أسلوب خطبة الجمعة

عبد الله الرحيلي

مقدمة البحث

[مقدمة البحث] بسم الله الرحمن الرحيم أسلوب خطبة الجمعة الدكتور عبد الله بن ضيف الله الرحيلي مقدمة البحث شرع الله الخالق سبحانه خطبة الجمعة، وجعلها جزءً أصيَلاَ من تشريعات هذا الدين. شَرعَ أن تكون هذه الخطبة على المنابر. بُنيتْ من أجلها المنابر. حَضرَ المسلمون للمسجد فلم يتخلف إِلا معذور أو محروم. أوجب الله على المسلمين الاستماع والإِنصات للخطيب. فمن قال لصاحبه: أنْصتْ فقد لغا، ولا جمعة له. ومن مَسَّ الحصى فقد لغا ولا جمعة له. وإِن شعيرة من شعائر الدين بهذه المثابة لجديرة بالنظر والدراسة والعناية من قبل المسلمين جميعاً: خطباء ومأمومين، وحكّاماً ومحكومين، رؤساء ومرءوسين. وإِذا أردنا أن نُحدّد أسلوب خطبة الجمعة، الذي ينبغي أن نراعيه وندعو إِليه غيرنا، فإِن شأننا شأن أيّ مسلم يبحث عن حكم الشرع في أي مسألة من المسائل، إذْ المتعين عليه في هذه الحال أن يتلقى الحكم على شرع خالقه ومالكه سبحانه لا عن سواه، وليس معنى هذا أن لا يستفيد المسلم في باب

الوسائل ونحوها من المصادر الأخرى إِطلاقاً، وإنما معناه أن يأتمر بأمر الشرع، وينتهي بنهي الشرِع، ويسعى فيِ تحقيق مقاصد الشرع وفْق منهج الشرع، فإن استفاد شيئاَ أو أخذ شيئاَ من المصادر الأخرى أو تركه فإِنما يفعل ذلك إتّباعاً لشرع الله عز وجلّ. وشرع الله كامل لا يعتريه النقص ولا التبديل: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: 38] والمسلم لا خيار له في هذا الاتباع والخضوع، بل هذا واجبه في الحياة. وخطبة الجمعة واحدة من شعائر الإِسلام، فعن الإسلام يجب أن يُؤخذ تحديد أسلوبها وأحكامها وحكمها. ويمكن أن يدرك المرء أهمية تحديد أسلوب خطبة الجمعة من خلال إِدراكه لأهمية خطبة الجمعة ذاتها. خطبة الجمعة الموعظة الأسبوعية في بيت من بيوت الله تعالى. خطبة الجمعة الموعظة الأسبوعية المفروضة بأمر الله تعالى. خطبة الجمعة الموعظة الأسبوعية التي بُنيت من أجلها المنابر. خطبة الجمعة الموعظة الأسبوعية التي يجتمع لها المسلمون لا يتخلف عنها أحد إِلا بعذر شرعيَّ! إن خطبة بهذه المثابة تستحق العناية والاهتمام من قبَل الإِمام الخطيب والمأموم والجهة الرسمية الراعية لهذا القطاع على حدِّ سوَاء. بل تستحق العناية من العلماء في مؤلفاتهم والدعاة في كتاباتهم.

تحديد أسلوب الخطبة

وأسلوب الخطبة يرتبط بأساليب الدعوة ومناهجها؛ لأن ما يقال في ذلك يقال في أسلوب الخطبة. والكتاب والسنّة هما مَصْدر الإِسلام اللذان يَتَجّه لهما المسلم في تلقي أحكام هذا الدين. [تحديد أسلوب الخطبة] [أين نجد تحديد أسلوب الخطبة] أين نجد تحديد أسلوب الخطبة؟ إذا كان الكتاب والسنّة هما مصدرا الإِسلام الأساسان، وفيهما كل شيء لهداية البشرية، كما قال تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: 38] فإننا ملزمون بالصدور عنهما في كل شيء. ولكنا - للأخذ عن القرآن والحديث - نحتاج إِلى أمرين لا بدّ منهما، وهما: * الوقوف على النصوص الواردة في الموضوع أو المتعلقة به. * والتدبر لتلك النصوص، وفهمها وعقْل معناها. إِذاً لا بد لنا من معرفة النص الشرعيّ فهماً صحيحاً، وهذا يستلزم أن نتبّع المنهج السديد الموصل إِلى الفهم الصحيح. فعلينا إذاً أن نتجه الآن إِلى الكتاب والسنة - تحقيقاً لهذه المعاني - لنعرف ماذا فيهما عن أسلوب الخطبة. [طريقة تحديد نصوص الكتاب والسنة في الموضوع] (طريقة تحديد نصوص الكتاب والسنة في الموضوع) للأخذ بالكتاب والسنّة في هذا الموضوع يتعين علينا أن نحدد المداخل التي عن طريقها نقف على نصوص الكتاب والسنة في هذا الموضوع، أو التي نتوصل بها إِلى تحديد النصوص الشرعية في الموضوع.

