطافَ الْغَوادِي بِذَوْبِ الْشَّهَدْ كَذَاكَ تَجِيءُ صُرُوفُ الزَّما ... نِ عَلَى مَا أَرَدْتَ وَمَا لَمْ تُرِدْ وَقَدْ يَسْبِقُ الْفَوْتُ وَشْكَ اْلَعُجو ... لِ وَيُدْركُ حاجَتَهُ الْمتَّئدْ وَإنْ خَلَّط الدَّهْرُ فَاصْبِرْ عَلَى ... تَلَوُّنِهِ فَمَعَ اْليَوْمِ غَدّْ عِذارِى الْغَداَة مِنَ اْلأَطْيَبِينَ ... أَهْلِ القِبابِ الطِّواِل العمَدْ مِنَ آلِ أبِي الْفَضْلِ عَمَّ الَّنبِّيِ ... وَجَدِّي فأَكْرِمْ بِعَمٍّ وَجَدّْ وقال: إذا سالَ وَادي الشَّيْبِ فِي مَفْرِق الْفَتَى ... وَقُنِّعَ مِنْهُ عمَّة المُتَلَثِّمِ فَيا قُبْحَ ما تَحْكِي المِراةُ لِعَيْنِهِ ... وَيا بُعْدَهُ مِنْ كُلِّ عَيْشٍ وَمَنْعَمِ وقال: أَبا قِاسمٍ إنِّي أراكَ صَباَبةً ... كَأَنَّكَ مِنْ لَحْمِي خُلْقِتَ وَمِن دَمِي وَإنِّي لأَهْوَى أَنْ أُرِبَّ صَنِيَعةً ... إليْكَ بآلاَءٍ كرامٍ وَأَنْعُمِ

أيادِي كرِيمٍ طَيِّبِ النَّفْسِ بَعْدَها ... إذا ما الأَيادِي أُتْبِعَتْ بِالتَّنَدُّمِ وقال أيضاً وله لحن فيه مَضَى اللَّيْلُ إلاَّ أَنَّ لَيْلىَ لاَ يَمْضِىوَأَنَّ جُفُونِي لَمْ تُرَوَّ مِنَ الْغُمْضِ إذا صَدَّ عَنْكَ الدَّهْرُ يَوْماً بِوَجْهِهِتقَاضاكَ مِنْ إحْسانِهِ سِالفَ الْقَرْضِ وقال: تَحاماِني الصَّدِيقُ وَغابَ عَنِّي ... ثِقاتُ صَنائِعِي وَهُمُ حُضُورُ وَقَلُّوا فِي الِبْلادِ وَكانَ عَهْدِي ... بِهِمْ زَمَنَ الرَّخاءِ وَهُمْ كَثِيرُ فَلَمْ يَكُ فِي يدِي مِنْهُمْ وَمِمَّا ... ذَخَرْتُهُمُ لَهُ إلاَّ الْغُرور أَيا عَجَباً أَمَا فِي النَّاِس مِمَّنْ ... تَقَلَّدَ نِعْمَتِي رَجُلٌ شَكُورُ وقال: أَلَمْ تَعْلَمِي يا آلَ فِهْرِ بْنِ مِالِكرَمَيْتُ بِنَفْسِي دُونَكُمْ فِي الَمهِالِك بَلَى فَاعْلمِي يا آلَ فَهْرٍ بِأَنَّنِي ... أَخُوِك الذَّي أَعْطاكِ حَقَّ إخائِكِ أَخُوكِ الذَّي يُقْرِى عَدُوَّك صارِماً ... حُساماً وَيُقْرِي دُرَّهُ فِي شِفائِكِ أَجُودُ بِماِلي دُونَ ماِلَك تارَةً ... وَطْوراً أُقِيُم اْلغُرَّ تَحْتَ لِواِئِك

وقال: وَقَدْ يَصْدُقُ السَّيْفُ يَوْمَ الوْغَا ... أَخاهُ وَإنْ كانَ رَثَّ الْقُرابْ كَأَنَّ سَنا بارقٍ مُسْتَطْيِرٍ ... بَيْنَ ذُؤابَتِهِ وَالذُّبابْ كَذاكَ الرَّجالُ يَكُونُ الْفَتَى ... صَلِيباً وَذُو الشَّيْبِ صُلْبُ النِّصابْ وقال من قصيدة: بكُلِّ جَلالَةٍ عَيْساءَ حَرْفٍ ... عَلَنْداةٍ وَأَعْنَسَ عَجْرَفَّيِ إذا شُدَّتْ بها اْلأَنْساعُ أَصْغَتْ ... كَما أَصْغَى النَّجِىُّ إلىَ النَّجِيِّ وَراغِيَةٍ ثَنَتْكَ عَنِ التَّصابِي ... كَما ثَنَتِ الضَّعِيفَ يَدُ القْوَيِّ هُناكَ شَكَوْتَ ما تَلْقَى إليَهْا ... كَما يَشْكُو الْفَقِيرُ إلىَ الْغَنِّي تَساقَطُ وَهْيَ فاِتَرةُ الْمآقِي ... تَساقُطَ مُهْجَةِ الظَّبْيِ الرَّمِيِّ وَتَجْري الْخَمْرُ بَعْدَ النَّوْمِ مِنْها ... عَلَى سمْطَيِنْ مِنْ دُرٍّ َنِّقي شَكَتْ إشْرافَ قَيِّمِها عَلَيْها ... كَما يَشْكُو الْيَتِيمُ مِنَ الْوَصِيِّ أَرِتْكَ مَحاِسناً مِنْها اخْتِلاساً ... تُضِئُ إضاءَةَ الْبَرْقِ الْخَفِيِّ كَتَخْلِيِل اْلأَلوُةَّ ثُمَّ زاَلْت ... زَواَل الْفَيْءِ فِي ظِلِّ العَشِيِّ وَيَلْذَعُ مُهْجَتِي ذُو الْعَذْل فِيها ... كَلْذعِ السَّوْطِ خاِصَرةَ الْبَطِيِّ

كأَنَّ اللَّيْلَ زيدَ إِلَيْهِ لَيْلٌ ... مُقِيمٌ فَاسْتَمَرَّ عَلَى الشَّجيَّ وقال من أبيات فَلا حُيِّىَ الْوَجْهُ الذَّي جِئْتَنا بِهِإذا حَيَّتِ الْوَجْهَ الْكَرِيمَ الَمجاِلسُ يُشِيمُ بَنِي كَعْبٍ وَما أَنْتَ مِنْهُمُ ... كمَا شامَتِ الْغَبْراءُ قَيْساً وَداحِسُ وقال هُوَ الُحُّر أَخْلاقاً وَبرّاً وشِيمةًوَعَقْلاً وَخَيْرُ الْقَوْمِ مَنْ أُوِتىَ الْعَقْلاَ تَراه طَلِيقاً وَجْهَه مُتَهَلِّلاً ... كَأَنَّ صَقِيلاً مِنْ عَوارِضِهِ يُجْلىَ وقال يا أَيُّها الُمتَشاوِسُ الُمتَغاضِبُ ... المُعْرضُ الجَانِي الْعَبُوسُ الْقاطِبُ لاَ أَنْتَ لِي سَلْمٌ فَتَنْصُرَنِي وَلاَ ... حَرْبٌ إذا نَصَبُ الْعَدُوِّ مُناصِبُ قَلَبَ الزَّمانُ هَواكَ عَنْ مِنْهاجِهِ ... إنَّ الزَّمانَ لِكُلِّ حالٍ قالِبُ وقال يا عاِئِبي عنْدَ أَعْدائِيِ لُيْرضَيُهمْ ... وَبائِعِي بِيسَيِرٍ مالَهُ خَطَرُ أَظْهَرْتَ أَنَّكَ لا أَنْتَ الْعَدوُّ وَلاأَنْتَ الْوَلىُّ الذَّي يُصْفَى وَيُدَّخَرُ فَما تَحَوَّلُ مِنْ سَلْمَى وَلاَ أَجَأٍ ... رُكْنٌ وَلا خَسَفَتْ شَمْسٌ وَلا قَمَرُ

وقال أَراهُ فِي فِعْلِهِ عَدُوّاً ... وكَنُتُ أَعْتَدُّهُ صَدِيقا صَيَّرَ عَذْبَ الشَّرابِ مُرّاً ... وَزادَ ضِيقَ الْحَياِة ضِيقا وقال هيفُ الْخُصُورِ قَواصِدُ النَّبْلِ ... قَتَّلْنَنا بِنَواظِرٍ نُجْلِ كَحَلَ الْجَمالُ جُفونَ أَعْيُنِها ... فَغَنِينَ عَنْ كُحْلٍ بِلا كَحَلِ وقال يرثي ابنه أحمد وهو أكبر ولده نَأَى آخِرَ اْلأَيَّاِم عَنْكَ حَبِيبُ ... فَللْعَينِ سَحٌّ دائِمٌ وَغُروبُ يَؤُوبُ إلىَ أَوْطانِهِ كُلُّ غائبٍ ... وَأَحْمَدُ فِي الغُيَّابِ لَيْسَ يَؤُوبُ تَبَدَّلَ داراً غَيْرَ دارِي وَجِيرةً ... سِوايَ وَأَحْداثُ الزَّمانِ تَنوبُ أَقامَ بِها مُسْتَوْطِناً غَيْرَ أَنَّهُ ... عَلَى طُولِ أَيَّامِ الْمَقامِ غَرِيبُ وَكانَ نَصِيبَ الْعَيْنِ مِنْ كُلِّ لَذَّةٍ ... فَأَمْسَى وَما لِلعْيَنْ فِيِه نَصِيبُ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ كالْغُصْنِ فِي مَيْعَةِ الضُّحَىزَهاهُ النَّدى فَاْهْتَزَّ وَهْوَ رَطيبُ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ كالصَّقْرِ أَوْ فَي بشاِمِخ الذُّرَى وَهْوَ يَقْطانُ الفْؤُاَدِ طَلُوبُ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ الرُّمحِ يَعْدِلُ صَدْرَهُ ... غَداةَ الطَّعانِ لَهْذَمٌ وَكُعُوبُ

يَفُضُّ الحَدِيدَ المُحْكَمَ النَّسْجِ حَدُّهُوَيَبْدوُ وَراءَ الْفِرْن وَهْوَ خَضِيبُ وَرَيْحانَ قَلْبِي كانَ حِينَ أَشَمُّهُ ... وَمُؤْنِسَ قَصْرِي كانَ حِينَ أَغيِبُ كَأَنِّيَ منْهُ كُنْتُ فِي نَوْمِ حالِمٍ ... نَفَى لَذَّةَ اْلأَحلامِ عَنْهُ هُبُوبُ جَمَعْتُ أَطِبَّاءَ الْعِرِاق فَلَمْ يُصِبْ ... دَواءَكَ مِنْهُمْ فِي البْلاِدِ طَبِيبُ وَلَمْ يَمْلِكِ الآسُونَ نَفْعاً لِمُهْجَةٍ ... عَلَيْها لأَشراكِ الَمُنونِ رقَيِبُ وَإنِّي وَإنْ قُدِّمْتَ قَبْلِي لعَالِمٌ ... بأَنِّي وَإنْ أُخِّرْتُ مِنْكَ قَرِيبُ وَإنَّ صَباحاً نَلْتَقِي فِي مَسائِهِ ... صَباحٌ إلىَ قَلْبِي الْغَداةَ حَبيِبُ حدثنا يموت بن المزرع قال قال المأمون: ما هجى إبراهيم بن المهدي فيما ادعاه على كثرة هجائة بأشد من قول الجاحظ فيه هو خليفة، إذا خطب رأى آخر عمله حدثني أحمد بن يزيد المهلبي قال حدثنا حماد بن إسحاق قال قال جعفر بن يحيى إبراهيم بن المهدي وكان يسميه خليلي وكانا متصافيين جداً يا خليلي إن هذا الرجل يعني الرشيد قد تغير لنا، وبان ذلك لي، وأنا أحب أن أستظهر برأيك، فتفقد ذلك اليوم. وكان قد اجتمعا عند الرشيد للشرب. قال وكان إبراهيم أجود الناس رأياً لغيره وأضعفهم رأيا

لنفسه، وسئل عن ذلك فقال: أنظر لغيري بحوارح سليمة من الهوى، وأميل في رأى نفسي إلى ما أشتهي. قال فتفقد إبراهيم ذلك، فانصرف قبل جعفر، فوقف له خلف حائط في طريق جعفر ومعه غلام واحد، وصرف سائر غلمانه وأمر بإطفاء شموعه، فانصرف جعفر، فلما صار بذلك الموضع عدا وحده وصاح يا خليلي، فأجابه إبراهيم وقال: من أين علمت أني ها هنا. وإنما قدرت أن أؤذنك بموقفي؟ فقال له جعفر علمت أنك لا تنصرف إلى منزل حتى تعرفني ما أردت وليس في طريقك مكان يخفى فيه أثرك غير هذا الموضع فعلمت أنك فيه، كيف رأيت الرجل؟ قال رأيته يجد إذا هزلت، ويهزل إذا جددت، وهذه نهاية التغيير. فقال صدقت والله يا خليلي، ونحن نستكفي الله بوادره حدثنا عون بن محمد الكندي قال حضرت مع أبي وعمي دار بعض ولد العباس بن محمد لنعزيه على ميت لهم، فجاء إبراهيم بن المهدي فتشوفه الناس وقاموا له وذلك قبل العشرين ومائتين قال ولم أكن رأيته قط، فإذا أنا برجل سمين آدم غليظ الشفة، حسن العين، حسن الأنف، فتكلم في التعزية فأحسن وحفظ الناس كلامه ولم أسمع أنا ما قال حين جاء، ثم نهض فقال تابع الله النعم لديكم، وأحسن العوض لكم، وأخلف عليكم، ولقي الله فلاناً أزكى عمله، وقبل حسنته، وغفر قبيحه حدثنا الحسن بن إسحق قال سمعت حماد بن إسحاق يقول:

كانت يد إبراهيم بن المهدي في أيد أبي العتاهية بمكة وهو ينشد عَجَباً عَجِبْتُ لِغَفْلِةَ اْلإِنْسانِ ... قَطَعَ الحَياةَ بِغَّرِةٍ وَتَوانيِ فَكَّرْتُ فِي الدُّنْيا فَكانَتْ مَنْزِلاً ... عِنْدِي كَبَعْضِ مَنازِلِ الرُّكْبانِ مَجْرَى جَميِعِ الَخْلقِ فِيها واحِدٌ ... وَكَثِيرُها وَقَلِيلُها سِيَّانِ أَبْغِي الْكَثيِرَ إلَى الْكثِير مُضاعَفاً ... وَلَوِ اقْتَصَرْتُ عَلَى الْقَليِل كَفانيِ لله دَرُّ الْوارِثِينَ كَأَنَّنِي ... بِأَخَصِّهِمْ مُتبَرِّماً بِمَكانِي قَلقاً لِتْجيِزِي إلىَ دارِ الْبِلا ... مُتَحَرِّياً لِكَرمَتِي بِهوَانِي مُتَبَرِّماً مِنِّى، إذا نُشِرَ الثَّرَى ... فَوْقِى طَوَى كَشْحاً عَلَى هِجْرانِي فقال له قائل لو قرأتما كان أنفع لكما، فقال له إبراهيم هذه أخلاق حث على مثلها القرآن حدثنا الحسين بن فهم قال حدثني محمد بن أحمد بن هارون قال لما لبس أبو العتاهية الصوف كتب إليه إبراهيم بن المهدي: إنَّ الَمنَّيِةَ أَمْهَلتْكَ عتاهِي ... وَالَمْوتُ لاَ َيْسُهو وَقَلْبُكَ ساهِي يا وَيْحَ ذَا الْبَشَرِ الضَّعيِفِ أَما لَهُ ... عَنْ غَيِّه قَبْلَ الَمماتِ تَناهِي وُكِّلْتَ بالدُّنْيا تُبكِّيها وَتَنْ ... دُبُها وَأَنْتَ عَنِ الْقيِامَةِ لاهِي اْلعَيْشُ حُلْوٌ وَالَمُنونُ مَرِيرَةٌ ... وَالدَّارُ دَارُ تَفاخُر وَتَباه

فاجْعَلْ لِنَفْسكَ دُونَها شُغْلاً وَلا ... تَتَجاهَلَنَّ لهَا فَانَّكَ داهِي لاَ يُعْجِبَنَّكَ أَنْ يُقالَ مُفَوَّهٌ ... حَسَنُ البَلاغَةِ أَوْ عَرِيضُ الجِاه أَصْلحِ فَساداً مِنْ سَرِيرَتِكَ التَّيِ ... تَلْهوُ بهِا وَارْهَبْ مَقامَ اللهِ ماالزُّهْدُ مِنْ رَجُلٍ أَلَدَّ مُكِّذبٍ ... بِاْلبَعْثِ غَيْرَ ضَلالَةٍ وَسِفاهِ وَأَرِى المَفالَةَ غَيْرَ صالِحَةٍ وَإنْ ... أَظْهَرْتَ غَيْرَ مَقالَةِ اْلأَوَّاهِ إنِّي رَأَيْتُكَ مُظْهِراً لِزَهادَةٍ ... نَحْتاجُ مِنْكَ لَها إلىَ أَشْباِه إنْ كانَ لُبْسُ الصُّوفِ حُجَّتَكَ التَّيِ ... تَدْعُو النَّجاةَ فَاننَّيِ لَك ناهِي ما فِي يَدَيْكَ منَ اللبَّاسِ إذا غَوَتْ ... مِنْكَ السَّرِيرَةُ غَيْرَ حَبْلٍ واهِي لاَ شَيْءَ يُقْبَلُ مِنْكَ إلاَّ ما بِهِ ... حَكَمَتْ عَلَيْكَ نوَاطِقُ اْلأَفْواهِ وَالأَمرُ بَعْدُ عَلَيْكَ وَيْحكَ واسِعٌ ... ماَ لْم تُسَوِّ إلهنا بِاَلِهِ فقال أبو العتاهية: أنا عيى بجواب مثله، وماله عندي إلا ما يحب. حدثنا أحمد بن محمد بن إسحق قال حدثنا علي بن محمد النوفلي قال اعتل إبراهيم بن المهدي في سنة أربع وعشرين ومائتين وأوصى وصية شهد بها لجماعة من بني العباس رحمة الله عليه ثم أوصى لولد أبي بكر وعمر وعثمان وطلحة وسائر ولد العشيرة رحمة الله عليهم ولأولاد الأنصار ولم يوص لولد علي عليه السلام

بشيء، فقال الواثق: قبح الله فعله، ترك أهله وخالف رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله أدانيك أدانيك والله لا أمضاها أمير المؤمنين على هذه الصفة، فلما توفي أمر المعتصم بالله أن يجعل لولد علي عليه السلام من الوصية كما لولد العباس عليه السلام، وأمضاها على ذلك. قال واشتدت علة إبراهيم بن المهدي في شهر رمضان من سنة أربع وعشرين ومائتين، وجعل يشرب الماء فلا يروى، ووجه إلى المعتصم يطلب ثلجاً، وكان قد عز وجوده في ذلك الوقت، فأمر أن تصرف وظائف الثلج كلها إليه، فلما مات ركب المعتصم وصلى عليه، وكبر خمسا، وانصرف قبل أن يدلى في قبره، وتقدم إلى هارون الواثق أن يتولى ذلك، ويقف إلى أن يجن، ففعل كارها وانصرف. وكان الواثق ينعي عليه ما فعله في أمر وصيته في هذا الوقت وبعد ذلك لما أن ولي الخلافة، وهجاه قوم لسبب وصيته بأهاج ترك ذكرها لموضعه من النسب والخلافة. تمت أشعار إبراهيم بن المهدي يتلوه ابنه هبة الله بن إبراهيم

بسم الله الرحمن الرحيم

بسم الله الرحمن الرحيم أَبُو القَاسِمِ هِبَةُ الله بْنُ إبْراهِيمَ بْنِ المَهْدِيِّ وهذا وإن لم يكن ابن خليفة يعد في الخلفاء، فإنا جئنا به بعقب ذكر أبيه. كما شرطنا في الرسالة التي في صدر هذا الكتاب، أنا إذا ذكرنا شاعراً فكان في أهله شعراء ذكرناهم جميعاً بعقب ذكره ليكون أمرهم أقرب على ملتمسه، فأجرينا هذا على ذلك. حدثني أحمد بن يزيد بن محمد أبو جعفر المهلبي، قال كان لهبة الله بن إبراهيم غلام يقال له بدر، قد رمى بأمره كله عليه، فتركه ومضى إلى غلام ليؤنس بن بغا، فأقام عنده، فقال هبة الله فيه شعراً، وأنشدنيه لنفسه: لاَ يَفِي دَهْرُك هَذَا لأِحَدْ ... وَجَميِعُ النَّاسِ فِيِه قَدْ فَسَدْ كُلُّ مَنْ تُبْصرُ مِنْ جَارِيَةٍ ... وَغُلاَمٍ فَهْوَ مُسْتَرْخِى الْقَوَدْ مَا مِنَ النَّاسِ جَمِيعاً أَحَدٌ ... مُسْتَحِقّاً فِي الْهَوَى أَنْ يُعْتَقَدْ فَدَعِ الْمُرْدَ وَدَعْ ذِكْرَهُمُ ... وَارْمِ بِاْلِعْشِقِ إلىَ أَقْصَى بَلَدْ وَتَغَنَّ الْيَوْمَ إنْ بَاكَرْتَهَا ... قَهْوَةً صَفْراءَ تَرْمِى بِالزَّبَدْ اسْتَجْرِ بِالرَّاحِ مِنْ حَدِّ اْلأَحَدْ ... لاَ تُؤَخِّرْ لَذَّةَ اليَوْمِ لغَدْ

من شعره

من شعره أَلاَ يَا طَاِلباً يُفْدِيهِ مِنِّي الْجْسِمُ وَالرُّوحُ فُؤَادُ الْهَائِمِ الْمسْكِي ... نِ بِاِلْهْجَرانِ مَجْرُوحُ وَقَلْبُ الصَّبِّ بِالَّصدِّ ... الذَّيِ أَظْهَرْتَ مَقْرُوحُ فَأَلاَّ كَانَ ذَا الصَّدُّ ... وَبَابُ الصَّبْرِ مَفْتُوحُ وأنشدني أحمد بن يزيد لهبة الله بن إبراهيم: يا جَليِلاً فِي الْعُيُون ... وَمَليحاً فِي الْمُجُونِ وَالَّذِي يَمْطُلُنِي ... الْوَعْدَ وَلاَ يَقْضِى دُيوُنِي أَنْتَ بَاعَدَتْ بَهْجْرٍ ... بَيْنَ نَوْمِي وَجُفوُنِي سَوْفَ يَدْعُونَيِ إنْ لَمْ ... تَرْثِ لِي دَاعِي الْمَنُونِ وقال أيضاً إنْ كُنْتُ أَذْنَبْتُ بِحُبِّي لَكُمْ ... فَلَسْتُ مِنْ ذَا الذَّنْبِ التَّائِبِ رَضيِتُ أَقْصَى الْعَيْبِ فِي حُبِّكُمْ ... فَمَا عَسَى يَبْلُغُ بِي عَائِبِي غَلَبْتُ فِي فَخْرٍ وَفيِ سُؤْدُد ... لَكِنْ هَوَاكُمْ أَبَداً غَالِبِي يَعْلَمُ رَبِّي أَنَّنِي مُدْنَفٌ ... وَشَاهِدِي فِي النَّاِس كاَلْغَائِبِ

حدثني الحسن بن يحيى قال كان هبة الله بن إبراهيم يجالس الخلفاء وآخر من جالس المعتمد على الله، وكان أحسن الناس علما بالغناء وكانت صنعته له ضعيفة، قال فوقعت لأبي شبل البرجمي الشاعر إليه حاجة فهجاه فقال: صَلِفٌ تَنْدَقُّ مِنْهُ الرَّقَبهْ ... وَمَخازٍ لَمْ تُطقْهَا الْكَتَبَهْ كُلَّمَا بَادَرَهُ بَدْرٌ بِمَا ... يَشْتَهِيهِ مِنْه نَادَى يَا أَبَهْ لَيْتَهُ كَانَ النَّوَى الْفَرْحُ بِهِ ... لَمْ يَزِدْ فِي هَاِشمٍ هَذا الْهِبَهْ وقال هبة الله عَذَّبَنِي الْحُبُّ وَأَبْلاَنِي ... مَا أَعْنَفَ الْحُبَّ بالإِنْسَانِ مَا أَطْيَبَ الْوَصْلَ عَلىَ عَاشِقٍ ... إنْ لَمْ تُنَغِّصْهُ بِهِجْرَانِ من أول شعر عمله هبة الله، وشهر به قوله: أَصَابَكَ الظَّبْيُ إذْ رَمَاكَا ... وَعْن ظِبَاِء النَّقَا حَوَاكَا فَلَوْ تَمَنَّيْتَ لَمْ تَجُزْهُ ... وَلَوْ تَمَنَّى لَمَا عَدَاكَا يَا ظَالِماً نَفْسَهُ بِظُلْمِي ... لاَ تَبْك مِمَّا جَنَتْ يَدَاكَا أَنْتَ الذَّي إنْ كَفَرْتَ وُدِّي ... صَرَفْتُ قَلْبي إلىَ سِوَاكَا فعمل أبوه إبراهيم بن المهدي في هذا الشعر لحناً في الثقيل الأول

عنده، وفي الثقيل الثاني عند إسحق وعند الناس، وعمل فيه علوية لحناً في الرمل، حدثني بذلك الحسين بن يحيى الكاتب، وقال هبة الله أيضاً أَنْكَرْتُ مِنْ هَجْرِكَ ما أَعْرفُ ... وَجُرْتَ فِي الْحُبِّ فَمَا تُنْصفُ لَوْ كُنْتَ مِثْلِي عارِفاً فِي الْهَوَى ... عامَلْتَنِي فِيِه بِمَا تَعْرِفُ لَكِنْ تَجَاوَزْتَ طَرِيقَ الهْوَىَ ... وَضَلَّ فِيِه الْهَائمُ الْمُدْنَفُ وجدت بخط إبراهيم بن شاهين، أنشدني العباس بن محمد لهبة الله ابن إبراهيم يرثي أباه: الْحَمْدُ للهِ عَلَى مَا أَرَى ... أَفْقَدَنِي الْمَوْتُ لذَيذَ الكْرَىَ أَصُبَحَ أَعْلَى النَّاِس فِي قَدْرِهِ ... مُنْخَفضِاً يَعْلوُ عَلَيْهِ الثَّرَى قَدْ وَتَرَ المَوْتُ الْوَرَى كُلَّهُمْ ... بِمَوْتِ إبْراهِيمَ خَيْرِ الوْرَىَ وقال وأحسبه في غلامه يا مَنْ أَرَدْتُ لِنَفْسِي ... فَصاَر غَدْراً لِغَيْرِي وَمَنْ ذَخَرْتُ لَنْفِسي ... فَعادَ ذُخْراً لِضَيْرِي شَفِيتُ منْكَ بِشَرٍّ ... وَما سَعِدْتُ بَخيْرٍ

جَرَى لِي الْفَأْلُ يَوْمَ ال ... نَّوَى بِأَشْأَمِ طَيْرِ ومن شعره وَمُهَفْهِفٍ فَضَحَتْ رَشا ... قَةُ قَدِّهِ الْغُصْنَ الرَّطيبا وإذا بَدَا إشْراقُهُ ... لِلشَّمْسِ أَسْرَعَتِ الَمِغيبا يا قاِسياً أَدْعُو بعَطْفِهِ فَيَأْبَى أَنْ يُجيِبا لَوْ كانَ فِعْلُكَ مِثْلَ وَجْهِكَ لَمْ أَكُنْ صَبّاً كَئيِباً ومات هبة الله بن إبراهيم بن المهدي في شهر ربيع الأول من سنة خمس وسبعين ومائتين، عن توبة حسنة ووصية جميلة، بعد أن فرق في حياته مالاً عظيماً. وحدثني محمد بن يحيى بن ثابت قال: لما اشتدت علة هبة الله بن إبراهيم جعل يقول: إلَى المُهَيْمِنِ رَبِّي ... أَتُوبُ مِنْ كُلِّ ذَنْبِ رَجَوْتُهُ عْنَد مَوْتِي ... لدَفْع هَمِّي وَكَرْبِي يا رَبِّ فَاغْفِرْ ذُنوبِي ... فَأَنْتَ غَوْثِي وَحَسْبي

علية بنت المهدي

علية بنت المهدي أشْعاَرُ عُلَيَّةَ بِنْتِ الَمْهِديّ وَأخْبَارُهَا وإنما ذكرت عليه ها هنا لأني لا أعرف لخلفاء بني العباس بنتاً مثلها، فلما كانت منفردة ذكرت أمرها مع أولاد الخلفاء، على أن لها شعراً حسنا، وصنعة في الغناء حسنة كثيرة. وكانت علية من أكمل النساء عقلا، وأحسنهن دينا وصيانة. ونزاهة، وكانت أكثر أيام طهرها مشغولة بالصلاة، ودرس القرآن، ولزوم المحراب، فإذا لم تصل اشتغلت بلهوها. وكان الرشيد يعظمها، ويجلسها معه على سريره، وكانت تأبى ذلك وتوفيه حقه، وكان إبراهيم بن المهدي يأخذ الغناء عنها. حدثني عون بن محمد الكندي قال سمعت عبد الله بن العباس بن الفضل بن الربيع يقول: ما اجتمع في الإسلام قط أخ وأخت أحسن غناء من إبراهيم بن المهدي وأخته علية، وكانت تقدم عليه. حدثني أحمد بن محمد بن إسحاق، قال حدثني عبيد الله بن محمد بن عبد الملك قال حدثني مسرور الخادم قال خرج الجلساء والمغنون من عند الرشيد، فقال لي قد تشوقت أختي علية فامض فجئني بها، وقل لها بحياتي عليك إلا طيبت عيشي بحضورك، فجاءت فأومأ إليها أن تجلس على السرير معه، فأبت وحلفت ثم ثنت طرف نخٍّ كان بين يديه، وجلست على ظهره، فقال لها لم فعل هذا يا حياتي؟

أخبار علية بنت المهدي مع أخيها الرشيد

وكان كثيراً ما يدعوها بذلك، فقالت يا أمير المؤمنين: إنها مجالس آنفا، فلم أحب أن أقعد مقعدهم. حدثنا الحسين بن فهم قال حدثنا حماد بن إسحاق قال سمعت إبراهيم بن إسماعيل الكاتب يقول قالت علية بنت المهدي ما حرم الله شيئاً إلا وقد جعل فيما حلل عوضا منه، فبأي شيء يحتج عاصيه، والمنتهك لحرماته. حدثنا محمد بن موسى مولى بني هاشم بالبصرة سنة ثمان وسعين ومائتين، قال سمعت أبا أحمد بن الرشيد يقول كانت عمتي علية تقول اللهم لا تغفر لي حراما أتيته، ولا عزما على حرام إن كنت عزمته، وما استغرقني لهو قط إلا ذكرت سببى من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقصرت عنه، وإن الله ليعلم أني ما كذبت قط، ولا وعدت وعدا فأخلفته. أخْبارُ عُلَيَّةَ بِنْتِ الَمْهِديِّ مَعَ أخِيها الرَّشيِد حدثنا عون بن محمد، قال حدثنا سعيد بن هزيم، قال: كانت علية تحب أن تراسل بالأشعار من تخصه، فاختصت خادما يقال له طَلٌّ من خدم الرشيد تراسله بالشعر، فلم تره أياما، فمشت على ميزاب حتى رأته وحدثته، فقالت في ذلك: قَدْ كانَ ما كلُفِّتْهُ زَمَناً ... يا طَلُّ مِنْ وَجْدٍ بِهِمْ يَكْفِي حَتَّى أَتِيْتُكَ زائِراً عَجِلاً ... أَمْشِي عَلَى حَتْفِي إلىَ حتَفْيِ

فخلف عليها الرشيد ألا تكلم طلا الخادم، ولا تسمى باسمه، فضمِنت له ذلك، فاستمع عليها يوماً وهي تدرس آخر سورة البقرة، حتى بلغت إلى قوله عز وجل " أَصابَهَا وَابلٌ، فَأتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصبْها وَابِلٌ " وأرادت أن تقول فَطَلٌّ، فلم تلفظ بهذا فقالت فالذي نهانا عنه أمير المؤمنين وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصيِرٌ فدخل فقبل رأسها وقال قد وهبت لك طلا، ولا منعتك بعد هذا من شيء تريدينه. حدثنا عون قال حدثنا سعيد بن هريم، قال قالت علية للرشيد بعد إيقاعه بالبرامكة: ما رأيت لك يوم سرور تاما منذ قتلت جعفرا فلأي شيء قتلته؟ فقال: يا حياتي لو علمت أن قميصي يعلم السبب الذي قتلت له جعفرا لأحرقته! حدثنا أحمد بن يزيد المهبلي، قال حدثنا حماد بن إسحاق قال كانت علية ابنت المهدي أعف الناس، إذا طهرت لزمت المحراب، وإذا لم تصل غنت، وكانت قليلة الشغف بالشراب. وكانت تكاتب بالأشعار خادمين يقال لأحدهما رشأ، وتكنى عنه بزينت. وطل وتكنى عنه بظل. فمن شعرها في طل، وكنايتها بطل على أنها جارية. يا رَبِّ إنِّي قَدْ حَرَضْتُ بِهْجِرها ... فَإلَيْكَ أَشْكوُ ذاكَ يا رَبَّاهُ

من شعرها في الرشيد وقد جفاها

مَوْلاةُ سَوْءٍ تَسْتَهينُ بِعَبْدِها ... نِعْمَ الْغُلامُ وبَئِسَتِ المَوْلاه ظلٌّ وَلَكنِّي حُرِمْتُ نَعيِمَهُ ... وَهَواهُ إنْ لَمْ يُغثْنِي اللهُ حدثنا أحمد بن يزيد المهلبي، قال حدثنا حماد بن إسحاق قال زار الرشيد علية فقال لها: بالله يا أختي غني، فقالت والله لأعملن فيك شعراً، وأعمل فيه لحنا، فقالت من وقتها: تَفْدِيكُ أُخْتُكَ قَدْ حَييتُ بِنِعْمَةٍ ... لسَنْا نَعُدُّ لهَا الزَّمانُ عَديلاَ إلاَّ الخُلوُدَ وَذاك قُرْبُكَ سَيِّدِي ... لاَزالَ قُرْبُكَ وَالبَقاءُ طَوِيلاَ وَحَمِدْتُ رَبيِّ فِي إجابَةِ دَعْوَتي ... وَرَأَيْتُ حَمْدِي عنْدَ ذاكَ قَلِيلاَ وعملت فيه لحنا من وقتها، في طريقة الثقيل الثاني من شعرها في الرشيد وقد جفاها مالَكِ رقِّي أَنْتَ مَسْرُورُ ... وَبِالَّذِي تَهْواهُ مَحْبُورُ أَوْحَشْتَنِي يا نُورَ عَيِني فَمَنْ ... يُؤنُسِنِي غَيْرُكَ يا نُورُ أَنْتَ عَلىَ اْلأَعْداءِ يَا سَيِّدِي ... مُظَفَّرُ الآْراءِ مَنْصُورُ وقالت للرشيد وقد طلب أختيها ولم يطلبها مالي نُسِيتُ وَقَدْ نُوِدي بِأَصْحابِي ... وَكُنْتُ وَالذِّكْرُ عنْدِي رِائحٌ غادِي

أَنا الذَّيِ لا أُطيِقُ الدَّهْرَ فُرْقَتَكُمْ ... فَرِقَّ لِي بأَبيِ مِنْ طُوِل إبعادِي وغنت لحنا في طريقة الثقيل الثاني حدثني عون بن محمد، قال حدثني زرزر الكبير غلام جعفر ابن موسى الهادي أن علية حجت في أيام الرشيد، فلما انصرفت أقامت بِطيِزنَابَاَذ أياما فانتهى ذلك إلى الرشيد فغضب فقالت: أَيُّ ذَنْبٍ أَذْنْبَتُهُ أَيُّ ذَنْبٍ ... أَيُّ ذَنبٍ لَوْلاَ مَخَافَةُ رَبيِّ بِمُقِامي بِطَيزناباذَ يَوْماً ... بَعْدَهُ لَيْلَةٌ عَلىَ غَيْرِ شُرْبِ ثُمَّ باكَرْتُها عُقاراً شَمُولاً ... تَفْتنُ النَّاسِكَ الحْلَيِمَ وَتُصْبِي قَهْوَةً قَرْقَفاً تَرَاهَا جَهْولاً ... ذاتَ حِلْمٍ فَرَّاجَةً كُلَّ كَرْبٍ وعملت في البيتين الأولين لحنا في خفيف الثقيل الأول، وفي البيتين الآخرين لحن رمل، فلما جاءت وسمع الشعر واللحنين رضى عنها. حدثني عبد الله بن المعتز، قال حدثني هبة الله بن إبراهيم بن المهدي، قال اشتاق الرشيد إلى عمتي علية وهو بالرقة، فكتب إلى خالها يزيد بن منصور في إخراجها إليه، فأخرجها فقالت في طريقها: اشْرَبْ وَغَنِّ عَلىَ صَوْتِ النُوَّاعِيِرما كُنْتُ أَعْرْفُها لَوْلاَ ابْنُ مَنْصُور لَوْلاَ الرَّجاءُ لِمَنْ أَمَّلْتُ رُؤْيَتَهُ ... ما جُزْتُ بَغْدادَ في خَوْفٍ وَتَغْريرِ

وعملت فيه لحنا أحسبه في طريقة الثقيل الأول ومن شعرها في الرشيد هارُونُ يا سُؤْلِي وُقِيتَ الرَّدَى ... قَلْبِي بِعَتْبٍ مِنْكَ مَشْغُولُ ما زِلْتُ مُذْ خَلَّفْتَنِي فِي عَمًى ... كَأَنَّني لِفي النَّاِس مَخْبولُ حدثنا أحمد بن محمد بن إسحاق، قال حدثني أبو عبد الله الحسين ابن أحمد بن هشام قال لما خرج الرشيد إلى الري أخذ أخته علية معه فلما صارت بالمرج عملت شعراً، وصاغت فيه في طريقة الرمل، وغنته به. والشعر: وَمُغْتِربٍ بِالْمَرْجِ يَبْكِي لِشَجْوِهِوَقَدْ غابَ عَنْهُ الْمْسعِدونَ عَلىَ الُحبِّ إذا ما أَتاهُ الرَّكْبُ مِنْ نَحْوِ أَرضِهِ ... تَنَشَّقَ يَسْتَشْفِى بِراِئَحةِ الرَّكبِ فلما سمع الصوت علم أنها قد اشتاقت إلى العراق وأهلها به، فأمر بردها. حدثني أحمد بن يزيد بن محمد، قال أبي قال: كنا عند المنتصر فغناه بنان في طريقة الرمل الثاني: يا رَبَّةَ الْمَنْزِلِ بِالْفِرْكِ ... وَرَبَّةَ السُّلْطاِن وَالْمُلْكِ تَرَفَّقِي بِاللهِ فِي قَتْلنا ... لَسْنا مِنَ الدَّيْلِم وَالتُّرْكِ فضحك فقال لي لم ضحكت؟ فقلت. من شرف قائل هذا الشعر،

أخبار علية مع رشأ الخادم

وشرف من عمل اللحن فيه، وشرف مستمعه. قال وما ذاك؟ قلت الشعر للرشيد، والغناء لعلية بنت المهدي، وأمير المؤمنين مستمعه. فأعجبه ذلك، وما زال يستعيده. حدثنا أحمد بن محمد الأسدي، قال حدثني أبو عبد الله موسى بن صالح بن شيخ عن أبيه، قال حجب طل عن علية فقالت: أَيا سَرْوَةَ الْبُسْتانِ طالَ تَشَوُّقِي ... فَهَلْ لِي إلىَ ظِلٍ لَدَيْكِ سَبِيلُ مَتَى يَلْتَقِي مَنْ لَيْسَ يُقضَى خُروجُهُ ... وَلَيْسَ لما يُقْضَى إلَيْهِ دُخولُ وإنما صحفت الإسم في قولها ظل لديك فظل طل أخْبَارُ عُلَيَّةَ مَعَ رَشَأٍ الْخَادم حدثنا أحمد بن يزيد المهبلي قال حدثني أبي، وحكاه ميمون بن هارون عن محمد بن علي بن عثمان أن علية كانت تقول الشعر في خادم كان لها يقال له رشأ، وتكنى عنه بزينب فمن شعرها فيه: وَجَدَ الفْؤُادُ بِزَيْنَبا ... وَجْداً شَدِيداً مُتْعبا أَصْبَحْتُ مِنْ وَجْد بِها ... أُدْعَى شَقِيّاً مُنْصَبا وَلَقَدْ كَنَيْتُ عَنْ اسْمِها ... عَمْداً لِكَيْ لا تَغْضَبا وَجَعَلْتُ زَيْنَبَ سُتْرَةً ... وَأَتَيْتُ أَمْراً مُعْجَبا

قاَلتْ وَقَدْ عَزَّ الْوِصا ... لُ وَلَمْ أَجِدْ لِي مَذْهبا واللهِ لا نلْتَ المْوَ ... دَّةَ أَوْ تَنَالَ الْكْوكَبا حدثني الحسين بن يحيى قال حدثني عبد الله بن العباس بن الفضل، قال لما علم من علية أنها تكنى عن رشأ بزينب، قالت الآن أكنى كناية لا يعرفها الناس فقالت: الْقَلْبُ مُشْتاقٌ إلَى رَيْبِ ... يا رَبِّ ما هَذا مِنَ الْعَيُبِ قَدْ تَيَّمَتْ قَلْبِي فَلَمْ أَسِتَطِعْ ... إلاَّ الْبُكا يا عاِلمَ الْغَيْبِ خَبَأْتُ فِي شِعْريَ ذِكْرَ الذَّيِ ... أَرِدْتُهُ كَاُلْحَبِّ فِي الجْيَبِ وغنت فيه لحنا في طريقة خفيف الثقيل الأول، وعمت الإسم في قولها إلى ريب، الراء والياء والباء من ريب والياء والألف من يا رب رشأ. وكانت لأم جعفر جارية يقال لها طغيان فوشت بعلية إلى رشأ وحكت عنها مالم تقل، فقالت علية تهجوها. لُطغْيانَ خُفٌّ مُذْ ثَلاثُونَ حِجَّةً ... جَدِيدٌ فَما يَبْلَي وَلا يَتَخَرَّقُ وَكَيْفَ بِلَى خُفّ هُوَ الدَّهْرَ كُلَّهُ ... عَلَى قَدَميَها فِي السَّماءِ مُعَلَّقُ فَما خَرَقَتْ خُفْاً وَلمْ تُبْلِ جَوْرَباً ... وَأَمَّا سَراوِيلاَتُها فَتُمَزَّقُ

من أخبار لعلية متفرقة

ومن شعرها الذي كنت فيه عن اسم رشأ، وكان حلف ألا يذوق نبيذا سنة: قَدْ ثَبَتَ الخْاتَمُ فِي بِنْصَري ... إذْ جاءنَيِ مِنْكَ تَجَنَيِّكا حَرَّمْتَ شُرْبَ الرَّاح إذْ عفْتَها ... فَلَسْتُ فِي شَئٍ أُعاصِيكا فَلَوْ تَطَوَّعْتَ لَعَوَّضْتَنِي ... مِنكَ رضُابُ الرِّيقِ مِنْ فِيكا فَيا لَها ما عشْتَ مِنْ نِعْمَةٍ ... لَسْتُ لهَا ما عِشْتُ أَجْزِيكا يا زَيْنَباً أَرَّقْتِ مِنْ مُقْلَتِي ... أَمْتَعنَيِ اللهُ بِحُبِّيكا من أخبار لعلية متفرقة وجدت في كتاب أبي الفضل ميمون بن هارون حدثني أحمد ابن سيف أبو الجهم، قال كان لعلية وكيل يقال له سباع، فوقفت على خيانته فصرفته وحبسته، فاجتمع جيرانه إليها، فعرفوها جميل مذهبه وكثرة صدقته، وكتبوا بذلك رقعة فوقعت فيها: أَلاَ أَيُّهذَاَ الرَّاكِبُ الْعِيسَ بَلغاًسِباعاً وَقُلْ إنْ ضَمَّ دَارَكُمُ السَّفْرُ أَتَسَلُبُنِي مالِي وَلَوْ جَاءَ سَائلٌ ... رَقَقْتَ لَهُ إنْ حَطَّهُ نَحْوَكَ الْفَقُرُ كَشَافِيِة اْلَمْرضَى بِفَائِدِة الزِّنَا ... تُؤَمِّلُ أَجْراً حَيْثُ لَيْسَ لهَا أَجْرُ

أشعار علية التي غنت فيها في طريقه الثقيل الأول أَوْقَعْتِ فِي قلِبْي الْهَوىَ ... وَنَجَوْتِ منْهُ سَالَمِهْ وَبَدَأْتِني بِالْوَصْلِ ثُمْ ... مَّ قَطَعْتِ وَصْلِى ظالمَهْ تُوِبى فَإنَّكِ عالِمَهْ ... أَوْ لاَ فَإِنِّي آثِمَهْ وقالت لاَ حُزْنَ إلاَّ دُونَ حُزْنٍ نالنَيِ ... يَوْمَ الْفِراقِ وَقَدْ غَدَوْتُ مُوَدِّعا فَإِذا الأحِبَّةُ قَدْ تَوَلَّتْ عِيرُهُمْ ... وَبَقِيتُ فَرْداً وَالِهاً مُتَوَجِّعا وقالت كَمْ تَجَنَّى ذَنْباً عَلَىَّ بِلاَ ذَنْ ... بٍ وَما إنْ أَمَرْتَنِي فَعَصَيْتُ إنْ تَكُنْ قَدْ صَدَدْتَ عَنِّيَ لَمَّا ... أَنْ تَمَلَّكْتَنِي فَصَدُّكَ مَوْتُ وقالت أَرَى جَسَدي يَبْلَى وَسُقْميَ باطِنٌ ... وَفِي كَبِدي دَاءٌ وَقَلْبِي سالُمِ فَما السُّقْمُ إلاَّ دُونَ سُقْمٍ أَصابَنِي ... وَلا الَجْهُد إلاَّ وَالذَّي بِي أَعْظَمُ لها فيه لحن ثقيل أول، ولغيرها لحن ثقيل ثاني وقالت ما أَقَصَرَ اسْمَ الُحِّب يا وَيْحَ ذَا الُحبِّوَأَطْولَ بَلَوْاه عَلىَ الْعاشِقِ الصَّبِّ

يَمُرُّ بِهِ لَفْظُ اللِّسانِ مُسَهَّلاً ... وَيَرْمى بِمَنْ قاساهُ فِي هائِرٍ صَعْبٍ وقالت فَرِّجُوا كَرْبِي قَليِلاً فَلَقَدْ صِرْتُ نَحِيلاً افْعَلُوا فِي أَمْرِ مَشْعُوفٍ بِكُمْ فِعْلاً جَمِيلاً وقالت: كَتَمْتُ اسْمَ الْحَبِيِب مِنَ الْعِباِد ... وَرَدَّدْتُ الصَّبابَةَ في فُؤَادِي فَوا شَوْقِي إلَى بَلَدٍ خَلّىٍ ... لَعَلِّى بِاسْم مَنْ أَهْوَى أُنادِي وقالت: ما صَنَعَ الهِجْرانُ لا كاَنَا ... هاجَ عَلَيَّ الْهَجْرُ أَحْزاناً وَنَمَّ طَرْفِي بِدَخِيلِ الْهَوىَ ... فَصارَ ما أَسْرَرْتُ إعْلاناً وقالت: لَيْسَ خَطْبُ الْهَوَى بِخَطْب يَسيرِ ... لاَ يُنَبِّئْكَ عَنْهُ مثْلُ خَبِيِر لَيْسَ خَطْبُ الْهَوَى يُدَبَّرُ بالرَّأْيِ وَلا بِالْقِياسِ وَالتَّقْدِيرِ وقالت: باحَ بالْوَجْدِ قَلْبُكَ الْمُسْتَهامُ ... وَجَرَتْ فِي عِظامِكَ اْلأَسْقامُ يَوْمَ لاَ يَمْلِكُ الْبُكاءَ أَخُو ال ... شَّوْقِ فَيُشْفَى وَلا يُرَدُّ السَّلامُ

وقالت: تَكاَتْبنَا بِرَمْزٍ فِي الْحُضُورِ ... وَإيحاءٍ يَلُوحُ بِلاَ سُطورِ سِوِى مُقَلٍ تُخَبِّرُ ما عَناهَا ... بِكَفِّ الْوَهْمِ فِي وَرِقِ الصُّدُورِ وممَّا غَنَّتْ فيه من شعرها في طريقة خفيف الثقيل الأول إذا كُنْتَ لا يُسْليكَ عَمَّنْ تُحبُّهُ ... تَناءٍ وَلا يَشْفِيكَ طُولُ تَلاقِي فَما أَنْتَ إلاَّ مُسْتَعِيرٌ حُشاشَةً ... لِمُهْجَةٍ نَفْسٍ آذَنتْ بِفِراقِ وقالت: أَسْعَى فَما أَجْزي وَأَظْما فَما ... أُرْوَى مِنَ البْارِدِ والْعَذْبِ يَحْملُنِي الْحُبُّ عَلىَ مَرْكَبٍ ... مِنْ هَجْرِكُمْ يا أَمِليِ صَعْبِ وقالت: بُنَيِ الحُبُّ عَلَى الْجَوْرِ فَلَوْ ... أَنْصَفَ المَعْشُوقُ فِيِه لَسَمَحْ لَيْسَ يُسْتَحْسَنُ فِي وَصْفِ الْهَوَى ... عاِشقٌ يَعْرفُ تَأْلِيفَ الْحُجَجْ وَقَلِيلُ الْحُبِّ صِرْفٌ خالِصٌ ... لَكَ خَيْرٌ مِنْ كَثِيرٍ قَدْ مُزِجْ وقالت: شَرَبْتُ نَوْماً بِسَهرْ ... وَغُصْتُ فِي بَحْرِ الْفِكَرْ

ما للتَّصابِي والغِيَرْ ... مَنْ عَرَفَ الحُبَّ عَذَرْ وقالت: أُمْسِى فَلا أَرْجُو صَباحًا وَإنْ ... أَصْبَحْتُ حَيّاً قُلْتُ لا أُمْسِى لا يَسْتَوي وَاللهِ هَذا كَمَا ... لاَ يَسْتَوِي فِي قَدِّها خُمْسِى وقالت أَمْسَيْتُ فِي عُنِقُي مِنْ حُبِّ جارَيِةٍ ... غُلٌّ فَلا فُكَّ عَنِّي آخَرِ اْلأَبَدِ قَدْ ضَيَّعَ الحَزْمَ مَنْ يَرْمِى بِمُهْجَتِهِ ... إلىَ الفْرِاقِ بِلا صَبْرٍ ولا جَلَدِ وقالت وَدِدْتُ وَبَيْت اللهِ فِي الُحبِّ أَنَّنِيقَدَرْتُ عَلَى ما تَقْدِريِنَ منَ الصَّبْرِ فَأِنْ تَكُ أنْفَاِسي عَلَيْكِ كَثِيَرةًفَلَمْ يَكُ مِنْ عَيْنِي عَلَيْكِ دَمٌ يَجْرِي وقالت يا مُوِقدَ النَّار بالصَّحْراء مِنْ عُمُقٍقُمْ فَاصْطَلِ النَّارَ مِنْ قَلْبٍ بِكُمْ قَلِقِ الَّنارُ تُوقِدُها حِيناً وتَطُفْئهُا ... ونَارُ قَلْبِي لا يُطْفَى مِنَ الحُرَقِ وقالت مَنْ عَلَّلَ الَّليْلَ بِأَقْداِحِه ... قَوِى عَلىَ اللَّيْلٍ وَتَطْوِيِله ما كادَ يَفْنَى اللَّيْلُ مِنْ طُولِهِ ... لاَ يَعْرِضُ اللَّيْلُ لِمْشُمولِهِ

مما غنت فيه

ممَّا غَنَّتْ فيه من شعرها في طريقة الثقيل الثاني طالَتْ عَلَىَّ لَياليِ الصَّوْمِ وَاتَّصَلَتْحَتَّى لَقَدْ خِلْتُها زادَتْ عَلىَ الْعَدَدِ شَوْقاً إلىَ مَجْلِسٍ يَزْهُو بِساكِنِهِ ... أُعِيذُهُ بِجلالِ الْوَاحِدِ الصَّمَد وقالت وزعم ميمون بن هارون أن كنيزة جارية عبد الله بن الهادي أنشدته الشعر لعلية، وأعلمته أن اللحن لها، وكذلك أخبرته بدعة: ما زِلْتُ مْذ دَخَلْتُ الْقَصْرَ فِي كُرَبٍ ... أَهْذِى بِذِكْرِكِ صَبًّا لَسْتُ أَنْساكِ لاَ تَحْسَبِيِني وَإنْ حُجَّابُ قَصْرِكُمْ ... سَدُّوا الِحجَابَ وَحالُوا دونَ رُؤْيِاك أنِّي تَغَيَّرْتُ عَمًّا كُنْتُ ياَ سَكنى ... أَيَّامَ كُنْتُ إذا ما شِئْتُ أَلْقاكِ لَكِنَّ حُبَّكِ أَبْلانِي وَعَذَّبَنِي ... وَأَنْتِ فِي رَاحَةٍ طوبِاك طُوباِك وقالت أَيا رَبِّ حَتَّى مَتَى أُصْرَعُ ... وَحَتَّامَ أَبْكِي وأَسْتَرْجِعُ لَقَدْ قَطَعَ الْيَأْسُ حَبْلَ الرَّجَا ... ء فَمَا فِي وصالِكِ لِي مَطْمَعُ بُلِيَت بِقَلْبٍ ضَعِيِف الْقُوَى ... وَعَيْنٍ تَضُرُّ وَلاَ تَنْفَعُ إذا ما ذَكَرْتُ الهَوَى وَالمُنَى ... تَحَدَّرَ منْ جَفْنها أَرْبُعُ

وقالت شَغَلْتُ اشْتَغِالِي وَنَفْسِي بِكُمْ ... وَأَمْسَيْتُ صَبًّا إلىَ قُرْبِكُمْ فَإِنْ بِالهَوَى مَرَّةٍ عُدْتُّمْ ... فَإِنِّي إذن عُدْتُ عَبْداً لَكُمْ وقالت أَلْبِسِ المَاءَ الْمُدامَا ... وَاسْقِنِي حَتَّى أَنَامَا وَأَفِضْ جُوَدكَ فِي النَّا ... سِ تَكُنْ فِيهمْ إمَامَا لَعَنَ اللهُ أَخَا الْ ... بُخْلِ وأَنْ صَلىَ وَصامَا وقالت أَللهُ يَحْفَظُهُ وَيَجْمَعُ بَيْنَنا ... رَبٌّ قَرِيبٌ للدُّعاءِ مُجِيبُ يا طِيَب عَيْشٍ كُنْتُ فِيِه وَسَيِّدِي ... نُسْقَي بِكَأْسٍ والجَنابُ خَصِيبُ وقالت وحكى ميمون أن كنيزة الكبيرة جارية أم جعفر أعلمته أن هذا الشعر واللحن فيه لعلية: أَلَيْسَتْ سُلَيْمَى تَحْتَ سَقْفٍ يُكنُّها ... وإِيَّايَ هَذا فِي الْهَوَى لِيَ نافِعُ وَيَلْبَسُها اللَّيْلُ الْبَهيِمُ إذا دَجَىوَتُبْصِرُ ضَوْءَ الْفَجْرِ وَاْلَفْجُر ساطِعُ تَدُوسُ بِساطاً قَدْ أَراهُ وَأَنْثَنِي ... أَطَأْهُ بِرِجْلِي كُلُّ ذَا لِيَ شَافِعُ

وقالت سُلْطانُ ماذا الْغَضَبُ ... يُعْتَبُ إنْ لَمْ تَعْتِبُوا مالِيَ ذَنْبٌ فَإِذاً ... شِئْتَ فَإِنِّي مُذْنِبُ وقالت: نَفْسِي فِدا ظَالمٍ يَظْلِمُنِي ... فِي كَفِّه مُهْجَتِي يُقَلِّبُها ثُمَّ تَوَلَّى غَضْبَانَ يَحْلِفُ لِي ... كَفَرْتُ بِاللهِ إنْ ذَهَبْتَ بِها وقالت: بأَبِي مَنْ هُوَ دَائِي ... وَمِنَ السُّقْمِ شِفَائِي وَهُوَ هَمِّي وَمُنَى نَفْ ... سِي وَسُؤْلِي وَرَجَائِي حدثني أحمد بن محمد بن إسحق الطالقاني قال حدثني أبو عبد الله أحمد بن الحسين الهاشمي قال غنت عليه في شعر لها في طريقة الثقيل الثاني: قُلْ لِذِي الطُّرَّةِ وَالْ ... أَصْداغِ وَالْوَجْهِ المَليِحِ وَلَمنْ أَشْعَلَ نَارَ الْ ... حُبِّ فِي قَلْبٍ قَرِيحٍ مَا صَحيِحٌ عَمِلَتْ ... عَيْنَاكَ فيه بصَحِيح

ومما غنت فيه

وممَّا غَنَّتْ فيه من شعرها في طريق الرمل، وقالت وصحفت في هذا الشعر طل سَلَّمْ عَلىَ ذِكْرِ الْغَزَا ... لِ اْلأَغْيَدِ المُسْبِى الدَّلاِلِ سَلِّمْ عَلَيْهِ وَقُلْ لَهُ ... يا غُلَّ أَلْبَابِ الرِّجالِ خَلَّيْتَ جِسْمِي صَاحِياً ... وَسَكَنْتَ فِي ظِلِّ الْحِجالِ وبَلَغْتَ مِنِّي غايَةً ... لَمْ أَدْرِ فِيها ما احْتياِلي وقالت: يا ذا الذَّيِ أَكْتُمُ حُبِّيِه ... وَلَسْتُ مِنْ خَوْفٍ أُسمِّيِه لَمْ يَدْرِ ما بِي مِنْ هَواهُ وَلَمْ ... يَعْلَمْ بِما قاسَيْتُهُ فِيِه وقالت: شَعَفَ الْفُؤادُ بِجارةِ الجَنْبِ ... فَظَلْتُ ذا حُزْنٍ وَذا كَرْبِ يا جارَتِي أَمْسَيْتِ مالِكةً ... رِقِّي وَغالَبِتِي عَلَى لُبِّي وَأَنا الذَّلِيلُ لِمَنْ بُلِيتُ بِهِ ... حَسْبِي بِهِ عاذِلَتِي حَسْبِي أَمَّا النَّهارُ فَفِيِه شُغْلُ تَحَمُّلٍ ... وَالَّليْلُ يَجْلِبُ لِي هَوَى الحُبِّ وقالت: لَقَدْ كُنْتُ أَنْهَى النَّفْسَ جُهْدِي لَعَلَّهاإذَا ما اْسَتَطْبتُ الْهَجْرَ عَنْكِ تَطيِبُ

وَغاَلْبُتها حَتَّى عَصَتْنِي إلىَ الذَّيِ ... تُرِيُد وَلِي نَفْسٌ بِذاكِ غَلوبُ ولغيري فيه لحن في طريقة أخرى وقالت: أَشْكو انْفِرادِي بالْهُمُومِ وَوَحْشَتِي ... لِفِراقُكْم وَصَبابتِي وَحنَيِي وَتَلَفَتُّي كَيْما أَراكِ وَما أَرَى ... إِلاَّ خَيالاً مُذْكِراً يُؤْذِينِي وقالت: خَلَوْتُ بِالرَّاحِ أُناِجيها ... آخُذُ مِنْها وَأُعاطيِها ناَدَمْتُها إْذ لَمْ أَجْد صاِحباً ... أَخافُ أَنْ يَشْرَكنِي فِيها وقالت: زَوَّدَنِي يَوْمَ سارَ أَحْزانا ... كانَ لَهُ اللهُ حَيْثُما كانا إنْ لَمْ يَكُنْ حُبُّهُ قَدَ أقْلَقنِي ... فَلا صَفا الْعَيْشُ لِي وَلا لاَنا وقالت وقد أنشدته لها كنيزة فقالت لها فيه لحن رمل كَأَنِّي إذا أَلْزَمَتْنَيِ الذَّنْبَ لَيْسَ لِيلِسانٌ بَلَى لَوْ كانَ غَيْركِ أَلْسُنُ تَغِيبُ فَأَخْلُو بِاْلهُموِم وَنَلْتَقِي ... خِلاساً فَتَرْميِنِي لذِلِك أَعْيُنُ وقالت للرشيد: قُلْ للاْماِم ابْن الاْما ... مِ مَقالَ ذا النُّصْحِ الُمصِيِب لَوْلاَ قُدُومُكَ مَا انْجَلَى ... عَنَّا الجَلِيلُ مِنَ الخُطُوبِ

ومما غنت فيه

وممَّا غَنَّتْ فيه من شعرها في طريقة الرمل الثاني وَدِدْتُ وَبَيْتِ اللهِ فِي الحُبِّ أَننَّيِقَدَرْتُ عَلَى ما تَقْدِرِينَ مِنَ الصَّبْرِ فَلَمْ تَكُ أَنْفاسِي عَلَيْك كَثِيرةً ... وَلَمْ يَكُ مِنْ عَيْنِي عَلَيْكِ دَمٌ يَجْرِي وقالت وقد حج رشأ، أنشدنيه الحسين بن يحيى لها، وقد رويت لأبي العتاهية. بَيْنَ الاْزِاَريْنِ مِنَ الُمْحِرِم ... تَدْليِهُ عَقْل الرَّجُلِ المُسْلِمِ فِي قَدِّ غُصْنِ الْبانِ لَكِنَّهُ ... مِنْ طَيِّباتِ الشَّجَرِ المُطْعَمِ مَرَّ إلىَ الرُّكْن فَزَاحَمْتُه ... فَاْلَتَمسَ الرُّكْنَ وَلَمْ يَلْثِمِ وَفاتَ بِاَّلسْبقِ إلَى زَمْزمٍ ... وَكانَتِ اللَّذَّاتُ فِي زَمْزَمِ شَرِبْتُ فَضْلَ المَاِء مِنْ بَعْدِهِ ... فَلَسْتُ أَنْسَى طَعْمَهُ فِي الْفَمِ وقالت: أَلاَ مَنْ لِي بِإنْسانِ ... كَوَى قَلْبِي بِهِجْرانِ وَقاضٍ حاكِمٍ فِي ... بِظُلْمٍ وَبِعُدْوانِ لَقَدْ سَلَّطَ ذا الْحُبَّ ... عَلَيْنا شَرُّ سُلْطانِ

فَيا عَوْناُه مَنْ يَطْل ... بُ لِي مَرْضاةَ غَضْبانِ وقالت: حَقُّ الذَّي يَعْشَقُ نَفْسَيْنِ ... أَنْ يُصْلَبَ أَوْ يَنْشَرْ بِمِنْشارِ وَعاِشقُ الوْاحِدِ مِثْلُ الذَّيِ ... أَخْلَصَ دِيَن الْواحِد الْبارِي صَبَرْتُ حَتَّى ظَفِرَ السُّقْمُ بِي ... كَمْ تَصْبِرُ الَحلْفَاُء لِلنَّارِ لَوْلاَ رَجائِي الْعَطْفَ مِنْ سَيِّدِي ... بَقِيتُ بَيْنَ البْابِ وَالدَّارِ وقالت: لأَشْرَبَنَّ بِكَأْسٍ بَعْدَما كاِس ... رَاحاً تَدُورُ بِأَخْماسٍ وَأَسْداسِ وَأَرْضَعُ الدَّرَّ مِنْها باكِراً أَبَداً ... حَتَّى أُعَيَّبَ فِي لَحْدٍ وَأَرْماسِ وقالت: صَرَمَتْ أَسْماءُ حَبْلي فَاْنَصَرْم ... ظَلَمَتْنا كُلُّ مَنْ شاءَ ظَلَمْ وَاسْتَحَلَّتْ قَتْلَنا عاِمدَةً ... وَتَجنَّتْ عِلَلاً لَمْ تُجْتَرمْ وقالت: يا خَلَّتِي وَصَفِيَّتي وَعَذابِي ... مالِي كَتَبْتُ فَلَمْ تَرُدِّ جَوابِي خُنْتِ الَموِاثَق أَمْ لَقِيتِ حَواسِداً ... يَهْوَيْنَ هَجْرِي أَمْ مَلْلِتِ عِتاِبي وقالت: أَصابَني بعْدَك ضُرُّ الهَوَى ... وَاعْتاَدِني للبُعْد إقْلاقُ

قَدْ يَعْلَمُ المَوْلىَ وَحَسبي بِهِ ... أَنِّي إلىَ وَجْهكِ مُشْتاقُ وقالت أَذلُّ لِمَنْ أَهْوَى لأُدْرِكَ عِزَّةً ... وَكَمْ عِزَّةً قَدْ نالَها الَمْرءُ بالذُّلِّ فَلَوْ كُنْتُ أَسْلُوهُ لِسُوءِ فَعَاِلِه ... لَقَدْ كانَ فيِ إقْصائِهِ ليِ مَا يُسْلِى وقالت بتُّ قَبْلَ الصَّباحِ إنْ بتُّ إلاَّ ... فِي اِزارٍ عَلَى فِراشٍ حَرِيرِ أَوْ يَحُلْ دُونَ ذَاكَ غَلْقُ قُصُورٍ ... كَمْ قَتيلٍ مِنَ الَهْوَى فِي الْقصوِر وقالت الشَّوْقُ بَيْنَ جَوانِحِي يَترَدَّدُ ... وَدُموعُ عَيْنيِ تَسْتَهلُّ وَتَفْدُ إنِّي لأَطْمَعُ ثُمَّ أَنْهَضُ بِالُمنَى ... وَالْيأْسُ يَجْذِبُنِي إلَيْهِ فَأَقْعُدُ وقالت طاَل تَكْذيِبِي وَتَصْديِقِي ... لَمْ أَجدْ عَهْداً لمَخْلوقِ إنَّ نَاساً فِي الْهَوَى حَدَّثوا ... أَحْدَثوا نَقْضَ المَواِثِيق وقالت لَيْتَ شعْري مَتَى يَكُونُ التَّلاقِي ... قَدْ بَرانِي وَسَلَّ جِسْمِي اشْتياقِى غَابَ عَنِّي مَنْ لاَ أُسْمِّيِه خَوْفاً ... فَفُؤادِي مُعَلَّقٌ باِلتَّراقي

وقالت وَاكَبِدِي مِنْ زَفَراِت الضَّنَى ... حُقَّ لَها ممَّا تَذُوبُ الْفَنا لَمْ يَضَعِ اللُّوْمُ عَلىَ عاشِقٍ ... شَفْرَتَهُ إلاَّ انْتَحانِي أَنا وقالت تَعالَوْا ثُمَّ نَصْطَبِحُ ... وَنَلْهوُ ثُمَّ نَقْتَرحُ وَنَجْمَحُ فِي لَذاذَتِنا ... فَإِنَّ الْقَوْمَ قَدْ جَمَحُوا وقالت جاءَنِي عاذِلِي بِوَجْهٍ مُشِيحِ ... لاَمَ في حُبِّ ذاتِ وَجْهٍ مَليِحِ قُلْتُ واللهِ لاَ أَطَعْتُكَ فِيها ... هِي رَوُحِي فَكَيْفَ أَتْرُكُ رُوحي ظَبْيَةٌ تَسْكُنُ الْقِبابَ وَتَرْعَى ... مَرْتَعا غَيْرَ ذِي أَراٍك وَشيح وقالت بُلِيتُ مِنْكِ بِطُولِ الْهَجْرِ والْغَضَبِواَلْيَوْمَ أَوَّلُ يَوْمٍ كانَ فِي رَجَبِ هَبِي عِقابِي لهذَا الْيَوْمِ وَاحْتَسِبِي ... فِيِه الثَّوابَ فَهَذا أَفْضَلُ السَّبَبِ ما زُرْتُ أَهْلَكِ أَسْتَشْفِي بِرُؤْيَتِهْمِإلاَّ انْقَلَبْتُ وَقَلْبِي غَيْرُ مُنْقَلِبِ

ما قالته علية من الشعر ولا نعلم فيه غناء

ما قالته عُلَيَّةُ من الشِّعْر ولا نَعْلَمُ فيه غناءً وما غنت فيه ولم يجئنا طريقته قالت وَفِي الْقَلْبِ مِنْ وَجْدٍ بِسَلْمَى مَعَ الذَّيأَرِى مِنْ تَوانِيها وَمِنْ ذاكَ أَعْجَبُ جُرُوحٌ دواٍم ما تُداوَي كُلُومُها ... كَمَا لا أَرَى كَسْرَ الزَّجاجَةِ يُشْعَبُ وقالت كَأَنَّها مِنْ طِيِبها فِي يَدِي ... تُشَمُّ فِي الْمْحضَرِ أَوْ فِي الْمَغِيب رَيْحانَةٌ طِيَنُتها عَنْبَرٌ ... تُسْقَى مَعَ الرَّاحِ بِماءٍ مَشْوبِ عُرُوقُها مِنْ ذا وَتُسْقى بِذَا ... مَمْزُوجَةُ يا صاحِ طِيباً بِطِيبِ تِلْكَ الِتَّي هامَ فُؤَادِي بِها ... ما إنْ لدِائيِ غَيْرُها مِنْ طَبِيبِ وقالت قُمْ يا نَديِمِي إلَى الشَّمُولِ ... قَدْ نِمْتَ عَنْ لَيْلكَ الطَّوِيلِ أَما تَرَى الَّنْجَم قَدْ تَبَدَّى ... وَهَمَّ بَهْرامُ بِاْلأُفُولِ قَدْ كُنْتَ عَضْبَ اللَّسانِ عَهْدِي ... فَرُحْتَ ذاَ مَنْطِقٍ كَلِيلِ مَنْ عاقَرَ الرَّاحَ أَخْرَسَتْهُ ... وَلَمْ يُجِبْ مَنْطِقَ السُّؤولِ وقالت أَلاَ يا نَفْسُ وَيْحَكِ لا تَتوقِي ... إِلىَ مَنْ لَيْسَ بِاْلَبِّر الشَّفِيقِ

أَلاَ يا نَفْسُ أَنْتِ جَنَيْتِ هَذا ... فَذُوقِي ثُمَّ ذُوقِي ثُمَّ ذُوقِي وقالت يا حِبُّ بِاللهِ لِمْ هَجَرتْيِني ... صَدَدْتِ عَنِّي فَما تُباليِنِي وَآمِلُ الْوَعْدِ مِنْكِ ذُو غَرَرٍ ... لا تَخْدَعيِهِ كمَا خَدَعْتيِنِي أَيْنَ الْيَمِينُ التَّيِ حَلَفْتِ بِها ... وَالشَّاهِدُ اللهُ ثُمَّ خُنْتِيِني وزعم ميمون بن هارون أن كنيزة جارية أم جعفر عرفته أن هذا الشعر الذي ذكرناه لعلية، وأن لها لحناً فيه، وكذلك الشعر الذي نذكره: أَهْلِي سَلُو رَبَّكُمُ الْعاِفَيهْ ... فَقَدْ دَهَتْنِي بَعْدَكُمْ داهِيَهْ فَارَقَنِي بَعْدَكْم سَيِّدِي ... فَعَبْرَتِي مُنْهَلَّةٌ جارِيَهْ مالِي أرى الأَنْصارَ بِي جافِيَهْ ... ماتَنْثَنِي مِنِّي إلىَ ناحِيَهْ ما يَنْظُرُ النَّاسُ إلىَ المُبْتَلى ... وَإنمَّا النَّاسُ مَعَ العْافَيِهْ وقالت أَلاَ يا أَقْبَحَ الثَّقَلَيْنِ فِعْلاً ... وَأَحْسَنُ ما تأَمَّلَتِ الْعُيونُ يَرَى حَسَناً فَلا يُجْزِي عَلَيْهِ ... وَيَنْزِلُ بِي عُقُوبَتَهُ الظُّنُونُ ولِكنِّي أُكَذِّبُ فِيِه ظَنِّي ... وَعِنْدِيِ مِنْ شَواهِدِهِ يَقِينُ

وقالت وَمُدْمِنُ الْخَمرِ يَصْحُو بَعْدَ سَكْرَتِهِوَصاحِبُ الْحُبِّ يَلْقَى الدَّهْرَ سَكَرْانا وَقَدْ سَكِرْتُ بِلا خَمْرٍ يُخامرِني ... لَمَّا ذَكَرْتُ وَما أَنْساهُ إنْسانا وحكى ميمون بن هارون أن أبا صالح بن عمار حدثه أن الشعر الذي نذكره بعد لها وغنت فيه: غَوْثاهُ غَوْثِى بِرَبِّي ... مِنْ طُولِ جَهْدِي وَكَرْبِي مِنْ حُبِّ مَنْ لا يُجازِي ال ... مِعْشارَ مِنْ عُشْرِ حُبيِّ وقالت أَما وَاللهِ لوْ جُوزِي ... تُ بِاْلإحْسانِ إحْسانا لَمَا صَدَّ الذَّيِ أَهْوَى ... وَلا مَلَّ ولاَ خَانا رَأَيْتُ النَّاسَ مَنْ أَلْقَى ... عَلَيْهمْ نَفْسَهُ هَانا فَزُرْ غِبًّا تَزِدْ حُبّاً ... وإنْ جُرِّعْتَ أَحْزَانا وقالت أَتانِي عَنْكِ سَعْيُكِ بِي فَسُبْى ... أَلَيْسَ جَرَى بِفِيكِ اسْمِى فَحَسْبِي وَقُولِي ما بَدَا لَكِ أَنْ تَقَوُلِي ... فَماذا كُلُّهُ إلاَّ لحُبِّي فَما زالَ الْمُحبُّ يَنالُ سَبّاً ... وَهَجْراً نَاعماً وَمَلِيحَ عَتْب قُصاراكِ الرُّجُوعُ إلىَ مُراِدي ... فَما تَرْجِينَ مِنْ تَعْذيِبِ قَلْبِي

تَشاَهَدتِ الظُّنوُنُ عَلَيْكِ عِنْدِي ... وَعِلْمُ الْغَيْبِ فِيها عِنْدَ رَبِّي وقالت أَلفْت الهَوَى حَتَّى تَشَبَّثَ بِي الْهَوَىوَأَرْدَفَنِي مِنْهُ عَلَى مَرْكَبٍ صَعْبٍ كِتاِبيَ لاَ يُقْرَى وَما بِي لاَ يُرَى ... وَنارُ الهَوَى شَوَقْاً تَوَقَّدُ فِي قَلْبِي وقالت قَدْ رابَنِي أَنْ صَدَدْتُمْ فِي مُجَامَلَةٍوَأَنْكَر الْقَلْبُ أَنْ جِئْنا بِحُجَّتكُمْ فَما الصُّدُودُ وَقَلْبِي عِنْدَكُمْ عَلَقٌوَمَا الذُّنوُبُ التَّيِ هاجَتْ بِحَرْبِكُمُ وقالت يا عاذَلتِي قَدْ كُنْتُ قَبْلَكِ عاذِلاً ... حَتَّى ابْتْلُيِتُ فَصِرْتُ صَبّاً جَاِهلاً اْلُحبُّ أَوَّلُ ما يَكُونُ جَهالةً ... فَإِذا تَمَكَّنَ صارَ شُغْلاً شاغِلاً وقالت لَوْ كَانَ يَمْنَعُ حُسْنُ الْوَجِه صاِحَبهْمِنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ ذَنْبٌ إلىَ أَحَدِ كاَنْت عُلَيَّةُ أَبْدى النَّاسِ كُلِّهِم ... مِنْ أَنْ تُكافَا بِسوءٍ آخِرَ اْلأَبدِ ومما أنشده لها محمد بن داود بن الجراح وذكر أن يوسف بن يعقوب أنشده لعلية: هَنِيئاً رَضِيتُ بِما تَصْنَعِينَ ... وَإنْ كانَ فيِ الْحُبِّ غَيْرَ اسْتِقامَهْ أَمُوتُ بِداِئي وَكَرْبِ الْهَوَى ... وَأَنْتِ مُناي رُزِقْتِ السَّلامَهْ

وما غنت من شعر غيرها

أُهَانُ بِهَجْرِكُمُ كُلَّمَا ... أَرَيْتُكُمُ بِاْلِوصالِ الْكَرَامَهْ وقالت: الشَّأْنُ فِي التَّصابِي ... وَاللَّهْوِ وَالشَّراِب مِنْ قَهْوَةٍ شَمولٍ ... فِي اْلكَأْسِ كَالشّهِابِ وقالت: هَلْ لَكْم أَنْ نَكُرَّ حُلْوَ التَّصابِي ... وَنُمِيتَ الْجَفاءَ باْلألْطافِ لَمْ يَكُنْ حادِثٌ يُشَتِّتُ شَعْباً ... لا وَلا نَبْوَةٌ تَجُرُّ التَّجافِي وما غنت من شعر غيرها غنت في شعر لأبي النجم: تَضْحَكُ عَمَّا لَوْ سَقَتْ منْهُ شَفَي ... عَنْ بَرَدٍ قَدْ طَلَّهُ بَرْدُ النَّدَى أَغَرَّ يَجْلُو عَنْ عَشا الْعَيْنِ الْعَمَى وغنت في شعر للعباس بن الأحنف: كانَ لِي قَلْبٌ أَعيشُ بِهِ ... فَاصْطَلَى بِالنَّارِ فَاحْتَرَقا أَنا لَمْ أُرْزَقْ مَحَبَّتَكُمْ ... إنَّما للْعَبدِ ما رُزِقا وغنت من شعر لأبي الشيص في طريقة الثقيل الأول: وَقَفَ الْهَوَى بِي حَيْثُ أَنْت ... فَلَيْسَ لِي مُتَأَخَّرٌ عَنْهُ وَلاَ مُتَقَدَّمُ

أخبار علية مع الأمين والمأمون وذكر وفاتها

أَجِدُ الَمَلاَمَةَ فِي هَوَاِك لِذَيَذةً ... حُبّاً لِذِكْرِكِ فَلْيَلُمْنِي اللُّوَّمُ وغنت في شعر لوضاح اليمن: حَتَّامَ نَكْتُمُ حُزنَنا وَإلَى مَا ... وَعَلامَ نَسْتَبْقِي الدُّمُوعَ عَلىَ مَا قَدْ أَصْبَحَتْ أُمُّ الْبَنينَ مَرِيضَةً ... أَخْشَى عَلَىَّ بِما شَكَتْهُ حِماما أخبارُ عُلَيَّةُ مَعَ الأمين والمأمون وذكْرُ وفاتها حدثنا أحمد بن يزيد قال حماد بن إسحق قال لما مات الرشيد وجدت علية عليه وجدا شديدا، وذهب أكثر نشاطها وتركت الغناء فلم يدعها الأمين، وبرها ولطف لها، حتى عادت فيه على غير نشاط ولا شهوة، وهي القائلة في الأمين: يا بْنَ الْخَلائِفِ والْجَحَاجَحِة الْعُلَى ... وَاْلأَكْرِمين مَنَاِسباً وَأُصُولاَ وَالأَعْظَميِنَ إذَا العِظَامُ تنَافَسُوا ... باْلْمَكْرْمُاتِ وَحَصَّلوُا تَحْصيلاَ والْقائِدِينَ إلَى الْعَزِيِز بأَرْضِهِ ... حَتَّى يَذِلَّ، عَسَاِكراً وَخُيُولاَ وحدثني ميمون قال حدثتني علم السمراء جارية عبد الله بن الهادي أنها شهدت علية غنت في شعر لها وهو آخر ما قالت في الأمين، وطريقته في الطريق الثاني: أَطَلْتِ عَاِذَلتِي لَوْمِي وَتَفْنيِدي ... وَأَنْتِ جَاهِلَةٌ شَوْقيِ وَتَسْهيِدِي قامَ اْلأَمِينُ فَأَغْنَى النَّاسَ كُلَّهُمْ ... فَمَا فَقِيرٌ علَىَ حَالِ بِمْوْجُودِ

لاَ تَشْرَبِ الَّراحَ بَيْنَ الُمْسِمعاتِ وَزُرْظَبْياً غَرِيراً نَقِيَّ الَخِّد وَالجِيِد قَدْ ريَّحَتْهُ شَمْولٌ فَهُوَ مُنْجَدِلٌ ... يَحْكِي بِوَجْنَتِهِ ماءَ الْعَناقِيِد حدثنا عون بن محمد قال حدثني أبو أحمد بن الرشيد قال دخل يوما إسماعيل بن الهادي إلى المأمون فسمع غناء أذهله. فقال له المأمون مالك؟ فقال قد سمعت ما أذهلني، وكنت أكذب بأن أرغن الروم يقتل طربا، وقد صدقت الآن بذلك. فقال ألا تدرى ما هذا؟ قال لا والله، قال هذه عمتك علية، تلقى على عمك إبراهيم صوتا. حدثنا محمد بن عبد السميع قال سمعت هبة الله بن إبراهيم يقول ولدت علية سنة ستين ومائة وتوفيت سنة عشر ومائتين ولها خمسون سنة، وكانت عند موسى بن عيسى بن موسى. حدثنا عون بن محمد قال حدثني محمد بن علي بن عثمان قال ماتت علية سنة تسع ومائتين، وصلى عليه المأمون، وكان سبب موتها أن المأمون ضمها إليه، وجعل يقبل رأسها ووجهها مغطى، فشرقت من ذلك وسعلت، ثم حمت بعقب هذا من وقته أياما يسيرة وماتت.

