أثر اختلاف الأسانيد والمتون في اختلاف الفقهاء

ماهر الفحل

أثر اختلاف الأسانيد والمتون في اختلاف الفقهاء الدكتور ماهر ياسين الفحل دار الكتب العلمية أسسها محمد علي بيضون سنة 1971 بيروت - لبنان

1430 هـ - 2009م

المقدمة

المقدمة بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام عَلَى سيدنا مُحَمَّد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً. وبعد: فإن علم الْحَدِيْث النبوي الشريف من أشرف العلوم الشرعية، بَلْ هُوَ أشرفها عَلَى الإطلاق بَعْدَ العلم بكتاب الله تَعَالَى الَّذِيْ هُوَ أصل الدين ومنبع الطريق المستقيم؛ لذا نجد الْمُحَدِّثِيْنَ قَدْ أفنوا أعمارهم في تتبع طرق الْحَدِيْث ونقدها ودراستها، حَتَّى بالغوا أيما مبالغة في التفتيش والنقد والتمحيص عَنْ اختلاف الروايات وطرقها وعللها فأمسى علم مَعْرِفَة علل الْحَدِيْث رأس هَذَا العلم وميدانه الَّذِيْ تظهر فِيْهِ مهارات الْمُحَدِّثِيْنَ، ومقدراتهم عَلَى النقد. ثُمَّ إن لعلم الْحَدِيْث ارتباطاً وثيقاً بالفقه الإسلامي؛ إِذْ إنا نجد جزءاً كبيراً من الفقه هُوَ في الأصل ثمرة للحديث، فعلى هَذَا فإن الْحَدِيْث أحد المراجع الرئيسة للفقه الإسلامي. ومعلوم أنَّهُ قَدْ حصلت اختلافات كثيرة في الْحَدِيْث، وهذه الاختلافات مِنْهَا ما هُوَ في السند، ومنها ما هُوَ في الْمَتْن، ومنها ما هُوَ مشترك بَيْنَ الْمَتْن والسند. وَقَدْ كَانَ لهذه الاختلافات دورٌ كبيرٌ في اختلاف الفقهاء؛ من هنا أصبح لدي دافع كبير إِلَى جمع هَذِهِ الاختلافات وتصنيفها وتبويبها وترتيبها مَعَ التنظير العلمي لكل نوع من الأنواع الَّتِي حصلت فِيْهَا الاختلافات؛ ثُمَّ ذِكْرُ خلاصة الحكم في تِلْكَ المسألة الحديثية بَعْدَ سوق أقوال الْعُلَمَاء. ثم بَعْدَ ذَلِكَ أذكر ما ترتب عَلَى هَذِهِ الاختلافات من تباين في وجهات نظر الفقهاء وآرائهم نتيجة هَذَا الاختلاف الحديثي. من هنا جاء الربط بَيْنَ علم الْحَدِيْث وعلم الفقه، وأكدت هَذَا الربط بأن ذكرت بتفصيل مناسب نموذجاً أو أكثر - حسب الوسع - أبين فِيْهِ أثر هَذَا الاختلاف في اختلاف الفقهاء. هَذَا وَقَد اقتضت طبيعة البحث تقسيمه بَعْدَ هَذِهِ المقدمة إِلَى أربعة فصول: صدّرت الرسالة بفصلٍ تمهيديٍّ لبيان ماهية الاختلاف، وقضايا أخرى تتعلق بِهِ. وَقَدْ تضمن هَذَا الفصل أربعة مباحث:

المبحث الأول: عرّفت فِيْهِ الاختلاف لغة واصطلاحاً. المبحث الثاني: ذكرت فِيْهِ الفرق بَيْنَ الاختلاف والاضطراب. المبحث الثالث: بينت فِيْهِ أنواع الاختلاف. المبحث الرابع: تكلمت فِيْهِ عن أسباب الاختلاف، وَقَدْ تفرع إِلَى أربعة مطالب: المطلب الأول: تكلمت فِيْهِ عن مَعْرِفَة الاختلاف، ودخوله في علم العلل. المطلب الثاني: ذكرت فِيْهِ أهمية مَعْرِفَة الاختلافات في المتون والأسانيد. المطلب الثالث: تكلمت فِيْهِ عن الكشف عن الاختلاف. المطلب الرابع: تكلمت فِيْهِ عن الاختلاف القادح وغير القادح. أما الفصل الأول: فَقَدْ خصصته للكلام عن الاختلافات الواردة في السند، وَقَد اشتمل عَلَى تمهيد ومبحثين: تكلمت في التمهيد عن تعريف الإسناد لغة واصطلاحاً، وبينت أهمية الإسناد. وفي المبحث الأول: تكلمت عن التدليس، وأثره في اختلاف الْحَدِيْث، وأثر ذَلِكَ في اختلاف الفقهاء. وفي المبحث الثاني: ذكرت فِيْهِ التفرد وتكلمت عن أثره في اختلاف الْحَدِيْث، وأثر ذَلِكَ في اختلاف الفقهاء. أما الفصل الثاني: فَقَدْ خصصته للاختلافات الواردة في الْمَتْن، وَقَد اشتمل عَلَى ثمانية مباحث: المبحث الأول: تكلمت فِيْهِ عن رِوَايَة الْحَدِيْث بالمعنى، وأثر ذَلِكَ في اختلاف الفقهاء. المبحث الثاني: تكلمت فِيْهِ عن مخالفة الْحَدِيْث للقرآن، وأثر ذَلِكَ في اختلاف الفقهاء. المبحث الثالث: ذكرت فِيْهِ الكلام عن مخالفة الْحَدِيْث لحديث أقوى مِنْهُ، وأثر ذَلِكَ في اختلاف الفقهاء. المبحث الرابع: تكلمت عن مخالفة الْحَدِيْث لفتيا راويه، وأثر ذَلِكَ في اختلاف الفقهاء. المبحث الخامس: ذكرت فِيْهِ الكلام عن مخالفة الْحَدِيْث للقياس، وأثر ذَلِكَ في اختلاف الفقهاء. المبحث السادس: تكلمت فِيْهِ عن مخالفة الْحَدِيْث لعمل أهل المدينة، وأثر ذَلِكَ في اختلاف الفقهاء.

المبحث السابع: تكلمت فِيْهِ عن مخالفة الْحَدِيْث للقواعد العامة، وأثر ذَلِكَ في اختلاف الفقهاء. المبحث الثامن: ذكرت فِيْهِ اختلاف الْحَدِيْث بسبب الاختصار، وأثر ذَلِكَ في اختلاف الفقهاء. أما الفصل الثالث: فَقَدْ خصصته للاختلافات المشتركة في السند والمتن، وَقَدْ تضمن ثمانية مباحث: المبحث الأول: تكلمت فِيْهِ بتفصيل عن الاضطراب وما يتعلق بِهِ. المبحث الثاني: فَقَدْ خصصته للزيادات الواقعة في المتون والأسانيد. المبحث الثالث: تكلمت فِيْهِ عن اختلاف الثقة مَعَ الثقات. المبحث الرابع: ذكرت فِيْهِ الكلام عن اختلاف الضعيف مَعَ الثقات. المبحث الخامس: قَدْ تكلمت فِيْهِ بتفصيل عن الإدراج. المبحث السادس: تكلمت فِيْهِ عن الاختلاف بسبب خطأ الرَّاوِي. المبحث السابع: ذكرت فِيْهِ الاختلاف بسبب القلب. المبحث الثامن: تكلمت فِيْهِ عن الاختلاف بسبب التصحيف والتحريف. وَقَدْ خرّجت الأحاديث الواردة في الرسالة، وذلك بالرجوع إِلَى كتب الْحَدِيْث المعتمدة عِنْدَ المُحَدِّثِيْنَ؛ وأطلت التخريج في أكثر المواضع؛ لأن موضوع الاختلافات يستدعي ذَلِكَ؛ إذ إن الاختلافات الحاصلة في المتون والأسانيد لا تدرك إلا بجمع طرق الْحَدِيْث من مظانها. وَقَدْ رتبت في التخريج والعزو المؤلفين عَلَى حسب الوفيات، واعتمدت عَلَى الطبعات المعتمدة المتداولة وَقَدْ حاولت جاهداً بَيَان درجة الأحاديث الواردة في الرسالة مهتدياً بأقوال الأئمة السابقين ومستعيناً بقواعد الْحَدِيْث الَّتِي وضعها الأئمة الأعلام. وَقَدْ ترجمت للأعلام الواردين بالرسالة عِنْدَ ذَكَرَ العلم أول مرة. أما الخاتمة فَقَدْ ضمنتها أهم نتائج البحث. بَعْدَ هَذَا العرض أرى من الواجب عَليّ أن أعبر بالثناء الجميل عما يكنه صدري من عرفان بالفضل لكل من مدّ إليَّ يد العون في أثناء إعداد هَذِهِ الرسالة، سواء بإرشاد أو هداية لمصدر أو تشجيع أو دعاء وأخص بالذكر رفقائي في الطلب الأخوة المشايخ: هيثم عَبْد الوهاب وعَبْد الله كريم وحسن عَبْد الوهاب وعبد الحليم قاسم وعمر طارق وظافر إسماعيل وعماد عدنان وعبد الكريم مُحَمَّد، فجزاهم الله خير الجزاء ونفعهم بعلمهم في الدنيا والآخرة.

كَمَا أتوجه بالشكر الجزيل إِلَى أساتذتي الأفاضل الَّذِيْنَ تفضلوا بقبول مناقشة هَذِهِ الرسالة وتقويمها، وشرفوني بالنظر فِيْهَا، فجزاهم الله عني خير الجزاء. وختاماً فإن هَذَا هُوَ جهدي المتواضع الَّذِي أرجو من الله تَعَالَى لَهُ القبول، فَقَدْ بذلت فِيْهِ ما وسعني من جهد، فإن وفّقت فِيْهِ فلله تَعَالَى الفضل والمنة، وإن كَانَ غَيْر ذَلِكَ فحسبي أني حاولت الوصول إِلَى خدمة هَذَا الدين عن طريق الربط بَيْنَ الفقه الإسلامي، وبين علمٍ من أهم علوم الْحَدِيْث النبوي الشريف. والرب سبحانه وتعالى يثيب عَلَى القصد ويعفو عن الخطأ؛ فأساله سبحانه وتعالى أن يجنبنا الزلل ويرشدنا إِلَى الصواب ويوفقنا إِلَى ما يحبه ويرضاه. والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام عَلَى سيدنا مُحَمَّد المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه، والتابعين لَهُمْ بإحسان إِلَى يوم الدين

الفصل التمهيدي: بيان ماهية الاختلاف

الفصل التمهيدي بيان ماهية الاختلاف وفيه ثمانية مباحث: المبحث الأول: الاختلاف لغة واصطلاحاً - المطلب الأول: تعريف الاختلاف لغة - المطلب الثاني: تعريف الاختلاف اصطلاحاً المبحث الثاني: الفرق بَيْنَ الاضطراب والاختلاف المبحث الثالث: أنواع الاختلاف المبحث الرابع: أسباب الاختلاف المبحث الخامس: معرفة الاختلاف ودخوله في علم العلل المبحث السادس: أهمية مَعْرِفَة الاختلافات في المتون والأسانيد المبحث السابع: الكشف عن الاختلاف المبحث الثامن: الاختلاف القادح والاختلاف غَيْر القادح

المبحث الأول الاختلاف لغة واصطلاحا

المبحث الأول الاختلاف لغة واصطلاحاً المطلب الأول تعريف الاختلاف لغة الاختلاف: افتعال مصدر اختلف، واختلف ضد اتفق، ويقال: ((تخالف القوم واختلفوا، إذا ذهب كُلّ واحد مِنْهُمْ إلى خلاف ما ذهب إليه الآخر)). ويقال: ((تخالف الأمران، واختلفا إذا لَمْ يتفقا وكل ما لَمْ يتساو: فَقَدْ تخالف واختلف)). ومنه قولهم: اختلف الناس في كَذَا، والناس خلفة أي مختلفون؛ لأن كُلّ واحد مِنْهُمْ ينحي قَوْل صاحبه، ويقيم نفسه مقام الَّذِيْ نحّاه (¬1). ومنه حَدِيْث النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: ((سَوّوا صفوفكم ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم)) (¬2). وبعد أن ساق الزَّبِيديُّ (¬3) هَذَا الْحَدِيْث قَالَ في معناه: ((أي: إذا تقدّم بعضُهم عَلَى بَعضٍ في الصُّفُوفِ تأثرت قُلوبُهم، ونشأَ بينهم اختلافٌ في الأُلْفَةِ والموَدَّةِ)) (¬4). ويستعمل الاختلاف عِنْدَ الفقهاء بمعناه اللُّغويِّ. أمّا الخِلافُ - بالكسر - فهو المُضَادّةُ، وَقَدْ خالَفَهُ مُخالَفَةً وخِلافاً كَمَا في اللسان (¬5). والخِلافُ: المُخَالَفَةُ، قَالَ تَعَالَى: {فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ ¬

_ (¬1) مقاييس اللغة 2/ 213، والقاموس المحيط 3/ 143، ولسان العرب 9/ 91، والمصباح المنير: 179 (خلف). (¬2) أخرجه الطيالسي (741)، وعبد الرزاق (2431)، وأحمد 4/ 285 و 297 و 304، والدارمي (1267)، وأبو داود (664)، والنسائي 2/ 89 - 90، وفي الكبرى لَهُ (885)، وابن خزيمة (1551) و (1552) و (1556) و (1557)، وابن حبان (2160) وفي طبعة الرسالة (2161)، والبيهقي 3/ 103، والبغوي (818) من حَدِيْث البراء بن عازب: وَهُوَ حَدِيْث صَحِيْح. (¬3) هُوَ مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَبْد الرزاق الحسيني، الزبيدي، أبو الفيض، الملقب بالمرتضى، برع في اللغة والحديث والأنساب، لَهُ عدة مصنفات مِنْهَا: " تاج العروس "، و " إتحاف السادة المتقين " وغيرها. ولد سنة (1145 هـ‍)، وتوفي سنة (1205 هـ‍). الأعلام 7/ 70،ومعجم المؤلفين 11/ 282. (¬4) انظر: تاج العروس 23/ 275 (خلف). (¬5) اللسان 9/ 90 (خلف)، طبعة دار صادر.

المطلب الثاني تعريف الاختلاف اصطلاحا

اللَّهِ} (¬1) أي: مُخُالَفَةَ رَسُولِ اللهِ (¬2). المطلب الثاني تعريف الاختلاف اصطلاحاً لَمْ أجد تعريفاً للعلماء في الاختلاف، لَكِنْ يمكنني أن أعرفه بأنه: ما اختلف الرُّوَاة فِيْهِ سنداً أو متناً. وعلى هَذَا التعريف يمكننا أن نقسّم الاختلاف عَلَى ضربين: الأول: اختلاف الرُّوَاة في السند: وَهُوَ أن يختلف الرُّوَاة في سند ما زيادة أو نقصاناً، بحذف راوٍ، أو إضافته، أَوْ تغيير اسم، أَوْ اختلاف بوصل وإرسال، أَوْ اتصال وانقطاع، أو اختلاف في الجمع والإفراد (¬3). الثاني: اختلاف الرُّوَاة في الْمَتْن: زيادة ونقصاناً، أو رفعاً ووقفاً. وَقَدْ أحسن وأجاد الإمام مُسْلِم بن الحجاج (¬4) إذ صوّر لنا الاختلاف تصويراً بديعاً فَقَالَ في كتابه العظيم "التمييز": ((اعلم، أرشدك الله، أن الَّذِيْ يدور بِهِ مَعْرِفَة الخطأ في رِوَايَة ناقل الْحَدِيْث - إذا هم اختلفوا فِيْهِ - من جهتين: أحدهما: أن ينقل الناقل حديثاً بإسناد فينسب رجلاً مشهوراً بنسب في إسناد خبره خلاف نسبته الَّتِيْ هِيَ نسبته، أو يسميه باسم سوى اسمه، فيكون خطأ ذَلِكَ غَيْر خفيٍّ عَلَى أهل العلم حين يرد عليهم ... والجهة الأخرى: أن يروي نفر من حفّاظ الناس حديثاً عَنْ مثل الزهري (¬5) أو ¬

_ (¬1) التوبة: 8. (¬2) تفسير القرطبي 4/ 3055، وانظر: الصحاح 4/ 1357، والتاج 23/ 274 (خلف). (¬3) وذلك مثل أن يروي الْحَدِيْث قوم - مثلاً - عَنْ رجل عَنْ فُلاَن وفلان، ويرويه غيرهم عَنْ ذَلِكَ الرجل عَنْ فُلاَن مفرداً، وذلك قَدْ يؤدي إلى وهم من حَيْثُ إنه قَدْ يحمل رِوَايَة الجمع عَلَى رِوَايَة الفرد. (¬4) مُسْلِم بن الحجاج بن مُسْلِم القشيري، أبو الحسين النيسابوري، الحافظ المجود، صاحب " الصَّحِيْح "، لَهُ: " الصَّحِيْح " و " التمييز " و " الكنى " وغيرها، ولد سنة (204 هـ‍)، وتوفي سنة (261 هـ‍). طبقات الحنابلة 1/ 311، وتهذيب الكمال 7/ 95 (6515)، وسير أعلام النبلاء 12/ 557. (¬5) هُوَ مُحَمَّد بن مُسْلِم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، أحد الفقهاء والمحدثين والأعلام التَّابِعِيْنَ بالمدينة، رأى عشرة من الصَّحَابَة - رضي الله عنهم - أجمعين، توفي سنة (124 هـ‍)، وَقِيْلَ (123 هـ‍)،وَقِيْلَ سنة (125 هـ‍). طبقات خليفة: 261، والتاريخ الكبير 1/ 220 و 221، ووفيات الأعيان 4/ 177 و 178.

المبحث الثاني الفرق بين الاضطراب والاختلاف

غيره من الأئمة بإسناد واحد ومتن واحد مجتمعون عَلَى روايته في الإسناد والمتن، لا يختلفون فِيْهِ في معنى، فيرويه آخر سواهم عمن حدث عَنْهُ النفر الَّذِيْنَ وصفناهم بعينه فيخالفهم في الإسناد أو يقلب الْمَتْن فيجعله بخلاف ما حكى من وصفنا من الحفاظ، فيعلم حينئذٍ أنَّ الصَّحِيْح من الروايتين ما حدّث الجماعة من الحفاظ، دون الواحد المنفرد وإن كَانَ حافظاً، عَلَى هَذَا المذهب رأينا أهل العلم بالحديث يحكمون في الْحَدِيْث، مثل شعبة (¬1) وسفيان بن عيينة (¬2) ويحيى بن سعيد (¬3) وعبد الرحمان بن مهدي (¬4) وغيرهم من أئمة أهل العلم)) (¬5). المبحث الثاني الفرق بَيْنَ الاضطراب والاختلاف الْحَدِيْث المضطرب: هُوَ ما اختلف راويه فِيْهِ، فرواه مرة عَلَى وجه، ومرة عَلَى وجه آخر مخالف لَهُ. وهكذا إن اضطرب فِيْهِ راويان فأكثر فرواه كُلّ واحد عَلَى وجه مخالف للآخر (¬6). ¬

_ (¬1) شعبة بن الحجاج بن الورد العتكي مولاهم، أبو بسطام الواسطي، ثُمَّ البصري ولد سنة (80 هـ‍)، وَقِيْلَ سنة (82 هـ‍): ثقة حافظ متقن، قَالَ سفيان الثوري: شعبة أمير المؤمنين في الْحَدِيْث، توفي سنة (160هـ‍). تهذيب الكمال 3/ 387 (2725)، وسير أعلام النبلاء 7/ 202، والتقريب (2790). (¬2) سفيان بن عيينة بن أبي عمران ميمون الهلالي، أبو مُحَمَّد الكوفي، ثُمَّ المكي، ولد سنة (107 هـ‍): ثقة حافظ فقيه إمام حجة، توفي سنة (198 هـ‍). تهذيب الكمال 3/ 223 (2397)، وسير أعلام النبلاء 8/ 454، والتقريب (2451). (¬3) يحيى بن سعيد بن فروخ القطان التميمي، أبو سعيد البصري، ولد سنة (120 هـ‍): ثقة متقن حافظ إمام قدوة، توفي سنة (198 هـ‍). تهذيب الكمال 8/ 38 (7429)، وسير أعلام النبلاء 9/ 175، والتقريب (7557). (¬4) عَبْد الرحمان بن مهدي بن حسان العنبري، وَقِيْلَ الأزدي مولاهم، أبو سعيد البصري اللؤلؤي، ولد سنة (135 هـ‍): ثقة ثبت حافظ عارف بالرجال والحديث، توفي سنة (198 هـ‍). تهذيب الكمال 4/ 476 (3957)، وسير أعلام النبلاء 9/ 192، والتقريب (4018). (¬5) التمييز: 124 - 126. (¬6) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 240، وفي طبعتنا 1/ 290، وانظر: مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث: 192 طبعتنا، و 84 من طبعة نور الدين، وإرشاد طلاب الحقائق 1/ 249 - 253، والتقريب: 123 طبعتنا، و 77 من طبعة الخن، والاقتراح: 219، والمنهل الروي: 52، والخلاصة 76، والموقظة: 51، واختصار علوم الْحَدِيْث: 72، والتذكرة: 18، ومحاسن الاصطلاح: 204، والتقييد والإيضاح: 124، ونزهة النظر: 126، والنكت عَلَى كتاب ابن الصلاح: 2/ 772، والمختصر: =

ومن شرط الاضطراب: تساوي الروايات المضطربة بحيث لا تترجح إحداها عَلَى الأخرى. أما إذا ترجحت إحدى الروايات فلا يسمى مضطرباً، بَلْ هُوَ مطلق اختلافٍ، قَالَ العراقي (¬1): ((أما إذا ترجحت إحداهما بكون راويها أحفظ، أو أكثر صُحْبَة للمروي عَنْهُ، أو غَيْر ذَلِكَ من وجوه الترجيح؛ فإنه لا يطلق عَلَى الوجه الراجح وصف الاضطراب ولا لَهُ حكمه، والحكم حينئذ للوجه الراجح)) (¬2). وهذا أمر معروف بَيْنَ الْمُحَدِّثِيْنَ لا خلاف فِيْهِ؛ لذا نجد المباركفوري يَقُوْلُ: ((قَدْ تقرر في أصول الْحَدِيْث أنّ مجرد الاختلاف لا يوجب الاضطراب، بَلْ من شرطه استواء وجوه الاختلاف فمتى رجح أحد الأقوال قُدِّمَ)) (¬3). فعلى هَذَا شرط الاضطراب تساوي الروايات، أما إذا ترجحت إحداهما عَلَى الأخرى فالحكم للراجحة، والمرجوحة شاذة أَوْ منكرة. وعليه فإن كَانَ أحد الوجوه مروياً مِنْ طريق ضعيف والآخر من طريق قوي فلا اضطراب والعمل بالطريق القوي، وإن لَمْ يَكُنْ كذلك، فإن أمكن الجمع بَيْنَ تِلْكَ الوجوه بحيث يمكن أن يَكُوْنَ المتكلم باللفظين الواردين عَنْ معنى واحد فلا إشكال أَيْضاً؛ مِثْل أن يَكُوْنَ في أحد الوَجْهَيْنِ قَدْ قَالَ الرَّاوِي: عَنْ رجل، وفي الوجه الآخر يسمي هَذَا الرجل، فَقَدْ يَكُوْن هَذَا المسمى هُوَ ذَلِكَ المبهم؛ فَلاَ اضطراب إذن ولا تعارض، وإن لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ بأن يسمي مثلاً الرَّاوِي باسم معينٍ في رِوَايَة ويسميه باسم آخر في رِوَايَة أخرى فهذا محل نظر وَهُوَ اضطراب إِذْ يتعارض فِيْهِ أمران: أحدهما: أنه يجوز أن يَكُوْن الْحَدِيْث عَنْ الرجلين معاً. والثاني: أن يغلب عَلَى الظن أن الرَّاوِي واحد واختلف فِيْهِ (¬4). فههنا لا يخلو أن ¬

_ = 104 - ، وفتح المغيث 1/ 221، وألفية السيوطي: 67 - 68، وتوضيح الأفكار 2/ 34، وظفر الأماني: 392، وقواعد التحديث: 132. (¬1) هُوَ زين الدين عَبْد الرحيم بن الحسين بن عَبْد الرحمان بن أبي بكر بن إبراهيم، المهراني المولد، العراقي الأصل الكردي، الشَّافِعِيّ المذهب، حافظ العصر، ولد سنة (725 هـ‍)، من مصنفاته: " شرح التبصرة والتذكرة " و " التقيد والإيضاح " وغيرهما، توفي سنة (806 هـ‍). لحظ الألحاظ: 221، والضوء اللامع 4/ 171، وشذرات الذهب 7/ 55، والأعلام 3/ 344 و 345. (¬2) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 240، وفي طبعتنا 1/ 291. (¬3) تحفة الأحوذي 2/ 91 - 92. (¬4) قَدْ يقع الاضطراب والاختلاف من راو واحد لخلل طرأ في ضبط ذَلِكَ الشيء المضطرب فِيْهِ =

المبحث الثالث أنواع الاختلاف

يَكُوْن الرجلان كلاهما ثقة أو لا، فإن كانا ثقتين فهنا لا يضر الاختلاف عِنْدَ الكثير؛ لأنّ الاختلاف كيف دار فهو عَلَى ثقة، وبعضهم يقول: هَذَا اضطراب يضر؛ لأنه يدل عَلَى قلة الضبط (¬1). إذن شرط الاضطراب الاتحاد في المصدر، وعدم إمكانية التوفيق بَيْنَ الوجوه المختلفة والترجيح عَلَى منهج النقاد وعلى ما تقدم يتبين لنا أنّ بَيْنَ الاضطراب والاختلاف عموماً وخصوصاً، وَهُوَ أن كُلّ مضطرب مختلف فِيْهِ، ولا عكس. فالاختلاف أعم من الاضطراب إِذْ شرط الاضطراب أن يَكُوْن قادحاً، أما الاختلاف فربما كَانَ قادحاً وربما لَمْ يَكُنْ قادحاً. ثُمَّ إنه ليس كُلّ اختلاف يؤدي إلى وجود الاضطراب، إِذْ إن ما يشبه أن يَكُوْن اضطراباً ينتفي عَنْ الْحَدِيْث إذا جمع بَيْنَ الوجوه المختلفة أو رجح وجه مِنْهَا عَلَى طريقة النقاد لا عَلَى طريقة التجويز العقلي. المبحث الثالث أنواع الاختلاف من البدهي أن يختلف الرُّوَاة سنداً ومتناً فِيْمَا يؤدونه من الأحاديث النبوية؛ ذَلِكَ لأن مواهب الرُّوَاة في حفظ الأحاديث تختلف اختلافاً جذرياً بَيْنَ راوٍ وآخر، فمن الرُّوَاة من بلغ أعلى مراتب الحفظ والضبط والإتقان، ومنهم أدنى وأدنى. ولا عجب أن يختلَّ ضبط الرُّوَاة من حال إلى حال ومن وقت إلى وقت مع تغيرات الزمان واختلاف الأحوال وتبدل الصحة. هَذَا مع اختلاف الرُّوَاة في عنايتهم في ضبط ما يتحملونه من الأحاديث فمنهم من يتعاهد حفظه ومنهم من لا يتعاهد، ومنهم من لا يحدّث إلا بصفاء الذهن ومراجعة الأصول (¬2) ومنهم دون ذَلِكَ. زيادة عَلَى الآفات الَّتِيْ تصيب ¬

_ = وحفظه، ثُمَّ إنّ الاضطراب لا يعرف من ظاهر سياق الْحَدِيْث الواحد، بَلْ يعرف الاضطراب بجمع طرق الْحَدِيْث ودراستها دراسة منهجية مع الفهم والمعرفة والممارسة الحديثية. (¬1) انظر: الاقتراح: 220 - 222، وهامش محاسن الاصطلاح: 204، وأثر علل الْحَدِيْث: 198. (¬2) لذا نجد ابن المديني يمتدح الإمام أحمد؛ لأنه يحدث من أصوله، ويعدها من مكارمه، فيقول: ((ليس في أصحابنا أحفظ من أبي عَبْد الله أحمد بن حَنْبَل، وبلغني أنه لا يحدّث إلا من كتاب، ولنا فِيْهِ أسوة)) الجامع لأخلاق الرَّاوِي 2/ 12 (1030). عَلَى أن الحافظ ابن حجر يرى أن نسبة الخطأ الواقع في مرويات من يحدث من أصوله أقل مِنْهَا في مرويات من يحدث من حفظه. انظر: النكت عَلَى كتاب ابن الصَّلاَحِ 1/ 269.

المبحث الرابع أسباب الاختلاف

الإنسان مِمَّا تؤدي إلى اختلال مروياته ودخول بعض الوهم في حديثه. فهذا كله من الأسباب الرئيسة العامة في وجود الاختلاف. ثُمَّ إن اختلاف الرُّوَاة يرجع إلى نوعين رئيسين: اختلاف تنوع، واختلاف تضاد (¬1). فاختلاف التنوع: هُوَ أن يذكر كُلّ من المختلفين من الاسم أَوْ اللفظ بعض أنواعه، كأن يختلف الرُّوَاة عَلَى راوٍ فبعضهم يذكره باسمه وبعضهم يذكره بكنيته وبعضهم بلقبه وبعضهم بوصف اشتهر بِهِ. وربما أطلق عَلَى هَذَا الاختلاف اختلاف في العبارة وَهُوَ: أن يعبر كُلّ من المختلفين عَنْ المراد بعبارة غَيْر عبارة صاحبه، والمعنى واحد عِنْدَ الْجَمِيْع (¬2). والنوع الآخر من أنواع الاختلاف: اختلاف التضاد، وَهُوَ الاختلاف الحقيقي القادح، وَهُوَ: أن يختلف الرُّوَاة في متن حديثين أحدهما يخالف أَوْ ينافي الآخر أو أن يختلف الرُّوَاة في راوٍ أَوْ رواة مختلفين عَن الآخرين مع عدم إمكان الترجيح والتوفيق عَلَى طريقة النقاد؛ إِذْ تتساوى وجوه الروايات. المبحث الرابع أسباب الاختلاف فطر الله تَعَالَى الناس عَلَى أن يختلفوا في مواهبهم وقدراتهم وتنوع قابلياتهم في الدقة والضبط والإتقان والحرص عَلَى الشيء، كَمَا أن الناس يختلفون في أحوالهم الأخرى قَالَ تَعَالَى: {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَات} (¬3)، وهذه المواهب والمنح من الله يعطي من شاء ما شاء. والناس كذلك يختلفون في حرصهم واجتهادهم لِذَلِكَ عَدَّ الإمام الشَّافِعِيّ (¬4) الحرص من لوازم العلم فَقَالَ: ¬

_ (¬1) انظر: شرح العقيدة الطحاوية 2/ 778. (¬2) الاختلافات يعود غالبها إلى عدم التيقظ والى عدم الدقة والضبط إضافة إلى العوارض البشرية والنفسية، والعوارض الَّتِيْ تنتاب الإنسان فتضعف ضبطه وإتقانه، ويقع في وهم من نسيان أَوْ غفلة أَوْ خطأ، وَهِيَ متعددة مِنْهَا ما يَكُوْن في الجسم أو النفس أو المال أَوْ الولد أَوْ الصديق. وكل ذَلِكَ لَهُ مؤثرات عَلَى الإنسان في عقله وفكره وحفظه وضبطه. (¬3) سورة فاطر: 32. (¬4) هُوَ مُحَمَّد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب القرشي المطلبي، فقيه العصر، صاحب المذهب، لَهُ: " الأم " و " اختلاف الْحَدِيْث " وغيرهما، ولد بغزة سنة (150 هـ‍) عَلَى =

أولا. الوهم والخطأ

أخي لن تنال العلم إلا بستة ... سأنبيك عَنْ تفصيلها ببيان ذكاء وحرص واجتهاد وبلغة ... وصحبة أستاذ وطول زمان (¬1) فالحرص إذن من أساسيات العلم، وإن قَلَّ حفظ الرَّاوِي أو كلّت ذاكرته، فإن بوسعه الحِفاظ على مروياته بالمذاكرة والمتابعة والتعاهد لمحفوظه ومراجعة أصوله، حفظاً للسنة النبوية من الخطأ فِيْهَا - بزيادة أَوْ نقص أو تغيير -. ومع هَذَا كله فإننا لَمْ نعدم في تاريخنا الحديثي بعض الرُّوَاة الَّذِيْنَ لَمْ يبالوا بمروياتهم، وَلَمْ يولوها الاهتمام الكافي، سواء أهمل الرَّاوِي نفسه تعاهد محفوظاته أَوْ مراجعته كتابه، أو تدخل عنصر بالعبث بمروياته (¬2)، أو غَيْر ذَلِكَ مِمَّا تكون نتيجته وقوع الوهم في حَدِيْث ذَلِكَ الرَّاوِي، ويؤول بالنهاية إلى حدوث الاختلاف مع روايات غيره، عَلَى أن الخطأ والوهم لَمْ يسلم مِنْهُ كبار الحفاظ مع شدة حرصهم وتوقيهم، لذا قَالَ ابن معين (¬3): ((لست أعجب ممن يحدّث فيخطئ، إنما أعجب ممن يحدث فيصيب)) (¬4). غَيْر أنّ الأحاديث الَّتِيْ حصل فِيْهَا الوهم تعد قليلة مغمورة في بحر ما رووه عَلَى الصواب. وبإمكاننا أن نفصل أسباب الاختلاف بما يأتي: أولاً. الوهم والخطأ: الخطأ والوهم أمران حاصلان وواقعان في أحاديث الثقات فضلاً عَنْ وقوعه في أحاديث الضعفاء، ونحن وإن نذكر في حد الصَّحِيْح كون راويه تام الضبط إلا أن ذَلِكَ أمر نسبيٌّ (¬5)، وإلا فكيف اشترطنا في الصَّحِيْح (¬6) أن لا يَكُوْن شاذاً ولا معللاً مع كون راويه ثقة فيتخرج عَلَى هَذَا أن الوهم والخطأ يدخل في أحاديث الثقات؛ لأن كلاً من ¬

_ = الأصح، وتوفي بمصر سنة (204 هـ‍). مرآة الجنان 2/ 11 و 12، ووفيات الأعيان 4/ 163 و165. (¬1) ديوان الشَّافِعِيّ: 164. (¬2) كَمَا حصل لسفيان بن وكيع. انظر: ميزان الاعتدال 2/ 173 (3334). (¬3) يحيى بن معين بن عون الغطفاني، مولاهم، أبو زكريا البغدادي، ثقة حافظ مشهور إمام الجرح والتعديل، لَهُ: " التاريخ " و " السؤالات " وغيرهما، ولد سنة (158 هـ‍) وتوفي سنة (233 هـ‍). تهذيب الكمال 8/ 89 و 95 (7521)، وميزان الاعتدال 4/ 410، والتقريب (7651). (¬4) تاريخ ابن معين (رِوَايَة الدوري) 3/ 13 (52). (¬5) انظر: مقدمة شرح علل الترمذي، لابن رجب: 7. (¬6) هُوَ الَّذِيْ يتصل إسناده بنقل العدل الضابط عَنْ العدل الضابط إلى منتهاه ولا يَكُوْن شاذاً ولا معللاً. مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث طبعة نور الدين: 10، وفي طبعتنا:79.

الشذوذ والعلة داخل بمعنى الوهم والخطأ. ثُمَّ إن الوهم والخطأ من الأسباب الرئيسة للاختلاف بَيْنَ الأحاديث. وبالسبر والنظر إلى كتب السنة النبوية نجد عدداً كبيراً من الرُّوَاة الثقات قَدْ أخطؤوا في بعض ما رووا، وَهُوَ أمر متفاوت بَيْنَ الرُّوَاة حسب مروياتهم قلة وكثرة وربما كَانَ حظ من أكثر من الرِّوَايَة أكبر خطأً من المقلين؛ لذا نجد غلطات عُدَّتْ عَلَى الأئمة العلماء الحفاظ لكنها لَمْ تؤثر عليهم في سعة ما رووه (¬1)، قَالَ الإمام أحمد بن حَنْبَل (¬2): ((ومن يعرى من الخطأ والتصحيف)) (¬3). وَقَالَ الإمام مُسْلِم بن الحجاج: ((فليس من ناقل خبر وحامل أثر من السلف الماضين إلى زماننا - وإن كَانَ من أحفظ الناس وأشدهم توقياً وإتقاناً لما يحفظ وينقل - إلا الغلط والسهو ممكن في حفظه ونقله)) (¬4). وَقَالَ الإمام الترمذي (¬5): ((لَمْ يسلم من الخطأ والغلط كبير أحد من الأئمة مع حفظهم)) (¬6)، ثُمَّ ساق الترمذي عدداً وافراً من الروايات تدلل عَلَى تفاوت أهل العلم بالحفظ وتفاضلهم بالضبط وقلة الخطأ، ثُمَّ قَالَ: ((والكلام في هَذَا والرواية عَنْ أهل العلم تكثر، وإنما بيّنا شيئاً مِنْهُ عَلَى الاختصار ليُستدل بِهِ عَلَى منازل أهل العلم وتفاضل بعضهم عَلَى بعض في الحفظ والإتقان، ومن تُكلمَ فِيْهِ من أهل العلم لأي شيء تُكلمَ فِيْهِ)) (¬7). ولما كَانَ الخطأ في الرِّوَايَة أمرٌ بدهيٌّ، وأنه لا يسلم إنسان مِنْهُ نجد الأكابر قَدْ ¬

_ (¬1) وهكذا فإنا نجد أن الإمام علي بن المديني قَدْ خرّج علل حَدِيْث سفيان بن عيينة في ثلاثة عشر جزءاً. مع أن سفيان بن عيينة من أساطين هَذَا الفن وجهابذته وفحوله؛ لَكِنْ هَذَا الكم الكبير لَمْ يؤثر عَلَيْهِ لسعة ما رَوَى فهو كحبة القمح من البيدر. وانظر: مَعْرِفَة علوم الْحَدِيْث، للحاكم: 71. (¬2) هُوَ أحمد بن مُحَمَّد بن حَنْبَل بن هلال بن أسد الشيباني المروزي ثُمَّ البغدادي، أبو عَبْد الله، أحد الأعلام، صاحب المذهب، لَهُ: " المسند " و " الزهد " و " العلل " وغيرها، ولد سنة (164 هـ‍)، وتوفي سنة (241 هـ‍). حلية الأولياء 9/ 161 و 162، وطبقات الحنابلة 1/ 10، والعبر 1/ 435. (¬3) مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث، لابن الصَّلاَحِ:: 252 طبعة نور الدين، و 448 طبعتنا. (¬4) التمييز: 124. (¬5) هُوَ مُحَمَّد بن عيسى بن سورة بن موسى بن الضحاك التِّرْمِذِيّ، أبو عيسى الضرير الحافظ، صاحب " الجامع " وغيره من المصنفات، وَهُوَ تلميذ البخاري، وشاركه في بعض شيوخه، توفي سنة (279 هـ‍). تهذيب الكمال 6/ 468 و 469 (6122)، ومرآة الجنان 2/ 144، والتقريب (6206). (¬6) علل الترمذي الصغير 6/ 240 آخر الجامع. (¬7) علل الترمذي الصغير 6/ 244 آخر الجامع.

ثانيا. ظروف طارئة

وهمّوا الأكابر، فهذه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قَدْ وهّمت عدداً من الصَّحَابَة في عدد من الأحاديث، وَقَدْ جمع ذَلِكَ الزركشي (¬1) في جزءٍ (¬2)، لذا قَالَ الإمام عَبْد الله بن المبارك (¬3): ((ومن يسلم من الوهم، وَقَدْ وهّمت عائشة جَمَاعَة من الصَّحَابَة في رواياتهم للحديث)) (¬4). وفيما نقلنا عَنْ الأئمة الأعلام كفاية ودليل عَلَى أن دخول الخطأ والوهم أمرٌ نسبيٌّ ممكن في أحاديث الرُّوَاة ثقاتً كانوا أو غَيْر ذَلِكَ، فالخطأ والوهم والنسيان سجية البشر، وَقَدْ قَالَ الشاعر: نَسِيتُ وَعْدَكَ والنِّسْيَانُ مُغْتَفَرٌ ... فَاغْفِرْ فَأوَّلُ نَاسٍ أوَّلُ النَّاسِ (¬5) ثانياً. ظروف طارئة (¬6): قَدْ يطرأ عَلَى الرَّاوِي حين تحمله (¬7) الْحَدِيْث أَوْ أدائه (¬8) ظروف تدخل الوهم في حديثه أو أحاديثه. وهذه الظروف ليست عامة بَلْ هِيَ خاصة تطرأ عَلَى بعض الرُّوَاة في بعض الأحيان دون بعضٍ، تبعاً لاختلاف الأحوال والأماكن والشيوخ؛ إِذْ قَدْ يطرأ الخلل في كَيْفِيَّة تلقّي الأحاديث كَمَا حصل لهشيم بن بشير (¬9)؛ إِذْ إنَّهُ دخل عَلَى الزهري ¬

_ (¬1) هُوَ مُحَمَّد بن بهادر بن عَبْد الله الزركشي، أبو عَبْد الله الشَّافِعِيّ، بدر الدين: عالم بالفقه والأصول، مشارك في الْحَدِيْث والعربية، من مصنفاته " البحر المحيط " و " البرهان في علوم القرآن "، ولد سنة (745 هـ‍)، وتوفي سنة (794 هـ‍). الدرر الكامنة 3/ 397، وشذرات الذهب 6/ 335، والأعلام 6/ 60. (¬2) أسماه: الإجابة لما استدركته عائشة عَلَى الصَّحَابَة، طبع مراراً بتحقيق سعيد الأفغاني. (¬3) هُوَ عَبْد الله بن المبارك بن واضح الحنظلي التميمي، مولاهم، أبو عَبْد الرحمان المروزي، ثقة ثبت فقيه عالم جواد مجاهد، ولد سنة (118 هـ‍)، وتوفي سنة (181 هـ‍). تهذيب الكمال 4/ 258 (3508)، ومرآة الجنان 1/ 294، والتقريب (3570). (¬4) شرح علل الترمذي 1/ 436. (¬5) قائله: أبو الفتح البُستي. انظر: الغيث المسجم في شرح لامية العجم، للصفدي 2/ 208، وانظر: نكت الزركشي 3/ 565، وفتح المغيث 2/ 148،وتعليقنا عَلَى مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث، لابن الصَّلاَحِ: 294. (¬6) أعني بالظروف الطارئة ما يحصل عَنْ غَيْر اعتياد وتماثل، ولا يَكُوْن سنة خلقية تقع لعدد كبير من الناس. (¬7) التحمل: هُوَ أخذ الْحَدِيْث عَنْ الشيخ بطريق من طرق التحمل. الاقتراح: 238. (¬8) الأداء: هُوَ تبليغ الْحَدِيْث وأدائه لِمَنْ يسمعه. أصول الْحَدِيْث: 227. (¬9) هُوَ هشيم بن بشير بن القاسم بن دينار السلمي، أبو معاوية بن أبي خازم الواسطي، ثقة ثبت كثير التدليس والإرسال الخفي، ولد سنة (104 هـ‍)، وتوفي سنة (183 هـ‍). =

ثالثا. الاختلاط

فأخذ عَنْهُ عشرين حديثاً، فلقيه صاحبٌ لَهُ وَهُوَ راجع، فسأله رؤيتها، وَكَانَ ثمة ريح شديدة، فذهبت بالأوراق من يد الرجل، فصار هشيم يحدّث بِمَا علق مِنْهَا بذهنه، وَلَمْ يَكُنْ أتقن حفظها، فوهم في أشياء مِنْهَا، ضعف حديثه بسببها (¬1) خاصة في الزهري (¬2). فهذا أمر طارئ عَلَى هشيم وَهُوَ ثقةٌ من الثقات الكبار النبلاء أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة (¬3) لكنه ضُعِّفَ خاصةً في الزهري لهذا الطارئ الَّذِيْ طرأ عَلَيْهِ حَتَّى قَالَ الحافظ ابن حجر (¬4): ((أما روايته عَنْ الزهري فليس في الصحيحين مِنْهَا شيءٌ)) (¬5). وكذلك يختلف حال ضبط الرَّاوِي باختلاف الأحوال والأماكن والشيوخ لعدم توفر الوسائل الَّتِيْ تمكنه من ضبط ما سمعه من بعض شيوخه، أو بسبب حدوث ضياعٍ في بعضِ ما كتبه عَنْ بعض شيوخه حَتَّى وَلَوْ كَانَ من أثبت الناس في هَذَا الشيخ خاصة. ومما يذكر في الظروف الطارئة ما حصل لمؤمل بن إسماعيل (¬6) إِذْ كَانَ قَدْ دفن كتبه، ثُمَّ حدث من حفظه فدخل الوهم والاختلاف في حديثه (¬7). ثالثاً. الاختلاط: الاختلاط لغة: يقال خلطت الشيء بغيره خَلْطاً فاختلط، وخالطهُ مخالطةً وخِلاطاً، واختلط فلانٌ، أي: فسد عقلُهُ، والتخليط في الأمر: الإفساد فِيْهِ والمختلط من الاختلاط، واختلط عقله إذا تغير، فهو مختلط، واختلط عقله: فسد (¬8). ¬

_ = الْمَعْرِفَة والتاريخ 1/ 47، والجرح والتعديل 9/ 115، والتقريب (7312). (¬1) هَذِهِ القصة ساقها الْخَطِيْب في تاريخ بغداد 14/ 87، والذهبي في الميزان 4/ 308، ونقلها السيوطي في تدريب الرَّاوِي 1/ 129. (¬2) لذا قَالَ الذهبي في " الميزان " 4/ 306: ((هُوَ ليّن في الزهري)). (¬3) تهذيب الكمال 7/ 418. (¬4) هُوَ أحمد بن علي بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الكناني العسقلاني الأصل، المصري المولد والمنشأ، علم الأعلام، حافظ العصر، لَهُ: " فتح الباري " و" تهذيب التهذيب " و " تقريبه " وغيرها، ولد سنة (773 هـ‍)، وتوفي سنة (852 هـ‍). طبقات الحفاظ: 552 (1190)، ونظم العقيان: 45 و 51، وشذرات الذهب 7/ 270. (¬5) هدي الساري: 449. (¬6) هُوَ مؤمل بن إسماعيل، أبو عَبْد الرحمان البصري، مولى آل عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، حافظ عالم يخطئ، قَالَ عَنْهُ أبو حاتم: صدوق، شديد في السنة، كثير الخطأ، توفي سنة (206 هـ‍). التاريخ الكبير 8/ 49، وميزان الاعتدال 4/ 228، وسير أعلام النبلاء 10/ 110 و 111. (¬7) تهذيب الكمال 7/ 284، والكاشف 2/ 309، وسيأتي الْحَدِيْث تفصيلاً عن أحد أوهامه. (¬8) انظر: الصحاح 3/ 1124،وأساس البلاغة:172،واللسان 7/ 295، وتاج العروس 19/ 267 (خلط).

أما في اصطلاح المحدثين: فَقَدْ قَالَ السخاوي (¬1): ((وحقيقته فساد العقل وعدم انتظام الأقوال والأفعال، إما بخرف، أو ضرر، أو مرض، أو عرضٍ من موت ابن وسرقة مالٍ كالمسعودي (¬2)، أو ذهاب كتب كابن لهيعة (¬3)، أَو احتراقها كابن الملقن (¬4))) (¬5). إذن الاختلاط: آفة عقلية تورث فساداً في الإدراك، وتصيب الإنسان في آخر عمره، أو تعرض لَهُ بسبب حادث لفقد عزيز أو ضياع مالٍ؛ ومن تصبه هَذِهِ الآفة لكبر سِنّهِ يقال فِيْهِ: اختلط بأخرة، ويقال: بآخره (¬6). فالاختلاط قَدْ يطرأ عَلَى كثير من رواة الْحَدِيْث النبوي مِمَّا يؤثر عَلَى روايته أحياناً فيدخل في رِوَايَته الوهم والخطأ مِمَّا يؤدي ذَلِكَ بالمحصلة النهائية إلى وجود الاختلاف بَيْنَ الروايات. ثُمَّ من كَانَ مختلطاً فدخل الوهم في حديثه لا تضر روايتُه رِوَايَةَ الثقات الأثبات؛ إِذْ إنّ الرِّوَايَة الصَّحِيْحَة لا تُعلُّ بالرواية الضعيفة، فرواية المختلط ضعيفة لا تقاوم رِوَايَة الثقات، ولا تصلح للحجية إلا إذا توبع المختلط في روايته أَوْ كَانَتْ روايته مِمَّا حدث بِهِ قَبْلَ الاختلاط. وعلماؤنا الأجلاء أحرقوا أعمارهم شموعاً تضيء لنا الطريق من أجل بَيَان كُلّ ما يدخل الْحَدِيْث من خطأ ووهم واختلاف، إِذْ إنّ مَعْرِفَة المختلطين لَيْسَ بالأمر السهل بَلْ هُوَ أمرٌ شاقٌ عَلَى الْمُحَدِّثِيْنَ للغاية، بَلْ كَانَ ¬

_ (¬1) هُوَ مُحَمَّد بن عَبْد الرحمان بن مُحمد السخاوي، المحدث المؤرخ، حضر إملاء الحافظ ابن حجر، أصله من " سخا " من قرى مصر، ولد سنة (831 هـ‍)، وتوفي سنة (902 هـ‍). نظم العقيان: 152، وشذرات الذهب 8/ 15، والأعلام 6/ 194. (¬2) هُوَ عَبْد الرحمان بن عَبْد الله بن عتبة بن عَبْد الله بن مسعود المسعودي الهذلي، أحد الأئمة الكبار: سيء الحفظ، توفي سنة (160هـ‍). التاريخ الكبير5/ 314، وتاريخ بغداد 10/ 218، وميزان الاعتدال 2/ 574. (¬3) هُوَ عَبْد الله بن لهيعة بن عقبة الحضرمي، أبو عَبْد الرحمن المصري، القاضي: صدوق، خلط بَعْدَ احتراق كتبه. توفي سنة (174 هـ‍). طبقات ابن سعد 7/ 516 و 517، والضعفاء الكبير، للعقيلي 2/ 293، والتقريب (3563). (¬4) هُوَ عمر بن علي بن أحمد الأنصاري الأندلسي، ثُمَّ المصري، ولد سنة (723 هـ‍)، كَانَ أكثر أهل زمانه تصنيفاً، من مصنفاته " طبقات الْمُحَدِّثِيْنَ " و " البدر المنير " وغيرهما، توفي سنة (804 هـ‍). طبقات الحفاظ: 542 (1173)، وشذرات الذهب 7/ 44و45، والأعلام 5/ 57. (¬5) فتح المغيث 3/ 277. (¬6) يقال: ((تغير بآخرهِ)) بمد الهمزة وكسر الخاء والراء، بعدها هاء. و ((تغيّر بآخِرَة)) بمد الهمزة أَيْضاً وكسر الخاء وفتح الراء، بعدها تاء مربوطة. و ((تغير بأخرة)) بفتح الهمزة والخاء والراء، بعدها تاء مربوطة. أي: اختل ضبطه وحفظه في آخر عمره وآخر أمره. إفادة من تعليق الشيخ عَبْد الفتاح أبو غدة - رحمه الله - عَلَى كتاب قواعد في علوم الْحَدِيْث: 249. وانظر: لسان العرب 4/ 14، وتاج العروس 10/ 36، والتعليق عَلَى مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث: 494.

الْمُحَدِّثُوْنَ أحياناً يعيدون سَمَاع الأحاديث نفسها الَّتِيْ سمعوها من ذَلِكَ الشَّيْخ من أجل أن يعرفوا ويحددوا الاختلاط من عدمه، ويحددوا وقت الاختلاط؛ لِذَلِكَ قَالَ حماد بن زيد (¬1): ((شعبة كَانَ لا يرضى أن يَسْمَع الْحَدِيْث مرة يعاود صاحبه مراراً)) (¬2). ومما يذكر في هَذِهِ الباب ما قَالَهُ حماد ابن زيد: قَالَ: حَدَّثَنِي عمرو بن عبيد الأنصاري، قَالَ: حَدَّثَنِي أبو الزعيزعة (¬3) -كاتب مروان (¬4) - أن مروان أرسل إلى أبي هُرَيْرَة، فجعل يسأله، وأجلسني خلف السرير وأنا أكتب، حَتَّى إذا كَانَ رأس الحول، دعا بِهِ فأقعده من وراء الحجاب، فجعل يسأله من ذَلِكَ الكتاب، فما زاد ولا نقص، ولا قدّم ولا أخّر (¬5). وروى الحافظ أبو خيثمة زهير (¬6) بن حرب في "كتاب العلم" (¬7) قَالَ: حَدَّثَنَا جرير (¬8)، عَنْ عمارة بن القعقاع (¬9)، قَالَ: قَالَ لي إبراهيم (¬10): حَدِّثنِي عَنْ أبي زرعة (¬11) ¬

_ (¬1) هُوَ حماد بن زيد بن درهم الأزدي الجهضمي، أبو إسماعيل البصري: ثقة ثبت فقيه، مولى آل جرير بن حازم، ولد سنة (98 هـ‍) وتوفي سنة (179 هـ‍). تهذيب الكمال 2/ 274 (1465)، وسير أعلام النبلاء 7/ 456، والتقريب (1498). (¬2) الجرح والتعديل 1/ 168. (¬3) هُوَ سالم أبو الزعيزعة مولى مروان بن الحكم، وكاتبه وكاتب ابنه عَبْد الملك بن مروان، وَكَانَ عَلَى الرسائل لعبد الملك وولاه الحرس. تاريخ دمشق 20/ 88. وورد في تاريخ البخاري 9/ 33 (289)، والجرح والتعديل 9/ 375 (1734) أبو الزعزعة. (¬4) هُوَ مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية القرشي الأموي، ولد بَعْدَ الهجرة بسنتين وَقِيْلَ بأربع، وَلَمْ يصح لَهُ سَمَاع عَنْ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، توفي سنة (65 هـ‍). تهذيب الكمال 7/ 71 (6462)، والبداية والنهاية 8/ 206، والتقريب (6567). (¬5) أخرج هَذِهِ القصة الْحَاكِم في المستدرك 3/ 510، وابن عساكر في تاريخ دمشق 20/ 89، والذهبي في سير أعلام النبلاء 2/ 598. (¬6) هُوَ أبو بكر، أحمد بن أبي خيثمة، زهير بن حرب النسائي الأصل، كَانَ ثقة عالماً متقناً حافظاً بصيراً بأيام الناس، راوية للأدب، من مصنفاته كتاب " التاريخ " الَّذِي أحسن تصنيفه وأكثر فائدته، توفي سنة (279 هـ‍). انظر: تاريخ بغداد 4/ 162، ومعجم الأدباء 3/ 35 - 36، وسير أعلام النبلاء 11/ 493. (¬7) العلم: 16 (56)، ونقله عَنْهُ الترمذي في علله الصغير 6/ 240 آخر الجامع. (¬8) هُوَ جرير بن عَبْد الحميد بن قرط الضبي الكوفي، نزيل الري: ثقة صَحِيْح الكِتَاب، توفي سنة (188 هـ‍). تهذيب الكمال 1/ 447 و 450 (901)، وسير أعلام النبلاء 9/ 9، والتقريب (916). (¬9) هُوَ عمارة بن القعقاع بن شبرمة الضبي الكوفي: ثقة. سير أعلام النبلاء 6/ 140، وتهذيب الكمال 5/ 329 (4785)، والتقريب (4859). (¬10) هُوَ الإمام الحافظ إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعي أبو عمران الكوفي: ثقة، توفي (196 هـ‍). طبقات ابن سعد 6/ 270 وسير أعلام النبلاء 4/ 520، والتقريب (270). (¬11) هُوَ أَبُو زرعة بن عمرو بن جرير بن عَبْد الله البجلي الكوفي قِيْلَ اسمه كنيته، وَقِيْلَ: اسمه هرم، =

فإني سألته عَنْ حَدِيْث، ثُمَّ سألته عَنْهُ بَعْدَ سنتين فما أخرم (¬1) مِنْهُ حرفاً)). وهذا نوع من أنواع الكشف عَنْ الخلل المتوقع طرؤه عَلَى المحدّث عِنْدَ تقدم السَّمَاع لَهُ، وكانت ثمة طرق أخرى للمحدّثين يستطيعون من خلالها الكشف عَنْ حال المحدّث، وهل طرأ لَهُ اختلاط في ما يرويه أَوْ بعض ما يرويه أم أنه حافظ ومتقن لما يروي ويحدّث؟ ومن طرق الْمُحَدِّثِيْنَ في مَعْرِفَة اختلاط الرُّوَاة: أن الناقد مِنْهُمْ كَانَ يدخل عَلَى الرَّاوِي ليختبره فيقلب عَلَيْهِ الأسانيد والمتون، ويلقنه ما ليس من روايته، فإن لَمْ ينتبه الشيخ لما يراد بِهِ فإنه يعد مختلطاً ويعزف الناس عَنْ الرِّوَايَة عَنْهُ، ومما يذكر في هَذِهِ البابة ما أسند إلى يحيى بن سعيد قَالَ: ((قدمت الكوفة وبها ابن عجلان (¬2) وبها ممن يطلب الْحَدِيْث: مليح بن وكيع (¬3) وحفص بن غياث (¬4) وعبد الله بن إدريس (¬5) ويوسف بن خالد السمتي (¬6)، فقلنا: نأتي ابن عجلان، فَقَالَ يوسف بن خالد: نقلب عَلَى هَذَا الشيخ حديثه، ننظر تفهُّمه، قَالَ: فقلبوا فجعلوا ما كَانَ عَنْ سعيد عَنْ أبيه، وما كَانَ عَنْ أبيه عَنْ سعيد، ثُمَّ جئنا إِلَيْهِ، لَكِنْ ابن إدريس تورّع وجلس بالبابِ وَقَالَ: لا استحلُّ وجلست مَعَهُ. ودخل حفص، ويوسف بن خالد، ومليح فسألوه فمرّ فِيْهَا، فلما كَانَ عِنْدَ ¬

_ = وَقِيْلَ: عَمْرو: ثقة. طبقات ابن سعد 6/ 297، وسير أعلام النبلاء 5/ 8، والتقريب (8103). (¬1) أي: ما نقص وما غير، قَالَ في الصحاح 5/ 1910: ((ما خرمت مِنْهُ شَيْئاً، أي: ما نقصت وما قطعت))، وفي المعجم الوسيط 1/ 230: ((ويقال: ما خرم من الْحَدِيْث حرفاً: ما نقص، وفي حَدِيْث سعد: ما خرمت من صلاة رَسُوْل الله شَيْئاً)). وانظر: النهاية 2/ 27. (¬2) هُوَ مُحَمَّد بن عجلان، أبو عَبْد الله القرشي: صدوق إلا أنه اختلطت عَلَيْهِ أحاديث أبي هُرَيْرَة، توفي سنة (148 هـ‍). طبقات خليفة: 270، والتاريخ الكبير 1/ 196، والجرح والتعديل 8/ 49، والتقريب (6136). (¬3) هُوَ مليح بن الجراح بن مليح الرؤاسي الكوفي أخو وكيع بن الجراح. التاريخ الكبير 8/ 10، والثقات 9/ 194 .. (¬4) هُوَ حفص بن غياث بن طلق، أبو عمر النخعي: ثقة مأمون، توفي سنة (194 هـ‍). التاريخ ليحيى بن معين رِوَايَة الدوري 2/ 121، وطبقات ابن سعد 6/ 389، والجرح والتعديل 3/ 185. (¬5) هُوَ أبو مُحَمَّد عَبْد الله بن إدريس الأودي: ثقة فقيه عابد، توفي سنة (192 هـ‍). تاريخ يحيى بن معين رِوَايَة الدوري 2/ 295، وطبقات ابن سعد 6/ 389، والتاريخ الكبير 5/ 47. (¬6) هُوَ يوسف بن خالد السمتي، أبو خالد البصري، مولى صخر بن سهل، قَالَ النسائي: بصري متروك الْحَدِيْث، وكذّبه ابن معين، توفي سنة (189 هـ‍). الكامل 8/ 490، وتهذيب الكمال 8/ 190 (7729)، والتقريب (7862).

آخر الكتاب انتبه الشيخ فَقَالَ: أعد العرض (¬1)، فعرض عَلَيْهِ فَقَالَ: ما سألتموني عَنْ أبي فَقَدْ حَدَّثَنِي سعيد بِهِ، وما سألتموني عَنْ سعيد فَقَدْ حَدَّثَنِي بِهِ أبي، ثُمَّ أقبل عَلَى يوسف بن خالد فَقَالَ: إن كُنْتَ أردت شيني وعيبِي فسلبك الله الإسلام، وأقبل عَلَى حفص فَقَالَ: ابتلاك الله في دينك ودنياك، وأقبل عَلَى مليح فَقَالَ: لا نفع الله بعلمك. قَالَ يحيى: فمات مليح وَلَمْ ينتفع بِهِ، وابتلي حفص في بدنه بالفالج (¬2) وبالقضاء في دينه، وَلَمْ يمت يوسف حَتَّى اتُّهمَ بالزندقة (¬3). وعلى الرغم من اختلاف العلماء في جواز ذَلِكَ وعدمه (¬4)، إلاّ أنهم استطاعوا أن يحددوا في كثير من الأحيان الفترة الزمنية الَّتِيْ دخل فِيْهَا الاختلاط عَلَى هَذَا الرَّاوِي، كَمَا حددوا اختلاط إسحاق بن راهويه (¬5) بخمسة أشهر، فَقَالَ أبو داود (¬6): ((تغيّر قَبْلَ أن يموت بخمسة أشهر، وسمعتُ مِنْهُ في تِلْكَ الأيام فرميت)) (¬7). وكذلك حددوا وقت اختلاط جرير بن حازم (¬8)، قَالَ أبو حاتم (¬9): ((تغيّر قَبْلَ موته ¬

_ (¬1) العرض: هُوَ القراءة عَلَى المحدث. انظر: مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث: طبعة نور الدين: 122، و294 طبعتنا. (¬2) قَالَ في المعجم الوسيط 2/ 699: ((شلل يصيب أحد شقي الجسم طولاً))، وانظر: اللسان 2/ 155، وتاج العروس 6/ 159 (فلج). (¬3) أسنده الرامهرمزي في المحدّث الفاصل: 398 - 399 (408). (¬4) قَالَ المعلمي في التنكيل 1/ 236: ((والتلقين: هُوَ أن يوقع الشيخ في الكذب ولا يبين، فإن كَانَ إنما فعل ذَلِكَ امتحاناً للشيخ وبيّن ذَلِكَ في المجلس لَمْ يضره)) وسيأتي الْحَدِيْث عَنْ هَذَا في الفصل مبحث القلب، الصفحة. (¬5) إسحاق بن إبراهيم بن مُحَمَّد الحنظلي، المروزي، أَبُو يعقوب المعروف بابن راهويه، الإِمَام الحَافِظ الكبير، محدث خراسان سكن نيسابور، قرين أحمد بن حنبل، ولد سنة (161 هـ‍)، وَقِيْلَ: (166 هـ‍)، ومات سنة (238 هـ‍)، لَهُ " المسند ". انظر: حلية الأولياء 9/ 234، وسير أعلام النبلاء 11/ 358، وطبقات الفقهاء: 108. (¬6) هُوَ سليمان بن الأشعث بن شداد الأزدي السجستاني صاحب السنن، وَقَالَ إبراهيم الحربي: ألين لأبي داود الْحَدِيْث كَمَا ألين لداود الحديد، ولد سنة (202 هـ‍)، وتوفي سنة (275 هـ‍). وفيات الأعيان 2/ 404، وسير أعلام النبلاء 13/ 203، والعبر 2/ 60. (¬7) تاريخ بغداد 6/ 355. وانظر: تهذيب الكمال 6/ 353، وميزان الاعتدال 1/ 183، والمختلطين: 9 (6)، والاغتباط: 3 (8)، والكواكب النيرات: 89 (4). (¬8) هُوَ جرير بن حازم بن زيد الأزدي، أبو النضر البصري: ثقة لَكِنْ في حديثه عن قتادة ضعف وله أوهام إِذَا حدّث من حفظه. الجرح والتعديل 2/ 504، وسير أعلام النبلاء 7/ 98، والتقريب (911). (¬9) هُوَ الإمام البارع مُحَمَّد بن إدريس، أبو حاتم الرازي الحنظلي صاحب العلل ولد سنة (195 هـ‍)، وتوفي سنة (277 هـ‍). =

أقسام الرواة عن المختلطين

بسنة)) (¬1). وحددوا وقت اختلاط سعيد بن أبي سعيد المقبري (¬2)، قَالَ ابن سعد (¬3): ((ثقة، إلا أنه اختلط قَبْلَ موته بأربع سنين)) (¬4). وعلى الرغم من احتياطات الْمُحَدِّثِيْنَ وإمعانهم في تحديد وقت الاختلاط، فإنهم لَمْ يتمكنوا من تحديد الساعات الأولى لبدء الاختلاط، فالاختلاط - كَمَا سبق - آفة عقلية تبدأ بسيطة ثُمَّ تكبر شَيْئاً فشيئاً، ويتعاظم أمرها بالتدريج، وفي هَذِهِ الفترة الواقعة بَيْنَ بداية الاختلاط وظهوره وتفشيه، يَكُوْن المختلط قَدْ رَوَى أحاديث تناقلها الرُّوَاة عَنْهُ، من غَيْر أن يعرفوا اختلاطه حين أخذهم عَنْهُ، ولربما كَانَ هَذَا الأمر سبباً في دخول الاختلاف والاضطراب في بعض أحاديث الثقات. غَيْر أن علماء الْحَدِيْث - رحمهم الله - لَمْ يتركوا قضية الاختلاط والمختلطين عَلَى عواهنها، بَلْ إنهم نقبوا وفتشوا أحوال الرُّوَاة جيدا، وقسموا الرُّوَاة عَنْ المختلطين عَلَى أربعة أقسام: الأول: الَّذِيْنَ رووا عَنْ المختلط قَبْلَ اختلاطه. الثاني: الَّذِيْنَ رووا عَنْهُ بَعْدَ اختلاطه. الثالث: الَّذِيْنَ رووا عَنْهُ قَبْلَ الاختلاط وبعده، وَلَمْ يميزوا هَذَا من هَذَا. الرابع: الَّذِيْنَ رووا عَنْهُ قَبْلَ اختلاطه وبعده وميزوا هَذَا من هَذَا. ووضعوا حكماً لكل قسم من هَذِهِ الأقسام: فمن رَوَى عَنْ المختلط قَبْلَ الاختلاط قبلت روايته عَنْهُ، ومن رَوَى عَنْهُ قَبْلَ الاختلاط وبعده، وميز ما سَمِعَ قَبْلَ ¬

_ = تاريخ بغداد 2/ 73، وسير أعلام النبلاء 13/ 247، والعبر 2/ 64. (¬1) الجرح والتعديل 2/ 505 الترجمة (2079)، وانظر: المختلطين: 16 (8)، والاغتباط: 46 (17)، والكواكب النيرات: 111 (11). (¬2) الإِمَام المحدّث الثقة: أبو سعد سعيد بن أبي سعيد كيسان الليثي، مولاهم، المدني المقبري، كَانَ يسكن بمقبرة البقيع ونسب إِلَيْهَا. توفي سنة (225 هـ‍) وَقِيْلَ سنة (223 هـ‍) وَقِيْلَ غَيْر ذَلِكَ وَكَانَ من أبناء التسعين. انظر: تهذيب الكمال 3/ 166، وسير أعلام النبلاء 5/ 216، وميزان الاعتدال 2/ 139. (¬3) مُحَمَّد بن سعد بن منيع، الحَافِظ، أبو عَبْد الله وَقِيْلَ: أبو سعد، البصري، كاتب الواقدي، سكن بغداد وظهرت فضائله، وَكَانَ كَثِيْر الْحَدِيْث والرواية كَثِيْر الكتب صنف كتاباً كبيراً في طبقات الصَّحَابَة والتابعين والخالفين إِلَى وقته، توفي سنة (230 هـ‍). تاريخ بغداد 5/ 321، وتهذيب الكمال 6/ 320 (5828)، وتاريخ الاسلام: 355 وفيات (230 هـ‍). (¬4) الطبقات الكبرى (القسم المتمم): 147. وانظر: سير أعلام النبلاء 5/ 217، والمختلطين: 39 (17)، والاغتباط: 61 (44).

أقسام المختلطين بحسب قبول مروياتهم

الاختلاط قُبِلَ، وَلَمْ يُقبل ما سَمِعَ بَعْدَ الاختلاط، ومن لَمْ يميز حديثه أو سَمِعَ بَعْدَ الاختلاط لَمْ تقبل روايته (¬1). ولعل الحافظ العراقي كَانَ أشمل في بيان الحكم من غيره، إِذْ قَالَ: ((ثُمَّ الحكم فيمن اختلط أنه لا يقبل من حديثه ما حدّث بِهِ في حال الاختلاط، وكذا ما أبهم أمره وأشكل، فَلَمْ ندرِ أحدّث بِهِ قَبْلَ الاختلاط أو بعده؟ وما حدث بِهِ قَبْلَ الاختلاط قُبِلَ، وإنما يتميز ذَلِكَ باعتبار الرُّوَاة عَنْهُمْ، فمنهم من سَمِعَ مِنْهُمْ قَبْلَ الاختلاط فَقَطْ، ومنهم من سَمِعَ بعده فَقَطْ، ومنهم من سَمِعَ في الحالين، وَلَمْ يتميز)) (¬2). وَقَدْ قسّم الْمُحَدِّثُوْنَ المختلطين من حَيْثُ تأثير الاختلاط في قبول مروياتهم عَلَى ثلاثة أقسام قَالَ العلائي (¬3): ((أما الرُّوَاة الَّذِيْنَ حصل لَهُمْ الاختلاط في آخر عمرهم فهم عَلَى ثلاثة أقسام: أحدها: من لَمْ يوجب ذَلِكَ لَهُ ضعفاً أصلاً، وَلَمْ يحط من مرتبته؛ إما لقصر مدة الاختلاط وقلَّتِهِ كسفيان بن عيينة (¬4)، وإسحاق بن إبراهيم بن راهويه، وهما من أئمة الإسلام المتفق عليهم؛ وإما لأنه لَمْ يروِ شيئاً حال اختلاطه، فسلم حديثه من الوهم كجرير بن حازم، وعفان بن مُسْلِم (¬5)، ونحوهما. ثانيها: من كَانَ مُتَكلَّماً فِيْهِ قَبْلَ الاختلاط، فَلَمْ يحصل من الاختلاط إلا زيادة في ضعفه؛ كابن لهيعة (¬6)، ومحمد بن جابر السُّحيمي (¬7)، ونحوهما. ¬

_ (¬1) مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث: 354، وفي طبعتنا: 494، والإرشاد، للنووي 2/ 788، والتقريب، لَهُ: 198، وطبعتنا: 275، والمنهل الروي: 137، واختصار علوم الْحَدِيْث: 244، والشذا الفياح 2/ 744، والمقنع 2/ 663، والعواصم 3/ 101 - 103، وفتح المغيث 3/ 277، وفتح الباقي 3/ 264 الطبعة العلمية و 2/ 323 طبعتنا، وتدريب الراوي 2/ 372، وتوضيح الأفكار 2/ 502. (¬2) شرح التبصرة والتذكرة الطبعة العلمية 3/ 264، وفي طبعتنا 2/ 329. (¬3) هُوَ خليل بن كيكلدي بن عَبْد الله العلائي الدمشقي، محدث فاضل، ولد في دمشق سنة (694 هـ‍)، وتوفي في القدس سنة (761 هـ‍)، من مصنفاته " جامع التحصيل " و " نظم الفرائد " وغيرهما. شذرات الذهب 6/ 190، والأعلام 2/ 321 - 322. (¬4) ينظر في هَذَا مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث: 497، مع التعليق عَلَيْهِ. (¬5) هُوَ أبو عثمان، عفان بن مُسْلِم بن عَبْد الله الصفار البصري سكن بغداد: ثقة، توفي سنة (219 هـ‍)، وَقِيْلَ: (220 هـ‍). الثقات 8/ 522، وتهذيب الكمال 5/ 187 (4553)، وتهذيب التهذيب 7/ 230. (¬6) هُوَ أَبُو عَبْد الرحمان المصري، عَبْد الله بن لهيعة بن عقبة الحضرمي الفقيه، قاضي مصر: صدوق، احترقت كتبه فحدّث من حفظه فأخطأ، توفي سنة (174 هـ‍). تهذيب الكمال 4/ 252 (3501)، والعبر 1/ 264، والتقريب (3563). (¬7) هُوَ مُحَمَّد بن جابر بن سيار السحيمي الحنفي، أَبُو عَبْد الله اليمامي، أصله كوفيٌّ، وَكَانَ أعمى، قَالَ عَنْهُ البخاري: ليس بالقوي، يتكلمون فِيْهِ، رَوَى مناكير، توفي سنة بضع وسبعين ومئة. =

رابعا. ذهاب البصر

ثالثها: من كَانَ محتجاً بِهِ، ثُمَّ اختلط، أو عُمِّر في آخر عمره، فحصل الاضطراب فِيْمَا رَوَى بَعْدَ ذَلِكَ، فيتوقف الاحتجاج بِهِ عَلَى التمييز بَيْنَ ما حدّث بِهِ قَبْلَ الاختلاط عما رَوَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ)) (¬1). رابعاً. ذهاب البصر: من المعروف في بَدَائِهِ علم الْحَدِيْث أنّ الضبط شرط أساسي في صحة الْحَدِيْث النبوي الشريف (¬2)، والضبط: هُوَ إتقان ما يرويه الرَّاوِي بأن يَكُوْن متيقظاً لما يروي غَيْر مغفل، حافظاً لروايته إن رَوَى من حفظه، ضابطاً لكتابه إن رَوَى من الكتاب، عالماً بمعنى ما يرويه، وبما يحيل المعنى عَنْ المراد إن روى بالمعنى (¬3)، حَتَّى يثق المطّلع عَلَى روايته والمتتبع لأحواله بأنه أدى الأمانة كَمَا تحملها، لَمْ يغير مِنْهَا شَيْئاً، وهذا مناط التفاضل بَيْنَ الرُّوَاة الثقات، فإذا كَانَ الرَّاوِي عدلاً ضابطاً سمي ثقةً (¬4). ويعرف ضبطه بموافقة الثقات الضابطين المتقنين إذا اعتبر حديثه بحديثهم، ولا تضر مخالفته النادرة لَهُمْ، فإن كثرت مخالفته لَهُمْ، وندرت الموافقة، اختل ضبطه وَلَمْ يحتج بحديثه (¬5). والضبط نوعان: ظاهر وباطن. فالظاهر من حَيْثُ اللغة. والباطن: ضبط معناه من حَيْثُ تعلق الحكم الشرعي بِهِ، وَهُوَ الفقه. ومطلق الضبط الَّذِيْ هُوَ شرط الرَّاوِي، هُوَ الضبط ظاهراً عِنْدَ الأكثر؛ لأنه يجوز نقل الْحَدِيْث بالمعنى عِنْدَ الكثير (¬6) من العلماء (¬7). فمما تقدم نستخلص أن الضبط قسمان: ضبط صدر، وضبط كتاب. وضابط الكتاب يحتاج أن يقرأ كتابه من أجل الرِّوَايَة والمقابلة، وضابط الصدر يحتاج إلى أن يعاود حفظه وكتابه من أجل ضبط مروياته، وربما يمكن أن يحصل هَذَا لبعض الرُّوَاة ¬

_ = تهذيب الكمال 6/ 259 - 260 (5699)، وسير أعلام النبلاء 8/ 238، والتقريب (5777). (¬1) كتاب المختلطين: 3. (¬2) انظر: شرح التبصرة والتذكرة الطبعة العلمية 1/ 12، وفي طبعتنا 1/ 103، وفتح المغيث 1/ 68. (¬3) انظر: تدريب الرَّاوِي 1/ 301. (¬4) فتح المغيث 1/ 28، وتدريب الرَّاوِي 1/ 63، وتوجيه النظر 1/ 181. (¬5) هامش جامع الأصول 1/ 72. (¬6) انظر: في حكم رِوَايَة الْحَدِيْث بالمعنى: الإلماع: 178، والتقريب: 134وطبعتنا: 183، وشرح التبصرة الطبعة العلمية: 2/ 168، وفي طبعتنا 1/ 506 - 507، وفتح المغيث 2/ 258، وتدريب الرَّاوِي 2/ 112. (¬7) جامع الأصول 1/ 72 - 73.

خامسا. ذهاب الكتب

بمفردهم، وقسم مِنْهُمْ يستعين بمن يثق بِهِ ليعاونه عَلَى ذَلِكَ. إذن فالبصر مهم في ذَلِكَ وله دور كبير في المحافظة على الحفظ؛ لذا فإنّ زوال البصر وذهابه قَدْ يؤدي بالمحصلة النهائية إلى دخول الوهم في بعض روايات الْمُحَدِّثِيْنَ مِمَّا يؤدي إلى حصول اختلاف بَيْنَ الروايات. ومن الَّذِيْنَ ذهب بصرهم: عَبْد الرزاق بن همام الصنعاني (¬1) صاحب المصنف قَالَ الحافظ ابن حجر العسقلاني: ((عمي في آخر عمره فتغير)) (¬2). وكذا علي بن مسهر (¬3) قَالَ العجلي (¬4): ((صاحب سنة ثقة في الْحَدِيْث صالح الكتاب كثير الرِّوَايَة عَنْ الكوفيين)) (¬5)، وَقَالَ أبو عَبْد الله أحمد بن حَنْبَل لما سئل عَنْهُ: ((لا أدري كيف أقول كَانَ قَدْ ذهب بصره فكان يحدّثهم من حفظه)) (¬6). خامساً. ذهاب الكتب: قَدْ علمنا مِمَّا سبق أن ضبط الكتاب (¬7) هُوَ أحد قسمي الضبط، والعمدة في هَذَا القسم عَلَى كتاب الرَّاوِي، وتطرق الخلل إلى كتابه أمر مضر بالثقة في مرويات ذَلِكَ الرَّاوِي، وَقَدْ يصل الأمر إلى أن يدع الرَّاوِي روايته جملة بسبب فقد كتابه. إلاّ أن بعض الرُّوَاة قَدْ يعلق في أذهانهم شيء من تِلْكَ المرويات الَّتِيْ دونوها في كتبهم المفقودة، فيحدّثون بِهَا، ولما كَانَ معتمدهم أصلاً في الرِّوَايَة عَلَى كتبهم لا عَلَى حفظهم فإن وجود الخطأ والوهم في تِلْكَ الروايات وارد. ومن رواة الأحاديث الَّذِيْنَ ذهبت كتبهم مع اعتمادهم عَلَى تِلْكَ الكتب في ¬

_ (¬1) هُوَ عَبْد الرزاق بن همام بن نافع الصنعاني أبو بكر الحميري، مولاهم صاحب المصنف: ثقة، حافظ، عمي في آخر عمره فتغير، توفي سنة (211 هـ‍). طبقات ابن سعد 5/ 548، والتاريخ الكبير 6/ 130، والتقريب (4064). (¬2) التقريب (4064). (¬3) هُوَ أبو الحسن علي بن مسهر القرشي الكوفي، قاضي الموصل: ثقة لَهُ غرائب بَعْدَ أن أضر، مات سنة (189 هـ‍). طبقات ابن سعد 6/ 388، وتهذيب الكمال 5/ 301 و 302 (4726)، والتقريب (4800). (¬4) هُوَ أحمد بن عَبْد الله بن صالح بن مُسْلِم، العجلي الكوفي، ولد بالكوفة سنة (182 هـ‍)، ونزل مدينة طرابلس المغرب، قَالَ يحيى: ثقة ابن ثقة. من تصانيفه: " مَعْرِفَة الثقات " وغيرها، توفي سنة (261 هـ‍). سير أعلام النبلاء 12/ 505، وتذكرة الحفاظ 2/ 560، والبداية والنهاية 11/ 28 .. (¬5) تهذيب التهذيب 7/ 384. (¬6) المصدر السابق. (¬7) هُوَ اعتماد الرَّاوِي عَلَى كتابه حال تأدية الْحَدِيْث.

حفظهم: عَبْد الله بن لهيعة، أبو عَبْد الرحمان الحضرمي، الفقيه قاضي مصر، كَانَ متقناً لكتابه، قَالَ الإمام أحمد: ((ابن لهيعة أجود قِرَاءة لكتبه من ابن وهب (¬1))) (¬2). وَقَدْ كَانَ جل اعتماده في روايته عَلَى كتبه، فلما احترقت ضُعِّف في الرِّوَايَة لكثرة ما وجد من الوهم والخطأ في روايته بَعْدَ ذهاب كتبه. قَالَ إسحاق بن عيسى الطباع (¬3): ((احترقت كتب ابن لهيعة سنة تسع وستين)) (¬4). وَقَالَ البخاري (¬5) عَنْ يحيى بن بكير (¬6): ((احترق منْزل ابن لهيعة وكتبه في سنة سبعين ومئة)) (¬7). وربما يَكُوْن لغياب الكتب نَفْسُ أثرِ فَقْدِ الكتب ويكون مدعاة للوهم والخلاف، فإذا حدّث الرَّاوِي - الَّذِيْ يعتمد في الأداء عَلَى كتابه - في حالة غياب كتبه عَنْهُ، وقع الوهم والخطأ في حديثه، وتحديثه في غَيْر بلده - أَيْضاً - مظنة (¬8) لوقوع ذَلِكَ كَمَا حصل ¬

_ (¬1) عَبْد الله بن وهب بن مُسْلِم القرشي، الفهري أبو مُحَمَّد المصري، الإمام الحَافِظ ولد سنة (125 هـ‍) ومات سنة (196 هـ‍) أو (197 هـ‍)، لَهُ مصنفات كثيرة مِنْهَا: " الجامع " و " المغازي ". انظر: طبقات خليفة: 297، وتهذيب الكمال 4/ 317، وسير أعلام النبلاء 9/ 223. (¬2) تهذيب الكمال 4/ 254. (¬3) إسحاق بن عيسى بن نجيح البغدادي، أبو يعقوب المعروف بابن الطباع، ولد سنة (140 هـ‍)، وتوفي سنة (214 هـ‍) وَقِيْلَ: (215 هـ‍)، لَهُ " التاريخ " وغيره. انظر: تاريخ بغداد 6/ 332، وتهذيب الكمال 1/ 195 - 196 (368)، وتاريخ الإسلام وفيات (215 هـ‍): 65 - 66. (¬4) تهذيب الكمال 4/ 253. (¬5) الإِمَام حبر الإسلام إمام الْمُحَدِّثِيْنَ، أَبُو عَبْد الله مُحَمَّد بن إسماعيل بن إبراهيم البُخَارِيّ مولى الجحفيين، ولد سنة (194هـ‍)، صاحب"الجامع الصَّحِيْح" و"التاريخ" و"الأدب المفرد" و"الضعفاء"، توفي سنة (256هـ‍) انظر: تاريخ بغداد 2/ 4، وسير أعلام النبلاء 12/ 390، وشذرات الذهب 2/ 134 - 135. (¬6) الإِمَام الحَافِظ الثقة أبو زكريا يَحْيَى بن عَبْد الله بن بكير القرشي المخزومي، مولاهم، المصري، ولد سنة (154 هـ‍) وَقِيْلَ بَعْدَ الثلاثين، وتوفي سُنَّةُ (231هـ‍). انظر: تهذيب الكمال 8/ 56 (7453)،وسير أعلام النبلاء 10/ 162 - 164، وتذكرة الحفاظ 2/ 420. (¬7) تهذيب الكمال 4/ 254. ويرى بعض العلماء أن كتبه لَمْ تحترق، انظر تفصيل هَذَا في المصدر السابق. (¬8) مَظِنَّة - بكسر الظاء عَلَى وزن مَفْعِلَة - الشيء الموضع الَّذِيْ يظن كونه فِيْهِ وَهِيَ معدنه، من الظن بمعنى: العلم، قَالَ ابن الأثير: ((وَكَانَ القياس فتح الظاء، وإنما كسرت لأجل الهاء)). انظر: الصحاح 6/ 2160، والنهاية 3/ 164، ولسان العرب 13/ 273 (ظنن)، وتعليقنا عَلَى مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث: 105.

سادسا. عدم الضبط

لمعمر بن راشد (¬1) قَالَ ابن رجب (¬2): ((حديثه بالبصرة فِيْهِ اضطراب كثير، وحديثه باليمن جيد)) (¬3)، وَقَالَ الإمام أحمد في رِوَايَة الأثرم (¬4): ((حَدِيْث عَبْد الرزاق عَنْ معمر أحب إليّ من حَدِيْث هؤلاء البصريين، كَانَ يتعاهد كتبه وينظر، يعني باليمن، وَكَانَ يحدّثهم بخطأٍ بالبصرة)) (¬5). وَقَالَ يعقوب بن شيبة (¬6): ((سَمَاع أهل البصرة من معمر، حين قدم عليهم فِيْهِ اضطراب؛ لأن كتبه لَمْ تَكُنْ مَعَهُ)) (¬7). ومن هَؤُلاَءِ أَيْضاً: إسماعيل بن عياش (¬8) قَالَ مُحَمَّد بن عثمان بن أبي شيبة (¬9): ((سَمِعْتُ يَحْيَى بن مَعِيْنٍ يَقُوْل: إسماعيل بن عياش ثقة فِيْمَا رَوَى عَنْ الشاميين، وأما روايته عَنْ أهل الحجاز فإن كتابه ضاع فخلط في حفظه عَنْهُمْ)) (¬10). سادساً. عدم الضبط: سبق الكلام أن الضبط من شروط صحة الْحَدِيْث الأساسية؛ ولكن بعض الرُّوَاة -وإن كانوا ضابطين - إلا أنهم في بعض الأحايين يخف ضبطهم لبعض الأحاديث ¬

_ (¬1) هُوَ معمر بن راشد، أبو عروة بن أبي عمرو الأزدي، مولاهم البصري: ثقة ثبت فاضل أحد الأعلام الثقات، توفي سنة (153هـ‍). طبقات ابن سعد 5/ 546، تاريخ البخاري 7/ 378، والتقريب (6809). (¬2) هُوَ عَبْد الرحمان بن أحمد بن رجب السلامي البغدادي، ثُمَّ الدمشقي، ولد سنة (736 هـ‍)، من حفاظ الْحَدِيْث، من مصنفاته " فضائل الشام" و " شرح جامع الترمذي "، توفي سنة (795 هـ‍). الدرر الكامنة 2/ 321، والمنهج الأحمد 3/ 263، والأعلام 3/ 295. (¬3) شرح علل الترمذي 2/ 767. (¬4) هُوَ الإمام أبو بكر، أحمد بن مُحَمَّد بن هانئ الإسكافي الأثرم، أحد الأعلام، ومصنف " السنن "، توفي بَعْدَ سنة (271 هـ‍). الجرح والتعديل 2/ 72،، وسير أعلام النبلاء 12/ 623، والمنهج الأحمد 1/ 131. (¬5) شرح علل الترمذي 2/ 767. (¬6) هُوَ يعقوب بن شيبة بن الصلت، أبو يوسف السدودسي: ثقة حافظ، صنف " المسند الكبير "، ولد في حدود سنة (180 هـ‍)، وتوفي سنة (262 هـ‍). تاريخ بغداد 14/ 281، وتذكرة الحفاظ 2/ 577، والنجوم الزاهرة 3/ 47. (¬7) شرح علل الترمذي 2/ 767. (¬8) هُوَ إسماعيل بن عياش بن سليم العنسي، أبو عتبة الحمصي: صدوق في روايته عن أهل بلده مخلط في غيرهم، مات سنة (181 هـ‍). تهذيب الكمال 1/ 247 (465)، والكاشف 1/ 248 - 249 (400)، والتقريب (473). (¬9) هُوَ مُحَمَّد بن عثمان بن أبي شيبة، أبو جعفر العبسي الكوفي، كَانَ كثير الْحَدِيْث واسع الرِّوَايَة، توفي سنة (297 هـ‍). تاريخ بغداد 3/ 42، والأنساب 4/ 116، وتذكرة الحفاظ 2/ 661. (¬10) تهذيب الكمال 1/ 250، وانظر: الكواكب النيرات: 98.

خاصة، وَهُوَ أمرٌ اعتيادي يحصل لبني الإنسان؛ لأن الضبط كَمَا سبق أمرٌ نسبيٌّ. وهذا الباب الَّذِيْ يمكن من خلاله دخول الوهم في بَعْض أحاديث الثقات يعدُّ سبباً من أسباب اختلاف الروايات متناً وإسناداً مِمَّا يؤدي بالمحصلة النهائية إِلَى حصول بَعْض الاختلافات في بَعْض الأحاديث. وهذا الأمر نراه جلياً في أحاديث الثقات الَّتِيْ أخطؤوا فِيْهَا. وما يأتي في كَثِيْر من الأمثلة اللاحقة دليل لما أصّلناه في أن الضبط أمرٌ نسبيٌّ ينفك عَنْ بعض الثقات أحياناً في بعض الأحاديث. وَكَانَ هناك رواة، لَهُمْ كتب صحيحة متقنة وفي حفظهم شيء وهؤلاء كانوا أحياناً إِذا حدثوا من حفظهم غلطوا وإذا حدثوا من كتابهم أصابوا، وهذا أمر أولاه العلماء عناية؛ لأن فِيْهِ مزيد ضبط في رِوَايَة هَذَا الرَّاوِي خاصة، ومن الأمثلة عَلَى ذَلِكَ شريك القاضي وَهُوَ شريك بن عَبْد الله النخعي، الكوفي، القاضي بواسط، ثُمَّ الكوفة، أبو عَبْد الله: صدوق يخطئ كثيراً، تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة (¬1). قَالَ فِيْهِ مُحَمَّد بن عَبْد الله بن عمار الموصلي (¬2): ((شريك كتبه صحاح فمن سَمِعَ مِنْهُ من كتبه فهو صَحِيْح، قَالَ: وَلَمْ يَسْمَع من شريك من كتابه إلا إسحاق الأزرق (¬3))) (¬4). وَقَالَ فِيْهِ يعقوب بن شيبة: ((كتبه صحاح)) (¬5). وفي رِوَايَة الْخَطِيْب البغدادي (¬6) عَنْ يعقوب في شريك: ((ثقة صدوق، صَحِيْح الكتاب، رديء الحفظ مضطربه)) (¬7). ومن الأمور الَّتِيْ يدخل الاختلاف بسببها لعدم الضبط، هُوَ عدم الضبط في بلد معين، وَهُوَ أن يَكُوْن الرَّاوِي ضابطاً إلا أنه في سماعه لحديث أهل بلدٍ معين لا يَكُوْن ¬

_ (¬1) التقريب (2787). (¬2) هُوَ مُحَمَّد بن عَبْد الله بن عمار، أبو جعفر الموصلي، محدث الموصل، ولد بَعْدَ الستين ومئة: ثقة صاحب حَدِيْث، توفي سنة اثنتين وأربعين ومئتين. سير أعلام النبلاء 11/ 469 - 470. (¬3) هُوَ أبو مُحَمَّد إسحاق بن يوسف بن مرداس القرشي الواسطي المخزومي المعروف بالأزرق: ثقة، ولد سنة (117 هـ‍)، وتوفي سنة (195 هـ‍). تهذيب الكمال 1/ 203 (389)، وسير أعلام النبلاء 9/ 171، والتقريب (396). (¬4) شرح علل الترمذي 2/ 759. (¬5) شرح علل الترمذي 2/ 759. (¬6) أبو بكر أحمد بن عَلِيّ بن ثابت البغدادي، (الحَافِظ الناقد)، ولد سنة (392 هـ‍)، رحل إِلَى البصرة ونيسابور وأصبهان ومكة ودمشق والكوفة والري وصنف قريباً من مئة مصنف مِنْهَا: " تاريخ بغداد " و " الجامع لأخلاق الرَّاوِي "، توفي سنة (463 هـ‍). انظر: سير أعلام النبلاء 18/ 270، ومرآة الجنان 3/ 67، والبداية والنهاية 12/ 91. (¬7) تاريخ بغداد 9/ 284.

ضابطاً لحديثهم لعدم تأهبه لِذَلِكَ؛ لأن الضبط كَمَا يَكُوْن في الأداء يَكُوْن في التحمل فإن لَمْ يتحمل جيداً -لاختلال في السَّمَاع، أو عدم جودةٍ في تقييد الكتاب- لَمْ يؤد جيداً، ومثل هَذَا قَدْ حصل لعدد من الرُّوَاة، فتجد أحاديثهم جياداً في روايتهم عَنْ أهل بلد معين، وتجدها دون ذَلِكَ عِنْدَ أهل بلد آخر لخلل طرأ في السَّمَاع والتحمل. ومن أولئك الرُّوَاة الَّذِيْنَ تضعّف روايتهم في بلد دون آخر إسماعيل بن عياش، وَهُوَ إسماعيل بن عياش بن سليم العَنْسيُّ - بالنون - أبو عتبة الحمصي: صدوق في روايته عَنْ أهل بلده مُخَلِّط في غيرهم (¬1). قَالَ يعقوب بن سفيان (¬2): ((تكلَّم قومٌ في إسماعيل، وإسماعيل ثقة عدلٌ، أعلم الناس بحديث الشام، ولا يدفعه دافع، وأكثر ما تكلموا قالوا: يُغرِبُ عَنْ ثقات المدنيين والمكيين)) (¬3). وَقَالَ أبو بكر بن أبي خيثمة: سُئِلَ يحيى بن معين عَنْ إسماعيل بن عياش، فَقَالَ: ((ليس بِهِ بأس في أهل الشام. والعراقيون يكرهون حديثه)) (¬4). وَقَالَ مضر بن مُحَمَّد الأسدي (¬5)، عَنْ يَحْيَى: ((إذا حدَّث عَنْ الشاميين وذكر الخبر، فحديثه مستقيم، وإذا حدّث عَنْ الحجازيين والعراقيين، خلّط ما شئت)) (¬6). وَقَالَ أبو داود: سألت أحمدَ عَنْ إسماعيلَ بنِ عياش فَقَالَ: ((ما حدّث عَنْ مشايخهم. قلت: الشاميين؟ قَالَ: نعم. فأما ما حدث عَنْ غيرهم، فعنده مناكير)) (¬7). وَقَالَ أبو طَالِب أحمد بن حميد (¬8): سَمِعْتُ أحمد بن حَنْبَل يَقُوْل: ((إسماعيل بن عيّاش ما رَوَى عَن الشاميين صَحِيْح، وما رَوَى عَنْ أهل الحجاز فليس بصحيح)) (¬9) ¬

_ (¬1) التقريب (473). (¬2) هُوَ أبو يوسف، يعقوب بن سُفْيَان بن جوان الفارسي، الفسوي، من أهل مدينة فسا، ويقال لَهُ: يعقوب بن أبي معاوية: ثقة حافظ، ولد في حدود سنة (190 هـ‍)، وتوفي سنة (277 هـ‍). الثقات 9/ 287، وسير أعلام النبلاء 13/ 180، والتقريب (7817). (¬3) الْمَعْرِفَة والتاريخ 2/ 423، ونقله المزي في تهذيب الكمال 1/ 249. (¬4) تهذيب الكمال 1/ 250. (¬5) هُوَ مضر بن مُحَمَّد بن خالد بن الوليد بن مضر، أبو مُحَمَّد الأسدي، القاضي ولي قضاء واسط، توفي سنة (277 هـ‍). طبقات الحنابلة 1/ 339. (¬6) تهذيب الكمال 1/ 250. (¬7) سؤالات أبي داود للإمام أحمد: 264 (300)، وتهذيب الكمال 1/ 250. (¬8) هُوَ أحمد بن حميد أبو طالب المشكاني، المتخصص بصحبة الإمام أحمد، توفي سنة (244 هـ‍). تاريخ بغداد 4/ 122، وطبقات الحنابلة 1/ 40، والمنهج الأحمد 1/ 100. (¬9) الكامل، لابن عدي 1/ 472.

سابعا. التدليس

سابعاً. التدليس (¬1): هُوَ أحد الأسباب الرئيسة الَّتِيْ تدخل الاختلاف في المتون والأسانيد؛ لأن التدليس يكشف عَنْ سقوط راوٍ أحياناً فيكون لهذا الساقط دور في اختلاف الأسانيد والمتون ولما كَانَ الأمر عَلَى هَذِهِ الشاكلة، فلابدّ لنا من تفصيل القَوْل في التدليس: فالتدليس لغة: من الدَّلَسِ - بالتحريك - وَهُوَ اختلاط الظلام، والتدليس: إخفاء العيب وكتمانه (¬2). أما في الاصطلاح، فإن التدليس عندهم يتنوع إلى عدة أنواع: الأول: تدليس الإسناد: وَهُوَ أن يروي الرَّاوِي عمن لقيه ما لَمْ يسمعه مِنْهُ بصيغة محتملة (¬3). والمراد من الصيغة المحتملة: أن لا يصرح بالسماع أَوْ الإخبار مثل: حَدَّثَنَا، وأخبرنا (¬4) وأنبأنا، وسمعت، وَقَالَ لنا، وإنما يجيء بلفظ يحتمل الاتصال وعدمه، مثل: إن، وعن، وَقَالَ، وحدّث، وروى، وذكر، لذا لَمْ يقبل الْمُحَدِّثُوْنَ حَدِيْث المدلس ما لَمْ يصرِّح بالسماع (¬5). ¬

_ (¬1) انظر في التدليس: مَعْرِفَة علوم الْحَدِيْث: 103، والمدخل إلى الإكليل: 39، والكفاية (508 ت، 355 هـ‍)، والتمهيد 1/ 15، وجامع الأصول 1/ 167، ومعرفة أنواع علم الْحَدِيْث: 66 طبعة نور الدين، 156 طبعتنا، والإرشاد 1/ 205، والتقريب: 63، وطبعتنا: 109، والاقتراح: 209، والمنهل الروي: 72، والخلاصة: 74، والموقظة: 47، وجامع التحصيل: 97، والتذكرة: 16، ومحاسن الاصطلاح: 165، وشرح التبصرة والتذكرة 1/ 179 الطبعة العلمية، و1/ 224 طبعتنا، والتقييد والإيضاح: 95، ونزهة النظر: 113، والنكت عَلَى كتاب ابن الصَّلاَحِ 2/ 614، ومقدمة طبقات المدلسين: 13، والمختصر: 132، وفتح المغيث 1/ 196، وألفية السيوطي: 33، وتوضيح الأفكار 1/ 346، وظفر الأماني: 373، وقواعد التحديث: 132. (¬2) الصحاح 3/ 930، ولسان العرب 6/ 86، وتاج العروس 16/ 84 مادة (دلس). (¬3) انظر: مَعْرِفَة علوم الْحَدِيْث: 103، وجامع الأصول: 167، ومعرفة أنواع علم الْحَدِيْث: 66 طبعة نور الدين و 157 طبعتنا، وإرشاد طلاب الحقائق 1/ 205، وجامع التحصيل: 97، وشرح ألفية العراقي: 33 للسيوطي، وتوضيح الأفكار 1/ 347، وظفر الأماني: 374. (¬4) ثُمَّ شاع تخصيص " أخبرنا " في العصور المتأخرة بالإجازة. انظر: مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث: 66 طبعة نور الدين، و 159 طبعتنا. (¬5) انظر: مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث: 67 طبعة نور الدين و 159 طبعتنا، وإرشاد طلاب الحقائق 1/ 210، والتقريب: 65، والمقنع 1/ 157، وشرح التبصرة والتذكرة 1/ 184 الطبعة العلمية، و1/ 232 طبعتنا، والعواصم والقواصم 3/ 60، وطبقات المدلسين: 16.

الثاني: تدليس الشيوخ

الثاني: تدليس الشيوخ: وَهُوَ أن يأتي باسم شيخه أَوْ كنيته عَلَى خلاف المشهور بِهِ تعمية لأمره وتوعيراً للوقوف عَلَى حاله (¬1). وهذا النوع حكمه أخف من السابق، وفي هَذَا النوع تضييع للمروي عَنْهُ وللمروي وتوعير لطريق مَعْرِفَة حالهما. ثُمَّ إن الحال في كراهيته يختلف بحسب الغرض الحامل عَلَيْهِ، إِذْ إن من يدلس هَذَا التدليس قَدْ يحمله كون شيخه الَّذِيْ غيّر سمته غَيْر ثقة، أو أصغر من الرَّاوِي عَنْهُ، أو متأخر الوفاة قَدْ شاركه في السَّمَاع مِنْهُ جَمَاعَة دونه، أو كونه كثير الرِّوَايَة عَنْهُ فلا يحب تكرار شخص عَلَى صورة واحدة (¬2). الثالث: تدليس التسوية (¬3): وَهُوَ أن يروي عَنْ شيخه، ثُمَّ يسقط ضعيفاً بَيْنَ ثقتين قَدْ سَمِعَ أحدهما من الآخر أو لقيه، ويرويه بصيغة محتملة بَيْنَ الثقتين (¬4). وممن اشتهر بهذا النوع: الوليد بن مُسْلِم (¬5)، وبقية بن الوليد (¬6). وهذا النوع من التدليس يشترط فِيْهِ التحديث والإخبار من المدلس إلى آخره (¬7). ¬

_ (¬1) مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث: 66 طبعة نور الدين و 158 طبعتنا، وانظر في هَذَا النَّوْع من التدليس: الكفاية: (520 ت، 365 هـ‍)، وجامع الأصول 1/ 170، والإرشاد 1/ 207، والتقريب: 63 - 64، والاقتراح: 211 - 212، والمنهل الروي: 73، وجامع التحصيل: 100، واختصار علوم الْحَدِيْث: 55، والمقنع 1/ 155، وشرح التبصرة والتذكرة 1/ 187 الطبعة العلمية و 1/ 240 طبعتنا، وشرح ألفية العراقي للسيوطي: 37، وتوضيح الأفكار 1/ 350، وظفر الأماني: 380. (¬2) الإرشاد، للنووي 1/ 212. (¬3) وَقَدْ سماه القدماء تجويداً. فتح المغيث 1/ 199،وتدريب الرَّاوِي 1/ 226،وشرح ألفية السيوطي: 36. وسماه صاحب ظفر الأماني: 377 بـ: " التحسين ". (¬4) الكفاية (519 ت، 364 هـ‍)، والإرشاد، للنووي 1/ 206، والمقنع 1/ 163، وشرح التبصرة والتذكرة 1/ 190 الطبعة العلمية و 1/ 242 طبعتنا، وتعريف أهل التقديس: 16، وفتح المغيث 1/ 213، وشرح ألفية السيوطي: 36، وظفر الأماني: 377. (¬5) الوليد بن مُسْلِم القرشي مولاهم، أبو العباس الدمشقي: ثقة لكنه كثير التدليس والتسوية، مولى بني أمية، ولد سنة (119 هـ‍)، وتوفي سنة (195 هـ‍). انظر: طبقات ابن سعد 7/ 470 - 471، وسير أعلام النبلاء 9/ 211 - 220، والتقريب (7456). (¬6) بقية بن الوليد بن صائد بن كعب الكلاعي الحمصي، أبو يحمد: صدوق كثير التدليس عَنْ الضعفاء، ولد سنة (110 هـ‍)، وتوفي سنة (197 هـ‍). انظر: الجرح والتعديل 2/ 434 - 435، وسير أعلام النبلاء 8/ 518 و 519، والتقريب (734). وانظر الكلام عَنْ تدليس هذين الراويين: الموقظة: 46. (¬7) النكت عَلَى كتاب ابن الصَّلاَحِ 1/ 293.

الرابع: تدليس العطف

الرابع: تدليس العطف: وَهُوَ مثل أن يقول الرَّاوِي: حَدَّثَنَا فُلاَن وفلان، وَهُوَ لَمْ يَسْمَع من الثاني (¬1). الخامس: تدليس السكوت: وَهُوَ كأن يقول الرَّاوِي: حَدَّثَنَا أَوْ سَمِعْتُ، ثُمَّ يسكت برهة، ثُمَّ يقول: هشام بن عروة (¬2) أو الأعمش (¬3) موهماً أنه سَمِعَ منهما، وليس كذلك (¬4). السادس: تدليس القطع: وَهُوَ أن يحذف الصيغة ويقتصر عَلَى قوله مثلاً: الزهري عَنْ أنس (¬5). السابع: تدليس صيغ الأداء: وَهُوَ ما يقع من الْمُحَدِّثِيْنَ من التعبير بالتحديث أَوْ الإخبار عَنْ الإجازة موهماً للسماع، وَلَمْ يَكُنْ تحمله لِذَلِكَ المروي عَنْ طريق السَّمَاع (¬6). وهذه الأنواع السبعة ليست كلها مشتهرة إنما المشتهر مِنْهَا والشائع الأول والثاني وعند الإطلاق يراد الأول. وهذا القسم هُوَ الَّذِيْ لَهُ دورٌ في الاختلافات الحديثية متوناً وأسانيد، إِذْ قَدْ يكشف خلال البحث بَعْدَ التنقير والتفتيش عَنْ سقوط رجل من الإسناد وربما كَانَ هَذَا الساقط ضعيفاً أَوْ في حفظه شيءٌ، أو لَمْ يضبط حديثه هَذَا. ومن الأمثلة عَلَى ذَلِكَ ما رَوَاهُ ابن حبان (¬7) من طريق ابن جريج (¬8)، ¬

_ (¬1) تعريف أهل التقديس: 16، وفتح المغيث 1/ 202، وألفية السيوطي: 33، وتدريب الرَّاوِي 1/ 226، وظفر الأماني: 379، والباعث الحثيث: 55 - 56. (¬2) هشام بن عروة بن الزبير بن العوام الأسدي، يكنى أبا المنذر: ثقة فقيه ربما دلس، توفي سنة (146 هـ‍). انظر: طبقات خليفة: 267، وتهذيب الكمال 7/ 409 - 411 (7180)، والتقريب (7302). (¬3) سليمان بن مهران الأسدي الكاهلي، أبو مُحَمَّد الكوفي الأعمش: ثقة حافظ لكنه يدلس، قَالَ الذهبي: ما نقموا عَلَيْهِ إلا التدليس، ولد سنة (61 هـ‍)، وتوفي سنة (147 هـ‍) أَوْ (148 هـ‍). انظر: تهذيب الكمال 3/ 300 - 303 (2555)، وميزان الاعتدال 2/ 224، والتقريب (2615). (¬4) الباعث الحثيث: 55 - 56. (¬5) تعريف أهل التقديس: 16، وفتح المغيث 1/ 201 - 202، وظفر الأماني 379. (¬6) الباعث الحثيث: 55 - 56. (¬7) مُحَمَّد بن حبان بن أحمد البستي، أَبُو حاتم التميمي بن حبان، ولد سنة بضع وسبعين ومئتين وله مصنفات شهيرة مِنْهَا: " الثقات " و " الصَّحِيْح "، توفي سنة (354 هـ‍). انظر: الأنساب 1/ 363، وسير أعلام النبلاء 16/ 92 - 104، وشذرات الذهب 3/ 16. (¬8) عَبْد الملك بن عَبْد العزيز بن جريج، أبو خالد القرشي الأموي المكي صاحب التصانيف: ثقة =

عَنْ نافع (¬1)، عَنْ ابن عمر، قَالَ: قَالَ رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تَبُلْ قائماً)) (¬2). وهذا الإسناد رجاله ثقات إلا أنَّ ابن جريج مدلسٌ (¬3) وَقَدْ عنعن هنا وَلَمْ يصرح بسماعه من نافع، وَهُوَ قَدْ سَمِعَ من نافع أحاديث كثيرة، فهُوَ معروف بالرواية عَنْهُ، وروايته عَنْهُ في الكتب الستة (¬4). ولكن النقاد ببصيرتهم الناقدة ونظرهم الثاقب كشفوا أنَّ في هَذَا السند واسطة بَيْنَ ابن جريج ونافع، وأن ابن جريج لَمْ يسمعه من نافع مباشرة، بَلْ سمعه من عَبْد الكريم بن أبي المخارق الضعيف (¬5)، وَقَدْ صرّح ابن جريج في بعض طرق الْحَدِيْث بهذا الساقط، فبان تدليسه؛ فَقَدْ رَوَى عَبْد الرزاق (¬6)، ومِنْ طريقه ابن ماجه (¬7)، وأبو عوانة (¬8)، وابن عدي (¬9)، وتمام الرازي (¬10)، ¬

_ = فقيه فاضل وَكَانَ يدلس ويرسل، توفي سنة (150 هـ‍) أو بعدها. انظر: تاريخ بغداد 10/ 400، وسير أعلام النبلاء 6/ 325، والتقريب (4193). (¬1) هُوَ أَبُو عَبْد الله نافع المدني، مولى ابن عمر القرشي العدوي، ثقة ثبت فقيه، توفي سنة (117 هـ‍). انظر: تهذيب الكمال 7/ 313، وسير أعلام النبلاء 5/ 95، والتقريب (7086). (¬2) صَحِيْح ابن حبان (1420)، وطبعة الرسالة (1423). (¬3) طبقات المدلسين: 41، ونقل فِيْهِ عَنْ الدَّارَقُطْنِيّ: ((شر التدليس تدليس ابن جريج؛ فإنه قبيح التدليس، لا يدلس إلا فِيْمَا سمعه من مجروح)). (¬4) تهذيب الكمال 4/ 560. (¬5) قَالَ عَبْد الله بن أحمد بن حَنْبَل: سألت أبي عَنْ عَبْد الكريم أبي أمية، فَقَالَ: بصريٌّ نزل مكة، وَكَانَ معلماً، وَهُوَ ابن أبي المخارق، وَكَانَ ابن عيينة يستضعفه قلت لَهُ: ضعيف؟، قَالَ: نعم، وَقَالَ عباس الدوري، عَنْ يحيى بن معين: حَدَّثَنَا هشام بن يوسف، عَنْ معمر، قَالَ: قَالَ أيوب: لا تأخذوا عَنْ عَبْد الكريم أبي أمية، فإنه ليس بثقة. انظر: تهذيب الكمال 4/ 543. (¬6) مصنفه (15924). (¬7) هُوَ مُحَمَّد بن يزيد الرَّبعي، مولاهم أبو عَبْد الله القزويني الحافظ، من مصنفاته: " السنن " و "التاريخ" و " التفسير "، ولد سنة (209 هـ‍)، وتوفي سنة (273 هـ‍) وَقِيْلَ سنة (275 هـ‍). تهذيب الكمال 6/ 568 (6302)، وسير أعلام النبلاء 13/ 277، وشذرات الذهب 2/ 164. والحديث في سننه (308). (¬8) في مسنده 4/ 25. (¬9) هُوَ عَبْد الله بن عدي بن عَبْد الله الجرجاني، أبو أحمد الحافظ، صاحب كتاب " الكامل في الضعفاء "، ولد سنة (277 هـ‍)، وتوفي سنة (365 هـ‍). سير أعلام النبلاء 16/ 154، وتاريخ الإسلام: 339 - 341 وفيات (365هـ‍)، والرسالة المستطرفة: 145. والحديث في: الكامل 7/ 40. (¬10) هُوَ الإِمَام تمام بن مُحَمَّد بن عَبْد الله البجلي، أبو القاسم الرازي، صاحب كتاب " الفوائد "، ولد سنة (330 هـ‍)، وتوفي سنة (414 هـ‍). انظر: سير أعلام النبلاء 17/ 289 - 292، وتذكرة الحفاظ =

والحاكم (¬1)، والبيهقي (¬2)، عَنْ ابن جريج، عَنْ عَبْد الكريم بن أبي المخارق، عَنْ نافع، بِهِ. ومن بدائه علم الْحَدِيْث أن حَدِيْث الثقة ليس كله صحيحاً (¬3)، كَمَا أنّ حَدِيْث الضعيف ليس كله ضعيفاً (¬4)، ومعرفة كلا النوعين من أحاديث الفريقين ليس بالأمر اليسير إنما يطلع عَلَى ذَلِكَ الأئمة النقاد الغواصون في أعماق ما يكمن في الروايات من صحة أو خطأ، لذا فتّش العلماء في حَدِيْث ابن أبي المخارق هل توبع عَلَيْهِ، أم أخطأ فِيْهِ؟ وخالف الثقات الأثبات أم انفرد؟ فنجدهُمْ قَدْ صرّحوا بخطأ ابن أبي المخارق لمخالفته الثقات الأثبات في ذَلِكَ، قَالَ البوصيري (¬5) في مصباح الزجاجة - بَعْدَ أن ضعّف حَدِيْث ابن أبي المخارق -: ((عارضه خبر عبيد الله بن عمر العمري (¬6) الثقة المأمون المجمع عَلَى ثقته، ولا يُغتر بتصحيح ابن حِبّان هَذَا الخبر من طريق هشام بن يوسف (¬7)، عَنْ ابن جريج عَنْ نافع، عَنْ ابن عمر. فإنه قَالَ بعده: أخاف أن ¬

_ = 2 - / 1056 و 1058، وشذرات الذهب 3/ 200. والحديث في: الروض البسام بترتيب وتخريج فوائد تمام 1/ 203 (148). (¬1) هُوَ مُحَمَّد بن عَبْد الله بن مُحَمَّد النيسابوري أبو عَبْد الله، ولد سنة (321 هـ‍)، وله تصانيف مِنْهَا: " المستدرك عَلَى الصحيحين " و " مَعْرِفَة علوم الْحَدِيْث "، توفي سنة (405 هـ‍). انظر: تاريخ بغداد 5/ 473، وسير أعلام النبلاء 17/ 162 - 177، وشذرات الذهب 3/ 176. والحديث في: المستدرك 1/ 158. (¬2) هُوَ أحمد بن الحسين بن علي الخراساني، أَبُو بكر، ولد سنة (384 هـ‍)، وله عدة تصانيف مِنْهَا: " السنن الكبرى " و " شعب الإيمان "، توفي سنة (458 هـ‍). انظر: سير أعلام النبلاء 18/ 163 - 170، والعبر 3/ 242، وشذرات الذهب 3/ 304 - 305. والحديث في السنن الكبرى 1/ 102. (¬3) لذا نجد في حَدِيْث الثقات الشذوذ والعلة، وكثير من مباحث هَذِهِ الرسالة شاهدة عَلَى ذَلِكَ. (¬4) لذا نجد كثيراً من الأحاديث يتابعون عَلَيْهَا من طريق الثقات. (¬5) هُوَ أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري الشَّافِعِيّ، لَهُ كتاب " زوائد ابن ماجه عَلَى الكتب الخمسة " وغيره، ولد سنة (762 هـ‍)، سكن القاهرة ولازم العراقي عَلَى كبر فسمع مِنْهُ الكثير، ولازم ابن حجر فكتب عَنْهُ " لسان الميزان " وغيره، توفي سنة (840 هـ‍). طبقات الحفاظ: 551، وشذرات الذهب 7/ 233، والأعلام 1/ 104. (¬6) هُوَ عبيد الله بن عمر بن حفص القرشي العدوي العمري، أبو عثمان المدني ينتهي نسبه إِلَى عمر بن الخطاب، ثقة ثبت، توفي سنة بضع وأربعين ومئة. انظر: الثقات 7/ 149، وتهذيب الكمال 5/ 54 ترجمة (4257)، والتقريب (4324). (¬7) هُوَ هشام بن يوسف الصنعاني، أبو عَبْد الرحمان الأبناوي، قاضي صنعاء: ثقة، توفي سنة (197 هـ‍). انظر: التاريخ الكبير 8/ 194، وتهذيب الكمال 7/ 417 ترجمة (7187)، والتقريب (7309).

ثامنا. الانشغال عن الحديث

يَكُوْن ابن جريج لَمْ يسمعه من نافع، وَقَدْ صحّ ظنُّه، فإنّ ابن جريج إمّا سمعه من ابن أبي المخارق كَمَا ثبت في رِوَايَة ابن ماجه هَذِهِ والحاكم في المستدرك واعتذر عَنْ تخريجه أنه إنّما أخرجه في المتابعات)) (¬1). وَقَالَ الترمذي: ((إنما رفع هَذَا الْحَدِيْث عَبْد الكريم بن أبي المخارق، وَهُوَ ضعيف عِنْدَ أهل الْحَدِيْث، ضعّفه أيوب السختياني (¬2) وتكلم فِيْهِ. وروى عبيد الله، عَنْ نافع عَنْ ابن عمر قَالَ: قَالَ عمر - رضي الله عنه -: ما بلتُ قائِماً منذُ أسلَمْتُ. وهذا أصح من حَدِيْث عَبْد الكريم)) (¬3). أقول: رِوَايَة عبيد الله الموقوفة أخرجها ابن أبي شيبة (¬4)، والبزار (¬5) في مسنده (¬6) من طريق عبيد الله بن عمر، عَنْ نافع، عَنْ ابن عمر، عَنْ عمر موقوفاً، وَهُوَ الصواب. ومما يدل عَلَى عدم صحة حَدِيْث ابن أبي المخارق أن الحافظ ابن حجر قَالَ: ((وَلَمْ يثبت عَنْ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - في النهي عَنْه شيء)) (¬7). بَعْدَ هَذَا العرض السريع بان لنا واتضح أن التدليس سبب من أسباب الاختلاف لدى الْمُحَدِّثِيْنَ؛ إِذْ إنه قَدْ يسفر عَنْ سقوط رجلٍ من الإسناد فيخالف الرَّاوِي غيره من الرُّوَاة. ثامناً. الانشغال عَنْ الْحَدِيْث: الْحَدِيْث النبوي الشريف أحد المراجع الرئيسة للفقه الإسلامي، لذا كَانَ علم ¬

_ (¬1) مصباح الزجاجة 1/ 45 ووقع تصحيف في هَذَا النص من المطبوع. (¬2) هُوَ الإمام أيوب السختياني، أبو بكر بن أبي تميمة كيسان العنَزي: ثقة ثبت حجة، ولد سنة (68 هـ‍) وتوفي سنة (131 هـ‍). طبقات ابن سعد 7/ 246، والأنساب 3/ 255، وسير أعلام النبلاء 6/ 15. (¬3) الجامع الكبير للترمذي 1/ 61 - 62 عقيب (12). (¬4) هُوَ عَبْد الله بن مُحَمَّد بن إبراهيم العبسي مولاهم، أبو بكر بن أبي شيبة الكوفي: ثقة حافظ صاحب التصانيف مِنْهَا: " المصنف " و " المسند "، توفي سنة (235 هـ‍). انظر: تهذيب الكمال 4/ 264 - 266 (3514)، وسير أعلام النبلاء 11/ 122 - 127، والتقريب (3575). والرواية في مصنفه (1324). (¬5) هُوَ الإِمَام الحَافِظ أحمد بن عمرو بن عَبْد الخالق، البصري البزار، قَالَ الدارقطني: ثقة، يخطئ ويتكل عَلَى حفظه، ولد سنة نيف عشرة ومئتين، لَهُ مصنفات منها: "المسند"، توفي سنة (292 هـ‍). تاريخ بغداد 4/ 334 - 335، سير أعلام النبلاء 13/ 554 - 557، وشذرات الذهب 2/ 209. (¬6) وَهُوَ المسمى بـ: البحر الزخار (149)، والحديث أيضاً في كشف الأستار (244). (¬7) فتح الباري 1/ 330.

الْحَدِيْث رِوَايَة ودراية من أشرف العلوم وأجلها، بَلْ هُوَ أجلها عَلَى الإطلاق بَعْدَ العلم بالقرآن الكريم الَّذِيْ هُوَ أصل الدين ومنبع الطريق المستقيم، فالحديث هُوَ المصدر الثاني للتشريع الإسلامي، بعضه يستقل بالتشريع، وكثيرٌ مِنْهُ شارح لكتاب الله تَعَالَى مبينٌ لما جاء فِيْهِ. قَالَ تعالى {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} (¬1) من هَذَا أدرك المسلمون أهمية الْحَدِيْث النبوي الشريف فعانوا ما عانوا من أجل حفظ الْحَدِيْث النبوي الشريف، فتخلوا عَنْ كُلّ شيء أمام هَذَا الهدف العزيز الغالي، وَهُوَ حَدِيْث النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ تَعَالَى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} (¬2). وللحرص الشديد عَلَى حفظ السنة، اهتمَّ المسلمون بمذاكرة الْحَدِيْث ومدارسته من أجل حفظه وضبطه وإتقانه، فكان الْمُحَدِّثُوْنَ يكتبون بالنهار ويعارضون (¬3) بالليل ويحفظون بالنهار ويتذاكرون بالليل. وهكذا شأن الْمُحَدِّثِيْنَ، ومن لَمْ يَكُنْ كذلك فلا يسمى من أهل الْحَدِيْث، وأسند الإمام مُسْلِم في مقدمة صحيحه (¬4) عَنْ أبي الزناد (¬5) قَالَ: ((أدركت بالمدينة مئة، كلهم مأمونون ما يؤخذ عَنْهُمْ الْحَدِيْث يقال: ليس من أهله)) (¬6). وَقَالَ مالك بن أنس (¬7): ((أدركت مشايخ بالمدينة أبناء سبعين وثمانين لا يؤخذ عَنْهُمْ، ويقدم ابن شهاب وَهُوَ دونهم في السن فتزدحم الناس عَلَيْهِ)) (¬8). ¬

_ (¬1) النحل: 44. (¬2) الأحزاب: 6. (¬3) المعارضة: هِيَ مقابلة الطالب كتابه بكتاب شيخه الَّذِيْ يروي عَنْهُ، سماعاً أَوْ إجازةً، أو بأصل شيخه المقابل بِهِ أصل شيخه. وَقَدْ سأل عروة ابنه هشاماً فَقَالَ: عرضت كتابك؟ قَالَ: لا. قَالَ: لَمْ تكتب. انظر: الكفاية (350 ت، 237 هـ‍)، وجامع بَيَان العِلْم 1/ 77، والإلماع: 160،ومعرفة أنواع علم الْحَدِيْث 122 طبعة نور الدين و254 طبعتنا، وشرح التبصرة 2/ 133 طبعة دار الكتب العلمية، وطبعتنا 1/ 478، وفتح المغيث 2/ 164. (¬4) الصَّحِيْح 1/ 11 طبعة إستانبول، و1/ 15 طبعة مُحَمَّد فؤاد. (¬5) هُوَ عَبْد الله بن ذكوان القرشي، أبو عَبْد الرحمان المدني، المعروف بأبي الزناد: ثقة فقيه، توفي سنة (130 هـ‍) وَقِيْلَ: (131 هـ‍). انظر: الثقات 7/ 6، وتهذيب الكمال 4/ 125 (3241)، والتقريب (3302). (¬6) وكذلك أسنده الرامهرمزي في المحدّث الفاصل: 407 (425)، والخطيب في الكفاية (159 هـ‍، 247 ت) جميعهم من طريق الأصمعي، عَنْ ابن أبي الزناد، عَنْ أبيه، بِهِ. (¬7) هُوَ مالك بن أنس بن مالك الأصبحي، أبو عَبْد الله المدني، نجم السنن وإمام دار الهجرة صاحب الموطأ والمذهب المعروف، توفي سنة (179 هـ‍). انظر: حلية الأولياء 6/ 316، وتهذيب الكمال 7/ 6 (6320)، والتقريب (6425). (¬8) الكفاية (159 هـ‍، 248 ت).

أ. ولاية القضاء

وهناك أمور جعلت عدداً من جهابذة الْمُحَدِّثِيْنَ لا يأخذون عَنْ عدد كبير من الرُّوَاة هي أن هؤلاء الرُّوَاة كانوا يتشاغلون عَنْ الْحَدِيْث. والتشاغل عَنْ الْحَدِيْث مدعاة لعدم ضبط الْحَدِيْث وعدم إتقانه وربما كَانَ مآل ذَلِكَ إلى دخول بعض الوهم والعلل والاختلافات؛ لأن المذاكرة والمراجعة يعينان عَلَى ضبط الْحَدِيْث وإتقانه. والانشغال في بعض الأمور ربما يحول دون المذاكرة والمراجعة مِمَّا يؤدي إلى عدم ضبط الروايات. ومن تِلْكَ الأمور: أ. ولاية القضاء: إنّ ولاية القضاء من الأمور الدينية المهمة، والمجتمع الإسلامي بحاجة لازمة إلى هَذَا المنصب قَالَ تَعَالَى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الأَلْبَابِ} (¬1). ولمكانة هَذِهِ الوظيفة في الإسلام وأهميتها البالغة فالأمر يستدعي من القاضي توفيراً واسعاً لمزيدٍ من الوقت، وتهيئة جوٍّ ملائم للقضاء؛ لأن القضاء مسؤولية دينية ودنيوية، وَقَدْ قَالَ - صلى الله عليه وسلم -: ((مَنْ وُلِّيَ القَضَاءَ، أو جُعِلَ قاضِياً بَيْنَ النَّاسِ فَقَدْ ذُبِحَ بِغَيرِ سِكِّين)) (¬2). إذن فهذه المسؤولية تستدعي تفرغاً وتفكُّراً ومراجعة، والحديث النبوي يحتاج كَذَلِكَ إِلَى تفرُّغٍ نِسبِيٍّ للمراجعة والمذاكرة من أجل الحِفَاظ عَلَى الضبط. وَقَدْ وجدنا حِيْنَ استقرأنا حال كَثِيْر من الرُّوَاة الَّذِيْنَ ولوا القضاء أنهم قَدْ خفّ ضبطهم لانشغالهم بهذا المنصب الوظيفي، ومن أولئك: شريك بن عَبْد الله النخعي الْقَاضِي، حدّد ابن حِبّان تَخليطه بَعْدَ عام خمسين ومئة حِيْنَ تولى قضاء الكُوفَةِ (¬3). وكذلك مُحَمَّد بن عَبْد الرحمان بن أبي ليلى (¬4) قَالَ أبو حاتم الرازي: ((شغل بالقضاء فساء حفظه)) (¬5). ب. الاشتغال بالفقه: الفقه الإسلامي يمثل الشريعة الإسلامية الغراء وذلك لما احتواه من الأصول ¬

_ (¬1) البقرة: 179. (¬2) أخرجه ابن أبي شيبة (22977)، وأحمد 2/ 230 و 365، وأبو داود (3571)، وابن ماجه (2308)، والترمذي (1325)، والنسائي في الكبرى (5925)، والطبراني في الأوسط (2699) و (3669)، وفي الصغير (491)، وابن عدي في الكامل 1/ 361، والدارقطني 4/ 204، والحاكم 4/ 91، والبيهقي 10/ 96 من حَدِيْث أبي هُرَيْرَة. قَالَ الترمذي: ((حسن غريب)). (¬3) ثقات ابن حبان 6/ 444، وانظر التعليق عَلَى الكاشف 1/ 485. (¬4) هُوَ أبو عَبْد الرحمان مُحَمَّد بن عَبْد الرَّحْمَان بن أبي ليلى الأنصاري الكوفي الْقَاضِي، ولد سُنَّة نيف وسبعين، وتوفي سنة (148 هـ‍): صدوق سيء الحفظ جداً. وفيات الأعيان 4/ 179 - 181، وسير أعلام النبلاء 6/ 310 و 315، والتقريب (6081). (¬5) الجرح والتعديل 7/ 323 الترجمة (1739).

العظيمة الَّتِيْ تصلح لكل زمان ومكان، والفقه الإسلامي واسع في أصوله وفروعه. ومن يشتغل بهذا العلم العظيم يحتاج إلى خلفيات بعدة علوم. وهذا يستدعي وقتاً واسعاً وتفرغاً كبيراً، ومن كَانَ الفقه أكبر همه ربما قصَّر في ضبط بعض أحاديثه؛ لأن ذَلِكَ ربما شغله عَنْ مراجعة حديثه. وكثير من الَّذِيْنَ يشتغلون بعلم من العلوم ويستفرغون العمر في تخصصهم يَكُوْن ذَلِكَ مدعاة للتقصير بالعلوم الأخرى. وَقَدْ وجدنا بعض جهابذة الْحَدِيْث تَكَلَّمَ في بعض الرُّوَاة لِقَصْرِ تهممهم (¬1) عَلَى الفقه، ومن أولئك حماد بن أبي سليمان (¬2) من كبار الفقهاء وشيخ أبي حَنِيْفَة النعمان (¬3) قَالَ عَنْهُ أبو إسحاق الشيباني (¬4): ((ما رأيت أحداً أفقه من حماد)) (¬5). ومع هَذَا فَقَدْ نقل عَبْد الرحمان بن أبي حاتم (¬6) عَنْ أمير المؤمنين في الْحَدِيْث شعبة بن الحجاج قوله: ((كَانَ حماد - يعني: ابن أبي سليمان - لا يحفظ)). ثُمَّ عقّب ابن أَبِي حاتم عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ: ((يعني: إن الغالب عَلَيْهِ الفقه وإنه لَمْ يرزق حفظ الآثار)) (¬7). وَقَالَ أبو حاتم: ((هُوَ صدوق ولا يحتج بحديثه، هُوَ مستقيم في الفقه، وإذا جاء الآثار شوّش)) (¬8). ومن هنا وضع علماء الجرح والتعديل قواعد في أنّ الفقهاء غَيْر الْمُحَدِّثِيْنَ يغلب ¬

_ (¬1) التهمم: الطلب، يقال: ذهبت اتهممه، أي: أطلبه، وتهمّم الشيء: طلبه، أَوْ الاهتمام والعناية، يقال: اهتم الرجل بالأمر: عني بالقيام بِهِ. انظر: لسان العرب 12/ 622، والمعجم الوسيط: 995، وحاشية محاسن الاصطلاح: 578. (¬2) هُوَ الإمام حماد بن أبي سليمان، فقيه العراق، أبو إسماعيل بن مُسْلِم الكوفي مولى الأشعريين: صدوق لَهُ أوهام، توفي سنة (120 هـ‍). انظر: طبقات ابن سعد 6/ 332، والتاريخ الكبير 3/ 18، وسير أعلام النبلاء 5/ 231. (¬3) هُوَ الإمام فقيه الملة، عالم العراق، النعمان بن ثابت التيمي الكوفي مولى بني تيم الله بن ثعلبة، قَالَ يحيى ابن معين: كَانَ أبو حَنِيْفَة ثقة في الْحَدِيْث، ولد سنة (80 هـ‍)، وتوفي سنة (150 هـ‍). تاريخ بغداد 13/ 323، وتهذيب الكمال 7/ 339 (7034)، وسير أعلام النبلاء 6/ 390. (¬4) هُوَ سليمان بن أبي سليمان، فيروز، ويقال خاقان، أبو إسحاق، مولى بني شيبان، قَالَ أبو حاتم: هُوَ شيخ ضعيف، واختلف في سنة وفاته فقيل: (129 هـ‍) وَقِيْلَ: (138 هـ‍) وَقِيْلَ: (139 هـ‍). الجرح والتعديل 4/ 122، وتذكرة الحفاظ 1/ 153، وشذرات الذهب 1/ 207. (¬5) الجرح والتعديل 3/ 149 الترجمة (642). (¬6) هُوَ العلامة الحافظ عَبْد الرحمان بن أبي حاتم، أبو مُحَمَّد، لَهُ مصنفات مِنْهَا: " المسند " و " العلل "، ولد سنة (240 هـ‍)، وتوفي سنة (327 هـ‍). تذكرة الحفاظ 3/ 829، وميزان الاعتدال 2/ 587، وسير أعلام النبلاء 13/ 263،وشذرات الذهب 2/ 308. (¬7) الجرح والتعديل 3/ 147. (¬8) الجرح والتعديل 3/ 147 - 148.

ج‍. الاشتغال بالعبادة

عليهم الفقه دون حفظ المتون، قَالَ ابن رجب الحنبلي: ((الفقهاء المعتنون بالرأي حَتَّى يغلب عليهم الاشتغال بِهِ، لا يكادون يحفظون الْحَدِيْث كَمَا ينبغي، ولا يقيمون أسانيده ولا متونه، ويخطئون في حفظ الأسانيد كثيراً، ويروون المتون بالمعنى، ويخالفون الحفاظ في ألفاظه)) (¬1). وابن رجب مسبوق بهذا التنظير فَقَدْ قَالَ ابن حِبّان: ((الفقهاء الغالب عليهم حفظ المتون وأحكامها وأداؤها بالمعنى دون حفظ الأسانيد وأسماء الْمُحَدِّثِيْنَ، فإذا رفع محدث خبراً، وَكَانَ الغالب عَلَيْهِ الفقه، لَمْ أقبل رفعه إلا من كتابه؛ لأنه لا يعلم المسند من المرسل، ولا الموقوف من المنقطع، وإنما همته إحكام الْمَتْن فَقَطْ)) (¬2). ج‍. الاشتغال بالعبادة: سبق لنا أن ذكرنا مراراً أن الْحَدِيْث النبوي يحتاج إلى متابعة ومذاكرةٍ وتكرارٍ من أجل حفظ الروايات وصونها من الخطأ والزيادة والنقص، وأن ترك ذَلِكَ يؤول في نهاية المطاف إلى عدم ضبط الأحاديث ودخول الوهم والاختلاف فِيْهَا فِيْمَا بعد. ومن الأمور الَّتِيْ حَدَتْ ببعض الْمُحَدِّثِيْنَ للتقصير في ضبط مروياتهم انشغال بعضهم بالعبادة وصرف غالب أوقاتهم بِذَلِكَ دون متابعة ضبط رواياتهم. وَقَدْ أصل ابن رجب في ذَلِكَ قاعدة فَقَالَ: ((الصالحون غَيْر العلماء يغلب عَلَى حديثهم الوهم والغلط)) (¬3). والحافظ ابن رجب إنما أخذ ذَلِكَ من أقوال أئمة هَذَا الشأن العارفين بعلله الغواصين في معانيه وأسراره قَالَ نجم العلماء (¬4) مالك بن أنس: ((أدركت بهذا البلد - يعني الْمَدِيْنَة - مشيخة لَهُمْ فضلٌ وصلاحٌ وعبادة يحدِّثون، ما سَمِعْتُ من واحد مِنْهُمْ حديثاً قطُّ، فقيل لَهُ: وَلِمَ يا أبا عَبْد الله؟ قَالَ: لَمْ يكونوا يعرفون ما يحدِّثون)) (¬5). وَقَالَ أَيْضاً: ((لا يؤخذ العلم من أربعة، ويؤخذ ممن سوى ذَلِكَ، لا يؤخذ من سفيه مُعلن بالسَفه وإن كَانَ أروى الناس، ولا يؤخذ من كذاب يكذب في أحاديث الناس، إذا جرب ذَلِكَ عَلَيْهِ، وإن كَانَ لا يُتَّهَمُ أن يكذب عَلَى رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا من صاحب هوىً يدعو الناس إلى هواه، ولا من شيخٍ لَهُ فضلٌ وعبادة إذا كَانَ لا يعرف ما يحدّث بِهِ)) (¬6) ¬

_ (¬1) شرح علل الترمذي 2/ 833 - 834. (¬2) الإحسان 1/ 64. (¬3) شرح علل الترمذي 2/ 833. (¬4) أطلق عَلَيْهِ ذَلِكَ الإمام الشَّافِعِيّ قَالَ المزي في تهذيب الكمال 7/ 13: ((وَقَالَ يونس بن عَبْد الأعلى: سَمِعْتُ الشَّافِعِيّ يقول: إذا جاء الأثر فمالك النجم)). (¬5) العلل للإمام أحمد رِوَايَة المروذي: 186 (328). (¬6) المحدث الفاصل: 403 (418).

وَقَالَ ابن منده (¬1): ((إذا رأيت في حَدِيْث (فُلاَن الزاهد) فاغسل يدك مِنْهُ)) (¬2). وممن كانت حاله عَلَى ما قدمنا: أبان بن أبي عياش: فيروز البصري، أبو إسماعيل العبدي، قَالَ فِيْهِ الإمام المبجل أحمد بن حَنْبَل: ((متروك)) (¬3). قَالَ ابن رجب الحنبلي: ((ذكر الترمذي من أهل العبادة المتروكين رجلين: أحدهما أبان بن أبي عياش)) (¬4). وقَالَ الإمام الترمذي: ((رَوَى عَنْ أبان بن أبي عياش غَيْر واحد من الأئمة (¬5)، وإن كَانَ فِيْهِ من الضعف والغفلة ما وصفه أبو عوانة (¬6) وغيره (¬7) فلا يغتر برواية الثقات عَنْ الناس؛ لأنه يروي عَنْ ابن سيرين أنه قَالَ: إن الرجل ليحدِّثني، فما أتهمه، ولكن أتهم من فوقه. وَقَدْ رَوَى غَيْر واحد (¬8) عَنْ إبراهيم النخعي عَنْ علقمة عَنْ عَبْد الله بن مسعود: أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يقنتُ في وتره قَبْلَ الركوع. وروى أبان بن أبي عياش، إبراهيم النخعي، عن علقمة، عن عَبْد الله بن مسعود: ((إن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يقنت في وتره قَبْلَ الركوع)). هكذا رَوَى سفيان الثوري عَنْ أبان بن أبي عياش (¬9)، وروى بعضهم (¬10) عَنْ أبان بن أبي عياش بهذا الإسناد نحو هَذَا، وزاد فِيْهِ: قَالَ عَبْد الله بن مسعود: ((أخبرتني أمي أنها باتت ¬

_ (¬1) هُوَ الحافظ الجوال أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن إسحاق بن مُحَمَّد بن يحيى بن منده، واسم منده: إبراهيم بن الوليد، قَالَ الباطرقاني: حَدَّثَنَا ابن منده إمام الأئمة في الْحَدِيْث، ولد سنة (311 هـ‍)، وَقِيْلَ سنة: (310)، وتوفي سنة (395 هـ‍). سير أعلام النبلاء 17/ 28، وميزان الاعتدال 3/ 479، وتذكرة الحفاظ 3/ 1031. (¬2) شرح علل الترمذي 2/ 833. (¬3) الكاشف 1/ 207 (110)، وانظر: التقريب (142). (¬4) شرح علل الترمذي 1/ 390. (¬5) ساق المزي في تهذيب الكمال 1/ 95 من رَوَى عَنْهُ فبلغ بِهِمْ ثلاثة وثلاثين راوياً. (¬6) هُوَ الوضاح بن عَبْد الله اليشكري، أبو عوانة، الواسطي البزار مولى يزيد بن عطاء محدّث البصرة: ثقة ثبت، صاحب " المسند "، توفي سنة (176 هـ‍). التاريخ الكبير 8/ 181، وسير أعلام النبلاء 8/ 217 و 221، والتقريب (7407). وحكايته نقلها المزي في تهذيب الكمال 1/ 96 ونصها: ((لما مات الحسن، اشتهيت كلامه فجمعته من أصحاب الحسن، فأتيت أبان بن أبي عياش، فقرأه عليّ عَنْ الحسن، فما أستحِلُّ أن أرويَ عَنْهُ شَيْئاً)). (¬7) انظر: تهذيب الكمال 1/ 95 - 96. (¬8) مِنْهُمْ: حماد بن زيد عِنْدَ ابن أبي شيبة (6911). (¬9) عِنْدَ ابن أبي شيبة في المصنف (6913)، والدارقطني 2/ 32. (¬10) مِنْهُمْ: يزيد بن هارون عِنْدَ ابن أبي شيبة (6912)، والدارقطني 2/ 32.

المبحث الخامس معرفة الاختلاف ودخوله في علم العلل

عِنْدَ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فرأت النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قنت في وتره قَبْلَ الركوع)). وأبان بن أبي عياش وإن كَانَ قَدْ وصف بالعبادة والاجتهاد، فهذا حاله في الْحَدِيْث والقوم كانوا أصحاب حفظ، فرب رجل وإن كَانَ صالحاً لا يقيم الشهادة ولا يحفظها ...)) (¬1). المبحث الخامس معرفة الاختلاف ودخوله في علم العلل علم العلل: هُوَ العلم الَّذِيْ ينقد أحاديث الثقات، وَهُوَ علم برأسه غَيْر الصَّحِيْح والضعيف (¬2)، لذا لَمْ يتكلم فِيْهِ إلا جهابذة العلماء وفحولتهم، وفي مَعْرِفَة هَذَا العلم أهمية كبيرة ولما كَانَ كُلّ علم يشرف بمدى نفعه، فإن علم علل الْحَدِيْث من أجلِّ أنواع علم الْحَدِيْث وفن من أهم فنونه، وَقَدْ أجاد الإمام النووي (¬3) وأحسن إِذْ قَالَ: ((ومن أهم أنواع العلوم تحقيق الأحاديث النبويات، أعني: مَعْرِفَة متونها صحيحها وحسنها وضعيفها، متصلها ومرسلها ومنقطعها ومعضلها ومقلوبها ومشهورها وغريبها وعزيزها ومتواترها وآحادها وأفرادها، معروفها وشاذها ومنكرها ومعللها وموضوعها ومدرجها وناسخها ومنسوخها)) (¬4). واهتمام الْمُحَدِّثِيْنَ بمعرفة علم علل الْحَدِيْث من اهتمامهم بالحديث النبوي الشريف؛ لأنَّهُ المصدر التشريعي الثاني بَعْدَ القرآن الكريم. ومبالغة الْمُحَدِّثِيْنَ بالاهتمام ببيان علل الأحاديث النبوية إنما ذَلِكَ؛ لأن بمعرفة العلل يعرف كلام النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - من غيره وصحيح الْحَدِيْث من ضعيفه وصوابه من خطئه. وعلم العلل ممتد من مرحلة النقد الحديثي الَّذِيْ ابتدأت بواكيره عَلَى أيادي كبار الصَّحَابَة - رضوان الله عليهم أجمعين - إِذْ كانوا يحتاطون في قبول الأخبار (¬5)، ومنهم من كَانَ يستحلف الرَّاوِي (¬6) وذلك من ¬

_ (¬1) العلل آخر الجامع 6/ 235. (¬2) انظر: مَعْرِفَة علوم الْحَدِيْث: 112. (¬3) هُوَ الحافظ شيخ الإِسْلاَم يحيى بن شرف بن مري، محيي الدين، أبو زكريا النواوي ثُمَّ الدمشقي، ولد سنة (631هـ‍)، من مصنفاته: "الإرشاد" و"التقريب" و"شرح صَحِيْح مُسْلِم" وغيرها، وتوفي سنة (676 هـ‍). تاريخ الإِسْلاَم وفيات (676 هـ‍): 246، وتذكرة الحفاظ 4/ 1470، والعبر 5/ 312. (¬4) مقدمة شرح صَحِيْح مُسْلِم 1/ 2. (¬5) انظر: السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي: 75. (¬6) مسند الإمام أحمد 1/ 2 (2).

أجل تمييز الخطأ والوهم في الْحَدِيْث النبوي، ثُمَّ اهتم العلماء بِهِ من بَعْدُ لئلا ينسب خطأ أو وهم أَوْ اختلاف إلى السنة المطهرة. ولعلم العلل مزية خاصة فهو كالميزان لبيان الخطأ والصواب وَالصَّحِيْح من المعوجِّ. وَقَد اعتنى بِهِ العلماء وطلبة العلم قديماً وحديثاً. ولأهمية هَذَا العلم نجد بعض جهابذة العلماء يصرِّحُ بأنّ مَعْرِفَة العلل عنده مقدَّمٌ عَلَى مجرد الرِّوَايَة، قَالَ الإمام الجهبذ عَبْد الرحمان بن مهدي: ((لإنْ أعرف علة حَدِيْث واحد أحَبُّ إليَّ من أن أستفيد عشرة أحاديث)) (¬1). ومما يدلنا عَلَى أهمية هَذَا العلم وصعوبته أنه من أشد العلوم غموضاً، فلا يدركه إلا من رزق سعة الرِّوَايَة، وَكَانَ مع ذَلِكَ حاد الذهن ثاقب الفهم دقيق النظر واسع المران. ومعرفة علل الْحَدِيْث من الأمور الَّتِيْ لا تُنَالُ إلا بِممارسةٍ كبيرةٍ في الإعْلالِ والتضعيف ومعرفة السند الصَّحِيْح من الضعيف والمتصل من المنقطع، فمن أكثر الاشتغال بعلم الْحَدِيْث وحفظ جملة مستكثرة من المتون حَتَّى اختلطت بلحمه ودمه وعرف خفايا المتون والأسانيد ومشكلاتها؛ استطاع أن يميّز الْحَدِيْث الصَّحِيْح من الْحَدِيْث المعل. وطريقة الباحث في نقده وحكمه عَلَى الأحاديث أن يجمع طرق الْحَدِيْث ويستقصيها من الجوامع والمسانيد والأجزاء، ويَسْبُرَ (¬2) أحوال الرُّوَاة فينظر في اختلافها وفي مقدار حفظهم ومكانتهم من الضبط والإتقان، وعند ذَلِكَ وبعد النظر في القرائن يقع في نفس الباحث الناقد البصير أنّ الْحَدِيْث معل بإرسال في الموصول أو وصل في المرسل أَوْ المنقطع، أو سقوط رجل بسبب التدليس أو وقف في المرفوع، أو معارضة بما هُوَ أقوى لا تحتمل التوفيق، أو دخول حَدِيْث في حَدِيْث أو وهم أو ما أشبه ذَلِكَ من العلل القادحة، ثُمَّ يغلب عَلَى ظنه ذَلِكَ فيحكم بعدم صحة الْحَدِيْث أَوْ يتردد فِيْهِ فيتوقف عَنْ الحكم. من هَذَا العرض يتبين لنا أن رأس علم العلل هُوَ الاختلافات الواقعة في الأسانيد والمتون الَّتِيْ تحيل الْحَدِيْث من حيز الصحة والقبول إلى دائرة الضعف والترك. ¬

_ (¬1) نقله عَنْهُ ابن أبي حاتم في علله 1/ 9، والحاكم في مَعْرِفَة علوم الْحَدِيْث: 112، وابن رجب في شرح علل الترمذي 1/ 470. (¬2) السبر: بفتح فسكون، امتحان غور الجرح، يقال: سبر الجرح يسبِرُهُ، ويَسبُرُهُ سَبْراً أي: نظر مقداره وقاسه ليعرف غوره، وَهُوَ الحزر والتجربة والاختبار، واستخراج كنه الأمر. يقال: سبر فلاناً أي: خبره ليعرف ما عنده. تاج العروس 11/ 487،ومعجم متن اللغة 3/ 93،والمعجم الوسيط: 413 (سبر).

المبحث السادس أهمية معرفة الاختلافات في المتون والأسانيد

ودراسة الاختلافات الحديثية داخلة في دراسة علم علل الْحَدِيْث الَّذِيْ هُوَ علم برأسه. المبحث السادس أهمية مَعْرِفَة الاختلافات في المتون والأسانيد إذا كَانَ كُلّ علم يستمد شرفه من مدى نفعه -كَمَا قررناه آنفاً-،فإن العلم بمعرفة الاختلافات الَّتِيْ تقع في المتون والأسانيد لَهُ أهمية كبيرة؛ لأن علم الْحَدِيْث من أشرف العلوم الشرعية، ومعرفة الاختلافات لها أثر كبير في تمييز الْحَدِيْث الصَّحِيْح من السقيم. ثُمَّ إن الَّذِيْ يزيد هَذَا الفن أهمية أنه من أشد العلوم غموضاً، فلا يدركه إلا من رزق سعة الرِّوَايَة، وَكَانَ مع ذَلِكَ حاد الذهن ثاقب الفهم دقيق النظر واسع المران كَمَا تقدم. ومعرفة الاختلافات والترجيح بينها من الأمور الَّتِيْ لا تنال إلا بممارسة كبيرة في الإعلال والتضعيف ومعرفة السند الصَّحِيْح من الضعيف، فَمَنْ أَكْثَرَ الاشتغال بعلم الْحَدِيْث وحفظ جملة مستكثرة من المتون وعرف خفايا المتون والأسانيد ومشكلاتها استطاع أن يميز الْحَدِيْث الصَّحِيْح من الْحَدِيْث المختلف فِيْهِ، لذا قَالَ الربيع بن خُثَيْم (¬1): ((إن للحديث ضوءاً كضوء النهار تعرفه وظلمة كظلمة الليل تنكره)) (¬2). ومعرفة العلل واختلافات المتون والأسانيد هِيَ لُبُّ القضايا في علوم الْحَدِيْث وأدقها وأغمضها، وَقَدْ قعّد الْمُحَدِّثُوْنَ النقاد القواعد لتنقية الأحاديث النبوية وحفظها من أوهام الناقلين وأخطائهم. ومصدر اختلاف المتون والأسانيد يبقى خفياً غامضاً لا يكشفه إلا من جمع بَيْنَ الحفظ والفهم والمعرفة. ومعرفة الاختلافات في المتون والأسانيد أمر خفيٌّ غامض لا يصل إِلَيْهِ نظر الباحث إلا بالغربلة والدراسة المعمقة مع رصيد كبير من الممارسة الحديثية. ثُمَّ إنّ الخبرة وطول المذاكرة وزيادة الحفظ والملكة القوية، وجمع الأبواب والتمرّس المستمر في ذَلِكَ هُوَ الَّذِيْ جعل الأئمة النقاد يعرفون الاختلافات بالنظر إِلَيْهَا لمخالفتها ما لديهم من صواب في المتون والأسانيد. ثُمَّ إنّ عَلَى طالب الْحَدِيْث قَبْلَ أن يعلَّ حديثاً بالاختلاف أن يجمع طرق الْحَدِيْث ويستقصيها من المصنفات والجوامع والمسانيد والسنن والأجزاء، ويسبر ¬

_ (¬1) هُوَ الربيع بن خُثَيم بن عائذ النوري أبو يزيد البصري: مخضرم ثقة عابد توفي سنة (61 هـ‍) أَوْ (63 هـ‍). طبقات ابن سعد 6/ 182، وسير أعلام النبلاء 4/ 258، والتقريب (1888). (¬2) الموضوعات 1/ 103.

أحوال الرُّوَاة فينظر في اختلافهم وفي مقدار حفظهم ومكانتهم من الضبط والإتقان، وعند ذَلِكَ وبعد النظر الشديد في القرائن والمرجحات ويستعين بأقوال الأئمة نقاد الْحَدِيْث وحفاظ الأثر وإشاراتهم؛ يقع في نفس الباحث الناقد أن الْحَدِيْث معلٌّ بالاختلاف، كأن يَكُوْن الْحَدِيْث الموصول معلاً بالإرسالِ أَوْ الانقطاع أَوْ يَكُوْن المرفوع معلاً بالوقف (¬1) أو أن هناك سقطاً بسبب التدليس، أو يجد دخول حَدِيْث في حَدِيْث أو يجد وهم واهمٍ أو ما أشبه ذَلِكَ من العلل القادحة. والنظر العميق في التعرف عَلَى الاختلافات في المتون والأسانيد لَهُ أهمية بالغة للفقيه فضلاً عَنْ المحدِّث؛ لأن الفقيه لا يستطيع أن يعرف صحة الْحَدِيْث من عدمها حَتَّى يقر في نفسه ويعتقد أنّ هَذَا الْحَدِيْث خالٍ من الخلل والوهم بسبب الاختلافات. والنظر والتنقير في الترجيح بَيْنَ الاختلافات عَلَى حسب المرجحات والقرائن المحيطة بالحديث تعطي الفقيه والمحدّث مَعْرِفَة هل أنّ الْحَدِيْث صالح للاحتجاج والعمل أم لا؟ إنّ جهابذة الْحَدِيْث ونقاده وصيارفته وأفذاذه حثوا عَلَى مَعْرِفَة الاختلافات، فَقَالَ الإمام أحمد بن حَنْبَل - يرحمه الله -: ((إن العالم إذا لَمْ يعرف الصَّحِيْح والسقيم، والناسخ والمنسوخ من الْحَدِيْث لا يسمى عالماً)) (¬2). وَقَالَ قتادة (¬3): ((من لَمْ يعرف الاختلاف لَمْ يشم أنفه الفقه)) (¬4). وَقَالَ سعيد بن أبي عروبة (¬5): ((من لَمْ يَسْمَع الاختلاف فلا تعدوه عالماً)) (¬6). وَقَالَ عطاء بن أَبِي رباح (¬7): ((لا ينبغي لأحد أن يفتي الناس حَتَّى يَكُوْن عالماً ¬

_ (¬1) هنا مسألة ينبغي التنبيه عَلَيْهَا: وَهُوَ أن الإرسال ليس بمجرده معياراً لتعليل الموصول، وكذا الوقف بالنسبة للرفع، وإنما يفسر ذَلِكَ بحسب الواقع الَّذِيْ نلمسه من عمل النقاد في التصحيح والتعليل، وَهُوَ أن يَكُوْن الصواب في الْحَدِيْث الإرسال والوصل خطأ. وأن يَكُوْن الصواب في الْحَدِيْث الوقف والرفع خطأ. (¬2) مَعْرِفَة علوم الْحَدِيْث، للحاكم: 60. (¬3) هُوَ قتادة بن دعامة بن قتادة السدوسي، أبو الخطاب البصري: ثقة ثبت، ولد أكمه، مات سنة مئة وبضع عشرة. تهذيب الأسماء واللغات 1/ 57، وسير أعلام النبلاء 5/ 269، والتقريب (5518). (¬4) جامع بيان العلم 2/ 46. (¬5) هُوَ سعيد بن أبي عروبة مهران اليشكري مولاهم، أبو النضر البصري، أول من صنف في السنة النبوية: ثقة حافظ مدلس، اختلط في أثناء عمره، مات سنة (156 هـ‍) وَقِيْلَ سنة: (157 هـ‍). انظر: تذكرة الحفاظ 1/ 177، وسير أعلام النبلاء 6/ 413، والتقريب (2365). (¬6) جامع بيان العلم 2/ 46. (¬7) هُوَ عطاء بن أبي رباح، واسم أبي رباح أسلم، القرشي مولاهم، المكي: ثقة فقيه فاضل، كثير =

باختلاف الناس)) (¬1). هذا وغيره من أقوال الأئمة النقاد في حثهم عَلَى تعلّم الاختلافات ودراستها حَتَّى يخرج طالب العلم فقيهاً محدّثاً، وَقَدْ أدرك الصدر الأول من أهل العلم أهمية ذَلِكَ للفقيه والمحدِّث، وأنَّ الفقه والحديث صنوان لا ينفكان وتوأمانِ مُتلازمان لا غِنَى لأحدهما عَنْ الآخر، ومَنْ كَلَّ في أحدهما خيف عَلَيْهِ السقط في الآخر وَلَمْ يُؤْمَن عَلَيْهِ من الغلط، بَلْ ربما كَانَ مدعاة للوهم والإيهام. ونجد السابقين من العلماء حثوا عَلَى تعلم العلمين، نقل الكتاني (¬2) في "نظم المتناثر" (¬3) عَنْ سفيان الثوري (¬4) وسفيان بن عيينة وعبد الله بن سنان (¬5) قالوا: ((لَوْ كَانَ أحدنا قاضياً لضربنا بالجريد (¬6) فقيهاً لا يتعلم الْحَدِيْث ومحدّثاً لا يتعلم الفقه)). وَقَدْ نبّه الْحَاكِم النيسابوري عَلَى أن علم الفقه أحد العلوم المتفرعة من علم الْحَدِيْث، فَقَدْ قَالَ: ((مِنْ علم الْحَدِيْث مَعْرِفَة فقه الْحَدِيْث، إِذْ هُوَ ثمرة هَذِهِ العلوم، وبه قوام الشريعة، فأما فقهاء الإسلام أصحاب القياس والرأي والاستنباط والجدل والنظر فمعروفون في كُلّ عصر وأهل كُلّ بلد، ونحن ذاكرون بمشيئة الله في هَذَا الموضع فقه الْحَدِيْث عَنْ أهله ليستدل بِذَلِكَ عَلَى أن أهل هَذِهِ الصنعة من تبحر فِيْهَا لا يجهل فقه الْحَدِيْث، إِذْ هُوَ نوع من أنواع هَذَا العلم)) (¬7). ¬

_ = الإرسال، مات سنة (114 هـ‍)، في أشهر الأقوال. الجرح والتعديل 6/ 330، وسير أعلام النبلاء 5/ 78، والتقريب (4591). (¬1) جامع بيان العلم 2/ 46. (¬2) هُوَ مُحَمَّد بن جعفر بن إدريس الكتاني، أبو عَبْد الله، مؤرخ محدّث، مكثر من التصنيف، ولد بفاس سنة (1274 هـ‍)، من تصانيفه " الرسالة المستطرفة " و " سلوة الأنفاس "، توفي سنة (1345 هـ‍)، ومعجم المؤلفين 9/ 150. الأعلام 6/ 72 - 73. (¬3) ص: 8. (¬4) هُوَ سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، أَبُو عَبْد الله الكوفي: ثقة حافظ فقيه عابد إمام حجة، توفي سنة (161 هـ‍). طبقات خليفة: 168، وسير أعلام النبلاء 7/ 229، والتقريب (2445). (¬5) هُوَ عَبْد الله بن سنان الهروي نزيل البصرة، سَمِعَ ابن المبارك وغيره، رَوَى عَنْهُ ابن المديني وابن المثنى، قَالَ البخاري: ((أحاديثه معروفة)) وثقه أبو داود. التاريخ الكبير 5/ 112، والجرح والتعديل 5/ 68، وميزان الاعتدال 2/ 437 (4371). (¬6) الجريد: الجريدة هِيَ سعفة طويلة رطبة، والجريد: الَّذِيْ يجرد عَنْه الخوص، ولا يسمى جريداً ما دام عَلَيْهِ الخوص وإنما يسمى سعفاً. انظر: تاج العروس 7/ 492 (جرد). (¬7) مَعْرِفَة علوم الْحَدِيْث: 63.

المبحث السابع الكشف عن الاختلاف

ثُمَّ إنا نلاحظ أن العلماء من أهل الفقه والحديث قَدْ ألّفوا كتباً جامعة تناولوا فِيْهَا الاختلافات فأبدعوا فِيْهَا؛ لذا نجد أن الإمام الشَّافِعِيّ ألّف في اختلاف الْحَدِيْث (¬1)، ثُمَّ تبعه ابن قتيبة (¬2)، وأبو يَحْيَى زكريا بن يَحْيَى الساجي (¬3)، والطحاوي (¬4)، وابن الجوزي (¬5). وهذه الكتب تضم اختلافات المتون والأسانيد، وَهِيَ دراسات علمية جادة قل نظيرها تدلنا عَلَى اهتمام الْمُحَدِّثِيْنَ بالجانبين الفقهي والحديثي والتعرف عَلَى الاختلافات لذين العِلْمَين تعصم صاحبها من الزلل وتقيه من الوهم. المبحث السابع الكشف عن الاختلاف الكشف عن الاختلافات الحديثية الواقعة في الأسانيد والمتون ليس بالأمر الهيّن اليسير، بَلْ هُوَ أمر شاق للغاية، ولا يتمكن لَهُ إلا من رزقه الله فهماً واسعاً واطلاعاً كبيراً. ومعرفة الاختلافات الواقعة في المتون والأسانيد لا يمكن الوصول إليها إلا بجمع الطرق والنظر فِيْهَا مع الْمَعْرِفَة التامة بالرواة والشيوخ والتلاميذ، وكيفية تلقي التلاميذ من الشيوخ والأحوال والوقائع وطرق التحمل وكيفية الأداء من أجل مَعْرِفَة الخطأ من الصواب وكيفية وقوع الخلل والخطأ في الرِّوَايَة. وهذا يستدعي جهداً ¬

_ (¬1) مطبوع في آخر كتاب الأم، وطبع مفرداً عام 1406 هـ‍- 1986 م عَنْ دار الكتب العلمية. (¬2) هُوَ عَبْد الله بن مُسْلِم بن قتيبة الدِّينوري، أبو مُحَمَّد، الكاتب الثقة، سكن بغداد، صاحب التصانيف مِنْهَا: " عيون الأخبار " و" غريب الْحَدِيْث " و" تأويل مختلف الْحَدِيْث " وغيرها، توفي سنة (276 هـ‍). تاريخ بغداد 10/ 170 - 171، وسير أعلام النبلاء 13/ 296، وميزان الاعتدال 2/ 503. وكتابه مطبوع أكثر من مرة. (¬3) هُوَ زكريا بن يحيى بن عَبْد الرحمان البصري أبو يحيى الساجي، محدِّث البصرة وشيخها، من كتبه: " اختلاف العلماء " و " علل الْحَدِيْث " وغيرهما، توفي سنة (307 هـ‍). سير أعلام النبلاء 14/ 197 - 200، والبداية والنهاية 11/ 111، وشذرات الذهب 2/ 250 - 251. (¬4) هُوَ أحمد بن مُحَمَّد بن سلامة الأزدي المصري أبو جعفر الحنفي، ولد سنة (239 هـ‍)، قَالَ ابن يونس: كَانَ ثقة ثبتاً فقيهاً عاقلاً، لَمْ يخلف مثله، من تصانيفه: " أحكام القرآن " و " اختلاف العلماء " وغيرهما، توفي سنة (321 هـ‍). تاريخ دمشق 5/ 367، ووفيات الأعيان 1/ 71، وتذكرة الحفاظ 3/ 808 - 811. (¬5) هُوَ عَبْد الرحمان بن علي بن مُحَمَّد القرشي البكري أبو الفرج البغدادي، الحافظ المفسر الواعظ الإمام، من تصانيفه: " زاد المسير " و " صفة الصفوة " و " جامع المسانيد " وغيرها، توفي سنة 597 هـ‍. وفيات الأعيان 3/ 140، وتاريخ الإِسْلاَم وفيات سنة (597 هـ‍): 287، وغاية النهاية 1/ 375.

أولا. معرفة من يدور عليه الإسناد من الرواة

جهيداً، قَالَ الحافظ ابن حجر: ((هَذَا الفن أغمض أنواع الْحَدِيْث وأدقها مسلكاً، ولا يقوم بِهِ إلا مَنْ منحه الله تَعَالَى فهماً غائصاً، واطلاعاً حاوياً وإدراكاً لمراتب الرواة ومعرفة ثاقبة)) (¬1). وَقَالَ ابن رجب الحنبلي: ((حذاق النقاد من الحفاظ لكثرة ممارستهم للحديث، ومعرفتهم بالرجال وأحاديث كُلّ واحد مِنْهُمْ، لَهُمْ فهم خاص يفهمون بِهِ أن هَذَا الْحَدِيْث يشبه حَدِيْث فُلاَن، ولا يشبه حَدِيْث فُلاَن فيعللون الأحاديث بِذَلِكَ)) (¬2). ويشترط فيمن يتكلم في العلل ويكشف عن اختلافات المتون والأسانيد أن يَكُوْن ملماً بالروايات مطلاعاً للكتب واسع البحث كثير التفتيش، لذا قَالَ ابن رجب الحنبلي: ((ولابدَّ في هَذَا العلم من طول الممارسة، وكثرة المذاكرة، فإذا عدم المذاكرة بِهِ فليكثر طالبه المطالعة في كلام الأئمة العارفين كيحيى القطان، ومن تلقى عَنْهُ كأحمد وابن المديني (¬3) وغيرهما، فمن رزق مطالعة ذَلِكَ، وفهمه وفقهت نفسه فِيْهِ وصارت لَهُ فِيْهِ قوة نفس وملكة، صلح لَهُ أن يتكلم فِيْهِ)) (¬4).ويشترط فيمن يريد الكشف عن الاختلافات الحديثية أن يعرف الأسانيد الصحيحة والواهية. والثقات الذِيْن ضعفوا في بعض شيوخهم، والثقات الَّذِيْنَ تقوّى أحاديثهم بروايتهم عن بعض الشيوخ؛ لأنه مدار الترجيح وبه يعرف تعيين الخطأ من الصَّحِيْح. وبالإمكان تنظير نقاط ندرك من خلالها الاختلافات سواء أكانت في المتون أم في الأسانيد، يستطاع من خلالها كشف الوهم والاختلافات، وكيفية التعامل مع ذَلِكَ تصحيحاً أَوْ تضعيفاً وكما يأتي: أولاً. مَعْرِفَة من يدور عَلَيْهِ الإسناد من الرُّوَاة (¬5): إنّ مَعْرِفَة من يدور عليهم الإسناد من الرُّوَاة المكثرين الَّذِيْنَ يكثر تلامذتهم وتتعدد مدارسهم الحديثية، فِيْهِ فائدة عظيمة لناقد الْحَدِيْث الَّذِيْ من همه مَعْرِفَة ¬

_ (¬1) النكت عَلَى كتاب ابن الصَّلاَحِ 2/ 711. (¬2) شرح علل الترمذي 2/ 861. (¬3) هُوَ علي بن عَبْد الله بن جعفر السعدي، أبو الحسن البصري، إمام العلل الناقد الهمام، قَالَ البخاري: ((ما استصغرت نفسي عِنْدَ أحد إلا عِنْدَ علي بن المديني))، له: " العلل "، توفي سنة (234 هـ‍). الجرح والتعديل 6/ 193، وتهذيب الكمال 5/ 269 (4685)، وتاريخ الإِسْلاَم وفيات سنة (234 هـ‍): 276 فما بعدها (¬4) شرح علل الترمذي 2/ 664. (¬5) الْحَدِيْث المعلل: 50.

الاختلافات وكيفية التوفيق بينها؛ لأن هَذَا يعطي صورة واضحة للأسانيد الشاذة أَوْ المنكرة، واختلاف الناقلين عن ذَلِكَ المصدر. وإنا نجد علماء الْحَدِيْث الأجلاء يهتمون بهذا أيما اهتمام، فَقَدْ سأل عَبْد الله بن الإمام أحمد (¬1) أباه: ((أيما أثبت أصحاب الأعمش؟ فَقَالَ: سفيان الثوري أحبهم إليَّ، قلت لَهُ: ثُمَّ من؟ فَقَالَ: أبو معاوية (¬2) في الكثرة والعلم - يعني: عالماً بالأعمش - قلت لَهُ: أيما أثبت أصحاب الزهري؟ فَقَالَ: لكل واحد مِنْهُمْ علة إلا أن يونس (¬3) وعقيلاً (¬4) يؤديان الألفاظ وشعيب بن أبي حمزة (¬5)، وليس هم مثل معمر، معمر يقاربهم في الإسناد. قلت: فمالك؟ قَالَ: مالك أثبت في كُلّ شيء ...)) (¬6). وَقَدْ اهتم الإمام عَلِيّ بن المديني بهذا الباب، فذكر في علله من يدور عَلَيْهِمْ الإسناد (¬7)، وبهذا الاهتمام البالغ استطاع العلماء مَعْرِفَة من يدور عليهم الإسناد، ومَنْ أَكْثَر الناسِ عَنْهُمْ جمعاً ورواية، وَقَدْ طبقوا هَذَا المنهج عَلَى كافة الرُّوَاة حَتَّى تعرَّفوا عَلَى أوثق الناس فِيْهِ وأدناهم به، كَمَا ثبَّتوا حماد بن سلمة (¬8) في ثابت ¬

_ (¬1) هُوَ عَبْد الله بن أحمد بن حَنْبَل الشيباني، أبو عَبْد الرحمان البغدادي، مولده سنة (213 هـ‍)، قَالَ الْخَطِيْب: كَانَ ثقة ثبتاً فهماً، وَهُوَ راوي المسند والمسائل عن أبيه، توفي سنة (290 هـ‍). تاريخ بغداد 9/ 375، والمنتظم 6/ 39، وتهذيب الكمال 4/ 84 (3145). (¬2) هُوَ مُحَمَّد بن خازم أبو معاوية الكوفي الضرير، عمي وَهُوَ صغير: ثقة من أحفظ الناس لحديث الأعمش، وإذا حدّث عن غيره وهم، توفي سنة (195 هـ‍). التاريخ الكبير 1/ 74 (191)، ونكت الهميان: 247، والتقريب (5841). (¬3) هُوَ يونس بن يزيد بن أبي النجاد الأيلي أبو يزيد مولى آل أبي سفيان، أحد الأثبات عن الزهري وغيره، مات في سنة (159 هـ‍). الجرح والتعديل 9/ 247، والكاشف 2/ 404 (6480)، وتهذيب التهذيب 11/ 450.وقارن بتقريب التهذيب (7919). (¬4) هُوَ عقيل بن خالد بن عقيل الأيلي، أبو خالد الأموي مولاهم، روى عن الزهري فأجاد، قَالَ يونس بن يزيد: ما أحد أعلم بحديث الزهري من عقيل، توفي سنة (142 هـ‍). الكامل في التاريخ 5/ 528، وسير أعلام النبلاء 2/ 301، وتهذيب التهذيب 7/ 255. (¬5) هُوَ شعيب بن أَبِي حمزة - واسم أبيه دينار - الأموي مولاهم أبو بشر الحمصي: ثقة عابد، قَالَ ابن معين: هُوَ مثل عقيل ويونس في الزهري، مات سنة (162هـ‍) ‍عَلَى الأصح. الجرح والتعديل 4/ 344، ومشاهير علماء الأمصار: 182، وتهذيب الكمال 3/ 396 (2733). (¬6) العلل للإمام أحمد برواية عَبْد الله 1/ 382 - 383 (2451). (¬7) انظر: العلل، لابن المديني: 36 - 39. (¬8) هُوَ حماد بن سلمة بن دينار البصري أبو سلمة البزاز. وَهُوَ ابن أخت حميد الطويل، قَالَ ابن معين: أثبت الناس في ثابت البناني حماد بن سلمة، توفي سنة (167 هـ‍). الطبقات الكبرى 7/ 282، وتاريخ الإسلام وفيات سنة (167 هـ‍):144، وبغية الوعاة 1/ 548.

ثانيا. معرفة الرواة

البناني (¬1)، وهشام بن حسان (¬2) في ابن سيرين (¬3). وهذه الأمور تعين الناقد عَلَى مَعْرِفَة الاختلافات، ثُمَّ كيفية الترجيح والتوفيق بَيْنَ الروايات. ثانياً. مَعْرِفَة الرُّوَاة (¬4): وهذه النقطة تتفرع إلى صور: أ. مَعْرِفَة وفيات الرُّوَاة ومواليدهم: وهذه الصورة لها خصيصة كبيرة؛ إِذْ بمعرفة الولادة والوفاة تتضح صورة اتصال التلميذ بالشيخ، وإمكانية المعاصرة من عدمها. ب. مَعْرِفَة أوطان الرُّوَاة: وهذه الصورة لها أَيْضاً خصيصة عالية إذ إن بعض الرُّوَاة ضُعِّفُوا في روايتهم عن بعض أصحاب المدن خاصة كَمَا في إسماعيل بن عياش فهو غاية في الشاميين (¬5)، مخلط عن المدنيين (¬6)، وَقَالَ الْحَاكِم في "مَعْرِفَة علوم الْحَدِيْث" (¬7): ((الكوفيون إذا رووا عن المدنيين زلقوا)). ج‍. مَعْرِفَة شيوخ وتلاميذ الرُّوَاة (¬8): وهذه الصورة لها أهمية بالغة؛ إذ بِهَا يعرف السند المتصل من المنقطع من المدلس. ويستطاع من خلال ذَلِكَ التمييز بَيْنَ المجملين (¬9) في السند. ¬

_ (¬1) هُوَ ثابت بن أسلم البناني - وبنانة بطن من العرب - أبو مُحَمَّد البصري: ثقة كَانَ من أعبد أهل البصرة، أدرك عدداً من الصَّحَابَة ولازم أنس بن مالك وأكثر عنه، توفي سنة (127 هـ‍)، وَقِيْلَ: (126 هـ‍). الأنساب 1/ 418، وتهذيب الكمال 1/ 402 (797)، وتقريب التهذيب (810). (¬2) هُوَ هشام بن حسان الأزدي أبو عَبْد الله البصري، الإمام محدث البصرة، قَالَ ابن المديني: هشام أثبت من خالد الحذّاء في ابن سيرين، توفي سنة (146 هـ‍) وَقِيْلَ: (147 هـ‍). تاريخ خليفة: 424، وتهذيب الكمال 7/ 397 (7167)، وسير أعلام النبلاء 6/ 355. (¬3) هُوَ مُحَمَّد بن سيرين بن أبي عمرة الأنصاري أبو بكر البصري: ثقة ثبت عابد فقيه، كَانَ مولى لأنس بن مالك، ولد في خلافة عثمان أدرك عدة من الصَّحَابَة، مات سنة (110 هـ‍). الْمَعْرِفَة والتاريخ 2/ 54، وتذكرة الحفاظ 1/ 73، والنجوم الزاهرة 1/ 268. (¬4) الْحَدِيْث المعلل: 50. (¬5) قَالَ إمام الصنعة مُحَمَّد بن إسماعيل البُخَارِيّ: ((إنما حَدِيْث إسماعيل بن عياش عن أهل الشام)). الجامع الكبير للترمذي 1/ 175 عقيب (131). (¬6) انظر: الكاشف 1/ 249 (400). وتقدم الْحَدِيْث عَنْهُ. (¬7) الصفحة: 115. (¬8) الْحَدِيْث المعلل: 51. (¬9) المجمل: هُوَ أن يَكُوْن في السند راوٍ يروي عن شيخ ولا يصرح باسم أبيه أَوْ بلقبه أو ما يميزه عن غيره من الرُّوَاة الَّذِين رووا عن هَذَا الشيخ، وَقَدْ عقد الذهبي فصلاً بديعاً في التمييز بَيْنَ السفيانيين والحمادين وغيرهما في كتابه " السير " 7/ 463 - 467، وهذا ما رأيناه في تعريفنا للمجمل وقارن في ذَلِكَ الإحكام في أصول الأحكام، لابن حزم 1/ 42، والتعريفات، =

ثالثا. جمع الأبواب

د. مَعْرِفَة السابق واللاحق من الرُّوَاة (¬1): وحقيقته مَعْرِفَة من اشترك في الرِّوَايَة عَنْهُ راويان متقدم ومتأخر تباين وقت وفاتيهما تبايناً شديداً فحصل بينهما أمد بعيدٌ، وإن كَانَ المتأخر منهما غَيْر معدود من معاصري الأول وذوي طبقته (¬2). ومعرفة هَذَا النوع من علوم الْحَدِيْث لَهُ أهمية كبيرة حَتَّى لا يظن انقطاع ما ليس بمنقطع ولا يجعل الصواب خطأً. هـ‍. مَعْرِفَة الثقات ودرجاتهم ومراتبهم وضبطهم وأيهم الَّذِيْ يقدم عِنْدَ الاختلاف (¬3): وهذا الأمر مهم للغاية ومن خلاله يتم الترجيح بَيْنَ الرُّوَاة. و. مَعْرِفَة المتشابه من الأسماء وكذا الكنى: وهذا الأمر لَهُ أهمية بالغة في مَعْرِفَة الاختلافات. ومن خلال مَعْرِفَة المتشابه يتنبه الناقد إلى عدم الخلط بَيْنَ الرُّوَاة إِذْ قَدْ تتفق الأسماء ويختلف الشخص وعدم الْمَعْرِفَة والتمييز يؤدي إلى الخلط. ز. لابد من مَعْرِفَة من اشتهر بالتدليس من الرُّوَاة: وكذلك من يرسل، وكذا من ضعِّف حديثه لآفة صحية أَوْ تَغَيَّرَ أَوْ اختلط (¬4). ثالثا. جمع الأبواب (¬5): لا يمكن للبصير الناقد أن يكشف عن الاختلافات ويقارن بينها إلا بَعْدَ جمع طرق حَدِيْث الباب والموازنة والمقارنة والنظر الثاقب، قَالَ علي بن المديني: ((الباب إذا لَمْ تجمع طرقه لَمْ يتبين خطؤه)) (¬6). ¬

_ = للجرجاني: 114. (¬1) الْحَدِيْث المعلل: 52. (¬2) انظر: مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث: 286 طبعة نور الدين، وطبعتنا: 424، وانظر في هَذَا النوع من علوم الْحَدِيْث: الإرشاد 2/ 640 - 642، والتقريب: 171، وفي طبعتنا: 235، واختصار علوم الْحَدِيْث: 205، والشذا الفياح 2/ 570 - 572، ومحاسن الاصطلاح: 491، والمقنع 2/ 547 - 548، وشرح التبصرة والتذكرة طبعة دار الكتب العلمية 3/ 101، وفي طبعتنا 2/ 193، ونُزهة النظر: 162 وطبعة عتر: 62، وفتح المغيث 3/ 183 - 186، وتدريب الرَّاوِي 2/ 262 - 263،وفتح الباقي 2/ 232، وتوضيح الأفكار 2/ 480 - 481. (¬3) الْحَدِيْث المعلل: 52. (¬4) الْحَدِيْث المعلل: 53. (¬5) الْحَدِيْث المعلل: 54. (¬6) الجامع لأخلاق 2/ 212 (1641).

المبحث الثامن الاختلاف القادح والاختلاف غير القادح

المبحث الثامن الاختلاف القادح والاختلاف غَيْر القادح مِمَّا لا شك فِيْهِ أن الاختلاف غَيْر القادح لا عبرة بِهِ ولا أثر لَهُ عِنْدَ الْمُحَدِّثِيْنَ، ونحن حينما عنينا بدراسة هَذِهِ الاختلافات في الأسانيد والمتون إنما قصدنا القادح مِنْهَا. واختلاف الرُّوَاة في أمر لا تناقض فِيْهِ لا يضر لأنه اختلاف تنوع لا اختلاف تضاد. إِذْ قَدْ يَكُوْن الاختلاف بَيْنَ طريقين أحدهما قوي والآخر ضعيف فمثل هَذَا الاختلاف لا يقدح؛ لأن الرِّوَايَة الصحيحة لا تقدح بِهَا الرِّوَايَة الضعيفة ولا تؤثر. وكذلك قَدْ يَكُوْن هناك اختلاف في الظاهر لَكِنْ يمكن الجمع بينهما؛ بحيث يمكن أن يَكُوْن المتكلم معبراً باللفظين الواردين عن معنى واحد، فلا إشكال أَيْضاً. مثل: أن يَكُوْن في أحد الوجهين قَدْ قَالَ الرَّاوِي: ((عن رجل))، وفي الوجه الآخر سمى هَذَا الرجل. ويمكن أن يَكُوْن ذَلِكَ المسمى هُوَ ذَلِكَ المبهم، فلا تعارض. أما إذا سمى الرَّاوِي باسم معين في رِوَايَة، ويسميه باسم آخر في رِوَايَة أخرى فهذا محل توقف ونظر، إِذْ يتعارض فِيْهِ أمران: أحدهما: أنه يجوز أن يَكُوْن الْحَدِيْث عن الرجلين معاً. والثاني: أن يغلب عَلَى الظن أن الرَّاوِي واحد اختلف فِيْهِ. فهاهنا لا يخلو أن يَكُوْن الرجلان معاً ثقتين أو لا. فإن كانا ثقتين فعلى رأي جَمَاعَة لا يضر هَذَا الاختلاف؛ لأنه إن كَانَ الْحَدِيْث عن هَذَا المعين فهو عدل، وإن كَانَ عن الآخر فهو عدل، فكيف انقلب الْحَدِيْث فإلى عدل فلا يضر هَذَا الاختلاف. بينما يرى جهابذة الْمُحَدِّثِيْنَ أن هَذَا قادح في الرِّوَايَة إِذْ إنه يدل عَلَى عدم ضبط راويه لَهُ. والضبط شرط لصحة الْحَدِيْث. وهذا إنما يتجه إذا كَانَ لا دليل لنا عَلَى أنَّّ الْحَدِيْث عَنْهُمَا جميعاً. أما إن دلَّ دليل فلا اختلاف مثل أن يروي إنسان حديثاً عن رجل تارة، ويروي ذَلِكَ الْحَدِيْث عن آخر تارة ثُمَّ يرويه عَنْهُمَا معاً في مرة ثالثة. وأما إن كَانَ أحد الراويين ضعيفاً فَقَدْ تردد الحال بَيْنَ أن يَكُوْن عن القوي أَوْ عن الضعيف أَوْ عَنْهُمَا. وَهُوَ عَلَى أحد هَذِهِ التقديرات غَيْر حجة، ثُمَّ إن هَذَا يشترط فِيْهِ أن لا يَكُوْن الطريقان مختلفين بَلْ يكونان عن رجل واحد. ومع ذَلِكَ فيجوز أن يَكُوْن رَوَاهُ

عَنْهُمَا جميعاً (¬1). وَقَدْ أشار الحافظ السيوطي (¬2) في "التدريب" (¬3) إلى بعض الاختلافات غَيْر القادحة بصحة الْحَدِيْث عِنْدَ الْمُحَدِّثِيْنَ، قَالَ: ((فمن ذَلِكَ أنهما أخرجا قصة جمل جابر من طرق، وفيها اختلاف كثير في مقدار الثمن، وفي اشتراط ركوبه. وَقَدْ رجّح البخاري الطرق الَّتِيْ فِيْهَا الاشتراط عَلَى غيرها مع تخريج الأمرين، ورجح أَيْضاً كون الثمن أوقية (¬4) مع تخريجه ما يخالف ذَلِكَ)). قلت: والاختلاف في ثمن البعير أنه جاء بأوقية وفي رِوَايَة بأربعة دنانير، وَهُوَ يَكُوْن بأوقية عَلَى حساب الدينار بعشرة دراهم. وفي رِوَايَة أوقية ذهب، وفي رِوَايَة ومئتي درهم، وفي رِوَايَة أربع أواقٍ، وفي رِوَايَة بعشرين ديناراً. وَقَدْ خرّجها البخاري جميعها (¬5) ورجّح أنه بأوقية، قَالَ البخاري: ((وقول الشعبي (¬6) بأوقية أكثر الاشتراط: أكثر وأصح عندي)) (¬7). وَقَدْ فسّر الحافظ ابن حجر ذَلِكَ بقوله: ((أي أكثر طرقاً وأصح مخرجاً)) (¬8)، ثُمَّ قَالَ: ((وما جنح إِلَيْهِ المصنف من ترجيح رِوَايَة الاشتراط هُوَ الجاري عَلَى طريقة المحققين من أهل الْحَدِيْث لأنهم لا يتوقفون عن تصحيح الْمَتْن إذا وقع فِيْهِ الاختلاف إلا إذا تكافأت الروايات، وَهُوَ شرط الاضطراب الَّذِيْ يرد بِهِ الخبر، وَهُوَ مفقود هنا مع إمكان الترجيح)) (¬9). ¬

_ (¬1) اقتباس من الاقتراح: 220 - 222، وحاشية محاسن الاصطلاح: 204. (¬2) هُوَ عَبْد الرحمان بن أبي بكر بن مُحَمَّد الخضري المصري، جلال الدين أبو الفضل السيوطي، ولد سنة (849 هـ‍)، برع في علوم متعددة من مصنفاته: " حسن المحاضرة " و " تدريب الرَّاوِي " وغيرهما، توفي سنة (911 هـ‍). الضوء اللامع 4/ 65، درة الحجال 3/ 92، وشذرات الذهب 8/ 51. (¬3) 1/ 28. (¬4) الأوقية: بضم الهمزة وتشديد الياء: اسم لأربعين درهماً. النهاية 5/ 217 وقارن بـ: السنن الكبرى، للبيهقي 4/ 134، ولسان العرب 15/ 404 (وقي)، ومعجم متن اللغة 1/ 89، و5/ 804، والمعجم الوسيط 1/ 33. (¬5) صَحِيْح البخاري 3/ 248 (2718). (¬6) هُوَ عامر بن شراحيل الشعبي أَبُو عمرو الكوفي، ثقة مشهور فقيه فاضل، أدرك عدة من الصَّحَابَة، وَكَانَ أمياً لا يكتب، توفي سنة (104 هـ‍) وَقِيْلَ: (105 هـ‍)، وَقِيْلَ: (106 هـ‍). تاريخ بغداد 12/ 227،وتهذيب الكمال 4/ 27 (3029)، وتاريخ الإسلام:124 وفيات سنة (104 هـ‍). (¬7) صَحِيْح البخاري 3/ 249 عقيب (2718). (¬8) فتح الباري 5/ 318 عقيب (2718). (¬9) فتح الباري 5/ 318.

الفصل الأول الاختلاف في السند

الفصل الأول الاختلاف في السند وفيه تمهيد، ومبحثان: التمهيد: في تعريف الإسناد لغة واصطلاحاً، وأهمية الإسناد. والمبحثان: المبحث الأول: أثر التدليس في اختلاف الْحَدِيْث، وأثر ذَلِكَ في اختلاف الفقهاء. المبحث الثاني: أثر التفرد في اختلاف الْحَدِيْث، وأثر ذَلِكَ في اختلاف الفقهاء.

تمهيد

تمهيد تعريف الإسناد لغةً واصطلاحاً: أ. تعريف السند والإسناد لغة: السند في اللغة: يطلق عَلَى عدة معانٍ، أشهرها: ما قابلك من الجبل، وعلا عن السفح، والمُعْتَمَدُ: وَهُوَ كلُّ ما يُسْنَدُ إِلَيْهِ ويُعتَمَدُ عَلَيْهِ من حائطٍ وغيره، يقال: فلانٌ سَنَدٌ أي: مُعتَمَدٌ (¬1). قَالَ بدر الدين بن جَمَاعَة (¬2): ((وَهُوَ مأخوذ، إمّا من السند وَهُوَ ما ارتفع وعلا عن سفح الجبل؛ لأن المُسْنِدَ يرفعه إِلَى قائله، أَوْ من قولهم: فلانٌ سندٌ أي: معتمدٌ، فسُمِّي الإخبار عن طريق الْمَتْن سنداً لاعتماد الحُفَّاظِ في صحة الْحَدِيْث وضعفه عَلَيْهِ)) (¬3). قَالَ الزركشي: ((هُوَ مأخوذ من السند، وَهُوَ ما ارتفع وعلا من سفح الجبل؛ لأن المسند يرفعه إلى قائله، ويجوز أن يَكُوْن مأخوذاً من قولهم: فُلاَن سندٌ أي: معتمدٌ، فسُمِّيَ الإخبار عن طريق الْمَتْن سنداً لاعتماد النقاد في الصحة والضعف عَلَيْهِ. وفي "أدب الرِّوَايَة" للحفيد (¬4): ((أسندت الْحَدِيْث أسنده وعزوته أعزوه، وأعزيه، والأصل في الحرف راجع إلى المسند وَهُوَ الدهر فيكون معنى إسناد الْحَدِيْث: اتصاله في الرِّوَايَة اتصال أزمنة الدهر بعضها ببعض)) (¬5). والإسناد مصدر للفعل الثلاثي المزيد: أسند، من قولهم: أسندت الْحَدِيْث إلى فُلاَن أسنده إسناداً إذا رفعته (¬6). ¬

_ (¬1) الصحاح 2/ 489، ومقاييس اللغة 3/ 115، والأفعال 2/ 117، واللسان 3/ 220، والتاج 8/ 215 مادة (سند). (¬2) هُوَ قاضي القضاة بدر الدين أبو عَبْد الله، مُحَمَّد بن إبراهيم بن سعد الله بن جَمَاعَة الكناني الحموي الشَّافِعِيّ، ولد سنة (639 هـ‍)، من مصنفاته: " المنهل الروي " وغيره، توفي سنة (733 هـ‍). ذيل العبر: 178، نكت الهميان: 235، الدرر الكامنة 3/ 280 - 281. (¬3) المنهل الروي: 29 - 35، وانظر: الخلاصة: 30، ونكت الزركشي 1/ 405، والبحر الَّذِيْ زخر 1/ 292. (¬4) هُوَ حفيد القاضي أبي بكر مُحَمَّد بن عَبْد الله بن جعفر كَمَا في المقنع 1/ 110، وهذه الشخصية مجهولة إِذْ لَمْ أستطع العثور عَلَيْهَا في كتب التراجم. والنقل عن هَذَا الكتاب موجود أَيْضاً في محاسن الاصطلاح: 119. (¬5) نكت الزركشي 1/ 405. (¬6) انظر: الصحاح 2/ 489، ومقاييس اللغة 3/ 105، والأفعال 2/ 117، ولسان العرب 3/ 220، وتاج =

قَالَ الجوهري (¬1): ((والإسناد في الْحَدِيْث رَفْعُهُ إلى قائله)) (¬2). ب. تعريف السند اصطلاحاً: السند: هُوَ الإخبار عن طريق الْمَتْن (¬3). قَالَ السيوطي: ((والحد المذكور للسند ذكره ابن الحاجب (¬4) في مختصره (¬5)، قَالَ القاضي تاج الدين السبكي (¬6) في شرحه: ((وعندي لَوْ قَالَ: طريق الْمَتْن، كَانَ أولى)) (¬7). وأما الإسناد: فهو حكاية طريق الْمَتْن (¬8). والذي يبدو أن السند والإسناد معناهما واحد، لأنهما متقاربان في معنى الاعتماد عليهما (¬9). وَقَالَ بدر الدين بن جَمَاعَة: ((الْمُحَدِّثُوْنَ يستعملون السند والإسناد لشيءٍ واحدٍ)) (¬10). لَكِن الإسناد أعم من السند؛ فالإسناد يطلق عَلَى سلسلة الرُّوَاة الموصلة إلى ¬

_ = العروس 8/ 215 مادة (سند). (¬1) إمام اللغة، أبو نصر إسماعيل بن حماد التركي الأُتراري، مصنف كتاب " الصحاح " أكثر الترحال، ثُمَّ سكن نيسابور، ومات بِهَا متردياً من سطح داره سنة (393 هـ‍). سير أعلام النبلاء 17/ 80، وتاريخ الإِسْلاَم: 281 - 283 وفيات (393 هـ‍)، ومرآة الجنان 2/ 335. (¬2) الصحاح 2/ 489. (¬3) انظر: المنهل الروي: 29، والخلاصة: 30. (¬4) العلامة جمال الدين أبو عمرو عثمان بن عمر بن أبي بكر بن يونس الدّوَني ثُمَّ المصري، الفقيه المالكي، النحوي الأصولي، صاحب التصانيف المنقحة، توفي سنة (646 هـ‍). تاريخ الإِسْلاَم: 319 وفيات (646 هـ‍)، ووفيات الأعيان 3/ 248 و250، وشذرات الذهب 5/ 234. (¬5) انظر: منتهى الوصول والأمل: 65. (¬6) عَبْد الوهاب بن علي بن عَبْد الكافي السبكي الشَّافِعِيّ، أبو نصر، قاضي القضاة، المؤرخ الباحث، من تصانيفه: " جمع الجوامع " و "طبقات الشافعية الكبرى"، ولد سنة (727 هـ‍)،وتوفي سنة (771 هـ‍). الدرر الكامنة 2/ 425، وشذرات الذهب 6/ 221، والأعلام 4/ 184. (¬7) البحر الَّذِيْ زخر 1/ 293. (¬8) انظر: نُزهة النظر: 53. (¬9) انظر: الخلاصة: 30. (¬10) المنهل الروي: 30.

أهمية الإسناد

الْمَتْن فيكون بِذَلِكَ مرادفاً للسند، ويكون بمعنى عزو الْحَدِيْث إلى قائله فهو أعم (¬1). والخلاصة: المراد بالسند أَوْ الإسناد هنا: هُوَ سلسلة الرُّوَاة الَّذِيْنَ نقلوا الْحَدِيْث واحداً عن الآخر، حَتَّى يبلغوا بِهِ إلى قائله. أهمية الإسناد: إنّ الله - سبحانه وتعالى - شرّف هَذِهِ الأمة بشرف الإسناد، وَمَنَّ عَلَيْهَا بسلسلة الإسناد واتصاله، فهو خصيصة فاضلة لهذه الأمة وليس لغيرها من الأمم السابقة، وَقَدْ أسند الْخَطِيْب في كتاب "شرف أصحاب الْحَدِيْث" (¬2) إلى مُحَمَّد بن حاتم بن المظفر قَالَ: ((إنّ الله أَكْرَمَ هَذِهِ الأمة وشرّفها وفضّلها بالإسناد، وليس لأحد من الأمم كلها، قديمهم وحديثهم إسنادٌ، وإنما هِيَ صحف في أيديهم وَقَدْ خلطوا بكتبهم أخبارهم، وليس عندهم تمييز بَيْنَ ما نزل من التوراة والإنجيل مِمَّا جاءهم بِهِ أنبياؤهم، وتمييز بَيْنَ ما ألحقوه بكتبهم من الأخبار الَّتِيْ أخذوا عن غَيْر الثقات. وهذه الأمة إنما تنُصّ الْحَدِيْث من الثقة المعروف في زمانه المشهور بالصدق والأمانة عن مثله حَتَّى تتناهى أخبارهم، ثُمَّ يبحثون أشد البحث حَتَّى يعرفوا الأحفظ فالأحفظ، والأضبط فالأضبط والأطول مجالسةً لِمَنْ فوقه ممن كَانَ أقل مجالسةً. ثُمَّ يكتبون الْحَدِيْث من عشرين وجهاً وأكثر حَتَّى يهذبوه من الغلط والزلل ويضبطوا حروفه ويعدوه عداً. فهذا من أعظم نعم الله تَعَالَى عَلَى هَذِهِ الأمة)). وَقَالَ أبو علي الجياني (¬3): ((خصّ الله تَعَالَى هَذِهِ الأمة بثلاثة أشياء لَمْ يعطها مَنْ قَبْلَهَا مِنَ الأمم: الإسناد، والأنساب، والإعراب)) (¬4). وَقَالَ الْحَاكِم النيسابوري: ((فلولا الإسناد وطلب هَذِهِ الطائفة لَهُ، وكثرة مواظبتهم عَلَى حفظه لدرس منار الإِسْلاَم، ولتمكن أهل الإلحاد والبدع فِيْهِ بوضع الأحاديث، وقلب الأسانيد، فإنَّ الأخبار إذا تعرت عن وجود الأسانيد فِيْهَا كانت مبتراً، كَمَا حَدَّثَنَا ¬

_ (¬1) انظر: تيسير مصطلح الْحَدِيْث: 16. (¬2) شرف أصحاب الْحَدِيْث: 40 (76). (¬3) أبو علي الحسين بن مُحَمَّد بن أحمد الجياني، ولد سنة (427 هـ‍)، كَانَ إماماً في الْحَدِيْث، وبصيراً بالعربية والشعر والأنساب، لَهُ كتب مفيدة مِنْهَا: " تقييد المهمل "، توفي سنة (498 هـ‍). انظر: وفيات الأعيان 2/ 195،وتذكرة الحفاظ، للذهبي 4/ 1233 و1234، ومرآة الجنان 3/ 36 - 37. (¬4) قواعد التحديث: 201.

أبو العباس مُحَمَّد بن يعقوب (¬1)، قَالَ: حَدَّثَنَا العباس بن مُحَمَّد الدوري (¬2)، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو بكر بن أبي الأسود، قَالَ: حَدَّثَنَا إبراهيم أبو إسحاق الطالقاني (¬3)، قَالَ: حَدَّثَنَا بقية، قَالَ حَدَّثَنَا عتبة بن أبي حكيم (¬4)، أنه كَانَ عِنْدَ إسحاق ابن أبي فروة، وعنده الزهري، قَالَ: فجعل ابن أبي فروة يقول: قَالَ رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ لَهُ الزهري: قاتلك الله يا ابن أبي فروة، ما أجرأك عَلَى الله، ألا (¬5) تسند حديثك؟ تُحَدِّثُنا بأحاديث ليس لها خُطُم (¬6)، ولا أَزِمَّة (¬7))) (¬8). هكذا أدرك الْمُحَدِّثُوْنَ - منذ الصدر الأول - ما للإسناد من أهمية بالغة في الصناعة الحديثية؛ إِذْ هُوَ دعامتها الأساسية ومرتكزها في أبحاث العدالة والضبط. وكذلك أدرك الْمُحَدِّثُوْنَ أنه لا يمكن نقد الْمَتْن نقداً صحيحاً إلا من طريق البحث في الإسناد، ومعرفة حلقات الإسناد والرواة النقلة، فلا صحة لمتن إلا بثبوت إسناده. وأعظم مثال عَلَى اهتمام المسلمين بالإسناد هُوَ ما ورثوه لنا من التراث الضخم الكبير الهائل، وما سخروا للإسناد من ثروة علمية في كتب الرجال. ¬

_ (¬1) مُحَمَّد بن يعقوب بن يوسف الأصم، أبو العباس الأموي، حّدث بكتاب الأم للشافعي عن الربيع، وَكَانَ ثقة كَثِيْر الرحلة والرواية، مَعَ ضبط الأصول، توفي سنة (346 هـ‍). انظر: الأنساب 1/ 187 - 189،وسير أعلام النبلاء 15/ 452، وشذرات الذهب 2/ 473. (¬2) الإمام الحافظ أبو الفضل، عَبَّاس بن مُحَمَّد بن حاتم بن واقد الدوري ثُمَّ البغدادي، مولى بني هاشم، أحد الأثبات المصنفين، ولد سنة (185 هـ‍)، رَوَى عن الإمام أحمد توفي سُنَّةُ (271 هـ‍). تهذيب الكمال 4/ 75 (3129)، وسير أعلام النبلاء 12/ 522، والتقريب (3189). (¬3) إبراهيم بن إسحاق بن عيسى البناني، مولاهم، أبو إسحاق الطالقاني، نزيل مرو، قدم بغداد وحدّث بِهَا، صنف كتاب " الرؤيا " وكتاب " الغرس " وغيرهما، توفي بمرو سنة (215 هـ‍). تاريخ بغداد 6/ 24، وتهذيب الكمال 1/ 99 (141)، وتاريخ الإِسْلاَم: 51 - 52 وفيات (215 هـ‍). (¬4) عتبة بن أبي حكيم الهمداني ثُمَّ الشعباني، أبو العباس الشامي الأردني الطبراني: صدوق يخطئ كثيراً، مات بصور سنة (147 هـ‍). تهذيب الكمال 5/ 93 و 94 (4360)، والتقريب (4427)، وتهذيب التهذيب 7/ 94 و 95. (¬5) وقع في المطبوع: ((لا))، تحريف والتصحيح من نسختنا الخطية المصورة عن الأصل المحفوظة في مكتبة أوقاف بغداد. (¬6) خطم: من الدابة مقدمة أنفها، والخطم: جمع خطام وَهُوَ الحبل الَّذِيْ يقاد بِهِ البعير. لسان العرب 12/ 186، وتاج العروس 8/ 281 الطبعة القديمة مادة (خطم). (¬7) زمّ الشيء يزمه زماً فانزم: شده، والزمام ما زم بِهِ، والجمع أزمة، وزممت البعير خطمته. لسان العرب 12/ 272، وتاج العروس 8/ 328 الطبعة القديمة مادة (زمم). (¬8) مَعْرِفَة علوم الْحَدِيْث: 6. وهَذِهِ القصة في أدب الإملاء والاستملاء: 5.

والبحث في الإسناد مهم جداً في علم الْحَدِيْث، من أجل التوصل إلى مَعْرِفَة الْحَدِيْث الصَّحِيْح من غَيْر الصَّحِيْح، إِذْ إنّه كلما تزداد الحاجة يشتد نظام المراقبة، فعندما انتشر الْحَدِيْث بَعْدَ وفاة النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - اشتد الاهتمام بنظام الإسناد، وعندما بدأ السهو والنسيان يظهران كثر الالتجاء إلى مقارنة الروايات، حَتَّى أصبح هَذَا المنهج مألوفاً معروفاً عِنْدَ الْمُحَدِّثِيْنَ؛ إِذْ إنه لا يمكن الوصول إلى النص السليم القويم إلا عن طريق البحث في الإسناد، والنظر والموازنة والمقارنة فِيْمَا بَيْنَ الروايات والطرق. من هنا ندرك سر اهتمام الْمُحَدِّثِيْنَ بِهِ، إذ جالوا في الآفاق ينقّرون أَوْ يبحثون في إسنادٍ، أَوْ يقعون عَلَى علة أَوْ متابعة أَوْ مخالفة، وكتاب "الرحلة في طلب الْحَدِيْث" (¬1) للخطيب البغدادي خير شاهد عَلَى ذَلِكَ. وتداول الإسناد وانتشاره معجزة من المعجزات النبوية (¬2) الَّتِيْ أشار إِلَيْهَا المصطفى - صلى الله عليه وسلم - في قوله: ((تَسْمَعُون ويُسْمَع منكم ويُسْمَع مِمَّنْ يَسْمَع منكم)) (¬3). ثُمَّ إنَّ للإسناد أهمية كبيرة عِنْدَ المسلمين وأثراً بارزاً؛ وذلك لما للأحاديث النبوية من أهمية بالغة، إذ إنَّ الْحَدِيْث النبوي الشريف ثاني أدلة أحكام الشرع، ولولا الإسناد واهتمام الْمُحَدِّثِيْنَ بِهِ لضاعت علينا سنة نبينا - صلى الله عليه وسلم - ولاختلط بِهَا ما ليس مِنْهَا، ولما استطعنا التمييز بَيْنَ صحيحها من سقيمها؛ إذن فغاية دراسة الإسناد والاهتمام بِهِ ¬

_ (¬1) هُوَ كتاب فريد في بابه، جمع فِيْهِ الْخَطِيْب أخباراً نادرة من أخبار العلماء في رحلاتهم من أجل الْحَدِيْث الواحد، وما أشبه ذَلِكَ. وَقَدْ صدر الكتاب بأحاديث وآثار تدلل عَلَى ذَلِكَ وترغب فِيْهِ، وَقَدْ طبع الكتاب في بيروت بطبعته الأولى عام 1975 في دار الكتب العلمية بتحقيق: د. نور الدين عتر. (¬2) بغية الملتمس: 23. (¬3) أخرجه أحمد 1/ 351، وأبو داود (3659)، وابن حبان (92)، والرامهرمزي في " المحدث الفاصل": 207 (92)، والحاكم في " المستدرك " 1/ 95، وفي مَعْرِفَة علوم الْحَدِيْث: 27 و 60، والبيهقي في " السنن " 10/ 250 وفي " الدلائل " 6/ 539، والخطيب في " شرف أصحاب الْحَدِيْث " (70)، وابن عَبْد البر في " جامع بَيَان العلم " 1/ 55 و2/ 152، والقاضي عياض في " الإلماع ": 10. من طرق عن الأعمش، عن عَبْد الله بن عَبْد الله، عن سعيد بن جبير، عن ابن عَبَّاسٍ، بِهِ مرفوعاً. وصححه الْحَاكِم، وَلَمْ يتعقبه الذهبي، وَقَالَ العلائي في " بغية الملتمس ": 24: ((هَذَا حَدِيْث حسن من حَدِيْث الأعمش)). وأخرجه البزار (146)، والرامهرمزي في " المحدّث الفاصل " (91)، والطبراني في " الكبير " (1321)، والخطيب في "شرف أصحاب الْحَدِيْث " (69)، من حَدِيْث ثابت بن قيس بلفظ: ((تسمعون ويُسمع منكم ويُسمع من الَّذِيْنَ يسمعون منكم ثُمَّ يأتي من بَعْدَ ذَلِكَ قوم سمان يحبون السِّمَن، يشهدون قَبْلَ أن يُسألوا)).

هِيَ مَعْرِفَة صحة الْحَدِيْث أو ضعفه، فمدار قبول الْحَدِيْث غالباً عَلَى إسناده، قَالَ القاضي عياض: ((اعلم أولاً أنّ مدار الْحَدِيْث عَلَى الإسناد فِيْهِ تتبين صحته ويظهر اتصاله)) (¬1). وَقَالَ ابن الأثير (¬2): ((اعلم أنّ الإسناد في الْحَدِيْث هُوَ الأصل، وعليه الاعتماد، وبه تعرف صحته وسقمه)) (¬3). وهذا المعنى مقتبس من عبارات المتقدمين. قَالَ سفيان الثوري: ((الإسناد سلاح المؤمن، إذا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ سلاح فبأي شيء يقاتل؟)) (¬4). وهذا أمير المؤمنين في الْحَدِيْث شعبة بن الحجاج (¬5) يقول: ((إنما يعلم صحة الْحَدِيْث بصحة الإسناد)) (¬6). وَقَالَ عَبْد الله بن المبارك: ((الإسناد من الدين، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء)) (¬7). وعلى هَذَا فالإسناد لابد مِنْهُ من أجل أن لا ينضاف إلى النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - ما ليس من قوله. وهنا جعل الْمُحَدِّثُوْنَ الإسناد أصلاً لقبول الْحَدِيْث؛ فلا يقبل الْحَدِيْث إذا لَمْ يَكُنْ لَهُ إسناد نظيف، أوله أسانيد يتحصل من مجموعها الاطمئنان إلى أنّ هَذَا الْحَدِيْث قَدْ صدر عمن ينسب إِلَيْهِ؛ فهو أعظم وسيلة استعملها الْمُحَدِّثُوْنَ من لدن الصَّحَابَة - رضي الله عنهم - إلى عهد التدوين كي ينفوا الخبث عن حَدِيْث النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، ويبعدوا عَنْهُ ما ليس مِنْهُ. ¬

_ (¬1) الإلماع: 194. (¬2) المبارك بن مُحَمَّد بن عَبْد الكريم الشيباني، العلامة مجد الدين أبو السعادات ابن الأثير الجزري، ثُمَّ الموصلي، من مصنفاته: "جامع الأصول" و "النهاية"، ولد سنة (544 هـ‍)، وتوفي سنة (606 هـ‍). وفيات الأعيان 4/ 141، وتاريخ الإِسْلاَم: 225 - 226 وفيات (606 هـ‍)، سير أعلام النبلاء 21/ 488. (¬3) جامع الأصول 1/ 9 - 10. (¬4) أسنده إِلَيْهِ الْخَطِيْب البغدادي في " شرف أصحاب الْحَدِيْث ": 42 (81). (¬5) هُوَ شعبة بن الحجاج بن الورد العتكي، مولاهم، أبو بسطام الواسطي، ثُمَّ البصري: ثقة حافظ متقن، كَانَ الثوري يقول: هُوَ أمير المؤمنين في الْحَدِيْث، وَهُوَ أول من فتش بالعراق عن الرجال، وذب عن السنة، وَكَانَ عابداً، مات سنة (160 هـ‍). تهذيب الأسماء واللغات 1/ 244 - 246، وسير أعلام النبلاء 7/ 22 و 227، التقريب (2790). (¬6) التمهيد 1/ 57. (¬7) مقدمة صَحِيْح مُسْلِم 1/ 12، وطبعة فؤاد عَبْد الباقي 1/ 15، وشرف أصحاب الْحَدِيْث: 41 (78)، والإلماع: 194.

وَقَدْ اهتم الْمُحَدِّثُوْنَ - كَمَا اهتموا بالإسناد - بجمع أسانيد الْحَدِيْث الواحد، لما لِذَلِكَ من أهمية كبيرة في ميزان النقد الحديثي؛ فجمع الطرق كفيل ببيان الخطأ، إذا صدر من بعض الرُّوَاة، وبذلك يتميز الإسناد الجيد من الرديء، قَالَ علي بن المديني: ((الباب إذا لَمْ تجمع طرقه لَمْ يتبين خطؤه)) (¬1). ثُمَّ إنّ لجمع الطرق فائدة أخرى؛ فيستفاد تفسير النصوص لبعضها، إِذْ إنّ بعض الرُّوَاة قَدْ يحدث عَلَى المعنى، أو يروي جزءاً من الْحَدِيْث، وتأتي البقية في سند آخر؛ لذا قَالَ الإمام أحمد بن حَنْبَل: ((الْحَدِيْث إذا لَمْ تجمع طرقه لَمْ تفهمه، والحديث يفسر بعضه بعضاً)) (¬2). وَقَالَ الحافظ أبو زرعة العراقي (¬3): ((الْحَدِيْث إذا جمعت طرقه تبين المراد مِنْهُ، وليس لنا أن نتمسك برواية ونترك بقية الروايات)) (¬4). ويعرف - أَيْضاً - بجمع الطرق: الْحَدِيْث الغريب متناً وإسناداً، وَهُوَ الَّذِيْ تفرد بِهِ الصَّحَابِيّ أَوْ تفرد بِهِ راوٍ دون الصَّحَابِيّ، ومن ثَمَّ يعرف هل المتفرد عدل أو مجروح، فتكرار الأسانيد لَمْ يَكُنْ عبثاً وإنما لَهُ مقاصد وغايات يعلمها المشتغلون بهذه الصنعة. قَالَ الإمام مُسْلِم في ديباجة كتابه "الجامع الصَّحِيْح": ((وإنا نعمد إلى جملة ما أسند من الأخبار عن رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - فنقسمها عَلَى ثلاثة أقسام وثلاث طبقات من الناس عَلَى غَيْر تكرار، إلا أن يأتي موضع لا أستغني فِيْهِ عن ترداد حَدِيْث فِيْهِ زيادة معنى أَوْ إسناد يقع إلى جنب إسناد لعلة تكون هناك؛ لأن المعنى الزائد في الْحَدِيْث المحتاج إِلَيْهِ يقوم مقام حَدِيْث تام، فلابد من إعادة الْحَدِيْث الَّذِيْ فِيْهِ ما وصفنا من الزيادة، أو أن يفصل ذَلِكَ المعنى من جملة الْحَدِيْث عَلَى اختصاره إذا أمكن، ولكن تفصيله ربما ¬

_ (¬1) الجامع لأخلاق الرَّاوِي وآداب السامع 2/ 212 (1641)، ومعرفة أنواع علم الْحَدِيْث: 82، وطبعتنا: 188، وشرح التبصرة والتذكرة 1/ 227، وطبعتنا 1/ 275، وتدريب الرَّاوِي 1/ 253، وتوجيه النظر 2/ 601. (¬2) الجامع لأخلاق الرَّاوِي 2/ 212 (1640). (¬3) هُوَ الإمام العلامة الحافظ ولي الدين أبو زرعة أحمد بن عَبْد الرحيم بن الحسين العراقي الأصل المصري الشَّافِعِيّ، ولد سنة (762 هـ‍)، وبكر بِهِ والده بالسماع فأدرك العوالي، وانتفع بأبيه جداً، ودرّس في حياته، توفي سنة (826 هـ‍)، من تصانيفه: "الإطراف بأوهام الأطراف"و"تكملة طرح التثريب" و " تحفة التحصيل في ذكر المراسيل" وغيرها. انظر: طبقات الشافعية، لابن قاضي شهبة 4/ 80، ولحظ الألحاظ: 284،والضوء اللامع 1/ 336،وحسن المحاضرة 1/ 363،ومقدمتنا لكتاب شرح التبصرة والتذكرة 1/ 34. (¬4) طرح التثريب 7/ 181.

المبحث الأول أثر التدليس في اختلاف الحديث

عسر من جملته فإعادته بهيأته إذا ضاق ذَلِكَ أسلم)) (¬1) إذا تمهد هَذَا فإني سأتحدّث عن الاختلافات الواردة في الإسناد في مبحثين، وعلى النحو الآتي: المبحث الأول أثر التدليس في اختلاف الحديث مَرَّ بنا في الفصل التمهيدي تعريف التدليس لغة، وأرجأنا القَوْل في تعريفه اصطلاحاً وسأفصل ذَلِكَ عَلَى النحو الآتي: أولاً: أقسام التدليس. ثانياً: حكم التدليس، وحكم من عرف بِهِ. ثالثاً: حكم الْحَدِيْث المدلس. رابعاً: أثر التدليس في اختلاف الرُّوَاة، وأثره في اختلاف الفقهاء. أولاً. أقسام التدليس: فصّلنا القول فِيْهَا في الفصل التمهيدي في مبحث أسباب نشوء الاختلافات. ثانياً. حكم التدليس، وحكم من عرف بِهِ: مضى بنا في الفصل التمهيدي في تعريف التدليس لغة أنّ مجموع معانيه تؤول إلى إخفاء العيب، وليس من معانيه الكذب، ومع ذَلِكَ فَقَدْ اختلف العلماء في حكمه وحكم أهله. فَقَدْ ورد عن بعضهم ومنهم - شعبة - التشديد فِيْهِ، فروي عَنْهُ أنه قَالَ: ((التدليس أخو الكذب)) (¬2)، وَقَالَ أَيْضاً: ((لإنْ أزني أحب إليّ من أن أدلس)) (¬3). ومنهم من سهّل أمره وتسامح فِيْهِ كثيراً، قَالَ أبو بكر البزار: ((التدليس ليس بكذب، وإنما هُوَ تحسين لظاهر الإسناد)) (¬4). ¬

_ (¬1) صَحِيْح مُسْلِم 1/ 3، و 1/ 4 - 5 طبعة مُحَمَّد فؤاد. (¬2) رَوَاهُ ابن عدي في الكامل 1/ 107، والبيهقي في مناقب الشَّافِعِيّ 2/ 35،والخطيب في الكفاية (508 ت، 355 هـ‍). (¬3) رَوَاهُ ابن أبي حاتم في تقدمة الجرح والتعديل 1/ 173، وابن عدي في الكامل 1/ 107، والخطيب في الكفاية (508 ت، 356 هـ‍). (¬4) نكت الزركشي 2/ 81.

