أخير المدخرات شرح أخصر المختصرات

حازم خنفر

أخير المدخرات شرح أخصر المختصرات

أَخْيَر المُدَّخَرَات شَرْح أَخْصَر المُخْتَصَرَات

حقوق الطبع مبذولة لكل مسلم

أَخْيَر المُدَّخَرَات شَرْح «أَخْصَر المُخْتَصَرَات» إِعْدَاد حَازِم خَنْفَر

توطئة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ تَوْطِئَةٌ الحَمْدُ للهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ. فَهَذَا شَرْحٌ لِكِتَابِ «أَخْصَرِ المُخْتَصَرَاتِ» لِمُحَمَّدِ بْنِ بَدْرِ الدِّينِ ابْنِ بَلَبَانَ (1) الحَنْبَلِيِّ، وَوَسَمْتُهُ بِـ: «أَخْيَرِ (2) المُدَّخَرَات شَرْحِ أَخْصَرِ المُخْتَصَرَات». وَاعْلَمْ أَنْ لَيْسَ لِي فِي الكِتَابِ قَلَمُ عِلْمٍ، إِلَّا الجَمْعَ وَالانْتِقَاءَ وَالمَزْجَ، مَعَ تَقْيِيدِ الحُرُوفِ بِالشَّكْلِ. وَكَانَ المَحْمِلُ عَلَى أَصْلِ «الأَخْصَرِ» وَشَرْحِهِ؛ المُسَمَّى بِـ: «الرَّوْضِ النَّدِي شَرْحِ كَافِي المُبْتَدِي» لِأَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَحْمَدَ البَعْلِيِّ الحَنْبَلِيِّ، ثُمَّ عَلَى كُتُبِ العَلَّامِينَ الحَنَابِلَةِ فِي مَوَاضِعَ مِنْهُ. وَاللهُ الهَادِي وَالمُوَفِّقُ حَازِم خَنْفَر 19/ 6/2018 م 4/ 10/1439 هـ ¬

_ (¬1) قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي «تَبْصِيرِ المُنْتَبِهِ» (1/ 99): «بَلَبَان: بِمُوَحَّدَتَيْنِ، بَيْنَهُمَا لَامٌ، مَفْتُوحَاتٌ، مِنْ أَسْمَاءِ الأَتْرَاكِ فِي المُتَأَخِّرِينِ». (¬2) «أَخْيَرُ»: اسْمُ تَفْضِيلٍ، مِنْ فَصِيحِ اللِّسَانِ العَرَبِيِّ، إِلَّا أَنَّ اسْتِعْمَالَهُ قَلِيلٌ، وَتَكَرَّرَ فِي أَكْثَرَ مِنْ حَدِيثٍ نَبَوِيٍّ، وَبَتَّ المَسْأَلَةَ شُرَّاحُ الحَدِيثِ فِي كُتُبِهِمْ؛ فَلَا يُعْتَدُّ بِكَلَامِ مَنْ أَنْكَرَهُ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ.

(كتاب الطهارة)

(كِتَابُ الطَّهَارَةِ) أَيْ: هَذَا كِتَابٌ يُذْكَرُ فِيهِ أَحْكَامُ الطَّهَارَةِ. وَالطَّهَارَةُ - لُغَةً -: النَّظَافَةُ وَالنَّزَاهَةُ عَنِ الأَقْذَارِ. (بَابُ المِيَاهِ) (الْمِيَاهُ ثَلَاثَةٌ)؛ أَيْ: ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ؛ لِأَنَّ المَاءَ إِمَّا أَنْ يَجُوزَ الوُضُوءُ بِهِ أَوْ لَا؛ الأَوَّلُ: الطَّهُورُ، وَالثَّانِي: إِمَّا أَنْ يَجُوزَ شُرْبُهُ أَوْ لَا، الأَوَّلُ: الطَّاهِرُ، وَالثَّانِي: النَّجِسُ. (الأَوَّلُ) مِنْ أَقْسَامِ المَاءِ: (طَهُورٌ)؛ أَيْ: مُطَهِّرٌ لِغَيْرِهِ؛ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنَ المَائِعَاتِ فَإِنَّهُ لَا يُطَهِّرُ، (وَهُوَ البَاقِي عَلَى خِلْقَتِهِ) الَّتِي خَلَقَهُ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهَا. (وَمِنْهُ) أَيِ الطَّهُورِ: (مَكْرُوهٌ) بِلَا حَاجَةٍ إِلَى اسْتِعْمَالِهِ؛ (كَمُتَغَيِّرٍ بِغَيْرِ مُمَازِجٍ)؛ كَقِطَعِ كَافُورٍ. (وَ) مِنَ الطَّهُورِ: (مُحَرَّمٌ؛ لَا يَرْفَعُ الحَدَثَ) مُطْلَقًا؛ سَوَاءٌ وُجِدَ غَيْرُهُ أَوْ لَا، وَسَوَاءٌ كَانَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا، (وَيُزِيلُ الخَبَثَ) الطَّارِئَ مَعَ تَحْرِيمِهِ، (وَهُوَ): 1 - المَاءُ (الْمَغْصُوبُ)، 2 - (وَغَيْرُ) مَاءِ (بِئْرِ النَّاقَةِ مِنْ) آبَارِ (ثَمُودَ). (الثَّانِي) مِنْ أَقْسَامِ المِيَاهِ: (طَاهِرٌ) غَيْرُ مُطَهِّرٍ، (لَا يَرْفَعُ الحَدَثَ وَلَا يُزِيلُ الخَبَثَ)، وَيُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِهِمَا؛ (وَهُوَ) الطَّهُورُ (الْمُتَغَيِّرُ) مِنْ لَوْنِهِ أَوْ طَعْمِهِ أَوْ رِيحِهِ (بِـ) شَيْءٍ (مُمَازِجٍ طَاهِرٍ). (وَمِنْهُ) أَيِ الطَّاهِرِ: طَهُورٌ (يَسِيرٌ، مُسْتَعْمَلٌ فِي رَفْعِ حَدَثٍ)؛ فَإِنَّهُ يَسْلُبُهُ

(فصل) في الآنية

الطَّهُورِيَّةَ. (الثَّالِثُ) مِنْ أَقْسَامِ المِيَاهِ: (نَجِسٌ يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ مُطْلَقًا)؛ أَيْ: فِي عِبَادَةٍ وَغَيْرِهَا؛ سَوَاءٌ وُجِدَ غَيْرُهُ أَوْ لَا، (إِلَّا لِضَرُورَةٍ)؛ كَغَصَّةٍ وَنَحْوِهَا. (وَهُوَ) أَيِ المَاءُ النَّجِسُ: (مَا تَغَيَّرَ بِنَجَاسَةٍ فِي غَيْرِ مَحَلِّ تَطْهِيرٍ)، وَفِي مَحَلِّهِ: طَهُورٌ إِنْ كَانَ وَارِدًا، أَوْ لَمْ يَتَغَيَّرْ مِنْهُ فَطَهُورٌ إِنْ كَانَ كَثِيرًا، (أَوْ) كَانَ المَاءُ (لَاقَاهَا) أَيِ النَّجَاسَةَ (فِي غَيْرِهِ)؛ أَيْ: غَيْرِ مَحَلِّ التَّطْهِيرِ (وَهُوَ يَسِيرٌ). (وَ) حُكْمُ المَاءِ (الجَارِي كَـ) حُكْمِ المَاءِ (الرَّاكِدِ). (وَ) المَاءُ (الْكَثِيرُ: قُلَّتَانِ) فَصَاعِدًا، (وَهُمَا) أَيِ القُلَّتَانِ (مِئَةُ رِطْلٍ وَسَبْعَةُ أَرْطَالٍ وَسُبُعُ رِطْلٍ بِالدِّمَشْقِيِّ) وَمَا وَافَقَهُ. (وَ) المَاءُ (اليَسِيرُ: مَا دُونَهُمَا): أَيِ: القُلَّتَيْنِ. (فَصْلٌ) فِي الآنِيَةِ (كُلُّ إِنَاءٍ طَاهِرٍ يُبَاحُ اتِّخَاذُهُ وَاسْتِعْمَالُهُ) وَلَوْ كَانَ ثَمِينًا؛ كَجَوْهَرٍ وَيَاقُوتٍ وَزُمُرُّدٍ، (إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً أَوْ مُضَبَّبًا بِأَحَدِهِمَا) عَلَى ذَكَرٍ وَأُنْثَى مُطْلَقًا، (لَكِنْ تُبَاحُ ضَبَّةٌ) بِشُرُوطٍ أَرْبَعَةٍ، أَشَارَ لِلأَوَّلِ مِنْهَا بِقَوْلِهِ: «ضَبَّةٌ»، وَالثَّانِي: قَوْلُهُ: (يَسِيرَةٌ)، وَالثَّالِثُ: قَوْلُهُ: (مِنْ فِضَّةٍ) وَالرَّابِعُ: قَوْلُهُ: (لِحَاجَةٍ)، وَهِيَ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهَا غَرَضٌ غَيْرُ زَيِنَةٍ وَلَوْ وُجِدَ غَيْرُهَا. (وَمَا لَمْ تُعْلَمْ نَجَاسَتُهُ مِنْ) نَحْوِ (آنِيَةِ كُفَّارٍ، وَ) مَا لَمْ تُعْلَمْ نَجَاسَتُهُ مِنْ (ثِيَابِهِمْ: طَاهِرٌ) مُطْلَقًا؛ سَوَاءٌ وَلِيَتْ عَوْرَاتِهِمْ كَالسَّرَاوِيلِ، أَوْ لَا كَالعِمَامَةِ. (وَلَا يَطْهُرُ جِلْدُ مَيْتَةٍ بِدِبِاغٍ)، وَيَحِلُّ اسْتِعْمَالُهُ بَعْدَ الدَّبْغِ فِي يَابِسٍ إِذَا كَانَ مِنْ حَيَوَانٍ طَاهِرٍ فِي الحَيَاةِ.

(فصل) في الاستنجاء

(وَكُلُّ أَجْزَائِهَا) أَيِ: المَيْتَةِ؛ كَالعَظْمِ وَالقَرْنِ وَالظُّفُرِ وَنَحْوِهَا (نَجِسَةٌ؛ إِلَّا شَعْرًا وَنَحْوَهُ) كَالصُّوفِ وَالرِّيشِ إِذَا كَانَ مِنْ مَيْتَةٍ طَاهِرَةٍ فِي الحَيَاةِ. (وَالمُنْفَصِلُ مِنْ) حَيَوَانٍ (حَيٍّ) كَقَرْنٍ؛ فَهُوَ (كَمَيْتَتِهِ). (فَصْلٌ) فِي الاسْتِنْجَاءِ (الاسْتِنْجَاءُ وَاجِبٌ مِنْ كُلِّ خَارِجٍ) مِنْ سَبِيلٍ وَلَوْ نَادِرًا كَالدُّودِ، (إِلَّا الرِّيحَ، وَ) إِلَّا (الطَّاهِرَ) كَالمَنِيِّ، (وَ) إِلَّا (غَيْرَ المُلَوِّثِ) كَالحَصَى وَالبَعْرِ النَّاشِفِ. (وَسُنَّ عِنْدَ دُخُولِ خَلَاءٍ: قَوْلُ) دَاخِلِهِ: (بِسْمِ اللهِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الخُبُثِ وَالخَبَائِثِ، وَ) سُنَّ قَوْلُهُ (بَعْدَ خُرُوجٍ مِنْهُ) أَيِ: الخَلَاءِ: (غُفْرَانَكَ، الحَمْدُ للهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنِّي الأَذَى وَعَافَانِي). (وَ) سُنَّ لِدَاخِلِ خَلَاءٍ: (تَغْطِيَةُ رَأْسٍ، وَانْتِعَالٌ) بِرِجْلِهِ، (وَ) سُنَّ لَهُ (تَقْدِيمُ رِجْلِهِ اليُسْرَى دُخُولًا، وَاعْتِمَادُهُ عَلَيْهَا جَالِسًا) أَيِ اليُسْرَى حَالَ الجُلُوسِ، وَيَنْصِبُ اليُمْنَى، (وَ) سُنَّ تَقْدِيمُ (اليُمْنَى خُرُوجًا، عَكْسُ مَسْجِدٍ وَنْعلٍ وَنَحْوِهِمَا) كَالمَنْزِلِ. (وَ) يُسَنُّ لِمُرِيدِ قَضَاءِ الحَاجَةِ (بُعْدُهُ فِي فَضَاءٍ) حَتَّى لَا يَرَاهُ أَحَدٌ. (وَ) سُنَّ لَهُ أَيْضًا (طَلَبُ مَكَانٍ رِخْوٍ لِبَوْلٍ)، وَيَقْصِدُ مَكانًا عَالِيًا لِيَنْحَدِرَ عَنْهُ البَوْلُ. (وَ) سُنَّ (مَسْحُ الذَّكَرِ بِالْيَدِ اليُسْرَى - إِذَا انْقَطَعَ البَوْلُ - مِنْ أَصْلِهِ) أَيِ الذَّكَرِ، فَيَبْدَأُ مِنْ حَلْقَةِ دُبُرِهِ (إِلَى رَأْسِهِ) أَيْ رَأْسِ الذَّكَرِ (ثَلَاثًا) لِيَنْجَذِبَ البَوْلُ. (وَ) سُنَّ (نَتْرُهُ) أَيِ الذَّكَرِ (ثَلَاثًا). (وَكُرِهَ دُخُولُ خَلَاءٍ بِمَا) أَيْ بِشَيْءٍ (فِيهِ ذِكْرُ) اسْمِ (اللهِ تَعَالَى).

(وَ) كُرِهَ (كَلَامٌ فِيهِ) أَيِ الخَلاءِ (بِلَا حَاجَةٍ). (وَ) كُرِهَ (رَفْعُ ثَوْبٍ قَبْلَ دُنُوٍّ مِنَ الأَرْضِ) لِغَيْرِ حَاجَةٍ. (وَ) كُرِهَ (بَوْلٌ فِي شَقٍّ وَنَحْوِهِ). (وَ) كُرِهَ (مَسُّ فَرْجٍ بِيَمِينٍ بِلَا حَاجَةٍ) حَتَّى بِاسْتِنْجَاءٍ أَوِ اسْتِجْمَارٍ. (وَ) كُرِهَ (اسْتِقْبَالُ النَّيِّرَيْنِ) أَيِ الشَّمْسِ وَالقَمَرِ؛ فِي بَوْلٍ وَغَائِطٍ، بِلَا حَائِلٍ؛ لِمَا فِيهِمَا مِنْ نُورِ اللهِ - تَعَالَى -. (وَحَرُمَ اسْتِقْبَالُ قِبْلَةٍ) فِي غَيْرِ بُنْيَانٍ، (وَ) حَرُمَ (اسْتِدْبَارُهَا) أَيِ القِبْلَةِ (فِي غَيْرِ بُنْيَانٍ). (وَ) حَرُمَ (لُبْثٌ فَوْقَ) قَدْرِ (الحَاجَةِ)؛ لِأَنَّهُ كَشْفُ عَوْرَةٍ بِلَا حَاجَةٍ. (وَ) حَرُمَ (بَوْلٌ) وَتَغَوُّطٌ (فِي طَرِيقٍ مَسْلُوكٍ وَنَحْوِهِ) كَالظِّلِّ النَّافِعِ، (وَ) حَرُمَ بَوْلٌ وَتَغَوُّطٌ (تَحْتَ شَجَرَةٍ مُثْمِرَةٍ ثَمَرًا مَقْصُودًا). (وَسُنَّ اسْتِجْمَارٌ) بِحَجَرٍ وَنَحْوِهِ، (ثُمَّ اسْتِنْجَاءٌ بِمَاءٍ)، فَإِنْ عَكَسَ كُرِهَ، (وَيَجُوزُ الِاقْتِصَارُ عَلَى أَحَدِهِمَا) أَيِ الحَجَرِ أَوِ المَاءِ، (لَكِنَّ المَاءَ) وَحْدَهُ (أَفْضَلُ حِينَئِذٍ) مِنَ الحَجَرِ وَحْدَهُ. (وَلَا يَصِحُّ اسْتِجْمَارٌ إِلَّا بِطَاهِرٍ مُبَاحٍ يَابِسٍ مُنْقٍ) كَالحَجَرِ وَالخَشَبِ. (وَحَرُمَ) اسْتِجْمَارٌ (بِرَوْثٍ وَعَظْمٍ وَطَعَامٍ) مُطْلَقًا، (وَذِي حُرْمَةٍ) كَكُتُبِ حَدِيثٍ وَفِقْهٍ، (وَمُتَّصِلٍ بِحَيَوَانٍ). (وَشُرِطَ لَهُ) أَيْ لِلاسْتِجْمَارِ: (عَدَمُ تَعَدِّي خَارِجٍ مَوضِعَ العَادَةِ)، فَإِنِ اسْتَجْمَرَ بِمَا نَهَى عَنْهُ الشَّارِعُ لِحُرْمَتِهِ، أَوْ تَعَدَّى خَارِجٌ مَوْضِعَ العَادَةِ: لَمْ يُجْزِئْهُ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَّا المَاءُ.

(فصل) في السواك وسنن الفطرة

(وَ) شُرِطَ لِلاسْتِجْمَارِ بِحَجَرٍ: (ثَلَاثُ مَسَحَاتٍ مُنْقِيَةٍ فَأَكْثَرُ)، تَعُمُّ كُلُّ مَسْحَةٍ المَحَلَّ. (فَصْلٌ) فِي السِّوَاكِ وَسُنَنِ الفِطْرَةِ (يُسَنُّ السِّوَاكُ بِالْعُودِ كُلَّ وَقْتٍ) أَيْ فِي كُلِّ وَقْتٍ مِنَ الأَوْقَاتِ، (إِلَّا لِصَائِمٍ بَعْدَ الزَّوَالِ) أَيْ مَيْلِ الشَّمْسِ عِنْدَ كَبِدِ السَّمَاءِ، (فَيُكْرَهُ) السِّوَاكُ إِذَنْ. (وَيَتَأَكَّدُ) السِّوَاكُ (عِنْدَ) كُلِّ وُضُوءٍ وَ (صَلَاةٍ وَنَحْوِهَا) كَدُخُولِ مَنْزِلٍ، (وَ) يَتَأَكَّدُ أَيْضًا عِنْدَ (تَغَيُّرٍ فَمٍ وَنَحْوِهِ) كَخُلُوِّ المِعْدَةِ. (وَسُنَّ بُدَاءَةٌ بِـ) الجَانِبِ (الأَيْمَنِ) مِنْ فَمٍ (فِيهِ) أَيِ السِّوَاكِ (وَ) بُدَاءَةٌ بِالأَيْمَنِ (فِي طُهْرٍ وَ) فِي (شَأْنِهِ كُلِّهِ) كَتَرَجُّلٍ وَنَحْوِهِ. (وَ) سُنَّ (ادِّهَانٌ غِبًّا) أَيْ يَوْمًا وَيَوْمًا. (وَ) سُنَّ (اكْتِحَالٌ) بِإِثْمِدٍ كُلَّ لَيْلَةٍ (فِي كُلِّ عَيْنٍ ثَلَاثًا) قَبْلَ النَّوْمِ. (وَ) سُنَّ (نَظَرٌ فِي مِرْآةٍ)، وَقَوْلُهُ: «اللهم كَمَا حَسَّنَتْ خَلْقِي فَحَسِّنْ خُلُقِي، وَحَرِّمْ وَجْهِي عَلَى النَّارِ». (وَ) سُنَّ (تَطَيُّبٌ) لِرَجُلٍ بِمَا خَفِيَ لَوْنُهُ وَظَهَرَ رِيحُهُ، وَلِلْمَرْأَةِ فِي غَيْرِ بَيْتِهَا بِعَكْسِهِ. (وَ) سُنَّ (اسْتِحْدَادٌ) أَيْ حَلْقُ العَانَةِ، وَلَهُ قَصُّهُ وَإِزَالَتُهُ بِمَا شَاءَ. (وَ) سُنَّ (حَفُّ شَارِبٍ)، وَهُوَ المُبَالَغَةُ فِي قَصِّهِ. (وَ) سُنَّ (تَقْلِيمُ ظُفُرٍ). (وَ) سُنَّ (نَتْفُ إِبْطٍ). (وَكُرِهَ قَزَعٌ)، وَهُوَ حَلْقُ بَعْضِ الرَّأْسِ.

(فصل) في فروض الوضوء

(وَ) كُرِهَ (نَتْفُ شَيْبٍ) لِأَنَّهُ نُورُ الإِسْلَامِ. (وَ) كُرِهَ (ثَقْبُ أُذُنِ صَبِيٍّ) لَا جَارِيَةٍ. (وَيَجِبُ خِتَانُ ذَكَرٍ) بُعَيْدَ بُلُوغٍ بِأَخْذِ جِلْدَةِ الحَشَفَةِ أَوْ أَكْثَرِهَا، (وَ) يَجِبُ خِتَانُ (أُنْثَى بُعَيْدَ بُلُوغٍ) بِأَخْذِ جِلْدَةٍ فَوْقَ مَحَلِّ الإِيلَاجِ؛ تُشْبِهُ عُرْفَ الدِّيكِ، (مَعَ أَمْنِ الضَّرَرِ) مُتَعَلِّقٌ بِـ «يَجِبُ»، (وَيُسَنُّ) الخِتَانُ (قَبْلَهُ) أَيِ البُلُوغِ، (وَيُكْرَهُ) الخِتَانُ (سَابِعَ) يَوْمِ (وِلَادَتِهِ، وَ) يُكْرَهُ الخِتَانُ (مِنْهَا إِلَيْهِ) أَيْ مِنَ الوِلَادَةِ إِلَى اليَوْمِ السَّابِعِ. (فَصْلٌ) فِي فُرُوضِ الوُضُوءِ (فُرُوضُ الوُضُوءِ سِتَّةٌ): الأَوَّلُ: (غَسْلُ الوَجْهِ مَعَ مَضْمَضَةٍ وَاسْتِنْشَاقٍ). (وَ) الثَّانِي: (غَسْلُ اليَدَيْنِ) مَعَ المِرْفَقَيْنِ. (وَ) الثَّالِثُ: غَسْلُ (الرِّجْلَيْنِ) مَعَ الكَعْبَيْنِ. (وَ) الرَّابِعُ: (مَسْحُ جَمِيعِ الرَّأْسِ مَعَ الأُذُنَيْنِ). (وَ) الخَامِسُ: (تَرْتِيبٌ) بَيْنَ الأَعْضَاءِ. (وَ) السَّادِسُ: (مُوَالَاةٌ)، وَهِيَ أَنْ لَا يُؤَخِّرَ غَسْلَ عُضْوٍ حَتَّى يَنْشَفَ الَّذِي قَبْلَهُ. (وَالنِّيَّةُ) مَحَلُّهَا القَلْبُ، وَهِيَ (شَرْطٌ لِكُلِّ طَهَارَةٍ شَرْعِيَّةٍ) كَالوُضُوءِ وَالغُسْلِ، (غَيْرَ إِزَالَةِ خَبَثٍ، وَ) غَيْرَ (غُسْلِ كِتَابِيَّةٍ لِحِلِّ وَطْءٍ) لِزَوْجٍ مُسْلِمٍ مِنْ نَحْوِ حَيْضٍ، (وَ) غَيْرَ غُسْلِ (مُسْلِمَةٍ مُمْتَنِعَةٍ لِذَلِكَ)، فَتَغْتَسِلُ قَهْرًا بِلَا نِيَّةٍ؛ كَمُمْتَنِعٍ مِنْ إِخْرَاجِ زَكَاةٍ.

(فصل) في المسح على الخفين

(وَالتَّسْمِيَةُ وَاجِبَةٌ فِي) أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ: الأَوَّلُ: فِي (وُضُوءٍ، وَ) الثَّانِي: فِي (غُسْلٍ)، (وَ) الثَّالِثُ: فِي (تَيَمُّمٍ)، (وَ) الرَّابِعُ: فِي (غَسْلِ يَدَيْ قَائِمٍ مِنْ نَوْمِ لَيْلٍ نَاقِضٍ لِوُضُوءٍ). (وَتَسْقُطُ) التَّسْمِيَةُ (سَهْوًا وَجَهْلًا). (وَمِنْ سُنَنِهِ) أَيِ الوُضُوءِ: الأَوَّلُ: (اسْتِقْبَالُ قِبْلَةٍ). (وَ) الثَّانِي: (سِوَاكٌ). (وَ) الثَّالِثُ: (بُدَاءَةٌ بِغَسْلِ يَدَيْ غَيْرِ قَائِمٍ مِنْ نَوْمِ لَيْلٍ) نَاقِضٍ لِوُضُوءٍ، (وَيَجِبُ لَهُ ثَلَاثًا تَعَبُّدًا). (وَ) الرَّابِعُ: بُدَاءَةٌ - قَبْلَ غَسْلِ وَجْهٍ - (بِمَضْمَضَةٍ فَاسْتِنْشَاقٍ). (وَ) الخَامِسُ: (مُبَالَغَةٌ فِيهِمَا) أَيِ المَضْمَضَةِ وَالاسْتِنْشَاقِ (لِغَيْرِ صَائِمٍ). (وَ) السَّادِسُ (تَخْلِيلُ شَعْرٍ كَثِيفٍ). (وَ) السَّابِعُ: تَخْلِيلُ (الأَصَابِعِ) مِنَ اليَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ. (وَ) الثَّامِنُ: (غَسْلَةٌ ثَانِيَةٌ وَثَالِثَةٌ، وَكُرِهَ أَكْثَرُ). (وَسُنَّ بَعْدَ فَرَاغِهِ رَفْعُ بَصَرِهِ إِلَى السَّمَاءِ، وَقَوْلُ مَا وَرَدَ، وَاللهُ أَعْلَمُ)، وَهُوَ: «أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، اللهم اجْعَلْنِي مِنَ التَّوَابِينَ، وَاجْعَلْنِي مِنَ المُتَطَهِّرِينَ، سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ». (فَصْلٌ) فِي المَسْحِ عَلَى الخُفَّيْنِ (يَجُوزُ المَسْحُ عَلَى خُفٍّ وَنَحْوِهِ) كَجَوْرَبٍ (وَ) كَذَا عَلَى (عِمَامَةِ ذَكَرٍ؛ مُحَنَّكَةٍ

أَوْ ذَاتِ ذُؤَابَةٍ). (وَ) يَجُوزُ المَسْحُ عَلَى (خُمُرِ نِسَاءٍ مُدَارَةٍ تَحْتَ حُلُوقِهِنَّ). (وَ) يَجُوزُ المَسْحُ (عَلَى جَبِيرَةٍ لَمْ تُجَاوِزْ قَدْرَ الحَاجَةِ)، فَيَمْسَحُ عَلَيْهَا (إِلَى حَلِّهَا) لِلضَّرُورَةِ. (وَإِنْ جَاوَزَتْهُ) أَيْ قَدْرَ الحَاجَةِ، (أَوْ) كَانَ (وَضَعَهَا عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ) وَإِنْ لَمْ تَتَجَاوَزْ: (لَزِمَهُ نَزْعُهَا) وَغَسْلُ مَا تَحْتَهَا. (فَإِنْ خَافَ) بِنَزْعِهَا (الضَّرَرَ) وَهِيَ مُتَجَاوِزَةٌ مَحَلَّ الحَاجَةِ، أَوْ كَانَ وَضَعَهَا عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ وَإِنْ لَمْ تَتَجَاوَزْ: (تَيَمَّمَ) لَهَا (مَعَ مَسْحِ مَوْضُوعَةٍ عَلَى طَهَارَةٍ)، فَيَغْسِلُ الصَّحِيحَ، وَيَتَيَمَّمُ عَنِ المُجَاوِزِ، وَيَمْسَحُ عَنِ الجُرْحِ. (وَيَمْسَحُ مُقِيمٌ، وَعَاصٍ بِسَفَرِهِ)، وَمُسَافِرٌ دُونَ مَسَافَةِ قَصْرٍ (مِنْ) بِدَايَةِ (حَدَثٍ بَعْدَ لُبْسٍ يَوْمًا وَلَيْلَةً، وَ) يَمْسَحُ (مُسَافِرٌ سَفَرَ قَصْرٍ) مُبَاحًا، وَعَاصٍ فِي سَفَرِهِ (ثَلَاثَةً بِلَيَالِيهَا، فَإِنْ مَسَحَ فِي سَفَرٍ ثُمَّ أَقَامَ) قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّتِهِ (أَوْ عَكَسَ) بِأَنْ مَسَحَ مُقِيمًا أَقَلَّ مِنْ مَسْحِ مُقِيمٍ ثُمَّ سَافَرَ؛ (فَكَـ) مَسْحِ (مُقِيمٍ) يَعْنِي: يَوْمًا وَلَيْلَةً. (وَشُرِطَ) لِمَسْحِ الخُفَّيْنِ - وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا وَنَحْوِهِمَا - سِتَّةُ شُرُوطٍ: الأَوَّلُ: (تَقَدُّمُ كَمَالِ طَهَارَةٍ) بِمَاءٍ. (وَ) الثَّانِي: (سَتْرُ مَمْسُوحٍ مَحَلَّ فَرْضٍ). (وَ) الثَّالِثُ: (ثُبُوتُهُ) أَيِ المَمْسُوحِ (بِنَفْسِهِ). (وَ) الرَّابِعُ: (إِمْكَانُ مَشْيٍ بِهِ) أَيِ المَمْسُوحِ (عُرْفًا). (وَ) الخَامِسُ: (طَهَارَتُهُ) أَيِ المَمْسُوحِ. (وَ) السَّادِسُ: (إِبَاحَتُهُ) مُطْلَقًا.

(فصل) في نواقض الوضوء

(وَيَجِبُ مَسْحُ أَكْثَرِ دَوَائِرِ عِمَامَةٍ، وَ) يَجِبُ مَسْحُ (أَكْثَرِ ظَاهِرِ قَدَمِ خُفٍّ، وَ) يَجِبُ مَسْحُ (جَمِيعِ جَبِيرَةٍ). (وَإِنْ ظَهَرَ بَعْضُ مَحَلِّ فَرْضٍ) أَيْ مَتَى ظَهَرَ بَعْضُ قَدَمِهِ بَعْدَ الحَدَثِ وَقَبْلِ انْقِضَاءِ المُدَّةِ، أَوْ ظَهَرَ بَعْضُ رَأْسِهِ وَفَحُشَ فِيهِ، (أَوْ تَمَّتِ المُدَّةُ) أَي مُدَّةُ المَسْحِ وَلَوْ مُتَطَهِّرًا أَوْ فِي صَلَاةٍ: (اسْتَأْنَفَ الطَّهَارَةَ)، وَبَطَلَتِ الصَّلَاةُ. (فَصْلٌ) فِي نَوَاقِضِ الوُضُوءِ (نَوَاقِضُ الوُضُوءِ ثَمَانِيَةٌ): الأَوَّلُ: (خَارِجٌ مِنْ سَبِيلٍ مُطْلَقًا) أَيْ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا، طَاهِرًا أَوْ نَجِسًا، نَادِرًا أَوْ مُعْتَادًا. (وَ) الثَّانِي: (خَارِجٌ مِنْ بَقِيَّةِ البَدَنِ مِنْ بَوْلٍ وَغَائِطٍ وَكَثِيرٍ نَجِسٍ غَيْرِهِمَا) أَيِ البَوْلِ وَالغَائِطِ؛ كَالدَّمِ وَنَحْوِهِ. (وَ) الثَّالِثُ: (زَوَالُ عَقْلٍ؛ إِلَّا يَسِيرَ نَوْمٍ) عُرْفًا (مِنْ قَائِمٍ أَوْ قَاعِدٍ). (وَ) الرَّابِعُ: (غَسْلُ مَيِّتٍ)؛ مُسْلِمًا كَانَ، أَوْ كَافرًا. (وَ) الخَامِسُ: (أَكْلُ لَحْمِ إِبِلٍ)، عَلِمَهُ أَوْ جَهِلَهُ، نَيِّئًا كَانَ أَوْ مَطْبُوخًا. (وَ) السَّادِسُ: (الرِّدَّةُ) عَنِ الإِسْلَامِ، (وَكُلُّ مَا أَوْجَبَ غُسْلًا، غَيْرَ مَوْتٍ)؛ كَإِسْلَامٍ، وَانْتِقَالِ مَنِيٍّ، وَحَيْضٍ، وَنِفَاسٍ. وَلَا يَجِبُ وُضُوءُ المَيِّتِ؛ بَلْ يُسَنُّ. (وَ) السَّابِعُ: (مَسُّ فَرْجِ آدَمِيٍّ مُتَّصِلٍ) لَا مُنْفَصِلٍ، (أَوْ) مَسُّ (حَلْقَةِ دُبُرِهِ) أَيِ الآدَمِيِّ (بِيَدٍ). (وَ) الثَّامِنُ: (لَمْسُ ذَكَرٍ أَوْ) لَمْسُ (أُنْثَى الآخَرَ) أَيْ لَمْسُ ذَكَرٍ بَشَرَةَ أُنْثَى، أَوْ الأَوَّلُ: (خَارِجٌ مِنْ سَبِيلٍ مُطْلَقًا) أَيْ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا، طَاهِرًا أَوْ نَجِسًا، نَادِرًا أَوْ مُعْتَادًا. (وَ) الثَّانِي: (خَارِجٌ مِنْ بَقِيَّةِ البَدَنِ مِنْ بَوْلٍ وَغَائِطٍ وَكَثِيرٍ نَجِسٍ غَيْرِهِمَا) أَيِ البَوْلِ وَالغَائِطِ؛ كَالدَّمِ وَنَحْوِهِ. (وَ) الثَّالِثُ: (زَوَالُ عَقْلٍ؛ إِلَّا يَسِيرَ نَوْمٍ) عُرْفًا (مِنْ قَائِمٍ أَوْ قَاعِدٍ). (وَ) الرَّابِعُ: (غَسْلُ مَيِّتٍ)؛ مُسْلِمًا كَانَ، أَوْ كَافرًا. (وَ) الخَامِسُ: (أَكْلُ لَحْمِ إِبِلٍ)، عَلِمَهُ أَوْ جَهِلَهُ، نَيِّئًا كَانَ أَوْ مَطْبُوخًا. (وَ) السَّادِسُ: (الرِّدَّةُ) عَنِ الإِسْلَامِ، (وَكُلُّ مَا أَوْجَبَ غُسْلًا، غَيْرَ مَوْتٍ)؛ كَإِسْلَامٍ، وَانْتِقَالِ مَنِيٍّ، وَحَيْضٍ، وَنِفَاسٍ. وَلَا يَجِبُ وُضُوءُ المَيِّتِ؛ بَلْ يُسَنُّ. (وَ) السَّابِعُ: (مَسُّ فَرْجِ آدَمِيٍّ مُتَّصِلٍ) لَا مُنْفَصِلٍ، (أَوْ) مَسُّ (حَلْقَةِ دُبُرِهِ) أَيِ الآدَمِيِّ (بِيَدٍ). (وَ) الثَّامِنُ: (لَمْسُ ذَكَرٍ أَوْ) لَمْسُ (أُنْثَى الآخَرَ) أَيْ لَمْسُ ذَكَرٍ بَشَرَةَ أُنْثَى، أَوْ

(فصل) في الغسل

أُنْثَى بَشَرَةَ ذَكَرٍ (لِشَهْوَةٍ بِلَا حَائِلٍ فِيهِمَا) أَيِ الذَّكَرِ وَالأُنْثَى، وَ (لَا) يَنْقُضُ لَمْسٌ (لِشَعْرٍ، وَ) لَا (سِنٍّ)، وَلَا (ظُفُرٍ، وَلَا) يَنْقُضُ اللَّمْسُ (بِهَا) أَيِ الشَّعْرِ وَالسِّنِّ وَالظُّفُرِ، (وَلَا) يَنْقُضُ لَمْسُ (مَنْ دُونَ سَبْعٍ) مِنَ السِّنِينَ مُطْلَقًا. (وَلَا يَنْتَقِضُ وُضُوءُ مَلْمُوسٍ مُطْلَقًا)؛ سَوَاءٌ وَجَدَ شَهْوَةً أَمْ لَا. (وَمَنْ) تَيَقَّنَ حَدَثًا وَ (شَكَّ فِي طَهَارَةٍ، أَوْ) تَيَقَّنَ طَهَارَةً وَشَكَّ فِي (حَدَثٍ: بَنَى عَلَى يَقِينِهِ). (وَحَرُمَ عَلَى مُحْدِثٍ) حَدَثًا أَصْغَرَ أَوْ أَكْبَرَ: (مَسُّ مُصْحَفٍ، وَصَلَاةٌ، وَطَوَافٌ). (وَ) يَحْرُمُ (عَلَى جُنُبٍ وَنَحْوِهِ) كَالحَائِضِ (ذَلِكَ) أَيْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ مَسِّ مُصْحَفٍ وَغَيْرِهِ (وَ) يَحْرُمُ عَلَى الجُنُبِ وَنَحْوِهِ أَيْضًا: (قِرَاءَةُ آيَةِ قُرْآنٍ)، وَيَحْرُمُ عَلَى الجُنُبِ وَنَحْوِهِ أَيْضًا: (لُبْثٌ فِي مَسْجِدٍ بِغَيْرِ وُضُوءٍ). (فَصْلٌ) فِي الغُسْلِ (مُوجِبَاتُ الغُسْلِ سَبْعَةٌ): الأَوَّلُ: (خُرُوجُ المَنِيِّ مِنْ مَخْرَجِهِ) المُعْتَادِ (بِلَذَّةٍ). (وَ) الثَّانِي: (انْتِقَالُهُ) أَيِ المَنِيِّ، فَيَجِبُ الغُسْلُ بِمُجَرَّدِ إِحْسِاسِ الرَّجُلِ بِانْتِقَالِ مَنِيِّهِ مِنْ صُلْبِهِ، وَالمَرْأَةِ بِانْتِقَالِهِ مِنْ تَرَائِبِهِا، وَهِيَ عِظَامُ الصَّدْرِ. (وَ) الثَّالِثُ: (تَغْيِيبُ حَشَفَةٍ فِي فَرْجٍ أَوْ دُبُرٍ وَلَو) كَانَ (لِبَهِيمَةٍ أَوْ مَيِّتٍ بِلَا حَائِلٍ). (وَ) الرَّابِعُ: (إِسْلَامُ كَافِرٍ). (وَ) الخَامِسُ: (مَوْتٌ) تَعَبُّدًا؛ غَيْرَ شَهِيدِ مَعْرَكَةٍ، وَمَقْتُولٍ ظُلْمًا.

(وَ) السَّادِسُ: (حَيْضٌ). (وَ) السَّابِعُ: (نِفَاسٌ). (وَسُنَّ) غُسْلٌ (لِـ): 1 - صَلَاةِ (جُمُعَةٍ). 2 - (وَ) صَلَاةِ (عِيدٍ). 3 - (وَ) صَلَاةِ (كُسُوفٍ). 4 - (وَ) صَلَاةِ (اسْتِسْقَاءٍ). 5 و 6 - (وَجُنُونٍ وَإِغْمَاءٍ لَا احْتِلَامَ فِيهِمَا). 7 - (وَاسْتِحَاضَةٍ)، فَيُسَنُّ لِلْمُسْتَحَاضَةِ أَنْ تَغْتَسِلَ (لِكُلِّ صَلَاةٍ). 8 - (وَ) سُنَّ غُسْلٌ لِـ (إِحْرَامٍ) بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ. 9 - (وَ) لِـ (دُخُولِ مَكَّةَ). 10 - (وَ) لِدُخُولِ (حَرَمِهَا) أَيْ مَكَّةَ. 11 - (وَ) لِـ (وُقُوفٍ بِعَرَفَةَ). 12 - (وَ) لِـ (طَوَافِ زِيَارَةٍ)، وَهُوَ طَوَافُ الإِفَاضَةِ. 13 - (وَ) لِطَوَافِ (وَدَاعٍ). 14 - (وَ) لِـ (مَبِيتٍ بِمُزْدَلِفَةَ). 15 - (وَ) لِـ (رَمْيِ جِمَارٍ). (وَتَنْقُضُ المَرْأَةُ شَعْرَهَا) وَجُوبًا (لِحَيْضٍ وَنِفَاسٍ)، وَ (لَا) تَنْقُضُهُ (لِجَنَابَةٍ إِذَا رَوَّتْ أُصُولَهُ). (وَسُنَّ تَوَضُّؤٌ بِمُدٍّ) مِنْ مَاءٍ، (وَ) سُنَّ (اغْتِسَالٌ بِصَاعٍ).

(فصل) في التيمم

(وَكُرِهَ إِسْرَافٌ) فِي وُضُوءٍ وَغُسْلٍ. (وَإِنْ نَوَى بِالْغُسْلِ رَفْعَ الحَدَثَيْنِ) الأَكْبَرِ وَالأَصْغَرِ، (أَوْ) نَوَى عَنْهُمَا بِغُسْلِهِ رَفْعَ (الْحَدَثِ وَأَطْلَقَ)، فَلَمْ يُقَيِّدْ بِالأَكْبَرِ وَالأَصْغَرِ: (ارْتَفَعَا). (وَسُنَّ لِجُنُبٍ: غَسْلُ فَرْجِهِ، وَالْوُضُوءُ لِأَكْلٍ وَشُرْبٍ، وَ) الوُضُوءُ لِـ (نَوْمٍ)، (وَ) الوُضُوءُ لِـ (مُعَاوَدَةِ وَطْءٍ). (وَالْغُسْلُ لَهَا) أَيْ لِمُعَاوَدَةِ وَطْءٍ (أَفْضَلُ). (وَكُرِهَ نَوْمُ جُنُبٍ) فَقَطْ (بِلَا وُضُوءٍ)، وَلَا يَضُرُّ نَقْضُهُ بَعْدُ. (فَصْلٌ) فِي التَّيَمُّمِ (يَصِحُّ التَّيَمُّمُ) بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ: الأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ (بِتُرَابٍ طَهُورٍ مُبَاحٍ، لَهُ غُبَارٌ) يَعْلَقُ. وَالثَّانِي: قَوْلُهُ: (إِذَا عَدِمَ المَاءَ؛ لِحَبْسٍ، أَوْ غَيْرِهِ، أَوْ خِيفَ بِاسْتِعْمَالِهِ أَوْ طَلَبِهِ ضَرَرٌ بِبَدَنٍ أَوْ مَالٍ أَوْ غَيْرِهِمَا). وَالثَّالِثُ: قَوْلُهُ: (وَيُفْعَلُ) التَّيَمُّمُ (عَنْ كُلِّ مَا يُفْعَلُ بِالْمَاءِ - سِوَى نَجَاسَةٍ عَلَى غَيْرِ بَدَنٍ - إِذَا دَخَلَ وَقْتُ فَرْضٍ، وَأُبِيحَ غَيْرُهُ) أَيِ الفَرْضِ؛ فَلَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ لِحَاضِرَةٍ وَعِيدٍ مَا لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُهُمَا، وَلَا لِفَائِتَةٍ إِلَّا إِذَا ذَكَرَهَا وَأَرَادَ فِعْلَهَا، وَلَا لِكُسُوفٍ قَبْلَ وُجُودِهِ، وَلَا لِاسْتِسْقَاءٍ مَا لَمْ يَجْتَمِعُوا، وَلَا لِجَنَازَةٍ إِلَّا إِذَا غُسِّلَ المَيِّتُ - أَوْ يُمِّمَ لِعُذْرٍ -، وَلَا لِنَافِلَةٍ وَقْتَ نَهْيٍ. (وَإِنْ وَجَدَ) مَنْ لَزِمَتْهُ طَهَارَةٌ - حَتَّى المُحْدِثُ - (مَاءً لَا يَكْفِي طَهَارَتَهُ: اسْتَعْمَلَهُ) وُجُوبًا (ثُمَّ تَيَمَّمَ). (وَيَتَيَمَّمُ لِلْجُرْحِ عِنْدَ غَسْلِهِ إِنْ لَمْ يُمْكِنُ مَسْحُهُ بِالْمَاءِ، وَيَغْسِلُ

الصَّحِيحَ)، فَيَلْزَمُهُ التَّرْتِيبُ وَالمُوَالَاةُ، فَيُعِيدُ غَسْلَ الصَّحِيحِ عِنْدَ كُلِّ تَيَمُّمٍ. (وَطَلَبُ المَاءِ فَرْضٌ) - وَوَقْتُ الطَّلَبِ بَعْدَ دُخُولِ الوَقْتِ -، (فَإِنْ نَسِيَ قُدْرَتَهُ عَلَيْهِ) أَيِ المَاءِ، (وَتَيَمَّمَ) وَصَلَّى؛ (أَعَادَ) صَلَاتَهُ. (وَفُرُوضُهُ) أَيِ التَّيَمُّمِ أَرْبَعَةٌ: الأَوَّلُ: (مَسْحُ) جَمِيعِ (وَجْهِهِ). (وَ) الثَّانِي: مَسْحُ (يَدَيْهِ إِلَى كُوعَيْهِ). (وَ) الثَّالِثُ وَالرَّابِعُ: (فِي) حَدَثٍ (أَصْغَرَ: تَرْتِيبٌ وَمُوَالَاةٌ أَيْضًا)، وَهِيَ بِقَدْرِهَا فِي وُضُوءٍ. (وَنِيَّةُ الاسْتِبَاحَةِ شَرْطٌ لِمَا يُتَيَمَّمُ لَهُ) مِنْ حَدَثٍ أَكْبَرَ أَوْ أَصْغَرَ أَوْ نَجَاسَةٍ عَلَى بَدَنٍ، فَلَا تَكْفِي نِيَّةُ أَحَدِ الأَحْدَاثِ، أَوِ النَّجَاسَةِ عَلَى بَدَنٍ. (وَلَا يُصَلِّي بِهِ فَرْضًا إِنْ نَوَى نَفْلًا، أَوْ أَطْلَقَ) نِيَّتَهُ - لِصَلَاةٍ أَوْ طَوَافٍ مَثَلًا -. (وَيَبْطُلُ) التَّيَمُّمُ بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: الأَوَّلُ: (بِخُرُوجِ الوَقْتِ)، مَا لَمْ يَكُنْ فِي صَلَاةِ جُمُعَةٍ، أَوْ يَنْوِي الجَمْعَ فِي وَقْتِ ثَانِيَةٍ. (وَ) الثَّانِي: بِـ (مُبْطِلَاتِ الوُضُوءِ) إِذَا كَانَ تَيَمُّمُهُ عَنْ حَدَثٍ أَصْغَرَ، وَعَنْ حَدَثٍ أَكْبَرَ بِمَا يُوجِبُهُ، إِلَّا غُسْلَ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ إِذَا تَيَمَّمَتْ لَهُ، فَلَا يَبْطُلُ بِمُبْطِلَاتِ غُسْلٍ؛ بَلْ بِوُجُودِ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ. (وَ) الثَّالِثُ: (بِوُجُودِ مَاءٍ إِنْ) كَانَ (تَيَمَّمَ لِفَقْدِهِ). (وَسُنَّ لِرَاجِيهِ) أَيْ رَاجِي وُجُودِ مَاءٍ (تَأْخِيرٌ لِآخِرِ وَقْتِ مُخْتَارٍ)؛ بِحَيْثُ يُدْرِكُ الصَّلَاةَ فِي الوَقْتِ، فَإِنْ تَيَمَّمَ وَصَلَّى: أَجْزَأَهُ وَلَوْ وَجَدَ المَاءَ بَعْدُ.

(فصل) في النجاسات

(وَمَنْ عَدِمَ المَاءَ وَالتُّرَابَ، أَوْ لَمْ يُمْكِنْهُ اسْتِعْمَالُهُمَا) لِمَانِعٍ؛ كَمَنْ بِهِ قُرُوحٌ لَا يَسْتَطِيعُ مَعَهَا مَسَّ البَشَرَةِ بِوُضُوءٍ وَلَا تَيَمُّمٍ؛ (صَلَّى الفَرْضَ فَقَطْ عَلَى حَسْبِ حَالِهِ) وُجُوبًا، (وَلَا إِعَادَةَ) عَلَيْهِ. (وَيَقْتَصِرُ) عَادِمُ المَاءِ وَالتُّرَابِ (عَلَى مُجْزِئٍ) فِي الصَّلَاةِ نَدْبًا، فَلَا يَقْرَأُ زَائِدًا عَلَى الفَاتِحَةِ، وَلَا يَسْتَفْتِحُ، وَلَا يَتَعَوَّذُ، وَلَا يُبَسْمِلُ، وَلَا يُسَبِّحُ زَائِدًا عَلَى المَرَّةِ، وَلَا يَزِيدُ عَلَى مَا يُجْزِئُ فِي طُمَأْنِينَةِ رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ أَوْ غَيْرِهِمَا، وَإِذَا فَرَغَ مِمَّا يُجْزِئُ فِي التَّشَهُّدِ نَهَضَ أَوْ سَلَّمَ فِي الحَالِ، (وَلَا يَقْرَأُ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ إِنْ كَانَ جُنُبًا) وَنَحْوِهِ؛ كَمَا إِذَا انْقَطَعَ دَمُ الحَيْضِ وَلَمْ تَجِدْ مَاءً وَلَا تُرَابًا. (فَصْلٌ) فِي النَّجَاسَاتِ (تَطْهُرُ أَرْضٌ وَنَحْوُهَا) كَحِيطَانٍ (بِإِزَالَةِ عَيْنِ النَّجَاسَةِ وَأَثَرِهَا) أَيِ النَّجَاسَةِ (بِالْمَاءِ). (وَ) يَطْهُرُ (بَوْلُ غُلَامٍ لَمْ يَأْكُلْ طَعَامًا بِشَهْوَةٍ) بِغَمْرِهِ بِالمَاءِ، (وَ) يَطْهُرُ (قَيْئُهُ) أَيِ الغِلَامِ المَذْكُورِ (بِغَمْرِهِ) أَيِ القَيْءِ (بِهِ) أَيِ المَاءِ. (وَ) يَطْهُرُ (غَيْرُهُمَا) أَيْ بَوْلُ غَيْرِ الغُلَامِ وَقَيْئُهُ (بِسَبْعِ غَسَلَاتٍ)، وَيُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ (أَحَدُهَا) أَيِ الغَسَلَاتِ (بِتُرَابٍ) طَهُورٍ (وَنَحْوِهِ) كَصَابُونٍ (فِي نَجَاسَةِ كَلْبٍ وَ) نَجَاسَةِ (خِنْزِيرٍ فَقَط مَعَ زَوَالِهَا) أَيِ النَّجَاسَةِ. (وَلَا يَضُرُّ بَقَاءُ لَوْنٍ أَوْ رِيحٍ أَوْ هُمَا) أَيِ اللَّوْنِ وَالرِّيحِ (عَجْزًا)، وَيَضُرُّ بَقَاءُ طَعْمِهَا. (وَتَطْهُرُ خَمْرَةٌ انْقَلَبَتْ بِنَفْسِهَا) أَيْ مِنْ غَيْرِ مُعَالَجَةٍ (خَلًّا، وَكَذَا دَنُّهَا) وَهُوَ وِعَاءُ الخَمْرَةِ؛ أَيْ يَطْهُرُ بِطَهَارَتِهَا.

(فصل في الحيض) والنفاس

وَ (لَا) يَطْهُرُ (دُهْنٌ) تَنَجَّسَ بِغَسْلِهِ، وَيَجُوزُ الاسْتِصْبَاحُ بِهِ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ، وَلَا يَحِلُّ أَكْلُهُ وَلَا بَيْعُهُ. (وَ) كَذَا فِي الحُكْمِ (مُتَشَرِّبٌ بِنَجَاسَةٍ)؛ كَإِنَاءٍ تَشَرَّبَ نَجَاسَةً، وَحَبٍّ نُقِعَ بِهَا، وَنَحْوِهِ؛ فَإِنَّهُ لَا يَطْهُرُ بِاطَنُهُ بِغَسْلِهِ. (وَعُفِيَ فِي غَيْرِ مَائِعٍ، وَ) غَيْرِ (مَطْعُومٍ عَنْ يَسِيرِ دَمٍ نَجِسٍ وَنَحْوِهِ) كَالقَيْحِ (مِنْ حَيَوَان طَاهِرٍ) فِي الحَيَاةِ كَالهِرِّ، وَ (لَا) يُعْفَى عَنْ يَسِيرِ (دَمِ سَبِيلٍ إِلَّا) إِذَا كَانَ (مِنْ حَيْضٍ وَنَحْوِهِ)؛ كَنِفَاسٍ أَوِ اسْتِحَاضَةٍ. (وَمَا لَا نَفْسَ) أَيْ دَمَ (لَهُ سَائِلَةٌ) كَالبَرْغَشِ وَنَحْوِهِ، (وَ) كَذَا (قَمْلٌ وَبَرَاغِيثُ وَبَعُوضٌ وَنَحْوُهَا) كَالذُّبَابِ: (طَاهِرَةٌ مُطْلَقًا) أَيْ فِي الحَيَاةِ وَالمَوْتِ. (وَمَائِعٌ مُسْكِرٌ، وَمَا لَا يُؤْكَلُ مِنْ طَيْرٍ وَ) مِنْ (بَهَائِمَ مِمَّا فَوْقَ الهِرِّ خِلْقَةً، وَلَبَنٌ وَمَنِيٌّ مِنْ غَيْرِ آدَمِيٍّ، وَبَوْلٌ وَرَوْثٌ وَنَحْوُهَا) كَالمَذْيِ (مِنْ غَيْرِ مَأْكُولِ اللَّحْمِ: نَجِسَةٌ). (وَ) لَبَنٌ وَمَنِيٌّ مِنْ غَيْرِ آدَمِيٍّ، وَبَوْلٌ وَرَوْثٌ وَنَحْوُهَا (مِنْهُ) أَيْ مِنْ مَأْكُولِ اللَّحْمِ: (طَاهِرَةٌ؛ كَمِمَّا لَا دَمَ لَهُ سَائِلٌ). (وَيُعْفَى عَنْ يَسِيرِ طِينِ شَارِعٍ عُرْفًا إِنْ عُلِمَتْ نَجَاسَتُهُ)؛ لأَنَّهُ مِمَّا تَعُمُّ بِهِ البَلْوَى، (وَإِلَّا) تُعْلَمْ نَجَاسَتُهُ (فَـ) هُوَ (طَاهِرٌ). (فَصْلٌ فِي الحَيْضِ) وَالنِّفَاسِ (لَا حَيْضَ مَعَ حَمْلٍ) نَصًّا، فَلَا تَتْرُكُ الصَّلَاةَ لِمَا تَرَاهُ، وَلَا يُمْنَعُ زَوْجُهَا مِنْ وَطْئِهَا إِنْ خَافَ العَنَتَ. (وَلَا) حَيْضَ (بَعْدَ خَمْسِينَ سَنَةً).

(وَلَا) حَيْضَ (قَبْلَ تَمَامِ تِسْعٍ) تَحْدِيدًا، فَمَنْ رَأَتْ دَمًا قَبْلِ بُلُوغِ هَذَا السِّنِّ: لَا يَكُونُ حَيْضًا. (وَأَقَلُّهُ) أَيْ أَقَلُّ زَمَنٍ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ دَمَ حَيْضٍ: (يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ). (وَأَكْثَرُهُ) أَيْ أَكْثَرُ زَمَنٍ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ دَمَ حَيْضٍ: (خَمْسَةَ عَشَرَ) يَوْمًا بِلَيَالِيهَا. (وَغَالِبُهُ سِتٌّ) مِنَ الأَيَّامِ (أَوْ سَبْعٌ). (وَأَقَلُّ طُهْرٍ بَيْنَ حَيْضَتَيْنِ: ثَلَاثَةَ عَشَرَ). (وَلَا حَدَّ لِأَكْثَرِهِ) أَيِ الطُّهْرِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ تَحْدِيدُهُ شَرْعًا، وَمِنَ النِّسَاءِ مَنْ تَطْهُرُ الشَّهْرَ أَوِ السَّنَةَ، أَوْ لَا تَحِيضُ أَصْلًا. (وَحَرُمَ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الحَائِضِ (فِعْلُ صَلَاةٍ وَصَوْمٍ، وَيَلْزَمُهَا قَضَاؤُهُ) أَيِ الصِّيَامِ. (وَيَجِبُ بِوَطْئِهَا فِي الفَرْجِ) وَلَوْ بِحَائِلٍ (دِينَارٌ أَوْ نِصْفُهُ)؛ عَلَى التَّخْيِيرِ، فَهُوَ (كَفَّارَةٌ)، مَصْرِفُهَا مَصْرِفُ بَقِيَّةِ الكَفَّارَاتِ، (وَتُبَاحُ المُبَاشَرَةُ فِيمَا دُونَهُ) أَيِ الفَرْجِ. (وَالمُبَتَدَأَةُ) فِي سِنٍّ تَحِيضُ لِمِثْلِهِ (تَجْلِسُ أَقَلَّهُ) أَيْ تَدَعُ نَحْوَ صَوْمٍ وَصَلَاةٍ بِمُجَرَّدِ مَا تَرَاهُ يَوْمًا وَلَيْلَةً، (ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي) وَتَصُومُ بَعْدَهُ وُجُوبًا، انْقَطَعَ لِذَلِكَ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ مَا زَادَ عَلَى أَقَلِّهِ يَحْتَمِلُ الاسْتِحَاضَةَ، فَلَا تَتَرْكُ الوَاجِبَ بِالشَّكِّ، (فَإِنْ) جَاوَزَ دَمُهَا أَقَلَّ الحَيْضِ، وَ (لَمْ يُجَاوِزْ دَمُهَا أَكْثَرَهُ) بِأَنِ انْقَطَعَ لِخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَمَا دُونَ: (اغْتَسَلَتْ أَيْضًا إِذَا انْقَطَعَ) وُجُوبًا؛ لِصَلَاحِيَّتِهِ أَنْ يَكُونَ حَيْضًا، (فَإِنْ) فَعَلَتْ ذَلِكَ وَ (تَكَرَّرَ ثَلَاثًا) أَيْ فِي ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَلَمْ يَخْتَلِفْ؛ (فَهُوَ حَيْضٌ) تَنْتَقِلُ

إِلَيْهِ، وَصَارَ عَادَةً لَهَا، وَ (تَقْضِي مَا وَجَبَ فِيهِ) أَيْ مَا فَعَلَتْهُ فِي المُجَاوِزِ عَنِ اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ مِنْ وَاجِبِ صَلَاةٍ وَطَوَافٍ وَنَحْوِهِمَا، (وَإِنْ أَيِسَتْ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ تَكْرَارِهِ ثَلَاثًا، (أَوْ لَمْ يَعُدْ) أَيِ الدَّمُ إِلَيْهَا؛ (فَلَا) تَقْضِي مَا فَعَلَتْهُ فِي المُجَاوِزِ؛ لِأَنَّا لَمْ نَتَحَقَّقْ كُوْنَهُ حَيْضًا، وَالأَصْلُ بَرَاءَتُهَا، (وَإِنْ جَاوَزَهُ) أَيْ زَادَ دَمُ مُبْتَدَأَةٍ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا؛ (فَـ) هِيَ (مُسْتَحَاضَةٌ، تَجْلِسُ) الدَّمَ (المُتَمَيِّزَ إِنْ كَانَ، وَصَلَحَ) أَنْ يَكُونَ حَيْضًا؛ بِأَنْ لَمْ يَنْقُصْ عَنْ أَقَلِّهِ وَلَمْ يُجَاوِزْ أَكْثَرَهُ (فِي الشَّهْرِ الثَّانِي) أَيْضًا، (وَإِلَّا) جَلَسَتْ (أَقَّلَ الحَيْضِ) مِنْ كُلِّ شَهْرٍ (حَتَّى تَتَكَرَّرَ اسْتِحَاضَتُهَا) ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ؛ لِأَنَّ العَادَةَ لَا تَثْبُتُ بِدُونِهِ - كَمَا تَقَدَّمَ - (ثُمَّ) تَجْلِسُ مِنْ أَوِّلِ وَقْتِ ابْتِدَائِهَا إِنْ عَلِمَتْهُ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ (غَالِبَهُ) سِتًّا أَوْ سَبْعًا مِنَ الأَيَّامِ بِتَحَرٍّ، وَإِنْ جَهِلَتْ وَقْتَ ابْتِدَائِهَا جَلَسَتْهَا مِنْ أَوَّلِ كُلِّ شَهْرٍ هِلَالِيٍّ. (وَمُسْتَحَاضَةٌ مُعْتَادَةٌ) وَلَوْ مُمَيِّزَةً (تُقَدِّمُ عَادَتَهَا) إِنْ عَلِمَتْهَا، فَإِنْ نَسِيَتْ عَادَتَهَا عَمِلَتْ وُجُوبًا بِتَمْيِيزٍ صَالِحٍ - وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ -، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا تَمْيِيزٌ وَجَهِلَتْ عَادَتَهَا فَهِيَ مُتَحَيِّرَةٌ. (وَيَلْزَمُهَا) أَيِ المُسْتَحَاضَةَ (وَنَحْوَهَا) مِمَّنْ حَدَثُهُ دَائِمٌ؛ مِنْ سَلَسِ بَوْلٍ أَوْ رِيحٍ وَنَحْوِهِ: 1 - (غَسْلُ المَحَلِّ) المُلَوَّثِ. 2 - (وَعَصْبُهُ) بِمَا يَمْنَعُ الخَارِجَ حَسَبَ الإِمْكَانِ؛ مِنْ حَشْوِ قُطْنٍ وَنَحْوِهِ. 3 - (وَالْوُضُوءُ لِوَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ إِنْ خَرَجَ شَيْءٌ)، فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ شَيْءٌ: لَمْ يَبْطُلْ وُضُوؤُهُ. 4 - (وَنِيَّةُ الاسْتِبَاحَةِ) دُونَ رَفْعِ الحَدَثِ؛ لِمَا فَاتَ وُجُودُ نِيَّةِ رَفْعِهِ.

(وَحَرُمَ وَطْؤُهَا) أَيِ المُسْتَحَاضَةِ (إِلَّا مَعَ خَوْفِ زِنًى) مِنْهُ أَوْ مِنْهَا. (وَأَكْثَرُ مُدَّةِ النِّفَاسِ: أَرْبَعُونَ يَوْمًا، وَالنَّقَاءُ زَمَنَهُ) أَيِ النِّفَاسِ (طُهْرٌ)؛ كَالنَّقَاءِ زَمَنَ الحَيْضِ، فَتَغْتَسِلُ وَتَفْعَلُ مَا تَفْعَلُ الطَّاهِرَاتُ، وَ (يُكْرَهُ الوَطْءُ فِيهِ) أَيِ النَّقَاءِ زَمَنَ النِّفَاسِ بَعْدَ الغُسْلِ قَبْلَ تَمَامِ الأَرْبَعِينَ. (وَهُوَ) أَيِ النِّفَاسُ (كَحَيْضٍ فِي أَحْكَامِهِ)؛ مِنْ حُرْمَةِ وَطْءٍ، وَغَيْرِهِ مِنْ وُجُوبِ الكَفَّارَةِ، وَفِعْلِ الصَّلَاةِ، وَنَحْوِهَا، (غَيْرَ عِدَّةٍ)، فَلَا تَنْقُضُ بِهِ، (وَ) غَيْرَ (بُلُوغٍ)؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ ثَبَتَ بِغَيْرِهِ.

(كتاب الصلاة)

(كِتَابُ الصَّلَاةِ) (تَجِبُ) الصَّلَوَاتُ (الخَمْسُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ) ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى (مُكَلَّفٍ) أَيْ بَالِغٍ عَاقِلٍ؛ (إِلَّا حَائِضًا وَ) إِلَّا (نُفَسَاءَ)، فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِمَا، وَلَا يَقْضِيَانِهَا. (وَلَا تَصِحُّ) الصَّلَاةُ (مِنْ مَجْنُونٍ)؛ لِعَدَمِ النِّيَّةِ. (وَ) كَذَا (لَا) تَصِحُّ الصَّلَاةُ مِنْ (صَغِيرٍ غَيْرِ مُمَيِّزٍ) أَيْ لَمْ يَبْلُغْ سَبْعَ سِنِينَ. (وَ) يَجِبُ (عَلَى وَلِيِّهِ) أَيِ الصَّغِيرِ (أَمْرُهُ بِهَا) أَيِ الصَّلَاةِ (لِسَبْعٍ)، وَتَعْلِيمُهُ إِيَّاهَا وَالطَّهَارَةَ، (وَ) يَجِبُ عَلَى وَلِيِّهِ (ضَرْبُهُ عَلَى تَرْكِهَا لِعَشْرٍ) وَلَوْ رَقِيقًا. (وَيَحْرُمُ تَأْخِيرُهَا) - أَيِ الصَّلَاةِ - عَلَى مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ (إِلَى وَقْتِ الضَّرُورَةِ) إِنْ كَانَ ذَاكِرًا لَهَا، قَادِرًا عَلَى فِعْلِهَا؛ (إِلَّا مِمَّنْ لَهُ الجَمْعُ) بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ (بِنِيَّتِهِ) أَيِ الجَمْعِ بِشَرْطِهِ الآتِي فِي مَحَلِّهِ، (وَ) إِلَّا مِنْ (مُشْتَغِلٍ بِشَرْطٍ لَهَا) أَيِ الصَّلَاةِ، الَّذِي (يَحْصُلُ) لَهُ (قَرِيبًا) كَالوُضُوءِ وَالغُسْلِ. (وَجَاحِدُهَا) أَيِ وُجُوبِ الصَّلَاةِ (كَافِرٌ)؛ لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ للهِ وَرَسُولِهِ وَإِجْمَاعِ الأُمَّةِ. (فَصْلٌ) فِي الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ (الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ فَرْضَا كِفَايَةٍ عَلَى الرِّجَالِ) لَا الوَاحِدِ وَلَا النِّسَاءِ، (الأَحْرَارِ) لَا الأَرِقَّاءِ، (المُقِيمِينَ) لَا المُسَافِرِينَ (لِـ): 1 - الصَّلَوَاتِ (الْخَمْسِ المُؤَدَّاةِ) لَا المَقْضِيَّاتِ، 2 - (وَلِـ) صَلَاةِ (الْجُمُعَةِ).

(فصل) في شروط صحة الصلاة

(وَلَا يَصِحُّ) كُلٌّ مِنَ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ (إِلَّا مُرَتَّبًا) لِأَنَّهُ ذِكْرٌ، (مُتَوَالِيًا) عُرْفًا، (مَنْوِيًّا مِنْ) وَاحِدٍ مُسْلِمٍ (ذَكَرٍ مُمَيِّزٍ عَدْلٍ وَلَوْ ظَاهِرًا)، فَلَا يُعْتَدُّ بِأَذَانِ ظَاهِرِ الفِسْقِ. (وَ) لَا يَصِحَّانِ إِلَّا (بَعْدَ) دُخُولِ (الوَقْتِ لِغَيْرِ) أَذَانِ (فَجْرٍ)؛ فَيَصِحُّ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ؛ لِيَتَهَيَّأَ جُنُبٌ وَنَحْوُهُ لِيُدْرِكَ فَضِيلَةَ أَوَّلِ الوَقْتِ. (وَسُنَّ) لِمُؤَذِّنٍ (كَوْنُهُ صَيِّتًا) أَيْ رَفِيعَ الصَّوْتِ (أَمِينًا، عَالِمًا بِالْوَقْتِ). (وَمَنْ جَمَعَ) بَيْنَ صَلَاتَيْنِ، (أَوْ قَضَى فَوَائِتَ: أَذَّنَ لِـ) الصَّلَاةِ (الأُولَى، وَأَقَامَ لِكُلِّ صَلَاةٍ) مِنْهَا. (وَسُنَّ لِمُؤَذِّنٍ وَ) سُنَّ لِـ (سَامِعِهِ) أَيِ المُؤَذِّنِ (مُتَابَعَةُ قَوْلِهِ) أَيِ المُؤَذِّنِ (سِرًّا) بِمِثْلِهِ، (إِلَّا فِي الحَيْعَلَةِ، فَيَقُولُ) مُتَابِعٌ (الحَوْقَلَةَ) أَيْ: «لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ»، (وَ) إِلَّا (فِي التَّثْوِيبِ) أَيْ قَوْلِ المُؤَذِّنِ بَعْدَ أَذَانِ الفَجْرِ: «الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ»، فَيَقُولُ: (صَدَقْتَ وَبَرِرْتَ). (وَ) تُسَنُّ (الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ) الصَّلَاةُ وَ (السَّلَامُ بَعْدَ فَرَاغِهِ) أَيِ الأَذَانِ. (وَ) يُسَنُّ (قَوْلُ مَا وَرَدَ)، وَهُوَ: «اللهم رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ وَالصَّلَاةِ القَائِمَةِ، آتِ مُحَمَّدًا الوَسِيلَةَ وَالفَضِيلَةَ، وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْتَهُ». (وَ) يُسَنُّ (الدُّعَاءُ) بَعْدَ الأَذَانِ وَعِنْدَ الإِقَامَةِ. (وَحَرُمَ خُرُوجٌ مِنْ مَسْجِدٍ بَعْدَهُ) أَيِ الأَذَانِ قَبْلَ الصَّلَاةِ (بِلَا عُذْرٍ أَوْ نِيَّةِ رُجُوعٍ) إِلَى المَسْجِدِ. (فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ (شُرُوطُ صِحَّةِ الصَّلَاةِ سِتَّةٌ) - فَرْضًا كَانَتِ الصَّلَاةُ، أَوْ نَفْلًا -:

الشَّرْطُ الأَوَّلُ: (طَهَارَةُ الحَدَثِ، وَتَقَدَّمَتْ) فِي الوُضُوءِ وَغَيْرِهِ. (وَ) الشَّرْطُ الثَّانِي: (دُخُولُ الوَقْتِ) لِلصَّلَاةِ المُؤَقَّتَةِ، وَتَجِبُ بِدُخُولِ أَوَّلِ وَقْتِهَا؛ وَلَا تَصِحُّ قَبْلَهُ بِحَالٍ؛ (فَوَقْتُ الظُّهْرِ) وَهِيَ الأُولَى، أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ؛ (مِنَ الزَّوَالِ)، وَهُوَ مَيْلُ الشَّمْسِ مِنْ وَسَطِ السَّمَاءِ، وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِزِيَادَةِ الظِّلِّ بَعْدَ تَنَاهِي قِصَرِهِ، وَيَخْتَلِفُ بِالشَّهْرِ وَالبَلَدِ، وَيَمْتَدُّ وَقْتُهَا (حَتَّى يَتَسَاوَىَ مُنْتَصِبٌ وَفَيْؤُهُ) أَيْ ظِلُّهُ (سِوَى ظِلِّ الزَّوَالِ)، فَإِذَا ضُبِطَ الظِّلُّ الَّذِي زَالَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ، وَبَلَغَتِ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ قَدْرَ الشَّاخِصِ فَقَدِ انْتِهَى وَقْتُ الظُّهْرِ. (وَيَلِيهِ) أَيْ وَقْتَ الظُّهْرِ الوَقْتُ (المُخْتَارُ لِلْعَصْرِ)، وَهِيَ الوُسْطَى، أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ، وَيَمْتَدُّ (حَتَّى يَصِيرَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ، سِوَى ظِلِّ الزَّوَالِ) أَيْ ظِلِّ الشَّاخِصِ الَّذِي زَالَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ، وَعَنْهُ: إِلَى اصْفِرَارِ الشَّمْسِ، (وَالضَّرُورَةُ) بَعْدَ ذَلِكَ (إِلَى الغُرُوبِ). (وَيَلِيهِ) أَيْ وَقْتَ الضَّرُورَةِ لِلْعَصْرِ: (المَغْرِبُ)، وَهِيَ وِتْرُ النَّهَارِ، ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ (حَتَّى يَغِيبَ الشَّفَقُ الأَحْمَرُ). (وَيَلِيهِ) أَيْ وَقْتَ المَغْرِبِ الوَقْتُ (المُخْتَارُ لِلْعِشَاءِ)، وَهِيَ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ، مِنْ أَوَّلِ الظَّلَامِ (إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ الأَوَّلِ، وَالضَّرُورَةُ إِلَى طُلُوعِ فَجْرٍ ثَانٍ)، وَهُوَ البَيَاضُ المُعْتَرِضُ بِالمَشْرِقِ، وَلَا ظُلْمَةَ بَعْدَهُ. (وَيَلِيهِ) أَيْ وَقْتَ الضَّرُورَةِ لِلْعِشَاءِ: (الفَجْرُ)، وَهِيَ رَكْعَتَانِ (إِلَى الشُّرُوقِ). (وَتُدْرَكُ مَكْتُوبَةٌ) أَدَاءً - حَتَّى الجُمُعَةُ - (بِـ) تَكْبِيرَةِ (إِحْرَامٍ فِي وَقْتِهَا، لَكِنْ يَحْرُمُ تَأْخِيرُهَا إِلَى وَقْتٍ لَا يَسَعُهَا). (وَلَا يُصَلِّي حَتَّى يَتَيَقَّنَهُ) أَيْ دُخُولَ الوَقْتِ، (أَوْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ دُخُولُهُ إِنْ

عَجَزَ عَنِ اليَقِينِ، وَيُعِيدُ إِنْ) صَلَّى بِظَنِّهِ وَ (أَخْطَأَ). (وَمَنْ صَارَ أَهْلًا لِوُجُوبِهَا قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِهَا بِـ) قَدْرِ (تَكْبِيرَةٍ)؛ كَبُلُوغٍ وَإِفَاقَةٍ وَنَحْوِهِ؛ (لَزِمَتْهُ) أَيْ قَضَاؤُهَا، (وَ) قَضَاءُ (مَا يُجْمَعُ إِلَيْهَا قَبْلَهَا). (وَيَجِبُ فَوْرًا) عَلَى مُكَلَّفٍ لَا مَانِعَ بِهِ (قَضَاءُ فَوَائِتَ) - وَاحِدَةٍ فَأَكْثَرَ مِنَ الخَمْسِ - (مُرَتَّبًا) وَلَوْ كَثُرَتْ (مَا لَمْ يَتَضَرَّرْ) فِي بَدَنِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ مَعِيشَةٍ يَحْتَاجُهَا، (أَوْ يَنْسَ) الفَائِتَةَ (أَوْ يَخْشَ فَوْتَ) مَكْتُوبَةٍ (حَاضِرَةٍ أَوْ) فَوْتَ وَقْتِ (اخْتِيَارِهَا). الشَّرْطُ (الثَّالِثُ: سَتْرُ العَوْرَةِ، وَيَجِبُ) سَتْرُهَا (حَتَّى خَارِجَهَا) أَيِ الصَّلَاةِ، (وَ) حَتَّى (فِي خَلْوَةٍ وَ) فِي (ظُلْمَةٍ بِمَا) أَيْ بِشَيْءٍ (لَا يَصِفُ البَشَرَةَ) أَيْ لَوْنَهَا مِنْ بَيَاضٍ وَسَوَادٍ. (وَعَوْرَةُ رَجُلٍ وَحُرَّةٍ مُرَاهِقَةٍ وأَمَةٍ: مَا بَيْنَ سُرَّةٍ وَرُكْبَةٍ، وَ) عَوْرَةُ ذَكَرٍ (ابْنِ سَبْعٍ إِلَى عَشْرٍ: الفَرْجَانِ) فَقَطْ، (وَكُلُّ الحُرَّةِ) البَالِغَةِ: (عَوْرَةٌ) - حَتَّى ظُفُرُهُا وَشَعْرُهَا - (إِلَّا وَجْهَهَا فِي الصَّلَاةِ). (وَمَنِ اِنْكَشَفَ بَعْضُ عَوْرَتِهِ) فِي الصَّلَاةِ - مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى - (وَفَحُشَ، أَوْ صَلَّى فِي نَجِسٍ أَوْ غَصْبٍ) أَيْ مَغْصُوبٍ (ثَوْبًا أَوْ بُقْعَةً: أَعَادَ)، وَ (لَا) يُعِيدُ صَلَاتَهُ (مَنْ حُبِسَ) وَصَلَّى (فِي مَحَلٍّ نَجِسٍ أَوْ غَصْبٍ لَا يُمْكِنُهُ الخُرُوجُ مِنْهُ). الشَّرْطُ (الرَّابِعُ: اِجْتِنَابُ نَجَاسَةٍ غَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهَا فِي بَدَنٍ وَثَوْبٍ وَبُقْعَةٍ مَعَ القُدْرَةِ). (وَمَنْ جَبَرَ عَظْمَهَ) بِعَظْمِ نَجِسٍ، (أَوْ خَاطَهُ بِـ) خَيْطٍ (نَجِسٍ، وَتَضَرَّر بِقَلْعِهِ) أَيِ العَظْمِ أَوِ الخَيْطِ: (لَمْ يَجِبْ) عَلَيْهِ قَلْعُهُ، (وَتَيَمَّمَ) لِلْعَظْمِ أَوِ الخَيْطِ النَّجِسِ (إِنْ لَمْ يُغَطِّهِ اللَّحْمُ)؛ لِعَدَمِ إِمْكَانِ غَسْلِهِ.

(وَلَا تَصِحُّ) تَعَبُّدًا صَلَاةُ فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ (بِلَا عُذْرٍ) كَحَبْسٍ (فِي): 1 - (مَقْبَرَةٍ). 2 - (وَخَلَاءٍ) وَهُوَ مَا أُعِدَّ لِقَضَاءِ الحَاجَةِ. 3 - (وَحَمَّامٍ). 4 - (وَأَعْطَانِ إِبِلٍ)، وَهِيَ مَا تُقِيمُ فِيهِ. 5 - (وَمَجْزَرَةٍ)، وَهِيَ مَا أُعِدَّ لِلذَّبْحِ فِيهِ. 6 - (وَمَزْبَلَةٍ). 7 - (وَقَارِعَةِ طَرِيقٍ) أَيْ مَحَلِّ قَرْعِ الأَقْدَامِ مِنَ الطُّرُقِ، سَوَاءٌ كَانَ فِيهِ سَالِكٌ أَوْ لَا. 8 - (وَلَا فِي أَسْطِحَتِهَا) أَيْ تِلْكَ المَوَاضِعِ الَّتِي لَا تَصِحُّ الصَلَاةُ فِيهَا. وَتَصِحُّ فِي الكُلِّ لِعُذْرٍ. الشَّرْطُ (الْخَامِسُ: اسْتِقْبَالُ القِبْلَةِ، وَلَا تَصِحُّ) الصَّلَاةُ (بِدُونِهِ) أَيِ الاسْتِقْبَالِ؛ (إِلَّا لِعَاجِزٍ) عَنْهُ؛ كَمَرْبُوطٍ إِلَى غَيْرِ القِبْلَةِ وَالعَاجِزِ عَنِ الالْتِفَاتِ إِلَى القِبْلَةِ كَمَرَضٍ، وَعِنْدَ الْتِحَامِ حَرْبٍ، أَوْ هَرَبٍ مِنْ عَدُوٍّ، وَنَحْوِهِ، (وَ) إِلَّا لِـ (مُتَنَفِّلٍ فِي سَفَرٍ مُبَاحٍ) وَلَوْ قَصِيرًا. (وَفَرْضُ قَرِيبٍ مِنْهَا) أَيِ القِبْلَةِ: (إِصَابَةُ عَيْنِهَا) بِبَدَنِهِ كُلِّهِ، (وَ) فَرْضُ (بَعِيدٍ) عَنْهَا، وَهُوَ مَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى المُعَايَنَةِ، وَلَا عَلَى مَنْ يُخْبِرُهُ عَنْ عِلْمٍ: إِصَابَةُ (جِهَتِهَا) بِالاجْتِهَادِ، وَيُعْفَى عَنِ انْحِرَافِهِ يَسِيرًا. (وَيُعْمَلُ وُجُوبًا بِخَبَرِ) مُكَلَّفٍ (ثِقَةٍ) عَدْلٍ - ظَاهِرًا وَبَاطِنًا - (بِيَقِينٍ، وَ) يَعْمَلُ وُجُوبًا بِاسْتِدْلَالٍ (بِمَحَارِيبِ المُسْلِمِينَ).