ولعل هذه المداخل تنحصر في الآتي: 1 - الوقوف على الآيات والأحاديث التي تناولت أسلوب الخطبة وأسلوب الدعوة ومنهجها تناولاً مباشراً أو وردت في موضوع الخطبة بصفة عامة. * وأدخلنا أسلوب الدعوة ومنهجها؛ لأن الخطبة فرع من فروع الدعوة، أو وسيلة من وسائلها. 2 - تتبع أساليب القرآن الكريم، واستنباط الأساليب القرآنية المؤثرة من كتاب الله، أو التعرف على الجوانب التأثيرية فيه - وكل كتاب الله مؤثر - وذلك في شتى الموضوعات، فإِن هذا جانب من جوانب هدايات القرآن الواجب علينا الاهتداء به فيها، إِنه جانب التأسي بأسلوب القرآن الكريم الذي هو أحسن الحديث. 3 - الوقوف على خطب النبي -صلى الله عليه وسلم- وأساليبه في الخطاب بصفة عامة، ودراسة سمات ذلك، واستخراج مواطن القدوة والأسوة الحسنة لنا في كلامه وفي خطبه -صلى الله عليه وسلم-، فإِن هذا من هديه -صلى الله عليه وسلم- الذي هو خير الهدْي! . 4 - الوقوف على الآيات والأحاديث الأخرى المتصلة بالموضوع، التي تبدو لا علاقة لها به بالنظرة السريعة، في حين أنها في صميم الموضوع، من نحو قوله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125] وقوله تعالى: {وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} [النور: 54] وقوله -صلى الله عليه وسلم-: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى. . .»

وقوله: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردٌ» وقوله: «الدين النصيحة. .» وقوله: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده» وغيرها من النصوص العامة التي يتعين على المسلم الالتزام بها في أحواله كلها، أو في دعوته الآخرين، ومن أحواله تلك أو دعوته الخطبةُ وأسلوبه فيها. 5 - الوقوف على الآيات والأحاديث النبوية بخصوص اللسان والكلام، ولا سيما الأحاديث التي يوجه فيها النبي -صلى الله عليه وسلم- المسلم توجيهاً مباشرا فيما يخص الكلام والخطبة. ومثل ذلك الأحاديث التي اشتملت على وصف النبي -صلى الله عليه وسلم- في خطَبه؛ إِذ هذه الأحاديث في وصفه، فيها القدوة العملية في رسول الله، كما أن تلك الأحاديث القولية المشتملة على توجيهه المباشر في هذا الموضوع أو على نقْل خُطَبِه، فيها الأسوة في قوله وخطابه - صلى الله عليه وسلم -. وأختم هذه الفقرة بملاحظة مهمة لمن يتّجه إِلى حصر الأحاديث النبوية في هذا الموضوع. ألا وهي: إِن كثيراً من أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - الواردة عنه من خُطِبه، وِإن لم يذْكر ذلك في الحديث؛ فينبغي ملاحظة هذا في أمرين: * في حصر الخطب النبوية. * في دراسة الخطب النبوية ودراسة أساليبها. ومما يستدل به على الخطب المروية بهذه الطريقة التي لا تصريح فيها بأنها من خُطَبه -صلى الله عليه وسلم- ما يلي:

الأساليب النبوية في الخطبة

* أن يُذْكر المكان والزمان فيتبين منهما أن الحديث من خطبة للرسول -صلى الله عليه وسلم-، كأن يكون: يوم عرفة، أو في عيد، أو في جمعة. . . إِلخ. * أن يقال في الحديث: صعد المنبر. * أو يقال: فنادى الصلاة جامعة. ونظرا لضيق الوقت المحدّد لهذا البحث، فسوف لا أتعرض لبحث هذه المداخل السابقة بحثاً موسّعاً، وحسبي أن أشير إِليها هنا، مع مراعاة ما يمكن مراعاته عملياً في فهم الموضوع. [الأساليب النبوية في الخطبة] [أولاَ الهدي الفعلي للنبي صلى الله عليه وسلم في الخطبة] الأساليب النبوية في الخطبة مستخرجة من الأحاديث الواردة. إِذا ما أراد المرء الهداية وأحسن الأساليب في الخطبة وفي سواها فعليه أن يطلبها في كتاب الله تعالى، ويطلبها في حديث رسول الله وسيرته. وحسبك أن خير الحديث - في حكمه تعالى - كتاب الله، وأن خير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم- وأن محمداً - صلى الله عليه وسلم - هو أفصح من نطق بالضاد، وأنه أحسن الناس خُلقاً وأجلهم حكمة، وأنه خاتم الأنبياء والمرسلين وسيد ولد آدم. وفيما يلي بيان لهديه -صلى الله عليه وسلم- في الخطبة مصنَّفا على: 1 - هديه في الفعل. 2 - هديه في القول. أولاَ: الهدي الفعلي للنبي -صلى الله عليه وسلم- في الخطبة اشتملت الأحاديث التي وقفت عليها من ذلك على ما يلي:

