آداب الحسبة

السقطي المالقي

[مقدمة]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ... صلى الله على سيدنا محمد وآله قال الفقيه الأجل العالم العارف الأوحد أبي عبد الله محمد بن أبي محمد السقطي - رحمه الله بمنه-: الحمد لله الذي علمنا ما لم نكن نعلم، وفهمنا ما لم نكن نعرف ولا نفهم، وصلى الله على محمد نبيه ورسوله وسلم، وعلى آله الطيبين الطاهرين وشرف وكرم. وبعد: فإني لكثرة ما لزمت من الأسفار، وجلت من البلاد والأقطار، أيام رحلتي، وعنفوان شبيبتي وقوتي، وعرفني ثقات المسافرين، وأمناء التجار المتجولين، ألسنة الزمان، وحداث الحوادث من مكان إلى مكان، مع ما تصرفت فيه من الأشغال، وظهرت عليه بسبب الاشتغال، ونبهني على جلائه من رغب مني القرب، ونصح في الكشف عنه من أظهر في ولايتي الاعتقاد والحب، ممن كان شاهد واختبر، واستغنى بالتجربة عن الخبر، وحسنت في ذات الله نيته، وكرمت سجيته وطويته، تحصل في فهمي، وتقرر في حقيقة علمي، من أخبار مفسدي الباعة والصناع بالأسواق وغشهم في الكيل والميزان وبخسهم واستعمالهم الخدع للناس في معاملتهم، والتلبيس عليهم في مداخلتهم وملابستهم، وإحراز الحسبة عليهم وتقلد النظر في أمورهم من لا يحسن لذلك

تناولا، ولا يعرف من الحلال والحرام مفصلا ولا مجملا، ما لم يسعني معه إلا التنبيه على مكرهم، والقول بالمعروف في نكرهم، لقول الله تعالى وتبارك: (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون) مع أن الخطة لم تزل عظيما شأنها، رفيعا مكانها، وسيطة بين خطة القضاء والمظالم تجاذبهما في وجوه وتشاركهما، وتماثلهما في أمور وتشابكهما، فتجمع بين نظر شرعي وزجر سلطاني موقوفة على هيئة متقلدها وتنفيذ الحقوق للمعترف بها، وكان خلفاء الصدر الأول يباشرونها بأنفسهم لعموم مصلحتها وعظيم ثواب الله عليها إلى أن قصر في بعض الأزمان بواجبها، وتعين من ليس من أهلها للاشتغال بها، فلان أمرها، وهان خطبها وقدرها، وصارت سببا لتكسب المال لا لتفريق بين الحلال والحرام على أن مذهب العلماء أن القاعدة إذا نالها خلل لم يبطل حكمها، ولا زال وإن عفا رسمها. وقد ولي أحد أصحاب الشافعي الحسبة ببغداد فنزل الجامع والقاضي جالس للحكم فيه فقال له: أما علمت أن الله عز وجل يقول: (في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر) وإنه لتدخل المرأة إليك ومعها الطفل فيبول على الحصير والرجل يطأ الحصر وقد مشي غير متنعل في المواضع القذرة ودارك بك أولى، فلم يجلس بعدها في الجامع للحكم على أن مالكا يقول: القضاء في المسجد من الأمر القديم، ويروى أن يجلس القاضي في المسجد أو رحابة، وقد اتخذ سحنون من أصحابه بيتا في المسجد يقضي فيه، وفي بعض الآثار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقضى في المسجد، ووجه عمر رضي الله عنه إلى العراق ليحرقوا دار ابن موسى الأشعري رضي الله عنه، وقال: اضرمها عليه نارا، لما بلغه أنه كان يقضي فيها وتكلم الناس

1 - الباب الأول في مقدمات الحسبة وشأن المحتسب

في ذلك فقيل إنما كان لما يتخوف من عجز الضعيف عن الوصول إليه، وإن عاقه عائق عن الخروج منها من مرض أو غيره فليفتح بابه ولا يمنع أحدا منه، ودعا أحد الملوك علي بن عبد الرحمن التميمي إلى شرطة الكوفة، فقال: لا أقبلها إلا أن تكفيني أهلك وأولادك، فقال: يا غلام ناد فيهم: من طلب إليه منهم حاجة فقد برئت منه الذمة، فقال الشعبي: فما رأيت صاحب شرطة أهيب منه ولقد كان يمر عليه الشهر وأزيد منه فلا يرتفع إليه خصمان لفرط مهابته. وجعلت كتابي هذا مقسما على ثمانية أبواب ليقرب النظر فيه ويسهل فهمه على مستعمليه إن شاء الله تعالى وبه أستعين وهو حسبي ونعم الوكيل. الباب الأول في مقدمات الحسبة وشأن المحتسب قال الله تبارك وتعالى: (كنت خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر) وقال عز وجل: (إن الله يأمر بالعدل والإحسان)، وقال عز من قائل: (وأحل الله البيع وحرم الربا)، وقال عز وجل: (ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم) وقال عز وجل: (واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفي كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من غشنا فليس منا.

ونهى عليه السلام عن بيع الطعام قبل أن يستوفي، وعن بيعتين في بيعة، وعن الكالئ بالكالئ، وعن البيع والسلف، وعن بيع الحيوان باللحم، وعن بيع الحيوان بعضه ببعض، وعن بيع الكلب وعن بيع الهر، وعن أن يبيع الرجل على بيع أخيه حتى يبتاع أو يدور، وعن النجش والتصرية، وعن ذبح ذوات الدر، وعن تلاقي الركبان، وعن بيع الحاضر للبادي، وعن بيع الذهب بالذهب، والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح إلا مثلا بمثل يدا بيد، وعن المزابنة وهي بيع التمر بالتمر في رؤوس النخل والعنب بالزبيب والزرع بالحنطة وفريكه بيابسة والقمح المبلول بيابسه، وعن الصبرة بالصبرة، وعن العينة وهي أن يقول الرجل للرجل: اشتري كذا وأربحك به فيه كذا، وعن بيع التمر حتى يبدو صلاحه، وعن بيع التمر حتى يزهو والسنبل حتى يبيض، وعن صوف على ظهر ولبن في ضرع، وعن المحاقلة، وعن المخاية وهي كراء الأرض بما تنبت. وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المصلى فرأى الناس يتبايعون فقال: يا معشر التجار فاستجابوا له صلى الله عليه وسلم ورفعوا أعناقهم وأبصارهم إليه فقال: إن التجار يبعثون يوم القيامة فجارا إلا من اتقي الله وبر وصدق، وقال صلى الله عليه وسلم: التاجر الصدوق المسلم مع النبيين والصديقين والشهداء يوم القيامة، وقال صلى الله عليه وسلم: الحلف منفقة للسلع ممحقة للربح، وقال عليه السلام: إن الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور متشابهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقي الشبهات استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، ومر عليه السلام بصبرة طعام فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللا فقال: ما هذا يا صاحب الطعام، فقال: أصابته السماء يا رسول الله، فقال: أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس، من غش