(باب صفة الصلاة)

(وَإِنِ اِشْتَبَهَتْ) أَيِ القِبْلَةُ (فِي السَّفَرِ: اِجْتَهَدَ عَارِفٌ بِأَدِلَّتِهَا) فِي طَلَبِهَا بِالدَّلَائِلِ، (وَقَلَّدَ غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ العَارِفِ بِأَدِلَّتِهَا، (وَإِنْ صَلَّى بِلَا أَحَدِهِمَا) أَيْ بِغَيْرِ اجْتِهَادٍ وَلَا تَقْلِيدٍ (مَعَ القُدْرَةِ) عَلَى الاجْتِهَادِ أَوْ التَّقْلِيدِ: (قَضَى) صَلَاتُهُ الَّتِي بِذَلِكَ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَخْطَأَ القِبْلَةَ أَوْ أَصَابَهَا. الشَّرْطُ (السَّادِسُ: النِّيَّةُ، فَيَجِبُ) عَلَى المُصَلِّي (تَعْيِينُ) صَلَاةٍ (مُعَيَّنَةٍ). (وَسُنَّ مُقَارَنَتُهَا) أَيِ النِّيَّةِ (لِتَكْبِيرَةِ إِحْرَامٍ, وَلَا يَضُرُّ تَقْدِيمُهَا) أَيِ النِّيَّةِ (عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى تَكْبِيرَةِ الإِحْرَامِ (بِـ) زَمَنٍ (يَسِيرٍ). (وَشُرِطَ نِيَّةُ إِمَامَةٍ) لِإِمَامٍ (وَ) شُرِطَ أَيْضًا نِيَّةُ (ائْتِمَامٍ) لِمَأْمُومٍ. (وَلِمُؤْتَمٍّ اِنْفِرَادٌ لِعُذْرٍ) يُبِيحُ تَرْكَ الجَمَاعَةِ؛ كَتَطْوِيلِ إِمَامٍ، وَمَرَضٍ، وَنَحْوِهِ، (وَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ) أَيِ المُؤْتَمِّ (بِبُطْلَانِ صَلَاةِ إِمَامِهِ) لِعُذْرٍ وَغَيْرِهِ، فَلَا اسْتِخْلَافَ إِنْ سَبَقَهُ الحَدَثُ، (لَا عَكْسُهُ) أَيْ لَا تَبْطُلُ صَلَاةُ إِمَامٍ بِبُطْلَانِ صَلَاةِ مُؤْتَمِّ (إِنْ نَوَى إِمَامٌ الِانْفِرَادَ). (بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ) (يُسَنُّ خُرُوجُهُ إِلَيْهَا) أَيِ الصَّلَاةِ (مُتَطَهِّرًا بِسَكِينَةٍ) أَيْ طُمَأْنِينَةٍ وَتَأَنٍّ فِي الحَرَكَاتِ وَاجْتِنَابِ العَبَثِ، (وَوَقَارٍ) أَيْ رَزَانَةٍ؛ كَغَضِّ البَصَرِ وَخَفْضِ الصَّوْتِ (مَعَ قَوْلِ مَا وَرَدَ)، وَمِنْهُ: «اللهم إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ السَّائِلِينَ عَلَيْكَ، وَبِحَقِّ مَمْشَايَ هَذَا؛ فَإِنِّي لَمْ أَخْرُجَ أَشَرًا وَلَا بَطَرًا، وَلَا رِيَاءً وَلَا سُمْعَةً، خَرَجْتُ اتِّقَاءَ سَخَطِكَ وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِكَ، فَأَسْأَلُكَ أَنْ تُنْقِذَنِي مِنَ النَّارِ، وَأَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي، إنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ». (وَ) سُنَّ (قِيَامُ إِمَامٍ، فَـ) قِيَامُ مَأْمُومٍ (غَيْرِ مُقِيمٍ) لِلصَّلَاةِ (إِلَيْهَا عِنْدَ قَوْلِ

مُقِيمٍ: «قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ») إِنْ كَانَ الإِمَامُ فِي المَسْجِدِ، وَكَذَا إِنْ كَانَ فِي غَيْرِهِ وَرَآهُ المَأْمُومُ، وَإِلَّا فَعِنْدَ رُؤْيَتِهِ، (فَيَقُولُ) مُصَلٍّ: («اللَّهُ أَكْبَرُ» وَهُوَ قَائِمٌ فِي فَرْضٍ) وُجُوبًا، (رَافِعًا يَدَيْهِ إِلَى حَذْوِ مَنْكِبَيْهِ) اسْتِحْبَابًا، وَيَسْقُطُ بِفَرَاغِ التَّكْبِيرِ. (ثُمَّ يَقْبِضُ بِيُمْنَاهُ كُوعَ يُسْرَاهُ وَيَجْعَلُهُمَا) أَيْ يَدَيْهِ (تَحْتَ سُرَّتِهِ، وَيَنْظُرُ مَسْجَدَهُ) بِفَتْحِ الجِيمِ؛ أَيْ مَكَانَ سُجُودِهِ (فِي كُلِّ صَلَاتِهِ) اسْتِحْبَابًا؛ إِلَّا فِي صَلَاةِ خَوْفٍ لِحَاجَةٍ. (ثُمَّ يَقُولُ: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، وَتَبَارَكَ اِسْمُكَ، وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ»)، وَلَا يُكْرَهُ بِغَيْرِهِ مِمَّا وَرَدَ. (ثُمَّ يَسْتَعِيذُ) سِرًّا؛ أَيْ يَقُولُ: «أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ»، (ثُمَّ يُبَسْمِلُ سِرًّا) أَيْ يَقُولُ: «بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ» اسْتِحْبَابًا فِي الكُلِّ، وَهِيَ آيَةٌ فَاصِلَةٌ بَيْنَ كُلِّ سُورَتَيْنِ، سِوَى «بَرَاءَةٌ»، فَيُكْرَهُ ابْتِدَاؤُهَا بِهَا. (ثُمَّ يَقْرَأُ الفَاتِحَةَ) بِتَشْدِيدَاتِهَا (مُرَتَّبَةً مُتَوَالِيَةً) وَهِيَ رُكْنٌ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ لِغَيْرِ مَأْمُومٍ، وَيُسَنُّ أَنْ يَقِفَ عَلَى كُلِّ آيَةٍ، (وَفِيهَا) أَيِ الفَاتِحَةِ (إِحْدَى عَشْرَةَ تَشْدِيدَةً) أَوَّلُهَا: اللَّامُ فِي «للهِ»، وَآخِرُهَا: «الضَّالِّينَ»، وَيُكْرَهُ الإِفْرَاطُ فِي التَّشْدِيدِ وَالمَدِّ، (وَإِذَا فَرَغَ) مِنَ الفَاتِحَةِ (قَالَ) بَعْدَ سَكْتَةٍ لَطِيفَةٍ: (آمِينَ) بِفَتْحِ الهَمْزَةِ (يَجْهَرُ بِهَا) أَيْ «آمِينَ» (إِمَامٌ وَمَأْمُومٌ مَعًا فِي جَهْرِيَّةٍ) اسْتِحْبَابًا، (وَ) يَجْهَرُ (غَيْرُهُمَا) أَيْ غَيْرُ الإِمَامِ وَالمَأْمُومِ (فِيمَا يَجْهَرُ فِيهِ)، وَهُوَ المُنْفَرِدُ وَالقَارِئُ، فَإِنْ جَهَرَا فِي القِرَاءَةِ جَهَرَا بِهَا، وَإِلَّا أَسَرَّا. (وَيُسَنُّ جَهْرُ إِمَامٍ بِقِرَاءَةِ) الفَاتِحَةِ وَالسُّورَةِ بَعْدَهَا فِي صَلَاةِ (صُبْحٍ وَ) فِي (جُمُعَةٍ وَ) فِي (عِيدٍ وَ) فِي (كُسُوفٍ وَ) فِي (اسْتِسْقَاءٍ، وَ) فِي (أُولَيَيْ مَغْرِبٍ وَعِشَاءٍ)،

وَفِي تَرَاوِيحَ، وَوِتْرٍ. (وَيُكْرَهُ) الجَهْرُ بِقِرَاءَةٍ (لِمَأْمُومٍ، وَيُخَيَّرُ مُنْفَرِدٌ وَنَحْوُهُ) كَقَائِمٍ لِقَضَاءِ مَا فَاتَهُ: بَيْنَ جَهْرٍ وَإِخْفَاتٍ، وَتَرْكُ الجَهْرِ أَفْضَلُ. (ثُمَّ يَقْرَأُ بَعْدَهَا) أَيِ الفَاتِحَةِ (سُورَةً) كَامِلَةً (فِي) صَلَاةِ (الصُّبْحِ مِنْ طِوَالِ المُفَصَّلِ، وَ) يَقرَأُ فِي صَلَاةِ (الْمَغْرِبِ مِنْ قِصَارِهِ) أَيِ المُفَصَّلِ، (وَ) يَقْرَأُ فِي (الْبَاقِي) مِنَ الخَمْسِ - وَهِيَ الظُّهْرُ وَالعَصْرُ وَالعِشَاءُ - (مِنْ أَوْسَاطِهِ) أَيِ المُفَصَّلِ؛ اسْتِحْبَابًا فِي الكُلِّ. (ثُمَّ يَرْكَعُ مُكَبِّرًا) أَيْ قَائِلًا: «اللهُ أَكْبَرُ» وُجُوبًا، (رَافِعًا يَدَيْهِ) كَرَفْعِهِ الأَوَّلِ مَعَ ابْتِدَاءِ التَّكْبِيرَةِ، (ثُمَّ يَضَعُهُمَا) أَيْ يَدَيْهِ (عَلَى رُكْبَتَيْهِ مُفَرَّجَتَيِ الأَصَابِعِ وَيُسَوِّي ظَهْرَهُ، وَيَقُولُ) فِي رُكُوعِهِ: («سُبْحَانَ رَبِّيَ العَظِيمِ» ثَلَاثًا، وَهُوَ أَدْنَى الكَمَالِ)، وَأَعْلَاهُ لإِمَامٍ: عَشْرٌ، وَلِمُنْفِرِدٍ: العُرْفُ، أَمَّا المَأْمُومُ فَتَبَعٌ لِإِمَامِهِ. (ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَيَدَيْهِ مَعَهُ) أَيْ مَعَ رَأْسِهِ (قَائِلًا) إِمَامٌ وَمُنْفَرِدٌ: («سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ») وُجُوبًا، (وَبَعْدَ اِنْتِصَابِهِ) أَيْ قِيامِهِ مِنَ الرُّكُوعِ وَرُجُوعِ كُلِّ عُضْوٍ إِلَى مَوْضِعِهِ؛ قَالَ: («رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ) وُجُوبًا، (مِلْءَ السَّمَاءِ وَمِلْءَ الأَرْضِ وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ») اسْتِحْبَابًا؛ أَيْ بُعْدَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ كَالكُرْسِيِّ وَغَيْرِهِ مِمَّا لَا يَعْلَمُ سَعَتَهُ إِلَّا اللهُ تَعَالَى، وَالمَعْنَى: حَمْدًا لَوْ كَانَ أَجْسَامًا لَمَلَأَ ذَلِكَ، (وَ) يَقُولُ (مَأْمُومٌ) فِي رَفْعِهِ: («رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ» فَقَطْ) وُجُوبًا. (ثُمَّ) بَعْدَ انْتِصَابِهِ (يُكَبِّرُ، وَيَسْجُدُ عَلَى الأَعْضَاءِ السَّبْعَةِ) وُجُوبًا، (فَيَضَعُ رُكْبَتَيْهِ) أَوَّلًا بِالأَرْضِ اسْتِحْبَابًا، (ثُمَّ) يَضَعُ (يَدَيْهِ) أَيْ كَفَّيْهِ، (ثُمَّ) يَضَعُ (جَبْهَتَهُ وَأَنْفَهُ، وَسُنَّ كَوْنُهُ) أَيِ السَّاجِدِ (عَلَى أَطْرَافِ أَصَابِعِهِ) أَيْ رِجْلَيْهِ (وَ) سُنَّ (مُجَافَاةُ)

رَجُلٍ (عَضُدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ، وَبَطْنِهِ عَنْ فَخِذَيْهِ)، وَهُمَا عَنْ سَاقَيْهِ، (وَ) سُنَّ (تَفْرِقَةُ رُكْبَتَيْهِ)، مَا لَمْ يُؤْذِ جَارَهُ، (وَيَقُولُ) فِي سُجُودِهِ: («سُبْحَانَ رَبِّيَ الأَعْلَى» ثَلَاثًا، وَهُوَ أَدْنَى الكَمَالِ). (ثُمَّ يَرْفَعُ) مِنَ السُّجُودِ (مُكَبِّرًا) وُجُوبًا (وَيَجْلِسُ)، وَسُنَّ كَوْنُهُ (مُفْتَرِشًا)، فَيَفْرِشُ رِجْلَهُ اليُسْرَى وَيَجْلِسُ عَلَيْهَا، وَيَنْصِبُ اليُمْنَى، (وَيَقُولُ: «رَبِّ اِغْفِرْ لِي» ثَلَاثًا، وَهُوَ أَكْمَلُهُ، وَيَسْجُدُ) السَّجْدَةَ (الثَّانِيَةَ كَذَلِكَ) أَيْ كَالأُولَى فِي الهَيْئَةِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّسْبِيحِ، (ثُمَّ يَنْهَضُ مُكَبِّرًا) مِنَ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ مُكَبِّرًا وُجُوبًا، قَائِمًا عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ، (مُعْتَمِدًا عَلَى رُكْبَتَيْهِ بِيَدَيْهِ) اسْتِحْبَابًا، (فَإِنْ شَقَّ) اعْتِمَادُهُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ (فَـ) إِنَّهُ يَعْتَمِدُ (بِالْأَرْضِ، فَـ) إِذَا نَهَضَ لِلرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَإِنَّهُ (يَأْتِي بِـ) رَكْعَةٍ (مِثْلِهَا) أَيِ الأُولَى، (غَيْرَ النِّيَّةِ)، فَلَا يُجَدِّدُهَا، (وَ) غَيْرَ (التَّحْرِيمَةِ)، فَلَا تُعَادُ، (وَ) غَيْرَ (الِاسْتِفْتَاحِ)، فَلَا يُسَنُّ فِي غَيْرِ الأُولَى مُطْلَقًا، (وَ) غَيْرَ (التَّعَوُّذِ)، فَلَا يُعَادُ (إِنْ كَانَ تَعَوَّذَ) فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى، وَأَمَّا البَسْمَلَةُ فَتُسَنُّ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ. (ثُمَّ يَجْلِسُ) بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنَ الثَّانِيَةِ (مُفْتَرِشًا) لِجُلُوسٍ بَيْنَ سَجْدَتَيْنِ، (وَسُنَّ وَضْعُ يَدَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ، وَ) سُنَّ (قَبْضُ الخِنْصِرِ وَالْبِنْصِرِ مِنْ) أَصَابِعِ (يُمْنَاهُ، وَتَحْلِيقُ إِبْهَامِهَا) أَيِ اليُمْنَى (مَعَ الوُسْطَى, وَ) سُنَّ (إِشَارَتُهُ) أَيِ المُصَلِّي (بِسَبَّابَتِهَا) أَيِ اليُمْنَى مِنْ غَيْرِ تَحْرِيكٍ (فِي تَشَهُّدٍ وَ) فِي (دُعَاءٍ عِنْدَ ذِكْرِ) لَفْظِ (اللَّهِ) تَعَالَى (مُطْلَقًا) أَيْ فِي صَلَاةٍ وَغَيْرِهَا، (وَ) سُنَّ (بَسْطُ) اليَدِ (اليُسْرَى) عَلَى فَخِذِهِ الأَيْسَرِ، (ثُمَّ يَتَشَهَّدُ) وُجُوبًا، (فَيَقُولُ: «التَّحِيَّاتُ) جَمْعُ «تَحِيَّةٍ»؛ أَيِ العَظَمَةُ (لِلَّهِ، وَالصَّلَوَاتُ) أَيِ الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ، وَقِيلَ: الرَّحْمَةُ لَهُ وَمِنْهُ، هُوَ المُتَفَضِّلُ بِهَا، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ، (وَالطَّيِّبَاتُ) هِيَ الأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ، (السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ) بِالهَمْزِ؛

مِنَ النَّبَأ، وَهُوَ الخَبَرُ لِأَنَّهُ يُنْبِئُ النَّاسَ أَوْ يُنْبِئُ هُوَ بِالوَحْيِ، وَيُتْرَكُ الهَمْزُ تَسْهِيلًا، أَوْ مِنَ النُّبُوَّةِ وَهِيَ الرِّفْعَةُ، (وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ) جَمْعُ بَرَكَةٍ، وَهِيَ النَّمَاءُ وَالزِّيَادَةُ، (السَّلَامُ عَلَيْنَا) أَيِ الحَاضِرِينَ مِنْ إِمَامٍ وَمَأْمُومٍ وَمَلَائِكَةٍ، (وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ) «العِبَادُ»: جَمْعُ «عَبْدٍ»، وَ «الصَّالِحُ»: القَائِمُ بِحُقُوقِ اللهِ وَحُقُوقِ عِبَادِهِ، (أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ)، قَالَ الجَوْهَرِيُّ: «الشَّهَادَةُ خَبَرٌ قَاطِعٌ، وَالمُشَاهَدَةُ المُعَايَنَةُ»، فَكَأَنَّ المُوَحِّدَ قَالَ: «أُخْبِرُ بِأَنِّي قَاطِعٌ بِالوَحْدَانِيَّةِ»، وَالقَطْعُ مِنْ فِعْلِ القَلْبِ، وَاللِّسَانُ مُخْبِرٌ عَنْ ذَلِكِ، (وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ»)، وَهَذَا التَّشَهُّدُ الأَوَّلُ. (ثُمَّ) إِنْ كَانَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ فَقَطْ: أَتَى بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا بَعْدَهُ، وَإِلَّا فَـ (يَنْهَضُ) قَائِمًا (فِي) صَلَاةِ (مَغْرِبٍ وَرُبَاعِيَّةٍ) كَظُهْرٍ (مُكَبِّرًا) وُجُوبًا، (وَيُصَلِّي البَاقِيَ) مِنْ صَلَاتِهِ (كَذَلِكَ) أَيْ كَالرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ، إِلَّا أَنَّهُ يَكُونُ (سِرًّا) فِي القِرَاءَةِ إِجْمَاعًا، (مُقْتَصِرًا عَلَى الفَاتِحَةِ)، وَلَا تُكْرَهُ الزِّيَادَةُ. (ثُمَّ يَجْلِسُ) لِلتَّشَهُّدِ الثَّانِي وُجُوبًا، وَسُنَّ كَوْنُهُ (مُتَوَرِّكًا)، فَيَفْرِشُ رِجْلَهُ اليُسْرَى وَيَنصِبُ اليُمْنَى، وَيُخْرِجُ رِجلَيْهِ مِنْ تحْتِهِ عَنْ يَمِينِهِ وَيَجْعَلُ أَلْيَتَيْهِ عَلَى الأَرْضِ، وَخُصَّ التَّشَهُّدُ الأَوَّلُ بِالافْتِرَاشِ، وَالثَّانِي بِالتَّوْرِكِ: خَوْفَ السَّهْوِ، (فَيَأْتِي بِالتَّشَهُّدِ الأَوَّلِ) وُجُوبًا، (ثُمَّ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ) مُرَتَّبًا وُجُوبًا، وَسُنَّ أَنْ يَقُولَ: (وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ, وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ»)، هَذَا الأَوْلَى مِنْ أَلْفَاظِ الصَّلَاةِ وَالبَرَكَةِ، وَيَجُوزُ بِغَيْرِهِ مِمَّا وَرَدَ، (وَسُنَّ أَنْ يَتَعَوَّذَ) مِنْ أَرْبَعٍ، (فَيَقُولَ: «أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ, وَمِنْ عَذَابِ القَبْرِ, وَمِنْ فِتْنَةِ المَحْيَا

وَالْمَمَاتِ وَمِنْ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ، اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِكَ مِنَ المَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ»)، وَأُبِيحَ دُعَاءٌ بِغَيْرِهِ مِمَّا وَرَدَ، (وَتَبْطُلُ) الصَّلَاةُ (بِدُعَاءٍ بِأَمْرِ الدُّنْيَا)؛ كَقَوْلِهِ: «اللهم ارْزُقْنِي جَارِيَةً حَسْنَاءَ»، وَ «دَابَّةً هِمْلَاجَةً»، وَنَحْوِهِ. (ثُمَّ يَقُولُ) وُجُوبًا: «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ» (عَنْ يَمِينِهِ، ثُمَّ) يَقُولُ (عَنْ يَسَارِهِ) كَذَلِكَ: («السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ»، مُرَتَّبًا مُعَرَّفًا) بِالأَلِفِ وَاللَّامِ (وُجُوبًا)، فَلَا يُجْزِئُ: «سَلَامِي»، وَلَا «سَلَامٌ»، وَلَا «سَلَامُ اللهِ عَلَيْكُمْ»، وَنَحْوُهُ. (وَاِمْرَأَةٌ كَرَجُلٍ) فِيمَا تَقَدَّمَ، (لَكِنْ تَجْمَعُ نَفْسَهَا) فِي رُكُوعٍ وَسُجُودٍ وَجَمِيعِ أَحْوَالِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهَا عَوْرَةٌ، (وَتَجْلِسُ مُتَرَبِّعَةً، أَوْ مُسْدِلَةً رِجْلَيْهَا عَنْ يَمِينِهَا، وَهُوَ أَفْضَلُ) مِنْ تَرَبُّعِهَا. (وَكُرِهَ فِيهَا) أَيِ الصَّلَاةِ: 1 - (اِلْتِفَاتٌ وَنَحْوُهُ بِلَا حَاجَةٍ)؛ كَخَوْفٍ وَنَحْوِهِ. 2 - (وَ) كُرِهَ (إِقْعَاءٌ)؛ بِأَنْ يَفْرِشَ قَدَمَيْهِ وَيَجْلِسَ عَلَى عَقِبَيْهِ، أَوْ يَجْلِسَ بَيْنَ عَقِبَيْهِ نَاصِبًا قَدَمَيْهِ. 3 - (وَ) كُرِهَ (افْتِرَاشُ ذِرَاعَيْهِ سَاجِدًا) لِأَنَّهُ يُشْبِهُ افْتِرَاشَ الكَلْبِ. 4 - (وَ) كُرِهَ (عَبَثٌ) لِأَنَّهُ يُذْهِبُ الخُشُوعَ. 5 - (وَ) كُرِهَ (تَخَصُّرٌ) أَيْ وَضْعُ يَدِهِ عَلَى خَاصِرَتِهِ. 6 - (وَ) كُرِهَ (فَرْقَعَةُ أَصَابِعَ وَتَشْبِيكُهَا). 7 - (وَ) كُرِهَ ابْتِدَاءُ الصَّلَاةِ وَ (كَوْنُهُ حَاقِنًا) بِالنُّونِ؛ أَيْ مُحْتَبِسَ البَوْلِ (وَنَحْوَهُ)؛ كَكَوْنِهِ حَاقِبًا - بِالبَاءِ -: مُحْتَبِسَ الغَائِطِ، أَوْ مُحْتَبِسَ الرِّيحِ. 8 - (وَ) كُرِهَ أَنْ يَبْتَدِئَهَا مَعَ كَوْنِهِ (تَائِقًا لِطَعَامٍ وَنَحْوِهِ)؛ كَشَرَابٍ وَجِمَاعٍ؛ مَا لَمْ

(فصل) في أركان الصلاة وواجباتها وسننها

يَضِقِ الوَقْتُ؛ فَتَجِبُ. (وَإِذَا نَابَهُ) أَيْ عَرَضَ لِمُصَلٍّ (شَيْءٌ) أَيْ أَمْرٌ؛ كَاسْتِئْذَانِ إِنْسَانٍ عَلَيْهِ، وَسَهْوِ إِمَامِهِ: (سَبَّحَ) بِإِمَامٍ وُجُوبًا، وَمُسْتَأْذِنٍ اسْتِحْبَابًا (رَجُلٌ)، وَلَا تَبْطُلُ إِنْ كَثُرَ، (وَصَفَّقَتِ اِمْرَأَةٌ بِبَطْنِ كَفِّهَا عَلَى ظَهْرِ الأُخْرَى)، وَتَبْطُلُ إِنْ كَثُرَ. (وَيُزِيلُ) مُصَلٍّ (بُصَاقًا وَنَحْوَهُ) كَمُخَاطٍ وَنُخَامَةٍ (بِثَوْبِهِ) إِنْ بَدَرَهُ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ، (وَيُبَاحُ) بُصَاقٌ وَنَحْوُهُ (فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ عَنْ يَسَارِهِ)، وَتَحْتَ قَدَمِهِ اليُسْرَى، وَفِي ثَوْبِهِ أَوْلَى، (وَيُكْرَهُ) بَصْقُهُ وَنَحْوُهُ (أَمَامَهُ وَيَمِينَهُ). (فَصْلٌ) فِي أَرْكَانِ الصَّلَاةِ وَوَاجِبَاتِهَا وَسُنَنِهَا (وَجُمْلَةُ أَرْكَانِهَا) أَيِ الصَّلَاةِ (أَرْبَعَةَ عَشَرَ) رُكْنًا: الأَوَّلُ: (الْقِيَامُ) فِي فَرْضِهَا، مَعَ القُدْرَةِ عَلَيْهِ. (وَ) الثَّانِي: (التَّحْرِيمَةُ) أَيْ قَوْلُ: «اللهُ أَكْبَرُ». (وَ) الثَّالِثُ: (الْفَاتِحَةُ) عَلَى غَيْرِ مَأْمُومٍ. (وَ) الرَّابِعُ: (الرُّكُوعُ). (وَ) الخَامِسُ: (الِاعْتِدَالُ عَنْهُ) أَيِ الرُّكُوعِ. (وَ) السَّادِسُ: (السُّجُودُ)؛ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مَرَّتَيْنِ. (وَ) السَّابِعُ: (الِاعْتِدَالُ عَنْهُ) أَيِ السُّجُودِ. (وَ) الثَّامِنُ: (الْجُلُوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ). (وَ) التَّاسِعُ: (الطُّمَأْنِينَةُ)، وَهِيَ السُّكُونُ فِي كُلِّ رُكْنٍ فِعْلِيٍّ. (وَ) العَاشِرُ: (التَّشَهُّدُ الأَخِيرُ). (وَ) الحَادِي عَشَرَ: (جَلْسَتُهُ) أَيِ التَّشَهُّدِ الأَخِيرِ.

(فصل) في سجود السهو

(وَ) الثَّانِي عَشَرَ: (الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ) الصَّلَاةُ وَ (السَّلَامُ) بَعْدَ التَّشَهُّدِ، وَالرُّكْنُ مِنْهُ: «اللهم صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ». (وَ) الثَّالِثَ عَشَرَ: (التَّسْلِيمَتَانِ). (وَ) الرَّابِعَ عَشَرَ: (التَّرْتِيبُ) بَيْنَ الأَرْكَانِ. (وَوَاجِبَاتُهَا) أَيِ الصَّلَاةِ (ثَمَانِيَةٌ): الأَوَّلُ: (التَّكْبِيرُ غَيْرَ التَّحْرِيمَةِ). (وَ) الثَّانِي: (التَّسْمِيعُ) أَيْ قَوْلُ: «سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ» لِإِمَامٍ وَمُنْفَرِدٍ. (وَ) الثَّالِثُ: (التَّحْمِيدُ) أَيْ قَوْلُ: «رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ» لِلْكُلِّ. (وَ) الرَّابِعُ: (تَسْبِيحُ رُكُوعٍ). (وَ) الخَامِسُ: تَسْبِيحُ (سُجُودٍ). (وَ) السَّادِسُ: (قَوْلُ: «رَبِّ اِغْفِرْ لِي»، مَرَّةً مَرَّةً) أَيْ فِي: تَسْبِيحِ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ. (وَ) السَّابِعُ: (التَّشَهُّدُ الأَوَّلُ). (وَ) الثَّامِنُ: (جَلْسَتُهُ) أَيِ التَّشَهُّدِ الأَوَّلِ. (وَمَا عَدَا ذَلِكَ) أَيِ الأَرْكَانَ وَالوَاجِبَاتِ، (وَ) مَا عَدَا (الشُّرُوطَ: سُنَّةٌ، فَالرُّكْنُ وَالشَّرْطُ لَا يَسْقُطَانِ سَهْوًا وَجَهْلًا، وَيَسْقُطُ الوَاجِبُ بِهِمَا) أَيِ السَّهْوِ وَالجَهْلِ. (فَصْلٌ) فِي سُجُودِ السَّهْوِ (وَيُشْرَعُ) أَنْ يُفْعَلَ (سُجُودُ السَّهْوِ) وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا أَوْ جَوَازًا (لِزِيَادَةٍ) فِي الصَّلَاةِ (وَنَقْصٍ) مِنْهَا، (وَشَكٍّ)، فِي سَهْوٍ، (لَا فِي عَمْدٍ).

(وَهُوَ) أَيْ سُجُودُ السَّهْوِ (وَاجِبٌ لِمَا تَبْطُلُ بِتَعَمُّدِهِ) كَسَلَامٍ عَنْ نَقْصٍ، أَوْ زِيَادَةِ رُكْنٍ، أَوْ نَحْوِهِ. (وَ) سُجُودُ السَّهْوِ (سُنَّةٌ لِإِتْيَانٍ بِقَوْلِ مَشْرُوعٍ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ سَهْوًا)، بِحَيْثُ لَا يَصِيرُ بَدَلًا عَنِ القَوْلِ المَشْرُوعِ، (وَلَا تَبْطُلُ بِتَعَمُّدِهِ) أَيْ بِتَعَمُّدِ تَرْكِهِ. (وَ) سُجُودُ السَّهْوِ (مُبَاحٌ لِتَرْكِ سُنَّةٍ) قَوْلِيَّةٍ أَوْ فِعْلِيَّةٍ، وَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِهِ أَيْضًا. (وَمَحَلُّهُ) أَيِ السُّجُودِ: (قَبْلَ السَّلَامِ نَدْبًا؛ إِلَّا) فِي السَّلَامِ قَبْلَ إِتْمَامِهِا (إِذَا سَلَّمَ عَنْ نَقْصِ رَكْعَةٍ فَأَكْثَرَ فَـ) مَحَلُّهُ (بَعْدَهُ) أَيِ السَّلَامِ (نَدْبًا). (وَإِنْ سَلَّمَ) مُصَلٍّ (قَبْلَ إِتْمَامِهَا) أَيِ الصَّلَاةِ (عَمْدًا: بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ، (وَ) إِنْ سَلَّمَ قَبْلَ إِتْمَامِهَا (سَهْوًا: فَإِنْ ذَكَرَ قَرِيبًا) عُرْفًا: (أَتَمَّهَا وَسَجَدَ) لِسَهْوِهِ، (وَإِنْ أَحْدَثَ أَوْ قَهْقَهَ) أَوْ لَمْ يَذْكُرْ سَهْوَهُ قَرِيبًا: (بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ (كَفِعْلِهِمَا) أَيْ كَمَا لَوْ أَحْدَثَ أَوْ قَهْقَهَ (فِي صُلْبِهَا) أَيِ الصَّلَاةِ. (وَإِنْ نَفَخَ) فَبَانَ حَرْفَانِ، (أَوْ اِنْتَحَبَ) فَبَانَ حَرْفَانِ - (لَا) إِنِ اِنْتَحَبَ (مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ -، أَوْ تَنَحْنَحَ بِلَا حَاجَةٍ فَبَانَ حَرْفَانِ: بَطَلَتْ) صَلَاتُهُ. (وَمَنْ تَرَكَ رُكْنًا) سَهْوًا (غَيْرَ التَّحْرِيمَةِ، فَذَكَرَهُ) أَيِ المَتْرُوكَ (بَعْدَ شُرُوعِهِ فِي قِرَاءَةِ رَكْعَةٍ أُخْرَى بَطَلَتْ) أَيِ الرَّكْعَةُ (المَتْرُوكُ مِنْهَا، وَصَارَتِ الَّتِي شَرَعَ فِي قِرَاءَتِهَا مَكَانَهَا، وَ) إِنْ ذَكَرَ مَا تَرَكَهُ (قَبْلَهُ) أَيِ الشُّرُوعِ فِي قِرَاءَةِ رَكْعَةٍ أُخْرَى (يَعُودُ) وُجُوبًا (فَيَأْتِي بِهِ) أَيْ بِمَا تَرَكَهَ، (وَ) يَأْتِي (بِمَا بَعْدَهُ) لِأَنَّ مَحَلَّهُ بَعْدَ الرُّكْنِ المَنْسِيِّ، (وَ) إِنْ لَمْ يَذْكُرْ مَا تَرَكَهُ إِلَّا (بَعْدَ سَلَامٍ فَكَتَرْكِ رَكْعَةٍ) كَامِلَةٍ. (وَإِنْ نَهَضَ) إِلَى رَكْعَةٍ ثَالِثَةٍ (عَنْ) تَرْكِ (تَشَهُّدٍ أَوَّلَ نَاسِيًا: لَزِمَ رُجُوعُهُ) إِنْ

(فصل) في صلاة التطوع وأوقات النهي

ذَكَرَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَتِمَّ قَائِمًا، (وَكُرِهَ) رُجُوعُهُ (إِنِ اِسْتَتَمَّ قَائِمًا، وَحَرُمَ) رُجُوعُهُ (وَبَطَلَتْ) صَلَاتُهُ (إِنْ) كَانَ (شَرَعَ فِي القِرَاءَةِ)، وَ (لَا) تَبْطُلُ صَلَاتُهُ (إِنْ نَسِيَ أَوْ جَهِلَ) تَحْرِيمَ رُجُوعِهِ، (وَيَتْبَعُ) الإِمَامَ (مَأْمُومٌ) فِي قِيَامِهِ نَاسِيًا وُجُوبًا، (وَيَجِبُ السُّجُودُ) لِلسَّهْوِ (لِذَلِكَ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ اسْتَتَمَّ قَائمًا أَوْ لَا، شَرَعَ فِي القِرَاءَةِ أَوْ لَا، رَجَعَ إِلَى التَّشَهُّدِ أَوْ لَا. (وَيَبْنِي عَلَى اليَقِينِ - وَهُوَ الأَقَلُّ - مَنْ شَكَّ فِي) تَرْكِ (رُكْنٍ) بِأَنْ تَرَدَّدَ فِي فِعْلِهِ، (أَوْ) شَكَّ فِي (عَدَدٍ) أَيْ عَدَدِ رَكَعَاتٍ. (فَصْلٌ) فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ وَأَوْقَاتِ النَّهْيِ (آكَدُ صَلَاةِ تَطَوُّعٍ: كُسُوفٌ، فَاسْتِسْقَاءٌ، فَتَرَاوِيحُ، فَوِتْرٌ)، وَهُوَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، تُشْرَعُ لَهُ الجَمَاعَةُ بَعْدَ التَّرَاوِيحِ. (وَوَقْتُهُ) أَيِ الوِتْرِ (مِنْ) بَعْدِ (صَلَاةِ العِشَاءِ إِلَى) طُلُوعِ (الفَجْرِ) الثَّانِي. (وَأَقَلُّهُ) أَيِ الوِتْرِ (رَكْعَةٌ، وَأَكْثَرُهُ إِحْدَى عَشْرَةَ) رَكْعَةً؛ (مَثْنَى مَثْنَى) أَيْ يُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ ثِنْتَيْنِ، (وَيُوتِرُ بِـ) رَكْعَةٍ (وَاحِدَةٍ، وَأَدْنَى الكَمَالِ) فِي الوِتْرِ (ثَلَاثٌ) مِنَ الرَكَعَاتِ (بِسَلَامَيْنِ) بِأَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ وَيُسَلِّمَ، ثُمَّ وَاحِدَةً وَيُسَلِّمَ. (وَيَقْنُتُ بَعْدَ الرُّكُوعِ) مِنَ الرَّكْعَةِ الأَخِيرَةِ (نَدْبًا، فَيَقُولُ) فِي قُنُوتِهِ: («اللَّهُمَّ اِهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ) أَيْ ثَبِّتْنَا عَلَى الهِدَايَةِ، أَوْ زِدْنَا مِنْهَا، وَهِيَ الدِّلَالَةُ وَالبَيَانُ، (وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ) مِنَ الأَسْقَامِ وَالبَلَايَا، وَالمُعَافَاةُ: أَنْ يُعَافِيَكَ اللهُ مِنَ النَّاسِ وَيُعَافِيَهُمْ مِنْكَ، (وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ)، الوَلِيُّ ضِدُّ العَدُوِّ، مِنْ «وَلَّيْتُ الشَّيْءَ» إِذَا اعَتْنَيْتُ بِهِ؛ كَمَا يَنْظُرُ الوَلِيُّ مِنْ حَالِ اليَتِيمِ؛ لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى يَنْظُرُ فِي أَمْرِ وَلِيِّهِ بِالعِنَايَةِ، (وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ)، البَرَكَةُ: الزِّيَادَةُ، أَوْ حُلُولُ الخَيْرِ الإِلَهِيِّ فِي

الشَّيْءِ، وَالعَطِيَّةُ: الهِبَةُ، (وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ، إِنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ)، لَا رَادَّ لِأَمْرِهِ، وَلَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ، (إِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ) أَيْ تَنَزَّهْتَ عَنْ صِفَاتِ المُحْدَثِينَ، (اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِعَفْوِك مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَبِكَ مِنْكَ)؛ أَظْهَرَ العَجْزَ وَالانْقِطَاعَ وَفَزِعَ مِنْهُ إِلَيْهِ، فَاسْتَعَاذَ بِهِ مْنِهُ، (لَا نُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ) أَيْ لَا نُطِيقُ، (أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ»)؛ اعْتِرَافٌ بِالعَجْزِ عَنِ الثَّنَاءِ. (ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيُؤَمِّنُ مَأْمُومٌ) عَلَى قُنُوتِ إِمَامِهِ، (وَيَجْمَعُ إِمَامٌ الضَّمِيرَ)، فَيَقُولُ: «اللهم اهْدِنَا فِيمَنْ هَدَيْتَ» إِلَى آخِرِهِ، (وَيَمْسَحُ الدَّاعِي وَجْهَهُ بِيَدَيْهِ مُطْلَقًا) أَيْ إِذَا فَرَغَ مِنَ القُنُوتِ، وَخَارِجَ الصَّلَاةِ إِذَا دَعَا. (وَالتَّرَاوِيحُ: عِشْرُونَ رَكْعَةً بِـ) شَهْرِ (رَمَضَانَ، تُسَنُّ وَالْوِتْرُ مَعَهَا) أَيْ بَعْدَهَا (جَمَاعَةً، وَوَقْتُهَا) أَيِ التَّرَاوِيحِ (بَيْنَ سُنَّةِ عِشَاءٍ وَوِتْرٍ)؛ لِأَنَّ سُنَّةَ العِشَاءِ يُكْرَهُ تَأْخِيرُهَا عَنْ وَقْتِ العِشَاءِ المُخْتَارِ، فَإِتْبَاعُهَا بِهَا أَوْلَى، وَلَا تَصِحُّ قَبْلَ العِشَاءِ. (ثُمَّ الرَّاتِبَةُ) المُؤَكَّدَةُ: عَشْرُ رَكَعَاتٍ: (رَكْعَتَانِ قَبْلَ الظُّهْرِ, وَرَكْعَتَانِ بَعْدَهَا، وَرَكْعَتَانِ بَعْدَ المَغْرِبِ، وَرَكْعَتَانِ بَعْدَ العِشَاءِ، وَرَكْعَتَانِ قَبْلَ الفَجْرِ، وَهُمَا) أَيْ رَكْعَتَا الفَجْرِ (آكَدُهَا) أَيْ آكَدُ الرَّوَاتِبِ العَشْرِ. (وَتُسَنُّ صَلَاةُ اللَّيْلِ بِتَأَكُّدٍ، وَهِيَ) أَيْ صَلَاةُ اللَّيْلِ؛ أَيْ: نَفْلُ المُطْلَقِ فِيهِ (أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ) النَّفْلِ فِي (النَّهَارِ). (وَ) يُسَنُّ (سُجُودُ تِلَاوَةٍ لِقَارِئٍ وَمُسْتَمِعٍ، وَيُكَبِّرُ) وُجُوبًا (إِذَا سَجَدَ وَإِذَا رَفَعَ، وَيَجْلِسُ) إِنْ كَانَ خَارِجَ الصَّلَاةِ، (وَيُسَلِّمُ) وَاحِدَةً وُجُوبًا بِلَا تَشَهُّدٍ، (وَكُرِهَ

(فصل) في صلاة الجماعة

لِإِمَامٍ قِرَاءَتُهَا) أَيْ آيَةِ سَجْدَةٍ (فِي) صَلَاةٍ (سِرِّيَّةٍ) كَظُهْرٍ وَنَحْوِهَا، (وَ) كُرِهَ أَيْضًا (سُجُودُهُ) أَيِ الإِمَامِ (لَهَا) أَيِ التِّلَاوَةِ بِصَلَاةِ سِرٍّ، (وَ) يَجِبُ (عَلَى مَأْمُومٍ مُتَابَعَتُهُ) أَيِ الإِمَامِ (فِي غَيْرِهَا) أَيْ غَيْرِ السِّرِّيَّةِ. (وَ) يُسَنُّ (سُجُودُ شُكْرٍ) لِلهِ تَعَالَى (عِنْدَ تَجَدُّدِ نِعَمٍ، وَ) عِنْدَ (انْدِفَاعِ نِقَمٍ) مُطْلَقًا، (وَتَبْطُلُ بِهِ) أَيْ سُجُودِ الشُّكْرِ (صَلَاةُ غَيْرِ جَاهِلٍ وَنَاسٍ، وَهُوَ) أَيْ صِفَتُهُ وَأَحْكَامُهُ (كَسُجُودِ تِلَاوَةٍ). (وَأَوْقَاتُ النَّهْيِ خَمْسَةٌ): الأَوَّلُ: (مِنْ طُلُوعِ فَجْرٍ ثَانٍ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ). (وَ) الثَّانِي: (مِنْ) فَرَاغِ (صَلَاةِ العَصْرِ إِلَى) أَوَانِ الأَخْذِ فِي (الغُرُوبِ). (وَ) الثَّالِثُ: (عِنْدَ طُلُوعِهَا) أَيِ الشَّمْسِ (إِلَى اِرْتِفَاعِهَا قَدْرَ رُمْحٍ) فِي رَأْيِ العَيْنِ. (وَ) الرَّابِعُ: (عِنْدَ قِيَامِهَا) أَيِ الشَّمْسِ (حَتَّى تَزُولَ) أَيْ تَمِيلَ عَنْ وَسَطِ السَّمَاءِ. (وَ) الخَامِسُ: (عِنْدَ غُرُوبِهَا) أَيْ إِذَا شَرَعَ فِيهِ (حَتَّى يَتِمَّ) الغُرُوبُ. (فَيَحْرُمُ اِبْتِدَاءُ نَفْلٍ فِيهَا) أَيِ الأَوْقَاتِ الخَمْسَةِ (مُطْلَقًا) أَيْ رَاتِبَةٍ أَوْ مُؤَكَّدَةٍ أَوْ مُطْلَقَةٍ، لَهَا سَبَبٌ أَوْ لَا، وَ (لَا) يَحْرُمُ (قَضَاءُ فَرْضٍ) فِيهَا، (وَ) لَا (فِعْلُ رَكْعَتَيْ طَوَافٍ)، (وَ) لَا (سُنَّةُ فَجْرٍ أَدَاءً قَبْلَهَا، وَ) لَا (صَلَاةُ جِنَازَةٍ بَعْدَ فَجْرٍ وَعَصْرٍ). (فَصْلٌ) فِي صَلَاةِ الجَمَاعَةِ (تَجِبُ الجَمَاعَةُ لِـ) الصَّلَوَاتِ (الْخَمْسِ المُؤَدَّاةِ عَلَى الرِّجَالِ) دُونَ النِّسَاءِ، (الأَحْرَارِ) دُونَ العَبِيدِ، (القَادِرِينَ) عَلَيْهَا دُونَ ذَوِي الأَعْذَارِ.

(وَحَرُمَ أَنْ يُؤَمَّ) بِمَسْجِدٍ (قَبْلَ) إِمَامٍ (رَاتِبٍ إِلَّا بِإِذْنِهِ، أَوْ عُذْرِهِ، أَوْ عَدَمِ كَرَاهَتِهِ) إِمَامَةَ غَيْرِهِ. (وَمَنْ كَبَّرَ) مَأْمُومًا (قَبْلَ تَسْلِيمَةِ الإِمَامِ الأُولَى: أَدْرَكَ الجَمَاعَةَ) وَلَوْ لَمْ يَجْلِسْ، (وَمَنْ أَدْرَكَهُ) أَيِ الإِمَامَ (رَاكِعًا: أَدْرَكَ رَكْعَةً، بِشَرْطِ إِدْرَاكِهِ رَاكِعًا، وَ) بِشَرْطِ (عَدَمِ شَكِّهِ فِيهِ) أَيْ إِدْرَاكِ الرُّكُوعِ، (وَ) بِشَرْطِ (تَحْرِيمَتِهِ) أَيِ المَأْمُومِ (قَائِمًا، وَتُسَنُّ) لَهُ تَكْبِيرَةٌ (ثَانِيَةٌ لِلرُّكُوعِ). (وَمَا أَدْرَكَ) مَسْبُوقٌ (مَعَهُ) أَيِ الإِمَامِ فَهُوَ (آخِرُهَا) أَيْ صَلَاتِهِ، (وَمَا يَقْضِيهِ) مِمَّا فَاتَهُ فَهُوَ (أَوَّلُهَا) أَيْ صَلَاتِهِ. (وَيَتَحَمَّلُ) إِمَامٌ (عَنْ مَأْمُومٍ): 1 - (قِرَاءَةً) أَيِ قِرَاءَةَ الفَاتِحَةِ. 2 - (وَ) يَتَحَمَّلُ عَنْهُ أَيْضًا (سُجُودَ سَهْوٍ) إِنْ دَخَلَ مَعَهُ فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى. 3 - (وَ) يَتَحَمَّلُ عَنْهُ أَيْضًا سُجُودَ (تِلَاوَةٍ). 4 - (وَ) يَتَحَمَّلُ عَنْهُ أَيْضًا (سُتْرَةً) أَيْ سُتْرَةَ الصَّلَاةِ. 5 - (وَ) يَتَحَمَّلُ عَنْهُ أَيْضًا (دُعَاءَ قُنُوتٍ). 6 - (وَ) يَتَحَمَّلُ عَنْهُ أَيْضًا (تَشَهُّدًا أَوَّلَ إِذَا سُبِقَ) المَأْمُومُ (بِرَكْعَةٍ) فِي رُبَاعِيَّةٍ فَقَطْ. (لَكِنْ) - هَذَا اسْتِدْرَاكٌ مِنْ قَوْلِهِ: «قِرَاءَةً» - (يُسَنُّ أَنْ يَقْرَأَ) المَأْمُومُ الفَاتِحَةَ وَسُورَةً حَيْثُ شُرِعَتْ (فِي سَكَتَاتِهِ) أَيِ الإِمَامِ (وَ) يُسَنُّ أَنْ يَقْرَأَ المَأْمُومُ أَيْضًا فِي صَلَاةٍ (سِرِّيَّةٍ، وَ) يُسَنُّ لَهُ أَيْضًا أَنْ يَقْرَأَ (إِذَا لَمْ يَسْمَعْهُ) أَيْ إِمَامَهُ (لِبُعْدٍ) عَنْهُ، وَ (لَا) يَقْرَأُ إِذَا لَمْ يَسْمَعْهُ لِـ (طَرَشٍ).

(فصل) في إمامة الصلاة، وأعذار ترك الجمعة والجماعة

(وَسُنَّ لَهُ) أَيِ الإِمَامِ (التَّخْفِيفُ) لِلصَّلَاةِ (مَعَ الإِتْمَامِ) لَهَا، (وَ) يُسَنُّ لِمُصَلٍّ (تَطْوِيلُ) قِرَاءَةِ الرَّكْعَةِ (الأُولَى عَلَى) قِرَاءَةِ الرَّكْعَةِ (الثَّانِيَةِ، وَ) يُسَنُّ لِإِمَامٍ (انْتِظَارُ دَاخِلٍ) مَعَهُ، أَحَسَّ بِه فِي رُكُوعٍ وَغَيْرِهِ (مَا لَمْ يَشُقَّ) انْتِظَارُهُ عَلَى مَأْمُومٍ. (فَصْلٌ) فِي إِمَامَةِ الصَّلَاةِ، وَأَعْذَارِ تَرْكِ الجُمُعَةِ وَالجَمَاعَةِ (الْأَقْرَأُ العَالِمُ فِقْهَ صَلَاتِهِ أَوْلَى) بِالإِمَامَةِ (مِنَ الأَفْقَهِ). (وَلَا تَصِحُّ) الصَّلَاةُ (خَلْفَ فَاسِقٍ؛ إِلَّا فِي جُمُعَةٍ وَعِيدٍ) إِنْ (تَعَذَّرَا) أَيْ تَعَذَّرَ فِعْلُهُمَا (خَلْفَ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الفَاسِقِ. (وَلَا) تَصِحُّ (إِمَامَةُ مَنْ حَدَثُهُ دَائِمٌ) كَرُعَافٍ وَنَحْوِهِ. (وَ) لَا تَصِحُّ أَيْضًا إِمَامَةُ (أُمِّيٍّ، وَهُوَ) فِي اصْطِلَاحِ الفُقَهَاءِ: (مَنْ لَا يُحْسِنُ) أَيْ: يَحْفَظُ (الفَاتِحَةَ، أَوْ يُدْغِمُ فِيهَا حَرْفًا لَا يُدْغَمُ) كَإِدَغَامِ هَاءِ «للهِ» فِي رَاءِ «رَبِّ»، (أَوْ يَلْحَنُ فِيهَا لَحْنًا يُحِيلُ) أَيْ يُغَيِّرُ (المَعْنَى) كَفَتْحِ هَمْزَةِ «اِهْدِنَا»، وَضَمِّ تَاءِ «أَنْعَمَتَ»، (إِلَّا بِمِثْلِهِ)، فَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ عَاجِزٍ عَنْ نِصْفِ الفَاتِحَةِ الأَوَّلِ بِعَاجِزٍ عَنْ نِصْفِهِا الأَخِيرِ، وَلَا عَكْسُهُ. (وَكَذَا) أَيْ فِي عَدَمِ صِحَّةِ الإِمَامَةِ: (مَنْ بِهِ سَلَسُ بَوْلٍ). (وَ) لَا تَصِحُّ أَيْضًا إِمَامَةُ (عَاجِزٍ عَنْ رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ أَوْ قُعُودٍ وَنَحْوِهَا) كَرَفْعٍ، (أَوْ) عَاجِزٍ عَنْ شَرْطٍ كَـ (اِجْتِنَابِ نَجَاسَةٍ، أَوْ اِسْتِقْبَالٍ) لِلْقِبْلَةِ. (وَلَا) تَصِحُّ أَيْضًا إِمَامَةُ (عَاجِزٍ عَنْ قِيَامٍ بِقَادِرٍ إِلَّا) إِمَامًا (رَاتِبًا) بِمَسْجِدٍ إِنْ كَانَ (رُجِيَ زَوَالُ عِلَّتِهِ). (وَلَا) تَصِحُّ أَيْضًا إِمَامَةُ (مُمَيِّزٍ لِبَالِغٍ فِي فَرْضٍ، وَلَا) إِمَامَةُ (اِمْرَأَةٍ لِرِجَالٍ وَخَنَاثَى).

(وَلَا) تَصِحُّ أَيْضًا (خَلْفَ مُحْدِثٍ) يَعْلَمُ حَدَثَهُ، (أَوْ نَجِسٍ) يَعْلَمُ نَجَاسَتَهُ بِبَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ أَوْ بُقْعَةٍ غَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهَا، (فَإِنْ جَهِلَا) أَيِ الإِمَامُ وَالمَأْمُومُ الحَدَثَ وَالنَّجَاسَةَ، وَاسْتَمَرَّ جَهْلُهُمَا (حَتَّى اِنْقَضَتْ) أَيِ الصَّلَاةُ: (صَحَّتْ لِمَأْمُومٍ) وَحْدَهُ؛ إِلَّا فِي الجُمُعَةِ إِذَا كَانُوا أَرْبَعِينَ. (وَتُكْرَهُ إِمَامَةُ لَحَّانٍ) أَيْ كَثِيرِ لَحْنٍ لَمْ يُحِلِ المَعْنَى؛ كَجَرِّ دَالِ «الحَمْدُ»، وَضَمِّ هَاءِ «للهِ» وَنَحْوِهِ. (وَ) تُكْرَهُ إِمَامَةُ (فَأْفَاءٍ) بِالمَدِّ، وَهُوَ الَّذِي يُكَرِّرُ الفَاءَ، (وَنَحْوِهِ) كَتَمْتَامٍ، وَهُوَ الَّذِي يُكَرِّرُ التَّاءَ. (وَسُنَّ وُقُوفُ المَأْمُومِينَ خَلْفَ الإِمَامِ) نَدْبًا، (وَالْوَاحِدُ) وَقَفَ (عَنْ يَمِينِهِ وُجُوبًا، وَالْمَرْأَةُ) وَقَفَتْ (خَلْفَهُ نَدْبًا). (وَمَنْ صَلَّى عَنْ يَسَارِ الإِمَامِ مَعَ خُلُوِّ يَمِينِهِ) أَيِ الإِمَامِ رَكْعَةً (أَوْ) صَلَّى (فَذًّا رَكْعَةً: لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ) عَالِمًا كَانَ أَوْ جَاهِلًا. (وَإِذَا جَمَعَهُمَا) أَيِ الإِمَامُ وَالمَأْمُومُ (مَسْجِدٌ) وَاحِدٌ: (صَحَّتِ القُدْوَةُ مُطْلَقًا) أَيْ مَعَ رُؤْيَةِ الإِمَامِ أَوْ رُؤْيَةِ مَنْ وَرَاءَهُ، وَعَدَمِهِمَا، (بِشَرْطِ العِلْمِ بِانْتِقَالَاتِ الإِمَامِ، وَإِلَّا شُرِطَ رُؤْيَةُ الإِمَامِ أَوْ) رُؤْيَةُ (مَنْ وَرَاءَهُ أَيْضًا، وَلَوْ فِي بَعْضِهَا). (وَكُرِهَ عُلُوُّ إِمَامٍ عَلَى مَأْمُومٍ ذِرَاعًا فَأَكْثَرَ) لَا كَدَرَجَةِ مِنْبَرٍ، (وَ) كُرِهَ (صَلَاتُهُ فِي مِحْرَابٍ يَمْنَعُ مُشَاهَدَتَهُ، وَ) كُرِهَ (تَطَوُّعُهُ) أَيِ الإِمَامِ (مَوْضِعَ) الصَّلَاةِ (المَكْتُوبَةِ) بَعْدَهَا، (وَ) كُرِهَ (إِطَالَتُهُ الِاسْتِقْبَالَ) لِلْقِبْلَةِ (بَعْدَ السَّلَامِ) وَلَيْسَ ثَمَّ نِسَاءٌ، (وَ) كُرِهَ (وُقُوفُ مَأْمُومٍ بَيْنَ سَوَارٍ تَقْطَعُ الصُّفُوفَ عُرْفًا إِلَّا لِحَاجَةٍ فِي الكُلِّ) أَيْ كُلِّ مَا تَقَدَّمَ، (وَ) كُرِهَ أَيْضًا (حُضُورُ مَسْجِدٍ وَ) حُضُورُ (جَمَاعَةٍ لِمَنْ رَائِحَتُهُ كَرِيهَةٌ مِنْ

بَصَلٍ أَوْ غَيْرِهِ) حَتَّى يَذْهَبَ رِيحُهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بِهِ أَحَدٌ؛ لِتَأَذِّي المَلَائِكَةِ. (وَيُعْذَرُ بِتَرْكِ جُمُعَةٍ وَجَمَاعَةٍ: مَرِيضٌ، وَمُدَافِعُ أَحَدِ الأَخْبَثَيْنِ) - البَوْلِ وَالغَائِطِ - (وَمَنْ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ، وَخَائِفٌ ضَيَاعَ مَالِهِ أَوْ) خَائِفٌ (مَوْتَ قَرِيبِهِ) أَوْ مَوْتَ رَفِيقِهِ، أَوْ كَانَ يَتَوَلَّى تَمْرِيضَهُمَا وَلَيْسَ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ، (أَوْ) خَائِفٌ (ضَرَرًا مِنْ سُلْطَانٍ، أَوْ) خَائِفٌ أَذًى مِنْ (مَطَرٍ وَنَحْوِهِ) كَجَلِيدٍ وَرِيحٍ بَارِدَةٍ بِلَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ، (أَوْ) مِنْ (مُلَازَمَةِ غَرِيمٍ وَلَا وَفَاءَ لَهُ، أَوْ) خَائِفٌ (فَوْتَ رُفْقَتِهِ، وَنَحْوُهُمْ). (فَصْلٌ) فِي صَلَاةِ أَهْلِ الأَعْذَارِ (يُصَلِّي المَرِيضُ) مَكْتُوبَةً (قَائِمًا) وُجُوبًا إِنْ قَدِرَ عَلَيْهِ، (فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ) أَيِ القِيَامَ (فَـ) يُصَلِّي (قَاعِدًا) مُتَرَبِّعًا نَدْبًا، (فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ) أَيِ القُعُودَ (فَعَلَى جَنْبٍ، وَ) الجَنْبُ (الْأَيْمَنُ أَفْضَلُ). (وَكُرِهَ) صَلَاةُ مَرِيضٍ (مُسْتَلْقِيًا) أَيْ عَلَى ظَهْرِهِ وَرِجْلَاهُ إِلَى القِبْلَةِ (مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى جَنْبٍ، وَإِلَّا) يَقْدِرْ عَلَى جَنْبِهِ: (تَعَيَّنَ) عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى ظَهْرِهِ وَرِجْلَاهُ إِلَى القِبْلَةِ. (وَيُومِئُ بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ) بِرَأْسِهِ، (وَيَجْعَلُهُ) أَيِ السُّجُودَ (أَخْفَضَ) مِنَ الرُّكُوعِ؛ لِلتَّمْيِيزِ، (فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ إِيمَاءٍ بِرَأْسِهِ: (أَوْمَأَ بِطَرْفِهِ) أَيْ عَيْنِهِ (وَنَوَى) الفِعْلَ (بِقَلْبِهِ)، وَكَذَا القَوْلُ إِنْ عَجَزَ عَنْهُ بِلِسَانِهِ؛ (كَأَسِيرٍ خَائِفٍ) أَنْ يَعْلَمُوا بِصَلَاتِهِ، (فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ إِيمَاءٍ بِطَرْفِهِ؛ (فَبِقَلْبِهِ؛ مُسْتَحْضِرَ القَوْلِ وَالْفِعْلِ، وَلَا يَسْقُطُ فِعْلُهَا) أَيِ الصَّلَاةِ (مَا دَامَ العَقْلُ ثَابِتًا، فَإِنْ طَرَأَ عَجْزٌ) فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ

(فصل) في قصر الصلاة في السفر، والجمع، وصلاة الخوف

ـ كَمَنِ ابْتَدَأَهَا قَائِمًا أَوْ قَاعِدًا ثُمَّ عَجَزَ فِيهَا -، (أَوْ) طَرَأَ (قُدْرَةٌ فِي أَثْنَائِهَا) أَيِ الصَّلَاةِ؛ كَمَنِ ابْتَدَأَهَا مُضْطَجِعًا أَوْ قَاعِدًا ثُمَّ قَدَرَ عَلَى قُعُودٍ أَوْ قِيَامٍ: (اِنْتَقَلَ) إِلَيْهِ (وَبَنَى) عَلَى مَا مَضَى مِنْهَا. (فَصْلٌ) فِي قَصْرِ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ، وَالجَمْعِ، وَصَلَاةِ الخَوْفِ (وَيُسَنُّ) لِمَنْ نَوَى سَفَرًا (قَصْرُ الرُّبَاعِيَّةِ)، فَيَقْصُرُ الظُّهْرَ وَالعَصْرَ وَالعِشَاءَ إِلَى رَكْعَتَيْنِ (فِي سَفَرٍ طَوِيلٍ) قَدْرُهُ أَرْبَعَةُ بُرُدٍ، وَ (مُبَاحٍ) غَيْرِ مَكْرُوهٍ وَلَا حَرَامٍ. (وَيَقْضِي) مَنْ عَلَيْهِ فَائِتَةٌ أَوْ أَكْثَرُ (صَلَاةَ سَفَرٍ فِي حَضَرٍ) تَامَّةً، (وَعَكْسُهُ: تَامَّةً) أَيْضًا؛ أَيْ: وَيَقْضِي مَنْ عَلَيْهِ فَائِتَةٌ أَوْ أَكْثَرُ صَلَاةَ حَضَرٍ في سَفَرٍ تَامَّةً. (وَمَنْ نَوَى إِقَامَةً مُطْلَقَةً بِمَوْضِعٍ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ) أَيْ عِشْرِينَ صَلَاةً، (أَوِ اِئْتَمَّ بِمُقِيمٍ: أَتَمَّ). (وَإِنْ حُبِسَ ظُلْمًا) أَوْ لِمَرَضٍ أَوْ بِمَطَرٍ أَوْ نَحْوِهِ، (أَوْ) أَقاَمَ لِحَاجَةٍ لَا يَدْرِي مَتَى تَنْقَضِي وَ (لَمْ يَنْوِ إِقَامَةً: قَصَرَ أَبَدًا) وَلَوْ أَقَامَ سِنِينَ. (وَيُبَاحُ لَهُ) أَيْ لِمُسَافِرٍ سَفَرَ قَصْرٍ (الجَمْعُ بَيْنَ الظُّهْرَيْنِ) أَيِ الظُّهْرِ وَالعَصْرِ، (وَ) بَيْنَ (الْعِشَائَيْنِ) أَيِ المَغْرِبِ وَالعِشَاءِ (بِوَقْتِ إِحْدَاهُمَا) أَيْ إِحْدَى الصَّلَاتَيْنِ. (وَ) يُبَاحُ (لِمَرِيضٍ وَنَحْوِهِ يَلْحَقُهُ بِتَرْكِهِ) الجَمْعَ (مَشَقَّةٌ). (وَ) يُبَاحُ الجَمْعُ (بَيْنَ العِشَائَيْنِ فَقَطْ لِمَطَرٍ وَنَحْوِهِ) كَثَلْجٍ وَجَلِيدٍ (يَبُلُّ) المَطَرُ (الثَّوْبَ، وَتُوجَدُ مَعَهُ مَشَقَّةٌ) فِي الجُمْلَةِ، لَا لِكُلِّ فَرْدٍ مِنَ المُصَلِّينَ، (وَ) يُبَاحُ الجَمْعُ بَيْنَ العِشَاءَيْنِ فَقَطْ (لِوَحَلٍ وَ) لِـ (رِيحٍ شَدِيدَةٍ بَارِدَةٍ)، وَ (لَا) يُبَاحُ جَمْعُ العِشَاءَيْنِ بِلَيْلَةٍ (بَارِدَةٍ فَقَطْ، إِلَّا بِلَيْلَةٍ) بَارِدَةٍ (مُظْلِمَةٍ). (وَالْأَفْضَلُ) لِمَنْ يُرِيدُ الجَمْعَ (فِعْلُ الأَرْفَقِ) بِهِ (مِنْ تَقْدِيمٍ أَوْ تَأْخِيرٍ).

(فصل) في صلاة الجمعة

(وَكُرِهَ فِعْلُهُ) أَيِ الجَمْعِ (فِي بَيْتِهِ وَنَحْوِهِ بِلَا ضَرُورَةٍ). (وَيَبْطُلُ جَمْعُ تَقْدِيمٍ بِـ) نَحْوِ (رَاتِبَةٍ بَيْنَهُمَا) أَيِ المَجْمُوعَتَيْنِ، (وَ) يَبْطُلُ جَمْعُ تَقْدِيمٍ كَذَلِكَ بِـ (تَفْرِيقٍ) بَيْنَ المَجْمُوعَتَيْنِ (بِأَكْثَرَ مِنْ) قَدْرِ (وُضُوءٍ خَفِيفٍ وَ) قَدْرِ (إِقَامَةٍ). (وَتَجُوزُ صَلَاةُ الخَوْفِ بِأَيِّ صِفَةٍ صَحَّتْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَصَحَّتْ مِنْ سِتَّةِ أَوْجُهٍ). (وَسُنَّ فِيهَا) أَيْ صَلَاةِ الخَوْفِ (حَمْلُ سِلَاحٍ) يَدْفَعُ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ (غَيْرِ مُثْقِلٍ) كَسَيْفٍ وَسِكِّينٍ. (فَصْلٌ) فِي صَلَاةِ الجُمُعَةِ (تَلْزَمُ الجُمُعَةُ كُلَّ مُسْلِمٍ) لَا كَافِرٍ، (مُكَلَّفٍ) لَا صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ، (ذَكَرٍ) لَا أُنْثَى، (حُرٍّ) لَا عَبْدٍ، (مُسْتَوْطِنٍ بِبِنَاءٍ) مُعْتَادٍ وَلَوْ مِنْ قَصَبٍ. (وَمَنْ صَلَّى الظُّهْرَ) وَهُوَ (مِمَّنْ) يَجِبُ (عَلَيْهِ الجُمُعَةُ قَبْلَ) صَلَاةِ (الإِمَامِ: لَمْ تَصِحَّ) صَلَاتُهُ، (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ الجُمُعَةُ، أَوْ صَلَّى بَعْدَ الإِمَامِ: (صَحَّتْ، وَالْأَفْضَلُ) لِمَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ: التَّأْخِيرُ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ صَلَاةِ الإِمَامِ. (وَحَرُمَ سَفَرُ مَنْ تَلْزَمُهُ) الجُمُعَةُ فِي يَوْمِهَا (بَعْدَ الزَّوَالِ) حَتَّى يُصَلِّيَ الجُمُعَةَ، (وَكُرِهَ) سَفْرٌ (قَبْلَهُ) أَيِ الزَّوَالِ لِمَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ وُجُوبِهَا (مَا لَمْ يَأْتِ بِهَا) أَيِ الجُمُعَةِ (فِي طَرِيقِهِ أَوْ يَخَفْ فَوْتَ رُفْقَةٍ) لِسَفَرٍ مُبَاحٍ. (وَشُرِطَ لِصِحَّتِهَا) أَيِ الجُمُعَةِ أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ: الأَوَّلُ: (الوَقْتُ)، فَلَا تَصِحُّ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ، (وَهُوَ) أَيْ وَقْتُ الجُمُعَةِ: (أَوَّلُ وَقْتِ) صَلَاةِ (العِيدِ إِلَى آخِرِ وَقْتِ) صَلَاةِ (الظُّهْرِ، فَإِنْ خَرَجَ) وَقْتُهَا (قَبْلَ

التَّحْرِيمَةِ: صَلَّوْا ظُهْرًا، وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ خُرُوجُ وَقْتِهِا قَبْلَ التَّحْرِيمَةِ: أَتَمُّوا (جُمُعَةً). (وَ) الثَّانِي: (حُضُورُ أَرْبَعِينَ) رَجُلًا - وَلَوْ (بِالْإِمَامِ - مِنْ أَهْلِ وُجُوبِهَا) الخُطْبَةَ وَالصَّلَاةَ، (فَإِنْ نَقَصُوا) أَيِ الأَرْبَعُونَ (قَبْلَ إِتْمَامِهَا) أَيِ الجُمُعَةِ: (اِسْتَأْنَفُوا جُمُعَةً إِنْ أَمْكَنَ) إِعَادَتُهَا جُمُعَةً فِي الوَقْتِ، (وَإِلَّا) يُمْكِنْ إِعَادَتُهَا جُمُعَةً فِي الوَقْتِ: اسْتَأْنَفُوا (ظُهْرًا). (وَمَنْ) فِي وَقْتِهَا أَحْرَمَ بِهَا وَ (أَدْرَكَ مَعَ الإِمَامِ) مِنْهَا (رَكْعَةً: أَتَمَّهَا جُمُعَةً). (وَ) الثَّالِثُ: (تَقْدِيمُ خُطْبَتَيْنِ) عَلَى الصَّلَاةِ، وَ (مِنْ شَرْطِهِمَا) أَيِ الخُطْبَتَيْنِ: (الوَقْتُ، وَحَمْدُ اللَّهِ)، وَهُوَ قَوْلُ الخَطِيبِ: «الحَمْدُ للهِ»، (وَالصَّلَاةُ عَلَى رَسُولِهِ - عَلَيْهِ) الصَّلَاةُ وَ (السَّلَامُ -، وَقِرَاءَةُ آيَةٍ) كَامِلَةٍ، (وَحُضُورُ العَدَدِ المُعْتَبَرِ)، وَهُوَ أَرْبَعُونَ، مُسْتَوْطِنُونَ بِذَلِكَ البَلَدِ، (وَرَفْعُ الصَّوْتِ) مِنَ الخَطِيبِ بِالخُطْبَتَيْنِ (بِقَدْرِ إِسْمَاعِهِ) أَيِ الخَطِيبِ العَدَدَ المُعْتَبَرَ، (وَالنِّيَّةُ، وَالْوَصِيَّةُ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَلَا يَتَعَيَّنُ لَفْظُهَا) أَيِ الوَصِيَّةِ، (وَأَنْ تَكُونَا) الخُطْبَتَانِ (مِمَّنْ يَصِحُّ أَنْ يَؤُمَّ فِيهَا) أَيِ الجُمُعَةِ، وَ (لَا) يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ الخُطْبَتَانِ (مِمَّنْ يَتَوَلَّى الصَّلَاةَ). (وَتُسَنُّ الخُطْبَةُ عَلَى مِنْبَرٍ أَوْ مَوْضِعٍ عَالٍ) إِنْ عُدِمَ الِمنْبَرُ، (وَ) سُنَّ (سَلَامُ خَطِيبٍ) عَلَى المَأْمُومِينَ (إِذَا خَرَجَ) إِلَيْهِمْ، (وَ) سَلَامُهُ أَيْضًا (إِذَا أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ) بِوَجْهِهِ، (وَ) سُنَّ (جُلُوسُهُ) أَيِ الإِمَامِ (إِلَى فَرَاغِ الأَذَانِ، وَ) سُنَّ أَيْضًا جُلُوسُهُ (بَيْنَهُمَا) أَيِ الخُطْبَتَيْنِ (قَلِيلًا، وَ) تُسَنُّ (الْخُطْبَةُ قَائِمًا) أَيِ الخَطِيبُ، وَأَنْ يَكُونَ (مُعْتَمِدًا عَلَى سَيْفٍ أَوْ عَصًا) بِإِحْدَى يَدَيْهِ، (قَاصِدًا تِلْقَاءَهُ) أَيْ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، (وَ) سُنَّ (تَقْصِيرُهُمَا) أَيِ الخُطْبَتَيْنِ، (وَ) الخُطْبَةُ (الثَّانِيَةُ أَقْصَرُ) مِنَ الأُولَى، (وَ) سُنَّ

لَهُ (الدُّعَاءُ لِلْمُسْلِمِينَ، وَأُبِيحَ) الدُّعَاءُ (لِـ) شَخْصٍ (مُعَيَّنٍ كَالسُّلْطَانِ). (وَهِيَ) أَيْ صَلَاةُ الجُمُعَةِ (رَكْعَتَانِ) جَهْرًا، (يَقْرَأُ فِي) الرَّكْعَةِ (الأُولَى) مِنْهُمَا (بَعْدَ الفَاتِحَةِ: الجُمُعَةَ) أَيْ سُورَةَ الجُمُعَةِ، (وَ) فِي الرَّكْعَةِ (الثَّانِيَةِ) بَعْدَ الفَاتِحَةِ بِسُورَةِ (المُنَافِقِينَ) أَوْ بِغَيْرِهِمَا مِمَّا وَرَدَ. (وَحَرُمَ إِقَامَتُهَا) أَيْ صَلَاةِ الجُمُعَةِ (وَ) كَذَلِكَ صَلَاةُ (عِيدٍ فِي أَكْثَرَ مِنْ مَوْضِعٍ) وَاحِدٍ (بِبَلَدٍ إِلَّا لِحَاجَةٍ)؛ كَنَحْوِ بُعْدٍ، وَضِيقِ مَسْجِدٍ. (وَأَقَلُّ السُّنَّةِ) الرَّاتِبَةِ (بَعْدَهَا) أَيِ الجُمُعَةِ: (رَكْعَتَانِ، وَأَكْثَرُهَا) أَيِ السُّنَّةِ بَعْدَ الجُمُعَةِ: (سِتٌّ) مِنَ الرَّكَعَاتِ. (وَسُنَّ قَبْلَهَا) أَيِ الجُمُعَةِ (أَرْبَعٌ) مِنَ الرَّكَعَاتِ (غَيْرُ رَاتِبَةٍ). (وَ) سُنَّ (قِرَاءَةُ) سُورَةِ (الكَهْفِ فِي يَوْمِهَا وَلَيْلَتِهَا). (وَ) سُنَّ (كَثْرَةُ دُعَاءٍ) فِي يَوْمِ الجُمُعَةِ، وَأَفْضَلُهُ بَعْدَ العَصْرِ. (وَ) سُنَّ (صَلَاةٌ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فِي يَوْمِهَا وَلَيْلَتِهَا. (وَ) سُنَّ (غُسْلٌ) لَهَا فِي يَوْمِهَا، فَإِنِ اغْتَسَلَ ثُمَّ أَحْدَثَ: أَجْزَأَهُ الغُسْلُ وَكَفَاهُ الوُضُوءُ. (وَ) سُنَّ (تَنَظُّفٌ) لَهَا بِقَصِّ شَارِبٍ وَتَقْلِيمٍ ظُفُرٍ وَقَطْعِ رَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ بِسِوَاكٍ وَغَيْرِهِ. (وَ) سُنَّ لَهَا (تَطَيُّبٌ) بِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ. (وَ) سُنَّ (لُبْسُ بَيَاضٍ)، وَهُوَ أَحْسَنُ الثِّيَابِ. (وَ) سُنَّ (تَبْكِيرٌ) لِغَيْرِ إِمَامٍ (إِلَيْهَا) أَيِ الجُمُعَةِ بَعْدَ فَجْرٍ (مَاشِيًا). (وَ) سُنَّ (دُنُوٌّ مِنَ الإِمَامِ).

(فصل) في صلاة العيدين

(وَكُرِهَ لِغَيْرِهِ) أَيِ الإِمَامِ (تَخَطِّي الرِّقَابِ إِلَّا لِفُرْجَةٍ لَا يَصِلُ إِلَيْهَا) أَيِ الفُرْجَةِ (إِلَّا بِهِ) أَيْ بِالتَّخَطِّي. (وَ) كُرِهَ (إِيثَارٌ بِمَكَانٍ أَفْضَلَ)، وَ (لَا) يُكْرَهُ لِمُؤْثَرٍ (قَبُولٌ). (وَحَرُمَ أَنْ يُقِيمَ) إِنْسَانٌ (غَيْرَ صَبِيٍّ مِنْ مَكَانِهِ فَيَجْلِسَ فِيهِ). (وَ) حَرُمَ أَيْضًا (الْكَلَامُ حَالَ الخُطْبَةِ عَلَى غَيْرِ خَطِيبٍ، وَ) عَلَى غَيْرِ (مَنْ كَلَّمَهُ) أَيِ الخَطيبَ (لِحَاجَةٍ). (وَمَنْ دَخَلَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ) بِمَسْجِدٍ: (صَلَّى التَّحِيَّةَ فَقَطْ خَفِيفَةً) - وَلَوْ فِي وَقْتِ نَهْيٍ - إِنْ لَمْ يَخَفْ فَوْتَ التَّحْرِيمَةِ مَعَ الإِماَمِ، وَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى رَكْعَتَيْنِ. (فَصْلٌ) فِي صَلَاةِ العِيدَيْنِ (وَصَلَاةُ العِيدَيْنِ فَرْضُ كِفَايَةٍ). (وَوَقْتُهَا) أَيْ صَلَاةِ العِيدِ (كَـ) وَقْتِ (صَلَاةِ الضُّحَى) مِنِ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ قِيدَ رُمْحٍ، (وَآخِرُهُ: الزَّوَالُ، فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ بِالْعِيدِ إِلَّا بَعْدَهُ) أَيِ الزَّوَالِ: (صَلَّوْا) العِيدَ (مِنَ الغَدِ قَضَاءً). (وَشُرِطَ لِوُجُوبِهَا) أَيْ صَلَاةِ العِيدِ (شُرُوطُ جُمُعَةٍ)، إِلَّا الخُطْبَتَيْنِ؛ فَهُمَا فِي العِيدِ سُنَّةٌ. (وَ) شُرِطَ (لِصِحَّتِهَا) أَيْ صَلَاةِ العِيدِ (اِسْتِيطَانٌ، وَعَدَدُ الجُمُعَةِ). (لَكِنْ) - هَذَا اسْتِدْرَاكٌ مِنْ قَوْلِهِ: «صَلَّوْا مِنَ الغَدِ» - (يُسَنُّ لِمَنْ فَاتَتْهُ) صَلَاةُ العِيدِ مَعَ الإِمَامِ (أَوْ) لِمَنْ فَاتَهُ (بَعْضُهَا: أَنْ يَقْضِيَهَا) فِي يَوْمِهَا قَبْلَ الزَّوْالِ أَوْ بَعْدَهُ، (وَ) قَضَاؤُهَا (عَلَى صِفَتِهَا أَفْضَلُ). (وَتُسَنُّ) صَلَاةُ العِيدِ (فِي صَحْرَاءَ).

(وَ) يُسَنُّ (تَأْخِيرُ صَلَاةِ فِطْرٍ، وَ) يُسَنُّ (أَكْلٌ قَبْلَهَا) أَيْ قَبْلَ الخُرُوجِ إِلَى صَلَاةِ الفِطْرِ. (وَ) يُسَنُّ (تَقْدِيمُ) صَلَاةِ (أَضْحًى، وَ) يُسَنُّ (تَرْكُ أَكْلٍ قَبْلَهَا) أَيْ قَبْلَ صَلَاةِ أَضْحًى (لِمُضَحٍّ). (وَيُصَلِّيهَا) أَيِ العِيدَ (رَكْعَتَيْنِ) جَهْرًا (قَبْلَ الخُطْبَةِ؛ يُكَبِّرُ فِي) الرَّكْعَةِ (الأُولَى بَعْدَ) التَّحْرِيمَةِ وَ (الِاسْتِفْتَاحِ، وَقَبْلَ التَّعَوُّذِ وَ) قَبْلَ (الْقِرَاءَةِ: سِتًّا) زَوَائِدَ، (وَ) يُكَبِّرُ (فِي) الرَّكْعَةِ (الثَّانِيَةِ قَبْلَ القِرَاءَةِ خَمْسًا) زَوَائِدَ، (رَافِعًا يَدَيْهِ مَعَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ) نَدْبًا، (وَيَقُولُ بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ: «اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللَّهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا»، أَوْ) يَقُولُ (غَيْرَهُ) مِنَ الأَذْكَارِ إِنْ أَحَبَّ؛ إِذْ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرٌ مَخْصُوصٌ، (ثُمَّ يَقْرَأُ بَعْدَ الفَاتِحَةِ فِي) الرَّكْعَةِ (الأُولَى) سُورَةَ («سَبِّحْ»، وَ) يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَةِ (الثَّانِيَةِ: «الْغَاشِيَةَ»، ثُمَّ يَخْطُبُ) بِهِمْ إِذَا سَلَّمَ خُطْبَتَيْنِ (كَخُطْبَتَيِ الجُمُعَةِ، لَكِنْ يَسْتَفْتِحُ فِي) الخُطْبَةِ (الأُولَى بِتِسْعِ تَكْبِيرَاتٍ وَ) يَسْتَفْتِحُ فِي (الثَّانِيَةِ بِسَبْعٍ) مِنَ التَّكْبِيرَاتِ، (وَيُبَيِّنُ لَهُمْ فِي الفِطْرِ مَا يُخْرِجُونَ) جِنْسًا وَقَدْرًا، وَوَقْتَ وُجُوبِهِ وَإِجْزَائِهِ، وَمَنْ تَجِبُ فِطْرَتُهُ، وَإِلَى مَنْ تُدْفَعُ، (وَ) يُبَيِّنُ لَهُمْ (فِي الأَضْحَى مَا يُضَحُّونَ) أَيْ مَا يُجْزِئُ فِي الأُضْحِيَّةِ، وَمَا لَا يُجْزِئُ، وَمَا الأَفْضَلُ، وَوَقْتَ الذَّبْحِ. (وَسُنَّ التَّكْبِيرُ المُطْلَقُ) الَّذِي لَمْ يُقَيَّدْ عَقِبَ المَكْتُوبَاتِ (لَيْلَتَيِ العِيدَيْنِ، وَالْفِطْرُ آكَدُ) أَيِ التَّكْبِيرُ لَيْلَةَ عِيدِ الفِطْرِ آكَدُ. (وَ) يُسَنُّ التَّكْبِيرُ المُطْلَقُ أَيْضًا (مِنْ أَوَّلِ) عَشْرِ (ذِي الحِجَّةِ إِلَى فَرَاغِ الخُطْبَةِ).

(فصل) في صلاة الكسوف والاستسقاء

(وَ) يُسَنُّ التَّكْبِيرُ (الْمُقَيَّدُ) فِي الأَضْحَى خَاصَّةً (عَقِبَ كُلِّ) صَلَاةِ (فَرِيضَةٍ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ) صَلَاةِ (فَجْرِ) يَوْمِ (عَرَفَةَ لِمُحِلٍّ) إِلَى عَصْرِ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، (وَلِمُحْرِمٍ: مِنْ) صَلَاةِ (ظُهْرِ يَوْمِ النَّحْرِ إِلَى عَصْرِ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ). (فَصْلٌ) فِي صَلَاةِ الكُسُوفِ وَالاسْتِسْقَاءِ (وَتُسَنُّ صَلَاةُ كُسُوفٍ) - بِلَا خُطْبَةٍ - (رَكْعَتَيْنِ؛ كُلُّ رَكْعَةٍ بِقِيَامَيْنِ وَرُكُوعَيْنِ، وَ) سَنُّ فِيهَا (تَطْوِيلُ سُورَةٍ) مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ (وَ) سُنَّ تَطْوِيلُ (تَسْبِيحٍ) فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، (وَ) سُنَّ (كَوْنُ أَوَّلِ كُلٍّ) مِنْ قِيَامٍ وَرُكُوعٍ (أَطْوَلَ). (وَ) تُسَنُّ صَلَاةُ (اسْتِسْقَاءٍ إِذَا أَجْدَبَتِ الأَرْضُ وَقَحَطَ المَطَرُ) أَيِ احْتَبَسَ. (وَصِفَتُهَا) أَيْ صَلَاةِ الاسْتِسْقَاءِ (وَأَحْكَامُهَا كَـ) صَلَاةِ (عِيدٍ). (وَهِيَ) أَيْ صَلَاةُ الاسْتِسْقَاءِ (وَالَّتِي قَبْلَهَا) أَيْ صَلَاةُ الكُسُوفِ: فِعْلُهُمَا (جَمَاعَةً أَفْضَلُ). (وَإِذَا أَرَادَ الإِمَامُ الخُرُوجَ لَهَا) أَيْ صَلَاةِ الاسْتِسْقَاءِ (وَعَظَ النَّاسَ، وَأَمَرَهُمْ بِالتَّوْبَةِ) مِنَ المَعَاصِي، (وَ) أَمَرَهُمْ بِـ (الْخُرُوجِ مِنَ المَظَالِمِ) وَأَدَاءِ الحُقُوقِ، (وَ) أَمَرَهُمْ بِـ (تَرْكِ التَّشَاحُنِ) - وَهُوَ العَدَاوَةُ -، (وَ) أَمَرَهُمْ بِـ (الصِّيَامِ، وَالصَّدَقَةِ). (وَيَعِدُهُمْ) أَيْ يُعَيِّنُ لَهُمُ الإِمَامُ (يَوْمًا يَخْرُجُونَ فِيهِ) لِيَتَهَيَّئُوا. (وَيَخْرُجُ) الإِمَامُ كَغَيْرِهِ (مُتَوَاضِعًا مُتَخَشِّعًا مُتَذَلِّلًا مُتَضَرِّعًا مُتَنَظِّفًا)، وَ (لَا) يَخْرُجُ (مُطَيَّبًا). (وَ) يُسْتَحَبُّ أَنْ يَخْرُجَ الإِمَامُ وَ (مَعَهُ أَهْلُ الدِّينِ وَ) أَهْلُ (الصَّلَاحِ، وَ) مَعَهُ أَيْضًا (الشُّيُوخُ)، (وَ) سُنَّ أَنْ يَخْرُجَ (مُمَيِّزُ الصِّبْيَانِ). (فَيُصَلِّي) الإِمَامُ بِهِمْ كَصَلَاةِ العِيدِ - وَتَقَدَّمَ -، (ثُمَّ يَخْطُبُ) خُطْبَةً (وَاحِدَةً،

يَفْتَتِحُهَا بِالتَّكْبِيرِ) تِسْعًا (كَخُطْبَةِ عِيدٍ، وَيُكْثِرُ فِيهَا الِاسْتِغْفَارَ، وَقِرَاءَةَ الآيَاتِ الَّتِي فِيهَا الأَمْرُ بِهِ) أَيِ الاسْتِغْفَارِ، (وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ) وَقْتَ الدُّعَاءِ، (وَ) تَكُونُ (ظُهُورُهُمَا نَحْوَ السَّمَاءِ فَيَدْعُو) قَائِمًا (بِـ) الوَارِدِ مِنْ (دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمِنْهُ: «اللَّهُمَّ اِسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا. . .» إِلَى آخِرِهِ) أَيْ آخِرِ الدُّعَاءِ. (وَإِنْ كَثُرَ المَطَرُ حَتَّى خِيفَ) مِنْهُ: (سُنَّ قَوْلُ: «اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ عَلَى الظِّرَابِ وَالْآكَامِ وَبُطُونِ الأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ، {رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} - الآيَةَ -)، وَ «الظِّرَابُ»: جَمْعُ ظَرِبٍ؛ بِكَسْرِ الرَّاءِ، وَهِيَ الرَّابِيَةِ الصَّغِيرَةُ، وَ «الآكَامُ»: جَمْعُ أُكُمٍ كَكُتُبٍ، وَهِيَ مَا عَلَا مِنَ الأَرْضِ وَلَمْ يَبْلُغْ أَنْ يَكُونَ جَبَلًا وَكَانَ أَكْثَرَ ارْتِفَاعًا مِمَّا حَوْلَهُ، وَ «بُطُونُ الأَوْدِيَةِ»: الأَمَاكِنُ المُنْخَفِضَةُ، وَ «مَنَابِتُ الشَّجَرِ»: أُصُولُهَا.

(كتاب الجنائز)

(كِتَابُ الجَنَائِزِ) (تَرْكُ الدَّوَاءِ أَفْضَلُ). (وسُنَّ اِسْتِعْدَادٌ لِلْمَوْتِ) بِرُجُوعِهِ عَنِ الذَّنْبِ وَالخُرُوجِ مِنَ المَظَالِمِ، (وَ) سُنَّ (إِكْثَارٌ مِنْ ذِكْرِهِ) أَيِ المَوْتِ. (وَ) سُنَّ (عِيَادَةُ) مَرِيضٍ (مُسْلِمٍ غَيْرِ مُبْتَدِعٍ، وَ) سُنَّ لِعَائِدٍ (تَذْكِيرُهُ) أَيِ المَرِيضِ (التَّوْبَةَ وَالْوَصِيَّةَ). (فَإِذَا نُزِلَ بِهِ) أَيِ المَرِيضِ لِقَبْضِ رُوحِهِ: (سُنَّ تَعَاهُدُ بَلِّ حَلْقِهِ) أَيِ المَرِيضِ (بِمَاءٍ أَوْ شَرَابٍ، وَ) تَعَاهُدُ (تَنْدِيَةِ شَفَتَيْهِ). (وَ) سُنَّ (تَلْقِينُهُ) عِنْدَ مَوْتِهِ: («لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» مَرَّةً، وَلَا يُزَادُ عَلَى ثَلَاثٍ، إِلَّا أَنْ يَتَكَلَّمَ) بَعْدَهَا، (فَيُعَادُ) التَّلْقِينُ، وَيَكُونُ (بِرِفْقٍ). (وَ) سُنَّ (قِرَاءَةُ الفَاتِحَةِ وَيَاسِينَ عِنْدَهُ) أَيِ المُحْتَضَرِ. (وَ) سَنُّ (تَوْجِيهُهُ إِلَى القِبْلَةِ) عَلَى جَنْبِهِ الأَيْمَنِ. (وَإِذَا مَاتَ): سُنَّ (تَغْمِيضُ عَيْنَيْهِ، وَ) سُنَّ (شَدُّ لَحْيَيْهِ) بِعِصَابَةٍ وَنَحْوِهَا، (وَ) سُنَّ (تَلْيِينُ مَفَاصِلِهِ وَخَلْعُ ثِيَابِهِ، وَسَتْرُهُ بِثَوْبٍ، وَوَضْعُ حَدِيدَةٍ أَوْ نَحْوِهَا) كَقِطْعَةِ طِينٍ (عَلَى بَطْنِهِ) لِئَلَّا يَنْتَفِخَ، (وَ) سُنَّ (جَعْلُهُ عَلَى سَرِيرِ غَسْلِهِ) بُعْدًا لَهُ عَنْ نَحْوِ هَوَامَّ، (مُتَوَجِّهًا) إِلَى القِبْلَةِ، (مُنْحَدِرًا نَحْوَ رِجْلَيْهِ)، فَيَكُونُ رَأْسُهُ أَعْلَى لِيَنْصَبَّ عَنْهُ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ، (وَ) سُنَّ (إِسْرَاعُ تَجْهِيزِهِ، وَيَجِبُ) الإِسْرَاعُ (فِي نَحْوِ تَفْرِيقِ وَصِيَّتِهِ، وَ) يَجِبُ الإِسْرَاعُ فِي (قَضَاءِ دَيْنِهِ).

(فصل) في غسل الميت ودفنه

(فَصْلٌ) فِي غَسْلِ المَيِّتِ وَدَفْنِهِ (وَإِذَا أَخَذَ) أَيْ شَرَعَ الغَاسِلُ (فِي غَسْلِهِ: سَتَرَ عَوْرَتَهُ) وُجُوبًا إِنْ بَلَغَ سَبْعًا، (وَسُنَّ) تَجْرِيدُهُ مِنْ ثِيَابِهِ وَ (سَتْرُ كُلِّهِ) أَيِ المَيِّتِ (عَنِ العُيُونِ، وَكُرِهَ حُضُورُ غَيْرِ مُعِينٍ) فِي غَسْلِهِ. (ثُمَّ نَوَى) غَاسِلٌ غَسْلَهُ (وَسَمَّى) بَعْدَ النِّيَّةِ، (وَهُمَا) أَيِ النِّيَّةُ وَالتَّسْمِيَةُ هُنَا (كَـ) مَا تَقَدَّمَ فِي الوُضُوءِ؛ أَنَّ النِّيَّةَ شَرْطٌ لِكُلِّ طَهَارَةٍ شَرْعِيَّةٍ، وَالتَّسْمِيَةَ وَاجِبَةٌ (فِي غُسْلِ حَيٍّ). (ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَ غَيْرِ حَامِلٍ إِلَى قُرْبِ جُلُوسٍ) بِحَيْثُ يَكُونُ كَالمُحْتَضَنِ فِي صَدْرِ غَيْرِهِ، (وَيَعْصِرُ بَطْنَهُ بِرِفْقٍ) لِيَخْرُجَ المُسْتَعِدُّ لِلْخُرُوجِ لِئَلَّا يَخْرُجَ بَعْدَ غَسْلِهِ، وَالحَامِلُ لَا يُعْصَرُ بَطْنُهَا لِئَلَّا يَتَأَذَّى الوَلَدُ، (وَيُكْثِرُ المَاءَ حِينَئِذٍ) لِيَدْفَعَ مَا يَخْرُجُ بِالعَصْرِ. (ثُمَّ يَلُفُّ) الغَاسِلُ (عَلَى يَدِهِ خِرْقَةً فَيُنَجِّيهِ) أَيِ المَيِّتَ (بِهَا) أَيِ الخِرْقَةِ. (وَحَرُمَ مَسُّ عَوْرَةِ مَنْ لَهُ سَبْعٌ) مِنَ السِّنِينَ. (ثُمَّ يُدْخِلُ) الغَاسِلُ (إِصْبَعَيْهِ) الإِبْهَامَ وَالسَّبَّابَةَ (وَعَلَيْهِمَا خِرْقَةٌ مَبْلُولَةٌ) بِمَاءٍ (فِي فَمِهِ) أَيِ المَيِّتِ نَدْبًا، (فَيَمْسَحُ) بِهِمَا (أَسْنَانَهُ، وَ) يُدْخِلُهُمَا (فِي مَنْخِرَيْهِ فَيُنَظِّفُهُمَا) بَعْدَ غَسْلِ كَفَّيِ المَيِّتِ (بِلَا إِدْخَالِ مَاءٍ) فِي فَمِهِ وَأَنْفِهِ؛ خَشْيَةَ تَحْرِيكِ النَّجَاسَةِ بِدُخُولِ المَاءِ إِلَى جَوْفِهِ. (ثُمَّ يُوَضِّئُهُ) أَيْ يُكْمِلُ وُضُوءَهُ نَدْبًا، (وَيَغْسِلُ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ) أَيِ المَيِّتِ أَوَّلًا (بِرَغْوَةِ السِّدْرِ) وَنَحْوِهِ، (وَ) يَغْسِلُ (بَدَنَهُ بِثُفْلِهِ، ثُمَّ يُفِيضُ عَلَيْهِ المَاءَ) لِيَعُمَّهُ الغَسْلُ، (وَسُنَّ تَثْلِيثٌ) لِذَلِكَ؛ إِلَّا الوُضُوءَ؛ فَفِي الأُولَى فَقَطْ، (وَ) سُنَّ (تَيَامُنٌ)

كَغُسْلِ الحَيِّ، (وَ) سُنَّ (إِمْرَارُ يَدِهِ كُلَّ مَرَّةٍ) مِنَ الثَّلَاثِ غَسَلَاتٍ، (عَلَى بَطْنِهِ) بِرِفْقٍ لِيَخْرُجَ مَا تَخَلَّفَ، (فَإِنْ لَمْ يَنْقَ) المَيِّتُ بِثَلَاثِ غَسَلَاتٍ؛ (زَادَ) فِي غَسْلِهِ (حَتَّى يَنْقَى)، وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ جَاوَزَ السَّبْعَ. (وَكُرِهَ اقْتِصَارٌ) فِي غَسْلِهِ (عَلَى مَرَّةٍ) وَاحِدَةٍ، (وَ) كُرِهَ (مَاءٌ حَارٌّ) فِي غَسْلِهِ بِلَا حَاجَةٍ، وَغَسْلُهُ بِالبَارِدِ أَفْضَلُ، (وَ) كُرِهَ (خِلَالٌ) بِلَا حَاجَةٍ لِشَيْءٍ بَيْنَ أَسْنَانِهِ، (وَ) كُرِهَ (أُشْنَانٌ بِلَا حَاجَةٍ)، فَإِنِ اُحْتِيجَ إِلَى شَيْءٍ مِنْهَا لَمْ يُكْرَهْ، (وَ) كُرِهَ (تَسْرِيحُ شَعْرِهِ) أَيِ المَيِّتِ - رَأْسًا كَانَ أَوْ لِحْيَةً -. (وَسُنَّ كَافُورٌ) فِي الغَسْلَةِ الأَخِيرَةِ - مَا لَمْ يَكُنْ مُحْرِمًا -، (وَ) سُنَّ (سِدْرٌ فِي) الغَسْلَةِ (الأَخِيرَةِ، وَ) سُنَّ (خِضَابُ شَعْرٍ) بِحِنَّاءٍ. (وَ) سُنَّ لِغَيْرِ مُحْرِمٍ: (قَصُّ شَارِبٍ، وَتَقْلِيمُ أَظْفَارٍ إِنْ طَالَا) أَيِ الشَّارِبُ وَالظُّفُرُ. (وَ) سُنَّ (تَنْشِيفٌ) بِثَوْبٍ. (وَيُجَنَّبُ مُحْرِمٌ) - بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ - (مَاتَ مَا يُجَنَّبُ فِي حَيَاتِهِ)؛ لِبَقَاءِ الإِحْرَامِ. (وَسِقْطٌ لِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) فَأَكْثَرَ، حُكْمُهُ (كَـ) حُكْمِ (مَوْلُودٍ حَيًّا) فِي غَسْلٍ وَنَحْوِهِ؛ كَالكَفَنِ وَصَلَاةٍ عَلَيْهِ. (وَإِذَا تَعَذَّرَ غَسْلُ مَيِّتٍ) لِعَدَمِ مَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ: (يُمِّمَ). (وَسُنَّ تَكْفِينُ رَجُلٍ فِي ثَلَاثِ لَفَائِفَ بِيضٍ) مِنْ قُطْنٍ، تُبْسَطُ عَلَى بَعْضِهَا (بَعْدَ تَبْخِيرِهَا) بِنَحْوِ عُودٍ، (وَيُجْعَلُ الحَنُوطُ فِيمَا بَيْنَهَا) أَيْ يُذَرُّ بَيْنَ اللَّفَائِفِ، لَا عَلَى ظَهْرِ العُلْيَا، (وَ) يُجْعَلُ (مِنْهُ) أَيِ الحَنُوطِ (بِقُطْنٍ بَيْنَ أَلْيَيْهِ، وَ) يُجْعَلُ (الْبَاقِي) مِنْ قُطْنٍ (عَلَى مَنَافِذِ وَجْهِهِ)؛ كَعَيْنَيْهِ وَفَمِهِ وَأَنْفِهِ وَأُذُنَيْهِ، (وَمَوَاضِعِ سُجُودِهِ)

(فصل) في صلاة الجنازة، وحمل الميت ودفنه

تَشْرِيفًا لَهَا. (ثُمَّ يَرُدُّ طَرَفَ) اللِّفَافَةِ (العُلْيَا مِنَ الجَانِبِ الأَيْسَرِ) لِلْمَيِّتِ (عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَنِ، ثُمَّ) يَرُدُّ طَرَفَهَا (الأَيْمَنَ عَلَى) شِقِّهِ (الأَيْسَرِ, ثُمَّ) يَرُدُّ (الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ كَذَلِكَ، وَيَجْعَلُ أَكْثَرَ الفَاضِلِ) مِنَ اللِّفَافَةِ مِمَّا (عِنْدَ رَأْسِهِ) أَيِ المَيِّتِ؛ لِشَرَفِهِ عَلَى الرِّجْلَيْنِ. (وَسُنَّ لِاِمْرَأَةٍ خَمْسَةُ أَثْوَابٍ) بِيضٍ مِنْ قُطْنٍ: (إِزَارٌ وَخِمَارٌ وَقَمِيصٌ وَلِفَافَتَانِ) تُكَفَّنُ فِيهَا، (وَ) سُنَّ لِـ (صَغِيرَةٍ) ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ: (قَمِيصٌ وَلِفَافَتَانِ) بِلَا خِمَارٍ. (وَالْوَاجِبُ) لِحَقِّ اللهِ تَعَالَى وَحَقِّ المَيِّتِ - ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى -: (ثَوْبٌ) وَاحِدٌ، لَا يَصِفُ البَشَرَةَ، (يَسْتُرُ جَمِيعَ المَيِّتِ). (فَصْلٌ) فِي صَلَاةِ الجِنَازَةِ، وَحَمْلِ المَيِّتِ وَدَفْنِهِ (وَتَسْقُطُ الصَّلَاةُ) أَيْ فَرْضُهَا (عَلَيْهِ بِـ) صَلَاةِ (مُكَلَّفٍ) رَجُلًا كَانَ أَوْ أُنْثَى. (وَتُسَنُّ) الصَّلَاةُ (جَمَاعَةً) وَلَوْ لِنِسَاءٍ؛ إِلَّا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (وَ) يُسَنُّ (قِيَامُ إِمَامٍ وَ) قِيَامُ (مُنْفَرِدٍ عِنْدَ صَدْرِ رَجُلٍ) أَيْ ذَكَرٍ (وَ) عِنْدَ (وَسَطِ اِمْرَأَةٍ). (ثُمَّ يُكَبِّرُ) مُصَلٍّ (أَرْبَعًا) وُجُوبًا؛ يُحْرِمُ بِالأُولَى بَعْدَ النِّيَّةِ؛ (يَقْرَأُ) إِمَامٌ وَمُنْفَرِدٌ (بَعْدَ) التَّكْبِيرَةِ (الأُولَى وَ) بَعْدَ (التَّعَوُّذِ) وَالبَسْمَلَةِ (الفَاتِحَةَ بِلَا اِسْتِفْتَاحٍ، وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ) التَّكْبِيرَةِ (الثَّانِيَةِ كَفِي تَشَهُّدٍ، وَيَدْعُو) لِلْمَيِّتِ (بَعْدَ) التَّكْبِيرَةِ (الثَّالِثَةِ، وَالْأَفْضَلُ بِشَيْءٍ مِمَّا وَرَدَ، وَمِنْهُ) أَيِ الوَارِدِ: (اللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا، وَشَاهِدِنَا) أَيْ حَاضِرِنَا (وَغَائِبِنَا، وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا، وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا، إِنَّكَ تَعْلَمُ مُنْقَلَبَنَا) أَيْ مُنْصَرَفَنَا (وَمَثْوَانَا) أَيْ مَأْوَانَا، (وَأَنْتَ عَلَى

كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الإِسْلَامِ وَالسُّنَّةِ) أَيِ الطَّرِيقَةِ الَّتِي سَنَّهَا عَلَيْهِ السَّلَامُ، (وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَيْهِمَا، اللَّهُمَّ اِغْفِرْ لَهُ، وَارْحَمْهُ، وَعَافِهِ، وَاعْفُ عَنْهُ، وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ) بِضَمِّ النُّونِ وَالزَّايِ: مَا تَهَيَّأَ لِلضَّيْفِ، (وَأَوْسِعْ مَدْخَلَهُ، وَاغْسِلْهُ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، ونَقِّهِ مِنْ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ، وَزَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ) إِنْ كَانَ رَجُلًا، وَلَا يَقُولُ: «أَبْدِلْهَا زَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهَا»، (وَأَدْخِلْهُ الجَنَّةَ، وَأَعِذْهُ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ، وَعَذَابِ النَّارِ، وَافْسَحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ وَنَوِّرْ لَهُ فِيهِ). (وَإِنْ كَانَ) المَيِّتُ (صَغِيرًا أَوْ) بَلَغَ (مَجْنُونًا) وَاسْتَمَرَّ؛ (قَالَ) بَعْدَ: «وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَيْهِمَا»: (اللَّهُمَّ اِجْعَلْهُ ذُخْرًا لِوَالِدَيْهِ وَفَرَطًا) أَيْ سَابِقًا مُهَيِّئًا، (وَأَجْرًا وَشَفِيعًا مُجَابًا، اللَّهُمَّ ثَقِّلْ بِهِ مَوَازِينَهُمَا، وَأَعْظِمْ بِهِ أُجُورَهُمَا، وَأَلْحِقْهُ بِصَالِحِ سَلَفِ المُؤْمِنِينَ، وَاجْعَلْهُ فِي كَفَالَةِ إِبْرَاهِيمَ، وقِهِ بِرَحْمَتِكَ عَذَابَ الجَحِيمِ). (وَيَقِفُ بَعْدَ) التَّكْبِيرَةِ (الرَّابِعَةِ قَلِيلًا)، وَلَا يَدْعُو، (وَيُسَلِّمُ) وَاحِدَةً عَنْ يَمِينِهِ، وَيَجُوزُ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، وَثَانِيَةً، (وَيَرْفَعُ) مُصَلٍّ (يَدَيْهِ مَعَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ) نَدْبًا. (وَسُنَّ تَرْبِيعٌ فِي حَمْلِهَا) أَيِ الجِنَازَةِ مَعَ عَدَمِ الازْدِحَامِ، وَهُوَ أَفْضَلُ مِنَ الحَمْلِ بَيْنَ العَمُودَيْنِ، وَصِفَتُهُ: أَنْ يَضَعَ قَائِمَةَ النَّعْشِ اليُسْرَى المُقَدَّمَةَ عَلَى عَاتِقِهِ اليُمْنَى، ثُمَّ يَنْتَقِلَ إِلَى المُؤَخَّرَةِ، ثُمَّ يَضَعَ قَائِمَةَ اليُمْنَى المُقَدَّمَةَ عَلَى كَتِفِهِ الأَيْسَرِ ثُمَّ يَنْتَقِلَ إِلَى المُؤَخَّرَةِ، (وَ) سُنَّ (إِسْرَاعٌ)، وَسُنَّ اتِّبَاعُ الجَنَائِزِ، (وَكَوْنُ مَاشٍ) مَعَهَا (أَمَامَهَا، وَ) سُنَّ كَوْنُ (رَاكِبٍ لِحَاجَةٍ خَلْفَهَا، وَقُرْبٌ مِنْهَا، وَ) سُنَّ (كَوْنُ قَبْرٍ لَحْدًا) بِفَتْحِ اللَّامِ، وَالضَّمِّ لُغَةً، وَهُوَ أَنْ يَحْفِرَ فِي أَسْفَلِ حَائِطِ القَبْرِ حُفْرَةً تَسَعُ المَيِّتَ، (وَ) سُنَّ (قَوْلُ مُدْخِلٍ) المَيِّتَ القَبْرَ: (بِسْمِ اللَّهِ, وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ)؛ مِلَّتُهُ: شَرِيعَتُهُ، (وَ)

سُنَّ (لَحْدُهُ عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَنِ، وَيَجِبُ اِسْتِقْبَالُهُ) أَيِ المَيِّتِ (القِبْلَةَ). (وَكُرِهَ - بِلَا حَاجَةٍ - جُلُوسُ تَابِعِهَا) أَيِ الجِنَازَةِ (قَبْلَ وَضْعِهَا، وَ) كُرِهَ (تَجْصِيصُ قَبْرٍ، وَ) كُرِهَ (بِنَاءٌ، وَ) كُرِهَ (كِتَابَةٌ) عَلَى قَبْرٍ، (وَ) كُرِهَ (مَشْيٌ، وَ) كُرِهَ (جُلُوسٌ عَلَيْهِ) أَيِ القَبْرِ، (وَ) كُرِهَ (إِدْخَالُهُ شَيْئًا مَسَّتْهُ النَّارُ، وَ) كُرِهَ (تَبَسُّمٌ) عِنْدَهُ، (وَ) كُرِهَ (حَدِيثٌ بِأَمْرِ الدُّنْيَا عِنْدَهُ) أَيِ القَبْرِ. (وَحَرُمَ دَفْنُ اِثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ) مَعًا (فِي قَبْرٍ) وَاحِدٍ (إِلَّا لِضَرُورَةٍ). (وَأَيُّ قُرْبَةٍ فُعِلَتْ) مِنْ مُسْلِمٍ (وَجُعِلَ ثَوَابُهَا لِمُسْلِمٍ حَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ: نَفَعَهُ) ذَلِكَ. (وَسُنَّ لِرِجَالٍ زِيَارَةُ قَبْرِ مُسْلِمٍ) ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى، (وَ) سُنَّ لِزَائِرِ قَبْرٍ (الْقِرَاءَةُ عِنْدَهُ، وَ) فِعْلُ (مَا يُخَفِّفُ عَنْهُ، وَلَوْ بِجَعْلِ جَرِيدَةٍ رَطْبَةٍ فِي القَبْرِ, وَ) سُنَّ (قَوْلُ زَائِرٍ) لِلْقُبُورِ (وَمَارٍّ بِهِ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ، يَرْحَمُ اللَّهُ المُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَالْمُسْتَأْخِرِينَ، نَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَلَكُمُ العَافِيَةَ، اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُمْ، وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُمْ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُمْ). (وَتَعْزِيَةُ المُصَابِ بِالْمَيِّتِ: سُنَّةٌ، وَيَجُوزُ البُكَاءُ عَلَيْهِ) أَيِ المَيِّتِ، (وَحَرُمَ نَدْبٌ) وَهُوَ تَعْداَدُ مَحَاسِنِ المَيِّتِ بِلَفْظِ النِّدَاءِ بِوَاوٍ مَعَ زِيَادَةِ الأَلِفِ وَالهَاءِ فِي آخِرِهِ؛ كَـ: «وَاسَيِّدَاهُ»، «وَاخَلِيلَاهُ»، (وَ) حَرُمَتْ (نِيَاحَةٌ) وَهِيَ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالنَّدْبِ بِرَنَّةٍ، (وَ) حَرُمَ (شَقُّ ثَوْبٍ، وَلَطْمُ خَدٍّ، وَنَحْوُهُ) كَنَتْفِ شَعْرٍ، وَنَشْرِهِ، وَتَسْوِيدِ وَجْهٍ.

