أدب المجالسة وحمد اللسان

ابن عبد البر

أدب المجالسة وَحمد اللِّسَان وَفضل الْبَيَان وذم العي وَتَعْلِيم الاعراب بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم 1 - وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وعَلى آله وَأَصْحَابه أما بعد فَإِن أول مَا ابتدىء بِهِ كتاب وافتتح بِهِ خطاب حمد الله على جزيل عطائه وشكره بجميل آلائه ثمَّ الصَّلَاة على خَاتم أنبيائه وعاقب رسله صلوَات الله عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ وَرَحمته وَسَلَامه عَلَيْهِم فِي الْعَالمين الْحَمد لله الَّذِي هدَانَا لِلْإِسْلَامِ وفضلنا بِهِ على جَمِيع الْأَنَام وَجَعَلنَا من أمة سيدنَا ومولانا مُحَمَّد عَلَيْهِ أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام

باب أدب المجالسة وحق الجليس

بَاب أدب المجالسة وَحقّ الجليس 2 - قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمجَالِس بالأمانات وَإِنَّمَا يتجالس الرّجلَانِ بأمانة الله عز وَجل فَإِذا افْتَرقَا فليستر كل وَاحِد مِنْهُمَا حَدِيث صَاحبه 3 - وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قَامَ الرجل من مَجْلِسه فَهُوَ أَحَق بِهِ حَتَّى ينْصَرف مَا لم يودع جلساءه بِالسَّلَامِ 4 - وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

لَا يحل لأحد أَن يفرق بَين اثْنَيْنِ متجالسين إِلَّا بإذنهما وَلَكِن تَفَسَّحُوا وتوسعوا 5 - قَالَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ مِمَّا يصفي لَك ود أَخِيك أَن تبدأة بِالسَّلَامِ إِذا لَقيته وَأَن تَدعُوهُ بِأحب الْأَسْمَاء إِلَيْهِ وَأَن توسع لَهُ فِي الْمجْلس 6 - قَالَ أَبُو أَيُّوب الْأنْصَارِيّ من أَرَادَ أَن يكثر علمه فليجالس غير عشيرته

7 - قَالَ ابْن شهَاب كَانَ رجل يُجَالس رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَانَ لَا يزَال يتَنَاوَل عَن وَجه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الشَّيْء فَكَأَن ذَلِك آذَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا نزع أحدكُم من أَخِيه شَيْئا فليره إِيَّاه 8 - وَحدث الْحسن الْبَصْرِيّ أَن رجلا تنَاول من رَأس عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ شَيْئا فَتَركه مرَّتَيْنِ ثمَّ تنَاول الثَّالِثَة فَأخذ عمر بِيَدِهِ وَقَالَ أَرِنِي مَا أخذت فَإِذا هُوَ لم يَأْخُذ شَيْئا فَقَالَ انْظُرُوا إِلَى هَذَا قد صنع بِي هَذَا ثَلَاث مَرَّات يريني أَنه يَأْخُذ من رَأْسِي شَيْئا وَلَا يَأْخُذ شَيْئا فَإِذا أَخذ أحدكُم من رَأس أَخِيه شَيْئا فليره إِيَّاه 9 - قَالَ الْحسن نَهَاهُم أَمِير الْمُؤمنِينَ عَن الملق

10 - قَالَ ابْن عَبَّاس رَحمَه الله أعز النَّاس عَليّ جليسي الَّذِي يتخطى النَّاس إِلَيّ أما وَالله إِن الذُّبَاب يَقع عَلَيْهِ فشق ذَلِك عَليّ 11 - وَعَن ابْن عَبَّاس أَنه سُئِلَ من أكْرم النَّاس عَلَيْك قَالَ جليسي 12 - قَالَ مُعَاوِيَة ل عرابة الأوسي بِأَيّ شَيْء استحققت أَن يَقُول فِيك الشماخ رَأَيْت عرابة الأوسي يسمو ... إِلَى الْخيرَات مُنْقَطع القرين إِذا مَا راية رفعت لمجد ... تلقاها عرابة بِالْيَمِينِ

فَقَالَ عرابة هَذَا من غَيْرِي أولى بك وَبِي يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ عزمت عَلَيْك لتخبرني فَقَالَ بإكرامي جليسي ومحاماتي عَن صديقي فَقَالَ إِذن استحققت 13 - قَالَ عَليّ بن حُسَيْن مَا جلس إِلَيّ أحد قطّ إِلَّا عرفت لَهُ فَضله حَتَّى يقوم 14 - قَالَ عبد الله بن يزِيد وَطن نَفسك على الجليس السوء فَإِنَّهُ لَا يكَاد يخطئك وَرُوِيَ هَذَا من كَلَام أبي خازم وَالله أعلم

15 - قَالَ الْأَحْنَف لِأَن أدعى من بعد أحب إِلَيّ من أَن أقْصَى عَن قرب 16 - وَقَالَ البعيث بن حُرَيْث وَإِن مَكَاني بالندى وَمَوْضِعِي ... لبا لموْضِع الْأَقْصَى إِذا لم أقرب وَلست وَإِن قربت يَوْمًا ببائع ... خلاقي وَلَا ديني ابْتِغَاء التحبب وَقد عده قوم كثير تِجَارَة ... ويمنعني من ذَاك ديني ومنصبي

17 - جلس رجل إِلَى الْحسن بن عَليّ فَقَالَ جَلَست إِلَيْنَا على حِين قيامنا 18 - كَانَ يُقَال إياك وكل جليس لَا تصيب مِنْهُ خيرا 19 - وَكَانَ يُقَال من سره أَن يتعاظم حلمه وينفعه علمه فَلْيقل من مجالسة من كَانَ بَين ظهرانيه 20 - قَالَ ابْن شبْرمَة لِابْنِهِ يَا بني إياك وَطول المجالسة فَإِن الْأسد إِنَّمَا يجتريء عَلَيْهَا من أدمن النّظر إِلَيْهَا

21 - وَهَذَا مَأْخُوذ من قَول أردشير لِابْنِهِ يَا بني إِن أجرأ النَّاس على السبَاع أَكْثَرهم لَهَا مُعَاينَة 22 - وَقَالَ معَاذ بن جبل إياك وكل جليس لَا يفيدك علما 23 - وَقيل لبَعض الْحُكَمَاء مَتى يجب على ذِي الْمُرُوءَة إخفاء نَفسه وإظهارها قَالَ على قدر مَا يرى من نفاق الْمُرُوءَة وكسادها 24 - قَالَ ابْن المعتز

رَأَيْت حَيَاة الْمَرْء ترخص قدره ... وَإِن مَاتَ أغلته المنايا الطوامح فَمَا يخلق الثَّوْب الْجَدِيد ابتذاله ... كَمَا تخلق الْمَرْء الْعُيُون اللوامح 25 - كَانَ يُقَال إِذا دخلت على أحد فَسلمت فَقُمْ حَتَّى يُشِير إِلَيْك صَاحب الْمنزل أَن تجْلِس فالقوم أعلم بعورات بُيُوتهم 26 - كَانَ يُقَال مجَالِس الْكِرَام ومجالس الْأَسْوَاق تلْغي وتلهي

27 - ل كشاجم جليس لي أَخُو ثِقَة ... كَأَن حَدِيثه خَبره يَسُرك حسن ظَاهره ... وتحمد مِنْهُ مختبره وَيسْتر عيب صَاحبه ... وَيسْتر أَنه ستره

