آداب الصحبة لأبي عبد الرحمن السلمي

أبو عبد الرحمن السلمي

المسلمون جسد واحد فمن ذلك: أن يعلم أن المسلمين كالجسد الواحد، وأن على بعضهم أن يعين البعض على الخيرات، ويدفع عنه المكاره

§الْمُسْلِمُونَ جَسَدٌ وَاحِدٌ فَمِنْ ذَلِكَ: أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ كَالْجَسَدَ الْوَاحِدِ، وَأَنَّ عَلَى بَعْضِهِمْ أَنْ يُعِينَ الْبَعْضَ عَلَى الْخَيْرَاتِ، وَيَدْفَعَ عَنْهُ الْمَكَارِهَ

2 - وَلِذَلِكَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ بُنْدَارٍ الصَّيْرَفِيُّ قَالَ: أنا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ: أنا يَزِيدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي خَارِجَةُ، عَنْ زَكَرِيَّا، عَنْ عَامِرٍ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «§مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ الْوَاحِدِ، إِذَا اشْتَكَى عُضْوٌ مِنْهُ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْأَعْضَاءِ بِالْحُمَّى وَالسَّهَرِ»

3 - وَأَنَا عَلِيُّ بْنُ بُنْدَارٍ قَالَ: أنا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ: أنا يَزِيدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: أنا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أنا بريدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «§الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ، يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا»

تعارف الأرواح وتناكرها

§تَعَارَفُ الْأَرْوَاحِ وَتَنَاكُرُهَا

4 - أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرَّازِيُّ قَالَ: أنا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ: أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ: أنا الْمُعَافَى، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ أَبِي -[40]- الْمُسَاوِرِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَمِيرَةَ، عَنْ سَلْمَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «§الْأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ، فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ، وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ»

5 - أنا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ رُمَيْحٍ الْحَافِظُ قَالَ: أنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الْحَافِظُ قَالَ: أنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّمَرْقَنْدِيُّ قَالَ: أنا أَبِي، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَلَيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «§إِنَّ الْأَرْوَاحَ تَتَلَاقَى فِي الْهَوَاءِ فَتَشَامُّ، فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ، وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ»

كل إنسان على دين أصحابه فإذا أراد الله بعبد من عبيده خيرا وفقه لمعاشرة أهل السنة وأهل الستر والصلاح والدين، ويرده عن صحبة أهل الهوى والبدع والمخالفين فإنه روي أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: " المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل "

§كُلُّ إِنْسَانٍ عَلَى دِينِ أَصْحَابِهِ فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ خَيْرًا وَفَّقَهُ لِمُعَاشَرَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَأَهْلِ السِّتْرِ وَالصَّلَاحِ وَالدِّينِ، وَيَرُدُّهُ عَنْ صُحْبَةِ أَهْلِ الْهَوَى وَالْبِدَعِ وَالْمُخَالِفِينَ فَإِنَّهُ 6 - رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ»

أنا الشَّيْخُ أَبُو الْوَلِيدِ حَسَّانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَقِيهُ قَالَ: أنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْهَرَوِيُّ قَالَ: أنا أَبُو أُمَيَّةَ الطَّرَسُوسِيُّ، وَالرَّمَادِيُّ قَالَ: أنا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: أنا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ وَرْدَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «§الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ»

8 - أَنْشَدَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَاهِرٍ الْوَزِيرِيُّ قَالَ: أَنْشَدَنِي الْمُطَرِّفِيُّ لِبَعْضِ الشُّعَرَاءِ: " [البحر الطويل] §عَنِ الْمَرْءِ لَا تَسْأَلْ وَسَلْ عَنْ قَرِينِهِ ... فَكُلُّ قَرِينٍ بِالْمُقَارَنِ مُقْتَدِي

احذر صحبة الجهال

§احْذَرْ صُحْبَةَ الْجُهَّالِ

9 - أنَا عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ شَاهِينَ، بِبَغْدَادَ قَالَ: عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ -[43]-: نَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى قَالَ: نَا الْأَصْمَعِيُّ قَالَ: نَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ وَقَدْ ذَكَرَ صُحْبَةَ رَجُلٍ فَقَالَ: « [البحر الهزج] §لَا تَصْحَبْ أَخَا الْجَهْلِ ... وَإِيَّاكَ وَإِيَّاهُ فَكَمْ مِنْ جَاهِلٍ أَرْدَى ... حَلِيمًا حِينَ آخَاهُ يُقَاسُ الْمَرْءُ بِالْمَرْءِ ... إِذَا مَا الْمَرْءُ مَاشَاهُ وَلِلشَّيْءِ مِنَ الشَّيْءِ ... مَقَايِيسٌ وَأَشْبَاهُ وَلِلْقَلْبِ مِنَ الْقَلْبِ ... دَلِيلٌ حِينَ يَلْقَاهُ» مِنْ آدَابِ الصُّحْبَةِ حُسْنُ الْخُلُقِ. فَمِنْ آدَابِ الْعِشْرَةِ وَحُسْنِ الْخُلُقِ مَعَ الْإِخَوَانِ وَالْأَقْرَانِ وَالْأَصْحَابِ اقْتِدَاءً بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ

10 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَارِثِ الْكَارِزِيُّ قَالَ: أنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: أنا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: أنا دَاوُدُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَوْدِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: §«أَكْثَرُ مَا يُدْخِلُ الْجَنَّةَ التَّقْوَى وَحُسْنُ الْخُلُقِ»

11 - نا أَبُو عَلِيٍّ حَامِدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّفَّا قَالَ: نا مُوسَى بْنُ الْحَسَنِ قَالَ: نا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: نا سُفْيَانُ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ أَبِي شَبِيبٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «§اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ»

12 - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَعِيدٍ الْحَافِظُ الْمَرْوَزِيُّ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا خَيْرُ مَا أُعْطِيَ الْإِنْسَانُ؟ . قَالَ: §«حُسْنُ الْخُلُقِ» مِنْ آدَابِ الصُّحْبَةِ سَتْرُ عُيُوبِ الْإِخْوَانِ. وَمِنْ آدَابِهَا: تَحْسِينُ مَا يُعَايِنُهُ مِنْ عُيُوبِ إِخْوَانِي

فَإِنِّي: 13 - سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدٍ الْمُعَلِّمَ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ مَنَازِلٍ يَقُولُ -[45]-: «§الْمُؤْمِنُ يَطْلُبُ مَعَاذِيرَ إِخْوَانِهِ، وَالْمُنَافِقُ يَطْلُبُ عَثَرَاتِ إِخْوَانِهِ»

14 - سَمِعْتُ مَنْصُورَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ الثَّقَفِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ حَمْدُونَ الْقَصَّارَ يَقُولُ: «§إِذَا زَلَّ أَخٌ مِنْ إِخْوَانِكُمْ فَاطْلَبُوا لَهُ سَبْعِينَ عُذْرًا، فَإِنْ لَمْ تَقْبَلْهُ قُلُوبُكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ الْمَعِيبَ أَنْفُسُكُمْ؛ حَيْثُ ظَهَرَ لِمُسْلِمٍ سَبْعُونَ عُذْرًا فَلَمْ تَقْبَلْهُ» وَمِنْ آدَابِهَا مُعَاشَرَةُ مَنْ يَثِقُ بِدِينِهِ وَأَمَانَتِهِ فِي ظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المجادلة: 22] الْآيَةِ. وَالصُّحْبَةُ وَالْمُعَاشَرَةُ عَلَى وُجُوهٍ، فَالْمُعَاشَرَةُ مَعَ الْأَكَابِرِ وَالْمَشَايِخِ بِالْحَرِيَّةِ وَالْخِدْمَةِ لَهُمْ وَالْقِيَامِ بِأَشْغَالِهِمْ. وَالْمُعَاشَرَةُ مَعَ الْأَقْرَانِ وَالْأَوَساطِ بِالنَّصِيحَةِ وَبَذْلِ الْمَوْجُودِ، وَالْكَوْنِ عِنْدَ الْأَحْكَامِ مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا. وَالْمُعَاشَرَةُ مَعَ الْأَصَاغِرِ وَالْمُرِيدِينَ بِالْإِرْشَادِ وَالتَّأْدِيبِ وَالْحَمْلِ عَلَى مَا يُوجِبُهُ ظَاهِرُ الْعِلْمِ، وَآدَابِ السُّنَّةِ وَأَحْكَامِ الْبَوَاطِنِ، وَالْهِدَايَةِ الَّتِي تَقْوِيمَتُهَا بِحُسْنِ الْأَدَبِ

الصفح عن عثرات الإخوان ونسيانها ومن آدابها: الصفح عن عثرات الإخوان وترك تأنيبهم عليها، قال الله تعالى: فاصفح الصفح الجميل في التفسير: أن لا يكون فيه تقريع، ولا تأنيب، ولا توقيف، ولا معاتبة. وقيل أيضا: هو رضا بلا عتاب

§الصَّفْحُ عَنْ عَثَرَاتِ الْإِخْوَانِ وَنِسْيَانُهَا وَمِنْ آدَابِهَا: الصَّفْحُ عَنْ عَثَرَاتِ الْإِخْوَانِ وَتَرْكُ تَأْنِيبِهِمْ عَلَيْهَا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ} [الحجر: 85] فِي التَّفْسِيرِ: أَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ تَقْرِيعٌ، وَلَا تَأْنِيبٌ، وَلَا تَوْقِيفٌ، وَلَا مُعَاتَبَةٌ. وَقِيلَ أَيْضًا: هُوَ رِضًا بِلَا عَتَّابٍ

15 - سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدٍ الرَّازِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ الصَّائِغَ يَقُولُ: سَمِعْتُ مَرْدَوَيْهِ الصَّائِغَ يَقُولُ سَمِعْتُ الْفُضَيْلَ بْنَ عِيَاضٍ يَقُولُ: " §الْفُتُوَّةُ: الْعَفْوُ عَنْ عَثَرَاتِ الْإِخْوَانِ " وَكَمَا يَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ السَّيْرُ فِي طَلَبِ عِلْمٍ يَتَعَلَّمُهُ لِيُحَسِّنَ بِهِ آدَابِ خِدْمَةِ سَيِّدِهِ كَذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى فِي طَلَبِ مَنْ يُعَاشِرُهُ لِيُعِينَهُ عَلَى طَاعَةِ مَوْلَاهُ، فَإِنَّ بَعْضَ الْحُكَمَاءِ قَالَ: الْمُؤْمِنُ يَأْلَفُ الْمُؤْمِنَ، يُوَالِيهِ طَبْعًا وَسَجِيَّةً

16 - أنا عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ شَاهِينَ قَالَ: أنبا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: أنا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى، عَنِ الْأَصْمَعِيِّ قَالَ: قَالَ أَعْرَابِيُّ: §«تَنَاسَ مَسَاوِئَ الْإِخْوَانِ يَدُمْ لَكَ وُدُّهُمْ»

لا تعاشر أبناء الدنيا وواجب على المؤمن أن يتجنب عشرة طلاب الدنيا؛ فإنهم يدلونه على طلبها، وجمعها، ومنعها، وذاك الذي يبعده عن طلب نجاته، ويقطعه عنها، ويجتهد في معاشرة أهل الخير ومن يدله على طلب الآخرة، وطلب مولاه كذلك

§لَا تُعَاشِرْ أَبْنَاءَ الدُّنْيَا وَوَاجِبٌ عَلَى الْمُؤْمِنِ أَنْ يَتَجَنَّبَ عِشْرَةَ طُلَّابِ الدُّنْيَا؛ فَإِنَّهُمْ يُدِلُّونَهُ عَلَى طَلَبِهَا -[47]-، وَجَمْعِهَا، وَمَنْعِهَا، وَذَاكَ الَّذِي يُبْعِدُهُ عَنْ طَلَبِ نَجَاتِهِ، وَيَقْطَعُهُ عَنْهَا، وَيَجْتَهِدُ فِي مُعَاشَرَةِ أَهْلِ الْخَيْرِ وَمَنْ يَدُلُّهُ عَلَى طَلَبِ الْآخِرَةِ، وَطَلَبِ مَوْلَاهُ كَذَلِكَ

17 - سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَاذَانَ يَقُولُ: سَمِعْتُ يُوسُفَ بْنَ الْحُسَيْنِ يَقُولُ: قُلْتُ لِذِي النُّونِ وَقْتَ مُفَارَقَتِهِ: أَوْصِنِي فَقَالَ: «§عَلَيْكَ بِصُحْبَةِ مَنْ تَسْلَمُ مِنْهُ فِي ظَاهِرِ أَمْرِكَ، وَيَبْعَثُكَ عَلَى الْخَيْرِ صُحْبَتُهُ، وَيُذَكِّرُكَ اللَّهَ رُؤْيَتُهُ»

حمد الإخوان من حسن الصحبة ومن آداب العشرة: أن تحمد إخوانك على حسن نياتهم، وإن لم يساعدهم العمل. فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: " نية المؤمن خير من عمله " وقال علي كرم الله وجهه: من لم يحمد أخاه على صدق النية لم يحمده على حسن الصنيعة

§حَمْدُ الْإِخْوَانِ مِنْ حُسْنِ الصُّحْبَةِ وَمِنْ آدَابِ الْعِشْرَةِ: أَنْ تَحْمَدَ إِخْوَانَكَ عَلَى حُسْنِ نِيَّاتِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يُسَاعِدْهُمُ الْعَمَلُ. 18 - فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «نِيَّةُ الْمُؤْمِنِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ» وَقَالَ عَلِيٌّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: مَنْ لَمْ يَحْمَدْ أَخَاهُ عَلَى صِدْقِ النِّيَّةِ لَمْ يَحْمَدْهُ عَلَى حُسْنِ الصَّنِيعَةِ

لا تحسد الإخوان على نعم الله ومن آدابها: أن لا يحسد إخوانه على ما يرى عليهم من آثار نعم الله، بل يفرح بذلك ويحمد الله على ما يرى من النعمة عليهم، كما يحمده بنعمته على نفسه. قال الله تعالى: أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله , وقال صلى الله

§لَا تَحْسُدِ الْإِخْوَانَ عَلَى نِعَمِ اللَّهِ وَمِنْ آدَابِهَا: أَنْ لَا يَحْسُدَ إِخْوَانَهُ عَلَى مَا يَرَى عَلَيْهِمْ مِنْ آثَارِ نِعَمِ اللَّهِ، بَلْ يَفْرَحُ بِذَلِكَ وَيَحْمَدُ اللَّهَ عَلَى مَا يَرَى مِنَ النِّعْمَةِ عَلَيْهِمْ، كَمَا يَحْمَدُهُ بِنِعْمَتِهِ عَلَى نَفْسِهِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء: 54] , 20 - وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَحَاسَدُوا» 21 - وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «كَادَ الْحَسَدُ أَنْ يَغْلِبَ الْقَدَرَ» وَمِنْ آدَابِهَا: أَنْ لَا يُوَاجِهَ أَخًا مِنْ إِخْوَانِهِ بِمَا يَكْرَهُ

وَقَدْ: -[49]- 22 - أنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ: نَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نُصَيْرٍ قَالَ: أنَا ابْنُ مَسْرُوقٍ قَالَ: أنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْبُرْجُلَانِيُّ قَالَ: أنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: نَا حَمَّادٌ، عَنْ سَلْمٍ الْعَلَوِيِّ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ «كَانَ §لَا يُوَاجِهُ أَحَدًا فِي وَجْهِهِ بِشَيْءٍ يَكْرَهُهُ» مِنْ آدَابِ الصُّحْبَةِ مُلَازَمَةُ الْحَيَاءِ وَمِنْ آدَابِهَا: مُلَازَمَةُ الْحَيَاءِ فِي كُلِّ حَالٍ كَذَلِكَ

أنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ أَيُّوبَ، قَالَ: أنا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ الرَّازِيُّ قَالَ: أنا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يَعِظُ أَخَاهُ فِي الْحَيَاءِ فَقَالَ: §«الْحَيَاءُ مِنَ الْإِيمَانِ»

24 - أنا أَبُو نَصْرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَامِدٍ التِّرْمِذِيُّ قَالَ: أنا مُحَمَّدُ بْنُ حَبَّانَ الصَّنْعَانِيُّ قَالَ: ثَنَا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ الْعُمَرِيُّ قَالَ: أنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ -[50]-: «§الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ، أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً، أَفْضَلُهَا شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ»

25 - أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْكَعْبِيُّ قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبِ بْنِ حَرْبٍ، نا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ: أنا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ يَزِيدَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: أَوْصِنِي. قَالَ: §«اسْتَحِ اللَّهَ كَمَا تَسْتَحْيِي رَجُلًا صَالِحًا مِنْ قَوْمِكَ»

26 - أنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّازِيُّ قَالَ: نَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْقَسْرِيُّ قَالَ: أنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ قَالَ: أنَا هُشَيْمٌ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «§الْحَيَاءُ مِنَ الْإِيمَانِ، وَالْإِيمَانُ فِي الْجَنَّةِ، وَالْبَذَاءُ مِنَ الْجَفَاءِ، وَالْجَفَاءُ فِي النَّارِ» وَلِلْمُعَاشَرَةِ ثَمَنٌ، فَيَجِبُ أَنْ يُطَالِبَ صَاحِبَهُ بِثَمَنِ مُعَاشَرَتِهِ، وَهُوَ صِدْقُ الْمَوَدَّةِ، وَصَفَاءُ الْمَحَبَّةِ، فَإِنَّ الْعِشْرَةَ لَا تَتِمُّ إِلَّا بِهِمَا

بشاشة الوجه ولطف اللسان ومن آدابها: بشاشة الوجه، ولطف اللسان، وسعة القلب، وبسط اليد، وكظم الغيظ، وإسقاط الكبر، وملازمة الحرمة، وإظهار الفرح بما رزق من عشيرته وإخوته

§بَشَاشَةُ الْوَجْهِ وَلُطْفُ اللِّسَانِ وَمِنْ آدَابِهَا: بَشَاشَةُ الْوَجْهِ، وَلُطْفُ اللِّسَانِ، وَسَعَةُ الْقَلْبِ، وَبَسْطُ الْيَدِ -[52]-، وَكَظْمُ الْغَيْظِ، وَإِسْقَاطُ الْكِبْرِ، وَمُلَازَمَةُ الْحُرْمَةِ، وَإِظْهَارُ الْفَرَحِ بِمَا رُزِقَ مِنْ عَشِيرَتِهِ وَإِخْوَتِهِ

صفات خير الأصحاب ومن آدابها: ألا يصحب إلا عاقلا وعالما وحليما تقيا

§صِفَاتُ خَيْرِ الْأَصْحَابِ وَمِنْ آدَابِهَا: أَلَّا يَصْحَبَ إِلَّا عَاقِلًا وَعَالِمًا وَحَلِيمًا تَقِيًّا

كَذَلِكَ: 27 - سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ فَارِسًا يَقُولُ: سَمِعْتُ يُوسُفَ بْنَ الحُسَيْنٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ ذَا النُّونِ يَقُولُ: §«مَا خَلَعَ اللَّهُ عَلَى عَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ خِلْعَةً أَحْسَنَ مِنَ الْعَقْلِ، وَلَا قَلَّدَهُ اللَّهُ قِلَادَةً أَجْمَلَ مِنَ الْعِلْمِ، وَلَا زَيَّنَهُ بِزِينَةٍ أَفْضَلَ مِنَ الْحِلْمِ، وَكَمَالُ ذَلِكَ التَّقْوَى»

28 - أنَا أَبُو الْفَتْحِ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ الزَّاهِدُ بِبَغْدَادَ قَالَ: أنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُطْبَقِيِّ قَالَ: أنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: نَا بَقِيَّةُ، عَنْ أَبِي يَعْقُوبَ الْمَدَنِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: §«مِنْ سَعَادَةِ الْمَرْءِ أَنْ يَكُونَ إِخْوَانُهُ صَالِحِينَ» -[53]- وَمِنْ آدَابِهَا: سَلَامَةُ الصَّدْرِ لِلْإِخْوَانِ وَالْأَصْحَابِ، وَالنَّصِيحَةُ لَهُمْ، وَقَبُولُ النَّصِيحَةِ مِنْهُمْ، وَأَصْلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء: 89]