(كتاب الزكاة)

(كِتَابُ الزَّكَاةِ) (تَجِبُ) الزَّكَاةُ (فِي خَمْسَةِ أَشْيَاءَ): فِي سَائِمَةِ (بَهِيمَةِ أَنْعَامٍ، وَ) فِي (نَقْدٍ) أَيْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ، وَهُوَ الثَّانِي، (وَ) فِي (عَرْضِ تِجَارَةٍ)، وَهُوَ الثَّالِثُ، (وَ) الرَّابِعُ: فِي (خَارِجٍ مِنَ الأَرْضِ) مِنْ حُبُوبٍ (وَثِمَارٍ)، وَالخَامِسُ: فِي العَسَلِ، وَيَأْتِي. وَإِنَّمَا تَجِبُ (بِشَرْطِ إِسْلَامٍ، وَحُرِّيَّةٍ، وَمِلْكِ نِصَابٍ، وَاسْتِقْرَارِهِ، وَسَلَامَةٍ مِنْ دَيْنٍ يَنْقُصُ النِّصَابَ، وَمُضِيِّ حَوْلٍ إِلَّا فِي مُعَشَّرٍ) كَالحُبُوبِ وَنَحْوِهِ (وَ) فِي (نِتَاجِ سَائِمَةٍ، وَرِبْحِ تِجَارَةٍ). (وَإِنْ نَقَصَ) النِّصَابُ (فِي بَعْضِ الحَوْلِ بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ) كَمَا لَوْ أَبْدَلَ مَا تَجِبُ فِي عَيْنِهِ بِغَيْرِ جِنْسِهِ (لَا فِرَارًا) مِنَ الزَّكَاةِ: (انْقَطَعَ) حَوْلُ النِّصَابِ، (وَإِنْ أَبْدَلَهُ) أَيِ النِّصَابَ (بِـ) نِصَابٍ مِنْ (جِنْسِهِ؛ فَلَا). (وَإِذَا قَبَضَ الدَّيْنَ: زَكَّاهُ لِمَا مَضَى) مِنَ السِّنِينَ. (وَشُرِطَ لَهَا فِي بَهِيمَةِ أَنْعَامٍ: سَوْمٌ أَيْضًا)، وَالسَّوْمُ: أَنْ تَرْعَى المُبَاحَ أَكْثَرَ الحَوْلِ. (وَأَقَلُّ نِصَابِ إِبِلٍ: خَمْسٌ، وَ) تَجِبُ (فِيهَا) أَيِ الخَمْسِ (شَاةٌ، وَفِي عَشْرٍ) مِنْهَا: (شَاتَانِ، وَفِي خَمْسَ عَشْرَةَ: ثَلَاثٌ) مِنَ الشِّيَاهِ، (وَفِي عِشْرِينَ) مِنَ الشِّيَاهِ: (أَرْبَعٌ) مِنَ الشِّيَاهِ، وَتَكُونُ أَنْثَى. (وَ) يَجِبُ (فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ) مِنْهَا: (بِنْتُ مَخَاضٍ، وَهِيَ الَّتِي) تَمَّ (لَهَا سَنَةٌ، وَفِي سِتٍّ وَثَلَاثِينَ) مِنْهَا: (بِنْتُ لَبُونٍ، وَهِيَ الَّتِي) تَمَّ (لَهَا سَنَتَانِ، وَفِي سِتٍّ

(فصل) في زكاة الخارج من الأرض

وَأَرْبَعِينَ) مِنْهَا: (حِقَّةٌ، وَهِيَ الَّتِي) تَمَّ (لَهَا ثَلَاثٌ) مِنَ السِّنِينَ، (وَفِي إِحْدَى وَسِتِّينَ) مِنْهَا: (جَذَعَةٌ، وَهِيَ الَّتِي) تَمَّ (لَهَا أَرْبَعٌ) مِنَ السِّنِينَ، (وَفِي سِتٍّ وَسَبْعِينَ) مِنْهَا: (بِنْتَا لَبُونٍ، وَفِي إِحْدَى وَتِسْعِينَ) مِنْهَا: (حِقَّتَانِ، وَفِي مِئَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ) مِنْهَا: (ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ، ثُمَّ) تَسْتَقِرُّ الفَرِيضَةُ فِيمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ: (فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ: بِنْتُ لَبُونٍ، وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ: حِقَّةٌ). (وَأَقَلُّ نِصَابِ البَقَرِ: ثَلَاثُونَ، وَ) يَجِبُ (فِيهَا تَبِيعٌ، وَهُوَ الَّذِي) تَمَّ (لَهُ سَنَةٌ، أَوْ تَبِيعَةٌ، وَ) يَجِبُ (فِي أَرْبَعِينَ) مِنَ البَقَرِ: (مُسِنَّةٌ، وَهِيَ الَّتِي) تَمَّ (لَهَا سَنَتَانِ، وَ) يَجِبُ (فِي سِتِّينَ) مِنْهَا (تَبِيعَانِ، ثُمَّ) إِنْ زَادَتْ فَيَجِبُ (فِي كُلِّ ثَلَاثِينَ تَبِيعٌ، وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ). (وَأَقَلُّ نِصَابِ الغَنَمِ: أَرْبَعُونَ، وَ) يَجِبُ (فِيهَا شَاةٌ، وَ) يَجِبُ (فِي مِئَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ) مِنْهَا: (شَاتَانِ، وَ) يَجِبُ (فِي مِئَتَيْنِ وَوَاحِدَةٍ) مِنْهَا: (ثَلَاثٌ) مِنَ الشِّيَاهِ (إِلَى أَرْبَعِ مِئَةٍ، ثُمَّ) يَسْتَقِرُّ (فِي كُلِّ مِئَةٍ شَاةٌ) مِنْهَا. (وَالشَّاةُ: بِنْتُ سَنَةٍ مِنَ المَعْزِ) فَأَكْثَرَ، (وَنِصْفِهَا) أَيْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ: (مِنَ الضَّأْنِ). (وَالْخُلْطَةُ فِي بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ بِشَرْطِهَا: تُصَيِّرُ المَالَيْنِ كَـ) المَالِ (الْوَاحِدِ). (فَصْلٌ) فِي زَكَاةِ الخَارِجِ مِنَ الأَرْضِ (وَتَجِبُ) الزَّكَاةُ (فِي كُلِّ مَكِيلٍ مُدَّخَرٍ) مِنْ حَبٍّ (خَرَجَ مِنَ الأَرْضِ). (وَنِصَابُهُ) أَيِ الخَارِجِ مِنَ الأَرْضِ: (خَمْسَةُ أَوْسُقٍ)، وَالوَسْقُ: سِتُّونَ صَاعًا، (وَهِيَ) أَيِ الخَمْسَةُ أَوْسُقٍ بِالوَزْنِ: (ثَلَاثُ مِئَةٍ وَاِثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ رِطْلًا وَسِتَّةُ أَسْبَاعِ رِطْلٍ بِالدِّمَشْقِيِّ).

(فصل) في زكاة الذهب والفضة

(وَشُرِطَ مِلْكُهُ) أَيِ النِّصَابِ (وَقْتَ وُجُوبٍ) لِلزَّكَاةِ، (وَهُوَ) أَيْ وَقْتُ وُجُوبِهَا: (اِشْتِدَادُ حَبٍّ، وَبُدُوُّ صَلَاحِ ثَمَرٍ، وَلَا يَسْتَقِرُّ) وُجُوبُ نَحْوِ حَبٍّ وَثَمَرٍ (إِلَّا بِجَعْلِهَا فِي بَيْدَرٍ وَنَحْوِهِ). (وَالْوَاجِبُ) مِنْ نِصَابِ الحَبِّ وَالثَّمَرِ: (عُشْرُ مَا سُقِيَ) مِنْهُ (بِلَا مُؤْنَةٍ، وَ) الوَاجِبُ: (نِصْفُهُ) أَيِ نِصْفُ العُشْرِ (فِيمَا سُقِيَ بِهَا) أَيْ بِالمُؤْنَةِ، (وَ) الوَاجِبُ: (ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ) أَيِ العُشْرِ: (فِيمَا سُقِيَ بِهِمَا) أَيْ بِمُؤْنَةٍ وَغَيْرِ مُؤْنَةٍ نِصْفَيْنِ، (فَإِنْ تَفَاوَتَا) أَيِ السَّقْيُ بِمُؤْنَةٍ وَالسَّقْيُ بِلَا مُؤْنَةٍ: (اُعْتُبِرَ الأَكْثَرُ) نَفْعًا وَنُمُوًّا، وَلَا عِبْرَةَ بِالعَدَدِ وَالمُدَّةِ، (وَمَعَ الجَهْلِ) بِالأَكْثَرِ نَفْعًا: (العُشْرُ) احْتِيَاطًا. (وَ) يَجِبُ (فِي العَسَلِ: العُشْرُ؛ سَوَاءٌ أَخَذَهُ مِنْ مَوَاتٍ) كَرُؤُوسِ جِبَالٍ، (أَوْ مِلْكِهِ، أَوْ مِلْكِ غَيْرِهِ، إِذَا بَلَغَ) العَسَلُ نِصَابًا: (مِئَةً وَسِتِّينَ رِطْلًا عِرَاقِيَّةً). (وَمَنِ اِسْتَخْرَجَ مِنْ مَعْدِنٍ نِصَابًا: فَفِيهِ) الزَّكَاةُ: (رُبُعُ العُشْرِ فِي الحَالِ). (وَفِي الرِّكَازِ: الخُمُسُ مُطْلَقًا، وَهُوَ) أَيِ الرِّكَازُ (مَا وُجِدَ مِنْ دِفْنِ الجَاهِلِيَّةِ). (فَصْلٌ) فِي زَكَاةِ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ (وَأَقَلُّ نِصَابِ ذَهَبٍ عِشْرُونَ مِثْقَالًا)، وَالمِثْقَالُ: دِرْهَمٌ وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ. (وَ) أَقَلُّ نِصَابِ (فِضَّةٍ: مِئَتَا دِرْهَمٍ). (وَيُضَمَّانِ) أَيِ الذَّهَبُ وَالفِضَّةُ (فِي تَكْمِيلِ النِّصَابِ، وَ) تُضَمُّ (الْعُرُوضُ) لِلتِّجَارَةِ - أَيْ قِيمَتُهَا - (إِلَى كُلٍّ مِنْهُمَا). (وَالْوَاجِبُ فِيهِمَا) أَيِ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ، وَقِيمَةِ العُرُوضِ: (رُبُعُ العُشْرِ). (وَأُبِيحَ لِرَجُلٍ مِنَ الفِضَّةِ: خَاتَمٌ) وَلَوْ زَادَ عَلَى مِثْقَالٍ، (وَ) أُبِيحَ لِذَكَرٍ مِنْ فِضَّةٍ (قَبِيعَةُ سَيْفٍ)، وَالقَبِيعَةُ: مَا يُجْعَلُ عَلَى طَرَفِ القَبْضَةِ، (وَ) أُبِيحَ لَهُ أَيْضًا

(فصل) في زكاة الفطر

(حِلْيَةُ مِنْطَقَةٍ) يُشَدُّ بِهَا الوَسَطُ (وَنَحْوِهِ) كَخُوذَةٍ وَخُفٍّ، (وَ) أُبِيحَ لِذَكَرٍ (مِنَ الذَّهَبِ: قَبِيعَةُ سَيْفٍ، وَ) أُبِيحَ مِنْهُ (مَا دَعَتْ إِلَيْهِ ضَرُورَةٌ كَأَنْفٍ) وَشَدِّ سِنٍّ. (وَ) أُبِيحَ مِنْهُ (لِنِسَاءٍ مِنْهُمَا) أَيِ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ (مَا جَرَتْ عَادَتُهُنَّ بِلُبْسِهِ) كَطَوْقٍ وَخَلْخَالٍ وَتَاجٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَلَوْ زَادَ عَلَى أَلْفِ مِثْقَالٍ. (وَلَا زَكَاةَ فِي حُلِيٍّ مُبَاحٍ) لِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ مِنْ نَقْدٍ أَوْ غَيْرِهِ (أُعِدَّ لِاسْتِعْمَالٍ) مُبَاحٍ (أَوْ) أُعِدَّ لِـ (عَارِيَّةٍ). (وَيَجِبُ تَقْوِيمُ عَرْضِ التِّجَارَةِ بِالْأَحَظِّ لِلْفُقَرَاءِ مِنْهُمَا) أَيْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ، (وَتُخْرَجُ مِنْ قِيمَتِهِ) رُبُعُ العُشْرِ إِنْ بَلَغَتْ نِصَابًا. (وَإِنِ اِشْتَرَى عَرْضًا بِنِصَابٍ - غَيْرَ سَائِمَةٍ -) بِأَنِ اشْتَرَاهُ بَأَثْمَانٍ أَوْ عُرُوضٍ: (بَنَى عَلَى حَوْلِهِ). (فَصْلٌ) فِي زَكَاةِ الفِطْرِ (وَتَجِبُ الفِطْرَةُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ) تَلْزَمُهُ مُؤْنَةُ نَفْسِهِ (إِذَا كَانَتْ فَاضِلَةً عَنْ نَفَقَةٍ وَاجِبَةٍ يَوْمَ العِيدِ وَلَيْلَتَهُ، وَ) فَاضِلَةً عَنْ (حَوَائِجَ أَصْلِيَّةٍ، فَيُخْرِجُ عَنْ نَفْسِهِ وَ) عَنْ (مُسْلِمٍ يَمُونُهُ). (وَتُسَنُّ) فِطْرَةٌ (عَنْ جَنِينٍ). (وَ) لَا (تَجِبُ) فِطْرَةٌ إِلَّا (بِغُرُوبِ الشَّمْسِ لَيْلَةَ) عِيدِ (الفِطْرِ، وَتَجُوزُ قَبْلَهُ) أَيِ العِيدِ (بِيَوْمَيْنِ فَقَطْ، وَ) إِخْرَاجُهَا (يَوْمَهُ) أَيِ العِيدِ (قَبْلَ الصَّلَاةِ: أَفْضَلُ) مِنْ إِخْرَاجِهَا قَبْلَ ذَلِكَ، (وَتُكْرَهُ) بَعْدَ الصَّلَاةِ (فِي بَاقِيهِ) أَيْ يَوْمِ العِيدِ، (وَيَحْرُمُ تَأْخِيرُهَا) أَيِ الفِطْرَةِ (عَنْهُ) أَيِ اليَوْمِ، (وَتُقْضَى) عَلَى مَنْ أَخَّرَهَا (وُجُوبًا). (وَهِيَ) أَيِ الفِطْرَةُ: عَلَى كُلِّ شَخْصٍ (صَاعٌ مِنْ بُرٍّ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ سَوِيقِهِمَا) وَهُوَ

(فصل) في إخراج الزكاة ودفعها

مَا يُحَمَّصُ ثُمَّ يُطْحَنُ مِنْهُمَا، (أَوْ دَقِيقِهِمَا) أَيِ البُرِّ وَالشَّعِيرِ، (أَوْ) صَاعٍ مِنْ (تَمْرٍ، أَوْ زَبِيبٍ، أَوْ أَقِطٍ). (وَالْأَفْضَلُ) إِخْرَاجًا: (تَمْرٌ، فَزَبِيبٌ، فَبُرٌّ، فَأَنْفَعُ) فِي اقْتِيَاتٍ وَدَفْعِ حَاجَةِ فَقِيرٍ، (فَإِنْ عُدِمَتْ) أَيِ الأَصْنَافُ الخَمْسَةُ: (أَجْزَأَ كُلُّ حَبٍّ) وَثَمَرٍ مَكِيلٍ (يُقْتَاتُ) كَذُرَةٍ وَتِينٍ يَابِسٍ وَنَحْوِهَا. (وَيَجُوزُ إِعْطَاءُ جَمَاعَةٍ مَا يَلْزَمُ الوَاحِدَ) مِنْ فِطْرَةٍ، (وَ) يَجُوزُ (عَكْسُهُ) أَيْ إِعْطَاءُ وَاحِدٍ مَا يَلْزَمُ جَمَاعَةً. (فَصْلٌ) فِي إِخْرَاجِ الزَّكَاةِ وَدَفْعِهَا (وَيَجِبُ إِخْرَاجُ زَكَاةٍ عَلَى الفَوْرِ مَعَ إِمْكَانِهِ) أَيْ إِخْرَاجٍ. (وَيُخْرِجُ وَلِيُّ صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ عَنْهُمَا) فِي مَالِهِمَا؛ لِأَنَّهَا حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَيْهِمَا، فَوَجَبَ عَلَى الوَلِيِّ أَدَاؤُهَا عَنْهُمَا. (وَشُرِطَ لَهُ) أَيْ لإِخْرَاجِ زَكَاةِ المَالِ أَوِ الفِطْرِ (نِيَّةٌ) مِنْ مُكَلَّفٍ. (وَحَرُمَ) مُطْلَقًا (نَقْلُهَا) أَيِ الزَّكَاةِ (إِلَى مَسَافَةِ قَصْرٍ إِنْ وُجِدَ أَهْلُهَا) فِي بَلَدِهَا، (فَإِنْ كَانَ فِي بَلَدٍ وَمَالُهُ فِي) بَلَدٍ (آخَرَ: أَخْرَجَ زَكَاةَ المَالِ فِي بَلَدِ المَالِ، وَ) أَخْرَجَ (فِطْرَتَهُ وَفِطْرَةً لَزِمَتْهُ) عَنْ غَيْرِهِ (فِي بَلَدِ نَفْسِهِ) وَإِنْ كَانُوا فِي غَيْرِهِ. (وَيَجُوزُ تَعْجِيلُهَا) أَيِ الزَّكَاةِ (لِحَوْلَيْنِ فَقَطْ) إِذَا كَمَلَ النِّصَابُ. (وَلَا تُدْفَعُ) الزَّكَاةُ (إِلَّا إِلَى) أَحَدِ (الأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ، وَهُمُ: الفُقَرَاءُ، وَ) الثَّانِي: (الْمَسَاكِينُ، وَ) الثَّالِثُ: (العَامِلُونَ عَلَيْهَا، وَ) الرَّابِعُ: (المُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ، وَ) الخَامِسُ: (فِي الرِّقَابِ، وَ) السَّادِسُ: (الغَارِمُونَ، وَ) السَّابِعُ: (فِي سَبِيلِ اللهِ، وَ) الثَّامِنُ: (ابْنُ السَّبِيلِ).

(وَيَجُوزُ الِاقْتِصَارُ) فِي إِيتَاءِ الزَّكَاةِ (عَلَى) شَخْصٍ (وَاحِدٍ مِنْ صِنْفٍ) وَاحِدٍ، (وَالأَفْضَلُ: تَعْمِيمُهُمْ) أَيِ الأَصْنَافِ، (وَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ). (وَتُسَنُّ) الزَّكَاةُ - أَيْ دَفْعُهَا - (إِلَى مَنْ لَا تَلْزَمُهُ مَؤُونَتُهُ مِنْ أَقَارِبِهِ) كَأَخٍ وَعَمٍ وَذِي رَحِمٍ؛ نَحْوِ خَالٍ وَبِنْتِ أَخٍ؛ عَلَى قَدْرِ حَاجَتِهِمْ. (وَلَا تُدْفَعُ) أَيْ لَا يُجْزِئُ دَفْعُ زَكَاةٍ (لِبَنِي هَاشِمٍ) وَهُمْ سُلَالَتُهُ، ذُكورًا كَانُوا أَوْ إِنَاثًا، (وَ) كَذَا (مَوَالِيهِمْ) أَيْ مَوَالِي بَنِي هَاشِمٍ، (وَلَا) تُدْفَعُ زَكَاةٌ (لِأَصْلٍ) وَإِنْ عَلَوْا، (وَ) لَا لِـ (فَرْعٍ) وَإِنْ نَزَلُوا، (وَ) لَا تُدْفَعُ زَكَاةٌ لِـ (عَبْدٍ، وَ) لَا لِـ (كَافِرٍ). (فَإِنْ دَفَعَهَا) أَيِ الزَّكَاةَ (لِمَنْ ظَنَّهُ أَهْلًا) لَهَا (فَلَمْ يَكُنْ، أَوْ بِالْعَكْسِ) بِأَنْ دَفَعَهَا لِمَنْ ظَنَّهُ غَيْرَ أَهْلٍ فَبَانَ أَهْلًا: (لَمْ تُجْزِئْهُ، إِلَّا) إِذَا دَفَعَهَا (لِغَنِيٍّ ظَنَّهُ فَقِيرًا). (وَصَدَقَةُ التَّطَوُّعِ بِالفَاضِلِ عَنْ كِفَايَتِهِ وَ) عَنْ (كِفَايَةِ مَنْ يَمُونُهُ: سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ) فِي كُلِ وَقْتٍ. (وَفِي) شَهْرِ (رَمَضَانَ، وَ) فِي كُلِّ (زَمَنٍ) فَاضِلٍ كَعَشْرِ ذِي الحِجَّةِ، (وَ) فِي (مَكَانٍ فَاضِلٍ) كَالحَرَمَيْنِ (وَوَقْتِ حَاجَةٍ: أَفْضَلُ).

(كتاب الصيام)

(كِتَابُ الصِّيَامِ) (يَلْزَمُ) الصَّوْمُ (كُلَّ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ قَادِرٍ) عَلَى الصَّوْمِ (بِرُؤْيَةِ الهِلَالِ وَلَوْ) كَانَتِ الرُّؤْيَةُ (مِنْ) مُكَلَّفٍ وَاحِدٍ (عَدْلٍ، أَوْ) يَلْزَمُ صَوْمُ رَمَضَانَ (بِإِكْمَالِ شَعْبَانَ) ثَلَاثِينَ يَوْمًا، (أَوْ) يَلْزَمُ الصَّوْمُ بِـ (وُجُودِ مَانِعٍ مِنْ رُؤْيَتِهِ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ شَعْبَانَ (كَغَيْمٍ وَجَبَلٍ وَغَيْرِهِمَا) كَدُخَانٍ، (وَإِنْ رُئِيَ) الهِلَالُ (نَهَارًا؛ فَهُوَ لِـ) اللَّيْلَةِ (الْمُقْبِلَةِ). (وَإِنْ صَارَ أَهْلًا لِوُجُوبِهِ) أَيِ الصَّوْمِ (فِي أَثْنَائِهِ) أَيِ اليَوْمِ؛ كَكَافِرٍ أَسْلَمَ أَوْ صَغِيرٍ بَلَغَ أَوْ مَجْنُونٍ عَقَلَ، (أَوْ قَدِمَ مُسَافِرٌ مُفْطِرًا، أَوْ طَهُرَتْ حَائِضٌ: أَمْسَكُوا وَقَضَوْا). (وَمَنْ) عَجَزَ عَنِ الصَّوْمِ وَ (أَفْطَرَ لِكِبَرٍ، أَوْ) عَجَزَ عَنِ الصَّوْمِ لِـ (مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ): جَازَ، وَ (أَطْعَمَ لِكُلِّ يَوْمٍ) أَفْطَرَهُ (مِسْكِينًا). (وَسُنَّ الفِطْرُ لِمَرِيضٍ يَشُقُّ عَلَيْهِ، وَ) سُنَّ الفِطْرُ لِـ (مُسَافِرٍ يَقْصُرُ). (وَإِنْ أَفْطَرَتْ حَامِلٌ، أَوْ) أَفْطَرَتْ (مُرْضِعٌ؛ خَوْفًا عَلَى أَنْفُسِهِمَا) أَيِ الحَامِلِ وَالمُرْضِعِ: (قَضَتَا فَقَطْ) وَلَا إِطْعَامَ، (أَوْ) أَفْطَرَتْ حَامِلٌ أَوْ مُرْضِعٌ؛ خَوْفًا (عَلَى وَلَدَيْهِمَا): قَضَتَا (مَعَ الإِطْعَامِ) أَيْ يُطْعِمُ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا (مِمَّنْ يَمُونُ الوَلَدَ). (وَمَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ) جَمِيعَ النَّهَارِ: لَمْ يَصِحَّ صَوْمُهُ، (أَوْ جُنَّ جَمِيعَ النَّهَارِ: لَمْ يَصِحَّ صَوْمُهُ، وَيَقْضِي) ذَلِكَ اليَوْمَ (المُغْمَى عَلَيْهِ) فَقَطْ. (وَلَا يَصِحُّ صَوْمُ فَرْضٍ إِلَّا بِنِيَّةٍ مُعَيَّنَةٍ) لِكُلِّ يَوْمٍ (بِجُزْءٍ مِنَ اللَّيْلِ، وَيَصِحُّ نَفْلٌ

(فصل) في المفطرات

مِمَّنْ لَمْ يَفْعَلْ مُفْسِدًا بِنِيَّةٍ نَهَارًا مُطْلَقًا) أَيْ قَبْلَ الزَّوَالِ أَوْ بَعْدَهُ. (فَصْلٌ) فِي المُفَطِّرَاتِ (وَمَنْ أَدْخَلَ إِلَى جَوْفِهِ) مِنْ أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ أَوْ غَيْرِهِمَا، (أَوْ) أَدْخَلَ إِلَى (مُجَوَّفٍ فِي جَسَدِهِ كَدِمَاغٍ وَحَلْقٍ) مِمَّا يَنْفُذُ إِلَى مَعِدَتِهِ (شَيْئًا مِنْ أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ - غَيْرَ إِحْلِيلِهِ -، أَوِ اِبْتَلَعَ نُخَامَةً بَعْدَ وُصُولِهَا إِلَى فَمِهِ، أَوِ اسْتَقَاءَ فَقَاءَ، أَوِ اِسْتَمْنَى) فَأَمْنَى أَوْ أَمْذَى، (أَوْ بَاشَرَ دُونَ الفَرْجِ فَأَمْنَى أَوْ أَمْذَى، أَوْ كَرَّرَ النَّظَرَ فَأَمْنَى) لَا إِنْ أَمْذَى، (أَوْ نَوَى الإِفْطَارَ، أَوْ حَجَمَ، أَوْ اِحْتَجَمَ) وَظَهَرَ دَمٌ (عَامِدًا) أَيْ قَاصِدًا فِعْلَ شَيْءٍ مِمَّا تَقَدَّمَ، (مُخْتَارًا) أَيْ غَيْرَ مُكْرَهٍ، (ذَاكِرًا لِصَوْمِهِ) لَا إِنْ كَانَ نَاسِيًا: (أَفْطَرَ، لَا إِنْ فَكَّرَ فَأَنْزَلَ) فَلَا يُفْطِرُ، (أَوْ دَخَلَ مَاءُ مَضْمَضَةٍ أَوْ اِسْتِنْشَاقٍ حَلْقَهُ، وَلَوْ بَالَغَ أَوْ زَادَ عَلَى ثَلَاثٍ)، فَلَا يُفْطِرُ. (وَمَنْ جَامَعَ بِرَمَضَانَ نَهَارًا بِلَا عُذْرِ شَبَقٍ وَنَحْوِهِ: فَعَلَيْهِ القَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ عَامِدًا أَوْ سَاهِيًا أَوْ جَاهِلًا أَوْ مُخْطِئًا أَمْ مُكْرَهًا، (وَ) لَكِنْ (لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا) أَيِ المَرْأَةِ (مَعَ العُذْرِ)؛ (كَنَوْمٍ، وَإِكْرَاهٍ) عَلَى وَطَئِهَا، (وَنِسْيَانٍ) لِلصَّوْمِ (وَجَهْلٍ) لِلْحُكْمِ، (وَعَلَيْهَا القَضَاءُ). (وَهِيَ) أَيْ كَفَّارَةُ وَطْءٍ نَهَارَ رَمَضَانَ عَلَى التَّرْتِيبِ: فَيَجِبُ (عِتْقُ رَقَبَةٍ) مُؤْمِنَةٍ سَلِيمَةٍ مِنَ العُيُوبِ، (فَإِنْ لَمْ يَجِدْ) رَقَبَةً أَوْ ثَمَنَهَا؛ (فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ) أَنْ يَصُومَ؛ (فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ) شَيْئًا يُطْعِمُهُ لِلْمَسَاكِينِ: (سَقَطَتْ) عَنْهُ. (وَكُرِهَ أَنْ يَجْمَعَ) الصَّائِمُ (رِيقَهُ فَيَبْتَلِعَهُ، وَ) كُرِهَ لَهُ (ذَوْقُ طَعَامٍ) بِلَا حَاجَةٍ، (وَ) كُرِهَ (مَضْغُ عِلْكٍ لَا يَتَحَلَّلُ) مِنْهُ أَجْزَاءٌ، (وَإِنْ وَجَدَ طَعْمَهُمَا) أَيِ الطَّعَامِ

(فصل) في صوم التطوع

وَالعِلْكِ (فِي حَلْقِهِ: أَفْطَرَ، وَ) كُرِهَتِ (الْقُبْلَةُ وَنَحْوُهَا مِمَّنْ تُحَرِّكُ شَهْوَتَهُ، وَتَحْرُمُ) القُبْلَةُ (إِنْ ظَنَّ) بِهَا (إِنْزَالًا، وَ) يَحْرُمُ عَلَى صَائِمٍ (مَضْغُ عِلْكٍ يَتَحَلَّلُ) مِنْهُ أَجْزَاءٌ، (وَ) يَحْرُمُ: (كَذِبٌ، وَغِيبَةٌ، وَنَمِيمَةٌ، وَشَتْمٌ، وَنَحْوُهُ) مِنْ فُحْشٍ وَغَيْرِهِ فِي كُلِّ وَقْتٍ، وَفِي رَمَضَانَ، وَمَكَانٍ فَاضِلٍ (بِتَأَكُّدٍ). (وَسُنَّ) لِلصَّائِمِ (تَعْجِيلُ فِطْرٍ، وَ) سُنَّ (تَأْخِيرُ سُحُورٍ، وَ) سُنَّ (قَوْلُ مَا وَرَدَ عِنْدَ فِطْرٍ، وَ) يُسَنُّ لِمَنْ فَاتَهُ شَيْءٌ مِنْ رَمَضَانَ (تَتَابُعُ القَضَاءِ فَوْرًا، وَحَرُمَ تَأْخِيرُهُ) أَيْ القَضَاءِ عَنِ رَمَضَانَ (إِلَى) رَمَضَانَ (آخَرَ بِلَا عُذْرٍ، فَإِنْ فَعَلَ) أَيْ أَخَّرَ القَضَاءَ إِلَى رَمَضَانَ آخَرَ أَوْ رَمَضَانَاتٍ بِلَا عُذْرٍ: (وَجَبَ مَعَ القَضَاءِ إِطْعَامُ مِسْكِينٍ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ) أَخَّرَهُ، (وَإِنْ مَاتَ المُفَرِّطُ) أَيْ مَنْ أَمْكَنَهُ القَضَاءُ وَلَمْ يَقْضِ (وَلَوْ قَبْلَ) رَمَضَانَ (آخَرَ: أُطْعِمَ عَنْهُ كَذَلِكَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ، وَلَا يُصَامُ) عَنْهُ. (وَإِنْ كَانَ) وَجَبَ (عَلَى المَيِّتِ نَذْرٌ مِنْ حَجٍّ، أَوْ صَوْمٍ، أَوْ صَلَاةٍ، وَنَحْوِهَا: سُنَّ لِوَلِيِّهِ قَضَاؤُهُ، وَمَعَ تَرِكَةٍ) لِلْمَيِّتِ فَـ (يَجِبُ)، وَ (لَا) تَجِبُ (مُبَاشَرَةُ وَلِيٍّ). (فَصْلٌ) فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ (يُسَنُّ صَوْمُ أَيَّامِ البِيضِ) وَهِيَ الثَّالِثَ عَشَرَ، وَالرَّابِعَ عَشَرَ، وَالخَامِسَ عَشَرَ، (وَ) يُسَنُّ صَوْمُ يَوْمِ (الْخَمِيسِ وَ) يَوْمِ (الْاِثْنَيْنِ، وَ) يُسَنُّ صَوْمُ (سِتٍِّ مِنْ شَوَّالٍ، وَ) يُسَنُّ صَوْمُ (شَهْرِ اللَّهِ المُحَرَّمِ، وَآكَدُهُ): اليَوْمُ (العَاشِرُ، ثُمَّ) يَلِي العَاشِرَ فِي الآكَدِيَّةِ: (التَّاسِعُ، وَ) يُسَنُّ صَوْمُ (تِسْعِ ذِي الحِجَّةِ) وَهِيَ الأَوَّلُ مِنْهُ، (وَآكَدُهُ) أَيِ التِّسْعِ: (يَوْمُ عَرَفَةَ لِغَيْرِ حَاجٍّ بِهَا). (وَأَفْضَلُ الصِّيَامِ) أَيْ صِيَامِ التَّطَوُّعِ: (صَوْمُ يَوْمٍ وَفِطْرُ يَوْمٍ، وَكُرِهَ) مِنْهُ:

(فصل) في الاعتكاف

(إِفْرَادُ رَجَبٍ) بِصَوْمٍ، (وَ) كُرِهَ تَعَمُّدُ إِفْرَادِ يَوْمِ (الْجُمُعَةِ، وَ) تَعَمُّدِ إِفْرَادِ يَوْمِ (السَّبْتِ، وَ) كُرِهَ تَعَمُّدُ صَوْمِ يَوْمِ (الشَّكِّ، وَ) كُرِهَ تَعَمُّدُ صَوْمِ (كُلِّ عِيدٍ لِلْكُفَّارِ، وَ) كُرِهَ (تَقَدُّمُ) شَهْرِ (رَمَضَانَ بِـ) صَوْمِ (يَوْمٍ أَوْ بِيَوْمَيْنِ) لَا أَكْثَرَ (مَا لَمْ يُوَافِقْ عَادَةً فِي الكُلِّ). (وَحَرُمَ صَوْمُ) يَوْمَيِ (العِيدَيْنِ مُطْلَقًا)، وَلَا يَصِحُّ، (وَ) صَوْمُ (أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، إِلَّا عَنْ دَمِ مُتْعَةٍ وَقِرَانٍ). (وَمَنْ دَخَلَ فِي فَرْضٍ) أَوْ صَوْمٍ أَوْ غَيْرِهِ (مُوَسَّعٍ: حَرُمَ قَطْعُهُ بِلَا عُذْرٍ، أَوْ) دَخَلَ فِي (نَفْلٍ - غَيْرَ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ -): سُنَّ لَهُ إِتْمَامُهُ وَ (كُرِهَ) قَطْعُهُ (بِلَا عُذْرٍ). (فَصْلٌ) فِي الاعْتِكَافِ (وَالْاعْتِكَافُ سُنَّةٌ، وَلَا يَصِحُّ) الاعْتِكَافُ (مِمَّنْ تَلْزَمُهُ الجَمَاعَةُ) أَيْ صَلَاةُ الجَمَاعَةِ (إِلَّا فِي مَسْجِدٍ تُقَامُ) صَلَاةُ الجَمَاعَةِ (فِيهِ إِنْ أَتَى عَلَيْهِ) أَيْ مَنْ تَلْزَمُهُ الجَمَاعَةُ (صَلَاةٌ) زَمَنَ اعْتِكَافِهِ. (وَشُرِطَ لَهُ) أَيْ لِلاعْتِكَافِ (طَهَارَةٌ مِمَّا يُوجِبُ غُسْلًا)، فَلَا يَصِحُّ مِنْ جُنُبٍ وَلَوْ تَوَضَّأَ. (وَإِنْ نَذَرَهُ) أَيِ الاعْتِكَافَ (أَوْ) نَذَرَ (الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدٍ غَيْرِ) المَسَاجِدِ (الثَّلَاثَةِ؛ فَلَهُ) أَيِ النَّاذِرُ (فِعْلُهُ) أَيِ الاعْتِكَافِ فِيهِ وَ (فِي غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الَّذِي عَيَّنَهُ، (وَ) إِنْ نَذَرَ الاعْتِكَافَ (فِي أَحَدِهَا) أَيِ المَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ (فَلَهُ) أَيِ النَّاذِرُ (فِعْلُهُ) أَيِ الاعْتِكَافِ (فِيهِ) أَيِ المَسْجِدِ الَّذِي عَيَّنَهُ، (وَفِي الأَفْضَلِ) مِنْهُ. (وَأَفْضَلُهَا) أَيِ المَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ: مَسْجِدُ مَكَّةَ، وَهُوَ (المَسْجِدُ الحَرَامُ) فَلَوْ عَيَّنَهُ تَعَيَّنَ وَحْدَهُ، (ثُمَّ مَسْجِدُ النَّبِيِّ عَلَيْهِ) الصَّلَاةُ وَ (السَّلَامُ)، فَلَوْ عَيَّنَهُ جَازَ فِيهِ

وَفِي الحَرَامِ، (فَـ) المَسْجِدُ (الْأَقْصَى)، فَلَوْ عَيَّنَهُ جَازَ فِيهِ وَفِي مَسْجِدِ المَدِينَةِ وَفَي الحَرَمِ. (وَلَا يَخْرُجُ) عَمْدًا (مَنِ اِعْتَكَفَ) اعْتِكَافًا (مَنْذُورًا) نَذْرًا (مُتَتَابِعًا إِلَّا لِمَا لَا بُدَّ) لَهُ (مِنْهُ، وَلَا يَعُودُ) مُعْتَكِفٌ (مَرِيضًا، وَلَا يَشْهَدُ جِنَازَةً إِلَّا بِشَرْطٍ) عِنْدَ ابْتِدَاءِ نَذْرِ اعْتِكَافِهِ. (وَوَطْءُ الفَرَجِ يُفْسِدُهُ) أَيِ الاعْتِكَافَ وَلَوْ نَاسِيًا، (وَكَذَا) يُفْسِدُهُ (إِنْزَالٌ بِمُبَاشَرَةٍ) دُونَ فَرْجٍ، (وَيَلْزَمُ لِإِفْسَادِهِ) أَيِ الاعْتِكَافِ (كَفَّارَةُ يَمِينٍ). (وَسُنَّ بِتَأَكُّدٍ اِشْتِغَالُهُ) أَيِ المُعْتَكِفِ (بِالْقُرَبِ، وَ) سُنَّ (اجْتِنَابُ مَا لَا يَعْنِيهِ).

(كتاب الحج والعمرة)

(كِتَابُ الحَجِّ وَالْعُمْرَةِ) (يَجِبَانِ) بِأَرْبَعَةِ شُرُوطٍ: (عَلَى المُسْلِمِ)، وَهُوَ شَرْطٌ لِلْوُجُوبِ وَالصِّحَّةِ، (الحُرِّ)، وَهُوَ الشَّرْطُ الثَّانِي لِلْوُجُوبِ وَالإِجْزَاءِ دُونَ الصِّحَّةِ، وَالثَّالِثُ: عَلَى (المُكَلَّفِ)، لَكِنْ يَصِحُّ مِنَ الصَّغِيرِ دُونَ المَجْنُونِ، وَلَمْ يُجْزِئْهُ عَنْ حَجَّةِ الإِسْلَامِ، وَالرَّابِعُ: عَلَى (المُسْتَطِيعِ)، وَهُوَ شَرْطٌ لِلْوُجُوبِ فَقَطْ، (فِي العُمْرِ) مُتَعَلِّقٌ بِـ «يَجِبَانِ» (مَرَّةً) وَاحِدَةً (عَلَى الفَوْرِ). (فَإِنْ زَالَ مَانِعُ حَجٍّ) كَمَنْ أَسْلَمَ أَوْ أَفَاقَ ثُمَّ أَحْرَمَ أَوْ بَلَغَ (بِعَرَفَةَ، وَ) كَذَا إِنْ زَالَ مَانِعُ وُجُوبِ (عُمْرَةٍ قَبْلَ) شُرُوعٍ فِي (طَوَافِهَا) أَيِ العُمْرَةِ، (وَفُعِلَا) أَيِ الحَجُّ وَالعُمْرَةُ (إِذَنْ) أَيْ بَعْدَ زَوَالِ المَانِعِ - كَمَا تَقَدَّمَ -: (وَقَعَا فَرْضًا). (وَإِنْ عَجَزَ) عَنِ السَّعْيِ مَنْ كَمَلَتْ لَهُ الشُّرُوطُ المُتَقَدِّمَةُ (لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ: لَزِمَهُ أَنْ يُقِيمَ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ وَيَعْتَمِرُ) عَنْهُ (مِنْ حَيْثُ وَجَبَا) أَيِ الحَجُّ وَالعُمْرَةُ، (ويُجْزِئَانِهِ) أَيْ حَجُّ النَّائِبِ وَعُمْرَتُهُ (مَا لَمْ يَبْرَأْ) مُسْتَنِيبٌ (قَبْلَ إِحْرَامِ نَائِبٍ). (وَشُرِطَ لِـ) وُجُوبِ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ عَلَى (اِمْرَأَةٍ) مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الشُّرُوطِ: (مَحْرَمٌ أَيْضًا، فَإِنْ أَيِسَتْ مِنْهُ) أَيِ المَحْرَمِ: (اِسْتَنَابَتْ). (وَإِنْ مَاتَ مَنْ لَزِمَاهُ) أَيِ الحَجُّ وَالعُمْرَةُ: (أُخْرِجَا) أَيْ أُخْرِجَ مَالٌ لِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ (مِنْ تَرِكَتِهِ). (وَسُنَّ لِمُرِيدِ إِحْرَامٍ غُسْلٌ أَوْ تَيَمُّمٌ لِعُذْرٍ) كَعَدَمِ مَاءٍ أَوْ عَجْزٍ عَنِ اسْتِعْمَالِهِ،

(وَ) سُنَّ لَهُ (تَنَظُّفٌ، وَ) سُنَّ لَهُ (تَطَيُّبٌ فِي بَدَنٍ، وَكُرِهَ) تَطَيُّبُهُ (فِي ثَوْبٍ، وَ) سُنَّ لَهُ (إِحْرَامٌ بِـ) ثَوْبَيْنِ: (إِزَارٍ وَرِدَاءٍ أَبْيَضَيْنِ عَقِبَ فَرِيضَةٍ، أَوْ) عَقِبَ (رَكْعَتَيْنِ) نَفْلًا (فِي غَيْرِ وَقْتِ نَهْيٍ). (وَنِيَّتُهُ) أَيِ الإِحْرَامِ (شَرْطٌ، وَالِاشْتِرَاطُ فِيهِ سُنَّةٌ)، فَيَقُولُ إِذَا أَرَادَ الإِحْرَامَ: «اللهم إِنِّي أُرِيدُ النُّسُكَ الفُلَانِيَّ، فَيَسِّرْهُ لِي وَتَقَبَّلْهُ مِنِّي، وَإِنْ حَبَسَنِي حَابِسٌ فَمَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي»، أَوْ: «فَلِي أَنْ أَحِلَّ». (وَأَفْضَلُ الأَنْسَاكِ) الثَّلَاثَةِ: (التَّمَتُّعُ، وَهُوَ) أَيْ صِفَةُ التَّمَتُّعِ: (أَنْ يُحْرِمَ بِعُمْرَةٍ فِي أَشْهُرِ الحَجِّ وَيَفْرُغَ) أَيْ يَحِلَّ (مِنْهَا، ثُمَّ) يَحْرُمُ (بِهِ) أَيِ الحَجِّ (فِي عَامِهِ). (ثُمَّ الإِفْرَادُ، وَهُوَ) أَيْ صِفَتُهُ: (أَنْ يُحْرِمَ بِحَجٍّ) أَوَّلًا (ثُمَّ) يُحْرِمَ (بِعُمْرَةٍ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهُ) أَيِ الحَجِّ. (وَالْقِرَانُ) يَلِي الإِفْرَادَ فِي الفَضْلِ، وَصِفَتُهُ: (أَنْ يُحْرِمَ بِهِمَا) أَيِ الحَجِّ وَالعُمْرَةِ (مَعًا أَوْ) يُحْرِمَ (بِهَا) أَيِ العُمْرَةِ أَوَّلًا، (ثُمَّ يُدْخِلَهُ) أَيِ الحَجَّ بِشَرْطِ إِدْخَالِهِ (عَلَيْهَا) أَيِ العُمْرَةِ (قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي طَوَافِهَا). (وَ) يَجِبُ (عَلَى كُلٍّ مِنْ مُتَمَتِّعٍ وَقَارِنٍ - إِذَا كَانَ أُفُقِيًّا - دَمُ نُسُكٍ) لَا دَمُ جُبْرَانٍ، وَالأُفُقِيُّ: مَنْ كَانَ مِنْ مَسَافَةِ قَصْرِ فَأَكْثَرَ مِنَ الحَرَمِ، بِخَلَافِ أَهْلِ الحَرَمَ وَمَنْ مِنْهُ دُونَ المَسَافَةِ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، (بِشَرْطِهِ)، وَهُوَ أَنْ يُحْرِمَ بِهَا مِنْ مِيقَاتٍ أَوْ مِسَافَةِ قَصْرٍ. (وَإِنْ حَاضَتْ) أَيِ امْرَأَةٌ (مُتَمَتِّعَةٌ، فَخَشِيَتْ فَوَاتَ الحَجِّ: أَحْرَمَتْ بِهِ) وُجُوبًا (وَصَارَتْ قَارِنَةً). (وَتُسَنُّ التَّلْبِيَةُ، وَتَتَأَكَّدُ) التَّلْبِيَةُ (إِذَا عَلَا نَشَزًا، أَوْ هَبَطَ وَادِيًا، أَوْ صَلَّى

(فصل) في المواقيت ومحظورات الإحرام

مَكْتُوبَةً، أَوْ أَقْبَلَ لَيْلٌ أَوْ نَهَارٌ، أَوِ الْتَقَتِ الرِّفَاقُ، أَوْ رَكِبَ) دَابَّةً، (أَوْ نَزَلَ) عَنْهَا، (أَوْ سَمِعَ مُلَبِّيًا، أَوْ رَأَى البَيْتَ) أَيِ الكَعْبَةَ (أَوْ فَعَلَ مَحْظُورًا نَاسِيًا) إِذَا ذَكَرَهُ. وَهِيَ: «لَبَّيْكَ اللهم لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ». (وَكُرِهَ إِحْرَامٌ) بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ (قَبْلَ مِيقَاتٍ، وَ) كُرِهَ إِحْرَامٌ (بِحَجٍّ قَبْلَ أَشْهُرِهِ). (فَصْلٌ) فِي المَوَاقِيتِ وَمَحْظُورَاتِ الإِحْرَامِ (وَمِيقَاتُ أَهْلِ المَدِينَةِ: الحُلَيْفَةُ، وَ) مِيقَاتُ أَهْلِ (الشَّامِ وَمِصْرَ وَالْمَغْرِبِ: الجُحْفَةُ، وَ) مِيقَاتُ أَهْلِ (الْيَمَنِ: يَلَمْلَمُ، وَ) مِيقَاتُ أَهْلِ (نَجْدٍ: قَرْنٌ، وَ) مِيقَاتُ أَهْلِ (الْمَشْرِقِ: ذَاتُ عِرْقٍ). (وَيُحْرِمُ مَنْ بِمَكَّةَ لِحَجٍّ مِنْهَا) أَيْ مَكَّةَ، (وَ) يُحْرِمُ مَنْ بِمَكَّةَ (لِعُمْرَةٍ مِنَ الحِلِّ). (وَأَشْهُرُ الحَجِّ: شَوَّالٌ، وَذُو القَعْدَةِ، وَعَشْرٌ مِنْ ذِي الحِجَّةِ). (وَمَحْظُورَاتُ الإِحْرَامِ تِسْعَةٌ): أَحَدُهَا: (إِزَالَةُ شَعْرٍ، وَ) الثَّانِي: (تَقْلِيمُ أَظْفَارٍ) مِنْ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ، (وَ) الثَّالِثُ: (تَغْطِيَةُ رَأْسِ ذَكَرٍ) - وَالأُذُنَانِ مِنْهُ -، (وَ) الرَّابِعُ: (لُبْسُهُ المَخِيطِ) أَيِ الذَّكَرِ؛ (إِلا سَرَاوِيلَ لِعَدَم إِزَارٍ, وَ) إِلَّا (خُفَّيْنِ لِعَدَم نَعْلَيْنِ، وَ) الخَامِسُ: (الطِّيبُ، وَ) السَّادِسُ: (قَتْلُ صَيْدِ البَرِّ، وَ) السَّابِعُ: (عَقْدُ نِكَاحٍ) فَيَحْرُمُ وَلَا يَصِحُّ، (وَ) الثَّامِنُ: (جِمَاعٌ، وَ) التَّاسِعُ: (مُبَاشَرَةٌ فِيمَا دُونَ فَرْجٍ). فَمَنْ حَلَقَ ثَلَاثَ شَعَرَاتٍ أَوْ قَلَّمَ ثَلَاثَةَ أَظْفَارٍ فَأَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ (فَـ) عَلَيْهِ (فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ وَ) أَقَلَّ مِنْ (ثَلَاثَةِ أَظْفَارٍ فِي كُلِّ وَاحِدٍ) مِنْ ذَلِكَ (فَأَقَلَّ) مِنْ وَاحِدٍ

كَقَصِّ بَعْضِ الظُّفُرِ أَوْ قَطْعِ بَعْضِ الشَّعْرَةِ: (طَعَامُ مِسْكِينٍ، وَفِي الثَّلَاثِ) مِنْ ذَلِكَ: (فَأَكْثَرَ: دَمٌ). (وَ) يَجِبُ (فِي تَغْطِيَةِ الرَّأْسِ) لِذَكَرٍ (بِلَاصِقٍ، وَ) عَلَى ذَكَرٍ فِي (لُبْسِ مَخِيطٍ، وَ) فِي (تَطَيُّبٍ فِي بَدَنٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ شَمٍّ أَوْ دَهْنٍ: الفِدْيَةُ). (وَإِنْ قَتَلَ) مُحْرِمٌ (صَيْدًا مَأْكُولًا بَرِّيًّا أَصْلًا) كَحَمَامٍ: (فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ) أَيْ جَزَاءُ الصَّيْدِ. (وَالْجِمَاعُ قَبْلَ التَّحَلُّلِ الأَوَّلِ فِي حَجٍّ) وَلَوْ بَعْدَ الوُقُوفِ بِعَرَفَةَ (وَ) الجِمَاعُ (قَبْلَ فَرَاغِ سَعْيٍ فِي عُمْرَةٍ: مُفْسِدٌ لِنُسُكِهِمَا مُطْلَقًا) أَيْ نُسُكِ الوَاطِئِ وَالمَوْطُوءَةِ، سَوَاءٌ كَانَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، (وَ) يَجِبُ (فِيهِ) أَيْ فِي إِفْسَادِهِ (لِحَجٍّ: بَدَنَةٌ، وَلِعُمْرَةٍ: شَاةٌ، وَيَمْضِيَانِ) أَيِ الوَاطِئُ وَالمَوْطُوءَةُ (فِي فَاسِدِهِ) أَيِ النُّسُكِ وُجُوبًا، (وَيَقْضِيَانِهِ) وُجُوبًا (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الَّذِي فَسَدَ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا (إِنْ كَانَا مُكَلَّفَيْنِ فَوْرًا) أَيْ ثَانِي عَامٍ إِنْ كَانَ حَجًّا، وَإِنْ كَانَ عُمْرَةً بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهَا، (وَإِلَّا) يَكُونَا مُكَلَّفَيْنِ فِي النُّسُكِ الفَاسِدِ: قَضَيَاهُ (بَعْدَ التَّكْلِيفِ، وَ) بَعْدَ (فِعْلِ حَجَّةِ الإسْلامِ فَوْرًا) مِنْ حَيْثُ أَحْرَمَ أَوَّلًا إِنْ كَانَ قَبْلَ مِيقَاتٍ، وَإِلَّا فَمِنْهُ. (وَلَا يَفْسُدُ النُّسُكُ بِمُبَاشَرَةٍ) وَلَوْ أَنْزَلَ، (وَيَجِبُ بِهَا) أَيْ بِالمَبَاشَرَةِ (بَدَنَةٌ إِنْ أَنْزَلَ، وَإِلَّا) فَتَجِبُ (شَاةٌ). (وَلَا) يَفْسُدُ النُّسُكُ (بِوَطْءٍ فِي حَجٍّ بَعْدَ التَّحَلُّلِ الأَوَّلِ وَقَبْلَ) التَّحَلُّلِ (الثَّانِي، لَكِنْ يَفْسُدُ) بِهِ (الإِحْرَامُ، فَيُحْرِمُ مِنِ الحِلِّ لِيَطُوفَ للزِّيَارَةِ فِي إِحْرَامٍ صَحِيحٍ، وَيَسْعَى إِنْ لَمْ يَكُنْ سَعَى، وَعَلَيْهِ شَاةٌ). (وَإِحْرَامُ امْرَأَةٍ كَـ) إِحْرَامِ (رَجُلٍ؛ إِلَّا فِي لُبْسِ مَخِيطٍ، وَتَجْتَنِبُ) المَرْأَةُ

(فصل في الفدية)

(البُرْقُعَ، وَالْقُفَّازَيْنِ، وَتَغْطِيَةَ الوَجْهِ، فَإِنْ غَطَّتْهُ بِلَا عُذْرٍ: فَدَتْ). (فَصْلٌ فِي الفِدْيَةِ) (يُخَيَّرُ بِفِدْيَةِ حَلْقٍ وَ) فِدْيَةِ (تَقْلِيمٍ وَ) فِدْيَةِ (تَغْطِيَةِ رَأْسِ رَجُلٍ وَوَجْهِ امْرَأَةٍ، وَ) فِدْيَةِ (طِيبٍ: بَيْنَ صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، أَوْ إِطْعَامِ سِتَّةِ مَسَاكِينَ)؛ لِـ (كُلِّ مِسْكِينٍ مُدَّ بُرٍّ، أَوْ نِصْفَ صَاعِ تَمْرٍ أَوْ زَبِيبٍ أَوْ شَعِيرٍ، أَوْ ذَبْحِ شَاةٍ). (وَفِي جَزَاءِ صَيْدٍ) أَيْ يُخَيَّرُ فِيهِ (بَيْنَ) ذَبْحِ (مِثْلِ مِثْلِيٍّ، أَوْ تَقْوِيمِهِ) أَيِ المِثْلِ (بِدَرَاهِمَ يَشْتَرِي بِهَا طَعَامًا يُجْزِئُ) إِخْرَاجُ ذَلِكَ الطَّعَامِ (فِي فِطْرَةٍ، فَيُطْعِمُ عَنْ كُلِّ مِسْكِينٍ مُدَّ بُرٍّ أَوْ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ غَيْرِهِ)؛ مِنْ تَمْرٍ أَوْ زَبِيبٍ أَوْ شَعِيرٍ، (أَوْ يَصُومُ عَنْ طَعَامِ كُلِّ مِسْكِينٍ يَوْمًا، وَ) يُخَيَّرُ (بَيْنَ إِطْعَامٍ أَوْ صِيَامٍ فِي) جَزَاءِ صَيْدٍ (غَيْرِ مِثْلِيٍّ). (وَإِنْ عَدِمَ مُتَمَتِّعٌ أَوْ قَارِنٌ الهَدْيَ: صَامَ) عَشَرَةَ أَيَّامٍ: (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الحَجِّ، وَالْأَفْضَلُ جَعْلُ آخِرِهَا يَوْمَ عَرَفَةَ، وَ) صَامَ (سَبْعَةً إِذَا رَجَعَ لِأَهْلِهِ). (وَالْمُحْصَرُ) يَلْزَمُهُ هَدْيٌ، فَـ (إِذَا لَمْ يَجِدْهُ: صَامَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ، ثُمَّ حَلَّ). (وَتَسْقُطُ) الفِدْيَةُ (بِنِسْيَانٍ فِي لُبْسٍ، وَطِيبٍ، وَتَغْطِيَةِ رَأْسٍ) لِذَكَرٍ أَوْ وَجْهِ أُنْثَى. (وَكُلُّ هَدْيٍ أَوْ طَعَامٍ فَلِمَسَاكِينِ الحَرَمِ) وَهُمُ المُقِيمُ بِهِ وَالمُجْتَازُ مِنْ حَاجٍّ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ لَهُ أَخْذُ زَكَاةٍ لِحَاجَةٍ، (إِلَّا فِدْيَةَ أَذًى وَلُبْسٍ وَنَحْوِهَا) كَفِدْيَةِ طِيبٍ وَتَغْطِيَةِ رَأْسٍ؛ (فَـ) تُخْرَجُ (حَيْثُ وُجِدَ سَبَبُهَا). (وَيُجْزِئُ الصَّوْمُ) وَالحَلْقُ (بِكُلِّ مَكَانٍ). (وَالدَّمُ) المُطْلَقُ: (شَاةٌ، أَوْ سُبُعُ بَدَنَةٍ، أَوْ) سُبُعُ (بَقَرَةٍ).

(باب دخول مكة)

(وَيُرْجَعُ فِي جَزَاءِ صَيْدٍ إِلَى مَا قَضَتْ فِيهِ الصَّحَابَةُ، وَ) يُرْجَعُ (فِيمَا لَمْ تَقْضِ فِيهِ) الصَّحَابَةُ (إِلَى قَوْلِ عَدْلَيْنِ خَبِيرَيْنِ). (وَمَا لَا مِثْلَ لَهُ) مِنَ النَّعَمِ فَـ (تَجِبُ قِيمَتُهُ مَكَانَهُ) أَيْ مَكَانَ الإِتْلَافِ. (وَحَرُمَ مُطْلَقًا صَيْدُ حَرَمِ مَكَّةَ، وَ) حَرُمَ (قَطْعُ شَجَرِهِ وَحَشِيشِهِ - إِلَّا الإِذْخِرَ -، وَفِيهِ الجَزَاءُ). (وَ) حَرُمَ (صَيْدُ حَرَمِ المَدِينَةِ، وَ) حَرُمَ (قَطْعُ شَجَرِهِ وَحَشِيشِهِ لِغَيْرِ حَاجَةِ عَلَفٍ وَقَتَبٍ وَنَحْوِهِمَا، وَلَا جَزَاءَ) فِيهِ. (بَابُ دُخُولِ مَكَّةَ) (يُسَنُّ) دُخُولُهَا (نَهَارًا مِنْ أَعْلَاهَا، وَالْمَسْجِدُ) الحَرَامُ يُسَنُّ دُخُولُهُ (مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ، فَإِذَا رَأَى البَيْتَ رَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ مَا وَرَدَ، ثُمَّ طَافَ) حَالَ كَوْنِهِ (مُضْطَبِعًا لِلْعُمْرَةِ المُعْتَمِرُ، وَلِلْقُدُومِ غَيْرُهُ، وَيَسْتَلِمُ الحَجَرَ الأَسْوَدِ) أَيْ يَمْسَحُهُ بِيَدِهِ اليُمْنَى، (وَيُقَبِّلُهُ) بِلَا صَوْتٍ، (فَإِنْ شَقَّ) الاسْتِلَامُ وَالتَّقْبِيلُ: (أَشَارَ إِلَيْهِ) بِيَدِهِ، (وَيَقُولُ مَا وَرَدَ، وَيَرْمُلُ الأُفُقِيُّ) أَيِ المُحْرِمُ مِنْ بَعِيدٍ مِنْ مَكَّةَ، فَيُسْرِعُ المَشْيَ وَيُقَارِبُ الخُطَى فِي الثَّلَاثَةِ أَشْوَاطٍ الأُوَلِ (فِي هَذَا الطَّوَافِ) فَقَطْ، ثُمَّ يَمْشِي أَرْبَعًا مِنْ غَيْرِ رَمَلٍ، (فَإِذَا فَرَغَ) مِنْ طَوَافِهِ (صَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَلْفَ المَقَامِ، ثُمَّ) بَعْدَ الصَّلَاةِ يَرْجِعُ وَ (يَسْتَلِمُ الحَجَرَ الأَسْوَدَ وَيَخْرُجُ إِلَى الصَّفَا مِنْ بَابِهِ) أَيْ بَابِ الصَّفَا لِلسَّعْيِ، (فَيَرْقَاهُ) أَيِ الصَّفَا نَدْبًا (حَتَّى يَرَى البَيْتَ) الحَرَامَ، (فَيُكَبِّرُ ثَلَاثًا وَيَقُولُ) ثَلَاثًا (مَا وَرَدَ، ثُمَّ يَنْزِلُ) مِنْ بَابِ الصَّفَا (مَاشِيًا إِلَى) أَنْ يَبْقَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ (العَلَمِ الأَوَّلِ، فَيَسْعَى) مَاشٍ سَعْيًا (شَدِيدًا) نَدْبًا (إِلَى) العَلَمِ (الآخَرِ، ثُمَّ يَمْشِي) كَمِشْيَةِ الأَوَّلِ (وَيَرْقَى المَرْوَةَ) نَدْبًا، (وَيَقُولُ) عَلَيْهَا (مَا قَالَهُ عَلَى الصَّفَا، ثُمَّ يَنْزِلُ) مِنَ المَرْوَةِ، (فَيَمْشِي فِي مَوْضِعِ

(فصل في صفة الحج والعمرة)

مَشْيِهِ وَيَسْعَى فِي مَوْضِعِ سَعْيِهِ إِلَى الصَّفَا، يَفْعَلُهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنَ المَشْيِ وَالسَّعْيِ (سَبْعًا، وَيَحْسُبُ ذَهَابَهُ) سَعْيَةً، (وَ) يَحْسُبُ (رُجُوعَهُ) سَعْيَةً. (وَيَتَحَلَّلُ مُتَمَتِّعٌ لَا هَدْيَ مَعَهُ بِتَقْصِيرِ شَعْرِهِ) لِيُوَفِّرَ الحَلْقَ لِلْحَجِّ، وَلَا يُسَنُّ تَأْخِيرُ التَّحَلُّلِ، (وَمَنْ مَعَهُ هَدْيٌ) تَحَلَّلَ (إِذَا حَجَّ). (وَالْمُتَمَتِّعِ يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ إِذَا أَخَذَ فِي الطَّوَافِ)، وَلَا بَأْسَ بِهَا فِي طَوَافِ القُدُومِ سِرًّا. (فَصْلٌ فِي صِفَةِ الحَجِّ وَالْعُمْرَةِ) (يُسَنُّ لِمُحِلٍّ بِمَكَّةَ: الإِحْرَامُ بِالْحَجِّ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ)، وَهُوَ ثَامِنُ ذِي الحِجَّةِ، (وَ) يُسَنُّ (الْمَبِيتُ بِمِنًى) لَيْلَةَ عَرَفَةَ إِلَى الفَجْرِ، (فَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ سَارَ إِلَى) مَوْقِفِ (عَرَفَةَ، وَكُلُّهَا) أَيْ وَكُلُّ عَرَفَةَ (مَوْقِفٌ إِلَّا بَطْنَ عُرَنَةَ، وَجَمَعَ فِيهَا بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ تَقْدِيمًا، وَأَكْثَرَ الدُّعَاءَ مِمَّا وَرَدَ). (وَوَقْتُ الوُقُوفِ) بِعَرَفَةَ: (مِنْ) طُلُوعِ (فَجْرِ) يَوْمِ (عَرَفَةَ إِلَى) طُلُوعِ (فَجْرِ) يَوْمِ (النَّحْرِ، ثُمَّ يَدْفَعُ بَعْدَ الغُرُوبِ) مِنْ عَرَفَةَ (إِلَى مُزْدَلِفَةَ) وَسُنَّ كَوْنُهُ (بِسَكِينَةٍ، وَيَجْمَعُ فِيهَا) أَيْ فِي مُزْدَلِفَةَ (بَيْنَ العِشَاءَيْنِ تَأْخِيرًا، وَيَبِيتُ بِهَا) أَيْ بِمُزْدَلِفَةَ، (فَإِذَا) أَصْبَحَ (صَلَّى الصُّبْحَ) بِهَا، ثُمَّ (أَتَى المَشْعَرَ الحَرَامَ، فَرَقَاهُ) إِنْ سَهُلَ، (وَ) إِلَّا (وَقَفَ عِنْدَهُ، وَحَمِدَ اللَّهَ وَكَبَّرَ وَقَرَأَ: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ} الآيَتَيْنِ) إِلَى {غَفُورٌ رَحِيمٌ}، (وَ) لَا يَزَالُ (يَدْعُو حَتَّى يُسْفِرَ، ثُمَّ يَدْفَعُ إِلَى مِنًى، فَإِذَا بَلَغَ مُحَسِّرًا) - وَهُوَ وَادٍ بَيْنَ مُزْدَلِفَةَ وَمِنًى -: (أَسْرَعَ رَمْيَةَ حَجَرٍ) أَيْ قَدْرَ رَمْيَةِ حَجَرٍ (وَأَخَذَ حَصَى الجِمَارِ) مِنْ حَيْثُ شَاءَ (سَبْعِينَ) حَصَاةً؛ كُلُّ حَصَاةٍ (أَكْبَرُ مِنَ الحِمِّصِ

وَدُونَ البُنْدُقِ، فَيَرْمِي جَمْرَةَ العَقَبَةِ وَحْدَهَا بِسَبْعٍ) مِنَ الحَصَيَاتِ مُتَعَاقِبَاتٍ، (يَرْفَعُ يُمْنَاهُ) حَالَ الرَّمْيِ (حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إِبْطِهِ، وَيُكَبِّرُ مَعَ) رَمْيِ (كُلِّ حَصَاةٍ، ثُمَّ يَنْحَرُ، وَيَحْلِقُ) رَأْسَهُ، (أَوْ يُقَصِّرُ مِنْ جَمِيعِ شَعْرِهِ) لَا مِنْ كُلِّ شَعْرَةٍ بِعَيْنِهَا، (وَ) تُقَصِّرُ (الْمَرْأَةُ) مِنْ شَعْرِهَا (قَدْرَ أَنْمُلَةٍ، ثُمَّ) إِذَا رَمَى وَحَلَقَ أَوْ قَصَّرَ: (قَدْ حَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ) مِنْ مَحْظُورَاتِ الإِحْرَامِ (إِلَّا النِّسَاءَ). (ثُمَّ يُفِيضُ إِلَى مَكَّةَ، فَيَطُوفُ) القَارِنُ وَالمُفْرِدُ بِنِيَّةِ الفَرِيضَةِ (طَوَافَ الزِّيَارَةِ الَّذِي هُوَ رُكْنٌ) وَيُقَالُ لَهُ: طَوَافُ الإِفَاضَةِ، لَا يَتِمُّ الحَجُّ إِلَّا بِهِ، (ثُمَّ يَسْعَى) بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ مُتَمَتِّعٌ وَغَيْرُهُ (إِنْ لَمْ يَكُنْ سَعَى) بَعْدَ طَوَافِ القُدُومِ، (وَ) هَذَا هُوَ التَّحَلُّلُ الثَّانِي، (قَدْ حَلَّ لَهُ) بَعْدُ (كُلُّ شَيْءٍ) حَتَّى النِّسَاءُ. (وَسُنَّ أَنْ يَشْرَبَ مِنْ) مَاءِ (زَمْزَمَ لِمَا أَحَبَّ، وَيَتَضَلَّعَ مِنْهُ، وَيَدْعُوَ بِمَا أَحَبَّ وَبِمَا وَرَدَ). (ثُمَّ يَرْجِعُ) مِنْ مَكَّةَ بَعْدَ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ (فَـ) يُصَلِّي ظُهْرَ يَوْمِ النَّحْرِ بِمِنًى وَ (يَبِيتُ بِمِنًى ثَلَاثَ لَيَالٍ) إِنْ لَمْ يَتَعَجَّلْ مِنْ يَوْمَيْنِ، (وَيَرْمِي الجِمَارَ) الثَّلَاثَةَ (فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ) - إِنْ لَمْ يَتَعَجَّلْ - (بَعْدَ الزَّوَالِ)، وَآخِرُ وَقْتِهِ: إِلَى المَغْرِبِ، (وَ) سُنَّ (قَبْلَ الصَّلَاةِ). (وَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ) خَرَجَ مِنْ مِنًى قَبْلَ الغُرُوبِ، وَلَا إِثْمَ، وَسَقَطَ عَنْهُ رَمْيُ اليَوْمِ الثَّالِثِ، وَيَدْفِنُ حَصَاهُ، وَلَا يَضُّرُ رُجُوعُهُ، فَـ (إِنْ لَمْ يَخْرُجْ) مِنْهَا (قَبْلَ الغُرُوبِ: لَزِمَهُ المَبِيتُ وَالرَّمْيُ مِنَ الغَدِ) بَعْدَ الزَّوَالِ. (وَطَوَافُ الوَدَاعِ: وَاجِبٌ) عَلَى كُلِّ مَنْ أَرَادَ الخُرُوجَ مِنْ مَكَّةَ، (يَفْعَلُهُ، ثُمَّ يَقِفُ فِي المُلْتَزَمِ دَاعِيًا بِمَا وَرَدَ، وَتَدْعُو) بِذَلِكَ (الحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ عَلَى بَابِ

(فصل) في الأركان والواجبات للحج والعمرة، والفوات، والإحصار

المَسْجِدِ) نَدْبًا. (وَسُنَّ زِيَارَةُ قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَبْرَيْ صَاحِبَيْهِ) أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا. (وَصِفَةُ العُمْرَةِ: أَنْ يُحْرِمَ بِهَا مَنْ بِالْحَرَمِ) مَكِّيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ (مِنْ أَدْنَى الحِلِّ) وُجُوبًا، (وَ) يُحْرِمَ (غَيْرُهُ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ إِنْ كَانَ دُونَ مِيقَاتٍ، وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَتْ أَبْعَدَ مِنَ المِيقَاتِ (فَـ) يُحْرِمُ (مِنْهُ، ثُمَّ يَطُوفُ وَيَسْعَى) لِلْعُمْرَةِ، (وَيُقَصِّرُ). (فَصْلٌ) فِي الأَرْكَانِ وَالوَاجِبَاتِ لِلْحَجِّ وَالعُمْرَةِ، وَالفَوَاتِ، وَالإِحْصَارِ (أَرْكَانُ الحَجِّ أَرْبَعَةٌ): أَوَّلُهَا: (إِحْرَامٌ)، وَهُوَ مُجَرَّدُ نِيَّةِ النُّسُكِ. (وَ) الثَّانِي: (وُقُوفٌ) بِعَرَفَةَ. (وَ) الثَّالِثُ: (طَوَافٌ)، وَهُوَ طَوَافُ الزِّيَارَةِ. (وَ) الرَابِعُ: (سَعْيٌ) بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ. (وَوَاجِبَاتُهُ سَبْعَةٌ): الأَوَّلُ: (إِحْرَامُ مَارٍّ عَلَى مِيقَاتٍ مِنْهُ). (وَ) الثَّانِي: (وُقُوفٌ) بِعَرَفَةَ (إِلَى اللَّيْلِ إِنْ وَقَفَ نَهَارًا). (وَ) الثَّالِثُ: (مَبِيتٌ بِمُزْدَلِفَةَ إِلَى بَعْدِ نِصْفِهِ) أَيْ نِصْفِ اللَّيْلِ، (إِنْ وَافَاهَا قَبْلَهُ). (وَ) الرَّابِعُ: مَبِيتٌ (بِمِنًى لَيَالِيَهَا) أَيْ لَيَالِيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ. (وَ) الخَامِسُ: (الرَّمْيُ) لِلْجِمَارِ (مُرَتَّبًا). (وَ) السَّادِسُ: (حَلْقٌ، أَوْ تَقْصِيرٌ).

(فصل) في الهدي والأضحية والعقيقة

(وَ) السَّابِعُ: (طَوَافُ وَدَاعٍ). (وَأَرْكَانُ العُمْرَةِ: ثَلَاثَةٌ): الأَوَّلُ: (إِحْرَامٌ). (وَ) الثَّانِي: (طَوَافٌ). (وَ) الثَّالِثُ: (سَعْيٌ). (وَوَاجِبُهَا: اِثْنَانِ): الأَوَّلُ: (الإِحْرَامُ مِنَ الحِلِّ). (وَ) الثَّانِي: (الْحَلْقُ أَوِ التَّقْصِيرُ). (وَمَنْ فَاتَهُ الوُقُوفُ: فَاتَهُ الحَجُّ)، وَسَقَطَ عَنْهُ تَوَابِعُ الوُقُوفِ، (وَتَحَلَّلَ بِعُمْرَةٍ وَهَدْيٍ إِنْ لَمْ يَكُنِ اِشْتَرطَ) فِي ابْتِدَاءِ إِحْرَامِهِ. (وَمَنْ) أَحْرَمَ ثُمَّ (مُنِعَ البَيْتَ: أَهْدَى، ثُمَّ حَلَّ، فَإِنْ فَقَدَهُ) أَيِ الهَدْيَ أَوْ ثَمَنَهُ: (صَامَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ). (وَمَنْ صُدَّ عَنْ عَرَفَةَ: تَحَلَّلَ) قَبْلَ فَوَاتِ الحَجِّ (بِعُمْرَةٍ)، وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، (وَلَا دَمَ). (فَصْلٌ) فِي الهَدْيِ وَالأُضْحِيَّةِ وَالعَقِيقَةِ (وَالْأُضْحِيَّةُ سُنَّةٌ) مُؤَكَّدَةٌ لِمُسْلِمٍ، (يُكْرَهُ تَرْكُهَا لِقَادِرٍ) عَلَيْهَا. (وَوَقْتُ الذَّبْحِ: بَعْدَ صَلَاةِ العِيدِ، أَوْ) بَعْدَ (قَدْرِهَا) أَيِ الصَّلَاةِ (إِلَى آخِرِ ثَانِي) أَيَّامِ (التَّشْرِيقِ). (وَلَا يُعْطَى جَازِرٌ أُجَرْتَهُ مِنْهَا)، وَلَهُ إِعْطَاؤُهُ هَدِيَّةً وَصَدَقَةً، (وَلَا يُبَاعُ جِلْدُهَا، وَلَا شَيْءٌ مِنْهَا؛ بَلْ) يَتَصَدَّقُ أَوْ (يَنْتَفِعُ بِهِ).

(وَأَفْضَلُ هَدْيٍ وَأُضْحِيَّةٍ: إِبِلٌ، ثُمَّ بَقَرٌ، ثُمَّ غَنَمٌ). (وَلَا يُجْزِئُ) فِي هَدْيٍ وَاجِبٍ وَلَا فِي أُضْحِيَّةٍ (إِلَّا جَذَعُ ضَأْنٍ) مَا لَهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ، (أَوْ ثَنِيُّ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الضَّأْنِ مِنْ إِبِلٍ وَبَقَرٍ؛ (فَثَنِيُّ إِبِلٍ: مَا) تَمَّ (لَهُ خَمْسُ سِنِينَ، وَ) ثَنِيُّ (بَقَرٍ) وَجَامُوسٍ: مَا كَمَلَ لَهُ (سَنَتَانِ). (وَتُجْزِئُ الشَّاةُ عَنْ وَاحِدٍ) وَأَهْلِ بَيْتِهِ وَعِيَالِهِ، (وَ) تُجْزِئُ (الْبَدَنَةُ وَالْبَقَرَةُ عَنْ سَبْعَةٍ) فَأَقَلَّ، (وَلَا تُجْزِئُ) فِي هَدْيٍ وَأُضْحِيَّةٍ (هَزِيلَةٌ، وَبَيِّنَةُ عَوَرٍ، أَوْ عَرَجٍ، وَلَا ذَاهِبَةُ الثَّنَايَا) مِنْ أَصْلِهَا، (أَوْ أَكْثَرِ أُذُنِهَا أَوْ قَرْنِهَا). (وَالسُّنَّةُ: نَحْرُ إِبِلٍ قَائِمَةً مَعْقُولَةً يَدُهَا اليُسْرَى)، فَيَطْعَنُهَا فِي الوَهْدَةِ، وَهِيَ بَيْنَ العُنُقِ وَالصَّدْرِ. (وَ) السُّنَّةُ: (ذَبْحُ غَيْرِهَا) أَيْ غَيْرِ الإِبِلِ. (وَيَقُولُ: «بِسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ هَذَا مِنْكَ وَلَكَ»). (وَسُنَّ أَنْ يَأْكُلَ) مِنْ أُضْحِيَّتِهِ الأَدْنَى، (وَيُهْدِيَ) الوَسَطَ، (وَيَتَصَدَّقَ) بِالأَفْضَلِ (أَثْلَاثًا مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ وَاجِبَةً أَوْ تَطَوُّعًا، بِخِلَاف الهَدْيِ، وَلَا يَجِبُ الأَكْلُ مِنْهُا. (وَ) سُنَّ (الْحَلْقُ بَعْدَهَا) أَيْ بَعْدَ ذَبْحِهَا. (وَإِنْ أَكَلَهَا إِلَّا أُوقِيَّةً) تَصَدَّقَ بِهَا: (جَازَ). (وَحَرُمَ عَلَى مُرِيدِهَا) أَيْ عَلَى مُرِيدِ أُضْحِيَّةٍ يُضَحِّيهَا (أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ شَعْرِهِ وَظُفُرِهِ وَبَشْرَتِهِ فِي العَشْرِ) الأُوَلِ مِنْ ذِي الحِجَّةِ. (وَتُسَنُّ العَقِيقَةُ) أَيِ الذَّبِيحَةُ عَنِ المَوْلُودِ، (وَهِيَ عَنِ الغُلَامِ شَاتَانِ)، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَوَاحِدَةٌ، (وَعَنِ الجَارِيَةِ شَاةٌ، تُذْبَحُ يَوْمَ السَّابِعِ) مِنْ مِيَلادِهِ، (فَإِنْ فَاتَ فَفِي

أَرْبَعَةَ عَشَرَ) يَوْمًا، (فَإِنْ فَاتَ فَفِي أَحَدٍ وَعِشْرِينَ) مِنْ وِلَادِتِهِ، (ثُمَّ) إِنْ فَاتَ (لَا تُعْتَبَرُ الأَسَابِيعُ) بَعْدَ ذَلِكَ، فَيَعُقُّ يَوْمَ أَرَادَ. (وَحُكْمُهَا) أَيِ العَقِيقَةِ فِيمَا يُجْزِئُ وَيُسْتَحَبُّ وَيُكْرَهُ وَالأَكْلُ وَالهَدِيَّةُ وَالصَّدَقَةُ (كَأُضْحِيَّةٍ)، لَكِنْ يُبَاعُ جِلْدُهَا وَرَأْسُهَا وَسَوَاقِطُهَا، وَيُتَصَدَّقُ بِثَمَنِهَا.

(كتاب الجهاد)

(كِتَابُ الجِهَادِ) (هُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ)؛ إِذَا قَامَ بِهِ مَنْ يَكْفِي سَقَطَ عَنْ سَائِرِ النَّاسِ، (إِلَّا إِذَا حَضَرَهُ) أَيْ صَفَّ القِتَالِ عَدُوٌّ، (أَوْ حَصَرَهُ) عَدُوٌّ، (أَوْ) حَصَرَ (بَلَدَهُ عَدُوٌّ، أَوْ كَانَ النَّفِيرُ عَامًّا) بِأَنِ اسْتَنْفَرَ الإِمَامُ: (فَـ) هُوَ إِذَنْ (فَرْضُ عَيْنٍ). (وَلَا يَتَطَوَّعُ بِهِ) أَيِ بِالجِهَادِ (مَنْ أَحْدُ أَبَوَيْهِ حُرٌّ مُسْلِمٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ). (وَسُنَّ رِبَاطٌ) فِي سَبِيلِ اللهِ، وَهُوَ لُزُومُ ثَغْرٍ لِجِهَادٍ، (وَأَقَلُّهُ: سَاعَةٌ، وَتَمَامُهُ: أَرْبَعُونَ يَوْمًا). (وَعَلَى الإِمَامِ مَنْعُ مُخَذِّلٍ) يُفْسِدُ النَّاسَ عِنْدَ الغَزْوِ، وَيُزَهِّدُهُمْ فِي القِتَالِ، (وَ) مَنْعُ (مُرْجِفٍ)؛ كَمَنْ يَقُولُ: «هَلَكَتْ سَرِيَّةُ المُسْلِمِينَ». (وَعَلَى الجَيْشِ طَاعَتُهُ) أَيِ الإِمَامِ، (وَالصَّبْرُ مَعَهُ) فِي اللِّقَاءِ. (وَتُمْلَكُ الغَنِيمَةُ بِالِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا) وَلَوْ (فِي دَارِ حَرْبٍ، فَيُجْعَلُ خُمُسُهَا خَمْسَةَ أَسْهُمٍ): (سَهْمٌ لِلَّهِ، وَ) سَهْمٌ (لِرَسُولِهِ، وَسَهْمٌ لِذَوِي القُرْبَى - وَهُمْ بَنُو هَاشِمٍ وَ) بَنُو (الْمُطَّلِبِ -، وَسَهْمٌ لِلْيَتَامَى الفُقَرَاءِ) - وَهُمْ مَنْ لَا أَبَ لَهُ وَلَمْ يَبْلُغْ -، (وَسَهْمٌ لِلْمَسَاكِينِ) فَيَدْخُلُ الفُقَرَاءُ، (وَسَهْمٌ لِأَبْنَاءِ السَّبِيلِ). (وَشُرِطَ فِيمَنْ يُسْهَمُ لَهُ) مِنْهُمْ: (إِسْلَامٌ). (ثُمَّ يُقْسَمُ البَاقِي بَيْنِ مَنْ شَهِدَ الوَقْعَةَ: لِلرَّاجِلِ سَهْمٌ، وَلِلْفَارِسِ عَلَى فَرَسٍ عَرَبِيٍّ) وَيُسَمَّى العَتِيقَ (ثَلَاثَةٌ) مِنَ الأَسْهُمِ؛ سَهْمٌ لَهُ وَسَهْمَانِ لِفَرَسِهِ، (وَ) لِلْفَارِسِ (عَلَى) فَرَسِ (غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ عَرَبِيٍّ؛ كَهجِينٍ وَمُقْرِفٍ (اِثْنَانِ) مِنَ الأَسْهُمِ؛ سَهْمٌ لَهُ

(فصل) في عقد الذمة

وَسَهْمٌ لِفَرَسِهِ. (وَيُقْسَمُ لِحُرٍّ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ، وَيُرْضَخُ) أَيْ يُعْطِي الإِمَامُ مِنَ الغَنِيمَةِ (لِغَيْرِهِمْ) مِمَّنْ لَا سَهْمَ لَهُ. (وَإِذَا فَتَحُوا) أَيِ المُسْلِمُونَ (أَرْضًا) أَيْ عَنْوَةً (بِالسَّيْفِ: خُيِّرَ الإِمَامُ بَيْنَ قَسْمِهَا) بَيْنَ الغَانِمِينَ (وَوَقْفِهَا عَلَى المُسْلِمِينَ؛ ضَارِبًا عَلَيْهَا خَرَاجًا مُسْتَمِرًّا، يُؤْخَذُ مِمَّنْ هِيَ فِي يَدِهِ) مِنْ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ، هُوَ أُجْرَتُهَا كُلَّ عَامٍ. (وَمَا أُخِذَ مِنْ مَالِ مُشْرِكٍ) بِحَقٍّ (بِلَا قِتَالٍ - كَجِزْيَةٍ وَخَرَاجٍ وَعُشْرٍ -: فَيْءٌ)، فَيُصْرَفُ (لِمَصَالِح المُسْلِمِينَ، وَكَذَا خُمُسُ خُمْسِ الغَنِيمَةِ). (فَصْلٌ) فِي عَقْدِ الذِّمَّةِ (وَ) لَا (يَجُوزُ عَقْدُ الذِّمَّةِ) إِلَّا (لِمَنْ لَهُ كِتَابٌ) مِنَ اليَهُودِ وَالنَّصَارَى عَلَى اخْتِلَافِ طَوَائِفِهِمْ (أَوْ شُبْهَتُهُ) أَيْ شُبْهَةُ كِتَابٍ كَالمَجُوسِ. (وَيُقَاتَلُ هَؤُلَاءِ) أَيْ مَنْ تُعْقَدُ لَهُمُ الذِّمَّةُ (حَتَّى يُسْلِمُوا، أَوْ يُعْطُوا الجِزْيَةَ، وَ) يُقَاتَلُ (غَيْرُهُمْ حَتَّى يُسْلِمُوا أَوْ يُقْتَلُوا، وَتُؤْخَذُ مِنْهُمْ مُمْتَهَنِينَ مُصَغَّرِينَ، وَلَا تُؤْخَذُ) الجِزْيَةُ (مِنْ صَبِيٍّ وَعَبْدٍ وَامْرَأَةٍ وَفَقِيرٍ عَاجِزٍ عَنْهَا وَنَحْوِهِمْ) كَمَجْنُونٍ وَأَعْمَى. (وَيَلْزَمُ أَخْذُهُمْ بِحُكْمِ الإِسْلَامِ فِيمَا يَعْتَقِدُونَ تَحْرِيمَهُ مِنْ) ضَمَانِ (نَفْسٍ وَعِرْضٍ وَمَالٍ وَغَيْرِهَا). (وَيَلْزَمُهُمُ التَّمَيُّزُ عَنِ المُسْلِمِينَ، وَلَهُمْ رُكُوبُ غَيْرِ خَيْلٍ) كَالحَمِيرِ، وَيَكُونُ (بِغَيْرِ سَرْجٍ). (وَحَرُمَ تَعْظِيمُهُمْ) أَيْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، (وَ) حَرُمَ (بُدَاءَتُهُمْ بِالسَّلَامِ). (وَإِنْ تَعَدَّى الذِّمِّيُّ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ ذَكَرَ اللَّهَ أَوْ) ذَكَرَ (كِتَابَهُ، أَوْ) ذَكَرَ (رَسُولَهُ

بِسُوءٍ: اِنْتَقَضَ عَهْدُهُ، فَيُخَيَّرُ الإِمَامُ فِيهِ) بَيْنَ قَتْلٍ وَرِقٍّ وَمَنٍّ وَفِدَاءٍ؛ (كَأَسِيرٍ حَرْبِيٍّ).