وَالصَّحِيْح الَّذِيْ عليه الجمهور أنه ليس بكذب يصح به القدح في عدالة الرَّاوِي حَتَّى نرد جميع حديثه، وإنما هُوَ ضَرْبٌ من الإيهام، وعلى هَذَا نصّ الشَّافِعِيّ -رحمه الله- فَقَالَ: ((ومن عرفناه دلّس مرة فَقَدْ أبان لنا عورته في روايته، وليست تِلْكَ العورة بالكذب فنرد بِهَا حديثه، ولا النصيحة في الصدق، فنقبل مِنْهُ ما قبلنا من أهل النصيحة في الصدق)) (¬1). ويمكن حمل التشدد الوارد عن شعبة عَلَى ((المبالغة في الزجر عَنْهُ والتنفير)) (¬2). وإذا تقرر هَذَا، فما حكم حَدِيْث من عرف بِهِ؟ للعلماء فِيْهِ أربعة مذاهب: الأول: لا تقبل رِوَايَة المدلس، سواء صرح بالسماع أم لا، حكاه ابن الصَّلاَحِ عن فريق من أهل الْحَدِيْث والفقه (¬3)، وهذا مبني عَلَى القَوْل بأنّ التدليس نفسه جرح تسقط بِهِ عدالة من عُرِف بِهِ (¬4). وهذا الَّذِيْ استظهره عَلَى أصول مذهب الإمام مالك القاضي عَبْد الوهاب في الملخص (¬5). الثاني: قبول رِوَايَة المدلس مطلقاً، وَهُوَ فرع لمذهب من قَبِلَ المرسل ونقله الْخَطِيْب البغدادي عن جمهور من قَبِلَ المراسيل (¬6)، وحكاه الزركشي عن بعض شارحي أصول البزدوي من الحنفية (¬7). وبنوا هَذَا عَلَى ما بنوا عَلَيْهِ قبول المرسل؛ من أنّ إضراب الثقة عن ذكر الرَّاوِي تعديل لَهُ، فإن من مقتضيات ثقته التصريح باسم من روى عَنْهُ إذا كَانَ غَيْر ثقة (¬8). الثالث: إذا كَانَ الغالب عَلَى تدليسه أن يَكُوْن عن الثقات فهو مقبول كيفما كانت صيغة التحديث، وإن كَانَ عن غَيْر الثقة هُوَ الغالب رد حديثه حَتَّى يصرح بالسماع، حكاه الْخَطِيْب عن بعض أهل العلم (¬9)، ونقله الزركشي عن أبي الفتح الأزدي (¬10). ¬

_ (¬1) الرسالة: 379 الفقرة (1033 و 1034). (¬2) مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث: 67، وطبعتنا 159. (¬3) المصدر نفسه. وسبقه بالنقل الْخَطِيْب في كفايته (515 ت، 361 هـ‍). (¬4) شرح السيوطي عَلَى ألفية العراقي: 174. (¬5) نكت الزركشي 2/ 87. (¬6) الكفاية (515 ت، 361 هـ‍). (¬7) نكت الزركشي 2/ 87 - 88، وانظر: تدريب الراوي 1/ 229. (¬8) انظر: الكفاية (515 ت، 361 هـ‍). (¬9) الكفاية (515 ت، 361 هـ‍). (¬10) نكت الزركشي 2/ 89.

ثالثا. حكم الحديث المدلس

الرابع: التفصيل بَيْنَ أن يروي بصيغة مبينة للسماع، فيقبل حديثه، وبين أن يروي بصيغة محتملة للسماع وغيره فلا يقبل. وهذا الَّذِيْ عَلَيْهِ جمهور أَهْل الْحَدِيْث وغيرهم (¬1) وصححه جمع، مِنْهُمْ: الْخَطِيْب البغدادي (¬2) وابن الصَّلاَحِ (¬3) وغيرهما. ثالثاً. حكم الْحَدِيْث المدلس: لما كَانَ في حَدِيْث المدلس شبهة وجود انقطاع بَيْنَ المدلس ومن عنعن عَنْهُ، بحيث قَدْ يَكُوْن الساقط شخصاً أو أكثر، وَقَدْ يَكُوْن ثقة أَوْ ضعيفاً. فلما توافرت هَذِهِ الشبهة اقتضى ذَلِكَ الحكم بضعفه (¬4). رابعاً. أثر التدليس في اختلاف الْحَدِيْث وأثره في اختلاف الفقهاء: كَانَ التدليس أحد الأسباب الَّتِيْ دفعت بالرواة إلى الاختلاف في أسانيد بعض الأحاديث، وترتب عَلَى ذَلِكَ تباين في آراء الفقهاء الَّذِيْنَ استدلوا بتلك الأحاديث، وفيما يأتي بعض المسائل التطبيقية: النموذج الأول: حَدِيْث بقية بن الوليد، عن يونس بن يزيد الأيلي، عن الزهري، عن سالم (¬5)، عن ابن عمر مرفوعاً (¬6): ((من أدرك ركعة من صلاة الجمعة أو غيرها، فَقَدْ أدرك ¬

_ (¬1) جامع التحصيل: 98. (¬2) الكفاية (515 ت، 361 هـ‍) (¬3) مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث: 167، وطبعتنا: 159. (¬4) انظر: المنهل الروي: 72، الشذا الفياح 1/ 177، ونزهة النظر: 113، ومنهج النقد في علوم الْحَدِيْث: 383. (¬5) هُوَ سالم بن عَبْد الله بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي، أبو عمر أَوْ عَبْد الله المدني، أحد الفقهاء السبعة، وَكَانَ ثبتاً، عابداً، فاضلاً، كَانَ يُشَبَّه بأبيه في الهدي والسمت، مات سنة (106 هـ‍). تهذيب الكمال 3/ 95 (2133)، وسير أعلام النبلاء 4/ 457، والكاشف 1/ 422 (1773). (¬6) المرفوع: هُوَ ما أضيف إلى النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قولاً أَوْ فعلاً أو تقريراً. انظر: الكفاية (58 ت، 21 هـ‍)، والتمهيد 1/ 25، ومعرفة أنواع علم الْحَدِيْث: 54 وفي طبعتنا: 116، وإرشاد طلاب الحقائق 1/ 157، والتقريب: 50 وطبعتنا: 94، والاقتراح: 195، والمنهل الروي: 40، والخلاصة: 46، والموقظة: 41، واختصار علوم الْحَدِيْث: 45، ونكت الزركشي 1/ 411، والشذا الفياح 1/ 139، والمقنع 1/ 73، وشرح التبصرة والتذكرة 1/ 116، وفي طبعتنا 1/ 180، ونزهة النظر: 140، ونكت ابن حجر 1/ 511، والمختصر: 119، وفتح المغيث 1/ 98، وألفية السيوطي: 21، وشرح السيوطي عَلَى ألفية العراقي: 143، وفتح الباقي 1/ 171 بتحقيقنا، وتوضيح الأفكار 1/ 254، =

الصلاة)) (¬1). قَالَ أبو بكر بن أبي داود (¬2): ((لَمْ يروه عن يونس إلا بقية)) (¬3). أقول: بقية مدلس ممن اشتهر بتدليس التسوية (¬4)، وَقَدْ أخطأ في هَذَا الْحَدِيْث من وجهين: الأول: إنه جعل الْحَدِيْث من رِوَايَة الزهري، عن سالم، عن ابن عمر، ورواه الجمع الغفير من أصحاب الزهري عَنْهُ، عن أبي سلمة بن عَبْد الرحمان (¬5)، عن أبي هُرَيْرَة، مرفوعاً، وهم: 1 - مالك بن أنس، وَقَدْ رَوَاهُ عَنْهُ: - يحيى بن يحيى الليثي (¬6). - أبو مصعب الزهري (¬7). ¬

_ = وظفر الأماني: 227، وقواعد التحديث: 123. (¬1) أخرجه ابن ماجه (1123)، والنسائي 1/ 274، وفي الكبرى (1540)، وابن عدي في الكامل 2/ 267، والدارقطني 2/ 12. (¬2) هُوَ الإمام العلامة الحافظ شيخ بغداد عَبْد الله بن سليمان بن الأشعث، أبو بكر السجستاني، لَهُ مصنفات مِنْهَا: " المصاحف " و " النَّاسِخ والمنسوخ " و " البعث "، مات سنة (316 هـ‍). طبقات الحنابلة 2/ 44 و 47، وسير أعلام النبلاء 13/ 221 - 222 و 231، ومرآة الجنان 2/ 202. (¬3) سنن الدَّارَقُطْنِيّ 2/ 12 عقيب (12). (¬4) انظر: جامع التحصيل: 150 (64)، والتبيين في أسماء المدلسين: 47 (5)، وطبقات المدلسين (117). (¬5) هُوَ أبو سلمة بن عَبْد الرحمان بن عوف الزهري المدني، قِيْلَ: اسمه عَبْد الله، وَقِيْلَ: إسماعيل: ثقة مكثر، مات سنة (94 هـ‍)، وَقِيْلَ سنة: (104 هـ‍). سير أعلام النبلاء 4/ 287 و 290، والتقريب (8142)، وطبقات الحفاظ: 30. (¬6) هُوَ الإمام يحيى بن يحيى، أَبُو مُحَمَّد الليثي، فقيه الأندلس، راوي الموطأ، ولد سنة (152 هـ‍)، وتوفي سنة (234 هـ‍). وفيات الأعيان 6/ 143 و 146، والعبر 1/ 419، وسير أعلام النبلاء 10/ 519. وروايته في موطئه (15). (¬7) هُوَ الإمام الثقة، أَبُو مصعب أحمد بن أبي بكر القاسم بن الحارث الزهري المدني، لازم الإمام مالك بن أنس، وتفقه بِهِ، وسمع مِنْهُ الموطأ، ولد سنة (150 هـ‍)، وتوفي سنة (241 هـ‍). العبر 1/ 436، وسير أعلام النبلاء 11/ 436، وتهذيب التهذيب 1/ 20. وحديثه في موطئه (16).

- سويد بن سعيد (¬1). - عَبْد الله بن مسلمة القعنبي (¬2). - عَبْد الرحمان بن القاسم (¬3). - مُحَمَّد بن الحسن الشيباني (¬4). - يحيى بن يحيى النيسابوري (¬5). - عَبْد الله بن يوسف التنيسي (¬6). - يحيى بن قزعة (¬7). ¬

_ (¬1) هُوَ سويد بن سعيد بن سهل الهروي الأصل الحدثاني المنْزل: صدوق في نفسه، إلا أنه عمي فصار يتلقن ما ليس من حديثه، توفي سنة (240 هـ‍). سير أعلام النبلاء 11/ 410، وميزان الاعتدال 2/ 248 و 251، والتقريب (2690). وحديثه في موطئه (10). (¬2) هُوَ الإمام الثبت القدوة، أبو عَبْد الرحمن عَبْد الله بن مسلمة بن قعنب الحارثي المدني، ولد بَعْدَ سنة (130 هـ‍) بيسير، وتوفي سنة (221 هـ‍). التاريخ الكبير 5/ 212، ووفيات الأعيان 3/ 40، وسير أعلام النبلاء 10/ 257. وحديثه في موطئه (36)، ومن طريقه أخرجه أبو داود (1121)، ومن طريق أبي داود البيهقي 3/ 202، وابن حبان (1480)، وطبعة الرسالة (1483). (¬3) هُوَ عالم الديار المصرية ومفتيها، أَبُو عَبْد الله: عَبْد الرحمان بن القاسم العتقي، مولاهم المصري، صاحب الإمام مالك، ولد سنة (132 هـ‍)، وتوفي سنة (191 هـ‍). وفيات الأعيان 3/ 129، وسير أعلام النبلاء 9/ 120 و 125، والعبر 1/ 307. وحديثه في موطئه (23). (¬4) هُوَ العلامة الفقيه صاحب أبي حَنِيْفَة، أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن الحسن الشيباني الكوفي، ولد سنة (132 هـ‍)، وتوفي سنة (189 هـ‍). الجرح والتعديل 7/ 227، ووفيات الأعيان 4/ 184، وسير أعلام النبلاء 9/ 134 - 136. وحديثه في موطئه (131). (¬5) هُوَ الإمام الثبت الثقة، أبو زكريا يحيى بن يحيى بن بكر بن عَبْد الرحمان التميمي المنقري النيسابوري، ولد سنة (142هـ‍)، وتوفي سنة (226هـ‍). سير أعلام النبلاء 10/ 512، والعبر 1/ 397، والتقريب (7668). وحديثه عِنْدَ مُسْلِم 2/ 102 (607) (161). (¬6) هُوَ الإمام الحافظ المتقن، أبو مُحَمَّد عَبْد الله بن يوسف الكلاعي الدمشقي، ثُمَّ التنيسي، أثبت الناس في الموطأ، توفي سنة (218 هـ‍). الجرح والتعديل 5/ 205، وسير أعلام النبلاء 10/ 357، والتقريب (3721). وحديثه عِنْدَ البخاري 1/ 151 (580)، وفي القراءة خلف الإمام (206) و (225). (¬7) هُوَ يَحْيَى بن قزعة القرشي المكي: مقبول، من العاشرة، وذكره ابن حبان في ثقاته. الثقات 9/ 257، وتهذيب الكمال 8/ 78 (7497)، والتقريب (7626). =

- قتيبة بن سعيد (¬1). - عَبْد الله بن المبارك (¬2). - عَبْد الله بن وهب (¬3). 2 - الأوزاعي (¬4). 3 - ابن جريج (¬5). 4 - سفيان بن عيينة (¬6). 5 - شعيب بن أبي حمزة (¬7). ¬

_ = وحديثه أخرجه البخاري في جزء القراءة خلف الإمام (205). (¬1) هُوَ الإمام الثقة الثبت، أبو رجاء قتيبة بن سعيد بن جميل الثقفي، مولاهم البلخي، ولد سنة (149 هـ‍)، وتوفي سنة (240 هـ‍). طبقات ابن سعد 7/ 379، والجرح والتعديل 7/ 140، والعبر 1/ 433. وحديثه عِنْدَ النسائي 1/ 274، وفي الكبرى (1537). (¬2) حديثه عِنْدَ: مُسْلِم 2/ 102 (607) (162)، وأبي يعلى (5988)، والخطيب في تاريخه 3/ 69، والبيهقي 3/ 202. (¬3) عِنْدَ الطحاوي في شرح المشكل (2320). (¬4) كَمَا أخرجه الدارمي (1223)، ومسلم 2/ 102 (607) (162)، والنسائي 1/ 274، وفي الكبرى (1538)، وأبو يعلى (5988)، وابن خزيمة (1849)، والبيهقي 3/ 202، والخطيب في تاريخه 3/ 39، وقرن في رِوَايَة مُسْلِم وأبي يعلى والبيهقي والخطيب الأوزاعي بمالك ومعمر ويونس. ورواه ابن خزيمة (1850)، والحاكم 1/ 291 وفيه ذكر الجمعة، وسيأتي بحث هَذِهِ الرِّوَايَة وعلتها في الاختلاف بسبب الرِّوَايَة بالمعنى. (¬5) هُوَ الفقيه الفاضل عَبْد الملك بن عَبْد العزيز بن جريج القرشي المكي، صاحب التصانيف، وأول من دوّن العلم بمكة، ولد سنة (80 هـ‍)، وتوفي سنة (150 هـ‍). التاريخ الكبير 5/ 422 - 423، والجرح والتعديل 5/ 356 - 357، والتقريب (4193). وحديثه عِنْدَ: عَبْد الرزاق (3370)، والبخاري في القراءة خلف الإمام (216). (¬6) وروايته عِنْدَ: الشَّافِعِيّ في مسنده (150) بتحقيقنا، ومن طريقه البيهقي 3/ 202، وأخرج الْحَدِيْث الحميدي (946)، وأحمد 2/ 241، والدارمي (1224)، ومسلم 2/ 102 (607) (162)، وابن ماجه (1122)، والترمذي (524)، والنسائي في الكبرى (1741)، وأبو يعلى (5962)، وابن خزيمة (1848)، والطحاوي في شرح المشكل (2321)، والبغوي (401). (¬7) هُوَ الثقة العابد، أبو بشر شعيب بن أَبِي حمزة الأموي، مولاهم الحمصي، قَالَ ابن مَعِيْنٍ: من أثبت الناس في الزهري، توفي سنة (162 هـ‍)، وَقِيْلَ: (163 هـ‍). طبقات ابن سعد 7/ 468، والعبر 1/ 242، وسير أعلام النبلاء 7/ 187. وحديثه عِنْدَ البُخَارِيّ في " القراءة خلف الإمام " (210)، والبيهقي 3/ 202.

6 - عَبْد الرحمان (¬1) بن إسحاق (¬2). 7 - عَبْد الوهاب (¬3) بن أبي بكر (¬4). 8 - عبيد الله بن عمر العمري (¬5). 9 - قرة (¬6) بن عَبْد الرحمان (¬7). 10 - معمر بن راشد (¬8). 11 - يزيد (¬9) بن الهاد (¬10). فهؤلاء أحد عشر نفساً من أصحاب الزهري رووه عَنْهُ، عَلَى خلاف رِوَايَة بقية ¬

_ (¬1) هُوَ عَبْد الرحمان بن إسحاق بن عَبْد الله بن الحارث المدني، ويقال لَهُ: عباد: صدوق رمي بالقدر من السادسة. الكامل 5/ 489، وتهذيب الكمال 4/ 369 (3743)، والتقريب (3800). (¬2) عِنْدَ أبي يعلى (5966). (¬3) هُوَ عَبْد الوهاب بن أبي بكر المدني، وكيل الزهري: ثقة من السابعة. الثقات 7/ 132، تهذيب الكمال 5/ 15 (4187)، التقريب (4255). (¬4) عِنْدَ الطحاوي في شرح مشكل الآثار (2318). (¬5) عِنْدَ أحمد 2/ 376، والبخاري في القراءة (211)، ومُسْلِم 2/ 102 (607) (162)، والنسائي 1/ 274، وفي الكبرى (1536) و (1742)، وأبي يعلى (5967)، وأبي عوانة 1/ 372، وابن حبان (1482)، وفي طبعة الرسالة (1485)، والبيهقي 1/ 378، وفي رِوَايَة البيهقي قَالَ: ((من أدرك من الصبح ركعة ...)). (¬6) قرة بن عَبْد الرحمان بن حيوئيل، أبو مُحَمَّد، ويقال: أبو حيوئيل المعافري المصري، أصله من الْمَدِيْنَة سكن مصر، توفي سنة (147 هـ‍). انظر: الثقات 7/ 342، وتهذيب الكمال 6/ 117 - 118، وتاريخ الإِسْلاَم:256 وفيات (147 هـ‍). (¬7) وروايته أخرجها ابن خزيمة (1595)، والبيهقي 2/ 89 وزاد فِيْهَا (قَبْلَ أن يقيم الإمام صلبه). (¬8) عِنْدَ عَبْد الرزاق (3369) و (5478)، وأحمد 2/ 271 و 280، والبخاري في القراءة خلف الإمام (216)، ومسلم 2/ 102 (607) (162)، وأبي يعلى (5988)، والبيهقي 3/ 202، والخطيب في تاريخه 3/ 39. تنبيه: في رِوَايَة مُسْلِم وأبي يعلى والبيهقي والخطيب قرن معمر بمالك والأوزاعي ويونس. وأخرجه: عَبْد الرزاق (2224)، وأحمد 2/ 254، ومسلم 2/ 102 (608) عقيب (163)، والنسائي 1/ 257، وفي الكبرى (1534)، وابن الجارود (152)، وابن خزيمة (985)، وأبو عوانة 1/ 372 - 373. من طرق عن معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة بن عَبْد الرحمان، عن أبي هُرَيْرَة، أن رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((من أدرك من العصر ركعة قَبْلَ أن تغرب الشمس فَقَدْ أدركها، ومن أدرك من الصبح ركعة قَبْلَ أن تطلع الشمس فَقَدْ أدركها)). (¬9) هُوَ الإمام الثقة المكثر، أبو عَبْد الله يزيد بن عَبْد الله بن أسامة بن الهاد الليثي المدني، عداده في صغار التَّابِعِيْنَ، توفي سنة (139 هـ‍). الجرح والتعديل 9/ 275 (1156)، وسير أعلام النبلاء 6/ 188 - 189، والتقريب (7737). (¬10) أخرجه البخاري في القراءة خلف الإمام (212)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (2319).

ابن الوليد، عن يونس بن يزيد، وكثرة الرُّوَاة من القرائن الَّتِيْ ترجح بِهَا الروايات (¬1). ثُمَّ إنّ بقية خالف الرُّوَاة عن يونس بن يزيد، فَقَدْ رَوَاهُ عَبْد الله بن المبارك، عن يونس بن يزيد، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هُرَيْرَة (¬2)، بِهِ (¬3). وتابع ابن المبارك عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَة ابن وهب، عن يونس (¬4). ورواه مُسْلِم (¬5) عن أبي كريب (¬6)، عن ابن المبارك، عن معمر والأوزاعي ومالك ويونس؛ أربعتهم مقرونين، عن الزهري بنحو رِوَايَة الجمع. وتابع أبا كريب عَلَى جمع هؤلاء الأربعة: العباس بن الوليد (¬7) النرسي (¬8)، وخالد (¬9) بن مرداس (¬10). ورواه ابن ثوبان (¬11)، عن الزهري ومكحول (¬12) مقرونين، عن أبي سلمة، عن أبي ¬

_ (¬1) انظر: التلخيص الحبير 2/ 26 طبعة زكي شعبان. (¬2) هُوَ الصَّحَابِيّ الجليل سيد الحفاظ الأثبات، أَبُو هُرَيْرَة الدوسي اليماني، اختلف في اسمه عَلَى أقوال، أرجحها: عَبْد الرحمان بن صخر، توفي سنة (60 هـ‍)، وَقِيْلَ: (59 هـ‍)، وَقِيْلَ: (58 هـ‍). معجم الصَّحَابَة، لابن قانع 10/ 3673، وأسد الغابة 5/ 315 و 317، والإصابة 4/ 202. (¬3) رَوَاهُ البخاري في القراءة خلف الإمام (263). (¬4) صَحِيْح مُسْلِم 2/ 102 (607) (162)، وأخرجه البيهقي 3/ 203 أَيْضاً. (¬5) 2/ 102 (607) (162). (¬6) الحافظ الثقة مُحَمَّد بن العلاء بن كريب، أبو كريب الهمداني الكوفي، ولد سنة (161 هـ‍)، وتوفي سنة (248 هـ‍)، وَقِيْلَ: (247 هـ‍). تهذيب الكمال 6/ 466 و 468، وسير أعلام النبلاء 11/ 394 و 396، وشذرات الذهب 2/ 119. (¬7) الحافظ الإمام الحجة عَبَّاسٍ بن الوليد بن نصر النرسي أبو الفضل الباهلي البصري، توفي سنة (238 هـ‍)، وَقِيْلَ: (237 هـ‍). تهذيب الكمال 4/ 558، وتاريخ الإِسْلاَم 212 وفيات (237 هـ‍)، وسير أعلام النبلاء 11/ 27. (¬8) عِنْدَ البيهقي 3/ 202. (¬9) أبو الهيثم البغدادي السراج، خالد بن مرداس: كَانَ صدوقاً ثقة لَهُ نسخة رواها عَنْهُ أبو القاسم البغوي، توفي سنة (231 هـ‍). الجرح والتعديل 3/ 354، وتاريخ بغداد 8/ 307 - 308، وتاريخ الإِسْلاَم: 149 وفيات (231 هـ‍). (¬10) عِنْدَ أبي يعلى (5988)، والخطيب في تاريخه 3/ 39. (¬11) هُوَ مُحَمَّد بن عَبْد الرحمان بن ثوبان القرشي العامري مولاهم، أبو عَبْد الله المدني: ثقة، من الثالثة. الثقات 5/ 369، وتهذيب الكمال 6/ 397 (5984)، والتقريب (6068). (¬12) هُوَ عالم أهل الشام، أبو عَبْد الله مكحول الشامي الدمشقي الفقيه، وَقِيْلَ: كنيته أبو أيوب، وَقِيْلَ: أبو مُسْلِم، اختلف في وفاته فقيل: (112هـ‍)، وَقِيْلَ: (113هـ‍)، وَقِيْلَ غيرهما. طبقات ابن سعد 7/ 453، وتهذيب الكمال 7/ 216 (6763)، وسير أعلام النبلاء 5/ 155.

هُرَيْرَة، بِهِ (¬1). كرواية الأكثرين. الثاني: أنه أخطأ في متن الْحَدِيْث فرواه بلفظ: ((من أدرك ركعة من صلاة الجمعة أو غيرها، فَقَدْ أدرك الصلاة)). ولفظ الْحَدِيْث في رِوَايَة الجمع: ((من أدرك ركعة من الصلاة فَقَدْ أدرك الصَّلاَة)) أو نحوه لا ذكر في شيء من ألفاظه للجمعة، فتبين أنها من وهم بقية، يؤيده: 1 - كَانَ مذهب الزهري حمل هَذَا الْحَدِيْث المطلق عَلَى صلاة الجمعة، فيرى أنّ من أدرك من الجمعة ركعة فَقَدْ أدركها، ورواه عَنْهُ البخاري في القراءة خلف الإمام (¬2) بلفظ: ((ونرى لما بلغنا عن رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - أنه من أدرك من الجمعة ركعة واحدة فَقَدْ أدرك)). 2 - ومما يدل عَلَى أنّ لا ذكر للفظ الجمعة في حَدِيْث الزهري هَذَا، أن البيهقي بَعْدَ أن رَوَى الْحَدِيْث من طريق معمر عن الزهري، نقل قَوْل الزهري عقبه: ((والجمعة من الصلاة)). وعقَّب عَلَيْهِ فَقَالَ: ((هَذَا هُوَ الصَّحِيْح، وَهُوَ رِوَايَة الجماعة عن الزهري، وفي رِوَايَة معمر دلالة عَلَى أنّ لفظ الْحَدِيْث في الصلاة مطلق، وأنها بعمومها تتناول الجمعة كَمَا تتناول غيرها من الصلوات)) (¬3). ومن هَذَا يتبين وهم بقية إسناداً ومتناً، وَقَدْ نص عَلَى هَذَا الإمام أبو حاتم الرازي، إِذْ سأله ابنه فَقَالَ: ((سألت أبي عن حَدِيْث رَوَاهُ بقية، عن يونس بن يزيد، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر (¬4)، عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((من أدرك ركعة من الجمعة وغيرها فَقَدْ أدرك الصلاة. فسمعت أبي يقول: هَذَا خطأ إنما هُوَ الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هُرَيْرَة، عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -)) (¬5). وَقَالَ الحافظ ابن حجر: ((إن سَلِمَ من وهم بقية، ففيه تدليسه التسوية؛ لأنه عنعن ¬

_ (¬1) أخرجه ابن حبان (1483)، وفي طبعة الرسالة (1486). (¬2) (214). (¬3) السنن الكبرى 3/ 203. (¬4) هُوَ الصَّحَابِيّ الجليل عَبْد الله بن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب بن نفيل القرشي المكي ثُمَّ المدني، أسلم صغيراً، وهاجر مع أبيه وَلَمْ يبلغ الحلم، توفي سنة (74 هـ‍). معجم الصَّحَابَة، لابن قانع 8/ 2992 (521)، وأسد الغابة 3/ 337، والإصابة 2/ 1347. (¬5) علل الْحَدِيْث 1/ 210 (607).

أثر هذا الحديث في اختلاف الفقهاء (المقدار الذي تدرك به صلاة الجمعة)

لشيخه)) (¬1). وَقَالَ ابن أبي حاتم أَيْضاً: ((سألت أبي عن حَدِيْث رَوَاهُ بقية، عن يونس، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر، عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((من أدرك ركعة من صلاة الجمعة وغيرها فَقَدْ أدرك)). قَالَ أبي: هَذَا خطأ الْمَتْن والإسناد إنما هُوَ: الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هُرَيْرَة، عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: ((من أدرك من صلاةٍ ركعة فَقَدْ أدركها))، وأما قوله: ((من صلاة الجمعة)) فليس هَذَا في الْحَدِيْث، فوهم في كليهما)) (¬2). أثر هَذَا الْحَدِيْث في اختلاف الفقهاء (المقدار الَّذِيْ تدرك بِهِ صلاة الجمعة): اختلف الفقهاء في حكم من سبق في صلاة الجمعة عَلَى ثلاثة مذاهب: الأول: لا تصح الجمعة لِمَنْ لَمْ يدرك شيئاً من خطبة الإمام. وبه قَالَ الهادوية من الزيدية (¬3). وروي عن عمر (¬4) بن الخطاب (¬5)، ومجاهد (¬6)، وعطاء (¬7)، وطاووس (¬8)، ومكحول (¬9). وحجتهم: أن الإجماع منعقد عَلَى أن الإمام لَوْ لَمْ يخطب بالناس لَمْ يُصلوا إلا أربعاً، فدل ذَلِكَ عَلَى أن الخطبة جزء من الصلاة (¬10). وهذا الرأي مخالف لصريح السنة كَمَا يأتي. ¬

_ (¬1) التلخيص الحبير 2/ 43، وفي الطبعة العلمية 2/ 107. وانظر: التمهيد 7/ 64، ونصب الراية 1/ 228. (¬2) علل الْحَدِيْث 1/ 172 (491). (¬3) سبل السلام 2/ 47. (¬4) هُوَ أمير المؤمنين أبو حفص عمر بن الخطاب بن نفيل القرشي العدوي، توفي سنة (23 هـ‍) شهيداً - رضي الله عنه - وأرضاه. معجم الصَّحَابَة 10/ 3814، وأسد الغابة 4/ 52، والعبر 1/ 27. (¬5) الحاوي الكبير 3/ 50، والمجموع 4/ 558. (¬6) هُوَ الإمام شيخ القراء والمفسرين أبو الحجاج مجاهد بن جبر المكي مولى السائب بن أبي السائب، توفي سنة (102 هـ‍) وَهُوَ من كبار التَّابِعِيْنَ. طبقات ابن سعد 5/ 466، وسير أعلام النبلاء 4/ 449 - 455، وتهذيب التهذيب 10/ 42. والرواية عَنْهُ في: الحاوي الكبير 3/ 50، والمغني 2/ 158، والمجموع 4/ 558. (¬7) انظر ما سبق. (¬8) طاووس بن كيسان الخولاني اليماني أحد أبناء الفرس الحميري، وَقِيْلَ: الهمداني، أَبُو عَبْد الرحمان، من كبار التَّابِعِيْنَ، وَكَانَ فقيهاً جليل القدر، نبيه الذكر، حافظاً ثقة، مات سنة (106 هـ‍)، وَقِيْلَ: (104 هـ‍). الجرح والتعديل 4/ 500، وتهذيب الأسماء واللغات 1/ 251، ووفيات الأعيان 2/ 509، وانظر: الحاوي الكبير 3/ 50، والمغني 2/ 158، وحلية العلماء 2/ 275. (¬9) انظر: الحاوي الكبير 3/ 50، والمغني 2/ 158، وحلية العلماء 2/ 275. (¬10) الاستذكار 2/ 33.

الثاني: من أدرك الإمام يوم الجمعة في أي جزء من صلاته صلى مَعَهُ ما أدرك وأكمل الجمعة فإنه أدركها، حَتَّى وإن أدركه في التشهد أَوْ سجود السهو (¬1). وإليه ذهب أبو حَنِيْفَة وأبو (¬2) يوسف (¬3) القاضي (¬4). واستدلوا: بأن صلاة الجمعة ركعتان بجماعة، ومن أدرك الإمام قَبْلَ سلامه فَقَدْ أدرك الجماعة، غاية ما هناك أنه مسبوق، والمسبوق يصلي مع الإمام ما أدرك ثُمَّ يتم ما فاته، وما فاته هنا ركعتان لا أربع، فلا يجب عَلَيْهِ أن يصلي أكثر مِمَّا أحرم ناوياً صلاته (¬5). الثالث: ذهب أكثر أهل العلم وجمهور الفقهاء إلى أن من أدرك الركعة الثانية مع الإمام فَقَدْ أدرك الجمعة، وعليه أن يأتي بركعة أخرى بَعْدَ فراغ الإمام، فإن لَمْ يدرك مِنْهَا ركعة، وذلك بأن أدرك الإمام بَعْدَ أن رفع رأسه من ركوع الركعة الثانية، فإنه يأتي بَعْدَ فراغ الإمام بأربع ركعات ظهراً؛ لأنَّهُ لَمْ يدرك الجمعة أصلاً (¬6). وهذا القَوْل مروي عن: ابن مسعود (¬7)، وابن عمر (¬8)، وأنس (¬9)، وسعيد (¬10) بن ¬

_ (¬1) تبيين الحقائق 1/ 222، وحلية العلماء 2/ 273. (¬2) الاستذكار 2/ 33، واللباب 1/ 114، وحلية العلماء 2/ 275، وشرح فتح القدير 1/ 419. (¬3) هُوَ الإمام أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم بن حبيب الأنصاري الكوفي قاضي القضاة، ولد سنة (113هـ‍)، وتوفي سنة (182 هـ‍)، وَهُوَ أجل أصحاب أبي حَنِيْفَة. وفيات الأعيان 6/ 378، والعبر 1/ 284 - 285، وسير أعلام النبلاء 8/ 535. (¬4) تبيين الحقائق 1/ 222، واللباب 1/ 114. (¬5) مسائل من الفقه المقارن: 137. (¬6) المغني 2/ 312، والمجموع 4/ 558، ومغني المحتاج 1/ 299. (¬7) هُوَ الصَّحَابِيّ الجليل البحر عَبْد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب، الهذلي أبو عَبْد الرحمان المكي المعروف بابن أم عَبْد من السابقين الأولين للإسلام، توفي سنة (32 هـ‍). معجم الصَّحَابَة 8/ 2871، وأسد الغابة 3/ 356، وسير أعلام النبلاء 1/ 461 و 462. والرواية عَنْهُ في: الحاوي الكبير 3/ 50، والاستذكار 2/ 33، والمغني 2/ 158، والمجموع 4/ 558. (¬8) الحاوي الكبير 3/ 50، والاستذكار 2/ 33، والمغني 2/ 158، والمجموع 4/ 558. (¬9) هو خادم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وآخر أصحابه موتاً، أبو حمزة أنس بن مالك بن النضر الأنصاري النجاري المدني، ولد قَبْلَ الهجرة بعشر سنين، وتوفي سنة (93 هـ‍)، وَقِيْلَ: (92 هـ‍). معجم الصَّحَابَة 1/ 240، والاستيعاب 1/ 71 - 72، وسير أعلام النبلاء 3/ 395. والرواية عَنْهُ في: الحاوي الكبير 3/ 50، والاستذكار 2/ 33، والمغني 2/ 158، والمجموع 4/ 558. (¬10) هُوَ الإمام الثبت أبو مُحَمَّد سعيد بن المسيب بن حزن المخزومي، ولد لسنتين مضت من خلافة عمر بن الخطاب، وتوفي سنة (94 هـ‍) عَلَى الأصح، واتفقوا عَلَى أن مرسلاته أصح المراسيل. سير أعلام النبلاء 4/ 217، وتذكرة الحفاظ 1/ 54، وتقريب التهذيب (2396). وانظر دراسة =

المسيب (¬1)، والأسود (¬2) بن يزيد (¬3)، والحسن (¬4) البصري (¬5)، وعروة (¬6)، والنخعي- في إحدى الروايتين عَنْهُ (¬7) -، والزهري (¬8)، ومالك (¬9)، والأوزاعي (¬10)، والثوري (¬11)، وإسحاق (¬12)، وأبي ثور (¬13)، وأحمد (¬14)، وزفر (¬15) ¬

_ = شَيْخنَا العلامة الدكتور هاشم جميل1/ 13وما بعدها لفقه الإمام سعيد، فَقَدْ أجاد وأفاد ودلل عَلَى علم جم. (¬1) الاستذكار 2/ 33، والمغني 2/ 158، والمجموع 4/ 558. وانظر: فقه الإمام سعيد بن المسيب 2/ 190. (¬2) هُوَ الإمام القدوة أبو عمرو الأسود بن يزيد بن قيس النخعي الكوفي، وَهُوَ من المخضرمين، أدرك الجاهلية والإسلام، وَهُوَ من كبار التَّابِعِيْنَ، توفي سنة (75 هـ‍). سير أعلام النبلاء 4/ 50 و 53، والبداية والنهاية 9/ 11، وتقريب التهذيب (509). (¬3) المغني 2/ 158، والمجموع 4/ 558. (¬4) الحسن بن أبي الحسن البصري، واسم أبيه: يسار: ثقة، فقيه، فاضل، مشهور، وَكَانَ يرسل كثيراً ويدلس، مات سنة (110هـ‍). تهذيب الكمال 2/ 114 (1200)، وتذكرة الحفاظ 1/ 71،والتقريب (1227). (¬5) المغني 2/ 158، والمجموع 4/ 558. (¬6) عروة بن الزبير بن العوام القرشي الأسدي، المدني، أَبُو عَبْد الله، الإمام الجليل، عالم الْمَدِيْنَة، وأحد الفقهاء السبعة، ولد سنة (23 هـ‍)، وَقِيْلَ (29)، توفي سنة (94 هـ‍) عَلَى الصَّحِيْح. طبقات ابن سعد 5/ 182، وسير أعلام النبلاء 4/ 421، والتقريب (4561). والرواية عَنْهُ في: المغني 2/ 158، والمجموع 4/ 558. (¬7) المغني 2/ 158، والمجموع 4/ 558. (¬8) المصادر السابقة. وانظر: الحاوي الكبير 3/ 50. (¬9) المدونة الكبرى 1/ 147، والاستذكار 2/ 33، والمغني 2/ 158، والمجموع 4/ 558. (¬10) الاستذكار 2/ 33، والمجموع 4/ 558. (¬11) الحاوي الكبير 3/ 50، والاستذكار 2/ 33، والمغني 2/ 158، والمجموع 4/ 558. (¬12) الاستذكار 2/ 33، والمغني 2/ 158، والمجموع 4/ 558. (¬13) إبراهيم بن خالد بن أبي اليمان الكلبي البغدادي، أَبُو ثور، ويكنى أَيْضاً أبا عَبْد الله، وَكَانَ إماماً فقيهاً، وثقةً مأموناً، صاحب الشَّافِعِيّ، ولد سنة (170 هـ‍)، ومات سنة (240 هـ‍). تاريخ بغداد 6/ 56، وسير أعلام النبلاء 12/ 72، والتقريب (72). وانظر: الاستذكار 2/ 33، والمغني 2/ 158، والمجموع 4/ 558. (¬14) مختصر الخرقي: 35، ودليل الطالب: 53. وانظر: الحاوي الكبير 3/ 50، والاستذكار 2/ 33، والمجموع 4/ 558. (¬15) هُوَ الإمام الفقيه أبو الهذيل زفر بن الهذيل بن قيس بن سلم العنبري: صدوق، ولد سنة (110هـ‍)، وتوفي سنة (158 هـ‍). سير أعلام النبلاء 8/ 38 و39، وميزان الاعتدال (2867)، وشذرات الذهب1/ 243.

النموذج الثاني

بن الهذيل (¬1)، ومحمد بن الحسن (¬2). قَالَ أحمد: ((إذا فاته الركوع صلى أربعاً، وإذا ترك ركعة صلى إِلَيْهَا أخرى)) (¬3). واستدلوا عَلَى هَذَا بما ورد في بعض طرق هَذَا الْحَدِيْث: ((من صلاة الجمعة))، وَقَدْ تبين عدم صحة هَذِهِ الزيادة فِيْمَا مضى، عَلَى أن لَهُمْ أدلة تفصيلية أخرى سوى هَذَا ترجّح ما ذهبوا إِلَيْهِ. النموذج الثاني: حَدِيْث هشام بن خالد (¬4)، عن بقية بن الوليد، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عَبَّاسٍ (¬5) قَالَ: قَالَ رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا جامع أحدُكم زوجته أو جاريته فلا يَنْظُرْ إلى فَرْجِها، فإنّ ذَلِكَ يُوْرِثُ العمى)). رَوَاهُ من هَذِهِ الطريق ابن أبي حاتم في "العلل" (¬6)، وابن حبان في "المجروحين" (¬7)، وابن عدي في "الكامل" (¬8)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (¬9)، وابن عساكر (¬10) في "تاريخ دمشق" (¬11). ¬

_ (¬1) الحاوي الكبير 3/ 50، والاستذكار 2/ 33. (¬2) الهداية 1/ 84، وشرح فتح القدير 1/ 419 - 420. وانظر: الحاوي الكبير 3/ 50،والاستذكار 2/ 33. (¬3) مسائل الإمام أحمد (رِوَايَة عَبْد الله) 2/ 409 - 410 (579). وانظر: مسائل ابن هانئ 1/ 89 - 90، والاستذكار 2/ 33. (¬4) هُوَ أَبُو مروان هشام بن خالد الأزرق الدمشقي السلامي، مولى بني أمية: صدوق، ولد سنة (153 هـ‍)، وَقِيْلَ: (154 هـ‍)، وتوفي سنة (249 هـ‍). تهذيب الكمال 7/ 401 (7169)، وميزان الاعتدال 4/ 298، والتقريب (7291). (¬5) حبر الأمة البحر، أبو العباس عَبْد الله، ابن عم النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - العباس بن عَبْد المطلب القرشي الهاشمي، ولد قَبْلَ الهجرة بسنتين، وتوفي سنة (67 هـ‍)، وَقِيْلَ: (68 هـ‍). معجم الصحابة، لابن قانع 8/ 2905، وسير أعلام النبلاء 3/ 331 و 359، والإصابة 2/ 330. (¬6) 2/ 295 (2394). (¬7) 1/ 231، طبعة السلفي. (¬8) 2/ 265. ومن طريقه ابن الجوزي في " الموضوعات " 2/ 271. (¬9) 7/ 94 و 95. (¬10) الإمام الحافظ علي بن الحسن بن هبة الله، أبو القاسم الدمشقي الشَّافِعِيّ، المعروف بابن عساكر، ولد سنة (499 هـ‍) وصنف الكثير، فمن ذَلِكَ " تاريخ دمشق " و " تبيين كذب المفتري " وغيرهما، توفي سنة (571 هـ‍). انظر: وفيات الأعيان 2/ 309، وسير أعلام النبلاء 20/ 554، وشذرات الذهب 4/ 239. (¬11) 46/ 303، ورواه مرة أخرى 65/ 369 من طريق هشام بن عمار، عن بقية، بِهِ. قَالَ الألباني: ((فلا =

أثر الحديث في اختلاف الفقهاء (نظر الزوج إلى فرج زوجته أو حليلته)

والحديث هَذَا أورده ابن الجوزي في "الموضوعات" (¬1)، وَقَالَ أبو حاتم - بَعْدَ أن أورده مع حديثين آخرين -: ((هَذِهِ الثلاث الأحاديث موضوعة لا أصل لها، وَكَانَ بقية يدلس، فظن هؤلاء أنه يقول في كُلّ حَدِيْث ((حَدَّثَنَا)) وَلَمْ يفتقدوا الخبر مِنْهُ)) (¬2). وَقَالَ ابن حبان: ((يشبه أن يَكُوْن بقية سمعه من إنسان ضعيف عن ابن جريج، فدلس عَنْهُ، فالتزق كُلّ ذَلِكَ بِهِ)) (¬3). وَقَالَ ابن عدي بَعْدَ روايته: ((حدثناه بهذا الإسناد ثلاثة أحاديث أخر مناكير، وهذه الأحاديث يشبه أن تكون بَيْنَ بقية وابن جريج بعض المجهولين أو بعض الضعفاء؛ لأن بقية كثيراً ما يدخل بَيْنَ نفسه وبين ابن جريج بعض الضعفاء أو بعض المجهولين)) (¬4). فمن هَذَا كله يتضح أن بقية قَدْ دلسه عن بعض الواهين، أو لربما دلّس مشيخة ابن جريج، لاسيما وَقَدْ عنعن ابن جريج، وَهُوَ لا يكاد يدلس إلا عن مطعون فِيْهِ (¬5). أثر الْحَدِيْث في اختلاف الفقهاء (نظر الزوج إلى فرج زوجته أو حليلته): اختلف الفقهاء في جواز نظر الزوج إلى فرج زوجته أو ملك يده عَلَى مذهبين: الأول: يكره للزوج النظر إلى فرج زوجته، كَمَا يكره للزوجة النظر إلى فرج زوجها، وإليه ذهب الشافعية (¬6)، والحنابلة (¬7). الثاني: ذهب جمهور الفقهاء إلى إباحة نظر كُلّ من الزوجين إلى فرج الآخر، ونظر المالك إلى فرج مملوكته، ونظر المملوكة إلى فرج مالكها. وبه قَالَ الحنفية (¬8)، ¬

_ = أدري هَذِهِ متابعة من هشام بن عمار لهشام بن خالد، أم أن قوله: ((عمار)) محرف عن خالد، كَمَا أرجح)). سلسلة الأحاديث الضعيفة (195). ولعل ما رجحه الألباني هُوَ الأقرب، فما رَوَاهُ من طريقه وَهُوَ نسخة من عدة أحاديث، رواها ابن حبان في " المجروحين " 1/ 231، وابن عدي في الكامل 2/ 265 من طريق هشام بن خالد. (¬1) 2/ 271. (¬2) علل الْحَدِيْث 2/ 295 (2394). (¬3) المجروحين 1/ 231، طبعة السلفي. (¬4) الكامل 2/ 265. (¬5) انظر: ميزان الاعتدال 1/ 333، ونصب الراية 4/ 248، والسلسلة الضعيفة (195)، والتعليق عَلَى تهذيب الكمال 4/ 562. (¬6) نهاية المحتاج 6/ 195، ومغني المحتاج 3/ 134، والإقناع، للشربيني 2/ 404. (¬7) المغني 6/ 557. (¬8) بدائع الصنائع 5/ 118.

النموذج الثالث

والمالكية (¬1)، والظاهرية (¬2). ومع ذَلِكَ فإن الحنفية قالوا: الأولى عدم النظر (¬3). النموذج الثالث: حَدِيْث همام بن يحيى (¬4)، عن ابن جريج، عن الزهري، عن أنس، قَالَ: ((كَانَ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل الخلاء وضع خاتمه)). رَوَاهُ أبو داود (¬5)، وابن ماجه (¬6)، والترمذي (¬7)، والنسائي (¬8)، وابن حبان (¬9)، والحاكم (¬10)، والبيهقي (¬11). قَالَ أبو داود عقب تخريجه لهذا الْحَدِيْث: ((هَذَا حَدِيْث منكر، وإنما يعرف عن ابن جريج، عن زياد بن سعد (¬12)، عن الزهري، عن أنس، أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - اتخذ خاتماً من وَرِقٍ ثُمَّ ألقاه، والوهم فِيْهِ من همام، وَلَمْ يروه إلا همام)) (¬13). والحديث الَّذِيْ عناه أبو داود أخرجه: أحمد (¬14)، ومسلم (¬15)، ¬

_ (¬1) شرح منح الجليل 2/ 5. (¬2) المحلى 10/ 33. (¬3) المبسوط، للسرخسي 10/ 148. (¬4) هُوَ همام بن يحيى بن دينار العوذي، أبو عَبْد الله، توفي سنة (164 هـ‍): ثقة ربما وهم. سير أعلام النبلاء 7/ 296، وتذكرة الحفاظ 1/ 201، والتقريب (7319). (¬5) في سننه (19). (¬6) في سننه (303). (¬7) في جامعه (1746)، وفي الشمائل (93) بتحقيقي. (¬8) أحمد بن شعيب بن علي الخراساني، أبو عَبْد الرحمان النسائي الحافظ صاحب السنن، ولد سنة (215 هـ‍)، وتوفي سنة (303 هـ‍). انظر: تذكرة الحفاظ 2/ 698 - 701، وسير أعلام النبلاء 14/ 125 - 135، والتقريب (47). والحديث أخرجه في المجتبى 8/ 178، وفي الكبرى (9542). (¬9) في صحيحه (1410) وفي طبعة الرسالة (1413). (¬10) في مستدركه 1/ 187. (¬11) في سننه 1/ 94 و 95. (¬12) هُوَ زياد بن سعد بن عَبْد الرحمان الخراساني ثُمَّ المكي: ثقة ثبت، قَالَ عَنْهُ ابن عيينة: كَانَ زياد بن سعد أثبت أصحاب الزهري. تهذيب الكمال 3/ 50 (2033)، وسير أعلام النبلاء 6/ 323، والتقريب (2080). (¬13) سنن أبي داود 1/ 5 عقب (19). (¬14) في مسنده 3/ 206. (¬15) في صحيحه 6/ 152 (2093) (60).

وأبو عوانة (¬1)، وابن حبان (¬2)، وأبو الشيخ (¬3) من الطريق الَّتِيْ أشار إِلَيْهَا أبو داود، عن أنس بألفاظ مختلفة والمعنى واحد: ((أنه أبصر في يد رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - خاتماً من وَرِق يوماً واحداً، فصنع الناس خواتيمهم من وَرِق. قَالَ فطرح رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - خاتمه، فطرح الناس خواتيمهم)). عَلَى أن نسبة الوهم فِيْهِ إلى همام فِيْهِ نظر، وهذا الْحَدِيْث مشتمل عَلَى ما يأتي: إن توهيم همام في متن الْحَدِيْث وإسناده إنما يتجه فِيْمَا لَوْ صحت دعوى تفرده ومخالفته متناً وإسناداً، ولكننا نجد أن هماماً متابع عَلَيْهِ متناً وإسناداً، فَقَدْ رَوَاهُ الْحَاكِم (¬4) - ومن طريقه البيهقي (¬5) - وأخرجه البغوي (¬6) من طريق يحيى بن المتوكل البصري (¬7)، عن ابن جريج، عن الزهري، عن أنس، بِهِ مرفوعاً. إلا أن البيهقي ضعّف هَذِهِ المتابعة (¬8)، ظناً مِنْهُ أن يحيى هَذَا هُوَ: ابن المتوكل، يكنى أبا عقيل، مكثر في الرِّوَايَة عن بُهَيَّة (¬9)، وَهُوَ مدني، ويقال: كوفي، ضعفه ابن المديني والنسائي، وَقَالَ ابن معين: ليس بشيء، ووهاه أحمد، وليّنه أبو زرعة (¬10). ¬

_ (¬1) في مسنده 5/ 490. (¬2) في صحيحه (5501)، وفي طبعة الرسالة (5492)، وَقَالَ فِيْهِ: ((خاتماً من ذهب)). (¬3) عَبْد الله بن مُحَمَّد بن جعفر بن حبان، أبو مُحَمَّد، الإمام المسند الحافظ، محدث أصبهان، ولد سنة (274 هـ‍)، ومات سنة (369 هـ‍) سير أعلام النبلاء 16/ 276، وطبقات الحفاظ: 382 (864)، وشذرات الذهب 3/ 69. والحديث أخرجه في أخلاق النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: 138. (¬4) في مستدركه 1/ 187. (¬5) في سننه 1/ 95. (¬6) هُوَ الحافظ المفسر، حسين بن مسعود بن مُحَمَّد بن الفراء البغوي الشَّافِعِيّ، أبو مُحَمَّد، ويلقب محيي السنة، من أشهر مصنفاته: " شرح السنة " و " معالم التنْزيل في التفسير "، توفي سنة (516 هـ‍). انظر: سير أعلام النبلاء 19/ 439، والبداية والنهاية 12/ 171، وطبقات المفسرين: 38. والحديث أخرجه في شرح السنة (189). (¬7) هُوَ أبو بكر يحيى بن المتوكل الباهلي البصري: صدوق يخطئ، من التاسعة، مات بالمصيصة. التاريخ الكبير 8/ 306، وتهذيب الكمال 8/ 82 تمييز، والتقريب (7634). (¬8) السنن الكبرى 1/ 95. (¬9) التقييد والإيضاح: 108. (¬10) هُوَ الحَافِظ عبيد الله بن عَبْد الكريم بن يزيد بن فرّوخ، ولد سنة (200 هـ‍) صاحب " العلل "، إماماً في النقد، وَقَالَ إسحاق بن راهويه: كُلّ حَدِيْث لا يحفظه أبو زرعة فليس لَهُ أصل، توفي سنة (260هـ‍)، وَقِيْلَ: (264 هـ‍). طبقات الحنابلة 1/ 191 و 194، وسير أعلام النبلاء 13/ 65 و 78، والعبر 2/ 34 - 35. =

وَلَمْ يصب البيهقي في ظنه هَذَا، فيحيى هَذَا هُوَ آخر باهلي بصري، يكنى أبا بكر، ذكره ابن حبان في ثقاته (¬1)، قَالَ العراقي: ((ولا يقدح فِيْهِ قَوْل ابن معين: لا أعرفه، فَقَدْ عرفه غيره، وروى عَنْهُ نحو من عشرين نفساً)) (¬2). وَقَالَ ابن حبان: ((وَكَانَ راوياً لابن جريج)) (¬3)، وفرّق هُوَ وابن معين بينهما (¬4). فمن هَذَا يظهر أن حال يحيى يصلح للمتابعة والاعتضاد، لاسيما وَقَدْ نص العلماء عَلَى عدم اشتراط أعلى مراتب الثقة في المُتابِع (¬5). أما قَوْل ابن معين: ((لا أعرفه))، فأراد بِهِ غَيْر المتبادر إلى الذهن وَهُوَ جهالة العين، فَقَدْ عنى جهالة الحال (¬6) ولذا قَالَ العراقي - كَمَا نقلناه آنفاً -: ((قَدْ عرفه غيره)). وبهذا تظهر صحة متابعة يحيى بن المتوكل لهمام، وعدم صحة دعوى تفرد همام بالمتن والإسناد، فيتجه الحمل - والحالة هَذِهِ - إلى من فوقه وَهُوَ ابن جريج، وَهُوَ مدلس (¬7). والذي يبدو أن الخطأ في هَذَا الْحَدِيْث من ابن جريج، ولاسيما أن ابن المتوكل وهماماً بصريان (¬8)، وَقَدْ نص العلماء عَلَى أن رِوَايَة البصريين عن ابن جريج فِيْهَا خلل من جهة ابن جريج لا من جهة أهل البصرة (¬9). وبيانه: أن ابن جريج دلّس للبصريين الواسطة بينه وبين الزهري، وَهُوَ زياد بن ¬

_ = ونص كلامه في " الكامل " 9/ 39، والميزان 4/ 404. (¬1) 7/ 632. (¬2) التقييد والإيضاح: 108، وانظر: سؤالات ابن الجنيد، ليحيى بن معين (926). (¬3) الثقات 7/ 612. (¬4) سؤالات ابن الجنيد (926) و (927). والذي يظهر أن ابن عدي قَدْ حصل لَهُ خلط بينهما، فنراه يجعل الترجمة هكذا: ((يحيى بن المتوكل الباهلي مولى آل عمر مديني يكنى أبا عقيل)). ثُمَّ يسوق سنداً يقول فِيْهِ: ((حَدَّثَنَا الحسين بن عَبْد الله ابن يزيد، حَدَّثَنَا موسى بن مروان، حَدَّثَنَا يحيى بن المتوكل البصري)). الكامل 9/ 39. وهكذا نجده جعل الباهلي مدنياً، وَهُوَ بصري، وساق سند البصري في ترجمة المديني، والله أعلم. (¬5) شرح السيوطي عَلَى ألفية العراقي: 129. (¬6) النكت عَلَى كتاب ابن الصَّلاَحِ 2/ 678. (¬7) انظر: جامع التحصيل: 108 (33)، وطبقات المدلسين: 41 (83)، وإتحاف ذوي الرسوخ: 37 (85). (¬8) انظر: ثقات ابن حبان 7/ 612، وتقريب التهذيب (7319). (¬9) انظر: النكت عَلَى كتاب ابن الصَّلاَحِ 2/ 677.

سعد، وصرّح بِهِ لغيرهم. كَمَا أنه - وعند تحديثه لأهل البصرة - لَمْ يَكُنْ متقناً لحفظ الْمَتْن فأخطأ فِيْهِ، لذا قَالَ النسائي عقب تخريجه: ((هَذَا حَدِيْث غَيْر محفوظ)) (¬1). فانحصر الخطأ في تدليس ابن جريج، ولهذا نجد الحافظ ابن حجر يقول: ((ولا علة لَهُ عندي إلا تدليس ابن جريج، فإن وجد عَنْهُ التصريح بالسماع فلا مانع من الحكم بصحته في نقدي)) (¬2). ومما يزيدنا يقيناً بكون الخطأ في هَذَا الْحَدِيْث من ابن جريج: أن أكثر الحفاظ عَلَى تضعيف روايته عن الزهري مطلقاً، فَقَالَ أبو زرعة الرازي: ((أخبرني بعض أصحابنا، عن قريش بن أنس (¬3)، عن ابن جريج، قَالَ: ما سَمِعْتُ من الزهري شيئاً، إنما أعطاني الزهري جزءاً فكتبته وأجازه)) (¬4). وَقَالَ يحيى بن سعيد القطان: ((كَانَ ابن جريج لا يصحح أنه سَمِعَ من الزهري شَيْئاً. قَالَ - يعني الفلاس (¬5) - فجهدت بِهِ في حَدِيْث ((إن ناساً من اليهود غزوا مع رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - فأسهم لَهُمْ))، فَلَمْ يصحح أنه سَمِعَ من الزهري)) (¬6). وَقَالَ ابن معين: ((ليس بشيء في الزهري)) (¬7). ونقل ابن محرز عن ابن معين أنه قَالَ: ((كَانَ يحيى بن سعيد لا يوثقه في الزهري)) (¬8). ومما تجدر الإشارة إِلَيْهِ أن أكثر الحفاظ يرون أن الزهري نفسه أخطأ في هَذَا الْحَدِيْث، إذ خالف جمهور الرُّوَاة عن أنس في لفظ الْحَدِيْث عَلَى النحو الآتي: رَوَاهُ ثابت عن أنس بن مالك: ((أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - صنع خاتماً من وَرِق، فنقش فِيْهِ: مُحَمَّد رَسُوْل الله، ثُمَّ قَالَ: لا تنقشوا عَلَيْهِ)). الْحَدِيْث أخرجه: عَبْد الرزاق (¬9)، ¬

_ (¬1) السنن الكبرى 5/ 456 عقب (9542). (¬2) النكت عَلَى كتاب ابن الصَّلاَحِ 2/ 678. (¬3) قريش بن أنس الأنصاري، وَقِيْلَ: الأموي، أبو أنس من أهل البصرة، مات سنة (208 هـ‍) وَقِيْلَ: (209 هـ‍)، قَالَ ابن حبان: كَانَ شيخاً صدوقاً إلا أنه اختلط في آخر عمره. المجروحين 2/ 223 و 224، وتهذيب الكمال 6/ 118 (5462)، وتاريخ الإِسْلاَم: 300 وفيات سنة (208 هـ‍). (¬4) الجرح والتعديل 5/ 357 - 358 (1687). (¬5) هُوَ الحافظ الناقد أبو حفص عمرو بن علي بن بحر بن كنيز الباهلي البصري الصيرفي الفلاس، ولد سنة نيف وستين ومئة، وتوفي سنة (249 هـ‍). الجرح والتعديل 6/ 249، وسير أعلام النبلاء 11/ 470 و 472، والعبر 1/ 454. (¬6) تقدمة الجرح والتعديل: 245. (¬7) تاريخ يحيى بن معين - رِوَايَة الدارمي -: (13). (¬8) سؤالات ابن محرز 1/ 554. (¬9) في مصنفه (19465).

وأحمد (¬1)، والترمذي (¬2)، وأبو الشيخ (¬3)، والبيهقي (¬4)، والبغوي (¬5). ورواه عَبْد العزيز بن صهيب (¬6)،عن أنس بن مالك: ((أن رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - اتخذ خاتماً من فضة، ونقش فِيْهِ: مُحَمَّد رَسُوْل الله، وَقَالَ: إني اتخذت خاتماً من ورق ونقشت فِيْهِ: مُحَمَّد رَسُوْل الله، فلا ينقشن أحد عَلَى نقشه)).أخرجه: ابن (¬7) سعد، وابن أبي شيبة (¬8)، وأحمد (¬9)، والبخاري (¬10)، ومسلم (¬11)، وابن ماجه (¬12)، والنسائي (¬13)، وأبو يعلى (¬14)، وأبو عوانة (¬15)، وابن حبان (¬16)، وأبو الشيخ (¬17)، وأبو نعيم (¬18)، ¬

_ (¬1) في مسنده 3/ 161. (¬2) في الجامع الكبير (1745). (¬3) في أخلاق النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: 134 و 139. (¬4) في السنن الكبرى 10/ 128، وفي شعب الإيمان (6339). (¬5) في شرح السنة (3137). وَقَدْ أخرجه عَبْد بن حميد (1359) عن ثابت مقروناً بحميد عن أنس قَالَ: ((كَانَ نقش خاتم النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: مُحَمَّد رَسُوْل الله)). وأخرجه عَبْد بن حميد (1358)، ومسلم 6/ 152 (2095) (63) عن ثابت عن أنس: ((هكذا كَانَ خاتم النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - وأشار بيساره ووضع إبهامه عَلَى ظهر خنصره)). (¬6) هُوَ عَبْد العزيز بن صهيب البناني، مولاهم، البصري الأعمى: ثقة، توفي سنة (130 هـ‍). التاريخ الكبير 6/ 14، وتهذيب الكمال 4/ 519 (4041)، والتقريب (4102). (¬7) هُوَ الحافظ أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن سعد بن منيع البغدادي، صاحب الطبقات، ولد بَعْدَ سنة (160 هـ‍)، وقيل سنة (168 هـ‍)، وتوفي سنة (230 هـ‍). الجرح والتعديل 7/ 262، والفهرست: 111 - 112، وسير أعلام النبلاء 10/ 664 - 666. والحديث أخرجه في الطبقات الكبرى 1/ 475. (¬8) في مصنفه (25090). (¬9) في مسنده 3/ 101 و 186 و 290. (¬10) في الصَّحِيْح 7/ 202 (5874) و 7/ 203 (5877)، وفي خلق أفعال العباد: 102. (¬11) في الصَّحِيْح 6/ 150 (2092) و 6/ 151 (2092). (¬12) في سننه (3640). (¬13) في المجتبى 8/ 176 و 193، وفي الكبرى (9510) (9534). (¬14) هُوَ الإمام الحافظ أبو يعلى أحمد بن علي بن المثنى التميمي الموصلي، صاحب " المسند " و " المعجم "، ولد سنة (210 هـ‍)، وتوفي سنة (307 هـ‍). العبر 2/ 140، وسير أعلام النبلاء 14/ 174 و 179، ومرآة الجنان 2/ 186 - 187. والحديث أخرجه في مسنده (3896) و (3936) و (3943). (¬15) في مسنده 5/ 499 و 500. (¬16) في الإحسان (5506) و (5507)، وفي طبعة الرسالة (5497) و (5498). (¬17) في أخلاق النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: 139. (¬18) هُوَ الإمام أبو نعيم أحمد بن عَبْد الله بن أحمد بن إسحاق المهراني الأصبهاني، =

والبيهقي (¬1). ورواه قتادة عن أنس بن مالك، قَالَ: ((لما أراد النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أن يكتب إلى الروم، قِيْلَ لَهُ: إنهم لن يقرؤا كتابك إذا لَمْ يَكُنْ مختوماً، فاتخذ خاتماً من فضة ونقشه: مُحَمَّد رَسُوْل الله، فكأنّما أنظر إلى بياضه في يده)). الْحَدِيْث أخرجه: ابن سعد (¬2)، وابن الجعد (¬3)، وأحمد (¬4)، والبخاري (¬5)، ومسلم (¬6)، وأبو داود (¬7)، والترمذي (¬8)، والنسائي (¬9)، وأبو يعلى (¬10)، وأبو عوانة (¬11)، والطحاوي (¬12)، وابن حبان (¬13)، والطبراني (¬14)، وأبو ¬

_ = صاحب " الحلية "، ولد سنة (330 هـ‍)، وتوفي سنة (430 هـ‍). وفيات الأعيان 1/ 91 - 92، وسير أعلام النبلاء 17/ 453 - 454 و 462، وشذرات الذهب 3/ 245. والحديث أخرجه في تاريخ أصبهان 2/ 70. (¬1) في السنن الكبرى 10/ 128، وفي شعب الإيمان (6338). (¬2) في الطبقات الكبرى 1/ 471 و 475. (¬3) هُوَ الحافظ الحجة أبو الحسن علي بن الجعد البغدادي الجوهري مولى بني هاشم، صاحب " المسند "، ولد سنة (134 هـ‍)، وَقِيْلَ: (136 هـ‍)، وتوفي سنة (230 هـ‍). طبقات ابن سعد 7/ 338 - 339، والجرح والتعديل 6/ 178، وسير أعلام النبلاء 10/ 459 - 460 و 467. والحديث أخرجه في الجعديات (955) و (956) و (957) و (958). (¬4) في مسنده 3/ 168 و 170 و 180 و 198 و 223 و 275. (¬5) في صحيحه 1/ 25 (65) و 4/ 54 (2938) و 7/ 202 (5872) و 7/ 203 (5875) و 9/ 83 (7162). (¬6) في صحيحه 6/ 151 (2092) و (56) و (57) و (58). (¬7) في سننه (4214) و (4215). (¬8) في الجامع الكبير (2718)، وفي الشمائل (90) و (92) بتحقيقي، وفيه: ((أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يتختم في يمينه)). (¬9) في المجتبى 8/ 174و193، وفي الكبرى (5860) و (8848) و (9521) و (9525) و (11512). وأخرجه النسائي في المجتبى 8/ 193، وفي الكبرى (2520) من طريق قتاده عن أنس قَالَ: ((كأني أنظر إلى بياض خاتم النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - في أصبعه اليسرى)). وفي المجتبى 8/ 193، وفي الكبرى (9519) من طريق قتادة أَيْضاً عن أنس: ((ان النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يتختم في يمينه)). (¬10) في مسنده (3009) و (3075) و (3154) و (3271) و (3272). (¬11) في مسنده 4/ 198 و 198 و 5/ 490 و 491 و 492. (¬12) في شرح معاني الآثار 4/ 264. (¬13) في الإحسان (6401)، وفي طبعة الرسالة (6392). (¬14) هُوَ الحافظ الرحال الجوال، أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني، صاحب المعاجم =

الشيخ (¬1)، والبيهقي (¬2)، والبغوي (¬3). ورواه ثمامة (¬4) بن عَبْد الله، عن أنس بن مالك: ((أن أبا بكر (¬5) - رضي الله عنه - لما استخلف بعثه إلى البحرين وكتب لَهُ هَذَا الكتاب وختمه بخاتم النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَ نقش الخاتم ثلاثة أسطر: مُحَمَّد: سطر، ورسول: سطر، والله: سطر)). أخرجه ابن سعد (¬6)، والبخاري (¬7)، والترمذي (¬8)، والطحاوي (¬9)، وابن حبان (¬10)، وأبو الشيخ (¬11)، والبغوي (¬12). ورواه حميد (¬13) الطويل، عن أنس بن مالك: ((أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ خاتمه من فضة ¬

_ = الثلاثة، ولد سنة (260 هـ‍)، وتوفي سنة (360 هـ‍). المنتظم 7/ 54، وسير أعلام النبلاء 16/ 119 و 129، ومرآة الجنان 2/ 279 - 280. والحديث أخرجه في الأوسط (6524)، وفي طبعة دار الكتب العلمية (6528). (¬1) في أخلاق النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: 139. (¬2) في السنن الكبرى 10/ 128. (¬3) في شرح السنة (3131) و (3132). (¬4) هُوَ ثمامة بن عَبْد الله بن أنس بن مالك الأنصاري البصري: صدوق، من الرابعة. الجرح والتعديل 2/ 466، وتهذيب الكمال 1/ 416 (839)، والتقريب (853). (¬5) هُوَ خليفة رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - وصاحبه في الضيق والطريق والغار، عَبْد الله بن عثمان بن عامر القرشي، أَبُو بكر الصديق بن أبي قحافة، ولد بَعْدَ عام الفيل بسنتين وستة أشهر، وتوفي سنة (13 هـ‍). طبقات ابن سعد 3/ 169، ومعجم الصَّحَابَة 8/ 2859، وتاريخ الإِسْلاَم: 87 (عهد الخلفاء الراشدين)، والإصابة2/ 341. (¬6) في الطبقات 1/ 474 - 475. (¬7) في صحيحه 4/ 100 (3106)، و 7/ 203 (5878). وقع في رِوَايَة أخرى عِنْدَ البخاري 7/ 203 (5879) من طريق ثمامة عن أنس بلفظ: ((كَانَ خاتم النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - في يده وفي يد أبي بكر بعده وفي يد عمر بَعْدَ أبي بكر فلما كَانَ عثمان جلس عَلَى بئر أريس قَالَ فأخرج الخاتم فجعل يعبث بِهِ فسقط قَالَ فاختلفنا ثلاثة أيام مع عثمان فنَزح البئر فَلَمْ نجده)). (¬8) في الجامع الكبير (1747) (1748)، وفي الشمائل (91) بتحقيقي. (¬9) في شرح معاني الآثار 4/ 264. (¬10) في الإحسان (1411) و (5505) و (6402)، وفي طبعة الرسالة (1414) و (5496) و (6393). (¬11) في أخلاق النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: 139 - 140، وفي الصفحة 135 وقع فِيْهِ أن النقش كَانَ: ((لا إله إلا الله مُحَمَّد رَسُوْل الله)). (¬12) في شرح السنة (3136). (¬13) هُوَ أَبُو عبيدة حميد بن أبي حميد الطويل البصري، مولى طلحة الطلحات، اختلف في اسم أبيه، ولد سنة (68 هـ‍)، وتوفي سنة (140 هـ‍)، وَقِيْلَ: (142 هـ‍): ثقة مدلس. الجرح والتعديل 3/ 221، وسير أعلام النبلاء 6/ 163 و 168، والتقريب (1544).

وَكَانَ فصه مِنْهُ)). أخرجه ابن سعد (¬1) والحميدي (¬2)، وأحمد (¬3)، والبخاري (¬4)، وأبو داود (¬5)، والترمذي (¬6)، والنسائي (¬7)،وأبو يعلى (¬8)، وابن حبان (¬9)، وأبو الشَّيْخ (¬10)، والبغوي (¬11). ورواه أبان بن أبي عياش، عن أنس بن مالك: ((أن رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - اصطنع خاتماً كله من فضة وَقَالَ: لا يصنع أحد عَلَى صفته)). أخرجه ابن سعد (¬12). فكل هَذِهِ الروايات عن أنس ليس فِيْهَا: أن رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - طرح خاتم الوَرِق. أما رِوَايَة الزهري عن أنس، فاختلف عَلَيْهِ في روايته، إِذْ رَوَاهُ إبراهيم (¬13) ابن سعد (¬14)، وزياد بن ¬

_ (¬1) في الطبقات الكبرى 1/ 472. (¬2) هُوَ الإمام الحافظ عَبْد الله بن الزبير بن عيسى، أبو بكر القرشي الأسدي الحميدي المكي، صاحب "المسند"، توفي سنة (219هـ‍). التاريخ الكبير5/ 96 - 97، والعبر 1/ 377، وسير أعلام النبلاء 10/ 616. والحديث أخرجه في مسنده (1214). (¬3) في مسنده 3/ 99 و 266. (¬4) في صحيحه 7/ 201 (5869). (¬5) في سننه (4217). (¬6) في الجامع الكبير (1740)، وفي الشمائل (89) بتحقيقي. (¬7) في المجتبى 8/ 173 و 174 و 193، وفي الكبرى (9515) و (9516) و (9517) و (9518). (¬8) في مسنده (3827). (¬9) في الإحسان (6400)، وفي طبعة الرسالة (6391). (¬10) في أخلاق النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: 137. (¬11) في شرح السنة (3139). (¬12) في الطبقات الكبرى 1/ 472. (¬13) هُوَ إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عَبْد الرحمان بن عوف الزهري، أَبُو إسحاق المدني: ثقة، حجة، وَقَدْ تُكَلَّمَ فِيْهِ بلا قادح، ولد سنة (108 هـ‍)، وتوفي سنة (183 هـ‍). تهذيب الكمال 1/ 110 - 112 (170)، والكاشف 1/ 212 (138)، والتقريب (177). (¬14) عِنْدَ أحمد 3/ 160 و 223، ومسلم 6/ 151 (2093) (59)، وأبي داود (4221)، والنسائي 8/ 195، وفي الكبرى (9544)، وأبي يعلى (3538) و (3565)، وأبي عوانه 5/ 488 و489، وابن حبان (5499)، وفي طبعة الرسالة (5490). وَقَدْ وقع عِنْدَ النسائي (9506) من طريق إبراهيم بن سعد، عن الزهري، عن أنس: ((أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - رأى في يد رجل خاتم ذهب فضرب إصبعه بقضيب كَانَ مَعَهُ حَتَّى رمى بِهِ)). قَالَ أبو حاتم في " العلل " 1/ 485 (1453): ((هكذا رَوَاهُ إبراهيم بن سعد، عن الزهري أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: والخطأ من عَبْد العزيز أبي سلمة العمري، وَالصَّحِيْح من حَدِيْث الزهري، عن أبي إدريس، عن رجلٍ من أصحاب النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -)). وذكر في " العلل " لابن أبي حاتم: إن الخاتم كَانَ حديداً. أقول: الرِّوَايَة الَّتِيْ ذكرها أبو حاتم هِيَ عِنْدَ النسائي (9505). =

سعد (¬1)، وشعيب بن أبي حمزة (¬2)، ومحمد بن عَبْد الله (¬3)، أربعتهم عن الزهري، عن أنس بن مالك: ((أنه رأى في إصبع رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - خاتماً من وَرِق يوماً واحداً، ثُمَّ إن الناس اضطربوا الخواتم من وَرِق، فلبسوها، فطرح النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - خاتمه، فطرح الناس خواتيمهم)). وهذا لفظ رِوَايَة مُسْلِم. في حِيْنَ رَوَاهُ يونس، عن الزهري، عن أنس: ((إن رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - اتخذ خاتماً من وَرِق، وله فص حبشي ونقشه: مُحَمَّد رَسُوْل الله)). وجاء في بعض الروايات: كَانَ يجعل فصه مِمَّا يلي كفه. واختلف عَلَى يونس في رِوَايَة هَذَا الْحَدِيْث، فرواه عَبْد الله بن وهب (¬4)، وعثمان (¬5) بن عمر (¬6)، عن يونس، عن الزهري، عن أنس بلفظ: ((إن رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - اتخذ خاتماً من وَرِق لَهُ فص حبشي ونقشه: مُحَمَّد رَسُوْل الله)). ورواه سليمان (¬7) بن بلال (¬8)، وطلحة (¬9) بن يحيى (¬10)، عن يونس، عن ¬

_ = وأخرجه النسائي (9507)، من طريق الزهري، أن رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - ... الخ. وَقَالَ النسائي: ((وهَذَا مرسل أشبه بالصواب والله - سبحانه وتعالى - أعلم)). وفي رِوَايَة أبي يعلى زاد هَذَا اللفظ في الْحَدِيْث (3538). (¬1) كَمَا تقدم تخريجه في طريق ابن جريج عن زياد بن سعد عن الزهري عن أنس، بِهِ. (¬2) عِنْدَ أحمد 3/ 225، وأبي عوانة 5/ 493. (¬3) عِنْدَ أبي الشيخ في أخلاق النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: 137. (¬4) عِنْدَ ابن سعد 1/ 472، وأحمد 3/ 225، ومسلم 6/ 152 (2094)، وأبي داود (4216)، والترمذي (1739)، وفي الشمائل (87) بتحقيقي، والنسائي 8/ 193 وفي الكبرى (9512)، وأبي يعلى (3537)، وأبي الشيخ: 136، والبغوي (3140). (¬5) هُوَ عثمان بن عمر بن فارس بن لقيط العبدي، أَبُو مُحَمَّد البصري، وأصله من بخارى: ثقة، صالح، توفي سنة (209 هـ‍). تهذيب الكمال 5/ 130 (4437)،والكاشف 2/ 11 (3727)، والتقريب (4504). (¬6) عِنْدَ ابن سعد 1/ 472، وابن أبي شيبة (25120)، وابن ماجه (3641)، والنسائي 8/ 172 و 193، وفي الكبرى (9513)، وأبي يعلى (3544). (¬7) هُوَ أبو مُحَمَّد سليمان بن بلال القرشي التيمي المدني، مولى عَبْد الله بن أبي عتيق: ثقة، إمام، توفي سنة (172 هـ‍). الثقات 6/ 388، وتهذيب الكمال 3/ 266 و 267 (2480)، والكاشف 1/ 457 (2073). (¬8) عِنْدَ مُسْلِم 6/ 152 (2094) عقب (62)، وابن ماجه (3646)، وأبي يعلى (3536)، وابن حبان (6403)، وفي طبعة الرسالة (6394)، والبغوي (3145). (¬9) هُوَ طلحة بن يحيى بن النعمان بن أبي عياش الزرقي الأنصاري المدني: صدوق، يهم من السابعة. تهذيب الكمال 3/ 515 (2972)، والكاشف 1/ 515 (2483)، والتقريب (3037). (¬10) عِنْدَ مُسْلِم 6/ 152 (2094) (62)، والنسائي 8/ 173، وفي الكبرى (9514)، وأبي يعلى =

الزهري، عن أنس: ((إن رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - لبس خاتم فضة في يمينه، فِيْهِ فص حبشي، كَانَ يجعل فصه مِمَّا يلي كفه))، في حين تفرد الليث (¬1)، عن يونس، عن الزهري، عن أنس، بِهِ، بنحو رِوَايَة إبراهيم بن سعد ومن تابعه. وَقَدْ جمع ابن حجر (¬2) بعض أقوال العلماء في التوفيق بَيْنَ الروايتين: الأول: قَالَهُ الإسماعيلي (¬3) هُوَ: أن رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - اتخذ خاتماً من وَرِق عَلَى لون من الألوان وكره أن يتخذ أحد مثله فلما اتخذوا مثله رماه ثُمَّ بعد أن رموا خواتيمهم اتخذ خاتماً آخر ونقشه ليختم بِهِ. الثاني: هُوَ أنه اتخذ الخاتم للزينة فلما تبعه الناس عَلَى ذَلِكَ ألقاه وألقوا بَعْدَ ذَلِكَ خواتيمهم، فلما احتاج إلى ختم اتخذ خاتماً آخر. الثالث: وَهُوَ قَوْل المهلب والنووي (¬4) والكرماني (¬5). ذَلِكَ أنه لما طرح خاتم الذهب اتخذ مكانه خاتم الفضة؛ لأنَّهُ لا يستغني عن الختم عَلَى كتبه فيكون طرح الخاتم الَّذِي في رِوَايَة الزهري يقصد بِهِ خاتم الذهب فَقَدْ جعله الموصوف -أي خاتم الذهب- في قوله: ((فطرح خاتمه فطرحوا خواتيمهم)) قَالَ الْقَاضِي عِيَاض (¬6): ((وهذا يشاع لَوْ جاء الكلام مجملاً))، وأشار إلى أن رِوَايَة الزهري لا ¬

_ = (3584)، وأبي الشيخ: 137، والبغوي (3141). (¬1) هُوَ الإمام الحافظ أبو الحارث الليث بن سعد بن عَبْد الرحمان الفهمي، ولد سنة (94 هـ‍) وَقِيْلَ: (93 هـ‍)، وتوفي سنة (175 هـ‍). الثقات 7/ 360، وتهذيب الكمال 6/ 184 (5605)، وسير أعلام النبلاء 8/ 136. وحديثه عِنْدَ البخاري 7/ 201 (5868). (¬2) فتح الباري 10/ 320 - 321. (¬3) هُوَ الإمام الحافظ أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل الجرجاني الإسماعيلي، صاحب " الصَّحِيْح "، ولد سنة (277 هـ‍)، وتوفي سنة (371 هـ‍). المنتظم 7/ 108، وسير أعلام النبلاء 16/ 292 و 293 و 296، ومرآة الجنان 2/ 298. (¬4) شرح صَحِيْح مُسْلِم 4/ 803. (¬5) هو مُحَمَّد بن يوسف بن علي الكرماني، من مؤلفاته: " الكواكب الدراري في شرح صَحِيْح البخاري " و " ضمائر القرآن " و " النقود والردود في الأصول "، ولد سنة (717 هـ‍)، وتوفي سنة (786 هـ‍). الدرر الكامنة 4/ 310، وشذرات الذهب 6/ 294، والأعلام 7/ 153. (¬6) هو العلامة الحافظ القاضي أَبُو الفضل عياض بن موسى بن عياض اليحصبي الأندلسي ثُمَّ السبتي المالكي من مؤلفاته: " الشفا في شرف المصطفى " و " والإلماع "، ولد سنة (476 هـ‍)، ومات سنة (544 هـ‍) =

أثر الحديث في اختلاف الفقهاء (حكم لبس خاتم الفضة للرجال)

تحتمل هَذَا التأويل (¬1). وذهب ابن حجر إلى تأويل رابع: هُوَ أنه اتخذ خاتم الذهب للزينة وتتابع الناس فِيْهِ، فوقع تحريمه فطرحه، وَقَالَ: ((لا ألبسه أبداً))، فطرح الناس خواتيمهم تبعاً لَهُ، ثُمَّ احتاج إلى الخاتم لأجل الختم، فاتخذه من فضة ونقش فِيْهِ اسمه الكريم، فتبعه الناس أَيْضاً عَلَى تِلْكَ الخواتيم المنقوشة، فرمى بِهِ حَتَّى رمى الناس تِلْكَ الخواتيم المنقوشة حَتَّى لا تفوته مصلحة نقش اسمه بوقوع الاشتراك، فلما عدمت خواتيمهم جميعاً رجع إلى خاتمه الخاص بِهِ فصار يتختم بِهِ. أثر الْحَدِيْث في اختلاف الفقهاء (حكم لبس خاتم الفضة للرجال): اختلف الفقهاء في حكم التختم بالفضة للرجال عَلَى النحو الآتي: 1 - ذهب جمهور العلماء من المتقدمين والمتأخرين إلى جواز اتخاذ خاتم الفضة، سواء كَانَ ذا سلطان أم غيره (¬2). وبه قَالَ جمهور الشافعية (¬3). 2 - ذهب الحنفية إلى أنه إذا قصد بلبسه الخاتم التجبر والاستعلاء كره، وإن لَمْ يقصده لَمْ يكره، ومع ذَلِكَ فإن تركه لِمَنْ لا يحتاج إلى الختم أفضل، ولا كراهة عندهم في لبسه للزينة إذا خلا من محذور (¬4). 3 - الأولى أن يَكُوْن الخاتم أقل من المثقال؛ لأنَّهُ أبعد عن السرف. وبه قَالَ ابن (¬5) الملك. 4 - ذهب بعض الشافعية إلى تحريم لبس خاتم الفضة للرجل إذا زاد عَلَى المثقال (¬6). 5 - كراهة لبس خاتم الفضة لكل مكلف، ذي سلطان أَوْ غيره، حكاه ابن عَبْد البر عن ¬

_ = سير أعلام النبلاء 20/ 212، وتاريخ الإِسْلاَم: 198 وفيات سنة (544هـ‍)، والبداية والنهاية 12/ 202. (¬1) إكمال المعلم 6/ 610. (¬2) التمهيد 17/ 101. (¬3) المجموع 4/ 464. (¬4) حاشية رد المحتار 6/ 361. (¬5) هُوَ مُحَمَّد بن عباد بن ملك داد بن حسن بن داود الخلاطي، جمع وصنف " تلخيص الجامع الكبير " وكتاباً سماه " مقصد المسند اختصار مسند أبي حَنِيْفَة - رحمه الله - "، توفي سنة (652 هـ‍). طبقات الحنفية 1/ 62 - 63، والأعلام 6/ 182. نقل كلامه المباركفوري في تحفة الأحوذي 5/ 484. (¬6) تحفة الأحوذي 5/ 484.

المبحث الثاني أثر التفرد في اختلاف الحديث، وأثر ذلك في اختلاف الفقهاء

بعض أهل العلم من غَيْر تعيين (¬1). 6 - خص أهل الشام الكراهة بغير ذوي السلطان (¬2). 7 - يجوز اتخاذ خاتم الفضة للرجل، بَلْ يندب بشرط نية الاقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، ويحرم لبسه إذا أدى إلى العجب. وإليه ذهب المالكية (¬3). المبحث الثاني أثر التَّفَرُّد في اختلاف الْحَدِيْث، وأثر ذَلِكَ في اختلاف الفقهاء التَّفَرُّدُ في اللغة: مأخوذ من الفعل الثلاثي المزيد بحرفين (تَفَرَّدَ). يقال: فَرَدَ بالأمر والرأي: انْفَرَدَ، وفَرَدَ الرجلُ: كَانَ وحده مُنْفرِداً لا ثاني مَعَهُ. وفَرَّدَ برأيه: اسْتَبَدَّ. وَقَدْ أشار ابن فارس (¬4) إلى أن جميع تراكيب واشتقاقات هَذَا الأصل تدل عَلَى الوحدة. إِذْ قَالَ: ((الفاء والراء والدال أصل صَحِيْح يدل عَلَى وحدة. من ذَلِكَ: الفرد وَهُوَ الوتر، والفارد والفرد: الثور المنفرد ...)) (¬5). التفرد في الاصطلاح: عرّفه أبو حفص الميانشي (¬6) الفرد بأنه: ما انفرد بروايته بعض الثقات عن شيخه، ¬

_ (¬1) التمهيد 17/ 100. (¬2) التمهيد 17/ 100، وإكمال المعلم 6/ 606. (¬3) حاشية العدوي 2/ 358، والموسوعة الفقهية 11/ 24. (¬4) الإمام العلامة اللغوي المحدّث أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا القزويني، المعروف بالرازي، المالكي، من مؤلفاته: " المجمل " و " الحجر " و " معجم مقاييس اللغة "، توفي سنة (395 هـ‍)، وَقِيْلَ: (390 هـ‍). سير أعلام النبلاء 17/ 103، والبداية والنهاية 11/ 287، والأعلام 1/ 193. (¬5) مقاييس اللغة 4/ 500. وانظر: لسان العرب 3/ 331، وتاج العروس 8/ 482، والمعجم الوسيط 2/ 679، ومتن اللغة 4/ 379. (¬6) هُوَ أبو حفص عمر بن عَبْد المجيد القرشي الميانشي، له كراس في علم الْحَدِيْث أسماه: " ما لا يسع المحدّث جهله "، توفي بمكة سنة (581 هـ‍). العبر 4/ 245، والأعلام 5/ 53. وَقَدْ وقع في بعض مصادر ترجمته (الميانشي)، نسبة إلى (مَيّانِش) قرية من قرى المهدية. انظر: معجم البلدان 5/ 239، والعبر 4/ 245، ونكت الزركشي 1/ 190، وتاج العروس 17/ 392. وفي بعضها (الميانجي) وَهِيَ نسبة إلى (ميانج) موضع بالشام، أو إلى (ميانه) بلد بأذربيجان. =

دون سائر الرُّوَاة عن ذَلِكَ الشيخ (¬1). ويظهر من هَذَا التعريف بعض القصور في دخول بعض أفراد المُعَرَّف في حقيقة التعريف، إِذْ قَصَرَه عَلَى انفراد الثقة فَقَطْ عن شيخه (¬2). وعرّف الدكتور حمزة المليباري التفرد وبيّن كيفية حصوله، فَقَالَ: ((يراد بالتفرد: أن يروي شخص من الرُّوَاة حديثاً دون أن يشاركه الآخرون)) (¬3). وهذا التعريف الأخير أعم من التعريف الأول، فإنه شامل لتفرد الثقة وغيره، وعليه تدل تصرفات نقاد الْمُحَدِّثِيْنَ وجهابذة الناقلين، ولقد كثر في تعبيراتهم: حَدِيْث غريب، أو تفرّد بِهِ فُلاَن، أو هَذَا حَدِيْث لا يعرف إلا من هَذَا الوجه، أَوْ لا نعلمه يروى عن فُلاَن إلاّ من حَدِيْث فُلاَن، ونحوها من التعبيرات (¬4). ولربما كَانَ الحامل للميانشي عَلَى تخصيص التعريف بالثقات دون غيرهم، أن رِوَايَة الضعيف لا اعتداد بِهَا عِنْدَ عدم المتابع والعاضد. ولكن من الناحية التنظيرية نجد الْمُحَدِّثِيْنَ عِنْدَ تشخيصهم لحالة التفرد لا يفرقون بَيْنَ كون المتفرد ثقة أو ضعيفاً، فيقولون مثلاً: تفرد بِهِ الزهري، كَمَا يقولون: تفرد بِهِ ابن أبي أويس (¬5). وبهذا المعنى يظهر الترابط الواضح بَيْنَ المعنى اللغوي والمعنى الاصطلاحي، إِذْ إنهما يدوران في حلقة التفرد عما يماثله. والتفرد ليس بعلة في كُلّ أحواله، ولكنه كاشف عن العلة مرشد إلى وجودها، وفي هَذَا يقول الحافظ ابن رجب الحنبلي: ((وأما أكثر الحفاظ المتقدمين فإنهم يقولون في الْحَدِيْث إذا تفرد بِهِ واحد - وإن لَمْ يروِ الثقات خلافه -: إنه لا يتابع ¬

_ = انظر: الأنساب 5/ 320، واللباب 3/ 278، ومعجم البلدان 5/ 240، ومراصد الاطلاع 3/ 1341. وكذا نسبه الحافظ ابن حجر في النُّزهة: 49، وتابعه شرّاح النّزهة عَلَى ذَلِكَ. انظر مثلاً: شرح ملا علي القاري: 11. (¬1) ما لا يسع المحدّث جهله: 29. (¬2) وأجاب عَنْهُ بعضهم بأن رِوَايَة غَيْر الثقة كلا رِوَايَة. التدريب 1/ 249. (¬3) الموازنة بَيْنَ منهج المتقدمين والمتأخرين: 15. (¬4) انظر عَلَى سبيل المثال: الجامع الكبير، للترمذي عقب (1473) و (1480 م) و (1493) و (1495) و (2022). (¬5) هُوَ إسماعيل بن عَبْد الله بن أويس بن مالك الأصبحي، أَبُو عَبْد الله بن أبي أويس المدني: صدوق، أخطأ في أحاديث من حفظه، توفي سنة (226 هـ‍) وَقِيْلَ: (227 هـ‍). تهذيب الكمال 1/ 239 و 240 (452)، وسير أعلام النبلاء 10/ 391 و 395، والكاشف 1/ 247 (388).

عَلَيْهِ. ويجعلون ذَلِكَ علة فِيْهِ، اللهم إلاّ أن يَكُوْن ممن كثر حفظه واشتهرت عدالته وحديثه كالزهري ونحوه، وربما يستنكرون بعض تفردات الثقات الكبار أَيْضاً ولهم في كُلّ حَدِيْث نقد خاص، وليس عندهم لِذَلِكَ ضابط يضبطه)) (¬1). ومعنى قوله: ((ويجعلون ذَلِكَ علة))، أن ذَلِكَ مخصوص بتفرد من لا يحتمل تفرده، بقرينة قوله: ((إلا أن يَكُوْن ممن كثر حفظه ...))، فتفرده هُوَ خطؤه، إِذْ هُوَ مظنة عدم الضبط ودخول الأوهام، فانفراده دال عَلَى وجود خلل ما في حديثه، كَمَا أن الحمّى دالة عَلَى وجود مرض ما، وَقَدْ وجدنا غَيْر واحد من النقاد صرح بأن تفرد فُلاَن لا يضر، فَقَدْ قَالَ الإمام مُسْلِم: ((هَذَا الحرف لا يرويه غَيْر الزهري، قَالَ: وللزهري نحو من تسعين حديثاً يرويها عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - لا يشاركه فِيْهَا أحد بأسانيد جياد)) (¬2). وَقَالَ الحافظ ابن حجر: ((وكم من ثقة تفرد بما لَمْ يشاركه فِيْهِ ثقة آخر، وإذا كَانَ الثقة حافظاً لَمْ يضره الانفراد)) (¬3). وَقَالَ الزيلعي (¬4): ((وانفراد الثقة بالحديث لا يضره)) (¬5). وتأسيساً عَلَى ما أصّلناه من قَبْل من أن تفرد الرَّاوِي لا يضر في كُلّ حال، ولكنه ينبه الناقد عَلَى أمر ما، قَالَ المعلمي اليماني: ((وكثرة الغرائب إنما تضر الرَّاوِي في أحد حالين: الأولى: أن تكون مع غرابتها منكرة عن شيوخ ثقات بأسانيد جيدة. الثانية: أن يَكُوْن مع كثرة غرائبه غَيْر معروف بكثرة الطلب)) (¬6). وتمتع هَذَا الجانب من النقد الحديثي باهتمام النقاد، فنراهم يديمون تتبع هَذِهِ الحالة وتقريرها، وأفردوا من أجل ذَلِكَ المصنفات، مِنْهَا: كتاب "التفرد" (¬7) للإمام أبي داود، و "الغرائب والأفراد" (¬8) للدارقطني، و "المفاريد" (¬9) لأبي يعلى، واهتم الإمام ¬

_ (¬1) شرح علل الترمذي 2/ 406. (¬2) الجامع الصَّحِيْح 5/ 82 عقب (1647). (¬3) فتح الباري 5/ 11. (¬4) الفقيه عالم الْحَدِيْث أبو مُحَمَّد عَبْد الله بن يوسف بن مُحَمَّد الزيلعي، من مؤلفاته: " نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية " و " تخريج أحاديث الكشاف "، توفي سنة (762 هـ‍). الدرر الكامنة 2/ 310، والأعلام 4/ 147. (¬5) نصب الراية 3/ 74. (¬6) التنكيل 1/ 104. (¬7) هُوَ مفقود وَكَانَ موجوداً في القرن الثامن، والمزي ينقل مِنْهُ كثيراً في تحفة الأشراف انظر عَلَى سبيل المثال 4/ 630 (6249)، والرسالة المستطرفة: 114. (¬8) وَقَدْ طبع ترتيبه للمقدسي في دار الكتب العلمية ببيروت عام 1998 م. (¬9) طبع بتحقيق عَبْد الله بن يوسف جديع في دار الأقصى، الكويت، الطبعة الأولى 1985 م.

الطبراني في معجميه الأوسط والصغير بذكر الأفراد، وكذا فعل البزار في مسنده، والعقيلي (¬1) في ضعفائه. وَهُوَ ليس بالعلم الهيّن، فهو ((يحتاج لاتساع الباع في الحفظ، وكثيراً ما يدعي الحافظ التفرد بحسب علمه، ويطلّع غيره عَلَى المتابع)) (¬2). وفي كُلّ الأحوال فإن التفرد بحد ذاته لا يصلح ضابطاً لرد الروايات، حَتَّى في حالة تفرد الضعيف لا يحكم عَلَى جميع ما تفرد بِهِ بالرد المطلق، بَلْ إن النقاد يستخرجون من أفراده ما يعلمون بالقرائن والمرجحات عدم خطئه فِيْهِ، وَهُوَ ما نسميه بعملية الانتقاء، قَالَ سفيان الثوري: ((اتقوا الكلبي (¬3)، فقيل لَهُ: إنك تروي عَنْهُ، قَالَ: إني أعلم صدقه من كذبه)) (¬4). ومثلما أن تفرد الضعيف لا يرد مطلقاً، فكذلك تفرد الثقة - وكما سبق في كلام ابن رجب - لا يقبل عَلَى الإطلاق، وإنما القبول والرد موقوف عَلَى القرائن والمرجحات. قَالَ الإمام أحمد: ((إذا سَمِعْتَ أصحاب الْحَدِيْث يقولون: هَذَا حَدِيْث غريب أَوْ فائدة. فاعلم أنه خطأ أو دخل حَدِيْث في حَدِيْث أَوْ خطأ من المُحدِّث أَوْ حَدِيْث ليس لَهُ إسناد، وإن كَانَ قَدْ رَوَى شعبة وسفيان، فإذا سمعتهم يقولون: هَذَا لا شيء، فاعلم أنه حَدِيْث صَحِيْح)) (¬5). وَقَالَ أبو داود: ((والأحاديث الَّتِيْ وضعتها في كتاب "السنن" أكثرها مشاهير، وَهُوَ عِنْدَ كُلّ من كتب شَيْئاً من الْحَدِيْث، إلا أن تمييزها لا يقدر عَلَيْهِ كُلّ الناس، والفخر بِهَا: بأنها مشاهير، فإنه لا يحتج بحديث غريب، وَلَوْ كَانَ من رِوَايَة مالك ويحيى بن سعيد والثقات من أئمة العلم)) (¬6). ونحن نجد أمثلة تطبيقية متعددة في ممارسة النقاد، مِنْهَا قَوْل الحافظ ابن حجر في حَدِيْث صلاة التسبيح: ((وإن كَانَ سند ابن عَبَّاسٍ يقرب من شرط الحسن إلا أنه شاذ ¬

_ (¬1) هُوَ الحافظ الناقد أبو جعفر مُحَمَّد بن عمرو بن موسى بن حماد العقيلي الحجازي صاحب كتاب " الضعفاء الكبير "، توفي سنة (322 هـ‍). سير أعلام النبلاء 15/ 236 و 238، والعبر 2/ 200، وتذكرة الحفاظ 3/ 833 - 834. (¬2) نكت الزركشي 2/ 198. (¬3) هُوَ أبو النضر مُحَمَّد بن السائب بن بشر الكلبي، متهم بالكذب، ورمي بالرفض، توفي سنة (146 هـ‍). كتاب المجروحين 2/ 262، وسير أعلام النبلاء 6/ 248 - 249، والتقريب (5901). (¬4) الكامل 7/ 274، وميزان الاعتدال 3/ 557. (¬5) الكفاية (142 هـ‍، 225 ت). والمراد من الجملة الأخيرة، أن الْحَدِيْث لا شيء يستحق أن ينظر فِيْهِ، لكونه صحيحاً ثابتاً. (¬6) رسالة أبي داود إلى أهل مكة (مع بذل المجهود) 1/ 36.

الأول: تفرد في الطبقات المتقدمة

لشدة الفردية وعدم المتابع والشاهد من وجه معتبر)) (¬1). ويمكننا أن نقسم التفرد - حسب موقعه في السند - إلى قسمين: الأول: تفرد في الطبقات المتقدمة: كطبقة الصَّحَابَة، وطبقة كبار التَّابِعِيْنَ، وهذا التفرد مقبول إذا كَانَ راويه ثقة -وهذا الاحتراز فِيْمَا يخص طبقة التَّابِعِيْنَ -، فهو أمر وارد جداً لأسباب متعددة يمكن حصرها في عدم توفر فرص متعددة تمكّن الْمُحَدِّثِيْنَ من التلاقي وتبادل المرويات، وذلك لصعوبة التنقل في البلدان، لا سيما في هذين العصرين. فوقوعه فيهما لا يولد عِنْدَ الناقد استفهاماً عن كيفيته، ولاسيما أن تداخل الأحاديث فِيْمَا بينها شيء لا يكاد يذكر، نظراً لقلة الأسانيد زياد على قصرها. هَذَا فِيْمَا إذا لَمْ يخالف الثابت المشهور، أو من هُوَ أولى مِنْهُ حفظاً أَوْ عدداً. وإن كَانَ المتفرد ضعيفاً أَوْ مجهولاً -فِيْمَا يخص التَّابِعِيْنَ- فحكمه بيّن وَهُوَ الرد (¬2). الثاني: التفرد في الطبقات المتأخرة فبعد أن نشط الناس لطلب العلم وأداموا الرحلة فِيْهِ والتبحر في فنونه، ظهرت مناهج متعددة في الطلب والموقف مِنْهُ، فكانت الغرس الأول للمدارس الحديثية الَّتِيْ نشأت فِيْمَا بَعْد، فكان لها جهدها العظيم في لَمِّ شتات المرويات وجمعها، والحرص عَلَى تلقيها من مصادرها الأصيلة، فوفرت لَهُم الرحلات المتعددة فرصة لقاء المشايخ والرواة وتبادل المرويات، فإذا انفرد من هَذِهِ الطبقات أحد بشيء ما فإن ذَلِكَ أمر يوقع الريبة عِنْدَ الناقد، لا سيما إذا تفرد عمن يجمع حديثه أَوْ يكثر أصحابه، كالزهري ومالك وشعبة وسفيان وغيرهم (¬3). ثم إنّ العلماء قسموا الأفراد من حَيْثُ التقييد وعدمه إلى قسمين: الأول: الفرد المطلق: وَهُوَ ما ينفرد بِهِ الرَّاوِي عن أحد الرُّوَاة (¬4). ¬

_ (¬1) التلخيص الحبير 2/ 7، والطبعة العلمية 2/ 18 - 19. وانظر في صلاة التسبيح: جامع الترمذي 1/ 491 - 494 (481) و (482). (¬2) إلا أن توجد قرائن أخرى ترفع الْحَدِيْث من حيز الرد إلى حيز القبول. (¬3) انظر: الموقظة: 77، والموازنة بَيْنَ منهج المتقدمين والمتأخرين: 24. (¬4) انظر: مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث: 80 وطبعتنا: 184، وشرح التبصرة والتذكرة 1/ 217 وطبعتنا 1/ 286، ونُزهة النظر: 78.

الثاني: الفرد النسبي

الثاني: الفرد النسبي: وَهُوَ ما كَانَ التفرد فِيْهِ نسبياً إلى جهة ما (¬1)، فيقيد بوصف يحدد هَذِهِ الجهة. وما قِيْلَ من أن لَهُ أقساماً أخر، فإنها راجعة في حقيقتها إلى هذين القسمين. أما الحكم عَلَى الأفراد باعتبار حال الرَّاوِي المتفرد فَقَطْ من غَيْر اعتبار للقرائن والمرجحات، فهو خلاف منهج الأئمة النقاد المتقدمين، إذن فليس هناك حكم مطرد بقبول تفرد الثقة، أو رد تفرد الضعيف، بَلْ تتفاوت أحكامهما، ويتم تحديدها وفهمها عَلَى ضوء المنهج النقدي النَّزيه؛ وذلك لأن الثقة يختلف ضبطه باختلاف الأحوال والأماكن والشيوخ لخلل يحدث في كيفية التلقي للأحاديث أَوْ لعدم توفر الوسائل الَّتِيْ تمكنه من ضبط ما سَمعه من بعض شيوخه، أو لحدوث ضياع في بعض ما كتبه عن بعض شيوخه حَتَّى وَلَوْ كَانَ من أثبت أصحابهم وألزمهم، ولذا ينكر النقاد من أحاديث الثقات - حَتَّى وَلَوْ كانوا أئمة - ما ليس بالقليل. ومن أمثلة التفرد ما يأتي: النموذج الأول: حَدِيْث العلاء بن عَبْد الرحمان (¬2)، عن أبيه (¬3)، عن أبي هُرَيْرَة، أن رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((إذا انتصف شعبان فلا تصوموا)). أخرجه عَبْد الرزاق (¬4)، وابن أبي شيبة (¬5)، وأحمد (¬6)، والدارمي (¬7)، وأبو داود (¬8)، ¬

_ (¬1) انظر: مَعْرِفَة أنواع علم الحديث: 80 وطبعتنا: 184، والتقريب والتيسير: 73 وطبعتنا: 119 - 120، وفتح المغيث 1/ 239، وظفر الأماني: 244. (¬2) هو أبو شبل العلاء بن عَبْد الرحمان بن يعقوب الحرقي المدني: صدوق ربما وهم، توفي سنة (138 هـ‍). الثقات 5/ 247، وتهذيب الكمال 5/ 526 - 527 (5166)، والتقريب (5247). (¬3) هُوَ عَبْد الرحمان بن يعقوب الجهني المدني، مولى الحرقة: ثقة من الثالثة. الثقات 5/ 108 - 109، وتهذيب الكمال 4/ 492 (3985)، والتقريب (4046). (¬4) في مصنفه (7325). (¬5) في مسنده (9026). (¬6) في مسنده 2/ 442. (¬7) الحافظ الإمام، أحد الأعلام، أبو مُحَمَّد عَبْد الله بن عَبْد الرحمان بن الفضل بن بهرام التميمي ثُمَّ الدارمي السمرقندي، ولد سنة (181 هـ‍)، وتوفي سنة (255 هـ‍). الثقات 8/ 364، تهذيب الكمال 4/ 189 (3371)، وسير أعلام النبلاء 12/ 224. والحديث في سننه (1747) و (1748). (¬8) في سننه (2337).

وابن ماجه (¬1)، والترمذي (¬2)، والنسائي (¬3)، والطحاوي (¬4)، وابن حبان (¬5)، والطبراني (¬6)، والبيهقي (¬7)، والخطيب (¬8)، جميعهم من هَذِهِ الطريق. قَالَ أبو داود: ((لَمْ يجئ بِهِ غَيْر العلاء، عن أبيه)) (¬9). وَقَالَ النسائي: ((لا نعلم أحداً رَوَى هَذَا الْحَدِيْث غَيْر العلاء بن عَبْد الرحمان)) (¬10). وَقَالَ الترمذي: ((لا نعرفه إلا من هَذَا الوجه عَلَى هَذَا اللفظ)) (¬11). وأورده الحافظ أبو الفضل بن طاهر المقدسي (¬12) في أطراف الغرائب والأفراد (¬13). وَقَدْ أنكره الحفاظ من حَدِيْث العلاء بن عَبْد الرحمان: فَقَالَ أبو داود: ((كَانَ عَبْد الرحمان - يعني: ابن مهدي (¬14) - لا يحدّث بِهِ. قلت لأحمد: لِمَ؟ قَالَ: لأنَّهُ كَانَ عنده أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يصل شعبان برمضان، وَقَالَ: عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - خلافه)) (¬15). وَقَالَ الإمام أحمد: ((العلاء ثقة لا ينكر من حديثه إلا هَذَا)) (¬16). وَقَالَ في رِوَايَة الْمَرُّوذِيِّ (¬17): ((سألت ابن مهدي عَنْهُ فَلَمْ يحدثني بِهِ، ¬

_ (¬1) في سننه (1651). (¬2) في جامعه (738). (¬3) في الكبرى (2911). (¬4) في شرح معاني الآثار 2/ 82. (¬5) في صحيحه (3590) و (3592)، وفي طبعة الرسالة (3589) و (3591). (¬6) في الأوسط (6859)، وفي طبعة دار الكتب العلمية (6863). (¬7) في الكبرى 4/ 209. (¬8) في تاريخ بغداد 8/ 48. (¬9) سنن أبي داود 2/ 301 عقب (2337). (¬10) السنن الكبرى 2/ 172 عقب (2911). (¬11) الجامع الكبير 2/ 107 عقب (738). (¬12) الإمام الحافظ الجوال الرحال أبو الفضل مُحَمَّد بن طاهر بن علي بن أحمد المقدسي، من مصنفاته: "أطرف الأفراد"، توفي سنة (507 هـ‍). تاريخ الإِسْلاَم: 169 وفيات (507 هـ‍)، وسير أعلام النبلاء 19/ 361 و 364، والعبر 4/ 14. (¬13) 5/ 218 (5209). (¬14) هُوَ الإمام الحافظ الناقد المجود أبو سعيد عَبْد الرحمان بن مهدي العنبري، وَقِيْلَ: الأزدي، مولاهم البصري اللؤلؤي، ولد سنة (135 هـ‍)، وتوفي (198 هـ‍). طبقات ابن سعد 7/ 297، والعبر 1/ 326، وسير أعلام النبلاء 9/ 192. (¬15) سنن أبي داود 2/ 301 عقب (2337). (¬16) نصب الراية 2/ 441. (¬17) الإمام القدوة أبو بكر أحمد بن مُحَمَّد بن الحجاج المروذي، صاحب الإمام أحمد بن حَنْبَل، ولد في حدود المئتين، وتوفي (275 هـ‍). =

وَكَانَ يتوقاه. ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْد الله: هَذَا خلاف الأحاديث الَّتِيْ رويت عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -)) (¬1). واستنكره ابن معين أَيْضاً (¬2). وزعم السخاوي (¬3) أن العلاء لَمْ يتفرد بِهِ وأنّ لَهُ متابعاً في روايته عن أبيه، فَقَدْ رَوَى الطبراني (¬4) الْحَدِيْث قائلاً: ((حَدَّثَنَا أحمد بن مُحَمَّد بن نافع، قَالَ: أَخْبَرَنَا عبيد الله ابن عَبْد الله المنكدري، حَدَّثَنِي أبي، عن أبيه، عن جده، عن عَبْد الرحمان بن يعقوب الحرقي، عن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: قَالَ رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا انتصف شعبان فأفطروا)). قَالَ الطبراني عقبه: ((لَمْ يروِ هَذَا الْحَدِيْث عن مُحَمَّد بن المنكدر إلا ابنه المنكدر، تفرد بِهِ ابنه: عَبْد الله)). والحق أن هَذَا الْحَدِيْث لا يصلح للاستشهاد، فضلاً عن أن يشد عضد رِوَايَة العلاء؛ إذ هُوَ مسلسل بالضعفاء والمجاهيل: بدءاً من شيخ الطبراني وَهُوَ: أحمد بن مُحَمَّد ابن نافع، لَمْ أقف لَهُ عَلَى ترجمة، إلا ما أورده الذهبي في ميزان الاعتدال (¬5) وَقَالَ: ((لا أدري مَنْ ذا؟ ذكره ابن الجوزي مرة وَقَالَ: اتهموه. كَذَا قَالَ لَمْ يزد)) (¬6). وعبد الله بن المنكدر - المتفرد بهذا الْحَدِيْث -، قَالَ فِيْهِ العقيلي: ((عن أبيه، ولا يتابع عَلَيْهِ)) (¬7). وَقَالَ الذهبي: ((فِيْهِ جهالة، وأتى بخبر منكر)) (¬8). وَقَالَ مرة: ((لا يعرف)) (¬9). والمنكدر بن مُحَمَّد - الَّذِيْ لَمْ يرو هَذَا الْحَدِيْث عن أبيه غيره - قَالَ فِيْهِ أبو ¬

_ = طبقات الحنابلة 1/ 57، وسير أعلام النبلاء 13/ 173، والعبر 2/ 60. (¬1) علل الْحَدِيْث ومعرفة الرجال: 117 - 118 (تحقيق السامرائي). (¬2) سبل السلام 2/ 642، ونيل الأوطار 4/ 260، والفتح الرباني 10/ 207. وصححه الترمذي وابن حبان وابن حزم وابن عساكر وأبو عوانة والدينوري. انظر: الجامع الكبير (738) وصحيح ابن حبان (3590) و (3592)، والمقاصد الحسنة: 35، والفتح الرباني 10/ 205، وَلَكِنْ أقول: إن تصحيح هَؤُلاَءِ لا يقف عمدة في وجه استنكار ثلاثة من أساطين التعليل والنقد: ابن مهدي، وابن مَعِيْنٍ، وابن حنبل. (¬3) المقاصد الحسنة: 57. (¬4) في الأوسط (1957) في طبعة دار الكتب العلمية (1936)، وعزاه السخاوي في مقاصده: 35 إلى البيهقي في الخلافيات. (¬5) 1/ 146 (569). (¬6) ونحوه في المغني في الضعفاء 1/ 57 (448). وانظر: لسان الميزان 1/ 285. (¬7) الضعفاء الكبير 2/ 303 (880). (¬8) ميزان الاعتدال 2/ 508. (¬9) ديوان الضعفاء والمتروكين 2/ 69.

أثر الحديث في اختلاف الفقهاء (حكم صوم النصف الثاني من شعبان)

حاتم: ((كَانَ رجلاً صالحاً لا يقيم الْحَدِيْث وَكَانَ كثير الخطأ، لَمْ يَكُنْ بالحافظ لحديث أبيه)) (¬1). وَقَالَ النسائي: ((ضعيف))، وَقَالَ مرة: ((ليس بالقوي)) وبنحوه قَالَ أبو زرعة (¬2). وَقَالَ ابن حبان: ((قطعته العبادة عن مراعاة الحفظ والتعاهد في الإتقان، فكان يأتي بالشيء الَّذِيْ لا أصل لَهُ عن أبيه توهماً)) (¬3). وَقَالَ الذهبي: ((فِيْهِ لين)) (¬4). وبهذا تبين أن الشاهد غَيْر صالح للاعتبار، فهو جزماً من أوهام المنكدر بن مُحَمَّد. ويبقى الْحَدِيْث من أفراد العلاء بن عَبْد الرحمان، عن أبيه. قَالَ ابن رجب: ((واختلف العلماء في صحة هَذَا الْحَدِيْث ثُمَّ العمل بِهِ، أما تصحيحه فصححه غَيْر واحد، مِنْهُمْ: الترمذي، وابن حبان، والحاكم، وابن عَبْد البر. وتكلم فِيْهِ من هُوَ أكبر من هؤلاء وأعلم. وقالوا: هُوَ حَدِيْث منكر، مِنْهُمْ: عَبْد الرحمان ابن مهدي، وأحمد، وأبو زرعة الرازي، والأثرم، ورده الإمام أحمد بحديث: ((لا تقدموا رمضان بصوم يوم أو يومين))، فإن مفهومه جواز التقدم بأكثر من يومين)) (¬5). أثر الْحَدِيْث في اختلاف الفقهاء (حكم صوم النصف الثاني من شعبان) اختلف الفقهاء في حكم صوم النصف الثاني من شعبان عَلَى النحو الآتي: أولاً: ذهب قوم إلى كراهة الصوم بَعْدَ النصف من شعبان إلى رمضان. هكذا نقله الطحاوي (¬6) من غَيْر تعيين للقائلين بِهِ. وَهُوَ قَوْل جمهور الشافعية (¬7). ونقله ابن حزم عن قوم (¬8). ثانياً: خص ابن حزم (¬9) - جمعاً بَيْنَ أحاديث الباب - النهي باليوم السادس عشر من ¬

_ (¬1) الجرح والتعديل 8/ 406. (¬2) ميزان الاعتدال 4/ 191. (¬3) المجروحين 3/ 23 - 24. (¬4) الكاشف 2/ 298 (5651). (¬5) لطائف المعارف: 142. (¬6) شرح معاني الآثار 2/ 82. (¬7) التهذيب 3/ 202، وفتح الباري 4/ 128، إلا أنه نقل عَنْهُمْ المنع، والظاهر أنه أراد بالمنع ما هُوَ الأعم من مفهومها الخاص وَهُوَ التحريم، بقرينة أنه أفرد الروياني ونقل عَنْهُ أنه قَالَ بالتحريم، فلو كَانَ مؤدى العبارتين واحداً لما فصل بينهما. (¬8) المحلى 4/ 26. (¬9) الإمام البحر، ذو الفنون والمعارف أبو مُحَمَّد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي، من مؤلفاته: " المحلى " و " الإيصال إلى فهم الخصال " و " الأحكام "، ولد سنة (384 هـ‍)، وتوفي سنة (456 هـ‍). سير أعلام النبلاء 18/ 184 و 193 و 213، وتاريخ الإِسْلاَم: 403 وفيات (456 هـ‍)، والأعلام 4/ 254.

النموذج الثاني

شعبان (¬1). ثالثاً: ذهب الروياني (¬2) من الشافعية إلى تحريم صوم النصف الثاني من شعبان (¬3). رابعاً: ذهب جمهور العلماء إلى إباحة صوم النصف الثاني من شعبان من غَيْر كراهة (¬4). واستدل أصحاب المذاهب الثلاثة الأول بحديث عَبْد الرحمان بن العلاء، عَلَى اختلاف في تحديد نوع الحكم. وأجاب الجمهور بتضعيف حديثه، وعدم وجود ما يقتضي التحريم أو الكراهة، بَلْ وجود ما يعضد القَوْل بالاستحباب. ومذهب الجمهور هُوَ الراجح في عدم الكراهة وجواز صيام النصف الثاني من شعبان لضعف حَدِيْث العلاء وعدم صحته. والأصل الجواز حَتَّى يأتي دليل التحريم أَوْ الكراهة. النموذج الثاني: حَدِيْث قتيبة بن سعيد، عن الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب (¬5)، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة (¬6)، عن معاذ بن جبل (¬7): ((أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ في غزوة تبوك إذا ارتحل قَبْلَ زيغ الشمس أخّر الظهر إلى أن يجمعها إلى العصر فيصليهما جميعاً، وإذا ارتحل بَعْدَ زيغ الشمس عجّل العصر إلى الظهر، وصلى الظهر والعصر جميعاً ثُمَّ سار. ¬

_ (¬1) المحلى 7/ 25. (¬2) هُوَ الشيخ أبو المحاسن عَبْد الواحد بن إسماعيل بن أحمد الروياني، صنف الكتب المفيدة مِنْهَا: " حلية المؤمن " و " الكافي "، ولد سنة (415 هـ‍)، وتوفي مقتولاً بجامع آمد سنة (501 هـ‍) أو (502 هـ‍). سير أعلام النبلاء 19/ 260 - 261، وطبقات الشافعية، لابن قاضي شهبة 2/ 287. (¬3) نقله ابن حجر في الفتح 4/ 129. (¬4) شرح معاني الآثار 2/ 82، وفتح الباري 4/ 129. (¬5) أبو رجاء يزيد بن أبي حبيب الأزدي، مولاهم المصري: ثقة فقيه وَكَانَ يرسل، ولد بَعْدَ سنة (50 هـ‍)، وتوفي سنة (128 هـ‍). تهذيب الكمال 8/ 118 (7570)، وسير أعلام النبلاء 6/ 31، والتقريب (7701). (¬6) هُوَ الصَّحَابِيّ أبو الطفيل عامر بن واثلة الليثي، وَهُوَ آخر من مات من الصَّحَابَة، توفي سنة (110 هـ‍). معجم الصَّحَابَة 11/ 3886، وتجريد أسماء الصَّحَابَة 1/ 289 (3056)، والعبر 1/ 118. (¬7) الصَّحَابِيّ الجليل معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس الأنصاري الخزرجي، أسلم وَهُوَ ابن ثماني عشرة سنة، توفي سنة (18 هـ‍). معجم الصَّحَابَة 13/ 4596، وأسد الغابة 4/ 376، والإصابة 3/ 426 - 427.

وَكَانَ إذا ارتحل قَبْلَ المغرب أخّر المغرب حَتَّى يصليها مع العشاء، وإذا ارتحل بَعْدَ المغرب عجّل العشاء فصلاها مع المغرب)). رَوَاهُ أحمد (¬1)، وأبو داود (¬2)، والترمذي (¬3)، وابن حبان (¬4)، والدارقطني (¬5)، والحاكم (¬6)، والبيهقي (¬7)، والخطيب البغدادي (¬8)،والذهبي (¬9)، كلهم من طريق قتيبة هَذِهِ. أقول: هَذَا الْحَدِيْث تفرد بِهِ قتيبة، عن الليث، ونص الحفاظ عَلَى ذَلِكَ: قَالَ أبو داود: ((لَمْ يروِ هَذَا الْحَدِيْث إلا قتيبة وحده)) (¬10). وَقَالَ الترمذي: ((حَدِيْث معاذ حَدِيْث حسن غريب، تفرّد بِهِ قتيبة، لا نعرف أحداً رَوَاهُ عن الليث غيره. وحديث الليث عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الطفيل، عن معاذ: حَدِيْث غريب)) (¬11). وَقَالَ البيهقي: ((تفرد بِهِ قتيبة بن سعيد، عن ليث، عن يزيد)) (¬12). وَقَالَ الْخَطِيْب: ((لَمْ يروِ حَدِيْث يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الطفيل، عن الليث: ¬

_ (¬1) في مسنده 5/ 241. (¬2) في سننه (1220). (¬3) في الجامع (553) و (554). (¬4) في صحيحه (1455) و (1590) وفي طبعة دار الرسالة (1458) و (1593). (¬5) الإمام الحافظ أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد بن مهدي البغدادي الدَّارَقُطْنِيّ، من مؤلفاته كتاب "السنن" و "العلل الواردة في الأحاديث النبوية" وغيرهما، ولد في سنة (306 هـ‍)،وتوفي سنة (385 هـ‍). سير أعلام النبلاء 16/ 449 و 457، وتاريخ الإِسْلاَم: 101 وفيات (385 هـ‍)، والأعلام 4/ 314. والحديث في سننه 1/ 392 و 393. (¬6) في مَعْرِفَة علوم الْحَدِيْث: 119 و 120. (¬7) في الكبرى 3/ 163. (¬8) في تاريخ بغداد 12/ 466. (¬9) الحافظ المؤرخ العلامة المحقق أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن أحمد بن عثمان شمس الدين الذهبي من مؤلفاته: "تاريخ الإِسْلاَم" و"سير أعلام النبلاء" و"تذكرة الحفاظ"، ولد سنة (673 هـ‍)، وتوفي سنة (748 هـ‍). مرآة الجنان 4/ 231، وشذرات الذهب 6/ 153، والأعلام 5/ 326. والحديث في سير أعلام النبلاء 11/ 21. (¬10) سنن أبي داود 2/ 8 عقب (1220). (¬11) الجامع الكبير 1/ 556 عقب (554). (¬12) السنن الكبرى 3/ 163.

غَيْر قتيبة)) (¬1). وأورده الحافظ ابن طاهر المقدسي في: "أطراف الغرائب والأفراد" (¬2). وَقَالَ الذهبي: ((ما رَوَاهُ أحد عن الليث سوى قتيبة)) (¬3). وَقَدْ أنكر هَذَا الْحَدِيْث عَلَى قتيبة سنداً ومتناً: أما في السند: فالرواية المحفوظة هِيَ رِوَايَة أبي الزبير، عن أبي الطفيل، عن معاذ. قَالَ أبو سعيد بن يونس (¬4): ((لَمْ يحدث بِهِ إلا قتيبة، ويقال: إنه غلط، وإن موضع يزيد بن أبي حبيب: أبو الزبير (¬5))) (¬6). وَقَالَ البيهقي: ((وإنما أنكروا من هَذَا رِوَايَة يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الطفيل، فأما رِوَايَة أبي الزبير عن أبي الطفيل فهي محفوظة صحيحة)) (¬7). وَقَدْ وقفت عَلَى ثمانية أنفس رووه عن أبي الزبير، عن أبي الطفيل، عن معاذ وهم: 1 - مالك بن أنس (¬8): ومن طريقه الشَّافِعِيّ (¬9)، وعبد الرزاق (¬10)، وأحمد (¬11)، والدارمي (¬12)، ومسلم (¬13)، وأبو داود (¬14)، والنسائي (¬15)، وابن خزيمة (¬16)، والطحاوي (¬17)، والشاشي (¬18)، وابن حبان (¬19)، والطبراني (¬20)، والبيهقي (¬21). ¬

_ (¬1) تاريخ بغداد 12/ 467. (¬2) 4/ 299 (4305). لكنه لَمْ يحكم بتفرد قتيبة بِهِ. (¬3) سير أعلام النبلاء 11/ 22. (¬4) الإمام الحافظ المتقن أبو سعيد عَبْد الرحمن بن أحمد بن الإمام يونس بن عَبْد الأعلى الصدفي المصري، صاحب كتاب " تاريخ علماء مصر "، ولد سنة (281 هـ‍)، وتوفي سنة (347 هـ‍). الأنساب 3/ 538، وسير أعلام النبلاء 15/ 578، وتاريخ الإِسْلاَم: 381 وفيات (347 هـ‍). (¬5) هو أبو الزبير مُحَمَّد بن مُسْلِم بن تدرس القرشي الأسدي المكي: صدوق، إلا أنَّهُ يدلّس، توفي سنة (128هـ‍). تهذيب الكمال 6/ 503 (6193)، وسير أعلام النبلاء 5/ 380 و386، والتقريب (6291). (¬6) نقله الذهبي في السير 11/ 23. (¬7) السنن الكبرى 3/ 163. (¬8) في موطئه (383) رِوَايَة الليثي. (¬9) في مسنده (361) و (365) بتحقيقنا. (¬10) في مصنفه (4399). (¬11) في مسنده 5/ 237. (¬12) في سننه (1523). (¬13) في صحيحه 7/ 60 (706) (10). (¬14) في سننه (1206). (¬15) في المجتبى 1/ 285، وفي الكبرى (1563). (¬16) في صحيحه (968) و (1704). (¬17) في شرح معاني الآثار 1/ 160. (¬18) في مسنده (1339). (¬19) في صحيحه (1592) وفي طبعة الرسالة (1595). (¬20) في الكبير 20/ 49 (102). (¬21) في السنن الكبرى 3/ 162، وفي دلائل النبوة 5/ 236.

2 - قرة (¬1) بن خالد (¬2): عِنْدَ أبي داود الطيالسي (¬3)، وأحمد (¬4)، ومسلم (¬5)، والبزار (¬6)، وابن خزيمة (¬7)، والطحاوي (¬8)، والشاشي (¬9)، وابن حبان (¬10)، والطبراني (¬11). 3 - عمرو بن الحارث (¬12): عِنْدَ الطبراني (¬13). 4 - هشام بن سعد (¬14): عِنْدَ الإمام أحمد (¬15)، وعبد بن حميد (¬16)، والبزار (¬17)، والشاشي (¬18)، والطبراني (¬19). 5 - سفيان بن سعيد الثوري: ومن طريقه أخرجه عَبْد الرزاق (¬20)، وابن أبي شيبة (¬21)، وأحمد (¬22)، وابن ماجه (¬23)، والطبراني (¬24)، وأبو نعيم (¬25). ¬

_ (¬1) تصحف في المطبوع من مسند أبي داود الطيالسي إلى (مرة). (¬2) أبو خالد، ويقال: أبو مُحَمَّد قرة بن خالد السدوسي البصري: ثقة ضابط، توفي سنة (154 هـ‍). الأنساب 3/ 259، وسير أعلام النبلاء 7/ 95 و 96، وتاريخ الإِسْلاَم: 576 وفيات (154 هـ‍). (¬3) في مسنده (569). (¬4) في مسنده 5/ 228. (¬5) في صحيحه 2/ 152 (706) (53). (¬6) في البحر الزخار (2637). (¬7) في صحيحه (966). (¬8) في شرح المعاني 1/ 160. (¬9) في مسنده (1338). (¬10) في صحيحه (1588). (¬11) في الكبير 20/ 51 (108). (¬12) العلامة الحافظ الثبت أبو أمية عمرو بن الحارث بن يعقوب الأنصاري المصري، عالم الديار المصرية ومفتيها، ولد سنة (91 هـ‍)، وَقِيْلَ: (92 هـ‍)، وَقِيْلَ: (93 هـ‍)، وتوفي سنة (147 هـ‍). تهذيب الكمال 5/ 399 و 401 (4930)، وسير أعلام النبلاء 6/ 349، والأعلام 5/ 76. (¬13) في الكبير 20/ 50 (104). (¬14) هُوَ أَبُو عباد هشام بن سعد المدني القرشي، مولى آل أبي لهب، ويقال مولى بني مخزوم: صدوق، لَهُ أوهام، ورمي بالتشيع، توفي سنة (160 هـ‍). تهذيب الكمال 7/ 402 و 403 (7172)، وسير أعلام النبلاء 7/ 344، والتقريب (7294). (¬15) في مسنده 5/ 233. (¬16) الإمام الحافظ الحجة الجوال أبو مُحَمَّد عَبْد بن حميد بن نصر، من مصنفاته: " المسند الكبير " و" التفسير "، توفي سنة (249 هـ‍). تهذيب الكمال 5/ 22 (4198)، وسير أعلام النبلاء 12/ 235 و 236، وتاريخ الإِسْلاَم: 341 وفيات (249 هـ‍). والحديث في المنتخب من مسنده (122). (¬17) في البحر الزخار (2639). (¬18) في مسنده (1340). (¬19) في الكبير 20/ 103. (¬20) في مصنفه (4398). (¬21) في مصنفه (8229). (¬22) في مسنده 5/ 230 و 236. (¬23) في سننه (1070). (¬24) في الكبير 20/ 101. (¬25) في الحلية 7/ 88.

6 - أبو خيثمة (¬1) زهير بن معاوية: عِنْدَ مُسْلِم (¬2)، والطبراني (¬3). 7 - أشعث بن سوار (¬4): وروايته عِنْدَ الطبراني (¬5). 8 - زيد بن أبي أنيسة (¬6): كَمَا أخرجها الطبراني (¬7). أقول: فَقَدْ خالف قتيبة في روايته هَذَا الْحَدِيْث عن الليث عن يزيد بن أبي حبيب هؤلاء الرُّوَاة. أما الليث بن سعد فَقَدْ رَوَى أصحابه الْحَدِيْث عَنْهُ، عن هشام بن سعد، عن أبي الزبير، عن أبي الطفيل، عن معاذ، بِهِ. وهم: 1 - حماد بن خالد (¬8): أخرجه أحمد (¬9). 2 - عَبْد الله بن صالح (¬10): عِنْدَ الطبراني (¬11). ¬

_ (¬1) الحافظ الإمام المجود أبو خيثمة زهير بن معاوية الجعفي الكوفي، ولد سنة (95 هـ‍)، وتوفي سنة (164 هـ‍). الأنساب 2/ 95، وتهذيب الكمال 3/ 38 (2004)، وسير أعلام النبلاء 8/ 181 و 184. (¬2) في صحيحه 2/ 152 (706) (52). (¬3) في الكبير 20/ 50 (105). (¬4) أشعث بن سوار الكندي، النجار الكوفي، ويقال لَهُ: صاحب التوابيت ويقال: الأثرم: ضعيف، توفي سنة (136 هـ‍). الأنساب 1/ 463،والتقريب (524)، وشذرات الذهب 1/ 193. (¬5) في الكبير 20/ 50 (106). (¬6) الإمام الحافظ الثبت أبو أسامة زيد بن أبي أنيسة الجزري، الرهاوي، الغنوي، وَقَالَ أبو سعد: كَانَ ثقة، فقيهاً، راويةً للعلم، توفي سنة (125 هـ‍)، وَقِيْلَ: (124 هـ‍). الثقات 6/ 315، وسير أعلام النبلاء 6/ 88 و 89، وتاريخ الإِسْلاَم: 108 وفيات (125هـ‍). (¬7) في الكبير 20/ 50 - 51 (107). (¬8) هُوَ أبو عَبْد الله حماد بن خالد الخياط القرشي البصري، نَزيل بغداد، وأصله مدني وَقَالَ النسائي: ثقة. انظر: الثقات 8/ 206، وتهذيب الكمال 2/ 272 و 273 (1463)، والكاشف 1/ 349 (1217). (¬9) في مسنده 5/ 233. (¬10) أبو صالح عَبْد الله بن صالح بن مُحَمَّد بن مُسْلِم الجُهني، مولاهم المصري: صدوق، كثير الغلط، وكانت فِيْهِ غفلة، توفي سنة (223 هـ‍‍). انظر: تهذيب الكمال 4/ 164 (3324)، وسير أعلام النبلاء 10/ 405، والتقريب (3388). (¬11) في الكبير 20/ 50 (103).

3 - يزيد بن خالد بن يزيد الرملي (¬1): عِنْدَ أبي داود (¬2)، والبيهقي (¬3). إلا أنه قرن الليث بن سعد مع المفضل (¬4) بن فضالة (¬5). وهكذا يتجه الحمل في إسناد هَذَا الْحَدِيْث إلى قتيبة بن سعيد لا محالة، في إبدال يزيد بن أبي حبيب موضع أبي الزبير المكي. وأما الْمَتْن: فكل من رَوَى الْحَدِيْث (¬6) من طريق أبي الزبير، عن أبي الطفيل، عن معاذ. فإنما ذكر مطلق الجمع من غَيْر تعرض لجمع التقديم في شيء من طرق الْحَدِيْث، إلا في رِوَايَة قتيبة بن سعيد. وأما رِوَايَة يزيد بن خالد الرملي - الآنفة - فَقَدْ وقع لفظها مقارباً للفظ حَدِيْث قتيبة، إلا أن الحفاظ أعلّوا هَذِهِ الرِّوَايَة، قَالَ الحافظ ابن حجر: ((وله طريق آخر عن معاذ بن جبل، أخرجها أبو داود من رواية هشام بن سعد، عن أبي الزبير، عن أبي الطفيل، وهشام مختلف فِيْهِ، وَقَدْ خالف الحفاظ من أصحاب أبي الزبير ك‍: مالك والثوري وقرة بن خالد وغيرهم. فَلَمْ يذكروا في روايتهم جمع التقديم)) (¬7). وَقَالَ الترمذي: ((وحديث الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الطفيل، عن معاذ: حَدِيْث غريب. والمعروف عِنْدَ أهل العلم حَدِيْث معاذ من حَدِيْث أبي الزبير، عن أبي الطفيل، عن معاذ، أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - جمع في غزوة تبوك بَيْنَ الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء، رَوَاهُ قرة بن خالد وسفيان الثوري ومالك وغير واحد، عن أبي الزبير المكي)) (¬8). وَقَالَ الذهبي: ((غلط في الإسناد، وأتى بلفظ منكر جداً)) (¬9). ¬

_ (¬1) هُوَ أبو خالد يزيد بن خالد بن يزيد الرملي: ثقة، عابد، توفي سنة (232 هـ‍)، وَقِيْلَ: (233 هـ‍)، وَقِيْلَ: (237 هـ‍). الثقات 9/ 276، وتهذيب الكمال 8/ 121 (7577)، والتقريب (7708). (¬2) في سننه (1208). (¬3) في سننه 3/ 162. (¬4) هُوَ أَبُو معاوية القاضي، المفضل بن فضالة بن عبيد القتباني المصري: ثقة، فاضل، عابد، ولد سنة (107 هـ‍)، وتوفي سنة (181 هـ‍) وَقِيْلَ: (182 هـ‍). التاريخ الكبير 7/ 405، وتهذيب الكمال 7/ 205 - 206 (6746)، والتقريب (6858). (¬5) وقع عِنْدَ البيهقي من طريق أبي داود ((المفضل بن فضالة، عن الليث بن سعد)) وَهُوَ خطأ صوابه: ((والليث بن سعد)) كَمَا في المطبوع من سنن أبي داود، وانظر: تحفة الأشراف (11320). (¬6) انظر: التخاريج السابقة. (¬7) فتح الباري 2/ 583. (¬8) الجامع الكبير عقب (554). (¬9) سير أعلام النبلاء 11/ 23.

وَقَالَ الْخَطِيْب: ((هُوَ منكر جداً من حديثه)) (¬1). وَقَدْ أفاض الْحَاكِم في بيان علة الْحَدِيْث في فصل ممتع، فَقَالَ: ((هَذَا حديث رواته أئمة ثقات وَهُوَ شاذ الإسناد والمتن لا نعرف لَهُ علة نعلله بِهَا، وَلَوْ كَانَ الْحَدِيْث عِنْدَ الليث، عن أبي الزبير، عن أبي الطفيل لعللنا بِهِ الْحَدِيْث، وَلَوْ كَانَ عِنْدَ يزيد بن أبي حبيب عن أبي الزبير لعللنا بِهِ، فلما لَمْ نجد لَهُ العلتين خرج عن أن يَكُوْن معلولاً، ثُمَّ نظرنا فَلَمْ نجد ليزيد بن أبي حبيب، عن أبي الطفيل رِوَايَة، ولا وجدنا هَذَا الْمَتْن بهذه السياقة عِنْدَ أحد من أصحاب أبي الطفيل، ولا عِنْدَ أحد ممن رَوَاهُ عن معاذ بن جبل عن أبي الطفيل، فقلنا الْحَدِيْث شاذ)) (¬2). وَقَالَ أبو حاتم: ((كتبت عن قتيبة حديثاً، عن الليث بن سعد لَمْ أصبه بمصر عن الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الطفيل، عن معاذ، عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه كَانَ في سفر فجمع بَيْنَ الصلاتين)) ثُمَّ قَالَ: ((لا أعرفه من حَدِيْث يزيد والذي عندي أنه دخل لَهُ حَدِيْث في حَدِيْث)) (¬3). وأكثر العلماء قلّدوا الْحَاكِم في تشخيص سبب النكارة، وَهُوَ أن خالداً المدائني أدخل الْحَدِيْث عَلَى الليث بن سعد، فسمعه قتيبة من الليث وَهُوَ ليس من حديثه (¬4). ورد الإمام الذهبي هَذَا القَوْل، فَقَالَ: ((هَذَا التقرير يؤدي إلى أن الليث كَانَ يقبل التلقين، ويروي ما لَمْ يَسْمَع، وما كَانَ كذلك. بَلْ كَانَ حجة متثبتاً، وإنما الغفلة وقعت فِيْهِ من قتيبة، وَكَانَ شيخ صدق، قَدْ رَوَى نحواً من مئة ألفٍ، فيغتفر لَهُ الخطأ في حَدِيْث واحدٍ)) (¬5). وَقَالَ أَيْضاً: ((ما علمتهم نقموا عَلَى قتيبة سوى ذَلِكَ الْحَدِيْث المعروف في الجمع في السفر)) (¬6). والأصوب - والله أعلم - التعليل بما قاله أبو حاتم، من أن قتيبة دخل لَهُ حَدِيْث الليث، عن هشام بن سعد، عن أبي الزبير، فظنه حَدِيْث الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الطفيل، وحمل متن حَدِيْث هشام فنسبه إلى رِوَايَة يزيد. ولهذا صرح غَيْر واحد من أئمة الْحَدِيْث أنه لَمْ يصح في جمع التقديم شيء، ¬

_ (¬1) تاريخ بغداد 12/ 467. (¬2) مَعْرِفَة علوم الْحَدِيْث: 120. (¬3) علل الْحَدِيْث 1/ 91 (245). (¬4) مَعْرِفَة علوم الْحَدِيْث: 120 - 121، وتاريخ بغداد 12/ 466. (¬5) سير أعلام النبلاء 11/ 24. (¬6) سير أعلام النبلاء 11/ 20.

أثر الحديث في اختلاف الفقهاء (الجمع بين الصلاتين)

قَالَ أبو داود: ((ليس في جمع التقديم حَدِيْث قائم)) (¬1). وَقَالَ ابن حجر: ((والمشهور في جمع التقديم ما أخرجه أبو داود والترمذي وأحمد وابن حبان من طريق الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الطفيل، عن معاذ بن جبل. وَقَدْ أعله جَمَاعَة من أئمة الْحَدِيْث بتفرد قتيبة عن الليث)) (¬2). أثر الْحَدِيْث في اختلاف الفقهاء (الجمع بَيْنَ الصلاتين) اختلف الفقهاء في حكم الجمع بَيْنَ الصلاتين بعذر السفر عَلَى أقوال هِيَ: الأول: يجوز الجمع بَيْنَ الظهر والعصر في وقت أيهما شاء تقديماً أو تأخيراً، وكذا المغرب والعشاء، وَهُوَ قَوْل جمهور العلماء مِنْهُمْ: سعيد بن زيد (¬3)، وسعد (¬4)، وأسامة (¬5)، ومعاذ بن جبل، وأبو موسى (¬6)، وابن عَبَّاسٍ، وابن عمر. وبه قَالَ طاووس، ومجاهد، وعكرمة (¬7)، والثوري، وإسحاق، وأبو ثور، وابن (¬8) ¬

_ (¬1) التلخيص الحبير 2/ 52، وفي طبعة دار الكتب العلمية 2/ 122، وبذل المجهود 6/ 307، وعون المعبود 1/ 473. (¬2) فتح الباري 2/ 583. (¬3) الصَّحَابِيّ الجليل سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل القرشي العدوي، أبو الأعور، أبو الثور، من العشرة المبشرة بالجنة، توفي سنة (50 هـ‍). معجم الصَّحَابَة 5/ 1908، وأسد الغابة 2/ 306، وتجريد أسماء الصَّحَابَة 1/ 222 (2316). (¬4) هُوَ الصَّحَابِيّ الجليل أبو إسحاق سعد بن أبي وقاص بن مالك القرشي الزهري، أحد العشرة المبشرة، وأول من رمى بسهم في سبيل الله، توفي سنة (55 هـ‍) وَقِيْلَ: (56 هـ‍)، وَقِيْلَ: (57 هـ‍). معجم الصَّحَابَة 5/ 1808، والاستيعاب 2/ 18 و 20 و 26، وسير أعلام النبلاء 1/ 92 و 124. (¬5) الصَّحَابِيّ الجليل مولى رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم -، أسامة بن زيد بن حارثة الكلبي نسباً الهاشمي ولاءً، كَانَ يلقب بـ (حب رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم -)، و (الحب بن الحب)، توفي سنة (54 هـ‍). معجم الصَّحَابَة 1/ 197، والاستيعاب 1/ 57 و 59، والإصابة 1/ 31. (¬6) الصَّحَابِيّ الجليل عَبْد الله بن قيس بن حضّار بن حرب، أبو موسى الأشعري، توفي سنة (50 هـ‍) وَقِيْلَ: (42 هـ‍) وَقِيْلَ: (44 هـ‍). معجم الصَّحَابَة 9/ 3303، وتجريد أسماء الصَّحَابَة 1/ 330 (3487)، والإصابة 2/ 359 - 360. (¬7) هُوَ أبو عَبْد الله القرشي، مولاهم المدني مولى ابن عَبَّاسٍ، أصله بربري: ثقة، ثبت، عالم بالتفسير، توفي سنة (105 هـ‍) وَقِيْلَ: (106 هـ‍)، وَقِيْلَ: (107 هـ‍). انظر: سير أعلام النبلاء 5/ 12 و 34، وميزان الاعتدال 3/ 93، والتقريب (4673). (¬8) هُوَ الإمام الحافظ أبو بكر مُحَمَّد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري الفقيه، صاحب التصانيف مِنْهَا: "الإجماع" و " الإشراف "، ولد سنة (242 هـ‍)، وتوفي سنة (316 هـ‍)، وَقِيْلَ: (318 هـ‍). =

المنذر (¬1). وإليه ذهب مالك في المشهور عَنْهُ (¬2)، والشافعية (¬3)، وأحمد في أصح الروايتين (¬4)، والهادوية من الزيدية (¬5). الثاني: لا يجوز الجمع بَيْنَ فرضين في حال من الأحوال، إلا الظهر والعصر للحاج جمع تقديم بعرفة، والمغرب والعشاء تأخيراً بمزدلفة، وهذا الجمع بسبب النسك لا بسبب السفر. وبه قَالَ الحسن البصري (¬6)، وابن سيرين (¬7)، والنخعي (¬8)، ومكحول (¬9)، وإليه ذهب أبو حَنِيْفَة وعامة أصحابه (¬10). الثالث: يجوز الجمع بَيْنَ الظهر والعصر، أو بَيْنَ المغرب والعشاء جمع تأخير لا تقديم. وَهُوَ قَوْل الأوزاعي في إحدى الروايتين عَنْهُ (¬11).وإليه ذهب الإمام أحمد في رِوَايَة (¬12)، ومالك في رِوَايَة ابن القاسم واختياره (¬13)، وَهُوَ ظاهر مذهب ابن حزم (¬14). واستدل أصحاب المذهب الأول بحديث معاذ من رِوَايَة قتيبة، وَقَدْ تبين عدم صحته. ¬

_ = وفيات الأعيان 4/ 207، وسير أعلام النبلاء 14/ 490 و 492، وتذكرة الحفاظ 3/ 782. (¬1) الأوسط 2/ 428، وانظر: المغني 2/ 112، والمجموع 4/ 371. (¬2) المدونة 1/ 115، وبداية المجتهد 1/ 124، وشرح منح الجليل 1/ 250. (¬3) الأم 1/ 77، والمجموع 4/ 371، ومغني المحتاج 1/ 271. (¬4) المحرر 1/ 134، والمغني 2/ 112، والمقنع: 39، والإنصاف 2/ 334، وكشاف القناع 2/ 3. (¬5) سبل السلام 2/ 41. (¬6) المغني 2/ 112، والمجموع 4/ 371. (¬7) المصادر السابقة. (¬8) المجموع 4/ 371. (¬9) المصدر نفسه. وانظر: الموسوعة الفقهية 16/ 286. (¬10) الحجة 1/ 160 - 164، وبدائع الصنائع 1/ 126. (¬11) سبل السلام 2/ 41. وانظر: فقه الإمام الأوزاعي 1/ 254. (¬12) الاستذكار 2/ 200، وفتح الباري 2/ 580، وسبل السلام 2/ 42. (¬13) المنتقى 1/ 252، والمغني 2/ 112، وفتح الباري 2/ 580. (¬14) المحلى 3/ 172.

نموذج آخر للتفرد

نموذج آخر للتفرد: ما تفرد بِهِ (¬1) أبو قيس: عَبْد الرحمان بن ثروان (¬2)، عن هزيل بن شرحبيل (¬3)، عن المغيرة بن شعبة (¬4)، قَالَ: ((توضّأ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - ومسح عَلَى الجوربين)). وَقَدْ رَوَاهُ من هَذَا الوجه: ابن أبي شيبة (¬5)، والإمام أحمد (¬6)، وعبد بن حميد (¬7)، وأبو داود (¬8)، وابن ماجه (¬9)، والترمذي (¬10)، والنسائي (¬11)، وابن المنذر (¬12)، وابن خزيمة (¬13)، والطحاوي (¬14)، وابن حبان (¬15)، والطبراني (¬16)، وابن حزم (¬17)، والبيهقي (¬18). ¬

_ (¬1) وَقَدْ نص عَلَى تفرده الإمام المبجل أحمد بن حَنْبَل فِيْمَا نقل عَنْهُ ابنه عَبْد الله، إِذْ قَالَ: ((حدّثت أبي بهذا الْحَدِيْث، فَقَالَ أبي: ليس يروى هَذَا إلا من حَدِيْث أبي قيس، قَالَ أبي: إن عَبْد الرحمان بن مهدي [أبى] أن يحدث بِهِ يقول: هُوَ منكر)). السنن الكبرى، للبيهقي 1/ 284. وكذلك أشار إلى تفرده الإمام الدَّارَقُطْنِيّ فَقَالَ في " علله ": ((وَهُوَ مِمَّا يغمز عَلَيْهِ بِهِ؛ لأن المحفوظ عن المغيرة المسح عَلَى الخفين)). العلل 7/ 112، وفيه: ((يعد)) بدل ((يغمز))، وأشار في الحاشية أن في نسخة (هـ‍): ((يغمز))، ولعل ما ترك هُوَ الصواب، والله أعلم. (¬2) قَالَ فِيْهِ الإمام أحمد: ((يخالف في أحاديثه))،وَقَالَ ابن معين: ((ثقة))،وَقَالَ العجلي: ((ثقة ثبت))، وَقَالَ أبو حاتم: ((ليس بقوي، هُوَ قليل الْحَدِيْث، وليس بحافظ، قِيْلَ لَهُ: كيف حديثه؟ فَقَالَ صالح هُوَ لين الْحَدِيْث))، وَقَالَ النسائي: ((ليس بِهِ بأس))، وذكره ابن حبان في الثقات 5/ 96. انظر: تهذيب الكمال 4/ 382، وَقَدْ جمع الحافظ ابن حجر في التقريب (3823) أقوال النقاد فَقَالَ: ((صدوق ربما خالف)). (¬3) هزيل - بالتصغير -، ابن شرحبيل الأودي الكوفي: ثقة مخضرم. الثقات 5/ 514، والكاشف 2/ 335 (5954)، والتقريب (7283). (¬4) هُوَ الصَّحَابِيّ الجليل المغيرة بن شعبة بن أبي عامر بن مسعود الثقفي، توفي سنة (50 هـ‍)، وَقِيْلَ: (49 هـ‍)، وَقِيْلَ: (51 هـ‍). معجم الصحابة 13/ 4853، وتجريد أسماء الصَّحَابَة 2/ 91 (1027)، والإصابة 3/ 452 - 453. (¬5) في مصنفه (1973). (¬6) في مسنده 4/ 252. (¬7) كَمَا في المنتخب من المسند (398). (¬8) في سننه (159). (¬9) في سننه (559). (¬10) في جامعه (99). (¬11) في هامش المجتبى 1/ 83 من نسخة، وَهُوَ في الكبرى (130)، وَهُوَ من رِوَايَة ابن الأحمر كَمَا ذكر المزي في تحفة الأشراف 8/ 493 (11534). وَلَمْ يذكره أبو القاسم ابن عساكر. وَقَالَ ابن حجر في النكت الظراف 8/ 493: ((ذكره المزي في اللحق)). (¬12) في الأوسط 1/ 465 (488). (¬13) في صحيحه (198). (¬14) في شرح المعاني 1/ 97. (¬15) في صحيحه (1335) وفي طبعة الرسالة (1338). (¬16) في الكبير 20/ (996). (¬17) في المحلى 2/ 81 - 82. (¬18) السنن الكبرى 1/ 283.

هكذا تفرد بِهِ أبو قيس، عن شرحبيل (¬1)، وَقَدْ صححه بعض أهل العلم مِنْهُمْ: الترمذي (¬2)، وابن خزيمة وابن حبان (¬3)، وغيرهم (¬4). عَلَى أنّ آخرين من جهابذة هَذَا الفن قَدْ أعلوا الْحَدِيْث بتفرد أبي قيس عن هزيل ابن شرحبيل، وأعلوا الْحَدِيْث بهذا التفرد. قَالَ علي بن المديني: ((حَدِيْث المغيرة رَوَاهُ عن المغيرة أهل الْمَدِيْنَة، وأهل الكوفة، وأهل البصرة، ورواه هزيل بن شرحبيل إلا أنه قَالَ: ((ومسح عَلَى الجوربين))، وخالف الناس)) (¬5). وَقَالَ يحيى بن معين: ((الناس كلهم يروونه عَلَى الخفين غَيْر أبي قيس)) (¬6). وَقَالَ أبو مُحَمَّد يحيى بن منصور (¬7): ((رأيت مُسْلِم بن الحجاج ضعف هَذَا الخبر، ¬

_ (¬1) انظر: تحفة الأشراف 8/ 198 (11534)، وإتحاف المهرة 13/ 443 (16983). وَقَالَ الإمام أحمد: ((ليس يروى هَذَا إلا من حَدِيْث أبي قيس)) تهذيب السنن 1/ 121 - 122. (¬2) فَقَدْ قَالَ في جامعه 1/ 144: ((حسن صحيح)). (¬3) إذ أخرجاه في صحيحيهما. (¬4) كالقاسمي في رسالته: ((المسح عَلَى الجوربين))، والعلامة أحمد مُحَمَّد شاكر في تعليقه عَلَى جامع الترمذي 1/ 167، وشعيب الأرناؤوط في تعليقه عَلَى السير 17/ 480 - 481، أما أستاذنا الدكتور بشار فَقَد اضطرب حكمه جداً في هَذَا الْحَدِيْث فَقَالَ في تعليقه عَلَى جامع الترمذي 1/ 144 المطبوع عام 1996 (كَذَا) معقباً عَلَى قَوْل الإمام الترمذي: ((كَذَا قَالَ، وَهُوَ اجتهاده، عَلَى أن أكثر العلماء المتقدمين قَدْ عدوه شاذاً، لانفراد أبي قيس بهذه الرِّوَايَة، مِنْهُمْ: أحمد، وابن معين، وابن المديني، ومسلم، والثوري، وعبد الرحمان بن مهدي؛ لأن المعروف من حَدِيْث المغيرة: المسح عَلَى الخفين فَقَطْ، ويصحح حكمنا عَلَى ابن ماجه (559))). وَقَدْ رجعنا إلى سنن ابن ماجه المطبوع عام 1998، الطبعة الأولى فوجدنا الحكم: ((إسناده صَحِيْح، رجاله رجال الصَّحِيْح، وَقَالَ أبو داود ...)) 1/ 448، لكنا وجدنا الدكتور بشار قَالَ في آخر تحقيقه لابن ماجه 6/ 697: ((يرجى من القارئ الكريم اعتماد الأحكام الآتية في تعليقنا عَلَى أحاديث ابن ماجه))، ثُمَّ كتب: ((559 - إسناده صَحِيْح لكنه شاذ، وَقَدْ قَالَ أبو داود ...))، والغريب أن الدكتور بشار قَدْ غيّر أحكامه في هَذَا الْحَدِيْث مراراً وأصر عَلَى تصحيح سند الْحَدِيْث مع اعترافه بتفرد أبي قيس: عَبْد الرحمان بن ثروان، عَلَى أنه قَالَ في التحرير 2/ 311: ((صدوق حسن الْحَدِيْث))، وبالغ في شرح مصطلحه هَذَا في مقدمة التحرير 1/ 48، ومقدمة ابن ماجه 1/ 24 بأن راويه يحسن لَهُ. (¬5) السنن الكبرى، للبيهقي 1/ 284. (¬6) السنن الكبرى، للبيهقي 1/ 284. (¬7) هُوَ أبو مُحَمَّد يحيى بن منصور بن يحيى بن عَبْد الملك القاضي بنيسابور، وَكَانَ غزير الْحَدِيْث، توفي سنة (351 هـ‍). سير أعلام النبلاء 16/ 28، وتاريخ الاسلام: 66 وفيات (351 هـ‍)، والعبر 2/ 299.

وَقَالَ أبو قيس الأودي، وهزيل بن شرحبيل لا يحتملان هَذَا مع مخالفتهما الأجلّة الَّذِيْنَ رووا هَذَا الخبر عن المغيرة وقالوا: مسح عَلَى الخفين)) (¬1). وَقَالَ النسائي: ((ما نعلم أن أحداً تابع أبا قيس عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَة، وَالصَّحِيْح عن المغيرة: أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - مسح عَلَى الخفين، والله أعلم)) (¬2). وَقَالَ أبو داود: ((كَانَ عَبْد الرحمان بن مهدي لا يحدّث بهذا الْحَدِيْث؛ لأن المعروف عن المغيرة أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - مسح عَلَى الخفين)) (¬3). وَقَالَ ابن المبارك: ((عرضت هَذَا الْحَدِيْث - يعني حَدِيْث المغيرة من رِوَايَة أبي قيس - عَلَى الثوري فَقَالَ: لَمْ يجئ بِهِ غَيْره، فعسى أن يَكُوْن وهماً)) (¬4). وذكر البيهقي حَدِيْث المغيرة هَذَا وَقَالَ: ((إنه حَدِيْث منكر ضعّفه سفيان الثوري، وعبد الرحمان بن مهدي، وأحمد بن حَنْبَل، ويحيى بن معين، وعلي بن المديني، ومسلم بن الحجاج، والمعروف عن المغيرة حَدِيْث المسح عَلَى الخفين)) (¬5). قَالَ الإمام النووي: ((وهؤلاء هم أعلام أئمة الْحَدِيْث وإن كَانَ الترمذي قَالَ: حَدِيْث حسن [صَحِيْح] فهؤلاء مقدمون عَلَيْهِ، بَلْ كُلّ واحد من هؤلاء لَوْ انفرد قدم عَلَى الترمذي باتفاق أهل الْمَعْرِفَة)) (¬6). وَقَالَ المباركفوري: ((أكثر الأئمة من أهل الْحَدِيْث حكموا عَلَى هَذَا الْحَدِيْث بأنه ضعيف)) (¬7). فحكم نقاد الْحَدِيْث وجهابذة هَذَا الفن عَلَى هَذَا الْحَدِيْث بالرد لتفرد أبي قيس بِهِ لَمْ يَكُنْ أمراً اعتباطياً، وإنما هُوَ نتيجة عن النظر الثاقب والبحث الدقيق والموازنة التامة بَيْنَ الطرق والروايات؛ إِذْ إن هَذَا الْحَدِيْث قَدْ رَوَاهُ الجم الغفير عن المغيرة بن شعبة، وذكروا المسح عَلَى الخفين، وهم: 1 - أبو إدريس (¬8) الخولاني (¬9). ¬

_ (¬1) السنن الكبرى، للبيهقي 1/ 284. (¬2) السنن الكبرى، للنسائي 1/ 92 عقيب (130)، وانظر: تحفة الأشراف 8/ 198 (11534) (¬3) سنن أبي داود 1/ 41 عقيب (159). (¬4) التمييز: 156. (¬5) تحفة الأحوذي 1/ 330. (¬6) المجموع 1/ 500. (¬7) تحفة الأحوذي 1/ 331. (¬8) القاضي عائذ الله بن عَبْد الله، أبو إدريس الخولاني، ولد في حياة النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين، ومات سنة (80هـ‍). سير أعلام النبلاء: 542 وفيات (80 هـ‍)، والتقريب (3115). (¬9) وحديثه عِنْدَ الطبراني في الكبير 20/ (1085).

2 - الأسود (¬1) بن هلال (¬2). 3 - أبو أمامة (¬3) الباهلي (¬4). 4 - بشر (¬5) بن قحيف (¬6). 5 - بكر (¬7) بن عَبْد الله المزني (¬8). 6 - جبير (¬9) بن حية الثقفي (¬10). 7 - الحسن البصري (¬11). 8 - حمزة (¬12) بن المغيرة بن شعبة (¬13). ¬

_ (¬1) هُوَ أَبُو سلام الأسود بن هلال المحاربي الكوفي: مخضرم، ثقة، توفي سنة (84 هـ‍) أدرك النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -. تهذيب الكمال 1/ 262 - 263 (500)، والإصابة 1/ 105، والتقريب (508). (¬2) وحديثه عِنْدَ: مُسْلِم 1/ 157 (274) (76)، والطبراني في الكبير 20/ (971)، والبيهقي 1/ 83. (¬3) صاحب رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم -، نزيل حمص، صدي بن عجلان بن وهب، توفي سنة (86 هـ‍)، وَقِيْلَ: (81). تهذيب الكمال 3/ 451 (2858)، وتاريخ الإِسْلاَم: 226 و 230 وفيات (86 هـ‍)، وسير أعلام النبلاء 3/ 359. (¬4) وحديثه عِنْدَ: أحمد 4/ 254، والطبراني في الكبير 20/ (858). (¬5) بشر بن قحيف العامري، (ذكره ابن حبان في ثقاته). التاريخ الكبير 2/ 81 - 82، والجرح والتعديل 2/ 363 - 364، والثقات 4/ 69. (¬6) وذكر في أطراف الغرائب والأفراد 4/ 301، أن اسمه: بشر بن سعيد وحديثه عِنْدَ الطبراني 20/ (984) و (985). (¬7) هُوَ أَبُو عَبْد الله بكر بن عَبْد الله المزني البصري، (ثقة، ثبت، جليل)، توفي سنة (106 هـ‍)، وَقِيْلَ: (108 هـ‍). الثقات 4/ 74، وتهذيب الكمال 1/ 373 (735)، والتقريب (743). (¬8) وحديثه عِنْدَ: الطيالسي (691)، وأحمد 4/ 247. (¬9) هُوَ جبير بن حية بن مسعود الثقفي: ثقة، جليل، مات في خلافة عَبْد الملك بن مروان. الثقات 4/ 111، وتهذيب الكمال 1/ 438 (884)، والتقريب (899). (¬10) وحديثه عِنْدَ الطبراني في الكبير 20/ (1050). (¬11) وحديثه عِنْدَ: أبي داود (152)، والطبراني في الكبير 20/ (1051)، والبيهقي 1/ 292. (¬12) هُوَ حمزة بن المغيرة بن شعبة الثقفي التَّابِعِيّ: ثقة. الثقات 4/ 168، وتهذيب الكمال 2/ 296 (1498)، والتقريب (1533). (¬13) وحديثه عِنْدَ الشَّافِعِيّ (74) بتحقيقنا، وعبد الرزاق (749)، والحميدي (757)، وابن أبي شيبة (1871)، وأحمد 4/ 248 و 251 و 255، ومسلم 1/ 159 (274) (82) و (83) و 2/ 27 (274) عقيب (105)، وأبي داود (150)، والترمذي (100)، والنسائي في المجتبى 1/ 76 و 83، وفي الكبرى (82) و (107) و (108) و (109) و (110) و (167)، وابن الجارود (83)، وأبي عوانة 1/ 259، وابن حبان (1343) و (1344)، وطبعة الرسالة (1346) و (1347)، والطبراني في الكبير 20/ (889)، والدارقطني 1/ 192، والبيهقي 1/ 58 و 60 و 281. =

9 - زرارة (¬1) بن أوفى (¬2). 10 - الزهري (¬3). 11 - زياد (¬4) بن علاقة (¬5). 12 - أبو السائب (¬6)، مولى هشام بن زهرة (¬7). 13 - سالم (¬8) بن أبي الجعد (¬9). 14 - سعد (¬10) بن عبيدة (¬11). 15 - أبو سفيان (¬12): طلحة بن نافع (¬13). ¬

_ = تنبيه: ورد في بعض الروايات: ((عن ابن المغيرة عن أبيه)) بدون ذكر اسمه، إلا أن الإمام النووي ذكر أن اسمه حمزة بن المغيرة. انظر: شرح النووي عَلَى صَحِيْح مُسْلِم 1/ 565. (¬1) الثقة العابد أبو حاجب البصري، زرارة بن أوفى العامري الخرشي، مات فجأة في الصَّلاَة، توفي سنة (93هـ‍). تهذيب الكمال 3/ 21 (1962)، وسير اعلام النبلاء 4/ 515، والتقريب (2009). (¬2) عِنْدَ أبي داود (152)، والطبراني في الكبير 20/ (1051). (¬3) وحديثه عِنْدَ عَبْد الرزاق (747). (¬4) هُوَ أبو مالك الكوفي، زيادة بن علاقة الثعلبي، (ثقة)، رُمي بالنصب، توفي سنة (125 هـ‍) أو بعدها بيسير. تهذيب الكمال 3/ 55 (2046)، وتاريخ الإِسْلاَم: 101 وفيات (125 هـ‍)، والتقريب (2092). (¬5) عِنْدَ الترمذي في العلل الكبير (59)، والطبراني في الكبير 20/ (1018). (¬6) أبو السائب الأنصاري المدني، مولى ابن زهرة، ويقال اسمه: عَبْد الله بن السائب، (ثقة). الثقات 5/ 561، وتهذيب الكمال 8/ 316 (7975)، والتقريب (8113). (¬7) عِنْدَ: أحمد 4/ 254، وأبي عوانة 1/ 257، والطبراني في الكبير 20/ (1078) و (1079) و (1080) و (1081). (¬8) هُوَ سالم بن أَبِي الجعد الغطفاني الأشجعي مولاهم الكوفي، (ثقة، وَكَانَ يرسل كثيراً، وَكَانَ يدلس)، مات سنة (97 هـ‍)، وَقِيْلَ: (98 هـ‍)، وَقِيْلَ: (101 هـ‍). تهذيب الكمال 3/ 92 (2126)، والميزان 2/ 109 (3045)، وطبقات المدلسين: 31 (48). (¬9) وحديثه عِنْدَ: ابن أبي شيبة (1856)، والطبراني في الكبير 20/ (972). (¬10) هُوَ أبو حمزة سعد بن عبيدة السُّلمي الكوفي: ثقة من الثالثة، مات في ولاية عمر بن هبيرة عَلَى العراق. الطبقات، لابن سعد 6/ 298، وتهذيب الكمال 3/ 126 (2204)، والتقريب (2249). (¬11) وحديثه عِنْدَ الطبراني في الكبير 20/ (997). (¬12) هُوَ أَبُو سفيان الواسطي، طلحة بن نافع القرشي، ويقال المكي، الإسكاف: صدوق. انظر: الثقات 4/ 393، وتهذيب الكمال 3/ 513 (2970)، والتقريب (3035). (¬13) وحديثه عِنْدَ: ابن أبي شيبة (1856)، والطبراني في الكبير 20/ (972).

16 - أبو سلمة (¬1). 17 - أبو الضحى (¬2) مُسْلِم بن صبيح (¬3). 18 - عامر بن شراحيل الشعبي (¬4). 19 - عباد (¬5) بن زياد (¬6). 20 - عَبْد الرحمان (¬7) بن أبي نُعْم (¬8). 21 - عروة (¬9) بن المغيرة بن شعبة (¬10). ¬

_ (¬1) وحديثه عِنْدَ: أحمد 4/ 248، والنسائي 1/ 18 - 19، وفي الكبرى (16)، والطبراني في الكبير 20/ (1062) و (1063) و (1064)، والبغوي (184). (¬2) هُوَ أبو الضحى مُسْلِم بن صبيح -بالتصغير- الهمداني الكوفي العطار: ثقة، فاضل، توفي نحو سنة مئة في خلافة عمر بن عَبْد العزيز. تهذيب الكمال 7/ 100 - 101 (6523)، وسير أعلام النبلاء 5/ 71،والتقريب (6632). (¬3) عِنْدَ عَبْد الرزاق (750)، وأحمد 4/ 247. (¬4) وحديثه عِنْدَ: أحمد 4/ 245، والطبراني في الكبير 20/ (990)، والبيهقي 1/ 283. (¬5) عَباد بن زياد، المعروف أبوه بزياد بن أبي سفيان، يكنى أبا حرب، (وثقه ابن حبان)، توفي سنة (100 هـ‍). الثقات 7/ 158، وتهذيب الكمال 4/ 47 (3066)، والتقريب (3127). (¬6) وحديثه عِنْدَ: مالك (الموطأ: برواية مُحَمَّد بن الحسن: 47، وبرواية أبي مصعب: 87، ورواية الليثي: 79)، والشافعي بتحقيقنا (76)، وأحمد 4/ 247، وعبد الله بن أحمد في زياداته عَلَى المسند 4/ 247، والنسائي في المجتبى 1/ 62، وابن عَبْد البر في التمهيد 11/ 121. تنبيه: رِوَايَة الإمام مالك: ((عن عباد بن زياد من ولد المغيرة بن شعبة، عن أبيه))، وَهُوَ خطأ محض. انظر: التمهيد 11/ 120، وتاريخ دمشق 26/ 228، وتهذيب الكمال 4/ 47، وتنوير الحوالك 1/ 57، وأوجز المسالك 1/ 245. (¬7) هُوَ أبو الحكم الكوفي، عَبْد الرحمان بن أبي نعم: العابد، الصدوق، مات قَبْلَ المئة. انظر: سير أعلام النبلاء 5/ 62، والكاشف 1/ 646 (3330)، والتقريب (4028). (¬8) وحديثه عِنْدَ: أحمد 4/ 246، وأبي داود (156)، والطبراني في الكبير 20/ (1000) و (1001) و (1002)، والحاكم 1/ 170، وأبي نعيم في الحلية 7/ 335، والبيهقي 1/ 271 - 272، وابن عَبْد البر في التمهيد 11/ 141 - 142. (¬9) أبو يعفور عروة بن المغيرة بن شعبة الثقفي التَّابِعِيّ: ثقة، مات بَعْدَ التسعين، كَانَ من أفاضل أهل بيته. الثقات 5/ 195، وتهذيب الكمال 5/ 160 (4502)، والتقريب (4569). (¬10) وحديثه عِنْدَ: الشَّافِعِيّ (73) و (75) بتحقيقنا، والطيالسي (692)، وعبد الرزاق (748)، وأحمد 4/ 249 و 251 و 254 و 255، وعبد بن حميد (397)، والدارمي (719)، والبخاري 1/ 56 (182) و 1/ 62 (203) و (206) و 6/ 9 (4421) و 7/ 186 (5799)، ومسلم 1/ 157 (274) (75) =

22 - عروة بن الزبير (¬1). 23 - علي (¬2) بن ربيعة الوالِبي (¬3). 24 - عمرو (¬4) بن وهب الثقفي (¬5). 25 - فضالة (¬6) بن عمير، أو عبيد الزهراني (¬7). 26 - قَبِيصة (¬8) بن بُرْمة (¬9). ¬

_ = و1/ 158 (274) (79) و (80) و (81) و 2/ 26 (274) (105) وأبي داود (149) و (151)، والنسائي 1/ 62 و 82، وفي الكبرى (111) و (122) و (165) و (166)، وابن خزيمة (190) و (191) و (203) و (1642)، وأبي عوانة 1/ 255 و 256 و 258، وابن المنذر في الأوسط 1/ 441 (467) و (468)، والطحاوي في شرح المعاني 1/ 83، وابن حبان (1323) وطبعة الرسالة (1326)، والطبراني في الكبير 20/ (864) و (865) و (866) و (867) و (868) و (869) و (870) و (871) و (872) و (873) و (874) و (875) و (876) و (877) و (878) و (879) و (880) و (881) و (882)، والدارقطني 1/ 194 و197، وابن حزم في المحلى 2/ 81، والبيهقي 1/ 274 و 281 و 291، والبغوي (235) و (236). (¬1) حديثه عِنْدَ: أحمد 4/ 246، وأبي داود (161)، والترمذي (98)، وابن الجارود (85)، وابن المنذر في الأوسط 1/ 454 (475)، والدارقطني 1/ 195. (¬2) علي بن ربيعة بن نضلة الوالبي - بلام مكسورة وموحدة - أبو المغيرة الكوفي: ثقة. الثقات 5/ 160، وتهذيب الكمال 5/ 248 (4657)، والتقريب (4733). (¬3) حديثه عِنْدَ: ابن أبي شيبة (1876)، والطبراني في الكبير 20/ (976) و (977). (¬4) هُوَ عمرو بن وهب الثقفي: ثقة، من الثالثة. الثقات 5/ 169، وتهذيب الكمال 5/ 475 (5060)، والتقريب (5135). (¬5) حديثه عِنْدَ: الشَّافِعِيّ (48) بتحقيقنا، والطيالسي (699)، وابن أبي شيبة (1877)، وأحمد 4/ 244 و 247 و 248 و 249، والنسائي 1/ 77، وفي الكبرى (112) و (168)، وابن خزيمة (1645)، وابن حبان (1339)، وطبعة الرسالة (1342)، والطبراني في الكبير 20/ (1030) (1031) (1033) (1034) (1035) (1036) (1037) (1038) (1039) (1040) (1041)، والدارقطني 1/ 192، والبيهقي 1/ 58، والبغوي (232). (¬6) هُوَ فضالة بن عمير الزهراني، ويقال: ابن عبيد، بصري تنبيه: وَقَدْ صُحّف في الطبراني إلى فضالة بن عمرو الزهواني. التاريخ الكبير 7/ 124، والجرح والتعديل 7/ 77، والثقات 5/ 296. (¬7) حديثه عِنْدَ: الطبراني في الكبير 20/ (1028) و (1029). (¬8) قبيصة بن برمة، وَقِيْلَ: ابن ثرمة، الأسدي، مختلف في صحبته، وذكره ابن حبان في ثقات التابعين. الثقات 3/ 345، وتهذيب الكمال 6/ 93 (5428)، والتقريب (5509). (¬9) حديثه عِنْدَ أحمد 4/ 248، والطبراني في الكبير 20/ (1007).

27 - قتادة بن دعامة (¬1). 28 - مُحَمَّد بن سيرين (¬2). 29 - مسروق (¬3) بن الأجدع (¬4). 30 - هزيل بن شرحبيل (¬5). 31 - أَبُو (¬6) وائل (¬7). 32 - وَرّاد (¬8): كاتب المغيرة (¬9). 33 - وغيرهم (¬10). ¬

_ (¬1) حديثه عِنْدَ عَبْد الرزاق (740). (¬2) حديثه عِنْدَ أحمد 4/ 251. (¬3) هُوَ الإمام أبو عائشة مسروق بن الأجدع بن مالك بن أمية الوادعي الهمداني الكوفي، توفي سنة (62 هـ‍)، وَقِيْلَ: (63 هـ‍): ثقة، فقيه، عابد، مخضرم. طبقات ابن سعد 6/ 76، وسير أعلام النبلاء 4/ 63 و 68، والتقريب (6601). (¬4) حديثه عِنْدَ: ابن أبي شيبة (1859)، وأحمد 4/ 250، والبخاري 1/ 101 (363) و 1/ 108 (388) و 4/ 50 (2918) و 7/ 185 (5798)، ومسلم 1/ 158 (274) (77) و (78)، وابن ماجه (389)، والنسائي 1/ 82، وفي الكبرى (9664)، وأبي عوانة 1/ 257، والطبراني في الكبير 20/ (944) و (945) و (946). (¬5) وَهُوَ مدار حَدِيْث أبي قيس، وهذا دليل عَلَى أن الوهم من أبي قيس. حديثه عِنْدَ: الطبراني في الكبير 20/ (995) وَهُوَ من رِوَايَة أبي قيس هنا؛ فَهُوَ مضطرب بِهِ، والوهم مِنْهُ. (¬6) هُوَ أبو وائل الكوفي، شقيق بن سلمة الأسدي: ثقة، مخضرم، مات في زمن الحجاج بَعْدَ وقعة الجماجم، وذكر خليفة أنَّهُ توفي سنة (82 هـ‍). انظر: الثقات 4/ 354، وسير أعلام النبلاء 4/ 161، والتقريب (2816). (¬7) حديثه عِنْدَ: عَبْد بن حميد (399)، والطبراني في الكبير 20/ (968). (¬8) هُوَ أَبُو سعيد أو أبو الورد الثقفي الكوفي، كاتب المغيرة ومولاه: ثقة، من الثالثة. الثقات 5/ 498، وتهذيب الكمال 7/ 454 (7277)، والتقريب (7401). (¬9) وحديثه عِنْدَ: أحمد 4/ 251، وأبي داود (165)، وابن ماجه (550)، والترمذي (97)، وفي العلل الكبير (70)، وابن الجارود (84)، وابن المنذر في الأوسط 1/ 453 (474)، والطبراني في الكبير 20/ (923) و (939)، والدارقطني 1/ 195، والبيهقي 1/ 290، وابن عَبْد البر في التمهيد 11/ 147 - 148، وفي هَذِهِ الرِّوَايَة أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يمسح أعلى الخفين وأسفلهما. قَالَ الترمذي: ((سألت محمداً عن هَذَا الْحَدِيْث فَقَالَ: لا يصح هَذَا. روي عن ابن المبارك، عن ثور بن يزيد، قَالَ: حُدثت عن رجاء بن حيوة، عن كاتب المغيرة، عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً وضعف هَذَا، وسألت أبا زرعة، فَقَالَ نحواً مِمَّا قَالَ مُحَمَّد بن إسماعيل)). انظر: العلل الكبير: 56. (¬10) انظر: المجتبى 1/ 63، والسنن الكبرى (111) كلاهما للنسائي، والمعجم الكبير، للطبراني20/ (968)، والسنن الكبرى، للبيهقي 1/ 290.

أقول: إن اجتماع هَذِهِ الكثرة الكاثرة عَلَى خلاف حَدِيْث أبي قيس ريبةٌ قويةٌ تجعل الناقد يجزم بخطأ أبي قيس؛ فعلى هَذَا فإن رِوَايَة أبي قيس معلولة بتفرده الشديد. قَالَ المباركفوري: ((الناس كلهم رووا عن المغيرة بلفظ: ((مسح عَلَى الخفين)) وأبو قيس يخالفهم جميعاً)) (¬1). وَقَدْ تكلف الشيخ أحمد شاكر فذكر إنهما واقعتان (¬2)، وَهُوَ بعيد إِذْ إنهما لَوْ كانا واقعتين لرواه جمع عن المغيرة كَمَا روي عَنْهُ المسح عَلَى الخفين. ومما يقوي الجزم بإعلال حَدِيْث أبي قيس بالتفرد أنه لَمْ يرد مرفوعاً بأحاديث توازي أحاديث المسح عَلَى الخفين، فسيأتي إنه لَمْ يرد إلا من حَدِيْث أبي موسى وثوبان وبلال، وفي كُلّ واحد مِنْهَا مقال. أما أحاديث المسح عَلَى الخفين فهو متواتر عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ رَوَاهُ عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أكثر من ستة وستين نفساً ذكرهم الكتاني (¬3). وَقَدْ أسند ابن المنذر (¬4) إلى الحسن البصري قَالَ: ((حَدَّثَنِي سبعون من أصحاب النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه - عليه السلام -: مسح عَلَى الخفين)) (¬5). ¬

_ (¬1) تحفة الأحوذي 1/ 331. (¬2) المسح عَلَى الجوربين: 10. (¬3) في نظم المتناثر 71 - 72. (¬4) في الأوسط 1/ 433 (ث 457)، ونقله عن الحسن ابن حجر في فتح الباري 1/ 306، والزرقاني في شرحه 1/ 113. (¬5) بقي هناك حَدِيْث يراه غَيْر المتأمل متابعاً لحديث أبي قيس، وَهُوَ ما رَوَاهُ أبو بكر الإسماعيلي في معجم شيوخه: 163 (327) قَالَ: ((حَدَّثَنَا عَبْد الرحمان بن مُحَمَّد بن الحسين بن مرداس الواسطي أبو بكر، من حفظه إملاءً. قَالَ: سَمِعْتُ أحمد بن سنان، يقول: سَمِعْتُ عَبْد الرحمان بن مهدي، يقول: عندي عن المغيرة بن شعبة ثلاثة عشر حديثاً في المسح عَلَى الخفين. فَقَالَ أحمد الدورقي: حَدَّثَنَا يزيد بن هارون، عن داود بن أبي هند، عن أبي العالية، عن فضالة بن عمرو الزهراني، عن المغيرة بن شعبة: ((أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - توضأ ومسح عَلَى الجوربين والنعلين))، قَالَ: فَلَمْ يَكُنْ عنده فاغتم)). وهذه الرِّوَايَة معلة لا تصح لأمور ثلاثة: الأول: شيخ الاسماعيلي لَمْ أجد مَنْ ترجمه؛ فهو في عداد المجهولين، ويظهر من خلال سياقة ترجمته أن الإسماعيلي ليس لَهُ عَلَيْهِ حكم إِذْ لَمْ يصفه بشيء بِهِ وَلَمْ يسق لَهُ سوى هَذَا الْحَدِيْث. الثاني: إن حديثه مخالف فَقَدْ رَوَاهُ الطبراني في الكبير 20/ (1029) قَالَ: ((حَدَّثَنَا إدريس بن جعفر الطيار، قَالَ: حَدَّثَنَا يزيد بن هارون، قَالَ: أَخْبَرَنَا داود بن أبي هند، عن أبي العالية، عن فضالة بن عمرو الزهراني، عن المغيرة بن شعبة، قَالَ: كنا مع النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - في مَنْزله فاتبعته فَقَالَ: ((أين تركت الناس؟)) فقلت: تركتهم بمكان كَذَا وكذا، فأناخ راحلته فنَزل، ثُمَّ ذهب فتوارى عني، فاحتبس بقدر ما يقضي الرجل حاجته، ثُمَّ جاء فَقَالَ: ((أمعك ماء؟)) قلت: نعم، فصببت عَلَى يديه =

أثر حديث أبي قيس في اختلاف الفقهاء (حكم المسح على الجوربين)

أثر حَدِيْث أبي قيس في اختلاف الفقهاء (حكم المسح عَلَى الجوربين) اختلف الفقهاء في جواز المسح عَلَى الجوربين عَلَى مذاهب: المذهب الأول: ذهب فريق من الفقهاء إلى جواز المسح عَلَى الجوربين، روي هَذَا عن: علي (¬1) بن أبي طالب (¬2)، وعمار (¬3) بن ياسر (¬4)، وأبي (¬5) مسعود (¬6)، وأنس بن مالك (¬7)، ¬

_ = فغسل وجهه، ومسح رأسه، وعليه جبة شامية قَدْ ضاقت يداها، فأدخل يده من تحت الجبة، فرفعها عن يديه، ثُمَّ غسل يديه ووجهه، ومسح عَلَى رأسه وخفيه ثُمَّ قَالَ: ((ألك حاجة؟))، قلت: لا، قَالَ فركبنا حَتَّى أدركنا الناس)). الثالث: إن حَدِيْث الإسماعيلي دارت قصته عَلَى الإمام الجهبذ عَبْد الرحمان بن مهدي، وَقَدْ سبق النقل عَنْهُ أنه أعل الْحَدِيْث بتفرد أبي قيس، فلو كانت هَذِهِ القصة ثابتة والواقعة صَحِيْحة لما جعل الحمل عَلَى أبي قيس، وكذلك فإن جهابذة الْمُحَدِّثِيْنَ قَدْ عدوه فرداً لأبي قيس فلو كَانَ حَدِيْث الإسماعيلي ثابتاً لما جزموا بما جزموا. وفي الْحَدِيْث أمر آخر، وَهُوَ أن راويه عن المغيرة فضالة بن عمرو ويقال: ابن عمير، ويقال: ابن عبيد، لَمْ أجد من وثقه إلا أن ابن حبان ذكره في الثقات 5/ 296، وأورده البخاري في تاريخه الكبير 7/ 124 (558)، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل 7/ 77. وَلَمْ يذكرا فِيْهِ جرحاً ولا تعديلاً، ومن كَانَ حاله هكذا فهو في عداد المجهولين، والله أعلم. (¬1) هُوَ أمير المؤمنين، رابع الخلفاء الراشدين، وأول الناس إسلاماً من الصبيان، أبو الحسن علي بن أبي طالب بن هاشم القرشي الهاشمي، مات شهيداً سنة (40 هـ‍). أسد الغابة 4/ 16، وتجريد أسماء الصَّحَابَة 1/ 392 (4636)، والإصابة 2/ 507 و 510. (¬2) رَوَاهُ عَنْهُ: عَبْد الرزاق (773)، وابن أبي شيبة (1980) و (1985) و (1986)، وابن سعد في الطبقات 6/ 241، وابن المنذر في الأوسط 1/ 462 (479)، والبيهقي 1/ 285، والمحلى 2/ 84. (¬3) الصَّحَابِيّ الجليل عمار بن ياسر بن كنانة، من السابقين الأولين، توفي سنة (37 هـ‍). معجم الصَّحَابَة 11/ 3922، وأسد الغابة 4/ 43، والإصابة 2/ 512. (¬4) رَوَاهُ عَنْهُ ابن المنذر في الأوسط 1/ 463. (¬5) هُوَ الصَّحَابِيّ الجليل عقبة بن عمرو بن ثعلبة الأنصاري، أبو مسعود البدري، مات قَبْلَ الأربعين وَقِيْلَ بعدها. تهذيب الكمال 5/ 199 (4573)، وسير أعلام النبلاء 2/ 494، والتقريب (4647). (¬6) رَوَاهُ عَنْهُ: عَبْد الرزاق في المصنف (774)، وابن أبي شيبة (1988)، وابن المنذر في الأوسط 1/ 462، والبيهقي 1/ 285. (¬7) رَوَاهُ عَنْهُ: عَبْد الرزاق (797)، وابن أبي شيبة (1978) و (1982)، والدولابي في الكنى 1/ 181، وابن المنذر في الأوسط 1/ 462، والبيهقي 1/ 285، وابن حزم في المحلى 2/ 60 و 85.

وعبد الله بن عمر (¬1)، والبراء (¬2) بن عازب (¬3)، وبلال (¬4) بن رباح (¬5)، وأبي أمامة (¬6)، وسهل (¬7) بن سعد (¬8). وَهُوَ مروي عن: نافع (¬9) وعطاء (¬10)، وإبراهيم النخعي (¬11)، وسعيد (¬12) بن جبير (¬13)، وسفيان الثوري (¬14)، وعبد الله بن المبارك (¬15). ¬

_ (¬1) رَوَاهُ عَنْهُ: عبد الرزاق (776)، وابن المنذر في الأوسط 1/ 462 - 463، وابن حزم في المحلى 2/ 84. (¬2) هُوَ الصحابي بن الصَّحَابِيّ، البراء بن عازب بن الحارث بن عدي الأنصاري الأوسي الحارثي، يكنى أبا عمارة، توفي سنة (72 هـ‍). معجم الصَّحَابَة 2/ 703، والاستيعاب 1/ 139 - 140، والإصابة 1/ 142. (¬3) رَوَاهُ عَنْهُ: عَبْد الرزاق (777)، وابن أبي شيبة (1984)، وابن المنذر في الأوسط 1/ 463، وابن حزم في المحلى 2/ 84. (¬4) بلال بن رباح الحبشي مولى أبي بكر الصديق، أحد السابقين الأولين الَّذِيْنَ عذبوا في الله، أَذَّنَ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - طول حياته، توفي سنة (20 هـ‍)، وَقِيْلَ: (21 هـ‍). معجم الصَّحَابَة 2/ 641، وسير أعلام النبلاء 1/ 347، وتاريخ الإِسْلاَم: 201 و 205 (عهد الخلفاء الراشدين). (¬5) رَوَاهُ عَنْهُ ابن المنذر في الأوسط 1/ 463. (¬6) رَوَاهُ عَنْهُ ابن أبي شيبة (1983) و (1984)، وابن المنذر في الأوسط 1/ 463. (¬7) هُوَ الصَّحَابِيّ الجليل أبو العباس سهل بن سعد بن مالك الأنصاري الخزرجي الساعدي، توفي سنة (88 هـ‍)، وَقِيْلَ: (91 هـ‍). معجم الصَّحَابَة 5/ 1979، وتجريد أسماء الصَّحَابَة 1/ 244 (2558)، وسير أعلام النبلاء 3/ 422 و 423. (¬8) رَوَاهُ عَنْهُ ابن أبي شيبة (1990)، وابن المنذر في الأوسط 1/ 463، وانظر: المحلى 2/ 86. (¬9) رَوَاهُ عَنْهُ ابن أبي شيبة (1992). (¬10) رَوَاهُ عَنْهُ ابن أبي شيبة (1991). (¬11) رَوَاهُ عَنْهُ: عبد الرزاق (775)، وابن أبي شيبة (1977)، وانظر: الأوسط، لابن المنذر 1/ 464. (¬12) سعيد بن جبير بن هشام الأسدي الوالبي، أَبُو مُحَمَّد ويقال: أبو عَبْد الله الكوفي، وَكَانَ فقيهاً عابداً ورعاً فاضلاً، توفي سنة (95 هـ‍). الثقات 4/ 275، وتهذيب الكمال 3/ 141 (2229)، والأعلام 3/ 93. (¬13) رَوَاهُ عَنْهُ ابن أبي شيبة (1989). (¬14) انظر: الجامع الكبير، للترمذي 1/ 44 عقيب (99)، والأوسط 1/ 464، والمحلى 2/ 86، وبداية المجتهد 1/ 14. (¬15) انظر المصادر السابقة.

وإليه ذهب: داود (¬1) (¬2)، وابن حزم (¬3). وذهب بعض الفقهاء إلى جواز المسح عَلَى الجوربين إلا أنهم اشترطوا أن يَكُوْن الجوربان صفيقين. وَهُوَ مروي عن سعيد بن المسيب (¬4)، وإليه ذهب أبو حَنِيْفَة (¬5)، والشافعي (¬6)، وأحمد (¬7). وَقَالَ الإمام مالك بالجواز إذا كَانَ أسفلهما مخرزاً بجلد (¬8). المذهب الثاني: وَهُوَ عدم الجواز، وَهُوَ مروي عن: مجاهد، وعمرو بن دينار (¬9)، والحسن بن مُسْلِم (¬10)، وعطاء في آخر قوليه (¬11)، والأوزاعي (¬12). وَهُوَ المشهور عن مالك (¬13). واحتج من قَالَ بالجواز مطلقاً بحديث أبي قيس السابق، وَقَدْ تقدم ما فِيهِ، ¬

_ (¬1) هُوَ الإمام، رئيس أهل الظاهر داود بن علي بن خلف،، أَبُو سليمان البغدادي المعروف بالأصبهاني، ولد سنة (202 هـ‍)، وَقِيْلَ: (200 هـ‍)، وَقِيْلَ: (201 هـ‍) لَهُ الكثير من المصنفات مِنْهَا: "الإيضاح " و " الأصول "، توفي سنة (270 هـ‍). الأنساب 4/ 77، ووفيات الأعيان 2/ 255 و 256 و 257، وسير أعلام النبلاء 13/ 97. (¬2) المحلى 2/ 86. (¬3) المحلى 2/ 86. (¬4) انظر: فقه الإمام سعيد 1/ 98 لشيخنا العلامة الدكتور هاشم جميل. (¬5) هَذَا القَوْل قَالَ بِهِ أَبُو حَنِيْفَة في آخر عمره، وَهُوَ مذهب أبي يوسف ومحمد. انظر: تبيين الحقائق 1/ 52، والمبسوط 1/ 102، وبدائع الصنائع 1/ 10، والاختيار 1/ 25، والهداية 1/ 30. (¬6) الأم 1/ 34، والحاوي 1/ 444، والمجموع 1/ 499. (¬7) المقنع: 15، والمغني 1/ 298، وشرح الزركشي 1/ 206. (¬8) نقل هَذَا عَنْهُ ابن القاسم، وَقَالَ بَعْدَ نقله: ((رجع عَنْهَا فَقَالَ: لا يمسح)). انظر: المدونة 1/ 40، والكافي 1/ 27، والتمهيد 11/ 156 - 157، والاستذكار 1/ 264. (¬9) الثقة الثبت أبو مُحَمَّد الأثرم الجمحي، عمرو بن دينار المكي، توفي سنة (126 هـ‍). تهذيب الكمال 5/ 408 (4949)، وسير أعلام النبلاء 5/ 300، والتقريب (5024). (¬10) هُوَ أبو علي الحسن بن مُسْلِم بن أَبِي الحسن الفارسي الحوري العراقي، كَانَ زاهداً، توفي سنة (594 هـ‍ـ).سير أعلام النبلاء 21/ 301 و 302، وتاريخ الإِسْلاَم: 158 - 159 وفيات (94 هـ‍)، وشذرات الذهب 4/ 316. (¬11) نقله عَنْهُمْ ابن المنذر في الأوسط 1/ 465. (¬12) الأوسط 1/ 465، وشرح السنة 1/ 458. (¬13) انظر: المدونة 1/ 40،والكافي 1/ 27، والتمهيد 11/ 157، والاستذكار 1/ 264، وبداية المجتهد 1/ 14.

واحتجوا كذلك: 1 - بما روي عن أبي موسى الأشعري؛ أن رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ ومسح عَلَى الجوربين والنعلين. رَوَاهُ: ابن ماجه (¬1)، والطحاوي (¬2)، والبيهقي (¬3). ويجاب عَنْهُ: بأنه ضعيف؛ لأن في سنده عيسى بن سنان الحنفي، وفيه مقال (¬4)، ثُمَّ إن أبا داود قَدْ حكم عَلَى هَذَا الْحَدِيْث بالانقطاع (¬5)، وبيّن البيهقي هَذَا الانقطاع وَهُوَ أن الضحاك بن عَبْد الرحمان (¬6) لم يثبت سماعه من أبي موسى (¬7). 2 - واحتجوا بما ورد عن راشد بن سعد (¬8)، عن ثوبان قَالَ: بعث رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - سرية فأصابهم البرد فلما قدموا عَلَى النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - شكوا إِلَيْهِ ما أصابهم من البرد فأمرهم أن يمسحوا عَلَى العصائب والتساخين. أخرجه: الإمام أحمد (¬9)، وأبو داود (¬10)، والطبراني (¬11)، وأبو (¬12) عبيد (¬13)، والحاكم (¬14)، والبيهقي (¬15)، والبغوي (¬16). ¬

_ (¬1) في سننه (560). (¬2) في شرح معاني الآثار 1/ 97. (¬3) السنن الكبرى 1/ 284 - 285. (¬4) قَالَ ابن القطان: ((لَمْ تثبت عدالته، بَلْ ضعفه ابن حَنْبَل وابن معين)). بيان الوهم والإيهام 3/ 600 - 601 (1403)، وَقَالَ ابن حجر في التقريب (5295): ((لين الْحَدِيْث)). (¬5) سنن أبي داود 1/ 41 عقيب (159). (¬6) هُوَ أبو زرعة الضحاك بن عَبْد الرحمان بن أبي حوشب النصري، ويقال: بن حوشب: ثقة. التاريخ الكبير 4/ 333، وتهذيب الكمال 3/ 475 (2906)، والتقريب (2970). (¬7) السنن الكبرى 1/ 285، وانظر: تحفة الأحوذي 1/ 331. (¬8) راشد بن سعد المقرائي الحمصي: ثقة، كثير الإرسال، توفي سنة (108 هـ‍). التاريخ الكبير 3/ 292، وتهذيب الكمال 2/ 445 و 446 (1811)، والتقريب (1854). (¬9) في المسند 5/ 277. (¬10) في سننه (146). (¬11) في مسند الشاميين (477). (¬12) الإمام الثقة أبو عبيد القاسم بن سلاّم البغدادي صاحب التصانيف الجيدة مِنْهَا: " الأموال" و " الناسخ والمنسوخ "، توفى سنة (224هـ‍). انظر: الثقات 9/ 16، وتهذيب الكمال 6/ 66 (5381)، والتقريب (5462). (¬13) في غريب الْحَدِيْث 1/ 187. (¬14) في المستدرك 1/ 169. (¬15) في سننه الكبرى 1/ 62. (¬16) في شرح السنة (233) (234).

قَالَ الْحَاكِم: ((هَذَا حَدِيْث صَحِيْح عَلَى شرط مُسْلِم)) (¬1). وتعقبه الذهبي في السير بقوله: ((خطأ: فإن الشيخين ما احتجا براشد، ولا ثور (¬2) من شرط مُسْلِم)) (¬3). إلا أن الذهبي أورد الْحَدِيْث من طريق أبي داود وَقَالَ: ((إسناده قويٌّ)) (¬4). لَكِنْ أعلَّ بعض أهل العلم هَذَا الْحَدِيْث بالانقطاع فَقَدْ قَالَ ابن أبي حاتم: ((أنبأنا عَبْد الله بن أحمد بن حَنْبَل (¬5) فِيْمَا كتب إليَّ قَالَ: قَالَ أحمد - يعني ابن حَنْبَل -: راشد ابن سعد لَمْ يَسْمَع من ثوبان)) (¬6). وَقَالَ الحافظ ابن حجر: ((قَالَ أبو حاتم: والحربي لَمْ يَسْمَع من ثوبان وَقَالَ ¬

_ (¬1) المستدرك 1/ 169. (¬2) ثور بن يزيد بن زياد الكلاعي الحمصي الشامي، أبو خالد، ويكنى أَيْضاً: أبا يزيد: ثقة ثبت، إلا أنَّهُ يرى القدر، توفي سنة (153 هـ‍). طبقات خليفة: 317، وتهذيب الكمال 1/ 419 (846)، والتقريب (861). (¬3) سير أعلام النبلاء 4/ 491. فائدة: هنا مسألة ينبغي التنبيه عَلَيْهَا، وَهِيَ: ما شاع وانتشر بَيْنَ الباحثين عِنْدَ نقلهم عن الْحَاكِم تصحيحه لحديث من كتاب المستدرك: ((صححه الحاكم ووافقه الذهبي)) وهذه مسألة لَمْ تكن معروفة عِنْدَ المتقدمين بَلْ شهرها ونشرها علاّمة مصر ومحدّثها الشيخ أحمد شاكر - يرحمه الله -، ثُمَّ طفحت بِهَا كتب الشيخ مُحَمَّد ناصر الدين الألباني، والشيخ شعيب الأرناؤوط، حَتَّى عمّت عِنْدَ أغلب الباحثين. وهذا خطأ ينبغي التنبيه عَلَيْهِ والتحذير مِنْهُ؛ لأن الإمام الذهبي لَمْ يحقق "المستدرك"، بَل اختصره كَمَا اختصر عدداً من الكتب، وَكَانَ من صنيع هَذَا الإمام العظيم أن يعلق أحياناً عَلَى بعض الأحاديث لا أنّه يريد تحقيقها والحكم عَلَيْهَا وتتبعها جميعها وذلك لأن الذهبي ضعّف كثيراً من الأحاديث الَّتِيْ في "المستدرك" في كتبه الأخرى ك‍" الميزان " وغيره. ثُمَّ إنه نص عَلَى أن الكتاب يعوزه تحرير وعمل. (السير 17/ 176) فلو أنه وافق الْحَاكِم عَلَى جميع ما سكت عَلَيْهِ لما قَالَ ذَلِكَ. وهذا دليل من مئات بَلْ ألوف من الأدلة عَلَى أن أحكام " التلخيص " بشأن تصحيح الأحاديث ليس كلام الذهبي بَلْ هُوَ كلام الْحَاكِم اختصره الذهبي فإن هَذَا الْحَدِيْث في " التلخيص " 1/ 169: ((عَلَى شرط م)) وفي السير ما يخالف هَذَا الحكم. ومن خطأ الشيخ أحمد شاكر في هَذَا الْحَدِيْث أنه قَالَ: ((صححه عَلَى شرط مُسْلِم، ووافقه الذهبي)) المسح عَلَى الجوربين: 5. (¬4) سير أعلام النبلاء 4/ 491. (¬5) وَهُوَ في العلل 1/ 133 للإمام أحمد رِوَايَة عَبْد الله. (¬6) المراسيل: 59 (207).

الخلال (¬1) عن أحمد: لا ينبغي أن يَكُوْن سَمِعَ مِنْهُ)) (¬2). لَكِنْ يجاب عن هَذَا الحكم بالانقطاع أن الإمام البخاري قَدْ أثبت سَمَاع راشد من ثوبان فَقَالَ: ((سَمِعَ ثوبان)) (¬3). واعترض عَلَى معنى الْحَدِيْث فإن من احتج بِهِ ذكر أن التساخين عِنْدَ بعض أهل اللغة هِيَ كُلّ ما يسخن بِهِ القدم من خف وجورب (¬4). ويجاب عن هَذَا بأن المعجمات اللغوية وكتب غريب الْحَدِيْث أوردت للتساخين ثلاثة تفاسير: الأول: إنها الخفاف وَقَدْ اقتصرت كثير من المعجمات عَلَى ذَلِكَ. الثاني: كُلّ ما يُسَخَّن القدم من خفٍّ وجورب ونحوه. الثالث: إنها هِيَ تعريب ((تَشْكَن)) وَهُوَ اسم غطاء من أغطية الرأس نقله ابن الأثير عن حمزة الأصفهاني في كتابه "الموازنة"، ويرى أن تفسيره بالخف وهم من اللغويين العرب حَيْثُ لَمْ يعرفوا فارسيته. فاللغويون غَيْر متفقين عَلَى تفسير التساخين بالخفاف بَلْ حمزة الأصفهاني يراه وهماً والتفسير الثاني للتساخين عام يدخل فِيْهِ التفسير الأول (¬5). فعلى هَذَا يَكُوْن تفسير التساخين بالجواريب بعيد جداً، ولا يوجد ذَلِكَ في معاجم اللغة، والذين ذكروا ذَلِكَ أدخلوه في عموم التفسير الثاني للتساخين. 3 - واحتجوا أَيْضاً بما روي عن أنس بن مالك، قَالَ: ((رأيت رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح عَلَى الجوربين عليهما النعلان)). أخرجه الْخَطِيْب (¬6). ¬

_ (¬1) هُوَ أَبُو بكر أحمد بن مُحَمَّد بن هارون البغدادي الخلال الشيخ الحنبلي، رأى أحمد بن حَنْبَل، وصنف "الجامع في الفقه" و " العلل " عن أَحْمَد بن حَنْبَل، ولد سنة (234 هـ‍)، وتوفي سنة (311 هـ‍). طبقات الحنابلة 2/ 11، وسير أعلام النبلاء 14/ 297 - 298، والعبر 2/ 154. (¬2) تهذيب التهذيب 3/ 226. (¬3) التاريخ الكبير 3/ 292. (¬4) تحفة الأحوذي 1/ 340. (¬5) انظر: غريب الْحَدِيْث، لابن سلاّم 1/ 187، وغريب الْحَدِيْث، للخطابي 2/ 62، والصحاح 5/ 2134، ومقاييس اللغة 3/ 146، وشرح السنة 1/ 452، وأساس البلاغة: 289، والنهاية 1/ 189 و 2/ 352، واللسان 13/ 207 (سخن)، والتاج 9/ 233 (الطبعة القديمة). (¬6) في تاريخ بغداد 3/ 306.

وأجيب: بأن سند هَذَا الْحَدِيْث تالف لأن فِيْهِ موسى بن عَبْد الله الطويل (¬1)، قَالَ ابن حبان: ((رَوَى عن أنس أشياء موضوعة)). وَقَالَ ابن عدي: ((رَوَى عن أنس مناكير، وَهُوَ مجهول)) (¬2). لَكِنْ روي مثل هَذَا الْحَدِيْث من فعل أنس، فَقَدْ رَوَى: عَبْد الرزاق (¬3)، وابن أبي شيبة (¬4)، والدولابي (¬5)، والبيهقي (¬6)، عن الأزرق بن قيس (¬7)، قَالَ: رأيت أنس بن مالك أَحَدَثَ فغسل وجهه ويديه، ومسح عَلَى جوربين من صوف، فقلت: أتمسح عليهما؟ فَقَالَ: إنهما خفان، ولكنهما من صوف)) (¬8). قَالَ العلامة أحمد شاكر: ((هَذَا إسناد صَحِيْح)) (¬9)، ثُمَّ قَالَ: ((هَذَا الْحَدِيْث موقوف عَلَى أنس، من فعله وقوله. ولكن وجه الحجة فِيْهِ أنه لَمْ يكتفِ بالفعل، بَلْ صرح بأن الجوربين: ((خفان، ولكنهما من صوف)).وأنس بن مالك صحابيٌّ من أهل اللغة، قَبْلَ دخول العجمة واختلاط الألسنة، فهو يبين أن معنى (الخف) أعم من أن يَكُوْن من الجلد وحده، وأنه يشمل كُلّ ما يستر القدم ويمنع وصول الماء إِلَيْهَا؛ إِذْ إن الخفاف كانت في الأغلب من الجلد، فأبان أنس أن هَذَا الغالب ليس حصراً للخف في أن يَكُوْن من الجلد. وأزال الوهم الَّذِيْ قَدْ يدخل عَلَى الناس من واقع الأمر في الخفاف إِذْ ذاك. وَلَمْ يأت دليل من الشارع يدل عَلَى حصر الخفاف في الَّتِيْ تكون من الجلد فَقَطْ)) (¬10). وهذا الفهم المستنبط من فعل أنس - رضي الله عنه - فيه رد عَلَى من اشترط الصفاقة أو التجليد أَوْ التنعيل للجوربين، وَقَدْ شدد ابن حزم النكير عَلَى من اشترط ذَلِكَ فَقَالَ: ((إنه ¬

_ (¬1) هُوَ مجهول يكنى أبا عَبْد الله، فارسيٌّ كَانَ يحدّث ببغداد. الكامل في ضعفاء الرجال 8/ 69، وميزان الاعتدال 4/ 209، والكشف الحثيث: 432. (¬2) ميزان الاعتدال 4/ 209. (¬3) في مصنفه (745) و (779). (¬4) في مصنفه (1978). (¬5) في الكنى 1/ 181. (¬6) السنن الكبرى 1/ 285. (¬7) الأزرق بن قيس الحارثي البصري: ثقة، توفي بَعْدَ سنة مئة وعشرين. الثقات 4/ 62، وتهذيب الكمال 1/ 163 (296)، والتقريب: (302). (¬8) هَذَا اللفظ للدولابي، والبقية ألفاظهم مقاربة. (¬9) المسح عَلَى الجوربين: 13. (¬10) المسح عَلَى الجوربين: 14.

خطأ لا معنى لَهُ؛ لأنه لَمْ يأتِ بِهِ قرآن ولا سنة ولا قياس ولا قَوْل صاحب)) (¬1). وَقَدْ بوّب ابن أبي شيبة في كتابه "المصنف" (¬2) باباً سماه: ((من قَالَ الجوربان بمنْزلة الخفين))، ونقل في ذَلِكَ آثاراً عن ابن عمر وعطاء ونافع والحسن. ونستخلص مما تقدم: بأن الأصل هُوَ غسل الرجلين كَمَا هُوَ ظاهر القرآن، والعدول عَنْهُ لا يجوز إلا بأحاديث صحيحة كأحاديث المسح عَلَى الخفين، لذا جاز عِنْدَ جماهير أهل العلم العدول عن غسل الرجلين إلى المسح عَلَى الخفين، أما أحاديث المسح عَلَى الجوربين ففي صحتها كلام كَمَا سبق، فكيف يعدل عن غسل القدمين إلى المسح عَلَى الجوربين مطلقاً، وإلى هَذَا الفهم ذهب الإمام مُسْلِم بقوله: ((لا يترك ظاهر القرآن بمثل أبي قيس وهزيل)) (¬3). فلأجل هَذَا فإن عدداً من أهل العلم اشترطوا لجواز المسح عَلَى الجوربين قيوداً ليكونا في معنى الخفين، ويدخل الجوربان في معنى الخفين، فرأى بعضهم أن الجوربين إذا كانا مجلدين كانا في معنى الخفين، ورأى بعضهم أنهما إذا كانا منعلين كانا في معناهما، وعند بعضهم أنهما إذا كانا صفيقين ثخينين كَانَا في معناهما (¬4). والذي أميل إِلَيْهِ أن الجوربين إذا كانا ثخينين فهما في معنى الخفين يجوز المسح عليهما، أما إذا كانا رقيقين فهما ليسا في معنى الخفين، وفي جواز المسح عليهما تأمل، والله أعلم. ¬

_ (¬1) المحلى 2/ 86 - 87. (¬2) 1/ 173 الآثار (1991) - (1994). (¬3) لَمْ نقف عَلَيْهِ في المطبوع من كتاب التمييز، وذكره البيهقي في السنن الكبرى 1/ 284. (¬4) انظر: تحفة الأحوذي 2/ 336.

الفصل الثاني الاختلاف في المتن

الفصل الثاني الاختلاف في الْمَتْن وفيه تسعة مباحث: المبحث الأول: رِوَايَة الْحَدِيْث بالمعنى، وأثر ذَلِكَ في اختلاف الفقهاء. المبحث الثاني: مخالفة الْحَدِيْث للقرآن، وأثر ذَلِكَ في اختلاف الفقهاء. المبحث الثالث: مخالفة الْحَدِيْث لحديث أقوى مِنْهُ، وأثر ذَلِكَ في اختلاف الفقهاء. المبحث الرابع: مخالفة الْحَدِيْث لفتيا روايه، وأثر ذَلِكَ في اختلاف الفقهاء. المبحث الخامس: مخالفة الْحَدِيْث للقياس، وأثر ذَلِكَ في اختلاف الفقهاء. المبحث السادس: مخالفة الْحَدِيْث لعمل أهل المدينة، وأثر ذَلِكَ في اختلاف الفقهاء. المبحث السابع: مخالفة الْحَدِيْث للقواعد العامة، وأثر ذَلِكَ في اختلاف الفقهاء. المبحث الثامن: اختلاف الْحَدِيْث بسبب الاختصار، وأثر ذَلِكَ في اختلاف الفقهاء. المبحث التاسع: ورود خبر الآحاد فِيْمَا تعم بِهِ البلوى، وأثره في اختلاف الفقهاء.

المبحث الأول رواية الحديث بالمعنى

المبحث الأول رِوَايَة الْحَدِيْث بالمعنى خلق الله الجنس البشري متفاوتاً في قدراته، وما وهبه لَهُ بمنّه وفضله، وَقَدْ أثّر هَذَا التفاوت عَلَى قدرات الناس في الحفظ، فإنّك تجد الحَافِظ الَّذِي لا يكاد يخطئ إلا قليلاً، وتجد الرَّاوِي الكثير الخطأ، ومن ثَمَّ تجد بَيْنَ الرُّوَاة مَنْ يؤدي لفظ الْحَدِيْث كَمَا سمعه، ومنهم مَنْ يحفظ المضمون ولا يتقيد باللفظ، وَهُوَ ما نسميه "الرِّوَايَة بالمعنى" وفي جواز أداء الْحَدِيْث بِهَا خلافٌ بَيْنَ الْعُلَمَاء عَلَى اثني عشر قولاً (¬1): الأول: التفرقة بَيْنَ الألفاظ الَّتِي لا مجال فِيْهَا للتأويل وبَيْنَ الألفاظ الَّتِي تحتمل التأويل، فجوزت الرِّوَايَة بالمعنى في الأول دُوْنَ الثاني. حكاه أبو الْحُسَيْن بن القطان (¬2) عن بَعْض الشافعية، وَعَلَيْهِ جرى الكِيَا الطبري (¬3) مِنْهُمْ (¬4). الثاني: جواز الرِّوَايَة بالمعنى في الأحاديث الَّتِي تشتمل عَلَى الأوامر والنواهي، وأما إذا كَانَ اللفظ خفي المعنى محتملاً لعدة معانٍ فَلاَ تجوز. ويستوي في هَذَا الحكم الصَّحَابِيّ وغيره (¬5). الثَّالث: المنع مطلقاً من الرِّوَايَة بالمعنى، وتعين أداء لفظ الْحَدِيْث. وبه قَالَ عَبْد الله بن عمر (¬6)، وابن سيرين (¬7)، وأبو بكر الرازي (¬8) الجصّاص (¬9)، وأبو إسحاق (¬10) ¬

_ (¬1) انظرها في: الحاوي الكبير 20/ 154، والبحر المحيط 4/ 356 - 358، وتوجيه النظر 2/ 686. (¬2) هُوَ أبو الْحُسَيْن أحمد بن مُحَمَّد بن أحمد بن القطان البغدادي، لَهُ مصنفات في أصول الفقه، توفي سنة (359 هـ‍). وفيات الأعيان 1/ 70، وسير أعلام النبلاء 16/ 159، وشذرات الذهب 3/ 28. (¬3) هُوَ أَبُو الحسن عَلِيّ بن مُحَمَّد بن عَلِيّ الفقيه الشَّافِعِيّ المعروف بالكيا الطبري - بكسر الكاف وفتح المثناة من تَحْتَ مَعَ التخفيف -، توفي سنة (504 هـ‍). طبقات الشافعية، للإسنوي 2/ 288، ومرآة الجنان 3/ 133. (¬4) البحر المحيط 4/ 358. (¬5) الحاوي الكبير 20/ 154. (¬6) قواطع الأدلة 1/ 328. وانظر: الكفاية: (171 هـ‍، 265 ت)، وفواتح الرحموت 2/ 167. (¬7) المحدّث الفاصل: 534 - 535 رقم (691)، والكفاية: (311 ت، 206 هـ‍). (¬8) هُوَ أبو بكر أحمد بن عَلِيّ الرازي الجصاص الحنفي الأصولي، صاحب التصانيف، مِنْهَا: " الفصول في الأصول " و " شرح الجامع الكبير "، ولد سنة (305 هـ‍)، وتوفي سنة (370 هـ‍). المنتظم 7/ 105 - 106، والعبر 2/ 360، وسير أعلام النبلاء 16/ 340 و 341. (¬9) إلا أنَّهُ استثنى من هُوَ في درجة الحسن البصري والشعبي. الفصول في علم الأصول 3/ 211. (¬10) هُوَ الأستاذ أبو إسحاق إبراهيم بن مُحَمَّد بن إبراهيم بن مهران الإسفراييني الأصولي الشَّافِعِيّ الملقب بـ (ركن الدين) صاحب التصانيف، مِنْهَا: "جامع الخلي في أصول الدين والرد عَلَى =

الإسفراييني (¬1)، وبه قَالَ الظاهرية (¬2)، وثعلب (¬3) من النحويين (¬4)، وَهُوَ الأشهر من مذهب مالك (¬5). الرابع: من يحفظ اللفظ والمعنى لا تجوز لَهُ الرِّوَايَة بالمعنى، ومن كَانَ يستحضر المعنى دُوْنَ اللفظ جازت روايته بالمعنى. وبه جزم الماورديُّ (¬6)، فَقَالَ: ((والذي أراه: أنَّهُ إن كَانَ يحفظ اللفظ لَمْ يَجُزْ أن يرويه بغير ألفاظه؛ لأن في كلام رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - من الفصاحة ما لا يوجد في كلام غيره، وإن لَمْ يحفظ اللفظ جاز أن يورد معناه بغير لفظه؛ لأن الرَّاوِي قَدْ تحمّل أمرين: اللفظ والمعنى، فإن قدر عَلَيْهِمَا لزمه أداؤهما، وإن عجز عن اللفظ وقدر عَلَى المعنى لزمه أداؤه لئلاّ يَكُوْن مقصراً في نقل ما تحمل)) (¬7). الخامس: عكس المذهب الَّذِي قبله، فإن كَانَ يستحضر اللفظ جاز لَهُ الرِّوَايَة بالمعنى، وإن لَمْ يَكُنْ حافظاً للفظ لَمْ يَجُزْ لَهُ الاقتصار عَلَى المعنى، إذ لربما زاد فِيْهِ ما لَيْسَ مِنْهُ. السادس: جواز الرِّوَايَة بالمعنى بشرط إبدال المترادفات ببعضها مَعَ الإبقاء عَلَى تركيب الكلام؛ خوفاً من دخول الخلل عِنْدَ تغيير التركيب (¬8). ¬

_ = الملحدين"، توفي سنة (418 هـ‍). الأنساب 1/ 149، وسير أعلام النبلاء 17/ 353 و 354، ومرآة الجنان 3/ 25. (¬1) البحر المحيط 4/ 358. (¬2) البحر المحيط 4/ 358. (¬3) المحدث، إمام النحو، أبو العباس، أحمد بن يَحْيَى بن يزيد الشيباني مولاهم البغدادي المَشْهُوْر بـ (ثعلب)، صاحب التصانيف مِنْهَا: "اختلاف النحويين" و"معاني القرآن"، ولد سنة (200هـ‍)، وتوفي سنة (291هـ‍). العبر 2/ 94، وسير أعلام النبلاء 14/ 5 و 7، ومرآة الجنان 2/ 163. (¬4) قواطع الأدلة 1/ 328. (¬5) الكفاية: (188 - 189 هـ‍، 288 - 289 ت)، وجامع بَيَان العِلْم 1/ 81، والإلماع: 180. وَهُوَ قول عدد من أَئِمَّة الْحَدِيْث. انظر: شرح السنة 1/ 238، والإحكام للآمدي 2/ 261 - 262. (¬6) هُوَ الإمام أبو الحسن عَلِيّ بن مُحَمَّد بن حبيب البصري الماوردي الشَّافِعِيّ، صاحب التصانيف مِنْهَا: "الحاوي الكبير" و " الأحكام السلطانية "، توفي سنة (450 هـ‍). المنتظم 8/ 199 - 200، وسير أعلام النبلاء 18/ 64 و 65، وطبقات الشافعية، للإسنوي 2/ 230. (¬7) الحاوي الكبير 20/ 154 - 155. وقّواه الشَّيْخ الجزائري في توجيه النظر 2/ 686 وعلل ذَلِكَ بكون الرِّوَايَة بالمعنى إنما أجيزت للضرورة، ولا ضرورة إلا في هَذِهِ الحالة. (¬8) توجيه النظر: 2/ 687.