29 - سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ الْبَغْدَادِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ صَالِحٍ يَقُولُ: أنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدونَ قَالَ: نَا عَبْدُ الْقُدُّوسِ بْنُ القَاسِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ سَرِيًّا السَّقَطِيَّ يَقُولُ: «§مِنْ أَخْلَاقِ الْأَبْدَالِ سَلَامَةُ الصَّدْرِ، وَالنَّصِيحَةُ لِلْإِخْوَانِ»

من علامات أصدقاء السوء ومن آدابها: أن لا تعد أخاك وعدا ثم تخلفه، فإنه من النفاق. قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: " علامة النفاق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان "

§مِنْ عَلَامَاتِ أَصْدِقَاءِ السُّوءِ وَمِنْ آدَابِهَا: أَنْ لَا تَعِدَ أَخَاكَ وَعْدًا ثُمَّ تُخْلِفَهُ، فَإِنَّهُ مِنَ النِّفَاقِ. 30 - قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: " عَلَامَةُ النِّفَاقِ ثَلَاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ "

31 - سَمِعْتُ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْمَرَاغِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ مُصْعَبٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ الْجَوْهَرِيَّ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبَانَ قَالَ: سَمِعْتُ الثَّوْرِيَّ يَقُولُ: «§لَا تَعِدْ أَخَاكَ مَوْعِدًا فَتُخْلِفَهُ، فَتَسْتَبْدِلَ الْمَوَدَّةَ بُغْضًا» 32 - وَأَنْشَدَ أَبُو نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ: [البحر السريع] يَا وَاعِدَ الْوَعْدِ الَّذِي أَخْلَفَا ... مَا الْخُلْفُ مِنْ سِيرَةِ أَهْلِ الْوَفَا مَا كَانَ مَا أَظْهَرْتَ مِنْ وُدِّنَا ... إِلَّا سِرَاجًا لَاحَ ثُمَّ انْطَفَا وَمِنْ آدَابِهَا: صُحْبَةُ مَنْ يُسْتَحْيَى مِنْهُ وَيَحْتَشِمُهُ لِيَزْجُرَهُ ذَلِكَ مِنَ الْمُخَالَفَاتِ. 33 - قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: «أَحِبُّوا الطَّاعَاتِ بِمُجَالَسَةِ مَنْ يُسْتَحْيَى مِنْهُ»

34 - سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ عَبْدِ اللهِ الْحَافِظِ، بِبَغْدَادَ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ الصَّوَّافَ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ يَقُولُ -[55]-: §«مَا أَوْقَعَنِي فِي بَلِيَّةٍ إِلَّا صُحْبَةُ مَنْ لَا أَحْتَشِمُهُ»

35 - سَمِعْتُ جَدِّي إِسْمَاعِيلَ بْنَ نُجَيْدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ يَقُولُ: «§عَاشِرْ مَنْ تَحْتَشِمُهُ، وَلَا تُعَاشِرْ مَنْ لَا تَحْتَشِمُهُ»

احفظ أهل صديقك ومن آدابها: أن يحفظ في عشرته صلاح إخوانه، لا مرادهم، ويدلهم على رشدهم لا على ما يحبونه

§احْفَظْ أَهْلَ صَدِيقِكَ وَمِنْ آدَابِهَا: أَنْ يَحْفَظَ فِي عِشْرَتِهِ صَلَاحَ إِخْوَانِهِ، لَا مُرَادَهُمْ، وَيُدِلُّهُمْ عَلَى رُشْدِهِمْ لَا عَلَى مَا يُحِبُّونَهُ

36 - كَذَلِكَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ الْفَرَّاءَ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ الشِّرَاكَ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ مَنَازِلٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ يَقُولُ: «§الْمُؤْمِنُ يُعَاشِرُكَ بِالْمَعْرُوفِ، وَيَدُلُّكَ عَلَى صَلَاحِ دِينِكَ وَدُنْيَاكَ، وَالْمُنَافِقُ يُعَاشِرُكَ بِالْمُمَادَحَةِ، وَيَدُلُّكَ عَلَى مَا تَشْتَهِيهِ، وَالْمَعْصُومُ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْحَالَيْنِ» وَمِنْ آدَابِهَا: أنْ لَا تُؤْذِيَ مُؤْمِنًا، وَلَا تُجَاهِلَ جَاهِلًا، فَإِنَّهُ رُوِيَ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَكْرَهُ أَذَى الْمُؤْمِنِينَ»

الناس رجلان

§النَّاسُ رَجُلَانِ

38 - أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُبَيْدَةَ قَالَ: أنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْهَرَوِيُّ قَالَ: أنا أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ حَمَّادُ بْنُ الْحَسَنِ الْحَدَّاقُ قَالَ: أنا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: أنا عَمْرُو بْنُ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ: " §النَّاسُ رَجُلَانِ: مُؤْمِنٌ فَلَا تُؤْذِهِ، وَجَاهِلٌ فَلَا تُجَاهِلْهُ "

أحب لغيرك ما تحب لنفسك ومن آدابها: أن تطلب من إخوانك حسن العشرة حسب ما تعاشرتم به

§أَحِبَّ لِغَيْرِكَ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ وَمِنْ آدَابِهَا: أَنْ تَطْلُبَ مِنْ إِخْوَانِكَ حُسْنَ الْعِشْرَةِ حَسَبَ مَا تَعَاشَرْتُمْ بِهِ

39 - أنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ رَجَاءٍ قَالَ: أنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ: أنَا هُدْبَةُ قَالَ: نَا هَمَّامٌ قَالَ: نَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: §«لَا يُؤْمِنُ عَبْدٌ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ»

40 - سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا الْقَاسِمِ الْحَكِيمَ يَقُولُ: " §عِلْمُ صَفْوَةِ الْعِشْرَةِ: رِضَاكَ بِمِثْلِهِ مِمَّنْ يُعَاشِرُكَ "

41 - أنَا عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ شَاهِينَ قَالَ: نَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ: نَا جَدِّي إِسْحَاقُ بْنُ بُهْلُولٍ قَالَ: أنَا أَبُو الْحَسَنِ الْمُؤَدِّبُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَيَّاشٍ يَقُولُ: «§اطْلُبِ الْفَضْلَ بِالْأَفْعَالِ تَمْلِكْهُ، فَإِنَّ الصَّنِيعَةَ إِلَيْكَ كَالصَّنِيعَةِ مِنْكَ»

ثلاث يجلبن لك ود إخوانك

§ثَلَاثٌ يَجْلِبْنَ لَكَ وُدَّ إِخْوَانِكَ

وَمِنْ جَامِعِ آدَابِهَا 42 - مَا: أنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مَطَرٍ الْعَدْلُ قَالَ: نَا الْفَضْلُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْبَاهِلِيُّ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ: أنَا سَعِيدُ بْنُ هُبَيْرَةَ قَالَ -[58]-: أنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: " §ثَلَاثٌ يُصَفِّينَ لَكَ وُدَّ أَخِيكَ: أَنْ تُسَلِّمَ عَلَيْهِ إِذَا لَقِيتَهُ، وَتُوَسِّعَ لَهُ فِي الْمَجْلِسِ، وَتَدْعُوَهُ بِأَحَبِّ أَسْمَائِهِ إِلَيْهِ " وَمِنْ آدَابِهَا: أَنْ تَضَعَ كَلَامَ أَخِيكَ، وَأَبْرِزْهُ عَلَى أَحْسَنِ الْوُجُوهِ مَا وَجَدْتَ لَهَا وَجْهًا حَسَنًا

43 - أنا الشَّيْخُ أَبُو الْوَلِيدِ حَسَّانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَقِيهُ قَالَ: أنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْهَرَوِيُّ قَالَ: أنا أَبُو الزِّنْبَاعِ رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ قَالَ: أنا مُوسَى بْنُ نَاصِحٍ قَالَ: أنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي طَيْبَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ بَعْضُ إِخْوَانِي مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «أَنْ §ضَعْ أَمْرَ أَخِيكَ عَلَى أَحْسَنِهِ، مَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ مَا يَغْلِبُكَ» -[59]- وَمِنْ آدَابِهَا: السُّؤَالُ عَنْ أَسْمَاءِ الْإِخْوَانِ، وَعَنْ أَسْمَاءِ آبَائِهِمْ، وَعَنْ مَنَازِلِهِمْ لِئَلَّا تُقَصِّرَ فِي حُقُوقِهِمْ

44 - كَذَلِكَ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْدَانَ الزَّاهِدُ الْعُكْبَرِيُّ بِهَا قَالَ: أَخْبَرَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحُلْوَانِيُّ قَالَ: أنا أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ قَالَ: أنا الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ، أنا مَسْلَمَةُ بْنُ عُلَيٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ أَلْتَفِتُ فَقَالَ: «§إِلَى مَا تَلْتَفِتُ؟» . قُلْتُ: أَخٌ لِي أَنَا فِي طَلَبِهِ. فَقَالَ: «يَا عَبْدَ اللَّهِ، إِنْ أَحْبَبْتَ رَجُلًا فَاسْأَلْهُ عَنِ اسْمِهِ، وَاسْمِ أَبِيهِ، وَاسْمِ جَدِّهِ، وَعَشِيرَتِهِ، وَمَنْزِلِهِ، فَإِنْ مَرِضَ عُدْتَهُ، وَإِنِ اسْتَعَانَ بِكَ فِي حَاجَةٍ أَعَنْتَهُ» وَمِنْ آدَابِهَا: مُجَانَبَةُ الْحِقْدِ، وَلُزُومُ الصُّلْحِ، وَالْعَفْوُ عَنِ الْإِخْوَانِ

45 - أنا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ عَبْدِهِ قَالَ: أنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ: سَمِعْتُ هِلَالَ بْنَ الْعَلَاءِ يَقُولُ: §" جَعَلْتُ عَلَى نَفْسِي أَنْ لَا أُكَافِئَ أَحَدًا بِسُوءٍ وَلَا عُقُوقٍ، وَذَهَبَ إِلَى هَذِهِ الْأَبْيَاتِ: [البحر البسيط] -[60]- لَمَّا عَفَوْتُ وَلَمْ أَحْقِدْ عَلَى أَحَدٍ ... أَرَحْتُ نَفْسِي مِنْ هَمِّ الْعَدَاوَاتِ إِنِّي أُحَيِّي عَدُوُّي عِنْدَ رُؤْيَتِهِ ... لِأَدْفَعَ الشَّرَّ عَنِّي بِالتَّحِيَّاتِ وَأُظْهِرُ الْبِشْرَ لِلْإِنْسَانِ أُبْغِضُهُ ... كَأَنَّهُ قَدْ مَلَا قَلْبِي مَحَبَّاتِ"

46 - وَأَنْشَدَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ بَطَّةَ الزَّاهِدَ بِعُبْكَرَا قَالَ: أَنْشَدَنِي ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ قَالَ: أَنْشَدَنِي أَبِي، عَنْ عُبَيْدٍ الْمَدَائِنِيِّ: « [البحر الطويل] §وَمَنْ لَمْ يُغَمِّضْ عَيْنَهُ عَنْ صَدِيقِهِ ... وَعَنْ بَعْضِ مَا فِيهِ يَمُتْ وَهْوَ عَاتَبُ وَمَنْ يَتَّبِعْ جَاهِدًا كُلَّ عَثْرَةٍ ... يَجِدْهَا وَلَا يَسْلَمْ لَهُ الدَّهْرُ صَاحِبُ» وَمِنْ آدَابِهَا: مُلَازَمَةُ الْأُخُوَّةِ، وَالْمُلَازَمَةُ عَلَيْهَا، وَمُجَانَبَةُ الْمِلَالِ 47 - فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «أَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ»

48 - أنا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ الْحَافِظُ قَالَ: أنا أَحْمَدُ بْنُ عُمَيْرٍ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ: أنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ: أنا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْمُؤَدِّبِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ قَالَ: «§لَيْسَ لِمَلُولٍ صِدِّيقٌ، وَلَا لِحَسُودٍ غِنًى، وَالنَّظَرُ فِي الْعَوَاقِبِ تَلْقِيحٌ -[61]- لِلْعُقُولِ» وَمِنْ آدَابِهَا: الْإِغْضَاءُ عَنِ الصَّدِيقِ فِي بَعْضِ الْمَكَارِهِ

49 - أَنْشَدَنِي أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الْحَافِظُ قَالَ: أَنْشَدَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَاضِي: [البحر الطويل] §صَبَرْتُ عَلَى بَعْضِ الْأَذَى خَوْفَ كُلِّهِ ... وَدَافَعْتُ عَنْ نَفْسِي بِنَفْسِي فَفَزَّتْ وَجَرَّعْتُهَا الْمَكْرُوهَ حَتَّى تَجَرَّعَتْ ... وَلَوْ جُمْلَةً جَرَّعْتُهَا لَاشْمَأَزَّتْ فَيَا رُبَّ عِزٍّ سَاقَ لِلنَّفَسِ ذِلَّةً ... وَيَا رُبَّ نَفْسٍ بِالتَّذَلُّلِ عَزَّتْ"

50 - أَنْشَدَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ قَالَ: أَنْشَدَنِي ابْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: أَنْشَدَنِي ثَعْلَبٌ: « [البحر الطويل] §أُغَمِّضُ عَيْنِي عَنْ صَدِيقِي مُتَعَمِّدًا ... كَأَنِّي بِمَا يَأْتِي مِنَ الْأَمْرِ جَاهِلُ وَمَا بِيَ جَهْلٌ غَيْرَ أَنَّ خَلِيقَتِي ... تُطِيقُ احْتِمَالَ الْكُرْهِ فِيمَا يُحَاوِلُ»

51 - أَنْشَدَنِي مُحَمَّدُ بْنُ طَاهِرٍ الْوَزِيرِيُّ قَالَ: أَنْشَدَنِي الْمُطَرِّفِيُّ لِبَعْضِهِمْ، وَهُوَ بَشَّارُ بْنُ بُرْدٍ الْأَعْمَى: « [البحر الطويل] §إِذَا كُنْتَ وَاحِدًا أَوْصِلْ أَخَاكَ فَإِنَّهُ ... مُقَارِفُ ذَنْبٍ وَاحِدٍ وَمُجَانِبُهْ -[62]- إِذَا أَنْتَ لَمْ تَشْرَبْ مِرَارًا عَلَى الْقَذَى ... ظَمِئْتَ وَأَيُّ النَّاسِ تَصْفُو مَشَارِبُهْ» وَمِنْ آدَابِهَا: أَنْ لَا تَسْتَخِفَّ بِأَحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ، وَتَعْرِفَ مَحِلَّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَتُكْرِمَهُ عَلَى قَدْرِهِ

52 - سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنِ سَعِيدٍ الْمَعْدَانِيَّ، بِمَرْو يَقُولُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ عَلِيٍّ يَحْكِي , عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ قَالَ: «§مَنِ اسْتَخَفَّ بِالْعُلَمَاءِ ذَهَبَتْ آخِرَتُهُ، وَمَنِ اسْتَخَفَّ بِالْأُمَرَاءِ ذَهَبَتْ دُنْيَاهُ، وَمَنِ اسْتَخَفَّ بِالْإِخْوَانِ ذَهَبَتْ مُرُوءَتُهُ» وَمِنْ آدَابِهَا: أَنْ لَا تَقْطَعَ صَدِيقًا بَعْدَ أَنْ صَادَقْتَهُ وَلَا تَرُدَّهُ بَعْدَ أَنْ قِبْلَتَهُ

53 - سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنُ عَنْتَرٍ بِمَرْو يَقُولُ: حَدَّثَنِي أَبُو مَعْشَرٍ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيَّ يَقُولُ: قَالَ الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ: «§لَا تُوَاصِلَنَّ صَدِيقًا إِلَّا بَعْدَ تَجْرِبَةٍ، وَإِذَا صَادَقْتَهُ فَلَا تُقَاطِعْهُ، فَمُؤْمِنٌ بِلَا صَدِيقٍ خَيْرٌ مِنْ مُؤْمِنٍ كَثِيرِ الْأَعْدَاءِ»

سَمِعْتُ مَنْصُورَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْهَرَوِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ الثَّقَفِيَّ يَقُولُ -[63]-: قَالَ حَمْدَانُ الْقَصَّارُ: " §أَقْبِلُوا عَلَى إِخْوَانِكُمْ بِالْإِيمَانِ، وَرُدُّوهُمْ بِالْكُفْرِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْقَعَ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ فِي مَشِيئَتِهِ فَقَالَ: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ، وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] " وَمِنْ آدَابِهَا: أَنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا ظَفَرَ بِأَخٍ أَوْ صَدِيقٍ أَنْ لَا يُضَيِّعَهُ، وَيَعْلَمَ أَنَّ الْأُخُوَّةَ وَالصَّدَاقَةَ عَزِيزَةٌ

55 - سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْقَصَّارَ يَقُولُ: سَمِعْتُ هِلَالَ بْنَ الْعَلَاءِ الرُّقِّيَّ يَقُولُ: " §كَتَبَ فَيْلَسُوفٌ إِلَى مَنْ فِي دَرَجَتِهِ: أَنِ اكْتُبْ إِلَيَّ بِشَيْءٍ يَنْفَعُنِي فِي عُمُرِي. فَكَتَبَ إِلَيْهِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ: اسْتَوْحَشَ مَنْ لَا إِخْوَانَ لَهُ، وَفَرَّطَ مَنْ قَصَّرَ فِي طَلَبِهِمْ، وَأَشَدُّ تَفْرِيطًا مَنْ وَجَدَ وَاحِدًا مِنْهُمْ وَضَيَّعَهُ بَعْدَ وَجْدِهِ إِيَّاهُ، وَلَوْ وَجَدَ أَنَّ الْكِبْرِيتَ الْأَحْمَرَ أَيْسَرُ مِنْ وِجْدَانِ أَخٍ أَوْ صَدِيقٍ مُوَافِقٍ، وَإِنِّي لَفِي طَلَبِهِمْ مُنْذُ خَمْسِينَ سَنَةً، فَمَا ظَفَرْتُ إِلَّا بِنِصْفِ أَخٍ، وَتَمَرَّدَ عَلَيَّ وَانْقَلَبَ. وَاعْلَمْ أَنَّ النَّاسَ ثَلَاثٌ: مَعَارِفُ، وَأَصْدِقَاءٌ، وَإِخْوَانٌ، فَالْمَعَارِفُ بَيْنَ النَّاسِ كَثِيرٌ، وَالْأَصْدِقَاءُ عَزِيزَةٌ، وَالْأَخُ قَلَّ مَا يُوجَدُ " وَمِنْ آدَابِهَا: التَّوَاضُعُ لِلْإِخْوَانِ، وَتَرْكُ التَّكَبُّرِ عَلَيْهِمْ

56 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ مَحْبُوبٌ الدَّهَّانُ قَالَ: أنا أَبُو يَحْيَى الْبَزَّارُ قَالَ: أنا أَحْمَدُ بْنُ حَفْصٍ قَالَ: أنا أَبِي قَالَ: أنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ -[64]-، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ §اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ»

57 - أنا أَبُو عَمْرِو بْنُ مَطَرٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ الرَّازِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: أنا يَحْيَى قَالَ: أنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْعَوَّامِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: " §أَرْبَعٌ لَا يُصِبْنَ إِلَّا بِعَجَبٍ: الصَّمْتُ وَهُوَ أَوَّلُ الْعِبَادَةِ، وَالتَّوَاضُعُ، وَذِكْرُ اللَّهِ، وَقِلَّةُ الشَّيْءِ "