(كتاب البيع وسائر المعاملات)

(كِتَابُ البَيْعِ وَسَائِرِ المُعَامَلَاتِ) (يَنْعَقِدُ) البَيْعُ (بِمُعاطَاةٍ)، فَتَصِحُّ فِي القَلِيلِ وَالكَثِيرِ؛ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: «أَعْطِنِي بِهَذَا خُبْزًا»، فَيُعْطِيَهُ مَا يُرْضِيهِ، أَوْ يَقُولَ البَائِعُ: «خُذْ هَذَا بِدِرْهَمٍ»، فَيَأْخُذَهُ المُشْتَرِي، (وَبِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ؛ بِسَبْعَةِ شُرُوطٍ) مُتَعَلِّقٌ بِـ «يَنْعَقِدُ»: أَحَدُهَا: (الرِّضَا) بِهِ (مِنْهُمَا) أَيِ المُتَعَاقِدَيْنِ. (وَ) الشَّرْطُ الثَّانِي: (كَوْنُ عَاقِدٍ) لِلْبَيْعِ (جَائِزَ التَّصَرُّفِ). (وَ) الشَّرْطُ الثَّالِثُ: (كَوْنُ مَبِيعٍ مَالًا) ثَمَنًا كَانَ، أَوْ مُثَمَّنًا، (وَهُوَ) أَيِ المَالُ: (مَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ مُبَاحَةٌ). (وَ) الشَّرْطُ الرَّابِعُ: (كَوْنُهُ) أَيِ المَبِيعِ (مَمْلُوكًا لِبَائِعِهِ، أَوْ مَأْذُونًا لَهُ فِيهِ) وَقْتَ العَقْدِ. (وَ) الشَّرْطُ الخَامِسُ: (كَوْنُهُ) أَيِ المَعْقُودِ عَلَيْهِ (مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ). (وَ) الشَّرْطُ السَّادِسُ: (كَوْنُهُ) أَيِ المَبِيعِ (مَعْلُومًا لَهُمَا) أَيِ المُتَعَاقِدَيْنِ (بِرُؤْيَةٍ أَوْ صِفَةٍ تَكْفِي فِي السَّلَمِ)، فَتَقُومُ مَقَامَ الرُّؤْيَةِ فِي بَيْعِ مَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ خَاصَّةً. (وَ) الشَّرْطُ السَّابِعُ: (كَوْنُ ثَمَنٍ مَعْلُومًا) لَهُمَا، (فَلَا يَصِحُّ بِمَا يَنْقَطِعُ بِهِ السِّعْرُ). (وَإِنْ بَاعَ مُشَاعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ) كَعَبْدٍ مُشْتَرَكٍ أَوْ مَا يَنْقَسِمُ عَلَيْهِ الثَّمَنُ بِالأَجْزَاءِ، (أَوْ) بَاعَ (عَبْدَهُ وَعَبْدَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذَنٍ، أَوْ) بَاعَ (عَبْدًا وَحُرًّا، أَوْ) بَاعَ

(فصل) في الشروط في البيع

(خَلًّا وَخَمْرًا؛ صَفْقَةً وَاحِدَةً) بِثَمَنٍ وَاحِدٍ: (صَحَّ) البَيْعُ (فِي نَصِيبِهِ) مِنَ المُشَاعِ بِقِسْطِهِ (وَ) فِي (عَبْدِهِ) بِقِسْطِهِ، (وَ) فِي (الْخَلِّ بِقِسْطِهِ) مِنَ الثَّمَنِ، (وَلِمُشْتَرٍ) إِنْ لَمْ يَعْلَمِ الحَالَ وَقْتَ العَقْدِ: (الخِيَارُ) بَيْنَ إِمْسَاكِ مَا يَصِحُّ فِيهِ البَيْعُ بِقِسْطِهِ مِنَ الثَّمَنِ، وَبَيْنَ رَدِّ البَيْعِ لِتَبْعِيضِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ. (وَلَا يَصِحُّ - بِلَا حَاجَةٍ - بَيْعٌ وَلَا شِرَاءٌ) قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا (مِمَّنْ تَلْزَمُهُ الجُمُعَةُ بَعْدَ نِدَائِهَا) أَيِ أَذَانِهَا (الثَّانِي، وَتَصِحُّ سَائِرُ العُقُودِ)؛ كَنِكَاحٍ وَإِجَارَةٍ وَصُلْحٍ وَغَيْرِهَا. (وَلَا) يَصِحُّ (بَيْعُ عَصِيرٍ أَوْ عِنَبٍ) وَنَحْوِهِ (لِمُتَّخِذِهِ خَمْرًا، وَلَا) بَيْعُ (سِلَاحٍ فِي فِتْنَةٍ، وَلَا) بَيْعُ (عَبْدٍ مُسْلِمٍ لِكَافِرٍ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ) أَيِ الكَافِرِ. (وَحَرُمَ - وَلَمْ يَصِحَّ - بَيْعُهُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ) المُسْلِمِ، (وَ) حَرُمَ وَلَمْ يَصِحَّ (شِرَاؤُهُ عَلَى شِرَائِهِ) أَيْ أَخِيهِ المُسْلِمِ. (وَحَرُمَ سَوْمُهُ عَلَى سَوْمِهِ). (فَصْلٌ) فِي الشُّرُوطِ فِي البَيْعِ (وَالشُّرُوطُ فِي البَيْعِ ضَرْبَانِ): الأَوَّلُ: ضَرْبٌ (صَحِيحٌ) لَازِمٌ؛ (كَشَرْطِ رَهْنٍ وَضَامِنٍ وَتَأْجِيلِ ثَمَنٍ، وَكَشَرْطِ بَائِعٍ) عَلَى مُشْتَرٍ (نَفْعًا مَعْلُومًا فِي مَبِيعٍ؛ كَـ) اشْتِرَاطِ (سُكْنَى الدَّارِ) المُبْتَاعَةِ (شَهْرًا، أَوْ) أَيِ اشْتِرَاطِ (مُشْتَرٍ نَفْعَ بَائِعٍ) فِي مَبِيعٍ؛ (كَحَمْلِ حَطَبٍ) إِلَى مَوْضِعٍ مَعْلُومٍ (أَوْ تَكْسِيرِهِ، وَإِنْ جَمَعَ بَيْنَ شَرْطَيْنِ) وَلَوْ صَحِيحَيْنِ كَحَمْلِ حَطْبٍ وَتَكْسِيرِهِ: (بَطَلَ البَيْعُ).

(فصل) في الخيار

(وَ) الضَّرْبُ الثَّانِي نَوْعَانِ: النَّوْعُ الأَوَّلُ: (فَاسِدٌ: يُبْطِلُهُ) أَيِ العَقْدَ؛ (كَشَرْطِ عَقْدٍ آخَرَ مِنْ قَرْضٍ وَغَيْرِهِ، أَوْ مَا) أَيْ شَرْطٍ (يُعَلِّقُ البَيْعَ كَـ: «بِعْتُكَ) كَذَا (إِنْ جِئْتَنِي بِكَذَا»، أَوْ) «أَيِ اشْتَرَيْتُ كَذَا إِنْ (رَضِيَ زَيْدٌ»). (وَ) النَّوْعُ الثَّانِي: (فَاسِدٌ لَا يُبْطِلُهُ) أَيِ العَقْدَ؛ بَلْ يَصِحُّ مَعَهُ؛ (كَشَرْطِ أَنْ لَا خَسَارَةَ) عَلَيْهِ، (أَوْ مَتَى نَفَقَ) المَبِيعُ (وَإِلَّا رَدَّهُ، وَنَحْوِ ذَلِكَ). (وَإِنْ) بَاعَهُ شَيْئًا وَ (شَرَطَ) عَلَيْهِ (البَرَاءَةَ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ مَجْهُولٍ: لَمْ يَبْرَأْ) بَائِعٌ بِذَلِكَ. (فَصْلٌ) فِي الخِيَارِ (وَالْخِيَارُ): طَلَبُ خَيْرِ الأَمْرَيْنِ مِنْ إِمْضَاءِ عَقْدٍ وَفَسْخِهِ، وَهُوَ (سَبْعَةُ أَقْسَامٍ): أَحَدُهُمَا: (خِيَارُ مَجْلِسٍ، فَالْمُتَبَايِعَانِ بِالْخِيَارِ) فِي المَجْلِسِ مِنْ حِينِ العَقْدِ (مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا بِأَبْدَانِهِمَا عُرْفًا). (وَ) الثَّانِي: (خِيَارُ شَرْطٍ، وَهُوَ أَنْ يَشْتَرِطَاهُ) أَيِ المُتَعَاقِدَانِ (أَوْ أَحَدُهُمَا مُدَّةً مَعْلُومَةً) لَا مَجْهُولَةً. (وَحَرُمَ) شَرْطُ خِيَارٍ فِي عَقْدِ بَيْعٍ جُعِلَ (حِيلَةً) لِيَرْبَحَ فِي قَرْضٍ، وَلَا خِيَارَ، (وَلَمْ يَصِحَّ البَيْعُ). (وَيَنْتَقِلُ المِلْكُ) فِي مَبِيعٍ (فِيهِمَا) أَيْ فِي خِيَارِ المَجْلِسِ وَفِي خِيَارِ الشَّرْطِ (لِمُشْتَرٍ، لَكِنْ يَحْرُمُ - وَلَا يَصِحُّ - تَصَرُّفٌ) أَيْ تَصَرُّفُ مُشْتَرٍ (فِي مَبِيعٍ) مُدَّةَ الخِيَارَيْنِ بِغَيْرِ إِذْنِ بَائِعٍ، (وَ) يَحْرُمُ - وَلَا يَصِحُّ - تَصَرُّف بَائِعٍ فِي (عِوَضِهِ) أَيِ

المَبِيعِ، وَهُوَ الثَّمَنُ (مُدَّتَهُمَا) أَيِ الخِيَارَيْنِ بِغَيْرِ إِذْنِ مُشْتَرٍ؛ (إِلَّا عِتْقَ مُشْتَرٍ) لَا بَائِعٍ (مُطْلَقًا) سَوَاءٌ كَانَ الخِيَارُ لَهُ وَحْدَهُ أَوْ لِبَائِعٍ وَحْدَهُ، أَوْ لَهُمَا، (وَإِلَّا تَصَرُّفَهُ) أَيِ المُشْتَرِي (فِي مَبِيعٍ، وَالْخِيَارُ لَهُ) وَحْدَهُ. (وَ) الثَّالِثُ: (خِيَارُ غَبْنٍ يَخْرُجُ عَنِ العَادَةِ)، وَهُوَ أَنْ يَبِيعَ مَا يُسَاوِي عَشَرَةً بِثَمَانِيَةٍ، أَوْ يَشْتَرِيَ مَا يُسَاوِي ثَمَانِيَةً بِعَشَرَةٍ، فَيَثْبُتُ الخِيَارُ، (لِنَجْشٍ أَوْ غَيْرِهِ)، وَ (لَا) يَثْبُتُ خِيَارُ غَبْنٍ (لِاسْتِعْجَالٍ) فِي المَبِيعِ. (وَ) الرَّابِعُ: (خِيَارُ تَدْلِيسٍ بِمَا يَزِيدُ بِهِ الثَّمَنُ) وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَيْبًا، أَوْ حَصَلَ بِلَا قَصْدٍ؛ (كَتَصْرِيَةٍ) أَيْ جَمْعِ اللَّبَنِ فِي ضَرْعِ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ، (وَ) كَـ (تَسْوِيدِ شَعْرِ جَارِيَةٍ). (وَخِيَارُ غَبْنٍ، وَعَيْبٍ، وَتَدْلِيسٍ: عَلَى التَّرَاخِي)، لَا يَسْقُطُ بِالتَّأْخِيرِ (مَا لَمْ يُوجَدْ) مِنْهُ (دَلِيلُ الرِّضَا؛ إِلَّا فِي تَصْرِيَةٍ فَثَلَاثَةُ أَيَّامٍ). (وَ) الخَامِسُ: (خِيَارُ عَيْبٍ) وَمَا بِمَعْنَاهُ، أَيْ (يَنْقُصُ قِيمَةَ المَبِيعِ) عَادَةً فِي عُرْفِ التُّجَّارِ، (كَمَرَضٍ) لِحَيَوَانٍ (وَفَقْدِ عُضْوٍ) كَأُصْبُعٍ (وَزِيَادَتِهِ) أَيِ العُضْوِ، (فَإِذَا) اشْتَرَى مَعِيبًا لَمْ يَعْلَمْ عَيْبَهُ ثُمَّ (عَلِمَ العَيْبَ: خُيِّرَ بَيْنَ إِمْسَاكٍ) لِلْمَبِيعِ (مَعَ) أَخْذِ (أَرْشٍ) مَا لَمْ يُفْضِ إِلَى رِبًا، (أَوْ) بَيْنَ (رَدٍّ) بِنَمَاءٍ مُتَّصِلٍ (وَأَخْذِ ثَمَنٍ). (وَإِنْ تَلِفَ مَبِيعٌ) مَعِيبٌ، (أَوْ أُعْتِقَ) العَبْدُ (وَنَحْوُهُ: تَعَيَّنَ أَرْشٌ) لِتَعَذُّرِ الرَّدِ، (وَإِنْ تَعَيَّبَ) عِنْدَ المُشْتَرِي (أَيْضًا: خُيِّرَ) مُشْتَرٍ (فِيهِ بَيْنَ أَخْذِ أَرْشٍ) لِعَيْبِهِ (وَرَدٍّ مَعَ دَفْعِ أَرْشٍ، وَيَأْخُذُ ثَمَنَهُ). (وَإِنِ اِخْتَلَفَا) أَيْ بَائِعٌ وَمُشْتَرٍ (عِنْدَ مَنْ حَدَثَ العَيْبُ فَـ) القَوْلُ (قَوْلُ مُشْتَرٍ بِيَمِينِهِ).

(فصل) في التصرف في المبيع، وقبضه

(وَ) السَّادِسُ: (خِيَارُ تَخْبِيرِ ثَمَنٍ)؛ كَـ «وَلَّيْتُكَهُ بِرَأْسِ مَالِهِ»، وَ «أَشْرَكْتُكَ فِي ثُلُثِهِ» وَنَحْوِهِ، وَ «بِعْتُكَهُ بِثَمَنِهِ وَبِرِبْحِ خَمْسَةٍ». (فَمَتَى بَانَ) إِخْبَارُهُ (أَكْثَرَ) مِنَ الثَّمَنِ، (أَوْ) بَانَ (أَنَّهُ اِشْتَرَاهُ) أَيِ المَبِيعَ (مُؤَجَّلًا، أَوْ) أَيِ اشْتَرَاهُ (مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ) كَأَبِيهِ، (أَوْ) أَيِ اشْتَرَاهُ (بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهِ حِيلَةً، أَوْ بَاعَ بَعْضَهُ) أَيِ المَبِيعِ (بِقِسْطِهِ) مِنَ الثَّمَنِ، (وَلَمْ يُبَيِّنْ ذَلِكَ) بِتَخْبِيرِهِ الثَّمَنَ: (فَلِمُشْتَرٍ الخِيَارُ) بَيْنَ الرَّدِّ وَالإِمْسَاكِ؛ كَالتَّدْلِيسِ. (وَ) السَّابِعُ: (خِيَارٌ) يَثْبُتُ (لِاخْتِلَافِ المُتَبَايِعَيْنِ) فِي الجُمْلَةِ، (فَإِذَا اِخْتَلَفَا فِي قَدْرِ ثَمَنٍ أَوْ) قَدْرِ (أُجْرَةٍ وَلَا بَيِّنَةَ) لِأَحَدِهِمَا، (أَوْ) كَانَ (لَهُمَا) أَيْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ بِمَا ادَّعَاهُ: (حَلَفَ بَائِعٌ) أَوَّلًا بِالنَّفْيِ، فَيَحْلِفُ: («مَا بِعْتُهُ بِكَذَا، وَإِنَّمَا بِعْتُهُ بِكَذَا»، ثُمَّ) يَحْلِفُ (مُشْتَرٍ: «مَا اِشْتَرَيْتُهُ بِكَذَا، وَإِنَّمَا اِشْتَرَيْتُهُ بِكَذَا»، وَ) إِلَّا فَـ (لِكُلٍّ) مِنْهُمَا (الفَسْخُ إِنْ لَمْ يَرْضَ بِقَوْلِ الآخَرِ، وَ) إِنْ كَانَ التَّحَالُفُ (بَعْدَ تَلَفٍ يَتَحَالَفَانِ) كَمَا لَوْ كَانَ بَاقِيًا، (وَيَغْرَمُ مُشْتَرٍ قِيمَتَهُ) أَيِ المَبِيعِ. (وَإِنْ اِخْتَلَفَا) أَيِ المُتَعَاقِدَانِ (فِي أَجَلٍ أَوْ) فِي (شَرْطٍ وَنَحْوِهِ) كَشَرْطِ ضَمِينٍ: (فَقَوْلُ نَافٍ) بِيَمِينِهِ، (أَوْ)؛ أَيْ: وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي (عَيْنِ مَبِيعٍ)؛ كـ: «بِعْتَنِي هَذَا العَبْدَ»، فَيَقُولُ: «بَلْ هَذِهِ الجَارِيَةَ»، (أَوْ) فِي (قَدْرِهِ) أَيِ المَبِيعِ؛ بِأَنْ قَالَ: «بِعْتَنِي هَذَيْنِ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ»، فَقَالَ: «بَلْ أَحَدَهُمَا» (فَقَوْلُ بَائِعٍ). (وَيَثْبُتُ) خِيَارٌ (لِلْخُلْفِ فِي الصِّفَةِ وَ) لِـ (تَغَيُّرِ مَا تَقَدَّمَتْ رُؤْيَتُهُ). (فَصْلٌ) فِي التَّصَرُّفِ فِي المَبِيعِ، وَقَبْضِهِ (وَمَنِ اِشْتَرَى مَكِيلًا وَنَحْوَهُ) مِنْ مَوْزُونٍ وَمَعْدُودٍ وَمَزْرُوعٍ: مَلَكَهُ، وَ (لَزِمَ بِالْعَقْدِ)، حَيْثُ لَا خِيَارَ، (وَلَمْ يَصِحَّ تَصَرُّفُهُ فِيهِ) بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ إِجَارَةٍ أَوْ رَهْنٍ أَوْ

(فصل) في الربا والصرف

حَوَالَةٍ (قَبْلَ قَبْضِهِ). (وَيَحْصُلُ قَبْضُ مَا بِيعَ بِكَيْلٍ وَنَحْوِهِ بِذَلِكَ) أَيْ: مَا بِيعَ بِكَيْلٍ فَبِالكَيْلِ، وَمَا بِيعِ بِوَزْنٍ فَبِالوَزْنِ، وَمَا بِيعَ بِعَدٍّ فَبِالعَدِّ، وَمَا بِيعَ بِذَرْعٍ فَبِالذَّرْعِ، (مَعَ حُضُورِ مُشْتَرٍ أَوْ) حُضُورِ (نَائِبهِ) أَيِ المُشْتَرِي، (وَوِعَاؤُهُ) أَيِ المُشْتَرِي (كَيَدِهِ). (وَ) يَحْصُلُ قَبْضٌ فِي (صُبْرَةٍ) بِيعَتْ جِزَافًا، (وَمَنْقُولٍ) كَأَحْجَارِ طَوَاحِينَ (بِنَقْلٍ). (وَ) يَحْصُلُ قَبْضٌ فِي (مَا يُتَنَاوَلُ بِتَنَاوُلِهِ، وَ) فِي (غَيْرِهِ بِتَخْلِيَةٍ). (وَالْإِقَالَةُ فَسْخٌ، تُسَنُّ لِلنَّادِمِ) مِنْ بَائِعٍ وَمُشْتَرٍ. (فَصْلٌ) فِي الرِّبَا وَالصَّرْفِ (الرِّبَا نَوْعَانِ: رِبَا فَضْلٍ، وَرِبَا نَسِيئَةٍ). (فَرِبَا الفَضْلِ: يَحْرُمُ فِي كُلِّ مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ) إِذَا (بِيعَ بِجِنْسِهِ مُتَفَاضِلًا، وَلَوْ يَسِيرًا لَا يَتَأَتَّى) كَيْلُهُ كَحَبَّةٍ بِحَبَّةٍ أَوْ بِحَبَّتَيْنِ، أَوْ لَا يَتَأَتَّى وَزْنُهُ كَمَا دُونَ الأَرُزَّةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ. (وَيَصِحُّ) بَيْعُ رِبَوِيٍّ (بِهِ) أَيْ بِجِنْسِهِ (مُتَسَاوِيًا، وَ) يَصِحُّ بَيْعُ رِبَوِيٍّ (بِـ) رِبَوِيٍّ (غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ جِنْسِهِ (مُطْلَقًا) أَيْ مُتَسَاوِيًا وَمُتَفَاضِلًا؛ كَصَاعِ تَمْرٍ بِصَاعَيْنِ (بِشَرْطِ قَبْضٍ قَبْلَ تَفَرُّقٍ) مِنَ المَجْلِسِ، وَ (لَا) يَصِحُّ بَيْعُ (مَكِيْلٍ بِجِنْسِهِ وَزْنًا)؛ كَرِطْلِ زَيْتٍ بِرِطْلِ زَيْتٍ، (وَلَا عَكْسُهُ، إِلَّا إِذَا عُلِمَ تَسَاوِيهِمَا) أَيِ المَكِيلِ وَالمَوْزُونِ (فِي المِعْيَارِ الشَّرْعِيِّ)، فَيَصِحُّ. (وَرِبَا النَّسِيئَةِ: يَحْرُمُ فِيمَا) أَيْ مَبِيعَيْنِ (اِتَّفَقَا فِي عِلَّةِ رِبَا فَضْلٍ كَمَكِيلٍ بِمَكِيلٍ) مِنْ جِنْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ، (وَمَوْزُونٍ بِمَوْزُونٍ) مِنْ جِنْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ (نَسَاءً)،

(فصل) في بيع الأصول والثمار

فَيَحْرُمُ، (إِلَّا أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ أَحَدَ النَّقْدَيْنِ) كَحَدِيدٍ بِذَهَبٍ، (فَيَصِحُّ). (وَيَصِحُّ بَيْعُ مَكِيلٍ بِمَوْزُونٍ وَعَكْسُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ نَسْأً أَوْ لَا، مُتَفَاضِلًا أَوْ لَا. (وَ) يَصِحُّ (صَرْفُ ذَهَبٍ بِفِضَّةٍ وَعَكْسُهُ، لَكِنْ إِذَا اِفْتَرَقَ مُتَصَارِفَانِ) بِأَبْدَانِهِمَا: (بَطَلَ العَقْدُ فِيمَا) أَيْ عِوَضٍ (لَمْ يُقْبَضْ). (فَصْلٌ) فِي بَيْعِ الأُصُولِ وَالثِّمَارِ (وَإِذَا بَاعَ دَارًا)، أَوْ وَهَبَهَا، أَوْ رَهَنَهَا، أَوْ وَقَفَهَا، أَوْ أَقَرَّ بِهَا، أَوْ وَصَّى بِهَا: (شَمِلَ البَيْعُ أَرْضَهَا، وَ) شَمِلَ (بِنَاءَهَا، وَ) شَمِلَ (سَقْفَهَا، وَ) شَمِلَ (بَابًا مَنْصُوبًا، وَ) شَمِلَ (سُلَّمًا وَرَفًّا مَسْمُورَيْنِ، وَ) شَمِلَ (خَابِيَةً مَدْفُونَةً)، وَ (لَا) يَشْمَلُ (قُفْلًا، وَ) لَا (مِفْتَاحًا، وَ) لَا (دَلْوًا، وَ) لَا (بَكْرَةً، وَنَحْوَهَا) مِمَّا هُوَ مُنْفَصِلٌ مِنْهَا. (أَوْ) أَيْ: وَإِذَا بَاعَ (أَرْضًا: شَمِلَ) ذَلِكَ: (غَرْسَهَا، وَبِنَاءَهَا)، وَ (لَا) يَشْمَلُ (زَرْعًا، وَ) لَا (بَذْرَهُ؛ إِلَّا بِشَرْطٍ) لِمُشْتَرٍ، (وَيَصِحُّ مَعَ جَهْلِ ذَلِكَ) الزَّرْعِ وَالبَذْرِ. (وَمَا يُجَزُّ) مِنْ زَرْعٍ مِرَارًا كَرَطْبَةٍ، (أَوْ) تَتَكَرَّرُ ثَمَرَتُهُ وَ (يُلْقَطُ مِرَارًا) كَقِثَّاءٍ وَنَحْوِهِ: (فَأُصُولُهُ لِمُشْتَرٍ). (وَجَزَّةٌ وَلَقْطَةٌ ظَاهِرَتَانِ) عِنْدَ بَيْعٍ: (لِبَائِعٍ) - وَعَلَيْهِ قَطْعُهُمَا فِي الحَالِ - (مَا لَمْ يَشْرُطْهُ مُشْتَرٍ) ذَلِكَ، فَإِنْ شَرَطَهُ: كَانَ لَهُ. (وَمَنْ بَاعَ نَخْلًا) قَدْ (تَشَقَّقَ طَلْعُهُ) - وَهُوَ غِلَافُ العُنْقُودِ - (فَالثَّمَرُ لَهُ) أَيْ لِلْبَائِعِ (مُبْقًى إِلَى جِدَادٍ مَا لَمْ يَشْرُطْهُ مُشْتَرٍ) عَلَى بَائِعٍ. (وَكَذَا) أَيْ كَالنَّخْلِ (حُكْمُ شَجَرٍ فِيهِ ثَمَرٌ بَادٍ) أَيْ ظَاهِرٌ عِنْدَ عَقْدٍ، لَا قِشْرَ عَلَيْهَا، وَلَا نَوْرَ لَهَا، (أَوْ ظَهَرَ مِنْ نَوْرِهِ كَمِشْمِشٍ، أَوْ خَرَجَ مِنْ أَكْمَامِهِ كَوَرْدٍ

وَقُطْنٍ)؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ بِمَثَابَةِ تَشَقُّقِ الطَّلْعِ. (وَمَا) بِيعَ (قَبْلَ ذَلِك) أَيِ التَّشَقُّقِ وَالبُدُوِّ، (وَ) كَذَا (الْوَرَقُ مُطْلَقًا) أَيْ قُصِدَ أَمْ لَا: فَهُوَ (لِمَشْتَرٍ). (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ ثَمَرٍ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ، وَلَا) بَيْعُ (زَرْعٍ قَبْلَ اِشْتِدَادِ حَبِّهِ لِغَيْرِ مَالِكِ أَصْلٍ) لِلشَّجْرِ (أَوْ) لِغَيْرِ مَالِكِ (أَرْضِهِ) أَيِ الزَّرْعِ (إِلَّا بِشَرْطِ قَطْعٍ) فِي الحَالِ (إِنْ كَانَ مُنْتَفِعًا بِهِ وَلَيْسَ مُشَاعًا). (وَكَذَا بَقْلٌ وَرَطْبَةٌ) فِي الحُكْمِ، فَلَا يُبَاعُ مُفْرَدًا بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ إِلَّا جَزَّةً جَزَّةً بِشَرْطِ قَطْعِهِ فِي الأُولَى. (وَلَا) يَصِحُّ بَيْعُ (قِثَّاءٍ وَنَحْوِهِ إِلَّا لَقْطَةً لَقْطَةً، أَوْ) إِلَّا إِذَا بِيعَ (مَعَ أَصْلِهِ)، فَيَصِحُّ ذَلِكَ. (وَإِنْ تَرَكَ) مُشْتَرٍ (مَا) أَيْ مَبِيعًا مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ (شَرَطَ قَطْعُهُ: بَطَلَ البَيْعُ بِزِيَادَةٍ غَيْرِ يَسِيرَةٍ) عُرْفًا؛ (إِلَّا الخَشَبَ، فَلَا) يَبْطُلُ البَيْعُ بِالزِّيَادَةِ، (وَيَشْتَرِكَانِ فِيهَا). (وَحَصَادٌ وَلِقَاطٌ وَجِدَادٌ: عَلَى مُشْتَرٍ) لِأَنَّهُ انْتَقَلَ لِمِلْكِهِ. (وَ) يَجِبُ (عَلَى بَائِعٍ: سَقْيٌ وَلَوْ تَضَرَّرَ أَصْلٌ) بِالسَّقْيِ. (وَمَا تَلِفَ - سِوَى يَسِيرٍ -) مِنْهَا (بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ) - وَهِيَ: مَا لَا صُنْعَ لِآدَمِيٍّ فِيهَا؛ كَحَرٍّ وَبَرْدٍ وَعَطَشٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ -، وَلَوْ بَعْدَ قَبْضٍ: (فَعَلَى بَائِعٍ) ضَمَانُهُ (مَا لَمْ يُبَعْ) أَيِ الثَّمَرُ (مَعَ أَصْلٍ، أَوْ يُؤَخَّرْ أَخْذٌ عَنْ عَادَتِهِ)، فَإِنْ بِيعَتْ مَعَ أَصْلِهَا، أَوْ أَخَّرَ مُشْتَرٍ أَخْذَهَا عَنْ عَادَتِهِ: فَمِنْ ضَمَانِهِ. (وَصَلَاحُ بَعْضِ ثَمَرَةِ شَجَرَةٍ: صَلَاحٌ لِجَمِيعِ) أَشْجَارِ (نَوْعِهَا الَّذِي فِي

(فصل) في السلم

البُسْتَانِ) الوَاحِدِ، (فَصَلَاحُ ثَمَرِ نَخْلٍ: أَنْ يَحْمَرَّ أَوْ يَصْفَرَّ، وَ) مِنْ (عِنَبٍ: أَنْ يَتَمَوَّهَ بِالْمَاءِ الحُلْوِ، وَ) مِنْ (بَقِيَّةِ ثَمَرٍ: بُدُوُّ نَضْجٍ، وَطِيبُ أَكْلٍ). (وَيَشْمَلُ بَيْعُ دَابَّةٍ) كَفَرَسٍ: (عِذَارَهَا وَمِقْوَدَهَا وَنَعْلهَا) لِأَنَّ ذَلِكَ تَابِعٌ لَهَا عُرْفًا. (وَ) يَشْمَلُ بَيْعُ (قِنٍّ: لِبَاسَهُ) الَّذِي عَلَيْهِ إِنْ كَانَ (لِغَيْرِ جَمَالٍ)، فَإِنْ كَانَ لِجَمَالٍ - كَحُلِيٍّ - فَلَا يَشْمَلُهُ البَيْعُ، وَلَا مَالًا مَعَهُ. (فَصْلٌ) فِي السَّلَمِ السَّلَمُ: نَوْعٌ مِنَ البَيْعِ، إِلَّا أَنَّهُ يَجُوزُ فِي المَعْدُومِ. (وَيَصِحُّ السَّلَمُ) بِلَفْظِهِ، وَلَفْظِ سَلَفٍ، وَكُلِّ مَا يَنْعَقِدُ بِهِ البَيْعُ (بِسَبْعَةِ شُرُوطٍ): أَحَدُهَا: (أَنْ يَكُونَ فِيمَا يُمْكِنُ ضَبْطُ صِفَاتِهِ) الَّتِي يَخْتَلِفُ الثَّمَنُ بِاخْتِلَافِهَا كَثِيرًا ظَاهِرًا؛ (كَمَكِيلٍ) مِنْ حُبُوبٍ، (وَنَحْوِهِ) كَمَوْزُونٍ مِنْ قُطْنٍ وَصُوفٍ. (وَ) الشَّرْطُ الثَّانِي: (ذِكْرُ جِنْسٍ) بِأَنْ يَقُولَ مَثَلًا: «بُرٌّ»، (وَ) ذِكْرُ (نَوْعٍ) بِأَنْ يَقُولَ مَثَلًا: «بَرْنِيٌّ»، (وَ) ذِكْرُ (كُلِّ وَصْفٍ يَخْتَلِفُ بِهِ الثَّمَنُ غَالِبًا)، فَيَذْكُرُ سِنَّ حَيَوَانٍ، وَنَحْوَ ذَلِكَ، (وَ) ذِكْرُ (حَدَاثَةٍ وَقِدَمٍ). (وَ) الشَّرْطُ الثَّالِثُ: (ذِكْرُ قَدْرِهِ) أَيِ المُسْلَمِ فِيهِ، (وَلَا يَصِحُّ) أَنْ يُسْلَمَ (فِي مَكِيلٍ) كَتَمْرٍ وَزَبِيبٍ (وَزْنًا، وَعَكْسُهُ) أَيْ: وَلَا فِي مَوْزُونٍ كَيْلًا. (وَ) الشَّرْطُ الرَّابِعُ: (ذِكْرُ أَجَلٍ مَعْلُومٍ) بِشَرْطِ كَوْنِ الأَجَلِ لَهُ وَقْعٌ فِي الثَّمَنِ (كَشَهْرٍ)، فَلَا يَصِحُّ حَالًا وَلَا إِلَى جُمُعَةٍ، إِلَّا مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ؛ كَخُبْزٍ وَلَحْمٍ

(فصل) في القرض

وَنَحْوِهِمْ. (وَ) الشَّرْطُ الخَامِسُ: (أَنْ يُوجَدَ) المُسْلَمُ فِيهِ (غَالِبًا فِي مَحِلِّهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ) مُسْلَمٌ فِيهِ بِأَنْ لَمْ تَحْمِلِ الثِّمَارُ فِي تِلْكَ السَّنَةَ، (أَوْ) تَعَذَّرَ (بَعْضُهُ) وَلَمْ يُوجَدْ: (صَبَرَ) إِلَى وُجُودٍ فَيُطَالِبُ بِهِ، (أَوْ) فَسَخَ العَقْدَ فِيمَا تَعَذَّرَ وَ (أَخَذَ رَأْسَ مَالِهِ). (وَ) الشَّرْطُ السَّادِسُ: (قَبْضُ الثَّمَنِ) تَامًّا (قَبْلَ التَّفَرُّقِ) مِنْ مَجْلِسِ العَقْدِ. (وَ) الشَّرْطُ السَّابِعُ: (أَنْ يُسْلِمَ فِي الذِّمَّةِ، فَلَا يَصِحُّ) السَّلَمُ (فِي عَيْنٍ) كَدَارٍ، (وَلَا) فِي (ثَمَرَةِ شَجَرَةٍ مُعَيَّنَةٍ). (وَيَجِبُ الوَفَاءُ) أَيْ وَفَاءُ المُسْلَمِ فِيهِ (مَوْضِعَ العَقْدِ إِنْ لَمْ يُشْرَطْ) أَيِ الوَفَاءُ (فِي غَيْرِهِ) أَيْ: فِي غَيْرِ مَوْضِعِ العَقْدِ. (وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ مُسْلَمٍ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَلَا) تَصِحُّ (الحَوَالَةُ بِهِ وَلَا) الحَوَالَةُ (عَلَيْهِ، وَلَا أَخْذُ رَهْنٍ وَ) لَا أَخْذُ (كَفِيلٍ بِهِ، وَلَا أَخْذُ غَيْرِهِ عَنْهُ) أَيْ عِوَضِهِ. (فَصْلٌ) فِي القَرْضِ (وَكُلُّ مَا صَحَّ بَيْعُهُ) مِنْ نَقْدٍ أَوْ عَرْضٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ جَوْهَرٍ أَوْ مَكِيلٍ وَنَحْوِهِ: (صَحَّ قَرْضُهُ؛ إِلَّا بَنِي آدَمَ). (وَيَجِبُ) عَلَى مُقْتَرِضٍ (رَدُّ مِثْلِ فُلُوسٍ) اقْتَرَضَهَا، (وَ) مِثْلِ (مَكِيْلٍ، وَ) مِثْلِ (مَوْزُونٍ، فَإِنْ فُقِدَ) المِثْلُ: (فَـ) عَلَيْهِ: (قِيمَتُهُ يَوْمَ فَقْدِهِ) لِثُبُوتِهَا حِينَئِذٍ فِي الذِّمَّةِ، (وَ) يَجِبُ رَدُّ (قِيمَةُ غَيْرِهَا) مِنَ المُقَوِّمَاتِ كَجَوْهَرٍ وَنَحْوِهِ (يَوْمَ قَبْضِهِ) لِاخْتِلَافِ قِيمَتِهِ فِي الزَّمَنِ اليَسِيرِ. (وَيَحْرُمُ كُلُّ شَرْطٍ يَجُرُّ نَفْعًا) كَأَنْ يُسْكِنَهُ دَارَهُ، أَوْ يَقْضِيَهُ خَيْرًا مِنْهُ، أَوْ بِبَلَدٍ آخَرَ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.

(فصل) في الرهن

(وَإِنْ وَفَّاهُ) شَيْئًا (أَجْوَدَ) مِمَّا عَلَيْهِ؛ كَأَجْوَدِ نَقْدًا مِمَّا اقْتَرَضَ، أَوْ أَكْثَرَ مِمَّا أَخَذَ بِلَا مُوَاطَأَةٍ، (أَوْ أَهْدَى إِلَيْهِ هَدِيَّةً بَعْدَ وَفَاءٍ بِلَا شَرْطٍ) وَلَا مُوَاطَأَةٍ: (فَلَا بَأْسَ) بِهِ. (فَصْلٌ) فِي الرَّهْنِ (وَكُلُّ مَا جَازَ بَيْعُهُ) مِنَ الأَعْيَانِ (جَازَ رَهْنُهُ، وَكَذَا ثَمَرٌ وَزَرْعٌ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُمَا) فَيَجُوزُ رَهْنُهُمَا، (وَ) كَذَا (قِنٌّ) فَيَجُوزُ رَهْنُهُ (دُونَ) مَحْرَمِهِ؛ كَـ (وَلَدِهِ) وَأَبِيهِ وَأَخِيهِ (وَنَحْوِهِ). (وَيَلْزَمُ) رَهْنٌ (فِي حَقِّ رَاهِنٍ) فَقَطْ (بِقَبْضٍ) لِلْمُرْتَهِنِ أَوْ وَكِيلِهِ. (وَتَصَرُّفُ كُلٍّ مِنْهُمَا) أَيِ الرَّاهِنِ وَالمُرْتَهِنِ (فِيهِ) أَيِ الرَّهْنِ المَقْبُوضِ (بِغَيْرِ إِذْنِ الآخَرِ: بَاطِلٌ؛ إِلَّا عِتْقَ رَاهِنٍ) لِرَهْنٍ، (وَتُؤْخَذُ قِيمَتُهُ) حَالَ الإِعْتَاقِ (مِنْهُ) أَيِ مِنَ الرَّاهِنِ (رَهْنًا). (وَهُوَ) أَيِ الرَّهْنُ (أَمَانَةٌ فِي يَدِ مُرْتَهِنٍ). (وَإِنْ رَهَنَ) وَاحِدٌ شَيْئًا (عِنْدَ اثْنَيْنِ) عَلَى دَيْنٍ لَهُمَا؛ أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا ارْتَهَنَ نِصْفَهُ، (فَوَفَّى) رَاهِنٌ (أَحَدَهُمَا) دَيْنَهُ، (أَوْ رَهَنَاهُ) شَيْئًا (فَاسْتَوْفَى) مُرْتَهِنٌ (مِنْ أَحَدِهِمَا) مَا لَهُ عَلَيْهِ: (انْفَكَّ فِي نَصِيبِهِ) المُوَفِّي لِمَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ عَقْدَيْنِ فِي الأَوَّلِ؛ أَشْبَهَ مَا لَوْ رَهَنَ كُلُّ وَاحِدٍ النِّصْفَ مُفْرَدًا. (وَإِذَا حَلَّ الدَّيْنُ وَامْتَنَعَ) رَاهِنٌ (مِنْ وَفَائِهِ: فَإِنْ كَانَ أَذِنَ لِمُرْتَهِنٍ فِي بَيْعِهِ: بَاعَهُ، وَإِلَّا أُجْبِرَ عَلَى الوَفَاءِ، أَوْ) عَلَى (بَيْعِ الرَّهْنِ) لِيُوَفِّيَ مِنْ ثَمَنِهِ، (فَإِنْ أَبَى) الرَّاهِنُ البَيْعَ وَالوَفَاءَ: (حُبِسَ أَوْ عُزِّرَ، فَإِنْ أَصَرَّ) عَلَى الامْتِنَاعِ مِنْ بَيْعٍ وَوَفَاءٍ: (بَاعَهُ) أَيِ الرَّهْنَ (حَاكِمٌ، وَوَفَّى) حَاكِمٌ (دَيْنَهُ).

(فصل) في الضمان، والكفالة، والحوالة

(وَ) رَاهِنٌ (غَائِبٌ كَمُمْتَنِعٍ) مِنْ وَفَاءٍ، فَيَبِيعُ الرَّهْنَ حَاكِمٌ أَوْ مُرْتَهِنٌ بِإِذْنِهِ. (وَإِنْ شَرَطَ أَلَّا يُبَاعَ) الرَّهْنُ (إِذَا حَلَّ الدَّيْنُ، أَوْ) شَرَطَ (إِنْ جَاءَهُ بِحَقِّهِ فِي وَقْتِ كَذَا، وَإِلَّا فَالرَّهْنُ) مَبِيعٌ (لَهُ بِالدَّيْنِ: لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ)؛ لِمُنَافَاتِهِ لِبَابِ الرَّهْنِ. (وَ) إِذَا كَانَ الرَّهْنُ حَيَوَانًا مَرْكُوبًا أَوْ مَحْلُوبًا: فَـ (لِمُرْتَهِنٍ أَنْ يَرْكَبَ مَا يُرْكَبُ) مِنْ فَرَسٍ وَبَعِيرٍ بِقَدْرِ نَفَقَتِهِ، (وَ) لَهُ أيْضًا أَنْ (يَحْلِبَ مَا يُحْلَبُ) مِنْهُ (بِقَدْرِ نَفَقَتِهِ بِلَا إِذْنٍ) لِرَاهِنٍ. (وَإِنْ أَنْفَقَ) مُرْتَهِنٌ (عَلَيْهِ) أَيِ الرَّهْنِ (بِلَا إِذْنِ رَاهِنٍ مَعَ إِمْكَانِهِ): فَمُتَبَرِّعٌ؛ أَيْ: (لَمْ يَرْجِعْ) بِعَوِضِهِ؛ كَالصَّدَقَةِ عَلَى مِسْكِينٍ؛ لِتَفْرِيطِهِ بِعَدَمِ الاسْتِئْذَانِ، (وَإِلَّا رَجَعَ) عَلَى رَاهِنٍ (بِالْأَقَلِّ مِمَّا أَنْفَقَهُ) عَلَى رَهْنٍ، (وَنَفَقَةِ مِثْلِهِ إِنْ نَوَاهُ) أَيْ نَوَى الرُّجُوعَ. (وَ) كَذَا حَيَوَانٌ (مُعَارٌ وَمُؤْجَرٌ وَمُودَعٌ)؛ فَحُكْمُهُ إِذَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ مُسْتَعِيرٌ وَمُسْتَأْجِرٌ وَوَدِيعٌ (كَرَهْنٍ). (وَلَوْ خَرِبَ) الرَّهْنُ - كَدَارٍ انْهَدَمَتْ -، (فَعَمَرَهُ) مُرْتَهِنٌ بِلَا إِذْنِ رَاهِنٍ: (رَجَعَ) مُعَمِّرٌ (بِآلَتِهِ فَقَطْ)؛ لِأَنَّهَا مِلْكُهُ. (فَصْلٌ) فِي الضَّمَانِ، وَالكَفَالَةِ، وَالحَوَالَةِ (وَيَصِحُّ ضَمَانُ جَائِزِ التَّصَرُّفِ) أَيْ غَيْرِ صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ وَسَفِيهٍ (مَا وَجَبَ) عَلَى غَيْرِهِ كَقَرْضٍ وَنَحْوِهِ مَعَ بَقَائِهِ عَلَيْهِ (أَوْ) مَا (سَيَجِبُ عَلَى غَيْرِهِ) كَجُعْلٍ عَلَى عَمَلٍ. وَ (لَا) يَصِحُّ ضَمَانُ (الأَمَانَاتِ)؛ كَوَدِيعَةٍ وَعَيْنٍ مُؤْجَرَةٍ وَمَالِ شَرِكَةٍ وَنَحْوِهَا؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَضمُونَةٍ عَلَى صَاحِبِ اليَدِ، فَكَذَا ضَامِنُهُ، (بَلْ) يَصِحُّ ضَمَانُ (التَّعَدِّي فِيهَا) أَيِ الأَمَانَاتِ.

(فصل) في الصلح

(وَلَا) يَصِحُّ ضَمَانُ (جِزْيَةٍ) مِنْ مُسْلِمٍ وَلَا كَافِرٍ. (وَشُرِطَ) لِصِحَّةِ ضَمَانٍ: (رِضَا ضَامِنٍ فَقَطْ) أَيْ: لَارِضَا مَضْمُونٍ لَهُ أَوْ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الضَّامِنَ مُتَبَرِّعٌ بِالْتِزَامِ الحَقِّ، فَاعْتُبِرَ لَهُ الرِّضَا كَالتَّبَرُّعِ بِالأَعْيَانِ. (وَلِرَبِّ حَقٍّ) مَضْمُونٍ (مُطَالَبَةُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا) أَيِ الضَّامِنِ وَالمَضْمُونِ عَنْهُ، كَمَا أَنَّ لَهُ مُطَالَبَتَهُمَا مَعًا. (وَتَصِحُّ الكَفَالَةُ)، وَهِيَ: أَنْ يَلْتَزِمَ رَشِيدٌ (بِـ) إِحْضَارِ (بَدَنِ مَنْ عَلَيْهِ حَقٌّ مَالِيٌّ) إِلَى رَبِّهِ؛ كَدَيْنٍ وَنَحْوِهِ، (وَ) تَصِحُّ الكَفَالَةُ أَيْضًا (بِـ) بَدَنِ (كُلِّ) إِنْسَانٍ بِـ (عَيْنٍ يَصِحُّ ضَمَانُهَا) كَعَارِيَّةٍ وَغَصْبٍ. (وَشُرِطَ) لِصِحَّةِ الكَفَالَةِ (رِضَا كَفِيلٍ فَقَطْ) أَيْ لَا رِضَا مَكْفُولٍ بِهِ أَوْ لَهُ كَضَمَانٍ، (فَإِنْ مَاتَ) مَكْفُولٌ، (أَوْ تَلِفَتِ العَيْنُ) الَّتِي تُكْفَلُ بِبَدَنِ مَنْ هِيَ عِنْدَهُ (بِفِعْلِ اللَّهِ تَعَالَى قَبْلَ طَلَبٍ: بَرِئَ) كَفِيلٌ؛ لِأَنَّ التَّلَفَ بِمَنْزِلَةِ مَوْتِ المَكْفُولِ. (وَتَجُوزُ الحَوَالَةُ)، وَهِيَ: انْتِقَالُ مَالٍ مِنْ ذِمَّةٍ إِلَى ذِمَّةٍ (عَلَى دَيْنٍ مُسْتَقِرٍّ) فِي ذِمَّةِ المُحَالِ عَلَيْهِ كَبَدَلِ قَرْضٍ (إِنِ اتَّفَقَ الدَّيْنَانِ) أَيْ تَمَاثَلَا (جِنْسًا) كَدَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ بِمِثْلِهَا (وَوَقْتًا) أَيْ حُلُولًا أَوْ تَأْجِيلًا أَجَلًا وَاحِدًا، (وَوَصْفًا) كَصِحَاحٍ أَوْ مِصْرِيَّاتٍ بِمِثْلِهَا (وَقَدْرًا)، فَلَا تَصِحُّ بِخَمْسَةٍ عَلَى سِتَّةٍ، (وَتَصِحُّ بِخَمْسَةٍ عَلَى خَمْسَةٍ مِنْ عَشَرَةٍ، وَعَكْسُهُ) كَخَمْسَةٍ مِنْ عَشْرَةٍ علَى خَمْسِةٍ. (وَيُعْتَبَرُ) لِصِحَّةِ الحَوَالَةِ (رِضَا مُحِيلٍ، وَ) يَعْتَبَرُ أَيْضًا رِضَا (مُحْتَالٍ عَلَى غَيْرِ مَلِيءٍ). (فَصْلٌ) فِي الصُّلْحِ (وَالصُّلْحُ فِي الأَمْوَالِ قِسْمَانِ):

(أَحَدُهُمَا): صُلْحٌ (عَلَى الإِقْرَارِ، وَهُوَ نَوْعَانِ): أَحَدُهُمَا: (الصُّلْحُ عَلَى جِنْسِ الحَقِّ؛ مِثْلُ أَنْ يُقِرَّ) جَائِزُ التَّصَرُّفِ (لَهُ) أَيْ لِلمُدَّعِي (بِدَيْنٍ) مَعْلُومٍ (أَوْ) يُقِرَّ بِـ (عَيْنٍ) تَحْتَ يَدِهِ، (فَيَضَعَ) المُدَّعِي عَنِ المُقِرِّ بَعْضَ الدَّيْنِ، (أَوْ يَهَبَ لَهُ البَعْضَ) مِنَ العَيْنِ المُقِرِّ بِهَا، (وَيَأْخُذَ) المُدَّعِي (البَاقِيَ) مِنَ الدَّيْنِ أَوِ العَيْنِ، (فَيَصِحُّ مِمَّنْ يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ)، فَلَا يَصِحُّ مِنْ وَلِيِّ صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ وَنَاظِرِ وَقْفٍ وَنَحْوِهِمْ لِعَدَمِ المِلْكِ إِلَّا مَعَ الإِنْكَارِ وَعَدَمِ البَيِّنَةِ، وَمَحَلُّهُ: إِذَا كَانَ (بِغَيْرِ لَفْظِ صُلْحٍ) لِأَنَّهُ صَالَحَ عَنْ بَعْضِ مَالِهِ بِبَعْضٍ، فَهُوَ هَضْمٌ لِلْحَقِّ، وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إنْ كَانَ (بِلَا شَرْطٍ)؛ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: «عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي كَذَا»، فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي المُعَاوَضَةَ. النَّوْعُ (الثَّانِي) مِنْ قِسْمِ الإِقْرَارِ: أَنْ يُصَالِحَ عَنِ الحَقِّ المُقِرِّ بِهِ (عَلَى غَيْرِ جِنْسِهِ، فَإِنْ كَانَ) الصُّلْحُ (بِأَثْمَانٍ عَنْ أَثْمَانٍ)؛ كَأَنْ يُقِرَّ لَهُ بِعِشْرِينَ دِرْهِمًا فَيُصَالِحَهُ عَنْهَا بِدِينَارٍ مَثَلًا، أَوْ عَكْسِهِ (فَـ) هُوَ (صَرْفٌ) يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُهُ، (وَ) إِنْ كَانَ الصُّلْحُ (بِعَرْضٍ عَنْ نَقْدٍ) ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، (وَعَكْسَهُ: فَبَيْعٌ) يُشْتَرَطُ لَهُ مَا يَشْتَرَطُ فِيهِ. (الْقِسْمُ الثَّانِي) مِنَ الصُّلْحِ فِي الأَمْوَالِ: الصُّلْحُ (عَلَى الإِنْكَارِ؛ بِأَنْ يَدَّعِيَ) شَخْصٌ (عَلَيْهِ) عَيْنًا أَوْ دَيْنًا، (فَيُنْكِرَ) هُ المُدَّعَى عَلَيْهِ، (أَوْ يَسْكُتَ، ثُمَّ يُصَالِحَهُ) عَلَى نَقْدٍ أَوْ نَسِيئَةٍ، (فَيَصِحُّ) الصُّلْحُ، (وَيَكُونُ) المُصَالَحُ بِهِ (إِبْرَاءً فِي حَقِّهِ) أَيِ المُنْكِرِ؛ لِأَنَّهُ دَفَعَ المَالَ افْتِدَاءً لِيَمِينِهِ وَإِزَالَةً لِلضَّرَرِ عَنْهُ، لَا فِي مُقَابَلَةِ مَا ثَبَتَ عَلَيْهِ، (وَ) يَكُونُ المُصَالَحُ بِهِ (بَيْعًا فِي حَقِّ مُدَّعٍ)، فَلَهُ رَدُّهُ بِعَيْبٍ وَجَدَهُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ عَلَى أَنَّهُ عِوَضٌ عَمَّا ادَّعَاهُ. (وَمَنْ عَلِمَ كَذِبَ نَفْسِهِ) مِنْهُمَا فِي دَعْوَاهُ وَإِنْكَارِهِ: (فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ فِي

(فصل) في أحكام الجوار

حَقِّهِ)؛ لِأَنَّهُ عَالِمٌ بِالحَقِّ، قَادِرٌ عَلَى إِيصَالِهِ لِمُسْتَحِقِّهِ، غَيْرُ مُعْتَقِدٍ أَنَّهُ مُحِقٌّ. (فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ الجِوَارِ (وَإِذَا حَصَلَ فِي أَرْضِهِ) أَيِ الإِنْسَانُ (أَوْ) حَصَلَ عَلَى (جِدَارِهِ، أَوْ) فِي (هَوَائِهِ غُصْنُ شَجَرَةِ غَيْرِهِ أَوْ [غُرْفَتُهُ] (¬1): لَزِمَ) رَبَّ الشَّجَرَةِ (إِزَالَتُهُ)؛ إِمَّا بِقَطْعِهِ أَوْ لَيِّهِ إِلَى نَاحِيَةٍ أُخْرَى، (وَضَمِنَ) رَبُّ غُصْنٍ أَوْ عِرْقٍ (مَا تَلِفَ بِهِ) - إِنْ تَلِفَ - (بَعْدَ طَلَبٍ) أَيْ بَعْدَ طَلَبِ صَاحِبِ الهَوَاءِ بِإِزَالَتِهِ؛ لِصَيْرُورَتِهِ مُتَعَدِّيًا بِإِبْقِائِهِ، (فَإِنْ أَبَى) رَبُّهُ إِزَالَتَهُ: (لَمْ يُجْبَرْ فِي الغُصْنِ)؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ، (وَلَوَاهُ) مَالِكُ الهَوَاءِ إِنْ أَمْكَنَ، (فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ) لَيُّهُ (فَلَهُ) أَيْ رَبُّ الهَوَاءِ (قَطْعُهُ) إِنْ لَمْ يُزَلْ إِلَّا بِهِ (بِلَا حُكْمٍ) لِحَاكِمٍ، وَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ. (وَيَجُوزُ فَتْحُ بَابٍ) وَلَوْ (لِاسْتِطْرَاقٍ فِي دَرْبٍ نَافِذٍ)، وَ (لَا) يَجُوزُ (إِخْرَاجُ جَنَاحٍ) أَيْ رَوْشَنٍ عَلَى أَطْرَافِ خَشَبٍ أَوْ نَحْوِهِ مَدْفُونَةٍ فِي الحَائِطِ (وَ) لَا (سَابَاطٍ)، وَهُوَ سَقِيفَةٌ بَيْنَ حَائِطَيْنِ تَحْتَهَا طَرِيقٌ، (وَ) لَا (مِيزَابٍ) فَيَحْرُمُ إِحْدَاثُ ذَلِكَ بِنَافِذٍ (إِلَّا) بِشَرْطَيْنِ: الأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ (بِإِذْنِ إِمَامٍ) أَوْ نَائِبِهِ، الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ (مَعَ أَمْنِ الضَّرَرِ) بِالمَارَّةِ. (وَفِعْلُ ذَلِكَ) أَيْ إِخْرَاجُ جَنَاحٍ وَنَحْوِهِ (فِي مِلْكِ جَارٍ) أَوْ هَوَائِهِ يَحْرُمُ بِلَا إِذْنِهِ؛ لِأَنَّهُ نَوْعُ تَصَرُّفٍ فِي مِلْكِ الغَيْرِ، فَلَمْ يَجُزْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ. (وَ) فِعْلُ ذَلِكَ فِي (دَرْبٍ مُشْتَرَكٍ) غَيْرِ نَافِذٍ (يَحْرُمُ بِلَا إِذْنِ مُسْتَحِقٍّ)؛ لِأَنَّ ¬

_ (¬1) هَكَذَا فِي النُّسَخِ، وَالصَّوَابُ - فِيمَا أَحْسَبُ -: «عِرْقُهُ» كَمَا فِي كُتُبِ المَذْهَبِ، وَالمُرَادُ: عِرْقُ شَجَرِ غَيْرِهِ.

(فصل) في الحجر

الحَقَّ مِلْكٌ لِقَوْمٍ مُعَيَّنِينَ، فَلَمْ يَجُزْ إِلَّا بِإِذْنِهِمْ، وَيَجُوزُ صُلْحٌ عَنْ ذَلِكَ بِعِوَضٍ. (وَكَذَا) يَحْرُمُ (وَضْعُ خَشَبٍ) عَلَى جِدَارِ جَارٍ وَمُشْتَرَكٍ، (إِلَّا أَنْ لَا يُمْكِنَ تَسْقِيفٌ إِلَّا بِهِ) أَيْ بِوَضْعِهِ (وَلَا ضَرَر، فَيُجْبَرُ)؛ أَيْ أَجْبَرَهُ حَاكِمٌ عَلَى تَمْكِينِهِ مِنْ وَضْعِهِ؛ لِأَنَّهُ انْتِفَاعٌ بِحَائِطِ جَارِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَضُرُّهُ؛ أَشْبَهَ الاسْتِنَادَ إِلَيْهِ. (وَمَسْجِدٌ كَدَارٍ) أَيْ وَجِدَارُ مَسْجِدٍ كَجِدَارِ دَارٍ؛ لِأَنَّهُ إِذَا جَازَ فِي مِلْكِ الآدَمِيِّ مَعَ شُحِّهِ وَضِيقِهِ؛ فَحَقُّ اللهِ أَوْلَى. (وَإِنْ طَلَبَ شَرِيكٌ فِي حَائِطٍ) انْهَدَمَ (أَوْ سَقْفٍ اِنْهَدَمَ شَرِيكَهُ) مَفْعُولُ «طَلَبَ» أَيْ طَلَبَ شَرِيكَهُ (لِلْبِنَاءِ مَعَهُ: أُجْبِرَ) الشَّرِيكُ عَلَى البِنَاءِ مَعَهُ (كَـ) مَا يُجْبَرُ عَلَى (نَقْضٍ) لِلْحَائِطِ أَوِ السَّقْفِ (خَوْفَ سُقُوطٍ) دَفْعًا لِلضَّرَرِ، (وَإِنْ بَنَاهُ) شَرِيكٌ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ، أَوْ حَاكِمٍ، أَوْ (بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ: رَجَعَ) بِمَا أَنْفَقَ عَلَى حِصَّةِ الشَّرِيكِ، وَكَانَ بَيْنَهُمَا كَمَا كَانَ قَبْلَ انْهِدَامِهِ. (وَكَذَا نَهْرٌ وَنَحْوُهُ) كَبِئْرٍ وَقَنَاةٍ وَنَاعُورَةٍ وَدُولَابٍ، إِذَا كَانَ بَيْنَ جَمَاعَةٍ. (فَصْلٌ) فِي الحَجْرِ (وَمَنْ) عَلَيْهِ دَيْنٌ وَ (مَالُهُ لَا يَفِي بِمَا عَلَيْهِ)، وَكَانَ الدَّيْنُ (حَالًّا: وَجَبَ) عَلَى الحَاكِمِ (الْحَجْرُ عَلَيْهِ بِطَلَبِ بَعْضِ غُرَمَائِهِ) أَوْ كُلِّهِمْ. (وَسُنَّ إِظْهَارُهُ) أَيْ إِظْهَارُ حَجْرِ المُفْلِسِ - وَكَذَا السَّفِيهُ -؛ لِيَعْلَمَ النَّاسُ بِحَالِهِ، فَلَا يُعَامِلُونَهُ إِلَّا عَلَى بَصِيرَةٍ، (وَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِي) شَيْءٍ مِنْ (مَالِهِ) المَوْجُودِ أَوْ الحَادِثِ (بَعْدَ الحَجْرِ، وَلَا) يَصِحُّ (إِقْرَارُهُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ، (بَلْ) يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ بِشِرَاءٍ أَوْ نَحْوِهِ أَوْ إِقْرَارِهِ بِدَيْنٍ (فِي ذِمَّتِهِ) لِأَنَّهُ أَهْلٌ لِلتَّصَرُّفِ، (فَيُطَالَبُ) بِمَا لَزِمَهُ مِنْ نَحْوِ ثَمَنِ مَبِيعٍ أَوْ إِقْرَارٍ (بَعْدَ فَكِّ حَجْرٍ) عَنْهُ؛

(فصل) في المحجور عليه

لِأَنَّهُ حَقٌّ عَلَيْهِ، وَالحَجْرُ مُتَعَلِّقٌ بِمَالِهِ لَا بِذِمَّتِهِ. (وَمَنْ سَلَّمَهُ عَيْنَ مَالِ) وَكَانَ (جَاهِلَ الحَجْرِ: أَخَذَهَا إِنْ كَانَتْ بِحَالِهَا)؛ بِأَنْ لَمْ تَنْقُصْ مِنْ مَالِيَّتِهِا وَلَمْ تَتَغَيَّرْ صِفَتُهَا بِمَا يُزِيلُ اسْمَهَا، (وَعِوَضُهَا كُلُّهُ بَاقٍ، وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا) أَيْ العَيْنِ (حَقٌّ لِلْغَيْرِ) كَشُفْعَةٍ وَجِنَايَةٍ وَرَهْنٍ، (وَيَبِيعُ حَاكِمٌ مَالَهُ) أَيِ المُفْلِسِ (وَيَقْسِمُهُ) أَيِ الثَّمَنَ، أَوْ مَا كَانَ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ فَوْرًا (عَلَى) قَدْرِ دُيُونِ (غُرَمَائِهِ) الحَالَّةِ؛ لِأَنَّ هَذَا جُلُّ المَقْصُودِ مِنَ الحَجْرِ عَلَيْهِ، وَفِي تَأْخِيرِهِ مَطْلٌ، وَهُوَ ظُلْمٌ لَهُمْ. (وَمَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى وَفَاءِ شَيْءٍ مِنْ دَيْنِهِ، أَوْ هُوَ) أَيِ الدَّيْنُ؛ يَعْنِي: وَمَنْ دَيْنُهُ (مُؤَجَّلٌ: تَحْرُمُ مُطَالَبَتُهُ، وَحَبْسُهُ، وَكَذَا مُلَازَمَتُهُ) قَبْلَ أَجَلِهِ، وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَدَاؤُهُ قَبْلَ الأَجَلِ. (وَلَا يَحِلُّ) دَيْنٌ (مُؤَجَّلٌ بِفَلَسٍ) أَيْ فَلَسِ مَدِينٍ (وَلَا بِمَوْتٍ إِنْ وَثَّقَ الوَرَثَةُ) أَوْ غَيْرُهُمْ رَبَّ الدَّيْنِ (بِرَهْنٍ مُحْرَزٍ) أَيْ يَفِي بِالدَّيْنِ، (أَوْ) بِـ (كَفِيلٍ مَلِيءٍ). (وَإِنْ ظَهَرَ غَرِيمٌ) أَيْ رَبُّ مَالٍ لِلْمُفْلِسِ (بَعْدَ القِسْمَةِ) لِمَالِهِ: (رَجَعَ) الغَرِيمُ الَّذِي ظَهَرَ (عَلَى) كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ (الْغُرَمَاءِ بِقِسْطِهِ)؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ حَاضِرًا شَارَكَهُمْ، فَكَذَا إِذَا ظَهَرَ. (فَصْلٌ) فِي المَحْجُورِ عَلَيْهِ (وَيُحْجَرُ عَلَى: الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ وَالسَّفِيهِ لِحَظِّهِمْ)؛ لِأَنَّ المَصْلَحَةَ تَعُودُ عَلَيْهِمْ، بِخِلَاف المُفْلِسِ، وَلَا يَحْتَاجُ لِحَاكِمٍ، فَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُمْ فِي ذِمَمِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ قَبْلِ الإِذْنِ. (وَمَنْ دَفَعَ إِلَيْهِمْ مَالَهُ بِعَقْدٍ) كَبَيْعٍ (أَوْ لَا) كَوَدِيعَةٍ: (رَجَعَ) الدَّافِعُ (بِمَا بَقِيَ)

بِعَيْنِهِ إِنْ بَقِيَ؛ لِأَنَّهُ مَالُهُ، (لَا مَا تَلِفَ)؛ فَضَمَانُهُ عَلَى الدَّافِعِ، (وَيَضْمَنُونَ) أَيِ المَحْجُورُ عَلَيْهِمْ لِحَظِّهِمْ (جِنَايَةً) عَلَى نَفْسٍ أَوْ طَرَفٍ (وَ) يَضْمَنُونَ (إِتْلَافَ مَا لَمْ يُدْفَعْ إِلَيْهِمْ)؛ لِاسْتِوَاءِ المُكَلَّفِ وَغَيْرِهِ فِيهِ، وَلَا تَفْرِيطَ مِنَ المَالِكِ. (وَمَنْ بَلَغَ) مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى (رَشِيدًا) انْفَكَّ عَنْهُ الحَجْرُ بِلَا حُكْمٍ، (أَوْ) بَلَغَ (مَجْنُونًا ثُمَّ عَقَلَ وَرَشَدَ: انْفَكَّ الحَجْرُ عَنْهُ بِلَا حُكْمٍ) بِفَكِّهِ، (وَأُعْطِيَ) مَنِ انْفَكَّ عَنْهُ الحَجْرُ (مَالَهُ) لِزَوَالِ عِلَّتِهِ، وَ (لَا) يَنْفَكُّ عَنْهُمُ الحَجْرَ، وَلَا يُعْطَوْنَ أَمْوَالَهُمْ (قَبْلَ ذَلِكَ) أَيْ تِلْكَ الشَّرْوطِ، وَهِي العَقْدُ وَالبُلُوغُ مَعَ الرُّشْدِ (بِحَالٍ) لِظَاهِرِ الآيَةِ. (وَ) يَحْصُلُ (بُلُوغُ ذَكَرٍ) بِأَحَدِ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: إِمَّا (بِإِمْنَاءٍ)؛ بِاحْتِلَامٍ أَوْ غَيْرِهِ، (أَوْ) بِـ (تَمَامِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً)، وَهُوَ الثَّانِي، (أَوْ بِنَبَاتِ شَعْرٍ خَشِنٍ) أَيْ يَسْتَحِقُّ أَخْذَهُ بِالمُوسَى (حَوْلَ قُبُلِهِ). (وَ) يَحْصُلُ بُلُوغُ (أُنْثَى بِذَلِكَ) أَيِ الثَّلَاثَةِ المَذْكُورَةِ، (وَ) تَزِيدُ عَلَى الذَّكَرِ (بِحَيْضٍ، وَحَمْلُهَا دَلِيلُ إِمْنَاءٍ)؛ لِإِجْرَاءِ اللهِ تَعَالَى العَادَةَ بِخَلْقِ الوَلَدِ مِنْ مَائِهِمَا، فَإِذَا وَلَدَتْ حُكِمَ بِبُلُوغِهَا مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لِأَنَّهُ اليَقِينُ. (وَلَا يُدْفَعُ إِلَيْهِ مَالُهُ حَتَّى يُخْتَبَرَ بِمَا يَلِيقُ بِهِ، وَ) حَتَّى (يُؤْنَسَ رُشْدُهُ) أَيْ يُعْلَمَ. (وَمَحَلُّهُ) أَيِ الاخْتِبَارِ (قَبْلَ بُلُوغٍ) بِلَائِقٍ بِهِ، (وَالرُّشْدُ هُنَا) أَيْ فِي هَذَا البَابِ: (إِصْلَاحُ المَالِ)، وَصَوْنُهُ عَمَّا لَا فَائِدَةَ فِيهِ، وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ: فَوَلَدُ تَاجِرٍ (بِأَنْ يَبِيعَ وَيَشْتَرِيَ، فَلَا يُغْبَنَ غَالِبًا) غَبْنًا فَاحِشًا، (وَ) أَنْ (لَا يَبْذُلَ مَالَهُ فِي حَرَامٍ) كَخَمْرٍ وَآلَاتِ لَهْوٍ (وَ) أَنْ لَا يَبْذُلَ مَالَهُ فِي (غَيْرِ فَائِدَةٍ) كَغِنَاءٍ. (وَ) الصَّغِيرُ وَالبَالِغُ بِسَفَهٍ أَوْ جُنُونٍ: (وَلِيُّهُمْ حَالَ الحَجْرِ: الأَبُ) الرَّشِيدُ

(فصل) في الوكالة

العَدْلُ، (ثُمَّ وَصِيُّهُ) أَيْ وَصِيُّ الأَبِ، (ثُمَّ الحَاكِمُ)؛ لِأَنَّهُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ. (وَلَا يَتَصَرَّفُ لَهُمْ) وَلِيُّهُمْ (إِلَّا بِالْأَحَظِّ، وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ) أَيِ الوَلِيِّ (بَعْدَ فَكِّ حَجْرٍ فِي) وُجُودِ (مَنْفَعَةٍ) كَدَعْوَى مَصْلَحَةٍ، (وَ) دَعْوَى (ضَرُورَةٍ) فِي بَيْعِ نَحْوِ عَقَارٍ، (وَ) يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَيْضًا فِي وُجُودِ (تَلَفٍ) وَ (لَا) يُقْبَلُ قَوْلُ وَلِيٍّ (فِي دَفْعِ مَالٍ) لِلْمَحْجُورِ عَلَيْهِ (بَعْدَ رُشْدٍ إِلَّا مِنْ) وَلِيٍّ (مُتَبَرِّعٍ). (وَيَتَعَلَّقُ دَيْنُ) قِنٍّ (مَأْذُونٍ لَهُ) فِي التِّجَارَةِ (بِذِمَّةِ سَيِّدٍ). (وَ) يَتَعَلَّقُ (دَيْنُ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ المَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ بِرَقَبَتِهِ كَاسْتِيدَاعِهِ، (وَ) كَمَا يَتَعَلَّقُ (أَرْشُ جِنَايَةِ قِنٍّ، وَقِيَمُ مَتْلَفَاتِهِ بِرَقَبَتِهِ) أَيِ القِنِّ، فَيَفْدِيهِ سَيِّدُهُ بِالأَقَلِّ مِنَ الدَّيْنِ أَوْ قِيمَتِهِ أَوْ بَيْعِهِ، وَيُسَلِّمُهُ لِرَبِّ الدَّيْنِ. (فَصْلٌ) فِي الوَكَالَةِ (وَتَصِحُّ الوَكَالَةُ بِكُلِّ قَوْلٍ يَدُلُّ عَلَى إِذْنٍ)؛ كَـ «بِعْ عَبْدِي فُلَانًا»، أَوْ «فَوَّضْتُ إِلَيْكَ أَمْرَهُ»، أَوْ «أَقَمْتُكَ مَقَامِي فِي كَذَا»، (وَ) يَصِحُّ (قَبُولُهَا) أَيِ الوَكَالَةِ (بِكُلِّ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ دَالٍّ عَلَيْهِ) أَيِ القَبُولِ. (وَشُرِطَ كَوْنُهُمَا) أَيِ المُوكِلِ وَالوَكِيلِ (جَائِزَيِ التَّصَرُّفِ). (وَمَنْ) جَازَ (لَهُ تَصَرُّفٌ فِي شَيْءٍ) بِنَفْسِهِ: (فَلَهُ) أَيْ جَازَ (تَوَكُّلٌ) فِيهِ، (وَ) جَازَ (تَوْكِيلٌ فِيهِ) أَيْ فِيمَا تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ؛ لِانْتِفَاءِ المَفْسَدَةِ. (وَتَصِحُّ) الوَكَالَةُ (فِي كُلِّ حَقِّ آدَمِيٍّ) مِنْ عَقْدٍ؛ كَبَيْعٍ وَنِكَاحٍ وَشَرِكَةٍ وَمُسَاقَاةٍ وَنَحْوِهَا، وَ (لَا) تَصِحُّ فِي (ظِهَارٍ، وَ) لَا فِي (لِعَانٍ، وَ) لَا فِي (أَيْمَانٍ). (وَ) تَصِحُّ الوَكَالَةُ أَيْضًا (فِي كُلِّ حَقٍّ لِلَّهِ تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ) مِنْ إِثْبَاتِ حَدٍّ وَاسْتِيفَائِهِ.

(وَهِيَ) أَيِ وَكَالَةٌ، (وَشَرِكَةٌ، وَمُضَارَبَةٌ، وَمُسَاقَاةٌ، وَمُزَارَعَةٌ، وَوَدِيعَةٌ، وَجُعَالَةٌ: عُقُودٌ جَائِزَةٌ) مِنَ الطَّرَفَيْنِ؛ لِأَنَّ غَايَتَهَا إِذْنٌ وَبَذْلُ نَفْعٍ، وَكِلَاهُمَا جَائِزٌ، (لِكُلٍّ) أَيْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ المُتَعَاقِدَيْنِ (فَسْخُهَا) أَيْ فَسْخُ تِلْكَ العُقُودِ الجَائِزَةِ. (وَلَا يَصِحُّ بِلَا إِذْنٍ) مِنْ مُوكَلٍ (بَيْعُ وَكِيلٍ لِنَفْسِهِ) بِأَنْ يَشْتَرِيَ مَا وُكِّلَ فِي بَيْعِهِ، (وَلَا) يَصِحُّ أَيْضًا (شِرَاؤُهُ مِنْهَا) أَيْ نَفْسِهِ (لِمُوكَلِهِ) بِأَنْ وُكِّلَ فِي شِرَاءِ شَيْءٍ، فَاشْتَرَاهُ مِنْ نَفْسِهِ لِمُوكَلِهِ؛ لِأَنَّهُ تَلْحَقُهُ تُهَمَةٌ. (وَوَلَدُهُ) أَيِ الوَكِيلِ، (وَوَالِدُهُ، وَمُكَاتَبُهُ) وَنَحْوُهُمْ فِي عَدَمِ صِحَّةِ البَيْعِ لَهُ: (كَنَفْسِهِ). (وَإِنْ بَاعَ بِدُونِ ثَمَنِ مِثْلٍ، أَوِ اِشْتَرَى بِأَكْثَرَ مِنْهُ) أَيْ ثَمَنِ المِثْلِ: (صَحَّ، وَضَمِنَ) وَكِيلٌ (زِيَادَةً) عَنْ ثَمَنِ مِثْلٍ فِي شِرَاءٍ، (أَوْ) ضَمِنَ (نَقْصًا) عَنْ ثَمَنِ مِثْلٍ فِي بَيْعٍ. (وَوَكِيلُ مَبِيعٍ يُسَلِّمُهُ) لِمُشْتَرِيهِ؛ لِأَنَّ إِطْلَاقَ الوَكَالَةِ فِي البَيْعِ يَقْتَضِيهِ، (وَلَا يَقْبِضُ) الوَكِيلُ (ثَمَنَهُ إِلَّا بِقَرِينَةٍ، وَيُسَلِّمُ وَكِيلُ الشِّرَاءِ الثَّمَنَ) لِأَنَّهُ مِنْ تَتِمَّتِهِ وَحُقُوقِهِ، (وَوَكِيلُ خُصُومَةٍ لَا يَقْبِضُ) لِأَنَّ الإِذْنَ فِيهَا لَمْ يَتَنَاوَلْهُ لَهُ نُطْقًا وَلَا عُرْفًا، (وَ) وَكِيلُ (قَبْضٍ يُخَاصِمُ) لِأَنَّهُ لَا يُتَوَصَّلُ إِلَى القَبْضِ إِلَّا بِالإِثْبَاتِ. (وَالْوَكِيلُ أَمِينٌ) فِيمَا وُكِلَ فِيهِ؛ سَوَاءٌ كَانَ مُتَبَرِّعًا أَوْ بِجُعْلٍ، (لَا يَضْمَنُ) مَا تَلِفَ بِيَدِهِ مِنْ ثَمَنٍ وَغَيْرِهِ (إِلَّا بِتَعَدٍّ) مِنْهُ (أَوْ تَفْرِيطٍ)؛ لِأَنَّهُ نَائِبُ المَالِكِ فِي اليَدِ وَالتَّصَرُّفِ، (وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ) أَيِ الوَكِيلِ (فِي نَفْيِهِمَا) أَيْ نَفْيِ التَّعَدِّي أَوِ التَّفْرِيطِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ، (وَ) يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَيْضًا فِي (هَلَاكٍ) لِعَيْنٍ أَوْ ثَمَنٍ (بِيَمِينِهِ، كَـ) مَا تُقْبَلُ (دَعْوَى) وَكِيلٍ (مُتَبَرِّعٍ رَدَّ العَيْنَ أَوْ ثَمَنَهَا لِمُوَكِّلٍ، لَا لِوَرَثَتِهِ) أَيْ وَرَثَةِ مُوكِلِهِ (إِلَّا

(فصل) في الشركة

بِبَيِّنَةٍ)؛ كَدَعْوَى وَرَثَةِ وَكِيلٍ لِمُوكِلٍ، أَوْ وَكِيلٍ إِلَى غَيْرِ مَنِ ائْتَمَنَهُ. (فَصْلٌ) فِي الشَّرِكَةِ (وَالشَّرِكَةُ خَمْسَةُ أَضْرُبٍ): أَحَدُهَا: (شَرِكَةُ عِنَانٍ، وَهِيَ أَنْ يُحْضِرَ كُلٌّ مِنْ عَدَدٍ) - اثْنَيْنِ فَأْكَثَرَ - (جَائِزِ التَّصَرُّفِ)، فَلَا تَصِحُّ عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ، وَلَا مَعَ سَفِيهٍ وَصَغِيرٍ (مِنْ مَالِهِ) - فَلَا تَصِحُّ مِنْ نَحْوِ مَغْصُوبٍ - (نَقْدًا) أَيْ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً (مَعْلُومًا) قَدْرُهُ وَصِفَتُهُ ; (لِيَعْمَلَ) مُتَعَلِّقُ «يُحْضِرَ»، (فِيهِ) أَيِ المَالِ كُلِّهِ (كُلٌّ) مِمَّنْ لَهُ فِيهِ شَيْءٌ (عَلَى أَنَّ لَهُ مِنَ الرِّبْحِ جُزْءًا مُشَاعًا مَعْلُومًا). الضَّرْبُ (الثَّانِي: المُضَارَبَةُ، وَهِيَ دَفْعُ مَالٍ مُعَيَّنٍ مَعْلُومٍ) قَدْرُهُ (لِمَنْ يَتَّجِرُ فِيهِ بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ مُشَاعٍ مِنْ رِبْحِهِ)؛ كَنِصْفِهِ، أَوْ نِصْفِ عُشْرِهِ، وَنَحْوِهِ. (وَإِنْ ضَارَبَ) عَامِلٌ؛ أَيْ أَخَذَ مُضَارَبَةً (لِآخَرَ، فَأَضَرَّ) اشْتِغَالُهُ بِالعَمَلِ فِي المَالِ الثَّانِي رَبَّ المَالِ (الْأَوَّلَ: حَرُمَ) عَلَيْهِ ذَلِكَ الفَعْلَ بِغَيْرِ إِذْنِ رَبِّ المَالِ، (وَرَدَّ) العَامِلُ (حِصَّتَهُ) الَّتِي خَصَّهَا مِنْ رِبْحِ المُضَارَبَةِ الثَّانِيَةِ (فِي الشَّرِكَةِ) الأُولَى، فَيُؤْخَذُ نَصِيبُ العَامِلِ مِنَ الشَّرِكَةِ الثَّانِيَةِ، وَيُضَمُّ لِرِبْحِ الأَوَّلِ، وَيَقْسِمُهُ مَعَ رَبِّهَا عَلَى مَا شَرَطَاهُ؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّهُ بِالمَنْفَعَةِ الَّتِي اسْتُحِقَّتْ بِالعَقْدِ الأَوَّلِ. (وَإِنْ تَلِفَ رَأْسُ المَالِ، أَوْ) تَلِفَ (بَعْضُهُ)، وَكَانَ (بَعْدَ تَصَرُّفٍ، أَوْ خَسِرَ: جُبِرَ مِنْ رِبْحٍ) أَيْ رِبْحِ بَاقِيهِ (قَبْلَ قِسْمَةٍ). الضَّرْبُ (الثَّالِثُ: شَرِكَةُ الوُجُوهِ: وَهِيَ أَنْ يَشْتَرِكَا) بِلَا مَالٍ (فِي رِبْحِ مَا يَشْتَرِيَانِ فِي ذِمَمِهِمَا بِجَاهَيْهِمَا) أَيْ بِوُجُوهِهِمَا وَثِقَةِ التُّجَّارِ بِهِمَا، فَمَا رُبِحَ فَبَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَاهُ، (وَكُلٌّ) مِنْهُمَا (وَكَيْلُ الآخَرِ) فِي بَيْعٍ وَشِرَاءٍ، (وَكَفِيلُهُ بِالثَّمَنِ).

(فصل) في المساقاة

الضَّرْبُ (الرَّابِعُ: شَرِكَةُ الأَبْدَانِ: وَهِيَ أَنْ يَشْتَرِكَا فِيمَا يَتَمَلَّكَانِ بِأَبْدَانِهِمَا مِنْ مُبَاحٍ كَاصْطِيَادٍ وَنَحْوِهِ) كَاحْتِطَابٍ، (أَوْ يَتَقَبَّلَانِ فِي ذِمَمِهِمَا مِنْ عَمَلٍ كَخِيَاطَةٍ) وَنَسْجٍ وَحِدَادَةٍ، (فَمَا تَقَبَّلُهُ أَحَدُهُمَا) مِنْ عَمَلٍ (لَزِمَهُمَا عَمَلُهُ)، وَيَصِيرُ فِي ضَمَانِهِمَا، (وَطُولِبَا بِهِ). (وَإِنْ تَرَكَ أَحَدُهُمَا العَمَلَ لِعُذْرٍ أَوْ لَا: فَالْكَسْبُ بَيْنَهُمَا) عَلَى مَا شَرَطَا، (وَيَلْزَمُ مَنْ عُذِرَ) مِنْهُمَا، (أَوْ لَمْ يَعْرِفِ العَمَلَ أَنْ يُقِيمَ مُقَامَهُ) فِي العَمَلِ (بِطَلَبِ شَرِيكٍ). الضَّرْبُ (الْخَامِسُ: شَرِكَةُ المُفَاوَضَةِ، وَهِيَ أَنْ يُفَوِّضَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (إِلَى صَاحِبِهِ كُلَّ تَصَرُّفٍ مَالِيٍّ) وَبَدَنِيٍّ، (وَيَشْتَرِكَا فِي كُلِّ مَا يَثْبُتُ لَهُمَا وَعَلَيْهِمَا، فَتَصِحُّ) المُفَاوَضَةُ إِذَنْ (إِنْ لَمْ يُدْخِلَا فِيهَا كَسْبًا نَادِرًا) أَوْ غَرَامَةً. (وَكُلُّهَا) أَيْ أَضْرُبِ الشَّرِكَةِ الخَمْسَةِ (جَائِزَةٌ، وَلَا ضَمَانَ فِيهَا إِلَّا بِتَعَدٍّ أَوْ تَفْرِيطٍ). (فَصْلٌ) فِي المُسَاقَاةِ (وَتَصِحُّ المُسَاقَاةُ عَلَى شَجَرٍ) مَغْرُوسٍ مَعْلُومٍ، (لَهُ ثَمَرٌ يُؤْكَلُ) مِنْ نَخْلٍ وَغَيْرِهِ، (وَ) تَصِحُّ المُسَاقَاةُ عَلَى شَجَرٍ ذِي (ثَمَرَةٍ مَوْجُودَةٍ بِجُزْءٍ) مُشَاعٍ مَعْلُومٍ (مِنْهَا) أَيْ مِنْ ثَمَرِهَا النَّامِي بِعَمَلِهِ المُتَكَرِّرِ كُلَّ عَامٍ. (وَ) كَذَا تَصِحُّ المُغَارَسَةُ (عَلَى شَجَرٍ) يَأْخُذُهُ العَامِلُ مَعَ أَرْضٍ وَ (يَغْرِسُهُ) فِيهَا (وَيَعْمَلُ عَلَيْهِ حَتَّى يُثْمِرَ بِجُزْءٍ) مُشَاعٍ مَعْلُومٍ (مِنَ الثَّمَرَةِ أَوْ) مِنَ (الشَّجَرِ) عَيْنِهِ (أَوْ مِنْهُمَا) أَيِ الشَّجَرِ وَثَمَرِهِ. (فَإِنْ فَسَخَ مَالِكٌ) المُسَاقَاةَ (قَبْلَ ظُهُورِ ثَمَرَةٍ) وَبَعْدَ عَمَلٍ: (فَلِعَامِلٍ أُجْرَتُهُ)

(فصل) في الإجارة

لِأَنَّ المَالِكَ مَنَعَهُ مِنْ تَمَامِ العَمَلَ، (أَوْ) فَسَخَ (عَامِلٌ؛ فَلَا شَيْءَ لَهُ)؛ لِرِضَاهُ بِإِسْقَاطِ حَقِّهِ مِنْهُ. (وَتُمْلَكُ الثَّمَرَةُ بِظُهُورِهَا، فَعَلَى عَامِلٍ) أَوْ وَارِثِهِ (تَمَامُ عَمَلٍ إِذَا فُسِخَتْ) ـ أَيِ المُسَاقَاةُ بِفَسْخِ أَحَدِهِمَا، أَوْ مَاتَ العَامِلُ - (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الظُّهُورِ. (وَعَلَى عَامِلٍ: كُلُّ مَا فِيهِ نُمُوٌّ أَوْ إِصْلَاحٌ) لِثَمَرٍ وَزَرْعٍ مِنْ سَقْيٍ وَحَرْثٍ وَآلَتِهِ وَتَلْقِيحٍ وَقَلْعِ مَا يُحْتَاجُ إِلَى قَلْعِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، (وَ) عَلَيْهِ أَيْضًا (حَصَادٌ وَنَحْوُهُ) كَدِرَاسٍ وَتَجْفِيفٍ وَحِفْظٍ، (وَعَلَى رَبِّ أَصْلٍ: حِفْظٌ) أَيْ مَا فِيهِ حِفْظُ الأَصْلِ مِنْ سَدِّ حَائِطٍ وَإِجْرَاءِ نَهْرٍ وَحَفْرِ بِئْرِ وَثَمَنِ دُولَابٍ (وَنَحْوُهُ) مِمَّا يُدِيرُهُ، وَشِرَاءِ مَا يُلَقَّحُ بِهِ وَنَحْوِهِ، (وَعَلَيْهِمَا) أَيِ العَامِلِ وَرَبِّ المَالِ (ـ بِقَدْرِ حِصَّتَيْهِمَا - جَدَادٌ). (وَتَصِحُّ المُزَارَعَةُ)، وَهِيَ دَفْعُ أَرْضٍ وَحَبٍّ لِمَنْ يَزْرَعُهُ وَيَقُومُ بِهِ، أَوْ مَزْرُوعٍ لِيَعْمَلَ عَلَيْهِ (بِجُزْءٍ) مُشَاعٍ كَالثُّلُثِ أَوِ الخُمُسِ وَنَحْوِهِ، (مَعْلُومٍ مِمَّا يَخْرُجُ مِنَ الأَرْضِ بِشَرْطِ عِلْمِ بَذْرٍ وَقَدْرِهِ، وَكَوْنِهِ) أَيِ البَذْرِ (مِنْ رَبِّ الأَرْضِ). (فَصْلٌ) فِي الإِجَارَةِ (وَتَصِحُّ الإِجَارَةُ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ): أَحَدُهَا: (مَعْرِفَةُ مَنْفَعَةٍ)؛ كَسُكْنَى دَارٍ شَهْرًا. (وَ) الثَّانِي: (إِبَاحَتُهَا)؛ أَيْ: إِبَاحَةُ مَنْفَعَةٍ؛ كَإِجَارَةِ دَارٍ يَجْعَلُهَا مَسْجِدًا. (وَ) الثَّالِثُ: (مَعْرِفَةُ أُجْرَةٍ، إِلَّا) إِذَا اسْتَأْجَرَ (أَجِيرًا وَظِئْرًا بِطَعَامِهِمَا وَكِسْوَتِهِمَا). (وَإِنْ دَخَلَ حَمَّامًا، أَوْ) دَخَلَ (سَفِينَةً، أَوْ أَعْطَى ثَوْبَهُ خَيَّاطًا) يَخِيطُهُ (وَنَحْوَهُ: صَحَّ وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلٍ).

(وَهِيَ) الإِجَارَةُ (ضَرْبَانِ): أَحَدُهُمَا: (إِجَارَةُ عَيْنٍ: وَشُرِطَ) فِيهَا خَمْسَةُ شُرُوطٍ: الشَّرْطُ الأَوَّلُ: (مَعْرِفَتُهَا) أَيِ العَيْنِ بِرُؤْيَةٍ أَوْ صِفَةٍ، (وَ) الشَّرْطُ الثَّانِي: (قُدْرَةٌ عَلَى تَسْلِيمِهَا، وَ) الشَّرْطُ الثَّالِثُ: (عَقْدٌ - فِي غَيْرِ ظِئْرٍ - عَلَى نَفْعِهَا) المُسْتَوْفَى (دُونَ أَجْزَائِهَا)؛ لِأَنَّ الإِجَارَةَ هِيَ بَيْعُ المَنَافِعِ تَدْخُلُ الأَجْزَاءُ فِيهَا بِخِلَافِ المُرْضِعِ، (وَ) الشَّرْطُ الرَّابِعُ: (اشْتِمَالُهَا) أَيِ العَيْنِ (عَلَى النَّفْعِ) المَقْصُودِ مِنْهَا، (وَ) الشَّرْطُ الخَامِسُ: (كَوْنُهَا) أَيِ العَيْنِ مِلْكًا (لِمُؤْجِرٍ، أَوْ مَأْذُونًا لَهُ فِيهَا). (وَإِجَارَةُ العَيْنِ) المَعْقُودِ عَلَى مَنْفَعَتِهَا (قِسْمَانِ): أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ (إِلَى أَمَدٍ مَعْلُومٍ) كَإِجَارَةِ هَذِهِ الدَّارِ شَهْرًا؛ بِشَرْطِ أَنْ (يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ بَقَاؤُهَا) أَيِ العَيْنِ (فِيهِ) أَيِ الأَمَدِ. وَالقِسْمُ (الثَّانِي): أَنْ يَكُونَ (لِعَمَلٍ مَعْلُومٍ؛ كَإِجَارَةِ دَابَّةٍ لِرُكُوبٍ أَوْ حَمْلٍ إِلَى مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ). (الضَّرْبُ الثَّانِي: عَقْدٌ عَلَى مَنْفَعَةٍ فِي الذِّمَّةِ فِي شَيْءٍ مُعَيَّنٍ أَوْ مَوْصُوفٍ، فَيُشْتَرَطُ تَقْدِيرُهَا بِعَمَلٍ أَوْ مُدَّةٍ؛ كَـ) اسْتِئْجَارٍ لِـ (بِنَاءِ دَارٍ وَخِيَاطَةٍ) لِثَوْبٍ يُذْكَرُ جِنْسُهُ وَقَدْرُهُ وَصِفَةُ الخِيَاطَةِ، (وَشُرِطَ مَعْرِفَةُ ذَلِكَ) العَمَلِ (وَضَبْطُهُ) بِمَا لَا يَخْتَلِفُ. (وَ) شُرِطَ: (كَوْنُ أَجِيرٍ فِيهَا آدَمِيًّا جَائِزَ التَّصَرُّفِ، وَ) شُرِطَ أيْضًا: (كَوْنُ عَمَلٍ) مَعْقُودٍ عَلَيْهِ (لَا يَخْتَصُّ فَاعِلُهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ القُرْبَةِ) لِكَوْنِهِ مُسْلِمًا، فَلَا تَصِحُّ الإِجَارَةُ لِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ وَإِمَامَةٍ وَتَعْلِيمِ قُرْآنٍ وَفِقْهٍ وَحَدِيثٍ وَنِيَابَةٍ فِي حَجٍّ وَقَضَاءٍ.

