أخبار فخ وخبر يحيي بن عبد الله وأخيه إدريس بن عبد الله

أحمد بن سهل الرازي

[مقدمة التحقيق]

الإهداء إلى والديّ. . . دعد نور الله وزهير جرّار وفاء وإجلالا واقتداء

بسم الله الرّحمن الرّحيم

فهرس الدراسة

فهرس الدراسة 1. تمهيد 11 2. «الصورة التاريخية» في المصادر الزيديّة 12 3. كتاب أخبار فخ 15 4. هل وصلنا الكتاب كاملا 18 5. مصادر الكتاب 19 5.1. عبد الله بن محمد بن إبراهيم الجعفري 19 5.2. الحسن بن عبد الواحد الكوفي 23 5.3. المدائني 24 5.4. عمر بن شبّة 26 6. الدعوة الزيديّة بعد القضاء على ثورة النفس الزكيّة 28 6.1. سياسة المهدي 29 6.2. الدعوة السريّة 36 6.3. الحسين بن علي الفخّي 44 6.4. الحجاز بعد ثورة النفس الزكيّة 47 7. ثورة فخ 51 8. مصائر إدريس ويحيى ابني عبد الله 55 9. إدريس بن عبد الله 58 9.1. إدريس في مصر 60 9.2. سنة بين إفريقية والمغرب؟ 61 9.3. في وليلى 65

9.4. مقتله 67 10. يحيى بن عبد الله 68 10.1. يحيى في اليمن 71 10.1.1. يحيى والشافعي 71 10.2. الطريق إلى الديلم 72 10.3. ظهوره في الديلم ومبايعته 74 10.3.1. الدعاة ليحيى 74 10.4. الرقّة والحجاز 78 10.5. سعاية الزبيري به 78 10.6. نقض الأمان وسجنه 84 10.7. موت يحيى/مقتله 85 11. الخطاب الأيديولوجي 88 11.1. أهمية الكتاب كمصدر لدراسة «الخطاب الايديولوجي» 88 11.2. تصنيف المادة 91 11.3. بيعة الحسين الفخّي 92 11.4. الخطب 101 11.4.1. خطبة الحسين الفخّي الأولى 101 11.4.2. خطبة الحسين الثانية 102 11.4.3. خطبة يحيى بن عبد الله 105 11.5. الرسائل 107 12. وصف المخطوطات 110 13. كلمة شكر 114

فهرس كتاب أخبار فخ

فهرس كتاب أخبار فخ كتاب أخبار فخ 129 مقدمة المؤلّف 131 خبر الحسين بن علي الفخّي 131 [هروب من فرّ من الطالبيين إلى الحبشة] 156 [عودة يحيى وإدريس من الحبشة] 158 [مقتل القاسم بن محمد بن عبد الله] 159 [مقتل الحسن بن علي بن الحسن المثلّث] 160 [العفو عن إبراهيم بن اسماعيل طباطبا] 161 أخبار يحيى وإدريس إبني عبد الله 163 [بث الدّعاة والرسائل] 164 [خبر إدريس بن عبد الله] 169 [إدريس في مصر] 170 [إدريس في أرض أفريقية/القيروان] 173 [خروجه إلى جبال نفوسة] 174 [نزوله في طنجة ومبايعته] 181 [ثورة عبد الله بن الجارود في القيروان] 182 [مقتل إدريس] 188 [خبر يحيى بن عبد الله] 190 [دخوله إلى بغداد] 190

[يحيى في اليمن] 194 [في طبرستان] 196 [في الديلم] 197 [كتاب الأمان] 228 [عودته بعد تأمينه] 235 [خبر يحيى مع الزيبري] 236 [تخريق أمان يحيى] 248 [مقتل يحيى] 253 - 273 كتاب المصابيح 275 ذكر خروج الحسين بن علي الفخي 279 خبر يحيى بن عبد الله 303 خبر إدريس بن عبد الله 321 ثبت الأصول والمراجع 329 الفهارس 351 1 - فهرس الآيات القرآنية 353 2 - فهرس الآثار 355 3 - فهرس رجال السّند والرواة 356 4 - فهرس الأعلام وتراجمهم 359 5 - فهرس الأماكن 377 6 - فهرس الفرق والجماعات والقبائل 384 7 - فهرس الألفاظ اللغوية والحضارية 387 8 - فهرس المعتقدات والإصطلاحات والمفاهيم 390 9 - فهرس الكتب 393 10 - فهرس الشعر 394 11 - فهرس الخطب والرسائل 395

1. تمهيد

1. تمهيد بعد أقلّ من ربع قرن على إخماد ثورة النفس الزكيّة، محمد بن عبد الله في المدينة (رجب-رمضان 145/أيلول-تشرين 2 762)، وثورة أخيه إبراهيم في البصرة (رمضان-ذو القعدة 145/تشرين 2 - كانون 1 762) [1]، عاد الحسنيّون في الحجاز للانتقاض على الخلافة العباسيّة بقيادة الحسين بن علي بن الحسن المثلّث ابن علي بن أبي طالب (ذو القعدة-ذو الحجة 169/أيّار-حزيران 786)؛ وقد قضى الخليفة موسى الهادي على ثورتهم في موقعة فخّ بالقرب من مكة. ولم يكن القضاء على هذه الثورة بالأمر الصعب، كما أنها لم تهدّد سلطة الدولة العبّاسيّة وهيبتها، بل كانت إحدى تلك الطفرات العلويّة المثالية وغير المنظمة التي كانت تنمّ عن اليأس. غير أنّ هذه الثورة-رغم إخفاقها-تمخّضت عن نتائج مهمة شغلت فترة خلافة الرشيد، وكان لها دور واضح في انتشار الفرقة الزيديّة: إذ استطاع أخوا النفس الزكيّة من أبيه، إدريس ويحيى إبنا عبد الله، الهرب إثر هذه الوقعة، فعمل الأول على تأسيس دولة الأدارسة في المغرب، فيما مهدّ يحيى للدعوة في الديلم ممّا أثمر قيام دولة القاسم بن إبراهيم في الديلم بعد أقل من نصف قرن. ¬

[1] انظر فاروق عمر، العباسيون الأوائل 162 - 212؛ وبحوث في التاريخ العباسي 92 - 111؛ وحسن فاضل زعين العاني، سياسة المنصور 255 - 324؛ ومحمد سليمان العبده، حركة النفس الزكيّة، الكويت 1983؛ ومقالة،53 - 89 T .Nagel,in :Der Islam 64(0791),pp . وقد عالج فيها بعض الروايات التاريخية في المصادر؛ ومقالتي الموسوعة الإسلامية Early Development of Shi c a Islam 762 - 182. J .Lassner,The Shaping of c Abbasid Rule 96 - 97;S .H .M .Jafri,The Origins and L .Veccia Vaglieri,in :E .I .2 3(1791),pp .389 - 589(art .Ibra?him b .c Abdalla?h) .:

2. «الصورة التاريخية» في المصادر الزيدية

وقد حظي نشوء دولة الأدارسة بدراسات متعددة إلا أنّ هذه الدراسات تناولت في معظمها فترة التأسيس الثانية، أي فترة حكم إدريس الثاني وما يليها، ولم تمرّ الاّ عرضا بالفترة الأولى لما يكتنف المصادر من غموض ومعلومات متضاربة تبلغ أحيانا حدّ الحكايات الاسطوريّة. والأمر نفسه يصحّ على الدراسات المتعلّقة بدولة الديلم إذ أغضت هذه الدراسات بشيء من الحذر وعدم الاطمئنان عن المراحل السابقة على دعوة القاسم بن إبراهيم. والأمر في نظري يعود في كلا الحالين لعدم توفّر المصادر الكافية عن الفترة الأولى لهاتين الدولتين، ولتلوّن ما وصلنا من أخبار بألوان أسطورية لا يمكن الاعتماد عليها والوثوق بها في تشكيل تصوّر واف عن هذه البدايات. 2. «الصورة التاريخية» في المصادر الزيدية لم تحظ المصادر التاريخية الزيدية بدراسة شاملة حتى الآن، والسبب في ذلك يعود إلى أنّ أكثرها ما زال مخطوطا ولم يفهرس إلاّ جزء يسير منها [1]. كذلك لم يلتفت الدارسون في تحقيقهم للكتب التاريخية العامّة إلى مقارنتها بالمصادر الزيدية [2]، وهذا يعود جزئيا للسبب الذي ذكرته. فما زال الطريق أمامنا طويلا قبل أن يتاح لنا دراسة هذا التراث والبحث عن مصادره الأولى ودراسة أسانيده ورواته، ولوضع تصوّر عن الرؤية/الرؤى الزيدية للتاريخ الاسلامي وعن فهمهم لدور «جماعتهم» في سياق هذا التاريخ. وتعود أولى المؤلفات التاريخية الزيديّة لأوائل القرن الرابع الهجري/العاشر الميلادي بعد أن استقرّت الدولة الزيدية الأولى في الديلم على يد القاسم بن ¬

[1] تجدر الإشارة هنا إلى أعمال عبد الله الحبشي وأيمن فؤاد السيّد وحسين عبد الله العمري. [2] حتى مقاتل الطالبيين لم يراجع على المصادر الزيدية.

إبراهيم [1] الرسّي وتبعتها الدولة الهادوية في اليمن [2]. وكان قد مرّ قرنان من الثورات المتتالية والملاحقات من قبل الدولة العبّاسيّة، الأمر الذي أدّى إلى بقاء الدعوة سريّة وانتشارها في أرجاء العالم الاسلامي وإلى نشوء تجمعات زيدية مختلفة في طور الكمون هذا لكل منها تراثها المحلي وفهمها الخاص لمجريات التاريخ الإسلامي. ويستطيع الدارس عند قراءته للفصل الذي خصّصه الأشعري (324/ 935) في «مقالاته» [3] للزيدية أن يلحظ التشرذم الواسع الذي كان ما يزال يسم الفرقة الزيدية في عصره وصعوبة تتبعه أو فهم طبيعة حركته الداخلية. كما تجدر الإشارة إلى أن هذين القرنين قد اتّسما بصراع مرير بين أطراف كانت تجمعها كتلة واحدة للمعارضة، أخذ كلّ منها بعد نجاح العباسيّين في الاستيلاء على السلطة وفي تأسيس شرعيتهم، يحاول أن ينازعهم الشرعيّة المستمدّة أساسا من «كاريزما» النبيّ والدعوة ومن فهم كل طرف للتنزيل القرآني ودوره في مجرى التاريخ، كما يحاول أن يقف في وجه بناء مؤسسات الدولة التي سوف تخدم عملية إستيعاب «مفهوم الكاريزما» في داخلها وتأطيره لتأمين استمراريتها وشرعيتها. [4] (Verallta?glichung/perpetuation) وقد اتخذت المعارضة الزيديّة (وهي تمثل مجموعة من التيارات التي التقت عند قواسم مشتركة) شكل دعوة سريّة لها أجهزتها الخاصّة و «جماعتها» التي تلتفّ حول إمام من «أهل البيت» من ¬

[1] انظر عنه W .Madelung,Der Imam al-Qa?sim b .Ibra?him : [2] انظر دراسة علي القليسي: الهادي إلى الحق، حياته وفكره وشعره 45 وما بعدها؛ وسيرة الهادي إلى الحق، تحقيق سهيل زكار. [3] مقالات الإسلاميين 65 - 85؛ وقارن بفرق الشيعة للنوبختي 54 - 61؛ والملل والنحل 66 - 69. [4] قارن ب M .Weber,Soziologie 361 f .,334 ff .:‍

الفرع الفاطمي يؤكّد «كارزميته» عبر الخروج بالسيف للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولإقامة دولة العدل. ولم يكن الزيديّة هم الطرف الوحيد بل شهدت هذه الفترة صعود نجم الشيعة القائلة بإمامة «النصّ والنّسق» والتي أخذت تلتفّ حول الإمام جعفر الصادق بعد فشل ثورة النفس الزكيّة الذي خرج مدّعيا «المهدية»؛ وشهدت كذلك انتشار الدعوة الإباضيّة وغيرها. تعود المصادر التي وصلتنا إذا إلى مرحلة كان على الزيدية فيها التعايش «كدولة» إلى جانب الدولة العباسيّة القائمة، وغيرها من الدويلات التي ظهرت في تلك الفترة وصار لزاما عليها إعادة النظر في نظرتها لبداياتها ولتاريخها وللتاريخ الإسلامي بعامّة، هذا ولم تكن الزيديّة كتلة متجانسة بل اتّجاهات متحرّكة. ويمكننا أن نستخلص الصورة التاريخية العامّة-إذا جاز التعبير-للزيدية وفهمهم لأنفسهم من خلال الرسائل التي وصلتنا خاصة الرسائل المتبادلة بين محمد النفس الزكية وأبي جعفر المنصور [1]، والرسائل التي تنسب ليحيى بن عبد الله وأخيه إدريس والتي وردت في مخطوط «أخبار فخ» [2]، وكذلك غيرها من الرسائل والكتب. ولعلّه ما زال من المبكر قليلا أن نصل إلى نتائج حاسمة قبل تحقيق المصادر الزيدية تحقيقا علميا ودرس مصادرها، غير أني أراني لا أعدو الصواب إذا قلت إنّ خطة هذه المصادر-الأولى منها على الأقل-كانت تتمثل في ملء الخطوط العامّة للتصور التاريخي كما يبدو في الرسائل المبكرة ¬

[1] انظر تاريخ الطبري 7/ 566 - 571 (-3/ 209 - 216)؛ وكتاب المصابيح (مصورة دار الكتب المصريّة برقم 81)،79 أ-80 ب، وحتى إذا لم تصحّ نسبتها فهي تبقى تعكس وجهة نظر زيديّة. [2] درست هذه الرسائل في بحث سوف يصدر في الكتاب التكريمي للدكتور إحسان عبّاس، تحرير إبراهيم السعّافين، عمّان.

3. كتاب أخبار فخ

هذه. مما يؤدي بالتالي لقبول النظرة التاريخيّة التي كانت سائدة في ذلك العصر-أي بعد مرور قرنين على تأسيس الدولة العباسيّة ونجاح «ايديولوجيتها» ومؤسساتها إلى حدّ بعيد، وبعد تكوّن الاتجاهات الكبرى كالشيعة الاثني عشرية وأهل السنة والجماعة وقيام دولة الإسماعيلية في مصر الخ. . . -والعمل على تحويرها بما يتلاءم مع الفهم الزيدي-كما استقرّ عند تأسيس الدولة-فما تتضمنه هذه الكتب من معلومات هو إعادة كتابة التاريخ بنظرة استرجاعيّة. ولا يمكننا أن ننفي، بالطبع، اعتماد هؤلاء على مصادر متنوعة وروايات ووثائق يعود قسم كبير منها لفترة الدعوة/الدعوات السريّة وكذلك لتراث شفهي توارثته الأجيال، إلا أنه لا يسعنا أن نفترض أنّ كل هذا التراث هو تراث صحيح، موثوق به ومتجانس! هذا ما عنيته بقولي. أننا ما زلنا في البدايات وأنه يجب دراسة هذا التراث لتمييزه وفحص مصادره كل واحد على حدة، ودراسة رواته والتأكد من صحة الوثائق وموثوقيّتها ودراسة لغتها ويناها الخ. . 3. كتاب أخبار فخ يعد الكتاب الذي بين يدينا من أوائل الكتب التاريخيّة الزيديّة، وهو يتناول فترة محدّدة تبدأ بمعركة فخ ويتابع مصائر يحيى وإدريس ابني عبد الله، ويقدّم معلومات جديدة غنيّة ومتميّزة. عندما تمّ اكتشاف مخطوطة هذا الكتاب في برلين كان الظن أنها مخطوطة فريدة، (Uniqum) وقد ذكرها البروفسر غريغور شولر في فهرسته للمخطوطات العربية التي كانت ما تزال مركونة في الصناديق في مكتبة برلين [1]. وتحمل المخطوطة عنوان «أخبار فخ ¬

[1] Arabische Handschriften,Teil II,N? .223,323,601 - 801. G .Schoeler,Verzeichnis der orientalischen Handschriften in Deutschland

وخبر يحيى بن عبد الله»، وكنت قد عرّفت بمادّتها ودرست أسانيدها في مقالة صدرت مؤخّرا (1). وهي من تأليف أحمد بن سهل الرازي الذي يبدو أنّه كان يكبر أبا الفرج الأصفهاني (-356/ 966) مؤلّف «مقاتل الطالبيين» بجيل، أيّ أنّه عاش في النصف الثاني من القرن الثالث الهجري/التاسع الميلادي والربع الأوّل من القرن الرابع الهجري/العاشر الميلادي، كما تدلّ على ذلك دراسة أسانيده. وباستثناء هذا فإنّنا لا نكاد نعرف عن هذا المؤلف شيئا على الإطلاق. وتقع المخطوطة ضمن مجموع زيدي يحتوي على رسائل وأخبار زيديّة، وتشغل الورقات 154 ب-184 أمنه؛ وناسخ المجموع هو العلاّمة الزيدي حميد ابن أحمد المحلّي (-652/ 1254) [2]، صاحب كتاب «الحدائق الوردية» وقد كان هذا الكتاب أحد مصادره في الحدائق وإن لم يسمّه. ويذكر المحلّي أنه ينقل عن نسخة ضعيفة غير مهذّبة دون أن يذكر تاريخها. كنت قد أنهيت تحقيق المخطوطة اعتمادا على نسخة برلين معتقدا أنّها نسخة فريدة، ثم اكتشفت عن طريق الصدفة أثناء مطالعتي لفهرست مخطوطات الجامع الكبير بصنعاء وجود نسخة أخرى ضمن مخطوطات الجامع، فعدلت عن نشر المخطوطة منتظرا أن أحصل على مصوّرة عن مخطوطة صنعاء، وقد تيسّر لي الحصول عليها، وهي تعود لأوائل القرن الرابع عشر الهجري، وعلى مخطوطة أخرى يرجع تاريخها للقرن الحادي عشر [3]. ¬

Studien 74(3991),pp .972 - 792. M .Jarrar, «Some Ligths on an Early Zaydite manuscript» ,in :Asiatische [1] [2] انظر عنه؛ R .Strothmann,in :Der Islam 1(0191),p .163 f . وأيمن فؤاد السيد، مصادر تاريخ اليمن 127 - 129. [3] انظر وصفا تفصيليا للمخطوطات فيما يلي ص 110 - 115

وتقع مادّة الكتاب في 4 أقسام: أ-معركة فخ؛ ب-هروب إدريس ويحيى إلى الحبشة ثم عودتهما وتخفيهما؛ ج-أخبار إدريس في إفريقية والمغرب حتى وفاته مسموما؛ د-تجوّل يحيى في البلدان وهروبه إلى الديلم وأمان هارون الرشيد له ثم سجنه ومقتله. وتكمن أهمية المخطوطة في أنها تضمّ مجموعة من أقدم المرويّات التي وصلتنا عن معركة فخّ وعن حركة إدريس ويحيى ابني عبد الله. والعدد الأكبر من الرواة هم من زيديّي القرن الثالث الهجري/التاسع الميلادي، والمؤلف كما يدل اسمه وكما نستنتج من بعض أسانيده مرويّ وله علاقة بزيديّة الكوفة [1]. وثمّة رواية واحدة في المخطوطة ترد عند الطبري، وكلا الرازي والطبري ينقل عن مصدر مشترك وكانا متعاصرين، فالطبري توفي سنة (-310/ 922) وأحمد بن سهل الرازي توفي قريبا من هذا العام [2]، وهو يكبر أبا الفرج (-356/ 967) بجيل، وكلاهما يعتمد أحيانا مصادر واحدة استطعت التعرّف على بعضها، كما أنّ كليهما كان زيديا [3]. ¬

[1] انظر M .Jarrar,op .cit .392 - 492.: [2] قارن ب M .Jarrar,Ioc .cit .:‍ [3] انظر في مرويات كتاب مقاتل الطالبيين ومصادره دراسة س. غونتر Abu?'L-Farag? al-Isfaha?ni? (gest .769/ 653) .Hildesheim,Zu?rich,New York 1991. Sebastian Gu?nther,Quellenuntersuchungen zn den"Maqa?til at-Ta?libiyyi?n"des :

4. هل وصلنا الكتاب كاملا؟

4. هل وصلنا الكتاب كاملا؟ إن ما حدا بي لطرح هذا السؤال هو ورود خبر عن أحمد بن سهل الرّازي في «كتاب المصابيح» (وعنه في «تيسير المطالب» (انظر ما يلي ص 284)، لم يرد في النسخ الثلاث المخطوطة التي اعتمدتها. والخبر يتناول ما عرف عن سخاء الحسين بن علي الفخي ويرد ضمن أخبار مذكورة في المصادر الأخرى قبل الدخول في تفاصيل معركة فخ عند الحديث عن الحسين ابن علي. وأجد نفسي أمام احتمالين: 1) إمّا أن يكون الخبر من كتاب آخر لأحمد بن سهل الرازي لم يصلنا. 2) أو أن يكون أحمد بن سهل لم يدخل هذا الخبر في كتابه-إذ أنّه لم يترجم فيما وصلنا من كتابه لا للحسين بن علي قبل خروجه ولا ليحيى وادريس-فيكون سماع أبي العبّاس الحسني-لهذا الخبر-منه عن طريق الرواية (الشفاهيّة على الأرجح) إذ أنّهما كانا متعاصرين. والمخطوطة الأقدم التي وصلتنا من كتاب «أخبار فخ» انتسخها حميد بن أحمد المحلّي صاحب كتاب «الحدائق الورديّة» سنة 638/ 1240 وقد صرّح المحلّي أنها نسخة ضعيفة غير مهذّبة وأنّه اجتهد في تصليحها على العجلة ثم قابلها على نسخة أخرى، مما يعني أن هذا الخبر لم يوجد في كلا الأصلين اللذين اعتمدهما المحلّي. وثمّة أمر آخر تجدر الإشارة إليه، وهو أنّ أخبار الحسين الفخي ويحيى وإدريس في «كتاب المصابيح» هي من القسم الذي أتمّه علي ابن بلال. وقد وردت رسالة إدريس بن عبد الله إلى البربر في بعض المصادر بسند أبي العباس الحسني إلى أحمد بن سهل الرازي، غير أننا لا نجدها في «كتاب المصابيح» كما وصلنا وإنّما ترد فيه رسالة له إلى «أهل مصر»، بيّنت

5. مصادر الكتاب

في موضع آخر أنّها موضوعة ومنسوبة له على الأرجح [1]. كل هذا يعود بي إلى ما ذكرته سابقا من صعوبة الاعتماد على المصادر الزيديّة قبل أن تحقق تحقيقا علميا وتدرس موادها وأصولها والعلاقات بينها دراسة متأنيّة. 5. مصادر الكتاب كنت قد درست في موضع آخر مصادر هذا الكتاب وأسانيده، وسوف أكتفي هنا بذكر أهمها، مؤجّلا الدراسة التفصيليّة للأسانيد إلى حين ورودها في هذا البحث: 5.1. عبد الله بن محمد بن إبراهيم الجعفري ويعتمد عليه المؤلف في رواية جزء كبير من أخباره. ويتصّل إسناد المؤلف به عن طريق: الحسن بن عبد الواحد الكوفي محمد بن علي بن إبراهيم بكر بن صالح الرازي. وليس من السهل التعرّف على شخصيّة عبد الله بن محمد بن إبراهيم الجعفري هذا، فثمّة أكثر من جعفري ورد اسمه في كتب الرجال كمؤلّف لكتب تعنى بموضوع ثورات الطالبيّين، قد يكون هو المقصود. واسم هذا الجعفري كما يرد في مخطوطة «أخبار فخّ» هو: عبد الله بن محمد بن إبراهيم [بن محمد] بن عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب. غير أنّه لا وجود لهذا الاسم في المصادر بهذه الصيغة التي يرد بها هنا: ¬

[1] انظر الحاشية 2، ص 14.

أ-فثمّة عبد الله بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر ابن أبي طالب، وهو مؤلّف كتابين، أحدهما بعنوان «كتاب خروج صاحب فخّ ومقتله» والآخر «كتاب خروج محمد بن عبد الله ومقتله» [1]. ويروي عنه هذه الكتب بكر بن صالح [2]. وبكر هذا هو مولى لضبّة وتذكره المصادر الإمامية فيمن روى عن الإمام السابع موسى الكاظم (-183/ 799)، ويبدو أنه هو الذي وضع مرويات شيخه الجعفري هذا على شكل كتب. ولا نعرف تاريخ وفاة عبد الله بن إبراهيم الجعفري، غير أنّه يمكننا أن نفترض أنّه كان مجايلا للإمام موسى الكاظم، أي أنه توفي في الربع الأخير من القرن الثاني. ب-يورد الطبري خمس روايات [3] عن عمر بن شبّة (-263/ 876) عن إبراهيم بن محمد بن عبد الله الجعفري تدور كلها حول أحداث ثورة النفس الزكية وأخيه إبراهيم، ويورد أبو الفرج الأصفهاني كذلك ست روايات [4] عن هاتين الثورتين بسنده عن عمر بن شبّة عن إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن أبي الكرام الجعفري. أما ابن أبي الكرام، فهو أبو المكارم محمد الأصغر ابن عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر الطيّار بن أبي طالب، وهو حامل رأس النفس الزكيّة إلى مصر [5]. ويصدّر ابن شبّة رواياته عند أبي الفرج بالألفاظ: «حدّثني، حدّثنا، وأخبرني»، وينصّ عند الطبري على أنّه ساءله، قال: «فحدّثت ¬

[1] رجال النجاشي 149 - 150؛ جامع الرواة 1/ 464؛ الذريعة 7/ 150 - 151، رقم 817 و 818. [2] رجال النجاشي 79؛ جامع الرواة 1/ 127؛ معالم العلماء Prozorov,Arabskaia Istoricheskaia 96,301,341.؛24 [3] تاريخ 7/ 502,584,591,596,647 (-3/ 189,233,241,247,317) ويذكر روايتين عن ابن أبي الكرام عن طريق عيسى بن عبد الله (انظر عنه T .Nagel in :Der Islam 64(0791),242 f . وتاريخ 7/ 584,601 (-3/ 231,254). [4] مقاتل الطالبيين 206,255,270,334,345,348 [5] مقاتل الطالبيين 275,350 (وفيه انه حمل رأس إبراهيم)؛ وانظر تاريخ ابن عساكر 6/ 21؛ جامع الرواة 2/ 143؛ عمدة الطالب 45؛ الطبري 7/ 599,601 (-3/ 252,254).

إبراهيم بن محمد بن عبد الله الجعفري أن محمدا أحرج فخرج قبل وقته الذي فارق عليه أخاه إبراهيم، فأنكر ذلك. . .» [1]. فهل لنا أن نفهم من طريقة ابن شبّة في التحديث أنه يروي مباشرة عن إبراهيم بن محمد بن عبد الله ابن أبي الكرام الجعفري هذا؟ لقد عمّر ابن شبّة طويلا، فقد ولد سنة 173/ 789 أي أنه كان قد بلغ تسعين سنة قمريّة عند وفاته، ممّا أتاح له العلو في أسانيده، فلا يعود احتمال سماعه المباشر من أحد أولاد ابن أبي الكرام-أو أحد أحفاده-بالأمر المستغرب [2]. غير أن رواية لابن شبّة عند الطبري تظهر أنّه يتّصل بإبراهيم بن محمد الجعفري عن طريق ابن زبالة، وقد ألّف ابن زبالة كتابا في «أخبار المدينة» سنة 199/ 814 [3]. والسند المذكور عند الطبري: «حدّثني محمد بن الحسن بن زبالة، قال: حدّثني إبراهيم بن محمد، قال:. . .» [4]. ولا نعرف لمن تعود «حدّثني» الأولى، والأغلب أن القائل هو عمر بن شبّة، فقد كان الطبري يروي عنه قبل ذلك. يبقى علينا الآن أن نتحقق إن كان المقصود واحدا عند ذكر هؤلاء الجعفريين الثلاثة: 1) عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن عبد الله (المذكور في ¬

[1] تاريخ 7/ 552 (-3/ 189)؛ وقارن ب T .Nagel,op .cit .932 f [2] كنت قد رجّحت في مقالي المذكور سابقا أن عمر بن شبّة لم يكن ليرو عن الجعفري هذا للفارق الزمني بينهما، ولم أجد كذلك رواية له عنه في «أخبار المدينة» لابن شبة. وأرى الآن أن سماعه منه كان أمرا محتملا، قارن ب74 (3991) , P .182. M .JARRAR,IN :Asiatische Studien :‍ [3] انظر عن ابن زبالة GAS 343/ 1 F .;T .Nagel,in :Der Islam 74(0791),p .532 - 632. مقدمة أكرم ضياء العمري على كتاب «أزواج النبي» لابن زبالة؛ وصالح أحمد العلي، الحجاز في صدر الاسلام 29 - 31. [4] تاريخ 7/ 591 (-3/ 241).

[1] [2] [3] [4] [5] [6] [7] [8] [9] [10] ¬

[1] جامع الرواة 1/ 478. [2] عمدة الطالب 34,38,45؛ تاريخ ابن عساكر 12/ 439 - 440. [3] جامع الرواة 2/ 155؛ عمدة الطالب 38. [4] عمدة الطالب 45؛ نسب آل ابن أبي طالب 43. [5] عمدة الطالب 38 - 39. [6] جامع الرواة 2/ 143؛ عمدة الطالب 45؛ تاريخ ابن عساكر 6/ 21. [7] عمدة الطالب 44. [8] رجال النجاشي 16؛ منتهى المقال 24؛ جامع الرواة 1/ 32. [9] و [10] لم أستطع التعرف عليهما. بحسب سسلاسل النسب يكون (10) هو المذكور في مخطوطة «أخبار فخ» لأحمد بن سهل الرازي؛ و (5) هو صاحب كتابي «أخبار محمد بن عبد الله ومقتله» وكتاب «خروج صاحب فخ ومقتله» المذكور عند النجاشي والاردبيلي والذريعة؛ و (8) هو الذي يروي عنه عمر بن شبّة.

5.2. أما الحسن بن عبد الواحد الكوفي

مخطوطة «أخبار فخ». 2) وعبد الله بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله (صاحب كتابي «خروج محمد بن عبد الله ومقتله» و «خروج صاحب فخ ومقتله»)، 3) وإبراهيم بن محمد بن عبد الله بن أبي الكرام (الذي يروي عنه عمر بن شبّة). الملاحظة الأولى هنا أن الثلاثة ليسوا من جيل واحد بحسب سلاسل النسب؛ والثانية أن بكر بن صالح الرازي هو الراوي عن الأول والثاني (10 و 5) رغم الاختلاف في ترتيب أسمائهما؛ أما الملاحظة الثالثة فهي أن الأخبار التي تروى عنهم جميعا في المصادر تتعلق بثورات الطالبيين: محمد بن عبد الله، وأخيه إبراهيم، والحسين الفخّي. ويبدو لي مما تقدّم أنّ الأسماء الثلاثة تعود لشخص واحد من أولاد ابن أبي الكرام-أو أحد أحفاده-اشتبه اسمه على الرواة. وقد اختلطت أنساب الطالبيين لتكرر أسماء الآباء والأبناء وتشابهها، وقد تبيّن النّسابة ابتداء من القرن الرابع الهجري/العاشر الميلادي صعوبة التعرّف على هؤلاء الأشخاص [1]. 5.2. أما الحسن بن عبد الواحد الكوفي ، الذي عبره يتصل إسناد المؤلّف بعبد الله بن محمد بن إبراهيم الجعفري، فينقل المؤلف-أحمد بن سهل الرازي- عنه قسما أساسيا من أخبار كتابه. ويرد اسمه كذلك عند أبي الفرج الأصفهاني في مقاتله حيث ينقل عنه خمس روايات حول ثورة النفس الزكيّة وأخيه إبراهيم وثورة فخ [2]. وينقل عنه أبو الفرج بواسطة راويين: علي بن أحمد ¬

[1] انظر مثلا، بالنسبة لصعوبة التعرّف على شخصيّة إبراهيم بن أبي الكرام الجعفري، تعليق محقق تهذيب المقال 303 - 306. [2] مقاتل الطالبيين 132 (حيث يسمّيه الحسين بن عبد الواحد)،356,388,436,524.

5.3. المدائني، علي بن محمد

ابن حاتم [1]، وعلي بن العباس المقانعي [2]؛ ويروي عنه مرّة عن طريق أحمد ابن محمد بن سعيد، أبي العباس بن عقدة (-332/ 944) [3] محمد بن منصور المرادي (290/ 903) [4] الحسن بن عبد الواحد [5]. وهذا يشير إلى أن وفاة الحسن بن عبد الواحد كانت قبل 290/ 903، وأنه يكبر محمد بن منصور المرادي بجيل. ونراه يروي أخباره هذه عن رجال متعددين مما يوحي بأنه قد جمع هو هذه الأخبار حول موضوع معيّن وصنّفها على شكل كتاب (أو أوراق/قراطيس)، وكلها يدور حول ثورات الطالبيين: زيد بن علي، محمد وأخيه إبراهيم، فخّ وثورة أبي السرايا. 5.3. المدائني، علي بن محمّد (- بين 215/ 830 - 228/ 842) [6]. يرد اسمه إحدى عشرة مرة [7]. والمؤلف ينقل عنه عن طريق عمر بن شبّة وهو يصرّح ¬

[1] كان ما يزال حيا في بداية القرن الرابع الهجري/العاشر الميلادي؛ انظر Quellenuntersuchungen 931 - 041. S .Gu?nther , : مقاتل الطالبيين 132,388. [2] توفي بعد 306/ 919، انظر S .Gu?nther,Quellenuntersuchungen 631 - 831 : مقاتل الطالبيين 356,436. [3] Quellenuntersuchungen 721 ff . GAS 281/ 1;R .Traini,Sources biographiques,no .761;S .Gu?nther , [4] أحد علماء الزيدية المرموقين، روى عن الامام القاسم الرسي، انظر: تراجم الجنداري202 - 402. W .Madelung,Der Imam al-Qa?sim 08 ff,59;S .Gu?nther,Quellenuntersuchungen R .Strothmann,in :Der Islam 31(3291),p .6;63 [5] مقاتل الطالبيين 524. [6] انظر: بدري محمد فهد، شيخ الإخباريين أبو الحسن المدائني Quellenuntersuchungen 741 f .;U .Sezgin,in :E .I 2? .5(6891),pp .649 - 84. G .Rotter,in :Oriens 32 - 42(0791),pp .301 - 331;S .Gu?nther, GAS 413/ 1 F .؛ [7] أخبار فخ:156 أ،156 ب ثلاث مرّات،161 ب،167 ب،175 ب،176 ب،179 ب، 180 أ،180 ب.

بذلك في خمسة مواضع [1]؛ وفي موضع واحد ينقل عنه عن طريق أبي النطّاح (كذا): «وحدّثني أبو النطّاح عن المدائني، قال. . .» [2]. ويخيّل لي أنّ «أبو النطّاح» إنما هي سبق قلم من الناسخ، والمقصود ابن النطّاح، محمد ابن صالح بن مهران (-252/ 866) [3] الذي ينسب إليه كتاب «أخبار العباس وولده»؛ وهو من الرواة عن المدائني [4]. ويبدو أن تعبير «حدّثني» في بداية الإسناد يعود لعمر بن شبّة، وقد روى ابن شبّة عن ابن النطّاح في كتابه «أخبار المدينة» [5]، وليس من المحتمل أن يكون المؤلف أحمد بن سهل الرازي قد روى مباشرة عن ابن النطّاح للفارق الزمني بينهما. وليس بوسعنا أن نجزم عن أي كتاب من كتب المدائني ينقل ابن شبّة، وقد يتبادر إلى الذهن أكثر من كتاب له مثل: كتاب أخبار أبي طالب وولده، وكتاب أسماء من قتل من الطالبيين، وكتبه في أخبار المنصور والمهدي والهادي [6]. وينقل أبو الفرج الأصفهاني أخبارا عن المدائني عن طريق أحمد ابن الحارث الخرّاز [7] وهي لا ترد في مخطوطة «أخبار فخ». ¬

[1] 156 أ،156 ب مرتان،175 ب. [2] 176 ب، والخبر في الطبري 8/ 244 - 245 (-3/ 616 - 617) وليس فيه ذكر لابن النطاح أو المدائني. [3] انظر مقدمة عبد العزيز الدوري وعبد الجبار المطلبي على كتاب «أخبار الدولة العباسيّة» 15 - 18؛ ويشكّ (D .Elton) في نسبة الكتاب لابن النطاح ويقدم افتراضات أخرى، انظر" The Anonymous History of the Abbasid Family",in :IJMES 41(2891),724 FF .: [4] شيخ الاخباريين، لبدري محمد فهد 198. [5] أخبار المدينة لعمر بن شبّة 1270. [6] الفهرست لابن النديم 114 و 115؛ بدري محمد فهد، شيخ الإخباريين 136 - 135,36 - 35,29 - 26,23 وغيرها. [7] بدري محمد فهد، شيخ الاخباريين 193 - 194 وقارن ب S .Gu?nther,Quellenuntersuchungen 741 - 841.:‍

5.4. عمر بن شبة

كما يضم «كتاب المصابيح» أخبارا عن المدائني دون ذكر لمصدره، وهذه الأخبار ممّا ينفرد به الكتاب وليس كلّها مما يرد في مخطوطة «أخبار فخ» ولا في «مقاتل الطالبيين». فالمادة التي ينقلها أحمد بن سهل الرازي عن المدائني بواسطة عمر بن شبّة، مادة جديدة تلقي ضوءا على أسلوب المدائني المؤرخ وعلى مصادره. 5.4. عمر بن شبّة (-263/ 876) (1). يرد اسمه ثماني مرّات وقد مرّ معنا أن المدائني هو مصدره الرئيس. وقد روى مرّة عن ابن النطّاح، كما روى خبرا عن ابن زبالة ويبدو أن هذا الخبر هو من كتاب «أخبار المدينة» لابن زبالة، إذ إنّه يدور على الأموال التي وزّعها يحيى بن عبد الله في الحجاز بعد أن أمّنه الرشيد ووصله [2]. ويروي ابن شبّة في كتابه «أخبار المدينة» خبرين عن ابن زبالة [3]. وقد لاحظ تلمن ناغل أن أخبار ابن زبالة تشير إلى ميول علويّة [4]. ومن الصعب أن نحدّد كتاب ابن شبّة الذي ينقل عنه أحمد بن سهل الرازي أخباره، إلاّ أنّنا نرجح أن يكون الكتاب هو «أخبار المدينة». وتجدر الإشارة هنا إلى أنه في الفترة نفسها تقريبا التي عاش فيها مؤلف المخطوطة أحمد بن سهل الرازي، ألّف علي بن إبراهيم بن محمد بن الحسن بن محمد بن عبيد الله بن الحسين بن علي بن أبي طالب العلوي الجواني كتابيه: ¬

؛ Quellenuntersuchunges 022 - 522 GAS 543/ 1;T .Nagel,in Der Islam 64(0791),p .032 ff .;S .Gu?nther , [1] صالح أحمد العلي، الحجاز في صدر الاسلام 34 - 37. [2] أخبار فخ 176 ب. [3] أخبار المدينة 567,1018. [4] T .Nagel,in :Der Islam 64(0791),p .532 f .

«أخبار صاحب فخ» و «أخبار يحيى بن عبد الله بن الحسن» [1]؛ وهو كوفي، ونسبته الجوّانّي إلى قرية الجوّانيّة من قرى المدينة، قال النجاشي عنه: «إنّه ثقة صحيح الحديث وإنه خرج مع الإمامين موسى بن جعفر الكاظم وعلي بن موسى الرضا إلى خراسان». وهو من مصادر أبي الفرج المهمة في مقاتله، وقد نقل عنه خمسة وثلاثين خبرا [2] خاصة فيما يتعلق بأخبار فخ وأخبار يحيى بن عبد الله. يمكننا أن نستخلص من هذا العرض أنّ أحمد بن سهل الرازي قد جمع مادّة كتابه من ثلاثة مصادر كتابية رئيسة هي: 1 - كتاب الجعفري: الذي رجّحنا أن يكون عبد الله بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب صاحب «خروج صاحب فخّ ومقتله». 2 - كتاب للحسن بن عبد الواحد الكوفي حول ثورات الطالبيين جمع فيه، بالإضافة إلى ما أخذه عن الجعفري المذكور سابقا من طريق بكر بن صالح الرازي، أخبارا من مصادر أخرى. 3 - كتب لعمر بن شبّة وللمدائني، ولم نستطع أن نجزم إذا ما كانت نقوله عن المدائني تتمّ مباشرة أم عن طريق كتب عمر بن شبّة. يضاف إلى هذه المصادر روايات-يبدو أنّه أخذها-شفاها عن رواة زيديّين بعضهم معروف مثل محمد بن القاسم بن إبراهيم الرّسّي ومحمد بن منصور المرادي، وبعضهم مغمور أو مجهول بالنسبة لنا اليوم. ¬

[1] رجال النجاشي 2/ 92، رقم 685 (ط. بيروت 1988)؛ جامع الرواة 1/ 545؛ الذريعة 1/ 337 (1759) ,1/ 354 (1864). [2] S .Gu?nther,Quellenuntersuchungen 141 - 441.

6 الدعوة الزيدية بعد القضاء على ثورة النفس الزكية

6 الدعوة الزيدية بعد القضاء على ثورة النفس الزكية لم يكن القضاء على ثورة محمد النفس الزكيّة وثورة أخيه إبراهيم بالأمر الهيّن، فقد شكّلت هذه الثورة تحديا جدّيا لشرعية الدولة العبّاسيّة الفتيّة [1]، وكانت نتيجة دعوة منّظمة امتدت إلى خراسان ومصر واليمن وغيرها من الأقاليم، كما أنّها كانت تقوم على الدعوة إلى عقيدة مهدويّة [2]، واستطاعت أن تؤلب حولها، علاوة على جموع العلويّة والطالبيين الناقمين على اغتصاب بني العبّاس للسلطة، عددا كبيرا من الفئات المعارضة والعلماء والمعتزلة الأوائل [3]. وقد شغلت هذه النائبة السنوات التسع الأولى من خلافة المنصور، ¬

[1] انظر ما يروى عن اجتماع الأبواء إثر مقتل الوليد بن يزيد (126/ 743) في: أخبار العباس وولده 384 وما بعدها؛ أنساب الأشراف (ط. المحمودي) 3/ 78؛ العيون والحدائق 3/ 231 - 232؛ الفخري 164 - 165؛ مقاتل الطالبيين-208,255 - 259;233 - 234,253 - 257 205؛ وقارن بالكافي 5/ 23 - 27؛ وتهذيب الأحكام 6/ 148 - 151؛ والنزاع والتخاصم 101؛ وانظر دراسة فاروق عمر في العباسيين الأوائل 170 - 171؛ وحسن فاضل العاني، سياسة المنصور T .Nagel,in :Der Islam 64(0791),p .552 ff .;851 - 262 [2] أنساب الأشراف (ط. المحمودي) 3/ 76؛ الطبري 7/ 567 (-3/ 209)؛ مقاتل الطالبيين 205 - 208,233 - 234,237 - 249,291؛ الكامل 5/ 518؛ الحدائق الوردية 154 - 155,157؛ وانظر فاروق عمر، بحوث في التاريخ العباسي S .H .M .JAFRI,THE ORIGINS 762 - 962; J .M .Hussain,;in :Expectations of the Millennium 21. .94 وقد ميّز تلمن ناغل رواية يعقوب بن القاسم بن محمد بن يحيى بن زكرياء بن طلحة من بين الروايات التي تشير إلى أن المهدي كان هو محمد بن عبد الله، بأنّها أوضحت أنه لم يكن المهدي ولكن كان يظن أنه هو؛ (DER Islam 64(0791),pp .542 - 642) وانظر حول تطور فكرة المهدي: وداد القاضي، الكيسانية 122 - 125,224 - 232؛ وعبد العزيز الدوري، في: دراسات عربية وإسلامية مهداة إلى إحسان عباس W .Madelung,in :E .l? 2.5(6891),PP .0321 - 8321(ART .AL-MAHDI) . A .Sachedina,Islamic Messianism 1 - 93. .132 - 123 [3] قارن ب؛ W .Madelung,Der Imam al-Qa?sim ibn Ibra?hi?m 37 - 57 :‍ ومحمد عمارة، المعتزلة والثورة 83 - 106.

6.1. سياسة المهدي

ودار الصراع فيها حول شرعية السلطة الجديدة يطرحها خصم قوي يتمتع برصيد كبير ودعوة تصدر عن إجماع يحقّق مصالح المعارضة وفئات واسعة من عصبيّات الدولة، ويلجأ إلى تجربة طويلة في الصراع ضد الأموييّن. وقد قضّت هذه الثورة مضجع المنصور قبل أن يتاح له السيطرة عليها، ليتتبّع العلويّين قتلا وتحبيسا، ويشدّد على من شاركهم الثورة من العلماء والأعيان. وقد أحكم إثرها نظام البريد في أرجاء الدولة ليتسقّط أخبار من هرب من العلوييّن ويرصد تحرّكاتهم [1]. 6.1. سياسة المهدي وعن عمر بن شبّة [2] أن المنصور أوصى وليّ عهده المهدي في حجّته الأخيرة بالحذر من رجلين: أوّلهما عيسى بن موسى، ابن أخيه وولي عهده قبل المهدي وكان أبو جعفر قد توعّده وهدّده ثم استرضاه بالمال وعهد بولاية العهد لابنه المهدي، والثاني عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب [3]، الذي خرج مع النفس الزكيّة ومع أخيه إبراهيم ثم توارى في الكوفة. وكان من وصيّة أبي جعفر فيه. . «وأما عيسى بن زيد فأنفق هذه الأموال واقتل هؤلاء الموالي واهدم هذه المدينة حتى تظفر به، ثم لا ألومك» [4]. فقد ظل الخوف من العلويين هاجس أبي جعفر قبل وفاته بعد أن أمن جانب أهل بيته العباسيين وأمن ولاء جند خراسان وموالي الدولة، عبر سياسة البطش من جهة والترغيب من جهة أخرى. ¬

[1] الطبري 8/ 96 (-3/ 435). [2] الطبري 8/ 106 - 107 (-3/ 448). [3] انظر ما يلي ص 31 - 32. [4] يعني الأموال التي جمعها «ما لم يجمعه خليفة قبلي» وكذلك الموالي الذين جمعهم وبناء مدينة السلام بغداد، الطبري 8/ 106 (-3/ 448).

وقد آثر المهدي جانب المهادنة مع العلوييّن بعد أن كفاه المنصور خطرهم المباشر، فلجأ إلى الوسائل السياسيّة السلميّة وإلى رصد تحرّكاتهم لاحتوائها. وتحاول بعض الروايات أن تبرز جانب اللّين في سياسة المهدي، فيذكر الطبري عن مصدره [1] أن المنصور كان دفع إلى ربطة زوجة المهدي مفاتيح الخزائن وعهد لها ألاّ تفتح بعض تلك الخزائن بعد موته ولا تطلع عليها أحدا إلاّ المهدي، فلما فتحها المهدي ومعه ربطة «فإذا أزج كبير فيه جماعة من قتلاء الطالبيين وفي آذانهم رقاع فيها أنسابهم، وإذا فيهم أطفال، ورجال شباب ومشايخ عدة كثيرة، فلما رأى ذلك المهدي ارتاع لما رأى وأمر فحفرت لهم حفيرة فدفنوا فيها، وعمل عليهم دكّان». ولهذا الخبر-رغم بنيته القصصيّة ويصرف النظر عن صحّته-دلالة مهمّة إذ يظهر شدّة المنصور وعنفه من جهة، ويشير إلى طبع المهدي الرقيق وارتياعه من جهة أخرى. هذا وتجمع المصادر [2] على أن المهدي عمل على اتّباع سياسة مهادنة: فقد أطلق المساجين ووصل كل من أطلقه، كما حاول استرضاء العلوييّن فأخرج كل من كان منهم في السجن وأمر لهم بصلات وأرزاق دارّة، وكان ممن أخرجه الحسن بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب وكان ممن خرج مع النفس الزكيّة واستعمله الأخير على مكة [3]؛ ¬

[1] الطبري 8/ 104 - 105 (-3/ 445 - 446)؛ والنزاع والتخاصم 103. [2] قارن بالطبري 8/ 117,133 (-3/ 461,483)؛ تاريخ اليعقوبي 2/ 475؛ العيون والحدائق 3/ 270,272. وانظر عبد العزيز الدوري، العصر العبّاسي الأول 85 - 86؛ وفاروق عمر، العباسيّون الأوائل 212 - 215. [3] مقاتل الطالبيين 301 (ط 2.263)؛ وانظر عنه الطبري 7/ 561 - 570 (-3/ 201 - 223).

والحسن بن زيد [1]؛ كما أطلق موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن، فيما روي [2]. أمّا عيسى بن زيد، وكان النفس الزكيّة قد عهد إليه بالأمر بعد أخيه إبراهيم [3]، فقد ظلّ متخفّيا وتوارى بالكوفة في دار علي بن صالح بن حيّ [4]، أخي الحسن بن صالح أحد كبار رجالات الزيديّة ومحدّثيهم [5]، وتزوّج ابنة له [6]. وقد جدّ المهدي-بحسب وصيّة أبيه أبي جعفر-في طلبه وتتبع أخباره، وأمّنه ونودي بالأمان في الأمصار غير أن عيسى بقي في اختفائه. ويذكر عليّ بن بلال-وهو أتمّ كتاب المصابيح الذي كان أبو العباس الحسني قد ابتدأ به- أنّ عيسى بن زيد بويع سنة 156/ 772 وهو متوار بالعراق، بايعه أهل الكوفة والسواد والبصرة والأهواز وواسط، وورد عليه بيعة أهل الحجاز: مكة والمدينة وتهامة، والجبال، وأنّه وجّه دعاته إلى مصر والشام، ثم عقد عزمه على الخروج في غرّة رمضان سنة 166/ 782 إلاّ أنّ المهدي بعث إليه من سمّه فمات في سواد الكوفة وكان له من العمر خمسة وأربعون عاما، وبويع وهو ابن ثلاثين [7]. أمّا أبو الفرج فينقل عن أحمد بن عبيد الله بن ¬

[1] مقاتل الطالبيين 398 (ط 2.320). [2] مقاتل الطالبيين 394، إذ اختلف في مصير موسى بن عبد الله. [3] مقاتل الطالبيين 408؛ عمدة الطالب 228. [4]-154/ 771، تاريخ خليفة بن خياط 427؛ وفهرست ابن النديم 227؛ وتهذيب الكمال 20/ 464 - 467؛ وسير أعلام النبلاء 7/ 371 - 372. [5]-167/ 784 وقيل 168، كان من رؤوس «البتريّة» من فرق الزيديّة. انظر عنه: تهذيب الكمال 6/ 177 - 191؛ وسير أعلام النبلاء 7/ 361 - 371؛ و Qa?sim 15,732. W .Madelung,Der Imam al - [6] مقاتل 408 (ط 2.345)؛ ويذكر ابن قتيبة في (المعارف 509) أنها إبنة الحسن بن صالح ابن حي؛ وفي رواية أنّه تزوج امرأة لا يعرفها، وكتم أمره عنها، مقاتل 410 (ط 2. 347)؛ وعمدة الطالب 299. [7] كتاب المصابيح (مصورة دار الكتب، رقم 81)،92 أ-92 ب.

عمّار [1] عن رجاله أن عيسى مات عند الحسن بن صالح وأنّ الأخير كتم خبر موته [2]. وما يذكره علي بن بلال دون ذكر سند عن قضية سمّه، هو أمر مشكوك فيه، وقد ذكر في بداية حديثه أنّ عيسى خرج مع الحسين بن علي صاحب فخ ثم نجا وتوارى، وهذا خلط واضح. ويبقى تاريخ وفاته مقبولا إذ ذكر أبو الفرج كذلك أنه مات عند الحسن بن صالح والأخير توفي سنة 167 أو 168/ 783. وقد يسّرت له فترة الكمون هذه بثّ علمه [3] ونشر الدعوة الزيديّة [4]. ولمّا مات ضمّ المهدي ابنيه أحمد وزيد إليه [5]. كما أطلق المهدي يعقوب بن داود [6] من سجنه، وكان شارك في ثورة النفس الزكيّة وسجن مع الحسن بن إبراهيم بن عبد الله المحض، ووصله وقرّبه وولاّه الوزارة «ليدخل بينه وبين آل حسن وعيسى بن زيد» [7]، وكانت هذه بادرة منه ليطّلع عن كثب على مخططات العلويين. وقد استأمن يعقوب ¬

[1] توفي بالكوفة سنة 314/ 926 أو 319/ 931، انظر عنه S .Gu?nther,Quellenuntersuchungen 331 - 531.: [2] مقاتل الطالبيين 423 - 424 (ط 2.358)؛ وانظر في ترجمة عيسى بن زيد بالاضافة إلى ما تقدّم: المجدي Strothmann,Das Staatenrecht 601 ff .;781 - 681 و ; van Arendonk,Opkomst 55 و W .Madelung,Der Imam al-Qa?sim 15,471 [3] كان يستر نفسه في زي الجمّالين وحجّ مع الحسن بن صالح وأخيه علي (أي قبل 154/ 771) وغيرهما ولقي هناك سفيان الثوري. وقد أخذ عنه عدد من العلماء أثناء فترة اختفائه. انظر مقاتل الطالبيين 415 وما بعدها. [4] انظر في دعاته مقاتل الطالبيين 410 - 411,413,420. [5] مقاتل الطالبيين 420 - 423. [6]-187/ 802، انظر عنه الطبري 8/ 117 - 120,154 - 162,302 (-3/ 462 - 465,506 - 516,688)؛ الفخري 184 - 187؛ العيون والحدائق 3/ 270 - 271,275 - 278؛ الكامل 6/ 37 - 38,69 - 73. [7] الطبري 8/ 155 (-3/ 508).

الخليفة المهدي للحسن بن إبراهيم، وكان فرّ من السجن، وجمع بينهما بمكّه سنة 160/ 776 [1]. ولا يسع الدارس إلاّ أن يلتزم جانب الحذر تجاه بعض هذه الأخبار عن يعقوب بن داود، خاصة ما أورده الطبري عن علي بن محمد النوفلي [2]، من أن أمر يعقوب بن داود «لم يزل يرتفع عند المهدي ويعلو حتى استوزره وفوّض إليه أمر الخلافة، فأرسل إلى الزيديّة فأتى بهم من كل أوب وولاهم من أمور الخلافة في المشرق والمغرب كلّ جليل وعمل نفيس، والدّنيا كلها في يديه» [3]. فقد كان النوفلي، على ما ذكره أبو الفرج في مقاتله [4] «يقول بالإمامه فيحمله التعصّب لمذهبه على الحيف فيما يرويه، ونسبة من روى خبره من أهل هذا المذهب إلى قبيح الأفعال». ولا بدّ من التنبّه هنا إلى أن تعبير «كان يقول بالإمامة» الذي يطلقه أبو الفرج على النوفلي يعني أنّه كان ممن يقول بإمامة موسى الكاظم بعد أبيه جعفر الصادق وبإمامة علي الرضى بعدهما-وقد توفي النوفلي بعد الرضا بعام -أيّ أنه من أصحاب الإمامة القائلين بالنّسق والنصّ، وهو التيّار الشيعي الذي أخذ يتبلور حول الإمام الصادق الذي آثر القعود ومهادنة السلطة ولم يشارك الحسنيين ثوراتهم، والذي استمدّ من شخصيّة الصادق «الكارزماتيّة» قوّة ودفعا [5]. وقد ابتعد هؤلاء عن الزيديّة (أو بعض تيّاراتها) وحاولوا جمع شتات التيار ¬

[1] الطبري 8/ 156 (-3/ 508)؛ والعيون والحدائق 3/ 272. [2]-204/ 819، جامع الرواة S .Gu?nther,Quellenuntersuchungen 151 - 25. :Prozorov,Arabskaia Istoricheskaia 181;1/ 895 كما ترد في «كتاب المصابيح» أخبار كثيرة عن النوفلي، ولا يصرّح الطبري ولا أبو العباس الحسني/علي بن بلال في «كتاب المصابيح». بالكيفية التي يتصلان عبرها بالنوفلي؛ وقد رجّح غونتر أن يكون النوفلي مؤلفا لكتاب. [3] الطبري 8/ 155 - 156 (-3/ 508)؛ وقارن بالعيون والحدائق 3/ 271,273. [4] مقاتل 518؛ وانظر M .Jarrar,op .cit .982.: [5] قارن ب‍: مسائل الإمامة 46 - 48؛ وانظر M .G .S .Hodgson,in :JAOS 57(5591),p .9 f .;H .Halm,Die Schia 43 - 04.:

الشيعي وتنظيم صفوفه. وأرى أن خبر النوفلي يرمي إلى الحط من الزيديّة في الإطار الذي يتبعه أصحاب المذاهب المتنافسة، وإلى اتهامهم بالعمل مع السلطة. وقد كانت مسألة العمل مع الإمام غير الشرعي، أو الجائر، تشغل الشيعة في ذلك الوقت وكانت موضع نقاش واستفتاءات شرعية، ونحن نعلم أن بعض الشيعة ممن يقول بالإمامة قد قبل مناصب في الدولة كما تدل حالة علي بن يقطين (-182/ 798) [1]. وقد يكون خبر النوفلي هذا من قبيل تبرير عمل أصحابه تحت لواء الدولة العبّاسيّة. ونحن لا نجد في كتب الزيديّة الفقهيّة المتأخرة ما يشير إلى أن هذه المسألة كانت تقلقهم. ولا نستبعد أن يكون بعض الشيعة ممن يميلون للزيديّة قد قبلوا بالعمل مع السلطان وتولّوا بعض المناصب المهمة، وسوف نرى أن أحد عمّال العباسيين على مصر، وكان ممّن يميل للزيديّة، قد سهل فرار إدريس إلى المغرب بعد هرويه من موقعة فخ، ولا ننسى أن بعض اتجاهات البترية لم تكن تقول بالخروج. ولا نستبعد أن يكون المهدي قد اتّبع سياسة تولية بعض الزيديّة من ذوي الاتجاهات المهادنة للسلطة مناصب في الدولة وأن يكون قد استرضاهم بالمال ليتسقّط عبرهم أخبار العلويين وليكشف مخططاتهم كما تدلّ حالة يعقوب بن داود، أما أن يكون قد بلغ في ذلك حد توليتهم «كل نفيس من أمور الخلافة» فهو أمر صعب التصديق. ويذكر الطبري في خبره عن النوفلي أن آل الحسن، استوحشوا من صنيع يعقوب. ويجدر التنبيه هنا على أنّ الطبري اعتمد في روايته عن الزيديّة أخبارا عباسيّة الهوى [2]، علاوة على تعويله بشكل كبير على أخبار علي بن محمد النوفلي. ¬

[1] انظر W .Madelung,in :BSOAS 34(0891),pp .81 - 13.: [2] انظر M .Jarrar,in :Asiatische Studien 74(3991),p .192.:

وفي خلافة المهدي دعا علي بن العباس بن الحسن المثنّى لنفسه سرا ببغداد فاستجاب له جماعة من الزيديّة، وبلغ المهدي خبره فأخذه ولم يزل في حبسه حتى قدم الحسين بن علي الفخي فكلّمه فيه واستوهبه منه، ويذكر أبو الفرج أنّ المهدي دسّ له شربة سمّ فمات بعد دخوله المدينة بثلاثة أيام [1]. وعندما علم عبد الله بن محمد بن مسعدة، مؤدب أولاد النفس الزكيّة، بوفاة المنصور وتولي المهدي أمن أن ينزل بمحمد بن عبد الله الأشتر بن النفس الزكيّة ويأمه من قلعة كانوا قد لجأوا إليها بالسند بعد مقتل عبد الله الأشتر، فقدم بهم إلى المدينة [2]. وقد أحسن المهدي وفادة الحسين بن علي الفخّي ووهبه علي بن العباس كما مرّ معنا، وهذا يشير إلى صلة إيجابية بينهما، إذ وفد الحسين بن علي على المهدي وكان قد ركبه دين، فأذن له المهدي وأمر بادخاله حتى أناخ جمله في وسط الدار ووثب إليه وعانقه وتلطّف وأمره برفع حوائجه فأعلمه بحاجته للمال فأجابه المهدي ووصله [3]. وعندما حجّ المهدي سنة 160/ 776 مع ابنه هارون وجماعة من أهل بيته ومعه يعقوب بن داود-وهي الحجّة التي استأمن فيها يعقوب المهدي للحسن بن إبراهيم-وزّع على أهل الحجاز أموالا طائلة لاسترضائهم، وأرجع إليهم جرايات الحبوب من مصر بعد أن كان المنصور قد قطعها عنهم عقب ثورة ¬

[1] مقاتل الطالبيين 403 (ط 2.342)؛ وفي «كتاب المصابيح» ان المهدي وعده بدفع علي ابن العباس إليه إلا أنّه توفي قبل ذلك وأنّ الهادي هو الذي أمر بتخليته. [2] مقاتل الطالبيين 314 (ط 2.272). [3] مقاتل الطالبيين 440 (ط 2.369 - 370)؛ وفي كتاب المصابيح أن دينه بلغ سبعين الف دينار فباع عينا له (انظر ما يلي ص 282).

6.2. الدعوة السرية

النفس الزكيّة، وأمر بإثبات خمسمائة رجل من الأنصار ليكونوا معه حرسا له بالعراق وأنصارا [1]. كما أذن المهدي لعبّاد بن العوّام [2] بالظهور والتحديث، وكان خرج مع إبراهيم بن عبد الله فاستشفع فيه المهدي عند المنصور، ولم يزل متواريا من حينها حتى أذن له بالظهور، فظهر وحدّث [3]. يمكننا بشيء من الاطمئنان-اعتمادا على العرض السابق-أن نرى في فترة حكم المهدي محاولة حذرة من جانبه لمهادنة الطالبيين وإغداق الأعطيات عليهم، وتخفيف التضييق عنهم، غير أنه كان شديد الوعي لحسن تنظيمهم وقد حاول عبر سياسة المهادنة هذه تتبّع حركاتهم للالتفاف على وسائل دعوتهم السريّة وكشفها. 6.2. الدعوة السريّة ترى كيف كان موقف الطالبيين من هذه السياسة؟ لقد تلقّى هؤلاء ضربة مؤلمة إثر القضاء على ثورة النفس الزكيّة، وتبع ذلك انحسار في تأييد التكتّلات التي كانت قد التفّت حول هذه الحركة نتيجة سياسة السلطة العبّاسيّة، فمع أن المنصور قد استخدم العنف مع العلويّين والتضييق عليهم إلاّ أنّه عفا عن عدد ممن ساندهم، خاصة من القرشيين، ثمّ كانت سياسة المهدي المهادنة، فتوجّهت بعض القوى المعارضة التي كانت قد أيّدت هذه الحركة لاتخاذ منطلقات جديدة تمثلت في اتجاه أطراف من الفقهاء والمحدّثين إلى العمل مع الدولة؛ كذلك آثرت أجنحة من المعتزلة الدفاع عن ¬

[1] الطبري 8/ 133 (-3/ 482 - 483). [2]-185/ 801 أو 186/ 802؛ تاريخ بغداد 11/ 104 - 106؛ الوافي 16/ 614. [3] مقاتل الطالبيين 367 (ط 2.315).

تسلّط الدولة في وجه الأخطار المحدقة بالجماعة الإسلامية ودعوتها، والمتمثلة في «الزنادقة»، بما يمثله هذا من فهم جديد لمبدأ «تغيير المنكر» الذي التقت عليه الزيدية والمعتزلة. كما أخذ الحسينيون الملتفّون حول إمامة جعفر الصادق والقائلون بالنص وإمامة النسق يعيدون تكتل الحركات الشيعية حول أئمتهم. رغم هذه الارتكاسات فقد أكمل العلويون دعوتهم السريّة وعملوا على إعادة تنظيم صفوفهم وبثّ دعوتهم في بلدان الخلافة. وكان زيد بن علي قد بث الدعاة في الأقطار [1] للدعوة «إلى الرضا من آل محمد» [2]، وقد تابع بعده محمد النفس الزكيّة الدعوة لنفسه إثر اجتماع الأبواء [3]، وعن ابن دأب [4] «لم يزل محمد بن عبد الله منذ كان صبيا يتوارى ويراسل الناس بالدعوة إلى نفسه ويسمّى بالمهدي» [5]، وقد عجّل بالخروج قبل أن يتم أمر دعاته الذين أنفذهم إلى الآفاق [6]. وتسعفنا المصادر في تتبّع أسماء بعض دعاته: -فقد استعمل القاسم بن اسحاق بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب على اليمن، وأخاه موسى بن عبد الله بن الحسن على الشام، يدعوان إليه ¬

[1] مقاتل الطالبيين 148 - 145 (ط 2.140 - 142)؛ محمد عمارة، تيّارات الفكر الاسلامي 108 - 109. [2] نصرة مذاهب الزيديّة (منسوب للصاحب بن عبّاد) 236 - 238. [3] انظر ما مرّ ص 28، ح 1. [4] عيسى بن يزيد بن دأب (-171/ 787)، حجازي راوية للأخبار والأنساب وكان مقرّبا من الهادي، وقيل إنّه كان يتشيّع ويضع أخبارا لبني هاشم، وقد ذكر أنّه أنشد عيسى بن موسى بعد موقعة فخ شعرا ليزيد بن معاوية. معجم الأدباء 5/ 2144 - 2150، رقم 885. [5] مقاتل الطالبيين 239 - 240 (ط 2.212). [6] مقاتل الطالبيين 260 (ط 2.229)، هذا ويروى عن النفس الزكيّة قوله في خطبته في أهل المدينة حين خرج: «والله ما مصر يعبد الله فيه إلا وقد أخذت دعاتي فيه بيعة أهله. .» العيون والحدائق 3/ 238؛ وقارن بالحدائق الوردية 1/ 163، س 2 - 3؛ وانظر أنساب الأشراف 3 (محمودي) 110,113.

فقتل قبل أن يصلا [1]، وقد انصرف موسى إلى البصرة بعد ذلك [2]. وأورد صاحب العيون والحدائق [3] خبرا مفاده أنّ محمد بن خالد بن عبد الله القسري هو الذي غدر بمحمد ليبعث بموسى مع نذير بن يزيد بن خالد إلى الشام ليدعو الناس إلى طاعته فخلفاه بدومة الجندل ووشا به، إلاّ أنّ موسى انصرف ولم يقم. -ووجه ابنه عليا ومعه أخاه موسى بن عبد الله ومطرا صاحب الحمام ويزيد بن خالد القسري إلى مصر، فقبض على عليّ ونجا موسى. وقد أورد أبو الفرج هذا الخبر وذكر أنّ المنصور حبسه مع أهله فمات [4]. وقال الطبري [5] إنه اعترف لجعفر وسمّى أصحاب أبيه «فكان فيمن سمّى عبد الرحمن ابن أبي الموالي [6] وأبو حنين، فأمر بهما أبو جعفر فحبسا وضرب أبو حنين مائة سوط». ويبدو أنّ إرسال موسى بن عبد الله إلى مصر كان قبل بعثه داعيا إلى الشام إذ أن النفس الزكيّة قتل أثناء رحلة موسى إلى الشام. أمّا بالنسبة لعلي ابن محمد فقد ذكر الكندي [7] أنّه أوّل علوي قدم مصر زمن ولاية يزيد بن حاتم بن قبيصة (من يوم الاثنين للنصف من ذي القعدة سنة 144/ 761 - إلى آخر شهر ربيع الآخر سنة 152/ 769) وأنّ كثيرا من الناس بايع له، وقام بأمر دعوته خالد بن سعيد بن ربيعة بن حبيش الصدفي وأن خالدا خرج على ¬

[1] الطبري 7/ 561 (-3/ 202)؛ مقاتل الطالبيين 392؛ وقارن بمصوّرة تاريخ دمشق 17/ 283. [2] مقاتل الطالبيين 392 (ط 2.335). [3] 3/ 240. [4] مقاتل الطالبيين 201 (ط 2.182)؛ وقارن بالرسالة المنسوبة إلى إدريس فيما يلي ص. [5] 7/ 537 - 538 (3/ 171). [6] قارن بمقاتل الطالبيين 288 (ط 2.253 - 254). [7] ولاة مصر 133 - 137؛ وقارن بخطط المقريزي 2/ 246.

الوالي لعشر خلون من شوال سنة 145/ 762 وأن الثورة لم تهدأ إلا حين قدمت الخطباء إلى مصر برأس إبراهيم بن عبد الله في ذي الحجة سنة 145. وذكر عن رواته أن عليا اختفى عند عسامة بن عمرو وأنزله هذا قرية له من طوّه فمرض علي بها فمات ودفن بها. وتبدو هذه الرواية غريبة أمام اجماع أبي الفرج والطبري وأبي نصر البخاري [1] على أن عليا حبس ببغداد ومات هناك ولا عقب له. وهذا لا ينفي أنّ ثورة زيديّة قامت بمصر وأن خالد بن سعيد وغيره من القحطانية والمعافر قد قاموا بأمر هذه الثورة، فقد كانت مصر تغصّ بأشياع العلويين منذ الفتنة الأولى زمن عثمان بن عفّان، ومنها كان يمّر دعاة العلوييّن وقد كان لأحد الحضارمة فضل في إيواء إدريس بن عبد الله إثر هروبه من موقعة فخ كما سيمر معنا. أما يزيد بن خالد القسري الوارد اسمه ضمن الدعاة فقد ذكر أبو الفرج أنّه قتل مع محمد النفس الزكيّة [2]. ومما يؤكد أن دعوة محمد كانت قد لاقت قبولا في مصر أنّ عبد الحميد ابن جعفر [3] أشار عليه قبل خروجه بالمدينة أن يترك المدينة لأنها «أقل بلاد الله فرسا وطعاما، وأضعفه رجالا، وأقلّه مالا وسلاحا» وارتأى عليه أن يسير بمن اتبعه إلى مصر [4]. وعبد الحميد هذا كان على شرط محمد ثم وجّهه وجها [5]. فهل لنا أن نفترض أنّه وجّهه إلى مصر لذلك كان عالما بأحوالها؟ -كما انتشرت دعوة النفس الزكيّة في خراسان بحسب ما ذكر المحلي: وانتشرت دعوته بالآفاق «وظهرت بخراسان وبايعه الجمهور من أهلها واضطرب ¬

[1] سرّ السلسلة العلويّة 8. [2] مقاتل الطالبيين 276 - 277 (ط 2.243 - 244). [3] انظر عنه مقاتل الطالبيين 261,268,284,286 والطبري 355/ 7,555,955,085,506 (-091/ 3,391,722,952) [4] مقاتل الطالبيين 268، وانظر J .Lassner,The Shaping of'Abbasid Rule 96 - 17 : [5] الطبري 7/ 559 (-3/ 199)؛ مقاتل الطالبيين 282 (ط 2.248).

أهل خراسان على أبي الدوانيق اضطرابا شديدا حتى همّوا بطرد ولاته ودعاته. . .» [1]. وقد ذكر أبو الفرج عن عقبة بن سلم أن المنصور قد دعاه وذكر له أن لبني الحسن «شيعة بخراسان بقرية كذا يكاتبونهم ويرسلون إليهم بالصدقات. . .» [2]. ومما يؤكد انتشار دعوة محمد بخراسان ومنذ وقت مبكر أن أبا جعفر أرسل برأس العثماني، محمد بن عبد الله بن فاطمة بنت رسول الله، [3] إلى هنالك. ولا ننسى أن خراسان كانت تميل للعلوية منذ مقتل يحيى بن زيد. ولا نعرف أسماء دعاة محمد إلى خراسان. -ووجّه محمد النفس الزكيّة إلى المغرب دعاة اختلف في أسمائهم واضطرب الأمر على المؤرخين في تحديد هويتهم، فقد ذكرت أكثر من رحلة لأكثر من داع، ويعود سبب التخليط إلى نجاح إدريس بن عبد الله في الهرب إلى المغرب بعد معركة فخ وفي تأسيسه دولة هناك استقطبت عددا كبيرا من الحسنيين وانتشر هؤلاء في المغرب واستقلّوا بولايات فيه [4]، فربما حاول كل من أبناء هؤلاء نسبة شرف دخول المغرب والدعوة فيه لأحد أجداده. ثم إنّ أسماء الحسنيين تتشابه وتتكرر-كأسماء الطالبيين بعامّة-مما أدّى إلى اختلاط الأمر على المؤرخين فاعتبروا اسم أحدهم-وقد يكون قد دخل المغرب في أوائل القرن الثالث الهجري-مطابقا لاسم أحد الحسنييّن من أبناء النفس الزكية أو إخوته. لهذا لا يمكن الوثوق بالروايات التي وصلتنا، خاصة روايات المتأخرين كابن الآبار وابن عذاري وابن أبي زرع وغيرهم. وأوّل من ذكر داعيا للنفس الزكيّة إلى المغرب، هو المشرقي أبو الحسن الأشعري إذ قال إنّ النفس ¬

[1] الحدائق الورديّة 1/ 161، س 5 - 7. [2] مقاتل الطالبيين 213 (ط 2.190). [3] مقاتل الطالبيين 226؛ العيون والحدائق 3/ 236 - 237. [4] قارن بأبي عبيد البكري، المغرب في ذكر بلاد افريقية والمغرب 122 - 134.

الزكيّة «وجّه أخاه ادريس إلى المغرب ولولده هناك مملكة» [1]. وقد تنبّه محمد الطالبي لهذا الإشكال فقال: «والأشعري مؤلف جاد، لكنه شرقي ولذا فهو أقل ثباتا لما يكون الأمر متعلقا بالمغرب، وفضلا عن ذلك، كان يؤلف في بداية القرن العاشر، أي حوالي سنة 291/ 903 - 904 وأخيرا فإن روايته الخاصة بمهمة إدريس المكلف من طرق أخيه النفس الزكية لم يؤيدها أي مصدر آخر تأييدا كاملا، ومن الثابت أن إدريس كان بالمدينة حين وقوع ثورة فخ سنة 169/ 785 - 786. ولا يستبعد قطعا أنه رجع إلى الشرق بعد القيام بمهمة أولى في المغرب لكن هذا الأمر قليل الاحتمال، غير أن قول الأشعري لا يحتمل أن يكون بدون أساس أيضا، رغم ظهور التباس في الاشخاص، وبعبارة أخرى، لا يستبعد أن يكون محمد النفس الزكيّة قد وجّه داعيا آخر إلى المغرب» [2]. هذا ويذكر ابن أبي زرع [3] أن النفس الزكيّة أرسل أخاه عيسى إلى افريقية فأجابه بها خلق كثير. ثم يذكر أنه بعث أخاه «سليمان إلى بلاد مصر داعيا للبيعة، ولما اتصل به قتل أخيه وسار إلى بلاد النوبة ثم إلى بلاد السودان ثم خرج إلى زاب افريقية ثم سار إلى تلمسان من بلاد المغرب فنزلها واستوطنها، وذلك في أيام أخيه إدريس فكان له بها أولاد كثيرون [4]. غير أن الطبري وأبا الفرج يذكران أن سليمان قتل في معركة فخ [5]. ¬

[1] مقالات الاسلاميين 79. [2] الدولة الأغلبية 398 (والنقل حرفي عن الترجمة العربية، رغم ما يشوبه من ركاكة). [3] الأنيس المطرب 4 (ط. الرباط 15 وفيها تصرف من المحقق). [4] الأنيس المطرب 4 - 5 (ط. الرباط 15 - 16). [5] الطبري 8/ 197 (-3/ 559)؛ مقاتل الطالبيين 451 (ط 2.378) وأحمد بن سهل الرازي، أخبار فخ 144. ولم يتنبّه محمود إسماعيل (الأدارسة: حقائق جديدة 47 - 48) لهذا الخلط.

بعد مقتل النفس الزكيّة وأخيه إبراهيم وتواري عيسى بن زيد الذي بثّ دعاته في الأمصار كما مرّ معنا [1]، يبدو أن الزيديّة أخذت تلتف حول الحسين ابن علي بن الحسن المثلث بن علي بن أبي طالب، خاصة بعد وفاة عيسى بن زيد سنة 166/ 782. ويمكننا أن نستشف من المصادر أن الحسين هذا كان سيّد قومه فهو الذي شفع لعلي بن العبّاس بن الحسن عند المهدي فوهبه له بعد أن كان علي قد دعا لنفسه ببغداد، وهو الذي قدم على المهدي وطلب صلته ورفده لسداد دين كان قد ركبه. ويحدس المتأمّل في أخبار الحسين بن علي أن انفاقه الضخم [2]-وإن كان يشير إلى رغبة الرواة في إظهار كرمه والمبالغة فيه- يوحي بأنه كان ينفق في سبيل الدعوة وجمع الرجال، وهذا قد يفسر لنا شفاعته في علي بن العباس، الذي كان خرج في خلافة المهدي، لاحتوائه ومن بايعه. ولا نعلم دعاة للحسين الفخّي، غير أنّ أبا الفرج يذكر أن سبعين رجلا من الشيعة-ولم يذكر بلادهم-وافوه موسم الحج سنة 169/ 785 [3]. ويذكر أحمد بن سهل الرازي صاحب «أخبار فخ» [4] أن نحوا من ثلاثين ألف رجل من أهل البصائر والثبات بايعوا الحسين وأنه واعدهم عرفات وجعل الأمارة بينه وبينهم صاحب الجمل الأحمر. . . وأن يحيى بن عبد الله صار إلى مكة مسيرا، فوقف على الصفا فجعل ينادي: رحم الله من يعرف الجمل الأحمر، فكان يمرّ به من بايعه فيعرفه يحيى فيعرض عنه وقد رآه وسمع صوته [5]. ¬

[1] انظر ما تقدم ص 32. [2] قارن بمقاتل الطالبيين 438 - 443 (ط 2.368 - 371). [3] مقاتل الطالبيين 443. [4] أخبار فخ 142. [5] أخبار فخ 147.

وبعد موت الحسين بن علي صار الأمر ليحيى بن عبد الله-أخي النفس الزكيّة لأبيه-وكان ليحيى دعاة نؤجّل ذكرهم إلى موضع آخر. يمكننا أن نستخلص مما تقدم أن الدعوة «إلى الرضا من آل البيت» [1] قد بدأت منذ زمن الأمويين على يد زيد بن علي وأنّه انتظمت تحت لوائها اتجاهات مختلفة وامتدت في أقطار الدولة الإسلامية، وأن العباسييّن الذين انضموا إلى هذه الدعوة واستفادوا منها بداية كانت لهم شبكة دعاية خاصة وانفصلوا عن هذه الدعوة وعملوا على تأسيس «ايديولوجية» خاصة بهم بعد نجاح ثورتهم على الأمويين. وأن نستخلص أيضا أنّ الفرع الحسني كانت له منذ اجتماع الأبواء دعوة خاصة بقيت تنافس «الايديولوجية» العباسيّة في خراسان وتشكل تهديدا لها وامتدت كذلك إلى مناطق وأطراف أخرى؛ وأنّ الدعوة الزيدية استفادت في البداية من دعاة المعتزلة إلى الأمصار. ولا نستطيع تبيّن مدى العلاقة بين الدعوتين ومتى انفصلتا، ولكن يمكننا بشيء من الاطمئنان أن نعتبر فشل ثورتي محمد النفس الزكيّة وأخيه إبراهيم نقطة حاسمة في افتراق الدعوتين والتغيير في سياستيهما وإن بقي التأثير الفكري والعقائدي كبيرا بينهما. وقد استمرت الدعوة الزيديّة بعد موت النفس الزكيّة ونشطت في الأمصار؛ يضاف إلى هذا أنه من الصعوبة بمكان تحديد أسماء الدعاة والأقطار التي توجهوا إليها، إذ إنّ المصادر لا تسعفنا بذلك، خاصة أن الدعوة كانت سريّة وأن المؤرخين لم يبدأوا بتدوين الأحداث إلاّ في أواخر القرن الثاني الهجري أوائل القرن الثالث (مثال الجعفري المذكور سابقا، وبكر بن صالح الرازي، والحسن بن زبالة، وعلي بن محمد النوفلي، والمدائني) وكانت الدعوة ما تزال ناشطة، فلم يكشف عن تنظيمها وأسماء دعاتها، وقد ¬

[1] انظر ما تقدّم ص 37، وما يلي ص 99 - 101.

6.3. الحسين بن علي الفخي

ضاعت كتب هولاء الاخباريين واعتمد الجيل اللاحق من المؤرخين على مصادر متعددة الأهواء والمشارب طمست الكثير من الأسماء والوقائع، كما ضاع عدد من مصادر هؤلاء المؤرخين ككتب المدائني وعمر بن شبّة ولم يصلنا منها إلاّ روايات قليلة مبثوثة في مصادر القرن الرابع. وتشكل كتب الفرق مصدرا أساسيا في دراسة الدعوة الزيديّة، غير أن أكثر مؤلّفي هذه الكتب إما من الإماميّة أو من المتأخرين عن زمن الأحداث. وتبقى مشكلة تشابه أسماء الطالبيين وتكرّرها أساسية في عدم تمكننا من التحقق من أسماء هؤلاء الدعاة أو من أنسابهم. 6.3. الحسين بن علي الفخّي [1] تكاد المصادر تغفل أوليّة الحسين بن علي، فكل ما نعرفه عنه أنّه قتل وله واحد وأربعون عاما وذلك في الثامن من ذي الحجة يوم التروية سنة 169/ 785، أي أنّه ولد حوالي سنة 128/ 745. وأبوه هو علي بن الحسن المثنّى كان يعرف بعلي الخير وعلي الأغر وعلي العابد مات في حبس المنصور بعد أن ضيّق الخناق على الحسنيين وحملهم إلى المطبق قبل ثورة النفس الزكيّة. وكان أبوه ابن عمّ محمد النفس الزكيّة وتزوّج أخته زينب [2] ورزق منها عليا هذا، فالنفس الزكيّة وإخوته إبراهيم وموسى لأمّه وأبيه هم أخواله. وكان عمره حين مات أبوه وثار أخواله حوالي سبعة عشر عاما. وقد فجعت والدته زينب بمقتل زوجها وأبيها وإخوتها ¬

[1] خصه محمد هادي الأميني بكتاب عالج فيه ثورة فخ وثورات الطالبيين والعلويين قبله، وهو بحث عاطفي كرّر فيه ما جاء في المصادر المختلفة دون ترتيب ولا منهجية: بطل فخ الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام، أمير مكة وفاتحها. النجف،1969. [2] مقاتل الطالبيين 431، الحدائق الوردية 1/ 176؛ الوافي بالوفيات 12/ 453.

وعمومها وبنيهم وكانت تلبس المسوح ولا تجعل بين جسدها وبينها شعارا حتى لحقت بالله، وكانت تندبهم وتبكي حتى يغشى عليها [1]. ولا نعرف إذا ما كان الحسين بن علي الفخي قد شارك أخواله في ثورتهم ويروي أبو الفرج عن علي بن إبراهيم العلوي [2]-وهو مؤلف كتاب «أخبار صاحب فخ»، وكتاب «أخبار يحيى بن عبد الله بن الحسن» -بسنده إلى الحسين صاحب فخ قوله [3]: «لما خرجت مع محمد بن عبد الله قال لي: يا بني ارجع لعلك تقوم بهذا الأمر من بعدي». ولا يشير هذا الخبر إلى خروجه معه أو عدمه، ولا نعلم إذا ما كان خرج مع إبراهيم بن عبد الله بعد ذلك أو أنه تخفّى أو سجن فيمن سجن بعد القضاء على الثورتين. وإذا افترضنا أنه سجن فيكون في عداد من أطلقهم المهدي من سجن المنصور بعد توليته الخلافة واستعماله سياسة اللين والمهادنة مع العلويين، ويكون عمره آنذاك ثلاثين عاما. على أن هذا الخبر يحمل في طياته علائم الوضع المتأخر، وكأنه يلمح إلى أنّ النفس الزكيّة قد بارك خروج الحسين بن علي وتنبأ به قبل وقوعه بربع قرن وأنه يفوّضه غيابيا تولي أمور بني الحسن، وكأن محمد ابن عبد الله النفس الزكيّة الذي كان يرى أنه المهدي، استشرف هزيمته وهزيمة أخيه قبل وقوعها. على أي حال فقد سكتت المصادر عن ذكر الحسين بن علي ويحيى بن عبد الله وادريس بن عبد الله، أخوي النفس الزكيّة، في عداد من خرج مع النفس الزكيّة، كما سكتت عن أخبارهم قبل موقعة فخ. فلا يطالعنا ذكرهم إلا عند الحديث عن خروج الحسين بن علي، وهنا يشار إلى الحسين بن علي بأنه كبير القوم ورئيسهم، ¬

[1] مقاتل الطالبيين 431 - 432 [2] S .Gu?nther,Quellenuntersuchungen 141 - 441. [3] مقاتل الطالبيين 279.

فيذكر اليعقوبي [1] أن الهادي لما ألحّ في طلب الطالبيين وأخافهم خوفا شديدا. . . «عزم الشيعة وغيرهم إلى الحسين بن علي وكان له مذهب جميل وكمال ومجد وقالوا له أنت رجل أهل بيتك وقد ترى ما أنت وأهلك وشيعتك فيه من الخوف والمكروه. . . الخ»، وهنا يقف الدارس ليتساءل لماذا اتجهت الانظار إلى الحسين بن علي وليس إلى غيره من الطالبيين، ولا سيّما يحيى بن عبد الله أو إدريس بن عبد الله، وكانا أكبر من الحسين بن علي، وهما أخوا النفس الزكيّة لأبيه؟ وهنا لا يسعنا إلا طرح افتراضات، يبقى نصيبها من الصحة أو عدمها ينتظر اكتشاف مصادر جديدة: -فإمّا أن يكون الحسين بن علي الفخي لم يشترك في ثورة النفس الزكيّة لصغر سنّه (حوالي سبعة عشر عاما) ولأنه كان وحيد أمه التي فجعت بموت أبيها وعمومتها وزوجها قبل الثورة [2]، ولهذا لم يكن فيمن سجن وضيّق عليه بعد الثورة؛ -أو أن يكون قد اشترك في الثورة ولم يسجن، -أو أن يكون يحيى وإدريس اشتركا في الثورة وسجنا بعدها. ويذكر إدريس في رسالة له إلى أهل مصر أنه سجن زمن المهدي [3]. -أو أن يكون يحيى وإدريس لم يشتركا في الثورة، إذ كانا ضمن الدعاة الذين أرسلهم محمد بن عبد الله إلى الآفاق، وقد ذكر الأشعري أن إدريس كان قد أرسله أخوه محمد إلى المغرب ليدعو له [4]. ومن المحتمل كذلك أن يحيى قد كان خارج ¬

[1] تاريخ 2/ 488. [2] وإلا فإن سنّ الخامسة عشرة هي سن البلوغ والنّضج، ويجوز لمن بلغها-بحسب السنّة-أن يشترك في القتال، إذ انّه يصبح مكلّفا. [3] انظر ما يلي ص 323؛ وقد رجّحت أن الرسالة منسوبة لإدريس. [4] مقالات الاسلاميين 79؛ وانظر ما تقدّم ص 40 - 41.

6.4. الحجاز بعد ثورة النفس الزكية

الحجاز في مهمة مماثلة عند وقوع الثورة؛ وانهما ظلا متخفيين حتى زمن المهدي الذي اتبع سياسة مهادنة كما مرّ معنا. -وقد تتعدّد الافتراضات، إلا أنّي أميل إلى القول أن الحسين بن علي لم يكن في عداد من سجن، ولذلك اتجهت إليه الأنظار رغم صغر سنّه، لأنه كان يتمتع بحريّة في الحركة الأمر الذي أتاح له تولّي أمور الطالبيين والدفاع عنهم. خاصة أن عيسى بن زيد الذي تذكر المصادر أن الأمر عهد له بعد وفاة النفس الزكيّة وإبراهيم، تخفّى حتى مماته [1]. وقد مرّ معنا أن الحسين الفخي هو الذي قدم على المهدي وتوسّط في إطلاق علي بن العباس بن الحسن المثنى، ثم وفد عليه مرّة أخرى ليقضي له دينا كان قد ركبه فأكرم المهدي وفادته وتلطّف به ووصله [2]. وتبالغ الأخبار التي أوردها كتاب المصابيح عن المدائني وأوردها أبو الفرج عن علي بن إبراهيم العلوي مؤلّف كتاب «أخبار صاحب فخ» [3] بذكر كرم الحسين بن علي وسعة ذات يده [4]، مما يشير كما سبق أن ذكرت، إلى أنّه كان ينفق في سبيل الدعوة وسداد ديون الطالبيين وإصلاح شؤونهم! وما كان للحسين أن يضطلع بهذا الدور لو أن يحيى أو إدريس كانا طليقين أو في وضع يسمح لهما بالتحرّك. 6.4. الحجاز بعد ثورة النفس الزكيّة كان الحجاز قد بدأ يفقد مركزه السياسي منذ مقتل الخليفة الثالث عثمان ابن عفّان وانتقال الخلافة إلى الكوفة ثم إلى الشام، وجاءت حركة الفتوح وما صاحبها من هجرة واسعة للقبائل العربيّة وللارستوقراطية الحجازيّة نحو الأمصار الجديدة كعامل إضافي أدّى إلى إضعاف هذا الإقليم وتفريغه من ¬

[1] انظر ما تقدّم ص 33. [2] انظر ما تقدّم ص 35. [3] انظر ما تقدّم ص 26. [4] انظر ما تقدّم ص 42.

العنصر البشري والثقل السياسي ثم كانت معركة الحرّة سنة 63/ 682 [1] وثورة ابن الزبير 64/ 683 - 75/ 694 [2] اللتان أدّتا إلى الضربة السياسية القاسمة بالنسبة لدور الحجاز في الدولة الاسلامية، فخضع للحكم الأموي بشكل كامل واستكان إلى الهدوء والدّعة [3]، وقد أغدق خلفاء بني مروان الأعطيات على اشراف الحجاز لضمان سكوتهم. وقد بقي الحجاز مركز الطالبيين ومستقرّهم طوال حكم الأمويين وكانت لهم فيه أملاك كثيرة خاصة في مكة والمدينة وأنحائهما [4]، ومن الحجاز كانت تنطلق دعوتهم وإليه كانت تأتي شيعتهم، واستمر الحال على هذا زمن العباسيين. وجنح الحجاز للمسالمة في بداية الدولة العباسيّة رغم شعور الطالبيين بالغبن الذي لحق بهم واعتقادهم أنّ العبّاسييّن قد خدعوهم وسلبوهم حقّا مشروعا. وقد شغل أبو العبّاس السفّاح بأمر تثبيت الدولة في الشام والعراق ومصر والأقاليم الشرقيّة فعمد إلى ممالأة الطالبيين وتهدئتهم ومسايرتهم، خاصّة آل الحسن الذين أكرمهم غاية الإكرام [5]. وقد حرص العبّاسيّون على تولية أقربائهم ولايتي مكة والمدينة ليضمنوا ضبط الوضع ولما لهاتين المدينتين من مكانة دينيّة رمزيّة، إلا في حالات خاصّة. فقد عيّن المنصور رياح بن عثمان المري على المدينة وهو من عائلة معروفة بكرهها ¬

[1] انظر M .J .Kister,in :Studies in Memory of G .Wiet 33 - 94.: و G .Rotter,Die Umayyaden 04 - 95; وابراهيم بيضون، الحجاز والدولة الاسلامية 270 - 290. [2] انظر G .Rotter,op .cit .832 - 152.: وابراهيم بيضون، الحجاز والدولة الاسلامية 290 - 348. [3] انظر الحجاز والدولة الاسلامية، لابراهيم بيضون 361، والحجاز في صدر الاسلام، لصالح أحمد العلي 302 - 303، و K .Salibi,A History of Arabia 78 ff . [4] انظر في أملاك الطالبيين، الحجاز في صدر الاسلام 446 - 458. [5] انظر العصر العبّاسي الأول، لعبد العزيز الدوري 53؛ والعبّاسيّون الأوائل، لفاروق عمر 171 - 173؛ وسياسة المنصور، لحسن فاضل العاني 258 - 259.

للطالبيّين وأمره بالتشديد على محمد وأخيه إبراهيم حتى يظهرا [1]، كما عيّن الرشيد عبد الله بن مصعب الزبيري على المدينة ثم ابنه بكارا من بعده [2]. اقتصاديا تضاءل دور الحجاز بعد استقرار الدولة العربية في الشام ثم في العراق وبعد سيطرة العرب على مصر وشمال افريقيا، إذ أصبحت التجارة التي كانت تربط جنوب الجزيرة العربية، خاصة اليمن بالطريق التجاري الآتي من الهند والصين، غير ذات شأن فقد أصبح هذا الطريق يمر عبر البصرة آتيا من الشرق، وأصبح البحر الأحمر مفتوحا أمام التجارة الذاهبة إلى مصر [3]، فأخذت أهمية اليمن كمركز تجاري تتضاءل تدريجيا وأخذ اليمن يشعر بعزلة قوية الأمر الذي انعكس على قوافل التجارة البريّة التي كانت تمرّ عبر الحجاز. وقد كان اقتصاد الحجاز يعتمد كليا على التجارة المجلوبة، وكانت أهم المواد الغذائية والسلع الأساسيّة تستورد من مصر والشام واليمامة خاصة الزيت والحنطة والشعير والزبيب والأقمشة والأسلحة وغيرها من المواد التي هي قوام الحياة. ورغم وجود زراعة في الحجاز إلا أنّها كانت تقتصر على التمور وبعض أصناف الخضار والفواكه، أما الكميات القليلة من الحنطة فكانت تزرع في أملاك القرشيين الخاصة ولم تكن تكفي الاستهلاك المحليّ بحال [4]. وقد كان من أسباب فشل ثورة النفس الزكيّة أنه خرج «في أقل بلاد الله غرسا وطعاما وسلاحا وأضعفها رجالا. . .»، كما أشار عليه عبد الحميد بن جعفر بن عبد الله بن أبي الحكم [5]. وقد تنبّه قوّاد المنصور كذلك لوضع المدينة الضعيف ¬

[1] قارن بالعباسييّن الأوائل 174 - 176. [2] انظر ما يلي ص 78 - 81. [3] انظر K .Salibi,A History of Arabia 79 f .,201. [4] انظر حول محصولات الحجاز الزراعية أحمد صالح العلي، الحجاز في صدر الإسلام 157 - 176. [5] تاريخ الطبري 7/ 580 - 581 (-3/ 227 - 228).