باب حمد اللسان وفضل البيان

بَاب حمد اللِّسَان وَفضل الْبَيَان 28 - قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الرجل ليَتَكَلَّم بِالْكَلِمَةِ من رضوَان الله مَا يظنّ أَنَّهَا تبلغ مَا بلغت يكْتب الله لَهُ بهَا رضوانه إِلَى يَوْم الْقِيَامَة 29 - قَالَ معَاذ قلت يَا رَسُول الله أَي الْأَعْمَال أفضل قَالَ لَا يزَال لسَانك رطبا من ذكر الله 30 - وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ أفضل الصَّدَقَة صَدَقَة اللِّسَان تدفع بهَا الكريهة وتحقن بهَا الدَّم

31 - قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أفضل الْجِهَاد كلمة حق عِنْد ذِي سُلْطَان جَائِر 32 - قَالَ أبان بن سليم كلمة حِكْمَة لَك من أَخِيك خير من مَال يعطيك لِأَن المَال يُطْغِيك والكملة تهديك 33 - وَقَالَ خير الْكَلَام مَا دلّ على هدى أَو نهى عَن رَدِيء 34 - ذكر عِنْد الْأَحْنَف بن قيس الصمت وَالْكَلَام فَقَالَ قوم الصمت أفضل قَالَ ألأحنف الْكَلَام أفضل لِأَن الصمت لَا يعدو صَاحبه وَالْكَلَام ينْتَفع بِهِ من سَمعه ومذاكرة الرِّجَال تلقيح لعقولها

35 - رُوِيَ عَن البني صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَرَادَ الله بِعَبْد خيرا تكلم بِخَير فغنم أَو سكت فَسلم 36 - وَقَالُوا الْكَلَام بِالْخَيرِ غنيمَة وَالسُّكُوت سَلامَة وَمن غنم أفضل مِمَّن سلم 37 - قَالَ أَعْرَابِي من فضل اللِّسَان أَن الله عز وَجل أنطقه بتوحيده من بَين سَائِر الْجَوَارِح 38 - وَقَالَ عبد الْملك بن مَرْوَان الصمت نوم والنطق يقظه 39 - قَالَ خَالِد بن صَفْوَان مَا الْإِنْسَان لَوْلَا الْبَيَان إِلَّا صُورَة ممثلة أَو بَهِيمَة مُرْسلَة أَو ضَالَّة

مُهْملَة 40 - وَكَانَ يُقَال ألألسنة خدم الْجَوَارِح 41 - قَالَ ربيعَة الرَّأْي السَّاكِت بَين النَّائِم والأخرس 42 - قَالُوا الْمَرْء بأصغرية لِسَانه وَقَلبه 43 - وَكَانَ يُقَال يجد البليغ من ألم السُّكُوت كَمَا يجد العي من ألم الْكَلَام

44 - وَكَانَ يُقَال عقل الْمَرْء مخبوء تَحت لِسَانه 45 قَالَ حسان بن ثَابت لساني وسيفي صارمان كِلَاهُمَا ... ويبلغ مَا لَا يبلغ السَّيْف مذودي 46 وَقَالَ الْخَلِيل رَحمَه الله لساني وسيفي صارمان كِلَاهُمَا ... وَمَا السَّيْف أقوى وقْعَة من لسانيا

47 - وَقَالَ ابْن سِيرِين لَا شَيْء أزين على الرجل من الفصاحة وَالْبَيَان وَلَا شَيْء أزين على الْمَرْأَة من الشَّحْم 48 قَالَ الشَّاعِر وكائن ترى من معجب لَك صَامت ... زِيَادَته أَو نَقصه فِي التَّكَلُّم لِسَان الْفَتى نصف وَنصف فُؤَاده ... فَلم يبْق إِلَّا صُورَة اللَّحْم وَالدَّم 49 روى ابْن عمر قَالَ قدم رجلَانِ من الْمشرق فخطبا فَعجب النَّاس لبيانهما فَقَالَ

رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن من الْبَيَان لسحرا فتأولت طائقة هَذَا على الذَّم لِأَنَّهُ مَذْمُوم وَذهب الْأَكْثَر من أهل الْعلم وَجَمَاعَة من أهل الْأَدَب إِلَى أَنه على الْمَدْح لِأَن الله تَعَالَى مدح الْبَيَان وأضافه إِلَى الْقُرْآن وَقد أوضحنا هَذَا فِي كتاب التَّمْهِيد وَالْحَمْد لله 50 وَقد قَالَ عمر بن عبد الْعَزِيز لرجل سَأَلَهُ حَاجَة فَأحْسن الْمَسْأَلَة فأعجبه قَوْله فَقَالَ هَذَا وَالله السحر الْحَلَال 51 وَقَالَ عَليّ بن عَبَّاس بن الرُّومِي وحديثها السحر الْحَلَال لَو أَنَّهَا ... لم تجن قتل الْمُسلم المتحرز

فِي أَبْيَات قد ذكرتها فِي موضعهَا من هَذَا الْكتاب 52 وَقَالَ الْحسن الرِّجَال ثَلَاثَة رجل بِنَفسِهِ وَرجل بِمَالِه وَرجل بِلِسَانِهِ 53 وَكَانَ يُقَال فِي اللِّسَان عشر خِصَال محمودة أَدَاة يظْهر بهَا الْبَيَان وشافع تدْرك بِهِ الْحَاجة وواصف تعرف بِهِ الْأَشْيَاء وواعظ يَنْتَهِي بِهِ عَن الْقَبِيح ومعز تسكن بِهِ الأحزان وملاطف تذْهب بِهِ الضغينة وموفق يلهى بِهِ الأسماع

54 - نظر مُعَاوِيَة إِلَى ابْن عَبَّاس فَأتبعهُ ببصره ثمَّ قَالَ متمثلا بقول الشَّاعِر إِذا قَالَ لميترك مقَالا لقَائِل ... مُصِيب يثن اللِّسَان على هجر يصرف بالْقَوْل اللِّسَان إِذا انتحى ... وَينظر فِي أعطافه نظر الصَّقْر 55 كَانَ يُقَال الْجمال فِي اللِّسَان 56 قيل لأعرابي مَا الْجمال

قَالَ طول الْجِسْم وضخم الهامة ورحب الشدق 57 قَالَ حبيب لِسَان الْمَرْء من خدم الْفُؤَاد ... 58 وَقَالَ آخر وَالْقَوْل ينفذ مَا لَا تنفذ الإبر 59 ول حسان بن ثَابت يمدح عبد الله بن عَبَّاس لساني وَكفى فِي النُّفُوس وَلم يدع ... لذِي إربة فِي القَوْل جدا وَلَا هزلا

60 - ابْن أبي حَازِم أوجع من وقْعَة السنان ... لذِي الحجا وجرة اللِّسَان

باب ذم العي وحشو الكلام قال أبو هريرة

بَاب ذمّ العي وحشو الْكَلَام قَالَ أَبُو هُرَيْرَة لَا خير فِي فضول الْكَلَام 62 قَالَ عَطاء كَانُوا يكْرهُونَ فضول الْكَلَام 63 وَقَالُوا بترك الفضول تكمل الْعُقُول 64 وَقَالُوا فضول الْكَلَام مَا لَيْسَ فِي دين وَلَا دنيا 65 وَقَالُوا الصمت صِيَانة اللِّسَان وَستر العي

66 - وَقَالُوا العي النَّاطِق أعيا من العي السَّاكِت 67 وَقَالُوا أحسن الْكَلَام مَا كَانَ قَلِيله يُغْنِيك عَن كَثِيره وَمَا ظهر مَعْنَاهُ فِي لَفظه 68 وَرُوِيَ عَن عبد الله بن عمر أَنه قيل لَهُ لَو دَعَوْت لنا بدعوات فَقَالَ اللَّهُمَّ ارحمنا وازرقنا وَعَافنَا فَقَالَ رجل لَو زدتنا يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن فَقَالَ نَعُوذ بِاللَّه من الإسهاب 69 وَقيل من كثر كَلَامه كثرت خطاياه 70 وَقَالَ عمر بن الْخطاب من كثر كَلَامه كثر سقطه