(فصل) في لزوم عقد الإجارة

(وَ) يَجِبُ (عَلَى مُؤْجِرٍ كُلُّ مَا) يَتَمَكَّنُ بِهِ مِنَ النَّفْعِ مِمَّا (جَرَتْ بِهِ عَادَةٌ وَعُرْفٌ) مِنْ آلَاتٍ وَفِعْلٍ؛ (كَزِمَامِ مَرْكُوبٍ)، وَهُوَ الَّذِي يَقُودُ بِهِ لِيَتَمَكَّنَ مِنَ التَّصَرُّفِ فِيهِ، (وَ) كَـ (شَدٍّ وَرَفْعٍ وَحَطٍّ) لِمَحْمُولٍ؛ لِأَنَّهُ العُرْفُ. (وَعَلَى مُكْتَرٍ) - إِنْ أَرَادَ - (نَحْوُ مَحَمِلٍ)، وَالمَحْمِلُ: شِقَّتَانِ عَلَى البَعِيرِ، يُحْمَلُ فِيهِمَا العَدِيلَانِ، قَالَهُ فِي «القَامُوسِ»، (وَ) نَحْوُ (مِظَلَّةٍ)، وَهِيَ الكَبِيرُ مِنَ الأَخْبِيَةِ، (وَ) عَلَى مُكْتَرٍ (تَعْزِيلُ نَحْوِ بَالُوعَةٍ إِنْ تَسَلَّمَهَا فَارِغَةً، وَعَلَى مُكْرٍ تَسْلِيمُهَا) أَيِ المُؤْجَرَةِ (كَذَلِكَ) أَيْ فَارِغَةً. (فَصْلٌ) فِي لُزُومِ عَقْدِ الإِجَارَةِ (وَهِيَ) أَيِ الإِجَارَةُ (عَقْدٌ لَازِمٌ) مِنَ الطَّرَفَيْنِ، (فَإِنْ تَحَوَّلَ مُسْتَأْجِرٌ) مِنْ مُؤْجَرَةٍ (فِي أَثْنَاءِ المُدَّةِ بِلَا عُذْرٍ) مِنْ جِهَةِ المُؤْجِرِ: (فَعَلَيْهِ) أَيِ المُسْتَأْجِرِ (كُلُّ الأُجْرَةِ، وَإِنْ حَوَّلَهُ مَالِكٌ) قَبْلَ انْقِضَاءِ الإِجَارَةِ (فَلَا شَيْءَ لَهُ). (وَتَنْفَسِخُ) الإِجَارَةُ (بِتَلَفِ) كُلِّ (مَعْقُودٍ عَلَيْهِ) لِمَوْتِ عَبْدٍ أَوْ دَابَّةٍ وَهَدْمِ دَارٍ قَبَضَهَا المُسْتَأْجِرُ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ المَنْفَعَةَ زَالَتْ بِتَلَفِ المَعْقُودِ عَلَيْهِ، (وَ) تَنْفَسِخُ الإِجَارَةُ بِـ (مَوْتِ مُرْتَضِعٍ) أَوِ امْتِنَاعِهِ مِنَ الرَّضَاعِ مِنْهَا؛ لِأَنَّ غَيْرَهُ لَا يَقُومُ مَقَامَهُ فِي الارْتِضَاعِ لِاخْتِلَافِ المُرْتَضِعِينَ فِيهِ، وَكَذَا إِنْ مَاتَتْ مُرْضِعَةٌ، (وَ) تَنْفَسِخُ بِـ (انْقِلَاعِ ضِرْسٍ) اكْتَرَى لِقَلْعِهِ (أَوْ بُرْئِهِ) لِتَعَذُّرِ اسْتِيفَاءِ المَعْقُودِ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَبْرَأْ أَوِ امْتَنَعَ المُسْتَأْجِرُ مِنْ قَلْعِهِ؛ لَمْ يُجْبَرْ، (وَ) تَنْفَسِخُ بِـ (نَحْوِهِ)؛ أَيْ نَحْوِ مَا ذُكِرَ؛ كَاسْتِئْجَارِ طَبِيبٍ لِيُدَاوِيَهُ فَيْبَرَأُ. (وَلَا يَضْمَنُ أَجِيرٌ خَاصٌّ مَا جَنَتْ يَدُهُ خَطَأً، وَلَا) يَضْمَنُ أَيْضًا (نَحْوُ حَجَّامٍ وَطَبِيبٍ وَبَيْطَارٍ) إِنْ (عُرِفَ حِذْقُهُمْ) أَيْ مَعْرِفَتُهُمْ صَنْعَتَهُمْ، وَشَرْطُهُ أَيْضًا: (إِنْ

(فصل) في المسابقة

أَذِنَ فِيهِ مُكَلَّفٌ أَوْ وَلِيُّ غَيْرِهِ، وَ) شَرْطُهُمْ أَيْضًا: أَنْ لَا يَتَجَاوَزُوا بِفِعْلِهِمْ مَحَلَّ القَطْعِ؛ بِأَنْ (لَمْ تَجْنِ أَيْدِيهِمْ). (وَلَا) يَضْمَنُ أَيْضًا (رَاعٍ؛ مَا لَمْ يَتَعَدَّ، أَوْ يُفَرِّطْ). (وَيَضْمَنُ) أَجِيرٌ (مُشْتَرَكٌ مَا تَلِفَ بِفِعْلِهِ) مِنْ تَحْرِيقٍ وَسُقُوطٍ عَنْ دَابَّتِهِ وَانْقِطَاعِ حَبْلِهِ، وَ (لَا) يَضْمَنُ مَا تَلِفَ (مِنْ حِرْزِهِ، وَلَا أُجْرَةَ لَهُ) فِيمَا عَمِلَهُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ عَمَلَهُ لِلْمُسْتَأْجِرِ، فَلَمْ يَسْتَحِقَّ عِوَضَهُ. (وَ) الأَجِيرُ قِسْمَانِ: أَحَدُهُمَا: (الْخَاصُّ)، وَهُوَ (مَنْ قُدِّرَ نَفْعُهُ بِالزَّمَنِ) بِأَنِ اسْتُؤْجِرَ بِسَنَتِهَا، وَصَلَاةِ جُمُعَةٍ وَعِيدٍ، (وَ) الثَّانِي: (الْمُشْتَرَكُ)، وَهُوَ مَنْ قُدِّرَ نَفْعُهُ (بِالْعَمَلِ)، وَسُمِّي مُشْتَرَكًا لِأَنَّهُ يَتَقَبَّلُ أَعْمَالًا لِجَمَاعَةٍ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ يَعْمَلُ لَهُمْ، فَيَشْتَرِكُونَ فِي نَفْعِهِ. (وَتَجِبُ الأُجْرَةُ) فِي إِجَارَةِ عَيْنٍ (بِـ) نَفْسِ (الْعَقْدِ مَا لَمْ تُؤَجَّلْ). (وَلَا ضَمَانَ عَلَى مُسْتَأْجِرٍ) لِأَنَّ العَيْنَ المُسْتَأْجَرَةَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ، فَلَا يَضْمَنُهَا (إِلَّا بِتَعَدٍّ أَوْ تَفْرِيطٍ). (وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) أَيِ المُسْتَأْجِرِ بِيَمِينِهِ (فِي نَفْيِهِمَا) أَيْ نَفْيِ التَّعَدِّي وَالتَّفْرِيطِ. (فَصْلٌ) فِي المُسَابَقَةِ (وَتَجُوزُ المُسَابَقَةُ عَلَى أَقْدَامٍ وَسِهَامٍ وَسُفُنٍ وَمَزَارِيقَ وَسَائِرِ حَيَوَانٍ)، وَ (لَا) تَجُوزُ مُسَابَقَةٌ (بِعِوَضٍ إِلَّا عَلَى: إِبِلٍ، وَخَيْلٍ، وَسِهَامٍ). (وَشُرِطُ) لِصِحَّةِ هَذِهِ المُسَابَقَةِ خَمْسَةُ شُرُوطٍ: أَحَدُهُمَا: (تَعْيِينُ مَرْكُوبَيْنِ) بِالرُّؤْيَةِ، (وَاتِّحَادُهُمَا) بِالنَّوْعِ. (وَ) الثَّانِي: (تَعْيِينُ رُمَاةٍ) فِيهَا بِرُؤْيَةٍ.

(فصل) في العارية

(وَ) الثَّالِثُ: (تَحْدِيدُ مَسَافَةٍ) بِقَدْرٍ مُعْتَادٍ. (وَ) الرَّابِعُ: (عِلْمُ عِوَضٍ، وَإِبَاحَتُهُ). (وَ) الخَامِسُ: (خُرُوجٌ) بِعِوَضٍ (عَنْ شِبْهِ قِمَارٍ، وَاللهُ أَعْلَمُ). (فَصْلٌ) فِي العَارِيَّةِ (وَالْعَارِيَّةُ): إِبَاحَةُ نَفْعِ عَيْنٍ تَبْقَى بَعْدَ اسْتِيفَائِهِ، وَهِيَ (سُنَّةٌ). (وَكُلُّ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ نَفْعًا مُبَاحًا تَصِحُّ) مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ (إِعَارَتُهُ) لِمَنْ هُوَ أَهْلٌ لِلتَّبَرُّعِ لَهُ؛ (إِلَّا البُضْعَ)، فَلَا تَجُوزُ إِعَارَتُهُ؛ لِأَنَّ الوَطْءَ لَا يَجُوزُ إِعَارَتُهُ إِلَّا بِنَكَاحٍ أَوْ مِلْكٍ يَمِينٍ، وَكِلَاهُمَا مُنْتَفٍ، (وَ) إِلَّا (عَبْدًا مُسْلِمًا لِكَافِرٍ، وَ) إِلَّا (صَيْدًا وَنَحْوَهُ) مِمَّا يُحْرَمُ اسْتِعْمَالُهُ فِي الإِحْرَامِ كَمَخِيطٍ (لِمُحْرِمٍ، وَ) إِلَّا (أَمَةً، وَأَمْرَدَ لِغَيْرِ مَأْمُونٍ)؛ كَإِجَارَتِهِمَا لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهِمَا. (وَتُضْمَنُ) العَارِيَّةُ بَعْدَ قَبْضِهَا (مُطْلَقًا)؛ أَيْ سَوَاءٌ شُرِطَ نَفْيُ ضَمَانِهَا أَمْ لَا، فَرَّطَ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا كَانَ أَمَانَةً أَوْ مَضْمُونًا لَا يَزُولُ عَنْ حُكْمِهِ بِالشَّرْطِ، فَيَضْمَنُهَا (بِمِثْلِ مِثْلِيٍّ) كَصَفْحَةٍ مِنْ نُحَاسٍ لَا صِنَاعَةَ بِهَا إِذَا تَلِفَتْ؛ فَعَلَيْهِ مِثْلُ وَزْنِهَا مِنْ نَوْعِهَا، (وَقِيمَةِ غَيْرِهِ) أَيِ المِثْلِيِّ (يَوْمَ تَلَفٍ)، لَكِنْ (لَا) ضَمَانَ فِي مَسْأَلَتَيْنِ: أَحَدُهَا: (إِنْ تَلِفَتْ) أَوْ جُزْؤُهَا (بِاسْتِعْمَالٍ بِمَعْرُوفٍ) كَثَوْبٍ بَلِيَ بِاللُّبْسِ، أَوْ (كَخَمْلِ مِنْشَفَةٍ) ذَهَبَ بِمُرُورِ الزَّمَانِ. (وَ) الثَّانِيَةُ: (لَا) ضَمَانَ (إِنْ كَانَتْ وَقْفًا - كَكُتُبِ عِلْمٍ - إِلَّا بِتَفْرِيطٍ) فِي المَسْأَلَتَيْنِ. (وَعَلَيْهِ) أَيِ المُسْتَعِيرِ (مُؤْنَةُ رَدِّهَا) أَيْ رَدِّ العَارِيَّةِ إِلَى مَالِكِهَا.

(فصل) في الغصب

(وَإِنْ أَرْكَبَ) إِنْسَانٌ دَابَّتَهُ شَخْصًا (مُنْقَطِعًا لِلَّهِ) تَعَالَى، فَتَلِفَتْ تَحْتَهُ: (لَمْ يَضْمَنْ). (فَصْلٌ) فِي الغَصْبِ (وَالْغَصْبُ): اسْتِيلَاءُ غَيْرُ حَرْبِيٍّ - عُرْفًا - عَلَى حَقِّ غَيْرِهِ قَهْرًا بِغَيْرِ حَقٍّ، وَهُوَ (كَبِيرَةٌ) مِنَ الكَبَائِرِ؛ لِأَنَّهُ مِنَ البَاطِلِ، (فَمَنْ غَصَبَ كَلْبًا يُقْتَنَى) كَكَلْبِ صَيْدٍ وَزَرْعٍ، (أَوْ) غَصَبَ (خَمْرَ ذَمِّيٍّ مُحْتَرَمَةً) أَيْ مُسْتَتَرَةً؛ (رَدَّهُمَا) لُزُومًا؛ لِجَوَازِ الانْتِفَاعِ بِالكَلْبِ، وَلِكَوْنِ الخَمْرِ مَالًا عِنْدَ الذِّمِّيِّ يُقَرُّ عَلَى شُرْبِهَا، وَ (لَا) يَلْزَمُهُ رَدٌّ إِنْ غَصَبَ (جِلْدَ مَيْتَةٍ) لِأَنَّهُ لَا يَطْهُرُ بِدَبْغِهِ وَلَا قِيمَةَ لَهُ. (وَإِتْلَافُ الثَّلَاثَةِ) أَيِ الكَلْبِ وَالخَمْرِ وَالمَيْتَةِ (هَدَرٌ)؛ مُسْلِمًا كَانَ المُتْلِفُ أَوْ ذِمِّيًّا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهَا عِوَضٌ شَرْعِيٌّ؛ لِعَدَمِ جَوَازِ بَيْعِهَا. (وَإِنِ اِسْتَوْلَى) إِنْسَانٌ (عَلَى حُرٍّ مُسْلِمٍ) كَبِيرٍ أَوْ صَغِيرٍ؛ بِأَنْ حَبَسَهُ وَلَمْ يَمْنَعْهُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ، فَمَاتَ عِنْدَهُ: (لَمْ يَضْمَنْهُ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ، (بَلْ) يَضْمَنُ (ثِيَابَ صَغِيرٍ وَحُلِيَّهُ). (وَإِنِ اِسْتَعْمَلَهُ كَرْهًا، أَوْ حَبَسَهُ) مُدَةًّ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ: (فَعَلَيْهِ أُجْرَتُهُ) مُدَّةَ حَبْسِهِ (كَـ) مَنَافِعِ (قِنٍّ). (وَيَلْزَمُهُ) أَيْ غَاصِبًا (رَدُّ مَغْصُوبٍ) إِلَى مَحَلِّهِ إِنْ كَانَ بَاقِيًا وَقَدِرَ عَلَى رَدِّهِ، وَإِنْ زَادَ لَزِمَ رَدُّهُ (بِزِيَادَتِهِ) مُتَّصِلَةً كَانَتْ أَوْ مُنْفَصِلَةً، (وَإِنْ نَقَصَ لِغَيْرِ تَغَيُّرِ سِعْرٍ؛ فَعَلَيْهِ أَرْشُهُ). (وَإِنْ بَنَى) غَاصِبٌ (أَوْ غَرَسَ) فِي أَرْضٍ؛ (لَزِمَهُ قَلْعٌ) لِبِنَائِهِ أَوْ غِرَاسِهِ، (وَأَرْشُ نَقْصٍ) لِأَرْضٍ، (وَتَسْوِيَةُ أَرْضٍ) لِحُصُولِ ذَلِكَ بِتَعَدِّيهِ، (وَ) لَزِمَهُ (الْأُجْرَةُ).

(فصل) في ضمان المغصوب

(وَلَوْ غَصَبَ مَا اتَّجَرَ) بِهِ (أَوْ) غَصَبَ فَرَسًا أَوْ جَارِحًا فَـ (صَادَ) عَلَيْهِ أَوْ (بِهِ: فَمَهْمَا حَصَلَ بِذَلِكَ) الجَارِحِ أَوِ الفَرَسِ؛ (فَلِمَالِكِهِ) أَيْ مَالِكِ الفَرَسِ أَوِ الجَارِحِ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ بِسَبَبِهِ، فَكَانَ لَهُ. (وَ) لَوْ غَصَبَ (مَا حَصَدَ بِهِ) أَوْ قَطَعَ: (فَـ) هُوَ لِلْغَاصِبِ، وَ (عَلَيْهِ أُجْرَتُهُ). (وَإِنْ خَلَطَهُ) أَيِ المَغْصُوبَ بِمَا يَتَمَيَّزُ بِهِ كَحِنْطَةٍ بِشَعِيرٍ؛ لَزِمَ الغَاصِبَ تَخْلِيصُهُ وَرَدُّهُ، وَأُجْرَةُ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَ (بِمَا لَا يَتَمَيَّزُ) كَنَحْوِ زَيْتٍ أَوْ حِنْطَةٍ بِمِثْلِهِ؛ بِأَنْ خَلَطَ الزَّيْتَ بِالزَّيْتِ، وَالحِنْطَةَ بِالحِنْطَةِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَمَيَّزُ، (أَوْ صَبَغَ) الغَاصِبُ (الثَّوْبَ: فَهُمَا) أَيِ المَالِكَانِ (شَرِيكَانِ بِقَدْرِ مِلْكَيْهِمَا) فِي الصَّبْغِ وَالثَّوْبِ وَالسَّوِيقِ وَالزَّيْتِ، وَإِنْ زَادَتْ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا فَلِصَاحِبِهِ، (وَإِنْ نَقَصَتِ القِيمَةُ: ضَمِنَ) الغَاصِبُ؛ لِتَعَدِّيهِ. (فَصْلٌ) فِي ضَمَانِ المَغْصُوبِ (وَمَنِ اِشْتَرَى أَرْضًا فَغَرَسَ) فِيهَا، (أَوْ بَنَى) فِيهَا، (ثُمَّ اسْتُحِقَّتْ) لِلْغَيْرِ، (وَقُلِعَ ذَلِكَ) الغَرْسُ أَوِ البِنَاءُ: (رَجَعَ) مُشْتَرٍ (عَلَى بَائِعٍ بِمَا غَرِمَهُ) أَيْ مُشْتَرٍ مِنْ أُجْرَةِ غَارِسٍ وَبَانٍ وَثَمَنِ مُؤَنٍ مُسْتَهْلَكَةٍ وَأُجْرَةٍ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّهُ غَرَّهُ. (وَإِنْ أَطْعَمَهُ) أَيْ طَعَمَ غَاصِبٌ مَا غَصَبَهُ (لِعَالِمٍ بِغَصْبِهِ: ضَمِنَ آكِلٌ). (وَيُضْمَنُ) مَغْصُوبٌ (مِثْلِيٌّ بِمِثْلِهِ، وَ) يُضْمَنُ (غَيْرُهُ بِقِيمَتِهِ) يَوْمَ تَلَفِهِ. (وَحَرُمَ تَصَرُّفُ غَاصِبٍ بِمَغْصُوبٍ، وَلَا يَصِحُّ عَقْدٌ) بِمَغْصُوبٍ، (وَلَا عِبَادَةٌ) بِهِ كَحَجٍّ وَنَحْوِهِ. (وَالْقَوْلُ فِي) قِيمَةِ (تَالِفٍ وَ) فِي (قَدْرِهِ وَ) فِي (صِفَتِهِ: قَوْلُهُ) أَيْ غَاصِبٍ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ.

(فصل) في الشفعة

(وَ) إِنِ اخْتَلَفَا (فِي رَدِّهِ) أَيِ المَغْصُوبِ (وَعَيْبٍ فِيهِ): فَـ (قَوْلُ رَبِّهِ) بِيَمِينِهِ عَلَى نَفْيِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الأَصَلَ عَدَمُهُ. (وَمَنْ بِيَدِهِ غَصْبٌ أَوْ غَيْرُهُ) مِنَ اللُّقَطَةِ وَالأَمَانَاتِ كَالوَدَائِعِ، (وَجَهِلَ رَبَّهُ؛ فَلَهُ الصَّدَقَةُ بِهِ) أَيْ بِذَلِكَ المَغْصُوبِ (عَنْهُ) أَيْ عَنْ رَبِّهِ بِلَا إِذْنِ حَاكِمٍ (بِنِيَّةِ الضَّمَانِ) لِرَبِّهِ، (وَيَسْقُطُ) عَنْهُ (إِثْمُ غَصْبٍ). (وَمَنْ أَتْلَفَ - وَلَوْ سَهْوًا -) مَالًا (مُحْتَرَمًا: ضَمِنَهُ). (وَإِنْ رَبَطَ دَابَّةً) أَوْ أَوْقَفَهَا (بِطَرِيقٍ ضَيِّقٍ: ضَمِنَ مَا أَتْلَفَتْهُ مُطْلَقًا). (وَإِنْ كَانَتْ) أَيِ الدَّابَّةُ (بِيَدِ رَاكِبٍ، أَوْ) بِيَدِ (قَائِدٍ، أَوْ) بِيَدِ (سَائِقٍ: ضَمِنَ جِنَايَةَ مُقَدَّمِهَا، وَوَطْئِهَا بِرِجْلِهَا). (فَصْلٌ) فِي الشُّفْعَةِ (وَتَثْبُتُ الشُّفْعَةُ فَوْرًا) أَيْ سَاعَةَ عِلْمِهِ (لِمُسْلِمٍ تَامِّ المِلْكِ فِي حِصَّةِ شَرِيكِهُ المُنْتَقِلَةِ لِغَيْرِهِ بِعِوَضٍ مَالِيٍّ بِمَا) أَيْ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الَّذِي (اِسْتَقَرَّ عَلَيْهِ العَقْدُ) قَدْرًا وَجِنْسًا وَصِفَةً. (وَشُرِطَ) لِثُبُوتِ الشُّفْعَةِ (تَقَدُّمُ مِلْكِ شَفِيعٍ، وَ) شُرِطَ لَهَا أَيْضًا (كَوْنُ شِقْصٍ مُشَاعًا) أَيْ غَيْرَ مُفْرَزٍ (مِنْ أَرْضٍ تَجِبُ قِسَمْتُهَا) إِجْبَارًا بِطَلَبِ مَنْ لَهُ فِيهِ جُزْءٌ، فَلَا شُفْعَةَ لِجَارٍ فِي مَقْسُومٍ مَحْدُودٍ، وَلَا فِيمَا لَا تَجِبُ قِسْمَتُهُ كَحَمَّامٍ صَغِيرٍ وَبِئْرٍ فِي طَرِيقٍ ضَيِّقَةٍ وَنَحْوِهَا. (وَيَدْخُلُ غِرَاسٌ وَبِنَاءٌ) بِالشُّفْعَةِ (تَبَعًا) لِلْأَرْضِ، (لَا ثَمَرَةٌ وَ) لَا (زَرْعٌ). (وَ) شُرِطَ لِثُبُوتِهَا أَيْضًا: (أَخْذُ جَمِيعِ) شِقْصٍ (مَبِيعٍ، فَإِنْ أَرَادَ) الشَّفِيعُ (أَخْذَ البَعْضِ) أَيْ بَعْضِ المَبِيعِ مَعَ بَقَاءِ الكُلِّ، (أَوْ عَجَزَ) الشَّفِيعُ (عَنْ بَعْضِ الثَّمَنِ بَعْدَ

(فصل) في الوديعة

إِنْظَارِهِ ثَلَاثًا) أَيْ ثَلَاثَ لَيَالٍ، (أَوْ قَالَ) الشَّفِيعُ (لِمُشْتَرٍ): («بِعْنِي، أَوْ صَالِحْنِي») عَلَيْهِ، (أَوْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ فَكَذَّبَهُ) - كَأَنْ أَخْبَرَهُ مَنْ لَا يُقْبَلُ خَبَرُهُ وَصَدَّقَهُ وَلَمْ يَطْلُبْ - (وَنَحْوُهُ: سَقَطَتْ) شُفْعَتُهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْذُورٍ. (فَإِنْ عَفَا بَعْضُهُمْ) أَيْ تَرَكَ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ حَقَّهُ مِنَ الشُّفْعَةِ: (أَخَذَ بَاقِيهِمُ الكُلَّ) أَيْ كُلَّ المَبِيعِ إِنْ شَاءَ (أَوْ تَرَكَهُ)؛ لِأَنَّ فِي أَخْذِ البَعْضِ إِضْرَارًا بِالمُشْتَرِي. (وَإِنْ مَاتَ شَفِيعٌ قَبْلَ طَلَبٍ) لِلشُّفْعَةِ مَعَ قُدْرَةٍ: (بَطَلَتْ)؛ لِأَنَّهَا نَوْعُ خِيَارٍ شُرِعَ لِلتَّمَلُّكِ، أَشْبَهَ خِيَارَ القَبُولِ. (وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا: أَخَذَ مَلِيءٌ) أَيْ قَادِرٌ عَلَى الوَفَاءِ (بِهِ) أَيْ بِالثَّمَنِ المُؤَجَّلِ، (وَ) يَأْخُذُ (غَيْرُهُ بِكَفِيلٍ مَلِيءٍ) إِلَيْهِ. (وَلَوْ أَقَرَّ بَائِعٌ بِالْبَيْعِ) فِي الشِّقْصِ المَشْفُوعِ (وَأَنْكَرَ مُشْتَرٍ) شِرَاءَهُ: (ثَبَتَتْ) أَيِ الشُّفْعَةُ وَالبَيْعُ. (فَصْلٌ) فِي الوَدِيعَةِ وَالوَدِيعَةُ: المَالُ المَدْفُوعُ إِلَى مَنْ يَحْفَظُهُ بِلَا عِوَضٍ. (وَيُسَنُّ قَبُولُ وَدِيعَةٍ لِمَنْ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ الأَمَانَةَ)، وَيُكْرَهُ لِغَيْرِهِ إِلَّا بِرِضَا رَبِّهَا. (وَيَلْزَمُ) المُودَعَ (حِفْظُهَا) أَيِ الوَدِيعَةِ (فِي حِرْزِ مِثْلِهَا) عُرْفًا. (وَإِنْ عَيَّنَهُ) أَيِ الحِرْزَ (رَبُّهَا) أَيِ الوَدِيعَةِ؛ بِأَنْ قَالَ: «احْفَظْهَا فِي هَذَا البَيْتِ»، (فَأَحْرَزَ) هَا (بِدُونِهِ) رُتْبَةً فَضَاعَتْ، (أَوْ تَعَدَّى) مُودَعٌ فِي الوَدِيعَةِ؛ بِأَنْ أَخْرَجَ الدَّرَاهِمَ لِيُنْفِقَهَا أَوْ لِيَنْظُرَ إِلَيْهَا، (أَوْ فَرَّطَ) فِيهَا؛ بِأَنْ تَرَكَهَا وَلَمْ يُخْرِجْهَا مَعَ غِشْيَانِ مَا الغَالِبُ مِنْهُ الهَلَاكُ بِمَكَانِهَا، (أَوْ قَطَعَ عَلَفَ دَابَّةٍ عَنْهَا) حَتَّى مَاتَتْ

(فصل) في إحياء الموات

(بِغَيْرِ قَوْلٍ) لِمَالِكِهَا: (ضَمِنَ). (وَيُقْبَلُ قَوْلُ مُودَعٍ) بِيَمِينِهِ (فِي رَدِّهَا) أَيِ الوَدِيعَةِ (إِلَى رَبِّهَا أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ رَبِّهَا (بِإِذْنِهِ)؛ بِأَنْ قَالَ: «دَفَعْتُهَا لِفُلَانٍ بِإِذْنِكَ»، فَأَنْكَرَ المَالِكُ الإِذْنَ قَبْلَ قَوْلِ المُودَعِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ، وَ (لَا) يُقْبَلُ قَوْلُ مُودَعٍ فِي رَدِّ الوَدِيعَةِ إِلَى (وَارِثِهِ) أَيْ وَارِثِ رَبِّهَا مِنْهُ؛ بِأَنْ قَالَ لِوَارِثِ رَبِّهَا: «دَفَعْتُهَا لَكَ»، وَأَنْكَرَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتَمِنْهُ. (وَ) يُقْبَلُ قَوْلُ مُودَعٍ (فِي تَلَفِهَا) أَيِ الوَدِيعَةِ بِيَمِينِهِ، (وَ) يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَيْضًا فِي (عَدَمِ تَفْرِيطٍ وَتَعَدٍّ) وَجِنَايَةٍ؛ لِأَنَّ الأَصْلَ بَرَاءَتُهُ، (وَ) يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَيْضًا (فِي الإِذْنِ) بِأَنْ قَالَ المُودَعُ: «أَذِنْتَ لِي بِدَفْعِهَا لِفُلَانٍ، وَفَعَلْتُ»، فَأَنْكَرَ مُودِعُ الوَدِيعَةِ. (وَإِنْ أَوْدَعَ اثْنَانِ) عِنْدَ أَحَدِهِمْ (مَكِيلًا، أَوْ) أَوْدَعَاهُ (مَوْزُونًا يُقْسَمُ) إِجْبَارًا، (فَطَلَبَ أَحْدُهُمَا نَصِيبَهُ لِغَيْبَةِ شَرِيكٍ أَوِ امْتِنَاعِهِ: سُلِّمَ إِلَيْهِ) أَيِ الطَّالِبِ نَصِيبَهُ؛ لِأَنَّ قِسْمَتَهُ مُمْكِنَةٌ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ وَلَا غَبْنٍ. (وَلِمُودَعٍ وَمُضَارِبٍ وَمُرْتَهِنٍ وَمُسْتَأْجِرٍ إِنْ غُصِبَتِ العَيْنُ) أَيِ الوَدِيعَةُ أَوْ مَالُ المُضَارَبَةِ أَوِ الرَّهْنُ أَوِ المُسْتَأْجَرَةُ: (الْمُطَالَبَةُ بِهَا) مِنْ غَاصِبِهِا. (فَصْلٌ) فِي إِحْيَاءِ المَوَاتِ (وَمَنْ أَحْيَا أَرْضًا مُنْفَكَّةً عَنْ الِاخْتِصَاصَاتِ وَ) عَنْ (مِلْكِ مَعْصُومٍ) مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ: (مَلَكَهَا). (وَيَحْصُلُ) إِحْيَاءُ أَرْضٍ مَوَاتٍ إِمَّا (بِحَوْزِهَا بِحَائِطٍ مَنِيعٍ، أَوْ إِجْرَاءِ مَاءٍ لَا تُزْرَعُ) الأَرْضُ (إِلَّا بِهِ) أَيِ المَاءِ، (أَوْ قَطْعِ مَاءٍ لَا تُزْرَعُ مَعَهُ، أَوْ حَفْرِ بِئْرٍ، أَوْ غَرْسِ شَجَرٍ فِيهَا) أَيْ فِي المَوَاتِ. (وَمَنْ سَبَقَ إِلَى طَرِيقٍ وَاسِعٍ فَهُوَ أَحَقُّ بِالجُلُوسِ فِيهِ مَا بَقِيَ مَتَاعُهُ) أَيْ فِي

(فصل) في الجعالة

الطَّرِيقِ الوَاسِعِ؛ (مَا لَمْ يَضُرَّ)؛ كَضِيقٍ. (فَصْلٌ) فِي الجَعَالَةِ الجَعَالَةُ: مَا يُعْطَاهُ الإِنْسَانُ عَلَى أَمْرٍ يَفْعَلُهُ. (وَيَجُوزُ جَعْلُ شَيْءٍ) أَيْ مَالٍ (مَعْلُومٍ لِمَنْ يَعْمَلُ عَمَلًا وَلَوْ مَجْهُولًا) أَوْ مُدَّةً وَلَوْ مَجْهُولَةً، فَلَا يُشْتَرَطُ العِلْمُ بِالعَمَلِ وَلَا المُدَّةِ؛ (كَرَدِّ عَبْدٍ، وَ) رَدِّ (لُقَطَةٍ، وَبِنَاءِ حَائِطٍ، فَمَنْ فَعَلَهُ) أَيِ العَمَلَ المَجْعُولَ عَلَيْهِ، وَكَانَ فَعَلَهُ (بَعْدَ عِلْمِهِ) بِالجُعْلِ: (اِسْتَحَقَّهُ). (وَلِكُلٍّ فَسْخُهَا) أَيِ الجَعَالَةِ؛ لِأَنَّهَا عَقْدٌ جَائِزٌ كَالمُضَارَبَةِ، (فَـ) إِنْ كَانَ الفَسْخُ (مِنْ عَامِلٍ): فَـ (لَا شَيْءَ لَهُ، وَ) إِنْ كَانَ الفَسْخُ (مِنْ جَاعِلٍ): فَعَلَيْهِ (لِعِامِلٍ أُجْرَةُ عَمَلِهِ). (وَإِنْ عَمِلَ غَيْرُ مُعَدٍّ لِأَخْذِ أُجْرَةٍ لِغَيْرِهِ) أَيْ بِلَا إِذْنِهِ (عَمَلًا بِلَا جُعْلٍ، أَوْ) عَمِلَ (مُعَدٌّ) لِأَخْذِ أُجْرَةٍ (بِلَا إِذْنٍ: فَلَا شَيْءَ لَهُ)؛ لِتَبَرُّعِهِ بِعَمَلِهِ؛ حَيْثُ بَذَلَهُ بِلَا عِوَضٍ، (إِلَّا فِي تَحْصِيلِ مَتَاعٍ) لِغَيْرِهِ، (مِنْ بَحْرٍ أَوْ فَلَاةٍ؛ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ، وَ) إِلَّا (فِي) رَدِّ (رَقِيقٍ)؛ فَلَهُ مَا قَدَّرَهُ الشَّارِعُ: (دِينَارٌ، أَوْ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا). (فَصْلٌ) فِي اللُّقَطَةِ وَاللَّقِيطِ (وَاللُّقَطَةُ): مَالٌ أَوْ مُخْتَصٌّ ضَائِعٌ، وَمَا فِي مَعْنَاهُ؛ كَمَدْفُونٍ مَنْسِيٍّ، وَهِيَ (ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ): أَحَدُهَا: (مَا لَا تَتْبَعُهُ هِمَّةُ أَوْسَاطِ النَّاسِ) أَيْ لَا يَهْتَمُّ الوَسَطُ مِنَ النَّاسِ أَنْ يَطْلُبَهُ؛ (كَرَغِيفٍ وَشِسْعٍ) لِنَعْلٍ، وَنَحْوِهِمَا كَسَوْطٍ؛ (فَيُمْلَكُ) بِأَخْذِهِ (بِلَا

تَعْرِيفٍ). القِسْمُ (الثَّانِي: الضَّوَالُّ) وَهِيَ (الَّتِي تَمْتَنِعُ مِنْ صِغَارِ السِّبَاعِ)؛ مِثْلُ ذَئْبٍ وَنَحْوِهِ، وَامْتِنَاعُهَا إِمَّا لِكِبَرِ جُثَتِّهَا؛ (كَخَيْلٍ، وَإِبِلٍ، وَبَقَرٍ) وَنَحْوِهَا كَبِغَالٍ، أَوْ لِسُرْعَةِ عَدْوِهَا كَظِبَاءٍ، أَوْ طَيَرَانِهَا كَالطَّيْرِ، أَوْ بِنَابِهَا كَفَهْدٍ وَنَحْوِهِ، (فَيَحْرُمُ الْتِقَاطُهَا) أَيْ ذَلِكَ المَذْكُورِ، (وَلَا تُمْلَكُ بِتَعْرِيفِهَا). القِسْمُ (الثَّالِثُ: بَاقِي الأَمْوَالِ) مَا عَدَا القِسْمَيْنِ السَّابِقَيْنِ؛ (كَثَمَنٍ) أَيْ نَقْدٍ، (وَمَتَاعٍ) كَفَرْشٍ وَكُتُبٍ وَنَحْوِهَا، (وَغَنَمٍ، وَفُصْلَانٍ)؛ وَاحِدُهُ: «فَصِيلٌ» وَلَدُ النَّاقَةِ، (وَعَجَاجِيلَ)؛ وَاحِدُهُ: «عِجْلٌ» وَلَدُ البَقَرَةِ؛ (فَـ) هَذِهِ يَجُوزُ (لِمَنْ أَمِنَ نَفْسَهُ عَلَيْهَا) وَقَوِيَ عَلَى تَعْرِيفِهَا (أَخْذُهَا)، وَالأَفْضَلُ مَعَ ذَلِكَ: تَرْكُهَا. (وَيَجِبُ) عَلَيْهِ (حِفْظُهَا) كُلِّهَا، (وَ) يَجِبُ (تَعْرِيفُهَا) فَوْرًا نَهَارًا؛ بِأَنْ يُنَادَى عَلَيْهَا (فِي مَجَامِعِ النَّاسِ) كَالأَسْوَاقِ وَالحَمَّامَاتِ وَأَبْوَابِ المَسَاجِدِ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَواتِ - (غَيْرَ) دَاخِلِ (المَسَاجِدِ - حَوْلًا كَامِلًا فَوْرًا، كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً أُسْبُوعًا، ثُمَّ شَهْرًا كُلَّ أُسْبُوعٍ مَرَّةً، ثُمَّ مَرَّةً كُلَّ شَهْرٍ) مِنِ الْتِقَاطِهِ، (وَتُمْلَكُ) اللُّقَطَةُ (بَعْدَهُ) أَيِ الحَوْلِ بِالتَّعْرِيفِ (حُكْمًا) كَمِيرَاثٍ. (وَيَحْرُمُ تَصَرُّفُهُ) أَيِ المُلْتَقِطِ (فِيهَا) أَيِ اللُّقَطَةِ (قَبْلَ مَعْرِفَةِ وِعَائِهَا) أَيْ ظَرْفِهَا؛ كِيسًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، (وَوِكَائِهَا) أَيْ مَا شُدَّ بِهِ وِعَاؤُهَا؛ هَلْ هُوَ خَيْطٌ أَوْ سَيْرٌ مِنْ كَتَّانٍ أَوْ غَيْرِهِ، (وَعِفَاصِهَا) أَيْ صِفَةِ شَدِّهَا؛ هَلْ هُوَ عُقْدَةٌ أَوْ أُنْشُوطَةٌ أَوْ غَيْرُهَا، (وَقَدْرِهَا) بِعَدٍّ أَوْ غَيْرِهِ، (وَجِنْسِهَا، وَصِفَتِهَا) الَّتِي تَتَمَيَّزُ بِهَا. (وَمَتَى جَاءَ رَبُّهَا) أَيِ اللُّقَطَةِ يَوْمًا مِنَ الدَّهْرِ، (فَوَصَفَهَا: لَزِمَ دَفْعُهَا إِلَيْهِ) بِنَمَائِهَا المُتَّصِلِ بِلَا بَيِّنَةٍ وَلَا يَمِينٍ، ظَنَّ صِدْقَهُ أَوْ لَا.

(فصل) في الوقف

(وَمَنْ أُخِذَ نَعْلُهُ وَنَحْوُهُ) كَثَوْبِهِ مِنْ نَحْوِ حَمَّامٍ، (وَوَجَدَ غَيْرَهُ مَكَانَهُ: فَـ) المَوْجُودُ (لُقَطَةٌ). (وَاللَّقِيطُ) بِمَعْنَى مَلْقُوطٍ، وَهُوَ: (طِفْلٌ) يُوجَدُ، (لَا يُعْرَفُ نَسَبُهُ وَلَا رِقُّهُ؛ نُبِذَ) أَيْ طُرِحَ فِي شَارِعٍ أَوْ غَيْرِهِ، (أَوْ ضَلَّ) الطَّرِيقَ مَا بَيْنَ وِلَادَتِهِ (إِلَى) سِنِّ (التَّمْيِيزِ) فَقَطْ عَلَى الصَّحِيحِ، وَعِنْدَ الأَكْثَرِ: إِلَى البُلُوغِ. (وَالْتِقَاطُهُ) وَالإِنْفَاقُ عَلَيْهِ: (فَرْضُ كِفَايَةٍ)، وَيُنْفَقُ عَلَيْهِ مِمَّا مَعَهُ إِنْ كَانَ، (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ شَيْءٌ) فَمِنْ بَيْتِ المَالِ، (وَ) إِنْ (تَعَذَّرَ بَيْتُ المَالِ: أَنْفَقَ عَلَيْهِ عَالِمٌ بِهِ) أَيْ بِحَالِهِ (بِلَا رُجُوعٍ) عَلَى أَحَدٍ. (وَهُوَ) أَيِ اللَّقِيطُ: حُرٌّ، (مُسْلِمٌ إِنْ وُجِدَ فِي بَلَدٍ يَكْثُرُ فِيهِ المُسْلِمُونَ) تَغْلِيبًا لِلإِسْلَامِ. (وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ) أَيِ اللَّقِيطِ (مَنْ) أَيْ إِنْسَانٌ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ (يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ) أَيْ أَنَّهُ وَلَدُهُ: (أُلْحِقَ) اللَّقِيطُ (بِهِ). (فَصْلٌ) فِي الوَقْفِ (وَالْوَقْفُ) - شَرْعًا -: هُوَ تَحْبِيسُ الأَصْلِ وَتَسْبِيلُ المَنْفَعَةِ عَلَى بِرٍّ أَوْ قُرْبَةٍ، وَهُوَ (سُنَّةٌ)؛ لِأَنَّهُ مِنَ القُرَبِ المَنْدُوبِ إِلَيْهَا. (وَيَصِحُّ) الوَقْفُ (بِقَوْلٍ) وَكَذَا إِشَارَةُ أَخْرَسَ مَفْهُومَةٌ، (وَفِعْلٍ دَالٍّ عَلَيْهِ عُرْفًا؛ كَمَنْ بَنَى أَرْضَهُ مَسْجِدًا، أَوْ) جَعَلَهَا (مَقْبَرَةً وَأَذِنَ لِلنَّاسِ) إِذْنًا عَامًّا (أَنْ يُصَلُّوا فِيهِ وَيَدْفِنُوا فِيهَا). (وَصَرِيحُهُ) أَلْفَاظٌ ثَلَاثَةٌ: (وَقَفْتُ، وَحبَّسْتُ، وَسَبَّلْتُ)، فَمَنْ أَتَى بِصِيغَةٍ مِنْهُ؛ صَارَ وَقْفًا مِنْ غَيْرِ انْضِمَامِ أَمْرٍ زَائِدٍ؛ لِعَدَمِ الاحْتِمَالِ بِعُرْفِ الاسْتِعْمَالِ

وَالشَّرْعِ. (وَكِنَايَتُهُ) ثَلَاثَةٌ أَيْضًا: (تَصَدَّقْتُ، وَحَرَّمَتُ، وَأَبَّدْتُ) لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهَا مِنْهُ عُرْفٌ لُغَوِيٌّ وَلَا شَرْعِيٌّ، فَتُسْتَعْمَلُ الصَّدَقَةُ فِي الزَّكَاةِ وَالتَّطَوُّعِ، وَالتَّحْرِيمُ صَرِيحٌ فِي الظِّهَارِ، وَالتَّأْبِيدُ يُسْتَعْمَلُ فِي وَقْفٍ وَغَيْرِهِ مِمَّا يُرَادُ تَأْبِيدُهُ. (وَشُرُوطُهُ) أَيِ الوَقْفِ: (خَمْسَةٌ): أَحَدُهُمَا: (كَوْنُهُ) أَيِ الوَقْفِ (فِي) مَنْفَعَةٍ لِـ (عَيْنٍ مَعْلُومَةٍ يَصِحُّ بَيْعُهَا - غَيْرَ مُصْحَفٍ -)، فَيَصِحُّ وَقْفُهُ وَلَوْ لَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ، (وََيُنْتَفَعُ بِهَا) نَفْعًا مُبَاحًا (مَعَ بَقَائِهَا) أَيِ عَيْنِهَا. (وَ) الثَّانِي: (كَوْنُهُ) أَيِ الوَقْفِ (عَلَى) جِهَةِ (بِرٍّ) وَقُرْبَةٍ؛ كَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى المَسَاكِينِ وَالمَسَاجِدِ وَالقَنَاطِرِ وَنَحْوِهَا، (وَيَصِحُّ) الوَقْفُ (مِنْ مُسْلِمٍ عَلَى ذِمِّيٍّ، وَ) يَصِحُّ (عَكْسُهُ) أَيْ مِنْ كَافِرٍ عَلَى مُعَيَّنٍ. (وَ) الثَّالِثُ: (كَوْنُهُ) أَيِ الوَقْفِ - (فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ وَنَحْوِهِ) كَمَدْرسَةٍ مُعَيَّنَةٍ - (عَلَى مُعَيَّنٍ يَمْلِكُ). (وَ) الرَّابِعُ: (كَوْنُ وَاقِفٍ نَافِذَ التَّصَرُّفِ)، وَهُوَ المُكَلَّفُ الرَّشِيدُ، أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ، فَلَا يَصِحُّ مِنْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ. (وَ) الخَامِسُ: كَوْنُ (وَقْفِهِ نَاجِزًا)، فَلَا يَصِحُّ مُؤَقَّتًا وَلَا مُعَلَّقًا إِلَّا بِمَوْتٍ. (وَيَجِبُ العَمَلُ بِشَرْطِ وَاقِفٍ إِنْ وَافَقَ الشَّرْعَ، وَمَعَ إِطْلَاقٍ) فِي المَوْقُوفِ عَلَيْهِ (يَسْتَوِي غَنِيٌّ وَفَقِيرٌ، وَذَكَرٌ وَأُنْثَى) لِعَدَمِ مُقْتَضَى التَّخْصِيصِ. (وَالنَّظَرُ عِنْدَ عَدَمِ الشَّرْطِ) أَيْ إِنْ لَمْ يَشْتَرِطِ الوَاقِفُ نَاظِرًا، أَوْ شَرَطَ النَّظَرَ لِإِنْسَانٍ فَمَاتَ: فَالنَّظَرُ (لِمَوْقُوفٍ عَلَيْهِ) مُعَيِّنٍ (إِنْ كَانَ مَحْصُورًا، وَإِلَّا فَلِحَاكِمٍ

(فصل) في الهبة والعطية

كَمَا لَوْ كَانَ عَلَى مَسْجِدٍ وَنَحْوِهِ). (وَإِنْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ) أَوْ أَوْلَادِهِ (أَوْ وَلَدِ غَيْرِهِ؛ فَهُوَ لِـ) وَلَدٍ مَوْجُودٍ حَالَةَ الوَقْفِ فَقَطْ مِنْ (ذِكَرٍ وَأُنْثَى بِالسَّوِيَّةِ، ثُمَّ) بَعْدَ وَلَدِهِ أَوْ أَوْلَادِهِ يَكُونُ الوَقْفُ (لِوَلَدِ بَنِيهِ) الذُّكُورِ خَاصَّةً، وُجِدُوا حَالَةَ الوَقْفِ أَوْ لَا. (وَ) إِنْ وَقَفَ (عَلَى بَنِيهِ أَوْ) عَلَى (بَنِي فُلَانٍ؛ فَـ) هُوَ (لِذُكُورٍ فَقَطْ) لِأَنَّ لَفْظِ البَنِينِ وُضِعَ لِذَلِكَ حَقِيقَةً، (وَإِنْ كَانُوا قَبِيلَةً: دَخَلَ) فِيهِ (النِّسَاءُ) أَيْضًا؛ لِأَنَّ اسْمَ القَبِيلَةِ يَشْمَلُ ذَكَرَهَا وُأْنَثَاهَا (دُونَ أَوْلَادِهِنَّ) أَيْ نِسَاءِ تِلْكَ القَبِيلَةِ (مِنْ) رِجَالِ (غَيْرِهِمْ) لِأَنَّهُمْ لَا يُنْسَبُونَ إِلَيْهَا. (وَ) إِنْ وَقَفَ (عَلَى قَرَابَتِهِ أَوْ أَهْلِ بَيْتِهِ أَوْ قَوْمِهِ: دَخَلَ) فِي الوَقْفِ (ذَكَرٌ وَأُنْثَى مِنْ أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَبِيهِ) - وَهُمْ إِخْوَتُهُ وَأَخَوَاتُهُ -، (وَ) أَوْلَادِ (جَدِّهِ) - وَهُمْ أَبُوهُ وَأَعْمَامُهُ -، (وَ) أَوْلَادِ (جَدِّ أَبِيهِ) - وَهُمْ جَدُّهُ وَأَعْمَامُهُ وَعَمَّاتُ أَبِيهِ فَقَطْ -؛ أَيْ دُونَ مَنْ هُوَ أَبْعَدُ وَدُونَ مَنْ هُوَ مِنْ جِهَةِ الأُمِّ، وَ (لَا) يَدْخُلُ فِيهِمْ (مُخَالِفٌ دِينَهُ) أَيِ دِينَ الوَاقِفِ؛ لِأَنَّ اخْتِلَافَ الدِّينِ مَانِعٌ؛ مَا لَمْ يَكُنْ نَصٌّ أَوْ قَرِينَةٌ. (وَإِنْ وَقَفَ عَلَى جَمَاعَةٍ): فَإِنْ كَانَ (يُمْكِنُ حَصْرُهُمْ) كَأَوْلَادِهِ أَوْ بَنِي فُلَانٍ أَوْ إِلَيْهِ وَلَيْسُوا قَبِيلَةً: (وَجَبَ تَعْمِيمُهُمْ) بِالوَقْفِ (وَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ) لِأَنَّ اللَّفْظَ يَقْتَضِي ذَلِكَ وَيُمْكِنُ الوَفَاءُ بِهِ، (وَإِلَّا) يَكُنِ الوَقْفُ عَلَى جَمَاعَةٍ يُمْكِنُ حَصْرُهُمْ ـ كَقُرَيْشٍ -: لَمْ يَجِبْ تَعْمِيمُهُمْ لِتَعَذُّرِهِ، وَ (جَازَ التَّفْضِيلُ) بَيْنَهُمْ، (وَ) جَازَ (الِاقْتِصَارُ عَلَى وَاحِدٍ) مِنْهُمْ. (فَصْلٌ) فِي الهِبَةِ وَالعَطِيَّةِ (وَالْهِبَةُ): تَبَرُّعُ جَائِزِ التَّصَرُّفِ بِتَمْلِيكِ مَالِهِ المَعْلُومِ المَوْجُودِ فِي حَيَاتِهِ غَيْرَهَ،

فَمَنْ قَصَدَ بِإِعْطَاءِ ثَوَابِ الآخِرَةِ فَقَطْ صَدَقَةً وَإِكْرَامًا وَتَوَدُّدًا وَنَحْوَهَ فَهَدِيَّةٌ، وَإِلَّا فَهِبَةٌ وَعَطِيَّةٌ وَنِحْلَةٌ، وَهِيَ (مُسْتَحَبَّةٌ) إِذَا قُصِدَ بِهَا وَجْهُ اللهِ تَعَالَى؛ كَالِهبَةِ لِلْعُلَمَاءِ وَالفُقَرَاءِ وَمَا قُصِدَ بِهِ صِلَةُ الرَّحِمِ. (وَتَصِحُّ هِبَةُ مُصْحَفٍ) كَوَقْفِهِ، (وَ) يَصِحُّ هِبَةُ (كُلِّ مَا يَصِحُّ بَيْعُهُ) مِنَ الأَعْيَانِ. (وَتَنْعَقِدُ) الهِبَةُ (بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهَا عُرْفًا) مِنْ إِيجَابٍ وَقَبُولٍ أَوْ مُعَاطَاةٍ وَتَمَلُّكٍ. (وَتَلْزمُ) الهِبَةُ (بِقَبْضٍ)، وَلَا يَصِحُّ إِلَّا (بِإِذْنِ وَاهِبٍ). (وَمَنْ أَبْرَأَ غَرِيمَهُ مِنْ دَيْنِهِ) بِلَفْظِ حَلَالٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ هِبَةٍ: (بَرِئَ وَلَوْ) رَدَّهُ وَ (لَمْ يَقْبَلْ). (وَيَجِبُ) عَلَى أَبٍ وَأُمٍّ وَغَيْرِهِمَا (تَعْدِيلٌ فِي عَطِيَّةِ) قَرِيبٍ (وَارِثٍ) مِنْ وَلَدٍ وَغَيْرِهِ؛ (بِأَنْ يُعْطِيَ كَلًّا) مِنْهُمْ (بِقَدْرِ إِرْثِهِ، فَإِنْ) خَصَّ أَوْ (فَضَّلَ) بَعْضَهُمْ بِلَا إِذْنٍ: حَرُمَ، وَ (سَوَّى) وُجُوبًا (بِرُجُوعٍ) إِنْ أَمْكَنَ، (وَإِنْ مَاتَ) مُعْطٍ (قَبْلَهُ) أَيِ التَّعْدِيلِ: (ثَبَتَ تَفْضِيلُهُ) لِآخِذٍ، وَلَا يَرْجِعُ بَقِيَّةُ الوَرَثَةِ عَلَيْهِ. (وَيَحْرُمُ عَلَى وَاهِبٍ أَنْ يَرْجِعَ فِي هِبَتِهِ بَعْدَ قَبْضٍ) أَيْ بَعْدَ قَبْضِهَا، (وَكُرِهَ) رُجُوعُ وَاهِبٍ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ القَبْضِ، (إِلَّا الأَبَ). (وَلَهُ) أَيْ لِأَبٍ حُرٍّ فَقَطَ (أَنْ) يَأْخُذَ وَ (يَتَمَلَّكَ بِقَبْضٍ)، وَشُرِطَ كَوْنُ تَمَلُّكِهِ (مَعَ قَوْلٍ أَوْ نِيَّةٍ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ - غَيْرَ سُرِّيَّةٍ) أَيْ أَمَةٍ لِلابْنِ وَطِئَهَا؛ فَلَيْسَ لِأَبِيهِ تَمَلُّكُهَا؛ لِأَنَّهَا مُلْحَقَةٌ بِالزَّوْجَةِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أُمَّ وَلَدٍ - (مَا شَاءَ؛ مَا لَمْ يَضُرَّهُ) أَيِ الوَلَدَ، (أَوْ لِيُعْطِيَهُ لِوَلَدٍ) لَهُ (آخَرَ)، فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، (أَوْ) مَا لَمْ (يَكُنْ) أَيِ التَّمْلِيكُ (بِمَرَضِ مَوْتِ أَحَدِهِمَا) أَيِ الوَلَدِ أَوِ الوَالِدِ، (أَوْ) مَا لَمْ (يَكُنْ) أَيِ الأَبُ (كَافِرًا،

وَالابْنُ مُسْلِمًا). (وَلَيْسَ لِوَلَدٍ وَلَا لِوَرَثَتِهِ) أَيِ الوَلَدِ: (مُطَالَبَةُ أَبِيهِ) أَيْ أَبِي الوَلَدِ (بِدَيْنٍ وَنَحْوِهِ) كَقَرْضٍ وَقِيمَةِ مُتْلَفٍ وَأَرْشِ جِنَايَةٍ وَثَمَنِ مَبِيعٍ لِلْوَلَدِ فِي ذِمَّةِ وَالِدِهِ؛ (بَلْ) إِذَا مَاتَ الأَبُ أَخَذَهُ مِنْ تَرِكَتِهِ، وَلَهُ مُطَالَبَتُهُ (بِنَفَقَةٍ وَاجِبَةٍ) عَلَى أَبِيهِ لِفَقْرِهِ وَعَجْزِهِ. (وَمَنْ مَرَضُهُ غَيْرُ مَخُوفٍ) كَوَجَعِ ضِرْسٍ وَرَمَدٍ وَجَرَبٍ وَنَحْوِهِمْ فَـ (تَصَرُّفُهُ) لَازِمٌ (كَـ) تَصَرُّفِ (صَحِيحٍ). (أَوْ) أَيْ وَمَنْ مَرَضُهُ (مَخُوفٌ كَبِرْسَامٍ، أَوْ إِسْهَالٍ مُتَدَارِكٍ، وَمَا قَالَ طَبِيبَانِ مُسْلِمَانِ عَدْلَانِ عِنْدَ إِشْكَالِهِ أَنَّهُ مَخُوفٌ): فَعَطَايَاهُ كَوَصِيَّةٍ، فَـ (لَا يَلْزَمُ تَبَرُّعُهُ لِوَارِثٍ بِشَيْءٍ) غَيْرِ الوَقْفِ بِالثُّلُثِ إِلَّا بِإِجَازَةِ الوَرَثَةِ، (وَلَا) يَلْزَمُ تَبَرُّعُهُ (بِمَا فَوْقَ الثُّلُثِ) وَلَوْ بِوَقْفٍ (لِغَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الوَارِثِ (إِلَّا بِإِجَازَةِ الوَرَثَةِ) إِنْ مَاتَ مِنْهُ، وَإِنْ عُوفِيَ فَكَصَحِيحٍ. (وَمَنِ امْتَدَّ مَرَضُهُ بِجُذَامٍ وَنَحْوِهِ) - كَسُلٍّ أَوْ فَالِجٍ -: إِنْ صَارَ صَاحِبُهَا صَاحِبَ فِرَاشٍ فَكَوَصِيَّةٍ، (وَ) إِنْ (لَمْ يَقْطَعْهُ) ذَلِكَ المَرَضُ (بِفِرَاشٍ؛ فَـ) تَصَرُّفُهُ مِنْ كُلِّ مَالِهِ (كَصَحِيحٍ، وَيُعْتَبَرُ عِنْدَ المَوْتِ كَوْنُهُ) أَيْ مَنْ وُهِبَ أَوْ وُصِّيَ لَهُ (وَارِثًا أَوْ لَا) عِنْدَ مَوْتِ المُوصِي؛ فَمَنْ أَوْصَى أَوْ وَهَبَ لِأَحَدِ إِخْوَتِهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، ثُمَّ حَدَثَ لَهُ وَلَدٌ: صَحَّتِ الوَصِيَّةُ أَوِ الهِبَةُ إِنْ خَرَجَتْ مِنَ الثُّلُثِ اعْتِبَارًا بِحَالَةِ المَوْتِ، وَإِنْ أَوْصَى لِأَخِيهِ وَلِلْمُوصِي وَلَدٌ فَمَاتَ قَبْلَهُ: وَقَفَتْ عَلَى إِجَازَةِ بَقِيَّةِ الوَرَثَةِ. (وَ) تُفَارِقُ العَطِيَّةُ الوَصِيَّةَ فِي أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ: أَحَدُهَا أَنَّهُ (يُبْدَأُ بِالأَوَّلِ فَالأَوَّلِ بِالعَطِيَّةِ) لِوُقُوعِهَا لَازِمَةً. (وَ) الثَّانِي: (لَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ فِيهَا) أَيِ العَطِيَّةِ بَعْدَ قَبْضِهَا وَإِنْ كَثُرَتْ؛ لِأَنَّ

المَنْعَ مِنَ الزِّيَادَةِ عَلَى الثُّلُثِ لِحَقِّ الوَرَثَةِ لَا لِحَقِّهِ. (وَ) الثَّالِثُ: أَنَّ العَطِيَّةَ (يُعْتَبَرُ قَبُولُهَا عِنْدَ وُجُودِهَا)؛ لِأَنَّهَا تَصَرُّفٌ فِي الحَالِ. (وَ) الرَّابِعُ: أَنَّ أَخْذَ العَطِيَّةِ (يَثْبُتُ المِلْكُ فِيهَا مِنْ حِينِهَا) أَيْ مِنْ حِينِ وُجُودِهَا. (وَالوَصِيَّةُ بِخِلَافِ ذَلِكَ كُلِّهِ).

(كتاب الوصايا)

(كِتَابُ الوَصَايَا) الوَصِيَّةُ: الأَمْرُ بِالتَّصَرُّفِ بَعْدَ المَوْتِ، أَوِ التَّبَرُّعِ بِالمَالِ بَعْدَهُ. وَ (يُسَنُّ لِمَنْ تَرَكَ مَالًا كَثِيرًا عُرْفًا: الوَصِيَّةُ بِخُمُسِهِ) لِقَرِيبٍ فَقِيرٍ، وِإِلَّا لِمسْكِينٍ وَعَالِمِ دِينٍ وَنَحْوِهِمْ. (وَتَحْرُمُ) الوَصِيَّةُ (مِمَّنْ يَرِثُهُ غَيْرُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ بِأَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ لِأَجْنَبِيٍّ، أَوْ) أَيْ تَحْرُمُ (لِوَارِثٍ بِشَيْءٍ) قَلَّ أَوْ كَثُرَ، (وَتَصِحُّ) الوَصِيَّةُ فِيهِمَا (مَوْقُوفَةً عَلَى الإِجَازَةِ) أَيْ إِجَازَةِ الوَرَثَةِ. (وَتُكْرَهُ) الوَصِيَّةُ (مِنْ فَقِيرٍ وَارِثُهُ مُحْتَاجٌ)، فَإِنْ كَانَ وَرَثَتُهُ أَغْنَيَاءَ فَيَجِبُ. (فَإِنْ لَمْ يَفِ الثُّلُثُ بِالْوَصَايَا) كَأَنْ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِثُلُثِ مَالِهِ، وَلِعَمْرٍو بِمِئَةٍ، وَلِبَكْرٍ بِعَبْدٍ قِيمَتُهُ مِئَةٌ، وَكَانَ ثُلُثُ مَالِهِ مِئَةً وَلَمْ يُجِزِ الوَرَثَةُ الوَصِيَّةَ: (تَحَاصُّوا) أَيِ المُوصَى لَهُمْ (فِيهِ) أَيْ ثُلُثِهِ (كَمَسَائِل العَوْلِ)، فَيُعْطَى كُلُّ وَاحِدٍ ثُلُثَ وَصِيَّتِهِ فِي المِثَالِ. (وَتُخْرَجُ الوَاجِبَاتُ) الَّتِي عَلَى المَيِّتِ (مِنْ) قَضَاءِ (دَيْنٍ وَحَجٍّ وَزَكَاةٍ) وَغَيْرِهَا كَنَذْرٍ وَكَفَّارَةٍ (مِنْ رَأْسِ المَالِ مُطْلَقًا). (وَتَصِحُّ) الوَصِيَّةُ (لِعَبْدِهِ بِـ) جُزْءٍ (مُشَاعٍ) مِنْ مَالِهِ (كَثُلُثٍ) وَرُبُعٍ، (وَيَعْتِقُ) بِقَبُولِهِ إِنْ خَرَجَ مِنْ ثُلُثِهِ وَإِلَّا فَـ (مِنْهُ بِقَدْرِهِ) أَيْ بِقَدْرِ ثُلُثِهِ، (فَإِنْ) كَانَتْ بِثُلُثِهِ وَ (فَضَلَ) مِنْهُ (شَيْءٌ) بَعْدَ عَتْقِهِ: (أَخَذَهُ)، فَلَوْ وَصَّى لَهُ بِالثُّلُثِ وَقِيمَتُهُ عِشْرُونَ وَلَهُ سِوَاهُ مِئَةٌ: عَتَقَ وَأَخَذَ عِشْرِينَ تَمَامَ الخُمُسِ.

(وَ) لَا تَصِحُّ الوَصِيَّةُ (بِحَمْلٍ وَ) لَا (لِحَمْلٍ) إِلَّا إِذَا (تُحُقِّقَ وُجُودُهُ) حِينَ الوَصِيَّةِ. وَ (لَا) تَصِحُّ الوَصِيَّةُ (لِكَنِيسَةٍ وَ) لَا لِـ (بَيْتِ نَارٍ، وَ) لَا تَصِحُّ أَيْضًا لِـ (كَتْبِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَنَحْوِهِمَا). (وَتَصِحُّ) الوَصِيَّةُ (بِـ) شَيْءٍ (مَجْهُولٍ) كَعَبْدٍ وَشَاةٍ وَثَوْبٍ، وَيُعْطَى مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الاسْمُ، (وَ) تَصِحُّ بِـ (مَعْدُومٍ) كَالوَصِيَّةِ بِمَا تَحْمِلُ أَمَتُهُ أَوْ شَجَرَتُهُ أَبَدًا أَوْ مُدَّةً مُعَيَّنَةً، (وَ) تَصِحُّ الوَصِيَّةُ أَيْضًا (بِمَا لَا يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ) كَآبِقٍ وَشَارِدٍ وَطَيْرٍ فِي هَوَاءٍ وَنَحْوِهِ. (وَ) إِذَا أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ أَوْ نَحْوِهِ، فَاسْتَحَدَثَ مَالًا وَلَوْ دِيَةً: فَـ (مَا حَدَثَ بَعْدَ الوَصِيَّةِ يَدْخُلُ فِيهَا). (وَتَبْطُلُ) الوَصِيَّةُ (بِتَلَفِ مُعَيَّنٍ وُصِّيَ بِهِ)؛ سَوَاءٌ تَلِفَ قَبْلَ مَوْتِ المُوصِي أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ القَبُولِ؛ لِزَوَالِ حَقِّ المُوصَى لَهُ بِالتَّلَفِ. (وَإِنْ وَصَّى بِمِثْلِ نَصِيبِ وَارِثٍ مُعَيَّنٍ: فَلَهُ مِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ نَصِيبِ ذَلِكَ الوَارِثِ (مَضْمُومًا إِلَى المَسْأَلَةِ) أَيْ مَسْأَلَةِ الوَرَثَةِ إِنْ لَمْ تَكُنْ وَصِيَّةٌ، فَتُصَحِّحُ مَسْأَلَةَ الوَرَثَةِ وَتَزِيدُ عَلَيْهَا نَصِيبَ ذَلِكَ المُعَيَّنِ، فَهُوَ الوَصِيَّةُ. (وَ) إِنْ أَوْصَى لَهُ (بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِ وَرَثَتِهِ) وَلَمْ يُبَيِّنْ؛ فَـ (لَهُ مِثْلُ مَا لِأَقَلِّهِمْ) نَصِيبًا لِأَنَّهُ اليَقِينُ. (وَ) إِنْ أَوْصَى (بِسَهْمٍ مِنْ مَالِهِ) فَـ (لَهُ سُدُسٌ) بِمَنْزِلِةِ سُدُسٍ مَفْرُوضٍ إِنْ لَمْ تَكْمُلْ فُرُوضُ المَسْأَلَةِ، فَإِنْ كَمَلَتْ أَوْ عَالَتْ: أُعِيلَ مَعَهَا. (وَ) أَوْصَى (بِشَيْءٍ) أَوْ قِسْطٍ (أَوْ حَظٍّ أَوْ جُزْءٍ: يُعْطِيهِ الوَارِثُ مَا شَاءَ)؛ لِأَنَّهُ

(فصل) في الموصى إليه

لَا حَدَّ لَهُ فِي اللُّغَةِ وَلَا فِي الشَّرْعِ، فَكَانَ عَلَى إِطْلَاقِهِ. (فَصْلٌ) فِي المُوصَى إِلَيْهِ (وَيَصِحُّ الإِيصَاءُ) أَيِ الإِذْنُ بِالتَّصَرُّفِ بَعْدَ المَوْتِ فِيمَا تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ (إِلَى كُلِّ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ رَشِيدٍ عَدْلٍ، وَلَوْ) كَانَ المُوصَى إِلَيْهِ (ظَاهِرًا). (وَ) يَصِحُّ الإِيصَاءُ (مِنْ كَافِرٍ إِلَى مُسْلِمٍ وَ) مِنْ كَافِرٍ إِلَى كَافِرٍ (عَدْلٍ فِي دِينِهِ). (وَلَا يَصِحُّ) الإِيصَاءُ (إِلَّا فِي) شَيْءٍ (مَعْلُومٍ، يَمْلِكُ المُوصِي فِعْلَهُ) أَيْ مَا وَصَّى فِيهِ. (وَمَنْ مَاتَ بِمَحَلٍّ لَا حَاكِمَ فِيهِ) أَيْ فِي ذَلِكَ المَحَلِّ، (وَلَا وَصِيَّ) لِلْمَيِّتِ: (فَلِـ) كُلِّ (مُسْلِمٍ) حَضَرَ (حَوْزُ تَرِكَتِهِ، وَفِعْلُ الأَصْلَحِ فِيهَا) أَيِ التَّرِكَةِ (مِنْ بَيْعٍ وَغَيْرِهِ، وَتَجْهِيزُهُ مِنْهَا) أَيْ تَرِكَتِهِ إِنْ كَانَتْ، (وَمَعَ عَدَمِهَا) فَيُجَهِّزُهُ (مِنْهُ، وَيَرْجِعُ عَلَيْهَا) أَيِ التَّرِكَةِ حَيْثُ كَانَتْ، (أَوْ) يَرْجِعُ (عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ) إِنْ لَمْ يَكُنْ تَرِكَةٌ، (إِنْ نَوَاهُ) أَيِ الرُّجُوعَ؛ لِأَنَّهُ قَامَ عَنْهُ بِوَاجِبٍ، (أَوْ اسْتَأْذَنَ حَاكِمًا) فِي تَجْهِيزِهِ؛ فَلَهُ الرُّجُوعُ أَيْضًا مَا لَمْ يَنْوِ التَّبَرُّعَ.

(كتاب الفرائض)

(كِتَابُ الفَرَائِضِ) (أَسْبَابُ الإِرْثِ) أَيِ انْتِقَالُ مَالِ مَيِّتٍ إِلَى حَيٍّ بِأَحَدٍ أَسْبَابٍ ثَلَاثَةٍ: أَحَدُهَا: (رَحِمٌ) أَيْ قَرَابَةٌ، (وَ) الثَّانِي: (نِكَاحٌ)، وَهُوَ عَقْدُ الزَّوْجِيَّةِ الصَّحِيحُ، (وَ) الثَّالِثُ: (وَلَاءٌ) لِعِتْقٍ، وَهُوَ عُصُوبَةٌ سَبَبُهَا نِعْمَةُ المُعْتِقِ عَلَى رَقِيقٍ. (وَمَوَانِعُهُ) أَيِ الإِرْثِ ثَلَاثَةٌ: أَحَدُهَا (قَتْلٌ) وَهُوَ مَانِعٌ لِلْقَاتِلِ فَقَطْ، (وَ) الثَّانِي: (رِقٌّ) وَهُوَ عَجْزٌ حُكْمِيٌّ يَقُومُ بِالإِنْسَانِ، سَبَبُهُ الكُفْرُ يَمْنَعُ مِنَ الجَانِبَيْنِ، (وَ) الثَّالِثُ: (اخْتِلَافُ دِينٍ) بِإِسْلَامٍ وَكُفْرٍ. (وَأَرْكَانُهُ) أَيِ الإِرْثِ ثَلَاثَةٌ: أَحَدُهَا: (وَارِثٌ، وَ) الثَّانِي: (مُوَرِّثٌ، وَ) الثَّالِثُ: (مَالٌ) أَيْ حَقٌّ (مَوْرُوثٌ). (وَشُرُوطُهُ) أَيِ الإِرْثِ ثَلَاثَةٌ: أَحَدُهَا: (تَحَقُّقُ مَوْتِ مُوَرِّثٍ) أَوْ إِلْحَاقُهُ بِالأَمْوَاتِ، (وَ) الثَّانِي: (تَحَقُّقُ وُجُودِ وَارِثٍ) حِينَ مَوْتِ مُوَرِّثٍ، أَوْ إِلْحَاقُهُ بِالأَحْيَاءِ، (وَ) الثَّالِثُ: (الْعِلْمُ بِالْجِهَةِ المُقْتَضِيَةِ لِلْإِرْثِ). (وَالْوَرَثَةُ) ثَلَاثَةٌ: أَحَدُهَا (ذُو فَرْضٍ، وَ) الثَّانِي: (عَصَبَةٌ، وَ) الثَّالِثُ: (ذُو رَحِمٍ). (فَذُو الفَرْضِ) مِنَ الذُّكُورِ وَالإِنَاثِ (عَشَرَةٌ: الزَّوْجَانِ، وَالْأَبَوَانِ، وَالْجَدُّ) لِأَبٍ، (وَالْجَدَّةُ) مُطْلَقًا، (وَالْبِنْتُ) فَأَكْثَرُ، (وَبِنْتُ الِابْنِ) كَذَلِكَ، (وَالْأُخْتُ) مُطْلَقًا، (وَوَلَدُ الأُمِّ) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، وَاحِدًا كَانَ أَوْ مُتَعَدِّدًا. (وَالْفُرُوضُ المُقَدَّرَةُ فِي كِتَابِ اللَّهِ سِتَّةٌ: النِّصْفُ، وَالرُّبُعُ، وَالثُّمُنُ،

وَالثُّلُثَانِ، وَالثُّلُثُ، وَالسُّدُسُ). (فَالنِّصْفُ فَرْضُ خَمْسَةٍ): الأَوَّلُ: فَرْضُ (الزَّوْجِ) مِنْ تَرِكَةِ زَوْجَتِهِ (إِنْ لَمْ يَكُنْ لِلزَّوْجَةِ وَلَدٌ وَلَا وَلَدُ ابْنٍ). (وَ) الثَّانِي: فَرْضُ (الْبِنْتِ) إِذَا انْفَرَدَتْ. (وَ) الثَّالِثُ: فَرْضُ (بِنْتِ الِابْنِ مَعَ عَدَمِ وَلَدِ الصُّلْبِ). (وَ) الرَّابِعُ: فَرْضُ (الْأُخْتِ لِأَبَوَيْنِ عِنْدَ عَدَمِ الوَلَدِ وَوَلَدِ الِابْنِ). (وَ) الخَامِسُ: فَرْضُ (الْأُخْتِ للْأَبِ عِنْدَ عَدَمِ الأَشِقَّاءِ). (وَالرُّبُعُ فَرْضُ اِثْنَيْنِ): الأَوَّلُ: فَرْضُ (الزَّوْجِ) مِنْ تَرِكَةِ زَوْجَتِهِ (مَعَ) وُجُودِ (الوَلَدِ أَوْ) وُجُودِ (وَلَدِ الِابْنِ). (وَ) الثَّانِي: فَرْضُ (الزَّوْجَةِ فَأَكْثَرَ) مِنْ تَرِكَةِ زَوْجِهَا (مَعَ عَدَمِهِمَا) أَيْ عَدَمِ الوَلَدِ أَوْ وَلَدِ الابْنِ. (والثُمُنُ فَرْضٌ وَاحِدٍ، وَهُوَ: الزَّوْجَةُ فَأَكْثَرُ مَعَ) وُجُودِ (الوَلَدِ أَوْ) وُجُودِ (وَلَدِ الِابْنِ). (وَالثُّلُثَانِ فَرْضُ أَرْبَعَةٍ): الأَوَّلُ: فَرْضُ (البِنْتَيْنِ فَأَكْثَرَ). (وَ) الثَّانِي: فَرْضُ (بِنْتَيْ الِابْنِ فَأَكْثَرَ). (وَ) الثَّالِثُ: فَرْضُ (الْأُخْتَيْنِ لِأَبَوَيْنِ فَأَكْثَرَ). (وَ) الرَّابِعُ: فَرْضُ (الْأُخْتَيْنِ لِأَبٍ فَأَكْثَرَ).

(فصل) في ميراث الجد والإخوة

(مَعَ الانْفِرَادِ عَنْ مُعَصِّبٍ). (وَالثُّلُثُ فَرْضُ اِثْنَيْنِ): الأَوَّلُ: فَرْضُ (وَلَدَيِ الأُمِّ فَأَكْثَرَ، يَسْتَوِي فِيهِ ذَكَرُهُمْ وَأُنْثَاهُمْ). (وَ) الثَّانِي: فَرْضُ: (الْأُمِّ؛ حَيْثُ لَا وَلَدَ، وَلَا وَلَدَ اِبْنٍ، وَلَا عَدَدَ مِنَ الأُخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ، لَكِنْ لَهَا) أَيِ الأُمِّ (ثُلُثُ البَاقِي فِي العُمَرِيَّتَيْنِ، وَهُمَا: أَبَوَانِ وَزَوْجٌ، أَوْ) أَبَوَانِ وَ (زَوْجَةٌ). (وَالسُّدُسُ فَرْضُ سَبْعَةٍ): الأَوَّلُ: فَرْضُ (الْأُمِّ مَعَ الوَلَدِ، أَوْ وَلَدِ الِابْنِ، أَوْ عَدَدٍ مِنَ الأُخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ). (وَ) الثَّانِي: فَرْضُ (الْجَدَّةِ فَأَكْثَرَ مَعَ تَحَاذٍ) أَيْ تَسَاوٍ. (وَ) الثَّالِثُ: فَرْضُ (بِنْتِ الِابْنِ فَأَكْثَرَ مَعَ بِنْتِ الصُّلْبِ). (وَ) الرَّابِعُ: فَرْضُ (أُخْتٍ فَأَكْثَرَ لِأَبٍ مَعَ أُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ). (وَ) الخَامِسُ: فَرْضُ (الْوَاحِدِ مِنْ وَلَدِ الأُمِّ). (وَ) السَّادِسُ: فَرْضُ (الْأَبِ مَعَ) وُجُودِ (الوَلَدِ أَوْ) وُجُودِ (وَلَدِ الِابْنِ). (وَ) السَّابِعُ: فَرْضُ (الْجَدِّ)، وَهُوَ (كَذَلِكَ) أَيْ كَالأَبِ مَعَ وُجُودِ الوَلَدِ أَوْ وُجُودِ وَلَدِ الابْنِ. (فَصْلٌ) فِي مِيرَاثِ الجَدِّ وَالإِخْوَةِ (وَالْجَدُّ) لِأَبٍ (مَعَ الأُخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ) سَوَاءٌ كَانُوا (لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ: كَأَحَدِهِمْ). (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ صَاحِبُ فَرْضٍ: فَلَهُ خَيْرُ أَمْرَيْنِ: المُقَاسَمَةُ، أَوْ ثُلُثُ جَمِيعِ المَالِ).

(فصل) في الحجب

(وَإِنْ كَانَ) مَعَهُ صَاحِبُ فَرْضٍ: (فَلَهُ خَيْرُ ثَلَاثَةِ أُمُورٍ: المُقَاسَمَةُ، أَوْ ثُلُثُ البَاقِي بَعْدَ صَاحِبِ الفَرْضِ، أَوْ سُدُسُ جَمِيعِ المَالِ، فَإِنْ لَمْ يَبْقَ) بَعْدَ ذَوِي الفُرُوضِ (غَيْرُهُ) أَيِ السُّدُسِ: (أَخَذَهُ) الجَدُّ، (وَسَقَطُوا؛ إِلَّا فِي) المَسْأَلَةِ المُسَمَّاةِ بِـ («الأَكْدَرِيَّةِ» وَهِيَ: زَوْجٌ وَأُمٌّ وَجَدٌّ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ؛ فَلِلزَّوْجِ نِصْفٌ، وَلِلْأُمِّ ثُلُثٌ، وَ) يَفْضُلُ (لِلْجَدِّ سُدُسٌ، وَ) يُفْرَضُ (لِلْأُخْتِ نِصْفٌ، فَتَعُولُ إِلَى تِسْعَةٍ، ثُمَّ يُقْسَمُ نَصِيبُ الجَدِّ) - وَهُوَ وَاحِدٌ -، (وَ) نَصِيبُ (الْأُخْتِ) - وَهُوَ ثَلَاثَةٌ - (بَيْنَهُمَا) أَيِ الجَدِّ وَالأُخْتِ، (وَهُوَ) أَيْ مَجْمُوعُهُمَا (أَرْبَعَةٌ) مِنْ تِسْعَةٍ بَيْنَهُمَا (عَلَى ثَلَاثَةٍ، فَتَصِحُّ مِنْ سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ). (وَلَا يَعُولُ فِي مسَائِلِ الجَدِّ) وَالإِخْوَةِ إِلَّا فِيهَا، (وَلَا يُفْرَضُ لِأُخْتٍ مَعَهُ) أَيِ الجَدِّ (ابْتِدَاءً إِلَّا فِيهَا) أَيِ الأَكْدَرِيَّةِ. (وَإِذَا كَانَ مَعَ) الأَخِ (الشَّقِيقِ وَلَدُ أَبٍ: عَدَّهُ عَلَى الجَدِّ، ثُمَّ أَخَذَ) الشَّقِيقُ (مَا حَصَلَ لَهُ، وَتَأْخُذُ أُنْثَى لِأَبَوَيْنِ تَمَامَ فَرْضِهَا) أَيِ النِّصْفَ؛ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ جَدٌّ؛ لِأَنَّهَا لَا تُزَادُ عَلَيْهِ مَعَ عَصَبَةٍ، (وَالْبَقِيَّةُ) مِنْ حِصَّةِ الجَدِّ وَنِصْفِ الأُخْتِ (لِوَلَدِ الأَبِ) مُطْلَقًا. (فَصْلٌ) فِي الحَجْبِ (حَجْبُ الحِرْمَانِ لَا يَدْخُلُ عَلَى) خَمْسَةٍ: (الزَّوْجَيْنِ، وَالْأَبَوَيْنِ، وَالْوَلَدِ). (وَيَسْقُطُ الجَدُّ بِالْأَبِ) لِإِدْلَائِهِ بِهِ، (وَ) يَسْقُطُ (كُلُّ جَدٍّ) أَبْعَدَ بِجَدٍّ أَقْرَبَ لأَنَّهُ يُدْلِي بِهِ، (وَ) يَسْقُطُ كُلُّ (ابْنٍ أَبْعَدَ بِـ) ابْنٍ (أَقْرَبَ) مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يُدْلِ بِهِ، (وَ) تَسْقُطُ (كُلُّ جَدَّةٍ) مِنْ قِبَلِ الأُمِ أَوِ الأَبِ (بِأُمٍّ)؛ لِأَنَّ الجَدَّاتِ يَرِثْنَ بِالوِلَادَةِ، وَالأَمُّ أَوْلَاهُنَّ، فَتَحْجُبُ كُلَّ مَنْ يَرِثُ بِهَا؛ كَمَا أَنَّ الأَبَ يَحْجُبُ كُلَّ مَنْ يَرِثُ بِالأُبُوَّةِ، (وَالْقُرْبَى

(فصل) في العصبات

مِنْهُنَّ) أَيْ مِنَ الجَدَّاتِ (تَحْجُبُ البُعْدَى مُطْلَقًا)، وَ (لَا) يَحْجُبُ (أَبٌ أُمَّهُ، أَوْ أَمَّ أَبِيهِ). (وَلَا يَرِثُ) مِنَ الجَدَّاتِ (إِلَّا ثَلَاثٌ: أُمُّ أُمٍّ، وَأُمُّ أَبٍ، وَأُمُّ أَبِي أَبٍ، وَإِنْ عَلَوْنَ أُمُومَةً). (وَلِـ) جَدَّةٍ (ذَاتِ قَرَابَتَيْنِ مَعَ) جَدَّةٍ (ذَاتِ قَرَابَةٍ) وَاحِدَةٍ: (ثُلُثَا السُّدُسِ). (وَيَسْقُطُ وَلَدُ الأَبَوَيْنِ بِابْنٍ) وَابْنِ ابْنٍ (وَإِنْ نَزَلَ، وَأَبٍ) أَيْضًا. (وَ) يَسْقُطُ (وَلَدُ الأَبِ بِهَؤُلَاءِ) أَيِ الابْنِ وَابْنِ الابْنِ وَإِنْ نَزَلَ وَبِالأَبِ، (وَ) بِـ (أَخٍ لِأَبَوَيْنِ) أَيْضًا. (وَ) يَسْقُطُ (ابْنُ أَخٍ بِهَؤُلَاءِ) أَيْ بِابْنٍ وَابْنِ ابْنٍ وَإِنْ نَزَلَ وَأَخٍ مُطْلَقًا وَأَبٍ (وَجَدٍّ). (وَ) يَسْقُطُ (وَلَدُ الأُمِّ بِوَلَدٍ) - ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى -، (وَ) بِـ (وَلَدِ ابْنٍ وَإِنْ نَزَلَ، وَأَبٍ وَأَبِيهِ) أَيْ الأَبِ (وَإِنْ عَلَا). (وَمَنْ لَا يَرِثُ لِمَانِعٍ فِيهِ) مِنْ رِقٍّ وَقَتْلٍ وَاخْتِلَافِ دِينٍ: فَـ (لَا يَحْجُبُ). (فَصْلٌ) فِي العَصَبَاتِ (وَالْعَصَبَةُ): مَنْ يَرِثُ بِلَا تَقْدِيرٍ، فَـ (يَأْخُذُ مَا أَبْقَتِ الفُرُوضُ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ) بَعْدَ ذِي الفَرْضِ: (سَقَطَ مُطْلَقًا)؛ لِاسْتِغْرَاقِ الفُرُوضِ التَّرِكَةَ، (وَإِنِ انْفَرَدَ: أَخَذَ جَمِيعَ المَالِ) المَوْرُوثِ بِجِهَةٍ وَاحِدَةٍ، (لَكِنْ لِلْجَدِّ وَالْأَبِ ثَلَاثُ حَالَاتٍ): (فَـ) الحَالَةُ الأُولَى: (يَرِثَانِ بِالتَّعْصِيبِ فَقَطْ مَعَ عَدَمِ الوَلَدِ وَوَلَدِ الِابْنِ). (وَ) الحَالَةُ الثَّانِيَةُ: يَرِثَانِ (بِالْفَرْضِ فَقَطْ مَعَ ذُكُورِيَّتِهِ)؛ أَيْ: الفَرْعِ الوَارِثِ؛ كَالِابْنِ وَإِنْ نَزَلَ.

(فصل) في أصول المسائل، والعول، والرد، وقسمة التركات

(وَ) الحَالَةُ الثَّالِثَةُ: يَرِثَانِ (بِالْفَرْضِ وَالتَّعْصِيبِ مَعَ أُنُوثِيَّتِهِ) أَيِ: الوَلَدِ وَوَلَدِ الِابْنِ. (وَأُخْتٌ فَأَكْثَرُ) لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ (مَعَ بِنْتٍ أَوْ بِنْتِ ابْنٍ فَأَكْثَرَ) عَصَبَةً: لَا فَرْضَ لَهُنَّ، وَإِنَّمَا (يَرِثْنَ مَا فَضَلَ). (وَالِابْنُ، وَابْنُهِ، وَالْأَخُ لِأَبَوَيْنِ، أَوْ) الأَخُ (لِأَبٍ: يُعَصِّبُونَ أَخَوَاتِهِمْ، فَـ) يَمْنَعُونَهُنَّ الفَرْضَ، وَيَقْتَسِمُونَ مَا وَرِثُوا: (لِذَكَرٍ مِثْلَا مَا لِأُنْثَى). (وَمَتَى كَانَ العَاصِبُ عَمًّا) لِلْمَيِّتِ (أَوْ اِبْنَهُ) أَيِ ابْنَ عَمٍّ، (أَوْ) كَانَ (ابْنَ أَخٍ: اِنْفَرَدَ بِالْإِرْثِ دُونَ أَخَوَاتِهِ)؛ لِأَنَّ أَخَوَاتِ هَؤُلَاءِ مِنْ ذَوِي الأَرْحَامِ. (وَإِنْ عُدِمَتْ عَصَبَةُ النَّسَبِ: وَرِثَ المَوْلَى المُعْتِقُ مُطْلَقًا، ثُمَّ) إِنْ عُدِمَ مُعْتِقٌ: وَرِثَ (عَصَبَتُهُ الذُّكُورُ؛ الأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ؛ كَالنَّسَبِ). (فَصْلٌ) فِي أُصُولِ المَسَائِلِ، وَالعَوْلِ، وَالرَّدِّ، وَقِسْمَةِ التَّرِكَاتِ (أُصُولُ المَسَائِلِ): المَخَارِجُ الَّتِي تَخْرُجُ مِنْهَا فُرُوضُهَا، وَهِيَ (سَبْعَةٌ)؛ مِنْهَا: (أَرْبَعَةٌ لَا تَعُولُ، وَهِيَ: مَا) أَصْلُهَا اثْنَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ أَوْ أَرْبَعَةٌ أَوْ ثَمَانِيَةٌ وَ (فِيهَا فَرْضٌ) وَاحِدٌ، (أَوْ فَرْضَانِ مِنْ نَوْعٍ). (فَـ) مَا فِيهِ (نِصْفَانِ) كَزَوْجٍ وَأُخْتٍ شَقِيقَةٍ أَوْ لِأَبٍ، لِكُلِّ وَاحِدٍ نِصْفٌ، (أَوْ نِصْفٌ وَالْبَقِيَّةُ) كَزَوْجٍ وَعَمٍّ: (مِنِ اثْنَيْنِ) مَخْرَجُ النِّصْفِ، لِلزَّوْجِ وَاحِدٌ، وَالبَاقِي لِلْعَاصِبِ. (وَثُلُثَانِ) وَالبَقِيَّةُ مِنْ ثَلَاثَةٍ كَأُخْتَيْنِ لِغَيْرِ أُمٍّ أَوْ عَمٍّ، (أَوْ ثُلُثٌ وَالْبَقِيَّةُ: مِنْ ثَلَاثَةٍ) كَأُمٍّ وَعَمٍّ.