النموذج الأول: حكم الصلاة على الجنازة في المسجد

السابع: إذا أورد الرَّاوِي الْحَدِيْث قاصداً الاحتجاج أو الفتوى جاز لَهُ الرِّوَايَة بالمعنى، وإن أورده بقصد الرِّوَايَة لَمْ يَجُزْ لَهُ إلا أداؤه بلفظه، وبه قَالَ ابن حزم (¬1). الثامن: جواز الرِّوَايَة بالمعنى للصحابة حصراً، ولا تجوز لغيرهم (¬2)، وإليه مال القرطبي (¬3). التاسع: تجوز الرِّوَايَة بالمعنى للصحابة والتابعين دُوْنَ غيرهم (¬4). وبه قَالَ أبو بكر الحفيد في كتابه "أدب الرِّوَايَة" (¬5). العاشر: تجوز الرِّوَايَة بالمعنى فِيْمَا يوجب العِلْم، ولا تجوز فِيْمَا يوجب العمل، وَهُوَ وجه للشافعية (¬6). الحادي عشر: تجوز الرِّوَايَة بالمعنى في الأحاديث الطوال، ولا تجوز في القصار، حكاه بعضهم عن الْقَاضِي عَبْد الوهاب (¬7) المالكي (¬8). الثاني عشر: قَالَ جمهور الْعُلَمَاء من الفقهاء والمحدّثين وأهل الأصول بجواز الرِّوَايَة بالمعنى بشروط وضعوها لِذَلِكَ (¬9)، وهذا هُوَ القول الراجح - إن شاء الله -. وبناءً عَلَى ذَلِكَ فإن بَعْض الرُّوَاة قَدْ يسوّغ لنفسه رِوَايَة الْحَدِيْث بالمعنى عَلَى وجه يظن أنَّهُ أدى المطلوب مِنْهُ، وَلَكِنْ بمقارنة روايات غَيْره يظهر قصوره في تأدية المعنى. النموذج الأول: حكم الصَّلاَة عَلَى الجنازة في المسجد اختلف الفقهاء في حكم الصَّلاَة عَلَى الجنازة في المسجد عَلَى أربعة مذاهب: الأول: الصَّلاَة عَلَى الميت داخل المسجد الَّذِي تقام فِيْهِ الجماعة مكروهة كراهة ¬

_ (¬1) الإحكام في أصول الأحكام 2/ 86. (¬2) نكت الزركشي 3/ 610. (¬3) البحر المحيط 4/ 359. (¬4) توجيه النظر: 2/ 689. (¬5) نكت الزركشي 3/ 610. (¬6) قواطع الأدلة 1/ 329. (¬7) هُوَ الْقَاضِي شيخ المالكية، أبو مُحَمَّد عَبْد الوهاب بن عَلِيّ بن نصر التغلبي العراقي، لَهُ مصنفات في المذهب المالكي منها: " التلقين " و " الْمَعْرِفَة "، توفي سنة (422 هـ‍). المنتظم 8/ 61، وسير اعلام النبلاء 7/ 429 و 432، والعبر 3/ 149. (¬8) البحر المحيط 4/ 361. (¬9) انظرها في: البحر المحيط 4/ 356 - 357، ومنهج النقد في علوم الْحَدِيْث: 227 - 228، ومناهج المحدّثين في رِوَايَة الْحَدِيْث بالمعنى: 74 - 76.

تحريم سواء كَانَ الميت والمصلين في المسجد، أو كَانَ الميت خارج المسجد والقوم داخله، أو كَانَ الميت داخل المسجد والقوم خارجه، وبه قَالَ الحنفية (¬1). وَقَالَ بَعْض فقهائهم: الكراهة للتنزيه (¬2). واستثنى أبو يوسف - رَحِمَهُ اللهُ - المسجد الَّذِي بني أصلاً للصلاة عَلَى الجنائز، فَلاَ تكره الصَّلاَة فِيْهِ (¬3). ولهم رِوَايَة: أن الميت إذا كَانَ خارج المسجد لَمْ تكره، وهذا راجع لاختلافهم في تعيين علة الكراهية، هل هِيَ خوف تلويث المسجد أم أن المساجد وجدت لصلاة المكتوبات (¬4)؟ فمن قَالَ بالثانية -وهم جمهور فقهاء الحنفية- أبقى الكراهة في كُلّ الأحوال، ومن جعل العلة خوف تلوث المسجد نفى الكراهة، إذا كَانَ الميت خارج المسجد، وعلى هَذَا تُخَرَّج هَذِهِ الرِّوَايَة، وإليه مال في المبسوط (¬5) والمحيط، قَالَ ابن عابدين (¬6): ((وَعَلَيْهِ العمل وَهُوَ المختار)) (¬7). وبه قَالَ أيضاً: مالك (¬8) وابن أبي ذئب (¬9) والهادوية من الزيدية (¬10). الثاني: أن الكراهة للتنزيه، ولا بأس في أن يصلي عَلَى الجنازة من في المسجد إذا كَانَ الميت خارجه بصلاة الإمام، وكذا إذا ضاق خارج المسجد بأهله، وبه قَالَ مالك في المَشْهُوْر عَنْهُ (¬11). ¬

_ (¬1) شرح فتح القدير 1/ 463، وتبيين الحقائق 1/ 242، ورد المحتار 2/ 225، والفتاوى الهندية 1/ 162. (¬2) تبيين الحقائق 1/ 242. (¬3) شرح معاني الآثار 2/ 493، وانظر: حاشية ابن عابدين 1/ 619. (¬4) تبيين الحقائق 1/ 242 - 243، وانظر: شرح فتح القدير 1/ 464. (¬5) المبسوط للسرخسي 2/ 68. (¬6) هُوَ الإِمَام مُحَمَّد أمين بن عمر بن عَبْد العزيز بن عابدين الدمشقي، ولد سنة (1198هـ‍)، من مصنفاته "رد المحتار عَلَى الدر المختار"و"حاشية عَلَى المطول"و"الرحيق المختوم"، توفي سنة (1252هـ‍). الأعلام 6/ 42. (¬7) حاشية ابن عابدين 2/ 244 - 245. (¬8) بداية المجتهد 1/ 176. (¬9) هُوَ الإِمَام مُحَمَّد بن عَبْد الرحمان بن المغيرة بن الحارث بن أبي ذئب، واسم أبي ذئب: هشام ين شعبة، أبو الحارث القرشي العامري، توفي سنة (158 هـ‍)، وَقِيْلَ: (159 هـ‍). وفيات الأعيان 4/ 183، وسير أعلام النبلاء 7/ 139 و 148، وتذكرة الحفاظ 1/ 191. (¬10) نيل الأوطار 4/ 68 - 69. (¬11) المدونة 1/ 177، وبداية المجتهد 1/ 234، والقوانين الفقهية: 95، والشرح الصغير 1/ 568، =

الثالث: تسن الصَّلاَة عَلَى الميت داخل المسجد وَهُوَ الأفضل، إذا أمن تلويثه، فإن خيف حرمت. وبه قَالَ الشافعية (¬1)، والظاهرية (¬2). الرابع: إباحة الصَّلاَة عَلَى الميت في المسجد عِنْدَ أمن المحذور وَهُوَ تلوث المسجد، وبه قَالَ الحنابلة (¬3)، والإمامية (¬4)، وَهُوَ رِوَايَة المدنيين عن مالك، وبه قَالَ ابن حبيب (¬5) المالكي (¬6). واستدل أصحاب المذهبين الأولين بِمَا روي من طريق ابن أبي ذئب، عن صالح بن نبهان (¬7) مولى التوأمة، عن أبي هُرَيْرَةَ مرفوعاً: ((من صلى عَلَى جنازة في المسجد فَلاَ شيء لَهُ)). واختلف عَلَى ابن أبي ذئب في لفظه، فرواه: أبو داود الطيالسي (¬8) ومعمر (¬9) وسفيان الثوري (¬10) وحفص بن غياث (¬11) وعلي ابن الجعد (¬12)، ومعن (¬13) بن ¬

_ = وانظر: الاستذكار 2/ 570 - 572، والقبس في شرح موطأ مالك بن أنس 2/ 447. (¬1) الحاوي الكبير 3/ 218، والتهذيب 2/ 433، والمجموع 5/ 213، وروضة الطالبين 2/ 131، وشرح الْقَاضِي زكريا عَلَى المنهج وحاشية الجمل 2/ 184، ومغني المحتاج 1/ 361، ونهاية المحتاج 3/ 25. (¬2) المحلى 5/ 162. (¬3) المقنع: 48، والشرح الكبير 2/ 358، والمحرر 1/ 193. (¬4) من لا يحضره الفقيه 1/ 174. (¬5) هُوَ الإِمَام أبو مروان عَبْد الملك بن حبيب بن سليمان السلمي العباسي الأندلسي القرطبي المالكي، لَهُ تصانيف كثيرة مِنْهَا: " الواضحة " و " فضائل الصَّحَابَة " و " تفسير الموطأ "، ولد في حياة الإِمَام مالك بَعْدَ السبعين ومئة، وتوفي سنة (238 هـ‍). تذكرة الحفاظ 2/ 537 و 538، وسير أعلام النبلاء 12/ 102 و 103 و 107، ومرآة الجنان 2/ 91. (¬6) الاستذكار 2/ 571. (¬7) هُوَ صالح بن نبهان المدني، مولى التوأمة: صدوق اختلط بأخرة، توفي سنة (125 هـ‍). تهذيب الكمال3/ 438و439 (2828)، وميزان الاعتدال2/ 302 - 304 (3833)، والتقريب (2892). (¬8) في مسنده (2310). (¬9) عِنْدَ عَبْد الرزاق (6579). (¬10) أخرجها عَبْد الرزاق (6579)، وأبو نُعَيْم في الحلية 7/ 93. (¬11) وروايته أخرجها ابن أبي شيبة (11971). (¬12) في الجعديات (2846)، ومن طريقه ابن حبان في المجروحين 1/ 465 (ط السلفي)، والبغوي في شرح السنة (1493)، وابن الجوزي في العلل المتناهية (696). (¬13) هُوَ أَبُو يَحْيَى المدني القزاز، معن بن عيسى بن يَحْيَى الأشجعي مولاهم: ثقة ثبت، توفي سنة (198هـ‍). =

النموذج الثاني

عيسى (¬1) عَنْهُ بهذا اللفظ. ورواه وكيع (¬2) عَنْهُ، بلفظ: ((فليس لَهُ شيء)). ورواه يَحْيَى بن سعيد (¬3) عَنْهُ، بلفظ: ((فَلاَ شيء عَلَيْهِ)). ورواه ابن الجعد، عن الثوري (¬4)، عن ابن أبي ذئب، بلفظ: ((فليس لَهُ أجر)). وهذا كله من تصرف الرُّوَاة بألفاظ الْحَدِيْث وروايتهم بالمعنى (¬5). وأعل الْحَدِيْث كَذَلِكَ باختلاط صالح مولى التوأمة (¬6)، وأجيب: بأن رِوَايَة ابن أبي ذئب عَنْهُ قَبْلَ الاختلاط (¬7). النموذج الثاني: حَدِيْث أبي هُرَيْرَةَ - صلى الله عليه وسلم - أنَّ رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((إذا سمعتم الإقامة فامشوا وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلّوا، وما فاتكم فأتِمّوا)) (¬8). وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيْث عن أبي هُرَيْرَةَ ستة من التابعين، وحصل خلاف في لفظه عَلَى النحو الآتي: ¬

_ = الثقات 9/ 181، وتهذيب الكمال 7/ 188 و 189 (6708)، والتقريب (6820). (¬1) عِنْدَ الطحاوي في شرح معاني الآثار 2/ 492. (¬2) هُوَ الإمام الحَافِظ أبو سُفْيَان وكيع بن الجراح بن مليح بن عدي الرؤاسي، الكوفي، ولد سنة (129 هـ‍)، وَقِيْلَ: (128 هـ‍)، وتوفي سنة (197 هـ‍)، وَقِيْلَ: (196 هـ‍). الطبقات، لابن سعد 6/ 394، وسير أعلام النبلاء 9/ 140 و 166، وميزان الاعتدال 4/ 335 - 336 (9356). وروايته عِنْدَ ابن ماجه (1517). (¬3) عِنْدَ أبي داود (3191) إلا أن ابن الجوزي رَوَاهُ في العلل المتناهية من طريق يحيى وعلي بن الجعد كلاهما عن ابن أبي ذئب بلفظ: ((فَلاَ شيء لَهُ)). فلعل أحد رواته أو ابن الجوزي نفسه حمل رِوَايَة يَحْيَى عَلَى رِوَايَة ابن الجعد. (¬4) الجعديات (2848). (¬5) نقله الشَّيْخ مُحَمَّد عوامة عن الشَّيْخ حبيب الرَّحْمَان الأعظمي. أثر الْحَدِيْث في اختلاف الفقهاء:30. انظر: زاد المعاد 1/ 500، وشرح العيني عَلَى سنن أبي داود 6/ الورقة (236)، وعون المعبود 3/ 183. (¬6) كتاب المختلطين (23) مَعَ تعليق محققه،، والاغتباط (46)، والكواكب النيرات (33) بتحقيق عبد القيوم. (¬7) انظر: ما سبق. (¬8) روايات الْحَدِيْث مطولة ومختصرة والمعنى واحد، وهذه رِوَايَة الشافعي في السنن المأثورة (66).

- عَبْد الرَّحْمَان بن يعقوب الحرقي. ولَمْ يختلف عَلَى ابنه فِيْهِ. رَوَاهُ عَنْهُ بلفظ ((فأتموا))، أخرجه مالك (¬1)، ومن طريقه الشافعي (¬2) وأحمد (¬3) والبخاري في القراءة خلف الإمام (¬4) والطحاوي (¬5). وأخرجه من غَيْر طريق مالك: البخاري في القراءة (¬6) ومسلم (¬7). - مُحَمَّد بن سيرين. وَلَمْ يختلف عَلَيْهِ فِيْهِ، رَوَاهُ بلفظ: ((فاقضوا)). وأخرج روايته أحمد (¬8) والبخاري في القراءة (¬9) ومسلم في الصَّحِيْح (¬10). - أبو رافع (¬11). وَلَمْ يختلف عَلَيْهِ فِيْهِ، رَوَاهُ بلفظ: ((فاقضوا)). وروايته عِنْدَ أحمد (¬12). - همام بن منبه (¬13). رَوَاهُ عَنْهُ عَبْد الرزاق (¬14) ومن طريقه مُسْلِم (¬15) وأبو عوانة (¬16) والبيهقي (¬17) بلفظ: ((فأتموا)). ورواه أحمد (¬18) عن عَبْد الرزاق بلفظ: ((فاقضوا)). - أبو سلمة بن عَبْد الرَّحْمَان بن عوف. واختلف عَلَيْهِ في لفظه: مِنْهُمْ مَنْ رَوَاهُ عَنْهُ بلفظ: ((فأتموا))، وممن رَوَاهُ عَلَى هَذَا الوجه: ¬

_ (¬1) في الموطأ (175) رِوَايَة الليثي. (¬2) في السنن المأثورة (67). ومن طريق الشافعي الطحاوي في شرح المشكل (5572). (¬3) في مسنده 2/ 237 و 460 و 529. (¬4) (183) و (184). (¬5) في شرح المشكل (5571). (¬6) (185). (¬7) في صحيحه 2/ 100 (602) (152). (¬8) في مسنده 2/ 382 و 427. (¬9) في مسنده (186) و (187) و (188) و (189). (¬10) 2/ 100 (602) (154). (¬11) هُوَ نفيع الصائغ، أبو رافع المدني نزيل البصرة: تابعي ثقة ثبت، توفي سنة نيف وتسعين. تهذيب الكمال 7/ 360 (7062)، وسير أعلام النبلاء 4/ 414 و 415، والتقريب (7182). (¬12) في مسنده 2/ 489. (¬13) هُوَ أَبُو عتبة همام بن منبه بن كامل الصنعاني أخو وهب: ثقة، توفي في سنة (132 هـ‍). انظر: الثقات 5/ 510، وسير أعلام النبلاء: 5/ 311، والتقريب (7317). (¬14) في مصنفه (3403). (¬15) في صحيحه 2/ 100 (602) (153). (¬16) في مسنده 2/ 83. (¬17) في سننه الكبرى 2/ 295 و 298. (¬18) في مسنده 2/ 318.

1 - الزهري: ورواه عَنْهُ: مُحَمَّد بن أبي حفصة (¬1)، عِنْدَ أحمد (¬2). عُقيل بن خالد الأيلي، عِنْدَ أحمد (¬3) والبخاري في القراءة (¬4). شعيب بن أبي حمزة، وروايته أخرجها البُخَارِيّ (¬5). يَحْيَى بن سعيد الأنصاري (¬6)، عِنْدَ البُخَارِيّ في القراءة (¬7). يزيد بن الهاد، كَمَا أخرجها البُخَارِيّ في القراءة (¬8). يونس بن يزيد الأيلي، وروايته عِنْدَ مُسْلِم (¬9) وأبي داود (¬10). معمر بن راشد الأزدي، عِنْدَ التِّرْمِذِيّ (¬11). 2 - عمر بن أبي سلمة (¬12)، رَوَاهُ عَنْهُ: سعد بن إبراهيم (¬13)، عِنْدَ ابن أبي شيبة (¬14) وأحمد (¬15). ¬

_ (¬1) هُوَ أبو سلمة، مُحَمَّد بن أبي حفصة، واسم أبيه ميسرة، البصري: صدوق يخطئ. الثقات 7/ 407، وتهذيب الكمال 6/ 282 - 283 (5748)، والتقريب (5826). (¬2) في مسنده 2/ 239. (¬3) في مسنده 2/ 452. (¬4) (172) و (173) و (174). (¬5) في الصَّحِيْح 2/ 9 (908)، وفي القراءة (169). (¬6) الثقة الثبت أبو سعيد الْقَاضِي، يَحْيَى بن سعيد بن قيس الأنصاري المدني، توفي في سنة (142هـ‍). انظر: تهذيب الكمال 8/ 43 (7431)، وتاريخ الإسلام: 331 وفيات (144 هـ‍)، والتقريب (7559). (¬7) (170). (¬8) (171). (¬9) في صحيحه 2/ 100 (602) (151). (¬10) في سننه (572). (¬11) في جامعه (327). (¬12) هُوَ عمر بن أبي سلمة بن عَبْد الرحمان بن عوف القرشي الزهري المدني: صدوق يخطئ، توفي سنة (132هـ‍). الجرح والتعديل 6/ 117 - 118، وتهذيب الكمال 5/ 355 - 356 (4836)، والتقريب (4910). (¬13) (هُوَ أبو إسحاق سعد بن إبراهيم بن عَبْد الرَّحْمَان بن عوف الزهري المدني: ثقة فاضل عابد، توفي سُنَّةُ (126 هـ‍‍)، وقِيْلَ: (127 هـ‍). الثقات 4/ 297 - 298، وتهذيب الكمال 3/ 115 - 116 (2183)، والتقريب (2227). (¬14) في مصنفه (7400). (¬15) في مسنده 2/ 472.

أبو عوانة الوضاح بن عَبْد الله (¬1)، عِنْدَ أحمد (¬2). ومِنْهُمْ من رَوَاهُ عَنْهُ بلفظ: ((فاقضوا))، وممن رَوَاهُ عَلَى هَذَا اللفظ: 1 - الزهري، ورواه عَنْهُ: يونس بن يزيد الأيلي، عِنْدَ البُخَارِيّ في القراءة (¬3). سليمان (¬4) بن كَثِيْر العبدي، عِنْدَ البخاري في القراءة (¬5). 2 - عمر بن أبي سلمة، رَوَاهُ عَنْهُ: سعد بن إبراهيم، عِنْدَ عَبْد الرزاق (¬6) ومن طريقه أحمد (¬7). 3 - سعد بن إبراهيم، عِنْدَ الطيالسي (¬8) وأحمد (¬9) وأبي داود (¬10). - سعيد بن المسيب. واختلف عَلَيْهِ في لفظه، مِنْهُمْ مَن رَوَاهُ عَنْهُ بلفظ: ((فأتموا))، وممن رَوَاهُ عَنْهُ عَلَى هَذَا الوجه: 1 - الزهري، رَوَاهُ عَنْهُ: معمر بن راشد، عِنْدَ عَبْد الرزاق (¬11) ومن طريقه أحمد (¬12) والترمذي (¬13). سُفْيَان بن عيينة، في رِوَايَة الدارمي (¬14) من طريق أبي نُعَيْم عَنْهُ. وروي أيضاً عَنْهُ بلفظ: ((فاقضوا))، رَوَاهُ عَنْهُ: 1 - الزهري، ورواه عن الزهري سُفْيَان بن عيينة في رِوَايَة جمع من الحفاظ عَنْهُ، ¬

_ (¬1) هُوَ الوضاح بن عَبْد الله اليشكري، أَبُو عوانة الواسطي البزار، مولى يزيد بن عطاء اليشكري: ثقة ثبت، توفي سنة (175 هـ‍)، وَقِيْلَ: (176 هـ‍). التاريخ الكبير 8/ 181، وتهذيب الكمال 7/ 456 و 458 (7283)، والتقريب (7407). (¬2) في مسنده 2/ 387. (¬3) (179). (¬4) هُوَ أبو داود سليمان بن كَثِيْر العبدي البصري: لا بأس بِهِ، توفي سنة (163 هـ‍). تهذيب الكمال 3/ 296 (2542)، وسير أعلام النبلاء 7/ 294 - 295، والتقريب (2602). (¬5) (175). (¬6) في مصنفه (3405). (¬7) في مسنده 2/ 282. (¬8) في مسنده (2350). (¬9) في مسنده 2/ 382 و 386. (¬10) في سننه (573). (¬11) في مصنفه (3404). (¬12) في مسنده 2/ 270. (¬13) في جامعه (328). (¬14) في سننه (1286).

وهم: عَلِيّ بن المديني، عِنْدَ البُخَارِيّ في القراءة (¬1). أبو نُعَيْم الفضل بن دكين (¬2)، في رِوَايَة البُخَارِيّ في القراءة (¬3). الحميدي عَبْد الله بن الزبير، كَمَا في مسنده (¬4). ابن أبي شيبة، في مصنفه (¬5)، ومن طريقه مُسْلِم (¬6). أحمد بن حنبل، في مسنده (¬7). ابن أبي عمر العدني (¬8)، عِنْدَ الترمذي (¬9). عَبْد الله بن مُحَمَّد بن عَبْد الرحمان (¬10) عِنْدَ النسائي (¬11). زهير بن حرب، عِنْدَ مُسْلِم (¬12). ¬

_ (¬1) (178). (¬2) أبو نُعَيْم الفضل بن دكين الكوفي، واسم دكين: عَمْرو بن حماد بن زهير التيمي مولاهم الأحول: ثقة ثبت، توفي سنة (218 هـ‍)، وَقِيْلَ: (219 هـ‍). تذكرة الحفاظ 1/ 372 - 373، وسير أعلام النبلاء 10/ 142 و 151، والتقريب (5401). (¬3) (177). (¬4) (935). (¬5) (7399). (¬6) في صحيحه 2/ 100 (602) (151). وَلَمْ يسق لفظه، وحكى البيهقي في سننه 2/ 297 عن مُسْلِم أنَّهُ قَالَ: ((لا أعلم هَذه اللفظة رواها عن الزهري غَيْر ابن عيينة: ((واقضوا ما فاتكم))، قَالَ مُسْلِم: أخطأ ابن عيينة في هَذِهِ اللفظة)). وانظر: فتح الباري 2/ 118، ورده ابن التركماني. انظر: الجوهر النقي 2/ 297. (¬7) 2/ 238. (¬8) هُوَ مُحَمَّد بن يَحْيَى بن أَبِي عمر العدني، نزيل مكة: صدوق، صنف "المسند"، توفي سنة (243 هـ‍). التاريخ الكبير 1/ 265، وتهذيب الكمال 6/ 559 (6283)، والتقريب (6391). (¬9) في جامعه (329) وَلَمْ يسق لفظه. (¬10) هُوَ عَبْد الله بن مُحَمَّد بن عَبْد الرَّحْمَان بن المسور بن محزمة الزهري البصري: صدوق، توفي سنة (256هـ‍). تهذيب الكمال 4/ 272 - 273 (3528)، والتقريب (3589). (¬11) في المجتبى 2/ 114، وفي الكبرى (934). (¬12) في صحيحه 2/ 100 (602) (151) وَلَمْ يسق لفظه.

عَمْرو الناقد (¬1)، عِنْدَ مُسْلِم (¬2). - أبو سلمة وسعيد بن المسيب مقرونين، واختلف عَلَيْهِمَا فِيْهِ، فرواه ابن أبي ذئب عن الزهري، واختلف فِيْهِ: فرواه حماد عن ابن أبي ذئب بلفظ: ((فاقضوا))، هكذا رَوَاهُ أحمد (¬3)، وتابع حماداً آدمُ بن أبي إياس (¬4) عِنْدَ البُخَارِيّ في القراءة (¬5). ورواه ابن أبي فديك (¬6) عن ابن أبي ذئب بلفظ: ((فأتموا))، أخرجه الشَّافِعِيّ (¬7)، وتابع ابن أبي فديك أبو النضر (¬8) عِنْدَ أحمد (¬9). وتابع ابن أبي ذئب في روايته الثانية، إبراهيم بن سعد، عِنْدَ مُسْلِم (¬10) وابن ماجه (¬11). وهكذا نجد أنّ الرِّوَايَة بالمعنى أثرت في صياغة الرُّوَاة لمتن الْحَدِيْث، أو المحافظة عَلَى نصه، لِذَا نجد الحَافِظ ابن حجر يلجأ إِلَى الترجيح بالكثرة خروجاً من ¬

_ (¬1) هُوَ أبو عثمان البغدادي عَمْرو بن مُحَمَّد بن بكير الناقد: ثقة حافظ، توفي سنة (232هـ‍). انظر: الأنساب 6/ 344، وسير أعلام النبلاء 11/ 147، التقريب (5106). (¬2) في صحيحه 2/ 100 (602) (151) وَلَمْ يسق لفظه. (¬3) في مسنده 2/ 532 - 533. (¬4) هُوَ أبو الحسن آدم بن أبي إياس العسقلاني، أصله خراساني: ثقة عابد، توفي سنة (221 هـ‍)،وَقِيْلَ: (220هـ‍‍). تاريخ بغداد 7/ 27 و 30، وتهذيب الكمال 1/ 159 و 161 (288)، والتقريب (132). (¬5) (176)، ورواه في الصَّحِيْح 1/ 164 (636) عن آدم عن ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هُرَيْرَةَ، عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، وعن الزهري، عن أبي سلمة عن أبي هُرَيْرَةَ، عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - وَلَكِنْ بلفظ: ((فأتموا)). (¬6) هُوَ أبو إسماعيل مُحَمَّد بن إسماعيل بن مُسْلِم بن أبي فديك الديلي المدني، صدوق، توفي سنة (200 هـ‍). انظر: سير أعلام النبلاء 9/ 486، ومرآة الجنان 1/ 353، والتقريب (5736). (¬7) في السنن المأثورة (66). (¬8) هُوَ هاشم بن القاسم بن مُسْلِم الليثي مولاهم البغدادي، أبو النضر مشهور بكنيته، ولقبه قيصر: ثقة ثبت، ولد سنة (134 هـ‍)، وتوفي (207 هـ‍). تهذيب الكمال 7/ 385و387 (7135)،وسير أعلام النبلاء 9/ 545 و546 و548،والتقريب (7256). (¬9) في مسنده 2/ 532 - 533، والبخاري 2/ 9 (908)، وَلَمْ يسق لفظه. (¬10) في صحيحه 2/ 100 (602) (151)، وَلَمْ يسبق لفظه. (¬11) في سننه (775).

أثر الحديث في اختلاف الفقهاء (حكم المسبوق في الصلاة)

الخلاف الَّذِي ولَّدَتْهُ الرِّوَايَة بالمعنى، فَقَالَ: ((الحاصل أنّ أكثر الروايات وردت بلفظ: ((فأتموا))، وأقلها بلفظ: ((فاقضوا)) ...)) (¬1). ويمعن أكثر في الترجيح، فَيَقُوْلُ: ((قوله: وما فاتكم فأتموا، أي: فاكملوا: هَذَا هُوَ الصَّحِيْح في رِوَايَة الزهري، ورواه عَنْهُ ابن عيينة بلفظ ((فاقضوا))، وحكم مُسْلِم في التمييز (¬2) عَلَيْهِ بالوهم في هَذِهِ اللفظة، مَعَ أنَّهُ أخرج إسناده في صَحِيْحه (¬3)؛ لَكِنْ لَمْ يسق لفظه، وكذا رَوَى أحمد (¬4) عن عَبْد الرزاق، عن معمر، عن همام، عن أبي هُرَيْرَةَ، فَقَالَ: ((فاقضوا))، وأخرجه مُسْلِم عن مُحَمَّد بن رافع (¬5) عن عَبْد الرزاق بلفظ: ((فأتموا)) (¬6). أثر الْحَدِيْث في اختلاف الفقهاء (حكم المسبوق في الصَّلاَة): لا بدَّ لنا قَبْلَ الخوض في تفصيل أحكام المسبوق أن نتعرف عَلَى أحوال المأموم في صلاة ما، وَهُوَ لا يخلو عن ثلاث أحوال: المدرك: وَهُوَ من صلَّى جَمِيْع الصَّلاَة مَعَ الإمام. اللاَّحق: مَن فاتته الركعات كلها أو بعضها مَعَ الإمام عَلَى الرغم من ابتدائه الصَّلاَة مَعَهُ، كأن عرض لَهُ عذر كالنوم أو الزحمة أو غيرها. المسبوق: مَن سبقه الإمام بكل الصَّلاَة أو ببعضها (¬7). والذي نودّ التعرف عَلَى حكم إدراكه للصلاة: المسبوق، وَقَد اختلف الفقهاء في أنّ ما أدركه هَلْ هُوَ أول صلاته أم آخر صلاته، وأنّ ما يأتي بِهِ بَعْدَ سلام الإمام هَلْ هُوَ أول صلاته أم أنَّهُ يبني عَلَى ما صلّى فتكون آخر صلاته؟ عَلَى ثلاثة أقوال: القول الأول: أنّ ما أدركه المسبوق مَعَ الإمام هُوَ أول صلاته حكماً وفعلاً، وما يقضيه بَعْدَ سلام الإمام آخر صلاته حكماً وفعلاً. ¬

_ (¬1) فتح الباري 2/ 119. (¬2) لَيْسَ في المطبوع من التمييز. (¬3) 2/ 99 (602) (151). (¬4) في مسنده 2/ 318. (¬5) هُوَ مُحَمَّد بن رافع بن أبي زياد القشيري مولاهم، أبو عَبْد الله النيسابوري: ثقة عابد، توفي سنة (245 هـ‍). الثقات 9/ 102، وتهذيب الكمال 6/ 306 و 307 (5799)، والتقريب (5876). (¬6) فتح الباري 2/ 118. وانظر: الدر النقي 2/ 297، وعمدة القارى 5/ 150. (¬7) هَذَا التقسيم وتعريفاته عِنْدَ المالكية والحنفية. انظر: الدر المختار 1/ 594، والموسوعة الفقهية 8/ 122.

وروي هَذَا عن: عمر، وعلي، وأبي الدرداء (¬1)، وعطاء، ومكحول، وعمر بن عَبْد العزيز (¬2)، والزهري، وسعيد بن عَبْد العزيز (¬3)، والأوزاعي، وإسحاق، وأبي ثور، وداود، وابن المنذر. وَهُوَ رِوَايَة عن الحسن البصري، وابن سيرين، وأبي قلابة (¬4). وإليه ذهب الشافعية (¬5) وَهُوَ رِوَايَة عن مالك (¬6) وأحمد (¬7)، وبه قَالَ الهادوية والقاسمية والمؤيد بالله والزيدية (¬8). واحتجوا بِمَا ورد في لفظ حَدِيْث أبي هُرَيْرَةَ: ((فأتموا)). القول الثاني: أنّ ما أدركه المسبوق مَعَ الإمام هُوَ أول صلاته بالنسبة للأفعال، وآخرها بالنسبة للأقوال، بمعنى أنَّهُ يَكُوْن قاضياً في القول بانياً في الفعل. روي هَذَا عن: ابن مسعود، وابن عمر، والنخعي، ومجاهد، والشعبي، وعبيد ابن عمير (¬9)، والثوري، والحسن بن صالح (¬10). ¬

_ (¬1) الصَّحَابِيّ الجليل أبو الدرداء عويمر بن زيد بن قيس، ويقال: عويمر بن عامر الأنصاري الخزرجي، هُوَ مِمَّنْ حفظ القرآن في حياة رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم -، توفي سنة (32 هـ‍)، وَقِيْلَ: (31 هـ‍). معجم الصَّحَابَة 11/ 3930،وتاريخ دمشق 47/ 93و200 و201،وسير أعلام النبلاء 2/ 335 و 353. (¬2) هُوَ أمير المؤمنين الراشد الخامس، أبو حفص عمر بن عَبْد العزيز بن مروان القرشي الأموي المدني أشج بني أمية، ولد سنة (63 هـ‍)، وتوفي (101 هـ‍). سير أعلام النبلاء 5/ 114 و 115 و 148، والبداية والنهاية 9/ 163 وما بعدها، ومرآة الجنان 1/ 165 وما بعدها. (¬3) هُوَ الإِمَام سعيد بن عَبْد العزيز بن أبي يَحْيَى، أبو مُحَمَّد التنوخي الدمشقي مفتي دمشق، ولد سنة (90 هـ‍)، وتوفي سنة (167 هـ‍). الجرح والتعديل 4/ 42، والعبر 1/ 250، وسير أعلام النبلاء 8/ 32 و 38. (¬4) المغني 2/ 266، والمجموع 4/ 220، وطرح التثريب 2/ 364، وفقه الإمام سعيد 1/ 276. (¬5) الحاوي الكبير 2/ 250 - 251، والتهذيب 2/ 168، وروضة الطالبين 1/ 341، والمجموع 4/ 220. (¬6) المدونة 1/ 97. (¬7) المغني 2/ 266، وطرح التثريب 2/ 364. (¬8) البحر الزخار 2/ 326 - 327، والسيل الجرار 1/ 265 - 266. (¬9) هُوَ عبيد بن عمير بن قتادة الليثي الجندعي المكي، أبو عاصم، ولد في حياة رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم -، وَكَانَ من ثقات التابعين، توفي سنة (74 هـ‍). طبقات ابن سعد 5/ 463، وتذكرة الحفاظ 1/ 50، وسير أعلام النبلاء 4/ 156 و 157. (¬10) الحسن بن صالح بن صالح بن حي، أبو عَبْد الله الهمداني الثوري الكوفي، ولد سنة (100 هـ‍)،وتوفي (169هـ‍). =

النموذج الثالث

وَهُوَ الرِّوَايَة الأخرى عن: الحسن البصري، وابن سيرين، وأبي (¬1) قلابة (¬2). وبه قَالَ الحنفية (¬3)، والمشهور من مذهب مالك (¬4)، والأشهر في مذهب أحمد (¬5)، وظاهر مذهب ابن حزم (¬6). واستدلوا بالرواية الأخرى في حَدِيْث أبي هُرَيْرَةَ: ((فاقضوا)). القول الثالث: أنّ ما أدركه المسبوق مَعَ أمامه هُوَ آخر صلاته قولاً وفعلاً، وما بقي أولها. روي هَذَا عن جندب بن عَبْد الله (¬7)، وَهُوَ رِوَايَة عن مالك (¬8) وأحمد (¬9). النموذج الثالث الاختلاف في رِوَايَة حَدِيْث أبي هُرَيْرَةَ في كفارة الإفطار في رَمَضَان اختُلِفَ عَلَى الزهري في رِوَايَة هَذَا الْحَدِيْث، إذ رَوَاهُ بعضهم عن الزهري، عن حميد بن عَبْد الرَّحْمَان (¬10)، عن أبي هُرَيْرَةَ، أنّ رجلاً أفطر في رَمَضَان، فأمره رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - أن يكفر بعتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكيناً، فَقَالَ: لا ¬

_ = طبقات ابن سعد 6/ 375، والتاريخ الكبير 2/ 295، وسير أعلام النبلاء 7/ 361 و 371. (¬1) الثقة الفاضل عَبْد الله بن زيد بن عَمْرو أو عامر الجرمي، أبو قلابة البصري، ثقة فاضل، كَثِيْر الإرسال، توفي سنة (104 هـ‍)، وَقِيْلَ: (106 هـ‍)، وَقِيْلَ: (107 هـ‍). انظر: الأنساب 2/ 73، وسير أعلام النبلاء 4/ 468، والتقريب (3333). (¬2) المغني 2/ 265، والإشراف للبغدادي 1/ 92، وطرح التثريب 2/ 362. (¬3) المبسوط 1/ 35، وبدائع الصنائع 1/ 168، وشرح فتح القدير 1/ 277، وتبيين الحقائق 1/ 152، والبحر الرائق 1/ 313، وحاشية ابن عابدين 1/ 368. (¬4) مختصر خليل: 42، والشرح الكبير 1/ 345، والفواكه الدواني 1/ 207، وكفاية الطَّالِب 1/ 380، والثمر الداني: 150، وحاشية الدسوقي 1/ 345. (¬5) المحرر في الفقه 1/ 96 - 97، والمقنع: 36، والمبدع 2/ 49. (¬6) المحلى 4/ 74. (¬7) الصَّحَابِيّ أبو عَبْد الله الأزدي جندب بن عَبْد الله ويقال لَهُ جندب بن كعب. انظر: الأنساب 4/ 201، وتهذيب الكمال 1/ 483 (958)،وسير أعلام النبلاء 3/ 175. (¬8) القوانين الفقهية: 70، وشرح الزرقاني عَلَى الموطأ 1/ 344. (¬9) المغني 2/ 265. (¬10) هُوَ أبو إبراهيم حميد بن عَبْد الرحمان بن عوف القرشي الزهري المدني، أخو أبي سلمة بن عَبْد الرحمان: ثقة، توفي سنة (95 هـ‍)، وَقِيْلَ: إنه توفي (105 هـ‍) وغلّطه ابن سعد. الطبقات 5/ 153 و155، والثقات 4/ 146، وتهذيب الكمال 2/ 305 - 306 (1516)، والتقريب (1552).

أجد فأُتِي رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - بعرق تمر، فَقَالَ: ((خذ هَذَا فتصدق بِهِ))، فَقَالَ: ((يا رَسُوْل الله! ما أجد أحداً أحوج إِلَيْهِ مني)) فضحك رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى بدت أنيابه، ثُمَّ قَالَ: ((كُلْهُ)). والذي رَوَاهُ بهذه الرِّوَايَة مالك (¬1)، ويحيى ابن سعيد (¬2)، وابن جريج (¬3)، وأبو (¬4) أويس (¬5)، وعبد الله (¬6) بن أبي بكر (¬7)، وفليح (¬8) بن سليمان (¬9)، وعمر بن عثمان (¬10) المخزومي (¬11)، ¬

_ (¬1) هُوَ في الموطأ (349) برواية مُحَمَّد بن الحسن الشيباني، (30) برواية عَبْد الرَّحْمَان بن القاسم، (802) برواية أبي مصعب الزهري، (464) برواية سويد بن سعيد، (815) برواية يَحْيَى الليثي. وأخرجه الشَّافِعِيّ (651) بتحقيقنا، وأحمد 2/ 516، والدارمي (1724)، ومسلم 3/ 139 (1111) (83)، وأبو داود (2392)، والنسائي في الكبرى (3115) و (3119)، وابن خزيمة (1943)، والطحاوي 2/ 60، وابن حبان (3523)، والدارقطني 2/ 209، وفي العلل 10/ 236، والبيهقي 4/ 225. (¬2) أخرجه البُخَارِيّ في التاريخ الصغير 1/ 290، والنسائي في الكبرى (3114). (¬3) أخرجه أحمد 2/ 273، ومسلم 3/ 139 (1111) (84)، وابن خزيمة (1943)، والطحاوي 2/ 60، والدرقطني في العلل 10/ 236، والبيهقي 4/ 225. (¬4) هُوَ عَبْد الله بن عَبْد الله بن أويس بن مالك الأصبحي، أبو أويس المدني: صدوق يهم، توفي سنة (67 هـ‍). انظر: تهذيب الكمال 4/ 179 (3348)،وتاريخ الإسلام:534 وفيات (167هـ‍‍)،والتقريب (3412). (¬5) أخرجه الدارقطني 2/ 210، والبيهقي 4/ 226، وزاد في هَذِهِ الرِّوَايَة: ((أنّ رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - أمر الَّذِي يفطر يوماً في رَمَضَان أن يصوم يوماً مكانه))، قَالَ الدارقطني: ((تابعه عَبْد الجبار بن عمر عن ابن شهاب))، وَقَالَ البَيْهَقِيّ: ((ورواه أيضاً عَبْد الجبار بن عَمْرو الأيلي، عن الزهري وَلَيْسَ بالقوي))، ورواية عَبْد الجبار سيأتي تخريجها، كَمَا أنّ هَذِهِ الزيادة موجودة في أحد الطرق عن الليث بن سعد أيضاً كَمَا سيأتي، وفي رِوَايَة هشام بن سعد أيضاً. (¬6) هُوَ الإِمَام أبو مُحَمَّد عَبْد الله بن أَبِي بكر بن عَمْرو بن حزم الأنصاري: ثقة، توفي سنة (135 هـ‍)، وَقِيْلَ: (130 هـ‍). تهذيب الكمال 4/ 97 و 98 (3178)، وسير أعلام النبلاء 5/ 314 - 315، والتقريب (3239). (¬7) ذَكَرَ هَذا الطريق الدارقطني في سننه 2/ 209. (¬8) هُوَ أَبُو يَحْيَى المدني فليح بن سليمان بن أبي المغيرة الخزاعي، أو الأسلمي ويقال فليح لقب واسمه عَبْدالملك: صدوق كَثِيْر الخطأ، توفي سنة (168 هـ‍). انظر: الأنساب 2/ 330، وسير أعلام النبلاء 7/ 351، والتقريب (5443). (¬9) ذَكَرَ هَذَا الطريق الدَّارَقُطْنِيّ في سننه 2/ 209. (¬10) وَقِيْلَ اسمه عَمْرو بن عثمان بن عَبْد الرحمان بن سعيد القرشي المخزومي، وَقِيْلَ فِيْهِ: عمر بن عثمان، ويقال: إنَّهُ الصواب: مقبول. انظر: تهذيب الكمال 5/ 443 (5000)، والتقريب (5076). (¬11) أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ في العلل10/ 236.

ويزيد (¬1) بن عِيَاض (¬2)، و (¬3) شبل (¬4)، وعبيد الله (¬5) بن أبي زياد (¬6)، والليث بن سعد في رِوَايَة أشهب بن عَبْد العزيز (¬7) عَنْهُ (¬8)، وسفيان بن عيينة في رِوَايَة نعيم بن حماد (¬9) عَنْهُ (¬10)، وإبراهيم بن سعد في رِوَايَة عمار بن مطر (¬11) عَنْهُ (¬12)، كلهم عن الزهري، بِهِ. وروي مِثْل ذَلِكَ من طريق مجاهد (¬13) ¬

_ (¬1) هُوَ أَبُو الحكم المدني يزيد بن عِيَاض بن جعدبة الليثي، كذّبه مالك وغيره، مات في زمن المهدي. انظر: تهذيب الكمال 8/ 145 (7630)، وميزان الاعتدال 4/ 436، والتقريب (7761). (¬2) ذَكَرَ هَذَا الطريق الدَّارَقُطْنِيّ في سننه 2/ 209. (¬3) شبل بن حامد، ويقال ابن خالد، ويقال ابن خليد، ويقال ابن معبد المزني: مقبول. انظر: التاريخ الكبير 4/ 257، وتهذيب الكمال 3/ 360 (2672)، والتقريب (2736). (¬4) ذَكَرَ هَذا الطريق الدارقطني في سننه 2/ 209. (¬5) هُوَ عبيد الله بن أَبِي زياد الشامي الرصافي؛ صدوق. انظر: تهذيب الكمال 5/ 35 (4223)، والتقريب (4291). (¬6) ذَكَرَ هَذا الطريق الدارقطني في سننه 2/ 209، وَقَالَ الدارقطني: ((إلا أنَّهُ أرسله عن الزهري)). (¬7) الإمام أشهب بن عَبْد العزيز بن داود القيسي، ولد سنة (140 هـ‍)، وَقِيْلَ سنة (150 هـ‍)، وتوفي سنة (204 هـ‍). انظر: وفيات الأعيان 1/ 238، وتهذيب الكمال 1/ 276 و 277، وسير أعلام النبلاء 9/ 500 و 501. (¬8) أخرجه النسائي في الكبرى (3115)، وَهُوَ في المدونة الكبرى 1/ 219، قَالَ ابن عَبْد البر: ((وَهُوَ خطأ من أشهب عَلَى الليث، والمعروف فِيْهِ عن الليث كرواية ابن عيينة ومعمر وإبراهيم بن سعد ومن تابعهم)). الاستذكار 3/ 194. (¬9) هُوَ أَبُو عَبْد الله نُعَيْم بن حماد بن معاوية بن الحارث الخزاعي المروزي نزيل مصر: صدوق يخطئ كثيراً، فقيه عارف بالفرائض، توفي سنة (228 هـ‍). التاريخ الكبير 8/ 100، وتهذيب الكمال 7/ 350 و 353 (7046)، والتقريب (7166). (¬10) كَمَا ذكره الدارقطني في سننه 2/ 209، وفي العلل 10/ 225، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: ((رَوَاهُ نُعَيْم بن حماد، عن ابن عيينة، فتابعهم عَلَى أن فطره كَانَ مبهمَّا، وخالفهم في التخيير)). (¬11) هُوَ أبو عثمان عمّار بن مطر العنبري الرهاوي: ضعيف لايعتبر بِمَا يرويه إلا للاستئناس. المجروحين 2/ 189 (839)، والكامل 6/ 137، والضعفاء، للعقيلي 3/ 327. (¬12) كَمَا ذكره الدَّارَقُطْنِيّ في سننه 2/ 209. (¬13) أخرجه الدارقطني 2/ 190 - 191 وَقَالَ الدارقطني: ((المحفوظ عن هشيم عن إسماعيل عن سالم، عن مجاهد مرسلاً عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، وعن الليث، عن مجاهد، عن أبي هُرَيْرَةَ، وليث لَيْسَ بقوي)). وروي من طريق الليث، عن عطاء ومجاهد، عن أبي هُرَيْرَةَ بنحو رِوَايَة سُفْيَان ومن تابعه، عن الزهري، أخرجه الدارقطني في " العلل " 10/ 246. =

ومُحَمَّد (¬1) بن كعب (¬2)، عن أبي هُرَيْرَةَ. وفي هَذِهِ الروايات الكفارة عَلَى التخيير: عتق أو صيام أو إطعام، وخالفهم من هم أكثر مِنْهُمْ عدداً فرووه، عن الزهري، عن حميد بن عَبْد الرَّحْمَان، عن أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: ((جاء رجل إِلَى النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: هلكت يا رَسُوْل الله، قَالَ: وما أهلكك؟ قَالَ: وقعت عَلَى امرأتي في رَمَضَان ...))، وجعلوا الكفارة فِيْهِ مقيدة بالترتيب، والذي رَوَاهُ بهذا اللفظ سُفْيَان بن عُيَيْنَةَ (¬3)، والليث بن سعد (¬4)، ومعمر (¬5)، ¬

_ = ورواه الليث بن أَبِي سليمان، عن مجاهد، عن أبي هُرَيْرَةَ، بِهِ. وجعل الفطر بالمواقعة وخيره بَيْنَ أن ينحر بدنة أو التصدق بعشرين صاعَّا أو واحد وعشرين صاعَّا من تمر، أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ في " العلل " 10/ 247. (¬1) هُوَ أَبُو حمزة مُحَمَّد بن كعب بن سليم بن أسد القرظي المدني: ثقة عالم، توفي سنة (108 هـ‍)، وَقِيْلَ: (117 هـ‍)، وَقِيْلَ غَيْر ذَلِكَ. الثقات 5/ 351، وتهذيب الكمال 6/ 489 و 490 (6164)، والتقريب (6257). (¬2) أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ 2/ 191 من طريق أبي معشر، عن مُحَمَّد بن كعب القرظي، عن أبي هُرَيْرَةَ، بِهِ. وَقَالَ الدارقطني: ((أبو معشر هُوَ نجيح وَلَيْسَ بقوي)). وفي هَذِهِ الرِّوَايَة: ((أن رجلاً أكل في رَمَضَان ...)). (¬3) أخرجه الحميدي (1008)،وابن أبي شيبة (9786)، وأحمد 2/ 241، والبخاري 8/ 180 (6709) و (6711)، ومسلم 3/ 138 (1111) (81)، وأبو داود (2390)، وابن ماجه (1671)، والترمذي (724)، والنسائي (3117)، وابن الجارود (384)، وابن خزيمة (1944)، وأبو عوانة في الجزء المفقود: 143، والطحاوي 2/ 61، وابن حبان (3524)، والدارقطني 2/ 209 - 210، والبيهقي 4/ 221، والبغوي (1752)، قَالَ الدارقطني: ((تفرد بِهِ أبو ثور، عن معلى بن مَنْصُوْر، عن ابن عيينة بقوله: ((وأهلكت)) وكلهم ثقات)). وسيأتي كلام البيهقي عَلَى هَذِهِ الزيادة من طريق الأوزاعي. وَقَالَ التِّرْمِذِيّ عن حَدِيْث سُفْيَان: ((حَدِيْث أبي هُرَيْرَةَ: حَدِيْث حسن صَحِيْح)). (¬4) أخرجه البُخَارِيّ 8/ 206 (6821)، ومسلم 3/ 138 (1111) (82)، والنسائي (3116)، وأبو عوانة في الجزء المفقود: 145، والبيهقي 4/ 222 من طرق عن الليث بن سعد بِهِ. ورواه البيهقي 4/ 226 من طريق إبراهيم بن سعد عن الليث، وفيه زيادة: ((اقض يوماً مكانه))، وَقَالَ البيهقي عقب الْحَدِيْث: ((وَكَذَلِكَ رَوَى عن عَبْد العزيز الدراوردي، عن إبراهيم بن سعد، وإبراهيم سَمِعَ الْحَدِيْث عن الزهري، وَلَمْ يذكر عَنْهُ هَذِهِ اللفظة فذكرها الليث بن سعد، عن الزهري. ورواها أيضاً أبو أويس المدني، عن الزهري)) كَمَا مَرَّ توضيحه من طريق أبي أويس، وسيأتي من رِوَايَة عَبْد الجبار بن عمر (¬5) أخرجه عَبْد الرزاق (7457)،وأحمد2/ 281،والبخاري 3/ 210 (2600)،و 8/ 180 (6710)، ومسلم 3/ 139 (1111) عقب (84)، وأبو داود (2391)، وأبو عوانة في الجزء المفقود من المسند:143، والدارقطني في العلل 10/ 238،والبيهقي 4/ 222 - 223.

ومنصور بن المعتمر (¬1)، والأوزاعي (¬2)، وشعيب (¬3)، وإبراهيم بنسعد (¬4)، وعراك (¬5) بن مالك (¬6)، وعبد الجبار (¬7) بن عمر (¬8)، ¬

_ (¬1) أخرجه البُخَارِيّ 3/ 42 (1937)، ومسلم 3/ 139 (1111) عقب (81)، والنسائي في الكبرى (3118)، وابن خزيمة (1945) (1950)، وأبو عوانة: 144، والطحاوي 2/ 61، والدارقطني 2/ 210، وفي العلل 10/ 239، والبيهقي 4/ 221و222، وابن عَبْد البر في التمهيد 7/ 166 - 167 من طرق عن مَنْصُوْر بِهِ. قَالَ ابن حجر: ((قوله: (عن الزهري عن حميد) كَذَا الأكثر من أصحاب مَنْصُوْر عَنْهُ، وكذا رَوَاهُ مؤمل بن إسماعيل عن الثوري عن مَنْصُوْر، وخالفهم مهران بن أبي عمر فرواه عن الثوري بهذا الإسناد فَقَالَ: عن سعيد بن المسيب بدل حميد بن عَبْد الرَّحْمَان. أخرجه ابن خزيمة (1951) والدارقطني في العلل 10/ 239، وَهُوَ قَوْل شاذ، والمحفوظ الأول)). فتح الباري 4/ 173، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: ((ووهم فِيْهِ عَلَى الثوري)) العلل 10/ 228. (¬2) أخرجه البخاري 8/ 47 (6164)، وأبو عوانة: 145، والطحاوي 2/ 61، وابن حبان (3526) (3527)، والدارقطني 2/ 190، وفي العلل 10/ 238، والبيهقي 4/ 222، وابن عَبْد البر في التمهيد 7/ 173 - 174 من طرق عن الأوزاعي. وأخرجه البَيْهَقِيّ 4/ 227 من طريق مُحَمَّد بن المسيب الأرغياني، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عقبة، حَدَّثَنِي أبي، قَالَ ابن المسيب. وحدثني عَبْد السلام يعني: ابن عَبْد الحميد، أَنْبَأَنَا عمر والوليد، قالوا: أَنْبَأَنَا الأوزاعي، حَدَّثَنِي الزهري وزاد في الرِّوَايَة ((فَقَالَ: يا رَسُوْل الله هلكت وأهلكت))، وَقَالَ البَيْهَقِيّ عقب الْحَدِيْث: ((ضعف شَيْخُنَا أبو عَبْد الله الحَافِظ - رَحِمَهُ اللهُ - هَذِهِ اللفظة، وأهلكت وحملها عَلَى أنها أدخلت عَلَى مُحَمَّد بن المسيب الأرغياني، فَقَد رَوَاهُ أبو عَلِيّ الحَافِظ، عن مُحَمَّد بن المسيب بالإسناد الأول دُوْنَ هَذِهِ اللفظة. ورواه العباس بن الوليد، عن عقبة بن علقمة دُوْنَ هَذِهِ اللفظة ورواه دحيم وغيره عن الوليد بن مُسْلِم دونها ورواه كافة أصحاب الأوزاعي عن الأوزاعي دونها، وَلَمْ يذكرها أحد من أصحاب الزهري، عن الزهري إلاّ ما روي عن أبي ثور، عن معلى بن مَنْصُوْر، عن سُفْيَان بن عيينة، عن الزهري، وَكَانَ شَيْخُنَا يستدل عَلَى كونها في تِلْكَ الرِّوَايَة أيضاً خطأ بأنه نظر في كتاب الصوم تصنيف المعلى بن مَنْصُوْر بخط مشهور فوجد فِيْهِ هَذَا الْحَدِيْث دُوْنَ هَذِهِ اللفظة، وإن كافة أصحاب سُفْيَان رووه عَنْهُ دونها، والله أعلم)). (¬3) أخرجه البُخَارِيّ 3/ 41 (1936)، وأبو عوانة: 145، والطحاوي 2/ 61، وابن حبان (3529)، والدارقطني في العلل 10/ 237، والبيهقي 4/ 224. (¬4) أخرجه الدارمي (1723)، والبخاري 7/ 86 (5368)، و8/ 29 (6087)، وأبو عوانة: 142 و146. (¬5) عراك بن مالك الغفاري المدني، ثقة فاضل، توفي في خلافة يزيد بن عَبْد الملك. تهذيب الكمال 5/ 149 و150 (4482)، والكاشف 2/ 16 - 17 (3765)، والتقريب (4549). (¬6) أخرجه النسائي في الكبرى (3119)، وأبو عوانة: 146، وابن حبان (3525)، والدارقطني في العلل 10/ 236، وابن عَبْد البر في التمهيد 7/ 165 - 166. (¬7) هُوَ أَبُو عمر عَبْد الجبار بن عمر الأيلي القرشي الأموي، مولى عثمان بن عفان: ضعيف. تهذيب الكمال 4/ 342 (3683)، والكاشف 1/ 612 (3086)، والتقريب (3742). (¬8) أخرجه أبو عوانة: 145، والبيهقي 4/ 226، وفيه زيادة: (واقضِ يوماً مكانه).

وعبد الرَّحْمَان (¬1) ابن المسافر (¬2)، والنعمان (¬3) بن راشد (¬4)، وعقيل (¬5)، ومُحَمَّد بن أبي حفصة (¬6)، ويونس (¬7)، وحجاج (¬8) بن أرطاة (¬9)، وصالح (¬10) بن أبي الأخضر (¬11)، ومُحَمَّد بن إسحاق (¬12)، وعبيد الله بن عمر (¬13)، وإسماعيل (¬14) بن أمية (¬15)، ومُحَمَّد (¬16) ¬

_ (¬1) عَبْد الرحمان بن خالد بن مسافر، ويقال اسم جده ثابت بن مسافر، أَبُو خالد ويقال أبو الوليد الفهمي المصري: صدوق، مات سنة (127 هـ‍). انظر: تهذيب الكمال 4/ 395، وتهذيب التهذيب 6/ 165 و 166، والتقريب (3849). (¬2) أخرجه الطحاوي 2/ 60. (¬3) هُوَ أبو إسحاق الرَّقي النعمان بن راشد الجَزري، مولى بني أمية: صدوق سيئ الحفظ. انظر: الثقات 7/ 532، وتهذيب الكمال 7/ 345 (7035)، والتقريب (7154). (¬4) أخرجه أبو عوانة: 145، والطحاوي 2/ 61. (¬5) أخرجه ابن خزيمة (1949)، وأبو عوانة: 145، والدارقطني في العلل 10/ 237. (¬6) أخرجه أحمد 2/ 516، وأبو عوانة: 145، والطحاوي 2/ 61، والدارقطني 2/ 210 وفي العلل 10/ 241 من طرق عن مُحَمَّد بن أبي حفص، وروي من طريق عَبْد الوهاب بن عطاء عن مُحَمَّد بن أبي حفصة، عن الزهري، عن أبي سلمة بدلاً من حميد بن عَبْد الرَّحْمَان أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ في العلل 10/ 241، وَقَالَ ابن حجر: ((والمحفوظ عن ابن أبي حفصة كالجماعة)). فتح الباري 4/ 163، وانظر: علل الدَّارَقُطْنِيّ 10/ 230. (¬7) أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ في العلل 10/ 237، والبَيْهَقِيّ 4/ 224. (¬8) هُوَ الإمام حجاج بن أرطأة بن ثور بن هبيرة، أبو أرطأة النخعي الكوفي: صدوق كَثِيْر الخطأ والتدليس، توفي سنة (145 هـ‍). سير أعلام النبلاء 7/ 68 و 73، والكاشف 1/ 311 (928)، والتقريب (1119). (¬9) أخرجه أحمد2/ 208، وأبو عوانة: 147، والدارقطني 2/ 190، وفي العلل10/ 238، والبيهقي4/ 226. (¬10) صالح بن أبي الأخضر اليمامي مولى هشام بن عَبْد الملك نزل بالبصرة: ضعيف يعتبر به، توفي بَعْدَ سنة (140 هـ‍). انظر: تهذيب الكمال 3/ 418 (2781)، وسير أعلام النبلاء 7/ 303، والتقريب (2844). (¬11) أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ في العلل 10/ 240 من طريق صالح بن أبي الأخضر، عن الزهري، عن حميد بن عَبْد الرحمان، وأبي سلمة، عن أبي هُرَيْرَةَ، بِهِ. وانظر: علل الدَّارَقُطْنِيّ 10/ 230. (¬12) ذَكَرَ هَذَا الطريق الدَّارَقُطْنِيّ في سننه 2/ 209، وذكر ابن حجر أن هَذِهِ الرِّوَايَة عِنْدَ البزار. (¬13) ذَكَرَ هَذَا الطريق الدَّارَقُطْنِيّ في سننه 2/ 209. (¬14) إسماعيل بن أمية بن عَمْرو الأموي، ثقة ثبت، مات سنة (144 هـ‍)، وَقِيْلَ قبلها. انظر: التاريخ الكبير 1/ 345، وتهذيب الكمال 1/ 221 و 222 (419)، والتقريب (425). (¬15) ذَكَرَ هَذَا الطريق الدَّارَقُطْنِيّ في سننه 2/ 209. (¬16) هُوَ مُحَمَّد بن عَبْد الله بن أبي عتيق القرشي التيمي المدني: مقبول. تهذيب الكمال 6/ 386 (5964)، والكاشف 1/ 189 (4974)، والتقريب (6047).

بن أبي عتيق (¬1)، وموسى (¬2) بن عقبة (¬3)، وعبد الله (¬4) بن عيسى (¬5)، وهَبَّار (¬6) بن عقيل (¬7)، وإسحاق بن يَحْيَى (¬8) العوضي (¬9)، وثابت (¬10) بن ثوبان (¬11)، وقرة بن عَبْد الرَّحْمَان (¬12)، وزمعة (¬13) بن صالح (¬14)، وبحر (¬15) السقاء (¬16)، والوليد (¬17) بن مُحَمَّد (¬18)، وشعيب بن ¬

_ (¬1) ذَكَرَ هَذَا الطريق الدَّارَقُطْنِيّ في سننه 2/ 209. (¬2) الثقة الفقيه أبو مُحَمَّد المدني موسى بن عقبة بن أَبِي عياش الأسدي مولى آل الزبير ثقة فقيه إمام في المغازي، توفي سنة (141 هـ‍). انظر: تهذيب الكمال 7/ 271 (6876)، وتاريخ الإسلام: 499 وفيات (141 هـ‍)، والتقريب (6992). (¬3) ذَكَرَ هَذَا الطريق الدَّارَقُطْنِيّ في سننه 2/ 209. (¬4) عَبْد الله بن عيسى بن عَبْد الرحمان، أبو مُحَمَّد الكوفي: ثقة، توفي سنة (230 هـ‍). انظر: تهذيب الكمال 4/ 235و236 (3460)،وميزان الاعتدال 2/ 470 (4495)،والتقريب (3523). (¬5) ذَكَرَ هَذَا الطريق الدَّارَقُطْنِيّ في سننه 2/ 209. (¬6) هبّار بن عقيل بن هبيرة الحراني الحضرمي، يروي عن الزهري. المؤتلف والمختلف 3/ 1580 و 4/ 2303، والإكمال 7/ 310، تبصير المنتبه 4/ 1448. (¬7) ذَكَرَ هَذَا الطريق الدَّارَقُطْنِيّ في سننه 2/ 209. (¬8) إسحاق بن يَحْيَى بن علقمة الكلبي، الحمصي العوضي: صدوق. انظر: تهذيب الكمال 1/ 202 (384)، وميزان الاعتدال 1/ 204، والتقريب (391). (¬9) ذَكَرَ هَذَا الطريق الدَّارَقُطْنِيّ في سننه 2/ 209. (¬10) هُوَ ثابت بن ثوبان العنسي الشامي الدمشقي، والد عَبْد الرحمان بن ثابت: ثقة. تهذيب الكمال 1/ 404 (798)، والكاشف 1/ 281 (682)، والتقريب (811). (¬11) ذَكَرَ هَذَا الطريق الدَّارَقُطْنِيّ في سننه 2/ 209. (¬12) ذَكَرَ هَذَا الطريق الدَّارَقُطْنِيّ في سننه 2/ 209. (¬13) أبو وهب زمعة بن صالح الجندي اليماني، سكن مكة: ضعيف. انظر: تهذيب الكمال 3/ 31 (1988)، وميزان الاعتدال 2/ 81، والتقريب (2035). (¬14) ذَكَرَ هَذَا الطريق الدَّارَقُطْنِيّ في سننه 2/ 209. (¬15) بحر بن كنيز الباهلي، البصري، أَبُو الفضل المعروف بالسقاء؛ لأنَّهُ كَانَ يسقي الحجاج في المفاوز: ضعيف، مات سنة (160 هـ‍). انظر: تهذيب الكمال 1/ 327و328 (628)،وميزان الاعتدال 1/ 298 (1127)، والتقريب (637). (¬16) هَذَا الطريق ذكره الدَّارَقُطْنِيّ في سننه 2/ 209. (¬17) الوليد بن مُحَمَّد الموقري، أبو بشر البلقاوي، والموقر حصن بالبلقاء: متروك، مات سنة (182 هـ‍). التاريخ الكبير 8/ 155 (2542)، وتهذيب الكمال 7/ 483 و 485، والتقريب (7453). (¬18) هَذَا الطريق ذكره الدَّارَقُطْنِيّ في سننه 2/ 209.

خالد (¬1)، ونوح (¬2) بن أبي مريم (¬3)، جميعهم عن الزهري، بِهِ قَالَ البُخَارِيّ: ((وحديث هَؤُلاَءِ أبين)) (¬4)،وَكَذَلِكَ هَذِهِ اللفظة في رِوَايَة الوليد بن مُسْلِم، عن مالك والليث (¬5)، وفي رِوَايَة حماد بن مسعدة (¬6) عن مالك (¬7)، وتابع هَذِهِ الروايات هشام بن سعد؛ إلاّ أنَّهُ رَوَاهُ عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هُرَيْرَةَ (¬8)، وروى هَذَا الْحَدِيْث بهذا اللفظ عن أبي هُرَيْرَةَ سعيد بن المسيب (¬9) أيضاً. ¬

_ (¬1) هَذَا الطريق ذكره الدَّارَقُطْنِيّ في سننه 2/ 209. (¬2) أبو عصمة نوح بن أبي مريم المروزي، القرشي مولاهم، يعرف بالجامع؛ لجمعه العلوم: كَانَ يضع الْحَدِيْث، توفي سنة (173 هـ‍). الكامل 8/ 292، وتهذيب الكمال 7/ 368 و 369 (7090)، والتقريب (7210). (¬3) هَذَا الطريق ذكره الدَّارَقُطْنِيّ في سننه 2/ 209 .. وَقَالَ الدارقطني: ((وغيرهم)). (¬4) التاريخ الصغير 1/ 290. (¬5) ذكره ابن عَبْد البر في التمهيد 7/ 162، وَقَالَ: ((هكذا قَالَ الوليد، وَهُوَ وهم مِنْهُ عَلَى مالك، والصواب: عن مالك ما في الموطأ: أن رجلاً أفطر فخيره النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أن يعتق أو يصوم أو يطعم)). (¬6) هُوَ أَبُو سعيد البصري حماد بن مسعدة التميمي: ثقة، توفي سنة (202 هـ‍). انظر: سير أعلام النبلاء 9/ 356، وتاريخ الإسلام: 130 وفيات (202 هـ‍)، والتقريب (1505). (¬7) أخرجه البيهقي 4/ 225 - 226، وَقَالَ: ((وَقَدْ رَوَى حماد بن مسعدة هَذَا الْحَدِيْث عن مالك، عن الزهري نحو رِوَايَة الجماعة)). (¬8) قَالَ ابن حجر: ((وخالفهم هشام بن سعد، فرواه عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هُرَيْرَةَ أخرجه أبو داود وغيره، قَالَ البزار، وابن خزيمة، وأبو عوانة: أخطأ فِيْهِ هشام بن سعد)). وانظر: صَحِيْح ابن خزيمة 3/ 224، ومسند أبي عوانة الجزء المفقود: 146، والكامل لابن عدي 8/ 411، كَمَا أن الرُّوَاة عن هشام بن سعد قدِ اختلفوا في رِوَايَة هَذَا الْحَدِيْث أيضاً فَقَدْ رَوَاهُ ابن أبي فديك، عن هشام بن سعد عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هُرَيْرَةَ: ((قَالَ: جاء رجل إِلَى النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أفطر في رَمَضَان)). أخرجه أبو داود (2393)، وابن عدي في الكامل 8/ 411، والدارقطني 2/ 190، في حِيْنَ رَوَاهُ الْحُسَيْن بن حفص أخرجه ابن خزيمة (1954)، والبيهقي 4/ 226، وأبو عامر العقدي، أخرجه أبو عوانة في الجزء المفقود: 146، والدارقطني 2/ 211 وفي العلل 10/ 241، كلاهما عن هشام بن سعد، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة: ((أن رجلاً أتى إِلَى رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - فحدثه أنَّهُ وقع بأهله في رَمَضَان)). ورواه سليمان بن بلال، عن هشام بن سعد بالإسناد نفسه، أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ في " العلل " 10/ 241، وابن عَبْد البر في " التمهيد " 7/ 175، وَلَمْ يذكر سبب الإفطار ولكنه جعل الكفارة عَلَى الترتيب. ورواه الدَّارَقُطْنِيّ في " العلل " 10/ 242 من طريق أَبِي نُعَيْم، عن هشام بن سعد، عن الزهري، عن أبي سلمة، بِهِ مرسلاً. وفي جَمِيْع الروايات عن هشام زيادة: أن رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - أمره أن يصوم يوماً مكانه. (¬9) أخرجه أحمد 2/ 208، وابن ماجه (1671)، وابن خزيمة (1951)، والدارقطني 2/ 190، وفي =

أثر حديث أبي هريرة في اختلاف الفقهاء

وَقَالَ البيهقي: ((ورواية الجماعة، عن الزهري مقيدة بالوطء ناقلة للفظ صاحب الشرع أولى بالقبول لزيادة حفظهم، وأدائهم الْحَدِيْث عَلَى وجهه)) (¬1). أثر حَدِيْث أبي هُرَيْرَةَ في اختلاف الفقهاء اختلف الفقهاء في وجوب الكفارة عَلَى مَن أفطر عامداً بغير الجماع جمهور الفقهاء (¬2) يرون وجوب الكفارة عَلَى مَن جامع عامداً في نهار رَمَضَان؛ وَلَكِنْ حكى العبدري (¬3) وغيره: أن سعيد بن جبير (¬4)، والشعبي (¬5)، ومُحَمَّد بن سيرين (¬6)، وقتادة (¬7)، والنخعي (¬8)، قالوا: لا كفارة عَلَيْهِ في الوطء أو غيره، وذهب الزيدية إِلَى أنّ الكفارة مندوبة (¬9). وَلَكِنَّ الفقهاء اختلفوا في الإفطارِ عامداً في رَمَضَان بغير الجماع، هَلْ يوجِب الكفارة أم لا؟ فذهب أبو حَنِيْفَةَ (¬10) إِلَى أنّ الكفارة تجب عَلَى مَن جامع في نهار رَمَضَان وَهُوَ صائم وعلى مَن أفسد صومه بأكل أو شرب ما يتغذى أو يتداوى بِهِ، بمعنى أنّه: متى ما حصل الفطر بِمَا لا يتغذى أو يتداوى بِهِ عادة فعليه القضاء دُوْنَ الكفارة؛ وذلك لأنّ وجوب الكفارة يوجب اكتمال الجناية، والجناية تكتمل بتناول ما يتغذى أو يتداوى بِهِ (¬11). ¬

_ = العلل 10/ 245، والبيهقي 4/ 225 و 226. (¬1) السنن الكبرى 4/ 225. (¬2) انظر: الجامع الكبير للترمذي 2/ 95، والمجموع 6/ 344. (¬3) هُوَ الإمام الناقد، أَبُو عامر مُحَمَّد بن سعدون بن مُرجّى بن سعدون القرشي العبدري الميورفي المغربي الظاهري، توفي سنة (524 هـ‍). انظر: سير أعلام النبلاء 19/ 579 و 583، وتاريخ الإسلام: 103 وفيات (524 هـ‍)، ومرآة الجنان 3/ 177. (¬4) انظر: الحاوي الكبير 3/ 276، والمغني 3/ 55، والمجموع 6/ 344. (¬5) انظر: الحاوي الكبير 3/ 276، والمغني 3/ 55، والمجموع 6/ 344. (¬6) انظر: المحلى 6/ 188. (¬7) انظر: المجموع 6/ 344. (¬8) انظر: الحاوي الكبير 3/ 276، والمغني 3/ 55، والمجموع 6/ 344. (¬9) انظر: البحر الزخار 3/ 249 و 254، والسيل الجرار 2/ 120. (¬10) انظر: بدائع الصنائع 2/ 97 - 98، والهداية 1/ 124، والاختيار لتعليل المختار 1/ 131، وتبيين الحقائق 1/ 327، ورد المحتار 2/ 409. (¬11) انظر: المبسوط 3/ 138.

في حِيْن ذهب الحسن (¬1)، وعطاء (¬2)، والزهري (¬3)، والأوزاعي (¬4)، والثوري (¬5)، ومالك (¬6)، وعبد الله بن المبارك (¬7)، وإسحاق (¬8)، وأبو ثور (¬9)، أن مَن أفطر عامداً في رَمَضَان بأكل أو شرب أو جماع، فإنّ عَلَيْهِ القضاء والكفارة؛ وذلك لأنهم استدلوا بظاهر لفظ الْحَدِيْث (أنّ رجلاً أفطر في رَمَضَان) فليس فِيْهِ تخصيص فطر بشيء دُوْنَ الآخر كَمَا يمكن قياس الأكل أو الشرب عَلَى الجماع؛ بجامع ما بَيْنَهُمَا من انتهاك لحرمة الصوم (¬10). وذهب سعيد بن المسيب (¬11)، والشافعي (¬12)، والصحيح من مذهب أحمد (¬13)، والظاهرية (¬14)، إِلَى عدم وجوب الكفارة عَلَى مَن أفطر عامداً في رَمَضَان إلا عَلَى المجامع، وحملوا الإفطار في الرِّوَايَة الأولى للحديث عَلَى تقييد الرِّوَايَة الثانية بالجماع فَقَطْ. أما القياس، فَقَدْ قَالَ البغوي: ((يختص ذَلِكَ بالجماع؛ لورود الشرع بِهِ، فَلاَ يقاس عَلَيْهِ سائر أنواع الفطر كَمَا لا يقاس عَلَيْهِ سائر أنواع الفطر؛ كَمَا لا يقاس عَلَيْهِ القيء ¬

_ (¬1) انظر: المجموع 6/ 330. (¬2) كَذَلِكَ. (¬3) كَذَلِكَ. (¬4) كَذَلِكَ، وانظر: فقه الأوزاعي 1/ 389. (¬5) انظر: الجامع الكبير للترمذي 2/ 95، والمجموع 6/ 330. (¬6) انظر: المدونة الكبرى 1/ 218 و 220، والتمهيد 7/ 162، والاستذكار 3/ 194، والمنتقى 2/ 52، وبداية المجتهد 1/ 221، والقوانين الفقهية: 117 - 118، وأسهل المدارك إِلَى فقه الإمام مالك 1/ 421. (¬7) انظر: الجامع الكبير 2/ 95. (¬8) انظر: الجامع الكبير 2/ 95، والمجموع 6/ 330. (¬9) انظر: المجموع 6/ 330. (¬10) انظر: فتح الباري 4/ 165. (¬11) وَهُوَ ما استنتجه الدكتور هاشم جميل من الروايات عن سعيد بن المسيب. انظر: فقه سعيد 2/ 216. (¬12) انظر: الأم 2/ 100 - 101، والحاوي الكبير 3/ 276 و 289، والتهذيب 3/ 167 و 170، والمجموع 6/ 329 و 644، وروضة الطالبين 2/ 377. (¬13) انظر: مسائل الإمام أحمد، برواية أبي داود: 93، وبرواية ابن هانئ 1/ 128 (621) و 1/ 129 (630) و 1/ 133 (654)، وبرواية عَبْد الله بن أحمد 2/ 655 (884)، والروايتين والوجهين: 47/ أ، والمقنع: 64، والمغني 3/ 55، والمحرر 1/ 229. (¬14) انظر: المحلى 6/ 185.

وابتلاع الحصاة مَعَ استوائهما في بطلان الصوم، ووجوب القضاء)) (¬1). وفي رِوَايَة عن أحمد: أنَّهُ تجب الكفارة عَلَى المجامع في نهار رَمَضَان عامداً أم ناسياً (¬2). ويتفرع عَلَى هَذَا أيضاً اختلاف الفقهاء في الكفارة هَلْ هِيَ عَلَى الترتيب أَمْ عَلَى التخيير؟ اختلف الفقهاء في تحديد الكفارة عَلَى مَن أفطر عامداً في رَمَضَان هَلْ هِيَ مقيدة بالترتيب أم أنها عَلَى التخيير؟ فذهب أبو حَنِيْفَةَ (¬3)، والأوزاعي (¬4)، والثوري (¬5)، والشافعي (¬6)، وأحمد في أصح الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ (¬7)، إِلَى أنّ الكفارة مقيدة عَلَى الترتيب الوارد في الْحَدِيْث، فهي عتق رقبة، فإن لَمْ يجد فصيام شهرين متتابعين (¬8)، فإن لَمْ يستطع، فإطعام ستين مسكيناً، وَهُوَ مذهب الظاهرية (¬9)، والزيدية (¬10). في حِيْن ذهب مالك وأصحابه (¬11)، وأحمد في رِوَايَة عَنْهُ (¬12) إِلَى أنّ الكفارة عَلَى التخيير، أي: أنَّهُ مخيّر بَيْنَ العتق أو الصيام أو الإطعام بأيِّها كفّر فَقَدْ أوفى، واستدلوا برواية مالك وابن جريج ومَن تابعهم لحديث أبي هُرَيْرَةَ (أمره رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - أن يكفر ¬

_ (¬1) التهذيب 3/ 170، وكذا ورد النص في المطبوع مِنْهُ!! وأظن أنّ فِيْهِ تكراراً. (¬2) انظر: الروايتين والوجهين: 47/ أ، والمقنع: 64، والمحرر 1/ 229. (¬3) انظر: الهداية 1/ 125، والاختيار لتعليل المختار 1/ 131، وتبيين الحقائق 1/ 328، ورد المحتار 2/ 411. (¬4) انظر: المغني 3/ 65، والمجموع 6/ 345، وفقه الأوزاعي 1/ 385. (¬5) انظر: المغني 3/ 65، والمجموع 6/ 345. (¬6) انظر: الحاوي الكبير 3/ 286، والتهذيب 3/ 167، والمجموع 6/ 345، وروضة الطالبين 2/ 379. (¬7) انظر: مسائل الإمام أحمد برواية عَبْد الله بن أحمد 2/ 652 (882)، والروايتين والوجهين: 47/ أ، والمغني 3/ 65، وشرح الزركشي 2/ 32. (¬8) أجمع الفقهاء عَلَى أنّ صيام الشهرين متتابع وَلَكِنْ روي عن ابن أبي ليلى جواز تفريق الصيام؛ وذلك لورود الْحَدِيْث بصيام الشهرين، وَلَمْ يذكر الترتيب. قَالَ ابن عَبْد البر: ((وَقَدْ ذكرنا في التمهيد من ذَكَرَ التتابع في الشهرين بإسانيد حسان)). الاستذكار 3/ 195، وانظر: التمهيد 7/ 162 و 165 و166، والمغني 3/ 66، والمجموع 6/ 345. (¬9) انظر: المحلى 6/ 197. (¬10) انظر: البحر الزخار 3/ 349. (¬11) انظر: الاستذكار 3/ 195، والتمهيد 7/ 162، والمنتقى 2/ 54، وبداية المجتهد 1/ 223، والقوانين الفقهية: 121، وأسهل المدارك 1/ 423. (¬12) انظر: الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين: 47/ أ، والمقنع: 65، والهادي: 54، والمحرر 1/ 230.

المبحث الثاني مخالفة الحديث للقرآن الكريم

بعتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكيناً)، و (أو) هنا تقتضي التخيير، واختار مالك الإطعام؛ لأنَّهُ يشبه البدل من الصيام، فَقَالَ مالك: ((الإطعام أحب إليَّ في ذَلِكَ من العتق وغيره)) (¬1)، وَعَنْهُ في رِوَايَة أخرى - جواباً لسائله -: ((الطعام، لا نعرف غَيْر الطعام لا يأخذ مالك بالعتق ولا بالصيام)) (¬2). وذهب الحسن البصري (¬3) إِلَى التخيير بَيْنَ العتق، ونحر بدنة، واستدل بحديث أرسله هُوَ ((أنّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ في الَّذِي وطئ امرأته في رَمَضَان: رقبة ثُمَّ بدنة)) (¬4). وروي عن الشعبي (¬5)، والزهري (¬6) أنّ مَن أفطر في رَمَضَان عامداً فإنّ عَلَيْهِ عتق رقبة، أو إطعام ستين مسكيناً، أو صيام شهرين متتابعين مَعَ قضاء اليوم. قَالَ ابن عَبْد البر: ((وفي قَوْل الشعبي والزهري ما يقضي لرواية مالك بالتخيير في هَذَا الْحَدِيْث)) (¬7). المبحث الثاني مخالفة الْحَدِيْث للقرآن الكريم من المتفق عَلَيْهِ بَيْنَ المُسْلِمِيْنَ أنّ القرآن الكريم من حَيْثُ الثبوت قطعي لا مراء فِيْهِ، في حين أنّ خبر الآحاد لا يعدو كونه ظني الثبوت، إذ إنّ احتمال وجود الخطأ في رِوَايَة الحفاظ الثقات أمر وارد، وَقَدْ قَالَ الإمام أحمد: ((ومن ذا الَّذِي يعرى من التصحيف والخطأ)) (¬8). ومع توافر هَذِهِ الشبهة في خبر الآحاد، فإنه لا مجال للقول بقطعية ثبوته؛ لأنّ ¬

_ (¬1) انظر: الاستذكار 3/ 195. (¬2) انظر: المدونة الكبرى 1/ 218، والاستذكار 3/ 195. (¬3) انظر: المحلى 6/ 189 - 190، والمجموع 3/ 345. (¬4) أخرجه عبد الرزاق (7463) وللحديث طريق آخر مرسل أيضاً، ذكره ابن حزم في المحلى 6/ 190، وَقَالَ النووي: ((حَدِيْث الحسن ضعيف جداً)). المجموع 6/ 345. (¬5) انظر: الاستذكار 3/ 194، وهذه الرِّوَايَة معارضة لما سبق ذكره عن الشعبي أن لا كفارة في الوطء وغيره. (¬6) انظر: الاستذكار 3/ 195. (¬7) كَذَلِكَ. وذكر النووي روايات أخرى عن بَعْض الصَّحَابَة والتابعين والفقهاء في ما عَلَى من أفطر في رَمَضَان عامداً بغير جماع. المجموع 6/ 329 - 330، وانظر: المحلى 6/ 189 - 191. (¬8) مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث: 383، وطبعة نور الدين: 252.

النموذج الأول

((ما فِيْهِ شبهة لا يعارض ما لَيْسَ فِيْهِ شبهة)) (¬1). ومن ثَمَّ فإنه لا وجه للقول باستوائهما من ناحية الاستدلال، فضلاً عن تعارضهما؛ لذا نجد فقهاء الحنفية (¬2) وبعض فقهاء المالكية (¬3) عند معارضة خبر الآحاد للقرآن الكريم يوجبون ردّه، أو تأويله عَلَى وجه يجمع بَيْنَهُمَا. ويُعلّلون هَذَا الاشتراط: بأنّ ((خبر الواحد يحتمل الصدق والكذب، والسهو والغلط، والكتاب دليل قاطع، فَلاَ يقبل المحتمل بمعارضة القاطع، بَلْ يخرج عَلَى موافقته بنوع تأويل)) (¬4). وبالمقابل فإننا نجد الجُمْهُوْر يلغون هَذَا الاشتراط، ويجوزون تخصيص عموم نصوص الكِتَاب بخبر الواحد عِنْدَ التعارض، كَمَا يجوز تقييد ما أطلق من نصوصه بِهَا (¬5)؛ وذلك أنّ الحنفية ومن وافقهم يرون الزيادة عَلَى النص نسخاً (¬6)، وكيف يصح رفع المقطوع بالمظنون؟ والجمهور يقولون: إنّ الزيادة عَلَى النص ليست من باب النسخ دائماً (¬7)، وإنما قَدْ تَكُوْن بياناً، أو تخصيصاً، أو تقييداً. وفي مسألة البيان لا يشترط تكافؤ الأدلة من حَيْثُ عدد ناقليها. ونستطيع أن نتلمس أثر هَذَا الخلاف في اختلاف الفقهاء من خلال الأمثلة الآتية: النموذج الأول: حَدِيْث فاطمة بنت قيس قالت: ((طلقني زوجي ثلاثاً لَمْ يجعل لي سكنى ولا نفقة، فأتيت رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرت لَهُ ذَلِكَ، فقلت لَهُ: إنَّهُ لَمْ يجعل لي سكنى ولا نفقة، قَالَ: صدق)) (¬8). ¬

_ (¬1) أسباب اختلاف الفقهاء: 300 للزلمي. (¬2) أصول السرخسي1/ 344، والفصول في الأصول 3/ 114، وميزان الأصول: 433، والتلويح2/ 15 - 16. (¬3) إحكام الفصول للباجي 1/ 417 (419). (¬4) ميزان الأصول: 434. (¬5) أسباب اختلاف الفقهاء: 301. (¬6) أصول السرخسي 2/ 81 - 82، والفصول في الأصول 2/ 313، وميزان الأصول: 724. (¬7) البحر المحيط 4/ 143. (¬8) ألفاظ الْحَدِيْث مطولة ومختصره، وأثبت رِوَايَة أحمد وأبي داود الطيالسي في مسنده (1645).

رَوَاهُ مالك (¬1)، والشافعي (¬2)، وعبد الرزاق (¬3)، والحميدي (¬4)، وسعيد (¬5) بن مَنْصُوْر (¬6)، وابن سعد (¬7)، وابن الجعد (¬8)، وابن أبي شيبة (¬9)، وأحمد (¬10)، والدارمي (¬11)، ومسلم (¬12)، وأبو داود (¬13)، وابن ماجه (¬14)، والترمذي (¬15)، والنسائي (¬16)، وابن (¬17) الجارود (¬18)، و (¬19) الطبري (¬20)، والطحاوي (¬21)، وابن حبان (¬22)، وغيرهم (¬23). ¬

_ (¬1) في الموطأ (1697) برواية الليثي. (¬2) في مسنده (1315) بتحقيقنا. (¬3) في مصنفه (12021) و (12022) و (12026) و (12027). (¬4) في مسنده (363). (¬5) الثقة أبو عثمان الخراساني سعيد بن مَنْصُوْر بن شعبة نزيل مكة، توفي سنة (227 هـ‍). انظر: تاريخ الإسلام: 184 وفيات (227 هـ‍)، وسير أعلام النبلاء 10/ 586، والتقريب (2399). (¬6) في سننه (1355) و (1356) و (1357). (¬7) في طبقاته 8/ 273 و 274 و 275. (¬8) في مسنده (623). (¬9) في مصنفه (18659) و (18660) و (18835). (¬10) في مسنده 6/ 373 و 411 و 412 و 413 و 414 و 415 و 416. (¬11) في سننه (2279) و (2280). (¬12) في صحيحه 4/ 195 (1480) (36) و (37)، 4/ 196 (1480) (38) و (39) و (40) و (41) و (42) و (44) و (45) و (47) و (48) و (49) و (50) و (51)، و 8/ 203 (2942) (119). (¬13) في سننه (2284) و (2285) و (2286) و (2287) و (2288) و (2289) و (2290). (¬14) في سننه (1869) و (2035) و (2036). (¬15) في جامعه (1135) و (1180) و (1181). (¬16) في المجتبى 6/ 70 - 71 و 74 و 75 و 144 و 145 و 150 و 207 و 208 و 209 و 210 و211. وفي الكبرى (5351) و (5352) و (5596) و (5597) و (5598) و (5739) و (5740) و (5742) و (5743) و (5745) و (6032) و (9243) و (9244). (¬17) هُوَ الإمام أبو مُحَمَّد عَبْد الله بن عَلِيّ بن الجارود النيسابوري صاحب كتاب " المنتقى من السنن "، ولد سنة (230 هـ‍) تقريباً، وتوفي سنة (307 هـ‍). تذكرة الحفاظ 3/ 794، وسير أعلام النبلاء 14/ 239 و 340، والأعلام 4/ 104. (¬18) في المنتقى (760) و (761). (¬19) هُوَ الإمام مُحَمَّد بن جرير بن يزيد بن كَثِيْر، أَبُو جعفر الطبري صاحب " التفسير "، ولد سنة (224 هـ‍)، وتوفي سنة (310 هـ‍). الأنساب 4/ 24 و 25، وتهذيب الأسماء واللغات 1/ 78 - 79، وسير أعلام النبلاء 14/ 267. (¬20) في تفسيره 8/ 147. (¬21) في شرح المعاني 3/ 64 و 65 و 66 و 67 و 68 و 69. وفي شرح المشكل (2643). (¬22) في صحيحه (4052) و (4253) و (4254) و (4255). (¬23) انظر تخريجه موسعاً في تحقيقنا لمسند الشافعي (1315).

وَقَد اختلف الفقهاء في المطلقة ثلاثاً (المطلقة غَيْر الرجعية) إذا لَمْ تَكُنْ حاملاً، هَلْ تجب لها النفقة والسكن أم لا؟ عَلَى ثلاثة أقوال: القول الأول: أنّ المطلقة البائن بينونة كبرى غَيْر الحامل تجب لها النفقة والسكنى عَلَى الزوج المُطَلِّق. روي ذَلِكَ عن: عمر، وابن عمر، وابن مسعود، وعائشة (¬1)، والنخعي، وابن شبرمة (¬2)، والثوري، والحسن بن صالح، وعثمان البتي (¬3)، وعبيد الله بن الحسن (¬4) العنبري (¬5). وَهُوَ رِوَايَة عن سعيد بن المسيب (¬6). وبه قَالَ الحنفية (¬7). واستدلوا: بأنّ الله - تبارك وتعالى - افتتح سورة الطلاق بقوله - جل ذكره -: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} (¬8)، فإنّ الخطاب فِيْهَا شامل للمطلقة الرجعية والمبتوتة، فلما قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ بآيات: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} (¬9) كان أمراً شاملاً للجميع، فدخلت تحته البائنة والرجعية واستويتا في الحكم من حَيْثُ وجوب السكن (¬10). ¬

_ (¬1) أم المؤمنين عَائِشَة بنت أبي بكر الصديق زوج النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - وأمها أم رومان، تزوجها النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قَبْلَ الهجرة بسنتين، توفيت سنة (57 هـ‍). انظر: أسد الغابة 5/ 501، وتجريد أسماء الصَّحَابَة 2/ 286 (3429)، والإصابة 4/ 359. (¬2) هُوَ الإمام، فقيه العراق عَبْد الله بن شُبْرُمة بن الطفيل بن حسان الضبي، أبو شبرمة الكوفي الْقَاضِي: ثقة، فقيه، توفي سنة (144 هـ‍). تهذيب الكمال 4/ 159 - 160 (3316)، وسير أعلام النبلاء 6/ 347و349، والتقريب (3380). (¬3) هُوَ أبو عَمْرو بياع البتوت عثمان بن مُسْلِم، وَقِيْلَ: أسلم، وَقِيْلَ: سليمان: فقيه، وأصله من الكوفة. انظر: تهذيب الكمال 5/ 137 (4451)، وسير أعلام النبلاء 6/ 148، والكاشف: 2/ 13 (3740). (¬4) هُوَ عبيد الله بن الحسن بن الحصين بن أبي الحر بن الخشخاش العنبري التميمي، قاضي البصرة: ثقة، فقيه، توفي سنة (168 هـ‍). الأنساب 4/ 218، وتهذيب الأسماء واللغات 1/ 311، والتقريب (4283). (¬5) المغني 9/ 179 - 181، والشرح الكبير 9/ 238. (¬6) شرح معاني الآثار 3/ 73، والاستذكار 5/ 172، وانظر: فقه سعيد بن المسيب 3/ 426. (¬7) المبسوط 19/ 2، وبدائع الصنائع 3/ 209، وفتح القدير 3/ 339، وحاشية رد المحتار 3/ 609. (¬8) الطلاق: 1 (¬9) الطلاق: 6. (¬10) أحكام القرآن للجصاص 3/ 459.

وأجابوا عن حَدِيْث فاطمة بأنه مخالف لنص القرآن الصريح، واستناداً إِلَى هَذِهِ المخالفة رد حديثها سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فروى الطحاوي عَنْهُ أنَّهُ قَالَ: ((لا ندع كتاب ربنا ولا سنة نبينا - صلى الله عليه وسلم - لقول امرأة لا ندري أصدقت أم كذبت)) (¬1). القول الثاني: لَيْسَ للمطلقة المبتوتة الحائل نفقة أيّاً كَانَت ولا سكن. روي ذَلِكَ عن: عَلِيٍّ، وابن عَبَّاسٍ، وجابر (¬2)، وطاوس، وعمرو بن ميمون (¬3)، والزهري، وعكرمة، وإسحاق، وأبي ثور، وداود (¬4). وَهُوَ رِوَايَة عن: الحسن البصري، وعطاء، والشعبي (¬5). وإليه ذهب أحمد في المَشْهُوْر من مذهبه (¬6)، وبه قَالَت الظاهرية (¬7)، والإمامية (¬8). واستدلوا بحديث فاطمة، وقالوا: لا تعارض بينه وبين نصوص الكِتَاب، وَهُوَ ((حَدِيْث صَحِيْح صريح في دلالته وأنه يعتبر مخصصاً لعموم آيات الإنفاق والسكن للمعتدات، وَلَيْسَ بمستغرب أن تَكُوْن السنة النبوية مخصصة لعام القرآن أو مقيدة لمطلقه كَمَا هُوَ معروف في أصول الفقه)) (¬9). القول الثالث: لها السكن دُوْنَ النفقة. روي هَذَا عن الفقهاء السبعة (¬10)، والأوزاعي، وابن أبي ليلى (¬11). وَهُوَ رِوَايَة عن: سعيد بن المسيب، والحسن، وعطاء، والشعبي (¬12). ¬

_ (¬1) شرح معاني الآثار 3/ 72 - 73. (¬2) الصَّحَابِيّ الجليل جابر بن عَبْد الله بن عَمْرو بن حرام الأنصاري الخزرجي السلمي المدني، كَانَ هُوَ وأبوه وخاله من أصحاب العقبة، وَكَانَ أبوه يومئذ أحد النقباء، توفي جابر سنة (74 هـ‍)، وَقِيْلَ: سنة (79 هـ‍). معجم الصَّحَابَة 3/ 1006، وأسد الغابة 1/ 256 و 258، وتجريد أسماء الصَّحَابَة 1/ 73 (683). (¬3) هُوَ أَبُو عَبْد الله وأبو عَبْد الرحمان عَمْرو بن ميمون بن مهران الجزري: ثقة فاضل، توفي سنة (147 هـ‍)، وَقِيْلَ: (145 هـ‍). تهذيب الكمال 5/ 467 (5046)، وسير أعلام النبلاء 6/ 346، والتقريب (5121). (¬4) الحاوي الكبير 14/ 283، والشرح الكبير 9/ 239. (¬5) الاستذكار 5/ 172. (¬6) المغني 9/ 179. (¬7) المحلى 10/ 292. (¬8) تهذيب الأحكام 8/ 123، والاستبصار 3/ 338. (¬9) المفصل في أحكام المرأة 9/ 243 (9554). (¬10) انظر في تعينهم مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث: 408 مَعَ تعليقنا عَلَيْهِ. (¬11) حلية الْعُلَمَاء 7/ 410 - 411. (¬12) معالم السنن 3/ 284، والشرح الكبير 9/ 239، وانظر: فقه سعيد 3/ 432.

النموذج الثاني: حكم القضاء باليمين مع الشاهد

وإليه ذهب المالكية (¬1) والشافعية (¬2)، والزيدية (¬3)، وأحمد في رِوَايَة (¬4). النموذج الثاني: حكم القضاء باليمين مَعَ الشاهد إذا أقام المدعي نصاب الشهادة كاملاً، وقبل الْقَاضِي مِنْهُمْ شهاداتهم، حكم بِمَا ادّعاه المدعي بلا خلاف بَيْنَ الْعُلَمَاء (¬5). وإذا لَمْ يكتمل النصاب وطلب المدَّعِي يمين المدَّعَى عَلَيْهِ، فحلف المدَّعَى عَلَيْهِ سقطت دعوى المدَّعِي؛ لأن اليمين للمدَّعَى عَلَيْهِ بقوله عَلَيْهِ الصَّلاَة والسلام: ((البَيِّنَة عَلَى المدَّعِي واليمين عَلَى مَن أنكر)) (¬6). فإن حلف المدَّعِي فهل تقوم يمينه مقام النقص الحاصل في نصاب الشهادة؟ اتَّفق الفقهاء عَلَى أنَّهُ لا يقضى باليمين، والحالة هَذِهِ في الحدود، واختلفوا فِيْمَا سوى ذَلِكَ عَلَى أربعة مذاهب: الأول: يقضى بالشاهد مَعَ اليمين فِيْمَا سوى الحدود، من غَيْر فرق بَيْنَ القصاص وسائر الحقوق، وبه قَالَ ابن حزم (¬7). ¬

_ (¬1) الاستذكار 5/ 170 - 171، وبداية المجتهد 2/ 82. (¬2) الحاوي الكبير 14/ 282 - 283، ومغني المحتاج 3/ 401 و 440. (¬3) السيل الجرار 2/ 385 و 398. (¬4) المغني 9/ 179، و 9/ 288 - 289. (¬5) المغني 12/ 3. (¬6) أخرجه عَبْد الرزاق (15184)، والترمذي (1341)، وابن عدي في الكامل 8/ 9، والدارقطني 4/ 157 و 218، والبيهقي 10/ 256 من طرق عن عَمْرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده بهذا اللفظ. وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: ((هَذَا حَدِيْث في إسناده مقال، ومحمد بن عبيد الله العرزمي يضعف في الْحَدِيْث من قَبْلَ حفظه، ضعفه ابن المبارك وغيره))، وَقَالَ الحَافِظ: ((وعن عَمْرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، للترمذي والدارقطني وإسناده ضعيف)). التلخيص الحبير 4/ 229، وفي طبعة دار الكتب العلمية 4/ 495، وانظر: إرواء الغليل 8/ 264 - 267. ويشهد لَهُ حَدِيْث ابن عَبَّاسٍ عِنْدَ عَبْد الرزاق (15193)، وأحمد 1/ 342 و 351 و 356 و 363، والبخاري 3/ 187 (2514) و 3/ 233 (2668)، و6/ 43 (4552)، ومسلم 5/ 128 (1711) (1) (2)، وأبي داود (3619)، وابن ماجه (2321)، والترمذي (1342)، والنسائي 8/ 248، وفي الكبرى (5994)، وأبي يعلى (2595)، وغيرهم بلفظ: ((لَوْ أن الناس أعطوا بدعواهم أدعى ناس من الناس دماء ناس وأموالهم، وَلَكِنْ اليمين عَلَى المدعى عَلَيْهِ)). (¬7) المحلى 9/ 405.

الثاني: يقضى بِهِ فِيْمَا سوى الحدود والقصاص، وَهُوَ قَوْل الهادوية (¬1). الثالث: يقضى بِهِ في الأموال فَقَطْ، روي هَذَا عن الخلفاء الأربعة، وأُبَيّ ابن كعب (¬2)، وابن عمر، وسعيد بن المسيب، والقاسم بن مُحَمَّد (¬3)، وأبي بكر بن عَبْد الرَّحْمَان (¬4)، وخارجة بن زيد (¬5)، وعبيد الله بن عَبْد الله بن عتبة (¬6)، وسليمان بن يسار (¬7)، والحسن، وشريح (¬8)، وإياس بن معاوية (¬9)، وعلي ابن الْحُسَيْن (¬10)، ومُحَمَّد ¬

_ (¬1) البحر الزخار 5/ 403، وسبل السلام 4/ 131، ونيل الأوطار 8/ 305. (¬2) الصَّحَابِيّ الجليل أبي بن كعب بن قيس الأنصاري الخزرجي البُخَارِيّ، يكنى: أبا المنذر، وأبا الطفيل، هُوَ سيد القراء وَكَانَ مِمَّنْ يكتب للنبي - صلى الله عليه وسلم - الوحي اختلف في وفاته فقيل: توفي سنة (19 هـ‍)، وَقِيْلَ (20 هـ‍)، وَقِيْلَ: (22 هـ‍)، رجح ابن عَبْد البر أنَّهُ توفي في خلافة عمر - رضي الله عنه -. معجم الصَّحَابَة 1/ 161، والاستيعاب 1/ 47 و 52، وأسد الغابة 1/ 49 و 50. (¬3) هُوَ أبو مُحَمَّد وأبو عَبْد الرَّحْمَان القرشي القاسم بن مُحَمَّد بن أبي بكر الصديق التيمي: ثقة، توفي سنة (106 هـ‍)، وَقِيْلَ: (102 هـ‍). الأنساب 5/ 302، وسير أعلام النبلاء 5/ 53، والتقريب (5489). (¬4) هُوَ أَبُو عَبْد الرحمان أبو بكر بن عَبْد الرحمان بن الحارث بن هشام المخزومي المدني، وَقِيْلَ اسمه مُحَمَّد، وَقِيْلَ المغيرة: ثقة فقيه عابد، توفي سنة (94 هـ‍)، وَقِيْلَ: (95 هـ‍). الثقات 5/ 560، وسير أعلام النبلاء 4/ 406، والتقريب (7976). (¬5) هُوَ الإمام بن الإمام خارجة بن زيد الأنصاري النجاري المدني، أحد الفقهاء السبعة، توفي سنة (99 هـ‍)، وَقِيْلَ: (100 هـ‍). طبقات ابن سعد 5/ 262، والتاريخ الكبير 3/ 204، وسير أعلام النبلاء 4/ 437 و 440. (¬6) هُوَ الإمام عبيد الله بن عَبْد الله بن عتبة أبو عَبْد الله الهذلي المدني الأعمى، أحد الفقهاء السبعة، ولد في خلافة عمر، توفي سنة (98 هـ‍)، وَقِيْلَ: سنة (99 هـ‍). تهذيب الأسماء واللغات 1/ 312، وسير أعلام النبلاء 4/ 475، وتذكرة الحفاظ 1/ 78 - 79. (¬7) هُوَ الإمام سليمان بن يسار، أبو عَبْد الرحمان وأبو عَبْد الله المدني، مولى أم المؤمنين ميمونة، أحد الفقهاء السبعة، ولد في خلافة عثمان، وتوفي سنة (107 هـ‍)، وَقِيْلَ: (103 هـ‍)، وَقِيْلَ: (104 هـ‍)، وَقِيْلَ: (109 هـ‍). طبقات ابن سعد 5/ 174 - 175، وتهذيب الأسماء واللغات 1/ 234 - 235، وسير أعلام النبلاء 4/ 444 و 446 - 447. (¬8) هُوَ الفقيه أبو أمية، شريح بن الحارث بن قيس بن الجهم الكندي قاضي الكوفة، أسلم في حياة النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - وَلَمْ تصح لَهُ صحبة، توفي سنة (98 هـ‍)، وَقِيْلَ: (80 هـ‍). التاريخ الكبير 4/ 228 - 229، وسير أعلام النبلاء 4/ 100 و 106، وتذكرة الحفاظ 1/ 59. (¬9) قاضي البصرة أبو واثلة إياس بن معاوية بن قرة المزني، البليغ الألمعي كَانَ رأساً لأهل الفصاحة والبلاغة، توفي سنة (122 هـ‍)، وَقِيْلَ: (121 هـ‍). وفيات الأعيان 1/ 247، وسير أعلام النبلاء 5/ 153، ومرآة الجنان 1/ 202. (¬10) هُوَ أَبُو الْحُسَيْن، ويقال أبو الحسن عَلِيّ بن الْحُسَيْن بن الإمام عَلِيّ بن أَبِي طَالِب زين العابدين =

الباقر (¬1)، وربيعة الرأي (¬2)، وأبي الزناد، وابن أبي ليلى، وإسحاق، وأبي ثور، وأبي عُبيد، وداود بن علي. وَهُوَ رِوَايَة عن عروة بن الزبير، وعمر بن عَبْد العزيز، وروي عن ابن سيرين، ويحيى بن يعمر (¬3)، والزهري (¬4). وإليه ذهب المالكية (¬5) والشافعية (¬6)، والحنابلة (¬7). وكانت إحدى الحجج المشتركة بَيْنَ هَذِهِ المذاهب ثلاثتها، حَدِيْث: ((أن النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قضى باليمين مَعَ الشاهد)). وسيأتي الكلام عَنْهُ. الرابع: أنَّهُ لا يقضى باليمين مَعَ الشاهد في شيء مطلقاً. روي ذَلِكَ عن الشعبي، والنخعي، وعطاء، والثوري، والأوزاعي، وابن شبرمة، وإبراهيم، والحكم بن عتيبة (¬8). وَهُوَ رِوَايَة عن: عروة بن الزبير، والزهري، وعمر بن عَبْد العزيز (¬9). وبه قَالَ أبو حَنِيْفَةَ وأصحابه (¬10). ¬

_ = الهاشمي: ثقة ثبت عابد، توفي سنة (92 هـ‍)، وَقِيْلَ: (93 هـ‍). تاريخ الإسلام: 431 وفيات (92 هـ‍)، وسير أعلام النبلاء 4/ 386، والتقريب (4715). (¬1) هُوَ الإمام أبو جعفر الباقر مُحَمَّد بن عَلِيّ بن الْحُسَيْن بن عَلِيّ العلوي الفاطمي المدني، ولد سنة (56 هـ‍)، وتوفي سنة (114 هـ‍). طبقات ابن سعد 5/ 320، وسير أعلام النبلاء 4/ 401 و 409، ومرآة الجنان 1/ 194 - 195. (¬2) هُوَ الإمام ربيعة بن أبي عَبْد الرَّحْمَان فرّوخ القرشي التيمي مولاهم المَشْهُوْر بربيعة الرأي، مفتي المدينة، توفي سنة (136 هـ‍). صفة الصفوة 1/ 421 و 423، وسير أعلام النبلاء 6/ 89 و 93، ومرآة الجنان 1/ 223. (¬3) هُوَ أَبُو سليمان العدواني البصري يَحْيَى بن يعمر: ثقة فصيح، توفي قَبْلَ المئة. تهذيب الكمال 8/ 107 (7547)، وسير أعلام النبلاء 4/ 441، والتقريب (7678). (¬4) التمهيد 2/ 153، والاستذكار 6/ 115، والمغني 12/ 10، وعمدة القاري 13/ 247. (¬5) المدونة 13/ 183، وبداية المجتهد 2/ 351، والشرح الكبير 4/ 47، والقوانين الفقهية: 304. (¬6) الحاوي الكبير 21/ 74، والمهذب 2/ 301 و334، والتهذيب 8/ 231، ومغني المحتاج 4/ 443 و482. (¬7) المقنع: 353، والمغني 12/ 10، والمحرر 2/ 312. (¬8) هُوَ أَبُو مُحَمَّد الكندي الكوفي الحكم بن عتيبة: ثقة ثبت فقيه إلا أنَّهُ رُبَّمَا دلس، توفي سنة (113 هـ‍). تهذيب الكمال 2/ 245 (1422)، وسير أعلام النبلاء 5/ 208، والتقريب (1453). (¬9) الحاوي الكبير 21/ 74، والاستذكار 6/ 116، والتمهيد 2/ 153. (¬10) مختصر الطحاوي: 333، والاختيار 2/ 111، وتبيين الحقائق 4/ 210.

وذكر ابن عَبْد البر أن هَذَا القول لَمْ يرو عن أحد من الصَّحَابَة (¬1). وأجابوا عن الْحَدِيْث بأنه معارض لنص القرآن الكريم، وَهُوَ قوله تَعَالَى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} (¬2)، والمانع من العمل بهذا الخبر أنَّهُ آحاد معارض للكتاب العزيز (¬3). وأجاب الجُمْهُوْر عن هَذَا الاعتراض بأن هَذَا الْحَدِيْث في أقل تقديراته يَكُوْن مشهوراً، فَقَدْ روي عن عدة من الصَّحَابَة هم: 1 - عَبْد الله بن عَبَّاسٍ: أخرجه الشَّافِعِي (¬4) وأحمد (¬5) ومسلم (¬6) وأبو داود (¬7) والنسائي (¬8) وابن ماجه (¬9) وأبو يعلى (¬10) وابن الجارود (¬11) والطحاوي (¬12) والطبراني (¬13) والبيهقي (¬14). 2 - أبو هُرَيْرَةَ: عِنْدَ الشَّافِعِي (¬15) والترمذي (¬16) وأبي داود (¬17) وابن ماجه (¬18) والطحاوي (¬19). 3 - جابر بن عَبْد الله: عِنْدَ أحمد (¬20) وابن ماجه (¬21) وابن الجارود (¬22) والبيهقي (¬23). 4 - سُرَّق (¬24): عِنْدَ ابن ماجه (¬25) والبيهقي (¬26). وَقَدْ روي أيضاً من حَدِيْث: عمر، وعلي، وابن عمر، وأبي سعيد الخدري (¬27)، ¬

_ (¬1) الاستذكار 6/ 114. (¬2) البقرة: 282. (¬3) أحكام القرآن للجصاص 1/ 514. (¬4) في مسنده (1709) بتحقيقنا. (¬5) في مسنده 1/ 248 و 315 و 323. (¬6) في صحيحه (1712). (¬7) في سننه (3609). (¬8) في الكبرى (6011). (¬9) في سننه (2370). (¬10) في مسنده (2511). (¬11) في المنتقى (1006). (¬12) في شرح المعاني 4/ 144. (¬13) في الكبير (11185). (¬14) في سننه 10/ 167. (¬15) في مسنده (1714) بتحقيقنا. (¬16) في جامعه (1343). (¬17) في سننه (3611). (¬18) في سننه (2368). (¬19) في شرح المعاني 4/ 144. (¬20) في مسنده 3/ 305. (¬21) في سننه (2369). (¬22) في المنتقى (1008). (¬23) في سننه 10/ 170. (¬24) الصَّحَابِيّ سرّق بن أسد الجهني، ويقال: الديلي، ويقال: الأنصاري. الثقات 3/ 183، وتهذيب الكمال 3/ 110 (2173)، والتقريب (2217). (¬25) في سننه (2371). (¬26) في سننه 10/ 172 - 173. (¬27) هُوَ الصَّحَابِيّ سعد بن مالك بن سنان بن ثعلبة الأنصاري الخدري، توفي سنة (74 هـ‍)،وَقِيْلَ =

وزيد ابن ثابت (¬1)، وابن عَمْرو (¬2)، وسعد بن عبادة (¬3)، والمغيرة بن شعبة، وبلال بن الحارث (¬4)، وعمارة بن حزم (¬5)، ومسلمة بن قيس (¬6)، وعامر بن ربيعة (¬7)، وسهل بن سعد، وتميم الداري (¬8)، وأنس، وأم المؤمنين أم سلمة (¬9)، وزينب بنت ثعلبة (¬10). وإذا قُلْنَا: إنَّهُ مشهور فإنه يعتبر بياناً للكتاب، ويصح كونه مخصصاً لعام القرآن ¬

_ = غيرها. أسد الغابة 5/ 211، وتجريد أسماء الصَّحَابَة 1/ 218 (2670)، والإصابة 2/ 35. (¬1) الصَّحَابِيّ أبو سعيد وَقِيْلَ: أبو ثابت زيد بن ثابت بن الضحاك بن زيد الأنصاري الخزرجي، توفي سنة (42 هـ‍)، وَقِيْلَ: (43 هـ‍)، وَقِيْلَ: (44 هـ‍)، وَقِيْلَ غيرها. أسد الغابة 2/ 221، وتجريد أسماء الصَّحَابَة 1/ 197 (2050)، والإصابة 1/ 561. (¬2) هُوَ الصَّحَابِيّ أبو مُحَمَّد ويقال أبو عَبْد الرَّحْمَان عَبْد الله بن عَمْرو بن العاص بن وائل القرشي السهمي، توفي سنة (69 هـ‍)، وَقِيْلَ: (68 هـ‍). أسد الغابة 3/ 233، وتجريد أسماء الصَّحَابَة 1/ 326 (3440)، والإصابة 2/ 351. (¬3) الصَّحَابِيّ أبو ثابت، ويقال: أبو قيس سعد بن عبادة بن دليم بن حارثة المدني، توفي سنة (15 هـ‍)، وَقِيْلَ: (14 هـ‍). أسد الغابة 2/ 283، وتهذيب الكمال 3/ 123 (2198)، وتجريد أسماء الصَّحَابَة 1/ 215 (2244). (¬4) هُوَ الصَّحَابِيّ أبو عَبْد الرحمان بلال بن الحارث بن عكيم بن سعد المزني المدني، توفي سنة (60 هـ‍). أسد الغابة 1/ 205، وتهذيب الكمال 1/ 387 (767)، والإصابة 1/ 164. (¬5) الصَّحَابِيّ عمارة بن حزم بن زيد الأنصاري الخزرجي قتل يوم اليمامة. معجم الصَّحَابَة 11/ 3920، وأسد الغابة 4/ 48، وتجريد أسماء الصَّحَابَة 1/ 395. (¬6) مسلمة بن قيس الأنصاري المدني عداده في المدنيين. أسد الغابة 4/ 364، وتجريد أسماء الصَّحَابَة 2/ 77، والإصابة 3/ 418. (¬7) الصَّحَابِيّ أبو عَبْد الله العنزي عامر بن ربيعة بن كعب بن مالك، توفي سنة (35 هـ‍). أسد الغابة 3/ 80، وسير أعلام النبلاء 2/ 333 و 334، والتقريب (3088). (¬8) هُوَ الصَّحَابِيّ أبو رقية تميم بن أوس بن خارجة الداري، مات بالشام. أسد الغابة 1/ 215، وتهذيب الكمال 1/ 398 (787)، وتجريد أسماء الصَّحَابَة 1/ 58. (¬9) هِيَ هند بنت أبي أمية أم سلمة القرشية المخزومية زوج النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، توفيت سنة (60 هـ‍)،وَقِيْلَ (62هـ‍). أسد الغابة 5/ 588، وتهذيب الكمال 8/ 582 (8536)، وتجريد أسماء الصَّحَابَة 2/ 322. (¬10) وَقَد اعتنى بتخريج طرقه: الدارقطني في سننه 4/ 212 وما بعدها، والبيهقي 10/ 167 وما بعدها، وابن عَبْد البر في التمهيد 2/ 134 فما بعدها، وانظر: نصب الراية 4/ 96، ومجمع الزوائد 4/ 202.

المبحث الثالث مخالفة الحديث لحديث أقوى منه

كَمَا هُوَ مقرر في أصولهم (¬1). المبحث الثالث مخالفة الْحَدِيْث لحديث أقوى مِنْهُ مِمَّا لا شك فِيْهِ أن الأحكام الشرعية مصدرها واحد، هُوَ الله - تبارك وتعالى - وإذا كَانَ الأمر كَذَلِكَ، فَقَدْ ذهب كَثِيْر من الْعُلَمَاء إِلَى أنَّهُ يمتنع أن يرد في التشريع دليلان متكافئان في الأمر نفسه، بِحَيْثُ لا يَكُوْن لأحدهما مرجح مَعَ تعارضهما من كُلّ وجه (¬2). لَكِنْ مَعَ ذَلِكَ فقد وجدنا عدداً من أدلة الأحكام الشرعية بدت للناظر - من أول وهلة - أنها متعارضة من حَيْثُ الظاهر، والحقيقة أنَّهُ لا تعارض بَيْنَها؛ لذا كَانَ الإمام ابن خزيمة يَقُوْل: ((لا أعرف أنَّهُ روي عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - حديثان بإسنادين صحيحين متضادين، فمن كَانَ عنده فليأتني بِهِ لأؤلِّف بَيْنَهُمَا)) (¬3). وَقَد تقاسم المحدّثون والأصوليون الاهتمام بهذا الجانب، وكرَّسوا لَهُ جزءاً لا يستهان بِهِ من طاقاتهم الفكرية؛ وذلك من خلال إشباعه بحثاً في مصنفاتهم. فالأصوليون أفردوا لَهُ باباً أسموه "التعارض والترجيح"، وأما المحدّثون فَقَدْ خصوه بنوع من أنواع علم الْحَدِيْث أسموه "مختلف الْحَدِيْث" تحدّثت عَنْهُ كتب المصطلح، وأفرده قسم مِنْهُمْ بالتأليف المستقل. وَقَدْ سلك الفريقان إزاء هَذَا الاختلاف الظاهري ثلاثة مسالك، هِيَ: 1 - الجمع. 2 - النسخ. 3 - الترجيح. وهذه المسالك ليست تخيرية للمجتهد، بَلْ هِيَ واجبة حسب ترتيبها، فالمجتهد يطلب الجمع بوجه من الوجوه الممكنة من غَيْر تعسف؛ لأن في الجمع إعمالاً للدليلين معاً، وإعمال الدليلين أولى من إهمال أحدهما أو إهمال جميعها (¬4). ¬

_ (¬1) فواتح الرحموت 2/ 128، وانظر: مسائل من الفقه المقارن 2/ 199 - 208. (¬2) توجيه النظر 1/ 523. (¬3) انظر: مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث: 258، وطبعتنا: 391، وشرح التبصرة 2/ 302، ط. العلمية، وطبعتنا: 2/ 109. (¬4) مختلف الْحَدِيْث بَيْنَ المحدّثين والأصوليين الفقهاء: 28.

النموذج الأول: من يثبت له حق الشفعة

فإن لَمْ يهتدِ إِلَى وجه الجمع، فإن علم تاريخ المتقدم من المتأخر قِيْلَ بالنسخ، فإن عدم أيضاً صير إِلَى الترجيح بوجه من وجوهه المعتبرة (¬1). ثُمَّ إن هَذَا التعارض إنما يَكُوْن متجهاً فِيْمَا إذا تساوى الدليلان من حَيْثُ القوة، أما إذا كَانَ أحدهما صحيحاً والآخر ضعيفاً، فَلاَ اعتبار بمخالفة الضعيف، إذ الضعيف غَيْر معتبر في نفسه، فكيف تستقيم معارضته لما هُوَ أقوى مِنْهُ؟ وَقَد اختلفت مناهج الفقهاء والمدارس الفقهية في سلوك مسالك دفع التعارض بَيْنَ الأدلة الشرعية المتكافئة المتعارضة من حَيْثُ الظاهر، فمنهم من يتبين لَهُ وجه جمع بينها، ومنهم من قَد يرى في الجمع تكلفاً فيلجأ إِلَى القول بالنسخ ... وهكذا، مِمَّا أدّى إِلَى ظهور خلاف بَيْنَ الفقهاء في استنباط الأحكام الَّتِي دلّت عَلَيْهَا تِلْكَ الأدلة، ويتضح ذَلِكَ من الأمثلة الآتية: النموذج الأول: مَن يثبت لَهُ حقّ الشفعة: اختلف الفقهاء فيمن يثبت لَهُ حق الشفعة عَلَى مذهبين: المذهب الأول: تثبت الشفعة بالخلطة، أي: أن الَّذِي يستحق الشفعة هُوَ الشريك الَّذِي لا تزال شركته قائمة، وَهُوَ المسمى: الشريك في عين المبيع فَقَطْ. وبهذا قَالَ جمهور الْفقهاء، روي هَذَا عن عمر وعثمان (¬2) وعلي وابن عَبَّاسٍ وجابر وعمر بن عَبْد العزيز وسعيد بن المسيب وسليمان بن يسار والزهري ويحيى بن سعيد الأنصاري وربيعة بن أبي عَبْد الرَّحْمَان وأبي الزناد والمغيرة بن عَبْد الرَّحْمَان (¬3) والأوزاعي وإسحاق وأبي ثور وابن المنذر (¬4). ¬

_ (¬1) نزهة النظر: 103 فما بعدها. (¬2) عثمان بن عفان بن أبي العاص الأموي، أمير المؤمنين، أحد الخلفاء الأربعة والعشرة المبشرة، استشهد سنة (35 هـ‍). معجم الصَّحَابَة 11/ 3945، وتهذيب الكمال 5/ 126 (4436)، والتقريب (4503). (¬3) المغيرة بن عَبْد الرَّحْمَان بن عَبْد الله القرشي، أبو هاشم: ثقة لَهُ غرائب، توفي في حدود سنة (180هـ‍). انظر: تهذيب الكمال 7/ 199 (6732)، وسير أعلام النبلاء 8/ 166 و 167، والتقريب (6845). (¬4) الجامع الكبير 3/ 47 عقب (1370)، والإشراف عَلَى مذاهب أهل العِلْم 2/ 5، والتهذيب 4/ 337، والمغني 5/ 461.

وإليه ذهب المالكية (¬1) والشافعية (¬2) والحنابلة (¬3) والإمامية (¬4). وهناك من أثبت حق الشفعة - إضافة للشريك في عين المبيع - للشريك في حق المبيع. وَهُوَ رِوَايَة عن الإمام أحمد (¬5)، واختارها ابن تيمية (¬6) وابن القيم (¬7) من الحنابلة (¬8)، وبنحوه قَالَ ابن حزم (¬9)؛ إلا أنَّهُ لَمْ يجعلها للشريك في حق المبيع مطلقاً، وإنما خصّها بكونه شريكاً في الطريق فَقَطْ. المذهب الثاني: أثبتوا حقّ الشفعة للجار والشريك عَلَى تفاصيل لَهُمْ في تعيين من هُوَ أولى بِهَا. وبهذا قَالَ: ابن شبرمة والثوري وابن المبارك وابن أبي ليلى (¬10). وإليه ذهب أبو حَنِيْفَةَ وأصحابه (¬11). وبنحوه قَالَ الزيدية (¬12). واستدل أصحاب المذهب الثاني بِمَا رَوَاهُ عَبْد الملك بن أبي سليمان ¬

_ (¬1) بداية المجتهد 2/ 194، والقوانين الفقهية: 283، وشرح الزرقاني عَلَى الموطأ 3/ 378، وشرح الدردير مَعَ حاشية الدسوقي 3/ 474، وشرح منح الجليل 3/ 583. (¬2) الحاوي الكبير 9/ 5، والمهذب 1/ 383، والتهذيب 4/ 337، وروضة الطالبين 5/ 72، وشرح المنهج مَعَ حاشية الجمل 3/ 498، وكفاية الأخيار 1/ 562، ومغني المحتاج 2/ 297. (¬3) المغني 5/ 461، والمقنع: 151، وكشاف القناع 4/ 149. (¬4) من لا يحضره الفقيه 3/ 46، وتهذيب الأحكام 7/ 149 - 150. (¬5) الهداية للكلوذاني: ورقة 102/ب. (¬6) شيخ الإسلام تقي الدين أبو العباس أحمد بن عَبْد الحليم بن عَبْد السلام بن عَبْد الله بن تيمية الحراني، صاحب التصانيف مِنْهَا: " الفتاوى الكبرى "، ولد سنة (661 هـ‍)، وتوفي سنة (728 هـ‍). مرآة الجنان 4/ 209، وطبقات الحفاظ: 520، والمنهج الأحمد 3/ 154. (¬7) هُوَ شمس الدين مُحَمَّد بن أبي بكر بن أيوب الزرعي ثُمَّ الدمشقي أبو عَبْد الله ابن القيم الجوزية، الفقيه الأصولي النحوي المفسر، صاحب المصنفات مِنْهَا: " تهذيب سنن أبي داود " و " إعلام الموقعين "، ولد سنة (691 هـ‍)، وتوفي سنة (751 هـ‍). الدرر الكامنة 3/ 400 و 403، والمنهج الأحمد 3/ 204 و 205 و 206، وشذرات الذهب 6/ 168. (¬8) إعلام الموقعين 2/ 122، ومسائل من الفقه المقارن 2/ 27. (¬9) المحلى 9/ 92. (¬10) حلية العلماء 5/ 266، والمغني 5/ 461. (¬11) المبسوط 14/ 92، وبدائع الصنائع 5/ 10، وشرح فتح القدير 7/ 406، وتبيين الحقائق 5/ 240، وحاشية رد المحتار 6/ 221. (¬12) السيل الجرار 3/ 171، والبحر الزخار 5/ 6، وانظر: الاستذكار 6/ 70 وما بعدها.

العرزمي (¬1)، عن عطاء، عن جابر، مرفوعاً: ((الجار أحق بشفعة جاره، ينتظر بِهَا، وإن كَانَ غائباً، إذا كَانَ طريقهما واحداً)). رَوَاهُ الطيالسي (¬2) وعبد الرزاق (¬3) وابن أبي شيبة (¬4) وأحمد (¬5) والدارمي (¬6) وأبو داود (¬7) وابن ماجه (¬8) والترمذي (¬9) وفي العلل الكبير (¬10) والنسائي (¬11) والطحاوي (¬12) والطبراني (¬13) البيهقي (¬14) وابن عَبْد البر (¬15). واستدل أصحاب المذهب الأول بِمَا رواه أبو سلمة بن عَبْد الرَّحْمَان، عن جابر مرفوعاً: ((الشفعة فِيْمَا لَمْ يقسم، فإذا وقعت الحدود، وصرفت الطرق، فَلاَ شفعة)). رَوَاهُ الشافعي (¬16) والطيالسي (¬17) وعبد الرزاق (¬18) وأحمد (¬19) وعبد بن حميد (¬20) والبخاري (¬21) وأبو داود (¬22) وابن ماجه (¬23) والترمذي (¬24) وابن الجارود (¬25) والدولابي (¬26) ¬

_ (¬1) الإمام أَبُو مُحَمَّد عَبْد الملك بن أَبِي سليمان العَرْزَمي الكوفي: صدوق لَهُ أوهام، توفي سنة (145 هـ‍). تهذيب الكمال 4/ 555 و 557 (4120)، وسير أعلام النبلاء 6/ 107 و 109، والتقريب (4184). (¬2) في مسنده (1677). (¬3) في مصنفه (14396). (¬4) في مصنفه (22713). (¬5) في مسنده 3/ 303. (¬6) في سننه (2630). (¬7) في سننه (3518). (¬8) في سننه (2494). (¬9) في جامعه (1369). (¬10) (386). (¬11) في الكبرى، كَمَا في تحفة الأشراف (2434)، وَقَدْ أحال عَلَيْهِ في موضعين، وَلَمْ أقف عَلَيْهِمَا في المطبوع من الكبرى. (¬12) في شرح المعاني 4/ 120 و 121. (¬13) في الأوسط (5456). (¬14) في سننه 6/ 106. (¬15) في التمهيد 7/ 47. (¬16) في مسنده (1490) بتحقيقنا. (¬17) في مسنده (1691). (¬18) في مصنفه (14391). (¬19) في مسنده 3/ 296 و 372 و 399. (¬20) في المنتخب (1080). (¬21) في صحيحه 3/ 104 (2213) و (2214)، و 3/ 114 (2257)، و 3/ 183 (2495) و (2496)، و 9/ 35 (6976). (¬22) في سننه (3514). (¬23) في سننه (2499). (¬24) في جامعه (1370). (¬25) في المنتقى (643). (¬26) الإمام الحَافِظ أبو بشر مُحَمَّد بن أحمد بن حماد الدولابي، ولد سنة (224 هـ‍)، وَكَانَ حسن التصانيف ومن مصنفاته: " الكنى والأسماء "، مات سنة (310 هـ‍). تذكرة الحفاظ 2/ 759 و 760، وسير أعلام النبلاء 14/ 309 - 310، والأعلام 5/ 308.والحديث أخرجه في الكنى 2/ 150

المبحث الرابع مخالفة الحديث لفتوى راويه أو عمله

والطحاوي (¬1) وابن حبان (¬2) وابن عدي (¬3) والدارقطني (¬4) والبيهقي (¬5) والبغوي (¬6). وجه الدلالة من هَذَا الْحَدِيْث: أن الأملاك إذا استقلت وتحدد كُلّ مِنْهَا، فَلاَ يبقى هناك مجال للشفعة، وهذا حال الجار، إذ مُلْكُهُ بيِّنٌ واضِحٌ (¬7). وأجابوا عن الْحَدِيْث الَّذِي استدل بِهِ أصحاب المذهب الثاني بعدة أمور، مِنْهَا: معارضته لما هُوَ أصح مِنْهُ، وَهُوَ حَدِيْث جابر الَّذِي استدلوا بِهِ، قَالَ ابن القيم: ((والذين ردوا حَدِيْث عَبْد الملك بن أبي سليمان ظنوا أنَّهُ معارض لحديث جابر الَّذِي رَوَاهُ أبو سلمة عَنْهُ: ((الشفعة فِيْمَا لَمْ يقسم، فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق، فَلاَ شفعة)). وفي الحقيقة لا تعارض بَيْنَهُمَا، فإن منطوق حَدِيْث أبي سلمة انتفاء الشفعة عِنْدَ تمييز الحدود وتصريف الطرق، واختصاص كُلّ ذي ملك بطريق، ومنطوق حَدِيْث عَبْد الملك: إثبات الشفعة بالجوار عِنْدَ الاشتراك في الطريق، ومفهومه: انتفاء الشفعة عِنْدَ تصريف الطرق، فمفهومه موافق لمنطوق حَدِيْث أبي سلمة وأبي الزبير، ومنطوقه غَيْر معارض لَهُ، ...)) (¬8). المبحث الرابع مخالفة الْحَدِيْث لفتوى راويه أو عمله وضع الحنفية شروطاً للعمل بخبر الآحاد، يمكن أن تَكُوْن عاضداً للظن الَّذِي يوجبه خبر الواحد (¬9). ¬

_ (¬1) في شرح المعاني 4/ 122. (¬2) (5192) و (5194)، وفي طبعة الرسالة (5184) و (5186). (¬3) في الكامل 5/ 101. (¬4) في سننه 4/ 232. (¬5) في سننه 6/ 102 - 103. (¬6) الشَّيْخ الإمام الحَافِظ، أبو مُحَمَّد الْحُسَيْن بن مسعود بن مُحَمَّد البغوي صاحب التصانيف كـ " شرح السنة " و " معالم التنْزيل "، مات سنة (516 هـ‍). سير أعلام النبلاء 19/ 439 و 440 و 442، وتذكرة الحفاظ 4/ 1257 و 1258. والحديث أخرجه في شرح السُّنَّة (2171). (¬7) عون المعبود 3/ 306. (¬8) تهذيب السنن 5/ 167، وانظر: تنقيح التحقيق 3/ 58. (¬9) ميزان الأصول: 431، تح: د. مُحَمَّد زكي عَبْد البر، و 2/ 639 تح: د. عَبْد الملك السعدي.

ومن بَيْن تِلْكَ الشروط: أن لا يعمل الرَّاوِي بخلاف روايته (¬1)، ووافقهم عَلَى هَذَا بَعْض المالكية (¬2)؛ لأنَّهُ ما عمل بخلافه إلا وَقَدْ تيقن من طريق صحيحة نسخه، أو صرفه عن ظاهره بتأويله أو تخصيصه، سواء كَانَ هَذَا من معاينة حال رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم -، أو سَمَاع نصٍ جلي صريح مِنْهُ، أو علم إجماع الصَّحَابَة عَلَى خلاف مضمونه، فأوجب هَذَا عَلَيْهِ القول بمقتضى المتأخر من حَيْثُ علمه (¬3). وفصّل أبو بكر الرازي الجصاص من الحنفية، فرأى أن الخبر المروي عَلَى هَذِهِ الصورة لا يخلو عن حالتين: الأولى: أن يَكُوْن الخبر محتملاً للتأويل، فعند ذَلِكَ لا يؤخذ بتأويل الصَّحَابِيّ فمن دونه، ويبقى الخبر عَلَى ظاهره معمولاً بمنطوقه، إلاّ عِنْدَ قيام دلالة عَلَى وجوب صرفه إِلَى ما يؤوله الرَّاوِي. الثانية: أن لا يحتمل الخبر تأويلاً، ولا يمكن أن يَكُوْن لفظ الْحَدِيْث تعبيراً من الصَّحَابِيّ، فهذا الَّذِي يتوقف في قبوله والعمل بِهِ (¬4). وجمهور الفقهاء والأصوليين عَلَى خلافه، إذ لا يلزم من مخالفة الصَّحَابِيّ للحديث الَّذِي يرويه، أن يَكُوْن قَد اطَّلع عَلَى ناسخ لَهُ، أو بدا لَهُ وجه تأويله (¬5)، ثُمَّ إن المقتضي للحكم هُوَ ظاهر اللفظ في الخبر، وَهُوَ قائم، وما عارضه من فعل الرَّاوِي لا يصلح أن يَكُوْن معارضاً؛ وذلك لأن احتمال تمسكه بِمَا ظنه دليلاً - مَعَ أنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ - قائم، وتَدَيّن الصَّحَابِيّ وإحسان الظن بِهِ، يمنعه من تعمد الخطأ، أما السهو والغلط فممكن عَلَيْهِ، كَمَا هُوَ ممكن عَلَى غيره (¬6). وقول الصَّحَابِيّ - مهما كَانَتْ مكانته - لا تقاوم الوقوف بوجه النص، لا سيما إذا كَانَ النص لا يحتمل التأويل، وإنما يعدُّ هَذَا من اجتهادات ذَلِكَ الصَّحَابِيّ، والأمة ملزمة بالعمل بالنص، وغير ملزمة بالعمل باجتهادات الصَّحَابَة، قَالَ الشَّافِعِيّ - رَحِمَهُ ¬

_ (¬1) كشف الأسرار للبزدوي 3/ 61، وأصول السرخسي 2/ 8، وميزان الأصول: 444 وتحقيق د. عَبْدالملك السعدي 2/ 655 - 657، وتيسير التحرير 3/ 71. (¬2) البحر المحيط 4/ 346. (¬3) ميزان الأصول: 445، تح: د. مُحَمَّد زكي عَبْد البر، و 2/ 656 تح: د. عَبْد الملك السعدي، وأصول الفقه الإسلامي في نسيجه الجديد: 36. (¬4) الفصول في علم الأصول 3/ 203. (¬5) أسباب اختلاف الفقهاء: 304. (¬6) إحكام الفصول للباجي 1/ 352 فقرة (314)، والمحصول 2/ 216.

النموذج الأول: اشتراط الولي في النكاح

اللهُ -: ((كيف أترك الْحَدِيْث بعمل من لَوْ عاصرته لحاججته)) (¬1). والحديث - إذا صَحَّ سنده واتضحت دلالته - حجة عَلَى الأمة، بِمَا فِيْهَا الصَّحَابِيّ (¬2)؛ لذا قَالَ ابن القيم: ((والذي ندين الله بِهِ ولا يسعنا غيره - وَهُوَ القصد في هَذَا الباب - أن الْحَدِيْث إذا صَحَّ عن رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم -، وَلَمْ يصح عَنْهُ حَدِيْث آخر ينسخه: أن الفرض علينا وعلى الأمة الأخذ بحديثه وترك كُلّ ما خالفه، ولا نتركه لخلاف أحد من الناس كائناً من كَانَ لا راويه ولا غيره، إذ من الممكن أن ينسى الرَّاوِي الْحَدِيْث، أو لا يحضره وقت الفتيا، أو لا يتفطن لدلالته عَلَى تِلْكَ المسألة، أو يتأول فِيْهِ تأويلاً مرجوحاً، أو يقوم في ظنه ما يعارضه، ولا يَكُوْن معارضاً في نفس الأمر، أو يقلّد غيره في فتواه بخلافه؛ لاعتقاده أنَّهُ أعلم مِنْهُ، وإنه إنما خالفه لما هُوَ أقوى مِنْهُ، وَلَوْ قُدّر انتفاء ذَلِكَ كله، ولا سبيل إِلَى العِلْم بانتفائه ولا ظنه، لَمْ يَكُنْ الرَّاوِي معصوماً، وَلَمْ توجب مخالفته لما رَوَاهُ سقوط عدالته، حَتَّى تغلب سيئاته حسناته، وبخلاف هَذَا الْحَدِيْث الواحد لا يحصل لَهُ ذَلِكَ)) (¬3). ومهما يَكُنْ الأمر فإن هَذَا التأصيل قَد انعكس عَلَى المجال الفقهي، فوجدت خلافات بَيْنَ الفقهاء، كَانَ مرجعها إِلَى هَذَا الأصل، ونلمس هَذَا جلياً من خلال الأمثلة الآتية: النموذج الأول: اشتراط الولي في النكاح اختلف الفقهاء في اشتراط إذن الولي لصحة عقد النكاح عَلَى قولين: الأول: لا يصح عقد النكاح من غَيْر ولي، وَهُوَ شرط في صحة العقد. وبهذا قَالَ الجُمْهُوْر، وَهُوَ مروي عن: عمر وعلي وابن مسعود وابن عَبَّاسٍ وأبي هُرَيْرَةَ وعائشة. وبه قَالَ: سعيد بن المسيب والحسن وعمر بن عَبْد العزيز وجابر بن زيد (¬4) والثوري وابن أبي ليلى وابن شبرمة وابن المبارك وعبيد الله العنبري وإسحاق بن ¬

_ (¬1) تيسير التحرير 3/ 71، وفواتح الرحموت 2/ 163. (¬2) أثر علل الْحَدِيْث في اختلاف الفقهاء: 175. (¬3) إعلام الموقعين 3/ 52. (¬4) هُوَ أبو الشعثاء، جابر بن زيد الأزدي اليحمدي، مولاهم، البصري الخَوفي، وَهُوَ من كبار تلامذة ابن عَبَّاسٍ، توفي سنة (93 هـ‍)، وَقِيْلَ: (103 هـ‍). طبقات ابن سعد 7/ 179و182،وسير أعلام النبلاء 4/ 481و483،وطبقات الفقهاء، للشيرازي:92.

راهويه وأبو عبيد. وَقَد روي عن ابن سيرين والقاسم بن مُحَمَّد والحسن بن صالح (¬1). وإليه ذهب الشافعية (¬2) والمالكية (¬3) والحنابلة (¬4) والظاهرية (¬5) والزيدية (¬6). وَقَالَ الصاحبان: لا يصح النكاح إلا بولي، فإذا رضي الولي جاز، وإن أبى - والزوج كفوء - أجازه الْقَاضِي (¬7). الثاني: يجوز للمرأة أن تزوج نفسها مِمَّنْ تشاء، وَلَيْسَ للولي أن يعترض عَلَيْهَا، إذا وضعت نفسها حَيْثُ ينبغي أن تضعها. وَهُوَ مروي عن الزهري والشعبي (¬8). وإليه ذهب أبو حَنِيْفَةَ وزفر (¬9). وأما الإمامية ففصلوا بَيْنَ الثيّب والبكر، فإن كَانَتْ بكراً رشيدة فَقَد اختلف فقهاؤهم فِيْهَا عَلَى أقوال: 1 - ثبوت الولاية لنفسها في العقد الدائم والمؤقت. 2 - ثبوت الولاية لنفسها في العقد الدائم دُوْنَ المنقطع. 3 - عكس الَّذِي قبله، أي: ثبوت الولاية لنفسها في العقد المؤقت دُوْنَ الدائم. 4 - لَيْسَ لها ولاية عَلَى نفسها سواء كَانَ العقد دائماً أو منقطعاً، إذا كَانَ الولي الأب أو الجد للأب. 5 - الكل شركاء في حق الولاية، فَلاَ يمضي العقد إلا برضا الْجَمِيْع. فإن عضلها الولي، وَكَانَ المتقدّم كفوءاً، وكانت راغبة في الزواج مِنْهُ، فلها أن تُزَوِّج نفسها إجماعاً في المذهب (¬10). أما الصغيرة فتثبت ولاية الأب والجد للأب عَلَيْهَا بكراً كَانَتْ أو ثيّباً، وإذا زوجها ¬

_ (¬1) الإشراف لابن المنذر 4/ 33، والتمهيد 19/ 84، والمغني 7/ 337. (¬2) الحاوي الكبير 11/ 204، والتهذيب 5/ 242، وشرح المنهج مَعَ حاشية الجمل 4/ 133، وكفاية الأخيار 2/ 87. (¬3) المدونة 2/ 165، والقوانين الفقهية: 202 - 203. (¬4) المغني 7/ 337، والكافي 3/ 10، والمقنع: 208، والمحرر 2/ 15، والمبدع 7/ 27. (¬5) المحلى 9/ 451. (¬6) السيل الجرار 2/ 263. (¬7) شرح معاني الآثار 3/ 7، والاستذكار 4/ 395. (¬8) الاستذكار 4/ 395. (¬9) شرح معاني الآثار 3/ 7، والهداية 1/ 196، والاختيار 3/ 90، وبدائع الصنائع 2/ 242، ورد المحتار 3/ 55 - 56، وتبيين الحقائق 2/ 117. (¬10) شرائع الإسلام 2/ 229، وانظر: من لا يحضره الفقيه 3/ 245، والاستبصار 3/ 240.

أحدهما وَهِيَ صغيرة لزمها عقده، ولا خيار لها إذا بلغت عَلَى الأشهر عندهم (¬1). وإذا كَانَتْ ثيّباً بالغةً فليس لأحد ولاية عَلَيْهَا (¬2). واستدل القائلون بالاشتراط بحديث عَائِشَة رضي الله عَنْهَا عن رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أيّما امرأة نكحت بغير إذن وليّها فنكاحها باطل، ثلاث مرات، فإن دخل بِهَا فلها المهر بِمَا أصاب مِنْهَا، فإن تشاجروا فالسلطان ولي مَن لا ولي لَهُ)). رَوَاهُ الشَّافِعِيّ (¬3)، والطيالسي (¬4)، وعبد الرزاق (¬5)، والحميدي (¬6)، وسعيد ابن مَنْصُوْر (¬7)، وأحمد (¬8)، والدارمي (¬9)، وأبو داود (¬10)، وابن ماجه (¬11)، والترمذي (¬12)، والنسائي (¬13)، وأبو يعلى (¬14)، وابن الجارود (¬15)، والطحاوي (¬16)، وابن حبان (¬17)، وابن عدي (¬18)، والدارقطني (¬19)، والحاكم (¬20)، والسهمي (¬21)، وأبو نعيم (¬22)، والبيهقي (¬23)، والخطيب (¬24)، وابن عَبْد البر (¬25)، والبغوي (¬26). ¬

_ (¬1) شرائع الإسلام 2/ 228، وانظر: من لا يحضره الفقيه 3/ 245، والاستبصار 3/ 241. (¬2) من لا يحضره الفقيه 3/ 246، والاستبصار 3/ 237 - 238، وتهذيب الأحكام 7/ 337 فما بعدها. (¬3) في مسنده (1139) و (1140) بتحقيقنا. (¬4) في مسنده (1463). (¬5) في مصنفه (10472). (¬6) في مسنده (228). (¬7) في سننه (528). (¬8) في مسنده 6/ 47 و 66 و 165. (¬9) في سننه (2190). (¬10) في سننه (2083). (¬11) في سننه (1879). (¬12) في جامعه (1102). (¬13) في الكبرى (5394). (¬14) في مسنده (4682) و (4750) و (4837). (¬15) في المنتقى (700). (¬16) في شرح معاني الآثار 3/ 7. (¬17) في الإحسان (4074). (¬18) في الكامل 3/ 435. (¬19) في سننه 3/ 221. (¬20) في مستدركه 2/ 168. (¬21) هُوَ الحَافِظ المتقن، أَبُو القاسم حمزة بن يوسف بن إبراهيم القرشي السهمي، محدّث جرجان، صاحب " تاريخ جرجان "، توفي سنة (428 هـ‍)، وَقِيْلَ: (427 هـ‍). الأنساب 3/ 369، وسير أعلام النبلاء 17/ 469 و 471، وتذكرة الحفاظ 3/ 1089. والحديث أخرجه في تاريخ جرجان: 315 - 316. (¬22) في الحلية 6/ 88. (¬23) 7/ 105 و 138. (¬24) في الكفاية: (542 ت، 380 هـ‍). (¬25) في التمهيد 19/ 85 - 87. (¬26) في شرح السنة (2262).

وَقَدْ أجاب أصحاب المذهب الثاني عن هَذَا الْحَدِيْث، بأنه قَدْ عارضه فعلها، وأنها فعلت خلاف ما روت، فَقَالَ الطحاوي: ((ثُمَّ لَوْ ثبت ما رووا من ذَلِكَ عن الزهري، لكان قَدْ روي عن عَائِشَة - رضي الله عَنْهَا - ما يخالف ذَلِكَ)) (¬1). ثُمَّ رَوَى من طريق مالك، أن عَبْد الرَّحْمَان بن القاسم أخبره، عن أبيه، عن عَائِشَة زوج النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أنها زوجت حفصة بنت عَبْد الرَّحْمَان (¬2)، المنذر بن الزبير (¬3)، وعبد الرَّحْمَان غائب بالشام. فلما قدم عَبْد الرَّحْمَان قَالَ: أمثلي يصنع بِهِ هَذَا، ويفتات (¬4) عَلَيْهِ؟ فَكُلِّمَتْ عَائِشَة عن المنذر، فَقَالَ المنذر: إن ذَلِكَ بيد عَبْد الرَّحْمَان، فَقَالَ عَبْد الرَّحْمَان: ما كنت أرد أمراً قضيته، فقرت حفصة عنده، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ طلاقاً)) (¬5). فلولا أنها كَانَتْ ترى عدم اشتراط الولي لصحة عقد النكاح، لما فعلته مع ابنة أخيها، وهذا يدل عَلَى وجود ناسخ أو تأويل لما روته من اشتراطه. ورد الجُمْهُوْر هَذَا الاستدلال: بأنه لَيْسَ في خبر عَائِشَة هَذَا التصريح بأنها باشرت العقد بنفسها، فَقَدْ تَكُوْن مهدت لأسبابه، فإذا جاء العقد أحالته إِلَى الولي بدليل ما روي عن عَبْد الرَّحْمَان بن القاسم، قَالَ: ((كنت عِنْدَ عَائِشَة يخطب إليها المرأة من أهلها فتشهد، فإذا بقيت عقدة النكاح، قالت لبعض أهلها: زَوّج فإن المرأة لا تلي عقد النكاح)) (¬6). فإذا علمنا أن مذهبها هَذَا الَّذِي رَوَاهُ عَبْد الرَّحْمَان بن القاسم عَنْهَا، اتَّضح أن مراد الرَّاوِي بقوله: ((زوجت حفصة))، أي: هيأت الأسباب، فانتفت المخالفة المظنونة، لما روت عن رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم -. ¬

_ (¬1) شرح معاني الآثار 3/ 8. (¬2) هِيَ حفصة بنت عَبْد الرحمان بن أَبِي بكر الصديق: ثقة. الثقات 4/ 194، وتهذيب الكمال 8/ 526 (8411)، والتقريب (8562). (¬3) أبو عثمان المنذر بن الزبير بن العوام القرشي، قتل سنة (64 هـ‍). طبقات ابن سعد 5/ 182، والثقات 5/ 420، وسير أعلام النبلاء 3/ 381. (¬4) افتات في الأمر: استبد بِهِ، وَلَمْ يستشر من لَهُ الرأي فِيْهِ. ويقال: افتات عَلَيْهِ فِيْهِ، وفلان لا يفتات عَلَيْهِ: لا يفعل الأمر دُوْنَ مشورته. المعجم الوسيط 2/ 705. (¬5) شرح معاني الآثار 3/ 18. وانظر نصب الراية 3/ 186، وتحفة الأحوذي 4/ 229. (¬6) نصب الراية 3/ 186، وفتح الباري 9/ 186.

النموذج الثاني: طهارة الإناء من ولوغ الكلب

النموذج الثاني: طهارة الإناء من ولوغ الكلب اختلف الفقهاء في عدد الغسلات الَّتِي يحصل بِهَا التطهير من ولوغ الكلب عَلَى قولين: الأول: ذهب جمهور الفقهاء إِلَى أنَّ الإناء يغسل سبع مرات من ولوغ الكلب، واختلفوا في نجاسة سؤره واشتراط التتريب، وهل الأمر بالغسل للنجاسة أم هُوَ للتعبد؟ عَلَى النحو الآتي: 1 - ذهب الشافعية إِلَى أن سؤر الكلب نجس، ويغسل الإناء سبعاً أولاهن بالتراب، والأمر بالغسل سبعاً للتعبد (¬1). 2 - ذهب مالك إِلَى أن الأمر بإراقة سؤر الكلب وغسل الإناء مِنْهُ، عبادة غَيْر مدركة العلة، والماء الَّذِي ولغ فِيْهِ لَيْسَ بنجس، وَلَمْ يرَ إراقة ما سوى الماء في أشهر الروايات عَنْهُ (¬2). قَالَ المازري (¬3): ((اختلف في غسل الإناء من ولوغ الكلب، هَلْ هُوَ تعبد أو لنجاسته؟ فعندنا أنَّهُ تعبد، واحتج أصحابنا بتحديد غسله سبع مرات: أنَّهُ لَوْ كَانَتْ العلة النجاسة لكان المطلوب الإنقاء، وَقَدْ يحصل في مرة واحدة)) (¬4). 3 - ذهب الحنابلة إِلَى أن سؤر الكلب نجس، ويجب غسل الإناء مِنْهُ سبعاً، إحداهن بالتراب، من غَيْر تحديد لمكانها من السبع (¬5). 4 - قَالَ الظاهرية: سؤر الكلب طاهر، وغسل الإناء مِنْهُ سبعاً إذا ولغ فِيْهِ فرض، وما في الإناء من طعام وشراب وماء فَهُوَ طاهر (¬6). 5 - قَالَ الزيدية: التسبيع في غسل الإناء وتتريبه واجب، من غَيْر تعيين لغسل ¬

_ (¬1) المهذب 1/ 55، والوسيط 1/ 404 - 407، وروضة الطالبين 1/ 34، والمجموع 1/ 183. (¬2) المدونة 1/ 5 - 6، وبداية المجتهد 1/ 242، والقبس في شرح موطأ مالك بن أنس 2/ 812، والاستذكار 1/ 248، وتفسير القرطبي 6/ 69. وقارن بالموافقات 3/ 195 - 196. (¬3) الإمام، المحدث، أَبُو عَبْد الله مُحَمَّد بن عَلِيّ بن عمر المازري، المالكي، لَهُ مصنفات مِنْهَا " الإكمال " و " المعلم بفوائد كتاب مُسْلِم " توفي سنة (536 هـ‍). وفيات الأعيان 4/ 285، وسير أعلام النبلاء 20/ 104 - 105، وشذرات الذهب 4/ 114. (¬4) إكمال المعلم 1/ 242. (¬5) المغني 1/ 42 و 48، والمقنع: 19، والمحرر 1/ 4، والمبدع 1/ 48. (¬6) المحلى 1/ 112 - 113، وانظر: الاستذكار 1/ 249.

التراب، وهذا الحكم يخالف غسل سائر النجاسات؛ لحكمة مختصة غَيْر معقولة (¬1). الثاني: ذهب الحنفية إِلَى نجاسة الكلب، وأن الإناء الَّذِي يلغ فِيْهِ يجب غسله مرتين أو ثلاثاً كسائر النجاسات من غَيْر حدٍّ، وأن الأمر بالغسل للتنجيس لا للتعبد؛ لأن الجمادات لا يلحقها حكم العبادات، والزيادة في العدد والتعفير بالتراب دليل عَلَى غلظ النجاسة (¬2). وبنحو هَذَا القول: قَالَ الليث بن سعد وسفيان الثوري؛ إلاَّ أنهما قيدا الغسل بطمأنينة القلب إِلَى زوال النجاسة، سواء كَانَتْ الغسلات سبعاً أو أقل أو أكثر (¬3). وإليه ذهب الإمامية، فقالوا: يغسل الإناء من ولوغ الكلب ثلاثاً، تَكُوْن الثانية مِنْهَا بالتراب، وإن الكلب نجس، لا يجوز التطهر بِمَا أفضل، ويجب إراقته (¬4). واستدل القائلون بالمذهب الأول بِمَا صح عن أبي هُرَيْرَةَ، قال: قَالَ رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات)). وفي رِوَايَة: ((إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليرقه ثُمَّ يغسله سبع مرات)). وفي رِوَايَة: ((طهور إناء أحدكم إذا ولغ فِيْهِ الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب)). والحديث رَوَاهُ عَبْد الرزاق (¬5) والحميدي (¬6) وأحمد (¬7) والبخاري (¬8) ¬

_ (¬1) السيل الجرار 1/ 37 - 38. (¬2) المبسوط 1/ 48، وبدائع الصنائع 1/ 21، وشرح فتح القدير 1/ 75، وحاشية ابن عابدين 1/ 338. (¬3) الاستذكار 1/ 249. وانطلاقاً من هَذَا المفهوم، قَالَ الشَّيْخ مَحْمُوْد شلتوت - رَحِمَهُ اللهُ - في " الفتاوى ": 76 - 78: ((وَقَدْ فهم كَثِيْر من الْعُلَمَاء أن العدد في الغسل مَعَ التتريب مقصودان لذاتهما، فأوجبوا غسل الإناء سبع مرات، كَمَا أوجبوا أن تَكُوْن إحداهن بالتراب؛ وَلَكِن الَّذِي نفهمه هُوَ الَّذِي فهمه غيرهم من الْعُلَمَاء، وَهُوَ أن المقصود من العدد مجرد الكثرة الَّتِي يتطلبها الاطمئنان عَلَى زوال أثر لعاب الكلب من الآنية، وأن المقصود من التراب استعمال مادة مَعَ الماء من شأنها تقوية الماء في إزالة ذَلِكَ الأثر، وإنما ذَكَرَ التراب في الْحَدِيْث؛ لأنَّهُ الميسور لعامة الناس؛ ولأنه كَانَ هُوَ المعروف في ذَلِكَ الوقت مادة قوية في التطهير واقتلاع ما عساه يتركه لعاب الكلب في الإناء من جراثيم، ومن هنا نستطيع أن نقرر الاكتفاء في التطهير المطلوب بِمَا عرفه الْعُلَمَاء بخواص الأشياء من المطهرات القوية، وإن لَمْ تَكُنْ تراباً ولا من عناصرها التراب)). وما يعضده الدليل خلاف كلام الشَّيْخ. (¬4) تهذيب الأحكام 1/ 242، والاستبصار 1/ 22. (¬5) في مصنفه (330). (¬6) في مسنده (968). (¬7) في مسنده 2/ 265. (¬8) في صحيحه 1/ 54 (172).

ومسلم (¬1) وأبو داود (¬2) وابن ماجه (¬3) والترمذي (¬4) والنسائي (¬5) وابن خزيمة (¬6). واعترض القائلون بالمذهب الثاني عَلَى استدلال الجُمْهُوْر، بأن أبا هُرَيْرَةَ - راوي الْحَدِيْث - أفتى بخلاف ما رَوَى، وَهُوَ الغسل ثلاثاً، فكان دليلاً عَلَى وجود النسخ (¬7). فروى الطحاوي (¬8) والدارقطني (¬9) من طريق عَبْد الملك بن أبي سليمان العرزمي، عن عطاء، عن أبي هُرَيْرَةَ - في الإناء يلغ فِيْهِ الكلب أو الهر - قَالَ: ((يغسل ثلاث مرات)). وأجاب الجُمْهُوْر عن اعتراضهم: بأن هَذِهِ الرِّوَايَة تفرد بِهَا العرزمي، ونص الحفاظ عَلَى خطئه فِيْهَا، ومخالفته للثقات. إذا رَوَى الدارقطني (¬10) من طريق حماد بن زيد، عن أيوب، عن مُحَمَّد بن سيرين، عن أبي هُرَيْرَةَ - في الكلب يلغ في الإناء - قَالَ: ((يراق ويغسل سبع مرات)). قَالَ الدارقطني: ((صَحِيْح موقوف)). ومما يشد عضد هَذِهِ الرِّوَايَة أنها موافقة للمرفوع، فظهر بِهَا أن عَبْد الملك بن أبي سليمان العرزمي أخطأ فِيْهَا، وَقَدْ قَالَ عَنْهُ الإمام أحمد: ((ثقة يخطئ)) (¬11). وَقَالَ الحَافِظ ابن حجر: ((صدوق لَهُ أوهام)) (¬12). وَقَدْ رجّح الرِّوَايَة الموافقة للحديث المرفوع البيهقي، فَقَالَ: ((تفرد بِهِ عَبْد الملك من أصحاب عطاء، ثُمَّ من أصحاب أبي هُرَيْرَةَ، والحفاظ الثقات من أصحاب عطاء وأصحاب أبي هُرَيْرَةَ يروون سبع مرات، وفي ذَلِكَ دلالة عَلَى خطأ رِوَايَة عَبْد الملك بن أَبِي سليمان، عن عطاء عن أبي هُرَيْرَةَ في الثلاث، وعبد الملك لا يقبل مِنْهُ ما يخالف الثقات، لمخالفته أهل الحفظ والثقة في بَعْض روايته، تركه شعبة بن الحجاج، وَلَمْ يحتج بِهِ البُخَارِيّ في صحيحه)) (¬13). وَقَالَ ابن حجر: ((ورواية من رَوَى عَنْهُ موافقة فتياه لروايته أرجح من رِوَايَة ¬

_ (¬1) في صحيحه 1/ 161 (279). (¬2) في سننه (71) و (73). (¬3) في سننه (363). (¬4) في جامعه (91). (¬5) في المجتبى 1/ 177. (¬6) في صحيحه (96). (¬7) شرح معاني الآثار 1/ 23، وشرح فتح القدير 1/ 109. (¬8) شرح معاني الآثار 1/ 23. (¬9) سنن الدارقطني 1/ 66. (¬10) سنن الدارقطني 1/ 64. (¬11) الخلاصة للخزرجي: 244. (¬12) التقريب (4184). (¬13) نقله صاحب التعليق المغني 1/ 66، والمباركفوري في تحفة الأحوذي 1/ 302.

المبحث الخامس مخالفة الحديث للقياس

من رَوَى عَنْهُ مخالفتها من حَيْثُ الإسناد ومن حَيْثُ النظر، أما النظر فظاهر، وأما الإسناد فالموافقة وردت من رِوَايَة حماد بن زيد، عن أيوب، عن ابن سيرين، عَنْهُ، وهذا من أصح الأسانيد، وأما المخالفة فمن رِوَايَة عَبْد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء، وَهُوَ دُوْنَ الأول في القوة بكثير)) (¬1). المبحث الخامس مخالفة الْحَدِيْث للقياس ذهب جمهور عُلَمَاء الأمة إِلَى القول بحجية القياس، وأنه أحد أدلة الأحكام الشرعية ومصادرها في الفقه الإسلامي (¬2). والقياس هُوَ: حمل معلوم عَلَى معلوم في إثبات حكم لهما، أو نفيه عنهما، بأمرٍ جامع بَيْنَهُمَا من إثبات حكم أو صفة أو نفيهما عنهما (¬3). لذا كَانَ مبتنى القياس النظر والإستنباط من تصرفات الشارع وربط الأحكام بعللها، فإذا عارض خبر الواحد القياس، فأي مِنْهُمَا يقدم موجبه عَلَى الآخر؟ اشتهر عن الحنفية اشتراط عدم مخالفة خبر الواحد للقياس حَتَّى يصح العمل بِهِ كدليل مستقل، والحق أن هَذَا الموطن لَيْسَ محل اتفاق بَيْنَهُمْ، بَلْ هناك تفصيل في مذهبهم عَلَى النحو الآتي: إذا تعارض خبر الآحاد مَعَ القياس فأكثر المتقدمين من الحنفية عَلَى تقديم الخبر وافق القياس أو خالفه؛ لأن القياس اجتهاد ولا اجتهاد في مورد النص. وأما الَّذِيْنَ قالوا بتقديم القياس عَلَى خبر الواحد فهم بَعْض المتقدمين مِنْهُمْ، وتابعهم عَلَيْهِ كَثِيْر من المتأخرين، ولكنهم لَمْ يقولوا بالرد بإطلاق، بل قسموا الرُّوَاة على قسمين: الأول: الرُّوَاة المعروفون بالضبط والفقه والاجتهاد، كالخلفاء الأربعة والعبادلة ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت - رضي الله عَنْهُمْ - فهؤلاء تقبل أخبارهم باتفاق. الثاني: الرُّوَاة الَّذِيْنَ اشتهروا بالرواية، وَلَمْ يعرفوا بالفقه والاجتهاد والفتيا، فإذا جاءوا بخبر الآحاد، فإن وافق القياس قبل، وإن خالف القياس ووافق قياساً آخر قبل ¬

_ (¬1) فتح الباري 1/ 277. (¬2) نهاية السول 3/ 10، وإرشاد الفحول: 659. (¬3) البرهان 2/ 487، والمستصفى 2/ 228، وإحكام الأحكام 3/ 126.

أيضاً، وإن خالف جَمِيْع الأقيسة، فَقَالَ عيسى بن أبان (¬1) والقاضي أبو زيد الدبوسي (¬2) وتابعهما أكثر المتأخرين من الحنفية أنَّهُ لا يقبل (¬3). وَهُوَ قولٌ للمالكية (¬4). وفصّل أبو الْحُسَيْن البصري (¬5) من المعتزلة تفصيلاً آخر، فرأى أن القياس يقدّم عَلَى خبر الواحد في حالة ثبوت علة القياس بدليل قاطع، وعلل ذَلِكَ بأن النص عَلَى العلة كالنص عَلَى حكمها، فحينئذ القياس قطعي، وخبر الآحاد ظني، والقطعي مقدم عَلَى الظني (¬6). واستدلوا بأن عرض خبر الواحد عَلَى القياس كَانَ من ضمن المناهج الَّتِي اتبعها الصَّحَابَة في نقد المرويات وتمحيص الأخبار، فهذا ابن عَبَّاسٍ يرد عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ عندما حدّث بحديث: ((توضؤوا مِمَّا مست النار))، قائلاً: أنتوضأ من الدُّهن، أنتوضأ من الحميم؟ فَقَالَ أبو هُرَيْرَةَ: ((يا ابن أخي إذا سَمِعْت حديثاً عن رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - فَلاَ تضرب لَهُ الأمثال)). (¬7) فابن عَبَّاسٍ قَدْ توقف في قبول خبر أبي هُرَيْرَةَ وعارضه بالقياس. وأجاب الجُمْهُوْر: بأن دعوى أن مِثْل هَؤُلاَءِ من الصَّحَابَة - كأبي هُرَيْرَةَ وأنس - ليسوا من أهل الفقه، أمر فِيْهِ نظر طويل، ولوا أمعنا النظر في مروياته وآرائه لعلمنا رجاحة عقليته الفقهية، وإجابته لابن عَبَّاسٍ تدل عَلَى هَذَا دلالة لايشوبها لبس أو ¬

_ (¬1) عيسى بن أبان بن صدقة، أبو موسى، فقيه العراق وقاضي البصرة، مات سنة (221 هـ‍). تاريخ بغداد 11/ 157 و 159، وسير أعلام النبلاء 10/ 440، وميزان الاعتدال 3/ 310. (¬2) العلامة، شيخ الحنفية، أَبُو زيد عَبْد الله بن عمر بن عيسى الدبوسي، لَهُ مصنفات مِنْهَا: " تقويم الأدلة " و " الأسرار "، مات سنة (430 هـ‍). اللباب 1/ 490، وسير أعلام النبلاء 17/ 521، وشذرات الذهب 3/ 245 - 246. (¬3) كشف الأسرار للبزدوي 2/ 377 - 378. وانظر: الفصول في الأصول 3/ 141، وشرح مختصر ابن الحاجب للشمس الأصفهاني 1/ 752، وتيسير التحرير 3/ 116، وشرح التلويح عَلَى التوضيح 2/ 5، وأسباب اختلاف الفقهاء: 292. (¬4) البحر المحيط 4/ 343. (¬5) أبو الْحُسَيْن مُحَمَّد بن عَلِيّ بن الطيب البصري صاحب التصانيف منها: " المعتمد في أصول الفقه " و" تصفح الأدلة "، مات سنة (436 هـ‍). تاريخ بغداد 3/ 100، وسير أعلام النبلاء 17/ 587 - 588، وشذرات الذهب 3/ 259. (¬6) المعتمد 2/ 163. (¬7) رَوَاهُ الطيالسي (2376)، وعبد الرزاق (267) و (568)، وأحمد 2/ 265، ومسلم 1/ 187 (352)، والترمذي (79)، والنسائي 1/ 105، والطحاوي في شرح المعاني 1/ 63.

غموض. وأمَّا حديث الوضوء مِمَّا مست النار، فَلَمْ يَكُنْ رد ابن عَبَّاسٍ لَهُ مستنداً إِلَى مخالفة القياس، وإنما كَانَ الْحَدِيْث عِنْدَ ابن عَبَّاسٍ منسوخاً بحديث: ((أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أكل كتف شاة وصلى وَلَمْ يتوضأ)) (¬1). عَلَى أن أبا هُرَيْرَةَ لَمْ يَكُنْ منفرداً برواية حَدِيْث الوضوء مِمَّا مست النار، إذ شاركه في روايته: أبو أيوب (¬2)، وأبو طلحة (¬3)، وزيد بن ثابت (¬4)، وأم حبيبة (¬5)، وعائشة (¬6)، وأبو موسى الأشعري (¬7)، وسهل (¬8) بن الحنظلية (¬9)، وأم سلمة (¬10)، وأنس بن مالك (¬11)، وعبد الله بن عمر (¬12) ومعاذ بن جبل (¬13)، وعبد الله بن زيد (¬14)، وغيرهم؛ حَتَّى ¬

_ (¬1) رَوَاهُ أحمد 1/ 256، والبخاري 1/ 63 (217)، وأبو داود (187)، وابن خزيمة (41) من حَدِيْث ابن عَبَّاسٍ. (¬2) خالد بن زيد بن كليب الأنصاري، أَبُو أيوب، من كبار الصَّحَابَة، مات سنة (50 هـ‍)، وَقِيْلَ: (52هـ‍). طبقات لابن سعد 3/ 484 و485، وسير أعلام النبلاء 2/ 402 و414 - 413، والتقريب (1633) وحديثه عِنْدَ النسائي 2/ 106. (¬3) زيد بن سهل بن الأسود، أبو طلحة الأنصاري صاحب رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم -، وأحد أعيان البدريين، توفي سنة (34 هـ‍). تاريخ الصَّحَابَة: 106، وسير أعلام النبلاء 2/ 27 و 28، والتقريب (2139) وحديثه عِنْدَ النسائي2/ 106. (¬4) عِنْدَ النسائي 2/ 107. (¬5) أم المؤمنين، رملة بنت أبي سُفْيَان بن حرب، ويقال: صخر بن حرب، بن أمية، أم حبيبة، توفيت سنة (44 هـ‍). انظر: الطبقات، لابن سعد 8/ 96 و100، والطبقات، لابن خليفة: 332، وسير أعلام النبلاء 2/ 218، وحديثها عِنْدَ أبي داود (195). (¬6) عِنْدَ مُسْلِم 1/ 188 (353). (¬7) عِنْدَ أحمد 4/ 397 و 413. (¬8) سهل بن الحنظلية الأنصاري، صَحَابِيّ، والحنظلية أمه أو من أمهاته واختلف في اسم أبيه، والأشهر عَمْرو بن عدي، توفي في صدر خلافة معاوية. تاريخ الصَّحَابَة: 122، والإصابة 2/ 86 و 87، والتقريب (2655). (¬9) عِنْدَ أحمد 4/ 180 و 5/ 289. (¬10) عِنْدَ الطبراني في الكبير 23/ 236. (¬11) عِنْدَ البزار، كَمَا في المجمع 1/ 248 - 249. (¬12) عِنْدَ البزار والطبراني في الكبير والأوسط، كَمَا في المجمع 1/ 249. (¬13) عِنْدَ البزار، كَمَا في المجمع 1/ 249. (¬14) هُوَ الصَّحَابِيّ أبو مُحَمَّد عَبْد الله بن زيد بن عاصم بن كعب الأنصاري المازني المدني، توفي سنة (63 هـ‍). تاريخ الصَّحَابَة، لابن حبان: 155، وتهذيب الكمال 4/ 138 (3269)، وسير أعلام النبلاء 2/ =

النموذج الأول: الانتفاع بالعين المرهونة

عدّوه من المتواتر (¬1). فالراجح من ناحية النظر والدليل: ماذهب إِلَيْهِ جمهور الْعُلَمَاء، لذا قَالَ ابن جَمَاعَة: ((والصحيح الَّذِي عَلَيْهِ أَئِمَّة الْحَدِيْث أو جمهورهم، أن خبر الواحدالعدل المتصل في جَمِيْع ذَلِكَ مقبول وراجح عَلَى القياس المعارض لَهُ، وبه قَالَ الشَّافِعِيّ وأحمد ابن حنبل وغيرهما من أَئِمَّة الْحَدِيْث والفقه والأصول - رضي الله عنهم -)) (¬2). غَيْر أن هَذَا الاختلاف في المواقف بشأن مخالفة خبر الواحد للقياس تَرَكَ أثراً في الإستنباطات الفقهية نلمسها جلية في الأمثلة الآتية: النموذج الأول: الانتفاع بالعين المرهونة اختلف الْعُلَمَاء في العين المرهونة، هَلْ يجوز الانتفاع بِهَا؟ عَلَى قولين: الأول: يجوز للمرتهن الانتفاع بالعين المرهونة إذا كَانَت مركوباً أو محلوباً، أذِن الراهن أم لَمْ يأذن. وبه قَالَ إسحاق (¬3)، والحنابلة (¬4)، والظاهرية (¬5). الثاني: لا يجوز الانتفاع بالعين المرهونة وبه قَالَ جمهور الفقهاء، عَلَى تفصيل مختلف بَيْنَهُمْ عَلَى النحو الآتي: 1 - قَالَ الحنفية: لَيْسَ للراهن ولا المرتهن الانتفاع بالمرهون مطلقاً، لا بالسكنى ولا بالركوب ولا بغيرهما، إلا بإذن كُلّ مِنْهُمَا للآخر. وفي قَوْل لَهُمْ: لا يجوز الانتفاع للمرتهن ولو أذن الراهن؛ لأنَّهُ ربا. وَلَهمْ قَوْل آخر: إنْ شَرَطَهُ في العقد كَانَ رباً، وإلا جاز للمرتهن الانتفاع بإذن الراهن (¬6). 2 - قَالَ المالكية: ما ينتج عن المرهون ملك للراهن، والمرتهن نائب عَنْهُ في ¬

_ = 377 - ، والتقريب (3331)، وحديثه عِنْدَ الطبراني في الأوسط 1/ 236 (364) بتحقيق الطحان. (¬1). انظر: نظم المتناثر: 79 (35). (¬2) المنهل الروي: 32، وانظر: أسباب اختلاف الفقهاء: 292. (¬3) الجامع الكبير للترمذي عقب (1254). (¬4) المغني 4/ 432، والمقنع: 118، والمحرر 1/ 336، وكشاف القناع 3/ 342. (¬5) المحلى 8/ 89. (¬6) بدائع الصنائع 6/ 146، وشرح فتح القدير 8/ 201، وتبيين الحقائق 6/ 67، وحاشية الطحطاوي عَلَى مراقي الفلاح 4/ 236، وحاشية ابن عابدين 5/ 310.

تحصيلها، ويحق للمرتهن الانتفاع بِهَا بشروط هِيَ: أ. أن يشترط ذَلِكَ في صلب العقد. ب. أن تَكُوْن المدة معينة. ج. ألا يَكُوْن المرهون بِهِ دين قرض. فإذا فاتهم الاشتراط في العقد، ثُمَّ أذن الراهن للمرتهن بالانتفاع لَمْ يَجُزْ (¬1). 3 - قَالَ الشافعية: لَيْسَ للمرتهن من المرهون إلا حقه في التوثق من دينه، ويمنع من كُلّ تصرف أو انتفاع بالعين المرهونة، وللراهن مِنْهَا كُلّ نفع لاينقص القيمة كالركوب والحلب والسكنى ونحوها، وأما ما ينقص القيمة كالبناء في الأرض والغرس فِيْهَا فَلاَ يجوز إلا بإذن المرتهن (¬2). 4 - قَالَ الزيدية: لَيْسَ للمرتهن إلا حق الحبس، وإن استعمله فعليه الأجرة للراهن (¬3). 5 - قَالَ الإمامية: لا يجوز تصرف كُلّ من الراهن والمرتهن بالعين المرهونة إلا بإذن من أحدهما للآخر (¬4). 6 - وَقَالَ أحمد في رِوَايَة: أن المرهون وإن كَانَ محلوباً أو مركوباً فَهُوَ متبرع بنفقته عَلَيْهِ، ولا يحل لَهُ الانتفاع مِنْهُ بشيء (¬5). واستدل القائلون بالجواز بِمَا رَوَى أبو هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((الظهر يركب بنفقته إذا كَانَ مرهوناً، ولبن الدر يشرب بنفقته إذا كَانَ مرهوناً، وعلى الَّذِي يركب ويشرب النفقة)). أخرجه ابن أبي شيبة (¬6)، وإسحاق بن راهويه (¬7)، وأحمد (¬8)، والبخاري (¬9)، وأبو ¬

_ (¬1) بداية المجتهد 2/ 273، والقوانين الفقهية: 354، والشرح الكبير 3/ 246، وبلغة السالك 2/ 112، وحاشية الدسوقي 3/ 246. (¬2) الإفصاح لابن هبيرة 1/ 238، وروضة الطالبين 4/ 79، وأسنى المطالب 2/ 161، ومغني المحتاج 2/ 121، ونهاية المحتاج 4/ 259، وحاشية البجيرمي 3/ 66. (¬3) البحر الزخار 5/ 122، والسيل الجرار 3/ 272. (¬4) شرائع الإسلام 2/ 81، وانظر: تهذيب الأحكام 7/ 154، ومن لا يحضره الفقيه 3/ 190. (¬5) المغني 4/ 432. (¬6) في مصنفه (23267) و (36143). (¬7) في مسنده (160) و (281). (¬8) في مسنده 2/ 228 و472. (¬9) في صحيحه 3/ 187 (2511) و (2512).

داود (¬1)، وابن ماجه (¬2)، والترمذي (¬3)، وأبو يعلى (¬4)، وابن الجارود (¬5)، والطحاوي (¬6)، وابن حبان (¬7)، والدارقطني (¬8)، والبيهقي (¬9)، والبغوي (¬10). وأجاب الجُمْهُوْر عن هَذَا الْحَدِيْث: بأن الْحَدِيْث لَمْ ينص عَلَى تعيين المنتفع هَلْ هُوَ الراهن أَمْ المرتهن، فإن الْحَدِيْث محتمل لكون المنفق هُوَ الراهن، ويستخدم المرهون بحق ملكه لَهُ. ويحتمل أن يَكُوْن المرتهن ويكون انتفاعه عوضاً عن نفقته (¬11). واستدلوا أيضاً بِمَا رَوَاهُ سعيد بن المسيب عن أبي هُرَيْرَةَ، أن رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((لايغلق الرهن - (ثلاثاً) - لصاحبه غنمه وَعَلَيْهِ غرمه)) (¬12)، ووجه الدلالة من ¬

_ (¬1) في سننه (3526). (¬2) في سننه (2440). (¬3) في جامعه (1254). (¬4) في مسنده (6639). (¬5) في المنتقى (665). (¬6) في شرح المعاني 4/ 98 و 99 (¬7) (5944) وفي طبعة الرسالة (5935). (¬8) في سننه 3/ 34. (¬9) في الكبرى 6/ 38، وفي الْمَعْرِفَة (3616). (¬10) في شرح السنة (2131). (¬11) شرح معاني الآثار 4/ 99 (¬12) روى هَذَا الْحَدِيْث إسماعيل بن عياش عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيّ 3/ 33، ومحمد بن الوليد الزبيدي عِنْدَ الحَاكِم 2/ 51، وسليمان بن داود عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيّ 3/ 33، والحاكم 2/ 51، وإسماعيل بن عياش عن ابن أبي ذئب عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيّ 3/ 33، والحاكم 2/ 51، وكدير أَبُو يَحْيَى عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيّ 3/ 33، والحاكم 2/ 51 - 52، وأبو جزي عِنْدَ ابن عدي في الكامل 8/ 278 - 279 كلاهما عن معمر، وإسحاق بن راشد عِنْدَ ابن ماجه (2441)، ويحيى بن أنيسة عِنْدَ الشَّافِعِيّ (1478) (1480) بتحقيقنا. جميعهم (إِسْمَاعِيْل بن عياش، وسليمان بن داود، وابن أَبِي ذئب، ومعمر، وإسحاق بن راشد، ويحيى بن انيسة) عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هُرَيْرَةَ، بِهِ. وأخرجه ابن حبان (5943) وفي طبعة الرسالة (5934)، والدارقطني 3/ 32 - 33، والحاكم 2/ 51، والبيهقي 6/ 39، من طريق سُفْيَان بن عيينة، عن زياد بن سعد، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هُرَيْرَةَ، بِهِ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: (زياد بن سعد من الحفاظ الثقات وهذا إسناد حسن متصل)، وَقَالَ الحَاكِم: (هَذَا حَدِيْث صَحِيْح عَلَى شرط الشيخين وَلَمْ يخرجاه لخلاف فِيْهِ عَلَى أصحاب الزهري)، وَقَالَ البَيْهَقِيّ: (قَدْ رَوَاهُ غيره عن سُفْيَان عن زياد مرسلاً وَهُوَ المحفوظ). ورواه مالك في الموطأ (2132) رِوَايَة الليثي ومن طريقه أبو عبيد في غريب الْحَدِيْث 1/ 269، والطحاوي في شرح المعاني 4/ 100، والخطيب في تاريخه 12/ 242، وابن أبي ذئب عِنْدَ الشَّافِعِيّ (1477) و (1479) بتحقيقنا، وعبد الرزاق (15034)، وأبو داود في المراسيل (187)، والطحاوي في شرح معاني الآثار 4/ 100، والبيهقي 6/ 39، والبغوي (2132)، ومعمر عِنْدَ عَبْد الرزاق (15033)، وأبو داود في المراسيل (186)، والدارقطني 3/ 33، والبيهقي 6/ 40، وشعيب بن أبي حمزة عِنْدَ الطحاوي 4/ 102، والبيهقي 6/ 44، ويونس عِنْدَ الطحاوي في شرح معاني الآثار 4/ 100 وجعل (لَكَ غنمه، وعليك غرمه) من كلام سعيد بن المسيب. خمستهم (مالك، وابن أبي ذئب، ومعمر، وشعيب، ويونس) عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، =

الْحَدِيْث: أن المغنم والمغرم عَلَى الراهن، فدل هَذَا عَلَى أن النفقة عَلَى الرهن وكذا النتاج يَكُوْن لَهُ، ووجب عَلَيْنا ان نؤول الْحَدِيْث الماضي. وقالوا أيضاً إن هَذَا الْحَدِيْث مخالف للقياس من وَجْهَيْنِ: الأول: أن فِيْهِ جواز الركب والشرب لغير مالك رقبة العين المرهونة من غَيْر إذن المالك. الثاني: تضمين المرتهن المنتفع بالعين المرهونة عوض انتفاعه نفقة لا قيمة (¬1). وَقَالَ ابن عَبْد البر: ((هَذَا الْحَدِيْث عِنْدَ جمهور الفقهاء ترده أصول يجتمع عَلَيْهَا وآثار ثابتة لايختلف في صحتها، وَقَدْ أجمعوا أن لَيْسَ الرهن وظهره للراهن، ولا يخلو من أن يَكُوْن احتلاب المرتهن لَهُ بإذن الراهن، أو بغير إذنه، فإن كَانَ بغير إذنه ففي حَدِيْث ابن عمر عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يحتلبن أحد ماشية أحد إلا بإذنه)) (¬2) ما يرده ويقضي ¬

_ = بِهِ مرسلاً. ورواه شبابة عن ابن أبي ذئب عن الزهري عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة، عن أبي هُرَيْرَةَ، بِهِ، عِنْدَ ابن عدي في الكامل 5/ 383، والدارقطني 3/ 32، والحاكم 2/ 51 وفيه عبدالله بن نصر الأصم قَالَ فِيْهِ ابن عدي (لَهُ غَيْر ما ذكرت مِمَّا أنكرت عَلَيْهِ) الكامل 5/ 384. ورواه أيضاً مُحَمَّد بن زياد الأسدي، عن مالك بن أنس، عن نافع، عن ابن عمر بِهِ عِنْدَ ابن عدي 7/ 469، قَالَ ابن عدي (وهذا منكر بهذا الإسناد وإنما يروي مالك هَذَا الْحَدِيْث في الموطأ عن الزهري، عن سعيد مرسلاً) كَمَا مَرَّ. وَقَدْ جمع الشَّيْخ الألباني هَذِهِ الطرق ورجح الْحَدِيْث المرسل. انظر ارواء الغليل5/ 239 - 243 (1406). أما عن قوله (لا يغلق الرهن) فَقَدْ قَالَ ابن الأثير: ((يقال: غَلِق الرهن يَغْلَقُ غلوقاً: إذا بقي في يد المرتهن لا يقدر راهنه عَلَى تخليصه. والمعنى: أنَّهُ لا يستحقه المرتهن إذا لَمْ يستفكه صاحبه، وَكَانَ هَذَا من فعل الجاهلية أن الراهن إذا لَمْ يؤد ما عَلَيْهِ في الوقت المعين ملك المرتهن الرهن فأبطله الإسلام)). النهاية 3/ 379. (¬1) فتح الباري 4/ 144، وتحفة الأحوذي 4/ 461. (¬2) رَوَاهُ مالك (2782)، وعبد الرزاق (6958) و (6959)، والحميدي (683)، وأحمد 2/ 4 و6 و 57، والبخاري 3/ 165 (2435)، ومسلم 5/ 137 (1726)، والطرسوسي في مسند عَبْد الله بن عمر (49)، وأبو داود (2623)، وابن ماجه (2302)، وأبو عوانة 4/ 35 و36 و37، والطحاوي في شرح المعاني 4/ 241، وفي شرح المشكل (2818) و (2819) و (282) و (2821)، وابن حبان (5179) و (5289)، وفي طبعة الرسالة (5171) و (5282)، والطبراني في الأوسط (310) و (1909)، وفي طبعة الطحان (312) و (1930)، والبيهقي 9/ 358، والبغوي (2168).

النموذج الثاني: رد الشاة المصراة

بنسخه ... الخ كلامه)) (¬1). وادَّعى الطحاوي أن هَذِهِ الإباحة كَانَتْ قَبْلَ تحريم الربا، ونسخت بتحريم الربا، فَقَالَ: ((فلما حرم الربا، حرمت أشكاله كلها، وردت الأشياء المأخوذة إِلَى أبدالها المساوية لها، وحرم بيع اللبن في الضروع، فدخل في ذَلِكَ النهي عن النفقة الَّتِي يملك بِهَا المنفق لبناً في الضروع، وتلك النفقة فغير موقوف مقدارها، واللبن كَذَلِكَ أيضاً. فارتفع بنسخ الربا أن تجب النفقة عَلَى المرتهن بالمنافع الَّتِي يجب لَهُ عوضاً مِنْهَا، وباللبن الَّذِي يحتلبه فيشربه)) (¬2). وأجاب القائلون بالمذهب الأول عن دعوى النسخ هَذِهِ، بأن شرط النسخ مَعْرِفَة التاريخ، حَتَّى يعلم المتقدم من المتأخر والناسخ من المنسوخ، وهذا متعذرٌ هنا، فكان القول بالنسخ قَوْلاً بالاحتمال، والاحتمال لا تؤسس عَلَيْهِ الأحكام (¬3). ثُمَّ إن الجمع بَيْنَ هَذِهِ الأحاديث ممكن، وذلك بالقول أن نفقة الرهن تجب عَلَى الراهن مقابل الملك، فإذا امتنع عن النفقة كَانَ من حق المرتهن أن ينفق عَلَى الرهن حفظاً لَهُ من التلف، الَّذِي هُوَ إضاعة للمال، وَقَدْ نهى الشرع عَنْهُ، وبما أن نفقة المرتهن مال لَهُ، فيستحق العوض عَنْهُ، ومادام الراهن يمتنع عن النفقة، فإن للمرتهن أخذ العوض من مال الراهن وَلَوْ بغير إذنه، والركوب وشرب اللبن والمنافع الَّتِي لا تلحق نقصاً أو ضرراً بالعين المرهونة عوض، يستحقه المرتهن بدلاً عن نفقته (¬4). النموذج الثاني: رد الشاة المصراة اختلف الفقهاء في جواز رد الشاة المصراة إذا اطلع الْمُشْتَرِي عَلَى هَذَا العيب بَعْدَ الشراء عَلَى قولين: الأول: لا يجوز رد الشاة المصراة، وإليه ذهب أبو حَنِيْفَةَ ومحمد، وأبو يوسف في رِوَايَة عَنْهُ (¬5). الثاني: يجوز ردها بعيب التصرية، وبه قَالَ جمهور الفقهاء، ومنهم: الشافعية (¬6)، ¬

_ (¬1) التمهيد 14/ 215 - 216، وانظر شرح السنة 8/ 183 - 184. (¬2) شرح معاني الآثار 4/ 99. (¬3) مسائل من الفقه المقارن 2/ 48. (¬4) إعلام الموقعين 2/ 22 و 392. (¬5) شرح معاني الآثار 4/ 19، والمبسوط 13/ 139، وحاشية رد المحتار 5/ 44. (¬6) الحاوي الكبير 6/ 286، والمهذب 1/ 289، والتهذيب 3/ 420، ونهاية المحتاج 4/ 70 - 71.

والمالكية (¬1)، والحنابلة (¬2)، وجمهور أهل الْحَدِيْث (¬3). واختلفوا في تعيين وجوب رد الصاع، أو ما ينوب عَنْهُ (¬4). واستدل القائلون بالجواز بحديث أبي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -، أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((لا تصروا الإبل والغنم، فمن ابتاعها بَعْد فإنه بخير النظرين بَعْدَ أن يحتلبها: إن شاء أمسك وإن شاء ردها وصاعاً من تمر)) (¬5). وأجاب من قَالَ بعدم الجواز: بأن هَذَا الْحَدِيْث مخالف للقياس من وجوه: 1 - إن رد المبيع بلا عيب ولا خلاف في صفة لا تقره أصول الشريعة؛ وذلك لأن التصرية ليست من العيوب فإن البيع يقتضي سلامة المبيع، وقلة اللبن لاتعدُّ من العيوب الَّتِي تعدم السلامة؛ لأن اللبن ثمرة وبعدمه لا تنعدم صفة السلامة، فبقلته من باب أولى. 2 - القاعدة أن الخراج بالضمان، فاللبن الحادث عِنْدَ الْمُشْتَرِي غَيْر مضمون، وَقَدْ نُصَّ عَلَى ضمانه. 3 - إن الشيء المضمون (اللبن) مثلي، والقاعدة أن المثليات تضمن بمثلها، وَقَدْ ضمنه بغير المثل. 4 - في الضمان إذا انتقل من المثل فإنه ينتقل إِلَى القيمة، والتمر المذكور في الْحَدِيْث لَيْسَ قيمة ولا مثْلاً. 5 - أن المال المضمون يقدر بقدره قلة وكثرة، والقدر منصوص عَلَيْهِ هنا وَهُوَ الصاع (¬6). وأجيب عن الأول بأنه لَيْسَ في أصول الشريعة ما يدل عَلَى انحصار أسباب الرد بهذين الأمرين، بَلْ إن الخيار يثبت للمشتري بالتدليس، وذلك لأن الْمُشْتَرِي رأى الضرع مملوءاً باللبن، فظن أن ذَلِكَ عادتها، فكأن البائع قَدْ شرط لَهُ ذَلِكَ، فإذا تبين لَهُ خلاف ذَلِكَ ثبت لَهُ الرد، لفقد الشرط المعنوي الَّذِي نوهنا بهُ. ¬

_ (¬1) المدونة 4/ 286، والكافي في فقه أهل المدينة 2/ 60، والمنتقى 5/ 105، وأوجز المسالك 11/ 376. (¬2) المغني 4/ 233. (¬3) التمهيد 18/ 202، والإستذكار 5/ 546. (¬4) التمهيد 18/ 202، والمغني 4/ 234، وفتح الباري 4/ 364. (¬5) متفق عَلَيْهِ من حَدِيْث أبي هُرَيْرَةَ، رَوَاهُ البُخَارِيّ 3/ 92 (2149) و (2150)، ومسلم 5/ 4 (1515). (¬6) المبسوط 13/ 139، وإعلام الموقعين 2/ 19، وفتح الباري 4/ 366.

المبحث السادس مخالفة الحديث لعمل أهل المدينة

وعن الثاني: فإن الخراج اسم للغلة، مِثْل: كسب العبد وأجرة الدابة ونحو ذَلِكَ. أما الولد واللبن فَلاَ يسمى خراجاً، والعامل المشترك بَيْنَهُمَا كونهما من الفوائد، وإلا فإن الكسب الحادث والغلة لَمْ يكونا موجودين حال البيع، بَلْ حدثا بَعْدَ القبض. وأما اللبن هنا فإنه كَانَ موجوداً حال العقد، فكان جزءاً من المعقود عَلَيْهِ، والصاع لَمْ يقدره الشارع عوضاً عن اللبن الحادث، وإنما هُوَ عوض عن اللبن الَّذِي كَانَ موجوداً وقت العقد في الضرع، فكان ضمانه من تمام العدل. وعن الثالث: فإنه لا يمكن تضمينه بالمثل البتة، فإن اللبن في الضرع محفوظ وغير عرضة للفساد، فإذا حلب صار معرضاً للحموضة والفساد. وعن الرابع: بأنا لَوْ وكلنا تقديره إليهما أو إِلَى أحدهما لكثر النزاع، فحسم الشارع النزاع وحده بقدر لا يتعد أنَّهُ قطعٌ للخصومة. وعن الخامس فإن اللبن الحادث بَعْدَ العقد قَدْ اختلط بالموجود وقته، ولا يعرف مقداره حَتَّى نوجب نظيره، وَقَدْ يَكُوْن أكثر أو أقل، فيفضي إِلَى الربا (¬1). المبحث السادس مخالفة الْحَدِيْث لعمل أهل المدينة من المعلوم أن المدينة النبوية كَانَتْ مهبط الوحي ومركز السلطة التشريعية والدنيوية في الحقبة الثانية من الدعوة النبوية، وَلَمْ يؤثر عن أحد من الصحابة سواء من المهاجرين أو الأنصار مِمَّنْ سكنها أنَّهُ نزح عَنْهَا في حياة رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم -. وكانوا في حياتهم العامة عَلَى تماس مَعَ التشريعات والأحكام، يعيشون ظروفها، ويفقهون عللها، ويقومون بمهمة نشرها وتعليمها، وهكذا ظلت أجيال الناس فِيْهَا تتلقى الأحكام جيلاً عن جيل، وَهُوَ مؤدٍ في نهاية المطاف إلى اعتبار إجماع أهلها نقلاً بالتواتر للحكم المعمول بِهِ (¬2). لذا اشترط جمهور المالكية للعمل بخبر الآحاد أن لا يَكُوْن مخالفاً لعمل أهل المدينة (¬3) وتعللوا بِمَا قدمنا ذكره. والحق أن الْحَدِيْث إذا صَحَّ لَمْ يَكُنْ لقول أحدٍ كائناً من كَانَ أن يعارض بِهِ، والحجة في نقل المعصوم فَقَطْ، ثمَّ إن أهل المدينة جزء من الأمة لا كلها، فَلاَ ينبني ¬

_ (¬1) إعلام الموقعين 2/ 19 - 20 و 311، وفتح الباري 4/ 379. (¬2) ترتيب المدارك 1/ 64 - 65، وإعلام الموقعين 2/ 374. (¬3) إحكام الفصول 1/ 486 (511) فما بعدها.

النموذج الأول: خيار المجلس

عَلَى موافقتهم جواز مخالفة الأحاديث المقبولة (¬1). وَقَدْ فند أدلتهم ابن حزم من وجوه حاصلها: 1 - إن الخبر المسند الصَّحِيْح قَبْلَ العمل بِهِ، أحق هُوَ أم باطل؟ فإن قالوا: حق، فسواء عمل بِهِ أهل المدينة أم لَمْ يعملوا، لَمْ يزد الحقَ درجةً عملُهُم بِهِ وَلَمْ ينقصه إن لَمْ يعملوا بِهِ، وإن قالوا باطل، فإن الباطل لا ينقلب حقاً بعملهم بِهِ، فثبت أن لا معنى لعمل أهل المدينة أو غيرهم. 2 - العمل بالخبر الصَّحِيْح متى أثبت الله العمل بِهِ، أقبل أن يعمل بِهِ أم بَعْدَ العمل بِهِ؟ فإن قالوا: قَبْلَ أن يعمل بِهِ، فَهُوَ كقولنا. وإن قالوا: بَعْدَ أن يعمل بِهِ، لزمهم عَلَى هَذَا أن العاملين بِهِ هم الَّذِيْنَ شرعوا الشريعة، وهذا باطل. 3 - نقول: عمل من تريدون؟ عمل أمة مُحَمَّد ? كافة، أم عمل عصر دُوْنَ عصر، أم عمل رسول الله ?، أم أبي بكر، أم عمر، أم عمل صاحب من سكان المدينة مخصوصاً؟ فإن قالوا: عمل الأمة كلها، فَلاَ يصح؛ لأن الخلاف بَيْنَ الأمة مشتهر، وهم دائمو الرد عَلَى من خالفهم، فلو كَانَتْ الأمة مجمعة عَلَى هَذَا القول فعلى من يردون؟! وإن قالوا: عصر دُوْنَ عصر، فباطل أيضاً؛ لأنَّهُ ما من عصر إلا وقَدْ وجد فيه خلاف، ولا سبيل إِلَى وجود مسألة متفق عَلَيْهَا بَيْنَ أهل عصر (¬2). 4 - ونقول لَهُمْ: أهل المدينة الَّذِيْنَ جعلتم عملهم حجة رددتم بِهَا خبر المعصوم، اختلفوا فِيْمَا بَيْنَهُمْ أم لا؟ فإن قالوا: لا، فإن الموطأ يشهد بخلاف هَذَا، وإن قالوا: نعم، قُلْنَا: فما الَّذِي جعل اتباع بعضهم أولى من بَعْض (¬3). النموذج الأول: خيار المجلس يمكن تعريف خيار المجلس بأنه: حق العاقدين في إمضاء العقد أو رده، منذ التعاقد إِلَى التفرق أو التخاير (¬4). ¬

_ (¬1) مسائل من الفقه المقارن 1/ 25. (¬2) هَذَا تأسيس من ابن حزم عَلَى رأيه القائل بعدم إمكان الإجماع بَعْدَ عصر الصَّحَابَة - رضي الله عنهم -. وهذا رِوَايَة عن الإمام أحمد، وَقَالَ الشوكاني: ((إنه ظاهر كلام ابن حبان)). انظر: الإحكام 4/ 506، والتبصرة: 359، وإحكام الآمدي 1/ 328، وإرشاد الفحول: 82. (¬3) الإحكام في أصول الأحكام 1/ 229 - 237. وانظر: إعلام الموقعين 2/ 375 فما بعدها، والبحر المحيط 3/ 344 - 345، وأسباب اختلاف الفقهاء: 311. (¬4) الموسوعة الفقهية 20/ 169.

والأكثرون عَلَى تسميته ((خيار المجلس)) ومنهم من يسميه ((خيار الْمُتَبَايِعَيْنِ)) (¬1). فإذا أتم العاقدان عقد البيع من غَيْر أن يتفرقا وَلَمْ يختر أحدٌ مِنْهُمَا اللزوم، فهل يعتبر العقد لازماً بمجرد هَذَا التمام، أَمْ أن لكلا العاقدين الحق في فسخ العقد ما داما في مجلس البيع؟ اختلف الفقهاء في ثبوت هَذَا الحق عَلَى قولين: الأول: لا يثبت خيار المجلس، والعقد لازم بالإيجاب والقبول، إلا إذا تشارطا أو أحدهما إثبات الخيار. وبهذا قَالَ: إبراهيم النخعي وأهل الكوفة، وربيعة الرأي وطائفة من أهل المدينة، وَهُوَ قَوْل الثوري في رِوَايَة عَبْد الرزاق عَنْهُ (¬2). وإليه ذهب الحنفية (¬3)، والمالكية (¬4)، وأكثر الزيدية (¬5). الثاني: خيار المجلس ثابت للمتعاقدين، ولكل مِنْهُمَا الحق في فسخه مادام المجلس قائماً، ومالم يختر أحدهما اللزوم. روي هَذَا عن: عمر، وعثمان، وابن عمر، وابن عَبَّاسٍ، وأبي هُرَيْرَةَ، وأبي برزة الأسلمي (¬6)، وبه قَالَ: سعيد بن المسيب، والحسن البصري، وشريح، والشعبي، وعطاء، وطاووس، والزهري، والأوزاعي، وابن أبي ذئب في طائفة من أهل المدينة، والثوري في "جامعه"، والليث بن سعد، وعبيد الله بن الحسن، وداود الظاهري، وسوّار (¬7) قاضي البصرة، وسفيان بن عيينة، وعبد الله بن المبارك، وابن جريج، ومعمر، ومسلم بن خالد ¬

_ (¬1) المغني 4/ 6، والتهذيب 3/ 290. (¬2) المصنف عقب (14273)، وانظر: الاستذكار 5/ 485. (¬3) المبسوط 13/ 156 - 157، والهداية مَعَ شرح فتح القدير 5/ 81، وبدائع الصنائع 5/ 228، والاختيار 2/ 5، وشرح العناية عَلَى الهداية (بهامش فتح القدير) 5/ 81، وتبيين الحقائق 4/ 3، وحاشية ابن عابدين 5/ 112. (¬4) التمهيد 14/ 8، والمنتقى 5/ 55، والقوانين الفقهية: 270، وشرح الحطاب 4/ 310، وشرح منح الجليل 2/ 609 - 610، وحاشية الرهوني 5/ 156، وأوجز المسالك 11/ 317 فما بعدها. (¬5) مسند الإمام زيد بن عَلِيّ: 263، والبحر الزخار 4/ 345 - 346. (¬6) الصَّحَابِيّ الجليل أبو برزة الأسلمي اختلف في اسمه والأصح نضلة بن عبيد، كَانَ إسلامه قديماً، وشهد فتح مكة، توفي سنة (60 هـ‍)، وَقِيْلَ: (64 هـ‍). تاريخ الصَّحَابَة لابن حبان:252، وأسد الغابة 2/ 93 و3/ 268 و5/ 19،وسير أعلام النبلاء 3/ 40و43. (¬7) هُوَ أَبُو عَبْد الله سوّار بن عَبْد الله بن قدامة التميمي العنبري قاضي البصرة. الثقات 6/ 422، وتهذيب الكمال 3/ 335 (2623)، والتقريب (2685).

الزنجي (¬1)، والدراوردي (¬2)، ويحيى القطان، وعبد الرَّحْمَان بن مهدي، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور (¬3). وإليه ذهب الشافعية (¬4)، والحنابلة (¬5)، والظاهرية (¬6)، والإمامية (¬7)، وبعض الزيدية (¬8). واستدل الجُمْهُوْر بأدلة متظافرة كثيرة مِنْهَا: ما صَحَّ عن رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - أنَّهُ قَالَ: ((الْمُتَبَايِعَانِ كُلّ واحد مِنْهُمَا بالخيار عَلَى صاحبه، ما لم يتفرقا، إلا بيع الخيار)) (¬9). وجه الدلالة من هَذَا الْحَدِيْث: أن الْحَدِيْث مصرح بأن العقد بَيْنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ غَيْر لازم ما لم يحصل التفرق عن مجلس العقد، أو يختار واحد مِنْهُمَا اللزوم. وأجاب المالكية عن هَذَا الْحَدِيْث: بأنه مخالف لعمل أهل المدينة، لذا قَالَ الإمام مالك عقب روايته لهذا الْحَدِيْث: ((وَلَيْسَ لهذا عندنا حد معروف، ولا أمر معمول فِيْهِ)) (¬10). وَهُوَ خبر آحاد فَلاَ يقوى عَلَى مخالفة عملهم (¬11). ونستطيع أن نرد قَوْل المالكية هَذَا، من ثلاثة وجوه هِيَ: ¬

_ (¬1) الإمام، فقيه مكة، أبو خالد مُسْلِم بن خالد المخزومي، الزنجي المكي، مولى بني مخزوم: فقيه صدوق كَثِيْر الأوهام، ولد سنة (100 هـ‍)، وَقِيْلَ قبلها، وتوفي سنة (180 هـ‍). الضعفاء الكبير، للعقيلي 4/ 150، وسر أعلام النبلاء 8/ 176 و 178، والتقريب (6625). (¬2) هُوَ الإمام عَبْد العزيز بن مُحَمَّد بن عبيد الدراوردي أبو مُحَمَّد الجهني مولاهم المدني: صدوق كَانَ يحدث من كتب غيره فيخطئ، توفي (187 هـ‍). طبقات خليفة بن خياط: 276، وسير أعلام النبلاء 8/ 366 و 369، والتقريب (4119). (¬3) الحاوي الكبير 6/ 34، والاستذكار 5/ 487، والمغني 4/ 6. (¬4) الحاوي الكبير 6/ 34، والتهذيب 3/ 290، والمهذب 1/ 264، وروضة الطالبين 3/ 433، والمجموع 9/ 196، وكفاية الأخيار 1/ 475، ونهاية المحتاج 4/ 3 فما بعدها، وحاشية الجمل عَلَى شرح المنهج 3/ 102. (¬5) المغني 4/ 6، والمقنع: 103، والمحرر 1/ 261، والإنصاف 4/ 363، وكشاف القناع 3/ 187. (¬6) المحلى 8/ 351. (¬7) شرائع الإسلام 2/ 21. (¬8) البحر الزخار 4/ 345 - 346، وسبل السلام 3/ 34، ونيل الأوطار 5/ 210. (¬9) سيأتي تخريجه من حَدِيْث سبعة من الصَّحَابَة. (¬10) الموطأ (رِوَايَة الليثي) 2/ 201 (1959). (¬11) طرح التثريب 6/ 148.

1 - أن اشتراط المالكية للعمل بخبر الآحاد: أن لا يَكُوْن مخالفاً لعمل أهل المدينة، شرط تفردوا بِهِ، فيكون لازماً لَهُمْ ولا يلزم غيرهم. 2 - عَلَى فرض التسليم - جدلاً - بكون هَذَا الَّذِي اشترطوه شرطاً للعمل بخبر الآحاد، فما اشترطوه غَيْر متحقق في هَذِهِ المسألة، فإنهم نصوا عَلَى أن إجماع أهل المدينة إذا عارضه خبر آحاد، قدم الإجماع. ودعوى إجماع أهل المدينة هنا منقوضة، فَقَدْ سبق أن نقلنا القول بثبوت خيار المجلس عن: عمر وعثمان وابن عمر وأبي هُرَيْرَةَ وسعيد بن المسيب والزهري وابن أبي ذئب والدراوردي، وهؤلاء جميعاً من أهل المدينة، فكيف تصح دعوى إجماعهم؟ حَتَّى إن ابن أبي ذئب لما قِيْلَ لَهُ أن مالكاً لا يعمل بهذا الْحَدِيْث قَالَ: ((هَذَا خبرٌ موطأٌ في المدينة)) (¬1)، يريد أنَّهُ منتشر. 3 - وإذا أمعنا في التنزل معهم، والتسليم بأن هَذَا الشرط الَّذِي اشترطوه صَحِيْح، وأن إجماع أهل المدينة متحقق، فإنه يخدش استدلالهم عدم كون الْحَدِيْث آحادياً، وكيف يَكُوْن خبر آحاد وَقَدْ رَوَاهُ من الصَّحَابَة عدد غفير، وقفنا عَلَى رِوَايَة سبعة مِنْهُمْ، هم: أ. سمرة بن جندب: وحديثه أخرجه: ابن أبي شيبة (¬2)، وأحمد (¬3)، وابن ماجه (¬4)، والنسائي (¬5)، والطحاوي (¬6)، والبيهقي (¬7). ب. عَبْد الله بن عَمْرو بن العاص: وحديثه عِنْدَ: أحمد (¬8)، وأبي داود (¬9)، والترمذي (¬10)، والنسائي (¬11)، والدارقطني (¬12)، والبيهقي (¬13)، وابن عَبْد البر (¬14). ¬

_ (¬1) العلل ومعرفة الرجال 1/ 193. (¬2) في مصنفه (36150). (¬3) في مسنده 5/ 12 و 17 و 21 و 22 و 23. (¬4) في سننه (2183). (¬5) في المجتبى 7/ 251، وفي الكبرى (6073) و (6074). (¬6) في شرح المشكل (5266). (¬7) في سننه 5/ 271. (¬8) في مسنده 2/ 183. (¬9) في سننه (3456). (¬10) في جامعه (1247) (¬11) في المجتبى 7/ 251، وفي الكبرى (6075). (¬12) في سننه 3/ 50. (¬13) في سننه 5/ 271. (¬14) في التمهيد 14/ 17.

ج‍. ابن عَبَّاسٍ: وأخرج حديثه ابن حبان (¬1)، والبزار (¬2)، وأبو بكر (¬3) الإسماعيلي (¬4)، والبيهقي (¬5). د. أبو هُرَيْرَةَ: حديثه عِنْدَ الطيالسي (¬6)، وابن أبي شيبة (¬7)، وأحمد (¬8)، والطحاوي (¬9)، والطبراني (¬10)، وابن عدي (¬11). هـ‍. عَبْد الله بن عمر: وَهُوَ أشهر طرق هَذَا الْحَدِيْث، أخرجه: مالك (¬12)، والشافعي (¬13)، وأحمد (¬14)، والبخاري (¬15)، ومسلم (¬16)، وأبو داود (¬17)، والترمذي (¬18)، وابن ماجه (¬19)، والنسائي (¬20)، وغيرهم (¬21). و. حكيم بن حزام (¬22): عِنْدَ الشَّافِعِيّ (¬23)، والطيالسي (¬24)، وأحمد (¬25)، ¬

_ (¬1) في صحيحه (4914). (¬2) (1283) كشف الأستار. (¬3) هُوَ الإمام أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل الجرجاني الإسماعيلي الشَّافِعِيّ، من مصنفاته " الصَّحِيْح" و"المعجم"، توفي سنة (371 هـ‍). الأنساب 1/ 158، وسير أعلام النبلاء 16/ 292 و 296، والبداية والنهاية 11/ 254. (¬4) في معجم شيوخه (241). (¬5) في سننه 5/ 270. (¬6) في مسنده (2568). (¬7) في مصنفه (22560) و (36148). (¬8) في مسنده 2/ 311. (¬9) في شرح معاني الآثار 4/ 13، وفي شرح المشكل (5265). (¬10) في الأوسط (908) وطبعة الطحان (912). (¬11) في الكامل 1/ 515 و 3/ 463. (¬12) في الموطأ (1958) رِوَايَة الليثي. (¬13) في مسنده (1370) و (1374) بتحقيقنا. (¬14) في مسنده 1/ 56، و2/ 4 و 9 و 52 و 54 و 73 و 119 و 135. (¬15) في صحيحه 3/ 83 (2107) و (2109) و (2111) و (2112) و (2113). (¬16) في صحيحه 5/ 9 (1531) (43) و (44) و (46). (¬17) في سننه (3454) و (3455). (¬18) في جامعه (1245). (¬19) في سننه (2181). (¬20) في المجتبى 7/ 248 و249 و250 و251، وفي الكبرى (6058) و (6059) و (6061 - 6072). (¬21) انظر تخريجه موسعاً في تحقيقنا لمسند الشَّافِعِيّ رقم (1370) و (1374). (¬22) الصَّحَابِيّ الجليل حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد، أبو خالد القرشي الأسدي، أسلم يوم الفتح ذَكَرَ البُخَارِيّ أنَّهُ عاش ستين سنة في الجاهلية وستين سنة في الإسلام، توفي سنة (54 هـ‍). طبقات خليفة: 13 - 14، والتاريخ الكبير 3/ 11، وسير أعلام النبلاء 3/ 44 و 45. (¬23) في مسنده (1374) بتحقيقنا. (¬24) في مسنده (1316). (¬25) في مسنده 3/ 402 و 403 و 434.

والبخاري (¬1)، ومسلم (¬2)، وأبي داود (¬3)، والترمذي (¬4)، والنسائي (¬5)، وابن حبان (¬6)، والطبراني (¬7)، وغيرهم. ز. أبو برزة الأسلمي: أخرجه الشَّافِعِيّ (¬8)، والطيالسي (¬9)، وابن أَبِي شيبة (¬10)، وأحمد (¬11)، وأبو داود (¬12)، وابن ماجه (¬13)، وبحشل (¬14)، والبزار (¬15)، وابن الجارود (¬16)، والروياني (¬17)، والطحاوي (¬18)، والدارقطني (¬19)، والبيهقي (¬20)، والخطيب البغدادي (¬21)، وابن عَبْد البر (¬22). وبهذا فإن الْحَدِيْث في أقل أحواله: مشهور (¬23)، والمشهور تختلف أحكامه عن الآحاد من حَيْثُ تخصيص الكِتَاب والزيادة عَلَيْهِ. ¬

_ (¬1) في صحيحه 3/ 76 (2079) و (2082) و 3/ 83 (2108) و 3/ 84 (2110) و (2114). (¬2) في صحيحه 5/ 10 (1532) (47). (¬3) في سننه (3459). (¬4) في جامعه (1246). (¬5) في المجتبى 7/ 244 - 245 و 247، وفي الكبرى (6049) و (6056). (¬6) في صحيحه (4911) وفي ط الرسالة (4904). (¬7) في الكبير (3115) و (3116) و (3117) و (3118) و (3119). (¬8) في مسنده (1375) بتحقيقنا. (¬9) في مسنده (922). (¬10) في مصنفه (22559). (¬11) في مسنده 4/ 425. (¬12) في سننه (3457) (¬13) في سننه (2182). (¬14) الحَافِظ المحدث المؤرخ أبو الحسن، أسلم بن سهل بن مُسْلِم الواسطي الرزاز المعروف ببحشل، مصنف تاريخ واسط، توفي سنة (292هـ‍). سير أعلام النبلاء 13/ 553، وتذكرة الحفاظ 2/ 664، ومرآة الجنان 2/ 165.والْحَدِيْث أخرجه في تاريخ واسط: 59 - 60. (¬15) في البحر الزخار (3860) و (3861). (¬16) في المنتقى (619). (¬17) في مسند الصَّحَابَة (771) و (1319). (¬18) في شرح المعاني 4/ 13، وفي شرح المشكل (5263) و (5264). (¬19) في سننه 3/ 6 (¬20) في سننه 5/ 270. (¬21) في تاريخ بغداد 13/ 87. (¬22) في التمهيد 14/ 24. (¬23) نَصَّ عَلَيْهِ الحَافِظ ابن حجر في فتح الباري 4/ 330.

أما الحنفية فَقَدْ استدلوا بعمومات نصوص الكِتَاب العزيز مِنْهَا: 1 - قوله تَعَالَى: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً ? (¬1). وجه الدلالة: أن الله تَعَالَى أباح أكل المبيع إذا كَانَ عن رضى الطرفين، والنص مطلق عن قيد التفرق عن مكان العقد. 2 - قوله تَعَالَى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)) (¬2). وجه الدلالة: أن الشارع - تبارك وتعالى - أوجب الوفاء بالعقود، وعقد البيع بَعْدَ الإيجاب والقبول وقبل مفارقة المجلس أو التخيير يسمى عقداً أيضاً، فيكون داخلاً في عموم هَذَا النص، والقول بخلافه إبطال للنص. وأجابوا عن الْحَدِيْث بأنه: خبر آحاد مخالف لظاهر الكِتَاب فيجب تأويله، فيحمل التفرق الوارد في الْحَدِيْث عَلَى التفرق بالأقوال لا بالأبدان، جمعاً بَيْنَ النصوص الواردة في هَذَا (¬3). ونجيب عَنْهُ بِمَا يأتي: أما كون الْحَدِيْث آحادياً: فَقَدْ أبطلنا ذَلِكَ في ما مضى، وبينا أن الْحَدِيْث في أقل أحواله مشهور، وللمشهور عِنْدَ الحنفية حكم المتواتر في جواز تخصيص عمومات الكِتَاب بِهِ (¬4). وأما كون المراد التفرق بالأقوال: فَهُوَ خلاف المتبادر إِلَى الذهن من أن المراد التفرق بالأبدان، ونضيف بأن من الْمُسلّمَات - إذا سرنا عَلَى أصول الحنفية - أن راوي الْحَدِيْث أعلم بتفسيره لذا ردوا - كَمَا سبق - حَدِيْث ولوغ الكلب، وإذا حكّمنا هَذِهِ القاعدة هنا بانت الحجة عَلَيْهِمْ، فهذا الْحَدِيْث من رِوَايَة ابن عمر -رضي الله عنهما-، وَقَدْ أخرج البُخَارِيّ (¬5) من طريق يَحْيَى بن سعيد، عن نافع قَالَ: ((وَكَانَ ابن عمر إذا اشترى شيئاً يعجبه فارق صاحبه)). ورواه مُسْلِم (¬6) من طريق ابن جريج، عن نافع بلفظ: ¬

_ (¬1) النساء: 29. (¬2) المائدة: 1. (¬3) بدائع الصنائع 5/ 228، وشرح فتح القدير 5/ 81. (¬4) ميزان الأصول: 429 - 430. (¬5) في صحيحه 3/ 83 عقب (2107). (¬6) في صحيحه 5/ 10 (1531) عقب (45).

