أخبار الشيوخ وأخلاقهم

أبو بكر المروذي

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْبُسْرِيِّ، قَالَ: أَجَازَ لَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْدَانَ بْنِ بَطَّةَ الْعُكْبَرِيُّ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ الْحُسَيْنِ الآجُرِّيَّ أَخْبَرَهُ بِقِرَاءَتِهِ عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، فِي شَهْرِ الْمُحَرَّمِ مِنْ سَنَةِ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ وَثَلاثِ مِائَةٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ كُرْدِيٍّ الْقَلاسُ، فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ، مِنْ سَنَةِ سِتَّ عَشْرَةَ وَثَلاثِ مِائَةٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَجَّاجِ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: 1 - سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ حَنْبَلٍ، وَنَحْنُ بِالْعَسْكَرِ، يُنَاشِدُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، وَيَسْأَلُهُ الدُّخُولَ عَلَى الْخَلِيفَةِ لِيَأْمُرَهُ وَيَنْهَاهُ، وَقَالَ لَهُ: إِنَّهُ يَقْبَلُ مِنْكَ، هَذَا إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ يَدْخُلُ عَلَى ابْنِ طَاهِرٍ فَيَأْمُرُهُ وَيَنْهَاهُ، فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: تَحْتَجُّ عَلَيَّ بِإِسْحَاقَ؟ ! فَأَنَا غَيْرُ رَاضٍ

بِفَعَالِهِ، مَا لَهُ فِي رُؤْيَتِي خَيْرٌ، وَلا لِي فِي رُؤْيَتِهِ خَيْرٌ. 2 - وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: يَجِبُ عَلَيَّ إِذَا رَأَيْتُهُ، يَعْنِي الْخَلِيفَةَ، أَنْ آمُرَهُ وَأَنْهَاهُ. 3 - وَسَمِعْتُ إِسْمَاعِيلَ ابْنَ أُخْتِ ابْنِ الْمُبَارَكِ يُنَاظِرُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَيُكَلِّمُهُ فِي الدُّخُولِ عَلَى الْخَلِيفَةِ، فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَدْ قَالَ خَالُكَ، يَعْنِي ابْنَ الْمُبَارَكِ: لا تَأْتِهِمْ، فَإِنْ أَتَيْتَهُمْ فَاصْدُقْهُمْ، وَأَنَا أَخَافُ أَنْ لا أَصْدُقَهُمْ. 4 - وَسَمِعْتُ عَبْدَ الصَّمَدِ بْنَ يَزِيدَ يَقُولُ: قَالَ الْفُضَيْلُ: أَمَرَنَا أَنْ لا نَدْخُلَ عَلَيْهِمْ، فَإِنْ دَخَلْنَا نَقُولُ الْحَقَّ. 5 - وَسَمِعْتُ هَارُونَ بْنَ مَعْرُوفٍ يَقُولُ: حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ مُحَيْرِيزٍ: مَنْ جَلَسَ عَلَى الْوَسَائِدِ

وَجَبَتْ عَلَيْهِ النَّصِيحَةُ. 6 - وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ مُقَاتِلٍ الْعَبَّادَانِيَّ يَقُولُ: إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلامِ فِي وَقْتٍ، وَهُوَ يَرَى أَنَّ الْكَلامَ عَلَيْهِ فَرْضٌ. 7 - وَسَمِعْتُ عَبْدَ الصَّمَدِ بْنَ يَزِيدَ يَقُولُ: قَالَ فُضَيْلٌ: لَيْسَ الآمِرُ النَّاهِي الَّذِي يَدْخُلُ عَلَيْهِمْ وَيَأْمُرُهُمْ وَيَنْهَاهُمْ، ثُمَّ يَدْعُونَهُ إِلَى طَعَامِهِمْ وَشَرَابِهِمْ فَيُجِيبُهُمْ، الآمِرُ النَّاهِي الَّذِي اعْتَزَلَهُمْ وَلَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِمْ، فَهُوَ الآمِرُ النَّاهِي. 8 - وَقَالَ الْفُضَيْلُ: كَمْ مِنْ عَالِمٍ يَدْخُلُ عَلَى الْمَلِكِ وَمَعَهُ دِينُهُ، وَيَخْرُجُ وَلَيْسَ مَعَهُ مِنْهُ شَيْءٌ، فَلا جَعَلَ اللَّهُ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا. 9 - وَقَالَ الْفُضَيْلُ: رُبَّمَا دَخَلَ الْعَالِمُ عَلَى الْمَلِكِ وَمَعَهُ شَيْءٌ مِنْ دِينِهِ، فَيَخْرُجُ وَلَيْسَ مَعَهُ شَيْءٌ، فَقُلْنَا: وَكَيْفَ ذَاكَ؟ قَالَ: يُصَدِّقُهُ فِي كَذِبِهِ، وَيَمْدَحُهُ فِي وَجْهِهِ. 10 - وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: الدُّنُوُّ مِنْهُمْ فِتْنَةٌ وَالْجُلُوسُ مَعَهُمْ فِتْنَةٌ، نَحْنُ مُتَبَاعِدُونَ مِنْهُمْ مَا أَرَانَا نَسْلَمُ، فَكَيْفَ لَوْ قَرُبْنَا مِنْهُمْ؟ ! .

11 - وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عَبْدٍ، وَسَبِيعٍ السَّلُولِيِّ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: أَبْوَابُهُمْ مَوَاقِفُ الْفِتَنِ، يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِوَجْهٍ، وَيَخْرُجُونَ بِآخَرَ. 12 - وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ نُبَيْطٍ، قَالَ: قُلْنَا لأَبِي: أَلا تَأْتِهِمْ؟ قَالَ: إِنِّي أَخَافُ أَنْ أَشْهَدَ مِنْهُمْ مَشْهَدًا يُدْخِلُنِي النَّارَ. 13 - وَحُدِّثْتُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَجْدَةَ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا أَبُو الْمَلِيحِ الرَّقِّيُّ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، قَالَ: امْتَنَعْتُ مِنْ عَبْدِ الْمَلِكِ الْقَائِلَةِ، فَقَالَ لِحَاجِبِهِ وَذَلِكَ نِصْفَ النَّهَارِ: انْظُرْ هَلْ تَرَى أَحَدًا مِنْ حُدَّاثِنَا فِي الْمَسْجِدِ. قَالَ: فَخَرَجَ الْحَاجِبُ، فَلَمْ يَجِدْ أَحَدًا أَهْيَأَ لِذَلِكَ مِنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ، ثُمَّ انْصَرَفَ الْحَاجِبُ، فَلَمَّا أَتَى الْبَابَ الْتَفَتَ فَإِذَا

هُوَ جَالِسٌ، فَرَجَعَ إِلَيْهِ حَتَّى إِذَا عَرَفَ أَنَّهُ قَدْ نَظَرَ إِلَيْهِ أَوْمَأَ إِلَيْهِ، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَلَمَّا أَتَى الْبَابَ نَظَرَ فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ مَكَانَهُ، قَالَ: فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ الْحَاجِبُ حَتَّى قَامَ عَلَى رَأْسِهِ، ثُمَّ قَالَ: أَجِبْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: أَوَ إِلَيَّ أَرْسَلَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: وَمَنْ أَنَا؟ قَالَ: وَاللَّهِ مَا أَدْرِي، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: انْظُرْ، هَلْ تَرَى أَحَدًا مِنْ حُدَّاثِنَا، فَلَمْ أَرَ أَحَدًا أَهْيَأَ لِذَلِكَ مِنْكَ، قَالَ: ارْجِعْ إِلَيْهِ فَأَخْبِرْهُ أَنِّي لَسْتُ مِنْ حُدَّاثِهِ، قَالَ: فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: صَدَقَ، ذَلِكَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ. 14 - وَحُدِّثْتُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ شَبِيبٍ، حَدَّثَنَا مُلَيْلُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، قَالَ: حَجَّ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ، فَمَرَّ بِالْمَدِينَةِ، فَأَقَامَ بِهَا، فَأَرْسَلَ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ رَسُولا، فَجَاءَ الرَّسُولُ وَهُوَ قَاعِدٌ فِي الْمَسْجِدِ مُحْتَبٍ، فَقَالَ: أَجِبْ، فَقَالَ: مَنْ؟ قَالَ: أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: وَاللَّهِ مَا لِي إِلَيْهِ مِنْ حَاجَةٍ، وَلا قَوْلُهُ عِنْدِي بِمُسْتَمَعٍ، فَرَجَعَ الرَّسُولُ، فَقَالَ لِعَبْدِ الْمَلِكِ مَا قَالَ لَهُ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ: وَيْلَكَ، اذْهَبْ إِلَيْهِ فَادْعُهُ وَارْفُقْ بِهِ، فَجَاءَ فَقَامَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: أَجِبْ، قَالَ: مَنْ؟ قَالَ: أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: وَاللَّهِ مَا لِي إِلَيْهِ مِنْ حَاجَةٍ، وَلا قَوْلُهُ عِنْدِي

بِمُسْتَمَعٍ، فَرَجَعَ الرَّسُولُ، فَحَدَّثَهُ بِالَّذِي قَالَ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ: وَيْلَكَ، اذْهَبْ إِلَيْهِ فَادْعُهُ وَارْفُقْ، فَجَاءَهُ فَقَالَ: أَجِبْ، قَالَ: مَنْ؟ قَالَ: أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: وَاللَّهِ مَا لِي إِلَيْهِ مِنْ حَاجَةٍ، وَلا قَوْلُهُ عِنْدِي بِمُسْتَمَعٍ. قَالَ: يَقُولُ الرَّسُولُ: أَمَا وَاللَّهِ، عَلَيَّ ذَلِكَ، لَوْ أَمَرَنِي بِكَ لأَتَيْتُهُ بِرَأْسِكَ، قَالَ سَعِيدٌ: وَاللَّهِ، مَا كُنْتُ أَفْتَدِي مِنْكَ بِأَنْ أَحِلَّ حَبْوَتِي هَذِهِ، فَرَجَعَ الرَّسُولُ، فَقَالَ لِعَبْدِ الْمَلِكِ مَا قَالَ، فَقَالَ، يَعْنِي عَبْدَ الْمَلِكِ: أَبَى أَبُو مُحَمَّدٍ إِلا صَلابَةً، وَيْحَكَ دَعْهُ، وَيْحَكَ دَعْهُ. 15 - وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ: مُحَمَّدَ بْنَ شَاذَانَ خَادِمَ يَحْيَى الْقَطَّانِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ يَحْيَى الْقَطَّانَ يَقُولُ: لَمَّا وَرَدَ كِتَابُ الْمَهْدِيِّ عَلَى سُفْيَانَ، كَتَبَ إِلَيْهِ الْجَوَابَ، وَبَدَأَ بِنَفْسِهِ، فَقُلْنَا لَهُ: إِنَّهُ لا يَحْتَمِلُكَ، فَقَالَ: إِنْ كُنْتُ أَنَا الَّذِي أَكْتُبُ، لا أَكْتُبُ إِلا هَكَذَا، قَالَ: فَأَخَذْنَا الْكِتَابَ، وَكَتَبْنَا نَحْنُ عَلَى لِسَانِهِ وَعَرَضْنَا عَلَيْهِ.

16 - وَسَمِعْتُ عَبَّاسًا الْعَنْبَرِيَّ يَقُولُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَابِرٍ الضَّبِّيُّ، عَنْ سُعَيْرِ بْنِ الْخِمْسِ، قَالَ: رَأَيْتُ سُفْيَانَ بِمَكَّةَ مَعَهُ شَيْخٌ، فَقَالَ لِي: اذْهَبْ بِنَا إِلَى هَذَا، فَإِنَّهُ قَدْ تَعَرَّضَ لِصَاحِبِنَا هَذَا. قَالَ: قُلْتُ: اللَّهُمَّ غَفْرًا، أَنَا أَذْهَبُ إِلَيْهِ فَأُسَلِّمُ عَلَيْهِ بِالإِمْرَةِ وَأُعَزِّيهِ عَلَى ابْنِهِ مَاتَ، وَأَنْتَ لا تُسَلِّمُ عَلَيْهِ!! قَالَ: اللَّهُمَّ غَفْرًا. فَذَهَبْتُ مَعَهُ، فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ وَعَزَّيْتُهُ، وَلَمْ يُسَلِّمْ سُفْيَانُ وَلَمْ يُعَزِّ، إِلا أَنَّهُ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ بْنَ إِبْرَاهِيمَ، قَدْ وُعِظْتَ بِابْنِكَ إِنِ اتَّعَظْتَ، مَا لَكَ وَمَالِ صَاحِبِنَا هَذَا، قَالَ: إِنَّمَا أَرَدْتُ أُوَلِّيهِ الْقَضَاءَ، قَالَ: لا حَاجَةَ لَهُ بِهِ، قَالَ: قَدْ أَعْفَيْنَاهُ. 17 - سَمِعْتُ عَبَّاسًا الْعَنْبَرِيَّ يَقُولُ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ قَالَ: حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوَفْلٍ، قَالَ: قِيلَ لِعَلْقَمَةَ: لَوْ دَخَلْتَ عَلَيْهِمْ فَيَعْرِفُونَ لَكَ شَرَفَكَ وَتَشْفَعُ؟ قَالَ: إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَنْتَقِصُوا مِنِّي أَكْثَرَ مِمَّا أَنْتَقِصُ مِنْهُمْ.

18 - وَسَمِعْتُ عَبَّاسًا الْعَنْبَرِيَّ يَقُولُ: حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّ مُعَاوِيَةَ كَتَبَ إِلَى فُلانٍ، ذَهَبَ عَلَيَّ اسْمُهُ: أَنْ يُوفِدَ إِلَيْهِ نَفَرًا مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، فَكَتَبَ عَلْقَمَةَ فِيهِمْ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ عَلْقَمَةُ رَسُولا: امْحُني امْحُنِي. 19 - وَحُدِّثْتُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَانَ يَقُولُ: يَغْشَانِي عُلَمَاءُ الْمَدِينَةِ، وَيَبْلُغُنِي عِلْمُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ. 20 - وَسَمِعْتُ عَبَّاسًا الْعَنْبَرِيَّ يَقُولُ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْمُبَارَكِ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَبِي بَكْرٍ، حَدَّثَنِي الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ: قَالَتْ عَمْرَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ لابْنِهَا أَبِي الرِّجَالِ: يَا بُنَيَّ، إِيَّاكَ وَإِيَّاكَ وَمَجَالِسَهُمْ، فَإِنَّكَ بَيْنَ خَصْلَتَيْنِ: إِمَّا كَفَفْتَ عَنْ حَقٍّ، وَإِمَّا أَعَنْتَ عَلَى جَوْرٍ. 21 - وَسَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ الْخَلِيلِ يَقُولُ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ، يَعْنِي ابْنَ عِيسَى، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: دَخَلَ فُلانٌ وَقَدْ سَمَّاهُ

ابْنُ الْمُبَارَكِ فَنَسِيتُ اسْمَهُ، وَذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ عَابِدًا مِنَ الْعُبَّادِ، لَهُ فَضْلٌ وَعِبَادَةٌ عَلَى بَعْضِ الأُمَرَاءِ يَوْمًا وَقَدْ أَمَرَ أَنْ يَعْرِضَ عَلَيْهِ أَصْحَابَ الْجِنَايَاتِ، قَالَ: فَجَعَلَ كُلَّمَا أَمَرَ بِرَجُلٍ أَنْ يُضْرَبَ، كَلَّمَهُ فِيهِ الْعَابِدُ فَخَلَّى عَنْهُ، حَتَّى خَلَّى عَنْ خَمْسَةِ أَنْفُسٍ، أَوْ سِتَّةٍ بِكَلامِهِ، ثُمَّ جِيءَ بِرَجُلٍ آخَرَ، قَالَ: فَاسْتَحْيَا أَنْ يُكَلِّمَهُ فِيهِ لَمَّا قَدْ أَجَاءَ بِهِ، فَسَكَتَ عَنْهُ، قَالَ: فَأَمَرَ بِهِ الأَمِيرُ أَنْ تُضْرَبَ عُنُقُهُ، فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ، ثُمَّ قَالَ الأَمِيرُ لِلْعَابِدِ: تَدْرِي لِمَ ضَرَبْتُ عُنُقَهُ؟ قَالَ: لا، قَالَ: لأَنَّكَ رَأَيْتُكَ سَكَتَّ عَنْهُ، فَلَمْ تُكَلِّمْنِي فِيهِ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ قَدْ كَانَ أَجْرَمَ فِيمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ جُرْمًا عَظِيمًا، فَلِذَلِكَ أَمَرْتُ بِضَرْبِ عُنُقِهِ. قَالَ: فَوَضَعَ الْعَابِدُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا وَيْلِي، هَذَا أَصَابَنِي فِي سُكُوتِي عِنْدَهُمْ، فَكَيْفَ تَكُونُ حَالِي فِي كَلامِي عِنْدَهُمْ؟ ! أُعَاهِدُ اللَّهَ أَنِّي لا أَدْخُلُ عَلَيْهِمْ أَبَدًا. 22 - قَرَأْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ: حُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ الأَبَحُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ، أَنَّهُ قَالَ لِرَجُلٍ: سَلْهُ شَفَاعَةً، وَيْحُكَ، إِنَّ الدُّنُوَّ مِنْهُمْ هُوَ الذَّبْحُ.

23 - سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ عِيسَى الْمَرْوَزِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ فَضَالَةَ بْنَ سُفْيَانَ، قَالَ: أَرَادَ السَّكَنُ أَنْ يَحُجَّ، فَقَالَ لابْنِ الْمُبَارَكِ: أُحِبُّ أَنْ تَكْتُبَ لِي إِلَى فُلانٍ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أَكْتُبُ لَكَ إِلَى سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، فَلَمَّا خَرَجَ كَتَبَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ إِلَى سُفْيَانَ، فَقَدِمَ عَلَى سُفْيَانَ فَانْتَفَعَ بِهِ. فَلَمَّا كَانَ فِي الْمُنْصَرَفِ أَرَادَ أَنْ يُوَدِّعَ سُفْيَانَ، قَالَ سُفْيَانُ: أَقْرِئْ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّلامَ، وَقُلْ لَهُ: احْفَظْ وَصِيَّتِي، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ السَّكَنُ بَلَّغَهُ رِسَالَتَهُ، فَلَمَّا مَاتَ سُفْيَانُ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ لِلسَّكَنِ: أَتَدْرِي مَا كَانَتْ وَصِيَّتُهُ؟ قَالَ: السَّكَنُ: لا، قَالَ: فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: هَكَذَا، أَوْ نَقَلَ بِأُصْبُعِهِ، أَيْ لا تَقْرَبْهُمْ. 24 - وَسَمِعْتُ دَاوُدَ بْنَ رُشَيْدٍ يَقُولُ: قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: خُذْ مِنَ الْجَارُوشِ وَالأَرُزِّ ... وَالْخُبْزِ الشَّعِيرِ وَاجْعَلَنَّ ذَاكَ حَلالا ... تَنْجُ مِنْ حَرِّ السَّعِيرِ وَانْأَ مَا اسْطَعْتَ هَدَاكَ ... اللَّهُ عَنْ دَارِ الأَمِيرِ لا تَزُرْهَا وَاجْتَنِبْهَا ... إِنَّهَا شَرُّ مَزُورِ تُوهِنُ الدِّينَ وَتُدْنِيكَ ... مِنَ الْحُوبِ الْكَبِيرِ 25 - سَمِعْتُ عَبَّاسًا الْعَنْبَرِيَّ يَقُولُ: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمَلَةَ، قَالَ: دَعَانِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ

عَبْدِ الْمَلِكِ إِلَى صُحْبَتِهِ، فَشَاوَرْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي زَكَرِيَّا فِي ذَلِكَ، فَقَالَ لِي: أَنْتَ حُرٌّ، تَجْعَلُ نَفْسَكَ مَمْلُوكًا! . 26 - سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ الْخَلِيلِ يَقُولُ: سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ، يَقُولُ: قِيلَ لِسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ: لِمَ لا تَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَتَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ؟ قَالَ: إِذَا انْبَثَقَ الْبَحْرُ مَنْ يَقْدِرُ أَنْ يَسْكُرَهُ. 27 - وَسَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ الْخَلِيلِ يَقُولُ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ قَالَ: قُلْتُ لابْنِ الْمُبَارَكِ: إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ حَمَّادَ بْنَ زَيْدٍ قَالَ لِسُفْيَانَ لَمَّا هَرَبَ مِنْ أَبِي جَعْفَرٍ إِلَى الْبَصْرَةِ: لَوْ أَتَيْتَ هَؤُلاءِ، فَأَمَرْتَهُمْ وَنَهَيْتَهُمْ، أَلَيْسَ كَانَ أَعْظَمَ لأَجْرِكَ؟ قَالَ: إِنَّهُمْ أَرَادُوا قَهْرِي فَكَرِهْتُ أَنْ أَذِلَّ لَهُمْ. فَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: مَنْ أَخْبَرَكَ بِهَذَا؟ قُلْتُ: بَعْضُ أَصْحَابِنَا بِنَيْسَابُورَ. فَقَالَ: مَا قَالَ شَيْئًا. قُلْتُ: فَمَا مَنَعَهُ؟ قَالَ: إِنَّ سُفْيَانَ كَانَ يَقُولُ: إِنَّ هَؤُلاءِ قَدْ أُوتُوا مِنَ الدُّنْيَا مَا تَرَى

فَإِذَا دَخَلْتَ عَلَيْهِمْ فَرَأَيْتَ بِرًّا مِنْ هَاهُنَا، وَلُطْفًا مِنْ هَاهُنَا، وَتَكْرَمَةً مِنْ هَاهُنَا، وَوِسَادَةً مِنْ هَاهُنَا، وَمِرْفَقَةً مِنْ هَاهُنَا، فَأَيُّ قَلْبٍ يَحْمِلُ هَذَا لا يَمِيلُ إِلَيْهِمْ؟ 28 - وَسَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ عَبْدَ الْجَبَّارِ الْهَرَوِيَّ يَقُولُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ حَسَّانٍ قَالَ: لَمَّا بَلَغَ سُفْيَانَ أَنَّ ابْنَ أَبِي ذِئْبٍ قَبِلَ الأَلْفَ دِينَارٍ مِنَ الْمَهْدِيِّ الَّذِي أَمَرَ لَهُ بِهِ، قَالَ سُفْيَانُ: أَلْفَ دِينَارٍ، قَبَضَ عَلَيْهِ، أَيْنَ كَانَ قَلْبُهُ إِذْ ذَاكَ؟ ! قَالَ: وَكَانَ أَمَرَ لَهُ بِدَنَانِيرَ، فَقِيلَ لَهُ: اقْبَلْهَا، فَلَعَلَّ الْمَهْدِيَّ لا يَطْلُبُكَ وَيَدْعُوكَ، فَإِنَّا نَرَى حَالَكَ سَيِّئَةً، وَحَالَ مَنْ يَحْتَاجُ إِلَيْكَ، قَالَ: فَقَالَ سُفْيَانُ: إِنِّي أَخَافُ دَنَانِيرَهُمْ، أَيَّ شَيْءٍ أَخَافُ مِنْهُمْ! 29 - وَسَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ الْخَلِيلِ يَقُولُ: وَحَدَّثَنِي الْحَسَنُ، قَالَ: وَحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْغَفَّارِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ فُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ يَقُولُ: دَخَلَ رَجُلٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ عَلَى

رَجُلٍ مِنَ الأُمَرَاءِ، فَأَمَرَهُ وَنَهَاهُ فَأَمَرَ بِهِ الأَمِيرُ فَحُبِسَ فِي مَحْبَسٍ وَأَكْرَمَهُ وَوَسَّعَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَأْذَنْ لأَحَدٍ يَدْخُلُ عَلَيْهِ إِلا مَنْ يُثْنِي عَلَى الأَمِيرِ. قَالَ: فَدَخَلَ عَلَيْهِ يَوْمًا رَجُلٌ فَتَنَقَّصَ الأَمِيرَ، فَجَعَلَ الْعَالِمُ الْمَحْبُوسُ يَرُدُّ عَلَيْهِ قَوْلَهُ وَيُثْنِي عَلَى الأَمِيرِ، فَأَتَى الأَمِيرَ، فَأَخْبَرَ بِذَلِكَ، وَقِيلَ: إِنَّ فُلانًا الْعَالِمَ الَّذِي حَبَسْتَهُ يُثْنِي عَلَيْكَ، وَيُنَاضِلُ عَنْكَ، فَدَعَا بِهِ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ لَهُ الأَمِيرُ: هَذَا أَنْتَ، بِقَلِيلِ مَا أَتَيْتُ إِلَيْكَ مِنَ الْكَرَامَةِ تَرَكْتَ حَظَّكَ مِنْ دِينِكَ، فَكَيْفَ تَأْمُرُنِي أَنْ أَدَعَ مَا أَنَا فِيهِ مِنَ النِّعْمَةِ وَالْمُلْكِ بِقَوْلِكَ؟ ! قَالَ عَلِيُّ بْنُ فُضَيْلٍ: فَأَرَى الأَمِيرَ أَحْسَنَ تُقْيَةً مِنَ الْعَالِمِ. 30 - سَمِعْتُ عَبْدَ الْوَهَّابِ بْنَ عَبْدِ الْحَكَمِ يَذْكُرُ عَنْ جَامِعِ خَتَنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي نُعَيْمٍ، عَنِ الْوَلِيدِ قَالَ: وَسَمِعْتُ الأَوْزَاعِيَّ يَقُولُ: مَنْ حَضَرَ سُلْطَانًا، فَأَمَرَ بِأَمْرٍ لَيْسَ بِحَقٍّ، وَلا يَتَخَوَّفُ فِيهِ الْفَوْتَ، فَلا يُكَلِّمْهُ فِيهِ عِنْدَ تِلْكَ الْحَالِ، وَلْيَخْلُ بِهِ، وَإِذَا رَأَيْتَهُ يَأْمُرُ بِأَمْرٍ يَخَافُ فِيهِ الْفَوْتَ فَلابُدَّ لَكَ مِنْ كَلامِهِ، أَصَابَكَ مِنْهُ مَا أَصَابَكَ. 31 - سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ يَقُولُ:

حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: قَالَ الإِفْرِيقِيُّ لأَبِي جَعْفَرٍ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَحِمَهُ اللَّهُ كَانَ يَقُولُ: إِنَّمَا السُّلْطَانُ سُوقٌ، فَمَا نَفَقَ عِنْدَهُ ارْتُجِيَ بِهِ، أَوْ فَمَنْ نَفَقَ عِنْدَهُ أَتَاهُ، أَوْ كَمَا قَالَ. 32 - حُدِّثْتُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ الْفَرَّاءِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ أَسْبَاطٍ قَالَ: كَانَ سُفْيَانُ إِذَا عُوتِبَ فِي السُّلْطَانِ قَالَ: كَانَ مَلِكٌ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَكَانَ فِيهِمْ عَابِدٌ، وَكَانَ يَخْدُمُ بِبَابِهِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ، فَأُخِذَ وَأُدْخِلَ فِي بَيْتٍ، وَطُبِقَ عَلَيْهِ الْبَابُ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الثَّالِثِ دُفِعَتْ مَائِدَةُ الْمَلِكِ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ، فَقَالَ: اذْهَبُوا بِهَا إِلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ، قَالَ: فَفَتَحَ الْبَابَ وَوُضِعَتِ الْمَائِدَةُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَقَالَ: أَخْبِرُونِي بِمَا صَنَعَ. قَالَ: فَنَقَرَ مِنَ الْمَائِدَةِ، قَالَ: فَأُخْبِرَ، قَالَ: فَطَبَقَ عَلَيْهِ الْبَابَ ثَلاثًا، ثُمَّ رُفِعَتْ مَائِدَةُ الْمَلِكِ، فَقَالَ: اذْهَبُوا بِهَا إِلَيْهِ، فَوُضِعَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَأَكَلَ مِنْهَا حَتَّى شَبِعَ، قَالَ: ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهِ جَارِيَةً مِنْ أَحْسَنِ جَوَارِيهِ تَخْدُمُهُ، فَهَوَى بِهَا فَوَطِئَهَا.

قَالَ: فَأُخْبِرَ الْمَلِكُ، فَدَعَاهُ فَقَالَ: إِنَّكَ كُنْتَ تُحَرِّمُ عَلَيَّ مَالِي، وَتَزْعُمُ أَنَّ مَا فِي يَدِي سُحْتٌ، فَأُرِيدُ أَنْ تَقُومَ عَلَى رُءُوسِ النَّاسِ فَتَعْذِرُنِي عِنْدَهُمْ، فَقَامَ عَلَى رُءُوسِ النَّاسِ فَعَذَرَهُ، وَجَعَلَ يَتَكَلَّمُ بِعُذْرِهِ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: أَنَا مَلِكٌ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، أَحْكُمُ فِي شُعُورِهِمْ وَفُرُوجِهِمْ، فَأَنَا فِيمَا مَلَكْتُ أَعْدَلَ مِنْكَ، بَعَثْتُ إِلَيْكَ بِفَضْلِ مَائِدَتِي فَأَكَلْتَ مِنْهَا، وَبَعَثْتُ إِلَيْكَ بِأَحْسَنِ جَوَارِيَّ فَلَمْ تَعِفَّ أَنْ وَطِئْتَهَا، فَأَنَا فِيمَا مَلَكْتُ كُنْتُ أَعْدَلَ مِنْكَ، قَالَ: فَضَرَبَ عُنُقَهُ. 33 - وَسَمِعْتُ حَجَّاجَ بْنَ يُوسُفَ يَقُولُ: سَمِعْتُ الْمَيْمُونِيَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ عَبْدِ الْحَمِيدِ قَالَ: أَخْبَرَنِي نَضْرُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، فَقَالَ: لَوْ أَتَيْتَ السُّلْطَانَ فَأَصَبْتَ مِنْ دَنَانِيرِهِمْ، فَقَالَ لَهُ: كَمَا أَنْتَ حَتَّى أُحَدِّثَكَ بِحَدِيثٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ لا أُكَلِّمَكَ حَوْلا. حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إِنَّ الْمَرْأَةَ مِنْ حُورِ الْعِينِ لَتَتَحَوَّلُ عَنْ مَجْلِسِهَا، فَلا يَبْقَى مَوْضِعٌ إِلا أَضَاءَ مِنْ تَحْوِيلِهَا، أَفَتَأْمُرُنِي أَنْ أَبِيعَ هَذَا الْعَرَضَ مِنَ الدُّنْيَا؟ ! ثُمَّ لا أُكَلِّمُكَ حَوْلا. 34 - سَمِعْتُ مَحْمُودَ بْنَ غَيْلانَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ:

جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: أَلا أَقُومُ إِلَى هَذَا السُّلْطَانِ فَآمُرَهُ وَأَنْهَاهُ؟ قَالَ: لا، تَكُونُ لَكَ فِتْنَةٌ، قَالَ: أَفَرَأَيْتَ إِنْ أَمَرَنِي بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؟ قَالَ: فَذَلِكَ الَّذِي تُرِيدُ، أَنْ تَكُونَ حِينَئِذٍ رَجُلا. 35 - وَسَمِعْتُ مَحْمُودَ بْنَ غَيْلانَ يَقُولُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ قَالَ: قُلْتُ لأَبِي: لَوْ أَنَّ نَاسًا اجْتَمَعُوا حَتَّى يُكَلِّمُوا السُّلْطَانَ، قَالَ: فَبَيْنَا نَحْنُ فِي مَنْزِلٍ نَزَلْنَاهُ إِذْ جَاءَ الْوَالِي فَدَخَلَ فَسَلَّمَ، قَالَ: فَمَا كَلَّمَهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَلا رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَيْهِ، فَخَرَجَ فَاتَّبَعْتُهُ فَقُلْتُ: إِنَّ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَمْ يَعْرِفْكَ، فَقَالَ: بَلَى، مَعْرِفَتُهُ بِي فَعَلَتْ بِي هَذَا، قَالَ: فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى أَبِي قَالَ: أَيْ لُكَعُ، أَنْتَ تَقُولُ بِالأَمْسِ مَا تَقُولُ، لَمْ تَسْتَطِعْ أَنْ تُمْسِكَ لِسَانَكَ حَتَّى كَلَّمْتَهُ بِمَا كَلَّمْتَهُ؟ ! 36 - سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ أَبِي عَوْنٍ يَذْكُرُ عَنِ الْمُحَارِبِيِّ،

يأمرنا إذا تغيرتم نتغير عليكم - وحدثت عن أحمد بن صالح فيما قرئ على ابن وهب قال: حدثني

عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مَغْرَاءَ، أَوْ عَنْ لَيْثٍ، عَنِ ابْنِ مَغْرَاءَ، أَنَا أَشُكُّ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ ابْنُ عَامِرٍ أَتَاهُ قَوْمٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَأْتِهِ أَبُو الدَّرْدَاءِ، قَالَ: فَقَالَ ابْنُ عَامِرٍ: أَمَا إِذْ لَمْ يَأْتِنِي فَلآتِيَنَّهُ وَلأَقْضِيَنَّ مِنْ حَقِّهِ الْوَاجِبَ، فَقَامَ فِيمَنْ مَعَهُ حَتَّى أَتَى أَبَا الدَّرْدَاءِ، فَقَالَ لَهُ: إِنَّهُ أَتَانِي قَوْمٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ أَرَكَ فِيهِمْ، فَرَأَيْتُ أَنْ آتِيَكَ وَأَقْضِيَ مِنْ حَقِّكَ الْوَاجِبَ. فَرَفَعَ أَبُو الدَّرْدَاءِ رَأْسَهُ إِلَيْهِ فَقَالَ: مَا كُنْتُ قَطُّ أَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْكَ الْيَوْمَ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُنَا إِذَا تَغَيَّرْتُمْ نَتَغَيَّرُ عَلَيْكُمْ 37 - وَحُدِّثْتُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ فِيمَا قُرِئَ عَلَى ابْنِ وَهْبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، قَالَ: أَبَقَ مِنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ غُلامٌ لَهُ، فَحَضَرَ بَعْضَ مَغَازِي الرُّومِ، وَكَانَ شُجَاعًا يُقَاتِلُ قِتَالا شَدِيدًا، ثُمَّ نَكَصَ وَتَرَكَ ذَلِكَ، فَدَعَاهُ صَاحِبُ الْجَيْشِ، وَكَانَ رَجُلا مِنْ قُرَيْشٍ فَقَالَ: مَا شَأْنُكَ، كُنْتَ تُقَاتِلُ، ثُمَّ تَرَكْتَ ذَلِكَ؟ !

