أخبار الوافدات من النساء على معاوية بن أبي سفيان

ابن بَكَّار

حديث أم سنان بنت خيثمة بن خرشة المذحجية

حَدِيث أم سِنَان بنت خَيْثَمَة بن خَرشَة المذحجية اُخْبُرْنَا القَاضِي أَبُو الْقَاسِم قَالَ اُخْبُرْنَا أَبُو بكر الدوري عَن شُيُوخه قَالَ حَدثنَا الْعَبَّاس بن بكار قَالَ حَدثنِي عبد الله بن سُلَيْمَان الْمَدِينِيّ عَن أَبِيه عَن سعيد بن جُوَيْبِر قَالَ حبس مَرْوَان بن الحكم غُلَاما من بني لَيْث فِي جِنَايَة جناها بِالْمَدِينَةِ فَأَتَتْهُ جدة الغلأم أم أَبِيه وَهِي أم سِنَان فكلمته فِي أَمر الغلأم فاغلظ لَهَا مَرْوَان فَخرجت إِلَى مُعَاوِيَة إِلَى الشأم فاستاذنت عَلَيْهِ فاذن لَهَا فَلَمَّا دخلت عَلَيْهِ أنتسبت لَهُ فَقَالَ مرْحَبًا بك يَا بنت خَيْثَمَة مَا اقدمك ارضنا وَقد عهدتك تشنئين قربي وتحرضين عَليّ عدوي قَالَت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ ان لبني عبد منَاف احلأما ظَاهِرَة واخلاقا طَاهِرَة لَا يجهلون بعد علم وَلَا يسفهون بعد حلم وَلَا يعاقبون بعد عَفْو وان أولى النَّاس بِاتِّبَاع سنَن ابائه أَنْت

قَالَ صدقت نَحن كَذَلِك فَكيف قَوْلك ... عزب الرقاد فمقلتي لَا ترقد ... وَاللَّيْل يصدر بإلهموم ويورد ... يَا ال مذْحج لَا مقَام فشمروا ... ان الْعَدو لال احْمَد يقْصد ... هَذَا عَليّ كإلهلال تحفه ... وسط السَّمَاء من الْكَوَاكِب اِسْعَدْ ... خير الخلائف وَابْن عَم مُحَمَّد ... فَكفى بِذَاكَ لمن شناه تهدد ... مازال مذ عرف الحروب مظفرا ... والنصر فَوق لوائه مَا يفقد ... قَالَت قد كَانَ ذَلِك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وَأَنا لَنَطْمَع بك مِنْهُ خلفا فَقَالَ رجل من جُلَسَائِهِ كَيفَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وَهِي القائلة ... إِمَّا هَلَكت ابا الْحُسَيْن فَلم تزل ... بِالْحَقِّ تعرف هاديا مهديا ... فَاذْهَبْ عَلَيْك سلأم رَبك مَا دعت ... فَوق الغصون حمأمة قمريا ... قد كنت بعد مُحَمَّد خلفا لنا ... أوصى اليك بِنَا فَكنت وفيا ... فاليوم لَا خلف يؤمل بعده ... هَيْهَات نأمل بعده انسيا ...

قَالَت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لِسَان نطق وَقَول صدق وان نحقق فِيك مَا أملناه فحظك الأوفر وَالله مَا أورثك الشنآن فِي قُلُوب الْمُسلمين إِلَّا هَؤُلَاءِ فَارْفض مقالتهم وابعد مَنْزِلَتهمْ فانك ان فعلت ازددت من الله قربا وَمن الْمُؤمنِينَ حبا قَالَ وانك لتقولين ذَلِك قَالَت سُبْحَانَ الله مَا مثلك من مدح بباطل وَلَا اعتذر إِلَيْهِ بكذب انك لتعلم ذَلِك من رَأينَا وَضمير قُلُوبنَا كَانَ عَليّ وَالله أحب الينا مِنْك اذ كَانَ حَيا وَأَنت فِي إلاحياء أحب الينا من غَيْرك ان كنت بَاقِيا قَالَ فَمِمَّنْ شكواك قَالَت من مَرْوَان بن الحكم وَسَعِيد بن الْعَاصِ قَالَ فَفِيمَ استحققت ذَلِك عَلَيْهِمَا قَالَت بِحسن حلمك وكريم طبعك وَكَثْرَة عفوك قَالَ فَإِنَّهُمَا ليعظمان حَقي قَالَت هما وَالله لَك على مَا كنت عَلَيْهِ لعُثْمَان قَالَ وَالله لقد صدقت فَمَا حَاجَتك

قَالَت ان مَرْوَان بن الحكم تبنك بِالْمَدِينَةِ تبنك من لَا يُرِيد البراح مِنْهَا لَا يحكم بِعدْل وَلَا يقْضِي بِسنة يتتبع عثرات الْمُسلمين ويكشف عورات الْمُؤمنِينَ حبس ابْن ابْني فاتيته فَقَالَ كَيْت وَكَيْت فالقمته اخشن من الْحجر وَأمر من الدفلى ثمَّ رجعت باللائمة على نَفسِي فِي أَمْرِي فاتيتك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لتَكون فِي أَمْرِي نَاظرا وعَلى معديا قَالَ صدقت فِي مقالك ولسنا نسالك عَن ذَنْب ابْن ابْنك وَلَا القيأم بِحجَّة اكتبوا لَهَا بحاجتها قَالَت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وأنى لي بالرجعة وَقد نفد زادي وكلت مطيتي فَأمر لَهَا براحلة موطأة وَخَمْسَة آلَاف دِرْهَم

حديث أم الخير بنت الحريش بن سراقة

2 - حَدِيث أم الْخَيْر بنت الْحَرِيش بن سراقَة وباسنادهم عَن الْعَبَّاس بن بكار قَالَ حَدثنَا عبد الله بن عمر والغسإني عَن الشّعبِيّ قَالَ كتب مُعَاوِيَة إِلَى وَإِلَيْهِ بِالْكُوفَةِ ان يحمل إِلَيْهِ أم الْخَيْر بنت الْحَرِيش بن سراقَة ويرحلها براحلة محمودة الصُّحْبَة غير مذمومة الْعَاقِبَة وَقَالَ لَهُ اعْلَم أَنِّي مجازيك بقولِهَا فِيك بِالْخَيرِ خيرا وبالشر شرا فَلَمَّا ورد عَلَيْهِ الْكتاب ركب إِلَيْهَا واقراها اياه فَقَالَت أما أَنا فَغير زائغة عَن الطَّاعَة وَلَا معتلة بكذب وَلَقَد كنت أحب لِقَاء أَمِير الْمُؤمنِينَ لأمور تختلج فِي مجْرى النَّفس مني يغلي بهَا صَدْرِي كغلي الْمرجل يُوقد تَحْتَهُ بجزل السمر فِي الصَّيف فَلَمَّا حملهَا واراد مفارقتها قَالَ لَهَا يَا أم الْخَيْر ان أَمِير الْمُؤمنِينَ قد ضمن ان يجازيني فِيك بِالْخَيرِ خيرا وبالشر شرا فَمَالِي عنْدك قَالَت يَا هَذَا لَا يطمعنك برك بِي فِي تذويق الْبَاطِل وَلَا يؤنسك بِي معرفتي بك ان أَقُول فِيك إِلَّا الْحق

قَالَ فسارت خير مسير فَلَمَّا قدمت على مُعَاوِيَة انزلها مَعَ الْحرم ثَلَاثًا ثمَّ اذن لَهَا فِي الْيَوْم الرَّابِع وَعِنْده جُلَسَاؤُهُ فَدخلت فَقَالَت السَّلَام عَلَيْك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ وَعَلَيْك السَّلَام وبالرغم مِنْك وَالله دعوتني أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ مَه فان بديهة السُّلْطَان مدحضة لما يجب علمه قَالَ صدقت كَيفَ حالك يَا خَالَة وَكَيف كنت فِي مسيرك قَالَت بِخَير لم ازل فِي عَافِيَة وسلأمة حَتَّى ادتني اليك الركاب وَأَنا فِي عَيْش وَملك رَفِيق فتيق ثمَّ قَالَ مُعَاوِيَة بِحسن نيتي وَالله ظَفرت بكم واعنت عَلَيْكُم قَالَت مَه يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ اعيذك بِاللَّه من خطل القَوْل وَمَا تردي عاقبته قَالَ لَيْسَ لهَذَا اردناك قَالَت لَهُ فَأَنا اجري فِي ميدانك إِذا اجريت شَيْئا اجريته ثمَّ قَالَت فاسأل عَمَّا بدا لَك قَالَ اخبريني كَيفَ كَانَ كلأمك يَوْم قتل عمار بن يَاسر قَالَت لم اكن رويته قبل وَلَا درسته بعد وَإِنَّهَا كَأَنْت كَلِمَات نفثهن لسإني حِين الصدمة فان أَحْبَبْت ان احدث لَك مقإلا غَيره فعلت قَالَ لَا اشاء ثمَّ الْتفت إِلَى اصحابه فَقَالَ ايكم يحفظ كلا مها فَقَالَ رجل من الْقَوْم يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَنا احفظه كحفظي سُورَة الْحَمد قَالَ هاته قَالَ نعم كإني بهَا فِي ذَلِك الْيَوْم

وَعَلَيْهَا برد زبيدي كثيف الْحَاشِيَة وَهِي على جمل وبيدها سَوط منشورة الظفيرة وَهِي كالفحل يهدر فِي شقشقته وَهِي تَقول {يَا أَيهَا النَّاس اتَّقوا ربكُم إِن زَلْزَلَة السَّاعَة شَيْء عَظِيم} ان الله عز وَجل قد أوضح الْحق وابان الْبَاطِل وَنور السبل وَرفع الْعلم فَلم يدعكم فِي عمياء مشتبهة وَلَا عشواء مدلهمة فَإلَى ايْنَ تُرِيدُونَ رحمكم الله افرارا من أَمِير الْمُؤمنِينَ وَمن الزَّحْف أم رَغْبَة عَن إلاسلام أم ارْتِدَادًا عَن الْحق أما سَمِعْتُمْ الله تَعَالَى يَقُول {ولنبلونكم حَتَّى نعلم الْمُجَاهدين مِنْكُم وَالصَّابِرِينَ ونبلو أخباركم} ثمَّ رفعت راسها إِلَى السَّمَاء وَقَالَت اللَّهُمَّ إِنَّه قد عيل الصَّبْر وَضعف الْيَقِين وأنتشرت الرَّغْبَة وبيدك يَا رب ازمة الْقُلُوب فاجمع اللَّهُمَّ الْكَلِمَة على التَّقْوَى والف الْقُلُوب على إلهدى واردد الْحق إِلَى أَهله هلموا رحمكم الله إِلَى إلامأم الْعدْل والتقي الوفي وَالصديق الْوَصِيّ إِنَّهَا احن بدرية وضغائن جأهلية واحقاد احدية وثب بهَا مُعَاوِيَة عِنْد الْغَفْلَة ليدرك بهَا الفرصة من ثَارَاتِ بني عبد شمس ثمَّ قَالَت {فَقَاتلُوا أَئِمَّة الْكفْر إِنَّهُم لَا أَيْمَان لَهُم لَعَلَّهُم ينتهون} صبرا معاشر الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار قَاتلُوا على بَصِيرَة من ربكُم وثبات من دينكُمْ وَكُونُوا قوما مستبصرين فَكَأَنِّي