71 - قَالَ يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام لِبَنِيهِ يَا بني إِذا دَخَلْتُم على السُّلْطَان فأقلوا الْكَلَام 72 وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة مَا من شَيْء إِلَّا وَهُوَ يحْتَاج إِلَى فضوله يَوْمًا إِلَّا فضول الْكَلَام 73 وَقَالَ الْحسن رحم الله عبدا أوجز فِي كَلَامه وَاقْتصر على حَاجته فَإِن الله يكره كَثْرَة الْكَلَام 74 وَكَانَ يُقَال أفضل الْكَلَام مَا قلت أَلْفَاظه وَكَثُرت مَعَانِيه 75 أَخذ هَذَا الْمَعْنى أَحْمد بن اسماعيل الْكَاتِب فَقَالَ خير الْكَلَام قَلِيل ... على كثير دَلِيل والعي معنى قصير ... يحويه لفظ طَوِيل

76 - وَقَالَ أَبُو الْعَتَاهِيَة والصمت أجمل بالفتى ... من منطق فِي غير حِينه لَا خير فِي حَشْو الْكَلَام ... إِذا اهتديت إِلَى عيونه 77 قَالَ بعض قُضَاة عمر بن عبد الْعَزِيز رَضِي الله عَنهُ وَقد عَزله لم عزلتني قَالَ بَلغنِي أَن كلامك مَعَ الْخَصْمَيْنِ أَكثر من كَلَام الْخَصْمَيْنِ إِلَيْك 78 تكلم ربيعَة الرَّأْي يَوْمًا وَإِلَى جَانِبه أَعْرَابِي فَأكْثر الْكَلَام

وأعجبته نَفسه فَقَالَ لَهُ يَا أَعْرَابِي مَا تَعدونَ العي فِيكُم ييييي قَالَ مَا كُنَّا فِيهِ مِنْك الْيَوْم 79 قَالَ الْخُشَنِي وَمَا العي إِلَّا منطق متتابع ... سَوَاء عَلَيْهِ حَقه أَو باطله 80 قَالَت الْعَرَب لَا يجتريء على الْكَلَام إِلَّا فائق أَو مائق

81 - وَقَالَ النمر بن تولب أعذني رب من حصر وعي ... وَمن نفس أعالجها علاجا 82 وَقَالَ آخر عجبت لإدلاء العيي بِنَفسِهِ ... وَصمت الَّذِي قد كَانَ بِالْحَقِّ أعلما وَفِي الصمت ستر العي وَإِنَّمَا ... صحيفَة لب الْمَرْء أَن يتكلما 83 وَقَالَ بعض الْحُكَمَاء لَيْسَ شَيْء إِلَّا إِذا أثنيته قصر إِلَّا الْكَلَام فَإنَّك كلما أثنيته طَال

84 - قَالُوا أعيا العي بلاغة بعي وأقبح اللّحن لحن بإعراب 85 كَانَ مَالك بن أنس يعيب كَثْرَة الْكَلَام ويذمه وَيَقُول لَا يُوجد كَثْرَة الْكَلَام إِلَّا فِي النِّسَاء والضعفاء 86 ذمّ أَعْرَابِي رجلا فَقَالَ هُوَ من يتامى الْمجَالِس أعيا مَا يكون عِنْد جُلَسَائِهِ أبلغ مَا يكون عِنْد نَفسه

باب في تعليم الإعراب واجتناب اللحن وذم الغريب في الخطاب

بَاب فِي تَعْلِيم الْإِعْرَاب وَاجْتنَاب اللّحن وذم الْغَرِيب فِي الْخطاب 88 - كتب عمر إِلَى أبي مُوسَى أما بعد فتفقهوا فِي السّنة وتعلموا الْعَرَبيَّة 89 وَرُوِيَ عَنهُ أَيْضا رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ رحم الله عبدا أصلح لِسَانه 90 قَالَ عَليّ بن مُحَمَّد العبرتاني رَأَيْت لِسَان الْمَرْء وَافد عقله ... وعنوانه فَانْظُر بِمَاذَا تعنون

فَلَا تعد إصْلَاح اللِّسَان فَإِنَّهُ ... يخبر عَن مَا عِنْده وَيبين ويعجبني زِيّ الْفَتى وجماله ... وَيسْقط من عَيْني سَاعَة يلحن عَليّ أَن للإعراب حدا وَرُبمَا ... سَمِعت من الْأَعْرَاب مَا لَيْسَ يحسن وَلَا خير فِي اللَّفْظ الكريه سَمَاعه ... وَلَا فِي قَبِيح الظَّن فِي الْفِعْل أحصن 91 كَانَ عبد الله بن عمر يضْرب وَلَده على اللّحن 92 قَالَ شُعْبَة مثل الَّذِي يحفظ بل يتَعَلَّم الحَدِيث وَلَا يتَعَلَّم النَّحْو مثل السرير لَا رَأس لَهُ 93 قَالَ الْخَلِيل بن أَحْمد شعرًا فِي الْمَعْنى اطلب النَّحْو للحجاج وللشعر ... مُقيما والمسند الْمَرْوِيّ

وَالْخطاب البليغ عِنْد جَوَاب القَوْل ... وَهنا بِمثلِهِ فِي الندي تنظم الْحجَّة الشتيتة فِي السلك ... من القَوْل مثل عقد الْهَدْي وَترى اللّحن بالحسيب أخي الهيبة ... مثل الصدى على المشرفي 94 قَالَ عبد الْملك اللّحن سخْفَة بالشريف

95 - وَقَالَ أَيْضا اللّحن فِي الْكَلَام أقبح من آثَار الجدري فِي الْوَجْه 96 قَالَ ابْن شبْرمَة إِذا سرك أَن تعظم فِي أعين من كنت عِنْده صَغِيرا ويصغر فِي عَيْنك من كَانَ فِيهِ كَبِيرا فتعلم الْعَرَبيَّة فَإِنَّهَا تجزيك عَن الْمنطق وتدنيك من السُّلْطَان 97 قَالَ الشَّاعِر النَّحْو يصلح من لِسَان الألكن ... والمرء تكرمه إِذا لم يلحن وَإِذا أردْت من الْعُلُوم أجلهَا ... فأجلها مِنْهَا مُقيم الألسن لحن الشريف يُزِيلهُ عَن قدره 00000000000 ... وَترى الوضيع إِذا تكلم معربا ... نَالَ الْكَرَامَة بِاللِّسَانِ الْأَحْسَن

98 - وَرَأى أَبُو الْأسود الدؤَلِي أعدالا للتجار عَلَيْهَا مَكْتُوب لأبو فلَان فَقَالَ سُبْحَانَ الله يلحنون ويربحون 99 قَالَ رجل ل الْحسن الْبَصْرِيّ يَا أَبُو سعيد فَقَالَ كسب الدَّرَاهِم شغلك عَن أَن تَقول يَا أَبَا سعيد 100 مر خَالِد بن صَفْوَان بِقوم من الموَالِي يَتَكَلَّمُونَ فِي الْعَرَبيَّة فَقَالَ لَئِن تكلمتم فِيهَا فَأنْتم أول من أفسدها 101 وَقَالُوا الْعَرَبيَّة تزيد الْمُرُوءَة