* كان يخطب قائما. كما في حديث جابر بن سمرة -رضي الله عنه- عند مسلم وأبي داود. وقد استدل كعب بن سمرة -رضي الله عنه- على ذلك بقوله تعالى: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} [الجمعة: 11] كما في الحديث عند مسلم والنسائي. * كان يخطب على المنبر. لما ثبت أنه -صلى الله عليه وسلم- كان له منبر يخطب عليه. * كان يخطب خطبتين يفصل بينهما بجلوس. كما في حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - عند البخاري ومسلم وغيرهما. * كان يقرأ القرآن في الخطبة ويُذكّر الناس. كما في حديث جابر بن سمرة السابق، وفي حديث جابر بن عبد الله عند مسلم وغيره: «يقرأ بآيات من القرآن ويذكّر الناس» . * كان يشير إِشارة خفيفة بيده بإِصبعه المسبّحة. كما يدل عليه حديث عمارة بن رويب -رضي الله عنه-، عند مسلم والترمذي وأبي داود والنسائي. * «كان إِذا خطب احمرّت عيناه، وعلا صوته، واشتد غضبه، حتى كأنه منذر جيش، يقول: صبّحكم ومسّاكم» كما في حديث مسلم والنسائي عن جابر بن عبد الله. وفي رواية للنسائي: «وكان إذا ذكر الساعة احمّرت وجنتاه، وعلا صوته، واشتد غضبه، كأنه نذير جيش، يقول: صبّحكم ومساكم» . * كانت صلاته -صلى الله عليه وسلم- قَصْداً؛ وخطبته قَصداً. كما في حديث جابر بن

ثانيا الهدي القولي للنبي صلى الله عليه وسلم في خطبه

سمرة -رضي الله عنه-، عند أبي داود. وله: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يطيل الموعظة يوم الجمعة، إنما هن كلمات يسيرات» . وفي حديث عمّار -رضي الله عنه-: «إني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنّة من فقْهه، فاقصروا الخطبة وأطيلوا الصلاة، وإن من البيان لسحراً» أخرجه مسلم. وفي رواية عنده وعند أبي داود عن عمار قال: «أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بإقصار الخطبة» . * وقد كان كلامه -صلى الله عليه وسلم- بصفة عامة قليلا لو عده العادّ لأحصاه. * وقد كان في بعض كلامه -صلى الله عليه وسلم- تكرار للكلام حتى يفهم عنه. [ثانياً الهدي القولي للنبي صلى الله عليه وسلم في خطبه] ثانياً: الهدي القولي للنبي -صلى الله عليه وسلم- في خطبه اشتملت الأحاديث التي وقفت عليها من ذلك على ما يلي: * قد صحّ من فعله -صلى الله عليه وسلم- أنه إِذا خطب حمد الله وأثنى عليه بما هو أهله. * كان في الخطبة يقرأ القرآن ويذكّر الناس (¬1) . * كان يحمد الله ويثني عليه بما هو أهله، ثم يقول: «من يهده الله فلا مضل له، ومن يُضلل فلا هادي له وخير الحديث كتاب الله. .» (¬2) . ثم يقول: «أنا أولى بكل مؤمن من نفسه، من ترك مالاً فلأهله، ومن ترك ديناً أو ضياعا، فإليي وعليّ» (¬3) . * كان يقول: «نحمد الله ونثني عليه بما هو أهله، من يهده الله فلا مضل ¬

(¬1) أخرجه مسلم وأبو داود. (¬2) أخرجه مسلم. (¬3) أخرجه مسلم.

استخلاص صفات الخطبة وأساليبها

له، ومن يُضلل فلا هادي له، إن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار» ثم يقول: «بُعثت أنا والساعة كهاتين. . .» (¬1) . * وكان إِذا تشهد قال: «الحمد لله، نستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يُطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فإنه لا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً» (¬2) . [استخلاص صفات الخطبة وأساليبها] [قول الشيخ عبد الرحمن بن سعدي عن هدي النبي صلى الله عليه وسلم في] الخطبة استخلاص صفات الخطبة وأساليبها أذكر فيما يلي أهم الأمور اللازم مراعاتها في إِعداد الخطبة، مستخلصة من النصوص الشرعية ومقاصدها: - يقول الشيخ عبد الرحمن بن سعدي - رحمه الله تعالى - عن هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- في الخطبة: فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب خطبَا عامة وخطباً خاصة، وخطباً راتبة في الجمع والأعياد ونحوها، وخطباً عارضة بحسب الأسباب والدواعي. وكانت خطبه كلّها دعوة إِلى الله، وإِلى صراطه المستقيم، وتوضيحاً ¬

(¬1) أخرجه مسلم والنسائي. (¬2) أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي.