بكم وَقد لَقِيتُم أهل الشَّام كحمر مستنفرة لَا تَدْرِي ايْنَ يسْلك بهَا من فجاج الأَرْض باعوا الْآخِرَة بالدنيا واشتروا الضَّلَالَة بِالْهدى وَبَاعُوا البصيرة بالعمى وَعَما قَلِيل لتصبحن نادمين حِين تحل بكم الندأمة فتطلبون إلاقالة {ولات حِين مناص} إِنَّه وَالله من ضل عَن الْحق وَقع فِي الْبَاطِل وَمن لم يسكن الْجنَّة نزل النَّار ايها النَّاس ان إلاكياس استقصروا عمر الدُّنْيَا فرفضوها واستطالوا مُدَّة إلاخرة فسعوا لَهَا سعيا وابتاعوا بدار لَا يَدُوم نعيمها وَلَا تتصرم همومها ايها النَّاس إِنَّه لَوْلَا ان يبطل الْحق وتعطل الْحُدُود وَيظْهر الظَّالِمُونَ وتقوى كلمة الشَّيْطَان لما اخترنا وُرُود المنايا على خفض الْعَيْش وطيبه فَإلَى ايْنَ تُرِيدُونَ رحمكم الله افرارا عَن ابْن عَم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَزوج ابْنَته وَأبي سبطيه خلق وَالله من طينته وتفرع من نبعته وَخَصه بسره وَجعله بَاب مدينته وَعم بحبه الْمُسلمين وابان ببغضه الْمُنَافِقين فَلم يزل كَذَلِك حَتَّى ايده الله بمعونته يمْضِي على سنَن استقامته لَا يعرج لراحة اللَّذَّات هَا هُوَ مفلق إلهام ومكسر الاصنام صلى وَالنَّاس مشركون واطاع وَالنَّاس مخالفون مرتابون فَلم يزل كَذَلِك حَتَّى قتل مبارزي بدر وافنى أهل اُحْدُ وَهزمَ الله بِهِ الاحزاب وَقتل أهل خَيْبَر وَفرق بِهِ جمع هوَازن فيا لَهَا من وقائع زرعت فِي قُلُوب قوم نفَاقًا وردة وشقاقا

قد اجتهدت فِي القَوْل وبالغت فِي النَّصِيحَة وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق وَالسَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته فَقَالَ مُعَاوِيَة يَا أم الْخَيْر وَالله مَا أردْت بِهَذَا الكلأم إِلَّا قَتْلِي وَلَو قتلتك لما حرجت فِي ذَلِك قَالَت إِنَّه وَالله إِنَّه ليسرني ان يجْرِي الله قَتْلِي على يَدي من يسعدني الله بشقائه فَقَالَ هَيْهَات يَا كَثِيرَة الفضول مَا تَقُولِينَ فِي عُثْمَان بن عَفَّان قَالَت وَمَا عَسَيْت ان أَقُول فِيهِ اسْتَخْلَفَهُ النَّاس وهم راضون بِهِ وقتلوه وهم لَهُ كَارِهُون ثمَّ قَالَ مُعَاوِيَة هَذَا وَالله اصلك الَّذِي تبنين عَلَيْهِ قَالَت لَكِن الله يشْهد وَكفى بِهِ شَهِيدا إِنِّي مَا أردْت بعثمان نقصا وَلَقَد كَانَ سباقا إِلَى الْخَيْر وَإنَّهُ لرفيع الدَّرَجَات غَدا قَالَ فَمَا تَقُولِينَ فِي طَلْحَة بن عبيد الله قَالَت وَمَا عَسَيْت ان أَقُول فِيهِ اغتيل من مأمنه واتى من حَيْثُ لم يحذر ووعده رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْجنَّة قَالَ فَمَا تَقُولِينَ فِي الزبير قَالَت لَا تدعني يَا مُعَاوِيَة ارْجع كرجيع الثَّوْب الصبيغ يعرك فِي المركن قَالَ حَقًا لتقولن

قَالَت وَمَا كنت أَقُول فِي الزبير ابْن عمَّة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وحواريه وَقد شهد رَسُول الله لَهُ بِالْجنَّةِ وَلَقَد كَانَ سباقا إِلَى كل مكرمَة فِي إلاسلام وَأَنا اسالك يَا مُعَاوِيَة الاعفاء فان قُريْشًا يَزْعمُونَ انك من احلمها واعقلها وان يسعني فضل حلمك وان تعفيني من هَذِه الْمسَائِل وأمض لما شِئْت قَالَ نعم ونعمة عين قد اعفيتك ثمَّ أَمر لَهَا بصلَة وجائزة وردهَا مكرمَة

حديث جروة بنت مرة بن غالب التميمية

3 - حَدِيث جروة بنت مرّة بن غَالب التميمية وَبِهَذَا إلاسناد عَن الْعَبَّاس بن بكار قَالَ حَدثنِي عبد الله بن سُلَيْمَان الْمدنِي عَن أَبِيه وَسُهيْل بن أبي سُهَيْل عَن أَبِيه عَن عمته قَالَت احْتجم مُعَاوِيَة بِالْمَدِينَةِ فَلَمَّا أَمْسَى ارق ارقا شَدِيدا فارسل إِلَى جروة بنت مرّة بن غَالب التميمية وَكَانَت مجاورة بِمَكَّة وَهِي من بني اسيد بن عَمْرو بن تَمِيم فَلَمَّا دخلت عَلَيْهِ قَالَ لَهَا مرْحَبًا بك يَا جروة ارعبناك قَالَت اي وَالله لقد طرقت فِي سَاعَة لَا يطْرق فِيهَا الطير فِي وَكره فارعب قلبِي وارعب صبياني وافزعت عشيرتي وَتركت بَعضهم يموج فِي بعض يراجعون القَوْل ويدبرون الرَّأْي خشيَة مِنْك وشفقة عَليّ فَقَالَ مُعَاوِيَة لتسكن روعتك وتطب نَفسك فَإِن الْأَمر على محبتك

قَالَت احسن الله بشارتك وادام سلامتك ثمَّ قَالَ احتجمت فاعقبني ذَلِك ارقا شَدِيدا فَأرْسلت اليك لتخبريني عَن قَوْمك قَالَت عَن اي قومِي تسالني قَالَ عَن بني تَمِيم قَالَت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ هم اكثر النَّاس عددا وأوسعهم بَلَدا وابعدهم أمدا هم الذَّهَب إلاحمر والحسب إلافخر وَالْعدَد الاكثر قَالَ صدقت فنزليهم لي قَالَت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أما بَنو عَمْرو بن تَمِيم فاصحاب بَأْس ونجدة وحشد وَشدَّة لَا يتخاذلون عِنْد اللِّقَاء وَلَا تطمع فيهم الاعداء سلمهم فيهم وسيفهم على عدوهم وَنعم الْقَوْم لأَنْفُسِهِمْ قَالَ صدقت قَالَت وَأما بَنو سعد بن زيد مَنَاة فَفِي الْعدَد الاكثرون وَفِي الْحسب إلاطيبون يصبرون ان غضبوا ويدركون ان طلبُوا اصحاب سيوف وجحف ونزال ودلف إِلَّا ان باسهم فيهم وسيفهم عَلَيْهِم وَأما حَنْظَلَة فالبيت الرفيع والحسب البديع والعز المنيع والمكرمون للْجَار والطالبون للثأر والناقضون الأوتار

فَقَالَ مُعَاوِيَة ان حَنْظَلَة شَجَرَة تتفرع فنزليهم لي قَالَت أما البراجم فاصابع مجتمعة واكف ممتنعة وَأما بَنو طهية فقوم هوج وَقرن لجوج وَأما ربيعَة فصخرة صماء وحية رقشاء يعتزون بعزهم ويفخرون بقومهم وَأما بَنو يَرْبُوع ففرسان الرماح واسود الصَّباح يعتنقون الاقران وَيقْتلُونَ الابطال والفرسان وَأما بَنو مَالك فَجمع غير مفلول وَعز غير منحول لُيُوث هرارة وخيول كرارة وَأما بَنو دارم فكرم لَا يداني وَعز لَا يواتى وَشرف لَا يسامى قَالَ لَهَا مُعَاوِيَة أَنْت اعْلَم النَّاس بتميم فَكيف علمك بقيس قَالَت كعلمي بنفسي قَالَ فاخبريني عَنْهُم قَالَت أما غطفان فاكثر سادة وَأَمْنَع قادة وَأما فَزَارَة فبيتها الْمَشْهُور وحسبها الْمَذْكُور وَأما ذبيان فخطباء شعراء اعزة اقوياء وَأما عبس فحمية لَا تطفأ وَعقبَة لَا تعلى وحية لَا ترقى وَأما

هوَازن فحلم ظَاهر وَعز قاهر وَأما بَنو سليم ففرسان الْمَلَاحِم واسود ضراغم وَأما نمير فشوكة مَسْمُومَة وَهَامة ملمومة واية مفهومة وَأما هِلَال فاسم فخم وَعز ضخم وَأما بَنو كلاب فعدد كثير وبحر ذخير وفخر اثير وَحكم كثير قَالَ فَمَا تَقُولِينَ فِي قُرَيْش قَالَت هم ذرْوَة السنام وسَادَة الْأَنَام والحسب القمقام قَالَ مَا تَقُولِينَ فِي عَليّ بن أبي طَالب قَالَت حَاز وَالله الشّرف حَتَّى لَا يُوصف وَغَايَة لَا تعرف وَبِاللَّهِ اسالك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ اعفائي مِمَّا اتخوف قَالَ قد فعلت وَأمر لَهَا بضيعة فاخرة نفيسة غَلَّتهَا عشرَة آلَاف دِرْهَم وردهَا إِلَى أَهلهَا مكرمَة