فليس مني، ولعن صلى الله عليه وسلم آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه وقال: هم سواء، وقال صلى الله عليه وسلم: إن الربى وإن كثر فإنه يرجع إلى قل، وقال صلى الله عليه وسلم: ما نقص قوم المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان عليهم، وقال صلى الله عليه وسلم: رحمه الله رجلا سمحا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى، وقال الناس: يا رسول الله غلا السعر فسعر لنا، فقال: إن الله هو المسعر القابض الباسط الرازق وإني لأرجو أن ألقى الله وليس أحد منكم يطالبني بمظلمة في دم ولا مال، وقال: بيع المحفلات خلابة ولا تحل خلابة مسلم، ومر عم رضي الله عنه على حاطب بن أبي بلتعة وهو يبيع زبيبا في السوق فقال له: إما أن تزيد في السعر وإما أن تخرج من سوقنا، وقال رضي الله عنه: من جلب طعاما على عمود ظهره فذلك ضيف عمر يبيعه كيف يشاء ويذهب به حيث شاء، وتمنع الحكرة إذا ضرت بالناس وكانوا بحال ضيق وشدة، ومن احتكر طعاما في حين الرخاء وحدث غلاء السعر فهل يجبر على إخراجه للناس أم لا، وجهان يأخذ بأيهما شاء من يجب له النظر في ذلك وكذلك يأمر في وقت الشدة بإخراج الأطعمة إلى السوق وتباع فيها ولا تباع في الدور لما في ذلك من تقوية النفوس. ويجب أن يكون من ولي النظر في الحسبة فقيها في الدين قائما مع الحق نزيه النفس عالي الهمة معلوم العدالة ذا أناة وحلم، وتيقظ وفهم، عارفا بجزئيات الأمور، وسياسيات الجمهور، لا يستنفره طمع ولا تلحقه هوادة ولا تأخذه في الله لومة لائم مع مهابة تمنع من الإدلال عليه وترهب الجاني لديه، فقد روي عن علي رضي الله عنه أنه أقام الحد على رجل فقال: قتلتني يا أمير المؤمنين، فقال له: الحق قتلك، قال فارحمني، قال الذي أوجب عليك الحد أرحم بك مني، ومن شأنه ألا يثرب في شيء إلا بعد أن ينهى عنه ويتقدم فيه ولا ينكر

على أحد إلا بعد أن يحقق ما هو، قال الله تعالى: وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا، وكما روى عن عمر رضي الله عنه حين رأي رجلا يطوف بالبيت وعل عنقه مثل المهاة جمالا وحسنا وهو يقول: عدت لهاذي جملا ذلولا موطأ أتَّبع السهولا أعدلها بالكف أن تميلا أحذر أن تسقط أو تزولا أرجو بذلك نائلا جميلا فقال عمر: من هذه يا عبد الله التي وهبت لها حجك، فقال امرأتي يا أمير المؤمنين وإنها حمقاء مرغامة، أكول قمامه، لا يبقي لها خامه، قال له ما لك لا تطلقها، قال: إنها حسناء لا تفرك، وأم صبيان لا تترك، فقال فشأنك بها فلم ينكر رضي الله عنه حتى استخبره. وروى أنه رضي الله عنه نهى عن الرجال أن يطوفوا مع النساء فرأى رجلا يصلي مع النساء فضربه بالدرة فقال الرجل: والله لئن كنت أحسنت لقد ظلمتني ولئن كنت أسأت فما أعلمتني؟ فقال عمر: أما شهدت عزمتي، فقال ما شهدت لك عزمة، فألقي إليه الدرة وقال: اقتص، قال: لا اقتص اليوم، قال فاعف عني، قال: لا أعفو، فافترقا ثم لقيه في الغد فتغير وجه عمر رضي الله عنه فقال له الرجل: يا أمير المؤمنين كأني أرى ما كان مني قد أسرع فيك، قال: أجل، قال: فإني أشهدك أني عفوت عنك. وحكي أن ابن عائشة رأى رجلا يكلم امرأة في الطريق فقال له: إن كانت

حرمتك إنه لقبيح بك أن كلمها بين الناس وإن لم تكن حرمتك فهو أقبح، ثم تولي عنه وجلس للناس يحدثهم فإذا برقعة قد ألقيت في حجره مكتوب فيها: إن التي أبصرتني ... سحرا أكلمها رسول أدت إلي رسالة ... كادت لها نفسي تسيل من فاتر الألحاظ يجذب خصره ردف ثقيل متنكبا قوس الصبي ... يرمي وليس له رسيل فلو أن اذنك عندنا ... حتى تسمع ما نقول لرأيت ما استقبحت ... من أمري هو الحسن الجميل فقرأها ابن عائشة ووجد على ظهرها مكتوبا: أبو نواس فقال: مالي ولأبي نواس محتمل. وكان في الكوفة محتسب لم يترك مؤذنا يؤذن في منار إلا معصوب العينين من أجل ديار الناس وحريمهم ولله دره فإنه احتاط وأجاد. ولقد كنت أقول منذ رأيت هذه الحكاية: ليت شعري لم فعل هذا، حتى حكى لي جماعة من الثقات أنهم شاهدوا بمراكش قضية عجيبة وذلك أن أحد الرؤساء أمر ليلة من الليالي حشمة وخدمه أن يتظاهروا لديه بصحن داره في السلاح التام ليري ما يعجبه منهم وبين يديه شمع زاهر وأضواء كثيرة وجعلوا يحمل بعضهم على بعض يظهرون لسيدهم ما أحكموه من ما طلبهم به فبصر بهم مؤذن من منار مسجد كان يطلع على الدار فصاح باللسان الغربي: غدرتم يا مسلمين ودخلت دار فلان، فتسابق الناس إلى الدار ووقعت من ذلك في البلد رجة عظيمة وتمشى الصياح في الناس وكانت هيشة كبيرة كان سببها اطلاع