عبد الله بن موسى الهادي

عَبْدُ الله بْنُ مُوسى الهْادي ويكنى أبا القاسم، وكان عبد الله بن الهادي كريما جوادا ظريفا ممدحا، وفيه يقول الشاعر: أَعَبْدَ اللهِ أَنْتَ لنَا أَمِير ... وَأَنْتَ مِنَ الزَّمانِ لنَا مُجيُر حَكَيْتَ أَباكَ مُوسَى فِي الْعَطايا ... إمامُ النَّاسِ وَالمَلِكُ الْكَبيِر وعبد الله الذي يقول أنشدني هذا الشعر له عبد الله بن المعتز وقال: له فيه لحن في طريقة الماخوري وشعره قليل جداً: تَقاضاكَ دَهْرُكَ ما أَسْلفَا ... وكَدَّرَ عَيْشَكَ بَعْدَ الصَّفا فَلا تُنْكِرَنَّ فَإنَّ الزَّما ... نَ رَهَيِنٌ بِتَشْتِيِت ما أَخْلَفا وَلَمَّا رَآك قَلِيلَ الْهُمُومِ ... كَثِيرَ الْهَوَى ناِعماً مُتْرَفا أَلَحَّ عَلَيْكَ بِرَوْعاتِهِ ... وَأَقْبَلَ يَرْمِيكَ مُسْتَهْدِفا وغنى عبد الله بن الهادي في هذا الشعر لحن رمل: إنَّ أَسْماءَ أَرْسَلَتْ ... وَأَخُو الْوُدِّ مُرْسِلُ أَرْسَلَتْ تَسْتَزِيُدنِي ... وَتُفَدِّي وَتَعْذلُ قال وفي هذا الشعر لحنان أحدهما لابن سريج، والآخر المالك. ومن شعره: وَابأَبِي مَنْ رَمَانِي ... بأَسْهُمِ الَّلْحِظ وَالْجُفُونِ

فَاَّنَفَرَدَتْ بِي شُجُونُ قَلْبٍ ... أَدْنَيِنَ عُمْرِي مِنَ المَنُون فَصِرْتُ فَوْقَ الْفِرَاشِ شَخْصاً ... مُسْتَتِراً غَيْرَ مُسْتَبِينُ لَمْ يَتْرُكِ السُّقْمُ لِي لِسَاناً ... يَنْطقُ عَنِّي سِوَى اْلأَنيِنِ ومن مليح شعره ما وجدته له في كتاب بخط إبراهيم بن شاهين: مَا أَوْلَعَ الْحُبَّ بِاْلِكرامِ وَمَا ... أَوْلَعَ بِاْلَهْجرِ كُلِّ مَحْبُوبِ قَدْ حَجَبَ الْهَجْرُ مَنْ هَوِيتُ فَمَا ... يُسْعِفُنِي وَهُوَ غَيْرُ مَحْجُوبِ قال وأحسبه في هذا: يا مَنْ يَرَاهُ النَّاسُ دُوِني وَلاَ ... أَرَاهُ، طُوبيَ لعُيُونٍ تَرَاكْ أَنْتَ الذَّيِ إنْ غَابَ بَدْرُ الدُّجَى ... إنْ يَكْسِفِ الظُّلْمَةَ نُورٌ سوِاكْ وَأَنْتَ مَنْ لَوْ خُيِّرَ الْحُسْنُ أَنْ ... يَمْلِكَهُ خَلْقٌ إذاً مَا عَداَكْ وَمَا يَشَمُّ النَّاسُ مِنْ وَرْدِهِمْ ... فَإنَّمَا مَنْشَؤُهُ وَجْنَتاكْ وقال: وَابأَبِي ظَبْيٌ رَمَى مُهْجَتِي ... سَهْمٌ لَهُ لَمْ يُخْطِئِ الَمْقَتَلا وَنامَ عَنْ لَيْلة صَبٌّ بِهِ ... قَدْ كَتَبَ الْحُبُّ عَلَيْه الْجَلاَ يَشْكُو فَلا يَرْحَمُهُ إنْ شَكا ... لأِنَّهُ سَال وَذا ما سَلاَ

وَمَنْ يَكُنْ ذَا صِحَّةٍ ساِلماً ... فَقَلَّ ما يَرْحَمُ أَهْلَ الْبَلا ومما يغنى من شعره: هَجَرْتُ مَوْلاَيَ يَوْماً ... بِعَزْمَةٍ لا تُواتِي فَصُيِّرَتْ لِي هُمُومٌ ... تُدْنِينَ مِنِّي وَفاتِي فَقُلْتُ يا مَنْ بِكَفَّ ... يهْ عِيَشِتي وَمَماِتي جَرَّبْتُ هَجْرَكَ يَوْماً ... قَتَلْتُ مِنْهُ حَياتِي حدثنا عون بن محمد قال حدثني محمد بن سليمان بن داود عن أبيه سليمان وكان يكتب لأم جعفر قال كنت جالسا مع عبد الله بن الهادي فمر به خادم لصالح بن الرشيد، فقال له ما اسمك فقال اسمي لا تسل قال فأعجبه حسنه وحسن منطقه، فقال لي قم بنا حتى نسر اليوم بذكر هذا البدر فقمت معه، فأنشدني في ذلك اليوم: وَشادِنٍ مَرَّ بِنا ... يَجْرَحُ بِاللَّحْظِ الُمَقْل مَظْلُومُ خَصْرٍ ظاِلمٌ ... مِنْهُ إذا يَمْشِي الْكَفَلْ اعْتَدَلَتْ قاَمُتهُ ... واَللَّحْظُ منْهُ ما عَدَلْ بَدْرٌ تَراهُ أَبَداً ... طالعَ سَعْدٍ ما أَفَلْ سَأَلْتُهُ عَنِ اسْمِهِ ... فَقالَ إسْمِي لاَ تَسَلْ وَطَلَعَتْ منْ وَجْنَتَيْ ... هِ وَردَتاِن مِنْ خَجَلْ

فَقُلْتُ ما أَخْطا الذَّيِ ... سَمَّاكَ بَلْ نالَ الَمثَلْ لاَ تَسْأَلَنْ عَنْ شادِنٍ ... فاقَ جَمالاً وَكَمَلْ قال وكان يعمل فيه أشعاراً فقال: يا مَنْ غَدا أَقرانُ شَمْسِ الضَّحَى ... يَشْهَدُ بِالفْضْلِ لَهُ وَالْقَمَرْ وَمَنْ بِهِ يُظْلِمُ قلْبي وَلوْ ... تُطِيعُهُ سَلْوَتُهُ لاَنَتَصرْ تَفَهَّمَنْ قَوْلِيَ مِنْ نَظْرَتِي ... فَإِنَّما رُسْلِي إِليْكَ النَّظَرْ كَمْ لِي إلَى وَجْهِك مِنْ نَظْرَةٍ ... لَوْ نَطَقَتْ قامَتْ مَقامَ الخَبرْ وله في وزن الشعر اللامي في لا تسل وبعض الناس يجعله شعراً واحداً: عَزَّ الذَّيِ يَهْوَى وَذَلّْ ... صَبُّ الْفُؤَادِ مُخْتبِلْ جَدَّ بِهِ الْهجْرُ وذا ال ... هَجْرُ إذا جَدَّ قَتَلْ مِنْ شادِنٍ مُنْتَطِقِ ... فاقَ جَمالاً وكَمَلْ تَناصَفَ الُحْسنُ بِهِ ... فَلا تَسَلْ عَنْ لا تَسَلْ

أبو عيسى بن الرشيد

أبو عيسى بْنُ الرَّشيد واسمه أحمد وقيل محمد وأمه بربرية حدثنا مسبح بن حاتم العكلي قال حدثنا إبراهيم بن محمد قال انتهى جمال ولد الخلافة إلى أولاد الرشيد، وكان فيهم الأمين وأبو عيسى، لم ير الناس أجمل منهما قط. قال وكان أبو عيسى إذا عزم على الركوب جلس له الناس حتى يروه أكثر مما يجلسون للخلفاء. حدثنا عون بن محمد الكندي قال حدثنا أبو غالب محمد بن سيعد الصغدي قال جلس أبو عيسى بن الرشيد وطاهر بن الحسين يتغذيان مع المأمون، فأخذ أبو عيسى خلا بأصبعه فأرسله إلى عين طاهر، فغضب طاهر وقال: ليس لي إلا عين واحدة يتولع بي فيها فسكن المأمون منه، وقال إنه يمزح معك مزح الإخوة. قال وهو القائل في الأمين لما قتل، وكان الأمين يكنى بأبي موسى وبأبي عبد الله جميعاً: يا أَبا مُوسَى وَعَبْدَ اللهِ قَدْ غاَلتْكَ غُولُ لَسْتُ أَدْرِي كَيْفَ أَرْ ... ثِيكَ وَلاَ كَيْفَ أَقُولُ لَمْ تَطِبْ نَفْسِي أُسَمِّي ... كَ قَتِيلاً يا قَتِيلُ وهو القائل وأنشدني الناس له: أَسْهَرَنِي ثُمَّ رَقَدْ ... وَمارَثَى لِي مِنْ كَمَدْ

ظَبْيٌ إذا زِدْتُ هَوًى ... وَذلَّةً تاهَ وَصَدّْ وَاعَطَشِى إلىَ فَمٍ ... يَمُجُّ خَمْراً منْ بَرِدْ حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن المهدي قال سمعت هبة بن إبراهيم ابن المهدي يقول سمعت أبي يقول للمأمون: أحب المحاسن كلها لك، حتى لو أمكنني أن أجعل وجه أبي عيسى لك لفعلت. حدثنا الغلابي قال حدثنا إسحاق بن عيسى قال كان طاهر يعادي أبا عيسى بن الرشيد، ولم يكن له حيلة فيه، لمكانته من المأمون، وكان أبو عيسى يهجوه ويفخر عليه، فمن شعر أبي عيسى فيه: إنِّي امْرُؤٌ مِنْ بَنِي الْعَبَّاِس قَدْ عَلُمِواعَمِّ النَّبِيِّ الذَّيِ يُسْقَى بِهِ المَطَرُ مِنَّا نَبِيُّ الهُدَى وَاللهُ فَضَّلَهُ ... ما فيِ اْلأَنامِ لَهْ عِدْلٌ وَلاَ خَطَرُ مِنَّا الشَّهِيدُ بِبَطْنِ الِجْسْرِ قَدْ عَلِمُواوَجَعْفَرٌ وَعَلُّى الْخَيْرِ إنْ ذَكَرُوا وَما نَسِيتُ أَبا الْعَبَّاسِ خَيْرَهُمُخَيْرَ الْبَرِيَّةِ قَدْ خُطَّتْ بِهِ الزُّبُرُ وَاذْكُرْ عَلِيّاً ولا تَنْسَ الشَّبِيهَ لَهُمُحَمَّداً فِيهِ قَدْ شُدَّتْ لَهُ اِلمَررُ وَدَبَّرَ اْلأَمْرَ إِبْراِهيمُ مُتَّسِعاً ... وَمَدَّ فِيِه يَداً ما شَانَها قَصرُ وَسَبْعةٌ خُلَفاُء الله بَعْدَهُمُ ... أَئَّمةٌ لَمْ تَشِبْ صَفْواً لَهُمْ كُدَرُ فَكَيْفَ أَجْعل كَلْباً نابِحاً أَثَرِى ... قَدْ شاَنهُ عَوَرُ اْلأَفْعاِل وَالْعَوَرُ مَنْ طاِهرٌ وَحُسَيْن جُذَّ أَصْلُهُما ... لَوْلا اْلإمامُ وَأَمَرٌ جَرَّهُ الْقَدَرُ

حدثنا أبو أيوب سليمان بن داود المهلبي قال حدثني القاسم بن محمد ابن عباد عن أبيه قال كان المأمون أشد الناس حباً لأخيه أبي عيسى وكان يعده للأمر بعده، ويذاكرني ذلك كثيراً، وسمعته يوماً يقول إنه ليسهل على أمر اَلموت وفقد اَلملك، وما يسهل شيء منهما على أحد، أن يلي الأمر بعدي أبو عيسى لشدة محبتي لذلك. حدثنا أبو العيناء محمد بن القاسم قال حدثنا محمد بن عباد المهلبي قال لما مات أبو عيسى بن الرشيد دخلت إلى المأمون وعلى عمامتي فخلعت عمامتي، ونبذتها ورائي، والخلفاء لا تعزي في العمائم، ودنوت فقال لي يا محمد حال القدر، دون الوطر فقلت يا أمير المؤمنين كل مصيبة أخطأتك شوًى، فجعل الله الحزن لك لا عليك. حدثنا عبد الله بن المعتز قال كان أبو عيسى بن الرشيد أديباً ظريفاً، وكان إذا عمل بيتين وثلاثة وجودها وملحها، فن شعره: لسانِي كَتُومٌ لأَسْراِرِهمْ ... وَدَمْعِي نَمومٌ بِسرِّي مُذِيعُ فَلَوْلاَ دُموِعي كَتَمْتُ الَهَوى ... وَلَوْلاَ الهَوَى لَمْ تْكُنْ لِي دُموعُ حدثنا ابن فهم قال حدثنا جعفر بن علي بن الرشيد أن المأمون أفطر في يوم شك، وأمر القواد بالإفطار، فكتب إبراهيم بن المهدي إلى أبي عيسى وقد حصل له عنده خمسا من حذاق المغنيات: قَدْ تَغَذَّى المِلَكُ الْ ... مأْمُونُ مِنْ قَبْلِ الزَّواِل وَدَعَا بِالرَّاح إذْ ... صَحَّ لَهُ فَقْدُ الهِلالِ

وَعَلَىَّ لَكَ خَمْسٌ ... مِنْ مَصاِبيِح الضلالِ فَاسْعَ بِاللهِ إلىَ ... عَمِّكَ مِنْ غْيِر مِطَالِ فكتب إليه أبو عيسى: لَسْتُ مِمَّنْ يَمْزجُ الْوَعْدَ بِتَكْدِيِر المَقالِ وَاحتِبِاسِي بَعْدَ مَا ... عَرَّفْتنِي عَيْنُ الضَّلالِ وَخِلافِي لَكَ ياعَ ... مُّ مِنَ الشَّيْءِ المُحالِ وَلَقَدْ أَقْبَلْتُ وَأَغْ ... رَبْتُ فُنونَ اْلاْعتِلالِ وَعَلَىَّ اللهَ أَنْ ... أُتْبِعَ قَوْلاً بِفَعالِ أَنْتَ يا عَمِّ هِلالٌ ... لِي إلى وَقْت الهِلالِ حدثنا يعقوب بن بيان قال حدثنا علي بن الحسين الإسكافي، قال كنت عند أبي الصقر وعنده عريب، وكانت تجلس على كرسي كالسرير وما كانت تقوم لصلاة، فسألتها عن نفسها، فقالت أنا ابنت جعفر بن يحيى اشترى أمي في آخر أيامه، فعتبت عليه أمه في ذلك، فنقلها إلى دار امرأة كالظئر للبرامكة، فولدتني عندها، وماتت أمي وحدث بالبرامكة ما حدث، فباعتني المرأة التي كنت عندها وأنا صغيرة، وسمعتها تقول انتهى جمال أولاد الخلفاء من بني العباس إلى ولد الرشيد: محمد الأمين وأبي عيسى، ما رأى الناس مثلها قط، وكان

المعتز في طرزهما. حدثنا يعقوب بن بيان الكاتب قال سمعت علي بن الحسين يقول سمعت عريب تقول: وقد غنى أبو العبيس في غنائك شبابة من غناء أبي عيسى بن الرشيد، وما سمعت قط أحسن غناء منه، ولا رأيت أحسن وجها. حدثني أحمد بن يزيد بي محمد قال حدثني أبو عبد الله الهاشمي قال من غناء أبي عيسى بن الرشيد في شعره: رَقَدَتْ عَنْكَ سَلْوَتي ... وَالْهَوَى لَيْس يَرْقُدُ وَأَطالَ السُّهادُ نَوْ ... مِي فَنَوْمِي مُشَرَّدُ أَنْتَ بِاْلحُسْنِ مُفْرَدٌ ... احْسُرِ الْوَجْهَ نَسْعَدُ وَفُؤادِي بِحُسْنِ وج ... هِكَ يَشْقَى وَيُكْمَدُ قال ومن غنائه في شعر غيره في طريقة الثقيل: إذا سَلَكَتْ عِيرُ ذِي كِنْدَةٍ ... مَعَ الصُّبْحِ قَصْداً لهَا الْفَرْقَدُ هُنالِكَ إمَّا تُسَلَّى الْهَوَى ... وَإمَّا عَلَى إِثْرِهِمْ تُكْمَدُ ومن غنائه في شعر جرير في طريقة الرمل الثاني: حَيِّ الْهِدَمْلَةَ مِنْ ذاتِ الَمواعِيِس ... فَالْحِنْو أَصْبَحَ قَفْراً غَيْرَ مَأْنُوسِ

وغنى في شعر الأخطل في طريقة الثقيل الأول: إذا ما نَدِيمِي عَلَّنِي ثُمَّ عَلَّنِي ... ثَلاثَ زُجاجاتٍ لَهُنَّ هَدِيرُ خَرَجْتُ أُجُرُّ الذَّيَل مِنِّي كَأَنَّنِي ... عَلَيْكَ أَمِيرَ الُمْؤمِنِينَ أَمِيرُ حدثنا الغلابي قال حدثنا يعقوب بن جعفر قال قال الرشد لأبي عيسى ابنه وهو صبي ليت جمالك لعبد الله يغنى المأمون، فقال له وهو صغير على أن حظه منك لي فعجب من جوابه على صباه وضمه إليه وقبله. حدثنا الحسين بن فهم، قال لما قال أبو عيسى بن الرشيد: دَهانِي شَهْرُ الصَّوْمِ لا كَانَ منْ شَهْرِوَلا صُمْتُ شَهْراً بَعْدَهُ آخِرَ الدَّهْرِ وَلَوْ كانَ يَعْديِنِي اْلإمام بِقَدْرِهِعَلَى الشَّهْرِ لاسْتَعْدَيْتَ جَهْدِي عَلَى الشَّهْرِ فناله بعقب هذا صرع، فكان يصرع في اليوم مرات إلى أن مات ولم يبلغ شهرا مثله. حدثني عبد الله بن المعتز قال كان سبب موت أبي عيسى بن الرشيد أنه كان يحب صيد الخنازير، فوقع من دابته، فلم يسلم دماغه، فكان يختبط في اليوم مرات إلى أن مات.

أبو أيوب محمد بن الرشيد

حدثنا عون بن محمد قال سمعت هبة الله يقول مات أبو عيسى ابن الرشيد سنة تسع ومائتين، وصلى عليه المأمون، ونزل في قبره وامتنع من الطعام أياما حتى خاف أن يضر ذلك به. أبوُ أيوبَ مُحَمَّدُ بْنُ الرَّشيد وأمه أم ولد يقال لها خلوب من مولدات الكوفة حدثنا عبد الله بن الحسين القطربلى قال حدثنا عمر بن شبة قال وجد المأمون على أخيه أبي أيوب فجفاه، ثم كلم فيه فرضى عنه، ولم يدع به، فعمل شعراً وصاغ فيه لحنا في طريقة خفيف ثقيل الأول، وطرحه على من غنى به المأمون: لَمَّا غَضِبْتَ حَرَمْتَنِي وَجَفَوْتَني ... فَقَرَعْتُ سِّنِي عْنَد ذاكَ نَداَمةً وَزَعَمْت أَنَّكَ قَدْ رَضِيتَ فَسَيِّدي ... أَرِني عَلىَ الرِّضْوانِ منْكَ عَلاَمَةً فلما غنى به المأمون سأل عن الشعر فأخبره فأعجبه، وأحضر أبا أيوب ورضى عنه. من شعره في المأمون يا إمامَ الْعَدْل طالْت غَيْبَتِي ... عَنْكَ فالَحاِسدُ مَبْسوطُ اللِّسانِ عِاقِب المُذْنِبَ إنْ شِئْتَ وَلاَ ... تُلْقِهِ باِلْهَجْرِ فِي بَحْرِ هَوانِ

أَرِنِي وَجْهَ رِضًى جُدْتَ بِهِ ... أَكُ منْ سوءِ ظِنَونِي فِي أَماِن حدثنا جبلة بن محمد الكوفي قال أقام أبو السرايا مقام ابن طباطبا العلوي محمد بن محمد بن زيد بن علي وكان شجاعاً فصيحاً إلا أنه كان لين الكلام، فقال أبو أيوب بن الرشيد يهجوه: أَأَنْت يا نَبْتَ أبي طالِبٍ ... فِي الْفْتَنِة الصَّمَّا رَكَضْتَ وَقُمْتَ فِي النَّاسِ علَىَ مِنْبَرِ ... حَضَضْتَ فِي اَلحْربِ وَحَرَّضْتَ قَدْ قُلْتُ لمَّا سُسْتَ أَجنادَهُمْ ... ضاعَتْ أُمُورُ الُجْندِ إذْ سُسْتَ صْرِتَ علَىَ ما بِكَ مِنْ خِنْثَةٍ ... إبْنا ومَا إنْ زِلْتَ كاَلبِنْتَ وغنى في هذا الشعر، والشعر لعيسى بن ربيب. إنْ لمَ ْتَكُنْ لِي سَكناً ... فَلاَ سَعَتْ بِي قَدَمِي يا سَقَمِي فِي صِحتَّيِ ... وَصحَّتيِ فِي سَقَمِي اسْمَعْ لِشَكْوَى عاشِقٍ ... مُذْ سَنَةٍ لَمْ يَنَمِ فَإِنَّ حُبيَّ لَكَ قَدْ ... مازَجَ لَحْمِي وَدَمِي وهو القائل: وَشادِنٍ حَمَّلَنِي حُبُّهُ ... مِنْ ثِقَلِ الصَّبْوَةِ مَا لاَ أُطِيقْ لِحاظُ عَيْنَيْهِ بأَخْذِ الذَّيِ ... يُرِيُدهُ مِنْ كُلِّ قَلْبٍ دَفيِقْ

إنِّي عَلَيْهِ مِنْ ضَنَى جَفْنِهِ ... وَمَرِض اللَّحْظِ لَصَبٌّ شَفِيقْ يُفيِقُ أَهْلُ السُّقْم مِنْ سُقْمِهِم ... وَعَيْنَيْهِ مِنْ سُقْمِها ما تُفِيقْ وقال: وَساِحرِ اْلأَلْحاظِ وَالَّطرْفِ ... صُوِّرَ مِنْ حُسْنٍ وَمِنْ ظَرْفِ يَعْطِفُنِيِ الحسْنُ عَلَيْهِ وَما ... يَعْرِفُ مِنْ بِرٍ ولاَ عَطْفِ بِي وَإِلهِ النَّاس مِنْ حُبِّهِ ... ما جازَ عَنْ حَدٍّ وَعَنْ وَصْفِ هَذا عَلَى أَنِّيَ خَوْفَ الْعِدَى ... أُظْهِر مِنْهُ دُونَ مَا أُخْفِي وجدت بخط الشاهيني أبي إسحاق أن أبا أيوب بن الرشيد كان يعمل الأشعار في خادم لبعض إخوته، قال وفيه يقول: مَرَرْتُ بِزاهٍ عَلىَ بِاِبه ... فَسَلَّمْتُ راجِيَ إيجاِبهِ فَما دَارَ مِنْ صَلَفٍ طَرْفُهُ ... إلَىَّ لكَثْرَةِ إعْجابِهِ فَأَوْرَثَنِي لَوْعَةً أَسْلَمَتْ ... فُؤَادِي إلىَ يَدِ أَوْصاِبِه فَقُلْتُ مَقالَ امْرِىءٍ خُيِّبتْ ... وَساِئُلهُ عِنْدَ أَحباِبهِ إذا ما تَكَدَّرَ عَيْشُ الْفَتَى ... فَإنَّ الْمَنَّيةَ أَوْلىَ بِهِ وفيه يقول: ضاقَ بِي للصُّدودِ واسِعُ أَرْضِي ... بَيْنَ طُولٍ مِنْها فَسِيحٍ وَعَرْضِ

ومَشَى السُّقْمُ بَيْنَ أَحْشاَي حَتَّى ... صَارَ بَعْضى للُّسْقمِ يَرْحَمُ بَعْضى قُلْتُ والْغُمْضُ قَدْ تَمَنَّعَ وَاللَّي ... لُ مُقيِمٌ ما إنْ يِهَمُّ بِنَهْضِ أَيُّ ذَنْبٍ أَذْنَبْتُ يا رَبِّ حتَّى ... حَلَّ غُمْضُ الْوَرَى وَحُرِّمَ غُمْضِى وقال، وفيه لحن طريقته في الهزج: زُهِيتَ فِي حُسْنِكَ يا زاهِي ... فَحَبْلُ وَصْلىِ خَلَقٌ واهِى أَنْتَ إذا أَقْبَلْتَ فِي مَوْكِبِ ... شُغْلٌ لأَبصارِ وَأَفْواهِ سَهَوْتَ عَنِّي حِينَ أَذْكَرتَنِي ... حُبَّكَ ما الذَّاكِرُ كالسَّاهِى بُلِيتُ مِن حَيِنْي بِذِى قَسْوَةٍ ... مُسْتَصْعَبِ الجْانِبِ تَيَّاهِ وَاللهِ ما أَصْغَيْتُ ضَنّاً ِبِه ... لآِمرٍ فِيِه وَلا ناهِ عَبْدُ الله بْنُ مُحَمَّد اْلأَمين ظريف أديب، ويكنى أبا محمد، قليل الشعر جداً، لم يمر فيمن ذكرناه أقل شعراً منه، وكان ينادم الواثق، وكانت له ضيعة تعرف بالعمرية، فأقام بها أياماً، فكتب إليه أبو نهشل بن حميد، وكان صديقه: سَقَى اللهُ بِاْلعُمَرِيَّة الْغَيْثَ مَنْزِلاً ... حَلَلْتَ بِهِ يا مُؤْنِسِي وَأَميِرِي فَأَنْتَ الذَّيِ لا يَخْلَقُ الدَّهْرَ ذِكْرُهُوَأَنْتَ أَخِي حَقّاً وَأَنْتَ سُرُورِي

عبد الله بن محمد الأمين

فكتب إليه عبد الله: لِئنْ كُنْتُ باْلعُمَرِيَّةِ الْيَوْمَ لاهِياً ... فَإنَّ هَواكُمْ حَيْثُ كُنْتُ ضَميِرِي فَلا تَحْسَبَنِّي فِي هَواكَ مُقَصِّراً ... وَكُنْ شافِعِي مِنْ سُخْطِكُمْ وَمُجيِرِي حدثنا عبد الله بن المعتز قال من شعر عبد الله بن محمد الأمين يقوله للمعتمد: رَأَيْتُ الْهِلالَ عَلىَ وَجْهِكا ... فَما زِلْتُ أَدْعُو إِلهِي لَكا فَلا زِلْتَ تَحْيا وَأَحْيا مَعاً ... وَآمَنَنِي اللهُ مِنْ فَقْدِكا وأنشدنا له: أَلا يا دَيْرَ حَنْظَلَةَ الُمُفدَّى ... لَقَدْ أَوْرَثْتَني تَعَباً وَكَدَّا أَزُفُّ مِنْ الْفُراِت إلَيْكَ زِقًّا ... وَأَجْعَلُ فَوْقه اْلوَرْدَ الُمَنَّدا وَأَبْدَأُ بِالصَّبُوحِ أَمامَ صَحْبِي ... وَمَنْ يَنْشَطْ لهَا فَهُوَ الْمُفَدَّى أَلا يا دَيْرُ جادَتْك الْغَوادِي ... سَحاباً حُمِّلَتْ بَرْقاً وَرَعْدا يَزِيدُ بِناءَكَ النَّامِي نَماءً ... وَيَكْسُو الرَّوْضَ حُسْناً مُسْتَجَداً حدثنا عبد الله بن المعتز، قال كانت كتلة مولاة عبد الله بن محمد الأمين أعطتني وأنا حدث أوراقا صالحة من شعر عبد الله، فضاعت

حتى بالحداثة، ولم أحفظ منها إلا ما أنشدت ومن شعره: تَطَاوَلَ الَّليْلُ حَتَّى ... ما إنْ يَهِمُّ بِفَجْرِ وَمُسْعِدِي مِنْ دُجاهُ ... دَمْعٌ عَلىَ الْخَدِّ يَجْرِي مِنْ مُنْصِفِى مِنْ ظَلُومٍ ... إَلْيِه مِنْهُ مَفَرِّى وهو القائل: يا مَنْ بِهِ كُلُّ خَلْقٍ ... يَراهُ صَبٌّ مُتَيَّمْ وَمَنْ يخَالُكَ حُسْناً ... فَما تَراهُ يُكَلَّمْ لاَ شَيْءَ أَعْجَبَ عِنْدِي ... ممَّنْ يَراكَ فَيَسْلَمْ وسمعت من يذكر أن فيه غناء في طريقة الرمل الثانية. وقال: قَدْ كُوِىَ الْقَلْبُ بِنِيرانِ ... فَصِرْتُ مِنْها إلْفَ أَحْزانِ طَرْفَي ما تَنْفَكُّ آماقُهُ ... مِنْ مَطَرٍ سَحٍّ وَتَهتْانِ يُسْعِدُ فِي الدَّمْعِ فَإنْ سُمْتُهُ ... يَوْماً بِرَدِّ النَّفْسِ عَاصَانِي وقال: جارَ عَلىَ وَجْنَتِهِ مَدْمَعُهُ ... وَزالَ عَمَّا قَدْ رَجا مَطْمَعُهُ مِنْ حُبِّ ظَبْيٍ لَكَ فِي وَجْهِهِ ... إذا تَجَلَّى قَمَراً يُطلُعهُ

أُعْطِىَ رِقَّ الْحُسْنِ مِلْكاً فَما ... أَصْبَحَ عَنْهُ أَحَدٌ يَدْفُعهُ فِي خَدِّهِ مِنْ صُدْغِهِ عَقْرَبٌ ... تَلْسَعُ مَنْ شاءَ وَلاَ تَلْسَعُهُ حدثني عون بن محمد الكندي قال كانت بين عبد الله بن محمد الأمين وبين أبي نهشل بن حميد مودة، فاعترض عبد الله جارية مغنية من بعض نساء بني هاشم، وأعطى بها مالاً عظيماً، فعرفت منه رغبة فيها فزادوا عليه في السوم، فتركها ليكسرهم. فجاء أخ لأبي نهشل فاشتراها وزاد، فتتبعتها نفس عبد الله فسأل أبا نهشل أن يسأل أخاه النزول عنها، فسأله ذلك فوعده ثم تأخر ذلك، فكتب عبد الله إلى أبي نهشل يا ابْنَ حُمَيْدٍ يا أَبا نَهْشَلٍ ... مِفْتاحَ بابِ الحَدثِ الُمْقَفلِ يا أَكْرَمَ النَّاسِ وِداداً وَيا ... أَرْعاُهُم لِحَقِّ ضائِع مُهْمَلِ أَحْسَنْتَ فِي ذاكَ وَأَجْمَلْتَ بَلْ ... جُزْتَ فَعالَ الُمْحِسنِ الُمْجمِلِ بَيْتُكَ فِي ذِي يَمَنٍ شامِخٌ ... تَقْصُرُ عَنْهُ قُنَّتا يَذْبُلِ خَلَّفْتَ فِينا حاتِماً ذَا النَّدَى ... وَجُدْتَ جَوْدَ الْعارِضِ المْسِبلِ أَيَّ أَخٍ أَنْتَ لَدَي وَجِدْهِ ... تَرَكْتَهُ بالعَرِّ فِي جَحْفَلِ نُجومُ حَظِّي مِنْكَ مَسْعُودَةٌ ... فِيما أُرَجِّى لَيْسَ بِاْلأُفَّلِ فَصَدِّقِ الظَّنَّ بِمِا قُلْتَهُ ... وَسَهِّلِ اْلأَمْرَ بِهِ يْسْهِلِ

لاتَحْرِمَنِّي، وَلَدَيْكَ الْمنَى ... ظَبْيَةَ صَيْدِ الرَّشَأِ اْلأَكْحَلِ رُميِتُ مِنْهُ بِسهاِم الْهَوَى ... وَما دَرَى بِالرَّمْيِ فِي مَقْتَلِي أَدْنَيْتَنِي بِاْلوَعْدِ فِي صَيْدِهِ ... إدْنْاءَ عَطْشَانٍ مِنَ الَمْنَهلِ ثُمَّ تَناسَيْتَ وَسَلَّمْتَنِي ... إلىً مِطالٍ مُوحِشِ المَنْزِلِ تَرَكْتَنِي فِي لُجَّةٍ عائِماً ... لا أَعْرِفُ الْمُدْبِرَ مِنْ مُقْبِلِ صَرِّحْ بِأَمْرٍ وَاضِحٍ بَيِّنٍ ... لا خَيْرَ فِي ذِي لَبَسٍ مُشْكِلِ وهو القائل جارِيَةٌ قَدْ شَفَّنِي هَواهَا ... تُرْسِلُ سَهْمَ الَحْتفِ مُقْلَتاها سُبْحانَ مَنْ فِي حُسْنِها بَراها ... قَدْ حُجِبَتْ عَنِّي فَما أَلْقاها وَلَسْتُ إلاَّ نَائِماً أراها ... أَذْكُرُها دَهرِى فَلا أَنْساها بَغَّضَها اللهُ إلىَ مَوْلاها هَارُونُ بْنُ الُمْعتَصِمِ وقيل اسمه محمد باسم أبيه فغيره هو، وقال لا أتسمى باسم أبي أو أخي فحصل على هارون، أنشدنا عبد الله بن المعتز لهرون بن المعتصم وحدثني بعض أصحابنا قال قالها بحضرتي: حَمْدِي لِرَبِّي وَشُكْرِي ... عابَ الْهُدادِيُّ شِعْرِي

وَلَيْسَ يَدْرِي المُسَيْ ... كِينُ أَنَّهُ لَيْسَ يَدْرِي وأنشدنا عبد الله بن المعتز له أيضاً: إذا ما خانَنِي يَوْماً جَوِادي ... جَعَلْتُ اْلأَرْضَ لِي فَرَساً وثِيقا وَجالَتْ راحَتِي بِالسَّيْفِ حَتَّى ... تَرَى فِي الْهامِ مِنْ ضَرْبِي طَريِقا وأنشدنا عبد الله بن المعتز، قال أنشدني بعض أصحابنا له: فَرْدُ المَلاَحَةِ مالَهُ شَبَهُ ... فَلِكُلِّهِ مِنْ كُلِّهِ نُزَهُ جَعَلَ الْفُتُورَ لِلحْظِهِ كَحَلاً ... فَجُفُونُهُ حَسَنٌ بهَا الَمَزهُ وأنشدني له عبد الله بن عبد الملك أبو محمد الهدادي: وَشادِنٍ يَفْضَحُ بَدْر الدُّجَى ... وَالْبْدرُ فِي لَيْلتِهِ يَزْهَرُ يَجْحَدُ أَنِّي مُسْتَهَامٌ بِهِ ... فَهْوَ لِقَوْلي أَبَداً مُنْكِرُ وَقَدْ كَسانِي سَقَمِي حُلَّةً ... تُظْهِرُ مِنْ وَجْدِي الذَّيِ أَسْتُرُ يَكْفِيكَ مِنِّي شاهِداً أَنَّني ... إلَيْكَ مِنْ بَيْنِ الْوَرَى أَنْظُرُ حدثني الهدادي قال عبث هارون يوماً بغلام لحمزة بن المعتز، فقال له دعنا فقال له: أَخْرِجِ السِّحْرَ مِنْ جُفُونكَ عَنَّا ... ثُمَّ إنْ لَمْ نْدَعْكَ نَحْنُ فَدَعْنَا

هارون بن المعتصم

ثم قال أريد أن أزيد على هذا فقال: وَغَزَالٍ إذا تَمَنَّيْتُ يَوْماً ... فَهْوَ لا غَيْرُهُ الذَّيِ أَتَمَنَّى يَتَجَنَّى فَإِن نَطَقْتُ بِعُذْرِي ... رَدَّهُ ظالمِاً لَهُ وَتَظَنَّي أَيُّها الَّلاْئُمِ الْعُيُونَ إذا ... أَبْصَرتْ مِنْ وَجْهِهِ جَمَالاً وَحُسْنا أَخْرِجِ السِّحْرَ مِنْ جُفونِكَ عَنَّا ... ثُمَّ إِنْ لَمْ نَدَعْكَ نَحْنُ فَدَعْنا حدثنا عبد الله بن المعتز قال حدثني جيران هارون بن المعتصم أن الهدادي غلب على أشعار له وانتحلها، لأن شعره مما لم يدر بين الناس. وأنشدني عبد الله بن المعتز بعقب هذا الحديث له: زَاَرِني طَيْفُهُ هُبوبَ المُناِدى ... فَتَناجَى فُؤاُدُه وَفُؤاِدي قَالَ شَخْصِيِ لِشَخْصِهِ سَيِّدِي زُرْ ... تَ كَأَنَّا كُنَّا عَلىَ مِيعاِد وقال: وَشادِنٍ أنْ قِسْتُ بَدْرَ الدُّجَى ... بِوَجْهِهِ كُنْتُ مُبينَ المُحالِ تَحْسُدُهُ شَمْسُ الضُّحَى وَجْهَهُ ... والْغُصُنُ الْغَضُّ عَلىَ اْلإعْتِدالِ وَصاحِبُ النُّقْصان ِمْن شَأْنِهِ ... أَنْ يَحْسُدَ الْكامِلَ فَضْلَ الْكَمِال وقد سمعت بعض الطنبوريين يتغنى في هذه الأبيات

أبو عيسى محمد بن المتوكل

ومما أنشده له ابن المعتز بيت واحد؛ ولم أسمع له منه غيره: سَيِّدِي أَنْتَ أَحْسَنُ الَبرِيَّةِ وَجْهاً ... فَلْتَكُنْ أَحْسَنَ الْعِبِاد فَعالاَ وكان عبد الله بن المعتز يزعم أن شعر هذا كثير، ولكنه كان لا يظهره، ووجدت من شعره: وَغَزالٍ أَعطاهُ مَليكُ الْقُلُوبِ ... لَحْظَ عَيْنٍ تُحِلُّ كَسْبَ الذُّنوبِ أَنا مِنْهُ مُرَوَّعٌ كُلَّ يَوْمٍ ... بِوعِيدٍ أَوْ هَجْرَةٍ أَوْ مَغِيبِ يا دَواِئي إذا تَطاوَلَ دائِي ... وَطَبِيِبي إذا فَقَدْتُ طَبيِبِي أَنْتَ أَجْرَيْتَ دَمْعَ عَيْنِيَ بِالْ ... هَجْرِ وَعَلَّمْتَنِي لِحاظَ المُرِيِبِ أبُو عيسى مُحَمَّدُ بْنُ المُتَوَكِّل كان عيسى من أفضل أولاد المتوكل نفساً وعلماً وعقلاً وديانة، وكان له درس معروف من القرآن في كل يوم وليلة، لا يخليه ولا يشتغل عنه، وكان يعني بصلاة القيام، حتى يقال إنها ما فاتته قط. حدثنا إبراهيم بن عبيد الله قال لما أوقع بالمهتدي وجعل في دار سمع ضجة الناس وتكاثرهم، فقال ما هذا؟ قالوا بايع الناس أحمد بن المتوكل. قال ابن فتيان؟ قالوا نعم، قال ويل لهم فهلا أبا عيسى، فإنه كان أقوم بحق الله. وكان أبو عيسى قد سمع حديثاً كثيراً، وعرف شيئاً من الفقه، وكان يلزمه جماعة من العلماء لا يفارقونه، وله شعر قليل أكثره في الزهد.

أنشدني محمد بن يحيى لأبي عيسى: فارَقْتُ أُلاَّفِي وَخِلاَّني ... أَبكاُهُم الدَّهْرُ وَأَبْكاِني لَمْ يُضِعِ الدَّهْرُ لَهُمْ وَاحِداً ... إلاَّ وَلِي مِنْ ذَاكُمُ إثْناِن حدثنا أحمد بن يزيد قال لما عزم المعتمد على الخروج إلى الشام والموفق إذ ذاك يحارب الخائن بالبصرة، والدنيا مضطربة، أشار عليه أبو عيسى أخوه ألا يفعل، وحرص به، فأبى عليه، فقال أبو عيسى وعمل لحناً فيه: أَقُولُ لَهُ عِنْدَ تَوْداعِهِ ... وَكُلٌّ لِعَبْرَتِهِ مُبْلسُ لَئِنْ قَعَدَتْ عَنْكَ أَجْسادُنا ... لَقَدْ رَحَلَتْ مَعَكَ اْلأَنْفُسُ ومن شعره: إلَى اللهِ أَشْكُو ما أَرىِ منْ زَماِننا ... وَكَثْرَةَ ما فِيِه مِنْ الَجْورِ وَالظلُّمْ وَأَنَّ الَمواِلى قَدْ عَلاهُمْ عَبِيدُهُمْكَما قَدْ تَعالَى الجَهْلُ فِيهِمْ علَىَ الْعِلْمِ حدثني محمد بن يحيى بن أي عباد قال كان أبو عيسى بن المتوكل يؤثرني ويقدمني، وكنت أحب الاتصال به لفضله ودينه. وكان ربما قال الشعر كالمتفرج لقوله. وكان قد كتب الحديث وحفظ العلم، وكانت تأتيه من المعتضد بالله فرائض، فكتب إلى كتاباً يقول فيه وقد اتهم بعض جلساء بالسعاية به، ممن كانت لأبي عيسى عنده أياد واصطناع وأنا

وهو كما قال أبو الذوائب مولى بني قيس. إذا ما وَضَعْتَ العُرْفَ فِي غَيْرِ أَهْلِهِرُزِئْتَ وَلَمْ تْحُمَدْ وَلَمْ تَتَّخِذْ يَدا وأنشدني محمد بن يحيى لأبي عيسى بن المتوكل: أُنْظُرْ إلَى الدَّهْرِ فِي تَصْريِف حالَتِهِ ... فَإنَّهُ ما وَفَي غَدْراً لإِنْسانِ فَلا تُمايِلْهُ مُغْتَرّاً بِطاعَتِهِ ... فَسَوْفَ يُعْقِبُها مِنْهُ بِعِصْيانِ وَلاَ يَغُرَّنْكَ سُلْطانٌ ظَفِرْتَ بِهِ ... نُسِبْتَ فِيِه إلىَ ظُلْمٍ وَعُدْوانِ وَجازِ إحْسانَ مَنْ أَوْلاكَ عارِفَةً ... بِاُّلْشكِر عَمَّا أَتَى مِنْهُ وَإحْسانِ قال لي محمد بن يحيى: وأظنه كان يعرض بالموفق في هذا القول وشبهه، ويحضه على ابن المعتمد وتوفيته حقه ومن شعره: أُذْكُرْ اللهَ بالَّلساِن وَباْلقَل ... بِ عَلى شِدةٍ وَعنْدَ الرَّخاءِ وَاعْتَمِدْ شُكْرَهُ عَلىَ كَلُ ِّحالٍ ... لاَ تَكُونَنَّ كافِرَ النَّعْماءِ حدثني أبو الحسن أحمد بن محمد الأسدي قال حدثني من سمع أبا عيسى يقول وقد أمر بالركوب ليحدر من سر من رأى: سَيكُونُ الذَّيِ قُضِى ... سَخِطَ الْعَبْدُ أَمْ رَضِى لَيْسَ هَذاَ بِدَائمٍ ... كُلُّ هَذا سَيَنْقَضِى وهذان البيتان لابن العتاهية من أبيات

بسم الله الرحمن الرحيم

بسم الله الرحمن الرحيم أبُو العَبَّاس عَبْدُ الله بْنُ الُمْعَتزِّ بالله شاعر مفلق محسن حسن الطبع، واسع الفكر كثير الحفظ والعلم يحسن في النظم والنثر، من شعراء بني هاشم المتقدمين وعلمائهم، ومن نشأ في الرواية والسماعة، يكثر في مجلسه من حدثنا وأخبرنا سمع من صعود صاحب الفراء، وأخذ عنه اللغة والغريب، وعن أعراب فصحاء كانوا يقدمون سر من رأى، وسمع عن أحمد بن أبي فنن، وعن الحسن بن عليل العنزي. وما رأيت عباسياً قط أجمع منه ولا أقرب لساناً كان من قلب، وكان يقدم أهل العلم ويؤثرهم وكان أبو العباس محمد بن يزيد المبرد يجيئه كثيراً ويقيم عنده، وكان ذلك سائغاً لمحمد بن يزيد لكثرة مجيئه إلى إسماعيل بن إسحاق القاضي، وقرب القاضي من منزل ابن المعتز. وكان قد لقي أبا العباس أحمد بن يحيى مرات، وكان يبعث إليه فيسأله عن الشيء بعد الشيء. وكان أحمد بن السعيد الدمشقي مؤدبه لا يفارقه، وكانت داره مغاثاً لأهل الأدب، وكان يجالسه منهم جماعة. وكان رأيه مخالفاً لرأي العامة إلا أنه كان يسلم عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يذكر له أحد منهم إلا عدد فضائله وناضل عنه ونصره، إلا أنه كان

يقدم بني هاشم ويفضلهم، وما سمعته في حال من الأحوال ينقص أحداً ولا عرض بذلك ولا أومأ إليه. ثم حدث له في آخر أيامه شعر فيه مفاخرة لأهله وبني عمه الطالبيين، وكان يرى أنهم يناقضونه الشعر فكان قوله يمضي على ذلك، وتمر له أبيات يتأول فيها شيئاً فيتأول أعداؤه غير ذلك، ويحتمل الشعر المعنيين. حتى اجتمع إليه جماعة من الطالبيين منهم أبو الحسين محمد بن الحسن المعروف بابن البصري وكان يجالسه على قديم الأيام. ومنهم القاسم بن إسماعيل فحلفوا له أنه ما يقول هذه الأشعار أحد منهم، فتندم على ما كان من قوله على أني وجدت عنه أشعاراً يتكذب فيها على العباس رضي الله عنه وعلى أفاضل ولده وعلى الخلفاء رحمة الله عليهم أكثرها لم يظهر. وكان يقول من عذيري من الناس تأتيني مثل هذه الأشعار فأجيب بتعريض عن مائة كلمة قد صرح بها كلمة، فأنسب إلى ما أنسب إليه. ثم عمل أشعاراً يعتذر فيها ويمدح أمير المؤمنين علياً وولده عليهم السلام، وأعطى الله عهداً ليقولن باقي عمره في هذا الفن. ولو كان عندي ما يظنه قوم من أعدائه وينسبونه إلى أنه كان يعتقده ولم يظهر منه ندم منه وتوبة على ما كان يتأول عليه فيه، لما استجزت أن تجري له ذكر فضيلة على لساني أبدا وليس بمسلم عندي ولا عاقل ولا ذي مروءة من علم أن

رجلاً فارق الدنيا وفيه ميل على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام أو أحد من ولده ثم أعتقد وداً له أو ميلاً إليه أو ثناء عليه. وليس بمسلم ولا عاقل عندي من علم هذا من أب فانتسب إليه أو من ابن فأقر به. وأنا مبتديء بما هو أجدى على ابن المعتز من فضيلة الشعر بالشواهد على بطلان ما اعتقده قوم فيه أو أنه فارق الدنيا وهو عليه إن شاء الله. حدثني أبو القاسم الحسن بن محمد بن علي بن محمد بن يحيى بن الحسين ابن زيد بن بنت علي بن محمد الحماني قال حدثني أبو الحسين محمد بن الحسن العلوي المعروف بابن البصري قال كنت أجالس عبد الله ابن المعتز وكان يحلف لي بالله لئن ملك من هذا الأمر شيئاً ليجعلن البطنين بطناً واحداً، وليزوجن هؤلاء من هؤلاء وهؤلاء من هؤلاء وقال لا أدع طالبياً يتزوج بغير عباسية، ولا عباسي بغير طالبية، حتى يصيروا شيئاً واحداً، وأجرى على كل رجل منهم عشرة دنانير في الشهر، وعلى كل امرأة خمسة دنانير، واجعل من الدنيا ناحية تفي بذلك. ومن أشعاره التي كانت من آخر قوله من آخر أيامه ما أنشدنيه لنفسه: رَثَيْتُ الحَجِيجَ فَقالَ الْعُدا ... ةُ سَبَّ عَليّاً وَبِنْتَ النَّبِي أَآكُلُ لَحْمِي وَأَحْسُو دَمِي ... فَيا قَوْمِ لِلْعَجَبِ الأعْجَبِ

عَلِىٌّ يَظُنُّونَ بِي بُغْضَهُ ... فَهَلاَّ سِوَى الْكُفْرِ ظَنُّوهُ بِي إذاً لا سَقَتْنِي عَداً كَفُّهُ ... مِنَ الحَوْضِ وَالَمْشرِب الأْعَذبِ بَلَى قَرْمْطَيِّينَ مَتُّوا إلَي ... هِ بالنَّسِب الأَفْجرِ الأْكَذَبِ سَبَبْتُ فَمَنْ لامَنِي فِيهِمُ ... فَلَسْتُ بِمُوصًى وَلا مُعْتَبِ مُجَلِّي الكُرُوبِ وَلَيْثُ الْحُرُوِ ... بِ في الرَّهَجِ السَّاطِعِ الأْصْهَبِ وَبَحْرُ الْعُلُومِ وَغَيْظُ الْخُصُومِ ... مَتىَ يَصْطَرِعْ وَهُمُ يَغْلِبِ يُقَلّبُ فِي فَمِهِ مِقْوَلاً ... كَشِقْشَقِة الجَمَلِ المُصْعَبِ وَأَوَّلُ مَنْ ظَلَّ فِي مَوْقِفٍ ... يُصَلِّى مَعَ الطَّاهِرِ اْلأَطْيَبِ وَكانَ أَخاً لنِبَيِّ الْهُدَى ... وَخُصَّ بِذَاكَ فَلاَ يُكْذَبِ وَكُفْءً لِخَيْر نِسَاء الْعِبَا ... دِ مَا بَيْنَ شَرْقٍ إلىَ مَغْرِبِ وَأَقْضَى الْقُضَاةِ بِفَصْل اِلخْطَا ... بِ والَمَنْطِقِ اْلأَعْدَلِ اْلأَصْوَبِ وَفِي لَيْلَةٍ الْغَارِ وَقَّي النَّبِيَّ ... عِشَاءً إلىَ الْفَلَقِ اْلأَشْهَبِ وَبَاتَ دَرِيَّتَهُ فِي الفْرِا ... شِ مُوَطِّنَ نَفَسٍ عَلَى اْلأَصْعَبِ وَعْمَرو بْنَ عَبْدٍ وَأَصْحابَهُ ... سَقاهُمْ حَسا الَموْتِ فِي يَثْرِبِ فَسَلْ عَنْهُ خَيْبَرَ ذاتِ الْحُصُو ... نِ تُخَبِّرْكَ عَنْهُ وَعَنْ مَرْحَبِ

وَسْبطاهُ جَدُّهُما أَحْمَدٌ ... فَبخْ بَخْ لَجِّدهمِا وَاْلأَبِ فَيا أَسداً ظَلَّ بَين الكلا ... بِ يَنْهَشْنهُ دَامِيَ المْخَلبِ وَلاَ عَجَبٌ غَيْرُ قَتْلِ الْحُسَيْ ... نِ ظَمْآنٍ يُقْصَى عَنِ الْمْشَربِ لَئنْ كَانَ رَوَّعَنا فَقْدُهُ ... وَفَاجَاهُ مِنْ حَيَثْ لمَ يَحْسِبِ فَكَمْ قَدْ بَكَينا علَيْهِ دَما ... بِسُمْرٍ مُثَقَّفَةِ اْلأَكْعُبِ وَبِيضٍ صَوارِمَ مَصْقُولَة ... مَتَى يُمْتَحَنْ وَقْعُها يَرْسُبِ وَكَمْ مِنْ شِعارٍ لَنَا بِاسِمِه ... يُجَدِّدُ غيْظاً عَلىَ المُذْنِبِ وَكَمْ مِنْ سَوَادٍ حَدَدْنا بِهِ ... وَتَطْوِيلِ شَعْرٍ عَلَى الَمْنكِبِ وَنَوْحٍ عَلَيْهِ لَنَا بالصَّهِيلِ ... وَصَلْصَلةَ اللُّجْمِ فِي مِقْنَبِ وَذاكَ قَلِيلٌ لَهُ مِنْ بَنِي ... أَبِيِه وَمَنْصِبِهِ اْلأَقْربِ وأنشدنا عبد الله بن المعتز لنفسه: قِيلَ إنِّي لِعَلّيٍ مُبْغِضٌ ... مُصَّ مَنْ يَزْعُمُ هَذَا وَدَخَلَ لَعْنَةُ الله عَلَى مُبْغِضِهِ ... كُلَّمَا صَلَّى مُصَلٍّ وَابْتَهَلْ وَالذَّي زَوَّرَ قَوْلاً كاذِباً ... أَثْبَتَ اللهُ لَهُ قَرْنَ وَعَلْ وَهْوَ عِنِدي فَرْخُ سَوْءٍ حَمَلَتْ ... أُمُّهُ لا شَكَّ مِنْ ذَاكَ الْعَمَلْ

وله بعد هذا اعتذار كثير في قصائد ألا أنه خلط الاعتذار ببعض الاحتجاج فلم أذكره، والذي ذكرته عنه هو آخر ما قاله عليه فارق الدنيا. وقال من أبيات: زَعَمْتَ بِأَنِّي يا مُبَغَّضُ مُبْغِضٌ ... عَلِيّاً فمَاَ فَخْرِي إذاً فِي الْمحَافِلِ أَآكُلُ مِنْ لَحْمِي وَأَشْرَبُ مِنْ دَمِي ... كَذَبْتَ لحَاكَ اللهُ يا شَرَّ واغِلِ عَلِيٌّ وَعَبَّاسٌ يَدانِ كِلاهُما ... يَمِينٌ سَواءٌ فِي الْعُلَى وَاْلفَضائِلِ فَهَذا أَبْو هَذاَ وَهذا كُمُ ابْنُ ذَا ... فَهلْ بَيْنَ هَذَيْنِ اتِّساعٌ لِداخِلِ سَتَسْمَعُ ما يُخْزِيكَ فِي كُلِّ مَحْفِلٍ ... وَتَمْسَحُ رَأْسَ الْعارِفِ الُمَتغافِلِ وقال في قصيدة أولها: أَبَعْدَ الْبَيْن صَبْرٌ أَمْ هُجُودُ ... أَبَى ذَاكَ التَّذَكُّرُ وَالسَّهُودُ وفيها: أَلَيْسَ مُحَمَّدٌ مِنَّا فَحَسْبِي ... بِهِ فَخْراً وَمَا فِيِه مَزِيدُ بِهِ طَلَعَتْ نُجُومُ الحَقِّ سَعْداً ... وَبُيِّنَتِ الشَّرَاِئعُ والْحُدُودُ وَفاِرسُنَا عَلِيٌّ ذُو المعَالِي ... هُنَاكَ الفْضْلُ وَاْلأَمْرُ الرشَّيِدُ وَأَوَّلُ مُؤِمنٍ وَأَخُو نَبِيٍّ ... وَمَيْمُونٌ نَقيَبتُهُ سَعِيدُ

وقال قُلْ لِقُرَيْشٍ دَعِى اْلاْسِرافَ وَاقْتصِدِى ... إنَّ عَلِيّاً وَعَبَّاساً يَدِي وَيَدِي إنْ تُسْخِطُوهُمْ تَرَوْا أَسْيافَنا مَعَهُمْ ... إنَّا وَإيَّاهُمُ رُوحان فِي جَسَدِ وقال بَنِي عَمِّنا عُودُوا نَعُدْ لِمَوَدَّةِ ... فَإنَّا إلىَ الحُسْنَى سِراعُ التَّعَطُّفِ وَإلاَّ فَإِنِّي لا أَزالُ عَلَيْكُمُ ... مُحاِلفَ أَحْزانٍ كَثيِرَ التلَهُّفِ لَقَدْ بَلغَ الشَّيْطانُ مِنْ آلِ هاشِمٍ ... مَبالغَهُِ مِنْ قَبْلُ فِي آلِ يُوسُفِ ومنزلة عبد الله في الشعر منزلة شريفة، وقد وقع من قوم إفراط في أمره وتقديمه. وكان أبو العباس أحمد بن يحيى يقدمه، ويقول هو أشعر أهل زمانه وكان عبيد الله بن عبد الله بن طاهر يقول هو أشعر قريش، لأنه ليس فيهم من له مثل فنونه لأنه قال في الخمر، والطرد، والغزل، والمديح، والهجاء، والمذكر، والمؤنث، والمعاتبات والزهد، والأوصاف، والمراثي. . فأحسن في جميعها، وهو حسن التشبيه، مليح الألفاظ، واسع الفكر. وكان أحمد بن إسماعيل الكاتب نطاحة يقول هو أشعر بني هاشم وآل وهب كلهم يقدمونه، ويقولون فيه مثل هذا القول. وهو يأخذ كثيراً من الناس، ويستعين فيحسن، وكثيراً ما يتكئ

أخبار لعبد الله بن المعتز

على نفسه، وهو يفضل أشباهه بألفاظ له ملوكية. وسمعت بعض العلماء بالشعر يقول أول الشعراء المتقدمين في صفة الخمر الأعشى ثم الأخطل ثم أبو نواس ثم الحسين بن الضحاك ثم عبد الله بن المعتز. فقلت أنا هو أيضاً عندي متقدم في الغزل لأن الشعراء الذين أحسنوا في الغزل حتى تفردوا به وكان الغزل قطعة من شعرهم معروفة قليلون، وخاصة من عمل في المذكر والمؤنث. وهو أول من حصل هذا، وجعله فنين وأضاف إليه فناً ثالثاً سماه مجونا وكثره حتى تقدم فيه من سبقه وتبعه الناس. أخْبَار لعَبْد الله بْن المُعْتَزِّ كان عبد الله بن المعتز يحب لقاء أبي العباس أحمد بن يحيى ويعلمه ذلك، وكان أبو العباس أحمد بن يحيى يعتذر إليه في تخلفه عنه بأنه ضعف عن أن يمضي إلى أحد. فكتب إليه عبد الله يعرفه شوقه إليه، ويصف مقداره في العلم، ويعتذر من ترك إتيانه، لأن الركوب ليس بسائغ له: ما وَجْدُ صادٍ فِي الِحبِال مُوثَقِ ... بماءِ مُزْنٍ بارِدٍ مُصَفقِ بِالرِّيحِ لَمْ يُطْرَقْ وَلمْ يُرَنَّقِ ... جادَتْ بِهِ أَخْلاَفُ دَجْنٍ مُطْبقِ

بِصْخَرةٍ إنْ تَرَ شَمْساً تَبْرُقِ ... فَهْوَ عَلَيْها كالزَّجاجِ اْلأَزْرَقِ صَرِيحِ غَيْثٍ خالِصٍ لَمْ يُمْذَقِ ... إلاَّ كَوَجْدِيِ بِكَ لَكِنْ أَتَّقِى يا فاتِحاً لِكُلِّ عِلْمٍ مُغْلَقِ ... وَصَيْرَفيّاً نِاقداً لِلْمَنْطِقِ إنْ قالَ هَذَا بَهْرَجٌ لَمْ يَنْفُقِ ... إنَّا عَلَى الْعِبادِ واَلتَّفِرُّقِ لَتَلْقَى بِالذَّكْرِ إِنْ لَمْ نَلْتَق فكتب إليه أبو العباس يشكره عن قوله، ويقول له أول أبياتك تشبه قول جميل: فَما صادِياتٌ حُمْنَ يَوْماً وَلَيْلَةً ... عَلَى المَاءِ يَغْشَيْنَ العْصِىِ حَوانِي لَواِثبُ لَمْ يَصْدُرْنَ عَنْهُ لِوِجَهةٍ ... وَلا هُنَّ مِنْ بَرْدِ الحِياضِ دَوانِي يَرَيْنَ حَبابَ الماءِ والْمَوْتُ دُونَهُ ... فَهُنَّ لأَصْواتِ السُّقاةِ رَوانِي بِأَوْجَدَ مِنِّي عَيْلَ صَبْرٍ وَلَوْعَةً ... عَلَيْكَ وَلِكنَّ الْعَدُوَّ عَدانِي وآخر الأبيات يشبه قول رؤبة: إنِّي وَإنْ لَمْ تَرَنِي فَإنَّنِي ... أراكَ بِاْلَغْيبِ وَإنْ لَمْ تَرَنَيِ أخُوكَ وَالرَّاِعِي لِما اسْتَرْعَيْتَنِي وحدثني بعض أصحابنا قال كنت عند أبي العباس أحمد بن يحيى

وحوله جماعة فجاء ابن المعتز يسلم عليه، فقام إليه وأجلسه مكانه، فداس قلما فكسره، فقال على البديهة: لِكَفَّىَّ وِتْرٌ عِنْدَ رِجْليِ لأَنَّها ... أبادَتْ قَتيلاً ما لأَعْظُمِهِ جَبْرُ وكنا يوماً نتغدى مع عبد الله بن المعتز وغلام يذب عنا، فأصابت المذبة رأس رجل على المائدة بالسهو من الغلام، فقال عبد الله من وقته: قُلْ لِمَنْ ذَبَّ ذُبَّ نَفْسكَ عَنَّا ... حَسْبُنا مِنكَ أوْ فَحَسَبْكَ منَّا ودخلت يوماً على عبد الله بن المعتز وقد هدم أكثر داره وهو ينظر إلى الصناع وكيف يبنون قبة له، فكأني أشفقت من الغرم مع قلة الدخل، فأومأت بالقول إلى ذلك، فأنشدني مساعداً لي: أَلاَ مَنْ لِنَفْسٍ وَأَشْجانِها ... وَدارٍ تَداعَتْ بِحيطانِها أَظَلُّ نَهارِيَ فِي شَمْسِها ... شَقيّاً لَقِيّاً بِبُنْيِانها تُسَوِّدُ وَجْهِي بِتَبْيِيِضها ... وَتُخْرِبُ ماِلي بِعُمْرانِها وكنا يوماً عنده فقرأ شعراً رديئاً لمتوج بن محمود بن مروان الأصغر بن أبي الجنوب بن مروان الأكبر، وكان شعراً رديئاً جداً، فقال أشبه لكم شعر آل أبي حفصة وتناقضه حالاً بعد حال؟ فقلنا إن شاء الأمير. فقال كأنه ماء سخن لقليل في قدح، ثم استغنى عنه فكان أيام