استراتيجيا [1]، ورغم الأسئلة التي قد تطرح حول صحّة هذه الأخبار فإنها تشير إلى سوء اختيار الحجاز كمنطلق لثورة جديّة تهدّد الدولة العباسية [2]. وقد كان أهل المدينة مدركين لقلّة موارد البلاد وما قد تسببه الثورة لهم من ضائقة فيذكر الحارث بن اسحاق أنه لما «تحدث أهل المدينة بظهور محمد، فأسرعنا في شراء الطعام حتى باع بعضهم حليّ نسائه» [3]. وكان محمد بن خالد القسري قد نبّه كذلك النفس الزكيّة على قلّة موارد الحجاز «يا أمير المؤمنين إنك قد خرجت في هذا البلد، والله لو وقف على نقب من أنقابه مات أهله جوعا وعطشا. . .» [4]. وقد كان طعام الحجاز يأتي بالبحر من مصر فلما ثار السودان بالمدينة بعد فشل ثورة النفس الزكيّة أغاروا على دار مروان، وهي مقرّ الوالي، ودار يزيد وفيها طعام كان حمل للجند في البحر فلم يدعوا فيها شيئا» [5]. وكان من نتائج ثورة النفس الزكيّة أن فرض المنصور حصارا اقتصاديا على الحجاز فأقفل البحر على أهل المدينة فلم يحمل إليهم من ناحية البحار شيء، حتى كان المهدي فأمر بالبحر ففتح لهم وأذن في الحمل» [6]. كما صادر موسى بن عيسى أموال بني حسن وغيرهم من الطالبييّن وأمرّه الخليفة على ذلك. وقد شهدت المدينة مباشرة إثر فشل ثورة النفس الزكيّة انتفاضا من قبل السودان أشبه بالهيج له دلالة عميقة على تردّي الأحوال الاقتصادية في المدينة نتيجة الحصار الذي كان مضروبا عليها ونتيجة سوء تصرّف الجند الخراساني، ¬

[1] تاريخ الطبري 7/ 577 - 578 (-3/ 224) ,7/ 628 - 629 (-3/ 291 - 292). [2] انظر J .Lassner,The Sahping ofAbbasid Rule 96.: [3] تاريخ الطبري 7/ 552 (-3/ 190). [4] تاريخ الطبري 7/ 561 (-3/ 201). [5] تاريخ الطبري 7/ 611 (-3/ 267). [6] تاريخ الطبري 7/ 603 (-3/ 257).

7. ثورة فخ

كما تشير إلى معاناة هذه الطبقة المعدمة التي كانت تنتظر خلاصا ربّما اعتقدت أنها وجدته في النفس الزكيّة، وقد رأى ابن أبي سبرة [1] أنهم إنّما أخرجتهم الحمية [2]. وينسب إلى رؤوس السودان قولهم إنهم ما قاموا إلا أنفة لمواليهم ممّا حلّ بهم على يد العباسيّين [3]. إزاء هذا الوضع السائد في الحجاز وبسبب تشتّت فئات المعارضة وتوزّع الطالبيين أنفسهم على عدد من البلدان والأمصار، يجد الدارس نفسه متسائلا عن السبب أو الأسباب التي حدت بالطالبيين لإعلان الثورة قبل أن يتمّ الاعداد لها بشكل جيّد ومنظّم. ثم لماذا الحجاز بالذات، خاصة أنّ العباسيين كانوا قد ضبطوا الوضع فيه إثر ثورة النفس الزكيّة واستمالوا أهله واستوعبوا الأشراف في مناصب الدولة؟. 7. ثورة فخ يذكر اليعقوبي أن «موسى [الهادي] ألحّ في طلب الطالبيين وأخافهم خوفا شديدا وقطع ما كان المهدي يجريه لهم من الأرزاق والأعطية وكتب إلى الآفاق في طلبهم وحملهم، فلما اشتدّ خوفهم وكثر من يطلبهم ويحث عليهم فعزم الشيعة وغيرهم إلى الحسين بن علي. . .» [4]. وكان بين خروج الحسين بن علي وتولّي الهادي حوالي عشرة أشهر [5]، مما يعني أن الهادي ابتدأ حكمه بتغيير سياسة المهدي تجاه الطالبييّن وبالتضييق عليهم. ¬

[1] كان قد خرج مع النفس الزكيّة وقدم عليه بصدقات أسد وطيء إذ كان يليها، فحبسه عيسى بن موسى ثم أطلق واستقضاه المنصور. نسب قريش للمصعب 428 - 430؛ وتاريخ الطبري 7/ 605,609 - 610 (-3/ 259,265 - 266). [2] تاريخ الطبري 7/ 612 (-3/ 268). [3] تاريخ الطبري 7/ 609 - 614 (-3/ 265 - 272). [4] تاريخ اليعقوبي 488. [5] توفي المهدي لثلاث بقين من محرم سنة 169/ 785 وكان خروج الحسين في ذي الحجّة من السنة؛ وانظر تاريخ الطبري 8/ 171,192 (-3/ 526,551).

وتوحي روايات المدائني في «كتاب المصابيح» [1] أن الربيع [بن يونس] [2] كان له يد في تنبيه الهادي، والمهدي قبله، على الانفاق الضخم الذي ينفقه الحسين بن علي، وأنّه خوّفه من ثورته. ويذكر المدائني كذلك أن الحسين بن علي الفخي قدم إلى الهادي عند توليه، ولما خرج من عنده «قدم الكوفة فجاء عدّة من الشيعة في جماعة كثيرة فبايعوه ووعدوه الموسم للوثوب بأهل مكّة، وكتبوا بذلك إلى ثقاتهم بخراسان والجبل وسائر النواحي» [3]، الأمر الذي يوحي أنّ الإعداد للثورة كان سابقا على تضييق الهادي عليهم، وأنه كان قد بدئ بالاعداد لها في زمن المهدي، وما الانفاق الكبير من قبل الحسين بن علي إلا دليل على هذا. ويذكر أحمد بن سهل الرازي أن الحسين كان قد بايعه ثلاثون ألف رجل من أهل البصائر والثبات وواعدهم عرفات وجعل الأمارة بينه وبينهم صاحب الجمل الأحمر [4]، كما يذكر في موضع آخر أنّه لما بلغ فخ ولقيته عساكر العباسيين بسرف «حاجزهم مدافعا إلى قرب مكّة ليصل إليه من أراده من أهل بيعته ومن واعده بها. . .» [5]. وكل هذه الأخبار تميل إلى دعم وجهة النظر التي ترى أنّ الثورة كان قد اعدّ لها منذ زمن. غير أنّ رواية أخرى عند أحمد بن سهل الرازي بسنده عن عبد الله بن محمد الجعفري توحي أن الخروج ما كان إلا ردّة فعل سريعة على تضييق والي المدينة على الطالبيين، وأنّ مبايعة الحسين بن علي لم تتمّ إلا في ذلك الوقت، وأن الحسين أراد مبايعة يحيى بن عبد الله أوّلا، إلا أنّ يحيى أبى ذلك، ثم يذكر أنهم اجتمعوا تسعين ¬

[1] انظر النص في ص 283 فيما يلي. [2]-169/ 785 وقيل 170؛ وزر للمنصور والمهدي، الوزراء للجهشياري (فهارسه)؛ والوافي 14/ 84 - 85. [3] انظر ص 284 فيما يلى. [4] أخبار فخ 142. [5] أخبار فخ 146.

رجلا [1] «. . . فلم تمنعهم قلّتهم والنهوض بما وجب لله عزّ وجلّ عليهم من الوفاء بالبيعة والمدافعة عن الذي وجبت المدافعة عنه» [2]. تشعرنا هذه الروايات بأنّ ثمة تناقضا فيما بينها، بيد أنّه يمكننا أن نجزم أن الدعوة الطالبية حاولت إعادة تنظيم صفوفها إثر ثورة محمد النفس الزكيّة وأنّ الدعاة عادوا يعملون بنشاط. وتوحي الروايات أن التنظيم كان قد بلغ حدا بعيدا سنة 169/ 785 وأنّ اللّقاء في موسم الحج كان لقاء تنظيميا-فيما يبدو لي-وهذا ما يفسّر قدوم سبعين رجلا من شيعة الكوفة في أوائل ذي القعدة، نزلوا دار ابن أفلح بالبقيع [3]، ولم يكن هذا اللقاء للجهر بالخروج. ولكن شعور العمري بالخطر وتضييقه على الطالبيين بسبب ذلك [4]، هو الذي حدا بردّة الفعل المتسرّعة هذه. استدل على هذا بأنّ الطالبيين لم يكونوا قد بايعوا أحدا منهم بعد كما مرّ معنا. وهناك خبر عن النوفلي [5] في «كتاب المصابيح» يظهر أن الحسين لم يكن مستعدا للخروج في ذلك الموسم [6]: «وتهيأ الحسين فيمن بايعه ودفع مالا إلى مولى لآل الحسين يقال له يوسف، وكانت جدّته مولاة فاطمة بنت الحسين، وأمره أن يكتري له ولأصحابه، وهو يريد في تقديره أن يسبق الجيوش إلى مكة، فأقام أيّاما ويوسف يخبره أن قد اكترى له. ثم توارى عنه وذهب بالمال، قال أبو الحسن النوفلي: فلما ¬

[1] كتاب المصابيح (ص 290 فيما يلي) 75 رجلا. [2] أخبار فخ 137. [3] كتاب المصابيح، انظر ما يلي ص 285؛ ومقاتل الطالبيين 443 - 444 (ط 2.373 - 372)؛ وقارن بتاريخ الطبري 8/ 193 (-3/ 553). [4] ما يروى عن أخذ الحسن بن محمد بن عبد الله مع صحبه على شراب لهم يندرج فيما أرى ضمن هذا السياق، فالخوف هو من الاجتماع نفسه أمّا تهمة الشراب فسهل إلصاقها؛ هذا والخبر معزول ليس له ما يؤكده ولم أستطع التعرف على راويه (انظر تاريخ الطبري 8/ 192 (-3/ 552). [5] انظر عنه ما تقدم ص 33. [6] انظر ما يلي ص 289 - 290.

وقف حسين على ما صنع يوسف طلب الكراء فلم يجده لضيق الوقت، فلم يزل يحتال للمال والإبل حتى وجد من ذلك ما وجد وفاته الوقت». فلو كان الخروج متواعدا عليه في الموسم، لما كان لهذا الارتجال في التحضير أن يحصل. ومهما يكن من أمر فقد كان الخروج في الحجاز خطأ تكتيكيا فادحا، فباستثناء ما ذكرته من أسباب عن عدم صلاحية الحجاز كمنطلق الثورة، لا تخبرنا المصادر عن اشتراك للقبائل الحجازية في الثورة إذ يبدو أنها كانت مغيّبة عن دعوة الطالبيين واستراتيجيتهم. أمّا أهل المدينة فقد لزموا منازلهم بل وسألوا الحسين عدم إزعاجهم والكفّ عن التردد عليهم [1]. لقد تم القضاء على هذه الثورة بسرعة وأعقبها قتل عدد كبير من الطالبيين الذين اشتركوا فيها، وأتيح لبعض الثوار، ومن هؤلاء يحيى بن عبد الله وأخيه إدريس وإبراهيم بن إسماعيل طباطبا، أن يهربوا ليكون لهم دور فاعل في تاريخ الحركة الزيديّة. وكان لمجموعة من العوامل دور حاسم في فشل هذه الثورة: منها أولا اليأس الذي حدا بالطالبيين بالخروج قبل أن يكتمل التنظيم وتهيأ العدّة لذلك؛ وموقع الحجاز غير الملائم للخروج؛ ولا ننسى أنّ الهادي عمد في فترة حكمه على اتّباع سياسة أبيه فيما يخص الحجاز والتي تتمثل-كما ذكرت-باستمالة الأشراف وإغداق العطاءات وتعيين أهل المدينة في مناصب هامة في الدولة، وقد اعتمد العباسيّون على الزبيريين والانصار بشكل خاص وأذكوا عداوتهم على الطالبيين، مع أن الأنصار عامّة كانوا إلى جانب ¬

[1] انظر كتاب المصابيح (ص 292 فيما يلي)؛ وتاريخ الطبري 8/ 194 (-3/ 555)؛ ويروي محمد بن صالح (هو على الأرجح ابن النطّاح-252/ 866، ينسب إليه كتاب «أخبار العبّاس وولده»، وهو مؤرخ عباسي الهوى) خبرا يتحامل فيه على العلويّين: أن أصحاب الحسين كانوا يأكلون في المسجد ويحدثون فملؤه قذرا ويولا (؟). . . وأنّ الحسين لما خرج عن المدينة جعل أهلها يدعون عليه. . . تاريخ الطبري 8/ 195 (-3/ 566).

8. مصائر يحيى وإدريس ابني عبد الله

الإمام علي في حروبه [1]. كما لم يستطع الطالبيون استقطاب القبائل، أو تطوير دعوة واضحة المعالم مرتبطة مباشرة بهموم الناس وأوضاعهم المعيشية والاقتصادية في المدن والامصار وبقيت دعوتهم عامّة ومبهمة كدعوات القرن الأول ومنتصف القرن الثاني مثل الدعوة إلى كتاب الله وسنّة نبيّه والقسم بالسّويّة وإشباع الأرملة. . . الخ [2]. هذا ولم تظهر شخصية «كارزمية» بين الطالبيين يمكن أن تجمع حولها الأتباع، خاصة أن دعوة المهدي قد خبا بريقها إلى حين مع مقتل محمد النفس الزكيّة، وكنت قد أشرت إلى أنّ المعارضة العريضة التي التفّت حول النفس الزكيّة قد تشتّتت وتباعدت اتجاهاتها، فقسم من المعتزلة اتجه للعمل في ظل الدولة، والشيعة أخذت تلتفّ حول جعفر الصادق، وأطراف أخرى من البيت العلوي خرجت من الصراع تماما فإما أنها آثرت الاعتزال أو عملت مع السلطة. 8. مصائر يحيى وإدريس ابني عبد الله تفيدنا مخطوطة أخبار فخ بأن يحيى وإدريس وغيرهما ممن نجا من المعركة لجأوا إلى رجل من خزاعة فآواهم زمنا عنده حتى سكنت جراحهم وكفّ الطلب عنهم، ثم استقرّ رأيهم على الخروج إلى الحبشة، فخرجوا في مركب للخزاعي وعبروا إلى عيذاب [3]. وخزاعة كانت تلي الكعبة وأمر البيت، ثم أخرجها قصي عن مكة فأوطنت تهامة بأسياف البحر غربي مكة وكان لها الساحل من عسفان إلى قديد، وكان بعض خزاعة في مكة ومنها في المدينة [4]. وقد أسلمت خزاعة باكرا واشتركت في مشاهد الرسول عليه السلام ومغازيه [5]؛ ويبدو أن خزاعة كانت قد نقمت على عثمان ¬

[1] قارن ب R .Vesely?,in :Archiv Orienta?lni? 62(8591),65 ff .‍ [2] انظر ما يلي ص 93 - 109. [3] انظر ما يلي ص 157. [4] تاريخ الطبري 2/ 250 - 256 (-1/ 1092 - 1095). [5] تاريخ الطبري 2/ 535,624, (1) /43 - 45 (-1/ 1429,1534 - 1535,1500,1619 - 1620 - 1623) 593 - 594,3

في أواخر أيام حكمه [1]، وكان عظمها مع علي في معاركه [2] كما اشترك الخزاعيون في الفتوح وكان منهم قوم في خراسان ولهم قرى هناك [3] وبقي ولاؤهم لآل البيت، ونجد عددا من الخزاعيين كان لهم دور هام في الدعوة العباسيّة [4]، ويبدو أن قسما مهما من خزاعة بقي على ولائه لآل البيت بعد نجاح الثورة العبّاسيّة. اختفى هؤلاء إذا عند رجل من خزاعة في ساحل مكة (ومكة من تهامة)، لفترة غير محددة قد تكون امتدت لأسابيع طوال (حتى برئت كلمهم وكفّ الطلب عنهم)، قبل أن يرتحلوا بحرا إلى عيذاب على الشاطئ الإفريقي (وتقع على اثني عشر ميلا شمالي حلايب في بلاد النوبة من السودان اليوم [5] وتقابل قفط وقوص من صعيد مصر). ويذكر ابن سهل الرازي انّهم غادروا إلى الحبشة من «معتك» ولم أستطع أن أهتدي إلى هذا الموضع على ساحل عسفان [6]، وينبغي أن يكون شمال جدّة في مكان ما بين رأس حاطبة والقديمة ورابغ؛ والمجاز بالبحر إلى عيذاب مجرى يوم وليلة [7]، وبعيذاب قوم من البجة من الأحباش. وتوجهوا من هناك إلى ملك الحبشة «فأعظمهم وأكبر أمرهم وأجزل جوائزهم فأقاموا عنده خير إقامة». وقد يكون المعني بملك الحبشة ملك إحدى النواحي، وعلى أيّ حال فإن تاريخ الحبشة في تلك الفترة غامض جدا، وقد أورد بدج (Budge) قائمة بأسماء ملوك الحبشة في الفترة الممتدة من سنة 600 - 930 (منذ ما قبل البعثة حتى سنة 360 للهجرة) ولم يستطع تحديد سنوات ملكهم [8]. ¬

[1] انظر G .Rotter,Die Umayyaden 91,fn .49.: [2] تاريخ الطبري (4/ 490,5/ 15,24 (-1/ 3158,3289,3299). [3] تاريخ الطبري 5/ 260,261,473,7/ 118,355,362 - 363 (-2.1023;1601,1952,1962 - 1964) [4] تاريخ الطبري 6/ 562,7/ 379 (-2/ 1358,1987). [5] H .A .R Gibb,in :E-I 2.1(0691),p .287. [6] معجم البلدان 4/ 121 - 122. [7] الروض المعطار 423 (عيذاب). [8] W .Budge,A History of Ethiopia 962 - 072.

ولا يذكر مصدر أحمد بن سهل [1] إلى متى امتدت إقامتهم في الحبشة ولكنه يقول إنّ يحيى وإدريس كانا آخر من بقي في الحبشة، وإنّهما خرجا منها إلى فرع المسور حيث أقاما زمنا يتشاوران في أمرهما بعد أن تناهى إليهما ما كان حلّ بمن خرج قبلهم من الحبشة. ثم يفرد بعض الصفحات لذكر أخبار هؤلاء، فنجد أنهم جميعا قتلوا أو انتهوا في المطبق زمن موسى الهادي، وهذا يتيح لنا أن نفترض أنّهم بقوا في اختفائهم حتى انتهاء خلافة الهادي، وكان موته لأربع عشرة ليلة خلت في شهر ربيع الأوّل سنة 170/ 786. ممّا يعني أنّ الآخرين بقوا في الحبشة أقلّ من ثلاثة أشهر. وثمة اضطراب زمني في هذه الرواية، فهي تذكر أنّ إبراهيم بن إسماعيل طباطبا عاد من الحبشة وقد ولد له أكابر ولده فيها، ثم صار إلى المدينة متخفيا حينا وولد له بقية ولده ثم نزع إلى الكوفة حيث وشي به وطرح في السجن. ولا يعقل أن يكون كل هذا قد تمّ في فترة لا تتجاوز الثلاثة أشهر [2]! على أية حال نجد أن الأخبار عمّن قتل من الطالبيين على يد موسى الهادي فيها الكثير من «الدرامية» في تصوير مصارعهم وبطولتهم في وجه الطغيان. أمّا فرع المسور [3] حيث أقام يحيى وإدريس بعد عودتهما من الحبشة فهو على مرحلة من المدينة قرب سويقة بني الحسن، وينسب إلى المسور بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف [4]. وقد عمدا بعد عودتهما إلى ترتيب أمورهم ولقاء الدعاة، فنجدهم بعد حين في شعب الحضارمة-ولم أجد ذكرا لهذا الموضع-وفي أخبار ¬

[1] وهو محمد بن منصور المرادي الذي يروي عن الامام القاسم الرسي؛ والمرادي كوفي ويعتبر من علماء الزيدية الأوائل توفي سنة 290/ 903، انظر عنه Asiatische Studien 74(3991),282. Imam al-Qa?sim 08 - 58;Gu?nther,Quellenuntersuchungen 202 ff .,M .JARRAR,in : W .Madelung,Der : [2] يذكر الطبري أن إبراهيم بن إسماعيل طباطبا ظهر من اختفائه سنة 170، تاريخ الطبري 8/ 234 (-3/ 604). [3] خلاصة الوفا للسمهودي 591؛ والمغانم المطابة 317، حاشية 3. [4] له ترجمة في تهذيب الكمال 27/ 578 - 579.

9. إدريس بن عبد الله

فخ أنّه من شعاب مكة وأقدر أنّ أهل حضرموت كانوا ينزلونه أثناء الموسم. وكان في الحضارمة عدد كبير من شيعة آل البيت، ونزلت بطون منهم في مصر وتبؤوا عددا كبيرا من المناصب المهمة خاصة في القضاء [1]، وكانوا ممّن دعم ثورات الطالبيين فيها. كان اللقاء في الموسم لقاء تنظيميا، كما يصرّح أحد الدّعاة وهو عبد العزيز بن يحيى الكناني [2] قال «فوافاه [يعني يحيى] سبعون رجلا من خيار أهل الأرض في ذلك الزمان وكان فيهم جماعة من أهل مكة»؛ وعبد العزيز نفسه كان مكيا واتفق رأيهم على توجيه الدعاة في الامصار فوجّه إلى أهل العراق ثلاثة وإلى أهل المغرب ثلاثة وفيهم أخوه إدريس [3]. 9. إدريس بن عبد الله انطلق إدريس من شعب الحضارمة بصحبة رجلين إلى مصر يحمل رسالة معه إلى أبي محمد الحضرمي من الشيعة كتبها إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى [4]. ولم أستطع التعرّف على أبي محمد الحضرمي هذا وواضح أنّه من الحضارمة الذين كان لهم مركز مهم في مصر وممن كان ينظر إليه بين الحضارمة فيها. ولم يذكر أحمد بن سهل إلا اسم رجل واحد ممن خرج مع إدريس وهو اسحاق بن راشد مولاه، وأورد الخبر برواية المدائني [5]، فيما تجمع المصادر أن اسمه كان راشدا. ويذكر أبو العباس ¬

[1] انظر مثلا تاريخ ابن عساكر 18/ 12. [2] هو على الأرجح من ينسب إليه كتاب «الحيدة» (-240/ 854) انظر؛ GAS 716/ 1 : و M .JARRAR,OP .CIT .292 - 392. [3] أخبار فخ 163 - 164. [4] محدث، عدّه ابن المرتضى في الطبقة الخامسة من المعتزلة، أخذ عن الشافعي توفي سنة 184/ 800، انظر دراساتي: «أربع رسائل زيدية مبكرة»، في: الكتاب التكريمي للدكتور إحسان عبّاس، تحرير إبراهيم السّعافين. [5] أخبار فخ 169.

الحسني بسنده عن سليمان الأسود مولى آل الحسن أن محمد بن سليمان بن عبد الله بن الحسن، ابن أخي إدريس كان فيمن خرج معه إلى المغرب [1]. وينقسم خبر إدريس في قسمين رئيسين، يتناول الأول خروجه من مصر وتجوله في المغرب حتى نزوله طنجة، ويروى هذا القسم بالسند التالي: حدثني محمد بن خالد أبو علاثة، قال: حدثي أخي أبو خيثمة علي بن عمرو بن خالد، قال: حدثنا إبراهيم بن أبي أيوب. ولم أوفّق إلى التعرف على هؤلاء الرواة [2]. أما القسم الثاني فهو برواية: عيسى بن إدريس عن أبيه عن إسحاق بن راشد مولاهم [3]؛ ونلاحظ مرّة أخرى هنا أن اسم المولى هو اسحاق بن راشد، كما في خبر المدائني، مما قد يحدو بنا للافتراض أن الخبر من رواية المدائني؟ ويبدو الاسناد إسنادا عائليا هنا، فمن هو عيسى بن إدريس هذا؟ هل هو ابن إدريس الثاني (-213/ 828) ابن إدريس الأول، الذي ولي شالة وازقّور [وازمور؟] وتامسنا، أي المنطقة الساحلية في شمال المغرب اليوم تقريبا، لأخيه محمد ثم ثار على محمد فأرسل إليه محمد أخيهم عمر الذي هزمه وأخرجه عن شالة؟ والسؤال كيف يمكن للمدائني-إذا صحّ افتراضنا أنّه هو راوي الخبر-أن يلتقي بعيسى بن إدريس هذا؟ يبقى السؤال دون جواب ويجدر بي أن ألمح إلى أن النوفلي، وهو مشرقي وقد روى أكثر خبر الأدارسة في المغرب عن مصادر مغربية [4]، يذكر أن اسم المولى هو راشد. أعني أن الأخبار عن المغرب كانت معروفة في ذلك الوقت من طريق رواة مغاربة رغم أنّه لا يمكننا الجزم أن السند ينتهي إلى المدائني، وإن كان ترجيحنا للمدائني يعود إلى ذكر اسم اسحاق بن راشد في كلا الخبرين. ¬

[1] المصابيح (انظر ما يلي ص 324) [2] انظر M .Jarrar,op .cit .682,fn .35 : [3] أخبار فخ 182. [4] قارن بالمغرب في ذكر بلاد إفريقية والمغرب 118 - 122؛ وانظر عن النوفلي ما تقدم-34 33.

9.1. مصر

9.1. مصر لا يذكر أي من المصادر الطريق التي سلكها إدريس ورفيقاه إلى مصر ولا تاريخ وصوله. وانفرد أبو الفرج الاصبهاني بقوله إنّ إدريس «أفلت من وقعة فخ ومعه مولى له يقال له راشد، فخرج به في جملة حاج مصر وإفريقية. . .» [1] وقد يفهم من نصّ أبي الفرج أنّ إدريس أفلت مبشارة بعد معركة فخ [2]. بيد أنّه من غير المعقول أن يكون وصوله إلى مصر قد تأخّر حتى شهر ربيع الأول من سنة 171/ 787، أي أنّه قضى حوالي خمسة عشر شهرا في الطريق، إذ إنّ المصادر تقرن قدومه إلى مصر بعزل واليها الذي اتّهم بأنّه غضّ الطرف عن إدريس. وتفسّر لنا فترة الكمون والاستخفاء التي قضاها مترددا بين الحبشة والحجاز هذا الفارق الزمني، وبذلك يكون خروجه مع قافلة الحاج الافريقي قد تمّ بعد موسم سنة 170، أي أن طريقه إلى مصر مع قافلة الحاج لم تتعد شهرا أو يزيد [3]. والوالي الذي ذكرت بعض المصادر أنّه كان على مصر وعزل بسبب إدريس بن عبد الله هو سليمان بن علي [4] (وليها من شوال 169 حتى أواخر ربيع الأول 171)، بيد أنّ أحمد بن سهل يذكر في خبره أنّ إدريس قدم مصر وعليها موسى بن عيسى، وقد ولي موسى مباشرة بعد عزل سليمان بن علي وامتدت ولايته حتى رمضان من سنة 172. في مصر نزل إدريس على أبي محمد الحضرمي فيما يبدو فتولّى أمر إخفائه وتدبير أموره وربما أيضا أمر الاتصال بالشبكة السريّة الممتدة في الشمال الإفريقي، لتهيئة الأجواء لقدومه. وقد ¬

[1] مقاتل الطالبيين 488 (ط 2.407). [2] كذلك ذكر الطبري أن إدريس هرب بعد الوقعة فلحق بتاهرت (تاريخ 8/ 200 - 3/ 562)؛ ومثله ابن أبي زرعة الذي يقول إنّه «سار من مكة حتى مصر» (الأنيس المطرب 16). [3] وهو أمر محتمل فقد استطاع عبد الله بن الزبير سنة 27/ 647 أن يوافي المدينة من سبيطلة على الشاطئ الأفريقي قرب القيروان في 24 يوما (البيان المغرب 1/ 13؛ وانظر (M .Makki,Ensayo 42.: [4] ولاة مصر 155؛ وانظر الأنيس المطرب 17؛ والاستقصاء 1/ 153.

9.2. سنة بين إفريقية والمغرب؟

كان له في واضح، مولى المنصور، خير معين إذ كان على بريد مصر وهو منصب خطير يعنى برصد الطرقات والاتصالات، وكان واضح يتشيّع، فيما تجمع عليه المصادر، والأرجح أنّه كان زيدي الهوى [1]. ويذكر أحمد بن سهل أنّ إبراهيم بن أبي يحيى كتب رسالة لواضح يسأله فيها تدبير رحيل إدريس إلى المغرب. ونستطيع أن نفترض أنّ إقامة إدريس في مصر لم تكن طويلة لأنّه كان يزمع الخروج إلى المغرب، ولأنّ الطلب اشتدّ عليه وبذلك يكون تحديد تاريخ خروجه في أحد شهري ربيع سنة 171 أمرا معقولا، يعني إما في أواخر ولاية سليمان بن علي أو أوائل ولاية موسى بن عيسى. 9.2. سنة بين إفريقية والمغرب؟ ثمة شبه إجماع بين المصادر على أنّ وصول إدريس بن عبد الله إلى وليلى-وهي المرحلة الثالثة من مراحل تغريبته-كان سنة 172/ 788 ويحدد ابن أبي زرع التاريخ بدقّة أكبر فيذكر انّه دخلها في ربيع الأول سنة 172 وأنّ بيعته فيها كانت في رمضان 172 [2]. وقد تنبّه محمد الطالبي بحق إلى غموض هذه الفترة وتناقض التواريخ ¬

[1] يذكر ابن الأثير (الكامل 6/ 93) أنّه «كان شيعيا لعلي»؛ فيما يذكر ابن الفقيه (البلدان 14) انّه «كان رافضيا» ويقول عنه الطبري (تاريخ 8/ 198 - 3/ 561) انه «كان رافضيا خبيثا»؛ وواضح هذا هو جدّ اليعقوبي المؤرخ الذي كان شيعيا، ويقول عنه؛ 91 (2791) ,831. " Yaqu?bi ne?st pas un Siite mode?re?,il est a? mon sens un Siite fanatique",Arabica "Y .Marquet : فيما يلاحظ ميلوورد سوى ميول شيعية معتدلة عنده (في (Abr-Nahrain 21(1791 - 27),p .07 f .: أمّا كلمة رافضي فتشير إلى اتّجاهات شيعية متعددة، قارن ب‍: «أربع رسائل زيدية»، لماهر جرّار 7 - 8 والمصادر المذكورة هنالك. [2] الأنيس المطرب 19؛ وجذوة الاقتباس 1/ 19؛ وقارن بالدولة الأغلبية لمحمد الطالبي 399، ح 111.

فيما يخص ما أسماه بملحمة إدريس [1]. ويمدنا «كتاب أخبار فخ» بمعلومات جديدة قد تزيد الغموض، إلا أن الدارس المتعمق يجد فيها توضيحا لكثير من المشكلات، مما يضع الأمور في سياقها التاريخي، رغم أنّ روايتها الداخلية للأحداث ليست دائما متسقة تماما كما سوف نرى، ولهذا فإنه لا يمكننا الاعتماد بثقة كبيرة على ما ورد فيها من معلومات دون معارضتها بالمصادر الأخرى. وقد استطاع محمد الطالبي أن يقارن بين الروايات ويميّز بينها خطا واضحا يمكن الاعتماد عليه، وسوف يكون تعويلي الأكبر على نتائجه [2]. في رواية «أخبار فخ» أنّ إدريس وصل إلى إفريقية وكان عليها روح بن حاتم، وقد ولي روح إفريقية في جمادى الثانية سنة 171، أي أنّ إدريس قدمها بعد هذا التاريخ، ولم تصرح الرواية بوضوح أين كان نزول إدريس من أرض إفريقية، ويذكر ابن أبي زرع أنّه أقام في القيروان مدّة قبل خروجه إلى المغرب الأقصى [3]. عند هذا الحدّ يمدنّا «أخبار فخ» بمعلومات جديدة لم تذكرها المصادر التي تناولت سيرة إدريس، وهي قد توضح لنا مجريات حياته في هاتين السنتين اللتين غفلت أكثر المصادر عن ذكرهما. فقد توجّه إدريس إلى جبال نفّوسة «وأهلها خوارج» بعد أن وجّه روح في طلبه، وقد كان جبل نفوسة معقلا مهما لإباضية شمال إفريقيا. وفي ضوء هذا الواقع الجديد لم يجد روح بن حاتم بدّا من اعتماد السياسة الواقعية فكاتب عبد ¬

[1] الدولة الأغلبية 395 - 398. [2] ثمّة دراسات أخرى عن هذه الفترة يبقى الفصل الذي كتبه الطالبي-في نظري- أكثرها دقة وجدية. انظر مثلا: اسماعيل العربي، دولة الأدراسة ملوك تلمسان وفاس وقرطبة، بيروت 1983؛ وسعدون عباس نصر الله، دولة الأدارسة في المغرب، بيروت 1987؛ ومحمود اسماعيل، الأدارسة، القاهرة 1991. [3] يرى محمد الطالبي أن هذا الأمر قليل الاحتمال (الدولة الأغلبية 399، ح 142)، ويبدو الآن بفضل مخطوطة أخبار فخ أكثر ترجيحا؛ وثمة رواية أخرى لفرار إدريس أوردها أبو الفرج في مقاتله (488 - 489؛ ط 2.407) وهي ذات نزعة قصصيّة وقد تناقلتها عنه بعض المصادر المتأخرة.

الوهّاب بن رستم إمام الدولة الإباضية في تاهرت لافتا إيّاه لخطورة وجود إدريس في جبل نفّوسة «لعداوته لك ولمن مضى من سلفك، ولو ظفر بك لتقرّب بدمك إلى الله. . .» [1]، وتضيف رواية «أخبار فخ»: «وكان إدريس قد دعا أهل نفوسة إلى حقّه وبيّن لهم خطأ ما هم عليه من البراءة من علي بن أبي طالب، فاستجاب له منهم خلق وأبى ذلك أكثرهم. .». وللدارس أن يتساءل عن مدى دقّة هذه المعلومات التي تقدمها المخطوطة، فلماذا يتّجه إدريس للحلول بين جماعة الإباضيّة في جبل نفّوسة لبثّ الدعوة بينهم واستمالتهم إلى جانبه رغم عدائهم «الإيديولوجي» المعروف؟ ألم يكن في جبال المغرب وواحاته ومستقراته متّسع له ولدعوته؟ ثم أليس في هذا المخطط تسرّع وعدم إدراك لطبيعة العلاقات السياسيّة في البلاد؟ فقد أدّت هذه الخطوة لتحالف ولاة العباسيين-آل المهلب الطامحين في السلطة-مع الإباضيّة ضدّه. وقد كانت الخريطة السياسية والقبلية شديدة التنوع في المغرب في ذلك العصر الذي اتسم بالغموض، وكان ممكنا لإدريس في غمرة هذا التنوع وهذه الفوضى أن يجد لدعوته منفذا بعيدا عن الخلافات والمراكز التي انتشرت فيها الإباضية الذين كانت دعوتهم قد وجدت طريقا لها من بداية القرن والذين كانوا قد أعلنوا إمامتهم على رأس الأربعين ومائة أي قبل ما يزيد عن ربع قرن على قدوم إدريس. ثم إنّ راشد [اسحاق بن راشد في مخطوطة أخبار فخ]، كان معتزليا ومن قبيلة أوربة-بحسب المصادر-أي أنّه من أبناء البلاد، كما أننا نفترض أنّه كان للزيدية دعاة مبثوثون في إفريقية والمغرب وأنهم كانوا على معرفة بالبلاد وأوضاعها. وسوف أستعرض باختصار الأخبار التي وردت في المخطوطة: فقد بثّ إدريس دعوته ضمن قبائل نفوسة واستجاب له منهم خلق، فكاتبهم عبد الوهاب بن رستم وأمرهم بتسليم إدريس فانقسم رأيهم وجملوه إلى حيث يأمن وخرج معه ألف من أهل نفوسة حتى بلغ مليانة، وكان إدريس كاتب ¬

[1] أخبار فخ 174.

أهل شلف وتاهرت وزناتة وزواغة وصنهاجة ولواته وبث دعوته فيهم. وتحصّن إدريس في مليانة، فعاجله عبد الوهاب بن رستم «وتقاتلا مدة طويلة وتفانى بينهم آلاف من الناس»، فلما أيقن إدريس دقّة موقفه انحاز إلى طنجة فنزل وليلى، وكان أهلها من الصفرية والمعتزلة فأجابوه وبايعوه. ويجدر بنا أن نتوقّف قليلا هنا لنقارن هذه المعلومات بالمصادر التاريخية؛ وليس بين أيدينا نصوص تؤكد هذه المعلومات. بيد أنّ ابن الصغير وهو مؤرخ الدولة الرستميّة-ويرى بعض الدارسين ميولا شيعية معتدلة عنده [1]-لا يأتي على ذكر هذه الأخبار ولا يذكر الأدارسة من قريب أو بعيد في كتابه. وجلّ ما يمكن استفادته من تاريخه [2] أنّ الإباضيّة افترقوا زمن إمامة عبد الوهّاب بن رستم، والسبب في ذلك كان شكوى بعضهم خاصة قبائل مزاتة وسدراتة [3] من عمّالهم: «قاضينا جائر وصاحب بيت مالنا خائن وصاحب شرطتنا فاسق وإمامنا لا يغيّر من ذلك شيئا»، فقاتلهم عبد الوهّاب وهزمهم. ويفصّل أبو زكرياء في خبر هذا الافتراق ويذكر أنّهم أخذوا عليه من جملة ما أخذوه «أنه لا تجوز تولية رجل إذا كان في جماعة المسلمين من هو أعلم منه» [4]، أي أنّه لا تجوز تولية المفضول مع وجود الأفضل، وهذا القول من آراء الزيديّة [5]. والسؤال: هل يمكننا أن نربط هذا الافتراق بما يذكره أحمد بن سهل الرازي عن إدريس، أي هل نستطيع أن نفترض أنّ إدريس استغلّ وجود فرقة بين إباضية الجبل ¬

[1] انظر أخبار الأئمة الرستميين 47. [2] أخبار الأئمة الرستميين 47. [3] يذكر ابن أبي زرع سدراته في جملة من بايع إدريس ودخل في طاعته عند نزوله بوليلى (الأنيس المطرب 20). [4] سير الأئمة 81. [5] قارن بمقالات الاسلاميين 68 - 69؛ وفرق الشيعة 20 - 21، ونصرة مذاهب الزيديّة 99 - 114؛ وقد تعدّدت آراء أئمة الزيدية وعلمائهم في هذا الموضوع وتباينت، قارن ب W .Madelung,Der Imam al-Qa?sim .:‍

9.3. في وليلى

استغلها واستطاع أن ينفذ منها لبثّ دعوته؟ لا يمكن الجزم بشيء من هذا أمام النزر اليسير من المعلومات التي تذكرها المصادر. ويعطي ابن أبي زرع طريقا آخر سلكه إدريس وراشد قبل نزولهما بوليلي سنة 172 بالمغرب [1]، وهذا الطريق هو: برقة- القيروان (أقاما بها مدّة) -تلمسان (استراحا بها أياما) -طنجة عبر وادي ملوية والسوس الأدنى (وأقاما بطنجة أياما) -وليلى [2]. 9.3. في وليلى ثمة إجماع بين المصادر-كما ذكرت-على أنّ إدريس نزل وليلى في ربيع الأوّل سنة 172 وأن بيعته تمت في رمضان من السنة نفسها، ولا تذكر رواية «أخبار فخ» أي تواريخ. غير أنّها تتّفق مع بقية المصادر في الصلة بين الاعتزال ونجاح مهمة إدريس «فنزل وليلة وكان أهلها من الصفرية والمعتزلة فأجابوه وبايعوه»؛ وتربط المصادر نجاح إدريس في وليلى برئيس قبيلة أوربة التي تنزل في منطقة وليلى وهو إسحاق بن عبد الحميد الذي كان معتزليا [3]، وإلى هذه القبيلة ينتمي راشد-أو اسحاق بن راشد-مولى إدريس؛ وربّما كان لنا أن نفترض أن الصلة القبليّة هنا كانت أكثر تأثيرا من الصلة العقائدية، وتعبير «كان معتزليا» يبقى تعبيرا غامضا وإن أشار بالطبع إلى صلة ما لهذا الزعيم بمذهب الاعتزال، إلى أنّه من الصعب تحديد زمن تبنيه هذا المذهب وطبيعة عقائده. هذا وقد ذكرت أهمية الاعتزال في تمهيد الطريق لإدريس في إفريقية في موضع آخر من كتاب «أخبار فخ» أوّل نزول إدريس بإفريقية إذ قال المؤلّف: «. . . فوقعوا بأرض أفريقية وكان الغالب على أهلها الخوارج والمعتزلة، وكان أحد الرجلين اللذين مع إدريس من أهل البصرة من شيعة ¬

[1] تدخّل ناشر النص في الأصل وغيّره (انظر الحاشية 8 ص 19). [2] الأنيس المطرب 18 - 19؛ وجذوة الاقتباس 1/ 18 - 19. [3] الحور العين 265؛ وقارن بالدولة الأغلبيّة 397 و 402.

أخيه إبراهيم بن عبد الله، معتزليا بليغا خطيبا، فكاتبهم إدريس وكلّمهم البصري وكان حسن البيان فسارع الناس إلى إدريس واتبعوه». فالمعتزلي هنا رجل من المشرق، ولا ذكر للقبائل التي كاتبها إدريس «وكلّمها البصري» ولا لمواطن نزولها والكلام كلام عام إلا أنّه يؤكد وجود هذه الصلة أو الرابط بين نجاح دعوة إدريس وانتشار مذهب الاعتزال في افريقية والمغرب، وهذا ما تظهره الرسالة المنسوبة إلى إدريس والتي أرسلها لقبائل البربر [1]. أما بالنسبة للصفرية الذين ورد ذكرهم في النصّ، فنحن نعرف أن مذهبهم انتشر بين القبائل البربرية خاصة قبائل المغرب الأقصى مطغرة وزناته وبرغواطة وأن نفوذهم امتدّ في المغربين الأدنى والأقصى وقاموا بثورات عدّة قضى عليها آل المهلّب، وأنهم بقوا منتشرين في الزاب وتلمسان وقامت لهم دولة في سجلماسة هي دولة بني مدرار. وكان بين الصفرية والإباضية معارك عدّة، ويبدو أن هؤلاء الصفرية-أو أوزاعهم كما يسميهم ابن خلدون-قد انضموا إلى إدريس وشاركوا في معاركه، خاصة بطون من مكناسة. أما صفرية تلمسان فقد حاربهم إدريس ودخل بلدهم سنة 174 وبنى مسجدها. إن معلوماتنا قليلة جدا عن سيرة إدريس ونشاطه في وليلة-أي في المرحلة الثالثة من مراحل دعوته في المغرب-وتكاد رواية ابن أبي زرع تكون الأكثر تفصيلا، فهو يذكر فتوحاته في السنوات 172 و 173 في بلاد تادلة وتامسنا ومحاربته لمن بقي في قبائل البربر على دين اليهودية والنصرانية، ويذكر فتحه لتلمسان سنة 174 صلحا، وبناء جامعها، غير أنّه لا يذكر شيئا عن تعرّضه للإباضية. أما مخطوطة «أخبار فخ» فتنحو منحى آخر وتشير إلى أنّ إدريس جعل همته في قتال الخوارج-يعني عبد الوهاب بن رستم- «وهذا بعدما أقام بطنجة سبع سنين» (؟)؛ ويغلب على الظن أن المقصود بالسنين السبع هو مدّة إقامته ¬

[1] انظر ما يلي ص 175 - 181.

9.4. مقتله

بطنجة/وليله من وقت نزوله وبيعته سنة 172 إلى حين وفاته سنة 179 أي أنّه انصرف لقتال الخوارج طوال هذه السنين السبع. ثم تنتقل الرواية لذكر حروب روح بن حاتم وابنه الفضل مع عبد الله بن الجارود الذي ثار بالجند العباسي والأبناء على حكم المهلبيين ولاة إفريقية للعباسيين، وهي أخبار وردت بالتفصيل في المصادر التاريخية خاصة في تاريخ الرقيق [1]؛ ورواية «أخبار فخ» توافق رواية الرقيق في تفاصيلها إلا أنها تشير إلى دور مفترض لإدريس في تلك الأحداث ممّا يوحي أنّه كان محرّكا لها أو أنّه استغلّها على الأقل، فتذكر أنّ مالك بن المنذر الكلبي لمّا ثار على عبد الله بن الجارود دعا إلى إدريس بن عبد الله؛ وتضيف أن عبد الله بن الجارود حين شعر بالهزيمة كان في نيّته الهرب إلى إدريس بطنجة. وهنا تنتهي الرواية دون أن تتطرق لحروبه مع الإباضيّة أو لفتوحاته في المغرب؛ وتمرّ بسرعة بخبر مقتله. 9.4. مقتله أجمعت المصادر على أنّ إدريس مات مسموما، بيد أنّها اختلفت في ثلاثة أمور: أ-من الذي سمّه؛ ب-كيف تمّ سمّه؛ ج-في أي سنة كان ذلك؟ بالنسبة للأمر الأوّل فقد ورد اسما الشماخ اليمامي وسليمان بن جرير الرقّي وهو من وجوه الزيديّة [2]؛ أما بالنسبة للأمر الثاني فقيل إنّه سمّ بسنون وقيل ببطيخة وقيل بسمكة؛ ووردت بعض الروايات بصيغة قصصيّة بطولية، وقد عالجت هذه الأمور بشيء من ¬

[1] انظر ما يلي ص 182 - 189. [2] وإليه تنسب الفرقة الجريرية أو السليمانية من الزيديّة انظر فرق الشيعة 9,64,66؛ مقالات الإسلاميين 636 - 637؛ الملل والنّحل 68؛ والحور العين 200,203,207؛ و؛ Der Imam al-Qa?sim 16 f . W .Madelung , ويذكر علي بن محمد النسّابة العلوي في كتابه المجدي (62) أن يحيى أرسل لما ظهر سليمانا إلى إدريس يدعوه، ثم ذكر أنّه سمّه بسمكة، ويبدو ان الأمر اختلط عليه.

10. يحيى بن عبد الله

التفصيل في موضع آخر (1). تبقى سنة وفاته، فقد ورد ذكر سنتي 177/ 793، وهي الأكثر ترجيحا [2]، و 175/ 791 التي كان أكثر الدارسين المحدثين على وعي بضعفها فأمرّوها بصيغة التمريض. وقد تمكن محمد الطالبي من تحديد سنة وفاته بعد دراسة متأنية ودقيقة للمصادر [3] وتوصل إلى تاريخ 179/ 795. وهذا ما تؤكده المخطوطة التي بين يدينا إذ تقرن بين دخول هرثمة بن أعين القيروان في جمادى سنة 179 وبين مقتل إدريس «فلم يزل يدس إلى إدريس ويحتال ليوجه إلى النفر الذين كان هارون وجههم إلى إدريس إلى طنجة ليسقوه السمّ حتى فعلوا». 10. يحيى بن عبد الله لا نعرف ما هي الخطة التي وضعها يحيى وإدريس مع الدّعاة في شعب الحضارمة وقد عادت الدعوة إلى مرحلة السريّة والكمون بعد أن منيت بفشل ذريع وتمّ ضرب المعارضة المتعاطفة معها وكشف بعض مواقعها في الأمصار. ولعل قرار إرسال إدريس إلى المغرب كان القرار الأكثر حكمة وتخطيطا بعد عقود من العمل الفاشل في الحجاز والعراق. وتكاد المصادر تغفل كل أخبار يحيى قبل ظهوره في الديلم. وكانت بداية تحرّكه في الديلم سنة 175/ 791 بحسب ما أورده الطبري [4]، وكنا قد رأينا أنّ انطلاق إدريس نحو مصر والمغرب كان إثر موسم الحج سنة 171/ 787 أي في آخر العام ¬

M,Jarrar,in :Asiatische Studien 74(3991),p .882 - 092.[1] [2] انظر حول تحديد سنة وفاته: المغرب للبكري 122 (سنة 175 بسنده عن النوفلي)؛ والحلة السيراء 1/ 100 (سنة 175 أو 174؛ وأخباره عن ادريس أخذها من كتاب المعرب لابن الوكيل القيرواني)؛ والأنيس المطرب 23 (ربيع الثاني سنة 177)؛ وانظر دولة الأدارسة لاسماعيل العربي 70 (ربيع الأول 175)؛ ودولة الأدارسة لسعدون نصر الله 83 (ربيع الأول 177)؛ والأدارسة لمحمود اسماعيل 63 (سنة 177). [3] الدولة الأغلبيّة 404 - 407. [4] تاريخ 8/ 241 (-3/ 612).

وأوائل سنة 172/ 788، مما يعني أنّ ثمة ثلاث سنوات بين هذا التاريخ وبين ظهور يحيى في الديلم، فأين كان طوال هذه السنوات؟ هنا تختلف المصادر-وكلّها مصادر زيدية: أمّا أبو الفرج فيذكر نصا عاما [1]: «استتر مدّة يجول في البلدان ويطلب موضعا يلجأ إليه، وعلم الفضل بن يحيى بمكانه في بعض النواحي فأمره بالانتقال عنه وقصد الديلم وكتب له منشورا لا يتعرض له أحد». أمّا «كتاب المصابيح» فروايته أكثر تفصيلا إلاّ أنّه لا يمكن الوثوق بها تماما [2]، فهو يذكر أنّ يحيى خرج في سنة 170 في ولاية موسى وبايعه أهل الحرمين وجميع أهل الحجاز وتهامة وأرض اليمن وأرض مصر والعراقين وبث دعاته في جميع الافاق. . . الخ، ثم يذكر أنّه صار إلى اليمن وأقام بها مدّة ثم صار إلى مصر وأرض المغرب ونواحيها. . . ثم دخل بغداد فخرج إلى الريّ فأقام شهرا أو زيادة، ثم صار إلى خراسان فأقام قريبا من ثلاث سنين، ثم إلى خاقان ملك الترك وأقام عنده سنتين وستّة أشهر ومن هناك خرج إلى طبرستان والديلم [3]. وقصّة الخروج هذه ليست بحاجة لتعليق كي تظهر أنها موضوعة، إذ أنّ يحيى اعتبر من أئمة الزيديّة ولا تصح الإمامة إلا بالخروج؛ ومبايعة أهل الأمصار له أوهى من أن تضعّف خاصة بعد فشل معركة فخ، أما هذا التجوال فجزء منه صحيح إذا استثنينا مصر وأرض المغرب وإذا صححنا التواريخ. وتبقى رواية «أخبار فخ» التي سوف أعالجها هنا [4]، وخطوطها ¬

[1] مقاتل الطالبيين 465 (ط 2.390). [2] أو قل اني أتحفّظ على روايات الجزء الثاني من الكتاب وهو الذي أكمله علي بن بلال لغرابة معلوماته ولطابعها القصصي وعدم اتساقها من الناحية الزمنية والتاريخية كما لاحظنا في خبره عن عيسى بن زيد والكتاب بحاجة لدراسة خاصة. [3] كتاب المصابيح (انظر ما يلي ص 305)؛ وهذه هي الرواية التي يعتمدها فان ارندونك van Arendonk,Opkomst 95 f . [4] في الحدائق الوردية (ومصادره هي «أخبار فخ» و «مقاتل الطالبيين» و «المصابيح» و «الإفادة») محاولة للجمع بين الروايات فيذكر أنه ذهب إلى صنعاء وأقام بها شهورا ثم دخل بلاد الحبشة وخرج منها وصار إلى بلاد الترك ثم خرج إلى الديلم (مصورة دمشق 1/ 181 - 182؛ وأخبار أئمة الزيدية 174).

العامّة أنه دخل اليمن فطلب ففرّ إلى بلاد الجزيرة وأرمينية ثم ألجأه الطلب إلى أن دخل بغداد حيث ضيّق عليه فتوجه إلى صنعاء وبقي فيها ثمانية أشهر ثم خرج إلى خراسان ثم طبرستان فالديلم. ويبدو خروجه إلى اليمن بعد موسم سنة 171/ 787 معقولا، وخاصة أنّه التقى أثناء الموسم بجماعة من الحضارمة قد يكون لهم دور في إقناعه بالتوجّه معهم إلى بلادهم البعيدة عن مركز الخلافة والتي كانت مضطربة، كما أنّ لآل البيت أتباعا ومحبّين في اليمن ومنه انطلقت دعوات كثيرة. المصدر ما ذكره عن تجوال يحيى أثناء اختفائه أخبار فخ [1] الحبشة، الحجاز، اليمن، الجزيرة الفراتيّة، أرمينية، بغداد، اليمن، خراسان، طبرستان، الديلم. مقاتل الطالبيين [2] استتر مدّة يجول في البلدان، الديلم. المصابيح [3] اليمن، مصر وأرض المغرب ونواحيها، بغداد، الري، خراسان، جوزجان وبلخ، ماوراء النهر، الديلم. الإفادة [4] استتر مدّة وبلغ بلاد الترك ثم اختار جبل الديلم. الحدائق الوردية [5] أقام مستترا مدة طويلة يطوف في الآفاق، صنعاء، الحبشة، بلاد الترك، الديلم المعرفة والتاريخ [6] (مصدر غير زيدي) فارس، فسا، الديلم ¬

[1] انظر ما يلي ص 190 - 196. [2] 465 (ط 2.390). [3] انظر ما يلي ص 303 - 305. [4] الإفادة (برلين 27 (Glser 37 أ؛ أخبار أئمة الزيدية 80. [5] مصورة دمشق 1/ 181 - 182؛ أخبار أئمة الزيدية 174. [6] 1/ 159 - 160.

10.1. يحيى في اليمن

10.1. يحيى في اليمن ويستحيل علينا في الواقع ضمن المعلومات المتوافرة لدينا في المصادر أن نتوصل لمعرفة دقيقة عن هذه المرحلة من حياة يحيى بن عبد الله ونشاطه، أو عن تواريخ تنقّله بين اليمن والجزيرة الفراتية وأرمينية قبل عودته إلى اليمن. أما دخوله إلى اليمن، فقد ذكر في «كتاب المصابيح» [1] أنّه دخلها مرّة واحدة في بدء هروبه ثم صار بعدها إلى مصر؛ فيما يذكر ابن سهل الرازي [2] أنّه دخلها مرّتين، مرّة بعد خروجه من الحبشة ومرّة أخرى بعد هروبه من بغداد متخفيّا [3]، ويذكر عن سعيد ابن بهلول من الأبناء أنّ يحيى أقام في المرّة الثانية ثمانية أشهر وأنّ الإمام الشافعي لقيه ودرس عليه. أمّا المحلّي [4] فيذكر أنّ يحيى «أقام مستترا مدّة طويلة يطوف في الآفاق خوفا على نفسه ووصل صنعاء وأقام بها شهورا، وأخذ علماء صنعاء عنه علما كثيرا مثل يحيى بن زكرياء ويحيى بن إبراهيم؛ ثم دخل بلاد الحبشة وخرج منها وصار إلى بلاد الترك. . .». ورواية المحلّي متأخرة وهو يعتمد في كتابه على «أخبار فخ» ولا يذكره، و «مقاتل الطالبيين» و «كتاب المصابيح»، فروايته ملفّقة ولا يعتدّ بها. 10.1.1. يحيى والشافعي فلنعد إلى رواية «أخبار فخ» التي تذكر دخوله مرّتين إلى اليمن وأنّه أقام في الثانية منهما ثمانية أشهر حيث درس عليه الإمام الشافعي. ونجد أنفسنا في حيرة من أمرنا إذ لا يمكن التأريخ بدقّة لرحلة/رحلات الإمام الشافعي إلى اليمن رغم أنّ ¬

[1] انظر ما يلي ص 304. [2] أخبار فخ 190. [3] ما يلي ص 194. [4] الحدائق الوردية (في: أخبار أئمة الزيدية) 174.

10.2. الطريق إلى الديلم

الأخبار تدلّ على أنّه كان للشافعي صلة وثيقة باليمن [1]، كذلك لا يمكننا التأريخ لدخول يحيى إلى اليمن، فكيف لنا أن نجمع بين الروايتين وكلتاهما تندرج في إطار «المناقب»، ما ذكر منها عن الإمام الشافعي وما يذكر هنا عن تتلمذه على يحيى. غير أن المصادر قد أجمعت على صلة للشافعي بالعلويّة وعلى ميول علويّة عنده، وقرنت ذلك برحلة له إلى اليمن [2]. وفي رواية عن ابن بنت الشافعي أنّ الإمام الشافعي تزوّج بصنعاء من زوجته أمّ ولده، وتذكر هذه الرواية أنّه خرج من مكّة إلى صنعاء بقحط وقع بمكّة، «فخرج الناس إلى البوادي والمخاليف والمدن. . وقدم الشافعي وقد تزوّج العثمانية بصنعاء. .» [3]. ويذكر الفسوي والطبري أنّ الوباء وقع بمكة سنة 174 [4]. فهل لنا أن نفترض أنّ الشافعي خرج إلى صنعاء أثناء هذا الوباء وأنّه تزوّج في تلك السنة. وكان عمره أربع وعشرون عاما، وأنّه التقى بيحيى-أثناء إقامته الثانية في اليمن- في سفرته تلك؟ وقد كان يحيى-بحسب رواية «أخبار فخ» -مقيما عند زكرياء بن يحيى بن عمر بن سابور من الأبناء، وغادر اليمن حينما طلب إلى خراسان فصار إلى الديلم سنة 175/ 791 كما ذكر الطبري، أي أنّه كان ما يزال في اليمن عام 174. 10.2. الطريق إلى الديلم لم يمكث يحيى في اليمن في المرّة الثانية سوى ثمانية أشهر-بحسب رواية ابن سهل الرازي-ثم طلب فتوجّه إلى خراسان ومنها إلى طبرستان ولم يطل مقامه هناك بل قصد جستان ملك الديلم. أمّا رواية «كتاب المصابيح» -التي لم تذكر إلا ¬

[1] انظر: وداد القاضي، «رحلة الشافعي إلى اليمن بين الاسطورة والواقع»، في دراسات عربية في ذكرى محمود الغول،127 - 141. [2] انظر ما يلي ص 164. [3] مناقب الشافعي للبيهقي 2/ 306؛ ووداد القاضي، «رحلة الشافعي»، ص 130. [4] المعرفة والتاريخ 1/ 166؛ وتاريخ الطبري 8/ 239 (-3/ 610).

رحلة واحدة له إلى اليمن في بدء هروبه-فتذكر [1] أنه خرج من بغداد إلى الريّ فأقام فيها شهرا وزيادة، ثم صار إلى خراسان ومنها إلى ناحية جوزجان وبلخ حيث أقام قريبا من ثلاث سنين، ثم صار إلى خاقان ملك الترك ومعه مقدار مائة وسبعين رجلا من دعاته وأوليائه، وأن الرشيد أنفذ رسولا إلى خاقان يقال له النوفلي، فأبى خاقان تسليمه فصار يحيى إلى الديلم. ويمدّنا الفسوي [2] (-277/ 890)، وهو مصدر مبكّر غير زيديّ، بمعلومات جديدة، فيذكر أن يحيى بعد أن نجى من معركة فخ «قدم فارس ومرّ بفسا فأقام بها وذلك في عمل عمّار بن علي على فسا. فسمعت حمّاد بن حفص يقول: كان سبب خروج يحيى من فسا ولحوقه بالجبل أنّ تابعا لعدوية بن علي جاء إليه فقال له: أخو الأمير عدوية يدعوك، فاستخفّ بكلامه وقال: وما عدويه؟ فآذاه الرسول فكأنه استعظم ذلك، فكان هذا سبب خروجه من فسا ولحوقه بالجبال». ولم أستطع أن أهتدي لترجمة لعمّار بن علي أو لعدوية بن علي، غير أن سياق الخير يظهر أنّه ترك فسا إلى الديلم مباشرة، أي أن خروجه من فسا كان في سنة 175/ 791. وينفرد أبو الفرج الإصبهاني بذكر خبر أجمعت عليه مصادره جميعها [3]، وأورده أبو الفرج كخبر متّسق «إلا ما عسى أن يكون من خلاف بينهم فأفرده وأذكر رواته؛ قالوا: إنّ يحيى بن عبد الله بن الحسن لمّا قتل أصحاب فخ كان في قبلهم فاستتر ¬

[1] انظر ما يلي ص 304 - 305. [2] المعرفة والتاريخ 1/ 159 - 160. [3] يذكر الخبر بأسانيد رواته المباشرين وهما: 1 - أحمد بن عبيد الله بن عمّار (-314/ 926 أو 319/ 931) ثقفي بغدادي، توفي في الكوفة S .Gu?nther,Quellenuntersuchungen 331 - 531. 2 - علي بن إبراهيم العلوي، وهو الجواني S .Gu?nther,op .cit .141 - 144 ولكل منهما أكثر من طريق في خبره عن يحيى (مقاتل الطالبيين 465 - ط 2.389 - 390).

10.3. ظهوره في الديلم ومبايعته

مدّة يجول في البلدان ويطلب موضعا يلجأ إليه، وعلم الفضل بن يحيى بمكانه في بعض النواحي فأمره بالانتقال عنه وقصد الديلم، وكتب له منشورا لا يتعرّض له أحد، فمضى متنكّرا حتى ورد الدّيلم. .»، ويظهر هذا الخبر تواطئا واضحا من الفضل بن يحيى، وقد عزت بعض المصادر نكبة البرامكة إلى مساعدتهم للعلويين [1]. على أي حال، من المؤكد أن يحيى وصل الديلم سنة 175 وأنّ خروجه هناك كان في سنة 176/ 792 [2]. 10.3. ظهوره في الديلم ومبايعته وفي رواية ابن سهل الرازي بسنده عن عمر بن شبة عن المدائني [3] أن يحيى لمّا ظهر بالديلم «علا صوته في الآفاق وكثر الدّعاة إليه وأجابه الناس. . . وكان له سبعون رجلا من علماء زماننا دعاة إليه وإلى نصرته يتفرقون القرى، يدعون إلى حكم الكتاب ونصرة الدين ودفع الجور ومنع الظالمين وإظهار الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر. . .»، وذكر ستة عشر رجلا فيهم الإمام الشافعي، وهم بحسب ترتيبهم الألفبائي: 1) إبراهيم بن إسحاق: لم استطع الاهتداء إليه. 2) بشر بن المعتمر: الأرجح أنّه المعتزلي (-210/ 825)؛ ولم يذكر بشر بن المعتمر في الزيدية، وذكر ابن المرتضى أنّه اتّهم بالرفض فحبسه الرشيد فقال رجزا بيّن فيه موقفه. وذكر الأشعري قوله في التحكيم فقال: «قالت الزيدية وكثير من المرجئة وابراهيم النظّام وبشر بن المعتمر. . .»، فلم يعده مع الزيديّة [4]. ¬

[1] انظر ما يلي ص 86 - 88. [2] تاريخ الطبري 8/ 242 (-3/ 612 - 613)؛ والعيون والحدائق 292 - 294؛ والكامل 6/ 125 - 126. [3] انظر ما يلي ص 197. [4] فرق الشيعة 14؛ ومقالات الاسلاميّين 453 (وفهارسه)؛ وطبقات المعتزلة لابن المرتضى 52 - 54؛ والوافي 10/ 155 - 156.

3) حبيب بن أرطاة؛ ويبدو أن الاسم اختلط هنا والأصح أرطاة بن حبيب كما في مقاتل الطالبيين (حيث ورد أرطاة فقط). وهو من الرواة عن جعفر الصادق، كما روى عن إبراهيم بن أبي يحيى أحد دعاة يحيى بن عبد الله [1]. 4) حسن بن حسين العرني: له كتاب عن جعفر بن محمد في الرجال، وروى عن شريك وجرير [2]. 5) سعيد بن خثيم: توفي بين 180/ 796 و 190/ 805، كان من دعاة زيد بن علي وخرج معه، وعمّر طويلا فيما يبدو فخرج مع إبراهيم بن عبد الله أخي النفس الزكيّة ومع الحسين الفخّي. روى عنه الإمام أحمد بن حنبل ووثقه ابن معين، رغم ما اتهم به من تشيع وقول بالقدر [3]. 6) سليمان بن جرير: يبدو أنّه الرقي أحد متكلمي الزيدية ورؤوسهم، واتّهم بأنه هو الذي سم إدريس بن عبد الله [4]. 7) عبد العزيز بن يحيى الكناني: الأرجح أنّه هو صاحب «كتاب الحيدة»، توفي في حدود سنة 240/ 854. درس على الشافعي واشتهر بصحبته وذهب معه إلى اليمن [5]. ¬

[1] رجال النجاشي 78؛ جامع الرواة 1/ 78؛ مقاتل الطالبيين 251 و 449 (ط 2.222 و؛ M .Jarrar,in :Asiatische Studien 74 (3991) ,382 ؛(377 وانظر اسمه في بعض الاسانيد، في تاريخ ابن عساكر 5/ 34؛ وبحار الأنوار 15/ 7 و 16/ 143. [2] رجال النجاشي 38؛ ميزان الاعتدال 1/ 483 - 485؛ جامع الرواة 1/ 193. [3] رجال ابن داوود 456؛ رجال النجاشي 128؛ تهذيب الكمال 10/ 413 - 416؛ ميزان الاعتدال 2/ 132؛ جامع الرواة S .Gu?nther,Qunellenuntersuchungen 512 - 612;Opkomst 482,192. van Arendonk ,063 - 1/ 953 وانظر ما يلي ص 102,198,304. [4] مقالات الاسلاميين (فهارس W .M .Watt,Formative Period 261 ff . W .Madelung,Der Imam al-Qa?sim 16 ff .; van Arendank .Opkomst 37 f .,28 ff .؛(637 - 636 وانظر ما تقدم ص 67. [5] انظر ما تقدم ص 58.

8) فليت بن إسماعيل: لم أستطع التعرّف إليه؛ وكنت في مقالتي السّابقة لمحّت إلى احتمال أن يكون هو نفسه تليد بن سليمان وإن لم تكن القرائن واضحة تماما [1]. 9) محمد بن عامر: لم أستطع الاهتداء إليه [2]. 10) محمد بن أبي نعيم: قد يكون ابن موسى الواسطي (-223/ 837) (2). 11) مخوّل بن إبراهيم: هو ابن راشد الكوفي (2). 12) منصور البخاري: لم أستطع الاهتداء إليه. 13) يونس بن إبراهيم الرازي: لم أستطع الاهتداء إليه. 14) يونس البجلي: لم أستطع الاهتداء إليه. 15) ابن عون اللهبي: لم أستطع الاهتداء إليه. 16) وكان ابن سهل الرازي قد ذكر محمد بن أبي إبراهيم في الدعاة ليحيى، وهو الذي كتب الرسالة إلى محمد الحضرمي بمصر. كما ذكرت المصادر الزيديّة بين دعاته: 17) عبد ربّه بن علقمة [3]. وعدّد أبو الفرج الإصبهاني (والناطق بالحق في الإفادة) ثلاثة أسماء أخرى: 18) سهل بن عامر البلخي [4]. 19) عامر بن كثير السرّاج [5]. 20) يحيى بن مساور (5). ¬

[1] انظر M .Jarrar,in :Asiatische Studien 74(3991),092 and fn .18.: [2] انظر van Arendonk,De Opkomst 192.: [3] انظر van Arendonk,De Opkomst 092.: [4] انظر van Arendonk,De Opkomst 192.: [5] انظر van Arendonk,De Opkomst 192.:

والديلم هي المنطقة الجبلية التي تمتد على طول الساحل الجنوبي لبحر الخزر (Caspian sea) من جيلان إلى مازندران وجرجان شمال همدان والرّي، وهي في الإقليم الرابع طولها 75 درجة وعرضها 36 درجة و 10 دقائق. وقد سكن هذه المنطقة أقوام كثر من غير الشعوب الآرية وهم القادوسيّون (Cadusians) ومنهم الجيل أو الجيلان (Geloi) والديلم ومن بينهم قامت مملكة آل جستان وكان مركزها طرّم (Ta?rum) أو روذبار [1]. نزل يحيى عند جستان ملك الديلم وأعلن دعوته هناك، فأهمّ الرشيد الأمر وعيّن الفضل بن يحيى على كور الجبال والري وجرجان وطبرستان وولاه أمر يحيى بن عبد الله، فتوجّه الفضل إلى الجبال ونزل بالنهرين وواتر كتبه على يحيى وكاتب صاحب الدّيلم، واستخلف كاتبه منصور بن زياد في الرّقة مسؤولا عن كل ما يرده من الفضل بخصوص يحيى [2]. ففرّق الفضل الأموال ووالى برّه لجستان وراسل يحيى إلى أن أجابه إلى الصلح [3]. ويذكر ابن سهل الرّازي بسنده عن المدائني رسالة طويلة ليحيى أرسلها إلى الرشيد تناول فيها تاريخ العلوييّن وأحقّيتهم بالخلافة وثوراتهم ضد الأمويين والعباسيين ودعواهم مقابل الدعوة العباسيّة [4]؛ كما يذكر في روايته خبر إرسال الرشيد لأبي البختري وهب بن وهب، قاضي القضاة، واحتياله في القبض ¬

[1] انظر W .Madelung,in :Canbridge History of Iran 322/ 4 ff . . W .Barthold,An Historical Geography of Iran 032 ff .: ومعجم البلدان 2/ 544. [2] تاريخ الطبري 8/ 242 - 243 (-3/ 613 - 614)؛ انظر ما يلي ص. [3] انظر نصّ «أخبار فخ»، ص 198؛ والمعرفة والتاريخ 1/ 160؛ وتاريخ الطبري 8/ 242 (-3/ 613)؛ ومقاتل الطالبيين 468 - 469 (ط 2.392 - 393)؛ والفخري 294؛ والكامل 6/ 125 - 126. [4] انظر: «أربع رسائل زيدية»، في: الكتاب التكريمي للدكتور إحسان عبّاس.

10.4. الرقة والحجاز

على يحيى [1]. ويذكر في سياق خبره روايتين عن مصدرين محلييّن يكمل بهما رواية المدائني؛ ويتفرّد بذكر نصّ كتابي الأمان اللذين أملاهما يحيى على الرشيد والفضل [2]. وتدعم المصادر ما يذكره ابن سهل الرازي، وإن كان خبره أكثر تفصيلا وأغنى معلومات، إذ يتفرّد بذكر رواية طويلة عن المدائني وعن مصادر محليّة. 10.4. الرّقة والحجاز لم يقم يحيى في الرقّة/أو بغداد طويلا بعد حصوله على الأمان، بل اتّجه إلى الحجاز يحمل معه عطايا الرشيد والفضل بن يحيى وغيره من البرامكة. ويذكر ابن سهل الرازي عن الإمام محمد بن القاسم الرسّي أنّ نزوله كان ناحية سويقة. ويجمع كلا ابن زبالة والإمام محمد بن القاسم على أنّ يحيى أخذ يفرّق الأموال على أشراف الحجاز وأنّ الناس أخذوا يختلفون إليه. ويذكر كلاهما أن بكّار بن عبد الله بن مصعب، وكان واليا على المدينة، قد سعى بيحيى عند هارون الرشيد وأوغر صدره عليه. وذكر محمد بن القاسم عن أبيه أنّ بكارا كتب إلى الرشيد: «أن بالحجاز خليفة يعظمه الناس ويختلفون إليه من جميع الآفاق ولا يصلح خليفتان في مملكة واحدة، وذكر أنه يكاتب أهل الآفاق وكثّر عليه في أمره، وهو على الغدر فليحذره أمير المؤمنين وأشار برفعه إليه وإلا فتق عليه فتقا عظيما، فوقع الثانية بهذا السبب فكان في الحبس حتى كان من أمره ما كان». 10.5. سعاية الزبيري به ويجدر بنا هنا أن نتوقّف قليلا كي نحاول تحديد التواريخ؛ لقد خرج يحيى بالديلم سنة 176، ولا نعلم متى كان صلحه مع الرشيد. فقد أورد الطبري خبر يحيى ¬

[1] أخبار فخ 216 - 218. [2] ما يلي 228 - 234.

بطوله في أخبار عام 176 [1]، ومن المؤكد أن يحيى لم يمت/يقتل في ذلك العام، وأنّ حبسه قد استغرق وقتا طويلا، وقد اقترن ذكر محنة يحيى ومقتله باسم الزبيري الذي كان شاهدا على يحيى عند الرشيد [2]. وقد اختلط الأمر على المصادر في اسم هذا الزبيريّ؛ ففي أخبار فخ والطبري [3] بسند واحد عن ابن النّطاح عن المدائني عن الضبيّ صاحب الأمثال عن بعض النوفلييّن أنّ بكار بن مصعب هو الذي كان في حضرة الرشيد وأنّ يحيى اتهمه بالخروج مع أخيه محمد النفس الزكيّة وأنّه قال قصيدتين في التحريض على الخروج معه. غير أنّ الطبري يورد في رواية أخرى بسنده عن ابن زبالة [4] هاتين القصيدتين على أنّهما لعبد الله بن مصعب وليس لبكار بن مصعب، وهما تنسبان لعبد الله كذلك في مقاتل الطالبييّن وغيره من المصادر [5]. وورد اسم هذا الزبيري في رواية أخرى في «أخبار فخ» تتصل بعمر بن فرج الرخجي، على أنّه عبد الله ابن مصعب [6]؛ وأجمعت سائر المصادر على أنّه عبد الله بن مصعب كذلك [7] وذكر المسعودي اسمه كاملا فقال: عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير، غير أنه ذكر أنّ الخبر وقع بينه وبين موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي، ثم قال في آخره: «وقيل إنّ صاحب هذا الخبر هو يحيى بن عبد الله ¬

[1] تاريخ الطبري 8/ 242 - 250 (-3/ 612 - 624). [2] انظر نص «أخبار فخ» فيما يلي ص 237 وما بعدها. [3] أخبار فخ؛ تاريخ الطبري 8/ 244 (-3/ 616). [4] تاريخ الطبري 7/ 601 - 603 (-3/ 255 - 257)؛ ويذكر صاحب العيون والحدائق 293 انه بكار بن مصعب بن ثابت. [5] أخبار فخ 241 - 245. [6] أخبار فخ 260. [7] في تاريخ الطبري 8/ 247 - 250 (-3/ 620 - 624) بسنده عن أبي يونس إسحاق بن إسماعيل انه عبد الله بن مصعب؛ وانظر كذلك مقاتل الطالبيين 474 (ط 2.396)؛ والمنتزع من كتاب التاجي للصابي 39؛ والإفادة (في: أخبار أئمة الزيدية 82)؛ وتاريخ بغداد 14/ 111؛ والحدائق الوردية (في: أخبار أئمة الزيدية 198,200 - 204)؛ وعمدة الطالب 124.

أخو موسى. . .» [1]؛ فيما تجنّب ابن الطقطقا تحديد الاسم فقال: «أحد الزبيريين» [2]. ويجدر التنبيه هنا أنّه لم يعرف في الزبيريّين من اسمه بكار بن مصعب إنّما هناك بكار بن عبد الله بن مصعب وهو ابن عبد الله بن مصعب بن ثابت ووالد الزبير بن بكار صاحب «جمهرة النسب». ويمكننا تحديد تاريخ تولّي بكار بن عبد الله بن مصعب للمدينة بشيء من الاطمئنان، إذ يذكر الفسوي أنّ عبد الله بن مصعب كان واليا على المدينة سنة 798/ 182 وانّ ابنه بكار ولي سنة 183/ 799 [3]؛ غير أنّ هذا التاريخ ليس دقيقا تماما إذ ولي بكار المدينة حينما عيّن الرشيد والده على اليمن [4]؛ وقد عدّد خليفة بن خيّاط عمّال الرشيد على اليمن وذكر فيمن ذكره. . . العباس بن سعيد (مولى الرشيد) ثم عبد الله بن مصعب ثم إبراهيم بن عبيد الله الحجبي [5]، أي أن ابن مصعب اديل بإبراهيم الحجبي الذي قدم صنعاء بحسب الهمداني سنة 182 فأقام بها سنة وشهرا ثم صرف [6]، ممّا يوحي أن بكارا ولي المدينة قبل عام 182؛ ويذكر ابنه أنّه أقام عاملا على المدينة اثنتي عشرة سنة وثلاثة أشهر وأحد عشر يوما [7]، ولا نعرف متى صرف عن المدينة تجديدا، إلا أنّ أبا البختري وهب بن وهب كان العامل عليها بعده [8] إلى أن صرفه محمد بن هارون سنة 194 [9]؛ ويبدو أنّ أبا البختري ولي على المدينة سنة 193/ 808 مما يظهر بعملية حسابيّة بسيطة أنّ ولاية بكار على المدينة تعود إلى أوائل ¬

[1] مروج الذهب 4/ 202. [2] الفخري 195. [3] المعرفة والتاريخ 1/ 174. [4] جمهرة نسب قريش للزبير 132. [5] تاريخ خليفة بن خياط 461. [6] صفة جزيرة العرب 88. [7] جمهرة نسب قريش 163. [8] تاريخ الطبري 8/ 346 (-3/ 739). [9] تاريخ خليفة بن خياط 461؛ وتاريخ الطبري 8/ 498 (-3/ 739).

عام 181، هذا يناسب ما ذكره الهمداني من أن الحجبي قدم اليمن سنة 182؟؟؟ عبد الله بن مصعب، فيكون ابن مصعب أقام في اليمن نحوا من سنة وهذا ما تذكره المصادر الأخرى. غير أن هذه المصادر تجعل بداية؟؟؟ 180/ 796 و 181/ 797 [1]. لنعد إلى يحيى بن عبد الله فقد وشى به بكار بن عبد الله بن مصعب وكان واليا على المدينة-كما مرّ معنا-يعني في وقت بين أوائل سنة 181 إلى 183 وقبل 184 لأنّ عبد الله بن مصعب الذي شهد ضدّه عند الرشيد في بلاطه بالرقّة توفي يوم الأحد لثلاث ليال بقين من شهر ربيع الأوّل سنة 184 في الرقّة [2]. لقد كان لكلا الزبيرييّن، الأب والابن، دور في السّعاية بيحيى، فالابن بكّار وشى به حين ولايته المدينة والأب سعى عليه وشهد ضدّه، إذ كان بعد تركه لولاية اليمن من صحابة الرشيد في بلاطه. وثمّة «أدلة خارجية» قد تفيدنا في التأكّد من أنّ عبد الله بن مصعب كان هو الذي شهد على يحيى عند الرشيد، أعني رسائل بشر بن أبي كبار البلوي، إذ يظهر نصّ الرسائل نقائص فاضحة في شخصية عبد الله بن مصعب من فسالة وحقارة وبخل وحنث في الحلف [3]. والرسائل الأربع التي أوردها بشر بن أبي كبار في عبد الله بن مصعب ليست وليدة فترة واحدة: فالأولى التي يذكر أنه ارسلها للإمام الشافعي تعود لفترة تولّي عبد الله لليمن أي حوالي سنة 181/ 797 كما يوحي النص [4]. أمّا الرسائل الثلاث الأخرى فهي تعود لفترة تالية لم يكن فيها عبد الله ¬

[1] قارن ب A .al-Mad'aj,The Yemen in Early Islam,Table 8,p .191 and 691(xxvii) :‍ وقد اختار عبد المحسن المدعج سنة 180. [2] جمهرة نسب قريش 146؛ ونسب قريش للمصعب 242؛ [3] بشر بن أبي كبار البلوي: نموذج من النثر الفنّي المبكر في اليمن للدكتورة وداد القاضي، ونصّ الرسالة ص 166 - 167؛ وتذكر المصادر الزيديّة أن موت عبد الله الزبيري إنّما كان سببه حنثه في الحلف وإمراره يمينا غموسا، فضربه الفالج ومات. [4] ص 163 - 164.

واليا إذ أنّ الثانية والثالثة تبدأ بصيغة «فكان» [1] مما يشير إلى زمن مضى حينما كان عبد الله واليا ولم يعد كذلك عند كتابة الرسالة؛ أما الرسالة الرابعة فلا نستطيع أن نجزم بزمن كتابتها رغم أنّها تظهر أنّه كان ما زال حيّا. ويبدو لي أنّ الرسالتين الثانية والثالثة قد كتبتا في فترة ما بين الوشاية بيحيى والسعي به عند الرشيد من قبل بكار ابن عبد الله ووالده وبين موت عبد الله سنة 184/ 800. وهاتان الرسالتان ليستا موجّهتين إلى شخص بعينه، فهل لنا أن نفترض أنهما كانتا جوابا على رسائل من الامام الشافعي، الذي عرفت عنه ميول علوية والذي ذكر المدائني والمصادر الزيديّة أنّه كان من دعاة يحيى بعد أن درس عليه في اليمن في وقت ما حوالي سنة 174 كما بيّنا. وقد تنبّهت الدكتورة قاضي أن البلوي كان يرى القيام ضدّ الظلم وأنّه يلمّح إلى أن استعمال السيف ليس مستحيلا [2]؛ ونحن نعرف أنّ الزيديّة كانت ترى الخروج بالسيف. غير أنّ الدكتورة قاضي رأت أنّ البلوي كان يقول بشرعية الخلافة وأنّه «ينطلق من منطلق «سنّي». . وتسنّنه لا شك فيه» [3]، وقد حدا بها لهذا الافتراض أمران استدلت عليهما من نصّ رسائله، أولهما: قوله في رسالة له في عبد الله بن مصعب «برأي جدّه خرجت أمّنا، وبشؤم والده هدمت قبلتنا» [4]؛ وهذا لا يشير بالضرورة إلى ميول سنيّة، فعائشة خرجت على الإمام علي، وابن الزبير ادّعى منصب الخلافة وهو لا يستحقّه فبشؤمه هذا هدمت الكعبة؛ وثانيهما: هو عداؤه لهشام بن يوسف الابناوي القاضي، الذي رأت في عداء البلوي له عداء للأبناء عامّه وعدم استطاعته كسني «أن يتعاطف مع أي حركة علوية فكيف به مع ¬

[1] ص 166 - 168. [2] بشر بن أبي كبار 81. [3] المصدر نفسه 80. [4] المصدر نفسه 167.

حركة علوية خارجية يسندها الأبناء وترتكب باسمها الجرائم والآثام» [1]. وهذه الحركة العلوية هي حركة إبراهيم بن موسى بن جعفر الصادق [2] الذي ولي اليمن لأبي السرايا ووصلها بعد مقتل أبي السرايا ومحمد بن محمد العلوي. وإبراهيم هذا حسيني وليس حسنيا، ويبدو أنه أخذ يعمل لحسابه الخاص بعد فشل ثورة أبي السرايا ومحمد بن محمد بن زيد، ويذكر الطبري خبرا يوحي أنه هو الذي خرج من مكة إلى اليمن مع من كان معه من أهل بيته وذلك حين بلغه خبر أبي السرايا وأنّ أحدا لم يكلّفه بذلك [3]. ونراه يرسل بعض ولد عقيل بن أبي طالب من اليمن في موسم الحج سنة 200/ 815 ليحجّ بالناس [4]، كما أنه ضرب دنانير باسمه [5]. وقد عينّه المأمون على الحج في سنة 202/ 817 فدعا لأخيه علي الرضا بولاية العهد بعد المأمون [6]. كل هذا يشير إلى أنّ إبراهيم بن موسى لم يكن زيديا؛ إذن فعداء البلوي لم يكن عداء للعلويين بعامّة، وليس في رسالته أو رسائله ما يشير إلى «تسنّنه»، أمّا عداؤه لهشام بن يوسف الأبناوي فقد كان ذا طابع شخصي، ولا ننسى أن هشاما كان ممن تقرّب من السلطان [7]، أي أنّه لم يجار بقيّة الأبناء ميولهم العلويّة. وقد ذكرنا أنّ الإمام يحيى نزل عند أحد الأبناء حينما كان في صنعاء، ولم يكن كلّ الأبناء ذوي ميول علوية. ¬

[1] المصدر نفسه 83. [2] انظر في أخباره تاريخ اليعقوبي 2/ 445 - 449؛ تاريخ الطبري 8/ 534 - 536؛ (-3/ 985 - 989,995,1029)، بشر بن أبي كبار البلوي لوداد القاضي 26 - 32. وانظر فهارسه، و A .al-Mad'aj,The Yemen in Early Islam 502 ff . [3] تاريخ الطبري 8/ 536 (-3/ 987 - 988). [4] تاريخ الطبري 8/ 540 (-3/ 995). [5] A .al-Mad'aj,op .cit .602 and 522,fn .53. [6] تاريخ الطبري 8/ 567 (-3/ 1029). [7] سير اعلام النبلاء 9/ 581؛ وبشر بن أبي كبار لوداد القاضي 43 - 44.

10.6. نقض الأمان وسجنه

هل نستطيع أن نخرج من كل هذا أنّ البلوي كان ذا ميول زيديّة. وإن لم تكن واضحة تمام الوضوح في رسائله؟ لقد نبّهت الدكتورة قاضي إلى أن البلوي كان قد «أبعد قسريا» عن خدمة الدولة، ورغم ذلك فقد استطاع أن يظلّ امرأ ذا نفوذ بعد الخروج من السلطة بمعنى أنّه كان يكاتب ليؤخذ رأيه في أمور الولاة [1]؛ وممّن كاتبه الشافعي ويحيى البرمكي. هل كان «إبعاده القسري» إذن بسبب من ميوله الزيديّة؛ وهل هذه الميول العلوية هي التي كانت تجمعه بالشافعي والتي حدت بالأخير أن يكتب للبلوي إثر سعاية الزبيري به في المدينة؟ إذا كان افتراضنا صحيحا فإنه يفسّر لنا رأي البلوي السلبي في عبد الله بن مصعب وحقده الشديد عليه وعلى الزبيريين عامّة. لنعد إلى مصير يحيى بن عبد الله بعد هذه الوقفة التي وقفناها لنناقش مسعى عبد الله بن مصعب الزبيري وابنه بكار ضده والتي كانت سببا مباشرا في سجنه وموته/مقتله. 10.6. نقض الأمان وسجنه تجمع المصادر أن يحيى بن عبد الله بقي في سجن هارون بالرقّة بعد هذه السعاية. وتقرن موت عبد الله بن الزبير (يوم الأحد لثلاث بقين من شهر ربيع الأوّل سنة 184/ 800، كما ذكر ابنه [2] بيمين غموس أمرّها عند تحليف يحيى إيّاه في حضرة الرشيد أنّه لم يقل أشعارا في التحريض على العباسييّن عند خروج النفس الزكيّة [3]. وقد عمل الرشيد على الاحتيال لإيجاد وجه ينقض به الأمان الذي أعطاه ليحيى فعرضه على كبار فقهاء بلاطه محمد بن الحسن الشيباني [4] ووهب بن وهب ¬

[1] بشر بن أبي كبار 70 و 73 - 74. [2] انظر ما تقدم ص 80. [3] أخبار فخ 248 - 249. [4] لم يقبل الشيباني بالافتاء ببطلان الأمان مما أثار حنق الرشيد عليه.

10.7. موت يحيى/مقتله

أبي البختري، والحسن بن زياد. ويورد ابن سهل الرازي خبرين يذكران أن أبا يوسف كان بينهم [1]، وقد توفي أبو يوسف سنة 182/ 798 فلا يعقل أن يكون حاضرا. على أن المصادر تتّفق أن أبا البختري كان هو الذي تولّى نقض الأمان وتخريقه. وقد كان لأبي البختري دور في الاحتيال عند جستان لتسليم يحيى قبل تأمين الرشيد له. بقي يحيى فترة في حبس الرشيد، الذي أخذ يحاول أن يعرف منه أسماء أصحابه السبعين الذين طلب لهم يحيى الأمان مع نفسه، ويورد ابن سهل الرازي خبرا عن المدائني عن حال يحيى في حبسه هو أشبه بالقصص. 10.7. موت يحيى/مقتله يجد الدارس صعوبة في تحديد سبب موت يحيى وطريقته وتاريخه إذ أكثر ما ذكر في ذلك يدخل في باب الحكايات. ولا نعرف تأريخا مؤكدا ليحيى بعد مناظرته مع عبد الله بن مصعب الذي مات سنة 184. ويمكننا تقسيم هذه الأخبار في صنفين: الأول صنف يذكر أنّه قتل في محبسه دون تحديد تاريخ واضح وباختلاف حول طريقة موته؛ والثاني يقرن موته بتهريب جعفر بن يحيى البرمكي له ويربط ذلك بنكبة البرامكة. أ-فيذكر الطبري عن أبي الخطّاب أنّ يحيى مات في حبس الرشيد بعد أشهر من نقض أبي البختري للأمان [2]. أما أبو الفرج الإصبهاني فيورد عدّة أخبار عن مصادر مختلفة [3]: -مات في الحبس بعد أن ضرب وانقصت جراية طعامه؛ ¬

[1] أخبار فخ 247 - 248. [2] تاريخ 8/ 247 (-3/ 620). [3] مقاتل الطالبيين 480 - 483 (ط 2.401 - 403)؛ وقارن بكتاب المصابيح (ص 316 - 320 فيما يلي)؛ والحدائق الوردية (في: أخبار أئمة الزيدية 206 - 208).

-خنق؛ -سمّ؛ -بنيت عليه أسطوانه بالرافقة وهو حي؛ -ألقي للسباع فأكلته. وقال المسعودي [1]: «وروي من وجه آخر، على حسب تباين النسخ وطرق الرواية في ذلك في كتب الانساب والتواريخ، أن يحيى ألقي في بركة فيها سباع قد جوّعت فأمسكت عن أكله ولاذت بناحية وهابت الدنوّ منه، فبني عليه ركن بالجصّ والحجر وهو حيّ»؛ ولا يخفى هنا (Topos) السّباع وخوفها بما يؤدّيه من وظيفة تؤكد كرامة المعني وولايته. ويروي ابن سهل الرازي عن المدائني خبرا طويلا عن حاله في سجنه ثم يذكر أنّ أسلم أبو المهاصر، خادم الرشيد والمتولي أمر يحيى في الحبس، أجاعه فمات [2]. ب-والمجموعة الثانية هي التي تقرن مقتله بالبرامكة. فيروي [3] الطبري عن أبي محمد اليزيدي أنّ الرشيد دفع يحيى إلى جعفر بن يحيى البرمكي وأن هذا رقّ له فأخرجه من السجن ووجّه معه من أدّاه إلى مأمنه، ولا يذكر شيئا عن موته؛ وفي رواية أخرى عن الطبري [4] أنّ رجلا عرض للرشيد وأخبره أنه رأى يحيى ومعه جماعة ¬

[1] مروج الذهب 4/ 202. [2] أخبار فخ 253 وما بعدها. [3] تاريخ 8/ 289 (-3/ 669 - 670)؛ وانظر العيون والحدائق 306 - 307؛ ووفيات الأعيان 1/ 334 - 335. [4] تاريخ 8/ 289 - 291 (-3/ 671 - 672)، ويروي الطبري خبره عن إدريس بن بدر؛ فيما يرويه أبو الفرج في مقاتله 466 - 468 (ط 2.390 - 392) عن إدريس بن زيد (فثمة تصحيف في أحد الاسمين).