حديث عكرشة بنت إلاطش

4 - حَدِيث عكرشة بنت إلاطش وبالاسناد الأول عَن الْعَبَّاس بن بكار قَالَ حَدثنِي عبد الله بن سُلَيْمَان بن دَاوُد عَن أَبِيه عَن عِكْرِمَة قَالَ دخلت عكرشة بنت الاطش على مُعَاوِيَة وَهِي متوكئة على عكاز لَهَا فَسلمت عَلَيْهِ بالخلافة فَقَالَ لَهَا مُعَاوِيَة هيه يَا عكرشة الْآن صرت أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَت نعم اذ لَا عَليّ حَيّ فَقَالَ لَهَا مُعَاوِيَة السِّت صَاحِبَة الكور المسدول وَالْوسط المشدود والمتقلدة بِالسَّيْفِ ذِي الحمائل وَأَنت واقفة بَين الصفين يَوْم صفّين تَقُولِينَ ايها النَّاس عَلَيْكُم انفسكم لَا يضركم من ضل اذ اهْتَدَيْتُمْ ان الْجنَّة دَار لَا يرحل من قطنها وَلَا يحزن من سكنها وَلَا يَمُوت من دَخلهَا فَلَا تَبِيعُوهَا بدار لَا يَدُوم نعيمها وَلَا تتصرم همومها

فكونوا قوما مستبصرين ان مُعَاوِيَة دلف اليكم بعجم الْعَرَب غلف الْقُلُوب لَا يعْرفُونَ إلايمان وَلَا يَدْرُونَ مَا الْحِكْمَة دعاهم بالدنيا فَأَجَابُوهُ واستدعاهم إِلَى الْبَاطِل فلبوه فَالله الله عباد الله فِي دين الله واياكم والتواكل فان ذَلِك نقض عرى الاسلام واطفاء نور الْحق واظهار الْبَاطِل وَذَهَاب للسّنة هَذِه بدر الصُّغْرَى والعقبة إلاخرى يَا معاشر الْمُهَاجِرين والانصار أمضوا على بصيرتكم واصبروا على نياتكم فَكَأَنِّي بكم غَدا وَقد لَقِيتُم أهل الشأم وهم كالحمر الناهقة وَالْبِغَال الشاحجة يضجون ضجيج الْبَقر وَلَا يروثون رَوْث الْعتاق فَقَالَ مُعَاوِيَة وَكَأَنِّي اراك على عكازتك هَذِه وَقد انكفأ عَلَيْك العسكران يَقُولُونَ هَذِه عكرشة بنت الاطش فان كدت لتؤلبين عَليّ أهل الشَّام لَوْلَا مَا قدر الله وَمَا حعل لنا من هَذَا الامر وَكَانَ أَمر الله قدرا مَقْدُورًا ثمَّ قَالَ مَا حملك على ذَلِك قَالَت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ يَقُول الله عز وَجل {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تسألوا عَن أَشْيَاء إِن تبد لكم تَسُؤْكُمْ}

ان اللبيب إِذا كره شَيْئا لَا يحب اعادته قَالَ صدقت اذكري حَاجَتك قَالَت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ ان الله تَعَالَى جعل صَدَقَاتنَا على فقرائنا ومساكيننا ورد أَمْوَالنَا فِينَا إِلَّا بِحَقِّهَا وَإِنَّا فَقدنَا ذَلِك فَمَا ينتعش لنا فَقير وَلَا ينجبر لنا كسير فَإِن كَانَ ذَلِك من رَأْيك فمثلك من أنتبه من الْغَفْلَة وراجع الْعقل وان كَانَ عَن غير رايك فَمَا مثلك من اسْتَعَانَ بالخونة وَاسْتعْمل الظلمَة قَالَ مُعَاوِيَة يَا هَذِه إِنَّه تنوبنا النوائب هِيَ أولى بِنَا مِنْكُم من بحور تنبثق وثغور تنفتق قَالَت يَا سُبْحَانَ الله مَا فرض الله لنا حَقًا جعل فِيهِ ضَرَرا على غَيرنَا وَلَو علم جلّ ثَنَاؤُهُ ان فِي مَا جعل لنا ضَرَرا على غَيرنَا لما جعله لنا وَهُوَ علام الغيوب قَالَ مُعَاوِيَة هَيْهَات يَا أهل الْعرَاق قد فقهكم عَليّ بن أبي طَالب فَلَنْ تطاقوا ثمَّ أَمر لَهَا برد صدقاتها وانصافها وضيفها واطرفها وردهَا إِلَى أَهلهَا مكرمَة

حديث دارمية الحجونية

5 - حَدِيث دارمية الحجونية وبالاسناد عَن الْعَبَّاس بن بكار وَالْحُسَيْن بن أَسد الطفَاوِي قَالَا حَدثنَا سُهَيْل ابْن أبي سُهَيْل الهُجَيْمِي التَّمِيمِي عَن أَبِيه عَن عمته قَالَت حج مُعَاوِيَة سنة من السنين فَسَأَلَ عَن امْرَأَة من بني كنَانَة تنزل الْجحْفَة يُقَال لَهَا دارمية الحجونية وَكَانَت امْرَأَة سَوْدَاء كَثِيرَة اللَّحْم فاخبر بسلامتها فَبعث إِلَيْهَا فجيىء بهَا فَلَمَّا راها قَالَ لَهَا كَيفَ حالك يَا بنت حأم قَالَت بِخَير وَلست لحأم وَلَكِنِّي ابْنة أَبِيك وَلنْ يضر الْمَرْء نسب أمه قَالَ صدقت فَهَل تعلمين لم بعثت اليك قَالَت يَا سُبْحَانَ الله الْعَظِيم لَا يعلم الْغَيْب إِلَّا الله قَالَ بعثت اسألك علام أَحْبَبْت عليا وابغضتني وعلام واليته وعاديتني قَالَت أوتعفيني يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ من ذَلِك

قَالَ مَا كنت بفاعل وَلَا اعفيك قَالَت أما إِذا أَبيت عَليّ فَإِنِّي أَحْبَبْت عليا على عدله فِي الرّعية وقسمته بِالسَّوِيَّةِ وابعضتك على قتالك من هُوَ أولى بالامر مِنْك وطلبك مَا لَيْسَ لَك وواليت عليا على حبه الْمَسَاكِين واعطائه أهل السَّبِيل وفقهه فِي الدّين وبذله الْحق من نَفسه وَمَا عقد لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْولَايَة وعاديتك على ارادتك الدُّنْيَا وسفكك الدِّمَاء وشقك الْعَصَا قَالَ مُعَاوِيَة فَلذَلِك أنتفخ بَطْنك وَكبر ثديك وعظمت عجزتك قَالَت يَا هَذَا بهند وَالله يضْرب الْمثل قَالَ مُعَاوِيَة يَا هَذِه ارفقي فَإِنِّي لم اقل إِلَّا خيرا إِنَّه إِذا أنتفخ بطن الْمَرْأَة تمّ خلق وَلَدهَا وَإِذا كبر ثديها حسن غذَاء وَلَدهَا وَإِذا عظمت عجيزتها ثقل مجلسها فَرَجَعت وسكنت ثمَّ قَالَ لَهَا مُعَاوِيَة هَل رَأَيْت عليا قطّ قَالَت اي وَالله لقد رايته قَالَ كَيفَ رَأَيْته

وَقَالَت رَأَيْته شثن الْقدَم والكف لم يعب بِالْملكِ وَلم تشغله النِّعْمَة قَالَ فَهَل سَمِعت كَلَامه قَالَت نعم قَالَ كَيفَ سمعته قَالَت كَانَ يجلو الْقُلُوب من الْعَمى كَمَا يجلو الزَّيْت الطست من الصدأ قَالَ صدقت هَل لَك من حَاجَة قَالَت أَو تفعل ذَلِك إِذا سَأَلتك قَالَ نعم قَالَت تُعْطِينِي مائَة نَاقَة حَمْرَاء والف راعية من رواعي نجد فِيهَا فحولها وغلمانها قَالَ لَهَا مُعَاوِيَة مَا تصنعين بهَا قَالَت اغذو بألبانها الصغار واتحف بهَا الْكِبَار واصلح بهَا بَين الْعَرَب

قَالَ فان اعطيتك هَل احل مِنْك مَحل عَليّ بن أبي طَالب قَالَت يَا سُبْحَانَ الله أَو دونه قَلِيلا فأنشا يَقُول ... إِذا لم أجد بالحلم مني عَلَيْكُم ... فَمن ذَا الَّذِي بعدِي يؤمل للحلم ... خذيها هَنِيئًا واذكري فعل ماجد ... حباك على حِين العدواة بالسلم ... ثمَّ قَالَ لَهَا وَالله لَو كَانَ عليا مَا اعطاك شَيْئا قَالَت لَا وَالله وَلَا وبرة وَاحِدَة من مَال الْمُسلمين يعطيني قَالَ لَا وَالله وللمسلمين مثل ذَلِك ثمَّ أَمر لَهَا بِمَا سَالَتْ وردهَا إِلَى منزلهَا مكرمَة

حديث أم البراء بنت صفوان بن هلال

6 - حَدِيث أم الْبَراء بنت صَفْوَان بن هِلَال وبالاسناد الأول عَن الْعَبَّاس بن بكار قَالَ حَدثنِي سُهَيْل بن أبي سُهَيْل التَّمِيمِي عَن أَبِيه عَن جعدة بنت هُبَيْرَة قَالَت اسْتَأْذَنت أم الْبَراء بنت صَفْوَان بن هِلَال على مُعَاوِيَة فاذن لَهَا فَدخلت وَعَلَيْهَا ثَلَاثَة دروع تسحبها قد كارت على راسها كورا كَهَيئَةِ المنسف فَسلمت وَجَلَست فَقَالَ لَهَا مُعَاوِيَة كَيفَ حالك قَالَت ضعفت بعد قُوَّة وكسلت بعد نشاط قَالَ شتان بَيْنك الْيَوْم وَحين تَقُولِينَ ... يَا عَمْرو دُونك صَارِمًا ذَا رونق ... عضب المهزة لَيْسَ بالخوار ... اسرج جوادك مسرعا ومشمرا ... للحرب غير مولي فرار ... اجب الامام وذب تَحت لوائه ... وافر الْعَدو بصارم بتار ... يَا لَيْتَني أَصبَحت لَيْسَ بِعَوْرَة ... فاذب عَنهُ عَسَاكِر الْفجار ...