أهم ما يمكن استخلاصه من النصوص الشرعية من صفات الخطبة وأساليبها

للأصول النافعة والأعمال الصالحة، وترغيباً في أصناف الخيرات والإِحسان إِلى المخلوقات، وترهيباً من الأعمال الضارة والأخلاق السيئة. وكان الغالب على خطبه الاختصار والاقتصار على ما يحصل به المقصود. ويقول: «إِن طول صلاة الرجل وقصَرَ خطبته مئنة من فقهه، فأطيلوا الصلاة واقصروا الخطبة» . وكانت مواعظه على نوعين: نوع يعظ الناس وعظاً مطلقاً ويُرغب في الخير ويرهب من الشر، ويشوّق إِلى ما أعد الله للطائعين من الكرامة، ويحذِّرهم مما أعدّ الله للعاصين من الإهانة؛ ليثير في القلوب الإيمان، والرغبة في الخير والرهبة من الشر. ونوع من وعظه يُفصِّل ما يحتاج الناس إلى تفصيله، ويوضحه لهم توضيحا. فالنوع الأول: وعظ وإيقاظ وتذكير. والنوع الثاني: تبيين وتعليم وتفصيل. وكان يراعي في وقت حال ما يحتاج الناس إِلى بيانه، لا يتكلف السجع ولا التعمق. بل جُلُّ قصده -صلى الله عليه وسلم- إِبلاغ المعاني النافعة بأوضح العبارات وأقصرها. ولقد أوتي -صلى الله عليه وسلم- جوامع الكلم. وكان يردد اللفظ أو المعنى حسب ما يحتاج المقام إِلى ترديده وهذا أولى ما يعتمده الخطيب، ولا بأس مع ذلك بمراعاة تحسين الألفاظ من غير تكلف (¬1) . [أهم ما يمكن استخلاصه من النصوص الشرعية من صفات الخطبة وأساليبها] ولعل أهم ما يمكن أن أستخلصه من النصوص الشرعية من صفات ¬

(¬1) مجموعة مؤلفات ابن سعدي، الخطب 187 - 188.

الخطبة وأساليبها ما يلي: * إِن التأسي في خطبة الجمعة برسول الله -صلى الله عليه وسلم- بنصوص الكتاب والسنة والسعي في تحقيق مقاصدهما وهدايتهما من أهم ما يلزِم الخطيب أخْذه بعين الاعتبار عند إعداده للخطبة موضوعاً وغاية وأسلوبا. * الاهتداء بالكتاب والسنة يوجب على المرء الرجوع إِليهما والاستنباط منهما ودراستهما والعناية بهما. * يتلخص من النصوص الشرعية الواردة بشأن خطبة الجمعة والموضوعات الأخرى ذات العلاقة: إِن خطبة الجمعة مناسبة أسبوعية ثابتة يتعين على المسلمين العناية بها والمحافظة عليها والتأسي فيها شكلاً ومضموناً بهدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وأن وظيفة خطبة الجمعة تتركز في ثلاثة أمور، هي: * الوعظ والتذكير. * تعليم المسلمين دينهم عقيدة وشريعة وأخلاقاً. * إِرشاد الناس وتوجيههم إِلى ما فيه مصالحهم في حياتهم وأحوالهم المتجدد المتعددة. وأن الخطبة هذه دعوة إِلى الله تعالى، فمن واجب القائمين بها أن يهتدوا فيها بالحكمة والأحكام المتعلقة بالدعوة متمسكين في ذلك بنصوص الكتاب والسنة الواردة في الموضوع وبمقاصدها وهدايتها. * ومن الفقه عن الله وعن رسوله -صلى الله عليه وسلم- أن يجعل الخطيب خطبته في يوم

قول الشيخ محمد الغزالي في صفات الخطبة وأساليبها

الجمعة دعوةً إِلى أصول الخير وفروعه، ونهياً وتحذيراً من الشر أصوله وفروعه، ودعوة إِلى الإسلام في عقيدته وشريعته وأخلاقه. * من الفقه عن الله عز وجل وعن رسوله -صلى الله عليه وسلم- أيضا أن يبتعد الخطيب عن إِيراد الروايات المكذوبة على رسول الله والواهية، مكتفيا بالثابت بمختلف درجاته. سواء فيما يتعلق به هو، أو فيما يتعلق بالمستمعين إِليه والمصلين معه. ليس كل موضوع يَصْلح أن تكون فيه خطبة، والخطيب الفقيه هو الذي يقدّر ذلك. ولعل من المناسب في إِطار هذه الفقرة من الموضوع، أن أنقل عددا من التوجيهات حول صفات الخطيب، وأسلوب الخطبة وصفاتها المطلوبة، عن بعض من بحث هذا الموضوع، فإِليك - أيها القارئ الكريم - تلك التوجيهات المختارة: [قول الشيخ محمد الغزالي في صفات الخطبة وأساليبها] يقول الشيخ محمد الغزالي: 1 - يحسن أن يكون لخطبة الجمعة موضوع واحد، واضح غير متشعب الأطراف ولا متعدد القضايا، فإن الخطيب الذي يخوض في أحاديث كثيرة يشتت الأذهان ويتنقل بالسامعين في أودية تتخللها فجوات نفسية وفكرية بعيدة، ومهما كانت عبارته بليغة، ومهما كان مسترسلا متدفقا، فإنه لن ينجح في تكوين صورة واضحة الملامح لتعاليم الإسلام. والوضوح أساس لا بد منه في التربية. والتعميم والغموض لا ينتهيان