بخان من خانات حلوان [1]. مع كل واحد منهم منشور يأمن به إن عرض له، قال: «ولم يعلم بحال الرجل أحد ولا بما كان ألقى إلى الرشيد، حتى كان من أمر البرامكة ما كان» [2]. وينفرد ابن سهل الرّازي بذكر خبر طويل فيه شيء من التفصيل، ويرويه بسنده عن عبد العزيز بن يحيى الكناني [3]-وقد سمّاه في دعاة يحيى عند ذكره لهم-وهو يتّفق مع خبر الطبري عن اطلاق جعفر بن يحيى ليحيى بن عبد الله وكتابة منشور أمان له، ثم يعطي تفصيلات أخرى فيذكر أن يحيى خرج من فوره فأتى ثغر المصيصة فأخذ بها وحمل إلى محمد بن خالد البرمكي، فذهب به إلى الرشيد بمكة أثناء الحج وأخبر الفضل بن الربيع بخبره، وكان عدوا للبرامكة، فأخبر الرشيد وكان هذا سبب نكبة البرامكة. ويضيف عبد العزيز الكناني أنّ الرشيد استبقى يحيى بن عبد الله عند مسرور الخادم؛ ثم حمله معه إلى خراسان في خرجته الأول إليها وأمر بحفر قبر له في قرية من قرى الريّ يقال لها أرنبوية. وهنا ينتهي خبر الكناني ليكمله ابن سهل عن طريق رواة آخرين. ولنقف قليلا عند هذا الخبر قبل أن نكمل: فالقسم الأخير عن استبقاء الرشيد ليحيى ثم الخروج به إلى خراسان يبدو مزيدا على خبر الكناني والبقية التي يذكرها ابن سهل عن مصادره تحمل سمات أسطورية واضحة. أما خبر الكناني فيربط مصير يحيى بالبرامكة بشكل واضح ويؤخّر مصرع يحيى حتى سنة 186/ 802، السنة التي حج فيها الرشيد [4]، وكان الايقاع بالبرامكة سنة ¬

[1] حلوان من مدن العراق وهي أقرب مدنه للجبل (معجم البلدان 2/ 291 - 293)؛ وثمة حلوان أخرى، بليدة بقوهستان نيسابور وهي آخر حدود خراسان مما يلي إصبهان (معجم البلدان 2/ 294). [2] ذكر أبو الفرج هذه الرواية في أول خبر يحيى أثناء اختفائه بعد معركة فخ. [3] أخبار فخ 264 وما بعدها. [4] المعرفة والتاريخ 1/ 178؛ وتاريخ الطبري 8/ 275 (-3/ 651).

11. الخطاب «الايديولوجي»

187/ 802؛ وهذا التاريخ 186/ 802 هو آخر تاريخ يمكن القبول به لمقتل يحيى وقد ربطت المصادر كما رأينا بين مقتله وبين الايقاع بالبرامكة [1]. ولن أقف طويلا عند تتمّة الخبر كما أورده ابن سهل الرازي، عن حمل الرشيد ليحيى معه في خرجته الأولى إلى خراسان (أي سنة 189/ 804) [2]. وهو يروي عن مصادر محليّة من أهل أرنبوية [3] فعلامات الوضع ظاهرة فيه وكذلك السمات الاسطورية: من دفن في القبر (موت مؤقت)، ثم غسله بالنهر (عمادة وحياة جديدة)، ثم تزوّجه من جديد وانجابه الخ [4]. . . 11. الخطاب «الايديولوجي» 11.1. يمكننا تصنيف الكتاب الذي بين يدينا من ضمن كتب الأخبار التأريخية التي تعنى بالتاريخ ل‍ «دعوة» ما من خلال الفهم «التاريخي» لأهل الدعوة أنفسهم بعد أن غدت دعوتهم «فرقة»، أي بعد أن صارت الدعوة «مؤسسّة» [5]. وقد عرف هذا النوع منذ فترة مبكرة ولم يقتصر على فرقة بعينها. وتمتاز هذه الكتب بأنّها تتضمّن «رؤية» الفرقة لبداياتها عبر إعادة ترتيب الأخبار التاريخيّة التي تناقلها الرواة، الذين هم في الغالب الأعمّ من أهل الفرقة نفسها، أيّ أنّ هذه المادة التاريخية هي مادة «خاصة» تنوقلت شفاها من قبل أجيال من الرواة قبل أن تدوّن، وهي تخضع للآليّات نفسها التي تنسحب على سائر الأنواع التي مرّت بمرحلة طويلة من الشفاهية، وأعيد تناقلها محررة كمصادر كتابيّة قبل أن تبلغ مرحلة الاستقرار ككتاب إخباري/تاريخي. فهي بذلك تغترف من معين معجم كبير من البنى ¬

[1] وانظر D .SOURDEL,LE VIZARATABBA?SIDE 651/ 1 - 061.: [2] تاريخ الطبري 8/ 314 (-3/ 702). [3] من قرى الري وفي هذه الخرجة سنة 189 توفي الكسائي ومحمد بن الحسن الشيباني ودفنا في أرنبوية (معجم البلدان 1/ 162؛ ووفيات الأعيان 4/ 185). [4] انظره في أخبار فخ 269 - 271. [5] قارن بمقالة des ISLAMS,pp .433 - 143. M .Cook,"Max Weber und islamiche Sekten",in :Max Webers Sicht

السّرديّة الجاهزة ومن حوافز إخبارية/حكائية تعدّ بمثابة، Topoi ومن خطاب/خطابات تاريخية تشترك فيها «الجماعات» الاسلاميّة، ويلفّه/يلفّها فضاء «ايديولوجي» واحد. ولكتاب «أخبار فخ» خاصيّة أخرى كذلك، وهي اقترابه في عرضه من كتب «المقاتل»، التي وجدت بداياتها كصنف تأليفي مع الإخباري أبي مخنف (-157/ 775) وأتمّ تطوّره مع أبي الفرج الإصفهاني (-356/ 966) في كتابه «مقاتل الطالبيين» [1]. وأبو الفرج معاصر لابن سهل الرازي ويصغره بقليل-كما بيّنت في هذه الدراسة- وهما مشتركان في الأخذ عن مصادر واحدة أحيانا. ويظهر سياق السرد التاريخي لكتاب «أخبار فخ» اشتراكه مع سائر مصنفات هذا النوع في Topoi و Stock description كانت قد أصبحت شائعة في أواخر القرن الثالث/أوائل القرن الرابع الهجري. ورغم أنّ كتاب «أخبار فخ» يؤرخ لخروج الحسين الفخي ويحيى وإدريس ابني عبد الله، إلا أنّه لا يتطرّق لا من قريب ولا من بعيد لأخبارهم قبل الخروج [2]. وكأنّه يفترض من القارئ/السّامع أنّه ملم بهذه الأخبار. وعنايته هذه بأخبار الدعوة والخروج خاصة توحي أنّه كتب أساسا لاتباع الفرقة نفسها (بعد أن غدت مؤسسة). وقد عاصر المؤلّف، وهو مروي، فترة إمامة الناصر للحقّ الحسن الأطروش (284/ 897 - 304/ 916) والداعي الحسن بن القاسم بن الحسن بن علي (304/ 916 - /316/ 928) في الديلم [3]، فهو-فيما يخيّل إليّ-يوجّه كتابه لأشياع الدعوة في الديلم بعد أن استقرّت دولة الزيديّة هناك. ويتميز كتاب «أخبار فخ»، كسائر كتب الأخبار، بأنّه حفظ لنا مجموعة من الرسائل المبكرة للفرقة، وهي تتناول «الدعوة» و «رؤية» مؤسسي الفرقة الأوائل ¬

[1] انظر في هذا النوع (4991) ,291 - 212. S .Gu?nther,"Maqa?til-Literaturc in Medieval Islam",in :JAL 52 : [2] وهي على أي حال نزرة جدا، انظر مقاتل الطالبيين 431 - 432,435 - 443 (ط.2 - 365,361 - 371 364)؛463 - 465 (ط 2.388 - 389)؛487 (ط 2.406)؛ والمصابيح ما يلي ص 279 - 284. [3] قارن ب W .Madelung,Religious Trends 88 - 09.:‍

للتاريخ وفهمهم لأنفسهم ولدورهم في هذا التاريخ المقدّس. (Heilsgeschichte /Salvation History) وتحفل مجاميع التاريخ والمصادر المبكرة بهذا النوع من الرسائل «الايديولوجية» أو البرامج السياسيّة (Dogmatic Epistles) لمختلف الفرق والدّعاوى. وقد بيّنت في دراسة سابقة لي أنّ هذه الرسائل أخذت تعرف منذ أوائل القرن الثاني الهجري/الثامن الميلادي تحت اسم «سيرة» (1)، كما أوضحت أنّ هذا المصطلح تطوّر عن هذا الاستعمال ليستخدم فيما بعد كعنوان لصنف قائم بذاته عرف باسم «سيرة الرسول»، بما هي سيرة مثال لصاحب الدعوة الاسلاميّة؛ وأنّ مصطلح «سيرة» أخذ يطلق كذلك منذ منتصف القرن الثاني الهجري على نوع فقهي يعنى بالقواعد والأسس التي ينبغي على الإمام-أي إمام-اتّباعها في مواجهة أهل البغي والمشركين، أي السيرة بمفهومها التقني الحربي، بما هي قواعد مأخوذة ومستنبطة من «سيرة الرسول» المثال (2). فالزيديّة والإباضيّة وقبلهم المرجئة أطلقوا على هذه الرسائل اسم «سيرة» واستمر هذا التقليد لفترة متأخّرة خاصة عند الزيديّة والإباضيّة في مشرق العالم الإسلامي ومغربه على حدّ سواء. وقد يطلق الزيديّة على هذا النوع من الرسائل اسم «دعوة» كذلك فلزيد بن علي دعوة، وكذلك لمحمد النفس الزكيّة دعوتان واحدة للعامّة وأخرى للخاصّة [3]. وقد وصلتنا رسائل كثيرة من القرون الثلاثة الأولى ¬

M .Jarrar,Die Prophetenbiographie 3 - 51.[1] وانظر الآن Islam,Vol .2,ed .L .Conrad and A .cameron (in press) . Development of the Biography of Muhammad",in :Late Antiquity and Early M .Jarrar,"Si?ra,Masha?hid and Magha?zi? :The Genesis and : M .Jarrar,op .cit . [2] [3] انظر كتاب المصابيح (مصورة دار الكتب 81)،75 ب-78 أ؛ والحدائق الورديّة (مصورة دمشق) 1/ 141 (دعوة زيد بن علي)، و 157 - 161 (دعوتا محمد النفس الزكيّة)؛ وقارن برضوان السيّد، «محمد النفس الزكيّة ورسالته في السيرة في أهل البغي»، في: مجلة كلية الآداب جامعة صنعاء 11 (1990)،109 - 111، وهو يستخدم مصطلح «السيرة» كمصطلح للدلالة على «البيان العقدي او البرنامج. . .» (ص 108 و 127) معتمدا على دراستي المذكورة في الحاشية السابقة دون أن يشير إليها.

11.2. والرسائل والنصوص التي ترد في مخطوطتنا هذه تندرج ضمن هذا النوع

للهجرة لفرق متعدّدة وتناولها الباحثون بالدّرس والمقارنة [1]. 11.2. والرسائل والنصوص التي ترد في مخطوطتنا هذه تندرج ضمن هذا النوع وهي ليست موجودة في أيّ مصدر آخر-سوى نصّ بيعة الحسين الفخّي التي ترد في مقاتل الطالبيين؛ كما ينفرد كتاب المصابيح بذكر رسالة إدريس بن عبد الله إلى أهل مصر- وقد وردت رسالتان في كتاب «الحدائق الورديّة» للمحلي وهو ينقل عن «أخبار فخ». وليست كل هذه النصوص رسائل بالمعنى الحرفي أيّ أنها مرسلة لأشخاص محدّدين، فبعضها لا يعدو كونه خطبا ألقيت في مناسبات معيّنة. وقد ارتأيت إفرادها هنا للانطلاق منها في دراسة «الخطاب الايديولوجي» لأئمة الزيدية هؤلاء: الحسين الفخي ويحيى وإدريس ابني عبد الله. ويجدر بي أن أذكر هذه القطع قبل أن أتعرض لدراستها: 1 - نصّ بيعة الحسين بن علي الفخّي. 2 - الخطب: أ-خطبتان للحسين بن علي الفخي قبل المعركة؛ ب-خطبة ليحيى قبل المعركة؛ ج-خطبة ليحيى في وجوه أهل الجبل؛ ¬

[1] انظر خاصة دراسات: هلموت ريتر (H .Ritter) عن «رسالة الحسن البصري لعبد الملك؛ (Der Islam 12 (3391) ,75 - 38) «ويوسف فان أس (J .van Ess) عن «كتاب الإرجاء» للحسن بن محمد بن الحنفيّة؛ (Arabica 12 (4791) ,02 - 25) ودراسته لرسائل عمر بن عبد العزيز ورسالة الحسن بن محمد بن الحنفيّة في الردّ على القدرية في كتابه؛ Muslimischer Theologie,Beirut 7791) (Anfa?nge ودراسة مايكل كوك (M .Cook) في سيرة سالم الإباضي وردوده على فان أس في كتابه؛1981) (Early Muslim Dogma,Cambridge وانظر كتاب كرونه وهايندز Cambridge 6891) . (P .Crone and M .Hinds :God's Calif ,

11.3. بيعة الحسين الفخي

3 - الرسائل: أ-رسالة إبراهيم بن أبي يحيى لأبي محمد الحضرمي في مصر؛ ب-رسالة إدريس بن عبد الله إلى البربر؛ ج-رسالة إدريس بن عبد الله إلى أهل مصر (عن كتاب المصابيح)؛ د-رسالة يحيى بن عبد الله لهارون الرشيد حين عرض عليه الأمان. تندرج هذه القطع إذا ضمن ثلاثة أصناف 1) نصّ بيعة،2) خطب ذات مضمون سياسي تحريضي،3) رسائل في الدعوة والعقيدة، فينبغي معالجة كلّ صنف منها على حدة لما يطرحه كلّ صنف منها من مشكلات وتساؤلات خاصة به. ففيما لا يتجاوز نصّ البيعة بضعة أسطر يمكن حفظها، خاصة لما تلقيه من التزام عقائدي على المبايع، يختلف الفضاء الدلالي للخطب، فمنها خطب تحريضية لا تتجاوز بضعة أسطر، ومنها خطبة تتجاوز الستّة صفحات. أمّا الرسائل فهي من «أدبيّات الدعوة» وهي وثائق مكتوبة يمكن حفظها وتداولها واستنساخها. ونحن نعرف أنّ دعاة يحيى كانوا منتشرين في البلاد وأنّه كان يهمهم تداول هذه الرسائل، كما أنّه قيّض لكلا يحيى وإدريس أن يعيشا لمدّة طويلة بعد إنفاذ هذه الرسائل، كانا خلالها حرّين طليقين مما أتاح لهما إيصال هذه الرسائل لعدد كبير من الاتباع والدعاة-فيما نقدّر وربّما إعادة صياغتها كذلك. وسوف أتناول كل واحدة من هذه القطع والرسائل بالدراسة على حدة [1]. 11.3. بيعة الحسين الفخّي وردت هذه البيعة في مصدرين هما: ¬

[1] درست الرسائل في موضع آخر، انظر: ماهر جرّار، «أربع رسائل زيدية مبكّرة»، في: الكتاب التكريمي للدكتور إحسان عبّاس، تحرير إبراهيم السعّافين، عمان.

1 - أخبار فخ (ص 139) بسنده عن عيسى بن مهران، قال، حدّثنا محمد بن مروان، قال: حدّثنا أرطاة بن حبيب: كانت بيعة الحسين بن علي الفخّي، رحمه الله، «أبايعكم على كتاب الله وسنّة نبيّه، والعدل في الرّعية والقسم بالسّويّة، نحل ما أحلّ القرآن والسنّة العادلة، ونحرّم ما حرّم القرآن والسنّة العادلة. على ذلك دعوانا بجهدنا وطاقتنا، وتتسلّحوا معنا وتجاهدوا عدوّنا، فإن وفينا لكم وفيتم لنا، وإن خالفنا فلا طاعة لنا عليكم، وعليكم عهد الله أن تجاهدونا فيمن جاهدنا إن نحن خالفنا، ثمّ قال: اللهم اشهد به». 2 - مقاتل الطالبييّن (449 - 450 - ط.2 377 - 378) بسنده عن الحسن [بن محمد المزني]: وحدّثني محمد بن مروان عن أرطاة، قال: لما كانت بيعة الحسين بن علي صاحب فخ قال: «أبايعكم على كتاب الله وسنّة رسول الله، وعلى أن يطاع الله ولا يعصى، وأدعوكم إلى الرضا من آل محمّد، وعلى أن نعمل فيكم بكتاب الله وسنّة نبيّه، صلى الله عليه وسلّم، والعدل في الرّعيّة والقسم بالسويّة، وعلى أن تقيموا معنا وتجاهدوا عدوّنا، فإن نحن وفينا لكم وفيتم لنا، وإن نحن لم نف لكم فلا بيعة لنا عليكم». ونلاحظ ما بين النصين من اختلاف يتجاوز الفروق الشكلية، ونحن هنا أمام نصيّن يلتقي سندهما عند الحلقة الثانية: محمد بن مروان، ولم أستطع الاهتداء لترجمته بعد. أمّا أرطاة بن حبيب الراوي الأوّل لنصّ البيعة، فهو أسدي كوفي، روى عن الإمام جعفر الصّادق وله كتاب [1]. ويبدو أنّه توفيّ في الربّع الأول من القرن الثالث الهجري، إذ أنّ الرواة المباشرين عنه توفوا في النصف الثاني من القرن الثالث، ¬

[1] رجال ابن داود 47؛ ورجال النجاشي 78؛ وجامع الرواة 1/ 78 وانظر Asiatische Studien 74(3991),p .382. M .Jarrar,in :

مثل محمد بن الحسين بن أبي الخطّاب الزيّات [1] (-262/ 875) [2]، وعبّاد بن يعقوب الرواجيني [3] (-250/ 864) [4]، ويحيى بن زكرياء بن شيبان [5]. وورد في كتاب «أخبار فخ» [6] اسم حبيب بن أرطاة كأحد دعاة يحيى بن عبد الله، وارجّح أنّه هو نفسه أرطاة بن حبيب المذكور هنا في السند بعد أن عكس الاسم أحد الرواة أو النّسّاخ، سهوا على الأرجح، ويظهر اسم حبيب بن أرطاة هذا في «مقاتل الطالبييّن» [7] كراو عن إبراهيم بن أبي يحيى (-184/ 800)، أحد دعاة يحيى بن عبد الله. ويفيدنا تحديد الزمن الذي عاش فيه أرطاة بن حبيب في تعيين الطبقة التي ينتمي إليها الراوي عنه: محمد بن مروان، مما يجعلنا نرجّح أنه توفي في النصف الثاني من القرن الثالث الهجري. ويتفرّع الاسناد بعد مروان بن محمد:1) عيسى بن مهران في سند «أخبار فخ»، و 2) الحسن بن محمد المزني في سند «مقاتل الطالبييّن». وعيسى بن مهران هو أبو موسى المستعطف بغدادي فيما يبدو أو أنّه نزلها. وله عدّة كتب كلّها تدلّ على تشيّعه وإن لم تسعفنا عناوينها في معرفة اتجاهه، منها: «كتاب مقتل عثمان»، و «كتاب الفرق بين الآل والأمّة»، و «كتاب المهدي» [8]. ويذكر الخطيب البغدادي أنّ له كتابا في الطعن على الصحابة [9]، وقال عنه الذهبي «رافضي كذّاب» ونقل عن ابن عدي (-365/ 975) قوله: «حدّث بأحاديث موضوعة، محترف في ¬

[1] ذكرت رواية عنه في رجال النجاشي 78. [2] رجال ابن داود 268، رقم 1345. [3] ذكرت رواية عنه في مقاتل الطالبيين 251 (ط 2.222). [4] انظر عنه رجال النجاشي 208، وجامع الرواة 1/ 431؛ و Quellenuntersuchungen 211 f . S .Gu?nther , [5] ذكر روايته عنه في تاريخ ابن عساكر 5/ 34؛ وله ترجمه في جامع الرواة 2/ 328. [6] ص 198؛ وانظر ما تقدّم ص 75. [7] 251 (ط 2.222). [8] رجال النجاشي 210 - 211؛ ومعالم العلماء 76؛ وجامع الرواة Asiatische Studien 74(3991),p .382. M .Jarrar,in :؛654/ 1 [9] تاريخ بغداد 11/ 167 - 168.

الرفض. . .» [1]، ويبدو أنّ هذا النبز بلقب «الرافضي» كان يطلق على اتباع سائر فرق الشيعة ما عدا الزيديّة أثناء القرن الثالث الهجري [2]. ويروي أبو الفرج في «مقاتله» [3] عدّة روايات عن عيسى بن مهران بواسطة الحسن بن علي الخفّاف [4] وأحمد بن عبد الله ابن عمّار الثقفي (-314/ 926 أو 316/ 928) [5]. أما الحسن بن محمد المزني فهو أحد مصادر علي بن إبراهيم الجواني العلوي صاحب كتاب «أخبار صاحب فخ» وكتاب «أخبار يحيى بن عبد الله» [6]. ويتصل سند الحسن بن محمد المزني في «مقاتل الطالبيين» مرّتين ببكر بن صالح الرازي عن طريق علي بن محمد بن إبراهيم [7]، وبكر بن صالح هذا هو أحد الرواة في كتاب «أخبار فخ» الذي بين يدينا [8]. هذا بالنسبة لسند البيعة، فلنعد إلى نصّها. إن الناظر لصيغة النصّ في روايتيه بشكل عام يجد أنّه يماثل أي نص لبيعة أخرى من القرنين الثاني والثالث للهجرة، فالمصطلح غدا تقليديا ويكاد يكون مكرورا. فالدعوة إلى البيعة على «كتاب الله وسنّة رسوله (نبيّه)»، قد تكررّت في «خطاب» الفرق الاسلامية وأدبيّاتها على مختلف مشاربها وأهوائها منذ النصف الثاني من القرن الأوّل الهجري. ولا يكاد خطاب عقائدي/سياسي، معارضا كان أو ¬

[1] ميزان الاعتدال 3/ 324؛ والمغني 2/ 501 وفيه: «متحرق في الرفض». [2] انظر؛ H .Halm,Die Schia 94 : وأظهر (E .Kohlberg) في مقالة له أن الإمامية أنفسهم كانوا يستعملون اللقب بشكل ايجابي. (JAOS 99 (9791) ,776 - 976) [3] انظر مثلا 69,73 (ط 2.76,80). [4] S .Gu?nther,Quellenuntersuchungen 071 f . [5] S .Gu?nther,op .cit .331 ff . [6] انظر ما تقدّم ص 26. [7] رجحت أن يكون الهمداني وكيل الناحية، رجال النجاشي 242 - 243؛ وجامع الرواة 1/ 596,2/ 150؛ و M .Jarrar,in :Asiatische Studien (3991),p .082,fn .7 [8] انظر الفهارس.

مواليا، يخلو من استخدام هذا المصطلح منذ حصر عثمان يوم الدّار ثم في التحكيم بين علي ومعاوية [1]؛ ووردت في خطبة عبيد الله بن عبد الله المرّي أحد الدعاة مع سليمان بن صرد زعيم التوابين [2]، كما وردت في بيعة المختار الثقفي [3]، ودعا إليها غيلان الدمشقي [4] وعبد الله بن إباض في رسالته لعبد الملك [5]، والمرجئة أواخر عصر بني أمية [6] والحارث بن سريج [7]، وعدد من ثوار الخوارج [8]، كما وردت في بيعة زيد بن علي [9] ثم دعا إليها الحزب الهاشمي [10]. وكذلك مصطلح «العدل بالرعية والقسم بالسويّة»، اتّفق عليه أكثر أطراف المعارضة من أهل الأمصار منذ نقموا على عثمان بن عفّان سيرته واتهموه بأنه استأثر بالفيء وجعله خالصا لأهل بيته، كما أخذوا عليه تجميره البعوث إلى آخر ما نقموه ¬

[1] أخبار المدينة 1193؛ والبلاذري (عبّاس) 4/ 1/553؛ وفي التحكيم، انظر مجموعة الوثائق السياسيّة لحميد الله 397، والعبارة ترد في مختلف روايات النص وكذلك في الأخبار التاريخية التي تناولت التحكيم، تاريخ الطبري 5/ 50,64,76. (-1/ 3372,3351,3367) [2] تاريخ الطبري 5/ 560 (-2/ 508)؛ وجمهرة رسائل العرب 2/ 55 - 56؛ كما ينسب استخدام هذا المصطلح قبل عبيد الله المري إلى الحسين بن علي، تاريخ الطبري 5/ 357 (-2/ 240). [3] تاريخ الطبري 6/ 32 (-2/ 632 - 633)؛ وجمهرة رسائل العرب 2/ 77. [4] الملل والنحل 61؛ وانظر عنه J .van Ess,Anfa?nge 771 - 542.: [5] قارن ب J .Schacht,Introduction 71 f .:‍ [6] انظر مثلا تاريخ الطبري 6/ 592,593 (-2/ 1399 - 1400). [7] تاريخ الطبري 7/ 101 (-2/ 1577)؛ و J .van Ess,Anfa?nge 952 [8] انظر تاريخ الطبري 5/ 191 (-2/ 40)؛ والوثائق السياسية لماهر حمادة (العصر الأموي) 514؛ وتاريخ الطبري 7/ 394 (-2/ 2008). [9] تاريخ الطبري 7/ 172 - 173 (-2/ 1687)؛ والمصابيح (مصورة دار الكتب رقم 81)،68 - 69. [10] تاريخ الطبري 7/ 384 (-2/ 1993) ;7/ 390 (-2/ 2009)؛ والوثائق السياسية (العصر الأموي) 528 - 530؛ وأخبار الدولة العباسيّة 213،292 وصفحات أخرى؛ وقارن ب M .Cook,Early Muslim Dogma 71 f .:‍

عليه [1]؛ وقد ورد في بعض الأخبار أنّ عبد الله بن عباس استخدم هذا المصطلح في خطبة له أمام معاوية بن أبي سفيان [2]؛ وغدا هذا المطلب شعارا رئيسا في خطاب أطراف المعارضة زمن عمر بن عبد العزيز، كما ورد في خطبة لأبي حمزة الخارجي [3]. أمّا زيد بن علي فكانت «قسمة الفيء بين أهله بالسّواء وإقفال المجمّر» من شروط بيعته [4]. أمّا العبارة الأخيرة «فإن نحن وفينا لكم وفيتم لنا. . .»، بما تظهره من الخضوع لرأي الجماعة، فقد استخدمها يزيد بن الوليد بن عبد الملك (جمادى الآخرة 126/ 744 - ذو الحجة 126) الناقص في خطبته الأولى عندما تولّى الحكم [5]، وقد كان يزيد قدريا ولقي دعما من الغيلانية والقدريّة الذين وجدوا فيه امكانية لتحقيق برنامجهم، وهذا ما يفسّر استعداده للالتزام بقرار الجماعة واختيارها الحرّ [6]. غير أنّ ثمّة اختلافين رئيسين بين نصي البيعة، فعبارة «على أن نعمل فيكم بكتاب الله وسنّة نبيّه صلى الله عليه وسلّم»، التي وردت عند أبي الفرج في «مقاتله» توحي بأنّها تكرار إذ أنّه ذكر في أوّل البيعة «أبايعكم على كتاب الله وسنّة نبيّه»؛ وقد ورد في نص «أخبار فخ» بدلا منها «. . . نحلّ ما أحلّ القرآن والسنّة العادلة، ونحرّم ما حرّم القرآن والسنّة العادلة»، وهذه الصيغة تأتي بتفصيل جديد يبرّر ورودها، وليس كذلك الجملة التي وردت في نصّ «المقاتل». ¬

[1] انظر M .Hinds,in :IJMES 3(2791),pp .754 ff .: [2] جمهرة خطب العرب 2/ 88؛ وانظر استعمال المصطلح من قبل عبد الله بن مطيع في تاريخ الطبري (-2/ 603 - 604). [3] تاريخ الطبري 6/ 11 7/ 399 (-2/ 3012)؛ وكذلك في خطب المستورد الخارجي، الوثائق السياسية (العصر الاموي) 154,524؛ وقد أشار يزيد بن الوليد إلى تعطيل الحدود وسفك الدماء وأخذ الأموال بغير حقّ، انظر ما يلي. [4] تاريخ الطبري 7/ 172. [5] انظر نصّها في تاريخ الطبري 7/ 269 (-2/ 1835). [6] انظر في يزيد بن وليد الناقص Ess,in :SI 13(0791),pp .962 ff .;G .R .Hawting,The First Dynasty 39 ff . J .Wellhausen,Das arabische Reich 422 ff .;J .van :

وتستوقفنا هنا عبارة «السنّة العادلة»، وقد وردت هذه العبارة كمصطلح في كتاب التحكيم بين علي ومعاوية-الذي ذكر قبل-وهو بحسب نصّ الجاحظ «. . وما لم نجده في كتاب الله مسمّى فالسنّة العادلة الجامعة غير المفرّقة فيما اختلفنا فيه»، وقد وردت العبارة هناك مرّتين [1]. كما نقل عن عمر بن عبد العزيز قوله في آخر خطبة له في خناصرة: «ولكنه من الله عزّ وجلّ كتاب ناطق وسنّة عادلة دلّ فيهما على طاعته ونهى عن معصيته» [2]. ولا بدّ هنا من الوقوف عند مفهوم «السنّة» أولا، الذي يتكرر كثيرا-كما مرّ معنا-في الخطاب «الايديولوجي» منذ القرن الأوّل. وقد بيّن M .Bravmann في دراسة له حول استخدام هذا المصطلح في القرن الاسلامي الأوّل [3]، أنه يعني كلّ عمل أو فعل استنه الرسول، ومورس من بعده بشكل دائم فأصبح ملزما للجماعة. وقد يكون هذا العمل كان شائعا قبل البعثة النبوية «كسنّة» سابقة إلا أن تبنيه من قبل الرسول جعله سنّة إسلامية [4]، كما قد يكون هذا العمل من سنّة الخلفاء بعده، «فالسنة» إذا هي مجموعة أعراف أو عادات (Consuetudo) الجماعة التي غدت متّبعة وملزمة. [5] (Statutum) وهذا المصطلح هو مصطلح عربي استخدم منذ ما قبل ¬

[1] مجموعة الوثائق السياسيّة لحميد الله 401؛ ولم يرد في نص الدينوري الذي ذكره حميد الله-سوى «. . . سنّة رسول الله الجامعة (ص 397)؛ وعند البلاذري «. . . السنة العادلة الحسنة الجامعة غير المفرّقة»، وفي المرة الثانية «. . . بالسنّة الجامعة غير المفرّقة» (ص 401)؛ ووردت العبارة مرّة واحدة في نص اسماعيل التيمي بصيغة «. . . فالسنّة العادلة تجمعها» (ص 402). [2] تاريخ الطبري 6/ 571 (-2/ 1369)؛ والوثائق السياسية (العصر الأموي) لمحمد ماهر حمادة 422. [3] Early Islam,pp .321 - 491. M .M .Bravmam,"Sunnah and Related Concepts",in :The Spiritual Background of [4] op .cit .571. [5] op .cit .761 f .

الاسلام وكان يستخدم كذلك بمعنى «سيرة» [1]، إلا انه تميّز في الاسلام كمصطلح ارتبط بأعراف الجماعة الاسلامية الأولى وعاداتها منذ زمن مبكر، وهو يدحض بذلك نظرية شاخت التي قال فيها ان هذا المصطلح أسس على اعتبارات عقائدية متأخرة [2]. يبدو لي إذن أن الدعوة إلى «سنة رسول الله» من قبل الأطراف المعارضة كانت تعني الرغبة في تصحيح السياسة الامويّة التي استنّت أعراف وتقاليد جديدة لم تكن الجماعة الاسلامية الأولى قد تعارفت عليها؛ ومن ذلك مثلا، قسمة الفيء، وتجمير البعوث اللذين يتكرران بالحاح في هذا الخطاب المعارض، وغيرها من التفاصيل التي أخذت عليهم كتأخير الصلاة وإطالة الخطبة، والخطبة جلوسا الخ. غير أنّ فهم هي «السنة» كان خاضعا كذلك لاعتبارات اجتهادية خاصة بكل «جماعة» من الجماعات، فقد اختلف المسلمون الاوائل في أمور من السنّة كالمسح على الخفّين ورفع اليدين في الصلاة، مثلا، وزواج المتعة وحدّ شارب الخمر، وعلى أمور أخرى ذات طبيعة سياسية، كتولية الامام وشروط الإمامة إلى غير هذا من المسائل المهمة. ولهذا كلّه يبقى هذا المصطلح غير واضح تماما وخاضعا للتأويل والاجتهاد الدائم. أمّا الاختلاف الثاني في نصّ البيعتين فهو ما يرد في رواية أبي الفرج الاصفهاني من الدعوة «إلى الرضا من آل محمد»، وهو أمر يبدو مستغربا إذ كانت هذه الدعوة هي دعوة الفئات المعارضة للأموييّن، الذي اعتبر اجتماع الأبواء تاريخا فاصلا لانتظامها سويا في إطار الدعوة الهاشمية بفرعيها العلوي والعباسي [3]، وباسمها ¬

[1] انظر الآن M .Jarrar,op .cit .: [2] M .Bravmann,op .cit .321 f . [3] انظر في اجتماع الأبواء ص 28 فيما تقدم.

استأثر العبّاسيّون بالسلطة وجيّروا هذا الشعار لأنفسهم [1]. وأرى أنه من المستغرب أن يستخدم الحسين الفخي هذا الشعار مجدّدا في دعوته خاصة أنه يدعو لنفسه ولا حاجة في التمويه على اسم من يدعو له. غير أننّا نجد هذا الشعار مستخدما من قبل زيدية الديلم في النصف الثاني من القرن الثالث، ولكن استخدامه ينحصر بين «دعاة» لم يبلغوا درجة الإمامة [2] فتكون دعواهم هذه باسم الامام الذي يدعون إليه كما في حالة الحسن بن زيد الذي ثار سنة 250/ 864 [3]، وكالحسين بن أحمد الكوكبي الذي ثار سنة 252/ 866 [4]. كذلك دعا أبو السرايا في بيعته لمحمد بن إبراهيم سنة 199/ 814 إلى «الرضا من آل محمد» [5]. وقد يكون ورود هذا الشعار في نص البيعة كما ذكرت عند أبي الفرج بسنده عن الحسن بن محمد المزني هو من زيادة المزني نفسه-قياسا ربّما-على ما كان سائدا في عصره ولم يتنبّه إلى أنّ هذا المصطلح استخدم في عصره من قبل «دعاة» وليس من قبل فاطمي يدعو للامامة لنفسه كما في حال الحسين الفخي. ويبدو لي لهذه الاسباب مجتمعة أن نصّ البيعة الذي ذكره ابن سهل الرازي في «أخبار فخ» هو الأكثر موثوقية ودقّة. ولا أجد بدا من التذكير هنا مرّة أخرى بأن هذه المصطلحات كانت قد غدت شائعة في النصف الثاني من القرن الثاني وفي القرن الثالث الهجري عندما ابتدأ بتدوين كتب التاريخ ¬

[1] انظر تاريخ الطبري 7/ 380,390,421 (-2/ 1989,2003,3/ 24)؛ وأخبار الدولة العبّاسية A .A .Sachedina,Islamic Messianism 35;002,491;H .Halm,Die Schia 92 ff . [2] ولم تعترف بهم المصادر الزيدية كأئمة، انظر id :Religious Trends 88. W .Madelung,Der Imam al-Qa?sim 651; [3] تاريخ الطبري 9/ 275 - 276 (-3/ 1531 - 1533)؛ وانظر Qa?sim 451 ff . W .Madelung,Der Imam al - [4] W .Madelung,Der Imam al-Qa?sim 551. [5] انظر؛ W .Madelung,Der Imam al-Qa?sim 551 : وهو يذكر كذلك دعوة يحيى بن عمر في الكوفة سنة 250/ 864.

11.4. الخطب

ومجاميعه، وأصبح من العسير، بغياب وثائق مبكرة، الجزم بأنها قد استعملت فعلا في رسالة ما تحت الدرس، أو أنها مجرّد «شعار» غدا نوعا من Stock description فالشك يبقى قائما دون أن يوقعنا في نوع من «العدميّة» التاريخية. 11.4. الخطب أورد ابن سهل الرازي أربع خطب في كتابه، إثنتان منها للحسين الفخّي قالها قبل المعركة، واثنتان ليحيى، واحدة قبل معركة فخ، وأخرى له طويلة قالها في جمع من وجوه أهل الجبل قبل مفاوضته مع الفضل للحصول على الأمان من هارون الرشيد. 11.4.1. وخطبة الحسين الاولى قصيرة ، ذكر أبو الفرج الاصفهاني أوّلها وخاتمتها في «مقاتله» [1]. وسند أحمد بن سهل الرازي هو التالي: «قال الحسن بن عبد الواحد، حدّثني أحمد بن كثير، قال حدّثني اسحاق بن إبراهيم»، وهي عند أبي الفرج عن «الحسن بن محمد [المزني]، حدّثني كثير [كذا] عن إسحاق بن إبراهيم». واسم كثير الذي ورد هنا هو تصحيف إذ ذكر أبو الفرج خبرا آخر عن خروج الحسين الفخي بالسند نفسه وهو هناك «الحسن بن محمد، عن أحمد بن كثير الذهبي، قال حدّثنا إسحاق بن إبراهيم القطّان [وفي نسخة: العطّار]. . .» [2]. والخطبة قصيرة قائمة على ثنائية بسيطة وواضحة إذ أنها تخدم وظيفة تحريضية مباشرة قبل البدء بالقتال: فإما النصر أو الشهادة، والنصر يعني تطبيق العمل «بكتاب الله وسنّة نبيّه» (وهو مصطلح تناولناه قبل صفحات) وما يترتّب على ذلك من عدالة اجتماعية تستدعي استحضار صورة اليتيم والأرملة واكتفائهما؛ أمّا الشهادة فتعني للحاق بالسلف الصالح في الجنة وهذا يشعر المشتركين في القتال بانتمائهم لمن ¬

[1] 450 (ط 2.378). [2] مقاتل 457 (ط 2.383).

11.4.2. أما الخطبة الثانية

سبقهم من «صنعة» هذا «التاريخ المقدّس». 11.4.2. أمّا الخطبة الثانية فلم ترد سوى في «أخبار فخ»، ويرويها أحمد بن سهل الرازي بسند يرقى الى سعيد بن خثيم الهلالي. وسعيد هذا من كبار محدّثي الزيديّة، خرج مع زيد بن علي حينما كان شابا، ثم اشترك في ثورة إبراهيم بن عبد الله في البصرة، وفي ثورة الحسين الفخّي بعد أكثر من ربع قرن، وقد توفي بين سنتي 180/ 796 و 190/ 805. وتذكر المصادر الإماميّة أنّه حمل العلم عن الأصبغ بن نباتة، أحد صحابة علي بن أبي طالب؛ كما أثنت عليه المصادر السنيّة وأخذ عنه أحمد بن حنبل، وحين ذكر أمام يحيى بن معين أنّه قدري، أجاب: «شيعي ثقة وقدري ثقة» [1]. ويتصل سند أحمد بن سهل الرازي به عن طريق أحمد بن حمزة الرازي، ولم أستطع الاهتداء إلى ترجمته ويبدو أنّه مروي كالمؤلّف؛ وهو يروي بدوره عن أحمد بن رشيد ابن أخت سعيد بن خثيم. ويصدّر سعيد الخطبة بقوله: «كنت مع الحسين بن علي، رحمه الله، فاجتمعنا إليه قبل اللقاء، فقام فينا خطيبا ثم حمد الله وأثنى عليه ثم قال»، مما يظهر أنّ سعيدا كان شاهد عيان واشترك في المعركة، وتبدأ خطبة الحسين «بأمّا بعد» [2]، إذ كان بحسب نقل سعيد، قد حمد الله وأثنى عليه؛ بعكس خطبته الأولى التي لم يذكر الراوي فيها لا حمد الله ولا «أما بعد». وهو يوجّه الخطاب إلى «إخوتي وإخواني وشيعة أبي-يعني علي بن أبي طالب-ومحبّي جدّي رسول الله». وتظهر الخطبة عسف العباسيين، لا بل خروجهم من الدين. والحسين يعدّد أعمالهم السيئة بشكل تصاعدي، صابّا معجم المآخذ التي غدا ذكرها تقليديا عند فرق المعارضة منذ عهد الأموييّن «الفسق والفجور، سيرتهم في أمّة محمد، ارتكابهم المحارم وتعطيلهم الحدود. . ¬

[1] انظر ما تقدّم ص 75. [2] انظر في ما يقال في افتتاح الرسائل والخطب، صبح الأعشى 6/ 224 - 231.

الخ». وقد وردت هذه الصفات في خطب للحسين بن علي [1] وأبي حمزة الخارجي [2]؛ وكذلك قوله «دعاهم الشيطان فأجابوه. . .»، هو صورة وردت في خطبة للحسين بن علي وفي أخرى لأبي حمزة الخارجي [3]، وقد حملت «الإجابة» في القرآن دائما معنى الهداية والخلاص فهي إجابة لداعي الله ولرسله أو أنّها إجابة من الله سبحانه لعباده [4]؛ وإجابة الشيطان هنا تظهر نقيض الإجابة المذكورة في القرآن لتؤكد على الكفر. أمّا ما ورد في خطبة الحسين من «تولية اليهود والنصارى وشرب الخمور وإتيان الذكور»، فهي صفات غدت مكرورة [5]، وهذا التصعيد في جمع الصفات السلبيّة الذي يطاول تأثيرها الجماعة كلّها «يقتلون خياركم ويستذلّون فقهاءكم، ويقضون بالهوى ويحكمون بالرّشا ويولّون السفهاء. . .» يتيح فسحة للحسين كي يستثير غضب جماعته الذين سمّاهم «أهل القرآن» في خطبته الأولى كما يسمح له بالتصعيد من جديد والإتيان بمعان جديدة «قد درس الكتاب فاوّل على غير تأويله، وغنّي به على المعازف فحرّف عن تنزيله، فلم يبق من الإسلام إلاّ اسمه، ولا من القرآن إلاّ رسمه. .» (5). وقد شكّل «تأويل القرآن» منذ أن ظهرت الفرق الاسلاميّة في النصف الأوّل من القرن الأول حافزا لكل فرقة كي تدّعي أنها صاحبة الفهم الصحيح والتأويل السليم [6]، وأنّ من عداها هم الذين أساءوا التأويل وأخطأوه ابتغاء الفتنة، وإلى هذا المعنى أشار القرآن الكريم فَيَتَّبِعُونَ ماتَشابَهَ مِنْهُ اِبْتِغاءَ اَلْفِتْنَةِ وَاِبْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ (آل ¬

[1] جمهرة خطب العرب 2/ 40. [2] الوثائق السياسيّة لحماده،519,520؛ وانظر خطبة المستورد الخارجي ص 451. [3] وفي خطبة للامام علي أن الشيطان يبيض ويفرّخ في صدور أتباعه (نهج البلاغة 53). [4] المعجم المفهرس لعبد الباقي 185 - 186 (جوب). [5] قارن بحديث في «أشراط الساعة» ينسب لحذيفة بن اليمان في محاضرات الأبرار لابن عربي (ط. السعادة 1906) 2/ 17 - 18، حيث ترد هذه الصفات التي غدت بمثابة. Topoi [6] قارن ب‍: مفهوم النصّ لنصر حامد أبو زيد 219 وما بعدها.

عمران 3/ 7). فالخلاف الأساسي بين الفرق هو على تأويل القرآن، وقد ذكر ذلك سلمان الفارسي في رجز ينسب إليه في معركة صفّين [1]: نحن ضربناكم على تنزيله … فاليوم نضربكم على تأويله وذكر عن الإمام عليّ قوله: «هذا القرآن إنّما هو خطّ مستور بين الدفّتين لا ينطق بلسان ولا بدّ له من ترجمان» [2]، وهو دعوة إلى التأويل. وفي رسالته إلى عبد الملك يردّ الحسن البصري عليه في توضيح موقفه من القدر مظهرا دور التأويل مدّعيا لنفسه حسن التأويل وإصابته [3]. وفي كتاب «الصفوة» المنسوب لزيد بن علي يقول زيد لمخاطبه: «وقد رأيت ما وقع النّاس فيه من الاختلاف، تبرّأوا [من بعضهم] وتأوّلوا القرآن برأيهم على أهوائهم، اعتنقت كل فرقة منهم هوى ثم تولوا عليه، وتأوّلوا القرآن على رأيهم ذلك بخلاف ما تأوّله غيرهم، ثم برئ بعضهم من بعض، وكلّهم يزعم فيما يزيّن له أنّه على هدى في رأيه وتأويله وأنّ من خالفه على ضلالة أو كفر أو شرك» [4]، ثم يوضح في رسالته أنّ «أهل البيت» وهم «الصفوة» و «الحبوة» و «الخيرة» هم الأولى بتأويل القرآن وفهمه. أمّا ما يذكره الحسين الفخّي هنا من أنّ «القرآن غنّي به على المعازف فحرّف عن تنزيله ولم يبق منه إلاّ رسمه. . .»، فالمقصود به-فيما أرى- التصعيد في لهجة الخطاب، ولا أجد إشارة تاريخيّة إليه، إلاّ أن يكون المقصود «التطريب» الذي عدّ بدعة وكان مثار جدل بين العلماء في أواخر القرن الثاني ¬

[1] وقعة صفيّن 341. [2] نهج البلاغة 182. [3] انظر رسالته في Der Islam 12(3391),p .96,91 - 02;47,02;57,2;87,21 - 31,61;97,21. وقد رجّح مايكل كوك (M .Cook) أن يكون عبد الملك المذكور هو عبد الملك بن المهلب، انظر Early Muslim Dogma 26 ff .: [4] كتاب الصفوة 89.

11.4.3. والخطبة الثالثة هي ليحيى بن عبد الله

وأوائل القرن الثالث كما يتبيّن من موقف الإمام أحمد بن حنبل [1]، ولا أعتقد أنّ هذا هو المقصود في خطبة الحسين. عند هذه النقطة من ذكر القرآن والتأويل يبلغ الحسين الفخّي غاية التصعيد فيوجّه خطابه «لأهل دعوته»: «فلو أنّ مؤمنا تقطّعت نفسه قطعا، ما كان ذلك لله رضا بل كان بذلك جديرا»، ويختم رسالته بالحث على الجهاد، لأنّ قتال القوم «فريضة». نلاحظ أنّ معاني هذه الخطبة هي معان مشتركة في الخطاب المعارض وأن الحسين يحشدها هنا في نفس تصعيدي للحث على الجهاد ولتمييز أتباع فرقته واقناعهم بصواب جهادهم. 11.4.3. والخطبة الثالثة هي ليحيى بن عبد الله قالها على فرسه يحرض النّاس قبل القتال. وسندها هو التالي [2]: «قال وحدّثني هارون الوشّاء، قال حدّثني عبد العزيز بن يحيى الكناني، ويقال إنّه كان من الدعاة إلى يحيى بن عبد الله، قال: لمّا صار الحسين إلى فخّ، خرج يحيى على فرسه يحرّض النّاس، قال بعد حمد الله. . .»، ويبدو لي أنّ «قال» في أول النصّ تعود إلى الحسن بن عبد الواحد الكوفي [3]؛ ولم أستطع التعرّف على هارون الوشاء، وقد ورد أيضا باسم هارون بن موسى [4]. أمّا عبد العزيز بن يحيى الكناني، فأرى أنّه المكّي الفقيه صاحب محمد بن الحسن الشيباني، وقد تفقّه بالإمام الشافعي واشتهر بصحبته وذهب معه إلى اليمن، وقدم بغداد في أيّام المأمون وجرت بينه وبين ¬

[1] انظر مثلا طبقات الحنابلة 1/ 57,74. [2] انظر ما يلي ص. [3] اذ هو الراوي الرئيس الذي ورد اسمه قبل صفحات من هذا الخبر؛ وقد سبق التعريف به ص 23 فيما تقدّم. [4] وقد وهمت حينما قدّرت أنّه قد يكون أبو بشر هارون بن حاتم البزّار، انظر in :Asiatische Studien 74(3991),402,fn .24. M .Jarrar , :

بشر المريسي مناظرات في القرآن، وإليه ينسب كتاب «الحيدة» وقد توفي في حدود سنة 240/ 854 [1]. وورد هنا أنّه ذكر في دعاة يحيى، وليس ذلك بمستبعد، وبسند يرقى إليه ينقل أحمد بن سهل الرازي خبر نقض هارون الرشيد لأمان يحيى إذ كان عبد العزيز حاضرا للحادثة مع الحسن الشيباني وعيره [2]. والخطبة دعوة تحريضيّة للجهاد لا تظهر أسلوبا خاصا، بل تقوم على «تمييز» أصحاب الدعوة «فإنكم أنصار الله وأنصار كتابه وأنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعوان الحق، وخيار أهل الأرض، وعلى ملّة الإسلام ومنهاجه الذي اختاره لأنبيائه المرسلين وأوليائه الصابرين. . .»، ثم يردف بآية قرآنية طويلة في الحث على الجهاد (التوبة 9/ 111 - 112) اعتمدتها كذلك سائر الفرق الإسلاميّة، فيصبح الخطاب القرآني وكأنّه موجّه لهذه الفئة الخاصة المميّزة ويصبح تأثيره في نفوسهم -بعد أن تضخّمت صورة الذات-تأثيرا تطهيريا لا يجد منتهاه إلاّ في الجهاد. ويستطرد يحيى بعد الآية إلى التأكيد لهذه الفئة المميّزة أنها ليست «معزولة» وكأنّه يريد منهم ألاّ تحول قلتهم بينهم وبين الجهاد «والله ما أعرف على وجه الأرض سواكم، إلا من كان على مثل رأيكم، حالت بينكم وبينهم المعاذير»، وهؤلاء على ثلاثة أنواع 1) فقير لا يقدر على ما يتحمّل به إلينا فهو يدعو الله في آناء ليله ونهاره،2) غني بعدت داره فلم تدركه دعوتنا،3) محبوس عند الفسقة وقلبه عندنا. ¬

[1] تاريخ بغداد 10/ 449 - 450؛ وتهذيب الكمال 18/ 220 - 221؛ وميزان الاعتدال 2/ 639؛ وطبقات الشافعية الكبرى 2/ 144/145؛ وتهذيب التهذيب 6/ 363 - 364؛ والوافي-566 18/ 565؛ وشذرات الذهب 2/ 95؛ وانظر مقدمة جميل صليبي على كتاب «الحيدة»؛ و؛ van Arendonk,Opkomst 192 و؛ GAS 716/ 1 و Mihna"in :Oriens 81 - 91(7691),p .101. J .van Ess,"Ibn Kulla?b und die [2] ص 151 فيما يلي.

11.5. الرسائل

فالخطبة تقوم على فكرة «التمييز» وربطها بالنصّ القرآني لتشعر هذه الجماعة القليلة التي تبغي تطهيرا في الجهاد أنّها صفوة أولياء الله و «خيار أهل الأرض». 11.5. الرسائل حفظ لنا كتاب أخبار فخ ثلاثة رسائل، ووردت رسالة رابعة في كتاب المصابيح. ويثور السؤال هنا عن صحّة نسبة هذه الرسائل، خاصّة أنها لا ترد في مصدر آخر، كما لم ترد أيّ إشارة لها في المصادر التاريخيّة غير الزيدية. ومسألة التحقّق من صحة الرسائل الدينيّة والعقيديّة ومن موثوقيتها أمر في غاية الدقّة. وكنت أشرت فيما مضى إلى أن عددا من هذه الرسائل قد وصلتنا وأنّها كانت موضع درس ومقارنة من قبل جمهرة من الباحثين [1] اختطّوا طرائق في كيفية دراسة هذا النوع للتأكد من صحتّه ونسبته بالاعتماد على قرآئن داخلية وأخرى خارجيّة، وعلى دراسة المصطلح واللغة والبنية الفنيّة للرسائل. وقد درست هذه الرسائل من حيث أسانيدها ونسبتها وخطابها في بحث خاص [2]، وسوف أكتفي هنا بإبراز أهم النتائج. والرسالة الأولى مرسلة من إبراهيم بن أبي يحيى، أحد دعاة يحيى بن عبد الله، إلى أبي محمد الحضرمي في مصر وقد حملها إدريس معه إلى مصر [3]. فهي رسالة خاصة موجّهة إلى شخص نجهل عنه أيّ شيء، سوى أنّه في ¬

[1] انظر ما تقدّم ص 91. [2] «أربع رسائل زيديّة مبكرة»، في: الكتاب التكريمي للدكتور إحسان عبّاس، تحرير إبراهيم السعّافين، عمان. [3] يروي الرسالة عبد العزيز بن يحيى الكتاني أحد دعاة يحيى كذلك.

الحضارمة الذين نزلوا مصر. وقد عرف الحضارمة بتشيعهم للامام علي وقد تبوّءا عدد منهم مراكز ادارية مهمة في مصر. ولا نعرف ميول أبي محمد هذا الشيعية ويبدو من نصّ الرسالة أنه لم يكن زيديا. والرسالة قطعة ادبية فنية متميزة يحاول فيها إبراهيم بن أبي يحيى كسب تأييد أبي محمد الحضري لقضية يحيى بن عبد الله مؤكدا العقيدة في حبّ آل البيت وعصمتهم، ويحذره من الغلو في حبهم والافراط فيه والابتعاد عن «أهل الفرية من الرافضة الغلاه»، وقد بيّنت إلى أنّ هذا قد يشير إلى ميول أقرب إلى «التطرّف» عند أبي محمد الحضرمي. ويستلهم ابن أبي يحيى القرآن بكثرة في رسالته. ويظهر مصطلحها خطابا جاروديا. كما لاحظت غياب أي ذكر لإدريس بن عبد الله في الرسالة رغم أنّها كتبت لنصرته، ممّا قد يحملنا على الشك فيها. أمّا الرسالة الثانية فهي موجّهة من إدريس بن عبد الله إلى البربر يدعوهم إلى نصرته وتأييده والجهاد معه، فهي «دعوة» أو «سيرة» للعامّة. وخطابها زيدي معتزلي بني على أصلي العدل والتوحيد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وهي كرسالة ابراهيم بن أبي يحيى محكمة البناء متينة اللغة، تفيدنا كثيرا في فهم تطور بعض العقائد الزيدية؛ ولم أجد ما يثير شكا أو ريبة في نسبة الرسالة وموثوقيتها. تبقى رسالتان، الأولى منهما نسبت في «كتاب المصابيح» لإدريس بن عبد الله وأنّه أرسلها «إلى أهل مصر»، وقد أثبت أنّها موضوعة؛ والثانية وردت في «أخبار فخّ» حيث ذكر ابن سهل الرّازي أنّ يحيى بن عبد الله أرسلها إلى هارون الرشيد حينما عرض عليه الأخير الأمان. وهي رسالة طويلة يعرض فيها يحيى «للتاريخ» الزيدي، تاريخ الخروج. وهي شبيهة إلى حدّ ما بالرسائل التي تنسبها المصادر لمحمد النفس الزكيّة والتي خاطب بها أبا جعفر المنصور. وقد شككت

في نسبتها إذ تتضمن مغالطات تاريخية منها ذكر لهدم قبر الحسين وهذا أمر لم يحصل إلا في خلافة المتوكل العبّاسي. وقد بيّنت في بحثي المشار إليه، إلى أنّه لا يمكننا دراسة الرسائل الزيديّة الأولى دراسة متأنّية قبل تحقيق المصادر الزيدية تحقيقا علميا، كما وضعت بعض الخطوط العامة والملاحظات الأوليّة التي تساعدنا في دراسة هذا النوع، وما يزال الطريق أمامنا طويلا.

12. وصف المخطوطات

12. وصف المخطوطات: استعملت ثلاث مخطوطات في تحقيق هذا الكتاب: 1) واعتمدت مخطوطة برلين أصلا (ورمزت لها بحرف ر)؛ وهي الأقدم وقد نقلت كلتا المخطوطتين الأخريين عنها، وناسخها هو العلامة حميد بن أحمد المحلّي (-652/ 1254)، فرغ من نسخها سنة 638/ 1240 عن مخطوطة ضعيفة غير مهذّبة وقابلها على نسخة أخرى. وهي تقع بين الورقات 154 أ-184 ب من ضمن مجموع يضمّ كتاب «مقاتل الطالبييّن» لأبي الفرج الأصفهاني ورسائل زيدية أخرى، وهو كله بخط المحلّي. وقد وصف غ. شولر (G .SCHOELER) هذا المجموع في فهرست المخطوطات العربيّة المكتشفة حديثا في برلين [1]. وقد حصلت على مصوّرة (ميكروفلم) عن المخطوطة، فانتسختها وقارنتها على المصادر ثمّ توجّهت إلى برلين حيث اطّلعت عليها عن كثب وأعدت مقارنتها على الأصل. وخط المخطوطة شبيه بالنسخي، غير منقوط في الأكثر مما يشكل صعوبة في قراءة بعض الكلمات، وقد أصابت رطوبة بعض الصفحات فطمست كلمات، ويبدو أن أحد مالكي المخطوطة قد أعاد التأكيد على رسم الكلمات الباهتة أو المطموسة بحبر جديد يميل للون البني، كما يبدو أنّ المالك نفسه ربّما قد علّق في الهوامش أحيانا بخط مغاير على بعض الكلمات غير الواضحة موجها قراءتها. ويبدو خط الورقة الأولى (154 ب) للوهلة الأولى مغايرا لخط ما يتلوه من ورقات، إلاّ أنّ مقارنة متمعّنة تظهر أنّ الخط هو نفسه وأنّ القلم قد تغيّر فحسب. ومسطرة المخطوطة 13*22 سنتم، ويتراوح عدد الأسطر في الصفحة الواحدة بين 26 - 29 سطرا، بمعدّل 12 - 13 كلمة في السطر الواحد. وكتب الناسخ حميد بن أحمد المحلّي في آخرها في الهامش الأيسر عرضا بين السطرين 8 و 12 ما نصّه: «بلغ مقابلة على النسخة التي نقلت ¬

[1] انظر ما تقدم ص 15 - 16.

منها وهي نسخة ضعيفة غير مهذّبة وقد اجتهدت في التصليح [. . .] على العجلة». وكتب على الهامش الأيمن طولا: «قوبل كذلك ثانيا على نسخة أخرى غرّة رجب المعظم سنة ثمان وثلاثين وستمائة، كتب حميد بن أحمد حامدا لله سبحانه ومصليا على محمّد سيدنا وآله ومسلما». 2) كنت قد أنهيت الكتاب على النسختين «ر» و «ص» ودفعته للمطبعة حينما حصلت على مصوّرة (Photocopy) من مخطوطة بمكتبة السيّد أحمد الشامي بصنعاء (رمزت لها بحرف م) [1]، فقارنتها وأثبتّ فروق القراءة وأعدت ترقيم الهوامش، وتبيّن لي أنّها تشترك مع المخطوطة (ص) بنفس القراءات وكأنّ (ص) نسخة عنها. وتقع هذه المخطوطة (م) في 26 صفحة ضمن مجموع لم أستطع التعرّف على محتوياته لأني لم أطّلع سوى على صورة كتاب «أخبار فخّ». وخطّها واضح ومنقوط وفرغ من نسخها وقت العصر يوم الأحد في 22 ربيع الأوّل سنة 1054/ 1644. ومسطرتها 11*5,18 سنتم، وعدد الأسطر في الورقة الواحدة 26 سطرا، ويتراوح عدد الكلمات في السطر بين 14 و 16 كلمة. 3) مخطوطة الجامع الكبير بصنعاء (ورمزت لها بحرف ص) وتقع ضمن مجموع برقم 2347 يقع في 195 ورقة، ويرد كتاب أخبار فخّ في الورقات 146 ب إلى 191 ب السطر التاسع، بينما يشغل «كتاب المصابيح» الورقات 1 - 146 أ. والمجموع بخط علي بن أحمد بن إسحاق وفرغ من نسخ «كتاب المصابيح» في تاسع عشر شهر شوّال سنة 1337/ 1918، وفرغ من نسخ كتاب «أخبار فخّ» يوم الجمعة 19 ذي القعدة سنة 1337/ 1918 [2]. ومسطرة المخطوطة 24*18 سنتم. ¬

[1] تفضل الزميل الدكتور رضوان السيّد الذي صوّرها من صنعاء بإعارتي إيّاها، فله الشكر. [2] انظر فهرست مخطوطات مكتبة الجامع الكبير بصنعاء 4/ 1731,1746,1808 - 1809؛ ويذكر ناشر والفهرست أنّها انتسخت عام 1305/ 1887 ولا أعرف ما هو مستندهم.

وكتاب المصابيح

وقد ارتأيت أن ألحق بكتاب «أخبار فخّ» تراجم الحسين الفخّي ويحيى بن عبد الله وإدريس بن عبد الله منتزعة من «كتاب المصابيح» الذي يعدّ من أقدم المصادر الزيديّة وفيه نقل عن مؤلف أخبار فخ أحمد بن سهل الرّازي لم يرد في المخطوط الذي حقّقناه، كما أنّه تفرّد بذكر أخبار لم ترد في غيره من المصادر. وكتاب المصابيح وضع خطّته وابتدأ بتأليفه الإمام أبو العبّاس أحمد بن ابراهيم ابن الحسن الحسني الطالبي (-352/ 964) [1]، إلاّ أنّه توفي قبل أن يتمّه، وكان قد بلغ فيه إلى ذكر خروج الإمام يحيى بن زيد بن علي إلى خراسان، فأتمّه علي بن بلال على الخطّة التي وضعها أبو العبّاس بعد أن سأله إلى ذلك بعض الأصحاب، فأتى بالأخبار على حسب ما رتّبه أبو العبّاس، منتهيا عند آخر ترجمة الإمام الناصر للحق الحسن بن علي الأطروش (-304/ 916). ولا أعرف شيئا عن علي بن بلال هذا، وأقدّر أنّه توفي في أواخر القرن الرابع الهجري وأنّه كان من تلامذة الإمام أبي العبّاس الحسني، إذ أنّ الإمام الناطق بالحق يحيى بن الحسين (-424/ 1033) قد ذكر في كتابيه «الإفادة» و «تيسير المطالب» أخبارا عن «كتاب المصابيح» -وهو من مصادره-تعود للقسم الذي أتمّة علي بن بلال وهي موجودة بنصّها في مخطوطات الكتاب كما وصلنا. وقد عدت إلى مخطوطتين من كتاب المصابيح كلاهما في المكتبة المتوكليّة بالجامع الكبير بصنعاء: 1) ورمزت لها بالحرف د، تقع في 117 ورقة وخطها نسخي واضح وقد أصابها بلل أضرّ بصفحات كثيرة، وناسخها هو أحمد بن قاسم بن أبي السعود الطامي [2]، نسخها لمولاه الإمام المنصور عبد الله بن حمزة (-614/ 1217)، ومسطرتها 25*17 ¬

[1] انظر: مصادر تاريخ اليمن، لأيمن فؤاد السيّد 84. [2] فهرست مخطوطات الجامع الكبير 4/ 1809.

سنتم وهي برقم 2185. وقد اعتمدت على صورة (ميكروفلم) لهذه المخطوطة من مقتنيات دار الكتب المصرية تحت رقم 81. 2) رمزت لها بالحرف ص، تقع في 146 ورقة في نفس المجموع الذي يحتوي «أخبار فخ»، وناسخها هو علي بن أحمد بن إسحاق [1]. وما زال «كتاب المصابيح» بحاجة لدراسة متأنّية، خاصة أن المادة التي ذكرها علي بن بلال لا يمكن الركون إليها إذ نجده يقع أحيانا في تخليطات تاريخيّة. ¬

[1] فهرست مخطوطات الجامع الكبير 4/ 1746,1808 (مرّ وصفها عند وصف مخطوطة «أخبار فخ» رقم 3).

13. كلمة شكر

13. كلمة شكر لم يكن لهذا العمل أن يرى النّور لولا المعونة الكريمة من عدد من العلماء والأصدقاء والتلامذة، وأوّل من يستوجب الشكر منهم الدكتور غريغور شولر (جامعة بازل/سويسرا)، فقد نبّهني إلى وجود مخطوطة «أخبار فخّ» ضمن مخطوطات مكتبة برلين التي قام بفهرستها ونشرها عام 1991؛ وأتقدّم بالشكر من الدكتور هارس كوريو Hars Kurio أمين قسم المخطوطات العربية بمكتبة برلين، (Staatsbibliothek Preussischer Kulturbesitz) ومن العاملين بالمكتبة لتزويدي بصورة عن المخطوطة وعن غيرها من المخطوطات ولمساعدتهم لي أثناء عملي في المكتبة؛ وكذلك من القيّمين على مكتبة ميونخ (Bayrische Staatsbibliothek) لتزويدي بصورة عن كتاب «الحدائق الورديّة» للمحلّي. وواجب الشكر يقتضي أنّ أنوه بمساعدة العلاّمة القاضي إسماعيل بن علي الأكوع إذ تفضّل بإرسال نسخة مصورة (ميكروفلم) عن مخطوطتي «أخبار فخّ» و «المصابيح»، وللقاضي العلاّمة آياد بيضاء كثيرة على الدّارسين. وقد تفضّل أخي الدكتور رمزي بعلبكي (الجامعة الأميركيّة في بيروت) بقراءة الجزء الأكبر من الدراسة ونبّهني لبعض الأخطاء. وأودّ أن أخصّ بالشكر أستاذيّ الكريمين إحسان عبّاس ومحمد يوسف نجم اللذين ساعداني في توجيه بعض القراءات الصعبة. وقد بذل اثنان من طلبتي في دائرتي اللغة العربيّة والتاريخ وهما الاستاذان فادي جورجي وسامر طرابلسي، يعملان على تحضير رسالتيهما للماجيستير، جهدا مشكورا في معاونتي على مقارنة المخطوطات وتصحيح التجارب الطّباعيّة. وبعد، فقد استغرق العمل على هذا الكتاب وقتا طويلا فرضته ضرورات العمل والتنقّل، إذ ابتدأت بالعمل عليه أثناء تدريسي في جامعة فرايبورغ

(المانية)، ثم انتقلت إلى بيروت فابتعدت عن المصادر التي استعملتها في المكتبات الألمانية، ثم أوقفت العمل بعد أن أجريت التجارب الطباعية الأولى في انتظار الحصول على مخطوطة الجامع الكبير بصنعاء (ص)، وأعدت المقارنة بعد الحصول على المخطوطة الثالثة (م)؛ وقد كان لي في هذا الانتظار أكثر من فائدة إذ أتيح لي التعرّف على مصادر جديدة وإعادة النظر في بعض المسائل. وأرى لزاما عليّ هنا أن أتوجّه بالشّكر للزميل الدكتور لودفيغ أمّان Ammann) (Ludwig الذي كان صديقا ومحاورا فكريا أغنى نظرتي لكثير من الأمور أثناء وجودي في فرايبورغ، ثم رافقني خلال تردّدي على مكتبة جامعة برلين وقدّم لي مساعدات قيّمة أثناء عملي على الكتاب. أخيرا أرجو أن يضيف هذا الكتاب لبنة جديدة إلى مصادرنا التاريخيّة، وأن تسهم الدراسة في فهم أفضل لتاريخ الحركة الزيديّة السياسي والفكري، والله وليّ التوفيق. ماهر جرّار الجامعة الأميركية-بيروت في 25 كانون الثاني/يناير 1995

الورقة الأولى 154 ب من مخطوطة برلين (ر)

الورقة الثانية 155 أمن مخطوطة برلين (ر)

الورقة الأخيرة 184 أمن مخطوطة برلين (ر)

الورقة الأولى 146 ب من مخطوطة الجامع الكبير بصنعاء (ص)

الورقة الأخيرة 191 ب من مخطوطة الجامع الكبير بصنعاء (ص)

الورقة الأولى من مخطوطة السيد أحمد الشامي (م)

الورقة الأخيرة من مخطوطة السيد أحمد الشامي (م)

ورقة الغلاف من مخطوطة المكتبة المتوكلية مصوّرة دار الكتب المصريّة برقم 81 (د)

الورقة الأخيرة من مخطوطة المكتبة المتوكلية مصورة دار الكتب المصرية برقم 81 (د)

ورقة الغلاف من مخطوطة المكتبة المتوكلية بصنعاء (ص)

الورقة الأخير 146 أمن مخطوطة المكتبة المتوكلية بصنعاء (ص)

أخبار فخّ وخبر يحيى بن عبد الله وأخيه إدريس بن عبد الله (انتشار الحركة الزيديّة في اليمن والمغرب والدّيلم) لأحمد بن سهل الرّازي (متوفى في الرّبع الأول من القرن الرابع الهجري) دراسة وتحقيق د. ماهر جرّار

[مقدمة المؤلف]

[مقدمة المؤلف] بسم الله الرحمن الرحيم [الحمد لله ربّ العالمين] (¬1) وصلّى الله على محمد خاتم (¬2) النبيّين، وآله الطيّبين (¬3) الذين أذهب الله عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيرا. قال أبو عبد الله أحمد بن سهل الرّازي: وبعد، فإنّي إنّما (¬4) ابتدأت بذكر الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، صلوات الله عليه، المقتول بفخّ لأنّ أوّل حركة يحيى بن عبد الله وطلب القوم له إنّما كان بسبب خروجه مع الحسين بن علي، صلوات الله عليه، فاحتجت إلى أن أذكر طرفا (¬5) من خبر الحسين والسبب الذي هاج ذلك ليتّصل آخر خبر الحسين بن علي بأوّل خبر يحيى بن عبد الله، صلوات الله عليه، فيأتي بذلك ما أردت سرده مستقصى (¬6) إن شاء الله تعالى. قال أبو عبد الله: حدثنا حسن بن عبد الواحد الكوفي، قال: حدثنا ¬

(¬1) ليست في ص. (¬2) ر: محمد وآله خاتم. (¬3) ص: الطاهرين. (¬4) «إنما»، ليست في ر. (¬5) ر: إلى ذكر طرفا. (¬6) ر: مستقصا؛ م ص: فنأتي من ذلك بما أردنا شرحه مستقصى.

محمد بن علي بن إبراهيم، قال: حدثني بكر بن صالح الرازي، قال: حدثني عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن محمد (¬1) بن عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب (¬2) قال: حدثنا عبد الله بن الفضل مولى عبد الله بن جعفر قال: كان [1] بدوّ (¬3) خروج الحسين بن علي هو (¬4) أنّ الهادي موسى بن المهدي بن المنصور ولّى إسحاق بن عيسى (¬5) بن علي بن عبد لله بن عباس [2] المدينة، فكتب إسحاق إلى العمريّ المعروف بحبّتي (¬6) ماء، واسمه عمر بن عبد العزيز بن عبد الله بن عبيد الله بن عمر بن الخطاب (2)، يأمره أن يصلّي بالنّاس وأن يضبط العمل إلى قدومه/. قال: فوقع بين الحسن بن محمد بن (¬7) عبد الله بن الحسن بن الحسن وبين رجل من آل عمر كلام، فوكزه (¬8) الحسن وكزة فأصابته شجيجة، فاستعدا العمريّ على الحسن، فطلب الحسن بن محمد فلم يوجد وقته ذلك، ¬

(¬1) ص: إبراهيم بن عبد الله بن محمد. . . (¬2) ص: جعفر بن علي بن أبي طالب. (¬3) في هامش ص الأيمن: «بدء خروج الفخي علي بن الحسين (كذا) وأمره». (¬4) «هو»، ليست في م ص؛ وهي مرفوعة فوق السطر في ر. (¬5) م: موسى. (¬6) في الأصول جميعها: بحبتين؛ وسيرد شرح اللقب فيما يلي. (¬7) «بن»، ليست في ص. (¬8) في القرآن فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ (القصص 28/ 15). [1] قارن بتاريخ الطبري 8/ 192 - 194 (-3/ 552 - 555)؛ ومقاتل الطالبيين 443 - 447 (ط 2.372 - 375). والحدائق الوردية 1/ 177 - 179. [2] انظر ترجمته في آخر الكتاب في معجم الأعلام المذكورين في المتن.

فوجّه العمريّ إلى الحسين بن علي فجيء به متعتعا (¬1) قد عنف به ولبّب (¬2) حتى أدخل على العمري، فقال له: ايتني بالحسن بن محمد وإلاّ والله ملئت ظهرك وبطنك (¬3) ضربا، فقال (¬4) الحسين: إن الحسن بسويقة وأنا مقيم بالمدينة، ولست أقدر عليه لأنه رجل حرّ لا يمكنني اقتضاؤه (¬5) وما أنا له بكفيل [1]. فقال له: ما يصنع بهذا الكلام، والله لتأتينّي به وإلاّ ملأت (¬6) ظهرك وبطنك ضربا؛ قال: إنّ بيني وبينه ستة وثلاثين ميلا، فأمهلني إذا وافتح لي حتى أخرج إليه وأجيئك (¬7) به. قال: فقال (¬8) العمري: يا هؤلاء اشهدوا أنّ امرأته طالق، وكلّ مملوك له حرّ إن لم يأته (¬9) به غدا [قبل الزوال] (¬10)، إن (¬11) لم يضرب ¬

(¬1) غير منقوطة في ر؛ وتعتعه إذ عتله وأقلقه وتلّه؛ وقد تقرأ متعنّقا، والتعنيق أن يأخذ بعنقه ويعصر؛ وقد تقرأ متعنّفا، أي أخذ بشدة ومن غير قصد في الطلب. (¬2) لبّبت فلانا إذا جمعت ثيابه عند صدره ونحره ثم جررته. (¬3) ص: بطنك وظهرك. (¬4) م ص: فقال له. (¬5) ر ص: اقتصائه؛ م: اقتضابه. (¬6) م: او لأملان. (¬7) ر:؟؟؟. (¬8) ص: قال. (¬9) م ص: يأت. (¬10) (-10) ليست في ر. (¬11) ص: وان. [1] في مقاتل الطالبيين 443 (ط 2.372) أن العمريّ: «حمل على الطالبيين وأساء إليهم وأفرط في التحامل عليهم وطالبهم بالعرض كل يوم. . . وأخذ كل واحد منهم بكفالة قرينه ونسيبه»؛ وقارن بكتاب المصابيح (ص 285 و 286 فيما يلي)؛ والحدائق الوردية (مصورة دمشق) 1/ 177؛ (خ) 1/ 98 ب؛ والطبري 8/ 193 (-3/ 552).

الحسين بن علي ألف سوط عاش منها أو مات، وإن لم يركب إلى سويقة فيخرّبها ويأتي بنسائهم حسّرا حتى يولجهنّ الحبس، وليعودنّ عليه (¬1) إنّ لم يجده، واستحلف (¬2) العمريّ الحسين بن علي بحقّ القبر ومن فيه ليأتينّه به إلى المدينة إلى دار/مروان، فإن (¬3) لم يجده في الدار أشهد على موافاته به (¬4) شهودا [1]. قال: فانصرف الحسين بن علي فركب حتى أتى سويقة، فبعث إلى الحسن بن محمد فجاءه (¬5) واجتمع إليه، آل عبد الله بن الحسن: يحيى (¬6) وإدريس وسليمان ومن حضر منهم، فقال الحسين للحسن: قد بلغك يا ابن عمّ ما كان بيني وبين هذا الفاسق، قال: فامض، جعلت فداك، لما أحببت؛ إن أحببت جئت معك حتى أضع يدي في يده الساعة. فقال له الحسين: ما كان الله ليطّلع على أن يكون محمد صلى الله عليه، حجيجي (¬7) في دمك [2]. ولكنّي أقيك بنفسي ثم نشاور القوم. ¬

(¬1) م ص: وليعودن اليه. (¬2) م ص: فاستحلف. (¬3) ر: وان. (¬4) ليست في ص. (¬5) ر: فجاءه ومن حضر معهم، ثم ضرب عليها. (¬6) م ص: يحيى بن عبد الله بن الحسن. (¬7) م ص: حجيجي غدا. [1] في الطبري 8/ 193 (-3/ 553)؛ ومقاتل الطالبيين 445 (ط 2.374)؛ والحدائق الوردية (مصورة دمشق) 1/ 177؛ (خ) 1/ 98 ب نقلا عن المقاتل: أن يحيى بن عبد الله هو الذي أعطى عهدا وحلف أن يأتيه بالحسن بن محمد أو لا يجده فيضرب عليه بابه حتى يعلم أنه قد جاءه. . . [2] في مقاتل الطالبيين 446 (ط 2.375)، وعنه الحدائق الوردية (مصوّرة دمشق) -وينسب قتله في مقاتل الطالبيين 448 (ط 2.376 - 377) وعنه الحدائق الوردية (مصورة دمشق) 1/ 178 - 179؛ (خ) 1/ 99 ب ليحيى بن عبد الله وحده؛ وانظر كتاب المصابيح (ص 289 فيما يلي).

وبعث إلى موسى بن جعفر بن محمد فحضر وإلى (¬1) عبد الله بن الحسن الأفطس، فاجتمع رأيهم جميعا على أن لا يعطوا بأيديهم وأن يبلوا عذرا في جهادهم. إلاّ/أنّ موسى بن جعفر قال: أنا ثقيل الظّهر فلو (¬2) خرجت (¬3) معكم لم يتركوا من ولداني أحدا إلاّ قتلوه، فاجعلوني في حلّ من تخلّفي عنكم. فعرفوا عذره، فجعله الحسين (¬4) في حلّ فودّعهم وقال لهم: يا بني عمّي أجهدوا أنفسكم في قتالهم وأنا شريككم في دمائهم فإنّ القوم فسّاق يسرّون كفرا ويظهرون إيمانا [1]. قال، فقال الحسين بن علي ليحيى: هلمّ نبايعك، قال (¬5) له يحيى: أنت أحقّ بالبيعة منّي لأنّك الممتحن به دوني، وأنا لك عون حتى يقضي الله من أمورنا (¬6) ما هو قاض. ¬

(¬1) م: فحضروا إلى. (¬2) م ص: ولو. (¬3) م: أخرجت. (¬4) ص: الحسين بن علي. (¬5) م ص: فقال. (¬6) م: أمرنا. [1] قارن بمقاتل الطالبيين 447،453،454 (ط 2.376،380،381)؛ وانظر رواية الشيعة الإثني عشرية فيما يخص موقف الإمام موسى الكاظم من خروج الحسين الفخي في الكافي 1/ 366 (كتاب الحجة رقم 18)؛ وعنه بحار الأنوار 48/ 160 - 161؛ وفي كتاب المصابيح أن يحيى ركب إلى موسى بن جعفر وأخبره (انظر ص 286 - 287 من هذا الكتاب).

فبايعه (¬1) يحيى وإدريس وسليمان بنو عبد الله بن الحسن [بن الحسن بن علي بن أبي طالب، وعلي بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن] (¬2)، وعبد لله بن الحسن بن (¬3) علي بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الأفطس، وكان أسد بني هاشم وأشجع أهل زمانه؛ وبعثوا إلى فتيانهم فأتوهم فبايعه جميعهم، منهم: إبراهيم (¬4) بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن، والحسين/بن عبد الله بن الحسن بن الحسن (¬5)، وعبد الله بن إسحاق بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن، وعبد الله بن إسحاق بن إبراهيم بن الحسن بن محمد بن الحنفيّة [1]، والحسن وطاهر ابنا محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن (¬6)، وحمزة بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي (¬7) بن أبي طالب؛ فاجتمع من أنفسهم خمسة عشر رجلا، ومن مواليهم خمسة وعشرون ¬

(¬1) في هامش ص الأيمن: «من بايعه من أهله عليهم السلام». (¬2) سقطت من م. (¬3) ليست في ر؛ قارن عنه مقاتل الطالبيين 409 - 411 (ط 2.392 - 395)؛ وورد الاسم في الحدائق الوردية (مصورة دمشق) 1/ 164؛ وجمهرة ابن حزم 53: «عبد الله بن الحسين»؛ وفي نسب قريش للمصعب 72 «الحسن». (¬4) كتب فوق الاسم في ص «طباطبا». (¬5) م ص: بن الحسن بن علي بن أبي طالب. (¬6) زاد في م ص: «وطاهر بن إبراهيم بن عبد الله بن الحسن»؛ ولم يذكر أبو الفرج طاهر بن محمد وطاهر بن إبراهيم فيمن خرج في فخ. (¬7) «بن علي»، ليست في ر؛ ولا يعرف لعبد الله الأشتر ولد بهذا الاسم. [1] الحسن بن محمد بن الحنفية لم يعقب؛ انظر تراجم الأعلام المذكورين في النص في آخر الكتاب.

رجلا فصاروا أحد وأربعين رجلا (¬1). ثم جاءهم بعد من أفناء (¬2) النّاس من له بصيرة ومائرة (¬3) نحو من خمسين رجلا فصاروا تسعين رجلا (¬4)، فلم تمنعهم قلّتهم من النهوض بما (¬5) وجب لله، عزّ وجلّ، عليهم من الوفاء بالبيعة، والمدافعة عن الذي وجبت المدافعة عنه. فانطلقوا (¬6) بعدما أذّن المؤذّن بالصبح (¬7) حتى دخلوا المسجد ثم نادى (¬8) «أحد أحد» [1] وذلك (¬9) كان شعارهم. ومضى الحسين بن علي بمن معه/حتى جاوز (¬10) دار ¬

(¬1) في هامش ر الأيمن بين السطر 5 والسطر 10 كتب الناسخ: «ينبغي أن تكون الخمسة في أحد الموضعين ستة ليصح العدد»؛ وفي مقاتل الطالبيين 446 (ط 2. 375) وعنه الحدائق الوردية (مصورة دمشق) 1/ 178؛ (خ) 1/ 99 أ: «فاجتمعوا ستة وعشرين رجلا من ولد علي وعشرة من الحاج ونفر من الموالي». (¬2) من م ص. (¬3) م: مأثرة؛ والمائرة: النشاط. (¬4) «رجلا»، ليست في ر. (¬5) م ص: لما. (¬6) في هامش ص: «دخولهم المسجد وشعارهم». (¬7) م ص: الصبح. (¬8) م ص: ونادوا. (¬9) م ص: وذاك. (¬10) م ص: جاوزوا. [1] كانت شعار محمد النفس الزكية عند خروجه وكذلك شعار أخيه إبراهيم، انظر مقاتل الطالبيين 276،284،349،466 (ط 2.243،250،300،375)؛ والطبري 7/ 588 (-3/ 237)؛ والحدائق الوردية (مصورة دمشق) 1/ 174،178.

الإمارة وأصلتوا سيوفهم، وصعد/عبد الله بن الأفطس إلى المنارة التي عند رأس النبي، صلّى الله عليه، عند موضع الجنائز وقال للمؤذن: أذّن وقل في أذانك «حيّ على خير العمل» فتمنّع؛ فلما رأى السيف مصلتا أذّن برعب، وسمعها العمريّ فاقتحم دار عمر بن الخطاب ثم خرج في زقاق عاصم حتى نفذ منها (¬1) هاربا ولم يطلب [1]. وصلّى الحسين بالنّاس الصبح [2] وبعث إلى أهل العدالة من أهل المدنية وفتح دار مروان، وهي دار الإمارة، ودعا الحسن بن محمد فأدخله الدار ثم قال للشّهود: هذا الحسن بن محمد قد وافيت به الدار قبل الزّوال فاشهدوا، وخرج من ¬

(¬1) م ص: منه؛ والزقاق يذكر ويؤنّث. [1] قارن بمقاتل الطالبيين 446 (ط 2.375) وعنه الحدائق الوردية (المصورة) 1/ 178، (خ) 1/ 99 أ. وفي الطبري 8/ 193 (-3/ 553 - 554): «وجاء يحيى بن عبد الله حتى ضرب باب دار مروان على العمري فلم يجده فيها فجاء إلى منزله في دار عبد الله بن عمر فلم يجده أيضا فيها وتوارى منهم، فجاؤوا حتى اقتحموا المسجد حين أذّنوا بالصبح فجلس الحسين على المنبر. . .»؛ وكذلك ورد في الإفادة للناطق بالحق (برلين (Glaser 73 ق 21 ب-22 أ، (برلين 1300) ق 24 أ: أن يحيى بن عبد الله هو الذي صاح بالمؤذّن وقال أذّن بحيّا على خير العمل فلما لاح للمؤذن السيف أذّن به، ثم نزل، عليه السلام، وصلّى بالناس صلاة الصبح وكان العمري حضر المسجد فلما أحس بالأمر دهش [ليست في مخطوط [Glaser 73 ولم يدر بأي شيء يتكلم فصاح أغلقوا البغلة، وهو يريد الباب واطعموني حبّتي ماء [في مخطوط برلين 1300 حبتي، وجاء في الهامش: أظنه حبتي ماء] فولده يعرفون بالمدينة ببني حبتي ماء واقتحم إلى دار عمر بن الخطاب وخرج في الزقاق المعروف بزقاق عاصم. . .». [2] في الإفادة (برلين (Glaser ق 22 أ، (برلين 1300) 24 أ: «وصعد الحسين، عليه السلام، المنبر، وخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه وقال: أنا ابن رسول الله على منبر رسول الله وفي حرم رسول الله أدعوكم إلى كتاب الله وسنة رسوله وإلى أن استنقذكم مما يعملون». وقارن بمقاتل الطالبيين 448 (ط 2.376) وعنه الحدائق الوردية (المصورة) 1/ 178؛ وانظر غاية الاختصار 53.

يمينه التي استحلفه بها العمريّ أن يوافيه به؛ قال، وقال للشّهود: دلّوني على العمريّ حتى أسلّمه إليه، لأنّه استحلفه على ذلك، وبعث الحسين إلى أصحاب العمريّ: من أراد (¬1) أنّ يدخل في هذه البيعة ويبايعنا (¬2) على عدوّ الله وعدوّنا فعل. وبعث إلى من كان في المدينة (¬3) من آل أبي طالب فامتنع عليه الحسن بن جعفر بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب. حدّثنا (¬4) عيسى بن مهران قال، حدّثنا محمد بن مروان، قال حدثنا أرطاة بن حبيب قال: كانت بيعة الحسين بن علي الفخّي رحمه الله: «أبايعكم على كتاب الله وسنّة نبيّه، والعدل في الرعية والقسم بالسّوية، نحلّ ما أحل القرآن والسّنة العادلة، ونحرّم ما حرّم القرآن والسنّة العادلة. على ذلك (¬5) دعوانا بجهدنا وطاقتنا، وتتسلحوا/معنا وتجاهدوا عدوّنا (¬6) فإن وفينا لكم وفيتم لنا، وإن خالفنا فلا طاعة لنا عليكم. وعليكم عهد الله أن تجاهدونا فيمن جاهدنا إن نحن خالفنا [1]. ثم قال: ¬

(¬1) م ص: أحبّ. (¬2) م ص: ويعيننا. (¬3) م ص: إلى من بالمدينة. (¬4) في هامش ص الأيسر: «صفة بيعته عليه السلام». (¬5) م ص: ونكون على ذلك. (¬6) ص: بجهدنا وطاقتنا وتجاهدوا عدونا وتفلحوا معنا. [1] في مقاتل الطالبيين 449 - 450 (ط 2: 377 - 378) بسند الحسن بن محمد عن محمد بن مروان عن أرطاة قال: لما كانت بيعة الحسين بن علي صاحب فخ قال: «أبايعكم على كتاب الله وسنة رسول الله وعلى أن يطاع الله ولا يعصى، وأدعوكم إلى الرضا من آل محمد وعلى أن نعمل فيكم بكتاب الله وسنة نبيّه، صلى الله عليه وسلّم، والعدل في الرعيّة، والقسم بالسويّة وعلى أن تقيموا معنا وتجاهدوا عدوّنا، فإن نحن-

اللهم إشهد به (¬1). قال: ولحق العمريّ بخالد البربريّ، /وكان عاملا على الصوافي وكان فارسا، أحد رجال السلطان، فأقبل خالد مع العمريّ في ستمائة فارس وألف راجل [1] حتى اقتحم المسجد يقدم أصحابه، قد اعتمّ بعمامة (¬2) حمراء على بيضته، واقتحمت خيله المسجد فانحاز أصحاب الحسين جميعا ناحية (¬3) إلا ولد أبيه، ودخل إدريس بن عبد الله وموليان له ودرباس الخزاعي ورجلان من جهينة من ناحية المصلّى ينادون «أحد أحد» (¬4) والحسين على المنبر لم يزل، فضرب (¬5) إدريس صاحب الصوافي وعرقب فرسه وخرّ (¬6) صريعا وضربه يحيى وسليمان فاشتركوا في قتله [2]، ومالوا على أصحابه فأخرجوهم من ¬

(¬1) «به»، من ر وحدها. (¬2) م ص: بعصابة. (¬3) «ناحية»، ليست في ص. (¬4) م ص: أخذا أخذا؛ وفي الهامش الأيمن «كذا ضبطه في الأم أخذا أخذا بالخاء والذال المعجمتين، والمعروف في شعار النبي صلى الله عليه وآله وسلم أحدا أحدا بالمهملتين». (¬5) ص: وضرب. (¬6) م ص: فخرّ. [1] في الطبري 8/ 194 (-3/ 554): «مائتين من الجند»؛ وذكر الذهبي في تاريخ الإسلام (الطبقة 17،161 - 170 هـ‍)،35 وهو ينقل عن الطبري بتصرّف، أنه أقبل معه مائتا فارس. [2] قارن بالطبري 8/ 194 (-3/ 554) ولم يرد أن سليمان اشترك معهم في قتله، -

المسجد وقتلوا منهم جماعة ولم يتّبعوا أحدا أدبر. وفي ذلك اليوم يقول العمري: «أطعموني حبّتي ماء» (¬1)، فسمّي حبّتي ماء فلا يعرف إلاّ به [1]. فأقام العمري مع ذلك الجمع ومن (¬2) انضمّ إليهم (¬3) ثلاثة أيام يحاربون/الحسين [بن عليّ ومن معه] (¬4)، ومع العمريّ الحسن بن جعفر بن الحسن بن الحسن وجماعة ممن تثاقل عن الحسين. وقتل (¬5) من أصحاب العمريّ جماعة ومن أصحاب الحسين نفر (¬6)، وعلت للحسين (¬7) على المدينة، وأخذ بيت المال فوجد فيه (¬8) ثلاثة ألف (¬9) الف، فقسمها على الفقراء والمساكين؛ كما أخبرني أبو زيد عمر بن شبّة عن المدائني. ¬

(¬1) م ص: حبتين. (¬2) ر: وما. (¬3) م: إليه؛ زاد في ص فوق السطر «ومن ضم اليهم نحو». (¬4) ليست في م. (¬5) ر: فقتل. (¬6) م ص: نفير. (¬7) م ص: وغلب الحسين. (¬8) م: وأخذ المال فوجد ثلاثة. (¬9) م ص: آلاف. [1] يروى عن خالد القسري أنّه لما أخبر بخروج المغيرة بن سعيد، وكان على المنبر قال: «أطعموني ماء»؛ الطبري 7/ 129 (-2/ 1621).

وقد بلغني أن الهادي ارتجع بهذا المال [على أهل المدينة] (¬1) وفاء (¬2) ذلك لما تقرر عنده (¬3) أن الحسين لم يستأثر من المال بشيء، حتى امتدح (¬4) بعض شعراء المدينة العمريّ واستعفاه أن يلزمه وعشيرته من غرامة المال شيئا فأعفاه من ذلك بشعر قد ذكر لي. قال أبو عبد الله: وبايع/الحسين نحو (¬5) من ثلاثين ألف رجل من أهل البصائر والنيّات (¬6) [والمشهورين بجميل الديانات وغيرهم] (¬7)، وواعدهم عرفات، وجعل الأمارة بينهم وبينه صاحب الجمل الأحمر [1] وكاتب أهل الأمصار فلم يتثاقل عنه ذو نهضة، إلاّ أنّ ميعاد جميعهم مكّة، فتوجّه (¬8) الحسين بمن معه من أهل بيته وأصحابه عند وقت الحج إلى مكة (¬9)، واستخلف على المدينة درباس (¬10) الخزاعي. ¬

(¬1) ليست في ص. (¬2) م ص: وأرى، ر: واء. (¬3) ر: وتقرر له. (¬4) م ص: نعم حتى امتدح. (¬5) ص: نحوا. (¬6) ص: الثبات. (¬7) ليست في ر. (¬8) م ص: وتوجه. (¬9) في الهامش الأيمن والأيسر من ص: «توجّهه عليه السلام إلى مكة ومن خرج معه». (¬10) في مقاتل الطالبيين 449 (ط 2.377): «دينار»؛ وفي الإفادة (برلين؛ (Glaser 63 ق 22 أ: «رياشا». [1] قارن بتاريخ اليعقوبي 2/ 488.

كما أخبرني، قال: وكان/الحسين في أربعمائة رجل [1] ليس معهم (¬1) إلاّ فرس يحيى بن عبد الله بن الحسن (¬2). ووجّه (¬3) الهادي (¬4) بجيوشه تترى جيشا في إثر جيش، قال: ووجّه (¬5) محمدا وجعفرا ابني سليمان في جند البصرة، والخولي والعبّاس بن محمد وموسى بن عيسى في جيش كثيف [2]، وأتبعهم بعبيد (¬6) بن يقطين في أصحابه وأمدّهم بجيش آخر مع ¬

(¬1) م: معهم فرس. (¬2) في ر: الحسين بن محمد بن عبد الله؛ وفي مقاتل الطالبيين 450 (ط 2.378) أن الحسين كان يركب على حمار ادريس بن عبد الله. (¬3) م ص: فوجه إليه. (¬4) في الهامش الأيمن والأيسر من ص: «توجيه موسى الهادي جيوشه». (¬5) م ص: فوجه. (¬6) ر: سعيد. [1] في مقاتل الطالبيين 449 (ط 2.377) أنه خرج معه زهاء ثلاثمائة؛ وفي الإفادة (برلين (Glaser 63 ق 22 أ، و (برلين 1300) ق 24 ب: «وخرج إلى مكة ومعه فيمن بايعه وهم زهاء ثلاثمائة» وفي الحدائق الوردية (مصورة دمشق) 1/ 179؛ (خ) 1/ 99 ب: وهم زهاء ثلاثمائة. [2] في الشافي 11 - 12؛ والمقاتل 452 - 453: عن أبي العرجاء الجمّال قال: «دعاني موسى بن عيسى وأمرني بإحضار جماله، قال: فجئته بمأة جمل، فتهيّأ للمسير إلى الحسن بن علي، عليه السلام، صاحب فخ، قال: فلما قربنا منه قال لي: اذهب إلى عسكر الحسين حتى تراه وتخبرني بما ترى، فمضيت ودرت قال: فما رأيت إلا مصليّا ومبتهلا أو ناظرا في مصحف أو معدّ السلاح، فأخبرته بما رأيت فضرب يده على يده فقال: وهم والله أكرم خلق الله على الله وأحقّ بما في الدّنيا ولكن الملك عقيم، ولو أن صاحب القبر-يعني رسول الله صلى الله عليه وآله-نازعنا الملك لضربنا خيشومته بالسيف. فسار وحارب حتى قتل الحسين وأهل بيته سلام الله عليهم وأصحابه رضي الله عنهم».