شعر مروان الأكبر على حرارته، ثم انتهى إلى عبد الله بن السبط وقد برد قليلاً، ثم إلى إدريس بن إدريس وقد زاد برده، وإلى أبي الجنوب كذلك، إلى مروان الأصغر وقد اشتد برده، وإلى أبي هذا متوج وقد ثخن لبرده، وإلى متوج هذا وقد جمد، فلم يبق بعد الجمود شيء. ودخلنا إليه نهنئه ببرء من علته فأنشدنا لنفسه: أتاِنَي بُرْءٌ لَمْ أَكُنْ فِيِه طامعِاً ... كَحَلِّ أسِيرٍ شُدَّ بَعْدَ وَثاقِهِ فَإنْ كُنْتُ لَمْ أَجْرَعْ مِنَ اَلَموْتِ حَسْوَةًفَأبِّى مَجَحْتُ الْمَوْتَ بَعْدَ مَذَاقِهِ وكنا نشرب بين يديه فتثاءب بعضنا فقال: إذا فَتَحَ الْقَوْمُ أَفْواهَهُمْ ... لِغَيْرِ كَلامٍ وَلا مَطْعَمِ فَلا خَيْرَ فيِهْم لِشُرْب النَّبِي ... ذِ وَدَعْهُمْ ينامُوا مَعَ النُّوَّمِ ومن مختار شعر عبد الله في المديح، على أنه قد مر في المعتمد والمعتضد والمكتفي أشعار جياد، لا حاجة بنا إلى إعادتها: فَكَّ حَرُّ الْوَجْدِ قَيْدَ الْبُكاءِ ... فَاعْذُرِينِي أَوْ لا فَمُوتِي بِدائِي لَوْ أَطَعْنا لِلصَّبِرِ عِنْدَ الرَّزايا ... ما عَرَفْناه شِدَّةً منْ رَخاءِ

أَسْرَعَ الشَّيْبُ مُغْرِياً لِي بِهَمٍّ ... كانَ يَدْعُوهُ مِنْ أَحَبِّ الدُّعاءِ ما لِهذا الَمساءِ لا يَتَجَلَّى ... حَياءً مِنْهُ سِراجُ السَّماءِ قَرِّباً مِنِّي عِقالَ المَطايا ... وَاحْلُلاَ عَنْها عِقَالَ الثَّواءِ حُرَّةً يَسْتَرْعُف الَمْرُء مِن ... ها مَنْسِماً مُشْعَلاً بِالنَّجاءِ طَعَنَتْ بِالسَّيْرِ أَحْشاءَ خَرْ - قٍ لَمْ تُمَتَّعْ مَعَهُ بالبقاء أُنْفِذَتْ فِي لَيْلِ التَّمامِ وَحَنَّتْ ... كَحَنِينِ للصَّبِّ يَوْم التَّنائِي وَالدُّجَى قَدْ يَنْهَضُ الصُّبْحُ فِيِه ... قاِئماً يَنْشُرَنَّ ثَوْبَ الضِّياءِ مَنْ لِهَمٍّ قَدْ باتَ يُشْجى فُؤادِي ... مالَهُ حالَ دَمْعَتِي مِنْ خَفاءِ إخْوَةٌ لِي قَدْ فَرَّقَتْهُمْ خطُوبٌ ... عَلَّمِتْ مُقْلَتِي طَوِيلَ الْبُكاءِ إنْ أَهاجُو بِآلِ أَحْمَدَ حَرْباً ... بِبَنِيكُمْ لا تُحْلِبُوا فِي إنِائِي وَتَحُلُّوا عِقْدَ التَّمَلُّكِ مِنْكُمْ ... بِأَكُفٍّ قَدْ خُضِّبَتْ بالدِّماءِ وَخَليِلٍ قد كانَ مَرْعَى اْلأَمانِي ... وَرضَى النَّفْسِ وَحَسْبُ الإِخاءِ غَيْرَ أَنَّا مِنَ النَّوِى في افْتِراقٍ ... وَبلُقْيا ذِكْرنا في الْتِقَاءِ يَعْرِفُ الَمْعُروفَ طَبْعاً وَيَثْنِي ... بِيَدِ الجُودِ عَنانَ الثَّناء

رُبَّ يَوْمٍ عامر الْكَأْس ظلَنْا ... نَقْرَعُ الْقَهْوَةَ فِيِه بِماء وَدجَى لَيْلٍ بَطِيءِ الْحَواشي ... مُدْنَفِ الرِّيحِ قَصِير الْبَقاء أَسْقَطَ اْلأَمطارَ حَتَّى تَثَنَّى ال ... نَّوْرُ وَابْتَلَّ جَناحُ الْهَوَاء زَمَن مَرَّ بِنا فِي نَعِيمِ ... وَصَباحٍ غافِلٍ وَمَساء وقال في المعتضد بالله سَقْياً لِمْنَزِلِة الْحَمِى وَكَثيِبِها ... إذْ لا أَرَى زَمَناً كَأزْمانِي بِها إذْ لَمَّنِي رَيَّا السَّواد أَثِنَيتٌه ... صِرْفٌ وَلَمْ تُمْزَجْ بِلْونِ مَشْيِبها لَمَّا رَأَيْتَ المُلْكَ شَظَّى عُودُهُ ... وَهَوتْ كواِكبُ سَعْدِهِ لِغُروبِها حَرَّكْتَ تَدْبِيراً عَلَيْهِ سَكِينَةٌ ... وَخَلَطْتَ ضَحْكَةَ حازِمٍ بِقُطُوبهِا كَمْ فِتْنةٍ بادَرْتَ مِنْها فُرْصَةً ... فَحَسَمْتَها وَوَثَبْتَ قَبْلَ وُثوبِها راعَيْتَ جاِنبَها بِلْحظَةِ حازِمٍ ... فَطِنٍ بِعَقْرَبِ غِلِّها ودَبِيبِها كَمْ قَاِئلٍ وَالْهاُم تُنْظَمُ فِي الْقَنا ... لا يُصْلِحُ الْخَرَزاتِ غَيْرَ ثُقوبِها لِعَزائِمٍ أَغْمَدْتَها فِي صَمْتِهِ ... لا تَكْشِفُ اْلأَوْهامُ سِتْرَ غُيوبِها

وَلَرْبَّ سَمْعٍ قَدْ قَرَعْتَ بُحجَّةٍ ... هَذَّبْتَها مَنْ شَكِّها وَعُيوبِها أَثْنَى عَلَيْها بِالسَّدادِ حَسُودُها ... وَقَضَى عَلَيْها خَصْمُها بِوُجُوبها وقال يا رُبَّ إخْوانٍ صَحِبْتُهُمُ ... لا يِمَلْكُون لِسَلْوةٍ قَلْبَا لَوْ تَسْتِطيعُ نُفُوسهم فَقْدَتْ ... أَجْسادَهُمْ وَتَعانَقَتْ حُبَّا وقال رَبِّ أَسْتَبْقيكَ نَفْسَ ابْنِ وَهْبٍ ... وَسَمِيعاً قَدْ دَعَوْتُ مُجِيَبا رُبَّ لَيْلٍ نِمْتُهُ وَابْنُ وَهْبٍ ... ساِهرٌ يَطْرُدُ عَنِّي الخُطُوبا وقال وَحُلِوْ الدَّلاِل مَليِحِ الْغَضَبْ ... يَشُوب مَواعيَدهُ بالْكَذِبْ قَصِيِر الْوَفاِء لأَصحابِهِ ... فَهُمْ مِنْ تَلَوُّنِهِ فِي تَعَبْ سَقَانِي وَقَدْ سُلَّ َسَيْفُ الصَّبا ... حِ وَاللَّيْلُ مِنْ خَوْفِهِ قَدْ ذَهَبْ عُقاراً إذا ما جَلَتْها السُّقَا ... ةُ أَلْبَسَها المَاُء تاجَ الحَبَبْ وَأَصْلَحَ بَيْنِي وَبَيْنَ الزَّما ... نِ وَأَبْدَلَنِي باْلهُمُومِ الطَّرَبْ وَما الْعَيْشُ إلاَّ لِمُسْتَهْتر ... تَظَلُّ عَوَاذلُهُ فِي شَغَبْ

يَهيمُ إلَى كلِّ ما يَشْتَهِي ... وَإنْ رَدَّهُ الْعَذْلُ لَمْ يَنْجَذِبْ وَيْسْخُو بِمَا قَدْ حَوَتْ كَفُّهُ ... وَلاَ يُتْبِعُ المَنَّ ما قَدْ وَهَبْ فَكَمْ فِضَّةٍ فَضَّها فِي سُرُو ... ر يَوْمٍ وَكَمْ ذَهَبٍ قَدْ ذَهَبْ وَلاَ صَيْدَ إلاَّ بِوَثَّابةٍ ... تَطِيرُ عَلَى أَرْبَعٍ كالْعَذَبْ وَإنْ أُطْلِقَتْ مِنْ قِلادَتِها ... وَطاَر الْغُبارُ وَجَدَّ الطَّلَبْ فَزَوْبَعَةٌ مِنْ بَناتِ الرَّيا ... حِ تُريكَ عَلىَ اْلأَرْضِ شَدّاً عَجَبْ تَضُمَّ الطَّرِيدَ إلَى نَحْرِها ... كَضَمَّ المُحِبِةَّ مَنْ لاَ يُحِبُّ أَلاَ رُبَّ يَوْمٍ لها لاَ يُذَ ... مُّ أَراقَتْ دَماً وَأَغابَتْ سَغَبْ إذا ما رَأَى عَدْوَها خَلْفُه ... تَنَاجَتْ ضَمائُرهُ بِالْعَطَبْ لهَا مَجْلِسٌ فِيَ مكِان الرَّدِي ... فِ كَترُكيَّةٍ سَبْيهُا للْعِرَبْ ومَقْلْتَهُا سائلٌ كُحْلُها ... وَقَدْ جُلَّيِتْ سَبَجاً فِي ذَهَبْ وَظَلَّتْ لُحُومُ ظِباءِ الْفَلاَ ... عَلَى الَجْمرِ مُعْجَلَةً تَلْتَهبْ وَطافَتْ سَعاتُهُمْ يَمْزِجُو ... نَ بِماءِ الْغَدِيِر بَناِت الْعِنَبْ وَحَثُّوا النَّدامَى بِمَشْمُولَةٍ ... إذا شارِبٌ عَبَّ فيِها قَطَبْ

فَراحُوا نَشاوَى بِأَيْدِي المُدا ... مِ وَقَدْ نَشِطُوا مِنْ عِقالِ التَّعَبْ إلىَ مَجْلِسٍ أَرْضُهُ نَرْجِسٌ ... وَأَزيارُ عِيدانِهِ تَصْطَخِبْ وَحِيطانُهُ خَرْطُ كافُورَةٍ ... وَأَعْلاهُ مِنْ ذَهَبِ يَلْتَهِبْ فَيا حُسْنَهُ بِإمامِ الْهُدَى ... وَخَيِرْ الخَلائِفِ نَفْساً وَأَبّ لَهْ راحَةٌ ما لَها راحَةٌ ... تَرَى جَدَّ نائِلِها كاللَّعِبْ وَأَهْيَبُ ما كانَ عِنْدَ الرِّضا ... وَأَرْحَمُ ما كانَ عِنْدَ الْغَضَبْ وَكَمْ قَدْ عَفا وَأَقرَّ الْحَيا ... ةَ فِي آيِس قَلْبُه يَضْطَرِبْ عَلَى طَرَفِ الْعِيِس قَدْ حَدَّقَتْ ... إِلَيْهِ المَنايا وَكادَتْ تَثِبْ وَما زالَ مُذْ كانَ فِي مَهْدِهِ ... مَليّاً خَلِيقاً بِأَعلا الرُّتبُ كَأَنَّا نَرى الْغَيْبَ فِي أَمِرِه ... بِأَعْيُنِ ظَنِّ لنَا لَمْ تَخِبْ وَنَسْتَرْزِقُ اللهَ تَمْلِيَكهُ ... وَنَسْتَعْجِلُ الدَّهْرَ فِيما نُحِبّْ وَيَبْدُو لنَا فِي المَنامِ الخَيا ... لُ بِما نَشْتَهِيِه فَتُنْفَى الْكُرَبْ بِشَارَةُ رَبِّ لنَا بُلِّغَتْ ... وَكَانَتْ لِتَعْجِيِل شُكْرٍ سَبَبْ إلىَ أَنْ دَعْتُه إلىَ بَيْعَةٍ ... فَكَمْ عِتْقِ رِقٍّ وَنَذْرٍ وَجَبْ وَرِثْتَ الخِلاَفَةَ عَنْ وَالِدٍ ... فَأَحْرَزْتَ مِيرَاثَهُ عَنْ كَثَبْ

وَلْم تَحْوِها دُونَ مُسْتَوِجَبٍ ... وَلا صادَها لَكَ سَهْمٌ غَرَبْ فَلا زِلْتَ تَبْقَى وَتُوقَى لنَا ... خُطوبَ الزَّمانِ وَصَرْفَ النُّوبْ وقال في المعتضد بالله عَرَفَ الدَّارَ فَحَيَّا وَنَاحَا ... بَعْدَ ما كانَ صَحَا وَاسْتَرَاحا ظَلَّ يَلْحَاهُ الْعَذولُ وَيَابَى ... فِي عِنانِ الْعَذْلِ إلاَّ جِماحَا عَلِّمُونِي كَيْفَ أَسْلوُ وَإِلاَّ ... فَخُدُوا عَنْ مُقْلَتَيَّ الملاَحَا مَنْ رَأَى بَرْقاً يُضيء الْتَماحا ... ثَقَبَ اللَّيْلُ سَناهُ فَلاَحَا وَكَأَنَّ الْبَرْقَ مُصْحَفُ قارِى ... فانْطبِاقاً مَرَّةً وَانْفِتاحا فِي رُكامٍ ضَاقَ بالمَاءِ ذَرْعاً ... حَيْثُما مالَتْ بِهِ الرَّيحُ ساحَا لَمْ يَزَلْ يَلْمَعُ باللَّيْلِ حَتَّى ... خِلْتُهُ نَبَّهَ فيه صَبَاحا وَكَأَنَّ الرَّعْدَ فَحْلُ لِقاحٍ ... كُلَّمَا يُعْجِبُه الْبَرْقُ صَاحَا لَمْ يَدَعْ أَرْضاً مِنَ المَحْلِ إلاَّ ... جادَ أوْ مَدَّ عَلَيْهَا جَناحا وَسَقَى أَطْلالَ هِنْدٍ فَأَضْحَتْ ... يَمْرَحُ الْقَطْرُ عَلَيْهَا مِراحَا دِيَماً فِي كُلِّ يَوْمٍ وَوَبْلاً ... وَاغْتبَاقا للنَّدَى وَاصْطِباحا

كُلُّ مَنْ يَنْأَى مِنْ النَّاسِ عَنْهَا ... فَهُو يَرْتاحُ إليِهْا إرْتيِاحَا لاَ أَرَى مْثلَكِ ما عِشْتُ داراً ... رَبْوَةً مُخْضَرَّةٍ أَو بِطاحَا لَوْ حَللَنْا وَسْطَ جَنَّةِ عَدْنٍ ... لاَقْتَرَحْناكِ عَلَيْها إقْتِراحَا وَإذا ما ذَرَّتِ الشَّمْسُ فِيهَا ... فَتَّحَتْ أَعْيُنَ رَوْضٍ مِلاحَا فيِ ثَرًى كَاْلِمسكِ شِيِبَ بِراحٍ ... كُلَّمَا أَنْبَتَهُ الْقَطْرُ لاَحَا جُمِّعَ الحَقَّ لَنَا فِي إمامِ ... قَتَلَ الْبُخْلَ وَأَحْيا السَّمِاحَا إنْ عَفَا لَمْ يُلْغِ للهِ حَقَّا ... أَوْ سَطا لَمْ نَخْشَ مِنْهُ جُناحا أَلِفَ الَهْيجاءَ طِفْلاً وَكَهْلاً ... نَحْسَبُ السَّيْفَ عَلَيْهِ وِشاحَا وَلهُ مِنْ رَأْيِهِ عَزَماتٌ ... وَصَلَ اللهُ ضِمنَهُنَّ نَجاحا يَجْعَلُ الجَيْشَ إذا صارَ ذَيْلاً ... جُرْأَةً فِيِه وَبَأْساً صُراحا فَرِحَ اْلأَعْداءُ بِاِّلسِّلْمِ مِنْهُ ... وَهْوَ فِي السِّلْمِ يُعدُّ السِّلاحا فَرَّقَتْ أَيْدِيِهمُ المَالَ كَرْهاً ... وَلَقَدْ كَانُوا عَلَيْها شِحاحا خاطَ أَفْواهَهَمْ وَقَدِيماً ... مَزَّقُوهاً ضَحِكاً وَمِزاحا وَوَعَوْا شَكْوَى إلَيْهِ وَكانُوا ... مَلأُوا دُورَ المُلُوكِ نُباحا أَيْقَنُوا مِنْهُ بِحَرْبٍ عَوانٍ ... وَرجالٍ يُخَضِّبونَ الرِّماحا

قال في الموفق بالله

وَبِخَيْلٍ تَأْكُلُ اْلأَرْضَ شَدّاً ... مُلْجَماتٍ يَبْتَدِرْنَ الصِّياحا قاصِداتٍ كُلَّ شَرْقٍ وَغَرْبٍ ... ناِطقاتٍ بِالصَّهِيلِ فِصاحا حَمَلَتْ أُسْداً مِنَ النَّاسِ غُلْباً ... وَكِباشاً لا تَمَلُّ النِّطاحا إنْ أَغِبْ عَنْكَ فَما غابَ شُكْرٌ ... دَعْوَةً جاهِدَةً وَامْتِداحا يا أَمِينَ اللهِ أَيَّدْتَ مُلْكاً ... كانَ مِنْ قَبْلِكَ نَهْباً مُباحا قال في الموفق بالله وَفارِسٍ أُغْمِدَ فِي جنَّةٍ ... يُقَطِّعُ السَّيْفَ إذا ما وَرَدَ كَأَنَّمَا ماءٌ عَلَيْهَا جَرَى ... حَتَّى إذا ما غابَ فِيِه جَمَدْ في كَفِّه عَضْبٌ إذا ما هَزَّهُ ... حَسِبْتَهُ مِنْ خَوْفِهِ يَرْتَعِدْ وقال لعبد الله بن سليمان عَلِيمٌ بأَعْقابِ اْلأُمُوِر كَأَنَّهُ ... بِمُخْتَلسِاتِ الظَّنِّ يَسْمَعُ أَوْ يَرَى إذا أَخَذَ الْقِرْطاسَ خِلْتَ يِمَينَهُ ... تُفَتِّحُ نَوْراً أَوْ تُنَظِّمُ جَوْهَرا وقال أَيا مُوصِلَ النُّعْمَى عَلَى كُلِّ حاَلةٍإلَيَّ قَرِيباً كُنْتَ أَوْ نازِحَ الدَّارِ كَمَا يَلحَقُ الغَيْثُ الْبِلادَ بِسَيْلِهِ ... وَإنْ جاَد فِي أَرْض سِواها بِأَمْطارِ

وَيا مُقْبِلاً وَالدَّهْرُ عَنِّي مُعْرِضٌ ... يُقَسِّمُ لَحْمِي بَيْن نابٍ وَأَظْفارِ ويا مَنْ يَرانِي حَيْثُ كُنْتُ بِذِكرِهِ ... وَكَمْ منْ أُناسٍ لا يَرَوْنِي بِأَبْصارِ لَقَدْ رُمْتَ بِي أَمالَ نَفْسِي كُلَّها ... فَيا لَهْفَ نَفْسِي لَوْ أُعِنْتُ بِمْقدارِ وَكَمْ نِعْمَةٍ للهِ فِي صَرْفِ نِعْمَةٍ ... تُرَجَّى وَمَكْرُوهٍ حَلاَ بَعدَ إمرارِ وما كُلُّ يَهْوَى النُّفُوسُ بِنافِعٍ ... وَلا كُلُّ ما يَخْشَى النُّفُوسُ بِضَرَّارِ لَقَدْ عَمِرَ اللهُ الْوِزارَةَ بِاسْمِهِ ... وَرَدَّ إَليْها أَهْلهَا بَعْدَ إقْفارِ وَكانَتْ زَماناً لا يَقرُّ قَرارُها ... فَلاقَتْ نِصاباً ثابِتاً غَيْرَ خَوَّارِ وقال من قصيدة اسْلَمْ أَمِيرَ الُمْؤمِنِينَ وَدُمْ ... فِي غِبْطَةٍ وَلْيَهْنِكَ النَّصْرُ فَلَرُبَّ حادِثَةٍ نَهَضْتَ لهَا ... مُتَقَدِّماً فَتَأَخَّرَ الدَّهْرُ لَيْثٌ فَرائِسُهُ الُّليوثُ فَما ... يَبْيَضُّ مِنْ دَمِها لَهُ ظُفْرُ سَحَبَ الجُيُوشَ فَكَمْ بِها فُتِحَتْ ... بَعْدَ التَّمَنُّعِ بَلْدَةٌ نُكْرُ ما رَدَّ عَنْ مُتَحَصِّنٍ يَدَهُ ... إلاَّ وَقَلْعَتُهُ لَهُ قَبْرُ وقال في القاسم بن عبيد الله من أبيات أَلاَ سَقِّنِيها أُمَّ دَهْرٍ تَقادَمَتْ ... فَلَمْ يَبْقَ مِنْها غَيْرُ رِيحٍ وَمَنْظَر

عَلَى دَنِّها وَشْمٌ لعِادٍ وَتُبَّعٍ ... وَفيِه عَلاماتٌ لِكِسْرَى وَقَيْصَر وَهاجِرةٍ مَهْجُورَةٍ قَدْ صَلَيْتُها ... عَلَى شَدْقَمِىٍ كالظَّليِمِ المُنفَّرِ وَلَيْلِ مُوَشًّىِ بالنُّجُومِ صَدَعْتُهُ ... إلَى صُبْحِهِ صَدْعَ الرِّداءِ الُمَحَّبر أبَىِ لِيَ أَنْ أَخْشَى الحَواِدثَ قاِسمٌفَجُهْدَكِ فِيَّ اسْتَقْدِمِي أَوْ تَأَخَّرِي وقال في الموفق عَذَرَ الهَوَى عِنْدَ الْعَذُولِ رَشا ... ما لِيمَ حُبِّي فِيه حِينَ فَشا شَقَّ الظَّلامَ الْبَدْرُ حِينَ بَدَا ... وَاهْتَزَّ غُصْنُ الْبانِ حِينَ مَشَى يَسْقِيكَ مَنْ خَمْرٍ بِوَجْنِتَهِ ... كَأْساً يَزِيدُكَ شُرْبُها عَطَشَا عَجلَ الرَّقِيبُ بلَحْظِ عاشِقِه ... لَوْ دَامَ فِي وَجَناِتِه خَدَشَا أَدْرَجْتُ فِي اْلأَحْشاء فِتْنَتَهُ ... فَسَعَى الْبُكاءُ بسرِّها وَرَشا يا ناصِرَ اْلإْسلامِ إْذ خُذِلَتْ ... دَعَواتُهُ فَأَبَلَّ وانْتَعَشا لَمَّا اسْتَغَاثَ وقَلَّ ناصِرُهُ ... لَبَّيْتَهُ وَسَعَيْتَ مُنْكَمِشا كَاللَّيْثِ لا تُبْقِى مَخاِلبُهُ ... بُرْءاً لجِارِحِه إذَا بَطَشا وَسْطَ الخَميِس بكفِّه ذَكَرٌ ... عَضْبٌ كَأَنَّ بَمْتِنِه نَمَشا صاِفى اْلأَدِيِم كَأَنَّ صَيْقَلَهُ ... كَتَبَ الْفرِنْدُ عَلَيْهِ أَوْ نَقَشا

قال في المعضد بالله

قال في المعضد بالله أَتَسْمَعُ ما قالَ الحَمَاُم السَّواجِعُ ... وصَائِح بَيْنٍ فِي ذُرَى اْلأَيكِ وَاقعِ مُنِعْنا سَلاَم الْقَوْلِ وَهْوَ مَحَلَّلٌ ... سِوَى لَمحَاٍت أَوْ تُشِيرُ اْلأَصابِعُ تَأَبَّى الْعُيونُ الْنُجْلُ إلاَّ نَمِيمَةًبِمَا كَتَمَتْ مِنْ خَدِّهِنَّ الْبَراقِعُ وَإنِّي لَمغَلُوبٌ عَلَى الصَّبْرِ إنَّهُ ... كَذَلِكَ جَهَلْ ُالمَرْءِ لِلْحُبِّ صارِعُ كَأَنَّ الصَّبا هَبَّتْ بِأَنْفاسِ رَوْضةٍ ... لهَا كَوْكبٌ فِي ذِرْوَةِ اللَّيْلِ لامعُ تَوَقَّدَ فيِها النَّوْرُ مِنْ كُلِّ جانبٍ ... وَبْلَّلهَا طَلٌّ مَعَ اللَّيْلِ لامِعُ وَشُقَّ ثَراها عَنْ أَقاحٍ كَأَنَّها ... تَهادتِ بِمِسْكٍ بُطْحُها وَاْلأَجارِع ألا أَيُّها الْقَلْبُ الَّذِي هامَ هَيَمْةًبِشِرَّةَ حَتَّى اْلآن هَلْ أَنْتَ رَاجِعُ إذِ النَّاسُ عَنْ أَخْبارِنا تَحْتَ غَفْلَةٍوَفِي الُحبِّ إسْعافٌ وَللِشَّمْلِ جامِعُ وَإذْ هِيَ مثْلُ الْبَدْرِ يَفْضَحُ لَيْلَهُ ... وَإذْا أَنا مُسْوَدُّ المفَارِقِ يافعُ كَأَنْ لَمْ يَحُلَّ الدَّار سِرٌّ وَأَهْلُهابَلَى ثُمَّ بانُوا فَهْيَ مِنْهُمْ بَلاقِعُ فَقَدْ بَلِيَتْ حَتَّى أوانٍ وَمَلْعَبٌ ... وَأَشْعَثُ مُغْبَرُّ الْغَدائِرِ خاشِعُ وَإلاَّ أَثافٍ كالحَماِئِم رُكَّدٍ ... كَأَنَّ الرَّمادَ بَيْنَهُنَّ ودائِعُ

عَجِبْتُ بِاعْناقِ الَمِطىِّ كَأَنَّها ... هَياكِلُ رُهْبانٍ عَلَيْها الصَّوامعِ وَراحتْ مِنَ الدَّيْرِيَنْ تَسْتَعْجِلُ الخُطا ... كَأَنَّ ذفَاريِها بِقارٍ نَوابِعُ وَظَلَّتْ عَلَى ماءِ الدُّجَيْلِ كَأَنَّها ... وَقَدْ غَرَّدَ الحَاِدي قَطاً مُتتَابعُ عَرَفْنَ رُسُومَ اْلأَرْضِ فَانْحَطَّ سِرْبهُاَكَلُؤْلؤُ سِلْكٍ أَسْلَتَهْا الْقَوَاطع سَقَطْنَ إلَى الْغُدرانِ يَشْرَبْنَ ماءهَا ... أوامِنَ قَدْ طابَتْ لَهُنَّ المَشَارِعُ إذَا وَطئَتْ مَيْثاءَ أَرْضٍ تَرَكْنها ... كَما اعْتَوَرتْ طِينَ الْكِتابِ الطَّوابِعُ وَأُبْنَ إلىَ زُغْب الرُّؤُوِس كَأَنَّها ... عَوَاني أُسارَي أَثقَلَتْها الَجوامعُ وَقَفْنَ فَسَدَّدْنَ اْلأَفاِحيصَ بِالْفَلا ... كَما سَدَّ أَفَواهَ الخُرُوقِ الرَّواِقعُ وَما أَنا الدُّنْيِا بَشْيءٍ أَنَاُلهُ سِوَى ... أَنْ أَرَى وَجْهَ الخَلِيفَةِ قاِنعُ وَهَبْنِي أَرِيْتُ الْحاسِدِينَ تَجَلُّداً ... فَكَيْفَ بِهَمٍّ ضُمِّنَتْهُ اْلأَضالِع وَما أَنا منْ ذِكْراهُ أَمْرِىً آيِساً ... وَمَنْ دَاَمَ حَيّاً عَلَّلتْهُ الَمطامِعُ وقال: يا قاِتلاً ما يُباِلي بالذَّيِ صَنَعا ... رَمَيْتَ قَلْبِي بِسَهْمِ الُحِّب فَانْصَدَعا لَوْلاَ الْقَضِيُب الذَّيِ يَهتَزُّ فَوْقَ نَقاًشَكَكْتُ فِيكَ وَفِي الْبَدْرِ الَّذِي طَلعَا قَدْ تُبْتُ مِنْ تَوْبَتِي بَعْدَ الصَّلاحِ وَكَمْ مُسافِرٍ فيِ التُّقَى وَالنُّسْكِ قَدْ رَجَعا

يا خاِضبَ السَّيْفِ قَدْ شُدَّتْ مَآزِرُهُ وَابْنَ الحُروِب التَّيِ مِنْ ثَدْيِها رَضَعا كَمْ مَنْ عَدُوٍّ أَبَحْتَ السَّيْفَ مُهْجَتَهُوَالسَّيْفُ أَحْسَمُ للِدَّاءِ الذَّيِ أمْتَنَعا حَمَلْتَهُ فَوْقَ طِرْفٍ لا يَسِيرُ بِهِ ... كَأَنَّهُ فارِسٌ فِي قَوْسِهِ نَزَعا دَسَسْتَ كَيْداً لَهُ تَخْفَي مَسالِكُهُ ... يَقْظانَ يَسْرِي إذا كَيْدُ الْعِدا هَجَعا وقال في الموفق من قصيدة: إِليْكَ امْتَطَيْنا الْعيِس تَنْفُخُ فِي الْبُرَاوَللَّيْلِ طِرْفٌ بِالصَّباحِ قَتِيلُ فَبِتْنا ضُيوفاً فِي الْفَلاةِ قِراهُمْ ... عَتِيقٌ وَنصٌّ دائِمٌ وَذَمِيلُ يُحَرِّكُ بُرْدَ الْعُصْبِ فَوْقَ مُتوِنها ... نَسِيمٌ كَنَفْثِ النَّاِفثاتِ علَيلُ وَلَمَّا طَغَى فِعْلُ الدَّعِىِّ رَمْيَتهُ ... بِجيشٍ يَفُلُّ الخَطْبَ وَهُوَ جَليلُ وَجَرَّدْتَ مِنْ أَعْمادِهِ كُلَّ مُرْهَفٍ ... إذا ما انْتَضَتْهُ الْكَفُّ كَادَ يِسيلُ تَرَى فَوْقَ مَتْنَيْهِ الْفِرنْدَ كَأَنَّما ... تَنَفَّسَ فِيِه الْقَيْنُ وَهْوَ صَقِيلُ وقال في المعتضد: يا رَاميِاً لَمْ يُخْطِ لِي مَقْتَلاَ ... خُذْ مِنْ فُؤَادِي سَهْمَكَ اْلأَوَّلاَ أَنْتَ مُشاعُ الْقَلْبِ بَيْنَ الَوْرَىَ ... فَيا رَخِيصَ الْوَصْلِ ماذا الْغَلاَ أَلا تَرَى مُلْكَ بَنِى هاِشمٍ ... عادَ عَزِيزاً بَعْدَما ذُلِّلاَ

يا طاِلباً لْلُمْلِك كُنْ مِثْلَهُ ... تَسْتَوْجِبُ المُلْكَ وَإلاَّ فَلاَ وقال فيه: يا صَاحِ وَدَّعْتُ الْغَواِني واَلصِّبَا ... وَسَلَكْتُ غَيْرَ سَبِيِلِهنَّ سَبِيلاَ وَثَنَيْتُ أَعْناقَ الْهَوَى نَحْوَ الْقِلا ... وَرَأَيْتُ شَأْوَ الْعاشِقِينَ طَوِيلاَ وَرَبَطْتُ جَأْشاً كانَ قَبْلُ مُنَفَّراً ... وَقَتْلتُ حُبّاً كُنْتُ مِنْهُ قَتِيلاَ وَلَرُبُّ لَيْلٍ لاَ تَجِفّ جُفُونُهُ ... مِنْ دَمْعِهِ مُلْقٍ عَلَىَّ سدُولاَ ماتَتْ كَواِكُبُه وَأَمْسى بَدْرُهُ ... فِي اْلأُفْقِ مُتَّهَمَ الْحَياةِ عَليِلاَ دَّبْت بِنا فِي غَمْرَةٍ مَشْمُولةٍ ... حَتَّى تَوَهَّمْنا الصَّباحَ أَصيِلاَ أَهْلاً وَسَهْلاً بِاْلامامِ وَمَرْحَبا ... لَوْ أَسْتَطِيعُ إلىَ اللقاءِ سَبِيلاَ لا يَمْتَطِى خَفْضَاً وَلا يُمْسِى له ... طِرْفٌ بِمِرْوَدِ رِقْدَةٍ مكْحُولاَ وقال أَلاَ حَيِّ رَبْعاً بِالَمطِيَرةِ أَعْجَما ... فَلَوْ كَلَّمَتْ أَرْضٌ إذاً لتَكَلَمِّا وَيَوْمٍ ذَعَرْتُ الْوَحْشَ فيِهِ بِسَانِحٍ ... إذَا ما دَنَتْ خَيْلُ الطِّرادِ تَقَدَّما وَإنْ شئْتُ غادتْنِي السُّقاةُ بكَأْسِها ... وَقَدْ فَتحَ الاْصْباحُ فِي لَيْلِهِ فَما فَخَلْفَ الدُّجَى وَالْفَجْرِ قَدْ مَدَّ خَيْطُهُرِداءاً مُوَشًى بالْكَوَاكِبِ مُعْلَما

من مختار شعره في الهجاء

وَغْزلانِ ناسٍ لَمْ يُرَيْنَ سَوانحاً ... يُسَارقن لَحظاً أَوْ سَلاماً مُكَتمَّا تُغَنِّى عَلَيِهنَّ المَناطِقُ كُلَّما ... مَشَيْنَ فَما يَتْرُكْنَ قَلْباً مُسَلَّمِا مَزَجْنَ زَمَاناً بالْعُيونِ عُيونَنا ... كمَا شَعْشَعَ السَّاقي الرَّحيِقَ المُخَتَّما وَرُحْنُ إليَنْا بِاْلعَشيَّ كَأَنَّما ... ثَنا مَشْيُهُنَّ الخَيْزُرانَ المُقَوَّما وقال في عبيد الله بن عبد الله بن طاهر يا جَوْهَرَ اْلاْخوانِ ... وحِليةَ الزَّمانِ وَذَوْلةَ الَمعالِيَ ... ورَوْضَةَ اْلأَمانِي عِشْ لِي كَعُمْر شُكْرِي ... فِيكَ فَقَدْ كَفانِي أَرَيْتَ عَيْنَ وُدِّى ... مَعايِبَ اْلاِخْوانِ من مختار شعره في الهجاء قال للنميري وقد جاءته مغنية قصيرة كان يهواها على بغل قصير قَدْ أَتَتَنْا عَنْكَ أخبا ... رُكَ فِي الْيَوْمِ الْعَجِيبِ وَرَأَيْنا نِصْفَ بَغْل ... فَوْقهُ نِصْفُ حَبِيبِ أَتُرَى إِبْليِسُ يَرْضَى ... بِبُنَيَّاتِ الذُّنوُبِ

وله من أبيات صاحَبْتُ مِنْ بَعْدِهمْ مَعْشَراً ... وَلَمْ أَكُنْ في ذاكَ باِلرَّاغِبِ غناؤُهُمْ شَتْمٌ لِجُلاَّسِهِمْ ... وَرَقْصُهُمْ فِي كَبِدِ الصَّاحِبِ وقال لآل طولون نَوِائُح شَيْبٍ فِي جِدارِ شَبابِ ... يُبكِّينَ نَفْساً آذَنَتْ بِذَهابِ وَلَيْلٍ كَما شاءَ الْغَوِىُّ ادَّرعْتُهُ ... إلىَ قَمَرٍ فِي كلَّةٍ وَحِجابِ أَتَيْناكُمُ يا آلَ طُولُونَ بِالْقَنا ... وَبِاْلبِيضِ لاَ يْسأَلْنَ غَيْرَ ضِرابِ عَبَأْنا لَكُمْ جَيْشاً بِجَيْشٍ جُمُوعُهُ ... إلَيْكُمْ بِآسَادٍ وَأَشْبلِ غابِ فَهَلْ لَكمُ فِي أَنْفُسٍ قَبْلَ قَتْلِها ... وَفِي الْعَفْوِ مِنْا قَبْلَ سَوْطِ عَذابِ وقال يهجو مغنية غِناؤُها يَصْلُحُ للتَّوْبَةْ ... وَرِيقُها مِنْ رَبَدِ الَجْوبَهْ فَباِدُروا بِالشُّرْب قَدْ أَمْسَكَتْ ... مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْحَقَها النَّوْبَهْ وقال وَصاِحِب سَوْءٍ وَجْهُهُ لِيَ أَوْجُهُ ... وَفِي فَمِهِ طَبْلٌ بِسِرِّىَ يَضْرِبُ إذا ما حَلا اْلاْخِوانُ كانَ مَرارَةً ... تَعَرَّضُ فِي حَلْقِي مِرَاراً وَتَنْشِبُ

وَلا بُدَّ لِي مِنْهُ فَطَوْراً يَغَصُّنى ... وَيُسْطاعُ لِي حِيناً وَجْهِي مُقَطَّبُ كَمِاء طَرِيِق الَحِّج فِي كُلِّ مَنْهَلٍ ... يُذَمُّ عَلَى ما كانَ مِنْهُ وَيُشْرَبُ وقال في خادم لعبيد الله بن مسرور عِنْدَ ابْنِ مُوسَى خادِمٌ رَأْسُهُ ... لِكُلِّ دَرٍ وَيَدٍ لَهُ يَنْطَحُ شَيْخٌ عَلَى جَهْتَهِ طُرَّةٌ ... خِضابُها مِنْ شَيِبْها أَقْبَحُ كَأَنَّهُ وَالْكَأْسُ فِي كَفِّهِ ... إذا تَمَشَّى جَمَلٌ يَسْبَحُ وقال لبني طولون يا بَنِي طُولوُنَ ما فِي ... كُمْ لِشَرِّ مِنْ مَزِيِدِ أَنْتُمُ أُسْدُ الثَّريِد ... وَدَكاكِينُ الْعَبِيِد وقال كمْ تَائِهٍ بِوِلايَةٍ ... وَبِعَزْلِهِ يَعْدُو الْبَرِيدُ سُكْرُ الْوِلايَةِ طَيِّبٌ ... وَخُمارُهُ صَفْعٌ شَدِيد وله وَصاحِبٍ يَسْخَر بِي مَوْعِدُهُ ... أحْمَدُ ذا الْعَرْشِ وَلا أَحْمَدُهٌ قَوْلٌ نَدٍ يُنْبِتُ رَوْضَ المُنَى ... ثم مطالٌ بَعْدَهُ يَحْصُدُهٌ

وقال اقْطَعْ وِصالِي فَلَسْتَ مِنِّي ... وَدُمْ عَلَى جَفْوَتِي وَهَجْرِي لاَ أشْتَهِيَ الْخِلَّ عِنْدَ عَيْبِي ... صَدِيقُ قُرْبِي عَدُوُّ وَفْرِي وقال وَزاِئرٍ زارَنِي ثَقِيلٍ ... يَنْصُرُ هَمِّي عَلَى سَرورِي أَوْجَعُ لِلْقلْبِ مِنْ غَرِيمٍ ... ظَلَّ مُلِحّاً عَلىَ فَقِيرٍ وَمِنْ جِراحٍ بِجِسْمِ مُلْقًى ... يُمْخَضُ مَخْضاً عَلَى بَعِيرِ بِلاَ طَعامٍ وَلا شَرابٍ ... وَلا حَمِيمٍ وَلا عَشِيرِ وقال دُبْسِيَّةُ اْلاْسِم لَكِنْ ... صَوْتَها صَوْتُ عَيْرِ قَبَّاضٌة كُلَّ أَيْرٍ ... كَقَبْضِ بازٍ لِطَيْرِ قالَتْ لنَا كَيْفَ أَنْتُمْ؟ ... غيِبِي وَنَحْنُ بِخَيْرِ أَمْرَضِت قَلْبِي فَما إنْ ... يُطِيقُ خِدْمَةَ دَيْرٍ وقال أَبا طَيِّبٍ مَنْ للِمْجَالِسِ وَالْخَمْرِوَشُرِب غَبُوقٍ أَوْ صَبُوحٍ مَعَ اَلْفَجْرِ وَشَخْبِ زِقاقٍ شائِلاتٍ بأَرْجُلِ ... كَصَرْعَى مِنَ السُّودانِ غَيْرَ ذَوِي أُزْرِ

وَكَمْ سَحَراً أَذَّنْتَ فِيِه بِنَعْرَةٍتُطيرُ الْكَرَى مِنْ آمِنٍ غَيْرِ ذِي ذُعْرِ وَتَصْفيقَةً فِي إثْرِ صَوْتٍ سَمْعَتُه ... كَتَصْفِيقِ مُشْتاقٍ يُدَفَّعُ عَنْ وَكْرِ وَكَمْ قْرَبةٍ قَدْ بِتَّ تَسْبَحُ فَوْقَها ... كَأَنَّكَ مِنْها راكِبٌ لُجَّةَ الْبَحْرِ وَساقٍ مَلِيحٍ مُكْرَهٍ قَدْ بَطَحْتَهُ ... ليُدْخِل لامَ الْبَطْنِ فِي مِيمَةِ الظَّهْرِ وَتَأْخُذُ أَمْوالَ الرَّوافِضِ زاعِماً ... بِأَنَّكَ بابٌ ناِفُذ النَّهْيِ وَاْلأَمْرِ وَتُوِمى إلىَ عِلْمٍ خَفِيٍّ تُسِرُّهُ ... مِنَ النَّاسِ مَكْتُومٍ يُصانُ عَنِ الجَهْرِ وَتَسْخَرُ مِمَّنْ قَالَ إنِّي عالِمٌلِمُنْتَحَلِ اْلأَخْبارِ وَالنَّحْوِ وَالشِّعْرِ وَتَضْحَكُ مِنْهُ هازِئاً مُتَعَجِّباً ... كَأَنَّكَ لا تَدْرِي بِأَنَّك لا تَدْرِي وَإنْ طارَ خُفَّاشٌ أَشَدْتَ بِذِكْرهِ ... وَحَدَّثَتَنْا عَمَّا يَكُونُ مِنَ الدَّهْرِ وقال بُلِيتُ بَعْدَ طَائِعٍ ... بِمانعٍ عَزِيزِ وَخَدُّهُ مِنْ دُرّ ... مُزَوَّدِ التَّلْويِزِ كَأَنَّهُ فرْنِيَّةٌ ... كَثِيرَةُ الشُّونِيزِ للَّنِتْفِ فِيِه أَثَرٌ ... مُخاِلفُ التَّحْزِيزِ وَأَنْفُهُ كُسْتَرةٍ ... مُشْرَفِة اْلاْفْرِيزِ

قال يهجو الخارجي بالرقة

تَحْسَبُهُ إذا بَدَا ... سماجَةَ النَّيْرُوزِ قال يهجو الخارجي بالرقة أخا صاحب الخال يا دارُ أَيْنَ ظِباؤُكِ اللُّعْسُ ... قَدْ كانَ لِي فِي أُنْسِها أُنْسُ أَيْنَ الْبُدُورُ عَلَى غُصُونِ نَقاً ... مِنْ تَحْتِهِنَّ خلاخِلٌ خُرْسُ وَمُراسِلٍ بِنَعَمْ فَجِئْتَ وَقَدْ ... شَرَهَتْ إلىَ مِيعادِهِ النَّفْسُ فَكأَنَّما يَسْخُو بِضَمَّتِهِ ... غُصْنٌ توَقَّدُ فَوْقَهُ شَمْسُ قَدْ سَرَّنِي بِالْغَوْطَتَيْنِ دَمٌ ... بِاللهِ أَحْلِفُ أَنَّهُ رِجْسُ يا عامِرَ الخَلَواتِ كَيْفَ تَرَى ... لَوْ يَسْتَطيِعُ لَمَحَّكَ الرَّمْسُ قال لأحمد بن موسى بن بغا يا ذا الذَّي تُخْبرُ أَلحْاظُهُ ... عَنْهُ بِتَخْليطٍ وَتَشْوِيِش أَنْتَ أَميرٌ تَمُّلهُ جُنْدُهُ ... وَأَنْتَ خُرْكُوشٌ بَلا كُوشُ قال يذم بغداد ويمدح سر من رأى هاتِيكَ دارُ الُمْلكِ مُقْفَرِةً ... ما إنْ بِها مِنْ أَهْلِها شَخْصُ عَهْدِي بِها وَالخَيْلُ جِائَلةٌ ... لا يَسْتَبِينُ لِشَمْسِها قُرْصُ إذا عَلَتْ صَخْراً حواِفُرها ... غادَرْنَهُ وَكَأَنَّهُ دعْصُ

وَالمُلْكُ منْشُورُ الجَناحِ وَلَمْ ... يَهْتِكْ قَوادِمَ رِيشهِ الْقَصُّ فَمَضَىِ بِذاكَ الْعَيْشِ آخِرُهُ ... واْلهُّم مِمَّا سَرَّ يَقْتَصُّ وَالدَّهْرُ يَخْبِطُ أَهْلَهُ بِيَدٍ ... فِي كُلِّ جارِحَةٍ لهَا قَرْصُ أو مَا تَرى بَلَداً أَقَمْتُ بِهِ ... أَعْلَى مَساكِنِ أَهْلِهِ خُصُّ وَلَهُ مَساِلحُ يَسْلَحُونَ لَهُ ... لا يَتَّقِي سَطَواتِها الَّلصُّ أسيافُها خُشُبٌ مُعَلَّقَهٌ ... مَصْبوُغَةٌ وَقرُابهُا جِصُّ عُمَّالُهُ نَبَطٌ زَناِدقَةٌ ... مِيلُ الْبُطُونِ وَأَهْلُهُ خُمْصُ غَلَبَتْ خِيانَتُهُمْ أَمانَتَهُمْ ... وَطَغى عَلىَ تَقْوَاهُمُ الْحِرْصُ فَشباكُهُمْ فِي كُلِّ رابِيَةٍ ... وَلَهُمْ بِكُلِّ قِرارَةٍ شِصُّ وَأَميرُهُمْ مُتَقَدَّمٌ بِهِمُ ... نَحْوَ الحَرَامِ وَسَيْرُهُ نَصُّ وَكَأَنَّ خَلَّ الَخْمِر يُعْصَرُ مِنْ ... وَجَناِتِه أَوْ يُجْتَنَى الْعَفْصُ وقال إنِّي غَرِيبٌ بدارٍ لاَ كِرام بِها ... كغُرْبِة الشَّعْرَةِ السَّوداِء فِي الشَّمَطِ ما أُطْلِقُ الْعَيْنَ فِي شَيْءٍ أُسَرُّ بِهِوَلَسْتُ أُبْدِى الرِّضَى إلاَّ عَلَى سَخَطِ

وقال يهجو الكتاب

وقال قُلْ لِلْقَرامِطِ أَبْشِرُوا ... بِمُخَنَّثٍ رِخْوٍ رِباطُهُ قاُلوا اْلأَمِيرُ؟ نَعَمْ أَمِيرٌ طَبْلُ عَسْكَرِهِ ضُراطُهُ وقال يهجو الكتاب وَأَجْوَفَ مَشْقَوقٍ كَأَنَّ سِنانَهُ ... إذا اسْتَعْجَلَتْهُ الْكَفُّ منْقاُر لاقِط يَتِيُه بِهِ قَوْمٌ فَقُلْتُ رُوَيْدَكُمْ ... فَمَا كَاِتبٌ بِالْكَفِّ إلاَّ كَشارِطِ وقال بُليَنا وَقَد طَابَ الشَّرِابُ وَأَشْعَلَتْ ... حُمَيَّاهُ فِي الْفِتْيانِ نارَ نَشَاط بِأَبْرَدَ مِنْ كَانُونَ فِي يَوْمِ شَمْألٍ ... وَأَكْثَرَ فَسْواً مِنْ رِيئحِ شُبَاطِ وقال كَيْفَ لِي بالسُّلوِّ يا شَرُّ كَيْفا ... كَيْفَ للْعَيْن أَنْ تَرَى مِنْكَ طَيْفا وَابْنُ بِشْرٍ يَلُومُنِي فِي شرْيرٍ ... يابْنَ بِشْرٍ جُزِيتَ بِاْلقَرْضِ سَيْفا وقال أَيا مَنْ ماتَ مِنْ شَوْقٍ ... إلَى لِحْيَتِهِ الحَلْقُ فَأَمَّا الْقَصُّ وَالنَّتْفُ ... فَقَدْ أَضْناهُما اْلِعِشْقُ

وقال في بدعة جارية ابن حمدون

وَما شَابَتْ وَلَكِنْ سا ... لَ مِنْ عارِضها زَرْقُ وَمَنْ يَصْلُحُ لِلصَّفْعِ ... بِرَأُسٍ كُلَّهُ فَرْقُ وَقِرطْاسِ قَفاً يَصْلُ ... حُ فِي طُوماِرِه المَشْقُ وَلَوْ صُيِّرَ بِرْجاساً ... لمَا أَخْطَأَهُ رَشْقُ وَيا مَنْ مَدْحُهُ كَذبٌ ... وَيا مَنْ ذَمُّهُ صْدقُ طَبِيبُ الْكَفِّ لا يَذْ ... بُلُ فِي قَبْضَتِهِ عِرْقُ وقال في بدعة جارية ابن حمدون حَدَّثُونا عَنْ بْدعَةٍ فَأَتَيْنا ... فَتَغَنَّتْ فَظُنَّ فِي الْبَيْتِ بُوقُ وَإذا بِشْوكَةٍ تَقَصَّفُ يُبْساً ... فَوْقَها وَجْهُ فَأْرَةٍ مَحْلُوقُ وقال كَمْ حاسِدٍ حَنِقٍ عَلَىَّ بِلاَ ... جُرْمٍ فَلَمْ يَضْرُرْنِي الحَنَقُ مُتَضاحِكٍ نَحْويِ كَما ضَحِكَتْ ... نارُ الذُّبالَةِ وَهْيَ تَحْتَرِقُ وقال قَدْ نَتَنَ اَلمْجِلسُ مِنْ بِينْنِا ... فَكُلُّ مَنْ مَرَّ بِهِ يَصْعَقُ وَكُلُّ مَنْ مَرَّ بِهِ عائِذٌ ... بِاللهِ مِنْهُ كالِحٌ يَبْصُقُ

وله يذم قوما في قصيدة:

فَقُدَّ إبْطَيْكَ وَانْتِفْهُما ... فِي الصَّيْفِ بِاْلَمْرتَقِ يا أَحْمَقُ وَلا تَقُلْ ما فِيِهما حِيلَةٌ ... فَالْخُّش قَدْ يُكْنَسُ أَوْ يُطْبَقُ وله يذم قوما في قصيدة: قَوْمٌ هُمُ كَدَرُ الَحياةِ وَسُقْمُها ... عَرَضَ الْبَلاُء بِهِمْ عَلَيَّ وَطالا يَتَآكلَوُنَ ضَغِيَنةً وَخِيانَةً ... وَيَرَوْنَ لَحْمَ الْغاِفلِينَ حَلالا وَهُمُ غَرابيلُ الْحَدِيثِ إذا ... وَعَوْا سِرًّا تَقَطَّرَ مِنْهُمُ أَوْسالا فَرَدَدْتُ راِحلَةَ الْعِتابِ كَلِيلَةً ... وَوَضَعْتُ عَنْ أَقْتابِها اْلأَثْقالا وَرَقَدْتُ مِلْءَ العْيَنِْ فِي فَرِش الْقِلاَ ... وَشَرِبْتُ مِنْ ماءِ الْفُراتِ زِلاُلا وقال: قُبِّحَ عِمْرانٌ وَبَطْنٌ حَمَلهْ ... وابْنٌ لَهُ وَابْنُ ابِنْهِ ما أَسْفَلَهْ يَحْسِبُ ظُلْمِي وَيْحَهُ سُكَّرِهْ ... وَلَيْسَ يَدْرِي أَنَّ ظُلْمِي حَنْظَلَهْ إِيَّاكَ مِنِّي وَاجْتَنِبْنِي بَعْدَها ... فَلَيْسَ لَحْمِي سائِغاً لِلأَكَلَهْ وَفِي رِضَى نَفْسِي بَعْدَ سُخْطِها ... تَأَخُّرٌ وَفِي حُسامِي عَجَلَهْ قَدْ وَلِيَتْ دِيوانَنا جارِيَةٌ ... تُدْخلُ مِيلَيْنِ مَعاً فِي مُكْحُلَهْ عَفِيفَةُ الْكَفِّ وَلكِنْ دَبْرُها ... يَسْرِقُ منَّا كُلَّ يَوْمٍ فَيْشَلَهْ

دامَتْ عَلَى ظُلِمي فَما تُنْصِفُنِي ... وَاسْتَفْحَلَتْ بِنْتِي وَصارَتْ رَجِلَهْ وقال وقد خرج صديق له والياً ولم يودعه شُخوصُ وِلاَيةٍ كَشُخوصِ عَزْلٍ ... عَلَى دَهَشٍ وَعِزٌّ مِثْلُ ذُلِّ وَمَجْنُونٌ تَخَلَّصَ بَعْدَ حَبْسٍ ... وَأَقْيادٍ وَسِلْسِلةٍ وَغُلِّ وَلَمْ يَقْضِ الْحُقُوقَ وَلا اقْتَضاها ... بِتَسْلِيمٍ وَتَوْدِيعِ لِخِلِّ وَلَمْ أَر قَبْلَهُ رِيحاً عَصُوفاً ... مُجَسَّمَةً وَطَيَّاراً بُحِلِّ وَوَجْهُ الْعَزْلِ يَضْحَكُ كُلَّ يَوْمٍ ... فَيَطْنِزُ فِي مِعَي الْوالِي المُدِلِّ وقال: يا بَخِيلاً لَيْسَ يَدْرِي ما الْكَرَمْ ... حَرَّمَ اللُّؤْمُ عَلىَ فِيِه نَعَمْ حَدَّثُوِني عَنْهُ فِي الْعِيِد بِما ... سَرَّنِي مِنْ لَفْظِهِ فِيما حَكَمْ قالَ لا قَرَّبْتُ إلاَّ بِدَمِي ... ذاكَ خَيْرٌ مِنْ أَضاحِيَّ الْغَنَمْ فَاسْتَخارَ اللهَ فِي عَزْمَتِهِ ... ثُمَّ ضَحى بِقَفاهُ وَاحْتَجَمْ وقال: وَدُبْسِيَّهٌ فِي اللَّفْظِ لكَنَِّ حَلْقَهاكَحَلْقِ حِمارٍ قَطَّعَ النَّهْقَ مُلْجَما يُلامِسُ مِنْها الْكَفُّ عِيدانَ مِشْجَبٍ ... كَنَبَّاش ناوُوسٍ يُقَلِّبُ أَعْظُما

وَعابِدةٍ لَكِنْ تُصَلِّى عَلَى القَفا ... وَتَدْعُو بِرِجْلَيْها إذا اللَّيْلُ أَظْلمَا وقال: لِي صاحِبٌ مُخْتَلِفُ اْلأَلْوانِ ... مُتَّهَمُ الْغَيْبِ عَلَى اْلإخْوانِ مُنْقَلبُ الْوُدِّ مَعَ الزَّمانِ ... يَسْرِقُ عِرْضِي حَيْثُ لا يَلْقانِي حَتَّى إذَا لَقِيُتُه أَرْضانِي ... فَلَيْتَهُ دامَ عَلَى الْهِجْرانِ وقال: كانَ لنَا صاحِبٌ زَمانا ... فَحالَ عَنْ عَهْدِهِ وَخانَا تاهَ عَلَيْنا فَتاَه مِنا ... فَما نَراهُ وَلا يَرانا وقال: إنَّ ابْنَ عَبْدانَ فَتًى مُبْتَلىً ... غُلامُهُ يَنْبِذُ فِي دَنِّهِ قَدْ صَلَعَ الِمِسْكين منْ شَعْرِه ... فَلَيْتَهُ يَصْلَعُ مِنْ قَرْنِهِ وقال في دكان كان يجلس عليه أحمد بن أبي العلا بسر من رأي لما خرج إلى بغداد وتركه، ويهجو ابن أبي العلاء: لَقَدْ أَقْفَرَ الدُّكَّانُ مِنْ كُلِّ لَذَّةٍوَعُطِّلَ مِنْ رَجْلِ وُقُوفٍ وَرُكْبانِ وَسُؤَّاِلِ فِسْقٍ لاَ يَهْتَدُونَ وَسِرْ ... بِ ظِباءٍ مِنْ جَوارٍ وَغلِمْانِ

وَمِنْ سُعْلَةٍ تَرْمِى بأَنْتَنِ بَصْقَةٍ ... كَضِفْدَعَةٍ ما بَيْن أَرضٍ وَحِيطانِ وَرَدَّةِ داعٍ لَمْ يُقَدِّمْ هَدِيَّةً ... بِتَقْطِيبِ مُغْتاظٍ وَزَجْرَةِ غَضْبانِ وَآخَرَ جاءَتْ بِاْلَهِديِةَّ رُسْلُهُ ... فَيَضْحَكُ إذْ جاءت بِأَقْذَرِ أَسْنانِ وَمِنْ وَثْبَة خَلْفَ الْغُلامِ خَبِيثَةٍ ... لِيَفْرِسَهُ ما بَيْنَ بابٍ وَدُكَّانِ وَزاِئَرةٍ بَعْدَ الْهُدُوِّ كَأَنَّها ... سَنا قَمَرٍ فِي لُجَّةِ اللَّيْلِ عُرْيانِ إلَى جَيفَةٍ يَسْتَقْذِرُ الْكَلْبُ لَحْمَها ... وَلكِنَّ مَصًّالَجَّ فِي رُفْع إنْسانِ وَمِنْ خِلْعَةٍ قَدْ صَفَّرَ الْجَذْبُ لَوْنَهاإذا نُشِّرتْ لا تَسْتَعِينُ بِأَرْكانِ يَراها عُيَونُ السُّوِسِ فِي التَّخْتِ حَسْرَةًوَمِنْ دَونِها أَثْناءُ ثَوْبٍ وَخِيلانِ لَها نَسَبٌ فِي اْلأَقْدَمِينَ وَقِصَّةٌ ... لِواهِبِها قَدْ بُيِّنَتْ أَيَّ تِبْيانِ فَكَمْ صَفْعَةٍ إنْ شَرَّدَتْ ثُمَّ زَجْرَةٍ ... لنِاشِرِها خَرَّقْتَ يا وَلَدَ الزَّانِي وَكَمْ لَعَبْت أَيْدِي اْلِبلاَ بِسُلُوكِهافَلَمْ يَبْقَ مِنْها غَيْرُ وَهْمٍ وَأَرْكان وَتَنحَرُ مِنْ مَسِّ النَّسِيِم إذا جَرَى ... كَنَخْرَةِ عَيَّارٍ مِنَ الَخْمِر نَشْوِان تُحَدِّثُنا عَنْ أَرْدِشيَر وَمَزْدَكٍ ... وَعَنْ آل سَاسَانَ وعَنْ عيار آل مروان وَكَمْ فَرَسٍ بَذَّ الْجِيادَ كَأَنَّما ... تَعَاهَدُهُ باْلمَسْحِ رَاحَةُ دَهَّانِ عَلَى مِعْلفٍ ما فِيِه غَيْرُ عَجَاجةٍ ... وَرَأْسٍ عَتِيقٍ مُقْفَل الْفَمِ عَطْشَانِ

مُقيمٍ بِذُلِّ الجُوع يَأْكُلُ نَفْسَهُ ... وَقَدْ كانَ ذا عَيْشٍ خَصِيبٍ وَذا شانِ وَكَمْ حُشْوَة كَذَّاَبةٍ أُعْلِنَتْ بِها ... رَوَائِحُ جَوْفٍ فارِغٍ غَيْرِ مَلآْنِ يَقُولُ أَكَلْنَا لَحْمَ جَدْيٍ وَبَطَّةٍ ... وَعَشْرَ دَجَاجَاتٍ شِوَاءً بأَلْوَان وَقَدْ كَذَبَ الَمْلُعونُ ما كَانَ زَادُهُسِوَى زَادِ ضَبٍّ يَبْلَعُ الرَّيحَ ظَمْآنِ وَكَمْ شَجَّةٍ فُؤَادُهُ بائِدٌ بِها ... بُموجِبَةٍ لَمْ يَبْنِ مَهدُومَها بانِي وَلَطْمَةِ وَجْهٍ تَجْعَلُ الَخَّد خُرَّماً ... وَتَنْثرُ دُرّاً لا يُباعُ بِأَثْمانِ وَمَهْمَهَةٍ مَحْذُورةٍ وَالْتِفاتَةٍ ... بِأَلْحاظِ مَجْنُوٍن رَأَى وَجْهَ شَيطْاَنِ وَكَمْ جَوْلةٍ لا يُحْسِنُ الْبَغْلُ مِثْلَهاأَتَتْ عَجَلاً مِنْهُ وَما جَرَّها جانِي وَزُكٍّ إذا غَنَّي تَرَجَّحَ تَحْتَهُ ... كَمثْل ذُنابَى صَعْوَةٍ لَيْسَ بِالْوانِي وله يا راكِباً فَوْقَ بَغْلٍ ... لِلأَرْضِ مِنْها دَوِىُّ جَرْدَاءَ تَذْكُرُ نُوحاً ... فِي الَمْهِد وَهْوَ صَبِيُّ لَهُ إذا ما مَشَى لَحْ ... ظٌ إلَيْها شَهِىُّ لَمْ يَبْقَ للِرَّحْلِ مِنْها ... إلاَّ خَيالٌ خَفِيُّ يَعْرِفُ الرَّسْمُ مِنْها ... شِسْعٌ عَلَيْها حَفِيُّ

من مختار شعر عبد الله في الفخر

من مختار شعر عبد الله في الفخر وَسارِيَةٍ لاَ تَمَلُّ الْبُكَا ... جَرَى دَمْعُها فِي خُدُودِ الثَّرَى سَرَتْ تَقْدَحُ الصُّبْحَ فِي لَيْلِها ... بِبَرْقٍ كَهِنْديَّةٍ تُنْتَضَى ضَمانٌ عَلَيْها ارْتِداءُ الْيَفاعِ ... بِأَنْوارِها وَاعْتِجارُ الرُّبَى وَكَأْسٍ سَبَقْتُ إلىَ شُرْبِها ... عَذُولِي كَذَوْبِ عَقِيقٍ جَرَى يَسِيرُ بِها غُصُنٌ ناعِمٌ ... مِنَ الْباِن مَغْرِسُةُ فِي نَقا وَمصْباخُنا قَمَرٌ مُشْرِقٌ ... كَتُرْسِ لُجَيْنٍ يَشُقُّ الدُّجا وَمُهِلكَةٍ لامِعٍ آلُها ... قَطَعْتُ بِحَرْفٍ أَمونِ الخُطا وَذِي كُرَبٍ إذْ دَعانِي أَجَبْ ... تُ وَلَبَّيْتُهُ مُسْرِعا إذْ دَعا بِطِرْفٍ أَقَبَّ سِفَيِه العِنان ... صَافِي السَّبِيبِ سَليِم الشَّظا وَفِتْيانِ حَرْبٍ يَخُشُّونُها ... بِزُرْقِ اْلأَسِنَّةِ فَوْقَ القْنَا كَغابٍ تُسَلَّمَ أَطْرافُهُ ... إلَى لُجَّةٍ مِنْ حَدِيدٍ جَرَى وَكُنْتُ لَهُ دُونَ ما يَتَّقِى ... مِجَنًّا وَمَزَّقْتُ عَنْهُ الْعِدا أَنا ابْنُ الَّذِي سادَهُمْ فِي الحْيَا ... ةِ وَسادَهُمُ بِيَ تَحْتَ الثَّرَى وَأَسْهَرُ للْمَجْدِ والْمُكْرُماتِ ... إذا اكْتَحَلَتْ أَعْيُنٌ بِاْلكَرَى

وقال في قصيدة أولها: أَلا مَنْ لِعَيْنٍ وَتَسْكابِها ... تَشَكَّى الْفَذَى وَهَواها بِها تَرامَتْ بِنا حادِثاتُ الْفِرا ... قِ تراِمى الْقِسِىِّ بِنُشَّابِها أيا رُبَّ أَلْسِنَةٍ كاَلسُّيُو ... فِ تُقَطِّعَ أَعْناقَ أَصْحابِها وَكَمْ دُهِىَ المَرْءُ مِنْ نَفْسِهِ ... فَلا يُؤْكَلَنَّ بِأَنْيابِها وَإنْ فُرْصَةٌ أَمْكَنَتْ فِي الْعَدُ ... وِّ فَلا تُبْدِ فِعَلَك إلاَّ بِها وَإنْ لَمْ تَلِجْ بابَها مُسْرِعا ... أَتاكَ عَدْوُّكَ مِنْ بابِها وَإيَّاكَ مِنْ نَدَمٍ بَعْدَها ... وَتَأْمِيِل أُخْرَى وَأنَّى بِها وَما يَنْتَقَصْ مِنْ شَبابِ الرِّجا ... لِ يَزِدْ فِي نُهاها وَأَلْبابِها نَصَحْتُ بَنِي رَحمِيِ كُلَّهُمْ ... نَصِيحَةَ بَرٍّ بِأَنْسابِها دَعُوا اْلأَسْدَ تَفْرِسُ ثُمَّ اشْبَعُوا ... بِمَا تَرَكَ اْلأُسْدُ فِي غابِها وقال عَتَبَتْ عَلَيْكَ مَليِحةُ الْعْتبِ ... غَضْبي مُهاجِرَةً بِلا ذَنْبِ قالَتْ أَما تَنْفَكُّ ذا مَلَلٍ ... مُتَنَقِّلاً شَرِهاً عَلىَ الْحُبَّ إنَّ الزَّمانَ رَمَتْ حَوادِثُهُ ... هَدَفَ الشَّبابِ بِأَسْهُمٍ شُهْبِ فِإذَا رَأَتْنِي عَيْنُ غانَيِةٍ ... قالَتْ لرِائِدِ لَحْظِها حَسْبِي

إنَّي مِنَ الْقَوْمِ الذَّيِن بِهِمْ ... فَخَرَتْ قُرَيْشُ عَلَى بَنِي كَعْبِ لَهُمُ وِراثةُ كُلِّ مَكْرُمَةٍ ... وَبِهِمْ تُغَلَّقُ دَعْوَةُ الْكَرْبِ وقال جارَ هَذا اللَّيْلُ وَآبا ... وَقَراكَ الْهُّم أَوْصابا وَوُفُودُ النَّجْمِ واقَفِةٌ ... لا تَرَى فِي الغَرْبِ أَبْوابا وَمَلِيحِ الدَّلِّ ذِي غَنَجٍ ... لابِسٍ للْحُسْنِ جِلْبابا أَثْمَرَتْ أَغْصانُ داجِنِهِ ... لِجَناةِ الْحُسْنِ عُنَّابا وَحَديِثٍ قَدْ جَعَلَتْ لَهُ ... دُونَ عِلْمِ النَّاسِ حُجَّابا لا يَمَلُّ الشَّيْءَ لاقِطُهُ ... مُفْتِنٌ يُعْجِبُ إعْجابا ثُمَّ أُهْدِيتُ إلىَ شَمَطٍ ... مُسْبِلٍ فِي الرَّأْسِ هُدَّابا خَضَّبَتْ رَأْسِي فَقُلْتُ لَها ... فَاخْصِبِي قَلْبِي فَقَدْ شابا وَخَمِيسٍ رَبَى بِسالِكِهِ ... أَمْلأُ اْلأَرضَ بِهِ غَابا مِثْلِ لُجِّ الْبَحْرِ كَوْكَبُهُ ... يَزْجُرُ الدَّهْرَ إذا رابا حامِدٍ لِي حِينَ أَحْبُسُه ... وَإذا سِرْتُ بِهِ ذابا

وقال طَوَتْكُمْ يا بَنِي الدُّنْيا رِكابِي ... وَجازَكُمُ رجائِي وَارْتقِابِي حُجِبْثُ بِهِمَّتِي مِنْ أَنْ تَرَوْنِي ... أُراقِبُ مِنْكُمُ رَفْعَ الِحجابِ َلِئنْ عُرِّيتُ مِنْ دُوَلٍ أَراها ... تَجَدَّدُ كُلَّ يَوْم لِلْكِلابِ لَقَدْ أَخْلَقْتُها بَعْدَ ابْتِذالٍ لهَا ... وَمَلِلْتهُا قَبْلَ الذَّهابِ وقال لَمَّا رَأَوْنا فِي خَمِيسٍ يَلْتَهِبْ ... وَشَارِقٍ يَضْحَكُ مِنْ غَيْرِ عَجَبْ كَأَنَّهُ صُبَّ عَلَى اْلأَرْضِ ذَهَبْ ... وَبَعُدَتْ أَسْيافُنا عَنِ الْقُرُبْ حَتَّى نَكُونَ لِمنَاياها سَبَبْ ... نَرْفَلُ فِي الَحرِيِر وَاْلأَرْضُ تَجِبْ وَحَنَّ شَرْيانٌ وَنَبْعٌ وَصَخَبْ ... تَتَرَّسُوا مِنَ الْقِتِال بِالَهَربْ وقال باكَيةٌ يَضْحَكُ فِيهَا بَرْقُها ... مَوْصُولَةٌ باْلأَرْضِ مُرْساةُ الطُّنُبْ جاءَتْ بِجَفْنٍ أَكْحَلٍ وَاْنَصَرفَتْ ... مَرْهاءَ مِنْ إسْبالِ دَمْعٍ يَنْسَكِبُ إذا تَعَرَّى الْبَرْقُ فِيها خِلْتَهُ ... بَطْنَ شُجاعٍ فِي كَثِيبِ يَضْطَرِبْ وَتارَةً تُبْصِرُهُ كَأَنَّهُ ... سَلاَسِلٌ مَصْقُولَةٌ مِنَ الذَّهَبْ

وَاللَّيْلُ قَدْ رَقَّ وَأَصْغَى نَجْمُهُ ... وَاْستَوْقَنَ الصُّبْحُ وَلَمَّا يَنْتَصِبْ مُتَعَرِّضاً بَفْجرِهِ فِي ليَلْهِ ... كَفَرَسٍ دَهْماءَ بَيْضاءِ اللَّبَبْ حَتَّى إذا غُصَّ الثَّرَى بِمائِها ... وَبَلَّها صَدَّتْ صُدُودَ مَنْ غَضِبْ كَمْ غَمْرَةٍ للْمَوْتِ يُخْشَى خَوْضُها ... جَرَيْتُ فِيها جَرْىَ سِلْكٍ فِي ثَقَبْ حَتَّى إذا قالُوا خَضِيبٌ بِدَمٍ ... نَجَمْتُ فِيها بِحُسامٍ مُخْتَضِبْ كَأَنَّها جَمْعُ خَمِيسٍ حَكَمَتْ ... عَلَيْهِ أَرْماحِي وَسَيْفِي بِالهَرَب لأَيِّ غاياتِيَ أَجْرِي بَعْدَما ... رَأَيْتُ أَتْرابِيَ قَدْ صَارُوا تُرَبْ وَسَاِئحٍ مُسَامِحٍ ذي مَيْعَةٍ ... كَأَنَّه حَرِيقُ نارٍ تَلْتَهِبْ تَرَاهُ إنْ أَبْصَرْتَهُ مُسْتَقْبِلاً ... كَأَنَّهُ يَعْلُو مِنَ اْلأَرْضِ حَدَبْ وَإنْ رَآهُ نِاظٌر مُسْتَدْبِراً ... تَوَهَّمَتْهُ الْعَيْنُ يَجْرِي فِي صَبَب عارِي النَّسَا يَنْتَهِبُ الثَّرَى لَهُ ... حَوافرٌ باذِلَةٌ ما تُنْتَهَبْ تُسالُم التُّرْبَ وَرَيَّاَن الثَّرَى ... لكِنَّها مَعَ الصُّخُورِ تَصْطَخِبْ تَحْسَبُهُ يُزْهِى عَلَى فاِرِسِه ... وَإِنَّما يُزْهِى بِهِ إذَا رَكِبْ أَسْرَعُ مِنْ لَحْظَتِهِ إذا عَدَا ... أَطْوَعُ مِنْ عَنانِهِ إذَا جُذبْ يَبْلُغُ ما تَبْلُغُهُ الرِّيح وَلاَ ... تَبْلُغُ ما يَبْلُغُهُ إذَا طَلَبْ