قَالَ: إِنِّي غُلامٌ لابْنِ الْمُسَيِّبِ، فَخِفْتُ أَنْ أُقْتَلَ، فَقَالَ لَهُ: قَاتِلْ، فَإِنْ قُتِلْتَ فَقِيمَتُكَ عَلَيَّ بَالِغَةٌ مَا بَلَغْتَ، فَقَاتَلَ فَقُتِلَ. فَقَدِمَ الْقُرَشِيُّ الْمَدِينَةَ، فَأَرْسَلَ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، فَأَبَى أَنْ يَأْتِيَهُ، ثُمَّ أَتَاهُ فَقَالَ: قَدِمْتُ وَكَانَ الْحَقُّ لِي وَأَنَا رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ فَلَمْ تَأْتِنِي، وَأَرْسَلْتُ إِلَيْكَ فَلَمْ تَأْتِنِي. فَقَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ: لَمْ يَكُنْ لِي إِلَيْكَ حَاجَةٌ فَآتِيَكَ، فَإِنْ كَانَتْ لَكَ حَاجَةٌ فَأْتِ أَنْتَ. قَالَ الْقُرَشِيُّ: فَإِنَّ لِي حَاجَةً، غُلامٌ كَانَ لَكَ ضَمِنْتُ لَهُ أَنْ أُرْضِيَكَ مِنْ ثَمَنِهِ، فَتَمَنَّ عَلَيَّ مَا شِئْتَ، فَإِنَّهُ قَدْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، قَالَ سَعِيدٌ: لا وَاللَّهِ، لا آخُذُ لَهُ ثَمَنًا، أَجْرُهُ لِي وَهُوَ فِي النَّارِ. 38 - وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ الْوَرَّاقُ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الصَّفَّارِ، عَنْ هَارُونَ بْنِ مُوسَى، عَنْ مِهْرَانَ الرَّازِيِّ خَادِمِ الثَّوْرِيِّ، قَالَ: كَانَ لِسُفْيَانَ وَلِعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ بِضَاعَةٌ عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ وَكَانَ أَبُو جَعْفَرٍ قَدْ حَجَّ أَرْبَعِينَ، بَيْنَ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ، قَالَ: فَاجْتَمَعَ الزَّمْنِيُّ عَلَى بَابِ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ يَسْأَلُونَهُ الدُّخُولَ عَلَى

الْمَهْدِيِّ حَتَّى يَعْزِلَ عَنْهُمُ الرَّجُلَ الَّذِي كَانَ عَلَى أَرْزَاقِهِمْ، فَأَبَى عَلَيْهِمْ. قَالَ: فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ اجْتَمَعَ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ وَالزَّمْنِيُّ عَلَى بَابِ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِي، فَبَكَوْا وَسَأَلُوهُ، فَرَقَّ الشَّيْخُ فَدَخَلَ عَلَى الْمَهْدِيِّ فَكَلَّمَهُ، فَقَالَ لَهُ الْمَهْدِيُّ: مَا عَلِمْتُ، يُوَلُّون عَلَيْهِمْ أَيَّ رَجُلٍ أَرَادُوا، وَأَمَرَ بِعَزْلِ ذَلِكَ الرَّجُلِ، وَأَمَرَ لَهُمْ بِأَرْزَاقٍ، قَالَ: وَأَكْرَمَ أَبَا جَعْفَرٍ وَرَفَعَ مَجْلِسَهُ، وَأَمَرَ لَهُ بِثَلاثِينَ أَلْفًا، فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَا، فَدُفِعَتْ إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ مَعَهُ، فَقَالُوا لأَبِي جَعْفَرٍ: مَا نَصْنَعُ بِهَذَا الْمَالِ، فَقَالَ: لا يَمُدَنَّ أَحَدٌ يَدَهُ إِلَيْكُمْ إِلا أَعْطَيْتُمُوهُ، قَالَ: فَقَسَمَ الثَّلاثِينَ أَلْفًا. قَالَ: ثُمَّ قَدِمَ الْكُوفَةَ، قَالَ: وَبَلَغَ سُفْيَانَ، قَالَ: وَكَانَ سُفْيَانُ يَتَلَقَّى أَبَا جَعْفَرٍ إِذَا قَدِمَ عَلَيْهِمْ بِالْقَنَاطِرِ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ شَيَّعَهُ إِلَى النَّجَفِ، فَلَمَّا بَلَغَ أَبُو جَعْفَرٍ الْقَنَاطِرَ لَمْ يَرَ سُفْيَانَ، قَالَ: فَاغْتَمَّ. قَالَ مِهْرَانُ: فَإِنِّي لَعِنْدَ سُفْيَانَ قَاعِدٌ إِذْ جَاءَ أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ فَسَلَّمَ عَلَى سُفْيَانَ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ، قَالَ: وَنَكَسَ سُفْيَانُ رَأْسَهُ إِلَى الأَرْضِ وَمَا كَلَّمَهُ، قَالَ: فَقَامَ سُفْيَانُ مُغْضَبًا يَجُرُّ كِسَاءَهُ، حَتَّى دَخَلَ بَيْتَهُ. قَالَ: وَمَضَى أَبُو جَعْفَرٍ فَكَتَبَ كِتَابًا، أَوْ قَالَ: رُقْعَةً يَعْتَذِرُ فِيهَا قَالَ مِهْرَانُ: فَدَفَعَهَا إِلَيَّ، فَأَتَيْتُ بِهَا سُفْيَانَ فَلامَنِي، وَقَالَ لِي: مَنْ أَمَرَكَ أَنْ تَأْخُذَ كِتَابَهُ؟ قَالَ فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، هُوَ رَجُلٌ جَارٌ لِي وَهُوَ مِنْ أَهْلِ بَلَدِي، قَالَ: فَأَخَذَ سُفْيَانُ رَحِمَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ فَقَرَأَهُ، ثُمَّ دَعَا بِدَوَاةٍ، فَكَتَبَ فِي أَسْفَلِ الْكِتَابِ جَوَابَهُ، فَإِذَا فِيهِ:

{لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ} [المائدة: 78] إلى قوله: {وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} [المائدة: 81] ، وَإِذَا فِيهِ: ابْعَثْ إِلَيْنَا بِضَاعَتَنَا، وَمَا كَانَ فِيهَا مِنْ رِبْحٍ فَهُوَ لَكَ، وَرُدَّ إِلَيْنَا رَأْسَ الْمَالِ. قَالَ: وَكَانَ فِيهَا رِبْحٌ أَرَاهُ مَالا كَثِيرًا. قَالَ مِهْرَانُ: فَلَمَّا أَرَدْتُ الْحَجَّ، قَالَ: فَقُلْتُ: لأَحُجَنَّ فَأَنْظُرَ مَا يَقُولُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي رَوَّادٍ، فَقَدْ شَهِدْتُ سُفْيَانَ وَسَمِعْتُ مَا قَالَ لَهُ. قَالَ: فَاسْتَأْذَنْتُ سُفْيَانَ فِي الْحَجِّ فَأَذِنَ لِي، قَالَ: فَقَدِمْتُ فَسَبَقْتُهُ إِلَى عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَإِذَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ قَدْ دَخَلَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، قَالَ: فَلا أَدْرِي رَدَّ عَلَيْهِ رَدًّا ضَعِيفًا أَوْ لا، إِلا أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ فَعَالَ سُفْيَانَ، قَالَ: فَجَلَسَ، فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: أَمَا تَرَى إِلَى جَوَابِ كِتَابِهِ، يَعْنِي سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ، قَالَ: ثُمَّ أَخْرَجَ الْكِتَابَ مِنْ خُفِّهِ، قَالَ: فَدَفَعَهُ إِلَى عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ، قَالَ: فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ: هَذَا كِتَابُ رَجُلٍ قَوِيِّ الإِيمَانِ، أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا، قَالَ: ثُمَّ قَالَ لَهُ: يَا عِيسَى، تَدْرِي مَا مَثَلُكَ، مَثَلُ الْخِنْزِيرِ كَانَ يَشْرَبُ اللَّبَنَ وَهُوَ صَغِيرٌ، فَلَمَّا كَبِرَ أَكَلَ الْعَذِرَةَ. قَالَ: وَكَانَ اسْمُ أَبِي جَعْفَرٍ عِيسَى. قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَعِيدٍ الصَّفَّارُ: ذَهَبْتُ بِهَذِهِ

الرُّقْعَةِ إِلَى بِشْرِ بْنِ الْحَارِثِ فَقَبَضَ عَلَيْهَا، وَقَالَ: أَنَا أَحَقُّ بِسُفْيَانَ وَبِفِعْلِ سُفْيَانَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ، يَعْنِي الْمَرُّوذِيَّ: فَلَقِيتُ أَبَا سَعِيدٍ الصَّفَّارَ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فَحَدَّثَنِي عَنْ هَارُونَ بْنِ مُوسَى، قَالَ: سَمِعْتُ مِهْرَانَ الرَّازِيَّ خَادِمَ الثَّوْرِيَّ، فَذَكَرَهُ بِطُولِهِ. 39 - وَحُدِّثْتُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي غَنِيَّةَ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ سُفْيَانَ فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ سُفْيَانُ، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، أَمَا تَعْرِفُنِي؟ أَنَا جَلِيسُكَ، فَلَمْ يُكَلِّمْهُ، وَجَعَلَ يُعْرِضُ عَنْهُ، فَلَمَّا طَالَ بِالرَّجُلِ وَجَعَلَ لا يُكَلِّمُهُ وَيُعْرِضُ عَنْهُ انْصَرَفَ، فَقَالَ لَنَا سُفْيَانُ: تَدْرُونَ مَا قِصَّةُ هَذَا؟ هَذَا كَانَ لَنَا جَلِيسًا، وَكُنَّا نَوَدُّهُ وَنُقَرِّبُهُ، فَذَهَبَ فَدَاخَلَ السُّلْطَانَ، وَهُوَ يَرَى أَنَّا لَهُ عَلَى مَا كُنَّا لَهُ، مَا أَبْعَدَهُ مِنْ ذَلِكَ، وَنَحْوَ هَذَا. 40 - وَسَمِعْتُ مَحْمُودَ بْنَ غَيْلانَ يَقُولُ: سَلَّمْتُ عَلَى مُؤَمَّلِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ، وَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ مَرَّةً أُخْرَى فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ، فَقُلْتُ: مَا حَالِي؟ فَقَالَ الْفَزَارِيُّ الشَّيْخُ الْمَخْضُوبُ إِلَى جَانِبِهِ يُصَلِّي: تَدْرِي مَا قَالَ سُفْيَانُ؟

قَالَ: كَانَ إِذَا بَلَغَهُ أَنَّ رَجُلا أَتَى السُّلْطَانَ، أَمَرَهُ وَنَهَاهُ، فَإِنْ قَبِلَ وَإِلا هَجَرَهُ. 41 - وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، قَالَ: قَعَدَ عَائِذُ بْنُ عَمْرٍو مَعَ أَبِي مُسْلِمٍ عَلَى مَائِدَةٍ، فَوَعَظَ عَائِذٌ أَبَا مُسْلِمٍ، قَالَ: فَأُخْبِرَ ابْنُ الْمُبَارَكِ، فَقَالَ: فِرَارُ سُفْيَانَ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْ كَلامِ إِبْرَاهِيمَ الصَّايِغِ. 42 - سَمِعْتُ عَبَّاسًا الْعَنْبَرِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ بِشْرَ بْنَ الْحَارِثِ يَقُولُ: قَدْ فَعَلَ سُفْيَانُ فِعْلا صَارَ فِيهِ قُدْوَةً، هَرَبَهُ مِنَ السُّلْطَانِ. 43 - سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحُسَيْنِ يَذْكُرُ عَنْ رَجُلٍ سَمَّاهُ، أَنَّ أَبَا هَاشِمٍ الْعَابِدَ رَأَى شَرِيكًا يَخْرُجُ مِنْ عِنْدِ جَعْفَرِ بْنِ يَحْيَى، فَقَالَ: نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ عِلْمٍ لا يَنْفَعُ.

44 - سَمِعْتُ زُهَيْرَ بْنَ مُحَمَّدٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا الأَحْوَصِ مُحَمَّدَ بْنَ حَيَّانَ يَقُولُ: رَأَيْتُ إِسْحَاقَ الأَزْرَقَ قَدْ خَرَجَ مِنْ عِنْدِ بَعْضِ خَدَمِ أُمِّ جَعْفَرٍ، قَالَ: فَأَخَذَ بِيَدِي، وَقَالَ: اسْتُرْ عَلَيَّ، سَتَرَكَ اللَّهُ. 45 - سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: لَقِيَنِي مُطَرِّفٌ، وَهُوَ عَلَى حِمَارٍ، فَقَالَ: مَا لَكَ لا تَأْتِينَا؟ قُلْتُ: وَلَيْتَ شَيْئًا مِنَ الصَّدَقَةِ، قَالَ فَبَكَى، وَقَالَ: تَغَفَّلُونِي! . 46 - قَرَأْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ: أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرَّقِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ يَعْنِي أَبَا الْمَلِيحِ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ مَيْمُونٍ، أَنَّهُ قَالَ: وَدِدْتُ أَنَّ إِحْدَى عَيْنَيَّ ذَهَبَتْ وَإِنِّي لَمْ آلُ، فَقُلْتُ: وَلا لِعُمَرَ؟ فَقَالَ: وَلا لِعُمَرَ وَلا لِغَيْرِهِ. 47 - وَحُدِّثْتُ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ أَبِي الرَّبَابِ،

قَالَ: أَرَادَ ابْنُ هُبَيْرَةَ أَنْ يَكْتُبَ نَاسًا فِي صَحَابَتِهِ، فَأَرَادَ الْقَاسِمَ بْنَ الْوَلِيدِ الْهَمْدَانِيَّ عَلَى أَنْ يَكْتُبَهُ فِيهِمْ، فَأَبَى، فَقِيلَ لَهُ: مَا تَكْرَهُ مِنْ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: بَلَغَنِي أَنَّهُ يُنَادِي مُنَادٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَوْتٍ رَفِيعٍ: أَلا لِيَقُمِ الظَّلَمَةُ وَأَعْوَانُهُمْ، فَأَخَافُ أَنْ أَكُونَ فِي أَعْوَانِهِمْ. 48 - سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحُسَيْنِ قَالَ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: سَأَلَ عَائِذُ بْنُ عَمْرٍو أَيُّوبَ عَنِ الزُّهْرِيِّ، فَقَالَ: هُوَ عَالِمٌ، مِنْ رَجُلٍ كَانَ يَصْحَبُ السُّلْطَانِ. 49 - وَسَمِعْتُ عَبْدَ الْوَهَّابِ الْوَرَّاقَ يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ الْيَمَامِيَّ يَقُولُ: لَذُبَابٌ عَلَى عَذِرَةٍ أَحْسَنُ مِنْ قَارِئٍ عَلَى بَابِ هَؤُلاءِ 50 - سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ الْبَزَّازِ يَقُولُ: سَمِعْتُ مُؤَمَّلا يَقُولُ: مَرِضَ سُفْيَانُ بِمَكَّةَ، فَأَتَاهُ وَالِي مَكَّةَ يَعُودُهُ، فَسَلَّمَ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ، فَقِيلَ

لَهُ: أَنْتَ تُطْلَبُ، لَوْ رَدَدْتُ عَلَيْهِ؟ قَالَ: إِنَّمَا فَعَلْتُ بِهِ هَذَا لِيَدْفَعَ عَنِّي ذَلِكَ الطَّلَبَ. 51 - وَسَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ بِلالٍ يَذْكُرُ عَنْ مُوسَى بْنِ دَاوُدَ، أَنَّ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ لَمَّا خَرَجَ إِلَى الْيَمَنِ إِذَا قَدْ أَقْبَلَ قَرَابَةٌ لِمَعْنِ بْنِ زَائِدَةَ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ، وَأَلْقَى طَرْفَ كِسَائِهِ عَلَى وَجْهِهِ، فَقَالَ لَهُ عَدِيلُهُ: لَوْ رَدَدْتَ عَلَيْهِ، فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكَ، فَقَالَ: إِنْ صَحَّ إِنْكَارِي شَيْئًا، مِمَّ تَخَافُ عَلَيَّ؟ أَوْ قَالَ: لَنَا مَا بَقِيَ - قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا أَشُكُّ -. فَلَمَّا صَارَ إِلَى مَعْنٍ، قَالَ: هَلْ لَكَ فِي سُفْيَانَ؟ . فَإِذَا مَعْنٌ قَدْ أَرْسَلَ بِابْنِهِ، أَوْ بِقَوْمٍ يُقْرِئُهُ السَّلامَ، وَيُؤَمِّنُهُ، وَيَعْرِضُ عَلَيْهِ حَوَائِجَهُ. 52 - سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: كَانَ طَاوُسُ شَدِيدًا عَلَيْهِمْ، فَوَلَّوْهُ عَلَى شَيْءٍ، فَكَانَ يَأْخُذُ مِنَ الأَغْنِيَاءِ وَيُعْطِي الْفُقَرَاءَ، قَالَ: فَسَأَلُوهُ عَنِ الْمَالِ، فَأَعْطَاهُمْ لَوْحًا، وَقَالَ: قَدْ فَرَّقْتَهُ. 53 - وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: وَقَدِمَ طَاوُسُ مِنْ مَكَّةَ، قَالَ: فَقَدِمَ أَمِيرٌ فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ

مِنْ فَضْلِهِ، وَمِنْ، فَلَوْ أَتَيْتَهُ، قَالَ: مَا لِي إِلَيْهِ حَاجَةٌ، قَالُوا: إِنَّا نَخَافُهُ عَلَيْكَ، قَالَ: فَمَا هُوَ إِذًا كَمَا تَقُولُونَ. 54 - سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحُسَيْنِ يَقُولُ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ سُفْيَانَ: إِنَّ سُلَيْمَانَ جَاءَ إِلَى حَلْقَةٍ فِيهَا طَاوُسٌ، قَالَ: فَمَا الْتَفَتَ إِلَيْهِ، قَالَ: فَلَمَّا قَامَ قِيلَ لَهُ: إِنَّ هَذَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ: عَلَى عَمْدٍ عَمِلْتُ بِهِ، لِيَعْلَمَ أَنَّ فِي الْخَلْقِ مَنْ لا يُبَالِي بِدُنْيَاهُ، أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا. 55 - حُدِّثْتُ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، قَالَ: إِنْ دَعَاكَ الأَمِيرُ أَنْ تَقْرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ فَلا تَأْتِهِ. 56 - وَحُدِّثْتُ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ سَلامِ بْنِ مِسْكِينٍ، أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ يَقُولُ: إِنْ دَعَاكَ الْوَالِي أَنْ تَقْرَأَ عَلَيْهِ سُورَةً مِنَ الْقُرْآنِ فَلا تَأْتِهِ. 57 - سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ مُكْرَمٍ يَقُولُ: حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ: سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ عُبَيْدٍ يَقُولُ: ثَلاثَةٌ مَا أُحِبُّ مُجَالَسَتَهُمْ: أَمِيرٌ مَا أُحِبُّ أَنْ أُجَالِسَهُ، وَإِنْ قَالَ: اقْرَأْ عَلَيَّ سُورَةً مِنَ الْقُرْآنِ، وَلا أُحِبُّ مُجَالَسَةَ امْرَأَةٍ لَيْسَتْ لِي بِمَحْرَمٍ، وَلا صَاحِبُ بِدْعَةٍ.

58 - سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ أَبِي عَوْنٍ يَقُولُ: حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ، عَنْ مُحْرِزِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا سَوَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَلَى الْقَضَاءِ فِي زَمَنِ أَبِي جَعْفَرٍ، قَالَ: فَأَرْسَلَ إِلَى سَلامِ بْنِ أَبِي مُطِيعٍ: ائْتِنِي أُشَاوِرْكَ، فَذَهَبَ سَلامٌ إِلَى يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، قَالَ: فَوَافَقَهُ قَدْ قَرَأَ وَهُوَ يَشْرَحُ الْمُصْحَفَ، قَالَ: فَقَالَ لَهُ: إِنَّ سَوَّارَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَرْسَلَ إِلَيَّ: ائْتِنِي أُشَاوِرْكَ، فَمَا تَرَى؟ قَالَ: فَقَالَ إِنْ سَأَلَكَ أَنْ تَقْرَأَ عَلَيْهِ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ اللَّوْحَيْنِ فَلا تُجِبْهُ. 59 - وَحُدِّثْتُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو شِهَابٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُولُ لِرَجُلٍ: إِنْ دَعَاكَ لِتَقْرَأَ عَلَيْهِمْ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ {1} اللَّهُ الصَّمَدُ {2} } [الإخلاص: 1-2] فَلا تَأْتِهِمْ، قُلْتُ لأَبِي شِهَابٍ: مَنْ يَعْنِي؟ قَالَ: السُّلْطَانَ. 60 - وَحُدِّثْتُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ:

قَالَ لِي حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ: إِنْ دَعَاكَ الأَمِيرُ تَقْرَأُ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ فَلا تَأْتِهِ. 61 - وَحُدِّثْتُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَهْدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنِي هِشَامٌ أَبُو هَمَّامٍ، قَالَ: لَقِيتُ سَعِيدَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ التَّنُوخِيَّ، فَذَكَرَ سُفْيَانَ، فَقَالَ: وَلا الْحَسَنَ، قَالَ: ثُمَّ قَالَ لِي سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: تَدْرِي مَا قَالَ لِي سُفْيَانُ؟ قَالَ: إِنْ دَعَاكَ هَؤُلاءِ أَنْ تَقْرَأَ فِي الْمُصْحَفِ فَلا تَأْتِهِمْ. قَالَ أَبُو هَمَّامٍ: فَأَتَيْتُ مَكَّةَ، فَلَقِيتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ، قَالَ لِي سُفْيَانُ: لا تُعَامِلْ مَنْ يُعَامِلُ السُّلْطَانَ. 62 - وَحُدِّثْتُ عَنِ النُّفَيْلِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، قَالَ: لا تَعْرِفِ الأَمِيرَ، وَلا تَعْرِفْ مَنْ يَعْرِفُهُ. 63 - وَسَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ شُعَيْبٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ حَرْبٍ يَقُولُ: لا تُعَامِلْهُمْ.

64 - وَحُدِّثْتُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ تَمِيمٍ، قَالَ: قُلْتُ لِعُبَيْدِ اللَّهِ الْوَصَّافِيِّ: لَوْ دَخَلْتَ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ فَكَلَّمْتَهُ، لَعَلَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَنْفَعُ بِكَلامِكَ، فَقَالَ: إِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أَقُولَ عَافَاكَ اللَّهُ، فَيَقُولُ لِي الْمَلَكُ، لا عَافَاكَ اللَّهُ. 65 - قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ الْفَزَارِيَّ يَقُولُ: دَخَلْتُ عَلَى هَارُونَ فَمَا دَعَوْتُ لَهُ بِدَعْوَةٍ حَتَّى فَارَقْتُهُ، قُلْتُ: مَا قُلْتُ لَهُ: أَصْلَحَكَ اللَّهُ؟ قَالَ: لا. 66 - قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: يَقُولُ رَجُلٌ لِمِثْلِ سَوَّارٍ الْقَاضِي: أَصْلَحَكَ اللَّهُ؟ قَالَ: فَأَيُّ شَيْءٍ عَلَيْهِ أَنْ يُصْلِحَهُ اللَّهُ 67 - سَمِعْتُ مَحْمُودَ بْنَ غَيْلانَ الْمَرْوَزِيَّ، يَقُولُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى الْحَجَّاجِ فَلَمْ أُسَلِّمْ عَلَيْهِ.

68 - حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، قَالَ: دَخَلَ ابْنُ سِيرِينَ عَلَى ابْنِ هُبَيْرَةَ، فَلَمْ يُسَلِّمْ عَلَيْهِ. 69 - وَسَمِعْتُ مَحْمُودَ بْنَ غَيْلانَ، يَقُولُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: سَمِعْتُ الثَّوْرِيَّ يَقُولُ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ فَلَمْ أُسَلِّمْ عَلَيْهِ. 70 - وَسَمِعْتُ عَبَّاسًا الْعَنْبَرِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّزَّاقِ يَقُولُ: قَالَ الثَّوْرِيُّ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ فَلَمْ أُسَلِّمْ عَلَيْهِ بِالإِمْرَةِ، قُلْتُ: السَّلامُ عَلَيْكُمْ، قَالَ: فَتَبَسَّمَ، وَقَالَ: ارْفَعْ حَاجَتَكَ. 71 - وَحُدِّثْتُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، قَالَ سُفْيَانُ: دَخَلْتُ عَلَيْهِ، يَعْنِي الْخَلِيفَةَ، فَلَمْ أُسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَقَالَ لِي: ارْفَعْ إِلَيْنَا حَوَائِجَكَ، قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: مَلأْتَ الأَرْضَ ظُلْمًا وَجَوْرًا، فَاتَّقِ اللَّهَ. 72 - وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ يَزِيدَ الرِّفَاعِيَّ بِالْكُوفَةِ، يَقُولُ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ يَمَانٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ دَخَلَ سُفْيَانُ عَلَى الْمَهْدِيِّ فَلَمْ يُسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، الْزَمْنَا، فَوَاللَّهِ لأَسِيرَنَّ بِسِيرَةِ الْعُمَرَيْنِ، فَقَالَ: أَمَّا وَهَؤُلاءِ جُلَسَاؤُكَ فَلا، فَقَالَ لَهُ أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ:

لا نَفْعَلُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، فَإِنْ كُتُبَكَ تَأْتِينَا فَنُنْفِذُهَا، فَقَالَ: مَا كَتَبْتُ إِلَيْكَ كِتَابًا قَطُّ. 73 - وَسَمِعْتُ عَبَّاسًا النَّرْسِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ يَقُولُ: جَاءَ كِتَابُ الْمَهْدِيِّ إِلَى سُفْيَانَ، فَأَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ وَيَبْدَأَ بِنَفْسِهِ، فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ: لا تَفْعَلْ، نَحْنُ نَكْتَبُ، قَالَ: فَكَتَبْنَا كِتَابًا. قَالَ: وَدَخَلَ عَلَى الْمَهْدِيِّ فِي الْقَصْرِ الَّذِي بَيْنَ مَكَّةَ وَمِنًى، فَلَمْ يُسَلِّمْ بِالإِمْرَةِ، فَذَكَرَ كَلِمَةً، فَقَالَ سُفْيَانُ: إِنَّ عُمَرَ أَنْفَقَ فِي حُجَّتِهِ سِتَّةَ عَشَرَ دِينَارًا، فَاتَّقِ اللَّهَ، قَالَ: لا يَدَعُنِي هَؤُلاءِ، قَالَ: فَقَالَ لَهُ: اهْرُبْ، قَالَ: فَقَالَ الْمَهْدِيُّ لأَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ: أَلَيْسَ تُكَاتِبُهُ؟ فَقَالَ سُفْيَانُ: مَا كَتَبْتُ إِلَى هَذَا قَطُّ، وَلا كَتَبَ إِلَيَّ. 74 - وَسَمِعْتُ غِيَاثَ بْنَ جَعْفَرٍ مُسْتَمْلِي ابْنِ عُيَيْنَةَ، يَقُولُ: أُقْدِمَ وَكِيعٌ لِلْقَضَاءِ فَلَمْ يُسَلِّمْ بِالْخِلافَةِ، فَقَالَ: عَيْنِي هَذِهِ فِيهَا مَاءٌ، وَأَشَارَ بِأُصْبُعِهِ إِلَى الْعَيْنِ الأُخْرَى، وَقَالَ: هَذِهِ لا أُبْصِرُ بِهَا، يَعْنِي أُصْبُعَهُ، وَكَانَ عَلَيْهِ إِزَارٌ فُسْطَاطِيٌّ يَسْوَى ثَلاثَةَ دَرَاهِمَ.

75 - وَسَمِعْتُ عَبْدَ الْجَبَّارِ الْهَرَوِيَّ أَبَا عَلِيٍّ يَقُولُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ حَسَّانٍ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ قَالَ: لَمَّا أُدْخِلْتُ عَلَى الْمَهْدِيِّ رَأَيْتُ رَجُلا قَائِمًا عَلَى رَأْسِهِ بِالْعَمُودِ، آدَمَ شَدِيدَ الأُدْمَةِ، فَقَالَ: أَلَمْ أُخْبِرْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّهُ لا يَسْتَحِلُّ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَيْكَ بِالإِمْرَةِ، قَالَ: فَقَالَ رَجُلٌ كَانَ قَائِمًا عِنْدَ رِجْلِهِ إِلَى الشُّقْرَةِ: إِنَّ الشَّيْخَ دُهِشَ. قَالَ سُفْيَانُ: فَسَأَلْتُ لَمَّا خَرَجْتُ: مَنِ الْقَائِمُ عَلَى رَأْسِهِ بِالْعَمُودِ؟ قَالُوا: مُعَاذُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَسَأَلْتُ عَنِ الْقَائِمِ عِنْدَ رِجْلَيْهِ الأَشْقَرِ؟ فَقَالُوا: أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ الْوَزِيرُ. 76 - وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْبَزَّازَ يَقُولُ: سَمِعْتُ شُعَيْبَ بْنَ حَرْبٍ يَقُولُ: كَانَ هَؤُلاءِ إِذَا بَلَغَهُمْ عَنْ رَجُلٍ أَنَّهُ تَكَلَّمَ فِيهِمْ بَعَثُوا إِلَيْهِ حَرَسِيًّا إِلَى مَنْزِلِهِ، وَلَقَدْ بَلَغَهُمْ عَنْ رَجُلٍ بِالْبَصْرَةِ، فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ حَرَسِيًّا، فَأُدْخِلَ عَلَيْهِ، يَعْنِي هَارُونَ، وَعُمَرُ بْنُ بَزِيعٍ عَلَى

رَأْسِهِ، أَوْ قَالَ: عِنْدَ السُّتْرَةِ، فَجَعَلَ يَقُولُ لِلرَّجُلِ: تَتَكَلَّمُ فِينَا، وَتَقُولُ كَذَا، أَوْ يَبْلُغُنَا عَنْكَ كَذَا قَالَ: فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: امْضِ لِمَا تُرِيدُ، أَوِ افْرُغْ مِمَّا تُرِيدُ، فَوَاللَّهِ لَوْ أَعْلَمُ أَنِّي أَخَافُ أَحَدًا غَيْرَ اللَّهِ لَمَا كَلَّمْتُكَ، فَقَالَ: أَخْرِجْهُ فَقَدْ مَلأَ قَلْبِي رُعْبًا. 77 - وَسَمِعْتُ عَبْدَ الْجَبَّارِ الْهَرَوِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ الْحَرِيشِ يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ أَخٍ لِلْحُسَيْنِ بْنِ مُعَاذٍ، يَقُولُ: كُنْتُ مَعَ عَمِّي بِمَكَّةَ، فَدَخَلْنَا عَلَى سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَوَضَعَ عَمِّي لِبَاسَهُ الَّذِي كَانَ يَلْبَسُهُ، وَلَبِسَ لَهُ لِبَاسًا آخَرَ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَنَظَرَ إِلَيْهِ سُفْيَانُ، فَنَكَسَ، وَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلامَ، فَقَالَ: سَلامٌ بِسَلامٍ، قَالَ: فَبَقِينَا مَلِيًّا قِيَامًا لا يَرُدُّ عَلَيْنَا، وَلا يَنْظُرُ إِلَيْنَا، وَلا يَأْمُرُنَا بِالْجُلُوسِ. قَالَ: فَقَالَ عَمِّي: سُبْحَانَ اللَّهِ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء: 86] ، فَقَالَ سُفْيَانُ: سَلامٌ بِسَلامٍ وَسَكَتَ، قَالَ: فَقَوَّمْتُ كُلَّ شَيْءٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنْ رِدَاءٍ وَإِزَارٍ وَنَعْلٍ سَبْعَةَ دَرَاهِمَ، أَوْ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ، قَالَ: فَلَمَّا رَجَعْنَا قُلْتُ لِعَمِّي: مَا أَدْخَلَكَ عَلَى هَذَا؟ ! قَالَ: اسْكُتْ، هَذَا رَجُلٌ زَهِدَ فِي الدُّنْيَا فَهَانَ عَلَيْهِ أَهْلُهَا.

78 - سَمِعْتُ عَبْدَ الْجَبَّارِ الْهَرَوِيَّ يَقُولُ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، قَالَ: كَانَ هَاهُنَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، فَظَلَمَهُ صَاحِبُ الْبَرِيدِ فِي شَيْءٍ، فَشَكَى الرَّجُلُ ذَلِكَ إِلَى سُفْيَانَ. قَالَ: فَقَالَ لَهُ سُفْيَانُ: إِذَا جَاءَ فَآذِنِّي حَتَّى أُكَلِّمَهُ، قَالَ: فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ الْجَامِعَ، قَالَ: وَجَاءَ الرَّجُلُ، فَقَالَ لَهُ: إِنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فِي الْمَسْجِدِ يَنْتَظِرُكَ، فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَقَالَ لَهُ سُفْيَانُ: رُدَّ عَلَى هَذَا حَقَّهُ وَلا تَظْلِمْهُ، قَالَ: فَقَالَ الرَّجُلُ: لَوْلا أَنْ يَقُولَ النَّاسُ: إِنَّ سُفْيَانَ سَأَلَنِي حَاجَةً فَلَمْ أَقْضِهَا لَرَدَدْتُكَ حَتَّى تَطْلُبَهَا مِنْ وَجْهِهَا، قَالَ: فَتَرَكَ الرَّجُلَ، وَرَدَّ عَلَيْهِ مَظْلَمَتَهُ. 79 - وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ، وَذَكَرَ الْعُمَرِيَّ، فَقَالَ: كَانَ شَدِيدًا عَلَيْهِمْ. 80 - سَمِعْتُ أَبَا الْمُتَّئِدِ ابْنَ خَالِ ابْنِ عُيَيْنَةَ يَقُولُ: قَدِمَ الْعُمَرِيُّ إِلَى هَاهُنَا لِيَدْخُلَ إِلَى بَغْدَادَ يَعِظُ الْخَلِيفَةَ، أَوْ قَالَ هَارُونَ، فَكَتَبَ إِلَى وَالِي الْكُوفَةِ: أَنْ لا تَدَعْهُ يَدْخُلُ عَلَيْنَا وَلا تَدَعْهُ يَخْرُجُ إِلَى الْبَرِّ، فَلَمَّا سَمِعَ سُفْيَانُ تَمَنَّى أَنْ يَتَخَلَّصَ، فَرَجَعَ. 81 - سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ يَعْقُوبَ الدُّورِيَّ، يَقُولُ: حَدَّثَنَا الْمُسَيَّبُ بْنُ وَاضِحٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعُمَرِيَّ يَقُولُ، وَهُوَ يُشِيرُ بِيَدِهِ إِلَى هَارُونَ، قَالَ: وَهَارُونُ فِي الْغُرَفِ:

للَّهِ دَرُّ ذَوِي الْعُقُولِ ... وَالْحِرْصُ فِي طَلَبِ الْفُضُولِ سُلابِ أَكْسِيَةِ الأَرَامِلِ ... وَالْيَتَامَى وَالْكُهُولِ وَالْجَامِعِينَ الْمُكْثِرِينَ ... مِنَ الْخِيَانَةِ وَالْغُلُولِ وَضَعُوا عُقُولَهُمْ مِنَ ... الدُّنْيَا بِمَدْرَجَةِ السُّيُولِ وَلَهْوًا بِأَطْرَافِ الْفُرُوعِ ... وَأَغْفَلُوا عِلْمَ الأُصُولِ وَتَتَبَّعُوا جَمْعَ الْحُطَامِ ... وَفَارَقُوا أَثَرَ الرَّسُولِ 82 - سَمِعْتُ عَبْدَ الصَّمَدِ بْنَ يَحْيَى يَقُولُ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ أَيُّوبَ يَقُولُ: قَدِمَ هَارُونُ الْمَدِينَةَ فَصَعِدَ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَطَبَ، قَالَ: فَقَامَ إِلَيْهِ الْعُمَرِيُّ، فَقَالَ: لا تَكْذِبْ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 83 - وَسَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ عِيسَى الْمَرْوَزِيَّ يَقُولُ: أَخْبَرَنِي أَبُو قُدَامَةَ السَّرَخْسِيُّ قَالَ: قَامَ الْعُمَرِيُّ إِلَى الْخَلِيفَةِ، قَالَ: فَقَامَ لَهُ عَلَى الطَّرِيقِ، قَالَ: فَقَالَ لَهُ، فَعَلْتَ وَفَعَلْتَ، قَالَ: فَقَالَ لَهُ، مَاذَا تَسْأَلُ، أَوْ مَاذَا تُرِيدُ؟ قَالَ: فَقَالَ لَهُ: تَعْمَلُ بِكَذَا، تَعْمَلُ بِكَذَا، قَالَ: فَقَالَ هَارُونُ: نَعَمْ يَا عَمُّ، نَعَمْ يَا عَمُّ.

84 - سَمِعْتُ أَبَا يُوسُفَ الْجِيزِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ شُعَيْبًا يَقُولُ: كَانَ سُفْيَانُ وَسُلَيْمَانُ الْخَوَّاصُ بِمِنًى، فَقَدِمَ سُفْيَانُ سُلَيْمَانَ، وَوَقَفَ هُوَ قَائِمًا، فَخَرَجَ إِلَيْهِ سُلَيْمَانُ، فَقَالَ: قَدْ كَلَّمْتُهُ وَوَعَظْتُهُ، وَفَرَضٌ كَانَ فِي أَعْنَاقِنَا أَدَّيْنَاهُ مَعَ أَنَّهُ لا يَقْبَلُ، ثُمَّ سَأَلَنِي عَنْ مَسْأَلَةٍ فَأَجَبْتُهُ. فَقَالَ سُفْيَانُ: مَا صَنَعْتَ شَيْئًا، فَدَخَلَ سُفْيَانُ فَأَمَرَهُ وَوَعَظَهُ، فَقَالَ: هَاهُنَا، فَقَالَ: لا أَطَأُ مَا لا تَمْلِكُهُ، فَقَالَ: يَا غُلامُ، ادْرُجِ ادْرُجْ، فَدَرَجَ الْبِسَاطَ، ثُمَّ دَنَا فَكَلَّمَهُ وَوَعَظَهُ، فَقَالَ: مَا تَقُولُ فِي مَسْأَلَةِ كَذَا وَكَذَا؟ قَالَ: مَا تَقُولُ فِيمَا أَنْفَقْتَ مِنْ أَمْوَالِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلا إِذْنِهِمْ فِي سَفَرِكَ هَذَا؟ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنْفَقَ سِتَّةَ عَشَرَ دِينَارًا هُوَ وَمَنْ مَعَهُ، وَقَالَ: مَا أَرَانَا إِلا قَدْ أَجْحَفْنَا بِبَيْتِ الْمَالِ. قَالَ: فَقَالَ لَهُ أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ، أَوْ غَيْرُهُ: تُكَلِّمُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِهَذَا! فَقَالَ: إِنَّمَا أَهْلَكَ فُلانًا فُلانٌ، فِرْعَوْنَ هَامَانُ، أَوْ هَامَانُ فِرْعَوْنَ، وَأَهْلَكَ فُلانًا فُلانٌ، قَالَ: فَلَمَّا مَضَى، قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، يُكَلِّمُكَ بِهَذَا! فَقَالَ: اسْكُتْ، فَوَاللَّهِ مَا بَقِيَ مَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ غَيْرُهُ.

85 - سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ الأَنْصَارِيَّ يَقُولُ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الْمَلِكِ الْفَارِسِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنِي الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ يَقُولُ: أُخِذْتُ فَأُدْخِلْتُ عَلَى ابْنِ أَبِي جَعْفَرٍ بِمَكَّةَ وَعِنْدَهُ رَجُلٌ، فَقُلْتُ لَهُ: اتَّقِ اللَّهَ، فَإِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَجَّ فَأَنْفَقَ فِي بَدَاتِهِ وَرَجْعَتِهِ سِتَّةَ عَشَرَ دِينَارًا، وَأَنْتَ لَمْ تَبْلُغْ ذَلِكَ، أَيْ أَنْتَ لَمْ تَبْلُغِ الْخِلافَةَ وَقَدْ أَنْفَقْتَ بُيُوتَ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى هَؤُلاءِ، يَعْنِي عَسْكَرَهُ، وَإِنَّمَا تُحَطِّمُ دِينَكَ حَطْمًا. فَقَالَ لِي: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، مَا اسْتَتْبَعْتُ مِنْهُمْ وَاحِدًا، وَإِنَّمَا اتَّبَعْتُمْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَمَا لِي مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ، قَالَ: قُلْتُ: لَئِنْ لَمْ يَكُنْ إِلَيْكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ فَالْزَمْ بَيْتَكَ، فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ، فَغَضِبَ وَقَالَ: مَا تُرِيدُ يَا سُفْيَانُ إِلا أَنْ نَكُونَ فِي مِثْلِ عَبَاءَتِكَ؟ قَالَ: وَعَلَى سُفْيَانَ عَبَاءٌ غَلِيظٌ، فَقُلْتُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي مِثْلِ عَبَائِي فَدُونَ مَا أَنْتَ فِيهِ، وَفَوْقَ مَا أَنَا فِيهِ. قَالَ: وَعَارَضَنِي الرَّجُلُ الَّذِي عِنْدَهُ، لا أَعْرِفُهُ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ يَدْرَأُ عَنِّي غَضَبَهُ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، مَا تَقُولُ فِي كَذَا وَكَذَا مِنْ أَمْرِ الْحَجِّ، فَلَمْ أُجِبْهُ، فَقُلْتُ: مَنْ أَنْتَ، مَنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، هَذَا أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ، فَقَالَ لِي أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ:

يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، أَمَّا إِنَّهُ قَدْ جَاءَنِي مِنْكُ كِتَابٌ فَأَنْفَذْتُهُ، قُلْتُ: أَنَا مَا كَتَبْتُ إِلَيْكَ كِتَابًا قَطُّ. قَالَ أَبُو عَبْدِ الْمَلِكِ: سَمِعْتُ غَيْرَ الْفِرْيَابِيِّ يَذْكُرُ أَنَّهُ اعْتَلَّ بِالْبَوْلِ لِيَخْرُجَ، فَقَالَ ابْنُ أَخِي أَبِي جَعْفَرٍ: وَتعَوَّد وَتَرَكَ قَمِيصًا وَتَرَكَ نَعْلَيْهِ، ثُمَّ انْفَتَلَ فَأَخَذَ نَعْلَيْهِ، ثُمَّ خَرَجَ، فَلَمْ يَرْجِعْ، فَاسْتَبْطَأَهُ، فَقَالَ: مَا أَرَاهُ رَجَعَ، فَقَالَ أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ: بَلَى قَدْ رَجَعَ، إِنَّمَا تَرَكَ نَعْلَيْهِ عَمْدًا. 86 - سَمِعْتُ نُوحَ بْنَ حَبِيبٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ وَكِيعًا يَقُولُ: حُبِسَ الثَّوْرِيُّ فِي بَيْعَةٍ، فَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ. 87 - وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: دَخَلَ سُفْيَانُ عَلَيْهِ، يَعْنِي الْمَهْدِيَّ، فَاعْتَلَّ بِالْبَوْلِ، فَخَرَجَ. 88 - سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ مَعْمَرِ بْنِ رِبْعِيٍّ يَقُولُ: سَمِعْتُ الْفِرْيَابِيَّ، يَقُولُ: قَالَ سُفْيَانُ لِلْمَهْدِيِّ: كَمْ أَنْفَقْتَ فِي حَجَّتِكَ؟ قَالَ: لا أَدْرِي، قَالَ: لَكِنْ عُمَرُ أَنْفَقَ سِتَّةَ عَشَرَ دِينَارًا، وَكَانَ يَسْتَظِلُّ بِفَيَافِي الشَّجَرِ، وَأَرَاهُ قَالَ: قَدْ أَتْعَبْتَ النَّاسَ، أَرَاهُ قَالَ: مَا هَذِهِ السُّرَادِقَاتُ؟ وَهَذِهِ الْمَضَارِبُ؟

فَقَالَ: أَنْتَ يَا سُفْيَانُ تُرِيدُ أَنْ يَكُونَ النَّاسُ فِي مِثْلِ كِسَائِكَ، أَوْ عَبَائِكَ، فَقَالَ سُفْيَانُ: كُنْ فَوْقَ مَا أَنَا فِيهِ، وَدُونَ مَا أَنْتَ فِيهِ. 89 - سَمِعْتُ بَعْضَ الْمَشْيَخَةِ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُولُ: دَخَلْتُ عَلَى ابْنِ أَبِي جَعْفَرٍ فَلَمْ أُسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَقَالَ أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ: إِنَّ كُتُبَكَ تَأْتِينَا فَنُنْفِذُهَا، فَقُلْتُ: مَا كَتَبْتُ إِلَيْكَ سَوْدَاءَ فِي بَيْضَاءَ، فَأَيُّ شَيْءٍ دَخَلَ عَلَيْكَ. 90 - سَمِعْتُ عَبَّاسًا الْعَنْبَرِيَّ يَقُولُ: حَدَّثَنَا شِهَابٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُصْعَبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ: لَوْ كُنْتُ لا أَعْلَمُ كَانَ أَقَلَّ لِحُزْنِي. 91 - وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ مَعْمَرٍ، يَقُولُ: قَالَ الأَوْزَاعِيُّ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ، قَالَ: فَكَلَّمْتُهُ بِكَلامٍ غَلِيظٍ، فَقَالَ لِي: وَيْلَكَ وَيْلَكَ وَيْلَكَ. 92 - وَسَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ هَارُونَ الْخُرَاسَانِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ يُوسُفَ يَقُولُ: سَمِعْتُ الأَوْزَاعِيَّ يَقُولُ: دَخَلْتُ عَلَى

عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ وَأَصْحَابُ الْخَشَبِ وُقُوفٌ، فَأُجْلِسْتُ عَلَى كُرْسِيٍّ، فَقَالَ لِي: مَا تَقُولُ فِي دِمَاءِ بَنِي أُمَيَّةَ؟ قَالَ: فَأَخَذْتُ أُحَدِّثُ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ، فَقَالَ لِي، ارْجِعْ، وَيْلَكَ، مَا تَقُولُ فِي دِمَائِهِمْ؟ قَالَ: قُلْتُ: لا تَحِلُّ لَكَ، قَالَ: وَلِمَ وَيْلَكَ؟ قَالَ: قُلْتُ: لأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ وَأَمَرَهُ أَنْ يُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلا بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ. فَقَالَ لِي: وَيْلَكَ، أَوَلَيْسَتِ الْخِلافَةُ لَنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاتَلَ عَلَيْهَا عَلِيٌّ بِصِفِّينَ؟ قَالَ: قُلُتْ: لَوْ كَانَتِ الْخِلافَةُ لَكُمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذًا مَا رَضِيَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلامُ بِالْحَكَمَيْنِ، قَالَ: فَقَالَ لِي: اخْرُجْ وَيْلَكَ. فَمَا ظَنَنْتُ أَنِّي أُحْمَلُ إِلا مَيِّتًا. 93 - سَمِعْتُ عَبْدَ الصَّمَدِ بْنَ يَزِيدَ يَقُولُ: قَالَ الْفُضَيْلُ: مَنْ أَعَزَّ أَمْرَ اللَّهِ أَعَزَّهُ اللَّهُ بِلا عَشِيرَةٍ. 94 - وَسَمِعْتُ جَعْفَرًا الْخَزَّازَ يَقُولُ: قُلْتُ لِبَعْضِ الْهَاشِمِيِّينَ، وَهُوَ سُلْطَانِيٌّ: شَرَفُكَ يَحْتَاجُ إِلَى تَقْوَى، وَصَاحِبُ التَّقْوَى لا يَحْتَاجُ إِلَى شَرَفٍ، فَقَالَ لِي: صَدَقْتَ.