حسن الحاجب، [وأردفهم بمبارك التركي إلاّ أن مباركا تثاقل عن إدراكهم شيئا] (¬1)، وكان مبارك التركيّ قريبا من المدينة في جيش كثيف، فأقبل، ولقي الحسين يوم الثالث من خروجه، فدخل المدينة وخرج إليه أهل المدينة فكلّموه في أن يقاتل، فقاتل يوما إلى الزوال وكانت (¬2) حربهم سجالا، ثم انصرف عنه وكلّمه (¬3) أهل المدينة فوعدهم ثم مضى (¬4) ولم يحارب ولم يحضرهم في حروبهم، فنقم ذلك موسى الهادي [بن محمد المهدي] (¬5) على مبارك [1]. فأخبرني أبو زيد قال، حدثني المدائني قال، حدثني عبد الرحمن ابن يقطين قال: حججت أنا وجماعة إخوتي ذلك العام فحصرنا، وكان عبيد بن يقطين في بقيّة من علّة كان وجدها، فأتاه حجر فأصاب وجهه وأدماه (¬6) شيئا، فدعا بقوسه وأوترها (¬7) فرمى سليمان بن عبد الله بن الحسن/بن الحسن بن علي فقتله. قال: فلقد رأيت أباه (¬8) يقطين بن ¬

(¬1) ليست في ر. (¬2) م ص: فكانت. (¬3) م ص: فكلمه. (¬4) م ص، ثم لم ينصر. (¬5) من ر وحدها. (¬6) م ص فأدماه. (¬7) م ص فأوترها. (¬8) ر: أبا. [1] قارن عن موقف مبارك التركي، الطبري 8/ 195 (-3/ 555 - 556) و 8/ 198 (- 3/ 560)؛ ومقاتل الطالبيين 449 (ط 2.377)؛ والمصابيح (انظر ما يلي ص 289).

موسى وكان حاضرا مشمّرا وهو يقول: «سيعلم الناس اليوم يقطين طالبي أو عبّاسي»، /فمرّة يقبل إلى عباس بن محمد فيقول (¬1): «عزما يا ابن ساداتي»، ومرّة ينحرف إلى موسى بن عيسى فيقول: «قدما يا ابن المنعمين عليّ»، ومرّة يقول لعبيد: «ايها فداك أبي وأمي»، حتى انقضت الحرب وحزّ رأس الحسين بن علي، رحمه الله، فتسلّمه يقطين وبنوه وقدموا به (¬2) على موسى بن عيسى (¬3)، وعلي بن يقطين وزيره، فقال [لهم موسى] (¬4): أسرعتم كأنكم أتيتم برأس طاغوت، أما انّ أقلّ ما أجازيكم به أن (¬5) أحرمكم جوائزكم [1]؛ قال عبد الرحمن: فحرمناها. ¬

(¬1) ر: ويقول. (¬2) م ص: فقدموا. (¬3) «بن عيسى»، من ر وحدها. (¬4) ليست في ر. (¬5) -م ص: اني. [1] في الطبري 8/ 203 (-3/ 567): أن يقطين بن موسى جاء برأس الحسين بن علي فوضع بين يدي الهادي [وليس موسى بن عيسى كما في روايتنا] فقال: «كأنكم والله جئتم برأس طاغوت من الطواغيت، إن أقلّ ما أجزيكم به أن أحرمكم جوائزكم. قال: فحرمهم ولم يعطهم شيئا». وعنه ابن الأثير في الكامل 6/ 94؛ والذهبي في تاريخ الإسلام (الطبقة،161 - 170 هـ‍)،38 باختلاف يسير؛ وفي مروج الذهب 4/ 186: «فسخط الهادي على موسى بن عيسى لقتل الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن وترك المصير به إليه ليحكم فيه بما يرى، وقبض أموال موسى. وأظهر الذين أتوا بالرأس الاستبشار، فبكى الهادي وزجرهم وقال: أتيتموني مستبشرين كأنكم أتيتموني برأس رجل من الترك أو الديلم، إنّه رجل من عترة رسول الله، صلى الله عليه وسلّم، ألا أن أقل جزائكم عندي ألاّ أثيبكم شيئا». وانظر الفخري 191؛ والروض المعطار 437.

قال محمد بن علي بإسناده (¬1): فلما وافى الحسين بن علي فخّ، وقد كانت عساكرهم لقيته بسرف، فحاجزهم مدافعا إلى قرب مكّة ليصل إليه من أراده من أهل بيعته ومن واعده بها، أحاطت به العساكر. وقد حدّثني بذلك أبو زيد عن المدائنيّ عليّ (¬2) بن محمد عن (¬3) عبد العزيز بن عبد الملك بن عيسى؛ وأخبرنا سليمان بن موسى/عن أبيه عن مشايخ أهل بيته، وبعضهم يزيد على بعض؛ ومحمد بن القاسم بن إبراهيم قد أخبرني ببعضه، فاختصرت من ذلك حسب ما رجوته من القصّة مؤدّيا، قال (¬4): فتوافت العساكر على ما ذكرنا ولحقهم مفضّل الوصيف، وأبو الورد وصاعد في جيش كثيف، وحسن الحاجب، ومناره (¬5)، واستخلفوا على مكة (¬6) عبيد الله بن قثم في جماعة كثيرة تمنع الحاجّ أن يتوجّه أحد منهم (¬7) إلى الحسين أو يكاتبه. وبثّوا في الناس من أنهى (¬8) إليهم أخبارهم، وقطعوا (¬9) الطريق إلى الحسين وحا/لوا بين كلّ أحد وبين الوصول إليه. ¬

(¬1) في هامش ر الأيمن: «موافته (كذا) عليه السلام فخ وإحاطة العسكر به عليه السلام». (¬2) م: إلى علي. (¬3) م ص: بن. (¬4) م ص: قالوا. (¬5) ص: وشاره. (¬6) ر: على الناس على مكة، ثم ضرب على «على الناس». (¬7) ص: منهم أحدا. (¬8) ص: نهى؛ م: ينهي. (¬9) م ص: قطعوا عليهم.

وقال الحسن بن عبد الواحد، قال الجعفري: صار يحيى بن عبد الله إلى مكة مستترا، فوقف على الصّفا فجعل ينادي: رحم الله من يعرف الجمل الأحمر، قال: فكان يمرّ به من بايعه فيعرفه يحيى فيعرض عنه وقد رآه وسمع صوته. قال الجعفري: وحدّثني إدريس ويحيى بذلك فأظنّ، والله أعلم، أنّ القوم لم يكونوا يطمعون (¬1) في الوصول إلى عسكر الحسين، وما أظنّ ذلك يعذر لهم، والله وليّ العفو عن كلّ (¬2) مقصّر. قال: وكان (¬3) المتولّي لتدبير الحرب يقطين بن موسى. فجعل محمدا وجعفرا إبني سليمان، مع من حضر من آل سليمان بن علي، ومفضّل الوصيف وصاعد (¬4) في الميمنة؛ وجعل موسى بن عيسى [وحسن الحاجب] (¬5) ومنارة في الميسرة؛ ويقطين وأولاده في القلب [1]. وذلك يوم التروية [2]، والتقوا (¬6) واقتتلوا بفخّ يومهم ذلك. ¬

(¬1) ر: يطمعوا. (¬2) ر: لكل. (¬3) م ص: قالوا فكان. (¬4) م ص: ومفضلا الوصيف وصاعدا. (¬5) من ص وحدها. (¬6) ص: فالتقوا؛ م: فالتقوا فاقتتلوا. [1] في مقاتل الطالبيين 450 (ط 2.378): «ولقيته الجيوش بفخ وقادها: العباس بن محمد وموسى بن عيسى وجعفر ومحمد ابنا سليمان ومبارك التركي ومنارة والحسن الحاجب والحسين بن يقطين، فالتقوا يوم التروية وقت صلاة الصبح، فأمر موسى بن عيسى بالتعبئة، فصار محمد بن سليمان في الميمنة وموسى في الميسرة وسليمان بن أبي جعفر والعباس بن محمد في القلب». وقارن بالطبري 8/ 196 (-3/ 557) حيث ذكر أن الهادي أمر بتولية محمد بن سليمان على الحرب. [2] وهو يوم الثامن من ذي الحجّة، يوم قبل يوم عرفة.

قال الحسن بن عبد الواحد (¬1) حدّثني أحمد بن كثير قال، حدثني إسحاق بن إبراهيم قال (¬2): سمعت الحسين ليلة الجمعة حين لقينا أصحاب يقطين، فابتدأ الحسين في كلامه هذا حين لقيناهم، وهو على حمار إدريس والنّاس منصتون له، فقال: يا أهل القرآن، والله إنّ خصلتين أدناهما الجنّة/لشريفتان، وإن يبقكم (¬3) الله ويظفركم ليعملنّ (¬4) بكتاب الله وسنّة نبيّه، /ولتشبعنّ الأرملة واليتيم (¬5)، وليعزّن من أعزّه الله (¬6) وأولياؤه، وليذلّن من أذلّه الحقّ وليحكم (¬7) من أعدائه (¬8). وإن تكن الخصلة الأخرى، فأنتم تبع لسلفكم الصّالح تقدمون عليهم وأنتم داعون إليهم، رسول الله وحمزة وعليّ وجعفر والحسن والحسين وزيد بن عليّ ويحيى بن زيد وعبد الله بن الحسن ومحمد وإبراهيم إبنا (¬9) عبد الله؛ فمن أيّ الخصلتين تجزعون! فو الله إن لو لم (¬10) أجد غيري لحاكمتهم إلى الله حتى ألحق بسلفي [1]. ¬

(¬1) م: قال بن عبد الواحد. (¬2) في هامش ص الأيسر. «كلام الحسين عليه السلام حين لقي القوم». (¬3) م ص: يبقيكم. (¬4) م ص: لنعملن. . . ولنشعبن. . . ولنذلن، إلخ. (¬5) م ص: وليعيشن اليتيم. (¬6) م ص: كتاب الله. (¬7) م ص: والحكم. (¬8) كذا في الأصول جميعها. (¬9) كذا في الأصول، والصواب: إبني. (¬10) كذا في ص ر «إن لو لم». [1] في مقاتل الطالبيين 450 (ط 2.378): «قال الحسن بن محمد في حديثه: فحدّثني كثير عن إسحاق بن إبراهيم قال: سمعت الحسن ليلة الجمعة ونحن ببطن مرّ، ولقينا عبيد بن يقطين، ومفضل الوصيف وهما في سبعين فارسا، والحسين راكب على حمار إدريس بن عبد الله، وهو يقول: يا أهل العراق [كذا، واقرأ: القرآن] إنّ خصلتين-إحداهما الجنة لشريفتان، والله لو لم يكن معي غيري لحاكمتكم إلى الله عزّ وجل حتى ألحق بسلفي».

وقد حدّثني أيضا أحمد بن حمزة/الرازيّ قال، حدّثنا أحمد بن رشيد عن سعيد بن خثيم الهلالي قال: (¬1) كنت مع الحسين بن علي (¬2)، رحمه الله، فاجتمعنا إليه قبل اللقاء فقام [فينا خطيبا] (¬3)، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد يا إخوتي وإخواني (¬4) وشيعة أبي (¬5) ومحبّي جدّي رسول الله، صلى الله عليه، قد (¬6) تبيّن لكم ظلم هؤلاء القوم وفسقهم وفجورهم وعداوتهم لله ولرسوله، وسيرتهم في أمّة محمد وارتكابهم المحارم وتعطيلهم الحدود، وشربهم الخمور [وارتكابهم الشرور] (¬7) وهتكهم السّتور، واستئثارهم بالفيء، وأمرهم بالمنكر ونهيهم عن المعروف؛ دعاهم الشيطان فأجابوه واستصرخهم فاتّبعوه، يسيرون فيكم بسيرة القياصرة والأكاسرة، / يقتلون خياركم ويستذلّون فقهاءكم (¬8)، يقضون بالهوى ويحكمون بالرّشا، ويولّون السّفهاء ويظاهرون أهل الرّيب والرّدى، يقلّدون إمرة (¬9) المسلمين ¬

(¬1) في هامش ص الأيمن: «خطبته عليه السلام قبل اللقاء». (¬2) ص: مع الحسين. (¬3) ليست في ص. (¬4) ص: إخواني وإخوتي؛ م: يا إخوتي ويا إخواني. (¬5) م ص: وشيعة جدي وشيعة أبي. (¬6) م ص: فقد. (¬7) من م ص. (¬8) ر: معراكم. (¬9) ص: يقلدوا؛ م: يقلدون أمر.

اليهود والنّصارى، جبابرة عتاة، يلبسون الحرير، وينكحون الذّكور، فكيف لا يغضب أولو النّهى، أم كيف يسوغ (¬1) الطعام لأهل البرّ والتّقوى، قد درس الكتاب فأوّل على غير تأويله، وغنّي به على المعازف فحرّف عن تنزيله، فلم يبق من الإسلام إلاّ اسمه، ولا من القرآن إلاّ رسمه، فلو أنّ مؤمنا تقطّعت نفسه قطعا، ما كان ذلك (¬2) لله رضا بل كان بذلك جديرا عندي (¬3). فروحوا بنا إلى الله، واصطبروا لله، فو الله إنّ الراحة منهم ومن المقام معهم في دارهم لراحة، والجهاد عليكم فريضة فقاتلوهم (¬4) فإنّ الله تعالى قد فرض قتالهم (¬5)، واصبروا أنفسكم ف‍ إِنَّ اَللهَ يُحِبُّ اَلَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ (الصف 61/ 4) وكونوا ممّن أحبّ الله والدار الآخرة، وباين اعداءه وآثر لقاءه، عصمنا الله وإيّاكم. قال: وحدثني هارون الوشاء ، قال حدثني عبد العزيز بن يحيى الكنانيّ، ويقال إنّه كان من الدّعاة إلى يحيى بن عبد الله، قال: لمّا صار الحسين إلى فخّ (¬6)، خرج يحيى على فرسه يحرّض النّاس؛ قال بعد (¬7) حمد الله (¬8): ¬

(¬1) م: يسيغ؛ ص: يسيغه. (¬2) ص: لله ذلك. (¬3) م ص: عندي جديرا. (¬4) ليست في ر. (¬5) ص: قد فرض عليكم جهادهم. (¬6) م: بفخ. (¬7) م ص: فقال بعدما. (¬8) في هامش ص الأيسر: «كلام يحيى بن عبد الله عليه السلام يحرّض الناس».

أبشروا معشر (¬1) من حضر من المسلمين فإنّكم أنصار/الله وأنصار كتابه وأنصار/رسوله صلى الله عليه وسلّم وأعوان الحقّ، وخيار أهل الأرض، وعلى ملّة الإسلام ومنهاجه الذي اختاره (¬2) لأنبيائه المرسلين وأوليائه الصّابرين؛ أو ما سمعتم الله يقول إِنَّ اَللهَ اِشْتَرى مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ [بِأَنَّ لَهُمُ اَلْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اَللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي اَلتَّوْراةِ وَاَلْإِنْجِيلِ وَاَلْقُرْآنِ/وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اَللهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ اَلَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وَذلِكَ هُوَ اَلْفَوْزُ اَلْعَظِيمُ، اَلتّائِبُونَ اَلْعابِدُونَ اَلْحامِدُونَ اَلسّائِحُونَ اَلرّاكِعُونَ اَلسّاجِدُونَ اَلْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَاَلنّاهُونَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ وَاَلْحافِظُونَ لِحُدُودِ اَللهِ] (¬3) وَبَشِّرِ اَلْمُؤْمِنِينَ (التوبة 9/ 111 - 112). ثم قال: والله ما أعرف على وجه الأرض (¬4) سواكم، إلاّ من كان على مثل رأيكم، حالت بينكم وبينهم (¬5) المعاذير، إمّا فقير لا يقدر على ما يتحمّل به إلينا فهو يدعو الله في آناء ليله ونهاره، أو غني بعدت داره منّا فلم تدركه دعوتنا، و (¬6) محبوس عند الفسقة وقلبه عندنا [ممن أرجو أن يكون ممّن وفى لله بما اشترى منه] (¬7)، فما تنتظرون عباد الله بجهاد من قد أقبل إلى ذرّية نبيّكم (¬8) ليسبوا ذراريهم ويجتاحوا بقيّتهم (¬9). ¬

(¬1) م: معاشر. (¬2) ر: اختار. (¬3) لم يرد في م ص إذ أورد طرف الآية وقال: «إلى قوله: وبشر المؤمنين». (¬4) م: على الأرض؛ ص: ظهر الأرض أحدا. (¬5) م ص: وبينه. (¬6) م ص: أو. (¬7) ليست في ر. (¬8) م: نبيهم. (¬9) م: يجتاحون أنفسهم.

ثم قال: اللهم احكم بيننا وبين قومنا بالحقّ وأنت خير الحاكمين. قال: فبرز للقتال (¬1)، ووجّه إليه موسى بن عيسى وإلى جميع أصحابه يعرض عليهم الأمان [1]، فقال (¬2) الحسين: وأيّ أمان لكم يا فجرة؟ المغرور من غرّرتموه بأمانكم، وكيف لا (¬3) وأنتم تغرّونه عن دينه بحيلة (¬4) يسيرة تطمعونه فيها، /فإذا ركن إليها قتلتموه؛ أليس من وصيّة آبائكم، زعمتم، قتل كلّ متّهم ومن سأل الأمان عند الظّفر به؟ فخرج إليه جميع (¬5) من حضر من بني العباس ومواليهم والجند ونقضوا إحرامهم ولبسوا (¬6) الأقبية، وبعثوا إليه ثانية (¬7) وبذلوا له مالا فأبى إلاّ قتالهم أو (¬8) الرجوع عمّا هم عليه من الإثم والعدوان ومعونة (¬9) الظالمين. قال: فشدّوا عليه عندما أيسوا (¬10) من خديعته بأمانهم، وحملوا عليه وعلى أصحابه حملة شديدة فثبتوا لهم وقتل منهم جماعة. ¬

(¬1) في هامش ص الأيمن: «بروزهم للقتال وعرض الأمان عليهم وجواب الحسين عليه السلام». (¬2) ر: قال. (¬3) ليست في ص. (¬4) م ص: بحياة. (¬5) «جميع»، ليست في ر. (¬6) م: ثم لبسوا. (¬7) م ص: بأمانه. (¬8) ر: و. (¬9) م ص: ومعاونة. (¬10) م ص: بعدما يئسوا. [1] قارن بكتاب المصابيح (ص 295 - 296 فيما يلي).

فحدثني محمد بن القاسم بن إبراهيم ، وكان إبراهيم بن إسماعيل طباطبا ممن خرج مع الحسين بن علي (¬1)، قال: كان محمد بن سليمان ابن علي ممّن بعث مع موسى بن عيسى، وكانت أمّه حسنيّة، وهي زينب ابنة جعفر بن الحسن بن الحسن، قال: فلمّا تصافّوا بفخ (¬2) خرج محمد من عسكر المسوّدة ولقي (¬3) الحسين وسلّم عليه (¬4) وقال: والله يا خال ما أشخصني إلى هذه البلد (¬5) إلاّ الشفقة عليك والظّنّ بك، ورجاء أن يحقن الله دمك. فقال له الحسين: ما/أعرفني بما (¬6) تحاول من خديعتي عن ديني ودنياي، إليك عنّي! فقال له: يا خال لا تفعل، إقبل نصحي (¬7) ولا تعرّض نفسك للهلكة فإنّ معي كتابا قد أخذته لك من ابن عمّك الخليفة موسى الهادي بن محمد المهدي بأمانك، وجعل إليّ أن أعرض عليك (¬8) كلما أحببت، فصر إلى أيّ بلد من البلدان/شئت (¬9) وسمّ ما شئت من الأموال والقطائع والضياع. قال: وأقبل (¬10) عليه الحسين فقال: يا عبد خيزران وخالصة (¬11)، أتظنّ أنّي إنّما خرجت في طلب ¬

(¬1) م ص: مع الحسين. (¬2) «بفخ»، ليست في ر. (¬3) م ص: فلقي. (¬4) في هامش ص الأيسر: «مقاولة الحسين عليه السلام ومحمد بن سليمان». (¬5) م: هذا البلد؛ ص: إلى البلد. (¬6) ر: ما. (¬7) م ص: نصيحتي. (¬8) ليست في ص. (¬9) م ص: إلى أي بلد شئت. (¬10) ص: فأقبل. (¬11) ر: يا عبد خيزران خالصة.

الدّنيا/التي تعظّمونها أو للرغبة فيما تعرضون عليّ من أموال المسلمين؟ ليس ذلك كما تظنّ، إنّما خرجت غضبا لله ونصرة لدينه وطلبا للشهادة وأن يجعل مقامي هذا حجّة على الأمّة، واقتديت في ذلك بأسلافي الماضين المجاهدين، لا حاجة لي في شيء ممّا عرضت عليّ، وأنا نافذ فيما خرجت له وماض على بصيرتي حتى ألحق بربّي. قال: فلما رأت المسوّدة ثبات أصحاب الحسين وصبرهم، جعلوا لهم (¬1) كمينا من ورائهم ثمّ استطردوا لهم حتى خرجوا من (¬2) الموضع الذي كانوا فيه، وقد الجئوا ظهورهم (¬3) إلى الجبل الذي شيّده الحسين بنفسه وأصحابه وقطع مجاز الجّبل فيه بالصخر، وهو على تلك الحال إلى اليوم. فلما خرج عليهم الكمين قاتل الحسين وأصحابه قتالا شديدا حتى كثر فيهم القتل (¬4) في الفريقين جميعا، ثم حملت العساكر بأجمعها فصبروا لهم حتى أبيدوا بأجمعهم وقتل الحسين، رحمه الله، وسط المعركة (¬5) وصرع أهله حوله بعد منازلة ومدافعة وصبر عظيم على وقع الحديد. ولقد أخبرني حمدان بن منصور (¬6) قال، حدّثني القاسم بن إبراهيم الإمام (¬7)، رحمة الله عليه، عمّن ذكره من أصحابه، قال: رأيت (¬8) الحسين ¬

(¬1) م ص: له. (¬2) م: عن. (¬3) ص: كانوا قد الجئوا فيه ظهورهم. (¬4) م ص: كثر القتل في. (¬5) م: صلوات الله عليه ولعن قاتليه وثبت في المعركة. (¬6) أحسب أنّ الصواب: محمد بن منصور، انظر ص 24 من المقدمة. (¬7) م ص: الإمام العالم صلوات الله عليه. (¬8) م ص: رأينا.

والناس في القتال يدفن شيئا (¬1)، فأتبع ذلك الدّفين فإذا هو (¬2) بعض وجهه، ضربة (¬3) برت عامّته [1]، فاعتزل حتّى دفنه ثم تلثّم على وجهه وعاود الحرب، رحمة الله عليه. وحدثني أيضا عن محمد بن منصور عن القاسم عن أبيه [2]: قال قيل للحسين بعدما أثخن الإثخان: فقد أعذرت؛ /فقال: قال رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم: «إن الله ليبغض العبد يستأسر (¬4) إلاّ من جراحة مثخنة (¬5)». ¬

(¬1) م ص: في المعركة اعتزل فدفن. (¬2) في هامش ر الأيمن: فإذا الدفين. (¬3) م ص: ضرب في وجهه ضربة. (¬4) ص: يستأثر، ر: بساسر؛ والتصويب عن تيسير المطالب. (¬5) ص: كتب فوقها «تثخنه». [1] في مقاتل الطالبيين 452 (ط 2.379 - 380): «حدثني علي بن إبراهيم العلوي قال: حدثنا الحسن بن علي بن هاشم قال: حدثني محمد بن منصور، عن القاسم بن إبراهيم، عمّن ذكره قال: رأيت الحسن صاحب فخ وقد دفن شيئا، فظننت أنّه شيء له مقدار، فلما كان من أمره ما كان نظرنا فإذا هو قطعة من جانب قد قطع فدفنه ثم عاد فكرّ عليهم»؛ والحدائق الوردية (المصورة) 1/ 180، (خ) 1/ 100 أ، وهو ينقل عن أبي الفرج وفيه: «فإذا هو قطعة من جانب وجهه قد قطع. . .». وقد روي شبيه به عن محمد النفس الزكيّة، قارن بأنساب الأشراف (ط. المحمودي) 3/ 109. [2] في تيسير المطالب 119 عن أبي زيد عيسى بن محمد العلوي «قال، حدثنا محمد بن منصور، قال حدثنا القاسم بن إبراهيم، عليه السلام قال، حدثني أبي قال، حدثني أبي قال: بايعنا الحسين بن علي الفخي عليه السلام، على أنّه هو الإمام، قال: وأصابته جراحة والدم يرقى فقلنا له: أنت في هذه الحال لو تنحيّت فقال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله يبغض العبد يستأسر إلا من جراحة مثخنة»؛ وقارن بالحدائق الوردية (مصورة) 1/ 179، (خ) 1/ 100 أ.

[هروب من فر من الطالبيين إلى الحبشة]

قال: وقال لهم الحسين: يا بني عمّي انحازوا وامضوا إلى بعض النواحي فعسى أن تدركوا بثأرنا يوما من الدهر فإني غير مفارقهم حَتّى يَحْكُمَ اَللهُ بَيْنَناوَهُوَ خَيْرُ اَلْحاكِمِينَ (الأعراف 7/ 87) فأبوا وصبروا حتى قتلوا قدّامه واحدا واحدا. [هروب من فرّ من الطالبيين إلى الحبشة] وأصابت يحيى بن عبد الله سبعون نشّابة بين/درعه وكبره (¬1) حتى صار كالقنفذ. وجرح أخوه إدريس بن عبد الله (¬2) حتى صبغ (¬3) قميصه، وجرح الحسن بن محمد بن عبد الله وفقئت عينه بنشّابة. وكان ممّن ارتثّ (¬4) يحيى وإدريس إبنا عبد الله، وإبراهيم بن إسماعيل جدّ (¬5) الإمام القاسم (¬6) يعرف بطباطبا، وعبد الله بن الحسن الأفطس، جرحى ما فيهم حراك (¬7)، فاستدركهم رجل من خزاعة من أهل اليسار، كان سيّد قومه، ويقال: لم يتحرّكوا (¬8)، وتعارفوا بالليل، فجزعوا في الجبل حتى صاروا إلى هذا الخزاعيّ، فآواهم عنده/زمانا حتى صلحوا من جراحاتهم وبرئوا من كلمهم وسكن عنهم ألم ذلك، وكفّ الطلب/وعميت ¬

(¬1) م ص: جبره؛ وهي غير منقوطة في ر على عادة الناسخ؛ والكبر بلغة الفلاحين في فلسطين القميص الذي يلبس تحت الدرع (أفادنيه د. إحسان عبّاس). (¬2) م ص: أخوه ادريس. (¬3) م ص: انصبغ. (¬4) م ص: ممن ارتثث من قتلا فخ. (¬5) م ص: والد. (¬6) م ص: القاسم بن إبراهيم. (¬7) كتب فوقها إشارة في ص وأضاف في الهامش: «وفي نسخة أخرى ما يبثون ولا فيهم حراك». (¬8) م: ويقال بل تحركوا؛ ص: وقيل بل تحركوا.

أخبارهم على من (¬1) وكّل باتّباعهم. ثم أجمع رأيهم على الخروج (¬2) إلى الحبشة إلى أن يجعل الله لهم من أمرهم مخرجا. فركبوا البحر جائزين إلى بلاد الحبشة في مركب للخزاعي، ووجّه معهم غلمانه حتى عبروا بهم من معتك إلى عيذاب. واستفظع علي بن إبراهيم ركوب البحر واشمأزّ منه، فسألهم ردّه، فراوده القوم إشفاقا عليه وراجعوه ضنّا (¬3) به، فامتنع من ركوبه واستعظم هوله، فألقوه في بعض مناهل (¬4) الحجاز فأسرّ نفسه وصار إلى الحجاز (¬5)، فتباشر به أهلها، لأنّه كان وأصحابه (¬6) في عداد من قتل، فلم يخف مكانه فوشي به إلى خليفة للعمري كان بالحجاز (¬7) فأنهى ذلك إلى العمريّ، فهجم عليه وأخذه (¬8) وحمل إلى العراق وطرح (¬9) في المطبق وأقام (¬10) سنتين، ولخروجه قصّة سنذكر/خبرها في موضعه (¬11) إن شاء الله [1]. ¬

(¬1) م: على كل من. (¬2) في هامش ص الأيسر: «خروج يحيى بن عبد الله وأخويه ومن معهم إلى الحبشة». (¬3) م ص: ظنا. (¬4) م: في مناهل. (¬5) م: الجار. (¬6) م ص: وأصحابه عندهم. (¬7) م ص: بالجار. (¬8) ص: واخذ. (¬9) م ص: فطرح. (¬10) م ص: فأقام. (¬11) م: سنذكر سببها في موضعها؛ ص: سنذكرها في موضعها. [1] لم يذكر شيئا فيما يلي عن علي بن إبراهيم هذا.

[عودة يحيى وإدريس من الحبشة]

فلما صار يحيى وأصحابه إلى ملك الحبشة، أعظمهم وأكبر أمرهم وأجزل جوائزهم، فأقاموا عنده خير إقامة في أكرم منزلة، وكان (¬1) أوّل من رجع منهم: إبراهيم بن إسماعيل طباطبا، وقد ولد له أكابر ولده بها، فصار إلى المدينة فأقام في المدينة متخفّيا بها حينا (¬2)، وولد له بقيّة ولده في اختفائه بها، ثم نزع إلى الكوفة يريد البصرة/ومعه زوجته المحمّدية، من ولد محمّد بن الحنفيّة؛ وكان رجل من أهل الكوفة (¬3) يخفّ لهم في حوائجهم فلا تأتي فيها موافقة (¬4) ويظهر فيها خيانة، فاستراحوا منه إلى غيره (¬5)، واستعفوه من نفسه فوشى بهم إلى عامل الكوفة، فأخذ إبراهيم فطرح (¬6) في المطبق، وفرّ الرّجل الذي وشى به (¬7) من الكوفة، فتبعه فتيان من أهلها حتى قتلاه ناحية (¬8) الجبل. ولإبراهيم قصّة سأذكرها إن شاء الله. [عودة يحيى وإدريس من الحبشة] ثم (¬9) خرج يحيى وإدريس من الحبشة، فقدما فرع المسور ليلا، فأقاما به زمنا يتشاوران إلى أين يخرجان (¬10) وأي بلد يحملهم ويخفيهم ¬

(¬1) م ص: فكان. (¬2) م ص: متخفيا حبيسا. (¬3) ص: فكان؛ م: فكان رجل يخف. (¬4) م ص: فلا يأت بها موافقة. (¬5) ر: إلى غيره معه. (¬6) م ص: وطرح. (¬7) م: بهم. (¬8) م ص: بناحية. (¬9) في هامش ص الأيمن: «خروج يحيى وإدريس من الحبشة». (¬10) م ص: إلى أي النواحي يصيران.

[مقتل القاسم بن محمد بن عبد الله]

وشملهم من الخوف، مثل ما كان عرف وتناهى (¬1) إليهم خبر (¬2) علي بن/ إبراهيم، وإبراهيم بن إسماعيل، والقاسم بن محمد بن عبد الله بن حسن (¬3)، وموسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن (¬4). [مقتل القاسم بن محمد بن عبد الله] وكان أمرهم، كما أخبرني (¬5) محمد بن يوسف بن إبراهيم بن موسى عن أبيه، قال [1]: لما كان من أمر الحسين، رحمه الله، بفخ ما كان (¬6)، أحضر موسى الهادي موسى بن عبد الله بن الحسن (¬7)، والقاسم بن محمد بن عبد الله؛ وقال (¬8) للقاسم: والله لأقتلنّك يا ابن الفاعلة قتلة ما قتلها أحد قبلي أحدا قبلك! قال له القاسم: الفاعلة هي الصنّاجة التي اشتريت بأموال المسلمين، أإيّاي (¬9) تهدّدني بالقتل (¬10) الذي لم يسبقك إليه ظالم؟ فلأصبرنّ لك صبرا ما صبره أحد قبلي طلبا لمرضات الله وجميل ¬

(¬1) في هامش ر الأيمن: «أظنه انتهى». (¬2) ص: عزب عنهم وتناهى إليهم من خبر. (¬3) «بن حسن»، من م ص. (¬4) ص: وموسى بن عبد الله والحسن بن الحسن. (¬5) ص: أخبرني به. (¬6) في هامش ص الأيسر: «ما قاله موسى الهادي للقاسم بن محمد وجواب القاسم عليه». (¬7) لم يرد اسمه في الترجمان؛ وانظر خبره في مقاتل الطالبيين 455 (ط 2.381 - 382). (¬8) م ص: فقال. (¬9) م ص: إيّاي، وهي ليست في الترجمان. (¬10) «بالقتل»، ليست في الترجمان. [1] قارن بالترجمان ق 40 أ، ولم يذكر مصدره.

[مقتل الحسن بن علي بن الحسن المثلث]

ثوابه، قال (¬1): فأمر موسى، لعنه الله [لعنا وبيلا] (¬2)، بالمناشير فأحضرت ثم أقيم (¬3) على كلّ عضو/منه منشار (¬4)، فنشر (¬5) وجهه صفحة (¬6) واحدة ثم نشروه (¬7) عضوا عضوا حتى أتوا على جميع بدنه (¬8)، قالوا جميعا (¬9): فما تأوّه (¬10)، رحمه الله ولا تحرّك (¬11) حتى جرّدوا عظامه عن لحمه، وفرّقوا بين جميع أعضائه. فقال له اللعين موسى (¬12): كيف رأيت يا ابن الفاعلة؟ فقال (¬13) له القاسم: يا مسكين لو رأيت/ما أرى من الذي أكرمني الله به في دار المقامة وما أعدّ لك من العذاب [في دار الهوان] (¬14) لرأيت حسرة دائمة وتثبتّ النقمة العاجلة؛ وخرجت نفس القاسم مع آخر كلامه (¬15). [مقتل الحسن بن علي بن الحسن المثلّث] ثم قال موسى للحسن بن علي بن الحسن بن الحسن بن ¬

(¬1) ليست في الترجمان؛ وفي م ص: قالوا. (¬2) ليست في م ص والترجمان. (¬3) م ص: أقام. (¬4) م ص: نشّار. (¬5) م ص: فنشروا. (¬6) م ص: صفيحة. (¬7) ص: نشروا. (¬8) في الترجمان: فأقيم على كل عضو منه منشار حتى على وجهه فنشروا جميع أعضائه. (¬9) «جميعا»؛ ليست في الترجمان. (¬10) الترجمان: تأوه قط. (¬11) الترجمان: ولا تحرك أبدا ولا قال أخ حتى فرقوا بين جميع أعضائه. (¬12) م ص: الملعون موسى؛ الترجمان: موسى اللعين. (¬13) م ص: قال. (¬14) ليست في الترجمان. (¬15) الترجمان: ثم خرجت نفس القاسم رضي الله عنه في آخر كلامه.

[العفو عن إبراهيم بن اسماعيل طباطبا]

الحسن بن علي بن أبي طالب: /لأقتلنّك قتلة ما سبقني إليها أحد! قال: إختر شرّهما (¬1) لك، فأمر ببيت له بابان فملىء تبنا، وأدخله ذلك البيت ودخّن عليه (¬2) ثم سدّ (¬3) الأبواب وتركه ثلاثة أيام، ثم طلب يوم الثالث فوجد حيّا لم يرزأه ذلك كبير (¬4) رزء فأنكر موسى ذلك؛ وقال: والله (¬5) لأقتلنّك قتلة يبطل معها سحرك. فشغلته الآكلة وعاجله الله، عز وجلّ، بالنقمة. وحبس (¬6) الحسن مع خاله موسى (¬7) ثم أطلق وعاش [بعد ذلك] (¬8) أربعين سنة إلاّ أنّه ذهب بصره، فكان يقال له: حسن المكفوف، كان ينزل ينبع وكان أعلم أهل زمانه؛ ولم يبق للحسن بن الحسن (¬9) نسل إلاّ من ولده [1]. [العفو عن إبراهيم بن اسماعيل طباطبا] قالوا: (¬10) ولما جيء بإبراهيم بن إسماعيل جعل موسى يقرعه بخروجه مع الحسين حتى كاد أن يأمر به، فقال له إبراهيم: يا أمير المؤمنين إن كنت ترحم (¬11) في العقوبة/رحمة الله فلا تزهدنّ عند المعافاة ¬

(¬1) م ص: فشرهما. (¬2) زاد في م ص: من أحد بابي البيت. (¬3) م ص: سدّ عليه. (¬4) م ص: كثير. (¬5) ليست في م ص. (¬6) م ص: وجلس. (¬7) م ص: موسى بن عبد الله. (¬8) ليست في ص. (¬9) م: للحسن بن الحسن بن الحسن. (¬10) ليست في م. (¬11) م: ترجوا. [1] في نسب قريش 56 أنّه قتل بفخ؛ وانظر تراجم الرجال في آخر الكتاب.

في الآخرة، فأمر (¬1) به إلى السجن بعدما كان همّ به [1]. قال: وكان محمد بن إبراهيم الإمام (¬2) قد تزوّج فاطمة ابنة عبد الله ابن إسحاق بن إبراهيم بن الحسن (¬3) فسألته أن يتكلم في عمها، وكانت عنده أثيرة (¬4)، فتكلّم فيه فأطلق وصار إلى الحجاز ومات به بعد حين. قال المدائني: فلما قتل من قتل منهم وعذّب من عذّب، نودي فيهم بالأمان، فقال يحيى: وأيّ أمان لكم يا فسقة؟ وكاتب يحيى الناس ولقيه (¬5) العلماء من أهل الأمصار، فأجابه خلق كثير. ¬

(¬1) م ص: قال فأمر. (¬2) م: محمد بن إبراهيم بن محمد الإمام. (¬3) م: بن الحسن بن الحسن. (¬4) م ص: اثيرت مكرمة. (¬5) ص: ولقيته. [1] في تاريخ الطبري 8/ 234 (-3/ 604) أنه ظهر سنة 170.

أخبار يحيى وإدريس ابني عبد الله بن الحسن عليهم السلام

(1) أخبار يحيى وإدريس ابني عبد الله بن الحسن عليهم السلام (¬1) وقد (¬2) أخبرني هارون بن موسى ، قال: حدثني عبد العزيز بن يحيى الكناني، قال: لما انصرف يحيى وإدريس من أرض الحبشة، كاتب النّاس وواعدهم الموسم بمنى في شعب الحضارمة. قال: فوافاه سبعون رجلا من خيار أهل الأرض في ذلك الزمان؛ قال: وكان فيهم جماعة من أهل مكّة. قال هارون، وكأنّه أومى إلى أن يكون كان (¬3) فيهم ولم يصرّح بذلك ، قال: /وشاورهم (¬4) فأشاروا عليه واتّفق رأيهم على أن يوجّه في أمصار المسلمين ويستنصرهم على جهادهم فإنّه ما من أعمال/البرّ شيء (¬5) يعدل عند الله جهادهم (¬6) ولا أفضل من نصرتهم عليهم. قال: (¬7) ¬

(¬1) (-1) من ر وحدها. (¬2) (-2) ليست في ر. (¬3) ليست في م ص. (¬4) م ص: فشاورهم. (¬5) من ص وحدها. (¬6) م: يعدل جهادهم. (¬7) في هامش ص الأيسر: «بعث يحيى عليه السلام أخاه ادريس إلى المغرب».

[بث الدعاة والرسائل]

فاستخار الله/وكاتب أهل الآفاق ووجّه إليهم الرّسل؛ فوجّه إلى أهل العراق ثلاثة، وإلى أهل المغرب ثلاثة ومعهم أخوه إدريس، وقال له: يا أخي إنّ لنا راية في المغرب تقبل في آخر الزّمان فيظهر الله الحقّ على أيدي أهلها فعسى أن تكون أنت أو رجل من ولدك. فتوجّه إدريس إلى المغرب مع أصحابه فصار إلى القيروان ثم إلى الزّاب ثم إلى مليانة، ثم صار إلى طنجة فأعظمه أهلها وأكرموه؛ وقاتل عبد الوهاب بن رستم فأزاله عن بعض تلك المخاليف واتّسع (¬1) سلطانه وتزايد أمره وأقام زمانا، حتى دسّ إليه هارون الرشيد من قتله بالسّمّ؛ وله قصّة ولمن وجّه إليه سأذكرها في موضعها إن شاء الله [1]. [بث الدّعاة والرسائل] قال (¬2): ووجّه إلى مصر وما يليها ثلاثة؛ وكتب معهم إبراهيم بن محمد ابن أبي يحيى الفقيه (¬3)، الذي يقال له (¬4) أستاذ محمد بن إدريس الشافعي وكان من دعاة يحيى ومن أجلّة أصحابه وأهل زمانه (¬5)، إلى أبي محمد الحضرمي كتاب (¬6) فيه (¬7): [2] ¬

(¬1) ر: وازال. (¬2) في هامش ص الأيسر: «ذكر إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى شيخ الشافعي رحمهما الله وانه كان من دعات يحيى عليه السلام». (¬3) «الفقيه»: من ص وحدها. (¬4) م: يقال انه. (¬5) م ص: وكان من دعاة يحيى وجلة أهل زمانه. (¬6) كذا في ر «كتاب». (¬7) «كتاب فيه»، ليست في م ص. [1] انظر ص 186،189. [2] ورد الكتاب في الحدائق الورديّة (مصورة) 1/ 182 - 183؛ (خ) 1/ 101 ب-102 أ؛ وأخبار أئمة الزيدية 175 - 178 (عن الحدائق).

بسم [الله الرّحمن الرّحيم] (¬1). سلام (¬2) عليك، فإنّي أحمد الله إليك (¬3) الذي لا إله إلاّ هو، وأسأله/أن يصلّي على محمد عبده ورسوله، صلّى الله عليه وعلى المستوجبين الصّلاة من أهله. أمّا بعد، فقد بلغني حبّك أهل بيت نبيّك عامة ويحيى بن عبد الله خاصة، لمكان النبيّ، صلى الله عليه وسلّم منهم، ولموضعهم الذي فضّلهم الله به من بيننا (¬4)، فلقد وفّقت لرشدك بمودّتك لهم لأنّهم أحقّ الناس بذلك منك ومن الأمّة، وأقمنهم أن يقرّبك حبّهم إلى ربّك لأنّهم أهل بيت الرّحمة وموضع العصمة وقرار الرّسالة، وإليهم كان مختلف الملائكة، وأهل رسول الله وعترته؛ فهم معدن العلم وغاية الحكم [1]؛ فتمسّك بصاحبك واستّظلّ بظلّه وأعنه على أمره وارض (¬5) به محلا ولا تبغ به بدلا، فإنّه من شجرة باسقة الفرع (¬6)، طيّبة النّبع، ثابتة الأصل، دائمة/الأكل، قد ساخت عروقها فهي طيّبة الثّرى، واهتزّت غصونها فهي تنطف النّدى، وأورقت منضرة، ونوّرت مزهرة، وأثمرت مورقة (¬7)، لا ينقص ثمارها ¬

(¬1) ليست في م ص. (¬2) في هامش ص الأيسر: «كتاب إبراهيم المذكور إلى أبي محمد الحضرمي بمصر يحثه على نصرة يحيى عليه السلام». (¬3) م ص: أحمد إليك الله. (¬4) ر: بيننا. (¬5) م ص: فارض. (¬6) م ص: الفروع. (¬7) م ص: موفرة؛ وكتب في ر فوق الكلمة بخط مغاير «موفرة». [1] قارن بنهج البلاغة 162 - 163 (رقم 109): «نحن شجرة النبوة، ومحط الرسالة، ومختلف الملائكة، ومعادن العلم، وينابيع الحكمة. .».

الجناة، /ولا شرعها (¬1) السّقاة، فمن نزل بها وآوى إليها ورد حياضا تفيض، ورعى رياضا لا تغيض، وشرب شربا (¬2) روّيا هنيّا مريّا متلئلئا غريضا فضيضا، فروّى وارتوى وأروى من رواء (¬3) بدلاء ملاء مبذولة غير ممنوعة، معروضة غير مقطوعة. فاستمسك بالعروة الوثقى من معرفة حقّ الله عليك في نصرة يحيى وتحريم حرمته، واستغنم الظّفر بما يلزمك من حفظه بمكان النبيّ، عليه السلام، ومكان الوصيّ بعده الإمام، ومكان أهله منه، وحفظ دين الله خاصة (¬4)، وفي أهل البيت عامّة، وأحببهم (¬5) جميعا حبّا نافعا، واجعل حبّك إيّاهم حبا دائما بغير (¬6) تقصير ولا إفراط ولا احتراق ولا اختلاق، تجمعهم إذا تفرّقوا ولا تفرّق بينهم إذا اجتمعوا، ولا تصدّق/عليهم أهل الفرية من الرّافضة (¬7) الغلاة، فإنّهم العداة (¬8) للقائمين بالحقّ من عترة الرسول، وسوء (¬9) النّيّة فيهم، والجرأة على الله بالإفك والشنآن، وهم أهل الخلابة (¬10) وقلّة المهابة للعواقب. واعلم أنّ من اعتقد/ترك ما نهي عنه في السّرّ الباطن وأظهر الحقّ في المواطن، ولزم التّقوى، وحفظ حقّ ذي القربى، وتجنّب في ¬

(¬1) الحدائق (مصورة): ولا ينتزعها. (¬2) م ص: شرابا. (¬3) م ص: اروى من قرار روى؛ الحدائق (مصورة): فروى وارتوى من رواء. (¬4) م ص: فيه خاصة. (¬5) ص: واحبهم. (¬6) م ص: من غير. (¬7) الحدائق (مصورة): الرافضية. (¬8) م ص: أهل العداوة. (¬9) الحدائق (مصورة): وسيئوا. (¬10) ص: الخلافة.

حبّهم الجور والحزونة وسلك الطريقة الوسطى وسار فيهم بالقسط والسّهولة، وأقرّ بالفضل لأهله، وفضّل ذا الفضل بفضله (¬1)، ودعا إلى الله تعالى وإلى كتابه وسنّة نبيّه ولم ير الإغماض في دينه ولم ينقض مبرما، ولم يستحلّ محرما، فمن كانت هذه صفته لحق بالصّالحين من سلفه وبخير آبائه الطّاهرين (¬2). فتدبّر ما وصفت لك وميّزه (¬3) بقلبك فإن كنت كذلك لحقت بأهل الولاية الباطنة، والمودّة الواثنة (¬4) التي لم تغيّرها فتنة ولم تصبها أبنة (¬5)، فتسكن خير دار عند أكرم/جبّار (¬6)، بأهنأ راحة وأفضل قرار، في مكان لا تشوبه المكاره والغلّ، ولا يعاب أهله بسوء الأخوّة والبخل، يتلاقون بأحسن تحيّة، بصدور بريّة (¬7) وأخلاق سنيّة، لا تمازجها الرّيبة ولا تشاع فيها (¬8) الغيبة، قد وصلهم الله بحبله فاتّصلوا به (¬9)، وجمعهم في جواره فاستبشروا به، فعلى ذلك/يتواخون وبه يتواصلون؛ يتحابّون بالولاية، ويتوادّون بحسن الرّعاية فهم كما قال الله ¬

(¬1) م ص: ذا الفضل منهم بفظله وتبريزه به. (¬2) الحدائق (مصورة): الصالحين. (¬3) ص: وميز. (¬4) ر: الوانبة؛ وكتب في هامش ص الأيسر: «الواتنة بالمثناة من فوق بعدها نون، أي الدائمة لأن الواتن الشيء الثابت الدائم في مكانه»؛ وفي الحدائق (مصورة دمشق): الراتبة. (¬5) في هامش ص الأيسر: «الابنة بالموحدة والنون، التهمة والعيب». (¬6) م ص والحدائق: جار. (¬7) الحدائق (مصورة): بصدق نية. (¬8) م ص: تنساغ فيهم؛ الحدائق (مصورة): تنساغ فيها. (¬9) «به»، ليست في ر.

كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ (¬1) الآية (الفتح 48/ 29). فهم مثل (¬2) من خلا من قبلهم مسّتهم البأساء والضّراء، ونالهم المكروه واللأواء والشدّة والأذى، امتحنوا بعظيم المحن والبلوى فصبروا الله على ما امتحنهم به، وأخلصوا لله ما أرادوا منه، فحاباهم (¬3) على ما أسلفوا، وكافأهم بجميل ما اكتسبوا، وأحبّهم لعظم (¬4) ما صبروا له (¬5) وَاَللهُ يُحِبُّ اَلصّابِرِينَ (آل عمران 3/ 146). رزقنا الله وإيّاك (¬6) تراحم الأبرار، وتواصل الأخيار الذين لهم عقبى الدّار، وفتح لنا ولك أبواب الحكمة، وعصمنا وإيّاك بحبل العصمة، وشملنا (¬7) بجميل النّعمة، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته (¬8). ¬

(¬1) م ص والحدائق: فازره (وهي تتمة الآية). (¬2) الحدائق (مصورة دمشق): كمثل. (¬3) م ص: فجازاهم الله. (¬4) ص: لعظيم. (¬5) «له»، ليست في ر. (¬6) «وإياك»، ليست في ر. (¬7) ص: وسلمنا. (¬8) في هامش ص الأيمن: «آخر رسالة ابن أبي يحيى».

[خبر إدريس بن عبد الله]

[خبر إدريس بن عبد الله] فوجّه في جميع الأمصار ثلاثة ثلاثة، واتّصل خبره (¬1) بهارون فبثّ في طلبه (¬2) العيون والجواسيس ووضع المراصد، ووجّه بصفته إلى جميع العمّال في جميع الآفاق، فكان لا يشار إلى أحد أنّه ذكره أو عرفه إلاّ عذّبه ليأخذ خبره. [قال أبو زيد] (¬3)، قال المدائني: فلما اتّفق رأي يحيى على أن (¬4) يبعث دعاته في الآفاق وجّه أخاه/إدريس [مع رجلين نحو المغرب، يقال لأحدهما إسحاق بن راشد [1] وذكر الآخر. قال: وأقام يحيى بفرع المسور جمعه يوصي أخاه إدريس] (¬5) بن عبد الله، ووجّه معه فليت (¬6) بن سليمان إلى مصر برسالة إلى رجل من ¬

(¬1) م ص: خبرهم. (¬2) م ص: طلبهم. (¬3) ليست في ر. (¬4) م: الى ان. (¬5) ساقط من م. (¬6) ص: كليب. [1] تذكر المصادر جميعها أن اسمه راشد وأنّه من قبيلة أوربة.

[إدريس في مصر]

الشيعة يعرف بأبي محمد من الحضارمة؛ وكتب إليه إبراهيم ابن أبي يحيى بالرسالة (¬1) التي قد ذكرتها. وكتب يحيى بن عبد الله إلى واضح مولى منصور، وكان على بريد مصر وكان يتشيّع ويميل إلى الطالبييّن ميلا شديدا، فكتب إليه أن يتلطّف بحمل/إدريس إلى المغرب. [إدريس في مصر] فلما وصل إلى (¬2) مصر كان من خبره (¬3) كما حدّثني محمد بن عمرو ابن خالد أبو علاثة (¬4) قال، حدّثنا أخي (¬5) أبو خيثمة علي بن عمرو بن خالد قال، حدّثنا إبراهيم بن أبي أيّوب، قال: لمّا قدم إدريس إلى (¬6) مصر يريد المغرب بلغ هارون الرشيد خبره، فجمع القوّاد وشاورهم، قال (¬7): حدث من أمر إدريس كذا وكذا فأشيروا عليّ في أمره؟ فقالوا: نرى (¬8) أن تبعث في طلبه العساكر، فقال: ليس هذا برأي (¬9)، ولكن اطلبوا لي رجلا ثقة ناصحا لهذه الدولة أوليّة بريد مصر؛ فأشاروا عليه بشماخ (¬10) /اليمامي. فقدم شماخ مصر (¬11) وعلى بريدها واضح. ¬

(¬1) ص: الرسالة. (¬2) م ص: فلما وافى. (¬3) م ص: خبره بها. (¬4) ص: أبو علافة. (¬5) «أخي»، ليست في ر. (¬6) «إلى»، ليست في ص. (¬7) م ص: فشاورهم وقال. (¬8) م ص: أترى. (¬9) ص: الراي. (¬10) م ص: شماخ. (¬11) م ص: الشماخ مصرا.

قال أبو علاثة في خبره: قال فقال له الرشيد: انطلق إلى مصر فاسأل (¬1) عن خبر إدريس وابحث عنه، فإن قدرت عليه فذاك وإن خبرت (¬2) أنّه قد نفذ إلى المغرب فاطلب رجلا تعطيه ثلاثين ألف دينار على أن تجعل (¬3) له منها خمسة عشر ألفا وتواضعه الباقي على (¬4) أن يشتري بها جهازا ويخرج إلى المغرب على أنّه إذا جاوز رأس [الجسر] (¬5) ربط في وسطه كشتبر (¬6) ويقول إنّه يهودي. قال: فقدم الشماخ إلى مصر، وموسى ابن عيسى عليها، قال: فجاء رجل إلى موسى بن عيسى [1]، فقال (¬7): هذا ¬

(¬1) م ص: فسل. (¬2) م ص: اخبرت. (¬3) ص: تعجل، وهي قراءة جيدة. (¬4) ر ص: الى. (¬5) ر: رأس الحسين؛ م ص: رأس الحبس؛ وقد تكون رأس الجسر، موضع قبل المهدية، في الطريق من الاسكندرية إلى المهدية (المغرب للبكري 85). (¬6) م: كشتير؛ ص: كستير؛ ولم أعثر عليها عند دوزي أو في المعاجم، والإشارة فيما يبدو لثياب الغيار من أهل الذمة، قد تكون من الفارسية: كشه بمعنى زنّار، وتبر بالفارسية: فأس؛ وفي خبر ورد في (أخبار العباس وولده 331) أثناء فتح جرجان على يدّ العباسيين: «أن رجلا خرج. . . وتشبه بالمجوس وحلق لحيته وشد كستجا على وسطه. .». وانظر في الكستجات، أحكام أهل الذمّة 2/ 762. (¬7) -ر: قال. [1] في ولاة مصر للكندي 155؛ والأنيس المطرب 17 (وعنه الاستقصا 1/ 138)، أن إدريس قدم في ولاية علي بن سليمان، وقد ولي مصر في شوّال سنة 169/ 785 وعزل يوم الجمعة لأربع بقين من ربيع الأول سنة 171/ 787؛ وموسى بن عيسى ولي-بعد علي بن سليمان مباشرة ثم صرف عنها في المرة الأولى يوم السبت لأربع عشرة ليلة خلت من رمضان سنة 172/ 788. وقد اختلف المؤرخون في تاريخ دخول إدريس إلى المغرب، وهذا الخبر هنا يسمح بإعادة النظر في الموضوع (انظر المقدمة ص 61 - 65).

إدريس؛ وكان هوى موسى لا يأخذ على يديه، فقال للسّاعي: هل علمت شريطتنا في إدريس؟ قال: ما هي أصلح الله الأمير؟ قال: إن دللتنا عليه وصدقتنا عنه أمرنا لك بألف دينار، وإن طلبناه فلم (¬1) نجده ضربناك في الموضع الذي زعمت أنّه فيه، كذا وكذا سوطا (¬2)، قال: قد رضيت؛ قال: ادعوا بفلان (¬3) وابعثوا إلى الشماخ، وجعل يبعث إلى القواد قائدا قائدا حتى شاع (¬4) الخبر وبلغ إدريس، فخرج (¬5) من الموضع الذي كان فيه. قال أبو عبد الله (¬6): قال الذي كان إدريس نازلا في داره رافعا صوته إِنَّ اَلْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ (¬7) /لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ اَلنّاصِحِينَ (القصص 28/ 20). فلما وقع القول في مسامع إدريس علم أنّه قد رهق فطرح ثيابه/واتّخد (¬8) شملة وخرج في هيئة رثّة تشبه ¬

(¬1) ر: ولم. (¬2) ص: سوط. (¬3) م ص: فلانا. (¬4) م ص: شيع. (¬5) م ص: وخرج. (¬6) «أبو عبد الله»، ليست في ر. (¬7) ص: يأتمرون معك، وكتب أسفل السطر: «غلط الناسخ سامحه الله وعفا عنه». (¬8) م ص: وأخذ.

[إدريس في أرض أفريقية/القيروان]

هيئة السّؤّال، فجاز بالقوم فعرفه (¬1) واضح فصار به إلى منزله وحمله من ساعته على (¬2) البريد إلى أرض المغرب. [إدريس في أرض أفريقية/القيروان] قال أبو علاثة: جاء بهم الرجل إلى الدار التي كان يسكنها آل بيان الدورقي اليوم بحضرة مسجد عبد الله (¬3)؛ فوجد آثاره (¬4) ولم يوجد إدريس، فضرب الساعي [على بابها وفاتهم إدريس] (¬5) وصاحباه. فوقعوا بأرض افريقية (¬6)، وكان الغالب على أهلها الخوارج والمعتزلة. وكان أحد الرّجلين اللذين مع إدريس من أهل البصرة، من شيعة أخيه (¬7) إبراهيم ابن عبد الله، معتزليّا بليغا خطيبا. فكاتبهم إدريس، وكلّمهم البصريّ وكان حسن البيان، فسارع الناس إلى إدريس واتّبعوه، واتّصل خبره بروح بن حاتم بن قبيصة بن المهلب [1]، فوجّه في طلبهم (¬8) الخيل فأحاطت بالموضع/الذي هو فيه (¬9)، [خروجه إلى جبال نفوسة] فركب إدريس وسبق إلى جبال ¬

(¬1) م ص: وعرفه. (¬2) ر: في. (¬3) في ر حك بعد «مسجد» فلا تقرأ الكلمة إلا بصعوبة وقد تقرأ «عتبة». (¬4) ر: اثره. (¬5) زيدت بين السطرين في ص وكتب بعدها «صح». (¬6) في هامش ص الأيسر: «وقوع ادريس عليه السلام إلى أفريقية وما جرى معه في بلاد المغرب». (¬7) «أخيه»، من ر وحدها. (¬8) م ص: طلبه. (¬9) ر: هو كان فيه. [1] ولي إفريقية بعد أخيه يزيد الذي توفي في شهر رمضان سنة 170/ 786؛ وقدم بعد-تسعة أشهر ونصف من وفاة أخيه وكان الوالي في هذه الأثناء ابن أخيه داود بن يزيد (الحلة السيراء 2/ 360)؛ وذكر الطبري أن قدومه كان سنة 171 (تاريخ 8/ 235 - 3/ 606)؛ وقال النويري إنّه وصل إلى القيروان في شهر رجب سنة 171. (1) ولي على الأرجح بعد وفاة أبيه بحوالي شهر وذلك سنة 171/ 787 وفي ذلك إختلاف، انظر: أخبار الأئمة 43 - 46؛ وسير أبي زكريا،86 - 87 وسير الشماخي 144 - 147.

نفوسة وهي قبيلة من قبائل البربر خوارج، فمنعوه من أن يصل (¬1) إليه أصحاب روح ووقعت بينهم حرب شديدة/قتل فيها عالم من النّاس. فكتب الموجّه في طلبه إلى روح يعلمه ذلك فكتب روح إلى عبد الوهّاب بن رستم أن هذا إدريس بن عبد الله، وأنت عارف بعداوته لك ولمن مضى من سلفك ولو ظفر بك لتقرّب بدمك إلى الله، ونحو ذلك. فلما ورد كتابه على عبد الوهاب كتب إلى أهل نفوسة يأمرهم أن يشدّوه وثاقا ويحملوه (¬2) إليه فإنّه لا تؤمن (¬3) الفتنة به. وكان إدريس قد دعا [أهل نفوسة] (¬4) إلى حقه وبيّن لهم خطأ ما هم عليه من البراءة من علي بن أبي طالب، فاستجاب له منهم خلق وأبى ذلك أكثرهم، فلما ورد عليهم (¬5) كتاب عبد الوهّاب اختلفوا، فقال المجيبون لإدريس (¬6): كيف نحمل ابن رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، إلى شيطان مارد (¬7) وقد استجار بنا، لاها الله (¬8) ما إلى خذلانه ¬

(¬1) م ص: فمنعوا أن يصل. (¬2) ر: ويحمل. (¬3) ر: تا من؛ م ص: يامن. (¬4) ليست في ر. (¬5) م: عليه. (¬6) «لادريس»، ليست في ص. (¬7) م: مارق. (¬8) ر: لاها.

سبيل، قال: فلما رأى أهل الرأي منهم الاختلاف خافوا أن يتفانوا فمشى بعضهم إلى بعض/في أمره فاتفقوا على (¬1) أن يحملوه إلى حيث يأمن، ورضي إدريس منهم بذلك. وكان إدريس قد كاتب قبائل البربر أهل شلف (¬2) وتاهرت وزناته وزواغة وصنما (¬3) وصنهاجة ولواته/فاستجابوا له ووعدوه النصر (¬4) والقيام معه حتى يبلغ ما يريد أو يموتوا عن آخرهم. وهذه رسالته إليهم كما قال الحسن بن علي بن محمد بن الحسن بن جعفر بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب [1]: بسم الله الرحمن الرحيم (¬5). الحمد لله الذي جعل النّصر لمن ¬

(¬1) ليست في م ص. (¬2) ص: سلوه؛ م: وأهل شلف. (¬3) كذا في ر ص، ولم أقع على قبيلة بربرية بهذا الإسم؛ وقد يفترض أن الاسم طنجة لولا أن الاسماء هي أسماء قبائل لا أسماء مواضع سوى شلف وتاهرت. (¬4) م: النصرة. (¬5) في هامش ص الأيسر: «رسالة إدريس عليه السلام، وهذه الدعوى من رواية أبي العباس الحسني رحمه الله عن أبي عبد الله أحمد بن سهل الرازي عن الحسن بن عبد الواحد الكوفي عن محمد بن علي بن إبراهيم بن [كذا] بكر بن صالح الرازي عن عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب». [1] الرسالة في الحدائق (المصورة) 1/ 195 - 197؛ والشافي بسنده عن أبي العباس الحسني.

أطاعه، وعاقبة السّوء لمن عند عنه، ولا إله إلاّ الله المتفرّد بالوحدانية، الدّالّ على ذلك بما أظهر من عجيب حكمته ولطيف تدبيره، الذي لا يدرك إلا بأعلامه [وبيّناته، سبحانه منزّها عن ظلم العباد وعن السّوء والفحشاء (1) لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ اَلسَّمِيعُ اَلْبَصِيرُ (الشورى 42/ 10)] (2). وصلّى الله على محمّد عبده ورسوله وخيرته من جميع خلقه، انتخبه واصطفاه، واختاره وارتضاه، صلوات الله عليه وعلى آله أجمعين. أما بعد، فإنّي أدعوكم إلى كتاب الله وسنّة نبيّه صلّى الله عليه، وإلى العدل في الرعيّة والقسم بالسّويّة، ودفع المظالم (3) والأخذ بيد المظلوم، وإحياء السّنّة وإماتة البدعة، وإنفاذ حكم الكتاب على القريب والبعيد، فاذكروا الله في ملوك تجبّروا وفي الأمانات خفروا (4)، وعهود الله وميثاقه نقضوا، /وولد نبيّه قتلوا، وأذكّركم الله في أرامل افتقرت، ويتامى ضيّعت، وحدود عطّلت وفي دماء بغير حقّ سفكت؛ فقد (5) نبذوا الكتاب والإسلام [وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون] (6)، فلم يبق من الإسلام إلا اسمه ولا من القرآن إلا رسمه، واعلموا عباد الله أنّ ممّا أوجب الله على/أهل طاعته المجاهدة لأهل عداوته ومعصيته باليدّ واللّسان، فباللسان الدعاء إلى الله بالموعظة ¬

(1) م ص: الفساد. (2) ليس في الشافي. (3) م ص: الظالم. (4) م ص: ختروا. (5) م ص: قد. (6) ليست في ر.

الحسنة والنّصيحة والتّذكرة، والحضّ على طاعة الله والتّوبة عن (¬1) الذّنوب والإنابة (¬2) والإقلاع والنّزوع عمّا يكره الله، والتّواصي بالحقّ والصدق والصّبر والرّحمة والرّفق، والتّناهي عن معاصي الله كلّها، والتّعليم والتّقويم لمن استجاب/لله ولرسوله، حتى تنفذ بصائرهم، وتكمل نحلتهم وتجتمع كلمتهم، وتنتظم إلفتهم؛ فإذا اجتمع منهم من يكون للفساد دافعا، وللظّالمين مقاوما، وعلى البّغي والعدوان قاهرا، أظهروا دعوتهم وندبوا العباد إلى طاعة ربّهم، ودافعوا (¬3) أهل الجور عن ارتكاب ما حرّم الله عليهم، وحالوا بين أهل المعاصي وبين العمل بها فإنّ في معصية الله تلفا لمن ركبها (¬4)، وهلاكا لمن عمل/بها؛ ولا يؤيسنّكم (¬5) من علوّ الحقّ وإظهاره قلّة أنصاره، فإنّ فيما بدىء به من وحده: النّبيّ، صلى الله عليه، والأنبياء الدّاعين إلى الله قبله، وتكثيره إيّاهم بعد القلّة، وإعزازهم بعد الذّلّة، دليل بيّن وبرهان واضح، قال الله عزّ وجلّ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اَللهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ (آل عمران 3/ 123) وقال وَلَيَنْصُرَنَّ اَللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اَللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (¬6) (الحج 22/ 40) فنصر الله نبيّه وكثّر جنده وأظهر حزبه، وأنجز وعده، جزاء من الله سبحانه (¬7) وثوابا لفعله وصبره وإيثاره طاعة ربّه ورأفته بعباده ورحمته وحسن قيامه ¬

(¬1) م ص: من. (¬2) الحدائق: العبادة والإنابة. (¬3) ص: ودفعوا. (¬4) الحدائق: ارتكبها. (¬5) ر: يثنينكم ثم كتب مقابلها في الهامش الأيسر «يوسنكم»؛ وفي ص: يئيسنكم. (¬6) الحدائق مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ والإشارة لسورة الحديد 57/ 25. (¬7) م ص: من الله له.

بالعدل والقسط في بريّته، ومجاهدة أعدائه وزهده فيما زهّده فيه، ورغبته فيما ندبه الله (¬1) إليه، ومواساته أصحابه، وسعة أخلاقه (¬2)، كما أدّبه الله وأمره وأمر العباد باتّباعه وسلوك سبيله، والاقتداء بهدايته (¬3) واقتفاء أثره، فإذا فعلوا ذلك أنجز لهم ما وعدهم كما قال عزّ وجلّ إِنْ تَنْصُرُوا اَللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ (محمد 47/ 7) وقال تَعاوَنُوا عَلَى اَلْبِرِّ وَاَلتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى اَلْإِثْمِ وَاَلْعُدْوانِ (المائدة 5/ 2)، وقال إِنَّ اَللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَاَلْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي اَلْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ اَلْفَحْشاءِ وَاَلْمُنْكَرِ (¬4) (النحل 16/ 10). وكما مدحهم وأثنى عليهم إذ يقول كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ/لِلنّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ [وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ (آل عمران 3/ 110) وقال عزّ وجلّ اَلْمُؤْمِنُونَ وَاَلْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ] (¬5) (التوبة 9/ 71). وفرض (¬6) الله جلّ جلاله الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، وأضافه إلى الإيمان به (¬7) والإقرار بمعرفته، وأمر بالجهاد عليه والدّعاء إليه فقال (¬8) عزّ وجلّ قاتِلُوا اَلَّذِينَ لا/يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ اَلْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ ماحَرَّمَ اَللهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ اَلْحَقِّ (التوبة 9/ 29)، وفرض قتال المعاندين ¬

(¬1) م ص: ندبه إليه. (¬2) ص: خلقه. (¬3) م ص والحدائق: بهديه. (¬4) م ص: والبغي. (¬5) من ر وحدها. (¬6) م ص: ففرض. (¬7) «به»، ليست في ر. (¬8) ص: وقال؛ الحدائق: قال.

عن الحقّ والباغين عليه، ممّن آمن به وصدّق بكتابه حتى يعودوا إليه ويؤمنوا (¬1)، كما فرض قتال من كفر به وصدّ عنه (¬2) حتى يؤمن به (¬3) ويعترف بدينه وشرائعه فقال وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ اِقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمافَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُماعَلَى اَلْأُخْرى فَقاتِلُوا اَلَّتِي تَبْغِي حَتّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اَللهِ (الحجرات 49/ 9)، فهذا عهد الله إليكم، وميثاقه عليكم بالتّعاون على البرّ والتّقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان (¬4)، فرضا من الله واجبا وحكما (¬5) لازما، فأين عن الله تذهبون، وأنّى تؤفكون (¬6)، وقد جابت الجبابرة في الآفاق شرقا وغربا، وأظهروا الفساد وامتلأت الأرض ظلما وجورا، فليس للّناس ملجأ ولا لهم عند أعدائهم حسن رجاء. فعسى أن تكونوا معاشر إخواننا من البربر اليد الحاصدة للجور /والظلم، وأنصار الكتاب والسنّة، القائمين بحقّ المظلومين من ذرّية النبيين (¬7). فكونوا رحمكم الله (¬8) عند الله بمنزلة من جاهد مع المرسلين ونصر الله مع النّبيّين (¬9)، واعلموا معاشر البربر، أوتيتم (¬10) وأنا المظلوم الملهوف، الطّريد الشريد الخائف الموتور الذي كثر واتروه، وقلّ ¬

(¬1) ر: يعود إليه ويؤمن به. (¬2) الحدائق: حتى يعود إليه وبقي قتال من كفر به وصد عنه». (¬3) الحدائق: يؤمن بالله. (¬4) إشارة إلى سورة المائدة 5/ 2 وقد سبق الاستشهاد بها. (¬5) م ص: وحكما من الله. (¬6) تعبير قرآني ورد أربع مرات في القرآن. (¬7) الحدائق: وآل النبيين. (¬8) زيدت في الهامش الأيسر في ر؛ ولم ترد في ص. (¬9) م ص: والصديقين، الحدائق: نصر مع النبيين. (¬10) ر: اني ناديتكم؛ الحدائق: انكم أويتم.

ناصروه، وقتل أخوته وأبوه، وجدّه وأهلوه، فأجيبوا داعي الله فقد دعاكم إلى الله، قال الله وَمَنْ لا يُجِبْ داعِيَ اَللهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي اَلْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءُ أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (الصف 46/ 32)، أعاذنا الله وإيّاكم [من الضّلال، وهدانا وإياكم] (¬1) إلى سبيل الرّشاد. وأنا إدريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، رسول الله صلى الله عليه، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، جدّاي، وحمزة سيّد الشهداء وجعفر الطيّار في الجنّة عمّاي، وخديجة (¬2) الصدّيقة وفاطمة ابنة أسد الشّقيقة برسول الله جدّتاي، وفاطمة ابنة (¬3) رسول الله سيّدة نساء العالمين وفاطمة ابنة (3) الحسين سيّدة بنات ذراري النّبيّين/أمّاي، والحسن والحسين ابنا رسول الله أبواي، ومحمد وإبراهيم ابنا عبد الله، المهدي والزّاكي أخواي. فهذه دعوتي العادلة (¬4) غير الجائرة، فمن أجابني فله ما لي وعليه ما عليّ، ومن أبى فحظّه أخطأ، وسيرى ذلك عالم الغيب والشهادة أنّي لم أسفك له دما ولا استحللت له (¬5) محرما ولا مالا. واستشهدك يا أكبر الشاهدين شهادة، وأستشهد جبريل وميكائيل أنّي/أوّل من أجاب وأناب، لبّيك اللهم لبيك (¬6)، مزجي السّحاب (¬7) وهازم الأحزاب، مصيّر الجبال سرابا (¬8) ¬

(¬1) ليست في ص. (¬2) ص: فاطمة. (¬3) م ص: بنت. (¬4) م ص: العدالة. (¬5) من ص وحدها. (¬6) م ص: فلبيك اللهم لبيك اللهم. (¬7) إشارة إلى سورة النور 24/ 43. (¬8) إشارة إلى سورة النبأ 78/ 20.

[نزوله في طنجة ومبايعته]

بعد أن كانت صمّا صلابا، أسألك النصر لولد نبيّك إنّك على ذلك قادر (¬1). قال: فخرج معه أهل نفّوسة في ألف حتى بلغوا (¬2) إلى شلف مدينة يقال لها مليانة، فلما دخلها أجابوه وقال له (¬3) أهل الرأي منهم: الرأي أن تحصّن هذه المدينة فإنّك إذا ظفرت بطلبتك لم يضرك تحصينها، وإن هزمت لجأت إليها. فعزم على ذلك (¬4) فعاجله عبد الوهاب بن رستم فقاتله مدّة (¬5) طويلة وتفانى بينهم ألوف من النّاس [1] /فكانت الهزيمة متى وقعت بعبد الوهّاب ثاب إليه المدد لأنّ البلد بلده وأهل ديانته، ومتى نزلت بإدريس لم يجد غير أصحابه المنهزمين يعاود بهم الحرب. [نزوله في طنجة ومبايعته] فلما رأى إدريس ذلك لحق بطنجة فنزل مدينة يقال لها وليلة. وكان أهل طنجة والسوس الأقصى صفرية ومعتزلة فأجابوه وبايعوه، وكان بعضهم رآه يقاتل بفخ (¬6) مع الحسين حتى خضب قميصه بالدّم، فلما رأوه عرفوه فلم ينثنوا عنه وشهدوا له أنّه إدريس الذي قاتل المسوّدة ¬

(¬1) في هامش ص الأيمن: «آخر رسالة إدريس عليه السلام». (¬2) م ص: بلغوا به. (¬3) «له»، ليست في ر. (¬4) في هامش ص الأيمن: «ما وقع بينه عليه السلام وبين ابن رستم من الحروب». (¬5) ص: مدت. (¬6) ص: بفخ يقاتل. [1] ليس من المعروف أنّ إدريس بن عبد الله وعبد الوهّاب بن رستم خاضا حربا؛ وتذكر المصادر الإباضيّة أنّ عبد الوهاب حارب الواصليّة وهم من المعتزلة؛ وقد يكون هؤلاء هم الذين نصروا إدريس وحاربوا في دعوته (انظر المقدّمة).

[ثورة عبد الله بن الجارود في القيروان]

هو وإخوته وبنو أبيه حتى قتلوا واجتمعوا عليه وقلدوه أمرهم فسار فيهم سيرة أهل الحق وأظهر العدل وقدّم أهل/الفضل ولم يستبد برأيه دونهم. وكان رجلا متواضعا خاشعا كثير الصلاة حسن التلاوة للقرآن في آناء الليل والنهار، فآنسهم ما رأوا منه وألقوا إليه مقاليد أمورهم وفرحوا به وأجمعوا عليه. وأخبرني عيسى بن إدريس عن أبيه/عن إسحاق عن (¬1) راشد مولاهم قال: لما رأى إدريس رغبة من معه (¬2) في الجهاد ندبهم إلى قتال الخوارج، عبد الوهاب بن رستم فإن رزقه الله الظفر سار إلى المسوّدة فأجابوه إلى ذلك، وهذا بعدما أقام بطنجة سبع سنين. فاتّصل الخبر بالفضل بن روح بن حاتم فضاق به ذرعا وعلم أنّه لا طاقة له به إن ظفر بابن رستم، فكتب إلى هارون الرشيد بذلك وأنّه إن ظفر بابن رستم (¬3) فلا طاقة له به، وإن ظفر بالقيروان (¬4) فلا رادّ له عن مصر. فلما قرأ هارون كتابه وجّه إليه بالأموال والرّجال. [ثورة عبد الله بن الجارود في القيروان] وثار على الفضل بن روح عبد الله بن الجارود الرّبعي [1]، فبلغ ¬

(¬1) ر: بن. (¬2) م: تبعه. (¬3) «ابن رستم»، ليست في ر. (¬4) في هامش ص الأيسر: «القيروان بفتح القاف وسكون الياء من تحت وفتح الراء بعد الواو ألف ونون مدينة بافريقية بناها عقبة بن عامر [كذا] الصحابي والله أعلم». [1] أخبار حروب عبد الله بن الجارود المعروف بعبدويه مع المهلبييّن في: تاريخ إفريقية- للرقيق 135 - 168؛ والكامل 4/ 385 - 388،6/ 136 - 139؛ والحلة السيراء 1/ 76 - 82،84 - 87؛ ونهاية الأرب 24/ 90 - 96؛ وانظر: الدولة الأغلبية لمحمد طالبي 88 - 99،112.

المغيرة بن بشر بن روح المهلبي، عامل الفضل على تونس ذلك وأنّه كاتب إدريس، فبعث بخيل ليأتوه (¬1) به فلمّا أتوه تنحّى عنهم وأخذ ابنه فأتى به المغيرة، فلما رأى عبد الله ذلك نادى في أصحابه (¬2) ثم أتى تونس، فلما رآه المغيرة تحصّن في داره وسأله أمانه على نفسه وأهله حتى يلحق (¬3) بالقيروان ويخلي له تونس، فأجابه إلى ذلك؛ فخرج إلى /القيروان [فاجتمع أهل البلد وأهل خراسان والأبناء على عبد الله بن الجارود وأزمعوا] (¬4) جميعا على إخراج الفضل من القيروان وجميع آل المهلب، فإن رضي هارون بذلك وإلاّ دعوا إلى إدريس وبايعوا له، فلما اتّصل عزمهم بالفضل وجّه إليهم عبد الله بن سليمان المهلّبي، والجنيد بن سنان (¬5)، والنّضر بن العنبر، وجماعة من أصحابه فدعوا عبد الله إلى الصلح فأعطوه (¬6) كل ما يريد، فأبى إلا إخراج الفضل ووجّه بخيل فأخذ الجنيد بن سنان (5) وأبا المغيرة وأبا النضر، فلما رأى عبد الله أنّ أصحابه قد أخذوا أراد أن يخلّصهم من أيديهم، فحمل عليهم فقتلوه /وقتلوا من أصحابه وأفلت بقيّتهم ولحق بالقيروان. فأمر الفضل ببيت ¬

(¬1) م ص: فبعث إليه بخيل ليأتوا به. (¬2) م ص: بأصحابه. (¬3) سقطت من م. (¬4) م ص: واجمعوا. (¬5) في الأصول: سنان، وفي تاريخ الرقيق ونهاية الأرب: سيّار؛ وفي الكامل 5/ 598؛ والعبر 4/ 412: بشار. (¬6) م ص: وأعطوه.

المال ففتح وأعطى أصحابه، وكانت الأموال عنده كثيرة (¬1) ممّا يبعث إليه هارون (¬2) ويمدّه، فجعل أصحابه يأخذون من الأرزاق ويتسلّلون (¬3) إلى عبد الله بن الجارود حتى لحق عامّتهم به. فلما كثر عند عبد الله الجموع كتب إلى الفضل يأمره بالخروج عن القيروان فإنّه/لا حاجة للأبناء بولايته فإن فعل وإلاّ حاربه، فأبى الفضل إلاّ محاربته، وأخرج إليهم عبد الله بن يزيد (¬4)، ابن عمّه، وابن وقدان الأنصاري وضمّ إليهما/من معه من القواد وأبناء خراسان، والتقوا هم وعبد الله بن الجارود بموضع يقال له طينابس (¬5) واقتتلوا قتالا شديدا يوم الأحد والإثنين، وكثرت القتلى بين (¬6) الفريقين فانهزم عبد الله بن يزيد بن حاتم وقتل هارون بن وقدان الأنصاري فلحقوا (¬7) بالقيروان، واتبعهم عبد الله بن الجارود فدخل القيروان وأمّن الناس وكتب إلى هارون الرّشيد يسأله أن يولّيه على (¬8) القيروان وأنّ الأبناء لا ترضى إلاّ به، وحبس الفضل بن روح وهنّاد بن وبره (¬9) كاتبه. وكتب إلى الخليفة هارون جماعة الجند إنّا قد رضينا بعبد الله بن الجارود. وثار (¬10) مالك بن منذر الكلبي على عبد الله بن ¬

(¬1) ر: كثيرة عنده. (¬2) م ص: هارون الرشيد. (¬3) ر: وينفصلون. (¬4) ر: عبد الله بن يزيد بن حاتم؛ م: عبد الله بن حاتم. (¬5) م: طيناس؛ ولم أقع على موضع بهذا الاسم. (¬6) ر: بينهم من. (¬7) ر: فلحقهم؛ ص: فلحق. (¬8) ر: أن يوليه القيروان. (¬9) ص: وفرة. (¬10) في هامش ص الأيسر: «ثوران مالك بن المنذر على تونس داعيا إلى إدريس عليه السلام».

الجارود فقتلوا محمد بن عبد الله بن الجارود ودعوا إلى إدريس بن عبد الله؛ وكان محمد بن عبد الله بن الجارود على تونس فلحق أصحابه بالقيروان وجلوا (¬1) عن تونس، فلما صاروا إلى عبد الله بن الجارود أخرج الفضل بن روح فضرب عنقه سنة ثمان وسبعين ومائة. ثم زحف إلى مالك بن منذر الكلبي فالتقوا، فقتل بينهم عالم كثير (¬2) وقتل مالك بن المنذر وإنهزم أصحابه. فلما اتّصل الخبر (¬3) بهارون الرشيد وجّه يقطين بن موسى صاحب الدّولة، والمهلب بن رافع ليجيبوا عبد الله/بن الجارود إلى كل ما سأل ويضمنوا له جميع ما أحبّ، ووجّه إليه بأموال كثيرة وجوائز وخلع. فلما بلغ عبد الله خبرهم وما جاءوا به (¬4) كتب إلى عامله بإطرابلس بحبسهم (¬5) قبله لا يخلّيهم حتى يرى رأيه، فحبسوا بها مدّة، ثم إستعمل عبد الله على إطرابلس طالب بن عضين التّميمي وأمره أن ينفذ إليه رسل هارون، فلمّا قدموا عليه أكرمهم وقبض ما معهم من الأموال وردّهم إلى هارون فأعلموه أنّه في الطاعة، وسألهم أن يستوهبوا له من هارون ما كان [من جبايته] (¬6)، ففعل/ذلك (¬7) له هارون ووجّه إليه برزق الأبناء والجند ثلاث سنين، وأعطى هارون يقطين كلّ ما سأله، وأخبر يقطين ¬

(¬1) ص: وخلوا. (¬2) ص: كبير. (¬3) م ص: خبره. (¬4) م ص: له. (¬5) م ص: أن يحبسهم. (¬6) ص: ما كانت من جنايته. (¬7) م ص: تلك.

أنّه لا [يضبط الأبناء] (¬1) على بابه [إلا أرجل رجل] (¬2) وأخبره بخبر /إدريس، قال: لا آمن أن يميل عبد الله بن الجارود إلى إدريس فلا يردّه عن مصر رادّ (¬3)، فراع هارون ذلك فاستعمل على المغرب هرثمة بن أعين، وكان أشدّ رجل في عصره وأحسنهم تدبيرا في الحرب، وأكّد عليه في الحيلة في إدريس في السّمّ (¬4)، ووجّه معه الأموال والجيوش وأمره ألاّ يرجع ما دام (¬5) إدريس بالمغرب، فأقام هرثمة بالمغرب (¬6) حتى سمّ إدريس وقتل [1]. قال: وأقبل (¬7) /هرثمة حتى صار إلى برقة، فقدّم يحيى بن موسى الكندي في جيش عظيم إلى اطرابلس وأراد أن يعلم خبر (¬8) عبد الله بن ¬

(¬1) من م ص؛ وفي ر بياض بقدر كلمة. (¬2) من ص وحدها. (¬3) في هامش ص الأيمن: «إرسال الرشيد هرثمة بن أعين إلى المغرب خوفا من إدريس عليه السلام». (¬4) م ص: بالسم. (¬5) م ص: ما بقي. (¬6) م ص: هرثمة لعمري في المغرب. (¬7) ص: فأقبل. (¬8) م ص: أن يختبر. [1] لم يذكر المؤلف شيئا عن سمّ إدريس وموته وفي ذلك روايات كثيرة، انظر: أسماء المغتالين 197 - 198، ومقاتل الطالبيين 489 - 490 (ط 2.407 - 408)؛ والمصابيح (ما يلي ص 325 - 327)؛ والبلدان لابن الفقيه 34؛ والمغرب للبكري 118 - 122؛ وتاريخ إفريقية للرقيق 179 - 180؛ والحلة السيراء 1/ 52 - 53،98 - 99؛ والأنيس المطرب 22 - 24؛ والعبر 4/ 24 - 26؛ وبغية الروّاد 1/ 166؛ والروض المعطار 610؛ وجذوة الاقتباس 1/ 22 - 24؛ والاستقصا 1/ 142 - 144؛ (وانظر مقدمة هذا الكتاب)

الجارود وهل (¬1) هو في الطاعة لهم أم لا، فكتب (¬2) إلى محمد بن يزيد الفارسي كتابا لطيفا يعده ويمنيّه ويأمره أن يغتال عبد الله بن الجارود إن لم يقبل ما بذل له من الأمان ويسّلم القيروان، وكتب إليه إن هو فعل ولاّه القيروان ورفعه وأجازه. فعرض محمد بن يزيد على عبد الله بن الجارود أن يسلّم إليه البلد فأبى، فكلّم الأبناء ودسّ إليهم واستمالهم فقال (¬3): أنتم أصحاب هذه الدولة، القائمون بها (¬4) وعبد الله قد خلع الطّاعة وشاقّ الخليفة ومالأ عدوّ أمير المؤمنين إدريس [بن عبد الله] (¬5)، فأجابوه فواعدهم موضعا يقال له باب ابن أبي الربيع [1] في يوم بيعتهم (¬6) ثم ثار بهم، فلما بلغ عبد الله بن الجارود زحف إليهم (¬7) فانهزم محمد بن يزيد الفارسي وتبعه عبد الله حتى قتله وأمّن من تخلّف من أصحابه ولحق قوم منهم بنفّوسة وزناتة. ثم قدم يحيى بن موسى، خليفة هرثمة، إطرابلس فدخلها يوم السبت لعشر خلون من المحرّم بغير حرب سنة تسع وسبعين ومائة، فبعث إلى من بها من القوّاد والأبناء فأعطاهم رزق سنتين، /فلمّا بلغ ¬

(¬1) م ص: هل. (¬2) م ص: وكتب. (¬3) م ص: وقال. (¬4) ر: القائمين؛ ص: والقائمون. (¬5) ليست في ص. (¬6) م ص: يوم بعينه. (¬7) ص: إليه. [1] من أبواب القيروان بين القبلة والشرق (المغرب للبكري 25؛ وانظر رياض النفوس، فهارسه).

[مقتل إدريس]

من بالقيروان ذلك خذلوا عبد الله بن الجارود العبدي (¬1) وتسلّلوا إلى يحيى بن موسى الكندي. وقدم هرثمة طرابلس فخاف أن يفوته عبد الله بن الجارود ويصير إلى الزّاب (¬2) /فيلحق بإدريس فلا يقوم له، فأشاروا عليه أن يكتب إلى العلاء بن سعيد ويأمره بحربه والأخذ عليه ويمدّه بالأموال، وكان العلاء [مقتل إدريس] بالزّاب ففعل، فجمع العلاء كلّ من قبله من (¬3) أبناء الجند وأهل الشام وسائر عرب المغرب ومن قدر عليه، وكتب إليه هرثمة أن يزحف إلى القيروان وأن يعرض جميع من أتاه ويستعين على عبد الله بن الجارود (¬4) بكلّ من قدر عليه. فلما بلغ عبد الله ذلك وخذله أصحابه، علم أنّه لا طاقة له بالقوم ولا سبيل له (¬5) إلى اللحوق بإدريس بطنجة (¬6)، فكتب (¬7) إلى هرثمة بن أعين أن وجّه إليّ من أحببت حتى أسلّم إليه وأعترف بالطاعة (¬8). فوجّه هرثمة يحيى بن موسى بجميع الجند الذين كانوا باطرابلس، وضمّ إليه خلقا من أصحابه. فلما قارب إفريقية/تلقّاه النضر بن حفص وابن معاوية ¬

(¬1) «العبدي»، ليست في ر. (¬2) وردت في آخر السطر في ر، غير واضحة. (¬3) «من»، ليست في ر. (¬4) «بن الجارود»، ليست من ر. (¬5) ر: ولا السبيل الى. (¬6) ر: وطنجة. (¬7) ر: كتب. (¬8) م ص: اسلم إليه العمل واعترف له بالطاعة.

القائدان (¬1) في جميع جند افريقية، فصوّب نحو القيروان/وخالفه عبد الله بن الجارود فخرج عنها (¬2) إلى ناحية سرت (¬3)، وأقام بها ووجّه رسولا يأخذ له الأمان من الرشيد، وعزم إن تعذّر عليه الأمان منه أن يأخذ الفلاة والرّمال (¬4) إلى إدريس. فأجابه الرشيد إلى جميع ما سأل، وبعث إليه بالخلع والأموال ووجّه إليه رسولا (¬5) يؤمّنه ويضمن له بكلّ (¬6) ما طلب ويأمره (¬7) بالقدوم بغداد. فخرج يريدها فلمّا فصل عن مصر سقي شربة فمات منها، وانتشر كلّ (¬8) من كان معه فقتل عامّتهم. وصار (¬9) هرثمة إلى القيروان في جمادى سنة تسع وسبعين ومائة، فلم يزل يدسّ إلى إدريس ويحتال ليوجّه (¬10) إلى النّفر الذين كان هارون وجّههم إلى إدريس إلى طنجة ليسقوه السّمّ حتى فعلوا. ثم (¬11) أمر بالشّيعة في جميع الأمصار أن يقتلوا ويعذّبوا ويحرّقوا حتى ما يومأ إلى بريء (¬12) ولا سقيم إلا أخذ وعذّب بأنواع العذاب. ¬

(¬1) في جميع المصادر: القائدين. (¬2) ص: منها. (¬3) ص: سرب. (¬4) م: اخذ العلاب والرمال؛ ص: ان اخذ العلاب والرباب. (¬5) ص: برسول. (¬6) ص: كل. (¬7) ص: ويامر له. (¬8) «كل»، من ر وحدها. (¬9) في هامش ص الأيمن: «وقدم «كذا» هرثمة إلى القيروان واحتفاله في سم إدريس عليه السلام وتعذبيه الشيعة». (¬10) ص: ويحتال عليه ليوجهه. (¬11) في هامش ص الأيمن: «آخر خبر إدريس عليه السلام». (¬12) م ص: يومي إلى احد بري.

[خبر يحيى بن عبد الله]

[خبر يحيى بن عبد الله] (¬1) ففرّ يحيى إلى اليمن فطلب باليمن (¬2) ففرّ إلى بلاد الجزيرة، ثم إلى أرمينية [1]، والطّلب يتبعه من بلد إلى بلد حتى ألجأه إلى أن دخل بغداد. [دخوله إلى بغداد] [قال الحسن عن إبراهيم (¬3) بن يونس عن أبيه عن فليت بن (¬4) سليمان، قال: لما إشتدّ الطلب بيحيى، ألجأه الطّلب إلى أن دخل بغداد] (¬5)، فاتّصل خبره بهارون فوضع له المراصد على بغداد، وتعثّر (¬6) الدّخول ¬

(¬1) العنوان زيادة من المحقق؛ وفي هامش ص الأيسر: «أول خبر يحيى عليه السلام». (¬2) ص: في اليمن. (¬3) م ص: حدثني الحسن بن إبراهيم. (¬4) ر: عن. (¬5) زادها في هامش ص الأيسر وكتب بعدها «صح». (¬6) م ص: ومنع من. [1] في المصابيح (ص 304 فيما يلي): «وصار يحيى بن عبد الله بنفسه إلى اليمن وأقام بها مدة ثم صار إلى مصر وأرض المغرب ونواحيها. .».