المؤذن، مع أني رأيت بعض المتحدثين يحقق إنما قصد هذا المؤذن المكر بصاحب الدار والتبشيع عليه حسدا على ما بسط له من دنياه وقد يمكن ذلك إلى غير ذلك من ما يخاف في حقهم من الفتن عليهم سبب اطلاعهم، كما اتفق للرجل الدهان الذي رأيته بغرناطة وحدثت عليه أنه كان مؤذنا أيام فتائه بإحدي البنيات وكان يشرف من موضع أذانه على دار فيها جارية حسناء أعجبه حالها ولما علمت بشأنه لم تزل تبرح له وتشير إليه وتنازيه حتى شغف بها فعرضت له يومًا وهو في أثناء الآذان وشغلته حتى زاد أو نقص وسمعه الناس فأجفلوا إليه وشاع أمره فاضطرته الحال إلى أن فر عن ذلك الموضع واستوطن غيره وترك الآذان ولزم صنعته إلى أن توفي عفا الله عنا وعنه وكفانا الفتن بمنه. وقد تقدم لبعض الشعراء في ذلك: ليتني في المؤذنين حياتي ... إنهم يبصرون من في السطوح فيشيرون أو تشير إليهم ... بالهوى كل ذات دل مليح والناظر في الحسبة ينكر بحسب الموضع والشخص والحال، وترك مواضع الريب واجب والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، والله عز وجل يقول: ولا تجسسوا، وقال تبارك وتعالى: فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: من أتى من هذه القاذورات فليستتر فإن من أبدى لنا ضفحته أقمنا عليه حد الله، وإذا سمع أصوات ملاة منكر بدار أنكرها خارج الدار وزجر عليها ولم يعجم على الكشف وليس له أن يتجسس إلا إذا غلب على ظنه أو عرفه ثقة أو دلت أمارات على انتهاك حرمة

يخاف فواتها كمن خلا برجل ليقتله أو بامرأة ليزني بها فله أن يتجسس على ذلك ويهجم عليه قبل أن يقع ويفوت الأمر فيه. ومن صفاته أيضا أن يكون يستعمل اللين من غير ضعف والشدة من غير عنف حتى لا ترتجي لكثرة تيقظه غفلة ولا تؤمن على ذي منكر سطوته في أدب الجاني أول مرة بالتوبيخ والزجر وفي الثانية بالسجن والوعيد وفي الثالثة بالضرب والشهرة، فإن استمر على غوائه وسوء أفعاله تابعه بالتنكيل وجعل أهم أموره تفقده لسقوط الثقة به حتى يتوب أو يرتفع عن سوق المسلمين. ويقدم من ثقات أهل الأسواق ووجوه أرباب الصنائع من تعرف ثقته، وينفع المسلمين نصحه ومعرفته، يستظهر بهم عل سائرهم، ويطلعونه على خفي أسرارهم وخبيث سرائرهم، حتى لا يختفي من أمورهم كثير ولا قليل، ولا يستتر من شأنهم دقيق ولا جليل فيزول مكرهم، ويرتفع على المسلمين غشهم وضرهم، ويتفقد مع الأحيان أحوال رجاله ولا يعين أحدا منهم لشغل معين كوزن الخبز على الخبازين وغيره فإنه إن فعل ذلك تقدم إلى ذلك الرجل بالرشوة وذلك عليه في الوزن، ولا يعلم رجاله أبدا خروجه لأمر معين من أمور الحسبة فإنهم إن علموا ذلك تقدم واحد منهم أو قدموا غيرهم إلى أرباب ذلك الأمر الذي يخرج فيه ويشعرهم بقصده فيغيب صاحب الدلسة وفاعل الريبة أو يغيب عين الشيء الفاسد فلا تمكن إقامة الحجة عليه، وربما إذا وجد بعد ذلك يزعم أن ذلك الشيء الفاسد لم يكن له وإنما جعل بموضعه عند تغييبه عنه ويخفق سعي المحتسب في ذلك، وكذلك إذا عثر على خبز ناقص الوزن أو لطيف الصعنة أو قليل الطبخ أو شيء فاسد بدلسة أو غيرها من أوجه الفاسد، ويأمر بالخبز أن يكسر والشيء الفاسد أن يهراق فلا يكل ذلك إلى رجاله

ويباشره بنفسه حتى يصير جميع الخبز كسرا دقيقة الجرم ويعني بالشيء الفاسد بالرمي لئلا يأخذه رجالة من صاحب ذلك رشوة فلا يكسرون من الخبز إلا القليل ولا يرمون من الفاسد إلا اليسير أو يكسرون الخبز أنصافا أو أثلاثا فيجمع صاحبها بعضها إلى بعض ولا يبيعها بالميزان ويتمشى في الناس على دلستها. ولا يبيح لهم أن يأخذوا شيئا من أحد إلا إن وجدوه ذا دلسة أو صاحب ريبة في صنعته فإنهم يكتفون في جعلهم باليسير مثل ربع الدرهم وقدره، وكذلك مؤنة السجن على من يسجن ومثل ذلك الإجحاف فيه وإذ لابد للسلطان من وزعة والظالم أحق من حمل عليه. ويعتمد على أن يسم الاكيال والموازين والغرابيل وصنج أرباب الموازين بميسم معلوم عنده وكذلك قفاف الوزن، ويأمر عملة الخبز أن يصنع كل واحد منهم طابعا ينقش فيه اسمه ويطبع على خبزه ليتميز خبز كل واحد بطابعه وتقوم الحجة به على صاحبه. ويضمن كل من له خدمة يتصرفون بين يديه من الباعة إحضارهم لديه خبرت عليهم دلسة أو وجد لهم مستنكر فالدقاق يضمن عن غربالة ووزانه والخباز يضمن عن عماله ووزانه وعجانه وفرانه والجلاس لبيع خبزه بكوشة عمله والسفاج عجانه وقطاعه ويؤدب كل واحد منهم على فساد عمله، ويلزم صاحب كل شغل أن يكون المطلوب بجميع ما يفعل متصرفوه في شغله وكل ذلك بالشهادة، ولا يستخلف أحد أحدا على شغله ولا صبيا صغيرا للبيع في دكانه إلا أن يلتزم ما يفعله ويكون المطلوب بما يظهر عليه من غش أو دلسة، وإن لم يتقدم إليهم بذلك ويربطهم إليه فيعتذروا إليه عند وجود الدلسة وظهور الغش بعدم العلم به، ويختفي المتصرف في عمله فلا يوجد