المبحث السابع مخالفة الحديث للقواعد العامة في الفقه الإسلامي

((فكان إذا بايع رجلاً فأراد أن لا يقبله، قام فمشى هنية، ثُمَّ رجع إِلَيْهِ)). كَمَا أن في بَعْض ألفاظ الْحَدِيْث من رِوَايَة ابن عمر وغيره من الصَّحَابَة - رضي الله عنهم - التصريح بِمَا يخالف تأويل الحنفية لهذا الْحَدِيْث. لهذا ولغيره، يبدو لنا رجاحة ما ذهب إِلَيْهِ الجُمْهُوْر. المبحث السابع مخالفة الْحَدِيْث للقواعد العامة في الفقه الإسلامي لَمْ يشترط أحد من الأئمة المتقدمين للعمل بخبر الآحاد، أن لا يخالف القواعد العامة، وذلك لأن القواعد العامة أصالة تؤسس عَلَى استقراء نصوص الشارع الحكيم، ومن ثَمَّ تصاغ القاعدة بِمَا يتفق مَعَ مضامين النصوص. إلا أننا وجدنا من خلال استقراء كتب الفقه أن المتأخرين من أصحاب مالك خرّجوا بَعْض المسائل عَلَى هَذَا الشرط، وكأنهم فهموا من اجتهادات الإمام مالك أنَّهُ يشترط ذَلِكَ في خبر الآحاد لصحة العمل بمضمونه. وعلى هَذَا فخبر الآحاد إذا خالف القواعد العامة فَلاَ يعمل بِهِ عندهم، لأن القاعدة موطن اتفاق بَيْنَ الفقهاء من حَيْثُ المضمون الَّذِي يعبر عن فحوى عدد من النصوص عن الشارع، فمخالفة خبر الآحاد لها مسقط للعمل بِهِ، إذ يتضمن مخالفة تِلْكَ النصوص المتظافرة عَلَى إثبات ما تضمنته تِلْكَ القاعدة. ويمكننا الإجابة عن هَذَا الشرط: بأن القاعدة مهما بلغت فَلاَ تعدو كونها تأسيساً عَلَى نصوص، فَلاَ يمكن رد النص بِهَا، والاحتكام حينئذٍ إِلَى النص، والتعارض لا يَكُوْن مبطلاً للقاعدة، بَلْ استثناء من مضمونها (¬1). أثر ذَلِكَ في اختلاف الفقهاء حكم من أكل أو شرب ناسياً في نهار رَمَضَان اختلف الفقهاء فيمن أكل أو شرب ناسياً في نهار رَمَضَان، هَلْ يفسد صومه أم لا؟ عَلَى قولين: الأول: لا يفسد صوم من أكل أو شرب ناسياً، وَهُوَ قَوْل جمهور الفقهاء، وإليه ¬

_ (¬1) مسائل من الفقه المقارن 1/ 24 و 275، وأثر علل الْحَدِيْث: 192 - 193.

ذهب الحنفية (¬1)، والشافعية (¬2)، والحنابلة (¬3)، والظاهرية (¬4)، والزيدية (¬5)، والإمامية (¬6). الثاني: يفسد صوم من أكل أو شرب ناسياً، وَعَلَيْهِ القضاء، وبه قَالَ ربيعة الرأي (¬7)، والمالكية (¬8)، والقاسمية من الزيدية (¬9). الأدلة: استدل القائلون بالمذهب الأول بأدلة عديدة، مِنْهَا: ما رَوَاهُ أبو هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - أن رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((إذا نسي فأكل وشرب فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه)). رَوَاهُ عَبْد الرزاق (¬10)، وأحمد (¬11)، والدارمي (¬12)، والبخاري (¬13)، ومسلم (¬14)، وأبو داود (¬15)، وابن ماجه (¬16)، والترمذي (¬17)، والنسائي (¬18)، وابن الجارود (¬19)، ¬

_ (¬1) المبسوط 3/ 65، وبدائع الصنائع 2/ 90، والاختيار 1/ 133، وشرح فتح القدير 2/ 62، وتبيين الحقائق 1/ 322، وحاشية ابن عابدين 3/ 196. (¬2) الأم 2/ 97، والمهذب 1/ 190، والحاوي الكبير 3/ 320، والتهذيب 3/ 163، والمجموع 6/ 323، وروضة الطالبين 2/ 363، وشرح المنهج مَعَ حاشية الجمل 2/ 334، ونهاية المحتاج 3/ 172، وكفاية الأخيار 1/ 394. (¬3) المغني 3/ 51، والمقنع: 64، والمحرر 1/ 229، وشرح الزركشي عَلَى مَتْن الخِرَقِيّ 2/ 19. (¬4) المحلى 6/ 93 و 95. (¬5) مسند الإمام زيد: 205، والبحر الزخار 3/ 255، والسيل الجرار 2/ 121. (¬6) من لا يحضره الفقيه 2/ 75، وتهذيب الأحكام 4/ 240. (¬7) فتح الباري 4/ 155. (¬8) الموطأ 1/ 409 (843) رِوَايَة الليثي، والمدونة الكبرى 1/ 192، والمنتقى 2/ 65، والاستذكار 3/ 231، والقوانين الفقهية: 120، وشرح منح الجليل 1/ 400. (¬9) البحر الزخار 3/ 253، والسيل الجرار 2/ 120. (¬10) في مصنفه (7372). (¬11) في مسنده 2/ 425 و 491 و 493 و 513. (¬12) في سننه (1726) و (1733) و (1734). (¬13) في صحيحه 3/ 40 (1933) و 8/ 170 (6669). (¬14) في صحيحه 3/ 160 (1155) (171). (¬15) في سننه (2398). (¬16) في سننه (1673). (¬17) في جامعه (721) و (722). (¬18) في سننه الكبرى (3275). (¬19) في المنتقى (389).

وأبو يعلى (¬1)، وابن خزيمة (¬2)، وابن حبان (¬3)، والطبراني (¬4)، والدارقطني (¬5)، والبيهقي (¬6)، والبغوي (¬7). وجه الدلالة: أن النص ظاهر في أن الأكل والشرب بالنسبة للصائم ناسياً لا يؤثر في الصوم، والنص مطلق من حَيْثُ عدم تقييد الصيام بكونه فرضاً أو نفلاً. قَالَ ابن دَقِيْقِ العِيْدِ: ((عمدة من لَمْ يوجب القضاء هَذَا الْحَدِيْث وما في معناه أو ما يقاربه، فإنه أمرَ بالإتمام وسمى الَّذِي يتم صوماً، وظاهره حمله عَلَى الحقيقية الشرعية، وإذا كَانَ صوماً وقع مجزئاً، ويلزم من ذَلِكَ عدم وجوب القضاء)) (¬8). ثُمَّ قَالَ: ((وإذا دار اللفظ بَيْنَ حمله عَلَى المعنى اللغوي والشرعي، كَانَ حمله عَلَى الشرعي أولى)) (¬9). وأجاب من قَالَ بالمذهب الثاني عن هَذَا الاستدلال بِمَا يأتي: 1 - قالوا: هَذَا الْحَدِيْث خبر آحاد، وَقَدْ عارض القاعدة العامة الَّتِي تقول: ((النسيان لا يؤثر في باب المأمورات)) (¬10). أي لا يؤثر من ناحية براءة ذمة المكلف مِنْهُ. قَالَ ابن العربي (¬11): ((أصل مالك في أن خبر الواحد إذا جاء بخلاف القواعد لَمْ يعمل بِهِ)) (¬12) فما يفسد الصوم بعدمه عَلَى وجه العمد، فإنه يفسده عَلَى وجه النسيان، كَمَا في ¬

_ (¬1) في مسنده (6038) و (6058) و (6071). (¬2) في صحيحه (1989). (¬3) في صحيحه (3519) و (3520) و (3522). (¬4) في الأوسط (953). (¬5) في سننه 2/ 178 و 180. (¬6) في السنن الكبرى 4/ 229. (¬7) في شرح السنة (1754). (¬8) إحكام الأحكام 2/ 211 - 212. (¬9) المصدر السابق 2/ 212. (¬10) المنثور في القواعد للزركشي 3/ 398. (¬11) الإمام العلامة أبو بكر مُحَمَّد بن عَبْد الله بن مُحَمَّد الإشبيلي ولد سنة (468 هـ‍)، كَانَ من أهل التفنن في العلوم، من تصانيفه "عارضة الأحوذي في شرح التِّرْمِذِيّ"وكتاب "التفسير"، توفي سُنَّةُ (543 هـ‍). تذكرة الحفاظ 4/ 1294 - 1295 و 1297، وسير أعلام النبلاء 20/ 197 - 198 و 199، وتاريخ الإسلام وفيات (543 هـ‍): 159 و 160. (¬12) عارضة الأحوذي 3/ 197.

النية (¬1)، والصيام ركنه الإمساك، فإذا فات الركن في العبادة وجب الإتيان بِهِ، وَقَدْ تعذر هنا، فاقتضى الحكم بفساد صومه. قَالَ ابن دَقِيْقِ العِيْدِ: ((ذ هب مالك إِلَى إيجاب القضاء وَهُوَ القياس، فإن الصوم قَدْ فات ركنه وَهُوَ من باب المأمورات، والقاعدة تقتضي أن النسيان لايؤثر في باب المأمورات)) (¬2)، وأفاض الْقَاضِي ابن العربي في تأييد مذهب مالك، فَقَالَ: ((هَذَا الْحَدِيْث صَحِيْح مليح ينظر إِلَى مطلقه دُوْنَ تثبت جَمِيْع فقهاء الأمصار، وقالوا: من أفطر ناسياً لا قضاء عَلَيْهِ، تعلقاً بقول النَّبِيّ ? في الصَّحِيْح: ((إنّ الله أطعمك وسقاك)). وتطلّع مالك إِلَى المسألة من طريقها، فأشرف عَلَيْهَا فرأى في مطلعها: أن عَلَيْهِ القضاء؛ لأن الصوم عبارة عن الإمساك عن الأكل، فَلاَ يوجد مَعَ الأكل لأنَّهُ ضده، وإذا لَمْ يبق ركنه وحقيقته لَمْ يوجد، وَلَمْ يَكُنْ ممتثلاً ولا قاضياً ما عَلَيْهِ، ألا ترى أن مناقض شرط الصَّلاَة وَهُوَ الوضوء: الحدث، إذا وجد سهواً أو عمداً أبطل الصَّلاَة؛ لأن الأضداد لا جماع مَعَ أضدادها شرعاً ولاحساً، وَلَيْسَ لهذا الأصل معارض إلا الكلام في الصَّلاَة)) (¬3). 2 - حمل الْحَدِيْث عَلَى صوم التطوع دُوْنَ الفرض، بحجة أن الْحَدِيْث لَمْ يقع فِيْهِ تعيين رَمَضَان، فيصار إلى حمله عَلَى التطوع (¬4). 3 - حمل الْحَدِيْث عَلَى أمر الصائم الَّذِي تَكُوْن هَذِهِ حاله بإتمام صيام ذَلِكَ اليوم، وسقوط الإثم عَنْهُ، لَكِنْ يجب عَلَيْهِ قضاؤه (¬5). 4 - قَالَ ابن العربي: ((وهذا الْحَدِيْث يوافق القاعدة في رفع الإثم فقبل في ذَلِكَ، ولا يوافقها في بقاء العبادة بَعْدَ ذهاب ركنها أشتاتاً فَلاَ يعمل بِهِ)) (¬6). وأجيب عَنْهُمْ: أما أولاً: فالقياس المذكور قياس غَيْر صَحِيْح؛ لكونه في مقابلة النص، ولا اجتهاد في مورد النص، وَقَدْ ذَكَرَ البرماوي في شرح العمدة: أن شرط القياس عدم مخالفة النص (¬7). ¬

_ (¬1) المنتقى 5/ 65. (¬2) إحكام الأحكام 2/ 211 - 212. (¬3) عارضة الأحوذي 3/ 196. (¬4) عمدة القاري 11/ 18. (¬5) فتح الباري 4/ 156 - 157. (¬6) عارضة الأحوذي 3/ 197. (¬7) إرشاد الساري 3/ 372.

وكون الْحَدِيْث خبر واحد مخالف للقاعدة، أمر فِيْهِ نظر، وعلل هَذَا الحافظ ابن حجر فَقَالَ: ((لأنَّهُ - يعني: الْحَدِيْث المذكور - قاعدة مستقلة بالصيام فمن عارضه بالقياس عَلَى الصَّلاَة أدخل قاعدة في قاعدة، وَلَوْ فتح باب رد الأحاديث الصَّحِيْحَة بمثل هَذَا لما بقي من الْحَدِيْث إلا القليل)) (¬1). وأما ثانياً: فَقَدْ ورد التصريح بتعيين رَمَضَان في بَعْض طرق الْحَدِيْث، فأخرج ابن خزيمة (¬2)، ومن طريقه ابن حبان (¬3)، وأخرجه الطبراني (¬4)، والدارقطني (¬5)، والحاكم (¬6)، ومن طريقه البيهقي (¬7)، كلهم من طريق مُحَمَّد ابن عَبْد الله الأنصاري، عن مُحَمَّد بن عَمْرو (¬8)، عن أبي سلمة بن عَبْد الرَّحْمَان، عن أبي هُرَيْرَةَ، مرفوعاً: ((من أفطر في شهر رَمَضَان ناسياً، فَلاَ قضاء عَلَيْهِ ولا كفارة)) (¬9). وأما ثالثاً: فإن قوله - صلى الله عليه وسلم - في نهاية الْحَدِيْث: ((فإنما أطعمه الله وسقاه))، دليل عَلَى صحة صومه، فَهُوَ مشعر بأن الفعل الصادر مِنْهُ غَيْر مضاف إِلَيْهِ، والحكم بكونه مفطراً يحتاج إِلَى إضافته إِلَيْهِ (¬10). لذا قَالَ الخطابي (¬11): ((معناه أن النسيان ضرورة، والأفعال الضرورية غَيْر مضافة في الحكم إِلَى فاعلها وغير مؤاخذ بِهَا، والقياس مطرد إلا أن يكثر النسيان، فإنه إذا تتابع أخرج العبادة عن حد القربة، وردها إِلَى حد العدم)) (¬12). ¬

_ (¬1) فتح الباري 4/ 157. (¬2) في صحيحه (1990). (¬3) في صحيحه (3521). (¬4) في الأوسط (5348) ط الطحان. (¬5) في سننه 2/ 178. (¬6) في مستدركه 1/ 430 وَقَالَ: ((صَحِيْح عَلَى شرط مُسْلِم)). (¬7) في سننه 4/ 229. (¬8) هُوَ أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن عَمْرو بن علقمة بن وقاص الليثي المدني: صدوق لَهُ أوهام، توفي سنة (145 هـ‍)، وَقِيْلَ: (144 هـ‍). التاريخ الكبير 1/ 191 - 192، وتهذيب الكمال 6/ 459 و 460 (6104)، والتقريب (6188). (¬9) انظر: نصب الراية 2/ 445 - 446، وفتح الباري 4/ 157. (¬10) إحكام الأحكام 2/ 212، وفتح الباري 4/ 156. (¬11) الإِمَام الحَافِظ أبو سليمان، حمد بن مُحَمَّد بن إبراهيم بن خطاب البستي الخطابي، صاحب التصانيف مِنْهَا " معالم السنن " و " الغنية عن الكلام وأهله "، توفي سنة (388 هـ‍). الأنساب 1/ 364، وسير أعلام النبلاء 17/ 23 و 27، ومرآة الجنان 2/ 327 - 328. (¬12) شرح الكرماني عَلَى صَحِيْح البُخَارِيّ 9/ 106.

المبحث الثامن اختلاف الحديث بسبب الاختصار

ثُمَّ إن الحكم بصحة صوم الصائم الآكل أو الشارب ناسياً يتفق مَعَ ما عهدناه من مبادئ التشريع وأصول الاستنباط عن الشارع الحكيم، في عدم مؤاخذة المكلف في أبواب حقوق الله تَعَالَى إلا بِمَا فعله عن قصد، ومصداق هَذَا قوله تَعَالَى: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} (¬1)، والنسيان لَيْسَ من كسب القلب (¬2). وَقَدْ ثبت عن رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - أنَّهُ قَالَ: ((وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عَلَيْهِ)). رَوَاهُ الطحاوي (¬3)، وابن حبان (¬4)، والدارقطني (¬5)، والحاكم (¬6)، والبيهقي (¬7). والصوم داخل في عموم هَذَا الأصل. ولهذا يبدو لي رجحان ما ذهب إِلَيْهِ جمهور الفقهاء. المبحث الثامن اختلاف الْحَدِيْث بسبب الاختصار اختلف الناس في جواز اختصار الْحَدِيْث، والاقتصار عَلَى بعضه، وكانت لَهُمْ مذاهب في هَذَا: الأول: المنع مطلقاً من اختصار الْحَدِيْث، بناءاً عَلَى المنع من الرِّوَايَة بالمعنى (¬8)؛ لأن حذف بَعْض الْحَدِيْث ورواية بعضه رُبَّمَا أحدث الخلل فِيْهِ، والمختصر لا يشعر (¬9). الثاني: الجواز مطلقاً، وبه قَالَ مجاهد، ويحيى بن مَعِيْنٍ، وغيرهما (¬10). قَالَ الحَافِظ العراقي: ((ينبغي تقييد الإطلاق بِمَا إذا لَمْ يَكُنِ المحذوف متعلقاً بالمأتي بِهِ تعلقاً يخل بالمعنى حذفه، كالاستثناء والحال ونحو ذَلِكَ، كَمَا سيأتي في ¬

_ (¬1) سورة البقرة: 225. (¬2) فتح الباري 4/ 157. (¬3) في شرح معاني الآثار 3/ 95. (¬4) في صحيحه (7219). (¬5) في سننه 4/ 170. (¬6) في المستدرك 2/ 198. (¬7) في سننه 7/ 356، كلهم من طريق عطاء، عن عبيد بن عمير، عن ابن عَبَّاسٍ بِهِ، ورواه ابن ماجه (2045) من طريق عطاء، عن ابن عَبَّاسٍ، بِهِ. (¬8) الكفاية (190هـ، 290ت). (¬9) توجيه النظر 2/ 703. (¬10) الكفاية (190هـ، 289 ت).

مثال عن الاختلاف بسبب الاختصار

القول الرابع. فإن كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَجُزْ بلا خلاف، وبه جزم أَبُو بكر الصيرفي (¬1) وغيره، وَهُوَ واضح)) (¬2). الثالث: إن لَمْ يَكُنْ رَوَاهُ عَلَى التمام مرة أخرى هُوَ أو غيره لَمْ يَجُزْ، وإن كَانَ رَوَاهُ عَلَى التمام مرة أخرى هُوَ أو غيره جاز (¬3). الرابع: يجوز اختصار الحديث والاقتصار عَلَى بعضه إذا كَانَ فاعل ذَلِكَ عالماً عارفاً، وَكَانَ ما تركه متميزاً عمّا نقله غَيْر متعلق بِهِ، بِحَيْثُ لا يختل البيان، ولا تختلف الدلالة فِيْمَا نقله بترك ما تركه (¬4). وهذا المذهب هُوَ الَّذِي صححه ابن الصَّلاَح وغيره، وعلل ذَلِكَ بقوله: ((لأن الَّذِي نقله والذي تركه - والحالة هَذِهِ - بمنزلة خبرين منفصلين في أمرين لا تعلق لأحدهما بالآخر)) (¬5). وَقَدْ ترتب عَلَى اختصار بَعْض الرُّوَاة للأحاديث، خلاف بَيْنَ الفقهاء في بَعْض جزئيات الفقه الإسلامي، ونستطيع أن نمثل ذَلِكَ بِمَا يأتي: رَوَى شعبة، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هُرَيْرَةَ عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((لا وضوء إلا من صوت أو ريح)) (¬6). هكذا رَوَى شعبة الْحَدِيْث مختصراً، نبّه عَلَى ذَلِكَ حفاظ الْحَدِيْث ونقاده، فأبو حاتم الرازي يَقُوْل: ((هَذَا وهم، اختصر شعبة مَتْن هَذَا الْحَدِيْث، فَقَالَ: ((لا وضوء إلا من صوت أو ريح))، ورواه أصحاب سهيل عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هُرَيْرَةَ، عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((إِذَا كَانَ أحدكم في الصَّلاَة فوجد ريحاً من نفسه فَلاَ يخرجن حَتَّى ¬

_ (¬1) هُوَ الفقيه الأصولي مُحَمَّد بن عَبْد الله أبو بكر المعروف بالصيرفي الشَّافِعِيّ البغدادي، صنف في الأصول فأجاد، توفي سنة (330 هـ‍). وفيات الأعيان 4/ 199، وطبقات الشافعية 2/ 116 - 117، ومرآة الجنان 2/ 224. (¬2) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 510 وط العلمية 2/ 171. وانظر: البحر المحيط 4/ 360، والمقنع 1/ 376. (¬3) الكفاية (190هـ، 290ت)، والبحر المحيط 4/ 361، وشرح التبصرة والتذكرة 1/ 510 وط العلمية 2/ 171. (¬4) مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث: 324، وط نور الدين: 192 - 193. (¬5) مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث: 324، وط نور الدين: 192، ونكت الزركشي 3/ 612، ومحاسن الإصطلاح: 334، والتقريب والتيسير: 183 وط الخن: 135، وفتح الباقي 2/ 76، وط العلمية 2/ 171. (¬6) أخرجه الطيالسي (2422)، وابن الجعد (1643)، وأحمد 2/ 410 و 435 و 471، وابن ماجه (515)، والترمذي (74)، وابن الجارود (2)، وابن خزيمة (27)، والبيهقي 1/ 117 و 220.

يسمع صوتاً أو يجد ريحاً)))) (¬1). وَقَالَ البَيْهَقِيّ: ((هَذَا مختصر)) (¬2). إلا أن الحَافِظ ابن التركماني قَالَ: ((لَوْ كَانَ الْحَدِيْث الأول مختصراً من الثاني، لكان موجوداً في الثاني مَعَ زيادة، وعموم الحصر المذكور في الأول لَيْسَ في الثاني، بَلْ هما حديثان مختلفان)) (¬3). وتابعه عَلَى هَذَا التعليل الشوكاني، فَقَالَ: ((شعبة إمام حافظ واسع الرِّوَايَة، وَقَدْ رَوَى هَذَا اللفظ بهذه الصيغة المشتملة عَلَى الحصر، ودينه، وإمامته، ومعرفته بلسان العرب يرد ما ذكره أبو حاتم)) (¬4). وأيّد هَذَا الشَّيْخ أبو إسحاق الحويني في تحقيقه لـ "منتقى" ابن الجارود (¬5). وَإِذَا ذهبنا نستجلي حقيقة الأمر بطريق البحث العلمي المستند إِلَى حقائق الأمور وقواعد أصحاب هَذَا الفن، نجد أن أبا حاتم الرازي لَمْ يحكم بهذا الحكم من غَيْر بينة، إِذْ أشار في تضاعيف كلامه إِلَى أن مستنده في الحكم بوهم شعبة واختصاره للحديث: مخالفته لجمهور أصحاب سهيل، وهذا هُوَ المنهج العلمي الَّذِي يتبعه أَئِمَّة الْحَدِيْث في مَعْرِفَة ضبط الرَّاوِي، وذلك من خلال مقارنة روايته برواية غيره، وهذا يقتضي جمع الطرق، والحكم عن تثبت، لا بالتكهن والتجويز العقلي الخلي عن البرهان والدليل. وبغية الوصول إِلَى الحكم الصائب تتبعنا طرق هَذَا الْحَدِيْث، فوجدنا سبعة من أصحاب سهيل رووه عن سهيل خالفوا في رواياتهم رِوَايَة شعبة، وهم: 1 - جرير بن عَبْد الحميد بن فرط الضبي، عِنْدَ مُسْلِم (¬6)، والبيهقي (¬7). 2 - حماد بن سلمة، عِنْدَ: أَحْمَد (¬8)، والدارمي (¬9)، وأبي داود (¬10). 3 - خالد بن عَبْد الله الواسطي، عِنْدَ ابن خزيمة (¬11). ¬

_ (¬1) علل الْحَدِيْث 1/ 47 (107). (¬2) السنن الكبرى 1/ 117. (¬3) الجوهر النقي 1/ 117. (¬4) نيل الأوطار 1/ 224. (¬5) غوث المكدود 1/ 17. (¬6) في صحيحه 1/ 190 (362) (99). (¬7) في سننه 1/ 117. (¬8) في مسنده 2/ 414. (¬9) في سننه (727). (¬10) في سننه (177). (¬11) في صحيحه (24) و (28).

المبحث التاسع ورود حديث الآحاد فيما تعم به البلوى

4 - زهير بن معاوية، عِنْدَ أبي عوانة (¬1). 5 - عَبْد العزيز بن مُحَمَّد الدراوردي، عِنْدَ التِّرْمِذِيّ (¬2)، وابن خزيمة (¬3)، وابن المنذر (¬4). 6 - مُحَمَّد بن جعفر، عِنْدَ البَيْهَقِيّ (¬5). 7 - يَحْيَى بن المهلب البجلي، عِنْدَ الطبراني في "الأوسط" (¬6). ورِوَايَة الجمع أحق أن تتبع ويحكم لها بالسلامة من الخطأ. ولا يطعن هَذَا في إمامة شعبة ودينه، فهذا أمر وهذا أمر آخر، ومن ذا الَّذِي لا يخطئ. ولا يشترط أن يَكُوْن لفظ الْحَدِيْث المختصر موجوداً في الْحَدِيْث المختصر مِنْهُ، بَلْ يكفي وجود المعنى، إِذْ لربما اختصر الرَّاوِي الْحَدِيْث، ثُمَّ رَوَى اللفظ المختصر بالمعنى، فَلاَ يبقى رابط بَيْنَهُمَا سوى المعنى، وهذا ما نجده في حديثنا هَذَا، وبه يندفع اعتراض ابن التركماني ومن قلّده. المبحث التاسع ورود حَدِيْث الآحاد فِيْمَا تعم بِهِ البلوى يجدر بنا قَبْلَ الدخول في هَذِهِ المسألة أن نتعرف عَلَى المقصود من قَوْل الفقهاء: ((ما تعم بِهِ البلوى)). فمعناه عندهم: ما كثر وقوعه ويحتاج إلى العِلْم بِهِ جَمِيْع الناس، وما كَانَتْ هَذِهِ صورته فإن الدواعي تدعو إِلَى أن ينقله العدد الجمّ فيكون بمثابة الخبر المتواتر أو المَشْهُوْر، ووروده بخبر الآحاد ريبة توجب التوقف في قبول الخبر وهذا ما جنح إليه الحنفية (¬7). ¬

_ (¬1) في مسنده 1/ 267. (¬2) في جامعه (75)، وسياق الإِمَام التِّرْمِذِيّ للرواية المختصرة وتعقيبه بالرواية المطولة، ينبه بِذَلِكَ ذهن الباحث عَلَى وجود كلتا الرِّوَايَتَيْنِ، لا أنَّهُ صحح كلا الرِّوَايَتَيْنِ!!! (¬3) في صحيحه (24). (¬4) في الأوسط (149). (¬5) في سننه 1/ 161. (¬6) 2/ 157 (1565). (¬7) أصول السرخسي 1/ 368، والفصول في الأصول 3/ 14، وكشف الأسرار 3/ 16، والتيسير والتحرير 3/ 112، وفواتح الرحموت 2/ 128.

واستدلوا بالآثار الَّتِي رويت عن صحابة رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم -، مِمَّا يدل ظاهرها عَلَى العمل بهذا الشرط، ومن ذَلِكَ: 1 - ماروي عن قبيصة بن ذؤيب قَالَ: جاءت الجدة إِلَى أبي بكر تسأله ميراثها، قَالَ فَقَالَ لها: مالك في كتاب الله شيء، ومالك في سنة رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - شيء، فارجعي حَتَّى أسأل الناس، فسأل الناس فقال المغيرة بن شعبة: حضرت رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - فأعطاها السدس، فَقَالَ أبو بكر: هَلْ معك غيرك؟ فقام مُحَمَّد بن مسلمة الأنصاري فَقَالَ مِثْل ما قَالَ المغيرة بن شعبة فأنفذه لها أبو بكر (¬1). 2 - عن أبي سعيد الخدري قَالَ: استأذن أبو موسى عَلَى عمر، فَقَالَ: السلام عليكم أأدخل؟ قَالَ عمر: واحدة، ثُمَّ سكت ساعة، ثُمَّ قَالَ: السلام عليكم أأدخل؟ قَالَ عمر: اثنان، ثُمَّ سكت ساعة فَقَالَ: السلام عليكم أأدخل؟ فَقَالَ عمر: ثلاث. ثُمَّ رجع أبو موسى، فَقَالَ عمر للبواب: ماصنع؟ قَالَ: رجع. قَالَ: عَلِيّ بِهِ، فلما جاءه قَالَ: ماهذا الَّذِي صنعت؟ قَالَ: السنة، قَالَ: السنة؟ والله لتأتيني عَلَى هَذَا ببرهان أو بينة أو لأفعلن بك، قَالَ: فأتانا ونحن رفقة من الأنصار: فَقَالَ: يا معشر الأنصار ألستم أعلم الناس بحديث رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم -؟ ألم يقل رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم -: ((الاستئذان ثلاث، فإن أذن لَكَ، وإلا فارجع))، فجعل القوم يمازحونه، قَالَ أبو سعيد: ثُمَّ رفعت رأسي إِلَيْهِ فقلت: فما أصابك في هَذَا من العقوبة فأنا شريكك. قَالَ: فأتى عمر فأخبره بِذَلِكَ، فَقَالَ عمر: ما كنت علمت بهذا (¬2). ولا معارض من الصَّحَابَة لفعل الخليفتين، فكان إجماعاً مِنْهُمْ عَلَى مضمون فعلهما (¬3). وأجيب عن استدلالهم هذا: بأن دعوى الإجماع منقوضة بفعل عدد من الصحابة، إذ قبل كثير منهم أخبار الآحاد وقبلوها، بل ورد هذا عن الخليفتين أميري المؤمنين اللذين استدلوا بفعلهما، ومن ذلك: 1 - قبل الخليفة أبو بكر حديث ابنته أم المؤمنين عائشة في قدر الثوب الذي ¬

_ (¬1) رَوَاهُ عَبْد الرزاق (19083)، وسعيد بن مَنْصُوْر (80)، وابن أبي شيبة (31263)، وأحمد 4/ 225، والدارمي (2924)، وأبو داود (2894)، وابن ماجه (2724)، والترمذي (2101). (¬2) أخرجه عَبْد الرزاق (19423)، وأحمد 3/ 19، والدارمي (2632)، والبخاري 3/ 72 (2062)، ومسلم 6/ 179 (2153). (¬3) الفصول في علم الأصول 3/ 117.

كفن فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فروى البخاري (¬1)، ومسلم (¬2) وغيرهما (¬3)، عن عائشة رضي الله عنها: ((دخلت على أبي بكر - رضي الله عنه - فقال: في كم كفنتم النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قالت في ثلاثة أثواب سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة وقال لها: في أي يوم توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قالت: يوم الاثنين)). وكلا الأمرين (الكفن، ويوم وفاته) مِمَّا تعم بِهِ البلوى. 2 - قَبْلَ الخليفة الفاروق أمير المؤمنين عمر خبر أم المؤمنين عَائِشَة -رضي الله عَنْهَا- في وجوب الغسل من التقاء الختانين، فأخرج الطحاوي (¬4) من طريق عبيد الله بن عدي بن الخيار (¬5)، قَالَ: تذاكر أصحاب النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - عند عمر بن الخطاب الغسل من الجنابة. فقال بعضهم: إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل، وقال بعضهم: إنما الماء من الماء. فقال عمر - رضي الله عنه -: قد اختلفتم عليَّ وأنتم أهل بدر الأخيار، فكيف بالناس بعدكم؟ فقال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: يا أمير المؤمنين إن أردت أن تعلم ذلك فأرسل إلى أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - فسلهن عن ذلك. فأرسل إلى عائشة -رضي الله عنها - فقالت: ((إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل)). فقال عمر عند ذلك: لا أسمع أحداً يقول: الماء من الماء إلا جعلته نكالاً. وهذا الأمر مما تعم به البلوى أيضاً. وغيرها من الحوادث والآثار التي تعزز في نفس الناظر قبول خبر الآحاد فيما تعم به البلوى أو في غيرها. أما الحادثتان اللتان استدلوا بهما، فيمكن الإجابة عنها: بأن أبا بكر إنما توقف في خبر المغيرة، لأن ما أخبر عنه أمر مشهور، فأراد ¬

_ (¬1) في صحيحه 2/ 95 (1264)، و2/ 97 (1271)، و (1272)، و (1273)، و2/ 127 (1387). (¬2) في صحيحه 3/ 49 (941) (45)، (46). (¬3) فأخرجه عبد الرزاق (6171)، وأحمد 6/ 40، 45، 118، 132، 165، 192، 203، 214، 231، 264، وعبد بن حميد (1495) و (1507)، وأبو داود (3151) و (3152)، وابن ماجه (1469)، والترمذي (996)، وفي الشمائل (393)، والنسائي 4/ 35، وفي الكبرى (2024) و (2026) و (7116). (¬4) في شرح معاني الآثار 1/ 59. (¬5) هُوَ عبيد الله بن عدي بن الخيار بن نوفل القرشي النوفلي، ولد في حياة النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، توفي في خلافة الوليد بن عَبْد الملك. تاريخ الصَّحَابَة، لابن حبان: 166، وتاريخ دمشق 38/ 45، وسير أعلام النبلاء 3/ 514 و 515.

النموذج الأول: نقض الوضوء بمس الذكر

التثبت فيه (¬1). وأما عمر فلأن أبا موسى أخبره الحديث عقب إنكاره عليه، فأراد عمر الاستثبات في خبره لهذه القرينة (¬2). فالراجح ما ذهب إليه جمهور أهل العلم من أن خبر الآحاد يعمل به وإن كان مما تعم به البلوى إذا استوفى شروط القبول للاحتجاج به من حيث ثبوته عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ذلك أن الأدلة الشرعية الدالة عَلَى وجوب العمل بخبر الآحاد لم تفرق بين عموم البلوى وغيرها. أثره في اختلاف الفقهاء النموذج الأول: نقض الوضوء بمس الذكر اختلف الفقهاء في من مسَّ ذكره أو ما في معناه، هل ينتقض وضوؤه أم لا؟ وافترقوا على قولين: الأول: إذا مس المتوضئ فرجه انتقض وضوؤه، وعليه الوضوء من جديد، وبه قال جمهور أهل العلم من الصحابة فمن بعدهم، منهم: عمر بن الخطاب، وابنه عبد الله ابن عمر، والبراء بن عازب، وزيد بن خالد الجهني (¬3)، وجابر بن عبد الله، وأبو أيوب الأنصاري، وزيد بن ثابت، وعائشة، وأم حبيبة، وبسرة بنت صفوان (¬4)، وعطاء بن أبي رباح، وطاووس، وعروة بن الزبير، وسليمان بن يسار، وأبان بن عثمان (¬5)، والزهري، ومجاهد، ومكحول، وجابر بن زيد، والشعبي، وعكرمة، ومصعب بن سعد (¬6)، ¬

_ (¬1) النكت على كتاب ابن الصلاح 1/ 245. (¬2) النكت على كتاب ابن الصلاح 1/ 246. (¬3) هُوَ الصَّحَابِيّ الجليل أبو عَبْد الرَّحْمَان زيد بن خالد الجهني، توفي سنة (78 هـ‍)، وَقِيْلَ: (60 هـ‍)، وَقِيْلَ: (50 هـ‍). تاريخ الصَّحَابَة: 107، وأسد الغابة 2/ 228، وتجريد أسماء الصَّحَابَة 1/ 198 (2058). (¬4) الصحابية بسرة بنت صفوان بن نوفل القرشية الأسدية، بنت أخي ورقة بن نوفل، صحابية لها سابقة وهجرة. تاريخ الصَّحَابَة: 48، والإصابة 4/ 252، والتقريب (8544). (¬5) الإمام الفقيه أبان بن عثمان بن عفان أبو سعد الأموي، المدني: ثقة، توفي سنة (105 هـ‍)، وَقِيْلَ: (102 هـ‍). تهذيب الكمال 1/ 94 - 95 (137)، وسير أعلام 4/ 351 و 353، والتقريب (141). (¬6) مصعب بن سعد بن أبي وقاص الزهري، أبو زرارة المدني: ثقة، توفي سنة (103 هـ‍). تهذيب الكمال 7/ 120 (6575)، وسير أعلام النبلاء 4/ 350، والتقريب (6688).

ويحيى بن أبي كَثِيْر (¬1)، وهشام بن عروة، وأبو العالية (¬2)، وجماعة أهل الشام والمغرب، وأكثر أهل الحديث. وإليه ذهب الأوزاعي والليث بن سعد وداود الظاهري وإسحاق بن راهويه والطبري. وَهُوَ رواية عن سعد بن أبي وقاص، وابن عباس، وأبي هريرة، وسعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير، والحسن (¬3). وهو مذهب الشافعية والظاهرية وجمهور المالكية ورواية عن الإمام أحمد، على تفصيل بينهم، نبينه فيما يأتي: الشافعية: إذا مس رجل ذكر نفسه أو ذكر غيره، صغيراً أو كبيراً، حياً أو ميتاً، قريباً أو أجنبياً، وإن كان الذكر مقطوعاً من حي، بشرط أن يكون ببطن الكف أو بطن الأصابع أنقض وضوء اللامس، والحكم نفسه بالنسبة للمرأة، وينتقض أيضاً بمس حلقة الدبر في جديد مذهب الشَّافِعِيّ. ولا ينقض الوضوء مس أنثييه أو إليتيه، أو أعجازه، أو عانته، أو فرج بهيمة، ويشترط في النقض عدم الحائل، ولا يشترط العمد، بَلْ يستوي فِيْهِ العامد والساهي (¬4). الظاهرية: مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ بأي جزء من بدنه -عدا الفخذ والساق أو الرجل- عامداً انتقض وضوءه، وكذا المرأة إن تعمدت مس فرجها، ويتعدى هَذَا الحكم إِلَى مس فرج الغير صغيراً أو كبيراً، حياً أو ميتاً، مَحْرَمٍ أو غَيْر مَحْرَمٍ، بأي جزء من بدن اللامس، ويشترط في جَمِيْع ذَلِكَ عدم الحائل، ولا يشترط وجود اللذة (¬5). المالكية: قَالَ ابن عَبْد البر: ((اضطرب قَوْل مالك في إيجاب الوضوء مِنْهُ، ¬

_ (¬1) هُوَ الإِمَام أبو نصر يَحْيَى بن أبي كَثِيْر الطائي، مولاهم اليمامي: ثقة ثبت لكنه يدلس ويرسل، توفي سنة (129 هـ‍).تهذيب الكمال 8/ 80 (7502)، وسير أعلام النبلاء 3/ 27 و 31، والتقريب (7632). (¬2) هُوَ رفيع بن مهران، أَبُو العالية الرياحي البصري: ثقة كثر الإرسال، توفي سنة (90هـ‍)، وَقِيْلَ: (93 هـ‍)، وَقِيْلَ غَيْر ذَلِكَ. تهذيب الكمال2/ 488 (1907)، وسير أعلام النبلاء4/ 207و213، والتقريب (1953). (¬3) الأوسط 1/ 193، والاستذكار، 1/ 292، والتمهيد 17/ 199، والحاوي الكبير 1/ 230، والتهذيب 1/ 303، والمغني 1/ 170، وحلية العلماء 1/ 189. (¬4) الأم 1/ 19 و 192، والحاوي الكبير 1/ 230، والمهذب 1/ 24، والوسيط 1/ 318، والتهذيب 1/ 303، وفتح العزيز 1/ 36، وروضة الطالبين 1/ 75، والمجموع 1/ 37، ومغني المحتاج 1/ 35، وحاشية البجيرمي 1/ 44. (¬5) المحلى 1/ 235.

واختلف مذهبه فِيْهِ)) (¬1). والذي وقفت عَلَيْهِ من أقوال المالكية في نقض الوضوء من مس الذكر ما يأتي: 1 - قيّدها بعضهم وهم: إسماعيل بن إسحاق، وابن بكير، وابن المنتاب (¬2)، وأبو الفرج (¬3)، والأبهري (¬4)، وسائر مالكية بغداد، بوجود اللذة، فإن مسه ملتذاً وجب عَلَيْهِ الوضوء، وإن صلى وَلَمْ يتوضأ من مسه، فعليه الإعادة سواء كَانَ في الوقت أو بعده. وإن لَمْ يلتذَّ بمسه فَلاَ شيء عَلَيْهِ (¬5). 2 - ذهب أصبغ بن الفرج (¬6) وعيسى بن دينار مِنْهُمْ إِلَى إيجاب الوضوء مطلقاً، وإن صلى بَعْدَ مسه من غَيْر وضوء فعليه الإعادة في الوقت أو بعده (¬7). 3 - ورأى سحنون (¬8) والعتبي أن لا وضوء عَلَيْهِ مطلقاً، ولا إعادة عَلَى من صلى بَعْدَ لمسه من غَيْر وضوء، سواء في الوقت أم بعده (¬9). 4 - وذهب ابن القاسم وأشهب، وابن وهب في رِوَايَة إِلَى أن عَلَيْهِ الوضوء من مس الذكر، فإن صلى بَعْدَ أن مسه من غَيْر وضوء، فعليه الإعادة ما دام في الوقت، فإن خرج الوقت فَلاَ إعادة عَلَيْهِ (¬10). قَالَ العلاّمة خليل في مختصره الَّذِي أصبح عمدة المالكية - لا سيما المتأخرون- ¬

_ (¬1) الاستذكار 1/ 292. (¬2) الإِمَام الثقة، أَبُو مُحَمَّد، أحمد بن أبي عثمان الحسن بن مُحَمَّد بن المنتاب البصري، ثُمَّ البغدادي ولد سنة (397 هـ‍)، وتوفي سنة (474 هـ‍). سير أعلام النبلاء 18/ 559 و 560. (¬3) هُوَ عَمْرو بن مُحَمَّد الليثي صنف كتاباً يعرف بالحاوي. طبقات الفقهاء، للشيرازي: 168. (¬4) الإِمَام أبو بكر مُحَمَّد بن عَبْد الله بن مُحَمَّد بن صالح التميمي الأبهري المالكي، ولد في حدود (290هـ‍)، وتوفي سنة (375 هـ‍). الأنساب 1/ 73 - 74، وسير أعلام النبلاء 16/ 332 - 333، وطبقات الفقهاء: 168 - 169. (¬5) التمهيد 17/ 201، والاستذكار 1/ 292 - 293، وانظر: رحمة الأمة: 11. (¬6) هُوَ أصبغ بن الفرج بن سعيد بن نافع أبو عَبْد الله الأموي مولاهم المصري المالكي، ولد بَعْدَ سنة (150هـ‍)، وتوفي سنة (225 هـ‍). التاريخ الكبير 2/ 36، وسير أعلام النبلاء 10/ 656 و 657، والعبر 1/ 393. (¬7) التمهيد 17/ 200، والاستذكار 1/ 292. (¬8) الإمام أبو سعيد عَبْد السلام بن حبيب بن حسان التنوخي الحمصي الأصل، ويلقب بسحنون، توفي سنة (240 هـ‍). انظر: مرآة الجنان 2/ 98، ووفيات الأعيان 3/ 180، وسير أعلام النبلاء 12/ 63. (¬9) التمهيد 17/ 200، والاستذكار 1/ 292. (¬10) الاستذكار 1/ 292.

وَهُوَ يتكلم عن نواقض الوضوء: ((ومطلق مس ذكره المتصل)) (¬1). قَالَ أبو عمر بن عَبْد البر: ((واستقر قوله (وفي الاستذكار: والذي تقرر عَلَيْهِ المذهب عِنْدَ أهل المغرب من أصحابه) أن لا إعادة عَلَى من صلى بَعْدَ أن مسه قاصداً وَلَمْ يتوضأ إلا في الوقت، فإن خرج الوقت فَلاَ إعادة عَلَيْهِ)) (¬2). رِوَايَة الإمام أحمد (¬3): إذا مس الرجل ذكره انتقض وضوؤه، ولا فرق بَيْنَ العامد والساهي، وفي رِوَايَة عَنْهُ اشتراط التعمد، ولا فرق بَيْنَ باطن الكف وظاهرها، وَلَيْسَ عَلَيْهِ نقض بمسه بذراعه، وَعَنْهُ في رِوَايَة: عَلَيْهِ الوضوء، ولا فرق في كُلّ هَذَا بَيْنَ ذكره وذكر غيره صغيراً أو كبيراً حياً أو ميتاً، وفي الذكر المقطوع رِوَايَتَانِ. وأما حلقة الدبر ففيها رِوَايَتَانِ، وفي شمول كُلّ هَذَا للمرأة رِوَايَتَانِ عَنْهُ: النقض وعدمه، والأشهر عَنْهُ أن يَكُوْن اللمس من غَيْر حائل (¬4). الثاني: لَيْسَ عَلَى من مس ذكره وضوء، ووضوؤه صَحِيْح، وبه قَالَ من الصَّحَابَة فمن بعدهم: عَلِيّ وابن مسعود وعمار بن ياسر وحذيفة (¬5) وأبو الدرداء وعمران بن الحصين (¬6) والنخعي وشريك والحسن بن حي (¬7)، وعبيد الله بن الحسن، وَهُوَ رِوَايَة عن سعد بن أبي وقاص وأبي هُرَيْرَةَ وسعيد بن جبير وسعيد بن المسيب والحسن البصري (¬8). ¬

_ (¬1) مختصر خليل: 19. (¬2) التمهيد 17/ 199، وانظر: الاستذكار 1/ 292. وللتعرف عَلَى المزيد عن مذهب المالكية. انظر: بداية المجتهد 1/ 28، والبيان والتحصيل 1/ 77، والقوانين الفقهية: 32، وشرح منح الجليل 1/ 68، وحاشية الرهوني عَلَى شرح الزرقاني 1/ 185، وأسهل المدارك 1/ 95 - 96. (¬3) قَالَ الزركشي في شرحه عَلَى مختصر الخِرَقِيّ: ((المذهب المَشْهُوْر الَّذِي عَلَيْهِ عامة الأصحاب أن مسه ينقض الوضوء في الجملة)). 1/ 116. (¬4) المغني 1/ 170، والمقنع: 16، والمحرر 1/ 14، وشرح الزركشي 1/ 116، والإنصاف 1/ 202. (¬5) هُوَ الصَّحَابِيّ أبو عَبْد الله العبسي حذيفة بن اليمان، توفي سنة (36 هـ‍). أسد الغابة 1/ 390، وتهذيب الكمال 2/ 73 (1132)، وتجريد أسماء الصَّحَابَة 1/ 125. (¬6) هُوَ الصَّحَابِيّ عمران بن الحصين بن عبيد الخزاعي الكعبي، توفي سنة (52 هـ‍). أسد الغابة 4/ 137، وتهذيب الكمال 5/ 481، وتجريد أسماء الصَّحَابَة 1/ 420. (¬7) هُوَ أَبُو عَبْد الله الحسن بن صالح بن صالح بن حي الهمداني الثوري: ثقة رمي بالتشيع، توفي سنة (169 هـ‍). الأنساب 5/ 561، وتهذيب الكمال 2/ 133 (1222)، والتقريب (1250). (¬8) الحجة عَلَى أهل المدينة 1/ 59 - 65، والأوسط 1/ 193، والاستذكار 1/ 292، والتمهيد 17/ 201، والحاوي الكبير 1/ 230، والتهذيب 1/ 303، والمغني 1/ 170، وانظر: حلية الْعُلَمَاء 1/ 189.

قَالَ في الروض النضير: ((وَهُوَ المحفوظ عن أَئِمَّة أهل البيت)) (¬1). وإليه ذهب: الحنفية (¬2)، والزيدية (¬3)، والإمامية (¬4)، وهُوَ رِوَايَة عن الإمام أحمد (¬5)، وبه جزم ابن المنذر (¬6)، واختاره العُتقي وسحنون من المالكية (¬7). الأدلة: استدل من قَالَ بنقض الوضوء: مِن مس الذكر بجملة أدلة، من بينها حَدِيْث بسرة بنت صفوان أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((مَن مس ذكره فليتوضأ)) (¬8). وَقَدْ رد الحنفية الاستدلال بهذا الْحَدِيْث من وَجْهَيْنِ: الأول: الطعن في الْحَدِيْث من ناحية الثبوت (¬9). الثاني: الاعتراض عَلَيْهِ من حَيْثُ إن بسرة تفردت بنقله، والفرض أن ينقله عدد كبير؛ لتوافر الدواعي عَلَى نقله (¬10)، قَالَ السرخسي (¬11): ((ما بال رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يقل هَذَا بَيْنَ يدي كبار الصَّحَابَة، حَتَّى لَمْ ينقله أحد مِنْهُمْ، وإنما قَالَهُ بَيْنَ يدي بسرة؟ وَقَدْ كَانَ رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - أشد حياءً من العذراء في خدرها)) (¬12). ويتفرع عن إيرادهم هَذَا الاعتراض بِمَا يأتي: 1 - ورد في بَعْض الروايات أن مروان بعث شرطياً إلى بسرة، فنقل الْحَدِيْث عَنْهَا ¬

_ (¬1) الروض النضير 1/ 180. (¬2) الآثار 1/ 6، والحجة 1/ 59، والمبسوط 1/ 66، وبدائع الصنائع 1/ 30، وشرح فتح القدير 1/ 37، والاختيار 1/ 10، والبحر الرائق 1/ 45، وحاشية ابن عابدين مَعَ الدر المختار 1/ 147. (¬3) البحر الزخار 1/ 92، والسيل الجرار 1/ 95. (¬4) الاستبصار 1/ 88، وفروع الكافي 1/ 44، ومن لا يحضره الفقيه 1/ 110. (¬5) المغني 1/ 170، والمقنع: 16، والمحرر 1/ 14، وشرح الزركشي 1/ 116، والإنصاف 1/ 202. (¬6) الأوسط في الاختلاف 1/ 205. (¬7) الاستذكار 1/ 292. (¬8) رَوَاهُ مالك (100 رِوَايَة الليثي)، والشافعي في مسنده (57 بتحقيقنا)، والطيالسي (1657)، وعبد الرزاق (411) و (412)، والحميدي (352)، وابن أبي شيبة (1725)، وأحمد 6/ 406، والدرامي (730)، وأبو داود (181)، وابن ماجه (479)، والترمذي (82)، والنسائي 1/ 101، وابن الجارود (16)، وابن خزيمة (33)، وابن حبان (1112)، والطبراني في الكبير 24/ (487). (¬9) انظر: الحجة 1/ 64 - 65، والمبسوط 1/ 66. (¬10) أصول السرخسي 1/ 356، وميزان الأصول: 434. (¬11) هُوَ أَبُو بكر مُحَمَّد بن أحمد بن سهل شمس الأئمة، من مؤلفاته " المبسوط " و" النكت " و" الأصول "، توفي سنة (483 هـ‍). الأعلام 5/ 315. (¬12) المبسوط 1/ 66.

وسمعه مِنْهُ عروة، وهذا الشرطي مجهول. فتبين أن سَمَاع عروة عن طريق مجهول، فَلاَ تقوم الحجة بإخباره. 2 - أن هَذَا الْحَدِيْث يعارض حَدِيْث طلق (¬1) بن عَلِيّ الحنفي في تَرْك الوضوء من مسه، وَقَدْ قَالَ التِّرْمِذِيّ في حَدِيْث طلق: ((هَذَا الْحَدِيْث أحسن شيء روي في هَذَا الباب)) (¬2). 3 - إن هَذَا الْحَدِيْث حَدِيْث آحاد، وَقَدْ ورد فِيْمَا تعم بِهِ البلوى، وهذه ريبة توجب التوقف في قبوله. 4 - أنَّهُ تضمن حكماً يختص بالرجال، وَقَدْ روته امرأة. ونجيب عن هَذِهِ الاعتراضات بِمَا يأتي: أما الأول: فإنه قَدْ ورد في بَعْض طرق الْحَدِيْث التصريح بأن عروة سمعه مباشرة من غَيْر واسطة من بسرة. فأخرج أحمد (¬3)، وابن الجارود (¬4)، وابن حبان (¬5)، والدارقطني (¬6)، والحاكم (¬7)، والبيهقي في السنن (¬8)، وفي مَعْرِفَة السنن والآثار (¬9)، هَذَا الْحَدِيْث وفيه التصريح بسماع عروة من بسرة. ولنسق رِوَايَة ابن الجارود ليتضح هَذَا، فروى بإسناده عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن مروان بن الحكم، عن بسرة، أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((من مس ذكره فليتوضأ)). قَالَ عروة: سألت بسرة فصدقته. ومن خلال التتبع للطرق الَّتِي روي بِهَا الْحَدِيْث، نقف عَلَى ثلاث طرق للحديث من طريق عروة، هِيَ: 1 - عروة، عن مروان، عن بسرة. ¬

_ (¬1) هُوَ الصَّحَابِيّ أبو عَلِيّ اليماني طلق بن عَلِيّ بن المنذر، الحنفي السحيمي. تهذيب الكمال 3/ 517 (2977)، وتجريد أسماء الصَّحَابَة 1/ 678، والتقريب (3042). (¬2) جامع التِّرْمِذِيّ عقب (82). (¬3) في مسنده 6/ 406 و 407. (¬4) في المنتقى (17). (¬5) في صحيحه (1112) إِلَى (1117)، وفي طبعة الفكر (1109) إِلَى (1114). (¬6) في سننه 1/ 146 و 147. (¬7) في مستدركه 1/ 137. (¬8) في الكبرى 1/ 128 و 129 و 130. (¬9) 1/ 219 (185) وما بعدها.

2 - تذاكر عروة ومروان نواقض الوضوء، فأرسل مروان شرطياً إِلَى بسرة، فذكرت الْحَدِيْث. فتكون حقيقة الرِّوَايَة: عروة، عن الشرطي، عن بسرة. 3 - عروة، عن بسرة مباشرة. وَقَدْ أجاد الحَافِظ ابن حبان في تفسير هَذَا التنوع قائلاً: ((وأما خبر بسرة الَّذِي ذكرناه، فإن عروة بن الزبير سمعه من مروان بن الحكم عن بسرة، فَلَمْ يقنعه ذَلِكَ حَتَّى بعث مروان شرطياً لَهُ إلى بسرة فسألها، ثُمَّ أتاهم فأخبرهم بمثل ما قالت بسرة، فسمعه عروة ثانياً عن الشرطي عن بسرة، ثُمَّ لَمْ يقنعه ذَلِكَ حَتَّى ذهب إِلَى بسرة فسمع منها. فالخبر عن عروة عن بسرة متصل لَيْسَ بمنقطع، وصار مروان والشرطي كانهما عاريتان يسقطان من الإسناد)) (¬1). وَقَالَ الحَافِظ ابن حجر: ((جزم ابن خزيمة وغير واحد من الأئمة: بأن عروة سمعه من بسرة)) (¬2). وأسهب أبو عَبْد الله الحَاكِم في التدليل عَلَى هَذَا، بعرض نفيس (¬3). عَلَى أن الْحَدِيْث مروي عَنْهَا من غَيْر طريق عروة (¬4). وأما اعتراضهم الثاني: فحديث طلق بن عَلِيّ الحنفي، حَدِيْث صَحِيْح، صححه جمع من الحفاظ النقاد، مِنْهُمْ: عَمْرو بن عَلِيّ الفلاس (¬5)، وعلي بن المديني، والطحاوي، وابن حبان، والطبراني، وابن حزم (¬6). وَقَالَ الفلاس: ((هُوَ عندنا أثبت من حَدِيْث بسرة)) (¬7). وَقَالَ ابن المديني: ((هُوَ عندنا أحسن من حَدِيْث بسرة)) (¬8). ¬

_ (¬1) صَحِيْح ابن حبان 3/ 397 عقب (1112) وط الفكر 2/ 170 عقب (1109)، ونقل نحوه ابن حجر عن الإسماعيلي. التلخيص الحبير 1/ 341 ط العلمية، وط شعبان 1/ 131. (¬2) التلخيص الحبير 1/ 133 ط شعبان، و1/ 341 ط العلمية. وانظر: صَحِيْح ابن خزيمة 1/ 23 عقب (34). (¬3) المستدرك 1/ 136 فما بعدها. (¬4) انظر: تعليق الشَّيْخ شعيب عَلَى المسند الأحمدي 45/ 268 – 270. (¬5) هُوَ الحَافِظ الناقد عَمْرو بن عَلِيّ بن بحر بن كنيز، أَبُو حفص الباهلي البصري الصيرفي الفلاس، جمع وصنف، توفي سنة (249 هـ‍). العبر 1/ 454، وسير أعلام النبلاء 11/ 470 و 472، ومرآة الجنان 2/ 116. (¬6) انظر: التلخيص الحبير 1/ 346–347 ط العلمية، وط شعبان 1/ 134، وانظر: المحلى 1/ 239. (¬7) التلخيص الحبير 1/ 347 ط العلمية، وط شعبان 1/ 134. (¬8) المصدر نفسه.

وبيان طرق هَذَا الْحَدِيْث فِيْمَا يأتي: فَقَدْ رَوَاهُ عن طلق ابنه قيس، وقيس هَذَا تكلم فِيْهِ بغير حجة، ووثقه أحمد وابن مَعِيْنٍ والعجلي وذكره ابن حبان في ثقاته (¬1). وَقَدْ روي بأربع طرق: رَوَاهُ ابن أبي شيبة (¬2)، وأبو داود (¬3)، والترمذي (¬4)، والنسائي (¬5)،والدارقطني (¬6)، وابن الجارود (¬7)، والطحاوي (¬8)، والبيهقي (¬9)، من طريق ملازم بن عَمْرو، عن عَبْد الله بن بدر، عن قيس بن طلق بن عَلِيّ، عن أبيه، مرفوعاً. وعبد الله بن بدر: هُوَ ابن عميرة الحنفي السحيمي اليمامي، جد ملازم بن عمر لأبيه، وَقِيْلَ: لأمه (¬10). وثقه ابن مَعِيْنٍ وأبو زرعة والعجلي (¬11)، وذكره ابن حبان في الثقات (¬12)، وَقَالَ ابن حجر: ((كَانَ أحد الأشراف: ثقة)) (¬13). وملازم بن عَمْرو: هُوَ ابن عَبْد الله بن بدر الحنفي السحيمي اليمامي، وثقه أحمد وابن مَعِيْنٍ وأبو زرعة والنسائي (¬14)، وذكره ابن حبان في ثقاته (¬15)، وَقَالَ أبو حاتم: لابأس بِهِ صدوق (¬16)، وَقَالَ الحَافِظ ابن حجر: ((صدوق)) (¬17). وانطلاقاً من هَذَا الطريق القوي صححه من صححه من الأئمة، وإليه يشير كلام الإمام التِّرْمِذِيّ، إذ يَقُوْل بَعْدَ أن رَوَاهُ من هَذَا الطريق: ((وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيْث أيوب ابن عتبة (¬18)، ومحمد بن جابر، عن قيس بن طلق، عن أبيه. وَقَدْ تكلم بَعْض أهل الْحَدِيْث في مُحَمَّد بن جابر وأيوب بن عتبة، وحديث ملازم بن عَمْرو، عن عَبْد الله بن ¬

_ (¬1) سؤالات أبي داود: 355 (551)، والجرح التعديل 7/ 100، وثقات العجلي 2/ 220 (1532)، وثقات ابن حبان 5/ 313، وتهذيب الكمال 6/ 140. (¬2) في مصنفه 1/ 165. (¬3) في سننه (182). (¬4) في جامعه (85). (¬5) في المجتبى 1/ 101. (¬6) في سننه 1/ 149. (¬7) في المنتقى (21). (¬8) في شرح معاني الآثار 1/ 75 و 76. (¬9) في سننه 1/ 134. (¬10) تهذيب الكمال 4/ 92 (3163). (¬11) المصدر نفسه. (¬12) 7/ 46. (¬13) تقريب التهذيب (3223). (¬14) تهذيب الكمال 7/ 287 (6920). (¬15) 9/ 195. (¬16) الجرح والتعديل 8/ 435 – 436 (1989). (¬17) تقريب التهذيب (7035). (¬18) هُوَ أَبُو يَحْيَى أيوب بن عتبة اليمامي، قاضي اليمامة، توفي سنة (160 هـ‍). الأنساب 5/ 621، وتهذيب الكمال 1/ 320 (610)، والتقريب (619).

بدر أصح وأحسن)) (¬1). رَوَاهُ الطيالسي (¬2)، وأحمد (¬3)، والطحاوي (¬4)، والبيهقي (¬5)، من طرق عن أيوب بن عتبة، عن قيس بن طلق، عَنْهُ. وأيوب: قَالَ أحمد: ضعيف، وفي رِوَايَة: ثقة، إلا أنَّهُ لا يقيم حَدِيْث يَحْيَى بن أبي كَثِيْر، وَقَالَ ابن مَعِيْنٍ: لَيْسَ بالقوي، ومرة: لَيْسَ بشيء، ومرة: ضعيف، ومرة: لَيْسَ حديثه بشيء، ومرة: لا بأس بِهِ، وَقَالَ الفلاس: ضعيف وَكَانَ سيء الحفظ، وَهُوَ من أهل الصدق. وَقَالَ ابن المديني والجوزجاني (¬6) وابن عمار (¬7) ومسلم: ضعيف. وَقَالَ العجلي: يكتب حديثه وَلَيْسَ بالقوي. وَقَالَ البُخَارِيّ: هُوَ عندهم لين (¬8). ومن تأمل أقوال هَؤُلاَءِ الأئمة يجد أنهم تكلموا فِيْهِ من جهة الحفظ لا من جهة العدالة، وَعَلَيْهِ فحديثه قابل للارتقاء فِيْمَا إذا اعتضد بالمتابعات والشواهد، وَهُوَ متابع في روايته عن قيس، كَمَا يعلم من تفصيل هَذِهِ الطرق. 4 - رَوَاهُ عَبْد الرزاق (¬9)، وأحمد (¬10)، وابن ماجه (¬11)، والدارقطني (¬12)، والحازمي (¬13)، وابن الجارود (¬14)، والطبراني في الكبير (¬15)،من طرق عن مُحَمَّد بن جابر، ¬

_ (¬1) الجامع الكبير عقب (85). (¬2) في مسنده (1096)، ومن طريقه الحازمي في الاعتبار: 40. (¬3) في مسنده 4/ 22. (¬4) في شرح المعاني 1/ 75 و 76. (¬5) في مَعْرِفَة السنن 1/ 355. (¬6) المحدث الفقيه أبو عَبْد الله أحمد بن عَلِيّ بن العلاء الجوزجاني ثُمَّ البغدادي، ولد سنة (235 هـ‍)، وتوفي سنة (328 هـ‍). سير أعلام النبلاء 15/ 248، وتهذيب التهذيب 2/ 217، وشذرات الذهب 2/ 312. (¬7) هُوَ الإمام أبو جعفر مُحَمَّد بن عَبْد الله بن عمار الأزدي البغدادي، نَزيل الموصل: ثقة حافظ، ولد بعد (160 هـ‍)، وتوفي سنة (240 هـ‍)، وَقِيْلَ: (239 هـ‍). تهذيب الكمال 6/ 377 (5953)، وسير أعلام النبلاء، 11/ 469 و 470، والتقريب (6036). (¬8) تهذيب الكمال 1/ 320 – 321 (610). (¬9) في مصنفه (426). (¬10) في مسنده 4/ 23. (¬11) في سننه (483). (¬12) في سننه 1/ 148 و 149. (¬13) الإِمَام أبو بكر مُحَمَّد بن موسى بن عثمان بن موسى الحازمي الهمذاني من مؤلفاته " الناسخ والمنسوخ " و " عجالة المبتدئ في النسب "، ولد سنة (548 هـ‍)، وتوفي سنة (584 هـ‍). سير أعلام النبلاء 21/ 167و169، والعبر 4/ 254، والبداية والنهاية 12/ 293. والحديث أخرجه في الاعتبار: 40. (¬14) في المنتقى (20). (¬15) (8233) و (8234).

عن قيس بن طلق، عن أبيه، بِهِ. ومحمد بن جابر: هُوَ ابن سيار السحيمي الحنفي الضرير، ضعيف، ضعفه غَيْر واحد من الأئمة (¬1). 5 - رَوَاهُ ابن عدي (¬2) من طريق عَبْد الحميد بن جعفر (¬3)، عن أيوب بن مُحَمَّد العجلي، عن قيس بن طلق، عن أبيه، بِهِ. وعبد الحميد بن جعفر، وأيوب بن مُحَمَّد، كلاهما متكلم فِيْهِ (¬4). وإذا ضممنا هَذِهِ الطرق إِلَى بعضها، ارتقى الْحَدِيْث إِلَى حيّز الاحتجاج، عَلَى أن الطريق الأولى عِنْدَ انفرادها حجة قائمة. وأما ما نقل عن الحافظين أبي حاتم وأبي زرعة الرازيين من تضعيفهم لهذا الْحَدِيْث، فالمتأمل لصيغة السؤال، يجد أنهما لَمْ يعمما الحكم، فَقَدْ قَالَ ابن أبي حاتم: ((سألت أبي وأبا زرعة عن حَدِيْث رَوَاهُ مُحَمَّد بن جابر، عن قيس بن طلق، عن أبيه، أنَّهُ سأل رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - هَلْ في مس الذكر وضوء، قَالَ: لا. فَلَمْ يثبتاه، وقالا: قيس بن طلق لَيْسَ مِمَّنْ تقوم بِهِ الحجة ووهماه)) (¬5). فالسؤال مقيد بطريق مُحَمَّد بن جابر، وَهُوَ ضعيف اتفاقاً، ولا جدال في كونه ضعيفاً فِيْمَا إذا تفرد، فكيف بثلاث طرق أخرى إحداها حجة لَوْ انفردت!! وأما غمزهما لقيس بن طلق، فَلَمْ يوافقهما عَلَيْهِ أحد من النقاد، وَقَدْ تقدم الكلام عَنْهُ. عَلَى أن الحَافِظ عَبْد الحق الإشبيلي (¬6) أورد هَذَا الْحَدِيْث في أحكامه الوسطى (¬7) ساكتاً عَنْهُ وَهُوَ يقتضي صحته عنده (¬8). فتعقبه الحَافِظ ابن القطان قائلاً: ((والحديث ¬

_ (¬1) تهذيب الكمال 6/ 259 (5699). (¬2) الكامل 2/ 12. (¬3) عَبْد الحميد بن جعفر بن عَبْد الله بن الحكم بن رافع الأنصاري: صدوق رمي بالقدر، توفي سُنَّةُ (153هـ‍). الكامل 7/ 3، وتهذيب الكمال 4/ 347 - 348 (3697)، والتقريب (3756). (¬4) نصب الراية 1/ 67، وانظر: تاريخ ابن مَعِيْنٍ برواية الدوري 4/ 86 (3275). (¬5) علل الْحَدِيْث 1/ 48 (111). (¬6) هُوَ الإمام البارع أبو مُحَمَّد عَبْد الحق بن عَبْد الرَّحْمَان بن عَبْد الله الأزدي الأندلسي الإشبيلي المعروف بـ (ابن الخراط)، صاحب التصانيف مِنْهَا " الأحكام الوسطى " و "المعتل من الْحَدِيْث "، ولد سُنَّةُ (514هـ‍)، وتوفي سُنَّةُ (581هـ‍)، وَقِيْلَ: (582هـ‍). تهذيب الأسماء واللغات 1/ 292 - 293، وسير أعلام النبلاء 21/ 198 - 199، ومرآة الجنان 3/ 319 - 320. (¬7) 1/ 139. (¬8) نصب الراية 1/ 62.

مختلف فِيْهِ، فينبغي أن يقال فِيْهِ: حسن)) (¬1). فهذا أقل أحوال الْحَدِيْث، وإلا فَهُوَ صَحِيْح. أما وجه التوفيق بَيْنَ حديثي بسرة وطلق فسيأتي فِيْمَا بعد. وأما الثالثة: فادعاء أنَّهُ خبر آحاد ادعاء منقوض فالحديث مروي من حَدِيْث ثمانية من الصَّحَابَة، هم: 1 - عَبْد الله بن عَمْرو: أخرجه أحمد (¬2)،وابن الجارود (¬3)،والطحاوي (¬4)،والدارقطني (¬5) والبيهقي (¬6)، والحازمي (¬7)، من طريق عَمْرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده. نقل التِّرْمِذِيّ عن البُخَارِيّ أنَّهُ قَالَ: ((حَدِيْث عَبْد الله بن عَمْرو في مس الذكر، هُوَ عندي صَحِيْح)) (¬8). 2 - زيد بن خالد الجهني: رَوَاهُ ابن أبي شيبة (¬9)، وأحمد (¬10)، والطحاوي (¬11)، والبزار (¬12)، والطبراني (¬13)، وابن عدي (¬14). 3 - عَبْد الله بن عمر بن الخطاب: عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيّ (¬15)، وفي إسناده: عَبْد الله بن عمر العمري، ضعيف (¬16). وأخرجه أيضاً: الطحاوي (¬17) والبزار (¬18) والطبراني (¬19). وفي إسناد الطحاوي والبزار: صدقة بن عَبْد الله، ضعيف (¬20)، وهاشم بن زيد أيضاً (¬21). أما الطبراني ففي إسناده: العلاء بن سليمان الرقي، ضعيف جداً (¬22). ¬

_ (¬1) بَيَان الوهم والإيهام 4/ 144 (1587). (¬2) في مسنده 2/ 223. (¬3) في المنتقى (19). (¬4) في شرح المعاني 1/ 75. (¬5) في السنن 1/ 147. (¬6) في الكبرى 1/ 132 – 133، وفي مَعْرِفَة السنن 1/ 349. (¬7) في الاعتبار: 72. (¬8) العلل الكبير: 49 (55). وانظر: مَعْرِفَة السنن والآثار 1/ 349، والاعتبار: 73. (¬9) في مصنفه 1/ 163. (¬10) في مسنده 5/ 194. (¬11) في شرح المعاني 1/ 73. (¬12) في مسنده (3762). (¬13) في الكبير (5221). (¬14) في الكامل 1/ 318 و 7/ 270. (¬15) في سننه 1/ 147. (¬16) تقريب التهذيب (3489). (¬17) في شرح معاني الآثار 1/ 74. (¬18) في مسنده (1/ 148 كشف الأستار). (¬19) في الكبير (13118). (¬20) التقريب (2913). (¬21) ميزان الاعتدال 4/ 289. (¬22) ميزان الاعتدال 3/ 101 (5732)، وانظر: مجمع الزوائد 1/ 245.

ورواه الحَاكِم (¬1) وفي إسناده: عَبْد العزيز بن أبان، متروك متهم (¬2). ورواه ابن عدي (¬3) وفيه أيضاً: العلاء بن سليمان الرقي. ورواه أيضاً (¬4) وفيه: أيوب بن عتبة، وَقَدْ تقدم بَيَان حاله، وعبد الله بن أبي جعفر (¬5). ومن مجموع هَذِهِ الطرق يتقوى الْحَدِيْث. 4 - أبو هُرَيْرَةَ: بلفظ: ((إذا أفضى أحدكم بيده إِلَى فرجه، حَتَّى لا يَكُوْن بينه حجاب ولا ستر فليتوضأ وضوءه للصلاة)). أخرجه الشَّافِعِيّ (¬6)، والبزار (¬7)، والطحاوي (¬8)، وابن حبان (¬9)، والطبراني (¬10)، والحاكم (¬11)، وابن السكن (¬12)، وأحمد (¬13)، والدارقطني (¬14)، والبيهقي (¬15)، والبغوي (¬16)، والحازمي (¬17). وَهُوَ حَدِيْث قوي، تابع يزيدَ بنَ عَبْد الملك النوفليَّ (¬18) عَلَى روايته نافعُ بنُ أبي نعيم، قَالَ ابن حبان: ((احتجاجنا في هَذَا الخبر بنافع بن أبي نعيم دُوْنَ يزيد بن عَبْد الملك النوفلي)) (¬19). ¬

_ (¬1) المستدرك 1/ 138. (¬2) المغني في الضعفاء 2/ 396. (¬3) الكامل 6/ 385. (¬4) الكامل 5/ 362. (¬5) الكامل 5/ 361. (¬6) في الأم 1/ 19، وفي مسنده (58 بتحقيقنا). (¬7) (286 كشف الأستار). (¬8) في شرح معاني الآثار 1/ 74. (¬9) في صحيحه (1118)، وط الفكر (1115). (¬10) في الصغير 1/ 42 – 43 (110)، وفي الأوسط (1871) و (8829). (¬11) في مستدركه 1/ 138. (¬12) كَمَا في إتحاف المهرة 14/ 658 (18425)،ومن طريقه ساقه ابن عَبْد البر في التمهيد17/ 194–195. (¬13) في مسنده 2/ 333. (¬14) في سننه 1/ 147. (¬15) في السنن 1/ 133، وفي مَعْرِفَة السنن والآثار 1/ 330 (187) و (188). (¬16) في شرح السنة (166). (¬17) في الاعتبار: 71. (¬18) أبو خالد يزيد بن عَبْد الملك بن المغيرة القرشي الأموي الدمشقي، ولد سنة (71 هـ‍)، وتوفي سنة (105هـ‍). تهذيب الكمال 8/ 139 (7620)، وسير أعلام النبلاء 5/ 150 و 152، والتقريب (7751). (¬19) صحيحه 3/ 402 عقب (1118)، وط الفكر 2/ 172 عقب (1115).

قَالَ ابن عَبْد البر: ((كَانَ هَذَا الْحَدِيْث لا يعرف إلا ليزيد بن عَبْد الملك النوفلي هَذَا، وَهُوَ مجتمع عَلَى ضعفه، حَتَّى رَوَاهُ عَبْد الرَّحْمَان بن القاسم – صاحب مالك – عن نافع بن أبي نعيم القارئ (¬1)، وَهُوَ إسناد صالح – إن شاء الله –، وَقَدْ أثنى ابن مَعِيْنٍ عَلَى عَبْد الرَّحْمَان بن القاسم في حديثه ووثقه، وَكَانَ النسائي يثني عَلَيْهِ أيضاً في نقله عن مالك لحديثه، ولا أعلمهم يختلفون في ثقته، وَلَمْ يروِ هَذَا الْحَدِيْث عَنْهُ، عن نافع بن أبي نعيم ويزيد بن عَبْد الملك إلا أصبغ بن الفرج)) (¬2). 5 - أم المؤمنين عَائِشَة مرفوعاً: ((ولفظ حديثها: ويل للذين يمسون فروجهم ثُمَّ يصلون ولا يتوضئون)). رَوَاهُ الطحاوي (¬3) والبزار (¬4) والدارقطني (¬5) واللفظ لَهُ. 6 - أم المؤمنين أم حبيبة مرفوعاً: ولفظه: ((من مس ذكره فليتوضأ)). رَوَاهُ ابن أبي شيبة (¬6)، وابن ماجه (¬7)، والترمذي (¬8)، والطحاوي (¬9)، وأبو يعلى (¬10) والطبراني (¬11)، والبيهقي (¬12)، وابن عَبْد البر (¬13) من طرق عن مكحول، عن عنبسة بن أبي سُفْيَان (¬14)، عن أم حبيبة، بِهِ. ونقل التِّرْمِذِيّ (¬15) عن البُخَارِيّ أنَّهُ قَالَ: ((مكحول لَمْ يسمع من عنبسة)). ¬

_ (¬1) هُوَ نافع بن أبي نُعَيْم، أبو رُويم، مولى جعونة بن شعوب الليثي، أحد القراء السبعة، وثقه ابن مَعِيْنٍ، وَقَالَ النسائي: لَيْسَ بِهِ بأس، توفي سنة (169 هـ‍). الكامل 8/ 309 و 310، وميزان الاعتدال 4/ 242 (8997)، وسير أعلام النبلاء 7/ 336 و 338. (¬2) التمهيد 17/ 195 – 196. (¬3) في شرح المعاني 1/ 74. (¬4) 1/ 148 كشف الأستار. (¬5) في سننه 1/ 147 – 148. وانظر: مجمع الزوائد 1/ 245. (¬6) في مصنفه (1724). (¬7) في سننه (481). (¬8) في العلل الكبير (54). (¬9) في شرح المعاني 1/ 75. (¬10) في مسنده (7440). (¬11) في الكبير 23/ (450). (¬12) في سننه 1/ 130. (¬13) في التمهيد 17/ 191 – 192. (¬14) هُوَ أبو الوليد، ويقال: أبو عثمان، ويقال: أبو عامر المدني، واسمه صخر بن حرب بن أمية: لَهُ رؤية. انظر: الثقات 5/ 268، وتهذيب الكمال 5/ 502 (5124)، والتقريب (5205). (¬15) في الجامع 1/ 127 عقب (84) وفي العلل الكبير عقب (54).

ونقل أيضاً أن أبا زرعة استحسن الْحَدِيْث وعده محفوظاً. لَكِن ابن أبي حاتم نقل في كتاب "المراسيل" (¬1) ما يأتي: ((سئل أبو زرعة عن حَدِيْث أم حبيبة في مس الفرج، فَقَالَ: مكحول لَمْ يسمع من عنبسة بن أبي سُفْيَان شيئاً)) (¬2). وَكَانَ الإمام أحمد يثبت هَذَا الْحَدِيْث ويصححه (¬3)، وكذا ابن مَعِيْنٍ فِيْمَا نقله ابن عَبْد البر (¬4). 7 - جابر بن عَبْد الله الأنصاري مرفوعاً، ولفظه: ((إذا مس أحدكم ذَكَرَهُ فعليه الوضوء)). روي من طريقين موصولاً ومرسلاً، فأما الرِّوَايَة الموصولة فأخرجها: الشَّافِعِيّ في الأم (¬5)، وفي المسند (¬6)، وابن ماجه (¬7)، والطحاوي (¬8)، والبيهقي (¬9)، والمزي (¬10) وفي طرقهم: ((عقبة بن عَبْد الرَّحْمَان)) مجهول (¬11). وأما الرِّوَايَة المرسلة فأخرجها: الشافعي في الأم (¬12) وفي المسند (¬13) والطحاوي (¬14) والبيهقي (¬15) عن ابن ثوبان. قَالَ الشَّافِعِيّ بَعْدَ أن رَوَاهُ: ((سَمِعْتُ غَيْر واحد من الحفاظ يرويه ولا يذكر فِيْهِ جابراً)) (¬16). وَقَالَ البُخَارِيّ: ((عقبة بن عَبْد الرَّحْمَان بن معمر (¬17)، عن ابن ثوبان، رَوَى عَنْهُ ابن أبي ذئب مرسلاً عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - في مس الذَّكَر. وَقَالَ بعضهم: عن جابر - رضي الله عنه - ¬

_ (¬1) 212 – 213 (798). (¬2) ونحوه في علل الْحَدِيْث لابن أبي حاتم 1/ 38 – 39 (81). (¬3) التمهيد 17/ 191، والمغني 1/ 132، والنكت عَلَى كتاب ابن الصَّلاَح 1/ 425. (¬4) التمهيد 17/ 192. (¬5) 1/ 19. (¬6) (59 بتحقيقنا). (¬7) في سننه (480). (¬8) في شرح المعاني 1/ 74. (¬9) في سننه 1/ 134. (¬10) في تهذيب الكمال 5/ 198 عقب (4569). (¬11) تقريب التهذيب (4643). (¬12) 1/ 19. (¬13) (59 بتحقيقنا). (¬14) في شرح المعاني 1/ 75. (¬15) في سننه 1/ 134. (¬16) الأم 1/ 19. (¬17) عقبة بن عَبْد الرحمان بن أبي معمر، وَقِيْلَ: ابن معمر الحجازي: مجهول. التاريخ الكبير 6/ 435، وتهذيب الكمال 5/ 197 (4569)، والتقريب (4643).

ولا يصح)) (¬1). وسأل ابن أبي حاتم أباه عن الرِّوَايَة الموصولة فأجابه قائلاً: ((هَذَا خطأ الناس يروونه عن ابن ثوبان عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً لا يذكرون جابراً)) (¬2). وبنحو هَذَا أعله الطحاوي في شرح المعاني (¬3). 8 - أبو أيوب الأنصاري مرفوعاً: ولفظ حديثه: ((مَن مس فرجه فليتوضأ)). رَوَاهُ ابن ماجه (¬4)، والطبراني (¬5)، وأعله الدَّارَقُطْنِيّ بأن المحفوظ رِوَايَة مكحول عن أم حبيبة، أما روايته عن أبي أيوب فغير محفوظة (¬6). وأَيّاً ما يَكُن الأمر فإن هَذَا الحكم قَدْ روي عن ثمانية من الصَّحَابَة، بَعْض طرقهم صحيحة، وبعضها قابل للاعتضاد، فمجموعها يَكُوْن في أقل أحواله مشهور، والمشهور يعمل بِهِ عندهم فِيْمَا تعم بِهِ البلوى. أما الرابع، وَهُوَ كون الْحَدِيْث مِمَّا يختص حكمه بالرجال، وَقَدْ نقلته امرأة، فقول مردود، فَقَدْ مضى بنا في عرض الآراء أن جمهور من يرى النقض من مس الفرج يسوى في الحكم بَيْنَ الرجل والمرأة، ثُمَّ إن الْحَدِيْث قَدْ رَوَاهُ عددٌ من رجال الصَّحَابَة كَمَا تقدم. ثُمَّ إن ديدن الصَّحَابَة - رضي الله عنهم - كَانَ قبول أخبار النساء في أحكام تتعلق بالرجال فقبلوا خبر أم المؤمنين عَائِشَة – رضي الله عَنْها – في التقاء الختانين ونسخ بِهِ: ((الماء من الماء)) (¬7)، وَقَدْ خاطب الله تَعَالَى نساء رَسُوْله - صلى الله عليه وسلم - بقوله جل ذكره: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ} (¬8)، وهذا أمر لهن بالبيان، وفي ضمن ذَلِكَ أحكام قَدْ تختص بالرجال (¬9). ¬

_ (¬1) التاريخ الكبير 6/ 435 – 436 (2903). (¬2) علل الْحَدِيْث 1/ 19 (23). (¬3) 1/ 74. وانظر: تنقيح التحقيق 1/ 447، ونصب الراية 1/ 57. (¬4) في سننه (482). (¬5) في الكبير (3928). (¬6) علل الدارقطني 6/ 123 (1023). (¬7) أخرجه أحمد 3/ 99، ومسلم 1/ 185 (343) (81)، وأبو داود (217)، والطحاوي في شرح المعاني 1/ 54، وابن حبان (6168)، وفي طبعة الفكر (1165)، والبيهقي 1/ 167 من طريق عَمْرو بن الحارث، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عَبْد الرحمان، عن أبي سعيد الخدري، بِهِ. (¬8) الأحزاب: 34. (¬9) عارضة الأحوذي 1/ 98.

وبعد هَذَا النقاش الطويل، فإن المحصلة النهائية كَانَتْ صحة حديثي بسرة وطلق، فكيف نعمل فيهما؟ قَالَ ابن عَبْد البر: ((والأصل أن الوضوء المجتمع عَلَيْهِ لا ينتقض إلا بإجماع أو سنَّة ثابتة، غَيْر محتملة للتأويل، فَلاَ عيب عَلَى القائل بقول الكوفيين؛ لأن إيجابه عن الصَّحَابَة لَهُمْ فِيْهِ ما تقدم ذكره)) (¬1). والجمهور عَلَى أن حَدِيْث بسرة ناسخ لحديث طلق، وبه قَالَ ابن حبان (¬2) والطبراني (¬3) وابن حزم (¬4) والبيهقي (¬5) والحازمي (¬6) وغيرهم (¬7). ¬

_ (¬1) التمهيد 17/ 205. (¬2) صَحِيْح ابن حبان 3/ 405 عقب (1122). (¬3) المعجم الكبير 8/ 334 - 335 عقب (8252) (¬4) المحلى 1/ 239. (¬5) السنن الكبرى 1/ 135. (¬6) الاعتبار: 74. (¬7) انظر: تعليق محقق نصب الرَّاية 1/ 64 - 69، فَقَدْ بحث المسألة بشكل وافٍ.

الفصل الثالث: الاختلاف في السند والمتن

الفصل الثَّالِث: الاختلاف في السَّنَد والمتن وفيه ثمانية مباحث: المبحث الأول: الاضطراب المبحث الثاني: الاختلاف في الزيادات المبحث الثالث: اختلاف الثقة مَعَ الثقات المبحث الرابع: اختلاف الضعيف مَعَ الثقات المبحث الخامس: الإدراج المبحث السادس: الاختلاف بسبب خطأ الراوي المبحث السابع: المقلوب المبحث الثامن: الاختلاف بسبب التصحيف والتحريف

المبحث الأول الاضطراب

تمهيد لما كَانَ الاختلاف أمراً وارداً في الحَدِيْث النبوي الشريف؛ وَذَلِكَ للاختلاف في مقدار تيقظ الرواة، وقوة قرائحهم، وَكَذَلِكَ بسبب اختلاف بعضهم عن بَعْض في مدى اهتمامهم بمروياتهم وَكَذَلِكَ أمور أُخْرَى تَكُون أسباباً للاختلاف فرغنا من ذكرها في الفصل الأول. وَقَدْ بينا آنذاك أنَّ الاختلاف يَكُون في المَتْن والسَّنَد فَهُوَ لَيْسَ قاصراً عَلَى المَتْن حسب بَلْ هُوَ يشمل كليهما. لذا رأيت أنْ أذكر في هَذَا الفصل أنواع الاختلافات الَّتِي تَكُون في السَّنَد والمَتْن. وَقَدْ قسمته عَلَى أحد عشر مبحثاً. المبحث الأول الاضطراب الاضطراب: في الحَدِيْث سنداً ومتناً أمرٌ حاصل وواقع بسبب اختلاف المواهب وما إلى غَيْر ذَلِكَ من الأسباب الَّتِي تجعل اضطراباً في المتون والأسانيد، والاضطراب يحصل من راوٍ واحدٍ ويحصل من عدة رواة (¬1)، والاضطراب يَكُون في الأعم الأغلب في المدارس المتأخرة ويندر جداً في المدارس المتقدمة، وَذَلِكَ أن المدارس المتأخرة من شأنها التعدد زيادة على بعد الزمان وتقاصر الهمم. المطلب الأول تعريف المضطرب لغة واصطلاحاً الحَدِيْث المضطرب (¬2) أحد أنواع علم الحَدِيْث، والمضطرب: اسم فاعل من اضطَربَ، مأخوذ لغةً من الاضطراب بمعنى: الحركة والاختلاف، يقال: اضطرب الموج، أي: ضرب بعضه بعضاً، فَهُوَ مضطرب. وأود التنبيه عَلَى أن الشائع تسميته ب‍ ((المضطرِب)) عَلَى وزن اسم الفاعل، هُوَ من ¬

_ (¬1) المنهل الروي: 64. (¬2) انظر في المضطرب: مَعْرِفَة أنواع علم الحَدِيْث: 192 وطبعة نور الدين: 84 - 89، والإرشاد 1/ 249 - 250، والتقريب: 77 - 78، وطبعتنا: 123، والاقتراح: 219، والمنهل الروي: 52، والخلاصة: 761،والموقظة: 51، واختصار علوم الحَدِيْث: 72، والمقنع 1/ 221، وشرح التبصرة والتذكرة 1/ 240 - 246، وطبعتنا1/ 290، ونزهة النظر: 126، والمختصر: 104، وفتح المغيث 1/ 221، وألفية السيوطي: 67 - 68، وشرح السيوطي عَلَى ألفية العراقي: 197، وفتح الباقي 1/ 240، وطبعتنا 1/ 271 - 274، وتوضيح الأفكار 2/ 34، وظفر الأماني:392، وقواعد التحديث:132.

المطلب الثاني شرط الاضطراب

باب الإسناد المجازي (¬1)، لأن الاضطراب واقعٌ فِيهِ لا مِنْهُ، إذ إنَّهُ اسم مكان، فيظهر فِيهِ اضطراب الرَّاوِي أو الرواة، فَهُوَ عَلَى الحقيقة: مضطرَب -بفتح الراء- وَلَوْ سمي كَذلِكَ لكان أظهر في المَعْنَى الاصطلاحي (¬2) والمضطرب من الحَدِيْث اصطلاحاً: هُوَ الذي تَخْتَلِف الرِّوَايَة فِيهِ، فيرويه بعضهم على وجه، وبعضهم عَلَى وجه آخر مخالفٍ لَهُ. هكذا عرفه الحافظ ابن الصَّلاح (¬3)، وَقَدْ استدرك عَلَيْهِ الإمام الزَّرْكَشِيّ بقوله: ((قَدْ يخرج مَا لو حصل الاضطراب من راوٍ واحدٍ. وَقَدْ يقال فِيهِ: نبنيه عَلَى دخوله من باب أولى، فإنه أولى بالرد من الاختلاف بَيْنَ راويين)) (¬4).قُلْتُ: وهَذَا اعتراض متجهٌ، لأن الاضطراب في الأعم الأغلب يحصل من راوٍ واحد، وَهُوَ الَّذِي يوجه الغلط فِيهِ لِمَنْ اضطرب فِيهِ. أما الاضطراب من راويين فَهُوَ أقل، وَكَذَلِكَ قَدْ يوجه الاضطراب لأحد الراويين أو للشيخ، وربما كَانَ قَدْ حدّث بالوجهين. وللزركشي اعتراض آخر فَقَدْ قَالَ: ((وينبغي أن يقال: (عَلَى وجه يؤثر) ليخرج مَا لَوْ روي الحَدِيْث عن رَجُل مرة، وعن آخر أخرى ...)) (¬5). قُلْتُ: وَهُوَ اعتراض متجهٌ أيضاً، لأن لَيْسَ كُلّ اختلاف قادحاً، بَلْ القادح الَّذِي لا يحتمل التوفيق والجمع، بمعنى أن الرَّاوِي لَمْ يضبط الحَدِيْث فَهُوَ وإن كَانَ ثِقَة إلا أَنَّهُ ضَعِيْف في هَذَا الحَدِيْث خَاصَّة. المطلب الثَّانِي شرط الاضطراب سبق أن ذكرت أن لَيْسَ كُلّ اختلاف اضطراباً، بَلْ شرط الاضطراب أمران: ¬

_ (¬1) هُوَ إسناد مَا بني للفاعل إلى المفعول، وَهُوَ من علاقات المجاز العقلي، والمجاز العقلي: إسناد الفعل - أو مَا في معناه من اسم الفاعل أو المفعول أو المصدر -إلى غَيْر ما هو لَهُ في الظاهر، من المتكلم، لعلاقة مَعَ قرينة تمنع من أن يَكُون الإسناد إلى ما هو لَهُ. انظر: جواهر البلاغة: 296. (¬2) انظر: حاشية الأجهوري عَلَى شرح الزرقاني للبيقونية: 72، وشرح الديباج المذهب: 48، ولمحات في أصول الحَدِيْث: 247، وتعليقنا عَلَى مَعْرِفَة أنواع علم الحَدِيْث: 225، وأثر علل الحَدِيْث في اختلاف الفُقَهَاء: 197. (¬3) مَعْرِفَة أنواع علم الحَدِيْث: 225، وَفِي ط نور الدين: 84. (¬4) نكت الزَّرْكَشِيّ 2/ 224. (¬5) نكت الزَّرْكَشِيّ 2/ 224.

أحدهما: استواء وجوه الاختلاف، فمتى رجح أَحَد الأقوال قدم وَلاَ يعل الراجح بالمرجوح عِنْدَ أهل النقد. ثانيهما: أن يتعذر - مَعَ الاستواء - الجمع بينها عَلَى قواعد المُحَدِّثِيْنَ، ويغلب عَلَى الظن أن ذَلِكَ الحافظ لَمْ يضبط ذَلِكَ الحَدِيْث بعينه فحينئذ يحكم عَلَى تِلْكَ الرِّوَايَة وحدها بالاضطراب، ويتوقف عن الحكم بصحة ذَلِكَ الحَدِيْث لِذلِكَ السبب (¬1). وعلى هَذَا المَعْنَى يدور قَوْل الحافظ ابن الصَّلاح: ((وإنما نسميه مضطرباً إذا تساوت الروايتان (¬2)، أما إذا ترجحت إحداهما بحيث لا تقاومها الأخرى، بأن يَكُون راويها أحفظ أو أكثر صحبة للمروي عَنْهُ، أو غَيْر ذَلِكَ من وجوه الترجيحات المعتمدة، فالحكم للراجحة، وَلاَ يطلق عَلَيْهِ حينئذٍ وصف المضطرب، وَلاَ له حكمه)) (¬3). وَقَدْ أكد هَذَا المفهوم الإمام ابن دقيق العيد فَقَالَ: ((أشار بَعْض الناس إلى أن اختلاف الرواة في ألفاظ الحَدِيْث مِمَّا يمنع الاحتجاج بِهِ ... فنقول هَذَا صَحِيْح لَكَن بشرط تكافؤ الروايات أو تقاربها، أما إذا كَانَ الترجيح واقعاً في بعضها: إما لأن رواته أكثر أو أحفظ، فينبغي العَمَل بِهَا، إذ الأضعف لا يكون مانعاً من العَمَل بالأقوى، والمرجوح لا يدفع التمسك بالراجح)) (¬4).ويفهم مِمَّا سبق أن أحد الوجوه المختلفة إن كَانَ مروياً من طريق ضَعِيْف والآخر من طريق قوي فَلاَ اضطراب، والعَمَل بالطريق القوي، وإن لَمْ يَكُنْ كَذلِكَ، فإن أمكن الجمع بَيْنَ تِلْكَ الوجوه بحيث يمكن أن يَكُون المتكلم باللفظين الواردين أراد مَعْنًى واحداً فَلاَ إشكال أيضاً؛ مِثْل أن يَكُون في أَحَد الوَجْهَيْنِ: عن رَجُل وَفِي الوجه الآخر يُسَمَّى هَذَا الرجل فَقَدْ يَكُون هَذَا المسمى هُوَ ذَلِكَ المُبْهَم، فَلاَ اضطراب إذن ولا تعارض، وإن لَمْ يَكُنْ كَذلِكَ بأن يُسَمَّى مثلاً الرَّاوِي باسم معين في رِوَايَة وَيُسَمَّى باسم آخر في رِوَايَة أُخْرَى فهذا محل نظر؛ إذ يتعارض فِيهِ أمران: أحدهما: أَنَّهُ يجوز أن يَكُون الحَدِيْث عن الرجلين معاً. والثاني: أن يغلب عَلَى الظن أن الرَّاوِي واحد واختلف فِيهِ. فههنا لا يخلو أن يَكُون الرجلان معاً ثقتين أولا، فإن كَانَا ثقتين فههنا لا يضر الاختلاف عِنْدَ الكثير؛ لأن ¬

_ (¬1) هدي الساري 348 - 349. (¬2) استدرك الزَّرْكَشِيّ عَلَى تعبير ابن الصَّلاح هَذَا فَقَالَ: ((كَانَ ينبغي أن يَقُول: وإنما يؤثر الاضطراب إذا تساوت، وإلا فلاشك في الاضطراب عِنْدَ الاختلاف تكافأت الروايات أم تفاوتت)). نكت الزَّرْكَشِيّ 2/ 226. (¬3) مَعْرِفَة أنواع علم الحَدِيْث: 192 - 193، وَفِي ط نور الدين: 84. (¬4) إحكام الأحكام 3/ 172 - 173.

الاختلاف كَيْفَ دار فَهُوَ عن ثِقَة، وبعضهم يَقُول: هَذَا اضطراب يضرّ، لأَنَّهُ يدل عَلَى قلة الضَّبْط (¬1). ولخص هَذَا التفصيل الحافظ العراقي في منظومته المسماة "التبصرة والتذكرة" إذ قَالَ: مُضْطَرِبُ الحَدِيثِ: مَا قَدْ وَرَدَا ... مُخْتَلِفاً مِنْ وَاحِدٍ فَأزْيَدَا في مَتْنٍ اوْ (¬2) في سَنَدٍ إنِ اتَّضَحْ ... فِيْهِ تَسَاوِي الخُلْفِ، أَمَّا إِنْ رَجَحْ بَعْضُ الوُجُوْهِ لَمْ يَكُنْ مُضْطَرِبَا ... وَالحُكْمُ للرَّاجِحِ مِنْهَا وَجَبَا (¬3) ويمكننا أن نقدّم مثالاً تطبيقياً عَلَى مَا لا يصح عَدُّهُ مضطرباً لرجحان بَعْض وجوه مروياته عَلَى بَعْض. فَقَدْ مَثَّل ابن الصَّلاح للاضطراب الواقع في السَّنَد قائلاً: ((ومن أمثِلتِه: ما رويناه عن إسماعيل بن أمية (¬4)، عن أبي عَمْرو بن مُحَمَّد ابن حريث (¬5) عن جده حريث (¬6)، عن أبي هُرَيْرَة، عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - في المُصَلِّي: ((إذا لَمْ يجد عصاً ينصبها بَيْنَ يديه فليخط خطاً)) فرواه بشر (¬7) بن المفضل (¬8)، وروح (¬9) ابن القاسم (¬10)، عن إسماعيل هكذا، ورواه سُفْيَان الثَّوْرِيّ (¬11) عَنْهُ، عن أبي عَمْرو ابن حريث، عن ¬

_ (¬1) انظر: حاشية محاسن الاصطلاح:204، وأثر علل الحَدِيْث في اختلاف الفُقَهَاء: 197 - 198. (¬2) باعتبار همزة: ((أو)) همزة وصل ضرورة، ليستقيم الوزن. (¬3) التبصرة والتذكرة: 22، الأبيات (209 - 211) (¬4) هُوَ إسماعيل بن أمية بن عَمْرو بن سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية الأموي: ثِقَة ثبت (التقريب:425) (¬5) أبو عَمْرو بن مُحَمَّد بن حريث، أو ابن محمد بن عَمْرو بن حريث وَقِيْلَ: أبو مُحَمَّد بن عَمْرو بن حريث: مجهول. تهذيب الكمال 8/ 383 (8129)، والتقريب (8272). (¬6) حريث العذري، اختلف في اسم أبيه، فقيل سليم أو سليمان أو عمارة، مختلف في صحبته. تهذيب الكمال 2/ 88 (1158)، وميزان الاعتدال 1/ 475، والتقريب (1183). (¬7) بشر بن المفضل بن لاحق الرقاشي، أبو إسماعيل الرقاشي البصري: ثقة، مات سنة (186 هـ‍) أو (187 هـ‍). الطبقات، لابن سعد 7/ 290، وسير أعلام النبلاء 9/ 36 و 37، والتقريب (703). (¬8) عِنْدَ أبي دَاوُد (689)، وابن خزيمة (812). قُلْتُ: وَهُوَ كَذلِكَ في رِوَايَة وهيب بن خالد عِنْدَ عَبْد بن حميد (1436). (¬9) روح بن القاسم التميمي العنبري أبو غياث البصري: ثقة، مات سنة (141 هـ‍)، وَقِيْلَ: (150 هـ‍). تهذيب الكمال 2/ 497 (1923)، وسير أعلام النبلاء 6/ 404، والتقريب (1970). (¬10) طريق روح ذكره المزي في تهذيب الكمال 2/ 89. (¬11) عِنْدَ أحمد 2/ 249 و 254 و 266، وابن خزيمة (812) مقروناً بمعمر.

أبيه، عن أبي هُرَيْرَة. ورواه حميد (¬1) بن الأسود (¬2)، عن إسماعيل، عن أبي عَمْرو بن مُحَمَّد بن حريث بن سليم، عن أبيه (¬3)، عن أبي هُرَيْرَة. ورواه وهيب (¬4) و (¬5) عبد الوارث (¬6)، عن إسماعيل، عن أبي عَمْرو بن حريث، عن جده حُريث (¬7). وَقَالَ عَبْد الرزاق (¬8)، عن ابن جريج: سَمِعَ إسماعيل، عن حريث بن عَمَّار، عن أبي هُرَيْرَة. وفيه من الاضطراب أكثر مِمَّا ذكرناه (¬9)، والله أعلم)) (¬10). وَقَدْ أطال الحافظ العراقي النفس في ذكر أوجه الخلاف الواردة في هَذَا الحَدِيْث (¬11)، وكأنه ينحو منحى ابن الصَّلاح في عدِّ هَذَا اضطراباً، وَقَدْ تعقّب الحافظُ ابنُ حجر العسقلانيُّ الحافظين الجليلين ابن الصَّلاح والعراقي، فَقَالَ: ((جَمِيْع من رَواهُ عن إسماعيل بن أمية، عن هَذَا الرجل إنما وقع الاختلاف بينهم في اسمه أو كنيته. وهل روايته عن أبيه أو عن جده أو عن أبي هُرَيْرَة بلا واسطة وإذا تحقق الأمر فِيهِ لَمْ يَكُنْ فِيهِ حقيقة الاضطراب، لأن الاضطراب هُوَ: الاختلاف الَّذِي يؤثر قدحاً. واختلاف ¬

_ (¬1) حميد بن الأسود بن الأشقر البصري، أبو الأسود الكرابيسي: صدوق يهم قليلاً وذكره ابن حبان في الثقات. الثقات، لابن حبان 6/ 190، وتهذيب الكمال 2/ 299 (1507)، والتقريب (1542). (¬2) عِنْدَ ابن ماجه (943)، والبَيْهَقِيّ 2/ 270. (¬3) وَفِي رِوَايَة ابن ماجه: ((عن جده)). (¬4) وهيب بن خالد بن عجلان، أبو بكر البصري الكرابيسي: ثقة ثبت، مات سنة (165 هـ‍)،وَقِيْلَ بعدها. الجرح والتعديل 9/ 34، وسير أعلام النبلاء 8/ 223، والتقريب (7487). وحديثه عِنْدَ عَبْد بن حميد (1436). (¬5) الإِمَام الحَافِظ عَبْد الوارث بن سعيد بن ذكوان العنبري، أَبُو عبيدة البصري، ولد سنة (102 هـ‍)، ومات سنة (180 هـ‍). تهذيب الكمال 5/ 13 و14 (4183)، وسير أعلام النبلاء 8/ 300 و301، والتقريب (4251). (¬6) ذكرها البَيْهَقِيّ في السُّنَن الكبرى 2/ 271. (¬7) الحافظ ابن الصَّلاح مقلد في هَذَا الحافظ البَيْهَقِيّ في كبرى سننه 2/ 271، وإلا فرواية وهيب موافقة لرواية بشر بن المفضل كَمَا نوهنا قَبْلَ قليل. (¬8) المصنف (2286). (¬9) كرواية سُفْيَان بن عينية عِنْدَ أحمد 2/ 249 - وغيره، ورواية معمر بن راشد عِنْدَ أحمد 2/ 249 و254 و266 مقروناً بالثوري كَمَا سبق، وابن خزيمة (812). وكرواية ذاوُد بن علبة الَّتِي ذكرها المزي في التهذيب2/ 89.وفيه أيضاً اختلاف عَلَى سُفْيَان بن عينية في إسناده، واختلاف عَلَى عَلِيّ بن المديني أيضاً. (¬10) مَعْرِفَة أنواع علم الحَدِيْث:192 - 193طبعتنا، و66 ط نور الدين. (¬11) انظر: شرح التبصرة والتذكرة 1/ 291 - 293طبعتنا، و 1/ 241 - 244 ط العلمية.

الرواة في اسم رَجُل لا يؤثر؛ ذَلِكَ لأَنَّهُ إن كَانَ ذَلِكَ الرجل ثِقَة فَلاَ ضير، وإن كَانَ غَيْر ثِقَة فضعف الحَدِيْث إنما هُوَ من قبل ضعفه لا من قبل اختلاف الثِّقات في اسمه فتأمل ذَلِكَ. ومع ذَلِكَ كله فالطرق الَّتِي ذكرها ابن الصَّلاح، ثُمَّ شَيْخُنَا قابلة لترجيح بعضها عَلَى بَعْض، والراجحة مِنْها يمكن التوفيق بينها فينتفي الاضطراب أصلاً ورأساً)) (¬1). أقول: كلام الحافظ ابن حجر صواب، إذ إن الأصح عدم التمثيل بهذا الحَدِيْث؛ لأن حريثاً مَجْهُوْل لا يعرف (¬2)، وعلى فرض التسليم بصحبته -فيكون عدلاً- فإن الرَّاوِي عَنْهُ مَجْهُوْل لَمْ يرو عَنْهُ غَيْر إسماعيل بن أمية، لذا فإن كلام الحَافِظ ابن حجر صواب، فاختلافهم كَانَ في تسمية ذات وَاحِدَة فإن كَانَ ثِقَة لَمْ يضره الاختلاف في اسمه، وإن كَانَ غَيْر ثِقَة فَقَدْ ضعف لغير الاضطراب. والحال هنا كَذلِكَ (¬3). وعند تحقيقنا لكتاب "شرح التبصرة والتذكرة" للحافظ العراقي وقفنا عَلَى تعليقة جاءت في حاشية إحدى النسخ (¬4) نصها: ((هَذَا الحَدِيْث صححه الإمام أحمد، وابن حبان، وغيرهما من حَدِيث أبي هُرَيْرَة، وكأنهم رأوا هَذَا الاضطراب لَيْسَ قادحاً)). أقول: تصحيح الإمام أحمد نقله عَنْهُ ابن عَبْد البر (¬5)، أما تصحيح ابن حبان فَهُوَ أَنَّهُ خرجه في صَحِيْحَه (¬6)، وصححه كَذلِكَ ابن خزيمة (¬7)، وعلي بن المديني (¬8)، وَقَالَ ابن حجر: ((هُوَ حَسَن)) (¬9). عَلَى أن آخرين قَدْ ضعفوا هَذَا الحَدِيْث مِنْهُمْ ابن عُيَيْنَةَ (¬10)، وَقَالَ السرخسي: ¬

_ (¬1) النكت عَلَى كِتَاب ابن الصَّلاح 2/ 772 - 773. (¬2) انظر: تقريب التهذيب (1183) (¬3) انظر: تعليق محقق شرح السيوطي عَلَى ألفية العراقي: 200. (¬4) وَهِيَ الَّتِي رمزنا لَها بالرمز (ص) وَقَدْ صورناها عن الأصل المحفوظ في مكتبة أوقاف بغداد -حرسها الله- وَهِيَ تحمل الرقم (2951) وَهِيَ تقع في (166) ورقة. خطها نسخي واضح جداً، عَلَى حواشيها آثار المقابلة، وعليها نقولات من بَعْض الشروح وتوضيحات، وَهِيَ نسخه قليلة الخطأ والسقط، أهمل ناسخها كِتَابَة اسمه وتاريخ النسخ، عَلَى طرتها ختم المدرسة الأمينية. (¬5) في التمهيد 4/ 199، والاستذكار 2/ 271، وانظر: خلاصة البدر المنير 1/ 157. (¬6) الإحسان (2359) و (2374) وط الرسالة (2361) و (2376)، وموارد الظمآن (407) و (408). (¬7) صَحِيْح ابن خزيمة (811) و (812). (¬8) فِيْمَا نقله ابن عَبْد البر في التمهيد4/ 199والاستذكار2/ 271وابن الملقن في خلاصته البدر المنير1/ 157. (¬9) بلوغ المرام: 58 (220). (¬10) سُنَن أبي دَاوُد 1/ 184 عقب (690). عَلَى أن الدارقطني حكم عَلَى الحَدِيْث من طريق أبي سلمة، عن أبي هُرَيْرَة. بعدم الثبوت، فلعله عنى هَذَا الطَّرِيق بخصوصه. أو أراد عموم مَا ورد في الخط.

أثر هذا الحديث في اختلاف الفقهاء

((هَذَا الحَدِيْث شاذ)) (¬1). قَالَ ابن حجر: ((أشار إلى ضعفه سُفْيَان بن عيينة، والشَّافِعيّ والبَغَوِيّ، وغيرهم (¬2))). وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاض: ((وإن كَانَ جاء بِهِ حَدِيث وأخذ بِهِ أحمد بن حَنْبَل فَهُوَ ضَعِيْف)) (¬3). وضعفه كَذلِكَ النَّوَوِيّ (¬4). أثر هَذَا الحَدِيْث في اختلاف الفُقَهَاء (حكم استتار المصلي بالخط إذا لَمْ يجد مَا ينصبه) وَقَدْ ترتب عَلَى حكم من حكم باضطراب الحَدِيْث، اختلاف فقهي في حكم سترة المصلي، فالسُّترة -بالضم- مأخوذة من السِّتْر، وَهِيَ في اللغة: مَا استترت بِهِ من شيء كائناً مَا كَانَ، وكذا الستار والستارة، والجمع السَّتائر والسّتَر (¬5). وَفِي الاصطلاح الشرعي: هِيَ مَا يغرز أو ينصب أمام المصلي من عصا أو غَيْر ذَلِكَ، أو مَا يجعله المصلي أمامه لمنع المارين بَيْنَ يديه (¬6). والسترة في الصَّلاَة مشروعه لمنع المارين، قَالَ ابن عَبْد البر: ((السترة في الصَّلاَة سنة مسنونة معمول بِهَا)) (¬7)، وَقَدْ وردت أحاديث صَحِيْحَة بِهَا (¬8)، وَقَدِ اختلف أهل العِلْم فيمن لَيْسَ لديه شيء يجعله سترة لَهُ، هَلْ يشرع لَهُ أن يخط خطاً؟ فَقَدْ ذهب الأوزاعي (¬9)، وسعيد بن جبير (¬10)، والإمام أحمد (¬11)، والشَّافِعيّ في القديم (¬12)، وأبو ¬

_ (¬1) المبسوط 1/ 192. (¬2) التلخيص الحبير 1/ 681 ط العلمية، طبعة شعبان 1/ 305. (¬3) إكمال المعلم 2/ 414. (¬4) انظر: شرح صَحِيْح مُسْلِم 2/ 135 ط الشعب، و 4/ 217 ط كراتشي. (¬5) مقاييس اللغة 3/ 132، لسان العرب 4/ 343، وتاج العروس 11/ 498 - 499، ومتن اللغة 3/ 103 مادة (ستر). (¬6) قواعد الفقه للبركتي:319، وحاشية الطحطاوي عَلَى مراقي الفلاح:200، والشرح الصغير للدردير 1/ 334، والموسوعة الفقهية 24/ 177. (¬7) التمهيد 4/ 193. (¬8) ساقها ابن عَبْد البر في التمهيد 4/ 193 - 198 وتكلم عن أحكامها، ومقدار الدنو مِنْها، وحكم استقبالها، والصمد إليها، وعن صفتها وارتفاعها وغلظها. وساق ابن الأثير في جامع الأصول 5/ 519 (3739 - 3748) عَشْرَة أحاديث فِيْهَا. (¬9) التمهيد 4/ 198. (¬10) التمهيد 4/ 198. (¬11) التمهيد 4/ 199، والمغني 2/ 70، وشرح الزَّرْكَشِيّ 1/ 422. (¬12) المجموع 3/ 245 - 246، ونهاية المحتاج 2/ 52 - 53.

المطلب الثالث حكم الحديث المضطرب

ثور (¬1) إلى أن المصلي إذا لَمْ يجد مَا يستتر بِهِ يخط خطاً. والحجة لَهمُ الحَدِيْث السابق، قَالَ ابن عَبْد البر: ((هَذَا الحَدِيْث عِنْدَ أحمد بن حَنْبَل، ومن قَالَ بقوله حَدِيث صَحِيْح، وإليه ذهبوا، ورأيت أن عَلِيّ بن المديني كَانَ يصحح هَذَا الحَدِيْث ويحتج بِهِ)) (¬2). وذهب آخرون إلى عدم مشروعية الخط في الصَّلاَة، مِنْهُمُ: الليث بن سعد (¬3) والإمام مَالِك، وَقَالَ: ((الخط باطل)) (¬4). والإمام أبو حَنِيْفَة وأصحابه (¬5)، والإمام الشَّافِعيّ بمصر، وَقَدْ قَالَ: ((لا يخط بين يديه خطاً إلا أن يَكُون في ذَلِكَ حَدِيث ثابت فيتبع)) (¬6). المطلب الثَّالِث حُكْمُ الحَدِيْثِ الْمُضْطَرِبِ الحَدِيْث المضطرب ضَعِيْف، لأن الاختلاف (¬7) فِيهِ دليل عَلَى عدم ضبط راويه، والضَّبْط أحد شروط صِحَّة الحَدِيْث الرئيسة (¬8). وراوي الحَدِيْث المضطرب قَدْ فقد هَذَا الشرط؛ فالحديث المضطرب إذن فاقد لأحد شروط الصِّحَّة فلهذا يعد الحَدِيْث المضطرب ضعيفاً، قَالَ الحَافِظ ابن الصَّلاح: ((الاضطراب موجبٌ ضَعْفَ الحَدِيْث، لإشعاره بأنه - أي: الرَّاوِي - لَمْ يضبط)) (¬9). وَقَالَ الحَافِظ العراقي: ((والاضطراب موجبٌ لضعف الحَدِيْث المضطرب لإشعاره بعدم ضبط راويه، أو ¬

_ (¬1) التمهيد 4/ 198. (¬2) التمهيد 4/ 199. (¬3) التمهيد 4/ 198، والمغني 2/ 70. (¬4) المدونة 1/ 113، وانظر: أسهل المدارك 1/ 228. (¬5) الحجة عَلَى أهل المدينة 1/ 88، والمبسوط 1/ 192، وشرح فتح القدير 1/ 289. (¬6) المجموع 3/ 246. (¬7) كثر في تعابيرنا عن الاضطراب بالاختلاف، فهل هَذَا يعني أَنَّهَما شيء واحد أم لا؟ الجواب: أن الاختلاف -كَمَا بيناه سابقاً- أعم من الاضطراب، فالاختلاف يطلق ويشمل القادح وغير القادح، أما الاضطراب: فَلاَ يطلق إلا عَلَى القادح. (¬8) انظر: مَعْرِفَة أنواع علم الحَدِيْث: 10ط نور الدين و 79طبعتنا، وإرشاد طلاب الحقائق 1/ 110 - 136، والتقريب والتيسير: 31 ط الخن و 76 طبعتنا، والاقتراح: 102، والمقنع 1/ 41، وشرح التبصرة والتذكرة 1/ 12 ط العلمية و 1/ 103طبعتنا، وفتح الباقي 1/ 14ط العلمية و 1/ 117 طبعتنا. (¬9) مَعْرِفَة أنواع علم الحَدِيْث: 85 ط نور الدين، و 193 طبعتنا.

المطلب الرابع أين يقع الاضطراب؟

رواته)) (¬1). وما ذكرته هُوَ الأصل في حكم الحَدِيْث المضطرب؛ لَكِنْ هَذَا لا يعني أن الاضطراب والصِّحَّة لا يجتمعان أبداً؛ بَلْ قَدْ يجتمعان، قَالَ الحافظ ابن حجر: ((إنَّ الاختلاف في الإسناد إذا كَانَ بَيْنَ ثقات متساوين، وتعذر الترجيح، فَهُوَ في الحقيقة لا يضر في قبول الحَدِيْث والحكم بصحته، لأَنَّهُ عن ثِقَة في الجملة. ولكن يضر ذَلِكَ في الأصحية عِنْدَ التعارض -مثلاً-. فحديث لَمْ يختلف فِيهِ عَلَى راويه (¬2) -أصلاً- أصح من حَدِيث اختلف فِيهِ في الجملة، وإن كَانَ ذَلِكَ الاختلاف في نَفْسه يرجع إلى أمر لا يستلزم القدح)) (¬3). وَقَدْ شرح السيوطي كلام الحافظ ابن حجر فَقَالَ: ((وقع في كلام شيخ الإسلام السابق: أن الاضطراب قَدْ يجامع الصِّحَّة؛ وَذَلِكَ بأن يقع الاختلاف في اسم رَجُل واحد وأبيه ونسبته ونحو ذَلِكَ، ويكون ثِقَة. فيحكم للحديث بالصحة ولايضر الاختلاف فِيْمَا ذَكَرَ مَعَ تسميته مضطرباً، وَفِي الصَّحِيْحَيْنِ أحاديث كثيرة بهذه المثابة؛ وكذا جزم الزَّرْكَشِيّ بِذَلِكَ في مختصره، فَقَالَ: قَدْ يدخل القلب والشذوذ والاضطراب في قِسْم الصَّحِيح والحَسَن)) (¬4). المطلب الرابع أين يقع الاضطراب؟ يقع الاضطراب في متن الحَدِيْث، ويقع في الإسناد وَقَدْ يقع ذَلِكَ من راوٍ واحدٍ وَقَدْ يقع بَيْنَ رواة لَهُ جَمَاعَة (¬5). وَقَدْ وجدت أحسن من فصل ذَلِكَ الحافظ العلائي فِيْمَا نقله عَنْهُ الحافظ ابن حجر فَقَدْ قَالَ: ((الاختلاف تارة في السَّنَد، وتارة في المَتْن. فالذي في السَّنَد يتنوع أنواعاً: أحدها: تعارض الوَصْل والإرسال. ثانيها: تعارض الوقف والرفع. ¬

_ (¬1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 245 ط العلمية، و 1/ 293 طبعتنا. (¬2) تحرفت في المطبوع من النكت إلى: ((رِوَايَة))، والتصويب من توضيح الأفكار 2/ 47. (¬3) النكت عَلَى كِتَاب ابن الصَّلاح 2/ 810. (¬4) تدريب الرَّاوِي 2/ 27. (¬5) مَعْرِفَة أنواع علم الحَدِيْث: 79 و193طبعتنا.

ثالثها: تعارض الاتصال والانقطاع. رابعها: أن يَرْوِي الحَدِيْث قوم -مثلاً- عن رَجُلٍ عن تابعي عن صَحَابِيّ، ويرويه غيرهم عن ذَلِكَ الرجل عن تابعي آخر عن الصَّحَابيّ بعينه. خامسها: زيادة رجلٍ في أحد الإسنادين. سادسها: الاختلاف في اسم الرَّاوِي ونسبه، إذا كَانَ متردداً بَيْنَ ثِقَة وضعيف)) (¬1). ثُمَّ تكلم -رَحِمَهُ اللهُ- عن مَسالِك العُلَمَاء واختلافهم في كيفية التعامل مَعَ هذِهِ الأنواع فَقَالَ: ((وإن المختلفين إما أن يَكُونوا متماثلين في الحفظ والإتقان أم لا. فالمتماثلون إما أن يَكُون عددهم من الجانبين سَوَاء أم لا، فإن استوى عددهم مَعَ استواء أوصافهم وجب التوقف حَتَّى يترجح أحد الطريقين بقرينة من القرائن، فمتى اعتضدت إحدى الطريقين بشيء من وجوه الترجيح حكم لَهَا. ووجوه الترجيح كثيرة لا تنحصر، وَلاَ ضابط لَهَا بالنسبة إلى جَمِيْع الأحاديث، بَلْ كُلّ حَدِيث يقوم بِهِ ترجيح خاص لا يخفى عَلَى الممارس الفطن الَّذِي أكثر من جمع الطرق؛ ولأجل هَذَا كَانَ مجال النظر في هَذَا أكثر من غيره. وإن كَانَ أحد المتماثلين أكثر عدداً فالحكم لَهُمْ عَلَى قَوْل الأكثر. وَقَدْ ذهب قوم إلى تعليله -وإن كَانَ من وصل أو رفع أكثر- وَالصَّحِيح خِلاَف ذَلِكَ. وأما غَيْر المتماثلين، فإما أن يتساووا في الثِّقَة أو لا، فإن تساووا في الثِّقَة، فإن كان من وصل أو رفع أحفظ فالحكم لَهُ، وَلاَ يلتفت إلى تعليل من علله بِذَلِكَ -أيضاً-[و] (¬2) إن كَانَ العكس، فالحكم للمرسل والواقف. وإن لَمْ يتساووا في الثِّقَة فالحكم للثقة، وَلاَ يلتفت إلى تعليل من علله برواية غَيْر الثِّقَة إذا خالف)) (¬3). ثُمَّ قَالَ: ((هذِهِ جملة تقسيم الاختلاف، وبقي إذا كَانَ رِجَال أحد الإسنادين أحفظ ورجال الآخر أكثر. فَقَدْ اختلف المتقدمون فِيهِ: فمنهم من يرى قَوْل الأحفظ أولى لإتقانه وضبطه. ومنهم من يرى قَوْل الأكثر أولى لبعدهم عن الوهم)) (¬4). ثُمَّ قَالَ - بَعْدَ أن علل لما سبق -: ((وأما النَّوع الرابع: وهُوَ الاختلاف في السَّنَد فَلاَ يخلو: إما أن يَكُون الرجلان ثقتين أم لا. فإن كانا ثقتين فَلاَ يضر الاختلاف عِنْدَ ¬

_ (¬1) النكت عَلَى كِتَاب ابن الصَّلاح: 777 - 778. (¬2) زيادة ضرورية لاستقامة النص. (¬3) النكت عَلَى كِتَاب ابن الصَّلاح لابن حجر 2/ 778 - 779. (¬4) المصدر نفسه 2/ 779.

الأكثر، لقيام الحجة بكل مِنْهما، فكيفما دار الإسناد كَانَ عن ثقة، وربما احتمل أن يَكُون الرَّاوِي سمعه مِنْهُمَا جميعاً، وَقَدْ وَجَدَ ذَلِكَ في كَثِيْر من الحَدِيْث، لَكِنْ ذَلِكَ يقوى حَيْثُ يَكُون الرَّاوِي مِمَّنْ لَهُ اعتناء بالطلب وتكثير الطرق)) (¬1). ثُمَّ قَالَ: ((وأما مَا ذهب إليه كَثِيْر من أهلِ الحَدِيْث من أن الاختلاف دليل عَلَى عدم ضبطه في الجملة فيضر ذَلِكَ وَلَوْ كَانَتْ رواته ثقات إلا أن يقوم دليل عَلَى أَنَّهُ عِنْدَ الرَّاوِي المختلف عَلَيْهِ عَنْهُمَا جميعاً أو بالطريقتين جميعاً؛ فَهُوَ رأي فِيهِ ضعف، لأَنَّهُ كيفما دار كَانَ عَلَى ثِقَة، وَفِي الصَّحِيْحَيْنِ من ذَلِكَ جملة أحاديث، لَكِنْ لابُدَّ في الحكم بصحة ذَلِكَ سلامته من أن يَكُون غلطاً أو شاذاً. وأما إذا كَانَ أحد الراويين المختلف فِيْهِمَا ضعيفاً لا يحتج بِهِ فههنا مجالٌ للنظر، وتكون تِلْكَ الطَّرِيق الَّتِي سمي ذَلِكَ الضَّعِيف فِيْهَا، وجعل الحَدِيْث عَنْهُ كالوقف أو الإرسال بالنسبة إلى الطريق الأخرى، فكل ما ذكر هناك من الترجيحات يجيء هنا. ويمكن أنْ يقال -في مِثْل هَذَا- يحتمل أن يَكُون الرَّاوِي إذا كَانَ مكثراً قَدْ سمعه مِنْهُمَا -أيضاً- كَمَا تقدم. فإن قِيلَ: إذا كَانَ الحَدِيْث عنده عن الثِّقَة، فَلِمَ يرويه عن الضَّعِيف؟ فالجواب: يحتمل أَنَّهُ لَمْ يطلع عَلَى ضعف شيخه أو اطلع (¬2) عَلَيْهِ، ولكن ذكره اعتماداً عَلَى صِحَّة الحَدِيْث عنده من الجهة الأخرى. وأما النَّوع الخامس: وَهُوَ زيادة الرجل بَيْنَ الرجلين في السند فسيأتي تفصيله في النَّوع السابع والثلاثين - إن شاء الله - فَهُوَ في مكانه (¬3). وأما النَّوع السادس: وَهُوَ الاختلاف في اسم الرَّاوِي ونسبه فَهُوَ عَلَى أقسام أربعة: القسم الأول: أن يبهم في طريق وَيُسَمَّى في أخرى، فالظاهر أن هَذَا لا تعارض فِيهِ؛ لأَنَّهُ يَكُون المُبْهَم في إحدى الرِّوَايَتَيْنِ هُوَ المعين في الأخرى، وعلى تقدير أن يَكُون غيره، فَلاَ تضر رِوَايَة من سماه وعرفه -إذا كَانَ ثِقَة- رواية من أبهمه. القِسْم الثَّانِي: أن يَكُون الاختلاف في العبارة فَقَطْ، والمَعْنَى بِهَا في الكل واحد، فإنَّ مِثْل هَذَا لا يعد اختلافاً -أيضاً- ولا يضر إذا كَانَ الرَّاوِي ثِقَة. ¬

_ (¬1) المصدر السابق 2/ 782 - 783. (¬2) في المطبوع (طلع)، ولعل الصَّوَاب مَا أثبت. (¬3) الكلام لابن حجر، وهذا النَّوْع هُوَ (مَعْرِفَة المزيد في متصل الأسانيد) وَلَمْ يقدر للحافظ أن يصل إِلَى هَذَا النَّوْع في نكته.

القسم الأول الاضطراب في السند

قُلْتُ (القائل ابن حجر): وبهذا يتبين أن تمثيل المصنف (¬1) للمضطرب بحديث أبي عَمْرو بن حريث لَيْسَ بمستقيم انتهى. القِسْم الثَّالِث: أن يقع التصريح باسم الرَّاوِي ونسبه لَكَن مَعَ الاختلاف في سياق ذَلِكَ)) (¬2). ثُمَّ ساق مثالاً لِذلِكَ، ثُمَّ قَالَ: ((القِسْم الرابع: أن يقع التصريح بِهِ من غَيْر اختلاف لَكِنْ يَكُون ذَلِكَ من متفقين: أحدهما ثِقَة، والآخر ضَعِيْف. أو أحدهما مستلزم الاتصال، والآخر الإرسال كَمَا قدمناه)) (¬3). ولما كَانَ الاضطراب يقع في السَّنَد والمَتْن رأيت أن أفصّل الاضطراب الواقع في السَّنَد؛ لأَنَّهُ الأهم والأكثر تشعباً مَعَ بيان أمثلته، ثُمَّ أسوق أثر ذَلِكَ في اختلاف الفُقَهَاء ثُمَّ الكلام عن اضطراب المَتْن. وَقَدْ جعلت كلاً مِنْهُمَا في نَوْعٍ مستقل: القسم الأول الاضطراب في السَّنَد بالنظر لما تمتع بِهِ الإسناد من أهمية في حياة الأمة الإسلامية كونه من أهم خصائصها، فَقَدْ حضي بالاهتمام من حَيْثُ الحفاظ عَلَيْهِ والتنقير والتفتيش عن صَحِيْحه وضَعِيْفه، وَقَدِ اهتم السلف الصالح بحفظ مئات الألوف من الأسانيد، وبينوا قويها من سقيمها حَتَّى خرجوا لَنَا ببحوث ونتائج قلّ نظيرها. والسند كَمَا يَكُون مِنْهُ الصَّحِيح والأصح، ففيه الضَّعِيف والمعلول، والَّذِي تدخله العلة من الأسانيد كَثِيْر لَيْسَ بقليل، وَقَدْ رأيت أن أحسن من صنفها الحافظ العلائي (¬4). وسأفصل الكلام عن كُلّ نَوْع بكلام مستقل: النَّوع الأول: تعارض الوَصْل والإرسال الوَصْل هنا بمعنى الاتصال، والاتصال هُوَ أحد الشروط الأساسية في صِحَّة الحَدِيْث، بَلْ هُوَ أولها، قَالَ العراقي في نظمه: وَأَهْلُ هَذَا الشَّأْنِ قَسَّمُوا السُّنَنْ ... إلى صَحِيْحٍ وَضَعِيْفٍ وَحَسَنْ ¬

_ (¬1) يعني: ابن الصَّلاح، مصنف مَعْرِفَة أنواع علم الحَدِيْث. (¬2) النكت عَلَى كتاب ابن الصَّلاح 2/ 785 - 786. (¬3) النكت عَلَى كتاب ابن الصَّلاح 2/ 787. وَقَدْ اضطررت لنقل هَذَا الكلام بطوله لجودته ونفاسته وصعوبة اختصاره، ولأنه تحقيق جد قَلَّ أن نجد مثله. (¬4) كَمَا نقله عَنْهُ الحافظ ابن حجر في نكته عَلَى ابن الصَّلاح 2/ 778، وَقَدْ سبقت الإشارة إِليهِ.

فَالأَوَّلُ الْمُتَّصِلُ الإسْنَادِ ... بِنَقْلِ عَدْلٍ ضَابِطِ الْفُؤَاد عَنْ مِثْلِهِ مِنْ غَيْرِ مَا شُذُوْذِ ... وَعِلَّةٍ قَادِحَةٍ فَتُوْذِي (¬1) وكل من عرّف الصَّحِيح أبتدأ أولاً بذكر الاتصال (¬2)، والاتصال: هُوَ سَمَاع الحَدِيْث لكل راوٍ من الرَّاوِي الَّذِي يليه (¬3). ويعرف الاتصال بتصريح الرَّاوِي بإحدى صيغ السَّمَاع الصريحة، وَهِيَ حَدَّثَنَا، وأخبرنا، وأنبأنا، وسمعت، وَقَالَ لَنَا، وغيرها من الصيغ. وهذا هُوَ الأصل. وربما حصل التصريح في السَّمَاع في بَعْض الأسانيد، لَكِنْ صيارفة الحَدِيْث ونقاده يحكمون بخطأ هَذَا التصريح، ثُمَّ الحكم عَلَى الرِّوَايَة بالانقطاع، قَالَ ابن رجب: ((وَكَانَ أحمد (¬4) يستنكر دخول التحديث في كَثِيْر من الأسانيد، ويقول: هُوَ خطأ، يعني ذكر السَّمَاع)) (¬5). وَقَدْ بحث ابن رجب ذَلِكَ بحثاً واسعاً، ثُمَّ قَالَ: ((وحينئذٍ ينبغي التفطن لهذه الأمور، وَلاَ يغتر بمجرد ذكر السَّمَاع والتحديث في الأسانيد، فَقَدْ ذكر ابن المديني: أن شُعْبَة وجدوا له غَيْر شيء يذكر فِيهِ الإخبار عن شيوخه، ويكون منقطعاً)) (¬6). وأعود إلى التفصيل السابق ثُمَّ أقول: أما إذا كَانَتِ الرِّوَايَة بصيغة من الصيغ المحتملة، مِثْل: عن، أو أن أو حدث، أو أخبر، أو قَالَ، فحينئذٍ يَجِبُ توفر شرطين في الرَّاوِي لحمل هذِهِ الصيغة عَلَى الاتصال: الشرط الأول: السلامة من التَّدْلِيْس، أي: أن لا يَكُون من رَوَى هكذا مدلساً. الشرط الثاني: المعاصرة وإمكان اللقاء، وَقَدِ اكتفى بهذين الشرطين كثيرٌ من المُحَدِّثِيْنَ، وأضاف عَلَي بن المديني والبُخَارِيّ وآخرون شرطاً ثالثاً، وَهُوَ: ثبوت اللقاء ¬

_ (¬1) التبصرة والتذكرة: 5 الأبيات (11 - 13). (¬2) انظر: مَعْرِفَة أنواع علم الحَدِيْث: 10، 79 طبعتنا، وإرشاد طلاب الحقائق 1/ 110، والتقريب 31، وطبعتنا 76، والاقتراح 152، والمنهل الروي 33، والخلاصة 35، والموقظة 24، واختصار علوم الحَدِيْث 21، والتذكرة 14، ومحاسن الاصطلاح 82، ونزهة النظر 82، والمختصر للكافيجي 113، وفتح المغيث 1/ 17،وألفية السيوطي 3 وتوضيح الأفكار 1/ 7، وظفر الأماني:120،وقواعد التحديث79. (¬3) مَعْرِفَة أنواع علم الحَدِيْث: 10، 79 طبعتنا. (¬4) يعني: الإمام أحمد بن حَنْبَل. (¬5) شرح علل التِّرْمِذِي 2/ 593. (¬6) شرح علل التِّرْمِذِي 2/ 594.

وَلَوْ مرة وَاحِدَة (¬1). والاتصال في السَّنَد لا يشترط أن يَكُون في طبقة وَاحِدَة فَقَطْ، بَلْ يشترط أن يَكُون من أول السَّنَد إلى آخره؛ فإذا اختل الاتصال في مَوْضِع من المواضع سمي السَّنَد منقطعاً، وَكَانَ يطلق عَلَيْهِ في القرون المتقدمة مرسلاً (¬2)، ثُمَّ استقر الاصطلاح بعد عَلَى أن المُرْسَل هُوَ: مَا أضافه التَّابِعيّ إلى النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - (¬3). ولما كَانَ الاتصال شرطاً للصحة فالانقطاع ينافي الصِّحَّة، إذن الانقطاع أمارة من أمارات الضعف؛ لأن الضَّعِيف مَا فَقَدْ شرطاً من شروط الصِّحَّة (¬4). والانقطاع قَدْ يَكُون في أول السَّنَد، وَقَدْ يَكُون في آخره، وَقَدْ يَكُون في وسطه، وَقَدْ يَكُون الانقطاع براوٍ واحد أو أكثر. وكل ذَلِكَ من نَوْع الانقطاع، والذي يعنينا الكلام عَلَيْهِ هنا هُوَ الكلام عن الانقطاع في آخر الإسناد، وَهُوَ مَا يُسَمَّى بالمرسل عِنْدَ المتأخرين، وَهُوَ مَا أضافه التَّابِعيّ إلى النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - (¬5). ¬

_ (¬1) صَحِيْح مُسْلِم 1/ 2، و1/ 29 ط مُحَمَّد فؤاد عَبْد الباقي، والمحدث الفاصل 450، ومعرفة علوم الحَدِيْث 34، والتمهيد 1/ 12، والكفاية (421ت،291هـ‍)، وإكمال المعلم 1/ 164، ومعرفة أنواع علم الحَدِيْث: 144 طبعتنا، وشرح علل التِّرْمِذِي لابن رجب 2/ 590، وشرح التبصرة والتذكرة 1/ 163 وطبعتنا 1/ 220، وفتح المغيث 1/ 165، وشرح ألفية السيوطي 32. (¬2) انظر: فتح المغيث 3/ 79. (¬3) انظر: الكفاية (58ت، 21هـ‍). (¬4) انظر: مَعْرِفَة أنواع علم الحَدِيْث: 37، و112طبعتنا، وإرشاد طلاب الحقائق 1/ 153، والتقريب والتيسير: 49و 93 طبعتنا، والمنهل الروي: 38، والمقنع 1/ 103، وشرح التبصرة والتذكرة 1/ 112، و 1/ 176 طبعتنا، وفتح الباقي 1/ 111 - 112، و 1/ 205 طبعتنا. (¬5) انظر في المُرْسَل: مَعْرِفَة علوم الحَدِيْث 25، والكفاية (58ت،21 هـ‍)، والتمهيد 1/ 19، وجامع الأصول 1/ 115، ومعرفة أنواع علم الحَدِيْث 47،و126طبعتنا وإرشاد طلاب الحقائق 1/ 167، والمجموع 1/ 60، والاقتراح 192، والتقريب:54،و99 طبعتنا، والمنهل الروي 42، والخلاصة 65، والموقظة 38، وجامع التحصيل 23، واختصار علوم الحَدِيْث 47، والبحر المحيط 4/ 403، والمقنع 1/ 129، وشرح التبصرة والتذكرة 1/ 144،و1/ 202طبعتنا، ونزهة النظر 109، والمختصر 128، وفتح المغيث 1/ 128، وألفية السيوطي 25، وشرح السيوطي عَلَى ألفية العراقي 159، وفتح الباقي 1/ 144،و 1/ 194طبعتنا، وتوضيح الأفكار 1/ 283، وظفر الأماني 343، وقواعد التحديث 133. ومما ينبغي التنبيه علية أن للعُلَمَاء في تعريف المُرْسَل وبيان صوره مناقشات، انظرها في نكت الزَّرْكَشِيّ 1/ 439 ومحاسن الاصطلاح 130، والتقييد والإيضاح 70، وشرح التبصرة والتذكرة 1/ 144،و 1/ 203طبعتنا، ونكت ابن حجر 2/ 540، والبحر الَّذِي زخر ل 113، وانظر تعليقنا عَلَى مَعْرِفَة أنواع علم الحَدِيْث: 128.

لِذلِكَ فإن الحَدِيْث إذ روي مرسلاً مرة، وروي مرة أخرى موصولاً، فهذا يعد من الأمور الَّتِي تعلُّ بِهَا بَعْض الأحاديث، ومن العلماء من لا يعدُّ ذَلِكَ علة، وتفصيل الأقوال في ذَلِكَ عَلَى النحو الآتي: القَوْل الأول: ترجيح الرِّوَايَة الموصولة عَلَى الرِّوَايَة المرسلة؛ لأَنَّهُ من قبيل زيادة الثِّقَة (¬1). القَوْل الثَّانِي: ترجيح الرِّوَايَة المرسلة (¬2). القَوْل الثَّالِث: الترجيح للأحفظ (¬3). القَوْل الرابع: الاعتبار لأكثر الرواة عدداً (¬4). القَوْل الخامس: التساوي بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ والتوقف (¬5). هَذَا ما وجدته من أقوال لأهل العِلْم في هذِهِ المسألة، وَهِيَ أقوال متباينةٌ مختلفة، وَقَدْ أمعنت النظر في صنيع المتقدمين أصحاب القرون الأولى، وأجلت النظر كثيراً في أحكامهم عَلَى الأحاديث الَّتِي اختلف في وصلها وإرسالها، فوجدت بوناً شاسعاً بَيْنَ قَوْل المتأخرين وصنيع المتقدمين، إذ إن المتقدمين لا يحكمون عَلَى الحَدِيْث أول وهلة، وَلَمْ يجعلوا ذَلِكَ تَحْتَ قاعدة كلية تطرد عَلَيْهَا جَمِيْع الاختلافات، وَقَدْ ظهر لي من خلال دراسة مجموعة من الأحاديث الَّتِي اختلف في وصلها وإرسالها: أن الترجيح لا يندرج تَحْتَ قاعدة كلية، لَكِنْ يختلف الحال حسب المرجحات والقرائن، فتارة ترجح الرِّوَايَة المرسلة وتارة ترجح الرِّوَايَة الموصولة. وهذه المرجحات كثيرة يعرفها من اشتغل بالحديث دراية ورواية وأكثر التصحيح والتعليل، وحفظ جملة كبيرة من الأحاديث، وتمكن في علم الرِّجَال وعرف دقائق هَذَا الفن وخفاياه حَتَّى صار الحَدِيْث أمراً ملازماً لَهُ مختلطاً بدمه ولحمه. ¬

_ (¬1) وهذا هُوَ الَّذِي صححه الخطيب في الكفاية (581ت،411هـ‍) ‍‍وَقَالَ ابن الصَّلاح في مَعْرِفَة أنواع علم الحَدِيْث:65، 155 طبعتنا: ((فما صححه هُوَ الصَّحِيح في الفقه وأصوله)). وانظر: المدخل: 40، وقواطع الأدلة 1/ 368 - 369، والمحصول 2/ 229، وجامع الأصول 1/ 170 وكشف الأسرار للبخاري 3/ 2، وجمع الجوامع 2/ 126. وَقَدْ نسب الإمام النَّوَوِيّ هَذَا القَوْل للمحققين من أهل الحَدِيْث، شرح صَحِيْح مسلم 1/ 145 ثُمَّ إن هَذَا القَوْل هُوَ الَّذِي صححه العراقي في شرح التبصرة 1/ 174، 1/ 227 طبعتنا. (¬2) هَذَا القَوْل عزاه الخطيب للأكثر من أهل الحَدِيْث (الكفاية: 580ت، 411 هـ‍). (¬3) هُوَ ظاهر كلام الإمام أحمد كَمَا ذكر ذَلِكَ ابن رجب الحنبلي في شرحه لعلل التِّرْمِذِي 2/ 631. (¬4) عزاه الحَاكِم في المدخل: 40 لأئمة الحَدِيْث، وانظر: مقدمة جامع الأصول 1/ 170، والنكت الوفية 136/أ. (¬5) هَذَا القَوْل ذكره السُّبْكِيّ في جمع الجوامع 2/ 124 وَلَمْ ينسبه لأحد.

ومن المرجحات: مزيد الحفظ، وكثرة العدد، وطول الملازمة للشيخ. وَقَدْ يختلف جهابذة الحديث في الحكم عَلَى حَدِيث من الأحاديث، فمنهم: من يرجح الرِّوَايَة المرسلة، ومنهم: من يرجح الرِّوَايَة الموصولة، ومنهم: من يتوقف. وسأسوق نماذج لِذلِكَ مَعَ بيان أثر ذَلِكَ في اختلاف الفُقَهَاء. مثال ذَلِكَ: رِوَايَة مَالِك بن أنس، عن زيد بن أسلم (¬1)، عن عطاء بن يسار (¬2)؛ أن رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((إذا شك أحدكم في صلاته فَلَمْ يدرِ كم صلى أثلاثاً أم أربعاً؟ فليصل رَكْعَة، وليسجد سجدتين وَهُوَ جالس قَبْلَ التسليم، فإن كَانَت الرَّكْعَة الَّتِي صلى خامسة شفعها بهاتين السجدتين، وإن كَانَتْ رابعة فالسجدتين ترغيم للشيطان)). هَذَا الحَدِيْث رَواهُ هكذا عن مَالِك جَمَاعَة الرواة مِنْهُمْ: 1 - سويد بن سعيد (¬3). 2 - عبد الرزاق بن همام (¬4). 3 - عبد الله بن مسلمة القعنبي (¬5). 4 - عَبْد الله بن وهب (¬6). 5 - عُثْمَان بن عُمَر (¬7). 6 - مُحَمَّد بن الحَسَن الشيباني (¬8). 7 - أبو مصعب الزُّهْرِيّ (¬9). 8 - يَحْيَى بن يَحْيَى الليثي (¬10). ¬

_ (¬1) هُوَ أبو عَبْد الله، وأبو أسامة زيد بن أسلم العدوي مولى عمر: ثقة وَكَانَ يرسل، توفي سنة (136 هـ‍). تهذيب الكمال 3/ 64 (2072)، وسير أعلام النبلاء 5/ 316، والتقريب (2117). (¬2) أبو مُحَمَّد عطاء بن يسار الهلالي المدني، مولى ميمونة: ثقة، توفي سنة (103 هـ‍). الثقات 5/ 199، وتهذيب الكمال 5/ 179 (4535)، وتاريخ الإسلام: 171 وفيات (103 هـ‍). (¬3) في موطئه (151). (¬4) كَمَا في مصنفه (3466). (¬5) عِنْدَ أبي دَاوُد (1026)، ومن طريقه البَيْهَقِيّ 2/ 338. (¬6) عند الطحاوي في شرح المعاني 1/ 433، والبيهقي في السُّنَن الكبرى 2/ 331. (¬7) عِنْدَ الطحاوي في شرح المعاني 1/ 433. (¬8) موطئه (138). (¬9) في موطئه (475)، ومن طريقه أخرجه البَغَوِيّ في شرح السُّنَّة (754) (¬10) في موطئه (252)

فَهؤلاء ثمانيتهم رووه عن مَالِك، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، بِهِ مرسلاً. والحديث رَواهُ الوليد بن مُسْلِم (¬1)، ويَحْيَى بن راشد (¬2) المازني (¬3) عن مَالِك، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد، بِهِ - متصلاً -. هكذا اختلف عَلَى الإمام مَالِك بن أنس في وصل هَذَا الحَدِيْث وإرساله، والراجح فِيهِ الوَصْل، وإن كَانَ رواة الإرسال أكثر وَهُوَ الصَّحِيح من رِوَايَة مَالِك (¬4)، لما يأتي: وَهُوَ أن الإِمَام مالكاً توبع عَلَى وصل هَذَا الحَدِيْث: فَقَدْ رَواهُ فليح بن سليمان (¬5)، وعبد العزيز بن عَبْد الله (¬6) بن أبي سلمة (¬7)، وسليمان بن بلال (¬8)، ومُحَمَّد (¬9) بن مطرف (¬10)، ومُحَمَّد بن عجلان (¬11) خمستهم (¬12) رووه عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخُدْرِيّ، بِهِ متصلاً. وَقَدْ ¬

_ (¬1) عِنْدَ ابن حبان (2659) وط الرسالة (2663)،والبيهقي2/ 338 - 339،وابن عَبْد البر في التمهيد 5/ 19. (¬2) أبو سعيد البصري يَحْيَى بن راشد المازني: ضعيف. الثقات 7/ 601، وتهذيب الكمال 8/ 32 (7418)، والتقريب (7545). (¬3) عِنْدَ ابن عَبْد البر في التمهيد 5/ 20. (¬4) انظر: التمهيد 5/ 21. (¬5) عِنْدَ أحمد 3/ 72، والدارقطني 1/ 375. (¬6) هُوَ أبو عَبْد الله، ويقال: أبو الأصبغ عَبْد العزيز بن عَبْد الله بن أبي سلمة الماجشون المدني الفقيه، توفي سنة (166 هـ‍). الجرح والتعديل 5/ 386، وتهذيب الكمال 4/ 520 و 521 (4043)، وسير أعلام النبلاء 7/ 309. (¬7) عِنْدَ أحمد 3/ 84، والدارمي (1503)، وَالنَّسَائِيّ 3/ 27، وَفِي الكبرى (1162)،وابن الجارود (241)، وابن خزيمة (1024)، وأبي عوانة 2/ 210، والطحاوي في شرح المعاني 1/ 433، والدارقطني 1/ 371، والبيهقي 2/ 331. (¬8) عِنْدَ أحمد 3/ 83، وَمُسْلِم 2/ 84 (571) (88)، وأبي عوانة 2/ 192 - 193، وابن حبان (2665) وط الرسالة (2669)، والبيهقي 2/ 331. (¬9) الإِمَام الحَافِظ مُحَمَّد بن مطرف بن داود أبو غسان المدني، ولد قَبْلَ المئة، وتوفي بَعْدَ (160 هـ‍). تهذيب الكمال 6/ 519 (6205)، وسير أعلام النبلاء 7/ 296، وتذكرة الحفاظ 1/ 242. (¬10) عِنْدَ أحمد 3/ 87. (¬11) عِنْدَ ابن ماجه (1210)، وَالنَّسَائِيّ 3/ 27، وَفِي الكبرى (1162)، والطحاوي في شرح المعاني 1/ 433، وابن حبان (2663) وَفِي ط الرسالة (2667). (¬12) وَقَدْ ذكر ابن عَبْد البر في التمهيد 5/ 18 - 19 غيرهم هشام بن سعد وداود بن قيس، وَلَمْ أقف عَلَى رواياتهم.

أثر هذا الحديث في اختلاف الفقهاء (موضع سجود السهو)

خالفهم جميعاً يعقوب بن عَبْد الرحمان (¬1) القَارّي (¬2)؛ فرواه عن زيد بن أسلم، عن عطاء، مرسلاً. لَكِنْ روايته لَمْ تقاوم أمام رِوَايَة الجَمْع (¬3). إذن فالراجح في رِوَايَة هَذَا الحَدِيْث الوَصْل لكثرة العدد وشدة الحفظ. قَالَ الحافظ ابن عَبْد البر: ((والحَدِيْث مُتَّصِل مُسْنَد صَحِيْح، لا يضره تقصير من قصر بِهِ في اتصاله؛ لأن الَّذِيْنَ وصلوه حُفَّاظ مقبولةٌ زيادتهم (¬4))). وَقَالَ في مَوْضِع آخر: ((قَالَ الأثرم: سألت أحمد بن حَنْبَل عن حَدِيث أبي سعيد في السهو، أتذهب إليه؟ قَالَ: نعم، أذهب إِليهِ، قلتُ: إنهم يختلفون في إسناده، قَالَ: إِنَّمَا قصر بِهِ مَالِك، وَقَدْ أسنده عدة، مِنْهُمْ: ابن عجلان، وعبد العزيز بن أبي سلمة (¬5))). ثُمَّ إن هَذَا الحَدِيْث قَدْ تناوله الإمام العراقي الجهبذ أَبُو الحَسَن الدَّارَقُطْنِيّ في علله (¬6) وانتهى إلى ترجيح الرِّوَايَة المسندة. أثر هَذَا الحَدِيْث في اختلاف الفُقَهَاء (مَوْضِع سجود السهو) اختلف الفُقَهَاء في مَوْضِع سجود السهو؛ فذهب أكثر العُلَمَاء إِلَى تصحيح الرِّوَايَة الموصولة، وأخذوا بالحَدِيْث السابق، وقالوا: إن السجود كله قَبْلَ السلام، وَهُوَ قَوْل أكثر الفُقَهَاء، وإليه ذهب الشَّافِعيّ (¬7)، وأحمد في رِوَايَة (¬8). وحَدِيث أبي سعيد نَص صريح عَلَى أن السجود في الزيادة قَبْلَ السلام. واحتجوا لِذلِكَ أيضاً بما رَواهُ عبدالله بن بحينة (¬9)؛ قَالَ: ((صلى لَنَا رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - رَكْعَتَيْنِ من بَعْض الصلوات. ثُمَّ قام فَلَمْ يجلس. فقام الناس مَعَهُ فَلَمَّا قضى صلاته، ونظرنا تسليمه كبر ¬

_ (¬1) هُوَ يعقوب بن عَبْد الرحمان بن مُحَمَّد بن عَبْد الله بن عَبْد القاري المدني، توفي سنة (181 هـ‍). الثقات 7/ 644، والأنساب 4/ 407، وتهذيب الكمال 8/ 174 (7690). (¬2) عِنْدَ أبي دَاوُد (1027). (¬3) عَلَى أن ابن عَبْد البر ذكر في التمهيد 5/ 18 - 19 آخرين رووه مرسلاً، لَمْ أقف عَلَى رواياتهم. (¬4) التمهيد 5/ 19. (¬5) التمهيد 5/ 25. (¬6) 11/ 260 - 263 س (2274). (¬7) انظر: الأم 1/ 130، والحاوي 2/ 277، والمهذب 1/ 99، وروضة الطالبين 1/ 315. (¬8) انظر: المغني 1/ 674، والمحرر 1/ 85، وتنقيح التحقيق 1/ 467، وشرح الزَّرْكَشِيّ 1/ 362. (¬9) هُوَ أَبُو مُحَمَّد الأزدي عَبْد الله بن مالك بن القشب بن بحينة، وبحينة اسم أمه، توفي آخر أيام معاوية. أسد الغابة 3/ 250، وتجريد أسماء الصَّحَابَة 1/ 332، والإصابة 2/ 364.

فسجد سجدتين، وَهُوَ جالس قَبْلَ التسليم ثُمَّ سلم (¬1))). وهذا صريح في أنَّ السجود من النقص يَكُون قَبْلَ السلام ... وخالف في ذَلِكَ بَعْض الفُقَهَاء، فذهبوا إلى أن سجود السهو كله بَعْدَ السلام، روي هَذَا عن بَعْض السلف، وإليه ذهب أَبُو حَنِيْفَة (¬2). والحجة لَهُمْ 1 - ما صح عن زياد بن علاقة، قَالَ: ((صلى بنا المغيرة بن شُعْبَة؛ فنهض في الرَّكْعَتَيْنِ؛ فسبح بِهِ من خلفه؛ فأشار إليهم: قوموا؛ فلما فرغ من صلاته، وسلم، ثُمَّ سجد سجدتين للسهو؛ فلما انصرف، قَالَ: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصنع كَمَا صنعت)) (¬3). وهذا الحَدِيْث صححه الإمام التِّرْمِذِي (¬4) وَقَالَ: ((والعَمَل عَلَى هَذَا عِنْدَ أهل العِلْم)) ثُمَّ قَالَ: ((ومن رأى قَبْلَ التسليم فحديثه أصح (¬5))). 2 - مَا صَحَّ عن أَبِي هُرَيْرَة: ((أن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - انصرف من اثنتين فَقَالَ ذو اليدين (¬6): أقصرت ¬

_ (¬1) أخرجه مَالِك (1391) برواية مُحَمَّد بن الحَسَن الشيباني، (81) برواية عَبْد الرحمان بن القاسم، (153) برواية سويد بن سعيد، (480) و (481) برواية أبي مصعب الزُّهْرِيّ، (256) و (257) برواية الليثي)، وعبد الرزاق (3449) و (3450) و (3451) والحميدي (903) و (904)، وابن أبي شَيْبَة (4448) و (4494)، وأحمد 5/ 345 و 346، والدارمي (1507) و (1508)، والبخاري 1/ 210 (829) و (830) و2/ 85 (1224) و (1225) و 2/ 87 (1230) و 8/ 170 (6670)، وَمُسْلِم 2/ 83 (570) (85) و (86) و (87)، وأبو داود (1034) و (1035)، وابن ماجه (1206) و (1207)، والترمذي (391)، وَالنَّسَائِيّ 2/ 244 و 3/ 19 و20 و34 وَفِي الكبرى، لَهُ (596) و (597) و (598) و (599) و (600) و (601) و (603) و (604) و (765) و (766) و (1145) و (1146) و (1184)، وأبو يعلى (2639)، وابن خزيمة (1029) و (1030) و (1031)، وأبو عوانة 2/ 211 - 212، والطحاوي في شرح المعاني 1/ 438، وابن حبان (2672) و (2673) و (2674) و (2675) و (2676) وَفِي ط الرسالة (2676) و (2677) و (2678) و (2679) و (2680)، والطبراني في الأوسط (1621) و (7482)، والدَّارَقُطْنِيّ 1/ 377، والحَاكِم 1/ 322، وابن حزم في المحلى 4/ 172، والبَيْهَقِيّ 2/ 334 و 340 و 344، والبغوي (757) و (758). (¬2) الحجة عَلَى أهل المدينة 1/ 223، والمبسوط 2/ 112، وبدائع الصنائع 1/ 172، والهداية 1/ 51، والاختيار 1/ 72 وشرح فتح القدير 1/ 355. (¬3) أخرجه الطَيَالِسِيّ (695)، وأحمد 4/ 247 و 248 و 253 و 254، والدارمي (1509)، وأبو دَاوُد (1037)، والتِّرْمِذِي (364) و (365)، والطحاوي في شرح المعاني 1/ 439. (¬4) جامع التِّرْمِذِي 1/ 392 عقب (365). (¬5) جامع التِّرْمِذِي 1/ 391 عقب (364). (¬6) هُوَ الصَّحَابِيّ الخرباق بن عَمْرو - رضي الله عنه - من بني سليم. تهذيب الأسماء واللغات 1/ 185، وتجريد أسماء الصَّحَابَة 1/ 170، والإصابة 1/ 489.

الصَّلاَة، أم نسيت يا رَسُوْل الله؟ فَقَالَ رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم -: أصدق ذو اليدين؟ فَقَالَ الناس: نعم، فقام رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى اثنتين أخريين، ثُمَّ سلم، ثُمَّ كبر فسجد ... الحَدِيْث)) (¬1). وهذا دليل عَلَى أن السجود من الزيادة يَكُون بَعْدَ السلام؛ لأن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - تكلم. وَفِي رِوَايَة مُسْلِم: ((أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاَة والسلام قام فدخل المنْزل))، والمشي والكلام زيادة (¬2). 3 - مَا روي عن ثوبان، عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((لكل سهوٍ سجدتان بَعْدَ السلام)) (¬3). وهذا الحَدِيْث ضعفه البَيْهَقِيّ (¬4). وأجيب: بأن إسماعيل إذا حدّث عن أهل بلده فروايته عَنْهُمْ صَحِيْحَة، وهذا مِنْها (¬5). إلا أن علة الحَدِيْث زُهَيْر بن سالم العنسي (¬6) قَالَ عَنْهُ الدَّارَقُطْنِيّ: ((حمصي منكر لَمْ يَسْمَع من ثوبان)) (¬7). ¬

_ (¬1) أخرجه مَالِك (128) و (156) برواية عَبْد الرحمان بن القاسم، (149) برواية سويد بن سعيد، (470) و (471) برواية أَبِي مصعب الزُّهْرِيّ، (247) و (248) برواية الليثي، وعبد الرزاق (3441) و (3442) و (3447) و (3448) و (3465)، والحميدي (983) و (984)، وأحمد 2/ 234 و247 و271 و284 و 386 و 420 و 423 و 447 و 459 و 468 و 532، والدارمي (1504) و (1505)، والبُخَارِيّ 1/ 129 (482) و 1/ 183 (714) و 2/ 86 (1228) و (1229) و8/ 20 (6051) و 9/ 108 (7250)، وَمُسْلِم 2/ 86 (573) (97) و (98)، وأبو دَاوُد (1008) و (1009) و (1010) و (1011) و (1012) و (1013) و (1014)، وابن ماجه (1214)، والتِّرْمِذِي (394) و (399)، والنَّسَائِيّ (3/ 20و22و 24 و 25 و 26 وَفِي الكبرى لَهُ (572) و (573) و (574) و (1147) و (1148) و (1157) و (1158)، وابن الجارود (243)، وابن خزيمة (860) و (1035) و (1036) و (1037) و (1038) و (1040) و (1042) و (1043) و (1044) و (1045) و (1051)، وأبو عوانة 2/ 195، والطحاوي في شرح المعاني 1/ 439 و444 و 445، وابن حبان (2249) و (2251) و (2252) و (2253) و (2254) و (2255) و (2256)، والبيهقي 2/ 335 و 346 و 353 و 354 و 356 و 358 - 359، وابن عَبْد البر في التمهيد 2/ 311، والبَغَوِيّ (759). (¬2) فقه الإمام سعيد 1/ 262. (¬3) أخرجه الطَيَالِسِيّ (997)، وعبدالرزاق (3533)، وابن أبي شَيْبَة (4483)، وأحمد 5/ 280، ... وأبو دَاوُد (1038)، وابن ماجه (1219)، والطبراني في الكبير (1412)، والبيهقي 2/ 337، والمزي في تهذيب الكمال 3/ 35 في ترجمة (زُهَيْر بن سالم العنسي). (¬4) السُّنَن الكبرى 2/ 337. (¬5) فقه الإمام سعيد 1/ 262. (¬6) أبو المخارق الشامي زهير بن سالم العنسي: صدوق وَكَانَ يرسل. تهذيب الكمال 3/ 35 (1996)، وميزان الاعتدال 2/ 83، والتقريب (2043). (¬7) ميزان الاعتدال 2/ 83.

وذهب بَعْض الفُقَهَاء إِلَى: أن السجود إذا كَانَ عن نقص في الصَّلاَة فمحله قَبْلَ السلام، وإذا كَانَ زيادة فمحله بَعْدَ السلام، وَهُوَ مَذْهَب مَالِك (¬1) وأحد قَوْلي الشَّافِعيّ (¬2)، وإحدى الرِّوَايَتَيْنِ عن الإمام أحمد (¬3). والحجة لَهُمْ: حَدِيث عَبْد الله بن بحينة السابق؛ فإنّ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - سجد لتركه التشهد الأول سجدتين قَبْلَ السلام؛ وهذا من نقصٍ في الصَّلاَة؛ فحملوا عَلَيْهِ كُلّ نقص، وجعلوا السجود لأجله قَبْلَ السلام. واستدلوا بحديث ذي اليدين؛ فإن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - سجد بَعْدَ السلام، لما حصل في الصَّلاَة من زيادة الكلام والمشي؛ فحملوا عَلَيْهِ كُلّ زيادة وجعلوا السجود لأجلها بَعْدَ السلام (¬4). وذهب بعضهم إِلَى: أن السجود كله قَبْلَ السلام إلا في موضعين، فيكون بَعْدَ السلام، وهما: إذا سلم من نقص في صلاته، أو تحرى الإمام فبنى عَلَى غالب ظنه. وبذلك قَالَ أبو خيثمة، وسليمان بن دَاوُد، وَهُوَ رِوَايَة عن الإمام أحمد (¬5)، واختاره بَعْض الشافعية (¬6)، وَهُوَ مَذْهَب الظاهرية (¬7). والحجة لَهُمْ: أن السجود إنما شرع لجبر خلل وقع في الصَّلاَة؛ فالمعقول أن يَكُون محله قَبْلَ السلام، ويستثنى من ذَلِكَ مَا ورد النص بأنه يَكُون بَعْدَ السلام، وَقَدْ ورد ذَلِكَ في النقص، وَهُوَ حَدِيث عبدالله بن بحينة. وفيما إذا تحرى الشاك فبنى عَلَى غالب ظنه؛ وَذَلِكَ لما صَحَّ عن ابن مَسْعُود - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصَّوَاب، وليتم عليه ثُمَّ ليسلم ثُمَّ يسجد سجدتين)) (¬8). ¬

_ (¬1) المدونة الكبرى 1/ 134، والمنتقى 1/ 183. (¬2) المجموع 4/ 155. (¬3) المغني 1/ 674، وشرح الزَّرْكَشِيّ 1/ 361 - 362. وانظر: حلية العُلَمَاء 2/ 178 - 179، وبداية المجتهد 1/ 139. (¬4) فقه الإمام سعيد 1/ 262. (¬5) المغني 1/ 674. (¬6) المهذب 1/ 99، وحاشية الجمل عَلَى شرح المنهج 1/ 465. (¬7) المحلى 4/ 171. (¬8) أخرجه الطَيَالِسِيّ (271)، وأحمد 1/ 376 و 379 و 419 و 424 و 438 و 443 و 455 و 465، والدارمي (1506)، والبُخَارِيّ 1/ 110 (401) و 1/ 111 (404) و 8/ 170 (6671) و 9/ 108 (7249)، ومسلم 2/ 84 (572) (89) و (90) و2/ 85 (572) (90) و (91) و (94) و2/ 86 (572) (95)، وأبو دَاوُد (1019) و (1020) و (1021) و (1022)، وابن ماجه (1203) و (1205) و (1211) و (1212) و (1218)، والتِّرْمِذِي (392)،والنَّسَائِيّ 3/ 28و29و31و32 وفي الكبرى =

النوع الثاني: تعارض الوقف والرفع

النَّوع الثَّانِي: تعارض الوقف والرفع الوقف: مَصْدَر للفعل وقف وَهُوَ مَصْدَر بمعنى المفعول، أي مَوْقُوْف (¬1). والمَوْقُوْف: هُوَ مَا يروى عن الصَّحَابَة - رضي الله عنهم - من أقوالهم، أو أفعالهم ونحوها فيوقف عَلَيْهِمْ وَلاَ يتجاوز بِهِ إلى رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم -. (¬2) والرَّفْع: مَصْدَر للفعل رَفَعَ، وَهُوَ مَصْدَر بمعنى المفعول، أي: مَرْفُوْع (¬3)، والمَرْفُوْع: هُوَ مَا أضيف إلى رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - خَاصَّة (¬4). والاختلاف في بَعْض الأحاديث رفعاً ووقفاً أمرٌ طبيعي، وجد في كثيرٍ من الأحاديث، والحَدِيْث الواحد الَّذِي يختلف بِهِ هكذا محل نظر عِنْدَ المُحَدِّثِيْنَ، وَهُوَ أن المُحَدِّثِيْنَ إذا وجدوا حديثاً روي مرفوعاً إلى النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ نجد الحَدِيْث عينه قَدْ روي ¬

_ = له (581) (578) (579) (1163) و (1164) و (1165) و (1167) و (1177)، وابن الجارود (244)، وابن خزيمة (1028) و (1055) و (1056) و (1057)، وأَبُو عوانة 2/ 200 و201 - 202، والطحاوي في شرح المعاني 1/ 434، والشاشي (304) و (306) و (307)، وابن حبان (2656) و (2658) و (2659) و (2661) و (2662) و (2682)، والطبراني في الكبير (9825) و (9826) و (9827) و (9829) و (9830) و (9832) و (9847)، والدَّارَقُطْنِيّ 1/ 375 و376 و377، والبَيْهَقِيّ 2/ 14 - 15 و330 و335 - 336و 343، وأبو نُعَيْم في الحلية 4/ 233. (¬1) انظر: لسان العرب 9/ 360 (وقف). (¬2) انظر في الموقوف: مَعْرِفَة علوم الحَدِيْث:19، والكفاية (58 ت، 21هـ‍)، والتمهيد 1/ 25، ومعرفة أنواع علم الحَدِيْث: 41 - 42،و117 طبعتنا، والإرشاد 1/ 158، والتقريب: 51، 95 طبعتنا، والاقتراح 194، والمنهل الروي:40،والخلاصة:64،والموقظة: 41، واختصار علوم الحَدِيْث: 45، والمقنع 1/ 114، وشرح التبصرة والتذكرة 1/ 123،و1/ 184 طبعتنا، ونزهة النظر:154،والمختصر: 145،وفتح المغيث 1/ 103، وألفية السيوطي 21، وشرح السيوطي عَلَى ألفية العراقي 146، وفتح الباقي 1/ 123، 1/ 177 طبعتنا، وتوضيح الأفكار 1/ 261، وظفر الأماني: 325، وقواعد التحديث: 130. (¬3) انظر: مقاييس اللغة 2/ 423، مادة (رفع). (¬4) انظر: في المَرْفُوْع: الكفاية (58ت، 21هـ‍)، والتمهيد 1/ 25، ومعرفة أنواع علم الحَدِيْث: 117 طبعتنا وإرشاد طلاب الحقائق 1/ 157، والتقريب 50، و 94 طبعتنا، والاقتراح: 195، والمنهل الروي: 40، والخلاصة:46، والموقظة: 41، واختصار علوم الحَدِيْث: 45، والمقنع 1/ 113، وشرح التبصرة والتذكرة 1/ 116، و1/ 181 طبعتنا، ونزهة النظر: 140، والمختصر: 119، وفتح المغيث 1/ 98، وألفية السيوطي: 21، وشرح السيوطي عَلَى ألفية العراقي: 143، وفتح الباقي 1/ 116، و1/ 171 طبعتنا، وتوضيح الأفكار 1/ 254، وظفر الأماني: 227، وقواعد التحديث 123.

عن الصَّحَابيّ نفسه موقوفاً عَلَيْهِ، فهنا يقف النقاد أزاء ذَلِكَ؛ لاحتمال كون المَرْفُوْع خطأً من بَعْض الرواة والصَّوَاب الوقف، أو لاحتمال كون الوقف خطأ والصَّوَاب الرفع؛ إذ إن الرفع علة للموقوف والوقف علة للمرفوع. فإذا حصل مِثْل هَذَا في حَدِيث ما، فإنه يَكُون محل نظر وخلاف عِنْدَ العُلَمَاء وخلاصة أقوالهم فِيْمَا يأتي: إذا كَانَ السَّنَد نظيفاً خالياً من بقية العلل؛ فإنّ للعلماء فِيهِ الأقوال الآتية: القَوْل الأول: يحكم للحديث بالرفع لأن راويه مثبت وغيره ساكت، وَلَوْ كَانَ نافياً فالمثبت مقدم عَلَى النافي؛ لأَنَّهُ علم ما خفي، وَقَدْ عدوا ذَلِكَ أيضاً من قبيل زيادة الثِّقَة، وَهُوَ قَوْل كَثِيْر من المُحَدِّثِيْنَ، وَهُوَ قَوْل أكثر أهل الفقه والأصول (¬1)، قَالَ العراقي: ((الصَّحِيح الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُور أن الرَّاوِي إذا رَوَى الحَدِيْث مرفوعاً وموقوفاً فالحكم للرفع، لأن مَعَهُ في حالة الرفع زيادة، هَذَا هُوَ المرجح عِنْدَ أهل الحَدِيْث)) (¬2). القَوْل الثَّانِي: الحكم للوقف (¬3). القَوْل الثَّالِث: التفصيل فالرفع زيادة، والزيادة من الثِّقَة مقبولة، إلا أن يوقفه الأكثر ويرفعه واحد، لظاهر غلطه (¬4). والترجيح برواية الأكثر هُوَ الذي عَلَيْهِ العَمَل عِنْدَ المُحَدِّثِيْنَ؛ لأن رِوَايَة الجمع إذا كانوا ثقات أتقن وأحسن وأصح وأقرب للصواب؛ لذا قَالَ ابن المبارك: ((الحفاظ عن ابن شهاب ثلاثةٌ: مَالِك ومعمر وابن عيينة، فإذا اجتمع اثنان عَلَى قولٍ أخذنا بِهِ، وتركنا قَوْل الآخر)) (¬5). قَالَ العلائي: ((إن الجماعة إذا اختلفوا في إسناد حَدِيث كَانَ القَوْل فِيْهِمْ للأكثر عدداً أو للأحفظ والأتقن ... ويترجح هَذَا أيضاً من جهة المَعْنَى، بأن مدار قبول خبر ¬

_ (¬1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 177، و 1/ 233 طبعتنا، ومقدمة جامع الأصول 1/ 170، وفتح المغيث 1/ 194، والمحصول 2/ 229 - 230، والكفاية (588ت-417هـ‍)، شرح ألفية السيوطي 29. (¬2) فتح المغيث 1/ 168 ط عَبْد الرحمان مُحَمَّد عُثْمَان، و 1/ 195 ط عويضة. (¬3) مقدمة جامع الأصول 1/ 170، فتح المغيث 1/ 194، شرح ألفية السيوطي: 29. (¬4) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 179، 1/ 233 طبعتنا، وفتح المغيث 1/ 195، وشرح ألفية السيوطي:29. (¬5) نقله عَنْهُ النَّسَائِيّ في السُّنَن الكبرى 1/ 632 عقيب (2072)، ونقله عَنْهُ العلائي في نظم الفرائد:367 بلفظ: ((حُفَّاظ علم الزُّهْرِيّ ثلاثة: مَالِك ومعمر وابن عيينة، فإذا اختلفوا أخذنا بقول رجلين مِنْهُمْ)).

الواحد عَلَى غلبة الظن، وعند الاختلاف فِيْمَا هُوَ مقتضى لصحة الحَدِيْث أو لتعليله، يرجع إلى قَوْل الأكثر عدداً لبعدهم عن الغلط والسهو، وَذَلِكَ عِنْدَ التساوي في الحفظ والإتقان. فإن تفارقوا واستوى العدد فإلى قَوْل الأحفظ والأكثر إتقاناً، وهذه قاعدة متفق عَلَى العَمَل بِهَا عِنْدَ أهل الحَدِيْث)) (¬1). القَوْل الرابع: يحمل المَوْقُوْف عَلَى مَذْهَب الرَّاوِي، والمُسْنَد عَلَى أَنَّهُ روايته فَلاَ تعارض (¬2). وَقَدْ رجح الإمام النَّوَوِيّ من هذِهِ الأقوال القَوْل الأول (¬3)، ومشى عَلَيْهِ في تصانيفه، وأكثر من القَوْل بِهِ. والذي ظهر لي - من صنيع جهابذة المُحَدِّثِيْنَ ونقادهم -: أنهم لا يحكمون عَلَى الحَدِيْث الَّذِي اختلف فِيهِ عَلَى هَذَا النحو أول وهلة، بَلْ يوازنون ويقارنون ثُمَّ يحكمون عَلَى الحَدِيْث بما يليق بِهِ، فَقَدْ يرجحون الرِّوَايَة المرفوعة، وَقَدْ يرجحون الرِّوَايَة الموقوفة، عَلَى حسب المرجحات والقرائن المحيطة بالروايات؛ فعلى هَذَا فإن حكم المُحَدِّثِيْنَ في مِثْل هَذَا لا يندرج تَحْتَ قاعدة كلية مطردة تقع تحتها جَمِيْع الأحاديث؛ لِذلِكَ فإن مَا أطلق الإمام النَّوَوِيّ ترجيحه يمكن أن يَكُون مقيداً عَلَى النحو الآتي: الحكم للرفع - لأن راويه مثبت وغيره ساكت، وَلَوْ كَانَ نافياً فالمثبت مقدم عَلَى النافي؛ لأَنَّهُ علم مَا خفي -، إلا إذَا قام لدى الناقد دليل أو ظهرت قرائن يترجح معها الوقف. وسأسوق أمثلة لأحاديث اختلف في رفعها ووقفها متفرعة عَلَى حسب ترجيحات المُحَدِّثِيْنَ. فمثال مَا اختلف في رفعه ووقفه وكانت كلتا الرِّوَايَتَيْنِ صَحِيْحَة: حَدِيث عَلِيٍّ - رضي الله عنه -: ((ينضح من بول الغلام، ويغسل بول الجارية)). قَالَ الإمام التِّرْمِذِي: ((رفع هشام الدستوائي هَذَا الحَدِيْث عن قتادة وأوقفه سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، وَلَمْ يرفعه)) (¬4). وَقَالَ الحافظ ابن حجر: ((إسناده صَحِيْح إلا أَنَّهُ اختلف في رفعه ووقفه، وَفِي ¬

_ (¬1) نظم الفرائد: 367. (¬2) فتح المغيث 1/ 168 ط عَبْد الرحمان مُحَمَّد، و 1/ 195 ط عويضة. (¬3) مقدمة شرح النَّوَوِيّ عَلَى صَحِيْح مُسْلِم 1/ 25، والتقريب: 62 - 63، و 107 - 108 طبعتنا، والإرشاد 1/ 202. (¬4) جامع التِّرْمِذِي عقب حَدِيث (610).

وصله وإرساله، وَقَدْ رجح البُخَارِيّ صحته وكذا الدَّارَقُطْنِيّ)) (¬1). والرواية المرفوعة: رواها معاذ بن هشام (¬2)، قَالَ: حَدَّثَني أبي (¬3)، عن قتادة (¬4)، عن أبي حرب بن أبي الأسود (¬5)، عن أبيه (¬6)، عن عَلِيّ بن أبي طالب، مرفوعاً (¬7). قَالَ البزار: ((هَذَا الحَدِيْث لا نعلمه يروى عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، إلا من هَذَا الوجه بهذا الإسناد، وإنما أسنده معاذ بن هشام، عن أبيه، وَقَدْ رَواهُ غَيْر معاذ بن هشام، عن قتادة، عن أبي حرب، عن أبيه، عن عَلِيّ، موقوفاً)) (¬8). أقول: إطلاق البزار في حكمه عَلَى تفرد معاذ بن هشام بالرفع غَيْر صَحِيْح إِذْ إن معاذاً قَدْ توبع عَلَى ذَلِكَ تابعه عَبْد الصمد بن عَبْد الوارث (¬9) عِنْدَ أحمد (¬10)، والدارقطني (¬11)، لذا فإن قَوْل الدَّارَقُطْنِيّ كَانَ أدق حِيْنَ قَالَ: ((يرويه قتادة، عن أبي حرب بن أبي الأسود، عن أبيه، رفعه هشام بن أبي عَبْد الله من رِوَايَة ابنه معاذ ¬

_ (¬1) التلخيص الحبير طبعة العلمية 1/ 187، وطبعة شعبان 1/ 50. (¬2) هُوَ معاذ بن هشام بن أبي عَبْد الله الدستوائي، البصري، وَقَدْ سكن اليمن، (صدوق رُبَّمَا وهم)، مات سنة مئتين، أخرج حديثه أصحاب الكُتُب الستة. التقريب (6742). (¬3) هُوَ هشام بن أبي عَبْد الله: سَنْبَر - بمهملة ثُمَّ نون موحدة، وزن جَعْفَر -، أبو بَكْر البصري الدستوائي، (ثِقَة، ثبت)، مات سنة مئة وأربع وخمسين، أخرج حديثه أصحاب الكُتُب الستة. الطبقات لابن سعد 7/ 279 - 280، وتذكرة الحفاظ 1/ 164، والتقريب (7299). (¬4) هُوَ قتادة بن دعامة بن قتادة السدوسي، أبو الخطاب البصري، (ثِقَة، ثبت)، مات كهلاً سنة (118 هـ‍)، وَقِيلَ: (117 هـ‍)، أخرج حديثه أصحاب الكُتُب الستة. الكاشف 2/ 134 (4551). (¬5) هُوَ أبو حرب بن أبي الأسود الديلي، البصري، (ثِقَة)، قِيلَ: اسمه محجن، وَقِيلَ: عطاء، مات سنة ثمان ومئة، أخرج حديثه مُسْلِم وأصحاب السُّنَن الأربعة. التقريب (8042). (¬6) هُوَ أَبُو الأسود الديلي - بكسر المُهْمَلَة وسكون التحتانية -، ويقال: الدؤلي 0 بالضم بعدها همزة مفتوحة -، البصري، اسمه: ظالم بن عَمْرو بن سُفْيَان، ويقال: عَمْرو بن ظالم، ويقال: بالتصغير فِيْهِمَا، ويقال: عَمْرو بن عُثْمَان، أو عُثْمَان بن عَمْرو: (ثِقَة، فاضل، مخضرم)، مات سنة تسع وستين، أخرج حديثه أصحاب الكُتُب الستة. التقريب (7940). (¬7) هذِهِ الرِّوَايَة أخرجها: أحمد 1/ 97 و 137، وأبو دَاوُد (378)، وابن ماجه (525)، والترمذي (610)، وَفِي علله الكبير (38)، والبزار (717)، وأبو يعلى (307)، وابن خزيمة (284)، والطحاوي في شرح المعاني 1/ 92، وابن حبان (1372)، وطبعة الرسالة (1375)، والدارقطني 1/ 129، والحاكم 1/ 165 - 166، والبيهقي 2/ 415، والبغوي (296). (¬8) البحر الزخار 2/ 295. (¬9) هو أبو سهل التميمي العنبري عبد الصمد بن عبد الوارث بن سعيد، توفي سنة (207 هـ‍). الطبقات الكبرى 7/ 300، وسير أعلام النبلاء 9/ 516، وشذرات الذهب 2/ 17. (¬10) المُسْنَد 1/ 76. (¬11) السُّنَن 1/ 129؟

أثر هذا الحديث في اختلاف الفقهاء (كيفية التطهر من بول الأطفال)

وعبدالصمد بن عَبْد الوارث، عن هشام، ووقفه غيرهما عن هشام)) (¬1). والرواية الموقوفة: رواها يَحْيَى بن سعيد، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أبي حرب بن أبي الأسود، عن أبيه، عن عَلِيّ، فذكره موقوفاً (¬2). فالرواية الموقوفة إسنادها صَحِيْح عَلَى أن الحَدِيْث مرفوعٌ صححه جهابذة المُحَدِّثِيْنَ: البُخَارِيّ والدارقطني - كَمَا سبق - وابن خزيمة (¬3)، وابن حبان (¬4)، والحاكم (¬5) - وَلَمْ يتعقبه الذهبي -، ونقل صاحب عون المعبود عن المنذري (¬6) قَالَ: ((قَالَ البُخَارِيّ: سعيد بن أبي عروبة لا يرفعه وهشام يرفعه، وَهُوَ حافظ)) (¬7). أقول: هكذا صَحّح الأئمة رفع هَذَا الحَدِيْث، مَعَ أَنَّهُ قَدْ صَحَّ موقوفاً أيضاً؛ وهذا يدل عَلَى أن الحَدِيْث إذا صَحَّ رفعه، ووقفه، فإن الحكم عندهم للرفع، وَلاَ تضر الرِّوَايَة الموقوفة إلا إذا قامت قرائن تدل عَلَى أن الرفع خطأ. أثر هَذَا الحَدِيْث في اختلاف الفُقَهَاء (كيفية التطهر من بول الأطفال) وما دمت قَدْ فصلت القَوْل في حَدِيث عَلِيّ - رضي الله عنه - مرفوعاً وموقوفاً فسأذكر اختلاف الفُقَهَاء في كيفية التطهر من بول الأطفال (¬8). ¬

_ (¬1) علل الدَّارَقُطْنِيّ 4/ 184 - 185 س (495). تنبيه: مَا ذكره الدَّارَقُطْنِيّ من أن غَيْر معاذ وعبد الصمد روياه عن هشام موقوفاً فإني لَمْ أجد هَذَا في شيء من كتب الحَدِيْث، ولعله وهمٌ من الدَّارَقُطْنِيّ يفسر ذَلِكَ قوله في السُّنَن 1/ 129 لما ساق رِوَايَة معاذ: ((تابعه عَبْد الصمد، عن هشام، ووقفه ابن أبي عروبة، عن قتادة)). فلو كَانَتْ ثمة مخالفة قريبة لما ذهب إلى رِوَايَة ابن أبي عروبة، والله أعلم. (¬2) وهذه الرِّوَايَة الموقوفة أخرجها عَبْد الرزاق (1488)، وابن أبي شَيْبَة (1292)، وأبو دَاوُد (377)، والبيهقي 2/ 415. (¬3) صَحِيْح ابن خزيمة (284)، عَلَى أَنَّهُ لَمْ يحكم عَلَيْهِ بلفظه، إلا انا قلنا ذَلِكَ عَنْهُ لالتزامه الصحة في كتابه قَالَ العماد بن كَثِيْر في اختصار علوم الحَدِيْث: 27، وطبعة العاصمة 1/ 109: ((وكتب أخر التزم أصحابها صحتها كابن خزيمة، وابن حبان)). وَقَالَ الحافظ ابن حجر في نكته عَلَى كِتَاب ابن الصَّلاح 1/ 291: ((حكم الأحاديث الَّتِي في كِتَاب ابن خزيمة وابن حبان صلاحية الاحتجاج بِهَا)). عَلَى أن الكِتَاب فِيهِ بَعْض مَا انتقد عَلَيْهِ. (¬4) صحيحه (1372)، وطبعة الرسالة (1375)، وانظر الهامش السابق. (¬5) المستدرك 1/ 165 - 166. (¬6) هو أبو مُحَمَّد عبد العظيم بن عبد القوي بن عبد الله المنذري الشامي الأصل، ولد سنة (581 هـ‍)، من مصنفاته " المعجم "، واختصر " صحيح مسلم " و " سنن أبي داود "، توفي سنة (656هـ‍). سير أعلام النبلاء 23/ 319 و 320، والعبر 5/ 232، وتذكرة الحفاظ 4/ 1436. (¬7) عون المعبود 1/ 145. (¬8) عَلَى أني قَدْ ذكرت هذِهِ المسألة في: "أثر علل الحَدِيْث في اختلاف الفُقَهَاء": 216 - 222 =

وقبل أن أذكر آراء الفُقَهَاء، أذكر جملة من الأحاديث المتعلقة بالمسألة لأحيل عَلَيْهَا عِنْدَ الإشارة إلى الأدلة طلباً للاختصار. فأقول: 1 - صَحَّ عن عائشة زوج النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهَا قَالَتْ: ((أتي النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - بصبي، فبال عَلَى ثوبه، فدعا النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - بماء فأتبعه إياه)). رَواهُ مَالِك (¬1)، وزاد أحمد وَمُسْلِم وابن ماجه في روايتهم: ((وَلَمْ يغسله)) (¬2). 2 - صَحَّ عن أم قيس (¬3) بنت محصن ((أَنَّهَا أتت بابن صَغِير لَهَا -لَمْ يأكل الطعام- إلى رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فأجلسه في حجره، فبال عَلَى ثوبه؛ فدعا رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - بماءٍ، فنضحه وَلَمْ يغسله)). رَواهُ مَالِك، والشيخان: البُخَارِيّ وَمُسْلِم (¬4). 3 - حَدِيث عَلِيّ - رضي الله عنه - وَقَدْ سبق: ((ينضح من بول الغلام، ويغسل من بول الجارية)). 4 - صَحَّ عن أبي السمح (¬5) - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((يغسل من بول الجارية، ويرش من بول الغلام)). ¬

_ = بتفصيل أخصر من هَذَا. (¬1) الموطأ برواية الليثي 1/ 109 (164)، ومن طريق مَالِك أخرجه البُخَارِيّ 1/ 65 (222)، وأخرجه الحميدي (164)، وأحمد 6/ 46 و 212، والبخاري 7/ 108 (5468)، وَمُسْلِم 1/ 164 (286)، وَالنَّسَائِيّ 1/ 157، وَفِي الكبرى (284) (292)، والطحاوي 1/ 93، والبيهقي 2/ 414. (¬2) مُسْنَد أحمد 6/ 52 و 210، وصحيح مُسْلِم 1/ 164 (286)، وسنن ابن ماجه (523). (¬3) هي أم قيس بنت محصن بن حرثان الأسدية أخت عكاشة بن محصن أسلمت بمكة وهاجرت. أسد الغابة 5/ 609 - 610، وتهذيب الكمال 8/ 600 (8595)، والإصابة 4/ 485. (¬4) موطأ الإِمَام مَالِك برواية الليثي (165)، وأخرجه أيضاً البُخَارِيّ 1/ 66 (223) و 7/ 161 (5693)، وَمُسْلِم 1/ 164 (287) و 7/ 24 (287) (86)، والحميدي (343)، وأحمد 6/ 355 و 356، والدارمي (747)، وأبو دَاوُد (374)، وابن ماجه (524)، والترمذي (71)، وَالنَّسَائِيّ 1/ 157، وَفِي الكبرى (291)، وابن خزيمة (285) و (286)، وأبو عوانة 1/ 202، والطحاوي 1/ 92، والطبراني في الكبير 25/ (436) و (437) و (438) و (439) و (440) و (441) و (443) و (444)، والبيهقي 2/ 414. (¬5) هُوَ أبو السمح، خادم رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم -، قِيلَ اسمه: زياد، صَحَابِيّ، حديثه عند أبي دَاوُد، وَالنَّسَائِيّ وابن ماجه. تهذيب الكمال 8/ 328 (8009)، وتجريد أسماء الصحابة 2/ 175، والتقريب (8147).

أخرجه: أبو دَاوُد (¬1)، وابن ماجه (¬2)، وَالنَّسَائِيّ (¬3)، وابن خزيمة (¬4)، والدارقطني (¬5)، والمزي (¬6). وَقَد اختلف الفُقَهَاء في الأحكام المستفادة من هذِهِ الأحاديث عَلَى مذاهب أشهرها مَا يأتي: المذهب الأول: يرى أن التطهير من بول الرضيع - كالتطهير من بول الكبير - إنما يَكُون بغسله، وَلاَ فرق في ذَلِكَ بَيْنَ بول رضيع أكل الطعام أو لَمْ يأكل، كَمَا أَنَّهُ لا فرق في ذَلِكَ بَيْنَ الذكر والأنثى. وإلى ذَلِكَ ذهب أبو حَنِيْفَة، وَهُوَ المشهور عن مَالِك عَلَى خِلاَف بَيْنَهُمَا في كيفية الغسل الَّذِي يجزئ في التطهير من النجاسة، فإن أبا حَنِيْفَة يشترط لتطهير النجاسة غَيْر المرئية تعدد مرات غسلها - ثلاثاً أو سبعاً والعصر بَعْدَ كُلّ غسلة (¬7)، وَلَمْ يشترط مَالِك أكثر من صب الماء عَلَى النجاسة بحيث يغمرها، ويذهب لونها وطعمها ورائحتها وَلاَ يشترط لإزالة النجاسة إمرار اليد والعصر، ونحو ذَلِكَ (¬8). وَقَدْ حملوا: ((إتباع الماء)) و ((نضحه)) و ((رشه))، هذِهِ الألفاظ كلها حملوها عَلَى مَعْنَى الغسل، وَقَدْ أفاض الطحاوي في إيراد الآثار الدالة عَلَى أن هذِهِ الألفاظ قَدْ تطلق ويراد بِهَا الغسل (¬9). لَكِن هَذَا يؤخذ عَلَيْهِ: ان هذِهِ الألفاظ، وإن كَانَتْ تطلق أحياناً عَلَى الغسل فإن الحال في مسألتنا هذِهِ لا يحتمل ذَلِكَ؛ لأَنَّهُ يؤدي إِلَى تناقض تتنَزه عَنْهُ نصوص ¬

_ (¬1) في سننه (376). (¬2) في سننه (526). (¬3) في المجتبى 1/ 158، وَفِي الكبرى (293). (¬4) صحيحه (283). (¬5) في سننه 1/ 130. (¬6) هو جمال الدين أبو الحجاج يوسف بن الزكي عبد الرحمان بن يوسف القضاعي الكلبي، ولد سنة (654هـ‍)، من مصنفاته " تهذيب الكمال " و " الأطراف "، توفي سنة (742 هـ‍). تذكرة الحفاظ 4/ 1498 و 1500، والدرر الكامنة 4/ 457، وشذرات الذهب 6/ 136. والحديث أخرجه في تهذيب الكمال 8/ 328 (¬7) المبسوط 1/ 92 - 93، وبدائع الصنائع 1/ 87، والاختيار 1/ 36، وفتح القدير 1/ 134، وحاشية الدر المختار 1/ 310. (¬8) المدونة الكبرى 1/ 24، والمنتقى 1/ 44 - 45، والاستذكار 1/ 402 - 403، وبداية المجتهد 1/ 61 - 62. (¬9) شرح معاني الآثار 1/ 92، وما بعدها.

الشريعة؛ فحديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عَنْهَا قَدْ جاء بلفظ: ((فدعا النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - بماءٍ فأتبعه وَلَمْ يغسله)) فإذا جَعَلَ أتبعه بمعنى غسله فإن المَعْنَى حينئذ يَكُون فغسله وَلَمْ يغسله. وَكَذَلِكَ حَدِيث أم قيس بنت محصن قَدْ جاء بلفظ: ((فنضحه وَلَمْ يغسله)) فلو حمل النضح عَلَى مَعْنَى الغسل لكان التقدير: فغسله وَلَمْ يغسله، وهذا تناقض غَيْر معقول. وأيضاً فإن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - عطف الغسل عَلَى النضح في حَدِيث عَلِيّ - رضي الله عنه -، وعطف الرش عَلَى الغسل في حَدِيث أبي السمح - رضي الله عنه -، والعطف يَقْتَضِي المغايرة. فلو أريد بهما مَعْنَى واحدٌ، لكان عبثاً يتنَزه عَنْهُ الشارع (¬1). المذهب الثَّانِي: نُسِبَ إلى الشَّافِعيّ قَوْلٌ: بأن بول الصبي الَّذِي لَمْ يأكل الطعام طاهر. ونسبت رِوَايَة إلى الإمام مَالِك: أَنَّهُ لا يغسل بول الجارية وَلاَ الغلام قَبْلَ أن يأكلا الطعام. لَكِنْ ذكر الباجي (¬2) أن هذِهِ الرِّوَايَة عن مَالِك شاذة (¬3). وذكر النَّوَوِيّ أن نقل هَذَا القَوْل عن الشَّافِعيّ باطل (¬4). لِذلِكَ لا حاجة للتعليق عَلَى هَذَا المذهب. المذهب الثَّالِث: ينضح بول الطفل الرضيع الَّذِي لَمْ يأكل الطعام، فإذا أكل الطعام كَانَ حكم بوله كحكم بول الكبير يغسل. وَقَدْ فسّر هَذَا المذهب النضح: بأنه غمر مَوْضِع البول ومكاثرته بالماء مكاثرة لا يَبْلُغ جريانه وتردده وتقطره. فَهُوَ بمعنى الغسل الَّذِي سبق ذكره عن مَالِك (¬5). وَقَدْ اعتمد هَذَا المذهب حَدِيث أم قيس بنت محصن، فَقَدْ جاء بلفظ: ((أَنَّهَا أتت بابن لَهَا صَغِير لَمْ يأكل الطعام ... الخ)). ¬

_ (¬1) فقه الإمام سعيد بن المسيب 1/ 37 (¬2) هو الحافظ أبو الوليد سليمان بن خلف بن سعيد التجيبي الذهبي الباجي ولد سنة (403 هـ‍) من مصنفاته " المنتقى في الفقه " و " المعاني في شرح الموطأ " و " الاستيفاء "، توفي سنة (474 هـ‍). وفيات الأعيان 2/ 408، وتذكرة الحفاظ 3/ 1178 و 1180، وشذرات الذهب 3/ 344. (¬3) المنتقى شرح الموطأ 1/ 128. (¬4) شرح صَحِيْح مُسْلِم 1/ 583 - 584. (¬5) المغني 1/ 734 - 735، والحاوي 2/ 320 - 321، والتهذيب 1/ 206.

وَقَد اعترض ابن حزم - القائل: بأن النضح يكفي في التطهير من بول الذكر كبيراً أو صغيراً -: بأن تخصيص ذَلِكَ بالصبي الَّذِي لَمْ يأكل لَيْسَ من كلام النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، لِذلِكَ فالحديث لا دلالة فِيهِ عَلَى هَذَا التحديد (¬1). ويجاب عَلَى ذَلِكَ: بأنه نجاسة الأبوال المستتبعة لوجوب غسلها، كُلّ ذَلِكَ مستيقن بالأحاديث العامة الدالة عَلَى ذَلِكَ، كحديث ابن عَبَّاس في القبرين اللذين أخبر رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - أن صاحبيهما يعذبان، وَقَالَ: ((أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يستنْزه من البول)). أخرجه البُخَارِيّ وَمُسْلِم (¬2). وحديث أبي هُرَيْرَة مرفوعاً: ((استنْزهوا من البول؛ فإن عامة عذاب القبر مِنْهُ)). رَواهُ أحمد (¬3)، وابن ماجه (¬4)، وابن خزيمة (¬5)، والدارقطني (¬6)، والحاكم (¬7)، وصححه البُخَارِيّ (¬8). وحديث ابن عَبَّاس مرفوعاً: ((تَنَزهوا من البول، فإن عامة عذاب القبْر مِنْهُ)). أخرجه: البزار (¬9)، والطبراني (¬10)، والدارقطني (¬11)، والحاكم (¬12). فنجاسة بول الآدمي ووجوب غسله كُلّ ذَلِكَ متيقن بهذه الأحاديث، وتخصيص بول الصبي الَّذِي لَمْ يأكل الطعام بالنضح متيقن بحديث أم قيس بنت محصن، وما عدا ¬

_ (¬1) المحلى 1/ 101. (¬2) صَحِيْح البخاري 1/ 65 (218) و 2/ 119 (1361) و 2/ 124 (1378) و 8/ 20 (6052)، وصحيح مُسْلِم 1/ 166 (292). وأخرجه أحمد 1/ 225، وعبد بن حميد (620)، والدارمي (745)، وأبو دَاوُد (20)، والترمذي (70)، وَالنَّسَائِيّ 1/ 28 و 4/ 116 وَفِي الكبرى (27) و (2195) و (2196) و (11613)، وابن ماجه (347)، وابن خزيمة (55) و (56). (¬3) المُسْنَد 2/ 326 و 388 و 389. (¬4) في سننه (348). (¬5) كَمَا ذكر الحافظ ابن حجر في الفتح 1/ 336، وَهُوَ لَيْسَ في المطبوع من صَحِيْح ابن خزيمة، فلعله مِمَّا سقط من المطبوع، لَكِنْ الحافظ ابن حجر فاته أن يعزوه لابن خزيمة في " إتحاف المهرة " 14/ 485 و15/ 520 وَلَمْ يتنبه المحققون عَلَى ذَلِكَ. (¬6) في سننه 1/ 128. (¬7) المستدرك 1/ 183. (¬8) نقله عَنْهُ التِّرْمِذِي في علله الكبير: 45 (37). (¬9) كشف الأستار (243). (¬10) في الكبير 11/ (11104) و (11120). (¬11) في سننه 1/ 128. (¬12) المستدرك 2/ 183 - 184.

نموذج آخر: وهو مثال لما تترجح فيه الرواية الموقوفة

ذَلِكَ مشكوك فِيهِ، فَلاَ يترك اليقين للشك. والاكتفاء بالنضح في التطهير من بول الرضيع خصه أحمد وجمهور الشافعية بالصبي الَّذِي لَمْ يأكل الطعام، أما بول الصبية فَلاَ يجزئ فِيهِ إلا الغسل (¬1). أما الشَّافِعيّ نَفْسه فَقَدْ نَصَّ عَلَى جواز الرش عَلَى بول الصبي مَا لَمْ يأكل الطعام، واستدل عَلَى ذَلِكَ بالحديث، ثُمَّ قَالَ: ((وَلاَ يبين لي في بول الصبي والجارية فرق من السُّنَّة الثابتة، وَلَوْ غسل بول الجارية كَانَ أحب إليَّ احتياطاً، وإن رش عَلَيْهِ مَا لَمْ تأكل الطعام أجزأ، إن شاء الله تَعَالَى)) (¬2). وَقَدْ ذكر النَّوَوِيّ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَمْ يذكر عن الشَّافِعيّ غَيْر هَذَا (¬3)، وَقَالَ البَيْهَقِيّ: ((والأحاديث المسندة في الفرق بَيْنَ بول الغلام والجارية في هَذَا الباب إذَا ضُمَّ بعضها إلى بَعْض قويت، وكأنها لَمْ تثبت عِنْدَ الشَّافِعيّ - رَحِمَهُ اللهُ - حِيْنَ قَالَ: ((وَلاَ يتبين لي في بول الصبي والجارية فرق من السُّنَّة الثابتة)) (¬4). وقول الشَّافِعيّ هَذَا مرويٌّ عن النخعي، وَهُوَ رِوَايَة عن الأوزاعي، ووجه لبعض الشافعية، ووصفه النَّوَوِيّ: بأنه ضَعِيْف (¬5). وهنا يأتي دور حَدِيث عَلِيّ - رضي الله عنه - ومثله حَدِيث أبي السمح - رضي الله عنه - خادم النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فهي أحاديث ثابتة، وَقَدْ فرقت بَيْنَ بول الصبي وبين بول الصبية. وَقَدْ ثبت هَذَا عِنْدَ أحمد؛ لِذلِكَ أخذ بِهِ وفرق بَيْنَهُمَا في الحكم، أما الشَّافِعيّ فَقَدْ صرح بأنه لَمْ يثبت عنده من السُّنَّة مَا يفرق بَيْنَهُمَا؛ لِذلِكَ رأى أن النضح يكفي فِيْهِمَا - وإن كَانَ الأحب إليه غسل بول الصبي احتياطاً -؛ وَلَوْ ثبت عِنْدَ الشَّافِعيّ هذِهِ الأحاديث لأخذ بِهَا، فهذا هُوَ شأنه وشأن الفُقَهَاء كافة لا يتخطون السُّنَّة الثابتة عندهم إلى غيرها، مَا لَمْ يَكُنْ لَهَا عندهم معارض؛ ولذلك أطبق أصحاب الشَّافِعيّ عَلَى الفرق في الحكم بَيْنَ بول الصبي والصبية لما ثبتت عندهم هذِهِ الأحاديث (¬6). نموذج آخر: وهو مثال لما تترجح فِيهِ الرِّوَايَة الموقوفة سبق أن ذكرت أن الحكم في اختلاف الرفع والوقف لا يندرج تَحْتَ قاعدة كلية، ¬

_ (¬1) المغني 1/ 734، وروضة الطالبين 1/ 31، وحاشية الجمل 1/ 188 - 189. (¬2) المجموع 2/ 590، وحاشية الجمل 1/ 188 - 189. (¬3) المصدر السابق. (¬4) السُّنَن الكبرى 2/ 416. (¬5) المجموع 2/ 590. (¬6) أثر علل الحَدِيْث في اختلاف الفُقَهَاء: 216 - 221.

فَقَدْ تترجح الرِّوَايَة الموقوفة، وَقَدْ تترجح الرِّوَايَة المرفوعة؛ وَذَلِكَ حسب المرجحات والقرائن المحيطة بالرواية، وهذه المرجحات مختلفة متفاوتة؛ إِذْ قَدْ تترجح رِوَايَة الأحفظ، أو الأكثر أو الألزم (¬1)، وما إلى غَيْر ذَلِكَ من المرجحات الَّتِي يراها نقاد الحَدِيْث وصيارفته، ومما رجحت فِيهِ الرِّوَايَة الموقوفة: مَا رَواهُ عائذ بن حبيب (¬2)، قَالَ: حَدَّثَني عامر بن السِّمْط (¬3)، عن أبي الغَريف (¬4)، قَالَ: أُتي عَلِيٌّ بوَضوءٍ، فمضمض واستنشق ثلاثاً، وغسل وجهه ثلاثاً وغسل يديه وذراعيه ثلاثاً ثلاثاً، ثُمَّ مسح برأسه، ثُمَّ غسل رجليه، ثُمَّ قَالَ: هكذا رأيت رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ، ثُمَّ قرأ شَيْئاً من القُرْآن، ثُمَّ قَالَ: ((هَذَا لِمَنْ لَيْسَ بجنب، فأما الجنب فَلاَ، وَلاَ آية)). رَواهُ: الإِمَام أحمد بن حَنْبَل (¬5)، والبخاري في "تاريخه" (¬6)، وَالنَّسَائِيّ في "مُسْنَد عَلِيّ" (¬7)، وأبو يعلى (¬8)، والضياء (¬9) المقدسي (¬10)؛ جميعهم من طريق عائذ بن حبيب بهذا الإسناد. والذي يهمنا من هَذَا الحَدِيْث طرفه الأخير. وَقَدْ خولف عائذ في هَذَا الحَدِيْث، فَقَدْ أخرجه ابن أبي شَيْبَة (¬11) من طريق ¬

_ (¬1) أي الأكثر ملازمة لشيخه. (¬2) هُوَ عائذ بن حبيب بن الملاح - بفتح الميم وتشديد اللام وبمهملة -، أبو أحمد الكوفي، ويقال: أبو هشام، (صدوق رمي بالتشيع)، أخرج حديثه النَّسَائِيّ وابن ماجه. التقريب (3117). (¬3) هُوَ عامر بن السمط - بكسر المُهْمَلَة وسكون الميم وَقَدْ تبدل موحدة -، التميمي، أبو كنانة الكوفي، (ثِقَة). التقريب (3091). (¬4) هُوَ عبيد الله بن خليفة، أبو الغريف - بفتح المُعْجَمَة وآخره فاء - الهمداني المرادي، الكوفي: صدوق رمي بالتشيع، أخرج حديثه النَّسَائِيّ وابن ماجه. التقريب (4286). (¬5) في المُسْنَد 1/ 110، ومن طريقه المزي في تهذيب الكمال 4/ 27 (3027). (¬6) التأريخ الكبير 7/ 60 مختصراً لبعض ألفاظه. (¬7) كَمَا في تهذيب الكمال 4/ 27 (3027). (¬8) في مسنده (365). (¬9) هو الحافظ أبو عبد الله ضياء الدين مُحَمَّد بن عبد الواحد بن أحمد السعدي المقدسي، ولد سنة (569هـ‍)، من مصنفاته " فضائل الأعمال " و " الأحاديث المختارة " و " مناقب المحدثين "، توفي سنة (643 هـ‍). تذكرة الحفاظ 4/ 1404، وسير أعلام النبلاء 23/ 126 و 128، والبداية والنهاية 13/ 143. (¬10) المختارة (621) و (622). (¬11) في مصنفه (1091).

أثر هذا الحديث في اختلاف الفقهاء (حكم قراءة القرآن للجنب)

شريك ابن عَبْد الله النخعي. والدارقطني (¬1)، عن يزيد بن هارون (¬2). والبيهقي (¬3)، عن الحَسَن بن صالح بن حي. وأخرجه البَيْهَقِيّ (¬4) أيضاً، عن خالد بن عَبْد الله (¬5)؛ أربعتهم: (شريك بن عَبْد الله، ويزيد بن هارون، والحسن بن صالح بن حي، وخالد بن عَبْد الله)، رووه عن عامر بن السمط (¬6)، عن أبي الغَريف الهمداني، عن عَلِيّ بن أبي طَالِب، موقوفاً. فرواية الجمع أصح وأولى؛ وَقَدْ صحح الإمام الدَّارَقُطْنِيّ الوقف، فَقَالَ عقب الرِّوَايَة الموقوفة: ((هُوَ صَحِيْح عن عَلِيّ)) (¬7). ومما يؤكد صِحَّة رِوَايَة الجمع أن عَبْد الرزاق (¬8) أخرجه عن سُفْيَان الثَّوْرِيّ، عن عامر الشَّعْبيّ، وابن المنذر (¬9) أخرجه عن إسحاق، عن عامر السعدي؛ كلاهما (عامر الشَّعْبيّ وعامر السعدي) عن أبي الغريف، عن عَلِيّ بن أبي طالب، بِهِ موقوفاً. كُلّ هَذَا يؤكد خطأ عائذ بن حبيب في رفعه الحَدِيْث؛ ولعل هَذَا مِمَّا أنكر عَلَيْهِ. أثر هَذَا الحَدِيْث في اختلاف الفُقَهَاء (حكم قِرَاءة القُرْآن للجنب) اختلف العُلَمَاء في حكم قِرَاءة القُرْآن للجنب عَلَى قولين: القَوْل الأول: يحرم عَلَى الجنب قِرَاءة القُرْآن، وَهُوَ مَذْهَب عامة عُلَمَاء المسلمين، وبه قَالَ الحنفية (¬10)، والمالكية (¬11)، والشافعية (¬12)، ¬

_ (¬1) سُنَن الدَّارَقُطْنِيّ 1/ 200، وهذه الرِّوَايَة في إتحاف المهرة 11/ 686 (14868). (¬2) هو أبو خالد السلمي يزيد بن هارون بن زاذي مولاهم الواسطي: ثقة، ولد سنة (118هـ‍)، وتوفي سنة (206هـ‍). طبقات ابن سعد 7/ 314، وسير أعلام النبلاء 9/ 358 و 371، وشذرات الذهب 2/ 16. (¬3) السُّنَن الكبرى 1/ 101. (¬4) السُّنَن الكبرى 1/ 90. (¬5) هُوَ خالد بن عَبْد الله بن عَبْد الرَّحْمَان الطحان الواسطي، المزني مولاهم: ثقة ثبت، توفي سُنَّةُ (182هـ‍). تهذيب الكمال 2/ 351 - 352 (1609)، والتقريب (1647). (¬6) هو أبو كنانة الكوفي عامر بن السمط، ويقال: ابن السبط التميمي السعدي: ثقة. الثقات 7/ 251، وتهذيب الكمال 4/ 27 (3027)، والتقريب (3091). (¬7) سُنَن الدَّارَقُطْنِيّ 1/ 118. (¬8) المصنف (1306). (¬9) في الأوسط 2/ 97. (¬10) انظر: بدائع الصنائع 1/ 37، والاختيار 1/ 13، وفتح القدير 1/ 116، والدر المختار 1/ 172. (¬11) وَهُوَ مَشْهُور مذهبهم، وروي عن الإمام مَالِك في المختصر أَنَّهُ قَالَ: ((للجنب أن يقرأ القليل والكثير)). انظر: حاشية الرهوني 1/ 222، وشرح منح الجليل 1/ 78. (¬12) انظر: الحاوي 1/ 177 - 178، والمجموع 2/ 163 - 164، وروضة الطالبين 1/ 85، وحاشية =

والحنابلة (¬1). الحجة لَهُمْ: 1 - استدلوا بحديث عَلِيّ السابق مرفوعاً إلى النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -؛ قَالَ ابن المنذر: ((احتج الذين كرهوا للجنب قِرَاءة القُرْآن بحديث عَلِيّ)) (¬2). وكأنهم قدموا الرفع عَلَى الوقف كَمَا هُوَ مَذْهَب جَمَاعَة من المُحَدِّثِيْنَ؛ أو لما للحديث من شواهد قَدْ يتقوى بِهَا. 2 - مَا رَوَى عَبْد الله بن سلمة (¬3)، عن عَلِيّ بن أبي طَالِب، أنه قَالَ: ((كَانَ رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - يقرئنا القُرْآن عَلَى كُلّ حالٍ مَا لَمْ يَكُنْ جنباً)). أخرجه بهذا اللفظ ابن أبي شَيْبَة (¬4)، والإمام أحمد (¬5)، والترمذي (¬6)، وَالنَّسَائِيّ (¬7)، وأبو يعلى (¬8)، وأخرجه غيرهم بلفظ مقارب (¬9). قَالَ التِّرْمِذِي: ((حَدِيث عَلِيٍّ حديثٌ حسنٌ صحيحٌ)) (¬10).هكذا قَالَ الإمام التِّرْمِذِي (¬11) -يرحمه الله- إلا أن جهابذة المُحَدِّثِيْنَ قَدْ ضعّفوا هَذَا الحَدِيْث، قَالَ الإمام النَّوَوِيّ: ((خالف التِّرْمِذِي الأكثرون فضعفوا هَذَا الحَدِيْث)) (¬12)؛ وَقَالَ البُخَارِيّ: ((قَالَ ¬

_ = الجمل 1/ 157. (¬1) انظر: المغني 1/ 134، والمحرر 1/ 20، وشرح الزَّرْكَشِيّ 1/ 92 - 93. (¬2) الأوسط 2/ 99. (¬3) هو أبو العالية عبد الله بن سلمة المرادي الكوفي: ثقة. الثقات 5/ 12، وتهذيب الكمال 4/ 153 (3301)، وميزان الاعتدال 2/ 430. (¬4) المصنف (1078). (¬5) في المُسْنَد 1/ 134. (¬6) جامعه (146). (¬7) المجتبى 1/ 144، وَفِي الكبرى (262). (¬8) مسنده (623). (¬9) مِنْهُمْ: الحميدي (57)، وأحمد 1/ 84 و 107 و 124، وأبو دَاوُد (229)، وَالنَّسَائِيّ 1/ 144، وَفِي الكبرى (261)، وأبو يعلى (287) و (348) و (406) و (524) و (579)، وابن الجارود (94)، وابن خزيمة (208)، وابن حبان (796) و (797)، وطبعة الرسالة (799) و (800)، والدارقطني 1/ 119، والحاكم 4/ 107، والبيهقي 1/ 88 - 89. (¬10) جامع التِّرْمِذِي 1/ 191 عقيب (146). (¬11) وَقَدْ صححه كَذلِكَ ابن خزيمة (208)، وابن حبان (796) وط الرسالة (799)، والحَاكِم 4/ 107. (¬12) نقله عَنْهُ الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير 1/ 375، وطبعة شعبان 1/ 147.

شُعْبَة عن عُمَرو بن مرة (¬1) قَالَ: كَانَ عَبْد الله يحدثنا فنعرف وننكر، وكَانَ قَدْ كبر)) (¬2). وَقَالَ الخَطَّابِيّ: ((كَانَ أحمد يوهن هَذَا الحَدِيْث)) (¬3). وَقَالَ البزار عقب تخريجه الحَدِيْث: ((ذ وهذا الحَدِيْث لا نعلمه يروى بهذا اللفظ إلا عن عَلِيّ، وَلاَ يروى عن عَلِيّ إلا من حَدِيث عَمْرو بن مرة، عن عَبْد الله بن سلمة، عن عَلِيّ، وَكَانَ عَمْرو بن مرة يحدِّث عن عَبْد الله بن سلمة فَيَقُوْلُ: يعرف في حديثه وينكر)) (¬4). وَقَالَ البُخَارِيّ: ((عبد الله بن سلمة أبو العالية الكوفي لا يتابع في حديثه)) (¬5)، وَقَالَ الشَّافِعيّ في (سُنَن حرملة): ((إن كَانَ هَذَا الحَدِيْث ثابتاً، ففيه دلالة عَلَى تحريم القُرْآن عَلَى الجنب))، وَقَالَ في (جماع كِتَاب الطهور): ((أهل الحَدِيْث لا يثبتونه)) (¬6). قَالَ البَيْهَقِيّ: ((إنما قَالَ ذَلِكَ لأن عَبْد الله بن سلمة راويه كَانَ قَدْ تغير، وإنما رَوَى هَذَا الحَدِيْث بعدما كبر، قَالَه شُعْبَة)) (¬7). ومع كُلّ هَذَا فَقَدْ قَالَ الحافظ ابن حجر: ((الحق أَنَّهُ من قبيل الحَسَن، يصلح للحجة)) (¬8). وعلى تقدير صلاحيته للاحتجاج، فَلاَ حجة فِيهِ؛ لأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ نهيٌّ عن أن يقرأ الجنب القُرْآن، وإنما هُوَ فعلٌ مِنْهُ عَلَيْهِ السلام لا يلزم، وَلاَ بيّن - عليه السلام - أَنَّهُ إِنَّمَا يمتنع من قِرَاءة القُرْآن من أجل الجنابة (¬9). 3 - وما روي عن ابن عُمَر عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((لا تقرأ الحائض وَلاَ الجنب شيئاً من القُرْآن)). أخرجه التِّرْمِذِي (¬10)، وابن ماجه (¬11)، والدَّارَقُطْنِيّ (¬12)، والبيهقي (¬13)، والخطيب (¬14). ¬

_ (¬1) هُوَ أبو عَبْد الله عمرو بن مرة بن عبد الله المرادي الكوفي، توفي سنة (116 هـ‍)، وَقِيْلَ (118 هـ‍). تهذيب الكمال 5/ 462 (5037)، وسير أعلام النبلاء 5/ 196، وشذرات الذهب 1/ 152. (¬2) التاريخ الصغير 1/ 203. (¬3) التلخيص الحبير 1/ 375، وطبعة شعبان 1/ 147. (¬4) البحر الزخار عقيب (708). (¬5) الضعفاء للعقيلي 2/ 261. (¬6) التلخيص الحبير 1/ 375، وطبعة شعبان 1/ 147. (¬7) التلخيص الحبير 1/ 375، وطبعة شعبان 1/ 147. (¬8) فتح الباري 1/ 48. (¬9) المحلى 1/ 78. (¬10) جامع التِّرْمِذِي (131). (¬11) سُنَن ابن ماجه (595). (¬12) سُنَن الدَّارَقُطْنِيّ 1/ 117. (¬13) السُّنَن الكبرى 1/ 89. (¬14) تأريخ بغداد 2/ 145.