102 - وَقَالُوا من أحب أَن يجد فِي نَفسه الْكبر فليتعلم الْعَرَبيَّة 103 وَقَالَ أَبُو شمر قاريء النَّحْو إِذا دخله الْكبر اسْتَفَادَ السخط من الله والمقت من النَّاس 104 وَقَالَ الْخَلِيل بن أَحْمد يَوْمًا لَا يصل أحد من النَّحْو إِلَى مَا يحْتَاج إِلَيْهِ وَلَا يتَعَلَّم مَا لَا يحْتَاج إِلَيْهِ 105 وَرُوِيَ عَنهُ فِي هَذَا الْخَبَر أَنه قَالَ من لم يصل إِلَى مَا يحْتَاج إِلَيْهِ إِلَّا بمالا يحْتَاج إِلَيْهِ فقد صَار مُحْتَاجا إِلَى مَا لَا يحْتَاج اليهض

106 - وَرُوِيَ أَن هَذِه الْقِصَّة عرضت ل الْخَلِيل مَعَ أبي الْهُذيْل العلاف وَرُوِيَ أَنَّهَا عرضت ل أبي عُبَيْدَة مَعَ النظام وَالَّذِي تقدم أصح إِن شَاءَ الله تَعَالَى 107 قَالَ المأموني سأترك النَّحْو لأَصْحَابه ... وأصرف الهمة للصَّيْد إِن ذَوي النَّحْو لَهُم همة ... مُرْسلَة بالمكر والكيد يضْرب عبد الله زيدا ... وَيزِيد عبد الله من زيد 108 كتب أَبُو غَسَّان رفيع الْمَعْرُوف ب دماذ الى عُثْمَان النَّحْوِيّ الْمَازِني تفكرت فِي النَّحْو حَتَّى مللت ... وأتعبت نَفسِي بِهِ وَالْبدن وأتعبت بكرا وَأَصْحَابه ... بطول الْمسَائِل فِي كل فن خلا أَن بَابا عَلَيْهِ العفا ... ء للفاء يَا ليته لم يكن فَكنت بِظَاهِرِهِ عَالما ... وَكنت بباطنه ذَا فطن

وللواو بَاب إِلَى جنبه ... من المقت أَحْسبهُ قد لعن إِذا قلت هاتوا لماذا يُقَال ... لست بآتيك أَو تأتين أجِيبُوا لما قيل هَذَا كَذَا ... على النصب قَالُوا بإضمار أَن 109 قَالَ غَيره مَاذَا لقِيت من المستغربين وَمن ... قِيَاس نحوهم هَذَا الَّذِي ابتدعوا إِن قلت قافية بكرا يكون لَهَا ... حَتَّى يُخَالف مَا قاسوا وَمَا صَنَعُوا قَالُوا لحنت وَهَذَا الْحَرْف منخفض ... وَذَاكَ نصب وَهَذَا لَيْسَ يرْتَفع

وحرشوا بَين عبد الله واجتهدوا ... وَبَين زيد فطال الضَّرْب والوجع فَقلت وَاحِدَة فِيهَا جوابهم ... وَكَثْرَة القَوْل بالإيجاز تَنْقَطِع مَا كَانَ قولي مشروحا لكم فَخُذُوا ... مَا تعرفُون وَمَا لَا تعرفوا فدعوا حَتَّى أَعُود إِلَى الْقَوْم الَّذين غدوا ... بِمَا غديت بِهِ وَالْقَوْل يَتَّسِع فيعرفوا مِنْهُ معنى مَا أفوه بِهِ ... : كأنني وهم فِي قَوْله شرع كم بَين قوم قد احْتَالُوا لمنطقهم ... وَبَين قوم على الْإِعْرَاب قد طبعوا وَبَين قوم رأو شَيْئا مُعَاينَة ... وَبَين قوم حكوا بعد الَّذِي سمعُوا إِنِّي ربيت بِقوم لَا تشب بهَا ... نَار الْمَجُوس وَلَا تبنى بهَا البيع وَلَا يطَأ القرد وَالْخِنْزِير تربَتهَا ... لكم بهَا الريم والآساد والضبع

باب اختلافهم في البلاغة قال المفضل

بَاب اخْتلَافهمْ فِي البلاغة قَالَ الْمفضل قيل لأعرابي مَا البلاغة قَالَ إيجاز من غير عجز وإطناب فِي غير خطل 111 وَقيل ل الْأَحْنَف مَا البلاغة قَالَ فِي استحكام الْحَج وَالْوَقْف عِنْدَمَا يكْتَفى بِهِ 112 قَالَ خَالِد بن صَفْوَان لرجل كثر كَلَامه إِن البلاغة لَيست بِكَثْرَة الْكَلَام وَلَا بخفة اللِّسَان وَلَا بِكَثْرَة الهذيان وَلكنهَا إِصَابَة الْمَعْنى وَالْقَصْد إِلَى الْحجَّة

113 - وَقيل لأعرابي مَا البلاغة فَقَالَ لمحة دَالَّة على مَا فِي الضَّمِير 114 وَقيل ل بشر بن مَالك مَا البلاغة فَقَالَ التَّقْرِيب من البغية والتباعد من حَشْو الْكَلَام وَدلَالَة بِالْقَلِيلِ على الْكثير 115 سُئِلَ عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة مَا البلاغة فَقَالَ الْقَصْد إِلَى عين الْحجَّة بِقَلِيل اللَّفْظ 116 وَقَالَ غَيره البلاغة معرفَة الْفَصْل من الْوَصْل وَفرق بَين الْمُطلق والمقيد وَمَا يحْتَمل التَّأْوِيل ويستغني عَن الدَّلِيل

117 - وَقيل لبَعض اليونانية مَا البلاغة فَقَالَ تَصْحِيح الْأَقْسَام وَاخْتِيَار الْكَلَام 118 وَقيل لرجل من الْهِنْد مَا البلاغة فَقَالَ حسن الْإِشَارَة وإيضاح الدّلَالَة وَالْبَصَر بِالْحجَّةِ وانتهاز مَوضِع الفرصة 119 وَسَأَلَ مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان صحارا الْعَبْدي مَا تَعدونَ البلاغة فِيكُم فَقَالَ الإيجاز قَالَ وَمَا الإيجاز قَالَ أَن تَقول فَلَا تخطيء وتسرع فَلَا تبطيء ثمَّ قَالَ أَقلنِي يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ قد أقلتك قَالَ أَلا تخطيء وَلَا تبطيء

120 - وَقد رُوِيَ مثل هَذَا الْمَعْنى ل الْحجَّاج مَعَ ابْن القبعثري وَالله أعلم 121 وَقَالُوا أبلغ النَّاس أحْسنهم بديهة وأسلمهم لفظا 122 قَالَ خَالِد بن صَفْوَان خير الْكَلَام مَا ظرفت معاليه وشرفت مبانيه والتذت بِهِ آذان سامعيه

باب من خطب فارتج عليه

بَاب من خطب فارتج عَلَيْهِ 123 - صعد عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ الْمِنْبَر فارتج عَلَيْهِ فَقَالَ إِن أَبَا بكر وَعمر كَانَا يعدَّانِ لهَذَا الْمقَام عملا وَأَنْتُم إِلَى إِمَام فعال أحْوج مِنْكُم إِلَى إِمَام قَوَّال وسأعود فَأَقُول 124 وَرُوِيَ فِي هَذَا الْخَبَر أَنْتُم إِلَى إِمَام عَادل أحْوج مِنْكُم إِلَى إِمَام قَائِل 125 وَارْتجَّ يَوْمًا على عبد الْملك بن مَرْوَان فَقَالَ نَحن الى الْفَصْل منا فِي الرَّأْي أحْوج منا فِي الْفَصْل فِي الْمنطق