إليها والخروج منها، وأمر أصحاب الأرباع والمسالح (¬1) /والحرّاس أن يأتوه بكلّ غريب في (¬2) كلّ درب وكلّ خان/وكلّ سوق (¬3). فرجع صاحب الدّار التي فيها يحيى فأخبره الخبر، واغتمّ لذلك وخاف أن يهجم عليه، فقال له يحيى: إمض فاشتر بغلين فارهين (¬4)، فدخل السوق فاشترى بغلين فارهين، فلما أتاه بهما حذّ فهما على هيئة بغال البريد، فلما مضى من الليل ثلثاه خرج فركب وركب صاحبه، ودفع خريطة قد هيّأها من النّهار إلى صاحبه، وأمره أن ينعر ويصيح كأنه فرانق [1] بين يديه (¬5)، ففعل صاحبه ذلك، فجعل لا يمرّ بدرب ولا سريحة إلاّ فتحت بين يديه حتى خرجا عن بغداد؛ فلما فاتوا (¬6) موضع سكّة البريد نزل وأدخلوا البغلين (¬7) بعض الأنهار وقيّدوهما وتركوهما، ومضيا. قال: ومرّ (¬8) يحيى وقد لبس خلقانا وتعمّم بعمامة خلقة كأنه ¬

(¬1) ص: المصالح؛ وفي الهامش الأيسر: «المصالح والمسالح بالسين في الأصل ثم غلب عليها تسميتها بالصاد اصطلاحا». (¬2) م ص: من. (¬3) م ص: وكل خان وسوق. (¬4) م ص: فاشتر لي بغلين. (¬5) في هامش ص الأيمن: «الفرانق الذي يدل صاحب البريد على الطريق». (¬6) ص: اتوا. (¬7) م: احد البغلين. (¬8) ص: وخرج. [1] ورد خبر شبيه بهذا في الجليس الصالح 3/ 6 وهو هناك منسوب لإبراهيم بن عبد الله ابن حسن بن حسن أثناء تواريه في مدينة الموصل؛ وورد ذكر فرانق البريد في شعر أمرىء القيس، ديوانه 66؛ وانظر لسان العرب 3/ 86 (برد)، و 10/ 307 (فرنق).

أعرابي، فمنعه صاحب المسلحة أن (¬1) يجوز، فقال له يحيى: ويحك ليس مثلي يمنع، إنما يمنع رجل عليه (¬2) شارة الدّنيا (¬3)، فما زال يدفع عن نفسه (¬4) بالمعاريض حتى قال له المسلحيّ (¬5): فأنشدني أبيات شعر (¬6)، فأنشأ (¬7) يقول [1]: [من السريع]. ¬

(¬1) م ص: المصلحة من أن. (¬2) ر: فيه. (¬3) ص: الدني. (¬4) ر: يدفع نفسه. (¬5) ص: المصلحي. (¬6) م ص: أبيات شعر وجز. (¬7) ص: فانشا يحيى صلوات الله عليه. [1] لا يعرف قائل الأبيات. وقد نسبت لعدد من الطالبيين، وأول من نسبت له منهم، وقيل تمثل بها، زيد بن علي؛ ثم نسبت لعدد من الحسينيين إمّا قولا أو تمثّلا وكأنها صارت علامة تدلّ عليهم. فنسبت للنفس الزكية ولابنه الأشتر ولموسى بن عبد الله وليحيى بن عبد الله. وذكر القالي أن عبد الرحمن بن الأشعث أنشدها حين أتى سجستان منهزما؛ وبحسب كل نسبة أو موقف وضع لها إطار قصصي مختلف. قارن بالبيان والتبيين 1/ 310 - 311؛ وأنساب الأشراف (ط. المحمودي) 3/ 110؛ وعيون الأخبار 1/ 291 - 292؛ وتاريخ اليعقوبي 2/ 391؛ وتاريخ الطبري 7/ 535،556 (-3/ 167،195)؛ وفتوح ابن الأعثم 7/ 151؛ والعقد الفريد 5/ 90 - 91؛ ومقاتل الطالبيين 230 - 231،311 (ط 2.205،270) والمجدي 187؛ والمنتظم 8/ 47؛ والكامل 5/ 55؛ والحدائق الوردية (مصورة دمشق) 1/ 165؛ وعمدة الطالب 229؛ والأمالي 3/ 142؛ ومعجم الشعراء 288؛ وزهر الآداب 1/ 78؛ ومجموعة المعاني 251؛ وغاية الإختصار 27؛ والروض المعطار 495.

منخرق الخفّين يشكو الوجا (¬1) … تنكبه (¬2) أطراف مرو حداد (¬3) / شرّده الخوف من أوطانه (¬4) … كذاك من يكره حرّ الجّلاد قد كان في الموت له راحة … والموت حتم في رقاب العباد (¬5) / قال: فلما وجد البغلان مسيّبين (¬6)، استريب بهما، فسئل عنهما أصحاب المسالح (¬7) وهدّدوا. فقالوا: والله ما مرّ بنا إلاّ أعرابي أنشدنا أبياتا (¬8) من شعره، وذكروا الشعر (¬9). فقالوا: هو والله ذاك (¬10)، فطلبوه فلم يلحقوه وفاتهم. ¬

(¬1) الوجا: الحفا، وقيل شدة الحفا (لسان العرب «وجا» 15/ 378). (¬2) في الأمالي: منخرق السربال يشكو الوجى تنقفه أطراف صخر حداد؛ ونكب الحجر رجله وظفره فهو منكوب ونكيب أصابه، وقد نكبته الحرّة أي نالته حجارتها وأصابته؛ والمرو: الحجارة الصلبة يكون فيها النار. (¬3) ورد البيت الثاني هنا أولا في البيان والتبيين؛ وعيون الأخبار؛ والعقد الفريد؛ ومعجم الشعراء، وزهر الآداب؛ ومجموعة المعاني؛ والروض المعطار. (¬4) في أنساب الأشراف (ط. المحمودي): أفردني الخوف فلا أمن لي؛ وفي البيان والتبيين؛ وعيون الأخبار؛ والعقد الفريد؛ والأمالي؛ ومعجم الشعراء؛ ومجموعة المعاني: شرده الخوف وأزرى به؛ وفي المقاتل؛ والحدائق الوردية؛ وغاية الاختصار؛ والروض المعطار: فأزرى به. (¬5) زاد في الروض المعطار: إن يحدث الله له دولة يترك آثار العدا كالرماد وفي المجدي: وليس ذا ذنب سوى انّه خوّفهم وقفة يوم المعاد (¬6) ص: مسيبان. (¬7) ص: المصالح. (¬8) ص: بيتين. (¬9) ص: لهم. (¬10) ر: هو ذاك.

[يحيى في اليمن]

[يحيى في اليمن] وقد حدّثني. سعيد بن بهلول من أبناء فارس بصنعاء (¬1) قال: قدم يحيى بن عبد الله صنعاء (¬2) فاختفى عند رجل منّا-يعني (¬3) من الأبناء-يقال له زكرياء بن يحيى بن عمر بن سابور؛ فمكث عندهم بصنعاء ثمانية (¬4) أشهر مكتوما فكتبوا عنه علما كثيرا. وكان الشافعي، محمد بن إدريس من أصحابه، وابن عون اللهبي (¬5). فخرج من اليمن (¬6) بعدما طلب إلى خراسان. قال (¬7): وفي يحيى بن عبد الله يقول منصور النمري، في قصيدة مدح بها هارون، وهي (¬8): [من الوافر] [1] مننت على ابن عبد الله يحيى … وكان من الحتوف على شفير ¬

(¬1) في هامش ص الأيسر: «ذكر قدوم يحيى عليه السلام صنعاء ومدّت مقامه فيها ومن أخذ عنه وصحبه، منهم الشافعي». (¬2) «صنعاء»، ليست في ر. (¬3) م ليست في ص. (¬4) م: فمكث عنده ثمانية. (¬5) ص: ابن عن كل؛ م ر: ابن عورك. (¬6) في هامش ص الأيسر: «خروجه عليه السلام إلى خراسان». (¬7) «قال»، من ص وحدها. (¬8) «وهي»، من ر وحدها. [1] من قصيدة له في مدح الرشيد، وقد وردت الأبيات الثلاثة الأولى، سابعا وثامنا وتاسعا من ضمن أربعة وعشرين بيتا جمعها الطيّب العشاش فيما تبقى من شعره، ولم ترد الأبيات الثلاثة الأخرى في المجموع من شعره، شعر منصور النمري 86 - 89.

وقد سخطت لسخطتك المنايا … عليه فهي حائمة النّسور (¬1) /ولو كافئت ما اجترحت يداه … دلفت له بقاصمة الظّهور وما زالت جبالك تطّئية (¬2) … وترهقه الوعور إلى الوعور وتأخذه عن الجنبات (¬3) حتى … أجابك واستحال عن النّفور بودّك، لو أناب بنو عليّ … فنزّلهم بمنزلة الأسير (¬4) قال: ولما نزل يحيى بعض مناهل طريق مكة، وافقه فيه هارون /حاجا، كتب في قبّة من قباب ذلك المتغشى: منخرق الخفّين يشكو الوجا … تنكبه أطراف مرو حداد الأبيات الثلاثة. قال: فقرأها هارون، أو أخبر بها، فكتب تحتها: لك الأمان، لك الأمان، لك الأمان (¬5). أظنّه بخطه إن شاء الله (¬6)، على ما ذكروا وهو حديث صحيح مسند. ¬

(¬1) الأبيات في ر غير معجمة على عادة الناسخ؛ وفي م ص: حامية النسور؛ وفي شعره المجموع 86: حائمة النسور؛ وقد ورد هذا البيت في مصدرين: كتاب البديع لابن المعتز 18؛ وأمالي المرتضى 2/ 274 وفيهما: حائمة النسور، وقراءة الشنقيطي في طبعة الأمالي الأولى 4/ 185: خاتمة النشور. (¬2) أي تطأه وتحقّره؛ وفي ر: تطبيه وكتب في الهامش الأيسر: «طبيته وأطبيته، قدته، ذكره في القاموس»؛ وانظر لسان العرب 15/ 3 (طبي). (¬3) ص: الخباء. (¬4) ص: الاثير. (¬5) م ص: لك الامان لك الامان ثلاثة اسفار. (¬6) م ص: انشاء الله بخطه.

[في طبرستان]

قال: فلما رجع يحيى رآه (¬1) فكتب تحته: لا أثق بك، لا أثق بك. [في طبرستان] ولما خاف يحيى أن يقع في أيديهم، أحبّ أن يكون في موضع منيع حتى ترجع إليه دعاته ويحكم أمره، فكتب (¬2) إلى ملك طبرستان شرتون (¬3) بن فلان [1] يسأله الإفاق به (¬4) ثلاث سنين. فقال: أنا آويه الدّهر كلّه، ولكني (¬5) أدلّكم (¬6) على موضع هو أمنع من موضعي: جستان ملك الدّيلم، له أجبل (¬7) بين سهول طبرستان ومن وراء ذلك جبال دنباوند (¬8)، فمتى نزلت العساكر بها وحاصروني لم آمن أن يظفروا ببغيتهم /ويجدوا من أهل بيتي من يدلّهم على عورتي فلا آمن الفضيحة، ¬

(¬1) م ص: رآه مكتوبا. (¬2) في هامش ر الأيمن: «كتابه عليه السلام إلى ملك طبرستان وما أشار عليه به من مصيره إلى جستان ملك الديلم». (¬3) ص: شريون؛ م: شروين. (¬4) م ص: أن يؤيده؛ وفي ر: الأمان به؛ وكتب المحلي في هامش ر الأيمن: «أظنه الأمان له». وقد تكون من قولهم تأفّق بنا أي ألم أو جاءنا من أفق (لسان العرب 10/ 5 و 6). (¬5) م ص: ولكنني. (¬6) ر: زادها في الهامش الأيمن. (¬7) ص: بلادي جبل. (¬8) م ص: دناوند. [1] في كتاب المصابيح (ص 305 - 306 فيما يلي): شروين بن سرخاب؛ وذكر أبو العباس الحسني أنه نزل أولا بخاقان ملك الترك وأنّه أبى تسليمه لرسول الرشيد، وأسلم سرّا، ثم فارقه يحيى إلى ملك طبرستان وبعد ذلك إلى الديلم.

[في الديلم]

ولكني أسير معكم إلى جستان ملك الديلم وأسأله أن يؤويه (¬1) وأرجوا ألاّ (¬2) يمتنع علينا، وجبالي متّصلة بجباله فنكون جميعا يدا على منعه. فصاروا إلى جستان [ملك الديلم] (¬3) /فأنعم لهم وأظهر سرورا واستبشارا. فهذا سبب دخول يحيى عليه السلام بلد الدّيلم (¬4). [في الديلم] وحدّثني (¬5) أبو زيد عن المدائني قال: لما ظهر يحيى بن عبد الله صلى الله عليه أيّام الرشيد بالديلم، [علا صوته في الآفاق] (¬6) وكثر الدعاة إليه وأجابه النّاس، وسارع (¬7) إليه كلّ من له رغبة في الدين وأهل النيّات من المسلمين. وكان له سبعون رجلا (¬8) من علماء زماننا، دعاة إليه وإلى نصرته، يتفرقون القرى (¬9) يدعون إلى حكم الكتاب ونصرة الدين ودفع الجور ومنع الظالمين، وإظهار الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، منهم [1]: محمد بن إدريس الشافعي، ومحمد بن عامر، ومخول بن إبراهيم فقيه أيضا، وحسن بن الحسين (¬10)، وإبراهيم بن إسحاق، ¬

(¬1) ص: يؤديه. (¬2) ص: فارجوا أن لا. (¬3) ليست في م ص. (¬4) في هامش ص الأيمن: «دخوله عليه السلام الديلم وحسن تلقي جستان له». (¬5) م ص: حدثني. (¬6) ليست في ص. (¬7) ر: وسارعوا إليه رغبة من كل. . . (¬8) في هامش الأيسر: «ذكر جماعة من دعات يحيى عليه السلام منهم الشافعي رحمه الله». (¬9) ر: سعرون القرا. (¬10) أخبار أئمة الزيدية (الحدائق): الحسن العرني؛ وفي الحدائق (مصورة) 1/ 182 الحسين العرني. [1] قارن بكتاب المصابيح (ص 303 - 304 فيما يلي)؛ والحدائق الورديّة (مصورة) 1/ 182.

وسليمان بن جرير (¬1)، وعبد العزيز بن يحيى الكناني (¬2)، وبشر بن المعتمر، وفليت بن إسماعيل، ومنصور البخاري، ومحمد/ابن أبي نعيم، ويونس بن إبراهيم الرازي، ويونس ابن البجلي (¬3)، وابن عون (¬4) اللهبي، وحبيب بن أرطاة، وسعيد بن خثيم الهلالي، وغيرهم من فقهاء المدائن وعلماء الأمصار [وأهل البصائر] (¬5). فلما [1] انتهى ذلك إلى هارون هاله (¬6) وعظم عليه (¬7) وبلغ به الهم (¬8) أن ترك شرب الخمر ولبس الصّوف أيام يحيى كلّها حتى انقضى أمره. قال أبو زيد: / فوجّه الفضل بن يحيى بن خالد بن برمك في سبعين ألف رجل من صناديد رجاله ووجوه قوّاده وولاّه الجبل (¬9) كلّه والريّ وكورها وجرجان وقومس ودنباوند (¬10) والرويان، وجمع له أجنادا ¬

(¬1) ص: جريره. (¬2) ص: الكتابي. (¬3) م ص: يونس البجلي. (¬4) ص: ابن عي رك؛ م ر: ابن عورك. (¬5) من ر وحدها. (¬6) م ص: هاله ذلك. (¬7) في هامش ص الأيسر: «ذكر ما نزل بهرون من ذلك وتوجيه الفضل بن يحيا ولبسه الصوف». (¬8) م ص: الغم. (¬9) في هامش ص الأيمن: «بلاد الجبل عبارة عن عراق العجم الفاصل بين عراق العرب وخراسان وبلاده المشهورة أصبهان وجرجان والري وزنجان، ذكره ابن خلكان» (وفيات الأعيان 5/ 341). (¬10) ص: ودينار. [1] قارن بتاريخ الطبري 8/ 242 (-3/ 613).

لم تجمع إلاّ له، وأمدّه (¬1) بخمسين ألف ألف، فعسكر (¬2) بالنهروان، وجاء الرشيد فعرض الجيش بنفسه فرأى كراعا ورجالا ما رأى مثلهم (¬3)، وسلاحا وآلة أعجبته (¬4) وردّت بعض رجائه، وأمره بالرّحيل من ساعته، وأمدّه بالأموال يتبع بعضها بعضا، ولم يخله من خلعه وتقليده وإمداده في كلّ يوم منذ (¬5) توجّه من عنده؛ وكان أكثر ما يقوم إليه فيه استمالة جستان ومراسلته وملاطفته ومواصلة سائر قوّاده ووزرائه، ويوجّه إليهم (¬6) بالهدايا والألطاف ويبسط آمالهم (¬7) ويعدهم بكل جميل. فلما [1] نزل الفضل الطالقان (¬8) وجّه إلى جستان بالبرّ العظيم من الخزّ والديباج والحرير والأموال وإلى (¬9) جميع أصحابه، وضمن له أن يحمل إليه في كل سنة ألف ألف درهم قفلة، وألف (¬10) ثوب خزّ، وألف ثوب حرير وديباج، وغير ذلك وكثر عليه في الأطماع (¬11) له (¬12)، وواتر في ¬

(¬1) م: وامر له. (¬2) ص: فصار. (¬3) ص: مثله. (¬4) م ص: عجيبة. (¬5) من ص وحدها. (¬6) م ص: إليهم رغبهم. (¬7) م: اموالهم. (¬8) «الطالقان»، ليست في ر. (¬9) ر: إلى. (¬10) ص: والف الف. (¬11) ر: في أطماع. (¬12) في هامش ر الأيمن: «ما وجه الفضل إلى جستان من الرغائب ليسلم إليه يحيى وامتناع جستان من ذلك وتشدده». [1] قارن بالوزراء للجهشياري 189 - 190؛ والعيون والحدائق 3/ 293.

برّه وملاطفته وجميع أسبابه، وسأله (¬1) أن يحمل إليه يحيى/. فقال له (¬2) (¬3) جستان: لو أعطيتني جميع ما تملكه ملوك الدّنيا لم أسلّمه إليكم، فاعمل ما بدا لك/أن تعمله. فلم ييئس (¬4) ذلك الفضل وواتر برّه له ولحاشيته، وكتب إلى يحيى بن عبد الله كتابا يعرض عليه فيه الأمان (¬5) ويبذل ليحيى من المال ألف ألف وألف ألف وألف ألف ومن القطائع كذا وكذا، وأن ينزله (¬6) من البلاد [حيث أحبّ، ويوليه من الولايات (¬7) والبلاد] (¬8) ما أراد، ويقضي (¬9) له من الحوائج كلّما طلب. فكتب يحيى إلى هارون جواب كتابه (¬10) وهو معتصم بما وكّد له الديمليّ (¬11) من ذمّته، راج منه الوفاء وحسن المدافعة، ولما (¬12) أظهر من منعه وعقد من ذمّته. [وهذا كتابه] (¬13): [1] ¬

(¬1) زادها في ر في الهامش الأيسر. (¬2) ص: صلى الله عليه. (¬3) «له»، من ص وحدها. (¬4) م ص: يأيس. (¬5) م: الأمان له. (¬6) م ص: ينزلوه. (¬7) م: ويولوه من الولايات ما أراد. (¬8) ليست في ص. (¬9) م ص: ويقضوا. (¬10) م ص: جواب كتابه بكاتبه هذا. (¬11) م ص: يوكد الديلمي. (¬12) ر: لما. (¬13) (-13) من ر وحدها. [1] ورد الكتاب في الحدائق الوردية (مصورة) 1/ 183 - 187 (وأظنه ينقل عن أحمد بن سهل الرازي من هذا الكتاب، انظر المقدمة ص 16،18).

بسم الله الرحمن الرحيم. أمّا بعد (¬1)، فقد فهمت ما عرضت (¬2) عليّ من (¬3) الأمان على أن تبذل لي أموال المسلمين وتقطعني (¬4) ضياعهم التي جعلها الله لهم دوني ودونك ولم يجعل لنا فيها نقيرا ولا فتيلا، / فاستعظمت الاستماع له فضلا عن الرّكون إليه، واستوحشت منه تنزّها عن (¬5) قبوله. فاحبس أيّها الإنسان عنّي (¬6) مالك وإقطاعك وقضاءك حوائجي، فقد أدّبتني إذن خالف (¬7) ناقصا، وولدتني عاقا قاطعا؛ فو الله لو أنّ من قتلته (¬8) من أهلي تركا وديالم على بعد أنسابهم منّي وانقطاع رحمهم عنّي لوجبت عليّ نصرتهم والطلب بدمائهم إذ كان منكم قتلهم ظلما/وعدوانا، والله لكم بالمرصاد لما ارتكبتم من ذلك، وعلى الميعاد لما سبق فيه من قوله ووعده ووعيده (¬9)، وكفى بالله جازيا ومعاقبا وناصرا لأوليائه ومنتقما من أعدائه. وكيف لا أطلب بدمائهم وأنام عن ثأرهم، والمقتول بالجوع والعطش والنّكال وضيق (¬10) المحابس وثقل الأغلال وعدو العذاب وترادف الأثقال (¬11) أبي: عبد الله بن الحسن النفس ¬

(¬1) ر: بعد. (¬2) ص: شرطت. (¬3) أخبار أئمة الزيدية 179: فيه من؛ الحدائق (مصورة دمشق) 1/ 183: فيه مع. (¬4) م الحدائق (مصورة دمشق) 1/ 184: تعطيني. (¬5) م ص: من. (¬6) في الحدائق (مصورة) 1/ 184؛ (خ) 1/ 102 ب؛ وأخبار أئمة الزيدية: فاحبس عني أيها الإنسان. (¬7) أي امرأة لا خير فيها. (¬8) م ص: قتلتم. (¬9) م ص: من قوله ووعيده. (¬10) م ص: في ضيق. (¬11) م ص: الأسواط؛ ر: «الأمشاط» ثم رسم فوقها ثلاثة وصححها في الهامش الأيمن: «الأثقال»؛ وفي الحدائق الوردية بنسختيه وأخبار أئمة الزيدية: «الأثقال».

الزكيّة (¬1) والهمّة السنيّة والدّيانة المرضيّة والخشية والتّقيّة، شيخ الفواطم [1] وسيّد أبناء الرّسل (¬2) طرّا، وأرفع أهل عصره قدرا، وأكرم أهل بلاد الله فعلا؛ ثم يتلوه أخوته وبنو أبيه ثم اخوتي وبنو عمومتي، نجوم السّماء وأوتاد الدّنيا، وزينة الأرض، وأمان الخلق، ومعدن الحكمة وينبوع العلم، وكهف المظلوم، ومأوى الملهوف، ما منهم أحد إلاّ لو (¬3) أقسم على الله لبرّ قسمه؛ فما أنسى من شيء (¬4) فلا أنسى مصارعهم وما حلّ بهم من سوء مقدرتكم ولؤم ظفركم، وعظيم إقدامكم (¬5) وقسوة قلوبكم، إذ جاوزتم قتلة من كفر بالله إفراطا، وعذاب من عاند الله إسرافا، ومثلة من جحد الله عتوّا. وكيف أنساه وما أذكره ليلا إلاّ أقضّ عليّ مضجعي وأقلقني عن/موضعي، ولا نهارا إلاّ أمرّ عليّ عيشي وقصّر إلى نفسي، حتى لوددت أنّي أجد السبيل إلى الاستعانة بالسّباع عليكم فضلا عن ¬

(¬1) في الحدائق (مصورة) 1/ 184؛ وأخبار أئمة الزيدية 180: عبد الله بن الحسن ذو الشيبة الزكية. (¬2) في الحدائق (مصورة) 1/ 184؛ وأخبار أئمة الزيدية: أبناء هاشم. (¬3) م ص: الا ولو؛ الحدائق (مصورة) وأخبار أئمة الزيدية 180: إلا من لو. (¬4) الحدائق (مصورة) 1/ 184: وأخبار أئمة الزيدية 180: من الأشياء. (¬5) ر: مقدرتهم. . . اقدامهم. [1] فاطمة بنت عمرو بن عائذ أم عبد الله بن عبد المطلب، وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفاطمة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب زوج الحسن المثنى وأم الحسن المثلث، وقد افتخر النفس الزكية بذلك على الخليفة المنصور، قارن بالطبري 7/ 567 (-3/ 210)؛ وانظر في الفواطم اللاتي ولدن رسول الله صلى الله عليه وسلم المحبّر 51 - 52.

الناس (¬1)، /وآخذ (¬2) منكم حقّ الله الذي وجب (¬3) عليكم، وانتصر (¬4) من ظالمكم فأشفي (¬5) غليل صدر قد كثرت بلابله، وأسكن قلبا جمّا وساوسه من المؤمنين، وأذهب غيظ قلوبهم (¬6) ولو يوما واحدا ثم يقضي الله فيّ ما أحب، وإن (¬7) أعش فمدرك ثأري (¬8) داعيا إلى الله على سبيل رشاد (¬9) أنا ومن اتّبعني، فسالك (¬10) قصد من سلف من آبائي وإخوتي وإخواني (¬11) القائمين بالقسط، الدّعاة إلى الحقّ، وإن أمت فعلى سنن ما (¬12) ماتوا غير راهب لمصرعهم ولا راغب عن مذهبهم (¬13) فلي بهم/أسوة حسنة وقدوة هادية، فأوّل قدوتي منهم أمير المؤمنين، رضوان الله عليه، إذ كان ما زال قائما وقت القيام مع الأمكان (¬14) حتما والنهوض لمجاهدة الجبّارين (¬15) ¬

(¬1) م ص: الانس. (¬2) ص: فاخذ. (¬3) الحدائق (مصورة) 1/ 184: أوجبه. (¬4) في الحدائق (مصورة) 1/ 184؛ (خ) 1/ 102 ب؛ وأخبار الزيدية 181: وانتصف. (¬5) في الحدائق (مصورة) 1/ 184؛ (خ) 1/ 102 ب؛ وأخبار أئمة الزيدية 181: واشفي. (¬6) م ص: غيظهم. (¬7) م ص: فإن. (¬8) ليست في م ص. (¬9) في الحدائق (مصورة) 1/ 184؛ (خ) 1/ 102 ب: رشادي. (¬10) في م وأخبار أئمة الزيدية 181: نسلك. (¬11) في الحدائق (مصورة) 1/ 184؛ (خ) 1/ 102 ب؛ وأخبار أئمة الزيدية: وإخواني وإخوتي. (¬12) في أخبار أئمة الزيدية 181: من ماتوا. (¬13) ص: هديهم. (¬14) م ص: حين القيام على المؤمن مع الإمكان. (¬15) م: الجائرين.

فرضا، فاعترض عليه من كان كالظّلف مع الخفّ ونازعه من كان كالظّلمة مع الشمس، فوجدوا لعمر الله من حزب الشّيطان مثل من (¬1) وجدت، وظاهرهم من أعداء الله مثل من ظاهرك (¬2)، وهم لمكان الحقّ عارفون وبمواضع الرّشد عالمون، فباعوا عظيم جزاء الآخرة بوالج (¬3) عاجل الدنيا، ولذيذ الصّدق (¬4) بغليظ مرارة الإفك، ولو شاء أمير المؤمنين لهدأت له/وركنت إليه بمحاباة الناكثين وإنجاد المضلّين (¬5) وموالاة المارقين، ولكن أبي الله ورسوله (¬6) أن يكون للخائنين متّخذا (¬7) ولا للظالمين مواليا ولم يكن أمره عندهم مشكلا (¬8)، فبدّلوا نعمة الله كفرا (¬9) واتّخذوا آيات الله هزوا، وأنكروا كرامة الله وجحدوا فضيلة الله (¬10)، فقال رابعهم: «أنّى تكون لهم الخلافة والنبوة» حسدا وبغيا، فقديما ما حسد ¬

(¬1) أخبار أئمة الزيدية 181: مثل ما وجدت. (¬2) م: ظاهر معك. (¬3) ص: بواتح وكتب في الهامش الأيسر: «الواتح بالمثناة من فوق والحاء المهملة هو السيء التافه المقبر والله أعلم»؛ وفي الحدائق (مصورة) 1/ 184؛ وأخبار أئمة الزيدية 181: عظيم أجر الآخرة بحقير عاجل الدنيا. (¬4) م ص: ولذيذ الولاء والصدق. (¬5) ص: واتخاذ المظلين. (¬6) «ورسوله»، ليست في الحدائق. (¬7) أخبار أئمة الزيدية 181: منجدا. (¬8) ر: مشكلا فيه؛ والإشارة إلى سورة إبراهيم 14/ 28. (¬9) إشارة إلى سورة البقرة 2/ 231 وانظر الكهف 18/ 56،106 والجاثية 54/ 9 و 35. (¬10) ص: فضيلة الله لنا؛ الحدائق (مصورة 1/ 185؛ وأخبار أئمة الزيدة 182: فجحدوا كرامة الله وأنكروا فضيلة الله.

النبيون وآل (¬1) النبيّين الذين اختصهم الله بمثل ما اختصنا وأخبر عنهم (¬2) تبارك وتعالى فقال أَمْ يَحْسُدُونَ اَلنّاسَ عَلى ماآتاهُمُ اَللهُ مِنْ فَضْلِهِ (¬3) فَقَدْ آتَيْناآلَ إِبْراهِيمَ اَلْكِتابَ وَاَلْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً (النساء 4/ 54)، فجمع لهم المكارم والفضائل والكتاب والحكمة والنبوّة والملك العظيم، فلما أبوا إلاّ تماديا في الغيّ وإصرارا على الضلال، جاهدهم أمير المؤمنين حتى لقي الله شهيدا، رضوان الله عليه، ثم تلاه الحسن (¬4) سليل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وشبيهه (¬5) وسيّد شباب أهل الجنّة إذ كلّ أهلها سادة، فكيف بسيّد السّادة (¬6)، فجاهد من كان أمير المؤمنين جاهده، وسكن إليه من المسلمين من كان شايعه من ذوي السّابقة وأهل المأثرة، فكان أوّل من نقض ما عقد له (¬7)، ونكث عمّا عاهده، عمّك (¬8) عبيد الله بن العباس/حين اطمأن إليه وظنّ أنّ سريرته لله مثل علانيته وجّهه على مقدّمته في نحو من عشرين ألف من المسلمين (¬9)، فلما نزل مسكنا (¬10) من سواد العراق باع دينه وأمانته من ابن ¬

(¬1) الحدائق (مصورة) 1/ 185؛ وأخبار أئمة الزيدية:182: أبناء. (¬2) ر: وأخبرهم. (¬3) ص: تظله؛ أتاهم من فضله. (¬4) م ص: الحسن ابنه، وفي هامش ص الأيمن: «الحسن السبط عليه السلام». (¬5) أخبار أئمة الزيدية 182: وشبله. (¬6) م ص: السادات. (¬7) ص: فكان نقض ما عقد له؛ ر: من بعض من عقد له، ثم كتب في الهامش الأيسر وصوابه: ممن نقض. (¬8) في هامش ص الأيمن: «مفارقة عبيد الله بن العباس للحسن عليه السلام». (¬9) الحدائق (مصورة) 1/ 185؛ وأخبار أئمة الزيدية 182: مقاتل من المسلمين. (¬10) ص: مسكا.

آكلة الأكباد بمائة ألف درهم، وفرّق (¬1) عسكره ليلا ولحق بمعاوية [1]، فدلّه على عورات/عسكر ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم/ وأطمعه في مبارزته بعد أن كانت نفسه قد أحيط بها وضاق عليه مورده ومصدره وظنّ أن لا مطمع له حين استدرج وأمهل له (¬2)، فارتحل الحسن بنفسه باذلا لها في ذات الله، ومحتسبا ثواب الله حتى إذا كان بالمدائن وثب عليه أخو أسد فوجأه في فخذه [2]، فسقط لما به وأيس الناس من إفاقته فتبدّدوا شيعا، وتفرّقوا قطعا، فلما قصرت طاقته وعجزت قوّته وخذله أعوانه، سالم (¬3) هو وأخوه معذورين (¬4) مظلومين موتورين (¬5)، فاستثقل (¬6) اللعين ابن اللعين حياتهما واستطال مدّتهما فاحتال بالاغتيال لابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم حتى نال مراده وظفر بقتله، فمضى مسموما شهيدا (¬7) مغموما فقيدا، وغير شقيقه (¬8) وأخوه وابن ¬

(¬1) الحدائق (مصورة)؛ وأخبار أئمة الزيدية: وفارق. (¬2) «له»، ليست في م. (¬3) في هامش ص الأيسر: «مهادنة الحسن عليه السلام معاوية لعنة الله وأجزاه». (¬4) أخبار أئمة الزيدية:183: مغدورين. (¬5) م ص: مؤثرين؛ الحدائق (مصورة) 1/ 185: ماتورين. (¬6) أخبار أئمة الزيدية:183: فاستقل. (¬7) الحدائق (مصورة) 1/ 185: شهيدا مسموما. (¬8) في هامش ص الأيسر: «ذكر الحسين عليه السلام». [1] قارن بأنساب الأشراف (المحمودي) 3/ 37 - 39،50، (الدوري) 3/ 58؛ والطبري 5/ 163 - 614 (-2/ 7 - 8)؛ ومقاتل الطالبيين 64 (ط 2.73)؛ وعنه الحدائق الوردية (مصورة) 1/ 102. [2] في مقاتل الطالبيين (ط 2.72): «رجل من بني أسد من بني نصر بن قعين يقال له الجراح بن سنان، وكان الجراح فيمن ألّب على سعد بن أبي وقاص أثناء فتح نهاوند»، انظر الطبري 4/ 121 (-1/ 2606 - 2607)؛ وانظر أنساب الأشراف (المحمودي) 3/ 35.

أمه وأبيه، شريكه في فضله ونظيره في سؤدده (¬1)، على مثل ما انقرض عليه أبوه وأخوه، حتّى إذا ظنّ أن قد أمكنته محبّة (¬2) الله من بوارهم ونصرة الله من/افترائهم (¬3)، دافعه عنها أبناء الدنيا، واستدرج بها أبناء الطلقاء، فبعدا للقوم الظالمين، وسحقا لمن آثر على سليل النبيّين وبقية المهتدين الخبيث ابن الخبيثين (¬4) والخائن ابن الخائنين، فقتلوه ومنعوه ماء الفرات وهو مبذول لسائر السباع، وأعطشوه وأعطشوا أهله وقتلوهم ظمأ (¬5)، يناشدونهم فلا يجابون، ويستعطفونهم فلا يرحمون، ثم تهادوا رأسه إلى يزيد الخمور والفجور تقرّبا إليه، فبعدا للقوم الظالمين. ثم توجّهت جماعة من أهل العلم والفضل إلى سجستان في جيش (¬6)، فتذاكروا ما حلّ بهم من ابن مروان فخلعوه وبايعوا الحسن بن الحسن ورأسوا عليهم ابن الأشعث [1] إلى أن يأتيهم أمره، فكان رئيسهم (¬7) غير طائل ولا رشيد، نصب العداوة للحسن قبل موافاته، ¬

(¬1) في هامش ص الأيسر: «السؤدد بالهمز كقنفذ السيادة». (¬2) أخبار أئمة الزيدية:183: محنة. (¬3) الحدائق (مصورة) 1/ 185؛ وأخبار أئمة الزيدية 183: اخترامهم؛ وفي ص: افترايهم؛ واقترائهم من قولهم قروت بني فلان واقتريتهم واستقريتهم، مررت بهم واحدا واحدا وهو من التتبع (لسان العرب 15/ 175). (¬4) م ص: ابن الأخبثين؛ وفي الحدائق (مصورة) كتب فوق الخبيث: يعني يزيد، وفوق الخبيثين: يعني معاوية وهند. (¬5) م ص: ظلما. (¬6) م ص: في جيش إلى سجستان. (¬7) ص والحدائق وأخبار أئمة الزيدية: رأسهم. [1] انظر كتاب المصابيح (دار الكتب 81):66 ب-67 أ؛ والحدائق الورديّة (مصورة) 1/ 135.

فتفرّقت عند ذلك كلمتهم وفلّ حدّهم فمزّقوا (¬1) كلّ ممزّق؛ فلما هزم جيش الطواويس احتالوا لجدي الحسن بن الحسن فمضى مسموما، يتحسّى الحسرة ويتجرّع الغيظ، رضوان الله عليه، حتى إذا ظهر الفساد في البرّ والبحر وشرى زيد بن علي، صلوات الله عليهما، لله (¬2) نفسه فما لبث أن قتل ثم صلب ثم أحرق، /فأكرم بمصرعه مصرعا. ثم ما كان إلاّ (¬3) طلوع ابنه يحيى ثائرا بخراسان (¬4)، فقضى نحبه وقد أعذرا (¬5)، رضوان الله عليهما. وقد كان أخي محمد بن عبد الله/دعا بعد (¬6) زيد وابنه يحيى، فكان أوّل من أجابه وسارع إليه جدّك محمد بن علي بن عبد الله بن العباس وأخوته وأولاده، فخرج-زعم (¬7) -يقوم بدعوته حتى خدع بالدّعاء إليه طوائفا. ومعلوم عند الأمّة أنّكم كنتم لنا تدعون، وإلينا ترجعون، وقد أخذ الله عليكم (¬8) ميثاقا لنا، وأخذنا عليكم ميثاقا لمهديّنا محمد بن عبد الله النفس/الزكية الخائفة التقية المرضيّة، فنكثتم ذلك وادّعيتم من إرث الخلافة ما لم تكونوا تدّعونه قديما ولا حديثا ولا ادّعاه أحد لكم (¬9) من الأمّة إلا تقوّلا كاذبا، فها أنتم الآن تبغون دين الله ¬

(¬1) ص: جدهم ومزقوا. (¬2) «لله»، ليست في ص. (¬3) م ص: ثم ما راعهم إلا. (¬4) «ثائرا» ليست في م ص، وفيها: «من خراسان». (¬5) ص: اعذر. (¬6) في ر م: قبل، ثم ضرب عليها وكتب فوقها «بعد» وإشارة التصحيح؛ وفي الحدائق (مصورة) 1/ 185؛ وأخبار أئمة الزيدية:184: قبل. (¬7) في الحدائق (مصورة) 1/ 185: بزعمه؛ وفي أخبار أئمة الزيدية: ابن عمه. (¬8) «عليكم»، ليست في ص. (¬9) م ص: لكم أحدا.

عوجا وذريّة رسول الله قتلا واجتياحا، والآمرين بالمعروف صلبا (¬1) واستباحا، فمتى ترجعون وأنّى تؤفكون، أولم يكن لكم خاصة وللأمة عامّة في محمد بن عبد الله فضلا (¬2)، إذ لا فضل يعدل فضله في الناس (¬3)، ولا زهد يشبه زهده، حتى ما يتراجع فيه اثنان، ولا تردّد (¬4) فيه مؤمنان، ولقد أجمع عليه أهل الأمصار من أهل الفقه والعلم في كل البلاد، لا يتخالجهم فيه الشّكّ، ولا تقفهم عنه الظّنون، فما ذكر عند خاصّة ولا عامّة إلا اعتقدوا محبّته، وأوجبوا طاعته، وأقرّوا بفضله، وسارعوا إلى دعوته، إلاّ ما كان من عناد أهل الإلحاد (¬5) الذين غلبت عليهم الشّقوة وغمطوا (¬6) النّعمة، وتوقّعوا النّقمة من شيع أعداء الدّين، وأفئدة المسلمين (¬7)، وجنود الضّالين، وقادة الفاسقين، وأعوان الظّالمين، وحزب الخائنين؛ وقد كان الدّعاء إليه منكم ظاهرا والطلب له قاهرا بإعلان اسمه وكتاب إمامته على أعلامكم «محمد يا منصور» [1]، يعرف ¬

(¬1) ر: طلبا. (¬2) م ص: آية. (¬3) م ص: يعدل في الناس فضله. (¬4) ر: نرد؛ الحدائق (مصورة) 1/ 186؛ وأخبار أئمة الزيدية 185: لا يتراد فيه. (¬5) ر: إلا من كان من عباد الله هل الالحاد، ثم ضرب على «لله» فصارت أهل؛ وفي الحدائق (مصورة) 1/ 186؛ وأخبار أئمة الزيدية 185: إلا من كان من عتاة أهل الالحاد. (¬6) م: وغبطوا؛ وفي الحدائق (مصورة)؛ وأخبار أئمة الزيدية: غمصوا، والمعنى واحد أي استصغر وازدرى. (¬7) م ص: أفكة المسلمين؛ الحدائق (مصورة): أفئدة المضلّين؛ أخبار أئمة الزيدية: فئات المضلين، وفي حاشيته قراءات أخرى. وأفئدة المسلمين تعني الجبناء منهم. [1] ارتبط لقب المنصور بظهور المهدي، وقد استخدم هذا الشعار في أكثر من مناسبة، - انظر عبد العزيز الدوري، في: دراسات عربية وإسلامية مهداة لإحسان عباس 130 - 132؛ ومارتن هايندز، في: الأبحاث 24 (1971)،17.

ذلك ولا ينكر (¬1)، ويسمع ولا يجهل، حتّى/صرفتموها إليكم وهي تخطب عليه، وكفحتموها عنه وهي مقبلة إليه، حين (¬2) حضرتم وغاب، وشهدتم إبرامها ورأى (¬3) قلّة رغبة ممن حضر، وعظم (¬4) جرأة ممّن اعترض؛ حتى إذا حصلت لكم (¬5) بدعوتنا، وهدأت عليكم بخطبتنا (¬6)، وقرّت لكم بنسبتنا، قالت (¬7) لكم اجرامكم إلينا وجنايتكم علينا، إنّها لا تتوطأ لكم إلا بإبادة غضرائنا (¬8)، ولا تطمأن لكم دون استئصالنا، فأغرا بنا جدّك المتفرعن في قتلنا لا حقا بإثرة فينا عند المسلمين (¬9)، لؤم مقدرة ورضاعة (¬10) مملكة، حتى أخذه الله أخذ عزيز مقتدر قبل بلوغ شفاء قلبه من فنائنا. وهيهات أن (¬11) يدرك الناس ذلك ولله فينا خبيئة لا بدّ من ¬

(¬1) م: ينصر. (¬2) م ص: حينما. (¬3) م ص: وناى. (¬4) م ص: وعظيم. (¬5) كتب في هامش ص الأيمن: «وحين حصلت لكم». (¬6) م: وهدأت بخطبتنا. (¬7) ر: قال. (¬8) ص: خضرائنا. (¬9) الحدائق (مصورة) 1/ 186؛ (خ) 1/ 103 أ؛ وأخبار أئمة الزيدية 186: المتفرعن فقتلنا ولا يخفي أثره فينا عند المسلمين. (¬10) الرّضاعة: اللؤم؛ وفي الحدائق (مصورة) 1/ 186؛ (خ) 1/ 103 ى؛ وأخبار أئمة الزيدية 186: ضراعة، والضراعة: الذل والخضوع. (¬11) م ص: هيهات لو.

ظهورها (¬1)، وإرادة لا بدّ من بلوغها/فالويل له. فكم من عين طال ما غمضت (¬2) عن محارم الله، [وسهرت متهجّدة لله، وبكت في ظلم الليل خوفا من الله] (¬3)، قد أسحّها بالعبرات باكية، وسملها بالمسامير المحمّاة فألصقها بالجدرات (¬4) المرصوفة قائمة، وكم من وجه طال ما ناجى الله مجتهدا، وعنا لله متخشّعا (¬5)، مشوّها بالعمد، مغلولا مقتولا ممثولا به معنوقا؛ وبالله (¬6) إن لو لم يلق الله إلا بقتل النفس الزكيّة، أخي محمد بن عبد الله، رحمه الله، للقيه بإثم عظيم وخطب كبير، فكيف وقد قتل قبله النفس النقية (¬7) أبي عبد الله بن الحسن وأخوته وبني أخيه، ومنعهم روح الحياة في مطابقه (¬8)، وحال بينهم وبين خروج النفس في مطاميره، لا يعرفون الليل من النهار، ولا مواقيت الصلاة إلا بقراءة أجزاء القرآن تجزئة [1]، لما عانوا (¬9) في آناء الليل والنهار، حين الشّتاء والصّيف، حال أوقات الصلاة/قرما منه إلى قتلهم، وقطعا لأرحامهم، وترة لرسول ¬

(¬1) ر: اظهارها. (¬2) ر ص: غضت. (¬3) مزيدة فوق السطر في ر. (¬4) أخبار أئمة الزيدية: بالمدرات. (¬5) افترض بروفسر مادلونغ محقق أخبار أئمة الزيدية وجود «سقطة في النصّ» في هذا الموضع، وتتفق الأصول جميعها على هذه القراءة. (¬6) م ص: تالله. (¬7) م والحدائق (مصورة) 1/ 186: التقية. (¬8) ص: مضايقه. (¬9) م: من دراسته في آناء. . .؛ ص: ما عانوا؛ الحدائق (مصورة) 1/ 186؛ وأخبار أئمة الزيدية 187: قد عرفوه لما غابوا. [1] قارن بكتاب المصابيح ص 280 فيما يلي.

الله فيهم، فولغ في دمائهم ولغان الكلاب (¬1) وضري (¬2) بقتل صغيرهم وكبيرهم ضراوة الأسود (¬3) ونهم بهم نهم الخنزير، والله له ولمن عمل بعمله بالمرصاد. فلمّا أهلكه الله قابلتنا أنت وأخوك الجبّار الفظّ الغليظ العنيد (¬4) بأضعاف فتنته، واحتذاء بسيرته، قتلا وعذابا (¬5) /وتشريدا وتطريدا، فأكلتمانا أكل الرباء (¬6) حتى لفظتنا الأرض خوفا منكما، وتأبّدنا في الفلوات هربا منكما، فأنست بنا الوحوش وأنسنا بها، وألفتنا البهائم وألفناها، فلو لم يجترم أخوك إلاّ قتل الحسين بن علي وأسرته بفخّ، لكفى بذلك عند الله وزرا (¬7) عظيما، وسيعلم، وقد علم ما اقترف، والله مجازيه وهو المنتقم لأوليائه من أعدائه. ثم امتحننا الله بك من بعده (¬8)، فحرصت على قتلنا، وطلبت من فرّ عنك منّا، لا يؤمّنك منهم (¬9) بعد دار، ولا نأي جار، تتبعهم حيلك وكيدك حيث سيّروا من بلاد الترك والدّيلم، لا تسكن نفسك ولا يطمئنّ قلبك دون أن تأتي على آخرنا، ¬

(¬1) م ص: الكلب. (¬2) ر: صرا. (¬3) م ص: الأسد؛ الحدائق (مصورة)؛ وأخبار أئمة الزيدية: الذئاب. (¬4) م ص: العنيد الغليظ الفظ. (¬5) م: وعدوانا وتشريدا وتطريدا؛ ص: وعذابا وعدوانا وتشريدا. (¬6) م ص: الدّبا. (¬7) «وزرا»، من ر وحدها. (¬8) م ص: من بعده بك. (¬9) في الحدائق (مصورة) 1/ 187: فحرصت على قتلنا وظلمت الأول والآخر منا لا يؤمنك منهم؛ وفي أخبار أئمة الزيدية 187: لا يؤمنهم منك، وقد تكرر الاضطراب في الأصول جميعها. قارن بالحاشية 16 ص 187 من أخبار أئمة الزيدية.

ولا تدع صغيرنا ولا ترثي لكبيرنا لئلا (¬1) يبقى داع إلى حق ولا قائل بصدق (¬2) ولا أحد من أهله، حتّى أخرجك الطّغيان وحملك (¬3) الشنئان أن أظهرت بغضة أمير المؤمنين، وأعلنت بنقصه وقرّبت مبغضيه وأدنيت (¬4) شانئيه حتى أربيت على بني أميّة في عداوته وأشفيت غلّتهم في تناوله، فأمرت (¬5) بكرب قبر الحسين صلّى الله عليه وتعمية موضعه وقتل زوّاره واستئصال محبّيه وتوعّدت فيه وأرعدت وأبرقت على ذكره؛ فو الله لقد كانت بنو أمية الذين وضعنا (¬6) آثارهم/مثلا لكم وعددنا مساويهم احتجاجا عليكم على بعد أرحامهم أراف بنا منكم، وأعطف علينا قلوبا من جميعكم، وأحسن استبقاء لنا ورعاية من قرابتكم؛ فو الله ما بأمركم خفاء ولا بشأنكم (¬7) امتراء. ولم لا نجاهد، وأنت معتكف على معاصي الله صباحا ومساء، مغترا بالمهلة، آمنا من النّقمة، واثقا بالسّلامة، تارة تغري بين البهائم بمناطحة كبش، ومناقرة ديك، ومخارشة (¬8) كلب، ¬

(¬1) ر: لان لا. (¬2) م ص: ولا قائل به. (¬3) م ص: الحسد والشنئان. (¬4) الحدائق (مصورة) 1/ 187؛ وأخبار أئمة الزيدية 188: وآويت. (¬5) في هامش ص الأيسر: «نكتة، أن الوليد لعنه الله أمر بكرب قبر الحسين صلوات الله عليه وسلامه، وأن المتوكل العباسي لعنه الله الذي اشتهر عنه ذلك إنما اقتدى بجده هذى لعنهما الله وأبعدهما». ولا يعرف عن هارون الرشيد أنّه أمر بكرب قبر الحسين، وذكر أبو الفرج أن المتوكل أمر بكربه (مقاتل 597 - 599؛ ط 2.478 - 479). وهذا ما أشار إليه الناسخ في هامش ص. (¬6) م: وصفنا. (¬7) ص: في شأنكم. (¬8) في الحدائق (مصورة) 1/ 187: أو مناقرة ديك؛ وفي أخبار أئمة الزيدية 188: أو بمناقرة ديك أو مخارشة.

وتارة تفترش الخصيان وتأتي الذّكران، وتترك الصلوات صاحيا وسكران، ثم لا يشغلك ذلك/عن قتل أولياء الله وانتهاك (¬1) محارم الله، فسبحان الله ما أعظم حلمه وأكثر أناته عنك وعن أمثالك، ولكنّه تبارك وتعالى لا يعجّل بالعقوبة، وكيف يعجّل من لا يخاف الفوت وهو شديد العقاب. فأمّا (¬2) ما دعوتني إليه من الأمان، وبذلت لي من الأموال، فمثلي لا تثني الرّغائب عزمه (¬3)، ولا تنحلّ لخطير همّته، ولا يبطل سعيا باقيا على الأيّام أثره، ولا يترك (¬4) جزيلا عند الله أجره بمال فان وعار باق، هذه صفقة خاسرة، وتجارة بائرة أستعصم الله منها وأسأله أن يجيرني (¬5) من مثلها/بمنّه وطوله. أفأبيع المسلمين وقد سمت إليّ أبصارهم، وانبسطت نحوي آمالهم بدعوتي، واشرأبّت أعناقهم نحوي، إنّي إذن لدنيّ الهمّة، لئيم الرّغبة، ضيّق العطن؛ هذا والأحكام مهملة، والحدود معطّلة، والمعاصي مستعملة، والمحارم منتهكة، ودين الله محقور (¬6)، وبصيرتي (¬7) مشحوذة، وحجّة الله (¬8) قائمة في إنكار المنكر؛ أفأبيع خطيري (¬9) ¬

(¬1) م: ولا انتهاك. (¬2) م ص: وأما. (¬3) الحدائق (مصورة) 1/ 187: عزمته. (¬4) م ص: يؤثر عنه. (¬5) ص: يعيذني. (¬6) الحدائق (مصورة) 1/ 187: مخفور. (¬7) ر: بصيرته؛ الحدائق وأخبار أئمة الزيدية: بصيرتي. (¬8) م ص: عليّ قائمة؛ الحدائق الوردية: حجة الله قائمة. (¬9) ص: أفبيع خطر مقامي.

بمالكم، وشرف موقفي بدراهمكم، وألبس العار والشّنار بمقامكم ل‍ قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً (¬1) وَماأَنَا مِنَ اَلْمُهْتَدِينَ (الأنعام 6/ 56). ووالله ما أكلي إلا الجشب، ولا (¬2) لباسي إلا الخشن، ولا شعاري إلاّ الدّرع، ولا صاحبي إلا السّيف، ولا فراشي إلاّ الأرض، ولا شهوتي من الدّنيا إلاّ لقاؤكم والرّغبة (¬3) في مجاهدتكم ولو موقفا واحدا، إنتظار إحدى الحسنيين في ذلك كلّه، من (¬4) ظفر أو شهادة. وبعد، فإنّ لنا على الله وعدا لا يخلفه، وضمانا سوف ينجزه، حيث يقول وَعَدَ اَللهُ اَلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا اَلصّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي اَلْأَرْضِ كَمَا اِسْتَخْلَفَ اَلَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ اَلَّذِي اِرْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا (¬5) يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً (النور 24/ 55)، وهو الذي يقول (¬6): وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى اَلَّذِينَ اُسْتُضْعِفُوا فِي اَلْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ اَلْوارِثِينَ (القصص 28/ 5) (¬7). ¬

(¬1) الأصول جميعها: اذن. (¬2) م ص: وما. (¬3) م ص: الرغبة إلى الله. (¬4) ر والحدائق: في. (¬5) م ص: لا. (¬6) استشهد محمد النفس الزكية بهذه الآية في رسالته لأبي جعفر المنصور (الطبري 7/ 567 - 3/ 209). (¬7) في هامش ص الأيسر في أعلى الصفحة: «آخر كتاب يحيى عليه السلام إلى هارون».

قال [1] المدائني (¬1): فلما ورد جواب (¬2) يحيى ضاق ذرع هارون وعظم عليه أمره وساء ظنّه وخاف أن تكون قد انقضت مدّتهم، فشاور أهل الرأي من الوزراء والعمّال والقوّاد والقضاة وغيرهم، فقال أبو البختري (¬3): لا يغمّك الله يا أمير المؤمنين، عليّ أن أحتال لجستان حتّى يسلّمه إليك. قال له هارون: ويلك، كيف تعمل؟ قال: أسير إلى جستان بجمع من وجوه أهل دستبا (¬4) وقزوين وزنجان وأبهر والريّ وهمذان وجميع علمائها، ويشهدون (¬5) عنده بأنّي قاضي القضاة، فأشهد له أنّ (¬6) يحيى عبد لك. وقال (¬7) سليمان بن فليح، وكان على ديوان الخراج: وأنا أسير معه يا أمير المؤمنين فيشهدون عنده أنّي صاحب ديوان خراج الأرض، ثمّ أشهد معه أنّه عبد لك. قال أبو البختري: ويأمر أمير المؤمنين بمن لم يشهد لنا ومعنا فنضرب عنقه ونستصفي (¬8) ماله، فإنّ أمير المؤمنين إذا فعل ذلك بهم شهدوا جميعا، وعليّ (¬9) ¬

(¬1) «المدائني»، ليست في ص. (¬2) ص: كتاب. (¬3) هامش ص الأيسر: «ما قاله أبو البختري قبحه الله ولعنه لعنا وبيلا»؛ وفي هامش آخر: «أبو البختري بفتح الباء الموحدة وسكون الخاء المعجمة وفتح المثناة من فوق وكسر الراء ثم مثناة من تحت واسمه وهب بن وهب بن عبد الله». (¬4) ص: دستيان؛ م: دسينا. (¬5) م ص: فيشهدون. (¬6) م ص: عنده بان. (¬7) ص: فقال. (¬8) م ص: ونصطفي. (¬9) م ص: علي. [1] الحدائق الوردية (مصورة) 1/ 188.

استمالة جستان وردّه إلى ما يحبّ أمير المؤمنين. فوقع الكلام من هارون موقعا عجيبا وأمر لأبي البختري، لعنه الله (¬1)، بجائزة ثلثمائة ألف درهم، وأمر لسليمان بن فليح بمائة ألف درهم، ووجّههما على البريد إلى الفضل بن يحيى وأمره أنّ من امتنع أن يشهد (¬2) معهما عند جستان، أن تضرب عنقه كائنا من كان ويستصفى ماله، ومن يشهد أكرم وأجيز وأسقط عنه الخراج، قال: ففعل الفضل بن يحيى ما (¬3) أمره هارون، وقدم أبو البختري إلى دستبا ووجّه إلى وجوه البلدان فأحضرهم وقال (¬4) لهم (¬5): إنّ هذا يحيى بن عبد الله قد دخل/الديلم ويريد أن يقاتل بأهل الشّرك أهل الإسلام ويخرج يده (¬6) من طاعة أمير المؤمنين، وقد جاءت الرّخصة بالكذب (¬7) والخديعة/في الحرب، وقد رأينا (¬8) أنّه عبد لأمير المؤمنين، نطلب بذلك الثواب عند الله لترجع ألفة المسلمين (¬9) وتسكن النائرة (¬10)، ولا غنى بكم عن حسن جزاء أمير المؤمنين وهذا كتابه، فقرأ ¬

(¬1) «لعنه الله»، من ر وحدها. (¬2) ص: ان من لم يشهد. (¬3) ص: بما. (¬4) ص: فقال. (¬5) في الحدائق (مصورة) 1/ 190؛ وأخبار أئمة الزيدية 196، ورد كلام أبي البختري هذا دون إسناد بعد خطبة يحيى أمام جستان والتي سترد فيما بعد هنا. (¬6) ر: به. (¬7) م ص: في الكذب. (¬8) م ص: رأينا أن نشهد أنه. (¬9) ص: المؤمنين. (¬10) الحدائق وأخبار أئمة الزيدية: الثائرة.

عليهم ما فيه من الإيعاد لمن امتنع/والاطماع لمن أجاب، فأجابوه بأجمعهم على (¬1) أن يشهدوا معه. فخبرني حريث بن ميسرة الكنانيّ ، من وجوه أهل مدينة أبهر، عن مشايخ أهله (¬2): أنّ أبا البختري وسليمان بن فليح (¬3)، لمّا قدما من عند هارون وجّهوا إلى (¬4) كور الجبل إلى أهل الفقه والعلم والمعدّلين ممّن يعرفهم جستان من أهل قزوين وزنجان وأبهر وشهربرد وهمذان والريّ ودنباوند والرويان، فأتاهم فجمع (¬5) له منهم تسعمائة رجل، ومن أهل طبرستان أيضا أربعمائة رجل، فشهدوا بأجمعهم عند جستان أنّه عبد لهارون؛ وكلّ هؤلاء من أهل الشّرف والقدر والعرب المتمكّنين في بلاد الجبل، ليس فيهم وضيع إلاّ يسير. قال: وقالوا لجستان ليس هو ابن بنت نبيّنا، هو مدّع فيما يقول، إنّما هو عبد للرشيد. وسمعت السميدع بن عبد الرحمن المراديّ من أهل قزوين، وغيره يقول ذلك ويرويه عن مشايخه، قال (¬6): فلمّا شهدوا عند جستان ¬

(¬1) م: الى. (¬2) وردت هذه الفقرة في الحدائق (مصورة)، وأخبار أئمة الزيدية بتصرف دون ذكر إسناد. (¬3) م ص: وسليمان. (¬4) م ص: في. (¬5) في هامش ص الأيمن: «عدة من اجتمع لأبي البختري على شهادة الزور ألف وثلثمائة من الأعيان». (¬6) الحدائق (مصورة) 1/ 188؛ وأخبار أئمة الزيدية 191 وردت هذه الفقرة منقولة بتصرف ودون ذكر سند أو مصدر.

ملك الديلم قال جستان ليحيى (¬1): يا يحيى ما وجدت أحدا تخدعه بدعوتك غيري؟ فقال له يحيى: أيها الرجل إنّ لك عقلا، فإن لم يكن دين (¬2)، فتدبّر ما يقول القوم وما تقدّم منهم (¬3) إليك فردّده (¬4) على قلبك وعقلك واجعل عقلك حكما دون هواك، إني لو كنت كما قالوا ما وجّهوا/لك (¬5) هذه الأموال [وما أردفوها بهذه العساكر ولا بذلوا في دفعك إيّاي إليهم هذه الأموال] (¬6) ولا جمعوا لك من ترى من وجوه الجبل وفقهائهم ومعدليهم ليشهدوا عندك بالزور، وما كان عليهم من رجل جاء إلى عدوّهم أو وليّهم ينتمي إلى نسب ليس منه؟ فمال الدّيلمي إلى الدنيا فقال: دعني من هذا، ما كان هؤلاء ليشهدوا (¬7) عندي بالزور! فقال يحيى عليه السلام: هنا خصلة، تبعث رجلين ممن تثق بهما (¬8) من رجالك مع رسولي إلى مكة والمدينة فيسألون عنّي، قال: هذا يطول! قال: فدع هذا وابعث رسولا إلى الري ورسولا إلى بغداد ورسولا إلى قزوين وسائر المدن فيسأل (¬9) عن هؤلاء الشهود فتعرف حالهم وأنّهم [شهود زور وأنهم] (¬10) أكرهوا على شهادتهم وأنهم إن أبوا قتلوا واستصفيت ¬

(¬1) في هامش ص الأيمن: «مقاولة يحيى عليه السلام لجستان». (¬2) م ص: وإن لم يكن لك دين. (¬3) ر: منهم من القول. (¬4) م ص: ورده. (¬5) م ص: إليك. (¬6) ليست في ر. (¬7) ص: يشهدون. (¬8) ص: بهم. (¬9) م ص: فيسألون. (¬10) ليست في ر.

أموالهم/وسبيت ذراريهم، قال: ما نصنع بهذا الكلام؟ لم يشهد هؤلاء كلهم على زور. فأيس يحيى من منعه وعلم أنّه مسلّمه، وظهر ميله إلى ما بذل له؛ قال: فاجمع بيني وبينهم/حتّى أكلّمهم بحضرتك، قال: ذلك لك. وطمع يحيى إن يذكّرهم (¬1) الله أن يرجعوا أو تختلف كلمتهم. قال جستان لأبي البختري: اجمع [أصحابك واحضروا حتى يشهدوا] (¬2) على يحيى في وجهه، فاجتمعوا ونصب ليحيى كرسيّ فجلس عليه، فلما أخذوا مجالسهم ابتدأ يحيى فقال: الحمد لله على ما أولانا من نعمه، وأبلانا من محنه، وأكرمنا بولادة نبيّه. نحمده على جزيل ما أولى، وجميل ما ابتلى (¬3)، وأشهد ألاّ إله إلاّ الله وحده لا شريك له [شهادة مقرّ بوحدانيته، خاضع متواضع لربوبيته] (¬4)، وأشهد أنّ محمدا عبده ورسوله، انتخبه واصطفاه، واختاره واجتباه، /صلوات الله عليه وعلى آله أجمعين. أمّا بعد معاشر العرب، فإنّكم كنتم من الدّنيا (¬5) بشرّ دار، وضنك (¬6) قرار، ماؤكم أجاج، وأكلكم لماج (¬7) من العلهز والهبيد (¬8). الأعاجم لكم ¬

(¬1) م ص: إذا ذكرهم. (¬2) م ص: احضروا أصحابك يشهدوا على يحيى. (¬3) م ص: ابلى. (¬4) من ص وحدها. (¬5) م ص: كنتم في حمض من الدنيا. (¬6) م ص: واضنك. (¬7) م ص: ثماج؛ والأكل اللماج هو أدنى ما يؤكل. (¬8) العلهز: وبر يخلط بدماء الحلم كانت العرب تأكله في الجدب (لسان 5/ 381)؛ والهبيد: الحنظل يكسر ويستخرج حبّه وينقع لتذهيب مرارته ويتّخذ منه طبيخ يؤكل عند الضرورة (لسان 3/ 431)؛ وفي هامش ص الأيمن: «الثمج بالمثلة والجيم التخليط؛ والعلهز بكسر العين المهملة وسكون اللام وكسر الهاء وآخره زاي القراد الضخم وصغارى الدم والوبر كانت العرب تخلطه بعضه ببعض وتدقه وتأكله، والهبيد بفتح الهاء وكسر الموحدة وسكون المثناة من تحت والدال المعجمة الحنظل أو حبّة والمراد أن طعامكم مجموع من هذه الأمور»

قاهرة، وجنودهم عليكم ظاهرة، لم يمنعهم من تحويلكم (¬1) إلاّ قلّة خير بلدكم، أنتم مع الدّنيا بمنزلة السّقب (¬2) مع النّاب الصّعبة (¬3) الضّروس متى دنا إليها لينال من درّها منعته، إن أتاها (¬4) من أمامها خبطته، أو من (¬5) ورائها رمحته، أو من عرضها عضّته، فما عسى أنّ يصيب منها؛ هذا على تفرّق شملكم واختلاف كلمتكم، لا تحلّون حلالا ولا تحرّمون حراما، ولا تخافون آثاما، قد ران الباطل على قلوبكم فلا تعقلون، وغطّت (¬6) الحيرة على أبصاركم فما تبصرون، وأسكّت (¬7) الغفلة على (¬8) أسماعكم فما تسمعون؛ على أنّ عودكم نضار، وأنتم (¬9) ذوو الأخطار، ثم منّ الله عليكم (¬10) وخصّكم دون غيركم، فبعث (¬11) فيكم محمدا صلى ¬

(¬1) الحدائق (مصورة) 1/ 188؛ وأخبار أئمة الزيدية 192: تحويلكم من بلدكم. (¬2) ص: الصقب، ثم كتب فوقها «السقب»، وفي الهامش الأيمن: «السقب بالسين والصاد ولد الناقة». (¬3) م ص: الضبعة. (¬4) م ص: أتى إليها. (¬5) ص: ومن. (¬6) م:؟؟؟. (¬7) اسكت أي أصمّت؛ والسكك: الصمم. (¬8) «على»، ليست في م. (¬9) م: وأنكم. (¬10) م ص: ثم منّ عليكم. (¬11) م: فابتعث.

الله عليه منكم خاصّة، وأرسله إلى النّاس كافّة، وجعله بين أظهركم ليميّز به بينكم، وهو تبارك وتعالى أعلم بكم منكم بأنفسكم، فاستنقذكم من ظلمة الضّلال إلى نور الهدى، وجلا غشاوة العمى عن أبصاركم بضياء مصابيح الحقّ، واستخرجكم من عمى بحور الكفر إلى جدد أرض الأيمان، وجمّل برفقه ما انفتق من رتقكم، ورأب بيمنه ما انصدع من شعبكم، ولمّ بإصلاحه (¬1) ما فرّقت الأحقاد/والجهل من قلوبكم، ثم اقتضب برمحه لكم الدّنيا الصعبة (¬2) فذلّت بعد عنت (¬3)، ثم أبسّها بسيفه فأرزمت (¬4) وتفاجّت واجتّرت بعد ضرس/ودّرت، ومرى ضرعها بيمين كفّه فأحفلت أخلاقها (¬5) وانبعثت أحالبها (¬6)، فرئمتكم كما ترأم النّار (¬7) المقلاة، طلاها فشربتم عللا بعد نهل، وملأتم أسقيتكم فضلا بعد اكتظاظ؛ وتركها، صلّى الله عليه، تدور حولكم وتلوذ بكم كما تلوذ الزّجور (¬8) بسقبها، فلمّا أقام أود قناتكم بثقاف الحقّ، ورحض بظهور ¬

(¬1) م ص: إصلاح. (¬2) م ص: الضبعة. (¬3) م ص: فاذلت بعد واشمها بسيفه فارزمت. (¬4) في الحدائق (مصورة) 1/ 189؛ وأخبار أئمة الزيدية 192: وأبسها فارزمت. (¬5) م: فاختلفت اخلافها. (¬6) ص: احلابها. (¬7) ص والحدائق وأخبار أئمة الزيدية: الناب؛ وفي أصلين من مخطوطات الحدائق: النار (انظر أخبار أئمة الزيدية:193، حاشية 2)، وفي اللسان (12/ 224): «الروائم: الأثافي لرئمانها الرماد، وقد رئمت النار الرماد، فالرماد كالولد لها»؛ قلت: ورئمان النار المقلاة منه. (¬8) والزجور من الإبل التي تدرّ على الفصيل إذا ضربت فإذا تركت منعته، وقيل هي التي لا تدرّ حتى تزجر وتنهر (اللسان 4/ 319).

الإسلام عن أبدانكم درن الشّرك، ولحب لكم الطريق وسنّ لكم السّنن وشرّع لكم الشّرائع، خافضا في ذلك جناحه، يشاوركم/في أمره ويواسيكم (¬1) بنفسه ولم يبغ منكم على ما جاءكم به أجرا إلا أن تودووه في قرباه، وما فعل ذلك، صلى الله عليه، حتى أنزل الله قرآنا (¬2) فقال تبارك وتعالى قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ اَلْمَوَدَّةَ فِي اَلْقُرْبى (الشورى 42/ 23). فلما بلّغ رسالة ربّه، وأنجز الله له ما وعده (¬3) من طاعة العباد والتمكّن (¬4) في البلاد، دعي، صلّى الله عليه، فأجاب فصار إلى جوار ربّه وكرامته، وقدم على البهجة والسرور، وقد غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر، فوعده الشفاعة عنده (¬5) والمقام المحمود لديه، فخلّف بين أظهركم ذرّيته فأخّرتموهم وقدّمتم (¬6) غيرهم ووليتم أموركم (¬7) سواهم، ثمّ لم يلبث إلا يسيرا حتى جعل (¬8) مال ولده حوزا، وظلمت ابنته فدفنت ليلا، وقتل فيكم وصيّه وأخوه وابن عمّه وزوج ابنته (¬9)، ثم خذل وجرح وسمّ سبطه الأكبر أبو محمد، ثمّ قتل سبطه الأصغر أبو ¬

(¬1) ص والحدائق (مصورة): يوسيكم. (¬2) م ص: عليه قرآنا؛ الحدائق (مصورة) 1/ 189؛ وأخبار أئمة الزيدية 193: فيه قرآنا. (¬3) الحدائق وأخبار أئمة الزيدية: وأنجز ما وعده. (¬4) م ص: والتمكين. (¬5) «عنده»، ليست في ر. (¬6) الحدائق (مصورة) 1/ 189: وقدمتم عليهم. (¬7) ر: أمركم. (¬8) الحدائق (مصورة): جعلتم. (¬9) م ص: وابن عمه وأبو بنيه.

عبد الله مع ثمانية عشر رجلا (¬1) من أهل بيته الأدنين في مقام واحد، ثمّ على اثر ذلك نبش وصلب وأحرق بالنّار ولده (¬2) وولد ولد، ثمّ هم بعد ذلك يقتلون ويطردون ويشرّدون في البلاد إلى هذه الغاية. قتل كبارهم، وأوتم أولادهم (¬3)، /وأرملت نساؤهم؛ سبحان الله ما لقي عدو من عدوّه ما لقي أهل بيت نبيّكم (¬4) منكم من القتل والحرق والصّلب، وليس فيكم من يغضب لهم إلا هزوا بالقول، وإنّ غضبتم لهم (¬5)، زعمتم، وقمتم معهم كي تنصروهم لم يلبثوا إلا يسيرا حتى تخذلوهم وتتفرّقوا (¬6) عنهم، فلو كان محمد صلى الله عليه من السّودان، البعيدة أنسابهم المنقطعة أسبابهم، إلاّ أنّه قد جاوركم (¬7) لوجب له عليكم (¬8) حفظه في ذرّيته، فكيف وأنتم شجرة هو أصلها، وأغصان/هو فرعها، تفخرون على العجم وتصولون على سائر الأمم؛ وقد عاقدتموه وعاهدتموه أن تمنعوه ممّا تمنعون منه أنفسكم وذراريكم، فسوءة لكم ثمّ سوءة، بأيّ وجه تلقونه غدا، وبأيّ عذر تعتذرون إليه؟ أبقلّة، فما أنتم بقليل، أفتجحدون ¬

(¬1) «رجلا»، ليست في ر. (¬2) ليست في م ص. (¬3) في ر: وانتم صغارهم، ثم ضرب على صغارهم «وكتب أولادهم»؛ وفي الحدائق (مصورة) 1/ 189؛ وأخبار أئمة الزيدية 194: صغارهم. (¬4) م ص: بيت محمد. (¬5) «لهم»، ليست في الحدائق وأخبار أئمة الزيدية. (¬6) الحدائق (مصورة) 1/ 189: تفرقوا، أخبار أئمة الزيدية 194: تتفرقون. (¬7) م ص: قد جاوركم بمثل ما جاوركم به. (¬8) م والحدائق وأخبار أئمة الزيدية: لوجب عليكم.

فذلك يوم لا ينفع (¬1) جحد، ذلك (¬2) يوم تبلى فيه السّرائر (¬3)، أم تقولون (¬4) قتلناهم فمصدّقون (¬5)، فيأخذكم الجليل أخذ عزيز مقتدر؛ لقد هدمتم ما شيّد الله من بنيانكم (¬6)، وأطفأتم ما أنار من ذكركم، فلو فعلت السّماء ما فعلتم لتطأطأت إذلالا، والجبال (¬7) لصارت دكا (¬8)، أو الأرض لمارت مورا (¬9)، إنّي عجب (¬10)، من أنّ أحدكم يقتل نفسه في معصية الله ولا ينهزم، يقول بزعمه: لا تتحدث (¬11) نساء العرب بأني فررت، وقد تحدّثت نساء العرب بأنكم خفرتم أمانتكم ونقضتم عهودكم ونكصتم على أعقابكم وفررتم بأجمعكم عن أهل بيت نبيّكم، فلا أنتم تنصرونهم للديانة/وما افترض الله عليكم، ولا من طريق العصبيّة والحميّة، ولا لقرب جوارهم وتلاصق دارهم منكم، ولا أنتم تعتزلونهم فلا (¬12) تنصرونهم ولا تنصرون عليهم عدوّهم، بل صيّرتموهم لحمة لسيوفكم، ¬

(¬1) أخبار إئمة الزيدية 194: لا ينفع فيه. (¬2) ص: ذاك. (¬3) انظر سورة الطارق 86/ 9. (¬4) م ص: وتقولون. (¬5) م ص: فتصدقون. (¬6) م ص: بنائكم. (¬7) م وأخبار أئمة الزيدية 194: أو الجبال. (¬8) انظر سورة الأعراف 7/ 143؛ والحاقّة 69/ 14. (¬9) انظر سورة الملك 67/ 16. (¬10) م ص: أي عجب أعجب؛ أخبار أئمة الزيدية 195: أني لأعجب من أحدكم. (¬11) كذا في ص؛ وفي الحدائق (مصورة) 1/ 189؛ وأخبار أئمة الزيدية 195: لا تتحدثن. (¬12) الحدائق (مصورة) 1/ 190: ولا. .

/ونهزة لتشفي غيظكم من قتلهم واستئصالهم، وطلبتهم (¬1) في مظانّهم ودارهم وفي غير دارهم، فصرنا طريدة لكم من دار إلى دار، ومن جبل إلى جبل، ومن شاهق إلى شاهق، ثمّ لم يقنعكم ذلك حتى أخرجتمونا من دار الإسلام إلى دار الشّرك، ثمّ لم ترضوا بذلك من حالنا حتّى تداعيتم علينا معشر العرب خاصة من دون العجم من جميع (¬2) الأمصار والمدائن والبلدان، فخرجتم إلى دار الشّرك طلبا لدمائنا دون دماء أهل الشّرك، تلذّذا منكم بقتلنا، وتقرّبا إلى ربّكم باجتياحنا، زعمتم، لئلا (¬3) يبقى بين أظهركم من ذرّية نبيّكم عين تطرف ولا نفس تعرف، ثمّ لم يقم بذلك منكم إلاّ أعلامكم ووجوهكم وعلماؤكم وفقهاؤكم؛ والله المستعان. قال [1] حريث، وأراه ذكره عن أبيه (¬4): فلمّا سمعنا كلامه وخطبته بكينا حتى كادت أنفسنا أن تخرج، قال: فقمنا وتشاورنا فقلنا ويلكم (¬5) هل بقي لكم حجة أو علّة؟ لو قتلتم عن آخركم وسبيت ذراريكم واصطفيت أموالكم كان خيرا لكم من أن تشهدوا على ابن نبيّكم بالعبوديّة وتنفوه (¬6) عن نسبه. قال فعزمنا على أن لا نشهد؛ قال: ¬

(¬1) م ص: وطلبتموهم؛ الحدائق وأخبار أئمة الزيدية: وطلبهم. (¬2) م ص: من دون جميع العجم من أهل. (¬3) ر: لان لا. (¬4) م ص: قال حريث قال أبي. (¬5) «ويلكم»، من ص وحدها. (¬6) م ص: تنفونه. [1] وردت هذه الفقرة في الحدائق (مصورة) 1/ 190؛ وأخبار أئمة الزيدية 196 منقولة بتصرف دون ذكر سند أو مصدر.

فصاح بنا أبو البختري وسليمان: ما تنتظرون؟ خدعكم فانخدعتم وملتم معه على أمير المؤمنين/والله لئن امتنعتم من الشهادة عليه لتقتلنّ عن آخركم ولتسبينّ ذراريكم ولتؤخذنّ أموالكم. قال: فتقدّمنا فشهدنا عليه بأجمعنا أنّه عبد لهارون ليس ابن بنت النبيّ، صلى الله عليه وآله. وسمعت السّميدع بن عبد الرحمن المرادي (¬1) يقول عن أبيه عن جدّه قال: نظر إليّ يحيى بن عبد الله فقال ممّن الرّجل؟ قلت من مراد، قال: مالنا ولمراد؟ قال: فبان لجستان حاله (¬2) وأنّهم مكرهون، ولكنّه مال إلى الدراهم؛ وطمع يحيى أن يختلفوا فاجتمعوا وأقدموا، فلما شهدوا قال يحيى: ما لكم فرّق الله بين كلمتكم وخالف بين أهوائكم ولا بارك لكم في أنفسكم وأولادكم، أما والله لولا خوف الله ومراقبته لقلت ما لا تنكرون، ولكن أمسك مخافة/أن تقتلوا وأن أشرك في دمائكم. ولكن لئن أكون مظلوما أحبّ إليّ من أن أكون ظالما، ثم قال: وقد علمت أنّكم مكرهون وأنّكم ضعفتم عن الصّبر على القتل، فوسّع الله عليكم، وسلّمنا وإيّاكم من هذا الجبّار العاتي. قالوا: كان عامّة من حضر وشهد (¬3) عليه قد بايعه وكان سببه إلى جستان وكان يقتل بالظنّة والنّميمة (¬4)، فلو ذكر يحيى من هذا شيئا لقتلوا عن آخرهم، وهذا مشهور عنهم. ¬

(¬1) «المرادي»، ليست في ر. (¬2) م ص: حولتهم. (¬3) م ص: وشهدوا. (¬4) م ص: والتهمة.

[كتاب الأمان]

وكان رحمه الله/عظيم الحلم، طويل السكوت، شديد الاجتهاد. قال: (¬1) فلما شهدنا (¬2) قال جستان (¬3): بقي لك (¬4) علّة تعتلّ بها بعد شهادة هؤلاء؟ قال يحيى: قد بان لك بكاؤهم (¬5) وترددهم أنهم مكرهون، فإذا أبيت إلاّ غدرا فانظرني (¬6) آخذ لي ولأصحابي الأمان على نسخة أنشئها (¬7) أنا وأوجهها (¬8) إلى هارون، حتى يكتب إقراره ذلك بخطه ويجمع الفقهاء (¬9) والمعدلين وبني هاشم فيشهدون عليه بذلك. [كتاب الأمان] فكتب [1] جستان إلى الفضل بذلك، وكتب الفضل به إلى الرشيد فامتلأ سرورا وفرحا، وعظم موقع ذلك منه، وكتب النّسخة على ما وجّه بها يحيى بخطّه، وأشهد على ذلك الفقهاء والأشراف، منهم: عبد الصمد بن علي، والعبّاس بن محمد، وإبراهيم بن محمد، وموسى ابن عيسى، ووجّه إليه بالجوائز والألطاف وألف ألف درهم. وهذه نسخة الأمان (¬10) التي وجّه بها يحيى: ¬

(¬1) «قال»، من ر وحدها. (¬2) م: شهدوا. (¬3) قارن بالحدائق (مصورة) 1/ 190؛ وأخبار أئمة الزيدية 197. (¬4) ص: ما بقي؛ أخبار أئمة الزيدية 197: هل بقيت. (¬5) م ص: تبين لك بنكائهم؛ وفي ر: بكاهم. (¬6) ر: فانتظرني. (¬7) ر: انسخها. (¬8) ص: واوجه؛ أخبار أئمة الزيدية 197: أوجه بها. (¬9) ص: القراء. (¬10) في هامش ص الأيمن: «نسخة العهد الذي طلبه من الرشيد». [1] قارن بالطبري 8/ 243 (-3/ 614) واللفظ يقترب من لفظ مخطوطتنا.

بسم الله الرحمن الرحيم. هذا كتاب أمان من أمير المؤمنين هارون بن محمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب ليحيى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب، ولسبعين رجلا من/أصحابه. إني أمّنتك يا يحيى بن عبد الله والسبعين رجلا من أصحابك بأمان الله/الذي لا إله إلا هو، الذي يعلم من سرائر العباد ما يعلم من علانيّتهم، أمانا صحيحا جائزا صادقا، ظاهره كباطنه، وباطنه كظاهره، بلا شوبة غلّ، ولا مخالطة (¬1) غش تبطله بوجه من الوجوه، ولا سبب من الأسباب. فأنت يا يحيى بن عبد الله والسبعون رجلا من أصحابك آمنون بأمان الله على ما أصبت أنت وهم، من مال أو دم أو حدث على أمير المؤمنين هارون بن محمد، أو (¬2) على أصحابه وقوّاده وجنوده وشيعته وأهل مملكته واتباعه ومواليه وأهل بيته ورعيته (¬3)، وعلى أنّ كلّ من طالبه أو طالب أصحابه بحدث كان منه أو منهم (¬4) من الدّماء والأموال وجميع الحقوق كلّها، فاستحقّ الطلب (¬5) ليحيى بن عبد الله وأصحابه السبعين رجلا (¬6)، فعلى أمير المؤمنين هارون بن محمد ضمان جميع ذلك (¬7) وخلاصه حتّى يوفيهم حقوقهم أو يرضيهم بما شاؤا، بالغا ما بلغت تلك المسألة (¬8) من ¬

(¬1) م ص: لا يشوبه غل ولا يخالطه. (¬2) ص: وعلى. (¬3) «أهل مملكته»، وردت هنا في م ص. (¬4) م ص: أو كان منهم. (¬5) م ص: الطالب. (¬6) م ص: او السبعين رجلا من أصحابه. (¬7) م: ضمان ذلك. (¬8) م: المطالبة.

دم أو مال أو حدّ أو قصاص؛ وأنّه لا يؤاخذه (¬1) بشيء كان منه ومنهم ممّا وصفنا في صدر كتابنا هذا، ولا يأخذه هو وإيّاهم (¬2) بضغن ولا ترة ولا حقد، ولا وغر شيء (¬3) ممّا كان منه من كلام أو حرب أو عداوة ظاهرة أو باطنة، ولا ممّا كان منه من المبايعة والدّعاء إلى نفسه، وإلى خلع أمير المؤمنين وإلى حربه. وإنّ أمير المؤمنين هارون بن محمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، أعطى يحيى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (¬4)، /والسّبعين رجلا من أصحابه، عهدا خالصا مؤكّدا، وميثاقا واجبا غليظا، وذمّة الله، وذمّة رسوله، وذمّة أنبيائه المرسلين، وملائكته المقرّبين، وأنّه جعل له هذه العهود والمواثيق والذّمم ولأصحابه في عنقه مؤكّدة صحيحة، لا براءة له عند الله/في دنياه وآخرته إلا بالوفاء بها. وإنّي قد أنفذت ذلك لك ولهم (¬5) ورضيته وسلّمته، وأشهدت الله وملائكته على ذلك، وكفى بالله شهيدا (¬6). فأنت وإيّاهم آمنون بأمان الله، ليس عليك ولا عليهم عتب ولا توبيخ ولا تبكيت، ولا تعريض ولا أذى، فيما كان منك ومنهم إذ كنت في مناوئتي ومحاربتي، من قتل كان أو قتال أو ذلّة 5وجرم، أو سفك دم/أو جناية في عهد، أو خطأ، أو أمر من الأمور سلف منك أو منهم، في صغير من الأمور (¬7) ولا كبير، في سرّ وعلانية (¬8) ¬

(¬1) ص: لا يؤخذ. (¬2) م ص: تؤاخذه وإياهم. (¬3) م ص: بشيء. (¬4) م ص: بن عبد المطلب. (¬5) «لك ولهم»، ليست في ص. (¬6) ص: سميعا. (¬7) -م ص: الأمر. (¬8) م ص: ولا علانية.

ولا سبيل إلى نقض ما جعلت (¬1) لك من أماني ولا إلى نكثه بوجه من الوجوه، ولا بسبب من الأسباب. وإنّي قد أذنت لك بالمقام، أنت وأصحابك، أين (¬2) شئت من بلاد المسلمين، لا تخاف أنت ولا هم غدرا، ولا خترا ولا إخفارا، حيث أحببت من أرض الله، فأنت وإيّاهم (¬3) آمنون بأمان الله الذي لا إله إلا هو. لا ينالك أمر تخافه من ساعات الليل والنّهار، ولا أدخل في أماني عليك غشا ولا خديعة ولا مكرا، ولا يكون منّي إليك في ذلك دسيس ولا جاسوس ولا إشارة ولا معاريض ولا كناية (¬4) ولا تصريح، ولا شيء (¬5) من الأشياء ممّا تخافه على نفسك، من جديد ولا مشرب ولا مطعم ولا ملبس ولا أضمره لك (¬6)؛ وجعلت لك أن لا ترى منّي انقباضا ولا مجانبة ولا ازورارا. وإن (¬7) أمير المؤمنين هارون بن محمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب نقض ما جعل لك ولأصحابك من أمانكم (¬8) هذا، أو نكث عنه أو خالفه إلى أمر يكرهه، أو أضمر لك في نفسه غير ما أظهر، وأدخل عليك فيما ذكره (¬9) من أمانه ¬

(¬1) م ص: جعلته. (¬2) ص: انى. (¬3) م ص: هم. (¬4) م: وكتابة ولا كناية. (¬5) م ص: ولا بشيء. (¬6) ص: ولا أضمر ذلك. (¬7) م ص: فان. (¬8) ر: أمانهم. (¬9) ص: ذكر.

وسلّمه (¬1) لك ولأصحابك المسمّين (¬2) التماس/الخديعة لك، و (¬3) المكر بك، أو نوى غير ما جعل لك الوفاء به، فلا قبل الله منه صرفا ولا عدلا؛ وزبيدة ابنة جعفر بن أبي جعفر طالق ثلاثا منه (¬4)، وأنّ كلّ مملوك له (¬5)، من عبد أو أمة، وسرّية، وأمّهات أولاده أحرار، وكلّ امرأة له، وكلّ امرأة يتزوّجها (¬6) فيما يستقبل، فهي طالق ثلاثا (¬7)، وكلّ مملوك يملكه فيما يستقبل، من ذكر أو أنثى، فهم أحرار، وكلّ مال يملكه، أو (¬8) يستفيده، فهو صدقة على الفقراء والمساكين؛ وإلاّ فعليه المشي إلى بيت الله الحرام، حافيا راجلا، وعليه المحرّجات من الأيمان كلّها، وأمير المؤمنين هارون بن محمد بن عبد الله بن (¬9) محمد بن علي بن عبد الله بن العباس خليع من إمرة المؤمنين، والأمّة من ولايته براء، ولا طاعة له في أعناقهم؛ والله عليه بما أكّد (¬10) وجعل على نفسه في هذا الأمان كفيل، وكفى بالله/شهيدا (¬11). أخبرني محمد بن القاسم بن إبراهيم رحمه الله/عن أبيه قال: لما ¬

(¬1) م ص: تسليمه. (¬2) «المسلمين»، ليست في ر. (¬3) م: او. (¬4) م ص: بتة. (¬5) ر: مملوك من عبد. (¬6) ص: وكل امرأة له يتزوجها (¬7) «ثلاثا»، ليست في ر. (¬8) ص: و. (¬9) (-9) من ص وحدها. (¬10) ص: وكد. (¬11) قرآنية؛ قارن بالمعجم المفهرس 389 «شهد».

بعث يحيى بالأمان، كتب إلى هارون أن يجمع الفقهاء والعلماء ويحلف له بطلاق (¬1) زبيدة باسمها واسم أبيها، وعتق كلّ ما ملك من السّراري، وتسبيل كلّ ما ملك من مال، والمشي إلى بيت الله الحرام، والأيمان المحرّجات، وأن يشهد الفقهاء على ذلك كلّه، قال: فأسرع هارون إلى أمانه وأعطاه الشّروط التي اشترط له كلّها، والأيمان التي طلب والإشهاد عليها. قال أبو زيد قال المدائني: فلما ورد الأمان على يحيى، وتوثّق بصحّته أحبّ أن (¬2) يتوثّق من قبل الفضل بن يحيى، وكتب (¬3) أمانا آخر بإقرار الفضل على أنّ (¬4) أمير المؤمنين أمره أن يعطيه الأمان، فكتب كتاب أمان من الفضل فيه (¬5): بسم الله الرحمن الرحيم (¬6)، هذا كتاب أمان من الفضل بن يحيى بن خالد (¬7) بن برمك، ليحيى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب والسبعين (¬8) رجلا من أصحابه؛ أنّي أمّنتك يا يحيى بن عبد الله والسّبعين (8) رجلا من أصحابك بأمان الله الذي لا إله ¬

(¬1) م ص: ويحلف بطلاق. (¬2) م ص: على يحيى بما أراد وتوثق نسخته اراد ان. (¬3) م ص: فكتب. (¬4) م ص: على اقرار الفضل بن يحيى ان. (¬5) «فيه»، من ر وحدها. (¬6) هامش ص الأيسر: «نسخة العهد الذي طلبه يحيى عليه السلام من الفضل بن يحيى». (¬7) ص: من الفضل بن خالد بن برمك. (¬8) م ص: وسبعين.

إلا هو الذي يعلم من (¬1) سرائر العباد ما/يعلم من علانّيتهم، أمانا صحيحا جائزا صادقا، ظاهره كباطنه، وباطنه كظاهره (¬2)، ثم أمرّ الكتاب على نسق الأوّل، حتّى أتى إلى (¬3) قوله: «من المبايعة والدّعاء إلى نفسه وإلى خلع أمير المؤمنين ومحاربته»، قال: وإنّ الفضل بن يحيى بن خالد بن برمك أعطى يحيى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب والسبعين رجلا من أصحابه، عهدا (¬4) خالصا مؤكّدا وميثاقا غليظا جائزا، وذمّة الله، وذمّة رسوله، وذمّة أنبيائه المرسلين، وملائكته المقرّبين، أنّي جعلت لك (¬5) يا يحيى هذه العهود، وهذه المواثيق، والأمان والذّمم لك ولأصحابك بعد استئماري عبد الله هارون بن محمد أمير المؤمنين، وأمرني بإيفاد ذلك لكم ورضيه، وجعله لكم، وتسلّم (¬6) ذلك ممّن قبله ومن (¬7) معي في عسكري من وزرائه وقوّاده، وشيعته من أهل خراسان، وأنت (¬8) وإيّاهم آمنون بأمان الله، ثمّ أتمّ الكتاب على نسق الأوّل. ثم وجّه به إلى الفضل بن يحيى وسأله أن يكتب له بخطّه وأن يشهد (¬9) له على نفسه أولئك التسعمائة (¬10) الرّجل الذين جمعوا له من الكور، ¬

(¬1) ص: يعلم سرائر. (¬2) م ص: ظاهره وباطنه؛ م: ظاهره كباطنه ثم أمر. (¬3) م ص: على. (¬4) م ص: عقدا. (¬5) م ص: جعلت يا يحيى. (¬6) م ص: وتسليم. (¬7) ص: وممن. (¬8) م ص: فأنت. (¬9) م ص: ويشهد. (¬10) ص: السبعمائة.

[عودته بعد تأمينه]

ويشهدوا عليه وللأربعمائة (¬1) الّذين شهدوا عليه من أهل طبرستان وجرجان، ويشهد بعد ذلك القواد والجند الذين معه في عسكره، ثم يشهد أهل الريّ وأهل قزوين، ففعل الفضل بن يحيى ذلك وسارع إليه. [عودته بعد تأمينه] فلما قبل يحيى الأمان/وأخرجه جستان، حمل إليه الفضل المال (¬2)، وسلّم يحيى إلى الفضل، فلما (¬3) قرب يحيى بن عبد الله من عسكر الفضل استقبله/وترجّل له وقبّل ركابه وذلك بعين جستان- بذلك أمره الرشيد-فلما رأى جستان ما فعل الفضل بن يحيى بن خالد بيحيى بن عبد الله، جعل (¬4) ينتف لحيته ويحثو التراب على رأسه ندامة على ما فعل، وجعل يدعو بالويل والثّبور ويأسف (¬5) على يحيى كيف خذله وأسلمه، /وعلم أنّهم مكروا به، وأنّهم شهدوا زورا (¬6)، ورأى ذلك من معه من قوّاد الدّيلم وانتشر فيهم الخبر، واجتمعوا (¬7) وتشاوروا في ملكهم وسوء فعله، فخلعوه وقتلوه (¬8) وولوا عليهم مكانه رجلا من ¬

(¬1) ص: والأربعمائة. (¬2) ص: الفضل بن يحيى المال وقبل المال. (¬3) من هنا إلى آخر الفقرة ورد في الحدائق (مصورة) 1/ 190 - 191؛ وأخبار أئمة الزيدية 197 بتصرف دون ذكر مصدر أو سند. وذكر أنه كان لزوجة جستان يد في عدم تصديقه ليحيى، وكان قد أشار من قبل إلى أن الفضل استمالها، كما ذكر أن من وثب على جستان هم بنو عمّه. (¬4) م: يجعل، وكتب فوقها «كذا». (¬5) م ص: ويتاسف. (¬6) م ص: شهود زور؛ وفي ر: شهود والزور، ثم أصلحها. (¬7) م ص: فاجتمعوا. (¬8) م ص: فاجمع رايهم على خلعه وقتله فخلعوه. .