بشيء طائل، وخطبة الجمعة ليست درسا نظريا بقدر ما هي حقيقة تشرح وتغرس. 2 - عناصر الخطبة يجب أن يسلم أحدها إلى الآخر في تسلسل منطقي مقبول، كما تسلم درجة السلم إِلى ما بعدها دون عناء بحيث إِذا انتهى الخطيب من إِلقاء كلمته كان السامعون قد وصلوا معه إلى النتيجة التي يريد بلوغها. وعليه أن ينتقي من النصوص والآثار ما يمهد طريقه إِلى هذه الغاية. 3 - ولما كانت الخطبة الدينية تنسج من المعاني الإسلامية المستمدة من [الكتاب والسنة] وآثار السلف الصالح فإن لحمتها وسداها يجب أن يكون من الحقائق المقبولة، وفي آيات القرآن الكريم، ومعالم السنة المطهرة متسع يغني في الوعظ والإِرشاد. ولذلك لا يليق أن تتضمن الخطبة الأخبار الواهية. . . وفي الأحاديث الصحيحة والحسنة مجال رحب للخطيب الفاقه. في سيرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- والخلفاء الراشدين والأئمة المتبوعين ما يغني عن الأساطير والأوهام. 4 - لا يجوز أن تتعرض الخطبة للأمور الخلافية، ولا أن تكون تعصبا لوجهة نظر إِسلامية محدودة. . فإِن المسجد يجمع ولا يفرق، ويلم شمل الأمة بشعب الإِيمان التي يلتقي عندها الكل دون خوض في المسائل التي يتفاوت تقديرها، وما أكثر العزائم والفضائل التي تصلح موضوعاً لنصائح جيدة وخطب موفقة. وقد شقي المسلمون بالفرقة

أياماً طويلة، وجدير بهم أن يجدوا في المساجد ما يوحد الصفوف ويطفئ الخصومات. 5 - بين الخطبة والأحداث العابرة، والملابسات المحيطة، والجماهير السامعة، علاقة لا يمكن تجاهلها، ومما يزري بالخطيب ويضيع موعظته أن يكون في واد، والناس والزمان والمكان في واد آخر. ولأمر ما نزل القرآن منجماً على ثلاث وعشرين سنة. فقد تجاوب مع الأحداث وأصاب مواقع التوجيه إِصابة رائعة. ولما كان القرآن شفاء للعلل الاجتماعية الشائعة، فإن الخطيب يجب عليه أن يشخّص الداء الذي يواجهه، وأن يتعرف على حقيقته بدقة. فإذا عرفه واستبان أعراضه وأخطاره رجع إلى آي الكتاب والسنة فنقل الدواء إِلى موضع المرض. وذلك يحتاج إِلى بصيرة وحذق فإن الواعظ القاصر قد يجيء بدواء غير مناسب فلا يوفق في علاج. وربما أخطأ ابتداء في تحديد العلة فجاءت خطبته لغواً وإِن كانت تتضمن مختلف النصوص الصحيحة. 6 - من الخير أن تضمن خطبة الجمعة أحيانا شيئاً من أمجاد المسلمين الأولين الثقافية والسياسية وتنويهاً بالحضارة اليانعة التي أقامها الإسلام في العالم مع الإِشارة إِلى أن ينابيع هذه الحضارة تفجرت من الحركة العقلية التي أحدثها القرآن الكريم واليقظة الإنسانية التي صنعها الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ويكون الغرض من هذه الخطب - على اختلاف موضوعاتها - أن ترجع إلى المسلمين ثقتهم بأنفسهم ورسالتهم العالمية.

7 - معروف أن هناك فلسفات أجنبية ونزعات إِلحادية تسربت إِلى الأمة الإِسلامية في كبوتها التاريخية الماضية، وطبيعي أن تتعرض الخطبة إِلى درء هذه المفاسد النفسية عن أبناء الأمة، ووظيفة الخطبة في الإِسلام عندئذ أن تتجنب الأخذ والرد والجدال السيئ. . . ولكن تعرض الحقائق الإِيجابية في الإِسلام بقوة، وترد على الشبهات دون عناية بذكر مصدرها لأن المهم هو حماية الشريعة الإسلامية. . وليس المهم تجريح الآخرين وإِلحاق الهزائم بهم. 8 - قبل أن يواجه الخطيب الجمهور ينبغي أن تكون في ذهنه صورة بينة لما يريد أن يقوله. بل يجب أن يراجع نفسه قبل الكلام ليطمئن اطمئناناً إِلى صحة القضايا التي سوف يعرضها، وإِلى سلامة آثارها النفسية والاجتماعية. وعليه أن يتثبت من الأدلة والشواهد التي يسوقها في معرض الحديث فإِن كان قرآنا حفظه جيداً وِإن كان سنة رواها بدقة، وإِن كان أثراً أدبياً أو خبراً تاريخياً فإِن توفيقه يكون بحسب مطابقته أو اقترابه من الأصل المنقول عنه. إِن التحضير المتقن دلالة احترام المرء لنفسه ولسامعيه، وقد تَفْجأ الإِنسان مواقع يرتجل فيها ما يلقى به الناس ويصور ما بنفسه. والواقع أن القدرة على الارتجال تجيء بعد أوقات طويلة من الدربة على التحضير الجيد وعلى تكوين حصيلة علمية مواتية لكل موقف. ومع ذلك فإن المهارة في الارتجال لا تغني عن حسن التحضير للعالم الذي