ذُو غُرَّةٍ قَدْ بَلَغَتْ جَبْهَتَهُ ... وَأُذُنٍ مِثْلِ السِّنانِ الُمْنَتِصبْ وَناظِرٍ كَأَنَّهُ ذُو رَوْعَةٍ ... وَكَفَلٍ مُلَمْلَمٍ صافِي الذَّنَبْ وَمِنْخَرٍ كالْكيِرِ لَمْ تَشْقَ بِهِ ... أَنْفاسُهُ وَلَمْ يَخُنْها فِي تَعَبْ يَبْعَثُها جَنائِباً وَتَنْثَنِي ... شَمِائلاً إلَى فُؤَادٍ يَضْطَرِبْ قَدْ خاضَ فِي يَوْمِ الْوَغا في حُلَّةٍ ... حَمْرَاءَ مِنْ نَسْجِ الْعَواليِ والْقُضُبْ فِي غَمْرَةٍ كانَتْ رَحا المَوْتِ بِها ... تَدُورُ وَالطَّيْرُ لهَا مِنِّي قُطُبْ وَلِي فُؤَادٌ فِي الْوغا حَيْثُ الرِّضا ... وَحَيْثُ لاَ وَتْرَ لَهُ مَيْتُ الْغَضَبْ أَنا ابْنُ خَيْر النَّاِس بَعْدَ خَيْرِهِمْ ... مُحَمَّدٍ أَكْرِمْ بهذَاَ منْ نَسَبْ مَنْ شَرَّفَ اللهُ بِهِ دَوْلَتَكُمْ ... وَمَنْ لِخَيْرِ النَّاسِ جَمعاً كانَ أَبْ أَنا ابْنُ عَبَّاسٍ إلَيْهِ أَنْتَمِي ... بِه لَعَمْرِي حُزْتُ أَخْطارَ الْقُصُبْ عَجِبْتُ مِنْ رَمِييَ عَنْ قَوْمي وَهُمْ ... يَرْمُونَنِي بِسَهْمِ قَوسِي عَنْ كَثَبْ وقال من قصيدة أولها قِرَى الذَّكِرْ مِنِّي زَفْرَةٌ وَنَحيِبُ ... وَقَلْبٌ شَجٍ إنْ لَمْ يَمُتْ فَكَثِيبُ وَيَوْمٍ تَظَلُّ الشَّمْسُ تُوِقُد نارَهُ ... يَكادُ حَصى الَمْعزاءِ مِنْهُ يَذُوبُ وَصَلْتُ إلىَ آصالِهِ بِشِمِلَّةٍ ... تَعَرَّفَها بَعْدَ السُّهُوب سُهُوبُ

تَراقَتْ فُروعُ الَمْجِد فَوْقَ مَطَلِّها ... وَمْغرسُها حَتَّى الْعُروق خَصيِبُ وَقامَتْ وَرائِي هاشِمٌ حَذَرَ الْعِدا ... وَذادَتْ بِي اْلأَحْداثَ حِين تَنُوبُ وَأَصْمَت عَنِّي حاسِدِي بِخلائِقٍ ... مُهَذَّبةٍ لَيْسَتْ لَهُنَّ عُيوُبُ فَمَنْ قالَ خَيْراً قِيلَ إنَّك صادِقٌ ... وَمَنْ قالَ شَرّاً قِيلَ أَنْتَ كَذُوبُ وقال: أَلا عَلِّلانِي قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ الَمْوتُوَيُبْنَي لمُجِثْانِي بِدارِ البِلا بَيْتُ لأَهْلَكَنِي ما أَهْلَكَ النَّاسَ كُلَّهُمْصُرُوفُ المنَى الحرْصُ وَالَّلْهوُ والَّليُت وَمْن عَجَبِ اْلأَيَّامِ نَعْىُ مَعْاشِرٍ ... غِضابٍ عَلَى سَيْفِي إذا أَنا جارَبْتُ لَهُمْ رَحِمٌ دُنْيا وَهُمْ يُبْعِدُونَها ... إذا اصْطَلَمُوها بالْقَطيعَةِ أَبْقَيْتُ فَذَلكَ دَأْبُ الْبِرَّ مِنِّي وَدأْبُهُمْ ... إذا قَتَلُوا نَعْمايَ باْلكُفْر أَحْيَيْتُ يَغيظُهُمْ فَضْلِي بِمُلْكٍ عَلَيْهمِ ... كَأَنِّي قَسَّمْتُ الحظُوظَ فَحابَيْتُ وَيَهْماءَ دَيْمومٍ قَفارٍ كَسَوْتُها ... مَناسِم حُرْجُوجٍ وَيْهَماء عَرَّبْتُ وَماءٍ خلاَءٍ قَدْ طَرَقْتُ بِسَحْرَةٍ ... عَلَيْهِ الْقَطا كَأَن آجِنَهُ الزَّيْتُ وَمَرْقَبٍة مِثْلَ السَّنِان عَلَوْتُها ... كَأَنِّي لأَرْدافِ الْكَواِكبِ ناجَيْتُ وَأُمِنَّيةٍ لَمْ أَمْنَعِ النَّفْسَ رَوْمَهابَلَغْتُ وَأُخْرَى بَعْدَها قَدْ تَمَنَّيْتُ

وَضَيْفٍ رَمانِي ليْلَةَ بِسَوادِهِ ... فَحَيَّاهُ بِشْرِى قَبْلَ داريِ وَحَيَّيْتُ وقال: أَلا مَنْ لِقَلْبٍ لا تُقَضَّى حَوائِجُهْوَوَجْدٍ أَطارَ النُّوْمَ بِالَّليْلِ لاعِجُهْ وَمُنْتَصِرٍ فِي الْحُسْنِ باِلْغُصْنِ وَالنَّقاوَصُدْغٍ أُدِيرَتْ حَوْلَ وَرْدٍ صَوالِجُهْ وَآخِرُ حَظِّي مِنْهُ تَوْدِيعُ ساعَةٍ ... وَقَدْ مَزَجَ الاْصْباحَ بِاللَّيْلِ مازِجُهْ وَغَرَّدَ حادِي البَيْنِ وَانْشَقَّتِ الْعَصاوَصاحَتْ بِأَجْنادِ الْعِراقِ شَواحِجُهْ فَكَمْ دَمْعَةٍ تَقْضِي الدُّمُوعَ غَزِيَرةٍوَكَم نَفَسٍ بِاَلْجمرِ تَدْمَي مَخارِجُهْ وَيَوْمِ هَجِيرٍ لا يُجِيرُ كِناسُهُ ... مَنَ الحرِّ وَحْشِي المَها وَهْوَ والُجِهُ يَظَلُّ سَرابُ الْبِيِد فِيِه كَأَنْهُ ... حَواشِي رِداءٍ نَقَضَتْهُ نَواسِجُهْ لبْسِتُ رِداءَ الآْلِ مِنْهُ بِكَوْكَبٍ ... تَسِيل بِفْتِيانِ الْهَيِاجِ هَمالُجِهْ وَيَوْمٍ قَبضْنا فِيِه رُوحَ مُدامَةٍ ... تَكُونُ بِأَفْواهِ النَّدامَى مَعارِجُه وَقَدْ عِشْتُ حَتَّى ما أرَى وَجْهَ مُنْيَةٍ ... يَعُوجُ إليَهْا مِنْ فُؤَادِي عايِجُهْ وقال: لِمَنْ دارٌ وَرَبْعٌ قَدْ تَعَفَّى ... بِنْهرِ الْكْرخِ مَهْجُورُ النَّواحِي مَحاهُ كُلُّ هَطَّالٍ مُلِحِّ ... بِوَبْلٍ مِثْلِ أَفْواه الِجْراحِ

فَباتَ بِلَيْلِ باكِيَةٍ ثكَوُلٍ ... ضَرِيِرِ النَّجْمِ مُفْتَقِدٍ الصَّباحِ وَأَسْفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ سَماء ... كَأَنَّ نُجومَها حَدَقُ الْمِلاحِ وَفِتْيانٍ كَهَمِّكَ مِنْ أُناسٍ ... خِفافٍ فِي الْغُدُوِّ وَفِي الرَّواحِ بَعَثْتُهُمُ عَلىَ سَفَرٍ مَهِيبٍ ... فَما ضَرَبُوا عَلَيْهِ بِاْلقِداحِ فَكابَدْنا السُّرَى حَتَّى رَأَيْنا ... غرابَ اللَّيْلِ مَقْصُوصَ الْجَناحِ وَإخْوانٍ هَجَوْنِي عِنْدَ عسرِى ... وَعِنْدَ الْيُسْر غالَوْا باْمِتداحِي وَكمْ ذَمٍّ لَهُمْ فِي جَنْبِ مَدْحٍ ... وَجِدٍّ بَيْنَ أَثْناءِ الِمزاحِ وقال من قصيدة أولها لَقْدَ صاحَ بِالْبَيِنْ الَحمامُ الصَّوادِحُوَهاجَتْ لَهُ الشَّوْقَ الُحمُولُ الرَّوايِحُ لنَا إِبلٌ ما وَفَّرتْها دِماؤُنا ... وَلا ذَعَرَتْها فِي الصَّباحِ الصَّوائِحُ إذا غَدَرَتْ أَلْبانُها بِضُيُوفِنا ... وَفَتْ بِالْقِرَى لَبَّاتُها وَالصَّفائِحُ وَقَيَّدَها بِالنُّصْلِ حَتَّى كَأَنَّهُ ... إذا جَدَّ لَوْلا ما جَنَى السَّيْفُ مازِحُ وَكَمْ حَضَرَ الْهَيْجاءَ بِي ساِلكُ الَمدَى ... تَكامَلَ فِي أَسْنانِهِ فَهْوَ قارِحُ لَهُ عُنُقٌ تَغْتالُ طُولَ عَنانِهِ ... وَصَدْرٌ إذا أَعْطَيْتَهُ الْجَرْىَ سابِحُ أَبِاَلمْوتِ خَشَّتِنْيِ شُرَيْرةُ وَيْحَها ... لَعَلَّ الذَّيِ تَخْشَى شُرَيْرَةُ صالِحُ

فَإٍِن مِتُّ فَانْعَبِنْي إلَى المَجْدِ وَالتُّقَىوَلا تَخْزُنِي دَمْعاً إذا نامَ نائِحُ وَقُولِي هَوَى عَرشُ الْمَكارِمِ والعَلي ... وَعِّطل مِيزانٌ مِنَ الْحِلْمِ راجحُ وقال من قصيدة أولها: طارَ نَوْمِي وَعاوَدَ الْقَلْبَ عِيدُ ... وَأَبَى لِي الرُّقادَ حُزْنٌ جَديِدُ سَهرٌ يَفْتقُ الجُفُونَ وَنَارٌ ... تَتَلَظَّى مِنْها بِقَلْبِي وَقُودُ نَحن آلُ الرَّسُولِ وَالْعْتَرة الحْ ... قِّ وَأَهْلُ الْقِرَى فَماذا تُرِيدُ وَلنَا ما أَضاءَ صُبْحٌ عَلَيْهِ ... وَأَتَتْهُ رَاياتُ لَيْلٍ سُودُ وَمَلَكْنا رِقَّ الخِلافَةِ مِيرَا ... ثاً فَمَنْ ذَا عَنَّا بِفَخْر يَحِيدُ وقال في قصيدة أولها: سَرَى لَيْلَةً حَتَّى أَضاءَ عَمُودُها ... وَأَيَّةُ نَفْسٍ شَوْقُها لا يَقُودُها وشَيَّعَهُ قَلْبٌ جَرِئٌ جَنانُهُ ... وَنَفْسٌ كَأَنَّ الحّادِثاتِ عَبيِدُها خَليَلَّي عُودَا داَر شِرَّةَ فَاسْأَلاَ ... مَغانِيَها لَوْ كانَ ذاكَ يُفيدُها خلَتْ وَعَفَتْ إلاَّ أَثافِي كَأَنَّها ... عَواِئدُ ذِي سُقْمٍ طَوِيلٌ قُعودُها وَلَيْلٍ يَوَدُّ المُصْطُلونَ بِنِارهِ ... لَوْ أنَّهُمُ حَتى الصَّباحِ وَقُودُها رَفَعْتُ بِها نَارِي لِمَنْ يَبْتَغِي الِقْرَىعَلىَ شَرَفٍ حَتَّى انْتَهَى لي وَقُودُها

وقال: راحَ فِراقٌ أَوْ غَدَا ... لَيْسَ بِباقٍ أَبَداً مَنْ سَارَ كُلَّ ساعَةٍ ... نَحوَ المَنايا وَرَدَا يا باغِيَ الحَقُّ لَنَا ... أُرْدُدْ عَنِ الظُّلْمِ يَدَا لَئِنْ غُلِبنْا عَدَداً ... لَقَدْ غَلَبنْا جَلدَاَ وقال: مَلَّ سِقَامِي عُوَّدُهْ ... وَخانَ دَمْعِي مُسْعِدُهْ وَضاعَ مِنْ ليَلْىِ غُدُهْ ... طُوبَي لِعَيْنٍ تَجِدُهْ غُلَّتْ مِنَ الدَّهْرِ يَدُهْ ... قَتَّالَةٌ مَنْ تَلِدُهْ يَفْنَي فَيَبْقَى أَمَدُهْ ... وَالَمْوتُ ضَارٍ أَسَدُهْ يا مَنْ عَنانِي حَسَدُهْ ... إنِّي بَعِيدٌ أَمَدُهْ شَجًي وَلاَ تَزْدَرِدُهْ ... سَهِرْتَ لَيْلاً أَرْقُدُهْ حَظُّ الحَسُودِ كَمَدُهْ وقال: لَمَّا ظَنَنْتُ فِراقَهُمْ لَمْ أَرْقُدِ ... وَهَلَكْتُ إنْ صَحَّ التَّظَنُّنُ أَوْ قَدِ

ما زِلْتُ أَرْعَى كُلَّ نَجْمٍ غائِرٍ ... وَكَأَنَّ جَنْبِي فَوْقَ جَمْرٍ مُوقَدِ وَدَنَا إلَىَّ الْفَرْقَدانِ كمَا دَنَتْ ... زَرْقاءُ تَنْظُرُ فِي نِقابٍ أَسْودِ وَتَرَى الثُّرَيَّا فِي السَّماءِ كَأَنَّها ... بَيْضاتُ أُدْحِىٍ يَلُحْنَ لِفَرْقَدِ لَمَّا تَحَدَّثَ بِالرَّحِيلِ نَجِيُّهُمْ ... لِغَدٍ وَلَيْسَ غَدٌ بَعِيدَ المَوْعِدِ سَلَّفْتُهُمْ زَفَراِت قَلْبٍ مُحْرَقٍ ... وَسِجالَ دَمْعٍ بِالدَّماءِ مُوَرَّدِ وَحَرَتْ لَهُ سَنْحاً جَآذِرُ رَمْلَةٍ ... تَتْلُو الْمَهَا كَالُّلْؤلُؤِ المُتَبَدِّدِ قَدْ أَطْلَعَتْ إثْرَ الْقُرُونِ كَأَنَّها ... أَخْذُ المَرَاوِدِ مِنْ سَحِيق اْلأَثْمِدِ أشباهَ آنِسَةِ الحْدِيثِ خَرِيدَةٍ ... كَالشَّمْسِ لاَقَتْها نُجُومُ اْلأَسْعُدِ كَمْ قَد خَلَوْتُ بِها وَثالثِنُا التُقُّىَيَحْمِي عَلَى الظَّمْآنِ بَرْدَ الَمْورِدِ يا آلَ عَبَاسٍ لَعاً مِنْ عَثْرَةٍ ... لا تَرْكَنُنَّ إلىَ الْبُغاةِ الحُسَّدِ شُدُّوا أَكُفَّكُمُ عَلىَ مِيراثِكُمْ ... فاللهُ أَعْطاكُمْ خِلافَةَ أَحْمَدِ وقال مَرَّ عَيْشٌ عَلَىَّ قَدْ كانَ لَذَّا ... وَدَهَتَنْيِ اْلأَيَّامُ قُرْباً وَحَذَّا وَالتْوَىَ عَنِّيَ الشَّبابُ وَغُوِدرْ ... تُ فَرِيداً مِنَ اْلأَحِبَّةِ فَذَّا

وَخَليِلٍ صافٍ هَنِىٍء مَرِىءٍ ... جَبَذَتْهُ اْلأَيَّامُ مِنِّيَ جَبْذَّا لَيْتَ شِعْرِي احالهُ مِثْلُ حالِي ... أَمْ صَفا عَيْشُهُ لَهُ وَأَلَذَّا سَيْفُ حُكْمٍ فِي مِفْصَلِ الْحَقِّ رَاسٍ ... شَحَذَتْهُ تجَارِبُ الدَّهْرِ شَحْذا وَلَقَدْ أَهْتَدِى عَلَى طَرِفَ الصُّبْ ... ح بطْرفٍ إذَّا وَنَى الْجَرْىُ بَذَّا وَإذا ما غَدَا قِتالٌ أَذاعَتْ ... بِدُخانٍ يَهُذُّهُ الرَّيحُ هَذَّا إنْ تَرَيْنِي يَاِ َّشر فارَقْتُ أَيا ... مَ صِبىً كانَ ناعمِ البْالِ لذَّا وَمَشَى الشَّيْبُ قَبْلَ عِقْدِ الثَّلاثِي ... نَ فَلَمَّا انْتَهَى إلَيْها أَغَذَّا فَأَنا الْوَاضِحُ الذَّيِ عَرَفُوهُ ... بِاْضطرِارٍ فَما يَقُولُونَ مَنْ ذا وقال سَأُثْنِي عَلَى عَهْدِ الْمَطِيَرةِ وَالْقَصْرِوَأَدْعُوا لهَا بَعْدَ التَّخاذُلِ بِالنَّصْرِ خَلِيلَيَّ إنَّ الدَّهْرَ ما تَرَيانِهِ ... قَصِيراً وَإلاَّ أَيُّ شَيْءٍ سِوَى الصَّبْرِ عَسَى اللهُ أَنْ يَيْتاحُ لِي مِنْهُ فَرْجَةٌيَجِيءُ بِها الْمِقْدارُ منْ حَيْثُ لا أَدْريِ سَأَلْتُكُما بِاللهِ ما تُعْلمِانِنِي ... وَلا تَكْتُما شَيْئاً فَعِنْدَكُما خُبْرِي أَأَرْفَعُ نِيرانَ الْقِرَى لِعُفاِتهاوَأَصْبِرُ يَوْمَ الرَّوْعِ فِي ثُغْرَةِ النَّفْرِ وَأُسْلِمُ نِيلاً لا يُجادُ بِمِثِلهِ ... فَيَفْتَحهُ بْشِرى وَيَخْتُمهُ عُذْري

وَيا رُبُّ يَوْمٍ لا تُوارَى نُجُومُهُ ... مَدَدْتُ إلىَ الَمظْلوُمِ فِيِه يَدَ النَّصْرِ فَسُبْحانَ رَبِّي ما لِقَوْمٍ أرَى لَهُمْ ... كَوامِنَ أَضْغانٍ عَقارِبهُا تَسْرِي إذا مَا اجْتَمَعْنا فِي النَّدِىِّ تَضاءَلوُاكَما خَفِيَت مَرْضَى الْكَواِكبِ فِي الْفَجْرِ نَمَتْني إلىَ عَمِّ النَّبِيِّ خَلائِفٌعَلَوْا فَوْقَ أَفْلاكِ الْكَواِكبِ وَالْبَدْرِ بَنُو الَحْبِرَ والسَّجَّادِ وَالْكامِل الَّذِيمرىَ المُلْكَ حَتَّى دَرَّ عِنْدَ ذوىِ اْلأَمرِ وَنَحْنُ رَفَعْنا سَيْفَ مَرْوانَ عَنْكُمُ ... فَهَلْ لَكُمُ يا آلَ أَحْمَدَ مِنْ شُكْرِ وقال في قصيدة أولها شَجَتْكَ لِهِنْد دِمْنَةٌ وَدِيارُ ... خَلاءٌ كَما شَاءَ الْفِراقُ قِفارُ إذا شِئْتُ وَقَّرْتُ الْبِلاد حَوَافِراً ... وَسالَتْ وَرائِي هاشِمٌ وَنِزَارُ وَعَمَّ السَّماءَ النَّقْعُ حَتَّى كَأَنَّهُ ... دُخانٌ وَأَطْرافَ الرَّماحِ شَرارُ وَلِي كُلُّ خَوَّارِ الْعَنانِ مُجَرَّبٍ ... كُمَيْتٍ عَناهُ الَجْريُ فَهْوُ مُطارُ وَعَضْبٍ حُسامِ الْحَدِّ مَاضٍ كَأَنَّهُ ... إذاَ لاحَ فِي نَقْعِ الْكَتيِبِةَ نارُ وَقُمْصِ حَدِيدٍ ضافِياتٍ ذُيولهُا ... لهَا حَدَقٌ خُزْرُ الْعُيونِ صِغارُ وَكَمْ عاجمٍ عُودِي تَكَسَّرَ نابُهُ ... إذَا لانَ عِيدانُ اللئِّامُ وَخَارُوا

وقال: أَيُّ رَبْعٍ لآِلِ هِنْدِ وَدارِ ... دَارِساً غَيْرَ مَلْعَبِ وَأَوَارِي وَثَلاثٍ دَنَوْنَ لاَ لاِشْتيِاقٍ ... جَالِساتٍ عَلَى فَرِيسَةِ نارِ لاَ تُشِيمُ الْبُروقُ عيَنْيِ وَلاَ أَب ... ذُلُ إلاَّ فيِ مَفْخَرٍ أَشْعارِي لاَ ولاَ أَرْتَجِي نَوَالاً وَهَلْ يَس ... تَمْرِيُّ النَّاسُ دِيمَة الأمْطارِ أَخْزُنُ الْغَيْظَ فِي قٌلُوبِ الأعاديِ ... وَأُحِلُّ الَجَّبار دارَ الصَّغارِ وَلِيَ الصَّافِناتُ تَرْدِي إلَى المَوْ ... تِ وَلاَ تَهْتِدَي سَبِيلَ الْفِرارِ وَسِهامٌ تُهْدِي الرَّدىَ مِنْ بَعِيدٍ ... بَالغَاتٍ مَواقِعَ اْلأَبْصارِ وَقُدورٍ كَأَنَّهُنَّ قُرومٌ ... هَدَرَتْ بَيْنِ جِلَّةٍ وَبِكارِ فَوْقَ نارٍ شَبْعَيِ مِنَ الحْطَبِ الْجَزْ ... لِ إذَا ما الْتَظَتْ رَمَتْ بِالشَّرارِ فَهْيَ تَعْلوُ الْيَفاعَ كاَلرَّايِة الَحْم ... راءِ تَنْعِى الدُّجَى إلىَ كُلِّ سارِ قَدْ تَدَرَّيْثُ بِالَمَكاِرمِ حَوْلِي ... وَكَفَتْنِي نَفْسِي مِنَ اْلاِفْتخارِ أَنا جَيْشٌ إذا غَدَوْتُ وَحِيداً ... وَوَحِيدٌ فِي الجَحْفَلِ الَجَّرارِ وقال: أَيا وَيْحَهُ ما ذَنْبُهُ أَنْ تَذَكَّرا ... سَوالِفَ أَيَّامٍ سَبَقْنَ وَأُخِّرَا

وَسَكْرَةَ عَيْشٍ فارِغِ مِنْ هُمُومِهِ ... وَمَعْرُوفَ حالٍ لَمْ نَخَفْ أَنْ تَنَكَّرَا أَذاكيرُ لاَ يَرْدُدْنَ ما فاتَ مِنْ هوًى ... وَلاَ تَدَعِ المحْزُونَ أَنْ يَتَصَبَّرا وَقالوُا كَبُرتَ وَانْتَضْيِتَ مِنَ الصَّبافَقُلْتُ لَهُمْ ما عِشْتُ إلاَّ لأَكْبُرَا لَبْستُ أَخِلاَّءَ الْهَوَى فَزُعْتُهُمْوَما كُنْتُ أَرْجُو بَعْدَهُمْ أَنْ أَعَمَّرا فَأَخْلَوْا هُمُومِي منْ سِواهُم وَأَطْبقُواجُفُونِي فَما أَهْوَى مِنَ الْعَيْشِ مَنْظَرَا وَأَصَبْحُت مُعْتَلَّ الْحَياةِ كَأَنَّنِي ... حَسِيرٌ وَراءَ السَّابِقاتِ تَعَثَّرا فَأمَّا تَرَيْنِي ذا نَسِيبٍ نَكِرْتِهِ ... فَيا رُبَّ يَوْمٍ لَمْ أَكُنْ فِيِه مُنْكرَا أَرُوحُ كَغُصْنِ الْبانِ ثَبَّتَهُ النَّدَى ... وَقَوَّى بِأَنْفاسٍ ضِعافٍ وَأَمْطَرا فَمالَ عَلَى مَيْثاَء لاقِحَةِ الثَّرى ... تَغَلْغَلَ فِيها ماؤُها وَتَحَيَّرا كَأَنَّ الصَّبا تَهْدِى إلَيْها إذا جَرَتْ ... عَلَى تُرْبِها مِسْكاً فَتِيقاً وَعَنْبَرا سَقَيْتُه الْغَوادِي وَالسَّوارِي قِطارَها ... فَجاءَ كَما شاءَ القْطِارُ وَنَوَّرا أَناخَتْ عَلَيْه لَيْلَةٌ أَرْحَبَّيةٌ ... إذا ما صَفا فِيها الْغَدِيرُ تَكَدَّرا طَوِيلَةُ ما بَيْنَ البْيَاضَيْنِ لَمْ يَكَدْ ... يُصَدَّقُ فِيها فَجْرُها حِينَ بَشَّرا فَباتَتْ إذا ما الْبَرْقُ أَوْقَدَ وَسْطَها ... حَرِيقاً أَهَلَّ الرَّعْدُ فيه وَكَبَّرا كَأَنَّ الرَّبابَ الْجَوْنَ دُونَ سَحابِهِ ... خَليِعٌ مِنَ الْفِتْيانِ يَسْحَبُ مئْزَرا

إذا لاَ حَفَتْهُ رَوْعَةٌ مِنْ رُعُودِهِ ... فَمِنْ بَرْقِهِ يَسْتَلُّ عَضْباً مُذَكَّرا فَأَصْبَحَ عُرْيانَ التُّرابِ كَأَنَّما ... نَشَرْتَ عَلَيْهِ وَشْيَ بُرْدٍ مُحَبَّرا وَهَمٍّ أَتَتْتِى طارِقاتٍ ضَيُوفُهُ ... فَما كانَ إلاَّ اليْعَمْلاَتِ لَهُ قِرَى بِوَحْشْيَّةٍ قَفْرٍ تَخالُ سَرابَها ... مَهاً تَتَعادَى أَوْ مَلاءً مُنَشَّرا وَمِنْ كُلِّ هَذا قَدْ قَضَيْتُ لِبانَتِي ... وَوَلَّى فَلَمْ أَهْلِكْ أَسًى وَتَذَكُّرا وَكَمْ مِنْ عَدُوٍّ رامَ قَصَفَ قَناتِنَا ... فَلاقَى بِنا يَوْماً مِنَ الشَّرِّ أَغْبَرا إذا أَنْتَ لَمْ تَرْفَعْ أَداِنيَ حادِثٍ ... مِنَ الْخَطْبِ لاَقْيَت الأَفاِضلَ أوْعَرا وقال: هِيَ الدَّارُ إلاَّ أَنَّها مِنْهُمُ قَفْرُ ... وَأَنّي بِها ثاوٍ وَأَنَّهُمُ سَفْرُ حَبَسْتُ بِها لَحْظِي وَأَطْلَقْتُ عَبْرَتِيوَما كانَ لِي فِي الصَّبْرِ لَوْ كانَ لِي عُذْرُ تَوَهَّمْتُ فِيها مَلْعَباً وَأَوارِياوَنُؤْياً كَدَوْرِ الطَّوْقِ يَلْثِمُهُ الْقَطْرُ وَغَيْثٍ خَصِيبِ التُّرْبِ زاكٍ بِقاعُهُ ... بِهَيِم الرُّبَى أَثْوابُ قِيعانِهِ خُضْرُ الحت عَلَيْه كُلَّ طَخْياءَ دِيَمةٍ ... إذا ما بَكَتْ أَجْفانُها ضَحِكَ الزَّهْرُ فَما بَرَزَتْ شَمْسُ النَّهارِ ضَحِيَّةً ... وَلاَ أُصُلاً إلاَّ وَمِنْ دُوِنها خِدْرُ كَأَنَّ عُيُونَ الْعَاشِقِينَ مَنُوطَةٌ ... بِأَرْجائِها فَما يِجَفُّ لهَا شُفْرُ

كَأَنَّ الرَّبابَ الْجَوْنَ والْفَجْرُ ساطِعٌ ... دُخانُ حَريِقٍ لاَ يُضِيءُ لَهُ جَمْرُ أَمِنْكِ سَرَي يا شِرَّ بَرْقٌ كَأَنَّهُ ... جَناحُ فُؤَادٍ خافِقٍ ضَمَّهُ صَدْرُ أَرِقْتُ لَهُمْ وَالرَّكْبُ مِيلٌ رُؤُوسُهُمْيَخُوضُونَ ضَحْضاحَ الْكَرَىَ وبِهِمْ فَتْرُ إلَى أَنْ يَغُورَ النَّجْمُ فِي حُلَّةِ الدُّجَىوَقالَ دَلِيلُ الْقَوْمِ قَدْ نَقَّبَ الْفَجْرُ إذا ما رَكِبْتُ اْلأَمْرَ وَالسَّيْفُ مُنْتَضًىفَقُلْ لبِنَيِ حَوَّاءَ يَجْمَعُهُمْ أمْرُ فَكَمْ ِمْن خَليِلٍ لَم أُمَتَّعْ بِعْهدِهِوَفَيْتُ لَهُ بالْوُدِّ فاجْتَاحَهُ الْغَدْرُ فَقَدَّمْتُ صَفْحاً عَنْهُ يُوِجبُ شُكْرَه ... فَما كَانَ لِي مِنْهُ جَزاءٌ وَلاَ شُكْرُ وَذَلِكَ حَظِّي مِنْ رِجالٍ أُعِزَّةٍ ... عَلَى فَاِنْ أَهْجُرُهُمُ يَكْثُرُ الْهَجْرُ لَهُمْ خَيْرُ ماِلي حِينَ يَعْتَلُّ ما لُهُمْوَسُرْعَةُ نَصْرِي حِينَ يَعْتَذِرُ النَّصْرُ إذا جاءَنا الْعَافِيَ رَأَى فِي وُجُوِهنا ... طَلاَقَةَ أَيْدِينا وَبَشَّرَهُ الْبِشْرُ وقال: للأَمانِي حَديِثٌ يُغُّر ... وَيَسُوءُ الدَّهْر مَنْ قَدْ يَسُرُّ كُلُّ حَيٍّ فَاِلىَ المَوْتِ يَسْعَى ... وَخُطاُه نَفَسٌ ما يَقِرُّ إنْ أَكُنْ خُلِّفْتُ بَعْدَ أُناسٍ ... كانَ فِيِهمْ للْمُرُوءَةِ ذُخْرُ مَيِّتٌ أَوْ نازِحٌ مِثْلُ مَيْتٍ ... حَظُّ وَدِّي مِنْهُ شَوْقٌ وَذِكْرُ

فَعَلَى مِنْهاجِهِمْ أنا ساعٍ ... وَوَرائِي سائِقٌ مُسْتَمِرُّ هَلْ تَرَى بَرْقاً عَنانِي سناهُ ... خاضَ نَحْوِي الَّليْلَ وَاللَّيْلُ غَمْرُ ذَاكَ يَسْقِى أَرْضَ هِنْدٍ فَدعْها ... إِنَّما هِنْدٌ فِراقٌ وَهَجْرُ رُبَّما أَغْدوُ وَتَحْتِي طِرْفٌ ... حالِكٌ ما قَدْ تَراهُ طِمِرُّ فَهْوُ نارٌ وَالتُّرابُ دُخانٌ ... مُسْتَطِيٌر وَحصَى الأَرْضِ جَمْرُ وَلَقَدْ يَعْتَدِي عَلَى هَمِّ نَفْسِي ... بِهَوَاها مِنْ بَناتِ الْكَرْمِ بِكْرُ وَمُغَنٍّ مُلَحِّنٍ كُلَّ نَفْسٍ ... بِالَّذِي تَهْواهُ للْسُّكْرِ عُذْرُ لاَ يُمدُّ الصَّوْتَ مِنْهُ نُفُورٌ ... لاَ وَلاَ يَقْطَعُهُ مِنْهُ بَهْرُ فَبِهَذا قَدْ أَسَغْتُ حَياةً ... طَعْمُها لَوْلاَ الُمَعلَّلُ مُرُّ تَلْمَعُ اْلأَسْيافُ مِنْ دُورِ هِنْدٍ ... وَخَيالِي مَعَها هوَى مُسْتَمِرُّ أَيُّها السَّائِلِيَّ دَعْ سِرَّ نَفْسِي ... إنَّما نَفْسِي لِسِرِّيَ قَبْرُ وَلَقَدْ أَخْضِبُ رُمْحِي وَنُصْلِي ... وَوُجُوهُ المَوْتِ سُودٌ وَحُمْرُ وقال وَقَفْتُ إلىَ الشَّامِ رَجْراجَةً ... تَسُلُّ عَلىَ مَنْ عَصا سَيْفَ باسِ رحَلّتُ صَواهِلنَا المُقْرَبا ... ت بِأَفْعال جِنٍّ وَأَشْباحِ ناس

وَظَلَّتْ صَوارِمُ أيْمانِنا ... تُحَسِّيِهمُ المَوْتَ فِي غَيْرِ كاسِ يَصلْنَ النُّفُوسَ بِآجالِها ... وَيَقْطَعنَ ما بَيْنَ جِسْمٍ وَراسِ وقال الدَّارُ أَعْرِفُها رُبًي وَرُبُوعا ... لِكنْ أَساءَ بِها الزَّمانُ صَنِيعَا فَبَكَيْتُ مِنَ طَرَبِ الْحَمائِمِ غَدْوَةً ... يَدْعُو الهْدَيِلَ وَما وَجَدْنَ سَميعَا ساوَيْتُهُنَّ بِنْوحَةٍ وَتُوَجُّعٍ ... وَفَضَلْتُهُنَّ تَنَفُّساً وَدُمُوعَا يا قَلْبُ لَيْسَ إلىَ الصِّبا مِنْ مَرْجعٍ ... فَاحْزَنْ فَلَسْتَ بِمِثْلِهِ مَفْجُوعَا صَرَمَتْكَ أَيَّامُ الصَّرِيمِ وَقَطَّعَتْ ... حَبْلَ الْهَوَى وَنَزَعْنَ عَنْكَ نُزُوعَا إنَّا لَنَنْتابُ الْعُداةَ وَإنْ نَأَوْا ... وَنَهُزُّ أَحْشاءَ الْبِلادِ جُموعَا وَنَقُولُ فَوْقَ أَسِرَّةٍ وَمَناِبرٍ ... عَجَباً مِنَ الْقَوْلِ المُصيِبِ بَديِعَا قَوْمٌ إذا غَضِبُوا عَلىَ أَعْدائِهِمْ ... جَرُّوا الحَديِدَ أَزِجَّةً وَدُرُوعَا وَكَأَنَّ أَيْديَنا تُنَفِّرُ عَنْهُمُ ... طَيْراً عَلىَ الأَبْدانِ كُنَّ وُقوعَا وَإذا الُخُطوبُ رَأَيْنَ مِنَّا مُطْرِقاً ... نَكَصَتْ عَلىَ أَعْقابِهِنَّ رُجُوعَا وقال في قصيدة أولها نَهَى الَجْهلَ شَيْبُ الرَّأْسِ بَعْدَ نِزاعِ ... وَما كُلُّ ناه ناصِحٍ بِمُطاع

وَإخْوانَ سُوءٍ قَدْ حَرَثْتُ إخاءَهُمْ ... فَكانُوا لِغَرْسِ الْوُدِّ شَرَّ بِقاعِ وَلَمَّا نَأَوْا عَنِّي نَأَوْا بِتَأَسُّفِي ... وَقَلَّ حَنِيِني نَحْوَهُمْ وَنِزاعِي وَمَكْرُمَةٍ عِنْدَ السَّماءِ مُنِيَفةٍ ... تَناوَلْتهُا مِنِّى بِأَطْوَلِ بَاع وَكَمْ مَلِكٍ قاِسي الْعِقابِ مُمَنَّعٍ ... قَديرٍ عَلىَ قَبْضِ النُّفُوسِ مُطاعِ أَراهُ فَيَعْديِنِي مِنَ الْكِبْرِ ما بِهِ ... فَأُكْرِمُ عَنْهُ شِيمَتِي وَطِباعِي وَإنِّي لأَسْتَوْفِي المَحامِدَ كُلَّها ... وَقَدْ بَقِيَتْ لِي بَعْدَهُنَّ مَساعِ وَيَصدُقُكَ اْلأَنْباءُ إنْ كُنْتَ سائِلاً ... وَحَسْبُكَ مَمَّا لاَ تَرَى بِسَماعِ وقال يا قَلْبُ قَدْ جَدَّ بَيْنُ الْحَيِّ فَانْطَلَقُواعُلِّقْتهُمْ هَكَذا حِيناً وَما عَلِقُوا فَتِلْكُ دارٌ لَهُمْ أَمْسَتْ مُجَدَّدَةً ... وَبِاْلأَبارِقِ مِنْهُمْ مَنْزِلٌ خَلَقُ كَأَنَّ آثارَ وَحْشِىِّ الظَّباءِ بِهِ ... ودع تُخَلِّفُهُ أَظْلافهُا نَسَقُ نادَوْا بِلَيْلٍ فَزَمُّوا كُلَّ يَعْمَلَةٍ ... وَيَعْمَلٍ عَمِلَتْ فِي أَنْفِهِ حِلَقُ تَلْقَى الْفَلاةَ بِخُفّ لا يَقَرُّ بِها ... كَأَنَّ مَسْقِطَةُ فِي تُرْبِها طَبَقُ كَأَنَّنِي شاوَرَتْنِي يَوْمَ بَيْنِهِمُ ... رقَشْاءُ مَجْدُولَةٌ فِي لَوْنِها بُرَقُ كَأَنَّها حِينَ تَبْدُو مِنْ مَكامِنِها ... غُصْنٌ تَفَتَّحَ فِيهِ النَّوْرُ واَلْوَرَقُ

يُسُلُّ فُوها لِساناً تَسْتَعِيذُ بِهِ ... كَمَا تَعَوَّذَ باِلسبابَةِ الْفَرِقُ ما أَنْسَ لا أَنْسَ إذْ قامَتْ تُوَدِّعُنا ... بِمُقْلَةٍ جَفْنهُا فِي بَطْنِها غَرِقُ تُسْفِرُ عَنْ وَجْنَةٍ حَمْراءَ مُوقَدَةٍ ... تَكادُ لَوْلاَ دُمُوعُ الْعَيْنِ تَحْتَرِقُ وَفِتْيَةٍ كَسُيُوفِ الهْنِد قُلْتُ لَهُمْسِيرُوا فَما نَقِمُوا رَأْيِي وَلا خَرَقُوا ساُروا وقَدْ خَضَعَتْ شَمْسُ اْلأَصِيلِ لَهَمْحَتَّى تُوَقَّدَ في ثَوْبِ الدُّجَى الشَّفَقُ لَجاجَةٌ لَمْ أُضاجعْ دُونَها وَسَناً ... وَرُبَّما جَرَّ أَسْبابَ الْكَرَى اْلأَرَقُ وقال في قصيدة أولها: ضَمانٌ عَلَى عَيْنَيَّ سَقْىُ دِيارِكِ ... وَإنْ لَمْ تَكُونِي تَعْلِمينَ بِذَلِكِ لَنا إبلٌ مِلُء الْفضاءِ كَأَنَّما ... حَمَلْنَ التَّلاعَ الحُوَّ فَوْقَ الحْوَارِكِ وَلِكنْ إذا أَغْبَرَّ الزَّمانُ تَزَوَّجَتْ ... فَجادَتْ عَلَيْهِ بِاْلعُروقِ السَّوافِكِ وَمَا اْلَعْيش إلاَّ مُدَّةٌ سَوْفَ تَنْقَضِي ... وَما المالُ إلاَّ هالِكٌ عِنْدَ هاِلكِ وقال: تَعاهَدَتْكَ الْعِهادُ يا طَلَلُ ... خَبِّرْ عَنِ الظَّاعِنِينَ ما فَعَلُوا فَقالَ لَمْ أَدْرِ غَيْرَ أَنْهُمُ ... صاحَ غَرابٌ بِالْبَيْنِ فَاحْتَمَلُوا

لاَ طَال لَيْلِي ولاَ نَهارِيَ مَنْ ... يَسْكُنَنِي أَوْ يَرُدُّهُمْ قَفَلْ وَلا تَحَّليْتُ بالرَّياضِ وَبِال ... نَّوْرِ وَمَغْنايَ مِنْهُمْ عَطلُ عَلَىَّ هَذا فَما عَلَيْكَ لَهُمْ ... قُلْتُ زَفِيرٌ وَدَمْعَةٌ هَمَلُ وَأَننَّيِ مُقْفَلُ الضَّمائِرِ مِنْ ... حُبِّ سِواهُمْ ما حَنَّتِ الإبِلُ فَقالَ هَلاَّ تَبِعْتَهُمْ أَبداً ... إنْ نَزَلُوا مَنْزِلاً وَإنْ رَحَلوُا هَيْهاتَ إنَّ الِمُحبَّ لَيْسَ لَهُ ... هُمٌّ بِغَيْرِ الهَوَى وَلاَ شُغُلُ تَرَكْتَ أَيْدِي النَّوِى تَعُودُهُمْ ... وَجِئْتَنِي عَنْ حِدَيثِهِمْ تَسَلُ؟ فَقُلْتُ لِلرَّكْبِ لا قَرارَ لنَا ... مِنْ دُونَ سَلْمَى وَإنْ أَبَي العَذِلُ وَلَمْ يَزَلْ يَخْبِطُ الْقلاَةَ بِأَخْفَا ... فِ المَطايَا وَالظِّلُّ مُعْتَدلُ كَأَنَّما طارَ تَحْتَنا قَزَعٌ ... عَلَى أَكُفِّ الرِّياحِ يَنْتَقِلُ يُغْرِي بُطونَ النَّقا النَّقِّيِ كَما ... يُطْعَنُ بَيْنَ الجْوَانِح اْلأَسَلُ حَتَّى تَبَدَّتْ فِي الْفَجْر ظَعْنُهُمُ ... وَسائِقُ الصُّبْحِ بالدُّجَى عَجِلُ وَفْوَقهُنَّ الْبُدورُ تَحْجُبُها ... هَوادِجٌ تَحُتُّ رَقْمَها الْكَلِلُ فَلَمْ يَكُنْ بَيْنَنا سِوَى الَّلْحِظ وَالْ ... دَمْعُ كَلامٌ لنَا وَلاَ رُسُلُ

هَذا لَهَذَا فَما لِذِي إحَنٍ ... يَدُسُّ لِي كَيْدَهُ وَيَخْتَتِلُ وَإنْ حَضَرْتُ النَّدِىَّ وَكَّلَ بِي ... لَحْظاً بِنَبِلْ الشَّحْناءِ يَنْتَضلُ يا وَيْلَهُ مِنْ وُثُوبِ مُفْتَرِسٍ ... رُبَّ فَراغٍ مِنْ تَحْتِهِ عَمَلُ أسْتَبْقِ حِلْمِي لا تُفْنِهِ سَرَفاً ... فَبَعْدَ حِلْمِي لأُمِّكَ الْهَبَلُ لَيْتَكَ قُرْبِي إذا تَلاَحَقَ نَفْعا ... نٌ وَأَبْدَى أَنْيابَهُ اْلأَجَلُ وَقَدْ تَرَدَّيْتُ بِابْنِ صاعِقَةٍ ... أَخْضَرَ ما فِي غُرابِهِ فَلَلُ كَمْ مِنْ عُداةٍ أَبارَهُمْ غَضَبِي ... فَلَمْ أَقُلْ أَيْنَ هُمْ وَما فَعَلوُا وقال: إذَا أَنا لَمْ أَجْزِ الزَّمانَ بِمِثْلهِتَقَلَّبَ مِنِّي الدَّهْرُ فِي جانِبٍ سَهْلِ عرمْتُ فَما أُعْطِى الْحَواِدثَ طاعةً ... وَلَيْسَ يُطِيعُ الحَادِثاتِ فَتىً مِثْلِي وقال: سَقْياً ِلأَيَّامٍ مَضَتْ قَلائِلِ ... إذْ أَنا فِي عُذْرِ الشَّبابِ الْجَاهِلِ وَلَّمِتى مَصْقُولَةُ السَّلاسِلِ ... أَحْكُمْ فِي غِرَّات دَهْرٍ غَافِلِ يَقْصُرُ بِاْلحَقِّ عَنانُ البْاطِلِ ... وَوَعَظَ الدَّهْرُ بِشَيْبٍ شامِلِ وَشَكَّنِي بِأَسْهُمٍ قَواتِلِ ... صَوائِبٍ تَهْتَزُّ فِي المَقاتِلِ

أَفْلَسْتُ مِنْ ذاكَ الزَّمانِ الزَّائِلِ ... إلاَّ بِطُولِ الذِّكْرِ وَالْبَلابِل لَسْتُ أُرَى فَرِيسةً لآكِلِ ... بَلْ سَيِّداً مِنْ سادَةِ الْقَبائِلِ مُنْفَرِداً بِحَسَبٍ وَناِئِل ... وَعاِلماً يُكْثِرُ غَيْظَ الجَاهِلِ وقال: فِي اْليَأْسِ لِي عِزٌّ كَفَانِي ذُلِّي ... يَشْرَكُنِي فِي الْقُوتِ كُلُّ خِلِّ وَالسَّيْفُ راعِي إبلِي فِي المَحْلِ ... يُسْلِمُها إلَى قُدُورٍ تَغْلِي تَرْقَلُ فِيها بِالْوَقوُدِ الجَزْلِ ... إرْقالهَا فِي السَّيِرْ تَحْتَ الرَّجْلِ رَأَبْتُ بالجْوُد عُيوُنَ الْبُخْل وقال: أَهاجَكَ أَمْ لاَ بِالدُّوَيْرَةِ مَنْزِلٌتَجِدُّ هُبوُبُ الرِّيِحِ مِنْهُ وَتَهْزُلُ قَضَيْتُ زِمامَ الشَّوْقِ فِي عَرَصاتِهِ ... بِدَمْعٍ مُخَلًّي فَوْقَ وَجْدِيَ يَهْطُلُ وَباْلقَصْرِ إذْ خاطَ الخَلِيُّ جُفُونَهُ ... عَنانِي بَرْقٌ بالرَّحِيلِ مُسَلْسَل فَلِّله أَسْبابُ الهَوَى كَيْفَ تَنْقَضِي ... وَللهِ رَجْعاتُ الهَوَى كَيْفَ تُقْبِلُ وَقَدْ أَشْهَدُ الغْاراتِ وَالَمْوتُ حاِكٌم ... يَجُورُ بِأَطْرافِ الرَّماحِ وَيَعْدلُ وَخَيْلِ طَواها الْقَوْدُ حَتَّى كَأَنَّهاأَنابِيبُ شَمْسٍ منْ قَنَا الْخَطِّ ذُبَّلُ

صَبَبْنا عَلَيْها ظاِلمينَ سِياطَنا ... فَطارَتْ بِها أَيْدٍ سِراعٌ وَأَرْجُلُ وَكُلُّ الَّذِي سَرَّ الْفَتَى قَدْ أَصَبْتُهُ ... وَساعَدَنِي فِيِه أَخِيٌر وَأَوَّلُ فَمِنْ أَيِّ شَيْءٍ جازَكَ اللُّوْمُ أَتَّقِىعَلَى مُهْجَتِي أَوْ أَيِّ شَيْءٍ أُؤَمِّلُ وقال أَلِمْ تَحْزَنْ عَلَى الرَّبْعِ المُحِيلِ ... وَآثارٍ وَأَطْلاَلٍ نُحُولِ عَفَتْهُ الرِّيحُ بَعْدَكَ كُلَّ يَوْمٍ ... وَجالَتْ فِيِه أَفْراسُ السُّيوُلِ وَمَاءٍ دَارِسِ اْلآثارِ خالٍ ... كَدَمْعٍ حارَ فِي جَفْن كَحِيلِ طَرَقْتُ بِيَعْمَلاَتٍ ناجِياتٍ ... وَأُفُقُ الصُّبْحِ أَدْهَمُ ذُو حُجُولِ أَبَيْتُ فَلَمْ أُنِمْ ثَأْراً لِعَجْزٍ ... وَلَمْ أُغْلَبْ عَلَى الْعَفْوِ الْجَمِيلِ وَمالٍ قَدْ حَلَلْتُ الْعَقْدَ عَنْهُ ... إذَا انْعَقَدتْ بِهِ نَفْسُ الْبَخِيلِ وقال: لَنا عَزْمَةٌ صَمَّاءُ لا تَسْمَعُ الرُّقَى ... تُبِيتُ أُنُوفَ الْعاذِلِينَ عَلىَ رَغْمِ وَإنَّا لَنُعْطِي الْحَقَّ مِنْ غَيْرِ حاكمٍعَلَيْنا وَلوْ شِئْنا لَنِمْنا عَلَى الظُّلْم وقال: طالَ لَيْلِى وَساوَرَتَنْيِ الْهُمُومُ ... وَكَأنِّي لكُلِّ نَجْم غَرِيمُ

ساهِراً هاجِراً لِنَوْمِيَ حَتَّى ... لاحَ تَحْتَ الظَّلامِ فَجْرٌ سَقِيم دامَ كَرُّ النَّهارِ وَاللَّيْلٍ مَحْثُو ... ثَيْنِ ذا مُنْبِهٌ وَهَذا مُنِيمُ وَبَخِيلٌ وَذُو سَخاءٍ وَلَوْلاَ ... لُؤْمُ هَذا ما قِيلَ هَذا كَرِيمُ وَرَحًى تَحْتَنا وَأُخْرَى عَلَيْنا ... كُلُّ مَنْ فِيها طَحِينٌ هَشِيمُ فَتَرَى صَنْعَةً تُخَبِّرُ عَنْ خا ... لِقِنا أَنَّهُ لَطِيفٌ حَكيِمُ كَيْفَ نَوْمِي وَقَدْ حَلَلْتُ بِبَغْدا ... دَ مُقيِماً بِأَرْضِها لا أُرِيمُ بِبِلادٍ فِيها الرَّكايا عَلْيِه ... نَّ أَكالِيلٌ مِنْ بَعُوضٍ تَحُومُ جَوْفُها فِي الشَّتاءِ وَالصَّيفِ وَالْفَصْ ... لِ دُخانٌ ومَاؤُها مَحْمُومُ لَيْسَ دارَ المُلْكِ الَّتِي تَنْفَحُ الْمِسْ ... كَ إذا مَا جَرى عَلَيْهِ النَّسِيمُ وَكَأنَّ الرَّبِيعَ فيهِا إذا نَوَّ ... رَ وَشْيٌ أَوْ جَوْهَرٌ مَنْظُومُ طَرَفاها بَرٌّ وَبَحْرٌ وَيُجْنَي الْ ... وَرْدُ فِيها ولَلشِّيحُ وَالْقَيْصُومُ نَحْنُ كُنَّا سُكَّانَها فَانْقَضَى ذا ... كَ وَبِنَّا وَأَيُّ شَيْءٍ يَدُوم أَنا مَنْ تَعْلَمُونَ أَسْهَرُ لْلِ ... مَجْدِ إذا غَطَّ فِي الْفرِاشِ اللَّئِيمُ يا بَنِي عَمِّنا إلىَ كَمْ وَحَتَّى ... لَيْسَ ما تَفْعَلُونَهُ يَسْتَقَيِمُ وَعَزِيزٌ عَلَىَّ أَنْ يَصْبُغَ اْلأَرْ ... ضَ دَمٌ مِنْكُمُ عَلَىَّ كَرِيمُ

قال عبد الله بن المعتز

قال عبد الله بن المعتز يا دارُ يا دارَ إطْرابِي وَأَشجانِي ... أَبْلَى جَدِيدَ مَغانِيكِ الْجَدِيدانِ لَئِنْ تَخَلَيِتْ مَنْ لَهْوِى وَمِنْ سَكَنِيلَقَدْ تَأَهَّلْتِ مِنْ هَمِّي وَأَحْزانِي جاءَتْكِ راِئَحةٌ فِي إثْرِ غادِيَةٍ ... تَرْوي ثَرَى مِنْكِ أَمْسَى غَيْرَ رَيَّانِ حَتَّى أَرَى النَّوْرَ فِي مَغْناكِ مُبْتَسماً ... كَأَنَّهُ حَدَقٌ فِي غَيْرِ أَجْفانِ ماذا أَقُولُ لِدَهْرٍ شَتَّتَتْ يَدُهُ ... شَمْليِ وَأَخْلَى مِنَ الأَحْبابِ أَوْطانِي كَمْ نِعْمَةٍ عَرَفَ اْلأْخوانُ صاحِبَها ... لَمَّا مَضَتْ أَنْكَرُوهُ بَعْدَ عِرْفانِ وَمَهْمَهٍ كَرِداءِ الْوَشْىِ مُشْتَبِهٍ ... نَفَذْتُهُ وَالدُّجَى وَالصُّبْحُ خَيْطانِ وَالَرِّيحُ يَجْذِبُ أَطْرافَ الرِّداء كَمَاأَفْضَى الشَّقيِقُ إلَى تَنْبِيِه وَسْنانِ وَرُبِّ سِرٍّ كنَار الصَّخْرِ كِامِنَةٍ ... أَمَتُّ إظْهارَهُ مِنِّي فَأَحْيانِي لَمْ يَتَّسِعْ مَنْطِقي عَنْهُ ببِائِحَةٍ ... حَزْماً وَلا ضاقَ عَنْ مَثْواهُ كِتْمانِي وَرُبَّ نارٍ أَقَمْتُ الْجُودَ يُوقُدها ... فِي لَيْلَةٍ مِنْ جُمادى ذاتِ تَهْتانِ تَقَيَّدَ اللَحْظُ فِيها عَنْ مَسالِكِهِ ... كَأَنَّما لَبِسَتْ أَثْوابَ رُهْبانِ وَقَدْ تَشُقُّ غُبارَ الْحَرْبِ بِي فَرَسٌ ... مُسْتَقْدمٌ غَيْرَ هَيَّابٍ وَلا وانِي وَكُلُّ قائِمَةٍ مِنْهُ مُرَكَّبَةٌ ... فِي مِفْصَلٍ ضَامِرِ اْلأَعْصَابِ ظَمْآنِ

بِحَيْثُ لاَ غَوْثَ إلاَّ صَارِمٌ ذَكَرٌ ... وَحَيَّةٌ كَحبابِ المَاءِ تَغْشانِي وَصُعْدَةٌ كَرشَاءِ الْبِئْرِ ناهِضَةٌ ... بِأَزْرَقٍ كَاتَّقاِد النَّجْمِ يَقْظانِ وَقَدْ أَرِقْتُ لِبَرْقٍ طَارَ طَائِرُهُ ... وَالنُّورُ قَدْ خاطَ أَجْفاناً بِأَجْفانِ سَلِي بِدِيِنِكِ هَلْ عَرَّيْتُ مِنْ مِنَنَىِخَلْقاً وَهَلْ رُحْتُ في أثوابِ مَنَّانِ وقال: شَجاكَ الْحَيُّ إْذ بانُوا ... فَدَمْعُ الْعَيْنِ تَهْتانُ وَفِيهِمُ رَشَاٌ أَغْيَ ... دُ ساجِي الطَّرْفِ وَسنانُ وَلَمْ أَنْسَ وَقَدْ زُمَّتْ ... لِوَشْك الْبَيْنِ أَظْعانُ وَقَدْ أَنْهَلَنِي فاهُ ... وَوَلَّى وَهْوَ عَجْلانُ فَقُلْ فِي مَكْرَعٍ عَذْبٍ ... وَقَدْ وَافاهُ عَطْشانُ وَضَمٍّ لَمْ يَكُنْ تَحْسَ ... بُهُ في الرِّيحِ أَغْصانُ كَما ضَمَّ غَرِيقٌ سا ... بِحاً وَالمَاءَ طُوفانُ وَما خِفْنا مِنَ النَّاسِ ... وَهَلْ فِي الناسِ إنْسانُ جَزَيْنا اْلأُموِيَّيَنا ... وَدِنَّاهُمْ كَما دَانُوا وَلِلْخَيِرْ وَلِلشَّرِّ ... بِكَفِّ الدَّهْرِ مِيزانُ

وَلَوْلاَ نَحْنُ قَدْ ضاعَ ... دَمٌ بِالطَّفِّ صَدْيانُ بِهِ حُلَّتْ عُرَي الدِّينِ ... وَهُدَّتْ مِنْهُ أَرْكانُ فَيا مَنْ عِنْدَهُ الْقَبْرُ ... وَطِينُ الْقَبْرِ قُرْبانُ بِأَسْياِفُكمُ أَوْدَى ... حُسَيْنٌ وَهْوَ ظَمْآنُ فَهَلاَّ كانَ ذا الحبُّ ... وَداعِي النَّصْرِ لَهْفانُ وَهَلاَّ كانَ إمْساكٌ ... إذا لَمْ يَكُ إحْسانُ وقال: ضَمنَ اللِّقاءَ رَواحُ نِاجَيةٍ ... مَقْذُوفَةٍ بالنُّحْضِ كاَلرَّعْنِ تُصْغِي إلىَ أَمْرِ الزمَّامِ كَما ... عَطَفَتْ يَدُ الجْانِي ذُرَي اْلغُصْنِ وَكَأَنَّ ظُعْنَ الْحَيِّ غادِيَةً ... نَخْلٌ سُقِيتِ الْغَيْثَ مِنْ ظُعُنِ أَوْ أَيْكَةٍ ناحَتْ حَمائِمُها ... فِي فَرْعِ أَخْضَرَ ناعِمٍ لَدْنِ يَصْفَقْنَ أَجْنَحةً إذا انْتَقلَتْ ... مَنْشُورَةً كَطَيِالسٍ دُكْنِ وَجَدَ المُتَيَّمُ وَهْيَ هاتِفَةً ... ما شئْتَ مِنْ طَرَبٍ وَمِنْ حُزْنِ يا هِنْدُ حَسْبُكِ مِنْ مُصارَمَتِي ... لا تَحْفِلي فِي الْحُبِّ بِالظَّنِّ حَتَّامَ تَلْمعُ لِي سُيوفُكُمُ ... حاشايَ مِنْ جَزَعٍ وَمِنْ جُبْنِ

كَمْ طابِخٍ قِدْراً لِيَأَكُلَها ... فاضَتْ عَلَيْه بِفاِئرٍ سُخْنِ لا مُنْصُلِي هَجَرَ الضِّرابِ وَلا ... صَدِئَتْ مَضارِبُهُ مِنْ الْحُزْنِ ومما قال في الخمر: تَعالَوْا فَسَقُّوا أَنْفساً قَبْلَ مَوْتِها ... لِيَأْتَي ما يَأْتِي وَهُنَّ رِواءُ نُبادِرُ أَيَّامَ السُّرورِ فَإِنَّها ... سِراعٌ وَأَيَّامُ الُهموِم بِطاءُ وَخَلَّ عِتابَ الحْادِثاتِ لِوَجْههِا ... فَإنَّ عِتابَ الْحادِثاتِ عَناءُ وقال: عَذَرَتْهُ السُّلافَةُ الْعَذْراءُ ... فَلهَا وُدُّ نَفْسِهِ وَالصَّفاءُ رُوحُ دَنٍّ لَها مِنَ الْكَأْسِ جِسْمٌ ... فَهْيَ فِيِه كالنَّارِ وَهْوَ هَواءُ وَكَأَنَّ النَّدِيمَ يَلْثِمُ فاهُ ... كَوْكَبٌ كَفُّهُ عَلَيْهِ سَماءُ وقال: سَعَي إلَى الدَّنِّ بِالْميزِار يَنْقُرُهُ ... ساقٍ تَوشَّحَ بِالمِنْدِيلِ حِينَ وَثَبْ لَمَّا وَجاها بَدَتْ صَفْراءَ صافِيَةً ... كَأَنَّهُ قَدَّ سَيْراً مِنْ أَدِيمٍ ذَهَبْ وقال: أَما تَرَى يَوْمَنا قَدْ جاءَ بِالعَجَبِ ... فَلا تُعَطَّلْهُ مِنْ شُرْبٍ وَمِنْ طَرَبِ

أَسْتَغْفِرُ اللهَ مِرْ لَحْظٍ أُرَدِّدُهُ ... مُفَزَّعٍ مِنْ دَواعِي الظَّنِّ وَالِّريبِ كَما تَحَكَّمَ فِي الْعُنْوانِ قارِئُهُ ... وَلَمْ يَفُضَّ خَواتِيماً عَلَى الْكُتُبِ وقال لاَ تَسِقها الَمَاء وَاتْرُكْها كَمَا نَزَلَتْفَحَسْبُها مِنْهُ ما قَدْ أُسْقِيَتْ عِنَبا وَكَيْفَ كانَ إذا ما طافَ يَحْملُها ... ظَبْيٌ يُسَقِّيكَ فَضْلَ الْكأْسِ إنْ شَرِبا وَقَدْ تَرَدَّتْ بِمِنْدِيلٍ عَواِتقُهُ ... وَقَطَّب الْوَجْهَ مِنْ تِيهٍ وما غَضِبا وَناوَلَتْ كَفُّهُ النَّدْمانَ صاِفيةً ... كَأَنَّهُ إذْ حَساها نافِخٌ لَهَبا وقال سَقْياً لأَرْضِ القَيْصُومِ وَالغْرَبِ ... وَسُرَّ مَنْ رَّا واْلجَوْسَقِ الْخَرِبِ وفيها فَسَقِّىِ قَهْوَةً عَرُوسَ دسَاِكي ... رٍ عَلَيْها طَوْقٌ مِنَ الْحَبَبِ فَصارَ فِي الكَأْسِ مِنْ أَبارِقِه ... ماءَيْنِ مِنْ فِضَّةٍ وَمِنْ ذَهَبِ فِي مَجْلسٍ غابَ عَنْهُ عاذُلِهُ ... تُطْرَدُ فِيِه الهْمُوُمُ بِالطَّرَبِ وَكَمْ عِناقٍ لَنا وَكَمْ قُبَلٍ ... مُخْتَلَساتٍ حِذارَ مُرْتَقِبِ نَقْرَ العْصَافِيِر وَهْيَ خائِفَةٌ ... مِنَ النَّواطِيِر يانِعَ الرُّطَبِ

وقال نَبَّهْتُ نَدْمانِي فَهَباَّ ... طَرَباً إلىَ كَأْسِي وَلَبَّي نَشْوانَ يَحْكِي مِثْلُهُ ... غُصْناً بأَيْدِي الرِّيحِ رَطْبا ما زالَ يَصْرَعُهُ الْكرَىَ ... وَأَذُبُّ عنْهُ النَّوْمَ ذَبَّا وَسَقَيْتُهُ كأْساً عَلَى ... أَلَمِ الخُمارِ فَما تَأَبَّى وَالَّليْلُ مُشْمَطُّ الذُّرَى ... وَالصُّبْحُ حِينَ حَبا وَشَبَّا وقال يا مَنْ يُفَنِّدُني في اللَّهْو وَالطَّرَب ... دَعْ ما تَراهُ وَخُذْ رَأْيي فَحسْبُكَ بِي وَقَدْ يُباكِرُنِي السَّاقِي فَأَشْرَبُها ... راحاً تُرِيحُ مِنَ الأحزِان وَالْكرَبِ فَسَبَّحَ الْقَوْمُ لَمَّا أَنْ رَأَوْا عَجَباًنُوراً مِنَ المْاءِ فِي نارٍ مِنَ الْعِنَبِ لَمْ يُبْقِ مِنْها الْبِلى شَيْئاً سِوَى شَبَحٍيُجِيلُهُ الْوَهم بَيْنَ الصَّدْقِ وَالكْذَبِ وقال وَساقٍ إذا ما الْخَوْفُ أَطلقَ لَحْظَهُ ... فَلا بُدَّ أَنْ يَلْقَى بِتَسْليِمِهِ صَبَّا يَطُوفُ بِاْبِرِيقٍ عَلَيْنا مُقَدَّمٌ ... فَيَسْكُبَ فِي كاساتِنا ذَهَباً رَطْبا

وقال سَقَتْنَيِ فِي ليْلٍ شَبِيهٍ بِشَعْرِها ... شَبِيهَةَ خَدَّيْها بِغْيِر رقيِبِ فَبِتُّ لذَا اللَّيْلَيْنِ بِالشَّعْرِ وَالدُّجَىوَفَجْرَيْنِ مِنْ راحٍ وَوَجْهِ حَبِيبِ وقال أَلاَ فَاسْقِنِيِها قَدْ نَعَى اللَّيْلَ دِيكُهُوَعُرَى أُفْقُ الصُّبْحِ فَهْوَ سَلِيبُ وَقَدْ لاحَ للسَّارِي سُهَيْلٌ كَأَنَّهُ ... عَلىَ كُلِّ نَجْمٍ فِي السَّماءِ رَقيِبُ وقال بِحَياتِي يا حَياتي ... اشْرَبْ الْكَأْسَ وَهاتِ قبْلَ أَنْ يَفْجَعَنا ال ... دَّهْرُ بِبَيْنٍ وَشَتاتِ لا تَخُوِنيِني إذا مِ ... تُّ وَقَامَتْ بِي نُعاتِي إنَّما الْوَافِي بِعَهْدِي ... مَنْ وَفَى بَعْدَ مَماتِي وقال لَوْ شِئْتُ زُرْنا عَرُوسَ حانُوتِ ... بِطَيْزَناباذَ أَوْ قُرَى هِيتِ وَشادِنٍ أُقْطِعَ الْملاَحَة فِي ... وَجْهٍ مِنَ العْاشِقِينَ مَنْحُوتِ يَمُجُّ إِبْريقُهُ المُدامَ كما انْ ... قَضَّ شِهابٌ فِي إثْرِ عِفْريتِ لِلمْاءِ فِيها كِتَابَةٌ عجَبٌ ... كَمِثْلِ نَقْشٍ فِي فَصِّ ياقُوتِ

وقال إنْ أَذْكُرِ الكَرْخَ لاَ أَنْسَى المُدِيِراتِ ... وبَالْمِطيَرةِ أيَّامِي وَلَيْلاتِي مَنازِلٌ لَمْ يَضْر عُنْقُودَ كَرْمَتِها ... أَنْ لَمْ يَكُنْ بِقُرَى هِيتٍ وَعاناتِ حَتَّى إذا تَمَّ أَهْدَتْهُ مَعاصِرُهُ ... لِلشَّمْسِ بَيْنَ دَساكِيٍر وَحاناتِ وَظَلَّ خَمَّارُهُ يَكْسُوهُ طِيَنَتهُ ... قَلاِنساً رُكِّبتْ فِي غَيْرِ هامَاتِ يا مُسْتَطِيلاً عَلَى ذُليِّ بِعِزِتَّهِ ... وَفاِرغَ الْقَلْبِ مِنْ فِعْلِ الصَّباباتِ ماذَا تَرَى فِي جَرِيحٍ لا بِسٍ دَمَهُ ... مُقَّسمٍ بَيْنَ أَفْواهِ المَنِيَّاتِ وَيْحَ الْمُحِبِّينَ مَا أشقَى جُدُودَهُمُ ... إنَّ المُحِبِّينَ أَحْياءٌ كَأَمْواتِ وقال وَمُدامَةٍ يَكْسُو الزُّجاجَ شُعاعُها ... حُلَلاً مُذَهَّبَةً إذا ماسُلَّتِ حُبِسَتْ وَلَمْ تَرَ غَيْرَها فِي دَنِّها ... فَتَعَطَّرَتْ مِنْ نَفْسِها وَتَحَلَّتِ قَدْ جاءَنِي بِكُؤوسِها ذُو غُنَّةٍ ... صامَتْ لَهُ صُوَرُ المِلاحِ وَصَلَّتِ وقال يَا لَيْلَةَ الِميلادِ هَلْ عَرَفْتَ ... أَسْهَرَ مِنَّي قُطُّ مُذْ خُلِقْتَ أَلَمْ أُصابِرْك كَما صَبِرْتِ ... وَآخَذُ الْكَأْسَ وَما أَخَذْتِ

وقال اشْرَبْ عَلَى مُوِق الزَّماِن وَلا تَمُتَ ... أَسَفاً عَلَيْهِ دَائِمَ الْحَسَراتِ وَانْظُرْ إلَى دُنْيا رَبِيعٍ أَقْبَلَتْ ... مِثْلَ الْبَغِيِّ تَبَرَّجَتْ لِزُناِة ماذا أثارَ الْفَجْرُ فِي أَنْواِرِه ... نَطَقَتْ صُنُوفُ طُيُورِهِ بِلغُاتِ وَالْوَرْدَ يَضْحَكُ مِنْ نَواظِرِ نَرْجِسٍ ... فَدَنًتْ وَآذَنُ حُبُّها بِمَماتِ وَتَنَوَّحَ الزَّرْعُ الْفَتِىُّ بِسُنْبُلٍ ... غَضِّ المكَاسِرِ أَخْضَرِ الجَنَباتِ وَالْكَمْأَةُ السَّمَراءُ بادٍ حَجْمُهَا ... قَدْ حانَ مِنْها مَوْسِمٌ لِجُناِة فَكَأَنَّ أَيْدَيُهمْ وَقَدْ بَلَغَ الضُّحَى ... يُفْصِحْنَ فِي الْقيِعانِ عَنْ هاماتِ وَالْغَيْثُ يُهْدِي الطَّلُّ كُلَّ عِيِشَّةٍ ... بِعُيونِ نَوْرٍ لَمْ تُخَطْ لِسِناتِ وَتَرَى الرَّياحَ إذا مَسَحْنَ غَدِيَرهُ ... صَفَّيْنهُ وَنَفَيْنَ كُلَّ قَذاة ما إنْ يَزَالُ عَلَيْهِ طَيْرٌ كَارِعٌ ... كَتَطَلُّعِ الَحْسنِاء فِي الْمِرآةِ وَسَوائِرٍ يَخْذِفْنَ فِيِه بِأَرْجُلٍ ... سَكَنَتْ عَلَيْه بَكْثَرةِ الحْرَكَات فَتَخالُهُنَّ كَرَوْضَةٍ فِي لُجَّةٍ ... وَكَأَنَّما يَصْفُرنَ مِنْ قَصَباتِ وَتَغَرَّدَ المُكَّاءُ فِي صَحْرائِهِ ... تَغْرِيدَ مُرْتْاحٍ مِنَ النَّشَوَاتِ يا صَاحِ غَادِ الخْنَدْرِيِسَ فَقَدْ بَدَا ... شِمرْاخُ صُبْحٍ مِنْ ذُرَى الظُّلُمات

وَالرِيحُ قَدْ باحَتْ بِأَسْرَارِ النَّدَى ... وَتَنَفَّسَ الرَّيْحانُ فِي الْجَنَّاتِ شَفِّعْ به السَّاقي وَطِيبَ زَمانِهِ ... فِي السُّكْرِ كُلَّ عَيِشَّةٍ وَغَدَاةِ وَمُعَشَّقِ الحَرَكاتِ يَحْلوُ كُلُّهُ ... عَذْبٌ إذاَ ما ذِيقَ فِي الخَلَواتِ مَا إنْ يَرَاك إذَا مَشَى مُسْتَنْطقاً ... لِمَغاِلقٍ مِنْ فِضَّةٍ قَلِقاتِ فَكَأَنَّهُ مُسْتَصْحِبٌ دِيباجَةً ... فِي خُضْرَةٍ مِنْ كَثْرَةِ الجَلَباتِ طَالَبْتُهُ بِمَوَاعِدٍ فَوْفَى بِها ... فِي رَقْدَةِ كَانَتْ مِنَ الْفَلتَاتِ وقال: يا عَيْنُ نُوحِي بِأَسْراِر الهَوَى نُوحِيقَدْ بَرَّحَ الْكَتْمُ بِي كُلَّ التبَّارِيحِ كَمْ لَيْلَةٍ قَدْ عَدَوْنا تَحْثَ كَوْكَبِهاوَالْفَجْرُ يُومِيء لِلسَّارِي بِتَلْويِحِ تَجْرِي بِنا مِنْ بَناتِ الرَّيحِ مَلْجَمةٌ ... طارَتْ بِكُلِّ خَفِيِف الجْسمْ واَلرُّوحِ يُنْهِبْنَ أَنْفاَسنا الِمْسْكَ الْعَتِيقَ إذاوَطِئْنَ مِنْ لَمْمِ الْقَيْصُومِ وَالشَّيحِ وَمُغْرَمِينَ بِشُرْبِ الرَّاحِ قَدْ هَتَكُواأَسْتارَهُمْ وَلَقَوْا عَدْلاً بِتَصْريِحِ خَاضُوا الظَّلامَ إلَى خَمَّارِ دَسَكْرَةٍ ... مُنَعَّمِ النَّوْمِ يَقْظانِ المَصابيحِ يَبِيُت يَشْخُبُ زِقّاً أَوْ يُفَرِّغُهُ ... بَأَنْطَعَ مِنْ رخَالِ الذَّيخِ مَذْبُوحِ قُلْنا لَهُ هَاِتها وَاحْكُمْ عَلَى كَرَمٍ ... فَقَدْ ظَفِرْتَ بِفْتِيانٍ مَسامِيِح