[خبر يحيى مع الزيبري]

أهل بيت المملكة؛ وكان قد أسلم على يدي يحيى بن عبد الله جماعة فبنوا منزله (¬1) الذي كان يسكنه مسجدا وعظّموه (¬2)، وهم إلى الآن يقولون نحن أنصار المهدي (¬3). فهذا سبب دخول يحيى الدّيلم. [خبر يحيى مع الزيبري] فلما خرج يحيى بن عبد الله ورد الخبر على جعفر بن يحيى بن خالد، وكان على البريد، فدخل على الرشيد (¬4) مسرعا فأخبره بخروج يحيى بن عبد الله في الأمان، فأمر له الرشيد بمال جزيل. وورد [1] الفضل بن يحيى ومعه يحيى بن عبد الله مدينة السلام، فلقيه الرشيد بكل ما أحب وأكرمه وألطفه وأنزله منزلا سريا، وأجرى له أرزاقا (¬5) سنيّة وبلغ بالفضل الغاية في الإكرام والبرّ، وأمر بني هاشم والقوّاد (¬6) بتعظيمه وتبجيله. قال: وأمر ليحيى بن عبد الله بأربعمائة ألف دينار وأمر له يحيى بن خالد بمثلها. قال محمد بن القاسم (¬7): كان سبب سخط هارون على يحيى، أنّه لمّا أمر له بأربعمائة ألف دينار، وأمر له يحيى بن خالد (¬8) بمثلها، صار ¬

(¬1) ر: مسجده. (¬2) «وعظموه»، ليست في ر. (¬3) «نحن أنصار المهدي»، ليست في ص. (¬4) ر: دخل على هارون. (¬5) ص: وانزله منزلا وأجزله ارزاقا سنية. (¬6) «والقواد»، ليست في ص. (¬7) م: محمد بن القاسم بن ابراهيم. (¬8) م ص: بن خالد برمك. [1] انظر الحدائق (مصورة) 1/ 191؛ وأخبار أئمة الزيدية 197؛ وقارن بالطبري 8/ 243 (-3/ 614).

إلى منزله بأثيب ناحية سويقة من أرض الحجاز، فوصل كلّ من كان له به نسب أو خؤولة أو محبّة من العرب وغيرهم حتى أغناهم، وكثر (¬1) إختلاف الناس إليه وتعظيمهم له. قال محمد بن القاسم حدّثني أبي قال: كان بكّار بن مصعب بن ثابت (¬2) الزبيريّ عاملا لهارون على المدينة، فوشى بيحيى بن عبد الله بعدما رجع إلى الحجاز، فكتب إلى هارون أنّ بالحجاز خليفة يعظّمه الناس ويختلفون (¬3) إليه من جميع الآفاق، [ولا يصلح خليفتان في مملكة واحدة، وذكر أنّه يكاتب أهل الآفاق] (¬4)، وكثّر عليه في أمره، وهو على الغدر فليحذره أمير المؤمنين، وأشار (¬5) برفعه إليه وإلاّ فتق عليه فتقا عظيما؛ فوقع الثانية بهذا السبب [فكان في الحبس] (¬6) حتى/كان من أمره ما كان. قال أبو زيد/عن ابن زبالة المدنيّ (¬7) قال: لما رجع يحيى إلى الحجاز بالصّلات والأموال، جعل يفرّقها على الأشراف وأهل الحاجة سرّا وعلانية، وكان هارون قد ولّى المدينة بكار [بن عبد الله بن] [1] مصعب وجعله عينا على يحيى، لعلمه بشدّة بغضه للطالبيين وتعصّبه ¬

(¬1) م ص: فكثر. (¬2) «بن ثابت»، ليست في ر؛ وانظر هامش 2 ص 163. (¬3) ر: يختلفوا. (¬4) ليس في ص. (¬5) م ص: وليبادر. (¬6) ليس في ر. (¬7) ص: المدايني. [1] زيادة من المحقق وانظر التعريف بالاعلام الواردة في النّص في آخر الكتاب.

عليهم، فلم يزل بكّار يوغر صدر هارون/ويسعى إليه بيحيى حتى أمر الرشيد بحمله وحبسه وتقييده. وحدثني [1] ابن (¬1) النطاح عن المدائني قال وحدثني (¬2) الضبيّ (¬3) عن بعض النوفليين قال: دخلنا يوما على عيسى بن (¬4) جعفر نسلّم عليه، وقد وضعت له وسائد، بعضها على بعض، وهو قائم متّكىء عليها يضحك من شيء في نفسه متعجّبا (¬5)، فقلنا له: ما الذي يضحك الأمير، أدام الله سروره، فقال (¬6): لقد دخلني (¬7) اليوم سرور ما دخلني قطّ مثله؛ قلنا حقّق الله ذلك للأمير وزاد الأمير سرورا، فقال (¬8) والله لا حدّثتكم إلاّ قائما (¬9)، ¬

(¬1) ر: أبو، ص: أبي، وهي غير مقروءة في مصورة م؛ وانظر تراجم الأعلام. (¬2) ص: حدثني. (¬3) م: الضبعي. (¬4) ص: بن ابي. (¬5) ر: متعجب. (¬6) م ص: قال. (¬7) ص: داخلني. (¬8) في هامش ص الأيمن: «مجلس ليحيى عليه السلام مع الرشيد لعنه الله». (¬9) م ص: لا احدثكم قائما. [1] ورد الخبر في تاريخ الطبري 8/ 44 - 246 (-3/ 616 - 618)، «قال: وذكر الضبيّ أن شيخا من النوفليين قال. .»؛ وانظر مقاتل الطالبيين 474 - 479 (ط 2.396 - 399)؛ والعيون والحدائق 3/ 294؛ وتاريخ بغداد 14/ 110 - 112 بسنده عن الحسن بن محمد بن يحيى النسّابة عن عبد الله بن عمر بن حفص العمري؛ والحدائق (مصورة) 1/ 191 - 193؛ وأخبار أئمة الزيدية 200 - 204؛ وقارن بشرح نهج البلاغة 4/ 352؛ ومروج الذهب 4/ 200 - 202؛ وفيه أن الخبر جرى بين موسى بن عبد الله وعبد الله بن مصعب بن ثابت وذكر في آخره أنه قيل إنّ صاحب الخير هو يحيى؛ وقارن بالفخري لابن الطقطقي 195.

فاتّكىء على الفرش، وهو قائم، قال: كنت اليوم عند أمير المؤمنين، ودعا (¬1) بيحيى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن، فجيء به مكبّلا بالحديد، وعنده بكار بن [عبد الله بن] مصعب [1]، وكان الرّشيد يميل إليه لسعايته إليه بآل أبي طالب، قال: فلمّا دخل يحيى قال الرشيد هاها، وهذا يزعم أيضا (¬2) أنّا سممناه، فقال يحيى: ما معنى يزعم هذا، وأخرج لسانه مثل السّلق (¬3)، فتربّد (¬4) وجه هارون واشتدّ غضبه، فقال له يحيى عند ذلك: يا أمير المؤمنين إنّ لنا منك قرابة ورحما، ولسنا بترك ولا ديلم، فإنّا (¬5) وأنتم أهل بيت واحد، فأذكّرك الله بقرابتنا من رسول الله، علام تعذّبني (¬6)؟ فرقّ (¬7) له هارون وهمّ بتخليته؛ قال فأقبل الزبيريّ على الرّشيد فقال يا أمير المؤمنين: لا تسمع كلام هذا فإنّه شاق عاص وإنّما هذا مكر منه وخبث، إنّ هذا وأخويه قد أفسدا (¬8) علينا مدينتنا وعملوا فيها الأعاجيب، وأظهروا فيها الخلاف والعصيان. فأقبل يحيى فقال: أفسدنا عليكم مدينتكم؟ ومن أنتم، عافاكم الله، المدينة مدينة (¬9) ¬

(¬1) م ص: فدعا. (¬2) «ايضا»، ليست في ص. (¬3) م ص: السليق وشرحها في الهامش. (¬4) م ص: قال فتربد. (¬5) م ص: وانا. (¬6) م ص: تعذبني وتحبسني. (¬7) م ص: قال فرق. (¬8) م ص: واخوانه افسدوا. (¬9) م ص: المدينة كانت مهاجر. [1] زيادة من المحقق؛ والاسم هو بكار بن عبد الله بن مصعب في تاريخ الطبري الذي يروي الخبر بنفس السند، وانظر التعريف بالأعلام في آخر الكتاب.

عبد الله/بن الزبير أو مهاجر رسول الله؟ ومن أنت حتى تقول أفسدوا علينا مدينتنا، وإنّما آبائي وآباء هذا هاجروا إلى المدينة. فاستضحك الرّشيد، فقال يحيى: يا أمير المؤمنين (¬1)، إنّما النّاس نحن وأنتم، فإن خرجنا عليكم، فلا (¬2) لوم علينا لأنّكم أكلتم وأجعتمونا (¬3)، ووجدنا (¬4) بذلك مقالا فيكم ووجدتم بخروجنا عليكم مقالا (¬5) فينا/تكافوا (¬6) فيه القول ويعود الرشيد على أهله بالفضل، فلم يجرؤ هذا وضريباه (¬7) على أهل (¬8) بيتك؟ فقد كان (¬9) معاوية أبعد نسبا (¬10) منك، سعى عبد الله بن الزبير إليه بالحسين بن علي، عليه السلام، وتنقّصه فقال له معاوية: تنتقص الحسين في مجلسي، لا ولا كرامة لك! فقال ابن الزبير: يا أمير المؤمنين كيف تنهاني وأنت تشتمه؟ قال: لحمي آكله لا أوكله [1]. يا أمير المؤمنين والله ما سعى هذا (¬11) بنا إليك نصيحة منه لك ولكن عداوة ¬

(¬1) م ص: يا هارون. (¬2) ر: ولا. (¬3) الطبري 8/ 245 (-3/ 617): ولبستم وأعريتمونا، وركبتم وأرجلتمونا. (¬4) ص: فوجدنا. (¬5) م ص: ووجدتم بذلك مقالا. (¬6) م ص: يتكافؤوا. (¬7) ص: وضرباءه. (¬8) «أهل»، ليست في ر. (¬9) في هامش ص الأيسر: «سعي عبد الله بن الزبير بالحسين بن علي عليهم الرحمة والرضوان إلى معاوية». (¬10) م ص: أبعد من. (¬11) ص: بنا هذا. [1] قارن بمقاتل الطالبيين 475 (ط 2.397)؛ وشرح نهج البلاغة 4/ 352؛ وأنساب الأشراف 4/ 1/98.

منه لنا جميعا، إذ قصرت يده، سعى بنا عندك كما سعى بك (¬1) عندنا من (¬2) غير نصيحة منه لنا يريد أن يباعد بيننا ويشتفي من بعضنا بعضا (¬3)، لأنّا (¬4) أهل بيت رسول الله صلى الله عليه دونه، يا (¬5) أمير المؤمنين لقد جاءني هذا حين قتل أخي محمد بن عبد الله، فقال: فعل الله بقاتله وأنشدني فيه مرثية عشرين بيتا، وقال لي: إن خرجت في هذا الأمر/فأنا أوّل من يبايعك، وقال: ما يمنعك أن تلحق بأهل البصرة (¬6) فانّهم شيعة أخيك إبراهيم وإنّ أيدينا مع يدك؛ قال: فتغيّر وجه الزبيري واسودّ، وأقبل عليه هارون فقال: ما يقول هذا يا بكّار؟ قال: كاذب يا أمير المؤمنين ما كان ممّا قال حرف واحد. فأقبل الرّشيد على يحيى فقال: تحفظ من أبيات القصيدة (¬7) التي رثى بها أخاك شيئا؟ قال: نعم واحفظ القصيدة التي حثّ فيها على الخروج مع أخي محمد بن عبد الله، قال: فأنشدنيهما. فأنشده هذه القصيدة [1]: [من البسيط] إنّ الحمامة يوم الشّعب من دثن (¬8) … هاجت فؤاد محبّ دائم الحزن ¬

(¬1) م ص: بكم. (¬2) ص: عن. (¬3) م ص: ببعض. (¬4) ص: بغضا لنا. (¬5) م ص: والله يا. (¬6) ص: بالبصرة. (¬7) م ص: من القصيدة. (¬8) العقد: حضن. [1] العقد الفريد 5/ 87 - 88 (7 أبيات)؛ وتاريخ بغداد 14/ 112؛ وشرح نهج البلاغة 4/ 352؛ والحدائق (مصورة) 1/ 192؛ وأخبار أئمة الزيدية 202.

إنّي لآمل (¬1) أن ترتدّ ألفتنا … بعد التّدابر (¬2) والشّحناء والإحن/ وتنقضي دولة أحكام قادتها … فينا كأحكام قوم عابدي (¬3) وثن قد طال (¬4) ما قد بروا بالجور أعظمنا … بري الصّناع قداح النّبل بالسّفن (¬5) حتّى يثاب على الإحسان محسنها (¬6) … ويأمن الخائف المأخوذ بالدّمن، فانهض ببيعتنا (¬7) ننهض بطاعتكم … إنّ الخلافة فيكم يا بني حسن لا عزّ ركنا نزار إنّهم خذلوا … رهط النّبي ولا ركنا ذوي يمن (¬8) فأنت أكرمهم فيهم إذا نسبوا … وأبعد القوم عيذانا من الإبن (¬9) وأفضل القوم عند القوم، قد علموا، … نفسا وأزكى وأنقاهم من الدّرن (¬10) /وهو الذي يقول [1]: [من الكامل] ¬

(¬1) العقد والحدائق: إنا لنأمل. (¬2) العقد: التباعد. (¬3) ص: عابد. (¬4) الحدائق: فطال. (¬5) لم يرد هذا البيت في العقد. (¬6) م: محسننا. (¬7) حدائق: قوموا ببيعتكم؛ والبيت في مروج الذهب 4/ 200 (والخبر فيه يروى عن موسى بن عبد الله). (¬8) العقد: ركن نزار عند نائبة إن أسلموك. . . (¬9) العقد: ألست أكرمهم يوما إذا إنتسبوا عودا وأنقاهم ثوبا من الدرن. (¬10) العقد: وأعظم الناس عند الله منزله وأبعد الناس من عجز ومن أفن [1] تنسب لسديف وأنّه قالها عند خروج النفس الزكية؛ وورد بيتان منها باختلاف عما هنا ضمن ثلاثة أبيات في تاريخ دمشق 7/ 72؛ وتهذيب ابن بدران 6/ 68؛ ومختصر ابن منظور 9/ 212؛ وقارن بالعقد الفريد 5/ 88؛ وإتحاف الورى 188.

قل للمشنّىء والمقصّي داره … تربت يداك أطلّها مهدّيها فلتدهمنك غارة (¬1) جرّارة … شعواء يحفز أمرها علويّها حتى تصبّح قرية كوفية … لما تغطرس ظالما قرشيّها بكتيبة وكتيبة وكتائب … حسنيّة يحتثّها (¬2) حسنيّها فحلف ما قال مما ذكر حرفا واحدا، فقال يحيى صلى الله عليه: يا هارون، والله لقد رثاه بقصيدتين بعد موته، قال هارون: فترويهما؟ قال: نعم، قال: فأنشدنيهما! فأنشده قول الزبيري [1]: [من الكامل] يا صاحبيّ دعا الملامة واعلما … أن لست في هذا بألوم منكما وقفا بقبر ابن النّبيّ محمد … لا بأس أن تقفا به وتسلّما (¬3) قبر يضمّ (¬4) خير أهل زمانه … حسبا وطيب سجيّة وتكرّما رجل نفى بالعدل جور بلادنا … وعفا عظيمات الأمور فأنعما (¬5) لم يجتنب قصد السبيل ولم يحد (¬6) … عنه ولم يفتح بفاحشة فما لو أعظم الحدثان شيئا قبله … بعد النبي لكنت أنت/المعظما (¬7) ¬

(¬1) ص: غادة. (¬2) ر: يحثها؛ وتقرأ عندها بمدّ الياء للوزن. (¬3) مقاتل: فتسلما. (¬4) مقاتل: تضمّن. (¬5) لم يرد هذا البيت في مقاتل الطالبيين. (¬6) ر: يجر. (¬7) لم يرد هذا البيت في مقاتل الطالبيين. [1] تنسب لعبد الله بن مصعب بن ثابت في تاريخ الطبري 7/ 602 - 603 (-3/ 255 - 256)؛ ومقاتل الطالبيين 307 - 308 (ط 2.267 - 268)؛ والكامل 5/ 554 - 555؛ والحدائق الوردية (مصورة) 1/ 175.

أو كان أمتع بالسلامة قبله … أحد لكان قصاره أن يسلما [ضحوا بإبراهيم خير ضحيّة … فتصرّمت أيّامه وتصرّما] (¬1) بطل يخوض بنفسه غمراتها … لا طائشا رعشا ولا مستسلما حتى مضت فيه السيوف وربما … كانت حتوفهم السيوف وربّما أضحى بنو حسن أبيح حريمهم … فينا وأصبح نهبهم متقسّما (¬2) يتقرّبون بقتلهم شرفا لهم … عند الإمام يرون ذلك مغنما (¬3) والله لو شهد النّبيّ محمّد، … صلّى الإله على النبيّ وسلّما، إشراع أمّته الأسنّة في ابنه (¬4) … حتّى تقطر من ظباتهم دما حقا لأيقن أنّهم قد ضيّعوا … تلك القرابة واستحلّوا المأثما وأنشده أيضا [1]: [من مجزوء الكامل] تبكي مذلة أن تقنص حبلهم … موسى (¬5) وأقصد صائبا (¬6) عثمانا هلاّ على المهدي وابني مصعب … أذريت دمعك ساكبا تهتانا ¬

(¬1) لم يرد هذا البيت في مقاتل الطالبيين. (¬2) جاء بعد هذا البيت في المقاتل: ونساؤهم في دورهنّ نوائح سجع الحمام إذا الحمام ترنّما (¬3) في المقاتل: يتوسلون بقتلهم ويرونه شرفا لهم عند الإمام ومغنما (¬4) المقاتل: لابنه. (¬5) تاريخ الطبري: عيسى؛ وفي هامش الطبري 7/ 601: «بعدها في ت: يعني بعيسى بن حصين وعثمان بن محمد بن خالد بن الزبير». (¬6) م: صائنا. [1] منسوبة لعبد الله بن مصعب في تاريخ الطبري 7/ 601 - 602 (-3/ 255)؛ ومقاتل الطالبيين 306 - 307 (ط 2.267)، ستة أبيات بترتيب مختلف؛ والحدائق (مصورة) 1/ 162، خمسة أبيات.

ولفقد إبراهيم حين تصدّعت … عنه الجموع فوجهوا (¬1) الأقرانا سالت دموعك ضلّة قد هجت لي … برحا (¬2) وهمّا يبعث الأحزانا (¬3) والله ما ولد الحواضن مثلهم … أمضى وأرفع محتدا ومكانا واشدّ ناهضة وأقول للتي … تنفي مصادر عدلها البهتانا فهناك لو فقأت غير مشوّه (¬4) … عينيك (¬5) من (¬6) جزع عذرت عيانا (¬7) رزء (¬8) لعمرك لو يصاب بمثله … ميطان صدّع (¬9) رزؤه ميطانا _1 قال الزبيريّ: والله الذي لا إله إلا هو، وأمرّها غموسا، ما قلت من هذا شيئا ولقد تقوّل عليّ ما لم أقل. قال عيسى بن (¬10) جعفر: فأقبل الرشيد على يحيى فقال: هل من فيه (¬11) سمعت منه هذه المرثية؟ قال (¬12): تأذن لي استحلفه؟ قال: شأنك ¬

(¬1) ص: فوجه؛ م تاريخ الطبري: فواجه. (¬2) م ص: ترجا. (¬3) تاريخ الطبري: برحاء وجد تبعث الأحزانا. (¬4) ر م: عين مسرة؛ وفي هامش ص الأيسر: غير مسرّة (مشكولة). (¬5) ر: عيناك. (¬6) ص: في. (¬7) م ص وتاريخ الطبري: علانا. (¬8) ر م: رر يوا. (¬9) ص: صد. (¬10) م ص: بن أبي. (¬11) م ص: بنيه. (¬12) هامش ص الأيسر: «صفة اليمين الزبيرية (كذا)». [1] من جبال المدينة شرقي بني قريظة، وهو لمزينة وسليم (كتاب المناسك 407، ومعجم البلدان 5/ 243؛ والمغانم المطابة 399).

فاستحلفه (¬1) على ما تريد. قال: فأقبل يحيى على الزبيري (¬2) فقال: براك الله من حوله وقوّته ووكلك إلى حولك وقوتك إن كنت قلت هاتين (¬3) المرثيتين ولا المديح الأول. قال الزبيري: براني الله من حوله وقوته ووكلني إلى حولي وقوتي إن كنت قلت شيئا مما قال؛ فلما حلف قال يحيى قتلته والله يا أمير المؤمنين (¬4). /وأمر (¬5) بردّ يحيى إلى السجن (¬6) وخرج الزبيري فضربه الفالج في شقه الأيمن، فمات من ساعته فولّى الرشيد ابنه المدينة من بعده. فقال عيسى بن جعفر (¬7): فو الله (¬8) ما سرّني أنّ يحيى نقصه حرفا واحدا مما قاله (¬9) و/لا وددت أنّه قصّر في شيء من مخاطبته (¬10). حدثني أبو زيد قال، حدثني غير واحد: أنّ يحيى بن عبد الله قال يومئذ لهارون: والله إنّه ليتقرّب إلينا بعداوتكم وبعداوتنا إليكم في سالف الدهر وحديثه، ما اجتمعنا له إلاّ جمعنا بالعداوة (¬11)، ولا يخصّ ¬

(¬1) م ص: شأنك به استحلفه. (¬2) «على الزبيري»، ليست في ر. (¬3) ص: هذه. (¬4) م ص: يا هارون. (¬5) م ص: فامر. (¬6) م ص: الحبس. (¬7) م ص: بن أبي جعفر. (¬8) م ص: والله. (¬9) م ص: قال له. (¬10) م ص: مخاطبته إياه. (¬11) ر: في العداوة.

بمقت ولا بغض (¬1) واحدا دون صاحبه؛ قال: وما أقبل عليه يحيى في مخاصمته حتى افترقا، ما كان يقبل إلاّ على هارون ولا يخاطب غيره، حتى قال ابن مصعب: ألست الواثب في سلطاننا؟ قال يحيى: ومن أنتم عافاكم الله-يريد الزبيريّين (¬2) -وإنّه لمقبل على هارون، فتبسّم هارون منه مستسرّا بذلك، ثم أقبل يحيى فقال: والله يا أمير المؤمنين (¬3) إن كان من أنصار محمد الذين نصروه بأيديهم وألسنتهم؛ [وإنّه القائل وذكر الشّعر: قوموا ببيعتكم ننهض بطاعتنا (¬4) … إن الخلافة فيكم يا بني حسن ثم أمر بحبسه؛ فذكر مثل (¬5) ذلك] (¬6). وسمعت (¬7) موسى بن عبد الله يقول (¬8): يذكر عن البكري أنّ هارون جمع الفقهاء والقرشيّين وأحضر أمان يحيى بن عبد الله قال: وكان فيمن حضر من الفقهاء محمد بن الحسن والحسن بن زياد. وسمعت يحيى بن موسى يقول: هذا غلط، الذي أحضر أبو يوسف. ¬

(¬1) م ص: بغضة. (¬2) م ص: الزبيري. (¬3) م ص: يا هارون. (¬4) م: بطاعتكم. (¬5) م: نحو (¬6) ليست في ر. (¬7) في هامش ص الأيمن: «محاولة هارون لعنه الله نقض الأمان وإحضار الفقهاء لعرضه عليهم». (¬8) «يقول»، ليست في م ص.

[تخريق أمان يحيى]

وأخبرني أبو بكر محمد بن أحمد الرازي عن موسى بن نصر: أنّ الذي أحضر أبو يوسف. [تخريق أمان يحيى] وسمعت (¬1) أبا علي البستاني يذكر عن ابن سمّاعة صاحب محمد بن الحسن قال سمعت محمد بن الحسن يقول: بعث إليّ هارون في أمر يحيى/وأمانه وقد جمع له الفقهاء والقرشيّين، فجعلت على نفسي أن أصحّح الأمان/ولو كان فاسدا لأحقن دمه. فذاكرات ابن أبي عمران بهذا (¬2) الخبر فذكر عن ابن سماعة نحو ما ذكره البستاني عنه، قال ابن سماعة [1]: قال محمد بن الحسن: لما سألني هارون عن أمان يحيى أراد منّي ومن غيري أن ندلّه على رخصة يصل بها إلى قتل يحيى؛ قال فدفع إليّ (¬3) الأمان وقال: انظر في هذا الأمان الفاسد، قال (¬4): فنظرت فيه فرأيته صحيحا (¬5)، أصحّ أمان ولو كلّفت أن أكتب مثله على صحّته لصعب عليّ، قال: فقمت قائما ¬

(¬1) في هامش ص الأيمن: «كلام محمد بن الحسن الشيباني رحمه الله». (¬2) م: عن هذا. (¬3) ص: لي. (¬4) «قال»، من ر وحدها. (¬5) «صحيحا»، من ر وحدها. [1] قارن بتاريخ الطبري 8/ 247 - 248 (-3/ 619 - 621)؛ ومقاتل الطالبيين 479 - 480 (ط 2.401)؛ وكتاب المصابيح (ص 312 - 313 فيما يلي)؛ والإفادة في أخبار أئمة الزيدية 81 - 82؛ وأخبار أبي حنيفة للصيمري 130 - 131؛ والحدائق الوردية (مصورة) 1/ 193 - 194؛ ومناقب أبي حنيفة 2/ 436 - 438؛ وبلوغ المرام 49 - 55؛ وسيرد خبر مشابه لهذا بسند آخر فيما يلي ص 262 - 264.

فقلت: يا أمير المؤمنين حرام الدّم، ما رأيت قطّ أمانا (¬1) أصحّ منه ولا أوثق (¬2)، وليس في نقضه حيلة؛ قال: فأخذ دواة بين يديه فرماني بها فشجّ رأسي، ودفعه إلى غيري حتّى عرضه على جميع من حضر، فقالوا كلّهم مثل قولي إلاّ أنّهم لم يبادوا به؛ قال (¬3)، فقال وهب بن وهب أبو البختري بعدما قال هو (¬4) إنّه صحيح: ها هنا حيلة، قال: ما هي؟ قال: إن قال الفضل بن يحيى إنّه نوى وقت ما أعطاه الأمان غير الوفاء فالأمان باطل، قال هارون: والفضل يقول هذا. قال: فدعا بالفضل بن يحيى، وأخوه جعفر بن يحيى حاضر فقال هارون: أليس (¬5) إنّما نويت بالأمان غير الوفاء؟ فقال الفضل: ما/نويت بالأمان إلاّ الوفاء؛ قال: فغضب هارون وقال: ويلك أليس إنّما نويت غير الوفاء؟ قال: لا يا أمير المؤمنين ما نويت إلاّ الوفاء، قال: [فاشتد غضب هارون وقال: ويلك أليس نويت غير الوفاء؟ قال:] (¬6) لا والله الذي لا إله إلاّ هو ما نويت غير الوفاء يا أمير المؤمنين، ونظر أبو البختري إلى يحيى بن خالد وجعفر بن يحيى قد تغيّرت وجوههما وأربدّت، ورمياه بأبصارهما فعرف الشّر في وجوههما، قال، فقال: يا أمير المؤمنين ما تصنع بهذا ادع لي بسكين، فأحضر له سكين فقطع الأمان ثم قال: يا أمير المؤمنين اقتله ودمه في عنقي. قال، فقال له يحيى: يا دعيّ، لقد (¬7) علمت قريش ¬

(¬1) ص: أمانا قط. (¬2) م ص: أوثق منه. (¬3) من ر وحدها. (¬4) ر: قاله. (¬5) م ص: بالفضل ويحيى بن خالد وابنه جعفر بن يحيى حاضران. (¬6) ليست في ر. (¬7) م ص: والله لقد.

أنّك لقيط وأنّك تدّعي إلى غير أبيك، وأبوك الذي تدّعي أبوّته لم يصحّ له نسب في قريش، إنّما هو عبد لبني زمعة [1]، فأنت مدعّ إلى دعيّ وقد جاء في الأثر/عن الرسول: صلى الله عليه وآله وسلّم «إنّ من ادّعى إلى غير أبيه أو (¬1) انتمى إلى غير مواليه فليتبؤا مقعده من النار» [2]، فكيف ترى حالك وأنت مصرّ على الدّعوة بعد معرفتك بالأثر عن النبيّ عليه السلام، ثم جرأتك على الله واستخفافك بمحارمه وتخريق (¬2) أمان وكدّه ووثّقه (¬3)، جماعة من علماء المسلمين، فهب أن لا مراقبة عندك في رجاء ثواب ولا خوف عقاب، فهلاّ سترت على ما يخفي ضميرك ممّا قد أبديته من هتك سترك وإبداء عورتك، معاندة لله ولدينه، /وعداوة منك لله ولرسوله ولذريّة رسوله، ثم التفت إلى الرشيد فقال له: يا هارون اتّق الله وراقبه فإنّه قلّ ما ينفعك هذا وضرباؤه «يوم يعضّ الظالم على يديه ويقول الكافر يا وليتني لم أتّخذ فلانا خليلا» (اقتباس من الآيتين 27 و 28 من سورة الفرقان) الآية يَوْمَ لا يَنْفَعُ اَلظّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اَللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ اَلدّارِ (غافر 40/ 52). فقال (¬4) الرشيد لمن حضر (¬5) من ¬

(¬1) ص: و. (¬2) م: في تخريق؛ ص: بتخريق. (¬3) ص: قد وثقه ووكده. (¬4) ر: قال. (¬5) م ص: لمن حضره. [1] لم أستطع التثبيت من هذا القول فيما بين يديّ من مصادر؛ وانظر في نسب أبي البختري: نسب قريش 222 - 223؛ وفي كتاب المصابيح (انظر ما يلي ص 313): «وما لهذا والفتيا إنّما كان أبو هذا طبّالا بالمدينة». [2] قارن بمصنف عبد الرزّاق 9/ 49 - 52 (بألفاظ أخرى)؛ وفتح الباري 6/ 348، 12/ 43؛ وفنسنك 1/ 6.

الفقهاء وغيرهم: انظروا ولا يستحلّ أن يقول أمير المؤمنين (¬1)، وأراد هارون أن يحتجّ عليه ليبطل أمانه (¬2) فقال (¬3) يحيى: وما (¬4) جزعك من اسم سمّاكه أبوك، قد كان يقال لرسول الله، صلّى الله عليه، يا محمد فما ينكر على الدّاعي له بذلك وقد سمّاه الله رسوله صلّى الله عليه وسلّم (¬5). وقال موسى في حديثه [1]: فأمر هارون جماعة الفقهاء والقرشيين (¬6) أن يكلموا يحيى يخبرهم بأسماء السبعين الرجل الذي أعطاهم الأمان، قال، وقال هارون: كلّ ما عزمت على طلب (¬7) أعدائي تهيّبت (¬8) من أجل هؤلاء الذين أعطيتهم الأمان ألاّ أتعرّضهم؛ قال (¬9)، فقالوا ليحيى: اذكر لأمير المؤمنين أسماء أصحابك لئلاّ (¬10) يغلط فيهم (¬11) فيأخذهم وقد أعطاهم الأمان فيأثم، فكلّموه (¬12) بكلام هذا معناه؛ فقال يحيى: إن أراد أمير ¬

(¬1) م ص: يا أمير المؤمنين. (¬2) ر: امامته. (¬3) ر: قال. (¬4) م ص: ما. (¬5) ص: رسول الله عليه السلام. (¬6) م ص: القرشيين والفقهاء. (¬7) بياض في ر بقدر كلمة بين: «طلب» و «أعدائي». (¬8) م ص: نهيت. (¬9) ليست في ر. (¬10) ر: لئن لا. (¬11) م ص: بهم. (¬12) ص: وكلموه. [1] قارن بمقاتل الطالبيين 482 - 483 (ط 2.403)؛ والحدائق الورديّة (مصورة) 1/ 194.

المؤمنين أن يفي لي ولهم (¬1) عرّفني رأيه في الوفاء، فمتى أخذ رجل من أصحابي الذين أخذ لهم الأمان [أخبرته حتى استوفى عدد السبعين الذين أعطاهم/الأمان] (¬2)، إن أراد الوفاء لهم (¬3)، وإن لم يرد الوفاء لهم فكيف أخبره/بأسمائهم وأدلّه على مواضعهم إذن أكون شريكه في دمائهم. فراجعناه في ذلك، فقال (¬4): لو كانوا تحت قدمي ما رفعتها عنهم (¬5)، فليعمل ما (¬6) بدا له أن يعمل. قال: وردّ يحيى إلى الحبس وخرجنا، فلما كان من الغد دعينا وأحضر يحيى، فقال لنا الرشيد: كلموه (¬7) لعلّه يخبرنا بأصحابه فكلمناه فأومىء إلى لسانه، قال (¬8): فأخرج لسانه أصفر قد سمّ، فحلف الرشيد أنّه ما أمر في أمره بشيء وهو يوهمكم أني سقيته السمّ (¬9) فعليه وعليه إن كان من ذلك شيء، فلمّا أخرج لسانه قال هارون: ويلك يا مسرور ما هذا؟ قال: أنا سقيته لمّا رادّك (¬10) يا أمير المؤمنين وخرجنا، ولم يعلم له خبر (¬11) بعد ذلك. ¬

(¬1) ر: يفي لهم. (¬2) ليست في ص. (¬3) «لهم»، ليست في ر. (¬4) ر: قال. (¬5) «عنهم»، ليست في ر. (¬6) م: بما. (¬7) م ص: وكلمه. (¬8) من ر وحدها. (¬9) «السم»، ليست في ر. (¬10) ر: أرادك. (¬11) م ص: فلم نعلم له خبرا.

[مقتل يحيى] 253 - 273]

[مقتل يحيى] 253 - 273] وقد أخبرني موسى بن عبد الله عن بعض أهله قال: رجلان (¬1) من أفضل أهل زمانهما، أو أفضل أهل عصرهما، أحدهما من ولد الحسن والآخر من ولد الحسين، لا يوقف على موتهما ولا على قتلهما كيف كان: موسى بن جعفر، ويحيى بن عبد الله. قال المدائني عمّن أخبره: دفع هارون يحيى إلى جلاد (¬2) /يقال له أسلم أبو المهاصر، فحبسه عنده؛ قال [1]: وكان الرشيد يركب حمارا ويدور في القصر فيسأل أسلم عن خبره فيخبره، فقال (¬3) له يوما: إنه يطبخ قدرا في كل يوم بيده، ووصف له صفتها، فقال الرشيد: هذه (¬4) قدرنا مدينيّة، فاذهب إليه (¬5) فقل له: يقول لك أمير المؤمنين أطعمنا من قدرك، قال: فأتاه فقال له، فأخذ قصعة له من خشب (¬6)، فغسل داخلها ثم غرف أكثر القدر وبعث به إليه، فلمّا جاءه به أمر (¬7) أن يؤتى بخبز، وأكل به حتى بقيت قطعة بصل في جنب القصعة فأتبعها بلقمة حتى أخذها، ثمّ دعا مسرورا الكبير فقال: احمل إلى يحيى ألف خلعة من ¬

(¬1) م ص: إن رجلين. (¬2) م ص: خادم له. (¬3) ص: قال. (¬4) ر: هذا. (¬5) ر: له. (¬6) «من خشب»، ليست في ص. (¬7) ر: فلما جاه أمره. [1] الخبر في كتاب المصابيح (ص 314 - 315 فيما يلي): «عن النوفلي حدّثني زيد بن موسى قال سمعت مسرورا الكبير. . .».

كلّ فنّ سريّ من الثياب الفاخرة مع ألف خادم فاره، كلّ خلعة ثلاثة أثواب، وانشرها كلّها عليه وعرّفه أثمانها ومن أهداها لنا، وقل له (¬1) يقول لك أمير المؤمنين جعلناها مكافأة لك (¬2) على ما أطعمتنا، حتى تأتي على آخرها. قال: فأتاه مسرور بالخلع والخدم وأبلغه الرسالة وهو مطرق/ ما ينطق ولا ينظر، قال: وأحسّ يحيى بالشّر منه لما أتاه بذلك (¬3)، وأيقن أنّه معذّب مقتول. قال، فرفع رأسه فقال: قل لأمير المؤمنين إنّما ينتفع بهذا من له في الحياة طمع ونصيب ومن كان آمنا على نفسه راجيا لبقائه، فأمّا المحبوس المقهور الخائف المأسور المرتهن بسعايا البغاة بغير ما جنت يداه، فاتّق الله يا أمير المؤمنين (¬4) ولا تسفك دمي واحفظ رحمي وقرابتي فإنّي في شغل عمّا وجهت به (¬5) إليّ. قال مسرور: فرققت له ثمّ رجعت إليّ نفسي، فقلت (¬6): لا ولا كرامة، لا أقول لأمير المؤمنين من هذا شيئا. فقال يحيى: هذا من ذاك الذي أتخوّفه وأشفق منه. وعاد مسرور إلى الرشيد فأخبره بكل ما قال. قال، (¬7) فقال له: فما قلت له؟ فأخبره بما قال، قال: أصبت، وأمره أن يرجع إليه ويقول/له: يقول لك أمير المؤمنين إن أحببت أن أطلق عنك، فأخبرني بأسماء السّبعين الذين أخذت لهم الأمان لأعلم (¬8) أنّك بريء مما سعي إليّ فيك، ¬

(¬1) «له»، من ر وحدها. (¬2) ص: لك مكافأة. (¬3) ر: ذلك. (¬4) م ص: يا هرون. (¬5) «به»، ليست في ر. (¬6) ص: وقلت. (¬7) «قال»، ليست في ص. (¬8) م ص: ليعلم.

فإنّك إن فعلت أخرجتك من حبسي وأجزتك بألف ألف دينار، وأقطعتك من القطائع وأعطيت أصحابك من الأموال كذا وكذا، وأنزلتهم من البلاد حيث شاؤوا (¬1). قال مسرور: فلما قلت له ذلك قال: قل له يا أمير المؤمنين (¬2) إله عن ذكر أولئك فإنّك لو قطعتني إربا إربا لم يرني الله أشاركك (¬3) في دمائهم، ولو أعطيتني جميع ما في الأرض ما أنبأتك باسم واحد منهم، /فاصنع ما بدا لك فإن الله بالمرصاد. قال المدائني: وقال هارون يوما لأسلم: كيف ضيفك؟ قال: صالح! قال: لا أصلح الله حالك، حتى قال ذلك له مرارا في أوقات مختلفة (¬4) فبقي أسلم لا يدري ما (¬5) معنى كلامه، فأتى مسرورا الكبير فقال: إنّ أمير المؤمنين كلّما سألني عن ضيفي فقلت: صالح، قال: لا أصلح الله حالك، فقال له مسرور: إنّه (¬6) إنّما دفع إليك أمير المؤمنين عدوّه لتغذوه له (¬7) ويكون عندك صالحا؟؟ قال أسلم: فجئت إلى محبسي فأخرجت يحيى منه وجعلته في بيت دونه (¬8) ثلاثة أبواب وأغلقت (¬9) الباب الأول والثاني والثالث فخاف يحيى ممّا أردته به فجعل معه بستوقة من ¬

(¬1) ر: شئت. (¬2) م ص: يا هرون. (¬3) م ص: اشركك. (¬4) ر: ذلك مرارا مختلفة. (¬5) «ما»، ليست في ر. (¬6) «انه»، ليست في ص. (¬7) ر: لتغذوه. (¬8) «دونه»، ليست في ر. (¬9) ر: وغلقت.

سمن أخفاها/في كمّه وأنا لا أعلم، فلما كان بعد سبعة أيام أتيته والموكلون بالباب، فدخلت عليه وأغلقت الباب من داخل، فإذا هو يصلي، فاشتدّ تعجّبي وقعدت بحذاه وقلت (¬1): بهذه الخلقة أردت الخلافة، وبهذا الوجه أردت الخروج على أمير المؤمنين؟ وكان يحيى خفيف اللحية، وهو مقبل على صلاته ما يلتفت إليّ، فما زلت أعرّض (¬2) به وهو مقبل على صلاته ما يلتفت إليّ حتى شتمته بالزاني (¬3)، فأسرع في صلاته وأوجز فيها ثمّ وثب إليّ وثوب أسد (¬4) فقعد على صدري وقبض على حلقي وعصره حتى ظننت أنّه قد قتلني، ثم أرسلني حتى استرحت ثم قبض على حلقي حتى فعل ذلك فيّ ثلاث مرّات ثم قال: لولا انه ليس في قتلك درك لقتلتك، ثم قال: ويلك من شتمت أفاطمة بنت محمد أم فاطمة بنت أسد أم فاطمة بنت الحسين أم زينب بنت أبي سلمة؟ ثم خلاّني فخرجت هاربا وفتحت الأبواب وقلت للبوّابين: ادخلوا فليس هذه قوّة من لم يأكل سبعة أيام شيئا. ففتّشوا البيت فأخرجوا بستوقة السّمن فأخذتها وأغلقت الأبواب، وتركته ثلاثة أيام ثم جئت ففتحت الباب الأول ولم أغلقه وقلت للموكلين: إذا (¬5) سمعتم صياحي فادخلوا، ثمّ فتحت الباب الثاني والثالث فتسمعت (¬6) فلم أسمع ¬

(¬1) م ص: ثم قلت. (¬2) م ص: اتعرض. (¬3) في هامش ص الأيسر: «هذا كناية عما دأب خلفاء السوء هؤلاء وأتباعهم أن يواجهوا الناس به وتستطيبه ألسنتهم من خبيث القول». (¬4) ص: الأسد. (¬5) «إذا»، ليست في ص. (¬6) م ص: فسمعت طويلا.

له حركة، فتركت الأبواب مفتوحة ودخلت، فإذا هو ساجد انقلب على الجنب وهو ميت، فخرجت إلى الموكلين فوجهت بهم إلى منزلي فأتوني بفرش ووسائد (¬1) /ومخادّ ومقرمة وإزار ثم بسطته، ولم (¬2) أدخل أحدا منهم معي (¬3) ثم قمت على ركبتيه حتى مددتهما ثمّ سجيّته بثوب ثم خرجت وأغلقت الباب الخارج وأتيت هارون فقلت: /أعظم الله أجرك يا أمير المؤمنين، قال: فيمن؟ قلت في ابن عمّك يحيى بن عبد الله، قال: قد (¬4) مات؟ قلت نعم، قال: به أثر (¬5)؟ قلت لا. قال: فاذهب فأدخل عليه شهودا يشهدون على موته وادفنه، ففعل. قال المدائني، حدّثني عبد الله بن مروان قال: رأيت والله أبا المهاصر أسلم هذا الخادم بعد الرشيد ومحمد يتصدق عليه (¬6) بسوء حال بعد نعمة عظيمة. وحدثني (¬7) علي بن مسعود المصري / عن رجل، وسمّاه (¬8)، واسمه عندي مثبت في كتبي، قال (¬9): ركبنا في مركب من الموصل نريد بغداد، قال فجرى حديث يحيى بن عبد الله فقال قوم: قتلوه بالسيف، وقال ¬

(¬1) ص: ووساويد. (¬2) ر: فلم. (¬3) م ص: معي منهم. (¬4) م ص: وقد. (¬5) ص: أثره. (¬6) «عليه»، من ص وحدها. (¬7) م ص: حدثني. (¬8) ص: قد سماه. (¬9) في هامش ص الأيسر: «رواية أخرى قريبة من تلك».

قوم: قتلوه جوعا بالمطبق (¬1)، قال: وكان معنا خادم له هيئة وشارة فقال: إيّاي فاسألوا فإني أخبركم أمر يحيى كيف كان موته وقتله: دفعه إليّ هارون فكان يسألني عنه كل يوم وأقول هو بخير فقال لي يوما: ويلك (¬2) لولا أنّه قد خدعك، كيف يكون عدوي معك بخير؟ فعلمت ما يريد، فقلت: هذا عدوّ أمير المؤمنين، وكل من كان عدوا لأمير (¬3) المؤمنين فهو كافر، فقال لي اذهب فادخله بيتا ليس فيه طعام ولا شراب ثم أغلق عليه الباب ثلاثة أيام، ففعلت. ثم قال: إفتح عليه (¬4) الباب فانظر ما حاله؟ ففتحت الباب، فإذا هو قائم يصلي فتعجبت، ثم رجعت فأخبرت هارون، قال: فاذهب ففتش البيت لا يكون معه (¬5) شيء لا نعرفه ثم أغلق الباب عليه، ففعلت ثم أتيته بعد ثلاث فقال: إفتح عليه ثم انظر (¬6) ما حاله. ففتحت عليه (¬7)، فإذا هو قاعد يصلي إلاّ أنّه قد ضعف، فرجعت إلى هارون فأخبرته، فقال: أخاف أن تكون قد غششت ولم تتصح، إذهب ويلك ففتّشه وانظر كيف يعيش إنسان لا يأكل ولا يشرب أياما كثيرة، والله لئن أثّرت فيه (¬8) أثرا لأضربنّ عنقك، قال: فرجعت وفتحت الباب وقلعت ثيابه وعرّيته فلما هممت يقلع السراويل قال: ويلك إحفظ ¬

(¬1) م ص: في المطبق. (¬2) «ويلك»، ليست في ر. (¬3) ص: عدو أمير. (¬4) «عليه»، من ر وحدها. (¬5) م ص: فيه. (¬6) م ص: افتح عنه فانظر. (¬7) ص: عنه. (¬8) م: به.

قرابتي من رسول الله، فإنّه ما رأى أحد عورتي (¬1) قطّ، فاستعنت عليه بأصحابي وحللنا (¬2) سراويله، فإذا بين فخذيه أنبوبة قصبّ فيها سمن، كلما (¬3) أجهده العطش مصّ منه شيئا فيمسك رمقه. قال: فأخذناها وخرجنا وأغلقت الباب ورجعت إلى الرشيد فأخبرته (¬4)، فقال (¬5): اتركه ثلاثا ثم انظر ما حاله؟ فجئته بعد ثلاث فإذا هو ساجد ميت، فرجعت إلى هارون فأخبرته، قال: إذهب فاشهد عليه بعد أن تمدده وتسجّيه. قال: وكان معنا شاب له سمت فخفّ لذلك الخادم حتى إذا انفرد الخادم على جانب المركب يريد الخلوة للحاجة، قصد به الفتى موضع جرية الماء وجذبه ثم دفعه ورمى بنفسه خلفه فما زال (¬6) يغطه حتى غرق، فقلنا له/وقد خرج إلى الأرض: /يا عدوّ الله (¬7) قتلت الرجل! فقال: يا أعداء الله، ألم (¬8) تسمعوه يقول: أنا قتلت ابن رسول الله بالجوع والجهد فلم تنكروا عمله (¬9)، ويلي عليكم/لو قدرت على قتلكم لقتلتكم. وأخبرني أبو هاشم إسماعيل (¬10) بن عليّ [بن إبراهيم بن علي بن حسن] (¬11) بن عبد الله بن العباس بن علي بن أبي طالب، عن حمزة بن ¬

(¬1) م ص: عورتي أحد. (¬2) ص: قلعنا. (¬3) ص: فكلما. (¬4) «فأخبرته»، من ر وحدها. (¬5) ر: قال. (¬6) ص: يزال. (¬7) ص: ويلك يا عدو الله. (¬8) ص: لم. (¬9) «عمله»، ليست في ص. (¬10) م ص: بن إسماعيل. (¬11) م ص: عن إبراهيم بن الحسن.

القاسم، عن أبيه، عن إبراهيم (¬1) قال (¬2): تذاكرنا يوما عند عمر بن فرج الرّخّجي أمر يحيى بن عبد الله، فقال عمر بن فرج، حدّثني مسرور (¬3) الخادم قال: أتي بيحيى وهارون بالرّافقة وعنده عبد الله بن مصعب الزبيري، فقال الزبيريّ: يا أمير المؤمنين (¬4) إنّ هذا وأخويه قد أفسدوا علينا مدينتنا، فقال له يحيى (¬5): ومن أنت عافاك (¬6) الله؟ فجرى بينهما من الحديث ما قد كتبناه (¬7)، حتى أنشد يحيى هارون الشّعرين الذين قالهما الزبيري في محمد رحمه الله، فاسودّ وجه الزّبيريّ وتغيّر (¬8) وانتفى أن يكون قال من هذا شيئا؛ فقال يحيى: يا أمير المؤمنين إن كان صادقا فليحلف بما أحلّفه؛ فأمر هارون أن يحلف (¬9) فقال له [1]: قل براني الله من حوله وقوّته ووكلني إلى حولي وقوّتي إن كنت قلت هاتين (¬10) القصيدتين، قال: ليس (¬11) هذه من الأيمان، أنا أحلف بالله الذي لا إله إلا هو، وهو ¬

(¬1) م ص: عن علي بن إبراهيم. (¬2) هامش ص الأيسر: «رواية أخرى في كيفية موته عليه السلام نحو الأولى وفيها زيادة، ذكر الزبيري ويمينه وانخساف القبر». (¬3) م ص: حدثنا عن مسرور. (¬4) م ص: يا هرون. (¬5) ص: فأقبل عليه يحيى فقال. (¬6) ص: عافاكم. (¬7) م ص: ذكرناه. (¬8) «وتغير»، ليست في ر. (¬9) م ص: فامره هارون يحلف. (¬10) ص: هذه. (¬11) ص: ايش. [1] قارن بصبح الأعشى 13/ 210.

يحلفني بشيء ما أدري ما هو؛ فأمره الرشيد أن يحلف (¬1). فما أتى عليه إلاّ (¬2) ثلاث حتى مات، فأمر الرشيد أن يدفن، فدفن (¬3) فانخسف القبر، ثم بنوا ثانية فانخسف القبر ثم بنوا (¬4) ثالثة فانخسف القبر، فأمرهم (¬5) هارون أن تضرب عليه خيمة، فما زالت مضروبة على قبره. ثمّ دفع يحيى إلى مسرور، فكان يسأل عن خبره فقال له يوما: انظر ما يصنع؟ فنظر، فإذا هو يطبخ قدرا له عربيّة مدينيّة (¬6)، فوصفت (¬7) له صفتها فقال: نعم هذه قدرنا فخذ غضارة واذهب إليه فقل له: يقول (¬8) لك أمير المؤمنين أطعمنا من قدرتك (¬9). فأخذ القدر فأفرغها في الغضارة فجاء (¬10) بها، فدعى هارون بالمائدة والخبز/فأكلها حتى جعل يلعق أصابعه (¬11)، ثم قال: إرجع إليه فقل له زدنا، فقال مسرور: والله يا أمير المؤمنين ما خلّف في القدر شيئا. قال: فاذهب إليه فقل له ليفرخ همّك وروعك فإنّه لا بأس عليك، فرجعت إليه فأخبرته بما قال، فقال يحيى: كيف (¬12) يفرخ روعي وأنا أعلم أنّه قاتلي؟ فرجعت إلى هارون، ¬

(¬1) م ص: أن يحلف فحلف. (¬2) «الا»، ليست في ر. (¬3) ليست في ص. (¬4) م ص: سوي. (¬5) م ص: فامر. (¬6) م ص: او مدينية. (¬7) ص: فوصف؛ وفي الهامش الأيسر: «قصة القدر». (¬8) ص: يقل. (¬9) م ص: قدرك. (¬10) ر: فدعا بها. (¬11) ر: اصبعيه. (¬12) م ص: وكيف.

فقال: ما قال لك؟ فأخبرته، قال: فاذهب وضيّق عليه، فذهبت فجعلته في بيت ليس فيه طعام ولا شراب، ثم جئته بعد أيّام فإذا هو في محرابه يصلّي، فأخبرت هارون فقال: فعل الله بك غششتني، فحلفت/أنّي ما فعلت، قال: فاذهب ففتّشه، فجئته فامتنع فاستعنت عليه فإذا تحت باطن قدميه شكوة (¬1) فيها سمن فنزعناها، وخرجت وسددت عليه، ثمّ أخبرت هارون وتركته أيّاما، ثم جئته أنظر ما حاله/فإذا هو ميّت في محرابه، فأخبرت هارون. وذكر نحو القصّة التي ذكرناها آنفا. وأما هارون الوشّاء فقال: حدّثني عبد العزيز بن يحيى الكنانيّ، قال (¬2): جمع هارون الفقهاء فكان فيمن أحضر محمد بن الحسن، والحسن بن زياد، قال وكنت فيمن حضر، وأحضر من القرشيين جماعة من ولد أبي بكر وعمر وعثمان وطلحة والزّبير، وأبو البختري، وأحضر أمان يحيى فدفع هارون الأمان إلى محمد بن الحسن (¬3)، ويحيى في الحديد (¬4)، فقال: يا محمد انظر في هذا الأمان هل هو صحيح أم (¬5) هل في نقضه حيلة؟ فقرأه ثم قام قائما وقال: يا أمير المؤمنين أمان صحيح، ما رأيت أمانا قطّ أصحّ منه، ولا ظننت أنه ما بقي في الدنيا رجل (¬6) ¬

(¬1) م: شوكة؛ ص: قدمه شكوة. (¬2) هامش ص الأيمن: «رواية أخرى في كيفية جمع الرشيد الفقهاء لنقد الأمان». (¬3) هامش ص الأيمن: «كلام محمد بن الحسن الشيباني رحمه الله». (¬4) م ص: في الحديد حاضر. (¬5) ص: او. (¬6) م ص: احد.

يحسن أن يكتب مثل هذا، ولو كلّفت أن أكتب مثله ما أحسنت؛ قال: فغضب الرّشيد (¬1) حتى انتفخت أوداجه وانقطعت أزراره، وأخذ دواة بين يديه فضرب بها رأس محمد فشجّه، فذكر القصّة ثم قال (¬2) آخر ذلك: دفعه إلى الفضل بن يحيى، ولم يقل أنّ أبا البختري قال: فيه حيلة، ولكن: لما رأى أبو (¬3) البختري هارون قد غضب قال: ردّوا عليّ الأمان، بعدما كان قد نظر فيه وصحّحه، فردّوه عليه فوضع يده على حرف فقال: هذا آخره ينقض/أوّله، اقتله ودمه في عنقي. فقال له يحيى: يا ملقوط، والله (¬4) لقد علمت قريش أنّه ما لك أب يعرف، فلو استحييت من شيء لاستحييت من ادعائك إلى من ليس بينك وبينه رحم مع أنّ من تدّعي إليه عبد لبني (¬5) زمعة، ثم قال: يا هارون اتّق الله فإنه لا ينفعك هذا ولا ضرباؤه (¬6) يَوْمَ لا يَنْفَعُ اَلظّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اَللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ اَلدّارِ (غافر 40/ 52). فقال هارون: انظروا [لا يستحلّ أن يقول يا أمير المؤمنين] (¬7)، هذا ينتقض ما أعطيته من الأمان. قال (¬8) يحيى: ما جزعك من اسم سمّاكه أبواك؟ قد (¬9) كان يقال لرسول الله يا محمد فما ينكره وهو رسول ربّ العالمين. قال: فدفعه إلى يحيى بن خالد بن ¬

(¬1) ص: هارون. (¬2) م ص: كان. (¬3) «ابوا»، ليست في ر. (¬4) «والله»، ليست في ر؛ م: أما والله. (¬5) ر: بنيه. (¬6) ص: وضرباؤه. (¬7) ليس في م ص. (¬8) م ص: فقال. (¬9) م ص: وقد.

برمك (¬1) وخرجنا من عنده. فبكى محمد بن الحسن (¬2)، فقلنا له: ما يبكيك؟ فقال: أخاف العقوبة من الله، قلنا (¬3): أليس قد أعذرت حتى خفنا عليك (¬4) أن يأمر بقتلك؟ [قال: كان يجب عليّ أن أردّ على أبي البختري ما ادّعى من أنّ ذلك الحرف ينقضه وقد كذب في ذلك، قالوا: لو تكلّمت لأمر بقتلك] (¬5)؛ فلم يزل محمد في قلبه شيء من ذلك (¬6) حتى مات. قال المكي، فأخبرني الثقة: انّ جعفر بن يحيى حبس يحيى بن عبد الله مدّة عنده (¬7) /حتى سأله هارون عنه فأخبره بسلامته، فقال هارون: ما أطول حياته! فعلم جعفر أنّه يريد (¬8) أن يقتله، فأخرجه ليقتله، فجعل جعفر يقول واأسفاه كيف أسلمت قتل (¬9) يحيى من بين الخلق (¬10)، فقال له يحيى بن عبد الله (¬11): اسمع مني أصلحك/الله شيئا يكون لك فيه السلامة في الدّنيا والآخرة، أعطيك من العهود والمواثيق ما تسكن ¬

(¬1) م ص: جعفر بن يحيى بن خالد برمك وخرجت. (¬2) ص: الشيباني. (¬3) م ص: قالوا. (¬4) «عليك»، ليست في ص. (¬5) ليست في ر. (¬6) ص: من ذلك شيء. (¬7) م ص: عنده مدة. (¬8) م ص: يريد منه. (¬9) م ص: واشقاءه فكيف ابتليت بقتل. (¬10) م ص: هذا الخلق. (¬11) في هامش ص الأيسر: «ما روي من كلام يحيى عليه السلام مع جعفر حين أراد قتله».

إليه نفسك أنّك إن تركتني خرجت حتى أدخل بلاد العجم-أو قال: الروم-ولا أخبر أحدا باسمي (¬1) ولا نسبي، إلاّ أن (¬2) أذكر لهم أني رجل من المسلمين جنيت جناية فخفت على نفسي فلحقت ببلادك. فإن قتلني كان يكون قتلي على يد مشرك (¬3)، وإن أمّنني ولم يقتلني لم أخرج من بلادهم أبدا ما دام صاحبك في الحياة؛ وإن أمت قبله رجوت أن يقبل الله عذري ويعلم أني (¬4) لم أختر دار الشرك على دار الإسلام إلاّ أنّه حيل بيني وبين ذلك في أنّي فررت من العذاب أو (¬5) القتل، فإن رأيت وفقّك الله أن لا تعجل وتنظر فيما سألتك وتعرضه على قلبك، فإنك إن كنت محتاجا/إلى رضى هارون فإنّك محتاج إلى رضى الرحمن، فانظر لنفسك قبل يوم الحسرة (¬6) والندامة فإن نعيم الدنيا وشيكا سيزول عنك وعن صاحبك فاشتر من الله نفسك بإحياء نفس من ذرّية رسول الله تستوجب بذلك (¬7) عند الله الزّلفى وحسن المآب، واحذر أن تلقى الله بدمي مع معرفتك بأنّي محرج مظلوم لا ناصر لي إلاّ الله، وكفى بالله من الظالمين منتقما. قال: فأمر جعفر بردّ يحيى إلى الحبس ووقع كلامه ¬

(¬1) ر: من اسمي. (¬2) م ص: أني. (¬3) م ص: فإن أبى أن يقبلني وقتلني يكون. (¬4) م ص: أن يقبل عذري واني. (¬5) م ص: و. (¬6) م: قبل الحسرة والندامة. (¬7) «بذلك». ليست في ص.

في قلبه فلما كان بالليل أرسل إلى يحيى فقال: إنّ كلامك قد وقع في قلبي وإنّ قبلي للناس (¬1) مظالم كثيرة وإنّ لي من المظالم الكبار والذنوب العظام الموبقات (¬2) ما لا أطمع في النّجاة معها (¬3) والمغفرة. فقال له يحيى: لا تفعل فإنّه لا (¬4) ذنب أعظم من الشرك، وقد قال الله في محكم التنزيل للمشركين (¬5) الذين أسرفوا في الشرك وفي معاداة النبي وقتل أصحابه ياعِبادِيَ اَلَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اَللهِ إِنَّ اَللهَ يَغْفِرُ اَلذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ اَلْغَفُورُ اَلرَّحِيمُ وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ (الزمر 39/ 53 - 54) فأمرهم بالإنابة والتوبة، والله تبارك وتعالى يغفر لمن تاب وإن عظم جرمه، قال: فتضمن لي المغفرة إن أنا/ خلّيتك؟ قال له يحيى (¬6): نعم أضمن على شريطة، قال له (¬7) جعفر: وما هي؟ قال: تتوب من كلّ ذنب أذنبته بينك وبين الله ثم لا تعود في ذنب أبدا، وأمّا الذنوب التي بينك وبين النّاس، فكلّ مظلوم ظلمته تردّ ظلامته عليه، فإنّك إذا فعلت ذلك وأدّيت الفرائض التي لله عليك غفر الله لك، وأنا الضامن لك ذلك. قال: فعزم جعفر على تخليته وأخذ على يحيى العهود والمواثيق بأن يمضي من فوره ذلك حتى يدخل إلى ¬

(¬1) م ص: للناس قبلي. (¬2) م ص: ان لي من الذنوب والكبائر الموبقات. (¬3) م ص: معها في النجاة. (¬4) م ص: ليس. (¬5) م ص: للمسرفين. (¬6) هامش ص الأيمن: «تفوز تأمل واعمل انشا الله تعالى هذه النصيحة العظيمة. . .». (¬7) م ص: قال.

بلاد الروم وأن لا يخبر أحدا باسمه ونسبه (¬1)، ولا يستصحب أحدا، ويقيم في بلاد الروم ما دام هارون حيّا، إلاّ أن لا يجد سبيلا إلى بلاد الروم بوصول (¬2)؛ فحلّف يحيى على ذلك، فحلف، وكتب له جعفر بن يحيى منشورا أن لا (¬3) يعرّض له وأن يحتال هو بالدخول (¬4) إلى بلاد (¬5) الروم سرّا وحده لأمر مهمّ وينفذ من يومه إذا وصل إن شاء الله وأخرجه ليلا. قال: وكان عمّ جعفر، محمد بن خالد بن برمك، عاملا على ثغور الروم؛ فمرّ يحيى من فوره (¬6) حتى أتى ثغر المصيصة فأخذ بها وأتي به إلى محمد بن خالد بن (¬7) برمك. فلما نظر إليه وتأمّله قال: أنت يحيى بن عبد الله [؛ فأنكر ذلك فتهدّده وضربه] (¬8)، فأنكر وأخفى خبره؛ وقال: هذا يحيى دفعه هارون إلى جعفر ليقتله فأطلقه وإن بلغ هارون إطلاقه كان فيه هلاك آل برمك؛ فخرج به إلى (¬9) هارون يطوي المنازل حتى وافاه بمكّة، فدخلها ليلا ومعه سبعة أبعرة. فمضى حتى صار إلى (¬10) دار الفضل بن الربيع، فاستأذن عليه من ليله (¬11)، فقال له الفضل: تركت ¬

(¬1) م ص: ولا نسبه. (¬2) م ص: إلى الوصول إلى بلاد الروم. (¬3) ص: لا. (¬4) م ص: له في الدخول. (¬5) م: بلد. (¬6) م ص: فوره ذلك. (¬7) ص: «بن»، ليست في ص. (¬8) ليست في م. (¬9) م ص: يتنطح إلى. (¬10) «إلى»، ليست في ص. (¬11) م: ليلته.

عملك وجئت؟ فقال: إنّ الأمر الذي جئت له أعظم من أن يذكر معه عملا، قال: ما هو؟ قال: هذا يحيى بن عبد الله معي. فقال [له الفضل: قد مات يحيى، فقال] (¬1): هذا يحيى معي-وكان الفضل عدوّا للبرامكة (¬2) -فقال محمد بن خالد بن (¬3) برمك: أعلم أمير المؤمنين بمكاني وانظر لا يعلم به (¬4) أحد فإنه إن علم بي جعفر خفت أن يغتالني. قال: فأخبر الفضل هارون بأمر يحيى، قال: فأقلقه ذلك، فوجّه إلى هرثمة فأحضر وإلى محمد بن خالد وغيرهما، فشاورهم، فقال له هرثمة: يا أمير المؤمنين إنّك في موسم مثل هذا ولا آمن إن أحسّ جعفر بأمر يحيى وخيانته فيه استقبل وعمل في صرف الخلافة، قال: فما الرأي؟ قال (¬5): أن تضرب عنق هذا القادم عليك وكل من معه من الغلمان والحشم حتى لا (¬6) يخرج خبره (¬7) وتأمر بيحيى تطوي به المنازل طيّا إلى بغداد (¬8) /وتظهر لجعفر من اللين والكرامة أضعاف ما كان عندك (¬9)، فإذا دخلت بغداد قتلت جعفرا وجميع البرامكة واستبدلت بهم. قال: ففعل هارون كل ما أشار به (¬10) عليه هرثمة إلاّ قتل محمد بن ¬

(¬1) م ص: قال. (¬2) م ص: عدو البرامكة. (¬3) «بن»، ليست في ص. (¬4) م ص: أن لا يعلم بي. (¬5) هامش ص الأيسر: «ما أشار به الفضل على الربيع». (¬6) م ص: لئلا. (¬7) ص: الخبر. (¬8) م ص: إلى بغداد طيا. (¬9) م: له عندك. (¬10) «به»، ليست في ر.

خالد فإنّه استبقاه؛ وقدم بغداد فقتل/جعفرا والفضل وحبس يحيى بن خالد، واستصفيت أموالهم وقتلت رجالهم، وأحضر يحيى بن عبد الله، فقال: يا يحيى لم يكفك ما عملت بي (¬1) حتى أفسدت عليّ وزرائي، والله (¬2) لأقتلنّك قتلة تحول بينك وبين إفساد أحد عليّ (¬3). فقال له يحيى: اتّق الله يا هارون وراقبه فإنّك عن قليل لاقيه وهو سائلك عن نقض ما أعطيتني من العهود والمواثيق المأخوذة لي (¬4) عليك، فلا تك ساهيا عن عقاب الله، غافلا عن وعده ووعيده كأنّك لا ترجو من الله ثوابا ولا تخشى عقابا، تعمل أعمال الفراعنة، وتبطش بطش الجبابرة، خليلك ووزيرك من اتّبع هواك في معصية الله، وعدوّك من دعاك إلى طاعة الله، حسبك يا مغرور ما احتملت الأوزار وارجع إلى الله فإنّه يقبل التوبة من عباده ويعفو عن السّيئات ويعلم ما في الصدور. قال: فدفعه الرشيد إلى مسرور، فقال (¬5): يكون عندك/حتى أسألك عنه. فلمّا خرج إلى خراسان الخرجة الأولى نزل بقرية (¬6) من قرى الرّيّ يقال لها أرنبوية، أمر أن يحفر قبر (¬7) من ناحية المقابر ويترك. فسمعت جماعة من أهل ناحية أرنبوية، منهم: أحمد بن حمزة، ¬

(¬1) م ص: ما صنعت حتى. . . (¬2) «والله»، ليست في ص. (¬3) «علي»، ليست في ر. (¬4) «لي»، ليست في ر. (¬5) ص: وقال. (¬6) ص: قرية. (¬7) ص: قبر فيها.

والحسين بن علي بن بسطام، وغيرهم من أهل مدينة الريّ، والحسن (¬1) بن إبراهيم بن يونس، كلهم يقول ويخبر (¬2) عن الحفّارين الذين حفروا القبر، قالوا: أمرنا أن نحفر قبرا طوله كذا وعرضه كذا، ولا نجعل له لحدا، وظنّنا (¬3) أنهم يدفنون (¬4) فيه مالا، فصعدنا على شجر كان في المقبرة لننظر ما يدفن، فلما مضى من الليل نصفه إذ بنفر عليهم ثياب بيض، وفارس يركض وهو يصيح: خذوه خذوه! يوهم من كان هناك أنّه قد رآه؛ فسكنّا (¬5) حتى وقفوا على القبر، فإذا رجل مكبّل بالحديد على بغل، ومعهم تابوت على بغل آخر، فوضع صاحب التّابوت التّابوت في القبر وانصرف، وجاء القوم فأنزلوا الرّجل من البغل وأدخلوه التّابوت/وهو (¬6) يقول: يا هارون اتّق الله، ما شفيك (¬7) قتلي دون عذابي، أيّ درك لك (¬8) في عذابي؟ فيقول (¬9): الملك عظيم هيبته (¬10)، اطرحوه الآن في التابوت! فما زال (¬11) يناشده الله والرّحم حتى واروه التابوت (¬12)، ثم انصرفوا، فقلنا: ¬

(¬1) ر: الحسن. (¬2) م ص: كلهم يخبر. (¬3) م ص: ففعلنا وظننا. (¬4) م ص: يدفنوا. (¬5) م ص: فسكتنا. (¬6) ص: فاذا هو. (¬7) م: يشفيك. (¬8) «لك»، ليست في ر. (¬9) م ص: فيقول له. (¬10) م: عقيم هيبه. (¬11) ص: يزال. (¬12) م ص: واراه التراب.

والله لو لم نحضر ما كان علينا من دمه، وإن أغفلناه كنّا شركاء في دمه؛ فنزلنا من الشجرة/وأخذنا المساحي، ثم عالجنا (¬1) حتى أخرجنا التابوت، فاستخرجناه منه وبه أدنى رمق؛ فذهبنا به إلى النهر فغسلناه في الماء حتى عادت إليه نفسه، ثم عدنا إلى القبر فسوّيناه كما كان، وصرنا بيحيى إلى منزلنا (¬2). فكتب لنا رقعة إلى يحيى بن مالك الخزاعي، فوقفنا له حتى ركب ثم دفعنا إليه الرقعة، فقال: قفوا حتى أعود؛ ثم مضى ساعة يتصيّد، ثم عاد (¬3) فقال: أخبروني كيف كانت قصّته؟ فأخبرناه، فبكى ثم دعى (¬4) ببدرة دنانير، فقال: ادفعوها إليه وقولوا له: قال (¬5) يحيى يا مولاي اطو (¬6) الأرض ولا تعترف إلى أحد من النّاس والحق ببلاد الشّرك. قال: فأتيناه بالبدرة، فأخذ منها دينارين ودفع باقي ذلك المال إلينا ومضى. قال: بعضهم (¬7) يقول مضى إلى بلاد الشرك (¬8)، وبعضهم يقول: إنّه أعقب في بلاد الإسلام بعد هذا. وكان رجل يعرف بعبد الله بن منصور، وكان حبرا (¬9) فاضلا كثير العلم [كتب عن الناس من أهل البيت وغيرهم] (¬10)، قال إنّه من ولد ¬

(¬1) م ص: عاجلناه. (¬2) م ص: منازلنا. (¬3) م ص: وعاد. (¬4) م ص: فدعا. (¬5) م ص: قال لك. (¬6) م ص: اقطع. (¬7) ص: فبعضهم. (¬8) م ص: الترك. (¬9) ص: خيرا. (¬10) ليست في ر.

يحيى بن عبد الله، وذاك أنّ جدّه منصور البخاري أبا أمّه، كان من أصحاب يحيى، فلما طلبوا وأخذ صاحب (¬1) يحيى فرّ من بخارى ونزل قومس، فلمّا خرج يحيى من القبر لقيه منصور وهو خارج من (¬2) الجبال بقومس، قال: أين تريد؟ قال: أريد أن أدخل بلاد/الشرك: تبت أو الترك، قال له منصور: لا تفعل، ولكن أقم عندي ولا نعلم أحدا (¬3) من خلق الله من أنت فإنّك إن كتمت (¬4) خبرك لم تخف إن شاء الله؛ فأقام عنده وزوّجه منصور ابنته، فولدت له (¬5) عبد الله هذا، مات بطبرستان عند الحسن بن زيد سنة تسع (¬6) وستين وله جماعة أولاد. وأخبرني أبو الجارود سنح بن (¬7) محمد التمّار عن أبيه عن مشايخ آل الحسن قال (¬8): كان ليحيى بن عبد الله ثلاثة بنين: محمد وصالح وعبد الله، فحبسهم بكّار بن مصعب الزبيري وسمّ منهم اثنين فماتا، وذكر قصّة لمحمّد/طويلة ذهبت عنّي. وقال: ودسّ الزبيريّ جماعة من أهل المدينة وغيرها، فادّعوا على يحيى وهو في حبس هارون مالا فقضى لهم بما ادّعوا وباع ضياعه وأمواله بالمدينة وأعرا منها أهله وولده، منها سهمه/بعين سويقة والسانه (¬9) والسائرة والمضيق والعيص (¬10) وينبع، وباع عليه عمير (¬11) وتسمى ¬

(¬1) م ص: أصحاب. (¬2) ص: إلى. (¬3) م ص: يعلم أحد. (¬4) م ص: انكتم. (¬5) م ص: منه. (¬6) م: سبع. (¬7) م: شيخ عن. (¬8) «قال»، من ر وحدها. (¬9) غير منقوطة في الأصول. (¬10) م ص: العيط. (¬11) م: عمين.

وس (¬1) وهي اليوم في يد آل جعفر بن إبي طالب. وقد أخبرني أحمد بن عبد الله بن محمد بن يحيى بن عبد الله قريبا من هذا، إلا أنّي أوعى لخبر أبي الجارود من خبر محمد (¬2). تمّ خبر (¬3) الحسين بن علي صاحب فخ وأخبار يحيى بن عبد الله رحمة الله عليهم (¬4) جميعا، والحمد (¬5) وحده وصلواته على سيدنا محمد النّبي وآله وسلامه (¬6). ¬

(¬1) الكلمتان الأخيرتان غير معجمتين في الأصول؛ ولم أهتد لقراءتها. (¬2) م: محمد بن يحيى بن عبد الله. (¬3) م: حديث. (¬4) م ص: صلوات الله عليهما. (¬5) ص: والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد خاتم النبيين وآله الطيّبين الطاهرين الأخيار الصادقين الأبرار الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا. (¬6) كتب في ر بين الأسطر الأخيرة: «سنة ثمان وثلثين وستمائة وكتب حميد بن أحمد حامدا لله سبحانه ومصليا على محمد سيدنا وآله ومسلما». وكتب في الهامش الأيسر: «بلغ مقابلة على النسخة التي نقلت منها وهي نسخة ضعيفة غير مهذبة وقد اجتهدت في التصليح على العجلة، وكتب أحمد بن محمد المحلي». وفي م: «كان الفراغ من زبره وقت العصر في يوم الأحد ثاني وعشرين من شهر ربيع الأولى سنة 1054». وفي ص: «وقع الفراغ يوم الجمعة 19 ذو القعدة الحرام سنة 1337 سبعة وثلاثين وثلاثمائة وألف من هجرته عليه الصلاة السلام ولا حول ولا قوّة إلا بالله العلي العظيم وصلى الله على محمد وآله الطاهرين آمين».

أخبار الحسين بن علي الفخي ويحيى وإدريس ابني عبد الله من كتاب المصابيح

أخبار الحسين بن علي الفخّي ويحيى وإدريس ابني عبد الله من كتاب المصابيح لأبي العبّاس أحمد بن إبراهيم الحسني (*) (المتوفى 352/ 964) ¬

(*) -أكمله علي بن بلال (انظر المقدمة).

الرموز (*)

الرموز (*) د: مخطوطة المكتبة المتوكلية بالجامع الكبير بصنعاء، تمّ نسخها عام 614/ 1217؛ وهي مصورة في دار الكتب المصرية بالقاهرة برقم 81. ص: مخطوطة المكتبة المتوكلية بالجامع الكبير بصنعاء، تمّ نسخها عام 1337/ 1918. ¬

(*) انظر وصف المخطوطات في المقدمة.

ذكر خروج أبي عبد الله الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب الفخي عليهم السلام وقتله

ذكر خروج أبي عبد الله الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب الفخّي عليهم السلام وقتله حدثنا أبو العباس الحسني، رضي الله عنه، بإسناد الرواة (¬1) عن عبد الله بن نمير، رفع الحديث إلى النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلم [1]: انتهى إلى موضع فخّ، فنزل عن راحلته، فأمر أصحابه فصفّوا خلفه فصلّى بهم صلاة الجنازة، فسألوه عن ذلك فقال: يقتل ها هنا رجل من أهل بيتي في عصبة من المؤمنين لم يسبقهم أهل بدر. حدثنا أبو العباس عن يحيى بن الحسن العلوي صاحب الأنساب عن النضر بن أوس [2] قال (¬2): أكريت (¬3) جعفر بن محمد عليه السلام من المدينة إلى مكة فلما ارتحلنا من بطن مرّ قال لي: يا نضر إذا انتهينا إلى ¬

(¬1) ص: بإسناده عن رجاله. (¬2) السند في د: أخبرنا أبو العباس باسناده عن رجاله روا عن يعقوب بن نصر بن اوس عن أبيه قال. . (¬3) ص: اكريت من [1] قارن بالإفادة 22، (Berlin,Glaser 73) أ-22 ب؛ والترجمان 28 أ. [2] الخبر في مقاتل الطالبيين 437 (ط 2.367)، وينتهي السند فيه إلى النضر بن قرواش.

فخ فأعلمني، فقال (¬1)، قلت: أو ليس تعرفه؟ قال: بلى ولكني أخشى أن تغلبني عيني، قال: فلما انتهينا إلى فخّ دنوت من المحمل فإذا هو نائم فتنحنحت فلم ينتبه، فحرّكت المحمل فانتبه فجلس، فقلت: قد بلغت، فقال: حلّ محملي، فحللته ثم قال: خلّ القطار، قال: فتنحيّت به عن الجادة وأنخت بعيره، فقال: ناولني الإداوة والركوة، قال: فتوضأ للصلاة وأقبل ثم دعا، فقلت جعلت فداك رأيتك فعلت شيئا، أهو من المناسك؟ قال: لا ولكن يقتل ها هنا رجل من أهل بيتي في عصابة تسبق أرواحهم أجسادهم إلى الجنّة، وذكر من فضلهم. وحدّثنا أبو العباس الحسني قال، حدثنا سليم بن الحسن البغدادي قال، حدثنا أبو العباس (¬2) أحمد بن عبيد بن سليمان الموصلي / قال حدثني أبي قال [1]: كان علي بن الحسن بن الحسن بن الحسن أبو الحسين (¬3) صاحب فخ مجتهدا فحبس مع عمّه/عبد الله بن الحسن بن الحسن، فكانوا في محبس لا يرون (¬4) ضوءا ولا يسمعون نداء، ولم (¬5) تكن معرفتهم أوقات الصلاة إلا بتسبيح (¬6) علي وقراءته فيما بين كلّ صلاتين، فإنه كان (¬7) فراغه منها عند وجوب كلّ صلاة. ¬

(¬1) «فقال»، ليست في د. (¬2) السند في ص: وحدثني أبو العباس الحسني بإسناده عن أحمد بن عبيد. . (¬3) د: الحسن. (¬4) د: يرون فيه. (¬5) د: فلم. (¬6) د: بانقطاع تسبيح. (¬7) د: قد كان. [1] قارن بمقاتل الطالبيين 192،194 (ط 2.176،177)؛ والحدائق الورديّة (مصورة) 1/ 176.

فنشأ ابنه الحسين أحسن نشوء، له فضل في نفسه وصلاح وسخاء وشجاعة، فقدم على المهدي فرعى حرمته وحفظ قرابته، ووهب له عشرين (¬1) ألف دينار، ففرّقها ببغداد والكوفة على قرابته ومواليه ومحبّيه، فما (¬2) خرج من الكوفة إلاّ بقرض، وما كسوته إلاّ جبّة عليه وإزار كان لفراشه، ثم قدم المدينة. وأقام بها حتى ولي موسى الهادي، فأقرّ على المدينة رجلا من أولاد (¬3) عمر بن الخطاب، فأساء إلى الطالبيين وسامهم خسفا، فاستأذنه فتى منهم في الخروج إلى موضع لبعض أمره، فأجله أجلا (¬4) وأخذ به كفالة الحسين بن علي، فلما مضى الأجل طالبه به، فسأله النطرة (¬5)، فأبى وغلّظ عليه وأمر بحبسه وأسمعه؛ فلما أمسى قال أؤجلك هذه الليلة وأخلّي سبيلك وآخذ عليك يمينا مؤكدة لتأتيني غدا، فحلف له على ذلك ليأتينّه حتى يلقاه، وأضمر الخروج، فلما أعتم خرج إلى البقيع، وجمع أهله وأعلمهم بما عزم عليه فبايعوه. قال أبو الحسن المدائني: كان مخرج الحسين بن علي صاحب فخ ليوم السبت لبضع عشرة ذي القعدة سنة تسع وستين ومائة. وكان رجلا سخيا متوسّعا، لا يكبر شيئا تسأله إيّاه، وكان يأتيه (¬6) ناس كثير، فكان يحمل على نفسه المؤن حتى أجحف ذلك به، فصار إلى أن باع مواريثه ¬

(¬1) ص: عشرون. (¬2) د: وما. (¬3) د: ولد. (¬4) ص: رجلا. (¬5) ص: النظرة. (¬6) ص: يأتي.

في كلّ وجه كان له فيه شيء. وكانت له عين ذي النخيل، وكان ذو النخيل منزلا ينزله من خرج من المدينة إلى العراق، ومن قدم من العراق إلى المدينة من الحاج وغيرهم. وكانوا يشربون من عين حسين فتناشفها الناس وحرصوا عليها (¬1)، فكان حسين يدّان عليها فلم ينزع عن الدين فيها حتى صار عليه/سبعون ألف دينار-وفي رواية أخرى تسعون ألف دينار-وأمسك [دينه] (¬2) عنده فلم يكن يبايع-فبعث المعلّى مولى المهدي فاشتراها منه بسبعين ألف دينار، وكان غرماؤه قد وعدوه الصلح والوضيعة، فكتب البريد بمكة والمدينة، فدعا المهدي بالمعلّى فسأله عن العين وشرائه إياها (¬3)، فأقرّ له به؛ فقال/الربيع: يا أمير المؤمنين هذه قوّة الحسين بن علي على الافساد، وهو من لا يؤمن على حدث يحدثه، فقال المهدي للمعلّى: لا تحدث فيها حدثا، ودعا ببشار (¬4) البرقي فأتاه، فأنفذه إلى الحسين فقدم عليه به، فلما وصل إلى المهدي سأله عن أمر العين وشراء المعلّى إيّاها، فأقرّ له به، ولم يختلف قوله وقول المعلّى في أمرها؛ وقال الحسين: يا أمير المؤمنين والله ما بقيت لي خضراء ولا عذق غيرها إلاّ صدقات عليّ والحسن بن الحسن، وانّ عليّ الثمن الذي بعتها به، ولولا الحاح الغرماء ما بعتها؛ فقال له المهدي: أتدّان سبعين (¬5) ألف دينار أما تتقي الله، قد أهلكت نفسك، فقال الحسين، وكان بليغا منطيقا (¬6): وما سبعون (¬7) ألف دينار يا ¬

(¬1) ص: عليه. (¬2) ص: عنه عنده؛ د: وامسك عنده. (¬3) ص: شراؤه إياها؛ د: شرائه لها. (¬4) ص: بشار. (¬5) د: تسعين. (¬6) د: منطقا. (¬7) د: تسعون

أمير المؤمنين وسبعون ألف دينار، وأنا ابن رسول الله وابن عم أمير المؤمنين وشريكه في نسبه وشرفه (¬1)؟ فقال له المهدي: ردّ الله عليك عينك وقضى عنك دينك، ثم أقبل على (¬2) عمر بن بزيع، فقال: يا عمر ادفع إليه سبعين ألف دينار، وأمره بالانصراف إلى منزله. فلما خرج من عنده أقبل الربيع على المهدي فقال: أنشدك الله يا أمير المؤمنين أن تثير على المسلمين من قبل هذا شرا، أما تسمع كلامه، فمتى يملأ جوفه شيء، والله لئن وصل إليه هذا المال ليثورنّ عليك به، فرجع عن ذلك وأمر له بمعونة (¬3) عشرين ألف درهم. وبلغ الخبر حسينا فكتب به إلى صديق له بالكوفة [من جعف] (¬4)، وإلى (¬5) أخيه الحسن وأهل بيته وعدّة من غرمائه ووكلائه لما يتم له (¬6) ذلك المييع (¬7)، وأعطاهم خمسة آلاف درهم صلة لهم يتحملون بها وعوضا من سفرهم، فانصرفوا إلى المدينة. قال: وأقام الحسين، وكان ابن عمه علي بن العباس بن الحسن محبوسا عند المهدي، وكان/وجده ببغداد قد واعد (¬8) وبايع بها بشرا كثيرا، (¬9) فوعد المهدي حسينا أن يدفع ابن عمه إليه، فأقام على وعده؛ ¬

(¬1) ص: نسبه وقهره. (¬2) «على»، ليست في د. (¬3) «بمعونة»، ليست في د. (¬4) من ص وحدها. (¬5) ص: إلى. (¬6) «له»، ليست في د. (¬7) د: البيع. (¬8) د: أوعد. (¬9) ليست في د.

وتوفي المهدي وحسين بن علي مقيم ببغداد [نازل في دار] (¬1) محمد بن إبراهيم، فلمّا جاء نعي المهدي وضع الربيع على الحسن الحرس والرصد، فلم يزل على ذلك حتى قدم أمير المؤمنين موسى من جرجان، فذكر له الربيع حسينا ومكانه، فدعا به فلما دخل إليه أذن له في الانصراف فكلّمه في علي بن العباس، فأمر بتخليته، فشخص حسين ولم يؤمر له بدرهم فما فوقه، فقدم الكوفة فجاءه عدّة من الشيعة في جماعة كثيرة فبايعوه ووعدوه الموسم للوثوب بأهل مكة، وكتبوا بذلك إلى ثقاتهم بخراسان والجبل وسائر النواحي. وقدم/حسين المدينة، ومعه ابن عمّه علي بن العباس، وأمير المدينة عمر بن عبد العزيز العمري من ولد عمر بن الخطاب، وكان إسحاق بن عيسى بن علي استخلفه على المدينة حين شخص إلى موسى ليعزيه عن المهدي. حدّثنا أبو العباس العلوي بإسناده عن أحمد بن سهل الرازي (¬2)، قال [1]: حدّثنا الحسين بن القاسم بن إبراهيم، عليه السلام، عن أبيه قال، قال لي أبي: عوتب الحسين بن علي-يعني الفخّي (¬3) -فيما يعطي، وكان من أسخى الناس، العرب والعجم (¬4)، فقال: والله ما أظنّ أنّ لي ¬

(¬1) ص: مقام. (¬2) د: حدّثنا أبو العباس العلوي، قال حدثنا عيسى بن محمد العلوي. (¬3) «الفخي»، ليست في د. (¬4) د: من اسخا العرب والعجم. [1] يرد في هذا السند أحمد بن سهل الرازي وهو مؤلف «أخبار فخ»، ولم يرد هذا الخبر هناك (انظر المقدمة ص 18)؛ والخبر عن أحمد بن سهل في تيسير المطالب 115 - 116.

فيما أعطي أجرا وذلك أن الله تعالى (¬1) يقول لَنْ تَنالُوا اَلْبِرَّ حَتّى تُنْفِقُوا مِمّاتُحِبُّونَ (آل عمران 3/ 92)، والله (¬2) ما هي عندي وهذا الحصى إلا بمنزلة، يعني الأموال [2]. قال المدائني: وأخذ العمري الطالبيين بالعرض وضمّن بعضهم بعضا، فضمن يحيى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي (¬3)، وحسين بن علي بن (¬4) الحسن بن محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، عليهم السلام، وكانوا يعرضون عرضا دائما، واشتدّ عليهم العمري، فلمّا أفطر الناس من رمضان ألحّ عليهم إلحاحا شديدا (¬5) بالعرض، فكانوا على ذلك حتى أهلّوا بهلال ذي القعدة، وقدم أوائل/الحاج من المشاة وأصحاب الحمير، فنزلوا بالبقيع، وقدم عدّة من الشيعة الكوفيين نحو من سبعين (¬6) رجلا فنزلوا دار (¬7) ابن أفلح بالبقيع، فأقاموا بها أياما، فأنكرهم بعض الناس، ولقوا (¬8) حسينا وغيره، فبلغ ذلك العمري فأنكره وأمر بعرضهم غدوة وعشية؛ وإنّ الحسين بن محمد غاب عن العرض يومين، فلما انصرفوا من ¬

(¬1) «تعالى»، ليست في د. (¬2) ص: وو الله. (¬3) د: يحيى بن عبد الله بن الحسن وحسين. . (¬4) «بن»، ليست في ص. (¬5) «شديدا»، ليست في ص. (¬6) ص: بخط الناسخ في الهامش الأيسر أعلى الورقة: «نحو من سبعين رجلا». (¬7) ص: على دار. (¬8) د: والعوا (غير معجمة). [2] أورد في مقاتل الطالبيين 438 - 442 (ط 2.368 - 372) أخبارا في سخائه.

الجمعة دعاهم للعرض (¬1)، فلما دخلوا المقصورة أمر بها فأغلقت عليهم، فلم يخرج منها أحد حتى صلّوا العصر ثم عرضهم، فلمّا دعا باسم حسن بن محمد فلم يحضر، قال ليحيى بن عبد الله والحسين بن علي لتأتياني به أو لأحبسنّكما، فإنّ له ثلاثة أيام لم يحضر العرض ولقد خرج أو تغيّب، فرادّاه بعض المرّادة، وكان الحسين أتقاهما في الردّ عليه، وأمّا يحيى فإنّه شتمه، فخرج حتى دخل على العمري فأعطاه الخبر، فدعاهما العمري فوبّخهما وتهدّدهما، فتضاحك الحسين في وجهه، وقال: أنت مغضب يا أبا حفص، فقال له العمري: وتهزأ بي أيضا وتخاطبني بكنيتي؟ فقال له (¬2): قد تكنّى من هو خير منك أبو بكر وعمر وكانا يكرهان أن يدعيا بالولاية، وأنت تكره كنيتك وهي الكنية التي اختارها لك أبوك. قال يحيى بن عبد الله: لمّا بايعناه خرجت على دابتي راكضا مسرعا (¬3) حتى أتيت حدبا (¬4)، وبها موسى بن جعفر، وهو على ميلين/من المدينة. وكان موسى بن جعفر شديد الغيرة فكان يأمر بإغلاق أبوابه والاستيثاق (¬5) منها، فدققت (¬6) بابه فأطلت حتى أجبت وخبّرت باسمي، فأخبر الغلمان بعضهم بعضا من وراء الأبواب وهي مقفلة، حتى فتحت ¬

(¬1) زاد في ص فوق السطر: «يعني المتوكّل»، يعني متوكل العرض كما سوف يتضح لاحقا، إذ إنّه بعد أن شتمه يحيى ذهب إلى العمري والي المدينة. (¬2) ص: قال. (¬3) د: مسرعا راكضا. (¬4) كذا في د ص، ولم أقع على موضع بهذا الإسم. (¬5) ص: والا استيثاق. (¬6) د: فدفعت.

وأذن لي فدخلت، فقال: أي أخي في هذه الساعة؟ قلت: نعم، حتى متى لا يقام لله بحق وحتى متى نضطهد ونستذلّ؟ فقال: ما هذا الكلام؟ قلت: خرج الحسين وبايعناه، فاسترجع، قلت: جعلت فداك، في أمرنا هذا شيء؟ وانصرفت إلى حسين، فلمّا أصبح جاء إلى مسجد رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، فصلّى بالناس الصبح، وبلغ العمري خبره، فزعم بعض أهل المدينة عنه أنّه قال: وقد نخب قلبه (¬1): / «أطعموني ماء واردفوا البغلة بالباب»، وهرب. وروي أنّه حج من أهل واسط شيخ تلك السّنة قال: فلما قدمت المدينة رأيت للناس حركة أنكرتها، وأتيت مسجد رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، وهو غاصّ بالناس والحسين على المنبر يخطب وهو يقول: أيها الناس أنا ابن رسول الله على منبر رسول الله، صلّى الله عليه وآله، أدعوكم إلى سنّة رسول الله، فقلت قولا أسرّه: إنّا لله وإنّا إليه راجعون، ما يصنع هذا الرجل بنفسه؟ وبالقرب منّي عجوز من عجائز أهل المدينة، فنهرتني وقالت: تقول هذا لابن رسول الله؟ فقلت: يرحمك الله والله ما قلت هذا إلاّ للاشفاق عليه. وروى النوفلي قال، حدثني محمد بن عبّاد البشري وكان رجلا من خزاعة، قال [1]: صليت صلاة الصبح في مسجد رسول الله، صلى الله ¬

(¬1) غير معجمة في ص؛ ونخب أي جبن (لسان 1/ 752). [1] قارن بالطبري 8/ 200 - 201 (-3/ 564 - 565)؛ والإفادة (برلين، (73 Glaser ق 22؛ وغاية الاختصار 53.