يريد أداء واجبه بأمانة وصدق والذي يقدر إنصاف الناس له واحتفاءهم بما يقول. 9 - الإيجاز أعون على تثبيت الحقائق، وجمع المشاعر والأفكار حول ما يراد به من تعاليم. فإِن الكلام الكثير ينسي بعضه بعضا، وقد تضيع أهم أهدافه في زحام الإفاضة، ألا ترى أن الأرض تحتاج إِلى قدر محدد من البذور كيما تنبت، فإذا كثر النبات بها تخللها الفلاح باجتثاث الزائد حتى يعطي البقية فرصة النماء والإِثمار. كذلك النفس البشرية لا تزكو فيها المعاني إِلا إذا أمكن تحديدها وتقويمها، أما مع كثرة الكلام وبعثرة الحقائق فإِن السامع يتحول إِلى إِناء مغلق تسيل من حوله الكلمات مهما بلغت نفاستها. وللإِطناب الممل أسباب معروفة منها سوء التحضير، فإن الخطيب الذي يلقى الناس بالجزاف من الأحكام والتوجيهات لا يدري بالضبط أين بلغ بقوله، وهل وصل إِلى حد الإِقناع أم لا فيحمله ذلك على التكرار والإِطالة. . وما يزداد من الجمهور إِلا بعدا. وقد تنشأ الإِطالة عن سوء التقدير للوقت والموقف فيظن الخطيب أن بحسبه أن يقول ما عنده وعلى الناس أن ينصتوا طوعاً وكرهاً - وهذا خطأ - ومما يحكى في قيمة الإيجاز أن أحد الرؤساء طُلب منه إلقاء خطبة في بضع دقائق فقال: (أمهلوني أسبوعاً) فقيل له: نريدها في ربع ساعة فقال: (أستطيع بعد

ما جاء في توصيات مؤتمر رسالة المسجد المنعقد برابطة العالم الإسلامي

يومين) قيل له: فإذا طلبناها في ساعة؟ قال: (فأنا مستعد الآن) إِن الإيجاز يتطلب الموازنة والاختيار والمحور والإِثبات. أما الكلام المرسل فالجهد العقلي فيه أقل، والحقيقة أن خمسة دقائق تستوعب علما كثيرا، وعشر دقائق وخمس عشرة دقيقة تستوعب خطبة أو محاضرة جيدة (¬1) . [ما جاء في توصيات مؤتمر رسالة المسجد المنعقد برابطة العالم الإسلامي] بمكة المكرمّة وقد جاء في توصيات مؤتمر رسالة المسجد المنعقد برابطة العالم الإسلامي، بمكة المكرمّة، في الفترة من 15 رمضان 1395 - 20 رمضان 1395 هـ فيما يتعلق بخطبة الجمعة ما يلي: أولا: ينبغي أن تهدف خطبة الجمعة إلى تحقيق الأغراض التالية: (أ) الوعظ والتذكير بالله تعالى وبحسابه وجزائه في الآخرة وبالمعاني الربانية التي تحيا بها القلوب، والدعوة إِلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. (ب) تفقيه المسلمين وتعليمهم حقائق دينهم من كتاب الله تعالى وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- مع العناية بسلامة الأخلاق والآداب من الغلو والتفريط. (ج) تصحيح المفاهيم المغلوطة عن الإِسلام، وردّ الشبهات والأباطيل التي يثيرها خصومه لبلبلة الأذهان، بأسلوب مقنع حكيم، بعيد عن المهاترات والسباب، ومواجهة الأفكار الهدامة والمضللة بتقديم الإِسلام الصحيح باعتباره منهج الأمة الأصيل الذي ارتضاه الله لها، وارتضته لنفسها دينا، مع إِبراز خصائصه من الشمول والتوازن والعمق والإِيجابية. ¬

(¬1) (توجيهات للدعاة) ، محمد الغزالي، ضمن بحوث مؤتمر رسالة المسجد ص 551 - 555، بتصرف بالحذف والاختصار وإصلاح الأخطاء المطبعية.