(وَرُبُعٌ وَالْبَقِيَّةُ) مِنْ أَرْبَعَةٍ؛ كَزَوْجٍ وَابْنٍ، (أَوْ) رُبُعٌ (مَعَ النِّصْفِ) وَالبَقِيَّةِ كَزَوْجَةٍ وَأُخْتٍ لِغَيْرِ أُمٍّ وَعَمٍّ: (مِنْ أَرْبَعَةٍ)؛ لِأَنَّ مَخْرَجَ النِّصْفِ دَاخِلٌ فِي مَخْرَجِ الرُّبُعِ. (وَثُمُنٌ وَالْبَقِيَّةُ) مِنْ ثَمَانِيَةٍ كَزَوْجَةٍ وَابْنٍ، (أَوْ مَعَ النِّصْفِِ) وَالبَقِيَّةِ: (مِنْ ثَمَانِيَةٍ) كَزَوْجَةٍ وَبِنْتٍ وَأَخٍ، وَدَخَلَ النِّصْفُ فِي مَخْرَجِهِ أَيْضًا. فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ لَا تَعُولُ؛ لِأَنَّ العَوْلَ ازْدِحَامُ الفُرُوضِ، وَلَا يُتَصَوَّرُ وُجُودُهُ فِي وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الأَرْبَعَةِ. (وَثَلَاثَةٌ) مِنَ الأُصُولِ قَدْ (تَعُولُ)، وَالعَوْلُ: زِيَادَةٌ فِي السِّهَامِ وَنُقْصَانٌ فِي الأَنْصِبَاءِ. (وَهِيَ: مَا) أَصْلُهَا سِتَّةٌ أَوِ اثْنَا عَشَرَ أَوْ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ، (فَرْضُهَا نَوْعَانِ فَأَكْثَرُ) كَنِصْفٍ مَعَ ثُلُثٍ أَوْ ثُلُثَيْنِ، وَكَرُبُعٍ وَسُدُسٍ، أَوْ ثُلُثٍ أَوْ ثُلُثَيْنِ، وَكَثُمْنٍ وَثُلُثَيْنِ وَسُدُسٍ. (فَنِصْفٌ مَعَ ثُلُثَيْنِ) كَزَوْجٍ وَأُخْتَيْنِ لِغَيْرِ أُمٍّ، أَصْلُهَا سِتَّةٌ وَتَعُولُ إِلَى سَبْعَةٍ، (أَوْ) نِصْفٌ مَعَ (ثُلُثٍ) كَزَوْجٍ وَأُمٍّ وَأَخٍ لِغَيْرِهَا مِنْ سِتَّةٍ لِتَبَايُنِ المَخْرَجَيْنِ فِيهِمَا، (أَوْ) نِصْفٌ مَعَ (سُدُسٍ) كَبِنْتٍ وَأُمٍّ وَأَخٍ: (مِنْ سِتَّةٍ) لِدُخُولِ مَخْرَجِ النِّصْفِ فِي مَخْرَجِ السُّدُسِ، وَتَكُونُ عَادَةً؛ كَزَوْجٍ وَأُمٍّ وَأَخَوَيْنِ لِأَمٍّ، (وَتَعُولُ) السِّتَّةُ إِلَى سَبْعَةٍ كَزَوْجٍ وَأُخْتَيْنِ لِغَيْرِ أُمٍّ، وَإِلَى ثَمَانِيَةٍ كَزَوْجٍ وَأُمٍّ وَأُخْتٍ لِغَيْرِهَا، وَتُسَمَّى المُبَاهَلَةَ، وَإِلَى تِسْعَةٍ كَزَوْجٍ وَأُخْتَيْنِ شَقِيقَتَيْنِ وَأُخْتَيْنِ مِنْ أُمٍّ، وَتُسَمَّى الغَرَّاءَ وَالمَرْوَانِيَّةَ، وَ (إِلَى عَشَرَةٍ) كَزَوْجٍ وَأُمٍّ وَأُخْتَيْنِ شَقِيقَتَيْنِ وَأَخَوَيْنِ مِنْ أُمٍّ، وَتُسَمَّى أُمَّ الفُرُوخِ، وَلَا تَعُولُ إِلَى أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ فِيهَا اجْتِمَاعُ أَكْثَرَ مِنْ هَذِهِ الفُرُوضِ، بَلْ

تَعُولُ (شَفْعًا وَوِتَرًا) حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَيْهَا، وَإِذَا عَالَتْ إِلَى ثَمَانِيَةٍ أَوْ تِسْعَةٍ أَوْ عَشَرَةٍ لَمْ يَكُنِ المَيِّتُ فِيهَا إِلَّا امْرَأَةً؛ إِذْ لَا بُدَّ فِيهِا مِنْ زَوْجٍ، وَأَمَّا السَّبْعَةُ فَلَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي نَحْوِ جَدَّةٍ وَأَخَوَيْنِ مِنْ أُمِّ وَأُخْتَيْنِ لِغَيْرِهَا. (وَرُبُعٌ مَعَ ثُلُثَيْنِ) كَزَوْجَةٍ وَشَقِيقَتَيْنِ وَعَمٍّ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ لِتَبَايُنِ المَخْرَجَيْنِ، (أَوْ) رُبُعٌ مَعَ (ثُلُثٍ) كَزَوْجَةٍ وَأُمٍّ وَعَمٍّ كَذَلِكَ، (أَوْ) رُبُعٌ مَعَ (سُدُسٍ) كَزَوْجَةٍ وَأَخٍ لِأُمٍّ وَعَمٍّ: (مِنِ اِثْنَيْ عَشَرَ)؛ لِتَوَافُقِ المَخْرَجَيْنِ بِالنِّصْفِ وَحَاصِلِ ضَرْبِهِ فِي كَامِلِ الآخِرِ، (وَتَعُولُ) الاثْنَا عَشَرَ (إِلَى سَبْعَةَ عَشَرَ وِتْرًا) لَا شَفْعًا، فَتَعُولُ إِلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ إِذَا كَانَ مَعَ الرُّبُعِ ثُلُثَانِ وَسُدُسٌ، أَوْ نِصْفٌ وَثُلُثٌ؛ كَزَوْجَةٍ وَأُمٍّ وَأُخْتَيْنِ لِغَيْرِهَا، وَكَزَوْجَةٍ وَوَلَدَيْ أُمٍّ وَأُخْتٍ لِغَيْرِهَا، وَإِلَى خَمْسَةَ عَشَرَ إِذَا كَانَ مَعَ الرُّبُعِ ثُلُثَانِ وَثُلُثٌ أَوْ ثُلُثَانِ وَسُدُسَانِ كَزَوْجَةٍ وَوَلَدَيْ أُمٍّ وَأُخْتَيْنِ لِغَيْرِهَا، وَكَزَوْجٍ وَأَبَوَيْنِ وَبِنْتَيْنِ، وَإِلَى سَبْعَةَ عَشَرَ إِذَا كَانَ مَعَ الرُّبُعِ ثُلُثَانِ وَثُلُثٌ وَسُدُسٌ كَثَلَاثِ زَوْجَاتٍ وَجَدَّتَيْنِ وَأَرْبَعِ أَخَوَاتٍ لِأُمٍّ وَثَمَانِ أَخَوَاتٍ لِغَيْرِهَا، وَتُسَمَّى أُمَّ الأَرَامِلِ. (وَثُمُنٌ مَعَ سُدُسٍ) كَزَوْجَةٍ وَجَدَّةٍ وَابْنٍ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ؛ لِأَنَّ السُّدُسَ مِنْ سِتَّةٍ، وَالثُّمُنَ مِنْ ثَمَانِيَةٍ، وَمُوَافَقَتُهُمَا بِالنِّصْفِ، وَضَرْبُهُ فِي كَامِلِ الآخِرِ مَا ذُكِرَ. (أَوْ) ثُمُنٌ مَعَ (ثُلُثَيْنِ) كَزَوْجَةٍ وَبِنْتَيْنِ وَأَخٍ لِغَيْرِ أُمٍّ؛ لِتَبَايُنِ المَخْرَجَيْنِ، وَحَاصِلُ ضَرْبِ أَحَدِهِمَا فِي الآخَرِ مَا ذُكِرَ، (أَوْ) ثُمُنٌ مَعَـ (هُمَا) أَيِ السُّدُسِ وَالثُّلُثَيْنِ؛ كَزَوْجَةٍ وَبِنْتَيْنِ وَأُمٍّ وَعَمٍّ: (مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ) لِتَوَافُقِ مَخْرَجِ السُّدُسِ وَالثُّمُنِ بِالنِّصْفِ مَعَ دُخُولِ مَخْرَجِ الثُّلُثَيْنِ فِي مَخْرَجِ السُّدُسِ، وَلَا يَجْتَمِعُ الثُّلُثُ مَعَ الثُّمُنِ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إِلَّا لِزَوْجَةٍ مَعَ فَرْعٍ وَارِثٍ، وَلَا يَكُونُ الثُّلُثُ فِي مَسْأَلَةٍ فِيهَا فَرْعٌ وَارِثٌ، وَتَصِحُّ بِلَا عَوْلٍ كَزَوْجَةٍ وَبِنْتَيْنِ وَأُمٍّ وَاثْنَيْ عَشَرَ أَخًا وَأُخْتًا أَشِقَّاءَ أَوْ

(فصل في ذوي الأرحام)

لِأَبٍ، وَتُسَمَّى الدِّينَارِيَّةَ الكُبْرَى، (وَتَعُولُ مَرَّةً وَاحِدَةً إِلَى سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ) فَقَطْ، كَزَوْجَةٍ وَبِنْتَيْنِ، أَوْ بِنْتَيِ ابْنٍ فَأَكْثَرَ، وَأَبَوَيْنِ، أَوْ جَدٍّ وَجَدَّةٍ، وَتُسَمَّى بِالبَخِيلَةِ وَالمِنْبَرِيَّةِ. (وَإِنْ) لَمْ تَسْتَوْعِبِ الفُرُوضُ التَّرِكَةَ؛ بَلْ (فَضَلَ عَنِ الفَرْضِ شَيْءٌ وَلَا عَصَبَةَ) مَعَهُمْ: (رُدَّ) البِاقِي عَنِ الفُرُوضِ (عَلَى كُلٍّ) أَيْ كُلِّ ذَيِ فَرْضٍ مِنَ الوَرَثَةِ (بِقَدْرِ فَرْضِهِ) مُطْلَقًا؛ أَيْ سَوَاءٌ كَانُوا مِنْ جِنْسٍ أَوْ أَجْنَاسٍ، (مَا عَدَا الزَّوْجَيْنِ)، فَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِمِا؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ ذَوِى القَرَابَةِ. (وَإِذَا كَانَتِ التَّرِكَةُ مَعْلُومَةً، وَأَمْكَنَ نِسْبَةُ سَهْمِ كُلِّ وَارِثٍ مِنَ المَسْأَلَةِ) بِجُزْءٍ: (فَلَهُ) أَيِ الوَارِثِ (مِنَ التَّرِكَةِ مِثْلُ نِسْبَتِهِ) أَيْ نِسْبَةِ سَهْمِهِ إِلَيْهَا، فَلَوْ مَاتَتِ امْرَأَةٌ عَنْ مِئَةٍ وَعِشْرِينَ دِينَارًا، وَخَلَّفَتْ زَوْجًا وَأَبَوَيْنِ وَابْنَتَيْنِ؛ عَالَتْ مَسْأَلَتُهَا لِخَمْسَةَ عَشْرَ، لِلزَّوْجِ مِنْهَا ثَلَاثَةٌ، وَنِسْبَتُهَا إِلَيْهَا خُمُسٌ، فَلَهُ خُمْسُ التَّرِكَةِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ دِينَارًا، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الأَبَوَيْنِ اثْنَانِ، وَهُمَا ثُلُثَا خُمْسِهَا، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثُلُثَا خُمْسِ التَّرِكَةِ سِتَّةَ عَشَرَ، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنَ البِنْتَيْنِ أَرْبَعَةٌ، وَهِيَ خُمُسُ المَسْأَلَةِ وَثُلُثُ خُمْسِهَا، فَلَهَا كَذَلِكَ مِنَ التَّرِكَةِ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ. (وَإِنْ شِئْتَ ضَرَبْتَ سِهَامَهُ) أَيْ سِهَامَ كُلِّ وَارِثٍ مِنَ المَسْأَلَةِ (فِي التَّرِكَةِ، وَقَسَمْتَ الحَاصِلَ) مِنَ الضَّرْبِ (عَلَى المَسْأَلَةِ، فَمَا خَرَجَ فَـ) هُوَ (نصِيبُهُ). (وَإِنْ شِئْتَ قَسَمْتَهُ عَلَى غَيْرِ ذَلِك مِنَ الطُّرُقِ) المَذْكُورَةِ فِي المَطَوَّلَاتِ. (فَصْلٌ فِي ذَوِي الأَرْحَامِ) (وَهُمْ): كُلُّ قَرَابَةٍ لَيْسَ بِذَوِي فَرْضٍ وَلَا عَصَبَةٍ، وَأَصْنَافُهُمْ (أَحَدَ عَشَرَ

(فصل) في ميراث الحمل، والقاتل، والمبعض

صِنْفًا): أَحَدُهَا: (وَلَدُ البَنَاتِ لِصُلْبٍ أَوْ) وَلَدُ البَنَاتِ (لِابْنٍ، وَ) الثَّانِي: (وَلَدُ الأَخَوَاتِ) لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ، (وَ) الثَّالِثُ: (بَنَاتُ الأُخْوَةِ) كَذَلِكَ، (وَ) الرَّابِعُ: (بَنَاتُ الأَعْمَامِ) لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ، (وَ) الخَامِسُ: (وَلَدُ وَلَدِ الأُمِّ) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، (وَ) السَّادِسُ: (الْعَمُّ لِأُمٍّ) سَوَاءٌ كَانَ عَمَّ المَيِّتِ أَوْ عَمَّ أَبِيهِ وَإِنْ عَلَا، وَالسَّابِعُ: العَمَّاتُ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ، وَسَوَاءٌ عَمَّاتُ الأَبِ أَوْ عَمَّاتُ الجَدِّ، (وَ) الثَّامِنُ: (الْأَخْوَالُ وَالْخَالَاتُ) لِلْمَيِّتِ أَوْ لِأَبَوَيْهِ أَوْ أَجْدَادِهِ أَوْ جَدَّاتِهِ، (وَ) التَّاسِعُ: (أَبُو الأُمِّ) وَأَبُوهُ وَإِنْ عَلَا، (وَ) العَاشِرُ: (كُلُّ جَدَّةٍ أَدْلَتْ بِأَبٍ بَيْنَ أُمَّيْنِ) هِيَ إِحْدَاهُمَا كَأُمِّ أَبِي أُمٍّ، (أَوْ) أَدْلَتْ بِـ (أَبٍ أَعَلَى مِنَ الجَدِّ) كَأُمِّ أَبِي الجَدِّ وَإِنْ عَلَا، (وَ) الحَادِي عَشَرَ: (مَنْ أَدْلَى بِهِمْ) أَيْ بِوَاحِدٍ مِنْ أَصْنَافِهِمْ؛ كَعَمَّةِ العَمِّ أَوِ العَمَّةِ، وَخَالَةِ الخَالِ أَوِ العَمَّةِ، وَأَخِي أَبِي الأُمِّ وَخَالِهِ وَنَحْوِهِمْ. (وَإِنَّمَا يَرِثُونَ إِذَا لَمْ يَكُنْ) أَيْ لَمْ يُوجَدْ (صَاحِبُ فَرْضٍ وَلَا عَصَبَةٌ بِتَنْزِيلِهِمْ مَنْزِلَةَ مَنْ أَدْلَوْا بِهِ، وَذَكَرُهُمْ كَأُنْثَاهُمْ) لِأَنَّهُمْ يَرِثُونَ بِالرَّحِمِ المُجَرَّدَةِ، فَاسْتَوَى ذَكَرُهُمْ وَأُنْثَاهُمْ كَوَلَدِ الأُمِّ. (وَلِزَوْجٍ أَوْ زَوْجَةٍ مَعَهُمْ) أَيْ مَعَ ذِي رَحِمٍ (فَرْضُهُ) بِالزَّوْجِيَّةِ (بِلَا حَجْبٍ) لِأَحَدِهِمَا إِلَى نِصْفِ نَصِيبِهِ، (وَلَا عَوْلٍ)؛ لِأَنَّ ذَا الرَّحِمِ لَا يَرِثُ مَعَ ذِي الفَرْضِ، وَإِنَّمَا وَرِثَ مَعَ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِكَوْنِهِ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ، فَيَأْخُذُ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ لِكَوْنِهِ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ فَرْضُهُ تَامًّا، (وَالْبَاقِي) بَعْدَهُ (لَهُمْ) أَيْ بَيْنَ ذَوِي الأَرْحَامِ. (فَصْلٌ) فِي مِيرَاثِ الحَمْلِ، وَالقَاتِلِ، وَالمُبَعَّضِ (وَالْحَمْلُ يَرِثُ) وَيَثْبُتُ لَهُ المُلْكُ بِمُجَرَّدِ مَوْتِ مُورِثٍ، كَذَا فِي «الإِقْنَاعِ»،

(وَيُورَثُ) أَيْضًا (إِنْ) وَضَعَتْهُ حَيًّا وَ (اسْتَهَلَّ صَارِخًا) أَوْ عَطَسَ أَوْ بَكَى، (أَوْ وُجِدَ) مِنْهُ (دَلِيلُ حَيَاتِهِ) كَحَرَكَةٍ طَوِيلَةٍ وَسُعَالٍ، (سِوَى حَرَكَةٍ أَوْ تَنَفُّسٍ يَسِيرَيْنِ أَوْ اِخْتِلَاجٍ)؛ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهَا كَحَرَكَةِ المَذْبُوحِ. (وَإِنْ طَلَبَ الوَرَثَةُ) أَوْ بَعْضُهُمُ (القِسْمَةَ) لِتَرِكَةِ المَيِّتِ، وَفِيهِمْ حَمْلٌ وَارِثٌ: قُسِمَتْ وَلَمْ يُجْبَرُوا عَلَى الصَّبْرِ، وَ (وُقِفَ لَهُ) أَيْ لِلْحَمْلِ (الأَكْثَرُ مِنْ إِرْثِ ذَكَرَيْنِ أَوْ أُنْثَيَيْنِ)؛ لِأَنَّ وَضْعَهُمَا كَثِيرٌ مُعْتَادٌ، وَمَا زَادَ عَلَيْهِمَا نَادِرٌ. (وَيُدْفَعُ لِمَنْ لَا يَحْجُبُهُ) كَالجَدَّةِ (إِرْثُهُ كَامِلًا، وَ) يُدْفَعَ (لِمَنْ) لَا يُحْجَبُ بِهِ حِرْمَانًا بَلْ (يَنْقُصُهُ) أَيْ يَنْقُصُ إِرْثُهُ بِالحَمْلِ (اليَقِينُ). (فَإِذَا وُلِدَ) الحَمْلُ: (أَخَذَ نَصِيبَهُ) مِنَ المَوْقُوفِ، (وَرَدَّ مَا بَقِيَ) لِمُسْتَحَقِّهِ، (وَإِنْ أَعْوَزَ شَيْئًا) بِأَنْ وُقِفَ لَهُ نَصِيبُ ذَكَرَيْنِ، فَوُلِدَ ثَلَاثَةُ ذُكُورٍ: (رَجَعَ) عَلَى مَنْ هُوَ بِيَدِهِ. (وَمَنْ قَتَلَ مُورِثَهُ) بِلَا حَقٍّ (وَلَوْ) كَانَ (بِمُشَارَكَةٍ) فِي قَتْلِهِ، (أَوْ سَبَبٍ) كَوَضْعِ حَجَرٍ تَعَدِّيًا، أَوْ رَشِّ مَاءٍ، أَوْ إِخْرَاجِ جَنَاحٍ بِطَرِيقِ وَنَحْوِ ذَلِكَ: (لَمْ يَرِثْهُ إِنْ لَزِمَهُ) أَيِ القَاتِلُ (قَوَدٌ) فِي عَمْدٍ، (أَوْ) لَزِمَهُ (دِيَةٌ، أَوْ كَفَّارَةٌ) فِي خَطَإٍ وَشِبْهِ عَمْدٍ. (وَلَا يَرِثُ رَقِيقٌ) غَيْرَهُ مِنْ حَيْثُ هُوَ، (وَلَا يُورَثُ). (وَيَرِثُ مُبَعَّضٌ) أَيْ مَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ، (وَيُوْرَثُ، وَيَحْجُبُ: بِقَدْرِ حُرِّيَّتِهِ).

(كتاب العتق)

(كِتَابُ العِتْقِ) العِتْقُ: تَحْرِيرُ الرَّقَبَةِ وَتَخْلِيصُهَا مِنَ الرِّقِّ، وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ القُرَبِ؛ لِأَنَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - جَعَلَهُ كَفَّارَةَ القَتْلِ وَغَيْرِهِ، وَجَعَلَهُ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَكَاكًا لِمُعْتِقِهِ مِنَ النَّارِ. (يَسُنُّ عِتْقُ مَنْ لَهُ كَسْبٌ) لِانْتِفَاعِهِ بِمَلَكَةِ كَسْبِهِ بِهِ، (وَيُكْرَهُ) العِتْقُ (لِمَنْ لَا قُوَّةَ لَهُ، وَلَا كَسْبَ). (وَلَا تَصِحُّ الوَصِيَّةُ بِهِ) أَيْ بِالعِتْقِ؛ (بَلْ تَعْلِيقُهُ) أَيِ العِتْقِ (بِالْمَوْتِ، وَهُوَ التَّدْبِيرُ)؛ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ لَا يَبْطُلُ بِإِبْطَالٍ وَلَا رُجُوعٍ، وَلَيْسَ بِوَصِيَّةٍ، (وَيُعْتَبَرُ) لِعِتْقِهِ كَوْنُهُ مِمَّنْ تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ، وَخُرُوجُهُ (مِنَ الثُّلُثِ)؛ سَوَاءٌ كَانَ التَّعْلِيقُ فِي الصِّحَّةِ أَوِ المَرَضِ. (وَتُسَنُّ كِتَابَةُ مَنْ عَلِمَ فِيهِ خَيْرًا، وَ) الخَيْرُ: (هُوَ الكَسْبُ وَالْأَمَانَةُ، وَتُكْرَهُ) الكِتَابَةُ (لِمَنْ لَا كَسْبَ لَهُ) كَالعِتْقِ؛ لِئَلَّا يَصِيرَ كَلًّا عَلَى النَّاسِ، وَيْحَتَاجَ إِلَى المَسْأَلَةِ. (وَيَجُوزُ بَيْعُ المُكَاتَبِ) لِأَنَّهُ قِنٌّ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ، (وَمُشْتَرِيهِ) أَيِ مُشْتَرِي المُكَاتَبِ (يَقُومُ مَقَامِ مُكَاتِبِهِ، فَإِنْ أَدَّى) المُكَاتَبُ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ لِلْمُشْتَرِي: (عَتَقَ، وَوَلَاؤُهُ لِمُنْتَقِلٍ إِلَيْهِ) وَهُوَ المُشْتَرِي. (وَأُمُّ الوَلَدِ تَعْتِقُ بِمَوْتِ سَيِّدِهَا مِنْ كُلِّ مَالِهِ)؛ لِأَنَّ الاسْتِيلَادَ إِتْلَافٌ حَصَلَ بِسَبَبِ حَاجَةٍ أَصْلِيَّةٍ وَهِيَ الوَطْءُ، فَكَانَ مِنْ كُلِّ المَالِ.

(وَ) أُمُّ الوَلَدِ (هِيَ: مَنْ وَلَدْتَ مَا فِيهِ صُورَةٌ وَلَوْ خَفِيَّةً مِنْ مَالِكٍ وَلَوْ) كَانَ مَالِكًا (بَعْضَهَا أَوْ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ) كَأُخْتِهِ مِنْ رَضَاعٍ وَلِمَجُوسِيَّةٍ، (أَوْ) وَلَدَتْ (مِنْ أَبِيهِ) أَيْ أَبِي مَالِكِهَا، (إِنْ لَمْ يَكُنْ وَطِئَهَا الِابْنُ). (وَأَحْكَامُهَا) أَيْ أُمِّ الوَلَدِ (كَـ) أَحْكَامِ (أَمَةٍ) فِي إِجَازَةٍ وَاسْتِخْدَامٍ وَوَطْءٍ وَسَائِرِ أُمُورِهَا (إِلَّا فِيمَا يَنْقُلُ المِلْكَ فِي رَقَبَتِهَا) كَبَيْعٍ وَهِبَةٍ وَوَقْفٍ وَوَصِيَّةٍ، (أَوْ يُرَادُ لَهُ) أَيْ لِنَقْلِ المِلْكِ؛ كَرَهْنٍ، فَلَا يَصِحُّ رَهْنُهَا؛ لِأَنَّ القَصْدَ مِنْهُ البَيْعُ فِي الدَّيْنِ، وَلَا سَبِيلَ إلَيْهِ. (وَمَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً) عَبْدًا أَوْ أَمَةً، (أَوْ عَتَقَتْ) أَيِ الرَّقَبَةُ (عَلَيْهِ: فَلَهُ) المُعْتِقِ (عَلَيْهَا الوَلَاءُ، وَهُوَ) أَيِ الوَلَاءُ (أَنَّهُ) أَيِ المُعْتِقَ (يَصِيرُ عَصَبَةً) ثَانِيَةً (لَهَا) أَيِ الرَّقَبَةِ المُعْتَقَةِ مِنْ قَبْلِهِ (مُطْلَقًا عِنْدَ عَدَمِ عَصَبَةِ) المُعْتَقِ مِنَ (النَّسَبِ) مِنْ إِرْثٍ وَوِلَايَةِ نِكَاحٍ وَغَيْرِهِمَا.

(كتاب النكاح)

(كِتَابُ النِّكَاحِ) (يُسَنُّ) النِّكَاحُ (مَعَ شَهْوَةٍ لِمَنْ) أَيْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ (لَمْ يَخَفِ الزِّنَا) وَلَوْ فَقِيرًا عَاجِزًا عَنِ الإِنْفَاقِ. (وَيَجِبُ) النِّكَاحُ (عَلَى مَنْ) أَيْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ (يَخَافُهُ) أَيِ الزِّنَى عِلْمًا أَوْ ظَنًّا؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ إِعْفَافُ نَفْسِهِ، وَصَرْفُهَا عَنِ الحَرَامِ. (وَيَسُنُّ نِكَاحُ وَاحِدَةٍ حَسِيبَةٍ)؛ لِنَجَابَةِ وَلَدِهَا؛ فَإِنَّهُ رُبَّمَا أَشْبَهَ أَهْلَهَا وَنَزَعَ إلَيْهِمْ؛ أَيْ أَتَى عَلَى صِفَتِهِمْ، (دَيِّنَةٍ) أَيْ ذَاتِ دِينٍ (أَجْنَبِيَّةٍ)؛ لِأَنَّ وَلَدَهَا أَنْجَبُ، وَأَيْضًا لَا يَأْمَنُ مِنَ الفُرَاقِ، فَيُفْضِي إِلَى قَطِيعَةِ الرَّحِمِ مَعَ القَرَابَةِ، (بِكْرٍ)؛ إِلَّا أَنْ تَكُونَ مَصْلَحَتُهُ فِي نِكَاحِ الثَّيِّبِ أَرْجَحَ، (وَلُودٍ)، وَتُعْرَفُ الوَلُودُ بِكَوْنِهَا مِنْ نِسَاءٍ يُعْرَفْنَ بِكَثْرَةِ الأَوْلَادِ. (وَلِمُرِيدِ خِطْبَةِ اِمْرَأَةٍ - مَعَ) غَلَبَةِ (ظَنِّ إِجَابَةٍ -: نَظَرٌ إِلَى مَا يَظْهَرُ مِنْهَا غَالِبًا) كَوَجْهِ وَرَقَبَةٍ وَيَدٍ وَقَدَمٍ، وَيُكَرِّرُهُ، وَيَتَأَمَّلُ المَحَاسِنَ مِنْ غَيْرِ إِذْنٍ، (بِلَا خَلْوَةٍ إِنْ أَمِنَ الشَّهْوَةَ) أَيْ ثَوَرَانَهَا، وَكَذَا هِيَ إِنْ عَزَمَتْ عَلَى نِكَاحِهِ؛ لِأَنَّهُ يُعْجِبُهَا مِنْهُ مَا يُعْجِبُهُ مِنْهَا. (وَ) يُبَاحُ (لَهُ) أَيِ الرَّجُلِ (نَظَرُ ذَلِكَ) أَيْ مَا يَظْهَرُ غَالِبًا (وَ) نَظَرُ (رَأْسٍ وَسَاقٍ) أَيْضًا (مِنْ ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ)، وَهُنَّ مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ أَبَدًا بِنَسَبٍ أَوْ سَبَبٍ مُبَاحٍ لِحُرْمَتِهَا، (وَ) يُبَاحُ لِرَجُلٍ نَظَرُ وَجْهٍ وَرَقَبَةٍ وَيَدٍ وَقَدَمٍ وَرَأْسٍ وَسَاقٍ (مِنْ أَمَةٍ) مُسْتَامَةٍ؛ أَيْ مُعَرَّضَةٍ لِلْبَيْعِ يُرِيدُ شِرَاءَهَا.

(فصل) في أركان النكاح وشروطه

(وَحَرُمَ تَصْرِيحٌ) - وَهُوَ مَا لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَ النِّكَاحَ، لَا تَعْرِيضٌ - (بِخِطْبَةِ مُعْتَدَّةٍ) بِائِنٍ؛ كَقَوْلِهِ: «أُرِيدُ أَنْ أَتَزَوَّجَكِ» وَنَحْوَهُ، وَهَذَا (عَلَى غَيْرِ زَوْجٍ تَحِلُّ لَهُ) كَالمَخْلُوعَةِ وَالمُطَلَّقَةِ دُونَ ثَلَاثٍ عَلَى عِوَضٍ؛ لِأَنَّهُ يُبَاحُ لَهُ نِكَاحُهَا فِي عِدَّتِهَا. (وَ) يَحْرُمُ (تَعْرِيضٌ) - وَهُوَ مَا يُفْهَمُ مِنْهُ النِّكَاحُ مَعَ احْتِمَال غَيْرِهِ - (بِخِطْبَةِ رَجْعِيَّةٍ) لِأَنَّها فِي حُكْمِ الزَّوْجَاتِ. (وَ) حَرُمَ (خِطْبَةٌ عَلَى خِطْبَةِ مُسْلِمٍ) إِنْ (أُجِيبَ). (وَسُنَّ عَقْدُهُ) أَيِ النِّكَاحِ (يَوْمَ الجُمُعَةِ مَسَاءً) لِأَنَّ فِيهِ سَاعَةَ إِجَابَةٍ (بَعْدَ خُطْبَةِ اِبْنِ مَسْعُودٍ)، وَهِيَ مَا رَوَاهُ، قَالَ: عَلَّمَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّشَهُّدَ فِي الصَّلَاةِ وَالتَّشَهُّدَ فِي الحَاجَةِ: إنَّ الحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَتُوبُ إلَيْهِ، وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يَضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، قَالَ: وَيَقْرَأُ ثَلَاثَ آيَاتٍ»، فَفَسَّرَهَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}، {اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}، {اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} - الآيَةَ -. (فَصْلٌ) فِي أَرْكَانِ النِّكَاحِ وَشُرُوطِهِ وَ (أَرْكَانُهُ) أَيْ أَجْزَاؤُهُ الَّتِي لَا يَتِمُّ إِلَّا بِهَا: ثَلَاثَةٌ: أَحَدُهَا: (الزَّوْجَانِ الخَالِيَانِ عَنِ المَوَانِعِ) كَالعِدَّةِ. (وَ) الثَّانِي: (إِيجَابٌ) أَيِ اللَّفْظُ الصَّادِرُ مِنَ الوَلِيِّ، أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ

(بِلَفْظِ: «أَنَكَحْتُ» أَوْ «زَوَّجْتُ»). (وَ) الثَّالِثُ: (قَبُولٌ بِلَفْظِ: «قَبِلْتُ») فَقَطْ، (أَوْ «رَضِيتُ» فَقَطْ أَوْ) قَبِلْتُ وَرَضِيتُ (مَعَ) قَوْلِهِ: («هَذَا النِّكَاحَ»، أَوْ: «تَزَوَّجْتُهَا»). (وَمَنْ جَهِلَهُمَا) بِالعَرَبِيَّةِ: (لَمْ يَلْزَمْهُ تَعَلُّمٌ، وَكَفَاهُ مَعْنَاهُمَا الخَاصُّ بِكُلِّ لِسَانٍ). (وَشُرُوطُهُ) أَيْ شُرُوطُ صِحَّةِ النِّكَاحِ (أَرْبَعَةٌ): أَحَدُهَا: (تَعْيِينُ الزَّوْجَيْنِ) فِي العَقْدِ، فَلَا يَصِحُّ: «زَوَّجْتُكَ بِنْتِي» وَلَهُ غَيْرُهَا، وَلَا: «قَبِلْتُ نِكَاحَهَا لِابْنِي» وَلَهُ غَيْرُهُ، حَتَّى يُمَيَّزَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِاسْمِهِ أَوْ صِفَةٍ لَا يُشَارِكُ فِيهَا غَيْرَهُ. (وَ) الثَّانِي: (رِضَاهُمَا) أَيِ الزَّوْجَيْنِ، أَوْ رِضَا مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُمَا، فَإِنْ لَمْ يَرْضَيَا أَوْ أَحَدُهُمَا لَمْ يَصِحَّ، (لَكِنْ لِأَبٍ وَوَصِيِّهِ فِي نِكَاحٍ تَزْوِيجُ صَغِيرٍ وَبَالِغٍ مَعْتُوهٍ وَمَجْنُونَةٍ، وَثَيِّبٍ لَهَا دُونَ تِسْعٍ) مِنَ السِّنِينَ، (وَبِكْرٍ مُطْلَقًا) بِلَا إِذْنٍ فِي الكُلِّ؛ (كَسَيِّدٍ مَعَ إِمَائِهِ)، فَيُزَوِّجُهُنَّ بِلَا إِذْنِهِنَّ لِمِلْكِهِ مَنَافِعَ بُضْعِهِنَّ، (وَ) كَسَيِّدٍ مَعَ (عَبْدِهِ الصَّغِيرِ)، فَيُزَوِّجُهُمْ بِلَا إِذْنِهِمْ، (فَلَا يُزَوِّجُ بَاقِي الأَوْلِيَاءِ) كَالجَدِّ وَالابْنِ وَالأَخِ وَنَحْوِهِمْ (صَغِيرَةً) دُونَ تِسْعٍ (بِحَالٍ) أَذِنَتْ أَمْ لَا، بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا، (وَلَا) يُزَوِّجُ بِاقِيَ الأَوْلِيَاءِ (بِنتَ تسعٍ) مِنَ السِّنِينَ (إِلَّا بِإِذْنِهَا)؛ لِأَنَّ إِذْنَهَا مُعْتَبَرٌ، (وَهُوَ) أَيِ الإِذْنُ فِي التَّزْوِيجِ: (صُمَاتُ بِكْرٍ، وَنُطْقُ ثَيِّبٍ). (وَ) الثَّالِثُ: (الْوَلِيُّ، وَشُرُوطُهُ) سِتَّةٌ: أَحَدُهَا: (تَكْلِيفٌ)؛ لِأَنَّ غَيْرَ المُكَلَّفِ يَحْتَاجُ لِمَنْ يَنْظُرُ لَهُ، فَلَا يَنْظُرُ لِغَيْرِهِ.

(وَ) الثَّانِي وَالثَّالِثُ: (ذُكُورَةٌ، وَحُرِّيَّةٌ)؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنَ المَرْأَةِ وَالرَّقِيقِ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ، فَغَيْرُهُ أَوْلَى. (وَ) الرَّابِعُ: (رُشْدٌ)، وَالرُّشْدُ - هُنَا -: هُوْ مَعْرِفَةُ كُفْءِ وَمَصَالِحِ نِكَاحٍ، بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فِي الحَجْرِ مِنْ أَنَّهُ حِفْظُ المَالِ؛ فَإِنَّ رُشْدَ كُلِّ مَقَامٍ بِحَسَبِهِ. (وَ) الخَامِسُ: (اتِّفَاقُ دِينٍ)، فَلَا وِلَايَةَ لِكَافِرٍ عَلَى مُسْلِمَةٍ، وَلَا نَصْرَانِيٍّ عَلَى مَجُوسِيَّةٍ، وَنَحْوِ ذَلِكَ. (وَ) السَّادِسُ: (عَدَالَةٌ وَلَوْ ظَاهِرًا)؛ لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ نَظَرِيَّةٌ، فَلَا يَسْتَبِدُّ بِهَا الفَاسِقُ، فَيَكْفِي فِيهَا مَسْتُورُ الحَالِ؛ كَوِلَايَةِ المَالِ (إِلَّا فِي سُلْطَانٍ)، فَلَا تُشْتَرَطُ العَدَالَةُ فِي تَزْوِيجِهِ بِالوِلَايَةِ العَامَّةِ لِلْحَاجِةِ، (وَ) إِلَّا فِي (سَيِّدٍ) لِأَمَةٍ، فَلَا تُشْتَرَطُ فِيهِ العَدَالَةُ؛ لِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِي مِلْكِهِ. (وَيُقَدَّمُ) مِنَ الأَوْلِيَاءِ (وُجُوبًا: أَبٌ، ثُمَّ وَصِيُّهُ) أَيِ الأَبِ (فِيهِ) أَيِ النِّكَاحِ، (ثُمَّ جَدٌّ لِأَبٍ وَإِنْ عَلَا) لِقِيَامِهِ مَقَامَ الأَبِ، (ثُمَّ اِبْنٌ وَإِنْ نَزَلَ)، الأَقْرَبُ فَالأَقْرَبُ، (وَهَكَذَا) يُقَدَّمُ الأَقْرَبُ فَالأَقْرَبُ (عَلَى تَرْتِيبِ المِيرَاثِ، ثُمَّ) بَعْدَ عَصَبَةِ نَسَبٍ يُقَدَّمُ (المَوْلَى المُنْعِمُ) بِالعِتْقِ، (ثُمَّ أَقْرَبُ عَصَبَتِهِ نَسَبًا، ثُمَّ) أَقْرَبُ عَصَبَتِهِ (وَلَاءً، ثُمَّ السُّلْطَانُ)، وَهُوَ الإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ. (فَإِنْ عَضَلَ الأَقْرَبُ) بِأَنْ مَنَعَهَا كُفُؤًا رَضِيَتْهُ بِمَا صَحَّ مَهْرًا، (أَوْ لَمْ يَكُنْ) أَيِ الأَقْرَبُ (أَهْلًا) لِكَوْنِهِ طِفْلًا أَوْ فَاسِقًا أَوْ كَافِرًا أَوْ عَبْدًا، (أَوْ كَانَ مُسَافِرًا فَوْقَ مَسَافَةِ قَصْرٍ: زَوَّجَ حُرَّةً) وَلِيٌّ (أَبْعَدُ) أَيْ مَنْ يَلِي الأَقْرَبَ المَذْكُورَ، فَإِنْ عَضَلَ الكُلُّ: زَوَّجَهَا الحَاكِمُ، (وَ) زَوَّجَ (أَمَةً) غَابَ سَيِّدُهَا، أَوْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ بِنَحْوِ أَسْرٍ (حَاكِمٌ)؛ لِأَنَّ لَهُ النَّظَرَ فِي مَالِ الغَائِبِ وَنَحْوِهِ.

(فصل) في المحرمات في النكاح

(وَ) الشَّرْطُ الرَّابِعُ: (شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ) عَلَى النِّكَاحِ احْتِيَاطًا لِلنَّسَبِ، فَلَا يَنْعَقِدُ إِلَّا بِشِهَادَةِ مُسْلِمَيْنِ، (مُكَلَّفَيْنِ) أَيْ بَالِغَيْنِ عَاقِلَيْنِ، (عَدْلَيْنِ وَلَوْ ظَاهِرًا) لِأَنَّ الغَرْضَ إِعْلَانُ النِّكَاحِ، (سَمِيعَيْنِ) وَلَوْ أَنَّهُمَا ضَرِيرَانِ إِذَا تَيَقَّنَا الصَّوْتَ، (نَاطِقَيْنَ)، بِخِلَافِ الوَلِيِّ إِذَا فُهِمَتْ إِشَارَتُهُ؛ لِقِيَامِهَا مَقَامَ النُّطْقِ فِي جَمِيعِ العُقُودِ. (وَالْكَفَاءَةُ شَرْطٌ لِلُزُومِهِ) أَيِ النِّكَاحِ، لَا شَرْطٌ لِصِحَّتِهِ، فَيَصِحُّ مَعَ فَقْدِهَا، وَهِيَ حَقٌّ لِلْمَرْأَةِ وَالأَوْلِيَاءِ كُلِّهِمْ، (فَيَحْرُمُ) عَلَى وَلِيٍّ (تَزْوِيجُهَا بِغَيْرِهِ) أَيْ بِغَيْرِ كُفْءٍ (إِلَّا بِرِضَاهَا). (فَصْلٌ) فِي المُحَرَّمَاتِ فِي النِّكَاحِ (وَيَحْرُمُ أَبَدًا) فِي النِّكَاحِ: (أُمٌّ، وَجَدَّةٌ) لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ (وَإِنْ عَلَتْ). (وَبِنْتٌ) لِصُلْبٍ، (وَبِنْتُ وَلَدٍ) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (وَإِنْ سَفَلَتْ)، وَارِثَاتٍ كُنَّ أَوْ غَيْرَ وَارِثَاتٍ. (وَأُخْتٌ مُطْلَقًا) أَيْ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ؛ شَقِيقَةً كَانَتْ، أَوْ لِأَبٍ، أَوْ لِأُمٍ. (وَبِنْتُهَا) أَيِ الأُخْتِ؛ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ كَانَتْ، (وَبِنْتُ وَلَدِهَا) أَيْ وَلَدِ الأُخْتِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (وَإِنْ سَفَلَتْ). (وَبِنْتُ كُلِّ أَخٍ) شَقِيقٍ، أَوْ لِأَبٍ، أَوْ لِأُمٍّ، (وَبِنْتُهَا) أَيْ بِنْتُ بِنْتِ الأَخِ، (وَبِنْتُ وَلَدِهَا وَإِنْ سَفَلَتْ). (وَعَمَّةٌ وَخَالَةٌ مُطْلَقًا) أَيْ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ وَإِنْ عَلَتَا؛ كَعَمَّةِ الأَبِ وَعَمَّةِ الأُمِّ.

(فصل) في الشروط في النكاح

(وَيَحْرُمُ بِرَضَاعٍ مَا يَحْرُمُ بِنَسَبٍ). (وَيَحْرُمُ بِعَقْدٍ: حَلَائِلُ عَمُودَيْ نَسَبِهِ) أَيْ زَوْجَاتُ آبَائِهِ وَأَبْنَائِهِ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ، وَتَحِلُّ بَنَاتُهُنَّ وَأُمَّهَاتُهُنَّ، (وَ) يَحْرُمُ بِعَقْدٍ (أُمَّهَاتُ زَوْجَتِهِ وَإِنْ عَلَوْنَ). (وَ) يَحْرُمُ (بِدُخُولٍ: رَبِيبَةٌ) أَيْ بِنْتُ الزَّوْجَةِ، (وَبِنْتُهَا وَبِنْتُ وَلَدِهَا) الذَّكَرِ وَالأُنْثَى، (وَإِنْ سَفَلَتْ) مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ. (وَ) يَحْرُمُ (إِلَى أَمَدٍ) أَيْ لِعَارِضٍ يَزُولُ: (أُخْتُ مُعْتَدَّتِهِ) أَيْ إِلَى انْقِضَاءِ العِدَّةِ، (أَوْ) أَيْ وَتَحْرُمُ أُخْتُ (زَوْجَتِهِ) مَا دَامَ مُتَزَوِّجَهَا إِلَى مَوْتِهَا أَوِ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا مِنْهُ، (وَ) تَحْرُمُ إِلَى أَمَدٍ (زَانِيَةٌ) عَلَى زَانٍ وَغَيْرِهِ (حَتَّى تَتُوبَ وَتَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا)، وَتَوْبَتُهَا بِأَنْ تُرَاوَدَ فَتَمْتَنِعَ، (وَ) تَحْرُمُ إِلَى أَمَدٍ عَلَيْهِ (مُطَلَّقَتُهُ ثَلَاثًا حَتَّى يَطَأَهَا زَوْجٌ غَيْرُهُ بِشَرْطِهِ، وَ) تَحْرُمُ (مَسْلِمَةٌ عَلَى كَافِرٍ) حَتَّى يُسْلِمَ، (وَ) تَحْرُمُ (كَافِرَةٌ عَلَى مُسْلِمٍ) وَلَوْ عَبْدًا حَتَّى تُؤْمِنَ؛ (إِلَّا حُرَّةً كِتَابِيَّةً) أَبَوَاهَا كِتَابِيَّانِ، (وَ) حَرُمَ (عَلَى حُرٍّ مُسْلِمٍ أَمَةٌ مُسْلِمَةٌ، مَا لَمْ يَخَفْ عَنَتَ عُزُوبَةٍ لِحَاجَةِ مُتْعَةٍ أَوْ خِدْمَةٍ، وَيَعْجِزُ عَنْ طَوْلِ) أَيْ مَهْرِ (حُرَّةٍ أَوْ) يَعْجِزُ عَنْ (ثَمَنِ أَمَةٍ، وَ) حَرُمَ (عَلَى عَبْدٍ سَيِّدَتُهُ) حَتَّى يَعْتِقَ، (وَ) حَرُمَ (عَلَى سَيِّدٍ أَمَتُهُ)؛ لِأَنَّ مِلْكَ الرَّقَبَةِ يُفِيدُ مِلْكَ المَنْفَعَةِ وَإِبَاحَةَ البُضْعِ، فَلَا يَجْتَمِعُ مَعَهُ عَقْدٌ أَضْعَفُ مِنْهُ، (وَ) حَرُمَ عَلَيْهِ (أَمَةُ وَلَدِهِ) مِنْ نَسَبٍ، (وَ) حَرُمَ (عَلَى حُرَّةٍ قِنُّ وَلَدِهَا). (وَمَنْ حَرُمَ وَطْؤُهَا بِعَقْدٍ) كَالمَجُوسِيَّةِ وَالوَثَنِيَّةِ وَنَحْوِهَا: (حَرُمَ) وَطْؤُهَا (بِمِلْكِ يَمِينٍ؛ إِلَّا أَمَةً كِتَابِيَّةً). (فَصْلٌ) فِي الشُّرُوطِ فِي النِّكَاحِ (وَالشُّرُوطُ فِي النِّكَاحِ نَوْعَانِ):

أَحَدُهُمَا: (صَحِيحٌ) لَازِمٌ لِلزَّوْجِ، فَلَيْسَ لَهُ فَكُّهُ بِدُونِ إِبَانَتِهَا؛ (كَشَرْطِ زِيَادَةٍ فِي مَهْرِهَا) عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا، (فَإِنْ لَمْ يَفِ بِذَلِكَ) الشَّرْطِ (فَلَهَا الفَسْخُ). (وَ) النَّوْعُ الثَّانِي: (فَاسِدٌ)، وَهُوَ نَوْعَانٍ: أَحَدُهُمَا: (يُبْطِلُ العَقْدَ) مِنْ أَصْلِهِ، (وَهُوَ) أَيِ المُبْطِلُ لِلنِّكَاحِ (أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ): أَحَدُهَا: (نِكَاحُ الشِّغَارِ)، وَهُوَ أَنْ يُزَوِّجَهُ وَلِيَّتَهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ الآخَرُ وَلِيَّتَهُ، وَلَا مَهْرَ بَيْنَهُمَا. (وَ) الثَّانِي: نِكَاحُ (الْمُحَلِّلِ)؛ بِأَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِشَرْطِ أَنَّهُ مَتَى أَحَلَّهَا لِلأَوَّلِ طَلَّقَهَا وَلَا نِكَاح بَيْنَهُمَا، أَوِ اتَّفَقَا عَلَيْهِ قَبْلَهُ، أَوْ نَوَى ذَلِكَ وَلَمْ يَرْجِعْ عَنْ نِيَّتِهِ عِنْدَ العَقْدِ. (وَ) الثَّالِثُ: نِكَاحُ (الْمُتْعَةِ)، وَهُوَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا إِلَى مُدَّةٍ، أَوْ بِشَرْطِ طَلَاقِهَا مِنْهُ بِوَقْتٍ، أَوْ يَنْوِيَهُ، أَوْ يَتَزَوَّجَ الغَرِيبُ بِنِيَّةِ طَلَاقِهَا إِذَا خَرَجَ. (وَ) الرَّابِعُ: النِّكَاحُ (الْمُعَلَّقُ عَلَى شَرْطٍ غَيْرَ مَشِيئَةِ اللهِ تَعَالَى)؛ كَـ «زَوَّجْتُكَ إِذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ»، أَوْ «إِنْ رَضِيَتْ أُمُّهَا»، وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَيَبْطُلُ العَقْدُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ. (وَ) النَّوْعُ الثَّانِي مِنَ الفَاسِدِ: (فَاسِدٌ لَا يُبْطِلُهُ) أَيِ النِّكَاحَ، وَيَصِحُّ العَقْدُ مَعَهُ؛ (كَشَرْطِ أَلَّا مَهْرَ) لَهَا، (أَوْ لَا نَفَقَةَ) لَهَا، (أَوْ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَهَا أَكْثَرَ مِنْ ضَرَّتِهَا أَوْ أَقَلَّ) مِنْهَا. (وَإِنْ شَرَطَ) الزَّوْجُ (نَفْيَ عَيْبٍ) عَنِ الزَّوْجَةِ (لَا يُفْسَخُ بِهِ النِّكَاحُ) - كَشَرْطِهَا نَاطِقَةً أَوْ سَمِيعَةً أَوْ بَصِيرَةً وَنَحْوِهِ -، (فَوُجِدَ بِهَا: فَلَهُ الفَسْخُ).

(فصل) في العيوب في النكاح، ونكاح الكفار

(فَصْلٌ) فِي العُيُوبِ فِي النِّكَاحِ، وَنِكَاحِ الكُفَّارِ (وَعَيْبُ نِكَاحٍ: ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ): (نَوْعٌ مُخْتَصٌّ بِالرَّجُلِ؛ كَجَبٍّ) أَيْ كَوْنُهُ مَقْطُوعَ الذَّكَرِ أَوْ بَعْضِهِ وَلَمْ يَبْقَ مَا يُمْكِنُ الجِمَاعُ بِهِ، (وَ) كَـ (عُنَّةٍ) أَيْ لَا يُمْكِنُهُ الوَطْءُ وَلَوْ لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ. (وَنَوْعٌ مُخْتَصٌّ بِالْمَرْأَةِ؛ كَسَدِّ فَرْجٍ وَرَتَقٍ). (وَنَوْعٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالمَرْأَةِ؛ (كَجُنُونٍ وَجُذَامٍ). (فَيُفْسَخُ بِكُلِّ مِنْ ذَلِكَ) أَيِ الأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ (وَلَوْ حَدَثَ) ذَلِكَ (بَعْدَ) عَقْدٍ وَ (دُخُولٍ، لَا بِنَحْوِ عَمًى وَطَرَشٍ وَقَطْعِ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ؛ إِلَّا بِشَرْطٍ). (وَمَنْ ثَبَتَتْ عُنَّتُهُ) بِإِقْرَارٍ أَوْ بَيِّنَةٍ: (أُجِّلَ سَنَةً) هِلَالِيَّةً (مِنْ حِينِ تَرْفَعُهُ إِلَى الحَاكِمِ، فَإِنْ لَمْ يَطَأْ فِيهَا فَلَهَا الفَسْخُ) أَيْ فَسْخُ النِّكَاحِ مِنْهُ. (وَخِيَارُ عَيْبٍ عَلَى التَّرَاخِي، لَكِنْ يَسْقُطُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا)، وَ (لَا) يَسْقُطُ خِيَارُ امْرِأَةِ عِنِّينٍ (فِي عُنَّةٍ إِلَّا بِقَوْلٍ) أَيْ بِقَوْلِهَا. (وَلَا فَسْخَ) أَيْ لَا يَصِحُّ فَسْخُ مَنْ لَهُ الخِيَارُ (إِلَّا بِـ) حُكْمِ (حَاكِمٍ، فَإِنْ فُسِخَ) النِّكَاحُ (قَبْلَ دُخُولٍ) مِنْ قِبَلِهِ أَوْ قِبَلِهَا؛ (فَلَا مَهْرَ) لَهَا، (وَ) إِنْ فُسِخَ عَقْدُ النِّكَاحِ (بَعْدَهُ) أَيِ الدُّخُولِ؛ فَـ (لَهَا) المَهْرُ (المُسَمَّى) فِي العَقْدِ، (يَرْجِعُ بِهِ عَلَى [مُغِرٍّ]) (¬1) مِنْ زَوْجَةٍ عَاقِلَةٍ وَوَلِيٍّ وَوَكِيلٍ. (وَيُقَرُّ الكُفَّارُ عَلَى نِكَاحٍ فَاسِدٍ) وَإِنْ خَالَفَ أَنْكِحَةَ المُسْلِمِينَ؛ (إِنِ اِعْتَقَدُوا صِحَّتَهُ) فِي دِينِهِمْ وَلَمْ يَتَرَافَعُوا إِلَيْنَا. ¬

_ (¬1) حَقُّهَا الصَّرْفِيُّ: «غَارٍّ» أَوْ «مُغَرِّرٍ» أَيْ: مُخَادِعٍ.

(باب الصداق)

(وَإِنْ أَسْلَمَ الزَّوْجَانِ) عَلَى نِكَاحٍ لَمْ نَتَعَرَّضْ لِكَيْفِيَّةِ العَقْدِ مِنْ وُجُودِ صِيغَةٍ وَغَيْرِهَا، (وَ) إِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ؛ فَإِنْ كَانَتِ (الْمَرْأَةُ تُبَاحُ) لِلزَّوْجِ (إِذَنْ)، أَيْ وَقْتَ التَّرَافُعِ أَوِ الإِسْلَامِ - كَعَقْدٍ عَلَى أُخْتِ زَوْجَةٍ مَاتَتْ أَوْ بِلَا شُهُودٍ أَوْ وَلِيٍّ -: (أُقِرَّا) عَلَيْهِ. (بَابُ الصَّدَاقِ) الصَّدَاقُ: عِوَضٌ يُسَمَّى فِي النِّكَاحِ أَوْ بَعْدَهُ. وَ (يُسَنُّ تَسْمِيَتُهُ) أَيِ الصَّدَاقِ (فِي العَقْدِ) لِقَطْعِ النِّزَاعِ، (وَ) يُسَنُّ (تَخْفِيفُهُ). (وَ) لَا يَتَقَدَّرُ الصَّدَاقُ بِشَيْءٍ؛ بَلْ (كُلُّ مَا صَحَّ) أَنْ يَكُونَ (ثَمَنًا أَوْ أُجْرَةً: صَحَّ) أَنْ يَكُونَ (مَهْرًا، فَإِنْ لَمْ يُسَمَّ) فِي عَقْدٍ مَهْرٌ، (أَوْ) سُمِّيَ مَهْرٌ فَاسِدٌ كَخَمْرٍ، أَوْ مَجْهُولٍ كَعَبْدٍ فَـ (بَطَلَتِ التَّسْمِيَةُ: وَجَبَ مَهْرُ مِثْلٍ بِعَقْدٍ)؛ لِأَنَّ فَسَادَ العِوَضِ يَقْتَضِي رَدَّ عِوَضِهِ، وَقَدْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ، فَيَجِبُ رَدُّ قِيمَتِهِ. (وَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ لَهَا وَأَلْفٍ لِأَبِيهَا) أَوِ الكُلِّ لَهُ: (صَحَّ، فَلَوْ طَلَّقَ قَبْلَ دُخُولٍ) وَبَعْد قَبْضٍ: (رَجَعَ بِأَلْفِهَا) عَلَيْهَا فِي الأُولَى، وَبِقَدْرِ نِصْفِ الكُلِّ عَلَيْهَا أَيْضًا فِي الثَّانِيَةِ، (وَلَا شَيْءَ عَلَى الأَبِ لَهُمَا) أَيِ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّا قَدَّرْنَا أَنَّ الجَمِيعَ صَارَ لَهَا ثُمَّ أَخَذَهُ الأَبُ مِنْهَا، فَصَارَ كَأَنَّهَا قَبَضَتْهُ ثُمَّ أَخَذَهُ مِنْهَا. (وَإِنْ شُرِطَ لِغَيْرِ الأَبِ) كَجَدٍّ وَأَخٍ (شَيْءٌ) مِنَ المَهْرِ: (فَالْكُلُّ) أَيْ كُلُّ المُسَمَّى (لَهَا) لِصِحَّةِ التَّسْمِيَةِ، وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ. (وَيَصِحُّ تَأْجِيلُهُ) أَيْ مَهْرٍ، أَوْ تَأَجْيِلُ بَعْضِهِ إِلَى وَقْتٍ مَعْلُومٍ أَوْ أَوْقَاتٍ، (وَإِنْ أُطْلِقَ الأَجَلُ) بِأَنْ لَمْ يُذْكَرْ مَحَلُّهُ: (فَمَحَلُّهُ الفُرْقَةُ) البَائِنَةُ، فَلَا يَحِلُّ مَهْرُ الرَّجْعِيَّةِ

إِلَّا بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، (وَتَمْلِكُهُ) أَيْ وَتَمْلِكُ زَوْجَةٌ حُرَّةٌ جَمِيعَ صَدَاقِهَا المُسَمَّى (بِعَقْدٍ). (وَيَصِحُّ تَفْوِيضُ بُضْعٍ بِأَنْ يُزَوِّجَ أَبٌ اِبْنَتَهُ المُجْبَرَةَ) بِغَيْرِ مَهْرٍ، (أَوْ) بِأَنْ يُزَوِّجَ (وَلِيُّ غَيْرِهَا) أَيْ غَيْرِ المُجْبَرَةِ، يُزَوِّجُهَا وَلِيُّهَا (بِإِذْنِهَا بِلَا مَهْرٍ)، وَيَصِحُّ تَفْوِيضُ مَهْرٍ أَيْضًا بِأَنْ يُجْعَلَ المَهْرُ إلَى رَأْيِ: أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ أَوْ غَيْرِهِمَا؛ كَقَوْلِهِ: «زَوَّجْتُكَ ابْنَتِي أَوْ نَحْوَهَا (عَلَى مَا شَاءَتْ»، أَوْ) عَلَى مَا (شَاءَ فُلَانٌ). (وَيَجِبُ لَهَا بِعَقْدٍ مَهْرُ مِثْلٍ) لِسُقُوطِ التَّسْمِيَةِ بِالجَهَالَةِ، (وَيَسْتَقِرُّ بِدُخُولٍ). (وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا) أَيِ الزَّوْجَيْنِ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ (قَبْلَ دُخُولٍ وَ) قَبْلَ (فَرْضٍ) لِمَهْرٍ: (وَرِثَهُ) الزَّوْجُ (الآخَرُ)؛ لِأَنَّ تَرْكَ التَّسْمِيَةِ لَا يُقَدَّرُ فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ، (وَلَهَا) حِينَئِذٍ (مَهْرُ) مِثْلِهَا مُعْتَبَرًا بِمَنْ يُسَاوِيهَا مِنْ (نِسَائِهَا) أَيْ أَقَارِبِهَا مِنْ جِهَةِ أَبِيهَا وَأُمِّهَا؛ (كَأُمِّهَا، وَعَمَّتِهَا، وَخَالَتِهَا). (وَإِنْ طُلِّقَتْ) مُفَوَّضَةٌ (قَبْلَهُمَا) أَيْ قَبْلَ دُخُولٍ وَفَرْضٍ مَهْرٍ: (لَمْ يَكُنْ لَهَا عَلَيْهِ إِلَّا المُتْعَةُ، وَهِيَ) أَيِ المُتْعَةُ (بِقَدْرِ يُسْرِهِ وَعُسْرِهِ)، فَأَعْلَاهَا خَادِمٌ، وَأَدْنَاهَا كِسْوَةٌ تُجْزِيهَا فِي صَلَاتِهَا. (وَيَجِبُ مَهْرُ مِثْلٍ لِمَنْ وُطِئَتْ) فِي نِكَاحٍ بَاطِلٍ بِالإِجْمَاعِ، أَوْ وُطِئَتْ (بِشُبْهَةٍ، أَوْ) وُطِئَتْ بِـ (زِنًى كَرْهًا)، وَ (لَا) يَجِبُ (أَرْشُ بَكَارَةٍ مَعَهُ) أَيِ المَهْرِ؛ لِدُخُولِهِ فِي مَهْرِ مِثْلِهَا. (وَلَهَا) أَيِ المَرْأَةِ (مَنْعُ نَفْسِهَا) قَبْلَ الدُّخُولِ (حَتَّى تَقْبِضَ مَهْرًا حَالًّا)، وَ (لَا) تَمْنَعُ نَفْسَهَا حَتَّى تَقْبِضَهُ (إِذَا) كَانَ مُؤَجَّلًا وَلَوْ (حَلَّ قَبْلَ تَسْلِيمٍ) أَيْ تَسْلِيمِ نَفْسِهَا؛ لِأَنَّهَا رَضِيَتْ بِتَأَخُّرِهِ، (أَوْ) أَيْ وَلَا تَمْنَعُ نَفْسَهَا إِذَا (تَبَرَّعَتْ بِتَسْلِيمِ

(فصل) في وليمة العرس

نَفْسِهَا) قَبْلَ الطَّلَبِ بِالحَالِ؛ لِرِضَاهَا بِالتَّسْلِيمِ، وَاسْتَقَرَّ المَهْرُ. (وَإِنْ أَعْسَرَ) الزَّوْجُ (بِحَالٍ) وَلَوْ بَعْدَ دُخُولٍ: (فَلَهَا الفَسْخُ بِحَاكِمٍ)؛ لِلاخْتِلَافِ فِيهِ، أَشْبَهَ الفَسْخَ لِلْعُنَّةِ وَالإِعْسَارِ بِالنَّفَقَةِ. (وَيُقَرِّرُ) الصَّدَاقَ (المُسَمَّى كُلَّهُ: مَوْتٌ) لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ، (وَ) يُقَرِّرُهُ كُلَّهُ (قَتْلٌ) أَيْ قَتْلُهُ لِلآخَرِ أَوْ لِنَفْسِهِ؛ لِبُلُوغِ النِّكَاحِ نِهَايَتَهُ، فَقَامَ ذَلِكَ مَقَامَ الاسْتِيفَاءِ فِي تَقْرِيرِ المَهْرِ كَالدُّخُولِ. (وَ) يُقَرِّرُهُ كُلَّهُ (وَطْءٌ) أَيْ وَطْءُ زَوْجٍ لِزَوْجَتِهِ (فِي فَرْجٍ وَلَوْ دُبُرًا، وَ) يُقَرِّرُهُ كُلَّهُ (خَلْوَةٌ) أَيْ خَلْوَةُ زَوْجٍ بِزَوْجَتِهِ (عَنْ مُمَيِّزٍ مِمَّنْ يَطَأُ مِثْلُهُ) كَابْنِ عَشْرٍ وَكَانَتْ يُوطَأُ مْثِلُهَا كَبِنْتِ تِسْعٍ، (مَعَ عِلْمِهِ إِنْ لَمْ تَمْنَعْهُ، وَ) يُقَرِّرُهُ كُلَّهُ (طَلَاقٌ فِي مَرَضِ مَوْتِ أَحَدِهِمَا) أَيِ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَ الدُّخُولِ، (وَ) يُقَرِّرُهُ كُلَّهُ (لَمْسٌ) أَيْ لَمْسُ زَوْجٍ لِزَوْجَتِهِ، (أَوْ نَظَرٌ إِلَى فَرْجِهَا بِشَهْوَةٍ فِيهِمَا) أَيْ فِي صُورَتَيِ اللَّمْسِ وَالنَّظَرِ إِلَى فَرْجِهَا، (وَ) يُقَرِّرُهُ كُلَّهُ (تَقْبِيلُهَا) وَلَوْ بِحَضْرَةِ النَّاسِ. (وَيُنَصِّفُهُ) أَيِ المَهْرَ: (كُلُّ فُرْقَةٍ) جَاءَتْ (مِنْ قِبَلِهِ) أَيِ الزَّوْجِ (قَبْلَ دُخُولٍ) كَطَلَاقِهِ لَهَا، أَوْ خُلْعِهِ إِيَّاهَا. (وَ) كُلُّ فُرْقَةٍ جَاءَتْ (مِنْ قِبَلِهَا) أَيِ الزَّوْجَةِ (قَبْلَهُ) أَيِ الدُّخُولِ: (تُسْقِطُهُ) أَيِ المَهْرَ كُلَّهُ. (فَصْلٌ) فِي وَلِيمَةِ العُرْسِ الوَلِيمَةُ: اسْمٌ لِطَعَامِ عُرْسٍ خَاصَّةً. (وَتُسَنُّ الوَلِيمَةُ لِلْعُرْسِ) فَقَطْ (وَلَوْ بِشَاةٍ فَأَقَلَّ) أَوْ بِشَيْءٍ قَلِيلٍ؛ كَمُدَّيْنِ مِنْ شَعِيرٍ.

(فصل) في عشرة النساء

(وَتَجِبُ الإِجَابَةُ إِلَيْهَا) أَيِ الوَلِيمَةِ (بِشَرْطِهِ)؛ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ، وَلَا ثَمَّةَ مُنْكَرٌ، وَغَيْرِ ذَلِكَ. (وَتُسَنُّ) إِجَابَةٌ (لِكُلِّ دَعْوَةٍ مُبَاحَةٍ) غَيْرَ مَأْتَمٍ. (وَتُكْرَهُ لِمَنْ) أَيْ إِجَابَةِ مَنْ (فِي مَالِهِ حَرَامٌ كَـ) كَرَاهَةِ (أَكْلٍ مِنْهُ وَ) كَرَاهَةِ (مُعَامَلَتِهِ وَ) كَرَاهَةِ (قَبُولِ هَدِيَّتِهِ وَ) كَرَاهَةِ قَبُولِ (هِبَتِهِ). (وَيُسَنُّ) لِمَنْ حَضَرَ طَعَامًا دُعِيَ إِلَيْهِ: (الأَكْلُ) مِنْهُ. (وَإِبَاحَتُهُ) أَيِ الأَكْلِ (تَتَوَقَّفُ عَلَى صَرِيحِ إِذْنٍ أَوْ قَرِينَةٍ مُطْلَقًا) تَدُلُّ عَلَى إِذْنٍ؛ كَتَقْدِيمٍ طَعَامٍ، سَوَاءٌ كَانَ مِنْ بَيْتِ قَرِيبِهِ أَوْ صَدِيقِهِ أَوْ لَا. (وَالصَّائِمُ) صَوْمًا (فَرْضًا يَدْعُو) إِنْ أَحَبَّ وَيَنْصَرِفُ، (وَ) الصَّائِمُ صَوْمًا (نَفْلًا) إِذَا دُعِيَ أَجَابَ، وَ (يُسَنُّ أَكْلُهُ مَعَ جَبْرِ خَاطِرٍ) أَيْ إِنْ حَصَلَ بِالأكْلِ جَبْرُ قَلْبِ أَخِيهِ المُسْلِمِ، وَإِلَّا كَانَ تَمَامُ الصَّوْمِ أَوْلَى. (وَسُنَّ إِعْلَانُ نِكَاحٍ، وَ) سُنَّ (ضَرْبٌ بِدُفٍّ مُبَاحٍ فِيهِ) أَيِ النِّكَاحِ، (وَ) كَذَا (فِي خِتَانٍ وَنَحْوِهِ لِنِسَاءٍ)؛ كَقُدُومِ غَائِبٍ وَوِلَادَةٍ وَإِمْلَاكٍ. (فَصْلٌ) فِي عِشْرَةِ النِّسَاءِ (وَيَلْزَمُ كَلًّا مِنَ الزَّوْجَيْنِ مُعَاشَرَةُ) الزَّوْجِ (الآخَرِ بِالْمَعْرُوفِ) مِنَ الصُّحْبَةِ الجَمِيلَةِ وَكَفِّ الأَذَى، (وَأَلَّا يَمْطُلَهُ بِمَا يَلْزَمُهُ) مَعَ قُدْرَتِهِ، (وَ) يَلْزَمُهُ أَنْ (لَا يَتَكَرَّهُ لِبَذْلِهِ) أَيْ بَذْلِ الوَاجِبِ؛ بَلْ يَبْذُلُ مَا عَلَيْهِ بِبِشْرٍ وَطَلَاقَةِ وَجْهٍ، وَلَا يُتْبِعُهُ أَذًى وَلَا مِنَّةً. (وَيَجِبُ بِـ) تَمَامِ (عَقْدٍ: تَسْلِيمُ) زَوْجَةٍ (حُرَّةٍ) إِنْ كَانَتْ (يُوطَأُ مِثْلُهَا) وَهِي بِنْتُ تِسْعٍ فَأَكْثَرَ (فِي بَيْتِ زَوْجٍ إِنْ طَلَبَهَا) زَوْجُهَا (وَلَمْ تَكُنْ شَرَطَتْ دَارَهَا) فِي

العَقْدِ. (وَمَنِ اِسْتَمْهَلَ) مِنْهُمَا؛ أَيْ طَلَبَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ المُهْلَةَ مِنَ الآخَرِ لِيُصْلِحَ أَمْرَهُ: (أُمْهِلَ اليَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ) طَلَبًا لِلْيُسْرِ وَالسُّهُولَةِ، وَ (لَا) يُمْهَلُ (لِعَمَلِ جَهَازٍ)، فَلَا تَجِبُ لَهُ المَهْمَلَةُ. (وَ) لَا يَجِبُ (تَسْلِيمُ أَمَةٍ) مَعَ الإِطْلَاقِ إِلَّا (لَيْلًا فَقَطْ)؛ لِأَنَّهُ زَمَنُ الاسْتِمْتَاعِ، وَلِلسَّيِّدِ اسْتِخْدَامُهَا نَهَارًا. (وَ) يَجُوزُ (لِزَوْجٍ اسْتِمْتَاعٌ بِزَوْجَةٍ كُلَّ وَقْتٍ مَا لَمْ يَضُرَّهَا) اسْتِمْتَاعُهُ بِهَا، (أَوْ يَشْغَلْهَا عَنْ فَرْضٍ). (وَ) لِلزَّوْجِ (السَّفَرُ بِـ) زَوْجَةٍ (حُرَّةٍ مَا لَمْ تَكُنْ شَرَطَتْ بَلَدَهَا). (وَلَهُ) أَيْ لِلزَّوْجِ (إِجْبَارُهَا) أَيِ الزَّوْجَةِ (عَلَى غُسْلِ حَيْضٍ وَجَنَابَةٍ وَنَجَاسَةٍ، وَأَخْذِ مَا تَعَافُهُ النَّفْسُ مِنْ شَعَرٍ وَغَيْرِهِ). (وَيَلْزَمُهُ) أَيِ الزَّوْجَ (الوَطْءُ) بِطَلَبِ الزَّوْجَةِ (فِي كُلِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ مَرَّةً إِنْ قَدَرَ) عَلَى الوَطْءٍ. (وَ) يَلْزَمُ الزَّوْجَ (مَبِيتٌ) فِي المَضْجَعِ (بِطَلَبٍ عِنْدَ حُرَّةٍ: لَيْلَةً مِنْ كُلِّ أَرْبَعٍ) مِنَ اللَّيَالِي إِنْ لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ، (وَ) عِنْدَ (أَمَةٍ) لَيْلَةً (مِنْ كُلِّ سَبْعٍ) مِنَ اللَّيالِي. (وَإِنْ سَافَرَ) عَنْهَا، وَغَابَ (فَوْقَ نِصْفِ سَنَةٍ وَطَلَبَتْ قُدُومَهُ: رَاسَلَهُ حَاكِمٌ، فَإِنْ أَبَى) أَنْ يَقْدَمَ (بِلَا عُذْرٍ: فَرَّقَ بَيْنَهُمَا) أَيِ الحَاكِمُ (بِطَلَبِهَا) وَلَوْ قَبْلَ الدُّخُولِ، (وَإِنْ) غَابَ غَيْبَةً ظَاهِرُهَا السَّلَامَةُ وَ (لَمْ يُعْلَمْ خَبَرُهُ: فَلَا فَسْخَ لِذَلِكَ بِحَالٍ). (وَحَرُمَ جَمْعُ زَوْجَتَيْهِ بِمَسْكَنٍ وَاحِدٍ مَا لَمْ يَرْضَيَا)، فَإِنْ رَضِيَتَا ذَلِكَ أَوْ بِنَوْمِهِ بَيْنَهُمَا فِي لِحَافٍ وَاحِدٍ: جَازَ.

(وَلَهُ مَنْعُهَا) أَيِ الزَّوْجَةِ (مِنَ الخُرُوجِ) إِلَى مَا لَهَا مِنْهُ بُدٌّ. (وَ) يَجِبُ (عَلَى) زَوْجٍ (غَيْرِ طِفْلٍ: التَّسْوِيَةُ بَيْنَ زَوْجَاتٍ فِي القَسْمِ)، وَ (لَا) تَجِبُ التَّسْوِيَةُ (فِي وَطْءٍ وَكِسْوَةٍ وَنَحْوِهِمَا) كَنَفَقَةٍ وَقُبْلَةٍ وَدَوَاعِي وَطْءٍ (إِذَا قَامَ بِالْوَاجِبِ). (وَعِمَادُهُ) أَيِ القَسْمِ: (اللَّيْلُ) لِمَنْ مَعَاشُهُ النَّهَارُ، وَيَدْخُلُ فِي القَسْمِ تَبَعًا لِلَّيْلِ؛ (إِلَّا فِي حَارِسٍ وَنَحْوِهِ) مِمَّنْ مَعَاشُهُ اللَّيْلُ؛ (فَـ) عِمَادُ قَسْمِهِ: (النَّهَارُ). (وَزَوْجَةٌ أَمَةٌ عَلَى النِّصْفِ مِنْ حُرَّةٍ، وَ) زَوْجَةٌ (مُبَعَّضَةٌ بِالحِسَابِ). (وَإِنْ أَبَتِ) الزَّوْجَةُ (المَبِيتَ مَعَهُ) أَيْ زَوْجِهَا (أَوِ السَّفَرَ) مَعَهُ، (أَوْ سَافَرَتْ فِي حَاجَتِهَا) وَلَوْ بِلَا إِذْنِهِ: (سَقَطَ قَسْمُهَا وَ) سَقَطَتْ (نَفَقَتُهَا). (وَإِنْ تَزَوَّجَ بِكْرًا) وَمَعَهُ غَيْرُهَا: (أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا) ثُمَّ دَارَ، (أَوْ) تَزَوَّجَ (ثَيِّبًا: أَقَامَ) عِنْدَهَا (ثَلَاثًا، ثُمَّ دَارَ). (وَالنُّشُوزُ حَرَامٌ، وَهُوَ: مَعْصِيَتُهَا إِيَّاهُ) أَيْ مَعْصِيَةُ الزَّوْجَةِ زَوْجَهَا (فِيمَا يَجِبُ عَلَيْهَا) طَاعَتُهُ فِيهِ. (فَمَتَى ظَهَرَتْ أَمَارَتُهُ) أَيِ النُّشُوزِ؛ بِأَنْ لَا تُجِيبَهُ إِلَى الاسْتِمْتَاعِ أَوْ تُجِيبَهُ مُتَبَرِّمَةً أَوْ مُتَكَرِّهَةً، أَوْ تُدَافِعَ إِذَا دَعَاهَا إِلَيْهِ: (وَعَظَهَا) أَيْ خَوَّفَهَا اللهَ تَعَالَى، وَذَكَّرَهَا مَا وَجَبَ عَلَيْهَا وَمَا يَلْحَقُهَا بِالمُخَالَفَةِ مِنَ الإِثْمِ، (فَإِنْ أَصَرَّتْ) بَعْدَ وَعْظِهَا وَأَظْهَرَتِ النُّشُوزَ: (هَجَرَهَا فِي المَضْجَعِ) أَوْ تَرَكَ مُضَاجَعَتَهَا (مَا شَاءَ) مَا دَامَتْ كَذَلِكَ، (وَ) هَجَرَهَا (فِي الكَلَامِ ثَلَاثًا) أَيْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، (فَإِنْ أَصَرَّتْ) بَعْدَ الهِجْرَةِ المَذْكُورَةِ: (ضَرَبَهَا) ضَرْبًا (غَيْرَ شَدِيدٍ، وَ) كَذَا (لَهُ ضَرْبُهَا عَلَى تَرْكِ فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى) كَوَاجِبِ صَوْمٍ وَصَلَاةٍ، فَلَهُ تَأْدِيبُهَا عَلَى تَرْكِ ذَلِكَ.

(باب الخلع)

(بَابُ الخُلْعِ) الخُلْعُ: هُوَ فُرَاقُ الزَّوْجَةِ بِأَلْفَاظٍ مَخْصُوصَةٍ. وَ (يُبَاحُ) الخُلْعُ (لِسُوءِ عِشْرَةٍ) بَيْنَ زَوْجَيْنِ، (وَ) يُبَاحُ لِـ (بِغْضَةٍ) أَيْ بُغْضِ زَوْجِهَا لِخَلْقِهِ وَخُلُقِهِ، (وَ) يُبَاحُ لِـ (كِبَرٍ) أَيْ لِكِبَرِهِ، (وَ) يُبَاحُ لِـ (قِلَّةِ دِينٍ) أَيْ قِلَّةِ دِينِهِ. (وَيُكْرَهُ) الخُلْعُ - وَيَصِحُّ - (مَعَ اسْتِقَامَةٍ) اسْتِقَامَةِ حَالِهِمَا. (وَهُوَ) أَيِ الخُلْعُ (بِلَفْظِ خُلْعٍ) أَيْ «خَلَعْتُ»، (أَوْ فَسْخٍ) أَيْ «فَسَخْتُ»، (أَوْ مُفَادَاةٍ) أَيْ «فَادَيْتُ»: (فَسْخٌ) بَائِنٌ، لَا يَنْقُصُ بِهِ عَدَدُ الطَّلَاقِ. (وَ) الخُلْعُ (بِلَفْظِ طَلَاقٍ، أَوْ نِيَّتِهِ) أَيْ نِيَّةِ الطَّلَاقِ، (أَوْ) بِلَفْظِ (كِنَايَتِهِ) أَيْ كِنَايَةِ الطَّلَاقِ: (طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ). (وَلَا يَصِحُّ) الخُلْعُ (إِلَّا بِعِوَضٍ) مُبَاحٍ، (وَيُكْرَهُ) خُلْعُهَا (بِأَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَاهَا). (وَيَصِحُّ بَذْلُهُ) أَيِ العِوَضِ (مِمَّنْ يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ) وَهُوَ الحُرُّ المُكَلَّفُ غَيْرُ المَحْجُورِ عَلَيْهِ (مِنْ زَوْجَةٍ وَأَجْنَبِيٍّ). (وَيَصِحُّ) الخُلْعُ (بِمَجْهُولٍ وَمَعْدُومٍ) كَالوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ إِسْقَاطٌ يَدْخُلُهُ المُسَامَحَةُ، وَلَيْسَ بِتَمْلِيكِ شَيْءٍ، وَ (لَا) يَصِحُّ الخُلْعُ (بِلَا عِوَضٍ، وَلَا) يَصِحُّ (بِمُحَرَّمٍ) كَخَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ، (وَلَا) يَصِحُّ (حِيلَةً لِإِسْقَاطِ طَلَاقٍ). (وَإِذَا قَالَ) الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ: («مَتَى) أَعْطَيْتِنِي أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ»، (أَوْ) قَالَ لَهَا: («إِذَا) أَعْطَيْتِنِي أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ»، (أَوْ) قَالَ لَهَا: («إِنْ أَعْطَيْتِنِي أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ»: طَلَقَتْ) بَائِنًا (بِعَطِيَّتِهِ وَلَوْ تَرَاخَتْ) بِالإِعْطَاءِ.

(وَإِنْ قَالَتْ) لِزَوْجِهَا: («اخْلَعْنِي بِأَلْفٍ أَوْ عَلَى أَلْفٍ»، فَفَعَلَ: بَانَتْ) مِنْهُ (وَاسْتَحَقَّهَا). (وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لِلأَبِ (خَلْعُ زَوْجَةِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ) وَالمَجْنُونِ (وَلَا طَلَاقُهَا، وَلَا) لَهُ خَلْعُ (ابْنَتِهِ الصَّغِيْرَةِ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهَا)؛ لِأَنَّهُ لَا حَظَّ لَهَا فِيهِ، وَلَوْ بَذَلَ العِوَضَ مِنْ مَالِهِ: صَحَّ كَالأَجْنَبِيِّ. (وَإِنْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى صِفَةٍ) كَدُخُولِ الدَّارِ (ثُمَّ أَبَانَهَا) بِخُلْعٍ أَوْ طَلَاقٍ، (فَوُجِدَتْ) أَيِ الصِّفَةُ حَالَ بَيْنُونَتِهَا (أَوْ لَا، ثُمَّ نَكَحَهَا) أَيْ عُقِدَ عَلَيْهَا، (فَوُجِدَتْ) أَيِ الصِّفَةُ بَعْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ: (طَلَقَتْ، وَكَذَا عِتْقٌ)، فَلَوْ عَلَّقَ عِتْقَ قِنِّهِ عَلَى صِفَةٍ، ثُمَّ بَاعَهُ، فَوُجِدَتْ أَوَّلًا ثُمَّ مَلَكَهُ، فَوُجِدَتْ: عَتَقَ، وَإِلَّا فَلَا.

(كتاب الطلاق)

(كِتَابُ الطَّلَاقِ) الطَّلَاقُ: هُوَ حَلُّ قَيْدِ النِّكَاحِ أَوْ بَعْضِهِ، وَيُقَسَّمُ إِلَى أَحْكَامِ التَّكْلِيفِ الخَمْسَةِ: (يُكْرَهُ) الطَّلَاقُ (بِلَا حَاجَةٍ). (وَيُبَاحُ لَهَا) أَيْ لِلْحَاجَةِ إِلَيْهِ؛ لِسُوءِ خُلُقِ المَرْأَةٍ أَوْ لِسُوءِ عِشْرَتِهَا، وَكَذَا لِلتَّضَرُّرِ بِهَا مِنْ غَيْرِ حُصُولِ الغَرَضِ بِهَا. (وَيُسَنُّ) الطَّلَاقُ (لِتَضَرُّرِهَا) أَيِ الزَّوْجَةِ (بِالْوَطْءِ، وَ) كَذَا لِـ (تَرْكِهَا صَلَاةً وَعِفَّةً وَنَحْوَهُمَا). (وَلَا يَصِحُّ) الطَّلَاقُ (إِلَّا مِنْ زَوْجٍ وَلَوْ) كَانَ (مُمَيِّزًا يَعْقِلُهُ)؛ بِأَنْ يَعْلَمَ أَنَّ النِّكَاحَ يَزُولُ بِهِ. (وَمَنْ عُذِرَ بِزَوَالِ عَقْلِهِ) بِنَحْوِ جُنُونٍ أَوْ إِغْمَاءٍ، (أَوْ أُكْرِهَ) عَلَى الطَّلَاقِ ظُلْمًا بِمَا يُؤْلِمُهُ كَالضَّرْبِ وَالخَنْقِ، (أَوْ هُدِّدَ مِنْ قَادِرٍ) عَلَى تَهْدِيدِهِ بِمَا يَضُرُّهُ ضَرَرًا كَبِيرًا؛ كَقَتْلٍ، وَقَطْعِ طَرَفٍ، وَضَرْبٍ شَدِيدٍ، وَحَبْسٍ، وَقَيْدٍ، وَأَخْذِ مَالٍ كَثِيرٍ، وَإِخْرَاجٍ مِنْ دِيَارٍ، وَنَحْوِهِ، (فَطَلَّقَ لِذَلِكَ: لَمْ يَقَعْ) طَلَاقُهُ. (وَمَنْ صَحَّ طَلَاقُهُ) مِنْ بَالِغٍ وَمُمَيِّزِ يَعْقِلُهُ: (صَحَّ تَوْكِيلُهُ فِيهِ وَ) صَحَّ (تَوَكُّلُهُ) فِيهِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ إِزَالَةُ مِلْكٍ، فَصَحَّ التَّوْكِيلُ وَالتَّوَكُّلُ فِيهِ. (وَيَصِحُّ تَوْكِيلُ امْرَأَةٍ) أَيِ امْرَأَتِهِ أَوْ غَيْرِهَا (فِي طَلَاقِ نَفْسِهَا وَ) فِي طَلَاقِ (غَيْرِهَا).

(وَالسُّنَّةُ) لِمَنْ أَرَادَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ (أَنْ يُطَلِّقَهَا) طَلْقَةً (وَاحِدَةً فِي طُهْرٍ لَمْ يُجَامِعْ) هَا (فِيهِ) أَيْ فِي الطُّهْرِ. (وَإِنْ طَلَّقَ) زَوْجَةً (مَدْخُولًا بِهَا فِي حَيْضٍ أَوْ) نِفَاسٍ، أَوْ فِي (طُهْرٍ جَامَعَ فِيهِ: فَـ) هُوَ (بِدْعَةٌ، مُحَرَّمٌ، وَيَقَعُ، لَكِنْ تُسَنُّ رَجْعَتُهَا) أَيْ إِذَا طَلَّقَهَا زَمَنَ البِدْعَةِ؛ فَإِذَا رَاجَعَهَا وَجَبَ إِمْسَاكُهَا حَتَّى تَطْهُرَ، فَإِنْ طَهُرَتْ سُنَّ إِمْسَاكُهَا حَتَّى تَحِيضَ ثَانِيَةً ثُمَّ تَطْهُرَ. (وَلَا سُنَّةَ وَلَا بِدْعَةَ) فِي زَمَنٍ أَوْ عَدَدٍ (لِـ) لِزَوْجَةٍ (مُسْتَبِينٍ) ظَاهِرٍ (حَمْلُهَا، وَ) لِزَوْجَةٍ (صَغِيرَةٍ، وَ) لَا لِـ (آيِسَةٍ، وَ) لَا لِـ (غَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا). (وَيَقَعُ بِصَرِيْحِهِ) أَيِ الطَّلَاقِ (مُطْلَقًا، وَ) يَقَعُ (بِكِنَايَتِهِ مَعَ النِّيَّةِ). (وَصَرِيْحُهُ) أَيِ الطَّلَاقِ: (لَفْظُ طَلَاقٍ)، وَهُوَ المَصْدَرُ، فَإِذَا قَالَ لَهَا: «أَنْتِ الطَّلَاقُ» وَقَعَ، (وَمَا تَصَرَّفَ مِنْهُ) أَيِ الطَّلَاقِ لَا غَيْرِهِ؛ كَالطَّالِقِ وَطَلَّقْتُكِ وَنَحْوِهِ (غَيْرَ أَمْرٍ) كَطَلِّقِي، (وَ) غَيْرَ (مُضَارِعٍ) كَأُطَلِّقُكِ، (وَ) غَيْرَ (مُطَلِّقَةٍ - بِكَسْرِ اللَّامِ -). (وَإِنْ قَالَ) لِزَوْجَتِهِ: («أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ»، أَوْ) قَالَ: «أَنْتِ عَلَيَّ (كَظَهْرِ أُمِّي»، أَوْ) قَالَ: («مَا أَحَلَّ اللَّهُ عَلَيَّ حَرَامٌ»؛ فَهُوَ ظِهَارٌ)؛ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِيهِ، فَلَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ (وَلَو نَوَى طَلَاقًا). (وَإِنْ قَالَ) لِزَوْجَتِهِ: «أَنْتِ عَلَيَّ (كَالمَيْتَةِ أَوْ الدَّمِ») أَوِ الخِنْزِيرِ: (وَقَعَ مَا نَوَاهُ) مِنْ طَلَاقٍ وَظِهَارٍ وَيَمِينٍ، (وَ) إِنْ قَالَهُ (مَعَ عَدَمِ نِيَّةٍ) فَـ (ظِهَارٌ)؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ: «أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ كَالمَيْتَةِ أَوِ الدَّمِ». (وَإِنْ قَالَ: «حَلَفْتُ بِالطَّلَاقِ) لَأَفْعَلَنَّ كَذَا»، أَوْ «لَا أَفْعَلُهُ»، (وَكَذَبَ) لِكَوْنِهِ

لَمْ يَحْلِفْ؛ (دُيِّنَ) فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللهِ تَعَالَى، (وَلَزِمَهُ) الطَّلَاقُ (حُكْمًا). (وَ) يُعْتَبَرُ الطَّلَاقُ بِالرِّجَالِ، فَـ (يَمْلِكُ حُرٌّ وَمُبَعَّضٌ ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ، وَ) يَمْلِكُ (عَبْدٌ اثْنَتَيْنِ) فَقَطْ. (وَيَصِحُّ) مِنَ الزَّوْجِ (اسْتِثْنَاءُ النِّصْفِ فَأَقَلَّ مِنْ) عَدَدِ (طَلَقَاتٍ وَ) عَدَدِ (مُطَلَّقَاتٍ). (وَشُرِطَ) فِي الاسْتِثْنَاءِ (تَلَفُّظٌ) بِهِ، (وَ) شُرِطَ فِيهِ أَيْضًا (اتِّصَالٌ مُعْتَادٌ)؛ إِمَّا لَفْظًا أَوْ حُكْمًا؛ كَانْقِطَاعِهِ بِعُطَاسٍ وَنَحْوِهِ، فَلَوِ انْفَصَلَ وَأَمْكَنَ الكَلَامُ دُونَهُ: بَطَلَ، (وَ) شُرِطَ فِيهِ أَيْضًا: (نِيَّتُهُ قَبْلَ تَمَامِ مُسْتَثْنًى مِنْهُ). (وَيَصِحُّ) أَنْ يَسْتَثْنِيَ (بِقَلْبٍ) النِّصْفَ فَأَقَلَّ (مِنْ) عَدَدِ (مُطَلَّقَاتٍ)، وَ (لَا) يَصِحُّ أَنْ يَسْتَثْنِيَ بِقَلْبِهِ مِنْ عَدَدِ (طَلَقَاتٍ). (وَ) إِنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: («أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ مَوْتِي»: تَطْلُقُ فِي الحَالِ، وَ) «أَنْتِ طَالِقٌ (بَعْدَهُ») أَيْ بَعْدَ مَوْتِي»، (أَوْ «مَعَهُ»: لَا تَطْلُقُ)؛ لِحُصُولِ البَيْنُونَةِ بِالمَوْتِ. (وَ) إِنْ قَالَ: «أَنْتِ طَالِقٌ (فِي هَذَا الشَّهْرِ»، أَوْ) «فِي هَذَا (اليَوْمِ»، أَوْ) «فِي هَذِهِ (السَّنَةِ»: تَطْلُقُ فِي الحَالِ)؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الشَّهْرَ وَاليَوْمَ وَالسَّنَةَ ظَرْفًا لِوُقُوعِهِ، فَكُلُّ جُزْءٍ مِنْهَا صَالِحٌ لِلْوُقُوعِ فِيهِ، (فَإِنْ قَالَ: «أَرَدْتُ آخِرَ الكُلِّ») مِنَ الشَّهْرِ وَاليَوْمِ وَالسَّنَةِ: دُيِّنَ، وَ (قُبِلَ) مِنْهُ (حُكْمًا). (وَ) إِنْ قَالَ: «أَنْتِ طَالِقٌ (غَدًا»، أَوْ «يَوْمَ السَّبْتِ» وَنَحْوَهُ: تَطْلُقُ بِأَوَّلِهِ) أَيْ بِأَوَّلِ المَذْكُورِ، (فَلَوْ قَالَ: «أَرَدْتُ الآخِرَ») مِنْ تِلْكَ الأَوْقَاتِ: لَمْ يُدَيَّنْ، وَ (لَمْ يُقْبَلْ) حُكْمًا. (وَ) إِنْ قَالَ: («إِذَا مَضَتْ سَنَةٌ: فَأَنْتِ طَالِقٌ»: تَطْلُقُ بِمُضِيِّ اِثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا)

(فصل) في تعليق الطلاق

بِالأَهِلَّةِ، (وَإِنْ قَالَ): «إِذَا مَضَتِ (السَّنَةُ»: فَـ) إِنَّهَا تَطْلُقُ (بِانْسِلَاخِ ذِي الحِجَّةِ). (فَصْلٌ) فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ (وَمَنْ عَلَّقَ طَلَاقًا وَنَحْوَهُ) كَعِتْقٍ (بِشَرْطٍ) مُتَقَدِّمٍ؛ كَـ: «إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ»، أَوْ مُتَأَخِّرٍ؛ كَـ: «أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ»: (لَمْ يَقَعْ حَتَّى يُوجَدَ) الشَّرْطُ، وَهُوَ دُخُولُ الدَّارِ، (فَلَوْ لَمْ يَلْفِظْ بِهِ) أَيْ بِالشَّرْطِ، (وَادَّعَاهُ) أَيِ الشَّرْطَ: (لَمْ يُقْبَلْ حُكْمًا). (وَلَا يَصِحُّ) التَّعْلِيقُ لِلطَّلَاقِ (إِلَّا مِنْ زَوْجٍ بِصَرِيحٍ، وَبِكِنَايَةٍ مَعَ قَصْدٍ). (وَيَقْطَعُهُ) أَيِ التَّعْلِيقَ (فَصْلٌ) بَيْنَ شَرْطٍ وَحُكْمِهِ (بِتَسْبِيحٍ وَسُكُوتٍ)، وَ (لَا) يَقْطَعُهُ بِـ (كَلَامٍ مُنْتَظِمٍ) بَيْنَ شَرْطٍ وَجَوَابِهِ؛ (كَأَنْتِ طَالِقٌ يَا زَانِيَةُ إِنْ قُمْتِ). (وَأَدَوَاتُ الشَّرْطِ نَحْوُ «إِنْ» وَ «مَتَى» وَ «إِذَا»). (وَإِنْ) عَلَّقَ بِالكَلَامِ؛ كَـ: «إِنْ (كَلَّمَتْكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَتَحَقَّقِي»، أَوْ) زَجَرَهَا، فَقَالَ: («تَنَحَّيْ» وَنَحْوَهُ) كَـ: «مُرِّي»: (تَطْلُقُ). (وَإِنْ) قَالَ لَهَا: «إِنْ (بَدَأْتُكِ بِالْكَلَامِ فَأَنْتِ طَالِقٌ»، فَقَالَتْ) لَهُ: («إِنْ بَدَأْتُكَ بِهِ) أَيِ الكَلَامِ (فَعَبْدِي حُرٌّ»؛ انْحَلَّتْ يَمِينُهُ، وَتَبْقَى يَمِينُهَا) مُعَلَّقَةً. (وَإِنْ) قَالَ لَهَا: «إِنْ (خَرَجْتِ بِغَيْرِ إِذْنِي - وَنَحْوَهُ - فَأَنْتِ طَالِقٌ»، ثُمَّ أَذِنَ لَهَا، فَخَرَجَتْ، ثُمَّ خَرَجَتْ بِغَيْرِ إِذْنٍ، أَوْ أَذِنَ لَهَا وَلَمْ تَعْلَمْ) بِإِذْنِهِ: (طَلَقَتْ). (وَإِنْ عَلَّقَهُ) أَيِ الطَّلَاقَ (عَلَى مَشِيئَتِهَا) كَقَوْلِهِ: «أَنْتِ طَالِقٌ مَتَى شِئْتِ»: (تَطْلُقُ بِمَشِيئَتِهَا غَيْرَ مُكْرَهَةٍ، أَوْ) أَيْ وَإِنْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ (بِمَشِيئَةِ اثْنَيْنِ) كَقَوْلِهِ: «إِنْ شِئْتِ وَشَاءَ أَبُوكِ»: (فَبِمَشِيئَتِهِمَا كَذَلِكَ) أَيْ غَيْرَ مُكْرَهَيْنِ، (وَإِنْ عَلَّقَهُ عَلَى مَشِيئَةِ اللهِ تَعَالَى) بِأَنْ قَالَ: «أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ شَاءَ اللهُ»: (تَطْلُقُ فِي الحَالِ).