2 - الباب الثاني في الكيالين والأكيال

سبيل لدفع ذلك السبب وإيقاع العقوبة بالفاعل له، ومتى أخذ ذلك ولم ينبه المعلم عليه ولا تشكي منه وغاب الفاعل وعجز عن إحضاره بحكم ضمانه إياه لم يصدق في عدم العلم بما اتفق وكانت العقوبة عليه أوجب والتنكيل أشد. ويأمر باعة الخبز أن يتخذوا موازين وصنجا معدة لها تكون معهم في دكانهم فإذا اختبر عليهم الخبز بالوزن وألفاه ناقصا أقام الحجة عليهم باتخاذهم الموازين وتركهم وزن الخبز بها على عملته ويؤديهم على مسامحتهم في بيع الناقص، وكذلك شأنه مع باعة الدقيق وعملته في الغرابيل لتقوم الحجة لذلك عليهم أيضا، ويكون معلوما عنده ما في بلده من الطعام المختزن لوقت الحاجة إليه وكذلك ما يحتاج إليه بلده من الطعام في كل يوم وما يرد عليه من الطعام ويعمل فيه من الدقيق ويجلب منه أيضا إليه ليتوصل بذلك إلى زيادة السعر ونقصه وعمارة البلد والزهادة فيه والله الموفق للصواب لا رب غيره. الباب الثاني في الكيالين والأكيال أما الكيالون للطعام فيعرفون أنواعه بكثرة الاختبار لها والحيلة بتناولها ولا يخفى عليهم قدر إصداقها في الكيل، فمن القمح ما يصدق القدح منه ثلاثين رطلا ومنه ما يصدق اثنين وثلاثين وثلاثة وأربعة وثلاثين، ومن الشعير والشنتية ما يصدق القدح منه ربعا واحدًا ومنه ما يقصر عن ذلك، ويصدق القدح من الذرة مثل القمح، فإذا وعدهم المبتاء بالزيادة في الأجرة ليحسنوا

في الكيل ألحقوا الدون في الإصداق بالعالي وذلك أن الكيال إذا قعد للكيل قعد على ركبتيه ومقادم رجليه واغترف الطعام بالقدح وزاد في الغرف وقلب القدح بقوة وأقعد أكثره على فخذيه وطرف كدس الطعام وجبد الطعام بيديه وأمد على الكيل ذراعيه ويديه فتراص الطعام في الكيل بالإقعاد الأول وتدكن بهذا الجذب وإمرار اليدين والذراعين عليه ثم أزال فخذيه عنه فقعد القدح واهتز ونزل الطعام في جوفه وصدق بحسب إرادته. وإذا قصد العدل قعد على هيئته المذكورة وأقعد القدح على قعره وصب فيه صبا خفيفا فإذا امتلأ رفعه برفع ثم أفرغه واغترف بالقدح من الطعام قليلا وقلبه برفق على كدس الطعام متصلا بركبتيه ودون أن يضع شيئا منه عليهما أو يحنوا عليه ويجبد الطعام إليه بيديه ولا يمرهما عليه ويضعه فيه قليلا قليلا فلا يتحرك الكيل ولا يتراص الطعام فيه ويرفعه برفق ويفرغه كذلك. وإذا قصد الاخسار فعل على ما يفعل إذا قصد العدل واستعجل بوضع الطعام فيه ورفعه وتفريغه قبل أن يوفيه الحق المعلوم فيه، ومتى وضع فيه من الطعام قدر ثلث فعل على ما يفعل إذا قصد غير ذلك وقلبه وكمله بالطعام فإنما يقصد الاستيفاء وكذلك متى وضع الكيال القدح على ركبتيه فإنما قصده الاستيفاء بحسب ما يمكنه من فخذيه، ويزيل في الكيل الممسوح إذا قصد الاخسار أن يوفر الطعام على الصفيحة صفا أو صفين أو ما استطاع وإنما ألحق في ذلك أن يمسح ما على الصفائح. وأما أصحاب أكيال المائعات فلمفسديهم حيل منها إذا قصد الإخسار أن يصبوا في الإناء صبا عنيفا لم يتركوه يهدأ ويفرغون الكيل وهو مبخوس وربما أمالوه من جهة واحدة وهي التي تقابل الذي تكتال له فيتوهم أن ذلك الجرى على وهو قد أخسر، ومنها أن يدخلوا قيعان الأكيال النحاسية إلى داخلها

وجوانبها فيوهم أنها قد اندقت أو على ذلك النوع صنعت وهي تنقص بحسب ذلك ويحشون في أجواف الأكيال غير النحاسية الطين اليابس الجليل أو ما شاكله أو الجبص المحلول أو الشمع المذاب فينقص بذلك، وكذلك النحاسية إن لم يستطيعوا فيها ما تقدم ولا سيما إذا كانت الأكيال ضيقة الأفواه. وشأن المحتسب مع هؤلاء أن يختبر عليهم الطعام والمائعات بكيال من أهل الثقة يستعمله مقدما عليهم قد خبر منه النصح والتنبيه على المكايد والخدع والغيرة على المسلمين ويزن ما يسعه ذلك الكيل الذي يختبر به وما بلغ وزنه إليه يكون مثالا له ومعلوما عنده لما يكيله أولئك من أنواع ما يكتال حتى لا يمكن لأحد الإخسار في الكيل ولا الزيادة فيه بعد أن يحملهم على أن يكون أكيال الأرباع منشورة الأفواه مبرودة الحواشي من خارج لا يحتمل حافاتها الزائدة بوجه ولا تتعاهد النحاسية بالإصلاح والاعتدال ويتفقد أجوافها ولا سيما عند من يتطرق الظن إليه وسقط الثقة به. وقيل في ذلك كله مقال مثال يكون كالقانون في جميع الأكيال بتنبيه على الجاري الآن بمالقة فالقدح يصدق من الكزبر اليابس الصحيح الطيب أحد عشر رطلا والرطل ست عشرة أوقية والأوقية عشرون درهما قضة إمامية، وثمن الربع الجاري بمالقة في الكيل يصدق من العسل الطيب الأندلسي في الغالب ثلاثة أرطال ونصف ومن الطيب العدوي ثلاثة أرطال وست أواق إلى ثلاثة أرطال، وربع من الزبيب رطلين وربع ومن الخل ثلاثة أرطال غير ربع إلى رطلين ونصف ومن اللبن الغنمي ثلاثة أرطال وربع ومن المعزي ثلاثة أرطال وثلاث أواق، وبحسب هذه التجربة وما يعطيه النظر بالمشاهدة يفعل الناظر في الحسبة لمن يقع من أولئك إن شاء الله.