58 - سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ جَعْفَرٍ الْحَافِظَ يَقُولُ: سَمِعْتُ إِسْمَاعِيلَ الصَّفَّارَ يَقُولُ: سَمِعْتُ الْمُبَرِّدَ يَقُولُ -[65]-: «§النِّعْمَةُ الَّتِي لَا يُحْسَدُ عَلَيْهَا صَاحِبُهَا التَّوَاضُعُ، وَالْبَلَاءُ الَّذِي لَا يُرْحَمُ صَاحِبُهُ عَلَيْهِ الْعُجْبُ»

وَمِنْ جَوَامِعِ آدَابِهَا 59 - مَا: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ الْمُلَامِتِيُّ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا الْحُسَيْنِ الْوَرَّاقَ يَقُولُ: قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عُثْمَانَ عَنِ الصُّحْبَةِ فَقَالَ: " §الصُّحْبَةُ مَعَ اللَّهِ بِحُسْنِ الْأَدَبِ، وَدَوَامِ الْهَيْبَةِ وَالْمُرَاقَبَةِ، وَالصُّحْبَةُ مَعَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ بِمُلَازَمَةِ الْعِلْمِ وَاتِّبَاعِ السُّنَّةِ، وَالصُّحْبَةُ مَعَ الْأَوْلِيَاءِ بِالِاحْتِرَامِ وَالْخِدْمَةِ، وَالصُّحْبَةُ مَعَ الْإِخْوَانِ بِالْبِشْرِ وَالِانْبِسَاطِ وَتَرْكِ الْإِنْكَارِ عَلَيْهِمْ، مَا لَمْ يَكُنْ خَرْقَ شَرِيعَةٍ أَوْ هَتْكَ حُرْمَةٍ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: 199] الْآيَةُ. وَالصُّحْبَةُ مَعَ الْجُهَّالِ بِالنَّظَرِ إِلَيْهِمْ بِعَيْنِ الرَّحْمَةِ، وَرُؤْيَةِ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْكَ حَيْثُ -[66]- لَمْ يَجْعَلْكَ مَثَلَهُمْ، وَالدُّعَاءِ لَهُمْ لَيُعَافِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ بَلَاءِ الْجَهْلِ " وَمِنْ آدَابِهَا: حِفْظُ الْمَوَدَّةِ الْقَدِيمَةِ، وَالْأُخُوَّةُ الثَّابِتَةُ كَذَلِكَ 60 - رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ حِفْظَ الْوُدِّ الْقَدِيمِ» 61 - وَإِنَّ امْرَأَةً دَخَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ فَأَدْنَاهَا، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: «إِنَّهَا كَانَتْ تَأْتِينَا أَيَّامَ خَدِيجَةَ، وَإِنَّ حُسْنَ الْعَهْدِ مِنَ الْإِيمَانِ» 62 - أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشَّيْبَانِيُّ، بِبَغْدَادَ قَالَ: أنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الْبُرْجُمِيُّ قَالَ: أنا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ التَّنُوخِيُّ قَالَ: أنا مُحَمَّدُ بْنُ ثِمَالٍ الصَّنْعَانِيُّ قَالَ: أنا عَبْدُ الْمُؤْمِنِ -[67]-، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنِ النَّبِيِّ صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِ مَعْنَاهُ

63 - سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ شَاذَانَ يَقُولُ: سَمِعْتُ جَعْفَرَ الْخُلْدِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ الْمُغَازِلِيَّ يَقُولُ: §«مَنْ أَحَبَّ أَنْ تَدُومَ لَهُ الْمَوَدَّةُ فَلْيَحْفَظْ مَوَدَّةَ إِخْوَانِهِ الْقُدَمَاءِ»

64 - أَنْشَدَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ الطُّوسِيُّ قَالَ: أَنْشَدَنِي الْوَجِيهِيُّ لِبَعْضِهِمْ: [البحر السريع] §مَا ذَاقَتِ النَّفْسُ عَلَى شَهْوَةٍ ... أَلَذُّ مِنْ حُبِّ صَدِيقٍ أَمِينِ مَنْ فَاتَهُ وُدُّ أَخٍ صَالِحٍ ... فَذَلِكَ الْمَغْبُونُ حَقُّ الْيَقِينِ"

65 - سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ طَاهِرٍ الْوَزِيرِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ الْبُوشَنْجِيَّ يَقُولُ: قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ: «§عَاشِرُوا النَّاسَ مُعَاشَرَةً إِنْ غِبْتُمْ حَنُّوا إِلَيْكُمْ، وَإِنْ مِتُّمْ بَكَوْا عَلَيْكُمْ» وَمِنْ آدَابِهَا 66 - مَا: سُئِلَ أَبُو عُثْمَانَ الْحِيرِيُّ: كَيْفَ يَصْحَبُ الْمُؤْمِنُ عَلَى شَرْطِ السَّلَامَةِ؟ قَالَ: يُوَسِّعُ عَلَى أَخِيهِ مَالَهُ، وَلَا يَطْمَعْ فِي مَالِهِ، وَيُنْصِفُهُ وَلَا يَطْلُبْ مِنْهُ الْإِنْصَافَ، وَيَسْتَكْثِرُ قَلِيلَ بِرِّهِ، وَيَكُونُ إِكْرَامُهُ أَكْثَرَ مِنْ إِكْرَامِهِ لِنَفْسِهِ 67 - سُئِلَ أَبُو عُثْمَانَ عَنْ مَنْ يُعَاشِرُ النَّاسَ وَلَا يُكْرِمُهُمْ وَلَا يَتَكَبَّرُ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: ذَلِكَ لِقِلَّةِ رَأْيِهِ وَعَقْلِهِ، فَإِنَّهُ يُعَادِي صَدِيقَهُ، وَيُكْرِمُ عَدُوَّهُ، فَإِنَّ إِخْوَانَهُ -[68]- فِي اللَّهِ أَصْدِقَاؤُهُ، وَنَفْسَهُ عَدُوُّهُ 68 - قَالَ: رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «أَعْدَى عَدُوِّكَ نَفْسُكَ الَّتِي بَيْنَ جَنْبَيْكَ»

69 - أنا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أنا مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ: أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَبِيبٍ قَالَ: أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَكْرِيُّ قَالَ: أنا أَبِي قَالَ: قَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ: §«قَدْ جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الصَّدِيقِ الْبَارِّ عِوَضًا عَنِ الرَّحِمِ الْمُدْبِرِ» وَمِنْ آدَابِهَا: مَعْرِفَةُ حُقُوقِ الْفُقَرَاءِ وَالْقِيَامِ بِحَوَائِجِهِمْ وَأَسْبَابِهِمْ

70 - أنا أَبُو مُحَمَّدٍ الدَّهَّانُ قَالَ: نا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى الْبَزَّازُ قَالَ: أنا مُحَمَّدُ -[69]- بْنُ حُمَيْدٍ الرَّازِيُّ قَالَ: أنا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى الشَّيْبَانِيُّ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَقِيلٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ «§لَا يَأْنَفُ شِيَخَةً، وَلَا يَسْتَكْبِرُ أَنْ يَمْشِيَ مَعَ الْأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ فَيَقْضِيَ حَاجَتَهُ» وَمِنْ آدَابِهَا: مُلَازَمَةُ الْأَدَبِ مَعَ إِخْوَانِهِمْ، وَحُسْنِ مُعَاشَرَتِهِمْ

71 - سَمِعْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ يَحْيَى الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ جَعْفَرَ بْنَ نُصَيْرٍ الْخُلْدِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ الْجُنَيْدَ يَقُولُ وَسُئِلَ عَنِ الْأَدَبِ فَقَالَ: «§حُسْنُ الْعِشْرَةِ» وَالْفَرْقُ بَيْنَ عِشْرَةِ الْعُلَمَاءِ وَالْجُهَّالِ: مَا قَالَهُ يَحْيَى بْنُ مُعَاذٍ الرَّازِيُّ: إِنَّ الْعُلَمَاءَ عَبَدُوا اللَّهَ بِقُلُوبِهِمْ وَعَبَدُوا النَّاسَ بِأَبْدَانِهِمْ، وَالْجُهَّالَ عَبَدُوا اللَّهَ بِأَنْفُسِهِمْ وَعَبَدُوا النَّاسَ بِقُلُوبِهِمْ وَأَبْدَانِهِمْ وَأَلْسِنَتِهِمْ -[70]- وَمِنْ آدَابِهَا: حِفْظُ أَسْرَارِ الْإِخْوَانِ

73 - أنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مَعْقِلٍ قَالَ: أنا أَبُو الْفَضْلِ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ: أنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ قَالَ: أنا الشَّيْبَانِيُّ قَالَ: أنا الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: §«اسْتَعِينُوا عَلَى حَوَائِجِكُمْ بِالْكِتْمَانِ؛ فَإِنَّ كُلَّ ذِي نِعْمَةٍ مَحْسُودٌ» 74 - وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: قُلُوبُ الْأَحْرَارِ قُبُورُ الْأَسْرَارِ

75 - وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ طَاهِرٍ الْوَزِيرِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ الْحَكِيمَ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: " §أَفْشَى رَجُلٌ إِلَى صَدِيقٍ لَهُ سِرًّا مِنْ أَسْرَارِهِ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ: حَفِظْتَهُ. قَالَ: لَا، بَلْ نَسِيتُهُ "

76 - وَأَنْشَدَنِي مُحَمَّدُ بْنُ طَاهِرٍ قَالَ: أَنْشَدَنِي الْمُطَرِّفِيُّ لِبَعْضِهِمْ: « [البحر البسيط] §لَيْسَ الْكَرِيمُ الَّذِي إِنْ زَلَّ صَاحِبُهُ ... بِثَّ الَّذِي كَانَ مِنْ أَسْرَارُهِ عِلْمَا -[71]- إِنَّ الْكَرِيمَ الَّذِي تَبْقَى مَوَدَّتُهُ ... وَيَحْفَظُ السِّرَّ إِنْ صَافَى وَإِنْ صَرَمَا» وَمِنْ آدَابِهَا: الْمَشُورَةُ مَعَ الْإِخْوَانِ وَقَبُولِ مَا يُشِيرُونَ بِهِ عَلَيْهِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} [آل عمران: 159]

77 - أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ: أنا إِدْرِيسُ بْنُ يُونُسَ قَالَ: أنا ابْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ: أنا مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنِ ابْنِ طَاوُوسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران: 159] قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ §اللَّهَ وَرَسُولَهُ غَنِيَّانِ عَنْهَا، وَلَكِنْ جَعَلَهَا رَحْمَةً لِأُمَّتِي، فَمَنْ شَاوَرَ مِنْهُمْ لَمْ يُعْدَمْ رُشْدًا، وَمَنْ تَرَكَ الْمَشُورَةَ لَمْ يُعْدَمْ غُبْنًا» وَمِنْ آدَابِهَا: إِيثَارُ الْإِرْفَاقِ عَلَى الْإِخْوَانِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: 9] 78 - وَحُكِيَ أَنَّهُ سُعِيَ بِبَعْضِ الصُّوفِيَّةِ إِلَى بَعْضِ الْخُلَفَاءِ وَقَالُوا: إِنَّهُمْ -[72]- يَرْفُضُونَ الشَّرِيعَةَ، فَأَخَذَ مِنْهُمْ طَائِفَةً فِيهِمْ: أَبُو الْحُسَيْنِ النُّورِيُّ فَأَمَرَ بِضَرْبِ أَعْنَاقِهِمْ. قَالَ: فَبَدَرَ أَبُو الْحُسَيْنِ إِلَى السَّيَّافِ لِيَضْرِبَ عُنُقَهُ، فَقَالَ لَهُ السَّيَّافُ: مَا لَكَ بَادَرْتَ بَيْنَ أَصْحَابِكَ؟، فَقَالَ: أَحْبَبْتُ أَنْ أُؤْثِرَ أَصْحَابِي بِحَيَاةِ هَذِهِ اللَّحْظَةِ. وَكَانَ ذَلِكَ سَبَبُ نَجَاتِهِمْ، فِي حِكَايَةٍ طَوِيلَةٍ. وَمِنْ آدَابِهَا: أَنْ يَتَخَلَّقَ بِمَحَاسِنِ الْأَخْلَاقِ، وَيَتَمَيَّزَ فِي الصُّحْبَةِ

79 - سَمِعْتُ أَبَا نَصْرٍ مَنْصُورَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْأَصْبَهَانِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ الْجُرَيْرِيَّ يَقُولُ: " §كَمَالُ الرَّجُلِ فِي ثَلَاثٍ: فِي الْقُرْبَةِ، وَالصُّحْبَةِ، وَالْفِطْنَةِ. أَمَّا الْقُرْبَةُ فَدَلِيلُ النَّفْسِ، وَأَمَّا الصُّحْبَةُ لِيَتَخَلَّقَ بِأَخْلَاقِ الرِّجَالِ، وَالْفِطْنَةُ لِلتَّمَيُّزِ " وَمِنْ آدَابِهَا: قِلَّةُ مُخَالَفَةِ الْإِخْوَانِ فِي أَسْبَابِ الدُّنْيَا، فَإِنَّ الدُّنْيَا أَقَلُّ خَطَرًا مِنْ أَنْ يُخَالَفَ فِيهَا أَخٌ مِنَ الْإِخْوَانِ

80 - سَمِعْتُ مَنْصُورَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلَّوَيْهِ يَقُولُ -[73]-: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مُعَاذٍ يَقُولُ: «§الدُّنْيَا بِأَجْمَعِهَا لَا تَسْوَى غَمَّ سَاعَةٍ، فَكَيْفَ بِغَمِّ طُولِ عُمُرِكَ فِيهَا، وَقَطْعِ إِخْوَانِكَ بِسَبَبِهَا مَعَ قَلِيلِ نَصِيبِكَ مِنْهَا؟» وَمِنْ آدَابِهَا: أَنْ تُصَاحِبَ الْأَحْرَارَ عَلَى الصَّفَاءِ وَالدِّينِ دُونَ الرَّغْبَةِ وَالرَّهْبَةِ وَالطَّمِعِ

81 - سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: سَمِعْتُ الْجُرَيْرِيَّ يَقُولُ: §«تَعَامَلَ الْقَرْنُ الْأَوَّلُ فِيمَا بَيْنَهُمْ بِالدِّينِ زَمَانًا طَوِيلًا حَتَّى رَقَّ الدِّينُ، ثُمَّ تَعَامَلَ الْقَرْنُ الثَّانِي بِالْوَفَاءِ حَتَّى ذَهَبَ الْوَفَاءُ، ثُمَّ تَعَامَلَ الْقَرْنُ الثَّالِثُ بِالْمُرُوءَةِ حَتَّى ذَهَبَتِ الْمُرُوءَةُ، ثُمَّ تَعَامَلَ الْقَرْنُ الرَّابِعُ بِالْحَيَاءِ حَتَّى ذَهَبَ الْحَيَاءُ، ثُمَّ صَارَ النَّاسُ يَتَعَامَلُونَ بِالرَّغْبَةِ وَالرَّهْبَةِ» قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ: فَكُنْتُ أَسْتَحْسِنُ هَذِهِ الْحِكَايَةَ لِأَبِي مُحَمَّدٍ الْجُرَيْرِيِّ، فَوَجَدْتُ مِثْلَهَا لِلشَّعْبِيِّ فَزَادَهَا حُسْنًا

82 - أنا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ الْوَاعِظُ، قَالَ: أنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ: أنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَارِثِ قَالَ: أنا جَدِّي قَالَ: أنا الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: «§تَعَامَلَ النَّاسُ بِالدِّينِ زَمَانًا طَوِيلًا حَتَّى ذَهَبَ الدِّينُ، ثُمَّ تَعَاشَرُوا بِالْمُرُوءَةِ حَتَّى ذَهَبَتِ الْمُرُوءَةُ، ثُمَّ تَعَاشَرُوا بِالْحَيَاءِ، ثُمَّ تَعَاشَرُوا بِالرَّغْبَةِ وَالرَّهْبَةِ، وَأَظُنُّهُ -[74]- سَيَأْتِي بَعْدَ ذَلِكَ مَا هُوَ شَرٌّ مِنْهُ» وَمِنْ آدَابِهَا: تَرْكُ الْمُدَاهَنَةِ مَعَ مَنْ يُعَاشِرُ

83 - وَسَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ، سَمِعْتُ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ نُصَيْرٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ الْجُرَيْرِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: «§لَا يَشُمُّ رَائِحَةَ الصِّدْقِ عَبْدٌ دَاهَنَ نَفْسَهُ، أَوْ دَاهَنَ غَيْرَهُ» وَمِنْ آدَابِهَا: قِلَّةُ الْخِلَافِ عَلَى الْإِخْوَانِ، وَيَتَحَرَّى مُوَافَقَتَهُمْ فِيمَا يَرَوْنَ، مَا لَمْ يَكُنْ مُخَالِفٌ لِلدَّيْنِ وَالسُّنَّةِ

84 - سَمِعْتُ يُوسُفَ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ أَحْمَدَ الدَّقَّاقَ يَقُولُ -[75]-: سَمِعْتُ الْعَبَّاسَ بْنَ الْوَلِيدِ يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ أَبَى زَيْدٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ جُوَيْرَةَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ يَقُولُ: §«دَعَوْتُ اللَّهَ أَرْبَعِينَ سَنَةً أَنْ يَعْصِمَنِي مِنْ مُخَالَفَةِ الْإِخْوَانِ»

الدفاع عن الإخوان من آداب الصحبة ومن آدابها: القيام بأعذار الإخوان والأصحاب والذب عنهم، والانتصار لهم

§الدِّفَاعُ عَنِ الْإِخْوَانِ مِنْ آدَابِ الصُّحْبَةِ وَمِنْ آدَابِهَا: الْقِيَامُ بِأَعْذَارِ الْإِخْوَانِ وَالْأَصْحَابِ وَالذَّبُّ عَنْهُمْ، وَالِانْتِصَارُ لَهُمْ

85 - سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ عَلِيَّ بْنَ عُمَرَ الْقَزْوِينِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ الْمَالِكِيَّ يَقُولُ: قِيلَ لِلْجُنَيْدِ: مَا بَالُ أَصْحَابِكَ يَأْكُلُونَ كَثِيرًا؟ قَالَ: " §لِأَنَّهُمْ لَا يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ، فَيَكُونُ جُوعُهُمْ أَكْثَرَ. وَقِيلَ لَهُ: فَمَا بَالُهُمْ بِهِمْ قُوَّةُ شَهْوَةٍ؟، قَالَ: لِأَنَّهُمْ لَا يَزْنُونَ، وَلَا يَدْخُلُونَ تَحْتَ مَحْظُورٍ. فَقِيلَ لَهُ: فَمَا بَالُهُمْ لَا يَطْرِبُونَ إِذَا سَمِعُوا الْقُرْآنَ؟، قَالَ: مَا فِي الْقُرْآنِ مَا يُوجِبُ الطَّرَبَ، وَكَلَامُ الْحَقِّ نَزَلَ بِأَمْرٍ وَنَهْي، وَوَعْدٍ وَوَعِيدٍ، فَهُوَ يَقْهَرُ. قِيلَ لَهُ: فَمَا بَالُهُمْ لَا يَطْرِبُونَ عِنْدَ الْقَصَائِدِ؟ قَالَ: لِأَنَّهُ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِيهِمْ. قِيلَ لَهُ: فَمَا بَالُهُمْ لَا يَطْرِبُونَ عِنْدَ الرُّبَاعِيَّاتِ؟ قَالَ: لِأَنَّهُ كَلَامُ الْعُشَّاقِ وَالْمَجَانِينِ. قِيلَ: فَمَا بَالُهُمْ مَحْرُومِينَ مِنَ النَّاسِ؟ -[76]- قَالَ: أَنَا لَا أَقُولُ فِي هَذَا شَيْئًا، وَلَكِنْ قَالَ أُسْتَاذُنَا مُحَمَّدٌ الْقَصَّابُ حِينَ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: لِثَلَاثِ خِلَالٍ، إِحْدَاهَا: أَنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى مَا لِهَؤُلَاءِ لِهَؤُلَاءِ، وَالثَّانِيَةُ: لَا يَرْضَى أَنْ يَجْعَلَ حَسَنَاتِهِمْ فِي صَحَائِفِ هَؤُلَاءِ، وَالثَّالِثَةُ: إِنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَنُوبُونَ إِلَّا إِلَى اللَّهِ، فَمَنَعَهُمْ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ سِوَاهُ، وَأَفْرَدَهُمْ لَهُ " وَمِنْ آدَابِهَا: احْتِمَالُ الْأَذَى، وَقِلَّةُ الْغَضَبِ، وَبَسْطُ الشَّفَقَةِ وَالرَّحْمَةِ، وَطِيبُ الْكَلَامِ وَذَلِكَ: 86 - لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَالَ لَهُ رَجُلٌ: عِظْنِي وَأَوْجَزْ، فَقَالَ: «لَا تَغْضَبْ» 87 - قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «مِنْ مُوجِبَاتِ الْمَغْفِرَةِ طِيبُ الْكَلَامِ»