(د) ربط الخطبة بالحياة، وبالواقع الذي يعيشه الناس، وذلك بالتركيز على علاج أمراض المجتمع، وتقديم الحلول لمشكلاته مستمدة من الشريعة الإِسلامية الغراء، مع إِعطاء عناية لشؤون المرأة والأسرة المسلمة نظراً لما تتعرض له من فتنة يحرك تيارها أعداء الإسلام. (هـ) مراعاة المناسبات المختلفة التي تتكرر على مدار العام مثل رمضان والحج وغيرهما، مما يشغل أذهان المستمعين ويشوقهم إِلى معرفة تنير لهم الطريق بشأنه. (و) تثبيت معنى أخوة الإسلام ووحدة أمته الكبرى، ومقاومة النزعات والعصبيات العنصرية والمذهبية والإقليمية وغيرها المفرقة للأمة الواحدة، والاهتمام بقضايا المسلمين داخل العالم الإسلامي وخارجه، حتى لا ينفصل المسلم فكريا وشعوريا عن إِخوانه المسلمين في كل مكان. (ز) إِحياء روح الجهاد والقوة في نفوس الأمة، وإِشعال جذوة الحماس لحماية حرمات الإِسلام ومقدساته، وأوطانه، وصون دماء المسلمين وأعراضهم وأموالهم والدفاع عن عقيدة الإسلام وشريعته، والعمل لإزالة الطواغيت المعوقين لسير دعوته. ثانيا: يجب أن تتنزه خطبة الجمعة عن أن تتخذ أداة للدعاية لشخص أو حزب أو نظام، وأن تكون خالصة لله تعالى ولدينه، وتبليغ دعوته وإعلاء كلمته {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [الجن: 18] ثالثا: ينبغي ألا تفرض على الخطيب خطبة موجهة من قبل السلطان،

يرددها ترديداً آليا لا روح فيه، وأن تترك له الحرية لاختيار موضوعه وإِعداده وأدائه بالطريقة التي يرضاها عقله وضميره، وفقاً لما درسه من كتاب ربه وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-. رابعاً: على العلماء والدعاة الأكفاء أن يضعوا أمثلة رفيعة لموضوعات إسلامية متنوعة، تشتمل على المواد الأساسية لبناء الخطبة في صورة أدلة وشواهد من الكتاب والسنة والسيرة والتاريخ الإِسلامي، والأقوال المأثورة، والشعر البليغ لتكون في أيدي الخطباء في شتى الأقطار الإِسلامية؛ ليستعين بها من يحتاج إِليها في إعداد الخطبة. خامسا: يجب أن يعتمد في إِعداد الخطبة على مصادر المعرفة الإِسلامية الموثقة وأن يترفع عن الأحاديث الضعيفة والموضوعة، والإِسرائيليات المدسوسة والحكايات المكذوبة، والمبالغات المذمومة لكل ما لا يسنده نقل صحيح، أو عقل صريح. سادساً: يجب أن تكون لغة الخطبة في البلاد العربية هي الفصحى السهلة المفهومة وأن تبعد عن العامية، وعن تكلف الأسجاع، والألفاظ الغريبة على الأسماع. أما في غير البلاد العربية، فيكفي أن تكون مقدمة الخطبة وأركانها باللغة العربية، وأما موضوع الخطبة فيجب أن يكون باللغة التي يفهمها الحاضرون. سابعا: ينبغي أن يكون أداء الخطبة طبيعيا، بعيداً عن التغني والتشدق والصياح وكل مظاهر التكلف المنفر.

الخطوات اللازمة لإعداد خطيب المسجد

ثامنا: ينبغي ألا يطيل الخطيب إلى حد يثقل على المستمعين وينفرهم من سماع الخطبة، وألا يقصر إِلى حد يخل بموضوعه ويبتره. تاسعا: خطبة العيد ينطبق عليها ما سبق بالنسبة لخطبة الجمعة، مع وجوب رعاية المناسبة الخاصة بكل عيد من عيدي الإسلام، وأن يكون لها طابع الشمول والتذكير العام بمبادئ الإسلام (¬1) . [الخطوات اللازمة لإعداد خطيب المسجد] واقترح د. علي عبد الحليم محمد لإعداد خطيب المسجد ما يلي: إن إعداد خطيب المسجد يتطلب الخطوات التالية: أولا: اختيار المسجد وإمامه من بين طلاب العلوم الإسلامية المشهود لهم بالتقوى والاستقامة والتفوق العلمي، وما يتطلبه هذا الاختيار من عقل راجح وقلب عامر بالإِيمان والجرأة في الحق واللسان المبين والرغبة الصادقة في الدعوة إِلى الله سبحانه. ثانياً: وضع المناهج الدراسية الملائمة لهؤلاء المختارين، بحيث تمكنهم هذه المناهج من ممارسة عملهم على أحسن وجه. إن هذه المناهج لا بد أن تشتمل على الآتي: 1 - حفظ كتاب الله ومعرفة ما يلزم من علوم القرآن الكريم، وعلى رأس تلك العلوم تفسير القرآن الكريم. 2 - التعرف الدقيق على سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مع حفظ كثير من الأحاديث النبوية ودراسة علوم دراية الحديث وروايته. ¬

(¬1) أخرجه مسلم والنسائي. نقل عن " رسالة المسجد " محمد علي قطب 89 - 92.