126 - وَارْتجَّ على معن بن زَائِدَة وَهُوَ فِي الْمِنْبَر فَضرب الْمِنْبَر بِيَدِهِ فَقَالَ فَتى حروب لَا فَتى مَنَابِر 127 وَصعد روح بن حَاتِم الْمِنْبَر فَرَأى الْقَوْم قد شغروا أَبْصَارهم وفتحوا أسماعهم فَقَالَ نكسوا رؤوسكم وغضوا أبصاركم فَإِن أول كل مركب صَعب وَإِذا فتح الله فتح قفل تيَسّر 128 خطب مُصعب بن حَيَّان خطْبَة نِكَاح فحصر فَقَالَ لقنوا أمواتكم شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله فَقَالَت أم الْجَارِيَة عجل الله موتك أَلِهَذَا دعوناك 129 قيل لرجل قُم فاصعد الْمِنْبَر فَتكلم فَقَامَ فَلَمَّا صعد الْمِنْبَر حصر فَقَالَ الْحَمد لله الَّذِي يرْزق هَؤُلَاءِ وَبَقِي ساكتا فأنزلوه وأصعدوا آخر فَلَمَّا اسْتَوَى قَائِما وَقعت عينه على رجل أصلع فحصر فَقَالَ اللَّهُمَّ الْعَن هَذِه الصلعة

130 - صعد عتاب بن وَرْقَاء مِنْبَر أَصْبَهَان فحصر فَقَالَ وَلَا أجمع عَلَيْكُم عيا وبخلا ادخُلُوا سوق الْغنم فَمن أَخذ شَاة فعلى ثمنهَا وَهِي لَهُ 131 وَصعد آخر الْمِنْبَر فَقَالَ إِن الله لَا يرضى لِعِبَادِهِ الْمعاصِي وَلَقَد أهلك أمة من الْأُمَم بعقرهم نَاقَة لَا تَسَاوِي مِائَتَيْنِ وَخمسين درهما فَسمى مقوم النَّاقة 132 صعد الْمِنْبَر أَعْرَابِي فَقَالَ أَقُول لكم مَا قَالَ العَبْد الصَّالح مَا أريكم إِلَّا مَا أرى وَمَا أهديكم إِلَّا سَبِيل الرشاد فَقَالُوا لَهُ هَذَا فِرْعَوْن فَقَالَ قد وَالله أحسن القَوْل

133 - قَالَ بزرجمهر هَيْبَة الزلل تورث حصرا وهيبة الْعَاقِبَة جبنا

باب حمد الصمت وذم المنطق قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

بَاب حمد الصمت وذم الْمنطق قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من صمت نجا 135 وروينا عَن عقبَة بن عَامر أَنه قَالَ يار سَوَّلَ الله فيمَ النجَاة فَقَالَ يَا عقبَة أملك عَلَيْك لسَانك وليسعك بَيْتك وابك على خطيئتك

136 - ويروى عَن أبي الدَّرْدَاء أَنه قَالَ الصمت حكم وَقَلِيل فَاعله 137 وَقد رُوِيَ ذَلِك مَرْفُوعا وَرُوِيَ أَنه من كَلَام لُقْمَان وَالله أعلم 138 وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلْيقل خيرا أَو ليصمت

139 - وَعَن عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام أَنه قَالَ لَا تكثروا الْكَلَام بِغَيْر ذكر الله فتقسوا قُلُوبكُمْ 140 وَعنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعَلى نَبينَا وَأفضل السَّلَام الْبر ثَلَاثَة الْمنطق وَالنَّظَر والصمت فَمن كَانَ مَنْطِقه فِي غير ذكر الله تَعَالَى فقد وهى وَمن كَانَ نظره فِي غير اعْتِبَار فقد سَهَا وَمن كَانَ صمته فِي غير تفكر فقد لَهَا 141 وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الرجل ليَتَكَلَّم بِالْكَلِمَةِ من سخط الله مَا يظنّ أَن تبلغ مَا بلغت يكْتب الله لَهُ بهَا سخطه إِلَى يَوْم يلقاه

142 - وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ إِن الله يكره لكم قيل وَقَالَ وَكَثْرَة السُّؤَال وإضاعة المَال 143 قيل ل بكر بن عبد الله الْمُزنِيّ إِنَّك تطيل الصمت فَقَالَ إِن لساني سبع إِن تركته أكلني 144 وَأنْشد الْخُشَنِي شعرًا لِسَان الْفَتى سبع عَلَيْهِ مراقب ... فَإِن لم يدع مرغوبه فَهُوَ آكله

145 - وَقَالَ آخر القَوْل لَا تملكه إِذا نما ... كالسهم لَا يرجعه رام رمى 146 قَالَ هُبَيْرَة بن أبي وهب وَإِن مقَال الْمَرْء فِي غير كنهه ... لكالنبل تهوى لَيْسَ فِيهَا نصالها 147 وَقَالَ أَبُو الْعَتَاهِيَة من لزم الصمت نجا ... من قَالَ بِالْخَيرِ غنم 148 اجْتمع أَرْبَعَة حكماء فَقَالَ أحدهم أَنا على رد مَا لم أقل أقدر مني على رد مَا قلت وَقَالَ الآخر لِأَن أندم على مَا لم أقل خير من أَن أندم على مَا قلت وَقَالَ الثَّالِث إِذا تَكَلَّمت بِالْكَلِمَةِ

ملكتني وَإِن لم أَتكَلّم بهَا ملكتها وَقَالَ الرَّابِع عجبت مِمَّن يتَكَلَّم بِالْكَلِمَةِ إِن ذكرت عَنهُ ضرته وَإِن لم تذكر عَنهُ لم تَنْفَعهُ 149 وَقَالَ طرفَة وَأعلم علما لَيْسَ بِالظَّنِّ أَنه ... إِذا ذل مولى الْمَرْء فَهُوَ ذليل وَأَن لِسَان الْمَرْء مَا لم تكن لَهُ ... حَصَاة على عوراته لدَلِيل 150 وَقَالَ غَيره عَلَيْك بِالصَّمْتِ فَإِن لم يكن ... من القَوْل بُد فَقل أحْسنه فَرُبمَا فَارَقت بِالَّذِي ... تَقول أماكنها الْأَلْسِنَة

151 - كَانَ يُقَال الْعَافِيَة عشرَة أَجزَاء تِسْعَة مِنْهَا فِي الصمت وجزء فِي الْهَرَب من النَّاس 152 وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن من شَرّ النَّاس الَّذين يكْرهُونَ لاتقاء ألسنتهم

153 - وَقَالَ الشَّاعِر صمت على أَشْيَاء لَو شِئْت قلتهَا ... وَلَو قلتهَا لم أبق للصلح موضعا 154 وَقَالَ مَنْصُور الْفَقِيه خرس إِذا سَأَلُوا وَإِن ... قَالُوا عيي أَو جبان فالعي لَيْسَ بِقَاتِل ... ولربما قتل اللِّسَان 155 قَالَ امروء الْقَيْس إِذا الْمَرْء لم يحزن عَلَيْهِ لِسَانه ... فَلَيْسَ على شَيْء سواهُ بخزان

156 - وَقَالَ آخر قد أَفْلح السَّاكِت الصموت ... كَلَام واعي الْكَلَام قوت مَا كل قَول لَهُ جَوَاب ... جَوَاب مَا تكره السُّكُوت يَا عجبا لامريء ظلوم ... مستيقن أَنه يَمُوت 157 روينَا أَن أَبَا بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ أَخذ يَوْمًا بِطرف لِسَانه فَقَالَ هَا إِن هَذَا أوردني فِي الْمَوَارِد 158 قَالَ ابْن مَسْعُود إِن كَانَ السمُوم فِي شَيْء فَفِي اللِّسَان وَوَاللَّه مَا على وَجه الأَرْض شَيْء أَحَق بطول سجن من اللِّسَان