قَالَت قد كَانَ ذَلِك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وَمثلك من عَفا وَالله يَقُول {وَأَن تعفوا أقرب للتقوى} قَالَ هَيْهَات أما وَالله لَو عَاد لعدت وَلَكِن اخترم دُونك فَكيف قَوْلك حِين قتل قَالَت انسيته فَقَالَ بعض جُلَسَائِهِ هِيَ وَالله حِين قتل تَقول يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ ... يَا للرِّجَال لعظم هول مُصِيبَة ... فدحت فَلَيْسَ مصابها بإلهازل ... الشَّمْس كاسفة لفقد أمأمنا ... خير الخلائف وإلامأم الْعَادِل ... يَا خير من ركب الْمطِي وَمن مَشى فَوق التُّرَاب لمحتف أَو ناعل ... حاشا النَّبِي لقد هددت قواءنا ... فَالْحق أصبح خاضعا للباطل ...

فَقَالَ مُعَاوِيَة قَاتلك الله يَا بنت صَفْوَان مَا كَانَ حسان بن ثَابت يحسن مثل هَذَا وَمَا تركت لقَائِل مقإلا اذكري حَاجَتك قَالَت بعد هَذَا وَالله لَا اسالك شَيْئا ثمَّ نهضت فَعَثَرَتْ فَقَالَت تعس شانئ عَليّ فَقَالَ مُعَاوِيَة يَا بنت صَفْوَان زعمت ان لَا تسالي شَيْئا قَالَت هُوَ وَالله مَا علمت فَلَمَّا كَانَ من الْغَد بعث إِلَيْهَا بكسوة فاخرة حَسَنَة وَقَالَ إِذا أَنا ضيعت الْحلم فَمن يحفظه

حديث اروى بنت الحارث بن عبد المطلب

حَدِيث اروى بنت الْحَارِث بن عبد الْمطلب وبإلاسناد إلأول عَن عَبَّاس بن بكار قَالَ حَدثنَا عبد الله بن سُلَيْمَان الْمَدِينِيّ عَن قَتَادَة قَالَ دخلت اروى بنت الْحَارِث بن عبد الْمطلب على مُعَاوِيَة وَهِي عَجُوز كَبِيرَة فَلَمَّا راها قَالَ مرْحَبًا بك يَا خَالَة كَيفَ كنت بعدِي قَالَت بِخَير كَيفَ حالك وَكَيف أَنْت يَا ابْن اخي لقد كفرت النِّعْمَة واسات لِابْنِ عمك الصُّحْبَة وتسميت بِغَيْر اسْمك وَأخذت غير حَقك لَا نبْلًا مِنْك وَلَا من أَبِيك فِي دنيا وَلَا سَابِقَة كَأَنْت لكم فِي إلاسلام لَكِن كَفرْتُمْ بِمَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَسلم فاتعس الله مِنْكُم الجدود واضرع مِنْكُم الخدود ورد الْحق إِلَى أَهله وكأنت كلمتنا الْعليا وَنَبِينَا الْمَنْصُور وَلَو كره الْمُشْركُونَ على من نأوأه فوثبتم علينا من بعده واحتججتم على سَائِر الْعَرَب بقرابتكم من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَنحن اقْربْ إِلَيْهِ

من حَبل الوريد واحق بِهَذَا إلامر مِنْكُم فَكُنَّا فِيكُم بِمَنْزِلَة بني اسرائيل فِي ال فِرْعَوْن وَكَانَ سيدنَا مِنْكُم بعد نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَنْزِلَة هَارُون من مُوسَى وغايتنا الْجنَّة وغايتكم النَّار فَقَالَ لَهَا عَمْرو بن الْعَاصِ كفى ايتها الْعَجُوز وغضي طرفك واقصري من شَرّ لفظك فَإِنَّهُ أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَت لَهُ ايه عَنْك يَا ابْن النفيرة فوَاللَّه لعهدي بأمك بِأَبْيَات مَكَّة وَهِي باكية من الْخَطِيئَة من كل عبد لنا عاهر وَلَقَد احتكم فِيك خَمْسَة من قُرَيْش كلهم يدعيك ابْنه وَغلب عَلَيْك جزار قُرَيْش فَقَالَ لَهَا سعيد بن الْعَاصِ ايتها الْعَجُوز الضَّالة اقصري من قَوْلك مَعَ ذهَاب عقلك إِنَّه لَا تجوز شهادتك وَحدك

قَالَت وَأَنت يَا ابْن الباغية تَتَكَلَّم وأمك اشهر بغيا فان اباك قد رأودها فادعاك فَقَالَ لَهَا مَرْوَان بن الحكم كفى ايتها الْمَرْأَة واقصدي لما جِئْت لَهُ قَالَت لَهُ وَأَنت يَا ابْن الزَّرْقَاء تَتَكَلَّم وَوَاللَّه لأَنْت اشبه ببشر مولى الْحَارِث بن كلدة مِنْك بالحكم بن أبي الْعَاصِ وَلَقَد رايت الحكم سبط الشّعْر مديد القأمة فان بَيْنكُمَا من الْقَرَابَة إِلَّا كقرابة الْفرس الضأمر من إلاتان المقرب فسل عَمَّا اخبرتك بِهِ أمك فَإِنَّهَا تعلمك ذَلِك ثمَّ التفتت إِلَى مُعَاوِيَة وَقَالَت مَا عرضني وَمَا جرأ عَليّ هَؤُلَاءِ اُحْدُ غَيْرك يَا بن القائلة فِي قتل حَمْزَة ... نَحن جزيناكم بِيَوْم بدر ... وَالْحَرب بعد الْحَرْب ذَات سعر ... ماكان لي عَن عتبَة من صَبر ... وَلَا اخي وعمتي وبكري ... سكن وَحشِي غليل صَدْرِي ... سليت همي وشفيت صَدْرِي ... فَشكر وَحشِي عَليّ دهري ... حَتَّى توارى اعظمي فِي قَبْرِي ...

فأجابتها ابْنة عمي وَهِي تَقول ... جزيت فِي بدر وَغير بدر ... ياابنة وقاع عَظِيم الْكفْر ... صبحك الله غَدَاة النَّحْر ... بإلهاشميين الطوَال الزهر ... بِكُل قطاع حسأم يفري ... حَمْزَة ليثي وَعلي صقري ... اعطيت وحشيا ضمير الصَّدْر ... هتك وَحشِي حجاب السّتْر ... مَا للبغايا بعْدهَا من فَخر ... فَالْتَفت مُعَاوِيَة إِلَى عَمْرو ومروان فَقَالَ مَا جلب عَليّ هَذَا اُحْدُ غيركما وَلَا اسمعني هَذَا الكلأم إِلَّا أَنْتُمَا لَا حييتما ثمَّ قَالَ يَا خَالَة اقصدي أَنا الْفِدَاء لَك لحاجتك ودعي إلاساطير عَنْك قَالَت تُعْطِينِي الفي دِينَار والفي دِينَار والفي دِينَار قَالَ لَهَا مَا تصنعين بالفي دِينَار قَالَت اشْترِي بهَا عينا خرارة فِي ارْض خوارة تكون لفقراء بني الْحَارِث بن عبد الْمطلب قَالَ هِيَ لَك قَالَ وَمَا تصنعين بالفي دِينَار قَالَت ازوج بهَا فُقَرَاء بني الْحَارِث بن عبد الْمطلب قَالَ هِيَ لَك قَالَ وَمَا تصنعين بالفي دِينَار اخرى

فبكى معاوية وقال كان والله يا خالة كما قلت وافضل وأمر لها بالذي سالت ثم قأمت فانصرفت

قَالَت استعين بهَا على شدَّة الزَّمَان وزيارة بَيت الله الحرأم قَالَ قد أمرت لَك بهَا يَا خَالَة ثمَّ قَالَ أما وَالله لَو كَانَ عَليّ حَيا مَا أَمر لَك بِهَذَا قَالَت اتذكر عليا فض الله فَاك واجهد بلاءك ثمَّ علا نحيبها وبكاؤها وانشات تَقول ... أَلا يَا عين وَيحك اسعدينا ... أَلا ابكي أَمِير المؤمنينا ... رزينا خير من ركب المطايا ... وحبسها وَمن ركب السفينا ... وَمن لبس النِّعَال وَمن حذاها ... وَمن قرا المثإني المئينا ... أَلا ابلغ مُعَاوِيَة بن حَرْب ... فَلَا قرت عُيُون الشأمتينا ... افي شهر الصيأم فجعتموه ... بِخَير النَّاس طرا اجمعينا ... وَمن بعد النَّبِي فدته نَفسِي ... أَبُو حسن وَخير الصالحينا ... كَانَ النَّاس اذ فقدوا عليا ... نعأم جال فِي بلد سنينا ... لقد علمت قُرَيْش حَيْثُ كَأَنْت ... بانك خَيرهَا حسبا ودينا ... إِذا اسْتقْبلت وَجه أبي حُسَيْن ... رايت الْبَدْر راق الناظرينا ... فَلَا وَالله لَا انسى عليا ... وَحسن صلَاته فِي الراكعينا ... فَبكى مُعَاوِيَة وَقَالَ كَانَ وَالله يَا خَالَة كَمَا قلت وافضل وَأمر لَهَا بِالَّذِي سَالَتْ ثمَّ قأمت فَانْصَرَفت

حديث أمنة بنت الشريد أمرأة عمرو بن الحمق الخزاعي

حَدِيث أَمَنَة بنت الشريد أمْرَأَة عَمْرو بن الْحمق الْخُزَاعِيّ وباسناده عَن الْعَبَّاس بن بكار الضَّبِّيّ حَدثنَا أَبُو بكر إلهذلي عَن الزُّهْرِيّ وَسُهيْل بن أبي سُهَيْل التَّمِيمِي عَن أَبِيه قَالَ لما قتل عَليّ بن أبي طَالب عَلَيْهِ السَّلَام بعث فِي مُعَاوِيَة فِي طلب شيعته وَكَانَ مِمَّن طلب عَمْرو بن الْحمق الْخُزَاعِيّ فرَاغ مِنْهُ فَأرْسل إِلَى أمراته أَمَنَة بنت الشريد فحبسها فِي سجن دمشق سنتَيْن ثمَّ ان عبد الرَّحْمَن ابْن ام الحكم ظفر بِعَمْرو بن الْحمق فِي بعض الجزيرة فَقتله وَبعث براسه إِلَى مُعَاوِيَة وَهُوَ أول راس حمل فِي إلاسلام فَلَمَّا اتى مُعَاوِيَة الرَّسُول بِالرَّأْسِ بعث بِهِ إِلَى أمْرَأَته أَمَنَة بنت الشريد وَقَالَ للحرسي احفظ مَا تَتَكَلَّم بِهِ حَتَّى تُؤَدِّيه الي واطرح الرَّأْس فِي حجرها فَلَمَّا اتاها الرَّسُول بِالرَّأْسِ وَطَرحه فِي حجرها ارتاعت لَهُ سَاعَة ثمَّ وضعت يَدهَا على راسها ثمَّ قَالَت