3 - الباب الثالث في الموازين والأكيال والوزانين والكيالين

الباب الثالث في الموازين والأكيال والوزَّانين والكيالين أحق الموازين ما كان ثقبه في قصبته وكان الثقب موسع الجهتين مشرك الوسط يعمه المسمار، وأخسرها للحق ما كان ثقبه في اللسان أو كان في القصبة غير مشرك الوسط أو كان مسماره رقيقا بالإضافة إلى ثقبته وإيقاعه بها، ولمفسديهم حيل وخدائع منهم من يضع أصل إبهام يده اليسري على حاشية كفة الميزان حين الوزن يوهم لذلك أنه يمسكها وقد جعل تحتها شيئا مرتفعا من الآلات إذا وصلت كفة الصنوج إليه خرج لسان الميزان عن القبة وينزلها بيده المذكورة مع الشيء الموزون يسيرا يسيرا إلى أن يحس أنها وصلت إلى الذي تحتها فيرفع رأسه إلى قبة الميزان كأنه ينظر إلى اللسان هل خرج عن القبة أم لا ويرفع المشترى رأسه كذلك فيرى اللسان قد خرج عن القبة ويفرغ له البائع المبيع من الكفة والمبتاع يتخيل أنه قد وصل إلى حله والبائع قد أخسره. ومنهم من يرتبط شعرة في مقلوب كفة الميزان من فلس الكوكب ويفها على إبهام رجله ويجعل قدمه واقفا على عقبه فإذا وضع في الكفة ما يوزن أنزل إبهام رجله إلى أسفل فهبطت الشعرة إلى أسفل وخرج لسان الميزان عن القبة فيرفع مقدم رجله ويفرغ الكفة وقد نقص في الوزن ما نقص، وهذه المكيدة لا يعمل بها إلا من يكون للوزن جالسا على كرسي. ومنهم من يعد صفيحة رصاص تكون زنتها ثلاث أواق أو أزيد ويدهن وجهها بالشحم أو الشمع المخلوط فيه الزيت فإذا جاء من يشتري يلصق تلك القطعة

بيده اليسري في باطن الكفة ويزن بها كذلك فينتقص المشترى من كل وزنة ثقل الرصاص المذكور فذا أكمل قصده انتزعها ولا يشعر به ويلقيها في الأرض بين يديه إلى حين يحتاج إليها. ومنهم من يكتفي في ذلك بأصل إبهام يده اليسرى لكثرة حنكته وتصرفه بها في الإخسار والنقص. ومنهم من يجبد ويرفد فيخسر إذا رفع أو يربح إذا قبض ومنهم من يجعل لميزانه خيطا يكون من مؤخر القصبة إلى ما سائله من جوائز السقف أو غيره يوهم أنه يعدله به وإنما المقصود به إسراع الارجاح. ومنهم من أخذ صنوجا من رصاص مجوفة قد ملئت شمعا فتعطي الجرم ولا تعطي الوزن. ومنهم من يجعل نصف الصفيحة من الرصاص ونصفها من الشمع ويغشيها بالجلد فيوهم بجرمها وهي تنقص على الوزن. ومنهم من يتخذ صنجا من الحديد يحلق فيها عمادًا طبع عليها بطابع المحتسب بدل حلقها الكبار بصغار خدع بها. ومنهم من يرطب القمح والشعير في الزيت فإذا رطب غرز فيه أطراف إبر الحديد وأخفى مغارزها ليوهم بذلك عند القبض أن الشعير على أصله وهو يأخذ مثلي ثقله بما فيه من أطراف الإبر. ولقد أخبرني بعض المتجولين أهل الاعتناء بالأمور والبحث على النواشي والتحدث بالغرائب أنه رأى ميزانا قد اتخذ فارغ القصبة ووضع فيها الزنبق فإذا جعل في كفته الوزان شيئا جذبه برفق فمال وجرى الزئبق إلى طرف

القصبة فخرج اللسان عن القبة وحسب المبتاع أن البائع سامحه في الزائد وهو قد نقصه حقه. وكذلك حكى لي من أثق به دينا وأمانة وصدق لسان ومعرفة أنه حضر بموضع يجلب إليه الدقيق للمبيع ويجلب إليه للشراء ولزمه المقام به إياما وبه قوم معدون للوزن بالربع والعمود فرأى من فسادهم عجبا ومن تخليطهم ما أوجب التحدث به عنهم وذلك أن الوارد بالدقيق إذا وصل إليهم اجتمعوا إليه وسألوه عن موضعه وأحواله وكيفية أسعار موضعه وكيف اشترى الطعام وما صدق الكيل له من الوزن وفي أي رحى طحن فإن كان بدويا وأجابهم أنه أخذ الطعام من إصابته حزرا دون كيل وسمى لهم الرحى التي طحن فيها أمكنتهم المؤاربة فيه والحيلة عليه وأمهنوا دقيقه بكل وجه وجعلوا النقص الذي يظهر في ذلك في جانب الأخذ بالحرز دون الوزن وفي أي الرحى كثيرة التغير معلومة الاخسار والرحوي الذي فيها مشهور السرقة، وتولى الوزن المذكور واحد منهم فتارة يأخذ الدقيق من العدل في قفة الوزن ويفرق بكلتي يديه في الأرض ويطيل المدة في ذلك ويفرق المجتمع في الأرض برجليه ليغفل عنه صاحب الدقيق، ويواعد الوزان لذلك نساء من السعادة يكنسونه ويجمعونه ويقسمون مع الوزان آخر النهار، وتارة يأخذ في القفة أكثر من الربع ويوقف قدمه على عقبها يرفد القفة بها وينقص منها غرفة بعد غرفة حتى يطول الأمر ويعلم أنه بقي زائدا على الربع ثلاثة أرطال أو أربعة فيخطف القفة بسرعة من العمود ويفرغها في وعاء رجل يعرف مواطأته له على ذلك حتى يحاسبه بعد ارتفاع السوق على نصف الربع زائدا أو أزيد من ذلك، وتارة يلتمس القفة من البائع ويفرغ الربع كله في وعاء رجل معد لذلك فيمضي به بين الناس