(فصل) في الرجعة

(وَكَذَا عِتْقٌ) فِيمَا تَقَدَّمَ تَفْصِيلُهُ، لَكِنْ صَحَّ تَعْلِيقُ العِتْقِ بِالمَوْتِ. (وَإِنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا، أَوْ لَا يَخْرُجُ مِنْهَا، فَأَدْخَلَ) بَعْضَ جَسَدِهِ (أَوْ أَخْرَجَ بَعْضَ جَسَدِهِ): لَمْ يَحْنَثْ، (أَوْ دَخَلَ طَاقَ البَابِ): لَمْ يَحْنَثْ، (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَلْبِسُ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِهَا، فَلَبِسَ ثَوْبًا فِيهِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ غَزْلِهَا: لَمْ يَحْنَثْ، (أَوْ) حَلَفَ: (لَا يَشْرَبُ مَاءَ هَذَا الإِنَاءِ، فَشَرِبَ بَعْضَهُ: لَمْ يَحْنَثْ). (وَ) إِنْ حَلَفَ (لَيَفْعَلَنَّ شَيْئًا: لَا يَبَرُّ إِلَّا بِفِعْلِهِ كُلِّهِ؛ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ) أَوْ قَرِينَةٌ تَقْتَضِي فِعْلَ البَعْضِ، فَمَنْ حَلَفَ لَيَأْكُلَنَّ هَذَا الرَّغِيفَ؛ لَمْ يَبَرَّ حَتَّى يَأْكُلَهُ كُلَّهُ، أَوْ حَلَفَ لَيَدْخُلَنَّ الدَّارَ؛ لَمْ يَبَرَّ حَتَّى يَدْخُلَهَا بِجُمْلَتِهِ. (وَإِنْ فَعَلَ المَحْلُوفَ عَلَيْهِ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا: حَنِثَ فِي طَلَاقٍ وَعِتَاقٍ) فَقَطْ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا حَقُّ آدَمِيٍّ، فَاسْتَوَى فِيهِمَا العَمْدُ وَغَيْرُهُ كَالإِتْلَافِ. (وَيَنْفَعُ غَيْرَ ظَالِمٍ تَأَوُّلٌ بِيَمِينِهِ) وَلَوْ بِلَا حَاجَةٍ. (وَمَنْ شَكَّ فِي طَلَاقٍ أَوْ) شَكَّ فِي (مَا عُلِّقَ عَلَيْهِ) أَيِ الطَّلَاقِ: (لَمْ يَلْزَمْهُ، أَوْ) شَكَّ (فِي عَدَدِهِ) أَيِ الطَّلَاقِ الوَاقِعِ عَلَيْهِ: (رَجَعَ إِلَى اليَقِينِ) وَهُوَ الأَقَلُّ. (وَإِنْ قَالَ لِمَنْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ: «أَنْتِ طَالِقٌ»: طَلَقَتْ زَوْجَتُهُ) اعْتِبَارًا بِالقَصْدِ دُونَ الخِطَابِ، (لَا عَكْسُهَا)؛ بِأَنْ لَقِيَ امْرَأَتَهُ، فَظَنَّهَا أَجْنَبِيَّةً، فَقَالَ: «أَنْتِ طَالِقٌ»، أَوْ قَالَ: «تَنَحَّيْ يَا مُطَلَّقَةُ»: لَمْ تَطْلُقِ امْرَأَتُهُ. (وَمَنْ أَوْقَعَ بِزَوْجَتِهِ كَلِمَةً) وَجَهِلَهَا (وَشَكَّ هَلْ هِيَ طَلَاقٌ أَوْ ظِهَارٌ: لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ). (فَصْلٌ) فِي الرَّجْعَةِ (وَإِذَا طَلَّقَ حُرٌّ مَنْ) أَيْ زَوْجَةً لَهُ (دَخَلَ) بِهَا (أَوْ خَلَا بِهَا) فِي نِكَاحٍ طَلَاقًا

(فصل) في الإيلاء

(أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ، أَوْ) طَلَّقَ (عَبْدٌ) زَوْجَتَهُ كَذَلِكَ طَلْقَةً (وَاحِدَةً بِلَا عِوَضٍ) مِنَ المَرْأَةِ وَلَا غَيْرِهَا (فِيهِمَا) أَيْ فِي المَسْأَلَتَيْنِ: (فَلَهُ) أَيِ المُطَلِّقِ (وَلِوَلِيٍّ مَجْنُونٍ) طَلَّقَ دُونَ مَا يَمْلِكُ بِلَا عِوَضٍ وَهُوَ عَاقِلٌ ثُمَّ جُنَّ (رَجْعَتُهَا فِي عِدَّتِهَا مُطْلَقًا). (وَسُنَّ لَهَا) أَيِ لِلرَّجْعَةِ (إِشْهَادٌ) احْتِيَاطًا وَلَيْسَ شَرْطًا فِيهَا، (وَتَحْصُلُ) رَجْعَتُهَا (بِوَطْئِهَا مُطْلَقًا). (وَ) المُطَلَّقَةُ (الرَّجْعِيَّةُ زَوْجَةٌ)؛ يَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ وَالظِّهَارُ وَالإِيلَاءُ وَاللِّعَانُ، وَلَهَا النَّفَقَةُ، فَحُكْمُهَا حُكْمُ الزَّوْجَاتِ، لَكِنْ (فِي غَيْرِ قَسْمٍ)، فَلَا يَجِبُ لَهَا. (وَتَصِحُّ) رَجْعَتُهَا (بَعْدَ طُهْرٍ مِنْ حَيْضَةٍ ثَالِثَةٍ قَبْلَ غُسْلٍ، وَ) لَا (تَعُودُ بَعْدَ) فَرَاغِ (عِدَّةٍ) إِلَّا (بِعَقْدٍ جَدِيدٍ)، فَتَعُودُ بِهِ (عَلَى مَا بَقِيَ) لَهُ (مِنْ طَلَاقِهَا). (وَمَنِ ادَّعَتِ اِنْقِضَاءَ عِدَّتِهَا) بِوِلَادَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، (وَأَمْكَنَ)؛ بِأَنْ مَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ انْقِضَاؤُهَا فِيهِ: (قُبِلَ، لَا) إِنِ ادَّعَتِ انْقِضَاؤُهَا (فِي شَهْرٍ بِحَيْضٍ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ). (وَإِنْ طَلَّقَ) زَوْجٌ (حُرٌّ ثَلَاثًا) مَعًا أَوْ مُتَفَرِّقَاتٍ، (أَوْ) طَلَّقَ زَوْجٌ (عَبْدٌ) زَوْجَةً، كَذَلِكَ (اثْنَتَيْنِ) مَعًا أَوْ مُتَفَرِّقَاتٍ: حَرُمَتْ وَ (لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى يَطَأَهَا زَوْجٌ غَيْرُهُ فِي قُبُلٍ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ مَعَ اِنْتِشَارٍ، وَ) أَدْنَى مَا (يَكْفِي) فِي حِلِّهَا لِمُطَلِّقِهَا ثَلَاثًا: (تَغْيِيبُ حَشَفَةٍ) أَيْ حَشَفَةِ الزَّوْجِ الثَّانِي، (وَلَوْ لَمْ يُنْزِلْ أَوْ) لَمْ (يَبْلُغْ) أَوْ هِيَ (عَشْرًا، لَا فِي حَيْضٍ، أَوْ نِفَاسٍ، أَوْ إِحْرَامٍ، أَوْ صَوْمِ فَرْضٍ، أَوْ رَدَّةٍ). (فَصْلٌ) فِي الإِيلَاءِ (وَالإِيلَاءُ حَرَامٌ)؛ لِأَنَّهُ يَمِينٌ عَلَى تَرْكِ وَاجِبٍ، فَكَانَ مُحَرَّمًا كَالظِّهَارِ، وَكَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا طَلَاقًا فِي الجَاهِلِيَّةِ. (وَهُوَ) أَيِ الإِيلَاءُ: (حَلِفُ زَوْجٍ عَاقِلٍ - يُمْكِنُهُ الوَطْءُ - بِاللَّهِ، أَوْ صِفَةٍ مِنْ

(فصل) في الظهار

صِفَاتِهِ عَلَى تَرْكِ وَطْءِ زَوْجَتِهِ المُمْكِنِ) جِمَاعُهَا وَلَوْ قَبْلَ الدُّخُولِ (فِي قُبُلٍ أَبَدًا أَوْ مُطْلَقًا)؛ بِأَنْ لَمْ يُقَيِّدْ؛ كَـ: «وَاللهِ لَا وَطِئْتُكِ»، (أَوْ) حَلِفٌ عَلَى تَرْكِ الوَطْءِ (فَوْقَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، فَمَتَى مَضَى أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ مِنْ يَمِينِهِ لَمْ يُجَامِعْ فِي) مَنْ آلَى مِنْـ (هَا بِلَا عُذْرٍ) كَمَرَضٍ وَإِحْرَامٍ وَحَبْسٍ ظُلْمًا: (أُمِرَ) مَعْذُورٌ (بِهِ) أَيْ بِالفَيْئَةِ، بِلِسَانِهِ، فَيَقُولُ: «مَتَى قَدَرْتُ جَامَعْتُكِ»، وَغَيْرُهُ بِالجِمَاعِ مَعَ حِلِّ الوَطْءِ، (فَإِنْ أَبَى) أَنْ يَفيءَ بِذَلِكَ: (أُمِرَ) أَيْ أَمَرَهُ الحَاكِمُ (بِالطَّلَاقِ) إِنْ طَلَبَتْ ذَلِكَ مِنْهُ، (فَإِنِ اِمْتَنَعَ: طَلَّقَ عَلَيْهِ حَاكِمٌ) وَاحِدَةً أَوْ ثَلَاثًا، أَوْ فَسَخَ. (وَيَجِبُ بِوَطْئِهِ) أَيِ الزَّوْجِ (كَفَّارَةُ يَمِينٍ). (وَتَارِكُ الوَطْءِ ضِرَارًا) أَيْ لِأَجْل الإِضْرَارِ بِالزَّوْجَةِ (بِلَا عُذْرٍ) لَهُ (كَمُولٍ) فِي الحُكْمِ؛ مِنْ ضَرْبِ المُدَّةِ، وَطَلَبِ الفَيْئَةِ بَعْدَهَا، وَالأَمْرِ بِالطَّلَاقِ إِنْ لَمْ يَفِ، وَنَحْوِهِ. (فَصْلٌ) فِي الظِّهَارِ (وَالظِّهَارُ مُحَرَّمٌ). (وَهُوَ) أَيِ الظِّهَارُ: (أَنْ يُشَبِّهَ) زَوْجٌ (زَوْجَتَهُ، أَوْ) يُشَبِّهَ (بَعْضَهَا) أَوْ عُضْوًا مِنْهَا كَظَهْرِهَا وَيَدِهَا (بِمَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ، أَوْ) يُشَبِّهَهَا أَوْ بَعْضَهَا أَوْ عِضْوًا مِنْهَا بِـ (بَعْضِهَا) أَيْ بَعْضِ مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ؛ كَأُمِّهِ وَأُخْتِهِ وَحَمَاتِهِ، (أَوْ) يُشَبِّهَهَا (بِرَجُلٍ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الرَّجُلُ ذَا قَرَابَةٍ أَوْ أَجْنَبِيًّا، (لَا بِشَعْرٍ وَسِنٍّ وَظُفُرٍ وَرِيقٍ وَنَحْوِهَا) كَدَمٍ وَلَبَنٍ. (وَإِنْ قَالَتْهُ) أَيْ قَالَتِ المَرْأَةُ (لِزَوْجِهَا) نَظِيرَ مَا يَصِيرُ بِهِ مُظَاهِرًا مِنْهَا؛ (فَلَيْسَ بِظِهَارٍ، وَ) يَجِبُ (عَلَيْهَا) بِقَوْلِهَا ذَلِكَ لَهُ (كَفَّارَتُهُ)، وَلَا تَجِبُ عَلَيْهَا إِلَّا

(فصل) في اللعان

(بِوَطْئِهَا مُطَاوَعَةً). (وَيَصِحُّ) الظِّهَارُ (مِمَّنْ يَصِحُّ طَلَاقُهُ) مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا، حُرًّا أَوْ عَبْدًا. (وَيَحْرُمُ عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى مُظَاهِرٍ وَمُظَاهَرٍ مِنْهَا (وَطْءٌ وَدَوَاعِيهِ) كَالقُبْلَةِ وَالاسْتِمْتَاعِ بِمَا دُونِ الفَرْجِ (قَبْلَ) إِخْرَاجِ (كَفَّارَتِهِ) أَيِ الظِّهَارِ، (وَهِيَ) عَلَى التَّرْتِيبِ: (عِتْقُ رَقَبَةٍ) مُؤْمِنَةٍ، (فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا)؛ كَكَفَّارَةِ وَطْءِ نَهَارِ رَمَضَانَ، لَكِنْ تُخَالِفُهَا فِي الإِسْقَاطِ وَعَدَمِهِ. (وَيُكَفِّرُ كَافِرٌ بِمَالٍ، وَ) يُكَفِّرُ (عَبْدٌ بِالصَّوْمِ). (وَشُرِطَ فِي) إِجْزَاءِ (رَقَبَةِ كَفَّارَةٍ) مَا، (وَ) فِي (نَذْرِ عِتْقٍ مُطْلَقٍ) أَيْ غَيْرِ مُقَيَّدٍ بِمُعَيَّنٍ: (إِسْلَامٌ، وَ) شُرِطَ فِيهَا أَيْضًا: (سَلَامَةٌ مِنْ عَيْبٍ مُضِرٍّ بِالْعَمَلِ ضَرَرًا بَيِّنًا)؛ لِأَنَّ المَقْصُودَ تَمْلِيكُ العَبْدِ مَنَافِعَهُ، وَتَمْكِينُهُ مِنَ التَّصَرُّفِ لِنَفْسِهِ، وَلَا يَحْصُلُ هَذَا مَعَ مَا يَضُرُّ بِالعَمَلِ ضَرَرًا بَيِّنًا؛ كَعَمًى وَشَلَلِ يَدٍ. (وَلَا يُجْزِئُ التَّكْفِيرُ إِلَّا بِمَا يُجْزِئُ) إِخْرَاجَهُ (فِطْرَةً) فَقَطْ؛ مِنْ بُرٍّ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ تَمْرٍ أَوْ زَبِيبٍ أَوْ أَقِطٍ، (وَيُجْزِئُ) فِي إِطْعَامِ كُلِّ مِسْكِينٍ (مِنَ البُرِّ: مُدٌّ لِكُلِّ مِسْكِينٍ، وَمِنْ غَيْرِهِ مُدَّانِ). (فَصْلٌ) فِي اللِّعَانِ وَاللِّعَانُ: هُوَ شَهَادَاتٌ مُؤَكَّدَاتٌ بِأَيْمَانٍ مِنَ الجَانِبَيْنِ، مَقْرُونَةٌ بِلَعْنٍ أَوْ غَضَبٍ، قَائِمَةٌ مَقَامَ حَدِّ قَذْفٍ أَوْ تَعْزِيرٍ فِي جَانِبِهِ، وَحَدِّ زِنًى فِي جَانِبِهَا. (وَيَجُوزُ اللِّعَانُ بَيْنَ زَوْجَيْنِ بَالِغَيْنِ عَاقِلَيْنِ لِإِسْقَاطِ الحَدِّ). (فَمَنْ قَذَفَ زَوْجَتَهُ بِالزِّنَى لَفْظًا وَكَذَّبَتْهُ؛ فَلَهُ لِعَانُهَا) لِإِسْقَاطِ الحَدِّ إِنْ كَانَتْ

(باب العدد)

مُحْصَنَةً، أَوِ التَّعْزِيرُ إِنْ لَمْ تَكُنْ مُحْصَنَةً. وَصِفَةُ اللِّعَانِ: (بِأَنْ يَقُولَ) الزَّوْجُ أَوَّلًا (أَرْبَعًا: «أَشْهَدُ بِاللَّهِ إِنِّي لَصَادِقٌ فِيمَا رَمَيْتُهَا بِهِ مِنَ الزِّنَى»، وَ) يَزِيدَ (فِي الخَامِسَةِ: «وإَِنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الكَاذِبِينَ»). (ثُمَّ تَقُولَ هِيَ) بَعْدَ زَوْجِهَا (أَرْبَعًا: «أَشْهَدُ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَكَاذِبٌ فِيمَا رَمَانِي بِهِ مِنَ الزِّنَى»، وَ) تَزِيدَ (فِي الخَامِسَةِ: «وَإِنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ»). (فَإِذَا تَمَّ) اللِّعَانُ بَيْنَهُمَا: (سَقَطَ) عَنْهُ (الحَدُّ، وَثَبَتَتِ الفُرْقَةُ المُؤَبَّدَةُ) بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ (وَيَنْتَفِي الوَلَدُ بِنَفْيهِ) فِي اللِّعَانِ صَرِيحًا أَوْ تَضَمُّنًا. (وَمَنْ أَتَتْ زَوْجَتُهُ بِوَلَدٍ بَعْدَ نِصْفِ سَنَةٍ مُنْذُ أَمْكَنَ اجْتِمَاعُهُ بِهَا، أَوْ) أَتَتْ بِهِ (لِدُونِ أَرْبَعِ سِنِينَ مُنْذُ أَبَانَهَا) زَوْجُهَا (وَلَوْ) كَانَ الزَّوْجُ (ابْنَ عَشْرٍ: لَحِقَهُ نَسَبُهُ)؛ لِإِمْكَانِ كَوْنِهِ مِنْهُ؛ حِفْظًا لِلنَّسَبِ احْتِيَاطًا، (وَلَا يُحْكَمُ بِبُلُوغِهِ مَعَ شَكٍّ فِيهِ). (وَمَنْ أَعْتَقَ أَوْ بَاعَ مَنْ) أَيْ أَمَةً (أَقَرَّ بِوَطْئِهَا، فَوَلَدَتْ لِدُونِ نِصْفِ سَنَةٍ) مُنْذُ أَعْتَقَهَا أَوْ بَاعَهَا: (لَحِقَهُ) أَيْ لَحِقَ البَائِعُ أَوِ المُعْتِقُ نَسَبَ مَا وَلَدَتْهُ، وَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، (والبَيْعُ بَاطِلٌ)، وَالعِتْقُ صَحِيحٌ. (بَابُ العِدَدِ) (لَا عِدَّةَ فِي فُرْقَةِ) زَوْجٍ (حَيٍّ قَبْلَ وَطْءٍ وَخَلْوَةٍ). (وَشُرِطَ) فِي وُجُوبِ عِدَّةٍ (لِوَطْءٍ: كَوْنُهَا) أَيِ المَوْطُوءَةِ (يُوطَأُ مِثْلُهَا) كَبِنْتِ تِسْعٍ، (وَكَوْنُهُ) أَيِ الوَاطِئُ (يَلْحَقُ بِهِ الوَلَدُ)، فَلَا عِدَّةَ لِوَطْءِ ابْنٍ دُونَ عَشْرٍ فِي بِنْتٍ دُونَ تِسْعٍ؛ لِتَيَقُّنِ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ مِنَ الحَمْلِ.

(وَ) شُرِطَ فِي وُجُوبِ عِدَّةٍ (لِخَلْوَةٍ: مُطَاوَعَتُهُ)، فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا إِنِ اخْتَلَى بِهَا مُكْرَهَةً؛ لِإِقَامَةِ الخَلْوَةِ مَقَامَ الوَطْءِ، وَهِيَ مَظِنَّتُهُ، فَلَا تَكُونُ كَذَلِكَ بِغَيْرِ تَمْكِينٍ، (وَعِلْمُهُ بِهَا)، فَلَوْ تُرِكَتْ بِمَخْدَعٍ مِنَ البَيْتِ بِحَيْثُ لَا يَرَاهَا البَصِيرُ، أَوْ خَلَا بِهَا أَعْمَى وَلَمْ يَعْلَمَا بِهَا؛ فَلَا عِدَّةَ لِعَدَمِ التَّمْكِينِ المُوجِبِ لَهَا (وَلَوْ مَعَ مَانِعٍ) شَرْعِيٍّ أَوْ حِسِّيٍّ. (وَتَلْزَمُ) العِدَّةُ (لِوَفَاةٍ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الزَّوْجُ كَبِيرًا أَوْ صَغِيرًا، يُمْكِنُهُ الوَطْءُ أَوْ لَا، خَلَا بِهَا أَوْ لَا، كَبِيرَةً كَانَتْ أَوْ صَغِيرَةً؛ لِعُمُومِ الآيَةِ. (وَالمُعْتَدَّاتُ سِتٌّ): إِحْدَاهُنَّ: (الحَامِلُ، وَعِدَّتُهَا مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ حُرَّةً أَوْ أَمَةً، مُسْلِمَةً أَوْ كَافِرَةً، مِنْ فُرْقَةِ مَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ: (إِلَى وَضْعِ كُلِّ حَمْلٍ، تَصِيرُ بِهِ أَمَةٌ أُمَّ وَلَدٍ). (وَشُرِطَ) لِانْقِضَاءِ عِدَّةِ حَامِلٍ بِوَضْعِ حَمْلٍ: (لُحُوقُهُ لِلزَّوْجِ)، فَإِنْ لَمْ يَلْحَقْهُ لِصِغَرِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ: لَمْ تَنْقَضِ بِهِ. (وَأَقَلُّ مُدَّتِهِ) أَيْ مُدَّةِ حَمْلٍ يَعِيشُ: (سِتَّةُ أَشْهُرٍ، وَغَالِبُهَا) أَيْ مُدَّةِ الحَمْلِ: (تِسْعَةٌ) مِنَ الأَشْهُرِ، (وَأَكْثَرُهَا) أَيْ مُدَّةِ الحَمْلِ: (أَرْبَعُ سِنِينَ)؛ لِأَنَّ مَا لَا تَقْدِيرَ فِيهِ شَرْعًا يُرْجَعُ فِيهِ إِلَى الوُجُودِ، وَقَدْ وُجِدَ مَنْ تَحْمِلُ أَرْبَعَ سِنِينَ. (وَيُبَاحُ) لِأُنْثَى (إِلْقَاءُ نُطْفَةٍ قَبْلَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا بِـ) شُرْبِ (دَوَاءٍ مُبَاحٍ). (الثَّانِيَةُ) مِنَ المُعْتَدَّاتِ: (المُتَوَفَّى عَنْهَا) زَوْجُهَا (بِلَا حَمْلٍ) مِنْهُ، (فَتَعْتَدُّ حُرَّةٌ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرَ لَيَالٍ بِعَشَرَةِ أَيَّامٍ، وَ) تَعْتَدُّ (أَمَةٌ نِصْفَهَا)؛ يَعْنِي: شَهْرَيْنِ وَخَمْسَ لَيَالٍ بِأَيَّامِهَا، (وَ) تَعْتَدُّ (مُبَعَّضَةٌ بِالْحِسَابِ)، وَيُجْبَرُ الكَسْرُ، فَتَعْتَدُّ مَنْ نِصْفُهَا حُرٌّ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامِ بِلَيَالِيهَا، وَمَنْ ثُلُثُهَا حُرٌّ شَهْرَيْنِ وَسَبْعَةً

وَعِشْرِينَ يَوْمًا، (وَتَعْتَدُّ مَنْ أَبَانَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ) المَخُوفِ: (الأَطْوَلَ مِنْ عِدَّةِ وَفَاةٍ أَوْ طَلَاقٍ إِنْ وَرِثَتْ)؛ بِأَنِ اتُّهِمَتْ بِحِرْمَانِهَا لِأَنَّهَا مُطَلَّقَةٌ، فَوَجَبَ لَهَا عِدَّةُ الطَّلَاقِ، وَوِرَاثَةٌ، فَوَجَبَ لَهَا عِدَّةُ الوَفَاةِ، وَيَنْدَرِجُ الأَقَلُّ فِي الأَكْثَرِ، (وَإِلَّا) تَرِثْ؛ بِأَنْ كَانَتْ ذِمِّيَّةً أَوْ أَمَةً، أَوْ هُوَ عَبْدٌ، أَوْ جَاءَتِ البَيْنُونَةُ مِنْ قِبَلِهَا؛ فَتَعْتَدُّ (عِدَّةَ طَلَاقٍ) فَقَطْ؛ لِانْقِطَاعِ أَثَرِ النِّكَاحِ بِعَدَمِ إِرْثِهَا مِنْهُ، وَإِنِ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا قَبْلَ وَفَاتِهِ؛ لَمْ تَعْتَدَّ لَهَا وَلَوْ وَرِثَتْ. (الثَّالِثَةُ) مِنَ المُعْتَدَّاتِ: (ذَاتُ الحَيْضِ، المُفَارَقَةُ فِي الحَيَاةِ) بَعْدَ دُخُولٍ وَخَلْوَةٍ بِطَلَاقٍ أَوْ خَلْوَةٍ أَوْ فَسْخٍ، (فَتَعْتَدُّ حُرَّةٌ وَمُبَعَّضَةٌ بِثَلَاثِ حَيْضَاتٍ)؛ مُسْلِمَةً كَانَتْ أَوْ كَافِرَةً، (وَ) تَعْتَدُّ (أَمَةٌ بِحَيْضَتَيْنِ). (الرَّابِعَةُ) مِنَ المُعْتَدَّاتِ: (المُفَارَقَةُ فِي الحَيَاةِ، وَلَمْ تَحِضْ لِصِغَرٍ أَوْ إِيَاسٍ: فَتَعْتَدُّ حُرَّةٌ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، وَ) تَعْتَدُّ (أَمَةٌ بِشَهْرَيْنِ، وَ) تَعْتَدُّ (مُبَعَّضَةٌ بِالْحِسَابِ)، وَيُجْبَرُ الكَسْرُ، فَتَعْتَدُّ مَنْ ثُلُثُهَا حُرٌّ بِشَهْرَيْنِ وَعَشَرَةِ أَيَّامٍ، وَمَنْ نِصْفُهَا حُرٌّ بِشَهْرَيْنِ وَنِصْفٍ، فَلَوْ كَانَ رُبْعُهَا حُرًّا فَبِشَهْرَيْنِ وَثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ. (الخَامِسَةُ) مِنَ المُعْتَدَّاتِ: (مَنِ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا وَلَمْ تَعْلَمْ مَا رَفَعَهُ؛ فَتَعْتَدُّ) حُرَّةٌ سَنَةً تَصْبِرُ مِنْهَا (لِلْحَمْلِ غَالِبَ مُدَّتِهِ، ثُمَّ تَعْتَدُّ كَآيِسَةٍ)، وَتَنْقُصُ الأَمَةُ عَنْهَا شَهْرًا، فَإِنْ عَادَ الحَيْضُ قَبْلَ انْقِضَاءِ العِدَّةِ: لَزِمَ الانْتِقَالُ إِلَيْهِ، وَبَعْدُ مُضِيِّهَا لَمْ تَنْتَقِلْ، فَإِنْ كَانَتْ عَادَتُهَا أَنْ يَتَبَاعَدَ مَا بَيْنَ حَيْضَتَيْهَا: لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا إِلَّا بِثَلَاثِ حِيَضٍ، (وَإِنْ عَلِمَتْ) مَنِ ارْتَفَعُ حَيْضُهَا (مَا رَفَعَهُ: فَلَا تَزَالُ) فِي عِدَّةٍ (حَتَّى يَعُودَ فَتَعْتَدَّ بِهِ) وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ، (أَوْ) حَتَّى (تَصِيرَ آيِسَةً) أَيْ تَبْلُغَ خَمْسِينَ سَنَةً، (فَتَعْتَدَّ) بَعْدَهَا (عِدَّتَهَا) ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ.

(وَعِدَّةُ بَالِغَةٍ لَمْ تَحِضْ، وَ) عِدَّةُ (مُسْتَحَاضَةٍ مُبْتَدَأَةٍ، أَوْ) مُسْتَحَاضَةٍ (نَاسِيَةٍ) لِوَقْتِ حَيْضِهَا (كَآيِسَةٍ) أَيْ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ، فَإِنْ عَلِمَتْ أَنَّ لَهَا حَيْضَةً فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ مَثَلًا؛ فَعِدَّتُهَا ثَلَاثَةُ أَمْثَالِ ذَلِكَ. (السَّادِسَةُ) مِنَ المُعْتَدَّاتِ: (امْرَأَةُ المَفْقُودِ) الَّذِي انْقَطَعَ خَبَرُهُ، فَلَمْ تَعْلَمْ حَيَاتَهُ وَمَوْتَهُ؛ فَـ (تَتَرَبَّصُ - وَلَوْ أَمَةً - أَرْبَعَ سِنِينَ) مُنْذُ فُقِدَ (إِنِ انْقَطَعَ خَبَرُهُ لِغَيْبَةٍ ظَاهِرُهَا الهَلَاكُ، وَ) تَتَرَبَّصُ تَمَامُ (تِسْعِينَ) سَنَةً (مُنْذُ وُلِدَ إِنْ كَانَ ظَاهِرُهَا) أَيْ غَيْبَتِهِ (السَّلَامَةَ)، (ثُمَّ تَعْتَدُّ) فِي الحَالَيْنِ (لِلْوَفَاةِ)؛ الحُرَّةُ: تَعْتَدُّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، وَالأَمَةُ نِصْفَهَا. (وَإِنْ طَلَّقَ غَائِبٌ) عَنْ زَوْجَتِهِ، (أَوْ مَاتَ) عَنْهَا وَهُوَ غَائِبٌ: (فَابْتِدَاءُ العِدَّةِ مِنَ الفُرْقَةِ) أَيْ وَقْتِ الطَّلَاقِ أَوِ المَوْتِ. (وَعِدَّةُ مَنْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ، أَوْ) وُطِئَتْ بِـ (زِنًى كَـ) عِدَّةِ (مُطَلَّقَةٍ؛ إِلَّا أَمَةً غَيْرَ مُزَوَّجَةٍ؛ فَتُسْتَبْرَأُ بِحَيْضَةٍ). (وَإِنْ وُطِئَتْ مُعْتَدَّةٌ بِشُبْهَةٍ، أَوْ) وُطِئَتْ بِـ (زِنًى، أَوْ) وُطِئَتْ بِـ (نِكَاحٍ فَاسِدٍ: أَتَمَّتْ عِدَّةَ الأَوَّلِ)؛ سَوَاءٌ كَانَتْ عِدَّتُهُ مِنْ نِكَاحٍ صَحِيحٍ أَوْ فَاسِدٍ أَوْ وَطْءٍ بِشُبْهَةٍ أَوْ زِنًى، مَا لَمْ تَحْمِلْ مِنَ الثَّانِي، فَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِوَضْعِ الحَمْلِ، ثُمَّ تَتِمُّ عِدَّةَ الأَوَّلِ، (وَلَا يُحْتَسَبُ مِنْهَا) أَيْ عِدَّةِ الأَوَّلِ (مُقَامُهَا عِنْدَ ثَانٍ) بَعْدَ وَطْئِهِ، (ثُمَّ اعْتَدَّتْ) بَعْدَ تَتِمَّةِ عِدَّةِ الأَوَّلِ (لِـ) وَطْءٍ (ثَانٍ)؛ لِأَنَّهُمَا حَقَّانِ اجْتَمَعَا لِزَوْجَيْنِ، فَلَمْ يَتَدَاخَلَا، وَقُدِّمَ أَسْبَقُهُمَا. (وَيَحْرُمُ إِحْدَادٌ عَلَى مَيِّتٍ غَيْرِ زَوْجٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ) مِنَ اللَّيَالِي بِأَيَّامِهَا. (وَيَجِبُ) الإِحْدَادُ (عَلَى) كُلِّ (زَوْجَةِ مَيِّتٍ) مُتَوَفًّى زَوْجُهَا عَنْهَا فِي نِكَاحٍ

(فصل) في الرضاع

صَحِيحٍ. (وَيُبَاحُ) الإِحْدَادُ (لِبَائِنٍ) مِنْ حَيٍّ. (وَ) الإِحْدَادُ: (هُوَ تَرْكُ زِينَةٍ وَ) تَرْكُ (طِيبٍ وَ) تَرْكُ (كُلِّ مَا يَدْعُو إِلَى جِمَاعِهَا وَيُرَغِّبُ فِي النَّظَرِ إِلَيْهَا) مِنْ تَحْسِينٍ بِحِنَّاءٍ، وَحُلِيٍّ، وَكُحْلٍ أَسْوَدَ بِلَا حَاجَةٍ، وَادِّهَانٍ بِطِيبٍ، وَتَحْمِيرِ وَجْهٍ، وَحَفِّهِ، وَنَحْوِهِ، وَلَهَا لُبْسُ الأَبْيَضِ وَلَوْ حَرِيرًا، وَلُبْسُ مُلَوَّنٍ لِدَفْعِ وَسَخٍ كَكُحْلِيٍّ، وَلَا تُمْنَعُ مِنْ نِقَابٍ وَأَخْذِ ظُفُرٍ وَنَحْوِهِ، وَلَا مِنْ تَنَظُّفٍ وَغُسْلٍ. (وَيَحْرُمُ - بِلَا حَاجَةٍ - تَحَوُّلُهَا) أَيِ المُعْتَدَّةِ لِوَفَاةٍ (مِنْ مَسْكَنٍ) مَاتَ زَوْجُهَا وَهِيَ بِهِ؛ لِأَنَّ العِدَّةَ (وَجَبَتْ فِيهِ)، فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَتَحَوَّلَ مِنْهُ، (وَلَهَا الخُرُوجُ لِحَاجَتِهَا نَهَارًا)، لَا لِحَاجَةِ غَيْرِهَا، وَلَا لِعِيَادَةٍ وَزِيَارَةٍ وَنَحْوِهِمَا. (وَمَنْ مَلَكَ أَمَةً يُوطَءُ مِثْلُهَا مِنْ أَيِّ شَخَصٍ كَانَ: حَرُمَ عَلَيْهِ وَطْءٌ وَمُقَدِّمَاتُهُ) مِنْ قُبْلَةٍ وَنَحْوِهَا (قَبْلَ اسْتِبْرَاءِ) هَا، وَيَحْصُلُ اسْتِبْرَاءُ (حَامِلٍ بِوَضْعٍ) أَيْ بِوَضْعِ الحَمْلِ، (وَ) يَحْصُلُ اسْتِبْرَاءُ (مَنْ تَحِيضُ بِحَيْضَةٍ، وَ) اِسْتِبْرَاءُ (آيِسَةٍ، وَ) اسْتِبْرَاءُ (صَغِيرَةٍ: بِشَهْرٍ). (فَصْلٌ) فِي الرَّضَاعِ وَالرَّضَاعُ: مَصُّ لَبَنٍ أَوْ شُرْبُهُ، وَنَحْوُهُ، ثَابَ مِنْ حَمْلٍ مِنْ ثَدْيِ امْرَأَةٍ فِي الحَوْلَيْنِ. (وَيَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ)، وَلَا تَثْبُتُ بَقِيَّةُ أَحْكَامِ النَّسَبِ مِنْ نَحْوِ نَفَقَةٍ وَعِتْقٍ وَرَدِّ شَهَادَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ أَقْوَى، وَالحُرْمَةُ تَنْتَشِرُ (عَلَى رَضِيعٍ وَفَرْعِهِ وَإِنْ نَزَلَ فَقَطْ)؛ أَيْ دُونَ مَنْ بِدَرَجَتِهِ أَوْ فَوْقِهِ مِنْ آبَائِهِ وَأُمَّهَاتِهِ وَإِخْوَتِهِ وَأَخَوَاتِهِ وَنَحْوِهِمْ مِنْ أُصُولِ آبَائِهِ وَأُمَّهَاتِهِ وَفُرُوعِهِمْ.

(باب النفقات)

(وَلَا حُرْمَةَ) فِي الرَّضَاعِ (إِلَّا بِخَمْسِ رَضَعَاتٍ) فَأَكْثَرَ (فِي الحَوْلَيْنِ). (وَتَثْبُتُ) الحُرْمَةُ (بِسَعُوطٍ) فِي أَنْفٍ، (وَوَجُورٍ) فِي فَمٍ، (وَلَبَنِ مَيْتَةٍ وَ) لَبَنِ (مَوْطُوءَةٍ بِشُبْهَةٍ، وَ) لَبَنٍ (مَشُوبٍ) أَيْ مَخْلُوطٍ بِغَيْرِهِ، وَصِفَاتُهُ بَاقِيَةٌ. (وَكُلُّ امْرَأَةٍ تَحْرُمُ عَلَيْهِ بِنْتُهَا) مِنْ نَسَبٍ، وَمِثْلُهَا مِنْ رَضَاعٍ؛ (كَأُمِّهِ وَجَدَّتِهِ وَرَبِيبَتِهِ إِذَا أَرْضَعَتْ طِفْلَةً) خَمْسَ رَضَعَاتٍ: (حَرَّمَتْهَا عَلَيْهِ). (وَكُلُّ رَجُلٍ تَحْرُمُ عَلَيْهِ بِنْتَهُ) أَيْ بِنْتُ ذَلِكَ الرَّجُلِ؛ (كَأَخِيهِ وَأَبِيهِ وَرَبِيبِهِ إِذَا أَرْضَعَتِ امْرَأَتُهُ بِلَبَنِهِ طِفْلَةً) خَمْسَ رَضَعَاتٍ: (حَرَّمَتْهَا عَلَيْهِ). (وَمَنْ) تَزَوَّجَ، ثُمَّ (قَالَ: «إِنَّ زَوْجَتَهُ أُخْتُهُ مِنَ الرَّضَاعِ»: بَطَلَ نِكَاحُهُ) حُكْمًا، (وَلَا مَهْرَ) لَهَا إِنْ كَانَ إِقْرَارُهُ (قَبْلَ دُخُولٍ) بِهَا (إِنْ صَدَّقَتْهُ) أَنَّهَا أُخْتُهُ، (وَيَجِبُ نِصْفُهُ) أَيِ المَهْرِ (إِنْ كَذَّبَتْهُ، وَ) يَجِبُ المَهْرُ (كُلُّهُ بَعْدَ دُخُولٍ) بِهَا (مُطْلَقًا). (وَإِنْ قَالَتْ هِيَ ذَلِكَ) أَيْ إِنَّ زَوْجَهَا أَخُوهَا مِنَ الرَّضَاعِ، (وَكَذَّبَهَا: فَهِيَ زَوْجَتُهُ حُكْمًا) ظَاهِرًا؛ حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ لَهَا. (وَمَنْ شَكَّ فِي) وُجُودِ (رَضَاعٍ، أَوْ) شَكَّ فِي (عَدَدِهِ) أَيِ الرَّضَاعِ وَلَا بَيِّنَةَ: (بَنَى عَلَى اليَقِينِ). (وَيَثْبُتُ) الرَّضَاعُ المُحَرَّمُ (بِإِخْبَارِ) امْرَأَةٍ (مُرْضِعَةٍ مَرْضِيَّةٍ، وَ) يَثْبُتُ الرَّضَاعُ أَيْضًا (بِشَهَادَةِ عَدْلٍ مُطْلَقًا)؛ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ العَدْلُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى. (بَابُ النَّفَقَاتِ) وَالنَّفَقَاتُ: جَمْعُ نَفَقَةٍ، وَهِيَ: كِفَايَةُ مَنْ يَمُونُهُ خُبْزًا وَإِدَامًا وَكِسْوَةً وَمَسْكَنًا وَتَوَابِعَهَا.

(وَ) يَجِبُ (عَلَى زَوْجٍ نَفَقَةُ زَوْجَتِهِ) لِمَا يَصِحُّ لِمِثْلِهَا (مِنْ مَأْكُولٍ وَمَشْرُوبٍ وَكِسْوَةٍ وَسُكْنَى بِالْمَعْرُوفِ). (فَيُفْرَضُ لِمُوسِرَةٍ مَعَ مُوسِرٍ عِنْدَ تَنَازُعٍ) فِي قَدْرِ ذَلِكَ أَوْ صِفَتِهِ، وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الزَّوْجَيْنِ؛ (مِنْ أَرْفَعِ خُبْزِ البَلَدِ وَأُدْمِهِ عَادَةَ المُوسِرِينَ، وَ) يُفْرَضُ لَهَا (مَا يَلْبَسُ مِثْلُهَا، وَيَنَامُ عَلَيْهِ). (وَ) يُفْرَضُ (لِفَقِيرَةٍ مَعَ فَقِيرٍ كِفَايَتُهَا مِنْ أَدْنَى خُبْزِ البَلَدِ وَأُدْمِهِ، وَ) يُفْرَضُ لَهَا (مَا يَلْبَسُ مِثْلُهَا وَيَنَامُ وَيَجْلِسُ عَلَيْهِ). (وَ) يُفْرَضُ (لِمُتَوَسِّطَةٍ مَعَ مُتَوَسِّطٍ، وَمُوسِرَةٍ مَعَ فَقِيرٍ، وَعَكْسُهَا) أَيْ مُعْسِرَةٍ مَعَ مُوسِرٍ (مَا بَيْنَ ذَلِكَ) عُرْفًا لِأَنَّهُ اللَّائِقُ بِحَالِهَا، وَ (لَا) تُفْرَضُ (القِيمَةُ) أَيْ قِيمَةُ النَّفَقَةِ (إِلَّا بِرِضَاهُمَا) أَيِ الزَّوْجَيْنِ، (وَعَلَيْهِ) أَيِ الزَّوْجِ (مُؤْنَةُ نَظَافَتِهَا)، وَ (لَا) يَجِبُ عَلَيْهِ (دَوَاءٌ، وَ) لَا (أُجْرَةُ طَبِيبٍ، وَ) لَا (ثَمَنُ طِيبٍ). (وَتَجِبُ) النَّفَقَةُ (لِـ) مُطَلَّقَةٍ (رَجْعِيَّةٍ، وَبَائِنٍ حَامِلٍ)؛ لِأَنَّهَا كَالزَّوْجَةِ فِي النَّفَقَةِ وَالكِسْوَةِ وَالمَسْكَنِ، وَ (لَا) تَجِبُ (لِمُتَوَفًّى عَنْهَا) زَوْجُهَا وَلَوْ حَامِلًا؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ لِلْحَمْلِ لَا لَهَا مِنْ أَجْلِهِ، وَنَفَقَتُهُ مِنْ نَصِيبِهِ المَوْقُوفِ لَهُ. (وَمَنْ حُبِسَتْ) زَوْجَتُهُ وَلَوْ ظُلْمًا، (أَوْ نَشَزَتْ) وَلَوْ بِنِكَاحٍ فِي عِدَّةِ رَجْعِيَّةٍ، (أَوْ صَامَتْ نَفْلًا، أَوْ) صَامَتْ (لِكَفَّارَةٍ، أَوْ) صَامَتْ عَنْ (قَضَاءِ رَمَضَانَ وَوَقْتُهُ مُتَّسِعٌ، أَوْ حَجَّتْ نَفْلًا بِلَا إِذْنِهِ، أَوْ سَافَرَتْ لِحَاجَتِهَا) وَلَوْ (بِإِذْنِهِ: سَقَطَتْ) نَفَقَتُهَا؛ لِأَنَّهَا مَنَعَتْ نَفْسَهَا عَنْهُ بِسَبَبٍ لَا مِنْ جِهَتِهِ. (وَلَهَا الكِسْوَةُ كُلَّ عَامٍ مَرَّةً)، وَيَلْزَمُهُ الدَّفْعُ (فِي أَوَّلِهِ). (وَمَتَى لَمْ يُنْفِقْ) عَلَى زَوْجَتِهِ مُدَّةً لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ؛ لَمْ تَسْقُطُ وَلَوْ لَمْ يَفْرِضْهَا

(فصل) في نفقة الأقارب والمماليك والبهائم

حَاكِمٌ، وَ (تَبْقَى) النَّفَقَةُ دَيْنًا (فِي ذِمَّتِهِ). (وَإِنْ أَنْفَقَتْ) أَيِ الزَّوْجَةُ (مِنْ مَالِهِ) أَيِ الزَّوْجِ (فِي غَيْبَتِهِ، فَبَانَ) الزَّوْجُ (مَيِّتًا: رَجَعَ عَلَيْهَا وَارِثٌ) أَيْ حُسِبَ عَلَيْهَا مَا أَنْفَقَتْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ مِنْ مِيرَاثِهَا مِنْ زَوْجِهَا. (وَمَنْ تَسَلَّمَ مَنْ) أَيْ زَوْجَةً (يَلْزَمُهُ تَسَلُّمُهَا) وَهِيَ الَّتِي يُوطَأُ مِثْلُهَا، (أَوْ بَذَلَتْهُ هِيَ) أَيْ تَسْلِيمَ نَفْسِهَا البَذْلَ التَّامَّ (أَوْ) بَذَلَهُ (وَلِيُّهَا: وَجَبَتْ نَفَقَتُهَا) وَكِسْوَتُهَا (وَلَوْ مَعَ صِغَرِهِ وَمَرَضِهِ وعُنَّتِهِ وَجَبِّهِ) أَيِ الزَّوْجِ. (وَلَهَا) أَيِ الزَّوْجَةِ (مَنْعُ نَفْسِهَا) مِنْ زَوْجِهَا (قَبْلَ دُخُولٍ) بِهَا (لِقَبْضِ مَهْرٍ حَالٍّ، وَلَهَا النَّفَقَةُ) حَالَ مَنْعِهَا مِنْ قَبْضِ مَهْرِهَا الحَالِّ. (وَإِنْ أَعْسَرَ) زَوْجٌ (بِنَفَقَةِ مُعْسِرٍ) - لَا بِمَا زَادَ عَنْهَا -، (أَوْ) أَعْسَرَ بِـ (بَعْضِهَا) أَيْ بَعْضِ نَفَقَةِ المُعْسِرِ -، (لَا) إِنْ أَعْسَرَ (بِمَا فِي ذِمَّتِهِ، أَوْ غَابَ وَتَعَذَّرَتْ بِاسْتِدَانَةٍ أَوْ نَحْوِهَا -: فَلَهَا الفَسْخُ)، وَلَا يَصِحُّ إِلَّا (بِحَاكِمٍ)، فَيَفْسَخُ بِطَلَبِهَا أَوْ تَفْسَخُ بِأَمْرِهِ، (وَتَرْجِعُ) الزَّوْجَةُ (بِمَا اسْتَدَانَتْهُ) مِنَ النَّفَقَةِ (لَهَا أَوْ لِوَلَدِهَا الصَّغِيرِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ تَرَكَهَا لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَرَضَهَا حَاكِمٌ، أَوْ لَمْ يَفْرِضْهَا. (فَصْلٌ) فِي نَفَقَةِ الأَقَارِبِ وَالمَمَالِيكِ وَالبَهَائِمِ (وَتجِبُ) النَّفَقَةُ (عَلَيْهِ) أَيِ القَرِيبِ (بِمَعْرُوفٍ لِكُلٍّ مِنْ أَبَوَيْهِ وَإِنْ عَلَوْا، وَ) لِـ (وَلَدِهِ وَإِنْ سَفَلَ، وَلَو حَجَبَهُ مُعْسِرٌ). (وَ) تَجِبُ (لِكُلِّ مَنْ) أَيْ فَقِيرٍ (يَرِثهُ بِفَرْضٍ) كَأَخٍ لِأُمٍّ (أَوْ تَعْصِيبٍ) كَابْنِ أَخٍ لِغَيْرِ أُمٍّ، وَ (لَا) تَجِبُ لِمَنْ يَرِثُهُ (بِرَحِمٍ) كَخَالٍ وَخَالَةٍ (سِوَى عَمُودَيْ نَسَبِهِ، مَعَ فَقْرِ مَنْ تَجِبُ لَهُ) النَّفَقَةُ، (وَعَجْزِهِ عَنْ كَسْبٍ، إِذَا كَانَتْ) أَيِ النَّفَقَةُ (فَاضِلَةً عَنْ قُوتٍ

نَفْسِهِ وَ) عَنْ قُوتِ (زَوْجَتِهِ وَرَقِيقِهِ يَوْمَهُ وَلَيْلَتَهُ؛ كَفِطْرَةٍ)، وَ (لَا) تَجِبُ النَّفَقَةُ عَلَى قَرِيبٍ (مِنْ رَأْسِ مَالٍ) فِي تِجَارَةٍ، (وَ) لَا مِنْ (ثَمَنِ مِلْكٍ، و) لَا مِنْ (آلَةِ صَنْعَةٍ). (وَتَسْقُطُ) هُنَا نَفَقَةُ الأَقَارِبِ (بِمُضِيِّ زَمَنٍ)؛ لِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ، بِخِلَافِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ؛ فَإِنَّهَا عَلَى سَبِيلِ العِوَضِ كَالأُجْرَةِ؛ (مَا لَمْ يَفْرِضْهَا) أَيْ نَفَقَةَ الأَقَارِبِ (حَاكِمٌ، أَوْ تُسْتَدَنْ) أَيِ النَّفَقَةُ (بِإِذْنِهِ) أَيِ الحَاكِمِ. (وَإِنِ امْتَنَعَ) مِنَ النَّفَقَةِ (مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ)، فَأَنْفَقَ غَيْرُهُ: (رَجَعَ عَلَيْهِ) أَيِ المُمْتَنِعِ (مُنْفِقٌ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ)؛ لِأَنَّ الامْتِنَاعَ قَدْ يَكُونُ لِضَعْفِ مَنْ وَجَبَتْ لَهُ وَقُوَّةِ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ، فَلَوْ لَمْ يَمْلِكِ المُنْفِقُ الرُّجُوعَ لَضَاعَ الضَّعِيفُ. (وَهِي) أَيِ النَّفَقَةُ تَجِبُ (عَلَى كُلٍّ) مِنَ الوَرَثَةِ (بِقَدْرِ إِرْثِهِ) مِنْهُ، (وَإِنْ كَانَ) لَهُ (أَبٌ) غَنِيٌّ: (انْفَرَدَ بِهَا) أَيِ النَّفَقَةِ. (وَتَجِبُ عَلَيْهِ) أَيِ السَّيِّدِ (لِرَقِيقِهِ وَلَوْ) كَانَ (آبِقًا وَ) أَمَةً لَهُ (نَاشِزًا، وَلَا يُكَلِّفُهُ) مِنَ العَمَلِ ([مُشِقًّا] (¬1) كَثِيرًا، وَيُرِيحُهُ وَقْتَ قَائِلَةٍ) يَعْنِي وَسَطَ النَّهَارِ، (وَ) وَقْتَ (نَوْمٍ وَلِـ) أَدَاءِ (صَلَاةِ فَرْضٍ). (وَ) يَجِبُ (عَلِيهِ عَلْفُ بَهَائِمِهِ، وَسَقْيُهَا)، وَمَا يُصْلِحُهَا. (وَإِنْ عَجَزَ) عَنْ نَفَقَتِهَا: (أُجْبِرَ عَلَى بَيْعٍ) أَيْ بَيْعِهَا، (أَوْ إِجَارَةٍ) أَيْ إِجَارَتِهَا، (أَوْ ذَبْحِ مَأْكُولٍ). (وَحَرُمَ تَحْمِيلُهَا [مُشِقًّا] (¬2)، وَ) حَرُمَ (لَعْنُهَا، وَ) حَرُمَ (حَلْبُهَا مَا يَضُرُّ بِوَلَدِهَا، وَ) حَرُمَ (ضَرْبُ وَجْهٍ وَوَسْمٌ فِيهِ، وَيَجُوزُ) وَسْمُهَا (فِي غَيْرِهِ) أَيِ الوَجْهِ ¬

_ (¬1) حَقُّهَا الصَّرْفِيُّ: «شَاقًّا». (¬2) حَقُّهَا الصَّرْفِيُّ: «شَاقًّا».

(فصل) في الحضانة

(لِغَرَضٍ صَحِيحٍ). (فَصْلٌ) فِي الحَضَانَةِ (وَتَجِبُ الحَضَانَةُ لِحِفْظِ صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ وَمَعْتُوهٍ) عَمَّا يَضُرُّهُمْ، وَتَرْبِيَتُهُمْ بِعَمَلِ مَصَالِحِهِمْ مِنْ غَسْلِ بَدَنِهِمْ وَثِيَابِهِمْ وَدَهْنِهِمْ وَنَحْوِهِ. (وَالْأَحَقُّ بِهَا: أُمٌ، ثُمَّ أُمَّهَاتُهَا القُرْبَى فَالْقُرْبَى، ثُمَّ أَبٌ، ثُمَّ أُمَّهَاتُهُ كَذَلِكَ) أَيِ القُرْبَى فَالقُرْبَى، (ثُمَّ جَدٌّ) كَذَلِكَ، (ثُمَّ أُمَّهَاتُهُ كَذَلِكَ) أَيِ القُرْبَى فَالقُرْبَى، (ثُمَّ أُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ، ثُمَّ) أُخْتٌ (لِأُمٍّ، ثُمَّ) أُخْتٌ (لِأَبٍ، ثُمَّ خَالَةٌ، ثُمَّ عَمَّةٌ، ثُمَّ بِنْتُ أَخٍ، وَ) بِنْتُ (أُخْتٍ، ثُمَّ بِنْتُ عَمٍّ وَ) بِنْتُ (عَمَّةٍ، ثُمَّ بِنْتُ عَمِّ أَبٍ وَ) بِنْتُ (عَمَّتِهِ عَلَى مَا فُصِّلَ)، فَيُقَدَّمُ مَنْ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِأُمٍ ثُمَّ لِأَبٍ، (ثُمَّ) تَنْتَقِلُ الحَضَانَةُ (لِبَاقِي العَصَبَةِ) أَيْ عَصَبَةِ المَحْضُونِ (الأَقْرَبِ) مِنْهُمْ (فَالْأَقْرَبِ، وَشُرِطَ كَوْنُهُ) أَيِ العَصَبَةِ (مَحْرَمًا لِأُنْثَى) مَحْضُونَةٍ، (ثُمَّ) تَنْتَقِلُ الحَضَانَةُ (لِذِي رَحِمٍ، ثُمَّ) تَنْتَقِلُ (لِحَاكِمٍ). (وَلَا تَثْبُتُ) الحَضَانَةُ (لِمَنْ فِيهِ رِقٌّ، وَلَا لِكَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ، وَلَا لِفَاسِقٍ، وَلَا لِمُزَوَّجَةٍ بِأَجْنَبِيٍّ مِنْ مَحْضُونٍ)، فَتَسْقُطُ حَضَانَتُهَا (مِنْ حِينِ عَقْدٍ) لَا مِنَ الدُّخُولِ. (وَإِنْ أَرَادَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ) أَيِ المَحْضُونِ (نُقْلَةً إِلَى بَلَدٍ آمَنٍ، وَطُرُقُهُ) أَيِ البَلَدِ (مَسَافَةُ قَصْرٍ فَأَكْثَرُ لِيَسْكُنَهُ: فَأَبٌ أَحَقٌّ) بِالحَضَانَةِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَقُومُ بِتَأْدِيبِهِ وَتَخْرِيجِهِ وَحِفْظِ نَسَبِهِ، (أَوْ) أَيْ: وَمَتَى أَرَادَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ نَقْلَهُ (إِلَى) بَلَدٍ (قَرِيبٍ) دُونَ مَسَافَةِ قَصْرٍ مِنْ بَلَدِ الآخَرِ (لِلسُّكْنَى: فَأُمٌّ) أَحَقُّ؛ لِأَنَّهَا أَتَمُّ شَفَقَةً، (وَ) مَتَى أَرَادَ سَفَرًا (لِحَاجَةٍ مَعَ بُعْدٍ) أَيْ بُعْدِ البَلَدِ الَّذِي قَصَدَهُ (أَوْ لَا) أَيْ: أَوْ مَعَ قُرْبِهِ أَوْ كَانَ البَلَدُ أَوْ طَرِيقُهُ مَخُوفًا مُطْلَقًا: (فَمُقِيمٌ) مِنْهُمَا أَحَقُّ بِحَضَانَتِهِ؛ إِزَالَةً لِضَرَرِ السَّفَرِ.

(وَإِذَا بَلَغَ صَبِيٌّ) مَحْضُونٌ (سَبْعَ سِنِينَ) حَالَ كَوْنِهِ (عَاقِلًا؛ خُيِّرَ بَيْنَ أَبَوَيْهِ). (وَلَا يُقَرُّ مَحْضُونٌ بِيَدِ مَنْ لَا يَصُونُهُ وَيُصْلِحُهُ)؛ لِفَوَاتِ المَقْصُودِ مِنَ الحَضَانَةِ. (وَتَكُونُ بِنْتُ سَبْعٍ) مِنَ السِّنِينَ (عِنْدَ أَبٍ) أَيْ أَبِيهَا وُجُوبًا، (أَوْ) عِنْدَ (مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ إِلَى زِفَافٍ) أَيْ: إِلَى أَنْ يُسَلِّمَهَا زَوْجُهَا وَلَوْ تَبَرَّعَتِ الأُمُّ بِحَضَانَتِهَا.

(كتاب الجنايات)

(كِتَابُ الجِنَايَاتِ) الجِنَايَاتُ: جَمْعُ «جِنَايَةٍ»، وَهِيَ - لُغَةً -: التَّعَدِّي عَلَى بَدَنٍ أَوْ مَالٍ أَوْ عَرْضٍ، وَشَرْعًا: التَّعَدِّي عَلَى البَدَنِ بِمَا يُوجِبُ قِصَاصًا أَوْ مَالًا. (الْقَتْلُ) ثَلَاثَةُ أَضْرُبٍ: أَحَدُهَا: (عَمْدٌ، وَ) الثَّانِي: (شِبْهُ عَمْدٍ، وَ) الثَّالِثُ: (خَطَأٌ). (فَالْعَمْدُ يَخْتَصُّ القَوَدُ بِهِ)، فَلَا يَثْبُتُ فِي غَيْرِهِ، وَالقَوَدُ: قَتْلُ القَاتِلِ بِمَنْ يَقْتُلُهُ. (وَ) العَمْدُ: (هُوَ أَنْ يَقْصِدَ) الجَانِي (مَنْ يَعْلَمُهُ آدَمِيًّا مَعْصُومًا، فَيَقْتُلَهُ بِمَا) أَيْ بِشَيْءٍ (يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ مَوْتُهُ بِهِ)؛ مُحَدَّدًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ؛ وَلَهُ صُوَرٌ: إِحْدَاهَا: (كَجَرْحِهِ بِمَا لَهُ نُفُوذٌ فِي البَدَنِ) كَسِكِّينٍ وَإِبْرَةٍ وَشَوْكَةٍ وَنَحْوِهَا، (وَ) الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: كَـ (ضَرْبِهِ بِحَجَرٍ كَبِيرٍ) وَنَحْوِهِ. (وَشِبْهُ العَمْدِ: أَنْ يَقْصِدَ جِنَايَةً لَا تَقْتُلُ غَالِبًا، وَلَمْ يَجْرَحْهُ بِهَا؛ كَضَرْبٍ بِسَوْطٍ، أَوْ عَصًا) أَوْ حَجَرٍ صَغِيرٍ، وَكَلَكْمٍ، فَيَمُوتَ. (وَالْخَطَأُ: أَنْ يَفْعَلَ مَا لَهُ فِعْلُهُ؛ كَرَمْيِ صَيْدٍ وَنَحْوِهِ) كَهَدَفٍ، (فَيُصِيبَ آدَمِيًّا)، فَيَمُوتَ، فَعَلَيْهِ الكَفَّارَةُ، وَعَلَى عَاقِلَتِهِ الدِّيَةُ. (وَعَمْدُ صَبِيٍّ وَ) عَمْدُ (مَجْنُونٍ: خَطَأٌ)؛ فَفِي مَالِهِ الكَفَّارَةُ، وَعَلَى عَاقِلَتِهِ الدِّيَةُ. (وَيُقْتَلُ عَدَدٌ) أَيِ اثْنَانِ فَأَكْثَرُ (بِوَاحِدٍ) إِنْ صَلَحَ فِعْلُ كُلٍّ لِلْقَتْلِ بِهِ، وَإِلَّا

(فصل) في شروط القصاص

فَلَا؛ مَا لَمْ يَتَوَاطَئُوا عَلَى ذَلِكَ، (وَمَعَ عَفْوٍ) مِنْ وَلِيٍّ عَنْ قَوَدٍ يَسْقُطُ، وَ (تَجِبُ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ)؛ لِأَنَّ القَتْلَ وَاحِدٌ، فَلَا يَلْزَمُ بِهِ أَكْثَرُ مِنْ دِيَةٍ كَمَا لَوْ قَتَلُوهُ خَطَأً. (وَمَنْ أَكْرَهَ مُكَلَّفًا عَلَى قَتْلِ) إِنْسَانٍ (مُعَيَّنٍ)، فَفَعَلَ: فَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا القَوَدُ أَوِ الدِّيَةُ، (أَوْ) أَكْرَهَهُ (عَلَى أَنْ يُكْرِهَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى قَتْلِ إِنْسَانٍ مُعَيَّنٍ، (فَفَعَلَ: فَعَلَى كُلٍّ) مِنَ الثَّلَاثَةِ (القَوَدُ أَوِ الدِّيَةُ). (وَإِنْ أَمَرَ) مُكَلَّفٌ (بِهِ) أَيِ القَتْلِ (غَيْرَ مُكَلَّفٍ) لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ، فَقَتَلَ، (أَوْ) أَمَرَ مُكَلَّفٌ بِهِ (مَنْ) أَيْ مُكَلَّفًا (يَجْهَلُ تَحْرِيمَهُ) أَيِ القَتْلِ؛ كَمَنْ نَشَأَ بِغَيْرِ دَارِ الإِسْلَامِ، فَقَتَلَ، (أَوْ) أَمَرَ بِهِ (سُلْطَانٌ ظُلْمًا مَنْ جَهِلَ ظُلْمَهُ فِيهِ)؛ بِأَنْ لَمْ يَعْرِفِ المَأْمُورُ بِأَنَّ المَقْتُولَ لَمْ يَسْتَحِقَّ القَتْلِ، فَقَتَلَ: (لَزِمَ) القِصَاصُ (الآمِرَ). (فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ القِصَاصِ (وَلِلْقِصَاصِ أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ) بِالاسْتِقْرَاءِ: أَحَدُهَا: (تَكْلِيفُ قَاتِلٍ)؛ بِأَنْ يَكُونَ بَالِغًا عَاقِلًا، وَأَمَّا الصَّبِيُّ وَالمَجْنُونُ وَكُلُّ زَائِلِ العَقْلِ بِسَبَبٍ يُعْذَرُ فِيهِ كَالنَّائِمِ وَالمُغْمَى عَلَيْهِ وَنَحْوِهِمَا فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ. (وَ) الثَّانِي: (عِصْمَةُ مَقْتُولٍ)؛ بِأَنْ يَكُونَ مُهْدَرَ الدَّمِ. (وَ) الثَّالِثُ: (مُكَافَأَتُهُ) أَيْ المَقْتُولِ (لِقَاتِلٍ)؛ بِأَنْ لَا يَفْضُلَ قَاتِلٌ مَقْتُولًا حَالَ جِنَايَةٍ (بِدِينٍ وَ) لَا (حُرِّيَّةٍ). (وَ) الرَّابِعُ: (عَدَمُ الوِلَادَةِ)؛ أي: أَنْ لَا يَكُونَ المَقْتُولُ مِنْ ذُرِّيَّةِ القَاتِلِ، فَيُقْتَلُ وَلَدٌ وَوَلَدُ ابْنٍ وَبِنْتٍ وَإِنْ سَفَلَ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَبَوَيْهِ المُتَكَافِئَيْنِ وَإِنْ عَلَا، وَلَا يُقْتَلُ أَحَدٌ مِنَ الآبَاءِ بِالوَلَدِ. (وَ) يُشْتَرَطُ (لِاسْتِيفَائِهِ) أَيِ القِصَاصِ: (ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ):

(فصل) في العفو عن القصاص

أَحَدُهَا: (تَكْلِيفُ مُسْتَحِقٍّ لَهُ) أَيِ القِصَاصِ؛ بِأَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمْ عَاقِلًا بِالِغًا، فَإِنْ كَانَ فِيهِمْ صَغِيرٌ أَوْ مَجْنُونٌ: حُبِسَ جَانٍ إِلَى بُلُوغٍ أَوْ إِفَاقَةٍ. (وَ) الثَّانِي: (اتِّفَاقُهُمْ) أَيِ المُسْتَحِقِّينَ لِلْقِصَاصِ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى اسْتِيفَائِهِ، وَلَيْسَ لِبَعْضِهِمْ أَنْ يَقُودَ بِهِ. (وَ) الثَّالِثُ: (أَنْ يُؤْمَنَ فِي اِسْتِيفَائِهِ) أَيِ القِصَاصِ (تَعَدِّيِهِ) أَيِ الاسْتِيفَاءِ (إِلَى غَيْرِ جَانٍ) فَعَلَى هَذَا: لَوْ لَزِمَ قَوَدٌ حَامِلًا: لَمْ تُقْتَلْ حَتَّى تَضَعَ الوَلَدَ؛ لِأَنَّ قَتْلَهَا إِسْرَافٌ لِتَعَدِّيهِ إِلَى حَمْلِهَا. (وَيُحْبَسُ) جَانٍ (لِقُدُومِ غَائِبٍ وَبُلُوغٍ) لِصَغِيرٍ (وَإِفَاقَةٍ) لِمَجْنُونٍ. (وَيَجِبُ اِسْتِيفَاؤُهُ) أَيِ القِصَاصِ (بِحَضْرَةِ سُلْطَانٍ أَوْ نَائِبِهِ)؛ لِافْتِقَارِهِ إِلَى اجْتِهَادٍ وَخَوْفِ حَيْفٍ، (وَ) يَجِبُ اسْتِيفَاؤُهُ (بِآلَةٍ مَاضِيَةٍ، وَ) يَجِبُ اسْتِيفَاءٌ (فِي النَّفْسِ بِضَرْبِ العُنُقِ بِسَيْفٍ). (فَصْلٌ) فِي العَفْوِ عَنِ القِصَاصِ (وَيَجِبُ بِـ) قَتْلٍ (عَمْدٍ) أَحَدُ شَيْئَيْنِ: (القَوَدُ أَوْ الدِّيَةُ، فَيُخَيَّرُ وَلَيٌّ) أَيْ وَلِيُّ الجِنَايَةِ بَيْنَهُمَا، (وَالْعَفْوُ) أَيْ عَفْوُ الوَلِيِّ (مَجَّانًا) أَيْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا (أَفْضَلُ). (وَمَتَى اِخْتَارَ) وَلِيُّ الجِنَايَةِ (الدِّيَةَ أَوْ عَفَا مُطْلَقًا أَوْ هَلَكَ جَانٍ: تَعَيَّنَتِ الدِّيَةُ). (وَمَنْ وَكَّلَ) غَيْرَهُ فِي اسْتِيفَاءِ قَوَدٍ (ثُمَّ عَفَا) مُوَكِّلٌ عَنْ قَوَدٍ وَكَّلَ فِيهِ (وَلمْ يَعْلَمْ وَكِيلٌ) بِعَفْوِهِ (حَتَّى اقْتَصَّ: فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا)؛ أَيْ لَا عَلَى الوَكِيلِ وَلَا عَلَى المُوكِّلِ. (وَإِنْ وَجَبَ لِقِنٍّ) قَوَدٌ (أَوْ) وَجَبَ (تَعْزِيرُ قَذْفٍ: فَطَلَبُهُ وَإِسْقَاطُهُ لَهُ) أَيْ

(فصل) في الديات

لِلْقِنِّ دُونَ سَيِّدِهِ، (وَإِنْ مَاتَ) القِنُّ بَعْدَ وُجُوبِ ذَلِكَ لَهُ؛ (فَلِسَيِّدِهِ) طَلَبُهُ وَإِسْقَاطُهُ. (وَالقَوَدُ فِيمَا دُونَ النَّفسِ كَالقَوَدِ فِيهَا)؛ يَعْنِي: كُلُّ مَنْ أُقِيدَ بِهِ بِغَيْرِهِ فِي النَّفْسِ أُقِيدَ بِهِ فِيمَا دُونَهَا مِنْ حُرٍّ وَعَبْدٍ، وَمَنْ لَا يَجْرِي القِصَاصُ بَيْنَهُمَا فِي النَّفْسِ لَا يَجْرِي بَيْنَهُمَا فِي الطَّرَفِ وَالجِرَاحِ. (وَهُوَ) أَيِ القَوَدُ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ (نَوْعَانِ): (أَحَدُهُمَا فِي الطَّرَفِ، فَيُؤْخَذُ كُلٌّ مِنْ عَيْنٍ وَأَنْفٍ وَأُذُنٍ وَسِنٍّ وَنَحْوِهَا بِمِثْلِهِ، بِشَرْطِ مُمَاثَلَةٍ) فِي الاسْمِ وَالمَوْضِعِ؛ فَلَا تُؤْخَذُ يَدٌ بِرِجْلٍ، وَلَا يَمِينٌ بِيَسَارٍ، وَعَكْسُهُ (وَ) بِشَرْطِ (أَمْنٍ مِنْ حَيْفٍ) أَيْ إِمْكَانِ الاسْتِيفَاءِ بِلَا حَيْفٍ، (وَ) بِشَرْطِ (اسْتِوَاءٍ) لِلطَّرَفَيْنِ (فِي صِحَّةٍ وَكَمَالٍ)؛ فَلَا تُؤْخَذُ صَحِيحَةٌ بِشَلَّاءَ، وَلَا كَامِلَةُ الأَصَابِعِ بِنَاقِصَتِهَا. (وَ) النَّوْعُ (الثَّانِي) فِيمَا دُونَ النَّفْسِ: (فِي الجُرُوحِ، بِشَرْطِ اِنْتِهَائِهَا إِلَى عَظْمٍ) مَعَ زِيَادَةٍ (كَمُوضِحَةٍ) فِي رَأْسٍ وَوَجْهٍ (وَ) كَـ (جُرْحِ عَضُدٍ وَسَاقٍ وَنَحْوِهِمَا). (وَتُضْمَنُ سِرَايَةُ جِنَايَةٍ) فِي قَوَدٍ وَدِيَةٍ، فِي نَفْسٍ وَدُونَهَا، وَ (لَا) تُضْمَنُ سِرَايَةُ (قَوَدٍ). (وَلَا يُقْتَصُّ عَنْ طَرَفٍ وَ) لَا عَنْ (جُرْحٍ، وَلَا يُطْلُبُ لَهُمَا) أَيْ لِلطَّرَفِ وَالجِرَاحِ (دِيَةٌ قَبْلَ البُرْءِ)؛ لِاحْتِمَالِ السِّرَايَةِ. (فَصْلٌ) فِي الدِّيَاتِ (وَدِيَةُ العَمْدِ عَلَى الجَانِي، وَغَيْرِهَا) أَيْ غَيْرِ العَمْدِ، وَهُوَ الخَطَأُ وَشِبْهُ العَمْدِ (عَلَى عَاقِلَتِهِ).

(فصل) في مقادير ديات النفس

(وَمَنْ قَيَّدَ حُرًّا مُكَلَّفًا وَغَلَّهُ، أَوْ غَصَبَ صَغِيرًا) حُرًّا؛ أَيْ حَبَسَهُ عَنْ أَهْلِهِ، (فَتَلِفَ) الحُرُّ المُكَلَّفُ أَوِ الصَّغِيرُ (بِحَيَّةٍ أَوْ صَاعِقَةٍ؛ فَـ) فِيهِمَا (الدِّيَةُ)؛ لِهَلَاكِهِمَا فِي حَالَةِ تَعَدِّيهِ، وَ (لَا) يَضْمَنُ (إِنْ مَاتَ) المُكَلَّفُ المُقَيَّدُ المَغْلُولُ، أَوِ الصَّغِيرُ المَغْصُوبُ (بِمَرَضٍ أَوْ) مَاتَ (فُجَاءَةً). (وَإِنْ أَدَّبَ اِمْرَأَتَهُ بِنُشُوزٍ) بِلَا إِسْرَافٍ، (أَوْ) أَدَّبَ (مُعَلِّمٌ صَبِيَّهُ) بِلَا إِسْرَافٍ، (أَوْ) أَدَّبَ (سُلْطَانٌ رَعِيَّتَهِ بِلَا إِسْرَافٍ: فَلَا ضَمَانَ) عَلَى المُؤَدِّبِ (بِتَلَفٍ مِنْ ذَلِكَ). (وَمَنْ أَمَرَ) شَخْصًا (مُكَلَّفًا أَنْ يَنْزِلَ بِئْرًا)، فَفَعَلَ، فَهَلَكَ بِهِ، (أَوْ) أَمَرَهُ أَنْ (يَصْعَدَ شَجَرَةً)، فَفَعَلَ، (فَهَلَكَ بِهِ: لَمْ يَضْمَنْ) وَلَوْ كَانَ الآمِرُ السُّلْطَانَ؛ لِعَدَمِ إِكرَاهِهِ لَهُ، وَكَمَا لَوِ اسْتَأْجَرَهُ سُلْطَانٌ أَوْ غَيْرُهُ لِذَلِكَ. (وَلَوْ مَاتَتْ حَامِلٌ أَوْ) مَاتَ (حَمْلُهَا مِنْ رِيحِ طَعَامٍ وَنَحْوِهِ) كَكِبْرِيتٍ: (ضَمِنَ رَبُّهُ إِنْ عَلِمَ) رَبُّهُ (ذَلِكَ عَادَةً) أَيْ بِحَسَبِ العَادَةِ. (فَصْلٌ) فِي مَقَادِيرِ دِيَاتِ النَّفْسِ (وَدِيَةُ الحُرِّ المُسْلِمِ: مِئَةُ بَعِيرٍ أَوْ أَلْفُ مِثْقَالٍ ذَهَبًا أَوِ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهِمٍ فِضَّةً، أَوْ مِئَتَا بَقَرَةٍ، أَوْ أَلْفَا شَاةٍ)، وَهَذِهِ الخَمْسَةُ فَقَطْ أُصُولُهَا، (فَيُخَيَّرُ مَنْ عَلَيْهِ دِيَةٌ بَيْنَهَا). (وَيَجِبُ) أَنْ نَخْلِطَ الدِّيَةَ (فِي) قَتْلِ (عَمْدٍ وَ) فِي (شِبْهِهِ)، فَيُؤْخَذُ: (مِنْ إِبِلٍ: رُبُعٌ) مِنْهَا (بِنْتُ مَخَاضٍ، وَرُبُعٌ بِنْتُ لَبُونٍ، وَرُبُعٌ حِقَّةٌ، وَرُبُعٌ جَذَعَةٌ) أَيْ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ. (وَ) تَجِبُ (فِي خَطَإٍ أَخْمَاسًا: ثَمَانُونَ مِنَ) الأَرْبَعَةِ (المَذْكُورَةِ، وَعِشْرُونَ ابْنُ مَخَاضٍ، وَ) يُؤْخَذُ (مِنْ بَقَرٍ: نِصْفٌ مُسِنَّاتٌ، وَنِصْفٌ أَتْبِعَةٌ، وَ) يُؤْخَذُ (مِنْ غَنَمٍ:

نِصْفٌ ثَنَايَا، وَنِصْفٌ أَجْذِعَةٌ)؛ لِأَنَّ دِيَةَ الإِبِلِ مِنَ الإِنْسَانِ المَقْدُورَةُ فِي الزَّكَاةِ، فَكَذَا البَقَرُ وَالغَنَمُ. (وَتُعْتَبَرُ: السَّلَامَةُ) مِنَ العَيْبِ فِي كُلِّ الأَنْوَاعِ، وَ (لَا) يُعْتَبَرُ أَنْ تَبْلُغَ (القِيمَةُ) فِي ذَلِكَ دِيَةَ نَقْدٍ. (وَدِيَةُ أُنْثَى نِصْفُ دِيَةِ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ دِيَتِهَا)؛ سَوَاءٌ كَانَ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا أَوْ مَجُوسِيًّا أَوْ وَثَنِيًّا؛ فَدِيَةُ الحُرَّةِ المُسْلِمَةِ: خَمْسُونَ بَعِيرًا أَوْ مِئَةُ بَقَرَةٍ أَوْ أَلْفُ شَاةٍِ أَوْ خَمْسُ مِئَةِ مِثْقَالٍ ذَهَبًا أَوْ سِتَّةُ آلَافِ دِرْهَمِ فِضَّةٍ، وَكَذَلِكَ الحُرَّةُ الذِّمِّيَّةُ وَالمَجُوسِيَّةُ وَالوَثَنِيَّةُ عَلَى النِّصْفِ مِنْ أَهْلِ دِيَتِهَا مِنَ الذُّكُورِ. (وَجِرَاحُهَا تُسَاوِي جِرَاحَهُ) أَيْ جِرَاحُ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ دِيَتِهَا (فِيمَا دُونَ ثُلُثِ دِيَتِهِ)، فَإِذَا بَلَغَتِ الثُّلُثَ صَارَتْ عَلَى النِّصْفِ مِنْهُ. (وَدِيَةُ كِتَابِيٍّ حُرٍّ) وَكَذَا جِرَاحُهُ: (نِصْفُ دِيَةِ مُسْلِمٍ). (وَ) دِيَةُ (مَجُوسِيٍّ وَوَثَنِيٍّ: ثَمَانُ مِئَةِ دِرْهَمٍ)، وَجِرَاحُهُ بِالنِّسْبَةِ. (وَدِيَةُ رَقِيقٍ: قِيمَتُهُ) وَلَوْ فَوْقَ دِيَةِ حُرٍّ. (وَجُرْحُهُ: إِنْ كَانَ مُقَدَّرًا مِنَ الحُرِّ فَهُوَ مُقَدَّرٌ مِنْهُ مَنْسُوبًا إِلَى قِيمَتِهِ)؛ فَفِي لِسَانِهِ قِيمَتُهُ كَامِلَةً، وَفِي يَدِهِ نِصْفُهَا، وَفِي مُوضِحَةٍ نِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهِ، سَوَاءٌ نَقَصَ بِجِنَايَتِهِ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ، (وَإِلَّا فَمَا نَقَصَهُ) بِجِنَايَتِهِ (بَعْدَ بُرْءٍ)، فَلَوْ جَنَى عَلَى رَأْسٍ أَوْ وَجْهٍ دُونَ مُوضِحَةٍ: ضَمِنَ بِمَا نَقَصَ وَلَوْ أَنَّهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْشِ مُوضِحَةٍ. (وَدِيَةُ جَنِينٍ حُرٍّ) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى إِذَا سَقَطَ مَيِّتًا بِجِنَايَةٍ عَلَى أُمِّهِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً: (غُرَّةٌ) عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ (مَوْرُوثَةٌ عَنْهُ) أَيِ الجَنِينِ؛ كَأَنَّهُ سَقَطَ حَيًّا، فَلَا حَقَّ فِيهَا لِقَاتِلِهِ، (قِيمَتُهَا) أَيِ الغُرَّةِ لِجَنِينٍ حُرٍّ مُسْلِمٍ: (عُشْرُ دِيَةِ أُمِّهِ)، وَذَلِكَ خَمْسٌ

(فصل) في دية الأعضاء ومنافعها

مِنَ الإِبِلِ، (وَ) قِيمَتُهَا لِـ (قِنٍّ: عُشْرُ قِيمَتِهَا) أَيْ عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّهِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الجَنِينُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، (وَتُقَدَّرُ حُرَّةٌ) حَامِلٌ بِرَقِيقٍ (أَمَةً)؛ بِأَنْ أَعْتَقَهَا سَيِّدُهَا وَاسْتَثْنَاهُ، وَيُؤْخَذُ عُشْرُ قِيمَتِهَا يَوْمَ جِنَايَةٍ نَقْدًا. (وَإِنْ جَنَى رَقِيقٌ خَطَأً، أَوْ) جَنَى (عَمْدًا، وَاخْتِيرِ المَالَ، أَوْ أَتْلَفَ) رَقِيقٌ (مَالًا)، وَكَانَ ذَلِكَ (بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ): تَعَلَّقَ ذَلِكَ بِرَقَبَتِهِ، وَإِذَا تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ: (خُيِّرَ) سَيِّدُهُ (بَيْنَ فِدَائِهِ بِأَرْشِ الجِنَايَةِ أَوْ تَسْلِيمِهِ لِوَلِيِّهَا) أَيْ وَلِيِّ الجِنَايَةِ. (فَصْلٌ) فِي دِيَةِ الأَعْضَاءِ وَمَنَافِعِهَا (وَمَنْ أَتْلَفَ مَا فِي الإِنْسَانِ مِنْهُ) شَيْءٌ (وَاحِدٌ كَأَنْفٍ: فَفِيهِ دِيَةُ نَفْسِهِ) أَيِ المَقْطُوعِ مِنْهُ ذَلِكَ، (أَوْ) أَيْ: وَمَنْ أَتْلَفَ مَا فِي الإِنْسَانِ مِنْهُ (اِثْنَانِ أَوْ أَكْثَرُ: فَكَذَلِكَ) فِيهِ الدِّيَةُ، (وَفِي أَحَدِ ذَلِكَ) إِذَا أَتْلَفَ (بِنِسْبَتِهِ مِنْهَا). (وَفِي الظُّفُرِ بَعِيرَانِ) خُمُسُ دِيَةِ الأُصْبُعِ إِذَا قَلَعَهُ وَلَمْ يَعُدْ، أَوْ عَادَ أَسْوَدَ. (وَتَجِبُ) الدِّيَةُ (كَامِلَةً فِي كُلِّ حَاسَّةٍ) مِنْ سَمْعٍ وَبَصَرٍ وَشَمٍّ وَذَوْقٍ وَلَمْسٍ، (وَكَذَا كَلَامٌ وَعَقْلٌ وَمَنْفَعَةُ أَكْلٍ وَمَشْيٌ وَنِكَاحٌ). (وَمَنْ وَطِئَ زَوْجَةً يُوطَأُ مِثْلُهَا لِمِثْلِهِ، فَخَرَقَ) بِوَطْئِهِ (مَا بَيْنَ مَخْرَجِ بَوْلٍ وَمَنِيٍّ، أَوْ) خَرَقَ (مَا بَيْنَ السَّبِيلَيْنِ: فَهَدَرٌ وَإِلَّا فَجَائِفَةٌ) أَيْ عَلَيْهِ ثُلُثُ الدِّيَةِ (إِنِ اِسْتَمْسَكَ بَوْلٌ، وَإِلَّا فَالدِّيَةُ). (وَفِي كُلٍّ مِنْ) أَحَدِ الشُّعُورِ الأَرْبَعَةِ؛ أَيْ (شَعْرِ رَأْسٍ وَ) شَعْرِ (حَاجِبَيْنِ، وَ) شَعْرِ (أَهْدَابِ عَيْنَيْنِ، وَ) شَعْرِ (لِحْيَةٍ: الدِّيَةُ، وَ) فِي (حَاجِبٍ: نِصْفُهَا) أَيِ الدِّيَةِ، (وَ) فِي (هُدْبٍ: رُبْعُهَا) أَيِ الدِّيَةِ، (وَ) فِي شَعْرِ (شَارِبٍ: حُكُومَةٌ).

(وَمَا عَادَ) مِنْ شَعْرٍ (سَقَطَ مَا فِيهِ) مِنْ دِيَةٍ أَوْ بَعْضِهَا أَوْ حُكُومَةٍ، فَإِنْ كَانَ أَخَذَ شَيْئًا رَدَّهُ، وَإِنْ رَجَا عَوْدَهُ: انْتَظَرَ مَا يَقُولُهُ أَهْلُ الخِبْرَةِ. (وَفِي عَيْنِ الأَعْوَرِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ)؛ قَضَى بِهِ عُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَابْنُ عُمَرَ، وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُمْ مُخَالِفٌ، (وَإِنْ قَلَعَهَا) أَيْ عَيْنَ الأَعْوَرِ (صَحِيحٌ) أَيْ صَحِيحُ العَيْنَيْنِ: (أُقِيدَ) مِنْهُ (بِشَرْطِهِ)؛ يَعْنِي بِمَا تُمَاثِلُهَا، كَمَا تَقَدَّمَ فِي شُرُوطِ الاسْتِيفَاءِ، (وَعَلَيْهِ أَيْضًا نِصْفُ الدِّيَةِ). (وَإِنْ قَلَعَ) أَعْوَرُ (مَا) أَيْ عَيْنًا (يُمَاثِلُ صَحِيحَتَهُ) أَيْ عَيْنَهُ الصَّحِيحَةَ (مِنْ) شَخْصٍ (صَحِيحٍ) أَيْ صَحِيحِ العَيْنِ (عَمْدًا؛ فَـ) عَلَى الأَعْوَرِ (دِيَةٌ كَامِلَةٌ، وَالأَقْطَعُ كَغَيْرِهِ). (وَفِي المُوضِحَةِ) - وَهِيَ الَّتِي تُوضِحُ العَظْمَ أَيْ تُبْرِزُهُ وَلَوْ بِقَدْرِ إِبْرَةٍ، وَلَا يُعْتبَرُ إِيَضاحُهَا لِلنَّاظِرِ، وَمُوضِحَةُ الرَّأْسِ وَالوَجْهِ سَوَاءٌ -: (خَمْسٌ مِنَ الإِبِلِ). (وَ) فِي (الْهَاشِمَةِ) - وَهِيَ الَّتِي تُوضِحُ العَظْمَ وَتُهَشِّمُهُ -: (عَشْرٌ) مِنَ الإِبِلِ. (وَ) فِي (الْمُنَقِّلَةِ) - وَهِيَ الَّتِي تُوضِحُ وَتُهَشِّمُ وَتَنْقُلُ العَظْمَ -: (خَمْسَةَ عَشَرَ) مِنَ الإِبِلِ. (وَ) فِي (الْمَأْمُومَةِ) - وَتُسَمَّى الآمَّةَ، وَهِيَ الَّتِي تَصِلُ إِلَى أُمِّ الدِّمَاغِ -: (ثُلُثُ الدِّيَةِ، كَالْجَائِفَةِ) وَهِيَ الَّتِي تَصِلُ إِلَى بَاطِنِ الجَوْفِ مِنْ بَطْنٍ أَوْ ظَهْرٍ أَوْ نَحْرٍ، (وَ) كَـ (الدَّامِغَةِ). (وَفِي الحَارِصَةِ) وَهِيَ الَّتِي تَحْرِصُ الجِلْدَ أَيْ تَشُقُّهُ قَلِيلًا وَلَا تُدْمِيهِ، (وَ) فِي (الْبَازِلَةِ) أَيِ الدَّامِيَةِ الدَّامِغَةِ الَّتِي تُدْمِيهِ، (وَ) فِي (الْبَاضِعَةِ) الَّتِي تَبْضَعُ اللَّحْمَ، (وَ) فِي (الْمُتَلَاحِمَةِ) الغَائِصَةِ فِيهِ، (وَ) فِي (السِّمْحَاقِ) الَّتِي بَيْنَهَا وَبَيْنَ العَظْمِ قِشْرَةٌ

(فصل) في العاقلة، وكفارة قتل العمد، والقسامة

رَقِيقَةٌ: (حُكُومَةٌ). (فَصْلٌ) فِي العَاقِلَةِ، وَكَفَّارَةِ قَتْلِ العَمْدِ، وَالقَسَامَةِ (وَعَاقِلَةُ جَانٍ) - ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى -: (ذُكُورُ عَصَبَتِهِ نَسَبًا وَوَلَاءً). (وَلَا عَقْلَ عَلَى فَقِيرٍ، وَ) لَا عَلَى (غَيْرِ مُكَلَّفٍ، وَ) لَا عَلَى (مُخَالِفٍ دِينَ جَانٍ). (وَلَا تَحْمِلُ) العَاقِلَةُ (عَمْدًا) مَحْضًا، (وَلَا عَبْدًا، وَلَا صُلْحًا، وَلَا اِعْتِرَافًا، وَلَا مَا دُونَ ثُلُثِ الدِّيَةَ). (وَمَنْ قَتَلَ نَفْسًا مُحَرَّمَةً غَيْرَ عَمْدٍ، أَوْ شَارَكَ فِيهِ) أَيِ القَتْلِ: (فَعَلَيْهِ الكَفَّارَةُ) كَامِلَةً فِي مَالِهِ، (وَهِيَ) أَيْ كَفَّارَةُ القَتْلِ (كَكَفَّارَةِ ظِهَارٍ، إِلَّا أَنَّهَا لَا إِطْعَامَ فِيهَا). (وَيُكَفِّرُ عَبْدٌ بِالصَّوْمِ)؛ لأَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ. (وَالْقَسَامَةُ: أَيْمَانٌ مُكَرَّرَةٌ فِي دَعْوَى قَتْلِ مَعْصُومٍ)، فَلَا تَكُونُ فِي طَرَفٍ وَلَا بِجُرْحٍ. (وَإِذَا أَتَمَّتْ شُرُوطَهَا: بُدِئَ) فِيهَا (بِأَيْمَانِ ذُكُورِ عُصْبَتِهِ الوَارِثِينَ، فَيَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا)، فَيَحْلِفُ (كُلٌّ) أَيْ كُلُّ وَارِثٍ (بِقَدْرِ إِرْثِهِ) مِنَ القَتْلِ، (وَيُجْبَرُ كَسْرٌ) كَابْنٍ وَزَوْجٍ، فَيَحْلِفُ الابْنُ ثَمَانِيَةً وَثَلَاثِينَ، وَالزَّوْجُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ، فَلَوْ كَانَ مَعَهُمَا بِنْتٌ حَلَفَ زَوْجٌ سَبْعَةَ عَشَرَ، وَابْنٌ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ، (فَإِنْ نَكَلُوا) أَيْ ذُكُورُ الوَرَثَةِ عَنِ الخَمْسِينَ يَمِينًا أَوْ بَعْضِهَا، (أَوْ كَانَ الكُلُّ) أَيْ كُلُّ الوَرَثَةِ (نِسَاءً: حَلَّفَهَا) أَيِ الخَمْسِينَ يَمِينًا (مُدَّعًى عَلَيْهِ وَبَرِئَ) إِنْ رَضَوْا.