البر والصلة من آداب الصحبة وقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: " من لا يرحم لا يرحم " ومن آدابها: البر والصلة، البر بالنفس، والصلة باللسان، والبر أتم من الصلة وأفضل، لذلك خص به الوالدان تعظيما لحقهما النبيل

§الْبِرُّ وَالصِّلَةُ مِنْ آدَابِ الصُّحْبَةِ وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ لَا يَرْحَمُ لَا يُرْحَمُ» وَمِنْ آدَابِهَا: الْبِرُّ وَالصِّلَةُ، الْبِرُّ بِالنَّفْسِ، وَالصِّلَةُ بِاللِّسَانِ، وَالْبِرُّ أَتَمُّ مِنَ الصَّلَةِ وَأَفْضَلُ، لِذَلِكَ خُصَّ بِهِ الْوَالِدَانِ تَعْظِيمًا لِحَقِّهِمَا النَّبِيلِ

88 - عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، §مَنْ أَبَرُّ؟ قَالَ: «أُمُّكَ» . قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟، قَالَ: «أُمُّكَ» . قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟، قَالَ: «أُمُّكَ» . قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟، قَالَ: «ثُمَّ أَبُوكَ، ثُمَّ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ» وَمِنْ آدَابِهَا: مَحَبَّتُهُ لِانْبِسَاطِ إِخْوَانِهِ إِلَيْهِ فِي النَّفْسِ وَالْمَالِ، فَإِنَّهُ لَا يَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ فَرْقًا، فَإِنَّهُ: 89 - رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: كَانَ يَنْبَسِطُ فِي مَالِ -[78]- أَبَى بَكْرٍ كَمَا يَنْبَسِطُ فِي مَالِهِ، وَيْحَكُمُ فِيهِ كَمَا يَحْكُمُ فِي مَالِهِ

مجانبة التباغض والتحاسد ومن آدابها: مجانبة التباغض والتحاسد فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عن ذلك فقال: " لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا " أعلم صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن التباغض والتحاسد يسقطان عن درجة

§مُجَانَبَةُ التَّبَاغُضِ وَالتَّحَاسُدِ وَمِنْ آدَابِهَا: مُجَانَبَةُ التَّبَاغُضِ وَالتَّحَاسُدِ 90 - فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: «لَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا» أَعْلَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ أَنَّ التَّبَاغُضَ وَالتَّحَاسُدَ يَسْقُطَانِ عَنْ دَرَجَةِ الْأُخُوَّةِ، وَأَنَّ صُحْبَةَ الْأُخُوَّةِ وَكَرَمَ الصُّحْبَةِ مَا كَانَ مُنَزَّهًا عَنْ هَذِهِ الْخِصَالِ الْمَذْمُومَةِ، فَلَا تَصِحُّ حُسْنُ الْعِشْرَةِ إِلَّا بِصُحْبَةِ الْأُخُوَّةِ

التآلف مع الإخوان ومن آدابها: التآلف مع الإخوان، وتعلم أنه قل ما يقع بين الإخوان مخالفة إلا بسبب الدنيا، وأصل التآلف هو بغض الدنيا والإعراض عنها، فهي التي توقع المخالفة بين الإخوان , وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: " المؤمن إلف مألوف، ولا

§التَّآلُفُ مَعَ الْإِخْوَانِ وَمِنْ آدَابِهَا: التَّآلُفُ مَعَ الْإِخْوَانِ، وَتَعْلَمُ أَنَّهُ قَلَّ مَا يَقَعُ بَيْنَ الْإِخْوَانِ مُخَالَفَةٌ إِلَّا بِسَبَبِ الدُّنْيَا، وَأَصْلُ التَّآلُفِ هُوَ بُغْضُ الدُّنْيَا وَالْإِعْرَاضُ عَنْهَا، فَهِيَ الَّتِي تُوقِعَ الْمُخَالَفَةَ بَيْنَ الْإِخْوَانِ , 91 - وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «الْمُؤْمِنُ إِلْفٌ مَأْلُوفٌ، وَلَا خَيْرَ فِيمَنْ لَا يَأْلَفُ وَلَا يُؤْلَفُ» -[79]- وَمِنْ آدَابِ الْعِشْرَةِ مَعَ النِّسْوَانِ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَهُنَّ نَاقِصَاتِ الْعَقْلِ وَالدِّينِ، فَعَاشِرْهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ عَلَى حَسَبِ مَا جَلَبَهُنَّ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْ نُقْصَانِ الْعَقْلِ وَالدِّينِ، وَلَا تُطَالِبْهُنَّ بِمَا لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُنَّ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لِنُقْصَانِ دِينِهِنَّ جَعَلَ شَهَادَةَ امْرَأَتَيْنِ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ. 92 - وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «مَا رَأَيْتُ مِنَ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبُ لِعُقُولِ الرِّجَالِ ذَوِي الْأَلْبَابِ مِنْكُنَّ» الْحَدِيثَ وَلَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ» 94 - وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: عَقْلُ الْمَرْأَةِ جَمَالُهَا، وَجَمَالُ الرَّجُلِ عَقْلُهُ -[80]- 95 - وَسُئِلَ أَبُو حَفْصٍ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 19] فَقَالَ: هُوَ حُسْنُ الصُّحْبَةِ مَعَ مَنْ سَاءَكَ وَمَنْ كَرِهْتَ صُحْبَتَهَا وَمِنْ آدَابِ حُسْنِ الْعِشْرَةِ مَعَ الْخَادِمِ: هُوَ أَنْ تَسْتَعْمِلَ فِيهِمْ أَدَبَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ قَالَ: « 96 - هُمْ إِخْوَانُكُمْ، جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَأَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ، وَأَلْبِسُوهُمْ مِمَّا تَلْبَسُونَ، وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَالَا يُطِيقُونَ» 97 - وَكَانَ آخِرُ كَلَامِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى وَآلِهِ وَسَلَّمَ حِينَ تَغَرْغَرَ صَدْرُهُ وَمَا يُفِيضُ بِهَا لِسَانُهُ وَهُوَ يَقُولُ: «الصَّلَاةُ، وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ» 98 - وَقَالَ أَنَسٌ: خَدَمْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ سِنِينَ، فَمَا قَالَ لِشَيْءٍ فَعَلْتُهُ: لِمَ فَعَلْتَهُ، وَلَا لِشَيْءٍ لَمْ أَفْعَلْهُ أَنْ لَا فَعَلْتَهُ

99 - أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشَّيْبَانِيُّ، بِبَغْدَادَ قَالَ: أنا النُّعَيْمِي بْنُ أَبِي الرَّايَاتِ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو السَّكُونِيُّ قَالَ: أنا بَقِيَّةُ قَالَ: أنا الضَّحَّاكُ بْنُ حُمْرَةَ -[81]-، عَنْ أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، §مَا حَقُّ جَارِي؟ قَالَ: «تُفْرِشُهُ مَعْرُوفَكَ، وَتُجَنِّبُهُ أَذَاكَ، وَتُجِيبُهُ إِذَا دَعَاكَ» . قَالَ: فَمَا حَقُّ خَادِمِي عَلَيَّ؟، قَالَ: «ذَاكَ شَرُّ الْبَرِيَّةِ عَلَيْكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وَمِنْ آدَابِ الْعِشْرَةِ مَعَ السُّوقِيِّ وَالتُّجَّارِ: أَنْ لَا تُخْلِفَ وَعَدَكَ مَعَهُمْ، وَتَعْذِرَهُمْ فِي إِخْلَافِهِمْ مَوَاعِيدَهُمْ، وَتَعْلَمَ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُمُ الْخُرُوجُ مِنْ حَقِّكَ إِلَّا فِي الْوَقْتِ الَّذِي قَضَى اللَّهُ تَيْسِيرَهُ عَلَيْهِ، وَتَعْلَمَ فِي وَقْتِ جُلُوسِكَ عَلَى الْحَانُوتِ أَنَّكَ مَا تَرَكْتَ مِنَ الدُّنْيَا وَطَلَبِهَا إِلَّا وَقَدْ عَلِمْتَهُ. وَتَعْذِرَ إِخْوَانَكَ فِي الْقُعُودِ عَلَى الْحَانُوتِ، وَتَقُولَ: لَعَلَّهُ مَدْيُونٌ يَسْعَى فِي قَضَاءِ دَيْنِهِ، أَوْ يَجْتَهِدُ فِي طَلَبِ الْقُوتِ لِعِيَالِهِ، أَوْ يَسْعَى عَلَى أَبَوَيْنِ ضَعِيفَيْنِ، فَتَرَى -[82]- فِي قُعُودِكَ عَلَى الْحَانُوتِ عَيْبَكَ، وَتَرَى فِيهِ عُذْرَ أَخِيكَ. وَمَنْ جَاءَكَ يَشْتَرِي مِنْكَ شَيْئًا فَاعْلَمْ أَنَّ ذَلِكَ رِزْقٌ سَاقَهُ اللَّهُ إِلَيْكَ، وَلَا تَشْتَرِيَنَّ بَيْعَكَ مَعَهُ بِيَمِينٍ، وَلَا بِكَذِبٍ، وَلَا بِخِيَانَةٍ، وَلَا بِهَذِهِ الصُّرُوفِ الْمُحَرَّمَةِ لِتُحَرِّمَ عَلَى نَفْسِكَ رِزْقًا سَاقَهُ إِلَيْكَ حَلَالًا. وَإِذَا رَبِحْتَ فَاحْمَدِ اللَّهَ، وَإِذَا رَبِحَ أَخُوكَ وَبَاعَ شَيْئًا تَفْرَحُ بِذَلِكَ كَفَرَحِكَ بِبَيْعِكَ وَرِبْحِكَ، فَإِنَّهُ: 100 - رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَجِدُ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» وَإِذَا أَخَذْتَ الْمِيزَانَ بِيَدِكَ فَاذْكُرْ مِيزَانَ الْعَدْلِ وَالْقِسْطِ الَّذِي عَلَيْكَ، وَاحْذَرِ التَّطْفِيفَ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} [المطففين: 1] وَأَنْظِرْ مِنْ غُرَمَائِكَ مَنْ كَانَ مُعْسِرًا، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280] وَتَعْلَمُ أَنَّ الْمُعْسِرَ فِي أَمَانِ اللَّهِ وَمُهْلَتِهِ، وَأَقَلُّ مَا يَسْتَقِيلُكَ فِي بُيُوعِكَ. 101 - فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مِنْ أَقَالَ نَادِمًا بَيْعَةً أَقَالَهُ اللَّهَ عَثْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» -[83]- فَإِذَا وزِنَتْ لِأَخِيكَ فَأَرْجِحْ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِوَزَّانٍ: يَزِنُ لِصَاحِبِ حَقٍّ: « 102 - زِنْ وَأَرْجِحْ» فَإِنْ وزِنْتَ لِنَفْسِكَ فانْقُصْ، لِتَكُونَ قَدْ تَيَقَّنْتَ فِيهِ وَجْدَ حَلَالٍ، وَاحْذَرِ الْمَطْلَ مَعَ الْمَيْسَرَةِ؛ لِأَنْ لَا تَدْخُلَ فِي جُمْلَةِ الظَّالِمِينَ. 103 - فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ» وَلَا تَمْدَحْ سِلْعَتَكَ وَتَذِمَّ سِلْعَةَ أَخِيكَ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ نَوْعٌ مِنَ النِّفَاقِ، وَالْزَمْ -[84]- فِي سُوقِكَ وَتِجَارَتِكَ الْبِرَّ وَالصِّدْقَ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: « 104 - التُّجَّارُ فُجَّارٌ إِلَّا مَنْ بَرَّ وَصَدَقَ» وَشِبْ بُيُوعَكَ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّدَقَةِ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ وَقَفَ فِي السُّوقِ فَقَالَ: « 105 - يَا مَعْشَرَ التُّجَّارِ، إِنَّ هَذِهِ الْبُيُوعَ يُخَالِطُهَا الْكَذِبُ وَالْحَلِفُ، فَشُوبُوهَا بِشَيْءٍ مِنَ الصَّدَقَةِ» وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ خُرُوجُكَ إِلَى مَتْجَرِكَ عَلَى نِيَّةٍ

سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ الْفَرَّاءَ قَالَ: 106 - سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَنَازِلٍ يَقُولُ: إِذَا خَرَجْتَ مِنْ بَيْتِكَ إِلَى السُّوقِ فَاخْرُجْ بِنَيَّةِ أَنْ تَقْضِيَ لِمُسْلِمٍ حَاجَةً، فَإِنْ رَزَقَكَ اللَّهُ تَعَالَى فَذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْكَ، فَيَكُونُ مُبَارَكًا عَلَيْهِ. فَإِنَّهُ: -[85]- 107 - رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: §«نِيَّةُ الْمُؤْمِنِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ» 108 - وَسُئِلَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ عَنْ مَعْنَى هَذَا الْخَبَرِ، فَقَالَ: نِيَّةٌ بِلَا عَمَلٍ خَيْرٌ مِنْ عَمَلٍ بِلَا نِيَّةٍ

109 - أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُطَّلِبِ، بِبَغْدَادَ قَالَ: أنا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ هَارُونَ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ: أنا الْفَضْلُ بْنُ إِسْحَاقَ الدُّورِيُّ قَالَ: أنا عَلِيُّ بْنُ غُرَابٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِيفٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: قَالَ سَعْدٌ وَأَدْرَكْتُهُ يُحَدِّثُ عَنْ خَوْلَةَ امْرَأَةِ حَمْزَةَ قَالَتْ: كَانَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ وَسَقَانِ مِنْ تَمْرٍ لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي سَاعِدَةَ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَأَتَاهُ السَّاعِدِيُّ يَتَقَاضَاهُ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ بِلَالًا أَنْ يَقْضِيَهُ، فَأَعْطَاهُ تَمْرًا دُونَ تَمْرِهِ فَرَدَّهُ، فَقَالَ بِلَالٌ: أَتَرُدَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ؟ . قَالَ: نَعَمْ، مَنْ أَحَقُّ بِالْعَدْلِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «§صَدَقَ، وَمَنْ أَحَقُّ بِالْعَدْلِ مِنِّي» . وَاكْتَحَلَتْ عَيْنُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ بِالدُّمُوعِ ثُمَّ قَالَ: «لَا قَدَّسَ اللَّهُ، أَوْ لَا قُدِّسَتْ أُمَّةٌ لَا يَأْخُذُ ضَعِيفُهَا حَقَّهُ مِنْ شَدِيدِهَا، وَهُوَ غَيْرُ مُتَعْتَعٍ» . ثُمَّ قَالَ: «يَا خُوَيْلَةُ، عِدِيهِ، وَاقْضِيهِ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ غَرِيمٍ يَرْجِعُ مِنْ عِنْدِ غَرِيمِهِ رَاضِيًا إِلَّا صَلَّتْ عَلَيْهِ دَوَابُّ الْأَرْضِ وَنُونُ الْبِحَارِ، وَلَا غَرِيمٌ يَلْوِي غَرِيمَهُ وَهُوَ -[86]- يَقْدِرُ إِلَّا كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ ذَنْبًا»

110 - وَسَمِعْتُ الْحَكَمَ أَبَا الْحُسَيْنِ بْنَ أَحْمَدَ الصَّفَّارَ الْفَقِيهَ يَقُولُ: سَمِعْتُ نَفْطَوَيْهِ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى يَقُولُ: قَالَ الْمُبَرِّدُ: قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقُ: " §مَنِ اتَّجَرَ فَلْيَتَجَنَّبْ خَمْسَةَ أَشْيَاءَ: الْيَمِينَ، وَكِتْمَانَ الْعَيْبِ، وَالْمَدْحَ إِذَا بَاعَ، وَالذَّمَّ إِذَا اشْتَرَى، وَالدُّخُولَ فِي شِرَاءِ غَيْرِهِ " وَمِنْ آدَابِ الْعِشْرَةِ: الْعَفْوُ عَنْ كُلِّ هَفْوَةٍ تَقَعُ لِلْإِخْوَانِ فِي النَّفْسِ وَالْمَالِ دُونَ أُمُورِ الدِّينِ وَالسُّنَّةِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا} [النور: 22] قَالَ تَعَالَى: {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبَ لِلتَّقْوَى} [البقرة: 237] -[87]-. وَمِنْ آدَابِهَا: حُسْنُ الْمُجَاوَرَةِ، وَأَنْ يَأْمَنَكَ جَارُكَ فِي كُلِّ أَسْبَابِهِ، فِي نَفْسِهِ، وَدِينِهِ، وَأَهْلِهِ، وَمَالِهِ وَوَلَدِهِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: « 111 - لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُؤْمِنَ جَارَهُ بَوَائِقَهُ» 112 - وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ بِمُؤْمِنٍ مَنْ شَبِعَ وَجَارُهُ إِلَى جَانِبِهِ طَاوٍ» 113 - وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُؤْذِ جَارَكَ بِقِتَارِ قِدْرِكَ» وَلَا تُؤْذِي جَارَكَ بِلِسَانِكَ أَيْضًا، وَأَهْلُهُ خَاصَّةً، وَتَحَفَّظُ مَالَهُ كَمَا تَحْفَظُ مَالَ نَفْسِكَ

114 - أَنْشَدَنِي أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيُّ قَالَ: أَنْشَدَنِي أَبُو عَلِيٍّ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ: أَنْشَدَنِي عَلِيُّ بْنُ شَدَّادٍ جَارُ تَمْتَمَامٍ قَالَ: سَمِعْتُ الزُّبَيْرِيَّ، عَنْ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ أَبُو حَازِمٍ: " §بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَخْلَاقُ الْجَاهِلِيَّةِ، أَوَ لَمْ يَقُلْ شَاعِرُهُمْ: [البحر الكامل] نَارِي وَنَارُ الْجَارِ وَاحِدَةٌ ... وَإِلَيْهِ قَبْلِي تَنْزِلُ الْقِدْرُ مَا ضَرَّ لِي جَارًا أُجَاوِرُهُ ... أَنْ لَا يَكُونَ لِبَابِهِ سِتْرُ أَعْمِي إِذَا مَا جَارَتِي بَرَزَتْ ... حَتَّى يُوَارِيَ جَارَتِي الْخِدْرُ" وَمِنْ آدَابِهَا: طَلَاقَةُ الْوَجْهِ وَالِاسْتِرْسَالُ

115 - أنا يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ الزَّاهِدُ، بِبَغْدَادَ قَالَ: أنا أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ عَدِيٍّ قَالَ: أنا الرَّبِيعُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: أنا أَبُو طَاهِرٍ مُوسَى بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: أنا الْمُنْكَدِرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «§إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ الطَّلْقَ الْوَجْهِ، وَلَا يُحِبُّ الْعَبُوسَ»