واحزناه لصغره فِي دَار هوان وضيق مجْلِس سُلْطَان نفيتموه عني طَويلا ثمَّ اهديتموه إِلَى قَتِيلا فأهلا وسهلا بِمن كنت لَهُ غير قالية وَأَنا الْيَوْم لَهُ غير ناسية ارْجع ايها الرَّسُول إِلَى مُعَاوِيَة وَقل لَهُ وَلَا تطوه ايتم الله ولدك وأوحش مِنْك أهلك وَلَا غفر لَك ذَنْبك فَرجع الرَّسُول إِلَى مُعَاوِيَة فَأخْبرهُ بِمَا قَالَت فارسل إِلَيْهَا فَأَتَتْهُ وَعِنْده نفر فيهم اياس بن حسل اخو مَالك بن حسل وَكَانَ فِي شدقه نتوء عَن فِيهِ لعظم كَانَ فِي لسنه وَثقل فَقَالَ أَنْت يَا عدوة الله صأحبة الكلأم الَّذِي بَلغنِي قَالَت نعم غير نازعة عَنهُ وَلَا معتذرة مِنْهُ وَلَا مُنكرَة لَهُ فلعمري إِنِّي قد اجتهدت فِي الدُّعَاء غَايَة إلاجتهاد وان الله من وَرَاء الْعباد فَمَا بلغت شَيْئا من رائك وَالله بالنقمة من ورائك فاعرض عَنْهَا مُعَاوِيَة فَقَالَ اياس اقتلها يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فوَاللَّه مَا كَانَ زَوجهَا باحق بِالْقَتْلِ مِنْهَا فالتفتت إِلَيْهِ فَلَمَّا راته ناتىء الشدقين ثقيل اللِّسَان قَالَت تَبًّا لَك وَيلك بَين لحييك كجثمان الضفادع ثمَّ أَنْت تَدعُوهُ إِلَى قَتْلِي

كَمَا قتل زَوجي بإلامس ان تُرِيدُ إِلَّا ان تكون جبارا فِي إلارض وَمَا تُرِيدُ ان تكون من المصلحين فَضَحِك مُعَاوِيَة وَقَالَ لَهَا لله دَرك اخْرُجِي ثمَّ لَا اسْمَع بك فِي شَيْء من الشأم قَالَت لاخرجن من الشأم فَمَا فِي الشأم لي من حبيب وَلَا اعرج فِيهَا على حميم وَمَا هِيَ لي بوطن وَلَا احن فِيهَا إِلَى شجن وَلَقَد عظم فِيهَا ديني وَمَا قرت بهَا عَيْني وَمَا أَنا اليك فِيهَا بعائدة وَلَا حَيْثُ كنت لَك بحأمدة فاشار إِلَيْهَا ببنإنه اخْرُجِي فَخرجت وَقَالَت يَا عجبي لمعاوية يكف عني لسإنه وَيُشِير الي بِالْخرُوجِ ببنإنه وَالله لاعرقن حضني قَاتل عَمْرو بكلأم مؤيد شَدِيد أوجع لَهُ من نوافذ الْحَدِيد السِّت بابنة الشريد فَخرجت وتلقاها الاسود الْهِلَالِي وَكَانَ رجلا اصلع اسود وَفِي رِوَايَة ابْن شبة إلاسلع بن حطَّان الْهِلَالِي فَسَمعَهَا وَهِي تَقول مَا تَقول فَقَالَ لمن تعنين بِهَذَا لأمير الْمُؤمنِينَ عَلَيْك لعنة الله فالتفتت إِلَيْهِ فَلَمَّا راته قَالَت لَهُ خزية لَك وجدعا تلعنني واللعنة بَين جنبيك وَمن

قرنيك إِلَى قَدَمَيْك اخْسَأْ يَا هأمة الصعل وَوجه الْجعل واذلل بك نَصِيرًا واقلل بك ظهيرا فبهت إلاسلع ينظر إِلَيْهَا ثمَّ سَالَ عَنْهَا فاخبر بخبرها فاقبل إِلَيْهَا معتذرا خوفًا من لسإنها قَالَت قد قبلت عذرك وان تعد اعد ثمَّ لم اقلك وَلم اراقبك فَبلغ ذَلِك مُعَاوِيَة فَقَالَ كلا زعمت يَا اسلع انك لَا تواقف من يَغْلِبك أما علمت ان حرارة الشوك لَيست بمجانسة لنوافذ الكلأم عِنْد مَوَاقِف الْخُصُومَة إِلَّا تركت كلأمها قبل النصفة مِنْهَا ومنك إلاعتذار إِلَيْهَا قَالَ اي وَالله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لم اكن ارى أمْرَأَة تبلغ من معاضيل الكلأم مَا بلغت هَذِه المراة وَقد جالستها فَإِذا هِيَ تحمل قلبا شَدِيدا ولسأنا حديدا وجوابا عتيدا فهالتني رعْبًا وأوسعتني سبا ثمَّ الْتفت مُعَاوِيَة إِلَى عبيد بن أَوْس فَقَالَ ابْعَثْ إِلَيْهَا بِمَا يقطع عني لسإنها وتقضي مَا ذكرت من دينهَا وتخف بِهِ إِلَى بلادها وَقَالَ اللَّهُمَّ اكْفِنِي شَرها وَشر لسإنها فَلَمَّا اتاها الرَّسُول بِمَا أَمر مُعَاوِيَة قَالَت وأعجبا من مُعَاوِيَة يقتل زَوجي وَيبْعَث لي بالجوائز فليت حظي من أبي كرب سد عني خَيره وبره

خُذ من الرصفة مَا عَلَيْهَا فَأخذت ذَلِك وَخرجت تُرِيدُ الجزيرة فمرت بحمص فلقيها هُنَاكَ الطَّاعُون فمأتت فَبلغ ذَلِك إلاسلع فاقبل إِلَى مُعَاوِيَة كالمستبشر فَقَالَ افرخ روعك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قد استجيبت دعوتك فِي ابْنة الشريد وَقد كفيت شَرّ لسإنها قَالَ وَكَيف ذَلِك قَالَ إِنَّهَا مرت بحمص فلقيها الطَّاعُون فَقَالَ مُعَاوِيَة فنفسك بشر بِمَا أَحْبَبْت فان مَوتهَا لم يكن باروح لي مِنْهُ عَلَيْك ولعمري لقد أنتصفت مِنْك حِين افرغت عَلَيْك شؤبوبا وبيلا فَقَالَ إلاسلع مَا اصابني من حرارة كلأمها شَيْء إِلَّا وَقد اصابك مثله واشد مِنْهُ

وحديث فارغة بنت عبد الرحمن الحارثية

وَحَدِيث فارغة بنت عبد الرَّحْمَن الحارثية وباسناده عَن الْعَبَّاس بن بكار عَن أَبِيه عَن هشأم بن سُلَيْمَان المَخْزُومِي قَالَ خرج مُعَاوِيَة من الْمَدِينَة فَقَالَ لصأحب ابله انْظُر إِلَى ذَلِك الْيَمين فارحل جملي الصحوب وارحل لنَفسك جملا ثمَّ اتني وَلَا تعلم احدا قَالَ فَفعلت وَركب واتبعته فَجعل يمر بمحال من محَال الْعَرَب حَتَّى مر بمحلة مَا هِيَ باكثر من تِلْكَ الْمحَال أَهلا فَلَمَّا جأوزها قأمت أمْرَأَة جميلَة حَسَنَة البزة فَقَالَت أَمِير الْمُؤمنِينَ وَالله ثمَّ قَالَت اللَّهُمَّ أمتع الْعَرَب بِهِ فعطف عَلَيْهَا رَاجعا فَقَالَ أوتحبين الْعَرَب قَالَت اي وَالله كل اسود الراس مِنْهُم وأبيضه قَالَ مِمَّن أَنْت قَالَت أَنا من الْقَوْم الَّذين يَقُول فيهم شَاعِرهمْ ... هم جمعُوا حلف إلاحأبيش كلهم ... وهم منعُوا منا غزَاة بني بكر ... قَالَ أَنْت من بني الْحَارِث قَالَت أَنا مِنْهُم قَالَ مَا رايك فِي قُرَيْش

قَالَت إِنِّي أحب صغيرها وكبيرها وارعى حَلفهَا قَالَ فَمَا رايك فِي اخوتك من بني بكر قَالَت وَالله إِنِّي لابغض صغيرها وكبيرها وَاذْكُر سوء عهدها قَالَ أما إلان فاقصري عَنْهُم فقد جَاءَ غير ذَلِك قَالَ هَل عنْدك عشَاء قَالَت نعم قَالَ هَات وَمَا هُوَ قَالَت عِنْدِي خبز خمير وحيس فطير وَلبن جهير وتمر كثير وَمَاء نمير قَالَ وَالله انك لذات عشَاء قَالَ فَنزل اعد وصأمت وقدمت إِلَيْهِ ذَلِك فَجعلت تبرد لَهُ وياكل وتبرد لَهُ وياكل وتحدثه وجاءته بالحيس وسقته مَاء فَلَمَّا فرغ قَالَ وَيلك مَا علمت ان فِي الْعَرَب مثلك احكمي بيني وَبَين فَاخِتَة بنت قرظة قَالَت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وَكم أَتَت لَك قَالَ ابْن خمس وَسبعين قَالَت وَكم أَتَت لَهَا قَالَ هِيَ بنت اربعين قَالَت فقد وَالله انست الْكبر فذهلت وَأخذت ريح الْكبر فذلت فَكيف الَّذِي عنْدك للنِّسَاء قَالَ إِنَّه لصالح قَالَت هِيَ وَالله تبصر فِي معإنيك فتعجبها مِنْهَا ثمَّ قَالَ مَا تَقُولِينَ فِي عَليّ بن أبي طَالب عَلَيْهِ السَّلَام قَالَت وَمَا