95 - قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: إِنَّ عَبَّادًا قَالَ لِسُفْيَانَ: ذَكَرْتُكَ لأَبِي جَعْفَرٍ، فَقَالَ سُفْيَانُ: لِمَ أَرَدْتَ أَنْ تَذْكُرَنِي لَهُ؟ ! قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَدْ أَحْسَنَ، وَلِمَ أَرَادَ أَنْ يَذْكُرَهُ لَهُ؟ ! 96 - وَسَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ حَاتِمٍ يَقُولُ: عَنْ أَبِي عَبْدِ الْمَلِكِ الْفَارِسِيِّ، عَنِ الْفِرْيَابِيِّ، قَالَ: شَهِدْتُ عَبَّادَ بْنَ كَثِيرٍ يُحَدِّثُ سُفْيَانَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ، فَقُلْتُ لَهُ: تُوَلِّي عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِثْلَ أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ وَفُلانٍ؟ ! لَوْ قُلْتَ لَنَا لأَتَيْنَاكَ بِسُفْيَانَ وَكَتَبْنَا إِلَى الأَوْزَاعِيِّ حَتَّى يَجِيئَكَ، لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا، قَالَ: فَقَالَ: إِذَا قَدِمْتُ الْبَصْرَةَ فَقُلْ لِي. قَالَ: فَقَالَ لَهُ سُفْيَانُ: تَذْكُرُنِي بَيْنَ يَدَيْ مِثْلِ أَبِي جَعْفَرٍ! قَالَ: فَقَالَ: مَا أَرَدْتُ إِلا الْخَيْرَ، فَرَأَيْتُ دُمُوعَ عَبَّادٍ عَلَى خَدَيْهِ، وَهُوَ يَقُولُ: مَا أَرَدْتَ إِلا الْخَيْرَ. 97 - سَمِعْتُ عَبَّاسًا الْعَنْبَرِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّزَّاقِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الثَّوْرِيَّ، يَقُولُ: دَخَلْتُ عَلَى ابْنِ أَبِي جَعْفَرٍ وَلَمْ أُسَلِّمْ عَلَيْهِ بِالإِمْرَةِ، قَالَ: قُلْتُ: السَّلامُ عَلَيْكُمْ، قُلْتُ: فَتَبَسَّمَ، وَقَالَ: ارْفَعْ حَاجَتَكَ، قَالَ: قُلْتُ: مَلأْتَ الأَرْضَ ظُلْمًا وَجَوْرًا، فَاتَّقِ اللَّهَ، وَلْيَكُنْ مِنْكَ فِي ذَلِكَ عِبَرٌ.

قَالَ: كَيْفَ أَصْنَعُ؟ قَالَ: قُلْتُ: تَقْعُدُ فِي بَيْتِكَ وَتُوَلِّيهَا غَيْرُكَ، قَالَ: لا أَسْتَطِيعُ، وَقَالَ: ارْفَعْ حَاجَتَكَ، قَالَ: قُلْتُ أَبْنَاءُ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ عَلَى بَابِكَ، قَدْ حُبِسُوا لِمَظَالِمِهِمْ فَاتَّقِ اللَّهَ، وَانْظُرْ فِي أُمُورِهِمْ، قَالَ: ثُمَّ قَعَدْتُ وَظَنَنْتُ أَنَّهُ لا يَكْرَهُ أَنْ أَقُومَ، قَالَ: ثُمَّ قُمْتُ، فَاتَّبَعَنِي أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ، فَقَالَ: ارْفَعْ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ حَاجَتَكَ، قُلْتُ: مَا لِي إِلَيْهِ حَاجَةٌ، قَدْ أَخْبَرْتُهُ بِحَاجَتِي. 98 - وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: لَوْ دَخَلْتُ عَلَيْهِ - يَعْنِي الْخَلِيفَةَ - مَا ابْتَدَأْتُهُ إِلا بِأَبْنَاءِ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ. 99 - سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: كَتَبَ إِلَيَّ سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: قَالَ لَنَا سُفْيَانُ: نَحْنُ الْيَوْمَ عَلَى الطَّرِيقِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُونَا قَدْ أَخَذْنَا يَمِينًا وَشِمَالا فَلا تَقْتَدُوا بِنَا. 100 - قِيلَ لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ فَقَوْلُ الثَّوْرِيِّ: إِذَا رَأَيْتُمُونَا قَدْ أَخَذْنَا يَمِينًا وَشِمَالا فَلا تَقْتَدُوا بِنَا، أَيُّ شَيْءٍ مَعْنَى هَذَا؟ قَالَ: إِنَّمَا يُرِيدُ أَمْرَ السُّلْطَانِ. 101 - قَالَ: وَرُوِيَ عَنْ شُعَيْبِ بْنِ حَرْبٍ، أَنَّهُ قَالَ: إِنِّي

لأَحْسَبُ أَنَّ سُفْيَانَ حُجَّةٌ مِنَ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يُقَالُ لَهُمْ: لَمْ تُدْرِكُوا نَبِيَّكُمْ، أَلَيْسَ قَدْ أَدْرَكْتُمْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ! . 102 - سَمِعْتُ هَارُونَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ صَدَقَةَ الْمِصِّيصِيُّ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ وَاسِطَ، قَالَ: رَأَيْتُ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلامِ فِي النَّوْمِ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، مَا فَعَلَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ؟ قَالَ: ذَاكَ مَعَنَا مَعَاشِرَ الأَنْبِيَاءِ. 103 - وَسَمِعْتُ ابْنَ مُغَلِّسٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاوِيَةَ، يَقُولُ: رَأَيْتُ الثَّوْرِيَّ فِي النَّوْمِ، وَهُوَ فِي بُسْتَانٍ، وَهُوَ يَقُولُ: أَوْ يَقْرَأُ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} [الزمر: 74] . 104 - سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ وَكِيعٍ يَقُولُ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: قَدِمَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْمَدِينَةَ وَمَعَهُ

الزُّهْرِيُّ، قَالَ أَبُو حَازِمٍ: فَبَعَثَ إِلَيَّ، قَالَ: فَقَالَ سُلَيْمَانُ: يَا أَبَا حَازِمٍ، كَيْفَ النَّجَاةُ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ؟ قَالَ: يَسِيرٌ هَيِّنٌ، تَأْخُذُ الْمَالَ مِنْ حِلِّهِ، وَتَضَعُهُ فِي حَقِّهِ، قَالَ: فَقَالَ الزُّهْرِيُّ: إِنَّهُ لَجَارِي مُنْذُ كَذَا وَكَذَا، مَا عَلِمْتُ أَنَّ عِنْدَهُ شَيْئًا مِنْ هَذَا! فَقَالَ لَهُ أَبُو حَازِمٍ: لَوْ كُنْتَ مِنَ الأَغْنِيَاءِ لَعَرَفْتَنِي. فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ: تَكَلَّمْ يَا أَبَا حَازِمٍ، إِنَّمَا أَنَا هِيَ، تَرَكْتَ النَّاسَ بِبَابِكَ، فَإِنْ أَدْنَيْتَ أَهْلَ الْخَيْرِ ذَهَبَ أَهْلُ الشَّرِّ، وَإِنْ أَدْنَيْتَ أَهْلَ الشَّرِّ ذَهَبَ أَهْلُ الْخَيْرِ، قَالَ: فَقَالَ لَهُ: ارْفَعْ إِلَيْنَا حَوَائِجَكَ، قَالَ: قَدْ رَفَعْتُهَا إِلَى مَنْ لا تُخْتَزَلُ الْحَوَائِجُ دُونَهُ، مِمَّا أَعْطَانِي مِنْهَا قَبِلْتُ، وَمَا زَوَى عَنِّي مِنْهَا رَضِيتُ. 105 - سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ هَانِئٍ الطَّائِيَّ يَقُولُ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ طَلْحَةَ الْقَنَّادُ، قَالَ: مَرَّ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ عَلَى الْمَدِينَةِ يُرِيدُ مَكَّةَ، فَقَالَ: هَلْ بِالْمَدِينَةِ أَحَدٌ قَدْ أَدْرَكَ عِدَّةً مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقِيلَ لَهُ: أَبُو حَازِمٍ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ، فَدَعَاهُ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ، قَالَ لَهُ: يَا أَبَا حَازِمٍ، مَا هَذَا الْجَفَاءُ؟ ! قَالَ لَهُ أَبُو حَازِمٍ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَيُّ جَفَاءٍ رَأَيْتَ مِنِّي؟ قَالَ: أَتَانِي وُجُوهُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَلَمْ تَأْتِنِي. قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أُعِيذُكَ بِاللَّهِ أَنْ تَقُولَ مَا لَمْ يَكُنْ، وَاللَّهِ

مَا عَرَفْتَنِي قَبْلُ، وَلا أَنَا رَأَيْتُكَ، فَالْتَفَتَ سُلَيْمَانُ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ فَقَالَ: أَصَابَ الشَّيْخُ وَأَخْطَأْتُ أَنَا. فَقَالَ سُلَيْمَانُ: يَا أَبَا حَازِمٍ، مَا لَنَا نَكْرَهُ الْمَوْتَ؟ قَالَ: لأَنَّكُمْ أَخْرَبْتُمْ آخِرَتَكُمْ، وَعَمَّرْتُمُ الدُّنْيَا، فَكَرِهْتُمْ أَنْ تَنْتَقِلُوا مِنَ الْعُمْرَانِ إِلَى الْخَرَابِ. 106 - سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ الأَنْصَارِيَّ يَقُولُ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الْمَلِكِ الْفَارِسِيُّ، عَنِ الْفِرْيَابِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي ذِئْبٍ يُحَدِّثُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ وَعِنْدَهُ الْحَسَنُ بْنُ زَيْدٍ، وَهُوَ أَمِيرُهُ عَلَى الْمَدِينَةِ - قَالَ الْفِرْيَابِيُّ -: وَكَانَ أَخًا لابْنِ أَبِي ذِئْبٍ -، فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ: يَا أَبَا الْحَارِثِ، مَا تَقُولُ فِي الْحَسَنِ؟ قُلْتُ: يُصِيبُ وَيُخْطِئُ، قَالَ: دَعْ هَذَا عَنْكَ، فَإِنَّ الأَنْبِيَاءَ تُصِيبُ وَتُخْطِئُ، هَلْ يَتَعَمَّدُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ الْفِرْيَابِيُّ: فَوَقَعَ الْحَسَنُ فِي أَمْرٍ عَظِيمٍ، وَلَكِنَّهَا أَغْفَارُ

قُرَيْشٍ، قَالَ: فَاشلاهما، ثُمَّ اسْتَرَاحَ نَحْوَ هَذَا، قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ أَبَا الْحَارِثِ عَفَاهُ اللَّه، لَوْ سَأَلَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ نَفْسِهِ لَقَالَ لَهُ. فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ: مَا تَقُولُ فِي أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ يَعْفِينِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: قُلْ، قَالَ: يَعْفِينِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: فَإِنِّي لا أَعْفِيكَ، قَالَ: قُلْتُ: اللَّهُمَّ قَدْ رَأَيْنَا جَوْرًا، قَالَ: فَغَضِبَ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيَّ، فَقَالَ: وَمَا يُدْرِيكَ أَعْرَابِيُّ، وَقَالَ عَلَى سَاقَيْهِ يَقُولُونَ: اشْتَرَيْتَ جَارِيَةً بِكَذَا، وَاشْتَرَيْتَ غُلامًا بِكَذَا، وَتَنْسَوْنَ أَمْثَالَ الْجِبَالِ مِنْ حَسَنَاتِنَا: الثُّغُورَ، وَالسَّبِيلَ، وَالْمَسَاجِدَ، أَوْ كَمَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ، إِنَّمَا تُرِيدُ أَنْ تَقُولَ قَدْ فَعَلْتُ لأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَقَالَ لِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، خَطَرِي فِي نَفْسِي أَكْثَرُ مِنْ هَذَا. قَالَ: وَأُقِيمَتْ صَلاةُ الْعَصْرِ فَصَلَّى، فَلَمَّا سَلَّمَ تَنَاوَلْتُ نَعْلَيَّ، فَقَالَ لِي الرَّبِيعُ: كَمَا أَنْتَ، قَالَ: فَقُلْتُ: قَدْ أَسْمَعْتُ أَمِيرَ الْمؤمنين، فَأَرَدْتُ أَنْ أَتْفُلَ فِي وَجْهِهِ، قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: كُفَّ عَنْهُ يَا ابْنَ الْفَاعِلَةِ، أَلا إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ، سُبْحَانَ اللَّهِ، مَا أَرَدْتَ أَنْ تَبْلُغَ بِهِ هَذَا. 107 - سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ الْخُرَاسَانِيَّ يَقُولُ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ

إذا طابت المكسبة، زكت النفقة، وسترد فترى

صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي ذِئْبٍ يُحَدِّثُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ، قَالَ: قُلْتُ لأَبِي جَعْفَرٍ: أَنَا خَيْرٌ لَكَ مِنَ ابْنِكَ الْمَهْدِيِّ، فَقَالَ لَهُ سُفْيَانُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَبِمَا حَلَّ لَكَ أَنْ تَقُولَ: الْمَهْدِيُّ؟ فَقَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ: سُبْحَانَ اللَّهِ، كُلُّنَا مَهْدِيٌّ هَدَاهُ اللَّهُ. 108 - سَمِعْتُ هَارُونَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ، قَالَ: دَخَلَ يَعْنِي مَيْمُونًا، مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَنَفرٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، فَشَكَى إِلَى الْقَوْمِ مَا كَانَ فِيهِ، فَقَالُوا: لَقَدْ وَصَلْتَ الرَّحِمَ، وَبَنَيْتَ الْمَنَارَاتِ وَاتَّخَذْتَ الْمَصَانِعَ، وَحَفَرْتَ الآبَارَ وَحَمَلْتَ ابْنَ السَّبِيلِ، وَذَيْتَ وَذَيْتَ، وَعَيْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ إِلَى ابْنِ عَامِرٍ أَيَّ شَيْءٍ يَقُولُ؟ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: إِذَا طَابَتِ الْمَكْسَبَةُ، زَكَتِ النَّفَقَةُ، وَسَتُرَدُّ فَتَرَى قَالَ جَعْفَرٌ: وَحَدَّثَنِي مَيْمُونٌ قَالَ: لَمَّا صِرْنَا بِالْبَابِ، أَوْ خَرَجْنَا، قَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَاللَّهِ، لَئِنْ كَانَ لَيْسَ لَكُمْ تَبِعَةٌ فِيمَا أَخَذْتُمْ، وَأُجِرْتُمْ فِيمَا أَنْفَقْتُمْ، لَقَدْ سَبَقْتُمُ النَّاسَ سَبْقًا بَعِيدًا

109 - وَأُخْبِرْتُ عَنْ يَعْمُرَ بْنِ بِشْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، حَدَّثَنَا رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَنْعُمَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَسْقَلَةَ عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، أَنَّهُ نَظَرَ إِلَى طَاوُسٍ فِي الْمَسْجِدِ، فَانْصَرَفَ إِلَى سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَسُلَيْمَانُ يَوْمَئِذٍ وَلِيُّ عَهْدٍ، فَقَالَ رَجَاءٌ لِسُلَيْمَانَ: رَأَيْتُ طَاوُسًا فِي الْمَسْجِدِ، فَهَلْ لَكَ أَنْ تُرْسِلَ إِلَيْهِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ سُلَيْمَانُ، فَلَمَّا أَتَاهُ قَالَ رَجَاءٌ لِسُلَيْمَانَ: لا تَسَلْهُ عَنْ شَيْءٍ حَتَّى يَكُونَ هُوَ الَّذِي يَبْتَدِئُ. فَلَمَّا قَعَدَ طَاوُسٌ مَكَثَ طَوِيلا، ثُمَّ قَالَ لَهُ: مَا أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ؟ فَقُلْنَا: لا نَدْرِي، قَالَ: أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمُ، قَالَ: تَعْلَمُونَ آخِرُ مَنْ يَمُوتُ؟ قُلْنَا: لا، قَالَ: آخِرُ مَنْ يَمُوتُ الْمَوْتُ، ثُمَّ قَالَ: هَلْ تَعْلَمُونَ أَبْغَضُ خَلْقِ اللَّهِ؟ قَالَ: فَقُلْنَا: لا، قَالَ: إِنَّ أَبْغَضَ خَلْقِ اللَّهِ إِلَيْهِ عَبْدٌ أَعْطَاهُ اللَّهُ سُلْطَانًا، فَعَمِلَ لِمَعْصِيَتِهِ. ثُمَّ قَامَ فَارْتَفَعَ. قَالَ: فَرَأَيْتُ سُلَيْمَانُ يَحُكُّ رَأْسَهُ بِيَدِهِ، حَتَّى خَشِيتُ أَنْ تَجْرَحَ أَظْفَارُهُ رَأْسَهُ. 110 - وَسَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ عِيسَى الْمَرْوَزِيَّ يَقُولُ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ مُصْعَبٍ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ: لَمَّا دَخَلَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَلَى

الْخَلِيفَةِ أَبِي جَعْفَرٍ فَسَأَلَهُ أَنْ يُحَدِّثَهُ، فَحَدَّثَهُ بِحَدِيثَيْنِ، أَحَدُهُمَا مِنْ حَدِيثِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَالآخَرُ مِنْ أَحَادِيثِ الْبَحْرِ. قَالَ: فَلَمَّا خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ قَالَ الْخَلِيفَةُ لأَصْحَابِهِ: أَتَدْرُونَ لِمَ حَدَّثَنَا بِهَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ؟ قَالَ: فَقَالُوا: لا نَدْرِي، قَالَ: فَقَالَ: إِنَّهُ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلا حَرَجَ، وَحَدِّثُوا عَنِ الْبَحْرِ وَلا حَرَجَ، فَأَحَبَّ أَنْ يُحَدِّثَنَا بِحَدِيَثْيِن لا يَحْرَجُ فِيهِمَا. 111 - سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: كَانَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَمَالِكٌ يَحْضُرَانِ عِنْدَ السُّلْطَانِ، فَيَسْكُتُ مَالِكٌ وَيَتَكَلَّمُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، وَلَقَدْ دَخَلَ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ فَصَدَقَهُ، فَأَمَرَ لَهُ بِشَيْءٍ فَلَمْ يَقْبَلْ، وَفَرَضَ لِوَلَدِهِ، هَكَذَا يَقُولُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ. 112 - وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: سَمِعْتُ حَمَّادًا الْخَيَّاطَ يَقُولُ: كَانَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ يُشَبَّهُ بِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فِي الصَّرَامَةِ، قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ ضَرَبُوهُ، قَالَ: نَعَمْ، وَلَقَدْ أُعْطِيَ مَرَّةً عَطَاءً فَقَالَ: لا أَقْبَلُ حَتَّى أَعْلَمَ أَنَّهُمْ جَبُّوهُ فِي حَقِّهِ، وَأَنْفَذُوهُ فِي حَقِّهِ، فَسَاعَدَهُ عَلَى تَرْكِ الْعَطَاءِ: سَالِمٌ، وَالْقَاسِمُ. وَقَالَ: لَمْ تَبْقَ فِي زَمَنِ الْفِتْنَةِ حَلْقَةٌ فِي الْمَسْجِدِ إِلا حَلْقَةُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ.

113 - وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ، وَذَكَرَ أَصْحَابَ عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ: كَانُوا مُتَعَبِّدِينَ لا يَأْتُونَ السُّلْطَانَ، وَذَكَرَ طَاوُسًا فَقَالَ: كَانَ شَدِيدًا عَلَيْهِمْ، لَقَدِ افْتَعَلَ ابْنُهُ كِتَابًا عَلَى لِسَانِهِ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَأَعْطَاهُ ثَلاثَ مِائَةِ دِينَارٍ، فَبَلَغَ طَاوُسًا، فَبَاعَ ضَيْعَتَهُ، فَبَعَثَ بِهَا إِلَى عُمَرَ، فَأُرِيدَ طَاوُسٌ أَنْ يَدْخُلَ عَلَى ابْنِهِ فَأَبَى، أَوْ قَالَ: مَا دَخَلَ إِلا فِي وَقْتِ الْمَوْتِ. 114 - وَقَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: كَتَبْتُهُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ رَجُلٍ سَمَّاهُ، عَنْ طَاوُسٍ، أَنَّ ابْنَهُ افْتَعَلَ عَلَى لِسَانِهِ كِتَابًا إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَذَكَرَ الْقِصَّةَ. 115 - سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: قَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَابِتِ بْنِ ثَوْبَانَ، فَدَخَلَ عَلَى الْخَلِيفَةِ وَابْنَتُهُ عَلَى عُنُقِهِ 116 - وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: دَخَلَ الإِفْرِيقِيُّ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ فَوَعَظَهُ وَكَلَّمَهُ، وَقَالَ حَجَّ مِنْ مِصْرَ بِأَهْلِ مِصْرَ مَعَهُ النِّسَاءُ وَغَيْرُهُمْ. 117 - وَسَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ مُسْلِمٍ الطُّوسِيَّ يَقُولُ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُقَدِّمٍ قَالَ: كُنْتُ بِبَغْدَادَ مَعَ أَخِي، قَالَ: فَكَانَ ثَمَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادِ بْنِ أَنْعُمٍ الإِفْرِيقِيُّ، قَالَ:

فَدَخَلَ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ يَوْمًا فَقَالَ لَهُ: يَابْنَ أَنْعُمٍ، أَمَا تَحْمَدُ رَبًّا أَرَاحَكَ مِنْ بَابِ هِشَامٍ، وَذَوِي هِشَامٍ، وَمَا كُنْتَ تَرَى بِأَبْوَابِهِمْ؟ قَالَ: فَقَالَ، قَلَّ شَيْءٌ كُنْتُ أَرَاهُ بِبَابِ هِشَامٍ إِلا وَأَنَا أَرَى مِنْهُ الْيَوْمَ طَرَفًا، قَالَ: فَغَضِبَ أَبُو جَعْفَرٍ فَسَكَتُّ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَا منَعَكَ أَنْ تَرْفَعَ ذَاكَ إِلَيْنَا، وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَكَ عِنْدَنَا مَقْبُولٌ؟ ! قَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ السُّلْطَانَ سُوقًا، وَإِنَّمَا يُحْمَلُ إِلَى كُلِّ سُوقٍ مَا يَجُوزُ فِيهَا. قَالَ: فَغَضِبَ أَبُو جَعْفَرٍ أَيْضًا، ثُمَّ قَالَ لَهُ: كَأَنَّكَ قَدْ كَرِهْتَ صُحْبَتَنَا؟ قَالَ: وَاللَّهِ، مَا يُصَابُ الْمَالُ وَالشَّرَفُ إِلا مِنْ صُحْبَتِكَ وَصُحْبَةِ مَنْ هُوَ مِثْلُكَ، وَلَقَدْ تَرَكْتُ عَجُوزًا لِي كَبِيرَةً وَإِنِّي أُحِبُّ الرُّجُوعَ إِلَيْهَا، قَالَ: اذْهَبْ فَقَدْ أَذِنَّا لَكَ، فَقَامَ فَخَرَجَ. 118 - وَسَمِعْتُ الْوَلِيدَ بْنَ شُجَاعٍ يَقُولُ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَعْيَنَ، عَنْ صَالِحٍ الْمُرِّيِّ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى الْمَهْدِيِّ فَقُلْتُ: احْمِلْ للَّهِ مَا أُكَلِّمُكَ بِهِ، فَإِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِكَلامِهِ أَحْمَلُهُمْ لِغِلْظَةِ النَّصِيحَةِ فِي أَمْرِ اللَّهِ، وَجَدِيرٌ مَنْ لَهُ قَرَابَةٌ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَرِثَ أَخْلاقَهُ، وَيَأْتَمَّ بِهَدْيِهِ، وَقَدْ وَرَّثَكَ اللَّهُ مِنْ فَهْمِ الْعِلْمِ، وَإِنَارَةِ الْحُجَّةِ مِيرَاثًا قَطَعَ بِهِ عُذْرَكَ، فَمَهْمَا أَوْعَيْتَ مِنْ حُجَّةٍ، أَوْ رَكِبْتَ مِنْ شُبْهَةٍ لَمْ

يَصِحَّ لَكَ بِهِمَا بُرْهَانٌ مِنَ اللَّهِ، حَلَّ بِهِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ وَعِقَابِهِ بِقَدْرِ مَا تَجَاهَلْتَ مِنَ الْحَقِّ، أَوْ أَقْدَمْتَ فِيهِ مِنْ شُبْهَةِ الْبَاطِلِ، وَبِقَدْرِ مَا تَقَلَّدْتَ مِمَّا عَمِدْتَ السَّلامَةَ مِنْ تَقَلُّدِهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَصْمُ مَنْ خَالَفَهُ فِي أُمَّتِهِ يَبْتَزُّ أَحْكَامَهَا، وَمَنْ كَانَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَصْمَهُ كَانَ اللَّهُ لَهُ خَصْمًا، فَاعْدُدْ لِمُخَاصَمَةِ اللَّهِ، وَمُخَاصَمَةِ رَسُولِهِ حُجُجًا تَضْمَنُ لَكَ النَّجَاةَ، أَوِ اسْتَسْلِمْ لِلْهَلَكَةِ. وَإِيَّاكَ وَخُدَعَ الشَّهَوَاتِ، فَإِنَّ أَبْطَأَ الصَّرْعَى نَهْضَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرِيعُ هَوًى يَدَّعِيهِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قُرْبَةً. وَإِنَّ أَثْبَتَ النَّاسِ قَدَمًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ آخِذُهُمْ فِي أَمْرِ اللَّهِ بِالْيَقِينِ، فَمَثَلُكَ لا يُكَابَرُ بِتَجْرِيدِ الْمَعْصِيَةِ، وَلَكِنْ تُمَثَّلُ لَهُ الإِسَاءَةُ إِحْسَانًا، وَيَشْهَدُ لَهُ عَلَيْهَا خَوَنَةُ الْعُلَمَاءُ، وَبِهَذِهِ الْحِبَالَةُ تَصَيَّدَتِ الدُّنْيَا نُظَرَاءَكَ، فَأَحْسِنْ حَمْلَ النَّصِيحَةِ، فَإِنِّي قَدْ أَحْسَنْتُ إِلَيْكَ الأَدَاءَ، وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ، قَالَ: فَبَكَى وَبَكَى مَنْ حَوْلَهُ. 119 - سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ حَرَمِيَّ بْنَ يُونُسَ يَقُولُ: حَدَّثَنِي أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكُوفِيُّ أَبُو يَعْقُوبَ قَالَ: دَخَلَ مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ عَلَى الْمَهْدِيِّ قَالَ: وَأَنَا شَاهِدٌ يَرْفَعُ فِي مَظْلَمَةٍ لَهُ فَأَقَامُوهُ فِي الدَّارِ، قَالَ: وَكَانَتِ السَّمَاءُ

تَجِيءُ بِمَطَرٍ خَفِيفٍ، قَالَ: وَكَانَ مَحْلُولَ الإِزَارِ، وَكِسَاؤُهُ كَذَا مَائِلٌ عَلَى شِقِّهِ، قَالَ: فَنَادَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ لِلْمَهْدِيِّ: أَوَ فِي الْحَقِّ هَذَا أَنْ تَكُونَ فِي الْكِنِّ وَنَحْنُ فِي الْمَطَرِ؟ قَالَ: فَضَحِكَ الْمَهْدِيُّ. قَالَ: فَقَالَ أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَمَا تَعْرِفُ مَنْ هَذَا؟ هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، قَالَ: فَقَالَ لَهُ الْمَهْدِيُّ: ادْخُلْ يَا عَمُّ، ادْخُلْ، قَالَ: فَدَخَلَ، فَلَمَّا جَاوَزَ الْبَابَ وَصَارَ فِي الْبَيْتِ جَلَسَ مَكَانَهُ، قَالَ: فَجَعَلَ الْمَهْدِيُّ يَقُولُ: ارْتَفِعْ إِلَيْنَا هَاهُنَا يَا عَمُّ، إِنَّا لَمْ نُثْبِتُكَ، قَالَ: فَقَالَ: مَكَانِي صَالِحٌ، لَسْتُ أُرِيدُ الْكَرَامَةَ بِالْمَعْرِفَةِ، قَالَ: وَكَانَ قَدْ أُخِذَ لَهُ طَعَامٌ، فَقَالَ لَهُ الْمَهْدِيُّ: إِنَّ طَعَامَكَ أُخِذَ وَالطَّعَامُ رَخِيصٌ، وَالطَّعَامُ الْيَوْمَ قَدِ ارْتَفَعَ، قَالَ: مَا أَنْتَ مِنْ غَلائِهِ وَمِنْ رُخْصِهِ، أَعْطِنِي طَعَامًا مِثْلَ طَعَامِي، قَالَ: وَجَعَلَ الْمَهْدِيُّ يَضْحَكُ، إِذْ جَاءَ مِنْهُ مِثْلُ هَذَا. فَلَمَّا فَرَغَ، قَالَ لَهُ الْمَهْدِيُّ: أَلا تُعِينُنَا عَلَى أَخِيكَ؟ قَالَ: أَيُّ إِخْوَانِي؟ قَالَ: سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ فَيَصْنَعُ مَاذَا؟ قَالَ: نَبْعَثُ إِلَيْهِ، فَيَكُونُ قَرِيبًا مِنَّا نَسْتَشِيرُهُ فِي الأَمْرِ، وَنَقْبَلُ مَا يُشِيرُ عَلَيْنَا، قَالَ: إِذًا تَكُونُ لَهُ الْحُجَّةُ عَلَيَّ. قَالَ الْمَهْدِيُّ: كَيْفَ تَكُونُ لَهُ الْحُجَّةُ عَلَيْكَ؟ قَالَ: أَرَأَيْتَ لَوْ قَالَ: إِنْ عَمِلُوا بِمَا عَلِمُوا فَجَاءَهُمْ مَا لا يَعْلَمُونَ فَاحْتَاجُوا إِلَيَّ فِيهِ، مَاذَا كُنْتَ قَائِلا لَهُ؟ !

قَالَ: فَقَالَ: فَأَشِرْ عَلَيَّ أَنْتَ، قَالَ: فَجَعَل يُشِيرُ عَلَيْهِ: افْعَلْ كَذَا، وَتَفْعَلْ كَذَا، قَالَ: فَعَرَفْتُ مِنْهُ فَضْلا، قَالَ: ثُمَّ قَالَ: أَوَ غَيْرُ هَذَا؟ قَالَ: تُنَادِي فِي النَّاسِ الصَّلاةُ جَامِعَةٌ، فَإِذَا اجْتَمَعُوا أَخَذْتُ بِيَدِكَ، فَصَعِدْنَا الْمِنْبَرَ، فَسَأَلْتَ النَّاسَ أَنْ يُسَوِّغُوكَ مَا أَغْلَقْتَ عَلَيْهِ بَابَكَ، ثُمَّ تَسْتَقْبِلُ الْغَدَ وَفِيمَا وَرَاءَ ذَلِكَ، قَالَ: فَسَكَتَ الآخَرُ عَنْهُ، فَمَا زَادَهُ فِي الْكَلامِ، وَكَانَ آخِرَ مَا كَلَّمَهُ بَعْدُ. قَالَ إِسْحَاقُ: فَخَرَجَ وَيَدُهُ فِي يَدِي، فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، أَيُّ شَيْءٍ قُلْتَ لَهُ؟ أَرَأَيْتَ لَوْ فَعَلَ، أَيَّ شَيْءٍ كَانَ يُنْفِقُ عَلَى عِيَالِهِ؟ قَالَ: تَقُولُ لِي: أَيَّ شَيْءٍ كَانَ يُنْفِقُ عَلَى عِيَالِهِ؟ ! يَبِيعُ قَمْشَةً، وَيُنْفِقُ عَلَى عِيَالِهِ. 120 - سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الصَّبَّاحِ، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: أُتِيَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِسُيُوفٍ ثَلاثَةٍ مِنَ الْيَمَنِ، أَحَدُهَا مُحَلًّى، فَسَأَلَهُ السَّيْفَ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ:

فَبَسَطَ أَبُو بَكْرٍ يَدَهُ إِلَيْهِ لِيُعْطِيَهِ إِيَّاهُ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: بَلْ إِيَّايَ فَاعْطِهِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنْتَ أَحَقُّ بِهِ قَالَ: فَانْصَرَفَ بِهِ عُمَرُ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَنَزَعَ حِلْيَتَهُ، فَجَعَلَهَا فِي ظَبْيَةٍ، وَرَاحَ بِهِ وَبِالظَّبْيَةِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، وَقَالَ: اسْتَعِنْ بِهَا عَلَى بَعْضِ مَا يَعْرُوكَ، فَدَفَعَ النَّصْلَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، ثُمَّ قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ مَا دَعَانِي إِلَى مَا فَعَلْتُ النَّفَاسَةُ عَلَيْكَ يَا أَبَا بَكْرٍ، وَلَكِنِ النَّظَرُ لَكَ، قَالَ: فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ، وَقَالَ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، يَرْحَمُكَ اللَّهُ 121 - قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: تَعْرِفُ فِي الرَّجُلِ يُنَبِّهُ الرَّجُلَ عَلَى الشَّيْءِ؟ وَذَكَرْتُ لَهُ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ. فَقَالَ: قَدْ كَتَبْتُهُ عَنْ رَجُلٍ عَنِ الْوَلِيدِ. 122 - سَمِعْتُ فَتْحَ بْنَ أَبِي الْفَتْحِ الْعَابِدَ يَقُولُ: كُنَّا عَلَى بَابِ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، فَسَمِعْتُ ابْنَ أَبِي خدوَيْهِ، يَعْنِي سَهْلا، يَقُولُ: عَرَفْتُ النَّقْصَ فِي الْقُرَّاءِ، أَنِّي دَخَلْتُ لِهَؤُلاءِ الْقَوْمِ فِي شَيْءٍ فَلَمْ يَنْفَضَّ عَنِّي أَحَدٌ.