وَهُوَ حَدِيث ضَعِيْف لضعف إسناده فَهُوَ من رِوَايَة إِسْمَاعِيْل بن عياش، عن موسى بن عُقْبَة، عن نافع، عن ابن عُمَر. وإسماعيل بن عياش منكر الحَدِيْث عن أهل الحجاز وأهل العراق (¬1)، وحديثه هَذَا عن أهل الحجاز؛ لأن موسى بن عقبة مدني (¬2). القَوْل الثَّانِي: يجوز للجنب قِرَاءة القُرْآن. وهذا القَوْل مرويٌّ عن ابن عَبَّاس (¬3)، وسعيد بن المسيب (¬4)، وعكرمة (¬5)، وربيعة الرأي (¬6)، وسعيد بن جبير (¬7). وَهُوَ قَوْل ابن حزم الظاهري ونقله عن دَاوُد وعامة أصحابهم (¬8). واختاره ابن المنذر (¬9). والحجة لهذا المذهب: 1 - مَا صَحَّ أَنَّهُ عليه الصَّلاَة والسلام: ((كَانَ يذكر الله عَلَى كُلّ أحيانه)). أخرجه مسلم (¬10)، وغيره (¬11). قالوا: والقُرْآن ذكر. (¬12) قَالَ أبو بَكْر بن المنذر: ((فَقَالَ بعضهم: الذكر قَدْ يَكُون بقراءةِ القُرْآن وغيره، فكلُّ ما وقع عَلَيْهِ اسم ذكر الله فغير جائز أن يمنع مِنْهُ أحدٌ (¬13)، إذا كَانَ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - لا يمتنع من ذكر الله عَلَى أحيانه)) (¬14). ¬

_ (¬1) أشار إلى ذَلِكَ البُخَارِيّ فِيْمَا نقله عَنْهُ التِّرْمِذِي عقب حَدِيث (131)، والبَيْهَقِيّ في الكبرى 1/ 89 وانظر: تهذيب الكمال 1/ 247 - 252. (¬2) تهذيب الكمال 7/ 271. (¬3) الأوسط 2/ 98،حلية العُلَمَاء 1/ 221. (¬4) الأوسط 2/ 99، المحلى 1/ 80، ولسعيد رِوَايَة أخرى توافق قَوْل الْجُمْهُور انظرها في فقه الإمام سعيد 1/ 145. (¬5) المصنف لابن أبي شَيْبَة (1089)، والأوسط 2/ 99. (¬6) المصنف لابن أبي شَيْبَة (1090) و (1092). (¬7) فقه الإمام سعيد 1/ 147، وَهِيَ إحدى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ. (¬8) المحلى 1/ 80. (¬9) الأوسط 2/ 100. (¬10) صَحِيْح مُسْلِم 1/ 194 (373) (117) (¬11) أخرجه أحمد 6/ 70 و 153 و 278، وأبو دَاوُد (18)، وابن ماجه (302)، والتِّرْمِذِي (3384) وَفِي العلل (669)، وأبو يعلى (4699)، وابن خزيمة (207)، وأبو عوانة 1/ 217 وابن المنذر في الأوسط (627)، والطحاوي في شرح المعاني 1/ 88، وابن حبان (799)، وط الرسالة (802)، وأبو نُعَيْم في المستخرج (819)، والبَيْهَقِيّ 1/ 90، والبغوي (274). (¬12) انظر: فتح الباري 1/ 31. (¬13) في الأصل: ((أحداً)) وَهُوَ غَيْر مستقيم. (¬14) الأوسط 2/ 100.

وأجاب أصحاب المذهب الأول عن هَذَا: بأن المراد من الذكر غَيْر القُرْآن، فَهُوَ المفهوم عند الإطلاق (¬1). ويجاب عن هَذَا: بأن التخصيص لا دليل عَلَيْهِ، فالأصل العموم حَتَّى يأتي دليل يخصصه. ولذا قَالَ القرطبي (¬2): ((أصل الذكر التنبه بالقلب للمذكور والتيقظ لَهُ، وسمي الذكر باللسان ذكراً لأَنَّهُ دلالة عَلَى الذكر القلبي؛ غَيْر أَنَّهُ لما كثر إطلاق الذكر عَلَى القَوْل اللساني صار هُوَ السابق للفهم)) (¬3). فالتخصيص عرفي لا شرعي. وقالوا أيضاً: لَمْ يصح دليل في منع المحدِث حدثاً أكبر من قِرَاءة القُرْآن، والأصل عدم التحريم. وَقَدْ خالف هذين المذهبين جَمَاعَة من الفُقَهَاء ففرقوا بَيْنَ القليل والكثير، وقالوا: تجوز قِرَاءة الآية والآيتين. روي ذَلِكَ عن: عَبْد الله (¬4) بن مغفل (¬5)، ومحمد الباقر (¬6)، ورواية عن عكرمة (¬7)، وسعيد بن جبير (¬8). وَقَدْ شدد ابن حزم النكير عَلَى هَذَا القَوْل، وعدَّها أقوالاً فاسدة لا يعضدها دليل من قرآن أو سنة صَحِيْحَة وَلاَ سقيمة، ولا من إجماع، وَلاَ من قَوْل صاحب، وَلاَ من قياس، وَلاَ من رأي سديد؛ لأن بَعْض الآية والآية قرآن بلا شك، وَلاَ فرق بَيْنَ أن يباح لَهُ آية أو أن يباح لَهُ أخرى، أو بَيْنَ أن يمنع من آية أو يمنع من أخرى (¬9). ومما تنبغي الإشارة إِليهِ مَذْهَب الإمام مَالِك، وَهُوَ أَنَّهُ أجاز قِرَاءة القُرْآن للحائض والنفساء دُوْنَ الجنب (¬10). والحجة للإمام مَالِك في تفريقه بَيْنَ الجنب، وبين الحائض والنفساء: أن الحيض ¬

_ (¬1) شرح الدردير 1/ 40. (¬2) العلامة مُحَمَّد بن أحمد بن فرح أبو عبد الله الأنصاري الخزرجي القرطبي، لَهُ تفسير " الجامع لأحكام القرآن "، وكتاب " التذكرة " توفي سنة (671 هـ‍). تاريخ الإسلام: 74 - 75 وفيات (671 هـ‍)، وطبقات المفسرين: 79، وشذرات الذهب 5/ 335. (¬3) تفسير القرطبي 1/ 552. (¬4) هو الصحابي عبد الله بن مغفل بن عبد غنم أبو سعيد أو أبو زياد المزني، توفي سنة (59 هـ‍)، وَقِيْلَ: (60 هـ‍)، وَقِيْلَ: (61 هـ‍). أسد الغابة 3/ 264، وتجريد أسماء الصحابة 1/ 336، والإصابة 2/ 372. (¬5) المصنف لابن أبي شَيْبَة (1093)، والمحلى 1/ 78. (¬6) المصنف لابن أبي شَيْبَة (1088)، والمحلى 1/ 78. (¬7) المصنف لابن أبي شَيْبَة (1089)، والمحلى 1/ 78. (¬8) المصنف لابن أبي شَيْبَة (1092)، والمحلى 1/ 78. (¬9) المحلى 1/ 78. (¬10) بداية المجتهد 1/ 35.

النوع الثالث: تعارض الاتصال والانقطاع

والنفاس مدتها طويلة؛ فلو منعناهما من قِرَاءة القُرْآن لتعرضتا لنسيانه (¬1). وَقَدْ أجاب ابن حزم عن هَذَا فَقَالَ: ((هُوَ محال؛ لأَنَّهُ إن كَانَتْ قراءتها للقرآن حراماً فَلاَ يبيحه لَهَا طول أمرها، وإن كَانَ ذَلِكَ لَهَا حلالاً فَلاَ مَعْنَى للاحتجاج بطول أمرها)) (¬2). النوع الثالث: تعارض الاتصال والانقطاع تقدم الكلام بأن الاتصال شرط أساسيٌّ لصحة الحديث النبوي، وعلى هذا فالمنقطع ضعيف لفقده شرطاً أساسياً من شروط الصحة، وقد أولى المحدثون عنايتهم في البحث والتنقير في الأحاديث من أجل البحث عن توفر هذا الشرط من عدمه؛ وذلك لما له من أهمية بالغة في التصحيح والتضعيف والتعليل. وتقدم الكلام أن ليس كل ما ورد فيه التصريح بالسماع فهو متصل؛ إذ قَدْ يقع الخطأ في ذلك فيصرح بالسماع في غير ما حديث، ثم يكشف الأئمة النقاد بأن هذا التصريح خطأ، أو أن ما ظاهره متصل منقطع، وهذا ليس لكل أحد إنما هو لأولئك الرجال الذين أفنوا أعمارهم شموعاً أضاءت لنا الطريق من أجل معرفة الصحيح المتصل من الضعيف المنقطع. إذن فليس كل ما ظاهره الاتصال متصلاً، فقد يكون السند معللاً بالانقطاع. وعليه فقد يأتي الحديث مرة بسند ظاهره الاتصال، ويُروى بسند آخر ظاهره الانقطاع، فيرجح تارة الانقطاع وأخرى الاتصال، ويجري فيه الخلاف الذي مضى في زيادة الثقة. وأمثلة ذلك كثيرة. منها: ما رواه أحمد بن منيع (¬3)، قال: حدثنا كثير بن هشام (¬4)، قال: حدثنا جعفر بن برقان (¬5)، عن الزهري (¬6)، عن ¬

_ (¬1) المحلى 1/ 79. (¬2) المحلى 1/ 79. (¬3) هو أحمد بن منيع بن عبد الرحمان، أبو جعفر البغوي، الأصم، (ثقة، حافظ)، مات سنة (244 هـ‍)، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. التقريب (114). (¬4) هو كثير بن هشام الكلابي، أبو سهل الرقي، نزيل بغداد، (ثقة)، مات سنة (207 هـ‍)، وقيل: (208هـ‍)، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن الأربعة. التقريب (5633). (¬5) هو جعفر بن برقان الكلابي، مولاهم، أبو عبد الله الجزري الرقي، كان يسكن الرقة، وقدم الكوفة، قال عنه الإمام أحمد: ((ثقة، ضابط لحديث ميمون وحديث يزيد بن الأصم، وهو في حديث الزهري يضطرب. تهذيب الكمال 1/ 455،وتذكرة الحفاظ 1/ 171، وشذرات الذهب 1/ 236. (¬6) هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب القرشي الزهري، (متفق على جلالته وإتقانه)، أخرج له أصحاب الكتب الستة. التقريب (6296).

عروة (¬1)، عن عائشة، قالت: كنت أنا وحفصة (¬2) صائمتين فعرض لنا طعام اشتهيناه فأكلنا منه، فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبدرتني إليه حفصة، وكانت ابنة أبيها، فقالت: يا رسول الله، إنا كنا صائمتين فعرض لنا طعام اشتهيناه فأكلنا منه، قال: ((اقضيا يوماً آخر مكانه)). أخرجه الترمذي (¬3)، والبغوي (¬4)، وأخرجه غيرهما من طريق جعفر (¬5). هكذا روى هذا الحديث جعفر بن برقان، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، متصلاً. وقد توبع على روايته، تابعه سبعة من أصحاب الزهري على هذه الرواية وهم: 1 - صالح بن أبي الأخضر (¬6)، وهو ضعيف يعتبر به عند المتابعة (¬7). 2 - سفيان بن حسين (¬8)، وهو ثقة في غير الزهري باتفاق العلماء (¬9). 3 - صالح بن كيسان (¬10)، وهو ثقة (¬11). 4 - إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة (¬12)، وهو ثقة (¬13). ¬

_ (¬1) هُوَ عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد الأسدي، أَبُو عَبْد الله المدني: ثقة فقيه مشهور، مات سنة 94هـ‍، أخرج لَهُ أصحاب الكتب الستة. التقريب (4561). (¬2) هِيَ أم المؤمنين حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنها، زوجة النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، توفيت سنة (41هـ‍)، وَقِيْلَ: (45هـ‍). تهذيب الكمال 8/ 526 (4812)، وتجريد أسماء الصَّحَابَة 2/ 259، والإصابة 4/ 273. (¬3) في الجامع (735)، وفي العلل الكبير (203). (¬4) شرح السنة (1814). (¬5) رواه إسحاق بن راهويه في مسنده (658)، وأحمد بن حنبل 6/ 263، والنسائي في الكبرى (3291)، عن كثير بن هشام، به. وأخرجه البيهقي 4/ 280 من طريق عبيد الله بن موسى عن جعفر، به. (¬6) عند إسحاق بن راهويه (660)، والنسائي في الكبرى (3293)، والبيهقي 2/ 280، وابن عبد البر في التمهيد 2/ 68 - 69، والاستذكار 3/ 237. (¬7) التقريب (2844). (¬8) عند أحمد 6/ 141 و 237، والنسائي في الكبرى (3292). (¬9) التقريب (2437). (¬10) عند النسائي في الكبرى (3295). (¬11) التقريب (2884). (¬12) عند النسائي في الكبرى (3294). وانظر: تحفة الأشراف 11/ 343 (16413)، وتهذيب الكمال 1/ 215 (408). (¬13) تهذيب الكمال 1/ 215 (408).

5 - حجاج بن أرطأة (¬1)، وهو صدوق كثير الخطأ والتدليس (¬2). 6 - عبد الله بن عمر العمري (¬3)، وهو ضعيف (¬4). 7 - يحيى بن سعيد (¬5). فهؤلاء منهم الثقة، ومنهم من يصلح حديثه للمتابعة، قَدْ رووا الحديث أجمعهم، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، متصلاً، إلا أنه قَدْ تبين بعد التفتيش والتمحيص والنظر أن رواية الاتصال خطأ، والصواب: أنّه منقطع بين الزهري وعائشة، وذكر عروة في الإسناد خطأ. لذا قال الإمام النسائي عن الرواية الموصولة: ((هذا خطأ)) (¬6)، وقد فسّر المزي مقصد النسائي فقال: ((يعني أن الصواب حديث الزهري، عن عائشة وحفصة مرسل)) (¬7). وقد نص كذلك الترمذي على أن رواية الاتصال خطأ، والصواب أنه منقطع وذكر الدليل القاطع على ذلك، فقال: ((روي عن ابن جريج، قال: سألت الزهري، قلت له: أَحدَّثَكَ عروة، عن عائشة؟، قال: لم أسمع عن عروة في هذا شيئاً، ولكني سَمِعتُ في خلافة سليمان بن عبد الملك (¬8) من ناس عن بعض من سأل عائشة عن هذا الحديث)) (¬9). ومن قبل سأل الترمذي شيخه البخاري فَقَالَ: ((سألت محمد بن إسماعيل البخاري عن هذا الحديث، فقال: لا يصح حديث الزهري، عن عروة، عن عائشة)) (¬10). وحكم أبو زرعة وأبو حاتم الرازيان بترجيح الرواية المنقطعة على الموصولة (¬11). قلت: قَدْ رواه الثقات الأثبات من أصحاب الزهري منقطعاً، وهم ثمانية أنفس: ¬

_ (¬1) عند ابن عبد البر في التمهيد 12/ 68. (¬2) التقريب (1119). (¬3) عند الطحاوي في شرح المعاني 2/ 108. (¬4) التقريب (3489). (¬5) عند النسائي في الكبرى (3295)، وابن عبد البر في التمهيد 12/ 68. (¬6) تحفة الأشراف 11/ 343 (16413). (¬7) تحفة الأشراف 11/ 343 (16413). (¬8) هُوَ الخليفة الأموي أبو أيوب سليمان بن عَبْد الملك بن مروان القرشي الأموي، توفي سنة (99 هـ‍). الجرح ولتعديل 4/ 130 - 131، ووفيات الأعيان 2/ 420، والعبر 1/ 118. (¬9) الجامع الكبير (735 م) وأخرجه البَيْهَقِيّ 4/ 280. (¬10) العلل الكبير للترمذي (203). (¬11) العلل لعبد الرحمان بن أبي حاتم 1/ 265 (782).

1 - مالك بن أنس (¬1)، وهو ثقة إمام أشهر من أن يعرف. 2 - معمر بن راشد (¬2)، وهو ثقة ثبت فاضل (¬3). 3 - عبيد الله بن عمر العمري (¬4)، وهو ثقة ثبت (¬5). 4 - يونس بن يزيد الأيلي (¬6)، وهو ثقة أحد الأثبات (¬7). 5 - سفيان بن عيينة (¬8)، وهو ثقة حافظ فقيه إمام حجة (¬9). 6 - عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج (¬10)، وهو ثقة (¬11). 7 - محمد بن الوليد الزبيدي (¬12)، وهو ثقة ثبت (¬13). 8 - بكر بن وائل (¬14)، وهو صدوق (¬15). فهؤلاء جميعهم رووه عن الزهري، عن عائشة منقطعاً، وروايتهم هذه هي المحفوظة، وهي تخالف رواية من رواه متصلاً. وهذا يدلل أن المحدّثين ليس لهم في مثل هذا حكم مطرد، بل مرجع ذلك إلى القرائن والترجيحات المحيطة بالرواية. ¬

_ (¬1) هكذا رواه عامة الرواة عن مالك، محمد بن الحسن الشيباني (363)، وسويد بن سعيد (471)، وأبو مصعب الزهري (827)، ويحيى بن يحيى الليثي (848)، وعبد الله بن وهب عند الطحاوي في شرح المعاني 2/ 108، والبيهقي 4/ 279، وعبد الرحمان بن القاسم عند النسائي في الكبرى (3298)، وخالف سائر الرواة عن مالك: عبد العزيز بن يحيى عند ابن عبد البر في التمهيد 12/ 66 - 67 فرواه عن مالك، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة. وهو خطأ، قال ابن عبد البر: ((لا يصح ذلك عن مالك)). التمهيد 12/ 66. (¬2) عند: عبد الرزاق (7790)، وإسحاق بن راهويه (659)، والنسائي في الكبرى (3296). (¬3) التقريب (6809). (¬4) عند النسائي في الكبرى (3297). (¬5) التقريب (4324). (¬6) عند البيهقي 4/ 279. (¬7) الكاشف 2/ 404. (¬8) عند: إسحاق بن راهويه (659)، والبيهقي 4/ 280. (¬9) التقريب (2451). (¬10) عند: الشافعي في مسنده (636) بتحقيقنا، وعبد الرزاق (7791)، وإسحاق بن راهويه (885)، والطحاوي في شرح المعاني 2/ 109، والبيهقي 4/ 280، وابن عبد البر في التمهيد 12/ 69. (¬11) التقريب (4193). (¬12) ذكر هذا الطريق البيهقي في السنن الكبرى 4/ 279. (¬13) التقريب (6372). (¬14) ذكر هذا الطريق البيهقي في السنن الكبرى 4/ 279. (¬15) التقريب (752).

وللحديث طريق أخرى (¬1)، فقد أخرجه النسائي (¬2)، والطحاوي (¬3)، وابن حبان (¬4)، وابن حزم في المحلى (¬5)، من طريق جرير بن حازم (¬6)، عن يحيى بن سعيد الأنصاري (¬7)، عن عمرة (¬8)، عن عائشة. هكذا الرواية وظاهرها الصحة، إلا أن جهابذة المحدّثين قَدْ عدوها غلطاً من جرير بن حازم، خطّأه في هذا أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، والبيهقي (¬9)، قال البيهقي: ((والمحفوظ عن يحيى بن سعيد، عن الزهري، عن عائشة، مرسلاً)) (¬10). ثم أسند البيهقي إلى أحمد بن منصور الرمادي (¬11) قال: قلت لعلي بن المديني: يا أبا الحسن تحفظ عن يحيى بن سعيد، عن عمرة، عن عائشة، قالت: أصبحت أنا وحفصة صائمتين. فقال لي: من روى هذا؟ قلت: ابن وهب، عن جرير بن حازم، عن يحيى بن سعيد. قال: فضحك، فقال: مثلك يقول هذا!، حدثنا: حماد بن زيد، عن يحيى بن سعيد، عن الزهري: أن عائشة وحفصة أصبحتا صائمتين. وقد أشار النسائي كذلك إلى خطأ جرير (¬12). فهؤلاء أربعة من أئمة الحديث أشاروا إلى خطأ جرير بن حازم في هذا الحديث، وعدم إقامته لإسناده. ولم يرتض ابن حزم على هذه التخطئة، وأجاب عن ذلك فقال: ((لم يتحقق علينا قول من قال أن جرير بن حازم أخطأ في هذا الخبر إلا أن هذا ليس بشيء؛ لأن جريراً ثقة، ودعوى الخطأ باطل إلا أن يقيم المدعي له برهاناً على صحة دعواه، وليس انفراد ¬

_ (¬1) الطريق يذكر ويؤنث، انظر القصيدة الموشحة لالاسماء المؤنثة السماعية 116. (¬2) في السنن الكبرى (3299). (¬3) شرح معاني الآثار 2/ 109. (¬4) صحيح ابن حبان (3516)، وفي طبعة الرسالة (3517). (¬5) المحلى 6/ 270. (¬6) هو جرير بن حازم بن زيد بن عبد الله الأزدي، أبو النضر البصري، (ثقة). التقريب (911). (¬7) هو يحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري المدني، أبو سعيد القاضي، (ثقة، ثبت). التقريب (7559). (¬8) هي: عمرة بنت عبد الرحمان بن سعد بن زرارة الأنصارية، مدنية أكثرت عن عائشة، (ثقة). التقريب (8643). (¬9) السنن الكبرى 4/ 281. (¬10) المصدر السابق. (¬11) هُوَ أحمد بن مَنْصُوْر بن سيار البغدادي الرمادي أبو بكر: ثقة، توفي سنة (265 هـ‍). تهذيب الكمال 1/ 83 (110)، والعبر 2/ 36، والتقريب (113). (¬12) انظر: تحفة الأشراف 11/ 873 (17945).

جرير بإسناده علة؛ لأنه ثقة)) (¬1). ويجاب على كلام ابن حزم: بأن ليس كل ما رواه الثقة صحيحاً، بل يكون فيه الصحيح وغير ذلك؛ لذا فإن الشذوذ والعلة إنما يكونان في حديث الثقة؛ فالعلة إذن هي معرفة الخطأ في أحاديث الثقات، ثم إن اطباق أربعة من أئمة الحديث على خطأ جرير، لم يكن أمراً اعتباطياً، وإنما قالوا هذا بعد النظر الثاقب والتفتيش والموازنة والمقارنة. أما إقامة الدليل على كل حكم في إعلال الأحاديث، فهذا ربما لا يستطيع الجهبذ الناقد أن يعبر عنه إنما هو شيء ينقدح في نفسه تعجز عبارته عنه (¬2). ثم إن التفرد ليس علة كما سبق أن فصلنا القول فيه في مبحث التفرد، وإنما هو مُلقٍ لِلضوءِ على العِلّة ومواقع الخلل وكوامن الخطأ، ثم إنا وجدنا الدليل على خطأ جرير ابن حازم، إذ قَدْ خالفه الإمام الثقة الثبت حماد بن زيد (¬3)، فرواه عن يحيى بن سعيد ولم يذكر عمرة (¬4). وللحديث طريق أخرى فقد أخرجه الطبراني (¬5) من طريق: يعقوب بن مُحَمَّد الزهري، قال: حدثنا هشام بن عبد الله بن عكرمة بن عبد الرحمان، عن الحارث بن هشام، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة. قال الطبراني عقب روايته له: ((لم يرو هذا الحديث عن هشام بن عروة إلا هشام ابن عكرمة. تفرد به يعقوب بن مُحَمَّد الزهري)). قلت: هذه الرواية ضعيفة لا تصلح للمتابعة، إذ فيها علتان: الأولى: يعقوب بن مُحَمَّد الزهري، فيه كلام ليس باليسير، فقد قال فيه الإمام أحمد: ((ليس بشيء))، وَقَالَ مرة: ((لا يساوي حديثه شيئاً))، وَقَالَ الساجي: ((منكر الحديث)) (¬6). والثانية: هشام بن عبد الله بن عكرمة، قال ابن حبان: ((ينفرد عن هشام بن عروة بما لا أصل له من حديثه - كأنه هشام آخر -، لا يعجبني الاحتجاج بخبره إذا ¬

_ (¬1) المحلى 6/ 270. (¬2) انظر: معرفة علوم الحديث: 112 - 113. (¬3) هو حماد بن زيد بن درهم الأزدي، الجهضمي، أبو إسماعيل البصري، (ثقة، ثبت، فقيه)، أخرج لَهُ أصحاب الكتب الستة. التقريب (1499). (¬4) عند الطحاوي في شرح المعاني 2/ 109، والبيهقي 4/ 281. (¬5) المعجم الأوسط (7388) طبعة الطحان و (7392) الطبعة العلمية. (¬6) ميزان الاعتدال 4/ 454.

انفرد)) (¬1). وللحديث طريق أخرى، فقد أخرجه ابن أبي شيبة (¬2) من طريق خصيف بن عبد الرحمان، عن سعيد بن جبير: أن عائشة وحفصة ... الحديث. وهو طريق ضعيف لضعف خصيف بن عبد الرحمان، فقد ضعّفه الإمام أحمد، وأبو حاتم، ويحيى القطان، على أن بعضهم قَدْ قواه (¬3). وللحديث طريق أخرى فقد أخرجه البزار (¬4)، والطبراني (¬5) من طريق حماد بن الوليد، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر ... الحديث. وهو طريق ضعيف، قال الهيثمي: ((فيه حماد بن الوليد ضعفه الأئمة)) (¬6). وللحديث طريق أخرى فقد أخرجه العقيلي (¬7)، والطبراني (¬8) من طريق مُحَمَّد بن أبي سلمة المكي، عن مُحَمَّد بن عمرو (¬9)، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: أهديت لعائشة وحفصة ... الحديث. وهو طريق ضعيف، قال الهيثمي: ((فيه مُحَمَّد بن أبي سلمة المكي، وقد ضُعِّفَ بهذا الحديث)) (¬10). خلاصة القول: إن الحديث لم يصح متصلاً ولم تتوفر فيه شروط الصحة؛ فهو ¬

_ (¬1) المجروحين 2/ 429 (1156). وانظر: ميزان الاعتدال 4/ 300. (¬2) المصنف (9092). (¬3) ميزان الاعتدال 1/ 653 - 654. اضطرب فيه فقد أخرجه النسائي في الكبرى (3301) عن خصيف، عن عكرمة، عن ابن عباس: أن عائشة وحفصة ... ؛ لذا قال النسائي: ((هذا الحديث منكر، وخصيف ضعيف في الحديث، وخطّاب لا علم لي، به)). ملاحظة: قول النسائي في هذا جاء مبتوراً في المطبوع من الكبرى، وهو بتمامه في تحفة الأشراف 4/ 565 (6071). (¬4) كما في مجمع الزوائد 3/ 202. (¬5) المعجم الأوسط (5391) طبعة الطحان، (5395) الطبعة العلمية، وسقط من طبعة الطحان ذَكَرَ حماد بن الوليد واستدركته من الطبعة العلمية ومجمع البحرين. (¬6) مجمع الزوائد 3/ 202. (¬7) الضعفاء، للعقيلي 4/ 79. (¬8) في الأوسط (8008) طبعة الطحان و (8012) الطبعة العلمية. (¬9) هُوَ مُحَمَّد بن عَمْرو بن علقمة بن وقاص الليثي المدني: صدوق لَهُ أوهام، توفي سنة (144 هـ‍)، وَقِيْلَ: (145 هـ‍). تهذيب الكمال 6/ 459 و460 (6104)، وميزان الاعتدال 3/ 673 (8015)، والتقريب (6188). (¬10) مجمع الزوائد 3/ 202.

أثر هذا الحديث في اختلاف الفقهاء (حكم من أفطر في صيام التطوع)

حديث ضعيف لانقطاعه؛ ولضعف طرقه الأخرى (¬1). أثر هذا الحديث في اختلاف الفقهاء (حكم من أفطر في صيام التطوع) وما دمنا قَدْ تكلمنا بإسهاب عن حديث الزهري متصلاً ومنقطعاً، وذكرنا طرقه وشواهده، وبيّنا ما يكمن فيها من ضعف وخلل، فسأتكلم عن أثر هذا الحديث في اختلاف الفقهاء، فأقول: من شَرَعَ في صوم تطوع، أو صلاة تطوع ولم يتم نفله، هل يجب عليه القضاء أم لا؟ اختلف الفقهاء في ذلك على ثلاثة أقوال: القول الأول: ذهب بعض العلماء إلى أن النفل يجب على المكلف بالشروع فيه، فإذا أبطل وجب عليه قضاؤه صوماً كان أم صلاةً أم غيرهما. وهو مروي عن: ابن عباس (¬2)، وإبراهيم النخعي (¬3)، والحسن البصري (¬4)، وأنس (¬5) بن سيرين (¬6)، وعطاء (¬7)، ومجاهد (¬8)، والثوري (¬9)، وأبي ثور (¬10). ¬

_ (¬1) هنا مسألة أود التنبيه عليها، وهو أنه قَدْ يتبادر إلى أذهان بعض الناس أنّ هذا الحديث ربما يتقوى بكثرة الطرق، والجواب عن هذا: بأن ليس كل ضعيف يتقوى بمجيئه من طريق آخر، فالعلل الظاهرة؛ وَهِيَ الَّتِي سببها انقطاع في السند، أو ضعف في الرَّاوِي، أو تدليس، أو اختلاط تتفاوت ما بَيْنَ الضعف الشديد والضعف اليسير، فما كَانَ يسيراً زال بمجيئه من طريق آخر مثله أو أحسن مِنْهُ، وما كَانَ ضعفه شديداً فَلاَ تنفعه كثرة الطرق. وبيان ذَلِكَ: أن ما كَانَ ضعفه بسبب سوء الحفظ أو اختلاطٍ أو تدليسٍ أو انقطاع يسير فالضعف هنا يزول بالمتابعات والطرق، وما كَانَ انقطاعه شديداً أو كَانَ هناك قدحٌ في عدالة الراوي فلا يزول. وانظر في ذلك بحثاً موسعاً في: " أثر علل الحديث في اختلاف الفقهاء ": 34 - 43. (¬2) المصنف، لابن أبي شيبة (9094)، والسنن الكبرى، للبيهقي 4/ 281. (¬3) المصنف لعبد الرزاق (7788). (¬4) المصنف لعبد الرزاق (7789)، والمصنف، لابن أبي شيبة (9096). (¬5) هُوَ أنس بن سيرين الأنصاري، أبو موسى، وَقِيْلَ: أبو حمزة، وَقِيْلَ أبو عَبْد الله البصري: ثقة، توفي سنة (118 هـ‍). الثقات 8/ 48، وتهذيب الكمال 1/ 287 (557)، والتقريب (563). (¬6) المصنف، لابن أبي شيبة (9093). (¬7) المصنف، لابن أبي شيبة (9097). (¬8) المصنف، لابن أبي شيبة (9097). (¬9) الاستذكار 3/ 238، إلا أنه قال بالاستحباب لا الوجوب. (¬10) الاستذكار 3/ 238، والتمهيد 12/ 72.

وهو مذهب الحنفية (¬1)، والمالكية (¬2)، والظاهرية (¬3). والحجة لهذا المذهب: 1 - قوله تَعَالَى: {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} (¬4): قال الجصاص الحنفي: ((يحتج به في أن كل من دخل في قربة لا يجوز له الخروج منها قبل إتمامها؛ لما فيه من إبطال عمله نحو الصلاة والصوم والحج وغيره)) (¬5). وللشافعي جواب عن هذا فقال: ((المراد بذلك إبطال ثواب العمل المفروض، فنهي الرجل عن إحباط ثوابه. فأما ما كان نفلاً فلا؛ لأنه ليس واجباً عليه، فإن زعموا أن اللفظ عام فالعام يجوز تخصيصه، ووجه تخصيصه أن النفل تطوع، والتطوع يقتضي تخييراً)) (¬6). 2 - جعلوا عمدة قولهم حديث الزهري السابق، وكأنهم رجحوا الاتصال على الانقطاع، أو أخذوا بالحديث لما له من طرق، وجعل ابن حزم الظاهري عمدة قوله حديث جرير بن حازم، عن يحيى بن سعيد، عن عمرة، عن عائشة. ودافع عن زيادة جرير (¬7). وقد تقدم الكلام بأن جريراً مخطئٌ في حديثه، وقد ذكرنا كلام ابن حزم وأجبنا عنه. القول الثاني: ذهب فريق من الفقهاء إلى استحباب الإتمام ولا قضاء عليه، وهو مذهب أكثر أهل العلم، وهو مروي عن: علي (¬8)، وعبد الله بن مسعود (¬9)، وعبد الله بن عمر (¬10)، وابن ¬

_ (¬1) بدائع الصنائع 2/ 102، وحاشية رد المحتار 2/ 430، وتبيين الحقائق 1/ 337، والاختيار 1/ 135. (¬2) الموطأ (849) و (850) رواية الليثي، وبداية المجتهد 1/ 227، والقوانين الفقهية: 120، وأسهل المدارك 1/ 431، وشرح منح الجليل 1/ 400. (¬3) المحلى 6/ 268. (¬4) محمد: 33. (¬5) أحكام القرآن 3/ 393. (¬6) الجامع لأحكام القرآن 7/ 6075. (¬7) المحلى 6/ 270 - 271. (¬8) مصنف عبد الرزاق (7772)، وانظر: الحاوي الكبير 3/ 336. (¬9) مصنف عبد الرزاق (7784)، ومصنف ابن أبي شيبة (9084)، والسنن الكبرى، للبيهقي 4/ 277، وانظر: الحاوي 3/ 336. (¬10) مصنف ابن أبي شيبة (9088)، والسنن الكبرى، للبيهقي 4/ 277، والمحلى 6/ 270، وانظر: الحاوي الكبير 3/ 336.

عباس (¬1)، وجابر بن عبد الله (¬2). وإبراهيم النخعي (¬3)، ومجاهد (¬4)، والثوري (¬5)، وإسحاق (¬6). وهو مذهب الشافعية (¬7)، والحنابلة (¬8). والحجة لهم: وهو أن حديث الزهري لم يصح، فهو ضعيف منقطع، ولم يروا الآية دليلاً لذلك، فقد احتجوا بجملة من الأحاديث، منها: 1 - حديث عائشة بنت طلحة (¬9)، عن عائشة أم المؤمنين، قالت: دخل عَلَيَّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم، فقال: هل عندكم شيءٌ؟ فقلنا: لا، قال: فإني إذن صائم. ثم أتانا يوماً آخر، فقلنا: يا رسول الله، أهدي لنا حيس (¬10)، فقال: أَرينيه، فلقد أصبحت صائماً، فأكل)). رواه مسلم (¬11). ¬

_ (¬1) عند عبد الرزاق في المصنف (7767) و (7768) و (7769) و (7770) و (7778)، ومصنف ابن أبي شيبة (9080)، والسنن الكبرى، للبيهقي 4/ 277. وهي إحدى الروايتين عنه، وانظر: الحاوي الكبير 3/ 336، والاستذكار 3/ 239 و 240. (¬2) مصنف عبد الرزاق (7771)، والسنن الكبرى، للبيهقي 4/ 277، والمحلى 6/ 270، وانظر: الاستذكار 3/ 240. (¬3) مصنف ابن أبي شيبة (9085). (¬4) مصنف ابن أبي شيبة (9086). (¬5) انظر: الحاوي الكبير 3/ 336، والمجموع 6/ 394. (¬6) المصدر نفسه. (¬7) انظر: الأم 2/ 103، ومختصر المزني: 59، والتهذيب 3/ 187، والمجموع 6/ 394، وروضة الطالبين 2/ 386، ونهاية المحتاج 3/ 210. (¬8) انظر: المغني 3/ 89، والهادي: 55، والمحرر 1/ 231، وشرح الزركشي 2/ 45. ونقل حنبل عن الإمام أحمد: ((إذا أجمع على الصيام، وأوجب على نفسه فأفطر من غير عذر أعاد يوماً، ولكن حمله على الاستحباب أو النذر)). انظر: المصادر السابقة. (¬9) هِيَ أم عمران عَائِشَة بنت طلحة بن عبيد الله التيمية المدنية: ثقة، قَالَ أبو زرعة: امرأة جليلة، حدث الناس عَنْهَا لفضائلها وأدبها. الثقات 5/ 289، وتهذيب الكمال 8/ 555 (8483)، والتقريب (8636). (¬10) الحيس: هو الطعام المتخذ من التمر والأقط والسمن، وقد يجعل عوض الأقط الدقيق أو الفتيت. وقيل: التمر البرني والأقط يدقان ويعجنان بالسمن عجناً شديداً حتى يندر النوى منه نواة نواة، ثم يسوى كالثريد. انظر: النهاية 1/ 467، ولسان العرب 6/ 61، وتاج العروس 15/ 568 مادة (حيس). (¬11) صحيح مسلم 3/ 159 (4454) (169) (170)، وأخرجه مطولاً ومختصراً غيره. انظر: تخريج رواياتهم في تحقيقي للشمائل (182).

2 - عن أبي جحيفة (¬1) قال: ((آخى النبي - صلى الله عليه وسلم - بين سلمان (¬2) وأبي الدرداء، فزار سلمان أبا الدرداء، فرآى أم الدرداء (¬3) متبذلة (¬4)، فقال لها: ما شأنك؟ قالت: أخوك أبو الدرداء لَيْسَ لَهُ حاجة في الدنيا. فجاء أبو الدرداء فصنع لَهُ طعاماً، فَقَالَ: كُلْ، قَالَ: فإني صائم، قَالَ: ما أنا بآكل حَتَّى تأكل، قَالَ: فأكل، فَلَمَّا كَانَ الليل ذهب أبو الدرداء يقوم، فَقَالَ: نَمْ، فنام، ثُمَّ ذهب يقوم، فَقَالَ: نَمْ، فَلَمَّا كَانَ من آخر الليل، قَالَ سلمان: قم الآن، فصليا، فَقَالَ لَهُ سلمان: إن لربك عليك حقاً، ولنفسك عليك حقاً، ولأهلك عليك حقاً، فاعطِ كُلّ ذي حق حقه، فأتى النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فذكر لَهُ، فَقَالَ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: ((صدق سلمان)). أخرجه البُخَارِيّ (¬5)، والترمذي (¬6)، وابن خزيمة (¬7)، والبيهقي (¬8). فهذه أحاديث صحيحة أجازت لصائم النفل الإفطار، ولم تأمره بقضاء. 3 - حديث أم هانئ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((الصائم المتطوع أمين نفسه، إن شاء صام وإن شاء أفطر)). أخرجه الإمام أحمد (¬9)، والترمذي (¬10)، والنسائي (¬11)، والدارقطني (¬12)، والبيهقي (¬13). قال الترمذي: ((في إسناده مقال)) (¬14). القول الثالث: التفصيل وهو مذهب المالكية، قالوا: إن أفطر بعذر جاز، وإن أفطر بغير عذر ¬

_ (¬1) الصَّحَابِيّ وهب بن عَبْد الله بن مُسْلِم أبو جحيفة السوائي، توفي سنة (64 هـ‍). أسد الغابة 5/ 157، وتجريد أسماء الصَّحَابَة 2/ 154، والإصابة 3/ 642. (¬2) الصَّحَابِيّ الجليل مولى رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - أبو عَبْد الله سلمان الخير الفارسي، توفي سنة (35 هـ‍). معجم الصَّحَابَة 5/ 2098، وتجريد أسماء الصَّحَابَة 1/ 230 (2400)، والإصابة 2/ 62. (¬3) هِيَ هجيمة أو جهيمة، أم الدرداء الأوصابية الدمشقية، وَهِيَ الصغرى: ثقة فقيهة، توفيت سنة (81 هـ‍). تهذيب الكمال 8/ 593 و 594 (8569)، وسير أعلام النبلاء 4/ 277، والتقريب (8728). (¬4) التبذل: ترك التزين والتهيؤ بالهيأة الحسنة الجميلة. انظر: النهاية 1/ 111، ولسان العرب 11/ 50 (بذل). (¬5) صحيح البخاري 3/ 49 (1968) و 8/ 40 (6139). (¬6) جامع الترمذي (2413). (¬7) صحيح ابن خزيمة (2144). (¬8) في السنن الكبرى 4/ 275 - 276. (¬9) في مسنده 6/ 341 و 343. (¬10) جامع الترمذي (732). (¬11) السنن الكبرى (3302) و (3303). (¬12) سنن الدارقطني 2/ 175. (¬13) السنن الكبرى 4/ 276. (¬14) جامع الترمذي عقيب (732).

النوع الرابع أن يروي الحديث قوم - مثلا - عن رجل عن تابعي عن صحابي، ويرويه غيرهم عن ذلك الرجل عن تابعي آخر عن الصحابي بعينه

لزمه القضاء (¬1). النوع الرابع أن يروي الحديث قوم - مثلاً - عن رجلٍ عن تابعي عن صحابي، ويرويه غيرهم عن ذلك الرجل عن تابعي آخر عن الصحابي بعينه. هذا أحد الأنواع الرئيسة التي تعتري اختلاف الأسانيد، وهو من الاختلافات التي تومئ بعدم ضبط راويها، وتخرج الحديث عن كونه عن رجل إلى رجل آخر، وهنا نقف أمام أمرين، وهما: هل أن الراوي أخطأ بهذا الاختلاف فالصواب عن أحدهما والآخر غلط؟ أم أن هذا الراوي سمع الحديث من كلا الرجلين فتارة يحدّث به عن هذا، وتارة يحدّث به عن الآخر، وكلا هذين الراويين قَدْ سمعاه من هذا الصحابي عينه. مثال ذلك: ما أخرجه الدارقطني (¬2)، من طريق سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن ابن أبي صعير (¬3)، عن أبي هريرة رواية (¬4) أنه قال: ((زكاة الفطر على الغني والفقير)). فهذا الحديث مِمَّا اختلف فيه على الزهري. فقد رواه سفيان بن حسين، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة (¬5). والحديث أخرجه: عبد الرزاق (¬6)، وأحمد (¬7)، والبخاري (¬8)، والطحاوي (¬9)، ¬

_ (¬1) انظر: المدونة 1/ 25، والاستذكار 3/ 238، والبيان والتحصيل 2/ 342، وبداية المجتهد 1/ 227، والمنتقى 2/ 68، وشرح منح الجليل 1/ 412. (¬2) سنن الدارقطني 2/ 148. (¬3) هُوَ أبو مُحَمَّد المدني عَبْد الله بن ثعلبة بن صعير، ويقال: ابن أبي صعير العذري، توفي سنة (87 هـ‍)، وَقِيْلَ: (89 هـ‍). تهذيب الكمال 4/ 98 (3181)، وتاريخ الإسلام: 103 وفيات (87 هـ‍)، والتقريب (842). (¬4) أي مرفوعاً إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال الحافظ ابن حجر في الفتح 10/ 336 عقيب (5889): ((وقد تقرر في علوم الحديث أن قول الراوي رواية، أو يرويه، أو يبلغ به، ونحو ذلك محمول على الرفع)). وانظر: شرح التبصرة والتذكرة 1/ 33، وطبعتنا 1/ 195، وفتح الباقي 1/ 133، وطبعتنا 1/ 186. (¬5) هذه الرواية ذكرها الدارقطني في العلل 7/ 40. (¬6) في مصنفه (5761). (¬7) في مسنده 2/ 277. (¬8) في تاريخه الكبير 5/ 37. (¬9) في شرح معاني الآثار 2/ 45.

النوع الخامس: زيادة رجل في أحد الأسانيد

والدارقطني (¬1)، والبيهقي (¬2) من طريق معمر، عن الزهري، عن الأعرج، عن أبي هريرة، به. موقوفاً ثم قال: - يعني: معمراً -: وبلغني أن الزهري كان يرويه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -. والحديث اختلف فيه كثيراً على الزهري غير هذا الاختلاف سأفصل ذلك - إن شاء الله - في النوع السادس، وأذكر أثر هذا الحديث في اختلاف الفقهاء. النوع الخامس: زيادة رجلٍ في أحد الأسانيد إن من الشروط الأساسية لصحة الحديث الضبط، والزيادة والنقصان في سند من الأسانيد مع اتحاد المدار أمارة من أمارات عدم الضبط، وعدم الضبط مخرج للحديث من حال الصحة إلى حال الضعف. وعليه فإذا روي حديث بأسانيد متعددة، وكان مدار الحديث على رجلٍ واحد، وزيد في أحد الأسانيد رجلٌ ونقص من بقية الأسانيد، ولم نستطع الترجيح بين الروايات؛ مما يدل على أن الخطأ من الذي دار عليه الإسناد، فرواه مرة هكذا، ومرة هكذا، فتبين لنا أن هذا الراوي لم يضبط هذا الحديث، فيحكم على الحديث بالاضطراب، ويتوقف الاحتجاج به حتى نجد له ما يعضده من متابعات، أو شواهد ترفعه من حال الضعف إلى حال القبول. وأحياناً توجد زيادة رجلٍ في أحد الأسانيد، إلا أنّ الزيادة لا تقدح عند الأئمة إذا كان المزيد ثقة؛ لأن الإسناد كيفما دار دار على ثقة. وقد تختلف أنظار المحدّثين في نحو مثل هذا فبعضهم يعد الزيادة قادحة وبعضهم لا يعدها قادحة. ومما وردت فيه زيادة واختلفت أنظار المحدّثين فيها، والراجح عدم القدح: ما رواه بكير بن عبد الله (¬3)، عن سليمان بن يسار (¬4)، عن عبد الرحمان بن جابر ابن عبد الله (¬5)، عن أبي بردة (¬6) - رضي الله عنه -، قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((لا يجلد فوق عشر ¬

_ (¬1) سنن الدارقطني 2/ 149 - 150. (¬2) السنن 4/ 164. (¬3) هو بكير بن عبد الله بن الأشج، مولى بني مخزوم، أبو عبد الله، أو أبو يوسف المدني، نزيل مصر، (ثقة)، مات سنة (120 هـ‍) أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. التقريب (760). (¬4) هو سليمان بن يسار الهلالي، المدني، مولى ميمونة، وقيل: أم سلمة، (ثقة، فاضل)، أحد الفقهاء السبعة، مات بعد المئة، وقيل قبلها، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. التقريب (2619). (¬5) هو عبد الرحمان بن جابر بن عبد الله الأنصاري، أبو عتيق المدني: ثقة أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. التقريب (3825). (¬6) هو على الراجح: هانئ أبو بردة بن نيار بن عمرو بن عبيد بن عمرو الأوسي، وقيل: غير ذلك. انظر: تحفة الأشراف 8/ 304، وتهذيب الكمال 8/ 242، وإتحاف المهرة 14/ 23، والإحكام، =

جلدات إلا في حدٍ من حدود الله)). فهذا الحديث مداره على بكير بن عبد الله (¬1)، وهو هكذا من غير زيادة في إسناده وقد صححه من هذا الوجه الإمام البخاري (¬2)، والترمذي (¬3). ورواه الليث بن سعد (¬4)، وهو ثقة ثبت (¬5)، عن يزيد بن أبي حبيب، عن بكير بن عبد الله، به. وتابعه سعيد بن أبي أيوب (¬6)، وهو ثقة ثبت (¬7)، فهذه متابعة تامة لليث بن سعد. وتابعه عبد الله بن لهيعة (¬8) متابعة نازلة فرواه عن بكير بن عبد الله، به لكن قَدْ خولف الإمام الليث بن سعد. خالفه زيد بن أبي أنيسة (¬9) - وهو ثقة (¬10) - عن يزيد بن أبي حبيب، عن بكير بن عبد الله، عن سليمان بن يسار، عن عبد الرحمان بن جابر، عن أبيه (¬11)، عن أبي بردة بن ¬

_ = لابن دقيق 2/ 252. (¬1) انظر: تحفة الأشراف 8/ 304 - 306 (11720)، وإتحاف المهرة 14/ 24 (17392). (¬2) فقد أخرجه في صحيحه كما سيأتي. (¬3) جامع الترمذي 3/ 130 - 131 (1463). (¬4) عند ابن أبي شيبة (28866)، وأحمد 3/ 466 و 4/ 45، والبخاري 8/ 215 (6848)، وأبي داود (4491)، وابن ماجه (2601)، والترمذي (1463)، والنسائي في الكبرى (7331)، وابن الجارود (850)، والطحاوي في شرح المشكل (2443)، والطبراني في الكبير 22/ (515)، والبيهقي 8/ 327، والبغوي (2609). تنبيه: لليث بن سعد رواية أخرى في هذا الحديث فقد رواه عن بكير مباشرة فقد أخرجه الإمام أحمد 3/ 466، حدثنا: سلمة الخزاعي، قال: حدثنا: ليث، عن بكير بن عبد الله ... الحديث، ثم قال سلمة الخزاعي: ((وكان ليث حدثناه ببغداد عن يزيد بن أبي حبيب، عن بكير، عن سليمان، فلما كان بمصر قال: أخبرناه بكير بن عبد الله بن الأشج)). (¬5) التقريب (5684). (¬6) عند أحمد 4/ 45، وعبد بن حميد (366) والدارمي (2319)، والنسائي في الكبرى (7330)، وابن حبان (4458) وط الرسالة (4452)، والحاكم 4/ 381 - 382. تنبيه: وقع عند الحاكم: ((إسماعيل بن أبي أيوب)) وهو تحريف والتصويب من إتحاف المهرة 14/ 25 حديث (17392). (¬7) التقريب (2274) (¬8) عند أحمد 3/ 466، والطبراني في الكبير 22/ (517). (¬9) عِنْدَ النسائي في الكبرى (7332)، والطحاوي في شرح المشكل (2444). (¬10) التقريب (2118). (¬11) هو جابر بن عبد الله الأنصاري بن عمرو الصحابي الجليل. انظر: تهذيب الكمال 1/ 426.

ينار ... الْحَدِيْث، فقد زاد زيد بن أبي أنيسة زيادة فأدخل جابر بن عبد الله بين عبد الرحمان وأبي بردة. وقد توبع زيد بن أبي أنيسة على هذا متابعة نازلةً، تابعه اثنان: الأول: عمرو بن الحارث (¬1)، وهو ثقة فقيه حافظ (¬2). الثاني: أسامة بن زيد (¬3)، وهو صدوق يهم (¬4). فروياه عن بكير بن عبد الله، عن سليمان بن يسار، عن عبد الرحمان بن جابر، عن أبيه، عن أبي بردة. هكذا روياه بزيادة: ((أبيه)) بين عبد الرحمان وأبي بردة فتابعا زيد بن أبي أنيسة. هكذا حصلت الزيادة في أحد أسانيد الحديث، ومداره على راوٍ واحد. وقد اختلفت وجهات نظر المحدّثين: فقد صحّح الرواية بدون الزيادة الترمذي - كما سبق -، والدارقطني في العلل (¬5)، والبخاري: وصحح الرواية مع الزيادة البخاري - أيضاً - ومسلم وأبو حاتم (¬6)، والدارقطني في التتبع (¬7). وقد حكم باضطراب الحديث الأصيلي (¬8) قال الحافظ: ((أدعى الأصيلي أن الحديث مضطرب، فلا يحتج به لاضطرابه)) (¬9). وَقَالَ الشوكاني: ((تكلم في إسناده ابن المنذر والأصيلي من جهة الاختلاف فيه)) (¬10). ولم أجد النقل صريحاً عن ابن المنذر إلا أنه قال في الإشراف: ((لم نجد في ¬

_ (¬1) عند أحمد 4/ 45 والبخاري 8/ 216 (6850)، ومسلم 5/ 126 (1708) (40)، وأبي داود (4492)، والطحاوي في شرح المشكل (2446)، وابن حبان (4459) وط الرسالة (4453)، والدارقطني 3/ 207 - 208، والحاكم 4/ 369 - 370، والبيهقي 8/ 327. (¬2) التقريب (5004). (¬3) عند الطحاوي في شرح المشكل (2445)، والبزار في البحر الزخار (3796). (¬4) التقريب (317). (¬5) علل الدارقطني 6/ 22 س (952). (¬6) علل ابنه 1/ 451 (1356). (¬7) التتبع 226 (92). (¬8) هو الإمام، شيخ المالكية، عالم الأندلس، أبو محمد، عبد الله بن إبراهيم الأصيلي. قال الدارقطني: ((حدثني أبو مُحَمَّد الأصيلي ولم أر مثله)). سير أعلام النبلاء 16/ 560. (¬9) فتح الباري 12/ 177. (¬10) نيل الأوطار 7/ 150.

عدد الضرب في التعزير خبراً عن رسولِ الله ثابتاً)) (¬1). أقول: ما ذكر من إعلال الحديث بالاضطراب هو أمرٌ غير صحيح؛ إذ إنَّهُ اختلاف غَيْر قادح فَهُوَ كيفما دار فَهُوَ عن ثقة، وَقَدْ دافع الحَافِظ ابن حجر عن هَذَا الْحَدِيْث دفاعاً مجيداً، فَقَالَ: ((لَمْ يقدح هَذَا الاختلاف عن الشيخين في صحة الْحَدِيْث؛ فإنه كيفما دار يدور على ثقة، ويحتمل أن يكون عبد الرحمان وقع له فيه ما وقع لبكير بن الأشج (¬2) في تحديث عبد الرحمان بن جابر لسليمان بحضرة بكير؛ ثم تحديث سليمان بكيراً به عن عبد الرحمان، أو أن عبد الرحمان سمع أبا بردة لما حدّث به أباه، وثبته فيه أبوه، فحدّث به تارة بواسطة أبيه وتارة بغير واسطة ... وقد اتفق الشيخان على تصحيحه، وهما العمدة في التصحيح)) (¬3). وللحديث شواهد فقد أخرجه عبد الرزاق (¬4)، والبخاري (¬5)، والنسائي في الكبرى (¬6) من طريق مسلم بن أبي مريم (¬7)، عن عبد الرحمان بن جابر (¬8)، عمن سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - ... الحديث. وقد أخرجه الحارث (¬9) بن أبي أسامة (¬10)، من رواية عبد الله بن أبي بكر بن الحارث بن هشام (¬11) رفعه. وقوّى الحافظ ابن حجر سنده إلا أنه ¬

_ (¬1) الإشراف 3/ 22. (¬2) هُوَ أبو عَبْد الله بكير بن عَبْد الله الأشج المدني، مولى بني مخزوم: ثقة، توفي سنة (120 هـ‍)، وَقِيْلَ: (117 هـ‍)، وَقِيْلَ: (122 هـ‍). الثقات 6/ 105، وتهذيب الكمال 1/ 378 و 379 (752)، والتقريب (760). (¬3) فتح الباري 12/ 177. (¬4) المصنف (13677). (¬5) صحيح البخاري 8/ 215 (6849). (¬6) كما في تحفة الأشراف 8/ 304 حديث (11720)، ولم نجده في المطبوع. (¬7) مُسْلِم بن أبي مريم، واسم أبي مريم: يسار، المدني، مولى الأنصار: ثقة. التاريخ الكبير 7/ 273، وتهذيب الكمال 7/ 105 (6537)، والتقريب (6647). (¬8) هُوَ أبو عتيق المدني عَبْد الرحمان بن جابر بن عَبْد الله الأنصاري السلمي: ثقة. الثقات 5/ 77، وتهذيب الكمال 4/ 383 (3768)، والتقريب (3825). (¬9) هُوَ أبو مُحَمَّد الحارث بن أَبِي أسامة، واسم أبي أسامة: داهر، التميمي مولاهم البغدادي صاحب "المسند"، قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: صدوق، ولد سنة (186 هـ‍)، وتوفي سنة (282 هـ‍). المنتظم 5/ 155، وسير أعلام النبلاء 13/ 388 و 389 و 390، وتذكرة الحفاظ 2/ 619 - 620. (¬10) كما في بغية الباحث 2/ 567 (519) (¬11) هو عبد الله بن أبي بكر بن عبد الرحمان بن الحارث بن هشام المخزومي، المدني: صدوق. التقريب (3237)

أثر هذا الحديث في اختلاف الفقهاء (مقدار التعزير)

مرسل (¬1)، وله شاهد آخر من حديث أبي هريرة عند ابن ماجه (¬2)، إلا أنه لا يفرح به لتفرد عباد بن كثير الثقفي به؛ وَهُوَ متروك (¬3). أثر هذا الحديث في اختلاف الفقهاء (مقدار التعزير) وما دمنا قَدْ تكلمنا عن حديث أبي بردة بتفصيل، وبينا الزيادة الواردة في بعض أسانيده، وبينا أن هذه الزيادة لم تقدح عند الشيخين -وهما من هما في الحفظ والإتقان-؛ فسنذكر أثر هَذَا الْحَدِيْث في اختلاف الفقهاء. فأقول أولاً: الْحَدِيْث أصلٌ في حد عقوبة التعزير المعينة بالجلد (¬4). والتعزير لغة: مصدر عَزَرَ من العَزْر، وهو الرد والمنع، ويقال: عزر أخاه بمعنى نصره؛ لأنَّهُ منع عدوه من أن يؤذيه، ويقال: عزرته بمعنى: وقرّته، وبمعنى أدبته، فَهُوَ من أسماء الأضداد. وسميت العقوبة تعزيراً؛ لأن من شأنها أن تدفع الجاني وترده عن ارتكاب الجرائم، أو العودة إليها (¬5). وفي الاصطلاح: هو عقوبة غير مقدرة شرعاً، تجب حقاً لله، أو لآدمي، في كل معصية ليس فيها حدٌ ولا كفارة غالباً (¬6). وقد اختلف الفقهاء في أعلى المقدار الذي يعاقب به من استحق التعزير بالجلد على أقوالٍ: القول الأول: أن لا يزاد على عشر جلدات. وهو قول كثير من أهل العلم، وبه قال الليث (¬7)، وأحمد في المشهور عَنْهُ (¬8) وإسحاق (¬9) ووجه عند الشافعية (¬10) وبه قال الظاهرية (¬11). ¬

_ (¬1) فتح الباري 12/ 177. (¬2) سنن ابن ماجه (2602). (¬3) التقريب (3139). (¬4) للتعزير عقوبات متنوعة غير الجلد يعود تحديد نوعها إلى القاضي. انظر: المحلى 11/ 401، والمبسوط 24/ 35، والكافي 4/ 242، وروضة الطالبين 10/ 174، وشرح الدردير 4/ 354، والتعاريف: 186، وأنيس الفقهاء: 174. (¬5) انظر: مقاييس اللغة 4/ 311، ولسان العرب 4/ 561، وتاج العروس 13/ 20 ((عزر)). (¬6) انظر: شرح فتح القدير 4/ 211، وكشاف القناع 6/ 121، والأحكام السلطانية للماوردي: 293، والبحر الزخار 6/ 210، والموسوعة الفقهية 12/ 254 (¬7) شرح مشكل الآثار 6/ 234 عقيب (2446)، والمحلى 11/ 402 وهو رواية عنه. (¬8) المغني 10/ 347. (¬9) الإشراف 3/ 22. (¬10) إحكام الأحكام لابن دقيق 2/ 251 ط عالم الكتب، و 4/ 137 ط العلمية، والمحلى 11/ 402. (¬11) المحلى 11/ 402.

وحجة أصحاب هذا القول هو حديث أبي بردة الذي سبق تفصيله وهو حديث صحيح، ولم يقدح فيه إعلال الأصيلي وابن المنذر (¬1)، وقد أجاب عن الحديث وأظهر صحته الرافعي (¬2) وابن حجر (¬3). وقد زعم بعض الشافعية: بأن الحديث منسوخ بإجْماع الصحابة على خلاف الْحَدِيْث (¬4). وقد أجاب عن ذلك ابن دقيق العيد، فقال: ((وهذا ضعيف جداً، لأنه يتعذر عليه إثبات إجماع الصحابة على العمل بِخلافه، وفعل بعضهم أو فتواه لا يدل على النسخ)) (¬5). القول الثاني: لا يبلغ به الحد. وفي تحديد المقصود من "لا يبلغ به الحد"، مذاهب: المذهب الأول: أن لا يبلغ بالتعزير أدنى حد مشروع، فعلى هذا لا ينبغي أن يزاد الحد على تسعة وثلاثين سوطاً؛ لأن حد العبد في الخمر والقذف أربعون سوطاً. وإلى هَذَا ذهب أبو حَنِيْفَةَ (¬6). المذهب الثاني: يجب أن ينقص الجلد عن أقل حدود المعزَّر فلا يزاد العبد على تسعة عشر سوطاً، وللحر أن لا يزاد على تسعة وثلاثين سوطاً. وهذا هو المعتبر عند الشافعية (¬7). المذهب الثالث: أدنى حد مشروع بالنسبة للحرِّ هو ثمانون سوطاً، فلا يبلغ بالتعزير هذا المقدار، وله أن يبلغ به تسعة وسبعين سوطاً. وبه قال القاضي أبو يوسف (¬8) في رواية النوادر عنه، وزفر (¬9)، وحجته: أن اعتبار ¬

_ (¬1) فتح الباري 12/ 177. (¬2) الإمام شيخ الشافعية، أَبُو القاسم عَبْد الكريم بن مُحَمَّد بن عَبْد الكريم الرافعي القزويني، صاحب التصانيف مِنْهَا: " الفتح العزيز في شرح الوجيز " و " شرح مسند الشَّافِعِيّ "، توفي سنة (623 هـ‍). تهذيب الأسماء واللغات 2/ 264، وسير أعلام النبلاء 22/ 252 و 254، ومرآة الجنان 4/ 45. (¬3) فتح الباري 12/ 177، ونيل الأوطار 7/ 150. (¬4) إحكام الأحكام لابن دقيق 2/ 251 ط عالم الكتب، و 4/ 137 ط العلمية، وروضة الطالبين 10/ 175، ونيل الأوطار 7/ 150. (¬5) إحكام الأحكام 2/ 251 ط عالم الكتب، و 4/ 137 ط العلمية. (¬6) بدائع الصنائع 7/ 64. (¬7) المهذب 2/ 289، وحلية العلماء 8/ 101، ونهاية المحتاج 8/ 18 فما بعدها. (¬8) بدائع الصنائع 7/ 64، والمحلى 11/ 401، والهداية 2/ 117. (¬9) انظر: الهداية 2/ 117.

النموذج الثاني

الحرية عند الناس هو الأصل، وأقل حد للحر ثمانون جلدة. المذهب الرابع: أن لا يتجاوز التعزير خمسة وسبعين سوطاً، وهو قول ابن أبي (¬1) ليلى (¬2)، وأحد قولي أبي يوسف (¬3)، ورواية عن الإمام مالك (¬4). القول الثالث: يجوز أن يزاد التعزير على الحد إذا رأى الإمام ذلك، وإن بلغ التعزير ما بلغ، وهو قول الإمام مالك (¬5)، وأبي ثور (¬6)، وإحدى الروايات عن أبي يوسف (¬7)، وبه قال أبو جعفر الطحاوي (¬8) وهو اختيار ابن تيمية (¬9)، وهو أن التعزير يكون بحسب كثرة الذنب في الناس وقلته وعلى حسب حال المذنب. القول الرابع: أن لا يزاد في الجلد على عشرين سوطاً. وهو المروي عن سيدنا عمر بن الخطاب في كتابه إلى أبي موسى الأشعري: ((أن لا يبلغ بنكالٍ فوق عشرين سوطاً)) (¬10)، وعنه رواية أخرى: أن لا يتعدَّى التعزير ثلاثين سوطاً (¬11). النموذج الثاني حديث رِفاعة بن رافع الزُّرقي (¬12)، قال: جاء رجل ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسجد، فصلى قريباً منه، ثم انصرف إليه، فسلّم عليه، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أعِدْ صلاتك، فإنك لم تصل)) قال: فرجع، فصلى نحواً مما صلى ثم انصرف إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أعد صلاتك فإنك لم تصلِّ)). فقال: يا رسول الله، كيف أصنعُ؟ فقال: ¬

_ (¬1) هُوَ أبو عَبْد الرحمان الأنصاري مُحَمَّد بن عَبْد الرحمان بن أبي ليلى، توفي سنة (148 هـ‍). تهذيب الكمال 6/ 402 (5997)، وسير أعلام النبلاء 6/ 310 و 315، والتقريب (6081). (¬2) الإشراف 3/ 22، والمحلى 11/ 402. (¬3) بدائع الصنائع 7/ 64، والمبسوط 9/ 71، والهداية 2/ 117. (¬4) منح الجليل 4/ 555 (¬5) حاشية الدسوقي 4/ 355، ومنح الجليل 4/ 554 - 555. (¬6) الإشراف على مذاهب أهل العلم 3/ 22. (¬7) المحلى 11/ 401. (¬8) المحلى 11/ 401. (¬9) السياسة الشرعية: 97. (¬10) مصنف عبد الرزاق (13674). (¬11) مصنف ابن أبي شيبة (28861)، والتمهيد 5/ 330. (¬12) الصحابي الجليل رفاعة بن رافع بن مالك الأنصاري الزرقي، شهد بدراً والعقبة. الاستيعاب 1/ 501، وتجريد أسماء الصَّحَابَة 1/ 184 (1905)، والتقريب (1946).

((إذا استقبلت القبلة، فكبر، ثم أقرأْ بأم القرآن، ثم أقرأ بما شئت، فإذا ركعت، فاجعل راحتيك على ركبتيك، وامدد ظهرك، فإذا رفعت رأسك، فأقم صلبك حتى ترجع العظام إلى مفاصلها، فإذا سجدت، فمكن سجودك، فإذا رفعت رأسك، فاجلس على فخذك اليسرى، ثم اصنع ذلك في كل ركعة)). هذا الحديث أخرجه الشَّافِعِيّ (¬1)، وعبد الرزاق (¬2)، وأحمد (¬3)، والدارمي (¬4)، والبخاري (¬5)، وأبو داود (¬6)، وابن ماجه (¬7)، والنسائي (¬8)، وابن الجارود (¬9)، والطحاوي (¬10)، وابن حبان (¬11)، والطبراني (¬12)، والدارقطني (¬13)، والحاكم (¬14)، والبيهقي (¬15)، وابن حزم (¬16) من طريق علي بن يحيى بن خلاد، عن أبيه، عن عمه رفاعة بن رافع، فذكره. وأخرجه الطيالسي (¬17)، وأبو داود (¬18)، والترمذي (¬19)، والنسائي (¬20)، وابن ¬

_ (¬1) في الأم 1/ 102 وَقَالَ عن رفاعة لم يذكر أنه (عمه). وفي المسند (220) بتحقيقنا قال (عن جده) بدل (عمه). (¬2) في مصنفه (3739) (¬3) في مسنده 4/ 340. (¬4) في سننه (1335). (¬5) في الصلاة خلف الإمام (101) و (102) و (103) و (108) و (109) و (110) و (111). (¬6) في سننه (858) و (859) و (860). (¬7) في سننه (460). (¬8) في المجتبى 2/ 193 و 2/ 225 - 226 و 3/ 59 - 60و 60، وفي الكبرى (640) و (722) و (1236) و (1237) (¬9) المنتقى (194). (¬10) في شرح المشكل (1594) و (2245). (¬11) في صحيحه (1783)، وفي طبعة الرسالة (1787). (¬12) في المعجم الكبير (4520) و (4521) و (4522) و (4523) و (4524) و (4525) و (4528). (¬13) في سننه 1/ 95 - 96. (¬14) المستدرك 1/ 241 - 242. (¬15) في سننه الكبرى 2/ 102 و 2/ 133 - 134 و 345 و 372 - 373. (¬16) في المحلى 3/ 256. (¬17) في مسنده (1372). (¬18) في سننه (861). (¬19) في الجامع الكبير (302) وفي رواية الترمذي سقط فيها "عن أبيه" فأصبح السند عن يحيى بن علي، عن، جده، عن رفاعة، به. انظر: تعليق الدكتور بشار على هذه اللفظة في تحقيقه لكتاب الجامع الكبير 1/ 332. (¬20) في المجتبى 2/ 20، وفي الكبرى (1631).

خزيمة (¬1)، والطحاوي (¬2)، والطبراني في "الكبير" (¬3)، والبيهقي (¬4)، والبغوي (¬5) من طريق يحيى بن علي بن يحيى بن خلاّد (¬6)، عن أبيه (¬7)، عن جده (¬8)، عن رفاعة بن رافع، فذكره. وأخرجه الطحاوي (¬9) من طريق يحيى بن علي بن يحيى بن خلاّد، عن أبيه، عن جده رفاعة بن رافع، فذكره. وأخرجه الشافعي (¬10)، وأحمد (¬11)، والبخاري (¬12)، وأبو داود (¬13)، والطحاوي (¬14)، والطبراني (¬15)، من طريق علي بن يحيى، عن رفاعة بن رافع، فذكره (¬16). هكذا اضطرب في هذا الحديث وزيد في إسناده، وقد نوه على الاختلاف الطحاوي (¬17) إلا أن هذا الحديث لم يقدح بصحته أحد - فيما أعلم - لصحته من حديث أبي هريرة (¬18)، على أن الإمام النووي صحح حديث رفاعة فقال: ((حديث رفاعة ¬

_ (¬1) في صحيحه (545). (¬2) في شرح المشكل (1593) و (6073) و (6074). (¬3) في المعجم الكبير (4527). (¬4) في السنن الكبرى 2/ 380. (¬5) في شرح السنة (553). (¬6) هُوَ يَحْيَى بن عَلِيّ بن يَحْيَى بن خلاد الأنصاري الزرقي المدني: مقبول، توفي سنة (129 هـ‍). الثقات 7/ 612، وتهذيب الكمال 8/ 73 (7483)، والتقريب (7611). (¬7) عَلِيّ بن يَحْيَى بن خلاد الزرقي الأنصاري: ثقة، توفي سنة (129 هـ‍). الثقات 7/ 205، وتهذيب الكمال 5/ 310 (4740)، والتقريب (4814). (¬8) هُوَ يَحْيَى بن خلاد بن رافع الأنصاري الزرقي المدني، لَهُ رؤية، توفي سنة (128هـ‍)، وَقِيْلَ: (129هـ‍). الثقات 7/ 601، وتهذيب الكمال 8/ 30 (7415)، والتقريب (7540). (¬9) في شرح المعاني 1/ 232، وفي شرح المشكل (2244). (¬10) في الأم 1/ 113، وفي المسند، له (221) بتحقيقنا. (¬11) في المسند 4/ 340. (¬12) في الصلاة خلف الإمام (112). (¬13) في سننه (857). (¬14) في شرح المعاني 1/ 232، وفي شرح المشكل (2243). (¬15) في الكبير (4526) و (4529) و (4530). (¬16) في بعض الروايات: ((عن علي عن عمه))، وفي بعضها: ((عن علي عن رفاعة))، وفي بعضها: ((عن علي عن عمه رفاعة)). (¬17) شرح مشكل الآثار 15/ 356 و 357. (¬18) أخرجه أحمد 2/ 437، والبخاري 1/ 192 (757) و 1/ 200 (793) و 8/ 68 (6251) و8/ 169 (6667)، وفي الصلاة خلف الإمام (113) و (114) و (115)، ومسلم 2/ 10 (397) (45) و 2/ =

أثر هذا الحديث في اختلاف الفقهاء

صحيح، والطمأنينة واجبة في السجود عندنا وعند الجمهور)) (¬1). أثر هذا الحديث في اختلاف الفقهاء (حكم الطمأنينة في الركوع والسجود، وبين السجدتين، والاعتدال من الركوع) وما دمنا قَدْ تكلمنا عن تخريج حديث رفاعة بإسهاب، فسأذكر ما له من أثر في اختلاف الفقهاء: الطمأنينة في الركوع والسجود اختلف الفقهاء رحمهم الله في هذه المسألة على قولين: الأول: الطمأنينة في الركوع والسجود فرض فَمَنْ تَرَكَها فصلاته باطلة. وهو قول الإمام سعيد بن المسيب (¬2)، وإليه ذهب أحمد (¬3)، والشافعي (¬4)، وأبو يوسف (¬5)، وهو وجه للمالكية (¬6). ودليلهم حديث رفاعة، وحديث أبي هريرة ولاسيما قوله - صلى الله عليه وسلم - للمسيء في صلاته: ((ارجع، فصلِّ؛ فإنكَ لم تُصلِّ)) ثم قوله بعد ذلك: ((اركع حتى تطمئن راكعاً، ثم ارفع حتى تعتدل قائماً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً)) (¬7). ووجه الدلالة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل الصلاة الخالية من الطمأنينة كلا صلاة، ثم أمره بعد ذلك بالطمأنينة في الركوع والسجود، والأمر للوجوب (¬8). ¬

_ = 11 - (397) (46)، وأبو داود (856)، وابن ماجه (1060)، والترمذي (303)، والنسائي 2/ 124، وفي الكبرى (958)، وأبو يعلى (6577)، وابن خزيمة (454) و (461) و (590)، والطحاوي في شرح المعاني 1/ 233، وابن حبان (1886)، وطبعة الرسالة (1890)، والبيهقي 2/ 88 و 117 و 122 و 126، والبغوي (552). (¬1) المجموع 3/ 432. (¬2) فقه الإمام سعيد 1/ 244. (¬3) تنقيح التحقيق 1/ 388، الطبعة العلمية، والمغني 1/ 541. (¬4) الوسيط 2/ 739 - 740 و 749، والمجموع 3/ 408 - 409، وكفاية الأخيار 1/ 209 و 211. (¬5) الهداية 1/ 49، وبدائع الصنائع 1/ 162. (¬6) شرح منح الجليل 1/ 151 كما صححه ابن الحاجب. (¬7) سبق تخريجه. (¬8) فقه الإمام سعيد 1/ 245.

النوع السادس: الاختلاف في اسم الراوي ونسبه إذا كان مترددا بين ثقة وضعيف

الثاني: إن الطمأنينة في الركوع والسجود واجبة وليست بفرض وهو قول أبي حنيفة ومحمد بن الحسن (¬1) وهو وجه للمالكية (¬2). ودليلهم قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} (¬3)، وهو أمر لمطلق الركوع والسجود والركوع في اللغة هو الانحناء والميل والسجود هو التطأطؤ والخفض فإذا أتى بأصل الانحناء والوضع فقد امتثل لإتيانه بما ينطلق عَلَيْهِ الاسم فأما الطمأنينة فدوام على أصل الفعل والأمر بالفعل لا يقتضي الدوام، وأما حديث الأعرابي - المسيء صلاته - فهو من الآحاد فلا يصلح ناسخاً للكتاب، ولكن يصلح مكملاً فيحمل أمره بالاعتدال على الوجوب ونفيه الصلاة على نفي الكمال وتمكن النقصان الفاحش الذي يوجب عدمها من وجه، وأمره بالإعادة على الوجوب جبراً للنقصان أو على الزجر من المعاودة إلى مثله. كالأمر بكسر دنان الخمر عند نزول تحريمها تكميلاً للغرض والحديث حجة عليهم، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - مَكن الأعرابي من المضي في الصلاة في جميع المرات ولم يأمره بالقطع فلو لم تكن تلك الصلاة جائزة لكان الاشتغال بها عبثاً إذ الصلاة لا تمضي في فاسدها فينبغي أن لا يمكنه منه (¬4). ورد صاحب "المغني" على دليل هذا الفريق بقوله: ((الآية حجة لنا لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - فسّر الركوع بفعله وقوله فالمراد بالركوع ما بينه النبي - صلى الله عليه وسلم -)) (¬5). أما تمكين النبي - صلى الله عليه وسلم - للأعرابي من إكمال الصلاة فهذا لا يقتضي صحتها؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: ((إنك لم تصل)). أما كونه خبر آحاد فلا يصلح ناسخاً، فهذا بعيد؛ لأنه ليس نسخاً، بل غاية ما فيه أنه مبين وشارح للآية الكريمة فلا تعارض بينه وبين الآية. النوع السادس: الاختلاف في اسم الراوي ونسبه إذا كان متردداً بين ثقة وضعيف الاختلاف في الأسانيد ملحظ مهم للرجل الذي يحب الكشف عن العلل الكامنة في الأسانيد؛ لأن الاختلافات تومئ إِلَى عدم ضبط الروايات وتخرج الْحَدِيْث غالباً من حيّز القبول إِلَى درجات الرد. والاختلافات الَّتِي تقدح في صحة الإسناد هِيَ الَّتِي يَكُوْن ¬

_ (¬1) الهداية 1/ 49، وبدائع الصنائع 1/ 162. (¬2) شرح منح الجليل 1/ 151 وهو المشهور من المذهب. (¬3) الحج: 77. (¬4) بدائع الصنائع 1/ 162. (¬5) المغني 1/ 541.

ومما اختلف الرواة فيه اختلافا كبيرا

مدارها واحداً، ومصدر خروجها واحداً، فإذا حصل الاختلاف على من هذا شأنه فهو أمر يهتم به العلماء غاية الاهتمام؛ إذ هو يدلل على خلل طارئ من الأصل الذي روى الحديث أو من الرواة عنه. فإذا توبع الرواة على اختلاف رواياتهم فالحمل إذن على من دارت عليه الأسانيد، فهو بلا شك حدث الجميع على أوجهٍ مختلفة متباينة فهو إذن فاقد لضبط الحديث في هذا الحديث خاصة، وإن كان من الثقات الأثبات ومن أنواع تلك الاختلافات الكثيرة: الاختلاف في اسم الراوي ونسبه. ومما اختلف الرواة فيه اختلافاً كبيراً ما رواه الطحاوي (¬1) من طريق عفان ومسدد، عن حماد بن زيد، عن النعمان بن راشد، عن الزهري، عن ثعلبة بن أبي صُعَيْر، عن أبيه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أدوا زكاة الفطر صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، أو نصف صاع من بر - أو قال: قمح - عن كل إنسان صغير أو كبير، ذكر أو أنثى، حر أو مملوك، غني أو فقير)). أقول: هذا الحديث هو حديث شيخ الزهري ثعلبة بن أبي صعير - كما في الرواية الآنفة -، وقد اختلف في اسمه ونسبه اختلافاً كثيراً حتى إن بعض أهل العلم ضعّف الحديث به. قال ابن حزم: ((هذا الحديث راجع إلى رجل مجهول الحال، مضطرب عنه، مختلف في اسمه، مرة: عبد الله بن ثعلبة، ومرة: ثعلبة بن عبد الله، ولا خلاف في أن الزهري لم يلق ثعلبة بن أبي صُعَيْر، وليس لعبد الله بن ثعلبة صحبة)) (¬2). وَقَالَ الزيلعي في "نصب الراية": ((حاصل ما يعلل به هذا الحديث أمران: أحدهما: الاختلاف في اسم أبي صُعَيْر، فقد تقدم من جهة أبي داود عن مسدد: ثعلبة بن أبي صُعَيْر، أو ثعلبة بن عبد الله بن أبي صُعَيْر، وكذلك أيضاً عن أبي داود في رواية بكر ابن وائل المتقدمة: ثعلبة بن عبد الله، أو قال: عبد الله بن ثعلبة على الشك، وعنده أيضاً من رواية محمد بن يحيى، وفيه الجزم بعبد الله بن ثعلبة بن أبي صُعَيْر، وكذلك رواية ابن جريج، وعند الدارقطني من رواية مسدد عن ابن أبي صُعَيْر، عن أبيه لم يسمه ...)) (¬3). ولهذا الاختلاف الشديد مال الحافظ إلى التفريق وجعلهما اثنين فقال: ((هذا ¬

_ (¬1) في شرح المعاني 2/ 45، وفي شرح المشكل (3410) و (3411). (¬2) المحلى 6/ 121، وقارن مع قول ابن حزم الإصابة 1/ 200. (¬3) نصب الراية 2/ 408. وقد ذكر اختلافات أخرى، سوف سأتناولها في التخريج.

يقتضي أن يكون ثعلبة بن صُعَيْر غير ثعلبة بن أبي صُعَيْر، والله أعلم)) (¬1). وقد حاولت جاهداً جمع طرق الحديث، والتنقيب عن الاختلافات الواردة فيه، وسأفصل ذلك، فأقول: الحديث سبق ذكره من رواية النعمان بن راشد، وعنه حماد بن زيد وقد اختلف على هذا الطريق: فقد أخرجه الإمام أحمد (¬2) من طريق عفان بن مسلم، عن حماد بن زيد، عن النعمان بن راشد، عن الزهري، عن ابن ثعلبة بن أبي صعير، عن أبيه. وأخرجه البخاري (¬3) عن مسدد عن الزهري، عن ثعلبة بن صعير، عن أبيه. وأخرجه أبو داود (¬4)، عن سليمان بن داود، عن حماد بن زيد، عن النعمان بن راشد، عن الزهري، عن ثعلبة بن عبد الله بن أبي صعير، عن أبيه. وأخرجه الفسوي (¬5)، عن أبي النعمان، عن حماد بن زيد، عن النعمان بن راشد، عن الزهري، عن عبد الله بن ثعلبة، عن أبيه. وأخرجه ابن (¬6) قانع (¬7)، قَالَ: حدثنا: الحسن بن المثنى (¬8)، قَالَ: حدثنا: عفان، قَالَ: حدثنا: أحمد بن بشر المرثدي (¬9)، قَالَ: حدثنا: خالد بن خداش (¬10) جميعاً، عن حماد بن زيد، عن النعمان بن راشد، عن الزهري، عن ثعلبة بن أبي صعير، عن أبيه. ¬

_ (¬1) الإصابة 1/ 200. (¬2) في مسنده 5/ 432. (¬3) في تاريخه الكبير 5/ 36. (¬4) في سننه (1619). (¬5) في المعرفة والتاريخ 1/ 102 الطبعة العلمية. (¬6) هُوَ أبو الْحُسَيْن عَبْد الباقي بن قانع بن مرزوق الأموي مولاهم، توفي سنة (351 هـ‍). تاريخ بغداد 11/ 88، وسير أعلام النبلاء 15/ 526، والعبر 2/ 298. (¬7) في معجم الصحابة 3/ 917 (209). (¬8) هُوَ أبو مُحَمَّد الحسن بن المثنى بن معاذ العنبري، من نبلاء الثقات، ولد سنة (200 سنة هـ‍)، وتوفي سنة (294 هـ‍). الجرح والتعديل 3/ 39، وسير أعلام النبلاء 13/ 526 و527، وتاريخ الإسلام: 131 وفيات (294هـ‍). (¬9) هُوَ أبو حامد، أحمد بن بشر بن عامر المرورذي، من مصنفاته "الجامع" و "شرح المزني"، توفي سنة (362 هـ‍). سير أعلام النبلاء 16/ 184، والعبر 2/ 332، وشذرات الذهب 3/ 40. (¬10) هُوَ أبو الهيثم خالد بن خداش بن عجلان المهلبي مولاهم البصري، نَزيل بغداد: صدوق، توفي سنة (223 هـ‍). تاريخ بغداد 8/ 304، وسير أعلام النبلاء 10/ 488 و 489، وميزان الاعتدال 1/ 629.

وأخرجه الدارقطني (¬1)، عن إسحاق بن أبي إسرائيل (¬2)، عن حماد بن زيد، عن النعمان بن راشد، عن الزهري، عن ثعلبة بن صعير أو عبد الله بن ثعلبة بن صعير، عن أبيه. وأخرجه أيضاً (¬3)، عن يزيد بن هارون، عن حماد بن زيد، عن النعمان بن راشد، عن الزهري، عن عبد الله بن ثعلبة بن صعير أو عن ثعلبة عن أبيه. وأخرجه أيضاً (¬4)، عن سليمان بن حرب (¬5)، عن حماد بن زيد، عن النعمان بن راشد، عن الزهري، عن ثعلبة بن أبي صعير، عن أبيه. وأخرجه أيضاً (¬6)، عن مسدد، عن حماد بن زيد، عن النعمان بن راشد، عن الزهري، عن ابن أبي صعير، عن أبيه. وأخرجه البيهقي (¬7)، عن مسدد عن حماد بن زيد، عن النعمان بن راشد، عن الزهري، عن ثعلبة بن أبي صعير، عن أبيه. وأخرجه أيضاً (¬8)، عن سليمان بن داود ومسدد، عن حماد بن زيد، عن النعمان بن راشد، عن الزهري -وفي رواية سليمان بن داود-، عن عبد الله بن ثعلبة، وثعلبة بن عبد الله بن أبي صعير عن أبيه. والحديث رواه غير النعمان بن راشد، عن الزهري، وحصل فيه الاختلاف عينه في اسم راويه. فقد أخرجه البخاري (¬9)، وأبو داود (¬10)، وابن أبي (¬11) عاصم (¬12)، ¬

_ (¬1) في سننه 2/ 147. (¬2) هُوَ أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن كامجار، وَهُوَ ابن أبي إسرائيل، توفي سنة (246 هـ‍). الطبقات، لابن سعد 7/ 353، وتاريخ بغداد 6/ 356، وسير أعلام النبلاء 11/ 476. (¬3) سنن الدارقطني 2/ 147. (¬4) سنن الدارقطني 2/ 148. (¬5) هُوَ أبو أيوب سليمان بن حرب بن بجيل الواشحي الأزدي البصري: ثقة، توفي سنة (224 هـ‍). الجرح والتعديل 4/ 108، وسير أعلام النبلاء 10/ 330، وشذرات الذهب 2/ 54. (¬6) سنن الدارقطني 2/ 148. (¬7) السنن الكبرى 4/ 167. (¬8) السنن الكبرى 4/ 167 - 168. (¬9) في التاريخ الكبير 5/ 36. (¬10) في سننه (1620)، وفي إحدى روايتيه: ((عن عبد الله بن ثعلبة أو ثعلبة بن عبد الله)). (¬11) هُوَ أحمد بن عَمْرو بن أبي عاصم قاضي أصبهان، من مصنفاته " المسند الكبير " و " الآحاد والمثاني "، توفي سنة (287‍هـ‍). الجرح والتعديل 2/ 67، وسير أعلام النبلاء 13/ 430، وتذكرة الحفاظ 2/ 640. (¬12) في الآحاد والمثاني (629).

وابن خزيمة (¬1)، والطحاوي (¬2)، وابن قانع (¬3)، والطبراني (¬4)، والحاكم (¬5)، وابن الأثير (¬6)، من طريق بكر بن وائل، عن الزهري، عن عبد الله بن ثعلبة بن صعير، عن أبيه. وأخرجه أبو نعيم (¬7)، وابن حزم (¬8) من طريق بكر بن وائل، عن الزهري، عن عبد الله بن ثعلبة بن أبي صُعير، عن أبيه. وأخرجه أبو نعيم (¬9) من طريق بحر السقاء، عن الزهري، عن عبد الله بن ثعلبة ابن صعير، عن أبيه. ثم إن الحديث قَدْ اختلف فيه اختلافاً غير هذا، واضطرب في إسناده فقد أخرجه الدارقطني (¬10) من طريق سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن ابن أبي صعير، عن أبي هريرة، به. وأخرجه عبد الرزاق (¬11)، وأحمد (¬12)، والبخاري (¬13)، والطحاوي في شرح المعاني (¬14)، والدارقطني (¬15)، والبيهقي (¬16) عن معمر، عن الزهري، عن الأعرج، عن أبي هريرة، به موقوفاً ثم قال - يعني: معمراً -: وبلغني أن الزهري كان يرويه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -. وأخرجه الدارقطني (¬17)، من طريق سليمان بن أرقم (¬18)، عن الزهري، عن ¬

_ (¬1) صحيح ابن خزيمة (2410). (¬2) في شرح مشكل الآثار (3412) و (3413). (¬3) في معجم الصحابة 3/ 919 (210). (¬4) في المعجم الكبير (1389). (¬5) في المستدرك 3/ 279. (¬6) في أسد الغابة 1/ 241. (¬7) في معرفة الصحابة (1367). (¬8) في المحلى 6/ 122. (¬9) في معرفة الصحابة (1367). (¬10) في سننه 2/ 148. (¬11) في مصنفه (5761). (¬12) في المسند 2/ 277. (¬13) في تاريخه الكبير 5/ 37. (¬14) شرح معاني الآثار 2/ 45. (¬15) في سننه 2/ 149 - 150. (¬16) السنن الكبرى 4/ 164. (¬17) في سننه 2/ 150. (¬18) هُوَ أَبُو معاذ سليمان بن أرقم البصري مولى الأنصار، وَقِيْلَ مولى قريش: ضعيف. الأنساب 5/ 400، وتهذيب الكمال 3/ 261 (2475)، والتقريب (2532).

قبيصة بن ذؤيب (¬1)، عن زيد بن ثابت. وأخرجه عبد الرزاق (¬2)، والبخاري (¬3)، والدارقطني (¬4)، من طريق ابن جريج، عن الزهري، عن عبد الله بن ثعلبة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬5). وأخرجه ابن أبي شيبة (¬6)، من طريق سفيان بن حسين، والبخاري (¬7)، من طريق إبراهيم بن سعد الزهري، والطحاوي (¬8)، والبيهقي (¬9) كلاهما من طريق عبد الرحمان بن خالد وعقيل. أربعتهم: (سفيان وإبراهيم وعبد الرحمان وعقيل)، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، به مرسلاً. هذا ما استطعت جمعه من طرق الحديث، وهذه الاختلافات الشديدة مضعفة للحديث للإشعار بعدم ضبط راويه. والحديث لم يقتصر على الخلاف في سنده، بل اختلف في متنه، قال الدارقطني: ((واختلفوا أيضاً في متنه في حديث سفيان بن حسين عن الزهري صاعاً من القمح، وكذلك قال النعمان بن راشد عن الزهري عن ثعلبة بن أبي صعير، عن أبيه صاع من قمح عن كل إنسان، وفي حديث الآخرين نصف صاع قمح، وأصحهما عن الزهري، عن سعيد بن المسيب مرسلاً)) (¬10). قال ابن المنذر: ((لا نعلم في القمح خبراً ثابتاً عن النبي - صلى الله عليه وسلم - يعتمد عليه، ولم يكن البر بالمدينة ذلك الوقت إلا الشيء اليسير منه، فلما كثر في زمن الصحابة رأوا أن نصف صاعٍ منه يقوم مقام صاع من شعير وهم الأئمة)) (¬11). ¬

_ (¬1) قبيصة بن ذؤيب بن حلحلة الخزاعي أبو إسحاق أو أبو سعيد المدني، من أولاد الصَّحَابَة، وله رؤية، ولد عام الفتح، توفي سنة (86 هـ‍)، وَقِيْلَ: (87 هـ‍)، وَقِيْلَ: (88 هـ‍). تهذيب الأسماء واللغات 2/ 56، وسير أعلام النبلاء 4/ 282 و 283، والتقريب (5512). (¬2) مصنفه (5785). (¬3) في تاريخه الكبير 5/ 36. (¬4) في سننه 2/ 150. (¬5) قال البخاري: ((عبد الله بن ثعلبة بن صعير عن النبي مرسل)). انظر: الإصابة 1/ 200. (¬6) المصنف (10337). (¬7) في التاريخ الكبير 5/ 37. (¬8) في شرح معاني الآثار 2/ 45. (¬9) في السنن الكبرى 4/ 169. (¬10) العلل 7/ 40 - 41. (¬11) فتح الباري 3/ 374.

أثر هذا الحديث في اختلاف الفقهاء

وَقَالَ البيهقي: ((وقد وردت أخبار عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في صاع من بر، ووردت أخبار في نصف صاع، ولا يصح شيء من ذلك، وقد بينت علة كل واحد منهما في الخلافيات)) (¬1). وَقَالَ ابن عبد البر: ((هذا نص في موضع الخلاف، إلا أنه لم يروه كبار أصحاب ابن شهاب، ولا من يحتج بروايته منهم إذا انفرد)) (¬2). أثر هذا الحديث في اختلاف الفقهاء لهذا الحديث أثر في الفقه الإسلامي، إذ بنيت على هذا الحديث مسألتان فقهيتان، وترتب في ضوء العمل بهذا الحديث، وعدم العمل به خلاف فقهيٌّ بين أهل العلم. وسأسوق كل مسألة مفردة عن أختها. المسألة الأولى: إجزاء نصف صاع من البر في صدقة الفطر اختلف الفقهاء في إمكان إجزاء نصف صاع من البر في صدقة الفطر على قولين: القول الأول: يجزئ نصف صاع من البر لصدقة الفطر وهذا مرويٌّ عن: أبي بكر الصديق (¬3)، وعمر بن الخطاب (¬4)، وعثمان بن عفان (¬5)، وأسماء (¬6) بنت أبي بكر (¬7)، وعبد الله بن مسعود (¬8)، ومعاوية (¬9) بن أبي ¬

_ (¬1) السنن الكبرى 4/ 170. (¬2) الاستذكار 3/ 154. (¬3) مصنف عبد الرزاق (5774) و (5776)، ومصنف ابن أبي شيبة (10336)، وشرح معاني الآثار 2/ 46. في مصنفي عبد الرزاق وابن أبي شيبة ذكر نصف صاع من بر بين رجلين، وفي شرح المعاني: ((صاع بر بين اثنين)). (¬4) شرح معاني الآثار 2/ 46. (¬5) مصنف ابن أبي شيبة (10335). (¬6) هي الصحابية أم عَبْد الله أسماء بنت أبي بكر الصديق القرشية من بني عامر، وكانت تلقب بذات النطاقين، توفيت سنة (73 هـ‍). أسد الغابة 5/ 392، وسير أعلام النبلاء 2/ 287، والإصابة 4/ 229. (¬7) مصنف ابن أبي شيبة (10351). (¬8) مصنف عبد الرزاق (5769)، ومصنف ابن أبي شيبة (10342). (¬9) الصَّحَابِيّ الجليل معاوية بن أبي سُفْيَان، واسم أبي سُفْيَان: صخر بن حرب القرشي الأموي، أسلم قَبْلَ الفتح وكتب الوحي، توفي سنة (60 هـ‍). معجم الصَّحَابَة 13/ 4781، والاستيعاب 3/ 395، والإصابة 3/ 433 و 434.

سفيان (¬1)، والحكم (¬2)، وحماد (¬3)، وعبد الرحمان بن القاسم (¬4)، وسعد بن إبراهيم (¬5)، وعطاء (¬6)، ومجاهد (¬7)، وعروة بن الزبير (¬8)، وسعيد بن جبير (¬9)، وطاووس (¬10)، وعمر بن عبد العزيز (¬11)، وأبي سلمة بن عبد الرحمان (¬12)، وعبد الله (¬13) ابن شداد (¬14)، وسعيد بن المسيب (¬15)، وغيرهم (¬16). وهو إحدى الروايتين عن: علي بن أبي طالب (¬17)، وعبد الله بن عباس (¬18)، وعبدالله (¬19) بن الزبير (¬20)، والحسن البصري (¬21). وذهب إلى ذلك أبو حنيفة (¬22). ¬

_ (¬1) مصنف عبد الرزاق (5779). (¬2) مصنف ابن أبي شيبة (10348)، وشرح معاني الآثار 2/ 47. (¬3) مصنف ابن أبي شيبة (10348)، وشرح معاني الآثار 2/ 47. (¬4) مصنف ابن أبي شيبة (10348)، وشرح معاني الآثار 2/ 47. (¬5) مصنف ابن أبي شيبة (10348). (¬6) مصنف عبد الرزاق (5765)، ومصنف ابن أبي شيبة (10346). (¬7) مصنف عبد الرزاق (5771)، ومصنف ابن أبي شيبة (10339)، وشرح معاني الآثار 2/ 47. (¬8) مصنف عبد الرزاق (5784). (¬9) مصنف عبد الرزاق (5784). (¬10) مصنف عبد الرزاق (5770)، ومصنف ابن أبي شيبة (10344). (¬11) مصنف ابن أبي شيبة (10352)، وشرح معاني الآثار 2/ 47. (¬12) مصنف عبد الرزاق (5782). (¬13) أبو الوليد عَبْد الله بن شداد بن الهاد الليثي المدني ثُمَّ الكوفي، كَانَ ثقة، توفي سنة (82 هـ‍). الطبقات، لابن سعد 5/ 61، وتاريخ بغداد 9/ 473، وسير أعلام النبلاء 3/ 488. (¬14) مصنف ابن أبي شيبة (10349). (¬15) مصنف عبد الرزاق (5786)، وشرح معاني الآثار 2/ 47. (¬16) انظرهم في: الاستذكار 3/ 153 - 154. (¬17) مصنف عبد الرزاق (5773)، ومصنف ابن أبي شيبة (10350). (¬18) مصنف عبد الرزاق (5768)، ومصنف ابن أبي شيبة (10353) وشرح معاني الآثار 2/ 47. (¬19) هُوَ عَبْد الله بن الزبير بن العوام بن خويلد، أبو بكر، وأبو خبيب القرشي الأسدي المكي ثُمَّ المدني، كَانَ أول مولود للمهاجرين بالمدينة، قتل سنة (73 هـ‍)، وَقِيْلَ: (72 هـ‍). تهذيب الكمال 4/ 132 - 133 (3257)، وسير أعلام النبلاء 3/ 363 - 379، والتقريب (3319). (¬20) مصنف عبد الرزاق (5766)، ومصنف ابن أبي شيبة (10343) و (10347) (¬21) مصنف ابن أبي شيبة (10341). (¬22) انظر: المبسوط 3/ 112 - 113، وبدائع الصنائع 2/ 72، والهداية 1/ 116، وبداية المبتدي: 38، وشرح فتح القدير 2/ 30، وتبيين الحقائق 1/ 308، والبحر الرائق 2/ 273، ورد المحتار 2/ 364، ونور الإيضاح: 136.

والحجة لهم الحديث السابق الذكر والتفصيل. القول الثاني: وهو أنه لا يجزئ في صدقة الفطر إلا صاع سواء كان من البر أو غيره وهو المروي عن: عائشة (¬1)، وعبد الله بن عمر (¬2). ومسروق (¬3)، ومحمد بن سيرين (¬4)، وأبي العالية (¬5)، وغيرهم (¬6). وهي الرواية الثانية عن: علي بن أبي طَالِب (¬7)، وعبد الله بن عَبَّاسٍ (¬8)، وعبد الله بن الزبير (¬9)، والحسن البصري (¬10). وذهب إلى هذا الإمام مالك (¬11)، والشافعي (¬12)، وأحمد بن حنبل (¬13). وهو أنهم لم يحتجوا بحديث ابن أبي صعير للاختلاف الكبير الذي حصل فيه، واحتجوا لمذهبهم بما رواه زيد بن أسلم، عن عياض بن عبد الله، عن أبي سعيد الخدري، قال: كُنّا نُخْرِجُ زَكَاة الفِطْرِ - إذْ كانَ فِينا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - صَاعاً من طَعامٍ، أو صَاعاً من شَعِيرٍ، أو صَاعاً من تَمْرٍ، أو صاعاً من زَبيبٍ، أو صَاعاً من أقطٍ، فلم نَزَلْ نُخْرِجهُ حتّى قَدِمَ معاويةُ المَدِينَةَ، فَتَكَلّمَ، فَكانَ فِيما كلَّمَ به النّاسَ: إنِي لأرَى مُدَّيْنِ ¬

_ (¬1) مصنف ابن أبي شيبة (10357). (¬2) مصنف ابن أبي شيبة (10350). (¬3) مصنف ابن أبي شيبة (10359). (¬4) مصنف ابن أبي شيبة (10367). (¬5) مصنف ابن أبي شيبة (10358). (¬6) انظرهم في: الاستذكار 3/ 153. (¬7) السنن الكبرى، للبيهقي 4/ 166. (¬8) مصنف عبد الرزاق (5767)، والسنن الكبرى 4/ 167. (¬9) مصنف ابن أبي شيبة (10361)، والسنن الكبرى 4/ 167. (¬10) السنن الكبرى 4/ 167. (¬11) انظر: المدونة الكبرى 1/ 357 - 358، والاستذكار 3/ 154، والتمهيد 4/ 135، والمنتقى 2/ 187 - 188، وبداية المجتهد 1/ 205، والقوانين الفقهية: 110، وحاشية الرهوني 2/ 333، وشرح منح الجليل 1/ 380، وأسهل المدارك 1/ 407. (¬12) انظر: الأم 2/ 68، ومختصر المزني المطبوع مع الأم 8/ 55، والحاوي الكبير 4/ 420، والوسيط 2/ 1112 - 1113، والتهذيب 3/ 128، والمجموع 6/ 128، وروضة الطالبين 2/ 301، وكفاية الأخيار 1/ 373، ونهاية المحتاج 3/ 120 - 121. (¬13) انظر: مسائل ابن هانئ 1/ 111، ومسائل عبد الله بن أحمد 2/ 579 - 582، والروايتين والوجهين: 44ب، والمقنع: 59، والهادي: 49، والمغني 2/ 648، والمحرر 1/ 226 - 227، والشرح الكبير 2/ 661، وشرح الزركشي 1/ 667.

من سَمْرَاءِ الشّامِ تَعْدلُ صَاعاً من تَمْرٍ. قال فأخذَ النَّاسُ بذلك. قال أبو سعيد: فلا أزالُ أخرجهُ كما كُنْتُ أخرجهُ (¬1). وخالف ذلك كله ابن حزم - رحمه الله - فذهب إلى أنه لا يجزئ في زكاة الفطر إلا صاعٌ من التمر أو الشعير، ولا يجزئ غيره (¬2). وحجته تضعيفه لحديث ابن أبي صعير، واقتصاره على ما ورد في حديث ابن ¬

_ (¬1) أخرجه: مالك ((176) برواية عبد الرحمان بن القاسم، و (201) (202) برواية عبد الله بن مسلمة القعنبي، و (756) برواية أبي مصعب الزهري، و (774) برواية يحيى الليثي)، والشافعي في المسند (665) و (667) و (670) بتحقيقنا، وعبد الرزاق (5780)، وأحمد 3/ 73، والدارمي (1671) و (1672)، والبخاري 2/ 161 (1505) و (1506) و (1508)، 2/ 162 (1510)، ومسلم 3/ 69 (985) (17)، والترمذي (673)، والنسائي 5/ 51، وفي الكبرى (2291)، والطحاوي في شرح المعاني 2/ 41 و 42، وفي شرح المشكل (3399) و (3400) و (3404)، والبيهقي 4/ 164، وابن عبد البر في التمهيد 4/ 131، والبغوي (1595) من طريق زيد بن أسلم، عن عياض بن عبد الله، عن أبي سعيد الخدري، به. وأخرجه الشافعي (668) بتحقيقنا، وأحمد 3/ 23 و 98، والدارمي (1670)، ومسلم 3/ 69 (985) (18)، وأبو داود (1616)، وابن ماجه (1829)، والنسائي 5/ 51 و 53، وفي الكبرى (2292) و (2296)، وابن الجارود (357) و (358)، وابن خزيمة (2407) و (2408) و (2418)، والطحاوي في شرح المعاني 2/ 42، وفي شرح المشكل (3401) و (3402) و (3403)، وابن حبان (3301)، وطبعة الرسالة (3305)، والدارقطني 2/ 146، وأبو نعيم في المستخرج (2214)، والبيهقي 4/ 165، وابن عبد البر في التمهيد 4/ 38 (129) و (133)، والبغوي (1596) من طرق عن داود بن قيس، عن عياض بن عبد الله، عن أبي سعيد الخدري، به. وأخرجه عبد الرزاق (5781)، ومسلم 3/ 69 (985) (19)، وأبو نعيم في المستخرج (2215) (2216)، من طريق إسماعيل بن أمية، عن عياض، عن أبي سعيد، به. وأخرجه عبد الرزاق (5787)، ومسلم 3/ 70 (985) (20)، والنسائي 5/ 51، وفي الكبرى (2290)، وابن عبد البر في التمهيد 4/ 133 - 134، من طريق الحارث بن عبد الرحمان بن عبد الله بن أبي ذباب، عن عياض، عن أبي سعيد، به. وأخرجه النسائي 5/ 53، وفي الكبرى (2297)، وابن خزيمة (2419)، والطحاوي في شرح المعاني 2/ 42، وفي شرح المشكل (3405) (3406)، وابن حبان (3312)، وطبعة الرسالة (3306)، والدارقطني 2/ 145 - 146، والحاكم 1/ 411، والبيهقي 4/ 165 - 166، وابن عبد البر في التمهيد 4/ 132،، من طريق عبد الله بن عثمان، عن عياض عن أبي سعيد. وأخرجه الحميدي (742)، وابن أبي شيبة (10356)، ومسلم 3/ 70 (985) (21)، وأبوداود (1618)، والنسائي 5/ 52، وفي الكبرى (2293)، وابن خزيمة (2413) و (2414)، وابن حبان (3303)، وطبعة الرسالة (3307)، والدارقطني 2/ 146، والبيهقي 4/ 172، وابن عبد البر في التمهيد 4/ 129 - 130 من طريق محمد بن عجلان عن عياض. (¬2) المحلى 6/ 118.

المسألة الثانية: إيجاب صدقة الفطر على الفقير والغني

عمر: ((أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرض زكاة الفطر من رمضان على الناس صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، على كل حر أو عبد، ذكر أو أنثى، من المسلمين)) (¬1). المسألة الثانية: إيجاب صدقة الفطر على الفقير والغني اختلف الفقهاء في بيان ما إذا تجب زكاة الفطر على الفقير أم لا؟ فقد ذهب أبو حنيفة إلى أن زكاة الفطر تفرض على المتمكن فقط، ومعيار معرفة المتمكن لديه، هو أن يملك مئتي درهمٍ (¬2). وحجته: قوله - صلى الله عليه وسلم - ((لا صدقة إلا عن ظهر غنىً)) (¬3). أما الإمام مالك فقد نقلت عنه عدة روايات منها: ((أن زكاة الفطر واجبة على الذي له معيشة خمسة عشر يوماً ونحوه أو شهراً ونحوه))، وفي رواية قال: ((إنما هي زكاة الأبدان))، وفي رواية أخرى: ((إنها لا تجب على من ليس عنده))، وفي رواية ¬

_ (¬1) أخرجه: مالك (755)، برواية أبي مصعب الزهري، (773) برواية الليثي، وعبد الرزاق (5763)، والحميدي (701)، وأحمد 2/ 5 و 55 و 63 و 66 و 102 و 114، وعبد بن حميد (743)، والدارمي (1668) و (1669)، والبخاري 2/ 161 (1503) و (1504) و 2/ 162 (1512)، ومسلم 3/ 68 (984) (12) و (13) و (14) و 3/ 69 (984) (15 و (16)، وأبو داود (1593) و (1611) و (1612) و (1613) و (1614) و (1615)، وابن ماجه (1825) (1826)،والترمذي (675) و (676)، والنسائي 5/ 46 - 47 و 48 و 49، وابن خزيمة (2392) (2393) و (2395) و (2397) و (2403) و (2404) و (2405) و (2409). والطحاوي في شرح المعاني 2/ 44 وفي شرح المشكل (3424) و (3426)، وابن حبان (3295) و (3296) و (3297) و (3298) و (3299) و (3300)، وفي طبعة الرسالة (3300) و (3301) و (3302) و (3303) و (3304)، والدارقطني 2/ 139 و 140، والبيهقي 4/ 159 و 160 و 161 - 162 و 163 و 164، وابن حزم في المحلى 6/ 118، وابن عبد البر في التمهيد 14/ 318 و 320، والبغوي في " شرح السنة " (1593). (¬2) انظر: المبسوط 3/ 102، وبدائع الصنائع 2/ 69، والهداية 1/ 115، وشرح فتح القدير 2/ 31، وتبيين الحقائق 1/ 306، وشرح العناية على متن الهداية 2/ 31، ورد المحتار 2/ 360 - 361. (¬3) أخرجه عبد الرزاق (16403)، وأحمد 2/ 230 و 252 و 278 و 394 و 402 و 434 و 476 و480 و 501 و 527، والدارمي (1658)، والبخاري 2/ 139 (1426) و (1428) و7/ 81 (5355) و (5356)، وفي الأدب المفرد (196)، وأبو داود (1676)، والنسائي 5/ 62 و 69، وفي الكبرى له (9209) و (9211) وكما في تحفة الأشراف 10/حديث (14186)، وابن خزيمة (2436) و (2439)، وابن حبان (3360) و (4246)، وفي طبعة الرسالة (3363) و (4243)، والدارقطني 3/ 295 - 297، وأبو نعيم في الحلية 2/ 181، والبيهقي في السنن الكبرى 4/ 177 و 180 و 7/ 466 و 470 و 471 وفي شعب الإيمان (3419)، والخطيب في تاريخ بغداد 8/ 481 - 482، والبغوي (1674) و (1675) من طرق عن أبي هريرة، به. وانظر: نصب الراية 2/ 411 - 412.

أخرى: ((إنها واجبة على المحتاج أيضاً))، وفي رواية: ((إن من له أخذ زكاة الفطر فهي لا تجب عليه))، وفي رواية مشهورة عنه: ((إن زكاة الفطر واجبة على الفقير الذي يفضل عن قوته، وقوت من يمونه صاعٌ كوجوبها على الغني)) (¬1). وذهب الشافعي إلى أنه من كان عنده فضل عن قوته وقوت من يمونه، وما يوفي به زكاته أداها عنه وعنهم، وإن لم يَكُنْ عنده إلا ما يؤدي عن بعضهم أداها عن بعضهم، وإن لم يكن عنده سوى مؤونته ومؤونتهم في يومه فليس عليه ولا على من يمونه زكاة (¬2). وذهب إلى ذلك علي، وأبو هريرة، وعطاء، وابن سيرين (¬3)، وأبو سليمان (¬4)، وهي إحدى الروايات عن مالك كما تقدم. وذهب الإمام أحمد إلى أن زكاة الفطر واجبة على كل من تلزمه مؤونة نفسه إذا فضل عنده عن قوته، وقوت عياله يوم العيد، وليلته صاعاً من أي صنف تجوز الزكاة منه، فإن لم يفضل عنده إلا أقل من صاع فيؤديه في إحدى الروايتين عنه، وفي الرواية الأخرى لا تجب عليه زكاة الفطر (¬5). وذهب عبيد الله بن الحسن إلى أن من أصاب فضلاً عن غدائه وعشائه فعليه أن يأخذ ويعطي صدقة الفطر (¬6). وهنا يأتي دور حديث ابن أبي صعير السابق الذكر والتفصيل؛ فَهُوَ حجة لِمَنْ أوجب الصدقة عَلَى الفقير؛ قال ابن قدامة: ((ولنا ما روي عن ثعلبة بن أبي صعير، عن أبيه؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((أدوا صدقة الفطر ...)) (¬7). ¬

_ (¬1) انظر: المدونة الكبرى 1/ 349، والتمهيد 14/ 328، والاستذكار 3/ 151، والمنتقى 2/ 186، وبداية المجتهد 1/ 204، والقوانين الفقهية: 110، وحاشية الرهوني 2/ 333، وشرح منح الجليل 1/ 381، وأسهل المدارك 1/ 407. (¬2) انظر: الأم 2/ 64 - 65، ومختصر المزني المطبوع مع الأم 8/ 54، والحاوي الكبير 4/ 409 - 410، والتهذيب 3/ 124، والمجموع في شرح المهذب 6/ 112 - 113، وروضة الطالبين 2/ 299، وكفاية الأخيار 1/ 370 - 371، ونهاية المحتاج 3/ 114 - 115. (¬3) الحاوي الكبير 4/ 406. (¬4) المحلى 6/ 141. (¬5) انظر: المقنع: 58، والهداية، للكلواذاني لوحة: 70، والهادي: 48، والمغني 2/ 679 - 682، والمحرر 1/ 226، والشرح الكبير 2/ 646 و 650، وشرح الزركشي 1/ 674 - 676. (¬6) الاستذكار 3/ 151. (¬7) المغني 2/ 679.

القسم الثاني الاضطراب في المتن

القسم الثاني الاضطراب في المتن سبق الكلام أن الاضطراب نوعان: اضطراب يقع في السند، واضطراب يقع في المتن، وقد شرحت الاضطراب الذي يعتري الأسانيد. أمّا هنا فسيكون الكلام على النوع الثاني، وهو الاضطراب في المتن؛ إذ كَمَا أن الاضطراب يَكُوْن في سند الْحَدِيْث فكذلك يَكُوْن في متنه. وذلك إذا وردنا حَدِيْث اختلف الرُّوَاة في متنه اختلافاً لا يمكن الجمع بَيْنَ رواياته المختلفة، ولا يمكن ترجيح إحدى الروايات عَلَى البقية، فهذا يعد اضطراباً قادحاً في صحة الْحَدِيْث، أما إذا أمكن الجمع فَلاَ اضطراب، وكذا إذا أمكن ترجيح إحدى الروايات عَلَى البقية، فَلاَ اضطراب إذن فالراجحة محفوظة (¬1) أو معروفة (¬2) والمرجوحة شاذة (¬3) أو منكرة (¬4). وإذا كان المخالف ضعيفاً فلا تعل رِوَايَة الثقات برواية الضعفاء (¬5) فمن شروط الاضطراب تكافؤ الروايات (¬6). وقد لا يضر الاختلاف إذا كان من عدة رواة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ يذكر الْجَمِيْع، ويخبر كُلّ راوٍ بِمَا حفظه عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - (¬7). وَلَيْسَ كُلّ اختلاف يوجب الضعف (¬8) إنما الاضطراب الَّذِي يوجب الضعف هُوَ عِنْدَ اتحاد المدار، وتكافؤ الروايات، وعدم إمكان الجمع، فإذا حصل هذا فهو اضطراب مضعف للحديث، يومئ إلى عدم حفظ هذا الراوي أو الرواة لهذا الحديث. قال ابن دقيق العيد: ((إذا اختلفت الروايات، وكانت الحجة ببعضها دون بعضٍ توقف الاحتجاج بشرط تعادل الروايات، أما إذا وقع الترجيح لبعضها؛ بأن يكون رواتها أكثر عدداً أو أتقن حفظاً فيتعين العمل بالراجح، إذ الأضعف لا يكون مانعاً من العمل بالأقوى، والمرجوح لا يمنع التمسك بالراجح)) (¬9). ¬

_ (¬1) وهي رواية الثقة إذا خالفها الثقة الأقل حفظاً أو عدداً. (¬2) وهي رواية الثقة التي خالفها الضعيف. (¬3) وهي رواية الثقة التي خالفها من هو أوثق عدداً أو حفظاً. (¬4) وهي رواية الضعيف التي خالفت الثقات. (¬5) فتح الباري 3/ 213. (¬6) فتح الباري 5/ 318. (¬7) انظر: طرح التثريب 2/ 30. (¬8) هدي الساري: 347. (¬9) فتح الباري 5/ 318.

وَقَالَ الحافظ ابن حجر: ((الاختلاف على الحفاظ في الحديث لا يوجب أن يكون مضطرباً إلا بشرطين: أحدهما استواء وجوه الاختلاف فمتى رجح أحد الأقوال قدم، ولا يعل الصحيح بالمرجوح. ثانيهما: مع الاستواء أن يتعذر الجمع على قواعد الْمُحَدِّثِيْن، ويغلب على الظن أن ذلك الحافظ لم يضبط ذلك الحديث بعينه، فحينئذ يحكم على تلك الرواية وحدها بالاضطراب، ويتوقف عن الحكم بصحة ذلك الحديث لذلك)) (¬1). وَقَالَ المباركفوري: ((قَدْ تقرر في أصول الحديث أن مجرد الاختلاف، لا يوجب الاضطراب، بل من شرطه استواء وجوه الاختلاف، فمتى رجح أحد الأقوال قدم)) (¬2). وقد يكون هناك اختلاف، ولا يمكن الترجيح إلا أنه اختلاف لا يقدح عند العلماء لعدم التعارض التام، مثل حديث الواهبة نفسها، وهو ما رواه أبو حازم (¬3)، عن سهل بن سعد، قال: جاءت امرأة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله، إني قَدْ وهبت لك من نفسي، فقال رجلٌ: زوجنيها، قال: ((قَدْ زوجناكها بما معك من القرآن)). فهذا الحديث تفرد به أبو حازم (¬4)، واختلف الرواة عنه فِيْهِ فبعضهم قال: ((أنكحتُكها)) وبعضهم قال: ((زوجتكها))، وبعضهم قال: ((ملكتكها))، وبعضهم قال: ((مُلِّكْتَها)) وبعضهم قال: ((زوجناكها))، وبعضهم قال: ((فزوجه))، وبعضهم قال: ((أنكحتك))، وبعضهم قال: ((أملكتها))، وبعضهم قال: ((أملكتكها))، وبعضهم قال: ((زوجتك))، وبيان ذلك في الحاشية (¬5). ¬

_ (¬1) هدي الساري: 348 - 349. (¬2) تحفة الأحوذي 2/ 91 - 92. (¬3) هو: سلمة بن دينار، أبو حازم الأعرج التمار، المدني مولى الأسود بن سُفْيَان، ثقة، عابد، مات في خلافة المنصور. تهذيب الكمال 3/ 244 (2434)، والتقريب (2489). (¬4) نص على ذلك ابن حجر في نكته على ابن الصلاح 2/ 808. (¬5) أخرجه مالك ((411) برواية عبد الرحمان بن القاسم، (318) برواية سويد بن سعيد، (1477) برواية أبي مصعب الزهري بلفظ: ((زوجتكها))، و (1498) برواية الليثي بلفظ: ((أنكحتكها)). تفرد الليثي بمخالفة أصحاب مالك. وأخرجه الشافعي في المسند (1117) بتحقيقنا، وفي طبعة العلمية: 246، وأحمد 5/ 336، والبخاري 3/ 132 (2310) و7/ 22 (5135) و 9/ 151 (7417)، وأبو داود (2111)، والترمذي (1114)، والنسائي 6/ 123 وفي الكبرى، له (5524)، والطحاوي في شرح المعاني 3/ 16، وابن حبان (4093)، والبيهقي 7/ 144 و 236 و 242، والبغوي (2302) جميعهم رووه عن مالك وفيه: ((قَدْ زوجتكها)). أخرجه الدارمي (2207)، والبخاري 6/ 236 (5029) عن عمرو بن عون وفيه ((زوجتكها))، =

.................................................... ¬

_ = والبخاري 7/ 24 (5141) عن أبي النعمان، والطبراني (5934) عن أبي الربيع الزهراني وفيه ((ملكتكها))، ومسلم 4/ 144 (1425) (77) عن خلف بن هشام وفيه ((مُلِّكتها)). جميعهم: (عمرو بن عون، وأبو النعمان، وأبو الربيع الزهراني، وخلف بن هشام، رووه عن حماد بن زيد بن أبي حازم. وأخرجه البخاري 7/ 21 (5132)، والطبراني في الكبير (5951) من طرق عن الفضيل بن سليمان عن أبي حازم وفيه ((زوجتكها)). وأخرجه ابن أبي شيبة (16358) عن حسين بن علي، والطبراني في الكبير (5980) من طريق ابن أبي شيبة عن حسين بن علي وفيه ((ملكتكها))، ومسلم 4/ 144 (1425) (77) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة عن حسين بن علي وفيه ((زوجتكها))، عن زائدة بن قدامة الثقفي الكوفي عن أبي حازم. وأخرجه ابن ماجه (1889) عن عبد الرحمان بن مهدي وفيه ((زوجتكها))، والدراقطني 3/ 248 - 249 عن أسود بن عامر وفيه ((أنكحتكها)). كلاهما، عبد الرحمان بن مهدي، وأسود بن عامر، عن سفيان الثوري عن أبي حازم. وأخرجه الحميدي (928)، والطبراني في الكبير (5915) من طريق الحميدي، والدارقطني 3/ 248 - 249 عن علي بن شعيب، والبيهقي 7/ 144 عن ابن أبي عمر، و7/ 236 عن سعدان بن نصر، وفيه: ((زوجتكها))، وأحمد 5/ 330، والبخاري 7/ 26 (5149) عن علي بن عبد الله، ,النسائي 6/ 91 - 92 عن محمد بن منصور، وفيه ((أنكحتكها))، والنسائي 6/ 54 - 55 وفي الكبرى، له (5308) و (11412) عن محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ، وابن الجارود (716) عن ابن المقرئ، والطحاوي في شرح المشكل (2476)، عن ابن المقرئ و (2477) عن محمد بن منصور، وفيه ((فزوجه بما معه))، وأبو يعلى (7522) عن إسرائيل، والطحاوي في شرح المعاني 3/ 17، وفي شرح المشكل (2475) عن أسد بن موسى، وفيه ((أنكحتك)، ومسلم 4/ 144 (1425) (77) عن زهير بن حرب وفيه ((مُلِّكْتها))، والنسائي في الكبرى (5525) عند محمد بن منصور وفيه: ((أنكحتها)). جميعهم (الحميدي، وعلي بن شعيب، وابن أبي عمر، وسعدان بن نصر، وأحمد، وعلي بن عبد الله، ومحمد بن منصور، ومحمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ، وإسرائيل، وأسد بن موسى، وزهير بن حرب)، رووه عن سفيان بن عيينه عن أبي حازم. وأخرجه البخاري 7/ 8 (5087) عن قتيبة و 7/ 201 - 202 (5871) عن عبد الله بن مسلمة، والطبراني (5907) عن إبراهيم بن محمد الشافعي وفيه: ((ملكتكها))، ومسلم 4/ 143 (1425) (76) عن قتيبة وفيه: ((مُلِّكتها))، ثلاثتهم (قتيبة، وعبد الله بن مسلمة، وإبراهيم بن محمد الشافعي)). رووه عن عبد العزيز بن أبي حازم عن أبي حازم. وأخرجه البخاري 7/ 17 (5121) عن سعيد بن أبي مريم وفيه: ((أملكناكها))، والطبراني (5781)، من طريق سعيد بن أبي مريم وفيه: ((أنكحتكها))، رواه سعيد بن أبي مريم عن محمد بن مطرف (أبي غسان) عن أبي حازم. وأخرجه البخاري 6/ 237 (5030) عن قتيبة بن سعيد، والنسائي 6/ 113، وفي الكبرى، له (5505) و (5506) و (8061) عن قتيبة بن سعيد وفيه ((ملكتكها))، ومسلم 4/ 143 (1425) =

أثر هذا الحديث في اختلاف الفقهاء

ومع هذا فلم يقدح هذا الاختلاف عند العلماء، قال الحافظ ابن حجر: ((وأكثر هذه الروايات في الصحيحين، فمن البعيد جداً أن يكون سهل بن سعد - رضي الله عنه - شهد هذه القصة من أولها إلى آخرها مراراً عديدة، فسمع في كل مرة لفظاً غير الذي سمعه في الأخرى (¬1). بل ربما يعلم ذلك بطريق القطع - أيضاً - فالمقطوع به أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقل هذه الألفاظ كلها في مرة واحدة تلك الساعة، فلم يبق إلا أن يقال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لفظاً منها، وعبر عنه بقية الرواة بالمعنى)) (¬2). أثر هذا الحديث في اختلاف الفقهاء لاختلاف هذه الروايات وتعددها أثر بارز في الفقه الإسلامي، إذ بنيت على هذه الروايات اختلافات فقهية فيما يصح به عقد النكاح من ألفاظ التزويج، وعلى النحو الآتي: أجمع العلماء على أن النكاح ينعقد بلفظ التزويج، أو الإنكاح، واختلفوا في انعقاد النكاح بغير ذلك من الألفاظ على مذاهب، وهي: ¬

_ = (76) عن قتيبة بن سعيد وفيه ((مُلِّكتها))، رواه قتيبة بن سعيد عن يعقوب بن عبد الرحمان القاري عن أبي حازم. وأخرجه أحمد 5/ 334 عن عبد الرزاق، وعبد الرزاق (12274) عن معمر، وأبو يعلى (7521)، والطبراني في الكبير (5927) عن إسحاق بن إبراهيم عن عبد الرزاق، وفيه ((أملكتكها))، والطبراني (5961) عن إبراهيم الدبري عن عبد الرزاق وفيه ((ملكتكها)). * تنبيه: وقع في مستند أحمد طبعة إحياء التراث العربي 6/ 457 - 458 وفيه ((أملكتها))، وفي طبعة مؤسسة الرسالة 37/ 487، وفيه ((أملكتكها)) وهي كذلك في طبعة الأفكار الدولية 4/ 1694. رواه عبد الرزاق عن معمر عن أبي حازم. وأخرجه الطبراني في الكبير (5750) عن الليث عن هشام بن سعد عن أبي حازم وفيه ((زوجتكها)). وأخرجه الطبراني في الكبير (5938) من طريق محمد بن أبان عن مبشر بن مكسر عن أبي حازم وفيه ((فقد زوجتك)). وأخرجه مسلم 4/ 144 (1425) (77) عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن أبي حازم وفيه ((ملكتها)) (¬1) القطع بذلك ظاهر لتفرد أبي حازم عن سهل، به. (¬2) النكت على كتاب بن الصلاح 2/ 809 - 810.

المذهب الأول

المذهب الأول: لا يجوز عقد النكاح إلا بلفظ الزواج أو الإنكاح، أو التمليك أو الإمكان، ولا يجوز بلفظ الهبة، وهو مذهب داود الظاهري وابن حزم محتجين باختلاف الروايات الواردة في الحديث، وقد ساق ابن حزم الروايات المختلفة ثم قال: ((كل ذلك صحيح)) (¬1)، ثم روى من طريق البخاري عن أنس بن مالك عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: ((إنه كان إذا تكلّم بالكلمة أعادها ثلاثاً حتى تفهم عنه)) (¬2)، ثم قال: ((فصح أنها ألفاظ كلها قالها عليه الصلاة والسلام معلماً لنا ما ينعقد به النكاح)) (¬3). المذهب الثاني جواز عقد النكاح بأي لفظ دال على التمليك، وهو مذهب الثوري، والحسن بن صالح، وأبي ثور، وأبي عبيد (¬4)، وأبي حنيفة (¬5). النموذج الأول ما رواه الإمام أحمد بن حنبل (¬6)، عن أبي معاوية الضرير: محمد بن خازم (¬7)، ¬

_ (¬1) المحلى 9/ 464. (¬2) الحديث في صحيح البخاري 1/ 34 (94) و 8/ 67 (6244). وهو في مسند الإمام أحمد 3/ 213 و 221، وجامع الترمذي (2723)، وفي شمائل النبي - صلى الله عليه وسلم - (224) بتحقيقنا، ومستدرك الحَاكِم 4/ 273، والسهمي في تاريخ جرجان 412، والخطيب في تاريخه 3/ 416، وفي الفقيه والمتفقه لَهُ 2/ 126، وشرح السنة للبغوي (141). (¬3) المحلى 9/ 465. تنبيه: نقل ابن حزم في هذا الموضع هذا المذهب عن الشافعي، لكن هذا النقل عن الشافعي يخالف ما في كتب المذهب الشافعي، بل يخالف ما في الأم 5/ 37 للشافعي نفسه. (¬4) نقل ذلك عنهم ابن قدامة في المغني 7/ 429. تنبيه: نقل ابن قدامة هذا المذهب عن داود، وهو يخالف ما نقله عنه ابن حزم كما سبق. (¬5) المبسوط 5/ 59، وبدائع الصنائع 2/ 229، والهداية 1/ 189 - 190، وشرح فتح القدير 2/ 346، والاختيار 3/ 83، وتبيين الحقائق 2/ 96، وحاشية ابن عابدين 3/ 17. (¬6) في مسنده 6/ 291، ومن طريقه أخرجه الطحاوي في شرح المشكل (3519)، وفي شرح المعاني2/ 221. (¬7) هو مُحَمَّد بن خازم التميمي السعدي، أبو معاوية الضرير الكوفي، مولى بني سعد، ثقة قَدْ يهم في حَدِيْث غيره، رمي بالإرجاء، مات سُنَّةُ (95هـ‍). تهذيب الكمال 6/ 291 - 293 (5762)، والتقريب (5841).

قال: حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن زينب بنت أبي سلمة (¬1)، عن أم سلمة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرها أن توافي معه صلاة الصبح يوم النحر (¬2) بمكة. فهذا الحديث مضطرب المتن، وقد اضطرب فيه على أبي معاوية، ثم إن الحديث معل بالإرسال، والصواب فيه الإرسال، والوصل فيه خطأ أخطأ فيه أبو معاوية، وسأتكلم عن اضطراب متنه ثم أشرح كيف أنه معل بالإرسال. فأبو معاوية رواه عنه عدة من الرواة، وقد تغير متن الحديث عند كل راوٍ من الرواة عن أبي معاوية فالحمل عليه إذن، وبيان ذلك: قَدْ روى الحديث أسد بن موسى (¬3) عن أبي معاوية، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن زينب بنت أبي سلمة، عن أم سلمة، قالت: أمرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن توافي معه صلاة الصبح بمكة (¬4). وقد روى الحديث أبو كريب (¬5): محمد بن العلاء، عن أبي معاوية، عن هشام، عن أبيه، عن زينب، عن أم سلمة، قالت: أمرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن توافي مكة صلاة الصبح يوم النحر (¬6). ورواه عبد الله بن جعفر الرقي (¬7)، عن أبي معاوية، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن زينب بنت أبي سلمة، عن أم سلمة: أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أمرها أن توافي معه يوم النحر بمكة (¬8). ورواه أبو خيثمة: زهير بن حرب (¬9)، عن أبي معاوية، قال: حدثنا هشام بن عروة، ¬

_ (¬1) هِيَ زينب بنت أبي سلمة بن عَبْد الأسد المخزومية ربيبة رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم -، توفيت سنة (74 هـ‍). طبقات ابن سعد 8/ 461، وأسد الغابة 5/ 468 - 469، وسير أعلام النبلاء 3/ 200 و 201. (¬2) يوم النحر هو أول أيام العيد الأضحى، وهو عاشر ذي الحجة، وسمي يوم النحر لأن الحجيج ينحرون أضاحيهم. (¬3) وهو صدوق يغرب. التقريب (399). (¬4) هذه الرواية أخرجها الطحاوي في شرح المعاني 1/ 219، وفي شرح المشكل (3518)، والبيهقي في معرفة السنن (3060). (¬5) هُوَ أبو كريب مُحَمَّد بن العلاء بن كريب: ثقة، توفي سنة (248 هـ‍). سير أعلام النبلاء 11/ 394 - 396، وتذكرة الحفاظ 2/ 294، وتهذيب التهذيب 9/ 385. (¬6) أخرجه ابن عبد البر في الاستذكار 3/ 594. تنبيه: سقط من الاستذكار طباعياً: ((عن هشام)). (¬7) وهو مقبول. التقريب (3254). (¬8) هذه الرواية أخرجها الطبراني في الكبير 23/ (799). (¬9) وهو ثقة ثبت. التقريب (2042).

عن أبيه، عن زينب بنت أم سلمة، عن أم سلمة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرها أن توافي صلاة الصبح يوم النحر بمكة (¬1). ورواه محمد بن عَمْرو (¬2) السوسي، عن أبي معاوية، عن هشام، عن أبيه، عن زينب، عن أم سلمة: أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أمرها أن توافي الضحى معه بمكة يوم النحر (¬3). ورواه يحيى بن يحيى النيسابوري (¬4)، عن أبي معاوية، عن هشام، عن أبيه، عن زينب بنت أبي سلمة، عن أم سلمة. ورواه سعيد بن سليمان، عن أبي معاوية، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن زينب بنت أم سلمة، عن أم سلمة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرها أن توافيه صلاة الصبح بمكة يوم النحر (¬5): أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرها أن توافي صلاة الصبح يوم النحر بمكة)) (¬6). هكذا اضطرب فيه أبو معاوية، واختلف الرواة عنه فيه. قال ابن التركماني: ((مضطربٌ سنداً ومتناً)) (¬7). وَقَالَ الطحاوي: ((تأملنا هذا الحديث، فوجدناه إنما دار بهذا المعنى على أبي معاوية، ووجدنا أبا معاوية قَدْ اضطرب فيه)) (¬8). وحديث أبي معاوية معل بالإرسال - كما سبق -. فقد رواه سفيان بن عيينة (¬9)، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن أم سلمة -رضي الله عَنْهَا - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرها أن تصلي الفجر بمكة يوم النحر (¬10). ¬

_ (¬1) هذه الرواية أخرجها أبو يعلى (7000). (¬2) هُوَ مُحَمَّد بن عَمْرو السوسي الكوفي سكن الفسطاط، وحدث بمناكير. الضعفاء الكبير 4/ 111، والثقات 9/ 136، وميزان الاعتدال 3/ 685. (¬3) هذه الرواية أخرجها الطحاوي في شرح المشكل (3517) و (3518)، وفي شرح المعاني 2/ 319. (¬4) وهو ثقة ثبت. التقريب (7668). (¬5) البيهقي في معرفة السنن والآثار (3059). (¬6) هذه الرواية أخرجها البيهقي في السنن الكبرى 5/ 133. (¬7) الجوهر النقي 5/ 132. ونحن نوافق ابن التركماني في حكمه على اضطراب متنه. أما الحكم على الاضطراب في السند، فهو تجوز منه - رحمه الله - إذ لا يحكم بالاضطراب إلا عند عدم إمكان الترجيح واستواء الوجوه، والأمر هنا ليس كذلك فأبو معاوية مخطئٌ بوصله والقول فيه قول من أرسله كما سيأتي شرحه مفصلاً. (¬8) شرح مشكل الآثار 9/ 138 - 139. (¬9) وهو ثقة حافظ فقيه إمام حجة. التقريب (2451). (¬10) أخرجه الطحاوي في شرح المشكل (3520). والسند نفسه وقع في معجم الطبراني الكبير 23/ (982): ((أن تصلي الصبح بمكة)) من غير ذكر: ((يوم النحر))، ونقل ابن عبد البر في =

ورواه وكيع بن الجراح، عن هشام، عن أبيه: أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أمر أم سلمة أن توافيه صلاة الصبح بمنى (¬1). ورواه حماد بن سلمة (¬2)، عن هشام بن عروة، عن أبيه، أن يوم أم سلمة دار إلى يوم النحر، فأمرها رسول الله، فرمت الجمرة، وصلت الفجر بمكة (¬3). ورواه داود بن عبد الرحمان العطار (¬4)، وعبد العزيز الدراوردي (¬5) مقرونين، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: دار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أم سلمة يوم النحر فأمرها أن تعجل الإفاضة من جمع حتى تأتي مكة فتصلي بها الصبح، وكان يومها فأحب أن توافقه وفي إحدى نسخ الشافعي: ((توافيه)) (¬6). فهؤلاء ثقات تلامذة هشام: (سفيان، ووكيع، وحماد، وداود، وعبد العزيز) خمستهم رووه عن هشام، عن أبيه مرسلاً، وروايتهم أصح فهم أكثر عدداً، والعدد أولى بالحفظ (¬7)، وقد نص إمام المعللين أبو الحسن الدارقطني على ترجيح الرواية المرسلة (¬8). ونقل الأثرم عن الإمام أحمد أنه قال: ((لم يسنده غيره - يعني: أبا معاوية - وهو خطأ)) (¬9). وهناك مناقشات أخرى لإعلال متن الحديث ذكرها ابن القيم (¬10). وللحديث طريق أخرى، فقد رواه الضحاك بن عثمان (¬11)، عن هشام بن عروة، ¬

_ = الاستذكار 5/ 593 قول سفيان بعدم جواز الرمي قبل طلوع الشمس. (¬1) هذه الرواية أخرجها ابن أبي شيبة (13754). تنبيه: نقل ابن القيم الجوزية في زاد المعاد 2/ 249: ((وإنما قال وكيع: توافي منى، وأصاب في قوله: توافي، كَمَا قال أصحابه، وأخطأ في قوله: منى)). (¬2) وهو ثقة تغير حفظه بأخرة. التقريب (1499). (¬3) هذه الرواية عند الطحاوي في شرح المشكل (3521) و (3522)، وفي شرح المعاني 2/ 218. (¬4) وهو ثقة. التقريب (1798). (¬5) وهو صدوق. التقريب (4119). (¬6) هذه الرواية أخرجها الشافعي في مسنده (1002) بتحقيقنا، وطبعة العلمية: 370، ومن الأم 2/ 213، ومن طريقه البيهقي 5/ 133، وفي المعرفة، له (3057). (¬7) التلخيص الحبير 2/ 26 طبعة شعبان، والطبعة العلمية 2/ 60. (¬8) علل الدارقطني 5/الورقة 123 نقلاً عن التعليق على المسند الأحمدي 44/ 98. (¬9) شرح مشكل الآثار 9/ 140، وشرح معاني الآثار 2/ 221، وزاد المعاد 2/ 249. (¬10) زاد المعاد 2/ 249. (¬11) قال عنه الحافظ في التقريب (2972): ((صدوق يهم)). فهذا الحديث لا شك أنه من أوهامه، =

أثر الحديث في اختلاف الفقهاء

عن أبيه، عن عائشة، أنها قالت: أرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأم سلمة ليلة النحر فرمت الجمرة قبل الفجر، ثم مضت، فأفاضت، وكان ذلك اليوم الذي كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعني عندها - (¬1). والحديث من هذا الوجه منكر أنكره الإمام أحمد وغيره (¬2). أثر الحديث في اختلاف الفقهاء لحديث أبي معاوية أثر كبير في الفقه الإسلامي؛ فَهُوَ أصل لِمَنْ أجاز الرمي ليلاً، وسأتكلم عن الرمي وبعض أحكامه، ثُمَّ أفصل القول في حكم رمي جمرة العقبة ليلاً. الرمي لغةً: يطلق بمعنى القذف، وبمعنى الإلقاء، يقال: رميت الشيء وبالشيء، إذا قذفته (¬3). أما اصطلاحاً: فرمي الجمار، وهو رمي الحصيات المعينة العدد في الأماكن الخاصة بالرمي في منى - الجمرات -، وليست الجمرة هي الشاخص - العمود - الذي يوجد في منتصف المرمى، بل الجمرة هي المرمى المحيط بذلك الشاخص، والجمرات التي ترمى ثلاث، هي: 1 - الجمرة الأولى: وتسمى الصغرى، أو الدنيا، وهي أول جمرة بعد مسجد الخيف بمنى، سميت ((دنيا)) من الدنو، لأنها أقرب الجمرات إلى مسجد الخيف. 2 - الجمرة الثانية: وتسمى الوسطى، بعد الجمرة الأولى، وقيل جمرة العقبة. 3 - جمرة العقبة: وهي الثالثة، وتسمى أيضاً: ((الجمرة الكبرى))،وتقع في آخر منى تجاه الكعبة. وقد اتفق الفقهاء على أنّ رمي الجمار واجب من واجبات الحج قال الكاساني: ¬

_ = لاسيما وقد نص على ذلك الإمام أحمد. وَقَالَ ابن عبد البر: ((كان كثير الخطأ ليس بحجة)) (تهذيب التهذيب 4/ 447)، وَقَالَ الذهبي في المغني 1/ (2911): ((لينه القطان))، وَقَالَ في الميزان 2/ (3931): ((قال يعقوب بن شيبة: صدوق في حفظه ضعف)). على أن بعضهم أطلق القول بتوثيقه، انظر: تهذيب الكمال 3/ 476، والتعليق عليه. (¬1) أخرجه أبو داود (1942)، والحاكم 1/ 469، والبيهقي 5/ 133، وابن عبد البر في الاستذكار 3/ 593. (¬2) زاد المعاد 2/ 249. (¬3) لسان العرب 14/ 335 مادة (رمي).

((إن الأمة أجمعت على وجوبه)) (¬1). ووقت رمي الجمار أربعة أيام لمن لم يتعجل، هي: يوم النحر، وثلاثة أيام بعده، وتسمى أيام التشريق. ويوم النحر ترمى جمرة العقبة وحدها، وهنا يأتي دور حديث أبي معاوية، وهو من أين يبدأ أول وقت الرمي ليوم النحر. اختلف الفقهاء في ذلك على ثلاثة أقوال: القول الأول: أول وقت الرمي يوم النحر الذي يجوز فيه الرمي، هو نصف الليل من ليلة النحر، وهو قول عطاء، وابن أبي ليلى، وعكرمة (¬2) بن خالد (¬3)، والشافعي (¬4)، وأحمد بن حنبل في أرجح الروايتين عنه (¬5). وحجة هذا القول: أولاً: حديث أبي معاوية السابق قال الإمام الشافعي: ((أحب أن لا يرمي أحدٌ حتى تطلع الشمس، ولا بأس عليه أن يرمي قبل طلوع الشمس، وقبل الفجر إذا رمى بعد نصف الليل؛ أَخْبَرَنَا داود (¬6) بن عَبْد الرحمان وعبد العزيز بن مُحَمَّد الدراوردي، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قَالَ: دار رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - يوم النحر إِلَى أم سلمة فأمرها أن تعجل الإفاضة من جمع حَتَّى ترمي الجمرة، وتوافي صلاة الصبح بمكة، وَكَانَ يومها فأحب أن توافيه. أَخْبَرَنَا الثقة (¬7)، عن ¬

_ (¬1) بدائع الصنائع 2/ 136. (¬2) هُوَ عكرمة بن خالد بن العاص بن هشام القرشي المخزومي: ثقة، وَقَالَ النووي: المكي التابعي المتفق عَلَى توثيقه. تهذيب الأسماء واللغات 1/ 340، وتهذيب الكمال 5/ 207 (4594)، والتقريب (4668). (¬3) المغني 3/ 449. (¬4) انظر: الأم 2/ 213، ومختصر المزني المطبوع مع الأم 8/ 68، والحاوي الكبير 5/ 248، والوسيط 2/ 1267، والتهذيب 3/ 267، وروضة الطالبين 3/ 103، والمجموع 8/ 153. (¬5) الهداية، للكلواذاني ل101، والمقنع: 80، والهادي: 68، والمغني 3/ 449 - 450، والمحرر 1/ 247، والشرح الكبير 3/ 452. (¬6) هُوَ أبو سليمان داود بن عَبْد الرحمان العطار المكي: ثقة، توفي سنة (174 هـ‍). الجرح والتعديل 3/ 417، والثقات 6/ 286، وتهذيب الكمال 2/ 419 (1756). (¬7) التعديل على الإبهام كما إذا قال المحدّث: حدَّثني الثقة، ونحو ذلك من غير أن يسميه لا يكتفى به في التوثيق كما ذكره الخطيب البغدادي، والفقيه أبو بكر الصيرفي، وأبو نصر بن الصباغ، =

هشام، عن أبيه عن زينب بنت أبي سلمة، عن أم سلمة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله)) (¬1). قال البيهقي: ((كأن الشافعي - يرحمه الله - أخذه من أبي معاوية الضرير، وقد رواه أبو معاوية موصولاً)) (¬2). ¬

_ = والشاشي، وأبو الطيب الطبري، وأبو إسحاق الشيرازي، والماوردي والروياني، ورجّحه الحافظ العراقي؛ لأنه وإن كان ثقة عنده، فربما لو سمّاه لكان ممن جرحه غيره بجرح قادح، بل إضرابه عن تسميته ريبة توقع تردداً في القلب. انظر: الكفاية (155 ت، 92 هـ‍)، والبحر المحيط 4/ 291، وشرح التبصرة والتذكرة 1/ 346 طبعتنا مَعَ التعليق عليه. والشافعي - رحمه الله - يريد في الغالب الأعم: يحيى بن حسان التنيسي، وهو ثقة. تهذيب الكمال 8/ 25. ونقل الحافظ العراقي عن بعض أهل المعرفة بالحديث: ((إذا قال الشافعي في كتبه: أخبرنا الثقة، عن ابن أبي ذئب، فهو ابن أبي فديك، وإذا قال: أخبرنا الثقة عن الليث بن سعد، فهو يحيى بن حسان، وإذا قال: أخبرنا الثقة عن الوليد بن كثير، فهو أبو أسامة، وإذا قال: أخبرنا الثقة، عن الأوزاعي، فهو عمرو بن أبي سلمة، وإذا قال: اخبرنا الثقة، عن ابن جريج، فهو مسلم بن خالد، وإذا قال: أخبرنا الثقة، عن صالح مولى التوأمة، فهو إبراهيم بن أبي يحيى)). شرح التبصرة 1/ 317 - 319، وفي طبعتنا 1/ 348 - 349، وهذا نقله الزركشي في البحر 4/ 292، عن أبي حاتم. وقيل: أراد بمن يثق به إبراهيم بن إسماعيل وبمن لا يتهم يحيى بن حسان. وقيل: أراد أحمد بن حنبل. وَقِيْلَ: سعيد بن سالم القداح. وقيل: يريد مالكاً. وقيل: عبد الله بن وهب. وقيل: الزهري. وقيل: أراد إسماعيل بن علية، وفي بعضه حماد بن أسامة وفي بعضه عبد العزيز بن محمد، وفي بعضه هشام ابن يوسف الصنعاني. وانظر: البحر المحيط 4/ 292 - 293، ونكت الزركشي 3/ 362 - 367، وإرشاد طلاب الحقائق 1/ 289، والمقنع 1/ 254، وشرح التبصرة 1/ 315 - 319، وفي طبعتنا 1/ 347 وما بعدها، والنكت الوفية 206/أ، وفتح المغيث 1/ 288، والباعث الحثيث 1/ 290، وجامع التحصيل: 76، والشافي العي 2/أ-ب، وقواعد التحديث: 196، وحاشية الرسالة: 129، وأسباب اختلاف المحدثين 1/ 101 - 105، وتعليقنا على مسند الشافعي (2). (¬1) الأم 2/ 213، وتصدير الشافعي بالحديث المرسل ثم سياقة الحديث موصولاً مبني على مذهبه في تقوى المرسل بالموصول (انظر: مناقب الشافعي، للبيهقي 2/ 31، وإرشاد طلاب الحقائق 1/ 176) ولكن الحال هنا ليس كذلك، فالحديث مداره واحد، وهو هشام ورواية الوصل لا تقوي الرواية المرسلة؛ إذ إنّ المرسلة محفوظة والموصولة شاذة. (¬2) السنن الكبرى 5/ 133.

أقول: لا شك في أن الشافعي إنما أخذه من أبي معاوية، فهو الذي تفرد بوصله هكذا، وقد ذكر العلماء الحمل عليه فيه. وقد شرح الطحاوي استنباط الشافعي من حديث أبي معاوية فقال: ((فاحتج الشافعي كما حكى لنا المزني عنه بهذا الحديث، وَقَالَ: فيه ما قَدْ دل على أنه - صلى الله عليه وسلم - قَدْ أباحها أن تنفر من جمعٍ، قبل طلوع الفجر؛ لأنه لا يمكن أن يكون ذلك منها مع موافاتها مكة ضحىً إلا وقد خرجت من جمع قبل طلوع الفجر لبعد ما بين مكة وجمعٍ، وفي ذلك ما قَدْ دل على أنها قَدْ كانت رمت الجمرة قبل طلوع الفجر. قال أبو جعفر: وهذا قول لم نعلم أحداً من أهل العلم سواه قاله (¬1)، ولا ذهب إليه، فكلهم على خلافه فيه، وعلى أنه ليس لأحد من الحاج أن يرمي جمرة العقبة في الليل قبل طلوع الفجر، فتأملنا هذا الحديث، فوجدناه إنما دار بهذا المعنى على أبي معاوية. ووجدنا أبا معاوية قَدْ اضطرب فيه ...)) (¬2) ثم دلل على ذلك. ثانياً: ما صح عن عبد الله مولى أسماء عن أسماء، أنها نزلت ليلة جمع عند المزدلفة فقامت تصلي، فصلت ساعة، ثُمَّ قالت: يا بني هل غاب القمر؟ قلت: لا، فصلت ساعة ثم قالت: هل غاب القمر؟ قلت: نعم، قالت: فارتحلوا، فارتحلنا ومضينا، حتى رمت الجمرة، ثم رجعت فصلت الصبح في منْزلها، فقلت لها: هنتاه (¬3) ما أرانا إلا قَدْ غَلَّسْنا، قالت: يا بني، إن رسول الله أذن للظعن)) (¬4) وقالوا: إن الأحاديث التي فيها النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - رمى بعد طلوع الشمس محمولة على الاستحباب (¬5). ¬

_ (¬1) هذا تساهل من الطحاوي - رحمه الله - فقد سبق نقل ذلك عن غير الشافعي. (¬2) شرح مشكل الآثار 9/ 138 - 139. (¬3) أي: يا هذه. فتح الباري 3/ 528. (¬4) أخرجه الإمام أحمد 6/ 347 و 351، والبخاري 2/ 202 (1679)، ومسلم 4/ 77 (1291) (298)، والفاكهي في أخبار مكة (2814)، وابن خزيمة (2884)، والطحاوي في شرح المعاني 2/ 216، والطبراني في الكبير 24/ (269). والظعن-بضم الظاء المعجمة-جمع ظعينة، وهي المرأة في الهودج ثم أطلق على المرأة مطلقاً. الفتح 3/ 528. (¬5) المغني 3/ 443، ونهاية المحتاج 3/ 298، وكشاف القناع 14/ 618.

القول الثاني أول وقت الرمي في يوم النحر بعد طلوع الفجر من هذا اليوم، فلا يجوز الرمي قبل هذا الوقت والمستحب بعد طلوع الشمس، وذهب إلى هذا القول أبو حنيفة (¬1)، ومالك (¬2)، وإسحاق، وابن المنذر (¬3)، والزيدية (¬4)، وهو رواية عن أحمد (¬5). واحتج أصحاب هذا المذهب بما روي عن ابن عباس، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقدِّم ضعفاء أهله بغلس، ويأمرهم، يعني: لا يرمون الجمرة حتى تطلع الشمس (¬6). وبما رواه ابن عباس، أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - كان يأمر نساءه وثقله صبيحة جمع أن يفيضوا مع أول الفجر بسواد، ولا يرموا الجمرة إلا مصبحين)) (¬7). وقد وفّق أصحاب هذا المذهب بين الحديثين بأن الأول وقت الاستحباب والثاني وقت الجواز (¬8). ¬

_ (¬1) انظر: المبسوط 4/ 21، وبدائع الصنائع 2/ 137، والهداية 1/ 146 - 147، وشرح فتح القدير 2/ 173 - 174، وتبيين الحقائق 2/ 31، ورد المحتار 2/ 515. (¬2) انظر: بداية المجتهد 1/ 256، والقوانين الفقهية: 132، وشرح منح الجليل 8/ 490. (¬3) المغني 3/ 449. (¬4) البحر الزخار 3/ 38 - 339، والسيل الجرار 2/ 203 - 204. (¬5) المغني 3/ 449، والشرح الكبير 3/ 452. (¬6) أخرجه: الحميدي (465)، وأبو عبيد القاسم بن سلام في غريب الحديث 1/ 128 - 129، وابن الجعد (2175)، وأحمد 1/ 234 و 311 و 343، وأبو داود (1940)، وابن ماجه (3025)، والنسائي 5/ 270، والطحاوي في شرح معاني الآثار 2/ 217، وفي شرح مشكل الآثار (3492)، وابن حبان (2872)، وطبعة الرسالة (3869)، والطبراني في الكبير (12699) و (12701) و (12702) و (12703)، والبيهقي 5/ 131 - 132، والبغوي (1942) و (1943) من طريق سلمة بن كهيل، عن الحسن العرني، عن ابن عباس به. قال أبو حاتم: ((وهو منقطع لأن الحسن العرني لم يلق ابن عباس)) المراسيل: 46. وأخرجه: أبو داود (1941)، والنسائي 5/ 272، وفي الكبرى (4071) من طريق حبيب، عن عطاء، عن ابن عباس، به. وأخرجه: أحمد 1/ 326 و 344، والترمذي (893)، والطحاوي في شرح المعاني 2/ 217، والطبراني (12078) و (12073) من طريق الحكم، عن موسى، عن ابن عباس، به. وأخرجه: ابن أبي شيبة (14582) من طريق سلمة بن كهيل، عن الحسن العرني، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، أو عن الحسن، عن ابن عباس على الشك، به. (¬7) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار 2/ 216، وفي شرح المشكل (3503)، والبيهقي في السنن الكبرى 5/ 132. (¬8) بدائع الصنائع 2/ 137.

النموذج الثاني

القول الثالث أول وقت الرمي في يوم النحر بعد طلوع الشمس، ضحىً وهو قول مجاهد، والثوري والنخعي (¬1)، والظاهرية (¬2). واستدلوا بحديث ابن عباس السابق وفيه: ((لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس)). قال ابن حزم: ((إنما نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن رميها ما لم تطلع الشمس من يوم النحر)) وَقَالَ أيضاً: ((أما الرمي قبل طلوع الشمس فلا يجزئ أحداً لا امرأة ولا رجلاً)) (¬3). النموذج الثَّانِي مَا روي عن عَمَّار بن ياسر من أحاديث في صِفَة التيمم فَقَدْ ذكر بَعْض العُلَمَاء أنَّ هَذَا من المضطرب، وسأشرح ذَلِكَ بتفصيل: فَقَدْ روى الزُّهْرِيّ، قَالَ: حَدَّثَني عبيد الله بن عَبْد الله، عن ابن عَبَّاس، عن عَمَّار بن ياسر؛ أن رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - عَرَّسَ (¬4) بأولات الجيش ومعه عَائِشَة فانقطع عِقدٌ لَهَا من جَزْعِ ظِفار، فحبس الناس ابتغاء عقدها ذَلِكَ، حَتَّى أضاء الفجر، وَلَيْسَ مَعَ الناس ماء فتغيظ عَلَيْهَا أبو بَكْر، وَقَالَ: حبستِ الناس، وَلَيْسَ مَعَهُمْ ماءٌ، فأنزل الله تَعَالَى عَلَى رسولهِ - صلى الله عليه وسلم - رخصة التَّطَهُّرِ بالصعيد الطيب، فقام المسلمون مَعَ رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - فضربوا بأيديهم إِلَى الأرض، ثُمَّ رفعوا أيديهم، وَلَمْ يقبضوا من التراب شيئاً، فمسحوا بِهَا وجوههم، وأيديهم إِلَى المناكب، ومن بطون أيديهم إِلَى الآباط (¬5). ¬

_ (¬1) المغني 3/ 449. (¬2) المحلى 7/ 134 - 135. (¬3) المحلى 7/ 134 - 135. (¬4) التعريس: هُوَ النزول ليلاً من أجل الراحة. انظر اللسان 6/ 136 مادة عرس. (¬5) أخرجه أَحْمَد 4/ 263، وأبو دَاوُد (320)، وَالنَّسَائِيّ 1/ 167 وَفِي الكبرى، لَهُ (300)، والطحاوي في شرح المعاني 1/ 110و111، والبَيْهَقِيّ 1/ 208، وابن عَبْد البر في التمهيد 19/ 284 من طرق عن صالح. وأخرجه أَبُو يعلى (1609) من طريق عَبْد الرحمان بن إسحاق. وأخرجه أبو يعلى أَيْضاً (1630) من طريق مُحَمَّد بن إسحاق. جميعهم (صالح، وعَبْد الرحمان بن إسحاق، ومحمد بن إسحاق) رووه عن الزُّهْرِيّ قَالَ حَدَّثَني عبيد الله ابن عَبْد الله بن عتبة، عن ابن عَبَّاس، عن عَمَّار. وإسناده فِيهِ مقال؛ ذَلِكَ أن أبا حاتم وأبا زرعة الرازيين غلطاها، وذكرا أن الصَّوَاب هِيَ رِوَايَة مَالِك وسفيان بن عيينة اللذين روياه عن الزُّهْرِيّ، عن عبيد الله، عن أبيه عن عَمَّار. (نصب الراية =

وَقَدْ ورد حَدِيث آخر لعمار في التيمم بلفظ: ((أن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - أمره بالتيمم للوجه والكفين))، وَفِي رِوَايَة: ((إنما يكفيك أن تَقُوْل بيديك هكذا: ثُمَّ ضرب الأرض ضربة وَاحِدَة، ثُمَّ مسح الشمال عَلَى اليمين، وظاهر كفيه ووجهه))، وَفِي رِوَايَة: ((ضرب النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - بكفيه الأرض، ونفخ فِيْهما، ثُمَّ مسح بهما وجهه وكفيه))، وَفِي رِوَايَة: ((ثُمَّ ضرب بيديه الأرض ضربة وَاحِدَة))، وَفِي رِوَايَة: ((وأمرني بالوجه والكفين ضربة وَاحِدَة))، وَفِي رِوَايَة: ((يكفيك الوجه والكفان)) (¬1). ¬

_ = 1 - / 155 - 156)، لَكِنْ النَّسَائِيّ ساق الرِّوَايَتَيْنِ في الكبرى (300) و (301) وَقَالَ: ((كلاهما محفوظ)). وحديث عبيد الله بن عَبْد الله بن عتبة عن أبيه عن عَمَّار: أخرجه الشَّافِعيّ في المُسْنَد (86) بتحقيقنا وط العلمية (ص160)، والحميدي (143)، وابن ماجه (566) والطحاوي في شرح المعاني 1/ 111، من طرق عن سُفْيَان بن عيينة. وأخرجه النَّسَائِيّ 1/ 168 وَفِي الكبرى، لَهُ (301)، والطحاوي في شرح المعاني 1/ 110، وابن حبان (1310)، والبيهقي 1/ 208. من طريق مَالِك. وأخرجه الشَّافِعيّ في المُسْنَد (87) بتحقيقنا وط العلمية (ص 160) أَخْبَرَنَا الثِّقَة عن معمر. ثلاثتهم (سفيان، ومالك، ومعمر) رووه عن الزُّهْرِيّ، عن عبيد الله بن عَبْد الله بن عتبة، عن أبيه، عن عَمَّار، بِهِ. وَهِيَ الرِّوَايَة المحفوظة كَمَا قَالَ الرازيان. وله طريق آخر من حَدِيث عبيد الله بن عَبْد الله بن عتبة، عن عَمَّار، بِهِ. أخرجه الطَيَالِسِيّ (637)، وأبو يعلى (1633)، والطحاوي في شرح المعاني 1/ 111،والبيهقي 1/ 208، من طريق ابن أبي ذئب. وأخرجه عَبْد الرزاق (827) -ومن طريقه ابن المنذر في الأوسط (535) -،وأحمد 4/ 320، وأبويعلى (1632)، وابن عَبْد البر في التمهيد 19/ 285، من طريق معمر. وأخرجه أحمد 4/ 321، وأبو دَاوُد (318) و (319)، وابن ماجه (571)، من طريق يونس بن يزيد. وأخرجه ابن ماجه (565)، من طريق الليث بن سعد. جميعهم (ابن أبي ذئب، ومعمر، ويونس، والليث) رووه عن الزُّهْرِيّ عن عبيد الله بن عَبْد الله بن عتبة عن عَمَّار، بِهِ. وَهِيَ رِوَايَة محفوظة لَكِنْ عبيد الله لَمْ يَسْمَع من عَمَّار. تهذيب الكمال 5/ 42. (¬1) أخرجه الطَيَالِسِيّ (638)، وعَبْد الرزاق (915)، وابن أبي شَيْبَة (1677) و (1678) و (1686)، وأحمد 4/ 263 و 319 و 320، والدارمي (751)، والبُخَارِيّ 1/ 92 (338) و 1/ 93 (339)، وَمُسْلِم 1/ 192 (368) (110)، وأبو دَاوُد (322) و (323) و (324) و (325) و (326) و (327)، وابن ماجه (569)، والنَّسَائِيّ 1/ 165 و 168 و169و 170 وَفِي الكبرى، لَهُ (302) (303) و (304) و (305)، وابن الجارود (125)، وابن خزيمة (266) و (267) و (268)، وأبو عوانة 1/ 305 و 306، والطحاوي في شرح المعاني 1/ 112 و 113، وابن حبان (1264) (1300) (1303) (1305) (1306) وط الرسالة (1267) و (1303) و (1306) و (1308) و (1309)، =

أثر حديثي عمار في اختلاف الفقهاء

فهذا الحَدِيْث يختلف عن الحَدِيْث الأول مِمَّا دعى بَعْض العُلَمَاء إلى الحكم عليه بالاضطراب، قَالَ الإِمَام التِّرْمِذِي: ((ضعف بَعْض أهل العِلْم حَدِيث عَمَّار عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - في التيمم للوجه والكفين لما روي عَنْهُ حَدِيث المناكب والآباط)) (¬1). وَقَالَ ابن عَبْد البر: ((كُلّ مَا يروى في هَذَا الباب فمضطرب مختلف فِيهِ)) (¬2). إلا أن بَعْض العُلَمَاء حاولوا أن يوفقوا بَيْنَ الحَدِيْث الأول والثَّانِي باعتبار التقدم والتأخر، وباعتبار أن الأول من فعلهم دُوْنَ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ الأثرم: ((إِنَّمَا حكى فِيهِ فعلهم دُوْنَ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - كَمَا حكى في الآخر أَنَّهُ أجنب؛ فعلّمه عَلَيْهِ الصَّلاَة والسلام)) (¬3). وَقَالَ ابن حبان: ((كَانَ هَذَا حَيث نزل آية التيمم قَبْلَ تعليم النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - عماراً كَيْفِيَّة التيمم ثُمَّ علمه ضربة وَاحِدَة للوجه والكفين لما سأل عمارٌ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - عن التيمم)) (¬4). وذهب الحنفية إلى ترجيح روايته إلى المرفقين لحديثين أحدهما حَدِيث أبي أمامة الباهلي وحَدِيث الأسلع (¬5). وَقَالَ البَغَوِيّ: ((وما روي عن عَمَّار أَنَّهُ قَالَ: تيممنا إلى المناكب، فَهُوَ حكاية فعله، لَمْ ينقله عن رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - كَمَا حكى عن نَفْسه التمعك في حالة الجنابة، فلما سأل النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - وأمره بالوجه والكفين انتهى إليه، وأعرض عن فعله)) (¬6). قُلْتُ: وما ذكر من توجيه عَلَى هَذَا النحو يشكل عَلَيْهِ أَنَّهُ ورد في الحَدِيْث الأول: ((فقام المسلمون مَعَ رَسُوْل الله فضربوا بأيديهم ...)). أثر حَدِيثي عَمَّار في اختلاف الفُقَهَاء لهذين الحديثين السابقين أثر في الفقه الاسلامي، فَقَدْ بنيت عَلَيْهما اجتهادات وأبين ذَلِكَ في مسألتين للفقهاء، وسأبين ذَلِكَ في مسألتين: المسألة الأولى: عدد ضربات التيمم اختلف الفُقَهَاء - رحمهم الله - في عدد ضربات التيمم عَلَى قولين: ¬

_ = والدَّارَقُطْنِيّ 1/ 183، وأبو نُعَيْم في المستخرج (811)، والبَيْهَقِيّ 1/ 209 و 210، والبَغَوِيّ (308) من طرق عن عَمَّار. (¬1) جامع التِّرْمِذِي عقب حَدِيث (144). (¬2) التمهيد 19/ 287. (¬3) نصب الراية 1/ 156 (¬4) الإحسان عقب حَدِيث (1307) وط الرسالة (1310). (¬5) المبسوط 1/ 107، وحديث أبي أمامة والأسلع سيأتي تخريجها في أدلة الحنفية. (¬6) شرح السُّنَّة 2/ 114 عقب (309).

الأول: التيمم ضربة وَاحِدَة للوجه والكفين. روي هَذَا عن ابن عَبَّاس (¬1)، وعمار (¬2)، وعطاء (¬3)، وإسحاق (¬4)، ومكحول (¬5)، وداود بن عَلِيّ (¬6)، والأشهر عن الاوزاعي (¬7) وَهُوَ إحدى الرِّوَايَتَيْنِ عن عَلِيّ (¬8)، والشَّعْبيّ (¬9)، وسعيد بن المسيب (¬10)، وإليه ذهب مَالِك (¬11) وأحمد (¬12)، واختاره ابن المنذر (¬13). والحجة لهذا المذهب حَدِيث عَمَّار الثَّانِي وأسوق لفظه حَتَّى يظهر مِنْهُ الاستدلال قَالَ: ((بعثني رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - في حاجة فأجنبت، فلم أجد الماء، فتمرغت في الصعيد كَمَا تمرغ الدابة، ثُمَّ أتيت النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - فذكرت ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: إنما يكفيك أن تَقُوْل بيديك هكذا: ثُمَّ ضرب الأرض ضربة وَاحِدَة، ثُمَّ مسح الشمال عَلَى اليمين، وظاهر كفيه ووجهه)). هَذَا لفظ رِوَايَة مُسْلِم (¬14). وَفِي رِوَايَة البُخَارِيّ: ((فضرب النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - بيده الأرض فمسح وجهه وكفيه)) (¬15). وَفِي رِوَايَة أخرى قَالَ: ((يكفيك الوجه والكفين (¬16))) (¬17). ¬

_ (¬1) المغني 1/ 245. (¬2) مصنف ابن أَبِي شَيْبَة (1685)، وتفسير الطبري 5/ 110، والأوسط لابن المنذر 2/ 52. (¬3) مصنف عَبْد الرزاق (816)، والأوسط لابن المنذر 2/ 50. (¬4) الأوسط لابن المنذر 2/ 51، والاستذكار 1/ 354. (¬5) مصنف ابن أَبِي شَيْبَة (1679)، وتفسير الطبري 5/ 110، والأوسط 2/ 50. (¬6) التمهيد 19/ 282، والاستذكار 1/ 354. (¬7) الأوسط لابن المنذر 2/ 51، والتمهيد 19/ 282، والاستذكار 1/ 354، وفقه الأوزاعي 1/ 78. (¬8) المغني 1/ 245. (¬9) مصنف عَبْد الرزاق (826)، ومصنف ابن أبي شَيْبَة (1676)، وتفسير الطبري 5/ 110. (¬10) الأوسط لابن المنذر 2/ 51، وفقه سعيد بن المسيب 1/ 104. (¬11) التمهيد 19/ 282، والاستذكار 1/ 354، وشرح منح الجليل 1/ 92. (¬12) المغني 1/ 245، والمحرر 1/ 21، وشرح الزَّرْكَشِيّ 1/ 169. (¬13) المجموع 2/ 211. (¬14) صَحِيْح مُسْلِم 1/ 192 (368) (110). (¬15) صَحِيْح البُخَارِيّ 1/ 93 (343). (¬16) اللفظ المثبت من الصَّحِيح في الطبعة الأميرية ومثله في المَتْن المطبوع مَعَ شرح الكرماني والعيني وأشار العيني إلى رِوَايَة الرفع. وَفِي المَتْن المطبوع مَعَ فتح الباري وإرشاد الساري ((كفان)) وأشار إلى رِوَايَة النصب. ولكل وجه. انظر: شرح الكرماني 3/ 220، وفتح الباري 1/ 445، وعمدة القاري 2/ 23، وإرشاد الساري 1/ 272. (¬17) صَحِيْح البُخَارِيّ 1/ 93 (341).

وَفِي أخرى: ((فمسح وجهه وكفيه وَاحِدَة)). واعترض عَلَى هَذَا الاستدلال: بأن المراد بِذَلِكَ: بيان صورة الضرب للتعليم، وَلَيْسَ المراد بيان جَمِيْع مَا يحصل بِهِ التيمم (¬1). وأجيب: بأن سياق القصة يدل عَلَى أَنَّ المراد بيان جَمِيْع ذَلِكَ؛ لأن ذَلِكَ هُوَ الظاهر من قوله عَلَيْهِ الصَّلاَة والسلام: ((إِنَّمَا يكفيك أن تَقُوْل هكذا ...)) وقوله في إحدى الروايات: ((يكفيك الوجه والكفان)) صريح في ذَلِكَ (¬2). القَوْل الثَّانِي: التيمم ضربتان: ضربة للوجه، وضربة لليدين إلى المرفقين وإليه ذهب أبو حَنِيْفَة (¬3)، والشَّافِعيّ (¬4). وَقَدْ روي ذَلِكَ عن ابن عُمَر (¬5)، وجابر (¬6)، والحَسَن البصري (¬7)، وسالم (¬8)، وعبد العزيز بن أبي سلمة (¬9)، وطاووس (¬10)، والزُّهْرِيّ (¬11)، والثَّوْرِيّ (¬12)، والليث (¬13)، وَهُوَ رِوَايَة عن عَلِيّ (¬14)، والشعبي (¬15)، وابن المسيب (¬16)، والأوزاعي (¬17)، واستحب ذَلِكَ أبو ثور (¬18). والحجة لهذا القَوْل: من القُرْآن والسُّنَّة. فالقرآن قوله تَعَالَى: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} (¬19)، ثُمَّ ذكر ¬

_ (¬1) شرح صَحِيْح مُسْلِم 1/ 668. (¬2) فتح الباري 1/ 445 - 446، وفقه سعيد 1/ 105. (¬3) بدائع الصنائع 1/ 45، والدر المختار 1/ 230. (¬4) الأم 1/ 49، والوسيط 1/ 533،والتهذيب 1/ 352، والمجموع 2/ 210. (¬5) مصنف عَبْد الرزاق (817) و (818) و (819)، ومصنف ابن أبي شَيْبَة (1673). (¬6) مصنف ابن أبي شيبة (1688)، وابن المنذر في الأوسط 2/ 48. (¬7) مصنف ابن أبي شيبة (1675)، وابن المنذر في الأوسط 2/ 48. (¬8) الطبري في تفسيره 5/ 111، وابن المنذر في الأوسط 2/ 48. (¬9) التمهيد 19/ 282، والاستذكار 1/ 354. (¬10) مصنف ابن أَبِي شَيْبَة (1681) و (1690). (¬11) مصنف ابن أبي شَيْبَة (1684). (¬12) التمهيد 19/ 282، والاستذكار 1/ 354. (¬13) التمهيد 19/ 282، والاستذكار 1/ 354. (¬14) مصنف عَبْد الرزاق (824)، وابن المنذر في الأوسط 2/ 50. (¬15) ابن المنذر في الأوسط 2/ 48. (¬16) عمدة القاري 4/ 20، وفقه الإمام سعيد 1/ 105. (¬17) ابن المنذر في الأوسط 2/ 48. (¬18) التمهيد 19/ 282، والاستذكار 1/ 354، وفقه الأوزاعي 1/ 79. (¬19) المائدة: 6.

الباري -جل شأنه- التيمم فَقَالَ: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} (¬1). وجه الاستدلال: إن الله تَبَارَكَ وتَعَالَى ذكر أعضاء الوضوء الأربعة في صدر الآية، ثُمَّ أسقط مِنْها عضوين في التيمم في آخرها، فبقي العضوان في التيمم عَلَى ماذكرهما في الوضوء؛ وَقَدْ ذَكَرَ في الوضوء: غسل اليدين إِلَى المرفقين؛ فهما كَذلِكَ في التيمم؛ إذ لَوْ اختلفا لبينهما (¬2). أما السُّنَّة فما روي عن جابر عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((التيمم ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين)). أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ (¬3)، والحَاكِم (¬4)، والبَيْهَقِيّ (¬5)، وَفِي إسناده عُثْمَان بن مُحَمَّد الأنماطي (¬6) متكلم فِيهِ (¬7)، وَهُوَ معلول بالوقف قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ عقب تخريجه: ((الصَّوَاب مَوْقُوْف)). وما روي عن ابن عُمَر عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((التيمم ضربتان ضربة للوجه وضربة لليدين)). رَواهُ الطبراني (¬8)، والدَّارَقُطْنِيّ (¬9)، والحَاكِم (¬10)، وابن عدي (¬11) من طريق عَلِيّ بن ظبيان، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عُمَر، بِهِ. وَهُوَ حَدِيث ضَعِيْف لا يصح مرفوعاً لتفرد عَلِيّ بن ظبيان برفعه وَهُوَ ضَعِيْف قَالَ عَنْهُ النَّسَائِيّ: ((كوفيٌّ متروك الحَدِيْث)) (¬12). قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: ((هكذا رَواهُ عَلِيّ بن ظبيان مرفوعاً، ووقفه يَحْيَى القطان، وهشيم ¬

_ (¬1) المائدة: 6. (¬2) فقه الإمام سعيد 1/ 105. (¬3) سُنَن الدَّارَقُطْنِيّ 1/ 181. (¬4) في المستدرك 1/ 180. (¬5) السُّنَن الكبرى 1/ 207. (¬6) هُوَ عثمان بن مُحَمَّد بن سعيد الرازي الدَّشتكي الأنماطي، نزيل البصرة: مقبول، وَقَالَ فِيْهِ الذهبي: صويلح، وَقَدْ تكلم فِيْهِ. تهذيب الكمال 5/ 136 (4447)، والميزان 3/ 52 (5559)، والتقريب (4514). (¬7) تنقيح التحقيق 1/ 219. (¬8) في الكبير (13366). (¬9) سُنَن الدَّارَقُطْنِيّ 1/ 180و181. (¬10) في المستدرك 1/ 179 و 179 - 180. (¬11) الكامل 6/ 320. (¬12) الكامل 6/ 319، وَقَالَ ابن حجر في التقريب (4756): ((ضَعِيْف)) وانظر: مجمع الزوائد 1/ 262.

المسألة الثانية: المقدار الواجب مسحه في التيمم

وغيرهما)) (¬1). وَكَذَلِكَ قَالَ الحَاكِم (¬2)، ومن قبلهم جميعاً أبو زرعة الرَّازِيّ (¬3). وحديث عَائِشَة -رضي الله عَنْهَا - قَالَتْ: ((لما نزلت آية التيمم ضرب رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - بيده عَلَى الأرض فمسح بِهَا وجهه، وضرب بيده الأخرى ضربة فمسح بِهَا كفيه)). أخرجه البزار (¬4)، وابن عدي (¬5) من حَدِيث الحريش بن الخريت، عن ابن أبي ملكية، عن عائشة، بِهِ. أقول: قَدْ تفرد بِهِ الحريش نَصَّ عَلَيْهِ البزار (¬6)، والحريش ضَعِيْف قَالَ الهيثمي (¬7): ((رَواهُ البزار، وفيه الحريش بن الخريت ضعفه أبو حاتم، وأبو زرعة، والبُخَارِيّ)) (¬8). وهذه الأحاديث ضعّفها ابن المنذر فَقَالَ: ((أما الأخبار الثَّلاثَة الَّتِي احتج بِهَا من رأى أن التيمم ضربتين (¬9) ضربة للوجه، وضربة لليدين إلى المرفقين، فمعلولة كلها، لا يجوز أن يحتج بشيءٍ مِنْها)) (¬10). المسألة الثانية: المقدار الواجب مسحه في التيمم اختلف الفُقَهَاء في المقدار الواجب مسحه في فرض التيمم عَلَى أقوال: القَوْل الأول: يَجِبُ مسح اليدين إلى الإبطين، وَهُوَ مَذْهَب الإمام الزُّهْرِيّ (¬11)، وحجته: حَدِيث عَمَّار الأول السابق الذكر: ((تيممنا مَع رَسُوْل الله فمسحنا بوجوهنا وأيدينا إلى المناكب)). ¬

_ (¬1) سُنَن الدَّارَقُطْنِيّ 1/ 180. (¬2) المستدرك 1/ 179. (¬3) علل الحَدِيْث لابن أَبِي حاتم 1/ 54 (136). (¬4) كشف الأستار 1/ 159 (313). (¬5) في الكامل 3/ 376. (¬6) كشف الأستار 1/ 159. (¬7) هُوَ عَلِيّ بن أبي بكر بن سليمان الهيثمي، أبو الحسن المصري، صاحب التصانيف الكثيرة مِنْهَا " المقصد العلي في زوائد أبي يعلى الموصلي " و " زوائد ابن ماجه عَلَى الكتب الخمسة "، توفي سنة (807 هـ‍). الضوء اللامع 5/ 200، والأعلام 4/ 266 - 267. (¬8) مجمع الزوائد 1/ 263، وانظر في ترجمة الحريش، التاريخ الكبير للبخاري 3/ 114، والجرح والتعديل 3/ 293 الترجمة (1304). وتاريخ يَحْيَى برواية الدوري 2/ 106، وتهذيب الكمال 2/ 93 ترجمة (1162). (¬9) هكذا في الأصل. (¬10) الأوسط 2/ 53. (¬11) المحلى 2/ 153.

وَقَدْ أجاب ابن حزم عَلَى هَذَا الاستدلال بقوله: ((هَذَا أثر صَحِيْح إلا أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ نَص ببيان أن رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بِذَلِكَ، فيكون ذَلِكَ حكم التيمم وفرضه، وَلاَ نَص بيان بأنه عَلَيْهِ السلام عَلِمَ بِذَلِكَ فأقره، فيكون ذَلِكَ ندباً مستحباً)) (¬1). ويجاب عَلَى قَوْل ابن حزم بأن الحَدِيْث ورد فِيهِ: ((مَعَ رَسُوْل الله)) فهذا يدل عَلَى أَنَّهُ حصل بعلم النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ومثل هَذَا يعدُّ من قبيل المَرْفُوْع، قَالَ ابن الصَّلاح: ((قَوْل الصَّحَابيّ: ((كنا نفعل كَذَا أو كنا نقول كَذَا)) إن لَمْ يضفه إلى زمان رَسُوْل الله فَهُوَ من قبيل المَوْقُوْف، وإن أضافه إلى زمان رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم -، فالذي قطع بِهِ أبو عَبْد الله بن البيع (¬2) الحافظ، وغيره من أهل الحَدِيْث وغيرهم أن ذَلِكَ من قبيل المَرْفُوْع)) (¬3). لَكِنْ سبق القَوْل عن الحَدِيْث بأن بعضهم أعله بالاضطراب، وبعضهم جعله من اجتهاد عَمَّار قَبْلَ نزول آية التيمم، والله أعلم. القَوْل الثَّانِي: ذهب الحنفية إلى أن الواجب في التيمم المسح إلى المرفقين (¬4)، واحتجوا بأحاديث جابر وعائشة - رضي الله عنهم - وابن عُمَر، وَقَدْ سبق النقل في تضعيفها، وبيان عللها، واحتجوا كَذلِكَ. بحديث الربيع بن بدر، عن أبيه، عن جده، عن الأسلع (¬5)، قَالَ: أراني كَيْفَ علّمه رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - التيمم، فضرب بكفيه الأرض، ثُمَّ نفضهما، ثُمَّ مسح بِهما وجهه، ثُمَّ أَمَرَّ عَلَى لحيته، ثُمَّ أعادهُما إلى الأرض فمسح بهما الأرض، ثُمَّ دلك إحداهما بالأخرى، ثُمَّ مسح ذراعيه ظاهرهِما وباطنهما))،هَذَا لفظ إِبْرَاهِيم الحربي، وقَالَ يَحْيَى بن إسحاق (¬6) في حديثه: فأراني رَسُوْل الله كَيْفَ أمسح فمسحت، قَالَ: ¬

_ (¬1) المحلى 2/ 153. (¬2) بفتح الباء وكسر الياء المشددة، بعدها عين مُهْمَلَة. ويقال لَهُ أيضاً: ابن البَيَّاع، وهذه اللفظة تقال لِمَنْ يتولى البياعة والتوسط في الخانات بَيْنَ البائع والمشتري من التجار للأمتعة، انظر: الأنساب 1/ 448، ووفيات الأعيان 4/ 281، وسير أعلام النبلاء 17/ 163، وتاج العروس 25/ 368. وقول الحَاكِم في كِتَابَه: ((مَعْرِفَة علوم الحَدِيْث: 22)). (¬3) مَعْرِفَة أنواع علوم الحَدِيْث:43، وطبعتنا 120. وقول الحافظ ابن الصَّلاح شرحه شرحاً بديعاً الزَّرْكَشِيّ في نكته 1/ 421 - 423، وانظر التقييد والايضاح: 66، ونكت ابن حجر 2/ 515. (¬4) المبسوط 1/ 106، وتبيين الحقائق 1/ 38، وبدائع الصنائع 1/ 46، والهداية 1/ 25، وشرح فتح القدير 1/ 86. (¬5) هُوَ: الأسلع بن شريك بن عوف الأعوجي التميمي، خادم رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم -، وصاحب راحلته نزل البصرة. أسد الغابة 1/ 74، وتجريد أسماء الصَّحَابَة 1/ 15 (188). (¬6) يَحْيَى بن إسحاق البجلي، أبو زكريا، ويقال: أبو بكر السيلحيني، ويقال: السيلخوني: صدوق، توفي سنة (210هـ‍). تهذيب الكمال 8/ 8 (7376)، والكاشف 2/ 361 (6127)، والتقريب (7499).

فضرب بكفيه الأرض، ثُمَّ رفعهما لوجهه، ثُمَّ ضرب ضربة أخرى فمسح ذراعيه باطنهما وظاهرهُما، حَتَّى مس بيديه المرفقين)). أخرجه الطبراني (¬1)، والدَّارَقُطْنِيّ (¬2)، والبيهقي (¬3). قَالَ الهيثمي: ((فِيهِ الربيع بن بدر، وَقَدْ أجمعوا عَلَى ضعفه)) (¬4). قَالَ البَيْهَقِيّ: ((الربيع بن بدر ضَعِيْف إلا أَنَّهُ غَيْر مُنْفَرِد بِهِ)) (¬5). وَقَدْ ردَّ عَلَيْهِ ابن دقيق العيد، فَقَالَ: ((قَوْل البَيْهَقِيّ: إنه لَمْ ينفرد بِهِ، لا يكفي في الاحتجاج حَتَّى ينظر مرتبته، ومرتبة مشاركه، فليس كُلّ من يوافق مَعَ غيره في الرِّوَايَة يَكُون موجباً للقوة والاحتجاج)) (¬6). واحتجوا كَذلِكَ بحديث أبي أمامة عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((التيمم ضربة للوجه، وضربة لليدين إلى المرفقين))، قَالَ الهيثمي: ((رَواهُ الطبراني في الكبير، وفيه جَعْفَر بن الزُّبَيْر (¬7) قَالَ شُعْبَة فِيهِ: وضع أربع مئة حَدِيث)) (¬8). وَقَد احتجوا بالقياس قَالَ السرخسي: ((التيمم بدل عن الوضوء، ثُمَّ الوضوء في اليدين إلى المرفقين؛ فالتيمم كَذلِكَ، وتقريره: أَنَّهُ سقط في التيمم عضوان أصلاً، وبقي عضوان، فيكون التيمم فِيْهَا كالوضوء في الكل، كَمَا أن الصَّلاَة في السفر سقط مِنْهُ ركعتان كَانَ الباقي مِنْها بصفة الكمال؛ ولهذا شرطنا الاستيعاب في التيمم)) (¬9). ¬

_ (¬1) المعجم الكبير (876). (¬2) سُنَن الدَّارَقُطْنِيّ 1/ 179. (¬3) السُّنَن الكبرى 1/ 208. (¬4) مجمع الزوائد 1/ 262، وانظر في ترجمة الربيع: التأريخ الكبير 3/ 279، والكامل 4/ 29، والكاشف 1/ 391 (1525). (¬5) السُّنَن الكبرى 1/ 208. (¬6) نصب الراية 1/ 153، وَهُوَ تحقيق جيد، وانظر: أثر علل الحَدِيْث:34 فما بعدها. (¬7) هُوَ جعفر بن الزبير الحنفي، وَقِيْلَ: الباهلي الدمشقي، نزيل البصرة: متروك الحديث، وَكَانَ صالحاً في نفسه. الضعفاء الكبير 1/ 182، وتهذيب الكمال 1/ 460 (923)، والتقريب (939). (¬8) مجمع الزوائد 1/ 262، وَقَدْ رجعت إلى معجم الطبراني الكبير (7959) فوجدته من حَدِيث جَعْفَر بن الزُّبَيْر، عن القاسم، عن أبي أمامه، عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((التيمم ضربة للوجه وضربة للكفين)). فلعل مَا في معجم الطبراني تحريف إذ إَنَّهُ حجة عَلَى الحنفية لا لَهُمْ، وَقَدْ سبق النقل عن السرخسي بأنه حجة لَهُمْ ثُمَّ إن ابن حزم قَدْ ساق سند الحَدِيْث في المحلى 2/ 148 وقدم لفظه قَبْلَ صفحة وَهُوَ ((التيمم ضربتان، ضربة للوجه وأخرى للذراعين))، وأعله بالقاسم وبالإرسال، وغفل عن علته الحقيقية. (¬9) المبسوط 1/ 107.

أما الشافعية: فَقَدْ ذهبوا أيضاً إِلَى أن المسح إِلَى المرفقين، وإِلَى دخول المرفقين في التيمم (¬1). استدلالاً بقوله تَعَالَى: ((وأيديكم مِنْهُ)) (¬2) فقالوا: إطلاق اسم اليد يتناول المنكب فدخل الذراع في عموم الاسم، ثُمَّ اقتصر في التيمم عَلَى تقييده بالوضوء بِهِ. وأخرج الشَّافِعيّ من حَدِيث الأعرج عن ابن الصِّمَّة (¬3)، قَالَ: إن رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - تيمم فمسح وجهه وذراعيه (¬4). إلا أن الحَدِيْث معلول بالانقطاع؛ لأن الأعرج (¬5) لَمْ يَسْمَع من ابن الصِّمَّة (¬6) ونقل أَبُو ثور، والزعفراني (¬7)، عن الإِمَام الشَّافِعيّ في القديم أَنَّهُ قَالَ: إِلَى الكوعين. وَقَدْ ردّ النووي هَذَا النقل (¬8). القَوْل الثَّالِث: إن مسح اليدين إلى الرسغ روي هَذَا عن عَلِيّ - رضي الله عنه - (¬9)، وَهُوَ مَذْهَب الإمام أحمد (¬10)، والزيدية (¬11)، والظاهرية (¬12). ودليلهم هُوَ أن مسح الكفين إلى الرسغ هُوَ أقل مَا يقع عَلَيْهِ اسم اليدين، واستدلوا أيضاً بحديث عَمَّار الثَّانِي. ¬

_ (¬1) انظر: الأم 1/ 49، والحاوي 1/ 285، والوسيط 1/ 532، والتهذيب 1/ 363، وروضة الطالبين 1/ 112، والمجموع 2/ 210. (¬2) المائدة: 6. (¬3) هُوَ أبو الجهيم، ويقال: أبو الجهم بن الحارث بن الصمة بن عَمْرو الأنصاري وَقِيْلَ اسمه: الحارث بن الصمة: صَحَابِيّ معروف، بقي إِلَى آخر خلافة معاوية - رضي الله عنه -. أسد الغابة 5/ 163، وتجريد أسماء الصَّحَابَة 2/ 156 (1819)، والإصابة 4/ 36. (¬4) الأم 1/ 48، ومن طريقة البَيْهَقِيّ في السُّنَن الكبرى 1/ 205. (¬5) هُوَ أبو داود عَبْد الرَّحْمَان بن هرمز الأعرج المدني مولى ربيعة بن الحارث: ثقة ثبت عالم، توفي سنة (117 هـ‍). الثقات 5/ 107، والكاشف 1/ 647 (3335)، والتقريب (4033). (¬6) تهذيب الكمال 4/ 485. (¬7) هُوَ الإِمَام أبو عَلِيّ الحسن بن مُحَمَّد بن الصباح البغدادي الزعفراني، قرأ عَلَى الشَّافِعِيّ كتابه القديم، توفي سنة (249 هـ‍)، وَقِيْلَ: (260 هـ‍). اللباب 2/ 69، ووفيات الأعيان 2/ 73 - 74، وسير أعلام النبلاء 12/ 262. (¬8) المجموع 2/ 210، وانظر الحاوي 1/ 285 والتعليق عَلَيْهِ. (¬9) مصنف عَبْد الرزاق (824)، وَفِي الأوسط لابن المنذر 2/ 50، ويراجع الحاوي الكبير 1/ 285 لذكر الروايات عن الصَّحَابَة والتابعين في هَذَا المذهب. (¬10) مسائل عَبْد الله 1/ 138، ومسائل ابن هانئ 1/ 11، والهداية: الورقة 10، والمغني 1/ 258 - 259، والمحرر 1/ 21، والإنصاف 1/ 301. (¬11) السيل الجرار 1/ 134. (¬12) المحلى 2/ 154.

النموذج الآخر

النموذج الآخر أخرج الإمام أحمد (¬1)، وابن خزيمة (¬2)، والخطيب في تاريخه (¬3) من طريق: روح (¬4)، قَالَ: حَدَّثَنَا ابن جريج (¬5)، قَالَ: أخبرني عَبْد الله بن مُسافع (¬6)، أن مصعب بن شَيْبَة (¬7) أخبره، عن عُقْبَة بن مُحَمَّد بن الحارث (¬8)، عن عَبْد الله بنجَعْفَر (¬9)، عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: ((من شك في صلاته، فليسجد سجدتين، وَهُوَ جالس)). فهذا الحَدِيْث اختلف في لفظه الأخير، فَقَدْ أخرجه النَّسَائِيّ (¬10) من طريق حجاج (¬11) وروح مقرونين، عن ابن جريج، عن عَبْد الله بن مسافع، عن مصعب بن شَيْبَة، عن عتبة بن مُحَمَّد، عن عَبْد الله بن جَعْفَر، بِهِ: قَالَ النَّسَائِيّ: ((قَالَ حجاج: ((بعدما يسلم))، وَقَالَ روح: ((وَهُوَ ¬

_ (¬1) في المُسْنَد 1/ 204. (¬2) في صَحِيْحه (1033). (¬3) تأريخ بغداد 3/ 53 وحصل في هذِهِ الطبعة سقط في هَذَا الموضع، نبه عَلَيْهِ ناشر طبعة دار الغرب4/ 86. (¬4) هُوَ روح بن عبادة بن العلاء بن حسان القيسي، أبو مُحَمَّد البصري: ثقة فاضل، توفي سنة (205 هـ‍)، وَقِيْلَ: (207 هـ‍). سير أعلام النبلاء 9/ 402، ومرآة الجنان 2/ 23، والتقريب (1962). (¬5) هُوَ عَبْد الملك بن عَبْد العزيز بن جريج، ثِقَة، وَقَدْ سبقت ترجمته. (¬6) هُوَ عَبْد الله بن مسافع بن عَبْد الله بن شيبة بن عثمان العبدري المكي، الحجبي: سكت عَنْهُ المزي والذهبي وابن حجر، توفي سنة (99 هـ‍). تهذيب الكمال 4/ 283 (3550)، والكاشف 1/ 597 (2978)، والتقريب (3611). (¬7) هُوَ مصعب بن شيبة بن جبير بن شيبة العبدري المكي الحجبي: لين الْحَدِيْث. تهذيب الكمال 7/ 121 (6578)، والكاشف 2/ 267 (5465)، والتقريب (6691). (¬8) هكذا في هَذَا السَّنَد: ((عُقْبَة))، وَالصَّوَاب: عتبة، كَمَا سماه حجاج شيخ الإمام أحمد، وَقَدْ قَالَ الإمام أحمد - فِيْمَا نقله عَنْهُ المزي في تهذيب الكمال 5/ 98: ((وأخطأ فِيهِ روح، إنما هُوَ عتبة)). وَقَالَ ابن خزيمة (1033): ((هَذَا الشَّيْخ يختلف أصحاب ابن جريج في اسمه، قَالَ حجاج بن مُحَمَّد وعَبْد الرزاق: عن عتبة بن مُحَمَّد وهذا الصَّحِيْح حسب علمي)). وَقَدْ قَالَ عَنْهُ النسائي: عتبة لَيْسَ بمعروف، وَقَالَ ابن عينية: ((أدركته لَمْ يَكُنْ بِهِ بأس)). انظر: التأريخ الكبير للبخاري 6/ 523 (3192). وتهذيب الكمال 5/ 98 (4373). (¬9) هُوَ عَبْد الله بن جعفر بن أبي طَالِب الهاشمي، أحد الأجواد، ولد بأرض الحبشة، وله صحبة، توفي سنة (80 هـ‍)، وَقِيْلَ: توفي سنة (90 هـ‍). تهذيب الأسماء واللغات 1/ 263، وتهذيب الكمال 4/ 101 (3190)، والتقريب (3251). (¬10) المجتبى 3/ 30، والكبرى (1174). (¬11) هُوَ حجاج بن مُحَمَّد المصيصي الأعور، أبو مُحَمَّد، ترمذي الأصل، نزل بغداد ثُمَّ المصيصة: ثقة ثبت لكنه اختلط في آخر عمره لما قدم بغداد قَبْلَ موته، توفي سنة (206 هـ‍). تهذيب الكمال 2/ 64 - 65 (1112)، والكاشف 1/ 313 (942)، والتقريب (1135).

أثر هذا الحديث في اختلاف الفقهاء حكم الشك في عدد ركعات الصلاة

جالس)))) (¬1). وأخرجه النَّسَائِيّ (¬2) أيضاً من طريق الوليد بن مُسْلِم وعبد الله بن المبارك فرّقهما؛ كلاهما (الوليد، وابن المبارك) عن ابن جريج، عَنْ عَبْدِ اللهِ بن مسافع، عن عتبة (¬3) بن مُحَمَّد، عن عَبْد الله بن جَعْفَر (¬4)، بِهِ بلفظ: ((بعدما يسلم))، وَفِي بعضها: ((بَعْدَ التسليم)). أخرجه أحمد (¬5)، وأبو دَاوُد (¬6)، والنَّسَائِيّ (¬7)، والبَيْهَقِيّ (¬8)، والمزي (¬9) من طريق حجاج، وأخرجه أحمد (¬10) عن روح. كلاهما (حجاج وروح) عن ابن جريج، عن عَبْد الله بن مسافع، عن مصعب ابن شَيْبَة، عن عتبة بن مُحَمَّد، عن عَبْد الله بن جَعْفَر، به بلفظ: ((بعدما يسلم)) وَفِي بعضها: ((بَعْدَ أن يسلم)). فهذا الحَدِيْث اضطرب في لفظه: ((وَهُوَ جالس)). ويفهم مِنْهُ أَنَّهُ قَبْلَ التسليم، والرِّوَايَة الأخرى: ((بعدما يسلم)). أثر هَذَا الحَدِيْث في اختلاف الفُقَهَاء حكم الشك في عدد ركعات الصَّلاَة من شك في صلاته فلم يدر أصلى اثنين أم ثلاثاً، أو ثلاثاً أم أربعاً، أو وَاحِدَة أم اثنتين فماذا يعمل؟ حصل خِلاَف في ذَلِكَ بَيْنَ أهل العِلْم، عَلَى أقوالِ:- القَوْل الأول: ذهب جَمَاعَة من الفُقَهَاء إِلَى أن من شك في صلاته زيادة أو نقصاً في عدد الركعات يبني عَلَى غالب ظنه. وَهُوَ مرويٌّ عن أنس بن مَالِك (¬11)، وأبي زيد ¬

_ (¬1) المجتبى 3/ 30، والكبرى عقيب (1174). (¬2) المجتبى 3/ 30، والكبرى (593) و (1171). (¬3) في المجتبى (عُقْبَة) وَفِي الكبرى (عتبة) وانظر مَا سبق. (¬4) هَذَا السَّنَد لَيْسَ فِيهِ ذكر: ((مصعب بن شَيْبَة)). (¬5) في المُسْنَد 1/ 205. (¬6) في سننه (1033). (¬7) في المجتبى 3/ 30 وَفِي الكبرى (1173). (¬8) في السُّنَن الكبرى 2/ 336. (¬9) في تهذيب الكمال 4/ 283 (3550). (¬10) في المُسْنَد 1/ 205 - 206. (¬11) مصنف ابن أبي شَيْبَة (4417)، وانظر: المجموع 4/ 111.

الأنصاري (¬1)، وإبراهيم النخعي (¬2)، والحَسَن البصري (¬3)، وعطاء (¬4). وَهُوَ مَذْهَب الظاهرية (¬5). والحجة لَهُمْ: 1 - الحَدِيْث السابق. 2 - وحديث أَبِي هُرَيْرَة مرفوعاً: ((إذا لَمْ يدر أحدكم كم صلى ثلاثاً أو أربعاً فليسجد سجدتين وَهُوَ جالس)) (¬6). 3 - وحديث ابن مَسْعُود مرفوعاً: ((إنما أنا بشرٌ، فإذا نسيت فذكروني، إذا أوهم أحدكم في صلاته فليتحر أقرب ذَلِكَ من الصَّوَاب، ثُمَّ ليتم عَلَيْهِ، ثُمَّ يسجد سجدتين)) (¬7). القَوْل الثَّانِي: هُوَ قَوْل الإمام أحمد - التفصيل بَيْنَ الإمام والمأموم، وَفِي كليهما رِوَايَتَانِ، فنقل الأثرم عَنْهُ أن الإمام يبني عَلَى غالب الظن، وفيه رِوَايَة أخرى البناء عَلَى اليقين، وَهِيَ الَّتِي صححها أبو الخطاب (¬8)، أما إذا كَانَ منفرداً أو مأموماً فيبني عَلَى ¬

_ (¬1) المحلى 4/ 163. (¬2) المحلى 4/ 163. (¬3) مصنف عَبْد الرزاق (3472) و (3475)، والمجموع 4/ 111. (¬4) مصنف عَبْد الرزاق (3457). (¬5) المحلى 4/ 163. (¬6) أخرجه الحميدي (947)، وأحمد 2/ 241 و 273 و 283 و 284 و 483 و 503 و 522، والدارمي (1502)، والبُخَارِيّ 2/ 87 (1231)، وَمُسْلِم 2/ 83 (389) (82) (83)، وأبو دَاوُد (1030)، و (1031) و (1032)، وابن ماجه (1216) و (1217)، والتِّرْمِذِي (397)، والنَّسَائِيّ 3/ 30 و 31، وابن خزيمة (1020)، والطبراني في الأوسط (2257)، وط العلمية (2236)، والبَيْهَقِيّ 2/ 331 و 339. (¬7) أخرجه الطَيَالِسِيّ (271)، وابن أَبِي شَيْبَة (4402)، وأحمد 1/ 379و438و455، والبُخَارِيّ 1/ 110 (401) و 8/ 170 (6671)، وَمُسْلِم 2/ 84 - 85 (572) (89) (90)، وأبو دَاوُد (1020) (1021)، وابن ماجه (1211) (1212)، وَالنَّسَائِيّ 3/ 28و29 وَفِي الكبرى، لَهُ (581) (1163) (1164) (1165) (1166) (1167)، وأبو يعلى (5002) (5142)، وابن الجارود (244)، وابن خزيمة (1028)، وأبو عوانة 2/ 218 و 219 و 220 - 221، والطحاوي في شرح المعاني 1/ 434، وابن حبان (2652) (2653) (2654) (2655) (2656) (2657) (2658) وط الرسالة (2656) (2657) (2658) (2659) (2660) (2661) (2662)، والطبراني في الكبير (9825) (9826) (9827) (9828) و (9829) (9830) (9831) (9832) (9833) (9834) (9835) (9836) (9837)، والدَّارَقُطْنِيّ 1/ 375و376، وأبو نُعَيْم في الحلية 4/ 233، وابن حزم في المحلى 4/ 162 والبَيْهَقِيّ 2/ 14 - 15 و 330 و 335، والخطيب في تاريخه 11/ 56 - 57. (¬8) هُوَ الإِمَام شيخ الحنابلة أبو الخطاب محفوظ بن أحمد بن حسن العراقي، الكلواذاني الأزجي، تلميذ الْقَاضِي أبي يعلى بن الفراء، صاحب التصانيف مِنْهَا " التمهيد في أصول الفقه " و " الهداية "، ولد سنة (432 هـ‍)، وتوفي سنة (510 هـ‍). =

اليقين وفيه رِوَايَة أخرى أَنَّهُ يبني عَلَى غلبة الظن (¬1). القَوْل الثَّالِث:- وَهُوَ قَوْل أبي حَنِيْفَة - إن كَانَ شكه في ذَلِكَ مرة، بطلت صلاته، وإن كَانَ الشك يعتاده ويتكرر لَهُ، يبني عَلَى غالب الظن بحكم التحري، فإن لَمْ يقع لَهُ ظن بنى عَلَى الأقل (¬2). والحجة لهذا المذهب: مَا روي من حَدِيث عَبْد الرحمان بن عوف مرفوعاً: ((إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر واحدةً صلى أو اثنتين فليبن عَلَى وَاحِدَة، فإن لَمْ يدر ثنتين صلى أو ثلاثاً فليبن عَلَى ثنيتين، فإن لَمْ يدر ثلاثاً صلى أو أربعاً فليبن عَلَى ثلاث، وليسجد سجدتين قَبْلَ أن يسلم)) (¬3)، قَالَ التِّرْمِذِي عَنْهُ: ((هَذَا حَدِيث حَسَن صَحِيْح)) (¬4). وَقَدْ شدد ابن حزم النكير عَلَى هَذَا القَوْل (¬5). القَوْل الرابع: قالوا: من شك في صلاته فلم يدر أثلاثاً صلى أم أربعاً، فعليه أن يبني عَلَى مَا استيقن. وهذا القَوْل مروي عن أبي بَكْر، وعمر، وابن مَسْعُود (¬6)، وعلي بن أبي طَالِب (¬7)، وابن عُمَر (¬8)، وابن عَبَّاس (¬9)، وبه قال سعيد بن جبير (¬10)، وعطاء (¬11)، والأوزاعي (¬12)، ¬

_ = الأنساب 4/ 642 - 643، وسير أعلام النبلاء 19/ 348 - 349، ومرآة الجنان 3/ 152. (¬1) الهداية الورقة:10، والرِّوَايَتَيْنِ والوَجْهَيْنِ: الورقة 22، والمغني 1/ 675، والمقنع: 33، والمحرر 1/ 84، والهادي: 25، وشرح الزَّرْكَشِيّ 1/ 360 - 361. (¬2) الحجة 1/ 228، وتبيين الحقائق 1/ 199، والاختيار 1/ 74. (¬3) أخرجه أحمد 1/ 190 و 195، وابن ماجه (1209)، والتِّرْمِذِي (398)، وأبو يعلى (839) والطحاوي في شرح معاني الآثار 1/ 433، والدَّارَقُطْنِيّ 1/ 370، والحَاكِم في المستدرك 1/ 324، والبَيْهَقِيّ 2/ 332، والبغوي (755)، واللفظ للتِّرْمِذِي. وانظر: علل الدَّارَقُطْنِيّ 4/ 257 س (547)، ونصب الراية 2/ 174، والتلخيص الحبير 2/ 5 وَفِي ط دار الكُتُب العلمية 2/ 11 - 12. (¬4) الجامع الكبير عقب (398). (¬5) المحلى 4/ 161. (¬6) المجموع 4/ 111. (¬7) مصنف عَبْد الرزاق (3467). (¬8) مصنف عَبْد الرزاق (3469) و (3470) و (3471)، وشرح معاني الآثار 1/ 435. (¬9) شرح معاني الآثار 1/ 432. (¬10) شرح معاني الآثار 1/ 433 - 434. (¬11) مصنف عَبْد الرزاق (3479). (¬12) نقله عَنْهُ الماوردي في الحاوي الكبير 2/ 274.

المبحث الثاني: الاختلاف في الزيادات

والثَّوْرِيّ (¬1)، وإليه ذهب المالكية (¬2)، والشافعية (¬3). والحجة لأصحاب هَذَا القَوْل: مَا صَحَّ عن أبي سعيد الخُدْرِيّ؛ أن رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((إذا شك أحدكم في صلاته فَلَمْ يدركم صلى فليبنِ عَلَى اليَقِيْن، حَتَّى إذا استيقن أن قَدْ أتم فليسجد سجدتين)) (¬4). المبحث الثاني: الاختلاف في الزيادات تمهيد: الزيادات الواقعة في المتون أو الأسانيد لَها أهمية بالغة عِنْدَ عُلَمَاء الحَدِيْث؛ إذ أن لَهَا عندهم مجال نظرٍ وبحثٍ واسع. وَلَمْ يَكُنْ أمرها عِنْدَ المُحَدِّثِيْنَ اعتباطياً، ثُمَّ إن الزيادات الواردة في المتون أو الأسانيد قَدْ كشفت عن قدرات المتكلمين فِيْهَا، وأبانت عن قدرات محدّثي الأمة وصيارفة الحَدِيْث في النقد والتعليل والكشف والتصحيح والتضعيف. والزيادات الواردة في بَعْض الأماكن دُوْنَ بَعْض نَوْع من أنواع الاختلاف سَوَاء كَانَ في المَتْن أم في السَّنَد. ومَعْرِفَة الزيادات هِيَ إحدى قضايا علل الحَدِيْث الَّتِي مرجعها إلى الاختلاف بالروايات. واختلاف الرواة في بَعْض الأحايين سنداً أو متناً أمرٌ طبيعيٌّ ولا غرابة فِيهِ، إذ إن الرواة يبعد أنْ يكونوا جميعاً في مستوى واحد من التيقظ والضَّبْط والحفظ، وليسوا في مستوى واحد من الاهتمام والتثبت والدقة. واختلاف المقدار قَدْ يَكُون مداه طويلاً من حِيْن تلقي الأحاديث من أصحابها إلى حِيْنَ أدائها، إذ إن شرط الضَّبْط أن يَكُون من حِيْن التحمل إلى حِيْن الأداء (¬5)، وما دامت المواهب متفاوتة حفظاً وضبطاً فإن الاختلاف في الزيادات واردٌ لا محالة. فالرواة مِنْهُمْ من بَلَغَ أعلى مراتب الحفظ والإتقان، ومنهم دُوْنَ ذَلِكَ ومنهم أدنى بكثير. ثُمَّ إن الرواة كثيراً مَا يشتركون في سَمَاع الحَدِيْث الواحد من شيخ واحد، فحين ¬

_ (¬1) الحاوي الكبير 2/ 274. (¬2) المدونة 1/ 133، والاستذكار 2/ 6، وشرح منح الجليل 1/ 178. (¬3) الأم 1/ 130، والحاوي 2/ 274، والوسيط 2/ 802، والمجموع 4/ 111، وروضة الطالبين 1/ 309. (¬4) أخرجه أحمد 3/ 72 و 83 و 84 و 87، والدارمي (1503)، وَمُسْلِم 2/ 84 (571) (88)، وأبو دَاوُد (1024)، وابن ماجه (1210)، والنَّسَائِيّ 3/ 27، وابن الجارود (241)، وابن خزيمة (1023) و (1024) وأبو عوانة 2/ 210، والطجاوي في شرح معاني الآثار 1/ 433، وابن حبان (2659) (2660) وَفِي ط الرسالة (2663) (2664)، والدَّارَقُطْنِيّ 1/ 375، والبَيْهَقِيّ 2/ 331. (¬5) انظر: فتح الباقي 1/ 14 ط العلمية، 1/ 97 طبعتنا، ونزهة النظر: 83.

المطلب الأول: تعريفها

يحدِّثون بهذا الحَدِيْث بَعْدَ فترة من الزمن يَكُون الاختلاف بينهم بحسب مقدار حفظهم وتيقظهم وتثبتهم. عَلَى أن أحد الرواة الثِّقات لَوْ زاد زيادة لَمْ تكن عِنْدَ البقية فإن ذَلِكَ لا يَقْدَح بصدقه وعدالته وضبطه، قَالَ الحافظ ابن حجر: ((إن الواحد الثِّقَة إذا كَانَ في مجلس جَمَاعَة، ثُمَّ ذكر عن ذَلِكَ المجلس شيئاً لا يمكن غفلتهم عَنْهُ، وَلَمْ يذكره غيره، إن ذَلِكَ لا يَقْدَح في صدقه)) (¬1). إلاّ إذا كثر ذَلِكَ مِنْهُ فإنه مجال بحث ونظر عِنْدَ المُحَدِّثِيْنَ، فمن أكثر من ذَلِكَ فَهُوَ مكثر من المخالفة، وكثرة المخالفة منافية للضبط، إذ إن الضَّبْط يعرف بموافقة الرَّاوِي للثقات الضابطين (¬2). ومن ذَلِكَ مَا نقل عن الإمام أحمد بن حَنْبَل في ترجمة حجاج بن أرطاة، فَقَدْ قَالَ أبو طالب عن أحمد بن حَنْبَل: كَانَ من الحفاظ. قِيلَ: فَلِمَ لَيْسَ هُوَ عِنْدَ الناس بذاك؟ قَالَ: لأن في حديثه زيادة عَلَى حَدِيث الناس، لَيْسَ يكاد لَهُ حديثٌ إلا فِيهِ زيادة (¬3). ثُمَّ إن مَعْرِفَة الزيادات تَكُون بجمع الطرق والأبواب (¬4) والزيادات الَّتِي هِيَ مجال نظر وبحث إنما هِيَ الَّتِي تَكُون من بَعْدِ الصَّحَابَة، أما من الصَّحَابَة فهي مقبولة اتفاقاً (¬5). والزيادات في الأحاديث تَكُون من الثِّقات ومن الضعفاء، والزيادة من الضَّعِيف غَيْر مقبولة؛ لأن حديثه مردود أصلاً سَوَاء زاد أم لَمْ يزد (¬6). أما الزيادة من الثِّقَة فهي مجال بحثنا هنا. وَقَدْ قسمت الْحَدِيْث عَنْهَا في مطالب. المطلب الأول: تعريفها وزيادة الثِّقَة: هِيَ مَا يتفرد بِهِ الثِّقَة في رِوَايَة الحَدِيْث من لفظة أو جملة في السَّنَد أو المَتْن. ¬

_ (¬1) فتح الباري 1/ 18. (¬2) انظر: المنهل الرَّوي:63، والمقنع في علوم الحَدِيْث 1/ 248. (¬3) تهذيب الكمال 2/ 58. (¬4) فتح الباقي 1/ 211 ط العلمية، 1/ 251 طبعتنا. (¬5) فتح الباقي 1/ 211 ط العلمية، 1/ 251 طبعتنا. (¬6) لأن من شروط صِحَّة الحَدِيْث العدالة والضَّبْط، والضَّعِيف إما مقدوح بعدالته أو بضبطه إلا أن بَعْض الضعفاء قَدْ يقبل حديثهم بالمتابعات والشواهد. انظر: مَعْرِفَة أنواع علم الحَدِيْث: 76 ط نور الدين، 175 طبعتنا، وفتح الباقي 1/ 206، و 1/ 247 طبعتنا.

المطلب الثاني: أقسام زيادة الثقة

المطلب الثَّانِي: أقسام زيادة الثِّقَة فعلى هَذَا التعريف هِيَ تنقسم قِسْمَيْن: القِسْم الأول: الزيادة في السَّنَد، وكثيراً مَا يَكُون اختلاف الرواة في وصل الحَدِيْث وإرساله، وكذا في رفعه ووقفه أو زيادة راو (¬1). والقسم لثاني: وَهِيَ أن يَرْوِي أحدُ الرواة زيادة لفظة أو جملة في متن الحَدِيْث لا يرويها غيره (¬2). وما دمتُ قدمتُ إضاءة عن زيادة الثِّقَة، فسأتكلم عن مذاهب العُلَمَاء في رد زيادة الثِّقَة أو قبولها. المطلب الثَّالِث: حكم زيادة الثقة إن الزيادة في المَتْن إذا جاءت من الثِّقَة فَلاَ تخرج الرِّوَايَة عن ثلاثة أمور: أ. أن يختلف المجلس، أي مجلس السَّمَاع فتقبل الرِّوَايَة الزائدة إذا اختلف المجلس لاحتمال سَمَاع الرَّاوِي لهذه الزيادة في مجلس لَمْ يَكُنْ فِيهِ أحدٌ مِمَّنْ سَمِعَ الحَدِيْث في المجلس الأول، وَقَالَ الزَّرْكَشِيّ: ((زعم الأبياري وابن الحاجب والهندي وغيرهم أَنَّهُ لا خِلاَف في هَذَا القِسْم، وَلَيْسَ كَذلِكَ)) (¬3). ب. أن لا يعلم الحال هَلْ تعدد المجلس أم اتحد، فألحقها الأبياري بالتي قبلها أي تقبل بلا خلاف، وَقَالَ الهندي: ((ينبغي أن يَكُون فِيْهَا خِلاَف يترتب عَلَى الخلاف في الاتحاد وأولى بالقبول؛ لأن المقتضي لتصديقه حاصل والمعارض لَهُ غَيْر محقق)) (¬4)، وَقَالَ الآمدي: حكمه حكم المتحد وأولى بالقبول؛ نظراً إِلَى احتمال التعدد، وأشار أبو الْحُسَيْن في "المعتمد" (¬5) إلى التوقف والرجوع إلى الترجيح ثُمَّ قَالَ: والصَّحِيح أن يقال: يَجِبُ حمل الخبرين عَلَى أنهما جريا في مجلسين. وَقَالَ ¬

_ (¬1) وَقَدْ سبق الكلام أن مِثْل هَذَا الاختلاف لا يَقْدَح في الرواة إلا إذا كثر، قَالَ الخطيب في الكفاية 411: ((لأن إرسال الرواي للحديث لَيْسَ بجرح لِمَنْ وصله وَلاَ تكذيب لَهُ، ولعله أيضاً مسندٌ عِنْدَ الذين رووه مرسلاً أو عِنْدَ بعضهم، إلا أنهم أرسلوه لغرض أو نسيان، والناسي لا يقضي لَهُ عَلَى الذاكر، وَكَذَلِكَ حال راوي الخبر إذا أرسله مرة ووصله أخرى لا يضعف ذَلِكَ أيضاً لَهُ؛ لأَنَّهُ قَدْ ينسى فيرسله، ثُمَّ يذكر بعده فيسنده أو يفعل الأمرين معاً عن قصد مِنْهُ لغرض لَهُ فِيهِ. (¬2) انظر: شرح التبصرة (1/ 214) ط العلمية، (1/ 265) طبعتنا، وفتح الباقي (1/ 214) ط العلمية، (1/ 253) طبعتنا. (¬3) انظر: البحر المحيط 4/ 329، والأمر كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيّ. (¬4) البحر المحيط 4/ 330. (¬5) المعتمد 2/ 614.