عَسَيْت ان أَقُول فِيهِ وَقد سبق لَهُ من الْفضل مإلا يُنكره اُحْدُ وزوجه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْهِ وَسلم سيدة نسَاء أهل الْجنَّة واختصه بسره وَهُوَ كاشف للكرب عَن وَجهه فرحمة الله عَلَيْهِ هَذَا مَا أَقُول قَالَ فتعجب مُعَاوِيَة من كَلَامهَا ثمَّ قَالَ لَهَا مَا حَاجَتك فَمَا سَالَتْ شَيْئا إِلَّا اعطاها وَلَا حَاجَة إِلَّا قَضَاهَا فَجعلت اكْتُبْ بالفحم على العظأم وَاسم المراة فارغة

حديث المرأة من بني ذكوان

10 - حَدِيث الْمَرْأَة من بني ذكْوَان وبإسناده عَن الْعَبَّاس بن بكار قَالَ حَدثنَا عبد الله بن بكار عَن هشأم بن مُحَمَّد الْكَلْبِيّ عَن عوَانَة بن الحكم عَن رجل من بني أُميَّة قَالَ حضرت مُعَاوِيَة فِي منزل وَقد اذن للنَّاس اذنا عَاما فَدَخَلُوا عَلَيْهِ لمظالمهم وحوائجهم فَدخلت عَلَيْهِ أمراة كإنها فلقَة قمر وَمَعَهَا جاريتان لَهَا فحدرت اللثأم عَن خدها كانما لَونه اشرب مَاء الدّرّ فِي حمرَة التفاح وَقَالَت الْحَمد لله يَا مُعَاوِيَة الَّذِي خلق الْإِنْسَان وَجعل لَهُ اللِّسَان الَّذِي جعل فِيهِ الْبَيَان فَدلَّ بِهِ على النعم واجرى بِهِ الْقَلَم فِيمَا ابرم وحتم وبرأ وذرأ وَذكر وَقضى وَصرف الكلأم باللغات الْمُخْتَلفَة على المعإني المتفرقة الفها بالتقديم والتاخير والإشباه والتعارف والتناكر والموافقة والتزايد فادته إلاذان إِلَى الْقُلُوب بالأفهأم وادته الْقُلُوب إِلَى إلالسن بِالْبَيَانِ واستدلت بِهِ على الْعُلُوم وَعبد بِهِ الرب وابرم بِهِ إلامر وَعرفت بِهِ إلاقدار وتمت بِهِ النعم

وَكَانَ من قَضَاء الله وَقدره ان قربت زيادا من إل أبي سُفْيَان سيدا ثمَّ وليته احكأم الْعباد يسفك الدِّمَاء بِغَيْر حَقّهَا وَلَا حلهَا ويهتك الْحَرِيم بِلَا مراقبة لله خؤون غشوم كَافِر ظلوم يتَخَيَّر من الْمعاصِي اعظمها وادهاها لَا يرى لله وقارا وَلَا يظنّ ان لَهُ برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسوة وَبَيْنك وَبَينه صهر فَلَا الماضين من ائمة إلهدى اتبعت وَلَا طريقهم سلكت جعلت عبد ثَقِيف على رِقَاب أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يدبر أُمُورهم ويسفك دِمَاءَهُمْ فمإذا تَقول لِرَبِّك يَا مُعَاوِيَة وَقد مضى من اجلك اكثره وَذهب خَيره وَبَقِي وزره اني أمْرَأَة من بني ذكْوَان وثب زِيَاد الْمُدعى إِلَى أبي سُفْيَان على ضيعتي وتركتي من أبي فغصبنيها وَحَال بيني وَبَينهَا وَقتل من نازعه فِيهَا من رجالي واتيتك مستصرخة فان انصفت وَعدلت وَإِلَّا وَكلتك وزيادا إِلَى الله جلّ ذكره فَلَنْ تبطل ظلأمتي عنْدك وَعِنْده وَلَئِن بطلت ظلأمتي عنْدك وَعِنْده فالمنصف مِنْكُمَا حكم عدل قَالَ فبهت مُعَاوِيَة ينظر إِلَيْهَا مُتَعَجِّبا من كلأمها ثمَّ قَالَ

مَا لزياد لعن الله زيادا فَإِنَّهُ لَا يزَال يبْعَث على مثالبه من ينشرها ولمسأوئه من ينثرها قَالَ ثمَّ أَمر كَاتبه بِالْكِتَابَةِ إِلَى زِيَاد يَأْمُرهُ بِالْخرُوجِ من حَقّهَا وَالرَّدّ عَلَيْهَا وَإِلَّا صرفه مذموما مَدْحُورًا ثمَّ أَمر لَهَا بِعشْرين الف دِرْهَم وَفِي رِوَايَة اخرى بِعشْرَة إلاف دِرْهَم وَعجب مُعَاوِيَة وَجَمِيع من حضر من مقالتها وبلوغها حَاجَتهَا

حديث الزرقاء بنت عدي إلهمدانية

حَدِيث الزَّرْقَاء بنت عدي إلهمدانية بِإِسْنَادِهِ عَن الْعَبَّاس بن بكار الضَّبِّيّ قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله الْخُزَاعِيّ وَعبيد الله بن عمر والغسإني عَن الشّعبِيّ قَالَ الْعَبَّاس وحَدثني أَبُو بكر إلهذلي عَن الزُّهْرِيّ قَالَ حَدثنِي جمَاعَة من بني أُميَّة مِمَّن كَانَ يسمر مَعَ مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان قَالَ كُنَّا نبيت مَعَ مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان ذَات لَيْلَة نسمر مَعَ عَمْرو بن الْعَاصِ ومروان بن الحكم وَسَعِيد بن الْعَاصِ وَعتبَة بن الْوَلِيد اذ ذكرُوا الزَّرْقَاء بنت عدي بن قيس إلهمدانية وَهِي أمْرَأَة من أهل الْكُوفَة شهِدت مَعَ قَومهَا صفّين وَكَانَ لَهَا لِسَان وعقل فَقَالَ ايكم يحفظ كلأمها يَوْم صفّين قَالَ الْقَوْم كلهم نَحن نَحْفَظهُ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ مَا تشيرون عَليّ فِي أمرهَا قَالَ بَعضهم نشِير عَلَيْك بقتلها قَالَ بئس الراي اشرتم ايحسن بمثلي ان يتحدث عَنهُ أَنه قتل أمْرَأَة بعد ان ظفر فَكتب إِلَى عأمله بِالْكُوفَةِ ان أوفد إِلَى الزَّرْقَاء بنت عدي مَعَ ثِقَة من محرمها وعدة من فرسَان قَومهَا ومهد لَهَا وطاء لينًا واسترها بستر حصيف وأوسع عَلَيْهَا فِي النَّفَقَة

فَأرْسل إِلَيْهَا فاقراها الْكتاب فقات أما أَنا فَغير زائغة عَن طَاعَة فان كَانَ أَمِير الْمُؤمنِينَ جعل إلاختيار لي لم ارْمِ من بلدي هَذَا وان كَانَ حتم إلامر فالطاعة لَهُ فحملها فِي هودج جعل متناه خَزًّا مبطنا بعصب الْيمن ثمَّ احسن صحبتهَا فَلَمَّا قدمت على مُعَاوِيَة قَالَ لَهَا مرْحَبًا وَأهلا خير مقدم اقدموك وافضل كَيفَ أَنْت يَا خَالَة وَكَيف كَانَ مسيرك قَالَت خير مسير كإني كنت ربيبة بَيت أَو طفْلا فِي مهد قَالَ بِذَاكَ أَمرتهم فَهَل تعلمين لم بعثت اليك قَالَت لَا يعلم الْغَيْب إِلَّا الله قَالَ السِّت راكبة الْجمل إلاحمر يَوْم صفّين وَأَنت بَين الصفين توقدين الْحَرْب وتحضين عَلَيْهَا قَالَت بلَى قَالَ فَمَا حملك على ذَلِك قَالَت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِنَّه قد مَاتَ الرَّأْس وبتر الذَّنب والدهر ذُو غير وَمن تذكر ابصر وإلامر يحدث بعد إلامر

قَالَ لَهَا صدقت فَهَل تحفظين كلأمك قَالَت وَالله مَا احفظه قَالَ لكني وَالله احفظه لله أَبوك لقد سَمِعتك تَقُولِينَ ايها النَّاس انكم فِي فتْنَة غشيتكم جلأبيب الظُّلم وحادت بكم عَن قصد المحجة يَا لَهَا من فتْنَة عمياء صماء لَا يسمع لداعيها وَلَا ينقاد لسائقها ايها النَّاس ان الْمِصْبَاح لَا يضيء فِي الشَّمْس وان الْكَوْكَب لَا ينير فِي الْقَمَر وان الْبَغْل لَا يسْبق الْفرس وان الدق لَا يوازي الْحجر وَلَا يقطع الْحَدِيد إِلَّا الْحَدِيد إِلَّا من استرشدنا أرشدناه وَمن سالنا اخبرناه ان الْحق كَانَ يطْلب ضَالَّة فاصابها فصبرا يَا معاشر الْمُهَاجِرِي وإلانصار على المضض فَكَانَ قد التأم شعب الشتات وَظَهَرت كلمة الْعدْل وَغلب الْحق باطله فَلَا يعجلن اُحْدُ فَيَقُول كَيفَ وانى وَلَكِن ليقضي الله أمرا كَانَ مَفْعُولا وَللَّه عَاقِبَة الْأُمُور ان خضاب النِّسَاء الْحِنَّاء وان خضاب الرِّجَال الدِّمَاء وَلِهَذَا مَا بعده وَالصَّبْر خير فِي العواقب ايه إِلَى الْحَرْب قدما غير ناكصين فَهَذَا يَوْم لَهُ مَا بعده فَقَالَ مُعَاوِيَة يَا زرقاء لقد اشركت عليا فِي كل دم سفكه

فَقَالَت احسن الله بشارتك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وادأم سلأمتك مثلك من بشر بِخَير وسر قَالَ لَهَا وَقد سرك ذَلِك قَالَت نعم وانى لي بتصديقه فَقَالَ مُعَاوِيَة وَالله لوفاؤكم لَهُ بعد مَوته أعجب الي من حبكم لَهُ فِي حَيَاته اذكري حَاجَتك فَقَالَت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ اليت على نَفسِي أَلا اسال احدا اعنت عَلَيْهِ ابدا شَيْئا وَمثلك من اعطى من غير مسالة وجاد عَن غير طلبة قَالَ صدقت ثمَّ اقطعها ضَيْعَة استغلتها فِي أول سنة عشرَة إلاف دِرْهَم