وَقَدْ أَتَوْكَ إلَى غُمَّيٍ لِتُعْدِيَهُمُ ... عَلَى الْهُمُومِ بِتَفْرِيجٍ وتَفَرْيِحِ فَصَبَّ فِي كأْسِهِ راحاً مُعَتَّقَةً ... ظَلَّتْ تُحَدِّث عَنْ عادٍ وَعَنْ نُوحِ وقال لَبِسْنا إلَى الخْمَاَّرِ وَالنَّجْمُ غَائِرٌ ... غِلاَلَةَ لَيْلٍ طُرِّزَتْ بِصَباحِ وَظَلَّتْ تُديُر الْكَأْسَ أَيْدِي جَآذِرٍ ... عِتاقِ دَنانِيِر الْوُجُوهِ مِلاحِ وقال خَلِّ الزَّمانَ إذا تَقَاعَسَ أَوْ جَمَعْوَاشْكُ اْلُهمُومَ إلَى الْمُدامَة وَاْلقَدَحْ وَاضْمُمْ فُؤَادَكَ إنْ شَرِبْتَ ثَلاثَةًوَإحْذَرْ عَلَيْهِ أَنْ يَطِيَر مِنَ الْفَرَحْ هَذا دَواءٌ لِلْهُمُومِ مُجَرَّبٌ ... فَاقْبَلْ مَشُورَةَ نَاصِحٍ لَكَ إنْ نَصَحْ وَدَعِ الزَّمانَ فَكَمْ رَفِيقٍ حازِمٍ ... قَدْ رَامَ إصْلاَحَ الزَّمانِ فَما صَلَحْ وَمُكَلَّلٍ بِاْلآسِ بَعْدَ وَطِيَّةٍ ... نَظَمَتْ مَخانِقَهُ الخَواصِرُ مِنْ بَلَحْ قَدْ باتَ يَنْطِقُ عُودُهُ فِي كَفِّهِ ... غَرِداً كَقِمْرِىِّ الحمَامِ إذاَ صَدَحْ وَإذَا أَبَى إلاَّ اقْتِراحَ غِناِئِه ... جاوَزْتُهُ وَطَلَبْتُ ما لَمْ أَقْتَرِحْ وَإذَا تَمادَى فِي السُّرُورِ قَطَعْتُها ... بِالضَّمِّ وَالتَّقْبِيلِ حَتَّى يَصْطَلِحْ وقال خَلِيَليَّ اتْرُكا قَوْلَ النَّصِيحِ ... وَقُوما فَاْمِزجا رَاحاً بِرُوِحي

فَقَدْ نَشَرَ الصَّباحُ رِدَاءَ نُورٍ ... وَهَبّضتْ لِلنَّدَى أَنْفاسُ ريِحِ وَحانَ رُكُوعُ إْبِريقٍ لطَاسٍ ... وَنادَى الدِّيكُ حَيَّ عَلَى الصَّبُوحِ هَلِ الدُّنْيا سِوَى هَذَا وَهَذَا ... وَسَاقٍ لاَ يُخَالِفُنا مَليِحِ وقال وَلَيْلَةٍ أَحْيَيْتُها بِالرَّاحِ ... مُحْسِنَةٌ مُسِيَئُة اْلاِصبْاحِ أَهَنْتُ فِيها سَخَطَ اللَّوحِي ... أُكَاثِرُ اْلأَصْواتَ بِاْلأَقْداحِ وقال عَنانِي صَوْتُ مُسْمِعَةٍ وَراحُ ... تُباكِرُنِي إذا بَرَقَ الصَّباحُ وَمَشْوُقُ الشَّمائِلِ كَسْكَرِىٌّ ... لَهْ مِنْ لَحْظِ عَيْنْيِه سِلاحُ كَأَنَّ اْلكَأْسَ فِي يَدِهِ عَرُوسٌ ... لَها مِنْ لُؤْلُؤٍ رَطْبٍ وِشاحُ وَقائِلَةٍ مَتَى يَفْنَى هَواهُ ... فَقُلْتُ لهَا إذا فَنِىَ المِلاحُ وقال قَمْ يا نَدِيِمي نَصْطَبِحْ بِسَوادِ ... قَدْ كادَ يَبْدوُ الْفَجْرُ أَوْ هُوَ باِد وَأَرىَ الثُّرَيَّا فِي السَّماءِ كَأَنَّها ... قَدَمٌ تَبَدَّتْ فِي ثِيابِ حِدادِ فَاشْرَبْ عَلَى طِيبِ الزَّمانِ فَقَدْ حَدا ... بِالصَّيْفِ مِنْ أَيْلولَ أَسْرَعُ حادِ

وَأَشَّمنا بِالَّليْلِ بَرْدَ نَسِيمِهِ ... فَارْتاحَتِ اْلأَرْواحُ فِي اْلأَجْسادِ وَأفَاكَ بِاْلأَنْداءِ قُدَّامَ الَحَيا ... فَاْلأَرْضُ لْلأَمْطارِ فِي استِعْدادِ كَمْ فِي ضَمائِرِ طُهْرها مِنْ رَوْضَةٍ ... بِمَسيلِ مَاءٍ أَوْ قُرارَةِ وَادِ تَبْدُو إذا جاءَ السَّحابُ بِقْطِرهِ ... فَكَأَنَّما كانَا علَىَ مِيعادِ وقال: يا لَيْلَةً وَفَّيْتُ مِيعادَها ... وَقَدْ أرادَ الصُّبْحُ إِفْسادَها جاءَتْ وَلمْ يَظْفَرْ بِها عائِقٌ ... وَفاتَتِ الْغَدْرَ وَقَدْ كادَهاِ فَبِتُّ أُسْقَى مِنْ يَدَيْ بَدْرِها ... شَمْساً كَساها المَاءُ إزْ بادَها لهَا عَناكِيبُ اِلْفرَى حاكَةٌ ... دائِبَةَ تَنْسِجُ أَبْرادَها باللهِ يا أَحْمَدُ لاَ تَنْسَنِي ... إذا دَهانِي الدَّهْرُ فِيمَنْ دَهَا أَجْفانُ عَيْنَيْكَ مِراضٌ فَلِمْ ... تَطْرُدُ يا مَوْلاَي عُوَّادَها وقال: مَا زالَ يَسْقِينِي عَلَى وَجْهِهِ ... بَدْرٌ مُنِيرٌ طالِعٌ بِالسُّعوُدِ حَتَّى تَوَفَّى السُّكْرُ عَقْلِي وَأَل ... قانِي صَريعاً بَيْنَ نايٍ وَعُودِ أَحْمَدُ أَنْسانِي هَوَى أَحْمَدٍ ... يا قَلْبُ فَابْشِرْ بِشَقاءٍ جدِيِد

عَجِّلْ بِوْصْلٍ مِنْكَ يا سَيِّدِي ... لاَ فَضْلَ فِي عُمْرِي لِطُولِ الصُّدودِ وقال: يا رُبَّ صاحِبِ حانَةٍ نَبَّهْتُهُ ... وَاللَّيْلُ قَدْ كَحَلَ الْوَرَى بِرُقادِ فِي ساعَةٍ فِيها الْغُصُونُ سَواكِنٌ ... قَدْ شِمْنَ أَعْيُنَهُنَّ فِي اْلأَغْمادِ لاَ تَسْقِنِي حَبَشِيَّةً رازِيَّةً ... صَغَبَتْ بَياضَ وُجُوهِنا بِسَوادِ لَكِنْ مُزَعْفَرَةَ الْقَمِيصِ سُلاَفَةً ... وُشِمَتْ كُشُوحُ دِنانِها بِمِدادِ فَأَتَى بِها كَالْبَدْرِ تَأْكُلُ كَفَّهُ ... بِشُعاعِها مِنْ شِدَّةِ الإْيقادِ وقال: غَدا بِها صَفْراءَ كَرْخِيَّةً ... كَأَنَّها فِي كَأَسِها تتَّقِدْ وَتَحْسِبُ المَاءَ زُجاجاً جَرَى ... وَتَحْسِبُ اْلأَقْداحَ ماءً جَمَدْ وقال: قُمْ يا نَدِيِمي مِنْ مَنامِكَ وَأقْعُدِ ... حانَ الصَّبُوحُ وَمُقْلَتِي لْم تَرْقُدِ أما الظَّلامُ فَحِينَ رَقَّ قَمِيصُهُ ... وَأُرِى بَياضَ الْفَجْرِ كاَلسَّيْفِ الصَّدِى وقال: خَلِيلَيِ قَدْ طابَ الشَّرابُ اْلمُبَرَّدُوَقَدْ عُدْتُ بَعْدَ النُّسْكِ وَالْعَوْدُ أَحْمَدُ

فَهاتِ عُقاراً فِي قَميصِ زُجاجَةٍ ... كَياقُوتَةٍ فِي دُرَّةٍ تَتَوَقَّدُ يَصُوغُ عَلَيْها الَماءُ شُبَّاكَ فِضَّةٍ ... لَهُ حِلَقٌ بِيضٌ تُحَلُّ وَتُعْقَدُ فظاِهُرها حِلم وقور عَلَى اْلأَذَى ... وَباطِنُها جَهْلٌ يَقُومُ وَيْقُعدُ سَقاها بِعاناتٍ خَلِيجٌ كَأَنَّهُ ... إذا صافَحَتْهُ راحَةُ الرِّيحِ مِبْرَدُ وقال أَهْلاً وَسَهْلاً بِالنَّايِ وَالْعُودِ ... وَكَأْسِ ساقٍ كاَلْغُصْنِ مَقْدُودِ قَدِ انْقَضَتْ دَوْلَةُ الصَّيامِ وَقَدْ ... بَشَّر سُقْمُ الِهْلالِ بِالْعِيِد يَتْلْوُ الثُّريَّا كَفاغِرِ شْبِرِهِ ... يَفْتَحُ فاهُ لأِكْلِ عُنْقُودِ وقال عَلِّلانِي بِصَوْتِ نايٍ وَعُودِ ... وَاسْقِيانِي دَمَ ابْنَةِ الْعُنْقُودِ يا ليَالَّيِ بِالمَطِيَرةِ وَالْكَرْ ... خِ وَدَيْرِ السُّوسِيِّ بِاللهِ عُودِي كُنْتِ عِنْدِي أُنْموذَجاتٍ مِنَ الْ ... جَنَّةِ لكَنِهَّا بِغَيْرِ خُلُودِ وقال من قصيدة لاَحَظْتُهُ بِالْهَوَى حَتَّى اسْتَقَادَ لَهُطَوْعاً وَأَسْلَفَنِي الْمِيعادَ بِالنَّظَرِ وَجاءَنِي فِي قَمِيص اللَّيْلِ مُسْتَتِراًيَسْتَعْجِلُ الْخطْوَ مِنْ خَوْفٍ وَمِنْ حَذَر

وَلاَحَ ضَوْءُ هِلالٍ كادَ يُفْضَحُهُ ... مِثْلَ الْقُلامَةِ قَدْ قُصَّتْ مِنَ الظُّفُرِ فَكان ما كانَ مِمَّا لَسْتُ أَذْكُرُهُ ... فَظُنَّ خَيْراً وَلا تَسْأَلْ عَنِ الْخَبَرِ ما زِلْتُ أَسْقِيِه مِنْ حَمْراءَ صافِيَةٍ ... عَجوزٍ دَسْكَرَةٍ شابَتْ مِنَ الْكِبَرِ راحَ الْفُراتُ عَلَى أَغْصانِ كَرْمَتِها ... بِجَدْوَلٍ مِنْ زُلالِ المَاءِ مُنْفَجِرِ حَتَّى إذا حَرُّ آبٍ جاشَ مِرْجَلُهُ ... بِفاِترٍ مِنْ هَجِيرِ الشَّمْسِ مُسْتَعِرِ ظَلَّتْ عَناقِيدُها يَخْرُجْنَ فِي وَرَقٍكَما احْتَبىَ الرِّيحُ فِي خُضْرٍ مِنَ اْلأُزُرِ وقال: مَنْ مُعِينِي عَلَى السَّهَرْ ... وَعَلَى الْهَمِّ وَالذِّكَرْ وَإبلائِي مِنْ شادِنٍ ... كَبُرَ الْحُبُّ إذْ كَبُرْ قامَ كَالْغُصْنِ فِي النَّقا ... يَمْزِجُ الشَّمْسَ باِلْقَمَرْ شاطَرَنِي مُقَطِّبٌ ... فاسِقُ الْفَعِلِ وَالنَّظَرْ قَدْ سَقانِي الُمدامَ وَاللَّ ... يْلُ بِالصُّبْحِ مُؤْتَزِرْ وَالثُّرَيَّا كَنَوْرِ غُصْنٍ ... عَلَى الْغَرْبِ قَدْ نُثِرْ وقال: قَدْ حَثَّنِيِ بِالْكَأْسِ أَوَّلَ فَجْرِهِ ... ساقٍ عَلامَةُ دِيِنِه فِي خَصْرهِ

فَكَأَنَّ حُمْرَةَ لَوْنِها مِن خَدهِ ... وَكَأَنَّ طِيبَ رِياحِها مِنْ نَشْرِهِ حَتَّى إذا صُبَّ المِزاجُ تَبَسَّمَتْ ... عَنْ ثَغْرِها فَحَسِبْتَهُ مِنْ ثَغْرِهِ يا لَيْلَةً شَغَل الرُّقادُ عَذُولهَا ... عَنْ عاشِقٍ فِي الحُبِّ هاتِكِ سِتْرِهِ إنْ لَمْ تَعُودِي لِلْمُتَيَّمِ مَرَّةً ... أُخْرَى فَإِنَّكِ غَلْطَةٌ مِنْ دَهْرِهِ ما زالَ يُنْجِزُنِي مَواِعدَ عَيْنِه ... فَمُهُ وَأَحِسبُ رِيقَهُ مِنْ خَمْرِهِ وقال: طَرِبْتُ إلىَ الْقَفْصِ وَالدَّسْكَرَهْ ... وَشُرْبِي بِاْلكَأْسِ وَاْلكُبَّرَهْ وَغُيِّمَّةٍ مِثْلِ ذَوْبِ الْعَقي ... قِ لَمْ تَشْقَ بِالنَّارِ وَالَمْعَصَرْه وَساقٍ مُطيِعٍ لأَحْبابِه ... علىَ الرُّقَباءِ شَدِيدِ الْجرَهْ وَفِي عَطْفَةِ الصُّدْعِ خالٌ لَهُ ... كَما أَخَذَ الصَّوْلجَانُ الْكُرَهْ وقال: يا أَرْضَ غُمّى سَقَتْكِ أَمْطارُ ... فِيكِ لِقَلْبِي ما عِشْتُ أَوْطارُ يا طِيبَ رَيَّاكِ حيَن يَبْتَسِمُ ال ... فَجْرُ وَيَبْدُو لِلَّرْوِضِ أَحْبارْ كَأَنَّما شابَها الْقَرنْفُلُ أَوْ ... ذَرَّ عَلَيْها الْكافُورَ عَطَّارُ تُودِعُ بِيضَ الزَّجاجِ حُمْرَتَها ... فَهْيَ كنَوُرٍ ضَميِرُهُ نارُ

أَحْداقُها فِضَّةٌ مُجَوَّفَةٌ ... نَواظِرٌ ما لَهُنَّ أَشْفارُ وَصاحَ فوْقَ الجِدارِ مُشْتَرِفٌ ... كِمْثلِ طِرْفٍ عَلاُه أَسْوَارُ ثُمَّ عَدَا يَسْتَلُّ التُّراب عَن الأَ ... وْراقِ مِنْهُ رِجْلٌ وَمِنْقارُ رَافِعَ رَأْسٍ طَوْراً وَخافِضَهُ ... كَأَنَّما الْعُرْفُ مِنْهُ منْشارُ فَظَلْتُ فِي يَوْمِ لَدَّةٍ عَجَبٍ ... وَافَي بِهِ للِسُّعُودِ مِقدارُ وَقابلَ الشَّمْسَ فِيِه بَدْرُ دُحًى ... يَأْخُذُ مِنْ نُورِها وَيَمتارُ وقال: حَنَنْتُ إلىَ النَّدَامَى وَالْعُقارِ ... وَشُرْبٍ بالصِّغارِ وبالْكِبار أما وَفُتُورِ مُقْلَةٍ باِبِلٍيٍّ ... بَدِيعِ الْقَدِّ ذِي صُدْغٍ مُدَارِ لَقْد فَضَحَتْ دُمُوعِي فِيهِ سِرِّى ... وَأَحْرَقَنِي هَواهُ بِغَيْرِ نارِ وَعَجَّلَ حِينَ يَلْقانِي كَأَنِّي ... أُنَقِّطُ خَدَّهُ بِالُجُّلنارِ وَبَيْضاءَ الِخْمارِ إذا أَجْتَلَتْها ... عُيوُنُ الشَّرْبِ صَفْرَاءُ اْلاِزارِ َفَضْضُت خِتامَها عَنْ رُوحِ راحٍ ... لهَا جَسَدانِ مِنْ خَزَفٍ وَقارِ وقال: اْسِقِني الرَّاحَ فِي شَبابِ النَّهارِ ... وَانْفِ هَمِّيِ بِالخَنْدَرِيِس الْعُقارِ

قَدْ تَوَلَّتْ زُهْرُ النُّجُومِ وَقَدْ ... بَشَّرَ بِالصُّبْحِ طَائِرُ اْلأَسْحارِ ما تَرَى نِعْمَةَ السَّماءِ عَلَى اْلأَْ ... رْضِ وَشُكْرَ الرِّياض لْلأَمْطارِ وَغِناءَ الطُّيُورِ كُلَّ صَباحٍ ... وَانْفِتاقَ اْلأَشْجارِ باْلأَنْوارِ فَكَأَنَّ الرَّبِيعَ يَجْلُو عَرُوساً ... وَكَأَنَّا مِنْ قَطْرِهِ فِي نُثارِ وقال: وَمُسْتَبْصِرٍ فِي اْلُعْذرِ مْستْعجِلِ الْقِلَىبَعِيدٍ مِنَ الْعُتْبَى قَرِيبٍ مِنَ الَهْجرِ يُناجِيِنيَ اْلاِخْلاَفَ مِنْ تَحْتِ مَطْلِهِفَتَخْتَصِمُ اْلآمالُ واْليَأْسُ فِي صَدْريِ قَدِيرٍ عَلَى ماساءَنِي مُتَسَلِّطٍ ... جَرِئٍ عَلَى ظُلْمِي أَمِيرٍ عَلَى أَمْرِي بِنَفْسِي سِقامٌ ما يُداوَي مَرِيضُهُ ... خَفِيٌّ علَى الْعُوَّادِ باقٍ علَىَ الدَّهْرِ أَلْفْتُ اْلهَوى حَتَّى قَلْتَ نْفَسِيَ الْقِلاوَطالَ الضَّنَى حَتَّى صَبِرْتُ عَلَى الصَّبْرِ وَكَرْخِيَّةِ اْلأَنْسابِ أَوْ بِابِلِيَّةٍثَوَتْ حِقَباً فِي ظُلْمَةِ الفارِ لاَ تَسْرِي أَرِقْتُ صَفاءَ الْمَاءِ فَوْقَ صَفائِهافَخِلْتُهُما سُلاَّ مِنَ الشَّمْسِ والْبَدْرِ وقال: وَلَيْلَةٍ مِنْ حَسَناتِ الدَّهْرِ ... ماَ يَنْمَحِي مَوْضِعُها مِنْ ذِكْرِى سَرَيْتُ فيِها بِخُيُولٍ شُقْرِ ... وَلَيْسَ تَسْلُوها بناتُ صَدْرِى

سِياطُها ماءُ السَّحابِ الْغُرِّ ... كَأَنَّهُ ذَوْبُ لُجَيْنٍ يَجْرِى فَلَمْ تَزَلْ تَحْتَ الظَّلامِ تَسْري ... مَحْثُوثةً حَتَّى بَلَغْتُ سُكْرى فِي رَوْضَةٍ مُقْمِرَةٍ بِالزَّهْرِ ... وَشادِنٍ ضَعِيفِ عَقْدِ الْخَصْرِ يَمْضِي بِمَوْجٍ وَيَجِي بِبَدْرِ ... يَفْعَلُ بِاللَّيْلِ فَعالَ الْفَجْرِ مَكْحُولَةٌ أَلْحاظُهُ بِسِحْرِ ... فِي خَدِّهِ عَقارِبٌ لا تَسْرِى فِي سُبَحٍ قَدْ قُيِّدَتْ بِالْقَطْرِ ... تَلْسَعُ أَحْشائِي وَلَيْسَ تَدْرِي يا لَيْلَةً سَرَقَتْهُا مِنْ دَهْرِي ... ما كُنْتِ إلاَّ غُرَّةً فِي عُمْرِي أَمَّا وَرِيقٍ بارِدٍ فِي ثَغْرِ ... شِيبَا بِطَعْمِ عَسَلٍ وَخَمْر ما الْمَوْتُ إلاَّ الْهَجْرُ أَوْ كالْهَجْر وقال: ظَلَّتْ بِمْلهَى خَيْرِ يَوْمٍ وَلَيْلةٍتَدُورُ عَلَيْنا الْكَأْسُ فِي فِتْيَةٍ زُهْرِ بِكَفِّ غَزالٍ ذِي عِذارٍ وَطُرَّةٍ ... وَصُدْغَيْنِ كاَلْقافَيْنِ فِي طَرَفَيْ سَطْرِ لَدَى نَرِجِسٍ غَصٍّ وَسَرْوٍ كأَنَّهُ ... قُدُودُ جِوارٍ قُمْنَ فِي أُزُرِ خُضْرِ وقال: أَتاكَ الرَّبِيعُ بِطِيبِ الْبُكَرْ ... وَرَفَّ عَلىَ الِجْسِم بَرْدُ السَّحَرْ

وَقَدْ عَدَلَ الدَّهْرُ مِيزانَهُ ... فَما فِيهِ قَرٌّ وَما فِيِه حَرّْ وَشَرْبٍ سَقَيْتُهُمُ وَالصَّبا ... حُ فِي وَكْرِهِ واِقعٌ لَمْ يَطِرْ كَأَنَّهُمُ انْتَهَبُوا بَيْنَهُمْ ... حَرِيقاً بِأَيِدْيِهِمْ تَسْتَعْرِ وقال وَنَديِمٍ قَمَرَتْهُ ... عَقْلَهُ الْكَأْسُ الْعُقارُ لَمْ يَزَلْ لَيْلَتَهُ ... فِي فَلَكِ السُّكْرِ يُدارُ قَهْوَةٌ سِرُّ الْقَذَى ... فِيها لِعْيَنْيكَ جُبارُ فَتَرَى كاساتِها ... يُقْدَحُ فِيِهنَّ الشَّرارُ قَدْ كَساها الَمْاءُ شَيْباً ... لَمْ يَكُنْ فيه وَقارُ وقال شَرِبْنا بِاْلَكِبيِر وَبِالصَّغِيرِ ... وَلَمْ نَحْفِلْ بِأَحْداثِ الدُّهُورِ فَقَدْ رَكَضَتْ بِنا خَيْلُ الْمَلاِهي ... وَقَدْ طِرْنا بِأَجْنِحِةَ السُّرُورِ وقال قَدْ صَفَّرَ المْكُاَّءُ والقْنُبْرُ ... وَفُرِشَ اْلأَحْمَرُ وَالأَصْفَرُ نادَى مُنادِي كُلُّ ما حَوْلَها ... وَالْهَمُّ فِي قَبْرٍ وَيْنا يُقْبَرُ

وقال يا حُسْنَ أَحْمَدَ غادِياً أَمْسِ ... بِمُدَامَةٍ صَفْراءَ كاَلْوَرْسِ وَالصُّبْحُ حَيٌّ فِي مَشَارِقِه ... وَاللَّيْلُ يَلْفِظُ آخِرَ النَّفْسِ وَكَأَنَّ كَفَّيْهِ تُقَسِّمُ فِي ... أَقْداِحنا قِطَعاً مِنَ الشَّمْسِ وقال وعاِقِد زُنَّارٍ عَلَى غُصُن اْلآسِ ... مَليحِ دَلاَلٍ مُخْطَفِ الْكَشْحِ مَيَّاسِ سَقَانِي عُقَاراً صَبَّ فِيها مِزاجَهَا ... فَأَضْحَكَ عَنْ ثَغْرِ الحبَابِ فَمَ الْكَاسِ وقال رَاضَ نَفْسِي حَتَّى صَبَتْ إبْلِيسُ ... وَقَدِيماً قَدْ طَاوَعَتْهُ النُّفُوس كَمْ أَرَدْتُ التُّقَى فَما تَرَكَتْنِي ... خَنْدَرِيسٌ يُدِيرُها طَاوُوسُ أَسْكَنوُها فِي الْقَارِ مُذْ عَهْدِ نُوحٍ ... كَظَلاَمٍ فيِه نَهارٌ حَبيسُ أَيَّ حُسْنٍ تُخْفِى الدَّنانُ مِنَ الرَّا ... حِ وَحُسْنٍ تُبْدِيهِ مِنْها الْكُؤُوسُ يا نَدِيَميَّ سَقِّيانِي فَقَدْ لاَ ... حَ صَبَاحٌ وَأَذَّنَ النَّاقُوسُ مِنْ كُمَيْتٍ كَأَنَّها أَرْضُ تِبْرٍ ... فِي نَوَاحِيهِ لُؤْلُؤٌ مَغْرُوسُ

وقال اشْرَبْ فَقَدْ دَارَت الْكُؤُوسُ ... وَفارَقَتْ يَوْمَكَ النُّحُوسُ فِي كُلِّ يَوْمٍ جَدِيدُ رَوْضٍ ... عَلَيْهِ دَمْعُ النَّدَى حَبِيسُ وَمَأْتمٌ فِي السَّماءِ يَبْكِي ... وَاْلأَرْضُ مِنْ تَحْتِهِ عَرُوسُ وقال سَقانِي اْلكَأْسَ مِنْ يَدِهِ سُحَيْراً ... وَفِي أَجْفانِهِ مَرَضُ النُّعاسِ وَيُسْراهُ مُقَرَّطَةٌ بِكوزٍ ... وَيُمْناهُ مُتَوَّجَهٌ بِكاسِ وقال سَقانِي خَليِلِي وَالظَّلامُ مُقَوَّضٌوَنَجْمُ الدُّجَى فِي حُلَّةِ اللَّيْلِ يَرْكُضُ كَأَنَّ الثُّرَيَّا فِي أواخِرِ لَيْلِها ... تُفَتِّحُ نَوْراً أَوْ لِجامٌ مُفَضَّضُ وقال بَشَّرَ بِالصُّبِح طائِرٌ هَتَفا ... مُعْتَلِياً لِلْجَدارِ مُشْتَرفِا مُذْكِرٌ بِالصَّبوحِ صاحَ لنَا ... كَخاطِبِ فَوْقَ مِنْبَرٍ وَقَفا صَفَّقَ إمَّا ارْتِياحهً لِسْن ... فَجْرِ وَإمَّا عَلَى الدُّجَى أَسَفا فَاشْرَبْ عُقاراً كَأَنَّها قبس ... قَدْ سَبَكَ الدَّهْرُ تِبرْهَا فَصَفا

يَنْدَى لِثامُ اِلاْبِريِق مِنْ دَمِها ... كَأَنَّهُ راعِفٌ ومَا رَعَفا بِكَفِّ ساقٍ حُلْوٍ شَمائِلُهُ ... يُسْكِرُني لَحْظُ عُيْنِهِ صَلَفا يَقْطِرُ مِسْكاً عَلَى غَلائِلِه ... شَعْرُ نَقاً بِاْلعَبيِرِ قَدْ وَكَفا أُفْرِغَ مِنْ دُرَّةٍ وَعَنْبَرةٍ ... حُسْناً وَطِيباً فِي خَلْقِهِ ائْتَلفَا يُطَيَّبُ الرِّيَح حِينَ يَمْسَحُهُ ... فَما بِرِيحٍ هَبَّتْ عَلَيْهِ خفا أَراقِ فِيها الِمزاجَ فَاشْتَعَلَتْ ... كِمثْلِ نارٍ أَطْعَمْتَها سَعَفا وقال في صفة سكران يريد النوم بِنَفْسِيَ مُستَسْلِمٌ لِلرُّقا ... دِ يُكَلِّمُنِي السُّكُر مِنْ طَرْفِهِ سرَيِعٌ إلىَ اْلأَرْضِ مِنْ جَنْبِهِ ... بَطِيٌء إلىَ الْكَأْسِ مِنْ كَفِّهِ وقال أَدِيرا عَلَىَّ الْكَأْسَ لَيْسَ لهَا التَّرْكُوَيا لائِمِي لِي فِتْنَتِيِ وَلَكَ النُّسْكُ وَخَلُّوا فَتًى أَعْطَيْتُمُوهُ مَلاحَةً ... فَما عْنَدهُ أَخْذٌ فَهَلْ عِنْدَكُمْ تَرْكُ وَمَشْمولَةٍ صاغَ الِمزاجُ لِرَأْسِها ... أَكالِيلَ دُرٍّ مَالَمْنظومِها سِلْكُ جَرَتْ حَرَكاتُ الدَّهْرِ بَيْنَ سُكونِهافَذابَتْ كَذَوْبِ التِّبْر أَخْلَصَهُ الَّسْبكُ وَقَدْ خَفِيَتْ فِي دَنِّها وَكَأَنَّها ... بَقِايا يَقينٍ كادَ يُذْهِبُهُ الشَّكُّ

يُطِيفُ بِها ساقِ أَدِيبٌ بِمَنْزلٍ ... كَخِنْجَرِ عَيَّارٍ صِناعَتُهُ الْفَتْكُ وَحُمِّلَ آذَرْيَوَنُه فَوْقَ أُذْنِهِ ... كطاسِ عَقِيِقٍ فِي قُرارتَهِا مِسْكُ وقال سَقَى اللهُ مِنْ غُمّى قُرارَةَ مَنْزِلٍ ... تَرامَتْ بِهِ أَيْدِي جَنُوبٍ وَشَمْألِ أَلاَ رُبَّ يَوْم فِيِه قَصَّرِ طُولَهُ ... دَمُ الزَّقِّ مَنْزوفاً فَهاتِ وَعَجِّلِ إذا شِئْتُ غَنَّانِي غَزالُ دَساكِرٍ ... يُبَقِّر أَحْشاءَ الدنَّانِ بِمْبَزلِ مَعِي كُلُّ مَجْرورِ الرِّداءِ سَمَيْدعٌ ... جَوادٌ بِما يَحْوِيِه غَيْرُ مُبخَّلِ فَإِنْ تَطَّلِبْهُ تَفْتَقْدهُ بِحانَةٍ ... وَإلاَّ بِبُسْتانِ وَكَرْمٍ مُظَلَّلِ وَلَسْتَ تَراهُ سائِلاً عَنْ خَلِيفَةٍ ... وَلا قائِلاً مَنْ يَعْزِلُونَ وَمَنْ يَلِي وَلا صائِحاً كالْعَيْرِ فِي يَوْمِ لَذَّةٍ ... يُناظِرُ فِي تَفْضِيلِ عُثْمانَ أَوْ عَلِي ولا حاسِباً تَقْويمَ شَمْسٍ وَكَوْكبٍ ... لِيَأْخُذَ أَسْبابَ الْعُلَومِ مِنَ أسْفلِ يَقُومُ كَحِرِباءِ الظَّهِيرَةِ مائِلاً ... يُقَلِّبُ فِي اصْطِرلاْبِهِ عَيْنَ أَحْوَلِ وَلكنَّهُ فِيما عَناهُ وَسَرَّهُ ... وَعَنْ غْيرِ ما يَعْنِيِه نَاءٍ بِمَعْزِلِ خَليِلَيَّ باللهِ اقْعُدَا نَصْطَبِحْ بِلاَ ... قِفانَبْك مِنْ ذِكْرَى خَليِلٍ وَمَنْزلِ وَيا رَبِّ لاَ تُنْبِتْ وَلاَ تُسْقِطِ الحَيابِسَقْط اللِّوِى بَيْنَ الدَّخُول فَحَوْمَلِ

وَلا تُقْرِ مِقْرَاة امْرِئِ الْقَيْسِ قَطْرَةًمِنَ الْغَيْثِ وَارْجُمْ سَاكِنِيها بِجَنْدَلِ نَصِيِبِيَ مِنْها لِلنَّعامِ وَللْمَها ... وَللذِّئْبِ يَعْوِي كَالخَلِيعِ الُمعَيَّلِ وَلَكِنْ دِيارَ الَّلْهوِ يا رَبِّ فَاْسِقها ... وَدُلَّ عَلَى خُضْرِاتها كُلَّ جَدْوَلِ وقال بِالْكَرْخَ وَالَمْيدانِ لِي مَنْزِلٌ ... وَلَذَّتِي الْقَفْصُ وَقَطْرَبُّلُ وَخَيْرُ مالٍ لِيَ طَيَّارَةٌ ... تُدْبِرُ بِي فِي السَّيْرِ أَوْ تُقْبِلُ يُلاطمُ المْاءُ مَجادِيفَها ... حامِلَةٌ لَكِنَّها تُحْمَلُ غايَتُها قَصْرُ حُمَيْدٍ وَفِي ... بُسْتانِ بِشْرٍ دَهْرهُا اْلأَطْوَلُ وَإنْ تَجِدْ مِنْ ماصِرٍ غَفْلَةً ... تَطِرْ إلَى كَرْكِينَ لا تَعْدِلُ وقال أَعاذِلَتَيَّ الْيَوْمَ لا تُكْثِرا الْعَذَلاوَمَهْلاً دَعانِي مِنْ مَلامِكُما مَهْلاً وَلُو ما مَشِيبِي إنْ كَبِرْتُ فَإنَّ لِيشَباباً أَصَمَّ اْلأُذْنِ لا يَسْمَعُ الْعَذْلاَ وَفِتْيانِ صِدْقٍ قَدْ بَعَثْتُ بِسَحْرَةٍإلىَ بَيْتِ خَمَّارٍ فَحَطُّوا بِهِ رَحْلاَ وَقُمْنا إلىَ مَخْزُونَةٍ بابِلِيَّةٍ ... كَسَتْ دَنَّها أَيْدِي عَنا كِبِها غَزْلاَ مُسَنَّدةً قامَتْ ثَمانِينَ حِجَّةً ... كَواضِعَةٍ رِجْلاً وَقَدْ رَفَعَتْ رِجْلاَ

فَدَرَّتْ بِمْنِوالٍ عَلَيْنا سَبِيكَةً ... كَما فَتَلَ الصَّواغُ خَلْخالَهُ فَتْلاَ وقال وَيْومٍ فاِخِتيِّ الدَّجْنِ مُرْخٍ ... عَزالِيِه بِطَلٍّ وَانْهِمالِ رَبْحتُ سُرُورَهُ وَظِلْلتُ فِيهِ ... بِرَغْمِ الْعاذِلاتِ رخَىَِّ بالِ وَساقٍ يَجْعَلُ الِمنْدِيلَ مِنْهُ ... مَكانَ حَمائِلِ السَّيِفْ الطِّوالِ غَدا وَالصُّبْحُ تَحْتَ اللَّيْلِ بادٍ ... كَطِرْفِ أَشْهَبٍ قانِي الِجْلالِ بِعادِ مِنْ زُجاجٍ فِيِه أُسْدُ ... فَرائِسُهُنَّ أَلبْابُ الرِّجالِ غِلالَةُ خَدِّهِ وَرْدٌ جَنِىٌّ ... وَنُونُ الصُّدْغِ مُعْجَمَةٌ بِخالِ وقال لاَ تَقِفْ بِي فِي دارِسِ اْلأَطْلالِ ... شُغُلٌ فِعْليِ عَنْها وَشُغْلٌ مَقالِي إنَّ دَمْعِي لَضائِعٌ فِي رُسُومٍ ... وَسُؤَالِي مُحِيلَةً مِنْ مُحالِ فَاْسِقنِي الْقَهْوَةَ التَّي تَصِفُ الْعِتْ ... قِ بِلَوْنِ صافٍ وَطَعْمٍ زُلالِ طَعَنَتْ نَحْرَها اْلأَكُفُّ وَلكِنْ ... تَأْخُذُ الثَّأْرَ مِنْ عُقُولِ الرَّجالِ حَلَفَ الْعِلجُ أَنَّهُمْ طَبَخُوها ... فَرَضِينا وَلَوْ بِعُودِ خِلالِ فَأَدَرْنا رَحَى السُّرُورِ فَدارتْ ... بِحَرامٍ مُشَبَّهٍ بالْحَلالِ

وقال هاتِ كَأْسَ الصَّبوحِ فِي أَيْلُولِ ... بَرَدَ الظَّلُّ فِي الضُّحَى وَالمَقِيِل وَخَبَتْ جَمَرةُ الْهَواجِرِ عَنَّا ... وَاسْتَرَحْنا مِنَ النَّهارِ الطَّوِيلِ وَخَرَجْنا مِنَ السَّمُومِ إلىَ بَرْ ... دِ شَمالٍ وَطِيبِ ظِلٍ ظَلِيلِ وَنَسِيمٍ يُبَشِّرُ اْلأَرْضَ بِالْقَطْ ... رِ كَذَيْلِ الْغِلالَةِ الْمَبْلُولِ وَوُجُوهُ الْبِلادِ تَنْتَظِرُ الْ ... غَيْثَ انْتظارَ المُحِبَّ رَدَّ الرَّسُولِ وقال أَحْسَنُ مِنْ وَقْفِةٍ عَلَى طَلَلِ ... وَمِنْ بُكاءٍ فِي إثْرِ مُحْتَمِلِ كَأْسُ صَبُوحِ أَعْطَتْكَ فَضْلَتَها ... كَفُّ حَيِبٍ وَالنُّقْلُ مِنْ قُبَلِ فِي مَجْلِسٍ جالَتِ الْكُؤُوسُ بِهِ ... فَاْلَقْومُ مِنْ مائِلٍ وَمُنْجَدِلِ يَطُوفُ بِالرَّاحِ بَيْنُهمْ رَشأٌ ... مُحَكَّمٌ فِي الْقُلوُبِ وَالْمُقَلِ أُفْرِغَ نُوراً فِي قِشْرِ لُؤْلُؤَةٍ ... تَجِلُّ عَنْ قِيمَة وَعَنْ مِثْلِ يَكادُ لَحْظُ الْعُيُونِ حِينَ بَدا ... يَسْقِيكَ مِنْ خَدِّهِ دَمَ الْخَجَلِ وقال قُمْ فَاسقِني يا خَلِيلِي ... مِنَ الْعُقارِ الشُّمُولِ

أُوْلَى الشُّهُورِ بِشُرْبٍ ... شَعْبانُ فِي أَيْلُولِ قَدْ زَادَ فِي اللَّيْلِ لَيْلٌ ... وَطَابَ ظِلُّ الَمقِيلِ وقال مَوْلاَي أَجْوَرُ مَنْ حَكَمْ ... صَبْراً عَلَيْهِ وَإنْ ظَلَمْ لَعِبَ الْقِلَى بُعُهوِدِه ... فَكَأَنَّما كانَتْ حُلُمْ وَمُصَرِعينَ مِنَ الْعُقا ... رِ علَى السَّواعِدِ وَاللِّمَمْ قَتَلَتْهُمُ خَمَّارَةٌ ... عَمْداً وَلَمْ تُؤْخَذْ بِدَمّْ وَسَقَتْهُمُ مَشْمُولَةً ... ظَلَّتْ تُحَدِّثُ عَنْ إرَمَ لَمَّا أَرَتْهُمْ كَأْسَها ... شَرِبُوا وَما قَالُوا بِكَمْ وقال: اْلآنَ تَمَّ فَأُهْدىِ مَقْلَةَ الرًّيمِ ... وَاهْتَزَّ كَالْغُصْنِ فِي مَيْلٍ وَتَقويِم اْلآنَ ناجَيِ بِوَحِي الُحَّب عِاشقَهُ ... وَاسْتَعْجَلَ اللَّحْظَ فِي رَدِّ وَتَسْلِيمِ قَدْ بِتُّ أَلْثمُهُ واللَّيْلُ حارِسَنا ... حَتَّى بَدَا الصُّبْحُ مُبْيَضَّ المقَادِيمِ وَقامَ ناِعي الدُّجَى فَوْق الِجَدارِ كَما ... نادَى عَلَى مَرْقبٍ شَادٍ بِتَحْكِيمِ باتَتْ أَبارِيقُنا حُمْراً عَصائِبُها ... بيضاً ذَوَائبها غُصَّ الحَلاَقيم

وَالْبَدْرُ يَأْخُذُهُ غَيْمٌ وَيَتْرُكُهُ ... كَأَنَّهُ ساِفرٌ عَنْ وَجْهِ مَلْطُومِ رَواكِعاً كُلَّما حَثَّ السُّقاةُ بِها ... تَلْقَي الْكُؤُوسَ بِتَكْفِيرٍ وَتَعْظيِمِ لاَ صاحَبَتْنِي يَدٌ لَمْ تُغْنِ أَلْف يَدٍوَلَمْ تَرُدَّ الْقَنا حُمْرَ الْخَياشِيمِ وقال: قَدْ نَعَى الدِّيكُ الظَّلاما ... فَاسْقِنِي الرَّاحَ الُمداما قَهْوَةً بِنْتَ دِنَانٍ ... صُفِّيَتْ خَمْسِينَ عاما جَعَلَ الْعِلْجُ لَهَا ... مِنْ مُدارِ الطِّينِ هاما خِلْتُها فِي الْبَيْتِ جُنْداً ... صُفِّفُوا حَوْليِ قِياما وَتَراها وَهْيَ صَرْعَى ... فَرْعاً بَيْنَ النَّدامَى مِثْلَ أَبْطالِ حُرُوبٍ ... قُتِّلُوا فِيها كِرامَا وقال: لَمْ يَنَمْ لَيْلىِ وَلَمْْ أَنَمِ ... مُفْرَداً بِالْوجْدِ وَالسَّقَمِ فِي سَبيِلِ الْعاشِقِينَ هَوًى ... لَمْ أَنَلْ مِنْهُ سِوَى التَّهُمِ وَاسْقِنِي الرَّاحَ صَافَيِة ... تَنْشُرُ اْلاِصْباحَ فِي الظُّلَمِ وَلَقَدْ أَعْدُو عَلَى أَثْرٍ الْ ... حَيَا راضٍ عَلَى الدَّيَمِ

لاَ تَلُمْ عَقْلِي وَلُمْ طَرَبِى ... إنَّ عَقْلِي غَيْرُ مُتَّهَمِ وقال: أَخَذَتْ مِنْ شَبابِيَ الأيَّامُ ... وَتَوَلىَّ الصَّبا عَلَيْهِ السَّلامُ وَلَقْد حَثَّ بِالُمَداَمةِ كَفِّى ... غَصْنُ بانٍ عَلَيْه بَدْرٌ تَمامُ وَنَدَامَاي كُلُ خِرْقٍ كَرِيمٍ ... أَتْلَفَتْ وَفْرَهُ أَيادٍ كِرامُ بَيْنَ أَقْدَاحِهِمْ حَدِيثٌ قَصِيرٌ ... هُوَ سِحْرٌ وَما سِواهُ كَلامُ وَغِناءٌ يَسْتَعْجِلُ الرَّاحَ بِالرَّا ... حِ كَما ناحَ فِي الْغَصُونِ الْحَمَامُ وَكَأَنَّ السُّقاةَ بَيْنَ النَّدامَى ... أَلِفاتٌ عَلَى سُطُورٍ قِيامُ وقال: يا رُبَّ لَيْلٍ سَحَرٍ كُلِّه ... مُفْتَضِحِ الْبَدْرِ عَليِلِ النَّسِيمِ يَلْتَقِطُ اْلأَنْفاسَ بَرَدُ النَّدى ... فِيِه فَيَهْدِيِه لِحَرِّ الْهُمُومِ لَمْ أَعْرف الاصْباحَ مِنْ ضَوْئِهِ ... بِالْبَدْرِ إلاَّ بِانْحِطاطِ النُّجُومِ لَبِسْتُ فِيِه بِالْتذاذِ الَهَوى ... وَلَذَّةِ الرَّاحِ ثِيابَ النَّعِيمِ وقال: أَيا ساقِيَ الْقَوْم لا تَنْسَنا ... وَيا جارَةَ الْعُود غَنِّي لنَا

فَقَدْ نَشَرَ الدَّجْنُ بَيْنَ السَّما ... ءِ وَاْلأَرْضِ مِطْرَفَهُ اْلأَدْكَنا وقال: مَنْ عاِئِدي لْلهُمُومِ وَالْحَزَنِ ... وَذِكْرِ ما قَدْ مَضَى مِنَ الزَّمَنِ وَشُرْبِ كَأْسٍ فِي مَجْلِسٍ بَهِجٍ ... لَمْ أَرَ هَمًّا بِهِ وَلَمْ يَرَنِي مِنْ كَفِّ ظَبْيٍ مُقَرْطَقٍ غَنِجٍ ... يَعْشَقُهُ مَنْ عَلَيْهِ يَعْذُلنُيِ جاءَ بِها كالسّرِاجِ صافِيَةً ... كَريَمةً لَمْ تُدَنَّسْ وَلَمْ تُهَنِ مِنْ ماءِ كَرْمٍ قَدْ عُتِّقَتْ حِقَباً ... فِي بَطْنِ أَحْوَى الضَّمِيرِ مُخْتَزَنِ كَأَنَّهُ مُنْذُ قامَ مُعْتَمدٌ ... بِعَظْمِ ساقٍ شَلاَّءَ فِي بَدَنِ مَيْتٌ وَفِيِه الَحياةُ كاِمَنةٌ ... تَدْرُجُهُ الْعَنْكَبُوتُ فِي كَفَنِ وقال: دَعْنِي فَما طاَعُة الْعُذَّالِ مِنْ دِينِيما سالِمُ الْقَلْبِ فِي الدُّنْيا كَمَفْتُونِ أَقْرَرْتُ أَنِّيَ مَجْنُونٌ بُحِّبكُمُ ... وَلَيْسَ لِي عِنْدَكُمْ عُذْرُ المَجانِينِ وَصاحِبٍ بَعْدَ مَسِّ النُّوْمِ مُقْلتَهُ ... دَعَوْتُهُ وَلِسانُ الصُّبْحِ يَدْعُونِي نَبَّهْتُهُ وَنُجومُ اللَّيْلِ راكِعَةٌ ... فِي حُلَلٍ مِنْ بَقايا لَوْنِها جُونِ فَقامَ يَمْسَحُ عَيْنَيْهِ وَسَبتَّهُ ... لِعَقْدةِ النَّوْمِ مِنْ فِيِه يُلَبِّينِي

وَطافَ بِالدَّنِّ ساقٍ وَجْهُهُ قَمَرٌ ... فَشَكَّهُ بِسَريعِ الحَدِّ مَسْنُونِ ذُو طُرَّةٍ نَظَّمَتْ فِي عاجٍ جَبْهَتِهِ ... مِنْ شَعْرِهِ حِلَقاً سُودَ الزَّرافِينِ كَأَنَّ شَقَّ عِذارٍ شَقُّ عارِضِهِ ... عِيدانُ آسٍ عَلَى وَرْدٍ وَنُسْرِينِ وقال: صَحَوْتُ ولكِنْ بَعْدَ أَيِّ فُتونِ ... فَلا تَسْأَلوُنِي تَوْبَتِي وَدَعُونِي وَدَبَّ مَشِيبيِ بَعْضُهُ نَحْوَ بَعْضِهِ ... فَأَخْرَجَني مِنْ أَنْفُسٍ وَعُيُونِ وَأُفْرِدْتُ إلاَّ مَنْ تَصَنُّعِ خائِنٍ ... سَرِيعِ شَرارِ الشَّرِّ غَيْرِ أَميِنِ وَخَمَّارَةٍ يُعْنَي الَمسِيحُ بِديِنِها ... طَرَقْتُ وَضَوْءُ الصُّبْحِ غَيْرُ أَمِينِ فَلَمَّا رَأَتْنِي أَيْقَنَتْ بِمُعَذَّلٍ ... قَليِلِ بَقاءِ الْوَفْرِ غَيْرِ ضَنيِنِ وَقامَتْ وَفِي أَجْفانِها سَقَمُ الْكَرَى ... تَفُضُّ بِكَفَّيْها خَواتِم طِينِ فَلَمَّا رَآها اللَّيْلُ حَثَّ جَناحَهُ ... مَخافَةَ صُبْحٍ فِي الدِّنانِ كَمِينِ كَأَنَّا وَضَوْءُ الصُّبْحِ يَسْتَعْجِلُ الدُّجَى ... نُطيرُ غُراباً ذا قَوادِمَ جُونِ فَما زِلْتُ أُسْقاها بِكَفٍّ مُقَرْطق ... كَغُصْنٍ ثَنَتْهُ الرِّيحُ بَيْنَ غُصُونِ لَوى صُدْغَهُ كالنُّونِ مِنْ تَحْتِ طُرَّةٍ ... مُمَسَّكَةٍ تُزْهِي بِعاجِ جَبيِنِ وقال: لا تَمَلاَّ حَثَّنا وَاسْقِيانا ... قَدْ بَدا الصُّبْحُ لنَا وَاسْتَبانا

إنَّ لِلْمَكرُوهِ لَذْعَةَ هَمٍّ ... فِإذا دامَ عَلَى الَمْرءِ هانا وَامْزِجا كَأْسِي بِريِقَةِ شِرَّ ... طابَ لِلعَطْشانِ ورِدٌ وَحانا وَنَديِمٍ أَمْرَضَ السُّكْرُ مِنْهُ ... مُقْلَةً فاتِرَةً وَلِسانا ساوَرْتُهُ بِسَوْرَةِ الرَّاحِ حَتَّى ... صَرَّفَ الْكَأْسَ وَرَدَّ الْبَنانا لَمْ يَزلْ يَرْكُضُ وَهْوَ مُخَلًّى ... ثُمَّ عَلَّقْنا عَلَيْهِ الْعِنانا وقال قَدْ مَضَى آبٌ صاغِراً لَعْنَةُ ... اللهِ عَلَيْه وَلْعَنةُ اللاَّعنِينِا وَأَتانا أَيْلُولُ وَهْوَ يُنادي ... الصَّبُوحَ الصَّبُوحَ يا غافِليِنا وقال أَلاَ مَنْ لَقلْبٍ فِي الَهوَى غَيْرِ مُنْتَهٍوَفِي الْغَيِّ مطُواعٌ وَفِي الرُّشْدِ مُكْرَهُ أُشَاورِهُ فِي تَوْبَةٍ فَيَقُولُ لا ... فَإنْ قُلْتُ تَأْتِي غَيَّةٌ قالَ أينْ هِي؟ فَيا سَاقِيىَّ الْيَوْمَ عُودَا كَأَمْسِنابِاِبْريقِ خَمْرٍ فِي الْكْؤُوُسِ مُقَهْقِهِ أُوَرِّثُ نَفْسِي ما لهَا قَبْلَ وَارثِي ... وَأُنْفِقُهُ فِيمَا أُحبُّ وَأَشْتَهِي وقال قُلْ لِمَنْ حَيَّا فَأحْيا ... مَيِّتاً يُحْسَبُ حَيَّا

من مختار شعره في الطرد

مَا الذَّيِ ضَرَّكَ لوْ أَبْ ... قَيْتُ لِي فِي الْكَأْسِ شَيَّا أَتْرَانِي كُنْتُ إلاَّ ... مِثْلَ مَنْ قَبَّلَ فِياً يا خَلِيلَيَّ اسْقِياني ... قَهْوَةً ذاتَ حُمَيَّا إنْ يَكُنْ رُشْداً فَرُشْداً ... أَوْ يَكُنْ غَيَّا فَغَيَّا قَدْ تَوَلىَّ اللَّيْلُ عَنَّا ... وَطَوَاهُ الْغَرْبُ طَيَّا وَكَأَنَّ الصُّبْحَ لَمَّا ... لاَحَ مِنْ تَحْتِ الثُّرَيَّا مَلِكٌ أَقْبَلَ فِي التَّا ... جِ يُفَدَّى وَيُحَيَّا من مختار شعره في الطرد قال يصف الكلب لَمَّا تَفَرَّى أُفقُ الضِّياءِ ... مِثْلَ إِبتْسامِ الشَّفَةِ اللمْياءِ وَشَمْطَتْ ذَوَائِبُ الظَّلْماءِ ... قُدْنا لِعيِنِ الْوَحْشِ وَالظَّباء دَاهيَةً مَحْذُورَةَ اللِّقاءِ ... تَحْملهُا أَجْنِحَةُ الْهَواءِ تَسْتَلبُ الخَطْوَ بلاَ إبْطاءِ ... أَسرَعُ مِنْ جَفْنٍ إلىَ إغْضاءِ وَمُخْطَفٍ مُوَثَّقِِ اْلأَعْضاءِ ... خالفَهَا بِجِلْدَةٍ بَيْضاءِ وَإْثُرهُ فِي أَرْضِهِ الأَدْماءِ ... كَأَثَر الشَّهابِ فِي السَّماِء

ذي مقلة قليلة الأقذاء ... صافية كقطرة من ماء آنَسَ بَيْنَ السَّفْحِ وَالْفَضاءِ ... سِرْبَ ظِباءٍ رَتَّعَ اْلأَطْلاءِ فِي غارِبٍ مُنَوَّرٍ خَلاَءِ ... أَحْوَى كَظَهْرِ الرَّيْطَةِ الخَضْراءِ فِيِه مُسًوكُ الحَيَّةِ الرَّقْطاءِ ... كَأَنَّها ضَفَائِرُ الشَّمْطاءِ فَصادَ قَبْلَ اْلأَيْنِ وَاْلأَعْياءِ ... خَمْسِينَ لاَ تَنْقُصُ فِي الاْحْصاءِ وَباعَنا اللُّحُومَ بِالدَّماءِ وقال في رام بالبندق ولم يصب شيئاً يا ناصِرَ الْيَأْسِ عَلَى الرَّجاءِ ... رَمَيْتَ بِاْلأَرْضِ إلىَ السَّماءِ وَلَمْ تُصِبْ شَيْئاً سِوَى الهَواءِ ... هانَكَ هَذَا الرَّمْىُ يا ابْنَ المَاءِ وقال في الزُّرقَّ قَدْ أَغْتَدِى وَاللَّيْلُ فِي إهابِهِ ... كَالحْبَشِيَّ مالَ عَنْ أَصْحابِهِ وَالصُّبْحُ قَدْ كَشَّفَ عَنْ أَنْيابِهِ ... كَأَنَّهُ يَضْحَكُ مِنْ ذَهابِهِ بِرُزَّقٍ رَيَّانَ مِنْ شَبابِهِ ... ذِي مِخْلَبٍ مُكِّنَ فِي نِصابِهِ كَأَنَّ سَلْخَ اْلاِيمِ مِنْ أَثْوابِهِ ... مَا زَادنَا الْبازِي عَلَى حِسابِهِ

وقال في الصقر والفرس قَدْ أَغْتَدِى وَالصُّبْحُ ذِي مَشِيبٍ ... بِقارِحٍ مُسَوَّمٍ يَعْبُوبِ ذِي أُذُنٍ كَخُوصَةِ الْعَسيِبِ ... أَوْ آسَةٍ أَوْفَتْ عَلَى قَضِيبِ يَسْبِقُ شَأْوَ النَّظَرِ الرَّحِيبِ ... أَسْرَعُ مِنْ ماءٍ إلَى تَصْويِبِ وَمِنْ نُفوذِ الْفِكْرِ فِي الْقُلُوبِ ... وَأَجْدَلٍ حُكِّمَ باِلتَّأْديِبِ صَبٍّ بِكَفِّ كُلِّ مُسْتَجِيبِ ... أَسْرَعَ مِنْ لَحْظَةِ مُسْتَريِبِ وقال في البازي غَدَوْتُ لِلصَّيْدِ بِفِتيْانٍ نُجُبْ ... وَسَبَبٍ لِلرِّزْقِ مِنْ خَيْرِ سَبَبْ ذِي مُقْلَةٍ تَهْتِكُ أَسْتارَ الحُجُبْ ... كَأَنَّها فِي الرَّأْسُ مِسْمارُ ذَهَبْ بِأَنْسُرٍ مِثْلِ السِّنانِ الْمُخَتضِبْ ... قَدْ وَثَقِ الْقَوْمُ لَهُ بِما طَلَبْ فَهْوَ إذا عُرِّى لِصْيدٍ فَاضْطَرَبْ ... عَرَّوْا سَكاكِيَنُهُم مِنَ الْقُرُبْ وقال في الكلاب قَدْ أَغْتَدِى وَاللَّيْلُ كَاْلغُرابِ ... مُلْقَى السُّدولِ مُغْلَقُ اْلأَبْوابِ حَتَّى بَدا الصُّبْحُ منَ الْحِجابِ ... كَشَيْبَةٍ حَلَّتْ عَلَى شَبابِ بِكَلْبَةٍ سَرِيعَةِ الْوِثابِ ... تَفُوقُ سَبْقاً لَحْظَةَ الُمْرتابِ

لَمْ يَدمَ صَيْداً فَمُها بِنابِ ... حِفْظاً وَإبْقاءً عَلَى اْلأَصْحابِ وقال في الشَّكِّ وقصب الدَّبْق ما صائِداتٌ لَسْنَ بارِحاتِ ... وَراكبِاتٌ غَيْرُ سائِراتِ وَقَدْ عَلْونَ غَيْرَ مُكْرَماِت ... مَنابِراً وَلَسْنَ خاطِباتِ وَما طَعامٌ ظَلَّ بالَفْلاةِ ... يُقَرِّبُ الْمَوْتَ مِنَ الحْيَاةِ وما رِماحٌ غَيْرَ جارِحاتِ ... وَلَسْنَ لِلِطّرادِ وَالْغاراتِ يخضَبْنَ لا مِنْ عَلَقِ الْكُماةِ ... بِرِفْقِ حَرْبٍ مُنْجَزِ الْعِداتِ مَسْتَمْكِنٍ لَيْسَ بِذِي إفْلاتِ ... يَنْشِبُ فِي الصُّدُورِ واللِّبَّاتِ أَسِنَّةٌ غَيْرُ مُوَقَّعاتِ ... عَلَى عَوالِيها مُرَكَّباتِ مِنْ قُصُبِ الرِّيِش مُجَرَّداتِ ... يُحْسَبْنَ فِي الْقُنِىِّ شائِلاتِ أَذْنابَ جُرْذانٍ مُنكَّسات وقال في البازي والفرس لَمَّاَ حَدا الصُّبْحُ بِلَيْلٍ أَدْعَجِ ... مِثْلَ القْبِاءِ اْلأَسْوَدِ المُفَرَّجِ وَالنَّجْمُ فِي غُرَّةِ نَجْمٍ مُسْرَجِ ... كَالمْصُطْلّىِ بالَّلَهبِ المُؤَجَّجِ وَأُفُقُ الْجَوْزاءِ بِالصُّبْحِ شَجِ ... خافِقُهُ مِثْلَ اللِّواء المُزْعَجِ

رُعْنا الْوُحُوشَ بِابْنِ شَدٍّ مُدْمَج ... أَشْقَرَ مَلْزُوزِ الْعُرَي وَالْمِنسَجِ قَدْ خاضَ تَحْجِيلاً وَلَمْ يُلَجِّجِ ... كَالْخَوْدِ فِي جِلْبابها المُصَرَّجِ رَمَتْ إلَى مِعْصَمِها بِالدُّمْلُج ... ذِي غُرَّهٍ مِثْلِ الصَّباحِ اْلأَبْلجِ وَأَضْلُعِ مِثْلِ شِجارِ الْهَوْدَجِ ... كَيْفَ بِطْلِبٍ ذِي فَقارٍ مُرْتَجِ كَعُقدِ الْخَطِّىِّ لَمْ يُعَوَّجِ ... وَحافِرٍ أَزْرَقَ كَاَلْفَيْرُوزَجِ مُدَلْمٍ يَقْشِرُ جِلْدَ المْنَهجِ ... وَمُكْمِلٍ شِكَّتهُ مُدَجَّجِ أَقْمَرَ مِثْلَ المُلَكِ المُتَوَّجِ ... ذِي مُقْلَةٍ نَقِيَّةِ المُحَجَّجِ وَمخْلَبٍ كَالْحاجِبِ الْمُزَجَّج ... أَبْرَشَ بُطْنانُ الَجناحِ الدَّيْزَجِ كَطَيْلَسانِ الَملِكِ الُمَدَّبجِ ... لَمْ يَخْلُ مِنْ يَوْمِ سُرورٍ مُرْهَجِ وَرائحٍ وَقادِحٍ مُؤَجَّجِ وقال في الكلاب غَدَوْتُ لِلصَّيْدِ بِقُضْفٍ كَالْقِدَدْوَاللَّيْلُ قَدْ رَقَّ عَلَى وَجْهِ الْبَلَدْ وَابْتَّل سِرْبالُ النَّسيِمِ وَبَرَدْ ... وَالفَجْرُ فِي ثَوْبِ الظَّلامِ يِتَقَّدْ عَواصِفٌ مُشَابِهاتٌ لِلأَمَدْ ... ما يَسْتَزْدِها الشَّوْطُ مِنْ عَدْوٍ تَزِدْ وَتَقْتِضَى اْلأَرْجُلُ وَاْلأَيْدِي تِعَدْ ... لَمَّا عَدَوْنَ وَعَدَتْ خَيْلُ الطُّرُدْ

أَبْرَقَ بِالرَّمْضِ الْفَضَاءُ وَرَعَدْ ... وَقامَ شَيْطانُ الْجَرِيضِ وَقَعَدْ وَطارَ فِي السَّماءِ نَقَعٌ وَرَكَدْ ... كَأَنَّهُ مَلاَءُ غَسَّالٍ جُدُدْ يَنْشُرُها السَّهْلُ وَيْطوِيها الْجَدَدْ ... مِثْلُ اْلَقرِيبِ عِنْدَها ما قَدْ بَعَدْ وقال في البازي قَدْ أَغْتَدِى عَلَى الِجيادِ الضُّمَّرِ ... وَالنَّجْمُ فِي طُرَّةِ صُبْحٍ مُسْفِرِ كَأَنَّهُ غُرَّةُ مُهْرٍ أَشْقَرِ ... وَالْوَحْشُ فِي أَوْطانِها لَمْ تُذْعَرِ وَالرَّوْضُ مَغْسُولٌ بِلَيْلٍ مُمْطِرِ ... جَلا لنَا وَجْهَ الثَّرَى عَنْ مَنْظِرِ كَالْعَصْبِ أَوْ كَالْوِشْي أوْ كَالْجَوْهر ... من أبيض وأحمر وأصفر وَطارِفٍ أَجْفانَهُ لَمْ يَنْظُرِ ... تَخالُهُ الْعَيْنُ فَماً لَمْ يُفْغَرِ وَفاتِقٍ كادَ وَلَمْ يُنَّورِ ... كَأَنَّهُ مُبْتَسِمٌ لَمْ يَكْشِرِ وَأَدْمُعُ الْغُدْرانِ لَمْ تُكَدَّرِ ... كَأَنَّها دَراهِمٌ فِي مِنْثَرِ أَوْ كَعُشًورِ المُصَحِف المُنَّشرِ ... وَالشَّمْسُ فِي إضْحا جِوّ أَخْضَرِ كَدَمْعَةٍ حائِرةٍ فِي مَحْجِرِ ... تسقَى عُقاراً كالِسّراجِ اْلأَزْهَرِ مُدامَةً تَعْقِرُ إنْ لَمْ تُعْقَرِ ... يُديِرُها كَفُّ غَزالٍ أَحْوَرِ فِي طُرَّةٍ قاِطَرةٍ بِاْلعَنْبَرِ ... وَمِلْثَمٍ يَكْشِفُهُ عَنْ جَوْهَرِ

وَكَفَلٍ يَشْغَلُ فَضْلَ الْمِئْزَرِ ... وَيَذْعَرُ الصَّيْدَ ببِازٍ أَقْمَرِ كَأَنَّهُ فِي جَوْشَنٍ مُزَرَّرِ ... ذِي مُقْلَةٍ تَسْرَحُ فَوْقَ المَحْجِرِ وَمنْسرٍ عَضْبِ الشَّبَا كَالْخْنِجرِ ... تَخالُهُ مُضَمَّخاً بِالْعُصْفُرِ وَهامَةٍ كَالْحَجَرِ الْمُدَوَّرِ ... وَجُوْحُؤٍ مُنَمْنَمٍ مُحَبَّرِ كَأَنَّهُ رِقٌ خَفِيُّ اْلأَسْطُرِ ... وَذَنَبٍ كَاْلمُنْصُلِ الْمُذَكَّرِ أَوْ كَنَجِيِّ الطَّلْعَةِ المُقَّشرِ ... وَقَبْضَةٍ تَقْصِلُ إنْ لَمْ تَكْسِرِ قَلَّصَ فَوْقَ الدَّسْتَبانِ اْلأَحْمَرِ ... جَناحَهُ كَرِدْيَةِ المُشَمَّرِ وقال في الكلاب: لَهْفِي عَلَى دَهْرِ الصَّبا الْقَصِيِر ... وَغُصْنِهِ ذِي اْلوَرَقَ النَّضيرِ وَسُكْرِهِ وَذَنْبِهِ المَغْفُورِ ... وَمَرَحِ الْقُلوبِ فِي الصُّدُورِ وَطُولِ حَبْلِ اْلأَمَلِ المَجْرُورِ ... فِي ظِلِّ عَيْشٍ ناعِمٍ غَرِيرِ فَالآْنَ قَدْ صِرْتُ إلىَ مَصيرِ ... وَاشْتَعَلَ المَفْرقُ باِلْقَتِيِر وَتَرَكَتْنِي ظِنَنُ الْعَبُورِ ... قَدْ أَعْتَديِ بَيْنَ الدُّجَى وَالنُّورِ يَضُمُّني لَطِائفُ الحُضُورِ ... نَمْرَحُ فِي اْلأَطْوَاقِ وَالسُّيُور

نُدنِي وَرَاءَ الْقَنَصِ الَمذْعُورِ ... تَسْمِيةَ اللهِ مِنَ التَّكْبِيِر وقال في القوس والبندق َ لاَ صَيْدَ إلاَّ بِوَتَرْ ... أَضْفَرَ مَجْدُولٍ مُمَرّْ إنْ مَسَّهُ الرَّامِي نَخَرْ ... ذِي مُقْلَةٍ تَقْذَي مَدَرْ بَطِرْنَ مِنها كَالشَّررْ ... إلَى اْلُقلُوبِ وَالثُّغُرْ لَما غَدَوْنا بسَحَرْ ... وَاللَّيْلُ مُسْوَدُّ الطُّرَرْ نَأْخُذُ أَرْضاً وَنَذَرْ ... جاءَتْ صُفُوفاً وَزُمَرْ يَطْلُنَ ما شَاءَ الْقَدَرْ ... عْنَد رِياضٍ وَزَهَرْ وَهُنَّ يَسْأَلْنَ النَّظَرْ ... ما عنْدَهُ مِنَ الخَبْرْ فَقامَ رَامٍ فَابْتَدَرْ ... أَوْتَرَ قَوْساً وَحَسَرْ إذَا رَمَى الصَّفَّ انْتَثَرْ ... فَبَيْنَ هَاوٍ مُنْحَدِرْ وَذِي جَناحٍ مُنْكَسرْ ... فَارْتاحَ مِنْ حُسْنِ الظَّفَرْ وَمسَّهُ حَزُّ اْلأَشَرْ ... وَقُلْنَ إذْ حُقَّ الحَذَرْ وَجَدَّ رَمْىٌ وَاسْتَمَرّْ ... ما هَكَذَا يُرْمَي الْبَشَرْ صَارَ حَصَى اْلأَرْض مَدَرْ

وقال في الفهد: قَدْ أَغْتَدِي قَبْلَ الْغُدُوِّ بِغَلَسْ ... وَللِريَّاضِ فِي دُجَى اللَّيْلِ نَفَسْ حَتَّى إذَا الَّلْيُل تَدَلىَّ كَالْقَبَسْ ... قامَ النَّهارُ في ظَلاَمٍ وَجَلَسْ يُلاَحِقُ الْوَثُبَةَ مُمْتدُّ النَّفَسْ ... نِعْمَ الرَّدِيفُ زَاننَا فَوْقَ الفَرَسْ يَنْفي الْقَذَى عَنْ مُقْلةَ فِيها شَوَسْ ... كاَلزَّلَمِ اْلأَصْفِر صُكَّ فَانْمَلَسْ لَما خَرَطْناُه تَدَانَى فَانْغَمَسْ ... إذَا عَدَا لَمْ يُرَ حَتِّى يَفْتَرِسْ وقال في الْبُزاةِ وَالْكَلْبِ وَالْيُوزَجِ قُمْ صاحبِي نَعْدُو لِصْيِد الْوَحْشِ ... بِصائِداتٍ مِنْ بزُاةٍ بُرْشِ كَأَنَّما نَقَّطَها مُوَشِّى ... وَيُوزَجاتٍ ضُمَّرٍ تَسْتَنْشِى ذَواتِ شَمٍّ وَذَواتِ نَبْشِ ... وَوابِلٍ فِي الْعَدْوِ غَيْرَ طَشِّ فَقامَ بَسَّاماً عَبُوسَ الْبَطْشِ ... كَمِثْلِ دِينارٍ جَدِيدِ النَّقْشِ وَاسْتَبْدَلَ السَّرْجَ بِلِينِ الْفَرْشِ ... لَمَّا رَأَى فِي اللَّيْلِ فَجْراً يَمْشِي فَكَمْ كِناسِ قَدْ خَلاَ وَعُشِّ ... وَقَهْوةٍ صِرْفٍ بِغَيْرِ غِشِّ شَرِبْتُها تَحْتَ نَدًى وَرَشِّ ... فِي لَيْلَةٍ ذاتِ نُجُومٍ عُمْشِ

قال في البازي

وقال في الكلاب لَمَّا تَدَلىَّ النَّجْمُ لاِ نْحطِاطِ ... وَهَمَّ رَأْسُ اللَّيْلِ بِانْشِماطِ قُدْنا لِغزْلانِ النَّقَا الْعَواطِي ... داهَيِةً تجولُ فِي الرَّياطِ كَأَنَّها وَالنَّفْطَ كالنِّياطِ ... تُعْجِلُ دُراًّ خَرَّ بِالْتقاطِ تَردُّهُ فِي حِلَقِ اْلأَقْراطِ ... سَوائلَ اْلأَذْنابِ كالسَّياطِ وقال في الشاهين والغراب أَقْبَلَ يَفْرِي وَيَدَعْ ... مُمْتَلَئَ الَّلحْظِ جَزَعْ مُسْتَرْوَعاً وَلَمْ يُرَعْ ... تُبْصِرُهُ إذا وَقَعْ كَفَرْدِ خُفٍّ مُنْتَزَعْ ... إذا رَأَى الرَّوْضَ رَبَعْ لَمَّا رَآى وَجْهَ الْفَزَعْ ... طار قَريباً وَانَقَمعْ وَصَكَّهُ نِيقٌ جِذَعْ ... فَفَرَّقَ الرُّعْبُ قِطَعْ وَلَيْسَ فِي الْعَيْشِ طَمَعْ وقال في البازي قَدْ أَغْتِدي وَفِي الدُّجَى مَبالِغُ ... والْفَجْرُ للِسَّاقَةِ مِها صابِغُ وَفِيهِ لِلصُّبْحِ خَطِيبٌ نابِغُ ... وَاللَّيْلُ فِي الْمَغْربُ عَنْهُ زائِغُ