من ولي للمسلمين سلطانا أوقف يوم القيامة على جسر جهنم يتزلزل به الجسر، فإن كان محسنا نجا،

123 - سَمِعْتُ الْوَلِيدَ بْنَ شُجَاعٍ يَقُولُ: حَدَّثَنِي سُوَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ سَيَّارٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَعَثَ بِشْرَ بْنَ عَاصِمٍ عَلَى الصَّدَقَاتِ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَقَالَ: يَا عُمَرُ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُحَدِّثُ: «مَنْ وَلِيَ لِلْمُسْلِمِينَ سُلْطَانًا أُوقِفَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ يَتَزَلْزَلُ بِهِ الْجِسْرُ، فَإِنْ كَانَ مُحْسِنًا نَجَا، وَإِنْ كَانَ مُسِيئًا خُرِقَ بِهِ الْجِسْرُ، فَيَهْوِي فِي قَعْرِهَا» ؛ فَانْصَرَفَ عَنْهُ عُمَرُ كَئِيبًا حَزِينًا، فَلَقِيَهُ أَبُو ذَرٍّ، فَقَالَ: يَا عُمَرُ، مَا لِي أَرَاكَ كَئِيبًا حَزِينًا؟ قَالَ: وَمَا يَمْنَعُنِي، وَقَدْ سَمِعْتُ بِشْرَ بْنَ عَاصِمٍ يُحَدِّثُ بِكَذَا وَكَذَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ 50000 - قَالَ أَبُو ذَرٍّ: أَوَمَا سَمِعْتَهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: لا، قَالَ: أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَا مِنْ وَالٍ وَلِيَ لِلْمُسْلِمِينَ سُلْطَانًا إِلا أُوقِفَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ، فَيَتَزَلْزَلُ بِهِ الْجِسْرُ، حَتَّى يَزُولَ كُلُّ مَفْصِلٍ عَنْ حَقِّهِ، فَإِنْ كَانَ مُحْسِنًا نَجَا، وَإِنْ كَانَ مُسِيئًا انْخَرَقَ بِهِ الْجِسْرُ فَيَهْوِي فِي قَعْرِهَا سَبْعِينَ خَرِيفًا سَوْدَاءَ مُظْلِمَةً، لَيْسَ لَهَا نُورٌ» ، فَأَيُّ الْحَدِيثَيْنِ أَوْجَعُ لِقَلْبِكَ يَا عُمَرُ؟ قَالَ: كُلٌّ قَدْ حَزَّنَنِي، فَمَنْ يَأْخُذُهَا بِمَا فِيهَا

من ولي شيئا من أمر الناس أقيم يوم القيامة على جسر في النار، ينتفض به ذلك الجسر حتى يزول

124 - سَمِعْتُ زِيَادَ بْنَ أَيُّوبَ يَقُولُ: حَدَّثَنَا أَبُو سُفْيَانَ الْحِمْيَرِيُّ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ حُمْرَةَ، قَالَ: اسْتَعْمَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَيْهِ السَّلامُ رَجُلا عَلَى الصَّدَقَاتِ، فَرَآهُ بَعْدَ أَيَّامٍ مُقِيمًا لَمْ يَخْرُجْ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: مَا يَمْنَعُكَ مِنَ الْخُرُوجِ؟ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ لَكَ مِثْلَ أَجْرِ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ الرَّجُلُ: لا، قَالَ لَهُ عُمَرُ: وَلِمَ ذَاكَ؟ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ وَلِيَ شَيْئًا مِنْ أَمْرِ النَّاسِ أُقِيمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى جِسْرٍ فِي النَّارِ، يَنْتَفِضُ بِهِ ذَلِكَ الْجِسْرُ حَتَّى يَزُولَ كُلُّ عُضْوٍ مِنْهُ عَنْ مَوْضِعِهِ، ثُمَّ يُعَادُ فَيُحَاسَبُ، فَإِنْ كَانَ مُحْسِنًا نَجَا بِإِحْسَانِهِ، وَإِنْ كَانَ مُسِيئًا انْخَرَقَ بِهِ ذَلِكَ الْجِسْرُ فَأَهْوَى فِي النَّارِ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا» . فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: مَنْ سَمِعَ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: أَبُو ذَرٍّ، وَسَلْمَانُ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمَا فَسَأَلَهُمَا، فَقَالا: نَعَمْ، قَدْ سَمِعْنَاهُ، فَقَالَ عُمَرُ: فَمَنْ يَتَوَلاهَا بِمَا فِيهَا 125 - حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، حَدَّثَنَا سَلامُ بْنُ مِسْكِينٍ، حَدَّثَنِي أَبُو عَتَّابٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: دَخَلَ زِيَادٌ عَلَى مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ وَهُوَ

ما من وال ولي من أمر المسلمين شيئا، فلم يحط من ورائهم بالنصيحة إلا أكبه الله على وجهه في

مَرِيضٌ، فَحَدَّثَهُ، وَسَأَلَهُ، وَلاطَفَهُ، فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ قَالَ مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَا مِنْ وَالٍ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا، فَلَمْ يُحِطْ مِنْ وَرَائِهِمْ بِالنَّصِيحَةِ إِلا أَكَبَّهُ اللَّهُ عَلَى وَجْهِهِ فِي جَهَنَّمَ يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ» 126 - وَسَمِعْتُ وَهْبَ بْنَ بَقِيَّةَ قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ قَالَ: أَتَى بِلالٌ عُمَرَ حِينَ قَدِمَ الشَّامَ، وَعِنْدَهُ أُمَرَاءُ الأَجْنَادِ، فَقَالَ: يَا عُمَرُ، قَالَ: هَا أَنَا عُمَرُ، قَالَ: إِنَّكَ بَيْنَ هَؤُلاءِ وَبَيْنَ اللَّهِ، وَلَيْسَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ اللَّهِ أَحَدٌ، انْظُرْ عَنْ يَمِينِكَ وَعَنْ شِمَالِكَ، انْظُرْ بَيْنَ يَدَيْكَ وَخَلْفَكَ، إِنَّ هَؤُلاءِ الَّذِينَ حَوْلَكَ مَا يَأْكُلُونَ إِلا لُحُومَ الطَّيْرِ، فَقَالَ عُمَرُ: صَدَقْتَ، لا أَقُومُ حَتَّى تُكَلِّفُوا لِكُلِّ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مُدَّيْنِ مِنْ طَعَامٍ، وَحَظَّهُمَا مِنَ الْخَلِّ وَالزَّيْتِ، فَقَالُوا: نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَدْ وَسَّعَ اللَّهُ مِنَ الرِّزْقِ وَأَكْثَرَ مِنَ الْخَيْرِ، هُوَ الْمُنَى 127 - سَمِعْتُ هَارُونَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الزُّبَيْرِ يُحَدِّثُ: أَنَّ سَعِيدَ بْنَ

اخش الله في الناس، ولا تخش الناس في الله، وأحب لأهل الإسلام ما تحب لنفسك وأهل بيتك، وأقم

عَامِرِ بْنِ حُذَيْمٍ الْجُمَحِيَّ قَالَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَلَيْهِ السَّلامُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنِّي مُوصِيكَ بِكَلِمَاتٍ فَعِهِنَّ وَاقْبَلْهُنَّ وَاعْمَلْ بِهِنَّ، قَالَ: مَا هُنَّ يَا سَعِيدُ؟ قَالَ: اخْشَ اللَّهَ فِي النَّاسِ، وَلا تَخْشَ النَّاسَ فِي اللَّهِ، وَأَحِبَّ لأَهْلِ الإِسْلامِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ وَأَهْلِ بَيْتِكَ، وَأَقِمْ وَجْهَكَ وَقَضَاءَكَ أَمْرِ مَا اسْتَرْعَاكَ اللَّهُ مِنْ قَرِيبِ الْمُسْلِمِينَ وَبَعِيدِهِمْ، وَالْزَمِ الأَمْرَ ذَا الْمَحَجَّةِ يُعِنْكَ اللَّهُ عَلَى مَا أَمَرَكَ، وَيَكْفِكَ مَا هَمَّكَ، وَلا تَقْضِيَنَّ فِي أَمْرٍ وَاحِدٍ بِقَضَاءَيْنِ فَيَخْتَلِفْ عَلَيْكَ أَمْرُكَ، وَتَنْزِعْ عَنِ الْحَقِّ، وَلا يَخْتَلِفْ قَوْلُكَ وَفِعْلُكَ، فَإِنَّ خَيْرَ الْقَوْلِ مَا صَدَّقَهُ الْفِعْلُ، وَخُضِ الْغَمَرَاتِ إِلَى الْحَقِّ حَيْثُ عَلِمْتَهُ، وَلا تَخَفْ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لائِمٍ. قَالَ عُمَرُ: وَمَنْ يَسْتَطِيعُ هَذَا يَا سَعِيدُ؟ قَالَ: يَسْتَطِيعُهُ مَنْ قَضَى اللَّهُ فِي عُنُقِهِ مَا قَضَى اللَّهُ فِي عُنُقِكَ، وَإِنَّمَا مِنْكَ أَنْ تَأْمُرَ فَتُطَاعَ 128 - سَمِعْتُ عَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْعَظِيمِ يَقُولُ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ أَبِي الأَخْضَرِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيِّ، قَالَ: دَخَلَ مُعَاوِيَةُ عَلَى أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيِّ يَعُودُهُ، فَلَمْ

لا يمنعن أحدكم مخافة الناس أن يتكلم بالحق إذا رآه» ، فذاك الذي حملني أن دخلت إلى فلان فملأت

يَعْرِفْهُ فَقَالَ: يَا أَبَا مُسْلِمٍ، أَمَا تَعْرِفُنِي؟ أَتَجْهَلُنِي؟ سَلْ يَا أَبَا مُسْلِمٍ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: فَقَالَ لَهُ: اعْلَمْ أَنَّكَ لَوْ وُلِّيتَ أَمْرَ الأُمَّةِ فَعَدَلْتَ، إِلا عَلَى قَبِيلَةٍ هِيَ أَذَلُّهَا وَأَحْقَرُهَا، مَالَ حَيْفُكَ بِعَدْلِكَ، فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ. 129 - سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ بَشَّارٍ بُنْدَارًا يَقُولُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي مَسْلَمَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا نَضْرَةَ يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لا يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ مَخَافَةُ النَّاسِ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِالْحَقِّ إِذَا رَآهُ» ، فَذَاكَ الَّذِي حَمَلَنِي أَنْ دَخَلْتُ إِلَى فُلانٍ فَمَلأْتُ أُذُنَهُ 130 - سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ الْخَلِيلِ يَقُولُ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ الطَّائِفِيُّ، صَدِيقُ ابْنِ الْمُبَارَكِ، قَالَ: لَمَّا خَالَطَ مَيْمُونٌ السُّلْطَانَ، أَوْ قَالَ: دَاخَلَهُمْ، كَتَبَ إِلَيْهِ صَدِيقٌ لَهُ:

أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ الَّذِي أَوْجَبَ حَقَّكَ مَا أَصْبَحْتَ لَهُ تَارِكًا، وَعَنْهُ رَاعِيًا، وَكُنْتَ لِذَلِكَ مِنَّا كَذَلِكَ، فَلَمَّا قَرَعْتَ صِفَاتَكَ، وَبَلَيْتَ حَفِيظَتَكَ لَمْ تَجِدْ لِذَلِكَ عَزْمًا، وَاسْتَبْدَلْتُ بِهِ عِوَضًا غَيْرَ مَا تَرَكْتَ، فَلَمْ نَرَ أَنْ يَضِيعَ حَقُّكَ، وَلا تُقْطَعَ حُرْمَتُكَ دُونَ الإِعْذَارِ إِلَيْكَ، وَالاحْتِجَاجِ عَلَيْكَ، بِتَبْصِيرِكَ غَيْبَ مَا جَهِلْتَ، وَتَعْرِيفِكَ قُبْحَ مَا أَوْقَعْتَ فِيهِ نَفْسَكَ، رَجَاءَ اسْتِنْقَاذَكَ، وَحِفْظًا لِمَا مَضَى مِنْ حَالِكَ، فَإِنْ تَقْبَلْ وَتُبْصِرْ فَتَوْبَةٌ مَقْبُولَةٌ، وَذَنْبٌ مَغْفُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَإِنْ تُقِمْ فَيَصْرِفْنَا اللَّهُ عَنْكَ، وَلا غِنَى بِكَ عَنْهُ. فَقَدْ رَأَيْتُ الشَّيْطَانَ قَدْ زَيَّنَ لَكَ سُوءَ عَمَلِكَ، وَمَنَّاكَ الْمَخْرَجَ مِنْ ذَنْبِكَ، حَتَّى كَانَ عُذْرُكَ فِي نَفْسِكَ أَنْ قُلْتَ: أَعِفُّ فَلا أَرْزَأُ شَيْئًا، فَفِي ذَلِكَ سَلامَةٌ، وَسَأَصِفُ لَكَ مَنْ أَدَّى الأَمَانَةَ إِلَى الْخَوَنَةِ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ ذَنْبَهُمْ لَيْسَ بِأَكْثَرَ ذَنْبًا، وَلا أَعْظَمَ جُرْمًا مِمَّنْ أَدَّى الأَمَانَةَ إِلَيْهِمْ، وَذَلِكَ أَنَّكَ تَبْدَأُ فَتَجِيءُ، فَتَعَدَّى عَلَى أَهْلِ عَهْدِ اللَّهِ بِتَحْمِيلِكَ إِيَّاهُمْ فَوْقَ طَاقَتِهِمْ، وَأَخْذِكَ مِنْهُمْ مَا لَيْسَ عَلَيْهِمْ، فَتَكُونُ مُظَاهِرًا عَلَى مَعَاصِي اللَّهِ، نَاقِضًا لِعَهْدِ اللَّهِ، خَافِرًا لِذِمَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَإِنْ قُلْتَ: لا أَجْبِي فَأَخْزُنُ، فَمِنْ أَيْنَ رَأَيْتَ أَنَّكَ سَلِيمٌ بِالأَمَانَةِ عَلَى حِفْظِ مَا جُمِعَ مِنْ غَيْرِ حِلِّهِ، وَاسْتُوثِرَ بِهِ لِلإِنْفَاقِ فِي غَيْرِ حَقِّهِ؟ فَإِنْ قُلْتَ: لا أَجْبِي وَلا أَخْزُنُ، فَعَلَى مَا تُضَاهِي مَنْ بِزِينَةِ تَشَيُّنِكَ؟ وَتَسَتُّرِهِ بِهَتْكِ سِتْرِكَ؟ ! وَتُصْلِحُ دُنْيَاهُ بِفَسَادِ دِينِكَ، فَلَسْتَ فِي ذَلِكَ أَبْيَنَ خَسَارًا فِي الْعَاجِلِ، وَأَعْظَمَ جُرْمًا فِي الآجِلِ، فَاتَّقِ اللَّهَ مِنْ أَنْ تُوقِعَ نَفْسَكَ

فِيمَا لا تَسْتَطِيعُ أَنْ تُخَلِّصَهَا مِنْهُ، وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ 131 - سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي الزّردِ الأَيْلِيَّ يَقُولُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِلالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: كَانَ سَوَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَصَاحِبٌ لَهُ يَطْلُبَانِ الْعِلْمَ، فَلَحِقَ صَاحِبُهُ بِبَعْضِ الثُّغُورِ، وَوَلِيَ سَوَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَضَاءَ، فَكَتَبَ سَوَّارٌ إِلَى صَاحِبِهِ يَعْتَذِرُ إِلَيْهِ مِمَّا دَخَلَ فِيهِ، وَذَكَرَ شِدَّةَ الزَّمَانِ وَكَثْرَةَ الْعِيَالِ، وَجَفْوَةَ السُّلْطَانِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ صَاحِبُهُ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، أَمَّا بَعْدُ: يَا سَوَّارُ، فَعَلَيْكَ بِتَقْوَى اللَّهِ، فَإِنَّ التَّقْوَى عِوَضٌ مِنْ كُلِّ فَائِدَةٍ مِنَ الدُّنْيَا، وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ الدُّنْيَا عِوَضٌ عَنِ التَّقْوَى، فَإِنَّ التَّقْوَى عُقْدَةُ كُلِّ عَاقِلٍ مُبْصِرٍ، بِهِ يَسْتَنِيرُ، وَإِلَيْهِ يَسْتَرِيحُ، وَلَمْ يَظْفَرْ أَحَدٌ مِثْلَ مَا ظَفِرَ بِهِ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ الَّذِينَ شَرِبُوا بِكَأْسِ حُبِّهِ، فَكَانَتْ قُرَّةَ أَعْيُنِهِمْ، وَمُدَّةَ أَمَلِهِمْ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ أَعْمَلُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَسِيمِ الأَدَبِ، وَرَاضُوهَا رِيَاضَةَ الأَصِحَّاءِ الصَّادِقِينَ، وَطَلَقُوهَا عَنِ الشَّهَوَاتِ، فَأَلْزَمُوهَا الْقُوتَ الْمُعَلَّقَ، وَجَعَلُوا الْجُوعَ وَالْعَطَشَ شِعَارًا لَهَا بُرْهَةً مِنَ الزَّمَانِ، حَتَّى انْقَادَتْ وَأَذْعَنَتْ لَهُمْ عَنْ فُضُولِ الْحُطَامِ، فَلَمَّا طَعَنَ فُضُولُ الدُّنْيَا عَنْ قُلُوبِهِمْ، وَزَايَلَتْهَا أَهْوَاؤُهُمْ، وَصَارَتِ الآخِرَةُ قُرَّةَ أَعْيُنِهِمْ، وَمُدَّةَ أَمَلِهِمْ، أَثْبَتَ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمْ يَنَابِيعَ الْحِكْمَةِ، وَقُلِّدَتْ يَنَابِيعُ الْعِصَمِ، وَسَطَعَتْ بِهِمْ نُورُ الْمَعَالِمِ، الَّذِينَ يَشْعَبُونَ الصَّدْعَ، وَيَلُمُّونَ فِيهِ الشَّعْثَ، فَلَمْ يَزَالُوا كَذَلِكَ حَتَّى أَتَاهُمْ مِنَ اللَّهِ مَوْعُودٌ صَادِقٌ اخْتَصَّ بِهِ الْعَالِمِينَ بِهِ، وَالْعَامِلِينَ لَهُ دُونَ مَنْ

" ما من حاكم حكم إلا جيء به يوم القيامة، وملك آخذ بقفاه، حتى يوقفه على جهنم، ثم يرفع رأسه

سِوَاهُمْ، فَإِنْ سَرَّكَ يَا سَوَّارُ أَنْ تَسْتَمِعَ صِفَةَ الأَصِحَّاءِ الصَّادِقِينَ فَصِفَةُ هَؤُلاءِ، فَاسْتَمِعْ وَسَائِلَهُمُ الطَّيِّبَةَ فَاتَّبِعْ، وَإِيَّاكَ وَبَيِّنَاتِ الطَّرِيقِ: شِدَّةَ الزَّمَانِ، وَكَثْرَةَ الْعِيَالِ، وَجَفْوَةَ السُّلْطَانِ، وَالسَّلامُ. 132 - سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، ذَكَرَ حَفْصَ بْنَ غِيَاثٍ، فَقَالَ: كَانَ مِنَ الْعُقَلاءِ مَعَ مَا بُلِيَ بِهِ مِنَ الْقَضَاءِ، وَذَكَرَ أَنَّ حَفْصًا كَانَ صَدِيقًا لِوَكِيعٍ، وَكَانَ يُرْشِدُ إِلَيْهِ، فَلَمَّا وَلِيَ الْقَضَاءَ جَانَبَهُ وَلَمْ يُرْشِدْ إِلَيْهِ. 133 - سَمِعْتُ عَبْدَ الْوَهَّابِ بْنَ عَبْدِ الْحَكَمِ يَقُولُ: قَالَ عَثَّامٌ: لَقَدْ خِفْتُ اللَّهَ فِي حُبِّي لِحَفْصٍ، فَلَمَّا وَلِيَ الْقَضَاءَ لَمْ أَدْعُ لَهُ دَعْوَةً. 134 - سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مُجَالِدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَامِرٌ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ يَحْيَى: رَفَعَهُ مَرَّةً، أَوْ مَرَّتَيْنِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَا مِنْ حَاكِمٍ حَكَمَ إِلا جِيءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَلَكٌ آخِذٌ بِقَفَاهُ، حَتَّى يُوقِفَهُ عَلَى جَهَنَّمَ، ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَإِنْ قَالَ اللَّهُ لَهُ: أَلْقِهِ، أَلْقَاهُ فِي مَهْوًى أَرْبَعِينَ خَرِيفًا "

ليأتين على القاضي العدل يوم القيامة ما يتمنى أن يكون كان معلقا بالثريا، وأنه لم يقض بين

135 - سَمِعْتُ مَحْمُودَ بْنَ غَيْلانَ يَقُولُ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ الْعَلاءِ، عَنْ صَالِحِ بْنِ سَرْجٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنَ حِطَّانَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ، فَذَكَرْنَا عِنْدَهَا أَمْرَ الْقُضَاةِ، فَقَالَت عَائِشَةُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيَأْتِيَنَّ عَلَى الْقَاضِي الْعَدْلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا يَتَمَنَّى أَنْ يَكُونَ كَانَ مُعَلَّقًا بِالثُّرَيَّا، وَأَنَّهُ لَمْ يَقْضِ بَيْنَ اثْنَيْنِ فِي تَمْرَةٍ، أَوْ تَمْرَتَيْنِ» . شَكَّ أَبُو أَحْمَدَ 136 - سَمِعْتُ إِسْمَاعِيلَ ابْنَ بِنْتِ السُّدِّيِّ يَقُولُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ النَّصْرِيُّ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَيَأْتِيَنَّ عَلَى أَحَدِهِمْ يَوْمَ يَعْنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا وَدَّ أَنَّهُ مُعَلَّقٌ بِالنَّجْمِ مُتَذَبْذِبٌ، وَأَنَّهُ لَمْ يَتَأَمَّرْ عَلَى اثْنَيْنِ أَبَدًا»

ليتمنين أقوام يوم القيامة أن ذوائبهم كانت معلقة بالثريا، يتذبذبون بين السماء والأرض،

137 - سَمِعْتُ دَاوُدَ بْنَ رُشَيْدٍ يَقُولُ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ أَبِي عَلِيٍّ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «لَيَتَمَنَّيَنَّ أَقْوَامٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَّ ذَوَائِبَهُمْ كَانَتْ مُعَلَّقَةً بِالثُّرَيَّا، يَتَذَبْذَبُونَ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، وَأَنَّهُمْ لَمْ يَلُوا عَمَلا» 138 - سَمِعْتُ سُوَيْدَ بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ: حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، عَن صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنِي شُرَيْحُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ الْقَاضِي لَيَزِلُّ فِي مَزْلَقَةٍ أَبْعَدَ مِنْ عَدَنٍ أَبْيَنَ فِي جَهَنَّمَ» 139 - سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الأَعْلَى الصَّنْعَانِيَّ يَقُولُ: حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ أَبِي جَمِيلَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ، أَنَّ عُثْمَانَ قَالَ لابْنِ عُمَرَ: اذْهَبْ فَاقْضِ بَيْنَ النَّاسِ، قَالَ: أَوَ يُعَافِينِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: فَإِنِّي أَعْزِمُ عَلَيْكَ، قَالَ: لا تَعْجَلْ عَلَيَّ، هَلْ سَمِعْتَ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ عَاذَ بِاللَّهِ عَاذَ

«من كان قاضيا فقضى بجور كان من أهل النار، ومن كان قاضيا فقضى بالجهل كان من أهل النار، ومن

مُعَاذًا» ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَإِنِّي أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ قَاضِيًا، قَالَ: فَمَا تَكَرْهُ مِنْ ذَلِكَ، فَقَدْ كَانَ أَبُوكَ يَقْضِي؟ قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ كَانَ قَاضِيًا فَقَضَى بِجَوْرٍ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَمَنْ كَانَ قَاضِيًا فَقَضَى بِالْجَهْلِ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَمَنْ كَانَ قَاضِيًا عَالِمًا فَقَضَى بِالْعَدْلِ فَبِالْحَرِيِّ أَنْ يَنْقَلِبَ مِنْهُ كَفَافًا» ، فَمَا أَرْجُو مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ؟ 140 - سَمِعْتُ عَبْدَ الصَّمَدِ بْنَ يَزِيدَ يَقُولُ: سَمِعْتُ الْفُضَيْلَ يَقُولُ: لا تَغْبِطُوا الْقُضَاةَ، وَارْحَمُوا الرُّعَاةَ، وَمَنْ وَلِيَ الْقَضَاءَ فَقَدْ ذُبِحَ بِلا سِكِّينٍ، وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي إِذَا بُلِيَ بِالْقَضَاءِ أَنْ يَكُونَ يَوْمًا فِي الْقَضَاءِ، وَيَوْمًا فِي الْبُكَاءِ، فَإِنَّ لَهُ مَوْقِفًا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ غَدًا. 141 - وَسَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ الْخَلِيلِ يَقُولُ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ، قَالَ: لا يَتَقَدَّمُ رَجُلٌ عَلَى الْقَضَاءِ حَتَّى يَجْتَزِئَ عَلَى السَّيْفِ.

142 - وَسَمِعْتُ الْوَلِيدَ بْنَ شُجَاعٍ يَقُولُ: حَدَّثَنَا الأَشْجَعِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ الشَّعْبِيِّ إِذْ جَاءَهُ خَصْمَانِ، قَالَ: فَقَالَ لِي: قُلْ فِيهِمَا؟ قَالَ: فَقُلْتُ: مَا أَنَا بِقَائِلٍ فِيهِمَا، قَالَ: فَقَضَى بَيْنَهُمَا، ثُمَّ قَالَ: مَا أَدْرِي أَصَبْتُ أَمْ أَخْطَأْتُ، وَلَكِنِّي لَمْ آلُ ثُمَّ، قَالَ: ثُمَّ لُعِنَ أَرْغَبُ النَّاسِ فِي هَذَا الْمَجْلِسِ، قَالَ: حَسِبْتُ لَعَلَّ مَا يُخْبِرُهُ. 143 - سَمِعْتُ أَبَا حَامِدٍ الْخُرَاسَانِيَّ يَقُولُ: نَزَلَ شَقِيقٌ فِي بَعْضِ هَذِهِ الْمُدُنِ الَّتِي فِي طَرِيقِ خُرَاسَانَ، فَإِذَا قَاضِيهَا قَدْ أَتَاهُ، فَقَالَ لَهُ شَقِيقٌ: تَقْرَأُ الْقُرْآنَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَاقْرَأْ تَبَارَكَ، فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ {أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا} [الملك: 2] ، فَتَلَبَّبَ بِهِ شَقِيقٌ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: أَيُّكُمْ أَحْسَنُ مَرْكَبًا، أَوْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ ثَوْبًا، أَوْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ وَجْهًا، أَوْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ دَارًا؟ ، قَالَ: فَقَالَ الْقَاضِي لِشَقِيقٍ: إِنِّي أُعَاهِدُ اللَّهُ، أَوْ قَالَ: أَعْطَيْتُ اللَّهَ عَهْدًا، إِنْ دَخَلْتُ فِي عَمَلٍ، حَتَّى أَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ.

144 - سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: طَلَبَ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ خَلادَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَسْتَعْمِلُهُ عَلَى الْيَمَنِ، فَذَهَبَ عَقْلَهُ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَكَانَ مِنَ الأَبْنَاءِ. 145 - سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ أَبِي عَوْنٍ يَقُولُ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا مُحْرِزُ بْنُ يَسَارٍ الْيَشْكُرِيُّ، قَالَ: قَدِمَ أَبُو عَوْنٍ مِصْرَ، وَقَتَلَ بِهَا مَنْ قَتَلَ، وَاسْتَوْلَى عَلَى الْبَلَدِ، أَرْسَلَ إِلَى حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ: ائْتِنِي، قَالَ: فَجَاءَ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ، قَالَ: فَقَالَ: إِنَّا مَعْشَرَ الْمُلُوكِ لا نُعْصَى، فَمَنْ عَصَانَا قَتَلْنَاهُ، قَدْ وَلَّيْتُكَ الْقَضَاءَ، قَالَ: أَوَ آمُرُ أَهْلِي؟ ، قَالَ: اذْهَبْ. قَالَ: فَجَاءَ حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ إِلَى أَهْلِهِ، فَغَسَلَ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ، وَنَالَ شَيْئًا مِنْ طِيبٍ، وَلَبِسَ أَنْظَفَ مَا قَدِرَ عَلَيْهِ مِنَ الثِّيَابِ، قَالَ: ثُمَّ

جَاءَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ، قَالَ: فَقَالَ: مَنْ جَعَلَ السَّحَرَةَ أَوْلَى بِمَا قَالُوا مِنَّا: {فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ} [طه: 72] فَلَسْتُ أَتَوَلَّى لَكَ شَيْئًا، قَالَ: فَأَذِنَ لَهُ فَرَجَعَ. 146 - سَمِعْتُ الْوَلِيدَ بْنَ شُجَاعٍ يَقُولُ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَذَكَرَ رَجُلا دَخَلَ فِي الْقَضَاءِ، فَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: حَسْبُهُ يُكْشَفُ عَنْ أَمْرِهِ. 147 - سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الصَّبَّاحِ يَقُولُ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ أَبُو الشَّعْثَاءِ: كَتَبَ الْحَكَمُ بْنُ أَيُّوبَ نَفَرًا مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ لِلْقَضَاءِ كُنْتُ أَنَا أَحَدَهُمْ، فَلَوْ بُلِيتُ بِشَيْءٍ مِنْهُ لارْتَحَلْتُ رَاحِلَتِي، ثُمَّ ذَهَبْتُ فِي الأَرْضِ. 148 - سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الصَّبَّاحِ يَقُولُ: أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: {أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً} [النساء: 97] ، قَالَ: الْهَرَبُ.

149 - وَسَمِعْتُ عَبَّاسًا الْعَنْبَرِيَّ يَقُولُ: قَالَ لِي بِشْرُ بْنُ الْحَارِثِ: قَدْ فَعَلَ سُفْيَانُ أَمْرًا صَارَ فِيهِ قُدْوَةً، هَرَبَهُ مِنَ السُّلْطَانِ. 150 - سَمِعْتُ عَبَّاسًا الْعَنْبَرِيَّ يَقُولُ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَابِرٍ، قَالَ: قِيلَ لابْنِ الْمُبَارَكِ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، سُفْيَانُ لَمْ يَكُنْ يَأْمُرُهُمْ، فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، أَيُّ أَمْرٍ أَشَدُّ مِنَ الْفِرَارِ. 151 - سَمِعْتُ بَعْضَ الْمَشْيَخَةِ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا الْمُنْذِرِ إِسْمَاعِيلَ يَقُولُ: كُنْتُ أَنَا وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ صَاحِبُ شُعْبَةَ، قَدِمْنَا عَلَى سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَكَانَ قَدْ وَلِيَ شَرِيكٌ الْقَضَاءَ، فَسَمِعْنَا سُفْيَانَ يَقُولُ: رَحِمَ اللَّهُ مَنْصُورًا، قَدْ رَأَيْتُ مَنْصُورًا، وَدَخَلْتُ عَلَيْهِ السِّجْنَ، ثُمَّ يَسْكُتُ، ثُمَّ يَقُولُ: قَدْ رَأَيْتُ مَنْصُورًا، وَدَخَلْتُ عَلَيْهِ السِّجْنُ، وَإِنَّمَا عَرَّضَ بِشَرِيكٍ، يَقُولُ: كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَصْبِرَ حَتَّى يُحْبَسَ. 152 - سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ الْخَلِيلِ يَقُولُ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عِيسَى مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَبَسَ الْفَضْلُ بْنُ يَحْيَى - وَهُوَ وَالِي خُرَاسَانَ - خَالِدَ بْنَ صُبَيْحٍ، حِينَ أَرَادَهُ عَلَى قَضَاءِ خُرَاسَانَ، فَامْتَنَعَ، وَكَانَ أَعْلَمَ أَهْلِ خُرَاسَانَ بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، وَأَحْفَظَهُمْ لَهُ، فَحَبَسَهُ الْفَضْلُ فِي السِّجْنِ.

قَالَ الْحَسَنُ: فَكُنْتُ جَالِسًا مَعَ ابْنِ الْمُبَارَكِ إِذْ دَخَلَ عَلَيْنَا أَبُو يَحْيَى أَكْثَمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ: مِنْ أَيْنَ جِئْتَ يَا أَبَا يَحْيَى؟ قَالَ: مِنَ السِّجْنِ، دَخَلْتُ عَلَى خَالِدِ بْنِ صُبَيْحٍ، قَالَ: فَكَيْفَ رَأَيْتَهُ؟ قَالَ: رَأَيْتُ رَجُلا لَوْ قُرِضَ بِالْمَقَارِيضِ مَا قَبِلَ الْقَضَاءَ، وَذَلِكَ أَنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ: هَبْنِي أُعْلِمِ النَّاسَ بِهَذَا الْكَلامِ، كَيْفَ لِي بِاخْتِلافِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ وَمَا يُدْرِينِي مَا لَحِقَ مِنْهُ، حَتَّى آخُذَ مَالَ هَذَا، وَأَدْفَعَهُ إِلَى هَذَا، وَلا أَدْرِي أَحَقٌّ أَمْ لا، فَتَهَلَّلَ وَجْهُ ابْنِ الْمُبَارَكِ وَسَرَّهُ مَا سَمِعَ، وَقَالَ: جَزَاكَ اللَّهُ أَبَا الْهَيْثَمِ خَيْرًا. 153 - سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ الْخَلِيلِ يَقُولُ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ قَالَ: قِيلَ لابْنِ الْمُبَارَكِ: أَنَّهُ قَدْ سُمِّيَ لِلْوَالِي قَوْمٌ يَسْتَشِيرُهُمْ فِي قَاضٍ يُنَصِّبُهُ بِمَرْوَ، وَذَكَرُوا النَّضْرَ بْنَ مُحَمَّدٍ، وَخَالِدَ بْنَ صُبَيْحٍ، وَابْنَ الْمُبَارَكِ، وَنَاسًا مِنْ مَشَايِخِ أَهْلِ مَرْوَ، فَغَضِبَ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَقَالَ: تُرَاهُمْ طَمِعُوا فِي أَنْ أُشِيرَ عَلَيْهِمْ بِأَحَدٍ، لَوْ ذَكَرُوا لِي الْفُضَيْلَ بْنَ عِيَاضٍ مَا أَشَرْتُ بِهِ. 154 - سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ يَزِيدَ الرِّفَاعِيَّ يَقُولُ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ يَمَانٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَقِيتُ سُفْيَانَ، فَقُلْتُ لَهُ أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: حَمَّادَ بْنَ مُوسَى، قُلْتُ: أَنَا آتِيكَ بِهِ فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ، وَمَضَيْتُ

إِلَى حَمَّادٍ، فَقُلْتُ: سُفْيَانُ يَدْعُوكَ، فَجَاءَ مَعِي، فَقَالَ لَهُ سُفْيَانُ: تَحْضُرُ، وَنَغِيبُ، وَنُذْكَرُ؟ ! فَإِنْ ذُكِرْتَ فَقُلْ: مُصَابٌ، يَعْنِي مُصَابٌ بِمُصِيبَةٍ 155 - سَمِعْتُ عَبْدَ الْوَهَّابِ بْنَ عَبْدِ الْحَكَمِ يَقُولُ: لَمَّا جِيءَ بِوَكِيعٍ، قَالَ: سَمِّعُوهُ، وَهُوَ يُرِيدُ الدُّخُولَ عَلَى هَارُونَ: تُرَاهُمْ يَكْرَهُونَنَا، تُرَاهُمْ يَضْرِبُونَنَا، إِنْ ضَرَبُونَا صَبَرْنَا. 156 - قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ قَالَ: لَمَّا عَزَلُوهُ - يَعْنِي ابْنَ شُبْرُمَةَ - شِيعَتُهُ، فَلَمَّا أَفْرَدَنِي وَإِيَّاهُ الْمَسِيرُ، وَلَمْ يَكُنْ مَعَنَا أَحَدٌ، نَظَرَ إِلَيَّ فَقَالَ: يَا أَبَا عُرْوَةَ، أَحْمَدُ اللَّهَ إِلَيْكَ، أَمَّا إِنِّي لَمْ أَسْتَبْدِلْ بِقَمِيصِي هَذَا قَمِيصًا مُنْذُ دَخَلْتَهَا، قَالَ: ثُمَّ سَكَتَ سَاعَةً، فَقَالَ: يَا أَبَا عُرْوَةَ، إِنَّمَا أَقُولُ حَلالا، فَأَمَّا الْحَرَامُ فَلا يُسْعَى إِلَيْهِ 157 - وَسَمِعْتُ نُوحَ بْنَ حَبِيبٍ الْقُومِسِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ وَكِيعًا يَقُولُ: لَمَّا مَاتَ أَبُو يُوسُفَ الْقَاضِي بَعَثَ إِلَيْنَا هَارُونُ، قَالَ: فَجِئْتُ أَنَا وَابْنُ إِدْرِيسَ وَحَفْصٌ، فَقَعَدْنَا فِي سَفِينَةٍ إِلَى بَغْدَادَ، فَلَمَّا دَخَلْنَا عَلَى هَارُونَ كَانَ بِابْنِ إِدْرِيسَ ارْتِعَاشٌ، قَالَ: فَازْدَادَ ابْنُ إِدْرِيسَ عَلَى بَابِهِ، فَجَعَلَ يَنْفُضُ يَدَيْهِ، قَالَ: وَإِذَا هَارُونُ قَاعِدٌ عَلَى سَرِيرٍ وَمَعَهُ تُرْكِيٌّ عَرِيضُ الْوَجْهِ، عَظِيمُ الْبَطْنِ، أَوْ قَالَ: كَبِيرُ الْبَطْنِ.

قَالَ: قُلْتُ: لَمْ يَجِدْ أَحَدًا يَقْعُدُ مَعَهُ إِلا هَذَا التُّرْكِيَّ، قَالَ: فَتَكَلَّمَ هَارُونُ، فَلَمَّا رَأَى مَا بِابْنِ إِدْرِيسَ، قَالَ: لَيْسَ فِي ابْنِ إِدْرِيسَ حِيلَةٌ، أَوْ لَيْسَ يُنْتَفَعُ بِهِ. قَالَ: ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى حَفْصٍ فَأَرَادَ أَنْ يُصَيِّرَهُ قَاضِي الْقُضَاةِ، فَأَبَى عَلَيْهِ حَفْصٌ، وَجَعَلَ يُرَادُّهُ وَيُكَلِّمُهُ، وَحَفْصٌ يَأْبَى، قَالَ: فَأَرَادُونَا فَأَبَيْنَا عَلَيْهِ، وَجَهِدُوا فَأَبَيْنَا، فَتَكَلَّمَ التُّرْكِيُّ وَإِذَا هُوَ مِنْ أَفْصَحِ قُرَيْشٍ لِسَانًا، ثُمَّ قَالَ: لَوْ وَلَّى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْكُمْ مِثْلَ أَبِي السَّرَايَا، وَأَبِي الرَّعْدِ، وَحَمَّادٍ الْبَرْبَرِيِّ، وَذَكَرَ غَيْرَ وَاحِدٍ، لَقُلْتُمْ إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ظَالِمٌ، وَلَّى عَلَيْنَا مَنْ لا يَنْبَغِي، وَإِذَا دَعَاكُمْ إِلَى أَنْ يُصَيِّرَكُمْ أَبَيْتُمْ عَلَيْهِ، قَالَ: فَلَمْ يَزَلْ بِحَفْصٍ حَتَّى قَالَ لَهُ: إِنْ كَانَ وَلا بُدَّ فَكُنْ عَلَى الْكُوفَةِ وَاقْعُدْ فِي بَيْتِكَ. قَالَ وَكِيعٌ: سَأَلْتُ عَنِ التُّرْكِيِّ، فَقَالُوا: ذَاكَ عِيسَى بْنُ جَعْفَرٍ. 158 - وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: أُقْدِمَ وَكِيعٌ إِلَى هَاهُنَا فَأُرِيدَ عَلَى الْقَضَاءِ فَاسْتَعْفَى فَأُعْفِيَ.