159 - أَخذه الشَّاعِر فَقَالَ وَمَا شَيْء إِذا فَكرت فِيهِ ... أَحَق بطول سجن من لِسَان 160 كَانَ يُقَال اللِّسَان سبع عقور 161 أَخذه الشَّاعِر فَقَالَ رَأَيْت اللِّسَان على أَهله ... إِذا ساسه الْجَهْل ليثا مغيرا 162 قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهل يكب النَّاس فِي النَّار على وُجُوههم إِلَّا حصائد ألسنتهم

163 - قَالَ الله تَعَالَى {مَا يلفظ من قَول إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيب عتيد} 164 وَقَالَ تَعَالَى {وَإِن عَلَيْكُم لحافظين كراما كاتبين يعلمُونَ مَا تَفْعَلُونَ} 165 وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ إِن الله عقد لِسَان كل قَائِل فَلْينْظر الْمَرْء مَا يَقُول 166 قَالَ عمار الْكَلْبِيّ وَقل الْحق وَإِلَّا فاصمتن ... إِنَّه من لزم الصمت سلم

إِن طول الصمت خير للفتى ... من مقَال فِيهِ عي وبكم 167 قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رحم الله امْرَءًا أمسك فضل لِسَانه وبذل فضل مَاله وَعلم أَن كَلَامه محصي عَلَيْهِ 168 قَالَ الأصبحي من كثر كَلَامه كثرت خطاياه 169 وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاء من فقه الرجل قلَّة كَلَامه فِيمَا لَا يعنيه 170 وَقَالَ مَالك بن دِينَار لَو كَانَت الصُّحُف من عندنَا لأقللنا الْكَلَام

171 - لما خرج يُونُس من بطن الْحُوت أَطَالَ الصمت فَقيل لَهُ أَلا تتلكم فَقَالَ الْكَلَام صيرني فِي بطن الْحُوت 172 قَالَ عمر بن عبد الْعَزِيز الْفِقْه الْأَكْبَر القناعة وكف اللِّسَان 173 وَسُئِلَ عمر بن عبد الْعَزِيز عَن قتلة عُثْمَان فَقَالَ تِلْكَ دِمَاء كف الله عَنْهَا يَدي ... فَأَنا أكره أَن اغمس فِيهَا لساني 174 قَالَ يزِيد بن أبي حبيب

الْمُتَكَلّم ينْتَظر الْفِتْنَة والمتصنت ينْتَظر الرَّحْمَة 175 وَيُقَال شَرّ مَا طبع الله عَلَيْهِ الْمَرْء خلق دنيء ولسان بذيء 176 وَقَالُوا الْبذاء من النِّفَاق

باب ذم العي وحشو الكلام قال ابن القاسم

بَاب ذمّ العي وحشو الْكَلَام قَالَ ابْن الْقَاسِم سَمِعت مَالِكًا يَقُول لَا خير فِي كَثْرَة الْكَلَام وَاعْتبر ذَلِك بِالنسَاء وَالصبيان إِنَّمَا هم أبدا يَتَكَلَّمُونَ وَلَا ينصتون 178 وَقَالَ الْحسن لِسَان الْعَاقِل من وَرَاء قلبه فَإِذا أَرَادَ أَن يتَكَلَّم فكر فَإِن كَانَ لَهُ قَالَ وَإِن كَانَ عَلَيْهِ سكت وقلب الْجَاهِل من وَرَاء لِسَانه

179 - قَالَ نصر بن أَحْمد لِسَان الْفَتى حتف الْفَتى حِين يجهل ... وكل امريء مَا بَين فَكَّيْهِ مقتل وَكم فاتح أَبْوَاب شَرّ لنَفسِهِ ... إِذا لم يكن قفل على فِيهِ مقفل إِذا مَا لِسَان الْمَرْء أَكثر هذرة فَذَاك لِسَان بالبلاء مُوكل إِذا شِئْت أَن تحيا سعيدا مُسلما ... فدبر وميز مَا تَقول وَتفعل 180 قَالَ صَالح بن جنَاح أقلل كلامك واستعذ من شَره ... إِن الْبلَاء بِبَعْضِه مقرون واحفظ لسَانك واحتفظ من عيه ... حَتَّى يكون كَأَنَّهُ مسجون

وكل فُؤَادك بِاللِّسَانِ وَقل لَهُ ... إِن الْكَلَام عَلَيْكُمَا مَوْزُون فزناه وليك محكما فِي قلَّة ... إِن البلاغة فِي الْقَلِيل تكون 181 قَالَ اللاحقي اخْفِضْ الصَّوْت إِن نطقت بلَيْل ... والتفت بِالنَّهَارِ قبل الْكَلَام وَاحْذَرْ الحيط أَن يكون وَرَاءه ... سَارِق السّمع واعيا للْكَلَام 182 قَالَ الْحُكَمَاء إِذا تمّ الْعقل نقص الْكَلَام 183 وَقَالُوا

فضل الْعقل على الْمنطق حِكْمَة وَفضل الْمنطق على الْعقل هجنة 184 قَالَ عَمْرو بن الْعَاصِ ذلة الرجل عظم يجْبر وزلة اللِّسَان لَا تبقي وَلَا تذر 185 قَالَ أَعْرَابِي عثرات اللِّسَان لَا تستقال ... وبأيدي الرِّجَال تجزى الرِّجَال فَاجْعَلْ الْعقل للسان عقَالًا ... فشراد اللِّسَان دَاء عضال إِن ذمّ اللِّسَان مبق على الْعرض ... وبالقول تستبان الفعال 186 وَقَالَ مَنْصُور الْفَقِيه واخرس إِذا خفيت أُمُور ... الْحق عَنْك عَن الْإِجَابَة فَأَقل مَا يجزى الْفَتى ... بسكوته عز المهابة

187 - وَقَالَ مَحْمُود الْوراق ولفظك حِين تلفظ فِي جَمِيع فَلَا تكذب مُقَدّمَة لفعلك فزنه إِن أردْت القَوْل وزنا وَإِلَّا هد من أَرْكَان نبلك 188 وَقَالَ آخر وَمن لَا يملك الشفتين يسخو ... بِسوء اللَّفْظ من قيل وَقَالَ

باب المزدوج من الكلام قال ابن عباس رحمه الله

بَاب المزدوج من الْكَلَام قَالَ ابْن عَبَّاس رَحمَه الله الزَّوْجَة أحد الكاسبين 190 وَقلة الْعِيَال أحد اليسارين 191 المَال أحد الجاهين 192 العجيزة أحد الحسنين 193 الْبيَاض أحد الجمالين

194 - المرق أحد اللحمين 195 الدُّعَاء أحد الصدقتين 196 إصْلَاح المَال أحد الكاسبين 197 السَّامع للغيبة أحد المغتابين 198 الراوية للهجاء أحد الهجائين 199 الْمبلغ أحد الشاتمين

فصل منه الأحمران اللحم والزعفران العمران أبو بكر وعمر وقال

فصل مِنْهُ الأحمران اللَّحْم والزعفران الْعمرَان أَبُو بكر وَعمر وَقَالَ قَتَادَة عمر بن الْخطاب وَعمر بن عبد الْعَزِيز 202 القمران الشَّمْس وَالْقَمَر 203 المكتان مَكَّة وَالْمَدينَة 204 الأبوان الْأَب وَالأُم

205 - الجديدان اللَّيْل وَالنَّهَار 206 الأسودان التَّمْر وَالْمَاء 207 الأطيبان الْأكل وَالْجِمَاع 208 الأجوفان الْفَم والفرج 209 الأصفران اللِّسَان وَالْقلب 210 الأكبران الهمة واللب 211 الأصمعان الْفَهم الذكي والرأي الحازم

212 - وَفِي قَول الفرزدق أَخذنَا بأطراف السَّمَاء عَلَيْكُم لنا قمراها والنجوم الطوالع 213 وَقَالَ قيس بن زُهَيْر جزاني الزهدمان جَزَاء سوء ... وَكنت الْمَرْء يجزى بالكرامة