116 - أنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُظَفَّرِ الْحَافِظُ بِبَغْدَادَ قَالَ: أنا الطَّحَاوِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الدَّرْدَاءِ هَاشِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: أنا عَمْرُو بْنُ بَكْرٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: " §مِنْ أَخْلَاقِ الْمُؤْمِنِينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ: الْبَشَاشَةُ إِذَا تَزَاوَرُوا، وَالْمُصَافَحَةُ وَالتَّرْحِيبُ إِذَا الْتَقَوْا " وَمِنْ آدَابِهَا: الْقِيَامُ بِخِدْمَةِ مَنْ هُوَ دُونَهُ فِي الْمَحِلِّ مِنَ الْإِخْوَانِ، فَكَيْفَ بِمَنْ هُوَ فَوْقَهُ أَوْ مِثْلَهُ؟ وَيَعْلَمُ أَنَّ سَيِّدَ الْقَوْمِ خَادِمُهُمْ كَذَلِكَ

117 - أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّاهِدُ الْعُكْبَرِيُّ بِهَا قَالَ: أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسِيحٍ قَالَ: أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّاسٍ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ مَرْدَهْ قَالَ: أنا مُحَمَّدُ بْنُ السَّرِيِّ الْقَنْطَرِيُّ قَالَ: أنا عَلِيُّ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ يَحْيَى بْنُ أَكْثَمَ: بِتُّ لَيْلَةً عِنْدَ الْمَأْمُونِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَانْتَبَهْتُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ وَأَنَا عَطْشَانُ -[90]-، فَتَقَلَّبْتُ، فَقَالَ: يَا يَحْيَى مَا شَأْنُكَ؟ . قُلْتُ: عَطْشَانُ وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. فَوَثَبَ مِنْ مَرْقَدِهِ فَجَاءَنِي بِكُوزٍ مِنْ مَاءٍ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَلَا دَعَوْتَ بِخَادِمٍ، أَلَا دَعَوْتَ بِغُلَامٍ؟ فَقَالَ: لَا، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «§سَيِّدُ الْقَوْمِ خَادِمُهُمْ» وَمِنْ آدَابِهَا: أَنْ يُشَارِكَ إِخْوَانَهُ فِي الْمَكْرُوهِ كَمَا يُشَارِكُهُمْ فِي الْمَحْبُوبِ، لَا يَتَلَوَّنُ عَلَيْهِمْ فِي الْحَالَيْنِ جَمِيعًا

118 - أَنْشَدَنِي مُحَمَّدُ بْنُ طَاهِرٍ الْوَزِيرِيُّ قَالَ: أَنْشَدَنِي الْمُطَرِّفِيُّ لِبَعْضِهِمْ: « [البحر الخفيف] §خَيْرُ إِخْوَانِكَ الْمُشَارِكُ فِي الْمُرِّ ... وَأَيْنَ الشَّرِيكُ فِي الْمُرِّ أَيْنَا الَّذِي إِنْ حَضَرْتَهُ سَرَّكَ ... . . . . . . . . . -[91]- . . . . . . . ... وَإِنْ غِبْتَ كَانَ سَمْعًا وَعَيْنَا» وَمِنْ آدَابِهَا: أَنْ يُرَاعِيَ لِأَصْحَابِهِ وَمُعَاشِرِيهِ حَقَّ لَفْظِهِ وَلَحْظِهِ وَيَحْفَظَ لَهُمْ ذَلِكَ

119 - سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ بِبَغْدَادَ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ الصَّوَّافَ يَقُولُ: سَمِعْتُ بِشْرَ بْنَ مُوسَى يَقُولُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سُلَيْمَانَ الْبَاهِلِيَّ، عَنِ الْحَارِثِ النَّقَّالِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ قَالَ: «إِنَّ §لِلْكَرِيمِ حَقَّ لَحْظِهِ، وَحِفْظَ لَفْظِهِ» وَمِنْ آدَابِهَا: أَنْ لَا يَمُنَّ بِمَعْرُوفِهِ عَلَى مَنْ يُحْسِنُ إِلَيْهِ، وَيَسْتَصْغِرَهُ وَيُعَظِّمَ إِلَيْهِ مِنْ إِخْوَانِهِ وَيَسْتَكْثِرَهُ

120 - سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ أَحْمَدَ الْبَغْدَادِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ يَقُولُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَبِيبٍ يَقُولُ: حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ صَالِحٍ قَالَ: أنا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَتَبَ رَجُلٌ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ رُقْعَةً، فَجَعَلَهَا فِي ثَنْي وِسَادَتِهِ الَّتِي يَتَّكِئُ عَلَيْهَا، فَقَلَبَ عَبْدُ اللَّهِ الْوِسَادَةَ فَبَصُرَ بِالرُّقْعَةِ فَقَرَأَهَا وَرَدَّهَا فِي مَوْضِعَهَا، وَجَعَلَ مَكَانَهَا كِيسًا فِيهِ خَمْسَةُ آلَافِ دِينَارٍ، فَجَاءَ الرَّجُلُ فَدَخَلَ عَلَيْهِ فَقَالَ: اقْلِبِ الرُّقْعَةَ فَانْظُرْ تَحْتَهَا فَخُذْهُ، فَأَخَذَ الرَّجُلُ الْكَيْسَ وَخَرَجَ، فَأَنْشَأَ يَقُولُ: « [البحر الرمل] -[92]- §زَادَ مَعْرُوفُكَ عُرْفًا عَظِيمًا ... أَنَّهُ عِنْدَكَ مَسْتُورٌ حَقِيرُ تَتَنَاسَاهُ كَأَنْ لَمْ تَأْتِهِ وَهُوَ ... عِنْدَ النَّاسِ مَشْهُورٌ كَثِيرُ» وَمِنْ آدَابِهَا: أَنْ لَا يَقْبَلَ عَلَى إِخْوَانِهِ مَقَالَةَ وَاشٍ وَلَا نَمَّامٍ

121 - سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ الْأَزْدِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ الْفَضْلَ بْنَ جَعْفَرٍ الْعَطَّارَ يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سَلَّامٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ الْخَلِيلَ بْنَ أَحْمَدَ يَقُولُ: «§مَنْ نَمَّ إِلَيْكَ نَمَّ عَلَيْكَ، وَمَنْ أُخْبَرَكَ بِخَبَرِ غَيْرِكَ أَخْبَرَ عَنْكَ غَيْرَكَ بِخَبَرِكَ»

122 - وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «§لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَتَّاتٌ» وَمِنْ آدَابِهَا: الْوَفَاءُ لِلْإِخْوَانِ فِي حَيَاتِهِمْ وَبَعْدَ وَفَاتِهِمْ. 123 - قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: مَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ وَفَاءٌ لِإِخْوَانِهِ فَقَدْ غُمَّ عَلَى نَفْسِهِ

124 - سَمِعْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ أَحْمَدَ الْبَيْهَقِيَّ الْقَاضِي يَقُولُ: سَمِعْتُ بَعْضَ أَصْحَابِنَا يَقُولُ -[93]-: لَمَّا مَاتَ أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاوُدَ اسْتَتَرَ نَفْطَوَيْهِ سَنَةً ثُمَّ ظَهَرَ فَسُئِلَ عَنْ حَالِهِ فَقَالَ: كُنْتُ جَالِسًا مَعَ أَبِي بَكْرِ بْنِ دَاوُدَ فِي الْعَبَّاسِيَّةِ فَتَذَاكَرْنَا الْمَوْتَ فَقَالَ: " يَا أَخِي، §مِنْ حَقِّ الْأَخِ عَلَى أَخِيهِ أَنْ يَحْزَنَ عَلَيْهِ سَنَةً وَيَتَأَدَّبَ بِقَوْلِ لَبِيدٍ: [البحر الطويل] إِلَى الْحَوْلِ ثُمَّ اسْمُ السَّلَامِ عَلَيْكُمَا ... وَمَنْ يَبْكِ حَوْلًا كَامِلًا فَقَدِ اعْتَذَرْ ثُمَّ مَاتَ عَنْ قَرِيبٍ، فَتَذَكَّرْتُ قَوْلَهُ فِي كِتَابِ الزُّهْدِ: قَلِيلُ الْوَفَاءِ بَعْدَ الْوَفَاةِ خَيْرٌ مِنْ كَثِيرِهِ وَقْتَ الْحَيَاةِ. فَوَفَيْتُ لِمَقَالَتِهِ، وَتَحَزَّنْتُ عَلَيْهِ سَنَةً"

125 - سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ الطُّوسِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ الزُّبَيْرَ بْنَ بَكَّارٍ يَقُولُ: §«وَقَلِيلُ الْوَفَا وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا حَظٌّ جَزِيلٌ» وَمِنْ آدَابِهَا: أَنْ يَكُونَ شَفَقَةً لِأَخِيهِ الْمُوَافِقِ أَكْثَرَ مِنْ شَفَقَتِهِ عَلَى وَلَدِهِ

126 - سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ الثَّقَفِيَّ يَقُولُ: حَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَقُولُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَقُولُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ السَّهْمِيُّ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُثْمَانَ عَنِ ابْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَتَبَ الْأَحْنَفُ إِلَى صَدِيقٍ لَهُ: " أَمَّا بَعْدُ، §فَإِذَا قَدِمَ عَلَيْكَ أَخٌ لَكَ مُوَافِقٌ فَلْيَكُنْ مِنْكَ بِمَنْزِلَةِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ؛ فَإِنَّ الْأَخَ الْمُوَافِقَ أَفْضَلُ مِنَ الْوَلَدِ الْمُوَافِقِ؛ أَلَمْ تَسْمَعِ اللَّهَ يَقُولُ لِنُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي ابْنِهِ: {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} [هود: 46] "

127 - أَنْشَدَنِي أَبُو الْحَسَنِ الْكَارِزِيُّ قَالَ: أَنْشَدَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ شُعَيْبٍ لِبَعْضِ الْحُكَمَاءِ: « [البحر البسيط] §أَبْلِغْ أَخَاكَ أَخَا الْإِحْسَانِ بِي حُسْنًا ... إِنِّي وَإِنْ كُنْتُ لَا أَلْقَاهُ أَلْقَاهُ فَإِنَّ طَرْفِيَ مَوْصُولٌ بِرُؤْيَتِهِ ... وَإِنْ تَبَاعَدَ عَنْ مَثْوَايَ مَثْوَاهُ» وَمِنْ آدَابِهَا: أَنْ يَجْتَهِدَ فِي سِتْرِ عَوْرَةِ إِخْوَانِهِ، وَإِظْهَارِ مَنَاقِبِهِمْ، وَكِتْمَانِ قَبَائِحِهِمْ، وَيَكُونَ مَعَهُمْ يَدًا وَاحِدَةً فِي جَمِيعٍ

128 - أنا عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ مُوسَى الْبُخَارِيُّ الْحَاجِبِيُّ قَالَ: أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْفَقِيهُ قَالَ: أنا أَبُو يُوسُفَ يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَلْخِيُّ قَالَ -[95]-: أَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ غَالِبٍ قَالَ: أنا دِينَارٌ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: §«مَثَلُ الْمُؤْمِنَيْنَ إِذَا الْتَقَيَا مَثَلُ الْيَدَيْنِ تَغْسِلُ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى»

ثلاث خصال للصديق

§ثَلَاثُ خِصَالٍ لِلصَّدِيقِ

129 - وَأَنْشَدَنِي أَبُو الْحَسَنِ السَّلَامِيُّ بِبَغْدَادَ قَالَ: أَنْشَدَنَا نَفْطَوَيْهِ قَالَ: أَنْشَدَنِي أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى ثَعْلَبٌ: « [البحر الطويل] §ثَلَاثُ خِصَالٍ لِلصَّدِيقِ حَفِظْتُهَا ... مُضَارِعَةُ الصَّوْمِ وَالصَّلَوَاتِ مُوَاسَاتُهُ وَالصَّفْحُ عَنْ كُلِّ زَلَّةٍ ... وَتَرْكُ انْتِقَالِ السِّرِّ فِي الْخَلَوَاتِ»

130 - أَنْشَدَنِي عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الطَّرَسُوسِيُّ قَالَ: أَنْشَدَنِي أَبُو فِرَاسٍ الْحَارِثُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ حَمْدَانَ لِنَفْسِهِ: « [البحر الخفيف] §لَمْ أُؤَاخِذْكَ إِذْ جَنَيْتَ لِأَنِّي ... وَاثِقٌ مِنْكَ بِالْإِخَاءِ الصَّحِيحِ فَجَمِيلُ الْعَدُوِّ غَيْرُ جَمِيلٍ ... وَقَبِيحُ الصَّدِيقِ غَيْرُ قَبِيحِ»

احذر هجرة الإخوان ومن آدابها: أن لا يهجر أخاه هجر بغضة، أن لا يكون هجرته له استبقاء لوده وإبقاء على مداومة حبه، وقطع مقالة واش عنه

§احْذَرْ هِجْرَةَ الْإِخْوَانِ وَمِنْ آدَابِهَا: أَنْ لَا يَهْجُرَ أَخَاهُ هَجْرَ بُغْضَةٍ، أَنْ لَا يَكُونَ هِجْرَتُهُ لَهُ اسْتِبْقَاءً لِوُدِّهِ وَإِبْقَاءً عَلَى مُدَاوَمَةِ حُبِّهِ، وَقَطْعَ مَقَالَةِ وَاشٍ عَنْهُ

131 - أنا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَارِثِ الْكَارِزِيُّ قَالَ: أنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ثنا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، ح. 132 - وَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِوسٍ الطَّرَائِفِيُّ قَالَ: أنا عُثْمَانُ بْنُ سَعْدٍ، نا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، ح. 133 - وَأَنَا جَدِّي، وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ السَّبْتِيُّ الزَّكِيُّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ قَالَ: أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبُوسَنْجِيُّ قَالَ: أنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ: أنا مَالِكٌ، ح. 134 - وَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْخَلِيلِ، قَالَ: أنا مُوسَى بْنُ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ السَّبْتِيُّ قَالَ: أنا أَبُو مُصْعَبٍ قَالَ: أنا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ قَالَ: أنا أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «§لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ، يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا، وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ»

135 - أَنْشَدَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ: أَنْشَدَنِي ابْنُ خَالَوَيْهِ: « [البحر الوافر] §هَجَرْتُكَ لَا قِلًى مِنِّي وَلَكِنْ ... رَأَيْتُ بَقَاءَ وُدِّكَ فِي الصُّدُورِ كَهَجْرِ الصَّائِمَاتِ الْوِرْدَ لَمَّا ... رَأَتْ أَنَّ الْمَنِيَّةَ فِي الْوُرُودِ تُفِيضُ نُفُوسُهَا ظَمَأً وَتَخْشَى ... حَذَارًا وَهْيَ تَنْظُرُ مِنْ بَعِيدِ تَصُدُّ بِوَجْهِ ذِي الْبَغْضَاءِ عَنْهُ ... وَتَرْمِيهِ بِأَلْحَاظِ الْوَدُودِ»

136 - أَنْشَدَنِي الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ الصُّوفِيُّ قَالَ: أَنْشَدَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ الْمَالِكُ بِطَرَسُوسَ لِبَعْضِهِمْ: « [البحر الخفيف] §جَعَلُوا الْحَجَّ حُجَّةً لِلْفِرَاقِ ... وَاسْتَحَلُّوا تَنَاقُضَ الْمِيثَاقِ فَوْقَ تِلْكَ الْجِمَالِ مَنْ لَوْ أَقَامُوا ... لَحَمَلْنَاهُمُ عَلَى الْأَحْدَاقِ وَتَمَنَّيْتُ أَنْ يَكُونَ بَعِيدًا ... وَالَّذِي بَيْنَنَا مِنَ الْوُدِّ بِاقِ رُبَّ هَجْرٍ يَكُونُ مِنْ خَوْفِ هَجْرٍ ... وَفُرَاقٍ يَكُونُ خَوْفَ الْفِرَاقِ»

آداب الصحبة بين الوالد وولده ومن آدابها: أن يعين الرجل ولده على بره بالإفضال

§آدَابُ الصُّحْبَةِ بَيْنَ الْوَالِدِ وَوَلَدِهِ وَمِنْ آدَابِهَا: أَنْ يُعِينَ الرَّجُلُ وَلَدَهُ عَلَى بِرِّهِ بِالْإِفْضَالِ

137 - أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشَّعْبِيُّ قَالَ: أنا أَحْمَدُ بْنُ مَهْدِيِّ بْنِ صَدَقَةَ قَالَ: أنا أَبِي , قَالَ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: §«رَحِمَ اللَّهُ وَالِدًا أَعَانَ وَلَدَهُ عَلَى بِرِّهِ بِالْإِفْضَالِ عَلَيْهِ»

التودد إلى الإخوان ومن آدابها: التودد إلى الإخوان بالاصطناع إليهم والصفح

§التَّوَدُّدُ إِلَى الْإِخْوَانِ وَمِنْ آدَابِهَا: التَّوَدُّدُ إِلَى الْإِخْوَانِ بِالِاصْطِنَاعِ إِلَيْهِمْ وَالصَّفْحِ

138 - أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مَهْدِيِّ بْنِ صَدَقَةَ قَالَ: أنا أَبِي قَالَ: أنا عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «§اصْنَعِ الْمَعْرُوفَ إِلَى مَنْ هُوَ أَهْلُهُ، وَإِلَى مَنْ لَيْسَ أَهْلَهُ، فَإِنْ لَمْ تَصُبْ أَهْلَهُ فَأَنْتَ أَهْلُهُ»

139 - وَبِإِسْنَادِهِ سَوَاءً قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «§رَأْسُ الْعَقْلِ بَعْدَ الدِّينِ التَّوَدُّدُ إِلَى النَّاسِ، وَاصْطِنَاعُ الْمَعْرُوفِ إِلَى كُلِّ بَرٍّ وَفَاجِرٍ»

140 - أَنْشَدَنِي يُوسُفُ بْنُ صَالِحٍ الدَّسْكَرِيُّ قَالَ: أَنْشَدَنِي ابْنُ أَبِي النَّجْمٍ: « [البحر الخفيف] §اصْنَعِ الْخَيْرَ مَا اسْتَطَعْتَ إِلَى النَّاسِ ... وَإِنْ كُنْتَ لَا تُحِيطُ بِكُلِّهْ فَمَتَى تَصْنَعُ الْكَثِيرَ مِنَ الْخَيْرِ ... إِذَا كُنْتَ تَارِكًا لِأَقَلِّهْ»

141 - أَنْشَدَنِي ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ قَالَ: أَنْشَدَنِي ابْنُ أَبِي المَنْصُورِ: « [البحر المجتث] §أُذْنِبُ ذَنْبًا عَظِيمًا ... وَأَنْتَ أَعْظَمُ مِنْهُ فَخُذْ بِعَفْوِكَ أَوْ لَا ... فَاصْفَحْ بِعَفْوِكَ عَنْهُ إِنْ لَمْ أَكُنْ فِي فِعَالِي ... مِنَ الْكِرَامِ فَكُنْهُ»

142 - وَأَنْشَدَنِي ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ قَالَ: أَنْشَدَنِي ابْنُ أَبِي الْمَنْصُورِ: « [البحر الكامل] §هَبْنِي أَسَأْتُ كَمَا تَقُو ... لُ فَأَيْنَ عَاطِفَةُ الْأُخُوَّةْ أَوْ إِنْ أَسَأْتَ كَمَا أَسَأْ ... تُ فَأَيْنَ فَضْلُكَ وَالْمُرُوَّةْ» وَمِنْ آدَابِهَا: أَنْ يُدَاوِمَ لِإِخْوَانِهِ عَلَى حُسْنِ الْعِشْرَةِ وَإِنْ وَقَعَتْ بَيْنَهُمْ وَحْشَةٌ أَوْ نَفْرَةٌ، وَلَا يَتْرُكَ كَرَمَ الْعَمْدِ، وَلَا يُفْشِي الْأَسْرَارَ الَّتِي يَعْلَمُهَا فِي أَيَّامِ إِخْوَتِهِ مِنْهُ