ابن دقيق العيد قِيلَ: إن احتمل تعدد المجلس قبلت الزيادة اتفاقاً وهذا فِيهِ نظر في بَعْض المواضع (¬1). ج. أما إذا اتحد المجلس فَقَدْ اختلف في قبول الزيادة عَلَى عدّة أقوال، مِنْها:- 1 - قِيلَ تقبل مطلقاً سَوَاء كَانَتْ الزيادة من الرَّاوِي بأن يرويها مرة ويتركها مرة أو من غيره، وسواء تعلق بِهَا حكم شرعي أم لا، وسواء غيرت الحكم الثابت أم لا، وسواء أوجبت نقصاً ثبت بخبر لَيْسَ في تِلْكَ الزيادة أم لا، وسَوَاء كثر الساكتون عَنْهَا أم لا، وهذا مَا ذهب إِليهِ جُمْهُور الفُقَهَاء والمُحَدِّثِيْنَ والأصوليين كَمَا صرح بِذَلِكَ الْخَطِيْب (¬2). وَقَالَ السخاوي: ((وجرى عَلَيْهِ النَّوَوِيّ في مصنفاته وَهُوَ ظاهر تصرف مُسْلِم في صحيحه)) (¬3)، وَهُوَ أيضاً مَا ذهب إِليهِ الحَاكِم (¬4)، وابن حزم (¬5)، وأَبُو إسحاق (¬6) الشيرازي (¬7)، وإمام الحرمين (¬8)، والغزالي (¬9)، وابن الصَّلاح (¬10)، ¬

_ (¬1) البحر المحيط 4/ 330. (¬2) الكفاية (597ت، 424هـ‍) وهذا الكلام فِيهِ نظر. انظر: تعليقنا عَلَى شرح التبصرة والتذكرة 1/ 262. (¬3) انظر: فتح المغيث 1/ 234، ومقدمة شرح صَحِيْح مُسْلِم للنووي 1/ 25. (¬4) انظر: مَعْرِفَة علوم الحَدِيْث للحاكم:130 وما بعدها، ونظم الفرائد: 380. (¬5) انظر: الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم 2/ 90 - 94. (¬6) هُوَ الإمام أبو إسحاق إبراهيم بن عَلِيّ بن يوسف الفيروزآبادي، الشيرازي الشَّافِعِيّ، صاحب التصانيف مِنْهَا " المهذب " و " التنبيه "، توفي سنة (476 هـ‍). تهذيب الأسماء واللغات 2/ 172 - 174، وسير أعلام النبلاء 18/ 452، ومرآة الجنان 3/ 85. (¬7) انظر: التبصرة: 321. (¬8) انظر: البرهان 1/ 424 - 425 مسألة (608) وزعم إمام الحرمين أن الشَّافِعيّ قبل الزيادة وسيأتي رأي آخر للشافعي في قبول الزيادة. وَقَالَ الزَّرْكَشِيّ في البحر المحيط 4/ 331 - 332 ((سيأتي في بحث المرسل من كلام الشَّافِعيّ أن الزيادة من الثِّقَة ليست مقبولة مطلقاً وَهُوَ أثبت نقل عَنْهُ في المسألة)). (¬9) هُوَ الإِمَام حجة الاسلام زين الدين أبو حامد مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أحمد الطوسي، الشَّافِعِيّ الغزالي، صاحب التصانيف الكثيرة مِنْهَا " الإحياء " و " الوسيط " و " المستصفى " و " المنخول "، توفي سنة (505 هـ‍‍). سير أعلام النبلاء 19/ 322، والعبر 4/ 10، ومرآة الجنان 3/ 137. وكلامه في المستصفى 1/ 168. (¬10) فَقَدْ قسم الزيادة إلى ثلاثة أقسام الأولى: مَا كَانَ مخالفاً لما رَواهُ الثِّقات مردودة، والثانية مَا لا ينافي رِوَايَة الغير فيقبل، وثالث مَا يقع بَيْنَ هاتين المرتبتين كزيادة في لفظ الحَدِيْث ولَمْ يذكر سائر رواة الحَدِيْث وَلاَ اتحد المجلس وَلاَ نفاها الباقون صريحاً فتوقف ابن الصَّلاح في قبول هَذَا القِسْم وحكى الشَّيْخ محي الدين النَّوَوِيّ عَنْهُ اختيار القبول فِيهِ وَقَالَ الزَّرْكَشِيّ ((ولعله قَالَهُ في مَوْضِع غَيْر هَذَا))، وَقَالَ العلائي ((لَمْ يبين الشَّيْخ أَبُو عَمْرو - رَحِمَهُ اللهُ - مَا حكم هَذَا القِسْم =

وغيرهم (¬1) وذهبوا إلى أن الرَّاوِي إذا انفرد برواية خبر واحَد دُوْنَ الثقات قُبِلَ ذَلِكَ الخبر مِنْهُ، فكذلك الزيادة؛ لأَنَّهُ عدل. 2 - وَقِيلَ: لا تقبل الزيادة مطلقاً وهذا مَا نقل عن معظم الحنفية، وعزاه السمعاني لبعض أهل الحَدِيْث، وَقَالَ الشَّافِعيّ ((من تناقض القَوْل الجمع بَيْنَ قبول رِوَايَة القِرَاءة الشاذة في القُرْآن ورد الزيادة الَّتِي ينفرد بِهَا بَعْض الرواة، وحق القُرْآن أن ينقل تواتراً بخلاف الأخبار. وما كَانَ أصله التواتر وقبل فِيهِ زيادة الواحد، فلأن يقبل فِيهِ مَا سواه الآحاد أولى)) وحكاه الْقَاضِي عَبْد الوهاب (¬2) عن أبي بَكْر الأبْهري وغيره من أصحابهم (¬3). 3 - وَقِيلَ: لا تقبل من الثِّقَة إذا كَانَتْ من جهته، أي أَنَّهُ رَواهُ ناقصاً ثُمَّ رَواهُ بالزيادة، وتقبل من غيره من الثِّقات، وَهُوَ قَوْل جَمَاعَة من الشافعية كَمَا حكاه الخطيب (¬4). 4 - ذهب ابن دقيق العيد إلى أَنَّهُ إذا اتحد المجلس فالقول للأكثر، سَوَاء كانوا رواة الزيادة أو غيرهم، تغليباً لجانب الكثرة فإنها عن الخطأ أبعد، فإن استووا قُدِّمَ الأحفظ والأضبط، فإن استووا قُدِّمَ المثبت عَلَى النافي، وَقِيلَ: النافي؛ لأن الأصل عدمها. والتحقيق أن الزيادة إن نافت المزيد عَلَيْهِ أحتج للترجيح لتعذر الجمع ... وإن لَمْ تنافه لَمْ يحتج إلى الترجيح، بَلْ يعمل بالزيادة إذا أثبتت كَمَا في المطلق والمقيد (¬5). قَالَ أبو نصر بن الصباغ (¬6): ((إذَا رَوَى خبراً واحداً راويان فذكر أحدهما زيادة في ¬

_ = من القبول أو الرد بأكثر من هَذَا لَكِنْ الشَّيْخ محي الدين -رَحِمَهُ الله-حكى عَنْهُ اختيار القبول فِيهِ)). انظر مَعْرِفَة أنواع علم الحَدِيْث: 77 - 78 وَفِي طبعتنا: 178، وإرشاد طلاب الحقائق 1/ 225 - 227، ونظم الفرائد: 383، والبحر المحيط 4/ 335 - 336. (¬1) انظر البحر المحيط 4/ 331. (¬2) هُوَ شيخ المالكية الإِمَام أبو مُحَمَّد عَبْد الوهاب بن عَلِيّ بن نصر التغلبي العراقي، من مصنفاته " التلقين " و" الْمَعْرِفَة " و " شرح الرسالة "، توفي سنة (422 هـ‍). وفيات الأعيان 3/ 219 - 222، وسير أعلام النبلاء 17/ 429، ومرآة الجنان 3/ 22. (¬3) المصدر السابق 4/ 332. قَالَ الحافظ ابن حجر في الفتح 3/ 101: ((إن الثِّقَة إذَا انفرد بزيادة خبر، وَكَانَ المجلس متحداً أو منعت العادة غفلتهم عن ذَلِكَ أن لا يقبل خبره)). (¬4) الكفاية (597ت، 425هـ‍). (¬5) انظر: البحر المحيط 4/ 336. (¬6) هُوَ الإِمَام شيخ الشافعية أبو نصر عَبْد السَّيِّد بن مُحَمَّد بن عَبْد الواحد البغدادي المعروف بـ: "ابن الصباغ "، صاحب التصانيف مِنْهَا " الشامل " و " الكامل "، توفي سنة (477 هـ‍). وفيات الأعيان 3/ 217 - 218، وسير أعلام النبلاء 18/ 464 - 465، ومرآة الجنان 3/ 93.

خبره لَمْ يروها الآخر، نظرت فإن رويا ذَلِكَ عن مجلسين كَانَا خبرين وعمل بهما وإن رويا ذَلِكَ عن مجلس واحد فَهُوَ خبر واحد، فإن كَانَ الَّذِي نقل الزيادة واحداً والباقون جَمَاعَة لا يجوز عَلَيْهِمْ الوهم، سقطت الزيادة؛ لأَنَّهُ لايجوز أن يَسْمَع جَمَاعَة كلاماً واحداً فيحفظ الواحد ويهم الجماعة، وإن كَانَ الذين نقلوا الزيادة عدداً كبيراً، فالزيادة مقبولة، وإن كَانَ الَّذِي رَوَى الزيادة واحداً والذي سكت عَنْهَا واحداً أيضاً فإن كَانَ الَّذِي رَوَى الزيادة معروفاً بقلة الضَّبْط كَانَ مَا رَواهُ المعروف بالضبط أولى، وإن كَانَا ضابطين ثقتين كَانَ الأخذ بالزيادة)) (¬1). وَقَالَ الآمدي (¬2): ((إن كَانَ من لَمْ يرو الزيادة قَدْ انتهوا إلى عدد لا يتصور في العادة غفلة مثلهم عن سَمَاع تِلْكَ الزيادة وفهمها، فَلاَ يخفى إن تطرق الغلط والسهو إلى واحد فِيْمَا نقله من الزيادة يَكُون أولى من تطرق ذَلِكَ إلى العدد المفروض فيجب ردها، وإن لَمْ ينتهوا إلى هَذَا الحد فَقَدْ اتفق جَمَاعَة الفُقَهَاء والمتكلمين عَلَى وجوب قبول الزيادة، خلافاً لجماعة من المُحَدِّثِيْنَ ولأحمد بن حَنْبَل في إحدى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ)) (¬3). وذهب إلى هَذَا القَوْل ابن الحاجب (¬4) والقرافي وغيرهما (¬5)، وَقَالَ أبو الخطاب الكلوذاني: ((إن كَانَ ناقل الزيادة جَمَاعَة كثيرة فالزيادة مقبولة والواحد قَدْ وهم، وإن كَانَ راوي الزيادة واحداً وراوي النقصان واحداً قدّم أشهرهما بالحفظ والضَّبْط والثِّقَة، وإن كَانَا سواءً في جَمِيْع ذَلِكَ فذكر شَيْخُنَا (¬6) عن أحمد رِوَايَتَيْنِ: أحدهما: أن الأخذ بالزيادة أولى، قَالَهُ في رِوَايَة أحمد بن قاسم والميموني (¬7)، وبه قَالَ عامة الفُقَهَاء والمتكلمين. والأخرى الزيادة مطروحة. أومأ إليه في رِوَايَة المروذي وأبي طالب، وبه ¬

_ (¬1) انظر: نظم الفرائد: 371، والبحر المحيط 4/ 331. (¬2) هُوَ العلامة سيف الدين عَلِيّ بن أبي عَلِيّ بن مُحَمَّد الآمدي التغلبي الشَّافِعِيّ، من مصنفاته " الإحكام في أصول الأحكام " و " منائح القرائح "، توفي سنة (631 هـ‍). وفيات الأعيان 3/ 293 - 294، وسير أعلام النبلاء 22/ 364، وشذرات الذهب 5/ 144 - 146. (¬3) انظر: الإحكام في أصول الأحكام، للآمدي 1/ 266. (¬4) منتهى الوصول والأمل: 185. (¬5) انظر: البحر المحيط 4/ 332. (¬6) يعني: الْقَاضِي أبا يعلى الفراء. (¬7) هُوَ الإِمَام أبو الحسن عَبْد الملك بن عَبْد الحميد بن ميمون، الميموني الرَّقِيُّ، تلميذ الإِمَام أحمد: ثقة فاضل، توفي سنة (274 هـ‍). تهذيب الكمال 4/ 558 (4125)، وسير أعلام النبلاء 13/ 89، والتقريب (4190).

قَالَ جَمَاعَة من أصحاب الحَدِيْث. وَلَيْسَ هذِهِ الرِّوَايَة في هذِهِ الصورة، وإنما قالها أحمد في جَمَاعَة رووا حديثاً انفرد أحدهم بزيادة، فرجح رِوَايَة الجماعة، فأما فِيْمَا ذكرنا من هذِهِ الصورة فَلاَ أعلم عَنْهُ مَا يدل عَلَى اطراح الزيادة)) (¬1). 5 - إذَا كَانَت الزيادة تغير إعراب الباقي كانا متعارضين فتردُّ الزيادة، وَهُوَ مَاذهب إِليهِ الأكثرون كَمَا حكاه الهندي (¬2)، وَقَالَ الرازي: ((الرواي الواحد إذَا رَوَى الزيادة مرة وَلَمْ يروها غَيْر تِلْكَ المرة، فإن أسندهما إلى مجلسين قبلت الزيادة، سَوَاء غيرت إعراب الباقي أو لَمْ تغير، وإن أسندهما إلى مجلس واحد، فالزيادة إن كَانَتْ مغيرة للإعراب تعارضت روايتاه كَمَا تعارضتا من راويين وإن لَمْ تغير الإعراب فإما أن تَكُون روايته للزيادة مرات أقل من مرات الإمساك أو بالعكس، أو يتساويان: فإن كَانَتْ مرات الزيادة أقل من مرات الإمساك: لَمْ تقبل الزيادة؛ لأن حمل الأقل عَلَى السهو أولى من حمل الأكثر عَلَيْهِ، اللهم إلا أن يَقُول الرَّاوِي: إني سهوت تِلْكَ المرات وتذكرت في هذِهِ المرة. فهنا يرجح المرجوح عَلَى الراجح لأجل هَذَا التصريح، وان كَانَتْ مرات الزيادة أكثر: قبلت لا محالة ... وأما أن يتساويا قبلت الزيادة لما بيّنا: أن هَذَا السهو أولى من ذَلِكَ. واللهُ أَعْلَمُ)) (¬3). وقبلها الْقَاضِي عَبْد الجبار (¬4) إذَا أثرت في المَعْنَى دُوْنَ اللفظ وَلَمْ يقبلها إذَا أثرت في إعراب اللفظ. (¬5) 6 - إنها لا تقبل إلا إذَا أفادت حكماً شرعياً فإذا لَمْ تفد حكماً شرعياً لَمْ تعتبر حكاه الْقَاضِي عَبْد الوهاب وحكاه ابن القشيري (¬6)، فَقَالَ: ((وَقِيلَ: إنما تقبل إذَا اقتضت ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد 3/ 153 - 155. (¬2) انظر: البحر المحيط 4/ 333. (¬3) المحصول في علم أصول الفقه، للرازي. 2/ 1/ 679 - 681 ط العلواني و2/ 234 - 235 ط العلمية. (¬4) هُوَ الْقَاضِي عَبْد الجبار بن أحمد بن عَبْد الجبار بن خليل الأسداباذي، أبو الحسن الهمذاني، شيخ المعتزلة صاحب التصانيف مِنْهَا " دلائل النبوة " و " تَنْزيه القرآن عن المطاعن "، توفي سنة (415 هـ‍). الأنساب 1/ 141، وسير أعلام النبلاء 17/ 244 - 245، وشذرات الذهب 3/ 202 - 203. (¬5) انظر: البحر المحيط 4/ 333. (¬6) هُوَ الإِمَام أبو نصر عبد الرحيم بن عَبْد الكريم بن هوازن القشيري النيسابوري، توفي سنة (514 هـ‍). المنتظم 9/ 220 - 221، وسير أعلام النبلاء 19/ 424 - 426، ومرآة الجنان 3/ 160.

فائدةً جديدةً)) (¬1). 7 - إنها تقبل إذَا رجعت إلى لفظ لا يتضمن حكماً زائداً كَمَا حكاه ابن القشيري أو كَانَتْ في اللفظ دُوْنَ المَعْنَى كَمَا حكاه الْقَاضِي أبو بكر (¬2). 8 - الوقف؛ لأن في كُلّ واحد من الاحتمالات بعداً والأصل وإن كَانَ عدم الصدور، لَكِنْ الأصل أيضاً صدق الرَّاوِي. وَإِذَا تعارضا وجب التوقف. حكاه الهندي (¬3). 9 - إذَا كَانَ راوي الزيادة ثِقَة وَلَمْ يشتهر بنقل الزيادة ولكن كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ عَلَى طريق الشذوذ قبلت كرواية مَالِك ((من المُسْلِمِيْنَ)) (¬4) في صدقة الفطر، وإن اشتهر بكثرة الزيادات مَعَ اتحاد المجلس وَلَمْ يَكُنْ هناك امتياز بسماع فاختلفوا فِيهِ، فمذهب الأصوليين قبول زيادته، ومذهب المُحَدِّثِيْنَ ردها للتهمة. قَالَهُ أَبُو الحَسَن الأبياري (¬5). 10 - قَالَ الْقَاضِي عَبْد الوهاب المالكي: ((إذَا انفرد بَعْض رواة الحَدِيْث بزيادة وخالفهم بقية الرواة، فعن مَالِك وأبي فرج من أصحابنا تقبل إن كَانَ ثِقَة ضابطاً (¬6). وَقِيلَ: إنَّهَا تقبل إذَا كَانَ راويها حافظاً عالماً بالأخبار، فإذا لَمْ يَكُنْ يلحق من لَمْ يَرْوِ الزيادة بالحفظ لَمْ تقبل وَهُوَ قَوْل ابن خزيمة (¬7). واشترط الْخَطِيْب (¬8): أن يَكُون راوي الزيادة حافظاً متقناً، وَقَالَ الصَّيْرَفِيّ: ((إن كُلّ من لَوْ أنفرد بحديث يقبل، فإن زيادته مقبولة وإن خالف الحفاظ)) (¬9). 11 - قَالَ ابن حبان: ((وأما زيادة الألفاظ في الروايات فإنا لا نقبل شيئاً مِنْها إلا عمّن كَانَ الغالب عَلَيْهِ الفقه حَتَّى يعلم أَنَّهُ كَانَ يَرْوِي الشيء ويعلمه حَتَّى لا يشك فِيهِ أَنَّهُ أزاله عن سننه أو غيرّه عن معناه أم لا؛ لأن أصحاب الحَدِيْث الغالب عَلَيْهِمْ حفظ الأسامي والأسانيد دُوْنَ المتون، والفُقَهَاء الغالب عَلَيْهِمْ ¬

_ (¬1) البحر المحيط 4/ 333 .. (¬2) البحر المحيط 4/ 333 .. (¬3) انظر: البحر المحيط 4/ 332. (¬4) سيأتي إن شاء الله تفصيل الكلام عَنْهَا. (¬5) انظر: البحر المحيط 4/ 334. (¬6) كَمَا في نظم الفرائد: 374 للعلائي. (¬7) انظر: البحر المحيط 4/ 334. (¬8) انظر: الكفاية (597ت، 425هـ‍). (¬9) انظر: البحر المحيط 4/ 334.

حفظ المتون وأحكامها وأداؤها بالمعنى دُوْنَ حفظ الأسانيد وأسماء المُحَدِّثِيْنَ، فإذا رفع محدّث خبراً وَكَانَ الغالب عَلَيْهِ الفقه لَمْ أقبل رفعه إلا من كِتَابه؛ لأَنَّهُ لا يعلم المُسْنَد من المُرْسَل وَلاَ المَوْقُوْف من المُنْقَطِع وإنما همته إحكام المَتْن فَقَطْ، وَكَذَلِكَ لا أقبل عن صاحب حَدِيث حافظ متقن أتى بزيادة لفظة في الخبر؛ لأن الغالب عَلَيْهِ إحكام الإسناد وحفظ الأسامي والإغضاء عن المتون ومَا فِيْهَا من الألفاظ إلا من كتابه، هَذَا هُوَ الاحتياط في قبول الزيادات في الألفاظ)) (¬1). 12 - وَقَدْ ذهب الزَّرْكَشِيّ (¬2) إلى أن الزيادة تقبل بشروط وَهِيَ: أ. أن لا تَكُون منافية لأصل الخبر. ب. أن لا تَكُون عظيمة الوقع بحيث لا يذهب عَلَى الحاضرين علمها ونقلها وأما مَا يجل خطره فبخلافه. ج. أن لا يكذبه الناقلون في نقل الزيادة. د. أن لا يُخَالِف الأحفظ والأكثر عدداً فإن خالف فظاهر كلام الشَّافِعيّ-رَحِمَهُ اللهُ- في "الأم" (¬3) إنَّهَا مردودة فَقَالَ: ((إنما يدل عَلَى غلط المحدّث أن يُخَالِف غيره مِمَّنْ هُوَ أحفظ مِنْهُ أو أكثر مِنْهُ)) (¬4). وَقَدْ عقّب العلائي عَلَى كلام الشَّافِعيّ هَذَا بقوله: ((فأشار الشَّافِعيّ رَحْمةُ اللهِ عَلَيْهِ بِذَلِكَ إلى أن هذِهِ الزيادة الَّتِي زادها مَالِك رَحِمَهُ اللهُ في الحَدِيْث لَمْ يُخَالِف فِيْهَا من هُوَ أحفظ مِنْهُ وَلاَ أكثر عدداً فَلاَ يَكُون غلطاً، وَفِي ذَلِكَ إشارة ظاهرة إلى أن الزيادة متى تضمنت مخالفة الأحفظ والأكثر عدداً أَنَّهَا تَكُون مردودة، وَلَمْ يفرق بَيْنَ بلوغهم إلى حد يمتنع عَلَيْهِمْ الغفلة والذهول وبين غيره، بَل اعتبر مطلق الأكثرية الزيادة في الحفظ)) (¬5). 13 - أما أئمة الحَدِيْث كيحيى بن سعيد القطان، وعبد الرحمان بن مهدي وعلي بن المديني وأحمد بن حَنْبَل، ويحيى بن معين، والبُخَارِيّ، والتِّرْمِذِي، والنَّسَائِيّ، وأبي حاتم، وأبي زرعة الرازيين، والدَّارَقُطْنِيّ، وغيرهم كُلّ هَؤُلاَء يَقْتَضِي ¬

_ (¬1) انظر: الإحسان 1/ 64 وط الرسالة 1/ 159. (¬2) البحر المحيط 4/ 334. (¬3) انظر: الأم 7/ 198. (¬4) ونقله عَنْهُ الزَّرْكَشِيّ في البحر المحيط 4/ 334 - 335، والعلائي في نظم الفرائد: 384. (¬5) نظم الفرائد: 384.

تصرفهم من الزيادة قبولاً ورداً الترجيح بالنسبة إلى مَا يقوى عِنْدَ الواحد مِنْهُمْ في كُلّ حَدِيث، وَلاَ يحكمون في المسألة بحكم كلي يعم جَمِيْع الأحاديث (¬1). من هَذَا العرض يتبين أن كثيراً من الفُقَهَاء والأصوليين وفريقاً من المُحَدِّثِيْنَ قَدْ أطلقوا القَوْل بقبول زيادة الثِّقَة وجنحوا لِذلِكَ في كَثِيْر من الأحيان، والمرجوع إليه في مِثْل هذِهِ الأمور المُحَدِّثُوْنَ لا غيرهم، فَقَدْ كَانَ المُحَدِّثُوْنَ يحكمون عَلَى كُلّ رِوَايَة بما يناسبها، وهم المعوّل عَلَيْهِمْ في مَعْرِفَة أحكام زيادة الثِّقَة، فيجب الرجوع إليهم وحدهم لكونها من ضمن تخصصاتهم النقدية، وليست هِيَ من تخصصات غيرهم. ونظر المُحَدِّثِيْنَ يختلف في الحكم عَلَى الأحاديث؛ إِذْ إن زيادة الثِّقَة عندهم مِنْهَا ما هُوَ مقبول، ومنها مَا هُوَ مردود تبعاً للقرائن المحيطة بِهَا، والقرائن هِيَ الَّتِي تجعل الحكم مختلفاً من حَدِيْث لآخر فمن القرائن مَا يدل عَلَى أن الزيادة تَكُون أحياناً مدرجة في الحَدِيْث، أو أَنَّهَا من قَوْل أحد رُوَاة الإسناد أو من حَدِيث آخر. قَالَ الحَافِظ ابن حجر: ((مَا تفرد بَعْض الرُّوَاة بزيادة فِيهِ دُوْنَ من هُوَ أكثر عدداً أو اضبط مِمَّنْ لَمْ يذكرها، فهذا يؤثر التعليل بِهِ، إلا إن كَانَتْ الزيادة منافية بِحَيْثُ يتعذر الجمع. أما إن كَانَتِ الزيادة لا منافاة فِيْهَا بِحَيْثُ تَكُون كالحديث المستقل فَلاَ، اللَّهُمَّ إلا إن وضح بالدلائل القوية أن تِلْكَ الزيادة مدرجة في المَتْن من كلام بَعْض رواته، فما كَانَ من هَذَا القِسْم فَهُوَ مؤثر)) (¬2). وربما تَكُون الزيادة غَيْر صَحِيْحَة لأمر آخر رُبَّمَا لا يفصح عَنْهُ المحدّث كَمَا لا يستطيع أنْ يفصح الجوهري عن زيف الزائف (¬3). وربما قبل المُحَدِّثُوْنَ الزيادة الواقعة في بَعْض المتون أو الأسانيد لقرائن تخص ذَلِكَ ومرجحات خَاصَّة، وَهِيَ كثيرة، قَالَ العلائي: ((ووجوه الترجيح كثيرة لا تنحصر، وَلاَ ضابط لَهَا بالنسبة إلى جَمِيْع الأحاديث، بَلْ كُلّ حَدِيث يقوم بِهِ ترجيح خاص. وإنما ينهض بِذَلِكَ الممارس الفطن الَّذِي أكثر من الطرق والروايات؛ ولهذا لَمْ يحكم المتقدمون في هَذَا المقام بحكم كلي يشمل القاعدة، بَلْ يختلف نظرهم بحسب مَا يقوم عندهم في كُلّ حَدِيث بمفرده)) (¬4). وَقَدْ توهم من ظن أنَّ النقاد موقفهم واحدٌ في كُلّ الزيادات؛ إِذْ إن النقاد إذَا كانوا ¬

_ (¬1) نظم الفرائد: 376 - 377، والبحر المحيط 4/ 336. (¬2) هدي الساري: 347. (¬3) انظر مَا جرى لأبي حاتم الرَّازِيّ في الجرح والتعديل 1/ 349 - 351. (¬4) نقله عَنْهُ الحافظ ابن حجر في النكت 2/ 712.

قَدْ نصوا في بَعْض المناسبات عَلَى قبول زيادة الثِّقَة أو الأوثق، بحيث يخيل إلى القارئ المتعجل أن موقفهم في ذَلِكَ هُوَ القبول المطلق، فَهُوَ تخيل غَيْر صَحِيْح، إِذْ إن عمل النقاد النقدي المتمثل في رد الزيادة مرة وقبولها أخرى بغض النظر عن حال الرَّاوِي الثِّقَة أو الأوثق يَكُون ذَلِكَ كافياً للتفسير بأن ذَلِكَ لَيْسَ حكماً مطرداً مِنْهُمْ، وإنما قبلوا في حال الرَّاوِي الثِّقَة الَّذِي زاد في الحَدِيْث زيادة بَعْدَ تأكدهم من سلامته من جَمِيْع الملابسات الدالة عَلَى احتمال الخطأ والوهم أو النسيان، ويؤكد هَذَا المَعْنَى الحَاكِم النيسابوري قائلاً: ((الحجة فِيهِ عندنا الحفظ والفهم والمَعْرِفَة لا غَيْر)) (¬1). لَكِن الخطيب البغدادي - فِيْمَا أعلم - هُوَ أول المُحَدِّثِيْنَ في النقل عن الْجُمْهُور بقبول زيادة الثِّقَة ورجح ذَلِكَ فَقَالَ: ((والَّذِي نختاره من هذِهِ الأقوال: أن الزيادة الواردة مقبولة عَلَى كُلّ حال معمول بِهَا إذَا كَانَ راويها عدلاً ومتقناً ضابطاً)) (¬2). وَقَدْ ناقشه ابن رجب الحنبلي فِيْمَا استدل بِهِ فَقَالَ: ((وذكر في الكفاية حكاية عن البُخَارِيّ: أَنَّهُ سُئل عن حَدِيث أبي إسحاق (¬3) في النكاح بلا ولي (¬4) -قَالَ: الزيادة من ¬

_ (¬1) مَعْرِفَة علوم الحَدِيْث: 113. (¬2) الكفاية (597ت، 425هـ‍). (¬3) هُوَ عَمْرو بن عبيد، ويقال: عَمْرو بن عَبْد الله بن عَلِيّ، ويقال: عَمْرو بن عَبْد الله بن أبي شعيرة الهمداني، أبو إسحاق السبيعي الكوفي: ثقة مكثر عابد اختلط بأخرة، توفي سنة (129 هـ‍)، وَقِيْلَ: (126 هـ‍) وَقِيْلَ غَيْر ذَلِكَ. تهذيب الكمال 5/ 431 (4989)، والكاشف 2/ 82 (4185)، والتقريب (5065). (¬4) هُوَ حَدِيث أبي إسحاق السَّبِيْعِيِّ عن أبي بُردة عن أبيه أنّ رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((لا نكاح إلا بولي)). وهذا الحديث اختلف في وصله وإرساله، والراجح وصله - كما يأتي -: أولاً: تفرّد بإرساله شعبة وسفيان الثوري، واختلف عليهما فيه: فقد رواه عن شعبة موصولاً: النعمان بن عبد السلام، عند الحاكم في المستدرك 2/ 169، عنه، وعن سفيان الثوري مقرونين، والبيهقي في الكبرى 7/ 109، ويزيد بن زريع، عند البزار في مسنده 2/ 94، والدارقطني في سننه 3/ 220، والبيهقي في الكبرى 7/ 109، ومالك بن سليمان، عند الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد 2/ 214، عنه وعن إسرائيل، وكذلك رواه عن شعبة موصولاً: محمد بن موسى الحرشي، ومحمد بن حصين كما ذكر الدارقطني في العلل 7/ 206، فهؤلاء خمستهم (النعمان بن عبد السلام، ويزيد بن زريع، ومالك بن سليمان، ومحمد بن موسى، ومحمد بن حصين) رووه عن شعبة، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة عن أبي موسى، مرفوعاً. ورواه عن شعبة مرسلاً: يزيد بن زريع، عند البزار في مسنده 2/ 94، ووهب بن جرير، عند الطحاوي في شرح معاني الآثار 3/ 9، ومحمد بن جعفر - غندر -، عند الخطيب البغدادي في الكفاية: (580 ت، 411 هـ‍)، ومحمد بن المنهال، والحسين المروزي - كما ذكر الدارقطني في العلل 7/ 208. فهؤلاء خمستهم (يزيد بن زريع، ووهب بن جرير، ومحمد بن جعفر، ومحمد بن المنهال، =

.................................................... ¬

_ = والحسين المروزي) رووه عن شعبة، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، مرسلاً. أما سفيان الثوري فقد اختلف عليه أيضاً: فرواه عنه موصولاً: النعمان بن عبد السلام، عند الحاكم في المستدرك 2/ 169 - 170، وبشر بن منصور، عند البزار في مسنده 2/ 94، وابن الجارود في المنتقى (704)، والطحاوي في شرح معاني الآثار 3/ 9، وجعفر بن عون، عند البزار 2/ 94، ومؤمل بن إسماعيل، عند الروياني في مسنده 1/ 303، والبيهقي في السنن الكبرى 7/ 109، وخالد بن عمرو الأموي، عند الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد 6/ 279. فهؤلاء خمستهم (النعمان بن عبد السلام، وبشر بن منصور، وجعفر بن عون، ومؤمل بن إسماعيل، وخالد بن عمرو) رووه عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبي موسى الأشعري، موصولاً. ورواه عنه مرسلاً: عبد الرحمان بن مهدي، عند البزار في مسنده 2/ 94، وأبو عامر العقدي عند الطحاوي في شرح معاني الآثار 3/ 9، والحسين بن حفص، عند الخطيب البغدادي في الكفاية: (579 ت، 411 هـ‍)، والفضل بن دكين، ووكيع بن الجراح كما ذكر الدارقطني في العلل 7/ 208. فهذان الإمامان: شعبة وسفيان قد اختلف عليهما فيه كما ترى. وربّما طرق الذين رووه عن سفيان وشعبة موصولاً، لا تصحّ إليهم. وكلام الترمذي يؤيده، فقد قال الإمام الترمذي: ((وقد ذكر بعض أصحاب سفيان، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبي موسى. ولا يصحّ)). (جامع الترمذي عقيب حديث: 1103). ثانياً: سفيان الثوري وشعبة - وإن كانا اثنين - إلا أنَّ اجتماعهما في هذا الحديث كواحد؛ لأنّ سماعهما هَذَا الْحَدِيْث كَانَ في مجلس واحد عرضاً، فَقَدْ قَالَ التِّرْمِذِيّ: ((ومما يدلّ عَلَى ذَلِكَ ما حدّثنا مَحْمُوْد بن غيلان، قال: حدثنا أبو داود، قال: أنبأنا شعبة، قال: سمعت سفيان الثوري يسأل أبا إسحاق: أسمعت أبا بردة يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا نكاح إلا بولي؟ فقال: نعم)). (جامع الترمذي عقيب حديث 1102). ثالثاً: إن الذين رووه عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبي موسى موصولاً، أكثر عدداً، وهم: 1 - إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق، عند أحمد في المسند 4/ 394، 413، والدارمي في سننه (2188)، وأبي داود في سننه (2085)، والترمذي في جامعه (1101)، وابن حبّان في صحيحه (4071)، والدارقطني في سننه 3/ 218 - 219، والبيهقي في السنن الكبرى 7/ 107، والخطيب البغدادي في الكفاية (ص 578). 2 - يونس بن أبي إسحاق، عند الترمذي في جامعه (1101)، والبيهقي 7/ 109، والخطيب البغدادي في الكفاية (ص 578 ت، 409 هـ‍)، وكذلك أخرجه أبو داود في سننه (2085) من طريق أبي عبيدة الحداد، عن يونس وإسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبي موسى، ثم قال أبو داود عقبه: ((هو يونس عن أبي بردة، وإسرائيل عن أبي إسحاق، عن أبي بردة)). وسيأتي الكلام عن رواية أبي داود هذه. 3 - شريك بن عبد الله النخعي، عند الدارمي في سننه (2189)، والترمذي في جامعه (1101)، وابن حبان (4066) و (4078)، والبيهقي في الكبرى 7/ 108. =

..................................................... ¬

_ = 4 - أبو عوانة - الوضاح بن عَبْد الله اليشكري -، رواه من طريقه الطيالسي في مسنده (523)، والترمذي في جامعه (1101)، وابن ماجه في سننه (1881)، والطحاوي في شرح معاني الآثار 3/ 9، والحاكم في المستدرك 2/ 171.5 - زهير بن معاوية الجعفي، عند ابن الجارود في المنتقى (703)، والطحاوي في شرح معاني الآثار 3/ 9، وابن حبان في صحيحه (4065)، والحاكم 2/ 171، والبيهقي في السنن الكبرى 7/ 108. 6 - قيس بن الربيع، عند الحاكم في المستدرك 2/ 170، والبيهقي في السنن الكبرى 7/ 108، والخطيب البغدادي في الكفاية (578 ت، 409 هـ‍). رابعاً: كان سماع هؤلاء من أبي إسحاق في مجالس متعددة، قال الترمذي في جامعه 3/ 409 عقب (1102): ((ورواية هؤلاء الذين رووا عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبي موسى، عن النبي ?: ((لا نكاح إلا بولي)) عندي أصحّ؛ لأنّ سماعهم من أبي إسحاق في أوقات مختلفة)). وينظر: العلل الكبير: 156. خامساً: كانت طريقة تحمل سفيان الثوري وشعبة للحديث عرضاً على أبي إسحاق في حين أنَّ الباقين تحملوه سماعاً من لفظ أبي إسحاق، ولاشكّ في ترجيح ما تُحمل سماعاً على ما تحمل عرضاً عند جمهور المحدثين. انظر: فتح الباقي 1/ 359 بتحقيقنا. سادساً: إن من الذين رووه متصلاً: إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق، وهو أثبت الناس وأتقنهم لحديث جدّه، ولم يختلف عليه فيه، أما سفيان وشعبة وإن كان إليهما المنتهى في الحفظ والإتقان، فطريقة تحملهما للحديث قد عرفتها، أضف إليها أنّه قد اختلف عليهما فيه. قال عبد الرحمان بن مهدي: ((إسرائيل يحفظ حديث أبي إسحاق كَمَا يحفظ سورة الحمد))، رواه عنه الدارقطني في سننه 3/ 220، والحاكم في المستدرك 2/ 170. وقال صالح جزرة: ((إسرائيل أتقن في أبي إسحاق خاصّة))، سنن الدارقطني 3/ 220. وقال عبد الرحمان بن مهدي: ((ما فاتني من حديث الثوري عن أبي إسحاق الذي فاتني، إلا لما اتكلت به على إسرائيل لأنّه كان يأتي به أتم)). جامع الترمذي عقب (1102)، وسنن الدارقطني 3/ 220. وقال محمد بن مخلد: قيل لعبد الرحمان - يعني ابن مهدي -: إنَّ شعبة وسفيان يوقفانه على أبي بردة، فقال: إسرائيل عن أبي إسحاق أحب إليَّ من سفيان وشعبة))، سنن الدارقطني 3/ 220. وقال الإمام الترمذي: ((إسرائيل هو ثقة ثبت في أبي إسحاق)). جامع الترمذي عقيب (1102). سابعاً: في هذا الإسناد علّة أخرى هي عنعنة أبي إسحاق السبيعي فهو مدلس. (جامع التحصيل: 108، وطبقات المدلسين: 42، وأسماء المدلسين: 103). ولكن تابعه عليه جماعة فزالت تلك العلّة، قال الحاكم في المستدرك 2/ 171: ((وقد وصله عن أبي بردة جماعة غير أبي إسحاق)). وممن تابعه: ابنه يونس، عن أبي بردة، أخرجه أحمد في المسند 4/ 413، 418 وقد سبق أنّ أبا داود أخرجه عن أبي عبيدة الحداد، عن يونس وإسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبي موسى، قال أبو داود في سننه 2/ 229 عقب (2085): ((هو يونس عن أبي بردة، وإسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي بردة)). يعني أنَّ يونسَ يرويه بإسقاط أبي إسحاق، وإسرائيل يذكره، فجمع أبي عبيدة لهما على إسناد واحد خطأ. =

الثقة مقبولة وإسرائيل (¬1) ثِقَة. وهذه الحكاية - إن صحت - فإن مراده الزيادة في هَذَا الحَدِيْث، وإلا فمن تأمل كِتَاب "تأريخ البُخَارِيّ" (¬2) تبين لَهُ قطعاً أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يرى أن ¬

_ = ورواية أبي عبيدة علّقها الترمذي في جامعه عقب (1102) على نحو ما ذكره أبو داود. أقول: يونس معروف بالسماع والرواية عن أبيه أبي إسحاق وعن أبي بردة، فيكون قد سمعه منهما كليهما، فكان يرويه مرة هكذا ومرة هكذا. ينظر: العلل الكبير للترمذي (156)، وصحيح ابن حبّان. الإحسان 6/ 154 عقب (4071) قال الحاكم في المستدرك 2/ 171 - 172: ((ولست أعلم بين أئمة هذا العلم خلافاً على عدالة يونس بن أبي إسحاق، عن أبي بردة)). ثم إنه جاء من حديث عدة من الصحابة قال الحاكم في المستدرك 2/ 172: ((قد صحت الروايات فيه عن أزواج النبي ? عائشة وأم سلمة وزينب بنت جحش)) ثم قال: ((وفي الباب عن علي بن أبي طالب وعبد الله بن عباس ومعاذ بن جبل وعبد الله بن عمر ...)). والحديث صحّحه البخاري كما رواه عنه الخطيب فيما سبق، وروى الحاكم أيضاً تصحيحه عن علي بن المديني ومحمد بن يحيى الذهلي. المستدرك 2/ 170. أقول: مما سبق تبين أنَّ رواية من وصل الحديث أصحّ وأرجح من رواية من أرسله، وأما زعم من زعم أنَّ الإمام العلم الجهبذ البخاري صحّحه لأنّه زيادة ثقة، فهو كلام بعيد مجانبٌ لمنهج هذا الإمام وغيره من أئمة الحديث القائم على أساس اعتبار المرجحات والقرائن في قبول الزيادة وردها. والقول بقبولها مطلقاً هو رأي ضعيف ظهر عند المتأخّرين، قال به الخطيب وشهره ولهذا قال الحافظ ابن حجر: ((ومن تأمل ما ذكرته عرف أنّ الذين صحّحوا وصله لم يستندوا في ذلك إلى كونه زيادة ثقة فقط، بل للقرائن المذكورة المقتضية لترجيح رواية إسرائيل - الذي وصله - على غيره)). فتح الباري 9/ 229 (طبعة الكتب العلمية). فالذي ينظر في صنيع الأئمة السابقين والمختصين في هذا الشأن يراهم لا يقبلونهامطلقاً ولا يردونها مطلقاً بل مرجع ذلك إلى القرائن والترجيح: فتقبل تارة، وترد أخرى، ويتوقف فيها أحياناً، قال الحافظ ابن حجر: ((والمنقول عن أئمة الحديث المتقدّمين - كعبد الرحمان بن مهدي، ويحيى القطان وأحمد بن حنبلٍ، ويحيى بن معين، وعلي بن المديني، والبخاري، وأبي زرعة، وأبي حاتم، والنسائي، والدارقطني، وغيرهم - اعتبار الترجيح فيما يتعلق بالزيادة وغيرها، ولا يعرف عن أحد منهم قبول إطلاق الزيادة)). نزهة النظر: 96، وانظر: شرح السيوطي: 169 - 172. والحكم على الزيادة بحسب القرائن هو الرأي المختار المتوسط الذي هو بين القبول والرد، فيكون حكم الزيادة حسب القرائن المحيطة بها حسب ما يبدو للناقد العارف بعلل الحديث وأسانيده وأحوال الرواة بعد النظر في ذلك، أما الجزم بوجه من الوجوه من غير نظر إلى عمل النقاد فذلك فيه مجازفة. (وانظر في ذلك بحثاً نافعاً في أثر علل الحديث: 254 - 263، وفيه كلام نفيس لعلاّمة العراق ومحقق العصر الدكتور هاشم جميل - حفظه الله -). (¬1) هُوَ إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي الهمداني، أبو يوسف الكوفي: ثقة تُكلم فِيْهِ بلا حجة، توفي سنة (160 هـ‍)، وَقِيْلَ: (161 هـ‍)، وقيل: (162 هـ‍). تهذيب الكمال 1/ 207 (395)، والكاشف 1/ 241 (336)، والتقريب (401). (¬2) انظر عَلَى سبيل المثال التأريخ الكبير 2/ 125و140و178و179و212.

زيادة كُلّ ثِقَة في الإسناد مقبولة، وهكذا الدَّارَقُطْنِيّ يذكر في بَعْض المواضع: ((أن الزيادة من الثِّقَة مقبولة))، ثُمَّ يرد في أكثر (¬1) المواضع زياداتٍ كثيرةٍ من الثِّقات، ويرجح الإرسال عَلَى الإسناد (¬2)، فدل عَلَى أن مرادهم زيادة الثِّقَة في مِثْل تِلْكَ المواضع الخاصة، وَهِيَ إذَا كَانَ الثِّقَة مبرزاً في الحفظ)) (¬3) وهذا الكلام تحقيق جدٌ لصنيع جهابذة المُحَدِّثِيْنَ في الحكم عَلَى زيادة الثِّقَة؛ إِذْ أن الَّذِي ينظر في صنيع الأئمة السابقين والمختصين في هَذَا الشأن يراهم لا يقبلونها مطلقاً وَلاَ يردونها مطلقاً، بَلْ مرجع ذَلِكَ عندهم إِلَى القرائن والترجيح: فتقبل تارة وترد أخرى. ويتوقف فِيْها أحياناً؛ قَالَ الحافظ ابن حجر: ((والمنقول عن أئمة الحَدِيْث المتقدمين - كعبد الرحمان بن مهدي، ويحيى القطان، وأحمد بن حَنْبَل، ويَحْيَى بن معين، وعَلِيّ بن المديني، والبُخَارِيّ، وأَبِي زرعة، وأَبِي حاتم، والنَّسَائِيّ، والدَّارَقُطْنِيّ وغيرهم - اعتبار الترجيح فِيْمَا يتعلق بالزيادة وغيرها، وَلاَ يعرف عن أحد مِنْهُمْ إطلاق قبول الزيادة)) (¬4). وهذا هُوَ الصَّوَاب وَهُوَ الرأي المختار المتوسط الَّذِي هُوَ بَيْنَ القبول والرد، فيكون حكم الزيادة حسب القرائن المحيطة بِهَا حسب مَا يبدو للناقد العارف بعلل الحَدِيْث وأسانيده وأحوال الرواة بَعْدَ النظر في ذَلِكَ أما الجزم بوجه من الوجوه من غَيْر نظر إلى عمل النقاد فذلك فِيهِ مجازفة كبيرة، قَالَ الزيلعي: ((من الناس من يقبل الزيادة مطلقاً، ومنهم من لا يقبلها، والصَّحِيح التفصيل، وَهُوَ أَنَّهَا تقبل في مَوْضِع دُوْنَ موضع، فتقبل إذَا كَانَ الرَّاوِي الَّذِي رواها ثِقَة حافظاً ثبتاً والَّذِي لَمْ يذكرها مِثْلَهُ أو دونه في الثِّقَة ... ، وتقبل في مَوْضِع آخر لقرائن تخصها، ومن حكم في ذَلِكَ حكماً عاماً فَقَدْ غلط، بَلْ كُلّ زيادة لَهَا حكم يخصها)) (¬5). ¬

_ (¬1) انظر عَلَى سبيل المثال كِتَاب السُّنَن للدَّارَقُطْنِيّ 1/ 97 و117 و127 و148 و152 و163 و169 و180 و181. (¬2) انظر عَلَى سبيل المثال: التأريخ الكبير للبخاري 2/ 125، والعلل لابن أبي حاتم 2/ 317 (2465)، وسنن الدَّارَقُطْنِيّ 1/ 152، والسنن الكبرى للبَيْهَقِيّ 1/ 52، والأحاديث المختارة 2/ 86 (463). (¬3) شرح علل التِّرْمِذِي 2/ 638. (¬4) نزهة النظر: 96. (¬5) نصب الراية 1/ 336.

نماذج من زيادة الثقة، وأثرها في اختلاف الفقهاء

المطلب الرابع نماذج من زيادة الثِّقَة، وأثرها في اختلاف الفُقَهَاء النموذج الأول مَثَّل ابن الصَّلاح لزيادة الثِّقَة بمثالين الأول:- قَالَ ابن الصَّلاح-: ((مثاله مَا رَواهُ مَالِك، عن نافع، عن ابن عمر: أن رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - فرض زكاة الفطر من رمضان عَلَى كُلِّ حرٍ أو عَبْد، ذكر أو أنثى من المسلمين فذكر أبو عيسى الترمذي أن مالكاً تفرد من بَيْنَ الثِّقات بزيادة قوله: ((من المُسْلِمِيْنَ)) (¬1) وروى عبيد الله بن عُمَر، وأيوب، وغيرهما هَذَا الحَدِيْث، عن نافع، عن ابن عُمَر دُوْنَ هذِهِ الزيادة)) (¬2). ورغم أن لفظة: ((من المُسْلِمِيْنَ)) لا تندرج تَحْتَ مَوْضُوْع ¬

_ (¬1) الجامع الكبير 2/ 54 عقب (676). (¬2) معرفة أنواع علم الحديث: 78، و 178 طبعتنا، وانظر: كِتَاب العلل للترمذي المطبوع مَعَ الجامع الكبير 6/ 253. قلتُ: هكذا قال ابن الصلاح مقلّداً في هذا الإمام الترمذي، وفيه نظر، إذ اعترض عليه الإمام النووي فقال في إرشاد طلاب الحقائق 1/ 230 - 231: ((لا يصح التمثيل بحديث مالك؛ لأنَّهُ لَيْسَ منفرداً، بَلْ وافقه في هَذِهِ الزيادة عن نافع: عُمَر بن نافع، والضحاك بن عُثْمَان الأول في صَحِيْح البُخَارِيّ، والثاني في صَحِيْح مُسْلِم)). وبنحوه قَالَ في التقريب والتيسير: 72 و118 طبعتنا، وكذا تعقبه ابن جَمَاعَة في المنهل الروي: 58 وابن كَثِيْر في اختصار علوم الحَدِيْث 1/ 192، وابن الملقن في المقنع 1/ 206، والعراقي في التقييد والإيضاح: 112، وَفِي شرح التبصرة والتذكرة 1/ 215، و1/ 265 طبعتنا، والصنعاني في توضيح الأفكار 2/ 22، ولعلّ أقدم مَن تكلَّم في هَذِهِ المسألة وبيّن عدم انفراد الإمام مالك بهذه الزيادة، الإمام أبو جعفر الطحاوي في شرح المشكل 9/ 43 - 44 عقب (3423) فَقَالَ: ((فقال قائل: أفتابع مالكاً على هذا الحرف، يعني: من المسلمين، أحد ممن رواه عن نافع؟ فكان جوابنا لَهُ في ذَلِكَ بتوفيق الله عزّوجلّ وعونه: أنَّهُ قَدْ تابعه عَلَى ذَلِكَ عبيد الله بن عمر، وعمر بن نافع، ويونس بن يزيد)). ثم ساق متابعاتهم، وسنوردها لاحقاً: وقد بيّن الحافظ العراقي في التقييد: 111 - 112 أنَّ كلام الترمذي لا يفهم مِنْهُ تفرد مالك، بل هو من تصرف ابن الصلاح في كلامه، فقال: ((كلام الترمذي هذا ذكره في العلل التي في آخر الجامع، ولم يصرح بتفرد مالك بها مطلقاً، فقال: ((ورُبَّ حديث إنما يستغرب لزيادة تكون في الحديث، وإنما يصح إذا كانت الزيادة ممن يعتمد على حفظه مثل ما روى مالك بن أنس ...)) فذكر الحديث، ثم قال: وزاد مالك في هذا الحديث ((من المسلمين))، وروى أيوب وعبيد الله بن عمر وغير واحد من الأئمة هذا الحديث، عن نافع، عن ابن عمر، ولم يذكروا فيه: ((من المسلمين)). وقد روى بعضهم عن نافع مثل رواية مالك ممن لا يعتمد على حفظه. انتهى كلام =

................................................... ¬

_ = الترمذي. فلم يذكر التفرد مطلقاً وإنما قيده بتفرد الحافظ كمالك ثم صرّح بأنه رواه غيره عن نافع ممن لم يعتمد على حفظه، فأسقط المصنف آخر كلامه وعلى كل تقدير فلم ينفرد مالك بهذه الزيادة، بل تابعه عليها جماعة من الثقات)). وقد وجدنا له تسع متابعات هي: 1 - عبيد الله بن عمر: وقد اختلف عليه فيه، وعامّة أصحابه لا يذكرون هذه الزيادة في حديثه، ومنهم: يحيى بن سعيد القطان: عند أحمد 2/ 55، والبخاري 2/ 162 (1512)، وأبي داود (1613)، وابن خزيمة (2403)، والبيهقي 4/ 160، وابن عبد البر 14/ 316. محمد بن عبيد الطنافسي: عند أحمد 2/ 102، وابن زنجويه في الأموال (2357)، والبيهقي في الكبرى 4/ 159 و 160، وابن عبد البر في التمهيد 14/ 317. عيسى بن يونس: عند النسائي 5/ 49، وفي الكبرى (2284)، وابن عبد البر 14/ 316. عبد الله بن نمير: عند مسلم 3/ 68 (984) (13). أبان بن يزيد العطار: عند أبي داود (1613). بشر بن المفضل: عند أبي داود (1613)، وابن عبد البر 14/ 316. حماد بن أسامة: عند ابن أبي شيبة (10355)، ومسلم 3/ 68 (984) (13). عبد الأعلى بن عبد الأعلى: عند ابن خزيمة (2403). المعتمر بن سليمان: عند ابن خزيمة (2403). سفيان الثوري: عند الدارمي (1669)، وابن خزيمة (2409)، والطحاوي في شرح المعاني 2/ 44، وأبي نعيم في الحلية 7/ 136، والبيهقي 4/ 160. ورواه سعيد بن عبد الرحمان الجمحي، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، به. وذكر الزيادة. أخرجه: أحمد 2/ 66، والطحاوي في شرح المشكل (3424) و (3425)، والدارقطني 2/ 145، والحاكم 1/ 410، والبيهقي 4/ 166، وابن عبد البر 14/ 318. وقال أبو داود عقب (1621): ((رواه سعيد الجمحي، عن عبيد الله، عن نافع، قال فيه: ((من المسلمين))، والمشهور عن عبيد الله ليس فيه: ((من المسلمين)) ...)). وقال ابن عبد البر: ((وأما عبيد الله بن عمر فلم يقل فيه: ((من المسلمين)) عنه أحد - فيما علمت - غير سعيد بن عبد الرحمان الجمحي)). أقول: سعيد ليست حاله ممن يحتمل له مثل هذا التفرد لا سيّما مع شدة المخالفة فقد قال الإمام أحمد: ((الجمحي روى حديثين عن عبيد الله بن عمر، حديث منهما في صدقة الفطر. وقال: أُنكر على الجمحي هذين الحديثين)). مسائل صالح لأبيه الإمام أحمد 2/ 458. وقال ابن عدي: ((له أحاديث غرائب حسان، وأرجو أنها مستقيمة، وإنما يَهِمُ عندي في الشيء بعد الشيء: يرفع موقوفاً ويوصل مرسلاً، لا عن تعمد)). الكامل 4/ 456. قال الدكتور بشار في تعليقه على الموطأ 1/ 382، وعلى جامع الترمذي 2/ 54: ((في هذا نظر فقد تابع سعيداً سفيان الثوري في روايته هذه عن عبيد الله)). كذا قال متوهماً!! وأنت خبير بأن تسعة من أصحاب عبيد الله بن عمر رووه عنه بلا ذكر لهذه الزيادة البتة، في حين أنه - وهو: سفيان الثوري - رواه أيضاً من غير هذه الزيادة، ومن ادَّعى أنه =

................................................. ¬

_ = رواه عن عبيد الله بهذه الزيادة فقد حمَّل روايته ما لا تحتمله، وإليك البيان: روى الدارمي هذا الحديث عن الفريابي عن الثوري، ورواه البقيّة من طريق قبيصة عن الثوري، كلاهما الفريابي وقبيصة لم يذكرا فيه هذه الزيادة عن الثوري. ولكن الرواية التي يدعي الدكتور متابعة سفيان فيها لسعيد الجمحي، أخرجها عبد الرزاق (5763) ومن طريقه الدارقطني 2/ 139، عن الثوري وابن أبي ليلى مقرونين عن عبيد الله. فأنت ترى أن عبد الرزاق خالف الفريابي وقبيصة في روايته عن الثوري لهذا، لكن روى الدارقطني 2/ 139 من طريق ابن زنجويه، عن عبد الرزاق، عن سفيان، عن عبيد الله، به، غير مقرون بابن أبي ليلى وفيه هذه الزيادة. والراجح رواية الفريابي وقبيصة؛ لأن العدد أولى أن يسلّم له بالصواب؛ ولأن عبد الرزاق ضُعِّفَ بالاختلاط، ومن الراجح أن سماع ابن زنجويه كان بعده، فلعلَّ بعض الرواة حمل رواية الثوري على رواية ابن أبي ليلى، ومن هنا قال ابن حجر: ((يحتمل أن يكون بعض رواته حمل لفظ ابن أبي ليلى على لفظ عبيد الله)). فتح الباري 3/ 370. ومن هذا يظهر أن هذه الزيادة في حديث سفيان الثوري عن عبيد الله غير محفوظة، والصحيح أنه روى الحديث كسائر أصحاب عبيد الله بن عمر من غير زيادة. 2 - كثير بن فرقد: عند الدارقطني 2/ 140، والحاكم 1/ 410، والبيهقي 4/ 162، وابن عبد البر 14/ 319. 3 - عبد الله بن عمر: عند عبد الرزاق (5765)، وأحمد 2/ 114، والدارقطني 2/ 140. وكذا ابن الجارود في المنتقى (356)؛ لَكِنْ وقع فِيْهِ تحريف، فوقع فِيْهِ ((عبيد الله)) مصغراً. وجاء عَلَى الصواب في غوث المكدود. 4 - ابن أبي ليلى: عند الدارقطني 2/ 139. ورواه عبد الرزاق (5763) عنه وعن الثوري مقرونين. ورواه الطحاوي في شرح المعاني 2/ 44 من طريق يحيى بن عيسى الفاخوري عن ابن أبي ليلى، وليس فيه الزيادة. 5 - يونس بن يزيد: عند الطحاوي في شرح المشكل (3427)، وفي شرح المعاني 2/ 44، وابن عبد البر 14/ 319. 6 - المعلى بن إسماعيل: عند ابن حبان (3293)، والدارقطني 2/ 140. 7 - عمر بن نافع: عند البخاري 2/ 161 (1503)، وأبي داود (1612)، والنسائي 5/ 84، والطحاوي في شرح المشكل (3426)، وابن حبان (3303)، والدارقطني 2/ 139، والبيهقي 4/ 162، والبغوي (1594). 8 - أيوب بن أبي تميمة السختياني: عند ابن حبان (2411)، والطحاوي في شرح المشكل (3427). 9 - الضحاك بن عثمان: عند مسلم 3/ 69 (984) (16). قال الدارقطني في السنن 2/ 139: ((وكذلك رواه سعيد بن عبد الرحمان الجمحي، عن عبيد الله بن عمر، وقال فيه: ((من المسلمين)). وكذلك رواه مالك بن أنس والضحاك بن عثمان، وعمر بن نافع والمعلى بن إسماعيل وعبد الله بن عمر العمري وكثير بن فرقد ويونس بن يزيد، وروى ابن شوذب عن أيوب عن نافع كذلك)). =

أثر الحديث في اختلاف الفقهاء حكم دفع صدقة الفطر عن الكافر

زيادة الثِّقَة، وإنما ذكرناها لأن ابن الصَّلاح مَثّل بِهَا، فهي لا تخلو من أثر الفقه الإسلامي، وسأشرح ذَلِكَ. أثر الحَدِيْث في اختلاف الفُقَهَاء حكم دفع صدقة الفطر عن الكافر اختلف الفُقَهَاء رحمهم الله أيجب عَلَى المُسْلِم أداء زكاة الفطر عمن تلزمه نفقته كزوجة أو مملوك أو قريب إذَا كانوا غَيْر مسلمين أم لا؟ القَوْل الأول: لا يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وإِلَيْهِ ذهب مَالِك (¬1) والشافعي (¬2) وأحمد (¬3) والزيدية (¬4) وَهُوَ الْمَرْوِيّ عن عَلِيّ (¬5) وجابر (¬6) والحَسَن (¬7) وأَبِي ثور (¬8) وسعيد بن المسيب (¬9) ودليلهم حَدِيث ابن عُمَر - رضي الله عنه -: ((أن رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - فرض زكاة الفطر من رَمَضَان عَلَى كُلّ حر أو عَبْد ذَكَرَ أو أنثى من المُسْلِمِيْنَ)) (¬10). ¬

_ = وبهذا تبين أن الإمام مالكاً لم ينفرد بهذه الزيادة، وإن لم يكن مَنْ تابعه يبلغ مرتبةً في الحفظ والإتقان، إلا أن دعوى التفرد لا تصح في كل حال. وقد قال الإمام أحمد: ((كنت أتهيب حديث مالك ((من المسلمين)) يعني: حتى وجدته من حديث العمريين، قيل له: أمحفوظ هو عندك ((من المسلمين))؟ قال: ((نعم)). شرح علل الترمذي 2/ 632. والله أعلم. (¬1) انظر: المدونة 1/ 355، وبداية المجتهد 1/ 204 قَالَ صاحب البداية: ((والسبب في اختلافهم اختلافهم في الزيادة الواردة في ذَلِكَ في حَدِيث ابن عُمَر، وَهُوَ قوله ((من المسلمين)) فإنه قَدْ خولف فِيْهَا نافع بكون ابن عُمَر أيضاً الَّذِي هُوَ راوي الحَدِيْث من مذهبه إخراج الزكاة عن العبيد الكفار، وللخلاف أيضاً سبب آخر وَهُوَ كون الزكاة الواجبة عَلَى السيد في العبد هَلْ هِيَ لمكان أن العبد يكلف أو أَنَّهُ مال فمن قَالَ لمكان أَنَّهُ مكلف اشترط الإسلام ومن قَالَ لمكان أَنَّهُ مال لَمْ يشترطه)). (¬2) انظر: الأم 2/ 65، والتهذيب 3/ 123،وروضة الطالبين 2/ 296، والمجموع 6/ 118، وكفاية الأخيار 1/ 372. (¬3) انظر: المغني 2/ 646، والمحرر 1/ 226. (¬4) انظر: البحر الزخار 3/ 199، والسيل الجرار 2/ 83. (¬5) انظر: المجموع 6/ 118. (¬6) انظر: المصدر السابق. (¬7) انظر: شرح السُّنَّة 6/ 72. (¬8) انظر: المغني 2/ 646. (¬9) انظر: المجموع 6/ 118 وفقه الإِمَام سعيد 2/ 190. (¬10) سبق تخريجه.

وجه الدلالة: وَهُوَ أن زيادة: ((من المُسْلِمِيْنَ)) خصصت صدقة الفطر الواجبة فهي تجب عَلَى المسلمين لا غَيْر. القَوْل الثَّانِي: يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وإليه ذهب أبو حَنِيْفَةَ (¬1) والظاهرية (¬2) وَهُوَ المروي عن ابن عَبَّاس (¬3) وأبي هُرَيْرَة (¬4) وابن عُمَر (¬5) وعمر بن عَبْد العزيز (¬6) وعطاء (¬7) وإِبْرَاهِيم النخعي (¬8) وسفيان الثوري (¬9) وإسحاق (¬10) وابن المبارك (¬11). ودليلهم مَا روي عن عَبْد الله بن ثعلبة (¬12) قَالَ: خطب رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - الناس قَبْلَ الفطر بيوم أو يومين، فَقَالَ: ((أدوا صاعاً من بر أو قمح بَيْنَ اثنين أو صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير، عن كُلّ حر وعَبْد، وصغير وكبير)) (¬13). ووجه الدلالة أن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - أمر بإخراج الصدقة عن العبد من غَيْر أن يفرق بَيْنَ مُسْلِم وغيره. وأجيب بأن إطلاق حَدِيث عَبْد الله بن ثعلبة مُقَيَّد بحديث عَبْد الله بن عُمَر فَقَدْ جاء عن البُخَارِيّ مُقَيَّداً بقوله: (من المسلمين). واستدلوا بما روي عن ابن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم -: ((صدقة الفطر عن كُلّ صغير وكبير، ذكر وأنثى يهودي أو نصراني، حر أو مملوك، نصف صاع من بر أو ¬

_ (¬1) انظر: الحجة عَلَى أَهْل المدينة 1/ 523 و 524، والمبسوط 3/ 103، وبدائع الصنائع 2/ 70، وشرح فتح القدير 2/ 34. (¬2) انظر: المحلى 6/ 132. (¬3) انظر: مصنف عَبْد الرزاق (5812). (¬4) انظر: مصنف عَبْد الرزاق (5813). (¬5) انظر: مصنف ابن أبي شَيْبَة (10374) و (10381). (¬6) انظر: مصنف ابن أبي شَيْبَة (10373)، والحجة 1/ 525. (¬7) انظر: مصنف عَبْد الرزاق (5811)، ومصنف ابن أبي شَيْبَة (10375). (¬8) انظر: الحجة عَلَى أَهْل المدينة 1/ 524، وشرح السُّنَّة 6/ 72. (¬9) انظر: المحلى 6/ 132، وشرح السُّنَّة 6/ 72. (¬10) انظر: شرح السُّنَّة 6/ 72، وفقه الإمام سعيد 2/ 190. (¬11) انظر: شرح السُّنَّة 6/ 72. (¬12) هُوَ عَبْد الله بن ثعلبة بن صعير مصغراً، ويقال: ابن أبي صُعير: لَهُ رؤية وَلَمْ يثبت لَهُ سَمَاع، توفي سنة (87 هـ‍)، وَقِيْلَ: (89 هـ‍). تجريد أسماء الصَّحَابَة 1/ 301 (3182)، والإصابة 2/ 285، والتقريب (3242). (¬13) أخرجه عَبْد الرزاق (5785)، وأحمد 5/ 432، والبُخَارِيّ في تاريخه 5/ 36، وأبو دَاوُد (1621)، والدَّارَقُطْنِيّ 2/ 150، وهذا لفظهم، وقَدْ سبق لَنَا تخريجه مفصلاً عَلَى حسب طرقه واختلاف رواياته.

صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير)) (¬1) قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: ((سلام الطويل متروك الحَدِيْث، وَلَمْ يسنده غيره)). قُلْتُ: لذا فحديث ابن عَبَّاس غَيْر صالح للاحتجاج به (¬2). المثال الثَّانِي: -قَالَ ابن الصَّلاح-: ((ومن أمثلة ذَلِكَ: حَدِيث: ((جعلت لَنَا الأرض مسجداً وجعلت ترتبتها لَنَا طهوراً)) (¬3) فهذه الزيادة تفرد بِهَا أبو مَالِك: سعد بن طارق الأشجعي (¬4)، وسائر الروايات لفظها: ((وجعلت لَنَا الأرض مسجداً وطهوراً)) (¬5) فهذا وما ¬

_ (¬1) أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ 2/ 150. (¬2) انظر: الضعفاء الكبير للعقيلي 2/ 158، والمجروحين 1/ 339 ط محمود إِبْرَاهِيم زايد، والكامل 3/ 299 ط الفكر، وميزان الاعتدال 3/ 252. (¬3) أخرجه: الطَيَالِسِيّ (418)، وابن أبي شَيْبَة (1662) و (31640)، وأَحْمَد 5/ 383، وَمُسْلِم 2/ 63 (522) (4)، والنَّسَائِيّ في الكبرى (8022)، وابن خزيمة (264)، وأبو عوانة 1/ 303، والطحاوي في شرح المشكل (1024) (4490)، وابن حبان (1694) (6409) وط الرسالة (1697) (6400)، والآجري في الشريعة (499)، والدَّارَقُطْنِيّ 1/ 175 - 176و 176، واللالكائي في أصول الاعتقاد (1444) (1445)، والبَيْهَقِيّ 1/ 213 و 223 و 230. (¬4) هُوَ سعد بن طارق، أبو مالك الأشجعي الكوفي: ثقة، توفي في حدود سنة (140 هـ‍). الثقات 4/ 294، وتهذيب الكمال 3/ 121 (2195)، والتقريب (2240). (¬5) فَهُوَ مروي من حَدِيث عدة من الصَّحَابَة مِنْهُمْ: 1 - جابر بن عَبْد الله، عِنْدَ: ابن أَبِي شَيْبَة (7749)، (31633)، وأَحْمَد 3/ 304، والدارمي (1396)، والبُخَارِيّ 1/ 91 (335) و 1/ 119 (438)، وَمُسْلِم 2/ 63 (521) (3)، والنَّسَائِيّ 1/ 209 و 2/ 56 وَفِي الكبرى، لَهُ (815)، وأبي نُعَيْم في المستخرج (1150)، والبَيْهَقِيّ 2/ 433 وَفِي الدلائل، لَهُ 5/ 472 - 473. من طريق سيار أبي الحكم، عن يزيد الفقير، عن جابر. 2 - عَبْد الله بن عَبَّاس، عِنْدَ: ابن أَبِي شَيْبَة (7750) و (31634)، وأحمد 1/ 250و 301، وعَبْد بن حميد (643)، والطبراني في الكبير (11047) (11085)، والبَيْهَقِيّ 2/ 433 وَفِي الدلائل، لَهُ 5/ 473 - 474. 3 - أبو موسى الأشعري، عِنْدَ: ابن أبي شَيْبَة (31636)، وأحمد 4/ 416. 4 - أَبُو ذر الغفاري، عِنْدَ: ابن أبي شَيْبَة (31641)، وأحمد 5/ 145 و 147، والدارمي (2470)، وأبي دَاوُد (489)، والبَيْهَقِيّ في دلائل النبوة 5/ 473. 5 - أبو هُرَيْرَة، عِنْدَ: أحمد 2/ 411، ومُسْلِم 2/ 64 (523) (5)، والتِّرْمِذِي (1553)، وابن ماجه (567) والطحاوي في شرح المشكل (1023) (1025) (4487) (4488)، وأبي نُعَيْم في المستخرج (1153)، والبَيْهَقِيّ 2/ 433، 9/ 5 وفي الدلائل، لَهُ 5/ 472، والبَغَوِيّ (3617). 6 - ابن عُمَر، عِنْدَ: =

أشبهه يُشبهُ القِسْم الأول من حَيْثُ إن مَا رَواهُ الجماعة عام وما رَواهُ المنفرد بالزيادة مخصوص، وَفِي ذَلِكَ مغايرة في الصفة ونوع من المخالفة يختلف بِهَا الحكم، ويشبه أيضاً القِسْم الثَّانِي من حَيْثُ إنه لا منافاة بَيْنَهُمَا)) (¬1). وهذا من الحافظ ابن الصَّلاح نظر دقيق وعميق إذَ لَيْسَ في الحَدِيْث زيادة ذكرها راوٍ لَمْ يذكرها بقية الرواة عن نَفْس المدار واتحاد المخرج. إذ إن أبا مَالِك قَدْ تفرد بجملة الحَدِيْث عن ربعي، وتفرد ربعي (¬2) عن حذيفة بِهِ، إلا أن في هَذَا الحَدِيْث زيادة عَلَى مَا ذكر في أحاديث أخر عن صحابة آخرين وللحافظ ابن حجر تعقيب عَلَى صنيع ابن الصَّلاح فَقَدْ قَالَ: ((هَذَا التمثيل لَيْسَ بمستقيم أيضاً؛ لأن أبا مَالِك قَدْ تفرد بجملة الحَدِيْث عن ربعي بن حراش - رضي الله عنه - كَمَا تفرد برواية جملته ربعي عن حذيفة - رضي الله عنه -. فإن أراد أن لفظة (تربتها) زائدة في هَذَا الحَدِيْث عَلَى باقي الأحاديث في الجملة، فإنه يرد عَلَيْهِ: أَنَّهَا في حَدِيث عَلِيّ - رضي الله عنه - أيضاً ... وإن أراد: أن أبا مَالِك تفرد بِهَا، وأن رفقته عن ربعي - رضي الله عنه - لَمْ يذكروها كَمَا هُوَ ظاهر كلامه، فليس بصحيح)) (¬3). ومع مراد ابن الصَّلاح أياً كَانَ فإن لهذا الحَدِيْث وزيادته أثراً في الفقه الإسلامي. اختلف الفُقَهَاء فِيْمَا يجوز بِهِ التيمم عَلَى قولين: 1 - لا يصح إلا بتراب لَهُ غبار يعلق باليد، وبهذا قَالَ ابن عَبَّاس (¬4)، والشَّافِعيّ (¬5)، وأحمد (¬6)، وإسحاق (¬7)، وأبو يوسف (¬8)، ¬

_ = البزار في كشف الاستار (311)، والطبراني في الكبير (13522)، وغيرهم. وانظر: شرح السيوطي: 188 - 189، وأثر علل الحَدِيْث 264 - 265. (¬1) معرفة أنواع علم الحديث: 78 - 79، 182 - 183 طبعتنا. (¬2) هُوَ ربعي بن حراش، أبو مريم العبسي، الكوفي: ثقة عابد مخضرم، يروي عن الصَّحَابَة، توفي سنة (100 هـ‍). أسد الغابة 2/ 162، وتجريد أسماء الصَّحَابَة 1/ 176 (1824)، والتقريب (1879). (¬3) النكت عَلَى كِتَاب ابن الصَّلاح 2/ 700 - 701. (¬4) انظر: حلية العُلَمَاء 1/ 232، والمجموع 9/ 218. (¬5) انظر: الأم 6/ 50، ومختصر المزني:6،والأوسط 2/ 38 - 40، والحاوي الكبير 1/ 287 - 289، والمهذب 1/ 39، والمجموع2/ 213، وروضة الطالبين1/ 108 - 109، وفتح العلام1/ 66، وحاشية الجمل1/ 195. (¬6) انظر: المغني 1/ 249، والمحرر 1/ 22، والشرح الكبير 1/ 254، وشرح الزَّرْكَشِيّ 1/ 171، والانصاف 1/ 284. (¬7) انظر: الأوسط 2/ 41، وحلية الْعُلَمَاء 2/ 233، والمجموع 2/ 218. (¬8) انظر: تحفة الفُقَهَاء 1/ 79.

وابن المنذر (¬1)، ودَاوُد (¬2)، والزيدية (¬3). وروي عن ابن عَبَّاس، وإسحاق اشتراط أن يَكُون التراب عذباً (¬4). 2 - يجوز التيمم بكل ماكان من جنس الأرض: وبهذا قَالَ حماد بن سليمان (¬5)، وأبو حَنِيْفَة (¬6)، ومُحَمَّد (¬7)، ويحيى بن سعيد (¬8)، وَقَالَ مَالِك: يجوز بكل مَا كَانَ وجه الأرض (¬9). وَقَالَ سُفْيَان الثَّوْرِيّ: إن كَانَ في ثوبك أو سرجك أو بردعتك تراب أو عَلَى شجر فتيمم بهِ (¬10). 3 - يصح حَتَّى بالثلج: وبه قَالَ كُلّ من مَالِك (¬11)، والأوزاعي (¬12)، والثَّوْرِيّ (¬13)، وَفِي رِوَايَة عن مَالِك يصح بكل مَا كَانَ متصلاً بالأرض من النبات (¬14). 4 - يجوز التيمم بالرمل: وَهُوَ رِوَايَة عن الشَّافِعيّ (¬15)، وأبي يوسف (¬16)، وأحمد (¬17)، والأوزاعي (¬18)، وأبي ثور (¬19). 5 - ومذهب ابن حزم أن الأرض قسمان تراب وغير تراب فأما التراب فالتيمم بِهِ جائز إن كَانَ في موضعه من الأرض أما غَيْر التراب من الحصى أو الصفا أو ¬

_ (¬1) انظر: الأوسط 2/ 38 والمجموع 2/ 213. (¬2) انظر: المجموع 2/ 213. (¬3) انظر: السيل الجرار 1/ 130. (¬4) انظر: الحاوي 1/ 290. (¬5) انظر: المغني 1/ 248. (¬6) انظر: المبسوط 1/ 109، والهداية 1/ 25، والاختيار 1/ 2، وتبيين الحقائق 1/ 38 - 39، وحاشية رد المحتار 1/ 239. (¬7) انظر: تحفة الفُقَهَاء 1/ 79، والهداية 1/ 25. (¬8) انظر: المدونة 1/ 46. (¬9) انظر: المدونة 1/ 46، والاستذكار 3/ 352، والمنتقى للباجي 1/ 116 وبداية المجتهد 1/ 51، وشرح منح الجليل 1/ 90، وسراج السالك 1/ 85، وأسهل المدارك 1/ 127. (¬10) انظر: المحلى 2/ 161. (¬11) انظر: المدونة 1/ 46، والاستذكار 1/ 352، والمنتقى للباجي 1/ 116، وبداية المجتهد 1/ 51. (¬12) انظر: المجموع 2/ 213، وفقه الإِمَام الأوزاعي 1/ 75. (¬13) انظر: المجموع 2/ 213. (¬14) انظر: بداية المجتهد 1/ 51، وحلية العُلَمَاء 1/ 232، والاستذكار 1/ 352. (¬15) انظر: الحاوي 1/ 291، وحلية العُلَمَاء 1/ 232، والمجموع 2/ 214. (¬16) انظر: حلية العُلَمَاء 1/ 232 والهداية 1/ 25. (¬17) انظر: الرِّوَايَتَيْنِ والوَجْهَيْنِ: 9ب، والمغني 1/ 249، والشرح الكبير 1/ 255، والانصاف 1/ 284. (¬18) انظر: الأوسط 2/ 39، والمغني 1/ 248. (¬19) انظر: الأوسط 2/ 39، والاستذكار 1/ 353.

الرخام أو الرمل أو الزرنيخ أو الجص أو الثلج فإن كَانَ في الأرض غَيْر مزال عَنْهَا إلى شيء آخر فجائز التيمم بِهِ وإن كَانَ مزالاً عَنْهَا فَلاَ يجوز التيمم به (¬1). مثال آخر للزيادة المقبولة بسبب كثرة الرواة رَوَى عَبْد الأعلى (¬2)، عن عبيد الله (¬3) بن عُمَر، عن نافع أن عَبْد الله بن عُمَر كَانَ إذَا دخل في الصَّلاَة كبر ورفع يديه، وإذَا ركع رفع يديه، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ الله لِمَنْ حمده رفع يديه، وَإِذَا قام من الركعتين رفع يديه، رفع (¬4) ذَلِكَ ابن عُمَر إلى النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -. هكذا رَواهُ الإِمَام البُخَارِيّ (¬5) وابن حزم (¬6) من طريق عياش (¬7)، وأبو دَاوُد (¬8)، والبيهقي (¬9) من طريق نصر بن عَلِيّ (¬10)، والبيهقي (¬11)، والبغوي (¬12) من طريق إسماعيل بن بشر بن مَنْصُوْر (¬13)؛ ثلاثتهم (عياش، ونصر بن عَلِيّ، وإسماعيل بن بشر) رووه عن عَبْد الأعلى من هَذَا الوجه. وَقَدْ خولف عَبْد الأعلى في هَذَا الحَدِيْث مرتين: خولف في رفعه وخولف بذكر ¬

_ (¬1) انظر: المحلى 2/ 158. (¬2) هُوَ عَبْد الأعلى بن عَبْد الأعلى البصري السامي: ثِقَة، مات سنة تسع وثمانين ومئة. تهذيب الكمال 4/ 336 (3675)، والكاشف 2/ 611 (3078)، وتقريب التهذيب: (3734). (¬3) هُوَ عبيد الله بن عُمَر بن حفص بن عاصم بن عُمَر بن الخطاب: ثِقَة ثبت مات سنة (147هـ‍). تهذيب الكمال 5/ 54 (4257)، والكاشف 1/ 685 (3576)، وتقريب التهذيب (4324). (¬4) وهذه إحدى صيغ الرفع عِنْدَ المُحَدِّثِيْنَ، انظر: معرفة أنواع علم الحديث: 46، وَفِي طبعتنا:125. (¬5) في صحيحه 1/ 188 (739) وَفِي رفع اليدين (49). (¬6) في المحلى 4/ 90. (¬7) هُوَ: عياش بن الوليد الرقام، أبو الوليد البصري: ثِقَة مات سنة ست وعشرين ومئتين. الثقات 8/ 509، وتهذيب الكمال 5/ 536 (5192)، وتقريب التهذيب: (5272). (¬8) في سننه (741). (¬9) في سننه الكبرى 2/ 70. (¬10) هُوَ نصر بن عَلِيّ الجهضمي: ثِقَة ثبت طلب للقضاء فامتنع، توفي سنة (250 هـ‍)، وَقِيْلَ: (251 هـ‍). تهذيب الكمال 7/ 325 (7001)، والكاشف 2/ 319 (5819)،وتقريب التهذيب (7120). (¬11) في سننه الكبرى 2/ 136. (¬12) في شرح السُّنَّة (560). (¬13) هُوَ إسماعيل بن بشر بن منصور السليمي: بصري يكنى أبا بشر: صدوق تكلم فِيهِ للقدر، مات سنة خمس وخمسين ومئتين. تهذيب الكمال 1/ 222 (420)، والكاشف 1/ 244 (359)، وتقريب التهذيب (426).

زيادة: ((وَإِذَا قام من الركعتين رفع يديه)) (¬1). فَقَدْ خالفه عَبْد الله بن إدريس (¬2) وعَبْد الوهاب الثقفي (¬3)، والمعتمر بن سليمان (¬4) فرووه عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عُمَر موقوفاً. وَقَدْ خولف عَبْد الأعلى لعدم ذكر الزيادة خالفه الإِمَام مَالِك (¬5) فرواه عن نافع، عن ابن عُمَر موقوفاً، بدون ذكر الزيادة. وخالفه أيضاً حماد بن سلمة (¬6) وإبراهيم بن طهمان (¬7) فروياه عن أيوب السختياني، ورواه ابن طهمان عن موسى بن عُقْبَة (¬8). ورواه صالح بن كيسان (¬9)؛ ثلاثتهم (أيوب، وموسى، وصالح)، عن نافع، عن ابن ¬

_ (¬1) والمختار قبول الرفع وصحة الزيادة، فَقَدْ صححهما إمام المُحَدِّثِيْنَ أبو عَبْد الله البُخَارِيّ إِذْ أودعهما في صحيحه، وَقَدْ حكى الدَّارَقُطْنِيّ في العلل الاختلاف في وقفة ورفعه وَقَالَ: ((الأشبه بالصواب قَوْل عَبْد الأعلى)) (نقله عَنْهُ الحافظ ابن حجر في فتح الباري 2/ 222). (¬2) هُوَ: عَبْد الله بن إدريس بن يزيد بن عَبْد الرحمان الأودي: ثِقَة فقيه عابد، توفي سنة (192 هـ‍). تهذيب الكمال 4/ 86 (3147)، والكاشف 1/ 538 (2627)،وتقريب التهذيب (3207). وحديثه أشار إِليهِ الحافظ ابن حجر في فتح الباري نقلاً عن الإسماعيلي (فتح الباري 2/ 222). (¬3) هُوَ عَبْد الوهاب بن عَبْد المجيد الثقفي: ثِقَة تغير قَبْلَ موته بثلاث سنين، مات سنة أربع وتسعين ومئة. تهذيب الكمال 5/ 18 (4192)، والكاشف 1/ 674 (7519)، وتقريب التهذيب (4261)، وروايته لَمْ أقف عَلَيْهَا، لَكِنْ ذكرها ابن حجر في فتح الباري 2/ 222. (¬4) هُوَ: المعتمر بن سليمان التيمي يلقب الطفيل: ثِقَة مات سنة سبع وثمانين ومئتين. تهذيب الكمال 7/ 169 (6673)، والكاشف 2/ 279 (5546)، وتقريب التهذيب (6785)، وروايته لَمْ أقف عَلَيْهَا، وذكرها ابن حجر في فتح الباري 2/ 222. (¬5) موطأ الإِمَام مَالِك (100) رِوَايَة مُحَمَّد بن الحَسَن الشيباني، و (80) رِوَايَة سويد بن سعيد، و (210) رِوَايَة أبي مصعب الزُّهْرِيّ، و (201) رِوَايَة يَحْيَى الليثي. (¬6) حديثه أخرجه أحمد 2/ 100، وأشار إِليهِ البُخَارِيّ 1/ 188 عقب (739)، وفي جزء رفع اليدين (52) و (53) والطحاوي في شرح المشكل (5832)، والبَيْهَقِيّ 2/ 70، وابن حجر في تغليق التعليق 2/ 305 مرفوعاً من غَيْر ذكر الزيادة. (¬7) هُوَ إبراهيم بن طهمان الخراساني، أبو سعيد سكن نيسابور ثُمَّ مكة: ثِقَة يغرب وتكلم فِيهِ للارجاء، ويقال: رجع عَنْهُ، مات سنة ثمان وستين ومئة. تهذيب الكمال 1/ 115 (182) والكاشف 1/ 214 (148)، وتقريب التهذيب (189). وحديثه عِنْدَ البُخَارِيّ أشار إِليهِ في صَحِيْحه 1/ 188 عقب حَدِيث (739)، وأخرجه البَيْهَقِيّ 2/ 70 - 71، وابن حجر في تغليق التعليق 2/ 306. (¬8) حديثة أخرجه البَيْهَقِيّ 2/ 70 - 71، وابن حجر في تغليق التعليق 2/ 306 (¬9) هُوَ صالح بن كيسان المدني: مؤدب ولد عُمَر بن عَبْدالعزيز: ثِقَة ثبت فقيه، مات سنة ثلاثين ومئة =

عُمَر مرفوعاً، بدون ذكر الزيادة. إلا أن عَبْد الأعلى لَمْ ينفرد بالحديث، فَقَدْ توبع عَلَيْهِ متابعات تامة ونازلة، تابعه عَلَى الرفع والزيادة محارب بن دثار (¬1) فرواه عن عَبْد الله بن عُمَر. وتوبع عَلَى ذكر الزيادة أيضاً، لَكِنْ من طرق موقوفة عَلَى ابن عُمَر، تابعه ابن جريج (¬2)، والليث بن سعد (¬3) متابعة نازلة عن نافع إلا أنهم رووه موقوفاً. وَقَدْ توبع عَبْد الأعلى بذكر الزيادة والرفع فرواه معتمر بن سليمان (¬4)، عن عبيد الله بن عَبْد الله، عن الزُّهْرِيّ، عن سالم، عن ابن عُمَر، بِهِ. وعبد الوهاب الثقفي (¬5)، عن عبيد الله، عن الزُّهْرِيّ، عن نافع، عن ابن عمر، بِهِ. ثُمَّ إن لحديث عَبْد الأعلى بزيادته شواهد من حَدِيث أبي حميد الساعدي (¬6)، والإِمَام ¬

_ = أو بعد الأربعين. تهذيب الكمال 3/ 434 (2820)، والكاشف 1/ 498 (2358)، وتقريب التهذيب (2884). وحديثه أخرجه الإِمَام أحمد 2/ 132، وأحاله عَلَى الحَدِيْث الَّذِي قبله، والدَّارَقُطْنِيّ 1/ 295 - 296 وفي رِوَايَة أَحْمَد زاد (وحين يسجد). (¬1) وَهُوَ: ثِقَة إمام زاهد، مات سنة ست عَشْرَة ومئة (تقريب التهذيب: 6492)، وحديثه عِنْدَ ابن أبي شَيْبَة (2439)، والبُخَارِيّ في جزء رفع اليدين (26)، وأبي دَاوُد (743)، وابن حزم في المحلى 4/ 90 من طرق عن عاصم بن كليب عن محارب بن دثار عن عَبْد الله بن عُمَر بلفظ: ((كَانَ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - إذَا قام في الركعتين كبر ورفع يديه))، وَفِي بَعْض الكُتُب: ((من الركعتين)) إلا أن البُخَارِيّ أخرجه في ((جزء رفع اليدين)) (48) من طريق أخرى عن عَبْد الواحد بن زياد، قَالَ: حَدَّثَنَا محارب بن دثار، قَالَ: رأيت عَبْد الله افتتح الصَّلاَة كبر ورفع يديه وَإِذَا أراد أن يركع رفع يديه وَإِذَا رفع رأسه من الركوع)). هكذا رَواهُ موقوفاً عَلَى ابن عُمَر من غَيْر ذكر للزيادة. (¬2) حديثه عِنْدَ عَبْد الرزاق (2520)، والبُخَارِيّ في جزء رفع اليدين (40). (¬3) حديثه عِنْدَ البُخَارِيّ في جزء رفع اليدين (51). (¬4) عِنْدَ النَّسَائِيّ 3/ 3، وَفِي الكبرى (1105)، وابن خزيمة (693)، والطحاوي في شرح المشكل (5829) و (5830) وانظر: تحفة الأشراف 5/ 381 (6876). (¬5) أخرجه البُخَارِيّ في جزء رفع اليدين (80). (¬6) الصَّحَابِيّ الجليل أبو حميد الساعدي، اختلف في اسمه فقيل: المنذر بن سعد، وَقِيْلَ: عَبْد الرَّحْمَان، وَقِيْلَ: عَمْرو، واختلف في اسم أبيه أَيْضاً، عاش إِلَى أول خلافة يزيد سنة ستين هجرية. أسد الغابة 4/ 417، وتجريد أسماء الصَّحَابَة 2/ 95 (1070)، والتقريب (8065). وحديثه أخرجه أحمد 5/ 424، والدارمي (1363)، والبُخَارِيّ في ((جزء رفع اليدين)) (3) و (4)، وأبو دَاوُد (730)، وابن ماجه (862)، والتِّرْمِذِي (304) و (305)، والنَّسَائِيّ 3/ 2 - 3، وَفِي الكبرى، لَهُ (1104)، وابن الجارود (192) و (193)، وابن خزيمة (587)، والطحاوي في شرح المعاني 1/ 223، وابن حبان (1863) و (1866) و (1872) وَفِي ط الرسالة (1867) و (1870) =

عَلِيّ (¬1)، وأبي هُرَيْرَةَ (¬2). وهناك شاهد أخرجه أبو داود (¬3)، قَالَ: حَدَّثَنَا قتيبة بن سعيد، قَالَ: حَدَّثَنَا ابن لهيعة، عن أبي هبيرة (¬4)، عن ميمون المكي (¬5)، أَنَّهُ رأى عَبْد الله بن الزُّبَيْر وصلى بهم يشير بكفيه حِيْنَ يقوم، وحين يركع، وحين يسجد، وحين ينهض للقيام، فيقوم فيشير بيديه، فانطلقت إلى ابن عَبَّاس فقلت: إني رأيت ابن الزُّبَيْر صلى صلاة لَمْ أر أحداً يصليها، فوصفت لَهُ هذِهِ الإشارة، فَقَالَ: إن أحببت أن تنظر إلى صلاة رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - فاقتد بصلاة عَبْد الله بن الزُّبَيْر. وابن لهيعة وإن كَانَ فِيهِ مقال، إلا أن رِوَايَة قتيبة بن سعيد عَنْهُ جيدة، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الإمام المبجل أحمد بن حَنْبَل (¬6). وَقَدْ اعترض عَلَى هَذَا الحَدِيْث صاحب عون المعبود فَقَالَ: ((هَذَا يدل عَلَى مشروعية الرفع عِنْدَ القيام من السجود، لَكِنَّهُ مَعَ ضعفه معارض بحديث ابن عُمَر المروي في صَحِيْح البُخَارِيّ، وفيه: ((ولايفعل ذَلِكَ حِيْنَ يسجد وَلاَ حِيْنَ يرفع رأسه من السجود)))) (¬7). لَكِن الَّذِي يبدو لي: أن لا معارضة بَيْنَ الحديثين فيحمل حَدِيث ابن الزُّبَيْر عَلَى العموم، وحديث ابن عُمَر مخصص لَهُ فخرج من العموم إلى الخصوص، وهذا أولى من ادعاء التعارض. ¬

_ = و (1876)، والبَيْهَقِيّ 2/ 72. (¬1) أخرجه أحمد 1/ 93، والبُخَارِيّ في ((جزء رفع اليدين)) (1) و (9)، وأَبُو دَاوُد (744) و (761)، وابن ماجه (864)، والتِّرْمِذِي (3423)، وابن خزيمة (584)،والدَّارَقُطْنِيّ 1/ 287، وذكر الخلال في ((علله)) عن إسماعيل بن إسحاق الثقفي قَالَ: سئل أحمد عن حَدِيث عَلِيّ هَذَا فَقَالَ: صَحِيْح. انظر: (نصب الراية 1/ 412). (¬2) أخرجه أبو دَاوُد (738)، وابن خزيمة (694). (¬3) في سننه (739). (¬4) هُوَ عَبْد الله بن هبيرة بن أسعد السبئي الحضرمي، أَبُو هبيرة المصري: ثقة، توفي سنة (126 هـ‍). تهذيب الكمال 4/ 310 (3616)، والكاشف 1/ 605 (3033)، والتقريب (3678). (¬5) وَهُوَ مجهول من الرابعة. تهذيب الكمال 7/ 297 (6938)، والتقريب (7054). (¬6) سير أعلام النبلاء 8/ 17 إلا أن الحَدِيْث من معنعنات ابن لهيعة. (¬7) عون المعبود 1/ 269، ومما ينبغي التنبيه عَلَيْهِ أن صاحب عون المعبود قَدْ توهم في تعيين شيخ ابن لهيعة، فزعم أن أبا هبيرة مُحَمَّد بن الوليد بن هبيرة الهاشمي الدِّمَشْقِيّ، وَهُوَ خطأ محض، صوابه: عَبْد الله بن هبيرة بن أسعد: وهو ثِقَة (التقريب:3678)، وَقَدْ نبه عَلَى هَذَا الوهم صاحب بذل المجهود 4/ 459، وَقَدْ بذل الجهد في بيان الخطأ من الصَّوَاب.

المسألة الأولى: رفع اليدين عند الركوع وعند الرفع منه

أثر هَذَا الحَدِيْث في اختلاف الفُقَهَاء حكم رفع اليدين في الصَّلاَة هناك مواضع متعددة ترفع فِيْهَا الأيدي في الصَّلاَة حصل بَيْنَ العُلَمَاء خِلاَف كبير في مشروعيتها، وسأبحث هَذَا في مسائل: المسألة الأولى: رفع اليدين عِنْدَ الركوع وعند الرفع مِنْهُ اختلف الفُقَهَاء في هَذَا عَلَى قولين: القَوْل الأول: تُرْفَعُ اليدان عِنْدَ الركوع وعِنْدَ الرفع مِنْهُ. وَهُوَ قَوْل أبي بَكْر، وعمر، وعلي، وأنس، وأبي سعيد الخُدْرِيّ، وجابر بن عَبْد الله، وابن عَبَّاس، وأبي هُرَيْرَة، وأبي موسى الأشعري، وابن عُمَر، وعبد الله بن عَمْرو، ووائل بن حُجر، وأبي قتادة الأنصاري، وأَبِي الدرداء، وسهل بن سعد، وأبي أسيد، ومالك بن الحويرث، ومحمد بن مسلمة، وعَبْد الله بن الزُّبَيْر، وعقبة بن عامر، وعبد الله بن جابر البياضي، وأم الدرداء، وأَبِي حميد الساعدي، وأبي قلابة، وابن الزُّبَيْر، والحَسَن البصري، وابن عينية، وعطاء، وطاوس، ومجاهد، ونافع، وسالم بن عَبْد الله، وسعيد بن جبير، وعبيد الله بن عُمَر، وقتادة، ومكحول، وابن سيرين، والليث بن سعد، والقاسم بن مُحَمَّد، وعَبْد الله بن المبارك، وأصحابه وهم (عَلِيّ بن حسين، وعبد الله بن عُمَر، ويَحْيَى بن يَحْيَى)، والأوزاعي، وعمر بن عَبْد العزيز، وإسحاق، وأبي ثور، والنُّعْمَان بن أبي عياش، وعبد الله بن دينار، وابن أبي نجيح، والحَسَن بن مُسْلِم، وقيس بن سعد، وعلي بن عَبْد الله، وهشام بن الحَسَن، ومعتمر بن سليمان، ومحمد بن جرير الطبري، وإسحاق بن إبراهيم الحنظلي، ويحيى القطان، وعَبْد الرحمان بن مهدي، وإسماعيل بن عُلية، وعُمَر بن هارون، والنضر بن شميل، والحميدي، والبُخَارِيّ، ومحدثي أهل بخارى وهم (عيسى بن موسى، وكعب بن سعيد، ومحمد بن سلام، وعَبْد الله بن مُحَمَّد المسندي)، وجرير بن عَبْد الحميد، وابن وهب، ومحمد بن نصر المروزي، وعَبْد الرحمان بن سابط، والربيع، ومُحَمَّد بن نمير، ويَحْيَى بن معين، وعَلِيّ بن المديني، وابني عَبْد الله بن عَبْد الحكم (¬1) وإليه ذهب الشَّافِعيّ (¬2) ¬

_ (¬1) انظر أقوالهم في مصنف ابن أبي شَيْبَة (2430) و (2431) و (2433) و (2435) و (2436) و (2437)، والجامع الكبير للترمذي عقب حَدِيث (256)، ورفع اليدين للبخاري (56) إِلَى (65)، والمحلى 4/ 89 - 90 والسُّنَن الكبرى2/ 75، والتمهيد9/ 217 - 219، وشرح السُّنَّة 3/ 23، وطرح التثريب 2/ 252 - 254. (¬2) انظر: الأم 1/ 104، والحاوي الكبير 2/ 149، والمهذب 1/ 81 - 82، والتهذيب 2/ 84.

وأحمد (¬1) وابن حزم (¬2) وَهُوَ رِوَايَة عن مَالِك (¬3) واستدلوا بحديث ابن عُمَر المتقدم (¬4). قَالَ الشَّافِعيّ: ((وَقَدْ رَوَى هَذَا سوى ابن عُمَر اثنا عشر رجلاً عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -)) (¬5). وذكر العراقي أَنَّهُ مرويٌ عن رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - من حَدِيث خمسين صحابياً (¬6). القَوْل الثَّانِي: لا ترفع اليدان عِنْدَ الركوع وعِنْدَ الرفع مِنْهُ، وإنما ترفعان عِنْدَ تكبيرة الإحرام فَقَطْ. وَهُوَ قَوْل أبي بَكْر في رِوَايَة، وعمر في رِوَايَة، وعلي، وابن مَسْعُود، وابن عُمَر في رِوَايَة، وابن عَبَّاس في رِوَايَة، والثَّوْرِيّ، والشَّعْبيّ، والنخعي، وابن أبي ليلى، والحَسَن بن صالح بن حيّ، والأسود، وعلقمة، وخيثمة، وقيس بن أبي حازم، وأَبِي إسحاق السَّبِيْعِيّ (¬7)، وإِليهِ ذهب أبو حَنِيْفَة وأصحابه (¬8)، وَهُوَ رِوَايَة عن مَالِك (¬9) وَهُوَ مَذْهَب أهل الكوفة (¬10). واستدلوا بحديث جابر بن سمرة (¬11) قَالَ: ((خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: مالي أراكم رافعي أيديكم كأنها أذناب خيل شمس أسكنوا في الصَّلاَة)) (¬12). ¬

_ (¬1) انظر: مسائل عَبْد الله 1/ 236 - 238، والهداية: الورقة (25)، والمقنع: 29، والمغني 1/ 546، وشرح الزَّرْكَشِيّ 1/ 305، وكشاف القناع 1/ 403. (¬2) انظر: المحلى 4/ 87 - 95. (¬3) انظر: التمهيد 9/ 222، والاستذكار 1/ 454، والمنتقى 1/ 142 - 143، وبداية المجتهد 1/ 96. (¬4) تقدم تخريجه. (¬5) الأم 1/ 103 - 104. (¬6) انظر: طرح التثريب 2/ 264. (¬7) انظر أقوالهم في: الحجة 1/ 97، ومصنف ابن أبي شَيْبَة (2441) - (2454)، والسُّنَن الكبرى 2/ 78، وطرح التثريب 2/ 254، وإعلاء السُّنَن 3/ 60 - 92. (¬8) انظر: الحجة 1/ 94، والاختيار 1/ 49، وتبيين الحقائق 1/ 119 - 120، وإعلاء السُّنَن 3/ 60 - 92. (¬9) انظر: المدونة 1/ 68، وبداية المجتهد 1/ 96. (¬10) قَالَ مُحَمَّد بن نصر المروزي ((لا أعلم مصراً من الأمصار تركوا بأجمعهم رفع اليدين عِنْدَ الخفض والرفع في الصَّلاَة إلا أهل الكوفة، فكلهم لا يرفع إلا في الإحرام)). الاستذكار 1/ 453 - 454. (¬11) هُوَ الصَّحَابِيّ الجليل جابر بن سمرة بن جنادة العامري السوائي، صَحَابِيّ ابن صَحَابِيّ، توفي بَعْدَ سنة سبعين. أسد الغابة 1/ 254، وتجريد أسماء الرُّوَاة 1/ 72 (672)، والتقريب (867). (¬12) أخرجه أحمد 5/ 93 و 101 و 107، وَمُسْلِم 2/ 29 (430) (119)، وأَبُو دَاوُد (1000)، والنَّسَائِيّ 3/ 4 وفي الكبرى، لَهُ (552) و (1107)، وأبو يعلى (7472) و (7480)، وأبو عوانة 2/ 94، والطحاوي في شرح المعاني 1/ 458 وَفِي شرح المشكل، لَهُ (5926)، وابن حبان (1874) =

المسألة الثانية: هل ترفع اليدان في موضع آخر، وهو عند القيام من التشهد الأول إلى الركعة الثالثة

وبما روي عن ابن مَسْعُود أَنَّهُ قَالَ: ((ألا أصلي بكم صلاة النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - فصلى وَلَمْ يرفع يديه إلا في أول مرة)) (¬1). وَقَالَ البُخَارِيّ مُعلقاً عَلَى حَدِيث جابر بن سمرة: ((فإنما كَانَ هَذَا في التشهد لا في القيام كَانَ يُسلم بعضهم عَلَى بَعْض فنهى النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - عن رفع الأيدي في التشهد، وَلاَ يحتج بهذا من لَهُ حظ من العِلْم هَذَا مَعْرُوف مَشْهُور لا اختلاف فِيهِ، وَلَوْ كَانَ كَمَا ذهب إليه لكان رفع الأيدي في أول التكبيرة وأيضاً تكبيرات العيد منهياً عَنْهَا؛ لأَنَّهُ لَمْ يستثنِ رفعاً دُوْنَ رفع وَقَدْ ثبت حَدِيث)) (¬2). أما حَدِيْث ابن مسعود فضعفه عَبْد الله بن المبارك فَقَالَ: ((لَمْ يثبت)) (¬3). وَقَالَ أبو حاتم الرازي: ((هَذَا خطأ)) (¬4). وَقَالَ أبو داود: ((لَيْسَ هُوَ بصحيح عَلَى هَذَا اللفظ)) (¬5). إلا أن الزيدية أنكروا رفع اليدين عِنْدَ الإحرام (¬6). المسألة الثانية: هَلْ ترفع اليدان في مَوْضِع آخر، وَهُوَ عِنْدَ القيام من التشهد الأول إلى الركعة الثالثة، عَلَى قولين القَوْل الأول: ترفع اليدان عِنْدَ القيام من الركعتين. وهذا القَوْل رَواهُ الإِمَام عَلِيّ، وأبو حميد الساعدي في عَشْرَة من أصحاب النَّبيّ ¬

_ = و (1875) وَفِي طبعة الرسالة (1878) و (1879)، والطبراني في الكبير (1822) و (1824) و (1829)، والبَيْهَقِيّ 2/ 280، عن جابر بن سمرة، بِهِ مرفوعاً. (¬1) أخرجه ابن أبي شَيْبَة (2441)، وأحمد 1/ 388 و 442، وأبو دَاوُد (748)، والترمذي (257)، والنَّسَائِيّ 2/ 182 و 195 وفي الكبرى، لَهُ (645) و (1099)، وأبو يعلى (5040) و (5302)، والطحاوي في شرح المعاني 1/ 229 وَفِي شرح المشكل، لَهُ (5826)، والدَّارَقُطْنِيّ 1/ 295، وابن حزم في المحلى 4/ 87، والبَيْهَقِيّ 2/ 78 و 79 - 80. (¬2) رفع اليدين: 124 - 125. (¬3) جامع التِّرْمِذِيّ عقيب (256). (¬4) العلل لابنه: (258). (¬5) سننه عقيب (748). (¬6) انظر: البحر الزخار 2/ 239.

المسألة الثالثة: رفع اليدين عند السجود وعند الرفع منه

- صلى الله عليه وسلم - فِيْهِمْ أبو قتادة (¬1). وَهُوَ قَوْل ابن عُمَر (¬2)، وعطاء (¬3)، والبخاري (¬4). وإليه ذهب بَعْض أصحاب الشَّافِعيّ (¬5)، وَهُوَ رِوَايَة عن الإِمَام أحمد (¬6)، وابن حزم (¬7). مستدلين بزيادة عَبْد الأعلى السابقة الذكر والتفصيل وخالف في ذَلِكَ جَمَاعَة من أهل العِلْم (¬8) فلم يروا رفع اليدين في هَذَا الموضع. المسألة الثالثة: رفع اليدين عِنْدَ السجود وعند الرفع مِنْهُ. وَقَد اختلف الفُقَهَاء في ذَلِكَ عَلَى قولين: القَوْل الأول: ترفع اليدان عِنْدَ السجود وعِنْدَ الرفع مِنْهُ. وَهُوَ قَوْل أنس، وابن عُمَر، وابن عَبَّاس، ونافع، وعطاء، وطاووس، وأيوب، والحَسَن، وابن سيرين (¬9)، وهُوَ رِوَايَة عن الإِمَام أحمد (¬10)، وإليه ذهب ابن حزم (¬11). وَهُوَ قَوْل بَعْض أهل الحَدِيْث وَقَدْ جاءت بِذَلِكَ آثار لا تثبت (¬12). واستدلوا بحديث ¬

_ (¬1) حَدِيث عَلِيّ - رضي الله عنه - أخرجه أحمد 1/ 93،والبُخَارِيّ في رفع اليدين (1) و (9)، وأبو دَاوُد (744) و (761)، وابن ماجه (864)، والتِّرْمِذِي (3423)، وابن خزيمة (584)، والطحاوي في شرح المعاني 1/ 222، والدَّارَقُطْنِيّ 1/ 287، والبَيْهَقِيّ 2/ 74 عن عَلِيّ بِهِ مرفوعاً. وَقَدْ نقل ابن حجر في الفتح 2/ 222 عن الإِمَام البُخَارِيّ قوله: ((مَا زاده ابن عُمَر، وعَلِيّ، وأبو حميد في عَشْرَة من الصَّحَابَة من الرفع عِنْدَ القيام من الركعتين صَحِيْح)) وعزاه ابن حجر للبخاري في رفع اليدين، وَلَمْ أقف عَلَيْهِ بهذه الصيغة، وإنما ورد قوله بدون ذكر ((مَا زاده ابن عُمَر، وعَلِيّ))، فلعله سقط من المطبوع بدليل أَنَّهُ أخرج أحاديثهما في كِتَابَه. وانظر: رفع اليدين: 189. (¬2) انظر: مصنف ابن أبي شَيْبَة (2439)، ورفع اليدين للبخاري (26) و (51). (¬3) انظر: مصنف عَبْد الرزاق (2527)، والمحلى 4/ 95. (¬4) انظر: رفع اليدين: 189. (¬5) انظر: المهذب 1/ 84 - 85، والتهذيب 2/ 84، وشرح السُّنَّة 3/ 23. (¬6) انظر: مسائل ابن هانئ 1/ 49 (236). (¬7) انظر: المحلى 4/ 93. (¬8) هم الذين لَمْ يروا رفع اليدين إلا في تكبيرة الإحرام، وقَدْ ذكرناهم وذكرنا مصادرهم في المسألة السابقة فانظرها. (¬9) انظر أقوالهم في: مصنف ابن أبي شَيْبَة (2795) - (2799)، والكنى للدولابي 1/ 198، والمحلى 4/ 93 - 95. (¬10) انظر: بدائع الفوائد 4/ 189. (¬11) انظر: المحلى 4/ 93. (¬12) انظر: إكمال المُعِلم 2/ 261، وبداية المجتهد 1/ 96.

المسألة الرابعة: إلى أين ترفع اليدان

وائل بن حجر - رضي الله عنه - (¬1). وَقَالَ ابن عَبْد البر في التمهيد: ((زيادة وائل بن حجر في حديثه رفع اليدين بَيْنَ السجدتين قَدْ عارضه في ذَلِكَ ابن عُمَر بقوله: ((وَكَانَ لا يرفع بَيْنَ السجدتين))، والسنن لا تثبت إذَا تعارضت وتدافعت، ووائل بن حجر إنما رآه أياماً قليلة في قدومه عَلَيْهِ، وابن عُمَر صحبه إِلَى أن تُوُفِّي - صلى الله عليه وسلم - فحديث ابن عُمَر أصح عندهم وأولى أن يُعمل بِهِ)) (¬2). القَوْل الثَّانِي: لا ترفع اليدان عِنْدَ السجود وعند الرفع مِنْهُ وَهُوَ مَذْهَب الْجُمْهُور (¬3). المسألة الرابعة: إلى أين ترفع اليدان، وَفِي ذَلِكَ أقوال: القَوْل الأول: ترفع اليدان إلى حذو المنكبين. وَهُوَ قَوْل عُمَر، وأبي هُرَيْرَة، وابن عُمَر، وعبد الله بن الزُّبَيْر، وأم الدرداء، وسالم، ونافع، ومحمد بن سيرين، وطاووس، وعطاء، والقاسم، ومكحول، وإسحاق (¬4). وَهُوَ المشهور عن مَالِك (¬5)، وإليه ذهب الشَّافِعيّ (¬6)، وَهُوَ المشهور عن أحمد (¬7). واستدلوا بحديث ابن عمر (¬8). القَوْل الثَّانِي: ترفع اليدان إلى حذو الأذنين. وَهُوَ قَوْل عطاء، ووهب بن منبه (¬9)، وأبي جَعْفَر، وإبراهيم، والثَّوْرِيّ (¬10). ¬

_ (¬1) تقدم تخريجه. (¬2) التمهيد 9/ 227. (¬3) انظر: إكمال المُعلم 2/ 261، وبداية المجتهد 1/ 96. (¬4) انظر أقوالهم في: مصنف عَبْد الرزاق (2519) و (2532)، ومصنف ابن أبي شَيْبَة (2413) و (2414) و (2417) و (2423) و (2424)، والبُخَارِيّ في رفع اليدين (24) و (25)، وسُنَن البَيْهَقِيّ الكبرى 2/ 25، والتمهيد 9/ 230، وشرح السُّنَّة 3/ 26. (¬5) انظر: المنتقى 1/ 142، والبيان والتحصيل 1/ 413، وبداية المجتهد 1/ 97، وأسهل المدارك 1/ 215. (¬6) انظر: الأم 1/ 104، والحاوي 2/ 126، والمهذب 1/ 78، والتهذيب 2/ 85، والمجموع 3/ 306. (¬7) انظر: الهداية: الورقة (23)، والمقنع: 28، والمغني 1/ 512، والمحرر1/ 53، وشرح الزَّرْكَشِيّ 1/ 296 - 297. (¬8) تقدم تخريجه. (¬9) هُوَ وهب بن مُنَبه بن كامل اليماني، أبو عَبْد الله الأبناوي: ثقة، توفي سنة (114 هـ‍)، وَقِيْلَ: (116هـ‍). تهذيب الكمال 7/ 498 (7362)، والكاشف 2/ 358 (6116)، والتقريب (7485). (¬10) انظر أقوالهم في: مصنف عَبْد الرزاق (2524)، ومصنف ابن أبي شَيْبَة (2415) و (2416) و (2419)، وشرح السُّنَّة 3/ 26.

وإليه ذهب أبو حَنِيْفَة (¬1)، وروي ذَلِكَ عن أحمد (¬2)، وَهُوَ قَوْل ابن حبيب من المالكية (¬3). واستدلوا بحديث وائل (¬4). القَوْل الثَّالِث: ترفع اليدان إلى الصدر. وَهُوَ قَوْل للإمام مالك (¬5) ورواية عن الإِمَام أحمد (¬6). القَوْل الرابع: التخيير بَيْنَ رفع اليدين إلى الأذنين أو المنكبين. وَهُوَ رِوَايَة عن الإِمَام أحمد (¬7)، وحكاه ابن المنذر عن بَعْض أهل الحَدِيْث واستحسنه (¬8). القَوْل الخامس: ترفع اليدان حَتَّى تجاوزا الرأس في تكبيرة الافتتاح. هَذَا القَوْل حكاه العبيدي عن طاووس، وَهُوَ قَوْل ابنه، وهذا باطل لا أصل لَهُ (¬9). فائدة: ويجمع الشَّافِعيّ بَيْنَ هذِهِ الأحاديث فيقول: يجعل كفيه حذو منكبيه، وإبهاميه عِنْدَ شحمة أذنيه، ورؤوس أصابعه عِنْدَ فروع أذنيه (¬10). مثال مَا حقق فِيهِ أنَّ الزيادة خطأ: مَا أخرجه عَبْد الرزاق (¬11)، قَالَ: أخبرنا معمر، عن ثابت وقتادة، عن أنس، قَالَ: ((نظر بَعْض أصحاب النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - وضوءاً فلم يجده، فَقَالَ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -: ها هنا ماءٌ فرأَيت ¬

_ (¬1) انظر: الحجة 1/ 94، والمبسوط 1/ 10، وبدائع الصنائع 1/ 199، والهداية 1/ 46، والاختيار 1/ 49. (¬2) انظر: الهداية: الورقة (23)، والمقنع: 28، والمغني 1/ 512، والمحرر 1/ 53، وشرح الزَّرْكَشِيّ 1/ 296 - 297. (¬3) انظر: إكمال المعلم 2/ 262. (¬4) تقدم تخريجه. (¬5) انظر: المنتقى 1/ 143، والبيان والتحصيل 1/ 413. (¬6) انظر: المبدع 1/ 431، والإنصاف 2/ 45. (¬7) انظر: شرح الزَّرْكَشِيّ 1/ 297. (¬8) انظر: المجموع 3/ 307. (¬9) انظر: مصنف عَبْد الرزاق (2526)، والمجموع 3/ 307. (¬10) انظر: الوسيط 2/ 717 - 718، والتهذيب 2/ 88، وشرح السُّنَّة 3/ 26، والمجموع 3/ 305. (¬11) في مصنفه (20535)، ومن طريقه أحمد 3/ 165، والنَّسَائِيّ 1/ 61، وَفِي الكبرى (84)، وأبو يعلى (3036)، وابن خزيمة (144)، وابن حبان (6553) وَفِي ط الرسالة (6544)، والدَّارَقُطْنِيّ 1/ 71.

النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - وضع يده في الإناء الَّذِي فِيهِ الماءُ، ثُمَّ قَالَ: توضئوا (¬1) بسم الله، فرأيت الماءَ يفور من بَيْنَ أصابعه، والقوم يتوضئون، حَتَّى توضئوا من عِنْدَ آخرهم)). ومعمر شيخ عَبْد الرزاق هُوَ معمر بن راشد الأزدي ثِقَة ثبت فاضل (¬2)، وشيخاه في هَذَا الحَدِيْث ثابت بن أسلم البناني وَهُوَ ثِقَة عابد (¬3)، وقتادة بن دعامة السدوسي وَهُوَ ثِقَة ثبت (¬4). إلا أن معمر بن راشد قَدْ أخطأ بذكر زيادة: ((بسم الله)) في الحَدِيْث؛ إِذْ إن الجمع من الرواة عن ثابت وقتادة لَمْ يذكروا هذِهِ الزيادة الَّتِي تفرد بِهَا معمر مِمَّا يدل عَلَى خطئه ووهمه بِهَا، وشرْح ذَلِكَ فِيْمَا يأتي: أخرج الحَدِيْث ابن سعد (¬5)، وأحمد (¬6)، وعَبْد بن حميد (¬7)، والفريابي (¬8)، وأبو يعلى (¬9)، وابن حبان (¬10) من طريق سليمان بن المغيرة (¬11). وأخرجه ابن سعد (¬12)، وأحمد (¬13)، وعبد بن حميد (¬14)، والبُخَارِيّ (¬15)، ومسلم (¬16)، والفريابي (¬17)، وأبو يعلى (¬18)، وابن خزيمة (¬19)، وابن حبان (¬20)، ¬

_ (¬1) هكذا في جَمِيْع المصادر الَّتِي أخرجت الحَدِيْث إلا أن الحَدِيْث في مصنف عَبْدالرزاق بلفظ المفرد: ((توضأ)). (¬2) التقريب (6809). (¬3) التقريب (810). (¬4) التقريب (5518). (¬5) هُوَ مُحَمَّد بن سعد بن منيع أبو عَبْد الله البغدادي، كاتب الواقدي، مصنف " الطبقات الكبرى "، توفي سنة (230 هـ‍). وفيات الأعيان 4/ 351، وسير أعلام النبلاء 10/ 664، ومرآة الجنان 2/ 76. والحديث أخرجه في الطبقات 1/ 177 - 178. (¬6) في مسنده 3/ 139 و 169. (¬7) في المنتخب من مسنده (1284). (¬8) في دلائل النبوة (23). (¬9) في مسنده (3327). (¬10) في صحيحه (6552) وَفِي ط الرسالة (6543). (¬11) وَهُوَ ثِقَة (التقريب: 2612). (¬12) في الطبقات 1/ 178. (¬13) في مسنده 3/ 147. (¬14) كَمَا في المنتخب من مسنده (1365). (¬15) في صحيحه 1/ 61 (200). (¬16) في صحيحه 7/ 59 (2279) (4). (¬17) هُوَ الإِمَام جعفر بن مُحَمَّد بن الحسن الفريابي، أبو بكر الْقَاضِي، ولد سنة (207هـ‍)، وتوفي سنة (301هـ‍). الأنساب 4/ 353، وسير أعلام النبلاء 14/ 96، ومرآة الجنان 2/ 178. والحديث أخرجه في دلائل النبوة (22). (¬18) في مسنده (3329). (¬19) في صحيحه (124). (¬20) في صحيحه (6555) وط الرسالة (6546).

والبَيْهَقِيّ (¬1)، من طريق حماد بن زيد. وأخرجه ابن سعد (¬2)، وأحمد (¬3) من طريق حماد بن سلمة (¬4). فهؤلاء ثلاثتهم (سليمان، وحماد بن زيد، وحماد بن سلمة) رووه عن ثابت عن أنس، بِهِ. وَلَيْسَ فِيهِ ذكر الزيادة. وَكَذَلِكَ رَوَى الحَدِيْث عن قتادة جَمَاعَة لَمْ يذكروا فِيهِ الزيادة. فَقَدْ أخرج الحَدِيْث أحمد (¬5)، والبُخَارِيّ (¬6)، ومسلم (¬7)، وأبو يعلى (¬8)، واللالكائي (¬9)، والبَغَوِيّ (¬10) من طريق سعيد بن أبي عروبة (¬11). وأخرجه أحمد (¬12)، والفريابي (¬13)، وأبو يعلى (¬14)، وأبو عوانة (¬15)، وابن حبان (¬16)، وأبو نُعَيْم (¬17) من طريق همام بن يَحْيَى. وأخرجه مُسْلِم (¬18) من طريق هشام الدستوائي. وأخرجه أبو يعلى (¬19) من طريق شُعْبَة بن الحَجَّاج. فهؤلاء أربعتهم (سعيد بن أبي عروبة، وهمام، وهشام، وشعبة) رووه عن قتادة عن أنس بِهِ، وَلَمْ يذكروا هذِهِ الزيادة. إذن فليس من المعقول أن يغفل جَمِيْع الرواة من أصحاب ثابت وقتادة فيغيب عَنْهُمْ حفظ هذِهِ الزيادة، ثُمَّ يحفظها معمر بن راشد. ثُمَّ إن ثابتاً وقتادة قَدْ توبعا عَلَى رِوَايَة الحَدِيْث، وَلَيْسَ فِيهِ ذكر الزيادة؛ تابعهما عَلَيْهِ إسحاق بن عبدالله (¬20) -وَهُوَ ¬

_ (¬1) في دلائل النبوة 4/ 122، وَفِي الاعتقاد 273 - 274. (¬2) في الطبقات 1/ 178. (¬3) في مسنده 3/ 175 و 248. (¬4) وَهُوَ أثبت الناس في ثابت البناني تهذيب التهذيب 3/ 12. (¬5) في مُسْنَده 3/ 170و215. (¬6) في صحيحه 4/ 233 (3572). (¬7) في صحيحه 7/ 59 (2279) (7). (¬8) في مسنده (3193). (¬9) في أصول اعتقاد أهل السُّنَّة (1480). (¬10) في شرح السُّنَّة (3714). (¬11) وَهُوَ أثبت الناس في قتادة. تهذيب التهذيب 4/ 93. (¬12) في مسنده 3/ 289. (¬13) في دلائل النبوة (21). (¬14) في مسنده (2895). (¬15) كَمَا في اتحاف المهرة 2/ 234 (1614). (¬16) في صحيحه (6556) وط الرسالة (6547). (¬17) في دلائل النبوة (317). (¬18) في صحيحه 7/ 59 (2279) (6). (¬19) في مسنده (3172). (¬20) عِنْدَ مَالِك في الموطأ (114) برواية عَبْد الرحمان بن القاسم، و (76) برواية أبي مصعب الزُّهْرِيّ، و (68) برواية يَحْيَى الليثي، والشافعي في المُسْنَد (16) بتحقيقنا، وأحمد 3/ 132، والبخاري 1/ 54 (169) و4/ 233 (3573)، وَمُسْلِم 7/ 59 (2279) (5)، والترمذي (3631)، والفريابي في دلائل النبوة (19) و (20)، وَالنَّسَائِيّ 1/ 60، وابن حبان (6548) وَفِي ط الرسالة (6539).

أثر الحديث في اختلاف الفقهاء حكم التسمية في ابتداء الوضوء

ثِقَة حجة (¬1) - وحميد الطويل (¬2) وَهُوَ ثِقَة (¬3) والحسن البصري (¬4). فغياب زيادة: ((بسم الله)) عِنْدَ هذِهِ الكثرة يسلط الضوء عَلَى أن الوهم في ذكرها من معمر، والله أعلم. أثر الحَدِيْث في اختلاف الفُقَهَاء حكم التسمية في ابتداء الوضوء اختلف الفُقَهَاء - رحمهم الله تَعَالَى - في حكم التسمية عِنْدَ الوضوء عَلَى قولين القَوْل الأول: التسمية واجبة، وَهُوَ قَوْل الحسن (¬5)، والإمام أحمد في إحدى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ (¬6)، وإسحاق بن راهويه (¬7)، والزيدية (¬8). ودليلهم زيادة معمر السابقة الذكر والتفصيل. وما روي عن رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ: ((لاصلاة إلا بوضوء، وَلاَ وضوء لِمَنْ لَمْ يذكر اسم الله عَلَيْهِ)) (¬9). ¬

_ (¬1) التقريب (367). (¬2) عِنْدَ ابن أبي شَيْبَة (31715)، وأحمد 3/ 106، والبخاري 1/ 60 (195) و4/ 233 (3575)، والفريابي في دلائل النبوة (24)، وابن حبان (6545) وَفِي ط الفكر (6554). (¬3) لَكِنَّهُ يدلس التقريب (1544). (¬4) عِنْدَ ابن سعد في الطبقات 1/ 178_179، وأحمد 3/ 216، والبخاري 4/ 233 (3574)، والفريابي في دلائل النبوة (41)، وأبي يعلى (2759). (¬5) انظر: المغني 1/ 84. (¬6) انظر: الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين:5/ أ، والمغني 1/ 84،وشرح الزَّرْكَشِيّ 1/ 68 - 69، والإنصاف 1/ 128 - 129. (¬7) انظر: المغني 1/ 84، والمجموع 1/ 346. (¬8) انظر: البحر الزخار 2/ 58، والسيل الجرار 1/ 76. (¬9) ورد الْحَدِيْث عن عدة من الصَّحَابَة أ. سعيد بن زيد: أخرج الْحَدِيْث: الطيالسي (243)، وابن أبي شيبة (15) و (28)، وأحمد 4/ 70 و5/ 381 و6/ 382، وابن ماجه (398)، والترمذي (25) و (26)، وفي العلل الكبير، لَهُ (16)، والطحاوي في شرح معاني الآثار 1/ 26، والعقيلي في الضعفاء 1/ 177، وابن أبي حاتم في العلل (129)، والدارقطني 1/ 72 - 73 و 73، والحاكم 4/ 60، والبَيْهَقِيّ 1/ 43، وابن الجوزي في العلل المتناهية 1/ 336 - 337، والمزي في تهذيب الكمال 2/ 453 من طريق أبي ثفال المري، عن رباح بن =

فإن تركها ساهياً ففي المسألة قولان: ¬

_ = عَبْد الرَّحْمَان ابن أبي سُفْيَان بن حويطب، عن جدته، عن أبيها سعيد بن زيد مرفوعاً. والحديث ضعيف؛ لأن أبا ثفال قَالَ عَنْهُ البخاري: في حديثه نظر، وهذه عادة البُخَارِيّ عِنْدَ تضعيفه لراوٍ كَمَا قَالَ ابن حجر في التلخيص 1/ 74. وذكره ابن حبان في ثقاته 8/ 157، وَقَالَ ابن حجر عَنْهُ: مقبول. التقريب (856). وانظر: تنقيح التحقيق 1/ 102 و 103، ونصب الراية 1/ 4. ب. أبو هُرَيْرَةَ أخرجه أحمد 2/ 418، وأبو داود (101)، وابن ماجه (399)، والترمذي في العلل الكبير (17)، وأبو يعلى (6409)، والطحاوي في شرح المعاني 1/ 26 و 27، والطبراني في الأوسط (8076)، والدارقطني 1/ 71 و 79، والحاكم 1/ 146، والبيهقي 1/ 43 و 44 و 45، والبغوي في شرح السنة (209). من طريق يعقوب بن سلمة، عن أبيه، عن أبي هُرَيْرَةَ مرفوعاً. قَالَ البُخَارِيّ: لا يعرف لسلمة سَمَاع من أبي هُرَيْرَةَ، ولا ليعقوب من أبيه. التاريخ الكبير 4/ 76. ج‍. عَبْد الله بن عمر أخرجه ابن عدي في الكامل 7/ 354، والدارقطني 1/ 74، والبيهقي 1/ 44. بنحوه. د. عَبْد الله بن مسعود أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ 1/ 73، والبيهقي 1/ 44 بنحوه. هـ‍. سهل بن سعد الساعدي أخرجه ابن ماجه (400)، والحاكم 1/ 269. و. أبو سعيد الخدري أخرجه ابن أبي شيبة (14)، وأحمد 3/ 41، وعبد بن حميد (910)، والدارمي (697)، وابن ماجه (397)، والترمذي في علله الكبير (18)، وأبو يعلى (1060)، وابن السني في عمل اليوم والليلة (26)، وابن عدي في الكامل 4/ 110، والدارقطني 1/ 71، والحاكم 1/ 147، والبيهقي 1/ 43، من طرق عَنْهُ. ز. عَلِيّ بن أبي طالب أخرجه ابن عدي في الكامل 6/ 424 من طريق مُحَمَّد بن عَلِيّ العطار، قَالَ: حَدَّثَنَا الحسن بن مُحَمَّد، عن أبيه، عن جده، عن عَلِيّ بن أبي طَالِب بِهِ، وَقَالَ عقبه: ((وبهذا الإسناد أحاديث حدثناه ابن مهدي ليست بمستقيمة)). ح. عَائِشَة رضي الله عَنْهَا أخرجه ابن أبي شيبة (16)، وإسحاق بن راهويه في مسنده (999)، والدارقطني 1/ 72، وأبو يعلى كَمَا في مجمع الزوائد 1/ 220، وابن عدي في الكامل 2/ 471، والبزار (261). من طريق حارثة بن أبي الرجال، عن سمرة، عن عَائِشَة، بِهِ. والحديث ضعيف؛ لضعف حارثة بن أبي الرجال. قَالَ الإِمَام أَحْمَد: ((لَيْسَ فِيْهِ شيء يثبت)) مسائل أبي داود: 6، ومسائل إسحاق 1/ 3، وأما ابن القيم فَقَالَ في المنار المنيف: 45: ((أحاديث التسمية عَلَى الوضوء، أحاديث حسان)). وَقَالَ ابن حجر في التلخيص 1/ 86 والطبعة العلمية 1/ 257: ((والظاهر أن مجموع الأحاديث يحدث مِنْهَا قوة تدل عَلَى أن لَهُ أصلاً، وَقَالَ أبو بكر بن أبي شيبة: ثبت لنا أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَهُ)).

الأول: لا تسقط بالسهو، وَهُوَ إحدى الرِّوَايَتَيْنِ عن الإمام أحمد (¬1)، الثَّانِي: تسقط بالسهو، وَهُوَ إحدى الرِّوَايَتَيْنِ عن الإمام أحمد (¬2)، وَهُوَ المروي عن إسحاق بن راهويه (¬3)؛ وإن تركها عمداً بطلت طهارته، وَهُوَ إحدى الرِّوَايَتَيْنِ عن الإمام أحمد (¬4). القَوْل الثَّانِي: التسمية سنة، وإليه ذهب أبو حَنِيْفَة (¬5)، ومالك (¬6)، والشافعي (¬7)، وإحدى الرِّوَايَتَيْنِ عن الإمام أحمد (¬8)، والظاهرية (¬9)، والحسن (¬10)، والثوري (¬11)، وأبوعبيد (¬12). فإن سها سمى متى ذكر، وإن كَانَ قَبْلَ أن يكمل الوضوء. وإن ترك التسمية ناسياً أو عامداً لَمْ يفسد وضوؤه (¬13). مثال آخر للزيادة الشاذة بسبب كثرة المخالفة: روى حماد بن زيد (¬14)، عن هشام بن حسان (¬15)، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة حديث ذي اليدين، وذكر فيه زيادة: ((كبر))، فَقَالَ: ((كبر ثم كبر وسجد)) (¬16). ¬

_ (¬1) انظر: المغني 1/ 85، وشرح الزَّرْكَشِي 1/ 69، والإنصاف 1/ 129. (¬2) انظر: المغني 1/ 85، وشرح الزَّرْكَشِيّ 1/ 69. (¬3) انظر: المغني 1/ 85. (¬4) انظر: المغني 1/ 84. (¬5) انظر: بدائع الصنائع 1/ 20، والهداية 1/ 12، وشرح فتح القدير 1/ 13 - 14، والاختيار 1/ 8، وتبيين الحقائق 1/ 3 - 4. (¬6) انظر: القوانين الفقهية:30، وحاشية الإمام الرهوني 1/ 148، وأسهل المدارك 1/ 90. (¬7) انظر: الأم 1/ 31، والحاوي 1/ 116، والمهذب 1/ 22، والتهذيب 1/ 232، والمجموع 1/ 345، وروضة الطالبين 1/ 57، وكفاية الأخيار 1/ 46 - 47. (¬8) انظر: الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين5/ أ، والمغني1/ 84، وشرح الزركشي 1/ 68 - 69، والإنصاف1/ 128 - 129. (¬9) انظر: المحلى 2/ 49. (¬10) انظر: مصنف ابن أبي شَيْبَة (18). (¬11) انظر: المغني 1/ 84. (¬12) انظر: المغني 1/ 84. (¬13) انظر: الأم 1/ 31. (¬14) وهو ثقة ثبت فقيه. (التقريب: 1498). (¬15) وهو ثقة من أثبت الناس في ابن سيرين. (التقريب: 7289). (¬16) أخرجه أبو داود (1011)، ومن طريقه البيهقي في الكبرى 2/ 354 من طريق حماد بن زيد، عن أيوب وهشام، ويحيى بن عتيق وابن عون، عن محمد، عن أبي هريرة، به.

وقد تفرد حماد بن زيد بذكر هذه الزيادة عن هشام بن حسان. إذ إن هشيمَ بن بشير (¬1) -وهو ثقة (¬2) -، ووهيب بن خالد (¬3) -وهو ثقة (¬4) -، وحماد بن أسامة (¬5) -وهو ثقة (¬6) -، وعبد الله بن بكر السهمي (¬7) -وهو ثقة (¬8) -، وأبا خالد الأحمر (¬9) - وهو صدوق يخطئ (¬10) -، وأبا بكر بن عياش (¬11) - وهو ثقة عابد إلا أنه لما كبر ساء حفظه وكتابه صحيح (¬12) -. فهؤلاء ستتهم (هشيم، ووهيب، وحماد، وعبد الله، وأبو خالد، وأبو بكر) رووا هذا الحديث عن هشام بن حسان لم يذكروا الزيادة. ثُمَّ إن الحديث قد رواه جماعة عن محمد بن سيرين، منهم: أيوب السختياني (¬13) -وهو ثقة ثبت حجة (¬14) -، وعبد الله بن عون (¬15) -وهو ثقة ثبت فاضل من أقران أيوب ¬

_ (¬1) عند الترمذي (394). (¬2) التقريب (7312). (¬3) عند الطحاوي في شرح معاني الآثار 1/ 444. (¬4) التقريب (7487). (¬5) عند أحمد 2/ 37. (¬6) التقريب (1487). (¬7) عند ابن عبد البر في التمهيد 1/ 359. (¬8) التقريب (3234). (¬9) عند ابن أبي شيبة (4467). (¬10) التقريب (2547). (¬11) كما صرح به أبو داود عقب (1011)، ولم أقف على روايته. (¬12) التقريب (7985). (¬13) أخرجه مالك في الموطأ ((128) برواية عبد الرحمان بن القاسم، و (169) برواية القعنبي، و (149) برواية سويد بن سعيد و (470) برواية أبي مصعب الزهري، و (247) برواية يحيى الليثي)، والشافعي في مسنده (330) بتحقيقنا، وعبد الرزاق (3447)، والحميدي (983)، وأحمد 2/ 247و284، والبخاري 1/ 183 (714)، و 2/ 86 (1228) و 9/ 108 (7250)، ومسلم 2/ 86 (573) (97) (98)، وأبو داود (1008) و (1009)، والترمذي (399)، والنسائي 3/ 22، وفي الكبرى (573) و (1148)، وابن الجارود (243)، وابن خزيمة (860) و (1035)، وأبو عوانة 2/ 212 - 213، والطحاوي في شرح معاني الآثار 1/ 444، وابن حبان (2248) و (2682) وفي ط الرسالة و (2249) و (2675)، والدارقطني 1/ 366، وابن حزم في المحلى 4/ 169، والبيهقي في الكبرى 2/ 354 و356و357، وابن عبد البر في التمهيد 1/ 358. (¬14) التقريب (605). (¬15) عند أحمد 2/ 37و234، والدارمي (1504)، والبخاري 1/ 129 (482)، وأبي داود (1011)، وابن ماجه (1214)، والنسائي 3/ 20و26، وفي الكبرى (574) و (1147) و (1158)، وابن =

في العلم والعمل والسن (¬1) -، ويزيد بن إبراهيم (¬2) -وهو ثقة ثبت (¬3) -، وسلمة بن علقمة (¬4) -وهو ثقة (¬5) -، وقتادة بن دِعامة (¬6) -وهو ثقة ثبت (¬7) -، وخالد الحذاء (¬8) -وهو ثقة (¬9) -، ويحيى بن عتيق (¬10) -وهو ثقة (¬11) -، ويونس بن عبيد (¬12) -وهو ثقة ثبت (¬13) -، وعاصم الأحول (¬14) -وهو ثقة (¬15) -، وحبيب ابن الشهيد (¬16) -وهو ثقة (¬17) -، وحميد الطويل (¬18) -وهو ثقة (¬19) -، وسعيد بن أبي عروبة (¬20) -وهو ثقة (¬21) -، وسفيان بن حسين (¬22) -وهو ثقة (¬23) -، وأشعث ابن سوار (¬24) -وهو ضعيف (¬25) -، ¬

_ = خزيمة (1035)، والطحاوي 1/ 444، وابن حبان (2252) و (2255) وفي ط الرسالة (2253) و (2256)، والبيهقي 2/ 354، وابن عبد البر في التمهيد 1/ 358، والبغوي (760). (¬1) التقريب (3519). (¬2) عند البخاري 2/ 86 (1229) و 8/ 20 (6051)، وأبي عوانة 2/ 213، والطحاوي 1/ 445، والبيهقي في الكبرى 2/ 346و353. (¬3) التقريب (7684). (¬4) عند البخاري 2/ 86 (1228)، وابن خزيمة (1035)، والطحاوي في شرح المعاني 1/ 444، وابن حبان (2253) وفي ط الرسالة (2254). (¬5) التقريب (2502). (¬6) عند النسائي 3/ 26، وفي الكبرى (572) و (1157)، وابن خزيمة (1036). (¬7) التقريب (5518). (¬8) عند النسائي 3/ 26، وفي الكبرى (1158). (¬9) التقريب (1680). (¬10) عند أبي داود (1011)، والبيهقي 2/ 354. (¬11) التقريب (7603). (¬12) عند البزار كما في نظم الفرائد: 223. (¬13) التقريب (7909). (¬14) عند البزار كما في نظم الفرائد: 223. (¬15) التقريب (3060). (¬16) كما ذكره أبو داود عقيب (1011)، ولم أقف على روايته. (¬17) التقريب (8352). (¬18) كما ذكره أبو داود عقيب (1011)، ولم أقف على روايته. (¬19) التقريب (1544). (¬20) عند البزار كما في نظم الفرائد: 223. (¬21) التقريب (2365). (¬22) عند البزار كما في نظم الفرائد: 223. (¬23) التقريب (2437). (¬24) عند البزار كما في نظم الفرائد: 224، وابن عدي في الكامل 2/ 43 وفي رواية ابن عدي (عن الأشعث، عن صاحب التوابيت، عن محمد). (¬25) التقريب (524)، أقول: وأشعث وإن كان ضعيفاً إلا أنه متابع.

وقرة بن خالد (¬1) -وهو ثقة (¬2) -، وحماد بن سلمة (¬3) -وهو ثقة (¬4) -. فهؤلاء جميعهم رووه عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، ولم يذكروا الزيادة، قال أبو داود: ((روى هذا الحديث أيضاً حبيب بن الشهيد، وحميد، ويونس، وعاصم الأحول، عن محمد، عن أبي هريرة لم يذكر أحد منهم ما ذكره حماد بن زيد، عن هشام أنه كبر ثم كبر وسجد، وروى حماد بن سلمة، وأبو بكر بن عياش هذا الحديث عن هشام لم يذكروا عنه هذا الذي ذكره حماد بن زيد أنه كبر ثم كبر)) (¬5). وقال البيهقي: ((تفرد به حماد بن زيد عن هشام)) (¬6)، وأشار إلى نحو هذا العلائي (¬7). فتفرد حماد أمام هذا الجمع الغفير إمارة على أن زيادته خطأ، إذ ليس من المعقول أن يغفل عنها الجمع من تلامذة هشام، وليس من المعقول أن يغفل عنها الجمع من تلامذة مُحَمَّد بن سيرين. ثم إن الحديث رواه جماعة عن أبي هريرة غير ابن سيرين، لم يذكر أحد منهم هذه الزيادة التي انفرد بها حماد، مما يؤكد وهمه بها. فقد رواه عن أبي هريرة: أبو سُفْيَان (¬8) مولى ابن أبي أحمد (¬9)، وأبو سلمة ¬

_ (¬1) عند البزار كما في نظم الفرائد: 224. (¬2) التقريب (5540). (¬3) كما ذكره أبو داود عقيب (1011)، ولم أقف على روايته. (¬4) التقريب (1499). (¬5) سنن أبي داود عقب (1011). (¬6) السنن الكبرى 2/ 354. (¬7) في نظم الفرائد: 223. (¬8) هُوَ أبو سُفْيَان مولى عَبْد الله بن أبي أحمد بن جحش، قيل: اسمه وهب، وَقِيْلَ: قُزمان، وَقَالَ ابن حبان: لَمْ يَكُنْ بمولاه - يعني عَبْد الله بن أبي أحمد، كَانَ ينقطع إِلَيْهِ فينسب إِلَيْهِ، وَهُوَ مولى لبني عَبْد الأشهل: ثقة. الثقات 5/ 561، وتهذيب الكمال 8/ 323 (7998)، والتقريب (8136). (¬9) أخرجه مالك (137) برواية محمد بن الحسن الشيباني، (156) برواية عبد الرحمان بن القاسم، (169): برواية عبد الله بن مسلمة القعنبي، (149) برواية سويد بن سعيد، (471) برواية أبي مصعب الزهري، (248) برواية يحيى الليثي)، والشافعي في المسند (331) بتحقيقنا، وعبد الرزاق (3448)، وأحمد 2/ 447و459و532، ومسلم 2/ 87 (573) (99)، والنسائي 3/ 22 وفي الكبرى، له (575) و (1149)، وابن خزيمة (1037)، والطحاوي في شرح المعاني 1/ 445، وابن حبان (2250) وفي ط الرسالة (2251) والبيهقي في الكبرى 2/ 335، وابن عَبْد البر في التمهيد 2/ 311، والبغوي (759) عن أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد عن أبي هريرة.

منفرداً (¬1)، وضمضم (¬2) بن جوس (¬3)، وسعيد بن المسيب، وأبو بكر بن عبد الرحمان، وأبو سلمة، وعبيد الله بن عبد الله أربعتهم مقرونين (¬4)، وأبو سلمة، وأبو بكر بن سليمان (¬5) مقرونين (¬6)، وأبو سلمة، وسعيد بن المسيب، وعبيد الله بن عبد الله ثلاثتهم مقرونين (¬7)، وسعيد بن المسيب، وأبو سلمة، وأبو بكر بن عبد الرحمان، وأبو بكر بن سليمان مقرونين (¬8)، وسعيد بن أبي سعيد المقبري (¬9)، وسعيد بن المسيب (¬10)، وأبو بكر بن عبد الرحمان وأبو سلمة وعبيد الله بن عبد الله ثلاثتهم مقرونين (¬11). ¬

_ (¬1) أخرجه الحميدي (984)، وأحمد 2/ 386و423و468، والبخاري 1/ 183 (715) و 2/ 85 (1227)، ومسلم 2/ 87 (573) (100)، وأبو داود (1014)، والنسائي 3/ 23و24 وفي الكبرى، له (560) و (561) و (562) و (563) و (1150) و (1151)، وابن خزيمة (1035) و (1038)، والطحاوي في شرح المعاني 1/ 445، والبيهقي 2/ 250و357، وابن عبد البر في التمهيد 1/ 357 عن أبي سلمة عن أبي هريرة. (¬2) هُوَ ضمضم بن جوس، ويقال: ابن الحارث بن جوس اليماني: ثقة. تهذيب الكمال 3/ 487 (2927)، والكاشف 1/ 510 (2446)، التقريب (2991). (¬3) أخرجه أحمد 2/ 423، وأبو داود (1016)، والبزار في كشف الأستار (576)، والنسائي 3/ 66 وفي الكبرى له (569) و (570) و (602) و (1253)، والبيهقي 2/ 357، وابن عبد البر في التمهيد 1/ 357 عن ضمضم بن جوس عن أبي هريرة. (¬4) أخرجه الدارمي (1505)، وابن خزيمة (1042) و (1043) عن سعيد بن المسيب وأبي بكر بن عبد الرحمان وأبي سلمة وعبيد الله بن عبد الله عن أبي هريرة. (¬5) هُوَ أبو بكر بن سليمان بن أبي صَمة العدوي المدني: ثقة. تهذيب الكمال 8/ 248 (7829)، والكاشف 2/ 410 (6520)، والتقريب (7967). (¬6) أخرجه عبد الرزاق (3441)، وأحمد 2/ 271، والنسائي 3/ 24، وابن خزيمة (1046)، وابن حبان (2681) وفي ط الرسالة (2685)، والبيهقي2/ 358 عن أبي سلمة وأبي بكر بن سليمان، عن أبي هريرة. (¬7) أخرجه أبو داود (1012)، وابن خزيمة (1040) و (1044)، وابن حبان (2251) وفي ط الرسالة (2252)، وابن عبد البر في التمهيد 11/ 202 عن أبي سلمة وسعيد بن المسيب وعبيد الله بن عبد الله، عن أبي هريرة. (¬8) أخرجه النسائي 3/ 25 وفي الكبرى، له (568) و (1155)، وابن خزيمة (1045) عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة وأبي بكر بن عبد الرحمان وأبي بكر بن سليمان، عن أبي هريرة. (¬9) أخرجه أبو داود (1015) عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة. (¬10) أخرجه أبو داود (1013)، والنسائي 3/ 25 وفي الكبرى، له (567)، وابن خزيمة (1051) عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة. (¬11) أخرجه أبو داود (1013)، والنسائي 3/ 25 وفي الكبرى، له (567)، وابن خزيمة (1051) عن أبي بكر بن عبد الرحمان وأبي سلمة وعبيد الله بن عبد الله عن أبي هريرة.

أثر زيادة حماد في اختلاف الفقهاء هل يشترط لسجود السهو تكبيرة التحريم؟

فهؤلاء جميعهم رووه عن أبي هريرة، لم يذكروا ما ذكره حماد من زيادة تكبيرة الإحرام لسجود السهو مما يؤكد الجزم بوهمه - رحمه الله -. أثر زيادة حماد في اختلاف الفقهاء هل يشترط لسجود السهو تكبيرة التحريم؟ ذهب جمهور العلماء إلى عدم اشتراط تكبيرة الإحرام قبل سجود السهو (¬1). وذهب الزيدية (¬2)، ومالك في رواية عنه (¬3)، وهو وجه عند الشافعية (¬4) إلى اشتراط تكبيرة الإحرام لسجود السهو مستدلين بزيادة حماد السابقة، قال القرطبي: ((ما يتحلل منه بسلام لابد له من تكبيرة إحرام، ويؤيده ما رواه أبو داود من طريق حماد بن زيد، عن هشام بن حسان، عن ابن سيرين في هذا الحديث قال: فكبر ثم كبر وسجد للسهو)) (¬5). وقد يختلف النقاد في زيادة من الزيادات فيقبلها بعضهم دون بعض. مثال ذلك: ما رواه ابن جريج، عن عمرو بن دينار، عن جابر بن عبد الله، قال: ((كان معاذ يصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - العشاء، ثم ينطلق إلى قومه فيصليها، هي له تطوع، وهي لهم مكتوبة)) (¬6). قال الحافظ ابن حجر: ((هو حديث صحيح رجاله رجال الصحيح، وقد صرح (¬7) ¬

_ (¬1) فتح الباري 3/ 99. (¬2) البحر الزخار 2/ 340، والسيل الجرار 1/ 284. (¬3) قال الباجي: ((إذا ثبت ذلك فهل يحرم لهما أو لا؟ عن مالك في ذلك روايتان: أحدهما أنه يحرم لهما، والثانية نفي ذلك، وفي العتبية من رواية عيسى لا يحرم لهما، قال: ثم رجع ابن القاسم فقال: لا يرجع إليهما إلا بإحرام)). المنتقى 1/ 175، وانظر القوانين الفقهية 73 - 74، وعون المعبود 1/ 388، وبذل المجهود 5/ 374. (¬4) التهذيب للبغوي 2/ 195، وروضة الطالبين 1/ 316. (¬5) نقله عنه ابن حجر في فتح الباري 3/ 99. (¬6) أخرجه الشافعي في المسند (304) بتحقيقنا، وفي السنن المأثورة (9)، وعبد الرزاق (2266)، والطحاوي في شرح معاني الآثار 1/ 409، والدارقطني 1/ 274و275، والبيهقي 3/ 86. (¬7) وإنما قال الحافظ هذا لأن ابن جريج مدلس (تهذيب الكمال 4/ 561) وحديث المدلس لا يقبل إلا مع التصريح بالسماع. انظر: شرح التبصرة 1/ 184 ط. العلمية، 1/ 237طبعتنا، فتح الباقي 1/ 184 - 185 ط. العلمية، و 1/ 226 - 227طبعتنا.

ابن جريج في رواية عبد الرزاق (¬1) بسماعه فيه فانتفت تهمة تدليسه)) (¬2). أقول: إن ابن جريج قد تفرد في هذا الحديث بزيادة جملة: ((هي له تطوع، وهي لهم مكتوبة))، فقد روي هذا الحديث من طريق سفيان بن عيينة -وهو ثقة (¬3) - عن عمرو بن دينار، عن جابر، به (¬4)، دون ذكر الزيادة التي انفرد بها ابن جريج. وقد أعلّ الطحاوي الزيادة في حديث ابن جريج فقال: ((فكان من الحجة للآخرين عليهم أن ابن عيينة قد روى هذا الحديث عن عمرو بن دينار كما رواه ابن جريج، وجاء به تاماً وساقه أحسن من سياق ابن جريج، غير أنه لم يقل فيه هذا الذي قاله ابن جريج)) (¬5). وقد أجاب الحافظ ابن حجر عن هذا فقال: ((تعليل الطحاوي له بأن ابن عيينة ساقه عن عمرو أتم من سياق ابن جريج، ولم يذكر هذه الزيادة ليس بقادح، في صحته؛ لأن ابن جريج أسن وأجل من ابن عيينة وأقدم أخذاً عن عمرو منه، ولو لم يكن كذلك فهي زيادة من ثقة حافظ ليست منافية لرواية من هو أحفظ منه ولا أكثر عدداً، فلا معنى للتوقف في الحكم بصحتها)) (¬6). أقول: لكن سفيان بن عيينة لم ينفرد بعدم ذكر الزيادة فقد تابعه عدد من الرواة على عدم ذكرها؛ فيكون ابن جريج مخالفاً بذكر هذه الزيادة، إذ روى الحديث الجم الغفير دون ذكر هذه الزيادة. ¬

_ (¬1) هذه الرواية ساقها الدارقطني 1/ 275، والبيهقي 3/ 86 بسنديهما إلى عبد الرزاق عن ابن جريج، قال: أخبرني عمرو بن دينار، عن جابر، به. ولكن الموجود في المطبوع من مصنف عبد الرزاق برقم (2266): ((عبد الرزاق، عن ابن جريج، عن عمرو بن دينار، عن معاذ بن جبل، به)). فيغلب على الظن أن ما في المطبوع سقط وتحريف. (¬2) فتح الباري 2/ 196. (¬3) التقريب (2451). (¬4) أخرجه الشافعي في مسنده (281) بتحقيقنا، وفي السنن المأثورة (7)، والحميدي (1246)، وأحمد 3/ 308، ومسلم 2/ 41 (465) (178)، وأبو داود (600) و (790)، والنسائي 2/ 102 - 103، وأبو يعلى (1827)، وابن الجارود (327)، وابن خزيمة (521) و (1611)، وأبو عوانة 2/ 171، والطحاوي في شرح معاني الآثار 1/ 213 - 214، وفي شرح مشكل الآثار (4215)، وابن حبان (2398) و (2400) وفي ط. الرسالة (2400) و (2402)، والبيهقي 3/ 85 و112، والبغوي (599) من طريق سفيان بن عيينة بهذا الإسناد. (¬5) شرح معاني الآثار 1/ 409. (¬6) فتح الباري 2/ 196 - 197.

فقد روى الحديث شعبة بن الحجاج (¬1)، وأيوب السختياني (¬2)، وحماد بن زيد (¬3)، وسليم (¬4) بن حيان (¬5)، ومنصور (¬6) بن زاذان (¬7)، وهشام الدستوائي (¬8)؛ فهؤلاء جميعهم رووه عن عَمْرو بن دينار، عن جابر، بِهِ. دون ذكر الزيادة. ثُمَّ إن الحديث روي عن جابر من غير طريق عمرو بن دينار، فقد رواه أبو الزبير (¬9) ومحارب بن دثار (¬10)، وعبيد الله (¬11) بن مقسم (¬12)، ولم يذكروا هذه الزيادة مما ¬

_ (¬1) عند الطيالسي (1694)، وأحمد 3/ 369، والدارمي (1300)، والبخاري 1/ 179 (700) و (701)، وأبي عوانة 2/ 172، والبيهقي 3/ 85. (¬2) عند البخاري1/ 182 (711)، ومسلم2/ 42 (465) (181)،وأبي عوانة 2/ 172و173، والبيهقي3/ 85. (¬3) عند الترمذي (583)، وابن حبان (1521) وفي ط الرسالة (1524)، والبغوي (858). (¬4) هُوَ سليم بن حيان الهذلي، البصري: ثقة. تهذيب الكمال 3/ 261 (2474)، والكاشف 1/ 456 (2067)، والتقريب (2531). (¬5) عند البخاري 8/ 32 (6106)، والطبراني في الأوسط (7359) ط الطحان و (7363) ط دار الفكر. (¬6) هُوَ مَنْصُوْر بن زاذان الواسطي، أبو المغيرة الثقفي: ثقة ثبت عابد، توفي سنة (128)، وَقِيْلَ: (129هـ‍)، وَقِيْلَ: (131هـ‍). تهذيب الكمال 7/ 229 (6786)، والكاشف2/ 296 (5639)، والتقريب (6898). (¬7) عند مسلم 2/ 42 (465) (180)، وأبي عوانة 2/ 172، وابن حبان (2401) وفي ط الرسالة (2403)، والبيهقي 3/ 86. (¬8) عند ابن قانع في معجم الصحابة (236). (¬9) عند الشافعي في المسند (282) بتحقيقنا، وفي السنن المأثورة (8)، وعبد الرزاق (3725)، ومسلم 2/ 42 (465) (179)، وابن ماجه (836) و (986)، والنسائي 2/ 172 - 173، وفي الكبرى (1070) و (11667)، وابن خزيمة (521)، وأبي عوانة 2/ 171و173، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (4216). (¬10) عند الطيالسي (1728)، وابن أبي شيبة (3605) و (4658)، وأحمد 3/ 299و300، وعبد بن حميد (1102)، والبخاري 1/ 180 (705)، والنسائي 2/ 168و172، وفي الكبرى (1056) و (1069) و (11652) و (11664)، وأبي عوانة 2/ 173، والطحاوي في شرح معاني الآثار 1/ 213، وابن قانع في معجم الصحابة (235)، والطبراني في الأوسط (2682) و (7783) في ط الطحان و (2661) (7787) في ط العلمية، والبيهقي 3/ 116. وأخرجه النسائي 2/ 97، وفي الكبرى (905) و (11673) من طريق أبي صالح ومحارب بن دثار عن جابر. (¬11) هُوَ عبيد الله بن مقسم القرشي المدني مولى ابن أبي نمر: ثقة مشهور. تهذيب الكمال 5/ 64 (4277)، والكاشف 1/ 687 (3592)، والتقريب (4344). (¬12) أخرجه الشافعي في مسنده (305) بتحقيقنا - ومن طريقه البغوي (857) من طريق إبراهيم بن مُحَمَّد، عن ابن عجلان، عن عبيد الله بن مقسم، عن جابر، به وذكر فيه أنه: ((يرجع إلى قومه فيصلي بهم العشاء، وهي له نافلة))، وأخرجه أحمد 3/ 302، وأبو داود (599) و (793)، وابن =

أثر هذه الزيادة في اختلاف الفقهاء (اختلاف نية المأموم مع الإمام)

يجعل الحكم مختلفاً عند النقاد. أثر هذه الزيادة في اختلاف الفقهاء (اختلاف نية المأموم مع الإمام) اختلف الفقهاء في جواز اختلاف نية المأموم مع الإمام، على مذهبين: المذهب الأول: وهو جواز اختلاف نية المأموم مع الإمام، أي يجوز أن يصلي المتنفل خلف المفترض، والمفترض خلف المتنفل، والمفترض خلف المفترض لفرض آخر. وعلى هذا المذهب جماهير الصحابة - رضي الله عنهم - كما أشار إليه الماوردي (¬1) -منهم: عمر، وابن عمر، وأبو الدرداء (¬2)، وأنس (¬3) -. وذهب إلى ذلك من التابعين: طاووس (¬4)، وعطاء (¬5). وبه قال: الأوزاعي (¬6)، والشافعي (¬7)، وسليمان بن حرب (¬8)، وإسحاق بن راهويه (¬9)، وهو إحدى الروايتين عن الإمام أحمد (¬10). ¬

_ = خزيمة (1633) و (1634)، وابن حبان (2399) و (2402) وفي ط الرسالة (2401) و (2404)، والبيهقي 3/ 86 و116 - 117، والبغوي (601) من طرق عن عبيد الله بن مقسم، ولم يذكروا الزيادة، وقد ذكر ابن حجر في التلخيص 2/ 39 أن البيهقي أخرجه من طريق الشافعي عن إبراهيم بن محمد، عن ابن عجلان، عن عبيد الله بن مقسم عن جابر، وفيه الزيادة، وقال: ((أي البيهقي، والأصل أن ما كان موصولاً بالحديث يكون منه، وخاصة إذا روي من وجهين إلا أن يقوم دليل على التمييز)). قال ابن حجر: ((كأنه يرد بهذا على من زعم أن فيه ادراجاً، وقد أشار إلى ذلك الطحاوي وطائفة)). (¬1) الحاوي 2/ 400 وعبارته: ((وهو إجماع الصحابة رضي الله عنهم)). (¬2) انظر فتح الباري 2/ 196. (¬3) مصنف عبد الرزاق (2270)، وفتح الباري 2/ 196. (¬4) الحاوي 2/ 400، والمغني 2/ 52. (¬5) مصنف عبد الرزاق (2269). (¬6) الحاوي 2/ 400، والمغني 2/ 52، والمجموع 4/ 271. (¬7) الأم 1/ 173، ومختصر المزني المطبوع مع الأم 8/ 22، والحاوي الكبير 2/ 400 - 401، والتهذيب 2/ 264، والمجموع 4/ 271. (¬8) المجموع 4/ 271. (¬9) الحاوي الكبير 2/ 400. (¬10) مسائل الإمام أحمد برواية أبي داود: 44، وانظر الروايتين والوجهين: 28 أ، والمقنع: 37، والمغني 2/ 52، والمحرر 1/ 101 وفي جواز صلاة المفترض خلف المفترض لفرض آخر روايتان عن الإمام أحمد.

وهو ما ذهب إليه ابن المنذر (¬1)، والظاهرية (¬2)، والزيدية (¬3). والحجة لهم: حديث معاذ السابق بزيادة ابن جريج. المذهب الثاني: وهو أنه لا يجوز أن تختلف نية الإمام والمأموم، فلا يجوز أن يقتدي المفترض بمتنفل، ولا مفترض بمفترض بفرض آخر. ذهب إلى ذلك جمهور التابعين بالمدينة والكوفة (¬4)، ومنهم: سعيد بن المسيب، والحسن البصري (¬5). وإليه ذهب الثوري (¬6)، وأبو حنيفة (¬7)، ومالك (¬8). وهو الرواية الأخرى عن الإمام أحمد (¬9). واستدلوا بحديث أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه)) (¬10). ولم يأخذوا بزيادة ابن جريج، ويجاب عن الحديث الذي استدلوا به: بأن هذا الاختلاف مصروف إلى اختلاف يخل بالصلاة كسبق الإمام بالركوع أو السجود أو ما أشبه بذلك. وبقيت هناك مسألة: وهي صلاة المتنفل خلف المفترض، وهي جائزة بالاتفاق، نقل ذلك ابن عبد البر فقال: ((وقد أجمعوا أنه جائز أن يصلي النافلة خلف من يصلي الفريضة إن شاء الله)) (¬11)، لكن ينقض هذا النقل ما ذكره الماوردي (¬12) -وتبعه عليه ¬

_ (¬1) المجموع 4/ 271، والمغني 2/ 52. (¬2) المحلى 4/ 223. (¬3) السيل الجرار 1/ 252. (¬4) التمهيد 24/ 367. (¬5) مصنف ابن أبي شيبة (4773). (¬6) التمهيد 24/ 367، والمجموع 4/ 271. (¬7) الهداية 1/ 58، والاختيار 1/ 59 - 60، وشرح فتح القدير 1/ 263 - 265، وتبيين الحقائق 1/ 141. (¬8) المدونة الكبرى 1/ 88، والتمهيد 24/ 367، والمنتقى 1/ 236، وبداية المجتهد 1/ 103 - 104، والقوانين الفقهية: 70. (¬9) مسائل الإمام أحمد برواية ابن هانئ 1/ 64، والروايتين والوجهين: 28أ، والمقنع: 37، والمغني 2/ 52، والمحرر 1/ 101. (¬10) أخرجه عبد الرزاق (4082)، وأحمد 2/ 314، والبخاري 1/ 184 (722)، ومسلم 2/ 20 (414)، والبغوي (852). (¬11) التمهيد 24/ 369. (¬12) الحاوي الكبير 2/ 400.

النموذج الثاني

النووي (¬1) - أن شعبة، وأبا قلابة، والحسن، والزهري، ويحيى بن سعيد وفي رواية عن مالك: ذهبوا إلى أن اختلاف النية بين الإمام والمأموم غير جائزة إطلاقاً، أي إنه لا يجوز أن يصلي المتنفل خلف المفترض، ولا المفترض خلف المتنفل، ولا المفترض خلف المفترض لفرض آخر، إلا أني لم أقف على رواية مالك في كتب مذهبه. ثم إن هذا النقل يناقض أيضاً ما ذهب إليه ابن عبد البر كما تقدم، وما حرره ابن قدامة إذ قال: ((ولا يختلف المذهب في صحة صلاة المتنفل وراء المفترض، ولا نعلم بين أهل العلم فيه اختلافاً)) (¬2). أقول: إن صحت زيادة ابن جريج فالمذهب الأول أصح، وقد وضّح ذلك ابن حجر (¬3)، وصحح هذه الزيادة وردّ كل ما يعارض المذهب الأول. النموذج الثاني ما رواه حماد بن سلمة، عن أبي الزبير، عن جابر: ((أنه نهى عن ثمن الكلب والسِّنَّوْرِ، إلا كلب الصيد)). وردت هذه الزيادة ((إلا كلب صيد)) في حديث حماد بن سلمة (¬4)، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله، وحماد ثقة (¬5). إلا أنه اختلف عليه في رفعه ووقفه. فقد رواه عن حماد مرفوعاً كل من (أبي نعيم (¬6)، سويد بن عمرو (¬7)، وحجاج ابن ¬

_ (¬1) المجموع 4/ 271. (¬2) المغني 2/ 53. (¬3) فتح الباري 2/ 196. (¬4) وردت متابعة لحماد بن سلمة من طريق الحسن بن أبي جعفر إذ رواه عن أبي الزبير، عن جابر وذكر الزيادة فيه وهي عند أحمد 3/ 317، وأبي يعلى (1919)، وابن حبان في المجروحين 1/ 287 - 288، والدارقطني 3/ 73، وابن الجوزي في العلل المتناهية (979)، وهي متابعة ضعيفة لضعف الحسن بن أبي جعفر، قال عنه إسحاق بن منصور: ضعفه أحمد، وقال البخاري: منكر الحديث، وقال النسائي: ضعيف، وقال في موضع آخر: (متروك الحديث). انظر: تهذيب الكمال 2/ 109 (1195)؛ فدل عَلَى أنها لا تصلح لأن تَكُوْن متابعة لرواية حماد بن سلمة. (¬5) انظر التقريب (1499). (¬6) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار 4/ 58، وأبو نعيم: هو الفضل بن دكين ثقة ثبت. انظر: التقريب (5401). (¬7) أخرجه الدارقطني 3/ 73 وسويد بن عمرو الكلبي قال ابن حجر فيه ((ثقة من كبار العاشرة ... أفحش ابن حبان القول فيه ولم يأت بدليل)). انظر المجروحين لابن حبان 1/ 446 ترجمة =

محمد (¬1)، والهيثم بن جميل (¬2)) جميعهم رووه مرفوعاً، وفيه ذكر الزيادة. ورواه عبد الواحد بن غياث (¬3)، عن حماد موقوفاً، وفيه ذكر الزيادة. ورواه عبيد الله بن موسى (¬4)، بالشك عن حماد، وفيه ذكر الزيادة. ومع اتساع الخلاف في رواية حماد فقد خولف حماد في روايته للزيادة. فقد خالفه (معقل بن عبيد الله (¬5)، وابن لهيعة (¬6)) كلاهما عن أبي الزبير، عن جابر بدون ذكر الزيادة. وللحديث طرق أخرى عن جابر بدون ذكر الزيادة: ¬

_ = (449)، والتقريب (2694). وفي المطبوع من سنن الدارقطني ذكر حديث سويد بن عمرو مرفوعاً وكذلك في إتحاف المهرة 3/ 377 (3250). إلا أن الدارقطني قال عقبه: ((ولم يذكر حماد عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، هذا أصح من الذي قبله)). (¬1) أخرجه النسائي 7/ 190 - 191و309، وفي الكبرى (4806) و (6264)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (4663). وحجاج بن محمد المصيصي (ثقة ثبت لكنه اختلط في آخر عمره لما قدم بغداد قبل موته). انظر التقريب (1135). وقال النسائي: ((وحديث حجاج بن محمد عن حماد بن سلمة ليس هو بصحيح)). المجتبى 1/ 191، وقال في موضع آخر: ((هذا منكر)). المجتبى 1/ 309، وقال ابن حجر: ((أخرجه النسائي بإسناد رجاله ثقات إلا أنه طعن في صحته)). فتح الباري 4/ 427، وقال في التلخيص: ((وورد الاستثناء من حديث جابر، ورجاله ثقات)). التلخيص الحبير 3/ 4. (¬2) أخرجه الدارقطني 3/ 73، وابن الجوزي في العلل المتناهية (980). والهيثم بن جميل ثقة من أصحاب الحديث وكأنه ترك فتغير. التقريب (7359). قال ابن التركماني: ((فرواية الهيثم هذه مرفوعة، قال فيه ابن حنبل وابن سعد: ثقة، زاد العجلي: صاحب سنة، وقال الدارقطني: ثقة حافظ، وأخرج له ابن حبان في صحيحه، والحاكم في مستدركه، والرفع زيادة ثقة، وزيادة الثقة مقبولة)) الجوهر النقي بحاشية السنن الكبرى للبيهقي 6/ 7. (¬3) أخرجه البيهقي 6/ 6، وعبد الواحد بن غياث البصري صدوق. انظر التقريب (4247). (¬4) أخرجه الدارقطني 3/ 73. وعبيد الله بن موسى (ثقة كان يتشيع). التقريب (4345)، وقال ابن التركماني: ((أخرج الدارقطني هذه الرواية ولفظها عن جابر لا أعلمه إلا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -،وهذا مرفوع لا شك فيه)). الجوهر النقي بحاشية السنن الكبرى للبيهقي 6/ 6 - 7. (¬5) أخرجه مسلم 5/ 35 (1569)، وابن حبان (4947) وفي ط الرسالة (4940)، والبيهقي 6/ 10، ومعقل بن عبيد الله الجزري أبو عبد الله العبسي صدوق يخطئ. التقريب (6797). وقد صرح أبو الزبير هنا بالسماع فانتفت شبهة التدليس. (¬6) أخرجه أحمد 3/ 339و386، وابن ماجه (2161)، والطحاوي في شرح المعاني 4/ 53.

أثر هذه الزيادة في اختلاف الفقهاء: حكم بيع الكلب المعلم

فقد رواه أبو سفيان (¬1)، وعطاء (¬2)، وشرحبيل (¬3) ثلاثتهم عن جابر دون ذكر الزيادة، مما يدل على خطأ حماد في ذكرها إذ ليس من المعقول أن يغفل عنها الرواة في جميع الطبقات ويحفظها حماد. إلا أن بعض العلماء يعد هذه الزيادة زيادة ثقة يتعين قبولها، فقد قال ابن التركماني: ((هذا إسناد جيد، فظهر أن الحديث صحيح، والاستثناء زيادة على أحاديث النهي عن ثمن الكلب فوجب قبولها)). وقد ضعّف ابن حبان هذه الزيادة فقال: ((هذا الخبر بهذا اللفظ لا أصل له، ولا يجوز ثمن الكلب المعلم ولا غيره)) (¬4). وكذلك البيهقي فقال: ((الأحاديث الصحاح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في النهي عن ثمن الكلب خالية من هذا الاستثناء، وإنما الاستثناء في الأحاديث الصحاح في النهي عن الاقتناء، ولعله شبه على من ذكر في حديث النهي عن ثمنه من هؤلاء الرواة الذين هم دون الصحابة والتابعين والله أعلم)) (¬5). أثر هذه الزيادة في اختلاف الفقهاء: حكم بيع الكلب المعلم اختلف الفقهاء في حكم بيع الكلب: فقد ذهبت جماعة من أهل العلم إلى جواز بيع كلب الصيد دون غيره، روي هذا عن جابر بن عبد الله (¬6)، وأبي هريرة (¬7). ¬

_ (¬1) أخرجه ابن أبي شيبة (20902)، وأبو داود (3479)، والترمذي (1279)، وأبو يعلى (2275)، وابن الجارود (580)، والطحاوي في شرح المشكل (4651) و (4652)، والطبراني في الأوسط (3225) ط الطحان و (3201) ط العلمية، والدارقطني 3/ 72، والحاكم 2/ 34، والبيهقي 6/ 11، وابن الجوزي في العلل المتناهية (981). وقال الترمذي عن هذا الحديث: ((هذا حديث في إسناده اضطراب ولا يصح في ثمن السنور وقد روي هذا الحديث عن الأعمش عن بعض أصحابه عن جابر واضطربوا على الأعمش في رواية هذا الحديث)). (¬2) أخرجه أحمد 3/ 339. (¬3) أخرجه أحمد 3/ 353، وشرحبيل بن سعد أبو سعد المدني صدوق اختلط بأخرة، مات سنة ثلاث وعشرين ومائة. انظر التقريب (2764). (¬4) المجروحين 1/ 288. (¬5) سنن البيهقي 6/ 7. (¬6) مصنف ابن أبي شيبة (20903)، والمجموع 9/ 228، والشرح الكبير 4/ 13. (¬7) مصنف ابن أبي شيبة (20903)، والمجموع 9/ 228، والشرح الكبير 4/ 13.

وعطاء (¬1)، وزيد (¬2) بن علي (¬3)، والنخعي (¬4). والحجة لهم زيادة حماد السابقة. أما الإمام أبو حنيفة فيجوز عنده بيع الكلب معلماً كان أو غير معلم في رواية الأصل (¬5). وعن أبي يوسف (¬6) لا يجوز بيع الكلب العقور؛ واستدلوا بأن الكلب منفعة يجوز بيعه. أما الإمام مالك فقد قال: ((أكره ثمن الكلب الضاري وغير الضاري لنهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ثمن الكلب)) (¬7). وقد وضّح ابن عبد البر ذلك فقال: ((وقد اختلف أصحاب مالك واختلفت الرواية عنده في ثمن الكلب الذي أبيح اتخاذه، فأجاز مرة ثمن الكلب الضاري، ومنع منه أخرى، ووجه إجازة بيع ما أبيح اتخاذه من الكلاب؛ لأن الْحَدِيْث الَّذِي ورد بالنهي عن ثمن الكلب، فمن نذر مَعَهُ حلوان الكاهن، ومهر البغي، وهذا لا يباح شيء مِنْهُ عَلَى أنَّهُ الكلب الَّذِي لا يجوز اتخاذه، والله أعلم؛ لأن من الكلاب ما أبيح اتخاذه، والانتفاع به، فذلك جائز بيعه)) (¬8). وعند الإمام مالك أن من قتل كلب صيد أو ماشية أو زرع فعليه قيمته (¬9). وذهب أكثر أهل العلم إلى أنه لا يجوز بيع الكلب سواء كان معلماً أو غير معلم، ولا ضمان على متلفه. ¬

_ (¬1) مصنف ابن أبي شيبة (20911)، والمجموع 9/ 228، والشرح الكبير 4/ 13. (¬2) هُوَ زيد بن عَلِيّ بن الْحُسَيْن بن عَلِيّ بن أبي طَالِب، أبو الْحُسَيْن المدني: ثقة، وَهُوَ الَّذِي تنسب إِلَيْهِ الزيدية، توفي سنة (122 هـ‍) شهيداً. تهذيب الكمال 3/ 83 (2104)، وسير أعلام النبلاء 5/ 389، والتقريب (2149). (¬3) البحر الزخار 4/ 307، وعنده جواز بيع كلب الصيد والماشية والزرع. (¬4) مصنف ابن أبي شيبة (20910)، والمجموع 9/ 228، والشرح الكبير 4/ 13. (¬5) بدائع الصنائع 5/ 142 - 143. وانظر: الاختيار 2/ 9. وظاهر كلام محمد في الحجة على أهل المدينة 2/ 754 تخصيص الجواز عند أبي حنيفة بكلب الصيد، وانظر: المبسوط للسرخسي 11/ 234 - 235. (¬6) بدائع الصنائع 5/ 143. (¬7) الموطأ (2623 برواية أبي مصعب، و 1919 برواية يحيى الليثي). (¬8) الاستذكار 5/ 439 - 440. (¬9) انظر: الاستذكار 5/ 440.

روي هذا عن أبي هريرة (¬1)، والحسن البصري (¬2)، ومحمد بن سيرين (¬3)، والحكم بن عتيبة (¬4)، وحماد بن أبي سليمان (¬5)، وربيعة الرأي (¬6)، والأوزاعي (¬7)، وابن أبي ليلى (¬8). وإليه ذهب الشافعي (¬9)، وأحمد (¬10)، وهو مذهب الظاهرية (¬11). واستدلوا بالحديث دون ذكر الزيادة وكأنها شاذة عندهم؛ لذا لم يعملوا بها، وقالوا أيضاً: بأن الكلب حيوان نجس لا يجوز بيعه كالخنْزير. وقد تكون الزيادة محتملة القبول والرد، مثال ذلك: ما روى عبد العزيز بن مُحَمَّد (¬12)، عن صفوان بن سُليم (¬13)، عن عطاء بن يسار (¬14)، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم كغسل الجنابة)). هكذا رواه ابن حبان (¬15)، عن أبي يعلى (¬16)، عن محمد بن أبي بكر المُقَدَّمي (¬17). وقد خولف عبد العزيز بن محمد في ذكر الزيادة، خالفه (مالك (¬18)، وسفيان بن ¬

_ (¬1) وهو الرواية الثانية له، انظر: مصنف ابن أبي شيبة (20899)، والمجموع 9/ 228. (¬2) المجموع 9/ 228، والشرح الكبير 4/ 13. (¬3) مصنف ابن أبي شيبة (20906). (¬4) مصنف ابن أبي شيبة (20908)، والمجموع 9/ 228. (¬5) مصنف ابن أبي شيبة (20908)، والمجموع 9/ 228. (¬6) المجموع 9/ 228، والشرح الكبير 4/ 13. (¬7) المجموع 9/ 228. (¬8) مصنف ابن أبي شيبة (20907). (¬9) الأم 3/ 11، والوسيط3/ 21، والتهذيب3/ 561 - 562، والمجموع9/ 228، وروضة الطالبين 3/ 348. (¬10) المقنع:97، والمغني 4/ 300، والشرح الكبير 4/ 13، وشرح الزركشي 2/ 440، والإنصاف4/ 280. (¬11) المحلى 9/ 9، والمجموع 9/ 228. (¬12) الدراوردي، صدوق كان يحدّث من كتب غيره فيخطئ. انظر: التقريب (4119). (¬13) ثقة ثبت عابد، رمي بالقدر. انظر: التقريب (2933). (¬14) مولى ميمونة رضي الله عنها، ثقة فاضل صاحب مواعظ وعبادة. انظر: التقريب (4605). (¬15) (1226) و (1229) ط الرسالة. (¬16) أحمد بن علي الموصلي، محدث الموصل، وصاحب المسند، والمعجم. (¬17) ثقة. انظر: التقريب (5761). (¬18) في الموطأ ((58) برواية محمد بن الحسن، و (135) برواية سويد بن سعيد، و (430) برواية أبي مصعب الزهري، و (269) برواية الليثي)، ومن طريقه أخرجه الشافعي في اختلاف الحديث: 109، وفي المطبوع مع الأم 8/ 515، وأخرجه أحمد 3/ 60، والدارمي (1545)، والبخاري 2/ 3 =

عيينة (¬1)، وأبو علقمة الفروي (¬2)، وأسامة بن زيد (¬3)، وعبد الرحمان ابن زيد (¬4)، وبكر بن وائل (¬5)، والفضيل بن عياض (¬6)، وعبد الرحمان بن إسحاق (¬7))، فرووه عن صفوان بن سليم (¬8)، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري. دون ذكر الزيادة "كغسل الجنابة". وللحديث شاهد من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - (¬9). قال ابن حزم في المحلى (¬10): ((وكل غسل ذكرنا فللمرء أن يبدأ به من رجليه أو من أي أعضائه شاء، حاشا غسل الجمعة والجنابة، فلا يجزئ فيهما إلا البداءة بغسل الرأس أولاً ثم الجسد، فإن انغمس في ماء فعليه أن ينوي البداءة برأسه ثم بجسده ولابد)). واستدل بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((حق لله على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام ¬

_ = (879) و 2/ 6 (895)، وأبو داود (341)، والنسائي 3/ 93 وفي الكبرى، له (1668)، وأبو عوانة 3/ 46، وابن خزيمة (1742)، والطحاوي في شرح المعاني 1/ 116، وابن حبان (1228) ط الرسالة، والبيهقي في الكبرى 1/ 294 و 3/ 188، والبغوي (331). (¬1) من طريقه أخرجه الشافعي في اختلاف الحديث: 109 وفي المطبوع مع الأم 8/ 515، والحميدي (736)، وعبد الرزاق (5307)، وابن أبي شيبة (4988)، وأحمد 3/ 6، والدارمي (1546)، والبخاري 1/ 217 (858) و3/ 232 (2665)، وابن ماجه (1089)، وابن الجارود (284)، وأبو يعلى (978) و (1127)، وأبو عوانة 3/ 47، وابن خزيمة (1742)، والطحاوي في شرح المعاني 1/ 116. (¬2) صدوق. انظر: التقريب (3587). من طريقه أخرجه ابن خزيمة (1742). (¬3) صدوق يَهِمُ. انظر: التقريب (317). من طريقه أخرجه الطبراني في الأوسط (309). (¬4) ضعيف. انظر: التقريب (3865). من طريقه أخرجه الطبراني في الأوسط (621). (¬5) صدوق. انظر: التقريب (752). من طريقه أخرجه الطبراني في الأوسط (1126). (¬6) الزاهد المشهور أصله من خراسان، وسكن مكة: ثقة عابد إمام. انظر: التقريب (5431). من طريقه أخرجه أبو نعيم في الحلية 8/ 138. (¬7) نزيل البصرة، ويقال له: عَبَّاد: صدوق رُمي بالقدر. انظر: التقريب (3800). من طريقه أخرجه الخطيب في تاريخه 3/ 434. (¬8) ذكر الشافعي في اختلاف الحديث " صفوان بن مسلم " بدل " صفوان بن سليم ". (¬9) أخرجه مالك ((60) برواية محمد بن الحسن، و (136) برواية سويد بن سعيد، و (433) برواية أبي مصعب الزهري، و (267) برواية الليثي)، وعبد الرزاق (5305) من طريق أبي هريرة، بِهِ، موقوفاً. (¬10) المحلى 2/ 48.

يوماً، يغسل رأسه وجسده)) (¬1). وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((ابدؤا بما بدأ الله به)) (¬2)، وقد بدأ عليه السلام بالرأس قبل الجسد. وقال تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى - إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى} (¬3). فصح أن ما ابتدأ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في نطقه فعن وحي أتاه من عند الله تعالى، فالله تعالى هو الذي بدأ بالذي بدأ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وقد يختلف الراوي في زيادة فيذكرها مرة ويهملها مرة. مثال ذلك ما رواه أيوب (¬4)، عن أبي قلابة (¬5)، عن أنس بلفظ: ((أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بلالاً أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة)) ومن هذا الوجه أخرجه أبو عوانة (¬6) من طريق سماك بن عطية (¬7)، والطحاوي (¬8) من طريق عمرو الجزري (¬9)، وأبو عوانة (¬10)، وابن حبان (¬11) من طريق شعبة (¬12)، وأبو داود (¬13)، وأبو يعلى (¬14)، وأبو عوانة (¬15) من طريق وهيب (¬16)، والدارقطني (¬17) من طريق خارجة (¬18)، ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد 2/ 341 - 342، والبخاري 2/ 7 (897) و4/ 215 (3487)، ومسلم 3/ 4 (849)، وابن خزيمة (1761)، من طريق أبي هُرَيْرَةَ، بِهِ مرفوعاً. (¬2) أخرجه أحمد 3/ 394، والدارقطني 2/ 254،والبيهقي في الكبرى 1/ 85 من طريق جابر، بِهِ، مرفوعاً. (¬3) النجم: 3 - 4. (¬4) أيوب السختياني: ثقة ثبت من كبار الفقهاء توفي سنة (131 هـ‍). التقريب (605). (¬5) أبو قلابة عبد الله بن زيد: ثقة فاضل كثير الإرسال، قال العجلي: فيه نصب يسير توفي سنة (104هـ‍). التقريب (3333). (¬6) في مسنده 1/ 327. (¬7) سماك بن عطية البصري: ثقة. التقريب (2626). (¬8) في شرح المعاني 1/ 132. (¬9) هُوَ عمرو بن ميمون بن مهران الجزري. ثقة فاضل توفي (147هـ‍). التقريب (5121). (¬10) في مسنده 1/ 327. (¬11) في صحيحه (1675). (¬12) شعبة بن الحجاج بن الورد: ثقة حافظ متقن كان الثوري يقول عنه: هو أمير المؤمنين في الحديث توفي سنة (160 هـ‍). التقريب (2790). (¬13) في سننه (508). (¬14) في مسنده (2792). (¬15) في مسنده 1/ 327. (¬16) وهيب بن خالد بن عجلان الباهلي. ثقة ثبت لكنه تغير قليلاً بأخرة، توفي سنة (165 هـ‍). التقريب (7487). (¬17) في سننه 1/ 240. (¬18) خارجة بن مصعب متروك وكان يدلس عن الكذابين ويقال إن ابن معين كذبه، توفي سنة (168 هـ‍). التقريب (1612).

ومسلم (¬1)، وأبو يعلى (¬2)، والبيهقي (¬3) من طريق عبد الوارث (¬4)، وابن أبي شيبة (¬5)، وأحمد (¬6)، ومسلم (¬7)، والنسائي (¬8) وفي الكبرى له (¬9)، وأبو عوانة (¬10)، والدارقطني (¬11)، والحاكم (¬12)، والبيهقي (¬13) من طريق عبد الوهاب الثقفي (¬14). سبعتهم (سماك، وعمرو، وشعبة، ووهيب، وخارجة، وعبد الوارث، وعبد الوهاب) عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس، به. وتابعه خالد الحذاء (¬15)، ¬

_ (¬1) في صحيحه 2/ 3 (378) (5). (¬2) في مسنده (2804). (¬3) في سننه الكبرى 1/ 412. (¬4) عبد الوارث بن سعيد: ثقة ثبت رمي بالقدر ولم يثبت عنه توفي سنة (180 هـ‍). التقريب (4251). (¬5) في مصنفه (2128). (¬6) في مسنده 3/ 103. (¬7) في صحيحه 2/ 3 (378) (5). (¬8) في المجتبى 2/ 3. (¬9) السنن الكبرى (1592). (¬10) في مسنده 1/ 328. (¬11) في سننه 1/ 240. (¬12) في مستدركه 1/ 198. (¬13) في سننه الكبرى 1/ 413. (¬14) عبد الوهاب الثقفي: ثقة تغير قبل موته بثلاث سنين، توفي سنة (194 هـ‍). التقريب (4261). (¬15) خالد الحذّاء بن مهران أبو المنازل: ثقة يرسل. التقريب (1680). وحديثه أخرجه الطحاوي 1/ 132 من طرق عن محمد بن دينار الطاخي، والطيالسي (2095)، والدارمي (1196)، وأبو عوانة 1/ 327، والطحاوي 1/ 132 من طرق عن شعبة، وعبد الرزاق (1795)، والدارمي (1198)، وأبو عوانة 1/ 327، والطحاوي 1/ 132 من طرق عن سفيان الثوري، ومسلم 2/ 3 (378) (4)، وأبو عوانة 1/ 326 - 327و327، والبيهقي 1/ 412 من طريق وهيب، والطحاوي 1/ 132 من طريق حماد بن سلمة، ومسلم 2/ 2 (378) (2)، وأبو عوانة 1/ 327، والطحاوي 1/ 132، والبيهقي 1/ 412 من طرق عن حماد بن زيد، والبخاري 1/ 57 (603) و4/ 206 (3457)، والبيهقي 1/ 412 من طرق عن عَبْد الوارث، والترمذي (193)، وأبو يعلى (2793)، وأبو عوانة 1/ 327، وابن حبان (1676) من طرق عن يزيد بن زريع، والطحاوي 1/ 132، والدارقطني 1/ 240 من طرق عن هشيم، وابن ماجه (729)، وابن حبان (1678) من طرق عن معتمر بن سليمان، وابن ماجه (730) من طرق عن عمر بن علي المقدمي، وأحمد 3/ 189، والبخاري 1/ 157 (607)، ومسلم 2/ 2 (378) (2)، وأبو داود (509)، وأبو عوانة 1/ 328، والطحاوي 1/ 133، والبيهقي 1/ 412 من طرق عن إسماعيل بن إبراهيم بن علية، والبخاري 1/ 157 (606)، ومسلم 2/ 3 (378) (3)، والترمذي (193)، والدارقطني 1/ 240، والبيهقي 1/ 412 من طرق عن عبد الوهاب الثقفي، وأبو عوانة 1/ 327، والبيهقي 1/ 412 من طرق عن عبد الوهاب بن عطاء، وابن أبي شيبة (2129)، عن عبد الأعلى. جميعهم (محمد بن دينار الطاخي، وشعبة، وسفيان، ووهيب، وحماد بن سلمة، وحماد بن زيد، وعبد الوارث، ويزيد بن زريع، وهشيم، ومعتمر، وعمر بن علي المقدمي، وإسماعيل بن إبراهيم، وعبد الوهاب =

وسليمان التيمي (¬1) متابعة تامة، وقتادة (¬2) متابعة نازلة إلا أن أيوب روى الحديث بالسند والمتن السابقين وزاد فيه: ((إلا الإقامة)) (¬3)، ورواها عنه كل من، معمر (¬4)، وسماك (¬5)، وإسماعيل بن علية (¬6). وله شواهد من حديث عبد الله بن عمر (¬7)، وعبد الله بن زيد (¬8). ¬

_ = الثقفي، وعبدالوهاب بن عطاء، وعبد الأعلى) رووه عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أنس، به. (¬1) سليمان بن بلال التيمي مولاهم: ثقة توفي سنة (177 هـ‍). التقريب (2539). وحديثه أخرجه أبو عوانة 1/ 328. (¬2) قتادة بن دعامة السدوسي: ثقة ثبت مات سنة بضع عشرة ومئة. التقريب (5518). وحديثه أخرجه أبو عوانة 1/ 328 - 329، والطبراني في المعجم الصغير (1046). (¬3) قال الحافظ ابن حجر في الفتح: ((ادعى ابن مندة أن قوله ((إلا الإقامة)) من قول أيوب غير مسند كما في رواية إسماعيل بن إبراهيم وأشار إلى أن في رواية سماك بن عطية هذه إدراجاً، وكذا قال أبو محمد الأصيلي: قوله ((إلا الإقامة)) هو من قول أيوب وليس من الحديث. وفيما قالاه نظر لأن عبد الرزاق رواه عن معمر عن أيوب)). ثم قال: ((والأصل أنه ما كان في الخبر فهو منه حتى يقوم دليل على خلافه، ولا دليل في رواية إسماعيل لأنه إنما يتحصل منها أن خالداً كان لا يذكر الزيادة وكان أيوب يذكرها، وكل منهما روى الحديث عن أبي قلابة، عن أنس)). (انظر فتح الباري 2/ 83). (¬4) معمر بن راشد الأزدي مولاهم: ثقة ثبت فاضل توفي سنة (154هـ‍). التقريب (6809). وحديثه أخرجه عبد الرزاق (1794)، وابن خزيمة (375)، وأبو عوانة 1/ 328، والدارقطني 1/ 239 و240، وابن حزم 3/ 152، والبيهقي 1/ 413، والبغوي (405). (¬5) سماك بن عطية البصري: ثقة. التقريب (2626). وحديثه عند الدارمي (1197)، والبخاري 1/ 157 (605)، وأبي داود (508)، وابن خزيمة (376)، والطحاوي في شرح المعاني 1/ 133، والدارقطني 1/ 239، والبيهقي 1/ 413. (¬6) إسماعيل بن إبراهيم بن علية: ثقة حافظ توفي سنة (193 هـ‍). التقريب (416). وحديثه عند أحمد 3/ 189، والبخاري 1/ 158 (607)، ومسلم 2/ 2 (378) (2)، وأبي داود (509)، وأبي عوانة 1/ 328، والطحاوي 1/ 133، والبيهقي 1/ 412. رواه عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أنس وقال عقبه فحدثت به أيوب فقال: ((إلا الإقامة)). (¬7) أخرجه ابن أبي شيبة (2127)، وأحمد 2/ 85و87، والدارمي (1195)، وأبو داود (510) و (511)، والنسائي 2/ 3و20 وفي الكبرى، له (1593)، وابن خزيمة (374)، والطحاوي 1/ 133، وابن حبان (1677)، والبيهقي 1/ 413، والبغوي (406). من طرق عن مسلم أبي المثنى، عن ابن عمر بلفظه: ((إنما كان الأذان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرتين مرتين، والإقامة مرة مرة غير أنه يقول قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة ...))، وهذا اللفظ لأبي داود. (¬8) أخرجه أحمد 4/ 43، والبخاري في خلق أفعال العباد (ص 54 - 55)، وأبو داود (499)، وابن الجارود (158)، وابن خزيمة (371)، والبيهقي 1/ 390 - 391و415. من طرق عن محمد بن =

أثر هذه الزيادة في اختلاف الفقهاء: كيفية الإقامة

أثر هذه الزيادة في اختلاف الفقهاء: كيفية الإقامة اختلف الفقهاء في الإقامة كيف هي على ثلاثة مذاهب: المذهب الأول: يذهب إلى أن الإقامة هي كالأذان إلا أن فيها زيادة ((قد قامت الصلاة)) مرتين، وهذا ما ذهب إليه بعض الصحابة منهم: علي بن أبي طالب (¬1)، وثوبان (¬2)، وعبد الله بن زيد الأنصاري (¬3)، وسلمة بن الأكوع (¬4)، وهو رواية عن بلال (¬5)، وأبي محذورة (¬6)، وذهب إلى ذلك أيضاً أبو العالية (¬7)، والنخعي (¬8)، ومجاهد (¬9)، وأبو حنيفة (¬10)، والثوري (¬11)، وعبد الله بن المبارك (¬12)، وهو مذهب الزيدية (¬13)، واستدلوا بحديث أبي ¬

_ = عبد الله بن زيد قال: حدثني أبي عبد الله بن زيد، قال: لما أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالناقوس ليضرب به للناس في الجمع للصلاة أطاف بي وأنا نائم رجل يحمل ناقوساً في يده فقلت له: يا عبد الله أتبيع الناقوس؟ فقال: وما تصنع به؟ قلت: ندعو به للصلاة، قال: أفلا أدلك على ما هو خير من ذلك؟ قلت: بلى، قال: تقول: الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، قال: ثم استأخر غير بعيد قال: ثم تقول إذا أقمت الصلاة: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله ... الحديث)). واللفظ لابن الجارود. (¬1) انظر: مصنف ابن أبي شيبة (2137). (¬2) انظر: شرح معاني الآثار 1/ 136. (¬3) انظر: مصنف ابن أبي شيبة (2139). (¬4) انظر: مصنف ابن أبي شيبة (2138)، وشرح معاني الآثار 1/ 136. (¬5) انظر: مصنف ابن أبي شيبة (2143). (¬6) انظر: شرح معاني الآثار 1/ 136. (¬7) انظر: مصنف ابن أبي شيبة (2140). (¬8) انظر: مصنف ابن أبي شيبة (2141). (¬9) انظر: شرح معاني الآثار 1/ 136. (¬10) انظر: الحجة على أهل المدينة 1/ 83، والمبسوط 1/ 129، وبدائع الصنائع 1/ 148، والهداية 1/ 41، والاختيار لتعليل المختار 1/ 42 - 43، وتبيين الحقائق 1/ 91. (¬11) انظر: المجموع في شرح المهذب 3/ 94. (¬12) انظر: المجموع في شرح المهذب 3/ 94. (¬13) انظر: البحر الزخار 2/ 195، والسيل الجرار 1/ 202 - 203.

محذورة (¬1): ((أن النبي - صلى الله عليه وسلم - علمه الأذان تسع عشرة كلمة والإقامة سبع عشرة كلمة)) (¬2)، وذهبوا إلى أن حديث أبي محذورة ناسخ لحديث بلال. المذهب الثاني: وهو يذهب إلى أن ألفاظ الإقامة مفردة، وقوله: ((قد قامت الصلاة)) مرة واحدة أيضاً. وهو مذهب الليث بن سعد (¬3)، ومالك (¬4)، وقال الماوردي: ((وبه قال الشافعي في القديم)) (¬5)، واستدلوا بحديث أنس، قال: ((أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة)) (¬6). المذهب الثالث: قالوا: لفظ الإقامة مفرد إلا قوله: ((قد قامت الصلاة)) فإنه يقوله مرتين، وروي من فعل بعض الصحابة منهم: عمر (¬7)، وعبد الله بن عمر (¬8)، وأنس (¬9)، وهو رواية عن بلال (¬10)، وأبي محذورة (¬11) - رضي الله عنهم -، وهو ما ذهب إليه عروة بن الزبير (¬12)، وسعيد بن المسيب (¬13)، وعمر بن عبد العزيز (¬14)، ¬

_ (¬1) هُوَ الصَّحَابِيّ الجليل أبو محذورة الجُمحي المكي المؤذن، قِيْلَ: اسمه أوس، وَقِيْلَ: سمرة، وَقِيْلَ: سلمة، توفي سنة (59 هـ‍)، وَقِيْلَ: (79 هـ‍). تجريد أسماء الصَّحَابَة 2/ 200 (2307)، والإصابة 4/ 176، والتقريب (8341). (¬2) أخرجه ابن أبي شيبة (2119)، وأحمد 3/ 409 و 6/ 401، والدارمي (1199) و (1200)، ومسلم 2/ 3 (379)، وأبو داود (502)، وابن ماجه (709)، والترمذي (192)، والنسائي 2/ 4 وفي الكبرى (1594) و (1595)، وابن خزيمة (377)، والطحاوي 1/ 130، وابن حبان (1680) من طريق عامر بن عبد الواحد الأحول، عن مكحول، عن عبد الله بن محيريز، عن أبي محذورة، بهذا اللفظ. (¬3) انظر: الاستذكار 1/ 415. (¬4) انظر: الاستذكار 1/ 415، والمنتقى 1/ 134، وبداية المجتهد 1/ 80، والقوانين الفقهية: 54 - 55، وأسهل المدارك 1/ 167. (¬5) الحاوي الكبير 2/ 67. (¬6) تقدم تخريجه. (¬7) انظر: الحاوي الكبير 2/ 67، والمجموع 3/ 94. (¬8) انظر: مصنف ابن أبي شيبة (2132) (2136)، والحاوي الكبير 2/ 67، والمجموع 3/ 94. (¬9) انظر: مصنف ابن أبي شيبة (2133)، والحاوي الكبير 2/ 67، والمجموع 3/ 94. (¬10) انظر: مصنف ابن أبي شيبة (2127). (¬11) انظر: مصنف ابن أبي شيبة (2126). (¬12) انظر: مصنف ابن أبي شيبة (2131). (¬13) انظر: السنن الكبرى للبيهقي 1/ 420، وفقه الإمام سعيد بن المسيب 1/ 194. (¬14) انظر: السنن الكبرى للبيهقي 1/ 420، والمجموع 3/ 94.

والحسن (¬1)، ومحمد بن سيرين (¬2)، ومكحول (¬3)، والزهري (¬4)، والأوزاعي (¬5)، والشافعي (¬6)، وابن حزم الظاهري (¬7). وفضّل هذا المذهب إسحاق بن راهويه (¬8)، وأحمد بن حنبل (¬9)، وداود بن علي الظاهري (¬10)، ومحمد بن جرير الطبري (¬11)، إلا أنهم أجازوا أن تكون الإقامة مثنى مثنى أو إفرادها إلا ((قد قامت الصلاة)) فإنها مرتان على كل حال وهذا ما أشار إليه ابن عبد البر (¬12). قال ابن حجر: ((وقد أنكر أحمد على من ادعى النسخ بحديث أبي محذورة، واحتج بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - رجع إلى المدينة وأقرّ بلالاً على إفراده الإقامة وعلمه سعد القرظ فأذن به بعده كما رواه الدارقطني والحاكم)) (¬13). وقد تُرَدُّ الزيادة للاختلاف فيها وشدة فرديتها، مثال ذلك حديث مؤمل بن إسماعيل، عن سفيان، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل بن حجر، قال: صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ووضع يده اليمنى على يده اليسرى على صدره. فقد ورد حديث وائل بن حجر وفيه وضع اليمين على الشمال من طرق عن (بعض أهل بيت عبد الجبار، وأم عبد الجبار، وعلقمة بن وائل (¬14)، وعبد الجبار بن ¬

_ (¬1) انظر: مصنف ابن أبي شيبة (2134)، والحاوي الكبير 2/ 67. (¬2) انظر: الحاوي الكبير 2/ 67، والسنن الكبرى للبيهقي 1/ 420، والمجموع 3/ 94. (¬3) انظر: مصنف ابن أبي شيبة (2135)، والحاوي الكبير 2/ 67، والسنن الكبرى 1/ 420، والمجموع 3/ 94. (¬4) انظر: السنن الكبرى 1/ 420، والمجموع 3/ 94. (¬5) انظر: السنن الكبرى 1/ 420، والمجموع 3/ 94، فقه الإمام الأوزاعي 1/ 143. (¬6) انظر: الأم 1/ 85، والحاوي الكبير 2/ 67، والوسيط 2/ 681، والتهذيب 2/ 50 - 51، والمجموع 3/ 94، وروضة الطالبين 1/ 198 - 199. (¬7) انظر: المحلى 3/ 152. (¬8) انظر: الحاوي الكبير 2/ 67، والاستذكار 1/ 417، والمجموع 3/ 94، والسيل الجرار 1/ 203. (¬9) انظر: مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله 1/ 200 (251)، والمقنع: 23، والمغني 1/ 417 - 418، والمحرر 1/ 36، والشرح الكبير 1/ 397 - 398، وشرح الزركشي 1/ 273. (¬10) انظر: الاستذكار 1/ 417، والمجموع 3/ 94. (¬11) انظر: الاستذكار 1/ 417. (¬12) انظر: الاستذكار 1/ 417. (¬13) انظر: فتح الباري 2/ 84. (¬14) هُوَ علقمة بن وائل بن حجر الحضرمي الكوفي: صدوق إلا أنَّهُ لَمْ يسمع من أبيه. تهذيب الكمال 5/ 221 (4609)، والكاشف 2/ 34 (3876)، والتقريب (4684).

وائل (¬1)، وكليب بن شهاب) خمستهم رووه عن وائل بن حُجر (¬2). زاد مؤمل (¬3) في روايته عن سفيان الثوري، عن عاصم بن كليب (¬4)، عن أبيه كليب بن شهاب (¬5) جملة: ((على صدره)). إلا أن مؤملاً اضطرب في روايته عن سفيان فرواه مرة ((على صدره)) (¬6)، ومرة ((عند صدره)) (¬7)، ومرة بدون ذكر الزيادة (¬8). ¬

_ (¬1) هُوَ عَبْد الجبار بن وائل بن حجر: ثقة لكنه أرسل عن أبيه، توفي سنة (112 هـ‍). تهذيب الكمال 4/ 343 (3685)، والكاشف 1/ 612 (3088)، والتقريب (3744). (¬2) هُوَ الصَّحَابِيّ الجليل وائل بن حجر بن ربيعة الحضرمي، كَانَ من ملوك اليمن، توفي في ولاية معاوية. أسد الغابة 5/ 81، وتجريد أسماء الصَّحَابَة 2/ 126 (1442)، والتقريب (7393). (¬3) مؤمل بن إسماعيل، أبو عبد الرحمان البصري، مولى آل عمر بن الخطاب، حافظ عالم يخطئ، قال أبو حاتم: صدوق، شديد في السنة، كثير الخطأ، وقال البخاري: منكر الحديث، وقال أبو زرعة: في حديثه خطأ كثير، وقال أبو عبيد الآجُري: سألت أبا داود عن مؤمل بن إسماعيل، فعظمه ورفع من شأنه ثم قال: إلا أنه يهم في الشيء. وقال غيره: دفن كتبه فكان يحدث من حفظه، فكثر خطؤه. مات بمكة في رمضان سنة خمس أو ست ومئتين. انظر: التاريخ الكبير للبخاري 8/ 49 والتاريخ الصغير، له 2/ 306 - 307، وتهذيب الكمال 7/ 284 (6914)، والكاشف للذهبي 2/ 309 (5747)، وميزان الاعتدال، له 4/ 228 - 229، وسير أعلام النبلاء، له 10/ 110 - 111، وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال: 393. (¬4) عاصم بن كليب بن شهاب بن المجنون الجرمي الكوفي، كان فاضلاً عابداً، قال أبو بكر الأثرم، عن أحمد بن حنبل: لا بأس بحديثه، وقال أحمد بن سعد، عن يحيى بن معين: ثقة، وكذلك قال النسائي، وقال أبو حاتم: صالح، وقال أبو داود: كان أفضل أهل زمانه كان من العباد، قال شريك: مرجئ، وقال ابن المديني: لا يحتج بما انفرد به، وقال ابن سعد: كان ثقة يحتج به وليس بكثير الحديث. توفي سنة سبع وثلاثين ومئة. انظر: تهذيب الكمال 4/ 19 (3011)، والكاشف 1/ 521 (2516)، وميزان الاعتدال 2/ 356، وتاريخ الإسلام وفيات (137هـ‍): 457، وتهذيب التهذيب 5/ 55 - 56. (¬5) كليب بن شهاب بن المجنون الجرمي الكوفي، صدوق، من الثانية، ووهم من ذكره في الصحابة، قال أبو زرعة: ثقة، وقال النسائي: كليب هذا لا نعلم أن أحداً روى عنه غير ابنه عاصم وغير إبراهيم بن مهاجر، وقال محمد بن سعد: كان ثقة من قضاعة، ورأيتهم يستحسنون حديثه ويحتجون به. انظر: تهذيب الكمال 6/ 174 (5580)، والتقريب (5660). (¬6) أخرج الرواية ابن خزيمة (479). (¬7) أخرج الرواية أبو الشيخ في طبقات المحدثين 2/ 268. (¬8) أخرج الرواية الطحاوي في شرح المعاني 1/ 196 بلفظ: ((رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - حين يكبر للصلاة، يرفع يديه حيال أذنيه)).وفي1/ 223 بلفظ: ((رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين يكبر للصلاة، وحين يرفع رأسه =

وتابع مؤملاً في روايته على صدره متابعة نازلة، إبراهيم بن سعيد الجوهري (¬1)، عن محمد بن حجر، عن سعيد بن عبد الجبار بن وائل، عن أبيه، عن أمه، عن وائل. إلا أنها متابعة ضعيفة، فمحمد بن حجر قال عنه البخاري: كوفي، فيه بعض النظر (¬2)، وسعيد بن عبد الجبار بن وائل بن حجر قال عنه البخاري: فيه نظر، وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال ابن عدي: ليس له كثير حديث، وقال ابن حجر: ضعيف (¬3). ورواية مؤمل مع شدة فرديتها، واضطرابه فيها لا تصح لشدة مخالفته بها الرواة عن سفيان الثوري، والرواة عن عاصم بن كليب، والرواة عن وائل بن حجر. فقد رواه عن سفيان، عبد الله (¬4) بن الوليد (¬5)، ومحمد بن يوسف الفريابي (¬6)، كلاهما عن سفيان دون ذكر الزيادة. ورواه عن عاصم بن كليب (عبد الله بن إدريس (¬7)، وشعبة بن الحجاج (¬8)، وزائدة (¬9) ¬

_ = من الركوع يرفع يديه حيال أذنيه)). وفي 1/ 257 بلفظ: ((كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سجد كانت يداه حيال أذنيه)). (¬1) الإمام الحافظ المجود،، أبو إسحاق، إبراهيم بن سعيد، البغدادي الجوهري، وقال أبو بكر الخطيب: وكان مكثراً ثبتاً، صنف المسند، واختلف في موته، فقيل سنة أربع، وقيل سنة سبع، وقيل سنة تسع وأربعين، وقيل سنة ثلاث وخمسين. انظر: تاريخ بغداد 6/ 93 - 95، وتهذيب الكمال 1/ 112 (172)، وسير أعلام النبلاء 12/ 149 - 151. والحديث أخرجه البزار كَمَا في كشف الأستار (268)، وابن عدي في الكامل 7/ 344، والبيهقي 2/ 30. (¬2) انظر: الضعفاء الكبير للعقيلي 4/ 59، والكامل في ضعفاء الرجال لابن عدي 7/ 343. (¬3) انظر: التاريخ الكبير 3/ 495، والكامل في ضعفاء الرجال لابن عدي 4/ 438، وتهذيب الكمال 3/ 178 (2289)، وتهذيب التهذيب 4/ 53 - 54، والتقريب (2344). (¬4) هُوَ عَبْد الله بن الوليد بن ميمون، أبو مُحَمَّد المكي، المعروف بالعدني: صدوق رُبَّمَا أخطأ. تهذيب الكمال 4/ 316 (3631)، والكاشف 1/ 606 (3046)، والتقريب (3692). (¬5) أخرجه أحمد 4/ 318. (¬6) أخرجه الطبراني في الكبير 22/ (78). (¬7) أخرجه ابن أبي شيبة (3935)، وابن ماجه (810)، وابن خزيمة (477)، وابن حبان 5/ 271. (¬8) أخرجه أحمد 4/ 319. (¬9) هُوَ زائدة بن قدامة الثقفي، أبو الصلت الكوفي: ثقة ثبت صاحب سنة، توفي سنة (161 هـ‍)، وَقِيْلَ: (160 هـ‍). تهذيب الكمال 3/ 7 (1935)، والكاشف 1/ 400 (1608)، والتقريب (1982).

بن قدامة (¬1)، ومحمد (¬2) بن فضيل (¬3)، وزهير (¬4) بن معاوية (¬5)، وأبو عوانة (¬6)، وقيس بن الربيع (¬7)، وأبو الأحوص (¬8)، وعبد الواحد بن زياد (¬9)،وبشر بن المفضل (¬10)، وأبو إسحاق (¬11)) جميعهم رووه عن عاصم بن كليب، عن كليب دون ذكر الزيادة. ورواه عن وائل (بعض أهل بيته (¬12)، وعلقمة بن وائل منفرداً (¬13)، وعبد الجبار بن وائل (¬14)، وعلقمة بن وائل، ومولى لهم مقرونين (¬15)) جميعهم رووه عن وائل بن حجر ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد 4/ 318، والدارمي (1364)، وأبو داود (727)، والنسائي 2/ 126، وابن الجارود (208)، وابن خزيمة (480)، وابن حبان 5/ 170، والطبراني في الكبير 22/ (82)، والبيهقي 2/ 28. (¬2) هُوَ مُحَمَّد بن فضيل بن غزوان الضبي مولاهم، أبو عَبْد الرَّحْمَان الكوفي: صدوق عارف رمي بالتشيع، توفي سنة (195 هـ‍)، وَقِيْلَ: (194 هـ‍). تهذيب الكمال 6/ 478 (6139)، والكاشف 2/ 211 (5115)، والتقريب (6227). (¬3) أخرجه ابن خزيمة (478). (¬4) هُوَ زهير بن معاوية بن حديج، أبو خيثمة الجعفي الكوفي: ثقة ثبت، إلا أن سماعه عن أبي إسحاق بأخرة، توفي سنة (173 هـ‍). تهذيب الكمال 3/ 38 (2004)، والكاشف 1/ 408 (1668)، والتقريب (2051). (¬5) أخرجه أحمد 4/ 318، والطبراني في الكبير 22/ (84). (¬6) أخرجه الطبراني في الكبير 22/ (90). (¬7) قيس بن الربيع الأسدي، أبو مُحَمَّد الكوفي: صدوق، تغير لَمّا كبر وأدخل عَلَيْهِ ابنه ما لَيْسَ من حديثه فحدّث بِهِ، توفي سنة بضع وستين ومئة. تهذيب الكمال 6/ 133 (5492)، والكاشف 2/ 139 (4600)، والتقريب (5573). وحديثه أخرجه الطبراني في الكبير 22/ (79). (¬8) أخرجه الطيالسي (1020)، والطبراني في الكبير 22/ (80). (¬9) هُوَ عَبْد الواحد بن زياد العبدي مولاهم البصري: ثقة، في حديثه عن الأعمش وحده مقال، توفي سنة (176 هـ‍). تهذيب الكمال 5/ 7 (4173)، والكاشف 1/ 672 (3501)، والتقريب (4240). وحديثه أخرجه أحمد 4/ 316، والبيهقي 2/ 72. (¬10) أخرجه أبو داود (726) و (957)، وابن ماجه (810)، والنسائي 3/ 35، والطبراني في الكبير 22/ (86). (¬11) أخرجه الطبراني في الكبير 22/ (91). (¬12) أخرجه أحمد 4/ 316، والطبراني في الكبير 22/ (76). (¬13) أخرجه ابن أبي شيبة (3938)، وأبو داود (723)، وابن خزيمة (905)، والطبراني في الكبير 22/ (61). (¬14) أخرجه الطبراني في الكبير22/ (51) و (53). (¬15) أخرجه أحمد 4/ 317 - 318.

أثر الحديث في اختلاف الفقهاء (موضع اليدين عند القيام في الصلاة)

دون ذكر الزيادة. فزيادة في هذا المنتهى من المخالفة لا يمكن قبولها، لاسيما وأن مدار زيادة مؤمل على سفيان الثوري، ومذهب سفيان في هذه المسألة وضع اليدين تحت السرة (¬1)، فلو كانت هذه الزيادة ثابتة من طريقه لما خالفها. ويضاف إلى هذا أنني لم أجد نقلاً قوياً عن أحد من السلف يقول بوضع اليد اليمنى على اليسرى على الصدر؛ فهي زيادة أيضاً مخالفة بعدم عمل أهل العِلْم بِهَا، والله أعلم. أثر الحديث في اختلاف الفقهاء (موضع اليدين عند القيام في الصَّلاَة) اختلف الفقهاء في ذَلِكَ عَلَى مذاهب: المذهب الأول: توضع اليدان تحت السرة. ذهب إلى ذلك أبو هريرة (¬2)، وأنس بن مالك (¬3)، والإمام علي بن أبي طالب (¬4) - في رواية عنه - رضي الله عنهم جميعاً. وهو مذهب الإمام أبي حنيفة (¬5)، وأحمد (¬6) -في رواية عنه-، وسفيان الثوري (¬7)، وإسحاق بن راهويه (¬8)، وأبي إسحاق (¬9) من أصحاب الشافعي، وأبي مجلز (¬10)، والنخعي (¬11). المذهب الثاني: توضعان فوق السرة وتحت الصدر. وهو مذهب الجمهور، قاله النووي (¬12) -رحمه الله-. وبه قال سعيد بن جبير (¬13)، ¬

_ (¬1) انظر: المغني 1/ 515، والمجموع 3/ 259. (¬2) انظر المغني: 1/ 515، والمحلى: 4/ 113، والشرح الكبير 1/ 514. (¬3) المحلى: 4/ 113. (¬4) شرح مسلم: 2/ 39، والمغني: 1/ 515، والشرح الكبير 1/ 514، ونيل الأوطار: 2/ 188. (¬5) الهداية 1/ 47، والاختيار لتعليل المختار 1/ 49، وبدائع الصنائع: 1/ 201، وشرح فتح القدير: 1/ 201، والمحلى لابن حزم 4/ 114، ونيل الأوطار: 2/ 188، وتبيين الحقائق: 1/ 111. (¬6) المغني: 1/ 515، وشرح الزركشي: 1/ 298، ونيل الأوطار: 2/ 189، والمحرر 1/ 53. وفي رواية عن أحمد أنه يكره وضعها على الصدر كما نقل عنه. انظر: المبدع 1/ 432، والفروع 1/ 361. (¬7) المغني: 1/ 515، والشرح الكبير: 1/ 514، وشرح مسلم: 2/ 39، ونيل الأوطار: 2/ 188. (¬8) المغني: 1/ 515، والشرح الكبير 1/ 514، وشرح مسلم: 2/ 39، ونيل الأوطار: 2/ 188. (¬9) البحر الزخار: 2/ 242، وشرح مسلم: 2/ 39، ونيل الأوطار: 2/ 188. (¬10) ابن عبد البر في التمهيد 20/ 75، والمغني: 1/ 515. (¬11) المغني: 1/ 515. (¬12) شرح مسلم: 2/ 39. (¬13) ابن عبد البر في التمهيد 20/ 75، والمغني: 1/ 515، والشرح الكبير 1/ 514.

والشافعي (¬1)، وهو رواية عن مالك (¬2)، ورواية عن أحمد (¬3). بل هو رواية أخرى عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، كما قال النووي (¬4). المذهب الثالث: التخيير: (تحت السرة أو فوقها) وهو قول ثالث للإمام أحمد (¬5)، وهو مذهب الأوزاعي (¬6)، وعطاء (¬7)، وابن المنذر (¬8). وقال ابن حبيب (¬9): ليس لذلك موضع معروف. المذهب الرابع: الإرسال. وهو مذهب ابن الزبير (¬10)، والحسن البصري (¬11)، والنخعي (¬12)، فيما رواه عنهم ابن المنذر (¬13)، وهو المروي أيضاً عن ابن سيرين (¬14). ¬

_ (¬1) مختصر المزني: 14، والحاوي: 2/ 128، والمهذب: 1/ 78، وشرح مسلم: 2/ 39،، وقال القفال: ((هذا هو الصحيح المنصوص)) المجموع 3/ 310، وانظر: حلية العلماء 2/ 96، والتهذيب في فقه الإمام الشافعي 2/ 89 - 90. (¬2) قال القاضي أبو محمد: المذهب وضعهما تحت الصدر وفوق السرة. المنتقى 1/ 281. وانظر: شرح مسلم 2/ 39، ونيل الأوطار: 2/ 189، وعن مالك رواية أخرى أنه يستحب في النفل وهو الذي رجحه البصريون من أصحابه. نقله النووي في شرح مسلم 2/ 39، ونقل ابن القاسم عن مالك أنه كره في الفريضة وأنه لا بأس به في النفل كما في شرح منح الجليل 1/ 158، وروى أشهب عنه قوله: لا بأس بذاك في النفل والفريضة، وروى مطرف وابن الماجشون أنه استحسنه، وروى العراقيون عن مالك في ذلك روايتين أحدهما: الاستحسان، والأخرى: المنع. انظر: المنتقى للباجي 1/ 281، والمدونة 1/ 74، والبيان والتحصيل 1/ 395. (¬3) المغني: 1/ 515، والمحرر 1/ 53، والشرح الكبير 1/ 514، وشرح مسلم: 2/ 39، وشرح الزركشي 1/ 298، ونيل الأوطار: 2/ 189. (¬4) شرح مسلم: 2/ 39، والتمهيد: 20/ 75. (¬5) المغني: 1/ 515، والمحرر 1/ 53، وشرح الزركشي 1/ 298، والشرح الكبير 1/ 514، ونيل الأوطار 2/ 189، وشرح مسلم: 2/ 39. (¬6) شرح مسلم: 2/ 39، ونيل الأوطار 2/ 189، والتمهيد 20/ 75، وفقه الإمام الأوزاعي 1/ 168. (¬7) التمهيد: 20/ 75. (¬8) شرح مسلم: 2/ 39. (¬9) المنتقى: 1/ 281. (¬10) ابن أبي شيبة (3950)، وابن عبد البر في التمهيد 20/ 74. (¬11) ابن أبي شيبة (3949). (¬12) التمهيد: 20/ 76. (¬13) نيل الأوطار: 2/ 186. (¬14) ابن أبي شيبة (3951).