عليه وآله وسلّم، خلف الحسين، فلما فرغ من الصلاة صعد المنبر وقعد على مقعد رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلّم، منه، وعليه قميص أبيض وعمامة بيضاء قد شدّ بها بين يديه ومن خلفه، وسيفه مسلول قد وضعه بين رجليه، وكان أهل الزيارة قد كثروا في ذلك العام وقد ملئوا (¬1) المسجد، فتكلم وقال في كلامه: أيها الناس أنا ابن رسول الله وعلى منبره، أدعوكم إلى كتاب الله وسنّة نبيّه. وفي غير هذه الرواية أنّه قال في خطبته: أيها الناس أتطلبون آثار رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلّم، في الحجر والمدر والعود وتمسحون بذلك وتضيّعون بضعة من رسول الله؟ أخبرنا أبو العباس الحسني قال، أخبرنا ابن عافية قال، حدّثنا يحيى بن الحسن العلوي عن أحمد بن عثمان بن حكيم قال، حدثنا عمي دينار بن حكيم (¬2) قال: رأيت الحسين بن علي صاحب فخّ، عليه السلام، على منبر رسول الله، صلّى الله عليه وآله وسلم، يقول بعد أن حمد الله وأثنى عليه وصلّى على محمد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم: يا أيّها النّاس/أنا ابن رسول الله في مسجد رسول الله على منبر رسول الله، صلّى الله عليه وآله وسلّم، أدعوكم إلى كتاب الله وسنّة رسوله والاستنقاذ مما تعلمون، ومدّ بها صوته. قال ابن عبّاد: وأقبل/خالد البربري، وكان مسلحة للسلطان بالمدينة، في السلاح معه أصحابه حتى وافوا باب المسجد الذي يقال له ¬

(¬1) ص: ملو؛ د: ملوا. (¬2) السند في ص: «أخبرنا أبو العباس الحسني بإسناده عن دينار بن حكيم». .

باب جبريل، فنظرت إلى يحيى بن عبد الله قد قصده في يده السيف، فأراد خالد أن ينزل وبدره يحيى بالسيف، فضربه على جبينه وعليه البيضة والمغفر والقلنسوة، فقطع ذلك كلّه حتى أطار قحف رأسه وسقط عن دابّته، وشدّ على أصحابه فتفرّقوا وانهزموا. قال أبو الحسن النوفلي ، قال أبي: وكان محمد بن سليمان بن علي خرج في ذلك العام حاجّا، وكان الطريق مخوفا فاستعدّ بالرجال والسلاح؛ قال: وحج في ذلك العام العباس بن محمد وسليمان بن أبي جعفر وموسى بن عيسى وهو على الموسم وولاية مكّة إليه، وحجّ فيمن حجّ مبارك التركي وقصد المدينة ليبدأ بالزيارة ومعه جمع كبير، فلما قرب من المدينة دسّ إلى (¬1) الحسين: إني والله ما أحبّ أن أبلى بك، فابعث إليّ من أصحابك ولو عشرة أناس يبيّتون عسكري فأني أنهزم، وسيّر إليه الرسالة بذاك وأعطاه على قوله عهودا، فأرسل إليه نفيرا (¬2) فطرقوا عسكره وجعجعوا به وبأصحابه وصيّحوا به، فخرج هاربا وابتغى دليلا يعدل به عن المدينة حتى يصير بين مكة والمدينة، فورد على موسى بن عيسى فاعتذر إليه من انهزامه في البيات (¬3)، ثم اجتمعوا في عسكر واحد. وتهيأ الحسين فيمن بايعه ودفع مالا إلى مولى لآل الحسين يقال له يوسف، وكانت جدّته مولاة فاطمة بنت الحسين، وأمره أن يكتري له ولأصحابه، وهو يريد في تقديره أن يسبق الجيوش إلى مكّة، فأقام أياما ¬

(¬1) د: إليه. (¬2) مشكولة في ص: نفيرا. (¬3) د: بابيات.

ويوسف يخبره أن قد اكترى له، ثم توارى عنه وذهب بالمال. قال أبو الحسن النوفلي: فلما وقف حسين على ما صنع يوسف طلب الكراء فلم يجده لضيق الوقت، فلم يزل يحتال للمال وللإبل حتى وجد في ذلك ما وجد وقد فاته الوقت. وقدمت (¬1) الجيوش مكّة ممن خرج من البصرة والكوفة وبغداد، وخرج معه ممن تبعه ومن أهل بيته زهاء ثلاثمائة رجل، فلما قربوا من مكة، وصاروا//إلى فخ ويلدح (¬2) تلقّته الجيوش. رجعنا إلى رواية غيره: فأتاهم إدريس بن عبد الله بن الحسن، وأخوه سليمان بن عبد الله بن الحسن الأفطس، وعلي بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن فباتوا ليلتهم، فلمّا كان السحر (¬3) خرجوا إلى المسجد وقد أذّن من المؤذنين مؤذّن واحد، فحين أذّن الثاني فبلغ التشهّد أحسّ بهم (¬4)، فقطع الأذان لما سمع الأصوات، وتوافوا في المسجد وهم خمسة وسبعون رجلا، الفاطميّون منهم سبعة والباقون ثمانية وستون؛ فلمّا طلع الفجر دخل الناس المسجد من كلّ ناحية، فأقام يحيى بن عبد الله الصلاة، وتقدّم الحسين فصلّى بالناس، ثم انصرف إلى المنبر فخطب الناس ودعاهم إلى البيعة فتفرّقوا عنه ولم يعرّج عليه أحد من أهل المدينة، ودخل ناس من أهل خراسان وغيرهم فسمعوا مقالته، فمنهم من تقدّم فبايعه ومنهم من لم يفعل. ¬

(¬1) ص: فتقدمت. (¬2) ص: وبلد فخ. (¬3) ص: كان من السحر. (¬4) د: أخبرهم.

قال: وتصايح الناس واعتزل أحبّاء آل العباس واجتمعوا إلى خالد البربري وهو يومئذ قائد الجند بالمدينة (¬1) وكانوا مائتي (¬2) رجل، وصار إليه وزير بن إسحاق الأزرق وكان (¬3) على صوافي الخاصة، ومحمد بن واقد مولى أمير المؤمنين وكان شريكا للعمري في الأعمال وإليه ديوان العطايا، فأقبل خالد البربري فيمن معه وخرج معه حسن بن جعفر بن حسن بن حسن على حمار له حتى دخل المسجد وأتى من ناحية موضع (¬4) الجنائز، فحمل عليه (¬5) أولئك المبيّضة فأمرهم الحسين بالكفّ عنه وإخراجه من المسجد-يعني حسن بن جعفر-وأقبل خالد البربري ومن معه من ناحية بلاط الفاكهة، فخرج الحسين وأصحابه إلى رحبة دار القضاء، فجلس فيها وجلس معه أصحابه إلاّ من تقدّم منهم للقتال، وهم زهاء ثلاثين رجلا فإنهم تقدّموا في نحور أصحاب خالد فرموهم بالنشّاب، وأقبل خالد راجلا سالا سيفه يصيح بالحسين ويشتمه ويقول: «قتلني الله إن لم أقتلك»، فلمّا دخل الرّحبة وثب إليه يحيى وإدريس إبنا عبد الله، وبدره يحيى وكان شديد الكف والذراع مجتمع القلب، فضربه على أنف البيضة فقطعه وخلص السيف إلى أنفه فشرقت عيناه بالدم، وقد ضرب خالد يحيى بسيفه فأسرع في (¬6) الترس حتى وصل إلى إصبعه الوسطى والتي تليها من يده اليسرى؛ قال: ولما ثار الدم في عين ¬

(¬1) ص: الذي في المدينة. (¬2) د: مائتا. (¬3) ص: فكانوا. (¬4) ص: من موضع ناصبه. (¬5) ص: إليه. (¬6) ص: إلى.

خالد/برك وعلواه بأسيافهما حتى برد، وأخذ إدريس درعين كانتا عليه وسيفه وعمود حديد كان في منطقته، ثم جرّا برجله فطرحاه بالبلاط على باب مروان. قال مصعب: وكان/خالد متعلقا بستر من شعر يعتصم به فإذا حمل عليه يحيى تراجع، ثم يحمل هو على يحيى فيتراجع، وقد نال كلّ واحد من صاحبه جرحا؛ ثم إنّ إنسانا من أهل الجزيرة كان مع الطالبيين خرج مصلتا سيفه متوجها نحو القتال، وخالد يراه، ولم يرياه يقصده، فحمل خالد على يحيى وهو لا يعلم ما يريد الجزيري، فعطف عليه الجزيري من ورائه وهو لا يشعر فضرب ساقيه وعرقبه ونزع البيضة عن رأسه، فضربه يحيى حتى قتله. قال مصعب: وكان هذا الجزيري أشجع من كان معهم، وقطعت يده ليلة المسابرة ثم قتل بفخّ في المعركة. ثم حمل (¬1) يحيى وإدريس ومعهما أولئك المبيّضة وعبد الله ابن الحسن الأفطس فقتلوا من الجند الذين كانوا مع خالد في رحبة دار يزيد ثلاثة عشر رجلا، وانهزم الناس وتفرّقوا في كل وجه، والحسين جالس محتب ما حلّ حبوته. قال: ولم يقم يومئذ سوق بالمدينة. قال: فركب إدريس في نحو من ثلاثين من أولئك المبيّضة، وقد كانت الجراح فشت فيهم للرمي الذي نالهم بالحجارة والنّشّاب، فداروا ساعة في المدينة، فأشرف لهم رجل من بني مخزوم أو غيره من قريش، فسألوه الكفّ عنهم وعن غشيان دورهم ومنازلهم ففعل، ورجع إلى الحسين فأخبره. ¬

(¬1) ص: دخل.

قال: فأقاموا ذلك اليوم، فلمّا كان من الغدّ جاءهم عمر بن حسن ابن علي بن علي بن الحسين، وإبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن حسن بن حسن، وإسماعيل وهو طباطبا، وحسن بن محمد بن عبد الله بن حسن. قال: ولزم أهل المدينة منازلهم فلم يأتوا المسجد ولم يصلّوا فيه، وغدا إليهم ذلك اليوم جماعة من موالي آل العباس وأحبابهم، وخرج معهم عبد الله بن عثمان المخرمي، /وعمرو بن الزبير وغيرهما، فقاتلوا المبيّضة مراماة. قال: وقد كان سليمان بن أبي جعفر مع موسى بن عيسى، فتلقّاهم الخبر فأقاموا وتقدّم موسى بن عيسى في جماعة من مواليه حتى نزل بطن نخل، وأمر مبارك التركي أن يمضي إلى المدينة، فنزل ببئر المطّلب على خمسة أميال من المدينة، ثم أرسل إلى أهل المدينة رسولا يقول: من كان يرى لأمير المؤمنين طاعة فليخرج إلى مبارك، فغدا إلى مبارك: زيد بن حسن بن علي بن حسين، وغدا إليه علي بن عبد الله بن جعفر وغيرهما من الناس، وجاءه العمري وابن واقد ووزير بن إسحاق والمخرمي، فاجتمعوا إليه، فقال مبارك لزيد بن حسن: إن كنت جئت سامعا مطيعا تريد قتال القوم فقد رأستك على/هؤلاء فتقدّم فقاتل، فقال له زيد: والله ما انصفتني، تأمرني أن أقاتل بني (¬1) عمّي وإخوتي بين يديك، وأنت متخلّف لا تقاتل عن سلطانك وعن مولاك، ولكن يدك في يدي، ويدي في يدك حتى تعلم أجئت سامعا مطيعا أم لا، فقال ¬

(¬1) -ص: ابني.

العمري وابن واقد (¬1): صدقك الرجل وأنصفك، فتقدّم أنت فإنه أحرى أن يقاتل الناس معك إذ رأوك وأن يخرج إليك من لا يجترأ على الخروج إذا لم يرك؛ قال: فأقبل مبارك معهم واجتمع (¬2) إليه خلق كثير حتى كانوا زهاء ثلاثة آلاف رجل مع من ضوى (¬3) إليهم؛ والمبيضة نحو من أربعمائة رجل فيهم الخراساني والكوفي والجبلي، وأقبل الآخرون كالمقتدرين عليهم فارتموا ساعة. قال: وأتوهم من نحو دار يزيد، وخرج عليهم المبيّضة قد أصلتوا سيوفهم، فحملوا عليهم حملة محقّقة فقاتلوهم على باب الزوراء، وذلك يوم الإثنين لأربع عشرة ليلة خلت من ذي القعدة، حتى انتصف النهار، ثم قال لهم مبارك: لا بدّ من الراحة والقائلة، فلما تفرّق الناس عنه جلس على رواحله فلحق بموسى بن عيسى ببطن نخل، فأعطاه الخبر وذكر له من أتاه ومن تخلّف عنه، ومضى العمري وابن واقد ووزير بن إسحاق الأزرق فصاروا إلى معدن بني سليم حتى لقوا العبّاس /ابن محمد وكان القوم بالرّبذة إلى أن قدم عليهم مبارك، فمضوا جميعا يريدون مكة، فأقاموا بالمعدن ثلاثا وهمّوا بالرجوع إلى العراق حين ورد عليهم كتاب محمد بن سليمان يأمرهم بالمضي، فلمّا ورد موسى غمرة ونزلها كتب إليهم منها أن العجل العجل، فتوافوا بغمرة وأمروا العمري بالانصراف نحو المدينة وأن يكون مقيما على ليلة منها، فإذا خرج منها الحسين دخلها بعد خروجه. ¬

(¬1) د: لمبارك. (¬2) ص: واجتمعوا. (¬3) ص: ضوا؛ وضوى إليه: انضمّ ولجأ ومال (لسان 14/ 490).

وأقام الحسين بالمدينة وأصحابه في المسجد ودار مروان، ولزم أهل المدينة منازلهم وتركوا حضور المسجد، لا يجتمعون (¬1) معهم. وخرجت الأشراف في اليوم الرابع من القتال فتسوّقوا، وقدم الحاج، ومرّ عظم الناس من الحاج (¬2) على طريق نجد وتركوا المدينة، وأخذ أهل الشام وأهل مصر على الساحل إلى مكة، فأقاموا إلى أربع وعشرين ليلة مضت من ذي القعدة، وكان عدّة أيّام مقامهم بالمدينة ثلاثة عشرم يوما، ثم توجّهوا إلى مكة، فتبعهم ناس من الأعراب (¬3)، من جهينة ومزينة وغفار وضمرة وغيرهم، ولقيهم عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم بن حسن بالأبواء، وكان/غائبا فلم يكن حضر مخرجهم. وترأس على العباسيّين العبّاس بن محمد فهو يدبّر أمرهم، فلمّا قدموا مكّة وجدوا بها من أحبابهم ومواليهم مع من قدم مع سليمان بن علي؛ وبعث العباس العيون والطلائع. وأقبل الحسين في أصحابه، فلمّا كانوا بسرف تلقّته أوائل الخيل، وجنح إلى العباس بن محمد مولى لمحمد بن سليمان كان مع الحسين، فساروا حتى إذا صاروا بفخ تلقّاهم العباس بن محمد بالخيل والرجل. وكان ممّن اجتمع إلى الطالبيّين سبعمائة رجل، فصفّوا لهم على الطريق؛ قال: فدعاهم العبّاس إلى الأمان وضمن للحسين قضاء دينه والأمان لمن معه من أهل بيته، ولم يترك شيئا من حسن العرض إلاّ بذله له؛ فأبى ذلك أشدّ الإباء. ¬

(¬1) ص: يجمّعون (مشكولة). (¬2) ص: الحاج والناس. (¬3) د: الأعراض.

قال مصعب: كان الرئيس سليمان بن أبي جعفر لأنّه كان على الموسم، فأمر موسى بن عيسى بالتعبئة فصار/محمد بن سليمان في الميمنة، وموسى في الميسرة، وسليمان بن أبي جعفر والعبّاس بن محمد في القلب. فكان أوّل من بدأهم موسى فحملوا عليه، فاستطرد لهم شيئا حتى انحدروا في الوادي، وحمل عليهم (¬1) محمد بن سليمان من خلفهم وطحنهم طحنة واحدة. وقال النوفلي: إنّهم لما صاروا بفخ قدّم موسى بن عيسى بين يديه محمد بن سليمان وقال له: قد عرفت فرارك وفرار أخيك من إبراهيم بن عبد الله، وإنّما تداري هؤلاء القوم وتبغي عليهم لأنهم أخوالك، فألهبه بهذا القول. فأقبل محمد في خيله (¬2) ومن ضمّ إليه من الجند، فأرسل موسى إلى حسين يخيّره (¬3) خصلة من خصال ثلاث: أن يعطيه الأمان، ويضمن له على الخليفة القطائع والأموال، أو أن ينصرف إلى المدينة حتى ينقضي الحج؛ أو أن يهادن بعضهم بعضا، فيدخل فيقف ناحية ويقفون ناحية، فاذا انقضى الحج تناظروا فإمّا كانوا سلما أو حربا؛ فأبى ذلك كلّه وتهيّأ للحرب، ونقض هو وأصحابه الإحرام ونشبت بينهم الحرب بفخ، واقتتلوا أشدّ قتال (¬4)، أصحاب محمد وأصحابه؛ وصبر المبيّضة فلم ينهزم منهم أحد حتى إذا أتي (¬5) على أكثرهم جعل أصحاب محمد يصيحون لحسين «الأمان الأمان» يبذلونه له، فيحمل عليهم ¬

(¬1) د: عليه. (¬2) ص: خوله (مشكولة). (¬3) ص: خبره. (¬4) ص: واقتتلوا قتالا شديدا أشد قتال. (¬5) د: حتى اتى.

ويقول: «الأمان أريد»، حتى قتل وقتل معه رجلان من أهل بيته. ورمي الحسن بن محمد بن عبد الله بن الحسن [1] بنشّابة فأصابت عينه، فجعل يقاتل أشدّ قتال والنّشابة مرتزة في عينه، فصاح به محمد: يا ابن خال اتّق الله في نفسك، فلك/الأمان، فقال: أتؤمنني على أن تمنعني ممّا تمنع به نفسك؟ فأعطاه على ذلك العهود والمواثيق، فألقى سيفه وأقبل نحوه، فأمر بالنّشابة فنزعت من عينه وأمر بقطنة فغمست في دهن بنفسج وماء ورد، ووضعت في عينه وعصبت، فاستسقى فأمر محمد أن يسقى سويق لوز بثلج، ثم أرسل إلى موسى بن عيسى يخبره بأمره، فقال موسى: أتقطع أمرا دون العبّاس بن محمد، وكان العباس (¬1) متقدما لموسى، بينه وبين محمد، فبعثه يستشيره في أمره، /فقال العبّاس: لا ولا كرامة، أنت أمير الجيش وليس لمحمد إمرة يعطي فيها أحدا أمانا، ووجّه بالرسالة إلى موسى مع ابنه عبيد الله (¬2)، فقال موسى: القول ما قال العبّاس، يقتل ولا ينفذ له أمان؛ فجاء عبد الله يركض مسرورا بذلك فلما صار حيث يرونه استعجل، فجعل يريهم يده أن قد أمر بقتله، وبعث العباس إلى محمد أن (¬3) أبعث به إلينا، فجدله وبعث به فأمر بضرب عنقه. فلما فرغ منهم انصرف الجيش إلى مكّة. ¬

(¬1) ص: العباس بن محمد. (¬2) ص: عبد الله؛ والكلمة غير معجمة في د: عبد الله. (¬3) «ان»، ليست في د. [1] قارن بمقاتل الطالبيين 451 (ط 2.379)؛ واتحاف الورى 220.

قال: وكان موسى بن جعفر، عليه السلام، شهد الحج ذلك العام، فأرسل إليه موسى بن عيسى ليحضر (¬1) الأمر، فجاء متقلدا سيفه على بغل-أو بغلة-فوقف مع موسى بن عيسى حتى انقضى أمر القوم. قال النوفلي ، قال أبي: وكان سليمان بن عبد الله بن حسن مضعوفا، فلما انهزم من انهزم بعد أن قتل أكثر القوم، انهزم وصعد جبلا قريبا من موضع الوقعة، فلمّا جاء ابن أخيه الحسن بن محمد بن عبد الله إلى محمد بن سليمان في الأمان قال له: هذا ابن خالك سليمان بن عبد الله وقد عرفت ضعفه وقد سلك هذا الجبل، وأخاف أن يلقاه من يقتله، فإن رأيت أن ترسل إليه من يؤمنه ويأتيك به، فصاح محمد بخيله (¬2): ويحكم الرجل في الجبل (¬3)، اذهبوا إليه فأعطوه الأمان وأتوني به، فصعدوا وقتلوه وجاءوا برأسه. وروى النوفلي قال، حدّثني شيخ من الشيعة قال: كنت جالسا (¬4) مع موسى بن جعفر بن محمد فإذا رجلان قد أقبلا، أحدهما على برذون أدهم والآخر على برذون أشهب، وفي يد كل واحد منهما رمح، على أحد الرمحين رأس الحسين وعلى الآخر رأس الحسن بن محمد. وروي: أنّ حماد التركي كان فيمن حضر وقعة الحسين صاحب فخّ فقال للقوم وهم في القتال: أروني حسينا (¬5)، فأومؤا إليه فرماه بسهم فقتله (¬6)، فوهب له محمد بن سليمان مائة ألف درهم ومائة ثوب. وروي عن/بعضهم ، قال: كنّا بالعقيق فمرّت بنا جماعة زهاء ¬

(¬1) د: يحضر. (¬2) ص: بخوله. (¬3) ص: بالجبل. (¬4) ص: جالسا يمنى. (¬5) ص: حسنا. (¬6) ص: وصله.

أربعين فيهم الحسين بن علي متوجّها نحو مكّة، وأصحابه قد خذلوه، وهو على بغلة له على رأسه برطلة من الشمس، وأخته بين يديه في قبّة، وحواليه الجماعة وعليهم السلاح، فلمّا كان من الغد، خرج جواري أهل/المدينة في العقيق، فإذا هذه جاءت بذرع وهذه ببيضة وهذه بساعد، وإذا الصحابة قد خذلوه، فلمّا صار إلى العقيق جعلوا ينزعون سلاحهم ويدفنونه في الرمل، وتفرقوا عنه كي لا يعرفوا. وكان شعارهم ذلك اليوم: «يا وفاء»، جعلوا ذلك علامة بينهم وبين المبيّضة الذين عقدوا بينهم ما عقدوا من أهل الكوفة ليعرف كلّ رجل منهم صاحبه لينصره فما أتوهم ولا وفوا لهم (¬1). وروي عن سفيان بن عيينة: أنّه حدث يوما بحديث علي بن أبي طالب، عليه السلام، أنّه قال: «يأتيكم صاحب الرّعيلة (¬2) قد شدّ حقبها بوضينها لم يقض نفثا من حج ولا عمرة يقتلونه، فتكون شرّ حجّة حجّها الأولون والآخرون»؛ فقال سفيان: هذا الحسين بن علي بن أبي طالب، فقال له بعض من حضر: يا أبا محمد على رسلك الحسين بن علي خرج من مكة محلا غير محرم متوجّها إلى العراق، وإنما قال: لم يقض نفثا من حج ولا عمرة، قال: فمن تراه؟، قال: الحسين بن علي صاحب فخ، قال: فامسك ساعة، ثم قال: «اضربوا عليه». ويقال: إنّه سمع على مياه غطفان كلّها ليلة قتل الحسين بن علي هاتفا يهتف ويقول [1]: [من الطويل] ¬

(¬1) ص: ولا وافوهم ولا وفوا لهم. (¬2) التأنيث غريب هنا، والرّعيل والرعلة: القطعة المتقدمة من الخيل (لسان العرب 11/ 286 - 288). [1] مقاتل الطالبيين 459 (ط 2.385)؛ والحدائق (مصورة) 1/ 181؛ معجم البلدان 1/ 481.

ألا يا لقومي للسواد المصبح … ومقتل أولاد النبيّ ببلدح ليبك حسينا كلّ كهل وأمرد … من الجنّ إذ لم تبكه الأنس نوّح وإنّي لجنّي وإنّ معرّسي … لبلبرقه (¬1) السّوداء من دون رحرح فسمعها الناس لا يدرون ما الخبر، حتى أتاهم قتل الحسين. [قال النوفلي: حدّثني يعقوب بن إسرائيل مولى المنصور عن الطلحي، قال] (¬2)، سمعت ابن السوداء يقول [1]: تأخر قوم بايعوا الحسين بن علي صاحب فخّ، فلما فقدهم في وقت المعركة أنشأ يقول: وإنّي لأنوي (¬3) الخير سرا وجهرة … واعرف معروفا وأنكر منكرا ويعجبني المرء الكريم نجاره … ومن حين أدعوه إلى الخير شمّرا يعين على الأمر الجميل وإن ير … فواحش لا يصبر عليها وغيّرا قال المدائني: وخرج مع حسين من أهل بيته: يحيى وسليمان/ وإدريس بنو عبد الله بن حسن/وعلي بن إبراهيم بن (¬4) الحسن بن الحسن، وإبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم طباطبا [، وحسن بن محمد بن عبد الله، وعبد الله وعمر ابنا الحسن بن علي وهما ابنا الأفطس] (¬5)، ولقيهم في الطريق عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم بن ¬

(¬1) «لبلبرقة»، ليست في د. (¬2) د: بإسناد الرواة عن الطّلحي قال. (¬3) ص: لانو. (¬4) د: و. (¬5) د: وحسن بن محمد بن عبد الله وعدي بن الحسن بن علي وهما بن الأفطس. [1] الخبر بالسند في تيسير المطالب 117.

الحسن بن الحسن فصار معهم، فلمّا التقوا كان الذين قتلوا (¬1) في المعركة الحسين (¬2) وهو الرئيس (¬3)، وسليمان بن عبد الله، والحسن بن محمد بن عبد الله وهو أبو الزّفت (¬4) قتل صبرا، وعبد الله بن إسحاق بن إبراهيم. وتفرّق الآخرون وأخذ بعضهم واستؤمن لهم (¬5) ومنهم من حبس فأفلت، فممّن حبس فأفلت من الحبس: عبد الله بن الأفطس، وموسى بن عبد الله [1]، أفلت من الحبس فدخل على موسى بن عيسى فجلس في أخريات النّاس وعن يمينه موسى بن جعفر وعن يساره الحسين (¬6) بن زيد، فقال موسى بن عيسى: كيف ترى صنع الله بكم؟، فقال موسى بن عبد الله (¬7): قلت شعرا (¬8) وهو: [من الطويل] فإنّ الأولى تثني عليهم تعيبني … أولاك بني عمّي وعمّهم أبي (¬9) وإنّك إن تمدح أباهم بمدحة … تصدّق وإن تمدح أباك تكذّب فأمر به موسى، فضرب بين العقابين (¬10) خمسمائة صوت، فما تأوّه ¬

(¬1) ص: الذي قتل؛ د: الذين التقوا. (¬2) «الحسين»، لم ترد في د. (¬3) ص: الرمس. (¬4) د: أبو الز، ثم ترك بياضا؛ وكتب في ص «كذا» فوق الإسم؛ وسميّ «أبو الزفت» لشدّة سواده. (¬5) د: له. (¬6) ص: الحسن. (¬7) ص: فقال موسى. (¬8) ص: بيت شعر. (¬9) البيت من ص وحدها. (¬10) مشكولة في ص. [1] قارن بمقاتل الطالبيين 393 - 394 (ط 2.335 - 336).

من ذلك، ثم أمر به فقيّد وأتى فطرق كعابه بالمطرقة فما نطق بحرف، فقالوا له: لم لا تتكلّم؟، فقال [1]: [من الطويل] وإنّي من القوم الذين يزيدهم … شماسا وبأسا شدّة الحدثان ثم استأمن عبد الله بن الأفطس فأومن؛ واستأمن علي بن إبراهيم فأومن؛ ولحق يحيى بن عبد الله بالديلم بعد استخفائه بالكوفة ثم ببغداد وبعد أن جال (¬1) البلاد؛ ولحق إدريس بن عبد الله بأقصى المغرب. وأنشد بعضهم يرثي من قتل بفخ [2]: [من البسيط] يا عين بكّي بدمع منك منحدر … فقد رأيت الذي لاقى بنو حسن/ صرعى بفخ تجرّ الريح فوقهم … أذيالها وغوادي دلّج (¬2) المزن حتى عفت أعظم لو كان شاهدها … محمد ذبّ عنها ثم لم تهن ماذا يقولون والماضون قبلهم … على العداوة والشحناء والإحن ماذا نقول إذا (¬3) قال الرسول لنا (¬4): … ماذا صنعتم بهم في سالف الزمن لا الناس من مضر حاموا ولا غضبوا … ولا ربيعة والأحياء من يمن يا ويحهم كيف لم يرعوا لهم حرما … وقد رعى الفيل حقّ البيت والركن/ ¬

(¬1) د: تجول. (¬2) مقاتل الطالبيين: الدلج. (¬3) ص: إذ. (¬4) مقاتل الطالبيين ماذا يقولون إن قال النبي لهم. [1] مقاتل الطالبيين 394 (ط 2.336): «قسوا وصبرا»؛ وفي زهر الآداب 1/ 129: «جلدا وصبرا قسوة السلطان». [2] مقاتل 459 (ط 2.385) وقد نسبت في روايتين مرّة لداود بن علي العباسي ومرة لداود السلمي؛ والحدائق (مصورة) 1/ 180؛ ومنها 3 أبيات في معجم البلدان 4/ 238 (فخ).

خبر يحيى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام

خبر يحيى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام وأمه [قريبة] (¬1) بنت محمد بن أبي عبيدة (¬2) بن عبد الله بن زمعة، تزوجها عبد الله بن حسن بعد هند بنت أبي عبيدة عمتها (¬3)، فهند أم محمد وإبراهيم وموسى وزينب وفاطمة بني عبد الله بن الحسن، وأمّ يحيى بنت أخيها. وذكر أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد الميلي قال، حدثنا محمد بن القاسم بن إبراهيم عن مشايخ أهله من آل الحسن وآل الحسين (¬4). خبر يحيى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام ، قالوا: خرج/يحيى بن عبد الله في سنة سبعين ومائة في ولاية موسى أطبق، وبايعه أهل الحرمين وجميع أهل الحجاز وتهامة وأرض اليمن وأرض مصر والعراقين، وبثّ دعاته في جميع الآفاق، وصحّت إمامته، ووردت الكتب بإجابته من أهل المشرق والمغرب من الفقهاء والعلماء والوجوه والقواد والعامة. ¬

(¬1) لم يرد إسم في د ص، ولم يترك بياض؛ والزيادة عن مقاتل الطالبيين والحدائق؛ وانظر نسب قريش 54؛ وجمهرة نسب قريش 505 - 506 وفيهما قريبة بنت ركيح، وفي المقاتل: بنت عبد الله؛ ويضبط قريبة وقريبة. (¬2) ص: بن عبيدة. (¬3) د: خالتها. (¬4) السند في ص: وذكر إسحاق بن إبراهيم بن محمد الميلي بإسناده عن محمد بن القاسم بن إبراهيم عن مشايخ أهله من آل الحسن والحسين.

قال أبو العباس الحسني [1]: فمن (¬1) العلماء عبد ربّه بن علقمة، ومحمد بن إدريس الشافعي ، ومحمد بن عامر، ومخوّل بن إبراهيم (¬2)، والحسن بن الحسين (¬3) العرني، وإبراهيم بن إسحاق، وسليمان بن جرير، وعبد العزيز بن يحيى الكناني، وبشر بن المعتمر، وفليت بن إسماعيل، ومحمد بن أبي نعيم، ويونس بن إبراهيم، ويونس البجلي/ وسعيد بن خثيم (¬4)، وغيرهم من الفقهاء. قال غيره: والحسن بن صالح بن حي. وصار يحيى بن عبد الله بنفسه إلى اليمن وأقام بها مدة، ثم صار إلى مصر وأرض المغرب ونواحيها، فاشتدّ له الطلب من موسى أطبق، ومات موسى سنة إحدى وسبعين ومائة، واستخلف هارون بن محمد أخوه وهو شرّ (¬5) منه، فأنفذ في طلب يحيى بن عبد الله ودسّ إليه الرجال وبذل لهم (¬6) الأموال. وانصرف يحيى بن عبد الله إلى العراق ودخل بغداد، وعلم به هارون فأخذ عليه الطرق والمراصد (¬7) وفتّش المنازل والقصور والأسواق والسكك والمحالّ بجميع (¬8) بغداد، فنجا منه وخرج ¬

(¬1) د: من. (¬2) ص: ومخول بن إبراهيم بن إسحاق وسليمان بن جرير. . (¬3) د: الحسن بن الحسن الغربي. (¬4) د ص: خسم. (¬5) د: اشر. (¬6) د: له. (¬7) ص: المقاصد. (¬8) ص: وجميع. [1] الخبر في تيسير المطالب 127؛ وورد خبر يحيى مختصرا في الإفادة 22، (Glaser 73) ب-24 ب؛ والترجمان 77 أ-77 ب.

إلى الرّي فأقام بها شهرا وزيادة، ثم صار إلى خراسان، ثمّ صار (¬1) إلى ناحية جوزجان وبلخ، فاشتدّ به الطلب من هارون-وكان صاحب خراسان حينئذ هرثمة بن أعين قريبا (¬2) من ثلاث سنين-وصار يحيى (¬3) إلى وراء (¬4) النهر، ووردت كتب هارون إلى صاحب خراسان بطلبه، فصار إلى خاقان ملك الترك [ومعه من شيعته وأوليائه ودعاته من أهل المدينة والبصرة والكوفة وأهل خراسان مقدار مائة وسبعين رجلا، فأكرمه خاقان ملك الترك وأنزله أفضل منازله وقال له: «ممالكي كلها لك وأنا بين يديك»، وأوسع عليه وعلى أصحابه من الخيرات والمعونة بكلّ ما يحتاجون إليه، حتّى اتصل الخبر بهارون بمكانه عند خاقان، فأنفذ إلى خاقان ملك الترك] (¬5) رسولا يقال له النّوفلي، وسأل خاقان أن يسلم إليه يحيى بن عبد الله، فأبى ملك الترك ذلك وقال له (¬6): لا أفعل ولا أرى في ديني الغدر والمكر وهو رجل من ولد نبيكم عالم (¬7) زاهد قد أتاني والتجأ إلي وهرب منكم وهو عندي عزيز مكرم. فأقام يحيى بن عبد الله عنده سنتين وستة أشهر ثم خرج، وقال له ملك الترك: «لا تخرج/فلك عندي ما تريد»، فقال يحيى بن عبد الله: لا يسعني المقام في ديني وقد رجع إليّ دعاتي وثقاتي وقد ¬

(¬1) د: وصار. (¬2) أخبار الزيدية 56: فأقام قريبا. (¬3) د: هو. (¬4) زاد المحقق في أخبار أئمة الزيدية: [ما]. (¬5) من ص وحدها. (¬6) ص: فقال. (¬7) د: شيخ عالم.

بايعني أهل المشرقين (¬1) والعراقين وخراسان/ووردت كتبهم عليّ، وجزاه خيرا. وكان يحيى بن عبد الله لم يزل يعرض عليه الإسلام والتوحيد ويرغبه فيما عند الله في السر والعلانية فأسلم سرا، وقال له: لا أجسر أن أظهر الإسلام خوفا على نفسي من أصحابي وقوادي وأهل مملكتي، فإنّهم إمّا أن يقتلوني (¬2) أو يزول هذا الملك عني. فخرج يحيى بن عبد الله من عنده، وصار إلى قومس ودخل إلى جبال طبرستان التي (¬3) كان يملكها شروين بن سرخاب (¬4)، ثم خرج إلى ملك الديلم. ووقع الخبر إلى العراق بمصيره إلى هناك، فأنفذ هارون في طلبه الفضل بن يحيى البرمكي وأنفذ معه ثمانين (¬5) ألف رجل وقاضيه وهو أبو البختري (¬6)، فنزلوا الري وكاتبوا ملك الديلم وخدعوه بالأموال الخطيرة حتى انخدع. قال أبو الحسن النوفلي ، قال أبي: قلت ليحيى لمّا قدم العراق وقد أعطي الأمان: كيف كانت حالتك بالديلم، ولم قبلت الأمان؟ فقال: أما صاحب الديلم فكانت زوجته غالبة على أمره فلم تكن أموره تورد ولا تصدر إلا عن رأيها، فلم تزل به حتى تقاعد عن معونتي وحتى ¬

(¬1) ص: المشرقين والمغربين. (¬2) د: أما يقتلاني. (¬3) ص: الذي. (¬4) ص: سرحان؛ د: سرو بن سرحان. (¬5) ص: مائتي. (¬6) ص: وقاضيه وأبو البختري؛ د: وقاضيه وهو البختري.

انخذل عني وكره مقامي عنده، حتّى خفته على نفسي واختلف عليّ (¬1) أصحابي. فكتب له الرشيد أمانا محكما وحلف له بالطلاق والعتاق وصدقة ما يملك والأيمان المغلّظة أن لا يناله منه مكروه، وكتب له نسختين نسخة عنده ونسخة عند يحيى. فلما خرج إليه أظهر برّه وإكرامه وأعطاه مالا وهو ألف ألف درهم، فلم (¬2) يزل آمنا إلى أن سعى به إلى الرشيد (¬3) الزّبيري وأصحابه. قال النوفلي: وحدثني أحمد بن سليمان عن أبيه (¬4): أنه حج في السنة التي قدم فيها يحيى بن عبد الله بعد الأمان وقد أذن له في الحج، قال: فرأيته جالسا في الحجر/وبإزائه بعض مواليه وموالي أبيه ونعليه (¬5) بين يديه، وأنا لا أعرفه غير أني ظننت أنه من ولد فاطمة رضوان الله عليها، وهو أسمر نحيف خفيف العارضين، فشغل قلبي الفكر فيه وأنا في ذلك الطواف إذ مرّت بي عجوز من عجائز أهل المدينة تطوف (¬6)، فلما وقعت عينها عليه أثبتته فقالت: بأبي وأمي أنت يا ابن رسول الله، الحمد لله الذي أرانيك في هذا الموضع آمنا، فلما عرفه الناس ازدحموا عليه فمدّ يده إلى نعليه فانتعلهما وخرج من المسجد إلى منزله. قال أبو إسحاق إبراهيم بن رباح في حديثه: سمعت عبد الله بن ¬

(¬1) د: إلى. (¬2) ص: ولم. (¬3) ص: سعى به الرشيد. (¬4) «عن أبيه»، ليست في ص. (¬5) د: نعلته (¬6) «تطوف»، ليست في د.

محمد بن الزبير، وكان أبوه/خاصة الرشيد، وذلك أنه كان صاحب رقيق بالمدينة وكان الرشيد يبتاع منه الجواري، فصار عدّة منهن (¬1) أمهات أولاد. وكان الفضل بن الربيع يأنس به. قال إبراهيم: فحدثني (¬2) عبد الله عن أبيه قال: دخلت مع الفضل يوما إلى الرشيد فرأيت يحيى بن عبد الله بين يديه والرشيد يقرّعه ويعتدّ عليه بأشياء وفي كمّ يحيى كتب، فجعل يحيى (¬3) يدخل يده فيخرج كتابا ثم يناوله الرشيد ويأخذ بطرفه ويقول: اقرأ هذا يا أمير المؤمنين، فإذا أتى على قراءته أدخله كمه وأخرج كتابا آخر، ففعل (¬4) مثل ذلك، قال: واعلم أن تلك الكتب حجج ليحيى، فعرض لي أن تمثلت بقول الشاعر [1]: [من البسيط] أنّى أتيحت (¬5) له حرباء تنضبة (¬6) … لا ترسل الساق إلا ممسكا ساقا [2] ¬

(¬1) ص: من. (¬2) ص: حدثني. (¬3) «يحيى»، ليست في د. (¬4) د: ففعل بذلك. (¬5) د: اتحت؛ والبيت مشكول في ص. (¬6) شكلها في ص بكسر السين وهو خطأ؛ والتنضب شجر ينبت بالحجاز ليس له ورق يخرج له خشب ضخام وأوراق كثيرة. (النبات لأبي حنيفة 67 وفيه البيت، ولسان العرب 1/ 763 «نضب»). [1] قارن بمقاتل الطالبيين 472 - 474 (ط 2.395 - 396). [2] البيت في الحيوان 6/ 367؛ وعيون الأخبار 3/ 192؛ والنبات للدينوري 67؛ وتاريخ بغداد 14/ 111؛ ولسان العرب 1/ 763 (نضب)، وهو ينسب في بعض المصادر لأبي داود الأيادي؛ وقارن بحاشية «النبات» لمزيد من التخريج.

قال: فأقبل علي الرشيد مغضبا فقال: تؤيده وتلقّنه وتؤازره، فقلت: لا والله يا أمير المؤمنين ما هكذا أنا ولا كنت على هذا قط، ولكني رأيته فعل شيئا في هذه الكتب أذكرني هذا الشعر، يناول الكتاب فلا يخليه في يدك ويمسك طرفه بيده ثم يرده إلى كمه ويخرج غيره فأذكرني هذا البيت قال: فلما فرغ من قراءة تلك الكتب قال له: دعني من هذا أيّنا أحسن وجها (¬1) أنا أو أنت؟ فقال: أنت والله يا أمير المؤمنين أحسن وجها وأنصع لونا وأتم قامة وأحسن خلقة، وما أنا من هذه الطريق في شيء، قال الرشيد: فندع ذا، أينا أسخى أنا أو أنت؟ فقال يحيى: أجبتك يا أمير المؤمنين في الأولى (¬2) بما قد علمه الله وعلمه/ كل مستمع وناظر، فأما في هذه (¬3) فأنا رجل أهتمّ بمعاشي أكثر السّنة التي تأتي عليّ، وأتقوّت ما يصير إليّ على حسب السّعة والضيق، وأنت يا أمير المؤمنين يجبى إليك خراج الأرض، والله ما أدري ما أجيب به (¬4) في هذا؛ قال: لتجيبنّي وما بهذا عليك جفاء (¬5)، قال: والله صدقتك يا أمير المؤمنين ما أدري كيف ذاك؟، قال: فندع هذا، فأيّنا أقرب إلى رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلّم، قال يحيى: يا أمير المؤمنين النسب واحد وله أصل واحد والطينة واحدة (¬6)؟ وأنا أسألك يا أمير المؤمنين/ لما أعفيتني من (¬7) الجواب في هذا، فحلف له بالطّلاق والعتاق والصدقة ¬

(¬1) ص: وأنصع لونا وأتم قامة وأحسن خلقة. (¬2) ص: فقال يحيى يا أمير المؤمنين في الأول أجبتك. (¬3) ص: فاما هذه. (¬4) ص: فيه. (¬5) ص: وما عليك بهذا جفاء. (¬6) ص: النسب واحد والطينة واحدة والأصل واحد. (¬7) ص: عن.

أن لا يعفيه، فقال يحيى: يا أمير المؤمنين بحق الله وبحقّ رسوله وقرابتك منه (¬1) لما أعفيتني، قال: قد حلفت بما علمت فهبني أحتال لكفارة اليمين في (¬2) المال والرقيق، كيف الحيلة في الطلاق وبيع أمهات الأولاد؟ فقال يحيى: إن (¬3) في نظر أمير المؤمنين وتفضله علي ما يصلح هذا، قال: لا والله لا أعفيك. قال: أما إذا لا بدّ يا أمير المؤمنين فأنا أنشدك الله لو بعث فينا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله الساعة أكان له أن يتزوج فيكم، فقال (¬4) الرشيد: نعم، قال يحيى: أفكان له أن يتزوج فينا، قال الرشيد: لا، قال يحيى: فهذه حسب (¬5)؛ قال: فوثب الرشيد ومضى فقعد غير ذلك المجلس. وخرج الفضل وخرجنا معه وهو ينفخ غما فسكت مليا ثم قال: ويحك سمعت شيئا أعجب مما كنا فيه قط؟ والله لوددت أني فديت هذا المجلس بشطر ما أملك/. وذكر في غير هذه الرواية: أنه (¬6) لما انقضت مناظرة الرشيد يحيى، سأل (¬7) الرشيد الفقهاء عن أمانه وأمرهم بالنظر فيه، فقال محمد بن الحسن الفقيه: بعث إليّ أبو البختري وإلى عدّة (¬8) من الفقهاء، فيهم عبد الله بن صخر قاضي الرقة، فأتيناه فقال: إن أمير المؤمنين ¬

(¬1) د: وقرابته منه؛ أخبار أئمة الزيدية: وقرابته. (¬2) ص: الكفارة في اليمين وفي. (¬3) «ان»، ليست في د. (¬4) ص: قال. (¬5) أخبار أئمة الزيدية 61: حسبك. (¬6) ص: انها. (¬7) د: فسأل. (¬8) ص: جماعة، وكتب فوقها: عدة.

باعث إليكم أمان يحيى بن عبد الله فاتقوا الله وانظروا لأنفسكم وقولوا الحق، قال (¬1): فغدونا فبدىء (¬2) بنا في الإذن، فلما سلّمنا وجلسنا، ألقى الأمان إلينا، فنظرنا فيه فقلنا جميعا ما نرى فيه شيئا يخرجه من أمانه، فأخذه أبو البختري/فنظر فيه، ثم قال: ما أراه إلا خارجا من أمانه، فأمرنا بالقيام فقمنا وانصرفنا، فلما كان من الغد (¬3) بعث الرشيد بالأمان مع مسرور الخادم إلى أبي البختري فأتاه، فقال: إن أمير المؤمنين يقول لك: إني ظننت أنك قلت في أمان يحيى بعض ما ظننته يقرب من موافقتي، ولست أريد فيه إلا الحقّ، فأعد (¬4) النظر فيه فإن رأيته جائزا فاردده، وإن لم تره جائزا فخرّقه. قال مسرور: فأبلغته الرسالة، فقال: أنا على مثل قولي فيه (¬5) بالأمس، فقلت له: هذا الأمان معي، فنظر إليه، ثم قال: ما أرى فيه إلا ما قلته، فقلت له: فخرقه إذا، فقال (¬6): يا غلام هات المدية (¬7) فقلت لغلام (¬8) كان معي يقال له محبوب: يا محبوب هات سكينا، فأخرجها من خفّه فدفعها إلى أبي البختري فشق بها الأمان ويده تضطرب حتى جعله سيورا، فأخذته ووضعته في كمي، ثم أتيت به هارون، فقال: ما وراءك؟ فأخرجته إليه (¬9)، فقال لي: (¬10) يا مبارك، قال: ثم حبس يحيى بعد ذلك بأيام. ¬

(¬1) «قال»، ليست في د. (¬2) د: فبدا؛ والكلمة مشكولة في ص؛ وفي أخبار أئمة الزيدية 61: فنودي. (¬3) د: كان الغد. (¬4) د: فاعاد. (¬5) «فيه»، ليست في ص (¬6) د: قال. (¬7) د: يا غلام المدية. (¬8) د: لخادم. (¬9) «إليه»، ليست في ص. (¬10) ص: فقال يا مبارك.

قال محمد بن الحسن الفقيه: لما ورد الرشيد الرقّة وكنت قلدت القضاء، دخلت أنا إليه والحسن بن زياد اللؤلؤي وأبو البختري وهب بن وهب، فأخرج إلينا الأمان الذي كتبه ليحيى بن عبد الله بن الحسن فدفعه إليّ فقرأته، وقد علمت الأمر الذي أحضرنا له وعلمت ما ينالني من موجدة الرشيد إن لم أطعن عليه، فآثرت أمر (¬1) الله والدار الآخرة، فقلت: هذا أمان مؤكّد لا حيلة في نقضه، فانتزع الصكّ من يدي ودفع إلى اللؤلؤي، فقرأه فقال كلمة ضعيفة لا أدري أسمعت أم لم تسمع: هو أمان؛ فانتزع من يده ودفع (¬2) إلى أبي البختري، فقرأه ثم قال: ما أوجبه الله وما أمضاه، هذا رجل قد شقّ العصا وسفك/دماء المسلمين وفعل ما فعل لا أمان له، ثم ضرب بيده إلى خفه-وأنا أراه- (¬3) فاستخرج منه سكينا، فشقّ الكتاب نصفين، ثم دفعه إلى الخادم، ثم التفت إلى الرشيد فقال: اقتله ودمه في عنقي يا أمير المؤمنين، قال: فنهضنا عن المجلس وأتاني رسول الرشيد أن (¬4) لا أفتي أحدا ولا أحكم. فلم أزل/ على ذلك إلى أن أرادت أم جعفر أن تقف وقفا، فوجّهت إليّ في ذلك، فعرّفتها أنّي قد نهيت عن الفتيا وغيرها (¬5)، فكلّمت الرشيد فأذن لي (¬6)، قال محمد بن الحسن: فكنا وكل من كان في دار الرشيد نتعجب من أبي البختري وهو حاكم وفتياه بما أفتى به وتقلده (¬7) دم رجل من المسلمين، ¬

(¬1) ص: فآثرت الله. (¬2) ص: فانتزع من يده إلي. (¬3) «وأنا أراه»، ليست في ص. (¬4) «ان»، ليست في د. (¬5) «وغيرها»، ليست في د. (¬6) د: لي له. (¬7) د: وأقلده.

ثم من حمله في خفّه سكينا، قال: ولم يقتل الرشيد يحيى في ذلك الوقت وإنما (¬1) مات في الحبس بعد مدة. قال محمد بن سماعة: وقرّب الرشيد محمد بن الحسن بعد ذلك وتقدّم عنده وأحضره ليوليه قضاء القضاة؛ قال: وأشخصه معه إلى الري فاعتلّ (¬2) وتوفي هو والكسائي (¬3) فماتا في يوم واحد، فكان الرشيد يقول: دفنت الفقه والنحو بالري. وذكر أن محمد بن الحسن لما أفتى (¬4) بصحّة أمانه ثم أفتى أبو البختري بنقضه وأطلق (¬5) له دمه، قال له يحيى: يا أمير المؤمنين يفتيك محمد بن الحسن وموضعه من الفقه موضعه بصحّة أماني ويفتيك هذا بنقضه، وما لهذا والفتيا؟ إنما كان أبو هذا طبّالا بالمدينة. قال النوفلي، حدثني زيد بن موسى قال، سمعت مسرورا الكبير يقول: إن لآل أبي طالب أنفسا عجيبة؛ أرسلني الرشيد إلى عبد الملك بن صالح (¬6) حين أمر (¬7) بحبسه، فجئته (¬8) فقلت له: أجب، فقال: يا أبا هاشم وماذا، وأظهر جزعا وخوفا شديدا، فقلت له (¬9): لا ¬

(¬1) ص: بل إنما. (¬2) موضع «فاعتل» بياض في د. (¬3) د: وتوفي الكسائي. (¬4) موضع «لما أفتى» بياض في د. (¬5) ص: بصحة الأمان أفتى أبو البختري بما ينقضه. (¬6) انظر في تفصيل خبره تاريخ الطبري 8/ 303 - 306 (-3/ 689 - 694). (¬7) د: أمره. (¬8) «فجئته»، ليست في د. (¬9) «له»، ليست في د.

علم لي، قال: فدعني (¬1) أدخل وأجدّد طهورا، قلت: لا، قال: فدعني أوصي، قلت: لا؛ قال: فدعا بثياب يلبسها، فقلت: لا إلا ثيابك التي عليك، قال: فحملته معي على الدّابة (¬2) وقنّعت رأسه بردائه ومضيت به سريعا، فناداني طول طريقه (¬3): يا أبا هاشم الله لما أخبرتني لم دعي بي؟ فأعرض عنه، ثم أحضرته الباب، فأمر الرشيد بدفعه إلى الفضل بن الربيع بحبسه عنده. وقال مسرور: وأمرني بإتيان يحيى بن عبد الله/في اليوم الذي حبسه فيه، فجئته فقلت له: أجب، فو الله ما سألني عن شيء ولا قال أجدد طهورا/ولا ألبس قميصا، حتى نهض فركب معي فما كلمني في طريقه كلمة واحدة (¬4) حتى صرت به إلى الباب؛ وأمرني الرشيد بحبسه عندي في سرداب ووكّلت به. وكنت أدخل إليه في كل (¬5) يوم قوته، فبينما الرشيد يوما قد دعا بغدائه، إذ أقبل علي فقال: يا مسرور اذهب فانظر أيّ (¬6) شيء يصنع يحيى بن عبد الله وأعجل إلي، فمضيت ففتحت عنه السرداب فوجدته يطبخ قدرة عدسية ببصل مع لحم (¬7) أدخلناه إليه مما كنا نقوته به (¬8)، قال: فأعرضت عنه وخرجت إلى الرشيد، فأخبرته فقال: ¬

(¬1) ص: فقال دعني. (¬2) د: فحملته على الدابة. (¬3) ص: في طريقي. (¬4) «واحدة»، ليست في د. (¬5) د: كل يوم. (¬6) ص: فانظر لي أي. (¬7) د: ببصل من لحم. (¬8) «به»، ليست في ص.

إذهب فقل له أطعمنا من قدرك، فجئته فقلت له ذلك، فتناول جويما كان بين يديه فأفرغ القدر فيه، قال: فغطيته ودفعته إلى خادم، فركض به حتى وضعه بين يدي الرشيد على مائدته، قال: فتشاغل والله الرشيد (¬1) بأكله عن الأطعمة كلّها، وأكل ما كان في الجام أجمع حتى لقد رأيته يمسح بلقمته بصلا قد (¬2) لصق بجانب الجام فيأكله. ثم أقبل علي فقال (¬3): يا مسرور أحضرني الساعة مائة خلعة من خاص ثيابي في مائة منديل، ولتكن من أصناف الثياب كلها من ثيابي المقطعة المخيطة، وائتني بمائة وصيف [، فأعجلت ذلك عليه، قال: ليحمل كل وصيف] (¬4) منديلا وائت بها يحيى وقل له: أطعمتنا من طعامك ونكسوك من كسوتنا، فإن (¬5) أبى أن يقبل منها شيئا فاعرضها عليه منديلا منديلا وثوبا ثوبا. قال: فمضيت بها إليه وأبلغته الرسالة، فقال (¬6) يحيى: قل له يا أمير المؤمنين هذا من لباس أهل العافية ولست من أهلها، فليس بي إليها حاجة فاردده إلى موضعه، قلت: فإنه (¬7) قد أحب أن تنظر إلى هذه الثياب، قال: إصنع ما بدا لك، قال: فجعلت أعرضها عليه ثوبا ثوبا، فما ينظر إليها ولا يحفل بها حتى فرغت منها، فأقبل علي فقال: يا أبا هاشم، أرى أمير المؤمنين قد ذكرني، فإن رأيت أن تخبره بما أنا (¬8) فيه من الضيق وتسأله/الصفح %423 ¬

(¬1) «الرشيد»، ليست في ص. (¬2) «قد»، ليست في د. (¬3) ص: وقال. (¬4) سقط من ص. (¬5) ص، قال فإن. (¬6) ص: قال. (¬7) «فانه»، ليست في ص. (¬8) ص: فان رأيت تخبره ما أنا.

والتفضل فافعل، فقلت له: لا ولا كرامة لك، لست لذلك بأهل مع خروجك على أمير المؤمنين وتمنّيك (¬1) ما ليس لك. ورجعت إلى الرشيد فخبرته بعرض الثياب عليه وبما قال لي (¬2)، قال: فرآها/كلها؟ قلت: نعم: فبكى حتى رأيت الدموع تنحدر على خديه، فقلت له (¬3): إنه قال كذا، فرأيته قد غضب وذهبت الرقة وقلصت الدموع من عينيه وارتفعت، ثم نهرني وقال: فما قلت له، فخبرته بما قلت، فسكن وقال (¬4): أحسنت بارك الله فيك (¬5). قال النوفلي وخبرني أبي وغيره: أنه أقام في الحبس حتى بعث إليه من خنقه فمات. قال إبراهيم بن رباح: أخبرني (¬6) جماعة من القوّاد منهم سلم الأحدب، وكان يقول إنه مولى المهدي، وكان مع طاهر بالرقة، قال: لما صار طاهر إلى الرافقة احتاج إلى مرمّة المنازل السلطانية التي يسكنها (¬7) وأن يهدم بعضها فيوسّع ما كان ضيقا فأمر بذلك، فكان فيما أمر بهدمه منارة مرتفعة من الأرض بجص وآجرّ لم ير لها معنى في وسط ذلك البناء، فلما هدمت أتاه القيم وهو مذعور، فقال: إني هدمت هذه المنارة فهجمت على رجل أقيم فيها ثمّ بنيت عليه، فقام طاهر حتى صار ¬

(¬1) د. وتمنيك نفسك. (¬2) «لي»، ليست في د. (¬3) «له»، ليست في د. (¬4) ص: قال. (¬5) ص: عليك. (¬6) د: محو لم يبق منه سوى «ني». (¬7) أخبار أئمة الزيدية: سكنها.

إلى الموضع وأشرف عليه، فلما نظر إليه قال: نعم هذا يحيى بن عبد الله بن حسن، بلغنا أنه صيّر أيام الرشيد هاهنا بالرافقة، وأمر بدفنه رحمة الله عليه. قال الأمير أبو الفضل بن الداعي، رحمه الله: هذا الفعل من هارون يدلّ على حمقه وقلة تمييزه، هب (¬1) أنه قتل ابن عمه لأنه خاف على نفسه وملكه ولم يراقب الله عزّ وجلّ فأية فائدة كانت في بناء منارة عليه؟ روى أبو العباس الحسني، رضي الله عنه ، بإسناده عن يحيى بن خالد البرمكي، قال: بعث إليّ هارون ذات ليلة بعد العتمة فصرت إليه، فقيل لي إنه على السطح (¬2)، فصعدت فإذا هو على كرسي حديد قاعد وجهه (¬3) إلى المشرق وظهره إلى المغرب، /فوقفت بين يديه وسلمت (¬4)، فرد عليّ السلام ثم قال لي: صر إلى ذلك الموضع الذي أومىء إليه، فما رأيت إلا خيال بياض في صحن الدار، [فانصرفت إليه فقال: ما رأيت؟ فقلت: ما رأيت إلا خيال بياض في صحن الدار] (¬5)، فقال لي: إجلس، فجلست بين يديه فما زلت أسامره ويجيبني عن كلامي حتى قال: إن هذا الصبح قد تنفس، فقلت: يا أمير المؤمنين هذا العمود الأول، فقال لي: صر إلى ذلك الموضع فتطلع إلى الصحن/فانظر ¬

(¬1) ص: وهب. (¬2) ص: الصرح. (¬3) ص: ووجهه. (¬4) ص: فسلمت. (¬5) سقط من د.

ماذا ترى، قال فعدت إلى الموضع فلم أر إلا خيال ذلك البياض قائما (¬1) في صحن الدار، فقال: أو تدري (¬2) ما ذلك؟ قلت لا، قال: ذلك يحيى بن عبد الله بن الحسن، إذا صلى العتمة سجد فلا يزال ساجدا حتى يقوم لصلاة الغداة يقطع (¬3) ليله بسجدة واحدة. قال: فقلت في نفسي: انظر ويلك (¬4) أن لا تكون المبتلى به، فقال لي: (¬5) إذا كان كل يوم عند الغداء فأمر الطباخ أن يجمع على مائدة من كل شيء في المطبخ وأمر (¬6) من يحملها إليه، وكن معه حتى يأكل بحضرتك. ففعلت ذلك أياما، فقال لي (¬7) يحيى بن عبد الله يوما من الأيام: يا أبا علي، قلت: لبيك جعلت فداك، قال: إنّ لصاحبك هذا فينا (¬8) إرادة، وهذه أمانة الله بيني وبينك على (¬9) أن تكتم عليّ هذه القرطاسة حتى تمضي إرادته فينا، فإذا كان ذلك (¬10) فناولها إيّاه، قال: فأخذتها منه فإذا قرطاسة قدر أصبع مختومة، قال: فأخذتها منه، ثم قال: حرّجت عليك بوقوفك بين يدي الله لما كتمتها عليّ إلى ذلك الوقت، قال: فكتمتها وأحرزتها، قال (¬11): فما مضى لذلك أيام حتى رفعت جنازة من الدار، وقيل جنازة يحيى بن ¬

(¬1) د: قائم. (¬2) ص: اتدري. (¬3) ص: ويقطع. (¬4) ص: ويلك انظر. (¬5) «لي»، ليست في ص. (¬6) ص: ومر. (¬7) «لي»، ليست في د. (¬8) أخبار أئمة الزيدية 68: قبلنا. (¬9) «على»، ليست في ص. (¬10) ص: كذلك. (¬11) «قال»، ليست في ص.

عبد الله، فلما فرغ من دفنها حملت القرطاسة إليه وأخبرته الخبر (¬1) ففكّها، فإذا فيها: «بسم الله الرحمن الرحيم، يا هارون: المستعدي قد تقدّم والخصم بالأثر (¬2) والقاضي لا يحتاج إلى بيّنة». فبكى حتى بلّ طرف ذيله، ثم قال لي: ألا ناولتنيها في/حياته، فقلت: إنه خرّج عليّ بالعظيم من الأيمان. قال زيد بن الحسين أبو أحمد: حدثت صالح بن هامان بهذا الحديث كاتب عبد الله بن طاهر، فقال لي: رفعت الجنازة يا أبا أحمد؟ ولا (¬3) والله ما كانت جنازة يحيى بن عبد الله، فقلت: وكيف (¬4) ذلك؟ قال: لما قدمنا مع المأمون بغداد أمر بخراب الخلد والقرار، قصري أم جعفر، فوكّلت بخرابهما (¬5)، فكان فيما خربت مجلسا، فإذا يحيى بن عبد الله في جوف بعض الأساطين، مصحفه معلق في عنقه. وذكر أنه لما أمر الملقب بالمعتضد بخراب قصر جدّه أبي جعفر المعروف بقصر الذهب، ليزيده في مسجد جامع أهل بغداد الغربي، وكّل شيخ بخراب القصر، ففيما يهدم (¬6) من البيوت (¬7) والمجالس ظهر بيت ¬

(¬1) د: بالخبر. (¬2) ص: في الأثر. (¬3) ص: لا. (¬4) ص: فكيف. (¬5) د: فيما خربت. (¬6) ص: هدم. (¬7) «البيوت»، بياض في د.

في قبلة مسجد الجامع (¬1) الغربي الأول، وكان يلي (¬2) قصر الذهب/ينزل إلى ذلك البيت بمراق وهو أزج، وإذا في (¬3) ذلك الأزج آثار رجال قد سمّروا في حيطانه، وإذا المسامير في مواضع الأيدي والأرجل والرؤوس، وإذا (¬4) العظام بالية قد نخرت وتناثرت إلى الأرض وبعضها منوط بالمسامير في الحائط، وإذا قباب صغار مبنية في ذلك الأزج من أوله إلى آخره، فهدم بعضها فإذا رجال في الحديد مقيّدين ومغلّلين قد بنيت عليهم وهم جلوس، وإذا في البيت جابية ضيقة الرأس، وإذا فيها رجل قد بلي وانتثرت عظامه بعضها من بعض، وإذا جمجمة في الجابية، فجهدت أن أخرج الجمجمة من تلك الجابية فما قدرت على ذلك. فقال لي بعض من كان معي: فكيف أدخل هذا الميت إلى (¬5) هذه الجابية مع رأسه، والرأس لا يخرج بعد أن بلي؟ فقلت له: لم يدخل إلا بجهد جهيد ومشقة على المدخل (¬6). فكتب في ذلك/مؤامرة (¬7) إلى السلطان فأخبره الخبر، فأجابه (¬8) بتوقيع في مؤامرته: أن سدّ باب هذا البيت وأدخله (¬9) في البناء، فهو اليوم في وسط مسجد أهل بغداد الغربي. ¬

(¬1) د: جامع. (¬2) د: مما يلي. (¬3) ص: وفي. (¬4) ص: فاذا. (¬5) «إلى»، ليست في ص. (¬6) د: المدخول. (¬7) د: وامره. (¬8) ص: فاجاب هو. (¬9) د: ويدخل.

خبر إدريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسن (1)، عليهم

خبر إدريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسن (¬1)، عليهم السلام، صاحب المغرب وذكر رسالته إلى أهل مصر حدثني أبو العباس الحسني رضي الله عنه بإسناده عن (¬2) إدريس بن عبد الله بن الحسن عليهم السلام: بسم الله الرحمن الرحيم. أمّا بعد، فالحمد لله ربّ العالمين، لا شريك له الحيّ القيوم، والسّلام على جميع المرسلين وعلى من اتّبعهم وآمن بهم أجمعين. أيّها الناس إنّ الله ابتعث محمدا، صلّى الله عليه وآله وسلّم، بالنبوّة وخصّه بالرسالة، وحباه بالوحي، فصدع بأمر الله وأثبت حجّته وأظهر دعوته، وإنّ الله جلّ ثناؤه، خصّنا بولادته وجعل فينا ميراثه، ووعده فينا وعدا سيفي به؛ فقبضه الله إليه محمودا لا حجّة لأحد على الله ولا على رسوله، صلّى الله عليه وآله وسلّم فَلِلّهِ اَلْحُجَّةُ اَلْبالِغَةُ فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ فخلفه الله، جلّ ثناؤه، فينا بأحسن الخلافة، غذانا (¬3) بنعمته صغارا وأكرمنا بطاعته كبارا، وجعلنا الدّعاة إلى العدل العاملين (¬4) بالقسط، ¬

(¬1) «بن الحسن»، ليست في د. (¬2) د: باسناد الرواة عن. . . (¬3) د: عدانا. (¬4) كتب فوقها في ص: العالمين.

المجانبين للظلم، ولم (¬1) نملّ من دفع (¬2) الجور طرفة/عين من نصحنا لأمّتنا، والدّعاء إلى سبيل ربّنا، جلّ ثناؤه، فكان ممّا خلفته أمّته فينا أن سفكوا دماءنا وانتهكوا حرمتنا وايتموا صغيرنا وقتلوا كبيرنا وأثكلوا نساءنا وحملونا على الخشب، وتهادوا رؤوسنا على الأطباق، فلم نكلّ ولم نضعف، بل نرى ذلك تحفة من ربّنا، جلّ ثناؤه، وكرامة كرمنا بها؛ فمضت بذلك الدهور واشتملت عليه الأمور، وربّي منّا عليه الصغير، وهرم عليه الكبير، حتى ملك الزنديق أبو الدوانيق، وقد قال/رسول الله، صلّى الله عليه وآله وسلّم: «ويل لقريش من زنديقها، يحدث أحداثا يغير دينها ويهتك ستورها ويهدم قصورها ويذهب سرورها»، فسام أمّتنا الخسف، ومنعهم النصف، وألبسهم الذل وأشعرهم الفقر؛ وأخذ أبي عبد الله شيخ المسلمين، وزير المؤمنين وابن سيد النبيّين، صلى الله عليه وآله وسلّم، في بضعة (¬3) عشر رجلا من أهل بيتي وأعمامي، صلوات الله عليهم ورحمته وبركاته، منهم علي بن الحسن بن الحسن بن علي المجتهد والمحب؛ وأبو الحسين (¬4) المستشهد بفخ بالأمس، صلوات الله عليهم أهل البيت إنّه حميد مجيد، فأخرج بهم أبو الدوانيق الزنديق، فطبق عليهم بيتا حتى قتلهم بالجوع، وبعث أخي محمد بن عبد الله بن الحسن، صلوات الله عليه، ابنه عليا إليكم فخرج بمصر، فأخذ فأوثق وبعث به إليه، فغلق رأسه بعمود حديد، ثم ¬

(¬1) د: لم. (¬2) ص: من وقع. (¬3) ص: بضع. (¬4) د: الحسن.

قتل أخوي محمدا وإبراهيم، صلوات الله عليهما، العابدين العالمين المجتهدين، الذائدين عن محارم الله، شريا والله أنفسهما لله جلّ ثناؤه، فنصب رؤوسهما في مساجد الله على الرماح، حتّى قصمه قاصم الجبّارين؛ ثم ملك بعده ابنه الضّال فانتهك الحرمات واتّبع الشهوات، واتّخذ القيّنات، وحكم بالهوى، واستشار الإماء ولعبت به الدّنى، وزعم أنّه المهدي الذي بشّرت به الأنبياء، فضيّق على ذريّة محمد، صلى الله عليه وآله وسلم، وطردهم وكفل من ظهر منهم وعرضهم طرفي النّهار، حتى انّ الرجل ليموت من ذريّة محمد، صلّى الله عليه وآله وسلم، فما يخرج به حتى يتغيّر؛ ثمّ بعث إليّ (¬1) وقيّدني وأمر بقتلي، فقصمه قاصم الجبّارين، وجرت عليه سنّة الظالمين فخسر الدّنيا والآخرة، ذلِكَ هُوَ اَلْخُسْرانُ اَلْمُبِينُ (الحج 22/ 11)؛ ثم ملك بعده ابنه الفاسق في دين الله، فسار/بما لا تبلغه الصّفة من الجرأة على ربّ العالمين، ثم بعث/ليأخذ نفرا منّا (¬2) فيضرب أعناقهم بين قبر (¬3) رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم ومنبره (¬4)، فكان من ذلك ما لا أظنّه إلاّ قد بلغ كلّ مسلم، ثم قتل أخي سليمان بن عبد الله، وقتل ابن عمّي الحسين بن علي، صلوات الله عليه، في حرم الله، وذبح ابن أخي الحسن بن محمد بن عبد الله في حرم الله بعدما أعطي أمان الله. وأنا ابن نبيّكم، صلّى الله عليه وآله وسلّم، أدعوكم إلى كتاب الله ¬

(¬1) ص: لي. (¬2) ص: منا نفرا منا. (¬3) د: منبر. (¬4) «ومنبره»، ليست في د.

وسنّة نبيّه، صلّى الله عليه وآله وسلم، وأذكّركم الله، جلّ ثناؤه، وموقفكم بين يديه غدا، وفزعكم إلى محمد، صلى الله عليه وآله وسلّم، تسألونه الشفاعة وورود الحوض؛ وأنّ تنصروا نبيّكم، صلّى الله عليه وآله وسلّم، وتحفظونه في عترته، فو الله لا يشرب من حوضه ولا ينال من شفاعته من حادّنا (¬1) وقتلنا وجهد على هلاكنا. هذا في كلام طويل دعاهم فيه إلى نصرته. وروى محمد بن علي بن خلف العطّار وغيره عن سليمان بن سليمان الأسود مولى آل حسن، قال: خرج إدريس بن عبد الله بن الحسن إلى المغرب بعد وقعة فخ، ومعه ابن أخيه محمد بن سليمان بن عبد الله، كان سليمان قتل بفخ، فلمّا تمكّن إدريس ببلاد المغرب استعمل محمد بن سليمان على أداني المغرب من تاهرت إلى فاس، قال: فبقي محمد بن سليمان بهذه النواحي إلى اليوم، وهي إلى إبراهيم بن محمد بن سليمان، وبينها وبين إفريقية مسيرة أربعة عشر يوما، ثم يتلوه أحمد بن محمد بن سليمان أخوه، ثم إدريس بن محمد بن سليمان، ثم سليمان بن محمد بن سليمان، كل واحد من هؤلاء مملك على ناحية، لا يدعوا واحد منهم (¬2) لآخر؛ ثم يصيروا (¬3) إلى عمل بني (¬4) إدريس بن إدريس بن عبد الله بن حسن بن حسن (¬5) إلى آخر المغرب. ¬

(¬1) ص: جلدنا. (¬2) ص: منهم واحد لآخر. (¬3) ص: يصهر. (¬4) «بني»، ليست في ص. (¬5) ص: عبد الله بن حسن.

وروى أبو العبّاس الحسني، رضي الله عنه، عن رجاله قال [1]: لما انفلت إدريس بن عبد الله من وقعة فخّ صار (¬1) إلى مصر، وعلى بريدها واضح مولى صالح بن أبي جعفر، وكان يتشيّع، فحمله على البريد إلى أرض طنجة فخرج بها، فلمّا أفضت الأمور إلى هارون بعد أخيه موسى ضرب عنق واضح صبرا، ودسّ إلى إدريس الشماخ (¬2) اليمامي مولى أبيه المهدي، وكتب له/إلى ابن الأغلب عامله على أفريقية، فخرج حتى صار إلى إدريس، فذكر أنّه متطبّب وأنّه من شيعتهم، فشكا إليه إدريس وجعا يجده في أسنانه (¬3)، /فأعطاه سنونا وأمره (¬4) أن يستنّ به من عند الفجر، وهرب تحت الليل، فلمّا طلع الفجر استنّ إدريس بالسنون فقتله، فلمّا اتصل الخبر بهارون ولّى الشماخ بريد مصر. وقال في ذلك شاعرهم [2]: [من الكامل] أتظنّ يا إدريس أنّك مفلت … كيد الخليفة أو يقيك فرار (¬5) ¬

(¬1) ص: فصار. (¬2) د: شماخ. (¬3) د: انسانه. (¬4) د: أمر به. (¬5) الطبري: يفيد فرار. [1] قارن بالبلدان لابن الفقيه 34؛ والمغرب للبكري 121؛ وما تقدم ص. [2] نسبه في تاريخ الطبري 8/ 199 (-3/ 561) للهنّازي؛ ومقاتل الطالبيين 490 - 491 (ط 2.408 - 409) وفيه: قال ابن عمار: وهذا الشعر عندي يشبه شعر أشجع السلمي وأظنّه له؛ والحدائق الوردية (مصورة) 1/ 197؛ وجذوة الإقتباس 1/ 23.

فليدركنّك أو تحلّ ببلدة … لا يهتدي فيها إليك نهار (¬1) ملك كأنّ الموت يتبع أمره … حتى يقال تطيعه الأقدار قال محمد (¬2) بن منصور المرادي، قلت (¬3) لأحمد بن عيسى بن زيد بن علي، عليه السلام، حدّثني رجل عن أبي الرعد عن أبي البركة عن هرثمة عن هارون الملقّب بالرشيد: أنّه أعطى سليمان بن جرير مائة ألف (¬4) درهم على أن يقتل له إدريس بن عبد الله [1]. فحدّثني أبو عبد الله أحمد بن عيسى بن زيد قال: كنت عند عمّي الحسين بن زيد بمنى في مضربه (¬5)، إذ جاءه جماعة من البربر من أهل المغرب من عند إدريس، فجلسوا ناحية وجاء رجل منهم إلى الحسين فسلّم عليه وأكبّ عليه فناجاه طويلا، ثم إنّ الرجل خرج وقال لنا عمّي: أتدرون من هذا؟ قلنا: لا، قال: هذا رجل من أهل المغرب من عند إدريس، قال لي: جاء رجل من عندكم يقال له سليمان بن جرير، فكان مع إدريس فخالفه في شيء، ودخل إدريس إلى الحمّام، فلما خرج أرسل إليه سليمان بسمكة، فحين أكل منها أنكر نفسه وقال (¬6): بطني، ¬

(¬1) في المصادر بعد هذا البيت: إنّ السيوف إذا انتضاها سخطة طالت وتقصر دونها الأعمار وفي الطبري: وقصّر دونها. (¬2) د: أحمد. (¬3) د: قال قلت. (¬4) ص: مائة مثقال، ثم ضرب على مثقال. (¬5) في ص: منا في مصر به. (¬6) ص: فقال. [1] قارن بالترجمان 78 ب.

أدركوا سليمان في منزله، فطلب سليمان في منزله فلم يوجد، فسألناه عنه فقالوا (¬1): قد خرج، فأعلمناه فقال: أدركوه (¬2) فردّوه، قال: فأدركناه فامتنع علينا فقاتلناه وقاتلنا، فضربناه على وجهه ضربة بالسيف (¬3)، وضربناه على يده فقطعنا إصبعه وفاتنا هربا، ثم قال لنا الحسين بن زيد: رأيتم هذا الأثر؟ قال أحمد بن عيسى: رأيته مضروبا على وجهه شبيها بما وصف البربري، وأومأ أحمد بن عيسى من حد موضع السجود إلى الحاجب، /ورأيناه وفي يده ضربة قد قطعت إصبعه الإبهام. قال أحمد بن عيسى: وهو قتل إدريس لا شكّ فيه. وسليمان هذا كان من رؤساء الشيعة ومتكلّميهم، فمن يوثق بعده من النّاس؟ وروي عن/بعض الناس: أنّ إدريس أقام بالمغرب عشر سنين يقيم الأحكام، ثم دسّ هارون شربة سمّ في سويق على يدي رجل من أهل العراق، فأقام عنده واستأنس به إدريس واطمأن إليه، وكان قد ضمن (¬4) هارون خمسمائة ألف درهم لهذا الرجل، فسقاه فمات إدريس من ذلك بعد ثلاثة أيّام. وأوصى إلى ابنه إدريس ابن إدريس فأقام بعد أبيه يعمل بالكتاب ¬

(¬1) ص: قالوا. (¬2) د: أدركوا ردوه. (¬3) د: وجهه بالسيف. (¬4) د: ضمن له.

والسنّة ويقتدي بأبيه، وهو واحد (¬1) الشجعان، وبقي بعد أبيه أحد وعشرين سنة، تملّك أرض المغرب وبربر وأندلس ونواحيها، وفتح فتوحا كثيرة من بلاد الشّرك، وحاربته المسوّدة فلم يقدروا عليه إلى أن مات، رحمه الله. ثم أوصى إلى ابنه إدريس بن إدريس بن إدريس بن عبد الله فقام مقام أبيه يعدل بين الناس على سيرة آبائه وأجداده؛ وهو أحد علماء آل محمد، وهم إلى هذه الغاية يتوارثون أرض المغرب وبربر ويعملون بالحق. ¬

(¬1) د: من أحد.

ثبت المصادر والمراجع

ثبت المصادر والمراجع - أحكام أهل الذمّة، لابن قيّم الجوزيّة محمد بن أبي بكر (-751/ 1350)، تحقيق صبحي الصالح،1 - 2، ط.2، دار العلم للملايين، بيروت 1987. -أخبار أبي حنيفة وأصحابه، للصيمري حسين بن علي (-436/ 1044)، ط.2، عالم، الكتب، بيروت 1985/ 1405. -أخبار الأئمّة الرستمييّن، لابن الصغير (بعد 292/ 904)، تحقيق محمد ناصر وإبراهيم بحاز، دار الغرب الإسلامي، بيروت 1986/ 1406. -أخبار أئمّة الزيديّة في طبرستان وديلمان وجيلان. نصوص تاريخية، جمع وتحقيق فيلفرد مادلونغ، المعهد الألماني للدراسات الشرقية، سلسلة نصوص ودراسات، رقم 28، بيروت 1987. -أخبار الدّول المنقطعة (تاريخ الدولة العبّاسية)، لعلي بن ظافر الأزدي (-613/ 1216)، تحقيق ودراسة محمد بن مسفر بن حسين الزهراني، مكتبة الدّار، المدينة المنوّرة 1988/ 1408. -أخبار الدولة العبّاسية-أخبار العبّاس وولده. -أخبار العبّاس وولده، لمؤلّف مجهول من القرن الثالث الهجري، تحقيق عبد العزيز الدّوري وعبد الجبّار المطلبي، دار الطليعة، بيروت 1971. -أخبار المدينة المنوّرة-تاريخ المدينة المنوّرة.

-اختيار معرفة الرّجال، للطوسي محمد بن الحسن (-460/ 1067)، تحقيق حسن المصطفوي، دانشكاه مشهد، مشهد 1348. -الأدارسة 172 - 375: حقائق جديدة، لمحمود إسماعيل، مكتبة مدبولي، القاهرة 1991/ 1411. - «أربع رسائل زيديّة مبكّرة»، لماهر جرّار، في: الكتاب التكريمي للدكتور إحسان عبّاس، تحرير إبراهيم السعّافين، عمّان (في المطبعة). -الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى، لأحمد بن خالد الناصري (1315/ 1897)، تحقيق جعفر الناصر ومحمد الناصر،1 - 2، ط.2، دار الكتاب، الدار البيضاء 1954. -أسماء المغتالين من الأشراف في الجاهلية والإسلام، لأبي جعفر محمد بن حبيب البغدادي (-245/ 859)، تحقيق عبد السلام هارون، ضمن كتاب نوادر المخطوطات (الجزء الأول، رقم 6)، ط.2، مكتبة مصطفى البابي الحلبي، القاهرة 1973/ 1393. -الأعلام. قاموس تراجم، لخير الدين الزركلي،1 - 8، ط.5، دار العلم للملايين، بيروت 1980. -الإفادة في أخبار الأئمّة السّادة، للناطق بالحقّ يحيى بن الحسين (-424/ 1032) 1) مخطوطة برلين 1300;2) مخطوطة برلين Glaser 73 - أمالي المرتضى: غرر الفوائد ودرر القلائد، للشريف المرتضى علي بن الحسين (-436/ 1044)، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، دار إحياء الكتب العربيّة، القاهرة 1954.

-أمثال العرب، للمفضّل الضّبي محمد (-الربع الأخير من القرن الثاني)، تحقيق إحسان عبّاس، دار الرائد العربي، بيروت 1981/ 1401. -كتاب الإنتصار والردّ على ابن الروندي الملحد، لأبي الحسين عبد الرحيم بن محمد الخيّاط المعتزلي (حوالي سنة 300/ 912)، تحقيق نيبرج، ط.2، دار قابس، بيروت 1986. -أنساب الأشراف، للبلاذري أحمد بن يحيى (-279/ 892)، 1 - علي بن أبي طالب وولده، تحقيق محمد باقر المحمودي،1 - 3، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت 1974 - 1977؛ 2 - العباس بن عبد المطلب وولده، تحقيق عبد العزيز الدوري، المعهد الألماني للدراسات الشرقيّة (النشرات الاسلامية 3/ 28)، بيروت 1978/ 1398. -الأنيس المطرب بروض القرطاس في أخبار ملوك المغرب وتاريخ مدينة فاس، لعلي بن أبي زرع الفاسي (-بعد 726/ 1325)، دار المنصور، الرباط 1973. -بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمّة الأطهار، لمحمد باقر المجلسي (-1111/ 1700)،15 - 50، طهران 1376/ 1956 - 1385/ 1965. -بحوث في التاريخ العبّاسي، لفاروق عمر، دار القلم-مكتبة النهضة، بيروت -بغداد 1977. -كتاب البديع، لعبد الله بن المعتّز (-296/ 908)، تحقيق إ. كراتشكوفسكي، دار الحكمة، دمشق [لا. ت]. -بشر بن أبي كبار البلوي: نموذج من النثر الفنّي المبكر في اليمن، لوداد القاضي، دار الغرب الإسلامي، بيروت 1985/ 1405.

-بطل فخّ الحسين بن علي بن الحسين أمير مكّة وفاتحها، لمحمد هادي الأمين، المطبعة الحيدريّة، النجف 1969. -كتاب البلدان، لابن الفقيه الهمداني (-366/ 976)، ضمن كتاب: Sadok .Editions Carbonel,Alger 9491. Description du Maghreb et de l'Europe au IIIe-IXe sie?cle,par Hadj - كتاب البلدان، لليعقوبي أحمد بن أبي يعقوب (-حوالي 292/ 904)، المطبعة الجديدة، ط.3، النجف،1957/ 1377. -البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب، لابن عذاري المراكشي أحمد بن محمد (-حوالي 695/ 737)، تحقيق س كولان وأ. ليفي-بروفنسال، الجزء الأوّل، بريل، ليدن 1948. -البيان والتبيين، للجاحظ عمرو بن بحر (-255/ 869)، تحقيق عبد السلام هارون، الجزء الأوّل، لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة 1948/ 1367. -تاريخ الاسلام ووفيات المشاهير والأعلام، للذهبي شمس الدين محمد بن أحمد (-748/ 1347)، حوادث ووفيات السنوات 100 - 201، تحقيق عمر عبد السلام التدمري، دار الكتاب العربي، بيروت 1990/ 1411. -تاريخ ابن خلدون-العبر وديوان المبتدأ والخبر. -تاريخ افريقية والمغرب، للرقيق القيرواني إبراهيم بن القاسم (-بعد 415/ 1024) تحقيق عبد الله العلي الزيداني وعز الدين عمر موسى، دار الغرب الاسلامي، بيروت 1990. -تاريخ بغداد، للخطيب البغدادي أحمد بن علي (-463/ 1070)،1 - 14، مكتبة الخانجي، القاهرة 1930/ 1349.

-تاريخ خليفة بن خيّاط (-240/ 854)، تحقيق أكرم ضياء العمري، ط.2، دار القلم ومؤسسة الرسالة، بيروت 1977/ 1397. -تاريخ الطبري-تاريخ الرّسل والملوك، لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري (-310/ 922)، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم،1 - 10، دار المعارف، القاهرة 1960 - 1969. -تاريخ مدينة دمشق، لابن عساكر علي بن الحسن (-571/ 1175)، صورة بالفوتوستات عن نسخة المكتبة الظاهرية وكمّل نقصها من نسخ أخرى،1 - 19، دار البشير، عمّان/بيروت [1987]. -تاريخ المدينة المنوّرة، لعمر بن شبّة (-262/ 875)، تحقيق فهيم محمد شلتوت، 1 - 4، دار التراث، والدار الاسلاميّة، بيروت 1990/ 1410. -تاريخ اليعقوبي، أحمد بن أبي يعقوب (-حوالي 292/ 904)، تحقيق هوتسما، بريل، ليدن 1883 [ط.2 مصورة، بريل، ليدن 1969]. -تراجم الرجال المذكورين في شرح الأزهار، للجنداري أحمد بن عبد الله. -الترجمان المفتح لثمرات كمائم البستان، لابن مظفر محمد بن أحمد (926/ 1519)، مخطوطة برلين 3373. -تفسير الطبري (جامع البيان في تفسير القرآن)، لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري (-310/ 922)، الجزء السادس، المطبعة الميمنيّة، مصر 1321/ 1903. -تهذيب الأحكام في شرح المقنعة، للشيخ المفيد الطوسي محمد بن الحسن (-460/ 1067)، الجزء 6، تحقيق السيد حسن الموسوي الخرسان، دار الكتب الإسلامية، النجف 1960/ 1380.

-تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرّجال للشيخ الجليل النجاشي، للسيّد محمد علي الأبطحي، الجزء الأول، النجف 1969/ 1389. -تيّارات الفكر الإسلامي، لمحمد عمارة، دار الوحدة، بيروت 1985. -تيسير المطالب في أمالي الإمام أبي طالب، للناطق بالحقّ أبي طالب يحيى بن الحسين (-424/ 1032)، رواية جعفر بن أحمد بن عبد السلام (-577/ 1177)، مراجعة يحيى عبد الكريم الفضيل، مؤسسة الأعلمي، بيروت 1975/ 1395. -ثورة زيد بن علي، لناجي حسن، مكتبة النهضة، بغداد 1966/ 1386. -جامع الرّواة وإزاحة الاشتباهات عن الطرق والاسناد، للأردبيلي الغروي محمد ابن علي (-حوالي 1100/ 1688)،1 - 2، شركة جاب رنكين، تهران 1332 - 1334. -جذوة الاقتباس في ذكر من حل من الاعلام مدينة فاس، لابن القاضي المكناسي أحمد (-1025/ 1616)،1 - 2، دار المنصور، الرباط 1973. -جمهرة أنساب العرب، لابن حزم علي بن أحمد (-456/ 1063)، تحقيق عبد السلام هارون، دار المعارف، القاهرة 1962/ 1382. -جمهرة خطب العرب، الجزء الثاني (العصر الأموي)، لأحمد زكي صفوت، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، القاهرة 1933/ 1352. -جمهرة نسب قريش، للزبير بن بكّار (-256/ 869)، تحقيق محمود محمد شاكر، مكتبة دار العروبة، القاهرة 1961/ 1381. -الحجاز في صدر الاسلام: دراسات في أحواله العمرانية والإداريّة، لأحمد صالح العلي، مؤسسة الرسالة، بيروت 1990.

-الحجاز والدولة الاسلامية: دراسة في إشكالية العلاقة مع السلطة المركزية في القرن الأوّل الهجري، لإبراهيم بيضون، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر، بيروت 1983/ 1403. -الحدائق الورديّة في مناقب أئمّة الزيديّة، لحميد بن أحمد المحلّي (654/ 1254)، مصوّرة عن مخطوطة نسخت سنة 1357/ 1938، دار أسامة، دمشق 1985/ 1405؛ ومخطوطة ميونخ. Glaser 68 - الحلة السّيراء، لابن الأبّار محمد بن عبد الله (-658/ 1260)، تحقيق حسين مؤنس،1 - 2، الشركة العربية، القاهرة 1963 - 1964. -الحور العين، لأبي سعيد نشوان الحميري (-573/ 1177)، تحقيق كمال مصطفى، ط.2، دار آزال-بيروت والمكتبة اليمنية-صنعاء،1985. -كتاب الحيدة والاعتذار في الردّ على من قال بخلق القرآن، لعبد العزيز بن يحيى الكناني (-240/ 854)، تحقيق جميل صليبا، مجمع اللغة العربية بدمشق 1964. -خلاصة الوفا بأخبار دار المصطفى، للسمهودي علي بن عبد الله (-911/ 1506)، تحقيق حمد الجاسر، المكتبة العلميّة، المدينة المنوّرة 1972. -الدّعامة في تثبيت الإمامة، للناطق بالحق أبو طالب يحيى بن الحسين البطحاني (حوالي 424/ 1032)، انظر: نصرة مذاهب الزيديّة المنسوب للصاحب بن عبّاد. -دولة الأدارسة في المغرب: العصر الذهبي 172 - 223/ 788 - 835، لسعدون عبّاس نصر الله، دار النهضة العربيّة، بيروت 1987/ 1408. -دولة الأدارسة ملوك تلمسان وفاس وقرطبة، لإسماعيل العربي، دار الغرب الاسلامي، بيروت 1983/ 1403. -الدولة الأغلبيّة، لمحمد طالبي، نقله إلى العربيّة المنجي الصيّادي، دار الغرب

الإسلامي، بيروت 1985. -ديوان امرئ القيس، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، ط.3، دار المعارف، القاهرة 1969. -الذريعة إلى تصانيف الشيعة، لآغا بزرك الطهراني محسن بن علي (-1389/ 1969)،1 - 26، ط.3، مصوّرة عن الطبعة الأولى، دار الأضواء، بيروت 1983/ 1403. -ذكر أخبار إصبهان، لأبي نعيم الإصبهاني أحمد بن عبد الله (-430/ 1038)، تحقيق س. ديدرينغ،1 - 2، بريل، ليدن 1931 - 1934. -كتاب الرّجال، للنجاشي أحمد بن علي (-450/ 1058)، صورة عن طبعة بومباي 1899/ 1317 (مكتبة الداودي، قم 1398)؛ وتحقيق محمد جواد النائيني،1 - 2، دار الأضواء، بيروت 1988/ 1408. -كتاب الرّجال، لابن داود الحلي الحسن بن علي (-707/ 1307)، تحقيق السيّد محمد صادق آل بحر العلوم، المطبعة الحيدرية، النجف 1972/ 1392. - «رحلة الشافعي إلى اليمن بين الاسطورة والخيال»، لوداد القاضي، في: دراسات عربية في ذكرى محمود الغول، تحرير معاوية إبراهيم، جامعة اليرموك، سلسلة معهد الآثار والأنثروبولوجيا، فيسبادن 1989 (ص 127 - 141). -الروض المعطار في خبر الأقطار، للحميري محمد بن عبد المنعم (727/ 1326)، تحقيق إحسان عبّاس، مكتبة لبنان، بيروت 1975. -سر السلسلة العلويّة، لأبي نصر البخاري سهل بن عبد الله (بعد 340/ 952)، تحقيق السيد محمد صادق بحر العلوم، المطبعة الحيدرية، النجف 1962/ 1381.