(كتاب الحدود)

(كِتَابُ الحُدُودِ) الحُدُودُ: جَمْعُ «حَدٍّ»، وَهِيَ - لُغَةً -: المَنْعُ، وَحُدُودُ اللهِ: مَحَارِمُهُ، وَشَرْعًا: عُقُوبَةٌ مُقَدَّرَةٌ لِتَمْنَعَ مِنَ الوُقُوعِ فِي مِثْلِهِ. (لَا تَجِبُ) إِقَامَةُ الحُدُودِ (إِلَّا عَلَى مُكَلَّفٍ مُلْتَزِمٍ عَالِمٍ بِالتَّحْرِيمِ). (وَ) يَجِبُ (عَلَى إِمَامٍ أَوْ نَائِبِهِ إِقَامَتُهَا) أَيِ الحُدُودِ، وَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِ أَنْ يُقِيمَهَا. (وَيُضْرَبُ رَجُلٌ) الحَدَّ (قَائِمًا) لِيُعْطَى كُلُّ عُضْوٍ حَقَّهُ مِنَ الضَّرْبِ (بِسَوْطٍ لَا خَلَقٍ)؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْلِمُ، (وَلَا جَدِيدٍ، وَيَكُونُ عَلَيْهِ قَمِيصٌ وَقَمِيصَانِ، وَلَا يُبْدِي ضَارِبٌ إِبْطَهُ) فِي رَفْعِ يَدِهِ لِلضَّرْبِ. (وَيُسَنُّ تَفْرِيقُهُ) أَيِ الضَّرْبِ (عَلَى الأَعْضَاءِ، وَيَجِبُ) فِي جَلْدٍ (اِتِّقَاءُ وَجْهٍ، وَ) اتِّقَاءُ (رَأْسٍ، وَ) اتِّقَاءُ (فَرْجٍ، وَ) اتِّقَاءُ (مَقْتَلٍ)؛ كَفُؤَادٍ وَخُصْيَتَيْنِ. (وَاِمْرَأَةٌ كَرَجُلٍ) فِيمَا ذُكِرَ، (لَكِنْ تُضْرَبُ جَالِسَةً، وَتُشَدُّ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا، وَتُمْسَكُ يَدَاهَا) لِئَلَّا تَنْكَشِفَ. (وَلَا يُحْفَرُ لِمَرْجُومٍ)، وَلَا لِأُنْثَى. (وَمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ حَدٌّ: سَقَطَ). (فَيُرْجَمُ زَانٍ مُحْصَنٌ) وُجُوبًا بِحِجَارَةٍ مُتَوَسِّطَةٍ كَالكَفِّ (حَتَّى يَمُوتَ، وَغَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ مُحْصَنٍ (يُجْلَدُ مِئَةً وَيُغَرَّبُ عَامًا، وَ) يُجْلَدُ (رَقِيقٌ خَمْسِينَ، وَلَا يُغَرَّبُ، وَ) يُجْلَدُ (مُبَعَّضٌ بِحِسَابِهِ فِيهِمَا) أَيِ الجَلْدِ وَالتَّعْذِيبِ، فَيُجْلَدُ مَنْ نِصْفُهُ حُرٌّ وَنِصْفُهُ رَقِيقٌ خَمْسًا وَسَبْعِينَ جَلْدَةً، وَيُغَرَّبُ نِصْفَ عَامٍ، وَيُحْسَبُ زَمَنُ التَّغْرِيبِ عَلَيْهِ مِنْ

نَصِيبِهِ الحُرِّ. (وَالْمُحْصَنُ) هُوَ: (مَنْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ) لَا فَاسِدٍ (فِي قُبُلِهَا وَلَوْ مَرَّةً). (وَشُرُوطُهُ) أَيْ حَدِّ الزِّنَى (ثَلَاثَةٌ): أَحَدُهَا: (تَغْيِيبُ حَشَفَةٍ أَصْلِيَّةٍ فِي فَرْجٍ أَصْلِيٍّ لِآدَمِيٍّ) حَيٍّ (وَلَوْ دُبُرًا) لِذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى. (وَ) الثَانِي: (انْتِفَاءُ الشُّبْهَةِ)، فَلَا حَدَّ بِوَطْءِ امْرَأَةٍ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ، أَوْ فِي نِكَاحٍ بَاطِلٍ اعْتَقَدَ صِحَّتَهُ، أَوْ فِي نِكَاحٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ. (وَ) الثَّالِثُ: (ثُبُوتُهُ) أَيْ الزِّنَى، وَلَا يَثْبُتُ إِلَّا بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ: إِمَّا (بِشَهَادَةِ أَرْبَعَةِ رِجَالٍ عُدُولٍ فِي مجْلِسٍ وَاحِدٍ) يَشْهَدُونَ (بِزِنًى وَاحِدٍ مَعَ وَصْفِهِ)؛ بِأَنْ يَقُولُوا: رَأَيْنَاهُ غَيَّبَ ذَكَرَهُ أَوْ حَشَفَتَهُ أَوْ قَدْرَهَا فِي فَرْجِهَا كَالمِيلِ فِي المُكْحُلَةِ وَالرِّشَاءِ فِي البِئْرِ، (أَوْ إِقْرَارِهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ) وَلَوْ فِي مَجَالِسَ (مَعَ ذِكْرِ حَقِيقَةِ الوَطْءِ بِلَا رُجُوعٍ). (وَالْقَاذِفُ مُحْصَنًا: يُجْلَدُ حُرٌّ ثَمَانِينَ) جَلْدَةً، (وَ) يُجْلَدُ (رَقِيقٌ نِصْفَهَا) أَيْ أَرْبَعِينَ جَلْدَةً، (وَ) يُجْلَدُ (مُبَعَّضٌ بِحِسَابِهِ)؛ فَالمُتَنَصِّفُ يُجْلَدُ سِتِّينَ. (وَالْمُحْصَنُ هُنَا) أَيْ فِي حَدِّ القَذْفِ: (الحُرُّ، المُسْلِمُ، العَاقِلُ، العَفِيفُ). (وَشُرِطَ كَوْنُ مِثْلِهِ) أَيِ المَقْذُوفِ (يَطَأُ)، وَهُوَ ابْنُ عَشْرٍ، (أَوْ يُوطَأُ) كَبِنْتِ تِسْعٍ فَأَكْثَرَ، وَ (لَا) يُشْتَرَطُ (بُلُوغُهُ) أَيِ المَقْذُوفِ. (وَيُعَزَّرُ بِنَحْوِ) قَوْلِهِ لِغَيْرِهِ: (يَا كَافِرُ، يَا مَلْعُونُ، يَا أَعْوَرُ، يَا أَعْرَجُ). (وَيَجِبُ التَّعْزِيرُ فِي كُلِّ مَعْصِيَةٍ لَا حَدَّ فِيهَا وَلَا كَفَّارَةَ، وَمَرْجِعُهُ) أَيِ التَّعْزِيرِ مَوْكُولٌ (إِلَى اِجْتِهَادِ الإِمَامِ).

(فصل) في حد المسكر

(فَصْلٌ) فِي حَدِّ المُسْكِرِ (وَكُلُّ شَرَابٍ مُسْكِرٍ يَحْرُمُ) قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ (مُطْلَقًا)؛ أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ مِنَ العِنَبِ أَوِ الشَّعِيرِ أَوِ العَسَلِ أَوِ البُرِّ أَوْ غَيْرِهَا؛ (إِلَّا لِدَفْعِ لُقْمَةٍ غُصَّ بِهَا مَعَ خَوْفِ تَلَفٍ) وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ، (وَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ) أَيِ الخَمْرِ فِي دَفْعِ لُقْمَةٍ غَصَّ بِهَا (بَوْلٌ). (فَإِذَا شَرِبَهُ) أَيِ المُسْكِرَ، (أَوْ اِحْتَقَنَ بِهِ مُسْلِمٌ مُكَلَّفٌ)، لَا صَغِيرٌ أَوْ مَجْنُونٌ حَالَ كَوْنِهِ (مُخْتَارًا) لِشُرْبِهِ، (عَالِمًا أَنَّ كَثِيرَهُ يُسْكِرُ: حُدَّ حُرٌّ) وُجِدَ مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ: (ثَمَانِينَ) جَلْدَةً، (وَ) حُدَّ (قِنٌّ نِصْفَهَا) أَيْ أَرْبَعِينَ جَلْدَةً. (وَيَثْبُتُ) شُرْبُ مُسْكِرٍ (بِإِقْرَارِهِ) أَيْ شَارِبِهِ (مَرَّةً كَقَذْفٍ)؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يَضْمَنُ إِتْلَافًا، بِخِلَافِ زِنًى وَسَرِقَةٍ، (أَوْ شَهَادَةِ عَدْلَيْنِ) عَلَى شُرْبٍ أَوِ الإِقْرَارِ بِهِ. (وَحَرُمَ عَصِيرٌ وَنَحْوُهُ إِذَا غَلَى) كَغَلَيَانِ القِدْرِ، (أَوْ) إِذَا (أَتَى عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ) بِلَيَالِيهِنَّ وَإِنْ لَمْ يَغْلِ. (فَصْلٌ) فِي القَطْعِ فِي السَّرِقَةِ (وَيُقْطَعُ السَّارِقُ) وُجُوبًا (بِثَمَانِيَةِ شُرُوطٍ): أَحَدُهَا: (السَّرِقَةُ، وَهِيَ: أَخْذُ مَالِ مَعْصُومٍ خُفْيَةً) مِنْ مَالِكِهِ أَوْ نَائِبِهِ. (وَ) الثَّانِي: (كَوْنُ سَارِقٍ مُكَلَّفًا مُخْتَارًا)؛ لِأَنَّ غَيْرَ المُكَلَّفِ مَرْفُوعٌ عَنْهُ القَلَمُ، وَالمُكْرَهَ مَعْذُورٌ، (عَالِمًا بِمَسْرُوقٍ وَتَحْرِيمِهِ)، فَلَا قَطْعَ عَلَى صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ. (وَ) الثَّالِثُ: (كَوْنُ مَسْرُوقٍ مَالًا مُحْتَرَمًا)؛ لِأَنَّ غَيْرَ المَالِ لَيْسَ لَهُ حُرْمَةُ المَالِ، وَغَيْرَ المُحْتَرَمِ - كَمَالِ الحَرْبِيِّ - يَجُوزُ سَرِقَتُهُ. (وَ) الرَّابِعُ: (كَوْنُهُ) أَيِ المَسْرُوقِ (نِصَابًا، وَهُوَ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ فِضَّةً، أَوْ رُبْعُ

مِثْقَالٍ ذَهَبًا، أَوْ مَا قِيمَتُهُ أَحَدُهُمَا) مِنْ غَيْرِهِمَا؛ كَثَوْبٍ وَنَحْوِهِ يُسَاوِي ذَلِكَ. (وَ) الخَامِسُ: (إِخْرَاجُهُ) أَيِ النِّصَابِ (مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ)، فَلَوْ سَرَقَ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ فَلَا قَطْعَ، (وَحِرْزُ كُلِّ مَالٍ: مَا حُفِظَ بِهِ عَادَةً)؛ لِأَنَّ مَعْنَى الحِرْزِ الحِفْظُ. (وَ) السَّادِسُ: (انْتِفَاءُ الشُّبْهَةِ)، فَلَا قَطْعَ بِسَرِقَةِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ مِنْ مَالِ الزَّوْجِ الآخَرِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَرِثُ صَاحِبَهُ بِغَيْرِ حَجْبٍ. (وَ) السَّابِعُ: (ثُبُوتُهَا) أَيِ السَّرِقَةِ إِمَّا (بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ) وَ (يَصِفَانِهَا) أَيِ السَّرِقَةَ فِي شَهَادَتِهِمَا، (أَوْ إِقْرَارٍ) مِنَ السَّارِقِ (مَرَّتَيْنِ مَعَ وَصْفٍ وَدَوَامٍ عَلَيْهِ) أَيْ يَصِفُ السَّارِقُ السَّرِقَةَ فِي كُلِّ مَرَّةٍ، وَلَا يَنْزِعُ عَنْ إِقْرَارِهِ حَتَّى القَطْعِ. (وَ) الثَّامِنُ: (مُطَالَبَةُ مَسْرُوقٍ مِنْهُ) بِمَالِهِ، (أَوْ) مُطَالَبَةُ (وَكِيلِهِ، أَوْ) مُطَالَبَةُ (وَلِيِّهِ). (فَإِذَا وَجَبَ) القَطْعُ لِاجْتِمَاعِ شُرُوطِهِ: (قُطِعَتْ يَدُهُ اليُمْنَى مِنْ مَفْصِلِ كَفِّهِ وَحُسِمَتْ) وُجُوبًا، (فَإِنْ عَادَ) مَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ، فَسَرَقَ: (قُطِعَتْ رِجْلُهُ اليُسْرَى مِنْ مَفْصِلِ كَعْبِهِ) وَتُرِكَ عَقِبُهُ، (وَحُسِمَتْ) كَيَدِهِ، (فَإِنْ عَادَ)، فَسَرَقَ بَعْدَ قَطْعِ يَدِهِ وَرِجْلِهِ: لَمْ يُقْطَعْ مِنْهُ شَيْءٌ، وَ (حُبِسَ حَتَّى يَتُوبَ) أَوْ يَمُوتَ؛ لِأَنَّهُ جَنَى جِنَايَةً لَا تُوجِبُ الحَدَّ، فَوَجَبَ حَبْسُهُ كَفًّا لَهُ عَنِ السَّرِقَةِ، وَتَعْزِيرًا لَهُ؛ لِأَنَّهُ القَدْرُ المُمْكِنُ فِي ذَلِكَ. (وَمَنْ سَرَقَ ثَمَرًا أَوْ مَاشِيَةً مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ) كَمِنْ شَجَرَةٍ وَلَوْ بِبُسْتَانٍ مُحَوَّطٍ؛ (غُرِّمَ قِيمَتَهُ) أَيْ قِيمَةَ الَّذِي سَرَقَهُ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ مِثْلِهِ (مَرَّتَيْنِ، وَلَا قَطْعَ)؛ لِفَوَاتِ شَرْطِهِ. (وَمَنْ لَمْ يَجِدْ) سَارِقٌ (مَا يَشْتَرِيهِ أَوْ يُشْتَرَى بِهِ زَمَنَ مَجَاعَةِ غَلَاءٍ: لَمْ يُقْطَعْ

(فصل) في حد قطاع الطريق

بِسَرِقَةٍ). (فَصْلٌ) فِي حَدِّ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ (وَقُطَّاعُ الطَّرِيقِ أَنْوَاعٌ): (فَمَنْ مِنْهُمْ) أَيِ المُحَارِبِينَ (قَتَلَ مُكَافِئًا) لَهُ كَالحُرِّ المُسْلِمِ، (أَوْ) قَتَلَ (غَيْرَهُ) أَيْ غَيْرَ مُكَافِئٍ لَهُ (كَوَلَدٍ) يَقْتُلُهُ أَبُوهُ، (وَأَخَذَ المَالَ) الَّذِي قَتَلَ لِقَصْدِهِ: (قُتِلَ، ثُمَّ صُلِبَ) قَاتِلٌ (مُكَافِئٌ) لِمَنْ قَتَلَ (حَتَّى يَشْتَهِرَ) أَمْرُهُ لِيَرْتَدِعَ غَيْرُهُ. (وَمَنْ قَتَلَ) فِي المُحَارَبَةِ (فَقَطْ) لِقَصْدِ المَالِ، وَلَمْ يَأْخُذِ المَالَ: (قُتِلَ حَتْمًا) أَيْ لِحَقِّ اللهِ تَعَالَى، وَلَا أَثَرَ لِعَفْوِ وَلِيٍّ، (وَلَا صَلْبَ)؛ لِأَنَّ الجِنَايَةَ بِالقَتْلِ وَأَخْذِ المَالِ تَزِيدُ عَلَى الجِنَايَةِ بِالقَتْلِ وَحْدَهُ، فَوَجَبَ اخْتِلَافُ العُقُوبَتَيْنِ. (وَمَنْ أَخَذَ المَالَ فَقَطْ) أَيْ أَخَذَ مِنْهُ نِصَابًا لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ وَلَمْ يَقْتُلْ: (قُطِعَتْ يَدُهُ اليُمْنَى، ثُمَّ) قُطِعَتْ (رِجْلُهُ اليُسْرَى فِي مَقَامٍ وَاحِدٍ، وَحُسِمَتَا، وَخُلِّيَ) سَبِيلُهُ. (وَإِنْ أَخَافَ السَّبِيلَ فَقَطْ) وَلَمْ يَقْتُلْ أَحَدًا وَلَمْ يَأْخُذْ مَالًا: (نُفِيَ، وَشُرِّدَ). (وَشُرِطَ ثُبُوتُ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إِقْرَارٍ مَرَّتَيْنِ، وَحِرْزٌ، وَنِصَابٌ). (وَمَنْ تَابَ مِنْهُمْ قَبْلَ القُدْرَةِ عَلَيْهِ) لَا بَعْدَهَا: (سَقَطَ عَنْهُ حَقُّ اللَّهِ ـ تَعَالَى -) مِنْ صَلْبٍ وَقَطْعٍ وَنَفْيِ وَقَتْلٍ، (وَأُخِذَ بِحَقِّ آدَمِيٍّ) مِنْ نَفْسٍ وَطَرَفٍ وَمَالٍ. (وَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ حَدٌّ لِلَّهِ) غَيْرُ الَّذِي تَقَدَّمَ مِنْ سَرِقَةٍ أَوْ زِنًى أَوْ شُرْبٍ، (فَتَابَ) مِنْهُ (قَبْلَ ثُبُوتِهِ) عِنْدَ حَاكِمٍ: (سَقَطَ) عَنْهُ بِمُجَرَّدِ التَّوْبَةِ قَبْلَ إِصْلَاحِ العَمَلِ، وَإِلَّا فَلَا. (وَمَنْ أُرِيدَ مَالُهُ أَوْ نَفْسُهُ أَوْ حُرْمَتُهُ) كَزَوْجَتِه وَأُمِّهِ وَأُخْتِهِ وَنَحْوِهِنَّ لِزِنًى أَوْ

(فصل) في حكم المرتد

قَتْلٍ، (وَلَمْ يَنْدَفِعِ المُرِيدُ إِلَّا بِالْقَتْلِ: أُبِيحَ) لَهُ قَتْلُهُ، (وَلَا ضَمَانَ) عَلَيْهِ. (وَالْبُغَاةُ: ذَوُو شَوْكَةٍ، يَخْرُجُونَ عَلَى الإِمَامِ بِتَأْوِيلٍ سَائِغٍ) صَوَابٍ أَوْ خَطَإٍ، (فَيَلْزَمُهُ) أَيِ الإِمَامَ (مُرَاسَلَتُهُمْ) أَيِ البُغَاةِ، (وَ) يَلْزَمُهُ (إِزَالَةُ مَا يَدَّعُونَهُ مِنْ شُبْهَةٍ وَمَظْلِمَةٍ)؛ لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ إِلَى الصُّلْحِ المَأْمُورِ بِهِ، (فَإِنْ فَاؤُوا) أَيْ رَجَعُوا عَنِ البَغْيِ: تَرَكَهُمْ، (وَإِلَّا قَاتَلَهُمْ) إِمَامٌ (قَادِرٌ)، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَادِرًا أَخَّرَهُ إِلَى الإِمْكَانِ. (فَصْلٌ) فِي حُكْمِ المُرْتَدِّ (وَالْمُرْتَدُّ: مَنْ كَفَرَ طَوْعًا - وَلَوْ مُمَيِّزًا - بَعْدَ إِسْلَامِهِ) بِنُطْقٍ أَوْ فِعْلٍ أَوِ اعْتِقَادٍ أَوْ شَكٍّ، وَلَوْ هَازِلًا. (فَمَتَى اِدَّعَى النُّبُوَّةَ، أَوْ سَبَّ اللَّهَ أَوْ رَسُولَهُ، أَوْ جَحَدَهُ) تَعَالَى، (أَوْ) جَحَدَ (صِفَةً مِنْ صِفَاتِهِ، أَوْ) جَحَدَ (كِتَابًا) مِنْ كُتُبِهِ، (أَوْ) جَحَدَ (رَسُولًا) مُجْمَعًا عَلَيْهِ، (أَوْ) جَحَدَ (مَلَكًا) مِنْ مَلَائِكَتِهِ، (أَوْ) وُجُوبَ شَيْءٍ مِنْ (إِحْدَى العِبَادَاتِ الخَمْسِ، أَوْ) جَحَدَ (حُكْمًا ظَاهِرًا مُجْمَعًا عَلَيْهِ: كَفَرَ) فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ؛ لِمَعُانَدَتِهِ لِلإِسْلَامِ، وَامْتِنَاعِهِ مِنْ قَبُولِ الأَحْكَامِ، (فَيُسْتَتَابُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنْ لَمْ يَتُبْ: قُتِلَ) بِالسَّيْفِ. (وَلَا تُقْبَلُ ظَاهِرًا) أَيِ التَّوْبَةُ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا (مِمَّنْ سَبَّ اللَّهَ أَوْ رَسُولَهُ، أَوْ تَكَرَّرَتْ رِدَّتُهُ، وَلَا مِنْ مُنَافِقٍ، وَسَاحِرٍ). (وَتَجِبُ التَّوْبَةُ) فَوْرًا (مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ) كَبِيرٍ أَوْ صَغِيرٍ. (وَهِيَ) أَيِ التَّوْبَةُ: (إِقْلَاعٌ) عَنِ الذَّنْبِ، (وَنَدَمٌ) عَلَى فِعْلِهِ (وَعَزْمٌ أَنْ لَا يَعُودَ) لِذَنْبِهِ، (مَعَ رَدِّ مَظْلِمَةٍ) إِلَى مَظْلُومٍ، وَ (لَا) يَجِبُ (اِسْتِحْلَالٌ مِنْ نَحْوِ غِيبَةٍ وَقَذْفٍ).

(فصل) في الأطعمة

(فَصْلٌ) فِي الأَطْعِمَةِ (وَكُلُّ طَعَامٍ طَاهِرٍ) لَا نَجِسٍ أَوْ مُتَنَجِّسٍ وَ (لَا مَضَرَّةَ فِيهِ: حَلَالٌ، وَأَصْلُهُ الحِلُّ). (وَحَرُمَ نَجِسٌ كَدَمٍ، وَمَيْتَةٍ، وَ) حَرُمَ (مُضِرٌّ كَسُمٍّ). (وَ) حَرُمَ (مِنْ حَيَوَانِ بَرٍّ: مَا يَفْتَرِسُ بِنَابِهِ؛ كَأَسَدٍ وَنَمِرٍ وَفَهْدٍ وَثَعْلَبٍ وَابْنِ آوَى) وَ (لَا) يَحْرُمُ (ضَبُعٌ). (وَ) حَرُمَ (مِنْ طَيْرٍ: مَا يَصِيدُ بِمِخْلَبٍ كَعُقَابٍ وَصَقْرٍ، وَ) حَرُمَ مِنَ طَيْرٍ (مَا يَأْكُلُ الجِيَفَ؛ كَنَسْرٍ وَرَخَمٍ). (وَ) حَرُمَ كُلُّ (مَا تَسْتَخْبِثُهُ العَرَبُ ذَوُو اليَسَارِ؛ كَوَطْوَاطٍ وَقُنْفُذٍ ونَيْصٍ). (وَ) حَرُمَ (مَا تَوَلَّدَ مِنْ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ؛ كَبَغْلٍ). (وَيُبَاحُ حَيَوَانُ بَحْرٍ كُلُّهُ؛ سِوَى: ضِفْدِعٍ، وَتِمْسَاحٍ، وَحَيَّةٍ). (وَمَنِ اُضْطُرَّ) بِأَنْ خَافَ التَّلَفَ إِنْ لَمْ يَأْكُلْ: (أَكَلَ وُجُوبًا مِنْ مُحَرَّمٍ - غَيْرَ سُمٍّ - مَا يَسُدُّ رَمَقَهُ). (وَيَلْزَمُ مُسْلِمًا ضِيَافَةُ مُسْلِمٍ مُسَافِرٍ) لَا مُقِيمٍ (فِي قَرْيَةٍ لَا) فِي (مِصْرٍ يَوْمًا وَلَيْلَةً قَدْرَ كِفَايَتِهِ، وَتُسَنُّ) الضِّيَافَةُ (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ). (فَصْلٌ) فِي الذَّكَاةِ (لَا يُبَاحُ حَيَوَانٌ يَعِيشُ فِي البَرِّ - غَيْرَ جَرَادٍ وَنَحْوِهِ -) كَجُنْدُبٍ (إِلَّا بِذَكَاةٍ). (وَشُرُوطُهَا) أَيِ الذَّكَاةِ (أَرْبَعَةٌ): أَحَدُهَا: (كَوْنُ ذَابِحٍ: عَاقِلًا، مُمَيِّزًا وَلَوْ) كَانَ (كِتَابِيًّا).

(فصل) في الصيد

(وَ) الثَّانِي: (الْآلَةُ، وَهِيَ كُلُّ مُحَدَّدٍ، غَيْرَ سِنٍّ وَ) لَا (ظُفُرٍ). (وَ) الثَّالِثُ: (قَطْعُ حُلْقُومٍ) أَيْ مَجْرَى النَّفَسِ، (وَ) قَطْعُ (مَرِيءٍ) أَيْ مَجْرَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ. (وَسُنَّ قَطْعُ الوَدَجَيْنِ)، وَهُمَا عِرْقَانِ مُحِيطَانِ بِالحُلْقُومِ؛ خُرُوجًا مِنَ الخِلَافِ، وَلَا يُشْتَرَطُ. (وَمَا عَجَزَ عَنْهُ - كَوَاقِعٍ فِي بِئْرٍ وَمُتَوَحِّشٍ وَمُتَرَدٍّ -) فَـ (يَكْفِي جَرْحُهُ حَيْثُ كَانَ، فَإِنْ أَعَانَهُ) أَيِ الجَرْحَ عَلَى قَتْلِهِ (غَيْرُهُ - كَكَوْنِ رَأسْهِ فِي المَاءِ - وَنَحْوِهِ: لَمْ يَحِلَّ). (وَ) الرَّابِعُ: (قَوْلُ: «بِسم اللهِ» عِنْدَ تَحْرِيكِ يَدِهِ) أَيِ الذَّابِحِ، (وَتسْقُطُ) التَّسْمِيَةُ (سَهْوًا، لَا) عَمْدًا وَلَا (جَهْلًا). (وَذَكَاةُ جَنِينٍ) مُبَاحٍ (خَرَجَ مَيِّتًا) مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ (وَنَحْوَهُ) كَمُتَحَرِّكٍ حَرَكَةَ مَذْبُوحٍ، تَحْصُلُ (بِذَكَاةِ أُمِّهِ). (وَكُرِهَتْ) أَيِ الذَّبِيحَةُ (بِآلَةٍ كَالَّةٍ) غَيْرِ مَاضِيَةٍ، (وَ) كُرِهَ (حَدُّهَا بِحَضْرَةِ مُذَكًّى، وَ) كُرِهَ (سَلْخٌ، وَ) كُرِهَ (كَسْرُ عُنُقٍ قَبْلَ زُهُوقٍ، وَ) كُرِهَ (نَفْخُ لَحْمٍ لِبَيْعٍ) لِأَنَهُ غِشٌّ. (وَسُنَّ تَوْجِيهُهُ) أَيِ المُذَكَّى (إِلَى القِبْلَةِ، عَلَى شِقِّهِ الأَيْسَرِ، وَرِفْقٌ بِهِ، وَتَكْبِيرٌ). (فَصْلٌ) فِي الصَّيْدِ (الصَّيْدُ مُبَاحٌ) لِقَاصِدِهِ. (وَشُرُوطُهُ أَرْبَعَةٌ):

(باب الأيمان)

أَحَدُهَا: (كَوْنُ صَائِدٍ مِنْ أَهْلِ ذَكَاةٍ). (وَ) الثَّانِي: (الْآلَةُ، وَهِيَ: آلَةُ ذَكَاةٍ، أَوْ جَارِحٌ مُعَلَّمٌ) يَصِيدُ بِنَابِهِ أَوْ بِمِخْلَبِهِ، (وَهُوَ) أَيْ تَعلِيمُهُ (أَنْ يَسْتَرْسِلَ إِذَا أُرْسِلَ، وَيَنْزَجِرَ إِذَا زُجِرَ، وَإِذَا أَمْسَكَ لَمْ يَأْكُلْ). (وَ) الثَّالِثُ: (إِرْسَالُهَا) أَيِ الآلَةِ (قَاصِدًا) لِلصَّيْدِ؛ (فَلَوِ اسْتَرْسَلَ جَارِحٌ بِنَفْسِهِ، فَقَتَلَ صَيْدًا: لَمْ يَحِلَّ). (وَ) الرَّابِعُ: (التَّسْمِيَةُ) أَيْ قَوْلُ: «بِسْمِ اللهِ» (عِنْدَ رَمْيٍ) نَحْوِ سَهْمٍ (أَوْ) عِنْدَ (إِرْسَالٍ) أَيْ إِرْسَالِ جَارِحٍ، (وَلَا تَسْقُطُ) التَّسْمِيَةُ (بِحَالٍ)؛ لَا عَمْدًا وَلَا جَهْلًا وَلَا سَهْوًا، (وَسُنَّ تَكْبِيرٌ مَعَهَا) أَيِ التَّسْمِيَةِ. (وَمَنْ أَعْتَقَ صَيْدًا)، وَقَالَ: «أَعْتَقْتُكَ» أَوْ لَمْ يَقُلْ، (أَوْ أَرْسَلَ بَعِيرًا أَوْ) أَرْسَلَ (غَيْرَهُ: لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ). (بَابُ الأَيْمَانِ) الأَيْمَانُ: وَاحِدُهَا «يَمِينٌ»، فَاليَمِينُ: تَوْكِيدُ الحُكْمِ بِذْكِرِ مُعَظَّمٍ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ، وَهِيَ وَجَوابُهَا كَشَرْطٍ وَجَزَاءٍ. وَ (تَحْرُمُ) اليَمِينُ (بِغَيْرِ اللَّهِ، أَوْ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ، أَوِ القُرْآنِ، فَمَنْ حَلَفَ وَحَنِثَ: وَجَبَتْ عَلَيْهِ الكَفَّارَةُ). (وَلِوُجُوبِهَا) أَيِ الكَفَّارَةِ (أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ): أَحَدُهَا: (قَصْدُ عَقْدِ اليَمِينِ)، فَلَا تَنْعَقِدُ اليَمِينُ عَلَى لِسَانِهِ بِلَا قَصْدٍ. (وَ) الثَّانِي: (كَوْنُهَا) أَيِ اليَمِينِ (عَلَى) أَمْرٍ (مُسْتَقْبَلٍ، فَلَا تَنْعَقِدُ) اليَمِينُ (عَلَى) فِعْلٍ (مَاضٍ كَاذِبًا عَالِمًا بِهِ) أَيْ بِكَذِبِهِ، (وَهِيَ) أَيْ هَذِهِ اليَمِينُ (الغَمُوسُ)

(فصل) في يمين من حرم حلالا، وفيما يكفر به، والنية في اليمين

لِغَمْسِ الحَالِفِ فِي الإِثْمِ فِي النَّارِ، (وَلَا) تَنْعَقِدُ عَلَى مَاضٍ (ظَانًّا صِدْقَ نَفْسِهِ، فَيَبِينُ بِخِلَافِهِ) أَيْ بِخِلَافِ ظَنِّهِ، (وَلَا) تَنْعَقِدُ (عَلَى) وُجُودِ (فِعْلِ مُسْتَحِيلٍ) لِذَاتِهِ. (وَ) الثَّالِثُ: (كَوْنُ حَالِفٍ مُخْتَارًا) لِلْيَمِينِ، فَلَا تَنْعَقِدُ مِنْ مُكْرَهٍ. (وَ) الرَّابِعُ: (حِنْثُهُ بِفِعْل مَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِهِ) أَيْ تَرْكِ فِعْلِهِ، (أَوْ تَرْكِ مَا حَلَفَ عَلَى فِعْلِهِ، غَيْرَ مُكْرَهٍ أَوْ جَاهِلٍ أَوْ نَاسٍ). (وَيُسَنُّ حِنْثٌ وَيُكْرَهُ بَرٌّ إِذَا كَانَتْ) يَمِينٌ (عَلَى فِعْلِ مَكْرُوهٍ أَوْ تَرْكِ مَنْدُوبٍ، وَعَكْسُهُ بِعَكْسِهِ)؛ كَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ بَصَلًا، أَوْ حَلَفَ لَيُصَلِّيَنَّ الضُّحَى، فَيُسَنُّ حِنْثُهُ وَيُكْرَهُ بَرُّهُ فِي الأُولَى، وَيُكْرَهُ حِنْثُهُ وَيُسَنُّ بَرُّهُ فِي الثَّانِيَةِ؛ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى بَرِّهِ مِنَ الثَّوَابِ بِفِعْلِ المَنْدُوبِ وَتَرْكِهِ المَكْرُوهَ امْتِثَالًا. (وَيَجِبُ) حِنْثُهُ وَيَحْرُمُ بَرُّهُ (إِنْ كَانَتْ) يَمِينُهُ (عَلَى فِعْلِ مُحَرَّمٍ، أَوْ تَرْكِ وَاجِبٍ)؛ كَأَنْ حَلَفَ لَيَشْرَبَنَّ الخَمْرَ، أَوْ حَلَفَ أَنَّهُ لَنْ يُنْفِقَ عَلَى زَوْجَتِهِ وَنَحْوِهَا، (وَعَكْسُهُ بِعَكْسِهِ)؛ كَأَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَشْرَبَ الخَمْرَ، أَوْ حَلَفَ لَيُنْفِقَنَّ عَلَى زَوْجَتِهِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ. (فَصْلٌ) فِي يَمِينِ مَنْ حَرَّمَ حَلَالًا، وَفِيمَا يُكَفَّرُ بِهِ، وَالنِّيَّةِ فِي اليَمِينِ (وَإِنْ حَرَّمَ أَمَتَهُ أَوْ) حَرَّمَ شَيْئًا (حَلَالًا - غَيْرَ زَوْجَةٍ -: لَمْ يَحْرُمْ، وَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ إِنْ فَعَلَهُ). (وَتَجِبُ) الكَفَّارَةُ (فَوْرًا بِحِنْثٍ، وَيُخَيَّرُ فِيهَا) مَنْ لَزِمَتْهُ (بَيْنَ إِطْعَامِ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ)، لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدُّ بُرٍّ أَوْ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ غَيْرِهِ، (أَوْ كِسْوَتِهِمْ كِسْوَةً تَصِحُّ بِهَا صَلَاةُ فَرْضٍ، أَوْ عِتْقِ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ). (فَإِنْ) لَمْ يَجِدْ؛ بِأَنْ (عَجَزَ) عَنِ العِتْقِ وَالإِطْعَامِ وَالكِسْوَةِ (كَـ) عَجْزٍ عَنْ

(فصل) في النذر

(فِطْرَةٍ) إِذَا لَمْ يَفْضُلْ عَنْ حَاجَتِهِ الأَصْلِيَّةِ الصَّالِحَةِ لِمِثْلِهِ: (صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَةً). (وَمَبْنَى يَمِينٍ عَلَى العُرْفِ، وَيُرْجَعُ فِيهَا إِلَى نِيَّةِ حَالَفٍ لَيْسَ ظَالِمًا) بِهَا؛ سَوَاءٌ كَانَ مَظْلُومًا أَوْ غَيْرَ مَظْلُومٍ (إِنِ اِحْتَمَلَهَا لَفْظُهُ) أَيِ الحَالِفِ؛ (كَنِيَّتِهِ بِبِنَاءٍ) السَّمَاءَ، (وَسَقْفٍ السَّمَاءَ). (فَصْلٌ) فِي النَّذْرِ (النَّذْرُ): إِلْزَامُ مُكَلَّفٍ مُخْتَارٍ وَلَوْ كَافِرًا نَفْسَهُ للهِ تَعَالَى بِكُلِّ قَوْلٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ شَيْئًا غَيْرَ لَازِمٍ بِأَصْلٍ الشَّرْعِ وَلَا مُحَالٍ؛ كَـ «عَلَيَّ للهِ»، أَوْ «نَذَرْتُ للهِ» وَنَحْوِهِ، فَلَا يُعْتَبَرُ لَهُ صِيغَةٌ خَاصَّةٌ، وَهُوَ (مَكْرُوهٌ)، لَا يَأْتِي بِخَيْرٍ، وَلَا يَرُدُّ قَضَاءً. (وَلَا يَصِحُّ) النَّذْرُ (إِلَّا مِنْ مُكَلَّفٍ) مُخْتَارٍ، وَلَا تَكْفِي نِيَّتُهُ. (وَ) النَّذْرُ (الْمُنْعَقِدُ سِتَّةُ أَنْوَاعٍ): أَحَدُهَا: النَّذْرُ (الْمُطْلَقُ؛ كـ: «لِلَّهِ عَلِيَّ نَذْرٌ إِنْ فَعَلْتُ كَذَا» وَلَا نِيَّةَ) لَهُ بِشَيْءٍ، (فَـ) يَلْزَمُهُ (كَفَّارَةُ يَمِينٍ إِنْ فَعَلَهُ). (الثَّانِي: نَذْرُ لَجَاجٍ وَغَضَبٍ، وَهُوَ تَعْلِيقُهُ) أَيِ النَّذْرِ (بِشَرْطٍ يَقْصِدُ المَنْعَ مِنْهُ) أَيْ مِنَ الشَّرْطِ المُعَلَّقِ عَلَيْهِ، (أَوْ) يَقْصِدُ (الْحَمْلَ عَلَيْهِ؛ كَـ: «إنْ كَلَّمَتُكَ فَعَلِيَّ كَذَا»، فَيُخَيَّرُ بَيْنَ فِعْلِهِ وَكَفَّارَةِ يَمِينٍ). (الثَّالِثُ: نَذْرُ) فِعْلِ (مُبَاحٍ؛ كَـ: «لِلَّهِ عَلِيَّ أَنْ أَلْبَسَ ثَوْبِي»، فَيُخَيَّرُ أَيْضًا). (الرَّابِعُ: نَذْرُ) فِعْلِ (مَكْرُوهٍ؛ كَـ) نَذْرِ (طَلَاقٍ وَنَحْوِهِ؛ فَالتَّكْفِيرُ أَوْلَى). (الْخَامِسُ: نَذْرُ) فِعْلِ (مَعْصِيَةٍ - كَشُرْبِ خَمْرٍ -؛ فَيَحْرُمُ الوَفَاءُ) بِهِ (وَيَجِبُ التَّكْفِيرُ).

(السَّادِسُ: نَذْرُ تَبَرُّرٍ - كَصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَاعْتِكَافٍ - بِقَصْدِ التَّقَرُّبِ) إِلَى اللهِ تَعَالَى (مُطْلَقًا، أَوْ مُعَلَّقًا بِشَرْطٍ) أَيْ بِشَرْطِ حُصُولِ نِعْمَةٍ أَوْ دَفْعِ نِقْمَةٍ؛ (كَـ: «إنْ شَفَا اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلِيَّ كَذَا»، فَيَلْزَمُ الوَفَاءُ بِهِ). (وَمَنْ نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِكُلِّ مَالِهِ: أَجْزَأَهُ ثُلُثُهُ) يَوْمِ نَذْرِهِ، يَتَصَدَّقُ بِهِ، وَلَا كَفَّارَةَ، (أَوْ) نَذَرَ (صَوْمَ شَهْرٍ) - مُطْلَقٍ أَوْ مُعَيَّنٍ - (وَنَحْوَهُ): (لَزِمَهُ التَّتَابُعُ) فِي صَوْمِهِ، وَ (لَا) يَلْزَمُهُ التَّتَابُعُ (إِنْ نَذَرَ أَيَّامًا مَعْدُودَةً)؛ كَعِشْرِينَ يَوْمًا. (وَسُنَّ الوَفَاءُ بِالْوَعْدِ، وَحَرُمَ) وَعْدٌ (بِلَا اسْتِثْنَاءٍ).

(كتاب القضاء)

(كِتَابُ القَضَاءِ) القَضَاءُ: تَبْيِينُ الحُكْمِ الشَّرْعِيِّ، وَفَصْلُ الخُصُومَاتِ. (وَهُوَ) أَيِ القَضَاءُ (فَرْضُ كِفَايَةٍ)؛ لِأَنَّ أَمْرَ النَّاسِ لَا يَسْتَقِيمُ بِدُونِهِ (كَالْإِمَامَةِ) العُظْمَى وَالجِهَادِ. (فَيَنْصِبُ الإِمَامُ بِكُلِّ إِقْلِيمٍ قَاضِيًا)؛ لِأَنَّ الإِمَامَ لَا يُمْكِنُهُ تَوَلِّي الخُصُومَاتِ وَالنَّظَرُ فِيهَا فِي جَمِيعِ البِلَادِ، (وَيَخْتَارُ) لِمَنْصِبِ القَضَاءِ (أَفْضَلَ مَنْ يَجِدُ عِلْمًا وَوَرَعًا)؛ لِأَنَّ الإِمَامَ نَاظِرٌ لِلْمُسْلِمِينَ، فَوَجَبَ عَلَيْهِ اخْتِيَارُ الأَصْلَحِ، (وَيَأْمُرُهُ بِالتَّقْوَى) إِذَا وَلَّاهُ لِأَنَّهَا رَأْسُ الدِّينِ، (وَ) يَأْمُرُهُ بِـ (تَحَرِّي العَدْلِ). (وَتُفِيدُ وِلَايَةُ حَكَمٍ عَامَّةٌ) أَيْ لَمْ تَتَقَيَّدْ بِحَالٍ دُونَ أُخْرَى (فَصْلَ الحُكُومَةِ، وَأَخْذَ الحَقِّ) مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ، (وَدَفْعَهُ إِلَى رَبِّهِ، وَالنَّظَرَ فِي مَالِ يَتِيمٍ وَ) مَالِ (مَجْنُونٍ وَ) مَالِ (سَفِيهٍ وَ) مَالِ (غَائِبٍ وَ) النَّظَرِ فِي (وَقْفِ عَمَلِهِ) أَيْ وِلَايَتِهِ (لِيَجْرِيَ عَلَى شَرْطِهِ) أَيِ الوَاقِفِ، (وَغَيْرِ ذَلِكَ). (وَيَجُوزُ) لِلْإِمَامِ (أَنْ يُوَلِّيَهُ) أَيِ القَاضِيَ (عُمُومَ النَّظَرِ فِي عُمُومِ العَمَلِ) أَيْ سَائِرِ الأَحْكَامِ بِبَلَدٍ مُعَيَّنٍ، أَوْ يُوَلِّيَهُ الأَنْكِحَةَ - مَثَلًا - فِي سَائِرِ البِلَادِ، (وَ) يَجُوزُ أَنْ يُوَلِّيَهُ (خَاصًّا فِي أَحَدِهِمَا أَوْ فِيهِمَا)؛ بِأَنْ يُوَلِّيَهُ الأَنْكِحَةَ بِالشَّامِ - مَثَلًا - فَيَنْفُذَ حُكْمُهُ فِيهَا فَقَطْ. (وَشُرِطَ كَوْنُ قَاضٍ: بَالِغًا، عَاقِلًا، ذَكَرًا، حُرًّا، مُسْلِمًا، عَدْلًا، سَمِيعًا، بَصِيرًا، مُتَكَلِّمًا، مُجْتَهِدًا وَلَوْ) كَانَ اجْتِهَادُهُ (فِي مَذْهَبِ إِمَامِهِ) لِلضَّرُورَةِ.

(وَإِنْ حَكَّمَ اثْنَانِ) فَأَكْثَرُ (بَيْنَهُمَا) أَوْ بَيْنَهُمْ (رَجُلًا) غَيْرَ قَاضٍ، (يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ) أَيْ يَتِّصِفُ بِالشُّرُوطِ لِحُكْمٍ بَيْنَهُمَا: (نَفَذَ حُكْمُهُ فِي كُلِّ مَا) أَيْ مَالٍ وَقِصَاصٍ وَحَدٍّ وَنِكَاحٍ وَلِعَانٍ وَغَيْرِهَا مِمَّا (يَنْفُذُ فِيهِ حُكْمُ مَنْ وَلَّاهُ إِمَامٌ أَوْ نَائِبُهُ)، حَتَّى مَعَ وُجُودِ قَاضٍ؛ فَهُوَ كَحَاكِمِ الإِمَامِ، لَكِنْ لِكُلٍّ مِنَ الخَصْمَيْنِ الرُّجُوعُ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي الحُكْمِ. (وَسُنَّ كَوْنُهُ) أَيِ القَاضِي: (قَوِيًّا بِلَا عُنْفٍ)؛ لِئَلَّا يَطْمَعَ فِيهِ الظَّالِمُ، (لَيِّنًا بِلَا ضَعْفٍ)؛ لِئَلَّا يَهَابَهُ صَاحِبُ الحَقِّ، (حَلِيمًا)؛ لِئَلَّا يَغْضَبَ مِنْ كَلَامِ الخَصْمِ، (مُتَأَنِّيًا)؛ لِئَلَّا تُؤَدِّيَ عَجَلَتُهُ إِلَى مَا لَا يَنْبَغِي، (فَطِنًا)؛ لِئَلَّا يَخْدَعَهُ بَعْضُ الأَخْصَامِ، (عَفِيفًا)؛ لِئَلَّا يُطْمَعَ فِي مَيْلِهِ بِإِطْمَاعِهِ. (وَ) يَجِبُ (عَلَيْهِ العَدْلُ بَيْنَ مُتَحَاكِمَيْنِ) إِذَا تَرَافَعَا (فِي لَفْظِهِ وَلَحْظِهِ وَمَجْلِسِهِ وَدُخُولٍ عَلَيْهِ). (وَحَرُمَ) عَلَى القَاضِي (الْقَضَاءُ وَهُوَ غَضْبَانُ كَثِيرًا، أَوْ) وَهُوَ (حَاقِنٌ) بِبَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ، (أَوْ فِي شِدَّةِ جُوعٍ أَوْ عَطَشٍ، أَوْ هَمٍّ، أَوْ مَلَلٍ، أَوْ كَسَلٍ، أَوْ نُعَاسٍ، أَوْ بَرْدٍ مُؤْلِمٍ، أَوْ حَرٍّ مُزْعِجٍ)؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ يُشْغِلُ الفِكْرَ المُوصِلَ إِلَى إِصَابَةِ الحَقِّ غَالِبًا. (وَ) حَرُمَ عَلَى حَاكِمٍ (قَبُولُ رِشْوَةٍ، وَ) قَبُولُ (هَدِيَّةٍ مِنْ غَيْرِ مَنْ كَانَ يُهَادِيهِ قَبْلَ وِلَايَتِهِ، وَ) الحَالُ: أَنَّهُ (لَا حُكُومَةَ لَهُ)، فَيُبَاحُ لَهُ أَخْذُهَا؛ لِانْتِفَاءِ التُّهَمَةِ. (وَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ) أَيِ القَاضِي (عَلَى عَدُوِّهِ، وَلَا لِنَفْسِهِ، وَلَا لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ) كَزَوْجَتِهِ. (وَمَنِ اِسْتَعْدَاهُ عَلَى خَصْمٍ) أَيْ طَلَبَ مِنَ القَاضِي أَنْ يُحْضِرَ خَصْمًا (فِي البَلَدِ) الَّذِي بِهِ القَاضِي (بِمَا تَتْبَعُهُ الهِمَّةُ: لَزِمَهُ) أَيِ القَاضِيَ (إِحْضَارُهُ) أَيِ الخَصْمِ وَلَوْ لَمْ

(فصل) في طريق الحكم وصفته، وكتاب القاضي إلى القاضي

يُحَرِّرِ الدَّعْوَى (إِلَّا غَيْرَ) امْرَأَةٍ (بَرْزَةٍ) أَيِ الَّتِي لَا تَبْرُزُ لِقَضَاءِ حَوَائِجِهَا، (فَتُوَكِّلُ؛ كَمَرِيضٍ وَنَحْوِهِ، وَإِنْ وَجَبَتْ يَمِينٌ) عَلَى بَرْزَةٍ (أَرْسَلَ) الحَاكِمُ (مَنْ) أَيْ أَمِينًا مَعَهُ شَاهِدَانِ (يُحَلِّفُهُمَا) بِحَضْرَتِهِمَا. (فَصْلٌ) فِي طَرِيقِ الحُكْمِ وَصِفَتِهِ، وَكِتَابِ القَاضِي إِلَى القَاضِي (وَشُرِطَ) لِصِحَّةِ الدَّعْوَى شُرُوطٌ: أَحَدُهَا: (كَوْنُ مُدَّعٍ وَمُنْكِرٍ جَائِزَيِ التَّصَرُّفِ). (وَ) الثَّانِي: (تَحْرِيرُ الدَّعْوَى) لَتَرَتُّبِ الحُكْمِ عَلَيْهَا. (وَ) الثَّالِثُ: (عِلْمُ مُدَّعًى بِهِ)؛ لِيَتَمَكَّنَ الحَاكِمُ مِنَ الإِلْزَامِ بِهِ إِذَا ثَبَتَ؛ (إِلَّا) الدَّعْوَى (فِيمَا نُصَحِّحُهُ مَجْهُولًا كَوَصِيَّةٍ). (فَإِنِ ادَّعَى عَقْدًا: ذَكَرَ شُرُوطَهُ)؛ لِلاخْتِلَافِ فِيهَا، وَقَدْ لَا يَكُونُ العَقْدُ صَحِيحًا عِنْدَ القَاضِي، فَلَا يَتَأَتَّى لَهُ الحُكْمُ بِصِحَّتِهِ مَعَ جَهْلِهِ، (أَوْ) ادَّعَى (إِرْثًا: ذَكَرَ سَبَبَهُ) وُجُوبًا؛ لِاخْتِلَافِ الإِرْثِ، (أَوْ) ادَّعَى (مُحَلًّى بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ) الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ: (قَوَّمَهُ بِـ) النَّقْدِ (الْآخَرِ، أَوْ) ادَّعَى مُحَلًّى (بِهِمَا: فَبِأَيّهِمَا) أَيِ النَّقْدَيْنِ (شَاءَ). (وَإِذَا حَرَّرَهَا) أَيِ الدَّعْوَى: (فَإِنْ أَقَرَّ الخَصْمُ حُكِمَ عَلَيْهِ) أَيِ الخَصْمِ (بِسُؤَالِ مُدَّعٍ، وَإِنْ أَنْكَرَ) الخَصْمُ ابْتِدَاءً (وَلَا بَيِّنَةَ) لِمُدَّعٍ: (فَقَوْلُهُ) أَيْ مُنْكِرٍ (بِيَمِينِهِ، فَإِنْ نَكَلَ: حُكِمَ عَلَيْهِ بِسُؤَالِ مُدَّعٍ فِي مَالٍ وَمَا يُقْصَدُ بِهِ). (وَيُسْتَحْلَفُ) مُنْكِرٌ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ اليَمِينُ فِي دَعْوَى صَحِيحَةٍ (فِي كُلِّ حَقِّ آدَمِيٍّ؛ سِوَى: نِكَاحٍ وَرَجْعَةٍ وَنَسَبٍ وَنَحْوِهَا)، وَ (لَا) يُسْتَحْلَفُ مُنْكِرٌ (فِي حَقِّ اللَّهِ كَحَدٍّ وَعِبَادَةٍ).

(وَالْيَمِينُ المَشْرُوعَةُ) هِيَ اليَمِينُ (بِاللَّهِ وَحْدَهُ أَوْ بِصِفَتِهِ) كَوَجْهِهِ تَعَالَى. (وَيُحْكَمُ بِالْبَيِّنَةِ بَعْدَ التَّحْلِيفِ). (وَشُرِطَ فِي بَيِّنَةٍ: عَدَالَةٌ ظَاهِرًا) فِي عَقْدِ نِكَاحٍ، (وَ) شُرِطَ فِي بَيِّنَةٍ: عَدَالَةٌ (فِي غَيْرِ عَقْدِ نِكَاحٍ) ظَاهِرًا أَوْ (بَاطِنًا أَيْضًا، وَ) شُرِطَ (فِي مُزَكٍّ: مَعْرِفَةُ جَرْحٍ وَتَعْدِيلٍ) لَمْ يُزَكِّيهِ، وَخِبْرَتَهُ البَاطِنَةَ، وَيَكْفِي: «أَشْهَدُ أَنَّهُ عَدْلٌ»، (وَ) شُرِطَ فِي مُزَكٍّ: (مَعْرِفَةُ حَاكِمٍ خِبْرَتَهُ) أَيْ خِبْرَةَ المُزَكِّي (البَاطِنَةَ) بِصُحْبَةٍ أَوْ مُعَامَلَةٍ وَنَحْوِهِمَا. (وَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ جَرْحٍ) عَلَى بَيِّنَةِ تَعْدِيلٍ؛ لِأَنَّ الجَارِحَ يُخْبِرُ بِأَمْرٍ بَاطِنٍ خَفِيٍّ عَلَى المُعَدِّلِ، وَشَاهِدَ العَدَالَةِ يُخْبِرُ بِأَمْرٍ ظَاهِرٍ، فَالجَارِحُ مُثْبِتٌ لِلْجَرْحِ، وَالمُعَدِّلُ نَافٍ لَهُ، وَالمُثْبَتُ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّافِي. (فَمَتَى جَهِلَ حَاكِمٌ حَالَ بَيِّنَةٍ: طَلَبَ التَّزْكِيَةَ) مِنْ مُدَّعٍ (مُطْلَقًا) أَيْ وَلَوْ سَكَتَ عَنْهَا الخَصْمُ. (وَلَا يُقْبَلُ فِيهَا) أَيْ فِي التَّزْكِيَةِ (وَ) لَا (فِي جَرْحٍ، وَ) لَا (نَحْوِهِمَا) كَرِسَالَةٍ وَتَعْرِيفٍ (إِلَّا رَجُلَانِ). (وَمَنِ ادَّعَى عَلَى غَائِبٍ) عَنِ البَلَدِ (مَسَافَةَ قَصْرٍ، أَوْ) عَلَى (مُسْتَتِرٍ فِي البَلَدِ، أَوْ) عَلَى (مَيِّتٍ، أَوْ) عَلَى (غَيْرِ مُكَلَّفٍ، وَلَهُ) أَيِ المُدَّعِي (بَيِّنَةٌ: سُمِعَتْ) بَيِّنَتُهُ، (وَحُكِمَ بِهَا فِي غَيْرِ حَقِّ اللهِ تَعَالَى) كَالزِّنَى وَالسَّرِقَةِ. (وَلَا تُسْمَعُ عَلَى غَيْرِهِمْ) أَيْ غَيْرِ مَنْ ذُكِرَ (حَتَّى يَحْضُرَ) بِمَجْلِسِ الحُكْمِ، (أَوْ يَمْتَنِعَ) عَنِ الحُضُورِ. (وَلَوْ رُفِعَ إِلَيْهِ) أَيِ الحَاكِمِ (حُكْمٌ) فِي مُخْتَلَفٍ فِيهِ كَنِكَاحِ امْرَأَةٍ نَفْسَهَا،

(فصل) في القسمة

(لَا يَلْزَمُهُ نَقْضُهُ لِـ) أَجْلِ أَنْ (يُنَفِّذَهُ: لَزِمَهُ تَنْفِيذُهُ). (وَيُقْبَلُ كِتَابُ قَاضٍ إِلَى قَاضٍ فِي كُلِّ حَقِّ آدَمِيٍّ) كَبَيْعٍ وَصُلْحٍ وَرَهْنٍ وَنَحْوِهَا، (وَ) يُقْبَلُ كِتَابُهُ (فِيمَا حَكَمَ بِهِ) الكَاتِبُ (لِيُنَفِّذَهُ) وَلَوْ كَانَ الكَاتِبُ وَالمَكْتُوبُ إِلَيْهِ فِي بَلَدٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ الحُكْمَ يَجِبُ إِمْضَاؤُهُ بِكُلِّ حَالٍ. وَ (لَا) يُقْبَلُ (فِيمَا ثَبَتَ عِندَهُ) أَيِ الكَاتِبِ (لِيَحْكُمَ بِهِ) المَكْتُوبُ إِلَيْهِ (إِلَّا فِي مَسَافَةِ قَصْرٍ) فَأَكْثَرَ؛ لِأَنَّهُ نَقْلُ شَهَادَةٍ إِلَى المَكْتُوبِ إِلَيْهِ، فَلَمْ يَجُزْ مَعَ القُرْبِ؛ كَالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ. (فَصْلٌ) فِي القِسْمَةِ (وَالْقِسْمَةُ): تَمْيِيزُ بَعْضِ الأَنْصِبَاءِ عَنْ بَعْضٍ وَإِفْرَازُهَا عَنْهُ، وَهِيَ (نَوْعَانِ): أَحَدُهَا: (قِسْمَةُ تَرَاضٍ: وَهِيَ فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ إِلَّا بِضَرَرٍ) عَلَى الشُّرَكَاءِ أَوْ أَحَدِهِمْ، (أَوْ رَدِّ عِوَضٍ؛ كَحَمَّامٍ) صَغِيرٍ (وَدُورٍ صِغَارٍ) وَنَحْوِهِمَا؛ كَطَاحُونَ صَغِيرٍ؛ بِحَيْثُ يَتَعَطَّلُ الانْتِفَاعُ بِهَا إِذَا قُسِمَتْ أَوْ يَقِلُّ. (وَشُرِطَ لَهَا: رِضَا كُلِّ الشُّرَكَاءِ)؛ لِأَنَّ فِيهَا إِمَّا ضَرَرًا وَرَدَّ عِوَضٍ، وَكِلَاهُمَا لَا يُجْبَرُ الإِنْسَانُ عَلَيْهِ، (وَحُكْمُهَا) أَيْ هَذِهِ القِسْمَةِ (كَبَيْعٍ)، فَيَجُوزُ فِيهَا مَا يَجُوزُ فِي البَيْعِ. (وَمَنْ دَعَا شَرِيكَهُ فِيهَا) أَيْ قِسْمَةِ التَّرَاضِي، (وَ) دَعَا شَرِيكَهُ (فِي شَرِكَةِ نَحْوِ عَبْدٍ وَسَيْفٍ وَفَرَسٍ إِلَى بَيْعٍ أَوْ) دَعَا شَرِيكَهُ إِلَى (إِجَارَةٍ: أُجْبِرَ) شَرِيكُهُ عَلَى البيْعِ مَعَهُ، وَكَذَا عَلَى الإِجَارَةِ وَلَوْ فِي وَقْفٍ، (فَإِنْ أَبَى) أَيِ امْتَنَعَ شَرِيكُهُ مِنْ بَيْعٍ أَوْ إِجَارَةٍ مَعَهُ: (بِيعَ أَوْ أُوجِرَ) أَيْ بَاعَهُ أَوْ أَجَّرَهُ حَاكِمٌ (عَلَيْهِمَا، وَقُسِمَ ثَمَنٌ) أَيْ

ثَمَنُ المَبِيعِ (أَوْ أُجْرَةٌ) عَلَيْهِمَا عَلَى قَدْرِ حِصَّتَيْهِمِا. النَّوْعُ (الثَّانِي: قِسْمَةُ إِجْبَارٍ: وَهِيَ مَا لَا ضَرَرَ فِيهَا) عَلَى أَحَدِ الشُّرَكَاءِ، (وَلَا رَدَّ عِوَضٍ) مِنْ وَاحِدٍ عَلَى غَيْرِهِ؛ (كَمَكِيلٍ) مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ؛ كَحُبُوبٍ وَتَمْرٍ وَزَبِيبٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُكَالُ مِنَ الثِّمَارِ، (وَ) كَـ (مَوْزُونٍ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ)؛ كَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَنُحَاسٍ وَنَحْوِ مَا مَسَّتْهُ نَارٌ كَدِبْسٍ، أَوْ لَا كَدُهْنٍ، (وَ) كَـ (دُورٍ كِبَارٍ) وَقَرْيَةٍ وَبَسَاتِينَ، (فَيُجْبَرُ شَرِيكٌ) غَيْرُ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ، (أَوْ وَلِيُّهُ) إِنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ (عَلَيْهَا). (وَيَقْسِمُ حَاكِمٌ عَلَى غَائِبٍ) مِنَ الشَّرِيكَيْنِ أَوْ وَلِيِّهِ (بِطَلَبِ شَرِيكٍ) مُكَلَّفٍ لِلْغَائِبِ، (أَوْ) طَلَبِ (وَلِيِّهِ). (وَهَذِهِ) أَيِ القِسْمَةُ (إِفْرَازٌ) لِحَقِّ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ مِنْ حَقِّ الآخَرِ، لَا بَيْعَ؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ بَيْعًا لَمْ يَصِحَّ تَغَيُّرُ رِضَا شَرِيكٍ، وَلَوَجَبَتْ فِيهَا الشُّفْعَةُ، وَلَمَا لَزِمَتْ بِالقُرْعَةِ. (وَشُرِطَ كَوْنُ قَاسِمٍ: مُسْلِمًا، عَدْلًا، عَارِفًا بِالْقِسْمَةِ مَا لَمْ يَرْضَوْا بِغَيْرِهِ)؛ لِأَنَّ الحَقَّ لَا يَعْدُوهُمْ. (وَيَكْفِي) قَاسِمٌ (وَاحِدٌ) حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِي القِسْمَةِ تَقْوِيمٌ، (وَ) لَا يَكْفِي (مَعَ تَقْوِيمٍ) إِلَّا (اثْنَانِ). (وَتُعَدَّلُ السِّهَامُ) أَيْ يُعَدِّلُهَا القَاسِمُ (بِالْأَجْزَاءِ) أَيْ أَجْزَاءِ المَقْسُومٍ (إِنْ تَسَاوَتْ) أَجْزَاؤُهَا؛ كَالمَكِيلَاتِ وَالمَوْزُونَاتِ وَالأَرَاضِي الَّتِي لَيْسَ بَعْضُهَا أَجْوَدَ مِنْ بَعْضٍ، (وَإِلَّا) تَتَسَاوَ أَجْزَاؤُهَا بِأَنِ اخْتَلَفَ، فَتُعَدَّلُ (بِالْقِيمَةِ أَوْ الرَّدِّ إِنِ اِقْتَضَتْهُ)؛ بِأَنْ يُجْعَلَ لِمَنْ يَأْخُذُ الرَّديءَ أَوِ القَلِيلَ دَرَاهِمُ عَلَى مَنْ يَأْخُذُ الجَيِّدَ أَوِ الأَكْثَرَ، (ثُمَّ

يُقْرَعُ) بَيْنَ الشُّرَكَاءِ لِإِزَالَةِ الإِبْهَامِ، فَمَنْ خَرَجَ لَهُ سَهْمٌ صَارَ لَهُ، (وَتَلْزَمُ القِسْمَةُ بِهَا) أَيْ بِخُرُوجِ القُرْعَةِ؛ لِأَنَّ القَاسِمَ كَالحَاكِمِ، وَقُرْعَتَهُ حُكْمٌ، (وَإِنْ خَيَّرَ أَحَدُهُمَا) أَيِ الشَّرِيكَيْنِ (الآخَرَ) مِنْ غَيْرِ قُرْعَةٍ؛ بِأَنْ قَالَ لَهُ: «اخْتَرْ أَيَّ القِسْمَيْنِ شِئْتَ»؛ (صَحَّتْ) أَيِ القِسْمَةُ (وَلَزِمَتْ بِرِضَاهُمَا وَتَفَرُّقِهِمَا) بِأَبْدَانِهِمَا كَتَفَرُّقِ مُتَبَايِعَيْنِ.

(كتاب الشهادات)

(كِتَابُ الشَّهَادَاتِ) الشَّهَادَاتُ: وَاحِدُهَا «شَهَادَةٌ»، وَتُطْلَقُ عَلَى التَّحَمُّلِ وَالأَدَاءِ، وَهِيَ حُجَّةٌ شَرْعِيَّةٌ تُظْهِرُ الحَقَّ وَلَا تُوجِبُهُ؛ فَهِيَ الإِخْبَارُ بِمَا عَلَيْهِ بِلَفْظٍ خَاصٍّ. وَ (تَحَمُّلُهَا فِي غَيْرِ حَقِّ اللَّهِ: فَرْضُ كِفَايَةٍ)، إِذَا قَامَ بِهَا مَنْ يَكْفِي سَقَطَ عَنْ غَيْرِهِ. (وَأَدَاؤُهَا) أَيِ الشَّهَادَةِ: (فَرْضُ عَيْنٍ) عَلَى مَنْ تَحَمَّلَهَا (مَعَ القُدْرَةِ) عَلَيْهِمَا، (بِلَا ضَرَرٍ) يَلْحَقُهُ فِي بَدَنِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ أَهْلِهِ أَوْ عِرْضِهِ، فَإِذَا كَانَ عَلَيْهِ ضَرَرٌ فِي التَّحَمُّلِ وَالأَدَاءِ فِي ذَلِكَ، أَوْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَقْبَلُ الحَاكِمُ شَهَادَتَهُ، أَوْ يَحْتَاجُ إِلَى التَّبَذُّلِ فِي التَّزْكِيَةِ: لَمْ يَلْزَمْهُ. (وَحَرُمَ أَخْذُ أُجْرَةٍ) عَلَى الشَّهَادَةِ (وَ) أَخْذُ (جُعْلٍ عَلَيْهَا) تَحَمُّلًا وَأَدَاءً، لَكِنْ (لَا) يَحْرُمُ أَخْذُ (أُجْرَةِ مَرْكُوبٍ لمُتَأذٍ بِمَشْيٍ) أَوْ يَعْجِزُ عَنْهُ مِنْ رَبِّ الشَّهَادَةِ. (وَ) حَرُمَ (أَنْ يَشْهَدَ) أَحَدٌ (إِلَّا بِمَا يَعْلَمُهُ بِرُؤْيَةٍ، أَوْ سَمَاعٍ، أَوِ اسْتِفَاضَةٍ عَنْ عَدَدٍ يَقَعُ بِهِ العِلْمُ فِيمَا يَتَعَذَّرُ عِلْمُهُ غَالِبًا بِغَيْرِهَا) أَيْ بِغَيْرِ الاسْتِفَاضَةِ؛ (كَنَسَبٍ، وَمَوْتٍ، وَنِكَاحٍ، وَطَلَاقٍ، وَوَقْفٍ، وَمَصْرِفِهِ)؛ لِأَنَّ هَذِهِ الأَشْيَاءَ تَتَعَذَّرُ الشَّهَادَةُ عَلَيْهَا غَالِبًا بِمُشَاهَدَتِهَا وَمُشَاهَدَةِ أَسْبَابِهَا، أَشْبَهَتِ النَّسَبَ. (وَاعْتُبِرَ ذِكْرُ شُرُوطِ مَشُهُودٍ بِهِ)؛ لِاخْتِلَافِ بَعْضِ النَّاسِ فِي بَعْضِهِ؛ فَرُبَّمَا اعْتَقَدَ الشَّاهِدُ صِحَّةَ مَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ. (وَيَجِبُ إِشْهَادٌ فِي نِكَاحٍ)؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لِصِحَّتِهِ، (وَيُسَنُّ فِي غَيْرِهِ) أَيِ النِّكَاحِ؛

مِنْ بَيْعٍ وَإِجَازَةٍ وَصُلْحٍ. (وَشُرِطَ فِي شَاهِدٍ: إِسْلَامٌ، وَبُلُوغٌ، وَعَقْلٌ، وَنُطْقٌ، لَكِنْ تُقْبَلُ) الشَّهَادَةُ (مِنْ أَخْرَسَ) إِذَا أَدَّاهَا (بِخَطِّهِ، وَمِمَّنْ يُفِيقُ) أَحْيَانًا إِذَا تَحَمَّلَهَا وَأَدَّاهَا (حَالَ إِفَاقَتِهِ، وَعَدَالَةٌ) ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَهِي اسْتِوَاءُ أَحْوَالِهِ فِي دِينِهِ وَاعْتِدَالِ أَفْعَالِهِ وَأَقْوَالِهِ. (وَيُعْتَبَرُ لَهَا) أَيْ لِلْعَدَالَةِ (شَيْئَانِ): (الْأَوَّلُ: الصَّلَاحُ فِي الدِّينِ, وَهُوَ) نَوْعَانِ: الأَوَّلُ (أَدَاءُ الفَرَائِضِ) أَيِ الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ وَالجُمُعَةِ (بِرَوَاتِبِهَا) أَيْ سُنَنِهَا الرَّاتِبَةِ فِي الأَصَحِّ، (وَ) النَّوْعُ الثَّانِي: (اجْتِنَابُ المَحَارِمِ؛ بِأَنْ لَا يَأْتِيَ كَبِيرَةً، وَلَا يُدْمِنَ) أَيْ يُدَاوِمَ (عَلَى صَغِيرَةٍ). (الثَّانِي: اسْتِعْمَالُ المُرُوءَةِ) مِمَّا يُعْتَبَرُ لِلْعَدَالَةِ أَيِ الإِنْسَانِيَّةِ، وَيَكُونُ اسْتِعْمَالُهَا (بِفِعْلِ مَا يُزَيِّنُهُ وَيُجَمِّلُهُ) كَالسَّخَاءِ وَحُسْنِ المُجَاوَرَةِ، (وَتَرْكِ مَا يُدَنِّسُهُ وَيَشِينُهُ)، فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مُصَافِعٍ وَمُتَمَسْخِرٍ وَمُغَنٍّ. (وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ بَعْضِ عَمُودَيِ النَّسَبِ لِبَعْضٍ) مِنْ وَالِدٍ وَإِنْ عَلَا وَلَوْ مِنْ جِهَةِ الأُمِّ، وَوَلَدٍ وَإِنْ سَفَلَ مِنْ وَلَدِ البَنِينِ وَالبَنَاتِ، (وَلَا) تُقْبَلُ شَهَادَةُ (أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ، وَلَا) تُقْبَلُ شَهَادَةُ (مَنْ يَجُرُّ بِهَا) أَيِ الشَّهَادَةِ (إِلَى نَفْسِهِ نَفْعًا، أَوْ يَدْفَعُ بِهَا عَنْهَا) أَيْ عَنْ نَفْسِهِ (ضَرَرًا، وَلَا) تُقْبَلُ شَهَادَةُ (عَدُوٍّ عَلَى عَدُوِّهِ فِي غَيْرِ) عَقْدِ (نِكَاحٍ). (وَمَنْ سَرَّهُ مَسَاءَةُ أَحَدٍ أَوْ غَمَّهُ فَرَحُهُ: فَهُوَ عَدُوُّهُ)، وَأَمَّا العَدَاوَةُ فِي الدِّينِ كَالمُسْلِمِ يَشْهَدُ عَلَى الكَافِرِ، وَالمُحِقِّ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ يَشْهَدُ عَلَى المُبْتَدِعِ؛ فَلَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّ الدِّينَ يَمْنَعُهُ مِنِ ارْتِكَابِ مَحْظُورٍ فِي دِينِهِ. (وَ) كُلُّ (مَنْ) قُلْنَا: (لَا تُقْبَلُ) شَهَادَتُهُ (لَهُ) كَعَمُودَيِ النَّسَبِ؛ فَإِنَّهَا (تُقْبَلُ

(فصل) في أقسام المشهود به

عَلَيْهِ)؛ لِأَنَّهُ لَا تُهَمَةَ فِيهَا. (فَصْلٌ) فِي أَقْسَامِ المَشْهُودِ بِهِ (وَشُرِطَ فِي) ثُبُوتِ (الزِّنَى) وَاللِّوَاطِ: (أَرْبَعَةُ رِجَالٍ) عُدُولٍ (يَشْهَدُونَ بِهِ) أَيِ الزِّنَى أَوِ اللِّوَاطِ، وَيَصِفُونَهُ، (أَوْ) يَشْهَدُونَ (أَنَّهُ) أَيِ المَشْهُودَ (أَقَرَّ بِهِ أَرْبَعًا). (وَ) شُرِطَ (فِي دَعْوَى فَقْرٍ مِمَّنْ عُرِفَ بِغِنًى: ثَلَاثَةٌ) مِنَ الرِّجَالِ. (وَ) شُرِطَ (فِي قَوَدٍ وَإِعْسَارٍ وَمُوجِبِ تَعْزِيرٍ أَوْ حَدٍّ، وَنِكَاحٍ وَنَحْوِهِ، وَمِمَّا لَيْسَ مَالًا، وَلَا يُقْصَدُ بِهِ المَالُ، وَيَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا) كَشُرْبٍ خَمْرٍ: (رَجُلَانِ). (وَ) شُرِطَ (فِي) ثُبُوتِ (مَالٍ، وَمَا يُقْصَدُ بِهِ) أَيِ المَالُ؛ كَبَيْعٍ وَقَرْضٍ وَرَهْنٍ وَإِجَارَةٍ وَنَحْوِهَا: (رَجُلَانِ، أَوْ رَجُلٌ وَاِمْرَأَتَانِ، أَوْ رَجُلٌ وَيَمِينُ المُدَّعِي). (وَ) شُرِطَ (فِي دَاءِ دَابَّةٍ وَمُوَضِحَةٍ وَنَحْوِهِمَا: قَوْلُ اِثْنَيْنِ، وَمَعَ عُذْرٍ وَاحِدٌ). (وَمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا؛ كَعُيُوبِ نِسَاءٍ تَحْتَ ثِيَابٍ، وَرَضَاعٍ، وَاسْتِهْلَالٍ، وَجِرَاحَةٍ، وَنَحْوِهَا فِي حَمَّامٍ وَعُرْسٍ) مِمَّا لَا يَحْضُرُهُ رِجَالٌ، يُشْتَرَطُ فِيهِ: (امْرَأَةٌ عَدْلٌ، أَوْ رَجُلٌ عَدْلٌ). (فَصْلٌ) فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ (وَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ فِي كُلِّ مَا يُقْبَلُ فِيهِ كِتَابُ القَاضِي إِلَى القَاضِي)، وَهُوَ حُقُوقُ الآدِمِيِّينَ دُونَ حُقُوقِ اللهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ الحُدُودَ مَبْنَاهَا عَلَى السَّتْرِ وَالدَّرْءِ بِالشُّبُهَاتِ. (وَشُرِطَ) فِي قَبُولِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ سَبْعَةُ شُرُوطٍ:

أَحَدُهَا: (تَعَذُّرُ) شَهَادَةِ (شُهُودِ أَصْلٍ بِمَوْتٍ، أَوْ بِمَرَضٍ، أَوْ غَيْبَةٍ مَسَافَةَ قَصْرٍ، أَوْ خَوْفٍ مِنْ سُلْطَانٍ أَوْ غَيْرِهِ). وَالثَّانِي: دَوَامُ تَعَذُّرِ شُهُودِ الأَصْلِ إِلَى صُدُورِ الحُكْمِ، فَمَتَى أَمْكَنَتْ شَهَادَتُهُمْ قَبْلَ الحُكْمِ؛ وُقِفَ عَلَى سَمَاعِهَا. (وَ) الثَّالِثُ: (دَوَامُ عَدَالَتِهِمَا) أَيْ شَاهِدَيِ الأَصْلِ وَالفَرْعِ إِلَى صُدُورِ الحُكْمِ، فَمَتَى حَدَثَ مِنْ أَحَدِهِمْ مَا يَمْنَعُ قَبُولَهُ: وُقِفَ. (وَ) الرَّابِعُ: (اسْتِرْعَاءُ) شَاهِدٍ (أَصْلٍ لِـ) شَاهِدٍ (فَرْعٍ أَوْ) اسْتِرْعَاءُ شَاهِدٍ أَصْلٍ (لِغَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الفَرْعِ (وَهُوَ) أَيِ الفَرْعُ (يَسْمَعُ) اسْتِرْعَاءَ الأَصْلِ لِغَيْرِهِ، (فَيَقُولُ) شَاهِدُ الأَصْلِ لِمَنْ يَسْتَرْعِيهِ: («اشْهَدْ أَنِّي أَشْهَدُ أَنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ أَشْهَدَنِي عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ أَقَرَّ عِنْدِي بِكَذَا وَنَحْوِهِ»، أَوْ يَسْمَعُهُ) أَيْ يَسْمَعُ الفَرْعُ الأَصْلَ (يَشْهَدُ عِنْدَ حَاكِمٍ، أَوْ) يَسْمَعُهُ (يَعْزُوهَا) الأَصْلُ (إِلَى سَبَبٍ كَبَيْعٍ وَقَرْضٍ) وَإِجَارَةٍ وَنَحْوِهِ، فَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا كَاسْتِرْعَاءٍ. (وَ) الخَامِسُ: (تَأْدِيَةُ) شَاهِدِ (فَرْعٍ بِصِفَةِ تَحَمُّلِهِ)، وَإِلَّا لَمْ يَحْكُمْ بِهَا. (وَ) السَّادِسُ: (تَعْيِيِنُهُ) أَيْ تَعْيِينُ شَاهِدِ فَرْعٍ (لِأَصْلٍ). (وَ) السَّابِعُ: (ثُبُوتُ عَدَالَةِ الجَمِيعِ)؛ أَيْ شُهُودِ الأَصْلِ وَالفَرْعِ؛ لِأَنَّهُمَا شَهَادَتَانِ، فَلَا يُحْكَمُ بِهِمَا دُونَ عَدَالَةِ الشُّهُودِ. (وَإِنْ رَجَعَ شُهُودُ مَالٍ قَبْلَ حُكْمٍ) لِحَاكِمٍ: (لَمْ يُحْكَمْ، وَبَعْدَهُ: لَمْ يُنْقَضْ) أَيِ الحُكْمُ؛ لِتَمَامِهِ، وَوَجَبَ المَشْهُودُ بِهِ لِلْمَشْهُودِ لَهُ، (وَضَمِنُوا) أَيْ ضَمِنَ الرَّاجِعُونَ بَدَلَ المَالِ الَّذِي شَهِدُوا بِهِ؛ قَائِمًا كَانَ أَوْ تَالِفًا؛ لِأَنَّهُمْ أَخْرَجُوهُ مِنْ يَدِ مَالِكِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ.

(وَإِنْ بَانَ خَطَأٌ مُفْتٍ أَوْ قَاضٍ فِي إِتْلَافٍ لِمُخَالِفَةِ قَاطِعٍ: ضَمِنَا) أَيِ المُفْتِي وَالقَاضِي مَا أُتْلِفَ بِسَبَبِ خَطَئِهِمَا.

(كتاب الإقرار)

(كِتَابُ الإِقْرَارِ) الإِقْرَارُ: الاعْتِرَافُ بِالحَقِّ؛ مَأْخُوذٌ مِنَ المَقَرِّ وَهُوَ المَكَانُ؛ كَأَنَّ المُقِرَّ يَجْعَلُ الحَقَّ فِي مَوْضِعِهِ. وَلَا (يَصِحُّ) الإِقْرَارُ إِلَّا (مِنْ مُكَلَّفٍ مُخْتَارٍ، بِلَفْظٍ، أَوْ كِتَابَةٍ، أَوْ إِشَارَةٍ مِنْ أَخْرَسَ)، وَ (لَا) يَصِحُّ الإِقْرَارُ (عَلَى الغَيْرِ إِلَّا مِنْ وَكِيلٍ) بِهِ إِذَا أَقَرَّ عَلَى مُوَكِّلِهِ فِيمَا وُكِّلَ فِيهِ، (وَ) إِلَّا مِنْ (وَلِيٍّ) عَلَى مُوَلِّيهِ، (وَ) إِلَّا مِنْ (وَارِثٍ) عَلَى مُورِثِهِ. (وَيَصِحُّ) الإِقْرَارُ أَيْضًا (مِنْ مَرِيضٍ مَرَضَ المَوْتِ)، وَ (لَا) يَصِحُّ إِقْرَارُ مَرِيضٍ مَرَضَ المَوْتِ (لِوَارِثٍ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ إِجَازَةٍ، وَلَوْ صَارَ) الوَارِثُ المُقَرُّ لَهُ (عِنْدَ المَوْتِ أَجْنَبِيًّا). (وَ) عَلَى هَذَا (يَصِحُّ) الإِقْرَارُ (لِأَجْنَبِيٍّ وَلَوْ صَارَ عِنْدَ المَوْتِ وَارِثًا)؛ لِمَا سَبَقَ؛ فَمَنْ أَقَرَّ لِأَخِيهِ، فَحَدَثَ لَهُ ابْنٌ، أَوْ قَامَ بِهِ مَانِعٌ: لَمْ يَصِحَّ إِقْرَارٌ، وَإِنْ أَقَرَّ لَهُ وَلِمُقِرٍّ ابْنٌ فَمَاتَ الابْنُ قَبْلَ المُقِرِّ: صَحَّ الإِقْرَارُ لِمَا تَقَدَّمَ. (وَإِعْطَاءٌ كَإِقْرَارٍ)، فَلَوْ أَعْطَاهُ - وَهُوَ غَيْرُ وَارِثٍ -: صَحَّ الإِعْطَاءُ وَإِنْ صَارَ عِنْدَ المَوْتِ وَارِثًا؛ لِعَدَمِ التُّهَمَةِ إِذْ ذَاكَ - ذَكَرَ هَذِهِ فِي «التَّرْغِيبِ» وَوَافَقَهُ الحَجَّاوِيُّ عَلَيْهَا، وَالصَّحِيحُ: أَنَّ العِبْرَةَ فِي العَطِيَّةِ بِحَالَةِ المَوْتِ كَالوَصِيَّةِ، عَكْسُهُ الإِقْرَارُ، فَيَقِفُ عَلَى إِجَازَةِ الوَرَثَةِ -. (وَإِنْ أَقَرَّتْ) أَيِ امْرَأَةٌ (أَوْ وَلِيُّهَا بِنِكَاحٍ) عَلَى نَفْسِهَا (لَمْ يَدَّعِهِ) أَيِ النِّكَاحَ (اثْنَانِ: قُبِلَ) إِقْرَارُهَا؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ عَلَيْهَا، وَلَا تُهَمَةَ فِيهِ.

(وَيُقْبَلُ إِقْرَارُ صَبِيٍّ لَهُ عَشْرٌ) مِنَ السِّنِينَ (أَنَّهُ بَلَغَ بِاحْتِلَامٍ)، وَمِثْلُهُ جَارِيَةٌ لَهَا تِسْعُ سِنِينَ. (وَمَنِ ادُّعِيَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ، فَقَالَ) فِي جَوَابِهِ: («نَعَمْ»، أَوْ) قَالَ: («بَلَى»، وَنَحْوَهُمَا) كَـ: «صَدَقْتَ»، أَوْ «أَجَلْ»، (أَوِ «اتَّزِنْهُ»، أَوْ «خُذْهُ»: فَقَدْ أَقَرَّ، لَا) إِنْ قَالَ: («خُذْ»، أَوِ «اتَّزِنْ» وَنَحْوَهُ، وَلَا يَضُرُّ الإِنْشَاءُ فِيهِ). (وَ) لَوْ قَالَ: («لَهُ عَلِيَّ أَلْفٌ لَا يَلْزَمُنِي»، أَوْ) «لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ (ثَمَنُ خَمْرٍ» وَنَحْوَهُ: يَلْزَمُهُ الأَلْفُ). (وَ) إِنْ قَالَ: «(لَهُ) عَلَيَّ أَلْفٌ قَضَيْتُهُ أَوْ بَرِئْتُ مِنْهُ»، (أَوْ) قَالَ: («كَانَ عَلِيَّ أَلْفٌ قَضَيْتُهُ أَوْ بَرِئْتُ مِنْهُ»: فَـ) هُوَ مُنْكِرٌ، وَالقَوْلُ (قَوْلُهُ) بِيَمِينِهِ مَا لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَيُعْمَلْ بِهَا، (وَإِنْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ عَزَاهُ لِسَبَبٍ: فَلَا، وَإِنْ) أَقَرَّ لَهُ بِأَلْفٍ وَ (أَنْكَرَ سَبَبَ الحَقِّ) المُوجِبِ لِلأَلِفِ، (ثُمَّ ادَّعَى الدَّفْعَ بِبَيِّنَةٍ: لَمْ يُقْبَلْ). (وَمَنْ أَقَرَّ بِقَبْضٍ أَوْ إِقْبَاضٍ أَوْ هِبَةٍ وَنَحْوِهِنَّ، ثُمَّ أَنْكَرَ) المُقِرُّ، (وَلَمْ يَجْحَدْ إِقْرَارَهُ) الصَّادِرَ مِنْهُ بِالقَبْضِ أَوِ الإِقْبِاضِ، (وَلَا بَيِّنَةَ) تَشْهَدُ بِذَلِكَ، (وَسَأَلَ إِحْلَافَ خَصْمِهِ) عَلَى ذَلِكَ: (لَزِمَهُ). (وَمَنْ بَاعَ أَوْ وَهَبَ أَوْ أَعْتَقَ، ثُمَّ أَقَرَّ) البَائِعُ أَوِ الوَاهِبُ أَوِ المُعْتِقُ (بِذَلِكَ) المَبِيعِ أَوِ المَوْهُوبِ أَوِ المَعْتُوقِ أَنَّهُ كَانَ (لِغَيْرِهِ: لَمْ يُقْبَلْ) إِقْرَارُهُ عَلَى مُشْتَرٍ أَوْ مُتَّهِبٍ أَوْ عَتِيقٍ؛ لِأَنَّهُ إِقْرَارٌ عَلَى غَيْرِهِ، وَتَصَرُّفُهُ نَافِذٌ، وَلَمْ يَنْفَسِخْ بَيْعٌ وَلَا غَيْرُهُ، (وَيَغْرَمُهُ) أَيْ بَدَلَ مَا أَقَرَّ بِهِ (لِمُقَرٍّ لَهُ). (وَإِنْ قَالَ: لَمْ يَكُنْ) مَا بِعْتُهُ وَنَحْوُهُ (مِلْكِي) حِينَ البَيْعِ وَنَحْوِهِ، (ثُمَّ مَلَكْتُهُ بَعْدُ: قُبِلَ) قَوْلُهُ (بِبَيِّنَةٍ مَا لَمْ يُكَذِّبْهَا) أَيِ البَيِّنَةِ (بِنَحْوِ: قَبَضْتُ ثَمَنَ مِلْكِي).

(وَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُ مُقِرٍّ) عَنْ إِقْرَارِهِ (إِلَّا فِي حَدٍّ لِلَّهِ) تَعَالَى. (وَإِنْ) أَقَرَّ بِمُجْمَلٍ، وَهُوَ مَا احْتَمَلَ أَمْرَيْنِ فَأَكْثَرَ عَلَى السَّوَاءِ، فَـ (قَالَ: «لَهُ عَلِيَّ شَيْءٌ»، أَوْ كَذَا، أَوْ مَالٌ عَظِيمٌ وَنَحْوُهُ، وَأَبَى تَفْسِيرَهُ: حُبِسَ حَتَّى يُفَسِّرَهُ، وَيُقْبَلُ) تَفْسِيرُهُ (بِأَقَلِّ مَالٍ)؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَقَلَّ مَالٍ، (وَ) يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ (بِكَلْبٍ مُبَاحٍ) كَكَلْبِ صَيْدٍ، وَ (لَا) يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ (بِمَيْتَةٍ، أَوْ خَمْرٍ، أَوْ قِشْرِ جَوْزَةٍ وَنَحْوِهِ)؛ كَحَبَّةِ بُرٍّ أَوْ شَعِيرٍ؛ لِمُخَالَفَتِهِ لِمُقْتَضَى الظَّاهِرِ. (وَ) إِنْ قَالَ: (لَهُ) عِنْدِي (تَمْرٌ فِي جِرَابٍ، أَوْ) لَهُ عِنْدِي (سِكِّينٌ فِي قِرَابٍ، أَوْ فَصٌّ فِي خَاتَمٍ، وَنَحْوُ ذَلِكَ: يَلْزَمُهُ الأَوَّلُ) فَقَطْ. (وَإِقْرَارٌ بِشَجَرٍ لَيْسَ إِقْرَارًا بِأَرْضِهِ)، فَلَا يَمْلِكُ غَرْسَ مَكَانِهَا لَوْ ذَهَبَتْ، وَلَا أُجْرَةَ مَا بَقِيَتْ، وَثَمَرَتُهَا لِمُقِرٍّ لَهُ. (وَ) إِقْرَارٌ (بِأَمَةٍ لَيْسَ إِقْرَارًا بِحَمْلِهَا)؛ لِأَنَّهُ ظَاهِرُ اللَّفْظِ وَمُوَافَقَةٌ لِلأَصْلٍ. (وَ) إِقْرَارٌ (بِبُسْتَانٍ يَشْمَلُ أَشْجَارَهُ) أَيِ البُسْتَانِ. (وَإِنِ) اتَّفَقَ اثْنَانِ عَلَى عَقْدٍ وَ (اِدَّعَى أَحَدُهُمَا صِحَّةَ العَقْدِ، وَ) ادَّعَى (الْآخَرُ فَسَادَهُ فَـ) القَوْلُ (قَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ) بِيَمِينِهِ؛ لأَنَّهُ الأَصْلُ.

§1/1