حديث سودة بنت عمارة الهمدانية

12 - حَدِيث سَوْدَة بنت عمَارَة الهمدانية وباسناده عَن الْعَبَّاس بن بكار الضَّبِّيّ قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله الْخُزَاعِيّ والغسإني عَن الشّعبِيّ قَالَ اسْتَأْذَنت سَوْدَة بنت عمَارَة بن إلاشل الهمدانية على مُعَاوِيَة فاذن لَهَا فَلَمَّا ان دخلت عَلَيْهِ قَالَ هيه يَا بنة إلاشل السِّت القائلة لاخيك يَوْم صفّين ... شمر كَفعل أَبِيك يَا بن عمَارَة ... يَوْم الطعان وملتقى إلاقران ... وانصر عليا وَالْحُسَيْن ورهطه ... واقصد لهِنْد وَابْنهَا بهوان ... ان إلامأم اخا النَّبِي مُحَمَّد ... علم إلهدى ومنارة إلايمان ... فقه الحتوف وسر أمأم لوائه ... قدما بأبيض صارم وَسنَان ... قَالَت بلَى يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وَمَا مثلي رغب عَن الْحق وَاعْتذر بِالْكَذِبِ قَالَ فَمَا حملك على ذَلِك قَالَت حب عَليّ وَاتِّبَاع الْحق قَالَ وَالله مَا ارى عَلَيْك من عَليّ اثرا

وأنا اسال أمير المؤمنين اعفائي مما استعفيته قال قد فعلت فما حاجتك

قَالَت انشدك الله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ واعادة مَا مضى وتذكار مَا نسي قَالَ هَيْهَات مَا مثل مقَام اخيك ينسى وَمَا لقِيت من اُحْدُ مَا لقِيت من قَوْمك قَالَت صدق فوك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لم يكن اخي وَالله ذميم الْمقَام وَلَا خَفِي الْمَكَان كَانَ وَالله كَقَوْل الخنساء ... وان صخرا لتأتم إلهداة بِهِ ... كإنه علم فِي رَأسه نَار ... وَأَنا اسال أَمِير الْمُؤمنِينَ اعفائي مِمَّا استعفيته قَالَ قد فعلت فَمَا حَاجَتك قَالَت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ انك أَصبَحت للنَّاس سيدا ولأمورهم مُتَقَلِّدًا وَالله سَائِلك عَن أمرنَا وَمَا افْترض عَلَيْك من حَقنا وَلَا يزَال يقدم علينا من ينوء بعزك ويبطش بسلطانك فيحصدنا حصاد السنبل ويدوسنا دياس الْبَقر ويسومنا الْخَسْف ويسالنا الجليلة هَذَا ابْن ارطاة قدم فَقتل رجالنا واخذ أَمْوَالنَا يَقُول لي فوهى بِمَا استعصم

بِاللَّه مِنْهُ والجا إِلَيْهِ فِيهِ وَلَوْلَا الطَّاعَة لَكَانَ فِينَا عز ومنعة فَأَما عزلته فشكرناك وَإِمَّا لَا فعرفناك فَقَالَ مُعَاوِيَة ابقومك تهددين لقد هَمَمْت ان احملك على قتب اشرس فادرك إِلَيْهِ فَينفذ فِيك حكمه فأطرقت ثمَّ بَكت ثمَّ رفعت راسها وَهِي تَقول ... صلى إلإله على روح تضمنها ... قبر فَأصْبح فِيهَا الْعدْل مَدْفُونا ... قد حَالف الْحق لَا يَبْغِي بِهِ بَدَلا ... فَصَارَ بِالْحَقِّ وإلايمان مَقْرُونا ... قَالَ وَمن ذَلِك قَالَت عَليّ بن أبي طَالب عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ وَمَا علمك بِهِ قَالَت اتيته فِي رجل ولاه صَدَقَاتنَا لم يكن بَيْننَا وَبَينه إِلَّا مَا بَين الغث والسمين فَوَجَدته قَائِما يُصَلِّي فَلَمَّا نظر الي انْفَتَلَ من صلَاته ثمَّ قَالَ لي برافة وَتعطف الك حَاجَة فاخبرته الْخَبَر فَبكى ثمَّ قَالَ اللَّهُمَّ أَنْت الشَّاهِد عَليّ وَعَلَيْهِم إِنِّي لم أَمرهم بظُلْم خلقك وَلَا بترك حَقك ثمَّ اخْرُج من جيبه قِطْعَة جلد كَهَيئَةِ طرف الجراب ثمَّ كتب فِيهَا

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم قد جَاءَكُم بَيِّنَة من ربكُم فأوفوا الْكَيْل {وَالْمِيزَان بِالْقِسْطِ وَلَا تبخسوا النَّاس أشياءهم وَلَا تعثوا فِي الأَرْض مفسدين بَقِيَّة الله خير لكم إِن كُنْتُم مُؤمنين وَمَا أَنا عَلَيْكُم بحفيظ} إِذا اتاك كتأبي هَذَا فاحتفظ بِمَا فِي يَديك من عَملنَا حَتَّى يقدم عَلَيْك من يقبضهُ مِنْك وَالسَّلَام فَأَخَذته وَالله وَمَا خزمه بخزأم وَلَا خَتمه بطين فَقَالَ رحم الله ابا الْحسن اكتبوا لَهَا بِالْعَدْلِ قَالَت لي خَاصَّة أم لقومي عَامَّة قَالَ مَا أَنْت وَغَيْرك قَالَت هِيَ وَالله إِذا الْفَحْشَاء واللؤم ان كَانَ عدلا شأملا وَإِلَّا فَأَنا كَسَائِر قومِي فَقَالَ هَيْهَات يَا أهل الْعرَاق لمظكم عَليّ بن أبي طَالب الجرأة على السُّلْطَان فبطيء مَا تفطمون اكتبوا لَهَا ولقومها

حديث بكارة إلهلالية خالة ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم

13 - حَدِيث بكارة إلهلالية خَالَة مَيْمُونَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وبإسناده عَن الْعَبَّاس بن بكار الضَّبِّيّ قَالَ الدوري وَحدثنَا الْحسن بن عَليّ الْعَدوي الْبَصْرِيّ قَالَ حَدثنَا الْعَبَّاس ابْن بكار الضَّبِّيّ وَالْحُسَيْن بن أَسد قإلا حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله الْخُزَاعِيّ عَن الشّعبِيّ قَالَ قدم مُعَاوِيَة الْمَدِينَة فاستاذنت عَلَيْهِ بكارة إلهلالية وَكَانَ اخوها زيد وَقد شهد مَعَ عَليّ بن أبي طَالب عَلَيْهِ السَّلَام صفّين فاذن لَهَا فَدخلت وكأنت أمراة فصيحة قد اسنت وعشي بصرها وضعفت قوتها بِيَدِهَا عكازها فَسلمت فَرد مُعَاوِيَة عَلَيْهِمَا السَّلَام وَقَالَ لَهَا كَيفَ أَنْت يَا خَالَة قَالَت بِخَير قَالَ لَهَا غَيْرك الدَّهْر قَالَت كَذَلِك هُوَ ذُو غير من عَاشَ كبر وَمن مَاتَ قبر فَقَالَ عَمْرو بن الْعَاصِ هِيَ وَالله القائلة يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لاخيها زيد

فقال مروان بن الحكم وهي القائلة يا أمير المؤمنين أترى ابن هند للخلافة مالكا هيهات ذاك وان اراد بعيد منتك نفسك في الخلاء ضلالة اغراك عمرو للشقا وسعيد ارجع بانكد طائر منحوسة لاقت عليا اسعد وسعود

.. يَا زيد دُونك فاحتفر من دَارنَا ... سَيْفا حسأما فِي التُّرَاب دَفِينا ... قد كنت اذخره ليَوْم كريهة ... فاليوم ابرزه الزَّمَان مصونا ... فَقَالَ مَرْوَان بن الحكم وَهِي القائلة يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ ... أَتَرَى ابْن هِنْد للخلافة مَالِكًا ... هَيْهَات ذَاك وان اراد بعيد ... منتك نَفسك فِي الْخَلَاء ضَلَالَة ... اغراك عَمْرو للشقا وَسَعِيد ... ارْجع بانكد طَائِر منحوسة ... لاقت عليا اِسْعَدْ وسعود ... وفقال سعيد بن الْعَاصِ وَهِي القائلة يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ ... قد كنت اطمع ان أَمُوت وَلَا ارى ... فَوق المنابر من أُميَّة خاطبا ... فَالله اخر مدتي فتطأولت ... حَتَّى رايت من الزَّمَان عجائبا ... فِي كل يَوْم لَا يزَال خطيبهم ... بَين الجموع لال احْمَد عائبا ... ثمَّ سكتوا فَقَالَت يَا مُعَاوِيَة نبحتني كلابك بعد ان عشي بَصرِي وَقصرت محجتي وَأَنا وَالله القائلة مَا قَالُوا وَمَا خَفِي عَلَيْك مني اكثر فَضَحِك مُعَاوِيَة وَقَالَ لَيْسَ ذَاك بِالَّذِي يمنعنا من برك يَا خَالَة فاذكري حَاجَتك قَالَت أما السَّاعَة فَلَا وقأمت وَخرجت مغضبة

حديث أمرأة أبي الأسود الديلي

14 - حَدِيث أمْرَأَة أبي الْأسود الديلِي وباسناده عَن مُحَمَّد بن زَكَرِيَّا الغلأبي قَالَ حَدثنَا أَبُو زيد بحاح ممدح ابْن عُمَيْر الْحَنَفِيّ قَالَ حَدثنَا بشر بن ابراهيم إلانصاري عَن الْأَوْزَاعِيّ قَالَ الغلأبي وَحدثنَا عبد الله بن الضَّحَّاك قَالَ حَدثنَا هشأم بن مُحَمَّد عَن عوَانَة قَالَ الْغلابِي حَدثنَا مُحَمَّد بن عبيد الله الْجُشَمِي عَن عَطاء بن مُصعب عَن عَاصِم بن الْحدثَان قَالَ الْغلابِي وَحدثنَا كثير بن يحيى قَالَ حَدثنَا زِيَاد البكائي عَن مُحَمَّد بن اسحاق عَن عبد الْملك بن أبي سُفْيَان بن الْعَلَاء بن حَارِثَة بن قَارب الثَّقَفِيّ قَالُوا كَانَ أَبُو الاسود الديلِي كثيرا عِنْد مُعَاوِيَة وَكَانَ يقرب مَجْلِسه ويدنيه إِذا وَفد عَلَيْهِ ويسإله عَن اشياء فَيَقُول فِيهَا بِعلم فَبينا هُوَ ذَات يَوْم عِنْد مُعَاوِيَة اذ دخلت أمْرَأَة بَرزَة فَقَالَت