وربما يشعر له صاحب الدقيق فيصيح به ويثقل نفسه بالوزن والعدد ولا يجيبه إلا بعد أمد بعيد فإذا عرفه أنه دفع ربع دقيق لمن لم يدفع له ثمنه غالطه وقال له: قد كان دفع لك الثمن ووزنته عليه، أليس الرجل الذي صفته كذا ولباسه كذا، ويوافقه شريكه على ذلك ويشهد له بالدفع فيخسر المسكين وهو على حق. وإن كان صاحب الدقيق من المحتكمين الذين قد خبروا الأمور وعرفوا نقائض أولئك الوزانين عرفهم بالسوم والأصداق والتحفظ في الطحن حتى لم يوجدهم سبيلا إلى قصدهم منه لم تكن حيلتهم معه إلا أن يدسوا له من يغالطه بالمدلس ويغلطه في العدد ولا يمكنه مع كيسه أن ينفصل عنهم سالما منهم، ولقد اجتمعت يوما مع قوم من التجار المسافرين وتحدثنا مليا إلى أن قال أحدهم: أخبركم بما اتفق لي مع رجل يبيع التين الإشبيلي المعروف بالشعري وذلك أني كنت مع رجلين من الأصحاب ومررنا برجل يبيع التين المذكور وبين يديه عدل وعليه ثلاثة من التين في غاية من القد ونهاية من اسوداد اللون وبدع من التخطيط الأبيض فاستطرفنا ذلك النوع واعجب كل واحد منا به وافترقنا عنه وصار كل واحد منا إليه وهو يخفي مسيره عن صاحبه ليحوز تلك الثلاث التي كانت على العدد واشترى كل واحد منا التين وبايعه بوزن تلك الثلاث فلما وصل كل واحد منا إلى بيته من الخان الذي كنا فيه أفرغ التين من وعائه ولم يجد تلك المقصودة فيه واختبر مشتراه بالوزن فوجده صحيحا فعجب مما اتفق له وأخبر صاحبيه بذلك فوجدهما على مثل ذلك، ولما سرنا باسطوان الخان المذكور على عادة المسافرين قال أحدنا: اتفق لي اليوم أيها التجار كيت وكيت ولقد رأيته وضعها في الوزانة ووزنها ثم أفرغ الوزانة في الوعاء الذي دفعت له، فلما سمع الحاضرون ما وصف لهم ضحك

واحد منهم وقال: يا أخي قد اتفق لي ذلك مع هذا الرجل وأتعب أمره خاطري ولما بلغ مني جعلت ألاينه لأكشف عن مدكته حتى رأيته أول ما يجعل في الوزانة تلك الثلاث المقصودة ويلصقها بركن الوزانة فإذا وزن رجح الميزان بمثل نصفها فإذا أخذ الوزانة من الميزان أخذها من قعرها وعض بيده على الركن الذي ألصق التين به وأمسكه فيها ثم أفرغها في الوعاء وبقي في الوزانة الثلاث المذكورة ثم رمي بالوزانة المذكورة إلى جانبه بموضع فارغ قد أعده إلى ذلك لتقع في فراغ ولا يشعر بها أحد فإذا ذهب المبتاع أخرجها وجعلها في موضع العدل وغير ما علمت بما يعمل جئته وقلت له: كم ثمن هذه خاصة، واستشعر ما إليه قصدت قبل على يده وقال: يا مولاي إذا جئتني وقد فرغت من العدل خذها بلا ثمن. ولما كانت الاختراعات لا تحصر والحيل لا تحصي رأيت أن اكتفي في كل باب بمقدمة يستدل بها على ما سواها قصدا للاختصار تركا للتطويل. وشأن المحتسب مع هؤلاء الأصناف إن يختبر موازينهم حتى تكون على النوع الأحق وتكون صنوجهم دون حلق مطبوعا عليها ولا مغشاة بجلد ولا تكون من الحجارة الرخوة كالسبخ وبعض الجندل الأبيض فإن ذلك من الخفة بحيث يخيل الناظر صنجة الرطل أنها صنجة الرطلين. ويمنعهم أن يزلوا للناس بحجارة ينحتونها بأيديهم ويعدلها بعضهم لبعض ويخسرون الناس وإذا رأوا المحتسب يرمونها الزقاق أو يرفدون بها أطباقهم وكراسي سلعهم ويعتذرون عنها متى طلبوا بصنوجهم. ويأخذهم بأن يعرضوا موازينهم في أوجه حوانيتهم ويجلس البائع من داخل الحانوت والميزان بين يديه بحيث تكون الكفة التي للوزن على يمينه والكفة التي لا صنوج لها على شماله

ويتخذ بائع الفاكهة اليابسة وعاء للوزن من الدوم أو ما شاكلة شرحيا لا يخفي من خارجة ما في جوفه، وبائع الفاكهة الرطبة وعاء من الحلفاء وما شاكلها كالصناج ويتعاهده بالغسل والتفليس لما يعلق به من النداوة والغبار ويجعل نقل ذلك الوعاء من الرصاص وغيره مستطيلا بحلقة مبشوسة فيه يخالف أشكال الصنوج ولا يشبهها حتى يكون المشترى على ثقة من التلبيس والخلابة. ويضع الدقيق وما شابهه بالكفة دون وعاء الوزن، وكذلك يأخذ أصحاب الأكيال بأن تكون صفائح أكيالهم المعترضة في أوسطها مساوية صفائح أجنابها ويكون العود الذي يمسح به على أفواهها قويا غير لدن كالقبطال الذي للبناء ولا ينحني بوجه ويماس الصفائح بالأجناب والوسط على نهاية الاعتدال عند المسح به، هذا إن كان الكيل بالممسوح وإن كان الكيل بالمكتال فتكون حافاتها من الضيق بحيث لا يحتمل التركيب. ويأخذ الكيال بأن يضع الكيل على قعة جالسا ويصب فيه الزرع بيديه معا ولا يمر بهما وبذراعيه على فمه أن يستوي مثله ويحذره من هذه وهذه صفة الحق فيه، ومتى صنع الكيال الكيل على طرفي ركبتيه وجعل فيه الزرع وهو على جانبه حتى يتحصل فيه قدر نصف ما يحتمل أو ثلثيه ثم أزال ركبتيه وأقعد الكيل على قعره وأفرغ الزرع حتى يمتلي ويمسح عليه أو يستوفيه إن كان مكتالا وكذلك إذا وضع الكيل على جانبه وملا منه بالزرع قدر نصفه أو ثلثيه ثم أقعده بقوة على قعره وصب فيه الزرع بيديه معًا إلى كماله أو مر على فم الكيل بذراعيه ويديه أو هزه فإنه يزيد بكل وجه من هذه