-سياسة المنصور أبي جعفر الداخلية والخارجية، لحسن فاضل زعين العاني، دار الرشيد، بغداد 1981. -كتاب السير، للشمّاخي أبي العبّاس أحمد بن سعيد (-928/ 1522)، طبعة حجريّة، القاهرة 1883/ 1301. -سير أعلام النبلاء، للذهبي شمس الدين محمد بن أحمد (-748/ 1347)، تحقيق شعيب الأرنؤوط وآخرين،1 - 25، مؤسسة الرسالة، بيروت/141 - 1988/ 1409، 1981. -كتاب سير الأئمة وأخبارهم، لأبي زكرياء يحيى بن أبي بكر (-471/ 1078)، تحقيق إسماعيل العربي، دار الغرب الاسلامي، بيروت 1982/ 1402. -سيرة الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين (-298/ 911)، تحقيق سهيل زكّار، دار الفكر، بيروت 1972/ 1392. -الشافي، للمنصور عبد الله بن حمزة (-614/ 1217)، الجزء الأوّل، مخطوطة برلين). Glaser 222 انظر Handschriften,Berlin 7981,095/ 9,Nr .18201) . W .Ahlwardt,Verzeichniss der arabischen - الشجرة المباركة في أنساب الطالبيّة، للفخر الرّازي محمد بن عمر (-606/ 1209)، تحقيق السيّد مهدي الرجائي، مكتبة آية الله العظمى المرعشي، قم 1989/ 1409. -شعر منصور النمري (-حوالي 190/ 805)، جمع وتحقيق الطيّب العشاش، مجمع اللغة العربية، دمشق 1981/ 1401. -شيخ الأخبارييّن: أبو الحسن المدائني 228/ 842، لبدري محمد فهد، مطبعة القضاء، النجف 1975. -صبح الأعشى في صناعة الإنشا، للقلقشندي أحمد بن علي (-821/ 1418)،1 - 14،

المطبعة الأميريّة، القاهرة 1911/ 133 - 1918/ 1337. -صفة جزيرة العرب، للهمداني الحسن بن أحمد (-بعد 344/ 955)، تحقيق حمد الجاسر، دار اليمامة، الرياض 1974/ 1394. -كتاب الصفوة، المنسوب لزيد بن علي (-122/ 740)، تحقيق حسن محمد تقي الحكيم، دار البيان العربي، بيروت 1992/ 1412. -طبقات الحنابلة، لابن أبي يعلى محمد (-526/ 1131)، تحقيق محمد حامد الفقي،1 - 2، مطبعة السنّة المحمديّة، القاهرة 1952/ 1371. -طبقات المحدّثين بإصبهان والواردين عليها، لابن أبي الشيخ الانصاري عبد الله ابن محمد (-369/ 979)، تحقيق عبد الحق حسين البلوش،1 - 2، مؤسسّة الرسالة، بيروت 1987. -طبقات المعتزلة، لابن المرتضى أحمد بن يحيى (-840/ 1435)، تحقيق سوسنة ديفلد فلزر، الناشر فرانز شتاينر، المطبعة الكاثوليكية، بيروت 1961/ 1380. -العبّاسيّون الأوائل 97/ 716 - 170/ 786: دراسة تحليليّة، لفاروق عمر،1 - 2 دار الارشاد، بيروت 1970 - 1974. -عبد الحميد بن يحيى الكاتب وما تبقّى من رسائله ورسائل سالم أبي العلاء، لإحسان عبّاس، دار الشروق، عمّان 1988. -العبر وديوان المبتدأ والخبر-تاريخ ابن خلدون، لعبد الرحمن بن خلدون/1405) (-808،1 - 6، ط.2، دار الكتاب اللبناني، بيروت 1979. -العصر العبّاسي الأوّل: دراسة في التاريخ السياسي والإداري والمالي، لعبد العزيز الدوري، ط.2، دار الطليعة، بيروت 1988. -العقد الفريد، لابن عبد ربّه أحمد بن محمد (-329/ 940)، تحقيق أحمد أمين،

وأحمد الزين، وإبراهيم الأبياري،1 - 7، لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة 1940/ 1359 - 1953/ 1373. -عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب، لابن عنبة الداودي أحمد بن علي (-828/ 1424)، تحقيق نزار رضا، دار مكتبة الحياة، بيروت [لا. ت]. -عيون الأخبار، لابن قتيبة الدينوري عبد الله بن مسلم (-276/ 889)،1 - 4، دار الكتب المصريّة، القاهرة 1925/ 1343 - 1930/ 1349. -العيون والحدائق في أخبار الحقائق، لمؤلّف مجهول، من خلافة الوليد بن عبد الملك إلى خلافة المعتصم، تحقيق دي غويه ودي يونغ، بريل، ليدن 1868. -غاية الاختصار في البيوتات العلويّة المحفوظة من الغبار، لابن زهرة محمد بن حمزة (-بعد 753/ 1352)، تحقيق السيد محمد صادق بحر العلوم، المطبعة الحيدريّة، النجف 1962/ 1382. -كتاب الفتوح، لأحمد بن أعثم الكوفي (-نحو 314/ 926)،1 - 8، دائرة المعارف العثمانية، حيدر أباد الدكن 1968/ 1388 - 1975/ 1395. -الفخري في الآداب السلطانيّة والدول الاسلامية، لابن الطقطقا محمد بن علي ابن طباطبا (-709/ 1309)، دار بيروت، بيروت 1966/ 1385. -الفخري في أنساب الطالبييّن، للسيّد عز الدين بن أبي طالب إسماعيل بن الحسين (-بعد 614/ 1217)، تحقيق السيّد مهدي الرجائي، مكتبة آية الله العظمى المرعشي، قمّ 1989/ 1409. -فرق الشيعة، للنوبختي الحسن بن موسى (القرن الثالث/التاسع)، تحقيق هلموت ريتر [استنبول 1931]؛ ط.2، دار الأضواء، بيروت 1984/ 1404.

- «الفكرة المهديّة بين الدعوة العبّاسيّة والعصر العبّاسي الأوّل»، لعبد العزيز الدّوري، في: دراسات عربية وإسلامية مهداة إلى إحسان عبّاس، تحرير وداد القاضي، الجامعة الأميركية في بيروت، بيروت 1981 (ص 123 - 132). -الفهرست، لابن النديم محمد بن إسحاق (-380/ 990)، تحقيق رضا تجدّد، طهران 1971. -فهرست الطوسي، أبي جعفر محمد بن الحسن (-460/ 1067)، تصحيح محمد صادق آل بحر العلوم، المكتبة المنصورية، النجف 1937. -فهرست مخطوطات مكتبة الجامع الكبير بصنعاء، إعداد أحمد عبد الرزاق الرقيحي وعبد الله محمد الحبشي وعلي وهاب الآنسي، الجزء الرابع، وزارة الأوقاف والإرشاد، الجمهورية العربية اليمنية 1984/ 1404. -القبائل العربيّة في مصر في القرون الثلاثة الأولى للهجرة، لعبد الله خورشيد البري، دار الكتاب العربي، القاهرة 1967. -القلائد في تصحيح العقائد، لابن المرتضى أحمد بن يحيى (-840/ 1435)، تحقيق ألبير نصري نادر، دار المشرق، بيروت 1985. -الكافي، للكليني محمد بن يعقوب (-329/ 940)، الجزء الأوّل: الأصول من الكافي، تحقيق علي أكبر الغفاري، دار الأضواء، بيروت 1985/ 1405. -الكامل في التاريخ، لابن الأثير علي بن محمد (-630/ 1272)، تحقيق تورنبرج، ط.2،4 - 7، دار صادر ودار بيروت، بيروت 1966/ 1386. -الكيسانيّة في التاريخ والأدب، لوداد القاضي، دار الثقافة، بيروت 1974. -لسان العرب، لابن منظور محمد بن مكرّم (-711/ 1311)،1 - 15، دار صادر، بيروت 1955 - 1956.

-المجدي في أنساب الطالبييّن، للسيّد العمري علي بن محمد (-القرن الخامس/ الحادي عشر)، تحقيق أحمد مهدي الدامغاني، مكتبة آية الله العظمى المرعشي قمّ 1989/ 1409. -مجموعة المعاني، لمؤلّف مجهول، تحقيق عبد المعين الملوحي، دار طلاس، دمشق 1988. -مجموعة الوثائق السياسيّة للعهد النبوي والخلافة الراشدة، لمحمد حميد الله، ط.3، دار الارشاد، بيروت 1969/ 1389. -مراجع تاريخ اليمن، للسيّد عبد الله محمد الحبشي، وزارة الثقافة، دمشق 1972. -مروج الذهب ومعادن الجوهر، للمسعودي علي بن الحسين (-345/ 956)، باعتناء شارل بلا،1 - 7، الجامعة اللبنانية، بيروت 1966. -مسائل الإمامة ومقتطفات من الكتاب الأوسط في المقالات، للناشئ الأكبر عبد الله بن محمد (-293/ 905)، تحقيق يوسف فان أس، سلسلة نصوص ودراسات الصادرة عن المعهد الألماني للأبحاث الشرقيّة في بيروت، رقم 11، بيروت 1971 [والكتاب منسوب للناشئ الأكبر، ونسبته الأصح لجعفر بن حرب، انظر [W .Madelung,in :Der Islam 75 (0891) ,022 - 632.: - كتاب المصابيح في أخبار المصطفى والمرتضى والأئمة الطاهرين، لأبي العبّاس الحسني أحمد بن إبراهيم- (352/ 964)، أتمّه علي بن بلال،1) مخطوطة المكتبة المتوكلية بصنعاء (مصورة من دار الكتب المصرية برقم 81)؛2) مخطوطة مكتبة الجامع الكبير بصنعاء ضمن مجموع برقم 2347. (انظر في كلا المخطوطتين: وصف المخطوطات في المقدّمة).

-مصادر تاريخ اليمن في العصر الإسلامي، لأيمن فؤاد السيّد، المعهد العلمي الفرنسي للآثار الشرقيّة، القاهرة 1974. -مصادر التراث اليمني في المتحف البريطاني، لحسين عبد الله العمري، دار المختار، دمشق 1980/ 1400. -مصادر الفكر العربي الإسلامي في اليمن، لعبد الله الحبشي، مركز الدراسات اليمنية، صنعاء 1972. -مصر في فجر الاسلام: من الفتح العربي إلى قيام الدولة الطولونيّة، لسيّدة إسماعيل كاشف، دار الفكر العربي، القاهرة 1947. -المعارف، لابن قتيبة الدينوري عبد الله بن مسلم (-276/ 889)، تحقيق ثروت عكاشة، ط.6، الهيئة المصريّة العامّة، القاهرة 1992. -المعتزلة والثورة، لمحمد عمارة، المؤسسة العربيّة للدراسات والنشر، بيروت 1977. -معجم الأدباء: إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب، لشهاب الدين ياقوت بن عبد الله الحموي الرومي (-626/ 1228)، تحقيق إحسان عبّاس،1 - 7، دار الغرب الإسلامي، بيروت 1993. -معجم البلدان، لشهاب الدين ياقوت بن عبد الله الحموي الرومي (-626/ 1228)، 1 - 5، دار بيروت ودار صادر، بيروت 1955 - 1957. -معجم الشعراء، للمرزباني محمد بن عمران (-383/ 994)، تحقيق عبد الستّار أحمد فرّاج، دار إحياء الكتب العربيّة، القاهرة 1960. -المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، لمحمد فؤاد عبد الباقي، دار الكتب المصريّة، القاهرة 1364.

-المعرفة والتاريخ، للفسوي يعقوب بن سفيان (-276/ 889)، تحقيق أكرم ضياء العمري،1 - 3، مطبعة الارشاد، بغداد 1394/ 1974 - 1396/ 1976. -المغانم المطابة في معالم طابة، للفيروز ابادي محمد بن يعقوب (-823/ 1415)، تحقيق حمد الجاسر، دار اليمامة، الرياض 1969/ 1389. -المغرّب في ذكر بلاد إفريقية والمغرب، لأبي عبيد البكري عبد الله بن عبد العزيز (-487/ 1094)، تحقيق دي سلان، الجزائر 1857. -مفهوم النصّ: دراسة في علوم القرآن، لنصر حامد أبو زيد، المركز الثقافي العربي، ط.2، بيروت 1994. -مقاتل الطالبييّن، لأبي الفرج الإصبهاني علي بن الحسين (-356/ 966)، تحقيق السيد أحمد صقر، دار أحياء الكتب العربيّة، القاهرة 1949؛ ط 2، مؤسسة الأعلمي، بيروت 1987/ 1408. -مقالات الاسلاميين واختلاف المصليّن، للأشعري علي بن اسماعيل (-324/ 935)، تحقيق هلموت ريتر، ط.2، سلسلة النشرات الاسلاميّة، رقم 1، فرانز شتاينر، فيسبادن 1963/ 1382. -الملل والنّحل، لأبي الفتح الشهرستاني محمد بن عبد الكريم (-548/ 1153)، مؤسسة ناصر، بيروت 1981. -كتاب المناسك وأماكن طرق الحجّ، للحربي إبراهيم بن اسحاق (-285/ 898)، تحقيق حمد الجاسر، دار اليمامة، الرياض 1969/ 1389. -مناقب أبي حنيفة للكردري حافظ الدين بن محمد (-827/ 1423)، دار الكتاب العربي، بيروت 1981/ 1401. -مناقب الشافعي، للبيهقي أحمد بن الحسين (-458/ 1066)، تحقيق السيّد أحمد

صقر،1 - 2، دار التراث، القاهرة 1971. -المنتزع من كتاب التّاجي، لأبي إسحاق الصابي إبراهيم بن هلال (-384/ 994)، تحقيق وشرح محمد حسن الزبيدي، دار الحريّة، بغداد 1977/ 1397. -المنتظم في تاريخ الملوك والأمم ولابن الجوزي عبد الرحمن بن علي (-597/ 1200)، تحقيق محد ومصطفى عبد القادر عطا،7 - 8، دار الكتب العلمية، بيروت/1412 - 1992. -منتقلة الطالبييّن، لابن طباطبا إبراهيم بن نصر (القرن الخامس/الحادي عشر)، تحقيق السيد محمد مهدي الخرسان، المطبعة الحيدريّة، النجف 1968/ 1388. -مؤلفات حكّام اليمن، للسيد عبد الله محمد الحبشي، تحقيق: Ilke Niewo?hner-Eberhard,Otto Harrassowitz,Wiesbaden 9791. - مؤلفات الزيديّة، للسيّد أحمد الحسيني، المجلد الأوّل (الآداب-ذيل)، مكتبة آية الله العظمى المرعشي، قمّ 1992/ 1413. -ميزان الاعتدال في نقد الرّجال، للذهبي شمس الدين محمد بن أحمد (-748/ 1347)، تحقيق علي محمد البجاوي،1 - 4. القاهرة 1963/ 1382. -كتاب النبات لأبي حنيفة الدينوري أحمد بن داود (-282/ 895)، قطعة من الجزء الخامس، تحقيق ب. لوين، ليدن-بريل 1953. -النزاع والتخاصم فيما بين بني أميّة وبني هاشم، لتقي الدين المقريزي أحمد بن علي (-845/ 1442)، تحقيق حسين مؤنس، دار المعارف، القاهرة 1988. -نسب قريش، للمصعب الزبيري (-236/ 851)، تحقيق أ-ليفي بروفنسال، دار المعارف، القاهرة 1953. -نصرة مذاهب الزيديّة، [منسوب] للصاحب بن عبّاد (-358/ 995)، تحقيق ناجي

حسن، الدار المتحدة للنشر، بيروت 1981. [والكتاب للناطق بالحق يحيى بن الحسين (-حوالي 424/ 1033) وهو كتاب الدعامة في تثبيت الإمامة، انظر: [W .Madelung,in :Der Islam 36(6891),p .5 - نهاية الأرب في فنون الأدب، للنويري أحمد بن عبد الوهاب (-733/ 1332)، الجزء 24، تحقيق حسين نصّار، الهيئة المصريّة العامّة، القاهرة 1983/ 1403. -نهج البلاغة: مختارات الشريف الرّضي محمد بن الحسين (-406/ 1015)، من كلام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، ضبط نصّه صبحي الصالح، دار الكتاب اللبناني ودار الكتاب المصري، ط.2، بيروت-القاهرة 1980. -الهادي إلى الحق، حياته وفكره وشعره، لعلي القليسي، رسالة ماجيستير بإشراف الدكتور إحسان عبّاس، الجامعة الأميركية في بيروت،1980 (رقم. (T 881 A - الوافي بالوفيات للصفدي خليل بن أيبك (-764/ 1362)،1,19,21,22,24، بعناية مجموعة من الباحثين، سلسلة النشرات الاسلامية 6، الصادرة عن جمعية المستشرقين الألمانية، بيروت-فيسبادن 1962/ 1381 - 1993/ 1413. -الوزراء والكتّاب، للجهشياري محمد بن عبدوس (-331/ 944)، تحقيق مصطفى السقا وإبراهيم الأبياري وعبد الحفيظ شلبي، مكتبة مصطفى البابي الحلبي، القاهرة 1938/ 1357. -وقعة صفين، لأبي الفضل نصر بن مزاحم (-212/ 827)، تحقيق عبد السلام محمد هارون، المؤسسة العربية الحديثة، القاهرة 1962/ 1382. -ولاة مصر، للكندي محمد بن يوسف (-بعد 362/ 972)؛ تحقيق حسين نصّار، دار بيروت ودار صادر، بيروت 1959/ 1379.

-الوثائق السياسيّة والإدارية العائدة للعصر الأموي، لمحمد ماهر حمادة، دار النفائس ومؤسسة الرسالة، ط.4، بيروت 1985/ 1405. -وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزّمان، لابن خلكان أحمد بن محمد (-681/ 1282)، تحقيق إحسان عبّاس،1 - 8، دار صادر، بيروت 1968 - 1972.

[فهارس]

[فهارس] 1 - فهرس الآيات القرآنية فَيَتَّبِعُونَ ماتَشابَهَ مِنْهُ اِبْتِغاءَ اَلْفِتْنَةِ وَاِبْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ (آل عمران 3/ 7) 103 لَنْ تَنالُوا اَلْبِرَّ حَتّى تُنْفِقُوا مِمّاتُحِبُّونَ (آل عمران 3/ 92) 285 كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنّاسِ. . الآية (آل عمران 3/ 110) 178 وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اَللهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ (آل عمران 3/ 123) 177 وَاَللهُ يُحِبُّ اَلصّابِرِينَ (آل عمران 3/ 146) 168 أَمْ يَحْسُدُونَ اَلنّاسَ عَلى ماآتاهُمُ اَللهُ مِنْ فَضْلِهِ الآية (النساء 4/ 54) 205 تَعاوَنُوا عَلَى اَلْبِرِّ وَاَلتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى اَلْإِثْمِ وَاَلْعُدْوانِ (المائدة 5/ 2) 178 قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً وَماأَنَا مِنَ اَلْمُهْتَدِينَ (الأنعام 6/ 56) 215 فَلِلّهِ اَلْحُجَّةُ اَلْبالِغَةُ فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ (الأنعام 6/ 149) 321 حَتّى يَحْكُمَ اَللهُ بَيْنَناوَهُوَ خَيْرُ اَلْحاكِمِينَ (الأعراف 7/ 87) 156 قاتِلُوا اَلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ اَلْآخِرِ. . الآية (التوبة 9/ 29) 178 اَلْمُؤْمِنُونَ وَاَلْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ (التوبة 9/ 71) 178 إِنَّ اَللهَ اِشْتَرى مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ. . الآية (التوبة 9/ 111 - 112) 106،151 إِنَّ اَللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَاَلْإِحْسانِ. . الآية (النحل 16/ 10) 178 ذلِكَ هُوَ اَلْخُسْرانُ اَلْمُبِينُ (الحج 22/ 11) 323 وَلَيَنْصُرَنَّ اَللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اَللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (الحج 22/ 40) 177 وَعَدَ اَللهُ اَلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا اَلصّالِحاتِ. . الآية (النور 24/ 55) 215 وَيَوْمَ يَعَضُّ اَلظّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ. . الآية (الفرقان 25/ 27 - 28) 250 وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى اَلَّذِينَ اُسْتُضْعِفُوا فِي اَلْأَرْضِ. . الآية (القصص 28/ 5) 215 إِنَّ اَلْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ. . الآية (القصص 28/ 20) 172

ياعِبادِيَ اَلَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ. . الآية (الزّمر 39/ 53 - 54) 266 يَوْمَ لا يَنْفَعُ اَلظّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ. . الآية (غافر 40/ 52) 250،263 لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ (الشورى 42/ 10) 176 قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً. . الآية (الشورى 42/ 23) 223 وَمَنْ لا يُجِبْ داعِيَ اَللهِ. . الآية (الصفّ 46/ 32) 180 إِنْ تَنْصُرُوا اَللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ (محمد 47/ 7) 178 كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ (الفتح 48/ 29) 168 وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ اِقْتَتَلُوا. . الآية (الحجرات 49/ 9) 179 إِنَّ اَللهَ يُحِبُّ اَلَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا. . الآية (الصفّ 61/ 4) 150

2 - فهرس الآثار

2 - فهرس الآثار - إنّ الله ليبغض العبد يستأسر إلاّ من جراحة مثخنة (الحسين الفخّي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم) 155 -إنّ لنا راية في المغرب تقبل في آخر الزّمان فيظهر الله الحقّ على أيدي أهلها (يحيى بن عبد الله) 164 -إنّ من ادّعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه فليتبوّأ مقعده من النار (يحيى بن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم) 250 -ويل لقريش من زنديقها يحدث أحداثا يغيّر دينها ويهتك ستورها ويهدم قصورها ويذهب سرورها (إدريس بن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وورد الأثر في رسالة منسوبة لإدريس) 322 -يأتيكم صاحب الرّعيلة قد شدّ حقبها بوضينها لم يقض نفثا من حج ولا عمرة يقتلونه فتكون شرّ حجّة حجّها الأوّلون والآخرون (سفيان بن عيينة عن علي بن أبي طالب) 299 -يقتل هاهنا [يعني: فخ] رجل من أهل بيتي في عصبة من المؤمنين لم يسبقهم أهل بدر (حديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم) 279 -يقتل هاهنا [يعني: فخ] رجل من أهل بيتي في عصابة تسبق أرواحهم أجسادهم إلى الجنّة (جعفر بن محمد الصّادق) 280

3 - فهرس رجال السند والرواة

3 - فهرس رجال السند والرواة إبراهيم بن أبي أيّوب:59،170 إبراهيم بن أحمد الميلي، أبو إسحاق. 303 إبراهيم بن رباح، أبو إسحاق:307، 308، 316 إبراهيم بن يونس:190 أحمد بن حمزة الرازي:149، 270 أحمد بن رشيد (يروي عن عمّه سعيد بن خثيم، الجرح والتعديل 2/ 51؛ تهذيب الكمال 10/ 413):149 أحمد بن سليمان:307 أحمد بن سهل الرازي (ينقل عنه في كتاب المصابيح):284 أحمد بن عبد الله بن محمد بن يحيى بن عبد الله:273 أحمد بن عبيد بن سليمان الموصلي:280 أحمد بن عثمان بن حكيم:288 أحمد بن عيسى بن زيد:326،327 أحمد بن كثير [يبدو أنّه الذهبي الذي يروي عنه أبو الفرج الأصفهاني]: 101،148 أرطاة بن حبيب [وانظر حبيب بن أرطاة]: 93،139 إسحاق بن إبراهيم:148 إسحاق بن راشد:182 إسماعيل بن علي بن إبراهيم بن علي بن حسن بن عبد الله بن عبّاس بن علي بن أبي طالب:259 أبو البركة:326 بكر بن صالح الرازي:19،20،23،27، 43،95،132 الجعفري-عبد الله بن محمد بن إبراهيم الجعفري حريث بن ميسرة الكناني (من وجوه أهل مدينة أبهر):218،226 الحسن بن إبراهيم بن يونس:270 الحسن بن الحسين [العرني]:75 الحسن بن زبالة المدني:21،26،43، 78،237 الحسن بن عبد الواحد الكوفي:19،23، 24،27،101،105،131،147، 148،190

الحسن بن علي بن محمد بن الحسن بن جعفر بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب:175 الحسن بن علي الخفاف:95 الحسن بن محمد المزني:93،95،100، 101 الحسين بن علي بن بسطام:270 الحسين بن القاسم بن إبراهيم:284 حمدان بن منصور-محمد بن منصور المرادي حمزة بن القاسم:260 دينار بن حكيم:288 راشد مولى إدريس بن عبد الله:182 أبو الرعد:326 ابن زبالة-الحسن بن زبالة المدني أبو أحمد زيد بن الحسين:319 زيد بن موسى:313 أبو زيد-عمر بن شبّة سعيد بن بهلول:71،194 سعيد بن خثيم الهلالي:75،102،149 سفيان بن عيينة:299 سليم بن الحسن البغدادي:280 سليمان الأسود مولى آل حسن:59،324 سليمان بن موسى:146 ابن سماعة-محمد بن سماعة السميدع بن عبد الرحمن المرادي:218، 227 سنح بن محمد التمّار، أبو الجارود: 272،273 ابن السوداء:300 ابن شبّة-عمر بن شبة، أبو زيد شيخ من الشيعة:298 الضبّي-المفضّل بن محمد الطلحي:300 ابن عافية:288 عبد العزيز بن عبد الملك بن عيسى:146 عبد العزيز بن يحيى الكناني المكّي:58، 75،87،105،150،163،262، 264 عبد الله بن جعفر بن أبي طالب:132 عبد الله بن الفضل مولى عبد الله بن جعفر: 132 عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن جعفر بن أبي طالب:19،43،52،132،147 عبد الله بن محمد بن الزبير:307،308 عبد الله بن مروان [يروي عنه المدائني]: 257 عبد الله بن نمير:279 أبو علاثة-عمرو بن خالد علي بن عمرو بن خالد، أبو خيثمة:170 علي بن محمد:146 علي بن محمد، أبو الحسن المدائني: 24،26،27،43،44،47،52،53، 58،74،77،78،79،82،85،141، 144،146،162،169،197،216،

233،238،253،255،257،281، 285،300 علي بن محمد، أبو الحسن النوفلي:33، 34،43،53،287،289،290،296، 298،300،306،307،313،316 علي بن مسعود المصري:257 أبو علي البستاني:248 عمر بن شبّة، أبو زيد:20،21،23،24، 25،26،27،29،44،74،141،144، 169،197،198،233،237،246 ابن أبي عمران:248 عيسى بن إدريس:182 عيسى بن مهران:93،95،139 الأمير أبو الفضل ابن الداعي:317 فليت بن إسماعيل [انظر فليت بن سليمان] فليت بن سليمان [وانظر فليت بن إسماعيل وتليد بن إسماعيل]:76،190 القاسم بن إبراهيم الإمام الرسيّ:11، 12، 13، 154، 155، 232، 248 محمد بن أحمد الرازي، أبو بكر:248 محمد بن الحسن الفقيه الشيباني:84، 312 محمد بن سمّاعة:248،313 محمد بن صالح بن مهران، ابن النطاح: 25،26،238 محمد بن علي بن إبراهيم:19،132 محمد بن عبّاد البشري:287 محمد بن علي بن خلف العطّار:324 محمد بن عمرو بن خالد، أبو علاثة:59، 170،171،173 محمد بن القاسم بن إبراهيم الإمام:27، 78،146،153،232،236،237، 303 محمد بن مروان:139 محمد بن منصور المرادي:24،27، 154،155،326 محمد بن يوسف بن إبراهيم بن موسى: 159 المدائني-علي بن محمد أبو الحسن مشايخ آل الحسن:272 مصعب [الزبيري؟]:292،296 المعلّى مولى المهدي:282 المفضّل بن محمد الضبّي:238 موسى بن عبد الله:247،251،253 موسى بن نصر:248 ابن النطّاح-محمد بن صالح بن مهران أبو النطّاح-ابن النطّاح النضر بن أوس:279 النوفلي-علي بن محمد، أبو الحسن هارون بن موسى:163 هارون الوشّاء:105،150،262 يحيى بن الحسن العلوي النّسّابة:279، 288 يحيى بن خالد البرمكي:317 يحيى بن موسى:247 يعقوب بن إسرائيل:300

4 - فهرس الأعلام

4 - فهرس الأعلام [ا] ابن آكلة الأكباد (معاوية بن أبي سفيان): 206 إبراهيم بن أبي أيوب:59 إبراهيم بن إسحاق (من دعاة يحيى بن عبد الله):74،197،304 إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن (يعرف بطباطبا، والد الإمام القاسم الرسيّ؛ سر السلسلة العلوية 16؛ المجدي 72؛ الشجرة المباركة 24، الفخري 102؛ غاية الاختصار 49 - 50؛ عمدة الطلب 141):54،57،136،153،156، 158،159،161،299،300 إبراهيم بن الأغلب (-196/ 812؛ مؤسس دولة الأغالبة بإفريقية، تاريخ الرقيق 172 - 199؛ الدولة الأغلبية 99 - 177):325 إبراهيم بن عبد الله بن الحسن بن الحسن (أخو النفس الزكيّة؛ -145/ 762؛ مقاتل الطالبيين 315 - 387):28، 36،39،42،44،45،49،66،102، 148،180،244،296،303،323 إبراهيم بن عبيد الله الحجبي (عامل الرشيد على اليمن سنة 182/ 798؛ انظر بشر بن أبي كبار لوداد القاضي 12 وفهارسه):80،81 إبراهيم بن محمد بن سليمان بن عبد الله بن الحسن بن الحسن (المجدي 61؛ والبلدان لليعقوبي):324 إبراهيم بن محمد (الأرجح أنّه بن عبد الله العبّاسي؛ أنساب الأشراف 3/ 278 - 279):228 إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن أبي الكرام الجعفري (ترجمت له في الدراسة): 20 - 21،23 إبراهيم بن موسى بن جعفر الصّادق (ثار في اليمن؛ تاريخ اليعقوبي 2/ 445 - 449):83 إبراهيم بن سيار النّظام:74 إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى (-184/ 800؛ محدّث مدني روى عن الإمامين الباقر والصادق، عدّه ابن

المرتضى في الطبقة الخامسة من المعتزلة، وذكر النجاشي أنّ الواقدي نقل كتبه عنه، تذكر المصادر أنه استاذ الشافعي ويعدّه الزيدية في دعاة يحيى، طبقات ابن سعد 5/ 314؛ المعرفة والتاريخ 3/ 33،55،132؛ فهرست الطوسي 16؛ رجال النجاشي 11؛ طبقات المعتزلة 134؛ طبقات المحدثين بأصبهان 1/ 395 - 396؛ تهذيب الكمال 2/ 184 - 191؛ جامع الرواة 1/ 33 - 34):61،75،94، 107،164،170 أحمد بن الحارث الخرّاز (-258/ 871؛ من أهم الرواة عن المدائني25: (815/ 1 f GAS أحمد بن حنبل:102،105 أحمد بن رشيد (ابن أخت سعيد بن خثيم والراوي عنه؛ الجرح والتعديل 2/ 51؛ تهذيب الكمال 10/ 413):102 أحمد بن عبيد الله بن عمّار (-314/ 926؛ من رواة أبي الفرج في مقاتله): 31،32 أحمد بن عيسى بن زيد بن علي بن أبي طالب (-247/ 861؛ المجدي 188):32 أحمد بن كثير:101 أحمد بن محمد بن سعيد، أبو العباس بن عقدة24: (GAS 1 /182؛944 /322-) أحمد بن محمد بن سليمان بن عبد الله بن الحسن بن الحسن (المجدي 61؛ والبلدان لليعقوبي):324 أخو أسد (هو الذي وجأ الحسن بن علي بن أبي طالب، ويقال إنّه الجراح بن سنان):206 إدريس بن إدريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسن (-213/ 828؛ المغرب للبكري 121 - 123):12، 324،327 إدريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسن: 11،17،34،40،41،49،54،57، 62 - 68،75،91،107،134،136، 140،147،148،156،164،169، 170 - 175،180 - 189،290، 300،302،321،324،325،328 أرطاة بن حبيب198،94،75: (Studien 74(3991),p .382 M .Jarrar,in :Asiatische) إسحاق بن راشد (مولى إدريس، ورد اسمه في المصادر راشدا؛ مقاتل الطالبيين 488؛ المغرب للبكري 118 - 121؛ الحلة السيراء 1/ 98؛ الأنيس المطرب 22 - 24):58،59،63، 169 (وقارن ب‍ 182) إسحاق بن عبد الحميد (رئيس قبيلة أوربة، كان معتزليا):65

(ب)

إسحاق بن عيسى بن علي بن عبد الله بن العبّاس (-203/ 818؛ ولي المدينة للمهدي وولاه الرشيد البصرة ثم دمشق. يروي عنه المدائني والبلاذري بواسطة؛ أنساب الأشراف 3/ 277؛ تاريخ دمشق 2/ 777 - 779):132، 284 أسلم، أبو المهاصر (جلاّد هارون الرشيد):86،253،257 إسماعيل بن إبراهيم طباطبا (عمدة الطالب 133):293 ابن الأشعث-عبد الرحمن بن الأشعث الأشعري-علي بن إسماعيل أبو الحسن أصبغ بن نباتة (صاحب علي بن أبي طالب؛ جامع الرواة 1/ 106):102 أبو البختري-وهب بن وهب (ب) بشر بن أبي كبار البلوي (انظر كتاب وداد القاضي عنه):81،82،84 بشر بن المعتمر (البصري المعتزلي، من دعاة يحيى بن عبد الله؛ -210/ 825؛ الوافي 10/ 155 - 156):74، 198،304 بشر المريسي (المعتزلي؛ -218/ 833؛ وفيات الأعيان 1/ 277):106 بشّار البرقي:284 بكّار بن عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير (في الكتاب ورد أنّ اسمه بكار بن مصعب وأنه سعى بيحيى بن عبد الله عند الرشيد ولا أعرف في الزبريين من اسمه بكار بن مصعب؛ انظر ترجمته في نسب قريش 242؛ وجمهرة نسب قريش 156، 163 - 197؛ و؛ Familie el-Zubeir 54 F .Wu?stenfeld,Die وفي ترجمة أبيه عبد الله، نسب قريش 242؛ وجمهرة نسب قريش 124 - 156؛ وتاريخ بغداد 10/ 173 - 176؛ و307،272،260،246،245،243،241 - 237،82،80،79،78،49: (Wu?stenfeld 44 F . أبو بكر الصدّيق:286 بيان الدورقي:173. (ت) تليد بن سليمان-فليت بن سليمان (ج) جستان (ملك الديلم):72،85،197، 199،200،217،218،227 جبريل (الملاك):180 جعفر بن سليمان (بن علي بن عبد الله بن العبّاس؛ -174/ 790 أو 175/ 791؛ ولي إمرة الحجاز واليمن؛ تاريخ خليفة

(ح)

422،423،432،435،440؛ أنساب الأشراف 3/ 96؛ الوافي 11/ 106): 143،147 جعفر بن أبي طالب الطيّار (المجدي 8 - 9):148،180 جعفر بن محمد الإمام الصادق (-148/ 765):14،33،37،55، 75،93،279 جعفر بن يحيى بن خالد البرمكي (-187/ 802؛ الوافي 11/ 156 - 165):85 - 87،236،249،264 - 267 الجعفري-إبراهيم بن محمد بن عبد الله؛ عبد الله بن محمد بن إبراهيم أبو جعفر المنصور-عبد الله بن محمد الجنيد بن سنان (وفي تاريخ الرقيق: ابن سيّار، استعمله روح بن حاتم لما ولي القيروان سنة 171 على تونس ثم عزله، وضمّه عبد الله بن يزيد المهلبي مع النضر بن حفص وأبي العنبر إلى عامل تونس الذي بعثه لمقاتلة ابن الجارود؛ تاريخ إفريقية للرقيق 139،153،163، 166):183 (ح) الحارث بن إسحاق (يروي عنه الطبري): 50 الحارث بن سريج (الثائر على الأمويين؛ -128/ 745؛ تاريخ الطبري 3/ 74 - 125 وفهارسه):96 حبيب بن أرطاة (وانظر: أرطاة بن حبيب):198 الحسن بن إبراهيم (ابن عبد الله المثنى، المجدي 43):33 - 35 الحسن البصري:104 الحسن بن جعفر بن الحسن بن الحسن (مقاتل الطالبين 447؛ نسب قريش 56؛ سر السلسلة العلوية 19؛ المجدي 82 وفيه أنه تخلّف عن فخ مستعفيا؛ عمدة الطالب 151):139، 141،291 حسن الحاجب:144،146،147 الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (المجدي 26 - 37):207،282،322 الحسن بن الحسين (العرني؛ جامع الرواة 1/ 193):197،304 الحسن بن زياد (اللؤلؤي-204/ 819؛ الفقيه الحنفي؛ أخبار أبي حنيفة 135 - 137؛ تاريخ بغداد 7/ 314):85، 247،262،312 الحسن بن زيد (بن محمد بن إسماعيل، الداعي الكبير بطبرستان؛ -270/ 884؛ سر السلسلة العلوية 26؛ المجدي 34، الشجرة المباركة 71؛ الفخري 161؛ عمدة الطالب 74):

(خ)

100،272 الحسن بن صالح بن حي (-167/ 784؛ تهذيب الكمال 6/ 177 - 191):31، 32،304 الحسن بن علي بن الحسن بن الحسن بن الحسن (وهو الحسن المكفوف؛ المجدي 66 - 67؛ الفخري 115 - 116؛ عمدة الطالب 150):160 - 161 الحسن بن علي بن أبي طالب:148، 180،205 الحسن بن علي بن محمد بن الحسن بن جعفر بن الحسن بن الحسن (المجدي 83؛ عمدة الطالب 151):175. الحسن بن القاسم بن الحسن بن علي (الداعي؛ -316/ 928):89 الحسن بن محمد بن عبد الله (أبو الزفت ابن النفس الزكية؛ نسب قريش للمصعب وفيه «حسين»؛ جمهرة ابن حزم 45؛ مقاتل الطالبيين 432؛ سر السلسلة العلوية 8؛ المجدي 38؛ منتقلة الطالبية 230):132،133، 136، 138،286،293،297،298، 300،301،323 الحسن بن معاوية بن عبد الله بن جعفر: 30 الحسين بن محمد الكوكبي (ثار في الريّ سنة 252/ 866):100 الحسين بن زيد (بن علي بن أبي طالب ذو الدمعة؛ المجدي 159):326، 327 الحسين بن عبد الله بن الحسن بن الحسن:136 الحسين بن علي بن الحسن المثلث الفخّي:11،18،35،42 - 47،51 - 54،89،291،100،101،105، 131 - 135،138،139،142 - 145،148،149،154،156،212، 240،273،280 - 285،287،295، 298،299،300،322،323 الحسين بن علي بن أبي طالب:148، 180،213،299 حماد التركي (الوزراء والكتّاب 134): 298 حمّاد بن حفص:73 حمزة عم الرسول صلى الله عليه وسلم:148،180 حمزة بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن (لا يعرف لعبد الله الأشتر ابن اسمه حمزة):136 أبو حمزة الخارجي (المختار بن عوف؛ -130/ 748؛ سير الشماخي 98 - 102):97،103 (خ) خاقان ملك الترك:69،73،305

(د)

خالد البربري (من عمّال العباسيين): 140،288،289،291،292 خالد بن سعيد بن ربيعة بن حبيش الصدفي:38،39 خالصة (جارية الخيزران أم الهادي والرشيد؛ تاريخ الطبري 8/ 72 - 73، 205 - 206،212 - 213):153 خديجة الصدّيقة زوج الرسول صلى الله عليه وسلم:180 الخولي (؟):143 خيزران (أم الهادي والرشيد؛ -173/ 789؛ الوافي 13/ 446):153 (د) درباس الخزاعي (في مقاتل الطالبيين 449: دينار):140،142 أبو الدوانيق (-عبد الله بن محمد أبو جعفر المنصور):40،322 (ر) راشد (مولى إدريس بن عبد الله؛ انظر: إسحاق بن راشد):58،60،63،65، 182 الربيع بن يونس (الحاجب مولى المنصور؛ -170/ 786؛ الوزراء والكتاب، فهارسة ص 345؛ الوافي 14/ 84): 52،283،284 ابن رستم-عبد الوهّاب بن رستم الرشيد-هارون بن محمد الرشيد روح بن حاتم بن قبيصة بن المهلّب (بن أبي صفرة الأسدي، ولي لخمسة من الخلفاء العباسيين ابتداء من السفّاح، وولاّه الرشيد إفريقية فوصلها في رجب سنة 171/ 787 وبقي فيها حتى وفاته في رمضان سنة 174/ 190؛ فهارس تاريخ الطبري؛ أخبار إفريقية للرقيق 135 - 140؛ الحلة السيراء 1/ 94 - 95،2/ 358 - 362؛ الوافي 14/ 149):62،67،173،174 رياح بن عثمان المري (-145/ 762 والي المدينة للمنصور؛ تاريخ خليفة بن خياط 420،421،430،435؛ فهارس تاريخ الطبري؛ الوزراء والكتاب 123 - 124؛ الوافي 14/ 157):48 ريطة (بنت أبي العبّاس السفّاح زوج المهدي؛ أنساب الأشراف 3/ 179 - 180،231،277؛ الوزراء والكتاب 89):30 (ز) ابن أبي زرع-علي بن أبي زرع الفاسي الزّبيري-بكار بن عبد الله بن مصعب زبيدة بنت جعفر بن أبي جعفر (زوج هارون الرشيد-216/ 831؛ الوزراء والكتاب، فهارسه؛ الوافي 14/ 176

(س)

-178):232،233 الزبير بن بكّار (-256/ 869؛ وفيات الأعيان 2/ 68؛ الوافي 14/ 187 - 188):80 زكرياء بن يحيى بن عمر بن سابور (من الأبناء بصنعاء):72،194 زيد بن الحسين بن علي بن الحسين (المجدي 194):293 زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب:24،37،43،96،97، 104،148،208 زيد بن عيسى بن زيد بن علي (مقاتل الطالبيين 420،433؛ المجدي 188؛ عمدة الطالب 234):32 زينب بنت جعفر بن الحسن بن الحسن (المجدي 82):153 زينب بنت أبي سلمة (ربيبة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ الوافي 15/ 61):256 زينب بنت عبد الله بن الحسن (أخت النفس الزكيّة وأم الحسين الفخيّ؛ مقاتل الطالبيين 190،431؛ المجدي 66):44،303 (س) ابن أبي سبرة (أبو بكر، راوية للأخبار؛ -162/ 788، اشترك إلى جانب النفس الزكية في ثورته ثم عفي عنه؛ نسب قريش للمصعب 428):51 أبو السرايا (السري بن منصور -200/ 815؛ مقاتل الطالبيين 518 - 537):24،83،100 سعيد بن بهلول (من الأبناء في اليمن): 71،194 سعيد بن خثيم الهلالي (-180/ 796 إلى 190/ 805، من دعاة زيد بن علي واشترك في ثورات النفس الزكية وأخيه إبراهيم والحسين الفخّي؛ جامع الرواة 1/ 359 - 360؛ تهذيب الكمال 10/ 413 - 416؛ وفهارس مقاتل الطالبيين):75،102،198،304 سلم الأحدب مولى المهدي:316 سلمان الفارسي:104 سليمان بن الأسود مولى آل الحسن:59 سليمان بن جرير الرّقي (المتكلم الزيدي، اتّهم بأنّه سمّ إدريس بن عبد الله؛ الوافي327،326،304،198،75،67: (al-Qasim 16-86 W .Madelung,Der Imam ؛360 /15 سليمان بن أبي جعفر (أنساب الأشراف 3/ 276 - 277):289،293،296 سليمان بن صرد (زعيم التوّابين):96 سليمان بن عبد الله بن الحسن بن الحسن (أخو النفس الزكيّة؛ نسب قريش للمصعب 54؛ سر السلسلة العلوية 12؛ المجدي 60 - 61؛ عمدة الطالب

(ش)

128):41،134،136،140،144، 290،298،300،301،301،323، 324 سليمان بن علي:60،261،295 سليمان بن فليح (المعرفة والتاريخ 2/ 786 (؟)):216،227 سهل بن عامر البلخي (من دعاة يحيى بن عبد الله):76 (ش) الشافعي-محمد بن إدريس ابن بنت الشافعي:72 شرتون بن فلان ملك طبرستان:195 شروين بن سرخاب:306 شريك (بن عبد الله النخعي الكوفي -177/ 793؛ الوافي 16/ 148 - 150):75 شماخ اليمامي (هو الذي سمّ إدريس بن عبد الله):67،170،172،325 (ص) صاحب الدولة-يقطين بن موسى صاعد (من موالي العباسيين):146،147 صالح بن ماهان (كاتب عبد الله بن طاهر):319 صالح بن يحيى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن:272 ابن الصغير (المؤرخ):64 (ض) الضبيّ (المفضل بن محمد العالم الشهير، ويذكر أبو الفرج أنه كان زيدا؛ مقاتل 338،372 وانظر مقدمة إحسان عباس على كتاب الأمثال):79،238 (ط) طالب بن عضين التميمي (عامل ابن الجارود على طرابلس، يبدو أنه هو الذي ورد ذكره في تاريخ إفريقية للرقيق 164 - 165):185 طاهر بن محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن (المجدي 38 - 39):136 طاهر (يبدو أنّ المقصود هو طاهر بن الحسين غلام المأمون؛ -207/ 822، الوافي 16/ 394 - 398):316 الطبري-محمد بن جرير الطبري ابن الطقطقا (المؤرّخ، محمد بن علي؛ -701/ 1301):80 (ع) عامر بن كثير السرّاج (من دعاة يحيى بن عبد الله):76 عبّاد بن عوّام (-185/ 801؛ تاريخ بغداد 11/ 104 - 106):36 عبّاد بن يعقوب الرواجيني (جامع الرواة

1/ 431):94 العبّاس بن سعيد (مولى الرشيد، والي اليمن؛ انظر: بشر بن أبي كبار البلوي، لوداد قاضي 12،17 - 18): 80 العبّاس بن محمد (بن علي بن عبد الله بن العبّاس، ولي امرة الشام لأخيه المنصور وحجّ بالناس مرّات؛ -185/ 801 أو 186،802؛ نسب قريش 428؛ تاريخ بغداد 12/ 124؛ الوافي 16/ 638):143،145،228، 289،294،295،296،297 أبو العباس الحسني، أحمد بن إبراهيم (وضع خطة كتاب المصابيح وابتدأ به ثم أتّمه علي بن بلال؛ -352/ 964، مصادر تاريخ اليمن 84):18،31، 112 (وانظر: كتاب المصابيح) أبو العبّاس السفّاح:48 عبد الله بن إباض:96 عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم بن الحسن بن محمد بن الحنفيّة (الحسن بن محمد لم يعقب؛ انظر: سر السلسلة العلوية 85؛ المجدي 223؛ الفخري 166؛ الشجرة المباركة 181؛ عمدة الطالب 281 - 283؛ وانظر الذي يليه):136 عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم بن الحسن (هو الجدي؛ مقاتل الطالبيين 446، 456؛ المجدي 68؛ وقد يكون المذكور سابقا، أي حفيد محمد بن الحنفية، هو هذا):295،300 عبد الله بن الجارود (الرّبعي، ثار بجند تونس على ولاتها من آل المهلب وتوفي في طريقه إلى المشرق سنة 179/ 795؛ أخباره في تاريخ الطبري 8/ 256؛ تاريخ إفريقية للرقيق 151 - 167؛ الحلة السيراء 1/ 77 - 87؛ البيان المغرب 1/ 86 - 89):67، 182،183،186،187،188،189 عبد الله بن الحسن بن الحسن (هو عبد الله المحض والد النفس الزكية وإبراهيم ويحيى وإدريس، مات بحبس المنصور؛ مقاتل الطالبيين 179 - 185؛ المجدي 37 - 38؛ عمدة الطالب 82 - 83):148،201،211، 280،303 عبد الله بن الحسن بن علي بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الأفطس (سرّ السلسلة العلويّة 79 - 80؛ المجدي 211 - 213؛ الشجرة المباركة 171 - 172؛ عمدة الطالب 268 - 269):135،136،138، 156،201،211،300،301،302 عبد الله بن الزبير:48،240 عبد الله بن سليمان المهلّبي:183 عبد الله بن صخر قاضي الرّقة:310

عبد الله بن طاهر (من قوّاد المأمون؛ -228/ 842 أو 230/ 844؛ الوافي 16/ 219 - 223):319 عبد الله بن العبّاس:97 عبد الله بن عثمان المخرمي:293 عبد الله بن محمد بن إبراهيم الجعفري (وانظر: إبراهيم بن محمد بن عبد الله الجعفري):19،52،132 عبد الله بن محمد بن الزبير:307 - 308 عبد الله بن محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن (ابن النفس الزكية المعروف بالأشتر؛ مقاتل الطالبيين 310 - 315؛ عمدة الطالب 86):35 عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس، أبو جعفر المنصور (-158/ 774؛ أنساب الأشراف 3/ 153 - 252):14،28،29،30، 35،36،38،44،49،108،309 (وانظر: أبو الدوانيق) عبد الله بن محمد بن مسعدة (مؤدب أولاد النفس الزكيّة):35 عبد الله بن مصعب (بن ثابت الزبيري؛ -184/ 800؛ نسب قريش 242؛ جمهرة نسب قريش 124 - 156؛ تاريخ بغداد 10/ 173 - 176):49، 79،82،84،85،260 عبد الله بن منصور:271 عبد الله بن يحيى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن:272 عبد الله بن يزيد بن حاتم (المهلّبي، بعثه الفضل بن روح عاملا على تونس لمقاتلة ابن الجارود؛ تاريخ إفريقية للرقيق 153 - 158؛ الحلة السيراء 1/ 80 - 82):184 عبد الحميد بن جعفر بن عبد الله (-153/ 770، الوافي 18/ 70):39، 49 عبد ربّه بن علقمة (من دعاة يحيى بن عبد الله):76،304 عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث (الثائر على عبد الملك بن مروان؛ -85/ 704؛ تاريخ الطبري 6/ 250 - 391):207 عبد الرحمن بن أبي الموالي (الراوي): 38 عبد الرحمن بن يقطين:144،145 عبد الصمد بن علي (العبّاسي؛ -185/ 801 ولي إمرة دمشق للمهدي والرشيد؛ تاريخ بغداد 11/ 37 - 39؛ الوافي 18/ 449 - 450):228 عبد العزيز بن يحيى الكناني (-240/ 854، صاحب كتاب الحيدة304،198،105،87،75،58: (GAS 1 /617 عبد الملك بن صالح (بن علي بن عبد الله بن عبّاس؛ تاريخ دمشق الكبير 15/ 194 - 199):313

عبد الملك بن مروان (الخليفة الأموي): 207 عبد الوهّاب بن رستم (هو ابن عبد الرحمن بن رستم، ولي إمرة الاباضيّة بتاهرت وتوفي سنة 208/ 823، سير الأئمة لأبي زكرياء 86 - 126):63، 64،66،164،174،181،182 عبيد بن يقطين (من بني يقطين المقرّبين من الخلفاء العباسيين وكان يقطين يلقّب بصاحب الدولة؛ انظر: جامع الرواة 1/ 527، وفهارس تاريخ الطبري):143 - 145 عبيد الله بن عبد الله المرّي (أحد التوّابين، تاريخ الطبري 5/ 560):96 عبيد الله بن قثم (-181/ 797؛ المعرفة والتاريخ 1/ 143،153،159،161، 163،169،170؛ تاريخ خليفة 440، 461):146 الأمير عدوية بفسا:73 عثمان بن عفّان:47،55،96 عسامة بن عمرو (اختفى عنده بمصر علي ابن النفس الزكيّة):39 عقبة بن سلم (كان عينا للمنصور على الحسنين):40 عقيل بن أبي طالب:83 العلاء بن سعيد (مهلّبي كان واليا على الزاب؛ تاريخ إفريقية للرقيق 125 - 126؛ الحلة السيراء 1/ 87):188 علي بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (سرّ السلسلة العلوية 15 - 16؛ المجدي 68 - 69؛ الشجرة المباركة 23):136،157،159، 290،300،302 علي بن إبراهيم العلوي الجوّاني النسّابة (المجدي 195 و 196):26،45،95 علي بن أحمد بن حاتم (مؤلّف):23 علي بن إسماعيل، أبو الحسن الأشعري: 13،40،41،46،74 علي بن أبي طالب:55،56،63،82، 104،148،180،299 علي بن بلال (أتمّ كتاب المصابيح):18، 31،32،112 علي بن الحسن المثلث العابد (المجدي 66):44،280 علي بن الحسين، أبو الفرج الأصفهاني: 16،17،20،23،25،31،32،35، 38،41،42،45،47،60،69،73، 76،85،95،100 علي بن أبي زرع الفاسي (مؤلف الأنيس المطرب):40،41،61،62،65،66 علي بن صالح بن حيّ (-154/ 771؛ تهذيب الكمال 20/ 464):31 علي بن العبّاس بن الحسن (مقاتل الطالبيين 403):35،42،47،283، 284 علي بن عبد الله بن جعفر:293

علي بن العباس المقانعي (بعد 306/ 919):23 علي بن عمرو بن خالد، أبو خيثمة (يروي عنه ابن سهل الرازي: (Asiatische Studien 54(3991),682 M .Jarrar,in :؛ 59،170 علي بن محمد بن عبد الله النفس الزكيّة: 38،39 علي بن موسى الكاظم (هو علي الرضا؛ المجدي 128):23،27،83 علي بن يقطين (124/ 741 - 182/ 798؛ فهرس ابن النديم 224؛ جامع الرواة 1/ 609):34،145 عمّار بن علي:73 عمر بن بزيع (فهارس الوزراء والكتاب 362):283 عمر بن الحسن بن علي بن علي بن الحسين (المجدي 220):299،300 عمر بن الخطاب:286 عمر بن شبّة، أبو زيد:20 - 29،44،74، 141،144،163،197،198،233، 237،246 عمر بن عبد العزيز:97،98 عمر بن عبد العزيز بن عبد الله بن عبيد الله بن عمر بن الخطّاب (ولي المدينة وكرمان لهارون الرشيد، واليمامة لعيسى بن أبي جعفر المنصور، عزله الرشيد عن المدينة سنة 170/ 786؛ نسب قريش 358؛ المعرفة والتاريخ 1/ 161؛ تاريخ الطبري 8/ 233؛ جمهرة أنساب العرب 153، أنساب السمعاني 9/ 373):53،132،133،138، 139،140،141،284،285،286، 293،294 عمر بن فرج الرّخجي (من أعيان الكتاب في أيّام المأمون وإلى أيام المتوكّل، كان شديد الكره للعلويين؛ مقاتل الطالبيين 599؛ معجم البلدان 3/ 38؛ وفهارس تاريخ الطبري):260 العمري-عمر بن عبد العزيز بن عبد الله عمرو بن الزبير:293 ابن عون اللهبي (من دعاة يحيى بن عبد الله):76،194،198 عيسى بن إدريس (يبدو أنّه المذكور عند ابن الأبار في الحلّة السيراء 1/ 131 - 133):59 عيسى بن جعفر (ولي للرشيد أعمال البصرة وكور دجلة والأهواز واليمامة والبحرين، مات بطبرستان سنة 192/ 807؛ أنساب الأشراف 3/ 275؛ تاريخ خليفة 460،462): 238،246 عيسى بن دأب (الراوي):37 عيسى بن زيد بن علي بن الحسين (مقاتل

(غ)

الطالبيين 405 - 428؛ المجدي 186 - 187):29،31،32،42،47 عيسى بن عبد الله بن الحسن، أخو النفس الزكيّة:41 عيسى بن مهران (راوي؛ رجال النجاشي 210 - 211؛ جامع الرواة 1/ 654): 93،94،95،139 (غ) غيلان الدمشقي (القدري؛ مختصر تاريخ دمشق 20/ 239):96 (ف) فاطمة بنت أسد (والدة الإمام علي بن أبي طالب؛ المحبّر 16،457؛ المجدي 11):180،256 فاطمة بنت الحسين (المجدي 91):53، 180،256،289 فاطمة بنت عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم بن الحسن:162 فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم:180،256 فاطمة بنت عبد الله بن الحسن (أخت النفس الزكيّة):303 أبو الفرج الأصفهاني-علي بن الحسين الفسوي-يعقوب بن سفيان الفضل بن الربيع (-208/ 823، من وزراء الرشيد؛ تاريخ بغداد 12/ 343؛ الوافي 24/ 38 - 41):87،267، 268،308،314 الفضل بن روح (ابن حاتم؛ -178/ 794، عيّنه أبوه على طبنة سنة 171/ 787، وولاه الرشيد إفريقية وكان قدومه إليها سنة 177/ 793؛ تاريخ الرقيق 139 - 160؛ الحلة السيراء 1/ 76 - 85،2/ 362):67،182 - 185 الفضل بن يحيى بن خالد بن برمك (-193/ 808؛ تاريخ بغداد 12/ 334؛ الوافي 24/ 66 - 74): 74،77،78،101،198،217،233 - 236،249 فليت بن إسماعيل (انظر: فليت بن سليمان):304 فليت بن سليمان (أو ربّما تليد بن سليمان Studien 74(3991),022 M .Jarrar,in :Asiatische ؛ وانظر الآن: كتاب رأب الصدع للإمام أحمد بن عيسى، دار النفائس، بيروت 1990، 3/ 1984):76،169،198 (ق) القاسم بن إبراهيم الرسيّ (انظر كتاب Madelung عنه):11،12،13،156 القاسم بن إسحاق بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب (المجدي 298):37

(ك)

القاسم بن محمد بن عبد الله بن الحسن (؟):159 - 161 قريبة بنت محمد بن أبي عبيدة بن عبد الله بن زمعة (والدة يحيى بن عبد الله؛ قارن بعمدة الطالب 84): 303 قصي (جدّ قريش):55 (ك) الكسائي النحوي (علي بن حمزة؛ -189/ 804):313 (م) مالك بن المنذر الكلبي (تاريخ إفريقية للرقيق 159 - 161؛ الحلة السيراء 1/ 84 - 87):67،184،185 مبارك التركي (الوزراء والكتاب 99 - 100):144،289،293،294 المأمون (الخليفة العبّاسي عبد الله بن هارون؛ -218/ 833):83،105،319 المتوكّل (الخليفة العبّاسي جعفر بن محمد؛ -247/ 861):109 محبوب الغلام:311 المحلي (حميد بن أحمد صاحب الحدائق الورديّة):39،71 محمد بن جرير الطبري:17،20،21، 30،33،34،41،68،72،78،79، 83،85،87 محمد بن إبراهيم (بن إسماعيل طباطبا؛ مقاتل الطالبيين 518 - 537):100 محمد بن إبراهيم الإمام (ولاّه المنصور مكة والمدينة واليمن ثم الجزيرة والشام مكان أخيه عبد الوهاب؛ أخبار الدولة العباسيّة 404 - 405؛ أنساب الأشراف 3/ 127؛ تاريخ بغداد 1/ 384):162 محمد بن أبي إبراهيم:76 محمد بن إدريس الشافعي:71،72 - 75،82،84،105،164،194،197، 304 محمد بن الحسن الشيباني (-189/ 804؛ أخبار أبي حنيفة 125 - 135؛ الوافي 2/ 232 - 234):84،105، 247،248،262،264،312،313 محمد بن الحسين بن أبي الخطّاب الزيّات:94 محمد بن الحنفيّة:158 محمد بن خالد بن برمك (عزله الرشيد عن الحجبة سنة 179/ 795 وولاها الفضل بن الربيع، واستثناه من نكبة البرامكة؛ تاريخ الطبري 8/ 261، 296):267،268 محمد بن خالد بن عبد الله القسري (مختصر تاريخ دمشق 22/ 131 - 133):38 محمد بن سليمان بن عبد الله بن الحسن

(المجدي 61):59،298،324 محمد بن سليمان علي العبّاسي (-173/ 789؛ أنساب الأشراف 3/ 94 - 96؛ تاريخ بغداد 5/ 291): 143،147،153،289،294،295 محمد بن سمّاعة الفقيه (-233/ 847؛ الوافي 3/ 139):248 محمد بن صالح بن مهران، ابن النطاح: 25،26،238 محمد الطالبي:41،61،62،68 محمد بن عامر (من دعاة يحيى بن عبد الله):76،197،304 محمد بن عبد الله بن الجارود (انظر: ترجمة أبيه):185 محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن، النفس الزكيّة:11،14،20،23،24، 28،29،30،31،32،36،37،40، 42،43،44،45،46،47،49،50، 51،53،55،75،79،84،90،108، 148،180،208،209،211،241، 303،323 محمد بن علي بن إبراهيم (راوي):19، 132 محمد بن علي بن عبد الله العبّاسي (أنساب الأشراف 3/ 70 - 78):208 محمد بن عمرو بن خالد، أبو علاثة (انظر: ترجمة أخيه علي بن عمرو): 59،170 محمد بن القاسم بن إبراهيم الرسيّ:27، 78،146،153،231،236،237،303 محمد بن أبي نعيم (من دعاة يحيى بن عبد الله):76،198،304 محمد بن يحيى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن (انظر في أولاد يحيى: المجدي 57 - 58؛ عمدة الطالب 126):272 محمد بن يزيد الفارسي (-178/ 794؛ تاريخ إفريقية للرقيق 151 - 155، 162 - 165؛ الحلة السيراء 1/ 84 - 85):187 محمد بن واقد مولى أمير المؤمنين:291، 293،294 أبو محمد الحضرمي:58،60،76،92، 107،164،170 المختار الثقفي:96 مخول بن إبراهيم (من دعاة يحيى بن عبد الله):76،197،304 مسرور الخادم:87،252،253،254، 255،260 - 261،311،314،315 المسور بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف (تهذيب الكمال 27/ 528):57 ابنا مصعب (في شعر):244 معاوية بن أبي سفيان:96،97 ابن معاوية القائد:188 المعلى مولى المهدي (الوزراء والكتاب 160):282

(ن)

المغيرة بن بشر بن روح (عامل الفضل على تونس؛ تاريخ إفريقية للرقيق 151 - 152؛ الحلة السيراء 1/ 77 - 78):183 أبو المغيرة:183 مفضّل الوصيف:146،147 أبو المكارم الجعفري (انظر: الجعفري): 20 ملك الترك:305 ملك الحبشة:158 ملك الديلم:306 منارة الوصيف القائد:146،147 المنصور-أبو جعفر عبد الله بن محمد منصور البخاري:76،198،272 منصور بن زياد (كاتب يحيى البرمكي، الوزراء والكتاب، فهارسه):77 منصور النمري (الشاعر):194 المهدي العباسي، محمد بن عبد الله:29، 30،32،34،36،42،45،50،281، 282،283،284 المهلّب بن رافع (تاريخ إفريقية للرقيق 161):185 موسى أطبق-موسى الهادي بن محمد بن عبد الله موسى الكاظم بن جعفر الصادق:20، 27،33،135،253،286،298، 301 موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن (مقاتل الطالبيين 390 - 398؛ المجدي 45):31،37،38،44،79،159، 301،303 موسى بن عيسى العبّاسي (-183/ 799؛ ولاة مصر 155 - 159،163):50، 60،61،143،145،147،152، 153،171،228،289،293،294، 296،297،298،301 موسى الهادي بن محمد بن عبيد الله العبّاسي:11،46،51،54،57،142، 144،153،159،160 - 161،281، 284 ميكائيل (الملاك):180 (ن) نذير بن يزيد بن خالد:38 النضر بن حفص (تاريخ إفريقية للرقيق 153،164 - 166):188 النضر بن العنبر:183 (هـ‍) هارون الرشيد بن محمد المهدي:11، 26،35،68،77،78،79،84،87، 92،101،164،169،170،184، 189،190،194،195،216،218، 227،229،231،232،236،237، 239،241،243،245،246،248،

(و)

250،251،252،257،260،264، 270،304،305،307 - 314،316، 317،325 هارون الوشّاء (راوي):105 هارون بن وقدان الأنصاري:184 هرثمة بن أعين (من كبار قوّاد العبّاسيين؛ -200/ 815؛ فهارس تاريخ الطبري؛ تاريخ الرقيق 161 - 169):68،186، 187،268،305 هشام بن يوسف الأبناوي (سير أعلام النبلاء 9/ 580):82 هناد بن وبره:184 هند بنت أبي عبيدة:303 (و) واضح مولى المنصور (كان على بريد مصر وهو جدّ اليعقوبي المؤرخ؛ ولاة مصر 143؛ حسن المحاضرة 2/ 10):61، 170،325 أبو الورد (من قوّاد العبّاسيين):146 وزير بن إسحاق:291،293،294 وداد القاضي:82،84 وهب بن وهب أبو البختري (قاضي القضاة؛ -200/ 815؛ نسب قريش 222؛ أخبار القضاة لوكيع 1/ 248 - 254؛ رجال الكشي 261؛ جامع الرواة 2/ 302 - 303):77،80،84، 216،217،227،249،262،263، 310،311،312،313 (ي) يحيى بن خالد البرمكي (-190/ 804؛ سير أعلام النبلاء 9/ 89 - 90):84، 249،263،269،306 يحيى بن زيد بن علي بن الحسين (مقاتل الطالبيين 152 - 158):148،208 يحيى بن مالك الخزاعي (من أعيان الجبال):271 يحيى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن: 11،17،26،42،43،52،54،57، 68،71،73،77،81،83،85،91، 105،107،131،134،135،136، 140،143،147،150،156،158، 162،165،169،190،192،196، 197،200،218،219،220،228، 229،233،234،235،236،237، 239،241،243،245،246،247، 248،252،253،258،260،261، 264،266،268،285،286،290، 300،303،304،306،307،308، 310،311،312،314،317،318، 319 يحيى بن مساور:76 يحيى بن موسى الكندي (من قواد

هرثمة بن أعين ويختلط اسمه عند الرقيق القيرواني باسم يقطين بن موسى؛ الحلة السيراء 1/ 87؛ البيان المغرب 1/ 88):186،187 يزيد بن حاتم بن قبيصة (-170/ 786؛ سير أعلام النبلاء 8/ 208):38 يزيد بن خالد القسري (مختصر تاريخ دمشق 27/ 338):39 يزيد بن معاوية (يسمّيه يزيد الخمور): 207 يزيد بن الوليد عبد الملك:97 يعقوب بن إبراهيم، أبو يوسف القاضي (-182/ 798؛ وفيات الأعيان 6/ 378 - 390):85،247،248 يعقوب بن داود (ابن طهمان الوزير؛ -182/ 798؛ سير أعلام النبلاء 8/ 306 - 309):32،33،34،35 يعقوب بن سفيان الفسوي:72،73 يقطين بن موسى (كان منقطعا إلى أبي سلمة الخلالّ، ثم قرّبه المنصور وعمل للخلفاء العباسيين إلى أن توفي سنة 185/ 801؛ المعرفة والتاريخ 1/ 119،156؛ أخبار العباس 231؛ أنساب الأشراف 3/ 201 - 203،274؛ تاريخ الطبري 3/ 103،390،486، 502،520،562،567،630،650؛ الوزراء والكتاب 166؛ جامع الرواة 2/ 351، وفيه: يقطين بن يقطين): 144،145،147،148،185 يوسف مولى آل الحسين الفخي:53،54، 289،290 أبو يوسف القاضي-يعقوب بن إبراهيم يونس بن إبراهيم الرازي (من دعاة يحيى بن عبد الله):76،198،304 يونس البجلي (من دعاة يحيى بن عبد الله):76،304

5 - فهرس الأماكن

5 - فهرس الأماكن (أ) أبهر (مدينة بين قزوين وزنجان وهمذان؛ معجم البلدان 0/ 82 - 83):216، 218 الأبواء (قرية من أعمال الفرع بالمدينة؛ معجم البلدان 1/ 79 - 80؛ المغانم المطابة 5؛ خلاصة الوفاء 510):28، 37،99،295 أثيب (ناحية سويقة، قارن بأبي علي الهجري وأبحاثه 181، وأرى أنها ليس أثيب التي ذكرت فيه ص 287):237 أرض الحجاز:237 أرض المغرب:304 أرمينية:70،71،190 أرنبوية (من قرى الرّي؛ معجم البلدان 1/ 162):87،269 أطرابلس (الغرب؛ وانظر طرابلس): 185 - 187 إفريقية:17،60،65،173،324،325 الأقاليم الشرقيّة:48 أمصار المسلمين:163 أندلس:328 الأهواز:31 (ب) باب ابن أبي الربيع (بالقيروان):187 باب جبريل (من أبواب مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم؛ خلاصة الوفا 340 - 341؛346):289 باب الزّوراء (من أبواب مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، والزوراء موضع قرب سوق المدينة وقيل اسم لسوق المدينة؛ المغانم المطابة 173؛ وأخبار المدينة 16):294 باب مروان (من أبواب مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم؛ خلاصة الوفا 337، 346):292 باب المسجد بالمدينة:288 البحر الأحمر:49 بحر الخزر:77 بخارى:272

(ت)

برقة (معجم البلدان 1/ 388):186 البصرة:11،31،38،49،158،290،305 بطن مرّ (من نواحي مكة تبعد عن عسفان ثلاثة وعشرون ميلا؛ مناسك الحربي 355 هامش،463،464 - 465): 279 بطن نخل (قرية قرب المدينة على طريق البصرة؛ المغانم المطابة 57، وخلاصة الوفا 522، وفهارس المناسك للحربي):293،294 بغداد:42،70،71،105،189،190، 219،257،268،281،283،302، 304،319 البقيع (ثمّة أكثر من بقيع بالمدينة سوى بقيع الغرقد حيث المقبرة؛ معجم البلدان 1/ 473 - 474؛ المغانم المطابة 1/ 61 - 63؛ خلاصة الوفا 524 - 525):281،285 بلاد الإسلام:271 بلاد الجبل:218 بلاد الجزيرة (الفراتيّة):70،190 بلاد الترك:272 بلاد الروم:264،267 بلاد السودان:41 بلاد الشرك:271،272 بلاد العجم:264 بلاد النوبة (بلاد واسعة عريضة جنوبي مصر بعد اسوان على ساحل النيل تواجه بحر تهامة؛ معجم البلدان 5/ 308 - 309):41 بلاط الفاكهة (في بلاط المدينة حول المسجد؛ أخبار المدينة 248؛ وانظر في بلاط المدينة: خلاصة الوفا 354 - 358):291 بلخ (مدينة بخراسان؛ معجم البلدان 1/ 479):70،73،305 بلدح (واد قبل مكة لجهة الغرب؛ معجم البلدان 1/ 481 - 480):290،300 (ت) تادلة (منطقة واسعة من مناطق البربر بين أغمات وفاس، يخترقها وادي وانسيفن، مقدمة أحمد التوفيق على التشوّف في رجال التصوّف 18 - 19؛ المغرب للبكري 154 - 155):61،66 بئر المطّلب (هو المطلب المخزومي، بئره على طريق الحاج على أربعة إلى سبعة أميال من المدينة؛ المناسك للحربي 422،524 - 525؛ المغانم المطابة 48 - 49):293 تامسنا (ساحل بلد برغواطه؛ المغرب للبكري 87؛ الروض المعطار 129): 59،66 تاهرت (مدينة بأقصى المغرب في الجزائر اليوم على الطريق من تلمسان إلى المسيلة كانت عاصمة الرستميين؛

(ج)

معجم البلدان 2/ 7؛ الروض المعطار 126):63،175،324 التبت (في الاقليم الرابع متاخمة للصين، وهي هضبة التبت اليوم؛ معجم البلدان 2/ 10 - 11):272 تهامة (الساحل الغربي لجزيرة العرب، ساحل مكة نزولا إلى اليمن؛ معجم البلدان 2/ 63 - 64):31،69،303 تلمسان:41،66 تونس:183،185 ثغور الروم:267 (ج) الجبال (بين أصبهان والريّ):31،73 جبال المغرب:63 جبل نفوسة (مجاور لا طرابلس الغرب بينها وبين غدامس؛ المغرب للبكري 157،160،182؛ الروض المعطار 578):62،174 الجبل (الجبال):158،198،284 جدّة:56 جرجان:77،198،284 الجزيرة:292 الجزيرة الفراتية:70 الجوانيّة (قرية من قرى المدينة؛ المغانم المطابة 97، خلاصة الوفا 534):27 جوزجان:70،73،305 جيلان:77 (ح) الحبشة:17،55 - 57،60،70،157، 163 الحجاز:26،31،35،47،49،54،60، 68،157،162 حدبا (كان ينزل بها موسى بن جعفر الصادق، ولم أقع على موضع بهذا الاسم):286 حلوان (انظر الحاشية):87 (خ) خراسان:27،28،39،43،56،69،72، 87،88،194،208،269،284، 305،306 الخلد (قصر الرشيد ببغداد؛ معجم البلدان 2/ 382):319 (د) دار ابن أفلح بالبقيع:53،285 دار الشّرك:226 دار عمر بن الخطّاب (كانت تسمى دار القضاء واشتراها معاوية بن أبي سفيان؛ أخبار المدينة 233 - 234):138 دار محمد بن إبراهيم (بالمدينة):284

(ز)

دار مروان (هي دار مروان بن الحكم كان ينزلها ولاة المدينة؛ أخبار المدينة 256؛ وفهارس تاريخ الطبري):50، 134،138،295 دار يزيد (هي دار يزيد بن عبد الملك بالمدينة؛ أخبار المدينة 256،257): 50،292،294 دستبا (كورة بين الري وهمذان وقزوين؛ معجم البلدان 2/ 454):216،217 دنباوند (جبل بنواحي الري؛ معجم البلدان 2/ 475):198،218 دومة الجندل:38 الديلم:11،12،17،68،69،72،74، 77،79،89،197،212،217،236، 302،306 زو النّخيّل (قصر ومنازل وسوق كانت للحسين الفخّي؛ مناسك الحربي 520 - 521):282 رأس الجسر (علّقت عليه في الحاشية): 171 رأس حاطبة (على ساحل عسفان):56 الرّافقة (بلد متّصل بالرّقة على ضفّة الفرات):86،94،317 الرّبذة (من قرى المدينة، على ثلاث أيام منها باتجاه مكة؛ مناسك الحربي 326 - 328؛ معجم البلدان 3/ 24):294 رحبة دار القضاء (بالمدينة؛ أخبار المدينة 233 - 234):291 الرّقة:77،84،310،312،316 روذبار (ناحية من طسوج أصبهان، وكذلك موضع بطوس؛ معجم البلدان 3/ 77):313 الرّويان (مدينة من جبال طبرستان وكورة واسعة، معجم البلدان 3/ 104): 198،218 الري (قصبة بلاد الجبال؛ معجم البلدان 3/ 116 - 118):70،77،78،87، 198،216،269 (ز) الزّاب (على أطراف الصحراء في سمت بلاد الجريد من عمل إفريقية وهي مدن كثيرة منها المسيلة وبسكرة، وهي على عشر مراحل عن القيروان؛ الروض المعطار 281):66،164،188،305 زاب افريقية:41،66 زقاق عاصم (بالمدينة):138 زنجان (بلد من نواحي الجبال قريبة من أبهر وقزوين؛ معجم البلدان 3/ 152):216 (س) السائرة (على أميال من المدينة؛ مناسك الحربي 340 - 341):272 سجستان (معجم البلدان 3/ 190 - 192):207

(ش)

سرت (بين برقة وطرابلس الغرب على الساحل):189 سرف (عشرون ميلا عن مكة باتجاه المدينة؛ مناسك الحربي 464 - 465):52،146 السّند:35 سواد العراق:205 سواد الكوفة:31 السوس الأدنى:65 السوس الأقصى:181 سويقة بني حسن (عين على ميل من السيّالة؛ مناسك الحربي 443 - 444؛ خلاصة الوفا 566 - 567):57،133، 134،237،272 (ش) شالة (في وادي سلا؛ المغرب للبكري 87):59 الشام:37،48 شعب الحضارمة (في مكة):57،58، 163 شلف (قرب مليانة في الجزائر اليوم):175 شمال إفريقية:49،60 شهر برد:208 (ص) الصفا (مكة):147 صفين:104 صعيد مصر:56 صنعاء:16،70،71،80،194 صنما (؟):175 الصين:49 (ط) الطالقان (هناك أكثر من طالقان والمقصود هنا طالقان قزوين؛ معجم البلدان 4/ 7):199 طبرستان (من بلاد الجبل):69،70،72، 196،218،272،306 طرابلس (وانظر اطرابلس):188 طرم (مشرفة على قزوين):77 طنجة:59،64،67،182،188،325 طينابس (؟ قريبة من القيروان):184 (ع) العراق:68،157،306 عرفات:52،142 عسفان (من أودية مكة؛ مناسك الحربي 463 - 464):55 العقيق (على نحو ميلين من المدينة؛ مناسك الحربي 420):298،299 عمير (؟ من ضياع يحيى بن عبد الله بالمدينة):272 عيذاب (على ساحل البحر الأحمر في الشاطىء الإفريقي، ميناء للحاج؛ معجم البلدان 4/ 171؛ الروض المعطار 423):55،56،157

(ف)

العيص (واد فيه عيون؛ مناسك الحربي 413؛ المغانم المطابة 288):272 عين سويقة (انظر سويقة):272 غمرة (منهل من مناهل مكة، من أعمال المدينة وهو فصل ما بين تهامة ونجد؛ معجم البلدان 4/ 212):294 (ف) فارس:70،73 فاس:324 فخّ (من فجاج مكة على بضعة أميال منها؛ معجم البلدان 4/ 237 - 238؛ الروض المعطار 436 - 437):11،17،51،60، 131،147،153،159،212،280، 290،292،295،296،322،324 فرع المسور (منسوب للمسور بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، وهو من أودية الأشعر قرب سويقة بني حسن؛ وفاء الوفا 4/ 1281):57، 158،169 فسا:70 (ق) قبر الحسين بن علي بن أبي طالب:109، 213 قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم:323 قديد (قرية جامعة بطريق مكّة؛ مناسك الحربي 459؛ المغانم المطابة 334):55 قزوين:216،218،219 قصر الذهب ببغداد:319،320 قومس (في جبال طبارستان بين الري ونيسابور؛ معجم البلدان 4/ 414): 198،272،309 القيروان:62،65،68،164،182 - 189 (ك) الكعبة:55،82 كور الجبل:218 الكوفة:17،31،47،52،53،57،158، 281،283،284،290،302،305 (م) مازندران (اسم لولاية طبرستان):77 مدينة السلام (بغداد):236 المدينة:11،27،39،41،78،80،132 - 134،138،142،144،158،237، 239،272،281،282،284،287، 292،295،305،308 مسجد جامع أهل بغداد الغربي:319، 320 مسجد عبد الله بمصر:173 مسكن (في سواد العراق؛ الروض المعطار 558):205 مصر:15،28،35،38،39،48،58، 60،70،92،107،164،170،171،

(ن)

182،189،303،324 المصّيصة (بالثغر الشامي قرب أنطاكية؛ معجم البلدان 5/ 144 - 145):87، 267 معتك (على ساحل عسفان ومنها العبور إلى عيذاب):56،157 معدن بني سليم (من أعمال المدينة؛ مناسك الحربي 333 - 336؛ المغانم المطابة 386):294 المغرب:11،34،40،69،164،169، 170،171،186،302،324،326، 327،328 المغرب الأقصى:62،66 مكّة:30،33،48،52،72،142،146، 219،267،289،290،295،297، 299 مكناسة:66 مليانة (بالجزائر اليوم؛ المغرب للبكري 61؛ الروض المعطار 547):63،164، 181 منى:163،326 المنارة التي عند رأس النبيّ (يبدو أنها السارية التي عند رأس القبر عند زاويته الغربية؛ خلاصة الوفا 296):138 منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم:287،288،290،323 الموصل:257 موضع الجنائز (في مسجد المدينة؛ أخبار المدينة 4 - 5؛ خلاصة الوفا 274 - 275):291 مياه غطفان:299 (ن) النّهران (بسواد الكوفة؟):77 النّهروان:199 (هـ‍) همذان:77،216،218 الهند:49 (و) وازقّور [ربما وازمور]؛ انظر: المغرب للبكري 124):59 واسط:31،287 وادي ملوية (شمال فاس؛ المغرب للبكري 88 وفهارسه):65 وليلى (-وليلة في مخطوطة أخبار فخ، من أرض فاس وقيل هي طنجة بالبربرية؛ المغرب للبكري 108،115، 118؛ الروض المعطار 609 - 610): 61،64،65،181 (ي) اليمن:13،28،37،49،69،70،71، 73،75،81،83،105،190،303، 304 ينبع:161،272

6 - فهرس الفرق والجماعات

6 - فهرس الفرق والجماعات آل أبي طالب:139،239،313 آل برمك (انظر: البرامكة):267 آل بيان الدورقي:173 آل البيت (انظر: أهل البيت):56،58، 108 آل جستان:77 آل جعفر بن أبي طالب:270 آل الحسن (انظر: بنو حسن):32،34، 48 آل الحسين:289 آل سليمان بن علي:147 آل العبّاس (انظر: بنو العباس، العباسيّون):291 آل عبد الله بن الحسن:134 آل المهلّب (انظر: المهلبيّون):63،66، 183 آل النبيّين:205 الإباضيّة:66،67،90 إباضيّة الجبل:64 إباضيّة شمال إفريقية:62 الأبناء:72،82،83،183،185،187، 194 أبناء الجند:188 أبناء خراسان:184 الأدراسة:59،64 الأشراف:51،54،237،295 أشراف الحجاز:48،78 أشياع العلويين:39 الأعراب:295 أمّهات الأولاد:308،310 الأمويون:28،43،99،102 الأنصار:36،54 أهل الأمصار:142 أهل البصرة:65،241 أهل البيت (انظر: آل البيت):13،271 أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم:241 أهل بيت النبيّ:165 أهل تهامة:303 أهل الجبل:91،101 أهل جرجان:235 أهل الحجاز:303 أهل الحرمين:69،303 أهل حضرموت:58 أهل خراسان:40،183،290،305،

306 أهل الرأي:216 أهل الريّ:235 أهل الشام:188،295 أهل شلف:64،175 أهل طبرستان:235 أهل العراق:164 أهل العراقين:306 أهل قزوين:235 أهل المدينة:50،54،142،290،293 أهل المشرقين:306 أهل مصر:18،108،295 أهل مكة:58،163،284 أهل المغرب:163 أهل نفّوسة (انظر: نفّوسة):63،174، 181 قبيلة أوربة:63،65 البجّة:56 البرامكة (انظر: آل برمك):78،85،86، 87،88،268 البربر:18،66،174،179،326 البترية:34 برغواطة:66 بنو أمية:213 بنو حسن:50،244 بنو زمعة:250،263 بنو العبّاس (انظر: العباسيّون):152 بنو مدرار:66 بنو هاشم:136،228 الترك:201،239،305 التوّابون:96 جعف:283 الجند:185 جند إفريقية:189 جند البصرة:143 جند خراسان:29،50 جهينة:140،295 جواري أهل المدينة:299 الحركة الزيدية:54 الحسنيّون:11،40 الحضارمة:39،58،70،108،170 خزاعة:55،156،287 الخوارج:62،96،173،182 الدّعاة (انظر فهرس المعتقدات والاصطلاحات والمفاهيم) الديلم:201،239 الرّافضة:95،108،166 الزبيريّون:54،80،84،247 زناتة:66،175،187 الزنادقة:37 زواغة:64،175 الزيدية:11،13،14،33،63،67،74، 75،90 زيدية الديلم:100 سدراتة:64 السودان:50،51

الشيعة:46،170،189،327 شيعة أبي (يعني علي بن أبي طالب؛ من قول إدريس بن عبد الله):149 الشيعة الكوفيّون:280 الصفرية:64،65،66،181 صنهاجة:64،175 ضمرة:295 الطالبيّون:36،47،48،50،51،53، 55،170،237،281،285،295 العامّة:303 العبّاسيّون (انظر: آل العباس، بنو العبّاس):13،29،43،100،295 العلويّون:29،32،83 العلماء:303 علماء آل محمد:328 غفار:295 الغلاة:108،166 الغيلانيّة:97 الفاطميّون:290 الفقراء والمساكين:141 الفقهاء:248،251،252،303،304، 310 القادوسيّون:77 القبائل الحجازيّة:54 قبائل مزاتة:64 القدرية:97 القرشيّون:248،251،262 قريش:250،263،292 القوّاد:303،316 لواتة:64،175 لمبيّضة:291،292،293،294،299 متكلموا الشيعة:327 مراد:227 المرجئة:74،90،96 مزينة:295 المسوّدة:153،154،181،182،328 مطغرة:66 المعتزلة:28،36،43،55،63،64،74، 108،173،181 المعدّلون:218،219،228 المهلبيّون (انظر: آل المهلّب):67 الموالي:29 موالي آل العبّاس:293 موالي الدولة:29 نساء العرب:225 النّصارى:103،150 النصرانية:66 نفّوسة (انظر: أهل نفّوسة):187 اليهود:103،150 اليهوديّة:66

7 - فهرس الألفاظ اللغوية والحضارية

7 - فهرس الألفاظ اللغوية والحضاريّة إبل:290 إداوة:280 الأرباع (أصحاب الأرباع):191 أرزاق:184 إزار:281 أزج (معجم الألفاظ الفارسية 9):30، 320 أساطين:319 أسواق:304 أعلام:209 الألطاف:228 أنبوبة قصب:259 برذون:298 برطلة (قلنسوة؛ لسان العرب299: (Freytagh 901 /1 ؛320 /1 البريد:173،217،236،282 بريد مصر:170،325 بستوقة (معجم الألفاظ الفارسية256: (Dozy 38 /1 ؛22 بغال البريد:191 بغل:191،193،270،298 بيت المال:141،184 البيضة:289،291،292 تابوت:270،271 ترس:291 ثوب حرير:199 ثوب خزّ:199 ثياب:315 الجادّة:280 جابية:320 جاسوس:231 جام315: (Dozy 861 /1) جبّة:281 جواري:308 جوائز:145،228 جويم (تصغير جام):315 الجيش:297 الحبس:252،313،316 حرير:150 حمار:253 خان:191 خريطة:191

خفّ:311،312،313 الخصيان:214 خلعة:315 خلقان191: (Dozy 993 /1) خمر:198 خنزير:212 دواة:249،263 درع:156 دهن بنفسج:297 ديوان الخراج:216 ديوان خراج الأرض:216 ديوان العطايا:291 الرّصد:284 رقيق:308 ركوة:280 رماح:323 الزّجور:222 السجن:246 سراويل:258 سرداب:314 سريحة:191 سكة البريد:191 السكك:304 سكين:311،313 سمّ:164،186،189،252،327 سمكة:326 سنون:325 سؤّال:173 سوق (انظر: أسواق):191 سويق:327 سويق لوز:297 شكوة262: (Dozy 087 /1) شملة:172 صاحب رقيق:308 صوف:198 طبّاخ:318 طبّال:313 طلائع:295 العقابان:301 العلهز:220 العمّال:169 عمامة:191 عمامة بيضاء:288 عمامة حمراء:140 عمود حديد:292،322 العيون (جاسوس):169،295 القينات:323 الغرماء:282 غضارة:261 غلمان:286 فرانق البريد (معجم الألفاظ الفارسيّة 119):191 فرش:239 الفقه:313 قدرة عدسيّة:314 قدر مدينيّة:253،261

قرطاسة:318،319 قصعة من خشب:253 قصور:304 قطار الإبل:280 قلنسوة (معجم الألفاظ الفارسيّة289: (Dozy 104 /2 ؛128 قميص:156 قنفذ:156 قوس:144 كبر (قميص تحت الدرع):156 كراع:199 كرسي حديد:317 كشتبر (شرح في موضعه):171 كلاب:212 ماء ورد:297 مائدة:315،318 متطبّب:325 محمل:280 مخادّ:258 مراصد:169،190،304 مركب:157،257 مسلحة/مسالح:191 - 193،288 مضرب:326 المطبق:157،158،258 مطرقة:302 المغفر:289 مقرمة (محبس الفراش؛ لسان العرب): 258 مقصورة:286 مقلاة:222 المنازل السلطانيّة:316 مناشير:160 منديل:315 مؤامرة (كتاب رسمي):320 النّحو:313 نشّاب:156،291،292،297 نظام البريد:29 الهبيد:220 هدايا:199 وسائد:238

8 - فهرس المعتقدات والاصطلاحات والمفاهيم

8 - فهرس المعتقدات والاصطلاحات والمفاهيم آخر الزّمان:164 أبناء الطلقاء:207 إحياء السنّة:176 إرث الخلافة:208 الاستئثار بالفيء:96،149 الاعتزال:65 الأعراف والعادات98: (consuctudo) الإمام الجائر:34 إمامة النصّ والنّسق:14،33،37 الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:14، 149،178،197 أملاك القرشيّين:49 أنصار الله:106،151 أنصار رسول الله:151 أنصار الكتاب والسنّة:179 أنصار محمد:247 أنصار المهدي:236 أهل الإلحاد:209 أهل بدر:279 أهل الجور:177 أهل الزيارة:288 أهل السنّة والجماعة:15 أهل الشّرك:217 أهل الفرية:108،166 أهل القرآن:148 أهل المعاصي:177 أهل الولاية الباطنة:167 البراءة من علي بن أبي طالب:174 تأخير الصلاة:99 تأويل القرآن:103،104،150 تجمير البعوث:99 التحكيم بين علي ومعاوية:96،98 التطريب (في قراءة القرآن):104 تعطيل الحدود:149 التمييز:105،107 التوحيد:306 ثورة ابن الزبير:48 ثورات الطالبيين:19،23،24،27 الجبابرة:269 جنود الضالين:209 الجهاد:105 - 106،150 جيش الطواويس:208

الحبوة:104 حركة الفتوح:47 حزب الخائنين:209 حزب الشيطان:204 الحكم الأموي:48 الخروج بالسيف:14،82 الخلافة العبّاسية:11 الخيرة:104 دروس الكتاب:103،150،176 الدّعاة:197 دعاة زيد بن علي:37 دعاة الزيدية:100 دعاة عيسى بن زيد:31 دعاة النفس الزكيّة:37 دعاة يحيى بن عبد الله:106،164،305 دعوة:90،108 الدعوة الإباضيّة:14 الدعوة الزيدية:32،43 الدعوة الطالبيّة:53 دعوة عادلة غير جائرة:180 الدعوة العباسيّة:43،56،77 الدعوة إلى «كتاب الله وسنّة نبيّه» (انظر: كتاب الله وسنّة نبيّه) دعوة المهدي:55 الدعوة الهاشميّة:99 الدولة الإباضيّة:63 دولة الأدارسة:11،12 الدولة الإسماعيليّة:15 الدولة الرستميّة:64 الدولة الزيدية:12،89 الدولة العباسية:11،13،14،15،28، 48،50 الدولة الهادوية باليمن:13 ذوو السابقة:205 رأس الطاغوت:145 رسائل في العقيدة:92 الرضا من آل البيت:43 الرضا من آل محمد:93،99،100 الرّافضة (انظر فهرس الفرق) الرّفض:74. رفع اليدين في الصلاة:99 زواج المتعة:99 السلطة العباسيّة:36 السلف الصالح:101 السنّة:98 سنّة الخلفاء:98 سنّة الرسول:99 سنّة الظالمين:323 السنّة العادلة:93،97،98 سيرة أهل الحقّ:182 سيرة الرسول:90 السيرة بمعنى رسالة في العقدة:90،99، 108 الشيطان:103 الشيعة الإثنا عشرية:15 صلاة الجنائز:279

صوافيّ الخاصّة:291 عادات ملزمة98: (Statutum) عترة الرسول:166 العدل في الرعية والقسم بالسّويّة:93، 96،176 العروة الوثقى:166 الفتنة:103 الفتنة زمن عثمان بن عفّان:39 الفراعنة:269 الفسق والفجور:102 قاضي القضاة:216 قسمة الفيء:97،99 كاريزما55،33،14،13: (Charisma) كتاب الله وسنّة نبيّه (الدعوة إلى. .):55، 93،95،97،101،139،148،167، 176،287،288،323 - 324،328 كفّارة اليمين:310 المارقون:204 محمّد يا منصور:209 المسح على الخفّين:99 معركة الحرّة:48 (إمامة) المفضول:64 ملّة الإسلام:151 المهدي/المهدية:14،28،37،51،55، 236 (يحيى بن عبد الله)،244 (في شعر) النبوّة:205،321 الوصي:166 يوم التروية:147 يوم الدّار:96

9 - فهرس الكتب

9 - فهرس الكتب كتاب أخبار أبي طالب وولده، للمدائني علي بن محمد:25 كتاب أخبار صاحب فخ، للجواني علي بن إبراهيم:26،45،47 كتاب أخبار العبّاس وولده، منسوب لابن النطّاح:25 كتاب أخبار المدينة، للحسن بن زبالة:21،26 كتاب أخبار المدينة، لعمر بن شبّة:25،26 كتاب أخبار المنصور والمهدي والهادي، للمدائني علي بن محمد:25 كتاب أخبار يحيى بن عبد الله، للجواني علي بن إبراهيم:26،45،95 كتب أسماء من قتل من الطالبيين، للمدائني علي بن محمد:25 كتاب الإفادة في أخبار الأئمّة السّادة، للناطق بالحقّ:70،76 كتاب تاريخ إفريقية، للرقيق القيرواني:67 كتاب تيسير المطالب، للناطق بالحقّ:18 كتاب مقاتل الطالبيين، لأبي الفرج الأصفهاني:16،26،33،70،71،89،93 كتاب مقتل عثمان، لعيسى بن مهران:94 كتاب المهدي، لعيسى بن مهران:94

10 - فهرس الشعر

10 - فهرس الشّعر أبي \الطويل \2\موسى بن عبد الله العلوي \301 ببلدح \الطويل \3\هاتف \300 حداد\السريع \3\تنسب لعدد من الطالبيين \193،195 منكرا\الطويل \3\الحسين الفخّي \300 فرار\الكامل \3\الهنّازي/أشجع السلمي \323 - 324 شفير\الوافر\6\منصور النمري \194 - 195 ساقا\البسيط\1\تنسب لأبي داود الإيادي \308 تأويله \الرجز\1\سلمان الفارسي \104 منكما\الكامل \15\بكار بن عبد الله الزبيري \243 - 244 عثمانا\مجزوء الكامل \8\بكار بن عبد الله الزبيري \244 - 245 الحدثان \الطويل \1\موسى بن عبد الله العلوي \302 الحزن \البسيط\9\بكار بن عبد الله الزبيري \241 - 242، ومنها بيت ص 247 حسن \البسيط\7\داود السلمي/داود بن \302 علي العبّاسي مهديّها\الكامل \4\بكار بن عبد الله الزبيري \243

11 - فهرس الخطب والرسائل

11 - فهرس الخطب والرسائل نصّ بيعة الحسين بن علي الفخّي:139 دعوة الحسين بن علي الفخّي:288 خطبة الحسين بن علي الفخّي قبل المعركة:148 خطبة أخرى للحسين بن علي الفخّي:149 - 150 خطبة ليحيى بن عبد الله قبل موقعة فخّ:150 - 152 خطبة يحيى بن عبد الله في وجوه أهل الجبل:220 - 226 رسالة إبراهيم بن أبي يحيى التي كتبها عن يحيى بن عبد الله إلى أبي محمد الحضرمي بمصر:164 - 168 رسالة إدريس بن عبد الله إلى قبائل البربر:175 - 181 رسالة يحيى بن عبد الله لهارون الرشيد حين عرض عليه الأخير الأمان:201 - 215 نسخة كتاب الأمان الذي طلبه يحيى من الرشيد:228 - 232 نسخة كتاب الأمان الذي طلبه يحيى من الفضل بن يحيى:233 - 234 رسالة إدريس بن عبد الله إلى أهل مصر:321 - 324

§1/1