بِمُسْتَمِرٍّ فِي الدِّماءِ واِلغُ ... قُدَّ لَهُ قَمِيصُ وَشْىٍ سابِغُ وَمَنْسِرِ ماضِى الشَّباةِ دامِغُ ... يَمْلأُ كَفَّيْهِ جَناحٌ فارِغُ وقال في الصقر والكلاب في الأبيات وَمِنْ عَجَبِ اللَّذَّاتِ يَوْمٌ سَرَقْتُهُمِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الدَّهْرُ سالِفُ غَدَوْنا وَلمَّا تَرْتَقِي الشَّمْسُ أُفْقَها ... تَسِيلُ بِنا قُودُ الجِياِد الْجَوائِفُ تَشُقُّ رِياضاً قَدْ تَنَفَّطَ نَوْرُها ... وَبَلَّلهَا دَمْعٌ مِنَ الُمْزنِ ذاَرِفُ كَأَنَّ عُبابَ الِمْسكِ بَيْنَ بِقاعِها ... تُفَتِّحُها أَيْدِي الرِّياحِ اللَّطائِفُ وَقِيَدتْ لِحَتْفِ الصَّيِدْ غُضْفٌ كَواسِبُ ... كَمِثْلِ قِداحِ الْبارِياتِ نَحائِفُ إذا انْخَرَطَتْ مِنَ اْلقَلائِدِ خِلْتَها ... تَرامَي بِها هُوجُ الرِّياحِ الْعَواصِفُ تُقاسِمُها قَبْضَ النُّفُوسِ أجادِلٌ ... فَفِي اْلأَرْضِ نَهَّاشٌ وَفِي اْلَجَّو خاطِفُ كَأَنَّ دِلاءً فِي السَّماءِ تَحُطُّها ... وَتَرْقَي بِها أَيْدٍ سِراعٌ غَوارِفُ يُشَقِّقُ آذانَ اْلأَرانِبِ صَكُّها ... كَما شَقَّ أَنْصافَ الْكَوافِيِر خارِفُ تُصَبِّحُ حُزَّانَ الْقُرَيَّةِ غُدْوَةً ... شَياِطينُ فِي أَفْواهِهِنَّ المَتالِفُ

وقال في الصقر

وَنَبَّهَ وَسْنانَ التُّرابِ ضَحِيَّةٌ ... إلَى الْعَصْرِ شَدٌّ يَأَكُلُ اْلأَرْضَ عاصِفُ وَدَرَّتْ عَلَيْنا قَرْقَفٌ بِابِليَّةٌ ... يَطوفُ بِها رِيمٌ مِنَ اْلأنْسِ آلِفُ يُصَرِّفُ لَحْظاً لا يُعادُ مَرِيضُهُ ... وَيَمْشِي بِخَصْرٍ أَتْعَبَتْهُ الرَّوادِفُ وَيرَجُمُ غَفْلاتٍ أَفَتَّتْ بِنَظْرةٍ ... إلَىَّ كَمَسِّ الَخْمرِ وَالْقَلْبُ خائِفُ قال في البازي لمَّا انْجَلَى ضَوْءُ الصَّباحِ وَفَتَقْ ... تَجَلِّىَ الصَّفْوَةِ مِنْ تَحْتِ الرَّنَقْ وَأَنْجُمُ اللَّيْلِ مَرِيضاتُ الْحَدَقْوَاْلَفْجرُ قَدْ أَلْقىَ عَلَى اْلأَرْضِ طَبَقْ غَدَوْتُ فِي ثَوْبٍ مِنَ اللَّيْلِ خَلَقْ ... يُطارِحُ النَّظْرَةَ في كُلِّ أُفُقْ ذي مَنْسِرٍ أَقْنَى إذا شَكَّ خَرَقْ ... مُخْتَضِبٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ بِعَلَقْ وَمُقْلَةٍ تَصْدُقُهُ إذا رَمَقَ ... كَأَنَّها نَرْجِسَةٌ بِلا وَرَقْ تُنْشِبُ فِي اْلأَنْيارِ حَتَّى تَنْفَتِقْ ... مَخاِلباً كَمِثْلِ أَنْصافِ الحِلَقْ مُبارَكٍ إذَا رَأى فَقَدْ لَحِقْ ... يَسْبِقُ ذُعْرَ الطَّيْرِ مِنْ حَيْثُ انْبَرَقْ حَتَّى يَرَيْنَ الَمْوتَ مِنْ قَبْلِ الْفَرَقْ وقال في الصقر يا ُربَّ لَيْلٍ كَجناحِ النَّاعِقِ ... سَرَيْتُهُ بِفِتْيَةٍ بَطاِرقِ

قال في الفهود

تَنْتَابُ صَيْدا لَمْ يُرَعْ بِطاِرقِ ... بِأَجْدَلٍ يُلْقَنُ نُطْقَ النَّاطِقِ مُلَمْلَمِ الَهْامَةِ فَخْمِ الْعاتِقِ ... ذي مِخْلَبٍ أَقْنَى كَنُون الْمَنشِقِ وَجُؤْجُؤٍ لابِسِ وَشْيٍ رَائِقِ ... كَأَثَرِ اْلأَقْلامِ فِي الْمَهارِقِ أَوْ كَبَقايا اْلكِحْلِ فِي الحَمالِقِ ... حَتَّى بَدا ضْوءُ صَباحٍ فاِتقِ وقال وَكَلْبَةٍ غَدَا بِها فِتْيانُ ... أَطْلَقَهُمْ مِنْ يَدِهِ الزَّمانُ كَأَنَّها إذَا تَمَطَّتْ جانُ ... أَوْ صُعْدَةٌ وَعَظْمُها السَّنانُ وَالنَّجْمُ فِي مَغْربِه وَسْنانُ ... وَالصُّبْحُ فِي مَشْرقِهِ حَيْرانُ كَأَنَّهُ مُصَبَّحٌ عُرْيانُ ... وَنَحِبتْ لِحَيْنِها غِزْلانُ فَأخَذَتْ ما أَخَذَ الْعِنانُ قال في الفهود انْعَتُها تَفْرِى الْفَضاءَ عَدْوا ... نَوازِياً خَلْفَ الطَّرِيد نزْوا لاَ تُحْسِنُ الْقُدْرَةُ مِنْها عَفْوا ... قَدْ وَجَدَتْ طَعْمَ الدِّماءِ حُلْوا قال في الكلاب لَمَّا غَدَونْا وَالظَّلامُ قَدْ وَهَى ... قُدْنا لِغِزْلانِ الدُّجَيْل وَالمْهَا

من مختار شعره في الغزل

ضَوامِراً تَحْسَبُهًنَّ نُقَّها ... يَصدْنَ لِلْعادِي بِهِنَّ ما اشْتَهَى وَما انْتَهَتْ قَطُّ بِهِ حَتَّى انْتَهَى ... فَكُلُّ ما شاءَتْ مِنَ الصَّيْدِ لهَا من مختار شعره في الغزل قال قُلْ لِغُصْنِ البْانِ الذَّيِ يَتَثَنَّى ... تَحْتَ بَدْرِ الدُّجَى وَفَوْقَ النَّقا لَيْتَ لَيْلاً عَلَى الصَّراةِ طَوِيلاً ... لِلَياِليَّ فِي سُرَّ مَنْ رَأَى الْفِدا أَيْنَ مِسْكٌ مِنْ حَمْأَةٍ، وَبُحُورٌ ... مِنْ بِحارِ، وَصَفْوَةٌ مِنْ قَذا وقال لاحَ لَهُ بارِقٌ فَأَرَّقَهُ ... فَباتَ يَرْعَى النُّجُومَ مُكْتَئبا يَطيُعهُ الطَّرْفُ عِنْدَ دَمْعَتِهِ ... حَتَّى إذا حاوَلَ الرُّقادَ أَبَي وقال قَدْ وَجَدْنا غَفْلَةً مِنْ رَقيِبِ ... فَسَرَقْنا لَحْظَةً مِنْ حَبيِبِ وَرَأَيْنا ثَمَّ وَجْهاً مَلِيحاً ... فَوَجَدنْا حُجَّةً للذُّنوُب وقال وَصَلَ الْخَيالُ وَصَدَّ صاحبُهُ ... وَالْحُبُّ لا تَفْنَى عَجائِبُهُ

يا شِرَّ إنْ أَنْكَرْتِنِي فَلَكَمْ ... لَيْلٍ رَأَتْكِ مَعِي كَواكِبُهُ شابَتْ نَواصِيِه وَعَذَّبَنِي ... بِقُمَيْرِ خامِسَةٍ أَراِقُبهُ بِأَبِي حَبِيبٌ كُنْتُ أَعْهَدُهُ ... لِي واصِلاً فَازْوَرَّ جاِنُبهُ عَبَقَ الْكلامُ بِمِسْكَةٍ نَفَحَتْ ... مِنْ فِيِه تُرْضِى مَنْ يُعاتبُهُ نَبَّهْتُهُ وَالْحَيُّ قَدْ رَقَدُوا ... مُسْتَبْطِناً غَضِباً مَضاربُهُ فَكَأنَّنِي رَوَّعْتُ ظَبْيَ نَقاً ... فِي عَيْنِهِ سِنْةٌ تُجاذِبُهُ وقال: وَابَلائِي مِنْ مَحْضَري وَمَغِيبِي ... مِنْ حَبيِبٍ مِنَّى بَعِيدٍ قَرِيبِ لَمْ تَرِدْ ماءَ وَجْهِهِ الْعَيْنُ إلاَّ ... شَرَقَتْ قَبْلَ رَّيِها بِرَقيِبِ وقال: لَقَدْ بُليَتْ نَفْسِي بِمَنْ لا يِحُبنُّيِ ... وَذاكَ عَذابٌ فَوْقَ كُلِّ عَذابِ وَقُلْتُ لَهُ رُدَّ الْجَوابَ فَقالَ لِي ... جَوابُك لاَ واتْرُكْ جَوابَ جَوابي وقال: يا أَيُّها المُتَتايِهُ المُتَغاضِبُ ... ماتَ الرِّضَى عَنِّي فَإِنَّي تائِبٌ وَغَضِبْتَ لمَّا قلْتُ هَجْرُكَ قاتِلِي ... إنْ عادَ وَصْلُكَ لِي فَإِنَّي كاَذِبُ

وقال: لا وَخَدّ منْ خُضْرَةِ الشَّعرِ جَدْبِ ... لامِعٍ نُورُهُ كَصَفْحَةِ عَضْبِ وَابْتِسامٍ مِنْ بَعْدِ تَقْطِيبِ سُخْطٍ ... وَرِضَى لَحْظِ مُقْلَةٍ بَعْدَ عَتْبِ لا تَبَدَّلْتُ ما حييتُ ولاَ حَدَّ ... ثْتُ نَفْسِي مِنْ بَعْدِ حبِيَّ بُحبِّ وقال: رِيمٌ يَتيِهُ بُحْسنِ صُورَتِهِ ... عَبَثَ الْفُتُورُ بِلَحْظِ مُقْلَتِهِ وَكَأَنَّ عَقْرَبَ صًدغِهِ وَقَفتْ ... لمَّا دَنَتْ مِنْ نارِ وَجْنَتِهِ وقال: نَطَقَتْ مَناطِقُ خَصْرِهِ بِصفاتِهِ ... واهْتَزَّ غُصْنُ البَانِ فِي حَرَكاتِهِ وَعُذرْتُ مِنْ خَطِّ الْعِذارِ بِخَدِّهِ ... وَلحِاظِهِ وَالَمْوتُ مِنْ لَحظَاتِهِ وَكَأَنَّ وَجْنَتَهُ تُفَتِّحُ وَرْدَةً ... خَجَلاً إذا طالَبْتُهُ بِعِداتِهِ وَحَياةِ عاِذَلتِي لَقَدْ صارَمْتُهُ ... وَكَذاكَ بَلْ وَاصَلْتُهُ وَحَياتِهِ وقال: وَمُحَذِّفٍ طاقَيْنِ مِنْ سَبَجٍ ... فِي وَجْهِ عاجٍ لاحَ كالسُّرُجِ أَجْسامُنِا بالسُّقْمِ قَدْ بَلِيَتْ ... فَسَلوُا مَحاسِنهُ عَنِ المُهَجِ

وقال: ما زِلْتُ أَطْمَعُ حَتَّى قَدْ تَبيَنَّ لِي ... جِدٌّ مِنَ الخُلْفِ فِي مِيعادِ مَزَّاحِ لَيِلِى كَما شِئْتَ لَيْلٌ لاَ انْقِضاءَ لَهُبَخِلْتَ حَتَّى عَلَى لَيْلِى بِاصِبْاحِ وقال: ماتَ وِصالٌ وَعاشَ صَدُّ ... وَعَزَّ مَوْلَى وَذَلَّ عَبْدُ يا أَحْسَنَ الْعالَمِينَ وَجْهاً ... مالَكَ مِنْ أَنْ تُحَبَّ بُدُّ وقال: أُغَلِّقُ سَمْعِي بِاْلأَحادِيثِ بَعْدكُمْ ... وَأَصْرِفُ لَحْظِي عَنْ مُحَدِّثِها عمْدَا وَأَسْأَلُهُ رَدَّ الحدِيِث لِعِلَّةٍ ... سِواكَ وَدَمْعِي دَائِب يَفْضَحُ الْوَجْدَا وقال: يا نَسِيمَ الرَّيحِ مِنْ بَلَدٍ ... إنْ لَمْ تُفَرِّجْ هَمِّي فَلاَ تَرِدِ أَبيتُ وَالشَّوْقُ فِي الْفِراشِ مَعِي ... يَكْحُلُ عَيْنِي بِمِرْوَدِ السُّهْدِ أَخْطَأْتَ يا دَهْرُ فِي تَعَرُّقِنا ... وَيَحْكَ تُبْ بَعْدَها وَلاَ تَعُد مالي أرَى الَّليْلَ لاَ صَباحَ لَهُ ... ما الَهْجُر إلاَّ لَيْلٌ بِغَيِرْ غَدِ وقال: ماذا يَضُرُّكَ لَوْ رَثَيْتَ لعِاشِقٍ ... قَلقِ يَقُومُ بِهِ هَواكَ وَيَقْعُدُ

تَجدُ الْعُيُونُ رُقادَها، وَرُقادُهُ ... حَتَّى الصَّباحِ مُضَيَّعٌ ما يُوجَدُ وَلَهُ إذَا ما قَصَّرَ الَّليْلُ الْكَرَى ... لَيْلٌ طَويُل الْعُمْرِ لَيْسَ لَهُ غَد ُ وقال: وَمِنْ حَسْرَةِ الدُّنْيا هَواكَ لبِاخِلٍ ... بَعيِدٍ مِنَ الْعُتْبيَ ضَنيِنٍ بِمَوْعِدِ يَجِئُ مَجِيءَ الْفَيْءِ كُلَّ عَشِيَّةٍ ... وَيَرجِعُ لَم يُسْعِفُ بِلَفْظٍ وَلا يَدِ وقال: ما أَقْصَرَ اللَّيْلَ عَلَى الرَّاقِدِ ... وَأَهْونَ السُّقْمَ عَلَى الْعاَئِدِ يَفْدِيكَ ما أَبْقَيْتَ مِنْ مُهْجَتِي ... لسْتُ لمِا أَوْلَيْتَ بالجْاحِدِ كَأَنَّنِي عانَقْتُ ريَحْانَةً ... تَنَفَّسَتْ فِي لَيْلِها الْبارِدِ فَلَوْ تَرانا فِي قَمِيصِ الدُّجَى ... حَسِبْتَنا فِي جَسَدٍ واحِدِ وقال: أَما تَرَى يا صاحِ ما حَلَّ بِي ... مِنْ ظالِمٍ فِي حُكْمِهِ مُعْتَديِ يَقُولُ لِلْقَلْبِ إذا ما خَلا ... يا قَلْبُ قُمْ واطْلُبْ وَلاَ تَقْعُدِ كَمْ مِنْ فُسُوقٍ فِي كَلامٍ لَهُ ... وَغَمْزَةٍ مَكْتوُمَةٍ بِالْيَدِ وَلَحْظَةٍ أَسْرَعُ مِنْ تُهْمَةٍ ... تُجِيبُ مَنْ يَسْأَلُ أَوْ يَبْتَدِي

يا مَوْسِمَ الْعُشَّاقِ قُلْ لِي مَتَى ... تَخْلُو مِنَ الْغائِرِ وَالُمْنِجِد يا مُقْمِراً فِي الشَّعَرِ اْلأَسْودِ ... وَضاحِكاً فِي أُقْحوُانٍ نَدِى لَيْتَكَ قَدْ أَحْسنْتَ بِي مَرَّةً ... واحِدَةً أَوْ حُلْتَ عَنْ مَوْعِدِي وقال لاَ تْلقَ إلاَّ بِلَيْلٍ مَنْ تُواصِلُهُ ... فَالشَّمْسُ نَمَّامَةٌ وَاللَّيْلُ قَوَّادُ كَمْ عاشِقٍ وَظَلامُ اللَّيْلِ يَسْتُرُهُ ... لاقَى اْلأَحبَّةَ وَالوْاشُونَ رُقَّادُ وقال وَمُسْتَكْسٍ يُزْهِى بِخُضْرَةِ شارِبٍ ... وَفَتْرَةِ أَجْفانٍ وَخَدٍّ مُوَرَّدِ تَبَسَّمَ إذْ مازَخْتُهُ فَكَأَنَّما ... تَكَشَّفَ عَنْ دُرٍّ حِجابُ زَبَرْجَدِ وقال قَدْ حَمَى ظَبْيَ النَّقا أَسَدُهُ ... رِيقُهُ عَذْبٌ وَمَنْ يَرِدُهْ مَشْرَبٌ طَابَتْ مَشارِعُهْ ... جامِدٌ فِي خَمْرَةٍ بَردَهْ هُوَ سُقْمٌ حِينَ أَفْقِدُهُ ... وَشِفاءُ السُّقْمِ لَوْ أَجِدُهْ وقال شَفانِي الْخَيالُ بِلا حَمْدِهِ ... وَأَبْدلَنَيِ الوَصْلَ مِنْ صَدِّهِ

وَكَمْ نَوْمَهٍ لِي قَوَّادَهٍ ... تُقَرِّبُ حِبِّي عَلَى بُعْدِهِ وقال مَضَيْتَ فَكَمْ دَمْعَةٍ لِي عَلَيْ - كَ تَهْوِى وَكَمْ نَفَسٍ يَصْعَدُ وَجِئْتَ فَحُبِّيَ ذاكَ الذَّيِ ... عَهِدْتَ كَما هُوَ لا يَنْفِدُ فَهَلْ لَكَ فِي أَنْ تُعِيدَ الْوِصا ... لَ فاْلَعْودُ أَحْمَدُ يا أَحْمَدُ وقال سَقْياً لِظلِّ زَمانِي ... وَدَهْرِيَ المْحَمْوُدِ وَلَّي كَلَيْلَةِ وَصْلٍ ... قُدَّامَ يَوْمِ صُدودِ وقال يا أَيُّها الرَّاكِبُ الُمْسَتْعِجلُ الْغادِيأَقْرِ السَّلامَ عَلَى يَعْقُوبَ بالوْادِي وَقُلْ لَهُ الْحَقْهُ قَدْ خَلَّفَتهُ دَنِفاً ... يَمُجُّ آخِرَ عَهْدٍ بَيْنَ عُوَّادِ يا حَبَّذَا الدَّهْرُ إذْ نُسْقَى مَسَرَّتَهُ ... صِرْفاً وَنَمِزجُ إنْجازاً بِمِيعادِ وَإْذَ نِبيتُ وَقلْبانا قَدِ انْتَصَفا ... حَادِي عِناقٍ وَإسعافٍ وَإسْعادِ بُسَّر مَنْ رَاسَقاها الغَيْثُ ما شِربَتْ ... مِنْ رائحٍ ضاِحكٍ بالُمْزنِ أَوْغادِ وقال أَلاَ حَلَّلوُا عَنِّي عُرى الَهمِّ بِالُمَنىوَأَخْبارِ شِرَّ قَدْ رَضِيتُ بِأَخْبارِ

وَإلاَّ فَزيُدزا زَفْرَتِي أَوْ فَأَمْسِكوُا ... جناحَ فُؤادٍ بَيْنَ جَنْبِيَ طَيَّارِ وقال بِانَ الَخلِيطُ وَلَمْ يُطِقْ صَبْراً ... وَوَجَدْتُ طَعْمَ فراقِهِمْ مُرَّا وَكَأَنَّما اْلأَمْطارُ بَعْدَهُمُ ... كَسَتِ الطلُّولِ غَلائِلاً خُضْراً هَلْ تَذْكُريِنَ وَأَنْت ذاِكرَةٌ ... مَشْىَ الرَّسُولِ إلَيْكُمُ سِرَّا إنْ تُغْفُلوا يسِرعْ لِحاجَتِهٍ ... وَإذا رواه حَسَّنَ الْعُذْرَا فَطنٌ يُوَرِّى ما تَقُولُ لَهُ ... وَيَزِيدُ بَعْضَ حَدِيثِنا سِحْرا وقال: ما الذَّنْبُ لِي بَلْ أَذْنَبَ السُّكْرُ ... عَلَى لِساِني وَبِقَوْلِي عُذْرُ فَيا بَدِيعَ الُحْسِن يا سَّيدِي ... حَتَّى مَتَى لاَ يُهْجَرُ الهَجْرُ اْلَحْقُ دُموِعي وَهْيَ فِي جَفْنِها ... مَوْقُوفَةٌ لَمْ يُجْرِها قَطْرُ وَغُصَّةً لِي لَمْ تَصِرْ زَفْرَةً ... مِنْ قَبْلِ أَنْ يَنْهَتكَ السِّتْرُ وقال: قِفْ خَلِيليِ نَسْأَلْ لِشِرَّةَ داراً ... وَمَحَلاًّ مِنْها خَلاءً قفارَا

ضاعَ شَوْقٌ إلَيْكَ لَمْ تَعْلَمِيهِ ... باتَ بَيْنَ اْلأَحشاءِ يُوِقدُ نارَا رُبَّ صادٍ إلَى حَديِثِكِ خَلاَّ ... بٍ وَقَدْ طافَ حَوْلَ سِّرِي وَدارَا لَوْ رَأَى مَطْلَعاً مِنَ اْلأَمْرِ سَهْلاً ... دَبَّ فِي النَّاس يَنْقُبُ اْلأَسْرارَا عَزَلتَيْ عنَهْا الَمخافَةُ إلاَّ ... مِنْ خَيالٍ إذا دَجَى الَّليْلُ زارَا لَمْ يَزَلْ فِي الُّرقادِ يَلْثِمُ فَاها ... وَيُقَضِّي مِن شِرَّةَ اْلأَوْطارَا خالِياً لا يخافُ أُذْنا وَعَينا ... باتَ دُونَ اْلِفراشِ وَاْلبَعْلِ جارَا مَزَجَتْهُ بِنَفْسِها مِثْلَ ما يَمْ ... زِجُ ساقٍ بِماءِ مُزْنٍ عُقارَا وقال: فَكَيْفَ بِها لا الدَّارُ مِنْها قَرِيبَةٌ ... وَلا أَنْتَ عَنْها آخِرَ الدَّهِر صابِرُ أَبِنْ لِي فَقَدْ بانَتْ لهَا غُرْبَةُ النَّوَىأََأنْتَ عَلَى شَيْءٍ سِوَى الهَمِّ قادِرُ نَعَمْ أَنْ يَزُولَ الْقَلْبُ عَنْ مُسْتَقَرِّهِخُفُوفاً وَتَنْهَلَّ الدُّمُوعُ الْبَوادِرُ وَأَحْيا حَياةً بَعْدَ شِرَّ مَرِيضَةً ... لها عاذِلٌ فِي حُبِّ شِرَّ وَعاذِرُ ألا يا بَنِي الْعَّباس هَذا أَخُوُكُم ... قَتِيلٌ فَهَلْ مِنْكُمْ لَهُ اْليَوْمَ ثاِئرُ

وقال أَقُولُ وَقَدْ ناَدْوا بِبَيْنٍ وَقَوُّضُوا ... خِيامَهُمُ مِنْ مُنْجِدِينَ وَغائِرِ رُوَيدْكَ يا حُبَّ المَلِيحَةِ ساعَةً ... وَلا تَقْتُلَنِّي قَبْلَ زَمِّ اْلأَباعِرِ وَباتُوا كَأَنَّ الدَّهْرَ لَمْ يَنْخَدِعْ لهَا ... بِطُولِ وِصالٍ مِنْهُمُ وَتَزاوُرِ وقال يا لَيْلَةً بِتُّ فِيها دائِمَ السَّهَرأَرْعَى النُّجُومَ حَلِيفَ الْهَمِّ وَالْفِكرِ كَأَنَّها حِينَ ذَرَّ اللَّيْلُ ظُلْمَتَهُجَمْرٌ جَلَتْهُ الصَّبا فِي مُصْطَلًى خَضِرِ يا وَيْحَ قَلْبِيَ مِنْ رِيمٍ بُلِيتُ بِهِبِالصُّبْحِ منُتْقَبٍ باللَّيْلِ مُعْتَجِرِ وقال أَشْكُو إلىَ اللهِ هَوَى شادِنٍ ... أَصْبَحَ فِي هَجْرِيَ مَعْذُورَا إنْ جاءَ فِي اللَّيْلِ تَجَلَّى وَإنْ ... جاءَ صبَاحاً زَادَهُ نُورَا فَكَيْفَ أَحْتالُ إذا زَارَنِي ... حَتَّى يَكُونَ اْلأَمْرُ مَسْتُورَا وقال يا هِلاَلاً يَدُورُ في فَلَكِ النَّا ... وَرْد رِفْقاً بِأَعْيُنِ النَّظَّارَهْ ِ

قفْ لنا فِي الطَّرِيِق إنْ لَمْ تَزُرْنا ... وَقْفَةٌ فِي الطَّرِيِقِ نِصْفُ الزِّيارَةْ وقال يا عاذِليِ فِي لَيْلِهِ وَنَهارِهِ ... خَلَّ الهَوى يَكْوِى المُحِبَّ بنِارِهِ وَيْحَ الُمَتَّيمِ وَيْحَهُ ماذَا عَلَى ... عُذَّالِهِ مِنْ ذَنْبِهِ أَوْ عارِهِ يا حُسْنَ أَحْمَدَ إذْ غَدَا مُتَشَمِّراً ... فِي قُرْطُقٍ يَسْعَى بِكَأْسِ عُقارِهِ وَالْغُصْنُ فِي أَثْوابِهِ واَلدُّرُّ فِي ... فَمِهِ وَجِيدُ الظَّبْيِ فِي أَزْرَارِهِ لكنَّهُ قاسٍ كَذُوبٌ وَعْدُهُ ... نائِي المَزارِ عَلَى دُنُوِّ جِواِرهِ قَدْ كُنْتُ مَعْذُوراً لِهِجْرَة مِثْلِهِ ... لَوْلاَ مَلاَحَةُ خَدِّهِ وعِذَارِهِ وقال إنَّ الخْلَيِطَ بَكَرْ ... زُمَرًا تَخُبُّ زُمَرْ ما زِلْتُ أُتْبِعُهُمْ دَمْعاً بِكَيْدِ نَظَرْ وَلَقَدْ طَرَقْتْ عَلَى ... صَدٍّ وَحُسْنِ حَذَرْ رَشَأً لِمَحَبَّتِهِ ... شَرِبَ الْكَرَى فَسَكِرْ شَغَلَتْهُ أَقْرُطُهُ ... دَماِلجٌ وَطُرَرْ

وَغدَتْ تُبِشِّرُهُ ... مِرآْتُهُ بِقَمَرْ يَفْتَرُّ عَنْ بَرَدٍ ... لَوْلاَ الْجُمُوُد قَطَرْ وقال يا ظَالِمَ الْفِعْلِ وَمَظْلُومَ النَظَّرْ ... وَيا قَضِيباً وَكَثِيباً وَقَمَرْ قُدِرْتُ لِي فَحَبَّذا هَذا الْقَدَرْ ... وَإنْ مَلأْتَ الْعَيْنَ دَمْعاً وَسَهَرْ وقال قَدْ صادَ قَلْبي قَمَرُ ... يَسْحَرُ مِنْهُ النَّظَرُ بِوَجْنَةٍ كَأَنَّما ... يَطِيرُ مِنْها الشَّرَرُ وَشارِبٍ قَدْ هَمَّ أوْ ... نَمَّ عَلَيْهِ الشَّعَرُ ضَعيِفَةٌ أَجْفانُهُ ... وَالْقَلْبُ مِنْهُ حَجَرُ كَأَنَّما أَلْحاظُهُ ... مِنْ فِعْلِهِ تَعْتَذِرُ أَلْحُسْنُ فِيِه كامِلٌ ... وَفِي الْوَرَى مُخْتَصَرُ وقال قَدْ سَقَتْنِي رِيقاً وَرِيقاً كَخَمْرِ ... بِنْتُ عَشْرٍ في كَفِّها بِنْتُ عَشْرِ كَمَّلَ الْحُسْنَ وَالْمَلاَحَةَ فِيها ... خاِلقٌ هَزَّ غُصْنَها تَحْتَ بَدْرِ

مَرْحَباً باخْتِلاَجِ أَجْفَانِ عَيْنٍ ... بَشَّرَتْ نَفْسَهَا بِرؤُيْةِ شِرِّ لَكِ مِنِّيِ عِتْقٌ مِنَ الدَّمْعِ إنْ صَ ... حَّ الذَّيِ قُلتْهِ وَلَوْ بَعْدَ دَهْرِ وقال بِاللهِ يا ذا الُمْقَلِة السَّاهِرَةْ ... اغْفرْ ذُنُوبَ الدَّمْعَةِ الْقاهِرَةْ تِهْ كَيْفَ ما شِئْتَ علَيَنْا فَقَدْ ... تاهَتْ بِكَ الدُّنْيا عَلَى اْلآْخِرَةْ وقال أَصابَتْ عَيْنَهُ عَيْنٌ فَزِيدَتْ ... فُتُوراً فِي المَلاحَةِ وَانْكِسارَا فَصارَ لِغَمْزها عُذْرٌ إذَا ما ... أشارَ إلَيْه لَحْظِي أَوْ أَشارَا وَزَادَ سِقامَها سُقْماً فَأَذْكتْ ... عَلَى قَلْبِ المُتَيَّمِ مِنْهُ نارَا وقال أَرَى أَعْيُنَ اْلأَعْداءِ قَدْ فَطِنَتْ بِناوَأَوْجَسَ سُوء اَلَّظنِّ مَنْ كاَنَ ذَا أُنْسِ فَإِنْ مَنَعوُا مِنْ صورَةِ الْجِسْم صُورَةًفَفِي النَّوْمِ تَلْقَى صُورَةُ النَّفْسِ للنَّفْسِ

وقال أَيا طُرَّةَ عَبَّاسٍ ... لَقَدْ أَكَثْرتِ وَسْواسِي أرَى لَيْلاً مِنَ الشَّعَرِ ... عَلَى شَمْسِ مِنَ النَّاس أَلاَ قُولوُا لَمِنْ يَغْدُو ... إلىَ مَيْدانِ أُشْناسِ أَنا أَحْسَنُ مَنْ يَرْمِي ... بِسْهمٍ وَجْهَ بِرْجاسِ أَتَرْضَى لَرجائِي مِن ... كَ أَنْ يُخْتَمَ بِالْياسِ وقال: بُكاءٌ يَسْتَجِيبُ وَلاَ يَحْتَبسْ ... وَنَفْسٌ شَكَتْ بِلِسانِ النَّفَسْ وَمَوْلىً يَجُور عَلَى عَبْدِهِ ... يَقُولُ إذا ذَكَرُوهُ تَعَسْ حَرَضْتُ عَلَى حُبِّ مَنْ لا يُحِبُّ ... فَلا رُبَّ مُسْتَعْجِلٍ قَدْ جَلَسْ وقال: دَعْ نَدِيماً قَدْ تَناءَى وَحَبَسْ ... وَاْسِقنِي وَاشْرَبْ عُقاراً كاَلْقَبَسْ هامَ قَلْبِي بِفَتاةٍ غادَة ... حَوْلهَا اْلأَسْيافُ فِي أَيْدي الْحَرَسْ لا تنامَ اللَّيْلَ مِنْ حُبِّي وَإنْ ... غَرَّدَ الْقِمِرىُّ زَارَتْ فِي الْغَلَسْ وَتُسَمِّينِي إذا ما عَثَرَتْ ... فَإِذا ما فَطنُوا قالَتْ تَعَسْ

وقال: يَتِيهُ عَبْدِي وَأَنا أَخْضَعُ ... إنْ كانَ ذاَ دَأْبِي فَماذا أَصْنَعُ يا عاذِلِي عَذْلُكَ لِي ضاِئعٌ ... أَسْمعْتَنِي وَالْحُبُّ لا يَسْمَعُ وقال: عَليِمٌ بِما تَحْتَ الصُّدوِرِ مِنَ الهَوَىسَرِيعٌ بِكَرِّ اللَّحْظِ وَالْقَلْبُ جازِعُ وَيَجْرَحُ أَحْشائِي بِعَيْنٍ مَرِيضَةٍ ... كَما لانَ مَتْنُ السَّيْفِ وَالحْدُّ قاطِعُ وقال: أَْلآَن زاَد عَلَى عَشْرٍ بِواحِدَةٍ ... مِنْ بَعْدِ أُخْرَى وَشابَ الحُبَّ باْلخُدَع وَجاوَبَ اللَّحْظُ مِنْهُ لَحْظَ عاشِقِهِوَجَرَّرَ الْوَعْدَ بَيْنَ الْيَأْسِ وَالطَّمَعِ قَدْ كانَ غِرّاً بِقَتْلي لَيْسَ يُحْسنُهُوَالْيَوْمَ يُبْدِعُ فِي قَتْلي عَلَى الْبِدَعِ وقال: أَيا مَنْ فُؤادِي بِهِ مُدْنَفُ ... حُجِبْتَ فَلِي دَمْعَةٌ تَذْرِفُ إذا مَنَعُوا مُقْلَتِي أَنْ ترا ... ك فَقلْبِي يَراكَ وَلا يَطْرِفُ وقال: بُليتُ يا قَوْمِ بُمْسَتْبِصرٍ ... فِي الظُّلْمِ لا أَنْطِقُ مِنْ خَوْفِهِ مُحَرِّكُ الْيُمْنَى إذا ما مَشَى ... وَواضِعُ الْيُسْرَى عَلَى سَيْفِهِ

كَلاُمُهُ أَخْدَعُ مِنْ لَحْظِهِ ... وَوَعْدُهُ أَكْذَبُ مِنْ طَيْفِهِ وقال: وَمِنْ دُوِن ما أَظْهَرْتَ لِي تُضْرَبُ الُمنُىَوَيُمْسِي جَلِيدُ الْقَوْمِ وَهْوَ ضَعِيفُ وَلَمْ أَدْرِ أَنَّ الْبانَ يُغْرَسُ بِالنَّقاوَلا أَنْ شَمْساً فِي الظَّلامِ تَطُوفُ وقال: وَغَزالٍ مُقَرْطَقٍ ... ذِي وِشاحٍ مُمَنْطَقِ زَيَّنَ اللهُ خَدَّهُ ... بِعِذارٍ مُعَلَّقِ لَمْ أَكُنْ فِيِه بِدْعَةً ... كُنْتَ مِمَّنْ بِهِ شَقِى يا مُحِلَّ السَّقامِ بِي ... خُذْ مِنَ الْجِسْمِ ما بَقِي وقال: وَزائِرَةٍ تَسْتَعِجلُ المَشَي طارقَهْ ... أَتَتْنا مِنَ الْفِرْدَوْسِ لا شَكَّ آبِقَهْ إذا ما تَثَنَّتْ قالَ لِلرِّيح قَدَّها ... كَذا حَرِّكِي اْلأَغْصانَ إنْ كُنْتِ صادِقَةْ وقال: إذا ما جَحَدْتُ الْحُبَّ قاَلتْ عَواِذلِيفَما لَكَ تَبْكِي دَمْعُ عَيْنَيْكَ أَصْدَقُ

شَقيتَ كَمَنْ يَشْقَى بِريمٍ أُحِبُّهُ ... عَلَى وَجْهِهِ نُورٌ منَ الْحُسْنِ يُشْرقُ وَلَمْ تَتَمَكَّنْ لِحْيَةٌ مِنْ عِذاِرِهِ ... بَلَى مَسَحَتْهُ مُسْحَةٌ وَهْيَ تَفْرَقُ وقال: لاَ وَيْوم الَّرِقيِب وَقْتَ التَّلاقِي ... وَارْتِداءِ الاْثْنَيِنْ بِاْلاْعتِناقِ وَارْتِضاعِ الفَمَّيْنِ مِنْ بَرْذرِيِقٍ ... طَيَّبٍ طَعْمُهُ لَذِيذِ الْمَذاقِ وعِتابٍ خِلاَلهُ ضَحِكاتٌ ... لا عِتابِ الْقُطُوبِ وَالاْطْراقِ وَحَبيبٍ أَتَى عَلَى غَيْرِ وَعْدٍ ... نَقَرَ الْبابَ بَعْدَ طُولِ فِراقِ لا أَطَعْتُ الْعَذُولَ فِي لَذَّةِ الْكَأْ ... سِ وَلا لُمْتُ عاِشقاً فِي اشتِياقِ أَنا مِنْ ماِءِ دِمْعَتِي فِي ابْتِلالٍ ... وَلا يِقادِ لَوْعَتيِ فِي احْتِراقِ وقال: يُجادلِني أَيُّنا أَعْشَقُ ... وَدَمْعِي ِلأَدْمُعِهِ المُطْلِقُ فَمَنْ قَدْ بَكَى شَجْوَهُ اْلأَصْدَقُ ... وَمَنْ زارَ صاحبَهُ اْلأَشْوَقُ وقال: لاَ أَرَّقَ اللهُ مَنْ أَهْدَى ليَ اْلأَرَقاوَأَوْدَعَ الْقَلْبَ نارَ الْحُبِّ فَاحْتَرَقا تَناصَفَتْ فِيِه مِنْ فَرْقٍ إلىَ قًدَمٍ ... مَحِاسنٌ كُلُّها تَسْتَوْقفُ الحُرَقا

فَكَمْ تَحَّيَر مِنْ عَقْلٍ وَمِنْ نَظَرٍ ... فِيِه وَكَمْ طارَ مِنْ قَلْبٍ وَكَمْ خَفَقا يا مُلْبِسَ السُّقْمِ جِسْمِي بَعْدَ صِحَّتِهِعَجَّلْ وَفاتِي وَإلاَّ فَالْحَقِ الرَّمَقا لَمْ يَتْرُكِ الشَّوْقُ مِنَّي مُذْ عَيِيِتُ بِهِعَنْ نَصْرِي تَخَلُّقاً فِي صَبْرِي وَلا خُلُقا وقال: أَيا وَيْلِي وَعوْلِي مِنْ مِكاسِكْ ... وَيا هَمِّي وَكَرْبِي لاحْتِباسِكْ فَكمْ ذاَ التَّيهُ قَدْ أَسْرَفْتَ فِيِه ... أَرانِي اللهُ خَدَّكَ مِثْلَ رأسِكْ وقال: بِمِنًي ومكَّة لْلِحَجيج مَواسِمٌ ... وَالْياسِرِيَّةُ مَوْسِمُ الْعُشَّاقِ ما زلتُ أَنْتَقدُ الْوُجُوهِ بِحَوِّها ... نَقْدَ الصَّيارِفِ جَيِّدَ اْلأَوْراقِ وقال: صَدَدْتُ وَإنْ صَدَدْتُ بِرَغْم أَنْفِي ... فَكَمِ في الصَّدِّ مِنْ نَظَرٍ إلَيْكَا أراكَ بِعْيِن قَلْبٍ لا تَرَاها ... عُيُونُ النَّاسِ مِنْ حَذَرٍ عَلَيْكَا فَأَنْتَ الُحْسنُ لا صِفَةً بِحُسْنٍ ... وَأَنْتَ الخَمْرُ لاَ ما فِي يَدَيْكَا وقال: باحَ هِجْرانُ مِنْ أُحبُّ بِتَرْكِي ... فَدَعُونِي أَبْكِي عَلَيْهِ وَأُبْكِي

قُلْتُ للِكْأْسِ وَهُوْ يَكْرَعُ فِيها ... ذُقْتُ واللهِ مِنْهُ أَطْيَبَ مِنْكَ وقال: ما حانَ لي أَنْ أراكا ... وَأَنْ أُقَبِّلَ فَاكَا قَلْبِي بِكَفَّيْكَ فَانْظُرْ ... هَلْ فِيِه خَلْقٌ سِواكَا وقال: شَفِّعيِنِي يا شِرَّ فِي رَدَّ قَلْبِي ... فَلَقَدْ طالَ حَبْسُ قَلْبِي إلَيْكِ وَائْذَنِي فِي الرُّقادِ لِي إنَّ عَيْنيِ ... تَسْتَزيِرُ الرُّقادَ مِنْ عَيْنِيْكِ وقال: أَغارُ عَلَيْكِ مِنْ قَلْبِي إذا مَا ... رَآكِ وَقَدْ نَأَيْتِ وَما أَراكِ وَطَرْفِي حِينَ نِمْتُ فَباتَ لَيْلاً ... يَسِيرُ وَلَمْ أَسِرْ حَتَّى أَتاكِ وَغَيْثاً جادَ رَبْعاً مِنْكَ قَفْراً ... أَلَيْسَ كَما بَكَيْتكُ قَدْ بَكاكِ وَمِنْ طَرَفِ القَضيِبِ مِنَ اْلأَراكِ ... إذا أَعْطَيْتِهِ يا شرَّ فَاكِ وقال: بَدْرٌ يُبِينُ الَّليْلُ أَنْوارَهُ ... مِنْ تَحْتِهِ غُصْنُ نَقاً مائِلُ لا يَكْفُلُ الِمْئَزُر أَكْفالَهُ ... وَخَصْرُهُ مُخْتَصَرٌ ناحِلٌ

وقال: وَمُنْعِمٍ كَاْلغُصْنِ ذِي المَيْلِ ... ما زَحْتُهُ فَاْحَمَّر مِنْ خَجَلِ لَمَّا شَمِمْتُ الخَمْرَ مِنْ فَمِهِ ... وَفَّيْتُهُ حَدًّا مِنَ القْبُلَ وقال: لا تُعاتِبُ إذا هَوِي ... تَ وَلا تُكْثِرِ الْعِلَلْ لا تُذكِّرْ بِوَصْلكَ ال ... هَجْرَ ما دَام قَدْ غَفَلْ وقال: جِسْمُ المُحِبَّ بِثَوْبِ السُّقْمِ مُشْتَمِلُوَجَفْنُهُ بِدُمُوعِ الشَّوْقِ مُكْتَحِلُ وَكَيْفَ يَبْقَى عَلَى ذَا جازِعٌ كَمِدٌ ... لَمْ يَبْقَ مِنْ صَبْرِهِ رَسْمٌ ولاَ طَلَلُ وَظَلَّ عُذَّالُهُ يَلْحَوْنَ صَبْوَتَهُلَوْ يَعْلَمُونَ الذَّيِ يَلْفَي لَما عَذَلوُا وقال: أَطَلْتَ وَعَذَّبْتَنِي يا عَذُولُ ... بُلِيتُ فَدَعْنِي حَدِيِثِي يَطُولُ هَوايَ هَوًى باِطنٌ ظاِهرٌ ... قَدِيمٌ حَدِيثٌ لَطِيفٌ جَليِلُ أَلا ما لذِا الَّليْلِ لا يَنْقَضيِ ... كَذا لَيْلُ كُلِّ مُحِبّ طَوِيلُ

وقال: وَزائِرٍ زارَنِي عَلَى وَجَلٍ ... مُتَنَقِّبٍ الْوَجْنَتَيْنِ بالْخَجَلِ قَدْ كانَ يَسْتَكْثرُ الْكَلامَ لنَا ... فَجادَ باْلاعْتناق وَالْقُبَلِ قَبَّلْتُ مِنْهُ الذَّيِ أُؤَمِّلُهُ ... بَلِ الذَّيِ كانَ دُونَهُ أَمَلِي وقال: لِي حَبِيبٌ يَكُدُّنِي بِمَطاِلِه ... غَشَّ دِينِي بُحسْنِهِ وَجَمالِهْ قَمَرٌ يُلْبِسُ الظَّلامَ ضِياءً ... عَجِبَ النَّقْصُ فِي الْوَرَى مِنْ كَمِالِهْ نازِحُ الْوَصْلِ لَيْسَ يَرْحَمُ آما ... لِي مِنْ طُولِ خلُفْهِ واَعْتِلالِهْ وَجَّهَتْ نَفْسِي الرَّجاءَ إلَيْهِ ... وَأَقامَتْ عَلَى انْتِظِار نَواِلهْ وقال: قُمْ فَفَرَّجْ مِنْ كُرْبَتِي يا رَسُولُ ... إنَّ عَبْدَ الْهَوَى لَعَبْدٌ ذَلِيلُ ما رَددْتَ الْجَوِابَ مِنْهُ فَأَحْيا ... لَيْتَ شِعْرِي مَتَى لِقَوْلٍ يَقُولُ وقال: لَبَستْ صُفْرَةً فَكَمْ فَتَنَتْ ... مِنْ أَعْيُنِ إذْ رَأَيْنَها وَعُقولِ مِثْلَ شَمْسٍ فِي الْغَرْب تَسْحَبُ ثَوْباً ... صَبَغَتْهُ بِزَعَفْرَانِ اْلأَصِيلِ

وقال: أَقُولُ وَقَدْ طالَ لَيْلُ الهُمومِ ... وَقَاسَيْتُ حُزْنَ فُؤادٍ سَقِيِم عَسَى شَمْسُهُ مُسِخَتْ كَوْكَباً ... فَقَدْ طَلَعَتْ فِي عِدادِ النُّجومِ وقال: صَدَّتْ شُرَيْرٌ فَلَمْ تُكَلِّمُنِي ... كَمْ ذا التَّجَنِّي عَلَى المُحِبِّ كَمِ تَعاوَنَتْ فِي دَمِي مَحاسِنُها ... لكِنْ خَذُوا سِحْرَ عَيْنِها بِدَمِي دَعَتْ خَلاخِيلُها ذَوائبِهَا ... فَجِئْنَ مِنْ رَأْسِها إلَى الْقَدَمِ وقال: هاتِيكَ دارُ شُرَيْرٍ لا يُغَيِّرُها ... كَرُّ الُخطوِب وَطُولُ الْعَهْدِ والْقَدِمُ تَحَرَّجَ الدَّهْرُ لا يَمْحُو مَعالِمَها ... وَإنْ تَغَنَّي بِها اْلاِرواحُ وَالدِّيَمُ وقال: لَحْظُ الْمُحِبِّ عَلَى اْلأَسْرارِ مُتَّهَمُإذا اسْتَشَفُّوا الهْوَىَ مِنْ تَحْتِهِ عَلمُوا مَنْ كانَ يكْتُمُ ما فِي الْقَلْبِ مِنْ حُرْقٍفَفِي الدُّمُوعِ حَديِثٌ لَيْسَ يَنْكَتمُ وقال: اْلَبْرقُ فِي مُبْتَسِمهْ ... وَالْخَمْرُ فِي مُلْتَثَمِهَّْ

وَوَجْهُهُ في شَعْرِهِ ... كَقَمَرٍ فِي ظْلَمِهْ نامَ رَقيِبِي سَكَراً ... يَحْرُسُنِي فِي حُلُمِهْ وَباتَ مَنْ أَهْوَى مَعِي ... يَزِقُّني رِيقَ فَمِهْ وقال: يا خَفِيَّ الرُّقي لِحَيَّاتِ سُخْطِي ... وَجَريِئاً عَلىَ الذُّنُوبِ الْعظِامِ وَلَهُ شافِعٌ مِنَ الشَّكْلِ وَالُحْس ... نِ وَجيِهٌ يَفُلُّ سَيْفَ انْتقِامِي رُبَّ ذَنْبٍ لَهُ بَديعٍ عُجِيبٍ ... جامِعٍ بَيْنَ عَبْرَتِي وَابْتِسامِي وقال: هَجَرَتْكَ عانِيَةً بِلا جُرْمِ ... ظَلَمتْكَ قَدْ مَرَنَتْ عَلَى الظُّلْمِ قاَلتْ بَليَت بِحَقِّ جِسْمِيَ أَنْ ... تَبْلَي وَهَلْ أَبْقَيْتِ مِنْ جِسْمِي إنَّ الرَّسُولَ أَشاعَ قوْلَكَ لِي ... إيَّاكَ أَنْ تَزْدادَ مِنْ عِلْمِ أَوْشَى بِسِرِّ هَوايَ مِنْ سَقَمِي ... وَأَنُّم مِنْ سَمْعِي إلىَ فَهْمِي وقال: تَعالَ قَدْ أَمْكَنَ المَكانُ ... وَاجْسُرْ عَلَى الْوَصْلِ يا جَبانُ بِادرْ فَإِنَّ الزَّمانَ غِرٌّ ... مِنْ قَبْلِ أَنْ يَفْطِنَ الزَّمانُ

وقال: قَدْ جاءَنا الِعْيُد يا مُعَذِّبَتِي ... لاَ تَجْعَلِيِه هَمًّا وَأَحْزانا قُومِي فَضِّحِى بِالْهَجْرِ فِيِه لنَا ... وَصَيِّرِيهِ يا شِرَّ قُرْبانا وقال: كَمْ لَيْلَةٍ عانَقْتُ فِيها بَدْرَها ... تَحْتَ الظَّلامِ مُوَسَّداً كَفَّيِهِ مَا زِلْتُ أَشْرَبُ خَمْرَةً مِنْ رِيقِهِ ... وَتَحِيَّتي تُفَّاحَتا خَدَّيْهِ وَسَكْرتُ لا أَدْرِي أَمِنْ خَمْرِ الْهَوَى ... أَمْ كَأْسِهِ أَمْ فِيِه أَمْ عَيْنَيْه وقال: أَيا بَدِيعاً بِلاَ شَبيِهِ ... ويا حَقِيقاً بِكُلِّ تِيِه وَمَنْ جَفانِي فَما أَراهُ ... هَبْ لِي رُقاداً أَراكَ فِيِه وقال: يا مَنْ بِهِ صَمَمٌ عَنِ الشَّكْوَى ... وَتَغافُلٌ عَنْ صَاحِبِ الْبَلْوَى سَافَرْتُ بِاْلآمِال فِيكَ فَلَمْ ... تَبْلُغْ وِصَالَكَ وَانْثَنَتْ حَسْرَى

من مختار شعره في الصفات

من مختار شعره في الصفات قال يصف سيفا لَنا صَارِمٌ فِيِه المَنايا كَواِمنٌ ... فَما يُنْتَضَي إلاَّ لسَفْكِ دِماءِ تَرَى فَوْقَ مَتْنَيْهِ المَنايا كَأَنَّهُ ... بَقِيَّةُ غَيْمٍ رَقَّ دُونَ سَماءِ وقال يذم بستانه إذَا ما سَقَى اللهُ البْسَاتينَ كلهَّا ... سِجالَ سَحابٍ دَائِمِ الْوَدْقِ مُنْسَكِبْ فَأَعْطَشَ بُسْتاِني اْلآِلهُ وَلاَ سَقَى ... لَهُ طاقَةً ما لاَحَ نَجْمٌ وَلاَ غَرَبْ كَتُومٌ لِحَبِّ الْبِذْرِ لَيْسَ بِناتِجٍوَأَشْرَبُ مِنْ رَمِلاتِ يَبْرِينَ لاَ شَرَبْ وَمَرْسَى لِغَرْسِ اْلآسِ وَالنُّقْل حاِلقٌبُتْرَبتِهِ الجَرْباِءِ مِنْ أَخْبَثِ التُّرَبْ أُصَفِّقُ فِيِه حَسْرَةً وَتَلَهُّفاًوَقَدْ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ أُصَفِّقَ مِنْ طَرَبْ وقال: أَحْرَقَنا أَيْلُولُ فِي ناِرِه ... فَرَحْمَةُ اللهُ عَلَى آبِ ما قَرَّ لِي جَنْبٌ عَلَى مَضْجِعي ... كَأَنَّني فِي كَفِّ طَبْطابِ وقال يذم الشرب في يوم الغيم والمطر أَنا لاَ أَشْتَهِي سَماءً كَبَطْنِ ال ... عَيْرِ وَالشَّرْبُ تَحْتها في خَرابِ

وَبُيُوتٍ يُوَقِّعُ الْوَكْفُ فِيه ... نَّ وَإيقاعُ الْوَكْفِ غَيْرُ صَوابِ إِنَّما أَشْتَهِى الصَّبُوحَ عَلَى وَجْ ... هِ سَماءٍ مَصْقُولَةِ الْجِلْبابِ حينَ تَبْدُو الشَّمْسُ المُنَيرةُ كَا ... لدِّيْنارِ تَجْلُوهُ سَكَّةُ الضَّرَّابِ فِي غَداةٍ قَدْ ساعَدَتْكَ بَبْردِ الْ ... ماءِ فِي يَوْمِها وَصَفْوِ الشَّرابِ مِنْ عُقارٍ فِي الْكَأْسِ تُشْبِهُ شَمْساً ... طَلَعَتْ فِي غِلالَةٍ مِنْ سَرابِ أَوْ عَرُوسٍ قَدْ ضُمِّخَتْ بِخَلُوقٍ ... فَهْيَ صَفْراءُ فِي نِقابِ حَبابِ وَغِناءٍ لا عُذْر لِلْعُودِ فِيِه ... بتبدَّى اْلأَوْتارِ والَمِضْرابِ وَنَقاءِ الْبِساطِ مِنْ أَثَرِ ال ... طِّينِ وَمَسْحِ اْلأَقدْامِ فِي كُلِّ بابِ وَنَشاطِ الغِلْمانِ إنْ عَرَضَتْ حا ... جاتُهُمْ فِي المَجِيءِ أَوْ فِي الذَّهابِ وَحِقاقِ الرَّيْحانِ وَالنَّرجِسِ الْغَ ... ضِّ بِأَيْدِي الِخلاَّن وَاْلأَصْحابِ لا تُنَدَّى اْلأُنُوفُ مِنْهُ إذا شُ ... مَّ لِشَرْبٍ نَدَى أُنُوفِ الْكلاِبِ وقال يصف ناراً وَمُوقِداتِ بَيْنَ نُضَرٍ مِنْ اللَّهَبْ ... يُشّبْعِنَهُ مِنْ فَحْمٍ وَمِنْ حَطَبْ رَفَعْنَ نِيراناً كَأَشْجارِ الرَّ. . .

وقال يصف بئراً ودلويها حَفَرْتُها جَوْفاَء مَنْقُورَةً ... فِي دَمِثٍ سَهْلٍ وَطِئِ التُّرابِ تَضْمَنُ رِيَّ الْجَيْشِ للْمُسْتَقِىَ ... كَأَنَّ دَلْوَيْها جَناحا غُرابِ وقال يصف فرسا ياُ ربَّ لَيْلٍ ضَاعِ منِّي كَوْكَبُهْ ... مُشْتَبِهٍ مَشْرِقُهُ وَمَغْرِبُهُ قَدِ اكْتَسَى بُرْدَ الشَّبابِ غَيْهَبُهْ ... وَقَبَضَ اللَّحْظَ فَما يُسَيِّبُهْ وَالْبَرْقُ فِي حافَاتِهِ يُشَيِّبُهْ ... لا يَعْرِفُ الصَّبْحَ وَلِكنْ يَحْسُبِهْ كَأَنَّهُ والمُزْنَ صافٍ هَيْدَبُهْ ... لاَ بَسةٌ ثَوْبَ حِدادٍ تَسْحَبُهْ حَتَّى إذا مُدَّ عَلَيْنا طُنُبُهْ ... تَقَطَّعَتْ سُمُوطُهُ وَسُخُبُهْ وَقام فِيِه رَعْدُهُ يُؤَنِّبُهْ ... وَقارِحٌ تَرْكَبُهُ أَوْ تُجْنِبُهْ يَكادُ لَوْلا اسِمْ إلهٍ يَصْحَبُهْ ... تَأْكُلُهْ عُيُونُهُمْ وَتَشْرَبُهْ أَضْيَعُ شَيْءٍ سَوْطُهُ إذْ يَرْكَبُهْ ... وَالَجرْيُ يَرْمِي ماءَهُ وَيَحْلِبُهْ كَقَدَحِ الصَّرِيِح نُصَّتْ شُعَبُهْ ... كَأَنَّ جِنَّانَ الْفَلاَةِ تَضْرِبُهْ يَكادُ أَنْ يَطيَر لَوْلاَ لَبَتُهْ ... يَعْزِفُ جَهْدَ الْغانيِات جَنَبُهْ كَأَنَّ ما يِفَرُّ مِنْهُ يَطْلُبُهْ ... ذُو مُقْلَة قَلَّتْ لَدَيْها رُتَبُهْ

يَصْقُلُها جَفْنٌ رِقاقٌ حُجُبُهْ ... وَعُنُقٌ كاْلِجذْعِ خُطَّ شَذَبُهْ وَأُذُنٌ أَمِينَةٌ لا تَكْذِبُهْ ... كَآسَةٍ فِي غُصُنٍ تُقَلِّبُهْ يُعْطِيكَ مِن وَرائِهِ ما يَكْسِبُهْ ... وَهْوَ إذا اسْتَقْبَلْتَهُ يَنْتَهِبُهُ وَأَرْبَعٍ كَأَنَّها تَسْتَلِبُهْ ... تَخالهُا تُعْجِل شَيْئاً تَحْسِبُهْ كَأَنَّما عَشاوَةً تُسلِّبُهْ ... ثَوْبٌ مِنَ الدِّيباجِ عالٍ مِشْجَبُهْ وقال يصف الناقة تَرَبَّعَتْ حَتَّى إذا الْعُودُ ذَوي ... وَرَمَّحَ الْجُنْدَبَ رَضْراضُ الْحصَا وَأَشْعَلَتْ جَمْرَتَها شَمْسُ الضُّحا ... وَسَلَخَتْ عَنِ الثَّرَي جِلْدَ النَّدَى وَرَقَصَتْ هُوجُ الرِّياحِ بِالسَّفا ... سَمَتْ إلَى ما سَحَبَتْ أَيْدِي السَّما بِمُقْلَةٍ تَطْحَنُ عُوَّارَ الْقَذا ... كَما صَفا الْمَاءُ عَلَى مَتْنٍ صَفا رَحَلْتُها وَالْفَيُء ظَعْناً ما نَشا ... حَتَّى إذا ما النَّجْمُ فِي اللَّيْلِ طَفا وَاشْتَدَّ باِلرَّكْبِ النَّجاءُ وَالسُّرَى ... وَخُيَّطَتْ جُفُونُهُمْ عَلَى الْكَرَى وَثَقُلَتْ رَؤُوسُهُمْ علَىَ الِطّلا ... ابْتَدَأَتْ سَيْراً كَتَحْرِيقِ الْغَضا حَتَّى مَحا اْلأِصْباحُ عُنْوانَ الدُّجا

وقال يصف الحمام أَعْدَدْتُ لِلْغَايِة سابِقاتِ ... مُعَلَّماتٍ ومَحُزَّماتِ رُبِّينَ أَفْراخاً مُزَغَّباِت ... حَتَّى إذا رُحْن مُشَوَّكاتِ بِأُبَرِ الرِّيِش مُغَرِّزاتِ ... سَحَبْنَ فِي الْوُكُورِ دائرِاتِ حَواصِلاً أُودِعْنَ قُرْطُماتِ ... كأَنَّها صِرارُ لؤُلْؤُاتِ حَتَّى إذا نَقَّرْنَ لاقِطاتِ ... لاَقْينَ بِالْعَشِىِّ والْغَداِة صُداً مِنَ الآْبا واْلأمَّهاتِ ... ثُمَّ بُعِثْنَ غَيْرَ مُبْعِداتِ مِنْ بَعْدِ مِيقاتٍ إلَى ميقاتِ ... حَتَّى إذا خَرَجْنَ عارِياتِ مِنْ حُلَلِ الرَّيِش مُجَرَّداتِ ... ثُمَّ تَبَذَّلْنَ بِأُخْرَياتِ كَخَلِع الْوَشْىِ المُنَشَّراتِ ... أُرْسلْنَ مِنْ بْحرٍ وَمِنْ فَلاة مُقَصَّصاتٍ وَمُرَجَّلاِت ... فَكَمْ رَقَدْنَ غَيْرَ آمِناتِ فِي قُلّةِ الطَّوْدِ وَفِي الْمَوْماةِ ... يَحْمِلْنَ بِاْلأَزْواجِ والزَّوْجاتِ وَتارَةً يُطْرَقْنَ بِالرَّوْعاتِ ... مِنِ ابْنِ عُرْسٍ عَجِلِ الْوَثْباتِ وَرُبَّ يَوْمٍ ظَلْنَ خائِفاتِ ... مِنَ الصُّقُورِ وَمِنَ الْبزاة وَالْقَوْسِ والْبُنْدُق وَالرُّماة ... وَإنْ سَقَطْنَ مُتَزَوِّداتِ

فَمُسْرِعاتٍ غَيْرَ لابِثاتِ ... لِبُلْغَةٍ مُمُسِكَةِ الْحَياةِ خَوْفَ حُبالاتٍ وَمُنْهِزاتِ ... فَلَمْ تَزَلْ كَذاكَ دَائِباتِ طاِئرَةَ الْقُلوبِ طائِراتِ ... تَلُوحُ مِثْلَ النَّجْمِ لِلْهُداةِ حَتَّى تَحَدَّرْنَ إلىَ اْلأَبْياتِ ... وَهُنَّ فِي الْبُروجِ سَاكِناتِ وقال في سماجة النيروز اشْرَبْ غَداةَ النَّيْرُوزِ صافِيَةً ... أَيامُها فِي السُّرورِ سَاعاتُ قَدْ ظَهَرَ الِجنُّ فِي النَّهارِ لنَا ... مِنْهُمْ صُفوفٌ وَدَسَتَبَنْداتُ تَمِيلُ فِي رَقْصِهِمْ قُدُودُهُمْ ... كَما تَثَنَّتْ فِي الرِّيحِ سَرْواتُ وَرُكِّبَ الْقُبْحُ فَوْقَ حِسِّهِمُ ... وَفِي سَماجَاتِهِمْ مَلاحاتُ وقال في صفة بازي وَذاتِ نَأْيٍ مُشْرِقٍ وَجْهُها ... مَعْشُوقَةُ اْلأَلْحاظِ وَالْغَنْجِ كَأَنَّما تَلْثِمُ طِفْلاً لهَا ... زَنَتْ بِه مِنْ وَلَدِ الزِّنْجِ وقال وقد أحرق زنابير وَجُنُودٍ أَبْرتُهُمْ بِحَريِقٍ ... يَتَلَظَّى إذا أَحَسَّ بِرِيحِ

قال في نبيذ الدوشاب

قَرَّتِ الْعَيْنُ إذْ رَأَتْهُمْ سُقُوطاً ... كَنُثارٍ مِنَ الصَّبِيِح المَليِحِ طالمَا قَدْ جُمِّعُوا أَعالِيَ دارِي ... وَنَفْونِي عَنْ طِيبِ رَوْحِ السُّطُوحِ كَمْ صَرِيعٍ مِنَّا لَهُمْ مُسْتَغِيثِ ... مِثْلِ زِقٍّ بَيْنَ الندَّامَى طَرِيحِ وقال كَأَنِّي حِينَ تَعْتَذِرُ المَطايا ... عَلَى فَتْخاءَ ناشِرَةٍ جَناحا بِخَرْقٍ تَقْصُرُ اْلأَلْحاظُ عَنْهُ ... بَعِيدِ الَماءِ يَبْتَلِعُ الرِّياحا وقال مَآخِيرُ لِلْخَيْرِىِّ فِي الْوَرْدِ ... صارَ مِنْ اْلقُرْبِ إلىَ الْبُعْدِ فِي آخِرِ الَمْجِلسِ هَذا يُرَى ... وَذا عَلَى اْلعَيْنيِنْ وَاْلخَدِّ قال في نبيذ الدوشاب لا تَخْلِطُوا الدُّوشابِ فِي قَدَحٍ ... بِصَفاءِ ماءٍ طَيِّبِ الْبَرْدِ لا تَجْمَعُوا بِاللهِ وَيْحَكُمُ ... غَيْظَ الْوَعِيدِ وَرِقَّةَ الْوَعْدِ

قال في ذم الصبوح

قال في ذم الصبوح وهي قصيدة مزدوجة وجئنا بها على الوجه الأكمل لأن طالب جيدها لا بد له من ذكر ما فيها. لِي صاحِبٌ قَدْ مَلَّنِي وَزادَا ... فِي تَرْكَيِ الصَّبوحَ ثُمَّ زادا قالَ ألا تَشْرَبُ بالنَّهارِ ... وَفِي ضِياءِ الْفَجْرِ وَالأسْحارِ إذا وَشَىِ باللَّيْلِ صُبْحٌ فَافْتَضَحْ ... وَذَكَرَ الطَّائِرُ شَجْواً فَصَدَحْ وَالنَّجْمُ فِي حَوْضِ الغروْبِ وَارِدُ ... وَالْفَجْرُ فِي إثْرِ الظَّلامِ طارِدُ وَنَفَضَ اللَّيُل عَلَى الرَّوْضِ النَّدا ... وَحَرَّكَتْ أَغْصانَهُ رِيحُ الصبَّا وَقَدْ بَدَتْ فَوْقَ الِهلالِ غُرَّتُهْ ... كَهامَةِ اْلأَسْودِ شابَتْ لِحْيَتُهْ فَخَمَّشَ النَّارَ بِبَعْضِ نُورِهِ ... وَاللَّيْلُ قَدْ رَفَّعَ مِنْ سُتُورِهِ وَقالَ شُرْبُ اللَّيْلِ قَدْ آذانا ... وَطَمَسَ الْعُقُولَ وَاْلأَذْهانا أَلا تَرَى الْبُسْتانَ كَيْفَ نَوَّرَا ... وَنَشَرَ المَنْثُورُ زَهْراً أَصْفَرَا وَضَحِكَ الْوَرْدُ إلىَ الشَّقائِقِ ... وَاعْتَنَقَ الْقَطْرَ اعْتِناقَ وامِقِ فِي رَوْضَةٍ كَحُلَلِ الْعَرُوسِ ... وَحُزَمٍ كَهامَة الطَّاووسِ

وَياسَمِينٍ فِي ذُرَى اْلأغْصانِ ... مُنْتَظِمٍ كَقِطَعِ الْعِقْيانِ وَالسَّرْوَ مِثْلَ قَصَبِ الزَّبَرْ َجِد ... قَد اسْتَمَدَّ الْعَيْشَ مِنْ تُرْبِ نَدى علَىَ رِياضٍ وَثَرًى ثَرِىِّ ... وَجَدْوَلٍ كاِلْمِبْرَدِ الَمْجِلىِّ وَأَفْرَجَ الْخَشْخاشُ جَيْباً وَفَتَقْ ... كَأَنَّهُ مَصاحِفٌ بِيضُ الْوَرَقْ أَوْ مِثْلُ أَقْداحِ مِنَ الْبَلُّورِ ... تَخالهُا تَجَسَّمَتْ مِنْ نُورِ وَبَعْضُها عُرْيانُ مِنْ أَثْوابِه ... قَدْ خَجِلَ الْبائِسُ مِنْ أَصْحابِهِ تُبْصِرُهُ مِثْلَ انْثِناءِ الْوَرْدِ ... مِثْلَ الدَّبابِيسِ بِأَيْديِ الْجُنْدِ وَالسَّوْسَنُ اْلأَبْيَضُ مَنْشُورُ الحُلَلْ ... كَقُطْنٍ قَدْ مَسَّهُ بَعْضُ الْبَلَلْ وَقَدْ بَدَتْ مِنْهُ ثِمارُ الْكَنْكَرِ ... كَأَنَّها جَماجِمٌ مِنْ عَنْبَرِ وَحِلَقُ الْبَهارِ بَيْنَ الآسِ ... جُمْجُمَةٌ كَهامَةِ الشَّمَّاسِ حيالَ شِيحٍ مِثْلَ شَيْبِ النَّصِفِ ... وَجَوْهَرٍ مِنْ زَهَرٍ مُخْتَلِفِ وَجُلنُّارِ كَاحْمِرارِ الخَدِّ ... أَوْ مِثْلَ أَعْرافِ دُيُوكِ الهْنِدِ وَاْلأُقْحَوانُ كَالثَّنايا الْغُرِّ ... قَدْ صُقَلتْ أَنْوارُهُ باْلقَطْرِ قُلْ لِي فَهَذَا حَسَنٌ بِاللَّيْل ... وَيْلِيَ مِمَّا يَشْتَهِي وَعَوْلِي

وَأَكْثَرَ اْلأصنافَ وَاْلأَوْصافا ... فَقُلْتُ قَدْ جَنَّبْتُكَ الْخَلافَا بِتْ عنْدنَا حَتَّى إذَا الصُّبْحُ سَفَرْ ... كَأَنَّهُ جَدْوَلُ ماءٍ مُنْفَجِرْ قُمْنا إلَى زَادٍ لنَا مُعَدٍّ ... وَقَهْوةٍ صَرَّاعَةٍ للْجِلْدِ كَأَنَّما حَباُبها المَنْثُورُ ... كَواكِبٌ فِي فَلَكٍ تَدُورُ وَمِسْمَعٍ يَلْعَبُ باْلأَوْتارِ ... أَرَقُّ مِنْ ناجِيَةِ الْقَمارِى وَلاَ تَقُلْ لِي قَدْ أَلِفْتُ مَنْزِليِ ... فَتُفْسِدَ الْوَعْدَ بِعُذْرٍ مُشْكِلِ فَقالَ هَذَا أَوَّلُ الْجُنونِ ... مَتَى ثَوى الضَّبُّ بِوادِي النُّونِ دَعَوْتُكُمْ إلَى الصَّبُوحِ ثُمَّ لاَ ... أَكُونُ فِيِه إذْ أَجَبْتُمْ أَوَّلاَ لِي حاجَةٌ لاَ بُدَّ مِنْ قَضائِها ... لَتَسْتَريِحَ النَّفْسُ مِنْ عَنائِها ثُمَّ أَجِى وَالصُّبْحُ فِي عِنان ... إلَيْكَ قَبْلَ نَقْرَةِ اْلأَذَان ثُمَّ مَضَى يُوعِدُ بِالْبُكُورِ ... وَهَزَّ رأْسَ فَرِحٍ مَسْرُورِ فَقُمْتُ مِنْهُ خائِفاً مُرْتاعَا ... وَقُلْتُ نامُوا وَيْحَكَمْ سِراعَا لِتَأْخُذَ الْعَيْنُ مِنَ الرُّقادِ ... حَظًّا إلَى تَغْلِيسَةِ المُنادِي

فَمَسَحَتْ جُنُوبُنا الْمَضاجِعَا ... وَلَمْ أَكُنْ لِلنَّومِ قَبلُ طائِعَا ثَمَّتَ قُمْنا وَالظَّلاَمُ مُطْرِقُ ... وَالطَّيْرُ فِي وُكُورِها لاَ تَنْطِقُ وَقَدْ تَبَدَّي النَّجْمُ فِي سَوادِهْ ... كَحُلَّة الرَّاهِب فِي حِدادِهْ وَنَحْنُ نُصْغِي السَّمْعَ نَحْوَ الْبابِ ... فَلمْ نَجِدْ حِسًّا مِنَ الْكَذَّابِ حَتَّى تَبَّدتْ حُمْرَةُ الصَّباحِ ... وَأَوْجَعَ النَّدْمانَ صَرْتُ الرَّاحِ وماَلتِ الشَّمْسُ عَلَى الرُّؤُوس ... وَمَلَكَ السُّكْرُ علَىَ النُّفُوسِ جاَء بِوَجْهِ باردِ التَّبَسُّمِ ... مُفْتَضِحٍ بِما جَنَى مُذَمَّمِ يَعْثِرُ وَسْطَ الدَّارِ مِنْ حَياِئه ... وَيَنْتفُ اْلأَهْدابَ مِنْ رِدائِه يُعَطْعِطُ الْقَوْمُ بِهِ حَتَّى سَدَرْ ... وَافْتَتَحَ الْقَوْلَ بِعِيٍّ وَحَصَرْ وَجاءَنا بِقِصَّةِ كَذَّابَهْ ... لَمْ يَفْتَحِ الْقَلْبُ لهَا أَبْوابَهْ كَعُذْرِ الْعِنَّينِ بَعْدَ السَّابِعِ ... إلىَ عَرُوسٍ ذاِت هَنٍّ ضائِعِ فَلَمْ يَزَلْ بِشَأنِهِ مُنْفَردا ... يَرْفَعُ بِالْكأْسِ إلىَ فِيِه يَدا وَالْقَوْمُ مِنْ مُعَذِّلِ نَشْوان ... وَغَرِقٍ فِي نَوْمِهِ وَسْنانِ كَأَنَّهُ آخِرُ خَيْلِ الْحَلْبَهْ ... لَهُ مِنَ المُجْهِزِ أَلْفُ ضَرْبَهْ