باب الأجوبة المسكتة وحسن البديهة

بَاب الْأَجْوِبَة المسكتة وَحسن البديهة 214 - لما أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم بدر بِضَرْب عنق عقبَة بن أبي معيط قَالَ لَهُ من للصبية يَا مُحَمَّد قَالَ النَّار 215 قَالَ الْأَعْمَش رَحمَه الله احْذَرُوا الْجَواب فَإِن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ ل عدي بن حَاتِم مَتى فقئت عَيْنك يَا أَبَا طريف قَالَ يَوْم طعنت فِي إستك وَأَنت مول يَعْنِي يَوْم صفّين

216 - تربع سُلَيْمَان بن الشمردل فِي مجْلِس بِلَال بن أبي بردة فَقَالَ لَهُ لقد جَلَست جُلُوس بغي قَالَ إِنَّك لعالم بجلوسهن 217 شهد أَعْرَابِي بِشَهَادَة عِنْد مُعَاوِيَة فَقَالَ لَهُ كذبت فَقَالَ الْكَاذِب وَالله المزمل فِي ثِيَابك قَالَ مُعَاوِيَة هَذَا جَزَاء من عجل 218 أنْشد ابْن الرّقاع مُعَاوِيَة قصيدة يذكر فِيهَا الْخمر فَقَالَ مُعَاوِيَة أما إِنِّي ارتبت فِيك فِي جودة وصف الشَّرَاب فَقَالَ وَأَنا قد أرتبت بك فِي مَعْرفَته

219 - قَالَ تَمِيم بن نصر بن سيار لأعرابي هَل أصابتك تخمة قطّ قَالَ أما من طَعَامك فَلَا 220 قَالَ عبد الْملك بن مَرْوَان ل بثينه مَا رجا مِنْك جميل قَالَت مَا رجت مِنْك الْأمة حِين مَلكتك أمرهَا 221 قيل لبَعْضهِم صَحِبت الْأَمِير فلَانا إِلَى الْيمن فَمَا ولاك قَالَ قَفاهُ 222 قيل لأعرابي صف لنا النَّخْلَة قَالَ سريعة الْعلُوق وَاسِعَة الْعُرُوق

223 - وَقيل ل ابْن الثوام صف لنا النَّخْلَة قَالَ صعبة المرتقى بعيدَة المدى مهولة المجتنى رهيبة السِّلَاح شَدِيدَة الْمُؤْنَة قَليلَة المعونة خشنة الملمس ضئيلة الظل 224 دخل معن بن زَائِدَة على الْمَنْصُور فأسرع الْمَشْي وقارب فِي الخطو فَقَالَ لَهُ الْمَنْصُور كبر سنك يَا معن قَالَ فِي طَاعَتك قَالَ إِنَّك مَعَ ذَلِك لجلد قَالَ على أعدائك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ وَإِن فِيك لبَقيَّة قَالَ هِيَ لَك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ

باب الأدب قال محمد بن سيرين كانوا يقولون أكرم ولدك وأحسن أدبه

بَاب الْأَدَب قَالَ مُحَمَّد بن سِيرِين كَانُوا يَقُولُونَ أكْرم ولدك وَأحسن أدبه كَانَ يُقَال من أدب ابْنه صَغِيرا أرْغم أنف عدوه 227 قَالَ الْحسن التَّعَلُّم فِي الصغر كالنقش على الْحجر 228 قَالَ الشَّاعِر

خير مَا ورث الرِّجَال بنيهم ... أدب صَالح وَحسن الثَّنَاء هُوَ خير من الدَّنَانِير والأوراق ... فِي يَوْم شدَّة أَو رخاء تِلْكَ تفنى وَالدّين وَالْأَدب الصَّالح ... لَا يفنيان حَتَّى اللِّقَاء 229 كَانَ يُقَال من أدب ابْنه صَغِيرا قرت بِهِ عينه كَبِيرا 230 قَالَ لُقْمَان ضرب الْوَالِد للْوَلَد كَالْمَاءِ للزَّرْع 231 قَالَ بعض الْحُكَمَاء لَا أدب إِلَّا بعقل وَلَا عقل إِلَّا بأدب 232 كَانَ يُقَال نعم العون لمن لَا عون لَهُ الْأَدَب

233 - قَالَ الْحجَّاج ل ابْن الْقرْيَة مَا الْأَدَب قَالَ تجرع الغصة حَتَّى تمكن الفرصة 234 قَالَ مُحَمَّد بن جَعْفَر الْأَدَب رئاسة والحزم كياسة وَالْغَضَب نَار والسخف عَار 235 قَالَ ابْن الْقرْيَة تأدبوا فَإِن كُنْتُم ملوكا سدتم وَإِن كُنْتُم أوساطا رفعتم وَإِن كُنْتُم فُقَرَاء استغنيتم 236 قَالَ شبيب بن شيبَة اطْلُبُوا الْأَدَب فَإِنَّهُ عون على الْمُرُوءَة وَزِيَادَة فِي الْعقل وَصَاحب فِي الْعُزْلَة وصلَة فِي الْمجْلس

237 - قَالَ عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله تَعَالَى قوا أَنفسكُم وأهليكم نَار قَالَ أدبوهم وعلموهم 238 قيل ل عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام من أدبك فَقَالَ مَا أدبني أحد رَأَيْت جهل الْجَاهِل فاجتنبته 239 وَقَالَ بعض الْحُكَمَاء أفضل مَا يُورث الْآبَاء الْأَبْنَاء الثَّنَاء الْحسن وَالْأَدب النافع والإخوان الصالحون

باب ترويح القلوب وتنبيهها عن عبد الله بن مسعود

بَاب ترويح الْقُلُوب وتنبيهها عَن عبد الله بن مَسْعُود كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَتَخَوَّلنَا بِالْمَوْعِظَةِ مَخَافَة السامة علينا 241 وَكَانَ عَليّ بن أبي طَالب يَقُول ان هَذِه الْقُلُوب تمل كَمَا تمل الْأَبدَان فابتغوا لَهَا طرائف الْحِكْمَة 242 قَالَ عبد الله بن مَسْعُود إِن للقلوب شَهْوَة وإقبالا وفترة وإدبارا فخذوها عِنْد شهوتها وإقبا لَهَا وذروها عِنْد فترتها وإدبارها

243 - كَمَا يُقَال الملالة تفسخ الْمَوَدَّة وتولد البغضة وتنقص اللَّذَّة 244 قَالَ أرسطو طاليس يَنْبَغِي للرجل أَن يُعْطي نَفسه اربها سَاعَة من النَّهَار ليَكُون ذَلِك عونا لَهَا على سَائِر يَوْمه 245 قَالَ إِبْرَاهِيم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعَلى نَبينَا يَقُول الله فِي صحف إِبْرَاهِيم على الْعَاقِل أَن يكون لَهُ ثَلَاث سَاعَات سَاعَة يُنَاجِي فِيهَا ربه وَسَاعَة يُؤَدب فِيهَا نَفسه وَسَاعَة يخلي فِيهَا بَين نَفسه وَبَين لذاتها فِيمَا يحل ويجمل فَإِن هَذِه السَّاعَة عون لَهُ على سَائِر السَّاعَات

246 - دخل عبد الْملك بن عمر بن عبد الْعَزِيز على أَبِيه وَهُوَ فِي نوم ضحى فَقَالَ يَا أَبَت إِنَّك لنائم وَإِن أَصْحَاب الْحَوَائِج لقائمون ببابك فَقَالَ يَا بني ان نَفسِي مطيتي ان حملت عَلَيْهَا فَوق الْجهد قطعتها 247 قَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ حادثوا هَذِه الْقُلُوب فَإِنَّهَا سريعة الدُّثُور وأفزعوا هَذِه النُّفُوس فانها طلعة فان لم تَفعلُوا هوت بكم الى شَرّ غَايَة 248 وَقَالَ غَيره من الْحُكَمَاء حادثوا هَذِه الْقُلُوب بِالذكر فانها تصدأ كَمَا يصدأ الْحَدِيد