143 - أَنْشَدَنِي يُوسُفُ بْنُ صَالِحٍ الدَّسْكَرِيُّ قَالَ: أَنْشَدَنِي بَعْضُ إِخْوَانِي: « [البحر الكامل] -[100]- §نَصِلُ الصَّدِيقَ إِذَا أَرَادَ وِصَالَنَا ... وَنَصُدُّ عَنْهُ صُدُودَهُ أَحْيَانَا إِنْ صَدَّ عَنِّي كُلُّ أَكْرَمَ مُعْرِضِي ... وَوَجَدْتُ عَنْهُ مَذْهَبًا وَمَكَانَا لَا مُفْشِيًا بَعْدَ الْقَطِيعَةِ سَرَّهُ ... بَلْ كَأَنَّمَا مِنْ ذَلِكَ مَا اسْتَرْعَانَا إِنَّ الْكَرِيمَ إِنِ انْقَطَعَ وُدُّهُ ... كَتَمَ الْقَبِيحَ وَأَظْهَرَ الْإِحْسَانَا»

144 - وَأَنْشَدَنِي هِبَةُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ النَّحْوِيُّ الْفَارِسِيُّ، يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ الْعَلَّافَ لِنَفْسِهِ: « [البحر البسيط] §لِلْخِلِّ فَوْزٌ بِخَلَّتَيْنِ ... مِنِّي نَقْدًا بِغَيْرِ دَيْنِ لِأَنَّنِي فِي الْوِصَالِ أَصْفُو ... عَنْ كُلِّ رَيْبٍ لَهُ وَرَيْنِ وَإِنَّنِي لَا أَزَالُ أَحْنُو ... حُنُوَّ هَيِّنٍ عَلَيْهِ لَيْنِ وَبَعْدَ هَذَا أَوْ ذَاكَ سِرٌّ ... كَالصَّفْوِ مِنْ خَالِصِ اللُّجَيْنِ وَمَحْضُ وُدٍّ بِغَيْرِ مِذْقٍ ... وَصِدْقُ عَقْدٍ بِغَيْرِ مَيْنِ فَإِنْ دَنَا بِالْوِصَالِ مِنِّي ... أَسْكَنْتُهُ فِي سَوَادِ عَيْنِ وَإِنْ جَفَانِي وَصَدَّ عَنِّي ... حَفِظْتُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنِي وَلَمْ أَشُبْ وَهْوَ لِي مَشُوبٌ ... مَا رَأَيْتُ مِنْ أَمْرِهِ شَيْنِ»

من آداب الصحبة قبول العذر ومن آدابها: قبول العذر ممن اعتذر إليك، صادقا كان فيه أو كاذبا , فقد روي عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: " من اعتذر إليه أخوه المسلم فلم يقبل عذره فعليه مثل إثم صاحب مكس "

§مِنْ آدَابِ الصُّحْبَةِ قَبُولُ الْعُذْرِ وَمِنْ آدَابِهَا: قَبُولُ الْعُذْرِ مِمَّنِ اعْتَذَرَ إِلَيْكَ، صَادِقًا كَانَ فِيهِ أَوْ كَاذِبًا , 145 - فَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَنِ اعْتَذَرَ إِلَيْهِ أَخُوهُ الْمُسْلِمُ فَلَمْ يَقْبَلْ عُذْرَهُ فَعَلَيْهِ مِثْلُ إِثْمِ صَاحِبِ مَكْسٍ»

146 - أَنْشَدَنِي مُحَمَّدُ بْنُ طَاهِرٍ الْوَزِيرِيُّ قَالَ: أَنْشَدَنِي الْمُطَرِّفِيُّ لِبَعْضِهِمُ: « [البحر البسيط] §اقْبَلْ مَعَاذِيرَ مَنْ يَأْتِيكَ مُعْتَذِرًا ... إِنْ بَرَّ عِنْدَكَ فِيمَا قَالَ أَوْ فَجَرَا فَقَدْ أَطَاعَكَ مَنْ أَرْضَاكَ ظَاهِرَهُ ... وَقَدْ أَجَلَّكَ مَنْ يَعْصِيكَ مُسْتَتِرَا»

147 - أَنْشَدَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الرَّازِيُّ قَالَ: أَنْشَدَنِي أَبُو عِمْرَانَ مُوسَى بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: أَنْشَدَنِي أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَعْدٍ الْبَيْهَقِيُّ لِأَبِي الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْعَبَّاسِ الْبَيْهَقِيِّ: " [البحر الخفيف] §قِيلَ لِي: قَدْ أَسَاءَ إِلَيْكَ فُلَانٌ ... وَمُقَامُ الْفَتَى عَلَى الذُّلِّ عَارُ قُلْتُ: قَدْ جَاءَنَا فَأَحْدَثَ عُذْرًا ... دِيَةُ الذَّنْبِ الِاعْتِذَارُ"

148 - سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ الْفَرَّاءَ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَنَازِلٍ يَقُولُ: «§الْمُؤْمِنُ يَطْلُبُ عُذْرَ إِخْوَانِهِ، وَالْمُنَافِقُ يَعْتِبُ عَثَرَاتِهِمْ»

من آداب الصحبة قضاء الحوائج ومن آدابها: التسارع إلى قضاء حوائج من يرفع إليه حاجة

§مِنْ آدَابِ الصُّحْبَةِ قَضَاءُ الْحَوَائِجِ وَمِنْ آدَابِهَا: التَّسَارُعِ إِلَى قَضَاءِ حَوَائِجِ مَنْ يَرْفَعُ إِلَيْهِ حَاجَةً

149 - أنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ الشَّيْبَانِيُّ قَالَ: أنا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحَذَّاءُ قَالَ: أنا بِشْرُ بْنُ مُوسَى قَالَ: أنا الْحُمَيْدِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ جَعْفَرِ -[102]- بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: «إِنِّي §لَأُسَارِعُ إِلَى قَضَاءِ حَوَائِجِ أَعْدَائِي مَخَافَةَ أَنْ أَرُدَّهُمْ فَيَسْتَغْنُوا عَنِّي»

150 - أنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَتْحِ الْمِصِّيصِيُّ، بِبَغْدَادَ قَالَ: أنا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ: أنا بِشْرُ بْنُ مُوسَى قَالَ: أنا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ: أنا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: §«لَمْ يَبْقَ مِنْ لَذَّةِ الدُّنْيَا إِلَّا قَضَاءُ حَوَائِجِ الْإِخْوَانِ»

بعد الدار لا ينسيك كرم العهد ومن آدابها: أن لا ينسيك بعد الدار كرم العهد، والنزوع إلى مشاهدة الإخوان كذلك

§بُعْدُ الدَّارِ لَا يُنْسِيكَ كَرَمَ الْعَهْدِ وَمِنْ آدَابِهَا: أَنْ لَا يُنْسِيَكَ بُعْدُ الدَّارِ كَرَمَ الْعَهْدِ، وَالنُّزُوعُ إِلَى مُشَاهَدَةِ الْإِخْوَانِ كَذَلِكَ

151 - أَنْشَدَنِي عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَنْشَدَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: أَنْشَدَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَبِيبٍ قَالَ: أَنْشَدَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ الْحَرَّانِيُّ: « [البحر البسيط] -[103]- §لَا تَحْسَبَنَّ وَإِنْ دَابَيْنَا تُرِحَتْ ... أَنَّا سَلَوْنَا وَلَا أَنَّ الْهَوَى شَغَلَا اللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي مُنْذُ لَمْ أَرَكُمْ ... لَمْ يَحْلُ لِلْعَيْنِ شَيْءٌ بَعْدَكُمْ حَصَلَا الْعَيْنُ تَأْمُلُ رُؤْيَاكُمْ إِذَا اخْتَلَجَتْ ... كَالْغَيْثِ يُحْدِثُ شَوْقًا كُلَّمَا هَطَلَا إِنْ يُقْدِرِ اللَّهُ تَيْسِيرًا لِرِحْلَتِنَا ... وَأَنْسَأَ الْمَوْتَ نَجْعَلْ نَحْوَكِ الْإِبِلَا»

سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَطَاءٍ السِّجْزِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ الْأَنْبَارِيِّ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: «§مِنْ كَرَمِ الرَّجُلِ حَنِينُهُ إِلَى أَوْطَانِهِ، وَشَوْقُهُ إِلَى إِخْوَانِهِ» وَمِنْ آدَابِهَا: أَنَّكَ إِذَا دَعَوْتَ أَخًا مِنْ إِخْوَانِكَ إِلَى مَنْزِلِكَ أَنْ تَبْعَثَ إِلَيْهِ وَقْتَ الْحَاجَةِ رَسُولًا مِنْكَ أَوْ تُكْتَبَ إِلَيْهِ رُقْعَةً، كَذَلِكَ 153 - أُنْشِدْتُ لِمَنْصُورٍ الْفَقِيهِ: [البحر الوافر] إِذَا مَا كَانَ بَيْنَكَ مِنْ عَشِيٍّ ... وَبَيْنَ أَخٍ مِنَ الْإِخْوَانِ وَعْدُ تُجَدِّدُ بِالْفِدَاءِ لَهُ رَسُولًا ... فَإِنَّ حَوَادِثَ الْأَيَّامِ تَغْدُ

154 - سَمِعْتُ مَنْصُورَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: بَلَغَنِي عَنْ جَحْظَةَ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ إِبْرَاهِيمَ الْمَدِينِيِّ قَالَ لِأَبِي الْعَيْنَاءِ: كُنْ عِنْدِي غَدًا، فَقَالَ أَبُو الْعَيْنَاءِ: §«تَقْ ظَهْرِي بِرُقْعَةٍ»

أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَرْزَبَانِيُّ إِجَازَةً قَالَ: أَنْشَدْتُ لِأَحْمَدَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْكَاتِبِ: « [البحر المتقارب] -[104]- §إِذَا صَاحِبٌ لَكَ وَاعَدْتَهْ ... لِيَوْمِ اجْتِمَاعٍ مِنَ الْجُمُعَةْ فَقَوِّ عَزِيمَتَهُ فِي الْوَفَا ... يَتَذَكَّرُهُ مِنْكَ فِي رُقْعَةْ»

لا تحتجب عن إخوانك ومن آدابها: أن لا يحتجب عن إخوانه، ولا يحجبهم عن نفسه كذلك

§لَا تَحْتَجِبْ عَنْ إِخْوَانِكَ وَمِنْ آدَابِهَا: أَنْ لَا يَحْتَجِبَ عَنْ إِخْوَانِهِ، وَلَا يَحْجِبَهُمْ عَنْ نَفْسِهِ كَذَلِكَ

155 - أَخْبَرَنِي الْمَرْزَبَانِيُّ، إِجَازَةً قَالَ: أُنْشِدْتُ لِابْنِ أَبِي دَاوُدَ: « [البحر البسيط] §لَا تَتْرُكَنِّي بِبَابِ الدَّارِ مَطْرُوحًا ... فَالْحُرُّ لَيْسَ عَنِ الْإِخْوَانِ يَحْتَجِبُ هَبْنِي أَتَيْتُ بِلَا مَعْنًى وَلَا سَبَبٍ ... أَلَسْتَ أَنْتَ إِلَى مَعْرُوفِكَ السَّبَبُ» 156 - وَأَنْشَدَنِي طَاهِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ لِبَعْضِهِمْ: [البحر المديد] قَلَّ مَنْ يَحْجِبُنِي ... أَيُّهَا الْحَاجِبُ عَنِّي هَذَا مِنْكَ فَإِنْ ... عُدْتَ الْبَابَ فَمِنِّي وَمِنْ آدَابِهَا: أَنْ يَصُونَ السَّمْعَ عَنْ سَمَاعِ الْقَبِيحِ وَالْخَنَا كَمَا يَصُونُ اللِّسَانَ عَنِ النُّطْقِ بِهِ، لِأَنَّهُ: 157 - رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَيْنَ الَّذِينَ كَانُوا يُنَزِّهُونَ أَسْمَاعَهُمْ عَنْ سَمَاعِ الْخَنَا؟ أُسْمِعُهُمُ الْيَوْمَ حَمْدِي وَالثَّنَاءَ عَلَيَّ" 158 - وَرُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «الْمُسْتَمِعُ شَرِيكُ الْقَائِلِ»

159 - وَأَنْشَدَنِي أَبُو سَهْلٍ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: أَنْشَدَنِي بَعْضُ إِخْوَانِي: « [البحر المتقارب] §تَوَخَّ مِنَ الطُّرُقِ أَوْسَاطَهَا ... وَعُدْ عَنِ الْجَانِبِ الْمُشْتَبِهْ -[105]- فَسَمْعُكَ صُنْ عَنْ سَمَاعِ الْقَبِيحِ ... شَرِيكٌ لِقَائِلِهِ فَانْتَبِهْ وَكَمْ أَزْعَجَ الْحِرْصُ مِنْ طَالِبٍ ... فَوَافَى الْمَنِيَّةَ فِي مَطْلَبِهْ» وَمِنْ آدَابِهَا: الْجَوَابُ عَنْ كِتَابِ الْإِخْوَانِ، وَتَرْكُ التَّقْصِيرِ فِيهِ، فَإِنَّهُ رُوِيَ: 160 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: أَرَى لِرَدِّ جَوَابِ الْكِتَابِ حَقًّا كَمَا أَرَى لِرَدِّ السَّلَامِ

161 - أَنْشَدَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الطَّبَرِيُّ الْكَاتِبُ قَالَ: أَنْشَدَنِي أَبُو عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ الْكَاتِبُ لِابْنِ هَنَّانَ: « [البحر الوافر] §إِذَا كَتَبَ الْخَلِيلُ إِلَى الْخَلِيلِ ... فَحَقٌّ وَاجِبٌ رَدُّ الْجَوَابِ إِذَا الْإِخْوَانُ فَاتَهُمُ التَّلَاقِي ... فَمَا صِلَةٌ بِأَحْسَنَ مِنْ كِتَابِ»

من آداب الاستئذان

§مِنْ آدَابِ الِاسْتِئْذَانِ

وَمِنْ آدَابِهَا: الْأَدَبُ فِي الِاسْتِئْذَانِ، وَاسْتِعْمَالُ السُّنَّةِ فِيهِ، كَمَا: 162 - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ، بِبَغْدَادَ قَالَ: أنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ الْأَزْدِيُّ قَالَ: أنا الْعَبَّاسُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: أنا عُمَرُ بْنُ عِمْرَانَ قَالَ: أنا دَهْثَمُ بْنُ قُرَّانَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ -[106]-: " §الِاسْتِئْذَانُ ثَلَاثٌ، فَالْأُولَى: تَسْتَنْصِتُونَ، وَبِالثَّانِيَةِ: تَسْتَصْلِحُونَ، وَالثَّالِثَةُ: تُؤْذِنُونَ أَوْ تَرَدُّونَ "

أمور تفرح الأخوان ومن آدابها: أن لا يصوم إذا دعاه أخ له إلا بإذنه، فإن نوى الصوم له أن يفطر تحريا لسروره

§أُمُورٌ تُفْرِحُ الْأَخَوَانِ وَمِنْ آدَابِهَا: أَنْ لَا يَصُومَ إِذَا دَعَاهُ أَخٌ لَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ، فَإِنْ نَوَى الصَّوْمَ لَهُ أَنْ يُفْطِرَ تَحَرِّيًا لِسُرُورِهِ

163 - أَخْبَرَنَا يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ الزَّاهِدُ، بِبَغْدَادَ قَالَ: أنا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ ابْنُ ابْنَةِ كَعْبٍ قَالَ: أنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ النُّعْمَانِ الْأَزْدِيُّ قَالَ: أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: أنا أَبِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: صَنَعْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ طَعَامًا فَجَاءَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، فَلَمَّا وُضِعَ الطَّعَامُ قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: إِنِّي صَائِمٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «§دَعَاكُمْ أَخُوكُمْ وَتَكَلَّفَ لَكُمْ، أَفْطِرْ ثُمَّ صُمْ يَوْمًا مَكَانَهُ إِنْ شِئْتَ»

زيارة الإخوان ومن آدابها: الرغبة في زيارة الإخوان والسؤال عن أحوالهم، فإنه: روي عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: " إن رجلا زار أخا له في قريته، فأرسل الله عز وجل على مدرجته ملكا فقال له: إلى أين يا عبد الله؟ ، قال: أزور أخا لي في هذه

§زِيَارَةُ الْإِخْوَانِ وَمِنْ آدَابِهَا: الرَّغْبَةُ فِي زِيَارَةِ الْإِخْوَانِ وَالسُّؤَالِ عَنْ أَحْوَالِهِمْ، فَإِنَّهُ: 164 - رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " إِنَّ رَجُلًا زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَتِهِ، فَأَرْسَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا فَقَالَ لَهُ: إِلَى أَيْنَ يَا عَبْدَ اللَّهِ؟، قَالَ: أَزُورُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ. فَقَالَ: طِبْتَ وَطَابَ مَمْشَاكَ "

165 - أنا عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَيُّوبَ، بِبَغْدَادَ قَالَ: أنا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُفَيْرٍ قَالَ: أنا الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ قَالَ: أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: «§كُنَّا إِذَا فَقَدْنَا الْأَخَ أَتَيْنَاهُ، فَإِنْ كَانَ مَرِيضًا كَانَ عِيَادَةً، وَإِنْ كَانَ مَشْغُولًا كَانَ عَوْنًا، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ كَانَ زِيَارَةً»

166 - أَنْشَدَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ قَالَ: أَنْشَدَنِي أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرِ بْنِ مَنْصُورٍ الْبَلْخِيُّ لِبَعْضِهِمْ: « [البحر البسيط] §نَزُورُكُمْ لَا نُكَافِئُكُمْ بِجَفْوَتِكُمْ ... إِنَّ الْمُحِبَّ إِذَا لَمْ يُسْتَزَرْ زَارَا يُقَرِّبُ الشَّوْقُ دَارًا وَهِيَ نَازِحَةٌ ... مَنْ عَالَجَ الشَّوْقَ لَمْ يَسْتَبْعِدِ الدَّارَا» -[108]- وَمِنْ آدَابِهَا: أَنْ يُصَاحِبَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ إِخْوَانِهِ عَلَى قَدْرِ طَرِيقَتِهِ

167 - أنا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ شَاهِينَ، بِبَغْدَادَ قَالَ: أنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: أنا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى، عَنِ الْأَصْمَعِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ شَبِيبَ بْنَ شَيْبَةَ قَالَ: " كَانَ يُقَالُ: §لَا تُجَالِسْ أَحَدًا بِغَيْرِ طَرِيقَتِهِ؛ فَإِنَّكَ أَرَدْتَ لِقَاءَ الْجَاهِلِ بِالْعَالِمِ، وَاللَّاهِي بِالْفَقِيهِ، وَالْعَيِيِّ بِالْبِيَانِ آذَيْتَ جَلِيسَكَ "

168 - أَنْشَدَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْفَقِيهُ الْإِمَامُ قَالَ: أَنْشَدَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَرَفَةَ قَالَ: أَنْشَدَنِي أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ ثَعْلَبٍ فَذَكَرَ أَنَّهُ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: « [البحر الطويل] §لَئِنْ كُنْتَ مُحْتَاجًا إِلَى الْحِلْمَ إِنَّنِي ... إِلَى الْجَهْلِ فِي بَعْضِ الْأَحَايِينِ أَحْوَجُ فَمَنْ رَامَ تَقْوِيمِي فَإِنِّي مُقَوَّمٌ ... وَمَنْ رَامَ تَعْوِيجِي فَإِنِّي مُعْوَجُ وَلِي فَرَسٌ لِلْحِلْمِ بِالْحِلْمِ مُلْجَمٌ ... وَلِي فَرَسٌ لِلْجَهْلِ بِالْجَهْلِ مُسْرَجُ» وَمِنْ آدَابِهَا: حِرْمَانُ الصُّحْبَةِ وَالْعِشْرَةِ 169 - قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّادِقُ: مَوَدَّةُ يَوْمٍ صِلَةٌ، وَمَوَدَّةُ شَهْرٍ قَرَابَةٌ، وَمَوَدَّةُ سَنَةٍ رَحِمٌ ثَابِتَةٌ، مَنْ قَطَعَهَا قَطَعَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ

170 - وَسَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ بْنَ حُمَيْدٍ الْقَطَّانَ الْبَلْخِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ -[109]- عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَبِيبٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا الْمَاهِيَّ يَقُولُ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ عُبَيْدَةَ الرَّيْحَانِيُّ: «§الْأَحْرَارُ مَا لَمْ يَلْتَقُونَ مَعَارِفُ، فَإِذَا الْتَقَوْا صَارُوا إِخْوَانًا، فَإِذَا تَعَاشَرُوا تَوَارَثُوا»

171 - سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ بُنْدَارٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ يَقُولُ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ شَبَّةَ يَقُولُ: حَدَّثَنِي حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ قَالَ: سَمِعْتُ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ يَقُولُ: §«صَدَاقَةُ عِشْرِينَ يَوْمًا قَرَابَةٌ»

إنصاف الإخوان من آداب الصحبة ومن آدابها: إنصاف الإخوان من نفسه، ومواساتهم من ماله

§إِنْصَافُ الْإِخْوَانِ مِنْ آدَابِ الصُّحْبَةِ وَمِنْ آدَابِهَا: إِنْصَافُ الْإِخْوَانِ مِنْ نَفْسِهِ، وَمُوَاسَاتُهُمْ مِنْ مَالِهِ

172 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الشَّيْبَانِيُّ، بِبَغْدَادَ قَالَ: أنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَالِمٍ الْأَسَدِيُّ , قَالَ عُبَيْدُ بْنُ مَهْدِيٍّ السَّنَوِيُّ قَالَ: أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ: أنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي رَوَّادٍ , عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «§أَشْرَفُ الْأَعْمَالِ ذِكْرُ اللَّهِ، وَإِنْصَافُ الْمُؤْمِنِ مِنْ نَفْسِهِ، وَمُوَاسَاةُ الْأَخِ مِنْ مَالِهِ» -[110]- وَمِنْ آدَابِهَا: الصَّبْرُ عَلَى جَفَاءِ الْإِخْوَانِ وَإِسْقَاطُ التُّهْمَةِ عَنْهُمْ بَعْدَ صُحْبَةِ الْإِخْوَةِ

173 - أَنْشَدَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْدَانَ الْعُكْبَرِيُّ بِعُكْبَرَا قَالَ: أَنْشَدَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْأَزْدِيُّ لِبَعْضِ إِخْوَانِهِ: « [البحر الطويل] §أَخُوكَ الَّذِي لَوْ جِئْتَ بِالسَّيْفِ عَامِدًا ... لِتَضْرِبَهُ لَمْ يَسْتَفْتِكَ فِي الْوُدِّ وَلَوْ جِئْتَ تَدَعُوهُ إِلَى الْمَوْتِ لَمْ يَكُنْ ... يَرُدُّكَ إِبْقَاءً عَلَيْكَ مِنَ الْوَجْدِ يَرَى فِي الْوُدِّ عُذْرَ مُقَصِّرٍ ... عَلَى أَنَّهُ قَدْ زَادَ عَلَى الْحَمْدِ» وَمِنْ آدَابِهَا: الصَّبْرُ عَلَى جَفْوَةِ الْإِخْوَانِ

174 - سَمِعْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ نَفْطَوَيْهِ يَقُولُ: سَمِعْتُ الْمُبَرِّدَ يَقُولُ لَنَا: الرِّيَاشِيُّ، عَنِ الْأَصْمَعِيِّ: قَالَ الْفَضْلُ بْنُ يَحْيَى: §«الصَّبْرُ عَلَى أَخٍ تَعْتِبُ عَلَيْهِ خَيْرٌ مِنْ أَخٍ تَسْتَأْنِفُ مَوَدَّتَهُ»

من جامع آداب الصحبة والعشرة

§مِنْ جَامِعِ آدَابِ الصُّحْبَةِ وَالْعِشْرَةِ

175 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَيُّوبَ الْوَاعِظُ قَالَ: أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ قَالَ: أنا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: أنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: أنا يَحْيَى بْنُ أَكْثَمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْمَأْمُونُ حَدِيثًا، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، نا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ: لَمَّا حَضَرَتْ عَلْقَمَةَ الْعُطَارِدِيَّ الْوَفَاةُ دَعَا بِابْنِهِ فَقَالَ: " يَا بُنَيَّ، §إِنْ عَرَضَتْ لَكَ إِلَى صُحْبَةِ الرِّجَالِ حَاجَةٌ فَانْظُرْ مَنْ إِنْ حَدَّثْتَهُ صَانَكَ، وَإِنْ صَحِبْتَهُ زَانَكَ -[111]-، وَإِنْ رَأَى مِنْكَ حَسَنَةً عَدَّهَا، وَإِنْ رَأَى مِنْكَ سَيِّئَةً سَدَّهَا، وَإِذَا سَأَلْتَ أَعْطَاكَ، وَإِنْ سَكَتَّ ابْتَدَاكَ. قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: فَحَدَّثْتُ بِهَذَا الْحَدِيثِ الشَّعْبِيَّ فَقَالَ: تَعْلَمُ لِمَ أَوْصَاهْ بِهَذِهِ الْوَصِيَّةِ؟ قُلْتُ: لَا. قَالَ: لِأَنَّهُ أَحَبَّ أَنْ لَا يَصْحَبَ أَحَدًا؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْخِصَالَ لَا تَجْتَمِعُ فِي إِنْسَانٍ الْآنَ. فَقَالَ الْمَأْمُونُ: وَأَيْنَ هَذَا؟ " وَمِنْ آدَابِهَا: تَعْظِيمُ حُرْمَةِ الْمَشَايخِ، وَالرَّحْمَةُ وَالشَّفَقَةُ عَلَى الْإِخْوَانِ

176 - أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ الْحَافِظُ قَالَ: أنا أَحْمَدُ بْنُ كَامِلٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو قِلَابَةَ قَالَ: أنا سَهْلُ بْنُ تَمَامِ بْنِ بَزِيعٍ قَالَ: أنا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ أَبِي. . . قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: §«لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يُوَقِّرْ كَبِيرَنَا وَيَرْحَمْ صَغِيرَنَا»

177 - وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: §«مِنْ إِجْلَالِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِكْرَامُ ذِي الشَّيْبَةِ فِي الْإِسْلَامِ، وَإِكْرَامُ حَامِلِ الْقُرْآنِ»

من آداب الحديث ومن آدابها: أن لا يتكلم الأحدث بحضرة المشايخ

§مِنْ آدَابِ الْحَدِيثِ وَمِنْ آدَابِهَا: أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ الْأَحْدَثَ بِحَضْرَةِ الْمَشَايخِ

178 - أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُطَّلِبِ الْبَكْرِيُّ قَالَ: أنا إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْعَبَّاسِ الْبَلْخِيُّ قَالَ: أنا عَبْدُ الْوَهَّابِ النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَدِمَ وَفْدُ جُهَيْنَةَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ، فَقَامَ غُلَامٌ يَتَكَلَّمُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: §«فَأَيْنَ الْكُبْرُ»

السلام على الإخوان عند السفر ومن آدابها: أن الإنسان إذا أراد سفرا أن يسلم على إخوانه ويزورهم لعله أن يكون لأحدهم حاجة في وجهه الذي يتوجه

§السَّلَامُ عَلَى الْإِخْوَانِ عِنْدَ السَّفَرِ وَمِنْ آدَابِهَا: أَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَنْ يُسَلِّمَ عَلَى إِخْوَانِهِ وَيَزُورَهُمْ -[113]- لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِهِمْ حَاجَةٌ فِي وَجْهِهِ الَّذِي يَتَوَجَّهُ

179 - أنا أَبُو الْفَضْلِ الشَّيْبَانِيُّ، بِالْكُوفَةِ قَالَ: أنا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَّامِ بْنِ نَاهِضٍ الْمَقْدِسِيُّ قَالَ: أنا مُضَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَاشَانِيُّ قَالَ: أنا عَمْرُو بْنُ حُصَيْنٍ الْعُقَيْلِيُّ قَالَ: أنا يَحْيَى بْنُ الْعَلَاءِ قَالَ: أنا سُهَيْلٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «§إِذَا سَافَرَ أَحَدُكُمْ فَلْيُسَلِّمْ عَلَى إِخْوَانِهِ، فَإِنَّهُمْ يَزِيدُونَهُ بِدُعَائِهِمْ إِلَى دُعَائِهِ خَيْرًا»

احذر التغير عن الإخوان ومن آدابها: أن لا يتغير لإخوانه بأن يحدث له ثروة أو غنى، أنشدني عبد الله بن الحسين الفارسي الكاتب قال: أنشدني علي بن الحسين الأصبهاني قال: أنشدني جعفر بن قدامة قال: أنشدني المبرد: إن كانت الدنيا أنالتك ثروة وأصبحت فيها بعد

§احْذَرِ التَّغَيُّرَ عَنِ الْإِخْوَانِ وَمِنْ آدَابِهَا: أَنْ لَا يَتَغَيَّرَ لِإِخْوَانِهِ بِأَنْ يَحْدُثَ لَهُ ثَرْوَةٌ أَوْ غِنًى، 180 - أَنْشَدَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ الْفَارِسِيُّ الْكَاتِبُ قَالَ: أَنْشَدَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ الْأَصْبَهَانِيُّ قَالَ: أَنْشَدَنِي جَعْفَرُ بْنُ قُدَامَةَ قَالَ: أَنْشَدَنِي الْمُبَرِّدُ: [البحر الطويل] إِنْ كَانَتِ الدُّنْيَا أَنَالَتْكَ ثَرْوَةً ... وَأَصْبَحْتَ فِيهَا بَعْدَ عُسْرٍ أَخَا يُسْرِ فَقَدْ كَشَفَ الْإِثْرَاءُ عَنْكَ خَلَائِقًا ... مِنَ اللُّومِ كَانَتْ تَحْتَ ثَوْبٍ مِنَ الْفَقْرِ

181 - وَأَنْشَدَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى قَالَ: أَنْشَدَنِي ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ فِي ضِدِّهِ: « [البحر الطويل] §وَإِنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ لَمَّا حَوَى الْغِنَى ... وَصَارَ لَهُ مِنْ بَيْنِ إِخْوَانِهِ مَالُ رَأَى خَلَّةً مِنْهُمْ تُسَدُّ بِمَالِهِ ... فَشَاطَرَهُمْ حَتَّى اسْتَوَتْ بِهِمُ الْحَالُ» -[114]- وَمِنْ آدَابِهَا: أَنْ لَا تُغْرِقَ فِي الْخُصُومَةِ وَتَتْرُكَ لِلصَّفْحِ مَوْضِعًا، فَإِنَّهُ: 182 - رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ مُسْنَدًا، أَوْ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «أَحْبِبْ حَبِيبَكَ هَوْنًا مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ بَغِيضَكَ يَوْمًا مَا، وَأَبْغِضْ بَغِيضَكَ هَوْنًا مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ حَبِيبَكَ يَوْمًا مَا»

183 - قَالَ لَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ السُّكَّرِيُّ بِبَغْدَادَ قَالَ: أنا الْحَسَنُ بْنُ الطَّيِّبِ بْنِ حَمْزَةَ قَالَ: أنا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ قَالَ: أنا الْحَسَنُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «§أَحْبِبْ حَبِيبَكَ هَوْنًا مَا، عَسَى أَنْ يَكُونَ بَغِيضَكَ يَوْمًا، وَأَبْغِضْ بَغِيضَكَ هَوْنًا مَا، عَسَى أَنْ يَكُونَ حَبِيبَكَ يَوْمًا»

184 - وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ قَالَ: أنا يَزْدَادُ الْكَاتِبُ قَالَ: أنا عَبْدُ اللَّهِ -[115]- بْنُ شَبِيبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ قَالَ: قِيلَ لِأَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ: مَا بَلَغَ بِكَ مِنَ الشَّرَفِ مَا تَرَى؟ قَالَ: §" مَا خَاصَمْتُ رَجُلًا قَطُّ إِلَّا جَعَلْتُ لِلصُّلْحِ بَيْنِي وَبَيْنَهُ مَوْضِعًا. أَوْ قَالَ: مَوْعِدًا " وَمِنْ آدَابِهَا: مَعْرِفَةُ الرِّجَالِ وَمُعَاشَرَتِهِمْ عَلَى حَسَبِ مَا يَسْتَحِقُّونَهُ وَيَسْتَأْهِلُونَهُ

185 - سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْبَورٍ الْمُعَدِّلُ يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْحِيرِيُّ يَقُولُ: سَمِعْتُ قَطَنَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ يَقُولُ: سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيَّ يَقُولُ: جَاءَ فَتًى إِلَى سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ مِنْ خَلَفِهِ فَحَيَّاهُ وَقَالَ: يَا سُفْيَانُ، حَدِّثْنِي. فَالْتَفَتَ سُفْيَانُ فَقَالَ: «يَا فَتًى، إِنَّهُ §مَنْ جَهِلَ أَقْدَارَ الرِّجَالِ فَهُوَ بِقَدْرِ نَفْسِهِ أَجْهَلُ»

لا تصاحب إلا مؤمنا ومن آدابها: أن لا يعاشر من يخالفه في اعتقاده

§لَا تُصَاحِبْ إِلَّا مُؤْمِنًا وَمِنْ آدَابِهَا: أَنْ لَا يُعَاشِرَ مَنْ يُخَالِفُهُ فِي اعْتِقَادِهِ

186 - سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ حَمْدَوَيْهِ، سَمِعْتُ الْعَبَّاسَ بْنَ يُوسُفَ الشَّكَلِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْعَلَاءِ الْبَلْخِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مُعَاذٍ يَقُولُ -[116]-: §«مَنْ خَالَفَ عَقْدَكَ عُقَدُهُ فَقَدْ خَالَفَ قَلْبَكَ قَلْبُهُ» وَمِنْ آدَابِهَا: مَعْرِفَةُ حَقِّ مَنْ سَبَقَهُ بِالْوُدِّ

187 - أنا الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ الصَّفَّارُ قَالَ: أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَلَاوِيُّ قَالَ: أنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ الشِّيرَازِيُّ قَالَ: أنا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أنا أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ الْوَاسِطِيُّ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حُجْرِ بْنِ بِلَالِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: §«مَنْ سَبَقَكَ بِالْوُدِّ فَقَدِ اسْتَرَقَّكَ بِالشُّكْرِ»

188 - سَمِعْتُ جَدِّي إِسْمَاعِيلَ بْنَ نُجَيْدٍ يَقُولُ: قَصَدَ أَبُو نَصْرِ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ وَزِيرُ عَمْرِو بْنِ اللَّيْثِ أَبَا عُثْمَانَ سَعِيدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ الْوَاعِظَ زَائِرًا، فَدَخَلَ عَلَيْهِ فَقَامَ إِلَيْهِ وَأَقْعَدَهُ ثُمَّ قَالَ: «§السَّابِقُ بِالْوُدِّ مُبْتَدِئٌ، وَالْمُكَافِئُ لَهُ مُقْتَدِي، وَإِنِّي مُدْرِكُ الْمُقْتَدِي لِلْمُبْتَدِئِ»

189 - وَسَمِعْتُ أَبَا عَمْرِو بْنَ مِصْرٍ حَكَى هَذِهِ الْحِكَايَةَ وَقَالَ فِيهَا: فَقَالَ لَهُ أَبُو عُثْمَانَ: «§سَبَقْتَنَا بِالْوُدِّ، وَالسَّابِقُ بِالْوُدِّ لَا يُكَافَئُ» وَمِنْ آدَابِهَا: تَرْكُ التَّطْرِيَةِ وَالثَّنَاءِ بَعْدَ صِحَّةِ الْأُخُوَّةِ وَالْمَوَدَّةِ

190 - سَمِعْتُ نَصْرَ بْنَ أَبِي نَصْرٍ الْعَطَّارَ، سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ أَحْمَدَ بْنَ مَحْمُودٍ، سَمِعْتُ أَبَا خَلِيفَةَ، سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ يَقُولُ: §«إِذَا تَأَكَّدَ الْإِخَاءُ سَقَطَ الثَّنَاءُ»

191 - سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ رُمَيْحٍ التُّسْتَرِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ -[117]- عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الْمُخَرِّمِيَّ، بِبَلْخٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا خَلِيفَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ الْحَجَبِيَّ يَقُولُ لِرَجُلٍ وَهُوَ يُخَاطِبُهُ: §«حُبِّي يَمْنَعُنِي مِنَ الثَّنَاءِ عَلَيْكَ»

الصحبة مع الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأصحابه والصحبة على وجوه، لكل واحد منها آداب ومواجب ولوازم، فالصحبة مع الله تعالى باتباع أوامره، واجتناب نواهيه، ودوام ذكره، ودرس كتابه، ومراقبة أسراره أن يختلج فيها ما لا يرضاه، والرضا بقضاء الله

§الصُّحْبَةُ مَعَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ وَالصُّحْبَةُ عَلَى وُجُوهٍ، لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا آدَابٌ وَمَوَاجِبُ وَلَوَازِمُ، فَالصُّحْبَةُ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى بِاتِّبَاعِ أَوَامِرِهِ، وَاجْتِنَابِ نَوَاهِيهِ، وَدَوَامِ ذِكْرِهِ، وَدَرْسِ كِتَابِهِ، وَمُرَاقبَةِ أَسْرَارِهِ أَنْ يَخْتَلِجَ فِيهَا مَا لَا يَرْضَاهُ، وَالرِّضَا بِقَضَاءِ اللَّهِ، وَالصَّبْرِ عَلَى بَلَائِهِ، وَالرَّحْمَةِ وَالشَّفَقَةِ عَلَى خَلْقِهِ، وَمَا يَنْحُو نَحْوَهُ مِنْ هَذِهِ الْأَخْلَاقِ الشَّرِيفَةِ. وَالصُّحْبَةُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ بِاتِّبَاعِ سُنَّتِهِ، وَاجْتِنَابِ الْبِدَعِ، وَتَعْظِيمِ أَصْحَابِهِ، وَأَهْلِ بَيْتِهِ، وَأَزْوَاجِهِ، وَذُرِّيَّتِهِ، وَمُجَانَبَةِ مُخَالَفَتِهِ فِيمَا دَقَّ وَجَلَّ، وَمَا يَجْرِي مَجْرَاهُ. وَالصُّحْبَةُ مَعَ الصَّحَابَةِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ بِالتَّرَحُّمِ عَلَيْهِمْ، وَتَقْدِيمِ مَنْ قَدَّمُوهُ، وَحُسْنِ الْقَوْلِ فِيهِمْ، وَقَبُولِ قَوْلِهِمْ فِي الْأَحْكَامِ وَالسُّنَنِ. 192 - قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ، بِأَيِّهِمُ اقْتَدَيْتُمُ اهْتَدَيْتُمْ» -[118]- 193 - وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: " إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ: كِتَابَ اللَّهِ وَعِتْرَتِي، أَهْلَ بَيْتِي "

الصحبة مع أولياء الله والصحبة مع أولياء الله تعالى بالحرمة والاحترام لهم، وتصديقهم فيما يخبرون عن أنفسهم ومشايخهم، لأنه: روي عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: " يقول الله عز وجل: من أهان لي وليا فقد بارزني بالمحاربة "

§الصُّحْبَةُ مَعَ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ وَالصُّحْبَةُ مَعَ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْحُرْمَةِ وَالِاحْتِرَامِ لَهُمْ، وَتَصْدِيقِهِمْ فِيمَا يُخْبِرُونَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ وَمَشَايِخِهِمْ، لِأَنَّهُ: 194 - رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: مَنْ أَهَانَ لِي وَلِيًّا فَقَدْ بَارَزَنِي بِالْمُحَارَبَةِ "