وهو مذهب مالك (¬1) في رواية عنه في المشهور من مذهبه (¬2)، وإلا فقد اضطرب النقل عنه في هذا. وهو مذهب الليث بن سعد (¬3)، وابن جريج (¬4)، وعطاء (¬5)، والقاسمية (¬6)، والناصرية (¬7)، والباقر (¬8). بقي أن نقول إن المؤيد بالله (¬9)، والإمام يحيى (¬10)، ذهبا إلى القول بالإرسال مع قولهما أنه يكره وضع اليمين على اليسار ولا تفسد الصلاة إذا ما وضعها هكذا. أما الهادوية (¬11) فقد ذهبوا إِلَى القول بالإرسال وأنه تبطل الصلاة إذا وضع يده اليمنى على اليسرى في الصلاة. المذهب الخامس: توضعان على الصدر. نسبه القرطبي للإمام علي (¬12)، ولا يصح عنه (¬13)، ونسبه المرغيناني للشافعي (¬14)، ولا يصح عنه (¬15)، ونسبه الألباني لإسحاق بن راهويه (¬16)، ولا يصح عنه (¬17). وهذا المذهب اختاره الصنعاني (¬18)، والمباركفوري (¬19)، وصاحب "عون ¬

_ (¬1) ابن عبد البر في التمهيد 20/ 74، والمنتقى: 1/ 281، وبداية المجتهد: 1/ 99، ونيل الأوطار:2/ 189. (¬2) قال النووي: ((وهذه رواية جمهور أصحابه وهي الأشهر عندهم)) كما في شرح مسلم 2/ 39. (¬3) شرح مسلم: 2/ 39، والتمهيد 20/ 74، وفقه الإمام سعيد: 1/ 218. (¬4) مصنف عبد الرزاق (3346)، والتمهيد 20/ 75. (¬5) عبد الرزاق (3345). (¬6) البحر الزخار: 2/ 241، ونيل الأوطار 2/ 186. (¬7) البحر الزخار: 2/ 241، ونيل الأوطار 2/ 186. (¬8) البحر الزخار: 2/ 241، ونيل الأوطار 2/ 186. (¬9) البحر الزخار: 2/ 242. (¬10) البحر الزخار: 2/ 241. (¬11) البحر الزخار: 2/ 241. (¬12) تفسير القرطبي 8/ 7311. (¬13) التعليق المغني 1/ 285. (¬14) الهداية 1/ 47. (¬15) إذ لم يوجد في كتبه وفي كتب مذهبه. والمشهور من مذهبه خلاف هذا. (¬16) الإرواء 2/ 71، وصفة الصلاة: 69. (¬17) فقد نقل عنه النووي في شرحه لمسلم 2/ 39، والشوكاني في النيل 2/ 189 خلاف ذلك. (¬18) في سبل السلام 1/ 168. (¬19) تحفة الأحوذي 2/ 84.

المعبود" (¬1)، والشوكاني (¬2). واحتجوا بزيادة مؤمل. وقد لا تقبل الزيادة لقرينة دالة على عدم صحة هذه الزيادة. مثال ذلك: زيادة التشهد في سجود السهو في حديث عمران بن الحصين (¬3) جاءت من طريق محمد بن عبد الله الأنصاري، عن أشعث بن عبد الملك (¬4)، عن محمد بن سيرين، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أبي المهلب (¬5)، عن عمران بن الحصين - رضي الله عنه - ((أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى بهم فسها، فسجد سجدتين، ثم تشهد، ثم سلم)) (¬6). قال الترمذي: ((حسن غريب)) (¬7)، وقال الحاكم: ((صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه إنما اتفقا على حديث خالد الحذاء، عن أبي قلابة وليس فيه ذكر التشهد لسجدتي السهو)) (¬8). قال العلائي: ((أشعث هذا هو ابن عبد الملك الحمراني، وثّقه يحيى بن سعيد القطان، والنسائي وغيرهما، وقال أبو حاتم الرازي: لا بأس به، وقال يحيى بن معين: خرج حفص بن غياث إلى عبادان، فاجتمع إليه البصريون، فقالوا: لا تحدثنا عن أشعث ابن عبد الملك، ولم يخرج الشيخان له شيئاً في كتابيهما، لكن البخاري ذكره تعليقاً، ¬

_ (¬1) عون المعبود 1/ 325. (¬2) نيل الأوطار 1/ 189. (¬3) هُوَ الصَّحَابِيّ الجليل عمران بن الحصين بن عبيد الخزاعي، أبو نجيد، أسلم عام خيبر، توفي سنة (52 هـ‍). أسد الغابة 4/ 136، وتجريد أسماء الصَّحَابَة 1/ 420 (4539)، والتقريب (5150). (¬4) هُوَ أشعث بن عَبْد الملك الحمراني، أبو هانئ البصري: ثقة فقيه، توفي سنة (142 هـ‍)، وَقِيْلَ: (146 هـ‍). تهذيب الكمال 1/ 270 - 274 (523)، والكاشف 1/ 253 (447)، والتقريب (531). (¬5) هُوَ أبو المهلب الجرمي البصري، عم أبي قلابة، اختلف في اسمه فقيل: عَمْرو، وَقِيْلَ: عَبْد الرَّحْمَان بن معاوية أو ابن عَمْرو، وَقِيْلَ غَيْر ذَلِكَ: ثقة. تهذيب الكمال 8/ 438 (8251)، والكاشف 2/ 465 (6861)، والتقريب (8398). (¬6) أخرجه أبو داود (1039)، والترمذي (395)، وابن خزيمة (1062)، وأبو عوانة 2/ 217، وابن حبان (2666) وط الرسالة (2670)، والطبراني في الأوسط ط العلمية (2229) وط الطحان (2250)، وفي الكبير 18/ (469)، والحاكم 1/ 323، والبيهقي 2/ 354 - 355،والبغوي (761). (¬7) الجامع الكبير 1/ 421. (¬8) المستدرك 1/ 323.

وقد ذكره ابن عدي في كتابه الكامل في الضعفاء، لكنه لم يذكر شيئاً يدل على تليينه، أكثر من قول أهل البصرة هذا وفي كونه تضعيفاً نظر لو انفرد، فكيف به مع توثيق يحيى بن سعيد القطان وغيره)) (¬1). ولكن أشعث قد خالف الحفاظ الثقات في هذه الزيادة، فقد قال ابن حجر: ((المحفوظ عن ابن سيرين في حديث عمران ليس فيه ذكر التشهد. وروى السراج من طريق سلمة بن علقمة أيضاً في هذه القصة: (قلت لابن سيرين: فالتشهد؟ فقال: لم أسمع في التشهد شيئاً)) (¬2). كما روي عن ابن سيرين أنه سئل عن التسليم في السهو؟ فقال: ((لم أحفظ عن أبي هريرة، ولكن نبئت أن عمران بن الحصين قال: ثم سلم)) (¬3)، فلم يذكر التشهد. ولكن قال محمد بن سيرين: ((أحب إلي أن يتشهد)) (¬4). والحديث مروي من طرق عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أبي المهلب، عن عمران بن حصين، دون ذكر الزيادة. رواه إسماعيل بن إبراهيم بن علية (¬5)، والمعتمر بن سليمان (¬6)، وشعبة بن الحجاج (¬7)، وعبد الوهاب الثقفي (¬8)، ويزيد بن زريع (¬9)، ومسلمة بن محمد (¬10)، وحماد بن زيد (¬11)، ووهب بن بقية (¬12)، ووهيب (¬13)، ¬

_ (¬1) نظم الفرائد ص 545 - 546، وانظر: الكامل لابن عدي 2/ 35، وتهذيب الكمال 1/ 274، وميزان الاعتدال 1/ 266 ترجمة رقم (1001). (¬2) فتح الباري 3/ 99. (¬3) أخرجه الحميدي (983)، وأبو داود (1008) وقد تقدم تخريجه مع حديث أبي هريرة في قصة ذي اليدين مفصلاً. (¬4) أخرجه ابن أبي شيبة (4461). (¬5) أخرجه ابن أبي شيبة (4416)، وأحمد 4/ 427، ومسلم 2/ 87 (574) (101)، وابن خزيمة (1054) (1060)، والبيهقي 2/ 359. (¬6) أخرجه أحمد 4/ 431، وابن الجارود (245)، وابن خزيمة (1054). (¬7) أخرجه الطيالسي (847)، وأحمد 4/ 440، وأبو عوانة 2/ 217، والطحاوي في شرح المعاني 1/ 443. (¬8) أخرجه الشافعي في كتاب اختلاف الحديث:540، ومسلم 2/ 87 (574) (102)، وابن ماجه (1215)، وابن خزيمة (1054)، والبيهقي 2/ 354. (¬9) أخرجه أبو داود (1018)، والنسائي 3/ 26 وفي الكبرى، له (576) و (1160)، وأبو عوانة 2/ 216، والبيهقي 2/ 359. (¬10) أخرجه أبو داود (1018)، وأبو عوانة 2/ 216. (¬11) أخرجه النسائي 3/ 66 وفي الكبرى، له (1254)، وابن خزيمة (1054)، وأبو عوانة 2/ 216. (¬12) أخرجه ابن حبان (2667) وفي ط الرسالة (2654) و (2671). (¬13) أخرجه الطحاوي في شرح المعاني 1/ 443.

أثر هذه الزيادة في اختلاف الفقهاء

وهشيم بن بشير (¬1) جميعهم عن خالد الحذاء، به دون ذكر الزيادة. قال البيهقي: ((تفرد به أشعث الحمراني وقد رواه شعبة ووهيب وابن علية، والثقفي، وهشيم، وحماد ابن زيد، ويزيد بن زريع وغيرهم عن خالد الحذاء لم يذكر أحد منهم ما ذكر أشعث عن محمد عنه، ورواه أيوب، عن محمد قال: أخبرت عن عمران فذكر السلام دون التشهد، وفي رواية هشيم ذكر التشهد قبل سجدتين وذلك يدل على خطأ أشعث فيما رواه)) (¬2). وقال العلائي: ((هذا لو كان أشعث مقاوماً لمن ذكر، فكيف وهو دونهم في الإتقان والحفظ بكثير وقد مس أيضاً، وهذا وحده كاف في رد زيادة التشهد)) (¬3). وقال ابن عبد البر: ((أما التشهد في سجدتي السهو فلا أحفظه من وجه صحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -)) (¬4). أثر هذه الزيادة في اختلاف الفقهاء اختلف الفقهاء في سجود السهو. هل فيه تشهد وسلام أم لا؟ فذهب أنس بن مالك - رضي الله عنه - (¬5)، والشعبي (¬6)، والحسن (¬7)، وعطاء (¬8) إِلَى أنَّهُ لا تشهد ولا سلام في سجود السهو. في حين ذهب عمار بن ياسر (¬9)، وسعد بن أبي وقاص (¬10) -رضي الله عنهما-، وابن أبي ليلى (¬11) إلى أن فيه تسليماً ولم يذكروا شيئاً عن التشهد. ¬

_ (¬1) أخرجه البيهقي 2/ 355. (¬2) السنن الكبرى 2/ 355. (¬3) نظم الفرائد: 546. (¬4) التمهيد 10/ 209، وانظر فتح الباري 3/ 98 - 99، وتعليق الألباني في إرواء الغليل (403). (¬5) انظر: مصنف ابن أبي شيبة (4464)، والمحلى 4/ 170، وبداية المجتهد 1/ 142. (¬6) انظر: مصنف ابن أبي شيبة (4463). (¬7) انظر: مصنف عبد الرزاق (3504)، ومصنف ابن أبي شيبة (4464)، والمحلى 1/ 170، وبداية المجتهد 1/ 142. (¬8) انظر: مصنف عبد الرزاق (3503)، ومصنف ابن أبي شيبة (4462)، والمحلى 1/ 170، وبداية المجتهد 1/ 142. (¬9) انظر: مصنف ابن أبي شيبة (4453). (¬10) انظر: مصنف ابن أبي شيبة (4453). (¬11) انظر: مصنف عبد الرزاق (3502)، ومصنف ابن أبي شيبة (4454).

وذهب عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - (¬1)، وقتادة (¬2)، والحكم (¬3)، وحماد (¬4)، والنخعي (¬5)، والزيدية (¬6)، والظاهرية (¬7) إلى أن في سجود السهو تشهداً وتسليماً، وهو مذهب أبي حنيفة إذ قال: ((كل سهو وجب في الصلاة عن زيادة أو نقصان فإن الإمام إذا تشهد سلم ثم سجد سجدتي السهو ثم يتشهد ويسلم، وليس شيء من السهو يجب سجوده قبل السلام)) (¬8). وذهب مالك (¬9)، والشافعي (¬10)، وإسحاق (¬11)، وأحمد (¬12)، واختاره الشوكاني (¬13) إلى أنه إذا سجد سجدتي السهو بعد السلام، فإنه يتشهد بعدها ويسلم، أما إذا سجد ¬

_ (¬1) انظر: مصنف عبد الرزاق (3499)، وابن أبي شيبة (4451) و (4452) و (4458) و (4459)، ونيل الأوطار 3/ 122. (¬2) وقع في صحيح البخاري عن قتادة أنه لا يتشهد، وقال ابن حجر معقباً: ((كذا في الأصول التي وقفت عليها من البخاري وفيه نظر فقد رواه عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة قال: يتشهد في سجود السهو ويسلم. (انظر: مصنف عبد الرزاق (3501)) فلعل ((لا)) في الترجمة زائدة ويكون قتادة اختلف عليه في ذلك)). انظر فتح الباري 3/ 98. (¬3) انظر: مصنف ابن أبي شيبة (4466). (¬4) انظر: مصنف ابن أبي شيبة (4466). (¬5) انظر: مصنف عبد الرزاق (3500)، ومصنف ابن أبي شيبة (4460). (¬6) انظر: البحر الزخار 2/ 340. (¬7) انظر: المحلى 4/ 169. وقال ابن حزم: ((الأفضل أن يكبر لكل سجدة من سجدتي السهو ويتشهد بعدها ويسلم منها فإن اقتصر على السجدتين دون شيء من ذلك أجزأه)). (¬8) روى ذلك عنه محمد بن الحسن الشيباني في كتاب الحجة 1/ 223. وانظر: بدائع الصنائع 1/ 173، والهداية 1/ 74، وتبيين الحقائق 1/ 192. (¬9) انظر: المنتقى 1/ 175 - 176، وبداية المجتهد 1/ 142، والقوانين الفقهية: 73 - 74. (¬10) انظر: الأم 1/ 130، والحاوي الكبير 2/ 298. وقال ابن حجر: ((ونقله أبو حامد الاسفراييني عن القديم ولكن وقع في مختصر المزني سمعت الشافعي يقول: ((إذا سجد بعد السلام تشهد، أو قبل السلام اجزأه التشهد الأول)) وتأول بعضهم هذا النص على أنه تفريع عَلَى القول القديم، وفيه ما لا يخفى)). وذهب البغوي والنووي من الشافعية إلى التفريق بين اعتبار أن الذي يسجد بعد السلام هل هو عائد إلى حكم الصلاة أم لا؟ فإذا اعتبر عائداً إلى حكم الصلاة فلا تشهد عليه أما إذا لم يعتبر عائداً إلى حكم الصلاة ففيه وجهان، قال البغوي: ((أحدهما: يتشهد؛ لأن سجود الصلاة بعده يتشهد، والثاني: وهو الأصح لا يتشهد؛ لأن المتروك هو السجود فلا يلزمه معه شيء آخر والصحيح أنه لو سلم، سواء قلنا: يتشهد أو لا يتشهد)). انظر: التهذيب 2/ 195 - 196، وروضة الطالبين 1/ 316. (¬11) انظر: فتح الباري 3/ 98. (¬12) انظر: مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله 1/ 289، والمقنع: 33، والمغني 1/ 664 - 665. (¬13) انظر: السيل الجرار 1/ 284.

سجدتي السهو قبل السلام فيجزيه التشهد الأول. وفي رواية عن مالك (¬1) يتشهد إذا سجد قبل التسليم أيضاً. وقال ابن حجر: ((أما قبل السلام فالجمهور على أنَّهُ لا يعيد التشهد، وحكى ابن عبد البر، عن الليث أنه يعيده، وعن البويطي، عن الشافعي مثله وخطّأه في هذا النقل فإنه لا يعرف، وعن عطاء (¬2) يتخير، واختلف فيه عند المالكية)) (¬3)، واستدلوا على هذا بحديث عبد الله بن مسعود، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا كنت في الصلاة، فشككت في ثلاث أو أربع، وأكثر ظنك على أربع تشهدت ثم سجدت سجدتين، وأنت جالس قبل أن تسلم، ثم تشهدت أيضاً ثم سلمت)) (¬4)، وحديث المغيرة بن شعبة: ((أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تشهد بعد أن رفع رأسه من سجدتي السهو)) (¬5)، قال ابن المنذر: ((لا أحسب التشهد في سجود السهو يثبت)). وقال ابن حجر: ((فقد يقال: إن الأحاديث الثلاثة في التشهد باجتماعها ترتقي إلى درجة الحسن، قال العلائي: وليس ذلك ببعيد، وقد صح ذلك عن ابن مسعود من قوله أخرجه ابن أبي شيبة (¬6))) (¬7). وقال الشوكاني: ((اعلم أن المراد بالتشهد المذكور في سجود السهو هو التشهد المعهود في الصلاة لا كما قاله الإمام المهدي في البحر أنه الشهادتان في الأصح لعدم وجدان ما يدل على الاقتصار على البعض من التشهد الذي ينصرف إليه مطلق التشهد)) (¬8). ومثال ذلك أَيْضاً: ما رواه علي بن عبد الله البارقي الأزدي (¬9)، عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((صلاة ¬

_ (¬1) انظر: بداية المجتهد 1/ 142، والقوانين الفقهية: 73 - 74. (¬2) انظر: بداية المجتهد 1/ 142. (¬3) انظر: فتح الباري 3/ 98. (¬4) أخرجه أحمد 1/ 428 - 429، وأبو داود (1028)، والنسائي في الكبرى (605)، والدارقطني 1/ 378، والبيهقي 2/ 356 من طريق محمد بن سلمة، عن خصيف، عن أبي عبيدة، عن أبيه عبد الله ابن مسعود، بهذا اللفظ. قال أبو داود: ((رواه عبد الواحد، عن خصيف ولم يرفعه ووافق عبد الواحد أيضاً سفيان، وشريك، وإسرائيل، واختلفوا في الكلام في متن الحديث ولم يسندوه))، وقال البيهقي: ((وهذا غير قوي ومختلف في رفعه ومتنه)). (¬5) أخرجه البيهقي 2/ 355 من طريق ابن أبي ليلى، عن الشعبي، عن المغيرة بن شعبة، به وقال البيهقي: ((وهذا يتفرد به محمد بن عبد الرحمان بن أبي ليلى، عن الشعبي ولا يفرح بما تفرد به والله أعلم)). (¬6) سبق تخريجه. (¬7) انظر: فتح الباري 3/ 99. (¬8) انظر: نيل الأوطار 3/ 122. (¬9) هُوَ عَلِيّ بن عَبْد الله البارقي الأزدي، أبو عَبْد الله بن أبي الوليد: صدوق رُبَّمَا أخطأ. تهذيب الكمال 5/ 278 - 279 (4687)، والكاشف 2/ 43 (3939)، والتقريب (4762).

الليل والنهار مثنى مثنى)). أخرجه: الطيالسي (¬1)، وابن أبي شيبة (¬2)، وأحمد (¬3)، والدارمي (¬4)، والبخاري في التاريخ الكبير (¬5)، وأبو داود (¬6)، وابن ماجه (¬7)، والترمذي (¬8)، والنسائي (¬9)، وابن الجارود (¬10)، وابن خزيمة (¬11)، والطحاوي (¬12)، وابن حبان (¬13)، وابن عدي (¬14)، والدارقطني (¬15)، وابن حزم (¬16)، والبيهقي (¬17)، والخطيب (¬18)، وابن عبد البر (¬19). وقد خالف الأزدي غيره من الرواة عن ابن عمر فزاد كلمة ((النهار)) وجمع الرواة عن ابن عمر لا يذكرون هذه الكلمة، وهم: 1 - أنس بن سيرين، أخرجه: أحمد (¬20)، والبخاري (¬21)، ومسلم (¬22)، وابن ماجه (¬23)، والترمذي (¬24)، والنسائي (¬25)، وابن خزيمة (¬26)، وأبو عوانة (¬27)، والطبراني (¬28)، وأبو نعيم (¬29)، والبغوي (¬30). ¬

_ (¬1) في مسنده (1932). (¬2) في مصنفه (6633). (¬3) في مسنده 2/ 26و51. (¬4) في سننه (1466). (¬5) 1/ 285. (¬6) في سننه (1295). (¬7) في سننه (1322). (¬8) في جامعه (597). (¬9) في المجتبى 3/ 227 وفي الكبرى، له (472). (¬10) في المنتقى (278). (¬11) في صحيحه (1210). (¬12) في شرح معاني الآثار: 1/ 334. (¬13) في صحيحه: (2479) و (2480) و (2491) وط الرسالة (2482) و (2483) و (2894). (¬14) في الكامل: 6/ 307. (¬15) في سننه 1/ 417. (¬16) في المحلى 1/ 80. (¬17) في السنن الكبرى: 2/ 487، وفي المعرفة (1350) و (1351). (¬18) في موضح أوهام الجمع والتفريق: 2/ 273. (¬19) في التمهيد: 13/ 246 - 247. (¬20) في مسنده 2/ 31 و45 و49 و78. (¬21) في صحيحه 2/ 31 (995). (¬22) في صحيحه 2/ 174 (749) (157) و (158). (¬23) في سننه (1318). (¬24) في جامعه الكبير (461). (¬25) الكبرى (437). (¬26) في صحيحه (1073). (¬27) في مسنده 2/ 364. (¬28) في الأوسط: ط العلمية (2369) وط الطحان (2390). (¬29) في المستخرج (1711) و (1712). (¬30) في شرح السنة (958).

2 - حميد بن عبد الرحمان، أخرجه: النسائي (¬1)، وأبو عوانة (¬2). 3 - سعد بن عبيدة، أخرجه: الطبراني (¬3). 4 - سالم بن عبد الله بن عمر، أخرجه: الشافعي (¬4)، وعبد الرزاق (¬5)، والحميدي (¬6)، وابن أبي شيبة (¬7)، وأحمد (¬8)، والبخاري (¬9)، ومسلم (¬10)، وابن ماجه (¬11)، والنسائي (¬12)، وأبو يعلى (¬13)، وابن الجارود (¬14)، وابن خزيمة (¬15)، وأبو عوانة (¬16)، وابن حبان (¬17)، والطبراني (¬18)، وأبو نعيم (¬19)، والبيهقي (¬20)، والخطيب (¬21)، والبغوي (¬22). ¬

_ (¬1) في المجتبى 3/ 228، وفي الكبرى، له (1381). (¬2) في مسنده 2/ 361. (¬3) في الأوسط: ط العلمية (3409) وط الطحان (3433) وفي الصغير: 1/ 125. (¬4) في مسنده: (387) بتحقيقنا. (¬5) في مصنفه (4678) و (4681). (¬6) في مسنده (628). (¬7) في مصنفه (6623) و (6802) و (36385) و (36386). (¬8) في مسنده 2/ 9 و133 و148. (¬9) في صحيحه 2/ 64 (1137). (¬10) في صحيحه 2/ 172 (749) (146). (¬11) في سننه (1320). (¬12) في المجتبى 3/ 227و228 وفي الكبرى، له (439) و (473) و (1380). (¬13) في مسنده (5431) و (5494). (¬14) في المنتقى (267). (¬15) في صحيحه (1072). (¬16) في مسنده 2/ 360. (¬17) في صحيحه (2617) وط الرسالة (2620). (¬18) في الكبير (13184) و (13215) وفي الأوسط ط العلمية (758) (940) (4110) (4674) وط الطحان (762) (944) (4122) (4671). (¬19) في المستخرج (1698). (¬20) في السنن الكبرى 3/ 22، وفي المعرفة، له (1352). (¬21) في تاريخه 9/ 105. (¬22) في شرح السنة (955).

5 - طاووس، أخرجه: الشافعي (¬1)، وعبد الرزاق (¬2)، والحميدي (¬3)، وابن أبي شيبة (¬4)، وأحمد (¬5)، ومسلم (¬6)، وابن ماجه (¬7)، والنسائي (¬8)، وأبو يعلى (¬9)، وابن خزيمة (¬10)، والطحاوي (¬11)، والطبراني (¬12)، وأبو نعيم (¬13)، والبيهقي (¬14). 6 - عبد الله بن دينار، أخرجه: الشافعي (¬15)، وعبد الرزاق (¬16)، والحميدي (¬17)، وابن أبي شيبة (¬18)، وابن ماجه (¬19)، وابن خزيمة (¬20)، والطحاوي (¬21)، والبيهقي (¬22)، وابن عبد البر (¬23). 7 - عبد الله بن شقيق (¬24)، أخرجه: ابن أبي شيبة (¬25)، وأحمد (¬26)، ومسلم (¬27)، وأبو داود (¬28)، والنسائي (¬29)، وأبو يعلى (¬30)، وابن خزيمة (¬31)، وأبو عوانة (¬32)، ¬

_ (¬1) في مسنده (388) بتحقيقنا. (¬2) في مصنفه (4679). (¬3) في مسنده (629). (¬4) في مصنفه (36399). (¬5) في مسنده 2/ 30و113و142. (¬6) في صحيحه 2/ 172 (749) (146). (¬7) في سننه (1320). (¬8) في المجتبى 3/ 227 وفي الكبرى، له (438) (475). (¬9) في مصنفه (5618) (5620) (5624). (¬10) في صحيحه (1072). (¬11) في شرح المعاني 1/ 278. (¬12) في الكبير (13461). (¬13) في الحلية 4/ 20 وفي المستخرج، له (1699). (¬14) في السنن الكبرى 3/ 22 وفي معرفة السنن والآثار، له (1352). (¬15) في مسنده (386) بتحقيقنا. (¬16) في مصنفه (4680). (¬17) في مسنده (631). (¬18) في مصنفه (6624). (¬19) في سننه (1320). (¬20) في صحيحه (1072). (¬21) في شرح المعاني 1/ 278. (¬22) في السنن الكبرى 3/ 21 - 22 وفي المعرفة، له (1352). (¬23) في التمهيد 13/ 242. (¬24) هُوَ عَبْد الله بن شقيق العقيلي، أَبُو عَبْد الرَّحْمَان البصري، وَقِيْلَ: أبو مُحَمَّد: ثقة فِيْهِ نصب، توفي سنة (108هـ‍). تهذيب الكمال 4/ 162 (3321)، والكاشف 1/ 561 (2777)، والتقريب (3385). (¬25) في مصنفه (6625) (6804) (36384). (¬26) في مسنده 2/ 40 و58 و71 و76 و79 و81 و100. (¬27) في صحيحه 2/ 172 (749) (148). (¬28) في سننه (1421). (¬29) في المجتبى 3/ 232 - 233 وفي الكبرى، له (1398). (¬30) في مسنده (5635). (¬31) في صحيحه (1072). (¬32) في مسنده 2/ 361.

والطحاوي (¬1)، وابن حبان (¬2)، والطبراني (¬3)، وأبو نعيم (¬4)، والبيهقي (¬5). 8 - عبيد الله بن عبد الله، أخرجه: مسلم (¬6)، وأبو عوانة (¬7)، وأبو نعيم (¬8)، والبيهقي (¬9). 9 - عقبة بن حريث (¬10)، أخرجه: أحمد (¬11)، ومسلم (¬12)، وأبو عوانة (¬13)، وأبو نعيم (¬14)، والبيهقي (¬15). 10 - عقبة بن مُسْلِم (¬16)، أخرجه: الطحاوي (¬17). 11 - عطية بن سعد (¬18)، أخرجه: أحمد (¬19)، والطرسوسي (¬20)، وابن قانع (¬21)، وأبو نعيم (¬22). ¬

_ (¬1) في شرح المعاني 1/ 278. (¬2) في صحيحه (2620) وط الرسالة (2623). (¬3) في الأوسط ط العلمية (2614) وط الطحان (2635). (¬4) في المستخرج (1701) (1702). (¬5) في السنن الكبرى 3/ 22. (¬6) في صحيحه 2/ 173 (749) (156). (¬7) في مسنده 2/ 362. (¬8) في المستخرج (1710). (¬9) في السنن الكبرى 3/ 22. (¬10) هُوَ عقبة بن حريث التغلبي، الكوفي: ثقة. تهذيب الكمال 5/ 194 - 195 (4563)، والكاشف 2/ 28 (3835)، والتقريب (4635). (¬11) في مسنده 2/ 44و77. (¬12) في صحيحه 2/ 174 (749) (159). (¬13) في مسنده 2/ 359. (¬14) في المستخرج (1713). (¬15) في سننه الكبرى 2/ 486. (¬16) هُوَ عقبة بن مُسْلِم التجيبي، أبو مُحَمَّد المصري، إمام الجامع العتيق بمصر: ثقة، توفي قريباً من سنة عشرين ومئة. الثقات 7/ 247، وتهذيب الكمال 5/ 200 - 201 (4576)، والتقريب (4650). (¬17) في شرح المعاني 1/ 279. (¬18) هُوَ عطية بن سعد بن جنادة الكوفي الجدلي، أبو الحسن الكوفي: صدوق يخطئ كثيراً، وَكَانَ شيعياً مدلساً، توفي سنة (111 هـ‍). التاريخ الكبير 7/ 8 - 9، والكاشف 2/ 27 (3820)، والتقريب (4616). (¬19) في مسنده 2/ 155. (¬20) في مسند ابن عمر (5). (¬21) في معجم الصحابة 8/ 2993 (917). (¬22) في الحلية 7/ 254.

12 - القاسم بن محمد، أخرجه: البخاري (¬1)، والنسائي (¬2). 13 - محمد بن سيرين، أخرجه: عبد الرزاق (¬3)، وأحمد (¬4)، وابن الأعرابي (¬5)، والطبراني (¬6). 14 - نافع، أخرجه: ابن أبي شيبة (¬7)، وأحمد (¬8)، والدارمي (¬9)، والبخاري (¬10)، والطرسوسي (¬11)، وابن ماجه (¬12)، والترمذي (¬13)، والنسائي (¬14)، وأبو يعلى (¬15)، وابن خزيمة (¬16)، والطحاوي (¬17)، وابن قانع (¬18)، وابن حبان (¬19)، والطبراني (¬20)، والخطيب (¬21)، وابن عبد البر (¬22)، والبغوي (¬23). ¬

_ (¬1) في صحيحه 2/ 30 (993). (¬2) في المجتبى 3/ 233 وفي الكبرى، له (444). (¬3) في مصنفه (4675) و (4676). (¬4) في مسنده 2/ 32و82و154. (¬5) في معجمه (89). (¬6) في الأوسط ط العلمية (961) (3893) وط الطحان (965 (3905). (¬7) في مصنفه (6805). (¬8) في مسنده 2/ 5و48و49و54و66و102و119. (¬9) في سننه (1467) (1592). (¬10) في صحيحه 1/ 137 (472) (473). (¬11) في مسند ابن عمر (62). والطرسوسي: هُوَ مُحَمَّد بن إبراهيم بن مُسْلِم الخزاعي أبو أمية الطرسوسي، بغدادي الأصل: صدوق صاحب حَدِيْث يهم، وَقَدْ وثقه أبو داود، وَقَالَ أبو بكر الخلال: إمام في الْحَدِيْث، رفيع القدر جداً، لَهُ من المصنفات " مسند عَبْد الله بن عمر "، توفي سنة (273 هـ‍). سير أعلام النبلاء 13/ 91، وميزان الاعتدال 3/ 447 (7106)، والتقريب (5700). (¬12) في سننه (1319). (¬13) في جامعه (437). (¬14) في المجتبى 3/ 227 - 228 و228 و233 وفي الكبرى، له (474). (¬15) في مسنده (2623). (¬16) في صحيحه (1072). (¬17) في شرح المعاني 1/ 278. (¬18) في معجم الصحابة 8/ 2997 (918). (¬19) في صحيحه (2619) وط الرسالة (2622). (¬20) في الأوسط ط العلمية (76) (2175) (2694) وط الطحان (76) (2196) (2715)، وفي الصغير 1/ 13. (¬21) في تاريخه 2/ 257، وفي موضح أوهام الجمع والتفريق، له 2/ 225. (¬22) في التمهيد 13/ 241. (¬23) في شرح السنة (956) (957).

15 - أبو سلمة بن عبد الرحمان بن عوف، أخرجه: الحميدي (¬1)، وأحمد (¬2)، وابن ماجه (¬3)، والنسائي (¬4)، وابن خزيمة (¬5)، وابن حبان (¬6). 16 - أبو مجلز (لاحق بن حميد) (¬7)، أخرجه: ابن ماجه (¬8). 17 - نافع وعبد الله بن دينار مقرونين، أخرجه: مالك (¬9)، والشافعي (¬10)، والبخاري (¬11)، ومسلم (¬12)، وأبو داود (¬13)، والنسائي (¬14)، وأبو عوانة (¬15)، والطحاوي (¬16)، وأبو نعيم (¬17)، والبيهقي (¬18)، والبغوي (¬19). 18 - سالم بن عبد الله بن عمر وحميد بن عبد الرحمان مقرونين، أخرجه: عبد (¬20) الرزاق (¬21)، وأحمد (¬22)، ومسلم (¬23)، والنسائي (¬24)، وأبو عونة (¬25)، ¬

_ (¬1) في مسنده (630). (¬2) في مسنده 2/ 10. (¬3) في سننه (1320). (¬4) في المجتبى 3/ 227. (¬5) في صحيحه (1072). (¬6) في صحيحه (2617) وط الرسالة (2620). (¬7) هُوَ لاحق بن حميد بن سعيد السدوسي البصري، أبو مِجْلَز: ثقة، توفي سنة (100 هـ‍)، وَقِيْلَ: (106 هـ‍)، وَقِيْلَ: (109 هـ‍). تهذيب الكمال 7/ 507 (7367)، والكاشف 2/ 359 (6120)، والتقريب (7490). (¬8) في سننه (1175). (¬9) في الموطأ (100) برواية سويد بن سعيد، و (298) برواية أبي مصعب الزهري، و (319) برواية الليثي. (¬10) في مسنده (384) بتحقيقنا. (¬11) في صحيحه 2/ 30 (990) وفي التاريخ الصغير، له 1/ 294. (¬12) في صحيحه 2/ 171 (749) (145). (¬13) في سننه (1326). (¬14) في المجتبى 3/ 233 وفي الكبرى، له (1399). (¬15) في مسنده 2/ 364. (¬16) في شرح المعاني 1/ 278. (¬17) في المستخرج (1697). (¬18) في سننه 2/ 486 و 3/ 21. (¬19) في شرح السنة (954). (¬20) في مطبوع عبد الرزاق عن سالم بن عبد الله عن حميد بن عبد الرحمان، والصواب سالم وحميد. (¬21) في مصنفه (4677). (¬22) في مسنده 2/ 134. (¬23) في صحيحه 2/ 172 (749) (147). (¬24) في المجتبى 3/ 228. (¬25) في مسنده 2/ 360.

والطحاوي (¬1)، وأبو نعيم (¬2). 19 - أبو سلمة بن عبد الرحمان بن عوف ونافع مقرونين، أخرجه: أحمد (¬3)، والطرسوسي (¬4)، والنسائي (¬5)، والطحاوي (¬6). والمتأمل الناظر يجد الأزدي قد خالف جميع الرواة عن ابن عمر إذ قال الترمذي: ((والصحيح ما روي عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((صلاة الليل مثنى مثنى))، وروى الثقات عن عبد الله بن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يذكروا فيه صلاة النهار)) (¬7). وقال النسائي: ((هذا الحديث عندي خطأ والله تعالى أعلم)) (¬8)، وقال أيضاً: ((هَذَا إسناد جيد ولكن أصحاب ابن عمر خالفوا علياً الأزدي ...)) (¬9). وقال البيهقي: إن البخاري قد سئل عن حديث يعلى بن عطاء أصحيح هو؟ فقال: نعم. قال أبو عبد الله وقال سعيد بن جبير كان ابن عمر لا يصلي أربعاً لا يفصل بينهن إلا المكتوبة (¬10). وقال ابن عبد البر: ((لم يقله أحد عن ابن عمر غيره وأنكروه عليه)) (¬11) وساق ابن عبد البر بسنده عن مضر بن محمد أنه قال: ((سألت يحيى بن معين عن صلاة الليل والنهار فقال: صلاة النهار أربعاً لا يفصل بينهن فاصل، وصلاة الليل ركعتين، فقلت له: إن أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، فقال: بأي حديث؟ فقلت: بحديث شعبة، عن يعلى بن عطاء، عن عَلِيّ الأزدي، عن ابن عمر أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((صلاة الليل والنهار مثنى مثنى)) فَقَالَ: ومن عَلِيّ الأزدي حَتَّى أقبل مِنْهُ هَذَا)) (¬12). وقال ابن تيمية: ((فهذا الحديث يرويه الأزدي عن علي بن عبد الله البارقي، عن ¬

_ (¬1) في شرح المعاني 1/ 278. (¬2) في المستخرج (1700). (¬3) في مسنده 2/ 75. (¬4) في مسند ابن عمر (62). (¬5) في المجتبى 3/ 233 - 234. (¬6) في شرح المعاني 1/ 278. (¬7) جامعه عقب الحديث (597). (¬8) المجتبى 3/ 227. (¬9) الكبرى عقب حديث (472). (¬10) السنن الكبرى 2/ 487 وفي المعرفة، له 2/ 296. (¬11) التمهيد 13/ 243. (¬12) التمهيد 13/ 244 - 245، وانظر: الاستذكار، له 2/ 105 - 106.

أثر الحديث في اختلاف الفقهاء (كيف تصلى نافلة النهار)؟

ابن عمر (¬1)، وهو خلاف ما رواه الثقات المعروفون عن ابن عمر فإنهم رووا ما في الصحيحين أنه سئل عن صلاة الليل فقال: ((صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خفت الفجر فاوتر بواحدة)))) (¬2). وقد أفاض ابن تيمية في تضعيف هذه الزيادة في مجموعة فتاويه (¬3). وقال الزيلعي: ((والحديث في الصحيحين من حديث جماعة عن ابن عمر ليس فيه ذكر النهار (¬4))) (¬5). أثر الحديث في اختلاف الفقهاء (كيف تصلى نافلة النهار)؟ اختلف العلماء في نافلة النهار كيف تصلى على مذهبين: المذهب الأول: وهو أن تصلى مثنى مثنى، وهو ما ذهب إليه سعيد بن جبير (¬6)، والحسن البصري (¬7)، وحماد بن أبي سليمان (¬8)، ومالك (¬9)، والشافعي (¬10)، وهو ما فضّله أحمد (¬11)، وداود (¬12)، وابن المنذر (¬13). قال الشافعي - رحمه الله -: ((صلاة الليل والنهار من النافلة سواء يسلم في كل ¬

_ (¬1) كذا قال الحافظ ابن تيمية والصواب أن الأزدي هو نفسه علي بن عبد الله البارقي وهو كما جاء في جميع الروايات التي ذكرت الحديث. (¬2) مجموعة الفتاوى 21/ 165. (¬3) مجموعة الفتاوى 21/ 165. (¬4) نصب الراية 2/ 144. (¬5) روى الحاكم في معرفة علوم الحديث (ص 58 والورقة 53 من نسختنا الخطية) النوع التاسع عشر هَذَا الْحَدِيْث من طريق محمد بن سيرين، عن ابن عمر وفيه زيادة لفظة: ((النهار)) ثم قال عقبه: ((هذا حديث ليس في إسناده إلا ثقة ثبت وذكر النهار فيه وهم والكلام عليه يطول)). (¬6) انظر: المغني 1/ 761، والمجموع 4/ 56. (¬7) انظر: المغني 1/ 761، والمجموع 4/ 56. (¬8) انظر: المغني 1/ 761، والمجموع 4/ 56. (¬9) انظر: المدونة الكبرى 1/ 99، والمنتقى 1/ 213 - 214، والاستذكار 2/ 91 - 92، وبداية المجتهد 1/ 150 - 151، والقوانين الفقهية: 87. (¬10) انظر: الأم 1/ 139 - 140، والحاوي الكبير 2/ 366 - 367، والمهذب 1/ 92، والوسيط 2/ 817، والتهذيب 2/ 225 - 226، والمجموع شرح المهذب 4/ 51و56، وروضة الطالبين 1/ 332، وكفاية الأخيار 1/ 166 - 167. (¬11) انظر: مسائل أبي داود: 72، ومسائل عبد الله بن أحمد 2/ 296 - 297، والمقنع: 34، والهادي: 23 - 24، والمغني 1/ 761، والمحرر 1/ 88، وشرح الزركشي 1/ 387 - 388. (¬12) انظر: المجموع 4/ 51و56. (¬13) انظر: المجموع 4/ 51و56.

ركعتين، هكذا جاء الخبر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الليل، وقد يروى عنه خبر يثبت أهل الحديث مثله في صلاة النهار، ولو لم يثبت كان إذ أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الليل أن يسلم من كل ركعتين كان معقولاً في الخبر عنه أنه أراد والله تعالى أعلم الفرق بين الفريضة والنافلة، ولا تختلف النافلة في الليل والنهار كما لا تختلف المكتوبة في الليل والنهار؛ لأنها موصولة كلها)) (¬1). وقال أيضاً: ((وهكذا ينبغي أن تكون النافلة في الليل والنهار)) (¬2). المذهب الثاني: أنها تصلى أربعاً وهو ما ذهب إليه ابن عمر (¬3)، وأبو حنيفة (¬4)، إذ ذهب إلى أنه يصلى في نفل النهار أربعاً بتسليمة أو اثنتين، والأفضل أربع، والأوزاعي (¬5)، وأبو يوسف (¬6)، ومحمد (¬7)، وإسحاق (¬8)، واستدلوا بحديث أبي أيوب الأنصاري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((أربع قبل الظهر لا يسلم فيهن تفتح لهن أبواب السماء)) (¬9)، وأجاز ذلك أحمد (¬10)، وقال ابن قدامة في المغني: ((وحديث أبي أيوب يرويه عبيد الله بن ¬

_ (¬1) انظر: الأم 7/ 142. (¬2) انظر: الأم 7/ 142. (¬3) مصنف ابن أبي شيبة (5948)، وانظر: المجموع 1/ 51و56، والمغني 1/ 761. (¬4) انظر: الحجة على أهل المدينة 1/ 272، والمبسوط 1/ 159، وبدائع الصنائع 1/ 284 - 285، والهداية 1/ 67، وشرح فتح القدير 1/ 314 - 315، والاختيار في تعليل المختار 1/ 65 - 68، وتبيين الحقائق 1/ 172، ويكره الأحناف الزيادة على أربع ركعات في صلاة النهار. (¬5) انظر: المغني 1/ 761، والمجموع 4/ 56، وفقه الإمام الأوزاعي 1/ 295. (¬6) انظر: المبسوط 1/ 159، والهداية 1/ 67. (¬7) كتاب الحجة على أهل المدينة 1/ 272، وانظر: المبسوط 1/ 159، والهداية 1/ 67. (¬8) انظر: المغني 1/ 761، والمجموع 4/ 51و56. (¬9) أخرجه: محمد بن الحسن الشيباني في الحجة على أهل المدينة 1/ 272 - 273، والطيالسي (597)، وعبد الرزاق (4814)، والحميدي (385)، وابن أبي شيبة (5940) و (5941)، وأحمد 5/ 416 و418 و419، وعبد بن حميد (226)، وأبو داود (1270)، وابن ماجه (1157)، والترمذي في الشمائل (293) و (294) بتحقيقنا، وابن خزيمة (1214) و (1215)، والطحاوي في شرح المعاني 1/ 335، وابن حبان في الثقات 5/ 163 - 164، والطبراني في الكبير (4031) (4032) (4033) (4034) (4035) (4036) (4037) (4038)، والدارقطني في العلل 6/ 169، وابن عدي في الكامل 7/ 59، والحاكم في المستدرك 3/ 461، وتمام في فوائده (380)، والبيهقي 2/ 488و489، والخطيب في موضح أوهام الجمع والتفريق 1/ 168 - 169 من طرق عن أبي أيوب الأنصاري، به. وللحديث شاهد من حديث عبد الله بن السائب، عند أحمد 3/ 411، والترمذي في الجامع الكبير (478)، وفي الشمائل (295) بتحقيقنا، والنسائي في الكبرى (331)، والبغوي (890) وسنده صحيح. (¬10) مسائل أبي داود: 72، ومسائل عبد الله بن أحمد 2/ 296، والمقنع: 34، والمغني 1/ 761، =

المبحث الثالث اختلاف الثقة مع الثقات، وأثر ذلك في اختلاف الفقهاء

معتب وهو ضعيف، ومفهوم الحديث المتفق عليه يدل على جواز الأربع لا على تفضيلها، وأما حديث البارقي فإنه تفرد بزيادة لفظة النهار من بين سائر الرواة، وقد رواه عن ابن عمر نحو خمسة عشر نفساً لم يقل ذلك أحد سواه وكان ابن عمر يصلي أربعاً فيدل ذلك على ضعف روايته أو على أن المراد بذلك الفضيلة مع جواز غيره والله تعالى أعلم)) (¬1). المبحث الثالث اختلاف الثقة مع الثقات، وأثر ذلك في اختلاف الفقهاء إن الاختلافات الواردة في المتن أو الإسناد تتفرع أنواعاً متعددة، لكل نوع اسمه الخاص به، ومن تلك الاختلافات هو أن يخالف الثقة ثقات آخرين، مثل هذه المخالفة تختلف، ربما تكون من ثقة يخالف ثقة آخر، أو من ثقة يخالف عدداً من الثقات، وإذا كان المخالف واحداً وليس جمعاً فيشترط فيه أن يكون أوثق ممن حصل فيه الاختلاف، وهذا النوع من المخالفة يطلق عليه عند علماء المصطلح الشاذ (¬2)، وهو: أن يخالف الثقة من هو أوثق منه عدداً أو حفظاً. وهذا التعريف مأخوذ من تعريف الشافعي للشاذ، فقد روي عن يونس بن عبد الأعلى (¬3)، قال: قال لي الشافعي -رحمه الله-: ((ليس الشاذ من الحديث أن يروي الثقة ما لا يروي غيره، إنما الشاذ: أن يروي الثقة حديثاً يخالف ما روى الناس)) (¬4). ¬

_ = والمحرر 1/ 86، وشرح الزركشي 1/ 387 - 388. (¬1) انظر: المغني 1/ 761. (¬2) انظر في الشاذ: معرفة علوم الحديث: 119، ومعرفة أنواع علم الحديث: 68، وفي طبعتنا 163، وجامع الأصول 1/ 177، والإرشاد 1/ 213، والتقريب: 67، وفي طبعتنا: 111، والاقتراح: 197، والمنهل الروي: 50، والخلاصة: 69، والموقظة: 42، ونظم الفرائد: 361، واختصار علوم الحديث: 56، والمقنع 1/ 165، وشرح التبصرة والتذكرة 1/ 192، وفي طبعتنا: 1/ 246، ونزهة النظر: 97، والمختصر: 124، وفتح المغيث 1/ 217، وألفية السيوطي: 39، وشرح السيوطي على ألفية العراقي: 177، وفتح الباقي 1/ 192، وفي طبعتنا: 1/ 232، وتوضيح الأفكار 1/ 377، وظفر الأماني: 356، وقواعد التحديث: 130. (¬3) هُوَ يونس بن عَبْد الأعلى بن ميسرة الصدفي، أَبُو موسى المصري: ثقة فقيه، توفي سنة (264هـ‍). تهذيب الكمال 8/ 211 - 212 (7773)، والكاشف 2/ 403 (6471)، والتقريب (7907). (¬4) رواه عن الشافعي: الحاكم في معرفة علوم الحديث: 119، والخليلي في الإرشاد 1/ 176، والبيهقي في معرفة السنن والآثار 1/ 81 - 82، والخطيب في الكفاية: (223 ت، 141 هـ‍).

والشاذ في اللغة: المنفرد، يقال: شذّ يَشُذُّ ويشِذُّ - بضم الشين وكسرها - أي: انفرد عن الجمهور، وشذَّ الرجلُ: إذا انفرد عن أصحابه. وكذلك كل شيء منفرد فهو شاذ. ومنه: هو شاذ من القياس، وهذا مما يشذ عن الأصول، وكلمة شاذة ... وهكذا (¬1). إذن: الشذوذ هو مخالفة الثقة للأوثق حفظاً أو عدداً، وهذا هو الذي استقر عليه الاصطلاح (¬2)، قال الحافظ ابن حجر: ((يختار في تفسير الشاذ أنه الذي يخالف رواية من هو أرجح منه)) (¬3). ثم إن مخالفة الثقة لغيره من الثقات أمر طبيعي إذ إن الرواة يختلفون في مقدار حفظهم وتيقظهم وتثبتهم من حين تحملهم الأحاديث عن شيوخهم إلى حين أدائها. وهذه التفاوتات الواردة في الحفظ تجعل الناقد البصير يميز بين الروايات، ويميز الرواية المختلف فيها من غير المختلف فيها، والشاذة من المحفوظة، والمعروفة من المنكرة. ومن الأمثلة لحديث ثقة خالف في ذلك حديث ثقة أوثق منه: ما رواه معمر بن راشد (¬4)، عن يحيى بن أبي كثير (¬5)، عن عبد الله بن أبي قتادة (¬6)، عن أبيه (¬7)، قال: ((خرجت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زمن الحديبية، فأحرم أصحابي ولم أحرم، فرأيت حماراً فحملت عليه، فاصطدته، فذكرت شأنه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وذكرت أني لم ¬

_ (¬1) انظر: الصحاح 2/ 565، وتاج العروس 9/ 423. (¬2) وإنما قلنا هكذا؛ لأن للشاذ تعريفين آخرين، أولهما: وهو ما ذكر الحاكم النيسابوري - أن الشاذ هو الحديث الذي ينفرد به ثقة من الثقات، وليس له أصل متابع لذلك الثقة. معرفة علوم الحديث: 119. وثانيهما: وهو ما حكاه الحافظ أبو يعلى الخليلي القزويني من أن الذي عليه حفاظ الحديث أن الشاذ ما ليس له إلا إسناد واحد يشذ بذلك شيخ ثقة كان أو غير ثقة، فما كان عن غير ثقة فمتروك لا يقبل، وما كان عن ثقة يتوقف فيه ولا يحتج به. الإرشاد 1/ 176 - 177. (¬3) النكت على كتاب ابن الصلاح 2/ 653 - 654. (¬4) تقدمت ترجمته. (¬5) هو: يحيى بن أبي كثير الطائي، مولاهم، أبو نصر اليمامي: ثقة ثبت لكنه يدلس ويرسل. تهذيب الكمال 8/ 80 (7502)، والكاشف 2/ 373 (6235)، والتقريب (7632). (¬6) هو عبد الله بن أبي قتادة الأنصاري، المدني: ثقة، مات سنة خمس وتسعين. تهذيب الكمال 4/ 241 (3475)، والكاشف 1/ 586 (2915)، والتقريب (3538). (¬7) هو: أبو قتادة الأنصاري، اسمه الحارث، ويقال: عمرو أو النعمان، ابن ربعي، بكسر الراء وسكون الموحدة بعدها مهملة، ابن بُلْدُمة، بضم الموحدة والمهملة بينهما لام ساكنة، السَّلَمي، بفتحتين، المدني، شهد أحداً وما بعدها. أسد الغابة 5/ 374، والإصابة 4/ 158، والتقريب (8311).

أكن أحرمت، وأني إنما اصطدته لك؟ فأمر النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أصحابه فأكلوا، وَلَمْ يأكل مِنْهُ حِيْنَ أخبرته أني اصطدته لَهُ)) (¬1). فهذا الحديث يتبادر إلى ذهن الناظر فيه أول وهلة أنه حديث صحيح، إلا أنه بعد البحث تبين أن معمر بن راشد - وهو ثقة - قد شذ في هذا الحديث فقوله: ((إنما اصطدته لك))، وقوله: ((ولم يأكل منه حين أخبرته أني اصطدته له)). جملتان شاذتان شذ بهما معمر بن راشد عن بقية الرواة. قال ابن خزيمة: ((هذه الزيادة: ((إنما اصطدته لك))، وقوله: ((ولم يأكل منه حين أخبرته أني اصطدته لك))، لا أعلم أحداً ذكره في خبر أبي قتادة غير معمر في هذا الإسناد، فإن صحت هذه اللفظة فيشبه أن يكون - صلى الله عليه وسلم - أكل من لحم ذلك الحمار قبل [أن] (¬2) يعلمه أبو قتادة أنه اصطاده من أجله، فلما أعلمه أبو قتادة أنه اصطاده من أجله امتنع من أكله بعد إعلامه إياه أنه اصطاده من أجله؛ لأنه قد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قد أكل من لحم ذلك الحمار)) (¬3). هكذا جزم الحافظ ابن خزيمة بتفرد معمر بن راشد بهاتين اللفظتين، وهو مصيب في هذا، إلا أنه لا داعي للتأويل الأخير لجزمنا بعدم صحة هاتين اللفظتين - كما سيأتي التدليل عليه -. وقال أبو بكر بن زياد النيسابوري (¬4) - شيخ الدارقطني -: ((قوله: "اصطدته لك"، وقوله: "ولم يأكل منه"، لا أعلم أحداً ذكره في هذا الحديث غير معمر)) (¬5). وقال البيهقي: ((هذه لفظة غريبة لم نكتبها إلا من هذا الوجه، وقد روينا عن أبي ¬

_ (¬1) رواه عن معمر عبد الرزاق في مصنفه (8337)، ومن طريقه أخرجه الإمام أحمد في المسند 5/ 304، وابن ماجه (3093)، وابن خزيمة (2642)، والدارقطني في السنن 2/ 291، والبيهقي في السنن الكبرى 5/ 190. (¬2) زيادة مني يقتضيها السياق. (¬3) صحيح ابن خزيمة 4/ 181 عقيب (2642)، قال ابن حجر - معلقاً على كلام ابن خزيمة في أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكل من اللحم قبل علمه بأنه قد صيد له: ((فيه نظر؛ لأنه لو كان حراماً ما أقر النبي - صلى الله عليه وسلم - على الأكل منه إلى أن أعلمه أبو قتادة بأنه صاده لأجله)) فتح الباري 4/ 30، وانظر: التلخيص الحبير 2/ 297 ط شعبان، 2/ 587 - 588 ط العلمية. (¬4) هو: الإمام الحافظ، أبو بكر: عبد الله بن محمد بن زياد بن واصل النيسابوري، صاحب التصانيف المتقنة مِنْهَا " زيادات كتاب المزني "، مات سنة (324 هـ‍). المنتظم 6/ 286 - 287، وسير أعلام النبلاء 15/ 65، ومرآة الجنان 2/ 217. (¬5) سنن الدارقطني 2/ 291، وهو في سنن البيهقي 5/ 190 إذ إنه أخرجه من طريق الدارقطني.

حازم بن دينار، عن عبد الله بن أبي قتادة في هذا الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أكل منها، وتلك الرواية أودعها صاحبا الصحيح (¬1) كتابيهما دون رواية معمر وإن كان الإسنادان صحيحين)) (¬2). وقال ابن حزم: ((لا يخلو العمل في هذا من ثلاثة أوجه. إما أن تغلب رواية الجماعة (¬3) على رواية معمر لا سيما وفيهم من يذكر سماع يحيى من أبي قتادة (¬4)، ولم يذكر معمرا، أو تسقط رواية يحيى بن أبي كثير جملة؛ لأنه اضطرب عليه (¬5)، ويؤخذ برواية أبي حازم وأبي محمد وابن موهب الذين لم يضطرب عليهم؛ لأنه لا يشك ذو حسٍّ أن إحدى الروايتين وهم، إذ لا يجوز أن تصح الرواية في أنه عليه السلام أكل منه، وتصح الرواية في أنه عليه السلام لم يأكل منه، وهي قصة واحدة في وقت واحد في مكان واحد في صيد واحد)) (¬6). وسأشرح الآن شذوذ رواية معمر، فأقول: خالف معمر رواية الجمع عن يحيى، فقد رواه هشام الدستوائي (¬7) - وهو ثقة ثبت (¬8) -، وعلي بن المبارك (¬9) -وهو ثقة (¬10) -، ومعاوية بن سلام (¬11) -وهو ¬

_ (¬1) يعني: الإمام البخاري والإمام مسلم، وكتاباهما الصحيحان أصح الكتب بعد كتاب الله، والرواية التي أشار إليها البيهقي سيأتي تفصيلها. (¬2) السنن الكبرى 5/ 190، ومعلوم أنه لا يلزم من صحة الإسناد صحة المتن ولا من ضعف الإسناد ضعف المتن، انظر: نصب الراية 1/ 347. (¬3) وهذا هو الذي نرجحه؛ لأن الجماعة أولى بالحفظ. (¬4) وإنما قال هذا ابن حزم؛ لأن يحيى مدلس، والمدلس لا يقبل حديثه إلا بالتصريح، والرواية التي أشار إليها ابن حزم، هي رواية هشام الدستوائي، عن يحيى عند مسلم 4/ 15 (1196) (59)، ورواية معاوية بن سلام، عن يحيى عند مسلم 4/ 16 (1196) (62). (¬5) وهذا بعيد؛ لأن شرط الاضطراب استواء الوجوه وعدم إمكان الترجيح، وهنا لَمْ تستو الوجوه؛ لانفراد واحد أمام الجماعة، والترجيح هنا ممكن فرواية معمر شاذة، ورواية الجماعة محفوظة. (¬6) المحلى 7/ 253. (¬7) عند أحمد 5/ 301، والدارمي (1833)، والبخاري 3/ 14 (1821)، ومسلم 4/ 15 (1196) (59)، والنسائي 5/ 185، وفي الكبرى (3807)، وأبي عوانة كما في إتحاف المهرة 4/ 136 (4057)، والبيهقي 5/ 188. (¬8) التقريب (7299). (¬9) عند البخاري 3/ 15 (1822) و5/ 156 (4149)، وأبي عوانة كما في إتحاف المهرة 4/ 136 (4057). (¬10) التقريب (4787). (¬11) عند مسلم 4/ 16 (1196) (62)، والنسائي 5/ 186 وفي الكبرى (3808)، وأبي عوانة كما في =

ثقة (¬1) -، وشيبان بن عبد الرحمان (¬2) -وهو ثقة (¬3) -، فهؤلاء أربعتهم رووه عن يحيى بن أبي كثير، ولم يذكروا هاتين اللفظتين. كما أن الحديث ورد من طريق عبد الله بن أبي قتادة من غير طريق يحيى بن أبي كثير، ولم تذكر فيه اللفظتان مما يؤكد ذلك شذوذ رواية معمر بتلك الزيادة؛ فَقَدْ رَوَاهُ عثمان بن عَبْد الله بن موهب (¬4) - وَهُوَ ثقة (¬5) -، وأبو حازم سلمة بن دينار (¬6) - وهو ثقة (¬7) -، وعبد العزيز بن رفيع (¬8) -وهو ثقة (¬9) -، وصالح بن أبي حسان (¬10) - وهو صدوق (¬11) -؛ فهؤلاء أربعتهم رووه عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه، ولم يذكروا هاتين اللفظتين، كما أن هذا الحديث روي من طرق أخرى عن أبي قتادة، وليس فيه هاتان اللفظتان: فقد رواه نافع مولى أبي قتادة (¬12) ¬

_ = إتحاف المهرة 4/ 136 (4057)، والطبراني في مسند الشاميين (2855)، والبيهقي 5/ 178. (¬1) التقريب (6761). (¬2) عند أبي عوانة كما في إتحاف المهرة 4/ 136 (4057). (¬3) التقريب (2833). (¬4) عند أحمد 5/ 302، والدارمي (1834)، والبخاري 3/ 16 (1824)، ومسلم 4/ 16 (1196) (60) و (61)، والنسائي 5/ 186 وفي الكبرى (3809)، وابن الجارود (435)، وابن خزيمة (2635) (2636)، وأبي عوانة كما في إتحاف المهرة 4/ 136 (4057)، والطحاوي في شرح المعاني 2/ 173، والبيهقي 5/ 189، وابن عبد البر في التمهيد 21/ 156، وفي الاستذكار ... (16369). (¬5) التقريب (4491). (¬6) عند البخاري 3/ 202 (2570) و 4/ 34 (2854) و 7/ 95 (5406) (5407)، ومسلم 4/ 17 (1196) (63)، والنسائي 7/ 205 وفي الكبرى (4857)، وابن خزيمة (2643)، وأبي عوانة كما في إتحاف المهرة 4/ 136، وابن حبان (3977)، والبيهقي 5/ 188. (¬7) التقريب (2489). (¬8) عند أحمد 5/ 305، ومسلم 4/ 17 (1196) (64)، وأبي عوانة كما في إتحاف المهرة 4/ 136، وابن حبان (3966) و (3974)، والبيهقي 5/ 189 - 190 و 9/ 322. (¬9) التقريب (4095). (¬10) عند أحمد 5/ 307، وأبي عوانة كما في إتحاف المهرة 4/ 136. (¬11) التقريب (2850). (¬12) عند مالك في الموطأ ((443) برواية محمد بن الحسن الشيباني و (426) برواية عبد الرحمان بن القاسم و (570) برواية سويد بن سعيد و (1136) برواية أبي مصعب الزهري و (1005) برواية يحيى الليثي)، والشافعي في المسند (907) بتحقيقنا، وعبد الرزاق (8338)، والحميدي (424)، وأحمد 5/ 296و301و306و308،والبخاري 3/ 15 (1823) و4/ 49 (2914) و7/ 115 (5490) و (5492)، ومسلم 4/ 14 (1196) (56) و 4/ 15 (1196) (57)، وأبي داود (1852)، والترمذي (847)، والنسائي 5/ 182، وفي الكبرى (3798)، وأبي عوانة كما في إتحاف المهرة 4/ 164، =

-وهو ثقة (¬1) -، وعطاء بن يسار (¬2) - وهو ثقة (¬3) -، ومعبد بن كعب بن مالك (¬4) - وهو ثقة (¬5) -، وأبو صالح مولى التوأمة (¬6) - وهو مقبول (¬7) - فهؤلاء أربعتهم رووه دون ذكر اللفظتين اللتين ذكرهما معمر، وهذه الفردية الشديدة مع المخالفة تؤكد شذوذ رواية معمر لعدم وجودها عند أحدٍ من أهل الطبقات الثلاث. والذي يبدو لي أن السبب في شذوذ رواية معمر بن راشد دخول حديث في حديث آخر؛ فلعله توهم بما رواه هو عن الزهري، عن عروة، عن يحيى بن عبد الرحمان ابن حاطب، عن أبيه أنه اعتمر مع عثمان في ركب، فأهدي له طائر، فأمرهم بأكله، وأبى أن يأكل، فقال له عمرو بن العاص: أنأكل مما لست منه آكلاً، فقال: إني لست في ذاكم مثله، إنما اصطيد لي وأميت باسمي (¬8). ¬

_ = والطحاوي في شرح المعاني 2/ 173، وابن حبان (3975)، والبيهقي 5/ 187، والخطيب في الفقيه والمتفقه 1/ 224 - 225، والبغوي في شرح السنة (1988)، وفي التفسير، له 2/ 85 - 86 (830). (¬1) هو نافع بن عباس، بموحدة ومهملة، أو تحتانية ومعجمة: عياش، أبو محمد الأقرع المدني، مولى أبي قتادة، قيل له ذلك للزومه إياه، وكان مولى عقيلة الغفارية: ثقة. تهذيب الكمال 7/ 308 (6956)، والكاشف 2/ 314 (5780)، والتقريب: (7074). (¬2) عند مالك في الموطأ ((173) برواية عبد الرحمان بن القاسم و (571) برواية سويد بن سعيد و (1137) برواية أبي مصعب الزهري و (1007) برواية يحيى الليثي)، والشافعي في المسند (908) بتحقيقنا، وعبد الرزاق (8350)، وأحمد 5/ 301، والبخاري 3/ 202 (2570) و 4/ 49 (2914) و7/ 96 عقيب (5407) و 7/ 115 (5491)، ومسلم 4/ 15 (1196) (58)، والترمذي (848)، وأبي عوانة كما في إتحاف المهرة 4/ 148، والطحاوي في شرح المعاني 2/ 173 - 174، والبيهقي 5/ 187، والبغوي عقيب (1988). (¬3) التقريب (4605). (¬4) عند أحمد 5/ 306. (¬5) قال العجلي: ((مدني تابعي ثقة))، ثقاته: 2/ 285 (1753). وذكره ابن حبان في ثقاته 5/ 432، وروى له الإمام البخاري والإمام مسلم، انظر: تهذيب الكمال 7/ 166. (¬6) عند البخاري 7/ 115 (5492)، وأبي عوانة كما في إتحاف المهرة 4/ 164. (¬7) التقريب (7091) يعني مقبول حيث يتابع، وقد توبع، ورواية الإمام البخاري عنه متابعة، فقد ساقه مقروناً: ((عن نافع مولى أبي قتادة، وأبي صالح مولى التوأمة، قال: سمعت أبا قتادة)). (¬8) هذه الرواية: أخرجها الدارقطني 2/ 292، وأخرجها مالك في الموطأ ((417) برواية محمد بن الحسن الشيباني و (577) برواية سويد بن سعيد و (1147) برواية أبي مصعب الزهري و (1016) برواية يحيى الليثي)، والشافعي في المسند (909) بتحقيقنا، والبيهقي 5/ 191 من طريق عبد الله بن أبي بكر، عن عبد الله بن عامر، قال: رأيت عثمان بن عفان بالعَرْجِ، وهو مُحْرِمٌ، في يوم صائف، قد غطى وجهه بقطيفة أرجوان، ثم أتي بلحم صيد، فقال لأصحابه: كلوا. فقالوا: أو =

أثر رواية معمر في اختلاف الفقهاء (أكل المحرم من لحم الصيد)

فربما اشتبه عليه هذا الحديث بالحديث السابق، والله أعلم. أثر رِوَايَة معمر في اختلاف الفقهاء (أكل المحرم من لحم الصيد) اختلف العلماء رحمهم الله في هذه المسألة على ثلاثة أقوال: القول الأول: ما صاده الحلال للمحرم أو من أجله لا يجوز له أكله، وما لم يصد له ولا من أجله فلا بأس بأكله. وهذا هو الصحيح عن عثمان في هذا الباب (¬1)، وهو قول عطاء في رواية، وإسحاق، وأبي ثور (¬2). وبه قال مالك (¬3)، والشافعي (¬4)، وأحمد (¬5)، والزيدية (¬6). واستدلوا بحديث معمر السابق وبحديث جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لحم صيد البر لكم حلال وأنتم حرم ما لم تصيدوه أو يصاد لكم)) (¬7). القول الثاني: يحرم أكل لحم الصيد للمحرم على كل حال. وهذا قول علي، وابن عمر، وابن عباس، ومعاذ، وزيد، وعائشة، وطاووس، وجابر بن زيد، والليث، والثوري، وإسحاق، وداود بن علي، وأبي بكر بن داود (¬8). وبه قال الهادوية من الزيدية (¬9). واستدلوا بعموم قوله تعالى: ((وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُما)) (¬10). ¬

_ = لا تأكل أنت؟ فقال: إني لست كهيئتكم، إنما صيد من أجلي. (¬1) انظر الرواية السابقة الموقوفة عنه. (¬2) انظر أقوالهم في: الاستذكار 3/ 421. (¬3) انظر: المدونة الكبرى 1/ 436، والاستذكار 3/ 421، والبيان والتحصيل 4/ 59 - 60، والقوانين الفقهية: 135. (¬4) انظر: الحاوي 5/ 404، والتهذيب 3/ 273، والمجموع 7/ 304. (¬5) انظر: مسائل عبد الله 2/ 709و711، والمغني 3/ 289. (¬6) انظر: السيل الجرار 2/ 182. (¬7) أخرجه أحمد 3/ 387و389، وأبو داود (1851)، والترمذي (846)، والنسائي 5/ 187، وابن خزيمة (2641)، وابن حبان (3974) وط الرسالة (3971)، والدارقطني 2/ 290، والحاكم 1/ 452، والبيهقي 5/ 190، وابن عبد البر في التمهيد 9/ 62، والبغوي (1989). (¬8) انظر أقوالهم في: بدائع الصنائع 2/ 205، والمغني 3/ 290، والمحلى 7/ 250، والاستذكار 3/ 421، ونيل الأوطار 5/ 19 - 20. (¬9) انظر: نيل الأوطار 5/ 20. (¬10) سورة المائدة: الآية (96).

المبحث الرابع اختلاف الضعيف مع الثقات وأثر ذلك في اختلاف الفقهاء

وبحديث الصعب بن جَثَّامة أنه أهدى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حمار وحش بالأبواء أو بودَّان، فرده عليه، وقال: ((لم نرده عليك إلا أنا حرم)) (¬1). القول الثالث: يحل للمحرم أكل ما صاده الحلال إذا لم يعنه، حتى ولو صاده من أجله. وهذا قول عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان في رواية، وابن مسعود، وأبي هريرة، والزبير بن العوام، وكعب الأحبار، وطلحة، وأبي ذر، وابن عمر في رواية، وعطاء في رواية، ومجاهد، وسعيد بن جبير، والليث في رواية (¬2). وبه قال الحنفية (¬3)، والظاهرية (¬4). المبحث الرابع اختلاف الضعيف مع الثقات وأثر ذَلِكَ في اختلاف الفقهاء إذا خولف الثقة في حَدِيْث من الأحاديث فهنا مسألة يأخذها النقاد بنظر الاعتبار فيوازنون ويقارنون بَيْنَ المختلفين فإذا خولف الثقة من قِبَلِ ثقة آخر فيحكم حينئذٍ لرواية من الروايات بحكم يليق بِهَا وكذا تأخذ المقابلة الحكم بالضد أما إذا خولف الثقة برواية ضعيف من الضعفاء، فلا يضر حينئذٍ الاختلاف لرواية الثقة؛ إذ إن رِوَايَة الثقات لا تعل برواية الضعفاء (¬5)؛ فرواية الثقة معروفة ورواية الضعيف منكرة فعلى هَذَا المنكر من الْحَدِيْث هُوَ: المنفرد المخالف لما رَوَاهُ الثقات (¬6) قَالَ الإمام مُسْلِم: ¬

_ (¬1) تقدم تخريجه. (¬2) انظر أقوالهم في: المحلى 7/ 251، والاستذكار 3/ 420. (¬3) انظر: الحجة 2/ 154، والمبسوط 4/ 87، وبدائع الصنائع 2/ 205، والاختيار 1/ 168. (¬4) انظر: المحلى 7/ 251. (¬5) انظر: فتح الباري 3/ 213. (¬6) هكذا عرفه ابن الصَّلاَحِ في مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث: 170، وَهُوَ ما اشتهر وانتشر عِنْدَ المتأخرين من الْمُحَدِّثِيْنَ، فهو عِنْدَ المتأخرين: ما رَوَاهُ الضعيف مخالفاً للثقات، لَكِنْ ينبغي التنبيه عَلَى أن المتقدمين من الْمُحَدِّثِيْنَ لَمْ يتقيدوا بِذَلِكَ، وإنما عندهم كُلّ حَدِيْث لَمْ يعرف عن مصدره ثقة كَانَ راويه أم ضعيفاً، خالف غيره أم تفرد، إذن فالمنكر في لغة المتقدمين أعم مِنْهُ عِنْدَ المتأخرين، وَهُوَ أقرب إلى معناه اللغوي، فإن المنكر لغة: نكر الأمر نكيراً وأنكره إنكاراً ونكراً، معناه: جهله. وجاء إطلاقه عَلَى هَذَا المعنى في مواضع من القرآن الكريم، كقوله تَعَالَى: {وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ} (يوسف:58)، وقوله تَعَالَى: {يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا} (النحل: 83) وعلى هَذَا فإن المتأخرين خالفوا المتقدمين في مصطلح المنكر بتضييق ما وسعوا فِيْهِ. =

((وعلامة المنكر في حَدِيْث المحدّث إذا ما عرضت روايته للحديث عَلَى رِوَايَة غيره من أهل الحفظ والرضا خالفت روايته روايتهم أو لَمْ تكد توافقها)) (¬1). وعليه فإن رِوَايَة الضعيف شبه لا شيء أمام رِوَايَة الثقات الأثبات ولا تعل الرِّوَايَة الصحيحة بالرواية الضعيفة، وَقَدْ وجدنا خلال البحث والسبر أن بعض العلماء قَدْ عملوا بأحاديث بعض الضعفاء وَهِيَ مخالفة لرواية الثقات، ومثل هَذَا يحمل عَلَى حسن ظنهم برواية الضعيف وعلى عدم اطلاعهم عَلَى رِوَايَة الثقات. مثال ذَلِكَ: ما رَوَاهُ أبو سعيد يحيى بن سليمان الجعفي (¬2)، قَالَ: حَدَّثَنِي ابن وهب (¬3)، قَالَ: أخبرني يحيى بن أيوب (¬4)، عن يحيى بن سعيد، عن جعفر بن عمرو بن أمية الضمري (¬5)، عن أبيه (¬6) ((أن الصعب بن جَثامة (¬7) أهدى للنبي - صلى الله عليه وسلم - عجز حمار وحش، ¬

_ = وانظر في المنكر: الإرشاد 1/ 219، والتقريب: 69، والاقتراح: 198، والمنهل الروي: 51، والخلاصة: 70، والموقظة: 42، واختصار علوم الْحَدِيْث: 58، والمقنع 1/ 179، وشرح التبصرة والتذكرة 1/ 251 ظبعتنا، ونزهة النظر: 98، والمختصر: 125، وفتح المغيث 1/ 190، وألفية السيوطي: 39، وشرح السيوطي عَلَى ألفية العراقي: 179، وفتح الباقي 1/ 237 بتحقيقنا، وتوضيح الأفكار 2/ 3، وظفر الأماني: 356، وقواعد التحديث: 131، والحديث المعلول قواعد وضوابط: 66 - 77. (¬1) صَحِيْح مُسْلِم 1/ 5. فائدة: كتاب الحافظ أبي أحمد بن عدي المسمى بـ: " الكامل في ضعفاء الرجال " أصل في مَعْرِفَة المنكرات من الأحاديث. نكت الزركشي 2/ 156 - 157. (¬2) هُوَ يَحْيَى بن سليمان بن يَحْيَى الجُعفي، أبو سعيد الكوفي، نزيل مصر: صدوق يخطئ، توفي سنة (237 هـ‍). تهذيب الكمال 8/ 49 (7437)، والكاشف 2/ 367 (6181)، والتقريب (7564). (¬3) هُوَ عَبْد الله بن وهب بن مُسْلِم القرشي، مولاهم، أبو مُحَمَّد المصري: ثقة حافظ عابد، توفي سنة (197 هـ‍). الثقات 8/ 346، وتهذيب الكمال 4/ 317 (3633)، والتقريب (3694). (¬4) هُوَ يَحْيَى بن أيوب الغافقي، أبو العباس المصري: صدوق رُبَّمَا أخطأ، توفي سنة (168 هـ‍). التاريخ الكبير 8/ 260، وتهذيب الكمال 8/ 17 - 18 (7387)، والتقريب (7511). (¬5) هُوَ جعفر بن عَمْرو بن أمية الضمري المدني، أخو عَبْد الملك بن مروان من الرضاعة: ثقة، توفي سنة (95 هـ‍)، وَقِيْلَ: (96 هـ‍). التاريخ الكبير 2/ 193، وتهذيب الكمال 1/ 468 (929)، والتقريب (946). (¬6) هُوَ الصَّحَابِيّ الجليل عَمْرو بن أمية بن خويلد، أبو أمية الضمري، توفي في خلافة معاوية. أسد الغابة 4/ 86، وتجريد أسماء الصَّحَابَة 1/ 400 (4324)، والإصابة 2/ 524. (¬7) هُوَ الصَّحَابِيّ الجليل الصعب بن جثامة واسمه يزيد بن قيس بن ربيعة الكناني الليثي، وأمه أخت أبي سُفْيَان، توفي في خلافة أبي بكر، وَقِيْلَ: توفي آخر خلافة عمر، وَقِيْلَ: عاش إِلَى خلافة =

وَهُوَ بالجُحْفَة (¬1) فأكل مِنْهُ وأكل القوم)) (¬2). فهذا الْحَدِيْث مخالف لرواية الثقات، وفيه راويان فيهما مقال: الأول: يحيى بن أيوب الغافقي: فهو وإن حسّن الرأي فِيْهِ جَمَاعَة من الْمُحَدِّثِيْنَ فَقَدْ تَكَلَّمَ فِيْهِ آخرون، فَقَدْ ضعّفه أبو زرعة (¬3)، والعقيلي (¬4)، وَقَالَ أحمد: كَانَ سيء الحفظ (¬5)، وَقَالَ أبو حاتم: ((محله الصدق يكتب حديثه ولا يحتج بِهِ)) (¬6)، وَقَالَ النسائي: ((ليس بذاك القوي)) (¬7)، وَقَالَ ابن سعد: ((منكر الْحَدِيْث)) (¬8)، وَقَالَ الذهبي: ((حديثه فِيْهِ مناكير)) (¬9)، وَقَالَ ابن القطان: ((هُوَ ممن قَدْ علمت حاله، وأنه لا يحتج بِهِ لسوء حفظه)) (¬10)، وَقَالَ: ((يحيى بن أيوب يضعف)) (¬11)، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: ((في بعض حديثه اضطراب)) (¬12)، وَقَدْ ضعفه ابن حزم (¬13). ¬

_ = عثمان. أسد الغابة 3/ 19، وتجريد أسماء الصَّحَابَة 1/ 265 (2792)، والإصابة 2/ 184. (¬1) وَهِيَ قرية كبيرة، ذات منبر، تقع عَلَى طريق مكة، وَكَانَ اسمها مَهْيَعة، وسميت بالجحفة؛ لأن السيل جَحَفها، وبينها وبين غدير خم ميلان. انظر: مراصد الاطلاع 1/ 315. (¬2) رَوَاهُ البيهقي في السنن الكبرى 5/ 193، وَقَالَ: ((هَذَا إسناد صَحِيْح، فإن كَانَ محفوظاً فكأنه رد الحي وقبل اللحم)) وَقَدْ تعقبه ابن التركماني فَقَالَ: ((هَذَا في سنده يحيى بن سليمان الجعفي عن ابن وهب أخبرني يحيى بن أيوب هُوَ الغافقي المصري، ويحيى بن سليمان ذكره الذهبي في "الميزان" و"الكاشف" عن النسائي أن ليس بثقة، وَقَالَ ابن حبان: ربما أغرب، والغافقي قَالَ النسائي: ليس بذاك القوي، وَقَالَ أبو حاتم: لا يحتج بهِ، وَقَالَ أحمد: كَانَ سيء الحفظ يخطئ خطأً كثيراً، وكذبه مالك في حديثين، فعلى هَذَا لا يشتغل بتأويل هَذَا الْحَدِيْث لأجل سنده ولمخالفته للحديث الصَّحِيْح)). الجوهر النقي 5/ 193 - 194، وانظر: الميزان 4/ 382، والكاشف (6181)، والثقات لابن حبان 9/ 263، والجرح والتعديل 9/ 154. (¬3) سؤالات البرذعي: 433. (¬4) الضعفاء الكبير 4/ 391. (¬5) الجرح والتعديل 9/ 122، وتهذيب الكمال 8/ 17. (¬6) الجرح والتعديل 9/ 128. (¬7) ضعفائه (626). (¬8) طبقات ابن سعد 7/ 516. (¬9) تذكرة الحفاظ 1/ 227 - 228. (¬10) بيان الوهم والإيهام 4/ 69 عقيب (1504). (¬11) بيان الوهم والإيهام 3/ 495 عقيب (1269). (¬12) الميزان 4/ 362. (¬13) المحلى 1/ 88 و 6/ 72 و 7/ 37.

الثاني: يحيى بن سليمان الجعفي: قَالَ عَنْهُ أبو حاتم: ((شيخ)) (¬1)، وَقَالَ النسائي: ((ليس بثقة)) (¬2). وذكره ابن حبان في "الثقات" وَقَالَ: ((ربما أغرب)) (¬3). ومع تفرد هذين الراويين بهذا الْحَدِيْث فَقَدْ خالفا الثقات في روايته قَالَ ابن القيم عن هَذِهِ الرِّوَايَة: ((غلط بلا شك، فإن الواقعة واحدة، وَقَد اتفق الرُّوَاة أنه لَمْ يأكل مِنْهُ، إلا هَذِهِ الرِّوَايَة الشاذة المنكرة)) (¬4). والرواية المعروفة الصَّحِيْحة هِيَ ما وردت برواية الجم الغفير عن ابن شهاب الزهري، عن عبيد الله بن عَبْد الله بن عتبة بن مسعود، عن عَبْد الله بن عَبَّاسٍ، عن الصعب بن جثامة الليثي، أنه أهدى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حماراً وحشياً وَهُوَ بالأبواء (¬5)، أو بودان (¬6)، فرده عليه، فلما رأى ما في وجهه قَالَ: ((إنا لَمْ نرده عليك إلا أنا حرم)) (¬7). ¬

_ (¬1) الجرح والتعديل 9/ 154. (¬2) تهذيب الكمال 8/ 49. (¬3) الثقات 9/ 263، وانظر: تهذيب الكمال 8/ 49. (¬4) زاد المعاد 2/ 164. (¬5) بالفتح، ثُمَّ السكون، وفتح الواو وألف ممدودة: قرية من أعمال الفرع من المدينة، بينها وبين الجحفة مِمَّا يلي المدينة ثلاثة وعشرون ميلاً. مراصد الاطلاع 1/ 19. (¬6) قرية جامعة بَيْنَ مكة والمدينة في نواحي الفرع، بينها وبين الأبواء ثمانية أميال. انظر: معجم البلدان 5/ 365، ومراصد الاطلاع 3/ 1429. (¬7) هَذِهِ الرِّوَايَة أخرجها: مالك في الموطأ ((441) برواية مُحَمَّد بن الحسن الشيباني، و (53) برواية عَبْد الرحمان بن القاسم، و (571) برواية سويد بن سعيد، و (1146) برواية أبي مصعب الزهري، و (1015) برواية لليثي)، والشافعي في المسند (906) بتحقيقنا، والطيالسي (1229)، وعبد الرزاق (8322)، والحميدي (783)، وابن أبي شيبة (14468) و (14469) و (14471)، وأحمد 1/ 280 و 290 و 338 و 341 و 345 و 362 و 4/ 37 و 38، والدارمي (1835) و (1837)، والبخاري 3/ 16 (1825) و3/ 203 (2573) و 3/ 208 (2596)، ومسلم4/ 13 (1193) (50) و (51) و (52) و4/ 14 (1194) (53) و (54)، وابن ماجه (3090)، والترمذي (849)، وعبد الله بن أحمد في زياداته عَلَى مسند أبيه 4/ 71 و 72 و 73، والنسائي 5/ 183 و 184 و 185 وفي الكبرى، له (3801) و (3802) و (3805) و (3806)، وابن الجارود (436)، وابن خزيمة (2637)، والطحاوي في شرح المعاني 2/ 170، وابن حبان (3970) و (3972) و (3973)، وطبعة الرسالة (3976) و (3969) و (3970)، والطبراني في الكبير (7430)، والبيهقي 5/ 192 - 193، وانظر: الأم 8/ 544، والتمهيد 9/ 54، وتنقيح التحقيق 2/ 445 - 446، ونصب الراية 3/ 139.

أثر هذا الحديث في اختلاف الفقهاء

أثر هَذَا الْحَدِيْث في اختلاف الفقهاء هَذِهِ الرِّوَايَة المخالفة لرواية الثقات كانت إحدى الأدلة لِمَنْ قَالَ بجواز أكل لحم الصيد للمحرم إذا لَمْ يعنه، حَتَّى وَلَوْ صاده من أجله، وَقَدْ سبق تفصيل المسألة في المبحث السابق فانظرها هناك. المثال الآخر: تفرد أبو هلال مُحَمَّد بن سليم (¬1) بحَدِيْث، عن عَبْد الله بن سوادة (¬2)، عن أنس بن مالك من بني عَبْد الله بن كعب، قَالَ: ((أغارت علينا خيل رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم -، فأتيت رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يتغدى فَقَالَ: ((أدن فكل)) قلت: إني صائم، قَالَ: ((اجلس أحدثك عن الصوم أو الصيام، إن الله - عز وجل - وضع عن المسافر شطر الصلاة وعن المسافر والحامل والمرضع الصوم، أو الصيام ...)). رَوَاهُ بهذه الرِّوَايَة: ابن أبي شيبة (¬3)، وابن سعد (¬4)، وأحمد (¬5)، وعبد بن حميد (¬6)، وأبو داود (¬7)، وابن ماجه (¬8)، والفسوي (¬9)، وابن أَبِي عاصم (¬10)، وعبد الله بن أحمد (¬11)، وابن خزيمة (¬12)، والطحاوي (¬13)، وابن قانع (¬14)، والطبراني (¬15)، وابن عدي (¬16)، وأبو نعيم (¬17)، والبيهقي (¬18)، والمزي (¬19). ورواه الترمذي (¬20) من هَذَا الطريق دون أن يذكر (عن المسافر) الثانية وهذه اللفظة - أي: (عن المسافر) - منكرة وذلك لتفرد أبي هلال بِهَا وَهُوَ: مُحَمَّد بن سليم ¬

_ (¬1) هُوَ مُحَمَّد بن سليم، أبو هلال الراسبي البصري، كَانَ مكفوفاً: صدوق فِيْهِ لين، توفي سنة (167 هـ‍). تهذيب الكمال 6/ 328 (5847)، والكاشف 2/ 176 (4881)، والتقريب (5923). (¬2) هُوَ عَبْد الله بن سوادة بن حنظلة القشيري: ثقة. تهذيب الكمال 4/ 157 (3311)، والكاشف 1/ 560 (2770)، والتقريب (3375). (¬3) في مسنده (566). (¬4) في الطبقات الكبرى 7/ 45. (¬5) في مسنده 4/ 347 و 5/ 29. (¬6) في المنتخب (431). (¬7) في سننه (2408). (¬8) في سننه (1667) و (3299). (¬9) في الْمَعْرِفَة والتاريخ 2/ 471. (¬10) في الآحاد والمثاني (1493). (¬11) في زياداته عَلَى مسند أبيه 4/ 347. (¬12) في صحيحه (2044). (¬13) في شرح معاني الآثار 1/ 423. (¬14) في معجم الصَّحَابَة 1/ 253. (¬15) في الكبير (765). (¬16) في الكامل 7/ 440. (¬17) في مَعْرِفَة الصَّحَابَة 2/ 218 (829). (¬18) في السنن الكبرى 4/ 231. (¬19) في تهذيب الكمال 1/ 295. (¬20) في الجامع الكبير (715).

الراسبي، وثقه أبو داود (¬1)، وَكَانَ عَبْد الرحمان يحدّث عَنْهُ، ولكن كَانَ يحيى لا يحدث عَنْهُ (¬2)، وَقَالَ ابن سعد: ((فِيْهِ ضعف)) (¬3)، وَقَالَ أحمد: ((احتمل حديثه)) (¬4)، وأورده البخاري في "الضعفاء الصغير" (¬5)، وَقَالَ أبو حاتم: ((محله الصدق وَلَمْ يَكُنْ بذاك المتين)) (¬6)، وَقَالَ أبو زرعة: ((لين)) (¬7)، وَقَالَ النسائي: ((ليس بقوي)) (¬8)، وساق لَهُ ابن عدي في "الكامل" (¬9) عدداً من المناكير ثُمَّ قَالَ: ((ولأبي هلال غَيْر ما ذكرت، وفي بعض رواياته ما لا يوافقه الثقات عليه))، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: ((ضعيف)) (¬10)، وأورده ابن حبان في "المجروحين" (¬11)، وَقَالَ: ((وَكَانَ أبو هلال شيخاً صدوقاً، إلا أنه كَانَ يخطئ كثيراً من غَيْر تعمد حَتَّى صار يرفع المراسيل ولا يعلم ... وأكثر ما كَانَ يحدث من حفظه، فوقع المناكير في حديثه من سوء حفظه، وَقَالَ ابن حجر: ((صدوق فِيْهِ لين)))) (¬12). فَقَدْ رَوَاهُ وهيب بن خالد، عن عَبْد الله بن سوادة، عن أبيه، عن أنس، بِهِ عِنْدَ النسائي (¬13)، والفسوي (¬14)، والبيهقي (¬15). ورواه سفيان الثوري، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس بن مالك القشيري، بِهِ عِنْدَ البخاري في "تاريخه" (¬16)، والنسائي (¬17)، وابن خزيمة (¬18)، والطبري (¬19)، والبيهقي (¬20). ¬

_ (¬1) انظر: تهذيب الكمال 6/ 329. (¬2) انظر: الجرح والتعديل 7/ 273، والمجروحين 2/ 295، وتهذيب الكمال 6/ 328. (¬3) الطبقات الكبرى 7/ 278. (¬4) انظر: الجرح والتعديل 7/ 273. (¬5) الصفحة: 482 - 483 (324). (¬6) انظر: الجرح والتعديل 7/ 274. (¬7) كذلك. (¬8) الضعفاء والمتروكين، للنسائي: 202 (516). (¬9) الكامل 7/ 436 - 442. (¬10) في العلل 4/ورقة 39. (¬11) كتاب المجروحين 2/ 295 - 296 (975). (¬12) التقريب (5923). (¬13) في المجتبى 4/ 190، وفي الكبرى (2624). (¬14) في المَعْرِفَة والتاريخ 1/ 471. (¬15) في السنن الكبرى 3/ 154 و 231. (¬16) 2/ 29. (¬17) في المجتبى 4/ 180، وفي الكبرى (2583). (¬18) في صحيحه (2043). (¬19) في جامع البيان 2/ 140. (¬20) في السنن الكبرى 4/ 231.

أثر الحديث في اختلاف الفقهاء (حكم صوم المسافر)

وروي من طرق أخرى عن أيوب، عن أبي قلابة، عن رجل من بني عامر، عن أنس في بعض الروايات، عن أبي قلابة، عن رجل قَالَ: حَدَّثَنِي قريب لي يقال لَهُ أنس بن مالك، بِهِ عِنْدَ عَبْد الرزاق (¬1)، وأحمد (¬2)، والبخاري في "تاريخه" (¬3)، والنسائي (¬4)، وابن خزيمة (¬5)، والطبراني (¬6)، وللحديث طرق أخرى (¬7). كُلّ هَذِهِ الروايات ليس فِيْهَا لفظة ((عن المسافر)) الَّتِيْ في رِوَايَة أَبِي هلال، كَمَا ويكفي لرد هَذِهِ الزيادة حذف الترمذي لها مع أنها ثابتة من طريقه وَقَدْ حسن الْحَدِيْث بدونها (¬8). وَقَدْ وجدت لأبي هلال متابعة عَلَى روايته عِنْدَ الطبراني (¬9) من طريق أشعث بن سوار، عن عَبْد الله بن سوادة، عن أنس بن مالك القشيري، بِهِ، وهذه المتابعة لا تعضد رِوَايَة أبي هلال لضعف أشعث بن سوار فَقَدْ ضعّفه أحمد بن حَنْبَل (¬10)، وأبو زرعة (¬11)، والنسائي (¬12)، والدارقطني (¬13). أثر الْحَدِيْث في اختلاف الفقهاء (حكم صوم المسافر) إِذَا سافر المكلف في رَمَضَان سفراً تتغير بِهِ الأحكام الشرعية، فهل إن فطره من صومه رخصة أم حتم؟ اختلف الفقهاء في هَذَا عَلَى ثلاثة أقوال: القول الأول: لا يجوز للمسافر صوم رَمَضَان في سفره، وَلَوْ صامه لَمْ يصح وَعَلَيْهِ قضاؤه. ¬

_ (¬1) في مصنفه (4478) و (4479). (¬2) في مسنده 5/ 29. (¬3) 2/ 29. (¬4) في المجتبى 4/ 180، وفي الكبرى (2585). (¬5) في صحيحه (2042). (¬6) في الكبير (763). (¬7) انظر: المجتبى 4/ 180 و 181 و 182، والكبرى 2/ 103 - 105 للنسائي، وشرح معاني الآثار 1/ 422 - 423 للطحاوي، والجامع الكبير 1/ 262 - 263. (¬8) انظر: الجامع الكبير (715). (¬9) في الكبير (766). (¬10) انظر: العلل في مَعْرِفَة الرجال 1/ 198. (¬11) انظر: تهذيب الكمال 1/ 270. (¬12) الضعفاء والمتروكين، للنسائي (58). (¬13) الضعفاء والمتروكين، للدارقطني: 155 (115)، وانظر: تهذيب الكمال 1/ 269 - 270 (516).

وإلى هَذَا ذهب الظاهرية (¬1)، والإمامية (¬2). القول الثاني: إن إفطار المسافر في رَمَضَان رخصة، إن شاء أفطر وإن شاء صام، لَكِن الفطر أفضل. وإليه ذهب أحمد (¬3). القول الثالث: إن الفطر رخصة، والصيام أفضل بشرط عدم الضرر والتلف. وبه قَالَ جمهور الفقهاء. وإليه ذهب أبو حَنِيْفَةَ (¬4)، ومالك (¬5)، والشافعي (¬6)، والزيدية (¬7). واستدل أصحاب المذهب الأول بزيادة ((المسافر)) الثانية في حَدِيْث أبي هلال، وَقَدْ بينا نكارة هَذِهِ اللفظة فَلَمْ يصح الاحتجاج بِهَا (¬8). ¬

_ (¬1) المحلى 6/ 243. (¬2) شرائع الإسلام 1/ 201. (¬3) المغني 3/ 78. (¬4) شرح فتح القدير 2/ 79. (¬5) الإشراف، للبغدادي 1/ 207. (¬6) المجموع 6/ 292. (¬7) البحر الزخار 3/ 232. (¬8) انظر: مسائل من الفقه المقارن 1/ 256 - 260.

المبحث الخامس: الإدراج، وأثره في اختلاف الفقهاء

المبحث الخامس: الإدراج، وأثره في اختلاف الفقهاء وفيه خَمسة مطالب: المطلب الأول: تعريفه. المطلب الثاني: أنواعه. المطلب الثالث: كيف يقع الإدراج أو أسباب وقوع الإدراج المطلب الرابع: طرق الكشف عن الإدراج. المطلب الخامس: حكم الإدراج.

المطلب الأول: تعريفه

المطلب الأول: تعريفه المُدْرَجُ لغة - بضم الميم وفتح الراء -: اسم مفعول من (أدرج)، تقول: أدرجت الكتاب إذا طويته، وتقول: أدرجت الميت في القبر إذا أدخلته فِيْهِ، وتقول: أدرجت الشيء في الشيء إذا أدخلته فِيْهِ وضمنته إيّاه (¬1). قَالَ ابن فارس: ((الدال والراء والجيم أصل واحد يدل عَلَى مُضِيِ الشيء والمُضِيِّ في الشيء)) (¬2). ودَرَجَ الشيءَ في الشيء: أدخله في ثناياه (¬3)، ومنه: الدَّرَجة وَهِيَ المرقاة؛ لأنها توصل إلى الدخول في الشيء حسياً أو معنوياً، فهي من باب تسمية السبب بنتيجته. وفي اصطلاح الْمُحَدِّثِيْنَ: هُوَ ما كانت فِيْهِ زيادة ليست مِنْهُ. أو هُوَ الْحَدِيْث الَّذِيْ يعرف أن في سنده أو متنه زيادة ليست مِنْهُ، وإنما من أحد الرُّوَاة من غَيْر توضيح لهذه الزيادة (¬4). العلاقة بَيْنَ المعنى اللغوي والاصطلاحي: وجدنا أن معنى الفعل الثلاثي المجرد (دَرَجَ) يدور عَلَى أمرين: 1 - طوي الشيء. 2 - إدخال الشيء في الشيء. وكأنَّ المُدْرِج طوى البيان، فَلَمْ يوضّح تفصيل الأمر في الْحَدِيْث. أو كأنه أدخل الْحَدِيْث في الْحَدِيْث، فالاستعمال الاصطلاحي باقٍ عَلَى الوضع اللغوي الأول، وَلَمْ يخرج إلى المجاز. ¬

_ (¬1) انظر: الصحاح 1/ 313، وأساس البلاغة: 185، وتاج العروس 5/ 555 (درج). (¬2) انظر: مقاييس اللغة 2/ 275. (¬3) انظر: المعجم الوسيط: 277. (¬4) انظر: حاشية مُحَمَّد محيي الدين عَبْد الحميد عَلَى توضيح الأفكار 2/ 50، والتعليقات الأثرية لعلي حسن علي عَلَى المنظومة البيقونية: 37، وقارن بـ: الاقتراح: 223، والموقظة: 53. وانظر في المدرج: مَعْرِفَة علوم الْحَدِيْث: 39، ومعرفة أنواع علم الْحَدِيْث 86، وطبعتنا: 195، والإرشاد 1/ 254 - 257، والتقريب: 79 - 80، والاقتراح: 223، والمنهل الروي: 53، والخلاصة: 53، والموقظة: 53، واختصار علوم الْحَدِيْث: 73، والمقنع 1/ 227، ونزهة النظر 124، وشرح التبصرة والتذكرة 1/ 246، وطبعتنا 1/ 294، والمختصر: 145، وألفية السيوطي: 73 - 79، وشرح السيوطي عَلَى ألفية العراقي: 201، وفتح الباقي 1/ 246، وطبعتنا 1/ 275، وظفر الأماني: 238، وقواعد التحديث: 124.

المطلب الثاني: أنواعه

المطلب الثاني: أنواعه يتفق الباحثون والكتّاب في مجال علوم الْحَدِيْث عَلَى جعل المدرج عَلَى أنواع. لَكِنْ تقسيمهم لهذه الأنواع يختلف زيادة ونقصاً، كَمَا يختلف باعتبار الحيثيات الَّتِيْ ينبني عَلَيْهَا ذَلِكَ التقسيم. وهكذا نجد الحافظ ابن الصَّلاَحِ يصدر كلامه عن المدرج بقوله: ((وَهُوَ أقسام، مِنْهَا ما أدرج في حَدِيْث رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - من كلام بعض رواته بأن يذكر الصَّحَابِيّ أو مَنْ بعده عقيب ما يرويه من الْحَدِيْث كلاماً من عِنْدَ نفسه، فيرويهِ مَنْ بعده موصولاً بالحديث غَيْر فاصل بينهما بذكر قائله، فيلتبس الأمر فِيْهِ عَلَى من لا يعلم حقيقة الحال، ويتوهم أن الجميع عن رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم -)) (¬1). فنراه قيّد وقوع الإدراج بكونه عقب الْحَدِيْث، والحق أن هَذَا التنظير خلاف الواقع، وإذا كَانَ غالب الإدراج أن يقع عقب الْحَدِيْث، فليس هَذَا مسوغاً لحصر الإدراج بِهِ، فنجد أنه قَدْ يقع في أول الْحَدِيْث كَمَا يقع وسطه وآخره. زدْ على أنه يقع في الإسناد أَيْضاً لا كَمَا يوهم كلام ابن الصَّلاَحِ من انحصاره بالمتن فَقَطْ. وعلى هَذَا يدل صنيع الْخَطِيْب البغدادي في كتابه "الفصل للوصل المدرج في النقل" (¬2). وتأسيساً عَلَى ما مضى يمكننا أن نقسم الإدراج من حَيْثُ مكان وقوعه إلى نوعين: النوع الأول: الإدراج في الْمَتْن. النوع الثاني: الإدراج في السند. النوع الأول: الإدراج في الْمَتْن: وَهُوَ أن تقع الزيادة في متن الْحَدِيْث دون إسناده. ويمكن تقسيم هَذَا النوع باعتبار مكان وقوعه من الْمَتْن إلى ثلاثة أقسام (¬3): 1 - أن يقع الإدراج في أول الْمَتْن. 2 - أن يقع الإدراج في وسط الْمَتْن. 3 - أن يقع الإدراج في آخر الْمَتْن. ¬

_ (¬1) مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث: 195 طبعتنا. (¬2) انظر: نكت الزركشي 2/ 241، والتقييد والإيضاح: 127، والنكت عَلَى كتاب ابن الصَّلاَحِ2/ 811. وكتاب"الفصل للوصل المدرج في النقل"، صنّفه الْخَطِيْب في المدرجات، ونال الشيخ عَبْد السميع الأنيس بتحقيقه درجة الدكتوراه، وَقَدْ طبع بمجلدين بتحقيق مُحَمَّد مطر الزهراني، كَمَا طبع بتحقيق غيره. (¬3) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 294 - 299 طبعتنا.

فمثال ما وقع الإدراج في أول الْمَتْن حَدِيْث أبي هُرَيْرَة - رضي الله عنه - عن رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أسبغوا الوضوء، ويل للأعقاب من النار)). فرواه الْخَطِيْب البغدادي في كتابه "الفصل" (¬1) من طريق أبي قطن وشبابة -فرّقهما- عن شعبة، عن مُحَمَّد بن زياد، عن أبي هُرَيْرَة، بِهِ. فقوله: ((أسبغوا الوضوء)) مدرج من كلام أبي هُرَيْرَة، نص عَلَى هَذَا الْخَطِيْب وغيره فَقَالَ: ((وَهِمَ أبو قطن عمرو بن الهيثم وشبابة بن سوار في روايتهما هَذَا الْحَدِيْث عن شعبة عَلَى ما سقناه، وذلك أن قوله: ((أسبغوا الوضوء)) كلام أبي هُرَيْرَة، وقوله: ((ويل للأعقاب من النار)) كلام النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -)) (¬2). وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيْث عن شعبة عامة أصحابه فبينوا أن هَذِهِ الزيادة من كلام أبي هُرَيْرَة، وهم: 1 - آدم بن أبي إياس، عِنْدَ البخاري (¬3). 2 - حجاج بن مُحَمَّد، عِنْدَ أَحْمَد (¬4). 3 - أبو داود الطيالسي، كَمَا في "مسنده" (¬5). 4 - عاصم بن علي (¬6)، عِنْدَ الْخَطِيْب (¬7). 5 - علي بن الجعد (¬8)، عِنْدَ الْخَطِيْب (¬9). 6 - عيسى بن يونس (¬10)، عِنْدَ الْخَطِيْب (¬11). ¬

_ (¬1) الصفحة: 131. (¬2) الفصل: 131. (¬3) في صحيحه 1/ 53 (165). (¬4) في مسنده 2/ 430. (¬5) مسنده (2290). (¬6) هُوَ عاصم بن عَلِيّ بن عاصم الواسطي، أبو الحسن التيمي مولاهم: صدوق رُبَّمَا وهم، توفي سنة (221هـ‍). تهذيب الكمال 4/ 13 (3303)، والكاشف 1/ 520 (2508)، والتقريب (3067). (¬7) الفصل: 132. (¬8) هُوَ عَلِيّ بن الجعد بن عبيد الجوهري البغدادي، صاحب " المسند ": ثقة ثبت، توفي سنة (230 هـ‍). تهذيب الكمال 5/ 227 (4623)، وسير أعلام النبلاء 10/ 459، والتقريب (4698). (¬9) الفصل: 131. (¬10) هُوَ عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، كوفي نزل الشام مرابطاً: ثقة مأمون، توفي سنة (187هـ‍)، وَقِيْلَ: (191 هـ‍)، وَقِيْلَ غَيْر ذَلِكَ. تهذيب الكمال 5/ 566 (5262)، والكاشف 2/ 114 (4409)، والتقريب (5341). (¬11) الفصل: 133.

7 - غندر (¬1)، عِنْدَ أَحْمَد (¬2). 8 - معاذ بن معاذ (¬3)، عِنْدَ الْخَطِيْب (¬4). 9 - النضر بن شميل (¬5)، عِنْدَ الْخَطِيْب (¬6). 10 - هاشم بن القاسم، عِنْدَ الدارمي (¬7). 11 - هشيم بن بشير، عِنْدَ الْخَطِيْب (¬8). 12 - وكيع بن الجراح، عِنْدَ أَحْمَد (¬9)، ومسلم (¬10)، والخطيب (¬11). 13 - وهب بن جرير، عِنْدَ الْخَطِيْب في "الفصل" (¬12). 14 - يحيى بن سعيد، عِنْدَ أَحْمَد (¬13). 15 - يزيد بن زريع (¬14)، عِنْدَ النسائي (¬15). وَقَدْ رَوَاهُ البخاري -كَمَا مضى- من طريق آدم بن أبي إياس، عن شعبة، عن مُحَمَّد بن زياد (¬16)، عن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: أسبغوا الوضوء، فإن أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((ويل ¬

_ (¬1) هُوَ مُحَمَّد بن جعفر الهذلي، أَبُو عَبْد الله البصري المعروف بغندر: ثقة صَحِيْح الكِتَاب إلا أن فِيْهِ غفلة، توفي سنة (194 هـ‍)، وَقِيْلَ: (193 هـ‍). تهذيب الكمال 6/ 265 (5709)، والكاشف 2/ 162 (4771)، والتقريب (5787). (¬2) في مسنده 2/ 409، ومن طريقه الْخَطِيْب في " الفصل ": 132 - 133. (¬3) هُوَ معاذ بن معاذ بن نصر العنبري، أبو المثنى البصري الْقَاضِي: ثقة متقن، توفي سنة (196 هـ‍). تهذيب الكمال 7/ 143 (6629)، والكاشف 2/ 273 (5507)، والتقريب (6740). (¬4) الفصل: 132. (¬5) هُوَ النضر بن شميل المازني، أبو الحسن النحوي البصري، نزيل مرو: ثقة ثبت، توفي سنة (204 هـ‍)، وَقِيْلَ: (203 هـ‍). الثقات 9/ 212، وتهذيب الكمال 7/ 330 - 331 (7016)، والتقريب (7135). (¬6) الفصل: 133. (¬7) في سننه (713). (¬8) الفصل: 133. (¬9) في مسنده 2/ 471. (¬10) في صحيحه 1/ 213 (29). (¬11) الفصل: 133. (¬12) الفصل: 131 - 132. (¬13) في مسنده 2/ 430. (¬14) يزيد بن زريع البصري، أبو معاوية: ثقة ثبت، توفي سنة (182 هـ‍)، وَقِيْلَ: (181 هـ‍). الثقات 7/ 632، وتهذيب الكمال 8/ 123 - 124 (7582)، والتقريب (7713). (¬15) في المجتبى 1/ 77. (¬16) هُوَ مُحَمَّد بن زياد القرشي الجمحي مولاهم، أبو الحارث المدني، نزيل البصرة: ثقة ثبت رُبَّمَا =

للأعقاب من النار)) فهؤلاء خمسة عشر نفساً من أصحاب شعبة اتفقوا عَلَى جعل قوله: ((أسبغوا الوضوء)) من كلام أبي هُرَيْرَة، في حين أخطأ أبو قطن وشبابة فأدرجاه في الْحَدِيْث (¬1). وهذا القسم أقل الأقسام وروداً، وَهُوَ قليل جداً، الأمر الَّذِيْ دفع الحافظ ابن حجر لأن يقول: ((وفتشت ما جمعه الْخَطِيْب في المدرج، ومقدار ما زدت عليه مِنْهُ فَلَمْ أجد لَهُ مثالاً آخر إلا ما جاء في بعض طرق حَدِيْث بسرة الآتي من رواية مُحَمَّد بن دينار (¬2)، عن هشام بن حسان)) (¬3). وهذا يناقض قَوْل ابن الجلال المحلي وَهُوَ يتحدث عن الإدراج في أول الْحَدِيْث: ((وَهُوَ أكثر مِمَّا في وسطه؛ لأن الرَّاوِي يقول كلاماً يريد أن يستدل عليه بالحديث فيأتي بلا فصل، فيتوهم أن الكل حَدِيْث)) (¬4). ومثال ما وقع الإدراج في وسطه ما رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ في "سننه" (¬5) من طريق عَبْد الحميد بن جعفر، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن بسرة بنت صفوان، قالت: سَمِعْتُ رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((مَنْ مَسّ ذَكَرَهُ، أو أنثييه أَوْ رفغه فليتوضأ)). فَقَدْ أدرج عَبْد الحميد بن جعفر ذكر ((الأنثيين والرفغ)) في الْحَدِيْث المرفوع، قال الدَّارَقُطْنِيّ: ((والمحفوظ أن ذَلِكَ من قول عروة غَيْر مرفوع)) (¬6). وَقَالَ الْخَطِيْب البغدادي: ((وذكر الأنثيين والرفغين ليس من كلام رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم -، وإنما من قول عروة بن الزبير فأدرجه الرَّاوِي في متن الْحَدِيْث وَقَدْ بيّن ذَلِكَ حماد بن ¬

_ = أرسل. تهذيب الكمال 6/ 311 - 312 (5812)، والكاشف 2/ 172 (4854)، والتقريب (5888). (¬1) انظر: فتح الباقي 1/ 356. (¬2) هُوَ مُحَمَّد بن دينار الأزدي ثُمَّ الطاحي، أبو بكر بن أبي الفرات البصري: صدوق سيء الحفظ، ورمي بالقدر، وتغير قَبْلَ موته. تهذيب الكمال 6/ 303 (5793)، والكاشف 2/ 169 (4839)، والتقريب (5870). (¬3) النكت عَلَى كتاب ابن الصَّلاَحِ 2/ 824. وَقَدْ وردت هَذِهِ الزيادة ((أسبغوا الوضوء)) مرفوعة في " الصحيحين " من حَدِيْث عَبْد الله بن عمرو بن العاص. صَحِيْح البخاري 1/ 53 (165)، وصحيح مُسْلِم 1/ 148 (242) (29). (¬4) فتح القادر المغيث الورقة 72/ب، وَهُوَ مقلد في ذَلِكَ السيوطي. انظر: تدريب الرَّاوِي 1/ 370. (¬5) 1/ 148، وكذا أخرجه الطبراني في " الكبير " 24/ 157 (511)، والبيهقي 1/ 137، والخطيب في " الفصل ": 233. (¬6) سنن الدَّارَقُطْنِيّ 1/ 148.

زيد وأيوب السختياني في روايتهما عن هشام)) (¬1). فوهم عَبْد الحميد بن جعفر وأدرج كلام عروة في الحديث، في حين اقتصر الثقات من أصحاب هشام عَلَى ذكر ((الذَّكَر))، وهم: 1 - أبو أسامة حماد بن أسامة، وروايته عِنْدَ الترمذي (¬2)، وابن خزيمة (¬3)، وابن الجارود (¬4)، والطبراني (¬5). 2 - إِسْمَاعِيْل بن عياش، عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيّ (¬6). 3 - أنس بن عياض (¬7)، عِنْدَ البيهقي (¬8). 4 - أيوب السختياني، وسيأتي التفصيل في طريقه. 5 - حماد بن زيد، عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيّ (¬9)، والطبراني (¬10)، والحاكم (¬11)، والخطيب (¬12). 6 - حماد بن سلمة، عِنْدَ الطبراني (¬13). 7 - ربيعة بن عثمان (¬14)، عِنْدَ ابن حبان (¬15)، والطبراني (¬16)، والحاكم (¬17). ¬

_ (¬1) الفصل للوصل: 233 - 235. (¬2) في جامعه (83). (¬3) في صحيحه (33). (¬4) في المنتقى (17). (¬5) في الكبير 24/ 159 (520). (¬6) في سننه 1/ 147. (¬7) هُوَ أنس بن عِيَاض بن ضمرة الليثي، أبو ضمرة المدني: ثقة، توفي سنة (200 هـ‍). تهذيب الكمال 1/ 288 (558)، والكاشف 1/ 256 (476)، والتقريب (564). (¬8) في الكبرى 1/ 129. (¬9) في سننه 1/ 148. (¬10) في الكبير 24/ 156 (507). (¬11) في المستدرك 1/ 136. (¬12) في الفصل: 234. (¬13) في الكبير 24/ 157 (509). (¬14) هُوَ ربيعة بن عثمان بن ربيعة التيمي، أبو عثمان المدني: صدوق لَهُ أوهام، توفي سنة (154 هـ‍). تهذيب الكمال 2/ 471 (1868)، والكاشف 1/ 393 (1552)، والتقريب (1913). (¬15) في صحيحه (1111). (¬16) في الكبير 24/ 158 (517). (¬17) في المستدرك 1/ 137.

8 - سعيد بن عَبْد الرَّحْمَان (¬1)، عِنْدَ البيهقي (¬2). 9 - سفيان بن سعيد الثوري، عِنْدَ ابن حبان (¬3)، والدارقطني (¬4)، والطبراني (¬5). 10 - شعيب بن إسحاق (¬6)، عِنْدَ ابن حبان (¬7)، والدارقطني (¬8)، والحاكم (¬9)، والبيهقي (¬10). 11 - عَبْد الله بن إدريس، عِنْدَ ابن ماجه (¬11)، والطبراني (¬12). 12 - علي بن المبارك (¬13)، عِنْدَ ابن حبان (¬14). 13 - علي بن مسهر، عِنْدَ الطبراني (¬15). 14 - عنبسة بن عَبْد الواحد (¬16)، عِنْدَ الْحَاكِم (¬17)، والبيهقي (¬18). ¬

_ (¬1) هُوَ سعيد بن عَبْد الرَّحْمَان الجمحي، من ولد عامر بن حِذيم، أبو عَبْد الله المدني، قاضي بغداد: صدوق لَهُ أوهام، توفي سنة (176 هـ‍). تهذيب الكمال 3/ 180 (2296)، والكاشف 1/ 440 (1919)، والتقريب (2350). (¬2) في الكبرى 1/ 128. (¬3) في صحيحه (1113). (¬4) في سننه 1/ 146 - 147. (¬5) في الكبير 24/ 158 (514). (¬6) هُوَ شعيب بن إسحاق بن عَبْد الرَّحْمَان الأموي، مولاهم، البصري، ثُمَّ الدمشقي: ثقة، رمي بالإرجاء، توفي سنة (189 هـ‍). تهذيب الكمال 3/ 393 (2728)، والكاشف 1/ 486 (2281)، والتقريب (2793). (¬7) في صحيحه (1110). (¬8) في سننه 1/ 146. (¬9) في المستدرك 1/ 136. (¬10) في سننه الكبرى 1/ 129. (¬11) في سننه (479). (¬12) في المعجم الكبير 24/ 156 (506). (¬13) هُوَ عَلِيّ بن المبارك الهنائي: ثقة، كَانَ لَهُ عن يَحْيَى بن أبي كَثِيْر كتابان، أحدهما سَمَاع والآخر إرسال. الثقات 7/ 213، وتهذيب الكمال 5/ 295 - 296 (4713)، والتقريب (4787). (¬14) في صحيحه (1112). (¬15) في المعجم الكبير 24/ 156 (506). (¬16) هُوَ عنبسة بن عَبْد الواحد بن أمية الأموي، أبو خالد الكوفي الأعور: ثقة عابد. تهذيب الكمال 5/ 503 - 504 (5126)، والكاشف 2/ 100 (4304)، والتقريب (5207). (¬17) في المستدرك 1/ 137. (¬18) في السنن الكبرى 1/ 129.

15 - المنذر بن عَبْد الله (¬1)، عِنْدَ الْحَاكِم (¬2). 16 - وهيب بن خالد، عِنْدَ الطبراني (¬3). 17 - يحيى بن سعيد القطان، عِنْدَ الطبراني (¬4). 18 - يزيد بن سنان (¬5)، عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيّ (¬6). فهؤلاء ثمانية عشر نفساً من أصحاب هشام رووه عَنْهُ مقتصرين عَلَى ((الذَّكَر)) من غَيْر إدراج للرفغ والأنثيين في المرفوع مِنْهُ. أما رِوَايَة أيوب الَّتِيْ أرجأنا الكلام عَنْهَا، فَقَدْ رَوَى الْحَدِيْث عن أيوب يزيد بن زريع، واختلف عَلَى يزيد في روايته وأكثر الرُّوَاة عَنْهُ يروونه عَنْهُ، عن أيوب، عن هشام من غَيْر إدراج وهم: 1 - أَحْمَد بن عبيد الله العنبري (¬7)، عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيّ (¬8). 2 - أَحْمَد بن المقدام (¬9)، عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيّ (¬10). 3 - عبيد الله بن عمر (¬11) القواريري (¬12). 4 - عمرو بن علي، عِنْدَ الْخَطِيْب (¬13). ¬

_ (¬1) المنذر بن عَبْد الله بن المنذر الأسدي الحزامي المدني: مقبول، توفي سنة (181 هـ‍). التاريخ الكبير 7/ 359، وتهذيب الكمال 7/ 225 (6776)، والتقريب (6888). (¬2) في المستدرك 1/ 137. (¬3) في المعجم الكبير 24/ 158 (515). (¬4) في المعجم الكبير 24/ 159 (518). (¬5) هُوَ يزيد بن سنان بن يزيد التميمي، أبو فروة الرهاوي: ضعيف، توفي سنة (155 هـ‍). الكامل في الضعفاء 9/ 152، وتهذيب الكمال 8/ 130 (7596)، والتقريب (7727). (¬6) في سننه 1/ 147. (¬7) ذكره ابن حبان في ثقاته 8/ 31. (¬8) في سننه 1/ 148. (¬9) هُوَ أحمد بن المقدام، أبو الأشعث العجلي، بصري: صدوق صاحب حَدِيْث، توفي سنة (253 هـ‍). تهذيب الكمال 1/ 82 (107)، والكاشف 1/ 204 (89)، والتقريب (110). (¬10) في سننه 1/ 148. (¬11) هُوَ عبيد الله بن عمر بن ميسرة القواريري، أبو سعيد البصري، نزيل بغداد: ثقة ثبت، توفي سنة (235 هـ‍). تهذيب الكمال 5/ 56 (4258)، والكاشف 1/ 685 (3577)، والتقريب (4325). (¬12) ذكره ابن حجر في " نكته " 2/ 830. (¬13) في الفصل: 235.

لذا عدَّ الْخَطِيْب أيوب ممن بَيّنَ الإدراج في الْحَدِيْث (¬1). في حين أن أبا كامل الجحدري رَوَاهُ عن يزيد بن زريع، عن أيوب مدرجاً، كَمَا أخرجه الطبراني (¬2)، فعاد الْخَطِيْب فعدّ أيوب ممن أدرج الْحَدِيْث (¬3). فالذي يترجح رِوَايَة الجمع عن أيوب، فيعدّ أيوب ممن بيّن الإدراج، وبالتالي فتترجح رِوَايَة الجمع ممن بَيّنَ الإدراج في روايتهم عن هشام بن عروة، ويؤيد هَذَا قَوْل الْخَطِيْب: ((رَوَى كافة أصحاب هشام بن عروة عَنْهُ حَدِيْث الوضوء من مس الذكر خاصة، وَلَمْ يذكر أحد مِنْهُمْ الأنثيين والرفغين في روايته)) (¬4). وَقَدْ حكم الْخَطِيْب البغدادي عَلَى عَبْد الحميد بن جعفر بتفرده بالإدراج عن هشام بن عروة (¬5). واعترض عليه الحافظ العراقي برواية أبي كامل الجحدري (¬6) الَّتِيْ مضى الكلام عَلَيْهَا، وبرواية ابن جريج، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن مروان، عن بسرة بلفظ: ((إذا مس أحدكم ذكره أو أنثييه)) (¬7). والذي يبدو أن حكم الْخَطِيْب حكم مقيد لا مطلق، والمقيد ذهني إِذْ أنه عنى التفرد من طريق يعتد بِهَا، أما هاتان الطريقان فلا اعتماد عليهما لما يأتي: أما رِوَايَة أبي كامل فَقَدْ بينا أنه خالف فِيْهَا جمهور الرُّوَاة عن أيوب، فلا يلتفت إِلَيْهَا. وأما رِوَايَة ابن جريج فَقَدْ حكم الدَّارَقُطْنِيّ والحافظ ابن حجر عَلَيْهَا بالإدراج أَيْضاً (¬8). وهناك طريقان آخران عن هشام بن عروة ورد فيهما الإدراج (¬9): فَقَدْ رَوَى مُحَمَّد بن دينار، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن بسرة هَذَا الْحَدِيْث مدرجاً، وروايته أخرجها: الطبراني (¬10)، والدارقطني (¬11). ¬

_ (¬1) الفصل: 234. (¬2) في المعجم الكبير 24/ 157 (510). (¬3) الفصل: 233. (¬4) الفصل: 235. (¬5) الفصل للوصل: 233. (¬6) انظر: شرح التبصرة والتذكرة 1/ 404. (¬7) أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ في " سننه " 1/ 148. (¬8) انظر: النكت عَلَى كتاب ابن الصَّلاَحِ 2/ 830. (¬9) انظر: النكت عَلَى كتاب ابن الصَّلاَحِ 2/ 830. (¬10) في الكبير 24/ 158 (517). (¬11) في العلل 5/الورقة 196 أ.

ومحمد بن دينار ليس ممن يعتمد عَلَى حفظه (¬1). وروى هشام بن حسان، عن هشام بن عروة، عن أَبِيْهِ، عن بسرة مدرجاً. وَقَدْ رَوَاهُ عن هشام هكذا مدرجاً اثنان من أصحابه هما (¬2): عَبْد الأعلى بن عَبْد الأعلى، حَيْثُ رَوَاهُ ابن شاهين في كتاب "الأبواب" من طريق ابن أبي داود ويحيى بن صاعد -كلاهما- عن مُحَمَّد بن بشار، عن عَبْد الأعلى، عن ابن حسان (¬3). ورواه الدَّارَقُطْنِيّ في "العلل" (¬4) من طريق عَبْد الله بن بزيع، عن هشام بن حسان، بِهِ. والظاهر أن هشام بن حسان لَمْ يضبط الْحَدِيْث جيداً، إِذْ رَوَاهُ يزيد بن هارون عَنْهُ بلفظ: ((إذا مس أحدكم ذكره، أو قَالَ: فرجه، أو قَالَ: أنثييه، فليتوضأ)) رَوَاهُ ابن شاهين (¬5) في كتاب "الأبواب" (¬6)، والدارقطني في "العلل" (¬7). قَالَ ابن حجر: ((فتردده يدل عَلَى أنه ما ضبطه)) (¬8). وَقَدْ رَوَاهُ عمار بن عمر، عن هشام بن حسان، من غَيْر إدراج، وروايته أخرجها الطبراني في "الكبير" (¬9)، والدارقطني في "العلل" (¬10). فانتهت نتيجة البحث إلى ضعف المتابع الأول، وعدم ضبط الثاني (¬11). وَقَدْ كَانَ لهذا الْحَدِيْث أثر في اختلاف الفقهاء تقدم الكلام عَنْهُ في الفصل الثاني المبحث الثالث: ما تعم بِهِ البلوى، ولا نريد إعادته بغية عدم الإطالة. ومثال ما وقع الإدراج في آخر الْحَدِيْث: ما رَوَاهُ زهير بن معاوية، عن الحسن بن الحر (¬12)، عن القاسم بن ¬

_ (¬1) انظر: ميزان الاعتدال 3/ 541. (¬2) انظر: شرح السيوطي عَلَى ألفية العراقي: 207. (¬3) نقله ابن حجر في " نكته " 2/ 831. (¬4) 5/الورقة 201 أ. (¬5) هُوَ الشَّيْخ الواعظ عمر بن أحمد بن عثمان بن شاهين أبو حفص البغدادي، صاحب التصانيف مِنْهَا "التفسير " و " الناسخ والمنسوخ "، ولد سنة (297 هـ‍)، وتوفي سنة (385 هـ‍). المنتظم 7/ 182 - 183، وسير أعلام النبلاء 16/ 431، والعبر 3/ 29 - 30. (¬6) كَمَا نقله ابن حجر في " نكته " 2/ 831 - 832. (¬7) 5/الورقة 201 أ. (¬8) النكت عَلَى كتاب ابن الصلاح 2/ 832. (¬9) 24/ 158 (512) ووقع في المطبوع مِنْهُ ((عثمان بن عمر))!! (¬10) 5/الورقة 201 أ. (¬11) انظر: شرح السيوطي عَلَى ألفية العراقي: 208 - 209. (¬12) هُوَ الحسن بن الحر بن الحكم الجعفي أو النخعي الكوفي أبو مُحَمَّد، نزيل دمشق: ثقة فاضل، توفي (133 هـ‍). =

مخيمرة (¬1)، عن علقمة، عن عَبْد الله بن مسعود أن رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - علّمه التشهد في الصلاة، فَقَالَ: ((قل: التحيات لله .. فذكر الْحَدِيْث)). وفي آخره: ((أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رَسُوْل الله، فإذا قلت هَذَا فَقَدْ قضيت صلاتك إن شئت أن تقوم فقم، وإن شئت أن تقعد فاقعد)) (¬2). فزيادة: ((فإذا قلت هَذَا ...)) إلى نهاية الرِّوَايَة، مدرجة من قَوْل ابن مسعود، أدرجها زهير بن معاوية في روايته عن الحسن بن الحر، نصَّ عَلَى هَذَا جمع من الحفاظ مِنْهُمْ: الدَّارَقُطْنِيّ (¬3)، والحاكم (¬4)، والبيهقي (¬5)، والخطيب البغدادي (¬6)، ونقل النووي في "الخلاصة" اتفاق الحفاظ عَلَى إدراجها (¬7). واستدل الحافظ ابن الصلاح عَلَى الإدراج بقوله: ((ومن الدليل عليه أن الثقة الزاهد (¬8) عَبْد الرحمان بن ثابت بن ثوبان (¬9)، رَوَاهُ عن راويه الحسن بن الحر كذلك، واتفق ¬

_ = تهذيب الكمال 2/ 110 (1197)، والكاشف 1/ 322 (1019)، والتقريب (1224). (¬1) هُوَ القاسم بن مخيمرة، أبو عروة الكوفي الهمداني، نزيل الشام: ثقة فاضل، توفي سنة (100 هـ‍). تهذيب الكمال 6/ 87 (5414)، والكاشف 2/ 131 (4532)، والتقريب (5495). (¬2) رَوَاهُ من هَذَا الطريق: الطيالسي في " مسنده " (275)، وأحمد 1/ 422، والدارمي (1347)، وأبو داود (970)، وابن حبان (1961)، والدارقطني 1/ 353. (¬3) في السنن 1/ 353، وفي العلل (1275). (¬4) مَعْرِفَة علوم الْحَدِيْث: 39. (¬5) السنن الكبرى 2/ 174. (¬6) الفصل للوصل: 104. (¬7) الخلاصة: ورقة 61/ب نسختنا الخطية الخاصة مصورة عن النسخة السعيدية. (¬8) كَذَا قَالَ ابن الصَّلاَحِ!! أما زهده فلا خلاف في أنه كَانَ نهاية في الزهد والعبادة. وأما كونه (ثقة) فلعل ابن الصلاح اجتهد في توثيقه، وإلا ففي توثيقه خلاف، إِذْ لَمْ يوثقه إلا قلة، وَقَدْ ساق الحافظ المزي أقوال أئمة الجرح والتعديل فِيْهِ في كتابه " تهذيب الكمال " 4/ 381: ((فقال الأثرم عن أحمد: أحاديثه مناكير، وَقَالَ الوراق عن أحمد: لَمْ يَكُنْ بالقوي في الْحَدِيْث. وَقَالَ ابن الجنيد عن ابن معين: صالح، وَقَالَ مرة: ضعيف، وهكذا نقل عن ابن معين كُلّ من: معاوية بن صالح والدارمي والصابوني، وَقَالَ الدوري عن ابن معين: ليس بِهِ بأس، وكذا قَالَ ابن المديني والعجلي وأبو زرعة، وَقَالَ ابن أبي خيثمة عن ابن معين: لا شيء، ونقل عثمان بن سعيد الدارمي عن دحيم: ثقة يرمى بالقدر. وَقَالَ أبو حاتم: ثقة، وَقَالَ مرة: يشوبه شيء من القدر وتغير عقله في آخر حياته، وَهُوَ مستقيم الْحَدِيْث. وَقال أبو داود: كَانَ فِيْهِ سلامة وَكَانَ مجاب الدعوة وليس بِهِ بأس وَكَانَ عَلَى المظالم ببغداد. وَقَالَ النسائي: ضعيف، وَقَالَ مرة: ليس بالقوي، وَقَالَ أخرى: ليس بثقة. وَقَالَ صالح جزرة: شامي صدوق. وَقال ابن خراش: في حديثه لين، وَقَالَ ابن عدي: لَهُ أحاديث صالحة)). وحاول الحافظ ابن حجر أن يجمع بَيْنَ كُلّ هَذِهِ الأقوال في " التقريب " (3820) فَقَالَ: ((صدوق يخطئ ورمي بالقدر وتغير بأخرة)). (¬9) هُوَ عَبْد الرَّحْمَان بن ثابت بن ثوبان العنبسي الدمشقي، الزاهد: صدوق يخطئ ورمي بالقدر وتغير =

حسين الجعفي (¬1) وابن عجلان وغيرهما في روايتهم عن الحسن بن الحر عَلَى ترك ذكر هَذَا الكلام في آخر الْحَدِيْث، مع اتفاق كُلّ من رَوَى التشهد عن علقمة - وعن غيره - عن ابن مسعود عَلَى ذَلِكَ، ورواه شبابة، عن أبي خيثمة ففصله أَيْضاً)) (¬2). وهذا كلام مجمل بيانه فِيْمَا يأتي: أولاً: رَوَاهُ عَبْد الرحمان بن ثابت بن ثوبان، عن الحسن بن الحر، بسند زهير بن معاوية، وفَصَل نهاية الرِّوَايَة وبيّن أنها من قَوْل ابن مسعود، وروايته عِنْدَ ابن حبان (¬3)، والطبراني (¬4)، والدارقطني (¬5)، والحاكم (¬6)، والبيهقي (¬7)، والخطيب البغدادي (¬8). ثانياً: رَوَاهُ حسين الجعفي وابن عجلان واتفقا عَلَى عدم ذكر هذا الكلام في نهاية الرِّوَايَة. ورواية حسين أخرجها ابن أبي شيبة (¬9)، وأحمد (¬10)، وابن حبان (¬11)، والطبراني (¬12)، والدارقطني (¬13)، والخطيب (¬14). وأما رِوَايَة ابن عجلان فأخرجها الطبراني (¬15)، والدارقطني (¬16)، والخطيب (¬17). ¬

_ = بأخرة، توفي سنة (165هـ‍).تهذيب الكمال4/ 380 (3763)، والكاشف1/ 623 (3158)، والتقريب (3820). (¬1) هُوَ الْحُسَيْن بن عَلِيّ بن الوليد الجعفي، الكوفي المقرئ: ثقة عابد، توفي سنة (203 هـ‍) أو (204 هـ‍). تهذيب الكمال 2/ 196 (1308)، والكاشف 1/ 334 (1098)، والتقريب (1335). (¬2) مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث: 195 - 197 طبعتنا. (¬3) في صحيحه (1912). (¬4) في المعجم الكبير (9924)، وفي مسند الشاميين (64). (¬5) في السنن 1/ 354. (¬6) في مَعْرِفَة علوم الْحَدِيْث: 39 - 40. (¬7) في الكبرى 2/ 175. (¬8) في الفصل: 108 - 109. (¬9) في مصنفه (2982). (¬10) في مسنده 1/ 450. (¬11) في صحيحه (1963). (¬12) في المعجم الكبير (9926). (¬13) في سننه 1/ 352. (¬14) في الفصل: 110. (¬15) في المعجم الكبير (9923). (¬16) في سننه 1/ 352. (¬17) في الفصل: 110. ملاحظة: عنى الحافظ ابن الصَّلاَحِ بقوله: ((وغيرهما)) رِوَايَة مُحَمَّد بن أبان، وَقَدْ ذكرها الدَّارَقُطْنِيّ في "سننه" 1/ 352 - 353، وَقَدْ رَوَاهُ ابن حبان أَيْضاً (1963) من طريق حسين الجعفي السابق، وزاد في آخره: ((قَالَ الحسن بن الحر: وزادني فِيْهِ مُحَمَّد بن أبان (كَذَا في صَحِيْح ابن حبان، انظر: تهذيب الكمال 2/ 110، وإتحاف المهرة 10/ 359 (12929)) بهذا الإسناد، قَالَ: =

ثالثاً: إن الرُّوَاة عن زهير بن معاوية اختلفوا عليه في رِوَايَة هَذَا الْحَدِيْث، فرواه كُلّ من: 1 - أحمد بن عَبْد الله بن يونس اليربوعي (¬1). 2 - أبو داود الطيالسي (¬2). 3 - عاصم بن علي (¬3). 4 - عَبْد الله بن مُحَمَّد (¬4) النفيلي (¬5). 5 - علي بن الجعد (¬6). 6 - مالك بن إسماعيل (¬7) النهدي (¬8). 7 - موسى بن داود (¬9) الضبي (¬10). ¬

_ = فإذا قلت هَذَا أو فعلت هَذَا، فإن شئت فقم)). وهذا يدل عَلَى أن مُحَمَّد بن أبان كَانَ ممن يدرج هَذِهِ الزيادة في الْحَدِيْث المرفوع، إلا أن ابن حبان عقب عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَة بقوله: ((مُحَمَّد بن أبان ضعيف، قَدْ تبرأنا من عهدته في كتاب "المجروحين")). وَلَمْ يشر الدَّارَقُطْنِيّ في " علله " إلى متابعة مُحَمَّد بن أبان. ولعل هَذَا الخلاف في كون رِوَايَة أبان متابعة لابن ثوبان، أو متابعة لزهير هِيَ الَّتِيْ جعلت ابن الصَّلاَحِ يضرب عن التصريح باسمه، واكتفى بالإشارة إلى وجودها بقوله: ((وغيرهما)). (¬1) عِنْدَ الطبراني في الكبير (9925)، والخطيب في الفصل: 106، ووقع في الروايتين منسوباً لجده، وانظر: تقريب التهذيب (63). (¬2) في مسنده (275)، ومن طريقه الْخَطِيْب في الفصل: 104. (¬3) عِنْدَ الْحَاكِم في مَعْرِفَة علوم الْحَدِيْث: 39. (¬4) هُوَ عَبْد الله بن مُحَمَّد بن عَلِيّ بن نفيل، أَبُو جعفر النفيلي الحراني: ثقة حافظ، توفي سنة (234 هـ‍). تهذيب الكمال 4/ 277 (3533)، والكاشف 1/ 595 (2963)، والتقريب (3594). (¬5) عِنْدَ أبي داود (970). (¬6) عِنْدَ الْخَطِيْب في الفصل: 106. (¬7) هُوَ مالك بن إسماعيل النهدي، أبو غسان الكوفي، سبط حمّاد بن أبي سليمان: ثقة متقن صَحِيْح الكِتَاب، عابد، توفي سنة (219 هـ‍). تهذيب الكمال 7/ 5 (6319)، والكاشف 2/ 233 (5239)، والتقريب (6324). (¬8) عِنْدَ الْخَطِيْب في الفصل: 106. (¬9) هُوَ موسى بن داود الضبي، أَبُو عَبْد الله الطرسوسي الخلقاني: صدوق فقيه زاهد لَهُ أوهام، توفي سنة (217 هـ‍). تهذيب الكمال 7/ 258 (6846)، والكاشف 2/ 303 (5692)، والتقريب (6959). (¬10) عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيّ 1/ 253، والخطيب في الفصل: 105 - 106.

أثره في اختلاف الفقهاء (حكم التشهد والسلام)

8 - أبو النضر هاشم بن القاسم (¬1). 9 - يحيى بن أبي بكير (¬2) الكرماني (¬3). 10 - يحيى بن يحيى النيسابوري (¬4). عشرتهم عَنْهُ مدرجاً. ورواه شبابة بن سوار (¬5)، عَنْهُ - أعني: زهير بن معاوية - ففصله وبين أنه من قَوْل عَبْد الله بن مسعود، وروايته عِنْدَ: الدَّارَقُطْنِيّ (¬6)، والبيهقي (¬7)، والخطيب (¬8). وهذا النوع من الإدراج هُوَ الغالب من حَيْثُ وقوعه في متون الأحاديث (¬9). أثره في اختلاف الفقهاء (حكم التشهد والسلام) اختلف الفقهاء في حكم التشهد والسلام عَلَى مذهبين: المذهب الأول: ذهب بَعْض الفقهاء إِلَى أن التشهد والسلام ليسا بفرضين. وبه قَالَ جمع من السلف، وإليه ذهب أبو حَنِيْفَةَ (¬10)، لكنه يَقُوْل بوجوبهما وترك الواجب عنده لا ينبني عَلَيْهِ بطلان الصَّلاَة، فإن تركه عامداً كَانَ آثماً، وإن تركه ناسياً جبره بسجود السهو. وحجتهم الزيادة الواردة في الْحَدِيْث السابق، فقالوا: إنها زيادة مرفوعة وليست مدرجة (¬11). ¬

_ (¬1) عِنْدَ الْخَطِيْب في الفصل: 107. (¬2) هُوَ يَحْيَى بن أبي بكير العبدي العبسي الكرماني، كوفي الأصل، نزل بغداد: ثقة، توفي سنة (208 هـ‍) أو (209 هـ‍). الثقات 9/ 257، وتهذيب الكمال 8/ 20 (7392)، والتقريب (7516). (¬3) عِنْدَ الْخَطِيْب في الفصل: 106. (¬4) عِنْدَ البيهقي في السنن الكبرى 2/ 174، والخطيب في الفصل: 107. (¬5) هُوَ شبابة بن سوار المدائني، اصله من خراسان: ثقة حافظ رمي بالإرجاء، توفي سنة (204 هـ‍)، وَقِيْلَ: (205 هـ‍)، وَقِيْلَ: (206 هـ‍). الثقات 8/ 312، وتهذيب الكمال 3/ 307 - 308 (2669)، والتقريب (2733). (¬6) في السنن 1/ 353. (¬7) في الكبرى 2/ 174. (¬8) في الفصل: 108. (¬9) انظر: شرح التبصرة والتذكرة 1/ 401. (¬10) الهداية 1/ 46. (¬11) الهداية 1/ 46، وانظر: أثر علل الْحَدِيْث: 300.

النوع الثاني: أن يقع الإدراج في السند دون المتن)

المذهب الثاني: ذهب جمهور الفقهاء إِلَى القول بفرضيتهما (¬1). واستدلوا: 1 - بِمَا روي عن عَبْد الله بن مسعود - رضي الله عنه -، قَالَ: ((كنا نقول قَبْلَ أن يفرض التشهد: السلام عَلَى الله السلام عَلَى جبريل وميكائيل. فَقَالَ رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تقولوا هكذا فإن الله هُوَ السلام، وَلَكِنْ قولوا: التحيات لله ... الْحَدِيْث)) (¬2). ووجه الدلالة من هَذَا الْحَدِيْث أمران: أ. قوله: ((قَبْلَ أن يفرض التشهد)) فدل ذَلِكَ عَلَى أن التشهد فرض. ب. قوله: ((قولوا: التحيات)) أمر، والأمر يقتضي الوجوب. 2 - استدلوا أَيْضاً بِمَا روي عن عَلِيّ - رضي الله عنه -، عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((مفتاح الصَّلاَة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم)) (¬3). قَالَ التِّرْمِذِيّ عقب روايته لَهُ: ((هَذَا الْحَدِيْث أصح شيء في الباب وأحسن)). النوع الثاني: أن يقع الإدراج في السند دون الْمَتْن ويمكن أن نجعل هَذَا النوع عَلَى خمسة أقسام (¬4): القسم الأول: أن يَكُوْن الْمَتْن مختلف الإسناد بالنسبة إلى أفراد رواته، فيرويه راوٍ واحد عَنْهُمْ، فيحمل بعض رواياتهم عَلَى بعض ولا يميز بينها. ومثاله ما رَوَاهُ عَبْد الرحمان بن مهدي ومحمد بن كثير العبدي، عن سفيان الثوري، عن منصور والأعمش وواصل الأحدب (¬5)، عن أبي وائل، عن عمرو بن شرحبيل (¬6)، عن ابن مسعود، قُلْتُ: ((يا رَسُوْل الله أي الذنب أعظم؟ ... الْحَدِيْث)) (¬7). ¬

_ (¬1) المغني 1/ 578 و 589، والمجموع 3/ 462 و 475، وشرح صَحِيْح مُسْلِم 2/ 40 و 47. (¬2) رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ 1/ 133 وصححه، والبيهقي 2/ 378. (¬3) رَوَاهُ عَبْد الرزاق (2539)، وأحمد 1/ 123 و129، والدارمي (693)، وأبو داود (61) و (618)، وابن ماجه (275)، والترمذي (3)، والبزار (633)، وأبو يعلى (616)، والطحاوي في شرح المعاني 1/ 273، والدارقطني 1/ 60، والبيهقي 2/ 15 و 253، وانظر: التلخيص الحبير 1/ 229، ونصب الراية 1/ 307 - 308. (¬4) انظر: النكت عَلَى كتاب ابن الصَّلاَحِ 2/ 832، ونُزهة النظر: 124. (¬5) هُوَ واصل بن حيان الأحدب الأسدي الكوفي: ثقة ثبت، توفي سنة (120 هـ‍). التاريخ الكبير 8/ 171، والثقات 7/ 558، والتقريب (7382). (¬6) هُوَ عَمْرو بن شرحبيل الهمداني، أبو ميسرة الكوفي: ثقة عابد، مخضرم توفي سنة (63 هـ‍). تهذيب الكمال 5/ 421 (4972)، والكاشف 2/ 78 (4171)، والتقريب (5048). (¬7) رِوَايَة عَبْد الرحمان بن مهدي عِنْدَ أَحْمَد 1/ 434، والترمذي (3182)، والخطيب في الفصل: =

فَقَدْ أدرج عَبْد الرحمان بن مهدي ومحمد بن كثير في هَذَا السند، إِذْ إن منصوراً والأعمش يرويانه عن أبي وائل، عن عمرو بن شرحبيل، عن ابن مسعود، أما واصل فيرويه عن أبي وائل، عن ابن مسعود لا يذكر فِيْهِ عمرو بن شرحبيل. وَقَدْ رَوَاهُ عن واصل بن حيان الأسديِّ الأحدبِ جَمَاعَة من الرُّوَاة مِنْهُمْ: 1 - سعيد بن مسروق (¬1): عِنْدَ الْخَطِيْب (¬2). 2 - شعبة بن الحجاج: وروايته عِنْدَ: الطيالسي (¬3)، وأحمد (¬4)، والترمذي (¬5)، والنسائي (¬6)، والخطيب (¬7). 3 - مالك بن مِغْوَل (¬8): عِنْدَ: النسائي في "الكبرى" (¬9)، والخطيب (¬10)، قَالَ ابن حجر: ((أخرجه ابن مردويه من طريق مالك بن مغول بإسقاط أبي ميسرة)) (¬11). 4 - مهدي بن ميمون (¬12): عِنْدَ: أحمد (¬13)، والخطيب (¬14). فَلَمْ يذكروا في روايتهم عن واصل عمرو بن شرحبيل، وإنما عمرو مذكور في رِوَايَة منصور والأعمش. وَقَدْ بيّن الإسنادين يحيى بن سعيد القطان في روايته، فأخرج: ¬

_ = 485 - ، ورواية مُحَمَّد بن كثير عِنْدَ الْخَطِيْب في الفصل: 485. (¬1) هُوَ سعيد بن مسروق الثوري، والد سُفْيَان: ثقة، توفي سنة (126 هـ‍)، وَقِيْلَ: (128 هـ‍). التاريخ الكبير 3/ 513، والثقات 6/ 371، والتقريب (2393). (¬2) في الفصل: 493. (¬3) في مسنده (264). (¬4) في مسنده 1/ 434، 464. (¬5) في جامعه (3183). (¬6) 7/ 90. (¬7) في الفصل: 490. (¬8) هُوَ مالك بن مغول - بكسر أوله وسكون المعجمة وفتح الواو - الكوفي، أَبُو عَبْد الله: ثقة ثبت، توفي سنة (159 هـ‍). تهذيب الكمال 6/ 22 (6345)، والكاشف 2/ 237 (5262)، والتقريب (6451). (¬9) (7125). (¬10) في الفصل: 491. (¬11) فتح الباري 8/ 493. (¬12) هُوَ مهدي بن ميمون الأزدي المعولي - بكسر الميم وسكون المهملة وفتح الواو - أبو يَحْيَى البصري: ثقة، توفي سنة (172 هـ‍). الأنساب 5/ 236، الكاشف 2/ 300 (5666)، والتقريب (6932). (¬13) في مسنده 1/ 462. (¬14) في الفصل: 492.

القسم الثاني

البخاري (¬1)، والدارقطني (¬2)، والخطيب (¬3)، من طرق عن يحيى بن سعيد القطان، عن سفيان، قَالَ: حَدَّثَنَا منصور والأعمش، عن أبي وائل، عن أبي ميسرة، عن عَبْد الله. قَالَ سفيان: وحدثني واصل، عن أبي وائل، عن عَبْد الله، بِهِ (¬4). قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: ((قَالَ لنا أبو بكر النيسابوري: هكذا رَوَاهُ يحيى، وَلَمْ يذكر في حَدِيْث واصل عمرو بن شرحبيل ورواه عَبْد الرَّحْمَان بن مهدي ومحمد بن كَثِيْر فجمعا بَيْنَ واصل ومنصور والأعمش، عن أبي وائل، عن عَمْرو بن شرحبيل، عن عَبْد الله، فيشبه أن يَكُوْن الثوري جمع بَيْنَ الثلاثة لعبد الرحمن بن مهدي ولابن كثير فجعل إسنادهم واحداً، وَلَمْ يذكر بينهم خلافاً، وحمل حَدِيْث واصل عَلَى حَدِيْث الأعمش ومنصور، وفصله يحيى بن سعيد فجعل حَدِيْث واصل عن أبي وائل، عن عَبْد الله -وَهُوَ الصواب-؛ لأن شعبة ومهدي بن ميمون روياه عن واصل، عن أبي وائل، عن عَبْد الله كَمَا رَوَاهُ يَحْيَى، عن الثوري، عَنْهُ، والله أعلم)) (¬5). القسم الثاني: أن يَكُوْن متن الْحَدِيْث عِنْدَ الرَّاوِي بإسناد إلا طرفاً مِنْهُ فإنه عنده بإسناد آخر، فيدرجه من رَوَاهُ عَنْهُ عَلَى الإسناد الأول ويسوق الْمَتْن تاماً، ولا يذكر الإسناد الثاني. مثاله: ما رَوَاهُ سفيان بن عيينة وزائدة بن قدامة، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل بن حجر - وذكر حَدِيْث صفة صلاة النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - وفي آخره: ((ثُمَّ جئتهم بَعْدَ ذَلِكَ في زمان فِيْهِ برد شديد فرأيتهم يحركون أيديهم من تحت الثياب)) (¬6). فقوله: ((ثُمَّ جئتهم بَعْدَ ذَلِكَ ...)) من رِوَايَة عاصم بن كليب، عن عَبْد الجبار بن وائل، عن بعض أهله، عن وائل بن حجر، وممن رَوَاهُ عَلَى هَذِهِ الشاكلة فميز بَيْنَ ¬

_ (¬1) في صحيحه 6/ 137 (4761) و 8/ 204 (6811). (¬2) في العلل 5/ 222. (¬3) في الفصل: 493. (¬4) انظر: علل الدَّارَقُطْنِيّ 5/ 220 - 223، والفصل للوصل: 485 - 494، وفتح الباري 12/ 116 عقيب (6811). (¬5) العلل 5/ 223. (¬6) رِوَايَة سفيان بن عيينة عِنْدَ: الشَّافِعِيّ في المسند (197) بتحقيقنا، والحميدي (885)، والنسائي 2/ 236، والدارقطني 1/ 290، والخطيب في الفصل: 279. أما رِوَايَة زائدة فأخرجها: أحمد 4/ 311 و 318، والدارمي (1364)، وأبو داود (727)، وابن الجارود (208)، وابن حبان (1856) وط الرسالة (1860)، والطبراني في الكبير 22/ (82)، والبيهقي 2/ 27 - 28، والخطيب في الفصل: 279.

القسم الثالث

جزأي الْمَتْن: 1 - زهير بن معاوية: وروايته عِنْدَ: أحمد (¬1)، والطبراني (¬2)، والخطيب (¬3). 2 - شجاع بن الوليد: عِنْدَ الْخَطِيْب (¬4). ومما يقوي الحكم بالإدراج في إسناد هَذَا الْحَدِيْث أن أحد عشر راوياً وهم: سفيان الثوري، وشعبة، وأبو الأحوص، وأبو عوانة، وخالد بن عَبْد الله (¬5)، وصالح بن عمر، وعبد الواحد بن زياد، وجرير بن عَبْد الحميد، وبشر بن المفضل، وعبيدة بن حميد (¬6)، وعبد العزيز بن مُسْلِم، رووا هَذَا الْحَدِيْث عن عاصم وَلَمْ يتطرقوا إلى ذكر هَذَا الإدراج (¬7). قَالَ الحافظ موسى بن هارون الحمال: ((وذلك - يعني رِوَايَة سفيان وزائدة - عندنا وَهم، وإنما أدرج عليه، وَهُوَ من رِوَايَة عاصم، عن عَبْد الجبار بن وائل، عن بعض أهله، عن وائل، هكذا رَوَاهُ مبيناً زهير بن معاوية وأبو بدر شجاع بن الوليد، فميزا قصة تحريك الأيدي من تحت الثياب وفصلاها من الْحَدِيْث وذكرا إسنادهما كَمَا ذكرنا)). ثُمَّ قَالَ: ((وهذه رِوَايَة مضبوطة، اتفق عليه زهير وشجاع بن الوليد، وهما أثبت لَهُ رِوَايَة ممن رَوَى ((رفع الأيدي من تحت الثياب)) عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل)) (¬8). القسم الثالث: أن يَكُوْن المتنان مختلفي الإسناد، فيدرج بعض الرُّوَاة شَيْئاً من أحدهما في الآخر ولا يَكُوْن ذَلِكَ الشيء من رِوَايَة ذَلِكَ الرَّاوِي. ¬

_ (¬1) في مسنده 4/ 318 - 319. (¬2) في المعجم الكبير 22/ 31 (84). (¬3) في الفصل: 284. (¬4) في الفصل: 284. (¬5) هُوَ خالد بن عَبْد الله بن عَبْد الرَّحْمَان الواسطي أبو مُحَمَّد المزني مولاهم: ثقة ثبت، توفي سنة (182 هـ‍)، وَقِيْلَ: (179 هـ‍)، وَقِيْلَ: (183 هـ‍). تهذيب الكمال 2/ 351 - 352 (1609)، والكاشف 1/ 366 (1333)، والتقريب (1647). (¬6) هُوَ عبيدة بن حميد الكوفي، أبو عَبْد الرَّحْمَان المعروف بالحذّاء، التيمي، أو الليثي أو الضبي: صدوق نحوي رُبَّمَا أخطأ، توفي سنة (190 هـ‍). تهذيب الكمال 5/ 85 (4341)، والكاشف 1/ 694 (3644)، والتقريب (4408). (¬7) ساق رواياتهم الْخَطِيْب في " الفصل ": 280 - 283. (¬8) نكت الزركشي 2/ 247 - 248.

مثاله: ما رَوَاهُ أبو مُحَمَّد سعيد بن أبي مريم الحكم بن مُحَمَّد المصري (¬1)، عن مالك، عن الزهري، عن أنس، أن رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، ولا تنافسوا، وكونوا عباد الله إخواناً ... الْحَدِيْث))، رَوَاهُ من هَذِهِ الطريق: الْخَطِيْب (¬2)، وابن عَبْد البر (¬3). قَالَ الحافظ حمزة بن مُحَمَّد الكناني (¬4): ((لا أعلم أحداً قَالَ في هَذَا الْحَدِيْث عن مالك: ((ولا تنافسوا)) غَيْر سعيد بن أبي مريم)) (¬5). فسعيد أدرج لفظ: ((ولا تنافسوا)) من متن حَدِيْث آخر، رَوَاهُ مالك، عن أبي الزناد (¬6)، عن الأعرج، عن أبي هُرَيْرَة مرفوعاً: ((إياكم والظن، فإن الظن أكذب الْحَدِيْث، ولا تجسسوا، ولا تحسسوا، ولا تنافسوا، ولا تحاسدوا)). والحديثان عَلَى الصواب عِنْدَ رواة "الموطأ" كافة مِنْهُمْ: 1 - أحمد بن أبي بكر (¬7): عِنْدَ ابن حبان (¬8). 2 - إسحاق بن عيسى الطباع: عِنْدَ أحمد (¬9). 3 - إسماعيل بن أبي أويس (¬10): عِنْدَ البخاري في "الأدب المفرد" (¬11). ¬

_ (¬1) هُوَ سعيد بن الحكم بن مُحَمَّد بن أبي مريم الجمحي بالولاء، أبو مُحَمَّد المصري: ثقة ثبت فقيه، توفي سنة (224 هـ‍). تهذيب الكمال 3/ 149 (2237)، والكاشف 1/ 433 (1868)، والتقريب (2286). (¬2) في الفصل: 443. (¬3) في التمهيد 6/ 116. (¬4) هُوَ الحَافِظ حمزة بن مُحَمَّد بن عَلِيّ، أَبُو القاسم الكناني المصري، صاحب جزء البطاقة، ولد سنة (275 هـ‍)، وتوفي سنة (357 هـ‍). الأنساب 4/ 650، وسير أعلام النبلاء 16/ 179، وشذرات الذهب 3/ 23 - 24. (¬5) التمهيد 6/ 116. (¬6) هُوَ عَبْد الله بن ذكوان القرشي، أبو عَبْد الرحمن المدني، المعروف بأبي الزناد: ثقة فقيه، توفي سنة (130هـ‍). تهذيب الكمال 4/ 125 (3241)، والكاشف 1/ 549 (2710)، والتقريب (3302). (¬7) هُوَ أحمد بن أبي بكر بن الحارث، أبو مصعب الزهري العوفي، المدني الفقيه: صدوق عابه أبو خيثمة للفتوى بالرأي، توفي سنة (242 هـ‍). تهذيب الكمال 1/ 33 (16)، والكاشف 1/ 191 (13)، والتقريب (17). (¬8) في صحيحه (5658). (¬9) في مسنده 2/ 465. (¬10) هُوَ إسماعيل بن عَبْد الله بن عَبْد الله بن أويس الأصبحي، أَبُو عَبْد الله بن أبي أويس المدني: صدوق أخطأ في أحاديث من حفظه، توفي (226 هـ‍). تهذيب الكمال 1/ 239 (452)، والكاشف 1/ 247 (388)، والتقريب (460). (¬11) (398) و (1287).

4 - جويرية بن أسماء (¬1): عِنْدَ الْخَطِيْب في "الفصل" (¬2). 5 - روح بن عبادة: عِنْدَ أحمد (¬3). 6 - سويد بن سعيد الحدثاني: كَمَا في "الموطأ" بروايته (¬4). 7 - عَبْد الرحمان بن القاسم: كَمَا في "موطئه" (¬5). 8 - عَبْد الله بن مسلمة القعنبي: عِنْدَ: أبي داود (¬6)، وأبي نعيم (¬7)، والخطيب (¬8). 9 - عَبْد الله بن وهب: عِنْدَ الطحاوي في "شرح المشكل" (¬9). 10 - عَبْد الله بن يوسف التنيسي: عِنْدَ البخاري (¬10). 11 - الفضل بن دكين: عِنْدَ ابن عَبْد البر (¬11). 12 - قتيبة بن سعيد: عِنْدَ: أبي أحمد الْحَاكِم (¬12)، والخطيب (¬13)، والعلائي (¬14). 13 - مُحَمَّد بن الحسن: كَمَا في "موطئه" (¬15). 14 - مُحَمَّد بن سليمان المصيصي (لوين) (¬16): عِنْدَ أبي أحمد الْحَاكِم (¬17). 15 - أبو مصعب الزهري: كَمَا في "الموطأ" بروايته (¬18). ¬

_ (¬1) هُوَ جويرية - تصغير جارية - بن أسماء بن عبيد الضبعي البصري: صدوق، توفي (173 هـ‍). تهذيب الكمال 1/ 490 (971)، والكاشف 1/ 298 (827)، والتقريب (988). (¬2) الصفحة: 443. (¬3) في مسنده 2/ 517. (¬4) الموطأ برواية سويد بن سعيد (681) و (682). (¬5) الموطأ برواية عَبْد الرَّحْمَان بن القاسم (4). (¬6) في سننه (4910) و (4917). (¬7) في الحلية 3/ 374. (¬8) في الفصل: 443 - 444. (¬9) (454) و (457). (¬10) في صحيحه 8/ 23 (6066) و 8/ 25 (6076). (¬11) في التمهيد 6/ 116. (¬12) في عوالي مالك (72). (¬13) في الفصل: 444. (¬14) في بغية الملتمس (151). (¬15) (896). (¬16) هُوَ مُحَمَّد بن سليمان بن حبيب الأسدي، أبو جعفر القلاف الكوفي، المصيصي، ولقبه بـ (لوين) بالتصغير: ثقة، توفي سنة (245 هـ‍)، وَقِيْلَ: (246 هـ‍). وتهذيب الكمال 6/ 329 - 330 (5848)، والكاشف 2/ 176 (4882)، والتقريب (5925). (¬17) في عوالي مالك (76). (¬18) (1894) و (1895).

القسم الرابع

16 - معن بن عيسى القزاز: عِنْدَ الْخَطِيْب (¬1). 17 - يحيى بن بكير: عِنْدَ العلائي (¬2). 18 - يحيى بن يحيى الليثي: كَمَا في "موطئه" (¬3). 19 - يحيى بن يحيى النيسابوري: عِنْدَ مُسْلِم (¬4). وَلَمْ ينفرد مالك بهذا الحديث، بَلْ تابعه متابعة تامة عليه: 1 - سفيان بن عيينة وابن أبي ذئب وزمعة عِنْدَ: الطيالسي (¬5)، وسفيان وحده عِنْدَ: الحميدي (¬6)، وأحمد (¬7)، ومسلم (¬8)، والترمذي (¬9)، وأبي يعلى (¬10). 2 - شعيب بن أبي حمزة: عِنْدَ: أحمد (¬11)، والبخاري (¬12). 3 - مُحَمَّد بن الوليد الزبيدي (¬13): عِنْدَ مُسْلِم (¬14). 4 - معمر بن راشد: عِنْدَ: عَبْد الرزاق (¬15)، وأحمد (¬16)، ومسلم (¬17). فظهر أن الحديثين اختلطا عَلَى سعيد بن أبي مريم فأدرج من متن الثاني لفظاً في الْمَتْن الأول بإسناد الأول (¬18). القسم الرابع: أن يَكُوْن الْمَتْن عِنْدَ راوٍ إلا جزءاً مِنْهُ، فإنه لَمْ يسمعه من شيخه فِيْهِ، وإنما سمعه من واسطة بينه وبين شيخه، فيدرج الرُّوَاة الجزء من الْحَدِيْث من غَيْر تفصيل (¬19). ¬

_ (¬1) في الفصل: 444. (¬2) (151). (¬3) (2640)، ومن طريقه الْخَطِيْب في " الفصل ": 443. (¬4) 8/ 8 (2559) و 8/ 10 (2563). (¬5) (2091). (¬6) (1183). (¬7) 3/ 110. (¬8) 8/ 9 (2559). (¬9) (1935). (¬10) في مسنده (3549). (¬11) في مسنده 3/ 225. (¬12) في صحيحه 8/ 23 (6065). (¬13) هُوَ مُحَمَّد بن الوليد بن عامر الزبيدي - مصغر - أبو الهذيل الحمصي الْقَاضِي: ثقة ثبت، من كبار أصحاب الزهري، توفي سنة (146 هـ‍)، وَقِيْلَ: (147 هـ‍)، وَقِيْلَ: (149 هـ‍). الثقات 7/ 373، وتهذيب الكمال 6/ 546 - 547 (6265)، والتقريب (6372). (¬14) في صحيحه 8/ 8 (2559). (¬15) في مصنفه (20222). (¬16) في مسنده 3/ 165 و 199. (¬17) في صحيحه 8/ 9 (2559). (¬18) انظر: شرح السيوطي عَلَى ألفية العراقي: 211 - 212. (¬19) الفرق بينه وبين النوع الثاني أن الطرف المدرج في النوع الثاني هُوَ عن شيخ مغاير لشيخه في بقية الْمَتْن، وهنا فإن شيخه في كليهما واحد.

مثاله: الْحَدِيْث الَّذِيْ رَوَاهُ إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير (¬1)، عن حميد الطويل، عن أنس في قصة العرنيين، وأن رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَهُمْ: ((لَوْ خرجتم إلى إبلنا فشربتم من ألبانها وأبوالها)) (¬2). فلفظه: ((وأبوالها)) لَمْ يسمعها حميد من أنس مباشرة، وإنما سمعها من قتادة، عن أنس، فأدرجها إسماعيل في الْمَتْن الأول بإسناد الْحَدِيْث الأول من غَيْر تفصيل، قَالَ الحافظ الْخَطِيْب البغدادي: ((هكذا رَوَى إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير الأنصاري جميع هَذَا الْحَدِيْث عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك، وفيه لفظة واحدة لَمْ يسمعها حميد عن أنس، وإنما رواها عن قتادة عن أنس، وَهِيَ قوله: ((وأبوالها)))) (¬3). وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيْث عَلَى الصواب ففصل رِوَايَة قتادة عدة رواة من أصحاب حميد، مِنْهُمْ: 1 - ابن أَبِي عدي (¬4): عِنْدَ: أَحْمَد (¬5)، والنسائي (¬6)، والخطيب (¬7). 2 - بشر بن المفضل: عِنْدَ الْخَطِيْب (¬8). 3 - خالد بن الحارث (¬9): عِنْدَ النسائي (¬10). ¬

_ (¬1) هُوَ إسماعيل بن جعفر بن أبي كَثِيْر الأنصاري، الزرقي، أَبُو إسحاق القاري: ثقة ثبت، توفي سنة (180 هـ‍). تهذيب الكمال 1/ 224 (426)، والكاشف 1/ 244 (363)، والتقريب (431). (¬2) أخرجه النسائي 7/ 97، وفي الكبرى (3492) و (7569)، وابن حبان (4471)، والبغوي عقيب (2569). (¬3) الفصل 2/ 612 طبعة الزهراني. (¬4) هُوَ مُحَمَّد بن إبراهيم بن أَبِي عدي، وَقَدْ ينسب إِلَى جده، أبو عَمْرو البصري: ثقة، توفي سنة (194 هـ‍).تهذيب الكمال 6/ 200 (5618)، والكاشف 2/ 154 (4700)، والتقريب (5697). (¬5) في مسنده 3/ 107 و 205. (¬6) في المجتبى 7/ 96، وفي الكبرى (3494). (¬7) في الفصل 2/ 614 طبعة الزهراني. (¬8) في الفصل 2/ 614 - 615 طبعة الزهراني. (¬9) هُوَ خالد بن الحارث بن عبيد الهجيمي، أَبُو عثمان البصري: ثقة ثبت، توفي سنة (186 هـ‍). الثقات 6/ 267، وتهذيب الكمال 2/ 337 (1582)، والتقريب (1619). (¬10) في المجتبى 7/ 96، وفي الكبرى (4393) و (7570).

4 - عَبْد الله بن بكر السهمي (¬1): عِنْدَ الطحاوي (¬2)، والخطيب (¬3). 5 - مروان بن معاوية الفزاري (¬4): عِنْدَ الْخَطِيْب (¬5). 6 - معتمر بن سليمان: عِنْدَ الْخَطِيْب (¬6). 7 - يزيد بن هارون: عِنْدَ أحمد (¬7)، وأبي عوانة (¬8)، والبغوي (¬9)، والخطيب (¬10). قَالَ الحافظ ابن حجر: ((كلهم يقول فِيْهِ: ((فشربتم من ألبانها)) قَالَ حميد: قَالَ قتادة، عن أنس - رضي الله تَعَالَى عَنْهُ -: ((وأبوالها)) فرواية إسماعيل عَلَى هَذَا فِيْهَا إدراج وتسوية)) (¬11). وأصرح الروايات في هَذَا رِوَايَة أبي عوانة من طريق يزيد بن هارون، عن حميد، وفيه: ((قَالَ حميد: قَالَ قتادة: ((وابوالها))، لَمْ أسمعه أنا من أنس)) (¬12). هكذا مثّل الْخَطِيْب البغدادي (¬13) وابن حجر (¬14) لهذا النوع بهذا المثل، واستدرك بعضهم (¬15) بأن إسماعيل بن جعفر متابع تابعه: أ. عَبْد الوهاب بن عَبْد المجيد الثقفي: كَمَا عِنْدَ ابن ماجه (¬16). ¬

_ (¬1) هُوَ عَبْد الله بن بكر بن حبيب السهمي الباهلي، أبو وهب البصري، نزيل بغداد: ثقة، امتنع من القضاء، توفي سنة (208 هـ‍). تهذيب الكمال 4/ 95 - 96 (3173)، والكاشف 1/ 541 (2650)، والتقريب (3234). (¬2) في شرح المعاني 1/ 107، وفي شرح المشكل (1814). (¬3) الفصل 2/ 613 طبعة الزهراني. (¬4) هُوَ مروان بن معاوية بن الحارث الفزاري، أَبُو عَبْد الله الكوفي، نزيل مكة ودمشق: ثقة حافظ وَكَانَ يدلس أسماء الشيوخ، توفي سنة (193 هـ‍). التاريخ الكبير 7/ 372، والأنساب 4/ 357، والتقريب (6575). (¬5) الفصل 2/ 612 - 613. (¬6) الفصل 2/ 614 طبعة الزهراني. (¬7) في مسنده 3/ 205. (¬8) كَمَا في: إتحاف المهرة 1/ 606. (¬9) في شرح السنة (2569). (¬10) في الفصل 2/ 613. (¬11) النكت عَلَى كتاب ابن الصَّلاَحِ 2/ 835. (¬12) إتحاف المهرة 1/ 606. (¬13) الفصل 2/ 612 طبعة الزهراني. (¬14) النكت عَلَى كتاب ابن الصَّلاَحِ 2/ 834 - 835. (¬15) هُوَ الدكتور ربيع بن هادي عمير في تحقيقه لـ " نكت " الحافظ ابن حجر 2/ 835. (¬16) في سننه (2578) و (3503).

القسم الخامس

ب. وعبد الله بن عمر: عِنْدَ: النسائي (¬1)، وأبي عوانة (¬2). ج. وهشيم بن بشير الواسطي: عِنْدَ مُسْلِم (¬3). والذي يبدو لي أن هَذِهِ الطرق لا يصح استدراكها عَلَى هذين الحافظين لما يأتي: 1 - أما متابعة عَبْد الله بن عمر، فعبد الله بن عمر: ضعيف، ضعفه أحمد والعقيلي وابن معين وابن المديني ويحيى بن سعيد وصالح جزرة والنسائي وابن سعد والترمذي وابن حبان والدارقطني وأبو أحمد الْحَاكِم (¬4). 2 - وأما متابعة هشيم، فإنما رَوَاهُ هشيم عن حميد وثابت وقتادة ثلاثتهم مقرونين، فلعله حمل رِوَايَة بعض عَلَى بعض وَلَمْ يفصّل فِيْهَا. 3 - فَلَمْ تبق إلا رِوَايَة عَبْد الوهاب، ويتخرّج أمرها عَلَى محملين: الأول: إنها وإن تابع فِيْهَا عَبْد الوهاب إسماعيل بن جعفر فكل منهما لا يقوى عَلَى مقاومة خلاف أصحاب حميد وهم سبعة أنفس. وهذا أقوى المحملين. الثاني: أن تصح فيصير الحمل حينئذ عَلَى حميد، فكأنه كَانَ يبين لبعض الرُّوَاة الأمر، ويجمله لبعضهم. والله أعلم. القسم الخامس: أن يسوق المحدّث إسناده فَقَطْ من غَيْر أن يذكر الْمَتْن، ثُمَّ يقطعه قاطع فيذكر كلاماً فيظن بعض من سمعه أن ذَلِكَ الكلام هُوَ متن الإسناد (¬5). ومثاله الْحَدِيْث الَّذِيْ رَوَاهُ ثابت بن موسى (¬6) الزاهد، عن شريك القاضي، عن الأعمش، عن أَبِي سفيان، عن جابر مرفوعاً: ((من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار)) (¬7). ¬

_ (¬1) في المجتبى 7/ 87. (¬2) كَمَا في: إتحاف المهرة 1/ 605 - 606. (¬3) في صحيحه 5/ 101 (1671) (9). (¬4) انظر: تهذيب الكمال 4/ 216. (¬5) جعله بعضهم مثالاً لما وضع في الْحَدِيْث من غَيْر قصد من واضعه، وَهُوَ بنوع المدرج أليق. انظر: المجروحين 1/ 240، ومعرفة أنواع علم الْحَدِيْث: 242 - 243، وشرح التبصرة والتذكرة 1/ 428، ونكت ابن حجر 2/ 835. (¬6) هُوَ ثابت بن موسى بن عَبْد الرَّحْمَان الضبي، أَبُو يزيد الكوفي الضرير العابد، ضعيف الْحَدِيْث، توفي سنة (229 هـ‍). تهذيب الكمال 1/ 410 (818)، والكاشف 1/ 283 (699)، والتقريب (831). (¬7) رَوَاهُ ابن ماجه (1347)، وانظر: الضعفاء، للعقيلي 1/ 176، والكامل 2/ 526، والموضوعات 2/ 109، وتهذيب الكمال 4/ 378، والميزان 1/ 367.

المطلب الثالث أسباب وقوع الإدراج

قَالَ الْحَاكِم: ((هَذَا ثابت بن موسى الزاهد دخل عَلَى شريك بن عَبْد الله القاضي والمستملي بَيْنَ يديه، وشريك يقول: حَدَّثَنَا الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر قَالَ: قَالَ رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - وَلَمْ يذكر الْمَتْن، فلما نظر إلى ثابت بن موسى قَالَ: من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار. وإنما أراد بِذَلِكَ ثابت بن موسى لزهده وورعه، فظن ثابت بن موسى أنه رَوَى الْحَدِيْث مرفوعاً بهذا الإسناد، فكان ثابت بن موسى يحدِّث بِهِ عن شريك، عن الأعمش، عن أَبِي سفيان، عن جابر، وليس لهذا الْحَدِيْث أصل إلا من هَذَا الوجه، وعن قوم من المجروحين سرقوه من ثابت بن موسى فرووه عن شريك)) (¬1). قَالَ الحافظ العراقي: ((فعلى هَذَا هُوَ من أقسام المدرج)) (¬2). المطلب الثالث أسباب وقوع الإدراج إن الباعث للراوي عَلَى الإدراج يختلف من شخص لآخر، ومن حَدِيْث إلى حَدِيْث غيره، ما بَيْنَ بيان لتفسير كلمة، أَوْ استنباط لحكم، أَوْ قلة ضبط. ويمكننا أن نجمل سبب وقوع الإدراج فِيْمَا يأتي (¬3): 1 - أن يريد الرَّاوِي تفسير بعض الألفاظ الغريبة الواردة في متن الْحَدِيْث، فيحملها عَنْهُ بعض الرُّوَاة من غَيْر تفصيل لتفسير تِلْكَ الألفاظ. مثاله: حَدِيْث عقيل (¬4)، عن ابن شهاب الزهري، عن عروة بن الزبير، عن عائشة أم المؤمنين في قصة بدء الوحي، وفيه: ((وَكَانَ يخلو بغار حراء فيتحنث فِيْهِ، وَهُوَ التعبد ...)) (¬5). فقوله: ((وَهُوَ التعبد)) مدرج من كلام الزهري في الْحَدِيْث (¬6). ¬

_ (¬1) المدخل إلى الإكليل: 55. (¬2) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 430. (¬3) انظر: تدريب الرَّاوِي 1/ 270، وفتح القادر المغيث الورقة 73 - 74. (¬4) هُوَ عقيل - بالضم - بن خالد بن عقيل الأيلي، أبو خالد الأموي مولاهم: ثقة ثبت، توفي سنة (144 هـ‍)، وَقِيْلَ: (142 هـ‍)، وَقِيْلَ: (141 هـ‍). تهذيب الكمال 5/ 205 (4590)، والكاشف 2/ 32 (3860)، والتقريب (4665). (¬5) رَوَاهُ: عَبْد الرزاق (9719)، وأحمد 2/ 232، والبخاري 1/ 3 (3) و 9/ 37 (6982)، ومسلم 1/ 97 (160) (252) و 1/ 98 (160) (253)، وغيرهم. (¬6) انظر: فتح الباري 1/ 23، والديباج، للسيوطي 1/ 141.

المطلب الرابع طرق الكشف عن الإدراج

2 - أن يقصد الرَّاوِي إثبات حكم ويستدل عليه بالحديث المرفوع. ومثاله ما سبق (¬1) في حَدِيْث أَبِي هُرَيْرَة - رضي الله عنه -: ((أسبغوا الوضوء، ويل للأعقاب من النار)). 3 - أن يريد الرَّاوِي بيان حكم يُستَنبطُ من كلام النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -. ومثاله ما تقدم (¬2) في حَدِيْث بسرة بنت صفوان رضي الله عَنْهَا: ((مَنْ مس ذكره أو رفغه أو أنثييه فليتوضأ)). قَالَ السيوطي: ((فعروة لمّا فهم من لفظ الخبر أن سبب نقض الوضوء مظنة الشهوة جعل حكم ما قرب من الذكر كذلك فَقَالَ ذَلِكَ، فظن بعض الرُّوَاة أنه من صلب الخبر فنقله مدرجاً فِيْهِ، وفهم الآخرون الحال ففصلوا)) (¬3). 4 - اختصار الْحَدِيْث والرواية بالمعنى. 5 - الخطأ الناشئ عن عدم ضبط الرَّاوِي لمروياته. المطلب الرابع طرق الكشف عن الإدراج لَمْ يَكُن النقد الحديثي في وقت من أوقاته عبارة عن إلقاء للكلام عَلَى عواهنه، بَلْ هُوَ أمر في غاية العسر، تحكمه القرائن وتقويه المرجحات وتسنده أقوال أئمة هَذَا الشأن. ولا ريب أن الكشف عن الْحَدِيْث المعل بأية علة كانت يفتقر إلى اطلاع واسع وخبرة بالرجال ودراية بأقوال النقاد وملاحظة مواضع كلامهم، ومن هنا كَانَ الحكم عَلَى حَدِيْث ما بالإدراج شَيْئاً ليس بالهين. لذا نجد الإمام ابن دقيق العيد يضعف الحكم بالإدراج عَلَى الْحَدِيْث إذا كَانَ اللفظ المدرج في أثناء متن الْحَدِيْث، ويضعف أكثر إذا كَانَ قَبْلَ اللفظ المرفوع، أو معطوفاً عليه بواو العطف (¬4). ويعلل هَذَا الضعف بقوله: ((لما فِيْهِ من اتصال هَذِهِ اللفظة بالعامل الَّذِيْ هُوَ من ¬

_ (¬1) ص: 477. (¬2) ص: 236. (¬3) تدريب الرَّاوِي 1/ 271. (¬4) انظر: الاقتراح: 224 - 225.

لفظ الرسول - صلى الله عليه وسلم -)) (¬1). والحق أنه إذا قامت قرائن ومرجحات تقوي في نفس الناقد الحكم عَلَى تِلْكَ اللفظة بالإدراج فلا مانع من ذَلِكَ، وفي هَذَا يقول الحافظ ابن حجر: ((وفي الجملة إذا قام الدليل عَلَى إدراج جملة معينة بحيث يغلب عَلَى الظن ذَلِكَ، فسواء كَانَ في الأول أو الوسط أَو الآخر، فإن سبب ذَلِكَ الاختصار من بعض الرُّوَاة بحذف أداة التفسير أَو التفصيل، فيجيء مَن بعده فيرويه مدمجاً من غَيْر تفصيل فيقع ذَلِكَ)) (¬2). وَقَد وضع العلماء جملة من القواعد الَّتِيْ يعرف بِهَا كون الْحَدِيْث مدرجاً، يمكننا حصرها فِيْمَا يأتي: 1 - أن يَكُوْن لفظه مِمَّا تستحيل إضافته إلى النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -. مثاله: حَدِيْث عَبْد الله بن المبارك، عن يونس بن يزيد الأيلي، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هُرَيْرَة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم -: ((للعبد المملوك أجران، والذي نفسي بيده لولا الجهاد في سبيل الله والحج وبر أمي لأحببت أن أموت وأنا مملوك)) (¬3). فقوله: ((والذي نفسي بيده ... الخ الْحَدِيْث))، مِمَّا تستحيل نسبته إلى النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ لا يجوز في حقه أن يتمنى الرِّق، وأيضاً لَمْ تكن لَهُ أم يبرها، ولما فتشنا وجدناه مدرجاً من كلام أبي هُرَيْرَة. فَقَدْ أخرجه البخاري (¬4) عن بشر بن محمد (¬5)، عن عَبْد الله بن المبارك، عن يونس، عن الزهري، عن أبي هُرَيْرَة، بِهِ. فأدرج كلام أبي هُرَيْرَة في المرفوع، وفصل القدر المدرج ثلاثة من الرُّوَاة عن ابن المبارك هم: 1 - إِبْرَاهِيْم بن إسحاق الطالقاني: عِنْدَ أحمد (¬6). ¬

_ (¬1) المصدر السابق. (¬2) النكت عَلَى كتاب ابن الصَّلاَحِ 2/ 828 - 829. (¬3) أسنده هكذا الْخَطِيْب في الفصل 1/ 165 - 166 طبعة الزهران. (¬4) في صحيحه 3/ 195 (2548). (¬5) هُوَ بشر بن مُحَمَّد السختياني، أبو مُحَمَّد المروزي: صدوق رمي بالإرجاء، توفي سنة (224 هـ‍). الجرح والتعديل 2/ 364 - 365، وتهذيب الكمال 1/ 357 (693)، والتقريب (701). (¬6) في مسنده 2/ 402.

2 - عبدان المروزي (¬1): عِنْدَ البيهقي (¬2). 3 - حبان بن موسى المروزي (¬3): عِنْدَ الْخَطِيْب (¬4). كَمَا أن ابن المبارك متابع في روايته عن يونس متابعة تامة، تابعه: 1 - أبو صفوان الأموي (¬5): عِنْدَ مُسْلِم (¬6). 2 - سليمان بن بلال: عِنْدَ البخاري في "الأدب المفرد" (¬7). 3 - عَبْد الله بن وهب: عِنْدَ مُسْلِم (¬8)، وأبي عوانة (¬9)، والخطيب (¬10). 4 - عثمان بن عمر (¬11): عِنْدَ أحمد (¬12)، وأبي عوانة (¬13). فظهر أن هَذَا الجزء من الْمَتْن مدرج في حَدِيْث رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - من كلام أبي هُرَيْرَة، قَالَ الْخَطِيْب: ((وقول النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - هُوَ: ((للعبد الصالح أجران)) فَقَطْ، وما بَعْدَ ذَلِكَ إنما هُوَ كلام أبي هُرَيْرَة)) (¬14). ¬

_ (¬1) هُوَ عَبْد الله بن عثمان بن جبلة -بفتح الجيم والموحدة- ابن أبي روّاد العتكي أبو عَبْد الرَّحْمَان المروزي، وعبدان لقب لَهُ: ثقة حافظ، توفي سنة (221 هـ‍). تهذيب الكمال 4/ 204 (3403)، والكاشف 1/ 572 (2848)، والتقريب (3465). (¬2) في الكبرى 8/ 12. (¬3) هُوَ حبان بن موسى بن سوار السلمي، أبو مُحَمَّد المروزي: ثقة، توفي سنة (233 هـ‍). التاريخ الكبير 3/ 90، والثقات 8/ 214، والتقريب (1077). (¬4) في الفصل 1/ 166. (¬5) هُوَ عَبْد الله بن سعيد بن عَبْد الملك بن مروان، أَبُو صفوان الأموي، الدمشقي، نزيل مكة: ثقة، توفي بَعْدَ المئتين. تهذيب الكمال 4/ 150 (3294)، والكاشف 1/ 558 (2753)، والتقريب (3357). (¬6) في صحيحه 5/ 94 (1665) (44). (¬7) (208). (¬8) في صحيحه 5/ 94 (1665) (44). (¬9) كَمَا في: إتحاف المهرة 14/ 776 (18693). (¬10) في الفصل 1/ 166. (¬11) هُوَ عثمان بن عمر بن فارس العبدي، بصري، أصله من بخارى: ثقة، توفي سنة (209 هـ‍)، وَقِيْلَ: (207 هـ‍)، وَقِيْلَ: (208 هـ‍). تهذيب الكمال 5/ 130 (4437)، والكاشف 2/ 11 (3727)، والتقريب (4504). (¬12) في مسنده 2/ 330. (¬13) كَمَا في: إتحاف المهرة 14/ 776 (18693). (¬14) الفصل 1/ 166.

2 - أن يرد التصريح من الصَّحَابِيّ بأنه لَمْ يَسْمَع تِلْكَ الجملة من النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - مثاله: ما رواه أحمد بن عَبْد الجبار العطاردي (¬1)، عن أبي بكر بن عياش (¬2)، عن عاصم بن أبي النجود، عن زر بن حبيش (¬3)، عن عَبْد الله بن مسعود، عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: ((من مات وَهُوَ لا يشرك بالله شَيْئاً دخل الجنة، ومن مات وَهُوَ يشرك بالله شَيْئاً دخل النار)) (¬4). فأحمد بن عَبْد الجبار وهم في هَذَا الْحَدِيْث، فأدرج الجملة الثانية في المرفوع من الْحَدِيْث وَهُوَ الجملة الأولى، قَالَ الْخَطِيْب: ((هكذا رَوَى هَذَا الْحَدِيْث أحمد بن عَبْد الجبار العطاردي، عن أبي بكر بن عياش، ووهم في إسناده وفي متنه. أما الوهم في إسناده فإن عاصماً إنما كَانَ يرويه عن أبي وائل شقيق بن سلمة، عن عَبْد الله، لا عن زر، وَقَدْ رَوَاهُ كذلك عن أبي بكر: أسود بن عامر (¬5) شاذان، وأبو هشام مُحَمَّد بن يزيد الرفاعي (¬6)، وأبو كريب مُحَمَّد بن العلاء الهمداني، ووافقهم حماد ابن شعيب (¬7) والهيثم بن جهم (¬8) والد عثمان بن الهيثم المؤذن، فروياه عن عاصم، عن ¬

_ (¬1) هُوَ أحمد بن عَبْد الجبار بن مُحَمَّد العطاردي أبو عَمْرو الكوفي: ضعيف، وسماعه للسيرة صَحِيْح، توفي سنة (272 هـ‍). الجرح والتعديل 2/ 62، والكامل في ضعفاء الرجال 1/ 313 - 314، والتقريب (64). (¬2) هُوَ أَبُو بكر بن عياش بن سالم الأسدي، الكوفي المقرئ الحناط، وَهُوَ مشهور بكنيته، واختلف في اسمه فقيل: مُحَمَّد، وَقِيْلَ: عَبْد الله، وَقِيْلَ: سالم وَقِيْلَ غَيْر ذَلِكَ: ثقة عابد، إلا أنَّهُ لما كبر ساء حفظه وكتابه صَحِيْح، توفي سنة (194 هـ‍)، وَقِيْلَ: (192 هـ‍). تهذيب الكمال 8/ 257 - 258 (7847)، والكاشف 2/ 412 (6535)، والتقريب (7985). (¬3) هُوَ زر بن حبيش - مصغر - بن حباشة الأسدي الكوفي، أبو مريم: ثقة جليل، مخضرم، توفي (81هـ‍)، وَقِيْلَ: (82 هـ‍)، وَقِيْلَ: (83 هـ‍). التاريخ الكبير 3/ 447، والعبر 1/ 95، والتقريب (2008). (¬4) رَوَاهُ من هَذَا الطريق الْخَطِيْب في " الفصل " 1/ 219. (¬5) هُوَ الأسود بن عامر الشامي نزيل بغداد، يكنى أبا عَبْد الرَّحْمَان، ويلقب بـ: شاذان: ثقة، توفي سنة (208 هـ‍). تهذيب الكمال 1/ 261 (495)، والكاشف 1/ 251 (422)، والتقريب (503). (¬6) هُوَ مُحَمَّد بن يزيد بن مُحَمَّد العجلي، أبو هشام الرفاعي، الكوفي قاضي المدائن: لَيْسَ بالقوي، توفي سنة (248 هـ‍). تهذيب الكمال 6/ 565 (7295)، والكاشف 2/ 231 (5223)، والتقريب (6402). (¬7) هُوَ حماد بن شعيب الحماني التميمي، أبو شعيب الكوفي، قَالَ النسائي فِيْهِ: كوفي ضعيف، وَكَذَلِكَ يَحْيَى بن مَعِيْن، وغيرهم. الجرح والتعديل 3/ 143، والكامل في الضعفاء 3/ 15، وذيل الكاشف: 82 (320). (¬8) قَالَ أبو حاتم: لَمْ أرَ في حديثه مكروهاً. الجرح والتعديل 9/ 83، وانظر: التاريخ الكبير 8/ 216.

أبي وائل كذلك. وأما الوهم في متن الْحَدِيْث: فإن العطاردي في روايته جعله كله كلام النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - وليس كذلك، وإنما الفصل في ذكر من مات مشركاً قَوْل رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم -، والفصل الثاني في ذكر من مات غَيْر مشرك قَوْل عَبْد الله بن مسعود)) (¬1). وَقَدْ رَوَاهُ جمع من الرُّوَاة عن أبي بكر بن عياش وميزوا بَيْنَ الفصلين، وهم: 1 - أبوكريب مُحَمَّد بن العلاء: عِنْدَ الْخَطِيْب في "الفصل" (¬2). 2 - الأسود بن عامر (شاذان): عِنْدَ: أحمد (¬3)، ومن طريقه الْخَطِيْب (¬4). 3 - مُحَمَّد بن يزيد أبو هاشم الرفاعي: عِنْدَ أبي يعلى (¬5)، والخطيب (¬6). ثُمَّ إن أبا بكر بن عياش متابع عليه في روايته عن عاصم، تابعه: 1 - حماد بن شعيب: عند الْخَطِيْب (¬7). 2 - الهيثم بن جهم: عِنْدَ الْخَطِيْب أَيْضاً (¬8). 3 - أبو أيوب الإفريقي (¬9): عِنْدَ الطبراني في "الكبير" (¬10) و "الأوسط" (¬11). ورواه أحمد بن يونس، عن أبي بكر بن عياش مقتصراً عَلَى اللفظ المرفوع (¬12). ولفظ الْحَدِيْث كَمَا رَوَاهُ أحمد (¬13) من طريق أسود بن عامر: قَالَ عَبْد الله: سَمِعْتُ رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((من جعل لله نداً جعله الله في النار))، وَقَالَ: وأخرى أقولها لَمْ أسمعها مِنْهُ: من مات لا يجعل لله نداً أدخله الله الجنة. ¬

_ (¬1) الفصل 1/ 218 - 219. (¬2) 1/ 220. (¬3) في مسنده 1/ 402 و 407. (¬4) في الفصل 1/ 219. (¬5) في مسنده (5090). (¬6) في الفصل 1/ 220. (¬7) في الفصل 1/ 221. (¬8) في الفصل 1/ 222. (¬9) هُوَ عَبْد الله بن عَلِيّ الأزرق، أبو أيوب الإفريقي، ثُمَّ الكوفي: صدوق يخطئ، من السادسة. تهذيب الكمال 4/ 215 (3424)، والكاشف 1/ 576 (2869)، والتقريب (3487). (¬10) (10410). (¬11) (2232). (¬12) في المعجم الكبير (10416). (¬13) في المسند 1/ 402.

3 - أن يفصِّل بعض الرُّوَاة فيبينوا المدرج ويَفْصِلُوه عن الْمَتْن المرفوع، ويضيفوه إلى قائله: مثاله: ما رَوَاهُ عَبْد الله بن خيران (¬1)، عن شعبة، عن أنس بن سيرين، أنه سَمِعَ ابن عمر رضي الله تَعَالَى عنهما يقول: طلقت امرأتي وَهِيَ حائض، فذكر عمر - رضي الله عنه - ذَلِكَ للنبي - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: ((مُرهُ فليراجعها، فإذا طهرت فليطلقها)) قَالَ: فتحتسب بالتطليقة؟ قَالَ: فمه (¬2). قَالَ الْخَطِيْب: ((والصواب أن الاستفهام من قَوْل أنس بن سيرين، وأن جوابه من قول ابن عمر)) (¬3). وَقَدْ بيّن ذَلِكَ جَمَاعَة الرُّوَاة عن شعبة، وهم: 1 - بهز بن أسد (¬4): وروايته عِنْدَ أحمد (¬5)، ومسلم (¬6). 2 - الحجاج بن منهال (¬7): عِنْدَ الطحاوي (¬8). 3 - خالد بن الحارث: عِنْدَ مُسْلِم (¬9). 4 - سليمان بن حرب: عِنْدَ البخاري (¬10). 5 - مُحَمَّد بن جعفر (غندر): عِنْدَ أحمد (¬11)، ومسلم (¬12)، والخطيب (¬13). ¬

_ (¬1) هُوَ عَبْد الله بن خيران البغدادي أبو مُحَمَّد الكوفي، هُوَ أكبر شيخ لقيه ابن أبي الدنيا، قَالَ العقيلي: لا يتابع عَلَى حديثه، وَقَالَ الْخَطِيْب: قَدْ اعتبرت من رواياته أحاديث كثيرة وجدتها مستقيمة تدلّ عَلَى ثقته. الضعفاء الكبير 2/ 245، وتاريخ بغداد 11/ 117 - 118، وميزان الاعتدال 2/ 415 (4293). (¬2) رَوَاهُ من هَذِهِ الطريق الْخَطِيْب في " الفصل " 1/ 154. (¬3) الفصل 1/ 155. (¬4) بهز بن أسد العمي، أبو الأسود البصري، ثقة ثبت، توفي بَعْدَ المئتين، وَقِيْلَ: قبلها. تهذيب الكمال 1/ 381 (761)، والكاشف 1/ 276 (650)، والتقريب (771). (¬5) في مسنده 2/ 61 و 74. (¬6) في صحيحه 4/ 182 (1471) (12). (¬7) هُوَ الحجاج بن المنهال الأنماطي، أَبُو مُحَمَّد السلمي مولاهم، البصري: ثقة فاضل، توفي سنة (216 هـ‍)، وَقِيْلَ: (217 هـ‍). التاريخ الكبير 2/ 380، والثقات 8/ 202، والتقريب (1137). (¬8) في شرح معاني الآثار 3/ 52. (¬9) في صحيحه 4/ 182 (1471) (12). (¬10) في صحيحه 7/ 52 (5252). (¬11) في مسنده 2/ 78. (¬12) في صحيحه 4/ 182 (1471) (12). (¬13) في الفصل 1/ 155 - 156.

المطلب الخامس: حكم الإدراج

6 - النضر بن شميل المازني عِنْدَ الْخَطِيْب (¬1). 7 - يحيى بن سعيد القطان: عِنْدَ الْخَطِيْب (¬2). 8 - يزيد بن هارون: عِنْدَ ابن الجارود (¬3). فظهر أن عَبْد الله بن خيران أدرج سؤال ابن سيرين وجواب ابن عمر لَهُ في الْحَدِيْث وجعل صورة الكل كأنه مرفوع. ولفظ الْحَدِيْث كَمَا أخرجه أحمد (¬4) من طريق مُحَمَّد بن جعفر (غندر)، عن شعبة، عن أنس بن سيرين، أنه سَمِعَ ابن عمر قَالَ: طلقت امرأتي وَهِيَ حائض، فأتى عمر النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فأخبره، فَقَالَ: ((مُره فليراجعها، ثُمَّ إذا طهرت فليطلقها)). قُلْتُ لابن عمر: أحسب تِلْكَ تطليقة؟ قَالَ: فمه!! إلا أن الحَافِظ ابن حجر استدرك عَلَى حكمنا عَلَى الْحَدِيْث بالإدراج موافقة لهذه القاعدة الثالثة بأن البت بالحكم هنا لَيْسَ لَهُ قوة البت بالحكم في النوعين الماضيين، فَقَالَ: ((والحكم عَلَى هَذَا القسم الثالث بالإدراج يَكُوْن بحسب غلبة ظن المحدّث الحَافِظ الناقد، ولا يوجب القطع بِذَلِكَ خلاف القسمين الأولين، وأكثر هَذَا الثالث يقع تفسيراً لبعض الألفاظ الواقعة في الْحَدِيْث كَمَا في أحاديث الشغار والمحاقلة والمزابنة)) (¬5). المطلب الخامس: حكم الإدراج اتضح لنا فِيْمَا مضى أن الإدراج علة يعل بِهَا الْحَدِيْث، سواء وقعت في الْمَتْن أو الإسناد، لذا فتعمد الإدراج حرام (¬6)، بَلْ هُوَ أمر قادح في عدالة الرَّاوِي، لا سيما إذا انبنى عَلَى ذَلِكَ شيء من الأحكام العلمية أَوْ العملية، قَالَ الإمام أبو المظفر السمعاني: ((وأما من يدلس في المتون فهذا مطرح الْحَدِيْث مجروح العدالة، وَهُوَ مِمَّنْ يحرف ¬

_ (¬1) في الفصل 1/ 157 - 158. (¬2) في الفصل 1/ 157. (¬3) في المنتقى (735). (¬4) في مسنده 2/ 78. (¬5) النكت 2/ 816. (¬6) انظر: مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث: 235، لذا قَالَ الحافظ العراقي في " ألفيته " المسماة " التبصرة والتذكرة ": ((224. وَزَادَ (الاعْمَشُ) كَذَا (مَنْصُوْرُ) وَعَمْدُ الادْرَاجِ لَهَا مَحْظُوْرُ)). التبصرة والتذكرة: 23 (224).

المبحث السادس الاختلاف بسبب خطأ الراوي

الكلم عن مواضعه وإن كَانَ ملحقاً بالكذابين وَلَمْ يقبل حديثه)) (¬1). إلا أن الحافظ السيوطي رأى أن تفسير الغريب الَّذِيْ يقع في متن الْحَدِيْث غَيْر ممنوع، واستدل بفعل الزهري وغيره من أساطين الرِّوَايَة لَهُ (¬2). والذي أراه أن لا بأس بهذا الاستثناء لا سيما إذا أتي بفصل يبين المدرج، والله أعلم. المبحث السادس الاختلاف بسبب خطأ الراوي الخطأ في رِوَايَة الثقات أمرٌ وارد، إِذْ لا يلزم من رِوَايَة الثقة أن تكون صواباً، إِذ الأصل فِيْهَا الصواب والخطأ طارئٌ محتمل، فالراوي الثقة مهما بلغ أعلى مراتب الضبط والإتقان فالخطأ في روايته يبقى أمراً محتملاً وليس بعيداً، ومعرفة الخطأ في حَدِيْث الثقة لا يتمكن من مَعْرِفَته إلا الأئمة الجامعون، وَقَدْ يطلع الجهبذ من أئمة الْحَدِيْث عَلَى حَدِيْث ما فيحكم عليه بخطأ راويه الثقة مع أن ظاهر الْحَدِيْث السلامة من هَذِهِ العلة القادحة، لَكِن العالم الفهم لا يحكم بِذَلِكَ عن هوى بَلْ يترجح لديه أن أحد الرُّوَاة قَدْ أخطأ في هَذَا الْحَدِيْث، وذلك للقرائن الَّتِيْ تحيط بالحديث، ومثل هَذِهِ الْمَعْرِفَة لا تتضح لكل أحد، بَلْ هِيَ لِمَنْ منحه الله فهماً دقيقاً واطلاعاً واسعاً وإدراكاً كبيراً ومعرفة بعلل الأسانيد ومتونها ومشكلاتها وغوامضها، ومعرفة واسعة بطرق الْحَدِيْث ومخارجه، وأحوال الرُّوَاة وصفاتهم. وما دام إدراك الخطأ في حَدِيْث الثقة أمراً خفياً لا يتمكن مِنْهُ كُلّ أحد، ولا ينكشف لكل ناقد فإن بعضاً من أخطاء الثقات قَدْ ظن بِهَا جَمَاعَة من القوم صحيحة لظاهر ثقة رجالها واتصال إسنادها وظاهر خلوها من العلة، وَقَدْ أخذوا بتلك الأحاديث وعملوا بِهَا تحسيناً لظنهم بأولئك الرُّوَاة الثقات فحصل اختلاف بَيْنَ الأحاديث مِمَّا أدى إلى اختلاف في الفقه الإسلامي. مثال ذَلِكَ: حَدِيْث وائل بن حجر في الجهر بآمين بَعْدَ قِرَاءة الفاتحة في الصلاة. فَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيْث: سفيان الثوري، عن سلمة بن كهيل (¬3)، عن حجر بن ¬

_ (¬1) قواطع الأدلة 1/ 327 ومقصود ابن السمعاني من تدليس المتون هنا (الإدراج) كَمَا فسره بِهِ الزركشي في نكته 2/ 251. (¬2) انظر: تدريب الرَّاوِي 1/ 274. (¬3) هُوَ سلمة بن كهيل الحضرمي، أبو يحيى الكوفي: ثقة. التقريب (2508).

العنبس (¬1)، عن وائل بن حجر، قَالَ: ((سَمِعْتُ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قرأ: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} فَقَالَ: آمين ومد بِهَا صوته)) (¬2). وَقَدْ أخطأ الإمام الحافظ شعبة بن الحجاج، في هَذَا الْحَدِيْث فخالف سفيان في رِوَايَة هَذَا الْحَدِيْث إِذْ رَوَاهُ عن سلمة بن كهيل، عن حجر أبي العنبس، عن علقمة بن وائل، عن وائل، قَالَ: ((صلى بنا رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - فلما قرأ: {غَيْر المغضوب عليهم ولا الضالين} قَالَ: آمين وأخفى بِهَا صوته)) (¬3). فَقَدْ خالف شعبة سفيان في سند الْحَدِيْث: 1 - عندما أضاف علقمة. 2 - أبدل حجر بن عنبس بـ: (حجر أبو العنبس). 3 - خالفه في الْمَتْن فَقَالَ: ((خفض بِهَا صوته)) ¬

_ (¬1) هُوَ حجر بن العنبس الحضرمي، أبو العنبس، ويقال: أبو السكن، الكوفي، ادرك الجاهلية، رَوَى عن علي بن أَبِي طالب، ووائل بن حجر قَالَ فيه يحيى بن معين: شيخ كوفي ثقة مشهور، وَقَالَ الْخَطِيْب: كَانَ ثقة احتج بِهِ غَيْر واحد من الأئمة. تهذيب الكمال 2/ 69، وذكره ابن حبان في الثقات 6/ 234، وَقَالَ الذهبي في الكاشف 1/ 314 (950): ((ثقة)). (¬2) أخرجه ابن أبي شيبة (7960)، وأحمد 4/ 315 و 317، والدارمي (1250)، وأبو داود (932)، والترمذي (248)، وفي علله الكبير: 68 (98)، والدارقطني 1/ 333 و 334، والطبراني في المعجم الكبير 22/ (111)، والبيهقي 2/ 57، والبغوي (586). (¬3) رَوَاهُ عن شعبة: سليمان بن حرب، وأبو الوليد الطيالسي عِنْدَ لحاكم 2/ 232، ووكيع بن الجراح عِنْدَ الطبراني في " الكبير " 22/ (112). واختلف عَلَى شعبة فِيْهِ. فَقَدْ رَوَاهُ أبو داود الطيالسي (1024) - ومن طريقه البيهقي 2/ 57 - ويزيد بن زريع عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيّ 1/ 334، وأحمد بن جعفر عِنْدَ أحمد 4/ 316 ثلاثتهم عن شعبة، عن سلمة، عن حجر، عن علقمة، قَالَ: حدثنا وائل أو عن وائل، بِهِ. ورواه أبو الوليد الطيالسي عِنْدَ الطبراني في " الكبير " 22/ (109)، وحجاج بن نصير عِنْدَ الطبراني في "الكبير" 22/ (110) كلاهما عن شعبة، عن سلمة، عن حجر، عن وائل، بِهِ. وَلَمْ يدخلوا فِيْهِ علقمة. ورواه وهب بن جرير، وعبد الصمد بن عَبْد الوارث عِنْدَ ابن حبان (1805) كلاهما عن شعبة، عن سلمة، عن حجر أبي عنبس، عن علقمة، عن وائل، بِهِ. وَلَمْ يذكروا فِيْهِ: ((إنه خفض صوته)). ورواه أبو الوليد الطيالسي عِنْدَ البيهقي 2/ 58، عن شعبة، عن سلمة بن كهيل، عن حجر أبي عنبس، عن وائل، وذكر فِيْهِ: ((أنه قال آمين رافعاً بِهَا صوته)). فعلى هَذَا يَكُوْن خطأ شعبة في الْمَتْن ظاهرٌ إِذْ إنه رجع إلى الصواب، وهذا معنى كلام البيهقي الَّذِيْ سنذكره بَعْدَ قليل. إن شاء الله.

قَالَ الإمام الترمذي: ((سَمِعْتُ مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيْل - البخاري - يقول: ((حَدِيْث سفيان الثوري، عن سلمة بن كهيل في هَذَا الباب أصح من حَدِيْث شعبة، وشعبة أخطأ في هَذَا الْحَدِيْث في مواضع، قَالَ: ((عن سلمة بن كهيل، عن حجر أبي العنبس، وإنما هُوَ حجر بن عنبس، عن وائل بن حجر، ليس فِيْهِ علقمة، وَقَالَ: ((وخفض بِهَا صوته)) وَالصَّحِيْح أنه جهر بِهَا)) وسألت أبا زرعة فَقَالَ: ((حَدِيْث سفيان أصح من حَدِيْث شعبة، وَقَدْ رَوَاهُ العلاء بن صالح (¬1))) (¬2). وَقَدْ عقّب الحافظ البيهقي عَلَى قَوْل هذين الجهبذين فَقَالَ: ((أما خطؤه في متنه فبين، وأما قوله: ((حجر أبو العنبس)) فكذلك ذكره مُحَمَّد بن كثير عن الثوري (¬3)، وأما قوله: عن علقمة فَقَدْ بين في روايته أن حجراً سمعه من علقمة، وَقَدْ سمعه أَيْضاً من وائل نفسه (¬4)، وَقَدْ رَوَاهُ أبو الوليد الطيالسي عن شعبة نحو رِوَايَة الثوري)) (¬5). وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: ((كَذَا قَالَ شعبة وأخفى بِهَا صوته، ويقال: إنه وهم فِيْهِ؛ ولأن سفيان الثوري ومحمد بن سلمة بن كهيل، وغيرهما رووه عن سلمة، فقالوا: ورفع صوته بآمين، وَهُوَ الصواب)) (¬6). والذي يهمنا في مجال بحثنا هُوَ خطأ الإمام شعبة بقوله: ((أخفى بِهَا صوته))، والمرجح هنا هُوَ رِوَايَة سفيان، وعند الاختلاف من غَيْر مرجحات فرواية سفيان أقوى من رِوَايَة شعبة؛ إِذْ قَالَ شعبة نفسه: ((سُفْيَان أحفظ مني))، وَقَالَ لَهُ رجل: وخالفك سُفْيَان قَالَ: ((دمغتني))، وَقَالَ يحيى بن سعيد القطان: ((ليس أحدٌ أحب إليّ من شعبة، ولا يعدله عندي، وإذا خالفه سفيان أخذت بقول سفيان)) (¬7). وَقَالَ البيهقي: ((لا أعلم ¬

_ (¬1) هُوَ العلاء بن صالح التيمي العبدي، الأسدي الكوفي العطار: صدوق لَهُ أوهام. تهذيب الكمال 5/ 524 - 525 (5161)، والكاشف 2/ 104 (4334)، والتقريب (5242). (¬2) الجامع الكبير 1/ 289، والعلل الكبير: 68 (98)، ورواية العلاء بن صالح ستأتي. (¬3) رِوَايَة مُحَمَّد بن كثير عن الثوري عِنْدَ أبي داود (932)، والطبراني في " الكبير " 22/ (111). ويزاد على هَذَا أن رِوَايَة وكيع بن الجراح - وَهُوَ ثقة - التقريب (7414) -، والمحاربي: عَبْد الرحمان ابن مُحَمَّد بن زياد، وَهُوَ ثقة - تهذيب الكمال 4/ 466 - ، روياه عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيّ 1/ 333 عن سفيان الثوري، عن سلمة، عن حجر أبي عنبس، بِهِ لذا نجد المزي صدّر الترجمة بقوله: ((حجر بن العنبس الحضرمي، أبو العنبس))، تهذيب الكمال 2/ 69 (1120). (¬4) كَمَا بينا - فِيْمَا سبق - في تخريج حَدِيْث شعبة فبعض الرُّوَاة رووا الْحَدِيْث عن حجر، عن علقمة، عن وائل، أو عن وائل فيشبه أن يَكُوْن حجر قَدْ سمعه من علقمة، ومن أبيه وائل أَيْضاً. (¬5) السنن الكبرى، للبيهقي 2/ 58. (¬6) سنن الدَّارَقُطْنِيّ 1/ 334. (¬7) انظر: تهذيب الكمال 3/ 220.

اختلافاً بَيْنَ أهل العلم بالحديث أن سفيان وشعبة إذا اختلفا فالقول قَوْل سفيان)) (¬1). وَقَدْ احتج ابن قيم الجوزية (¬2) بترجيح رِوَايَة سفيان بخمس حجج: الأولى: قَوْل العلماء السابق في ترجيح رِوَايَة سفيان. الثانية: متابعة العلاء بن صالح (¬3)، ومحمد بن سلمة بن كهيل (¬4) لسفيان في روايتيهما عن سلمة بن كهيل (¬5). الثالث: هُوَ أن أبا الوليد الطيالسي رَوَى عن شعبة في الْمَتْن بنحو حَدِيْث الثوري، إذن فَقَد اختلف عَلَى شعبة في روايته فَقَالَ البيهقي: ((فيحتمل أن يَكُوْن تنبه لِذَلِكَ فعاد إلى الصواب في متنه، وترك ذكر ذَلِكَ عن علقمة في إسناده)). الرابع: هُوَ أن رِوَايَة الرفع متضمنة لزيادة، وكانت هَذِهِ الزيادة أولى بالقبول. الخامس: هِيَ أن هَذِهِ الرِّوَايَة موافقة ومفسرة لحديث أبي هُرَيْرَة: ((إذا أمن الإمام فأمنوا)) (¬6). ثُمَّ إن الْحَدِيْث ورد من طريق علقمة بن وائل (¬7)، وعبد الجبار بن وائل (¬8)، وكليب بن شهاب (¬9)؛ ثلاثتهم رووه عن وائل بن حجر بنحو رِوَايَة سُفْيَان، وهذا كله يدل عَلَى أن شعبة قَدْ أخطأ في هَذَا الْحَدِيْث. ¬

_ (¬1) انظر: اعلام الموقعين 2/ 377 - 378. (¬2) انظر: اعلام الموقعين 2/ 377 - 378. (¬3) وَهِيَ عِنْدَ أبي داود (933)، والترمذي (249)، والطبراني في الكبير 22/ (114). تنبيه: وقع في رِوَايَة أبي داود: ((علي بن صالح)) قَالَ الإمام المزي: ((إن أبا داود سماه في روايته، علي ابن صالح، وَهُوَ وهم)). تهذيب الكمال 5/ 525. وانظر: تحفة الأشراف 8/ 327، وتهذيب التهذيب 8/ 184، وبذل المجهود 5/ 233. (¬4) ذكر هَذِهِ المتابعة الدَّارَقُطْنِيّ 1/ 334، والبيهقي 2/ 57، وَلَمْ نقف عَلَيْهَا مسندة. (¬5) قَالَ الحافظ ابن حجر في " التلخيص الحبير " 1/ 253: ((وَقَدْ رجحت رِوَايَة سفيان بمتابعة اثنين لَهُ بخلاف شعبة؛ فلذلك جزم النقاد بأن روايته أصح، والله أعلم)). (¬6) سيأتي تخريجه - إن شاء الله - عِنْدَ عرض المسألة الفقهية. (¬7) عِنْدَ أحمد 4/ 318، والبيهقي 2/ 58 من طريق أبي إسحاق، عن علقمة، بِهِ. (¬8) عِنْدَ ابن أبي شيبة (7959)، وأحمد 4/ 315، وابن ماجه (855)، والدارقطني 1/ 334 و 335، والطبراني في الكبير 22/ (30) و (31) و (32) و (34) و (35) و (36) و (37) و (38) و (39) و (40)، والبيهقي 2/ 58. (¬9) عِنْدَ أحمد 4/ 318.

أثر الحديث في اختلاف الفقهاء

أثر الْحَدِيْث في اختلاف الفقهاء قَوْل الإمام ((آمين)) بَعْدَ قِرَاءة الفاتحة: اختلف العلماء رحمهم الله في هَذِهِ المسألة عَلَى ثلاثة أقوال: القَوْل الأول: إن الإمام يقول ((آمين)) بَعْدَ قِرَاءة الفاتحة وكذلك المأموم: وهذا قَوْل جمهور الصَّحَابَة والتابعين (¬1). وإليه ذهب أبو حَنِيْفَة في رِوَايَة وَهِيَ الأشهر (¬2)، ومالك في رِوَايَة المدنيين عَنْهُ (¬3)، والشافعي (¬4)، وأحمد (¬5)، والظاهرية (¬6). واستدلوا بحديث سعيد بن المسيب، وأبي سلمة بن عَبْد الرحمان، عن أبي هُرَيْرَة - رضي الله عنه - أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((إذا أمَّن الإمام، فأمنوا؛ فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة، غفر لَهُ ما تقدم من ذنبه)) وَهُوَ حَدِيْث صَحِيْح، سيأتي تفصيل تخريجه. القَوْل الثاني: إن الإمام لا يقول ((آمين)) بَلْ يقتصر قولها عَلَى المأموم فَقَطْ: وهذا قَوْل أبي حَنِيْفَة في رِوَايَة مُحَمَّد بن الحسن عَنْهُ (¬7)، ومالك في رِوَايَة ابن القاسم والمصريين عَنْهُ (¬8). واستدلوا بحديث سُمي مولى أبي بكر بن عَبْد الرحمان (¬9)، عن أبي صالح، عن ¬

_ (¬1) انظر: الجامع الكبير، للترمذي 1/ 289. (¬2) انظر: المبسوط 1/ 32، وبدائع الصنائع 1/ 207، والهداية 1/ 48، وفتح القدير 1/ 207، والاختيار 1/ 50، وتبيين الحقائق 1/ 113، وتنوير الأبصار 1/ 492. (¬3) انظر: التمهيد 7/ 13 و 22/ 16، والاستذكار 1/ 519، والمنتقى 1/ 162، وإكمال المعلم 2/ 308. (¬4) انظر: الأم 1/ 109 و 7/ 201، والحاوي 2/ 142، والتهذيب 2/ 97، والمجموع 3/ 371، وروضة الطالبين 1/ 247. (¬5) انظر: مسائل عَبْد الله 1/ 258، والمغني 1/ 528، والمحرر 1/ 54، وشرح الزركشي 1/ 303. (¬6) انظر: المحلى 3/ 362. (¬7) انظر: الموطأ ((65) برواية مُحَمَّد بن الحسن الشيباني)، والمبسوط 1/ 32، وتبيين الحقائق 1/ 113. (¬8) انظر: المدونة 1/ 71، والتمهيد 7/ 11 و 22/ 16، والاستذكار 1/ 518، والمنتقى 1/ 162، وإكمال المعلم 2/ 308. (¬9) هُوَ سُمَي القرشي المخزومي، أبو عَبْد الله المدني مولى أبي بكر بن عَبْد الرَّحْمَان: ثقة، توفي سنة (130هـ‍)، وَقِيْلَ: (131 هـ‍) مقتولاً بالقديد. تهذيب الكمال 3/ 314 (2575)، الكاشف 1/ 467 (2151)، والتقريب (2635).