249 - وَقد روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعَلى آله وَسلم إِن هَذِه الْقُلُوب تصدأ كَمَا يصدأ الْحَدِيد قَالُوا فَمَا جلاؤها يَا رَسُول الله قَالَ تِلَاوَة الْقُرْآن 250 كَانَ يُقَال الفكرة مرْآة الْمُؤمن تريه حسنه وقبحه 251 وَكَانَ يُقَال التفكر نور والغفلة ظلمَة

باب ذم الخلاف ومدح المساعدة قال عبد الله بن مسعود

بَاب ذمّ الْخلاف ومدح المساعدة قَالَ عبد الله بن مَسْعُود الْخلاف شَرّ 253 وَكَانَ يُقَال لَا خير مَعَ الْخلاف وَلَا شَرّ مَعَ الائتلاف 254 قَالَ بعض الْعلمَاء الْخلاف يهدم الرَّأْي وَلَا يقوم مَعَ الْخلاف شَيْء 255 قَالَ جَعْفَر بن سعد

تَعَالَى الله مَا أقل الْإِنْصَاف وَأكْثر الْخلاف 256 وَقَالَ الْخلاف فِي كل شَيْء حَتَّى القذارة فِي رَأس الْكوز فَإِذا أردْت أَن تشرب المَاء جَاءَت إِلَى فِيك وَإِن أردْت أَن تصب من رَأس الْكوز لتخرج رجعت 257 وَقَالُوا الْمُخَالفَة توجب الوحشة والمساعدة توجب الألفة وَلَيْسَ مَعَ الِاخْتِلَاف ائتلاف 258 قَالَ بعض الْحُكَمَاء كَمَا لَا يثبت الْكتاب على المَاء كَذَلِك لَا تثبت مودتك فِي الْقلب إِن خَالَفت هَوَاهُ 259 وَقَالُوا الْبر فِي المساعدة والمؤانسة والمؤاخاة والعداوة فِي الهيادة

260 - قَالَ بشار بن برد وَإِنِّي رام من يقاربني فِيمَا ... هويت وَمن أَقَاربه عجل الْمَلَامَة حِين أعجبه ... وَإِذا غضِبت بَين جَانِبه فَلهُ عَليّ وَإِن تجنبني مَا ... عِشْت دَوْمًا لَا أجانبه 261 قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من تعلم بَابا من النُّجُوم تعلم بَابا من السحر وَمن زَاد زَاد 262 قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا ذكر الْقدر فأمسكوا وَإِذا ذكر أَصْحَابِي فأمسكوا وَإِذا ذكر النُّجُوم فأمسكوا 263 قَالَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ تعلمُوا من النُّجُوم مَا تهتدون بِهِ فِي ظلمات الْبر وَالْبَحْر وأمسكوا 264 أَخْبرنِي عبد الله بن مُحَمَّد بن يُوسُف قَالَ

أَخْبرنِي يحيى بن مَالك بن عَابِد قَالَ أَنبأَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد ربه الشَّاعِر قَالَ دخلت على الْوَزير جهور بن الضَّيْف وَكَانَ الْغَيْث قد احْتبسَ واغتم النَّاس لذَلِك وتحدث المنجمون بِتَأْخِير الْغَيْث مُدَّة طَوِيلَة فَوجدت عِنْده ابْن عزّر وَجَمَاعَة من أَصْحَابه وَقد أَقَامُوا الطالع وَعدلُوا وقضوا بِتَأْخِير المَاء شهرا فَقلت للوزير إِن هَذَا من أُمُور الله تَعَالَى المغيبة وأرجوا أَن يكذبهم الله عز وَجل بفضله ثمَّ خرجت وأتيت دَاري فجَاء اللَّيْل وَالسَّمَاء قد تغيمت ونمت سَاعَة فَمَا أيقظني إِلَّا نزُول المَاء فَقُمْت وَقربت الْمِصْبَاح ودعوت بدواية وقلم فَمَا رفعت يَدي حَتَّى أصلحت هَذِه الأبيات ثمَّ بعثت بهَا إِلَى الْوَزير فاستحسنها

باب العفو والتجاوز وكظم الغيظ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

بَاب الْعَفو والتجاوز وكظم الغيظ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا زَاد الله عبدا بِعَفْو إِلَّا عزا 266 وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تنْزع الرَّحْمَة إِلَّا من شقي 267 قَالَ عمر أفضل الْعَفو الْعَفو عِنْد الْمقدرَة وَأفضل الْقَصْد عِنْد الْجدّة

268 - قَالَ سعيد بن الْمسيب لِأَن يخطيء الإِمَام فِي الْعَفو خير من أَن يخطيء فِي الْعقُوبَة 269 قَالَ جَعْفَر بن مُحَمَّد لِأَن أندم على الْعَفو أحب إِلَيّ من أَن أندم على الْعقُوبَة 270 قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من لَا يرحم لَا يرحم 271 وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِنَّمَا يرحم الله من عباده الرُّحَمَاء 272 قَالَ رجل ل الْمَنْصُور حِين ظفر بِأَهْل الشَّام وَقد أجلبوا

عَلَيْهِ وخالفوا مَعَ عبد الله بن عَليّ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ الانتقام عدل والتجاوز فضل وَنحن نعيذ أَمِير الْمُؤمنِينَ أَن يرضى لنَفسِهِ بأوكس النَّصِيبَيْنِ وَلَا يبلغ أرفع الدرجتين 273 كَانَ يُقَال كَانَ يُقَال أولى النَّاس بِالْعَفو أقدرهم على الْعقُوبَة وأنقص النَّاس عقلا من ظلم من هُوَ دونه 274 قَالَ الْمُهلب بن أبي صفرَة خير مَنَاقِب الْمُلُوك الْعَفو 275 قَالَ الْمَأْمُون وددت أَن أهل الجرائم عرفُوا رَأْيِي فِي الْعَفو فَسلمت لي صُدُورهمْ

276 - قَالَ مُعَاوِيَة مَا وجدت شَيْئا ألذ عِنْدِي من غيظ أتجرعه 277 - قَالَ مُحَمَّد بن عَليّ بن حُسَيْن من كظم غيظا يقدر على إمضائه حشى الله قلبه إِيمَانًا وَرُوِيَ مثل هَذَا مَرْفُوعا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

باب الغضب قال رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول الله دلني على عمل

بَاب الْغَضَب قَالَ رجل لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا رَسُول الله دلَّنِي على عمل إِذا عملته دخلت الْجنَّة أَو قَالَ لعَلي أحفظه قَالَ لَا تغْضب 279 - وَرُوِيَ عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ إِذا غضِبت قَائِما فَاقْعُدْ وَإِذا غضِبت قَاعِدا فَقُمْ أَو قَالَ فاضطجع

280 - أوحى الله تَعَالَى إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام اذْكُرْنِي عِنْد غضبك وَإِلَّا أمحقك فِيمَن أمحق وَإِذا ظلمت فارض بنصرتي لَك فَإِنَّهَا خير من نصرتك لنَفسك قَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام يباعدك من غضب الله أَن لَا تغْضب قَالَ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام أعطينا مَا أعطي النَّاس وَمَا لم يُعْطوا وَعلمنَا مَا علم النَّاس وَمَا لم يعلمُوا فَلم نر شَيْئا أفضل من الْعَفو وَالْعدْل فِي الرِّضَا وَالْغَضَب

§1/1