فَاسْمَعْ فَإِنِّي لِلصَّبُوحِ عائِبُ ... عِنْدِيَ مِنْ أَخْبارِهِ عَجائِبُ إذا أَرْدتَ الشُّرْبَ عِنْدَ الْفَجْرِ ... وَالنَّجْمُ فِي لُجَّةِ لَيْلٍ يَسْرِي وَكانَ بَرْدٌ وَالنَّدِيمُ يَرْتَعِدْ ... وَرِيقُهُ عَلَى الثَّنايا قَدْ جَمَدْ وَلِلْغُلامِ ضَجرَةٌ وَهَمْهَمَهْ ... وَشَتْمَةٌ فِي صَدْرِهِ مُجَمْجِمَهْ يَمْشِي بِلا رِجْلٍ مِنَ النُّعاسِ ... وَيَدْفِقُ الْكَأْسِ عَلَى الجُلاَّسِ وَيَلْعنُ الَمْولَى إذا دعاهُ ... وَوَجْهُهُ إنْ جاءَ فِي قَفاهُ وَإنْ أَحَسَّ مِنْ نَدِيمٍ صَوْتا ... قالَ مُجِيباً طَعْنَةً وَمَوْتا وَإنْ يَكُنْ لِلْقَوْمِ ساقٍ يُعْشقُ ... فَجَفْنُهُ بِجَفْنِهِ مُدَبَّقُ وَرَأْسُهُ كَمِثْلِ فَرْوٍ قَدْ مُطِرْ ... وَصُدْغُهُ كاَلصَّوْلجَانِ المُنْكِسرْ أُعْجِلَ عَنْ مِسواكِهِ وَزِينَتْهِ ... وَهَيْئَةٍ تُبِصْرُ حُسْنَ صُورَتِهْ كَأَنَّهُ عَضَّ علَىَ دِماغِ ... مُتَّهَم اْلأَنْفاسِ وَاْلأَرْفاغِ يَخْدُمُهُمْ بِشَفْشَجٍ مَحْلولِ ... وَيَجْعَلُ الْكَأْسَ بِلا مِنْديِلِ فَإِنْ طَرَدْتَ الْبَرْدَ بِالُّستورِ ... وَجِئْتَ بالْكافُورِ وَالسَّمُّورِ فَأَيَّ فَضْلٍ للصَّبُوِح يُعْرَفُ ... عَلَى الْغَبُوقِ وَالظَّلامُ مُسْدِفُ

وَقَدْ نَسِيتُ شَرَرَ الْكانُونِ ... كَأَنَّهُ نُثارُ ياسَمِينِ تَرْمِى بِهِ الْجَمْرُ إلَى اْلأَحْداقِ ... فَإِنْ وَنَى قُرْطِسَ فِي اْلآماقِ وَتُرِكَ الْبِساط بَعْدَ الجِدَّهْ ... ذا نُقَطٍ سُودٍ كَجِلْدِ الْفَهْدَهْ فَقُطِعَ الَمْجِلسُ بِاكْتِئِابِ ... وَذِكْرِ حَرْقِ النَّارِ للِثِّيابِ وَلَمْ يَزَلْ لِلقَوْمِ شُغْلاً شاغِلاً ... وَأَصْبَحَتْ جِبابُهُمْ مَناخِلا حَتَّى إذا ما ارْتَفَعَتْ شَمْسُ الضُّحَى ... قيلَ فُلانُ بْنُ فُلانٍ قَدْ أَتَى وَرُبَّما كانَ ثَقِيلاً يُحْتَشَمْ ... فَطُوِّلَ الْكَلامَ

حِيناً وَخُتِمْ وَرُفِعَ الرَّيحَان وَالنَّبِيذُ ... وَزالَ عَنْكَ عَبْثُكَ اللَّذِيذُ وَلَسْتَ فِي طُولِ النَّهارِ آمِناً ... مِنْ حادِثٍ لَمْ يَكُ قَبْلُ كائِنا أَوْ خَبَرٍ يُكْرَهُ أَوْ كِتابِ ... يَقْطَعُ طُولَ اللَّهْوِ وَالشَّرابِ وَاسْمَعْ إلَى مَثالِبِ الصَّبُوحِ ... فِي الصَّيْفِ قَبْلَ الطَّائِرِ الصَّدُوحِ جِينَ حَلا النَّوْمُ وَطابَ المَضْجَعُ ... وَانْكَسَرَ الْحَرُّ وَلَذَّ المَهْجَعُ وَانْهَزَمَ الْبَقُّ وَكُنَّ وُقعَّا ... عَلَى الدِّماء كَيْفَ شِئْنَ شُرَّعا مِنْ بَعْدِما قَدْ أَكَلُوا اْلأَجْسادا ... وَطَيَّرُوا عَنِ الْوَرَى الرُّقادا فَقُرِّبَ الزَّادُ إلَى نِيامِ ... أَلْسُنُهُمْ ثَقِيلَةُ الْكَلامِ مِنْ بَعْدِ أَنْ دَبَّ عَلَيْهِ النَّمْلُ ... وَحَيَّةٌ تَقْذِفُ سُمَّا صِلُّ وَعَقْرَبٌ مَخْدُورَةٌ قَتَّالَهْ ... وَجُعَلٌ وَفَأْرَةٌ بَوَّالَهْ وَللِمْغُنَيِّ عارِضٌ فِي حَلْقِهِ ... وَنَعْسَةٌ قَدْ قَدَحَتْ فِي حِذْقِهِ وَإنْ أَرَدْتَ الشُّرْبَ بَعْدَ الْفَجْرِ ... وَالصُّبْحُ قَدْ سَلَّ سُيُوفَ الْحَرِّ فَساعَةٌ ثُمَّ تَجِيءُ الدَّامِغَهْ ... بِنارِها فَلا تَسُوغُ سائِغَهْ وَيَسْخَنُ الشَّرابُ وَالِمزاجُ ... وَيِكْثُرُ الخْلافُ وَالضِّجاجُ مِنْ مَعْشَرٍ قَدْ جُرِّعُوا الحْمَيما ... وَأُطْعِموُا مِنْ زادِهِمْ سُمُومَا وَأَوْلَعُوا بِالْحَكِّ وَالتَّفَرُّكِ ... وَعَصَتِ اْلآباطُ أَمْرَ الْمَرْتَكِ وَصارَ رَيْحانُهُمُ كَالْقَتِّ ... وَكُلُّهُمْ لِكْلِّهمْ ذُو مَقْتِ وَبَعْضُهُمْ عِنْدَ ارْتِفاعِ الشَّمْسِ ... يُحسُّ جُوعاً مُؤْلِماً للنَّفْسِ فَإِنْ أَسَرَّ ما بِهِ تَهَوَّسا ... وَلَمْ يُطِقْ مِنْ ضَعْفِهِ تَنَفُّسا وَطافَ فِي أَصْداغِهِ الصُّداعُ ... وَلَمْ يَكُنْ بِمْثِلِهِ انْتِفاعُ وَكَثُرَتْ حِدَّتُهُ وَضَجَرُهْ ... وَصارَ كَالْجَمْرِ يَطِيرُ شَرَرُهْ وَهَمَّ بالْعَرْبَدَةِ الْوَحْشِيَّهْ ... وَصَرَفَ الْكاساتِ وَالتَّحَّيِهْ وَظَهَرتْ مَشَقَّةٌ فِي حَلْقِهِ ... وَماتَ كُلُّ صاحِبٍ مِنْ فَرْقِهِ

وَإنْ دَعا الشَّقِيُّ بالطَّعامِ ... خَيَّطَ جَفْنَيهْ عَلَى المَنامِ وَكُلمَّا جاءَتْ صَلاةٌ واجبَهْ ... فَسا عَليَهْا فَتَوَلَّتْ هارِبَهْ فَكَدَّرَ الْعَيْشَ بِيَوْمٍ أَبْلَقِ ... أَقْطارُهُ بِلَهْوِهِ لَمْ تَلْتَقِ وَمَنْ أَدامَ لِلشَّقاءِ هَذا ... مِنْ فِعْلِهِ وَالتَذَّهُ الْتِذاذا لَمْ يُلْفَ إلاَّ دَنِسَ اْلأَثْوابِ ... مُهَوَّساً مُهَوَّسَ اْلأَصْحابِ يَزْدادُ سَهَراً وَضَنًي وَسُقْمَا ... وَلا تَرَاهُ الدَّهْرَ إلاَّ فَدْما ذا شارِبٍ وَظُفُرٍ طَوْيلِ ... يُنَغِّصُ الزَّاد عَلَى اْلأَكيِلِ وَمُقْلَةٍ مُبْيَضَّةِ الَمآقِي ... وَأُذُنٍ كَحُقَّهِ الدِّباقِ وَجَسَدٍ عَلَيْهِ جِلْدٌ مِنْ وَسَخْ ... كَأَنَّهُ أُشْرِبَ نِفْطاً أَوْ لُطِخْ تَخالُ تَحْتَ إِبْطِهِ إذا عَرَقْ ... لِحْيَةَ قاضٍ قَدْ نَجا مِنَ الْغَرَقْ وَرِيقُهُ كَمِثْلِ طَوْقٍ مِنْ أَدَمْ ... وَلَيْسَ مِنْ تَرْكِ السُّؤَالِ يَحْتَشِمْ فِي صَدْرِهِ مِنْ واكِفٍ وَقاطِرِ ... كَأَثَرِ الذَّرْقِ عَلَى الْكَنادِرِ هَذا كَذا وَما تَرَكْتُ أَكْثَرُ ... فَجَرِّبوا ما قُلْتُهُ وَفَكِّروا وقال يشكو كثرة المطر رَوِينا فَما نَزْدادُ يا رَبِّ مِنْ حَيًا ... وَأَنْتَ عَلَى ما فِي النُّفُوسِ شَهِيدُ

سُقُوفُ بُيوتِيِ صِرْنَ أَرْضاً أَدُوسُها ... وَحِيطانُ دارِي رُكَّعٌ وَسُجودُ وقال: غُلِبْتَ عَلَى اْلأَنَسِ الُمْغَتدِي ... فَإِنْ تَحْيَ بَعْدَهُمُ تَكْمُد وَطارَتْ بِهِمْ كُلُّ زَيَّافَةٍ ... عَصوفٍ بِراكِبِها جَلْعَدِ سَبوحٍ إذا اعْتَذَرَتْ بِالْوَجا ... كَلالَ المَطايا إلَى الْفَرْقَدِ عَلَى لا حِبٍ غادَرَتْهُ الرِّكا ... بُ وَقَرْعُ الْحَوافِرِ كاَلْمِبْرَدِ أَرِقْتُ وَأَخْلَبَنِي الْعاذِلا ... تُ بِبَرْقٍ عنانِي فَلَمْ أَرْقُدِ يَطِيرُ وَيُزْبِدُ مِثْلَ انْتِها ... ضِ بازٍ تُضَرِّبُ فَوْقَ الْيَدِ بوَبْلٍ يُرَقِّصُ شُؤْبُوبُهُ ... ثِقالَ حَصَى الصَّفْصَفِ اْلأَجْرَدِ فَلَمَّا طَغَى ماؤُهُ فِي الْبِلا ... دِ تَرَوَّي بِهِ كُلُّ وادٍ صَدِى وَقَدْ أَشْعَلَ النُّورُ ذُبَّالَهُ ... كَجَمْرٍ تَبَدَّدَ فِي مَوْقِدِ وَظَلَّتْ هَدَاهِدُهُ كَالمَجُو ... سِ مَتَى تَرَ نِيرانَهُ تَسْجُدِ وقال: فُرْسانُ قَطْرٍ عَلَى خَيْلٍ مِنَ الدَّهْر ... تَحُثُّهُنَّ سِياطُ الرِّيحِ فِي الشَّجَرِ ما شِئْتَ مِنْ حَرَكاتٍ وَهيَ واقِفَةٌ ... تَخالهُا سائِراتٍ وَهْيَ لَمْ تَسِرِ

وقال غَدَتْ مُبَكَّرَةً للْمُزْنِ فَاحْتَجَبَتْشَمْسُ النَّهارِ وَلَمْ نَعْرِفْ لهَا خَبَرا وَاغْرَوْرَقَتْ لانْسِكابِ الُمزْنِ دَمْعَتُها ... فَجاءَ ثَلْجٌ كَوَرْدٍ أَبْيَضٍ نُثِرا وقال يصف سوداء وَظاِهَرةٍ فِي نْصفِ شَهْرٍ لَمْ تَرَى ... وَلَكِنَّها مَكْتُومَةٌ آخِرَ الشَّهْر تُداخِلُ فِي لَيْلِ الِمَحاقِ بِمْثِلِهِوَتَضْحَكُ عَنْ دُرٍْ وَتَسْقِيكَ مِنْ خَمْرِ وقال في القلم يمدح القاسم قَلَمٌ ما أَراهُ أَوْ قَدْرٌ يَجْ ... رِي بِما شَاءَ قاسِمٌ وَيُشِيرُ ساجِدٌ خاِشعٌ وَيَلْثِمُ طُوما ... راً كمَا قَبَّلَ البْسِاطَ شَكُورُ مُرْسَلٌ لا تَراهُ يَحْبسُهُ الشَّ ... كُّ إذا ما جَرَى وَلا التَّفْكيِر وَجَليلُ الْمَعْنَى لَطِيفٌ نَحيِفٌ ... وَكَبيِرُ اْلأَفْعالِ وَهْوَ صَغِيرُ كَمْ مَنايا وَكَمْ عَطايا وَكَمْ ... حَتْفٍ وَعَيْشٍ تَضُمُّ تِلْكَ السُّطورٌ نُقِشَتْ بِالدُّجى نَهاراً فَما أَدْ ... رِى أَخَطٌّ فِيهِنَّ أَمْ تَصْوِيرُ

قال في الهلال

هَكَذا مَنْ أَبُوهُ مِثْلُ عُبَيْ ... دِ اللهِ يَنْمَي إلَى الْعُلَى وَيصَيِرُ عَظُمَتْ مِنَّةُ اْلآِلهِ عَلَيْهِ ... فَرَآكَ الْوَزِيرَ وَهْوَ وَزِيرُ وقال مُطِرْنا بَلَ غَرَقْنا وَسْطَ بَحْرٍ ... فَغَيْرِي مَنْ دَعا بِنُزُولِ قَطْرِ تَظَلُّ الشَّمْسُ تَرْمُقُنا بِلَحْظٍ ... مَريضٍ مُدْنَفٍ مِنْ خَلْفِ سِتْرِ تُحاِولُ فَتْقَ غَيْمٍ وَهْوَ يَأْتِي ... كَعِنِّينٍ يُرِيدُ نِكاحَ بِكْرِ قال في الهلال أَهْلاً بِفِطْرٍ قَدْ أَنارَ هِلالُهُ ... أَلآْنَ فَاغْدُ عَلَى المُدامِ وَبَكِّرِ وَانْظُرْ إِليْهِ كَزَوْرَقٍ مِنْ فِضَّةٍ ... قَدْ أَثْقَلَتْهُ حُمُولَةٌ مِنْ عَنْبَرِ وقال في بستانه للهِ ما ضَيَّعْتُهُ مِنَ الشَّجَرْ ... أَطْفالِ غَرْسٍ تُرْتَجَى وَتُنْتَظَرْ وَمُعْجَباتٍ مِنْ بُقُولٍ وَزَهَرْ ... مُصْفَرَّةٍ قَدْ هَرِمَتْ عَلَى صِغَرْ فِي بُقْعَةٍ لا سُقِيَتْ صَوْبَ المَطَرْ ... حالِقَةٍ لِنَبْتِها حَلْقَ الشَّعَرْ ضَمِيُرها نارٌ وَإنْ لَمْ تَسْتَعِرْ ... كَمْ أَكَلَتْ غَبْراؤهَا مِنَ الخُضَرُ كُلًّ امْرِىءٍ عَلْمُتُه مِنَ الْبَشَرْ ... بُسْتانُهُ أُنْثَى وَبُسْتانِي ذَكَرْ

وقال في القمر ما ذُقْتُ طَعْمَ النُّوْمِ لَوْ تَدْرِي ... كَأَنَّ أَحْشائِي عَلَى الَجْمرِ فِي قَمَرٍ مُسْتَرَقٍ نِصْفُهُ ... كَأَنَّهُ مِجْرَفَةُ الْعِطْرِ وقال يذم الحمار هَذا الحِمارُ مِنَ الَحِميرِ حِمارُ ... ناحَتْ عَلَيْهِ حِلْيَةٌ وَعِذارُ فَكَأَنَّما الحَرَكاتُ فِيِه سَواكِنٌ ... وَكَأَنَّما إقْبالُهُ إدْبارُ وقال في الحمار والاتن رَعَى شَهْرَيْنِ بالدَّيْرَيْ ... نِ قُبًّا كَالطَّوامِيرِ يُقَلِّبْنَ إِلىَ الذُّعْرِ ... عُيوناً كَاْلقَوارِيرِ وَآذاناً سَمِيعاتٍ ... كَأَنْصافِ الْكَوافِيرِ تَقُدُّ اْلأَرْضَ مِنها أَسْ ... وُقٌ صُمُّ الحَوافيِرِ كَأَنَّ اْلأَرْضَ تَلْقاها ... بِأَذْنابِ الزَّنابِيرِ وقال في المطر وَمُزْنَةٍ جادَ مِنْ أَجْفانِها الَمَطُروَالرَّوْضُ مُنْتَظِمٌ وَالْقَطْرُ مُنْتَشِرُ

تَرَى مَواِقعَهُ فِي اْلأَرْضِ لائِحَةً ... مِثْلَ الدَّنانِير تَبْدُو ثُمَّ تَسْتَتِرُ ما زَالَ يَلْطِمُ خَدَّ اْلأَرْضِ وابِلُهاحَتَّى وَقَتْ خَدَّها الْغُدرانُ وَالْخُضَرُ وقال في صفة بئر وَبِئْرٍ هُدِيتُ لهَا عَذْبَةٍ ... فَطِفْلُ النَّباتِ بِها مُنْتَعِشْ فَتَقْتُ بِها جَيْبَ كافُوَرةٍ ... مِنَ اْلأَرْضِ جَدْوَلهُا مُنْكَمِشْ تُمَزِّقُ رِيّاً جُلُودَ الثِّما ... رِ إذَا امْتَصَّ ماءَ الثِّمارِ الْعَطَشْ كَفِيلٌ ِلأَشْجارِها بِالْحَيا ... ةِ إذا ما جَرَى خِلْتَهُ يَرْتَعِشْ وَدَبَّتْ سَواقِيِه فِي رَوْضَةٍ ... حَماحِمُها كَرُؤُوسِ الحَبَشْ وقال يهجو القمر يا ساِرقَ اْلأَنْوارِ مِنْ شَمْسِ الضُّحَى ... يا مُثْكِلِي طِيبَ الْكَرَى وَمُنَغِّصِي أَمَّا ضياءُ الشَّمْسِ فِيكَ فَناقِصٌ ... وَأَرَى حَرَارَةَ نارِها لَمْ تَنْقُصِ لَمْ يَظْفَرِ التَّشْبِيهُ مِنْكَ بِطائِلٍ ... مُتَسَلِّحٌ بَهَقاً كَلَوْنِ اْلأَبْرَصِ وقال في الجرجس بِتُّ بِجَهْدٍ لا أَذُوقُ غُمْضَا ... مُسَهَّداً يَضْرِبُ بَعْضِي بَعْضَا

قَدْ قَطَعِ الْجِرجُسِ جِلْدِي عَضَّا ... مُصاعِداً يَلْدَغُ أَوْ مُنْقَضَّا كَشَرَرِ الْقَدْحِ إذا ما رُضَّا ... يُدْمِنُ إسْخاطَكَ حَتَّى تَرْضَى وقال أَتَتْنَي دِجْلَةُ لَمْ أَدْعُها ... فَما يَصْنَعُ الْبَحْرُ ما تَصْنَعُ طُفَليَّةٌ لَمْ تَكُنْ فِي الْحِسا ... بِ تَأْكُلُ دارِي وَلاَ تَشْبَعُ فَكَمْ مِنْ جِدارِ لنَا مائِلٍ ... وَآّخَرَ يَسْجُدُ أَوْ يَرْكَعُ وَيُمْطِرُنَا السَّقْفُ مِنْ فَوْقِنا ... وَمِنْ تَحْتِنا أَعْيُنٌ تَنْبُعُ وَأَصبَحَ بُسْتانُنا جَوْبَةً ... يُسَبِّحُ فِي مائِهِ الضَّفْدَعُ وقال يصف الجرجس بِتُّ بِلَيْلٍ كُلِّهِ لَمْ أَطْرِفِ ... جِرْجِسُهُ كالزِّئْبَرِ المُنَتَّفِ فَمَنْ مَلاَءٍ عُلَّقٍ أَوْ نُصَّفِ ... يَرُحْنَ بِالْعُرْيانِ وَالُمَلَّففِ يُعَذِّبُ المُهْجَةَ إنْ لَمْ يُتْلِفِ ... وَيَثْقُبُ الْجِلْدَ وَرَاءَ اِلْمطْرَفِ حتَّى ترَى فِيه كَشَكْلِ المُصْحَفِ ... أَوْ مِثْلَ رَشِّ الْعُصْفُرِ المُدَوَّفِ وقال في السفينة وَزِنْجِيَّةٍ كُرْدَّيةٍ الحَلْى فَوْقَها ... جَناحٌ لهَا فَرْدٌ عَلَى المَاءِ تَخْفِقُ

يُؤَدِّبُها أَوْلادُها بِعِصِيِّهِمْ ... فَتُحْبَسُ قَسْراً كَيْفَ سارُوا وَتُطْلَقُ وقال: وَمُزْنَةٍ مُشْعَلَةِ الْبارِقِ ... تَبْكِي عَلَى التُّرْبِ بُكاءَ الْعاشِقِ تَلْقَحُ بالْقَطْرِ بُطونَ الثُّرَى ... وَاْلقَطْرُ بَعْلُ التُّرْبَةِ الْعاتِقِ أَحْيَتْ هَشِيمَ النَّبْتِ بَعْدَ الْبِليَ ... حَتَّى بَدا في مَنْظرِ آنِقٍ وقال في بئر وَلَقَدْ غَدَوْتُ عَلَى طِمِرٍّ قارِحٍ ... رَفَعَتْ حَوافِرُهُ غَمامَةَ قَسْطَلِ مُتَلَهِّمٍ لُجُمَ الحَديدِ يَلُوكُها ... لَوْكَ الْفَتاةِ مَساوِكاً مِنْ إسْحِلِ وَمُحَجَّلٍ غُرِّ الْيَمِينِ كَأَنَّهُ ... مُتَبَخْترٌ يَمْشِي بِكُمٍّ مُسْبَلِ وقال في النخل وَلَقائِحٍ في الطَّيِن بِاركَةٍ ... لا تَشْتَكي حِلاًّ وَلاَ رَحْلاً يَغْدُو سُهَيْلٌ في الصبَّاحِ لهَا ... سَلْماُ إذا ما حارَبَ اْلإبِلاَ وقال في الحية أَنْعَتْ رَقْشَاَء لاَ تْحيا لَدِيَغُتهالَوْ قَدَّها السَّيْفُ لَمْ تَعْلَقْ بِها بَلَلُ

تَلفى إذا انْسَلَخَتْ في اْلأَرْضِ جِلْدَتُها ... كَأَنُّها كُمُّ دِرْعٍ قَدَّهُ بَطَلُ وقال يصف أكل الأرضة لدفاتره لَمْ أَبْكِ رَبْعاً مُقْفِراً وَلا طَلَلْ ... وَلاَ شَباباً حانَ مِنه مُرْتَحَلْ وَلاَ حَبِيباً قَطَعَ الْوَصْلَ وَمَلّْ ... لَكِنْ لِعُظْمِ حادِثٍ بِي قَدْ نَزَلْ كُنْتُ امْرَءَاً مِنَ اْلأَنامِ مُعْتَزَلْ ... عَلَىَّ سِتْرٌ دُونَ دَمِّى مُنْسَدِلْ عَلَى الذَّي يَمْلكُ رِزْقِي مُتَّكِلْ ... لا راجِياً لَعطْفَةٍ مِنَ الدُّوَلْ وَلا أَخافُ آجِلاً عَلَى أَمَلْ ... شُغْلِي إذا ما كَانَ لِلنَّاِسِ شُغُلْ دَفْتَرُ فِقْهٍ أَوْ حَدِيثٍ أَوْ غَزَلْ ... لا عَابَنِي وَلا رَأَىَ مِنِّي زَلَلْ وَإنْ مَلِلْتُ قُرْبَهُ مِنِّي اعْتَزَلْ ... أَرْقَطُ ذُو لَوْنٍ كَشَيْبِ الُمْكَتهِلْ رَاكِبُ كَفٍّ أَيْنَ ما شاءَتْ رَحَلْ ... وَلا يَحِلُّ مَوْضِعاً حَتَّى يُحَلّْ وَهْوَ دَلِيلٌ لِمقالٍ وَعَمْل ... يُقِيُم دُونَ الْعَقْلِ حَتَّى يَعْتَدلْ وَيُذْكِرُ النَّاسِىَ ما كانَ أَضَلّْ ... كَأَنَّهُ يُنْشَرُ عَنْ رَقْمِ الحُلَلْ يُخاطِبُ الَّلحْظَ بِنُطْقٍ لا يَكِلّْ ... وَلا يَمَلُّ صاحِباً حَتَّى يَمَلْ فَدَبَّ فِيِهنَّ دَبِيباً قَدْ أَكَلْ ... عَصا سُليَمْانَ فَظَلَّ مُنْجَدِلْ يَبْنِي أَنابِيبَ لَهُ فِيها سَبَلْ ... بِالْماءِ واَلطينِ وَما فيهَا بَلَلْ

مِثْلَ الُعروِق لاُ يَرى فِيهَا خَلَلْ ... يَأْكُلُ أَثْمارَ الْعُقُول لا أَكَلْ حَتَّى يُرَى الْعاِلمُ مَهْجُورَ المْحَلّْ ... يَعُودُ وَقَّافاً وَقَدْ كانَ بَطَلْ فَأَوْدَعَ الْقَلْبَ هُموماً تَشْتَعِلْ ... وَصَيَّرَ الْكُتْبَ سَحِيقاً مُنْسَحِلْ وقال في دفتر أهداه دُوَنَكهُ مُوَشًّى نَمْنَمَتْهُ ... وَحاكَتْهُ اْلأَنامِلُ أَيَّ حَوْكِ بِشَكْلٍ يَأْخُذُ الَحْرفَ المُجَلِّى ... كَأَنَّ سُطورَهُ أَغْصانُ شَوْكِ وقال في بيت ضيق كان فيه هو وجماعة يا رُبَّ بَيْتٍ زُرْتُهُ وَكَأَنَّما ... قَدْ ضَمَّنِي فِي ضِيِقِه سِجْنُ ما يُحْسِنُ الرُّمَّانُ يَجْمَعُ نَفْسَهُ ... فِي قِشْرِهِ إلاَّ كَما نَحْنُ وقال في النحل أَعْدَدْتُ لِلْجارِ وَلِلْعُفاةِ ... كُومَ اْلأَعالِي مُتَسامِياتِ رَوازِقاً فِي الَمْحِل مُطْعِمات ... لَسْنَ عَلَى اْلأَعْطانِ بارِحاتِ تُسْقَى بأَنْهارٍ مُفَجَّراتِ ... عَلَى حَصَى الْكافُورِ فائِضاتِ تَظَلُّ فيِها الطَّيْرُ ناِعماتِ ... عَلَى الْغُصونِ مُتَجاِوباتِ بِأَلْسُنٍ كَثِيرَةِ اللُّغاتِ ... كَواذِبِ الْقَوْلِ وَصادِقاتِ

ذَوات أَطْواقِ مُرَصَّعاتِ ... وَأَخْنُكٍ سُودٍ مُقَوَّساتِ كَأَنَّها نوناتُ ماشِقاتِ ... وَأَرْجُلٍ حُمْرٍ مُضَرَّجاتِ يَصْفَقْنَ فِيها مُتَنَقِّلاتِ ... بِأَجْنِحاتٍ مُتَساوِياتِ يَصْفَقْنَ نَشْوانَ عَلَى اْلأَصْواتِ ... بَيْنَ حَمامٍ مُتَهدَّلاتِ كَحُمَمِ الْعِيِد المُجَعَّداتِ ... أَبْدَتْ مِنَ الكافُورِ صاحِياتِ بِيضاً عَلَى اْلأَغْمادِ فاضِلاتِ ... حَتَّى إذا صِرْنَ إلىَ مِيقاتِ رُحْنَ مِنَ الجَوْهَرِ مُوقَراتِ ... بِالذَّهَبِ الرَّطْبِ مُكَلَّلاتِ وَباْليَواقِيتِ مُتَوَّجاتِ ... تُبارِكُ الْعَرائِسَ الضَّرَّاتِ ثُمَّتْ بُدِّلْنَ بِأَوْعياتِ ... لِلْعَسَلِ المَاذِيِّ ضاهيِاتِ كَقِطَعِ الْعَقِيقِ نائِعاِت ... بِخالِصِ التِّبْرِ مُقَوَّماتِ فَضُمّنَتْ خَوْفاً بِقُبَّراتِ ... تَضْرِبُ بِالْعِصِىِّ واقِفاتِ مَجْثُوثَةً وَلَيْسَ بارِحاتِ ... مِثْلَ النِّساءِ المُتَجَرِّداتِ يَرْمِينَ بِاْلأَزْبادِ قاذِفاتِ ... قَذْفَ صَفايا الْكُومِ بِالَجَّراتِ حَتَى إذَا رُحْنَ مَعَمَّمَاتِ ... وَأُّفْرِدَتْ بِالْغَيْظِ خَاليَاتِ ثُمَّ سَكَنَّ غَيْرَ رَاضِياتِ ... فُضَّتْ فَفَاحَتْ مُتَنَفِّساتِ

من مختار شعره في المعاتبات

تَنَفُّسَ الرِّياضِ فِي الْحَبَّاتِ ... حَتَّى إذا مادُرْنَ فِي الهَاماتِ ذَهَبْنَ بِالْعُقولِ سارِقاتِ ... فِي مَجْلِسٍ مُجْتَمِعِ اللَّذَّاتِ يَصِيحُ بِاْلعِيدانِ وَالنِاياتِ ... كَأَنَّ فِي الْكاساتِ وَالرَّاحاتِ دِماءَ غِزْلانٍ مُذَبَّحاتِ ... بَيْنَ رِياضٍ متُنَاهِباتِ بِأَعْيُنِ اْلأَنْوارِ ناظِراتِ ... وَبِدمُوعِ الْقَطْرِ باكِياتِ يُمِلْنَ أَغْصاناً مُعَطَّفاتِ ... مُلاقِياتِ ومُفارِقاتِ بِالرِّيحِ نُعْصَى وَبِها نَواتِي مِنْ مُخْتارِ شِعْرِهِ فِي المُعاتَباتِ قال أَلا حَبَّذَا الْوَجْهُ الَّذِي صَدَّ صاحِبُهْوَإنْ كَثُرَتْ ظُلْماً عَلَىَّ مَعاتِبُهْ وَما أَمُ مَنْقُوضِ الظُّلُوفِ مُرَوَّعٍ ... تَمُدُّ إلَيْهِ جِيدَها أَوْ تُراقُبِهْ وَتُلْقِمُ فاهُ كُلَّما تاقَ حافِلاً ... كَعُرْوَةِ زِرٍ فِي قَمِيصٍ تُجاذِبُهْ بِأَحْسَنَ مِنْها نَظْرَةً مُسْتَريِبَةً ... يُغالِبُها كَيْدُ الْبُكا وَتُغالِبُهْ وَما راعَنِي بالْبَيْنِ إلاَّ ظَعائِنٌ ... دَعَوْنَ بُكائِي فَاسْتَجابَ سَواكِبُهْ

بَدَتْ فِي بَياضِ اْلألِ وَالْبُعْدُ دُونَهاكَأَسْطُرِ رِقٍ أَبْهَمَ الْخَطَّ كاتِبُهْ وَقَوْلَهُ أَقْوامٍ عُدًى قَدْ سَمِعْتُها ... فَما هِبْتُها وَأَيْنَ ما أنا هائِبُهْ لُحُومُهُمُ لِحَمْى وَهُمْ يَأْكُلُونَهُ ... وَما داِهياتُ المَرْءِ إلاَّ أَقاربُهْ وَما نَسَبُ اْلأَقْوامِ إلاَّ عَدَاوَةٌ ... وَأَكْثَرُ ما يَسْعَى بِهِ مَنْ ينُاسِبُهْ مُسَلَّلَةٌ فِي كُلِّ يَوْمٍ سُيُوفُهُ ... وَمَشْبُوبَةٌ حَيَّاتُهُ وَعَقارِبُهْ وَما ذَاكَ هَمِّي بَلْ أَرِقْتُ لبِارِقٍ ... تَوَقَّدَ فِي ثَوْبِ الدُّجُنَّةِ ثاقبُهْ بَخِلْتُ بِهِ عَنْ كُلِّ أَرْضٍ وَأَهْلهِا ... سِوَى أَنَّنِي لِلأَحْمَدِيَّةِ واهِبُهْ قِرىً للِزَّمانِ الصَّعْبِ وَيْحَكِ واصْبِريِ ... فَما ناصِحاتُ المَرْءِ إلاَّ تَجارِبُهْ وَلاَ تَحْزَنِي إنْ أَغْلَقَ الْوَفْرُ بابَهُفَبَعْدَ انْغلاقِ الْبابِ يأْذَنُ حاجِبُهْ وقال قَدْ عَضَّنِي صَرْفُ النَّوائِبْ ... وَرَأَيْتُ آمالِي كَواذِبْ وَالمَرْءُ يَعْشَقُ لَذَّةَ ال ... دُّنْيا فَتَعْقِرُهُ الْمَصائِبْ ما عابَنِي إلاَّ الحَسُو ... دُ وَتِلْكَ مِنْ خَيْرِ المَناقِبْ وَإذا مَلَكْتَ الَمْجدَ لَمْ ... تَمْلِكْ مَوَدَّاتِ اْلأَقارِبْ وَإذَا أَطاعَكَ ظَاهِرٌ ... فَاصْبِرْ عَلَى عَبَثِ المَعايِبْ

وَلَرُبَّ هاجِرَةٍ أَكَو ... لٍ حرُّها صَبْرَ الرَّكايِبْ كَلَّفْتُها وَجْناءَ يَذْ ... رَعُ خَطْوهُا عُرْضَ السَّباسِبْ وَالشَّمْسُ تَأْكُلُ ظلَّها ... أَكْلَ الَّلظَى عِيدانَ حاطِبْ كادَ النَّجاءُ يُطيرُها ... لَوْلاَ اْلأَزِمَّةُ وَالحَقايِبْ وَكَأَنَّما تُبْدِى ذَفَا ... رِيها بِأَرْباقِ الجَنايِبْ حَتَّى رَأْيْتُ اللَّيْلَ فِي الْ ... آفاقِ مُسْوَدَّ الذَّوائِبْ وقال مَنْ يُذودُ الْهُموُمَ عَنْ مَكْروُبِ ... مُسْتَكِينٍ لِحادِثاتِ الخْطُوبِ هُوَ فِي جَفْوَةِ المَفادِيرِ لاَ يأْ ... خُذُ يَوماً مِنْ دَوْلَةٍ بِنَصيبِ خادِمٌ لِلْمُنَى قَدِ اسْتَعْبَدَتْهُ ... بِمِطَالٍ وَخُلْفِ وَعْدٍ كَذُوبِ آهِ مِنْ ذِكْرِ أَصْدِقاءٍ رَماهُمْ ... قَدَرُ المَوْتِ مِنْ كهُوُلٍ وَشيِبِ فَسَقاهُمْ كَجُودِهِم أَوْ كَدَمْعِي ... صَوْبُ مُزْنٍ ذِي هَيْدَبٍ مَسْكُوبِ رُبَّ أُعْجوبَةٍ مَنَ الدَّهْرِ بِكْرٍ ... وَعَوانٍ قَدْ راضَها تَجْرِيبِي فَبَدَتْ شَيْبَتِي وَوَلىَّ شَبابِي ... وَانْتَهَى عاذِلِي وَنامَ رَقِيبِي أَنا رَيْحانَةُ المَجالِسِ فِي السِّلْ ... مٍ وَحَتْفُ اْلأَبْطالِ يَوْمَ الْحُرُوبِ

وقال حَثَّ الفْرِاقُ بَواِكرَ اْلأَحْداجِ ... وشَجاك يَوْمَ نأَوا بِكَتْمٍ شاجِي فِي لَيْلَةٍ أَكَلَ المَحاقُ هِلالهَا ... حَتَّى تَبَدىَّ مِثْلَ وَقْفِ الْعاجِ وَالصُّبْحُ يَتْلوُ المُشْتَرِى فَكَأَنَّهُ ... عُرْيانُ يَمْشِي فِي الدُّجَى بِسِراجِ يا مَنْ يَدُسُّ لِيَ الْعَداوَةَ ضِغْنُهُ ... أَسْرَيْتَ بِي فَاصْبِرْ عَلَى اْلاِدْلاجِ أَنا كَالْمَنِيَّةِ سُقْمُها قُدَّامُها ... طَوْراً وَطَوْراً يَبْتَدِى فَيُفاجِى وقال طَمَسَ الَمِشيبُ خُطوطَ مَيْعَتِهِ ... وَرَمَى قَناةَ قَواِمهِ بِأَوَدْ قالَ الْعوَاذِلُ حِينَ شِبْتُ أَلا ... يَنْهاكَ شَيْبُ الرَّأْسِ قُلْتُ فَقَدْ وَنَهارُ شَيْبِ الرَّأْسِ يُوقِظُ مَنْ ... قَدْ كانَ فِي لَيْلِ الشَّبابِ رَقَدْ يا مَنْ لِسارِيَةٍ سَهِرْتُ لهَا ... بَرَقَ السَّحابُ بِجَوْدِها وَرَعَدْ مَكْظُوظَةٍ بِالمَاءِ وَاطِئَةٍ ... آثارَ رجِل الَمحْلِ حَيْثُ قَصَدُ وَاْلأَرْضُ إنْ قَتَلَ الْهَجِيرُ لهَا ... وَلَداً أَعاشَ لهَا الرَّبيِعُ وَلَدْ وَلَقَدْ وَطِئْتُ الْغَيْثَ تَحْمِلنُيِ ... طِرْفٌ كَلَوْنِ الصُّبْحِ حِينَ وَفَدْ

يَمْشِي فَيَصْدِفُ فِي الْعِنانِ كَما ... صَدَفَ المُعَشَّقُ ذُو الدَّلاَلِ وَصَدَّ بَلَّ المَها بِدِمائِهِنَّ وَلَمْ ... يَبْتَلَّ مِنْهُ بِالْحَميِم جَسَدْ وَلَربَّ خَصْمٍ جاشَ مِرْجَلُهُ ... أَطْفَأْتُ حَرَّ جَحِيمِهِ فَبَرَدْ وَسَفْرُت عَنْ وَجْهِ الْيَقيِنِ لَهُ ... وَهَدَمْتُ باِطلَهُ وَكانَ أَلَدْ لِي صاحِبٌ إنْ غِبْتُ يَأْكُلُنِي ... وَإذا رَآنِي فِي النَّدِىِّ سَجَدْ كَمْ قَدْ هَمَمْتُ بِأَنْ أُعاِقبَهُ ... يَوْماً فَما وَجَدَ الْعِقابُ أَحَدْ وَالدَّهْرُ يَهْدِمُ ما بَنَى بِيَدٍ ... مِنْهُ وَإنْ زَرَعَ السُّرورَ حَصَدْ وقال هاجَتْ بُكَاءَكَ بَعْدَ الطَّيْرِ مَنْزِلَةٌعَفَّتْ مَعالِمَها اْلأَمْطارُ وَالْمُورُ تُضاحِكُ الشَّمْسُ أَنْوارَ الرِّياضِ بِها ... كَأَنَّما نُثِرَتْ فيِها الدَّنانِيرُ وَيَكْسبُ الرِّيحُ مِنْ أَرْجائِها عَبَقاً ... كَأَنَّ نَفْحَتَهُ مِسْكٌ وَكَافوُرُ أَأَوَّلُ اللَّيْلِ مَنْظُومٌ بِآخِرِهِ ... أَمِ الصَّباحُ بِنَحْرِ اللَّيْلِ مَغْمُورُ قُلْ لِلْمُطالِبِ قدْ أَنْضى رَكائِبَهُ ... لا تَعْجَلَنَّ فَإِنَّ الرِّزْقَ مَقْدُور وَمَهْمهٍ فِيِه بَيْضاتُ الْقَطَا كِسَراً ... كَأَنَّها فِي الأَفاحِيصِ الْقَوارِيرُ كَأَنَّ حِرْباَءهُ وَالشَّمْسُ تَصْهَرُهُ ... صَالٍ دَنا مِنْ لَهِيبِ النَّارِ مَقْرُورُ

وَعازِبٍ بَلَّةُ تَحْتَ الثَّرَى سَحَراً ... طَلٌّ تَلقَّى نَسِيماً فَهْوَ مَحْسُورُ تَكَلَّمَ اللَّيْلُ في غُدْرانِهِ لَغَطٌ ... يَحْكِي المَناقِيشَ فِيِهنَّ المَناقِيرُ خالٍ يُغَرِّدُ ذُبَّانُ الرِّياضِ بِهِ ... كَما تَحِنُّ لَدَى الشَّرْبِ المَزامِيرُ يَكْسُو الْبِلادَ قَمِيصاً مِنْ زَخارِفِهِكَأَنَّهُ فَوْقَ جِسْمِ اْلأَرْضِ مَزْرُورُ وَقَدْ يُباكِرُنِي السَّاِقي بِصافِيَةٍ ... كَأَنَّها قَبَسٌ باْلكَفِّ مَشْهُورُ يِريقُ فِي كَأْسِها مِنْ صَوْبِ عادَية ... فَالخَمْرُ ياقُوتَةٌ وَالمْاَءُ بَلُّورُ وقال تَنَكَّرَتِ الدُّنْيا وَغَيَّرَتِ النَّاساوَما كُنْتُ أَخْشَى أَنْ تُغَيِّرَ عَبَّاسَا فَها هُوَ ذا عَنْ حاجَتِي مُتَثاقِلٌ ... يَرُوحُ وَيَغْدُو لَيْسَ يَرْفَعُ لِي رَاسَا إَذا نَفَرَتْ مِنْ صَدِّهِ النَّفْسُ نَفْرَةًيَقُولُ لهَا إحْسانِ الظَّنَّ لاَ بَاسَا عَسَى يَرْعَوِى عَنْ ذا، دَعِيِه لَعَلَّهُيَعُودُ إلَى الحُسْنَى فَلاَ تُسْرِعِي الْياسَا وقال وَممَّا شَجانِي بارِقٌ لاحَ مَوْهناً ... فَصَبَّ إناءَ الدَّمْع وَاسْتَلَبَ الْغُمْضَا فَبِتُّ وَلِي خَصْمٌ مِنَ الشَّوْقِ غاِلبٌإذَا ما دَعَى دَمْعِي تَحَدَّرَ وَارْفَضَّا وَأَهْدَتْهُ دَعْواتِي لِنَجْدٍ وَأَهِلها ... فَيا أَهْلَ نَجْدٍ هَلْ تُجازُوننَي قَرْضَا

أَرَى كُلَّ يَوْمٍ فِي ظَلامِ مفَارقِيِ ... شِهابَ مَشِيبٍ باقَي اْلأَثْر مُنْقَضَّا وَكَانَتْ يَدُ اْلأَيَّامِ تَفْتِلُ مِرَّتِيفَصارَتْ يَدْ اْلأَيَّاِم تَنْقُضُنِى نَقْضَا وَكَيْفَ ثَوائِي بَيْنَ قَوْمٍ كَأَنَّما ... تَرُضُّ تَحِيَّاتِي وُجُوهَهُمُ رَضَّا سَرَتْ عَقْربُ الشَّحْناءِ والْبُغْضِ بَيْنَناوَلا يَمْلِكُ الْيَأْسُ المَحَبَّةَ والْبُغْضا وقال أَغْرَى الخَيالَ بِنَوْمِي نازِعٌ شَحَط ... وَكُنْتُ فِيِه بُقْربِ الدَّارِ مُغْتَبِطا لمَّا تَرَبَّعَ فِي أَحْشاءِ هَوْدَجِهِوَهَي مِنَ الْعَيْنِ سِلْكُ الدَّمْعِ فَانْخَرَطا إذا دَجا لَيْلُهُ فاحَتْ مَضاجِعُهُ ... مِسْكاً كَما فَتَحَتْ عَطَّارَةٌ سفطا وَقَدْ هَوَى النَّجْمُ وَالْجَوْزاءُ تَتْبَعُهُكَذاتِ قُرْطٍ أَدارَتْهُ وَقَدْ سَقَطا أَرُوحُ لِلَّشْعَرةِ الْبَيْضاءِ مُلْتَقِطاًفَيُصْبِحُ الشَّيْب لِلسَّوْداءِ ملْتَقِطا وَسَوْفَ لا شَكَّ يُعْييِنِي فَأَتْرُكُهُ ... فَطالمَا أَسْتَخْدِمُ المِقْراضَ واَلمشْطا وقال وَسابِحٍ هَيْكَلٍ نَهْدٍ مَراكِبُهُ ... يَبُوعُ باِلخْطَوْ يِوْماً وَهْوَ مُشْتَرفُ تَمَّتْ لَهُ غُرَّةٌ كَالصُّبْحِ مُشْرِقَةٌ ... يَكادُ سابِلُها عَنْ وَجْهِهِ يكَفُ إذا تَقَرَّطَ يَوْماً بِالْعَنانِ غَدَا ... كَأَنَّهُ غادَةٌ فِي أُذْنِها شِنْفُ

قُلْ لِقُرَيْشٍ أَلَمْ نَسْتَحْىِ حِلْمَكُمُ ... مِنْ حِلْمِنا فَاتَّقُونَا إنَّنا أُنُفُ نَحْنُ الْفُروعُ وَأَصْلُ الْفَرْعِ أَنْتِ لنالا يُعْرَفُ اْلأَصْلُ ما لَمْ يُوْثَقِ الطَّرَفُ لَكِ الثَّرِى فَاْسكُنِي إصْعادَهُ وَلنَاطِيبُ الثِّمارَ وَفَرْعُ الَمْجدِ والشَّرَفُ لا تَطْلُبوا غَاَيةً مُدَّتْ لِغَيْرُكمُ ... دَعُوا جِيادَكُمُ تَجْري وَلا تَقِفُ وقال يا بارِحاً أُحْرِجْتُ مِنْ ذِكْرِهِ ... قَدْ ذاقَ قَلْبِي مِنْكَ ما خافَا فَابْخَلْ بِإخْوانِكَ وَاسْتَبْقِهِمْ ... لا تُنْفِقِ الاْخِوْانَ إسْرافَا وقال وَلمَّا لَحَقْنا الظَّاعِنِينَ وَأَرْقَلَتْ ... جِمالٌ بِنا تَشْكُو الْكَلالَ وَنُوقُ أَشَرْنَ عَلَى خَوْفٍ بِأَغْصانِ فِضَّةٍ ... مُقَوَّمَةٍ أَطْرافُهُنَّ عَقِيقُ سَلاماً كَاِسْراءِ النَّدَى تَحْتَ لَيْلِهِأَتَى حَيْثٌ لَمْ يُرْصَدْ عَلَيْهِ طَرِيقُ وَشَكْوَى لَوْ أَنَّ الدَّمْعَ لَمْ يُطْفِ حَرَّهاتَوَلَّدَ مِنْها بَيْنَهُنَّ حَرِيقُ خَلِيَليَّ مُدَّا اللَّحْظَ هَلْ تُبْصِرانِها ... فَهَلْ بَلَغتْ بالأَبَرقيْنِ بُروقُ سَقَى دارَ شرَّ حَيْثُ قَرَّتْ بِها النَّوَىمِنَ اْلأَرْضِ هَطَّالُ الْغَمامِ فَتُوقُ إذا لاَح ضَوْءُ الصُّبْحِ خَلَّلَ رَوْضَه ... نَسِيمٌ ضَعِيفُ الجَانِبَيْنِ دَقِيقُ

تَرَى هاجِعَ اْلأَنْوارِ يَرْفَعُ رَأْسَهُ ... كَذِى الْعَشْيِ يَلْقَى راحَةً فَيُفِيقُ بَنِى عَمَّنا إنَّا فَرِيقٌ عَلَى الِعدا ... نَفُلُّ شَباهُمْ وَاْلأَنامُ فَرِيقُ فَلاَ تُلْهِبوا نارَ الْعَداوَةِ بَيْنَنا ... فَلَيْسَ سِواكُمْ فِي قُرَيْشَ صَدِيقُ وقال: لا لَوْمَ إنْ بَكَّى الدُّوَيْرَةَ باكِ ... يا داَرُ جازَك وَابِلٌ وَسَقاكِ أَيُّ المَعاهِدِ فِيكِ أَنْدُبُ طِيبَهُ ... مَمْساكِ ذِي اْلآصالِ أَمْ مَغْداكِ أَمْ بَرْدُ ظِلِّكِ ذِي الْغُصونِ وَذِي الجَنا ... أَمْ أَرْضُكِ المَيْثاءُ أَمْ رَيَّاكِ وَكَأَنَّما سَطَعْت مَجامِرُ عَنْبَرٍ ... أَوْفُتَّ فارُ الِمْسكِ فَوْقَ ثرَاكِ وَكَأَنَّما حَصْباءُ أَرْضِكِ جَوْهَرٌ ... وَكانَّ ماءَ الْوَرْدِ دَمْعُ نَداكِ وَكَأَنَّما أَيْدِي الرَّبيِعِ ضُحَيَّةً ... نَشَرَتْ ثِيابَ الْوَشْىِ فَوْقَ رُباك وَكَأَنَّ دِرْعاً مُفْرَغاً مِنْ فِضَّةٍ ... ماءُ الْغَديِرِ جَرَتْ عَلَيْهِ صَباكِ يا رُبَّ خِرْقٍ قَدْ قَطَعْتُ نِياطَهُ ... بِنجِاء خاذِلَةٍ لَدَيْهِ يَراكِ وَالآلُ تَنْزُو بَيْنَهُ أَمْواجُهُ ... نَزْوَ الْقَطا الْكُدْرِيِّ فِي اْلأَشْراكِ عَبَّاسُ لا تَسْتَعِجلِي لِمَنِيَّتِي ... وَاسْتَيْقْنِيِ لِمُعَمَّرٍ هَتَّاكِ فُوزِي بِمِثْلِي أَوْ فَنُوحِي وَانْدُبِي ... لاَ تَبْخَلِي عَنْ ماجدٍ بِبُكاكي

لا تُخْبِرِينِي وَاسْأَليِنِي إنَّنِي ... عارَكْتُ هَذا الدَّهْرَ أَيَّ عِراكِ وَلَقَدْ أَصابَنِيَ الزَّمانُ بِبُؤْسِهِ ... وَنَعِميِه فَغَفَرْتُ ذاكِ لِذاكِ أَسَلَلْتِ سَيْفِي تَسْفُكِينِ بِهِ دَمِي ... وَلَقْد سَفَكْتُ بِهِ دِماءَ عِداكِ إنْ كُنْتِ لا نُعْمَى شَكَرْتِ وَلا بِها ... جازَيْتِنِي فَإِليْكَ بَعْضَ أَذاكِ إِيَّاكِ مِنْ بَطَرٍ عَلَى رَحِمٍ دَنَتْ ... لا تَنْقُضِي بِيَدِ الْعُقوقِ قُواكِ وقال أَلا حَيِّ مِنْ أَجْلِ اْلأَحبَّةِ مَنْزِلاً ... تَبَدَّلَ مِنْ آيِاتِه ما تَبَدَّلاَ أَبِنْ لِي سَقاكَ الْغَيْثُ حَتَّى تَمَلَّهُعَلَى اْلأَنَسِ الْمَفْقُودِ أَيْنَ تَحَمَّلاَ كَأَنَّ التَّصابِي كانَ تَعْريسَ نازِلٍ ... ثَوَى ساعَةً مِنْ لَيْلِهِ وَتَرَحَّلاَ وَماءٍ كَأُفْقِ الصُّبْحِ صافٍ جِمامُهُرَفَعْتُ الْقَطا عَنْهُ وَأَلْقَيْتُ كَلْكَلاَ إذا اسْتَجْفَلَتْهُ الرِّيحُ جالَتْ قَذاتُهُ ... وَجُرَّدَ مِنْ أَغْماِدهِ فَتَسَلَّلاَ وَبَيْداءَ مِمْحالٍ أَطَرْتُ بِها الْقَطا ... كَما قَذَفَتْ أَيْدِي المَوامِيِّ جَنْدَلاَ جَرَيْتُ بِهِ سَبَّاحَ قَفْرٍ كَأَنَّهُ ... يَخافُ لِقاحاً أَوْ يُبَادِرُ مَوْئِلاَ كَأَنِّي عَلَى حَفْياءَ يَتْلُو لَواقِحاً ... عَدَوْنَ بِامْساءٍ يُؤَمِّمْنَ مَنْهَلاَ فَلَمَّا وَرَدْنَ الَماءَ أَغْمَدَ صَفْوَهُكَما أَغْمَدَتْ أَيْدِي الصَّياقِلِ مُنْصُلاَ

أُتِيحَ لهَا لَهْفانُ يَحْطِمُ قَوْسَهُ ... بِاْصَفَر حَنَّانِ الْقِرَى غَرَّا عْزَلاَ وَأَوْدَعَها سَهْماً كَمِدْرَي مَواشِطٍ ... بَعَثْنَ بِهِ فِي مَفْرِقٍ فَتَغَلْغَلاَ بَطِيئاً إذا أَعْجَلْتُ إطْلاقَ فَوْقِهِوَلِكْن إذا أَبْطَأْتَ فِي النَّزْعِ عَجَّلاَ بَنِي عَمَّنا أَيْقَظْتُمُ الشَّرَّ بَيْنَنافَكاَنْت إِلَيْكُمْ عَدْوَةُ الشَّرِّ أَعْجَلاَ فَصَبْراً عَلَى ما قَدْ جَرَرْتُمْ فَإِنَّكُمْفَتَحْتُمْ لنَا باباً مِنَ الْغَيْبِ مُقْفَلاَ وَلمَّا أَشَبَّ الضَّغْنُ تَحْتَ صُدورِهِمْحَسَمْناهُ عَنَّا قَبْلَ أَنْ يَتَكَمَّلاَ وقال لابن الفرات يا دَهْرُ غَيِّرْ كُلَّ شَيْءٍ سِوَى ... وُدِّ أَبِي الْعَبَّاسِ وَاتْرُكْهُ لِي قَدْ كانَ لِي ذَا مَشْرَعٍ طَيِّبٍ ... حِيناً فَشِيبَ اْلآنَ بِالَحْنظَلِ عَيْنٌ أَصابَتْ وُدَّهُ لاَ رَأَتْ ... وَجْهَ حَبِيبٍ أَبَداً مُقْبِلِ وقال: يا لَهْفَةً مِنِّي عَلَى مَعْشَرٍ ... إنْ لَمْ يَقِي اللهُ فَما يَتَّقُونِْ كَاسَاتُهُمْ تُعْلَسْ مِنْ رِيِّها ... وَبِيُضُهمْ قَدْ عَطَسَتْ فِي الْجُفونِْ وقال: أَياَ وادِيَ اْلأَحْبابِ حُيِّيتَ وَادِيا ... وَلا زِلْتَ مَسْقّياً وَإنْ كُنْتَ خَالِيا

من مختار شعره في الشيب والزهد

وَنَظْرَةِ خُلْسٍ قَدْ نَظَرْت فَلَيتَها ... مِنَ الْفارِغاتِ لاَ عَلَىَّ وَلاَ لِيا أَلَمْ تَعْلَمَا يا عِاذلَيَّ بِأَنَّما ... يِمِيني سَواقِيُّ الْعُلَى وَشمالِيا وَقَدْ قَلَّدَتْ فِهْرٌ يَدَيِّ زِمامَها ... وَقامَتْ أَمامِي هاشِمٌ وَوَرائِيا هُمُ بَعَثُوا فِي ثِنْىِ فَصْلِ خِطابِهِمْ ... وَسَنُّوا الْكَفِئَ أَنْ يَجُودَ بِمالِيا رَأَيْتُ اشْتِرافَ المَشْرَفِيَّاتِ للعُلىَ ... وَبَذْلَ النَّدَى لِلمْكَرْمُاتِ مُوافِيا من مختار شعره في الشيب والزهد قال عَزَفْتُ عَنِ المُدامَةِ واَلتَّصابِي ... وَعَزَّانِي المَشِيبُ عَنِ الشَّبابِ وَقَدْ كانَ الشَّبابُ سُطُورَ حُسْنِي ... فَمَحَّيْتُ السُّطُورَ مِنَ الْكِتابِ وقال: أَفِقْ عَنْكَ حانَتْ كَبْرَةٌ وَمَشِيبُ ... أَما للتُّقَى وَالحَقِّ فِيكَ نَصيِبُ أَيَا مَنْ لَهُ في باطن اْلأَرْض مَنْزلٌ ... أَتأْنَسُ في الدُّنْيا وَأَنْتَ غَريبُ وقال: ماتَ الْهَوى مِنِّي وَضاعَ شَبابِي ... وَقَضْيتُ مِنْ لَذَّاتِه أَطْرابِي

وَإذَا أَرَدْتُ تَصابِياً فِي مَجْلِسٍ ... فَالشَّيْبُ يَضْحَكُ بِي مَعَ اْلأَحْبابِ وقال يا رُبَّ لَيْلٍ أَسْوَدِ الذَّوائِبِ ... سَرَيْتُهُ بِقُلُصٍ نَجائِبِ حَتَّى نَهاهُ زُهْرَةُ الْكَواكِبِ ... وَأَصْغَتِ الْعَقْرَبُ لِلرَّغائِبِ بِذَنَبٍ كَصَوْلَجانِ الَّلاعِبِ ... قَدْ مُلِئَ الزَّمانُ باْلعَجائِبِ وارْتَفَع المَنْسِمِ فَوْقَ الْغارِبِ ... عُدْ بِالْكَفافِ مِنْ رَجاءِ كاِذبِ وَاقْعُدْ فَقَدْ أَعْذَرْتَ فِي المَطالِبِ وقال تَوَلَّى الَجْهلُ وَانْقَطَعَ الْعِتابُ ... وَلاحَ الشَّيْبُ وَافْتَضَحَ الِخضابُ لَقَدْ أَبْغَضْتُ نَفْسِي فِي مَشِيِبي ... فَكَيْفَ تُحُّبِنِي اَلْخَوْدُ الْكَعابِ وقال آهِ مِنْ حَسْرتِي عَلَى اْلأَحْبابِ ... آهِ مِنْ سَفْرَةٍ بِغَيرِ إيابِ آهِ مِنْ مَضْجَعِي فَرِيداً وَحِيداً ... فَوْقَ فَرْشٍ مِنْ اْلحَصَى وَالترُّابِ وقال رَأَتْ طِالعاً فِي الرَّأْس أَغْفَلْتُ أَمْرَهُوَلَمْ تَتَعَهَّدْهُ أَكُفُّ الْخَواضبِ

فَقالَتْ أَشَيْبٌ ما أَرَى قُلْتُ شامَةٌ ... فَقالَتْ لَقَدْ شامَتْكَ عِنْدَ الحَبايِب وقال قُلْ لِذاتِ الَّلحْظَةِ المُتَخَنِّثَهْ ... وَلِمَنْ أَمْسَتْ بِلَوْمِي عَبِثَهْ إِنمَّا مالِيَ ما أَنْفُقهُ ... وَالَّذِي أَتْرُكُهُ لِلْوَرَثَهْ وقال هَلاَّ كَلَيْلاتِهِ فِي لَيْلَةِ اْلأَحَدِلَقَدْ تَمَلأَّْتُ مِنْ هَمٍّ وَمِنْ سُهْدِ كَمْ راسِبٍ فِي عِمادِ المُلْكِ تَحْسِبُهُ ... فِي لَذَّةٍ وَهْوَ فِي غَمٍّ وَفِي كَمَدِ وَعاقِدٍ فَوْقَ أَمْوالِ يُجَمِّعُها ... قَدْ أَصْبَحَتْ بَعْدَهُ مَحْلُولَةَ الْعُقَدِ وَمُبْرِمٍ أَمْرَهَ وَالدَّهْرُ يَنْقُضُهُهَلْ غالَبَ الدَّهْرَ يا للَنَّاسِ مِنْ أَحَدِ يا هِنْدُ رابَنِي اِلأْخْوانُ وَامْتَلأَتْعَيْنِي قَذًى وَخَلَتْ مِنْ مَعْشَرِي عَضدِي وَالشَّيْبُ فَضَّاحُ وَعْظٍ لَسْتُ أَحْمَدُهُأَسْرِى بِهِ فِي طَرِيِق الحَقِّ وَالرَّشَدِ وقال يا صاحِبِي قَدْ كَفاكَ الدَّهْرُ تَفْنِيِدي ... خَرَجْتُ مِنْ لَحظاتِ الْكاعِبِ الرُّودِ وَأَرْسَلَ الشَّيْبُ لاَ يْبِغي بِهِ قَنَصاً ... بُزاتَهُ الْبِيضَ فِي غِرْبانِي السُّودِ

وقال وَقالُوا النُّصُولُ مَشِيبٌ جَدِيدٌ ... فَقُلْتُ الخِضابُ شَبابٌ جَدِيدُ إساءَةُ هَذَا بِإْحسانِ ذَا ... فَإِنْ عادَ هَذَا فَهَذَا يَعُودُ وقال قاَلتْ أَرَى عَجَباً أَنْ نَوَّرَ الشَّعَرُمَهْلاً سُلَيْمَى فَهَذَا الشَّيْبُ والْكِبَرُ يا هَذِهِ أَنا دَيْنٌ لْلفَناء عَلَي ال ... دُّنْيا تُنَجِّزُهُ الآصَالُ وَالْبُكَرُ وَقَدْ بَدا لِيَ فيما قَدْ هُدِيُتُ لَهُ ... إلىَ الحْيَاةِ إلَى دار الْبلا سَفَرُ كَمْ مِنْ أَخٍ لِيَ قَدْ سَوَّيْتُ مَضْجَعَهُ ... كَأَنَّما غابَ فِي أَكْفانِهِ قَمَر فَمَسَّ نَفْسِي يَوْمِي مِنْهُ ما كَرِهَتْوَلا أُشْرِبَتْ بِهِ اْلأَوْهامُ واَلذِّكَرُ غَنِيتُ حِينا وَيَوْمِي كُلُّهُ مَعَهُ ... غَداةَ سَعْدٍ وَلَيْلِى كُلُّهُ سَحَرُ وقال في المشاورة تَجاوَزْ عنْ جِنايَةِ كُلِّ دَهْرٍ ... وَصاحِبْ يَوْمَ حاِدثَةٍ بِصَبْرِ وَإنْ تَأْتِيكَ ناِئَبةٌ فَشاوِر ... فَكَمْ حَمِدَ المُشاوِرُ غِبَّ أَمْرِ وَقَسِّمْ هَمَّ نَفْسِكَ فِي نُفُوسٍ ... وَلاَ تَتَفَرَّدَنَّ بِطُولِ فِكْر

إذا كُظَّ الفُراتُ بِماءِ مَدٍّ ... أَغَصَّ بِهِ حَلاَقَمِ كُلِّ نَهْرِ وقال تَخْفَي حاجاتِي مِنَ النَّاسِ كُلِّهِمِ ... وَلَكِنَّها للهِ تَبْدُو وَتَظْهَرُ لِمَنْ لا يَرُدُّ السَّائِليِنَ بِخَيْبَةٍوَيَدْنُو مِنَ الدَّاعِي وَيُعْطِي فَيُكْثِرُ وقال يا ذاَ الْغِنَى والسَّطْوَةِ الْقادِرَهْ ... والدوْلَةِ النَّاهِيَةِ الآمِرَهْ انْتَظِرِ الدُّنْيا فَقَدْ أَقْرَبَتْ ... وَعَنْ قَلِيلٍ تَلِدُ الآخِرَهْ وقال إنْ حارَبَ الَهُّم قَلْبِي ... فَقَدْ أُعِينُ بِصَبْرِ يا دَهْرُ إنْ كُنْتَ حُرّاً ... لمَا أَسَأْتَ بِحُرِّ وقال وَسُكَّانِ دَهْرٍ لا تَواصُلَ بَيْنَهُمْعَلَى قُرْبِ بَعْضٍ فِي التَّجاورُ مِنْ بَعْضِ كَأَنَّ خَواتِيماً مِنْ الطِّينِ فَوْقَهُمْوَلَيْسَ لهَا حَتَّى الْقِيامَةِ مِنْ فَضِّ

وقال يا خِاضباً لِلِحْيَةٍ سَوْفَ تُرْفَضْ ... بَعْدَ قَلِيلِ وَيَصْبِغُ الْمُعْرِضْ مُسْوَدَّةٌ بِها ضَمِيرٌ أَبْيَضْ ... قامَ الخِضابُ وَاَلمِشيبُ يَرْكُضْ وقال كُنْ جاهِلاً أَوْ فَتَجاهَلْ تَفُرْ ... لِلْجَهْلِ فِي ذا الدَّهْرِ جاهٌ عَريِضْ وَالدَّهْرُ مَحْرُومٌ يَرَى ما يَرَى ... كما يَرَى الْوَارِثُ عَيْنَ الْمَريِضْ وقال أَلَسْتُ أَرَى شَيْباً بِرَأْسِيَ طالِعاً ... وَنَتْ حِيَلِي عَنْهُ وَضاقَ بِهِ ذَرْعِي كَأَنَّ المَناقِيشَ التَّيِ تَعْتَوِرْنَهُمَناقِيرُ طَيْرٍ تَلْتَقِي سُنْبُلَ الزَّرْعِ وقال لا تَكْذِبَنَّ فَخَيْرُ الْقَوْلِ أَصْدَقُهُ ... المَالُ يَفْرَقُ مِنْ كَفٍّ نُفَرِّقُهُ فَما يَطُولُ بِها إلاَّ عَلَى وَجَلٍ ... حَتَّى يِطَيرَ إلىَ مَنْ لَيْسَ يُنْفِقُهُ فَيَسْتَريِحَ إذا لاقاهُ مِنْ هِبَةٍ ... وَمِنْ شِراءٍ وَبَيَعٍْ كان يُقْلِقُهُ وقال قُلْ لِمَشِيِبي إذْ بَدَا ... وَابْيَضَّ مِنِّي الِمَفْرق

يا فِضَّةً حُلِّيتُهَا ... لَكِنَّها لا تَنْفَقُ وَيا نَهاراً لايُرَ ... جِّى صُبْحَهُ مَنْ يَعْشَقُ لا مَرْحَباً لا مَرْحَباً ... أَنْتَ الْعَدُوُّ اْلأَزْرَقُ وقال يا نَفْسُ صَبْراً لَعَلَّ الخَيْرَ عُقْباكِ ... خانَتْكِ بَعْدَ لَذِيذِ الْعَيْشِ دنْياكِ مَرَّتْ بِنا بُكَراً طَيْرٌ فَقُلْتُ لهَا ... طُوباكِ يا ليَتْنَاَ إيَّاكِ طُوباكِ لَكِنْ هُوَ الدَّهْرُ فَالْقَيْهِ عَلَى حَذَرٍفَرْبَّ مِثْلُكِ يَنْزُو تَحْتَ أَشْراكِ فرضيه أبو العباس وكتب إليه لِحَقْتُ الرِّضا مِنْ بَعْدِ طولِ تَغَضُّبٍبِأَبْلَقَ كَالْجِذْعِ الذَّيِ لَمْ يُثَقَّبِ لَهُ هامَةٌ مُسَوَدَّةُ اللَّوْنِ عَيْنُها ... تُبارِى سَنا نارٍ عَلَى رَأْس مَرْقَبِ كَمِدْرَى فَتاةٍ فِي خِمارِ حِدادِها ... مَوَكَّلَةٍ مِنْها بِرأْسٍ مُعَصَّبِ

من مكاتباته

مِنَ الذَّهَبِ اْلأَبرِيزِ يَلْمَعُ لَوْنُهُكمَا لاحَ فِي جُنْحِ الدُّجَى ضَوْءُ كَوْكَبِ ولعبد الله بن المعتز بعد هذه أشعار حسان في مكاتباته لإخوانه تركنا ذكرها لنذكرها مع أشعار إخوانه إذا انتهينا إليهم، إذ كانوا مقلين، لتحسن أشعارهم بجواباته لهم إن شاء الله. من مكاتباته كلام له في ذم صحبة السلطان ربما أورد الطمع ولم يصدر، ووعد ولم يوف. ومن تجاوز الكفاف لم يغنه إكثاره، ومن ارتحله الحرص أنضاه الطلب. والأماني تعمى الأبصار والبصائر، والحظ يأتي من لا يأتيه، وربما طاب وعاء حشوه المتألف، وأشقى الناس جسم تعب، ونفس خائفة، ودين يتثلم، ولئن كان البحر كثير الماء إنه لبعيد المهوى، ومن شارك السلطان في عز الدنيا قاربه في ذل الآخرة، كما أن أقرب الأشياء إلى النار أسرعها احتراقا. وما أحلى تلقى النعمة وأمر عاقبة الفراق. ولا يدرك الغنى بالسلطان لا سيما في

إلى الوزير عبد الله بن سليمان

هذا الزمان، المتلون الأخلاق المتداعي البنيان، الموقظ للشر، المنيم للخير، المطلق أعنة الظلم، والحابس لروح العدل، القريب الأخذ من الاعطاء، والكابة من البهجة، والقطوب من البشر، والذل من العز، والفقر من الوجود. المر الثمرة، البعيد المجتنى، القابض على النفوس بكربه، المنحى على الأجسام بغربه. لا ينطق إلا بالشكوى ولا يسكت إلا على بلوى، ومن لم يتأمل الأمر بعين عقله، لم يقع سيف حينه إلا على مقاتله، والتثبت طريق الرأي إلى الإصابة، والاعتذار طريق المذنب إلى الإنابة، والعجلة تضمن العبرة وتجلب الحسرة، وما أحب أن أصرف عنك خطأ توثره، ولكني قدمت مالا أستجيز تأخيره من النصيحة لك والمشورة عليك. إلى الوزير عبد الله بن سليمان يهنئه بقدومه الحمد لله على ما امتن به الوزير أعزه الله، من جميل السلامة وحسن الإيابة. حمداً يستمد أمر مزيده، وإخلاصاً مستدعياً لقبوله، وبارك الله له في قدومه ومسيره، في جميع أموره وجعل له منة وافية على نعمه، وأبقاه لملك يحرسه، ومؤمل ينعشه، وعاثر يرفعه، وحفظ له ما خوله كما حفظ له ما استرعاه، ووفقه فيما طوقه، وزاده كما زاد منه. تعزية للوزير عبيد الله بن سليمان عن ابنه أبي محمد علم الوزير أيده الله بذخائر الأجر يغنى عن نزعته فيه، وسبقه

فصل

إلى الصبر يكفيني تذكره به، لكن لولى الوزير أيده الله موضع إن أخلاه دخل في جملة المضيعين لحقه، اللاهين عما عناه وقد كان من قضاء الله في أبي محمد رضي الله عنه ما خصت به المصيبة مواقع نعم الوزير، وآثار إحسانه حاش لله إقرار بالحق، وتنجيزاً للوعد منه. وعظم الله أيها الوزير أجرك ووفر ذخرك وعمر بقيتك، وكثر عددك، وسرك ولا ساءك، وزادك ولا نقصك. ووصل بسلام الزمان نعمتك، ووليك بما تحب فيما خولك. وكل مصيبة وإن عظمت صغيرة في ثواب الله عليها، ضئيلة بين نعم الله قبلها وبعدها، وما زال أولياء الله يعرضون على المحن فيستقبلونها بالصبر؛ ويتبعونها بالشكر، وتنفذ بصائرهم مذموم أوائلها إلى محمود عواقبها، ويعدونها مراقى إلى شرف الآخرة، ومراتب لأهل السعادة في دار لا تلجها الهموم، ولا يزول فيها النعيم. وإذا تأمل الوزير ما تجاوزت هذه الحادثة عنده من النعم في ولده أبي الحسين، الذي قد نهض بما حمله، ووفى آماله، وأقر عينه، وغاظ حاسده، واكتسى لباس كرامته، وقام للخلافة بخلافته، علم أنه راع على الدهر، حقيق بتجاوز الصبر إلى الشكر، فجعل الله الخلف للوزير من الماضي طول عمر الباقي، وحرسه من المكاره كلها، وكفاه وكفانا فيه. فصل إنما قلمي نجى ذكرك، ولساني خادم شكرك.