4 - الباب الرابع في عملة الدقيق والخبز وباعتها

الأوجه الأربعة رطلا واحدًا في الكيل على الحق فيه وربما أزيد بحسب ما يتمكن له. ويجعل بائع الدقيق بالربع والعمود أدوارا من الدوم ويفرغ فيها الدقيق ويباع منها ويقف الوزان داخلها ويعرض عمود الوزن في وجه الحانوت وكله مفروش بالأجر ومصطبة مرتفعة والناس تحتها ولا يخلص للدقيق إلا صاحبه والوزان له وتكون القفة بالدقيق توازي الدور حتى لا يقع منها شيء إلا في الدقيق فإذا كمل صاحب الدقيق بيعه نفض الدور ولم يضع له شيء ولا أمكنت الوزان حيلة لكونه على ما وصفنا في علو والناس ينظرون إليه، ولا يبيع إلا ربعا أو نصف ربع وإن بقي له من الدقيق أقل من ذلك احتمل متاعة معه، ومع هذا هذا كله يختبر على كل صنف ما أمكنه متى أمكنه مما قد خرج عنهم بالبيع وفرغوا من كيله أو وزنه ويتابعهم البحث في ذلك وبالتوالي يظهر حق المحق وباطل المبطل والله المستعان وهو المخلص لا رب سواه. الباب الرابع في عملة الدقيق والخبز وباعتها أما هؤلاء فأصناف ومعلموهم يجمعون بين التجارة والصنعة ومفسدوهم اهل جرأة وغش ولا يرتدعون إلا بمؤلم النكال وشديد العقاب. فمنهم باعته ولمفسديهم خدع وغشوش منها أنهم يخلطون الطيب مع اللطيف ويبعون الجميع بسوم الطيب الذي قد رسمه عليهم المحتسب، ومنها أنهم يجعلون الطيب على اللطيف ليراه المشترى ثم يغرف له من الوسط ويعطيه وهو في غفلة عما في داخل الظاهر ويسمون ذلك المغفر، ومنهم من يخلط فيه النخال

الدق بما فيه من الدق الشبية بالسميد وغير ذلك من الدلس ثم يمضي إلى السقيف التي يباع فيها الدقيق البراني ويشتري فيها ربعا واحدا ويضعه في الجميع فإذا وقف عليه المشترى وسأله كيف يبيع الدقيق يقول له الآن والله اشتريته بسوم كذا ويبيع الجميع على ذلك السوم ويعتقد المشتري أنه أحمد إليه بأن أعطاه إياه بسوم ما اشتراه إلى غير ذلك من الخدع. ومنهم الغربالون وغشهم بأن لا يستوفوا تنقية الطعام مما فيه ولا الدقيق من نخالته ولهم مع ذلك في الوزن حرص مع الطحانين وأصحاب الدقيق أضربنا عنهم لاتساع القول فيهم. ومنهم الطحانون وغشهم بأن يخلطوا الرديء مع الطيب ليأخذوا من الطيب ويجعلوا الرديء ويخفي فعلهم. ولقد أخبرني عدل من الشهود كيس من جلة الطلبة أنه نزل في ليلة من الليالي في علو مبتني على رحى تصنع فيها الطرامج وكان في ذلك المبتنى طاق يشرف منه على داخل الرحى فانتبهت يقول من آخر الليل ولم أسمع دوي الطحن فنظرة في جوف الرحي فإذا الطحان قد أخذ من دقيق الدرمك جزءا وأزاله إلى ناحية ووضع عوضه من دقيق المدهون ووضع الدقيق بعد أن غربله ووضع في النخال مغربل كنس الرحى ورأيته في ليلة أخرى وقد أخذ أعدال القمح وفتح عنها واستسقي الماء وسقى القمح بها وقد أخذ منه بقدر الماء قمحا واستأثر به فزاد القمح بذلك لينا ورخوصة وتركه إلى أن دخل الليل ورفعه للطحن ولما حدث فيه من الرخاوة لم تزل الرحي تشبك عليه مرة بعد أخرى ويتغير الدقيق ويفسد لونه ولم يكن له بد من أن يرفع الحجر إثر كل عدل وينقشه ومع كثرة النقش وقع الحجر في الدقيق مع ما يخرج من

تضريس الحجر عند الدور حتى فحش لكثرته فتحصل من أمره بما فعل أن حال وأفسد. ويغشون أيضا بأن يأخذوا من القمح ويجعلون عوضه ما يمكنهم من العظام وشوابي البحر ومجره في بلد الساحل والتراب الأبيض والكدان الرخص كما سمعت يوما رجلا يحدث وقد تعجب مما رأى فقال: كنت واقفا على قارعة طريق يفضي إلى رحى فإذا بطحانها يتوجه إليها على دابة وتحته عدل فارغ وقد أبصر إلى جانب الطريق قلبيرة بالية فسمعته يقول: ربع دقيق هنا ترفد لي ونزع عن الدابة وجعلها في قعر عدله وعاد إلى ركوبه ومضى لوجهه. ويغشون أيضا بأن يأخذوا من الدرمك ما شاؤوا ويعوضون عنه شنتيه بيضاء مغربلة بعد الطحن ولا يكاد يشعر بذلك إلا عند اختبار الخبز منه فإنه لا يرتفع في الخمير ارتفاع الدرمك السالم. وبأرحى مالقة عجب يجب التحدث به وذلك غار فيه تراب أبيض يحتفر ويخلط في الدقيق ويزعم أهل تلك الجمعة أنه يحسن باختمار ما يخلط معه من الدقيق والناظرون في الحسبة بمالقة يمنعون منه ويبنون فم الغار مرة ويردمونه أخرى ومتى غفل عنه حفر عليه ودلي به، ومع ذلك كله فالمفسد لا يغفل والخدع جمعة. ولقد وجهت يوما غلامي إلى الرحى بقمح إلى الطحن فغاب عني ثلاثة أيام متوالية حتى أشفقت من أمره وخفت فواته بالدابة والطعام فخرجت في طلبه وبحثت وألفيته في رحى خفية وقد تلقاه طحانها وخدعه وعرفه بأن بيني وبينه ما يوجب إكرام الغلام وبره واحتمله إلى تلك الرحى وشرع في طحن القمح وشغله حتى أخذ له من القمح وتركه بالرحى وخرج إلى الساقية التي يخرج عليها ماء