159 - وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: لَمَّا قُدِمَ بِابْنِ إِدْرِيسَ إِلَى هَاهُنَا كَانَ بِهِ ارْتِعَاشٌ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى هَارُونَ جَعَلَ يَزْدَادُ ارْتِعَاشُهُ، فَأُعْفِيَ، يَعْنِي عَنِ الْقَضَاءِ. 160 - سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ الْخَلِيلِ يَقُولُ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الْمُبَارَكِ يَقُولُ: بَعَثَ ابْنُ هُبَيْرَةَ إِلَى الْقَاسِمِ بْنِ الْوَلِيدِ، فَقَالَ لَهُ الْقَاسِمُ: مَا يُرِيدُ الأَمِيرُ مِنِّي؟ قَالَ: يُوَلِّيكَ قَضَاءَ الْكُوفَةِ، قَالَ: مَكَانَكَ، قَالَ: فَدَخَلَ مَنْزِلَهُ، فَدَعَا بِجَارِيَةٍ لَهُ، فَقَالَ: خُذِي شَعْرِي جُزِّيهِ، فَفَعَلَتْ، ثُمَّ لَبِسَ خَلَقَانَ ثِيَابِهِ، فَخَرَجَ فَمَشَى مَعَهُ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى الأَمِيرِ فَنَظَرَ إِلَيْهِ، وَقَدْ شَوَّهَ خَلْقَهُ، قَالَ: فَعَلَ اللَّهُ بِمَنْ أَشَارَ عَلَيْنَا بِهَذَا وَفَعَلَ، اذْهَبْ، فَأَخْرَجَهُ، فَأَرْسَلَ إِلَى آخَرَ. قَالَ الْحَسَنُ: وَذَكَرَ لِي غَيْرُ ابْنِ الْمُبَارَكِ: أَنَّهُ ابْنُ أَبِي لَيْلَى، فَدَعَاهُ، فَقَالَ لِلرَّسُولِ: مَا يُرِيدُ مِنِّي الأَمِيرُ؟ قَالَ: يُوَلِّيكَ الْقَضَاءَ، قَالَ: مَكَانَكَ، فَدَخَلَ فَلَبِسَ أَحْسَنَ كِسْوَتِهِ، وَتَعَمَّمَ بِعِمَامَةٍ حَسَنَةٍ، وَتَزَيَّنَ، ثُمَّ،

خَرَجَ مَعَهُ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى الأَمِيرِ فَنَظَرَ إِلَيْهِ، قَالَ: فُلانُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: مِثْلُ هَذَا فَلْيُشَرْ بِهِ، قَدْ وَلَّيْنَاكَ قَضَاءَ الْكُوفَةِ، قَالَ: فَلَمْ يَزَلْ قَاضِيًا. قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: اخْتَارَ ذَاكَ لِدِينِهِ، وَاخْتَارَ هَذَا لِدُنْيَاهُ 161 - وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ مِنْ فُتْيَا ابْنِ أَبِي لَيْلَى، فَأَبَى أَنْ يُجِيبَهُ لِئَلا يَجِيءَ بِهِ، وَذَاكَ أَنَّ ابْنَ أَبِي لَيْلَى كَانَ عَلَى الْقَضَاءِ. 162 - وَسَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ الْخَلِيلِ يَقُولُ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ، قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ شُرَيْحًا اسْتَقْبَلَهُ رَجُلٌ عَلَى ظَهْرِ الطَّرِيقِ، فَقَالَ: يَا أَبَا أُمَيَّةَ، كَبِرَتْ سِنُّكَ، وَرَقَّ جِلْدُكَ، وَارْتَشَى أَهْلُكَ، قَالَ: أَوَ كَذَاكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: لا تَسْتَقْبِلْنِي أَنْتَ وَلا غَيْرُكَ بِهَذَا الْكَلامِ أَبَدًا. قَالَ: فَمَضَى حَتَّى دَخَلَ عَلَى الْحَجَّاجِ فَاسْتَعْفَاهُ، وَشَكَى إِلَيْهِ ضَعْفَهُ، وَكِبَرَ سِنِّهِ، فَقَالَ: لَسْتُ أُعْفِيكَ حَتَّى تُشِيرَ عَلَيَّ بِرَجُلٍ أُصَيِّرُهُ مَكَانَكَ، قَالَ: أَفْعَلُ، قَالَ: مَنْ؟ قَالَ: أَبُو بُرْدَةَ بْنُ أَبِي مُوسَى، فَاسْتَقْضَاهُ، وَأَعْفَى شُرَيْحًا، فَلَقِيَهُ الشَّعْبِيُّ بَعْدُ، فَقَالَ: أَلا أَشَرْتَ بِي، قَالَ: خَيْرٌ لَكَ إِذْ لَمْ أَفْعَلْ. 163 - سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ شَدَّادٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ حَسَنَ بْنَ زِيَادٍ بِطَرَسُوسَ يَقُولُ: لَمَّا مَاتَ أَبُو يُوسُفَ الْقَاضِي، قَالَ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ: فِيكُمُ السَّاعَةَ أَحَدٌ يُغْبِطُهُ؟

164 - قَرَأْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ: يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ - رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ - قَالَ: قَالَ مَكْحُولٌ: لأَنْ تُقْطَعَ يَدِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَكُونَ قَاضِيًا، وَلأَنْ تُضْرَبَ عُنُقِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَكُونَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ. قَالَ يَزِيدُ: سَمِعْتُهُ مِنْهُ مُنْذُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ سَنَةً. 165 - وَسَمِعْتُ عَبْدَ الْوَهَّابِ بْنَ عَبْدِ الْحَكَمِ يَقُولُ: سَمِعْتُ مُوسَى بْنَ أَبَانٍ يَقُولُ: ذَاكَرْتُ يُوسُفَ بْنَ أَسْبَاطٍ بِأَمْرِ الشُّيُوخِ، حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى حَفْصٍ، فَقَالَ لِي: لا بُدَّ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ قَاضٍ. 166 - سَمِعْتُ الْوَلِيدَ بْنَ شُجَاعٍ يَقُولُ: قِيلَ لِحَفْصٍ: لَوْ تَمَنَّعْتَ فِي الْقَضَاءِ؟ فَقَالَ: كَرِهْتُ أَنْ يَعْلَمَ اللَّهُ مِنِّي أَنِّي أَتَكَلَّمُ بِكَلامٍ أَتَزَيَّنُ بِهِ. 167 - قُرِئَ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ: هَاشِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُبَارَكٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَيْزَارِ، قَالَ: كَانَ مُطَرِّفٌ يَقُولُ: وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَقُولَ مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا أُرِيدُ بِهِ غَيْرَ وَجْهِكَ. 168 - سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: كَانَ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَلَى الشَّرْقِيَّةِ، فَجَاءَهُ كِتَابُ هَارُونَ، يَعْنِي الْخَلِيفَةَ، وَكَانَ يَقْضِي الْقَضِيَّةَ، وَالرَّسُولُ وَاقِفٌ، فَلَمْ يَأْخُذِ الْكِتَابَ حَتَّى نَفَذَتِ الْقَضِيَّةُ، ثُمَّ أَخَذَ الْكِتَابَ، وَكَانَ فِيهِ: لا تَنْظُرْ فِيهَا، فَقَالَ: قَدْ نَفَذَتِ الْقَضِيَّةُ

169 - سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ الْخَلِيلِ يَقُولُ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ، قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا مَعَ ابْنِ الْمُبَارَكِ بِالْكُوفَةِ، فَأَتَاهُ شَيْخٌ فِي هَيْئَةٍ وَبَزَّةٍ وَكِسْوَةٍ عَلَى بِرْذَوْنٍ، وَرِدَاءٍ حَسَنٍ، فَوَقَفَ عَلَى ابْنِ الْمُبَارَكِ، وَجَعَلَ يُذَاكِرُهُ بِحَدِيثِ عُثْمَانَ بْنِ الأَسْوَدِ سَاعَةً، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ قَدْ كَانَ سَمِعَهَا مِنْ عُثْمَانَ، وَكَانَ بِسِنِّ ابْنِ الْمُبَارَكِ أَوْ أَكْبَرَ مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، اللَّهُ يَعْلَمُ حُبِّي لَكَ لِمَا أَنْتَ عَلَيْهِ مِنْ حَالٍ، ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ لَمْ أُحِبَّكَ إِلا لِمُجَانَبَتِكَ السُّلْطَانِ وَبُعْدِكَ مِنْهُمْ لأَحْبَبْتُكَ، أَوْ قَالَ: لَوَجَبَ عَلَيَّ حُبُّكَ. فَقَالَ لَهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ: مَا يَسُرُّنِي هَذَا الْبِرْذَوْنُ، وَأَرَادَ أَنْ يَقْطَعَ عَلَيْهِ حَدِيثَهُ، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: جِئْتُ بِهِ السَّاعَةَ مِنْ عِنْدِ صَاحِبِ مَرَاكِبِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَعْطَانِي بِهِ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ، فَنَكَسَ ابْنُ الْمُبَارَكِ رَأْسَهُ وَسَكَتَ، فَمَا زَالَ سَاكِتًا حَتَّى مَضَى، فَقَالَ لِي: أَلا تَعَجْبُ مِنْ هَذَا، يَزْعُمُ أَنَّهُ يُحِبُّنِي لِمُجَانَبَتِي لَهُمْ، وَيَزْعُمُ أَنَّهُ جَاءَ السَّاعَةَ مِنْ عِنْدِهِمْ! فَلَقِيتُ الْحَسَنَ بْنَ عِيسَى، فَحَدَّثَنِي بِهِ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ. 170 - وَسَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ الْخَلِيلِ يَقُولُ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: أَخْبَرَنِي عَتَّابُ بْنُ زِيَادٍ الْمَرْوَزِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ قَالَ:

كَانَ قَاضٍ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ فَمَاتَ، فَجَمَعَ مَلِكُهُمْ خِيَارَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَقَالَ: اخْتَارُوا مِنْكُمْ مِائَةَ رَجُلٍ؟ فَاخْتَارُوا مِنْهُمْ مِائَةَ رَجُلٍ، فَقَالَ لِلْمِائَةِ: اخْتَارُوا مِنْكُمْ عَشَرَةً؟ فَاخْتَارُوا مِنْهُمْ عَشَرَةً، فَقَالَ لِلْعَشَرَةِ: اخْتَارُوا مِنْكُمْ ثَلاثَةَ رِجَالٍ؟ قَالَ: فَاخْتَارُوا مِنْهُمْ ثَلاثَةً، فَقَالَ لِلثَّلاثَةِ: اخْتَارُوا خَيْرَكُمْ؟ فَاخْتَارُوا مِنْهُمْ رَجُلا، فَأَرَادُوهُ عَلَى الْقَضَاءِ فَأَبَى وَامْتَنَعَ، فَأُوحِيَ إِلَيْهِ، لِمَ تَأْبَى أَنْ تَقْضِيَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ؟ فَقَالَ: أَخَافُ أَنْ أَجُورَ فِي الْحُكْمِ وَلا أَشْعُرُ، فَقِيلَ لَهُ: فَإِنَّا نَجْعَلُ لَكَ عِلْمًا تَعْرِفُ بِهِ عَدْلَكَ مِنْ جَوْرِكَ، أَوْتِدْ فِي مَنْزِلِكَ وَتَدًا تَنَالُهُ يَدُكَ، فَإِنَّكَ إِذَا حَكَمْتَ بِعَدْلٍ نَالَتْهُ يَدُكَ، وَإِذَا حَكَمْتَ بِجَوْرٍ قَصُرَتْ عَنْهُ يَدُكَ، فَفَعَلَ وَجَلَسَ يَقْضِي بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَإِذَا فَرَغَ وَرَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ أَتَى فَمَدَّ يَدَهُ إِلَيْهِ، فَإِذَا نَالَتْهُ يَدُهُ حَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى. قَالَ: ثُمَّ إِنَّهُ دَخَلَ يَوْمًا فَمَدَّ يَدَهُ إِلَى الْوَتَدِ فَقَصُرَتْ يَدُهُ عَنْهُ، فَجَلَسَ فِي بَيْتِهِ مَهْمُومًا، لَمْ يَعْرِفْ مِنْ أَيْنَ أُوتِيَ، فَأُوحِيَ إِلَيْهِ: إِنَّمَا قَصُرَتْ عَنْهُ يَدُكَ لأَنَّهُ تَقَدَّمَ إِلَيْكَ خَصْمَانِ، فَأَحْبَبْتَ أَنْ يُتَوَجَّهَ الْقَضَاءُ عَلَى أَحَدِهِمَا دُونَ الآخَرِ، فَقَالَ: يَا رَبِّ، هَذَا شَيْءٌ وَقَعَ فِي نَفْسِي وَلَمْ أَفْعَلْهُ، خَبُرْتُ، فَكَيْفَ إِذَا عَمِلْتَهُ؟ فَتَرَكَ الْقَضَاءَ. 171 - وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: كُنْتُ مَعَ حَسَنِ بْنِ الرَّبِيعِ، وَهُوَ يُرِيدُ الثَّغْرَ، فَشَيَّعْتُهُ إِلَى بَابِ الأَنْبَارِ، فَجَاءَنَا أَبُو الرَّبِيعِ النَّخَّاسُ، فَدَفَعَ إِلَيْهِ كِتَابًا، فَإِذَا عُنْوَانُه: إِلَى مُوسَى بْنِ دَاوُدَ قَاضِي

طَرَسُوسَ، فَوَضَعَ الْحَسَنُ الْكِتَابَ عَلَى الأَرْضِ وَتَرَكَهُ. 172 - وَسَمِعْتُ هَارُونَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ عِرْفَانَ، أَنَّ رَجُلا أَتَى أَبَا وَائِلٍ، فَقَالَ: إِنَّ ابْنَ أَخِيكَ اسْتَعْمَلَ عَلَى السُّوقِ، فَقَالَ: لَوْ جِئْتَنِي بِمَوْتِهِ كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مَا أُحِبُّ أَنْ يَدْخُلَ بَيْتِي شَيْءٌ مِنْ لَحْمِي وَدَمِي فِي عَمَلِهِمْ. 173 - قَرَأْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ: حُسَيْنٌ الأَشْقَرُ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ عَاصِمٍ، قَالَ: لَمَّا وَلِيَ وَائِلٌ الْقَضَاءَ، قَالَ أَبُو وَائِلٍ: يَا بَرَكَةُ، إِنْ جَاءَ وَائِلٌ بِشَيْءٍ فَلا تُطْعِمْنِي مِنْهُ شَيْئًا يَجِيءُ بِهِ. 174 - سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْعَبْسِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا نُعَيْمٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُولُ: إِنِّي لأَعْرِفُ رَجُلا لَوْ نَكَسَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ، وَعُلِّقَ بِعُرْقُوبَيْهِ، أَوْ قَالَ: بِرِجْلِهِ، مَا دَخَّلَ السُّلْطَانَ فِي شَيْءٍ، قَالَ: فَكُنَّا نَرَى أَنَّهُ يَعْنِي نَفْسَهُ.

175 - سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ أَبِي شَيْبَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا دَاوُدَ الْحَفَرِيَّ، يَقُولُ: إِذَا أَصَبْتُ قُرْصَيْ شَعِيرٍ عِنْدَ فِطْرِي فَعَلَى مُلْكِ أَبِي جَعْفَرٍ الْعَفَا. 176 - وَسَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ وَكِيعٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: قَالَتِ امْرَأَةُ مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ لِمُحَمَّدٍ: لَوْ أَتَيْتَ السُّلْطَانَ: فَكَانَ يَعْرِفُ لَكَ شَرَفَكَ؟ فَقَالَ مَا دُمْتِ تَرَيْنَنِي أَصْبِرُ عَلَى الْخَلِّ وَالْبَقْلِ فَهَذَا شَيْءٌ لا تَرَيْنَهُ. 177 - حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا حِبَّانُ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ: لأَكْلُ الْقَضْبِ وَسَفُّ التُّرَابِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنُوِّ مِنَ السُّلْطَانِ

178 - وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: إِنَّمَا هُوَ طَعَامٌ دُونَ طَعَامٍ، وَلِبَاسٌ دُونَ لِبَاسٍ، وَإِنَّهَا أَيَّامٌ قَلائِلُ. 179 - سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الصَّبَّاحِ يَقُولُ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُمَرَ قَالَ: لا يُؤْخَذُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ حُكُومَةِ الْمُسْلِمِينَ أَجْرٌ. 180 - سَمِعْتُ هَارُونَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: أَخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ مَسْرُوقٌ لا يَأْخُذُ عَلَى الْقَضَاءِ أَجْرًا، وَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ، وَإِنَّ اللَّهَ أَعْطَاهُمُ الصَّفْقَتَيْنِ جَمِيعًا. 181 - وَسَمِعْتُ هَارُونَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا أَبُو الرَّحَّالِ الأَنْصَارِيُّ، قَالَ: شَهِدْتُ الْحَسَنَ وَأُتِيَ بِرِزْقِهِ، وَهُوَ عَلَى الْقَضَاءِ، فَأَبَى أَنْ يَأْخُذَهُ، وَقَالَ: مَا كُنَّا لِنَأْخُذَ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ أَجْرًا.

182 - سَمِعْتُ عَبَّاسًا الْعَنْبَرِيَّ يَقُولُ: حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَلْدَةَ - قَاضٍ كَانَ عَلَيْهِمْ، أَوْ أَمِيرًا - دَعَاهُ، فَقَالَ: إِنِّي أَرَاكَ تُفْتِي، فَإِذَا أَتَاكَ الرَّجُلُ يَسْتَفْتِيكَ، فَابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَافْتِهَا. 183 - وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: أَنَّ قَاضِيًا جُمَحِيًّا كَانَ بِمَكَّةَ، وَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يَطْعَنُ عَلَى الْقُضَاةِ، فَقَالَ لَهُ الْجُمَحِيُّ: أَنْتَ رَأَيْتَ هُوَ ذَا يَقْضِي، يَعْنِي هُوَ ذَا يُفْتِي. 184 - سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ خَتَنَ أَبِي نَصْرٍ التَّمَّارِ، قَالَ: كَتَبَ مَعِي بِشْرُ بْنُ الْحَارِثِ إِلَى الرِّفَاعِيِّ الْمَوْصِلِيِّ، قَالَ: فَقَرَأَ الْكِتَابَ عَلَيَّ، فَإِذَا فِيهِ: إِنَّ الَّذِي يَرَاكَ فِي السِّرِّ هُوَ الَّذِي يَرَاكَ فِي الْعَلانِيَةِ، وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّكَ دَخَلْتَ عَلَى الْقَاضِي، فَأَيُّ إِخْوَانٍ نَحْنُ لَكَ إِذَا كُنْتَ تَدْخُلُ عَلَى الْقَاضِي؟ ! قَالَ: وَمَا كَتَبَ إِلَيْهِ حَتَّى مَاتَ.

قَالَ الرِّفَاعِيُّ: وَإِنَّمَا كَانَ حُبِسَ ابْنِي، فَقَالُوا لِي: ادْخُلْ عَلَى الْقَاضِي لَيْلا، فَانْظُرْ مَنْ حَسَدَنِي حَتَّى كَتَبَ إِلَى بِشْرٍ بِهَذَا. 185 - سَمِعْتُ الأَنْصَارِيَّ يَذْكُرُ عَنِ الرِّفَاعِيِّ: أَنَّ كِتَابَ بِشْرٍ أَتَاهُ فَذَكَرَ نَحْوَهُ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْبُسْرِيِّ، قَالَ: أَجَازَ لَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْدَانَ بْنِ بَطَّةَ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ الْحُسَيْنِ الآجُرِّيَّ حَدَّثَهُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، فِي صَفَرٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ وَثَلاثِ مِائَةٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ كُرْدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَجَّاجِ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: 186 - سَمِعْتُ عَبْدَ الْوَهَّابِ بْنَ عَبْدِ الْحَكَمِ يَقُولُ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ عَمْرٍو، يَقُولُ: كَانَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ قَيْسٌ، فَهَاجَتْ بِهِمْ رِيحٌ، فَقَالَ: تَخَافُونَ أَنْ تَغْرَقُوا، نَحْنُ شُرٌّ مِنْ ذَاكَ أَنْ نَغْرَقَ 187 - وَسَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ ابْنَ بِنْتِ أَبِي نَصْرٍ التَّمَّارِ يَذْكُرُ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْلَى، قَالَ: كَانَ مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ الرَّبَذِيُّ مَرِيضًا، وَكَانَ الْحَاجُّ يَمُرُّونَ بِهِ يَعُودُونَهُ، فَقَالُوا لِمُعَاذِ بْنِ

مُسْلِمٍ: لَوْ دَخَلْتَ عَلَيْهِ فَعُدْتَهُ، فَقَالَ: اذْهَبُوا بِنَا. قَالَ: فَدَخَلَ عَلَيْهِ مُعَاذٌ، فَسَلَّمَ فَشَمَّ رِيحَ الطِّيبِ مِنْهُ، قَالَ: فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ مَنْ أَنْتَ عَافَاكَ اللَّهُ؟ قَالَ: أَنَا مُعَاذُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: أَنْتَ، فَلا حَيَّاكَ اللَّهُ، وَلا حَيَّا مَنْ أَدْخَلَكَ عَلَيَّ، قَالَ: قَدْ أَمَرْتُ لَكَ بِمِائَتَيْ دِينَارٍ. قَالَ: فَوَلَّى وَجْهَهُ وَاللَّهِ عَنِّي، قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا نَظَرَ إِلَيَّ حَتَّى خَرَجْتُ عَنْهُ، وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ ذُلا أَذَلَّ مِنْ مَقَامِي بَيْنَ يَدَيْهِ، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. 188 - وَبَلَغَنِي عَنِ الْحَكَمِ بْنِ مُوسَى، قَالَ: سَمِعْتُ هِقْلَ بْنَ زِيَادٍ قَالَ: قَالَ الأَوْزَاعِيُّ: لَيْسَ شَيْءٌ أَبْغَضَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ عَالِمٍ يَزُورُ عَامِلا. 189 - وَسَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ الْخُرَاسَانِيَّ يَقُولُ: حَدَّثَنِي أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: سَمِعْتُ يُوسُفَ بْنَ أَسْبَاطٍ، يَقُولُ: قَالَ لِي سُفْيَانُ: إِذَا رَأَيْتَ الْقَارِئَ يَلُوذُ بِالسُّلْطَانِ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لِصٌّ، فَإِذَا رَأَيْتَهُ يَلُوذُ بِالأَغْنِيَاءِ فَاعْلَمْ أَنَّهُ مُرَاءٍ.

190 - وَقَالَ لِي يُوسُفُ: قَالَ سُفْيَانُ: إِيَّاكَ أَنْ تُخْدَعَ، يَقُولُ: تَرُدُّ مَظْلَمَةً، أَوْ تَدْفَعُ عَنْ مَظْلُومٍ، فَإِنَّ ذَلِكَ خَدْعَةُ إِبْلِيسَ، اتَّخَذَهَا فُجَّارُ الْقُرَّاءِ سُلَّمًا. 191 - سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ دَاوُدَ بْنِ صُبَيْحٍ يَقُولُ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ أَبِي غَنِيَّةَ يَقُولُ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَسَلَّمَ وَمَدَّ يَدَهُ إِلَى سُفْيَانَ، فَرَفَعَ سُفْيَانُ بَصَرَهُ إِلَيْهِ، ثُمَّ صَوَّبَ، وَلَمْ يَمُدَّ يَدَهُ إِلَى الرَّجُلِ، فَلَمَّا رَأَى الرَّجُلُ مَا فَعَلَ بِهِ سُفْيَانُ لَمْ يَجْلِسْ، وَانْصَرَفَ، فَقَالَ سُفْيَانُ: إِنْ هَذَا كَانَ جَالِسًا، فَبَلَغَنِي أَنَّهُ يُجَالِسُ هَؤُلاءِ، فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ بِالطَّرَفَيْنِ، فَإِذَا فَعَلَ أَحَدُهُمْ هَذَا، فَافْعَلُوا بِهِ مِثْلَ هَذَا. 192 - سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ شَقِيقٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمَ بْنَ الأَشْعَثِ يَقُولُ: سَمِعْتُ الْفُضَيْلَ يَقُولُ: الْمُؤْمِنُ قَلِيلُ الْكَلامِ، كَثِيرُ الْعَمَلِ، وَالْمُنَافِقُ كَثِيرُ الْكَلامِ، قَلِيلُ الْعَمَلِ.

193 - وَسَمِعْتُ ابْنَ عَلِيِّ بْنَ شَقِيقٍ يَقُولُ: أَخْبَرَنَا أَبِي، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ: يَنْبَغِي لِلْوَصْفِ الْقَلِيلِ الْعَمَلُ الْكَبِيرُ، حَتَّى مَتَى تَصِفُ الطَّرِيقَ لِلدَّالِجِينَ، وَأَنْتَ مُقِيمٌ فِي مَحِلَّةِ الْمُتَحَيِّرِينَ. 194 - وَسَمِعْتُ عَبَّاسًا الْعَنْبَرِيَّ يَقُولُ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ عُطَارِدَ الْفَزَارِيَّ، خَتَنَ ابْنِ يَحْيَى، وَكَانَ بَكَّاءً، قَالَ: قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ: إِلَى مَتَى تَصِفُونَ الطَّرِيقَ لِلدَّالِجِينَ، وَأَنْتُمْ مُقِيمُونَ مَعَ الْمُتَحَيِّرِينَ، إِنَّمَا يَنْبَغِي مِنَ الْقَوْلِ الْقَلِيلُ، وَمِنَ الْعَمَلِ الْكَثِيرُ. 195 - سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ السِّمْسَارَ يَذْكُرُ عَنْ بِشْرِ بْنِ الْحَارِثِ، أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: الرَّجُلُ تَكُونُ لَهُ الْجُثَّةُ، وَالطُّولُ، وَالْحُسْنُ، وَلا يَكُونُ عَلَى قَدْرِ ذَاكَ فِي الْعَمَلِ وَالْعَنَاءِ؟ قَالَ: فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: تَرَاهُمْ كَالنَّخْلِ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا الدَّخْلُ، فَقِيلَ لَهُ: فِي هَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ.

196 - بَلَغَنِي عَنِ النُّفَيْلِيِّ، عَنْ خُلَيْدِ بْنِ دَعْلَجٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ، قَالَ: لَقْمُ الْقَضْبِ، وَسَفُّ التُّرَابِ، أَهْوَنُ مِنَ الدُّنُوِّ مِنْهُمْ 197 - وَسَمِعْتُ مَيْمُونًا السِّجِسْتَانِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْفَرَجِ، يَقُولُ: كُلْ أَسْفَلَ جِزَرَةٍ، وَإِلا اسْتَفَّ التُّرَابَ 198 - سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الصَّبَّاحِ يَقُولُ: أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عَنْبَسَةَ، قَالَ: قَالَ ابْنُ سِيرِينَ: لا تَحْمِلْ لَهُمْ كِتَابًا حَتَّى تَعْلَمَ مَا هُوَ. 199 - وَسَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ دَاوُدَ بْنِ صُبَيْحٍ يَقُولُ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، قَالَ: أَقَمْنَا عِنْدَ يُوسُفَ بْنِ أَسْبَاطٍ فَخَرَجْنَا إِلَى الْمِصِّيصَةِ، فَخَرَجَ يَمْشِي مَعَنَا فَوَدَّعَنَا وَرَجَعَ، فَإِذَا رَجُلٌ قَدْ عَرَضَ لَنَا بِكِتَابٍ، فَقَالَ: بَلِّغُوا هَذَا الْمِصِّيصَةِ، فَالْتَفَتَ يُوسُفُ فَرَآهُ، فَقَالَ: لا تَحْمِلُوا كِتَابَهُ، فَسَأَلْنَا، فَقِيلَ لَنَا: إِنَّهُ وَكِيلٌ لِعَبْدِ الْمَلِكِ. 200 - وَسَمِعْتُ زُهَيْرَ بْنَ مُحَمَّدٍ يَقُولُ: أَنَا أَوَّلُ مَنْ تَلَقَّى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ فِي دَارِ إِسْحَاقَ، قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ مِنَ الْحُرَاقَةِ، قَالَ: فَخَرَجَ،

وَعَلَيْهِ الْكِسَاءُ الَّذِي خَلَعَ عَلَيْهِ، قَالَ: فَسَقَطَ، قَالَ: فَجَعَلَ يَجُرُّهُ وَمَا سِوَاهُ عَلَيْهِ. 201 - وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: كَانَ طَاوُسٌ يُصَلِّي فِي غَدَاةٍ بَارِدَةٍ مُغَيَّمَةٍ، فَمَرَّ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، أَوْ أَيُّوبُ بْنُ يَحْيَى فِي مَوْكِبِهِ، وَهُوَ سَاجِدٌ، فَأَمَرَ بِسَاجٍ، أَوْ طَيْلَسَانٍ مُرْتَفِعٍ فَطَرَحَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ حَتَّى فَرَغَ مِنْ حَاجَتِهِ، فَلَمَّا سَلَّمَ نَظَرَ إِذَا السَّاجُ عَلَيْهِ، قَالَ: فَانْتَفَضَ وَلَمْ يَنْظُرْ إِلَيْهِ، وَمَضَى إِلَى مَنْزِلِهِ. 202 - وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سَهْلٍ الْبُخَارِيَّ يَقُولُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعْمَانُ، قَالَ: كَانَ طَاوُسٌ يَخْرُجُ إِلَى الْبَرِيَّةِ فَيُصَلِّي مَا بَدَا لَهُ، قَالَ: فَخَرَجَ يَوْمًا فِي يَوْمٍ مُغَيَّمٍ، فَصَلَّى ثُمَّ سَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ، فَمَرَّ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ فِي مَوْكِبِهِ، فَرَآهُ يَضْطَرِبُ مِنَ الْبَرْدِ،

فَأَمَرَ بِسَاجٍ فَطُرِحَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ، فَلَمَّا جَازَ رَفَعَ رَأْسَهُ، ثُمَّ سَبَّحَ مَا بَدَا لَهُ ثُمَّ سَلَّمَ، فَنَظَرَ فَإِذَا عَلَيْهِ سَاجٌ، فَقَالَ فَانْتَفَضَ، ثُمَّ مَضَى وَتَرَكَهُ. قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ مُحَمَّدَ بْنَ يُوسُفَ فَغَضِبَ عَلَيْهِ وَبَعَثَهُ يُصْدِقُ أَمْوَالَهُمْ، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ: أَيْنَ دِيوَانَكَ؟ قَالَ: أَيُّ دِيوَانِي، أَبَعَثْتَنِي جَابِيًا، أَوْ آخِذَ جِزْيَةٍ؟ ! كُنْتُ أَنْزِلُ الْقَرْيَةَ فَأَجْمَعُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ صَدَقَاتِهِمْ، ثُمَّ أَعُودُ بِهَا عَلَى فُقَرَائِهِمْ، لَيْسَ مَعِي دِيوَانٌ وَلا مَالٌ. قَالَ: فَوَضَعَهُ فِي السِّجْنِ، ثُمَّ كَتَبَ إِلَى الْحَجَّاجِ يُخْبِرُهُ خَبَرَهُ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْحَجَّاجُ: يَا عَاجِزُ، أَوَ مَا عَرَفْتَ طَاوُسًا حَتَّى بَعَثْتَهُ، خَلِّ طَاوُسًا يَذْهُبُ إِلَى أَهْلِهِ، وَخُذِ الْقَوْمَ بِمَا كَانُوا يُؤْخَذُونَ بِهِ. قَالَ نُعْمَانُ: فَبَلَغَنِي أَنَّهُ كَانَ يَنْزِلُ الْقَرْيَةَ فَيَجْمَعُ أَهْلَهَا فَيَقُولُ: تَصَدَّقُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ، قَالَ: ثُمَّ يَأْخُذُ لَوْحًا فَيَكْتُبُ فِيهِ مَا أَعْطَوْا، ثُمَّ يَدْعُو بِالْمَسَاكِينِ فَيَكْتُبُهُمْ فِي جَانِبِ اللَّوْحِ الآخَرِ، ثُمَّ يَأْخُذُ مِنْ ذَا وَيُعْطِي ذَا، فَإِذَا فَرَغَ مَحَى جَانِبَ اللَّوْحِ، ثُمَّ رَكِبَ. 203 - سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ دَاوُدَ بْنِ صُبَيْحٍ يَقُولُ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَارُونَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ يُوسُفَ كَانَ وَالِيًا عَلَى الْيَمَنِ، فَأَرْسَلَ إِلَى طَاوُسٍ وَوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، فَدَخَلا عَلَيْهِ، وَكَانَ يَوْمًا بَارِدًا، قَالَ: فَنَظَرَ إِلَى طَاوُسٍ فَرَآهُ مُقْشَعِرًّا، فَظَنَّ أَنَّهُ يَجِدُ الْبَرْدَ، فَأَمَرَ بِطَيْلَسَانِ خَزٍّ بِثَمَنِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَأَلْقَاهُ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَزَلْ طَاوُسٌ يُحَرِّكُ كَتِفَيْهِ حَتَّى سَقَطَ

الطَّيْلَسَانُ مِنْهُ، فَغَضِبَ مُحَمَّدٌ غَضَبًا شَدِيدًا، ثُمَّ خَرَجَا، فَقَالَ لَهُ وَهْبٌ: رَحِمَكَ اللَّهُ، مَا رَابَكَ أَنْ تَعَرَّضَ لِغَضَبِ هَذَا السُّلْطَانِ، فَلَوْ أَخَذْتَهُ وَتَصَدَّقْتَ بِهِ؟ ! فَقَالَ طَاوُسٌ: ذَلِكَ لَوْ عَلِمَ النَّاسُ مِنْهُ مَا أَعْلَمُ، تَقُولُ: يُقْتَدَى بِي فِي الأَخْذِ، وَلا يَعْلَمُونَ أَنِّي أَخَذْتُهُ فَتَصَدَّقْتُ بِهِ. 204 - وَقَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَدْ جَاءَ يَحْيَى بْنُ خَاقَانَ وَمَعَهُ شَوِيٌّ، فَجَعَلَ يُقَلِّلُهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَيُقَلِّلُهُ، قُلْتُ لَهُ: قَالُوا إِنَّهَا أَلْفُ دِينَارٍ، قَالَ: هَكَذَا قَالَ: وَقَالَ: فَرَدَدْتُهَا عَلَيْهِ، فَبَلَغَ الْبَابَ، ثُمَّ رَجَعَ، فَقَالَ: إِنْ جَاءَكَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِكَ بِشَيْءٍ تَقْبَلُهُ؟ قُلْتُ: لا، قَالَ: إِنَّمَا أُرِيدُ أَنْ أُخْبِرَ الْخَلِيفَةَ بِهَذَا. قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: أَيُّ شَيْءٍ كَانَ عَلَيْكَ لَوْ أَخَذْتَهَا فَقَسَمْتَهَا؟ فَكَلَحَ وَجْهُهُ، وَقَالَ: إِذَا أَنَا قَسَمْتُهَا، أَيَّ شَيْءٍ كُنْتُ أُرِيدُ؟ أَنْ أَكُونَ لَهُ قَهْرَمَانًا؟ !

«من لم يبال من أين جمع المال، لم يبال الله من أين أدخله النار» - وسمعت هارون بن عبد الله

205 - وَسَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ دَاوُدَ يَقُولُ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْغَفَّارِ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلالٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ لَمْ يُبَالِ مِنْ أَيْنَ جَمَعَ الْمَالَ، لَمْ يُبَالِ اللَّهُ مِنْ أَيْنَ أَدْخَلَهُ النَّارَ» 206 - وَسَمِعْتُ هَارُونَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْبَزَّازَ، يَذْكُرُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَوْنٍ، قَالَ مِسْعَرٌ: أَخْبَرَنَاهُ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: قَسَمَ عُمَرُ عَلَيْهِ السَّلامُ يَوْمًا مَالا، فَجَعَلُوا يُثْنُونَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَا أَحْمَقَكُمْ، لَوْ كَانَ هَذَا لِي مَا أَعْطَيْتُكُمْ مِنْهُ دِرْهَمًا وَاحِدًا. 207 - سَمِعْتُ الْوَلِيدَ بْنَ شُجَاعٍ قَالَ: حَدَّثَنِي بَعْضُ أَشْيَاخِنَا، قَالَ: قَالَ طَاوُسٌ: بَيْنَا أَنَا فِي الْحِجْرِ دَخَلَ عَلَيَّ الْحَجَّاجُ، وَمَرَّ رَجُلٌ عَلَيْهِ هَيْئَةُ السَّفَرِ فَدَعَاهُ، فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ قَدِمْتَ؟ قَالَ: مِنَ الْيَمَنِ، قَالَ:

كَيْفَ تَرَكْتَ مُحَمَّدَ بْنَ يُوسُفَ؟ قَالَ: كَمَا يَسُرُّكَ عَظِيمًا سَمِينًا، قَالَ: لَسْتُ عَنْ ذَا أَسْأَلُكَ، كَيْفَ سِيرَتُهُ؟ قَالَ: تَرَكْتُهُ ظَلُومًا غَشُومًا، قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ أَخِي، قَالَ: أَفَتَرَى أَخَاكَ مِنْكَ أَعَزَّ مِنِّي بِاللَّهِ، قَالَ: فَسَلِمَ مِنْهُ. قَالَ طَاوُسٌ: فَمَا شَهِدْتُ مَشْهَدًا كَانَ أَعْجَبَ إِلَيَّ مِنْهُ. 208 - قَالَ الْوَلِيدُ: وَحَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِي فَرْوَةَ الرَّهَاوِيِّ، عَنِ ابْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: مَا مِنْ عَبْدٍ يَعْلَمُ اللَّهُ نِيَّتَهُ الصِّدْقَ إِلا لَوْ كَادَتْهُ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ لَجَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ بَيْنِهِمَا مَخْرَجًا. 209 - وَسَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ الْخُرَاسَانِيَّ يَقُولُ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ كَعْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ يُوسُفَ بْنَ أَسْبَاطٍ يَقُولُ: مَرَّ طَاوُسٌ عَلَى بَغْلَةٍ لَهُ بِنَهْرٍ قَدْ كُرِيَ، فَأَرَادَتْ بَغْلَتُهُ أَنْ تَشْرَبَ، فَأَبَى أَنْ يَدَعَهَا تَشْرَبُ 210 - وَسَمِعْتُ عَبْدَ الصَّمَدِ يَقُولُ: قَالَ بِشْرٌ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا أَبْغَضَ عَبْدَهُ نَبَذَهُ إِلَى هَؤُلاءِ الْمُتْرَفِينَ

سيكون قوم يتفقهون في الدين، ويقرءون القرآن، يأتيهم الشيطان فيقول: لو أتيتم السلطان فأصبتم

211 - وَسَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ الْخُرَاسَانِيَّ يَقُولُ: حَدَّثَنِي مَحْبُوبُ بْنُ مُوسَى أَبُو صَالِحٍ، قَالَ سَمِعْتُ شُعَيْبَ بْنَ حَرْبٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ يَقُولُ: إِنِّي لأَلْقَى الرَّجُلَ أَبْغَضُهُ، فَيَقُولُ لِي: كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟ فَيَلِينُ لَهُ قَلْبِي، فَكَيْفَ بِمَنْ أَكَلَ ثَرِيدَهُمْ، وَوَطِئَ بِسَاطَهُمْ. 212 - وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنِي قَيْسُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ طَارِقَ بْنَ شِهَابٍ، يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ لَيَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ وَمَعَهُ دِينُهُ، فَيَلْقَى الرَّجُلَ لَهُ إِلَيْهِ الْحَاجَةُ فَيَقُولُ: إِنَّكَ لَذَيْتَ وَذَيْتَ، يُثْنِي عَلَيْهِ، وَعَسَى أَنْ لا يُخَلِّيَ مِنْ حَاجَتِهِ بِشَيْءٍ فَيَرْجِعُ وَقَدْ أَسَخْطَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَمَا مَعَهُ مِنْ دِينِهِ شَيْءٌ. 213 - سَمِعْتُ دَاوُدَ بْنَ رُشَيْدٍ يَقُولُ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْكِنْدِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " سَيَكُونُ قَوْمٌ يَتَفَقَّهُونَ فِي الدِّينِ، وَيَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ، يَأْتِيهِمُ الشَّيْطَانُ فَيَقُولُ: لَوْ أَتَيْتُمُ السُّلْطَانَ فَأَصَبْتُمْ مِنْ

ستحرصون على الإمارة، وستصير ندامة وحسرة، فنعمت المرضعة، وبئست الفاطمة»

دُنْيَاهُمْ، وَاعْتَزَلْتُمُوهُمْ بِدِينِكُمْ، وَلا يَكُونُ ذَلِكَ، كَمَا لا يُجْتَنَى مِنَ الْقَتَادِ إِلا الشَّوْكُ، كَذَا لا يُجْتَنَى مِنْ قُرْبِهِمْ إِلا الْخَطَايَا " 214 - وَسَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ مَنِيعٍ يَقُولُ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ الْخَيَّاطُ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّكُمْ سَتَحْرِصُونَ عَلَى الإِمَارَةِ، وَسَتَصِيرُ نَدَامَةً وَحَسْرَةً، فَنِعْمَتِ الْمُرْضِعَةُ، وَبِئْسَتِ الْفَاطِمَةُ» 215 - وَسَمِعْتُ شَيْبَانَ الأْبُلِّيَّ يَقُولُ: حَدَّثَنَا أَبُو الأَشْهَبِ، وَجَرِيرٌ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: «لا تَسْأَلِ الإِمَارَةَ» 216 - سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا رَبَاحُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ أَبَا وَائِلٍ شَقِيقَ بْنَ سَلَمَةَ كَانَ يَأْخُذُ الْعَصَا فِي زَمَنِ الْحَجَّاجِ، حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ: فَلَمَّا مَاتَ الْحَجَّاجُ وَضَعَهَا.