الصحبة مع السلطان والصحبة مع السلطان بالطاعة، إلا أن يأمر بمعصية أو مخالفة سنة، فإذا أمر بمثل هذا فلا سمع له ولا طاعة. والدعاء له بظهر الغيب ليصلحه الله ويصلح على يديه، والنصيحة له في جميع أموره، والصلاة والجهاد معه. فقد روي عن النبي صلى الله عليه

§الصُّحْبَةُ مَعَ السُّلْطَانِ وَالصُّحْبَةُ مَعَ السُّلْطَانِ بِالطَّاعَةِ، إِلَّا أَنْ يَأْمُرَ بِمَعْصِيَةٍ أَوْ مُخَالَفَةِ سُنَّةٍ، فَإِذَا أَمَرَ بِمِثْلِ هَذَا فَلَا سَمْعَ لَهُ وَلَا طَاعَةَ. وَالدُّعَاءِ لَهُ بِظَهْرِ الْغَيْبِ لِيُصْلِحَهُ اللَّهُ -[119]- وَيُصْلِحَ عَلَى يَدَيْهِ، وَالنَّصِيحَةِ لَهُ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِ، وَالصَّلَاةِ وَالْجِهَادِ مَعَهُ. 195 - فَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ» . قَالُوا: لِمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ . قَالَ: لِلَّهِ، وَلِكِتَابِهِ، وَلِرَسُولِهِ، وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ "

الصحبة مع الأهل والولد والصحبة مع الأهل والولد بالمداراة، وحسن الخلق، وسعة النفس، وتمام الشفقة، وتعليم الأدب والسنة، وحملهم على الطاعات. قال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة والصفح عن عثراتهم، والعفو

§الصُّحْبَةُ مَعَ الْأَهْلِ وَالْوَلَدِ وَالصُّحْبَةُ مَعَ الْأَهْلِ وَالْوَلَدِ بِالْمُدَارَاةِ، وَحُسْنِ الْخُلُقِ، وَسَعَةِ النَّفْسِ، وَتَمَامِ الشَّفَقَةِ، وَتَعْلِيمِ الْأَدَبِ وَالسُّنَّةِ، وَحَمْلِهِمْ عَلَى الطَّاعَاتِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التحريم: 6] وَالصَّفْحِ عَنْ عَثَرَاتِهِمْ، وَالْعَفْوِ عَنْ مَسَاوِئِهِمْ، مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا وَمَعْصِيَةً. 196 - لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْمَرْأَةُ كَالضِّلَعِ الْأَعْوَجِ، إِنْ أَقَمْتَهَا تَكْسِرُهَا، وَإِنْ تَعِشْ تَعِشْ مَعَهَا عَلَى عِوَجٍ»

الصحبة مع الإخوان والصحبة مع الإخوان بدوام البشر، وبذل المعروف، ونشر المحاسن، وستر القبائح، واستكثار قليل برهم، واستصغار ما منك إليهم، وتعهدهم بالنفس والمال، ومجانبة الحقد والحسد والبغي والأذى وما يكرهون من جميع الوجوه، وترك ما يعتذر منه.

§الصُّحْبَةُ مَعَ الْإِخْوَانِ وَالصُّحْبَةُ مَعَ الْإِخْوَانِ بِدَوَامِ الْبِشْرِ، وَبَذْلِ الْمَعْرُوفِ، وَنَشْرِ الْمَحَاسِنِ، وَسَتْرِ الْقَبَائِحِ، وَاسْتِكْثَارِ قَلِيلِ بِرِّهِمْ، وَاسْتِصْغَارِ مَا مِنْكَ إِلَيْهِمْ، وَتَعَهُّدِهِمْ بِالنَّفْسِ وَالْمَالِ، وَمُجَانَبَةِ الْحِقْدِ وَالْحَسَدِ وَالْبِغْي وَالْأَذَى وَمَا يَكْرَهُونَ مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ، وَتَرْكِ مَا يُعْتَذَرُ مِنْهُ. وَالصُّحْبَةُ مَعَ الْعُلَمَاءِ بِمُلَازَمَةِ حُرُمَاتِهِمْ، وَقَبُولِ قَوْلِهِمْ، وَالرُّجُوعِ إِلَيْهِمْ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالنَّوَازِلِ، وَتَعْظِيمِ مَا عَظَّمَ اللَّهُ مِنْ مَحِلِّهِمْ حَيْثُ جَعَلَهُمْ خَلَفًا لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ وَوَرَثَتَهُ. 197 - فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «الْعُلَمَاءُ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ»

الصحبة مع الوالدين والصحبة مع الوالدين ودهما بالنفس والمال، وخدمتهما في حياتهما، وإنجاز وعدهما، والدعاء لهما في كل الأوقات ما داما في الحياة، وحفظ عهدهما بعد الممات، وإنجاز عداتهما، وإكرام أصدقائهما. فقد روي عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم

§الصُّحْبَةُ مَعَ الْوَالِدَيْنِ وَالصُّحْبَةُ مَعَ الْوَالِدَيْنِ وُدُّهُمَا بِالنَّفْسِ وَالْمَالِ، وَخَدْمَتُهُمَا فِي حَيَاتِهِمَا، وَإِنْجَازُ وَعْدِهِمَا، وَالدُّعَاءُ لَهُمَا فِي كُلِّ الْأَوْقَاتِ مَا دَامَا فِي الْحَيَاةِ، وَحِفْظُ عَهْدِهِمَا بَعْدَ الْمَمَاتِ، وَإِنْجَازُ عِداَتِهِمَا، وَإِكْرَامُ أَصْدَقَائِهِمَا. 198 - فَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ أَبَرَّ الْبِرِّ أَنْ يَصِلَ الرَّجُلُ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ»

199 - أنا عَلِيُّ بْنُ بُنْدَارٍ الصَّيْرَفِيُّ قَالَ: أنا إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَاضِي قَالَ: أنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَكِيمٍ قَالَ: أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ قَالَ: أنا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أُسَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ مَالِكِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ بَقِيَ عَلَيَّ مِنْ بِرِّ أَبَوَيَّ شَيْءٌ أَبَرُّهُمَا بِهِ بَعْدَ مَوْتِهِمَا؟ . قَالَ: «نَعَمْ، §الصَّلَاةُ عَلَيْهِمَا، وَالِاسْتِغْفَارُ لَهُمَا، وَإِنْفَاذُ عَهْدِهِمَا، وَإِكْرَامُ صَدِيقِهِمَا، وَصِلَةُ الرَّحِمِ الَّتِي لَا تُوصَلُ إِلَّا بِهِمَا»

200 - أنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَعْقُوبَ قَالَ: أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ النِّيلِيُّ قَالَ: أنا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَطِيَّةَ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ: أنا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ، عَنِ ابْنِ حَسَنٍ الْمَكِّيِّ قَالَ: «إِنَّ §مِنَ الْعُقُوقِ أَنْ يَرَى أَبُوكَ رَأَيَا فَتَرَى غَيْرَهُ»

الصحبة مع الضيف بحسن البشر، وطلاقة الوجه، وطيب الحديث، وإظهار السرور، والكون عند أمره ونهيه، ورؤية فضله، واعتقاد المنزلة حيث أطربك بدخول منزلك، وتكرم بطعامك

§الصُّحْبَةُ مَعَ الضَّيْفِ بِحُسْنِ الْبِشْرِ، وَطَلَاقَةِ الْوَجْهِ، وَطِيبِ الْحَدِيثِ، وَإِظْهَارِ السُّرُورِ، وَالْكَوْنِ عِنْدَ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ، وَرُؤْيَةِ فَضْلِهِ، وَاعْتِقَادِ الْمَنْزِلَةِ حَيْثُ أَطْرَبَكَ بِدُخُولِ مَنْزِلِكَ، وَتَكَرَّمَ بِطَعَامِكَ

201 - سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا يَعْقُوبَ النَّهْرَخُورِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ الْعَامِرِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ -[122]- بْنَ عِيسَى بْنِ زِيَادٍ الْقَطَّانَ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا أُسَامَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ مِسْعَرَ بْنَ كِدَامٍ يَقُولُ: [البحر المجتث] §مَنْ دَعَانَا فَأَبَيْنَا ... فَلَهُ الْفَضْلُ عَلَيْنَا فَإِذَا نَحْنُ أَتَيْنَا ... رَجَعَ الْفَضْلُ إِلَيْنَا

202 - وَأَنْشَدَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ: أَنْشَدَنِي ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: « [البحر الرجز] §إِنَّكَ يَا ابْنَ جَعْفَرٍ نِعْمَ الْفَتَى ... وَنِعْمَ مَأْوَى طَارِقِ الْحَيِّ أَتَى وَدُونَ ضَيْفٍ طَرَقَ الْحَيِّ سِوَى ... صَادَفَ زَادًا أَوْ حَدِيثًا مُشْتَهَى إِنَّ الْحَدِيثَ جَانِبٌ مِنَ الْقِرَى»

203 - وَسَمِعْتُ مَنْصُورَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَرَشِيَّ يَقُولُ: " §رَأَيْتُ بِالْبَصْرَةِ مَكْتُوبًا عَلَى بَابِ قَصْرٍ: [البحر السريع] مَنْزِلُنَا هَذَا لِمَنْ أَرَادَهُ ... نَحْنُ سَوَاءٌ فِيهِ وَالطَّارِقُ فَمَنْ أَتَانَا فِيهِ فَلْيَحْتَكِمْ ... فَرَبُّنَا الْوَاسِعُ وَالرَّازِقُ" 204 - وَأَنْشَدَنِي لِلتَّرْقُفِيِّ: [البحر البسيط] يَسْتَرْسِلُ الضَّيْفُ فِيمَا بَيْنَنَا كَرَمًا ... فَلَيْسَ يُعْرَفُ فِينَا أَيُّنَا الضَّيْفُ

آداب الجوارح ثم على كل جارحة من الجوارح آداب تختص بها، فآداب العين أن ينظر إلى إخوانه نظر مودة ومحبة يعرفها منك هو ومن حضر المجلس، ويكون نظره إلى محاسنه وإلى أحسن شيء يصدر منه، وأن لا يصرف عنه بصره في وقت إقباله عليه وكلامه معه. وآداب السمع أن يستمع

§آدَابُ الْجَوَارِحِ ثُمَّ عَلَى كُلِّ جَارِحَةٍ مِنَ الْجَوَارِحِ آدَابٌ تَخْتَصَّ بِهَا، فَآدَابُ الْعَيْنِ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى إِخْوَانِهِ نَظَرَ مَوَدَّةٍ وَمَحَبَّةٍ يَعْرِفُهَا مِنْكَ هُوَ وَمَنْ حَضَرَ الْمَجْلِسَ، وَيَكُونَ نَظَرُهُ إِلَى مَحَاسِنِهِ وَإِلَى أَحْسَنِ شَيْءٍ يَصْدُرُ مِنْهُ، وَأَنْ لَا يَصْرِفَ عَنْهُ بَصَرَهُ فِي وَقْتِ إِقْبَالِهِ عَلَيْهِ وَكَلَامِهِ مَعَهُ. وَآدَابُ السَّمْعِ أَنْ يَسْتَمِعَ إِلَى حَدِيثِهِ سَمَاعَ مُشْتَهٍ لِمَا سَمِعَهُ، مُتَلَذِّذٍ بِهِ -[123]-، وَإِذَا كَلَّمْتَهُ لَا تَصْرِفْ بَصَرَكَ عَنْهُ، وَلَا تَقْطَعْ حَدِيثَهُ بِسَبَبٍ مِنَ الْأَسْبَابِ، فَإِنِ اضْطَرَّكَ الْوَقْتُ إِلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ اسْتَعْذَرْتَهُ فِيهِ، وَأَظْهَرْتَ لَهُ عُذْرَكَ. وَآدَابُ اللِّسَانِ أَنْ تُكَلِّمَ إِخْوَانَكَ بِمَا يُحِبُّونَ، ثُمَّ فِي وَقْتِ نَشَاطِهِمْ لِسَمَاعِ مَا تُكَلِّمُهُمْ بِهِ، وَتَبْذُلُ لَهُمْ نَصِيحَتَكَ، وَتُدِلُّهُمْ عَلَى مَا فِيهِ صَلَاحُهُمْ، وَتُسْقِطُ مِنْ كَلَامِكَ مَا تَعْلَمُ أَنَّ أَخَاكَ يَكْرَهُهُ مِنْ حَدِيثٍ أَوْ لَفْظٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَلَا تَرْفَعْ عَلَيْهِ صَوْتَكَ، وَلَا تُخَاطِبْهُ بِمَا لَا يَفْهَمُ، وَكَلِّمْهُ بِمِقْدَارِ فَهْمِهِ وَعِلْمِهِ. وَآدَابُ الْيَدَيْنِ أَنْ يَكُونَا مَبْسُوطَتَيْنِ لِإِخْوَانِهِ بِالْبِرِّ وَالْمَعُونَةِ، لَا تُقْبِضْهُمَا عَنْهُمْ وَعَنِ الْإِفْضَالِ عَلَيْهِمْ وَمَعُونَتِهِمْ فِيمَا يَسْتَعِينُونَ بِهِ. وَآدَابُ الرَّجُلَيْنِ أَنْ يُمَاشِيَ إِخْوَانَهُ عَلَى حَدِّ التَّبَعِ، وَلَا يَتَقَدَّمَهُمْ، فَإِنْ قَرَّبَهُ إِلَى نَفْسِهِ تَقَرَّبَ إِلَيْهِ مِقْدَارَ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى مَوْضِعِهِ، وَلَا يَقْعُدْ عَنْ حُقُوقِ إِخْوَانِهِ مُعَوِّلًا عَلَى الثِّقَةِ بِإِخْوَانِهِمْ؛ لِأَنَّ فُضَيْلَ بْنَ عِيَاضٍ قَالَ: تَرْكُ قَضَاءِ حُقُوقِ الْإِخْوَانِ مَذَلَّةٌ وَيَقُومُ لِإِخْوَانِهِ إِذَا أَبْصَرَهُمْ مُقْبِلِينَ، وَلَا يَقْعُدْ إِلَّا بِقُعُودِهِمْ، وَيَقْعُدُ حَيْثُ يُقْعِدُونَهُ كَذَلِكَ. 205 - أُنْشِدْتُ لِمَنْصُورٍ أَوْ غَيْرِهِ: [البحر المتقارب] فَلَمَّا بَصُرْنَا بِهِ مُقْبِلًا ... حَلَلْنَا الْجُثَا وَابْتَدَرْنَا الْقِيَامَا فَلَا تَنْكِرَنْ قِيَامِي لَهُ ... فَإِنَّ الْكَرِيمَ يُجِلُّ الْكِرَامَا هَذَا كُلُّهُ يُبَيِّنُ أَنَّ آدَابَ الظَّوَاهِرِ عُنْوَانِ آدَابِ السَّرَائِرِ , كَذَلِكَ 206 - رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحِبِهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا يَمَسُّ لِحْيَتَهُ فَقَالَ: «لَوْ خَشَعَ قَلْبُهُ لَخَشَعَتْ جَوَارِحُهُ» -[124]- 207 - وَلَمَّا قَالَ الْجُنَيْدُ لِأَبِي حَفْصٍ: أَدَّبْتَ أَصْحَابَكَ آدَابَ السَّلَاطِينِ، فَقَالَ: لَا، أَبَا الْقَاسِمِ، وَلَكِنَّ حُسْنَ آدَابِ الظَّاهِرِ عُنْوَانُ حُسْنِ آدَابِ الْبَاطِنِ وَتَعَلَّمْ أَنَّ كُلَّ عِلْمٍ وَحَالٍ وَصُحْبَةٍ خَرَجَ مِنْ قَالَبِ الْأَدَبِ فَهُوَ مَرْدُودٌ عَلَى صَاحِبِهِ. 208 - فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ أَدَّبَنِي فَأَحْسَنَ تَأْدِيبِي» 209 - وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ مَعَالِيَ الْأَخْلَاقِ" -[125]- ثُمَّ تَعَلَّمْ هَذَا: أَنَّهُ كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ مُرَاعَاةُ ظَاهِرِهِ لِصُحْبَةِ الْخَلْقِ وَعَشِيرَتِهِمْ، فَإِنَّ مُرَاعَاةَ بِاطِنِهِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ نَظَرِ اللَّهِ، وَآدَابُهَا أَنْ تَكُونَ بِمُلَازَمَةِ الْإِخْلَاصِ، وَالتَّوَكُّلِ، وَالْخَوْفِ، وَالرَّجَاءِ، وَالرِّضَا، وَالصَّبْرِ، وَسَلَامَةِ الصَّدْرِ، وَحُسْنِ الظَّنِّ بِهِمْ، وَالِاهْتِمَامِ بِأُمُورِهِمْ. 210 - فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ لَمْ يَهْتَمَّ بِالْمُسْلِمِينَ فَلَيْسَ مِنْهُمْ»

خاتمة فمن تأدب في الباطن بهذه الآداب، وتأدب في الظاهر بما بيناه رجوت أن يكون من الموفقين، ونحن نسأل الله أن يوفقنا للأخلاق الجميلة، وأن يجنبنا الأخلاق السيئة في أفعالنا، وأحوالنا، وأقوالنا، مما يقربنا إليه، ولا يكلنا في شيء من أمورنا وأسبابنا إلى

§خَاتِمَةٌ فَمَنْ تَأَدَّبَ فِي الْبَاطِنِ بِهَذِهِ الْآدَابِ، وَتَأَدَّبَ فِي الظَّاهِرِ بِمَا بَيَّنَّاهُ رَجَوْتُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُوَفَّقِينَ، وَنَحْنُ نَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُوَفِّقَنَا لِلْأَخْلَاقِ الْجَمِيلَةِ، وَأَنْ يُجَنِّبَنَا الْأَخْلَاقَ السَّيِّئَةَ فِي أَفْعَالِنَا، وَأَحْوَالِنَا، وَأَقْوَالِنَا، مِمَّا يُقَرِّبُنَا إِلَيْهِ، وَلَا يَكِلَنَا فِي شَيْءٍ مِنْ أُمُورِنَا وَأَسْبَابِنَا إِلَى أَنْفُسِنَا، وَأَنْ يَتَوَلَّى إِعَانَتَنَا وَكَلَاءَتَنَا حَسَبَ الْمَأْمُولِ مِنْ كَرَمِهِ وَفَضْلِهِ، إِنَّهُ وَلِيُّ ذَلِكَ وَالْقَادِرُ عَلَيْهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى أَشْرَفِ الْخَلْقِ، وَحَبِيبِ الْحَقِّ، سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ , وَأَزْوَاجِهِ، وَأَنْصَارِهِ، وَذُرِّيَّتِهِ، وَأَهْلِ بَيْتِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ، وَتَابِعِيهِمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَهُوَ حَسْبُنَا، وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، سُبْحَانَكَ لَا نُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ، أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ، فَلَكَ الْحَمْدُ حَتَّى تَرْضَى، وَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى الرِّضَا، وَلَكَ الْحَمْدُ إِذَا رَضِيتَ، دَائِمًا أَبَدًا بِدَوَامِكَ، بَاقِيًا بِبَقَائِكَ، لَا مُنْتَهَى لَهَا دُونَ عِلْمِكَ وَلِقَائِكَ، ثُمَّ مُنِحَ السُّرُورُ عَلَى يَدِ الْفَقِيرِ الْحَقِيرِ عَبْدِ الْقُدُّوسِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُفْتِي سَابِقًا بِلَاذِقِيَّةِ الْعَرَبِ، رُسِمَ بِرَسْمِ أَخِيهِ الشَّيْخِ حُسَيْنٍ. لَطَفَ اللَّهُ بِهِمَا فِي الدَّارَيْنِ وَالْمُسْلِمِينَ، آمِينَ

§1/1