أبي هُرَيْرَة، أن رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((إذا قَالَ الإمام {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ}، فقولوا: آمين، فإنه مَنْ وافق قوله قَوْل الملائكة غفر لَهُ ما تقدم من ذنبه)). قَالَ ابن عَبْد البر: ((في هَذَا الْحَدِيْث دليل عَلَى أن الإمام لا يقول: ((آمين)))) (¬1). القَوْل الثالث: إن الإمام والمأموم لا يقولان: ((آمين)): وهذا قَوْل الزيدية (¬2)، والإمامية (¬3). واستدلوا بقوله - صلى الله عليه وسلم - لِمَنْ شمت العاطس في الصلاة: ((إن هَذِهِ الصلاة لا يصلح فِيْهَا شيءٌ من كلام الناس)) (¬4). الجهر بـ ((آمين)) للإمام: اختلف العلماء رحمهم الله في هَذِهِ المسألة عَلَى قولين: القَوْل الأول: إن الإمام يجهر بـ ((آمين)): وهذا قَوْل غَيْر واحد من أهل العِلْم من أصحاب النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - والتابعين ومن بعدهم (¬5). وإليه ذهب مالك في رِوَايَة المدنيين عَنْهُ (¬6)، والشافعي (¬7)، وأحمد (¬8)، وابن ¬

_ (¬1) انظر: التمهيد 22/ 16. (¬2) انظر: البحر الزخار 2/ 250. (¬3) انظر: الاستبصار 1/ 317، وتهذيب الأحكام 2/ 69. (¬4) أخرجه الطيالسي (1105)، وعبد الرزاق (19500)، وابن أبي شيبة (8020)، وأحمد 5/ 447، والدارمي (1510) و (1511)، والبخاري في القراءة خلف الإمام (69)، ومسلم 2/ 70 (537)، وأبو داود (930) و (931)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1399)، والنسائي 3/ 14 - 18 وفي الكبرى، لَهُ (556) و (1141)، وابن الجارود (212)، وابن خزيمة (859)، وأبو عوانة 2/ 155 - 156، والطبراني في الكبير 19/ (945) و (948)، والبيهقي 2/ 249 - 250 و 250 وفي الأسماء والصفات، لَهُ: 421 - 422، وابن عَبْد البر في التمهيد 22/ 79 - 80، والبغوي (3259) من حَدِيْث معاوية بن الحكم السلمي. (¬5) انظر: الجامع الكبير، للترمذي 1/ 289. (¬6) انظر: الاستذكار 1/ 517 - 518. (¬7) انظر: الأم 1/ 109 و 7/ 201، والحاوي 2/ 142، والتهذيب 2/ 97، والمجموع 3/ 373، وروضة الطالبين 1/ 247. (¬8) انظر: مسائل عَبْد الله 1/ 258، والمغني 1/ 529، والمحرر 1/ 54، وشرح الزركشي 1/ 303.

حزم (¬1). واستدلوا بحديث أبي هُرَيْرَة - رضي الله عنه - أن رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((إذا أمن الإمام فأمنوا، فإنه مَن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر الله لَهُ ما تقدم من ذنبه)) (¬2). ¬

_ (¬1) انظر: المحلى 3/ 264. (¬2) هَذَا الْحَدِيْث أخرجه: مالك (232) رِوَايَة يحيى و (253) رِوَايَة الزهري و (434) رِوَايَة عَبْد الرحمان ابن القاسم، والشافعي (214) بتحقيقنا، وأحمد 2/ 459، والبخاري 1/ 198 (782) و 6/ 21 (4475)، وفي القراءة خلف الإمام (233)، ومسلم 2/ 18 (410) (76)، وأبو داود (935)، والنسائي 2/ 144 وفي الكبرى، لَهُ (1001)، من طريق أبي صالح السمان، عن أبي هُرَيْرَة بهذا اللفظ. وأخرجه النسائي 2/ 144 من طريق سعيد بن المسيب، عن أبي هُرَيْرَة باللفظ نفسه. وأخرجه أحمد 2/ 449، والدارمي (1248)، والبيهقي 2/ 55 من طريق أبي سلمة، عن أبي هُرَيْرَة باللفظ نفسه. وأخرجه أبو يعلى (6411) من طريق كعب، عن أبي هُرَيْرَة باللفظ نفسه. وأخرجه البخاري في " القراءة خلف الإمام " (236) من طريق علقمة الهاشمي، عن أبي هُرَيْرَة، بِهِ. وأخرجه البخاري في "القراءة خلف الإمام" (237) من طريق عَبْد الرحمان بن يعقوب، عن أبي هُرَيْرَة، بِهِ. وأخرجه مالك (231) رِوَايَة يحيى و (252) رِوَايَة أبي مصعب الزهري و (95) رِوَايَة سويد بن سعيد و (18) عَبْد الرحمان بن القاسم و (135) رِوَايَة مُحَمَّد بن الحسن الشيباني، والشافعي (213) بتحقيقنا، وأحمد 2/ 233 و 459، والدارمي (1249)، والبخاري 1/ 198 (780)، ومسلم 2/ 17 (410) (72) (73)، وأبو داود (936)، وابن ماجه (852)، والترمذي (250)، والنسائي 2/ 144 وفي الكبرى، لَهُ (1000)، وابن الجارود (322)، وابن خزيمة (1583)، والبيهقي 2/ 55 و 56 - 57، والخطيب في تاريخه 11/ 327، والبغوي (587)، من طريق سعيد بن المسيب وأبي سلمة، عن أبي هُرَيْرَة بلفظ: ((إذا أمن الإمام فأمنوا)). وأخرجه: عَبْد الرزاق (2644)، والحميدي (933)، وابن أبي شيبة (36381)، وأحمد 2/ 238، والبخاري 8/ 106 (6402)، وابن ماجه (851)، والنسائي 2/ 143 وفي الكبرى، لَهُ (998) و (999)، وأبو يعلى (5874)، وابن الجارود (190)، والبيهقي 2/ 55، والبغوي (588) و (589)، من طريق سعيد بن المسيب، عن أبي هُرَيْرَة اللفظ نفسه. وجاء في بعض الروايات بلفظ أبي صالح نفسه إلا أنه زاد فِيْهَا: ((وإن الإمام يقول آمين)). وأخرجه ابن خزيمة (570) من طريق أبي صالح السمان، عن أبي هُرَيْرَة، بِهِ. وأخرجه النسائي 2/ 143 وفي الكبرى، لَهُ (997)، من طريق أبي سلمة، عن أبي هُرَيْرَة، بِهِ. وأخرجه مالك (233) رِوَايَة يحيى و (254) رِوَايَة أَبِي مصعب الزهري، والشافعي (215) بتحقيقنا، وأحمد 2/ 459، والبخاري 1/ 198 (781)، ومسلم 2/ 17 (410) (75)، والنسائي 2/ 144 - 145 وفي الكبرى، لَهُ (1002)، من طريق عَبْد الرحمان بن هرمز الأعرج، عن أبي هُرَيْرَة =

وحديث بلال - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تسبقني بآمين)) (¬1). وحديث وائل بن حجر: ((أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يجهر بـ: آمين)) (¬2). ¬

_ = بلفظ: ((إذا قَالَ أحدكم: آمين، وقالت الملائكة في السماء: آمين ...)). وأخرجه: عَبْد الرزاق (2645)، وأحمد 2/ 312، ومسلم 2/ 18 (410) (75)، والبيهقي 2/ 55 - 56، من طريق همام بن منبه، عن أبي هُرَيْرَة، بِهِ. وأخرجه مُسْلِم 2/ 17 (410) (74) من طريق أبي يونس، عن أبي هُرَيْرَة، بِهِ. وأخرجه أبو داود (93)، وابن ماجه (853) من طريق أبي عَبْد الله ابن عم أبي هُرَيْرَة بلفظ: ((ترك الناس التأمين، وَكَانَ رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قَالَ: {غَيْر المغضوب عليهم ولا الضالين}، قَالَ: آمين حَتَّى يسمعها أهل الصف الأول)). أقول: فأنت ترى الاختلاف في الألفاظ الَّتِيْ جاءت في الطرق عن أبي هُرَيْرَة فإما أن تكون هَذِهِ الألفاظ محفوظة عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، وإما أن يَكُوْن أبو هُرَيْرَة قَدْ حدّث بِهِ بالمعنى، وليس لنا أن نتمسك برواية ونترك الأخرى فكل رِوَايَة تفسر الرِّوَايَة الأخرى، قَالَ الإمام أحمد: ((الْحَدِيْث إذا لَمْ تجمع طرقه لَمْ تفهمه، والحديث يفسر بعضه بعضاً)) كَمَا نقله الْخَطِيْب في " الجامع " 2/ 270 عَنْهُ. وكذلك قَالَ علي بن المديني: ((الباب إذا لَمْ تجمع طرقه لَمْ يتبين خطؤه)) الجامع 2/ 270. وَقَالَ أبو زرعة أَيْضاً: ((والحديث إذا جمعت طرقه تبين المراد مِنْهُ، وليس لنا أن نتمسك برواية ونترك بقية الروايات)) طرح التثريب 7/ 181. وَقَدْ شدد ابن حزم النكير عَلَى الَّذِيْنَ تمسكوا بالرواية الأولى فَقَالَ في " المحلى " 3/ 265: ((وهذا غاية المقت في الاحتجاج، إِذْ ذكروا حديثاً ليس فِيْهِ شريعة قَدْ ذكرت في حَدِيْث آخر، فراموا إسقاطها بِذَلِكَ، ولا شيء في إسقاط جميع شرائع الإِسْلاَم أقوى من هَذَا العمل، فإنه لَمْ تذكر كُلّ شريعة في كُلّ آية ولا في كُلّ حَدِيْث. ثُمَّ من العجب احتجاجهم بأبي صالح في أنه لَمْ يروِ عن أبي هُرَيْرَة لفظاً رَوَاهُ سعيد بن المسيب وأبو سلمة عن أبي هُرَيْرَة!! وَلَوْ انفرد سعيد لكان يعدل جَمَاعَة مثل أبي صالح فكيف وليس في رِوَايَة أبي صالح أن لا يقول الإمام: آمين، فبطل تمويههم بهذا الخبر)). ونقل صاحب عون المعبود 1/ 352 عن الخطابي تفسير حَدِيْث أبي صالح فَقَالَ: ((معنى قوله - عليه السلام - إذا قَالَ: ((ولا الضالين)) فقولوا: آمين، أي مع الإمام حَتَّى يقع تأمينكم وتأمينه معاً فأما قوله - عليه السلام -: ((إذا أمن الإمام فأمنوا)) فإنه لا يخالفه، ولا يدل عَلَى أنهم يؤخرونه عن وقت تأمينه، وإنما هُوَ كقول القائل: إذا رحل الأمير فارحلوا يعني إذا أخذ الأمير للرحيل فتهيئوا للارتحال لتكون رحلتكم مع رحلته)). (¬1) أخرجه: عَبْد الرزاق (636)، وأحمد 6/ 12 و 15، وأبو داود (937)، والبزار (1375)، وابن خزيمة (573)، والشاشي في المسند (976)، والطبراني في الكبير (1124) و (1125)، وفي الأوسط (7243)، والحاكم في مستدركه 1/ 219، والبيهقي 2/ 23 و56، والخطيب في تاريخ بغداد 2/ 276 و 277، والبغوي في شرح السنة (591). (¬2) تقدم تخريجه.

القَوْل الثاني: إن الإمام يُسر بِهَا: وهذا قَوْل عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود - رضي الله عنهم - (¬1). وبه قَالَ أبو حَنِيْفَة (¬2)، ومالك في رِوَايَة بعض المدنيين عَنْهُ (¬3). واستدلوا بحديث وائل بن حجر من طريق شعبة (¬4). قَالَ الزيلعي: ((ولأنه دعاء فيكون مبناه عَلَى الإخفاء ولأنه لَوْ جهر به عقيب الجهر بالقرآن لأوهم أنها من القرآن فيمنع مِنْهُ دفعاً للإيهام ولهذا لَمْ تكتب في المصاحف)) (¬5). وَقَالَ الشَّافِعِيّ في "الجديد": ((إن المأموم لا يجهر بـ: آمين)) (¬6). ¬

_ (¬1) انظر أقوالهم في: المبسوط 1/ 32، والمحلى 3/ 264. (¬2) انظر: المبسوط 1/ 32، وبدائع الصنائع 1/ 207، والهداية 1/ 49، وشرح فتح القدير 1/ 207، وتبيين الحقائق 1/ 113. (¬3) انظر: الاستذكار 1/ 519، والمنتقى 1/ 163، وإكمال المعلم 2/ 308. (¬4) تقدم تخريجه. (¬5) انظر: تبيين الحقائق 1/ 114. (¬6) انظر: الأم 1/ 109، والحاوي 2/ 144، والتهذيب 2/ 97، وروضة الطالبين 1/ 247.

المبحث السابع: المقلوب، وأثره في اختلاف الفقهاء

المبحث السابع: المقلوب، وأثره في اختلاف الفقهاء وفيه ثلاثة مطالب: المطلب الأول: تعريفه. المطلب الثاني: أنواعه. المطلب الثالث: أسباب القلب.

المطلب الأول: تعريفه

المطلب الأول: تعريفه المقلوب: اسم مفعول من (قَلَبَ)، ومعناه: تحويل الشيء عن وجهه، وقَلَبَه يَقلِبُه قَلْباً، وَقَدْ انقلب وقَلَب الشيء وقَلَّبه. تقول: قلبت الشيء فانقلب: إذا كببته، وقلّبه بيده تقليباً، وكلام مقلوب: ليس عَلَى وجهه، والقَلْبُ: صرفك إنساناً تَقْلِبُه عن وجهه الَّذِيْ يريد، وقلّب الأمور: بحثها ونظر في عواقبها، ومنه قوله تَعَالَى: {وَقَلَّبُوا لَكَ الأُمُورَ} (¬1)، وتَقلَّب في الأمور والبلاد: تصرف فِيْهَا كيفما شاء، وفي التنْزيل: {فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ} (¬2). وَقَالَ ابن فارس: ((القاف واللام والباء أصلان صحيحان: أحدهما يدل عَلَى خالص الشيء وشريفه، والآخر عَلَى ردِّ شيء من جهة إلى جهة)). ومنه المثل العربي: ((((أَقْلِبْ قَلاّب)) يضرب لِمَنْ تفرط مِنْهُ سقطة، فيتلافاها بقلبها إلى غَيْر معناها)) (¬3). أما في الاصطلاح: فهو الْحَدِيْث الَّذِيْ أبدل فِيْهِ راويه شَيْئاً بآخر في السند أو في الْمَتْن عمداً أو سهواً (¬4). العلاقة بَيْنَ المعنى اللغوي والاصطلاحي: نلاحظ أن معنى القلب متوافر في المعنى الاصطلاحي، فهو في اللغة تغيير الشيء عن وجهه، فسميَ بِهِ هَذَا الفعل في الاصطلاح فكأن الرَّاوِي قلب الْحَدِيْث وأخرجه عن وجهه الصَّحِيْح، عمداً كَانَ فعله أم سهواً. ¬

_ (¬1) التوبة: 48. (¬2) غافر: 4. وانظر: الصحاح 1/ 205، ولسان العرب 1/ 479، والنكت الوفية 190/ب، وتاج العروس 4/ 68 (قلب). (¬3) انظر: المستقصى في أمثال العرب 1/ 286 (1220). (¬4) أثر علل الْحَدِيْث في اختلاف الفقهاء: 311. وانظر في المقلوب: مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث: 91، وفي طبعتنا: 208، والإرشاد 1/ 266 - 272، والتقريب: 86 - 87 وفي طبعتنا: 128، والاقتراح:236، والمنهل الروي: 53، والخلاصة: 76، والموقظة: 60، واختصار علوم الْحَدِيْث: 87، وشرح التبصرة والتذكرة 1/ 282، وطبعتنا 1/ 319، ونزهة النظر: 125، والمختصر: 136، وفتح المغيث 1/ 253، وألفية السيوطي: 69 - 72، وشرح السيوطي عَلَى ألفية العراقي: 225، وفتح الباقي 1/ 282، وتوضيح الأفكار 2/ 98، وظفر الأماني: 405، وقواعد التحديث: 230.

المطلب الثاني: أنواعه

المطلب الثاني: أنواعه القلب يقع تارة في الْمَتْن وتارة في السند وتارة فيهما، وعليه فيمكننا جعله عَلَى ثلاثة أنواع (¬1): 1 - الأول: القلب في الْمَتْن. 2 - الثاني: القلب في الإسناد. 3 - الثالث: القلب في الْمَتْن والإسناد. النوع الأول: القلب في المتن وَهُوَ أن يقع الإبدال في متن الْحَدِيْث لا في سنده، وَهُوَ قسمان (¬2): الأول: أن يبدل في متن الْحَدِيْث بالتقديم والتأخير: بحيث يَكُوْن التغيير إما بتقديم جملة عَلَى جملة، أو كلمة عَلَى جملة، فإما أن يزيد لفظاً من خارج الْحَدِيْث فهو مدرج لا مقلوب. مثاله: ما روي من طريق علي بن عثمان اللاحقي (¬3)، عن حماد بن سلمة، عن مُحَمَّد بن زياد، عن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ذروني ما تركتكم، فإنما أهلك من كَانَ قبلكم اختلافهم عَلَى أنبيائهم، فإذا أمرتكم بشيء فأتوه، وإذا نهيتكم عن شيءٍ فاجتنبوه ما استطعتم)) (¬4). فهذا الْحَدِيْث مقلوب في متنه. والذي تفرد بقلبه عن حماد بن سلمة هُوَ علي بن عثمان اللاحقي، إذ روي هَذَا الْحَدِيْث من طريق وكيع (¬5)،وعبد الرحمان بن مهدي (¬6) كلاهما عن حماد بن سلمة، عن مُحَمَّد بن زياد، عن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ذروني ما تركتكم فإنما هلك من كَانَ قبلكم بسؤالهم، واختلافهم عَلَى أنبيائهم، فإذا أمرتكم بأمر فاتبعوه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه)) فالصواب الرِّوَايَة ¬

_ (¬1) انظر: شرح التبصرة والتذكرة 1/ 319 طبعتنا فما بعدها، ونزهة النظر: 125 - 126، وفتح الباقي 1/ 297 طبعتنا، وتوجيه النظر 2/ 577. (¬2) انظر: حاشية مُحَمَّد محيي الدين عَلَى توضيح الأفكار 2/ 101. (¬3) هُوَ عَلِيّ بن عثمان بن عَبْد الحميد اللاحقي الرقاشي: ثقة، توفي (229هـ‍). الجرح والتعديل 6/ 196، والثقات 8/ 465. (¬4) هَذِهِ الرِّوَايَة عِنْدَ الطبراني في " المعجم الأوسط " (2736). (¬5) عِنْدَ أحمد 2/ 447. (¬6) عِنْدَ أحمد 2/ 467.

الثانية، وتابع حماد بن سلمة عَلَى الرِّوَايَة الثانية عن مُحَمَّد بن زياد: شعبة (¬1)، والربيع بن مُسْلِم (¬2) القرشي (¬3) فرووه عن مُحَمَّد بن زياد، عن أبي هُرَيْرَة برواية الثانية. كَمَا أن علي بن عثمان اللاحقي قَدْ قلب الإسناد والمتن في موقع آخر فَقَدْ رَوَى الْحَدِيْث عن حماد بن سلمة، عن أيوب وهشام، عن مُحَمَّد بن سيرين، عن أبي هُرَيْرَة برواية الأولى المقلوبة الْمَتْن فَقَدْ خالف هنا وكيعاً، وعبد الرحمان بن مهدي الَّذِيْنَ روياه عن حماد بن سلمة، عن مُحَمَّد بن زياد، عن أبي هُرَيْرَة، برواية الثانية كما مَرَّ، فعلي بن عثمان خالف هنا من هم أحفظ مِنْهُ عدداً وحفظاً أَيْضاً وخالفهم هنا في السند والمتن، كَمَا أن هَذَا الْحَدِيْث لَمْ يروَ من طريق مُحَمَّد بن سيرين، عن أبي هُرَيْرَة، إلا من رواية علي بن عثمان، فَقَدْ روي من عدة تابعين عن أبي هُرَيْرَة وليس فِيْهِمْ مُحَمَّد بن سيرين (¬4). ¬

_ (¬1) عِنْدَ ابن الجعد (1172)، وإسحاق بن راهويه (91)، وأحمد 2/ 456، ومسلم 7/ 91 (1337) (131). (¬2) هُوَ الربيع بن مُسْلِم القرشي الجمحي، أبو بكر البصري: ثقة، توفي سنة (167 هـ‍). تهذيب الكمال 2/ 465 (1856)، والكاشف 1/ 392 (1540)، والتقريب (1901). (¬3) عِنْدَ إسحاق بن راهويه (60)، وأحمد 2/ 508، ومسلم 4/ 102 (1337) (412)، والنسائي 5/ 110 وفي الكبرى، لَهُ (3598)، وابن خزيمة (2508)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (1472)، وابن حبان (3704) (3705)، والدارقطني 2/ 281، والبيهقي 4/ 326. (¬4) إذ روي من طريق مُحَمَّد بن زياد، عن أبي هُرَيْرَة كَمَا تقدم تخريجه. وروي من طريق أَبي سلمة بن عَبْد الرحمان وسعيد بن المسيب كَمَا أخرجه مُسْلِم 7/ 91 (1337) (130)، والطحاوي في شرح المشكل (548) (551) (552)، عن أبي سلمة وحده وروي من طريق أبي صالح عن أبي هُرَيْرَة كَمَا أخرجه أحمد 2/ 355 و 495، ومسلم 7/ 91 (1337) (131)، وابن ماجه (1) و (2)، والترمذي (2679)، والطحاوي في شرح المشكل (554) (553). وروي من طريق الأعرج عن أَبِي هُرَيْرَة كَمَا أخرجه مالك في الموطأ (996) برواية مُحَمَّد بن الحسن الشيباني، والشافعي في المسند (1802) بتحقيقنا، والحميدي (1125)، وأحمد 2/ 258، والبخاري 9/ 116 (7288)، ومسلم 7/ 91 (1337) (131)، وأبو يعلى (6305)، والطحاوي في شرح المشكل (549) (550)، وابن حبان (18) (19) (20) (21). وروي من طريق الحارث عم الحارث بن عَبْد الرحمان بن عَبْد الله، عن أبي هُرَيْرَة كَمَا أخرجه أبو يعلى (6676). وروي من طريق عَبْد الرحمان بن أبي عمرة، عن أبي هُرَيْرَة كَمَا أخرجه أحمد 2/ 482. وروي من طريق عجلان، عن أبي هُرَيْرَة كَمَا أخرجه الشَّافِعِيّ في المسند (1801) بتحقيقنا، والحميدي (1125)، وأحمد 2/ 247 و 428 و 517، وابن حبان (18) (2106). وروي من طريق همام بن منبه، عن أبي هُرَيْرَة كَمَا أخرجه عَبْد الرزاق (20374)، واحمد 2/ 313، ومسلم 7/ 91 (1337) (131)، وابن حبان (20) (21) (2105)، والبغوي في شرح السنة =

ومثاله: ما سبق في نوع المدرج (¬1) في حَدِيْث عَبْد الله بن مسعود، إِذْ روي مقلوباً من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، عن شقيق بن سلمة، عن عَبْد الله بن مسعود، قَالَ: قَالَ رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - كلمة وقلت أخرى، قَالَ رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من مات لا يشرك بالله شَيْئاً دخل الجنة)) قَالَ: وقلت أنا: من مات يشرك بالله شَيْئاً دخل النار (¬2). فَقَدْ خالف أَبُو معاوية بقية الرُّوَاة عن الأعمش، إِذْ رَوَاهُ عَنْهُ: 1 - أبو حمزة السكري (¬3): عِنْدَ البخاري (¬4). 2 - حفص بن غياث: عِنْدَ البخاري (¬5)، وابن منده (¬6). 3 - شعبة: عِنْدَ الطيالسي (¬7)، وأحمد (¬8)، والنسائي (¬9)، وابن خزيمة (¬10)، والشاشي (¬11)، والخطيب (¬12). ¬

_ = (98) (99). فجميعهم رووه عن أبي هُرَيْرَة وفيه جعلوا إعطاء الاستطاعة عَلَى القيام بالعمل المأمور بالقيام بِهِ ووجوب عدم إتيان العمل المنهي عَنْهُ مطلقاً كَمَا في الرِّوَايَة الثانية وهذا يدل عَلَى خطأ راويه علي بن عثمان. (¬1) صفحة: (¬2) أخرجه من هَذِهِ الطريق مقلوباً: أحمد 1/ 382 و 425، وأبو يعلى (5198) من طريق أبي خيثمة، وابن خزيمة في التوحيد: 359 من طريق أبي موسى، وأيضاً: 359 من طريق سلم بن جنادة، جميعهم من طريق أبي معاوية بهذه الرِّوَايَة. وخالفهم أبو بكر بن أبي شيبة فرواه عن أبي معاوية عَلَى الصواب أخرجه ابن منده في " الإيمان " (69). (¬3) هُوَ مُحَمَّد بن ميمون المروزي، أبو حمزة السكري: ثقة فاضل، توفي سنة (167هـ‍)، وَقِيْلَ: (168هـ‍). تهذيب الكمال 6/ 536 (6244)، والكاشف 2/ 226 (5184)، والتقريب (6348). (¬4) في صحيحه 6/ 28 (4497). (¬5) في صحيحه 2/ 90 (1238). (¬6) في الإيمان (70). (¬7) في مسنده (256). (¬8) في مسنده 1/ 443 و 462 و 464. (¬9) في الكبرى (11011). (¬10) في التوحيد: 346 و 359. (¬11) في مسنده (558) و (560). (¬12) في الفقيه والمتفقه: 118.

4 - عَبْد الله بن نمير (¬1): عِنْدَ أحمد (¬2)، ومسلم (¬3)، وابن خزيمة (¬4)، والشاشي (¬5)، وابن منده (¬6). 5 - عَبْد الواحد بن زياد: عِنْدَ البخاري (¬7)، وابن منده (¬8). 6 - وكيع بن الجراح: عِنْدَ أحمد (¬9)، ومسلم (¬10)، وابن منده (¬11). جميعهم عن الأعمش، عن شقيق، عن عَبْد الله بن مسعود قَالَ: قَالَ رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من مات يشرك بالله شَيْئاً دخل النار)) وقلت أنا: من مات لا يشرك بالله شَيْئاً دخل الجنة. أضف إلى ذَلِكَ أن عاصم بن أبي النجود (¬12)، وسيار (¬13)، ¬

_ (¬1) هُوَ عَبْد الله بن نمير الهمداني الخارفي، أبو هشام الكوفي: ثقة صاحب حَدِيْث من أهل السنة، توفي سنة (199 هـ‍). تهذيب الكمال 4/ 306 (3606)، والكاشف 1/ 604 (3024)، والتقريب (3668). (¬2) في مسنده 1/ 425. (¬3) في صحيحه 1/ 65 (92) (150). (¬4) في التوحيد: 360. (¬5) في مسنده (559). (¬6) في الإيمان (66) و (67). (¬7) في صحيحه 8/ 173 (6683). (¬8) في الإيمان (71). (¬9) في مسنده 1/ 443. (¬10) في صحيحه 1/ 65 (92) (150). (¬11) في الإيمان (67) و (68). ووقع في رِوَايَة أبي عوانة 1/ 17 مقلوباً من طريق علي بن حرب عن وكيع وأبي معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عَبْد الله، بِهِ. وعلى هَذَا فيصلح هَذَا مثالاً لما قلب سنده ومتنه، إلا أن الحافظ ابن حجر قَالَ: ((لَمْ تختلف الروايات في " الصحيحين " في أن المرفوع الوعيد، والموقوف الوعد، وزعم الحميدي في " الجمع " وتبعه مغلطاي في شرحه ومن أخذ عَنْهُ، أن في رِوَايَة مُسْلِم من طريق وكيع وابن نمير بالعكس ... وَكَانَ سبب الوهم في ذَلِكَ ما وقع عِنْدَ أبي عوانة والإسماعيلي من طريق وكيع بالعكس، لَكِنْ بيّن الإسماعيلي أن المحفوظ عن وكيع في البخاري)). فتح الباري 3/ 111. (¬12) عِنْدَ أحمد 1/ 402 و 407، وأبي يعلى (5090)، والطبراني في الكبير (10410) و (10416)، وفي الأوسط (2232)، والخطيب في الفصل 1/ 219 - 222، وَقَدْ فصّلنا القَوْل فِيْهَا في بحث (المدرج). (¬13) عِنْدَ أحمد 1/ 374. لَكِنْ وقع عِنْدَ ابن منده في " الإيمان " (73) من طريق أبي الربيع، عن هشيم، عن سيار ومغيرة، عن أَبِي وائل، عن عَبْد الله، بِهِ. مقلوباً عَلَى نفس رِوَايَة أبي معاوية. قَالَ =

الثاني: أن يبدل الراوي عامدا سند متن

والمغيرة (¬1)، رووا هَذَا الْحَدِيْث عن شقيق، عن عَبْد الله بن مسعود باللفظ الصَّحِيْح. وبهذا يَكُوْن أبو معاوية قَدْ خالف الرُّوَاة الأكثر مِنْهُ عدداً في رِوَايَة هَذَا الْحَدِيْث مقلوباً، لذا قَالَ ابن خزيمة: ((وشعبة وابن نمير أولى بمتن الخبر من أبي معاوية وتابعهما أَيْضاً سيار أبو الحكم (¬2)، عن أبي وائل، عن عَبْد الله)) (¬3). وَقَالَ الحافظ ابن حجر نقلاً عن الإسماعيلي: ((إنما المحفوظ أن الَّذِيْ قلبه أبو معاوية وحده، وبذلك جزم ابن خزيمة في "صحيحه"، والصواب رِوَايَة الجماعة)) (¬4). ثُمَّ قَالَ: ((وهذا هُوَ الَّذِيْ يقتضيه النظر؛ لأن جانب الوعيد ثابت بالقرآن وجاءت السنة عَلَى وفقه، فلا يحتاج إلى استنباط، بخلاف جانب الوعد فإنه في محل البحث إِذْ لا يصح حمله عَلَى ظاهره)) (¬5). الثاني: أن يبدل الرَّاوِي عامداً سند متنٍ بأن يجعله لمتن آخر، ويجعل للمتن الأول سنداً آخر، ودافع هَذَا الفعل أحد أمرين (¬6): 1 - إما بقصد الإغراب وفاعل ذَلِكَ داخل في صنف الوضاعين ملحقاً بالكذابين (¬7). مثاله: ما رواه عمرو بن خالد الحراني (¬8)، عن حماد بن عمرو النصيبي (¬9)، عن ¬

_ = ابن منده عقبه: ((فحديث هشيم عن سيار ومغيرة خلاف رِوَايَة الأعمش ورواية أبي عوانة، عن مغيرة)). (¬1) عِنْدَ أحمد 1/ 374، وابن حبان (251)، وابن منده (72). (¬2) سيار أبو الحكم العَنَزي، ويقال: البصري: ثقة، وَلَيْسَ هُوَ الَّذِي يروي عن طارق بن شهاب، توفي سنة (122 هـ‍). الثقات 6/ 421، وتهذيب الكمال 3/ 351 (2655)، والتقريب (2718). (¬3) التوحيد: 360. (¬4) فتح الباري 3/ 111. (¬5) فتح الباري 3/ 111. (¬6) انظر: النكت عَلَى كتاب ابن الصَّلاَحِ 2/ 864. (¬7) انظر: شرح التبصرة والتذكرة 1/ 320 طبعتنا. (¬8) هُوَ عَمْرو بن خالد بن فرّوخ التميمي، ويقال: الخزاعي، أبو الحسن الحراني، نزيل مصر: ثقة، توفي سنة (229 هـ‍). تهذيب الكمال 5/ 406 - 407 (4945)، والكاشف 2/ 75 (4149)، والتقريب (5020). (¬9) هُوَ حماد بن عَمْرو، أبو إسماعيل النصَّيِبيٌّ، قَالَ ابن حبان: كَانَ يضع الْحَدِيْث وضعاً عَلَى الثقات، وَقَالَ يَحْيَى بن مَعِيْنٍ: لَيْسَ بشيء. الضعفاء الكبير 1/ 308، والمجروحين 1/ 307، والكامل 3/ 10.

الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هُرَيْرَة مرفوعاً: ((إذا لقيتم المشركين في طريق فلا تبدؤوهم بالسلام ... الْحَدِيْث)) (¬1).فهذا حَدِيْث قلبه حماد بن عمرو فجعله عن الأعمش، عن أبي صالح، وإنما هُوَ مشهور بسهيل بن أبي صالح، عن أبيه أبي صالح (¬2)، هكذا رَوَاهُ الناس، عن سهيل، مِنْهُمْ: 1 - أبو بكر بن عياش: عِنْدَ الطحاوي (¬3). 2 - جرير بن عَبْد الحميد: عِنْدَ مُسْلِم (¬4)، والبيهقي (¬5). 3 - خالد بن عَبْد الله (¬6): عِنْدَ ابن النجار (¬7). 4 - زهير بن معاوية: عِنْدَ أحمد (¬8)، وابن الجعد (¬9)، وأبي عوانة (¬10). 5 - سفيان الثوري: عِنْدَ عَبْد الرزاق (¬11)، وأحمد (¬12)، والبخاري في "الأدب" (¬13)، ومسلم (¬14)، وأبي عوانة (¬15)، وأبي نعيم (¬16)، والبيهقي (¬17). 6 - سليمان بن بلال: عِنْدَ أبي عوانة (¬18). 7 - شعبة بن الحجاج: عِنْدَ الطيالسي (¬19)، وأحمد (¬20)، ومسلم (¬21)، وأبي داود (¬22)، وأبي عوانة (¬23)، والطحاوي (¬24)، وابن حبان (¬25). ¬

_ (¬1) هَذِهِ الطريق المقلوبة عِنْدَ العقيلي 1/ 308. (¬2) انظر: الضعفاء الكبير، للعقيلي 1/ 308. (¬3) في شرح المعاني 4/ 341. (¬4) في صحيحه 7/ 5 (2167). (¬5) في الكبرى 9/ 203. (¬6) هُوَ خالد بن عَبْد الله الطحان الواسطي المزني مولاهم، أبو هيثم: ثقة ثبت، توفي سنة (182 هـ‍)، وَقِيْلَ: (179 هـ‍). الثقات 6/ 267، وتهذيب الكمال 2/ 351 (1609)، والتقريب (1647). (¬7) في ذيل تاريخ بغداد 3/ 196. (¬8) في مسنده 2/ 263. (¬9) في مسنده (2766). (¬10) كَمَا في إتحاف المهرة 14/ 606 (18326). (¬11) في مصنفه (9837). (¬12) في مسنده 2/ 444 و 525. (¬13) في الأدب المفرد (1111). (¬14) في صحيحه 7/ 5 (2167). (¬15) كَمَا في إتحاف المهرة 14/ 606 (18326). (¬16) في الحلية 7/ 140 - 141. (¬17) في الكبرى 9/ 203، وفي الشعب (9381). (¬18) كَمَا في الإتحاف 14/ 606 (18326). (¬19) في مسنده (2424). (¬20) في مسنده 2/ 346 و 459. (¬21) في صحيحه 7/ 5 (2167). (¬22) في سننه (5205). (¬23) كَمَا في الإتحاف 14/ 606 (18326). (¬24) في شرح المعاني 4/ 341. (¬25) في صحيحه (501).

8 - عَبْد العزيز بن مُحَمَّد الدراوردي: عِنْدَ مُسْلِم (¬1)،والترمذي (¬2)،وأبي عوانة (¬3). 9 - معمر بن راشد: عِنْدَ عَبْد الرزاق (¬4)، وأحمد (¬5)، وأبي عوانة (¬6)، والبغوي (¬7). 10 - الوضاح بن يزيد اليشكري أبو عوانة: عِنْدَ أبي عوانة (¬8)، وابن حبان (¬9). 11 - وهيب بن خالد: عِنْدَ البخاري في "الأدب" (¬10)، وأبي عوانة (¬11). 12 - يحيى بن أيوب: عِنْدَ الطحاوي (¬12). 13 - يحيى بن سعيد: عِنْدَ أبي عوانة (¬13). 2 - أن يَكُوْن بقصد الامتحان لمعرفة حفظ الشيخ وضبطه. مثاله: ما وقع للإمام البخاري - رحمه الله - لما قدم بغداد، فأراد أهل الْحَدِيْث اختبار حفظه، فعمدوا إلى مئة حَدِيْث فقلبوا أسانيدها، وجعلوا أسانيد هَذِهِ لمتون تِلْكَ، ثُمَّ دفعوها إلى عشرة رجال لكل رجل عشرة أحاديث، فلما جاء البخاري وجلس للإملاء، وَكَانَ المجلس غاصاً بأصحاب الْحَدِيْث والفقهاء، قام لَهُ رجل من العشرة فسأله عن حَدِيْث من تِلْكَ الأحاديث، فَقَالَ البخاري: لا أعرفه، فسأله عن الآخر فَقَالَ: لا أعرفه، إلى تمام العشرة، ثُمَّ قام الثاني فالثالث حَتَّى نهاية العشرة، والبخاري لا يزيد عَلَى قوله: لا أعرفه، فكان من حضر المجلس من الفهماء يلتفت بعضهم إلى بعض، ويقولون: الرجل فهم. ومن كَانَ مِنْهُمْ غَيْر ذَلِكَ يقضي عَلَى البخاري بالعجز والتقصير وقلة الفهم. فلما علم أنهم فرغوا التفت إلى الأول مِنْهُمْ فَقَالَ: أما حديثك الأول فهو كَذَا، وحديثك الثاني كَذَا حَتَّى أتم العشرة، ثُمَّ أقبل عَلَى الثاني فالثالث، ورد المتون كلها إلى أسانيدها، وأسانيدها إلى متونها، فأقرّ لَهُ الناس بالحفظ وأذعنوا لَهُ بالفضل (¬14). ¬

_ (¬1) في صحيحه 7/ 5 (2167). (¬2) في الجامع الكبير (1602) و (2700). (¬3) كَمَا في الإتحاف 14/ 606 (18326). (¬4) في مصنفه (9837). (¬5) في مسنده 2/ 266. (¬6) كَمَا في الإتحاف 14/ 606 (18326). (¬7) في شرح السنة (3310). (¬8) كَمَا في الإتحاف 14/ 606 (18326). (¬9) في صحيحه (500). (¬10) في الأدب المفرد (1103). (¬11) كَمَا في الإتحاف 14/ 606 (18326). (¬12) في شرح المعاني 4/ 341. (¬13) كَمَا في الإتحاف 14/ 606 (18326). (¬14) انظر القصة في: أسامي من روى عَنْهُمْ البخاري من مشايخه لابن عدي ورقة 2أ، وتاريخ بغداد 2/ 120، والبداية والنهاية 2/ 25، وشرح التبصرة والتذكرة 1/ 321 طبعتنا، وطبعة العلمية 1/ =

وَكَانَ الحافظ العراقي لا يتعجب من رد البخاري الخطأ إلى الصواب لسعة معرفته واطلاعه، وإنما كَانَ يعجب من حفظ الأحاديث المقلوبة عَلَى الموالاة من مرة واحدة (¬1). وَقَدْ وقع نحو هَذَا الامتحان لعدد من الْمُحَدِّثِيْنَ مِنْهُمْ: أبان بن عياش اختبره شعبة (¬2)، وأبو نعيم الفضل بن دكين امتحنه يحيى بن معين (¬3)، وأبو جعفر العقيلي (¬4)، ومحمد بن عجلان (¬5)، وغيرهم. وفي جواز قلب الأحاديث لامتحان حفظ المشايخ خلاف، إِذْ لَمْ يرتضيه بعض الْمُحَدِّثِيْنَ مثل: حرمي بن عمارة (¬6)، ويحيى بن سعيد القطان (¬7)، قَالَ الحافظ العراقي: ((وهذا يفعله أهل الْحَدِيْث كثيراً، وفي جوازه نظر إلا أنه إذا فعله أهل الْحَدِيْث لا يستقر حديثاً)) (¬8)، فجوازه إذن مشروط بالبيان (¬9). وَقَدْ يَكُوْن بالتقديم والتأخير في اسم الرَّاوِي مثل: كعب بن مرة (¬10)، فيجعل: مرة ابن كعب (¬11). ¬

_ = 284 - ، والنكت عَلَى كتاب ابن الصَّلاَحِ 2/ 867، وهدي الساري: 200، وإرشاد طلاب الحقائق 1/ 298، وفتح المغيث 1/ 254، وتدريب الرَّاوِي 1/ 293، وتوضيح الأفكار 2/ 104. وحصل للبخاري نحو هَذَا الامتحان في البصرة وسمرقند. انظر: البداية والنهاية 11/ 25، وطبقات الشافعية الكبرى 2/ 9، وهدي الساري: 486. (¬1) انظر: النكت عَلَى كتاب ابن الصَّلاَحِ 2/ 869 - 870. (¬2) انظر: شرح التبصرة والتذكرة 1/ 321 طبعتنا، والطبعة العلمية 1/ 284. (¬3) انظر: النكت عَلَى كتاب ابن الصَّلاَحِ 2/ 866 - 867. (¬4) انظر: سير أعلام النبلاء 15/ 237. (¬5) انظر: المحدّث الفاصل: 398 (408)، وميزان الاعتدال 3/ 645 - 646. (¬6) انظر: شرح التبصرة والتذكرة 1/ 321 طبعتنا، وطبعة العلمية 1/ 284. (¬7) انظر: المحدث الفاصل: 399، والنكت عَلَى كتاب ابن الصَّلاَحِ 2/ 871. (¬8) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 321 طبعتنا، وطبعة العلمية 1/ 284. (¬9) انظر: نُزهة النظر: 125. (¬10) هُوَ الصَّحَابِيّ الجليل كعب بن مرة، وَقِيْلَ: مرة بن كعب السلمي البهزي، سكن البصرة ثُمَّ الأردن، توفي سنة بضع وخمسين. أسد الغابة 4/ 248 - 249، وتجريد أسماء الصَّحَابَة 2/ 33 (358)، والتقريب (5650). (¬11) انظر: نُزهة النظر: 125 - 126.

الثالث: أن يقع في الإسناد والمتن معا

3 - الثالث: أن يقع في الإسناد والمتن معاً مثاله: ما رواه الْحَاكِم في "مَعْرِفَة علوم الْحَدِيْث" (¬1) من طريق المنذر بن عَبْد الله الحزامي، عن عَبْد العزيز بن أبي سلمة الماجشون (¬2)، عن عَبْد الله بن دينار، عن ابن عمر، أن رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إذا افتتح الصلاة قَالَ: ((سبحانك اللهم تبارك اسمك وتعالى جدك ...)). فهذا الْحَدِيْث مقلوب سنداً ومتناً، أما سنداً فإن عَبْدالعزيز بن أبي سلمة يرويه عن عَبْد الله بن الفضل (¬3)، عن الأعرج، عن عبيد الله بن أبي رافع (¬4)، عن علي بن أبي طالب. وأما القلب في الْمَتْن فإن لفظ حَدِيْث عَبْد العزيز: أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إذا استفتح الصلاة يكبر ثُمَّ يقول: ((وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً وما أنا من المشركين ...)). هكذا رَوَاهُ حجين (¬5)، وأبو غسان مالك (¬6) بن إِسْمَاعِيْل (¬7) عن عَبْد العزيز بن أَبِي سلمة. ورواه أَيْضاً: ¬

_ (¬1) الصفحة: 118. (¬2) هُوَ عَبْد العزيز بن عَبْد الله بن أبي سلمة الماجشون المدني، نَزيل بغداد، مولى آل الهدير: ثقة فقيه مصنف، توفي سنة (164 هـ‍). طبقات ابن سعد 7/ 323، وسير أعلام النبلاء 7/ 309، والتقريب (4104). (¬3) هُوَ عَبْد الله بن الفضل بن العباس بن ربيعة الهاشمي، المدني: ثقة. تهذيب الكمال 4/ 240 (3470)، والكاشف 1/ 585 (2910)، والتقريب (3533). (¬4) هُوَ عبيد الله بن أبي رافع المدني، مولى رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم -،كَانَ كاتب عَلِيّ - رضي الله عنه -: ثقة. التاريخ الكبير 5/ 381، وتهذيب الكمال 5/ 33 - 34 (4221)، والتقريب (4288). (¬5) حجين - بالتصغير - بن المثنى اليمامي، أبو عمر، سكن بغداد، وولي قضاء خراسان: ثقة، توفي سنة (205 هـ‍)، وَقِيْلَ: بعدها. تهذيب الكمال 2/ 71 (1125)، والكاشف 1/ 315 (955)، والتقريب (1149). وحديثه عِنْدَ أحمد 1/ 113. (¬6) هُوَ مالك بن إسماعيل النهدي، أَبُو غسان الكوفي، سبط حماد بن أبي سليمان؛ ثقة متقن صَحِيْح الكِتَاب، عابد، توفي سنة (217 هـ‍)، وَقِيْلَ: (219 هـ‍). التاريخ الكبير 7/ 315، والثقات 9/ 164، والتقريب (6324). (¬7) عِنْدَ الْحَاكِم في مَعْرِفَة علوم الْحَدِيْث: 118.

1 - أحمد بن خالد (¬1): عِنْدَ ابن خزيمة (¬2)، والطحاوي (¬3). 2 - أبو سعيد (¬4): عِنْدَ أحمد (¬5)، وابن حزم (¬6). 3 - عَبْد الله بن رجاء: عِنْدَ الطحاوي (¬7). 4 - عَبْد الله بن صالح: عِنْدَ الطحاوي (¬8). أربعتهم، عن عَبْد العزيز بن أبي سلمة الماجشون، عن عَبْد الله بن الفضل والماجشون كلاهما، عن الأعرج، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي، بِهِ عَلَى الصواب. ورواه أَيْضاً: 1 - أبو داود الطيالسي: في "مسنده" (¬9)، ومن طريقه الترمذي (¬10). 2 - أَبُو صالح عَبْد الله بن صالح (كاتب الليث (¬11)): عِنْدَ ابن الجارود (¬12)، وابن خزيمة (¬13). 3 - أبو النضر هاشم بن قاسم: عِنْدَ أحمد (¬14)، ومسلم (¬15)، وابن حبان (¬16). ¬

_ (¬1) هُوَ أحمد بن خالد بن موسى الوهبي الكندي، أبو سعيد الحمصي: صدوق، توفي سنة (214 هـ‍). تهذيب الكمال 1/ 37 (29)، والكاشف 1/ 193 (25)، والتقريب (30). (¬2) في صحيحه (463). (¬3) في شرح المعاني 1/ 299. (¬4) هُوَ عَبْد الرَّحْمَان بن عَبْد الله بن عبيد البصري، أبو سعيد، مولى بني هاشم، نزيل مكة، لقبه جَرْدَقَة: صدوق رُبَّمَا أخطأ، توفي سنة (197 هـ‍). تهذيب الكمال 4/ 427 (3859)، والكاشف 1/ 633 (3238)، والتقريب (3918). (¬5) في مسنده 1/ 94. (¬6) في المحلى 4/ 95. (¬7) في شرح المعاني 1/ 199. (¬8) في شرح المعاني 1/ 199. (¬9) (152). (¬10) في الجامع الكبير (266). (¬11) هُوَ عَبْد الله بن صالح بن مُحَمَّد الجهني، أبو صالح المصري، كاتب الليث: صدوق كَثِيْر الخطأ، ثبت في كتابه، وكانت فِيْهِ غفلة، توفي سنة (222 هـ‍)، وَقِيْلَ: (223 هـ‍). تهذيب الكمال 4/ 164 (3324)، والكاشف 1/ 562 (2780)، والتقريب (3388). (¬12) في المنتقى (179). (¬13) في صحيحه (462) و (612) و (743). (¬14) في مسنده 1/ 112. (¬15) في صحيحه 2/ 186 (771) (202). (¬16) في صحيحه (1773).

4 - أبو الوليد: عِنْدَ الترمذي (¬1). 5 - حجاج بن منهال: عِنْدَ ابن الجارود (¬2)، وابن خزيمة (¬3). 6 - حجين: عِنْدَ أحمد (¬4)، وابن خزيمة (¬5). 7 - سويد بن عمرو الكلبي (¬6): عِنْدَ ابن أبي شيبة (¬7). 8 - عَبْد الرحمان بن مهدي: عِنْدَ مُسْلِم (¬8)،والنسائي (¬9)،وأبي يعلى (¬10)،وابن حزم (¬11). 9 - معاذ بن معاذ بن نصر: عِنْدَ أبي داود (¬12). 10 - يحيى بن حسان: عِنْدَ الدارمي (¬13)، والطحاوي (¬14). 11 - يزيد بن هارون: عِنْدَ الدارقطني (¬15). جميعهم، عن عَبْد العزيز بن أَبِي سلمة، عن يعقوب الماجشون منفرداً، عن الأعرج، عن عبيد الله، عن علي، بِهِ (¬16). ¬

_ (¬1) في الجامع الكبير (3422). (¬2) في المنتقى (179). (¬3) في صحيحه (462) و (612) و (743). (¬4) في مسنده 1/ 113. (¬5) في صحيحه (612). (¬6) هُوَ سويد بن عَمْرو الكلبي، أَبُو الوليد الكوفي العابد: ثقة، توفي سنة (204 هـ‍)، وَقِيْلَ: (203 هـ‍)، وَقَدْ ذكره ابن حبان في كتابه "المجروحين" فَقَالَ: ((كَانَ يقلب الأسانيد، ويضع عَلَى الأسانيد الصحاح المتون الواهية، لا يجوز الاحتجاج بِهِ)). المجروحين 1/ 446 - 447، وتهذيب الكمال 3/ 340 (2631)، والتقريب (2694). (¬7) في مصنفه (2399) و (2553). (¬8) في صحيحه 2/ 186 (771) (202). (¬9) في المجتبى 2/ 129 و 192 و 220، وفي الكبرى (637) و (711) و (971). (¬10) في مسنده (285). (¬11) في المحلى 4/ 95. (¬12) في سننه (760) و (1509). (¬13) في سننه (1241) و (1320). (¬14) في شرح المعاني 1/ 199. (¬15) في السنن 1/ 296. (¬16) وأخرج هَذَا الْحَدِيْث أَيْضاً: عَبْد الرزاق في المصنف (2567) و (2903)، وأحمد 1/ 93و119، والبخاري في رفع اليدين (1) و (9)، وأبو داود (744) و (761)، وابن ماجه (864) و (1054)، والترمذي (3423)، وابن خزيمة (464) و (584) و (607) و (673)، والطحاوي في شرح المعاني 1/ 222 و 239، وابن حبان (1771) و (1772) و (1774)، والدارقطني 1/ 287، =

المطلب الثالث أسباب القلب

المطلب الثالث أسباب القلب مِمَّا لا شك فِيْهِ أن قابليات الرُّوَاة تتفاوت ما بَيْنَ إتقان وضبط وتعاهد للمحفوظ، ثُمَّ إنهم مختلفون في ما ركزه الله فِيْهِمْ من العدالة أو ضدها، وعليه فَقَد اختلفت دوافع القلب في المرويات تبعاً لهذا التفاوت، ويمكن أن نجعل جملة الأسباب الَّتِيْ تؤدي بوقوع القلب في حَدِيْث الرُّوَاة ثلاثة، هِيَ (¬1): 1 - رغبة الرَّاوِي في إيقاع الغرابة في حديثه ليُرَغِّبَ الناس حَتَّى يظنوا أنه يروي ما ليس عِنْدَ غيره فيقبلوا عَلَى التحمل مِنْهُ. عَلَى نحو ما وقع في حَدِيْث حماد بن عمرو النصيبي الَّذِيْ سقناه قَبْلَ قليل (¬2). ولهذا السبب كره أهل الْحَدِيْث تتبع الغرائب، قَالَ الإمام أحمد: ((لا تكتبوا هَذِهِ الأحاديث الغرائب فإنها مناكير وعامتها عن الضعفاء)) (¬3). 2 - الإمعان في التثبت من حال المحدِّث أحافظ هُوَ أم غَيْر حافظ؟ وهل يفطن لما وقع في الْحَدِيْث من القلب أم لا؟ فإن تبين لَهُ أنه حافظ متيقظ يطمئن القلب في الْحَدِيْث عَنْهُ، أقبل عَلَى التحمل عَنْهُ، وإن تبين لَهُ خلاف ذَلِكَ، بأن كانت فِيْهِ غفلة أو بلادة ذهن أعرض عَنْهُ وتركه. كَمَا وقع للبخاري والعقيلي والفضل بن دكين ومحمد بن عجلان والمزي وغيرهم -مِمَّا أسلفنا ذكرهم- (¬4). ¬

_ = والبيهقي 2/ 33 و 74، من طرق، عن موسى بن عقبة، عن عَبْد الله بن الفضل، عن الأعرج بهذا الإسناد. وأخرجه مُسْلِم 2/ 185 (771) (201)، والترمذي (3421) و (3422)، وأبو يعلى (575)، وابن خزيمة (723)، والبيهقي 2/ 32، والبغوي (572) من طرق، عن يوسف بن يعقوب الماجشون، عن يعقوب بن الماجشون، عن الأعرج، بهذا الإسناد. وانظر: النكت عَلَى كتاب ابن الصَّلاَحِ 2/ 885. (¬1) انظر: إرشاد طلاب الحقائق 1/ 267، والباعث الحثيث: 90، والنكت عَلَى كتاب ابن الصَّلاَحِ 1/ 641، وفتح المغيث 1/ 256، وتوضيح الأفكار 2/ 110 - 111. (¬2) ص: 530. (¬3) الكامل 1/ 111، وانظر: شرح التبصرة والتذكرة 2/ 77 طبعتنا، وطبعة العلمية 2/ 270. (¬4) الصفحة: 229.

3 - خطأ الرَّاوِي وغلطه بأن يقع القلب في حديثه من باب السهو لا العمد، وهذا النوع راويه معذور فِيْهِ؛ لأنه لَمْ يقصد إيقاعه، إلا أنه إذا كثر في حديثه استحق الترك (¬1). مثاله: الْحَدِيْث الَّذِيْ رَوَاهُ جرير بن حازم، عن ثابت البناني، عن أنس قَالَ: قَالَ رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حَتَّى تروني)) (¬2). فهذا الْحَدِيْث انقلب إسناده عَلَى جرير، وإنما هُوَ مشهور ليحيى بن أبي كثير، عن عَبْد الله بن أبي قتادة، عن أبيه، عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، هكذا رَوَاهُ الجمع، عن يحيى بن أبي كثير مِنْهُمْ: 1 - أبان: عِنْدَ أبي داود (¬3). 2 - حجاج بن أَبِي عثمان الصواف (¬4): عِنْدَ مُسْلِم (¬5)، وابن خزيمة (¬6)، وأبي عوانة (¬7)، وابن حبان (¬8)، وأبي نعيم في "المستخرج" (¬9). 3 - شيبان (¬10): عِنْدَ البُخَارِيّ (¬11)، ومسلم (¬12)، وأبي عوانة (¬13)، وأبي نعيم في ¬

_ (¬1) انظر: منهج النقد في علوم الْحَدِيْث: 435. (¬2) عِنْدَ: الطيالسي (2128)، وعبد بن حميد (6259)، والترمذي في " علله " الكبير (146)، والطبراني في " الأوسط " (9387). (¬3) في سننه (539). (¬4) هُوَ حجاج بن أبي عثمان، واسم أبي عثمان: ميسرة، وَقِيْلَ: سالم، الصواف، أبو الصلت الكندي مولاهم، البصري: ثقة حافظ، توفي سنة (143 هـ‍). تهذيب الكمال 2/ 62 (1108)، والكاشف 1/ 313 (938)، والتقريب (1131). (¬5) في صحيحه 2/ 111 (604). (¬6) في صحيحه (1526). (¬7) في صحيحه (1335). (¬8) في صحيحه (2242). (¬9) عَلَى صَحِيْح مُسْلِم (1341). (¬10) هُوَ شيبان بن عَبْد الرَّحْمَان التميمي، مولاهم النحوي، أَبُو معاوية البصري، نزيل الكوفة: ثقة، صاحب كتاب، يقال: إنَّهُ منسوب إِلَى ((نحوة)) بطن من الأزد، لا إِلَى علم النحو، توفي سنة (164 هـ‍). تهذيب الكمال 3/ 412 - 413 (2770)، والكاشف 1/ 491 (2316)، والتقريب (2833). (¬11) في صحيحه 1/ 164 (638). (¬12) في صحيحه 2/ 101 (654). (¬13) في صحيحه (1339) و (1340).

"المستخرج" (¬1). 4 - علي بن المبارك (¬2): عِنْدَ البخاري (¬3)، وأبي عوانة (¬4)، وابن حبان (¬5). 5 - معاوية بن سلام (¬6): عِنْدَ ابن خزيمة (¬7). 6 - معمر: عِنْدَ عَبْد الرزاق (¬8)، وابن أبي شيبة (¬9)، ومسلم (¬10)، والترمذي (¬11)، وأبي عوانة (¬12)، وابن حبان (¬13)، وأبي نعيم في "المستخرج" (¬14). 7 - هشام: عِنْدَ البُخَارِيّ (¬15)، والدارمي (¬16)، وأبي نعيم في "مستخرجه" (¬17)، والبيهقي (¬18). 8 - همام: عِنْدَ الدارمي (¬19). قَالَ الترمذي: ((سألت محمداً عن هَذَا الْحَدِيْث فَقَالَ: هُوَ حَدِيْث خطأ، أخطأ فِيْهِ جرير بن حازم. ذكروا أن الحجاج الصوّاف كَانَ عِنْدَ ثابت البناني، وجرير بن حازم في المجلس، فحدّث الحجاج، عن يحيى بن أبي كثير، عن عَبْد الله بن أبي قتادة، عن أبيه، عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حَتَّى تروني))، فوهم فِيْهِ جرير بن حازم فظن أن ثابتاً حدّثه عن أنس بهذا)) (¬20). ¬

_ (¬1) (1340). (¬2) هُوَ عَلِيّ بن المبارك الهنائي - بضم الهاء وتخفيف النون - البصري: ثقة، كَانَ لَهُ عن يَحْيَى بن أبي كَثِيْر كتابان، أحدهما سَمَاع والآخر إرسال. تهذيب الكمال 5/ 295 - 296 (4713)، والكاشف 2/ 45 (3957)، والتقريب (4787). (¬3) في صحيحه 2/ 9 (909). (¬4) في مسنده (1341). (¬5) في صحيحه (1755). (¬6) هُوَ معاوية بن سلاّم - بالتشديد - بن أبي سلاّم - واسم أبي سلاّم ممطور الحبشي ويقال: الألهاني، أبو سلاّم الدمشقي، وَكَانَ يسكن حمص: ثقة، توفي بَعْدَ سنة (170 هـ‍). تهذيب الكمال 7/ 154 - 155 (6650)، والكاشف 2/ 276 (5525)، والتهذيب (6761). (¬7) في صحيحه (1644). (¬8) في مصنفه (1932). (¬9) في مصنفه (4093). (¬10) في صحيحه 2/ 101 (604). (¬11) في الجامع الكبير (592). (¬12) في مسنده (1337). (¬13) في صحيحه (2223). (¬14) المستخرج (1341). (¬15) في صحيحه 1/ 164 (637). (¬16) في سننه (1261). (¬17) المستخرج (1340). (¬18) في السنن الكبرى 2/ 20. (¬19) في سننه (1262). (¬20) علل الترمذي: 89 عقيب (146)، وانظر: العلل ومعرفة الرجال 2/ 243، والمراسيل: 94، وجامع الترمذي عقيب (527)، والضعفاء الكبير 1/ 198، وعلل الدَّارَقُطْنِيّ 4/الورقة 21.

أثر القلب في اختلاف الفقهاء

أثر القلب في اختلاف الفقهاء (المصلي عِنْدَ نزوله من الركوع إلى السجود، هل يَكُوْن عَلَى يديه أم ركبتيه؟) اختلاف الفقهاء في ذَلِكَ عَلَى قولين: الأول: توضع الركبتان قَبْلَ اليدين عِنْدَ النّزول إلى السجود. وبه قَالَ: مُسْلِم (¬1) بن يسار (¬2)، وسفيان الثوري (¬3)، والشافعي (¬4)، وأحمد في رِوَايَة (¬5)، وإسحاق بن راهويه (¬6)، وَهُوَ مذهب أهل الكوفة مِنْهُمْ: أبو حَنِيْفَة (¬7)، وإبراهيم النخعي (¬8). ونقله الترمذي عن أكثر أهل العلم (¬9)، وَهُوَ مروي عن عمر بن الخطاب (¬10)، وابنه (¬11)، واختاره ابن القيم وغيره (¬12). وحجتهم في ذَلِكَ: ما رواه يزيد بن هارون، عن شريك القاضي، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل بن حجر، قَالَ: ((رأيت رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سجد يضع ركبتيه قَبْلَ يديه، وإذا نهض رفع يديه قَبْلَ ركبتيه)). ¬

_ (¬1) هُوَ مُسْلِم بن يسار البصري، نزيل مكة، أبو عَبْد الله الفقيه، ويقال لَهُ: مُسْلِم سُكّرة، ومسلم المُصْبِح: ثقة عابد، توفي سنة (100 هـ‍) أو بعدها. سير أعلام النبلاء 4/ 510، والتقريب (6652)، وطبقات الفقهاء: 94. (¬2) انظر: مصنف عَبْد الرزاق (2958)، وابن أبي شيبة (2716). (¬3) انظر: مختصر اختلاف العلماء، للجصاص 1/ 211. (¬4) انظر: الأم 1/ 113، والمهذب 1/ 176، والمجموع 3/ 421، وشرح زبد بن ارسلان 1/ 97. (¬5) وَهُوَ المشهور من مذهب الحنابلة. انظر: الكافي 1/ 137، والمبدع 1/ 452، ومنار السبيل 1/ 94، وكشاف القناع 1/ 350. (¬6) انظر: المغني 1/ 554. (¬7) انظر: شرح معاني الآثار 2/ 254، والمبسوط 1/ 131 - 132، وبدائع الصنائع 1/ 215، والبحر الرائق 1/ 335. (¬8) انظر: مصنف عَبْد الرزاق (2956) و (2957)، وابن أبي شيبة (2707). (¬9) انظر: جامع الترمذي 2/ 157 طبعة شاكر. (¬10) انظر: مصنف عَبْد الرزاق (2955)، وابن أبي شيبة (2703) و (2704). (¬11) انظر: مصنف ابن أبي شيبة (4705). (¬12) انظر: زاد المعاد 1/ 57، وظفر الأماني: 405.

رَوَاهُ: الدارمي (¬1)، وأبو داود (¬2)، وابن ماجه (¬3)، والترمذي (¬4)، والنسائي (¬5)، وابن خزيمة (¬6)، والطحاوي (¬7)، وابن حبان (¬8)، والطبراني (¬9)، والدارقطني (¬10)، والبيهقي (¬11)، والخطيب (¬12)، والحازمي (¬13). الثاني: توضع اليدان قَبْلَ الركبتين في السجود وبه قَالَ: الأوزاعي (¬14)، ومالك (¬15)، وأحمد في الرِّوَايَة الأخرى (¬16)، وَهُوَ مذهب أصحاب الْحَدِيْث (¬17). وَقَالَ ابن حزم: وضع اليدين قَبْلَ الركبتين فرض (¬18). وَهُوَ مذهب العترة (¬19). واحتجوا: بما رَوَاهُ عَبْد العزيز بن مُحَمَّد الدراوردي، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عَبْد الله بن الحسن (¬20)، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: قَالَ رَسُوْل الله ¬

_ (¬1) في سننه (1326). (¬2) في سننه (838). (¬3) في سننه (882). (¬4) في الجامع الكبير (268). (¬5) في المجتبى 2/ 206 و 234، وفي الكبرى (676). (¬6) في صحيحه (626) و (629) وتحرف في الأخير إلى (سهل بن هارون). انظر: إتحاف المهرة 13/ 672 (17291) وفات أصحاب المسند الجامع التنبيه على هَذَا التحريف. (¬7) في شرح معاني الآثار 1/ 255. (¬8) في صحيحه (1912)، وتحرف في موارد الظمآن (487) من شريك إلى إسرائيل!!! (¬9) في الكبير 22/ (197). (¬10) في سننه 1/ 345. (¬11) في الكبرى 2/ 98. (¬12) في موضح أوهام الجمع والتفريق 2/ 433. (¬13) في الاعتبار: 161. (¬14) المجموع 3/ 421، وانظر: فقه الإمام الأوزاعي 1/ 191. (¬15) انظر: الشرح الكبير 1/ 353، ومواهب الجليل 1/ 541، والتاج والإكليل 1/ 541، والفواكه الدواني 1/ 181، والثمر الداني 1/ 110. (¬16) انظر: المغني 1/ 554، ومجموعة الفتاوى الكبرى 22/ 449. (¬17) انظر: مستدرك الْحَاكِم 1/ 226، والشرح الكبير 1/ 250. (¬18) انظر: المحلى 4/ 129. (¬19) انظر: نيل الأوطار 2/ 282. (¬20) هُوَ مُحَمَّد بن عَبْد الله بن الحسن العلوي الهاشمي، أبو عَبْد الله المدني، كَانَ يلقب بـ (النفس الزكية): ثقة، قتل سنة (145 هـ‍) في نصف رَمَضَان. تهذيب الكمال 6/ 367 (5929)، والكاشف 2/ 185 (4945)، والتقريب (6010).

- صلى الله عليه وسلم -: ((إذا سجد أحدكم فلا يبرك كَمَا يبرك البعير، وليضع يديه قَبْلَ ركبتيه)). أخرجه أحمد (¬1)، والبخاري في "التاريخ الكبير" (¬2)، وأبو داود (¬3)، والنسائي (¬4)، والطحاوي (¬5)،والدارقطني (¬6)، والبيهقي (¬7)،والحازمي (¬8)، وابن حزم (¬9)، والبغوي (¬10). مناقشة الأدلة: احتج القائلون بالمذهب الأول بحديث وائل بن حجر، وأجاب بعضهم (¬11) عن دليل أصحاب القَوْل الثاني بأن أعله بمجموعة علل مِنْهَا: 1 - إنه معارض (¬12) لحديث وائل بن حجر، وحديث وائل أثبت، قَالَهُ الخطابي (¬13). 2 - إن حَدِيْث أبي هُرَيْرَة مقلوب، انقلب لفظه عَلَى بعض الرُّوَاة، والصواب فِيْهِ: ((وليضع ركبتيه قَبْلَ يديه)). فَقَدْ رَوَى الْحَدِيْث أبو بكر بن أَبِي شيبة (¬14) فَقَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن فضيل، عن عَبْد الله بن سعيد (¬15)، عن جده، عن أبي هُرَيْرَة، عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((إذا سجد أحدكم فليبتدئ بركبتيه قَبْلَ يديه ولا يبرك بروك الفحل)). ثُمَّ إن ما حكاه أبو هُرَيْرَة عن فعل رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - يؤيد ما رَوَاهُ ابن أبي شيبة عَنْهُ، ¬

_ (¬1) في مسنده 2/ 381. (¬2) 1/ 139. (¬3) في سننه (841). (¬4) في الكبرى (677). (¬5) في شرح المعاني 1/ 254. (¬6) في سننه 1/ 344 - 345. (¬7) في سننه 2/ 99 - 100. (¬8) في الاعتبار: 121. (¬9) في المحلى 4/ 129. (¬10) في شرح السنة 3/ 133. (¬11) هُوَ ابن القيم. انظر: زاد المعاد 1/ 223 - 231، وحاشيته عَلَى سنن أبي داود 3/ 73 - 75. (¬12) ومعلوم لدى أهل الْحَدِيْث أن المعارضة أحد ما يعل بها الحَدِيْث مع التساوي ومع عدم إمكان الترجيح، انظر: أثر علل الْحَدِيْث في اختلاف الفقهاء: 147 - 160. (¬13) انظر: معالم السنن 1/ 178. (¬14) في مصنفه (2702). (¬15) هُوَ عَبْد الله بن سعيد بن أبي سعيد المقبري، أَبُو عباد الليثي، مولاهم، المدني، أخو سعد بن سعيد وَكَانَ الأكبر: متروك، وَقَالَ الذهبي: واه. تهذيب الكمال 4/ 149 (3293)، والكاشف 1/ 558 (2752)، والتقريب (3356).

فرواه ابن أبي داود (¬1) قَالَ: حَدَّثَنَا يوسف بن عدي (¬2)، قَالَ: حَدَّثَنَا ابن فضيل، عن عَبْد الله بن سعيد، عن أبي هُرَيْرَة، عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه كَانَ إذا سجد بدأ بركبتيه قَبْلَ يديه. 3 - عَلَى فرض التسليم بكون حَدِيْث أبي هُرَيْرَة محفوظاً، فهو منسوخ بحديث مصعب بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه بلفظ: ((كنا نضع اليدين قَبْلَ الركبتين، فأُمرنا بوضع الركبتين قَبْلَ اليدين)) (¬3). 4 - حَدِيْث أبي هُرَيْرَة مضطرب في متنه؛ لأن من الرُّوَاة من يقول فِيْهِ: وليضع يديه قَبْلَ ركبتيه، ومنهم من يقول العكس، ومنهم من يقول: وليضع يديه عَلَى ركبتيه، ومنهم من يحذف هَذِهِ الجملة أصلاً. 5 - إن حَدِيْث أبي هُرَيْرَة معلٌ، فَقَدْ تَكَلَّمَ النقاد في رواته، قَالَ البخاري: ((مُحَمَّد بن عَبْد الله بن الحسن لا يتابع عليه، ولا أدري أسمع من أبي الزناد أم لا؟)) (¬4). 6 - إن لحديث وائل بن حجر شواهد، وأما حَدِيْث أبي هُرَيْرَة فليس كذلك. 7 - إن ركبة البعير ليست في يده وإن أطلقوا عَلَى اللتين في اليدين اسم الركبة فإنما هُوَ للتغليب، أما القَوْل بأن ركبتي البعير في يديه فلا يعرف عن أهل اللغة. والجواب عَلَى هَذِهِ العلل فِيْمَا يأتي: 1 - أما قولهم أنه معارض لحديث وائل، فإن حَدِيْث وائل ضعيف، فإنه ليس يروى في الدنيا بإسناد إلا من طريق شريك، وتفرد بِهِ يزيد بن هارون. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: ((تفرد بِهِ يزيد عن شريك، وَلَمْ يحدث بِهِ عن عاصم بن كليب غَيْر شريك، وشريك ليس بالقوي فِيْمَا يتفرد بِهِ)) (¬5). وَقَالَ الترمذي: ((لا نعرف أحداً رَوَاهُ غَيْر شريك)) (¬6). وشريك يخطئ كثيراً (¬7) لا يحتج بتفرده فكيف وَقَدْ خالف هماماً، إِذْ رَوَاهُ همام، ¬

_ (¬1) نقله ابن القيم في " الزاد " 1/ 227. (¬2) هُوَ يوسف بن عدي بن زريق بن إسماعيل ويقال: يوسف بن عدي بن الصلت بن بسطام التيمي، أبو يعقوب الكوفي، مولى تيم الله، نزيل مصر: ثقة، توفي (232 هـ‍)، وَقِيْلَ: (233 هـ‍). تهذيب الكمال 8/ 194 (7739)، والكاشف 2/ 400 (6441)، والتقريب (7872). (¬3) يأتي تخريجه عِنْدَ الجواب عَنْهُ. (¬4) التاريخ الكبير 1/ 139. (¬5) سنن الدَّارَقُطْنِيّ 1/ 345. (¬6) الجامع الكبير 1/ 307. (¬7) التقريب (2787).

عن شقيق، قَالَ: حَدَّثَنِي عاصم بن كليب، عن أبيه، عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - بنحو حَدِيْث شريك (¬1). قَالَ البيهقي: ((قَالَ عفان: هَذَا الْحَدِيْث غريب)) (¬2). وشقيق: مجهول لا يعرف (¬3)، سكت عَنْهُ ابن أبي حاتم (¬4)، وَقَالَ ابن حجر: ((مجهول)) (¬5). ومع ذَلِكَ نجد هماماً خالف شريكاً فأرسل الْحَدِيْث، وأسنده شريك، قَالَ البيهقي: ((هَذَا حَدِيْث يُعدُّ في أفراد شريك القاضي، وإنما تابعه همام من هَذَا الوجه مرسلاً. هكذا ذكره البخاري وغيره من الحفاظ المتقدمين رحمهم الله تَعَالَى)) (¬6). لذا قَالَ الحازمي في "الاعتبار": ((والمرسل هُوَ المحفوظ)) (¬7). وعليه فحديث وائل فِيْهِ علتان موجبتان لضعفه: الأولى: ضعف شريك، والثانية: مخالفته لهمام في روايته. 2 - أما قوله بأن الْحَدِيْث مقلوب فما هُوَ إلا من باب التجويز العقلي، وَلَوْ فتحنا هَذَا الباب ما سلم لنا شيء من الأخبار، وَقَدْ رده الشيخ علي القاري فَقَالَ: ((وقول ابن القيم أن حَدِيْث أبي هُرَيْرَة انقلب متنه عَلَى راويه فِيْهِ نظر، إِذْ لَوْ فتح هَذَا الباب لَمْ يَبْقَ اعتماد عَلَى رِوَايَة راوٍ مع كونها صحيحة)) (¬8). واستدلاله عليه بما رَوَاهُ ابن أبي شيبة وابن أبي داود لا يصلح سنداً لقوله، ففي كلا إسنادهما: عَبْد الله بن سعيد بن أبي شيبة المقبري، كَانَ القطان وابن مهدي لا يحدّثان عَنْهُ. وَقَالَ يحيى القطان: جلست إلى عَبْد الله بن سعيد بن أبي سعيد مجلساً فعرفت فِيْهِ، يعني: الكذب. وَقَالَ أحمد: منكر الْحَدِيْث متروك الْحَدِيْث. وَقَالَ أبو أحمد الْحَاكِم: ذاهب الْحَدِيْث (¬9). 3 - أما القَوْل بالنسخ فَقَدْ سبقه إِلَيْهِ ابن خزيمة (¬10)، والخطابي (¬11)، والحديث الَّذِيْ ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود عقيب (839)، والبيهقي في السنن الكبرى 2/ 99. (¬2) السنن الكبرى للبيهقي 2/ 99. (¬3) انظر: ميزان الاعتدال 2/ 279 (3740). (¬4) الجرح والتعديل 4/ 373. (¬5) التقريب (2819). (¬6) السنن الكبرى، للبيهقي 2/ 99. (¬7) الاعتبار: 123. (¬8) مرقاة المفاتيح 1/ 552. (¬9) انظر: تهذيب الكمال 4/ 149 (3293). (¬10) صَحِيْح ابن خزيمة 1/ 318 - 319. (¬11) معالم السنن:1/ 178.

استدلوا بِهِ عَلَى النَّسْخ رَوَاهُ ابن خزيمة والبيهقي من طريق إِبْرَاهِيْم بن إِسْمَاعِيْل بن يحيى بن سلمة بن كهيل، عن أبيه، عن جده، عن سلمة، عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه فذكره. وهذا الْحَدِيْث بهذا السند لا يصلح لإثبات حكم فضلاً عن نسخ غيره، إِذْ إن فِيْهِ راويين ضعيفين: الأول: إِبْرَاهِيْم بن إِسْمَاعِيْل. قَالَ ابن حبان (¬1) وابن نمير (¬2): ((في روايته عن أبيه بعض المناكير)). الثاني: أبوه إِسْمَاعِيْل بن يحيى. قَالَ الأزدي والدارقطني: ((متروك)) (¬3). قَالَ الحازمي: ((أما حَدِيْث سعد ففي إسناده مقال، وَلَوْ كَانَ محفوظاً لدل عَلَى النَّسْخ، غَيْر أن المحفوظ عن مصعب، عن أبيه حَدِيْث نسخ التطبيق)) (¬4). وَقَالَ ابن حجر: ((وهذا لَوْ صح لكان قاطعاً للنّزاع، ولكنه من أفراد إِبْرَاهِيْم ابن إِسْمَاعِيْل بن سلمة بن كهيل، عن أبيه، وهما ضعيفان)) (¬5). 4 - وأما قولهم باضطراب متنه، فإن الَّذِيْ اتفقت عليه كلمة الْمُحَدِّثِيْنَ أن شرط الاضطراب تساوي أوجه الرِّوَايَة من غَيْر ترجيح (¬6)، فإن ترجحت إحدى الروايات بوجه من وجوه الترجيح المعتبرة انتفى الاضطراب (¬7). وإذا علمنا مِمَّا مضى أن حَدِيْث مُحَمَّد بن فضيل، عن عَبْد الله بن سعيد، عن أبي هُرَيْرَة، لا تقوم الحجة بِهِ، وذلك لضعف عَبْد الله بن سعيد، فكيف تتساوى وجوه الرِّوَايَة؟! 5 - أما دعوى إعلال النقاد لَهُ، فليس في كلام الإمام البخاري ما يدل عَلَى إعلاله لَهُ، فغاية مراد الإمام البخاري من قوله هَذَا تشخيص حالة التفرد، وذلك لاهتمامهم بناحية التفرد –كَمَا مضى بنا عِنْدَ كلامنا عن التفرد–. ¬

_ (¬1) الثقات 8/ 83. (¬2) انظر: تهذيب الكمال 1/ 101 (145). (¬3) انظر: تهذيب الكمال 1/ 259 (485)، وتهذيب التهذيب 1/ 336. (¬4) الاعتبار: 122. (¬5) فتح الباري 2/ 291. (¬6) انظر: مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث: 84 وفي طبعتنا: 192 - 193، وشرح التبصرة والتذكرة 1/ 240 وفي طبعتنا 1/ 290 - 291. (¬7) انظر: مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث: 84 وفي طبعتنا: 226، وشرح التبصرة والتذكرة 1/ 240 وفي طبعتنا 1/ 291.

ومحمد بن عَبْد الله الملقب بالنفس الزكية (¬1) ثقة (¬2)، لذا قَالَ ابن التركماني: ((وثّقه النسائي وقول البخاري ((لا يتابع عَلَى حديثه)) ليس بصريح في الجرح فلا يعارض توثيق النسائي)) (¬3). وأما قوله: ((لا أدري أسمع من أبي الزناد أم لا؟)). فإنما يتأتى الإعلال بِهِ عَلَى شرط الإمام البخاري رحمه الله من عدم الاكتفاء بالمعاصرة، أما الجمهور فعلى مذهب الإمام مُسْلِم من الاكتفاء بالمعاصرة مع إمكان اللقاء (¬4)، وما في أيدينا تطبيق لهذه القاعدة، فأبو الزناد – عَبْد الله بن ذكوان – مدنيٌّ عاش في الْمَدِيْنَة ومات فِيْهَا سنة (130 هـ‍) (¬5)، ومحمد بن عَبْد الله مدنيٌّ أَيْضاً عاش في الْمَدِيْنَة، وخرج بالمدينة عَلَى أبي جعفر المنصور، واستولى عَلَى الْمَدِيْنَة سنة (145 هـ‍) وفيها قتل (¬6). فالمعاصرة موجودة، وإمكان اللقاء قريب بَلْ هُوَ شبه المتحقق، حَتَّى إننا نجد الذهبي في "السير" (¬7) يقول: ((حدّث عن نافع وأبي الزناد)). 6 - دعوى وجود الشواهد لحديث وائل، فهي دعوى عارية عن المفهوم عِنْدَ التحقيق العلمي، إِذْ ذكروا لَهُ أربعة شواهد هِيَ: الأول: ما روي من طريق العلاء بن إسماعيل العطار، عن حفص بن غياث، عن عاصم الأحول، عن أنس: ((رأيت رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - انحط بالتكبير فسبقت ركبتاه يديه)). رَوَاهُ: الدَّارَقُطْنِيّ (¬8)، وابن حزم (¬9)، والحاكم (¬10)، والبيهقي (¬11)، والحازمي (¬12). ¬

_ (¬1) انظر: تاريخ خليفة: 421، وتاريخ الطبري 4/ 427، والتحفة اللطيفة في تاريخ الْمَدِيْنَة الشريفة 1/ 43. (¬2) تقريب التهذيب (6010). (¬3) الجوهر النقي 2/ 100. (¬4) انظر: مقدمة صَحِيْح مُسْلِم 1/ 23، والمنهل الروي: 48. (¬5) انظر: تهذيب الكمال 4/ 125 - 126. (¬6) انظر: الكامل في التاريخ 5/ 2 فما بعدها. (¬7) سير أعلام النبلاء 6/ 210، وانظر: الكاشف 2/ 185 - 186، وتهذيب التهذيب 9/ 353. (¬8) سنن الدَّارَقُطْنِيّ 1/ 345. (¬9) المحلى 4/ 129. (¬10) المستدرك 1/ 226. (¬11) السنن الكبرى، للبيهقي 2/ 99. (¬12) الاعتبار: 122.

قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: ((تفرد بِهِ العلاء بن إِسْمَاعِيْل، عن حفص بهذا الإسناد)) (¬1) وبنحوه قَالَ البيهقي (¬2) والعلاء مجهول لا يعرف (¬3)، قَالَ ابن حجر: ((قَالَ البيهقي في "الْمَعْرِفَة" تفرد بِهِ العلاء بن إِسْمَاعِيْل العطار وَهُوَ مجهول)) (¬4). وسأل ابن أَبِي حاتم أباه عن هَذَا الْحَدِيْث فَقَالَ: ((حَدِيْث منكر)) (¬5). وأيضاً فَقَدْ خالف العلاء عمر بن حفص (¬6) –وَهُوَ من أثبت الناس في أبيه- (¬7)، فرواه عن أبيه، عن الأعمش، عن إِبْرَاهِيْم، عن أصحاب عَبْد الله: علقمة والأسود قالا: حفظنا عن عمر في صلاته أنه خرَّ بَعْدَ ركوعه عَلَى ركبتيه قَبْلَ يديه (¬8). فجعله من مسند عمر لا من مسند أنس. قَالَ ابن حجر: ((وخالفه عمر بن حفص بن غياث – وَهُوَ من أثبت الناس في أبيه، فرواه عن أبيه، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة وغيره، عن عمر موقوفاً عليه، وهذا هُوَ المحفوظ)) (¬9). الثاني: حَدِيْث سعد بن أبي وقاص، وَقَدْ قدمنا الكلام عليه (¬10). الثالث: ما رواه البيهقي (¬11) من طريق مُحَمَّد بن حجر، عن سعيد بن عَبْد الجبار بن وائل، عن أمه، عن وائل بن حجر: ((صليت خلف النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ سجد فكان أول ما وصل إلى الأرض ركبتاه)). وَهُوَ سند ضعيف: مُحَمَّد بن حجر، قَالَ البخاري: ((فِيْهِ نظر)) (¬12)، وَقَالَ ابن حبان: ((يروي عن عمه سعيد بن عَبْد الجبار، عن أبيه – وائل بن حجر – بنسخة منكرة، فِيْهَا أشياء لها أصول من حَدِيْث رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم -، وليس من حَدِيْث وائل بن حجر، وفيها ¬

_ (¬1) سنن الدَّارَقُطْنِيّ 1/ 345. (¬2) السنن الكبرى، للبيهقي 2/ 99. (¬3) انظر: لسان الميزان 4/ 182. (¬4) التلخيص الحبير 1/ 271. (¬5) علل الْحَدِيْث، لابن أبي حاتم 1/ 188. (¬6) هُوَ عمر بن حفص بن غياث أبو حفص الكوفي: ثقة رُبَّمَا وهم، توفي سنة (222 هـ‍). تهذيب الكمال 5/ 339 (4806)، والكاشف 2/ 57 (4038)، والتقريب (4880). (¬7) انظر: لسان الميزان 4/ 183. (¬8) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار 1/ 256. (¬9) لسان الميزان 4/ 183. (¬10) الصفحة: 237. (¬11) في السنن الكبرى، لَهُ 2/ 99. (¬12) التاريخ الكبير 1/ 69، وانظر: الضعفاء، للعقيلي 4/ 59، والكامل، لابن عدي 7/ 343.

المبحث الثامن الاختلاف بسبب التصحيف والتحريف

أشياء من حَدِيث وائل بن حجر مختصرة جاء بِهَا عَلَى التقصي وأفرط فِيْهِ، ومنها أشياء موضوعة ليس يشبه كلام رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - لا يجوز الاحتجاج بِهِ)) (¬1). وفيه أَيْضاً: سعيد بن عَبْد الجبار، قَالَ النسائي: ((ليس بالقوي)) (¬2). 7 - أما قوله بأن ركبتي البعير ليست في يديه، وأنه لا يعرف عن أهل اللغة ذَلِكَ، فمنقوض بتصريح كبار أئمة اللغة بأن ركبتي البعير في يديه مِنْهُمْ: الأزهري (¬3)، وابن سيده (¬4)، وابن منظور (¬5)، وغيرهم (¬6). المبحث الثامن الاختلاف بسبب التصحيف والتحريف التصحيف والتحريف من الأمور الطارئة الَّتِيْ تقع في الْحَدِيْث سنداً أو متناً عِنْدَ بعض الرُّوَاة، وَهُوَ من الأمور المؤدية إلى الاختلاف في الْحَدِيْث. فيحصل لبعض الرُّوَاة أوهام تقع في السند أَوْ في الْمَتْن بتغيير النقط أو الشكل أو الحروف. وهذا النوع من الخطأ يسمى عِنْدَ الْمُحَدِّثِيْنَ بـ (التصحيف والتحريف). والتصحيف هُوَ: تغيير في نقط الحروف أو حركاتها مع بقاء صورة الخط (¬7). والتحريف: هُوَ العدول بالشيء عن جهته، وحرَّف الكلام تحريفاً عدل بِهِ عن جهته، وَقَدْ يَكُوْن بالزيادة فِيْهِ، أو النقص مِنْهُ، وَقَدْ يَكُوْن بتبديل بعض كلماته، وَقَدْ يَكُوْن بجعله عَلَى غَيْر المراد مِنْهُ؛ فالتحريف أعم من التصحيف (¬8). ولابد من الإشارة إلى أن المتقدمين كانوا يطلقون المصحف والمحرف جميعاً عَلَى شيء واحد، ولكن الحافظ ابن حجر جعلهما شيئين وخالف بينهما، فَقَدْ قَالَ: ((إن كانت المخالفة بتغيير حرف أو حروف مع بقاء صورة الخط في السياق فإن كَانَ ذَلِكَ بالنسبة إلى النقط فالمصحف، وإن كَانَ بالنسبة إلى الشكل فالمحرّف)) (¬9). ¬

_ (¬1) المجروحين 2/ 284. (¬2) الضعفاء (265). (¬3) انظر: تهذيب اللغة 10/ 216. (¬4) انظر: المحكم 7/ 16. (¬5) انظر: لسان العرب 1/ 223 (ركب). (¬6) انظر: غريب الْحَدِيْث، للسرقسطي 2/ 70، والمحلى 4/ 129. (¬7) تصحيفات الْمُحَدِّثِيْنَ 1/ 39. (¬8) تصحيفات الْمُحَدِّثِيْنَ 1/ 39. (¬9) نُزهة النظر: 127، وانظر: تدريب الرَّاوِي 2/ 195، وألفية السيوطي: 203، وتوضيح الأفكار 2/ =

وعلى هَذَا فالتصحيف هُوَ الَّذِيْ يَكُوْن في النقط؛ أي في الحروف المتشابهة الَّتِيْ تختلف في قراءتها مثل: الباء والتاء والثاء، والجيم والحاء المهملة والخاء المعجمة، والدال المهملة والذال المعجمة، والراء والزاي. ومعرفة هَذَا الفن من فنون علم الْحَدِيْث لَهُ أهمية كبيرة (¬1)؛ وذلك لما فِيْهِ من تنقية الأحاديث النبوية مِمَّا شابها في بعض الألفاظ سواء كَانَ في متونها أم في رجال أسانيدها. وعندما كثر التصحيف والتحريف بَيْنَ الناس شرع الحفاظ من أهل الْحَدِيْث ¬

_ = 419 - مع حاشية محيي الدين عَبْد الحميد. وَقَالَ الدكتور موفق بن عَبْد الله في كتابه " توثيق النصوص ": 166: ((وسبق الحافظ ابن حجر في هَذَا التفريق الإمام العسكري في كتابه " شرح ما يقع فِيْهِ التصحيف والتحريف ")). (¬1) ولأهمية هَذَا الفن من فنون علم الْحَدِيْث فَقَدْ صنف فِيْهِ العلماء عدة كَتَبَ مِنْهَا: تصحيف العلماء: لأبي مُحَمَّد عَبْد الله بن مُسْلِم بن قتيبة الدينوري (ت 276 هـ‍). التنبيه عَلَى حدوث التصحيف: لحمزة بن الحسن الأصفهاني (ت 360 هـ‍)، وَهُوَ مطبوع. التنبيهات عَلَى أغاليط الرُّوَاة: لأبي نعيم علي بن حمزة البصري (ت 375 هـ‍). شرح ما يقع فِيْهِ التصحيف والتحريف: لأبي أحمد الحسن بن عَبْد الله العسكري (ت 382 هـ‍). تصحيفات الْمُحَدِّثِيْنَ: لأبي أحمد الحسن بن عَبْد الله العسكري، وَهُوَ مطبوع. تصحيفات الْمُحَدِّثِيْنَ: للإمام الحافظ أبي الحسن علي بن عمر الدَّارَقُطْنِيّ (ت 385 هـ‍). إصلاح خطأ الْمُحَدِّثِيْنَ: لأبي سليمان حمد بن مُحَمَّد الخطابي (ت 388 هـ‍). الرد عَلَى حمزة في حدوث التصحيف: لإسحاق بن أحمد بن شبيب (ت 405 هـ‍). متفق التصحيف: لأبي علي الحسن بن رشيق القيرواني (ت 456 هـ‍). تلخيص المتشابه في الرسم، وحماية ما أشكل مِنْهُ عن بوادر التصحيف والوهم: للخطيب البغدادي (ت 463 هـ‍). تالي التلخيص: لأبي بكر أحمد بن علي الْخَطِيْب (ت 463 هـ‍). مشارق الأنوار عَلَى صَحِيْح الآثار: لأبي الفضل عياض بن موسى اليحصبي (ت 544 هـ‍). ما يؤمن فِيْهِ التصحيف من رجال الأندلس: لأبي الوليد يوسف بن عَبْد العزيز المعروف بابن الدباغ (ت 546 هـ‍). مطالع الأنوار: لأبي إسحاق إِبْرَاهِيْم بن يوسف بن إِبْرَاهِيْم المعروف بابن قرقول (ت 569 هـ‍). التصحيف والتحريف: لأبي الفتح عثمان بن عيسى الموصلي (ت 600 هـ‍). تصحيح التصحيف وتحرير التحريف: لخليل بن أيبك الصفدي (ت 764 هـ‍). تحبير الموشين فِيْمَا يقال لَهُ بالسين والشين: للفيروزآبادي (ت 817 هـ‍). التطريف في التصحيف لأبي الفضل السيوطي (ت 911 هـ‍). التنبيه عَلَى غلط الجاهل والتنبيه: لابن كمال باشا (ت 940 هـ‍). وَقَدْ ساق هَذِهِ الكتب ورتبها موفق بن عَبْد الله في كتابه " توثيق النصوص ": 174 - 178.

أقسام التصحيف

بتصنيف كتب: (التصحيف والتحريف) وكتب (المؤتلف والمختلف) (¬1)، وهذا الفن فن جليل لما يحتاج إِلَيْهِ من الدقة والفهم واليقظة، وَلَمْ ينهض بِهِ إلا الحفاظ الحاذقون قَالَ ابن الصَّلاَحِ: ((هَذَا فن جليل إنما ينهض بأعبائه الحذاق من الحفاظ)) (¬2). والسبب في وقوع التصحيف والإكثار مِنْهُ إنما يحصل غالباً للآخذ من الصحف وبطون الكتب، دون تلق للحديث عن أستاذ من ذوي الاختصاص؛ لِذَلِكَ حذر أئمة الْحَدِيْث من عمل هَذَا شأنه، قَالَ سعيد بن عَبْد العزيز التنوخي (¬3): ((لا تحملوا العلم عن صحفي، ولا تأخذوا القرآن من مصحفي)) (¬4). أقسام التصحيف للتصحيف بحسب وجوده وتفرعه أقسام. ينقسم إِلَيْهَا وَهِيَ ستة أنواع: القسم الأول: التصحيف في الإسناد: مثاله: حَدِيْث شعبة، عن العوام بن مراجم (¬5)، عن أبي عثمان النهدي (¬6)، عن ¬

_ (¬1) الْمُؤْتَلِف لغة: اسم فاعل من الائتلاف بمعنى الاجتماع والتلاقي، وَهُوَ ضد النفرة، قَالَ ابن فارس: الهمزة واللام والفاء أصل واحد يدل عَلَى انضمام الشيء إلى الشيء، والأشياء الكثيرة أَيْضاً. مقاييس اللغة 1/ 131 (ألف)، وانظر: شرح علي القاري عَلَى النخبة:224، وتيسر مصطلح الْحَدِيْث: 208. والمختلف لغة: اسم فاعل من الاختلاف، وَهُوَ ضد الاتفاق، يقال: تخالف الأمران، واختلفا إذا لَمْ يتفقا. وكل ما لَمْ يتساوَ فَقَدْ تخالف واختلف. لسان العرب 9/ 91 (خلف)، وانظر: شرح علي القاري عَلَى النخبة: 224، وتيسر مصطلح الْحَدِيْث: 208. والمؤتلف والمختلف في اصطلاح الْمُحَدِّثِيْنَ: هُوَ ما يتفق في الخط دون اللفظ. فتح المغيث 3/ 213. وَهُوَ فن مهم للغاية، وفيه عدة مؤلفات سردها الدكتور موفق في كتابه " توثيق النصوص ": 183 - 194 فبلغ بِهَا ستين. (¬2) مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث: 252، وطبعتنا: 448. (¬3) هُوَ سعيد بن عَبْد العزيز التنوخي الدمشقي: ثقة إمام، لكنه اختلط في آخر أمره، توفي سنة (167هـ‍)، وَقِيْلَ: (163 هـ‍)، وَقِيْلَ: (164هـ‍). سير أعلام النبلاء 8/ 32، والكاشف 1/ 440 (1926)، والتقريب (2358). (¬4) الجرح والتعديل 2/ 31، وتصحيفات الْمُحَدِّثِيْنَ 1/ 71، وشرح ما يقع فِيْهِ التصحيف: 13، والتمهيد 1/ 46، وفتح المغيث 2/ 232. (¬5) انظر: الإكمال 7/ 186. (¬6) بفتح النون وسكون الهاء. التقريب (4017).

القسم الثاني: التصحيف في المتن

عثمان بن عفان، قَالَ: قَالَ رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لتؤدنَّ الحقوق إلى أهلها ... الْحَدِيْث)) (¬1). وَقَدْ صحف فِيْهِ يحيى بن معين، فَقَالَ: ((ابن مزاحم)) - بالزاي والحاء - وصوابه: ((ابن مراجم)) -بالراء المهملة والجيم- (¬2). ومنه ما رواه الإمام أحمد (¬3)، من طريق شعبة، قَالَ: حَدَّثَنَا مالك بن عرفطة - قَالَ (¬4): وإنما هُوَ خالد بن علقمة - قَالَ: سَمِعْتُ عَبْد خير يحدّث، عن عائشة، عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: ((أنه نهى عن: الدباء (¬5)، والحنتم (¬6)، والمزفت (¬7))). وَقَدْ أخطأ الإمام شعبة بن الحجاج فصحف في هَذَا الاسم فَقَالَ: ((مالك بن عرفطة))، وصوابه: ((خالد بن علقمة)) كَمَا نبه عَلَى ذَلِكَ الإمام أحمد -كَمَا سبق- (¬8) وَقَدْ رَوَاهُ أبو عوانة، عن شعبة، فأخطأ فِيْهِ كذلك فِيْمَا أخرجه الْخَطِيْب في موضح أوهام الجمع والتفريق (¬9). ثُمَّ رجع إلى الصواب فِيْمَا أخرجه عَنْهُ الْخَطِيْب في "تاريخ بغداد" (¬10) وَقَالَ: ((عن شعبة، عن خالد بن علقمة، عن عَبْد خير، بِهِ)). القسم الثاني: التصحيف في الْمَتْن: ومثاله حَدِيْث أنس مرفوعاً: ((ثُمَّ يخرج من النار من قَالَ: لا إله إلا الله، وَكَانَ في قلبه من الخير ما يزن ذرة)) (¬11). ¬

_ (¬1) أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ في العلل 3/ 64 - 65 س287، وفي المؤتلف والمختلف 3/ 2078 - 2079. (¬2) مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث: 252، وطبعتنا: 448. (¬3) في مسنده 6/ 244، وكذلك أخرجه الطيالسي (1538)، وإسحاق بن راهويه (1229) و (1249). (¬4) القائل هُوَ: عبد الله بن الإمام أحمد راوي المسند عن أبيه. (¬5) الدباء: القرع، واحدها دُباءة، كانوا ينتبذون فِيْهَا فتسرع الشدة في الشراب، وتحريم الانتباذ في هَذِهِ الظروف كَانَ في صدر الإِسْلاَم ثُمَّ نسخ، وَهُوَ المذهب، وذهب الإمام مالك وأحمد إلى بقاء التحريم. النهاية 2/ 96. (¬6) الحنتم: جرار مدهونة خضر كانت تحمل الخمر فِيْهَا إلى الْمَدِيْنَة، ثُمَّ اتسع فِيْهَا فقيل للخزف كله حنتم، واحدها حنتمة؛ وإنما نهي عن الانتباذ فِيْهَا لأنها تسرع الشدة فِيْهَا لأجل دهنها. وَقِيْلَ: لأنها كانت تعمل من طين يعجن بالدم والشعر فنهي عَنْهَا من عملها. والأول أوجه. النهاية 1/ 448. (¬7) المزفت: هُوَ الإناء الَّذِيْ طلي بالزفت، وَهُوَ نوع من القار ثُمَّ انتبذ فِيْهِ. النهاية 2/ 304. (¬8) وكذا نبه عَلَى هَذَا الوهم في " علله " برواية ابنه 2/ 33 - 34. (¬9) 2/ 61. (¬10) تاريخ بغداد 7/ 400. (¬11) أخرجه أحمد 3/ 116 و173 و276، وعبد بن حميد (1173)، والبخاري 1/ 17 (44) و 9/ 149 =

القسم الثالث: تصحيف البصر

قَالَ ابن الصَّلاَحِ: ((قَالَ فِيْهِ شعبة: ((ذُرَةً)) - بالضم والتخفيف - ونسب فِيْهِ إلى التصحيف)) (¬1) ومثّل ابن الصَّلاَحِ لتصحيف الْمَتْن بمثال آخر فَقَالَ: ((وفي حَدِيْث أبي ذر: ((تعين الصانع))، قَالَ فِيْهِ هشام بن عروة - بالضاء المعجمة - وَهُوَ تصحيفٌ، والصواب ما رواه الزهري: ((الصانع)) - بالصاد المهملة - (¬2) ضد الأخرق (¬3))) (¬4). القسم الثالث: تصحيف البصر: وَهُوَ سوء القراءة بسبب تشابه الحروف والكلمات وهذا يحصل في الأعم لِمَنْ يأخذ من الصحف دون تلقٍ. مثاله: ما رواه ابن لهيعة عن كتاب موسى بن عقبة إِلَيْهِ بإسناده عن زيد بن ثابت: ((أن رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - احتجم في المسجد)) قَالَ ابن الصَّلاَحِ: ((إنما هُوَ بالراء: ((احتجر في المسجد بخص أو حصير حجرة يصلي فِيْهَا)) (¬5) فصحّفه ابن لهيعة؛ لكونه أخذه من كتاب بغير سَمَاع)) (¬6). وَقَالَ الإمام مُسْلِم: ((هَذِهِ رِوَايَة فاسدة من كُلّ جهة. فاحشٌ خطؤها في الْمَتْن ¬

_ = (7410)، ومسلم 1/ 125 (193) (325)، وابن ماجه (4312)، والترمذي (2593). (¬1) مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث: 253، وفي طبعتنا: 450. (¬2) قَالَ الحافظ العراقي في شرح التبصرة:2/ 296، وطبعتنا 2/ 423: ((وكقول هشام بن عروة في حَدِيْث أبي ذر: ((تعين ضايعاً)) بالضاد المعجمة، والياء آخر الحروف، والصواب بالمهملة والنون))، ومثله في تدريب الرَّاوِي 2/ 114. وهذا جزء من حَدِيْث أخرجه البخاري 3/ 188 (2518)، ومسلم 1/ 62 (84) من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن أبي مُراوح، عن أبي ذر، قَالَ: قلت: يا رَسُوْل الله ... وفيهما: ((تعين صانعاً))، وعند مُسْلِم أَيْضاً بلفظ: ((فتعين الصانع))، هكذا في الأصول المطبوعة لـ " الصحيحين ": ((صانعاً) - بالصاد المهملة والنون - ومثل ذَلِكَ في مسند الحميدي (131)، ومسند الإمام أحمد 5/ 150 و5/ 171، وفي فتح الباري 5/ 148: ((ضائعاً))، وفي عمدة القارئ 13/ 79: ((ضايعاً)). وانظر تفصيل ذَلِكَ في شرح مُسْلِم للنووي 1/ 271، وفتح الباري 5/ 149، وعمدة القاري 13/ 80. (¬3) الأخرق: هُوَ الَّذِيْ ليس بصانع ولا يحسن العمل، يقال: رجل أخرق: لا صنعة لَهُ، والجمع خرق - بضم ثُمَّ سكون - وامرأة خرقاء، كذلك. انظر: فتح الباري 5/ 149. (¬4) مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث: 254، وفي طبعتنا: 45. (¬5) أخرجه البخاري 8/ 34 (6113)، ومسلم 2/ 188 (781)، وفي التمييز (57)، وأخرجه البخاري أَيْضاً 1/ 186 (731) و 9/ 117 (7290)، ومسلم 2/ 188 (781) بلفظ: ((اتخذ حجرة)). (¬6) مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث: 449.

القسم الرابع: تصحيف السمع

والإسناد، وابن لهيعة المصحف في متنه، المغفل في إسناده)) (¬1). وَقَدْ وصف السخاوي تصحيف البصر بأنه الأكثر (¬2). القسم الرابع: تصحيف السمع: ويحدث بسبب تشابه مخارج الكلمات في النطق فيختلط الأمر عَلَى السامع فيقع في التصحيف أَوْ التحريف. نحو حَدِيْث لـ: ((عاصم الأحول))، رَوَاهُ بعضهم فَقَالَ: ((عن واصل الأحدب)) وَقَدْ ذَكَرَ الإمام الدَّارَقُطْنِيّ أنَّهُ من تصحيف السمع لا من تصحيف البصر قَالَ ابن الصَّلاَحِ: ((كأنه ذهب - والله أعلم - إلى أن ذَلِكَ مِمَّا لا يشتبه من حَيْثُ الكتابة، وإنما أخطأ فِيْهِ سمع من رَوَاهُ)) (¬3). القسم الخامس: تصحيف اللفظ ومثاله ما ورد عن الدَّارَقُطْنِيّ: أن أبا بكر الصولي (¬4) أملى في الجامع حَدِيْث أبي أيوب: ((من صام رمضان وأتبعه ستّاً من شوال)) (¬5)، فَقَالَ فِيْهِ: ((شيئاً)) - بالشين والياء - (¬6). قَالَ ابن الصَّلاَحِ: ((تصحيف اللفظ وَهُوَ الأكثر)) (¬7). ¬

_ (¬1) التمييز: 140. (¬2) فتح المغيث 3/ 71. (¬3) مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث: 256، وفي طبعتنا: 453. (¬4) هُوَ محمد بن يحيى بن عَبْد الله بن العباس بن محمد بن صول، أبو بكر المعروف بالصولي، كَانَ أحد العلماء بفنون الآداب، حسن الْمَعْرِفَة بأخبار الملوك وأيام الخلفاء، ومآثر الأشراف، وطبقات الشعراء، توفي سنة خمس وثلاثين وثلاث مئة .. انظر: تاريخ بغداد 3/ 427، ومعجم الأدباء 19/ 109، والسير 15/ 301. والصولي: بضم الصاد المهملة، وفي آخرها اللام، هَذِهِ النسبة إلى صول، وهم اسم لبعض أجداده. الأنساب 3/ 572. (¬5) حَدِيْث أبي أيوب: أخرجه الطيالسي (594)، وعبد الرزاق (7918)، والحميدي (381) و (382)، وابن أبي شيبة (9723)، وأحمد 5/ 417 و419، وعبد بن حميد (228)، والدارمي (1761)، ومسلم 3/ 169 (1164)، وأبو داود (2433)، وابن ماجه (1716)، والترمذي (759)، والطحاوي في شرح المشكل (2337) و (2338)، وابن حبان (3634)، والبيهقي 4/ 392، والبغوي (1780). (¬6) تاريخ بغداد 3/ 431، ومعرفة أنواع علم الْحَدِيْث: 255، وفي طبعتنا: 452. (¬7) مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث: 256، وفي طبعتنا: 453.

القسم السادس: تصحيف المعنى دون اللفظ

القسم السادس: تصحيف المعنى دون اللفظ: مثاله: قَوْل مُحَمَّد بن المثنى (¬1): ((نحن قوم لنا شرف، نحن من عَنَزة)) (¬2) قَالَ ابن الصَّلاَحِ: ((يريد ما روي: ((أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - صلى إلى عنزة)) (¬3) فتوهم أنه صلى إلى قبيلتهم، وإنما العنزة هاهنا حربة نصبت بَيْنَ يديه فصلى إليها)) (¬4). ¬

_ (¬1) هُوَ مُحَمَّد بن المثنى بن عبيد العنَزي -بفتح النون والزاي- أبو موسى البصري المعروف بالزمن: ثقة ثبت توفي (252هـ‍). تهذيب الكمال 5/ 493 (6170)، والكاشف 2/ 214 (5134)، والتقريب (6264). (¬2) بفتح العين المهملة والنون. انظر: الأنساب 4/ 221، وتاج العروس 15/ 248. (¬3) هَذِهِ إشارة إلى حَدِيْث ورد عن جَمَاعَة من الصَّحَابَة. انظر مثلاً: مسند الإمام أحمد 4/ 308، وصحيح البخاري 2/ 25 (973)، وصحيح مُسْلِم 2/ 55 (501) (246)، وابن ماجه (1304). (¬4) مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث: 254 - 255، وفي طبعتنا: 451، وانظر في معنى العنزة: الصحاح 3/ 887، وتاج العروس 15/ 247.

الخاتمة في خلاصة نتائج البحث

الخاتمة في خلاصة نتائج البحث 1 - الاختلافات الحديثية سواء أكَانَتْ في الإسناد أم في الْمَتْن؟ من القضايا الَّتِي أدلى بِهَا الْمُحَدِّثُوْنَ لها أهمية كبيرة. 2 - الاختلافات مِنْهَا ما يؤثر في صحة الْحَدِيْث، ومنها ما لا يؤثر، ومرجع ذَلِكَ إِلَى نظر النقاد وصيارفة الْحَدِيْث. 3 - بَعْض الاختلافات تؤثر في حفظ الرَّاوِي وضبطه، وتقدح في مروياته وصحة الاعتماد عَلَيْهَا والاستدلال بِهَا. 4 - الاختلاف والاضطراب بَيْنَهُمَا عموم وخصوص فكل مضطرب مختلف وَلَيْسَ كُلّ مختلف مضطرب. 5 - يراد بالاضطراب في الأعم الأغلب الاختلاف القادح. 6 - لا يمكن الحكم في الاضطراب والاختلاف إلا بجمع الطرق والنظر والموازنة والمقارنة. 7 - إن مَعْرِفَة الخطأ في حَدِيْث الضعيف يحتاج إِلَى دقة وجهد كبير كَمَا هُوَ الحال في مَعْرِفَة الخطأ في حَدِيْث الثقة. 8 - التفرد بحد ذاته لَيْسَ علة، وإنما يَكُوْن أحياناً سبباً من أسباب العلة، ويلقي الضوء عَلَى العلة ويبين ما يكمن في أعماق الراوية من خطأ ووهم. 9 - المجروحون جرحاً شديداً - كالفساق والمتهمين والمتروكين - لا تنفعهم المتابعات إذ إن تفردهم يؤيد التهمة عِنْدَ الباحث الناقد الفهم. 10 - مَعْرِفَة الاختلافات في المتون والأسانيد داخل في علم العلل الَّذِي هُوَ كالميزان لبيان الخطأ والصواب والصَّحِيْح والمعوج. 11 - أولى الفقهاء جانب النقد الحديثي اهتماماً خاصاً، وذلك من خلال تتبعهم لأقوال النقاد، واستعمالها أداة في تفنيد أدلة الخصوم، وَهُوَ دليل واضح عَلَى عمق الثقافة الحديثية عندهم، وعلى قوة الربط بَيْنَ هذين العلمين الشريفين. 12 - لما تقدم يبدو لي من المهم جداً تشجيع الدراسات الَّتِي تربط بَيْنَ الفقه ومصادره، وخصوصاً تِلْكَ الَّتِي تربط بينه وبين علوم الْحَدِيْث المختلفة.

Abstract The science of honorable Hadith, is one of the noblest Al-Shareha sciences, rather it is the noblest one at all after the study of the Holy Quran which is the root of the right way. Thus we find the mohdtheen waste their ages in the following Hadith ways and criticizing as well as studying. Till, they exaggerate to the extent in searching, criticizing and testing the different sources its ways and illness. Thus the scientific knowledge of Hadith illness is the major part and its field which the mohdtheen skills and criticism are shown in. That is why Hadith science has strong correlation with the Islamic Philology, because we find a greater part of Philology come from Hadith that is why Hadith is one of the main sources to the Islamic Philology. It is known that there are many differences in Hadith, and these differences are divided into the source and the body, and some of them are taken part between the body and the source. These differences have great role in the difference of Philologist. Thus I have the motive to collect these differences and make indexes and arranging with the scientific rule to every type of these differences, then I mention the arbitrator summary of Hadith after making reference to the savant. Afterwards I remember what you are arranged on these differences from difference in the standpoints of the jurists and their views a result of this new difference. From here combining Hadith science with the science of religious law arrived, and I gave little this binding by that you were remembered with a suitable detailing, a sample or more clearing an egoistic of this difference is in the difference of the jurists. Thus, the thesis falls into four chapters: The thesis is published with an introduction to show the

nature of difference as well as other cases that are relative to it. This chapter falls into four sections: Section one: I defined the 'difference' philologically and terminologically. Section two: I mention the disparity between the 'difference'. Section three: I explain the types of difference. Section four: I discuss the reasons of differences, it falls into four demands: Demand one: I discuss the realizing of difference. Demand two: I mention the importance of difference in the source & body. Demand three: I discuss how to discover the difference. Demand four: I discuss the operative difference and the inoperative differences. Chapter one: I devoted it to discuss the differences in source and it has an introduction and two sections: In the introduction, I discuss the definition of source philologically and terminologically and I show the importance of source. Section one: I explain fraud and its effect in the difference of Hadith and its effect in the jurist difference. Section two: I discuss the alienated and their effects on Hadith difference, and its effect in the jurist difference. Chapter two: devoted to the differences in the body, and it falls in eight sections: Section one: I discuss the Hadith story in sense, and its effect in the jurist difference. Section two: I show the difference of Hadith to the Holy Quran, and its effect in the jurist difference. Section three: I explain the difference of Hadith to another strong one, and its effect in the jurist difference.

Section four: I talk about the difference of Hadith legal opinion narrator and its effect in the jurist difference. Section five: I discuss the contradiction of Hadith to the analogy, and its effect in the jurist difference. Section six: I talk about the difference of Hadith to the work of people in al-Madeina, and its effect in the jurist difference. Section seven: I talk about the difference of Hadith to the general rules and its effect in the jurist difference. Section eight: I explain the difference of Hadith because of the abbreviation, and its effect in the jurist difference. Chapter three: I devoted it to the participated differences between source and body, and it falls into eleven sections: Section one: I discuss the influence of doubt in the difference of Hadith and its effect in the jurist difference. Section two: I tackle the sickness and its relevance. Section three: I elaborate the types of sickness in source. Section four: I discuss the sickness in the body. Section five: I devoted it to the addition in the source and body. Section six: I show the difference between trust with trust. Section seven: I explain the difference debilitated with trust. Section eight: I explain in details the implication. Section nine: I discuss the difference because of the narrator. Section ten: I mention the difference because of the topple. Section eleven: I discuss the difference because of distortion. And I explicate all Hadith in the thesis, via authentic books of Hadith which narrators use. I explicate in details in some

places, because the subject needs that; since the differences in the source and body can not be realized without gathering the methods of Hadith from its own sources .. I arrange in the explication according to date of death, and I depend on authentic versions of printed books. I exert a lot of offers to explain the level of each Hadith in the thesis following imams sayings and depending on the Hadith rules which is established by great imam figures. I translate to the mentioned figures in the thesis when it is mentioned for the first time. The summary sums up the findings of the thesis.

ثبت المراجع

ثبت المراجع 1 - إتحاف ذوي الرسوخ: كتبه الشَّيْخ حماد بن مُحَمَّد الأنصاري، مكتبة المعلا، الكويت، الطبعة الأولى، 1406هـ‍-1985م. 2 - إتحاف المهرة بالفوائد المبتكرة من أطراف الكتب العشرة: لابن حجر العسقلاني (ت852 هـ‍) تحقيق وإخراج: لجنة من المختصين نشر الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، الطبعة الأولى، 1992 - 1998م. 3 - الآثار: لمحمد بن الحسن الشيباني (ت189هـ‍)، إدارة القرآن، باكستان. 4 - أثر علل الْحَدِيْث في اختلاف الفقهاء: ماهر ياسين فحل، دار عمار، الأردن، الطبعة الأولى، 2000 م. 5 - الآحاد والمثاني، لابن أبي عاصم (ت287هـ‍)، تحقيق: الدكتور باسم فيصل أحمد، دار الراية، السعودية -الرياض، الطبعة الأولى، 1411هـ‍م. 6 - الأحاديث المختارة: تصنيف الشَّيْخ ضياء الدين المقدسي (ت643هـ‍) تحقيق: عَبْد الملك بن عَبْد الله بن دهيش، مكتبة النهضة الحديثة، مكة المكرمة، الطبعة الأولى، 1410هـ‍-1990م. 7 - الإحسان في تقريب صَحِيْح ابن حبان: للأمير ابن بلبان الفارسي، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الأولى، 1988م. 8 - الإحكام: لابن دَقِيْقِ العِيْدِ (ت702هـ‍)، تحقيق: العلامة أحمد مُحَمَّد شاكر، عالم الكتب، بيروت، الطبعة الأولى، 1374هـ‍-1955م. 9 - إحكام الأحكام: لسيف الدين الآمدي (ت 631هـ‍)، مؤسسة الحلبي وشركاؤه، القاهرة 1967م. 10 - الأحكام السلطانية: لعلي بن مُحَمَّد بن حبيب الماوردي (ت450هـ‍)، وبهامشه أقباس الأنام في تخريج أحاديث الأحكام، بغداد، 1409هـ‍-1989م. 11 - إحكام الفصول في أحكام الأصول: للباجي (ت 474هـ‍)، تحقيق: عَبْد الله الجبوري، مؤسسة الرسالة. الرباط، الطبعة الأولى، 1989م. 12 - الإحكام في أصول الأحكام: لابن حزم الأندلسي (ت456هـ‍)، قدم لَهُ الدكتور إحسان عَبَّاسٍ، منشورات دار الأفاق الجديدة/بيروت ط1/ 1400هـ‍- 1980م.

13 - أحكام القرآن: للجصاص (ت370هـ‍)، دار الكِتَاب العربي، بيروت -لبنان، الطبعة الأولى، 1335. 14 - الأحكام الوسطى: للأشبيلي (ت582هـ‍)، تحقيق: حمدي السلفي، وصبحي السامرائي، مكتبة الرشد، السعودية -الرياض، 1416هـ‍م. 15 - أخبار أصفهان: لأبي نُعَيْم الأصفهاني (ت430هـ‍)، طبع بمطبعة بريل في مدينة ليدن، 1931 م. 16 - اختصار علوم الْحَدِيْث: للحافظ ابن كَثِيْر (ت774هـ‍)، شرح وتعليق: أحمد شاكر وناصر الدين الألباني، تحقيق: عَلِيّ بن حسن بن عَلِيّ، دار العاصمة، السعودية -الرياض، النشرة الأولى، 1415 هـ‍. 17 - اختلاف الْحَدِيْث: للشافعي (204هـ‍)، تحقيق: الأستاذ مُحَمَّد أحمد عَبْد العزيز، دار الكتب العلمية، بيروت -لبنان، الطبعة الأولى 1406هـ‍- 1986م .. 18 - الإختيار لتعليل المختار: لابن مودود الموصلي (ت683هـ‍)، تعليق: الشَّيْخ مَحْمُوْد أبي دقيقة، دار الكتب العلمية، بيروت -لبنان. 19 - أخلاق النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: لأبي الشَّيْخ (ت369هـ‍)، تحقيق: أحمد مُحَمَّد مرسي، مكتبة النهضة، القاهرة، 1972م. 20 - أدب الإملاء والاستملاء: لأبي سعد السمعاني (ت 562 هـ‍)، طبع بمطبعة بريل في مدينة ليدن، 1952 م. 21 - الأدب المفرد: للبخاري (ت 256 هـ‍)، نشره: قصي محب الدين الخطيب، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، القاهرة، الطبعة الرابعة، 1955م. 22 - إرشاد الساري: لشهاب الدين القسطلاني (923هـ‍)، دار احياء التراث العربي، بيروت - لبنان. 23 - إرشاد طلاب الحقائق إلى معرفة سنن خير الخلائق: للنووي (ت 676 هـ‍)، تحقيق: عبد الباري فتح الله السلفي، دار البشائر الإسلامية، بيروت، الطبعة الأولى، 1987م. 24 - إرشاد الفحول: للشوكاني (1255هـ‍)، تحقيق: مُحَمَّد صبحي بن حسن حلاق، دار ابن كَثِيْر، دمشق وبيروت، الطبعة الأولى، 1421هـ‍-2000م.

25 - الإرشاد في مَعْرِفَة علماء الْحَدِيْث: لأبي يعلى الخليلي (ت 446هـ‍)، تحقيق: د. مُحَمَّد سعيد بن عمر إدريس، مكتبة الرشد، الرياض، الطبعة الأولى، 1989 م. 26 - إرواء الغليل: للألباني، بأشراف: مُحَمَّد زهير الشاويش، المكتب الإسلامي، بيروت ودمشق، الطبعة الثانية، 1405هـ‍- 1985م. 27 - أساس البلاغة: للزمخشري، دار صادر، بيروت - لبنان، 1979 م. 28 - أسباب اختلاف المحدّثين: الدكتور خلدون الأحدب، الدار السعودية للنشر والتوزيع. 29 - أسباب اختلاف الفقهاء: للدكتور مصطفى إبراهيم الزلمي، الدار العربية للطباعة، الطبعة الأولى، 1396هـ‍1976م. 30 - الاستبصار: لمحمد بن الحسن الطوسي (ت460هـ‍)، تعليق: مُحَمَّد بن جعفر شمس الدين، دار التعارف، بيروت -لبنان، 1412هـ‍-1991م. 31 - الاستذكار: لابن عَبْد البر (463هـ‍)، دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان، الطبعة الأولى، 1421هـ‍- 2001 م. 32 - الاستيعاب: لابن عَبْد البر، مطبوع بهامش الإصابة، دارصادر بيروت. 33 - أسد الغابة في معرفة الصحابة: لعز الدين بن الأثير (ت 630هـ‍)، تحقيق: محمد إبراهيم البنا وجماعة، دار الشعب، القاهرة. 34 - أسماء المدلسين: للسيوطي (ت 911هـ‍) مطبوع ضمن ثلاث رسائل في علوم الحديث، تحقيق: علي حسن علي عبد الحميد، الوكالة العربية للتوزيع والنشر، الزرقاء. 35 - الأسماء والصفات: للبيهقي (ت 458 هـ‍)، تحقيق: محمد زاهد الكوثري، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان. 36 - أسهل المدارك إِلَى فقه الإمام مالك: جمعه أبو بكر بن حسن الكشناوي، الطبعة الثانية، دار الفكر، بيروت - لبنان. 37 - الإشراف: لأبي بكر مُحَمَّد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري (ت318هـ‍)، قدم لَهُ وخرج أحاديثه: عَبْد الله عمر البارودي، دار الفكر، بيروت - لبنان، 1414هـ‍- 1993م.

38 - الإصابة في تمييز الصَّحَابَة: لابن حجر العسقلاني (ت 852هـ‍)، دار صادر، بيروت. 39 - أصول اعتقاد أهل السُّنَّة: لأبي القاسم اللالكائي (ت418هـ‍): تحقيق: الدكتور أحمد سعد حمدان. 40 - أصول الْحَدِيْث: للدكتور مُحَمَّد عجاج الْخَطِيْب، دار الفكر الْحَدِيْث - لبنان، الطبعة الأولى، 1386هـ‍- 1967م. 41 - أصول الفقه: للسرخسي (ت 490هـ‍)، تحقيق: أبي الوفاء الأفغاني، دار الْمَعْرِفَة للطباعة والنشر - بيروت - لبنان. 42 - أصول الفقه الإسلامي في نسيجه الجديد: للدكتور مصطفى إبراهيم الزلمي، الطبعة الخامسة، 1999م. طبع في شركة الخنساء - بغداد. 43 - أطراف الغرائب والأفراد: لابن طاهر المقدسي (ت507هـ‍)، تحقيق، مَحْمُوْد مُحَمَّد نصار والسيد يوسف، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، الطبعة الأولى،1419هـ‍- 1998م. 44 - الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار: للحازمي (ت 584 هـ‍)، دار احياء التراث العربي، بيروت، لبنان. 45 - الاعتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد: للبيهقي (ت 458هـ‍)، تحقيق: أحمد عصام الكاتب، دار الآفاق الجديدة، الطبعة الأولى، 1981م. 46 - إعلاء السنن: للتهانوي (ت1394هـ‍)، تحقيق: حازم الْقَاضِي، دار الكتب العلمية، بيروت، - لبنان، الطبعة الأولى، 1418هـ‍- 1997م. 47 - الأعلام: للزركلي (1976م)، الطبعة الثالثة، 1389هـ‍- 1969م. 48 - إعلام الموقعين: لابن قيم الجوزية (ت751هـ‍)، تحقيق: مُحَمَّد محيي الدين عَبْد الحميد، دار الفكر، بيروت - لبنان، الطبعة الأولى 1374هـ‍- 1955م، والطبعة الثانية في 1397هـ‍- 1977م. 49 - الإغتباط: لإبراهيم بن مُحَمَّد بن خليل (ت841هـ‍)، تحقيق فواز أحمد زمرلي، دار الكِتَاب العربي، بيروت - لبنان، الطبعة الأولى، 1408هـ‍- 1988م. 50 - الإفصاح: لأحمد بن مُحَمَّد بن عَلِيّ الهيتمي (ت973هـ‍)، تحقيق: مُحَمَّد شكور

المياديني، دار عمار، الأردن - عمان، 1406 هـ‍. 51 - الأفعال: لابن القطاع (ت515هـ‍)، عالم الكتب، بيروت، الطبعة الأولى، 1403هـ‍- 1983م. 52 - الاقتراح في بيان الاصطلاح: لابن دقيق العيد (ت 702هـ‍)، تحقيق: د. قحطان عبد الرحمان الدوري، مطبعة الإرشاد - بغداد، 1402هـ‍- 1982م. 53 - الإقناع في الفقه الشافعي: لعلي بن مُحَمَّد بن حبيب الماوردي (ت450هـ‍)، تحقيق: خضر مُحَمَّد خضر، مكتبة دار العروبة، الكويت - الصفاة، الطبعة الأولى،1402هـ‍- 1982م. 54 - الإكمال في رفع الارتياب عن المؤتلف والمختلف في الأسماء والكنى والأنساب: لابن ماكولا (ت 475هـ‍)، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1411هـ‍- 1990م. 55 - إكمال المعلم بفوائد مسلم: للقاضي عياض (ت 544هـ‍)، تحقيق: د. يَحْيَى إسماعيل، دار الوفاء، مصر، الطبعة الأولى، 1419هـ‍- 1998 م. 56 - ألفية السيوطي في علم الحديث: للسيوطي (ت 911هـ‍)، شرح: أحمد محمد شاكر، دار المعرفة، بيروت، لبنان. 57 - الإلزامات والتتبع: للدارقطني (ت385هـ‍)، تحقيق: الشَّيْخ أبي عَبْد الرَّحْمَان مقبل بن هادي الوادعي، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، الطبعة الثانية، 1405هـ‍- 1985م. 58 - الإلماع: للقاضي عِيَاض بن موسى اليحصبي (ت544هـ‍)، تحقيق: السَّيِّد أحمد صقر، دار التراث (القاهرة)، والمكتبة العتيقة (تونس)، 1398هـ‍-1978م. 59 - الأم: للإمام الشَّافِعِيّ (ت 204هـ‍)، أشرف عَلَى طبعه وتصحيحه: مُحَمَّد زهري النجار، الناشر: مكتبة الكليات الأزهرية، القاهرة، مصر، 1381هـ‍-1961م. 60 - الأموال: لابن زنجويه (ت251هـ‍)، تحقيق: شاكر ذيب فياض، الرياض. 61 - الأنساب: لأبي سعد السمعاني (ت 562 هـ‍)، وضع حواشيه: مُحَمَّد عَبْد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، الطبعة الأولى، 1419هـ‍- 1998 م. 62 - الانصاف: للمرداوي (ت885هـ‍)، تحقيق: مُحَمَّد حامد الفقي، الطبعة الأولى،

1374 - هـ‍- 1955 م. 63 - أنيس الفقهاء: لقاسم بن عَبْد الله بن أمير القونوي (ت978هـ‍) تحقيق: د. أحمد عَبْد الرزاق الكبيسي، دار الوفاء، جدة، الطبعة الأولى، 1406 هـ‍. 64 - الأوسط: لابن المنذر (ت318هـ‍)، تحقيق: د. أبي حماد صغير أحمد بن مُحَمَّد حنيف، دار طيبة، السعودية - الرياض، الطبعة الأولى، 1405هـ‍- 1985م. 65 - أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك: لابن هشام الأنصاري (ت 761هـ‍)، تحقيق: عبد المتعال الصعيدي، دار العلوم الحديثة، بيروت - لبنان 1402هـ‍- 1982م. 66 - الإيمان: لابن منده، تحقيق: علي بن محمد الفقيهي، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1406هـ‍. 67 - الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث: أحمد محمد شاكر، مكتبة محمد علي صبيح، مصر، الطبعة الثالثة، ونسخة بتحقيق: علي بن حسن بن علي الأثري، دار العاصمة، الرياض الطبعة الأولى، 1415هـ‍، وهي التي أحلنا إليها بالجزء والصفحة. 68 - البحر الَّذِي زخر: للسيوطي (ت911هـ‍)، تحقيق: أنيس أحمد، الطبعة الأولى، مكتبة الغرباء الأثرية، السعودية، 1420هـ‍- 1999 م، ونسختنا الخطبة الخاصة عن دار صدام برقم (8638/ 1). 69 - البحر الرائق: لزين بن إبراهيم بن مُحَمَّد (ت970هـ‍)، دار الْمَعْرِفَة، بيروت. 70 - البحر الزخار: للإمام أحمد بن يَحْيَى المرتضى (ت840هـ‍)، وبهامشه كتاب جواهر الأخبار والآثار، تحقيق: مُحَمَّد بن يَحْيَى الصعدي، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الأولى، 1366هـ‍- 1947م. 71 - البحر المحيط في أصول الفقه: للزركشي (ت 794هـ‍)، حرّره: عمر سليمان الأشقر، منشورات وزارة الأوقاف، الكويت، الطبعة الأولى، 1409هـ‍- 1988 م. 72 - بدائع الصنائع: للإمام علاء الدين أبي بكر بن مسعود الكاساني (ت587هـ‍)، دار الكِتَاب العربي، بيروت - لبنان، الطبعة الثانية، 1402هـ‍- 1982م. 73 - بدائع الفوائد: لابن قيم الجوزية (ت751هـ‍)، بدون تاريخ ودار النشر.

74 - بداية المجتهد: للإمام أبي الوليد مُحَمَّد بن أحمد القرطبي (ت595هـ‍)، دار الفكر. 75 - البداية والنهاية: لابن كثير (ت 774 هـ‍)، مكتبة المعارف، بيروت ومكتبة النصر، الرياض، 1966 م. 76 - بذل المجهود في حل أبي داود: خليل أحمد السهارنفوري (ت 1346هـ‍)، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان. 77 - البرهان في أصول الفقه: لإمام الحرمين الجويني (ت478هـ‍)، تحقيق: د. عبد العظيم محمود الديب، دار الوفاء للطباعة والنشر، المنصورة -مصر، الطبعة الثانية (1418هـ‍-1997م). 78 - بغية الباحث: للإمام عَلِيّ بن سليمان الهيثمي (ت807هـ‍)، تحقيق: الدكتور حسين أحمد صالح الباكري، الطبعة الأولى، السعودية، 1413هـ‍- 1992م. 79 - بغية الملتمس في تاريخ أهل الأندلس: أحمد بن يَحْيَى الضبي (ت 599 هـ‍)، دار الكِتَاب العربي، القاهرة، 1967 م. 80 - بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة: للسيوطي (911 هـ‍)، تحقيق: محمد أبي الفضل إبراهيم، المكتبة العصرية، بيروت. 81 - بلغة السالك: لأحمد مُحَمَّد (ت1241هـ‍)، دار الْمَعْرِفَة، بيروت، 1398هـ‍. 82 - بلوغ المرام: لابن حجر العسقلاني (ت852هـ‍)، تقديم وتصحيح: إبراهيم عسر، دار العلوم الحديثة، بيروت - لبنان، ومكتبة الشرق الجديد، العراق - بغداد. 83 - البيان والتحصيل: لأبي الوليد ابن رشد القرطبي (ت520هـ‍)، تحقيق: د. مُحَمَّد حجي، دار الغرب الإسلامي، الطبعة الأولى 1404 هـ‍- 1984م. 84 - بيان الوهم والإيهام الواقعين في كتاب الأحكام: لابن القطان الفاسي (ت 628هـ‍)، تحقيق: الحسين آيت سعيد، دار طيبة، الرياض، الطبعة الأولى، 1418هـ‍- 1997 م. 85 - تاج العروس من جواهر القاموس: للسيد محمد مرتضى الزبيدي (ت 1205 هـ‍)، طبعة قديمة أعادت نشرها دار صادر - بيروت. 86 - التاج والإكليل: لمحمد بن يوسف العبدري (ت897هـ‍)، دار الفكر، بيروت،

الطبعة الثانية 1398هـ‍. 87 - تاريخ الإسلام ووفيات مشاهير الأعلام: للذهبي (ت748 هـ‍) تحقيق: د. عمر عَبْد السلام تدمري، الناشر: دار الكِتَاب العربي - بيروت، الطبعة الأولى. 88 - تاريخ بغداد: للخطيب البغدادي (463 هـ‍)، دار الكِتَاب العربي، بيروت - لبنان، وَقَدْ رجعت إِلَى طبعة دار الغرب، المطبوعة عام 2001. 89 - تاريخ جرجان: للسهمي (ت 427 هـ‍)، د. محمد عبد المعيد خان، عالم الكتب، بيروت، لبنان، الطبعة الثالثة، 1401 هـ‍- 1981 م. 90 - تاريخ خليفة بن خياط (ت 240 هـ‍)، تحقيق: أكرم ضياء العمري، مطبعة الآداب، النجف، 1386 هـ‍- 1967 م. 91 - تاريخ الرسل والملوك: للطبري (ت310 هـ‍)، تحقيق: محمد أبي الفضل إبراهيم، دار المعارف - القاهرة، 1971 م. 92 - التاريخ الصغير: للبخاري (ت 256 هـ‍)، تحقيق: محمود إبراهيم زايد، دار الوعي، حلب، 1397 هـ‍1977 م. 93 - تاريخ عثمان بن سعيد الدارمي عن يحيى بن معين (ت 280 هـ‍)، تحقيق: د. أحمد محمد نور سيف، دار المأمون، دمشق. 94 - التاريخ الكبير: للبخاري (ت256 هـ‍)، دار إحياء الثراث العربي، بيروت، لبنان. 95 - تاريخ مدينة دمشق: لابن عساكر (ت571 هـ‍)، دراسة وتحقيق: محب الدين أبي سعيد عمر بن غرامة العمروي، دار الفكر، بيروت، لبنان، 1415 هـ‍- 1995م. 96 - تاريخ واسط: لبحشل (أسلم بن سهل الواسطي ت 292 هـ‍)، تحقيق: كوركيس عواد، مطبعة المعارف، بغداد، 1387 هـ‍- 1967 م. 97 - التبصرة في أصول الفقه: لأبي إسحاق الشيرازي (ت 476هـ‍)، تحقيق: محمد حسن هيتو، دار الفكر، بيروت، 1400هـ‍-1980م. 98 - تبيين الحقائق: لفخر الدين عثمان بن عَلِيّ الزيلعي، دار الْمَعْرِفَة، بيروت - لبنان، الطبعة الثانية. 99 - التبيين في أسماء المدلسين: إبراهيم بن مُحَمَّد بن سبط الطرابلسي (ت841هـ‍)، تحقيق: مُحَمَّد إبراهيم الموصلي، مؤسسة الريان، بيروت، الطبعة الأولى، 1414 هـ‍

- 1994 م. 100 - تجريد أسماء الصحابة: للذهبي (ت 748هـ‍)، دار المعرفة، بيروت - لبنان. 101 - التحرير: للكمال بن الهمام، مطبوع بهامش كتاب "تيسير التحرير" لأمير بادشاه، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، القاهرة، 1350 هـ‍. 102 - تحرير تقريب التهذيب: لابن حجر العسقلاني (ت 852هـ‍) تأليف: د. بشار عواد معروف والشيخ شعيب الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الأولى، 1417هـ‍- 1997م. 103 - تحفة الأحوذي: للإمام أبي العلى المباركفوري (ت1353هـ‍)، صححه: عَبْد الرَّحْمَان مُحَمَّد عثمان، دار الفكر. 104 - تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف: للمزي (ت 742هـ‍) صححه وعلّق عليه: عبد الصمد شرف الدين، دار القيمة - الهند، 1965م، ورجعنا إِلَى طبعة دار الغرب الإسلامي المطبوعة عام 1999 م بتحقيق الدكتور بشار عواد معروف. 105 - التحفة اللطيفة في تأريخ المدينة الشريفة: لمحمد بن عَبْد الرَّحْمَان السخاوي، (ت902هـ‍)، ط أسعد طرا بزوني الْحُسَيْن، 1399هـ‍- 1979 م. 106 - تدريب الرَّاوِي في شرح تقريب النواوي: للسيوطي (ت911 هـ‍)، تحقيق: عَبْد الوهاب عَبْد اللطيف، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، الطبعة الثالثة، 1409هـ‍- 1989م. 107 - تذكرة الحفاظ: للذهبي (ت 748هـ‍)، تحقيق: المعلمي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان. 108 - ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك: للقاضي عياض (ت 544 هـ‍)، تحقيق: د. أحمد بكير محمود، دار مكتبة الحياة، بيروت، ودار مكتبة الفكر - ليبيا، 1387هـ‍- 1967م. 109 - تسمية من أخرج عنه البخاري ومسلم وما انفرد كل واحد: لأبي عبد الله الحاكم (ت405هـ‍) تحقيق: كمال يوسف الحوت، مؤسسة الكتب الثقافية ودار الجنان، بيروت، الطبعة الأولى، 1407 هـ‍. 110 - تصحيفات المحدثين: لأبي أحمد العسكري (ت 382 هـ‍)، تحقيق: د. محمود

أحمد ميرة، المطبعة العربية الحديثة، القاهرة، الطبعة الأولى، 1402 هـ‍. 111 - التعاريف: لمحمد بن عَبْد الرؤوف (ت 1031هـ‍)، تحقيق: الدكتور مُحَمَّد رضوان الداية، دار الفكر المعاصر، الطبعة الأولى، 1410 هـ‍. 112 - تعريف أهل التقديس: لابن حجر العسقلاني (ت852هـ‍)، تحقيق: الدكتور عاصم بن عَبْد الله الفربوتي، مكتبة المنار، الأردن، الطبعة الأولى، 1983م. 113 - التعريفات: أبو الحسن علي بن محمد بن علي الجرجاني (ت 816 هـ‍)، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد - العراق. 114 - التعليق المغني: لشمس الحق آبادي، نشر السُّنَّة، ملتان - باكستان. 115 - التعليقات الأثرية عَلَى المنظومة: قدم لها وعلق عَلَيْهَا: عَلِيّ حسن عَلِيّ عَبْد الحميد، المكتبة الإسلامية، عمان، الطبعة الأولى، 1403هـ‍- 1982 م. 116 - تغليق التعليق: لابن حجر العسقلاني (ت852هـ‍)، تحقيق: سعيد عَبْد الرَّحْمَان موسى، المكتب الإسلامي -بيروت ودمشق-، ودار عمار، الأردن - عمان - الطبعة الأولى، 1405هـ‍- 1985م. 117 - تفسير البغوي (معالم التنْزيل): للحسين بن مسعود البغوي (ت516هـ‍)، تحقيق: عَبْد الرزاق المهدي، دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان، الطبعة الأولى، 1420هـ‍-2000م. 118 - التقريب: للإمام النووي (ت676هـ‍)، تحقيق: د. عَبْد اللطيف هميم وماهر ياسين فحل، 1422هـ‍- 2001 م، منضد عَلَى الحاسوب، وطبعة دار الملاح بتحقيق الدكتور مصطفى الخن. 119 - تقريب التهذيب: لابن حجر العسقلاني (ت 852 هـ‍)، تحقيق: مُحَمَّد عوامة، ط1. 120 - التقييد والإيضاح شرح مقدمة ابن صلاح: للعراقي (ت 806 هـ‍) حققه: عبد الرحمان محمد عثمان، المكتبة السلفية، المدينة المنورة، الطبعة الأولى، 1389هـ‍- 1969م. 121 - التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير: لابن حجر العسقلاني (ت 852 هـ‍)، تحقيق: د. شعبان محمد إسماعيل، مكتبة ابن تيمية، القاهرة، واستخدمنا

طبعة دار الكتب العلمية1998 المحققة من قَبْلَ عادل عَبْد الموجود وعلي مُحَمَّد معوض. 122 - التلويح عَلَى التوضيح: لمسعود بن عمر التفتازاني (ت792هـ‍)، ضبطه وخرج أحاديثه: الشَّيْخ زكريا عميرات، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، الطبعة الأولى1416هـ‍- 1996م. 123 - التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد: لابن عبد البر (ت 463 هـ‍)، تحقيق: مصطفى بن أحمد العلوي ومحمد عَبْد الكبير البكري، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية، الطبعة الثانية، 1402هـ‍- 1982م. 124 - التمييز: لمسلم بن الحجاج (ت 261 هـ‍)، تحقيق د. محمد مصطفى الأعظمي، مطبوعات جامعة الرياض _17_ 125 - تنقيح التحقيق: لابن عَبْد الهادي الحنبلي (ت744هـ‍)، تحقيق: أيمن صالح شعبان، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، الطبعة الأولى، 1419هـ‍، 1998م. 126 - تنقيح الفصول في اختصار المحصول في الأصول: للقرافي (ت684هـ‍) تحقيق: طه عَبْد الرؤوف سعد، مكتبة الكليات الأزهرية، القاهرة، الطبعة الأولى، 1393هـ‍- 1973 م. 127 - التنكيل لما ورد في تأنيب الكوثري من الأباطيل: للمعلمي اليماني (ت 1386هـ‍)، تحقيق: محمد ناصر الدين الألباني ومحمد عبد الرزاق حمزة، دار الكتب السلفية، القاهرة، توزيع: دار الباز، عباس أحمد الباز، مكة المكرمة 128 - تنوير الحوالك شرح موطأ مالك: للسيوطي (ت911هـ‍)،دار الندوة الجديدة، بيروت-لبنان. 129 - تهذيب الأحكام: لمحمد بن الحسن الطوسي، علق عَلَيْهِ: مُحَمَّد بن جعفر شمس الدين، دار التعارف والمطبوعات، بيروت - لبنان، 1412هـ‍، 1992م. 130 - تهذيب الأسماء واللغات: للنووي (ت 676هـ‍)، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان. 131 - تهذيب التهذيب: لابن حجر العسقلاني (ت852هـ‍)، مطبعة مجلس دائرة المعارف النظامية حيد آباد الدكن، الطبعة الأولى، 1325هـ‍.

132 - تهذيب سنن أبي داود: لابن قيم الجوزية (ت 751 هـ‍)، تحقيق: أحمد شاكر ومحمد حامد الفقي، مطبعة أنصار السُّنَّة المحمدية، القاهرة، 1367هـ‍. 133 - التهذيب في فقه الإمام الشَّافِعِيّ: لأبي مُحَمَّد الْحُسَيْن بن مسعود بن مُحَمَّد البغوي (ت516هـ‍)، تحقيق: الشَّيْخ عادل أحمد عَبْد الموجود والشيخ عَلِيّ معوض، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، الطبعة الأولى 1418هـ‍- 1997م. 134 - تهذيب الكمال في أسماء الرجال: للمزي (ت 742هـ‍)، تحقيق: د. بشار عواد معروف مؤسسة الرسالة، بيروت - لبنان، الطبعة الأولى، 1400هـ‍-1980م. والطبعة الأخيرة في 1998 م ذات المجلدات الثماني، وإليها العزو عِنْدَ الإطلاق. 135 - تهذيب اللغة: للأزهري (ت 370 هـ‍)، تحقيق: عبد السلام هارون، الدار المصرية للتأليف والترجمة، القاهرة، 1384هـ‍- 1964م. 136 - توثيق النصوص: للدكتور موفق بن عَبْد الله بن عَبْد القادر، دار البشائر الإسلامية، بيروت - لبنان، الطبعة الأولى، 1414هـ‍1993 م. 137 - توجيه النظر: لطاهر الجزائري الدمشقي (ت1338هـ‍)، اعتناء عَبْد الفتاح أبي غدة، مكتب المطبوعات الإسلامية، حلب، 1416هـ‍- 1995م. 138 - التوحيد: لابن خزيمة (ت311هـ‍)، راجعه وعلق عَلَيْهِ مُحَمَّد خليل هراس، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، 1403هـ‍- 1983م. 139 - توضيح الأفكار لمعاني تنقيح الأنظار: للأمير الصنعاني (ت 1182هـ‍) تحقيق: مُحَمَّد محيي الدين عَبْد الحميد، مطبعة السعادة، مصر، الطبعة الأولى، 1366هـ‍. 140 - تيسير التحرير: لمحمد أمين المعروف بأمير بادشاه، دار الفكر 141 - الثقات: للعجلي (ت261هـ‍)، تحقيق: عَبْد العليم عَبْد العظيم البستوي، مكتبة الدار،، الطبعة الأولى - المدينة المنورة 1405هـ‍- 1985م. 142 - الثقات: لابن حبان البستي (ت 354 هـ‍)، دار الفكر، بيروت. 143 - الثمر الداني: لصالح عَبْد السميع الأزهري، المكتبة الثقافية، بيروت. 144 - جامع الأصول في أحاديث الرسول ?: لمجد الدين بن الأثير (ت 606هـ‍) تحقيق: عبد القادر الأرناؤوط، مطبعة الملاح، الطبعة الأولى، 1969م. 145 - جامع بيان العلم وفضله وما ينبغي في روايته وحمله: لابن عبد البر (ت463 هـ‍)

تحقيق: عبد الرحمان محمد عثمان، المكتبة السلفية، بالمدينة المنورة، مطبعة العاصمة، القاهرة الطبعة الثانية، 1968 م. 146 - جامع البيان في تفسير القرآن: للطبري (ت310 هـ‍)، دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت - لبنان، الطبعة الثانية،1392 هـ‍- 1972 م. 147 - جامع التحصيل في أحكام المراسيل: للعلائي (ت 761 هـ‍)، تحقيق: حمدي عبد المجيد السلفي، عالم الكتب، الطبعة الثانية، 1407 هـ‍- 1986 م. 148 - الجامع الصحيح (صحيح البخاري): للبخاري (ت 256 هـ‍)، دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان، وهي التي أحلنا إليها بالجزء والصفحة أما الرقم فهو من فتح الباري. 149 - الجامع الصحيح (صحيح مسلم): مسلم بن الحجاج (ت 261 هـ‍)، تحقيق وترقيم: محمد فؤاد عبد الباقي، دار الحديث، القاهرة، وهي الطبعة التي أحلنا إليها بالرقم أما الجزء والصفحة فهو للطبعة الإستانبولية المطبوعة عام 1263 هـ‍. 150 - الجامع الكبير: للترمذ ي (ت 279 هـ‍)، تحقيق: د بشار عواد معروف، دار الغرب الإسلامي، بيروت،1996 (كَذَا) م. 151 - الجامع لأحكام القرآن: للقرطبي (ت 671 هـ‍)، مطبوعات دار الشعب، مصر. 152 - الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع: للخطيب البغدادي (ت 463هـ‍) تحقيق: د. محمود الطحان، مكتبة المعارف، الرياض، 1403هـ‍- 1983م. 153 - الجامع: لمعمر بن راشد (ت150 هـ‍)، مطبوع في آخر مصنف عبد الرزاق. 154 - الجرح والتعديل: لابن أبي حاتم (ت327 هـ‍)، مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية بحيدرآباد الدكن - الهند، الطبعة الأولى، 1371 هـ‍- 1952 م. 155 - جزء رفع اليدين: للبخاري (ت256هـ‍)، تصنيف: بديع الدين شاه الراشدي السندي، مؤسسة الكتب الثقافية، بيروت - لبنان، الطبعة الأولى، 1409 هـ‍- 1989م. 156 - الجعديات: لعلي بن الجعد (ت230هـ‍)، تحقيق: الدكتور عَبْد المهدي بن عَبْد القادر، مكتبة الفلاح. 157 - جمع الجوامع (بشرح الجلال المحلي): تاج الدين بن السبكي (ت771 هـ‍)،

والشرح لجلال الدين محمد بن محمد المحلي (ت 864 هـ‍)، مطبعة مصطفى الحلبي 1349 هـ‍. 158 - جواهر البلاغة: أحمد الهاشمي، المكتبة التجارية الكبرى بمصر، 1379هـ‍- 1960م. 159 - الجوهر النقي: لعلي بن عثمان المارديني (ت745هـ‍)، المطبوع مَعَ السنن الكبرى للبيهقي. 160 - حاشية الأجهوري عَلَى شرح الزرقاني: لعطية الله بن عطية البرهاني الأجهوري، طبعة الحلبي، مصر، 1368 هـ‍. 161 - حاشية البجيرمي عَلَى منهج التجريد لنفع العبيد: للشيخ سليمان بن عمر بن مُحَمَّد، مكتبة مصطفى البابي الحلبي - القاهرة، الطبعة الأخيرة، 1369 هـ‍- 1950 م. 162 - حاشية الدسوقي: لمحمد بن عرفة الدسوقي، تحقيق: مُحَمَّد عليش، دار الفكر، بيروت. 163 - حاشية رد المحتار: لمحمد أمين الشهير بابن عابدين، دار الفكر، 1399هـ‍- 1979م. 164 - حاشية الرهوني: لمحمد بن أحمد الرهوني، دار الفكر بيروت، الطبعة الأولى، 1398هـ‍- 1978م. 165 - حاشية الطحطاوي عَلَى مراقي الفلاح: لأحمد بن مُحَمَّد بن إسماعيل الطحطاوي (ت1231هـ‍)، مكتبة البابي الحلبي، مصر، الطبعة الثالثة، 1318هـ‍. 166 - حاشية العدوي: لعَلِيّ الصعيدي العدوي المالكي، تحقيق: يوسف الشَّيْخ مُحَمَّد البقاعي، دار الفكر، بيروت، 1412هـ‍. 167 - حاشية ابن القيم عَلَى سنن أبي داود: لمحمد بن أبي بكر أيوب الزرعي (ت751هـ‍)، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الثانية، 1415هـ‍- 1995م. 168 - الحاوي الكبير: لعلي بن مُحَمَّد الماوردي (ت450هـ‍)، تحقيق: الدكتور مَحْمُوْد مطرجي، دار الفكر، بيروت - لبنان، 1414هـ‍- 1994م. 169 - الحجة عَلَى أهل المدينة: لمحمد بن الحسن الشيباني (ت189هـ‍)، تعليق:

مهدي حسن الكيلاني، عالم الكتب، بيروت، الطبعة الثالثة، 1403هـ‍- 1983م. 170 - الْحَدِيْث المعلل: خليل إبراهيم ملا خاطر، دار الوفاء، جدة - المملكة العربية السعودية، الطبعة الثانية 1407هـ‍. 171 - الْحَدِيْث المعلول قواعد وضوابط: حمزة المليباري، دار ابن حزم، الطبعة الأولى، 1416هـ‍- 1996 م. 172 - حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة: لجلال الدين السيوطي (ت911هـ‍)، تحقيق: مُحَمَّد أبي الفضل إبراهيم، دار إحياء الكتب العربية، القاهرة، الطبعة الأولى، 1967م. 173 - حلية الأولياء وطبقات الأصفياء: لأبي نُعَيْم الأصفهاني (ت430 هـ‍)، المكتبة السلفية. 174 - الخلاصة: للنووي، نسختنا الخطية الخاصة المصورة عن الأصل المحفوظ بالمكتبة السعيدية بالهند. 175 - الخلاصة: لصفي الدين الخزرجي (ت923هـ‍) مكتبة المطبوعات الإسلامية، بيروت - لبنان. 176 - خلاصة البدر المنير تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في الشرح الكبير: لابن الملقن (ت804هـ‍)، تحقيق: حمدي عَبْد المجيد السلفي، دار الرشد، الرياض، الطبعة الأولى. 177 - خلاصة تذهيب تهذيب الكمال في أسماء الرجال: لصفي الدين الخزرجي (ت 923 هـ‍) مكتبة المطبوعات الإسلامية، بيروت، لبنان، حلب - سورية. 178 - خلق أفعال العباد: للبخاري (ت 256 هـ‍)، مكة المكرمة، 1990م. 179 - الدرر الكامنة في أعيان المئة الثامنة: لابن حجر العسقلاني (ت 852 هـ‍)، بعناية: سالم الكرنكوي الألماني، مطبعة دائرة المعارف، حيدرآباد الدكن، الهند، 350 هـ‍. 180 - درة الحجال: لأبي العباس أحمد بن مُحَمَّد المكناسي (ت1025هـ‍)، تحقيق: مُحَمَّد الأحمدي أبي النور، دار التراث، القاهرة مَعَ المكتبة العتيقة بتونس، الطبعة الأولى، 1390هـ‍- 1970م. 181 - دلائل النبوة ومعرفة أحوال صاحب الشريعة: للبيهقي (ت 458 هـ‍)، تحقيق:

الدكتور عَبْد المعطي قلعجي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1985م. 182 - دلائل النبوة: لأبي بكر جعفر بن مُحَمَّد الفريابي (ت301هـ‍): تحقيق: عامر حسن صبري، دار حراء، مكة المكرمة، الطبعة الأولى، 1406 هـ‍. 183 - دليل الطَّالِب: لمرعي بن يوسف الحنبلي، المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة الثانية، 1389هـ‍. 184 - دول الإسلام: للحافظ الذهبي (ت748هـ‍)، تحقيق: فهيم مُحَمَّد شلتوت، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1974 م. 185 - الديباج: لعبد الرَّحْمَان بن أبي بكر أبي الفضل السيوطي (ت911هـ‍)، تحقيق: أبي إسحاق الحويني، دار ابن عفان، السعودية، 1416هـ‍- 1996م. 186 - ديوان الإمام الشافعي (ت 204 هـ‍): جمع وتعليق: محمد عفيف الزعبي - مكتبة الشرق الجديد، بغداد، الطبعة الأولى، 1988م. 187 - ديوان الضعفاء والمتروكين: للذهبي (ت 748 هـ‍)، تحقيق: لجنة من العلماء بإشراف الناشر، دار القلم، بيروت، الطبعة الأولى، 1988م. 188 - ذيل تاريخ بغداد: لابن النجار (ت 643 هـ‍)، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان. 189 - الرحلة في طلب الْحَدِيْث: للخطيب البغدادي (ت 463 هـ‍) تحقيق: نور الدين عتر دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 1975م. 190 - رحمة الأمة: لمحمد بن عَبْد الرَّحْمَان الدمشقي، مكتبة سعد، الطبعة الأولى، بغداد 1990م. 191 - الرسالة: للإمام الشَّافِعِيّ، تحقيق: أحمد مُحَمَّد شاكر، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، مصر، الطبعة الأولى، 1358هـ‍. وطبعتنا الجديدة المطبوعة في دار الكتب العلمية 2002م. 192 - رسالة أَبِي داود إِلَى أهل مكة: لأبي داود السجستاني (ت275هـ‍)، مطبوع في مقدمة الجزء الأول من بذل المجهود في حل أبي داود للسهارنفوري (ت1346هـ‍)، دار الكتب العلمية، بيروت. 193 - الرسالة المستطرفة لبيان مشهور كتب السنة المشرفة: للسيد محمد بن جعفر الكتاني، دار الفكر، دمشق، الطبعة الثالثة، 1964م.

194 - الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين: لأبي يعلى مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الفراء (ت526هـ‍) نسختنا الخطية الخاصة. 195 - الروض البسام بترتيب وتخريج فوائد تمام: لجاسم بن سليمان الدوسري، دار البشائر الإسلامية، بيروت - لبنان، الطبعة الأولى، 1410هـ‍- 1989م. 196 - روضة الطالبين: للنووي (ت 676 هـ‍)، المكتب الإسلامي، بيروت، لبنان. 197 - الروض النضير: للقاضي شرف الدين الْحُسَيْن بن أحمد سياغي (ت1211هـ‍)، مكتبة المؤيد، الطائف، الطبعة الثانية، 1388 هـ‍. 198 - زاد المعاد في هدي خير العباد: لابن قيم الجوزية (ت 751 هـ‍)، تحقيق: شعيب الأرناؤوط وعبد القادر الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة، الطبعة الثالثة عشرة، 1986 م. 199 - سبل السلام شرح بلوغ المرام: للأمير الصنعاني (ت 1182هـ‍)، دار الفكر، بيروت 200 - سلسلة الأحاديث الصحيحة: محمد ناصر الدين الألباني - المكتب الإسلامي، بيروت - لبنان، الطبعة الثالثة، 1983م. 201 - سلسلة الأحاديث الضعيفة: لمحمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي، بيروت ودمشق، الطبعة الخامسة، 1405 - 1985م. 202 - السنن: للدارقطني (ت 385هـ‍)، مكتبة المتنبي، القاهرة. 203 - السنن: لأبي داود السجستاني (ت 275 هـ‍)، مراجعة: محمد محي الدين عبد الحميد، دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان. 204 - السنن: للدارمي (ت 255هـ‍)، تحقيق: عبد الله هاشم اليماني، دار المحاسن، القاهرة، 1966م. 205 - السنن: لسعيد بن منصور (ت 227 هـ‍)،تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي، طبع الهند،1387هـ‍. 206 - السنن: لابن ماجه القزويني (ت 275 هـ‍)،تحقيق د. بشارعواد معروف، دار الجيل، بيروت، الطبعة الأولى، 1998م. 207 - السنن الصغرى: للإمام أحمد بن الْحُسَيْن البَيْهَقِيّ (ت458هـ‍)، تحقيق: د. مُحَمَّد ضياء الرَّحْمَان الأعظمي، مكتبة الدار بالمدينة المنورة، الطبعة الأولى 1989 م.

208 - السنن الكبرى: للنسائي (ت 303هـ‍) تحقيق: الدكتور عبد الغفار سليمان البنداري وسيد كسروي: دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1991 م. 209 - السنن الكبرى: للبيهقي (ت 458 هـ‍)، مطبعة دائرة المعارف النظامية، حيدرآباد الدكن، الهند، الطبعة الأولى، 1344 هـ‍. 210 - السنن المأثورة: للإمام مُحَمَّد بن إدريس الشَّافِعِيّ (ت204هـ‍)، تعليق: الدكتور عَبْد المعطي أمين قلعجي، مكة المكرمة. 211 - السنن (المجتبى): للنسائي بشرح السيوطي وحاشية السندي، دار الْحَدِيْث، القاهرة، 1407هـ‍- 1987م. 212 - السُّنَّة ومكانتها في التشريع الإسلامي: للدكتور مصطفى السباعي، الطبعة الثانية، 1396هـ‍، المكتب الإسلامي. 213 - سؤالات ابن الجنيد للإمام يحيى بن معين، تحقيق: د. أحمد محمد نور سيف، مكتبة الدار، المدينة المنورة، الطبعة الأولى، 1988م. 214 - سؤالات أبي داود للإمام أحمد بن حنبل في جرح الرواة، تحقيق: زياد محمد منصور، مكتبة العلوم والحكم، المدينة المنورة، الطبعة الأولى، 1414 هـ‍. 215 - سؤالات البرذعي لأبي زرعة: لعبيد الله بن عَبْد الكريم الرازي أبي زرعة، تحقيق: الدكتور سعدي الهاشمي، دار الوفاء، مصر - المنصورة، الطبعة الثانية، 1409هـ‍. 216 - سؤالات ابن محرز: تحقيق: عَلِيّ حسن عَلِيّ عَبْد الحميد، دار عمار، الأردن - عمان 217 - سير أعلام النبلاء: للذهبي (ت 748 هـ‍)، تحقيق: جماعة بإشراف شعيب الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة، الطبعة الرابعة، 1986م. 218 - السيل الجرار: للشوكاني (ت1250هـ‍)، تحقيق: مَحْمُوْد إبراهيم زايد، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، الطبعة الأولى، 1405هـ‍- 1985م. 219 - الشافي العي: للسيوطي (ت911هـ‍) منضد عَلَى الحاسوب بتحقيقنا عن النسخة الخطية الفريدة في العالم الَّتِي بخط ابن الديبع عن الأصل المحفوظ بمكتبة أوقاف بغداد.

220 - الشذا الفياح من علوم ابن الصلاح: للأبناسي (ت 802 هـ‍)، تحقيق: صلاح فتحي هلل، مكتبة الرشد، الرياض، الطبعة الأولى، 1998م. 221 - شذرات الذهب في أخبار من ذهب: لابن عماد الحنبلي (ت 1089هـ‍)، دار الآفاق الجديدة، بيروت. 222 - شرائع الإسلام: لجعفر بن الحسن (ت676هـ‍)، تحقيق: عَبْد الْحُسَيْن مُحَمَّد عَلِيّ. 223 - شرح ألفية الأثر: للسيوطي (ت911هـ‍)، تحقيق: أنيس بن أحمد بن طاهر، مكتبة الغرباء الأثرية، السعودية، المدينة المنورة، الطبعة الأولى، 1420هـ‍- 1999م. 224 - شرح ألفية العراقي: للسيوطي (ت 911 هـ‍) القسم الأول - تحقيق: عبد الله كريم عليوي الناصري - رسالة ماجستير من كلية العلوم الإسلامية - جامعة بغداد، منضدة على الحاسوب، 2000 م. 225 - شرح ألفية العراقي: للسيوطي (ت 911 هـ‍)، القسم الثاني، تحقيق: حسن عَلِيّ- رسالة ماجستير من كلية العلوم الإسلامية- جامعة بغداد، منضدة عَلَى الحاسوب، 2000م. 226 - شرح التبصرة والتذكرة: للحافظ عَبْد الرحيم بن الْحُسَيْن العراقي (806هـ‍)، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، وطبعتنا بتحقيق: الدكتور عَبْد اللطيف هميم وماهر ياسين فحل، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، 1423هـ‍- 2002م. 227 - شرح الدردير مَعَ حاشية الدسوقي: لأحمد بن مُحَمَّد بن أحمد العدوي (ت1201هـ‍)، دار الفكر، بيروت. 228 - شرح الديباج المذهب: لإبراهيم بن عَلِيّ بن مُحَمَّد اليعمري، دار الكتب العلمية، بيروت. 229 - شرح زيد بن أرسلان: لمحمد بن أحمد الرملي الأنصاري (ت1004هـ‍)، دار الْمَعْرِفَة، بيروت. 230 - شرح الزرقاني: لمحمد بن عبد الباقي الزرقاني (ت1122هـ‍)، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1411هـ‍.

231 - شرح الزركشي عَلَى مَتْن الخِرَقِيّ: لمحمد بن عَبْد الله الزركشي (ت794هـ‍)، تحقيق: الدكتور عَبْد الملك بن عَبْد الله بن دهيش، دار خضر، بيروت - لبنان، الطبعة الثانية، 1418هـ‍- 1997 م. 232 - شرح السُّنَّة، للبغوي (ت 516 هـ‍)، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، المكتب الإسلامي، الطبعة الثانية، 1983م. 233 - شرح شرح النخبة: لعلي بن سلطان القاري، مطبعة أخوات دار السلطنة السنية العثمانية، 1327هـ‍. 234 - شرح صَحِيْح مُسْلِم: للنووي (ت 676 هـ‍)، تحقيق: عَبْد الله أحمد أبي زينة - دار الشعب، القاهرة. 235 - الشرح الصغير: للدردير: لأحمد بن مُحَمَّد بن أحمد العدوي (ت1201هـ‍)، تحقيق: مُحَمَّد محيي الدين عَبْد الحميد، الطبعة الثالثة، 1385هـ‍، مطبعة المدني - القاهرة. 236 - شرح العقيدة الطحاوية: لعلي بن عَلِيّ بن مُحَمَّد بن أبي العز الدمشقي (ت792هـ‍)، تحقيق: الدكتور عَبْد الله بن عَبْد المحسن، وشعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت. 237 - شرح علل الترمذي: لابن رجب (795 هـ‍)، تحقيق: د. همام عبد الرحيم سعيد، مكتبة المنار، الزرقاء - الأردن، الطبعة الأولى، 1987م وورجعت أيضاً إِلَى طبعة السَّيِّد صبحي السامرائي، مطبعة العاني بغداد. 238 - شرح العناية عَلَى الهداية: لمحمد بن مَحْمُوْد البابرتي (ت786هـ‍)، تحقيق: سعد الله عيسى، المطبعة الكبرى الأميرية - مصر، الطبعة الأولى، 1315هـ‍. 239 - شرح فتح القدير: لابن همام (ت681هـ‍)، مكتبة المثنى - بغداد. 240 - شرح الْقَاضِي زكريا عَلَى المنهج وحاشية الجمل: للشيخ زكريا الأنصاري، دار الفكر. 241 - الشرح الكبير: لابن قدامة المقدسي (ت682هـ‍)، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان. 242 - شرح الكرماني عَلَى صَحِيْح البُخَارِيّ: للكرماني (ت786هـ‍)، دار إحياء التراث

العربي، بيروت - لبنان، الطبعة الأولى، 1356هـ‍- 1937 م، والطبعة الثانية، 1401هـ‍- 1981م. 243 - شرح ما يقع فِيْهِ التصحيف: لأبي أحمد العسكري، تحقيق: عَبْد العزيز أحمد، مطبعة مصطفى البابي الحلبي - القاهرة. 244 - شرح مختصر ابن الحاجب: لمحمود بن عَبْد الرَّحْمَان الأصفهاني (ت749هـ‍)، تحقيق: الدكتور مُحَمَّد مظهر بقا، دار المدني، جدة، الطبعة الأولى، 1406هـ‍- 1986م. 245 - شرح مشكل الآثار: للطحاوي (ت 321 هـ‍)، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 1987م. 246 - شرح معاني الآثار: الطحاوي (ت 321هـ‍)، تحقيق: محمد جاد الحق، مطبعة الأنوار المحمدية - مصر. 247 - شرح النْزهة ملا عَلِيّ القاري: لابن حجر العسقلاني (ت852هـ‍)، دار الكتب العلمية، بيروت 1978م، وَهِيَ طبعة مصورة عَلَى الطبعة المطبوعة في استانبول سنة: 1327هـ‍. 248 - شرف أصحاب الْحَدِيْث: للخطيب البغدادي (ت 463هـ‍)، تحقيق: د. مُحَمَّد سعيد خطيب أوغلي، مطبعة جامعة أنقرة - تركيا، الطبعة الأولى، 1971 م. 249 - الشريعة: لمحمد بن الْحُسَيْن الآجري (ت360هـ‍)، تحقيق: مُحَمَّد حامد الفقي، مطبعة السُّنَّة المحمدية، مصر، الطبعة الأولى، 1369هـ‍- 1950م. 250 - شعب الإيمان: للبيهقي (ت458هـ‍)، تحقيق: مُحَمَّد السعيد بن بسيوني، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، الطبعة الأولى، 1421هـ‍- 2000م. 251 - شمائل النبي ?: للإمام الترمذي (ت 279 هـ‍)، تحقيق وتخريج: ماهر ياسين فحل، دار الغرب الإسلامي، بيروت، الطبعة الأولى، 2000 م. 252 - صبح الأعشى في صناعة الإنشا، للقلقشندي، دار الكتب المصرية، 1340 هـ‍. 253 - الصحاح: للجوهري (ت393هـ‍)، تحقيق: أحمد عَبْد الغفور، دار للعلم للملايين، بيروت - لبنان، الطبعة الثانية، 1979 م. 254 - صَحِيْح ابن حبان (ت354هـ‍)، ترتيب الأمير علاء الدين الفارسي (ت739هـ‍)،

دار الفكر بيروت، الطبعة الأولى، 1417هـ‍- 1996م، وطبعة مؤسسة الرسالة المسماة: (الإحسان تقريب صَحِيْح ابن حبان) بتحقيق: شعيب الأرنؤوط. 255 - صَحِيْح ابن خزيمة (ت 311هـ‍)، تحقيق: مُحَمَّد مصطفى الأعظمي، شركة الطباعة العربية، الرياض، الطبعة الثانية، 1981م. 256 - صَحِيْح مُسْلِم: ينظر الجامع الصَّحِيْح. 257 - صفة صلاة النَّبِيّ: لمحمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي، بيروت ودمشق، الطبعة الحادية عشر 1403هـ‍- 1983م. 258 - الضعفاء الصغير: للإمام البُخَارِيّ (ت256هـ‍)، طبع ضمن كتاب المجموع في الضعفاء. 259 - الضعفاء الكبير: للعقيلي (ت 322 هـ‍)، تحقيق: عبد المعطي قلعجي، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، الطبعة الثانية، 1998م. 260 - الضعفاء والمتروكين: للنسائي (ت 303 هـ‍)، مطبوع ضمن المجموع في الضعفاء والمتروكين، تحقيق: عبد العزيز السيروان، دار القلم، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 1985 م. 261 - الضعفاء والمتروكين: للدارقطني (ت385هـ‍)، تحقيق: موفق بن عَبْد الله بن عَبْد القادر، مكتبة المعارف، الرياض، الطبعة الأولى، 1404هـ‍- 1984م. 262 - الضوء اللامع: للإمام شمس الدين مُحَمَّد بن عَبْد الرَّحْمَان السخاوي (ت902هـ‍)، مكتبة الحياة - بيروت. 263 - طبقات خليفة بن خياط (ت 240 هـ‍) رواية أبي عمران بن موسى التستري، تحقيق: سهيل زكار، دمشق، 1966م. 264 - طبقات الحنابلة: لأبي الْحُسَيْن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أبي يعلى الحنبلي (ت526هـ‍)، وضع حواشيه: أسامة بن حسن، وحازم عَلِيّ بهجت، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1417هـ‍- 1997م. 265 - طبقات الحنفية: لعبد القادر بن أبي الوفاء (ت775هـ‍)، أمير مُحَمَّد كَتَبَ خانه، كراتشي. 266 - طبقات الشافعية: للأسنوي (ت 772 هـ‍)، تحقيق: عَبْد الله الجبوري، مطبعة

الإرشاد، بغداد الطبعة الأولى، 1390 هـ‍- 1970 م. 267 - طبقات الشافعية: لابن قاضي شهبة (ت 851 هـ‍)، تحقيق: د. الحافظ عبد العليم خان، مطبعة دائرة المعارف العثمانية بحيدرآباد الدكن، الهند، الطبعة الأولى، 1978 م. 268 - طبقات الشافعية الكبرى: لتاج الدين بن السبكي (ت771 هـ‍)، تحقيق: محمود محمد الطناحي وعبد الفتاح الحلو، مطبعة عيسى البابي الحلبي، القاهرة، الطبعة الأولى، 1964م. 269 - الطبقات الكبرى: لابن سعد (ت 230 هـ‍)، دار التحرير، بالقاهرة، 1388هـ‍. 270 - الطبقات الكبرى: لابن سعد (ت 230 هـ‍) (القسم المتمم)، تحقيق: زياد محمد منصور، المجلس العلمي بالجامعة الإسلامية، المدينة المنورة، الطبعة الأولى، 1983 م. 271 - طبقات المحدّثين بأصفهان: لأبي الشيخ (ت369 هـ‍)، تحقيق: عبد الغفور البلوشي، منشورات الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، 1400 هـ‍. 272 - طبقات المدلسين: لابن حجر العسقلاني (ت 852هـ‍)، تحقيق: الدكتور عاصم بن عبد الله القريوتي، مكتبة المنار - الأردن، الطبعة الأولى، 1983م. 273 - طبقات المفسرين: للسيوطي (ت 911 هـ‍)، راجعه لجنة من العلماء، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان. 274 - طرح التثريب في شرح التقريب: للحافظ العراقي (ت 806 هـ‍)، دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان. 275 - ظفر الأماني: للكنوي (ت 1304 هـ‍)، تحقيق: تقي الدين الندوي، دار القلم، الإمارات، دبي، الطبعة الأولى، 1995م. 276 - عارضة الأحوذي بشرح جامع الترمذي: لابن العربي المالكي (ت 543 هـ‍)، تحقيق: جمال مرعشلي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1997 م. 277 - العبر في خبر من غبر: للذهبي (ت 748 هـ‍)، دار الكتب العلمية - بيروت. 278 - العلل: لابن المديني (ت 234 هـ‍)، تحقيق: محمد مصطفى الأعظمي، نشر المكتب الإسلامي، 1392 هـ‍- 1972 م.

279 - العلل للإمام أحمد (رِوَايَة عَبْد الله): أحمد بن مُحَمَّد بن حنبل (ت241هـ‍)، المكتبة الإسلامية، استانبول - تركيا، 1987. 280 - علل التِّرْمِذِيّ الكبير: (ت279هـ‍)، تحقيق: السَّيِّد صبحي السامرائي، والسيد أبي المعاطي النوري ومحمود خليل الصعيدي، عالم الكتب، بيروت، الطبعة الأولى، 1409هـ‍- 1989م. 281 - علل التِّرْمِذِيّ الصغير: المطبوع في آخر الجامع الكبير للترمذي. 282 - علل الحديث: لابن أبي حاتم (ت 327 هـ‍)، مكتبة المثنى، بغداد. 283 - العلل المتناهية في الأحاديث الواهية، لابن الجوزي (ت 597هـ‍)، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، الطبعة الأولى، 1983م، ونسختنا الخطية الخاصة المصورة عن دار الكتب المصرية برقم (394) حَدِيْث. 284 - العلل الواردة في الأحاديث النبوية: للدارقطني (ت 385 هـ‍)، تحقيق: د. محفوظ الرحمان زين الله، دار طيبة، الرياض، الطبعة الأولى، 1985م، ونسختنا الخطية الخاصة المصورة عن دار الكتب المصرية برقم (394) حديث. 285 - العلل ومعرفة الرجال: للإمام أحمد بن حنبل (ت 241 هـ‍)، برواية المروذي، تحقيق: د. وصي الله بن محمد عباس، الدار السلفية، بومباي - الهند، الطبعة الأولى 1988م. 286 - العلم: لأبي خيثمة (ت 234 هـ‍)، تحقيق: محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة الثانية، 1983 م. 287 - عمدة القاري شرح صحيح البخاري: بدر الدين العيني (ت 855 هـ‍)، مصورة بيروت عن الطبعة المنيرية بمصر. 288 - العواصم والقواصم في الذبّ عن سنة أبي القاسم: لابن الوزير اليماني (ت 840هـ‍)، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة، الطبعة الثانية، 1992م. 289 - عوالي مالك: للحاكم (ت 405 هـ‍)، دار الغرب الإسلامي، بيروت. 290 - عون المعبود شرح سنن أبي داود: للعظيم آبادي، مصورة عن الطبعة الهندية في دار الكتاب العربي، بيروت - لبنان. 291 - الغرائب والأفراد: للدارقطني (ت385هـ‍)، ترتيب: الإمام مُحَمَّد بن طاهر بن

عَلِيّ المقدسي، تحقيق: مَحْمُوْد مُحَمَّد مَحْمُوْد والسيد يوسف، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، الطبعة الأولى، 1419هـ‍- 1998م. 292 - غريب الْحَدِيْث: لأبي سليمان حمد بن مُحَمَّد الخطابي (ت388هـ‍)، تحقيق: عَبْد الكريم إبراهيم العزباوي، مركز البحث العلمي، جامعة أم القرى - مكة المكرمة، 1402م. 293 - غريب الْحَدِيْث: لأبي عبيد القاسم بن سلام الهروي (224هـ‍)، دار الكِتَاب العربي، بيروت، الطبعة الأولى، 1384 هـ‍- 1964م. 294 - غوث المكدود شرح منتقى ابن الجارود (ت307هـ‍)، تأليف: أبي إسحاق الحويني الأثري، دار الكِتَاب العربي، بيروت، الطبعة الأولى، 1408هـ‍- 1988م. 295 - الغوث المسجم في شرح لامية العجم: خليل بن أيبك الصفدي، دار الكتب العلمية، بيروت. 296 - الفتاوى الهندية: المسماة بالفتاوى العالمكيرية. طبع بالمطبعة الميمنية، مصطفى البابي الحلبي - مصر. 297 - فتح الباري شرح صحيح البخاري: لابن حجر العسقلاني (852 هـ‍)، ترقيم: محمد فؤاد عبد الباقي، دار الفكر، بيروت - لبنان، 1379هـ‍. 298 - فتح الباقي على ألفية العراقي: زكريا الأنصاري (ت 925هـ‍)، مطبوع بذيل شرح التبصرة لكلا الطبعتين الفاسية والبيروتية، وطبعتنا المحققة المطبوعة في دار الكتب العلمية 2002 م. 299 - الفتح الرباني: تأليف أحمد عَبْد الرَّحْمَان البنا الشهير بالساعاتي، دار الْحَدِيْث، القاهرة. 300 - فتح العزيز في شرح الوجيز: للرافعي (ت 623 هـ‍)، مطبوع مع المجموع. 301 - فتح العلام: للعلامة أبي الخير نور الحسن خان، دار صادر، بيروت. 302 - فتح القادر المغيث شرح منظومة البيقوني في علم الْحَدِيْث: تأليف عَبْد القادر بن جلال الدين المحلي (ت1184هـ‍) نسختنا الخطية الخاصة المصورة عن الأصل المحفوظ بدار الكتب المصرية. 303 - فتح المغيث شرح ألفية الْحَدِيْث: للسخاوي (ت 902 هـ‍)، تحقيق:

عَبْد الرحمان مُحَمَّد عثمان، الطبعة الثانية، 1968م، وَكَذَلِكَ استخدمنا طبعة دار الكتب العلمية. 304 - الفروع: مُحَمَّد بن مفلح المقدسي أبو عَبْد الله (ت762هـ‍)، تحقيق: أبي الزهراء حازم الْقَاضِي، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، بيروت، 1418هـ‍. 305 - فروع الكافي: مُحَمَّد بن يعقوب الكليني (ت329هـ‍)، تحقيق: مُحَمَّد جعفر شمس الدين، دار التعارف للمطبوعات، بيروت -لبنان، 1413هـ‍- 1993 م. 306 - الفصل للوصل المدرج في النقل: للخطيب البغدادي (ت463هـ‍)، تحقيق: مُحَمَّد مطر الزهراني، دار الهجرة، الرياض، الطبعة الأولى، 1418هـ‍، واستخدمت أيضاً المحققة من قَبْلَ عَبْد السميع مُحَمَّد الأنيس، وَهِيَ رسالة دكتوراه من كلية العلوم الإسلامية - جامعة بغداد، منضدة عَلَى الكومبيوتر. 307 - الفصول في الأصول: للجصاص (ت 370 هـ‍)، تحقيق: د. عجيل جاسم، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، السعودية، الطبعة الأولى 1405هـ‍- 1985م. 308 - فقه الإمام الأوزاعي: تأليف الدكتور عَبْد الله مُحَمَّد الجبوري، مطبعة الإرشاد، بغداد، 1397هـ‍- 1977م. 309 - فقه الإمام سعيد بن المسيب: إعداد العلامة الدكتور هاشم جميل عَبْد الله، مطبعة الإرشاد، بغداد، الطبعة الأولى، 1394هـ‍- 1974م. 310 - الفقيه والمتفقه: للخطيب البغدادي (ت 463 هـ‍)، تحقيق: إسماعيل الأنصاري - المكتبة العلمية المدينة المنورة. 311 - الفهرست: لابن خير الأشبيلي (ت575هـ‍)، تحقيق: فرنسشكه قداره زيدين، وخليان بارة طرغوة، مطبعة فوحش - سرقسطة، الطبعة الثانية،1382هـ‍- 1963م. 312 - الفهرس الشامل للتراث العربي الإسلامي المخطوط للحديث النبوي الشريف: المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية، مؤسسة آل البيت للطباعة والنشر، عمان، سنة 1991م. 313 - فواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت: لعبد العلي الأنصاري (ت 1225 هـ‍)، مطبوع بهامش المستصفى للغزالي، المطبعة الأميرية، 1322 هـ‍. 314 - الفواكه الدواني: أحمد بن غنيم النفراوي المالكي (ت1125هـ‍)، دار الفكر، بيروت،

1415 - هـ‍. 315 - القاموس المحيط: للفيروزآبادي (ت 817 هـ‍)، مؤسسة الحلبي وشركائه، القاهرة. 316 - القبس في شرح الموطا: لأبي بكر بن العربي المعافري (ت543هـ‍)، تحقيق: الدكتور مُحَمَّد عَبْد الله ولد كريم، دار الغرب الإسلامي، بيروت، الطبعة الأولى، 1992 م. 317 - القصيدة الموشمة بالأسماء المؤنثة السماعية لابن الحاجب (ت 646هـ‍): تحقيق وشرح الدكتور طارق نجم عَبْد الله، مكتبة المنار - الأردن الزرقاء. 318 - القراءة خلف الإمام: للإمام البُخَارِيّ (ت256هـ‍)، تحقيق وتخريج: سعيد زغلول، دار الْحَدِيْث، خلف الجامع الأزهر، 8 حارة المدرسة. 319 - قواطع الأدلة في أصول الفقه: لأبي المظفر السمعاني (ت 489هـ‍)، تحقيق: مركز البحوث والدراسات، مكة المكرمة، الطبعة الأولى، 1998م. 320 - قواعد التحديث من فنون مصطلح الحديث: للقاسمي، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، 1979م. 321 - قواعد الفقه: مُحَمَّد عميم الإحسان المجدوي البركتي: الصدف ببلشرز، كراتشي، الطبعة الأولى، 1407هـ‍- 1986م. 322 - القوانين الفقهية: للكلبي (ت741هـ‍)، دار الكِتَاب العربي، بيروت، الطبعة الثانية، 1409هـ‍- 1989م. 323 - الكاشف في مَعْرِفَة من لَهُ رِوَايَة في الكتب الستة: للذهبي (ت 748 هـ‍)، تحقيق: مُحَمَّد عوامة، دار القبلة، الطبعة الأولى، 1992م. 324 - الكافي في فقه أهل المدينة: للقرطبي (ت463هـ‍)، تحقيق الدكتور مُحَمَّد مُحَمَّد أحيد ولد ماريك الموريتاني، مطبعة حسان، القاهرة، 1399هـ‍- 1979م. 325 - الكامل في التاريخ: لابن الأثير (ت630هـ‍)، دار الكِتَاب العربي، بيروت - لبنان، الطبعة الثانية، 1387هـ‍- 1967م. 326 - الكامل في ضعفاء الرجال: لابن عدي الجرجاني (ت 365 هـ‍)، تحقيق: لجنة من المختصين، دار الفكر، الطبعة الأولى، 1984م. والطبعة المحققة بإشراف أبي

سُنَّةُ، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، 1997م، وإليها العزو عِنْدَ الإطلاق. 327 - كشاف القناع: للعلامة مَنْصُوْر بن يونس البهوتي (ت1051هـ‍)، مطبعة الحكومة بمكة - السعودية، 1394هـ‍. 328 - كشف الأستار عن زوائد البزار عَلَى الكتب الستة: للهيثمي (ت 807 هـ‍)، تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي، الطبعة الثانية، 1984م. 329 - كشف الأسرار للبزدوي: للإمام علاء الدين عَبْد العزيز أحمد البُخَارِيّ (ت730هـ‍) أعادت تصويره بالأوفسيت دار الكتب العربية، بيروت، 1394هـ‍- 1974م. 330 - كشف الأسرار شرح المصنف عَلَى المنار: لأبي البركات النسفي (ت 710 هـ‍)، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1406 هـ‍- 1986 م. 331 - الكشف الحثيث عمن رمي بوضع الحديث: برهان الدين الحلبي (ت 841 هـ‍)، تحقيق: صبحي السامرائي، مطبعة العاني، بغداد. 332 - كفاية الأخيار: للدمشقي الشَّافِعِيّ، الشؤون الدينية، قطر، الطبعة الثالثة. 333 - كفاية الطَّالِب: أبو الحسن المالكي، تحقيق: يوسف الشَّيْخ مُحَمَّد البقاعي، دار الفكر، بيروت، 1412هـ‍. 334 - الكفاية في علم الرِّوَايَة: للخطيب البغدادي (ت 463 هـ‍)، تحقيق: مُحَمَّد الحَافِظ التيجاني، مطبعة السعادة مصر، (وَقَدْ أحلنا إليها بالحرف ت)، واستخدمنا الطبعة الهندية المطبوعة بحيدرآباد، 1357 هـ‍، ورمزنا لها بالحرف (هـ‍). 335 - الكنى والأسماء: للدولابي (ت 310 هـ‍)، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، الطبعة الأولى 1403هـ‍-1983 م. 336 - الكواكب النيرات في معرفة من اختلط من الرواة الثقات: لابن الكيال (ت 939 هـ‍)، تحقيق: عبد القيوم عبد رب النبي، دار المأمون للتراث، الطبعة الأولى، 1401هـ‍. 337 - اللباب في تهذيب الأنساب: لعز الدين بن الأثير (ت 630 هـ‍)، مكتبة المثنى، بغداد. 338 - اللباب في شرح الكِتَاب: للشيخ عَبْد الغني الغنيمي الدمشقي الميداني الحنفي، تحقيق: مُحَمَّد محيي الدين عَبْد الحميد، مطبعة المدني، القاهرة، الطبعة الرابعة،

1383 - هـ‍ - 1963م. 339 - لحظ الألحاظ: لابن فهد المكي، دار التراث العربي، بيروت. 340 - لسان العرب: للعلامة ابن منظور (ت711هـ‍)، قدم لَهُ العلامة الشَّيْخ عَبْد الله العلايلي، دار لسان العرب، بيروت. 341 - لسان الميزان: لابن حجر العسقلاني (ت852 هـ‍)،مؤسسة الأعلمي للمطبوعات بيروت-لبنان. 342 - لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف: لابن رجب الحنبلي (ت 795 هـ‍)، دار الجيل، بيروت، 1341هـ‍. 343 - اللمع في أصول الفقه: لأبي إسحاق الشيرازي (ت 476 هـ‍)، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 1985م. 344 - ما لا يسع المحدث جهله: للميانشي (ت581هـ‍)، تحقيق: صبحي السامرائي، شركة الطبع والنشر الأهلية - بغداد، 1387هـ‍- 1967م. 345 - المبدع: إبراهيم بن مُحَمَّد الحنبلي أبو إسحاق (ت884 هـ‍)، المكتب الإسلامي، بيروت، 1400هـ‍. 346 - المبسوط: لشمس الدين السرخسي (ت490 هـ‍)، دار الْمَعْرِفَة بيروت، لبنان، الطبعة الثالثة، 1398هـ‍- 1978م. 347 - المجتبى = السنن. 348 - المجروحين من المحدّثين والضعفاء والمتروكين: لابن حبان (ت 354 هـ‍)، تحقيق: محمد إبراهيم زايد، دار الوعي، حلب، 1396هـ‍. 349 - مجمع البحرين في زوائد المعجمين: للهيثمي (ت 807 هـ‍)، نسختنا المصورة عن المكتبة الظاهرية، دمشق، ورجعت إِلَى النسخة المطبوعة بتحقيق مُحَمَّد حسن مُحَمَّد الشَّافِعِيّ، توزيع مكتبة عَبَّاسٍ الباز، مكة المكرمة، طبع دار الكتب العلمية، بيروت -لبنان، 1419 هـ‍م. 350 - مجمع الزوائد ومنبع الفوائد: للهيثمي (ت 807 هـ‍)، دار الكِتَاب العربي، بيروت، لبنان، الطبعة الثالثة، 1982م. 351 - المجموع شرح المهذب: للنووي (ت 676 هـ‍)، شركة العلماء، مصر.

352 - مجموعة الفتاوى الكبرى: لابن تيمية (ت 728 هـ‍)،تحقيق: عامر الجزار وأنور الباز، دار الجيل، الطبعة الأولى، 1997م. 353 - المحدّث الفاصل بين الراوي والواعي: للرامهرمزي (ت 360هـ‍)، تحقيق: د. محمد عجاج الخطيب، دار الفكر، بيروت، الطبعة الأولى، 1971م. 354 - المحرر: لابن عطية الأندلسي (ت542 هـ‍)، تحقيق: عَبْد الله بن إبراهيم الأنصاري والسيد عَبْد العال السَّيِّد إبراهيم، الدوحة، الطبعة الأولى، 1404هـ‍- 1984 م. 355 - المحصول في علم الأصول: للرازي (ت 606 هـ‍)، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1988م، واستخدمنا طبعة بتحقيق وتخريج: طه جابر العلواني، جامعة الإمام مُحَمَّد بن سعود، الطبعة الأولى، 1980م. 356 - المحكم والمحيط الأعظم: لابن سيده (ت 458 هـ‍)، تحقيق: د. مراد كامل، شركة مصطفى البابي الحلبي، مصر، الطبعة الأولى، 1972 م. 357 - المحلى: لابن حزم (ت 456 هـ‍)، دار الفكر، بيروت - لبنان. 358 - المختارة: للعلامة ضياء الدين الحنبلي المقدسي (ت643هـ‍)، تحقيق: عَبْد الملك بن عَبْد الله بن دهيش، مكتبة النهضة الحديثة، مكة المكرمة، الطبعة الأولى، 1410هـ‍- 1990م. 359 - مختصر الخِرَقِيّ: لأبي القاسم عمر بن الْحُسَيْن الخِرَقِيّ (ت334 هـ‍)، تحقيق: زهير الشاويش، المكتب الإسلامي، بيروت، الطبعة الثالثة، 1403هـ‍. 360 - مختصر خليل: خليل بن إسحاق بن موسى المالكي، تحقيق: أحمد عَلِيّ حركات، دار الفكر، بيروت، 1415هـ‍. 361 - مختصر الطحاوي: مطبعة دار الكِتَاب العربي بمصر، 1370هـ‍. 362 - المختصر في علم الأثر: لمحيي الدين الكافيجي (ت 879 هـ‍)، د. عَلِيّ زوين، دار الرشد، الرياض، 1987 م. 363 - مختصر المزني: لكتاب الأم، دار الْمَعْرِفَة، بيروت - لبنان. 364 - المختلطين: صلاح الدين أبو سعيد العلائي (ت761هـ‍)، تحقيق وتعليق: الدكتور فوزي عَبْد المطلب وعلي عَبْد الباسط مزيد، مكتبة الخانجي، القاهرة،

الطبعة الأولى، 1417هـ‍- 1996م. 365 - مختلف الْحَدِيْث بَيْنَ الْمُحَدِّثِيْنَ والأصوليين والفقهاء: د. أسامة بن عَبْد الله خياط، دار الفضيلة، الرياض، الطبعة الأولى، 1421هـ‍- 2001م. 366 - المدخل إِلَى الإكليل: للحاكم (ت 405 هـ‍)، تحقيق: جيمس ربسون، 1953م، ورجعت إِلَى الطبعة المحققة من قَبْلَ الدكتور فؤاد عبد المنعم أحمد المطبوع في المكتبة التجارية - مكة المكرمة. 367 - المدونة الكبرى: لمالك بن أنس (ت 179 هـ‍) رواية سحنون (ت 240 هـ‍)، عن عبد الرحمن بن القاسم (ت 191 هـ‍)، دار صادر، بيروت. 368 - مرآة الجنان: تأليف الإمام أبي مُحَمَّد عَبْد الله بن أسعد اليافعي اليمني المكي (ت768هـ‍)، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، الطبعة الأولى، 1417هـ‍- 1997م. 369 - المراسيل: لأبي داود السجستاني (ت275هـ‍)، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة 1988م. 370 - المراسيل: لابن أبي حاتم (ت 327 هـ‍)، تحقيق: شكر الله بن نعمة الله قوجاني، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1982 م. 371 - مراصد الاطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع: لصفي الدين البغدادي (ت 739هـ‍) تحقيق: علي محمد البجاوي، دار إحياء الكتب العربية، القاهرة، الطبعة الأولى، 1954 م. 372 - مرقاة المفاتيح: لعلي القاري (ت 1014هـ‍)، المكتبة الامدادية - الباكستان. 373 - مسائل من الفقه المقارن: العلامة الدكتور هاشم جميل عَبْد الله، مطبعة جامعة بغداد، الطبعة الأولى، 1409هـ‍- 1989م. 374 - مسائل أحمد بن حنبل (رِوَايَة عَبْد الله)، تحقيق: الدكتور عَلِيّ سليمان مهنا، مكتبة الدار - المدينة المنورة، الطبعة الأولى، 1406هـ‍- 1986م. 375 - مسائل ابن هانيء: إسحاق بن إبراهيم بن هانيء النيسابوري (ت 275هـ‍)، تحقيق: زهير الشاويش، المكتب الإسلامي، بيروت ودمشق، الطبعة الأولى، 1400 هـ‍. 376 - المستخرج: لأبي نُعَيْم الأصبهاني (ت430هـ‍) قدم لَهُ: الدكتور كمال عَبْد العظيم

العناني، تحقيق: مُحَمَّد حسن مُحَمَّد حسن إسماعيل الشَّافِعِيّ، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، الطبعة الأولى، 1417هـ‍- 1996م. 377 - المستدرك عَلَى الصحيحين: للحاكم (ت 405 هـ‍)، وبذيله تلخيص المستدرك للذهبي (ت 748 هـ‍)، الناشر مكتب المطبوعات الإسلامية، حلب، طبع بيروت، شركة علاء الدين. 378 - المستصفى من علم الأصول: للغزالي (ت 505 هـ‍)، المطبعة الأميرية، ببولاق، مصر، الطبعة الأولى، 1324هـ‍. 379 - المسح عَلَى الجوربين: مُحَمَّد جمال الدين القاسمي، تحقيق: محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي، بيروت ودمشق، 1406هـ‍- 1986م، الطبعة الخامسة. 380 - مسند إسحاق بن راهويه: للإمام إسحاق بن إبراهيم المروزي (ت238هـ‍)، تحقيق: الدكتور عَبْد الغفور عَبْد الحق البلوشي، مكتبة الإيمان، المدينة المنورة - السعودية، الطبعة الأولى، 1412هـ‍- 1991م. 381 - المسند: لأبي داود الطيالسي (ت 204 هـ‍)، دار الْمَعْرِفَة، بيروت - لبنان. 382 - مسند الإمام زيد: للإمام زيد بن عَلِيّ بن الْحُسَيْن بن عَلِيّ بن أبي طَالِب (ت 122هـ‍)، دار مكتبة الحياة، بيروت - لبنان، 1996م. 383 - المسند: للشافعي (ت 204 هـ‍)، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، والطبعة الثانية نتحقيق الدكتور عَبْد اللطيف هميم وماهر ياسين فحل، منضد عَلَى الحاسوب، يسر الله طبعه ونشره. 384 - مسند الصَّحَابَة: المعروف بمسند الروياني للإمام الحَافِظ أبي بكر الروياني (ت307 هـ‍)، تخريج: أبي عَبْد الرَّحْمَان صلاح بن مُحَمَّد بن عويضة، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، الطبعة الأولى، 1417هـ‍- 1997م. 385 - مسند عَبْد الله بن عمر: للطرسوسي (ت 273هـ‍)، تحقيق: أحمد راتب عرموش، دار النفائس، بيروت، الطبعة الأولى 1393 هـ‍- 1973م والطبعة الرابعة 1403هـ‍- 1983م. 386 - المسند: للحميدي (ت 219 هـ‍)، تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي، عالم الكتب

بيروت، مكتبة المتنبي، القاهرة. 387 - المسند: لأحمد بن حنبل (ت 241 هـ‍)، المطبعة الميمنية، مصر، وإليها العزو عند الإطلاق، واستخدمنا طبعة أحمد شاكر، مكتبة التراث الإسلامي، وطبعة شعيب الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة. 388 - المسند: عبد بن حميد (ت 249 هـ‍)، وهو المنتخب من مسنده، تحقيق: صبحي السامرائي ومحمود محمد خليل، عالم الكتب، 1988 م. 389 - المسند: لأبي بكر البزار (ت 292 هـ‍)، وهو المسمى بـ ((البحر الزخار))، تحقيق: محفوظ الرحمان زين الله، مؤسسة علوم القرآن، الطبعة الأولى، 1998 م. 390 - المسند: لأبي يعلى الموصلي (ت 307 هـ‍)، تحقيق وتخريج: حسين سليم أسد - دار المأمون للتراث، الطبعة الأولى، 1987 م. 391 - المسند: لأبي عوانة الإسفراييني (ت 310 هـ‍)،طبع مجلس دائرة المعارف العثمانية، حيدرآباد - الهند، 1966 م. 392 - المسند: للشاشي (335 هـ‍)، تحقيق: محفوظ الرحمان زين الله، مكتبة العلوم والحكم، المدينة المنورة، الطبعة الأولى، 1410 هـ‍. 393 - مسند ابن الجعد: لأبي الحسن الجوهري، تحقيق: عبد المهدي عبد الهادي، مكتبة الفلاح، الكويت، 1405 هـ‍- 1985 م. 394 - مسند الشاميين: للطبراني (ت 360 هـ‍)، تحقيق: حمدي عبد المجيد السلفي، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1405 هـ‍. 395 - مشاهير علماء الأمصار: من تصنيف مُحَمَّد بن حبان البستي (ت 354هـ‍)، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة، 1379هـ‍- 1959م. 396 - مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه: للبوصيري (ت840 هـ‍)، نسختنا المصورة عن حلب واستخدمت النسخة المطبوعة بتحقيق مُحَمَّد الكشناوي، عن الدار العربية، الطبعة الأولى، بيروت - لبنان، 1983 م. 397 - المصباح المنير: الفيومي - أحمد بن مُحَمَّد بن عَلِيّ المقري (ت 770هـ‍) - مصطفى البابي الحلبي بمصر. 398 - المصنف: عبد الرزاق الصنعاني (ت 211 هـ‍)، تحقيق: حبيب الرحمن

الأعظمي، مطابع دار القلم، بيروت، 1970م. 399 - المصنف: لابن أبي شيبة (ت 235 هـ‍)، المطبعة العزيزية، حيدرآباد الدكن، الهند 1386 هـ‍. 400 - معالم السنن: للخطابي (ت 388هـ‍)، المطبعة العلمية، حلب، الطبعة الأولى، 1932 م. 401 - المعتمد في الأصول: لأبي الحسين البصري (ت 436 هـ‍)، تحقيق: محمد حميد الله، دمشق، 1385 هـ‍- 1965 م. 402 - معجم الأدباء: لياقوت الحموي (ت 852 هـ‍)، دار المأمون، الطبعة الأخيرة. 403 - المعجم الأوسط: للطبراني (ت 360 هـ‍)، تحقيق: محمود الطحان، مكتبة المعارف، الرياض، الطبعة الأولى. 404 - معجم ابن الأعرابي: لابن الأعرابي (ت 340هـ‍)، تحقيق: عبد المحسن بن إبراهيم بن أحمد الحسيني، دار ابن الجوزي، السعودية، الطبعة الأولى، 1418 هـ‍- 1997 م. 405 - معجم البلدان: ياقوت الحموي (ت626هـ‍)، دار صادر مَعَ دار بيروت، 1968م. 406 - معجم شيوخ أبي بكر الإسماعيلي: للحافظ أبي بكر الإسماعيلي (ت371هـ‍)، تحقيق: عبد الله عمر البارودي، دار الفكر، بيروت - لبنان، 1414هـ‍- 1993م. 407 - معجم الصحابة: لابن قانع (ت 351 هـ‍)، تحقيق: صلاح بن سالم المصراتي، مكتبة الغرباء الأثرية، المدينة المنورة، الطبعة الأولى، 1418 هـ‍. 408 - المعجم الصغير: للطبراني (ت 360 هـ‍)، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، 1983 م. 409 - معجم القراءات القرآنية: د. أحمد مختار عمر ود. عبد العال سالم مكرم، مطبوعات جامعة الكويت، الطبعة الثانية، 1988 م. 410 - المعجم الكبير: للطبراني (ت 360 هـ‍)، تحقيق: حمدي عبد المجيد السلفي، مطبعة الزهراء الحديثة، الموصل - العراق، الطبعة الثانية. 411 - معجم متن اللغة: للعلامة الشيخ مُحَمَّد رضا (ت 1953م) منشورات دار مكتبة الحياة، بيروت - لبنان، 1377هـ‍- 1958م.

412 - المعجم المختص بالمحدّثين: للذهبي (ت 748 هـ‍)، نسختنا المصورة عن النسخة المخطوطة في المكتبة الناصرية. 413 - معجم مقاييس اللغة: لابن فارس (ت 395 هـ‍)، تحقيق: عبد السلام هارون، دار الفكر للطباعة والنشر، 1979م. 414 - معجم المؤلفين: عمر رضا كحالة، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1957 م. 415 - المعجم الوسيط: صنعة جماعة من المختصين، دار أمواج للطباعة والنشر، بيروت - لبنان، الطبعة الثانية، 1987 م. 416 - معرفة أنواع علم الحديث: لابن الصلاح (ت 643هـ‍)، تحقيق الدكتور عَبْد اللطيف هميم وماهر ياسين فحل، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، الطبعة الأولى، 1423هـ‍- 2002م. وطبعة نور الدين عتر، المكتبة العلمية بالمدينة المنورة، 1386هـ‍- 1966م. المسماة باسم ((علوم الحديث)). 417 - مَعْرِفَة السنن والآثار: للبيهقي (ت 458هـ‍)،تحقيق: سيد كسروي، دار الكتب العلمية،2001 م. 418 - معرفة الصحابة: لأبي نعيم (ت 430 هـ‍)، تحقيق: محمد راضي بن حاج عثمان، مكتبة الدار، المدينة المنورة، الطبعة الأولى، 1988 م. 419 - معرفة علوم الحديث: للحاكم (ت 405 هـ‍)، دار الآفاق الجديدة، بيروت - لبنان، الطبعة الثانية، 1979 م. 420 - المعرفة والتاريخ: للفسوي (ت277 هـ‍)، تحقيق: د. أكرم ضياء العمري، بغداد 1394هـ‍. 421 - المغني في الضعفاء: للذهبي: تحقيق: نور الدين عتر، مصورة دولة قطر. 422 - المغني لابن قدامة: ابن قدامة (ت630هـ‍)، دار الكتب العلمية، بيروت لبنان. 423 - مغني المحتاج شرح المنهاج: للخطيب الشربيني (ت 977هـ‍)، مطبعة مصطفى محمد، 1958م. 424 - المفاريد: لأبي يعلى الموصلي (ت307هـ‍)، تحقيق: عبد الله بن يوسف الجديع، القاهرة، الطبعة الأولى 1988 م. 425 - المفصل في أحكام المرأة: تأليف الدكتور عبد الكريم زيدان، مؤسسة الرسالة،

بيروت، الطبعة الأولى 1413هـ‍- 1993 م. 426 - المقاصد الحسنة: للسخاوي (ت 902 هـ‍)، صححه وعلق عَلَيْهِ: عبد الله مُحَمَّد الصديق، مكتبة الخانجي، مصر. 427 - مقاييس اللغة: لأبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريا (ت 395هـ‍)، تحقيق: عبد السلام مُحَمَّد هارون، دار الفكر، 1399 هـ‍- 1979م. 428 - المقنع في علوم الحديث: لابن الملقن (ت 804 هـ‍)، تحقيق: عبد الله بن يوسف الجديع، دار فواز للنشر، السعودية، الطبعة الأولى، 1992 م. 429 - المقنع في فقه الإمام أحمد: للإمام موفق الدين ابن قدامة المقدسي، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان. 430 - منار السبيل: إبراهيم بن مُحَمَّد بن خويان (ت 1353هـ‍)، تحقيق عصام القلعجي، مكتبة المعارف، الرياض، الطبعة الثانية، 1405هـ‍. 431 - مناقب الشَّافِعِيّ: للبيهقي (ت 458 هـ‍)، تحقيق: أحمد صقر، مكتبة التراث، القاهرة، الطبعة الأولى، 1391هـ‍- 1971 م. 432 - مناهج المحدثين في رِوَايَة الحديث بالمعنى: تأليف د. عبد الرزاق بن خليفة الشايجي ود. السيد مُحَمَّد السيد نوح، دار ابن حزم بيروت - لبنان، الطبعة الأولى، 1419هـ‍. 433 - المناهل السلسلة في الأحاديث المسلسلة: مُحَمَّد عبد الباقي الأيوبي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1403 هـ‍- 1983 م. 434 - المنتقى شرح الموطأ: للإمام الباجي (ت 494هـ‍)، دار الكِتَاب العربي، بيروت - لبنان، الطبعة الأولى، 1332 هـ‍. 435 - المنتظم في تاريخ الملوك والأمم: لابن الجوزي (ت597هـ‍)، الدار الوطنية للتوزيع والنشر، بغداد. 436 - المنتقى من السنن المسندة عن رسول الله ?: لابن الجارود (ت307 هـ‍)، تحقيق: عبدالله عمر البارودي، مؤسسة الكتب العلمية ودار الجنان، بيروت - لبنان، الطبعة الأولى، 1408هـ‍- 1988م. 437 - المنتقى من السنن المسندة عن رسول الله ?: لابن الجارود (ت307 هـ‍)،

تحقيق: عبد الله هاشم اليماني المدني، مطبعة الفجالة، القاهرة، 1382هـ‍- 1963م. 438 - منتهى الوصول والأمل في علمي الأصول والجدل: لابن الحاجب، الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت - لبنان، الطبعة الأولى 1405 هـ‍. 439 - المنثور في القواعد: لمحمد بن بهادر الزركشي (ت794 هـ‍)، تحقيق: د. تيسير فائق أحمد مَحْمُوْد، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، الكويت، الطبعة الثانية،1405 هـ‍. 440 - المنفردات والوحدان: لمسلم بن الحجاج (ت 261 هـ‍)، بيروت - لبنان. 441 - من لا يحضره الفقيه: أبو جعفر الصدوق بن بابويه القمي (ت381هـ‍)، تحقيق: مُحَمَّد جعفر شمس الدين، دار التعارف للمطبوعات، بيروت - لبنان، 1411هـ‍- 1990م. 442 - المنهج الأحمد: الإمام محيي الدين المقدسي الحنبلي (ت928هـ‍)، تحقيق: مصطفى عَبْد القادر أحمد عطا، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، الطبعة الأولى، 1420هـ‍- 1999م. 443 - منهج النقد في علوم الْحَدِيْث: د. نور الدين عتر، دار الفكر، بيروت، الطبعة الثالثة، 1401هـ‍- 1981م. 444 - المنهل الرَّاوِي من تقريب النواوي = التقريب. 445 - المهذب: للفيروز آبادي الشيرازي (ت 476هـ‍)، وبذيل صحائفه: النظم المستعذب في شرح غريب المهذب: لمحمد بن أحمد بن بطال الركبي، مطبعة الحلبي - مصر، الطبعة الثانية 1379هـ‍- 1959م. 446 - المؤتلف والمختلف: للدارقطني (ت 385 هـ‍)، تحقيق: موفق بن عَبْد الله بن عَبْد القادر، دار الغرب الإسلامي، بيروت - لبنان، الطبعة الأولى، 1386هـ‍- 1966 م. 447 - موارد الظمآن: للحافظ نور الدين الهيثمي (ت 807هـ‍)، تحقيق مُحَمَّد عَبْد الرزاق حمزة، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان. 448 - الموازنة بَيْنَ المتقدمين والمتأخرين في تصحيح الأحاديث وتعليلها: د. حمزة المليباري، المكتبة المكية، مكة المكرمة، ودار ابن حزم، بيروت، الطبعة الأولى،

1416 - هـ ‍. 449 - الموافقات: تصنيف العلامة أبي إسحاق الشاطبي (ت 790هـ‍)، تحقيق: مشهور بن حسن سلمان، دار ابن عفان، السعودية، الطبعة الأولى، 1417هـ‍- 1997م. 450 - الموسوعة الفقهية: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، الكويت، مطبعة الموسوعة الفقهية، الطبعة الثالثة، 1407هـ‍- 1986م. 451 - موضح أوهام الجمع والتفريق: للخطيب البغدادي (ت 463 هـ‍)، مطبعة دار المعارف العثمانية - حيدرآباد الدكن - الهند، 1378هـ‍- 1959م. 452 - الموضوعات: لابن الجوزي (ت 597هـ‍)، تحقيق: عَبْد الرَّحْمَان بن عثمان، دار الفكر، الطبعة الثانية، 1403هـ‍- 1983م. 453 - الموطأ: مالك بن أنس (ت 179 هـ‍) رِوَايَة سويد بن سعيد الحدثاني، تحقيق: عَبْد المجيد التركي - دار الغرب الإسلامي، 1995م. 454 - الموطأ: مالك بن أنس (ت 179هـ‍) رواية عبد الرحمان بن قاسم، وتلخيص: القابسي، دار الشروق، 1988 م. 455 - الموطأ: مالك بن أنس (ت 179هـ‍) رواية عبد الله بن مسلمة القعنبي، تحقيق: عبد المجيد التركي دار الغرب الإسلامي، 1999 م. 456 - الموطأ: مالك بن أنس (ت 179 هـ‍) رواية محمد بن الحسن، تحقيق: عبد الوهاب عبد اللطيف، المكتبة العلمية (بدون تاريخ ولا مكان الطبع). 457 - الموطأ: مالك بن أنس (ت 179 هـ‍) رواية أبي مصعب الزهري، تحقيق: د. بشار عواد معروف ومحمود محمد خليل، مؤسسة الرسالة، بيروت - لبنان، 1992م. 458 - الموطأ: مالك بن أنس (ت 179 هـ‍) رواية يحيى بن يحيى الليثي الأندلسي، تحقيق: د. بشار عواد معروف، دار الغرب الإسلامي، بيروت- لبنان، الطبعة الأولى، 1996م (كَذَا). 459 - الموطأ: مالك بن أنس (ت 179 هـ‍) رواية ابن زياد، تحقيق: محمد الشاذلي النيفر دار الغرب الإسلامي، الطبعة الرابعة، 1982 م. 460 - الموقظة في علم الحديث: للذهبي (ت 748 هـ‍)، تحقيق: عبد الفتاح أبي غدة،

مكتب المطبوعات الإسلامية - حلب. 461 - موقف الإمامين البُخَارِيّ ومسلم من اشتراط المعاصرة: خالد مَنْصُوْر عَبْد الله الدريس، مكتبة الرشد، السعودية، الطبعة الأولى، 1417هـ‍- 1997م. 462 - ميزان الأصول: الإمام علاء الدين شمس النظر السمرقندي، تحقيق: الدكتور عَبْد الملك عَبْد الرَّحْمَان السعدي، مطبعة الخلود، الطبعة الأولى، 1407هـ‍- 1987م. والطبعة الأخرى بتحقيق د. مُحَمَّد زكي، إصدار وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بقطر، الطبعة الثانية، 1997م. 463 - ميزان الإعتدال في نقد الرجال: للذهبي (ت 748هـ‍)، تحقيق: علي محمد البجاوي، دار المعرفة، بيروت - لبنان، الطبعة الأولى، 1382هـ‍- 1963م. 464 - النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة: لابن تغري بردي (ت 874هـ‍)، مطابع كوستاتسوماس - القاهرة. 465 - نخبة الفكر: أحمد بن عَلِيّ بن حجر العسقلاني (ت852هـ‍)، دار إحياء التراث العربي، بيروت. 466 - نزهة النظر شرح نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر: لابن حجر العسقلاني (ت852 هـ‍)، تعليق: نور الدين عتر، المكتبة العلمية، المدينة المنورة. 467 - نزهة النظر شرح نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر: لابن حجر العسقلاني (ت852 هـ‍)، تحقيق: علي حسن الحلبي، دار ابن الجوزي، الرياض، الطبعة الأولى، 1413هـ‍م. 468 - نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية: للزيلعي (ت 762 هـ‍) مع حاشية بغية الألمعي في تخريج الزيلعي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان، الطبعة الثانية، 1393هـ‍- 1973م. 469 - نظم العقيان: لجلال الدين السيوطي (ت911هـ‍)، تحقيق: د. فليب حتي، المكتبة العلمية، بيروت - لبنان، 1927 م. 470 - نظم الفرائد لما تضمنه حديث ذي اليدين من الفوائد: للعلائي (ت 763 هـ‍)، تحقيق: كامل شطيب الراوي، مطبعة الأمة - بغداد، 1406هـ‍- 1986م. 471 - النفح الشذي في شرح جامع الترمذي: لابن سيد الناس اليعمري (ت 734 هـ‍)،

دراسة وتحقيق: د. أحمد معبد عبد الكريم، دار العاصمة، الرياض، 1409هـ‍. 472 - نكت الزركشي: لمحمد بن جمال الدين الزركشي (ت 794هـ‍)، تحقيق: زين العابدين بن مُحَمَّد بلا فريج، أضواء السُّنَّة، الرياض، الطبعة الأولى، 1998م. 473 - النكت الظراف على تحفة الأشراف: لابن حجر العسقلاني (ت 852 هـ‍)، تحقيق: عَبْد الصمد شرف الدين، مطبوع مَعَ تحفة الأشراف طبعة الهند. 474 - النكت على كتاب ابن الصلاح: لابن حجر العسقلاني (ت 852 هـ‍)، تحقيق: د. ربيع بن هادي عمير، دار الراية، الرياض، السعودية، الطبعة الثانية، 1408هـ‍- 1988 م. 475 - النكت الوفية لما في شرح الألفية: للبقاعي (ت 885 هـ‍)، مخطوط في مكتبة الأوقاف العامة في بغداد تحت رقم (1750). 476 - نهاية السول في شرح منهاج الأصول: للإسنوي (772 هـ‍)، عالم الكتب، بيروت،1982م. 477 - النهاية في غريب الحديث والأثر: لابن الأثير (ت 606 هـ‍)، تحقيق: طاهر أحمد الزاوي، ومحمود محمد الطناحي، المكتبة العلمية، بيروت - لبنان. 478 - نهاية المحتاج: للشيخ شمس الدين مُحَمَّد بن أبي العباس الرملي، المكتبة الإسلامية، طبع دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان. 479 - نور الإيضاح: لحسن الوفائي الشربنلالي أبي الأخلاص، دار الحكمة، دمشق، 1985م. 480 - نيل الأوطار من أحاديث سيد الأخيار ? شرح منتقى الأخبار: للشوكاني (ت 1255هـ‍)، دار الجيل، بيروت - لبنان. 481 - الهادي: تأليف شيخ الإسلام موفق الدين بن قدامة المقدسي الحنبلي (ت630هـ‍)، دار العباد، بيروت. 482 - الهداية (فقه حنفي): تأليف شيخ الإسلام برهان الدين الرشداني المرغيناني (ت 593هـ‍)، مطبعة الحلبي، مصر، الطبعة الأخيرة. 483 - الهداية: للكلوذاني: نسختنا الخطية الخاصة المصورةعن الأصل المحفوظ بمكتبة أوقاف بغداد، وَقَدْ أنهينا تحقيقه وتنضيده، نسأل الله أن ييسر طبعه ونشره.

484 - هدي الساري مقدمة فتح الباري: لابن حجر العسقلاني (ت 852 هـ‍)، تحقيق: عبد العزيز بن عبد الله بن باز، دار الفكر، بيروت. 485 - الوافي بالوفيات: ابن أيبك الصفدي (ت 764 هـ‍)، اعتناء: هلموت ريتر، دار فراتز شتايز - فيسبادت، الطبعة الثانية، 1381هـ‍- 1961م. 486 - الوسيط للغزالي: أبو حامد الغزالي (ت505هـ‍)، تحقيق: الدكتور: عَلِيّ محيي الدين القرداغي، إدارة الشؤون الإسلامية، دولة قطر، الطبعة الأولى، 1414هـ‍- 1993م. 487 - وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان: لابن خلكان (ت 681 هـ‍)، تحقيق: د. إحسان عباس، دار صادر - بيروت.

§1/1