قَالَ: وَبَلَغَنِي أَنَّ ابْنَ عَوْنٍ أَخَذَهَا فِي زَمَنِ أَبِي جَعْفَرٍ. 217 - وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَذْكُرُ عَنْ عَفَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ طَاوُسًا عَنْ شَيْءٍ، فَقَالَ: تُرِيدُ أَنْ تَجْعَلَ فِي عُنُقِي حَبْلا، ثُمَّ يُطَافُ بِي 218 - سَمِعْتُ يَعْقُوبَ رَسُولَ الْخَلِيفَةِ يَقُولُ لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: يَجِيئُكَ ابْنِي بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فَتُحَدِّثْهُ بِحَدِيثٍ وَاحِدٍ أَوْ حَدِيثَيْنِ، فَقَالَ: لا، لا يَجِيءُ، فَلَمَّا خَرَجَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: تَرَى لَوْ بَلَغَ أَنْفُهُ طَرَفَ السَّمَاءِ حَدَّثْتُهُ! أَنَا أُحَدِّثُ حَتَّى يُوضَعَ الْحَبْلُ فِي عُنُقِي! 219 - سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ دَاوُدَ بْنِ صُبَيْحٍ يَقُولُ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، فَذَكَرَ شَيْئًا، قَالَ: وَقَسَمَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بَيْنَ النَّاسِ فَبَعَثَ إِلَى ابْنِ سِيرِينَ، فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهُ، وَقَالَ: لَيْسَ بِي طَعْنٌ عَلَى عُمَرَ فِي شَيْءٍ، وَلَكِنَّهُ الاسْتِغْنَاءُ عَنْهُ. 220 - وَسَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ يَقُولُ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، قَالَ: قَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ لِطَاوُسٍ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، ضَيَّقْتَ جِدًّا، قَالَ: وَأَنْتَ اتَّسَعْتَ جِدًّا. 221 - وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ بَكَّارٍ الصَّيْرَفِيَّ يَقُولُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، قَالَ: خَطَبْتُ امْرَأَةً

أَتَزَوَّجُهَا، فَأَتَيْتُ أَبِي فَسَأَلْتُهُ أَنْ يَجِيءَ مَعِي، فَذَهَبْتُ فَتَهَيَّأْتُ وَغَسَلْتُ ثِيَابِي، فَلَمَّا أَتَيْتُهُ قَالَ: لا تَذْهَبَنَّ. 222 - سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: طَاوُسٌ كَاسْمِهِ، افْتَعَلَ ابْنُهُ عَلَى لِسَانِهِ كِتَابًا إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَأَعْطَاهُ ثُلُثَ مِائَةِ دِينَارٍ، فَبَلَغَ ذَلِكَ طَاوُسًا فَبَاعَ ضَيْعَتَهُ وَبَعَثَ بِهَا إِلَى عُمَرَ، فَأُرِيدَ طَاوُسٌ أَنْ يَدْخُلَ عَلَى ابْنِهِ فَأَبَى، أَوْ قَالَ: دَخَلَ فِي وَقْتِ الْمَوْتِ. 223 - سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ ابْنَ فَقِيهٍ قَطُّ مِثْلَ ابْنِ طَاوُسٍ، قُلْتُ: هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ؟ قَالَ: مَا كَانَ أَفْضَلَ، وَلَمْ يَكُنْ مِثْلَهُ. 224 - سَمِعْتُ عَبَّاسًا الْعَنْبَرِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّزَّاقِ قَالَ: ذَكَرَ شَيْخٌ لَنَا يُقَالُ لَهُ دَاوُدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: رَأَى طَاوُسٌ سَائِلا فِي عَيْنِهِ عَمَشٌ، وَفِي يَدِهِ وَسَخٌ، فَقَالَ: هَذَا الْفَقْرُ مِنَ اللَّهِ، فَمَا بَالُ الْوَسَخِ؟ تَقُولُ: فَمَا بَالُ الْمَاءِ؟ ! . 225 - سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ دُاوَدَ بْنِ صُبَيْحٍ يَقُولُ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، قَالَ: قَالَ عَثَّامٌ، قُلْتُ لِسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ: لِي أَقْرِبَاءُ بِالسَّوَادِ أَخْرُجُ إِلَيْهِمْ يَزْرَعُونَ لِي، قَالَ: لا تَفْعَلْ، يَا أَبَا عَلِيٍّ، فَإِنَّكَ مَتَى فَعَلْتَهُ بَغَيْتَ أَنْ تُؤَدِّيَ الْخَرَاجَ، فَتَذْهَبَ إِلَى بَابِ الْعَامِلِ، فَلا يُدْخِلُكَ، فَيَخْرَجُ

عَلَيْكَ وَأَنْتَ جَالِسٌ فَلا تَقْدِرُ عَلَى كَلامٌ، فَتَقُولُ: لَوِ اشْتَرَيْتُ حِمَارًا فَسِرْتُ مَعَهُ كَانَ أَقْضَى لِحَاجَتِي، فَتَشْتَرِي حِمَارًا فَتَسِيرُ مَعَهُ فَلا تَلْحَقَهُ، فَتَقُولُ: لَوِ اشْتَرَيْتُ بِرْذَوْنًا، فَتَشْتَرِي بِرْذَوْنًا فَتَسِيرُ مَعَهُ، فَإِذَا أَنْتَ قَدْ صِرْتَ مِنْ أَتْبَاعِ الْعَامِلِ. 226 - سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الصَّبَّاحِ يَقُولُ: أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ يَنَّاقٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ مَنِ ازْدَادَ مِنْهُمْ قُرْبًا ازْدَادَ اللَّهُ مِنْهُ بُعْدًا، وَمَنْ كَثُرَ مَالُهُ اشْتَدَّ حِسَابُهُ، وَمَنْ كَثُرَ تِبَاعُهُ كَثُرَتْ شَيَاطِينُهُ. 227 - سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الصَّبَّاحِ يَقُولُ: أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي فُلانُ بْنُ فُلانٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ بِرَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ فِي سَرِيَةٍ أَمِيرًا، فَلَمَّا قَدِمَ سَأَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَمْرِهِ، فَجَعَلَ يُحَدِّثُهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آخِرِ حَدِيثِهِ: «كَيْفَ وَجَدْتَ الإِمَارَةَ» ؟ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِكَ وَأَنَا فِي نَفْسِي مِثْلُ رَجُلٍ مِنَ الْقَوْمِ، فَجَعَلْتُ إِذَا رَكِبْتُ رَكِبُوا، وَإِذَا صَلَّيْتُ صَلَّوْا مَعِي، وَإِذَا نَزَلْتُ نَزَلُوا، فَمَا زَالَ بِي الأَمْرُ حَتَّى رَأَيْتُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْقَوْمِ أَفْضَلُ فِي نَفْسِي مِنِّي.

السلطان على باب عنت، إلا من عصمه الله» ، قال الرجل عند ذاك: والله، لا أعمل ولا لغيرك

قَالَ: «إِنَّ السُّلْطَانَ عَلَى بَابِ عَنَتٍ، إِلا مَنْ عَصَمَهُ اللَّهُ» ، قَالَ الرَّجُلُ عِنْدَ ذَاكَ: وَاللَّهِ، لا أَعْمَلُ وَلا لِغَيْرِكَ أَبَدًا 228 - سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، قَالَ: قَالَ لِي: يَا سُلَيْمَانُ، إِنَّ أُمَرَاءَنَا هَؤُلاءِ لَيْسَ عِنْدَهُمْ وَاحِدَةٌ مِنْ ثِنْتَيْنِ، لَيْسَ عِنْدَهُمْ تَقْوَى أَهْلِ الإِسْلامِ، وَلا أَحْلامُ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ. 229 - سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ صُبَيْحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَانَتْ أَنْبِيَاءُ، وَسَيَكُونُ بَعْدَهُمْ أُمَرَاءُ، يَتْرُكُونَ بَعْضَ مَا يُؤْمَرُونَ بِهِ، فَمَنْ نَاوَأَهُمْ نَجَا، وَمَنِ اعْتَزَلَهُمْ سَلِمَ، أَوْ كَادَ يَسْلَمُ، وَمَنْ وَقَعَ مَعَهُمْ فِي دُنْيَاهُمْ فَهُوَ مِنْهُمْ»

230 - وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، وذَكَرَ مُحَمَّدَ بْنَ الضَّحَّاكِ، صَاحِبَ بِشْرِ بْنِ الْحَارِثِ، فَقَالَ: كَانَ أَبُوهُ الضَّحَّاكُ شَيْخًا سَلِيمًا، قَدْ كَتَبَ عَنْ إِسْرَائِيلَ، وَكَانَ يُعَلِّمُ بَنِيَّ مُحَمَّدٍ، وَكَانَ إِذَا ذَهَبَ حَمَلَ إِدَاوَةً فِيهَا مَاءٌ. ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: هُوَ يَأْخُذُ مِنْهُمْ، وَلا يَرَى أَنْ يَشْرَبَ مِنْ مَائِهِمْ، وَجَعَلَ يَعْجَبُ مِنْ سَلامَتِهِ. 231 - وَسَمِعْتُ عَبْدَ الصَّمَدِ بْنَ يَزِيدَ يَقُولُ: قَالَ الْفُضَيْلُ: رُبَّمَا حَدَّثَ الرَّجُلُ الْمُغَفَّلُ الصَّالِحُ بِالْحَدِيثِ، فَيُحَدِّثُ بِهِ عَشَرَةٌ فَتُضْرَبُ أَعْنَاقُهُمْ 232 - سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سَهْلِ بْنِ عَسْكَرٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ الْفِرْيَابِيَّ يَقُولُ: لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَخَصَّ بِسُفْيَانَ مِنَ الأَشْجَعِيِّ، حَتَّى أَفَادَ قَوْمًا مِنَ الْكَتَبَةِ أَحَادِيثَ فِي السُّلْطَانِ، فَلَمَّا رَآهَا سُفْيَانُ عَلِمَ مِنْ أَيْنَ مَخْرَجُهَا، فَجَفَى الأَشْجَعِيَّ بِأَخَرَةٍ. 233 - سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ الْخَلِيلِ يَقُولُ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عِيسَى مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ أَبُو الْعَبَّاسِ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ الْمُبَارَكِ بِالْكُوفَةِ، قُلْتُ: قَدِمَ الْعَرَبُ

خُرَاسَانَ فَنَزَلُوا عَلَى الدَّهَاقِينَ، فَغَلَبُوهُمْ عَلَى ضِيَاعِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، وَقَالُوا: هَذِهِ إِجَازَتُنَا، فَالْمُحْسِنُ مِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَرُدُّ عَلَى الدِّهْقَانِ ثُلُثَ مَالِهِ، فَلَمْ تَزَلْ تِلْكَ الضِّيَاعُ فِي أَيْدِيهِمْ مَغْصُوبَةً حَتَّى جَاءَ أَبُو مُسْلِمٍ فَقَتَلَ الْعَرَبَ وَأَصْفَى عَلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ، فَصَارَ بَعْضُ تِلْكَ الضِّيَاعِ فِي يَدِ رَجُلٍ يَتَحَرَّجُ، يُرِيدُ الْخُرُوجَ مِنْهَا، أَفَيَرُدُّهَا عَلَى الْعَرَبِ الَّذِينَ أَصْفَاهَا عَلَيْهِمْ أَبُو مُسْلِمٍ، أَوْ يَرُدُّهَا عَلَى الدَّهَاقِينَ الَّذِينَ غَلَبَهُمْ عَلَيْهَا الْعَرَبُ؟ فَقَالَ لِي ابْنُ الْمُبَارَكِ: هَلْ سَأَلْتَ عَنْ هَذَا أَحَدًا بِالْكُوفَةِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، سَأَلْتُ شَرِيكَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ: فَمَا قَالَ لَكَ شَرِيكٌ؟ قُلْتُ: قَالَ يَرُدُّهَا عَلَى الدَّهَاقِينَ الَّذِينَ غَصَبَهُمُ الْعَرَبُ، قَالَ: فَسَكَتَ عَنِّي ابْنُ الْمُبَارَكِ، ثُمَّ لَقِيَنِي بَعْدَ أَيَّامٍ، فَقَالَ لِي: يَا أَبَا الْعَبَّاسِ، مَا أَظُنُّ مَسْأَلَتَكَ إِلا كَمَا أَفْتَاكَ شَرِيكٌ. 234 - سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ الْخَلِيلِ يَقُولُ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ عِمْرَانَ، مِنْ ثِقَاتِ مَشْيَخَةِ نَيْسَابُورَ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ الْمُبَارَكِ، قُلْتُ: إِنَّ عَلَيْنَا خَرَاجَ ضِيَاعِنَا، فَنُصَانِعُ الْكُتَّابَ حَتَّى يُخَفِّفُوا عَنَّا؟ قَالَ: لا تَفْعَلْ، لَيْسَ لَكَ ذَاكَ، هَذَا الْخَرَاجُ فَيْءُ الْمُسْلِمِينَ، بِهِ تُسَدُّ الثُّغُورُ، وَبِهِ يُدْفَعُ الأَعْدَاءُ عَنْكُمْ، أَدِّ هَذَا الْخَرَاجَ.

قُلْتُ: إِنَّا نُظْلَمُ مِنْهُمْ، قَالَ: فَإِنْ كُنْتَ تُظْلَمُ فَادْفَعْ عَنْ نَفْسِكَ قَدْرَ الظُّلْمِ لَيْسَ غَيْرَهُ. 235 - قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: الرَّجُلُ تَكُونُ لَهُ الضَّيْعَةُ، فَيَجِيءُ الْعَامِلُ فَيَنْزِلُ عَلَيْهِ، تُرَى أَنْ يَصْنَعَ لَهُ طَعَامًا، أَوْ يُقَدِّمَ إِلَيْهِ طَعَامًا مَا؟ قَالَ: إِذَا كَانَ يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ الظُّلْمَ فَلا بَأْسَ. قُلْتُ: فَلا يَخَافُ أَنْ يَكُونَ هَذَا عَوْنًا لَهُمْ! قَالَ: إِنَّمَا يَدْفَعُ الظُّلْمَ عَنْ نَفْسِهِ، وَلَمْ يَرَ بِهِ بَأْسًا. 236 - سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ دَاوُدَ يَقُولُ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ قَالَ: قُلْتُ لِسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ: إِنِّي وَرِثْتُ أَرْضًا بِالسَّوَادِ كَانَتْ قَطِيعَةً لأَجْدَادِي، أَفَأَبِيعُهَا؟ قَالَ: لا، قُلْتُ: أَهَبُهَا، قَالَ: لا، قُلْتُ: فَمَا أَصْنَعُ بِهَا؟ قَالَ: دَعْهَا. فَتَرَكَهَا، فَوَثَبَ عَلَيْهَا أَهْلُ بَيْتِي فَأَخَذُوهَا، أَوْ نَحْوَ هَذَا. 237 - قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: لَوْ أَنَّ رَجُلا اغْتَصَبَ دَارًا فَدَفَعَهَا إِلَى أَبِي، كُنْتَ تَرَى أَنْ أُوقِفَهَا؟ قَالَ: لا، تَرُدَّهَا إِلَى صَاحِبَهَا الَّذِي أَخَذْتَ مِنْهُ 238 - سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ دَاوُدَ بْنِ صُبَيْحٍ يَقُولُ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، قَالَ: قَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْغَفَّارِ: سَأَلْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ

عَيَّاشٍ، وَحَفْصَ بْنَ غِيَاثٍ، وَابْنَ الْمُبَارَكِ، عَنِ الشُّرْبِ مِنْ مَاءٍ يَكُونُ فِي أَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ؟ فَلَمْ يَرَوْا بِهِ بَأْسًا فَقُلْتُ لأَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ: مَاذَا تَرَى فِي الرَّجُلِ يَبُلُّ الطِّينَ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ يُطَيِّنُ بِهِ، أَوْ يَضْرِبُ لَبَنًا؟ فَكَرِهَهُ، وَقَالَ: لا يَعْجِنُ بِشَيْءٍ يُنْتَفَعُ بِهِ إِلا لِيَشْرَبَ. قَالَ سَعِيدٌ: وَسَأَلْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَيَّاشٍ عَنْ سَقْيِ الزَّرْعِ مِنَ الْمَاءِ الْمَغْصُوبِ؟ قَالَ: أَكْرَهُ الزَّرْعَ. فَقُلْتُ لِحَفْصٍ: إِنَّ لَنَا بِالشَّامِ بُسْتَانًا، فَرُبَّمَا فَجَرْنَا الْمَاءَ إِلَى الدَّارِ فِي بِئْرٍ قَدْ حَفَرْنَاهَا لِلْمَاءِ لِلشُّرْبِ مِنْهُ كَيْ يَصْفُوَ، وَعَلَى الْبِئْرِ عِنَبَةٌ تُحْمَلُ فَهِيَ تَشْرَبُ إِذَا فَجَرْنَا الْمَاءَ إِلَى الْبِئْرِ؟ فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ تَنْوِي شُرْبَهَا إِذَا فَجَرْتَهَا فَلا تَأْكُلْ مِنْ حَمْلِهَا، وَإِنْ كُنْتَ لا تَنْوِي فَشَرِبْتَ فَلا أَرَى بَأْسًا. 239 - وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ شَقِيقٍ يَقُولُ: حَدَّثَنِي عَبْدَانُ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ اشْتَرَى لَهُ قَتًّا فَرَآهُ أَخْضَرَ، فَقَالَ لِلْبَايِعِ: أَتَدْرِي مِنْ أَيِّ نَهْرٍ سُقِيَ هَذَا؟ قَالَ: قَالُوا: مِنْ نَهْرٍ بِسبَابَاذَ، قَالَ: فَقَالَ: وَيْحُكَ، أَمَرْتُكَ أَنْ تَشْتَرِيَ مِنْ أَرْضٍ صَافِيَةٍ! . 240 - وَسَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ الْخَلِيلِ يَقُولُ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عِيسَى، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الْمُبَارَكِ يَقُولُ: اشْتَرَيْتُ بِالْمَدِينَةِ تَمْرًا بِعَشْرَةِ

دَرَاهِمَ، فَجَعَلْتُ أَتَعَجَّبُ مِنْ جَوْدَتِهِ، فَلَمَّا اكْتَلْتُ وَأَعْطَيْتُهُ الثَّمَنَ قُلْتُ: مَا أَجْوَدَ هَذَا التَّمْرَ، قَالَ: فَقَالَ الْبَايِعُ: مِنْ أَرْضِ فُلانٍ، فَسَمَّى لِي أَرْضًا صَافِيَةً، فَقُلْتُ: كَيْفَ أَصْنَعُ هَذَا، لا يُسْتَطَاعُ رَدُّهُ، قَدِ اشْتَرَيْتُهُ وَالأَمْرُ فِيهِ أَنْ أَرُدَّهُ عَلَى صَاحِبِ الأَرْضِ، فَتَصَدَّقْتُ بِهِ عَنْ صَاحِبِ الأَرْضِ. قَالَ الْحَسَنُ: فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ فِي طَرِيقِنَا هَذَا أَرْضِينَ صَافِيَةٍ، فَسَمِّهَا لِي أَتَنَكَّبْهَا فَقَالَ لِي: لا يَرُدُّ أَنْ تَعْرِفَهَا، فَإِنَّكَ مَا لَمْ تَعْرِفْهَا فَهُوَ مُبَاحٌ لَكَ أَنْ تَشْتَرِيَ مِنْهَا. 241 - قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: مَرَرْتُ بِضَيْعَةِ رَجُلٍ، فَاشْتَرَيْتُ مِنْهَا، ثُمَّ تَبَيَّنْتُ أَنَّهَا صَافِيَةٌ؟ قَالَ: تَرْجِعْ إِلَى الْقَرْيَةِ، فَتَنْثُرَ الزَّادَ وَتَخْرُجَ، وَلَمْ يَقُلْ لِي خُذِ الثَّمَنَ 242 - سَمِعْتُ عَبْدَ الصَّمَدِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ مُقَاتِلٍ يَقُولُ: كُنْتُ عِنْدَ بِشْرِ بْنِ الْحَارِثِ، وَإِذَا سَمَّاكٌ مَعَهُ سَمَكٌ فِي سَلَّةٍ فَجَعَلُوا يَشْتَرُونَ مِنْهُ، فَلَمَّا فَرَغَ جَعَلَ السَّمَّاكُ يَمْدَحُ السَّمَكَ وَيَقُولُ: هَذَا مِنْ دِجْلَةِ الْعَوْرَاءِ، فَقَالَ بِشْرٌ: رُدُّوهُ، فَجَعَلُوا يُلْقُونَ السَّمَكَ فِي سَلَّتِهِ، فَقَالَ السَّمَّاكُ: مَا لَكُمْ، لِمَ رَدَدْتُمُوهُ، تُرِيدُونَ أَنْ أَزِيدَكُمْ؟ فَأَبَوْا، فَقَامَ السَّمَّاكُ فَذَهَبَ، فَقُلْتُ لِبَشْرٍ: أَيُّ شَيْءٍ هَذِهِ دِجْلَةِ الْعَوْرَاءِ؟ قَالَ: هَذِهِ كَانَتْ لأُمِّ جَعْفَرٍ فَأُخِذَتْ مِنْهَا. سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الشِّرَاءِ مِنْهَا، فَكَرِهَهُ.

قَالَ أَبُو نَصْرِ بْنُ كُرْدِيٍّ: دِجْلَةُ الْعَوْرَاءِ خَلْفَ مَنْزِلِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عِنْدَنَا. 243 - سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ الْخَلِيلِ يَقُولُ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: كَانَ أَبِي سَلَمَةُ بْنُ سَلْمٍ يَتَغَدَّى يَوْمًا، وَعَلَى الْخُوَانِ بُقُولٌ حِسَانٌ، وَكَانَ يَأْكُلُ مِنْهَا، فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ بُقُولا أَرْطَبَ وَلا أَطْيَبَ مِنْ هَذِهِ، مِنْ أَيْنَ هَذَا؟ قَالُوا: مِنْ حَائِطِ أَبِي مُسْلِمٍ، قَالَ: فَقَامَ مِنَ الْخُوَانِ، فَاسْتَقَاءَ حَتَّى رَمَى بِهِ. 244 - وَسَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ دَاوُدَ بْنِ صُبَيْحٍ يَقُولُ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: سَأَلْنَا ابْنَ الْمُبَارَكِ عَنْ صَاحِبِ هَذِهِ الأَرْضِينَ الْمَغْصُوبَةِ، إِذَا حُلِّلَ أَنْ تُزْرَعَ، أَوْ تُسْكَنَ؟ فَقَالَ: لا أَرَى بِهِ بَأْسًا فِيمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَكِنْ كَيْفَ بِالْقُدْوَةِ، فَتَرْكُهَا أَحَبُّ إِلَيَّ. 245 - قَالَ: سَمِعْتُ الْفَزَارِيَّ يَقُولُ: لا تُنْزِلْهَا، وَإِنْ أَذِنَ لَكَ صَاحِبُهَا، وَلا تَزْرَعْ فِيهَا، لأَنَّهَا عِنْدِي لَوْ كَانَتْ فِي يَدِهِ لَمْ يَفْعَلْ. 246 - سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ دَاوُدَ بْنِ صُبَيْحٍ يَقُولُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ النَّيْسَابُورِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ سَالِمٍ، عَنِ

أشد الناس عذابا يوم القيامة المنصور، قال: قيل: وما المنصور؟ قال: الكاتب يصانع العريف،

ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُزْرَعَ فِي أَرْضِ الصَّافِيَةِ. 247 - قِيلَ لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ، وَأَنَا أُشَاهِدُ: الأَرْضُ الْمَغْصُوبَةُ تُرَى أَنْ يَتْجَرَ الرَّجُلُ فِيهَا؟ قَالَ: لا. قِيلَ لَهُ: فَيُصَلِّي فِيهَا؟ قَالَ: حَسْبُكَ. 248 - سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ أَبِي عَوْنٍ يَقُولُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ، عَنِ الْعَوَّامِ بْنِ حَوْشَبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْبَاهِلِيُّ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَيْهِ السَّلامُ: إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمَنْصُورَ، قَالَ: قِيلَ: وَمَا الْمَنْصُورُ؟ قَالَ: الْكَاتِبُ يُصَانِعُ الْعَرِيفِ، فَيَأْكُلُ هَذَا وَيَأْكُلُ هَذَا، أَوْ يَتْرُكَانِ الاسْمَ غُلُولا فِي دِيَوَانِ الْمُسْلِمِينَ 249 - سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ شَوْكَرَ يَقُولُ: كُنَّا عِنْدَ الْفُضَيْلِ، فَصَلَّى الإِمَامُ الْعَصْرَ، وَتَحَلَّقَ النَّاسُ حَوْلَ الْفُضَيْلِ، فَقَالُوا لَهُ: يَا أَبَا عَلِيٍّ، حَدِّثْنَا رَحِمَكَ اللَّهُ؟ فَأَطْرَقَ طَوِيلا، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ: إِنْ كَانَ هَذَا للَّهِ فَمَا أَحْسَنَهُ، إِنْ كَانَ هَذَا فَمَا أَحْسَنَهُ، ثُمَّ أَشَارَ إِلَى الطُّوَّافِ، فَقَالَ: تَرَى مَنْ تَرَى، لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ فِيهِمْ يَمَانِيٌّ لا يَعْرِفُ الرِّيَاءَ. 250 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ يَقُولُ: لَوْ عَلِمْتَ أَحَدًا يَطْلُبُ الْحَدِيثَ للَّهِ لأَتَيْتُهُ إِلَى مَنْزِلِهِ حَتَّى أُحَدِّثَهُ، أَوْ كَمَا قَالَ.

251 - سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْعَبْسِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا خَالِدٍ الأَحْمَرَ يَقُولُ: كُنَّا فِي دَارٍ، فَدَخَلَ سُفْيَانُ فِي الدَّارِ الدَّاخِلَةِ يَتَوَضَّأُ لِلصَّلاةِ، قَالَ: فَدَخَلَ الْوَالِي عَلَيْهِ، فَجَعَلَ يَقُولُ: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ سُفْيَانُ: اتَّقِ اللَّهَ فِي الرَّعِيَّةِ، أَوْ فِي الْمُسْلِمِينَ. 252 - سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ يَزِيدَ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا نُعَيْمٍ يَقُولُ: قَالَ سُفْيَانُ: إِنَّهُمْ وَإِنْ دَقْدَقَتْ بِهِمْ بَرَاذِينُهُمْ فَإِنَّ ذُلَّ الْمَعَاصِي فِي قُلُوبِهِمْ. 253 - سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الصَّبَّاحِ يَقُولُ: أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ لَيْثٍ قَالَ: أَنَّ أَوَّلَ طُغْيَانِ هَذِهِ الأُمَّةِ كَانَ رُكُوبَ الْبَرَاذِينَ. 254 - وَحُدِّثْتُ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ، يَعْنِي ابْنَ نَشِيطٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمَّارُ بْنُ سَعْدٍ، أَنَّ رَجَاءَ بْنَ حَيْوَةَ دَخَلَ عَلَى عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ عِنْدَ مَسِيرِهِ إِلَى الشَّامِ، فَقَالَ لَهُ: انْظُرْ مَنْ يُحْشَرُ مَعَكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَإِنَّ الْوَالِي يُحْشَرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعُمَّالَهُ. 255 - سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ دَاوُدَ يَقُولُ: حَدَّثَنِي أَبُو السَّرِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ بِشْرٍ يَقُولُ: قَدِمَ إِبْرَاهِيمُ، أَوْ قَالَ: أَقْدَمُوهُ

أَيَّامَ يَعْقُوبَ بْنِ دَاوُدَ، قَالَ: وَكَانَ دَاوُدُ قَدْ قَدِمَ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ خَمْسِينَ، وَمِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ خَمْسِينَ، وَفِيهِمْ زُهَيْرٌ الْكُوفِيُّ، قَالَ أَبُو السَّرِيِّ: قَالَ أَبُو النَّضْرِ: كَانَ زُهَيْرٌ يُحَدِّثُ فِي صَحِيفَةٍ، فَنَظَرَ فِيهَا فَإِذَا فِي ظَهْرِهَا أَسَامِي الْجُنْدِ، فَرَمَى بِهَا، وَأَنْكَرَ ذَلِكَ. قَالَ: وَأُدْخِلَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ، فَقَالَ لَهُ: مَا مَعِيشَتُكَ؟ مَا ضَيْعَتُكَ؟ قَالَ إِبْرَاهِيمُ: نُرَقِّعُ دُنْيَانَا بِتَمْزِيقِ دِينِنَا ... فَلا دِينُنَا يَبْقَى وَلا مَا نُرَقِّعُ قَالَ أَبُو السَّرِيِّ: وَإِنَّمَا أَرَادَهُ بِذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ: اخْرُجْ. 256 - أُخْبِرْتُ أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ الزُّهْرِيَّ قَالَ: لَمَّا وَلِيَ الْحَجَّاجُ الْحَرَمَيْنِ بَعْدَ قَتْلِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، اسْتَحْضَرَ إِبْرَاهِيمَ بْنَ

مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَقَرَّبَهُ فِي الْمَنْزِلِ، فَلَمْ تَزَلْ تِلْكَ حَالُهُ عِنْدَهُ حَتَّى خَرَجَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ زَائِرًا لَهُ، فَخَرَجَ مُعَادِلا لَهُ، لا يَتْرُكُ تَرْشِيحَهُ وَتَعْظِيمَهُ فَلَمَّا حَضَرَ بَابَ عَبْدِ الْمَلِكِ حَضَرَ بِهِ مَعَهُ، فَدَخَلَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ، فَلَمْ يَبْدَأْ بِشَيْءٍ بَعْدَ التَّسْلِيمِ أَوْلَى مِنْ أَنْ قَالَ: قَدِمْتُ عَلَيْكَ، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِرَجُلِ الْحِجَازِ، لَمْ أَدَعْ لَهُ وَاللَّهِ فِيهَا نَظِيرًا فِي كَمَالِ الْمُرُوءَةِ وَالأَدَبِ، وَحُسْنِ الْمَذْهَبِ وَالطَّاعَةِ وَالنَّصِيحَةِ، مَعَ الْقَرَابَةِ، وَوُجُوبِ الْحَقِّ، وَفَضْلِ الأُبُوَّةِ، إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَقَدْ أَحْضَرْتُهُ بَابَكَ، لِيَسْهُلَ عَلَيْهِ إِذْنُكَ، وَتَتَلَقَّاهُ بِبِشْرِكَ، وَتَفْعَلَ بِهِ مَا تَفْعَلُ بِمِثْلِهِ مِمَّنْ كَانَتْ مَذَاهِبُهُ مِثْلَ مَذَاهِبِهِ. قَالَ: ذَكَّرْتَنَا حَقًّا وَاجِبًا، وَرَحِمًا قَرِيبَةً، يَا غُلامُ، ائْذَنْ لإِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ، فَلَمَّا دَخَلَ قَرَّبَهُ حَتَّى أَجْلَسَهُ عَلَى فَرْشِهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: يَابْنَ طَلْحَةَ، إِنَّ أَبَا مُحَمَّدٍ أَذْكَرَنَا مَا لَمْ نَزَلْ نَعْرِفُكَ بِهِ فِي الْفَضْلِ وَالأَدَبِ وَحُسْنِ الْمَذْهَبِ، مَعَ قَرَابَةِ الرَّحِمِ، وَوُجُوبِ الْحَقِّ، فَلا تَدَعَنَّ حَاجَةً فِي خَاصٍّ مِنْ أَمْرِكَ وَلا عَامٍّ إِلا ذَكَرْتَهَا. قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ أَوْلَى الأُمُورِ أَنْ يُفْتَتَحَ بِهِ الْحَوَائِجُ، وَتُرْجَى بِهِ الزُّلَفُ، مَا كَانَ للَّهِ عَزَّ وَجَلَّ رِضًا، وَلِحَقِّ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَدَاءٌ وَلَكَ وَلِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ نَصِيحَةٌ وَإِنِّ عِنْدِي نَصِيحَةً لا أَجِدُ بُدًّا مِنْ ذِكْرِهَا، فَلا يَكُونُ الْبَوْحُ بِهَا إِلا وَأَنَا خَالٍ، فَأَخْلِنِي تَرِدْ عَلَيْكَ

نَصِيحَتِي، قَالَ: دُونَ أَبِي مُحَمَّدٍ؟ قَالَ: دُونَ أَبِي مُحَمَّدٍ، قَالَ: قُمْ يَا حَجَّاجُ، فَلَمَّا جَاوَزَ حَدَّ السِّتْرِ قَالَ: قُلْ يَابْنَ طَلْحَةَ نَصِيحَتَكَ؟ قَالَ: تَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّكَ عَمِدْتَ إِلَى الْحَجَّاجِ فِي تَغَطْرُسِهِ وَتَعَجْرُفِهِ، وَبُعْدِهِ مِنَ الْحَقِّ، وَرُكُونِهِ إِلَى الْبَاطِلِ، فَوَلَّيْتَهُ الْحَرَمَيْنِ، وَبِهِمَا مَنْ بِهِمَا، وَفِيهِمَا مَنْ فِيهِمَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالْمَوَالِي الأَخْيَارِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبْنَاءِ أَصْحَابِهِ يَسُومُهُمُ الْخَسْفَ، وَيَطَؤُهُمْ بِالْعَسْفِ، وَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ بِغَيْرِ السُّنَّةِ، وَيَطَؤُهُمْ بِطَغَامٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، وَرَعَاعٍ لا رُؤْيَةَ لَهُمْ فِي إِقَامَةِ حَقٍّ، وَلا إِزَاحَةَ بَاطِلٍ، ثُمَّ ظَنَنْتَ أَنَّ ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ زَاهِقٌ، وَفِيمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا جَاثَاكَ لِخُصُومَتِهِ إِيَّاكَ فِي أُمَّتِهِ، أَمَا وَاللَّهِ لا تَنْجُو هُنَالِكَ إِلا بِحُجَّةٍ تَضْمَنُ لَكَ النَّجَاةَ، فَأَرْبِعْ عَلَى نَفْسِكَ، أَوْ دَعْ. فَقَالَ: كَذَبْتَ وَمَقَتَّ، وَظَنَّ بِكَ الْحَجَّاجُ مَا لَمْ يَجِدْهُ عِنْدَكَ، فَلَرُبَّمَا ظَنَّ الْخَيْرَ بِغَيْرِ أَهْلِهِ، فَأَنْتَ الْكَاذِبُ الْمَائِنُ. قَالَ: فَقُمْتُ وَمَا أُبْصِرُ طَرِيقًا، فَلَمَّا خَلَّفْتُ السِّتْرَ لَحِقَنِي لاحِقٌ قِبَلَهُ، فَقَالَ لِلْحَاجِبِ: احْبِسْ هَذَا، ادْخُلْ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، قَالَ: فَدَخَلَ

الْحَجَّاجُ، فَلَبِثَ مَلِيًّا لا أَشُكُّ أَنَّهُمَا فِي أَمْرِي، ثُمَّ خَرَجَ الإِذْنُ، فَقَالَ: قُمْ يَابْنَ طَلْحَةَ فَادْخُلْ، فَلَمَّا كُشِفَ لِيَ السِّتْرُ لَقِيَنِي الْحَجَّاجُ، وَهُوَ خَارِجٌ وَأَنَا دَاخِلٌ، فَاعْتَنَقَنِي وَقَبَّلَ مَا بَيْنَ عَيْنَيَّ، ثُمَّ قَالَ: أَمَا إِذَا جَزَى اللَّهُ الْمُتَوَاخِينَ بِفَضْلِ تَوَاصُلِهِمْ، فَجَزَاكَ اللَّهُ أَفْضَلَ مَا جَزَى أَخًا عَنْ أَخِيهِ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ سَلِمْتُ لأَرْفَعَنَّ نَاظِرَكَ، وَلأُعْلِيَنَّ كَعْبَكَ، وَلأُتْبِعَنَّ الرِّجَالَ غُبَارَ قَدَمَيْكَ. قَالَ: فَقُلْتُ: يَهْزَأُ بِي، فَلَمَّا وَصَلْتُ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ أَدْنَانِي، حَتَّى أَجْلَسَنِي فِي مَجْلِسِي الأَوَّلِ، ثُمَّ قَالَ: يَابْنَ طَلْحَةَ، لَعَلَّ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ شَارَكَكَ فِي نَصِيحَتِكَ؟ قُلْتُ: لا وَاللَّهِ، وَلا أَعْلَمُ أَحَدًا كَانَ أَظْهَرَ عِنْدِي مَعْرُوفًا، وَلا أَوْضَحَ يَدًا مِنَ الْحَجَّاجِ، وَلَوْ كُنْتُ مُحَابِيًا أَحَدًا بِدِينِي لَكَانَ هُوَ، وَلَكِنِّي آثَرْتُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُسْلِمِينَ وَأَنْتَ عَلَيْهِ. قَالَ: قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكَ آثَرْتَ اللَّهَ وَلَوْ أَرَدْتَ الدُّنْيَا لَكَانَ لَكَ فِي الْحَجَّاجِ، وَقَدْ أَزَحْتَ الْحَجَّاجَ عَنِ الْحَرَمَيْنِ لِمَا كَرِهْتَ مِنْ وِلايَتِهِ عَلَيْهِمَا، وَأَعْلَمْتُهُ أَنَّكَ اسْتَنْزَلْتَنِي لَهُ عَلَيْهِمَا اسْتِصْغَارًا لَهُمَا عَنْهُ، وَوَلَّيْتُهُ الْعِرَاقَيْنِ لِمَا هُنَاكَ مِنَ الأُمُورِ الَّتِي لا يَدْحَضُهَا إِلا مِثْلُهُ، وَأَعْلَمْتُهُ أَنَّكَ اسْتَدْعَيْتَنِي إِلَى التَّوْلِيَةِ عَلَيْهِمَا اسْتِزَادَةً لَهُ، لِتُلْزِمَهُ نَصِيحَتَكَ مَا يُؤَدِّي بِهِ عَنِّي إِلَيْكَ الْحَقَّ، وَتَصِيرَ مِنْهُ إِلَى الَّذِي تَسْتَحِقُّهُ، فَاخْرُجْ مَعَهُ، فَإِنَّكَ غَيْرُ ذَامٍّ صُحْبَتَهُ.

257 - وَسَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ الْخُرَاسَانِيَّ يَقُولُ: حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ يَقُولُ: سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ الْخَوَّاصَ يَقُولُ: لَوْ دَخَلْتَ عَلَى بَعْضِ هَؤُلاءِ، يَعْنِي الْوُلاةَ، لَمْ أُحِبَّ أَنْ أَطَأَ بِسَاطَهُ، كَرَاهِيَةَ أَنْ يَلِينَ قَلْبِي بِوَطْءِ بِسَاطِهِ. 258 - سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ الأَنْصَارِيَّ بِطَرَسُوسَ يَقُولُ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الْمَلِكِ الْفَارِسِيُّ، قَالَ: قَالَ الْفِرْيَابِيُّ: قُلْتُ لِسُلَيْمَانَ الْخَوَّاصِ: إِنَّ فُلانًا يَفْسُقُ بِالنِّسَاءِ، فَقَالَ: كَذَبُوا، قُلْتُ: أَمْرُهُ أَشْهَرُ مِنْ ذَا فِيمَا يَذْكُرُونَ، فَقَالَ: كَذَبُوا، وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَكْذَبَهُمْ، {لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ} [النور: 13] ، قَالَ الْفِرْيَابِيُّ: فَعَرَفْتُ أَنَّ الرَّجُلَ فَقِيهٌ، يَعْقِلُ مَا يَقُولُ. 259 - سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ دَاوُدَ يَقُولُ: أَخْبَرَنِي الْحدَّانِيُّ

قَالَ: سَمِعْتُ عِيسَى بْنَ يُونُسَ، قَالَ لِي شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ، وَكَانَ لِي مُكْرِمًا مُعَظِّمًا: يَا أَبَا عَمْرٍو، لا تَأْتِ أَبْوَابَ الْقَوْمِ، وَلا تَسْتَظِلَّ بِفَيْءِ أَبْوَابِهِمْ. قَالَ فَقَدِمْتُ قَدْمَةً إِلَى بَغْدَادَ، فَإِذَا أَبُو بِسْطَامٍ يَغْدُو إِلَى أَبْوَابِ الْقَوْمِ وَيَرُوحُ، قَالَ: فَقُلْتُ: يَا أَبَا بِسْطَامٍ، أَوَ لَمْ تَنْهَ عَنْ أَبْوَابِهِمْ، وَأَنْتَ تَغْدُو وَتَرُوحُ إِلَى أَبْوَابِهِمْ؟ ! قَالَ لِي: إِنَّ أَخِي دَخَلَ لَهُمْ فِي شَيْءٍ، قَالَ: فَقُلْتُ: لا عُذْرَ لَكَ، قَالَ: تَقُولُ أَنْتَ، وَيَقُولُ لِي سُفْيَانُ، وَأَدَعُ أَخِي، قَالَ: وَدَمِعَتْ عَيْنُ الشَّيْخِ، فَكَفَفْتُ عَنْهُ. 260 - وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: سَمِعْتُ شُعَيْبَ بْنَ حَرْبٍ يَقُولُ: سَأَلْتُ سُفْيَانَ عَنْ مِيرَاثِ أَبِي وَشَدَدْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: لا تَأْكُلْهُ. 261 - وَأُخْبِرْتُ عَنْ شُعَيْبٍ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ نَهْرِ دَنٍّ، فَقَالَ: لا تَشْرَبْ مِنْهُ. قَالَ أَبُو نَصْرٍ: نَهْرُ دَنٍّ الَّذِي يَحْمِلُ مِنْ أسف قَرْيَةٍ مِنَ النَّهْرَوَانِ. 262 - وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: سَمِعْتُ شُعَيْبَ بْنَ حَرْبٍ يَقُولُ: سَأَلْتُ سُفْيَانَ، قُلْتُ: قَرَابَةٌ لِي مَعَ هَؤُلاءِ آخُذُ مِنْهُ مَالا مُضَارَبَةً؟ فَقَالَ: مَا أُحِبُّ أَنْ تَكُونَ لَهُمْ قَهْرَمَانًا.