3 - الدراسة الفقهية اللازمة التي تمكن الدارس من إفتاء الناس في أمور دينهم. 4 - الدراسة الجادة الموسعة لسيرة الرسول -صلى الله عليه وسلم-. 5 - الدراسة الدقيقة لتاريخ الفكر الإِسلامي، وتاريخ الفرق الإِسلامية مع الاهتمام في هذه الدراسة ببيان وجه الصواب في مذهب كل فرقة عن طريق عرضه على الأصول العامة للدين الإسلامي. 6 - دراسة المذاهب والنظريات المعادية للإِسلام قديماً وحديثا، مع التعرف الدقيق على أصول هذه المذاهب ومناقشتها فيما ذهبت إليه. 7 - دراسة المذاهب السياسية المعاصرة، والتعرف على محاور ارتكازها الفكرية والسلوكية ومناقشة ما فيها من خلل واضطراب. 8 - دراسة موسعة لجغرافية العالم الإِسلامي قديماً وحديثاً. 9 - دراسة تاريخ العالم الإِسلامي قديماً وحديثا، مع تحليل واف وتعليل للظروف والملابسات كافتها. 10 - دراسة أحوال الأقليات المسلمة في العالم المعاصر. 11 - دراسة موسعة لأبرز المشكلات التي تتصل ببعض بلدان العالم الإسلامي. ثالثاً: وضع مناهج تطبيقية عملية لهؤلاء المختارين تتناول فن الخطابة والتأثير في الجماهير، مع ضرورة التدريب العملي على ذلك قبل أن يسمح للخطيب بأن يمارس عمله في المسجد.

رابعا: تحصيل قدر كاف من العلوم الحديثة المتصلة بالمكتشفات والمخترعات التي دخلت على الناس في بيوتهم، مع التعمق في بعض العلوم الكونية كعلم الفلك وعلم الفضاء وما يشبههما من علوم، لأن جهل الخطيب لمثل هذه العلوم يجعله بمعزل عن اهتمامات الناس، إِلى غير ذلك من العلوم التي يرى بعض المختصين إِضافتها إلى حصيلة خطيب المسجد. فإِذا توافرت هذه الاعتبارات كلها في المنهج المعد لخطباء المساجد وأئمتها فلا بد كذلك من أن تتوافر لهم الرعاية الاجتماعية من الدولة (¬1) إِلى الحد الذي يكفل لهم حياة كريمة وظروفاً تمكنهم من أن يظهروا بالمظهر الذي يلائم واعظ الناس وموجههم وإِمامهم، والذي يمكنهم كذلك من متابعة أحدث ما تنشره المكتبات ودور النشر من بحوث ودراسات تربطهم دائماً بالعالم الذي يعيشون فيه، دون أن يحدث لهم شيء من الإرهاق المادي، وما لم تتم لخطيب المسجد هذه الضمانات الاجتماعية فإِن إعداده يظل ناقصا وعمله يظل قاصرا وقدرته على ممارسة عمله تظل ضعيفة (¬2) . ¬

(¬1) المسجد وأثره في المجمع الإسلامي، د. علي عبد الحليم محمود 209 - 212. (¬2) ومقصوده: أي دولة في أي بلد إسلامي.

الخاتمة والتوصيات

[الخاتمة والتوصيات] الخاتمة والتوصيات هذا ما أمكنني إِيراده في هذا الموضوع عن أسلوب خطبة الجمعة والصفات والسمات المطلوب تحقيقها فيها، وذلك بحسب ما اتسع له الوقت والجهد. ولعل من المناسب أن أختم بذكر التوصيات الموجزة المهمة التالية: 1 - العناية بخطبة الجمعة يستلزم العناية بالخطيب، فالواجب يقضي بزيادة العناية بخطيب المسجد وإمامه اختياراً وتأهيلاً. 2 - ينبغي الإِشراف المستمر عن كثب على الخطباء والأئمة من قبل الجهات المسئولة، للتأكد من كفاءة الخطيب والإِمام في أدائه لواجبه الشرعي. 3 - ينبغي متابعة النشاطات الموجَّهة إِلى الأئمة والخطباء الموجهين للمجتمع، وذلك للأخذ بأيديهم إِلى ما فيه الخير والرشاد. ويمكن أن تكون هذه النشاطات: نشرات، وكتُبا، ولقاءات وسواها مما يحقق الغرض. 4 - من المناسب توزيع مجموعة خطب الشيخ عبد الرحمن بن سعدي - رحمه الله تعالى - وأمثاله، لما فيها من موضوعات متنوعة، وتأسّ بالهدي النبويّ في الخطبة. والحمد لله أولا وآخراً. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

§1/1