وإلى عليل

وإلى عليل أذن الله في شفائك، وتلقى داءك ببقائك، ومسحك بيد العافية ووجه إليك وافد السلامة، وجعل علتك ما حية لذنوبك، ومضاعفة لثوابك. فصل من تعزية بولد لئن حرم الأجر ببرك، لقد كفى الإثم بعقوقك، ولئن فجعت بفقده لقد أمنت الفتنة به. فصل في قبول عذر كيف أرد عذر من لا تهتدي إليه الموجدة، ولا تتسلط عليه التهمة. ووالله ما عرضت لك وحركت منك إلا بخلا بما ذخرته من مودتك، واعتمدت عليه من إخلاصك لخوفي مع ذلك أن تصبر غفلتك تغافلاً. وذلتك تعمداً، وهذا ما لا أحبه لك وإن كنت أحتمله منك، وما أعتذر من مطالبتك بما جعلك أهلاً للمعرفة به وجعلني بودك مستحقاً له. فصل في حاجة موصل كتابي فلان، وقد جعلت الثقة بك مطيته إليك، فلا تنضها بمطلك، وأسرع ردها بسابق إنجازك، وتصديق الأمل فيك والظن بك.

وفي نحوه

فصل قد ملت إليك فما أعتدل، ونزلت بك فما ارتحل، ووقفت عليك فما أنتقل. فصل لولا أن الأطناب في وصفٍ مطية للمتخرص، وتهمة للمتخلص، لأطلت به كتابي، وكفى بمقاساة ذي النقص مذكراً بأهل التمام، وقد لبثت بعدك بقلب يود لو كان عيناً ليراك، وعين تود لو كانت قلباً، فلا تخلو من ذكراك. وفي نحوه كيف ينقطع ذكري لك بغير خلف منك، وينصرف قلبي عنك والتجارب تزوي إليك، والله يعلم أن خيالك شمس نفسي إذا نمت، وذكرك سراجها إذا انتبهت. وإن ذلك لأقل حقوقك، ولا ظلمت غيرك بك، ولا ملت عليه لك. فصل في ذم ذكرت حاجة فلان لا فصلها الله بالنجاح، ولا يسر بابها لانفتاح. ووصفت عذراً له نصح به غير نفسه، وما نصح عنها، ولكنه نصح عليها، وأنا والله أصوبك عنه، وأنصح لك فيه، فإنه

فصل في صفة كتاب

خبيث النية، فاسد الطوية، جائر المعاتب، طالب للمعائب، يقلب لسانه بالملق، ساتر بالتخلق وجه الخلق، موجود عند الرجاء، مفقود مع البلاء. فأتعب عقلك باختياره، ولا توحش نعمتك باصطناعه. فصل في صفة كتاب الكتاب والج للأبواب، جرئ على الحجاب. مفهم لا يقيم، وناطق لا يتكلم، به يشخص المشتاق، ومنه يداوي الفراق. فصل اعتذار ترفع أعزك الله عن ظلمي إن كنت بريئاً، وتفضل بالعفو عني وإن كنت مسيئاً، فو الله إني لا طلب غفر ذنب لم أجنه، وألتمس الإقالة مما لا أعرفه، لتزداد تطولاً، وأزداد تذللاً. وأنا أعيذ حالي عند تكرمك من حاسد يكيدها، ولحرسها بوفائك من باغ يحاول إفسادها، وأسأل الله أن يجعل حظي منك بقدر ودي لك، ومحلي من رأيك بحيث أستحق منك. فصل في الشوق إني لآسف على كل يوم فارغ منك، وكل لحظة لا تؤنسها رؤيتك. وسقياً لدهر كان موسوماً بالإجتماع معك، معموراً بلقائك، جمع الله شمل سروري بك، وعمر بقائي بالنظر إليك.

شفاعة في شغل

شفاعة في شغل من عظمك النعمة عليه كثرت الرغبة إليه؛ فاستجلب بالإنعام منك إنعام الله عليك، واسترد ما نهب منك ما يهب لك، واجعل حظي من ولايتك قبول اختياري لك، هذا الرجل، واخلطه بأوليائك القايلين في ظلك، فقد أفردك رغبته، وصرف إليك وجه رجائه، وليس فيه فضل للإنتظار، ولا بقية للإذكار، فعجل إن نويت جوداً، وبادر إن نويت صنعاً، ولا تكن ممن ولايته وعد، وصرفه إعتذار. فصل في فراق كأن الدهر أبخل من أن يمليني بك، وأنكد من أن يسوغني قربك وإني له لصابر إلا على فقدك، وراض إلا ببعدك. فصل في العفو لا تشن حسن الظفر بقبح الإنتقام، وتجاوز عن مذنب لم يسلك بإقرار طريقا؛ حتى اتخذ من رجاء عفوك رفيقاً. تهنئة بمولود اتصل بي خبر مولودك، فسرني لك ما سرك، وأنا أسأل الله أن يتبع النعمة بك عليك ببقائه لك، وأن يعمرك حتى ترى زيادة إليه منه كما رأيتها به.

فصل دعاء

فصل دعاء تولى الله عني مكافأتك، وأعان على فعل الخير نيتك، وأصحب بقاءك عزاً يبسط يدك لوليك، وعلى أعدائك، وكلاءة تذب عن ودائع مننه عندك، وزاد في نعمك وإن عظمت، وبلغك آمالك وإن إنفسحت. مثله لا أزال الله عنا ظلك، وأعلى في شرف المنازل مرتقاك، ولا أعدمنا فيك إحساناً باقياً، ومزيداً متصلاً، ويوماً محموداً، وغداً مأمولاً، وعزاً يمكن قبضتك، ويمد بسطتك. تعزية عارية سرك الله بمدتها، وآثرك بثوابها، وأثابك عند ارتجاعها، فأبشر بعاجل من صنعه، وآجل من جزائه ومثوبته. عزم الله أجرك، وجعل الثواب عوضك، ووفقك لنيل مرضاته عنك، وإنا لله قولاً بما علم نتنجز به ما وعد. تعزية الخلود في الدنيا لا يؤمل، والفناء لا يؤمن، ولا سخط على حكم الله ولا وحشة مع خلافته، والأنس بطاعته، فأد ما استرد صابراً،

ومن فصول لعبد الله قصار

وأصبح لما استرجع مسلما؛ فإن من علم أن النعمة تفضل من واهبها شكرها مقبلة، وصبر عنها مولية، جعلك الله محتملاً للنعمة مؤدياً للشكر، صابراً عنه المحنة، محفوظاً موفور أجرها، والفوز بالصبر عليها. ومن فصول لعبد الله قصار الحكمة شجرة تنبت في القلب، وتثمر من اللسان. لا يقوم عز الغضب بذل الاعتذار. الشفيع جناح الطالب، والبشر رائد الراغب، المرض حبس البدن، والهم حبس الروح. الغضب يبدأ بالعصيان؛ يعظم ذنبه ويقبح صورته، ويعمل بذمه. أول الدنيا إلى إنقضائها كصور في صحيفة كلها نشر بعضها وطوى بعضها. اصبر على مصاحبة الكريم وإن اختلت حاله، فليس ينتفع بالجوهرة من لم ينتظر بقاءها. الشرير لا يظن بالناس خيراً لأنه يراهم بعين طبعه. لئن استبطأنا إجابة دعائنا، لقد سددنا طرقه بذنوبنا. كلما كثر حفاظ الأسرار ازدادت ضياعاً. أعدل الناس من أنصف عقله من هواه، ومن لم يملك ذلك فليس لعقله سلطان. بئس مال البخيل لحادث أو وارث. الحاسد مغتاظ على من لا ذنب له؛ يحفل بما لا يملكه، طالب لما لا يجده. شكرك نعمة سالفة، يقتضى لك نعمة مستأنفة. كلما حسنت نعمة الجاهل ازداد قبحاً فيها. الوعد راحة الجود، والمطل مرضه، والإنجاز بره. الساعي كاذب لمن سعى إليه، أو خائن لمن يسعى به.

كفى بالظلم داعياً لنقمه، وطارداً لنعمه. البلاغة أن تقرب ما تريد، ولم تطل سفن الكلام. خير المعروف ما لم يتقدمه مطل، ولم يتبعه من. إذا حضرت الآجال افتضحت الآمال. الصبر على المصيبة يفل حد الشامت بها، ويطيل عبوس المتضاحك لها. المعروف رق، والمكافأة عتق. انتظر عند الظلم عدل الله فيك، وعند المقدرة قدرة الله عليك، ولا يحملك اللجاج على اقتراف إثم، فتشفى غيظك، ويسقم دينك. أعرف الناس بالله أرضاهم بأقداره. الدنيا تهين من أكرمت، والأرض تأكل من أطعمت. من كان في يدك فهو بك أملك منك بنفسك. غضب الجاهل في قوله، وغضب العاقل في فعله، لا تعينن من وليته على جبايته بقلة جرايته، فليس يكفيك من لم يكفه. بعض التقدير للقدر دفع، كل علو خطر، وربما أدى إلى الهلاك الحذر.

بسم الله الرحمن الرحيم

بسم الله الرحمن الرحيم أمر من بقي من بني العباس ممن ليس بخليفة ولا ابن خليفة للعباسية شِعْر عَبْدِ اللهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْعَبَّاسِ وَطَرُفُ مِنْ أخْباِرهِ وَالسَّبَبُ الذَّيِ ادَّعَى لَهُ الِخلافَةَ حدثنا محمد بن موسى البربري، قال حدثنا محمد بن صالح النطاح قال حدثني أبو مسعود الكوفي؛ قال قال أبو العباس السفاح لعبد الله ابن علي عمه إن قتلت مروان فلك الخلافة بعدي، فقتل مروان لأن صالح بن علي كان من تحت يده. حدثنا محمد بن موسى قال حدثنا بن صالح قال حدثني أبو قريش ريحان خادم أبي مسلم، وكان قد جاز المائة، قال قال أبو العباس. من يسير إلى مروان فهو ولي عهدي، فقال عبد الله بن علي أنا. وقد ذكرنا خبر خروجه وأمانه وموته في أخبار المنصور حدثنا محمد بن زكريا اللؤلؤي قال حدثنا عبد الله بن الضحاك

عن الهيثم بن عدي، قال لما قتل عبد الله بن علي بني أمية قال: الظُّلْمُ يَصْرَعُ أهْلَهُ ... وَالْبَغْيُ مَرْتَعُهُ وَخِيمُ وَلَقَدْ يَكُونُ لَكَ الْبِع ... دُ أَخاً وَيَقْطَعُكَ الحَمِيمُ حدثنا مشيح بن حاتم العكلي؛ قال أنشدنا يعقوب بن جعفر ابن عبد الله بن علي لما قتل بني أمية بنهر أبي فطرس بنَيِ أُميَّةَ قَدْ أُفْنَيْتُ آخِرَكُمْ ... فَكَيْفَ لِي مِنْكُمُ بِاْلأَوَّلِ الماضِي يُطَيِّبُ النَّفْسَ أَنَّ النَّار تَجْمَعُكُمْ ... عُوِّضْتُمُ مِنْ لظَاها شَرَّ مُعْتاضِ فَنِيُتُم لا أقالَ اللهُ عَثْرَتَكُمْ ... بِلَيْثِ غابٍ إلىَ اْلأَعْداء نَهَّاضِ إن كانَ غَيْظِي بِفَوْتِ مِنْكُمُ فَلَقَدْ ... رَضِيتُ فِيكُمْ بما رَبيَّ بِهِ رِاضىِ حدثنا الغلابي قال حدثنا عبد الله بن الضحاك: قال حدثنا الهيثم ابن عدي قال: أشرف عبد الله وهو مستخف بالبصرة عند أخيه سليمان بن علي؛ فرأى رجلاً له جمال يجر أثوابه ويتبختر؛ فقيل من هذا؟ فقيل فلان الأموي، فقال يا أسفي، وإن في طريقنا بعد منهم لوعثا، وقال لمولى له بحقي عليك إلا جئتني برأسه؛ ثم أنشد قول سديف: عَلامَ وَفِيمَ تُتْرَكُ عبد شَمْسٍ ... لهَا فِي كُلِّ راعِيَةٍ ثُغاءُ

فَما فِي الْقَبْرِ فِي حَرَّانَ مِنْها ... وَلَوْ قُتِلَتْ بِأَجْمَعِها فِداءُ يعني قبر إبراهيم بن محمد الإمام، فمضى مولاه فأخبر سليمان بما قاله، فنهاه أن يقبل منه، فاعتل عليه بأنه فاته. حدثنا عون بن محمد الكندي، قال حدثنا إسحق الموصلي قال حدثنا الحارث بن الليث مولى عبد الله بن علي عن أبيه قال جعل عبد الله بن ينظر إلى القتلى يوم الزاب، والتفت إلى أبي عون بن محمد بن صول وهما إلى جانبه فقال: وَلَقَدْ شَفَى نَفْسِي وَأَذْهَبَ حُزْنَها ... أَخْذِي بِثَأْرِي مِنْ بَنِي مَرْوانِ وَمِنَ آلِ حَرْبٍ لَيْتَ شَيْخِي شاهِدٌ ... سَفْكِي دِماءَ بَني أبِي سُفْيانِ حدثني أبو العيناء قال حدثنا الأصمعي؛ قال سمعت جعفر بن سليمان يقول لما قتل عبد الله بن علي من قتل من بني أمية بلغ ذلك إلى سليمان بن علي؛ فقال ما كنت أحب لأخي أن يحتقب هذا الأمر ولقد وفى بما قال صغيراً، بقوله كان أبونا علي بن عبد الله يقول له يا بني إن تمكنت من بني أمية ما تصنع بهم؟ فيقول أذبحهم، قال وقال عبد الله بن علي لأبيه، يا أبت كل ولدك اثنان من أم وثلاثة غيري؛ فإنه لا أخ لي من أمي فأوص بي، قال فأوصى إلى سليمان ابن علي به، وكان سليمان وصى علي بن عبد الله، قال جعفر فكان

عبد الله لوصية علي به أحب إلى سليمان أبي من أخيه، صالح بن علي وهو لأمه وأبيه. حدثني عمرو بن تركي القاضي قال حدثنا القحذمي عن أبيه قال وفد على علي بن عبد الله رجل من ولد الخطاب بن عبد مناف، فقال له إن الوليد بن عبد الملك شديد العلة، فتمثل على بن عبد الله بقول يزيد بن الصعق الكلابي: أَوَارِدَةٌ عُلْيا عُكاظٍ تُصلُّهِا ... فِراسٌ وَلمَّا فَوْقَها الصَّاعُ مُهْوَعا فقال له الرجل لئن مضى للجبلين أهله دما، قال فلما قتل عبد الله ابن علي من قتل روى له هذا الخبر، فأنشد البيت الذي تمثل به أبوه فقال عبد الله بنحو ذلك: وَرَدْنا دِماءً مِنْ أُمَيَّة عَذْبَةً ... وَكِلْنا لهَا فِي الْقَتْلِ بِالصَّاعِ أصْوُعا وَما فِي كَثِيرٍ مِنْهُمُ لِقَتِيلنِا ... وَفاءٌ وَلَكِنْ كَيْف بِالثَّأْرِ أَجْمَعا إذا أَنْتَ لَمْ تَقْدِرْ عَلَى الشَّرِّ كُلِّهِوَأَعْطَيْتَ بَعْضاً فَلْيَكُنْ لَكَ مَقْنَعا رَعَيْنا نُفوساً مِنْهُمُ بِسُيوفِنا ... وَصاحَ بِهِمْ داعِي الْفَناءِ فَأَسْمَعا قَضَيْنا بِهِم دَيْناً وَزِدْنا عَلَيِهْمُكما زَادَ بَعْدَ الْقَرْضِ منْ قَدْ تَطَوَّعا وَكانَ لَهُمْ مِنْ باطِلِ المُلْكِ عِارضٌفَلَمَّا عَلَتْهُ الشَّمْسُ حَقّاً تَقَشَّعا فَلَيْت عَلِىُّ الْخَيْرِ شاهِدَ أَسْهُمٍأَصابَتْهُمُ لَمْ يُبْقِ فِي الْقَوْسِ مَنْزَعا

حدثنا جبلة بن محمد بن جبلة، قال حدثني أبي قال لما دخل أبو مسلم الكوفة أمر أن يكون إلى جانبه رجل تعرفه الناس، فجاءوه برجل فلقيه عبد الله بن شبرمة الضبي، فسلم عليه ودعا له فأقبل عليه لجلالته وفصاحته، فقال له الرجل هذا ابن شبرمة الضبي، قال فزوى وجهه عنه ففطن ابن شبرمة لذلك، وقال قلت في نفسي ذكر والله يوم الجمل، فقلت أيها الأمير إني من ضبة الكوقة ولست من ضبة البصرة، وقد كانت مع أمير المؤمنين علي عليه السلام يوم الجمل تقاتل ضبة البصرة، قال فأقبل عليَّ وقال كن معنا فسايرته إلى أن نزل وأمرني فنزلت، فدخلت معه بيتاً فيه سيف ومصحف، فقال يا ابن شبرمة إن هذا يريد المصحف يأمرني بهذا يريد السيف فقلت قد علم الأمير أن هذا ينهاه عن هذا إلا في حقه، قال صدقت، ثم كتب كتاباً إلى عبد الله بن علي يحضه فيه على صلة الرحم وجمع الألفة والبيعة لابن أخيه المنصور، ويرغبه ويرهبه، فلما فرغ منه قال لي انظر فيه فنظرت فإذا هو لم يبق غاية، فقال زد فيه شيئاً يا ابن شبرمة، قال فلم أر للزيادة وجهاً إلا أن يكون شعراً فقلت: قُلْ لأِخِي مُكاشَرَةٍ وَضِغْنٍ ... سَعَرْتَ الْحَربَ بَيْنَ بَنِي أبِيكا فَأَوْرَثْتَ الضَّغائِنَ مِنْ بِنَيِهْم ... بَنِي أَبْنائِهِمْ وَبَنِي بَنِيكا

وَلَوْ طاوَعْتَني وَقَبِلْتَ رَأْيِي ... لَسِرْتَ لَهُمْ بِسِيرَةِ أَوَّليكَا وَأَقْرَرْتَ الخِلافَةَ حَيْثُ حَلَّتْ ... وَلَمْ تَعْرِضْ لِمُلْك بَنِي أَخِيكَا كَأَنَّك قَدْ أصابَكَ سَهْمُ غَرْبٍ ... وَغادَرَكَ الْعُداةُ وَأَسْلَمْوكَا فقرأه فاستحسنه، وأنفذ الكتاب، فعاد الجواب من عبد الله ابن علي: ذَرِيِنِي وما جَرَّتْ عَلَى يَّدَ الدَّهْرِفَما يَصْعُبُ الأمْرُ المَهولُ عَلَى حُرِّ يَرَى الَمْوتَ لا يَنْحاشُ عَنْهُ تُكَرُّماًوَصَبْراً وإِنْ كانَ الْقِيامُ علَىَ الْجَمْرِ حِفاظاً لِما قَدْ وَرَّثَتْنا جُدُودنُاوَصَبْراً وَمَا لِلْمَرءِ خيْرٌ مِنَ الصَّبْرِ بِذَلِك أَوْصانَا الْكِرامُ وَلَمْ نَزَلْعَلَى تِلْكَ نَمْضِي لا نَضِجُّ مِنَ الدَّهْرِ قال أبو بكر والأبيات للحصين بن الحمام المزني حدثنا الحسين ابن إسماعيل قال حدثنا علي بن عبد الله السلمي، قال حدثنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الحميد بن فضالة بدمشق قال أخبرنا سليمان بن عبد الرحمن، قال حدثنا عتبة بن حماد الحكمي أبو خليد القاريء، قال حدثنا عبد الرحمن الأوزاعي، قال بعث إلى عبد الله بن علي وأعظمني ذلك واشتد على فأقدمت وأدخلت عليه والناس قيام سماطين بين يديه في أيديهم المكافر كوبات فأدناني ثم قال لي يا عبد الرحمن ما تقول في

مخرجنا هذا؟ فقلت أصلح الله الأمير قد كانت بيني وبين أخيك داود مودة فأعفني، قال لتخبرني، فقلت لأصدقنه واستبسلت للموت، فقلت حدثني يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن إبراهيم عن علقمة بن وقاص سمع عمر بن الخطاب يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه يقول إنَّما الأَعْمالُ بِالنِّيَّاتِ وَلِكُلَّ امرِيءٍ ما نَوَى، فَمَنْ كانَتْ هِجْرَتُهُ إلىَ اللهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إلَى اللهِ وَرَسُولِهِ وَمَنْ كانَتْ هِجْرَتُهُ إلىَ دُنْيا يُصِيبُها أو ِامْرَأَةٍ يَنْكُحها فَهِجْرَتُهُ إلىَ ما هاجَرَ إلَيْهِ قال وفي يده قضيث ينكث به الأرض، فقال يا عبد الرحمن ما تقول في قتلنا أهل هذا البيت من بني أمية؟ فقلت كما قلت قال لتخبرني فقلت حدثني محمد بن مروان عن مطرف بن الشِّخِّيرِ عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه لا يَحِلُّ قَتْلُ المُسْلِمِ إلاَّ بِإحِدْىَ ثَلاثٍ البْارِيءُ لِدِيِنِه أَوْ رَجُلٌ قَتَلَ نَفْساً فَيُقْتَلُ بِها أوْ رَجُلٌ زَنَى بَعْدَ إحْصانٍ قال ثم أطرق هوياً، ثم قال أخبرني عن الخلافة أهي وصية من رسول الله صلى الله عليه؟ فورد على مثل ما ورد ثم قلت لأصدقنه. فقلت لو كانت وصية من النبي صلى الله عليه لكم ما ترك علي عليه السلام أحداً يتقدمه، ثم سكت سكتة وقال ما تقول في أموال بني أمية؟ فاستعفيت فقال لتخبرني فقلت إن كانت لهم حلالاً فهي عليكم حرام، وإن كانت لهم حراماً فهي عليكم حرام، قال ثم أمرني فأخرجت.

حدثنا أبو ذكوان قال حدثنا ابن عائشة قال قالت امرأة من نساء بني أمية لعبد الله بن علي قتلت من أهلي وذويهم اثنى عشر ألفاً فيهم ألفا لحية خضيبة، فقال عبد الله تُكَبِّرُ عِنْدِي الْقَتْلَ وَهُوَ صَغِيٌر ... عَلَى مَأْرَبٍ وَالدَّائِراتُ تَدُورُ وَقالَتْ قَتَلْتَ اْلأَهْلَ فِي كُلِّ بَلْدَةٍ ... وَأَنْتَ بِعَفْوٍ لَوْ تَشاءُ جَدِيرُ فَقُلْتَ وَهَلْ فِيكُمْ لِعَفِوىَ مَوْضِعٌ ... وَلي مِنْكُمُ بَعْدَ الْقَناةِ ثُؤُورُ لَئِنْ دَنَتِ اْلأَنْسابُ مِنَّا وَمِنْكُمْ ... لَقَدْ باعَدتها بِاْلِعراقِ قُبورُ فَلا تُنْكِروا أنْ يُؤْخَذَا اَلحْقُّ مِنْكُمْ ... فَما فِي قِصاصٍ الُمْسِلمِينَ نَكِيرُ وَإنْ تَكُ يُمْنانا أَصابَتْ يَسارنَا ... بِجُرْحٍ فَما جُرْحُ الْيَمين يَضيِرُ وَقَدْ كُنْتُمُ فِي الشِّرْكِ تَحْذُونَ حذْوَنا ... وَكُلٌّ إلىَ أقْصَى المساءِ يَسِيرُ فَلَمَّا أتَى اْلإِسْلامُ أَظْلَمَ فَخْرُكُمْ ... وَلاحَ لنَا بَدْرُ الْفَّخار يُنِيِرُ وَلَوْ شِئْتُمُ ما غابَ عَنْكُمْ ضِياؤُهُ ... وَلكِنْ أباهُ غادِرٌ وَكَفُورُ حدثنا عون بن محمد الكندي قال حدثني عبد الله بن أبي الخطاب عن أبيه قال لما دخلت ابنة مروان بن محمد علي بن عبد الله بن علي حين قتل مروان فقالت السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله، فقال لست به، فقالت السلام عليك أيها الأمير، قال وعليك السلام

قالت ليسعنا عدلكم، قال إذن لا يبقى على الأرض منكم أحد لأنكم حاربتم علياً عليه السلام، ودفعتم حقه ونقضتم شرطه، وقتلتم الحسين بن علي عليه السلام، وقطعتم رأسه، وقتلتم زيد بن علي وصلبتم جسده، وقتلتم يحيى بن زيد ومثلتم به، ولعنتم علي ابن أبي طالب عليه السلام على منابركم، وضربتم علي بن عبد الله ظلماً بسياطكم، وحبستم الإمام إبراهيم في حبسكم، فعدلنا ألا نبقى منكم أحداً، فقلت فليسعنا عفوكم قال أما هذا بنعم، ثم أمر برد أموالها عليها ثم قال عبد الله بن علي: سَنَنْتُمْ عَلَينْا الْقَتْلَ لا تُنْكِرونَهُفَذُوقُوا كَما ذُقْنا عَلَى سالف الدَّهْر حدثنا الحسين بن فهم ومحمد بن موسى ومحمد بن سعيد قالوا حدثنا محمد بن صالح النطاح أبو عبد الله قال وجه عامر بن إسماعيل برأس مروان إلى صالح بن علي، فنظر إليه وتحول فجاءت هرة فاقتلعت لسانه وجعلت تمضغه، فقال صالح بن علي لو لم يرنا الدهر من عجائبه إلا لسان مروان في في هر لكفانا ذلك! حدثنا الغلابي قال حدثنا العتبي قال لما أتى عبد الله بن علي موت السفاح ادعى الخلافة، وجعل يقول ذاك ولا يخطب به ولا يشهره حتى دخل البعلبكي المؤذن، فاستأذن وسلم بالخلافة عليه، فخطب الناس ولم يجد بداً من أن يشهر أمره، وكان البعلبكي معه قبل أن يصير مع المنصور، ومدحته الشعراء بالخلافة فقال رؤبة:

يا أَيُّها اْلقاِئلُ قَوْلاً أَجْنَفا ... سَفاهَةً مِنْ قَوْلِهِ وَسَرفَا ما قامَ عَبْدُ اللهِ إلاَّ آنِفا ... خَوْفاً عَلَى اْلإِسْلامِ أَنْ يُسْتَضْعَفَا وَأَنْ يُرامَ نَقْضُهُ فَيَتْلفَا ... وَمِنْ صَلاحِ النَّاسِ أَنْ يُسْتَخْلَفا عَمٌّ بِعَهْدِ ابْنِ أخٍ تَلَحَّفَا ... أَشْجَعُ مِنْ لَيْثِ عَرِينٍ أَغْضَفَا وقال رؤبة أيضاً إنَّ لِعَبْدِ اللهِ عِنْدِي أثَرا ... وَنِعماً جَزاؤُها أَنْ تُشْكَرَا أَبْهَى الرِّجالِ مَنْظراً ومَخْبَرَا ... قَدَّمَهُ اللهُ فَما تَأَخَّرا حدثني الحارث بن أبي أسامة قال حدثنا يحيى بن زكريا مولى علي بن عبد الله قال لما قتل عبد الله بن علي من بني أمية قال عبد الله ابن عمر بن عبد الله بن علي الْعَبَلي وَاْلعَبَلات من بني شمس تَقُولُ أُمامَةُ لَمَّا رَأَتْ ... شُخوصِي عَنِ المَنْزِلِ المُنْفَسِ وَقِلَّةَ نَوْمِي عَلَى مَضْجَعِي ... لَدَى هَجْعَةِ اْلأَعْيُنِ النُّعَّسِ فقال فيها أَفاضَ المَدامِعَ قَتْلَى كُدا ... وَقَتْلَى بِكُثْوَةَ لمْ تُرْمَسِ

وَقَتْلىَ بِوَجٍّ وَباِللاَّبَتَيْ ... نِ مِنْ يَثْرِبٍ خَيْرِ ما أَنْفُسِ وَباِلزَّابِيَيْنِ نُفُوسٌ ثَوَتْ ... وَقَتْلىَ بِنَهْرِ أبِي فُطْرُسِ أَولِئكَ قَوْمٌ أَناخَتْ بِهِمْ ... نَوائِبُ مِنْ زَمَنٍ مُتْعِسِ فَزَلَّتْ حَياتِي لِمَنْ رَامَها ... وَأَنْزَلتِ الرَّغْمَ بِالِمْعَطِس فبلغ قوله هذا عبد الله بن علي، فقال عبد الله بن علي: شَفَى النَّفْسَ لَوْ أَنَّها تَشْتَفِي ... دِماءٌ بِنَهْرِ أبِي فُطْرُسِ وَقَتْلَى كُدًي حِينَ أَرْدَيْتُهُمْ ... بِكُثْوَةَ وَالَوْاضِحِ اْلأَمْلَسِ وَقَتْلَى بِوَجٍّ مِنَ الظَّالمِيِنَ ... إلىَ النَّارِ مارَتْ وَلَم تُرْمَسِ فَمَنْ كانَ قَتْلَهُمُ ساخِطاً ... يَعَضُّ مِنَ الرَّغْمِ بِالْمْعطَسِ حدثنا أبو الحسن مشيح بن حاتم العكلي، قال حدثنا يعقوب ابن جعفر بن سليمان الهاشمي، قال لما كتب جدي سليمان بن علي وسائر إخوته الأمان لأخيهم عبد الله بن علي على المنصور، قال لهم هذا الأمان لازم إذا وقعت عيني عليه، فلما أدخل داره عدل به ولم يره المنصور، فحبس فكتب من الحبس إلى إخوته: هذه حيلة

شعر

جرت على بكم ومنكم فاحتالوا لي فيها، قال وأنشدني من شعره في حبسه ذلك: نَقَضَ الْعَهْدَ خائِسٌ بِالأمانِ ... مُسْتَحِلٌّ مَحارِمَ الرَّحْمنِ سَلَبَتْنا الْوَفاءَ وَالْحِلْمَ طَوْعاً ... فَاعْتَلْينا بِهِ بَنُو مَرْوانِ لَيْتَنِي كُنْتُ فِيِهمُ حَسَبَ الْعيْ ... شِ طَلِيقاً أَجُرُّ حَبْل اْلأَمانِي كُلُّ عَتْبٍ تُعيِرُنيِه اللَّيالِي ... فَبِسَيْفِي جَنَيْتُهُ وَلسِاني حدثنا محمد بن الفضل قال حدثنا عمرو بن شبة قال حدثني محمد ابن يحيى قال حدثني عبد الله بن يحيى بن علي عن عبد الله بن الحسين ابن الفرات قال رحت عشية من قرية بطريق مكة مع عبد الله وحسن ابني حسن بن حسن فضمنا المسير وداود وعيسى وعبد لله ابن علي بن عباس قال فسار عبد الله وعيسى ابنا علي أمام القوم فقال داود لعبد الله بن حسن لم لا يظهر محمد أبو ذاك قبل ملك بني العباس؟ فقال عبد الله لم يأت الوقت الذي يظهر فيه محمد بعد، ولسنا بالذين نظهر عليهم، وليقتلنهم الذين يظهر عليهم قتلا ذريعاً، قال فسمع عبد الله بن علي الحديث، فالتفت إلى عبد الله بن حسن، فقال يا أبا محمد: سَيَكْفِيكَ الجُعالَةَ مُسْتَمِيتٌ ... خَفِيفُ الحَاِذ مِنْ فِتْيانِ جَرْمِ

أبي موسى عيسى بن موسى

أنا والله الذي أظهر عليهم وأقتلهم وأنتزع ملكهم، وولد عبد الله بن علي في آخر ذي الحجة سنة اثنتين ومائة، وتوفي سنة تسع وأربعين ومائة. شِعْرُ أبِي مُوسَى عِيسى بْنِ مُوسى بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِّيِ بن عَبْدِ اللهِ وَطُرَفُ أَخْبارِهِ حدثني مشيح بن حاتم العكلي قال حدثنا يعقوب بن جعفر بن سليمان قال ذكر عيسى بن موسى بين يدي أبي جعفر بن سليمان فقال ذاك شيخ الدولة وسيد الأهل، وكان أبوه موسى بن محمد غزا مع أبيه محمد في غزاة ذي الشامة المعيطي، فتوفي فقدم محمد ذا الشامة ليصلي عليه فأبى وقال أنت أحق بذلك، فقدمه فصلى عليه وبقي ذو الشامة على قبره حتى دفن، وكان يجيء إلى أبيه وهو مريض فيسأله عنه، فشكر ذلك السفاح وسائر ولد أبيه، فلم ينالوا لما جاءت دولتهم معيطياً بمكروه. ويروى أنه دست إلى عيسى بن موسى شربة لما امتنع من البيعة للمهدي فأفلت منها بعد أن تناثر شعره، فقال في ذلك يحيى بن زياد ابن أبي جرية البرجمي: أَفْلَتَ مِنْ شَرْبَةِ الطَّبِيبِ كَما ... أَفْلَتَ ظَبْيُ الصَّرِيمِ مِنْ قُتَرِهْ

مِن قابِضِ يَقْبِضُ الْعَريِضَ إذا ... رُكَّبَ سَهْمُ الحُتوفِ فِي وَتَرِهْ دافَعَ عَنْهُ الْعَظيِمُ قُدْرَتُهُ ... صَوْلَةَ لَيْثٍ يَزِيدُ فِي خُمُرِهْ حَتَّى أَتانا وَنارُ شَرْبَتِهِ ... تُعْرَفُ فِي سَمْعِهِ وَفِي بَصَرِهْ أَزْعَرُ قَدْ طارَ عَنْ مَفارِقِهِ ... وَحْفٌ أَثِيتُ النَّباتِ مِنْ شَعَرِهْ حدثني الغلابي قال حدثنا محمد بن عبد الرحمن قال دخل أو نخيلة على المنصور فأنشده أرجوزة منها: قُلْ لِلأَميِر الْواحِدِ المُوَحِّدِ ... إنَّ الذَّي وَلاَّكَ رَبُّ الَمسجِدِ خِلافَةً تَبْلُغُ أَقْصَى الْمُسْنَدِ ... فِيكُمْ عَلَى رَغْمِ أُنوفِ الحُسَّدِ لَيْسَ وَلِيُّ عَهْدِها بِاْلأَرْشَدِ ... وَهْيَ عَلَى جَوْزٍ وَبُعْدِ مَقْصِدِ مَهِّدْلهَا قَصْدَ السَّبِيلِ تَهْتَدِي ... عِيسَى فَرَحِّلْها إلىَ مُحَمَّدِ حَتَّى تَكُونَ مِنْ يَدٍ إلىَ يَدِ ... فَقَدْ رَضِينا بِالُهمَامِ اْلأَمْرَدِ وَقَدْ عَقَدْنا غَيْرَ أَنْ لَمْ نَشْهَدِ ... وَغَيْرَ أَنَّ اْلعَقْدَ لَمْ يُؤَكَّدِ فوصله المنصور وكتب له بمال إلى الري فخرج وأخذه حدثنا جبلة بن محمد بن جبلة الكوفي قال حدثني أبي عن محمد ابن قيس الأشعثي، قال لما قال أبو نخيلة ما قال: ليس ولي عهدها بالأرشد؛

قال عيسى بن موسى وما يدري العبد، فوالله ما أتيت غياً قط! ثم قال يعرض بالمنصور: وَما آمِر بِالسُّوءِ إلاَّ كَفاعِلٍ ... وَما سامِعٌ إلاَّ كَآخَرَ قائِل ثم أمر بأبي نخيلة من رمى به في بئر، فتظلم أهله إلى المنصور فقال ما أعرف حقيقة دعواكم، ولو عرفتها ما كنت مقيداً شيخ بني هاشم بعبد بني حيان، فيئسوا وانصرفوا، وكان عيسى بن موسى إذا حج حج معه قوم يتعرضون لمعروفه وصدقاته وصلاته، وكان جواداً تقياً، فقال أبو الشدائد الفزاري: عِصابَةٌ إنْ حَجَّ عِيسَى حَجُّوا ... وَإنْ أقامَ بِالْعِراقِ دَجُّوا قَدْ نالَهُمْ نائلُهُ فَلَجُّوا ... وَالَقْوَمُ عِنْديِ حَجُّهُمْ مُعْوَجُّ ما هَكَذا كانَ يَكُونُ الحَجُّ فقيل له يا أبا الشدائد أتهجو الحاج؟ فقال: إنِّي وَرَبِّ الْكَعْبَةِ المَبِنْيَّهْ ... وَاللهِ ما هَجَوْتُ مِنْ ذِي نِيَّهْ وَلا امْرءً ذا رِعَةِ تَقَّيِهْ ... لَكنِنَّيِ أُبْقِى عَلَى الْبَقَّيهْ مِنْ عُصْبَةٍ أَغْلَوْا عَلَى الرَّعِيَّهْ ... أَسْعارَ ذِي مَشْرًى وَذيِ عَطَّيهْ

حدثنا المغيرة بن محمد المهلبي قال حدثنا محمد بن عبد الله العتبي قال حدثنا أبي قال سمعت محمد بن عبد الله بن حسن بن حسن يخطب الناس بالمدينة، فقرأ في خطبته طسم تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ المُبيِنِ إلى قوله وَنُرِىَ فْرعَوْن وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ مَّا كانُوا يَحْذَرُونَ ويومئ إلى ناحية المنصور، قال وإذا صوت من ناحية يسمع ولا يرى قائله: أَتَتْكَ الرَّواحِلُ وَالْملجَما ... تُ بِعِيسَى بْنِ مُوسَى فَلاَ تَعْجَلِ قلت أنا وهذا الشعر لابن هرمة ومنه: وَقَالَ لِيَ النَّاسُ إنَّ الَحياءَ ... أَتاكَ مَعَ المَلِكِ المُقْبِلِْ فَدُونَكَها يَا ابْن ساقِي الحَجيِجِ ... فَإِّني بِها عَنْكَ لَمْ أَبْخَلِ لِقَوْلِ الْوَصِّى وَأَنْتَ ابْنُهُ ... وَصُّى نَبِيِّ الهُدَى الْمُرْسَلِ وولى داود بن عيسى المدينة ومكة، فأقام بمكة فكتب إليه يحيى بن مسكين: ألاَ قُلْ لِداوَدَ ذِي المَكْرما ... تِ وَالْعَدْلِ فِي بَلَدِ المْصَطَفى أَقَمْتَ بِمَكَّةَ مُسْتَوْطِناً ... فهَاجِرْ كَهْجَرةِ مَنْ قَدْ مَضَى وأما موسى بن عيسى فيكنى أبا عيسى فأخذ ولد أبيه وأمه إبراهيم ابن محمد الإمام وولي المدينة الرشيد والكوفة وسوادها للمهدي

وموسى والرشيد وولى المدينة للرشيد وأرمينية ومصر. وكان ابنه أحمد بن موسى بن عيسى بن موسى سيداً وولي اليمامة للرشيد. حدثنا محمد بن زكريا قال حدثنا عبد الله بن الضحاك قال حدثنا الهيثم، قال لما ألح المنصور على عيسى بن موسى بن محمد أن يخلع نفسه من الخلافة، ويقدم المهدي عليه ويكون بعده قال عيسى بن موسى: خُيِّرْتُ أَمْريْنِ ضِاعَ الحَزْمُ بَيْنَهُما ... إمَّا صَغارٌ وَإمَّا فْتِنَةٌ عَمَمُ وَقَدْ هَمَمْتُ مِراراً أَنْ أُساقَبِهُمْ ... كَأْسَ المَنِيَّةِ لَوْلا اللهُ والَرَّحِمُ وَلَوْ فَعَلْتُ لَزالَتْ عَنْهُمُ نِعَمٌ ... بِكُفْرِ أَمْثالهِا تُسْتَنْزَلُ النِّقَمُ حدثنا عمرو بن تركي قال حدثنا القحذمي قال أنشد أبو نخيلة المنصور: دُونَكَ عَبْدَ اللهِ أَهْلَ ذاكا ... خِلافَةَ اللهِ التَّيِ أَعْطاكا بِها حَباكَ وَبِها أَصْطَفاكا ... فَقَدْ تَنَظَّرْنا لهَا أَباكا ثُمَّ انْتَظَرْناكَ لهَا إيَّاكا ... فَنَحْنُ نَسْتَذْرِى إلىَ ذُراكا ارمِ إلىَ مُحَمَّدٍ عَصاكا ... وَاضْرِبْ بِمَنْ وَالاكَ مَنْ عاداكا فَابْنُكَ مَا اسَتْرعَيْتَهُ كَفاكا ... أَيُشْبِهُ اْلأَبْعَدُ منْ داناكا

ما تَسْتَوِي فِي فَضْلهِا يَداكا ... وَإنَّما تَخُطُّ فِي هَواكا فَجَرِّدِ الرَّأْيَ لِمَنْ عَراكا ... ثُمَّ اعْصُبِ اْلأَقْربَ مِنْ رَضاكا فَما يُرِيدُ النَّاسُ غَيْرَ ذاكا وجعل المنصور يضحك وأبو نخيلة ينشده، فأمر له بمائة ألف درهم كتب له بها إلى الري، فقال له عقال بن شبة: أما أنت فقد سررت أمير المؤمنين، فإن تم ما أردت لتغتبطن، وإلا فاطلب في الأرض، فقال له أبو نخيلة. كَيْفَ التَّخَلُّصُ مِنْ شَبا أَنْيابِها ... عَلِقَتْ مَعالِقُها وَصَرَّ الجْنُدْبُ فلما أقبل من الري وجه إليه عيسى بن موسى ببعض مواليه فقتلوه وسلخوا وجهه حتى لا يعرف، وقالوا له هذا أوان صر الجندب، فقال لقد كان جندياً على مشئوماً، وهرب غلمان أبي نخيلة بالمال. ومن شعر عيسى بن موسى وَحَدْباءَ لَوْ أَطْلَقْتُها منْ عِقالهِاتَضايَقَ عَنْهَا اْلأُفْقُ وَاْلأُفْقُ واسِعُ وَلكِننَّيِ يَعْتادُنِي مِن حَمِيَّتِي ... حِذارَ شَبابٍ تَمْتَطِيِه الْوَقائِعُ وَخَوْفِي أَحْداثاً مَتَى ما أُنَلْ بِهاأَقِفْ مَوْقِفَ الْحْيِرانَ والنَّقْعُ ساطِعُ

فَأَبْقِ عَلَى ما بَيْنَنا مِنْ قَرابَةٍ ... وَراجِعْ فَخَيْرُ المذْنِبينَ المُراجِعُ فَإنَّكَ إنْ وَلَّيْتَ ذِمَّةَ بَيْنِنا ... خِلافاً تَوَلَّتْكَ السُّيُوفُ الْقَواطِعُ حدثنا القاضي عمرو بن تركي قال حدثنا القحذمي قال كتب عيسى بن موسى إلى المنصور حين ألح عليه في البيعة للمهدي كتاباً غليظاً جواباً لكتاب المنصور إليه: فهمت كتاب أمير المؤمنين، المزيل عنه نعم الله، والمعرضه لسخطه بما قرب فيه من القطيعة ونقض الميثاق، أوجب ما كان الشكر لله عليه، وألزم ما كان الوفاء له، فأعقب سبوغ النعم كفراً وأتبع الوفاء بالحق غدراً، وأمن الله أن يجعل ما مد من بسطته إحساناً، وتمكينه إياه استدراجاً، وكفى الله من الظالم منتصراً، والمظلوم ناصراً، ولا قوة إلا بالله، وهو حسبي وإليه المصير. ولقد انتهت أمور يا أمير المؤمنين لو قعدت عنك فيها فضلاً عن ترك معونتك عليها لقام بك القاعد، ولطال عليك القصير، ولقد كنت واجداً فيها بغيتي، وآمناً معها نكث بيعتي، فلزمت لك طريقة الوفاء إلى أن أوردتك شريعة الرخاء، وما أنا بآيس من انتقام الله ورفع حلمه وكتب بعد ذلك: بَدَتْ لِي أَماراتٌ مِنَ الْغَدْرِ سُمْتُها ... أَظُنُّ وَإيَّاها سَتُمْطِركُمُْ دَما وَما يَعْلَمُ الْعالِي مَتَى هَبَطاتُهُ ... وَإنْ سارَ فِي رِيحِ الْغُرورِ مُسَلَّما

أَتْهضْمِنُي حَقّاً تَراهُ مُؤَخِّراً ... لِحُكْمِ إلِهي حِينَ صِرْتَ مُقَدَّما سَنَنْتَ انْتقاضَ الْعَهْدِ فاصْبِرْ لِمْثِلِهبِنَقْضِكَ مِنْ عَهْدِي الذَّي كانَ أُبْرِما حدثنا عمرو بن تركي القاضي قال حدثنا القحذمي، قال كتب عيسى بن موسى إلى المنصور حين ألح عليه في الخلع، وطرح عليه من أهل خراسان من هدده بالقتل: لو سامني غيرك ما سمتني، لاستنصرتك عليه، ولا ستشفعت بك إليه، حتى تقر الحرم مقره، وتنزل الوفاء منزلته، ونحن أول دولة يستن بعملنا فيها، وينظر إلى ما اخترناه منها. وقد استعنت بك على قوم لا يعرفون الحق معرفتك ولا يلحظون العواقب لحظك، فكن لي عليهم نصيراً، ومنهم مجيراً، يجزك الله خير جزائك عن صلة الرحم، وقطع الظلم إن شاء الله فأجابه المنصور لولا أنك تسام النزول عن حق لك، وواجب في يديك لزال الضرع إليك، والتحمل عليك. ولولا أني أخاف أن تسبق أيدي هذه العصبية من أهل الدولة إليك، لما كلفتك شاقاً ولا حملتك مكروهاً، ولكني عندك بالنصح لك والإشفاق عليك في جنبة من لا يرضى منك إلا بإرادته، ولا يستمهل أيامك لسرعته، وما الذي أسمو بك إليه بدون الذي يستنزلونك عنه، والله يوفقك ويحسن الاختيار لك.

فلما قرأ عيسى كتابه قال: فَرَرْتُ إِلَيْكَ مِنْ مِحَنِ اللَّيالِي ... فَسَلَّطْتَ الخُطوبَ بِما شَجاني فَكُنْتُ كَمَنْ شَكا رَمْضاءَ حَرٍّ ... تَلَذَّعَ بِالتَّيِ تَحْتَ الدُّخانِ تَعَجَّلْ نُصْرَتِي وَتَحرَّ حَقِّي ... وَمَنْ يَرْضَى المُغَيَّبَ بِالْعِيانِ وَلَمْ يَرَ مِثْلَكَ الرَّامُونَ طِرْفاً ... يُكَلِّفُ ظالِعاً سَبْقَ الرِّهانِ إذا ما كُنْتَ للْغِاوِينَ كَهْفاً ... تُعِينُهُمُ فَلَلْتَ شَبا لِسانِي وَلَوْ أَنِّي تُطاوِعُنِي أَناتِي ... وَتُسْعدُنِي عَلَى رَفْضِ الْهَوانِ لَما عَطَفَ الزَّمانُ عَلَيْكَ وُدِّى ... وَلَمْ أَلْجأْ إِليْكَ مِنَ الزَّمانِ مَحَوْتَ بما أَتَيْتَ تُبوتَ حَقِّي ... وَما تَمْحُو سِوىَ آيِ الْقُرانِ وَلَوْ طاوَعْتُ فِيكَ مَقالَ غَاوٍ ... لَنِلْتَ مَطَالِعَ النَّجْمِ الْيَمانِي وَأَسلَمْتَ الْخِطابَ إلىَ بَلِيدٍ ... يُجادِلُ عَنْكَ مُنْقَطِعِ الْبَيانِ وَلكِنِّي صَبَرْتُ النَّفْسَ أَرْجُو ... دُنُوًّا مِنْ بَعِيدٍ غَيْرِ دانِ يَكُونُ مَنِ اسْتَجارَكَ مِنْ مُلِمٍّ ... كَمحْوَلٍّ عَلَى طَرَفِ اللَّسانِ يَبِيتُ مُقَلْقَلاً يَطْوِي حَشاهُ ... عَلَى هِمَمٍ بَعُدْنَ مِنْ الأْمانِي

سَتُبْعدُ بَيْنَ أَهْلَك غَيْرَ شَكٍّ ... كَما بَعَدَ الْوِهادُ مِنَ الرِّعانِ حدثنا جبلة بن محمد بن جبلة الكوفي قال حدثنا أبي، قال كان عيسى بن موسى أصدق الناس لأبي مسلم على المنصور قال عيسى بن موسى: أَبا مُسْلمٍ إنْ كُنْتَ عاصِيَ أَمْرِنا ... وَباغَيِنا سُوءً فَلَسْتَ بُمْسِلمِ سَيُفْنِيكَ ما أَفْنَى اْلقُرونَ التَّيِ خَلَتْوَما حَلَّ فِي أَكْنافِ عادٍ وَجُرْهُمِ وما كانَ أَنْأَيِ مِنْكَ عِزّاً وَمَفْخَراًوَأَنْهَضَ بالْجَيْش الْهُمامِ الْعَرَمْرَم ِ فبلغ الشعر أبا مسلم فلما قدم عاتب عليه عيسى بن موسى فجحده وقال لقد نسبه قائله إلى. حدثنا الحسين بن إسحاق قال حدثنا أحمد بن الحارث قال لما استوت الخلافة للمهدي قال لعيسى بن موسى قبل أن يتم له سنة إنك أجبت عمك على تقديمي، وأنا أحب أن أخرجك عن هذا الأمر وأجعله لابني، فإن عصيتني استحققت ما يستحقه العاصي القاطع وإن أطعتني فما تبلغ منيتك ما أنويه لك، قال ما تحب وخلع نفسه فأمر له المهدي بعشرين ألف ألف درهم وأقطعه قطائع كثيرة، وأقطع ولده.

حدثنا الحسين بن فهم قال حدثنا محمد بن إسحق النفري قال حدثنا صالح بن إسحق قال كان عيسى بن موسى من أجل بني هاشم عقلا، امتنع من أن يخلع نفسه جهده ثم رأى الخلع حزماً بادر إليه، وله في ذلك كلام مأثور وأشعار حسان وأنشد له: أَشْكوُ إلىَ مَنْ يَعْلَمُ الشَّكْوَى ... وَيَسْمَعُ اْلأَسْرارَ وَالنَّجْوَى وَمَنْ بِهِ آمُل دَفْعَ الذَّي ... كُنْتُ لهُ مِنْ قَبْلِ أنْ أَهْوَى صارَ إلَى ما كُنْتُ أَرْثي لَهُ ... وَأَرْتَجِيِه أَعْظمَ الْبلْوَى يَضْرِبُنِي سَيْفِي وَيْرمِي الْعِدىَ ... نَحْرِي بِسَهْمٍ لِي ما أَشْوَى قَدْ نَقَضَ الْعَهْدَ امْرُؤٌ ما لَهُ ... مَيْلٌ إلَى الْحَقِّ وَلا دَعْوَى يَولِي يِمَيناً أَنَّهُ ناصِحٌ ... وَالنُّصْحُ مِنْهُ أَبَداً دَعْوَى حدثنا أحمد بن محمد بن إسحق قال حدثني هارون بن محمد بن إسحق بن عيسى بن موسى قال حدثني أبي علي عن إبراهيم بن موسى قال كتب أبو جعفر المنصور إلى عيسى بن موسى كتاباً يحثه فيه على خلع نفسه وتقديم المهدي عليه، فكتب إليه عيسى: بسِمْ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيِمِ وَالْمُوفُونَ بِعْهدهِمْ إذا عاهدوا والصَّابِريِن فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ وحِينَ الْبَأْسِ وقال عز وجل

وَأَوفُوا بالْعَهْد إنَّ الْعَهْد كانَ مَسْئُولاً قرأت كتاب أمير المؤمنين وتفهمته وأنعمت بالنظر إليه كما أمر وتنحرته، فوجدت أمير المؤمنين إنما يزيدني لينقصني، ويقربني ليبعدني، وما أجهل ما لي في رضاه من الحظ الجزيل، والأثر الخطير، ولكنه سامني ما تشح به الأنفس وتبذل دونه، وما لا يسمح به والد لولده ما دام له حظ فيه. وقد علم أمير المؤمنين أنه يريد هذا الأمر لابنه لا له، وهو صائر إلى ما سيصير إليه اشغل ما يكون، وأحوج إلى حسنة قدمها، وسيئة اجتنبها ولا صلة في معصية الله، ولا قطعية ما كانت في ذات الله.

بقية أخبار عيسى بن موسى

بقية أخبار عيسى بن موسى قال صاحب الأغاني: وعيسى ممن ولد ونشأ بالحميمة من أرض الشام، وكان من فحول أهله. وشجعانهم وذوي النجدة والرأي والبأس والسؤدد منهم، وقبل أن أذكر أخباره فإني أبدأ بالرواية في أن الشعر له إذ كان الشعر ليس من شأنه، ولعل منكراً أن ينكر ذلك إذا قرأه. أخبرني حبيب بن نصر المهلبي وعمي قالا حدثنا عبد الله بن أبي سعد، ورأيت هذا الخبر بعد ذلك في بعض كتب ابن أبي سعد فقابلت به ما روياه فوجدته موافقا. قال ابن أبي سعد حدثني علي بن الصباح، قال حدثني أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن عيسى بن موسى، قال لما خلع أبو جعفر عيسى ابن موسى وبويع للمهدي قال عيسى بن موسى: خُيِّرْتُ أَمْرَينِ ضاعَ الحَزْمُ بَيْنَهمُا ... إمَّا صَغارٌ وَإمَّا فِتْنَةٌ عَمَمُ وَقَدْ هَمَمْتُ مِراراً أَنْ أُساقِيَهُمْ ... كَأْسَ الْمَنَّيِة لَوْلا الله وَالَّرحِمُ

وَلَوْ فَعَلْتُ لَزاَلتْ عَنْهُمُ نِعَمٌ ... بِكُفْرِ أَمْثالها تُسْتَنْزَلُ النَّقَمُ على هذه الرواية في الشعر روى من ذكرت؛ وعلى ما صدر من الخلاف في الألفاظ يُغَنَّي. أنشدني طاهر بن عبد الله الهاشمي، قال أنشدني بريهة المنصوري هذه الأبيات، وحكى أن ناقداً خادم عيسى كان واقفاً بين يديه ليلة أتاه خبر المنصور، ومادره عليه من الخلع، قال فجعل يتململ على فراشه ويهمهم ثم جلس فأنشد هذه الأبيات؛ فعلمت أنه كان يهمهم بها وسألت الله أن يلهمه العزاء والصبر على ما جرى شفقة عليه. قال ابن أبي سعد في الخبر الذي قدمت ذكره عنهم. وحدثني محمد بن يوسف الهاشمي، قال حدثني عبد الله بن عبد الرحيم قال حدثني كلثم بنت عيسى قالت قال موسى بن محمد ابن علي بن عبد الله بن العباس رأيت كأني دخلت بستانا، فلم آخذ منه إلا عنقوداً واحداً من الحب المتراصف ما الله به عليم، فولد لي عيسى بن موسى ثم ولد لعيسى من قد رأيت: قال ابن أبي سعد في خبره هذا: وحدثني علي بن سليمان الهاشمي قال حدثني عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن مالك مولى عيسى قال حدثني أبي قال كنا مع عيسى لما سكن الحيرة وأرسل إلى ليلة من الليالي فأخرجني من

أخبار أبي العبر ونسبه

منزلي، فجئت إليه فإذا هو جالس على كرسي، فقال لي يا عبد الرحمن لقد سمعت الليلة في داري شيئاَ ما دخل سمعي قط إلا ليلة بالحميمة والليلة، فانظر ما هو، فدخلت استقرى الصوت فوجدته في المطبخ، فإذا الطباخون قد اجتمعوا وعندهم رجل من الحيرة يغنيهم بالعود، فكسرت العود وأخرجت الرجل وعدت إليه فأخبرته فحلف لي أنه ما سمعه قط إلا تلك الليلة بالحميمة وليلته هذه. أخبار أبي العبر ونسبه هو أبو العباس بن محمد بن أحمد ويلقب حمدونا الحامض بن عبد الله بن عبد الصمد بن علي بن عبد الله بن العباس المستوى في أول عمره منذ أيام الأمين، وهو غلام إلى أن ولي المتوكل الخلافة، فترك الجد وعدل إلى الحمق والشهرة به، وقد نيف على الخمسين، ورأى أن شعره مع توسطه لا ينفق مع مشاهدته أبا تمام والبحتري وأبا السمط بن أبي حفصة، ونظراءهم. حدثني عمي عبد العزيز بن حمدون قال سمعت الحامض يذكر أن أبنه أبا العبر ولد بعد خمس سنين خلت من خلافة الرشيد، قال وعمر إلى الخلافة المتوكل، وكسب بالحمق أضعاف ما كسبه كل شاعر كان في عصره بالجد ونفق نفاقاً عظيماً، وكسب في أيام المتوكل مالاً جليلاً،

وله فيه أشعار حميدة يمدحه بها، ويصف قصره وبرج الحمام والبركة، كثيرة المحال، مفرطة السقوط، لا معنى لذكرها، سيما وقد شهرت في الناس. وحدثني محمد بن الأزهر، قال حدثني الزبير بن بكار، قال قال عمي ألا يأنف الخليفة لابن عمه هذا الجاهل مما قد شهر به، وفضح عشيرته، والله إنه لعر بني آدم جميعاً، فضلاً عن أهله والأدنين أفلا يردعه ويمنعه من سوء إختياره؟ فقلت إنه ليس بجاهل كما تعتقد، وإنما يتجاهل، وإن له لأدباً صالحاً، وشعراً طيباً، ثم أنشدته له لا أَقُولُ اللهُ يَظْلِمُنِي ... كَيْفَ أَشْكو غَيْرَ مُتَّهَمِ وَإذا مالدَهْرُ ضَعْضَعَنِي ... لَمْ تِجدْنِي كافِرَ النِّعَمِ قَنَعَتْ نَفْسِي بِما رزُقِتْ ... وَتَناهَتْ فِي الْعُلا هِمَمِي لَيْس لِي مالٌ سِوَى كَرِمِي ... وَبِهِ أَمْنِي مِنَ الْعَدَمِ فقال لي ويحك، فلم لا يلزم هذا وشبهه؟ فقلت له والله يا عم لو رأيت ما يصل إليه بهذه الحماقات لعذرته، فإن ما استملحت له

لم ينفق، فقال عمي وقد غضب أنا لا أعذره في هذا ولو حاز به الدنيا بأسرها، لا عذرني الله إن عذرته إذن. وحدثني مدرك بن محمد الشيباني قال حدثني أبو العميس الصميري قال قلت لأبي العبر ونحن في دار المتوكل، ويحك إيش يحملك على هذا السخف الذي قد ملأت به الأرض خطباً وشعراً وأنت أديب ظريف مليح الشعر؟ فقال يا كشخان أتريد أن أكسد أنا وتنفق أنت؟ وأيضاً أتتكلم؟ تركت العلم وصنعت في الرقاعة نيفاً وثلاثين كتاباً؟ أحب أن تخبرني لو نفق العقل أكنت تقدم على البحتري، وقد قال في الخليفة بالأمس: عَنْ أَيِّ ثَغْرٍ تَبْتَسُم ... وَبِأَيَّ طَرْفٍ تَحْتَكِمْ فلما خرجت أنت عليه وقلت: فِي أَيِّ سَلْحٍ تَرْتطَمْ ... وَبِأَيِّ كَفٍّ تَلْتَطِمْ أَدْخَلْتُ رَأْسَكَ فِي الرَّحِمْ ... وَعَلِمْتُ أَنَّكَ تَنْهَزِمْ فأعطيت الجائزة وحرم، وقربت وأبعد. في حر أمك وحر أم كل عاقل معك. فتركته وانصرفت. قال مدرك: ثم قال لي أبو العبر قد بلغني أنك تقول الشعر فإن قدرت أن تقول جيداً جيداً، وإلا فليكن بارداً بارداً مثل شعر

أبي العبر، وإياك والفاتر فإنه صفع كله. حدثني جعفر بن محمد بن قدامة، قال حدثني أبو العيناء قال أنشدت أبا العبر ما الْحُبُّ إلاَّ قُبْلَةٌ ... وَغَمْزُ كَفٍّ وَعَضُدْ أَوْ كُتُبٌ فِيها رُقًى ... أَنْفَذُ مِنْ نَفْثِ الْعُقَدْ مَنْ لَمْ يَكُنْ ذا حُبُّهُ ... فَإنَّما يَبْغِي الْوَلَدْ ما الحُبُّ إلاَّ هَكَذا ... إنْ نُكِحَ الْحبُّ فَسَدْ فقال لي كذب المأبون وأكل من خراى رطلين وربعا بالميزان فقد أخطأ وأساء ألا قال كما قلت باضَ الْحُبُّ فِي قَلْبِي ... فَواَوْيلِى إذا فَرَّخْ وَما يَنْفَعُنِي حُبِّي ... إذا لَمْ أَكْنُسِ الْبَرْبَخْ وَإنْ لَمْ يَطْرَح اْلأَصْلَعُ خُرْجَيِهْ عَلَى الْمَطْبَخْ ثم قال كيف ترى؟ قلت عجباً من العجب قال ظننت أنك تقول لا فأبل يدي وأرفعها ثم سكت فبادرت وانصرفت خوفاً من شره. حدثني عبد العزيز بن أحمد عم أبي قال كان أبو العبر يجلس بسر من رأى في مجلس يجتمع عليه فيه المجان يكتبون عنه، فكان

يجلس على سلم وبين بلاغة فيها ماء وحمأة وقد سد مجراها وبين يديه قصبة طويلة وعلى رأسه خف وفي رجليه قلنسيتان ومستمليه في جوف بئر وحوله ثلاثة نفر يدقون بالهواوين، حتى تكثر الجلبة ويقل السماع ويصيح مستمليه من جوف البئر من يكتب عذبك الله، ثم يملي عليهم، فإن ضحك أحد ممن حضر قاموا فصبوا على رأسه من ماء البلاغة إن كان وضيعاً، وإن كان ذا مروءة رشش عليه بالقصبة من مائها، ثم يحبس في الكنيف إلى أن ينفض المجلس ولا يخرج منه حتى يغرم درهمين. قال وكانت كنيته أبا العباس فصيرها أبا العبر ثم كان يزيد فيها في كل سنة حرفاً حتى مات، وهي أبو العبر طرد طيل طليرى بك بك بك. حدثني جحظة قال رأيت أبا العبر بسر من رأى وكان أبوه شيخاً صالحاً، وكان لا يكلمه، فقال له بعض إخوانه لم هجرت ابنك؟ قال فضحني كما تعلمون بما يفعله بنفسه، ثم لا يرضى بذلك حتى يهجنني ويؤذيني ويضحك الناس مني، فقالوا له أي شيء من ذاك وبماذا هجنك؟ قال اجتاز على منذ أيام ومعه سلم فقلت له ولاى شيء هذا معك؟ فقال لا أقول لك فأخجلني وأضحك بي كل من كان عندي،

فلما أن كان بعد أيام اجتاز بي ومعه سمكة، فقلت له أيش تعمل بهذه؟ فقال انيكها فحلفت لا أكلمه أبداً. أخبرني عمي عبد الله قال سمعت رجلاً سأل أبا العبر عن هذه المحالات التي يتكلم بها أي شيء أصلها قال أبكر فأجلس على الجسر ومعي دواة ودرج فأكتب كل شيء أسمعه من كلام الذاهب والجائي والملاحين والمكارين حتى أملأ الدرج من الوجهين، ثم أقطعه عرضاً وألصقه مخالفاً فيجيء منه كلام ليس في الدنيا أحمق منه. أخبرني عمي قال رأيت أبا العبر واقفاً على بعض آجام سر من رأى وبيده اليسرى قوس جلاهق، وعلى يديه اليمنى باشق، وعلى رأسه قطعة رئة في حبل مشدود بأنشوطة وهو عريان في ايره شعر مفتول مشدود فيه شص قد ألقاه في الماء للسمك، وعلى شفته دوشاب ملطخ، فقلت له خرب بيتك إيش هذا العمل؟ فقال اصطاد يا كشخان يا أحمق بجميع جوارحي؛ إذا مر بي طائر رميته عن القوس، وإن سقط قريباً مني أرسلت إليه الباشق، والرئة التي على رأسي يجيء الحد ليأخذها فيقع في الوهق، والدوشاب أصطاد به الذباب، وأجعله في الشص فيطلبه السمك ويقع فيه والشص في ايري فإذا مرت السمكة أحسست بها فأخرجتها. قال وكان المتوكل يرمي به في المنجنيق إلى الماء وعليه قميص

حرير فأذا علا في الهواء صاح الطريق الطريق، ثم يقع في الماء فتخرجه السباح. قال وكان المتوكل يجلسه على الزلاقة فينحدر فيها حتى يقع في البركة ثم يطرح الشبكة فيخرجه كما يخرج السمك، ففي ذلك يقول في بعض حمقاته. ويأمر بي الملك ... فيطرحني في البرك ويصطادني بالشبك ... كأني من السمك وحدثني جعفر بن قدامة قال قدم أبو العبر بغداد في أيام المستعين وجلس للناس فبعث إسحق بن إبراهيم فأخذه وحبسه فصاح في الحبس لي نصيحة فأخرج ودعا به إسحق فقال هات نصيحتك قال على أن تؤمنني قال نعم، فقال الكشكية لا تطيب إلا بالكشك. فضحك إسحق وقال هو فيما أرى مجنون فقال لا هو امتخط حوت قال أيش هو امتخط حوت؟ ففهم ما قاله وتبسم ثم قال أظن أني فيك مأثوم، قال لا ولكنك في ماء بصل فقال أخرجوه عني إلى لعنة الله ولا يقيم ببغداد فأرده إلى الحبس، فعاد إلى سر من رأى، وله أشعار ملاح في الجد منها ما أنشدنيه الأخفش له

يخاطب غلاماً أمرد. أيها اْلأَمْرَدُ المولع بِاْلهَجرِ أَفِقْ ما كَذا سَبِيلُ الرَّشادِ فَكَأَنِّي بِحُسْنِ وَجْهِكَ قَدْ أُلبْ ... سَ فِي عارِضَيْكَ ثَوْبَ حِدادِ وَكأَنِّي بِعاشِقِيكَ وَقَدْ بُدِّ ... لَتْ فِيهْمِ مِنْ خُلْطَةٍ بِبِعادِ حِينَ تَنْبُو الْعُيونُ عَنكَ كَما يَنْ ... قَبِضُ السَّمْعُ عَنْ حَدِيثٍ مُعادِ فَاغْتَنِمْ قَبْلَ أَنْ تَصِيرَ إلىَ كا ... نَ وَتَضُحيِ في جُمْلَةِ اْلأَضدادِ أخبرني الحسن بن علي قال حدثنا محمد بن القاسم بن مهروية قال حدثني أحمد بن علي الأنباري قال كنا في مجلس يزيد بن محمد المهلبي بسر من رأي فجري ذكر أبي العبر فجعلوا يذكرون حماقاته وسقوطه فقلت ليزيد كيف كان عندك. فقد رأيته؟ فقال ما كان إلا أديبا فاضلاً ولكنه رأى الحماقة أنفق وأنفع له فتحامق، فقلت له أنشدك أبياتا له أنشدنيها فانظر لو أراد دعبل فأنه أهجى أهل زماننا أن يقول في معناها ما قدر على أن يزيد على ما قال، قال أنشدنيها فأنشدته قوله رَأَيْتُ مِنَ الْعَجائِبِ قاضِيَيْن ... هُما أَحْدوثَةٌ فِي الْخافِقَيْنِ هُما اقْتَسَما الْعَمَىِ نَصْفَيْنِ فَذًّا ... كَما اقتْسَمَا قَضاءَ الجْانِبَيْنِ هُما فَأْلُ الزَّمانِ بُهلْكِ يَحْيَى ... إذا افْتُتِحَ الْقَضاءُ بِأَعْوَرَيْنِ وَتَحْسِبُ مِنْهُما مَنْ هَزَّ رَأْساً ... لِيَنْظُرَ فِي مَوارِيث وَدَيْنِ

كَأَنَّكَ قَدْ جَعَلْتَ عَلَيْةِ دَنَا ... فَتَحْتَ بُزالَهُ مِنْ فَرْدِ عَيْنِ فجعل يضحك من قوله ويعجب منه ثم كتب الابيات. أخبرني الحسن قال حدثنا محمد بن مهرويه قال حدثني ابن أبي أحمد قال قال لي أبو العبر إذا حدثك إنسان بحديث لا تشتهي أن تسمعه فاشتغل عنه بنتف إبطك، حتى يكون هو في عمل وأنت في عمل. وقال محمد بن داود حدثني أبو عبد الله الداودي قال كان أبو العبر شديد البغض لعلي بن أبي طالب صلوات الله عليه وله في العلويين هجاء قبيح. وكان سبب ميتته أنه أخرج إلى الكوفة ليرمي بالبندق مع الرماة من أهلها في آجامهم، فسمعه بعض الكوفيين يقول في على صلوات الله عليه قولاً قبيحاً استحل به دمه فقتله في بعض الآجام وغرقه فيها. ومن شعره: إن يَكُنْ لِلْعُيونِ فِي وَجْهكَ العَيْ ... شُ فَإِنَّ الْقُلُوبَ تُكْوَى بِجَمْرِ يا قَلِيلَ النَّظِيرِ مُسْتَطْرَفَ الشَّ ... كْل بَديعَ الجْمَالِ مُغْرًى بِهْجِري كُفَّ عَنِّي الصُّدُود يا واحِدَ الحُسْ ... ن فَقَدْ عِيلَ مِنْ صُدْودكَ صَبْرِي وهو القائل إِلهي إنَّ بِي فَقْراً إِلَيْهِ ... وَأَنْتَ وَلِيُّ إشْفاقِي عَلَيْهِ

فَإِنْ لَمْ تَقْضِ لِي فِيِه بِصَبْرٍ ... يُسَلِّيِني فَدَعْنِي فِي يَدَيْهِ وحدثني أخوه ويعرف بسعوط وكان جارنا في شارع عبد الصمد لأخيه: هَوًى دَفِينٌ وَهَوًى بادِي ... اظْلمِْ فَجازِيكَ بِمِرصْادِ يا واحِدَ اْلأُّمَّةِ فِي حُسْنِهِ ... أَسْرَفْثَ فِي هَجْرِي وَإبْعادِي قَدْ كِدْتُ مِمَّا نالَ مِنِّي الْهَوَى ... أَخْفَى عَلَى أَعْيِنُ عُوَّادِي عَبْدُكَ يَحْيَى بِأَخْذِهِ قُبْلَةً ... يَجْعَلُها خاتِمَةَ الزَّادِ حدثنا أحمد بن محمد الأسدي قال حدثني أبو العبر أنه كان يهوى غلاماً فكان يتيه عليه في محبته فقال له: أَفَبِي تَتيُه وَقَدْ عَلا ... كَ الشَّعْرُ في خَدٍّ فَحَلْ وَخَرَجْتَ مِنْ حَدِّ الظِّبا ... ءِ وَصِرْتُ في حَدِّ اْلإِبِلْ

أَصْبَحْتَ تَطْلُبُ وَصْلَنا ... عُدْ لِلْعَداوَةِ بالْخَجَلْ حدثنا أحمد بن محمد قال قدم علينا أبو العبر من سر من رأى فسألته عن أخباره فقال إن محمد بن عبد الملك قد قصدني وحبس كتباً بأرزاقي فدخلت عليه فأنشدته: قُمْ فَاسْقِنِي يا مُحَمَّدْ ... مِنْ سُكَيْرٍيّ مُبَرَّدْ وَلا تُفَنِّد عَلَيْها ... فَلَيْسَ مِثْلِي يُفَنَّدْ وهذا آخر ما وجد بالأصل الشمسي المنقول عن نسخة مكتبة شهيد على بالأستانة

§1/1