263 - سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: إِذَا أَصَبْتَ الْكُوفِيَّ صَاحِبَ سَنَةٍ صَبُورًا عَلَى الْفَقْرِ، فَهُوَ يَفُوقُ النَّاسَ، وَقَالَ: هُمْ أَصْحَابُ قُرْآنٍ. 264 - وَذَكَرَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، فَقَالَ: مَا يَتَقَدَّمُهُ أَحَدٌ فِي قَلْبِي. وَقَالَ: مَا عُنِيَ أَحَدٌ بِحَدِيثِ الثَّوْرِيِّ مَا عُنِينَا نَحْنُ بِهِ، كَتَبْتُ حَدِيثَ الثَّوْرِيِّ، حَتَّى كَتَبْتُهُ عَنْ رَجُلَيْنِ عَنْ سُفْيَانَ، وَحَتَّى إِنَّا كَلَّمْنَا يَحْيَى بْنَ آدَمَ، فَكَلَّمَ لَنَا ابْنَ الأَشْجَعِيِّ، فَكَانَ يُخْرِجُ كُتُبَ أَبِيهِ، فَنَكْتُبُهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ نَسْمَعَهَا. 265 - سَمِعْتُ الْعَبَّاسَ يَقُولُ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ شَمَّاسٍ يَقُولُ: كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ فَطَلَعَ أَحْمَدُ، فَقَالَ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى مَا بَيْنَ كَتِفَيِ الثَّوْرِيِّ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا، وَأَشَارَ إِلَى أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ

266 - سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ نَصْرٍ النَّيْسَابُورِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ رَاهَوَيْهِ يَقُولُ: نَاظَرْتُ يَحْيَى بْنَ آدَمَ فِي الْبَيِّعَيْنِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، قَالَ: فَقَالَ لِي: مَنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ مِنَ الْفُقَهَاءِ؟ فَقُلْتُ لَهُ: سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، وَيَحْيَى الْقَطَّانُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، قَالَ: وَذَكَرْتُ أَحْمَدَ مَعَهُمْ لِكَيْ لا يَجْتَزِئَ. 267 - سَمِعْتُ نُوحَ بْنَ حَبِيبٍ الْقُومَسِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ وَكِيعًا يَقُولُ: قَالَ لَنَا أَهْلُ الْبَصْرَةِ: وَازِنُونَا بِرِجَالِنَا وَرِجَالِكُمْ فَقَالُوا: عِنْدَنَا أَيُّوبُ، وَيُونُسُ، وَابْنُ عَوْنٍ، قَالَ: فَوَازَنَّاهُمْ بِسُفْيَانَ، وَمَنْصُورٍ، وَمِسْعَرٍ، وَكَانَ أَجْمَعَ السِّتَّةِ سُفْيَانُ. 268 - وَسَمِعْتُ ابْنَ عَبْدِ الأَعْلَى الصَّنْعَانِيَّ يَذْكُرُ عَنْ مُعْتَمِرٍ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، قَالَ: كَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ بِالْحِجَازِ، أَوْ قَالَ: بِمَكَّةَ يَفْتَخِرُ بِيُونُسَ، وَابْنِ عَوْنٍ، وَأَيُّوبَ، وَالتَّيْمِيِّ، قَالَ: فَيُقَالُ لَهُ: اذْكُرْ أَهْلَ بَلَدِكَ؟ قَالَ: كُلُّنَا مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ 269 - سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، وَذَكَرَ أَيُّوبَ، وَيُونُسَ، وَابْنَ عَوْنٍ، وَالتَّيْمِيَّ، فَقَالَ: هَلْ فِي الدُّنْيَا مِثْلُ هَؤُلاءِ؟ ! 270 - سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ عِيسَى الْمَرْوَزِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ سَلَمَةَ بْنَ سُلَيْمَانَ الْمَرْوَزِيَّ يَقْرَأُ عَلَيْنَا كِتَابَ عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالُوا لَهُ: قُلِ ابْنَ الْمُبَارَكِ، فَقَالَ لَهُ سَلَمَةُ: إِذَا قِيلَ بِمَكَّةَ عَبْدُ اللَّهِ فَهُوَ ابْنُ عَبَّاسٍ،

وَإِذَا قِيلَ بِالْمَدِينَةِ عَبْدُ اللَّهِ فَهُوَ ابْنُ عُمَرَ، وَإِذَا قِيلَ بِالْكُوفَةِ عَبْدُ اللَّهِ فَهُوَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَإِذَا قِيلَ بِخُرَاسَانَ عَبْدُ اللَّهِ فَهُوَ ابْنُ الْمُبَارَكِ. 271 - وَسَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ الْخَلِيلِ يَقُولُ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ رُسْتُمَ يَقُولُ: حَدَّثَنِي خَالِدٌ الْوَاسِطِيُّ أَبُو شُعَيْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ يَقُولُ: إِنِّي لأَجْهَدُ أَنْ أَكُونَ سَنَةً عَلَى حَالٍ يَكُونُ عَلَيْهَا ابْنُ الْمُبَارَكِ فَمَا أَقْدِرُ عَلَيْهِ 272 - سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ الْخُرَاسَانِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ نُعَيْمَ بْنَ حَمَّادٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ مَهْدِيٍّ يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ ابْنِ الْمُبَارَكِ 273 - سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ هَارُونَ الْخُرَاسَانِيَّ يَقُولُ: حَدَّثَنِي نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ: أَيُّهُمَا أَفَضْلُ عِنْدَكَ سُفْيَانُ أَوِ ابْنُ الْمُبَارَكِ؟ فَقَالَ: ابْنُ الْمُبَارَكِ، فَقُلْتُ: إِنَّ النَّاسِ يُخَالِفُونَكَ؟ قَال: إِنَّ النَّاسَ لَمْ يُجَرِّبُوا، فَحَدَّثْتُ بِهِ بِشْرَ بْنَ الْحَارِثِ، فَقَالَ: امْحُ هَذَا مِنْ كِتَابِكَ 274 - سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: مَا أَخْرَجَتْ خُرَاسَانُ مِثْلَ ابْنِ الْمُبَارَكِ. وَقَالَ: مَا رَفَعَهُ اللَّهُ إِلا بِخَشْيَةٍ كَانَتْ لَهُ.

وَقَالَ: كَانَ أَبُو تُمَيْلَةَ يَقُولُ: هَذَا الشِّعْرُ فِي ابْنِ الْمُبَارَكِ رَحِمَهُ اللَّهُ: كُنْتَ فَخْرًا لِمَرْوَ إِذْ كُنْتَ فِيهَا ... ثُمَّ صَارَتْ كَسَائِرِ الْبُلْدَانِ كَانَ أَبُو مُسْلِمٍ يَحْفَظُهَا، مَا أَحْسَنَهَا، إِنْ طَلَبْتَهَا وَجَدْتَهَا. 275 - فَقَدِمَ عَلَيْنَا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ، فَسَأَلْنَاهُ عَنْهَا فَقَالَ: سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ رَاهَوَيْهِ يَقُولُ: كُنْتُ صَاحِبَ رَأْيٍ، فَلَمَّا أَرَدْتُ الْخُرُوجَ إِلَى الْحَجِّ عَمِدْتُ إِلَى كُتُبِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، فَاسْتَخْرَجْتُ مِنْهَا مَا يُوَافِقُ رَأْيَ أَبِي حَنِيفَةَ مِنَ الأَحَادِيثِ، فَبَلَغْتُ نَحْوَ ثَلاثِ مِائَةِ حَدِيثٍ، فَقُلْتُ: أَسْأَلُ عَنْهَا مَشَايِخَ عَبْدِ اللَّهِ الَّذِينَ هُمْ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ، وَأَنَا أَظُنُّ أَنَّهُ لَيْسَ يَجْتَرِئُ أَحَدٌ أَنْ يُخَالِفَ أَبَا حَنِيفَةَ. فَلَمَّا قَدِمْتُ الْبَصْرَةَ، جَلَسْتُ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، فَقَالَ لِي: مِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟ فَقُلْتُ: مِنْ أَهْلِ مَرْوَ، فَتَرَحَّمَ عَلَى ابْنِ الْمُبَارَكِ، وَكَانَ شَدِيدَ الْحُبِّ لَهُ، فَقَالَ: هَلْ مَعَكَ مَرْثِيَةٌ رُثِيَ بِهَا عَبْدُ اللَّهِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَأَنْشَدْتُهُ قَوْلَ أَبِي تُمَيْلَةَ يَحْيَى بْنِ وَاضِحٍ الأَنْصَارِيِّ: طَرَّقَ النَّاعِيَانِ إِذْ نَبَّهَانِي ... بِقَطِيعٍ مِنْ فَاجِعِ الْحَدْثَانِ

قُلْتُ لِلنَّاعِيَانِ مَنْ تَنْعِيَا؟ ... قَالا أَبَا عَبْدِ رَبِّنَا الرَّحْمَانِ فَأَثَارَ الَّذِي أَتَانِي حُزْنِي ... وَفُؤَادُ الْمُصَابِ ذُو أَحْزَانِ ثُمَّ فَاضَتْ عَيْنَايَ وَجْدًا ... وَشَجْوًا بِدُمُوعٍ يُحَادِرُ الْهَطْلانِ وَذَكَرَ الْقَصِيدَةَ إِلَى آخِرِهَا، قَالَ: فَمَا زَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ يَبْكِي، وَأَنَا أُنْشِدُهُ، حَتَّى إِذَا مَا قُلْتُ: وَبِرَأْيِ النُّعْمَانِ كُنْتَ بَصِيرًا ... . . . . قَالَ لِي: اسْكُتْ، فَقَدْ أَفْسَدْتَ الْقَصِيدَةَ، فَقُلْتُ: إِنَّ بَعْدَ هَذَا أَبْيَاتًا حِسَانًا، فَقَالَ: دَعْهَا، أَتَذْكُرُ رِوَايَةَ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي مَنَاقِبِهِ؟ ! مَا نَعْرِفُ لَهُ زَلَّةً بِأَرْضِ الْعِرَاقِ إِلا رِوَايَتَهُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَوَدِدْتُ أَنَّهُ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ، وَأَنِّي كُنْتُ أَفْتَدِي ذَلِكَ بِمُعْظَمِ مَالِي. فَقُلْتُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، مَا تَحْمِلُ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ كُلَّ هَذَا، أَلَمَّا أَنَّهُ كَانَ يَتَكَلَّمُ بِالرَّأْيِ، فَقَدْ كَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَسُفْيَانُ، وَالأَوْزَاعِيُّ يَتَكَلَّمُونَ بِالرَّأْيِ؟ ! فَقَالَ: أَتَقْرِنُ أَبَا حَنِيفَةَ إِلَى هَؤُلاءِ! مَا أَشْبَهَ أَبَا حَنِيفَةَ فِي أَهْلِ الْعِلْمِ إِلا بِنَاقَةٍ شَارِدَةٍ فَارِدَةٍ تَرْعَى فِي وَادٍ جَدْبٍ، وَالإِبِلُ كُلُّهَا تَرْعَى فِي وَادٍ آخَرَ. قَالَ إِسْحَاقُ: ثُمَّ نَظَرْتُ بَعْدُ فَإِذَا النَّاسُ فِي أَمْرِ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى خِلافٍ مَا كُنَّا عَلَيْهِ بِخُرَاسَانَ.

276 - سَمِعْتُ بُنْدَارًا يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ يَقُولُ: مَا هَبَطَتْ فِتْنَةٌ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ أَضَرُّ مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ 277 - سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: كَانَ عَبْدُ الرَّحَمْنِ يَشْتَغِلُ فِي السَّنَةِ أَلْفَ مِثْقَالٍ. 278 - سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي عُمَرَ الْعَدْنِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُولُ: لَمْ يَزَلْ أَمْرُ النَّاسِ مُعْتَدِلا حَتَّى ظَهَرَ أَبُو حَنِيفَةَ بِالْكُوفَةِ، وَالْبَتِّيُّ بِالْبَصْرَةِ، وَرَبِيعَةُ بِالْمَدِينَةِ، فَنَظَرْنَا فِيهِمْ فَوَجَدْنَاهُمْ مِنْ أَبْنَاءِ السَّبَايَا 279 - قَرَأْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ: مِسْكِينُ بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ بِلالِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: أَدْرَكْتُ النَّاسَ وَهُمْ يَتَحَاثُّونَ عَلَى الأَعْمَالِ: الصَّلاةِ، وَالزَّكَاةِ، وَفِعْلِ الْخَيْرِ، وَالأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَحْوِ

هَذَا، وَإِنَّهُمُ الْيَوْمَ يَتَحَاثُّونَ عَلَى الرَّأْيِ. 280 - وَجَدْتُ عِنْدِي لأَبِي سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ الْهِلالِيِّ، قَالَ: كَتَبَ رَجُلٌ إِلَى الضَّحَّاكِ: أَنِّي بِمَكَانٍ قَاصٍ مُنْقَطِعٍ، فَاكْتُبْ إِلَيَّ شَيْئًا مِنَ السُّنَّةِ أَتَّخِذْهُ إِمَامًا. قَالَ: فَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: فَأَنَا كَتَبْتُ جَوَابَ الْكِتَابِ، أَتَانِي كِتَابُكَ، فَقَرَأْتُهُ وَفَهِمْتُ الَّذِي سَأَلْتَ، وَإِنِّي أَرْجِعُ إِلَيْكَ فِيمَا سَأَلْتَ، إِنَّ للَّهِ عَزَّ وَجَلَّ خَيْرَهُ مِنَ الأَعْمَالِ، وَصَفْوَهُ، وَخِيرَتُه وَصَفْوَتُهُ مِنَ الأَعْمَالِ فَرَائِضُهُ، وَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ سَائِلٌ الْعِبَادَ عَنِ الْوَفَاءِ بِهَا، {وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 158] ، للَّهِ حَلالٌ بَيِّنٌ فَاتَّبِعْهُ، وَللَّهِ حَرَامٌ بَيِّنٌ فَاجْتَنِبْهُ، وَلَكِنْ بَيْنَ ذَلِكَ مُشْتَبِهَاتٌ، هِيَ حَزَازَاتُ الصُّدُورِ، فَدَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لا يَرِيبُكَ، فَإِنَّ الشَّرَّ رِيبَةٌ، وَالْخَيْرَ طَمَأْنِينَةٌ. 281 - قَرَأْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ: زَيْدِ بْنِ الْحُبَابِ، عَنْ

أَبِي سِنَانِ بْنِ ثَابِتٍ، أَنَّ الضَّحَّاكَ بْنَ مُزَاحِمٍ وُلِدَ وَهُوَ ابْنُ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، وَلَهُ أَسْنَانٌ. 282 - سَمِعْتُ عَبْدَ الْوَهَّابِ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ الْخَلِيلِ يَقُولُ: قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: كُنْتُ جَالِسًا مَعَ ابْنِ الْمُبَارَكِ يَوْمًا إِذْ دَخَلَ حَمْزَةُ الْبَزَّازُ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَثَ حَدَثٌ عَظِيمٌ، قَال: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: بِنْتُ أَبِي رَوْحٍ ارْتَدَّتْ عَنِ الإِسْلامِ، لِتَبِينَ مِنْ زَوْجِهَا، فَغَضِبَ ابْنُ الْمُبَارَكِ غَضَبًا مَا غَضِبَ مِثْلَهُ قَطُّ، ثُمَّ قَالَ: لا جَرَمَ، قَدْ أَحْبَطَ اللَّهُ كُلَّ حَسَنَةٍ عَمِلَتْهَا إِلَى الْيَوْمِ وَبَقِيَ الْوِزْرُ، ثُمَّ قَالَ: أَوْ قِيلَ: هَذَا كِتَابُ الْحِيَلِ، فَقَال: لَقَدْ أَحْبَبْتُ أَنْ أَرَى هَذَا الْكِتَابَ، فَلا يُقْضَى لِي أَنْ أَرَاهُ فَأَعْلَمَ مَا فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدُ عَلَى مَنْ وَضَعَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي هَذَا الْكِتَابِ لِحِيلَةِ النِّسَاءِ لِتَبِينَ مِنْ زَوْجِهَا إِذَا أَرَادَتْ، إِنَّهُ كَافِرٌ بِاللَّهِ: ثُمَّ قَالَ: وَذَلِكَ لَوْ أَنِّي أَمَرْتُ رَجُلا أَنْ يَكْفُرَ فَكَفَرَ بِقَوْلِي، كُنْتُ أَنَا الْكَافِرَ.

283 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: تَفَقَّهُوا قَبْلَ أَنْ تُسَوَّدُوا. 284 - وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ شَقِيقٍ يَقُولُ: حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ النَّحْوِيُّ سَلْمَوَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: اجْتَمَعَ مَرْوَانُ وَابْنُ الزُّبَيْرِ عِنْدَ عَائِشَةَ، فَذَكَرَ مَرْوَانُ بَيْتَ لَبِيدٍ: وَمَا الْمَرْءُ إِلا كَالشِّهَابِ وَضَوْئِهِ ... يَحُورُ رَمَادًا بَعْدَ إِذْ هُوَ سَاطِعُ فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: لَوْ شِئْتَ، لَقُلْتُ مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْ هَذَا: فَوِّضْ إِلَى اللَّهِ الأُمُورَ إِذَا اعْتَرَتْ ... وَبِاللَّهِ لا بِالأَقْرَبِينَ فَدَافِعُ

فَقَالَ مَرْوَانُ: وَدَاوِ ضَمِيرَ الْقَلْبِ بِالْبِرِّ وَالتُّقَى ... وَلا يَسْتَوِي قَلْبَانِ قَاسٍ وَخَاشِعُ فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: وَلا يَسْتَوِي عَبْدَانِ عَبْدٌ مُكْلِمٌ ... عُتُلٌّ لأَرْحَامِ الأَقَارِبِ قَاطِعُ فَقَالَ مَرْوَانُ: وَعَبْدٌ تَجَافَى جَنْبُهُ عَنْ فِرَاشِهِ ... يَبِيتُ يُنَاجِي رَبَّهُ وَهُوَ رَاكِعُ فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: وَلِلْخَيْرِ أَهْلٌ يُعْرَفُونَ بِهَدْيِهِمْ ... إِذَا جَمَعَتْهُمْ فِي الْخُطُوبِ الْجَوَامِعُ فَقَالَ مَرْوَانُ: وَللشَّرِّ أَهْلٌ يُعْرَفُونَ بِشَكْلِهِمْ ... تُشِيرُ إِلَيْهِمْ بِالْفُجُورِ الأَصَابِعُ فَسَكَتَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: مَا لَكَ؟ فَمَا سَمِعْتُ بِمُحَاوَرَةٍ قَطُّ أَحْسَنَ مِنْ هَذَا، وَلَكِنْ لِمَرْوَانَ إِرْثٌ فِي الشِّعْرِ لَيْسَ لَكَ، قَالَ: فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ لِمَرْوَانَ: عَرَّضْتَ، قَالَ: بَلْ أَنْتَ أَشَدُّ تَعْرِيضًا، طَابَتْ يَدُكَ فَأَعْطَيْتَنِي رِجْلَكَ. 285 - سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَبِي اللَّيْثِ يَقُولُ: رَأَيْتُ ابْنَ الْمُبَارَكِ فِي النَّوْمِ وَفِي لِسَانِهِ عُجْمَةٌ،

فَقُلْتُ: قَدْ كُنْتَ تُحَدِّثُنَا وَأَنْتَ فَصِيحٌ، فَمَا هَذِهِ الْعُجْمَةُ؟ قَالَ: الشِّعْرُ الَّذِي كُنْتُ أَقُولُهُ. 286 - سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ الْمَرْوَزِيُّ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي وَعَمِّي يَقُولانِ: كُنَّا عِنْدَ ابْنِ الْمُبَارَكِ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ، فَسَأَلَهُ عَنِ الشِّعْرِ، فَقَالَ: لا تَقُلْهُ، قَالَ: هُوَ ذَا أنْتَ تَقُولُ، فَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: أُمِرْتَ أَنْ تَقْتَدِيَ بِي فِي مَسَاوِئِي؟ 287 - وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سُرُورِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْقُشَيْرِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ رَجُلا سَأَلَ ابْنَ الْمُبَارَكِ عَنِ الشِّعْرِ، فَقَالَ لَهُ: أَقُولُ الشِّعْرَ؟ فَقَالَ لَهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ: لا، قَالَ: فَكَيْفَ تَقُولُهُ أَنْتَ؟ فَقَالَ لَهُ: أُمِرْتَ أَنْ تَقْتَدِيَ بِمَسَاوِئِي أَوْ بِمَحَاسِنِي! 288 - سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ الْخَلِيلِ يَقُولُ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: كَانَ رَجُلٌ يَقْرَأُ لِلنَّاسِ كَتَبَ ابْنُ جُرَيْجٍ عَلَيْهِ، فَغَابَ يَوْمًا فَلَمْ يَجِدُوا أَحَدًا يَقْرَأُ عَلَيْهِ، وَهَابَهُ النَّاسُ أَنْ يَقْرَءُوا عَلَيْهِ لإِعْرَابِهِ الْكَلامِ وَفَصَاحَتِهِ، فَأَخَذْتُ الْكِتَابَ أَنَا فَقَرَأْتُهُ عَلَيْهِ، فَجَعَلَ ابْنُ جُرَيْجٍ يَتَعَجَّبُ، وَيَقُولُ: خُرَاسَانِيٌّ يَقْرَأُ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ. 289 - وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ مُقَاتِلٍ يَذْكُرُ عَنْ مُؤَمِّلٍ، قَالَ: قَالَ

ابْنُ الْمُبَارَكِ: إِنِّي لأَسَمْعُ الْحَدِيثَ مَا أُرِيدُ أَنْ أُحَدِّثَ بِهِ وَلا أَعْمَلَ بِهِ وَلَكِنْ أُعِدُّهُ لأَخٍ مِنْ إِخْوَانِي، يَقَعُ فِي الشَّيْءِ فَأَجِدُ لَهُ مَخْرَجًا. 290 - سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ خَلادٍ الْبَاهِلِيَّ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ يَقُولُ: وَسُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ: {جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ} [هود: 69] ، فَقَالَ يَا بُنَيَّ، أَمَا رَأَيْتَ الْمَطِيَّةَ كَيْفَ تَعْمَلُ. 291 - وَسَمِعْتُهُ، وَسُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ: {إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا} [الفرقان: 65] قَالَ: أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ الشَّاعِرِ: وَيَوْمُ النِّسَارِ وَيَوْمُ الْجِفَارِ ... كَانَا عَذَابًا وَكَانَ غَرَامًا يَا بُنَيَّ، الْغَرَامُ: الشَّدِيدُ. 292 - وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الصَّبَّاحِ يَقُولُ: أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء: 32] قَالَ: لَيْسَ بِعَرَضِ الدُّنْيَا

293 - وَعَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: كُلُّ شَيْءٍ فِي الْقُرْآنِ: (عَسَى) لَمْ تَجِئْ إِلا وَاجِبَةً. 294 - وَسَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ الْمِسْمَعِيَّ يَقُولُ: حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] قَالَ: ذَوِي عَقْلٍ 295 - وَسَمِعْتُ يَحْيَى الْجَلاءَ، وَذَكَرَ أَبَا زَكَرِيَّا سَعِيدَ بْنَ عَامِرٍ، فَقَالَ: كُنَّا عِنْدَهُ، فَلَغَطَ الْقَوْمُ، أَوْ بَعْضُ الْقَوْمِ، فَقَالَ حُمَيْدُ بْنُ الأَسْوَدِ، عَنْ عِيسَى بْنِ أَبِي عِيسَى، عَنِ الشَّعْبِيِّ، فَقَالَ: إِنَّمَا يَطْلُبُ هَذَا الْعِلْمَ مَنْ كَانَ فِيهِ خَلَّتَانِ: الْعَقْلُ وَالنُّسْكُ، فَإِنْ كَانَ عَاقِلا وَلَمْ يَكُنْ نَاسِكًا، قَال: هَذَا أَمْرٌ لا يَطْلُبُهُ إِلا النُّسَّاكُ، وَإِنْ كَانَ نَاسِكًا، وَلَمْ يَكُنْ عَاقِلا، قَالَ: إِنَّمَا يَطْلُبُ هَذَا الأَمْرَ مَنْ لَهُ عَقْلٌ. قَالَ الشَّعْبِيُّ: وَقَدْ رَهِبْتُ أَنْ يَكُونَ الْيَوْمَ أَقْوَامٌ يَطْلُبُونَهُ لَيْسَ فِيهِمْ خَلَّةٌ

296 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: {مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ} [مريم: 31] ، قَالَ: مُعَلِّمًا لِلْخَيْرِ حَيْثُ مَا كُنْتُ. 297 - وَكَتَبَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلادٍ الْبَاهِلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ يَقُولُ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم: 7] ثُمَّ يَقُولُ سُفْيَانُ: تَدْرِي أَيَّ شَيْءٍ؟ لأَزِيدَنَّكُمْ مِنْ طَاعَتِي، قَالَ سُفْيَانُ: أَلا تَرَى أَنَّكَ كُلَّمَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلْيَكَ مِنَ نِعْمَةٍ حَمِدْتَ اللَّهَ 298 - قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَوَجَدْتُ عِنْدِي لإِبْرَاهِيمَ بْنِ دَاوُدَ الأَحْوَالَ: خَيْرُ مَا اسْتَفْتَحَ الْعِبَادُ بِهِ الْمَنْطِقَ ... حَمْدُ الإِلِهِ رَبِّ السَّمَا ... وَصَلاةٌ عَلَى النَّبِيِّ أَبِي الْقَاسِمِ ... ذِي النُّورِ خَاتَمِ الأَنْبِيَا فَابْدَأْ بِالْحَمْدِ فِي الْكَلامِ ... فَذِكْرُ اللَّهِ زَيْنٌ لِمَنْطِقِ الْبُلِّغَا وَلَهُ جَلَّ وَجْهُهُ وَتَعَالَى ... الْحَمْدُ حَقًّا عَلَى جَمِيعِ الْبِلَى

299 - وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقْرَأُ هَذِهِ الآيَةَ: {يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى} [طه: 7] ، قَالَ: {السِّرَّ} [طه: 7] مَا أَسْرَرْتُهُ فِي نَفْسِكَ، وَ {وَأَخْفَى} [طه: 7] مَا لَمْ تَعْلَمْهُ أَنْتَ، قَدْ عَلِمَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ 300 - سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ يَقُولُ: حَدَّثَنَا صَفْوَانُ، حَدَّثَنَا عُمَرُ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الْوَاحِدِ، عَنِ ابْنِ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ يَقُولُ: هِيَ مُثَبِّتَةٌ، اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يُحَاسِبُ كُلَّ عَبْدٍ مَا أَسَرَّ وَأَعْلَنَ حَتَّى يَعْلَمَ الْعَبْدُ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لا يَخْفَى عَلَيْهِ سِرٌّ وَلا عَلانِيَةٌ 301 - وَبَلَغَنِي أَنَّ أَعْرَابِيًّا رَأَى سَلامَ بْنَ أَبِي مُطِيعٍ وَهُوَ يَتَكَلَّمُ، فَرَآهُ يَفْهَمُ وَيُفْهِمُ، فَقَالَ: مَا أَشَدَّ حِسَابَ هَذَا الرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ 302 - سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الصَّبَّاحِ يَقُولُ: أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الأَوْدِيِّ قَالَ: ثَلاثٌ مِنَ الْفَوَاقِرِ، وَثَلاثَةٌ لا يُسْتَجَابُ لَهُمْ، وَثَلاثَةٌ لا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ.

فَأَمَّا الْفَوَاقِرُ: فَأَمِيرٌ إِنْ أَحْسَنْتَ لَمْ يَشْكُرْ، وَإِنْ أَسَأْتَ لَمْ يَغْفِرْ، وَجَارٌ إِنْ رَأَى حَسَنَةً لَمْ يُفْشِهَا، وَإِنْ رَأَى سَيِّئَةً لَمْ يَدْفِنْهَا، وَزَوْجَةً إِنْ شَهِدْتَهَا لَمْ تَقَرَّ بِهَا عَيْنُكَ، وَإِنْ غِبْتَ عَنْهَا لَمْ تَطْمَئِنَّ إِلَيْهَا نَفْسُكَ. وَثَلاثَةٌ لا يُسْتَجَابُ لَهُمْ: رَجُلٌ أَدَانَ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ فَلَمْ يُشْهِدْ عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ يَدْعُو عَلَى ذِي رَحِمٍ، وَرَجُلٌ يَقُولُ لِزَوْجَتِهِ: اللَّهُمَّ أَرِحْنِي مِنْهَا، قَالَ: فَيَقُولُ: إِنِّي قَدْ قَلَّدْتُكَ أَمْرَهَا، فَإِنْ شِئْتَ فَطَلِّقْ، وَإِنْ شِئْتَ فَأَمْسِكْ. وَثَلاثَةٌ لا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ: عَاقٌّ لِوَالِدِهِ، وَلا مُدْمِنُ خَمْرٍ، وَلا مَنَّانٌ 303 - سَمِعْتُ بُنْدَارَ بْنَ بَشَّارٍ يَقُولُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: سَمِعْتُ طَارِقَ بْنَ شِهَابٍ قَالَ: كَانَ بَيْنَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَبَيْنَ سَعْدٍ كَلامٌ، فَقَالَ رَجُلٌ: مَنْ خَالِدٌ عِنْدَ سَعْدٍ، فَقَالَ: إِنَّ الَّذِي بَيْنَنَا لَمْ يَبْلُغْ دِينَنَا 304 - وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ هِشَامٍ، قَالَ: كَانَ أَبُو السَّوَّارِ

الْعَدَوِيُّ يَعْرِضُ لَهُ الرَّجُلُ فَيَشْتُمُهُ، فَيَقُولُ لَهُ: إِنْ كُنْتُ كَمَا قُلْتَ، إِنِّي إِذًا لَرَجُلُ سُوءٍ 305 - وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنِي صَاحِبٌ لَنَا، قَالَ: قَالَ يَعْنِي أَبَا إِسْحَاقَ: أَيَشْتَرِي الرَّجُلُ طَيْلَسَانًا وَلَمْ يَحُجَّ؟ ! 306 - سَمِعْتُ شَيْبَانَ يَذْكُرُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَاشِدٍ، قَالَ: كَانَ مَكْحُولٌ يَكْرَهُ أَنْ يَنَامَ الرَّجُلُ عِنْدَ اصْفِرَارِ الشَّمْسِ قُرْبَ مَغْرِبِهَا، وَيَأْمُرُ الرَّجُلَ إِذَا رَآهُ نَائِمًا فِي ذَلِكَ الْحِينِ أَنْ يُوقَظَ. 307 - سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: يُكْرَهُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَنَامَ بَعْدَ الْعَصْرِ، يُخَافُ عَلَى عَقْلِهِ

يستريح من غفر له» - سمعت أبا عبد الله يقول: كانوا عند أنس قبل طلوع الشمس، فقال: هكذا نهار

308 - سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الأَعْلَى الصَّنْعَانِيَّ يَقُولُ: كُنَّا عِنْدَ خَالِدِ بْنِ الْحَارِثِ أَنَا وَبَعْضُ أَصْحَابِي، فَضَحِكْنَا مِنْ شَيْءٍ، فَجَعَلْنَا نَتَنَحَّى عَنْهُ لِئَلا يَفْطِنُ لَنَا، فَلَمَّا رَآنَا نَفْعَلُ ذَلِكَ، قَالَ: أَطْلِقَا، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُمْ كَانُوا عِنْدَ ابْنِ عَوْنٍ عَلَى سَطْحٍ فَضَحِكُوا مِنْ شَيْءٍ، فَكَأَنَّهُ لَمْ يُنْكِرْهُ، وَلَمْ يَكْرَهْهُ 309 - سَمِعْتُ الْوَلِيدَ بْنَ شُجَاعٍ يَقُولُ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عُرْوَةَ أَخْبَرَهُ، عَنْ عُرْوَةَ، قَالَ: تُوُفِّيَتِ امْرَأَةٌ كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضْحَكُونَ مِنْهَا، فَقَالَ لَهُ بِلالٌ: وَيْحُهَا قَدِ اسْتَرَاحَتْ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا يَسْتَرِيحُ مَنْ غُفِرَ لَهُ» 310 - سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: كَانُوا عِنْدَ أَنَسٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، فَقَالَ: هَكَذَا نَهَارُ الْجَنَّةِ 311 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ الْحَبْحَابِ، قَالَ: كُنْتُ آتِي أَبَا الْعَالِيَةِ فِي أَحْيَانٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، فَقَال: هَكَذَا نَهَارُ الْجَنَّةِ

الله عز وجل جزأ الخلق عشرة أجزاء، فجعل الملائكة تسعة أجزاء، وجزأ سائر الخلق، وجزأ

312 - وَسَمِعْتُ نَصْرَ بْنَ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيَّ يَقُولُ: حَدَّثَنَا نُوحُ بْنُ قَيْسٍ، حَدَّثَنَا عَوْنُ بْنُ أَبِي شَدَّادٍ، قَالَ إِنَّ للَّهِ عَزَّ وَجَلَّ خَلْفَ مَسْقَطِ الشَّمْسِ أَرْضًا بَيْضَاءَ، بَيَاضُهَا نُورُهَا، فِيهَا قَوْمٌ لَمْ يَدْرُوا أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عُصِيَ قَطُّ 313 - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدِّمِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ عِمْرَانَ الْقَطَّانِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الْبِكَالِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ جَزَّأَ الْخَلْقَ عَشَرَةَ أَجْزَاءٍ، فَجَعَلَ الْمَلائِكَةَ تِسْعَةَ أَجْزَاءٍ، وَجَزَّأَ سَائِرَ الْخَلْقِ، وَجَزَّأَ الْمَلائِكَةَ عَشَرَةَ أَجْزَاءٍ، تِسْعَةُ أَجْزَاءٍ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ، وَجُزْءٌ لِرِسَالَتِهِ وَأَمْرِهِ، وَجَزَّأَ الْجِنَّ وَالإِنْسَ عَشَرَةَ أَجْزَاءٍ، فَجَعَلَ تِسْعَةَ أَجْزَاءٍ الْجِنَّ وَجُزْءًا الإِنْسَ، وَلا يُولَدُ لِلإِنْسِ مِنْ مَوْلُودٍ إِلا وُلِدَ لِلْجِنِّ تِسْعَةُ أَمْثَالِهِ، وَجَزَّأَ الإِنْسَ عَشَرَةَ أَجْزَاءٍ، فَجَعَلَ تِسْعَةَ أَجْزَاءٍ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ، وَجُزْءًا سَائِرَ الإِنْسِ، {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ} [الذاريات: 7] قَالَ: السَّمَاءُ السَّادِسَةُ، وَالْحَرَمُ حَرَمٌ بِحِيَالَةِ الْعَرْشِ

314 - سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ: مُحَمَّدَ بْنَ سُفْيَانَ الأُبُلِّيَّ يَقُولُ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ، حَدَّثَنَا أَبُو يَزِيدَ أُوَيْسُ بْنُ عِمْرَانَ الْيَافِعِيُّ، عَنْ رَوْحِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ حَنَشٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّهُ قَالَ لِبَنِيهِ: يَا بَنِيَّ، إِذَا دَهَمَكُمْ أَمْرٌ، أَوْ حَزَبَكُمْ أَمْرٌ فَلا يَبِيتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلا وَهُوَ طَاهِرٌ فِي لِحَافٍ طَاهِرٍ، وَأَظُنُّهُ قَالَ: وَعَلَى فِرَاشٍ طَاهِرٍ، قَالَ: وَلا تَبِيتَنَّ مَعَهُ امْرَأَةٌ، ثُمَّ لِيَقْرَأْ: وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا سبعا، وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى سَبْعًا، ثُمَّ لِيَقُلِ: اللَّهُمَّ اجْعَلْ لِي مِنْ أَمْرِي هَذَا فَرَجًا، فَإِنَّهُ يَأْتِيهِ آتٍ فِي مَنَامِهِ فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ، أَوْ فِي الثَّالِثَةِ، أَوْ فِي الْخَامِسَةِ، وَأَظُنُّهُ قَالَ: أَوْ فِي السَّابِعَةِ، فَيَقُولُ: الْمَخْرَجُ مِنْهُ كَذَا وَكَذَا. قَالَ أَبُو يَزِيدَ: فَأَصَابَنِي وَجَعٌ شَدِيدٌ فَلَمْ أَدْرِ كَيْفَ أُدَاوِيهِ، فَبِتُّ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ، فَأَتَانِي آتِيَانِ فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: جُسَّهُ. قَالَ: فَجَعَلَ يَلْتَمِسُ جَسَدِي، فَلَمَّا بَلَغَ مَوْضِعًا مِنَ الرَّأْسِ، فَقَالَ: احْتَجِمْ هَاهُنَا وَلا تَحْلِقْهُ، وَلَكِنْ بِغَرَّاءَ، ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا: فَكَيْفَ لَوْ ضَمَمْتَ إِلَيْهَا: وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ.

قَالَ: فَلَمَّا أَصْبَحْتُ سَأَلْتُ: أَيُّ شَيْءٍ الْغَرَّاءُ؟ قَالُوا: خَطْمِي، أَوْ شَيْءٌ تَسْتَمْسِكُ بِهِ الْمِحْجَمَةَ، قَالَ: فَاحْتَجَمْتُ، فَأَنَا الْيَوْمَ لَيْسَ أُحَدِّثُ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَحَدًا إِلا وَجَدَ فِيهِ الشِّفَاءَ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ 315 - سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ خَلادٍ الْبَاهِلِيَّ يَقُولُ: حَدَّثَنِي أَبُو مَعْقِلٍ: قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ مِسْعَرٍ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ فِي مَضْرَبِهِ بِمِنًى، فَجَاءَ مُحَمَّدُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وَسُفْيَانُ يُحَدِّثُ النَّاسَ، فَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى جَوَالِقَ، ثُمَّ نَادَى بِصَوْتٍ لَهُ شَجِيٍّ مَحْزُونٍ فَقَالَ: إِنِّي وَزَنْتُ الَّذِي يَبْقَى لِيَعْدِلَهُ ... مَا لَيْسَ يَبْقَى فَلا وَاللَّهِ مَا اتَّزَنَا 316 - وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عُيَيْنَةَ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ صُوفٌ، يَجِيءُ إِلَى سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ يَعِظُهُ 317 - سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ خَلادٍ يَقُولُ: حَدَّثَنِي بَعْضُ مَنْ أَثِقُ بِهِ قَالَ: سَمِعْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَسَنِ عَلَى مِنْبَرِ الْبَصْرَةِ يَقُولُ:

أَيْنَ الْقُرُونُ الَّتِي عَنْ حَظِّهَا غَفَلَتْ ... حَتَّى سَقَاهَا بِكَأْسِ الْمَوْتِ سَاقِيهَا 318 - سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ وَاصِلٍ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِلْحَسَنِ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، أَرَأَيْتَ مَا ذُكِرَ مِنَ الْكَلْبِ أَنَّهُ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ أَهْلِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ؟ قَالَ: قَدْ ذُكِرَ ذَاكَ، قَالَ: يَا أَبَا سَعِيدٍ وَلِمَ ذَاكَ؟ قَالَ: لِتَرْوِيعِهِ الْمُسْلِمِ 319 - سَمِعْتُ بَعْضَ الْمَشْيَخَةِ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: دَخَلَ شَرِيكٌ عَلَى الْمَهْدِيِّ، قَالَ: فَقَالَ لَهُ: إِنَّ فِي قَلْبِي عَلَى عُثْمَانَ شَيْئًا، فَقَالَ شَرِيكٌ: إِنْ كَانَ فِي قَلْبِكَ فَإِنَّكَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَاسْتَوَى قَاعِدًا غَضْبَانَ، وَقَالَ: لَتُخْرِجَنَّ مِمَّا قُلْتَ، قَالَ شَرِيكٌ: أَنَا أُوجِدُكَ ذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ} [الفتح: 29] قَالَ: هُوَ ابْنُ عَمِّكَ، {فَاسْتَغْلَظَ} [الفتح: 29] أَبُو بَكْرٍ {فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ} [الفتح: 29] عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، {يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ} [الفتح: 29] عُثْمَانُ {لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} [الفتح: 29] قَالَ: عَلِيٌّ، قَالَ: فَتَحَلَّلَ الْغَضَبُ مِنْهُ، أَوْ قَالَ: سَكَنَ، وَقَالَ: قَدْ سَكَنَ مَا بِقَلْبِي

اثبت حراء، فما عليك إلا نبي، أو صديق، أو فاروق، أو شهيد مؤمن، يعني عثمان بن

320 - حَدَّثَنِي أَبُو الْفَتْحِ السِّمْسَارُ، قَالَ: سَمِعْتُ بِشْرًا يَقُولُ: حَدَّثَنَا مُعَافَى بْنُ عِمْرَانَ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، قَالَ: صَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِرَاءً فَاهْتَزَّ، فَقَالَ: «اثْبُتْ حِرَاءُ، فَمَا عَلَيْكَ إِلا نَبِيٌّ، أَوْ صِدِّيقٌ، أَوْ فَارُوقٌ، أَوْ شَهِيدٌ مُؤْمِنٌ، يَعْنِي عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ» 321 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، وَهِشَامٌ، وَابْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ أَوْسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ أَصَبْتُمُ اسْمَهُ، وَعُمَرُ الْفَارُوقُ قَرْنٌ مِنْ حَدِيدٍ أَصَبْتُمُ اسْمَهُ وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ ذُو النُّورَيْنِ أَصَبْتُمُ اسْمَهُ، أُوتِيَ كِفْلَيْنِ مِنَ الرَّحْمَةِ، لأَنَّهُ قُتِلَ مَظْلُومًا، وَمَلِكَيِ الأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ، قَالَ: قُلْنَا: أَلا تُسَمِّيهُمَا كَمَا سَمَّيْتَ أَصْحَابَهُمَا، قَالَ: مُعَاوِيَةُ، وَابْنُهُ يَزِيدُ، وَسَلامٌ، وَمَنْصُورٌ، وَجَابِرٌ، وَالْمَهْدِيُّ، وَالسَّفَّاحُ، وَالأَمِينُ، وَأَمِيرُ الْعُصَبِ.