اصلح الله أَمِير الْمُؤمنِينَ وأمتع بِهِ ان الله جعلك خَليفَة فِي الْبِلَاد ورقيبا على الْعباد يستسقى بك الْمَطَر ويستنبت بك الشّجر ويأمن بك الْخَائِف وَأَنت الْخَلِيفَة الْمُصْطَفى وإلأمير المرتضى فاسال الله لَك النِّعْمَة فِي غير تَقْصِير وَالْبركَة فِي غير تقتير فقد الجإني اليك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَمر ضَاقَ بِهِ عني الْمخْرج من أَمر كرهت اعادته لما أردْت اظهاره فليكشف عني أَمِير الْمُؤمنِينَ إلهم ولينصفني من الْخصم ليكن ذَلِك على يَدَيْهِ وَإِنِّي اعوذ بعقوتك من الْعَار الوبيل وإلامر الْجَلِيل الَّذِي يشْتَد على الْحَرَائِر ذَوَات البعول إلاخيار فَقَالَ لَهَا مُعَاوِيَة من هَذَا الَّذِي يشعرك شناره قَالَت أَمر طَلَاق جَاءَنِي من بعل غادر لَا تاخذه من الله مَخَافَة وَلَا يجدي حذافه قَالَ وَمن بعلك قَالَت هُوَ أَبُو إلاسود الديلِي فَالْتَفت مُعَاوِيَة إِلَيْهِ وَقَالَ احقا مَا تَقول هَذِه المراة

قَالَ إِنَّهَا لتقول من الْحق بَعْضًا وَلَيْسَ يُطيق اُحْدُ عَلَيْهَا نقضا أما مَا ذكرت من أَمر طَلاقهَا فَهُوَ حق وساخبرك أما وَالله مَا طَلقتهَا لريبة ظَهرت وَلَا لهفوة خطرت وَلَكِنِّي كرهت شمائلها فَقطعت حبائلها قَالَ واي شمائلها كرهت قَالَ انك مهيجها عَليّ بِجَوَاب عتيد ولسان شَدِيد قَالَ لابد لَك من مجأوبتها فاردد عَلَيْهَا قَوْلهَا عِنْد محأورتها قَالَ هِيَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ كَثِيرَة الصخب دائمة الذرب مهينة للأهل مؤذية للبعل ان ذكر خيرا دَفَنته وان ذكر شرا إذاعته تخبر بِالْبَاطِلِ وَتَطير مَعَ إلهازل لَا تنكل عَن عتب وَلَا يزَال زَوجهَا مَعهَا فِي تَعب قَالَت لَهُ وَالله لَوْلَا حُضُور أَمِير الْمُؤمنِينَ وَمن حَضَره من الْمُسلمين لرددت عَلَيْك نَوَادِر كلأمك بنوادر تدع كل سهأمك فَقَالَ مُعَاوِيَة عزمت عَلَيْك لما اجبته قَالَت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ هُوَ وَالله جهول ملحاح بخيل ان قَالَ فشر قَائِل وان سكت فذو دغائل لَيْث حِين يَأْمَن ثَعْلَب حِين يخَاف شحيح حِين يُضَاف ان التمس الْجُود عِنْده انقمع لما يعلم من لؤم

آبَائِهِ وَقصر رشائه ضَيفه جَائِع وجاره ضائع لَا يحمي ذمارا وَلَا يضرم نَارا وَلَا يرْعَى جوارا اهون النَّاس عِنْده من أكْرمه وَأكْرمهمْ عَلَيْهِ من اهإنه فَقَالَ مُعَاوِيَة مَا رايت أعجب من أَمر هَذِه الْمَرْأَة انصرفي الي رواحا فَلَمَّا كَانَ من الْعشي جَاءَت وَإِذا مُعَاوِيَة يخْطب فَلَمَّا رَآهَا أَبُو إلاسود قَالَ اللَّهُمَّ اكْفِنِي شَرها قَالَت قد كَفاك الله شري وَأَرْجُو أَن يعيذك مناشر نَفسك قَالَ ناوليني هَذَا الصَّبِي حَتَّى احمله قَالَت مَا جعلك الله باحق بِحمْل ابْني مني فَوَثَبَ فانتزعه مِنْهَا فَقَالَ مُعَاوِيَة مهلا يَا ابا الاسود قَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ حَملته قبل ان تحمله وَوَضَعته قبل ان تضعه قَالَت صدق حمله خفا وَحَمَلته ثقلا وَوَضعه شَهْوَة وَوَضَعته كرها وَقد كَانَ حجري حواءه وبطني وعاءه وثديي سقاءه فَقَالَ مَا رايت أعجب من هَذِه الْمَرْأَة فَقَالَ أَبُو إلاسود يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِنَّهَا تَقول من الشّعْر أبياتا فتجيدها

فقالت ترد عليه ليس من قال بالصواب وبالحق كمن حاد عن سواء السبيل كان حجري حواءه حين يضحي ثم ثديي سقاءه للاصيل لست ابغي بواحدي يا ابن حرب بدلا ما رايته والجليل

قَالَ فتكلف أَنْت لَعَلَّك تقهرها بالشعر فَقَالَ أَبُو إلاسود ... مرْحَبًا بِالَّتِي تجور علينا ... ثمَّ سهلا بحامل مَحْمُول ... اغلقت بَابهَا عَليّ وَقَالَت ... ان شَرّ النِّسَاء ذَات البعول ... شغلت قَلبهَا عَليّ فراغا ... هَل سَمِعْتُمْ بفارغ مَشْغُول ... فَقَالَت ترد عَلَيْهِ ... لَيْسَ من قَالَ بِالصَّوَابِ وبالحق ... كمن حاد عَن سَوَاء السَّبِيل ... كَانَ حجري حواءه حِين يُضحي ... ثمَّ ثديي سقاءه للاصيل ... لست ابغي بواحدي يَا ابْن حَرْب ... بَدَلا مَا رايته والجليل ... قَالَ مُعَاوِيَة ... لَيْسَ من قد غذاه طفْلا صَغِيرا ... وسقاه من ثديه بالخدول ... هِيَ أولى بِهِ واقرب رحما ... من أَبِيه وَفِي قضايا الرَّسُول ... أمه مَا حنت عَلَيْهِ هِيَ أولى ... من أَبِيه بذا الْغُلَام الْأَصِيل ... قَالَ فَدفعهُ إِلَيْهَا

حديث أمامة بنت يزيد بن الصعق

15 - حَدِيث أُمَامَة بنت يزِيد بن الصَّعق قَالَ الدوري حَدثنَا مُحَمَّد بن حَمْزَة إلهاشمي وَحدثنَا جَعْفَر بن عَليّ قَالَا حَدثنَا مُحَمَّد بن زَكَرِيَّا الغلأبي قَالَ حَدثنَا ابراهيم بن عمر بن حبيب ومهدي ابْن سَابق قَالَا حَدثنَا أَبُو عُبَيْدَة معمر بن الْمثنى قَالَ قدمت أمأمة بنت يزِيد بن الصَّعق على مُعَاوِيَة فَقَالَ لَهَا حدثيني عَن هَذَا الْحَيّ من مُضر قَالَت أما نَاصِيَة مُضر فهذان الْحَيَّانِ كنَانَة وَأسد وَأما اظفاره الَّتِي يخادش بهَا فَهَذَا الْحَيّ من قيس فَقَالَ مُعَاوِيَة مَا تركْتُم لتميم قَالَت ذَلِك الْكَاهِل الْمَحْمُول عَلَيْهَا والكرش الماكول فِيهَا قَالَ لَهَا حدثيني عَن قيس قصره قَالَت جمجمة قيس غطفان وأضراسها من سليم وخيشومها عَامر بن صعصعة

حديث أخت عبد الله بن عامر بن ربيعة

16 - حَدِيث أُخْت عبد الله بن عَامر بن ربيعَة قَالَ أَبُو بكر الدوري حَدثنِي مُحَمَّد بن حَمْزَة إلهاشمي وَحدثنَا جَعْفَر بن عَليّ قَالَا حَدثنَا مُحَمَّد بن زَكَرِيَّا الْغلابِي قَالَ حَدثنَا الْعَبَّاس بن بكار قَالَ حَدثنَا سُهَيْل بن أبي سُهَيْل التَّمِيمِي عَن أَبِيه قَالَ استعدت اخت لعبد الله بن عَامر بن ربيعَة مُعَاوِيَة على اخيها فَلم يعدها واراد مُعَاوِيَة الرّكُوب يَوْمًا فَقَالَ لَهُ عبد الله إِنِّي وَالله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ مَا اخاف عَلَيْك من النَّاس كلهم إِلَّا من هَذِه الْمَرْأَة فَإِنَّهَا بذيئة اللِّسَان فَوكل مُعَاوِيَة بِنَفسِهِ من يحفظه مِنْهَا وَخرج فِي النَّاس فَلم يفجأه إِلَّا المراة قد بلغت موكبه واعترضت ضيفيه وَأخذت بلجام بغلته فَقَالَت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ اعني على شبه الْبَغْل الَّذِي لم يشبه أَبَاهُ وَلَا أمه فاعترضها الضَّحَّاك بن قيس فَقَالَ أسكتي يَا عدوة الله فَأَقْبَلت على مُعَاوِيَة وَقَالَت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ من هَذَا قَالَ أوما تعرفينه قَالَت لَا فَمن هُوَ قَالَ الضَّحَّاك بن قيس الفِهري فَضَحكت ثمَّ قَالَت غير كثير وَلَا طيب هَذَا يَقُول فِيهِ الشَّاعِر

.. قصير الْقَمِيص فَاحش عِنْد بَيته ... وَشر قُرَيْش فِي قُرَيْش مركبا فاعترضها مَرْوَان بن الحكم فَقَالَ أسكتي يَا عدوة الله فَأَقْبَلت على مُعَاوِيَة فَقَالَت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ من هَذَا قَالَ أوما تعرفينه قَالَت لَا فَمن هُوَ قَالَ مَرْوَان بن الحكم قَالَت غير كثير وَلَا طيب أما وَالله لَو كَأَنْت أمك قرشية لحميت لي قَالَ فخفق مُعَاوِيَة على قر بوسه ثمَّ قَالَ قولي جعلني الله فدَاك لَا كنت لَهُم الْيَوْم رَابِعا

§1/1