قَالَ مُحَمَّدٌ: وَكَانَ أَبُو طَاهِرٍ، يَقُولُ: أَوَّلُ أَمِيرٍ بَعْدَ مُعَاوِيَةُ سَلامٌ 322 - وَحَدَّثَنِي بَعْضُ الْمَشْيَخَةِ، قَالَ: سَمِعْتُ بِشْرًا يَقُولُ: أَطْرَى رَجُلٌ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي وَجْهِهِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: لَوْ عَلِمْتَ مِنِّي مَا أَعْلَمُ مِنْ نَفْسِي مَا نَظَرْتَ فِي وَجْهِي 323 - حَدَّثَنَا شَيْبَانُ الأُبُلِّيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو هِلالٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، قَالَ: قَالَ كَعْبٌ: مَا كَرُمَ عَلَى اللَّهِ عَبْدٌ إِلا ازْدَادَ الْبَلاءُ عَلَيْهِ شِدَّةً، وَلا سَرَقَ سَارِقٌ إِلا حُسِبَ مِنْ رِزْقِهِ 324 - حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلادٍ الْبَاهِلِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ قَالَ: كَانَ هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ إِذَا حَدَّثَ بِالْحَدِيثِ الطَّوِيلِ أَوِ الْحَدِيثِ الْحَسَنِ قَالَ: أَظُنُّ أَنَّهُ يَخَافُ أَنْ يَدْخُلَهُ مِنْ ذَلِكَ

شَيْءٌ، قَالَ: يَقُولُ: كَمْ مِنْ مُحَدِّثٍ بِهَذَا الْحَدِيثِ قَدْ أَكَلَ التُّرَابَ لِسَانُهُ 325 - وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ جَعْفَرٍ الْوَرْكَانِيَّ قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّقِّيُّ، عَنْ فُرَاتِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ بَكْرِ بْنِ خُنَيْسٍ: إِنَّ الْحَسَنَ مَرَّ عَلَى بَابٍ لابْنِ هُبَيْرَةَ بِوَاسِطٍ، فَرَأَى الَّذِينَ يَقِفُونَ حَوْلَ قَصْرِهِ يَطْلُبُونَ الْعَمَلَ، فَقَالَ: قَدْ لَبِسُوا الْعَمَائِمَ الرِّقَاقَ، وَالْمَطَارِفَ الْعِتَاقَ، طَلَبُوا الإِمَارَاتِ، وَبَاعُوا الأَمَانَاتِ، تَعَرَضُّوا لِلْبَلاءِ، وَكَانُوا فِي عَافِيَةٍ، تَعَجَّلُوا سُرُورَهُمْ فَأَحْبَطُوا أُجُورَهُمْ، فَخَافُوا مَنْ فَوْقَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْعَقْدِ، وَظَلَمُوا مَنْ تَحْتَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْعَهْدِ، أَسْمَنُوا بَرَاذِينَهُمْ وَهَزَّلُوا دِينَهُمْ، شَيَّدُوا قُصُورَهُمْ وَضَيَّقُوا قُبُورَهُمْ، يَتَّكِيءُ أَحَدُهُمْ عَلَى حَشَايَاهُ، وَجَمْعُهُ سُحْتٌ وَخَدَمُهُ سُخْرَةٌ، وَمَأْكَلُهُ حَرَامٌ، يُؤْتَى بِالْحُلْوِ بَعْدَ الْحَامِضِ، وَبِالْحَارِّ بَعْدَ الْبَارِدِ، وَبِالرَّطْبِ بَعْدَ الْيَابِسِ، ثُمَّ يَظَلُّ يَتَجَشَّأُ مِنَ الْبَشَمِ، يَا جَارِيَةُ، وَيْحُكَ ابْغِينِي حَاطُومًا، وَيْحُكَ ابْغِينِي حَاطُومًا، وَيْحُكَ ابْنَ آدَمَ الأَحْمَقَ، إِنَّمَا تُحَطِّمُ دِينَكَ، غَدًا تَلْقَى نَدَمَكَ حِينَ تُعَايِنُ عَمَلَكَ، وَيَنْقَضِي أَجَلُكَ

326 - سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ يَزِيدَ الْخُزَاعِيَّ يَقُولُ: تَقُولُ الْعَرَبُ: مَنْ رَدَّ النَّصِيحَةَ رَأَى الْفَضِيحَةَ. 327 - وَسَمِعْتُ مَنْ يَذْكُرُ عَنْ بِشْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ دَاوُدَ يَقُولُ: مَا يَعْرِضُ رَجُلٌ لِلسُّلْطَانِ إِلا فَضَحَهُ. 328 - سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، وَذُكِرَ لَهُ كَلامٌ تَكَلَّمَ بِهِ ابْنُ أَكْثَمَ، فَغَضِبَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَقَالَ: هُوَ قَدْ بُلِيَ بِشَيْءٍ، فَلَيْسَ يُهِمُّهُ إِلا أَنْ يُوقِعَ غَيْرَهُ، وَتَكَلَّمَ بِكَلامٍ غَلِيظٍ، وَقَالَ: لَمْ يَزَلْ بِالْقَوَارِيرِيِّ حَتَّى بَاعَ لَهُ السِّلاحَ. 329 - وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الصَّبَّاحِ يَقُولُ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: قَالَ أَبُو حَازِمٍ: أَشَدَّ مُؤْنَةَ الدِّينِ الدُّنْيَا، قَالُوا: يَا أَبَا حَازِمٍ، هَذَا الدِّينُ، فَكَيْفَ الدُّنْيَا؟ قَالَ: لأَنَّكَ لا تَمُدُّ يَدَكَ إِلَى شَيْءٍ إِلا وَجَدْتَ فَاجِرًا قَدْ سَبَقَكَ

330 - سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الصَّبَّاحِ يَقُولُ: قَالَ سُفْيَانُ: حَتَّى مَتَى تُسَاقُونَ كَمَا تُسَاقُ الإِبِلُ؟ ! قَدْ أَتْعَبْتُمُ الْوَاعِظِينَ، كَأَنَّكُمْ إِبِلٌ لا تَنْزَجِرُ، عِظْهُمْ وَذَكِّرْهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ 331 - سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الصَّبَّاحِ يَقُولُ: قَالَ سُفْيَانُ: كَتَبَ الْحَسَنُ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: وَاعْلَمْ أَنَّ الْهَوْلَ الأَعْظَمَ، وَشَدَائِدَ الأُمُورِ أَمَامَكَ، لَمْ تَقْطَعْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بَعْدُ، وَلا بُدَّ وَاللَّهِ مِنْ مُعَايَنَةِ ذَلِكَ بِالْمُبَاشَرَةِ، إِمَّا بِالنَّجَاةِ وَالسَّلامَةِ، وَإِمَّا بِالْعَصْبِ، وَآخِرُ فِتْنَةٍ تَعْرِضُ عَلَى الْمُؤْمِنِ فِتْنَةُ الْقَبْرِ 332 - سَمِعْتُ بَعْضَ الْمُحَدِّثِينَ بِالْبَصْرَةِ يَقُولُ: حَدَّثَنَا جُرْثُومَةُ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى الْحَسَنِ، فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟ قَالَ: بِخَيْرٍ، قَالَ: فَكَيْفَ حَالُكَ؟ فَتَبَسَّمَ الْحَسَنُ وَقَالَ: سَأَلْتَنِي عَنْ حَالِي، ثُمَّ قَالَ: مَا ظَنُّكَ بِنَاسٍ رَكِبُوا السَّفِينَةَ، حَتَّى إِذَا تَوَسَّطُوا الْبَحْرَ كُسِرَتْ سَفِينَتُهُمْ، فَتَعَلَّقَ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ بِخَشَبَةٍ، عَلَى أَيِّ حَالٍ هُمْ؟ قَالَ الرَّجُلُ: حَالٌ شَدِيدَةٌ، قَالَ: فَأَنَا أَشَدُّ حَالا مِنْهُمْ 333 - سَمِعْتُ يَحْيَى الْجَلاءَ يَقُولُ: سُئِلَ رَجُلٌ عَنْ رَجُلٍ، فَقَالَ: كَيْفَ أَنْتُمْ؟ قَالَ: مَسْتُورُونَ، قَالَ: عِنْدَ مَنْ؟ عِنْدَ الْمَهْتُوكِينَ، أَوْ كَلامٌ ذَا مَعْنَاهُ

334 - سَمِعْتُ شَيْخًا بِالْبَصْرَةِ يَقُولُ: حَدَّثَنَا جُرْثُومَةُ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى الْحَسَنِ فَقَالَ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟ قَالَ أَصْبَحْتُ بَيْنَ نِعْمَتَيْنِ؛ نِعْمَةٍ سَتَرَتْ عَلَي ذَنْبِي، وَنِعْمَةٍ وَقَعَتْ فِي أَلْسُنِ النَّاسِ يَقُولُونَ مَا لَيْسَ يَرَوْنَ مِنِّي 335 - سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الصَّبَّاحِ يَقُولُ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سُهَيْلٍ، قَالَ: جَاءَ مُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ وَثَابِتٌ يَقُصُّ، فَلَمَّا دَخَلَ الْبَابَ جَلَسَ، فَقَالُوا لِثَابِتٍ: هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ قَدْ جَلَسَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ ادْنُ مِنَّا هَاهُنَا، فَلَمْ يَزَلْ يُرْسِلُ إِلَيْهِ حَتَّى أَتَاهُ، فَقَالَ لَهُ: أَتَحْسَبُ أَنَّ حَلْقَتَكَ هَذِهِ تُشْبِهُ حَلْقَةَ الْحَسَنِ الَّذِي كَانَ يَأْتِينَا؟ فَكَأَنَّمَا أَتَانَا عَنِ الآخِرَةِ يُخْبِرُنَا عَنْهَا 336 - وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الصَّبَّاحِ يَقُولُ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: اجْتَمَعَ هُوَ وَمَالِكٌ، فَقَالَ مَالِكٌ: إِنِّي لأَغْبِطُ رَجُلا لَهُ شَوِيٌّ مِنْ مَعِيشَةٍ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، قَالَ الآخَرُ: أَغْبَطُ مِنْهُ عِنْدِي رَجُلٌ يُصْبِحُ جَائِعًا، وَيُمْسِي جَائِعًا، وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ رَاضٍ، قَالَ سُفْيَانُ: يَعْنِي ابْنَ وَاسِعٍ

337 - سَمِعْتُ نَصْرًا الصَّايِغَ يَقُولُ: حَدَّثَنَا وِلادُ بْنُ سَلامٍ أَبُو الْعَبَّاسِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ أَبُو إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، حَدَّثَنِي حَفْصُ بْنُ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ، كَتَبَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: مِنْ سُفْيَانَ بْنِ سَعِيدٍ إِلَى عَبَّادِ بْنِ عَبَّادٍ، أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّكَ فِي زَمَانٍ كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَعَوَّذُونَ أَنْ يُدْرِكُوهُ فِيمَا بَلَغَنَا، وَلَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَيْسَ لَنَا، وَلَهُمْ مِنَ الْقِدَمِ مَا لَيْسَ لَنَا، فَكَيْفَ بِنَا حِينَ أَدْرَكْنَا؟ ! عَلَى قِلَّةِ عِلْمٍ وَبَصَرٍ، وَقِلَّةِ صَبْرٍ، وَقِلَّةِ أَعْوَانٍ عَلَى الْخَيْرِ، وَفَسَادٍ مِنَ النَّاسِ، وَكَدَرٍ مِنَ الدُّنْيَا، فَعَلَيْكَ بِالأَمْرِ الأَوَّلِ، وَالتَّمَسُّكِ بِهِ، وَعَلَيْكَ بِالْخُمُولِ، فَإِنَّ هَذَا زَمَانُ خُمُولٍ. وَعَلَيْكَ بِالْعُزْلَةِ، وَقِلَّةِ مُخَالَطَتِهِمْ، فَإِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَلَيْهِ السَّلامُ كَانَ يَقُولُ: إِيَّاكُمْ وَالطَّمَعَ، فَإِنَّ الطَّمَعَ فَقْرٌ، وَإِنَّ الْيَأْسَ غِنًى، وَفِي الْعُزْلَةِ رَاحَةً مِنْ خُلَطَاءِ السُّوءِ، وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ: الْعُزْلَةُ عِبَادَةٌ. وَكَانَ النَّاسُ إِذَا الْتَقَوُا انْتَفَعَ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ، فَأَمَّا الْيَوْمَ فَقَدْ ذَهَبَ ذَلِكَ، وَالنَّجَاةُ فِي تَرْكِهِمْ فِيمَا نَرَى.

وَإِيَّاكَ وَالأُمَرَاءَ أَنْ تَدْنُوَ إِلَيْهِمْ، أَوْ تُخَالِطَهُمْ فِي شَيْءٍ مِنَ الأَشْيَاءِ، وَإِيَّاكَ أَنْ تُخْدَعَ وَيُقَالُ لَكَ: تَشْفَعُ فَتَدْرَأُ عَنْ مَظْلَمَةٍ، أَوْ تَرُدُّ مَظْلَمَةً، فَإِنَّ تِلْكَ خَدِيعَةُ إِبْلِيسَ، وَإِنَّمَا اتَّخَذَهَا فُجَّارُ الْقُرَّاءِ سُلَّمًا، كَانَ يُقَالُ: اتَّقُوا فِتْنَةَ الْعَابِدِ الْجَاهِلِ، وَالْعَالِمِ الْفَاجِرِ، فَإِنَّ فِتْنَتَهُمْ فِتْنَةٌ لِكُلِّ مَفْتُونٍ، وَمَا كُفِيتُ مِنَ الْمَسْأَلَةِ وَالْفُتْيَا، فَاغْتَنِمْ ذَلِكَ وَلا تُنَافِسْهُمْ فِيهِ. وَإِيَّاكَ أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ يُحِبُّ أَنْ يُعْمَلَ بِقَوْلِهِ، أَوْ يُنْشَرَ قَوْلُهُ، وَأَنْ يُسْمَعَ مِنْ قَوْلِهِ، فَإِذَا تُرِكَ ذَلِكَ مِنْهُ عُرِفَ. وَإِيَّاكَ وَحُبَّ الرِّيَاسَةِ، فَإِنَّ الرَّجُلَ تَكُونُ الرِّئَاسَةُ أَعْجَبَ إِلَيْهِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَهُوَ بَابٌ غَامِضٌ لا يُبْصِرُهُ إِلا الْبَصِيرُ مِنَ الْعُلَمَاءِ السَّمَاسِرَةِ، فَتَفْقِدَ نَفْسَكَ، اعْمَلْ بِنِيَّةٍ، فَإِنَّ الْحَسَنَ كَانَ يَقُولُ: رَحِمَ اللَّهُ عَبْدًا وَقَفَ عِنْدَ هَمِّهِ، فَلَيْسَ عَبْدٌ يَعْمَلُ حَتَّى يَهُمَّ، فَإِنْ كَانَ لَهُ مَضَى، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ أَمْسَكَ، وَلا تَغْتَرَّ بِثَنَاءِ النَّاسِ، فَإِنَّ النِّيَّةَ لَيْسَ كُلَّ سَاعَةٍ تَقَعُ، وَإِنَّ طَاوُسًا قِيلَ لَهُ: ادْعُ لَنَا بِدَعَوَاتٍ؟ فَقَالَ: مَا أَجِدُ لِذَلِكَ الآنَ حِسْبَةً. وَاحْذَرِ الرِّيَاءَ، فَإِنَّ الرِّيَاءَ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ. وَكَانَ حُذَيْفَةُ يَقُولُ: يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لا يَنْجُو إِلا مَنْ دَعَا بِدُعَاءِ الْغَرَقِ. وَسُئِلَ حُذَيْفَةُ: أَيُّ الْفِتَنِ أَشَدُّ؟ فَقَالَ: أَنْ يَعْرِضَ عَلَيْكَ الْخَيْرُ وَالشَّرُّ فَلا تَدْرِي أَيَّهُمَا تَرْكَبُ. وَقَدْ ذُكِرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «لا تَزَالُ يَدُ اللَّهِ عَلَى هَذِهِ

الأُمَّةِ وَفِي كَنَفِهِ مَا لَمْ يَرْفُقْ خِيَارُهُمْ أَشْرَارَهُمْ، وَمَا لَمْ يُعَظِّمْ أَبْرَارُهُمْ فُجَّارَهُمْ، وَمَا لَمْ يَمِلْ قُرَّاؤُهُمْ إِلَى أُمَرَائِهِمْ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ رَفَعَهَا عَنْهُمْ، وَسَلَّطَ عَلَيْهِمْ جَبَابِرَهُمْ فَسَامُوهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ، وَأَلْزَمَهُمُ الْفَاقَةَ، وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ» وَقَالَ حُذَيْفَةُ: لا يَأْتِيكُمْ أَمْرٌ تَضِجُّونَ مِنْهُ إِلا رَدَفَهُ آخَرُ يَشْغَلُكُمْ عَنْ ذَلِكَ، وَلْيَكُنِ الْمَوْتُ مِنْ شَأْنِكَ وَبَالِكَ، وَأَقِلَّ الأَمَلَ، وَاذْكُرِ الْمَوْتَ، وَأَكْثِرْ ذِكْرَهُ، فَإِنَّكَ إِذَا ذَكَرْتَ الْمَوْتَ هَوَّنَ عَلَيْكَ أَمْرَ دُنْيَاكُمْ، فَإِنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يَقُولُ: أَكْثِرُوا ذِكْرَ الْمَوْتِ، فَإِنَّكُمْ إِنْ ذَكَرْتُمُوهُ فِي قَلِيلٍ كَثَّرَهُ، أَوْ كَثِيرٍ قَلَّلَهُ، فَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ دَنَا مِنَ النَّاسِ، وَتَحْضُرُ أُمُورٌ يَشْتَهِي الرَّجُلُ أَنْ يَمُوتَ، وَالسَّلامُ عَلَيْكَ 338 - سَمِعْتُ بَعْضَ أَصْحَابِنَا يَقُولُ: بَلَغَنِي أَنَّهُ أصبت عَلَى بَابِ صَنْعَاءَ حَجَرًا فِي حَائِطِهَا مَكْتُوبٌ فِيهِ بِالْحِمْيَرِيَّةِ، فَمَرَّ بِهِ شَيْخٌ فَقَرَأَهُ، فَإِذَا فِيهِ: لَسْتَ تُسَابِقُ أَجَلَكَ، وَلا مُدْرِكَ أَمَلِكَ، وَلا مَغْلُوبَ عَلَى رِزْقِكَ، وَلا مَرْزُوقَ مَا لَيْسَ لَكَ، فَعَلامَ تَقْتُلُ نَفْسَكَ فِي طَلَبِ الدُّنْيَا أَيُّهَا الْعَبْدُ، لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ، وَلِكُلٍّ عَمَلٍ ثَوَابٌ، وَالْعِقَابُ بَعْدَ الْحِسَابِ

339 - وَسَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الْبُخَارِيَّ يَقُولُ: جَاءَ ابْنُ طَاهِرٍ إِلَى الْفِرْيَابِيِّ، فَاسْتَأْذَنَ فَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ، وَقَالَ: قُولُوا لَهُ: هُوَ فِي الْمَخْرَجِ، فَخَرَجَ ابْنُ الْفِرْيَابِيِّ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ ابْنُ طَاهِرٍ: هَذَا رَجُلٌ اخْتَارَ الْمَخْرَجَ عَلَيْنَا 340 - وَسَمِعْتُ بَعْضَ الْمُحَدِّثِينَ يَقُولُ: قَالَ أَبُو عَبْدِ الْمَلِكِ الْفَارِسِيُّ يَقُولُ: كُنْتُ مَعَ ابْنِ طَاهِرٍ فَأَتَيْنَا الْفِرْيَابِيَّ فَدَخَلْتُ أَنَا وَابْنُ الْفِرْيَابِيِّ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ: يَا أَبَتِ، إِنَّ لَنَا هَاهُنَا ضِيَاعًا، وَهَذَا الرَّجُلُ قَدْ فَتَحَ الْفُتُوحَ، وَهُوَ عَلَى الْبَابِ يُحِبُّ أَنْ يَدْخُلَ إِلَيْكَ يُسَلِّمُ عَلَيْكَ، قَالَ: فَأَبَى، وَقَالَ: قُلْ إِنَّ بِهِ سَلَسَ الْبَوْلِ، وَهُوَ يَخْتَلِفُ إِلَى الْمَخْرَجِ، فَأُخْبِرَ ابْنُ طَاهِرٍ، فَقَالَ: إِنَّمَا أَرَدْتُ أَنْ يَدْعُوَ لِي، وَانْصَرَفَ وَلَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِ 341 - وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الصَّبَّاحِ يَقُولُ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ شَيْخٍ صَالِحٍ، عَنْ غَيْرِهِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: الْمِرَاءُ لا تُعْقَلُ حِكْمَتُهُ، وَلا تُؤْمَنُ فِتْنَتُهُ 342

342 - وَبَلَغَنِي عَنْ عُمَارَةَ بْنِ يَحْيَى قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ عَنْ أَشْيَاءَ مِمَّا يَقُولُ أَهْلِ الأَهْوَاءِ فَقَالَ: لا يَنْبَغِي لِلْعَبْدِ أَنْ يَتَكَلَّفَ عِلْمَ كُلِّ شَيْءٍ، فَإِنَّ الْعَالِمَ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ الْبَصَرِ، فَإِنَّ الرَّجُلَ يَنْظُرُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، وَيَعْرِفُ السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ، وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهَا، وَلا يَقْدِرُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا، وَلا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَكَلَّفَ طَلَبَ النَّظَرِ إِلَيْهَا، وَكَذَلِكَ الْبَصِيرُ يُبْصِرُ مَدَّ بَصَرِهِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَلا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَنْظُرَ مَا لَمْ يَظْهَرْ، وَإِنَّمَا يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يَقْصِدَ فِي عَمَلِهِ وَقَوْلِهِ وَرَأْيِهِ، وَأَنْ يَنْتَهِيَ إِلَى مَا يَنْتَهِي إِلَيْهِ، وَيَدَعَ تَكَلُّفَ مَا غَابَ عَنْهُ، وَيُقِرَّ بِالْحَدِيثِ، وَيَقُولُ: هَكَذَا جَاءَ، ثُمَّ قَرَأَ {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ} [البينة: 4] أَيْ بَعْدَمَا عَلِمُوا وَتَبَيَّنَ لَهُمْ مَا تَفَرَّقُوا فِي الأَهْوَاءِ، وَلَمْ يَقْتَصِرُوا عَلَى مَا عَلِمُوا وَانْتَهَى إِلَيْهِم، فَجَاوَزُوا، فَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} [البينة: 5] . 343 - وَسَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ الْبَزَّازَ يَقُولُ: سَمِعْتُ بِشْرًا يَقُولُ: سَمِعْتُ يُوسُفَ بْنَ أَسْبَاطٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ النَّضْرِ الْحَارِثِيَّ يَقُولُ: مَنْ جَلَسَ إِلَى صَاحِبِ بِدْعَةٍ فَقَدْ خَرَجَ مِنْ عِصْمَةِ اللَّهِ أَوْ بَرِئَ مِنْ عِصْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى

344 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدًا يَقُولُ لأَبِي مَعْشَرٍ: سَمِعْتُ عُبَيْدَةَ يَقُولُ: أَرْسَلَ إِلَيَّ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلامُ وَإِلَى شُرَيْحٍ: أَنِّي أُبْغِضُ الاخْتِلافَ، فَاقْضُوا كَمَا كُنْتُمْ تَقْضُونَ 345 - حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ زِيَادِ بْنِ حُدَيْرٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: هَلْ تَعْرِفُ مَا يَهْدِمُ الإِسْلامَ؟ قُلْتُ: لا، قَالَ: يَهْدِمُهُ زَلَّةُ الْعَالِمِ، وَجِدَالُ مُنَافِقٍ بِالْكِتَابِ، وَحُكْمُ الأَئِمَّةِ الْمُضَلِّينَ 346 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُدَيْرٍ، قَالَ: قَالَ قَسَامَةُ بْنُ زُهَيْرٍ: رَوِّحُوا الْقُلُوبَ تَعِ الذِّكْرَ

347 - وَبَلَغَنِي أَنَّ ابْنَ السَّمَّاكِ جَلَسَ لِلنَّاسِ يَوْمًا، وَكَانَتْ لَهُ جَارِيَةٌ فِي غُرْفَةٍ تَسْمَعُ كَلامَهُ، فَقَالَ لَهَا حِينَ دَخَلَ عَلَيْهَا: كَيْفَ رَأَيْتِ؟ قَالَتْ: مَا أَحْسَنَهُ لَوْلا أَنَّكَ تُكْثِرُ مِنْ تِرْدَادِهِ، فَقَالَ: أُرَدِّدُهُ لِيَفْهَمَهُ مَنْ لَمْ يَفْهَمْهُ، قَالَتْ: إِلَى أَنْ يَفْهَمَهُ مَنْ لَمْ يَفْهَمْهُ قَدْ مَلَّهُ مَنْ فَهِمَهُ. 348 - وَسَمِعْتُ نَصْرًا الصَّايِغَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ الطَّبَّاعِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ يَحْيَى الأَبَحُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: مَنْ صَفَا عَمَلُهُ صَفَا لَهُ اللِّسَانُ الصَّالِحُ، وَمَنْ خَالَطَ خُلِطَ لَهُ 349 - وَبَلَغَنِي أَنَّ بَعْضَ الْحُكَمَاءِ قَالَ لِبَنِيهِ: يَا بَنِيَّ، أَصْلِحُوا أَلْسِنَتَكُمْ، فَإِنَّ الرَّجُلَ تَنُوبُهُ النَّائِبَةُ، فَيَسْتَعِيرُ دَابَّةَ أَخِيهِ وَثَوْبَ أَخِيهِ، وَلا يَجِدُ أَحَدٌ يُعِيرُهُ لِسَانَهُ 350 - وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَمَانٍ، قَالَ: كَانَ سُفْيَانُ إِذَا جَلَسَ إِلَى

إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ تَحَرَّزَ فِي الْكَلامِ، قَالَ بِشْرٌ: عَرَفَ وَاللَّهِ فَضْلَهُ 351 - سَمِعْتُ الْوَرْكَانِيَّ أَوْ غَيْرَهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ يَقُولُ: هَاهُنَا رَجُلٌ يَقُولُ: إِذَا كُنْتُ عَبْدًا للَّهِ كُنْتُ رَجُلا صَالِحًا، فَمَا أُبَالِي مَا قَال النَّاسُ فِيَّ 352 - وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ: قَالَ حَبِيبُ بْنُ سَيِّدٍ: شَيْءٌ رَضِيتُهُ لِنَفْسِي مَا أُبَالِي مَنْ لامَنِي 353 - سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ الْبَزَّازَ قَالَ: سَمِعْتُ بِشْرًا يَقُولُ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ النَّضْرِ الْحَارِثِيُّ: أَصَبْتُ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ، أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: ابْنَ آدَمَ، لَوْ عَلِمَ النَّاسُ مِنْكَ مَا أَعْلَمُ لَنَبَذُوكَ، قَدْ سَتَرْتُ عَلَيْكَ وَعَفَوْتُ عَنْكَ مَا كَانَ مِنْكَ، مَا لَمْ تُشْرِكْ بِي شَيْئًا 354 - سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الصَّبَّاحِ يَقُولُ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ، قَالَ: قَالُوا لِعُثْمَانَ: لِمَ لا تَكُونُ مِثْلَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ؟ فَقَالَ: أَسْتَطِيعُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ لُقْمَانَ الْحَكِيمِ!

355 - وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الصَّبَّاحِ يَقُولُ: سَمِعْتُ جَرِيرًا يَقُولُ: سَمِعْتُ جَدِّي يَقُولُ: لَمَّا جَاءَنَا نَعْيُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، كَانَ النَّاسُ يَقُولُونَ: إِنَّ الْقِيَامَةَ قَدْ قَامَتْ 356 - سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الصَّبَّاحِ يَقُولُ: قَالَ سُفْيَانُ: قَالَ صَفْوَانُ: إِذَا قُرِّبَ إِلَيَّ رَغِيفٌ وَشَرِبْتُ عَلَيْهِ مِنَ الْمَاءِ، فَجَزَى اللَّهُ الدُّنْيَا عَنْ أَهْلِهَا شَرًّا 357 - سَمِعْتُ نَصْرًا الصَّايِغَ يَقُولُ: حَدَّثَنَا وِلادٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الطَّبَّاعِ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، قَالَ: كَانَ لأَبِي رِدَاءٌ يَبْلُغُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ ثَدْيَيْهِ، وَمِنْ خَلْفِهِ اسْتَهُ، فَقُلْتُ: يَا أَبَتِ، لَوِ اتَّخَذْتَ رِدَاءً أَوْسَعَ مِنْ رِدَائِكَ، فَقَالَ: يَا بُنَيَّ، لِمَ تَقُولُ هَذَا؟ وَاللَّهِ، لَوَدِدْتُ أَنَّ كُلَّ لُقْمَةٍ لَقِمْتُهَا طُعِمَتْ فِي فَمِ أَبْغَضِ النَّاسِ 358 - سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الصَّبَّاحِ يَقُولُ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: قَالَ شَيْخٌ مِنْ شُيُوخِ الْكُوفَةِ: كَفَى شَرُّهَا أَنْ لا تَشْتَهِيَ شَيْئًا إِلا اشْتَرَيْتَهُ

359 - سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الصَّبَّاحِ يَقُولُ: قَالَ سُفْيَانُ: كَانَ عُمَرُ يَشْتَهِي الشَّيْءَ لَعَلَّهُ يَكُونُ ثَمَنَ دِرْهَمٍ، فَيُؤَخِّرُهُ سَنَةً 360 - قَالَ سُفْيَانُ: وَقَالَ عُمَرُ: وَجَدْنَا خَيْرَ عَيْشِنَا فِي الصَّبْرِ 361 - سَمِعْتُ شَيْخًا بِالْبَصْرَةِ يَقُولُ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ عُبَيْدٍ يَقُولُ: قَالَ الْحَسَنُ: مَا هَمَّ رَجُلا كَسْبُهُ إِلا هَمَّهُ أَيْنَ يَضَعُهُ 362 - قَالَ: وَسَمِعْتُ حَمَّادًا، وَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: هَذَا الَّذِي تُحَدِّثُنَا هُوَ مَكْتُوبٌ عِنْدَكَ؟ فَقَالَ: رُبَّمَا كَتَبْتُ فِي الْخَزَفِ، وَرُبَّمَا كَتَبْتُ عَلَى الْبَابِ 363 - وَسَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ الْبَزَّازَ يَقُولُ: سَمِعْتُ بِشْرًا يَقُولُ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، قَالَ: كَانَتْ لَهُ حَوَانِيتُ يُكْرِيهَا، فَكَانَ لا يُكْرِيهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنَّ لِهَذَا إِذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ رَوَّعَهُ، وَأَنَا أَكْرَهُ أَنْ أُرَوِّعَ الْمُسْلِمَ.

364 - وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: كَانَ ابْنُ عَوْنٍ لا يُكْرِي دُورَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، قُلْتُ: لأَيِّ عِلَّةٍ؟ قَال: لِئَلا يُرَوِّعُهُمْ. 365 - سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ يَزِيدَ الْخُزَاعِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَانَ بْنَ جَبَلَةَ، صَاحِبَ ابْنِ الْمُبَارَكِ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْمُبَارَكِ يَقُولُ: اطْلُبُوا الْعِلْمَ وَأَفْشُوهُ فِي مَعَادِنِهِ، فَإِنَّكُمْ بِالْعِلْمِ تَعْرِفُونَ النِّعْمَةَ، وَبِالْمَعْرِفَةِ تَشْكُرُونَهَا، وَبِالشُّكْرِ تَسْتَوْجِبُونَ الْمَزِيدَ فِيهَا، وَلْيَكُنِ الْعَقْدَ، مِنْ بَالِكِمْ عَلَى أَنْ تُغْلِقُوا أَبْوَابَ الشَّهْوَةِ بِأَقْفَالِ الزَّهَادَةِ، وَابْذُلُوا الصَّدَاقَةَ وَالْمَوَدَّةَ، فَإِنَّ الصَّدَاقَةَ مُسْتَغْزَرَةٌ بَعِيدَةٌ، وَإِنَّ الْعَدَاوَةَ مَوْجُودَةٌ عَنِيدَةٌ. 366 - سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ عُمَرَ بْنِ سَلِيطٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ حَمَّادَ بْنَ زَيْدٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَيُّوبَ يَقُولُ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَعْلَمَ خَطَأَ مُعَلِّمِهِ فَلْيَجْلِسْ إِلَى غَيْرِهِ. 367 - وَسَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ خَلادٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُولُ: كُنْتُ إِذَا رَأَيْتُ أَيُّوبَ قُلْتُ: لَيْسَ بِقَارِئٍ حَتَّى يَتَكَلَّمَ. 368 - سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ عُمَرَ بْنِ سَلِيطٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ حَمَّادَ بْنَ زَيْدٍ يَقُولُ: اخْتَلَفْتُ إِلَى أَيُّوبَ عَشْرَ سِنِينَ.

369 - سَمِعْتُ عَبَّاسًا الْعَنْبَرِيَّ يَقُولُ: حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: ذَهَبْتُ مَعَ وُهَيْبِ بْنِ الْوَرْدِ نَعُودُ عُمَرَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ وَهُوَ مَرِيضٌ، قَالَ: فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، لَوْ قَالَهَا صَادِقٌ عَلَى جَبَلٍ لَزَالَ. 370 - سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الصَّبَّاحِ يَقُولُ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مِسْعَرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مَعْنًا يَقُولُ: أَبْصَرَنِي رَجُلٌ وَأَنَا شَابٌّ وَفِي يَدِي حَجَرٌ، وَأَنَا أَدْعُو، فَقَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ، أَوْ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لا تَسْأَلِ اللَّهَ الْجَنَّةَ وَفِي يَدِكَ الْحَجَرُ. 371 - وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الصَّبَّاحِ يَقُولُ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: سَمِعَ عُمَرُ رَجُلا وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ احْفَظْنِي، فَقَالَ عُمَرُ: أَمَّا الْحِفْظُ فَلَنَا حُفَظَاءُ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ، وَلَكِنْ قُلِ: اللَّهُمَّ احْفَظْنَا بِحِفْظِ الإِيمَانِ 372 - وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الصَّبَّاحِ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ قَالَ: كَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ: اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ، بَسَطْتَ رِزْقَنَا، وَأَظْهَرْتَ أَمْنَنَا، وَأَحْسَنْتَ مُعَافَاتَنَا، وَمِنْ كُلِّ مَا سَأَلْنَاكَ رَبَّنَا أَعْطَيْتَنَا.

373 - وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: وَسُئِلَ عَنِ الْحُبِّ فِي اللَّهِ؟ فَقَالَ: هُوَ أَنْ لا تُحِبَّهُ لِطَمَعِ دُنْيَا 374 - سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنَ يَزِيدَ الْخُزَاعِيَّ يَقُولُ: الْحُبُّ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي اللَّهِ يَزُولُ، وَإِلا مَثَلُهُ كَمَثَلِ رَجُلٍ جَاءَ إِلَى صَخْرَةٍ فَاحْتَفَرَ فِيهَا بَيْتًا، فَأَمِنَ أَعْلاهُ مِنَ الْوَكَفِ، وَأَسْفَلَهُ مِنَ السَّيْلِ، فَكُلَّمَا لا يَنْفَكُّ الْبَيْتُ مِنْ قَرَارِهِ كَذَلِكَ لا يَزُولُ الْحُبُّ فِي اللَّهِ، وَمَا كَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِيُخْلِفَ وَعْدَهُ: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: 31] . 375 - وَأَنْشَدَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْخُرَاسَانِيُّ، رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّاشِ: وَكُلُّ صَدِيقٍ لَيْسَ فِي اللَّهِ وُدُّهُ ... فَإِنِّي فِي وُدِّهِ غَيْرُ وَاثِقِ 376 - وَسَمِعْتُ بَعْضَ أَصْحَابِنَا يَقُولُ: بَلَغَنِي أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ لإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ: تَدْرِي لِمَ اتَّخَذْتُكَ خَلِيلا؟ قَالَ: لا يَا رَبِّ، قَالَ: لأَنِّي اطَّلَعْتُ عَلَى قَلْبِكَ، فَوَجَدْتُكَ تُحِبُّ أَنْ تَرْزَأَ وَلا تُرْزَأَ.

المعلم الذي يأخذ على التعليم أجرا يعجل أجره في الدنيا، وإن أخذ ولم يعلم أخذ من حسناته يوم

377 - سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الصَّبَّاحِ يَقُولُ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ قَالَ: كَانَ هِلالٌ الْوَزَّانُ شَيْخًا كَبِيرًا يَجْرِي عَلَيْهِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فِي كُلِّ شَهْرٍ، يَكْتُبُ عَلَى الْبَيَدْرِ فِي بَيْتِ الْمَالِ. 378 - سَمِعْتُ شَيْبَانَ الأُبُلِّيَّ يَقُولُ: حَدَّثَنَا الطَّيِّبُ بْنُ سُلَيْمَانَ أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ أَبُو حَاتِمٍ مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: الْمُعَلِّمُ الَّذِي يَأْخُذُ عَلَى التَّعْلِيمِ أَجْرًا يُعَجِّلُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا، وَإِنْ أَخَذَ وَلَمْ يُعَلِّمْ أُخِذَ مِنْ حَسَنَاتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَإِنِ اعْتَدَى فِي الضَّرْبِ أُخِذَ بِالْقِصَاصِ، وَإِنْ لَمْ يَعْدِلْ بَيْنَهُمْ كَانَ جَائِرًا وَإِنْ بَعَثَ غُلامًا فِي صَنْعَةٍ بِغَيْرِ إِذْنِ أَهْلِهِ ضَمِنَ، وَإِنْ عَلَّمَ وَلَمْ يُعْطَ حَقَّهُ، أُخِذَ مِنْ حَسَنَاتِ مَنْ لَمْ يُعْطِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَإِنْ عَدَلَ بَيْنَهُمْ كَانَ مِنَ الْمُقْسِطِينَ

المقسطين عند الله عز وجل على منابر من نور، عن يمين الرحمن، وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون

379 - سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ أَبِي شَيْبَةَ يَقُولُ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ الثَّقَفِيِّ، عَنِ ابْنِ عَمْرٍو، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ، عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ، وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ، الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا»

§1/1