الرحى المذكورة وألقى القمح فيها مع حاشيتها مضد أن ينزل إلى القعر ويظهر ولم يلقه في وسطها فيحمله تيار الماء ولا يتمكن له ما يريد ثم دعا الغلام ولما خرج إليه أراه القمح وقال له: الرحى تصفي وأمره أن يجمع ذلك القمح من الماء والحفن فيه مخافة المتضيع فاشتغل الغلام بذلك وتمكن المذكور من القمح بالرحى فأخذ من القمح والدقيق وجعله في أوعية معدة عنده لذلك ودفن بعضها وغطي منها وأخفاها ودخل عليهما الليل فجنا من الدقيق وأكلا ولما كان من الغد وضع القمح المبلول للشمس ويطمعه في تيبيسه وطحنه وأكلا من الدقيق كذلك يومهما وليلتهما ويقصد بذلك إخفاء فعله وإتلافع وعندما وجدتهما كذلك وصف إلي ما تخيل المذكور أنه يجوز علي فتحققت مكره بالغلام وخدعة له فقبضت عليه واضطررته بنوع من الاجتهاد إلى أن جعلته يحفر موضعا ويخرج وعاء مملواءا قمحا ويزيل غطاءه ويخرج وعاء مملؤا دقيقا حتى تجمع قدر الربعين من الحمل ولم ينقص منه إلا ما أكلا وابتل خاصة. وقد كنت أيام نظري في الحسبة قد بايت جماعة من الشهود والأمناء في رحى لعمل قيمة الدقيق فجاء الطحان وكنس الرحى وأعده للطحن ورفع القمح في الغنص وخرج عن الرحى وذهب وترك صبيا مناهزا في سنه يتصرف بالرحى ولم يزل الصبي وعريانا في تشمير له وليس بالرحى شيء غير عدل فارغ مفروش إلى جهة كان الصبي يرجع إليه ويمتد عليه إذا أراد أن يستريح وحان وقت صلاة المغرب فخرجت لتجديد الوضوء وخرج من كان معى وتركت أحد ثقاتي بالرحى ولما لم ير غير ذلك الصبي الصغير احتقره وخرج بعدي لتجديد الوضوء كذلك وعندما رأيته وقع في خاطري أنه أتى علينا والقمح بالرحى فانتبهت على تركه إياه ورجعت إلى الرحى ولم أر به ما تغير وأشعرت الحاضرين بما اتفق

لكن لم يمكنني في ذلك الحين اختبار شيء من ذلك وبقيت إلى أن كمل الطحين مع انصداع الفجر ووزن الدقيق فنقص من الوزن الأول نصف ربع واحد فوجهت عن المعلم وعرفته فتجاهل ووقف معي أنه لم يحضر واشتددت في ذلك عليه وعلى الصبي وعند ما ظن مني العزم على الإيقاع وتخيل ذلك منى قال للصبي: هذا أمر لا ينجيني منه إلا أن ترد ما أخذت فقام الصبي وكشف العدل عن حفرتين مملوءتين فأخذ وأوزن فكان نصف الربع الذي نقص. ولقد حدثني من أثق به أنه رأى بقرية رجلا من أكياس الميارة الذين يبتاعون القمح ويسوقونه على دوابهم ويطحنونه بالأرحى ويجلبونه للبلاد ويعيشون من ذلك وقد وصل للرحى عنده بالقرية ولما رآه الطحان خرج عن الرحى وترك متعلما له هناك وأنزل الجل جله وشرع في الطحن وكان دربا بأمور الرحى ولم يمكن الصبي من شيء من أمورة ولا يحتاج إليه بوجه إلى أن كمل طحنه وضمه في عدله وأعطي للصبي أجر الطحن ورفع حمله على دابته وانصرف لوجهه ولحين ذلك دخل الطحان الرحى وسأل متعلمه عما تحصل له من دقيق المذكور أو قمحه فقال له: والله ما أمكنني من شيء ولا أحتاج إلي في شيء إلى أن كمل شغله ومضى بسبيله فلامه وانبه ثم شد حزامه على دراعته ولبس عليها جبة وأخذ منقاش الرحي وأزال عودة واشتد في إثر الرجل حتى أدركه على قدر ميلين أو ثلاثة وجعل يصيح عليه: قف علي فقد قتلتني بالجري، فوقف الرجل حتى وصل إليه وقال: خرجت عنك وتركت منقاش الرحى في الموضع الذي يقع عليه الدقيق فغرفته في جملة الدقيق فلم تشعر به فقال له الميار: ما هو إلا في الدقيق، وأنزلا معا الحمل بالأرض وفتح العدل الواحد وجعل يدخل يديه فيه ويحفر الدقيق يوهم أنه يبحث على

المنقاش ويسقط كمه على العدل فيرفع يديه كأنه يزيل بذلك كمه وينصب الدقيق في كمه إلى موضع شد الحزام ثم أظهر أنه لم يجد في ذلك العدل شيئا وفعل بالعدل الآخر مثل ذلك ثم أخرج المنقاش وقال أليس هذا هو وخجل الرجل وتنصل من ذلك وحلف أنه لم يره ولم يشعر به وتركه وحمله وانصرف على نهاية الانحفاز حتى دخل الرحى وحل حزامه فسقط الدقيق الذي اجتمع في محزمه وكان أزيد من ثلث ربع واحد ثم قال للمتعلم هكذا يعمل الشغل. وكذلك حدثني شيخ من البنائين قال: كان معى رجل يخدم وكان مقدورا عليه في رزقه ضيق الحال فغاب عني أياما ولم أعلم له مستقرا ولا وقفت له على أثر إلى أن لقيته يوما فسلم علي وسألته عن حاله ومغيبه فقال: حالي حسنة وسبب ذلك أنه كان لي صاحب طحانا بالأرحى فلقيته يوما وسألني عن حالي فشكوت له منها فقال اغد علي في الرحى التي أنا فيها لتقيم عندي يوما وتستريح من الخدمة، ففعلت ذلك ووصلت إليه وأقمت معه اليوم كله فلما كان من العشي أعطاني فوق كفايتي من الدقيق الذي جمع ورأيت ما صنع فجئته يوما آخر فغاب عن الرحى وتركني عوضه فعملت ما عمل وجمعت أزيد مما جمع وآل الحال بي إلى أن اتخذت رحى أخرى أنا فيها وسألتك بالله أن تصل إلي على وجه الفرجة فإن هنالك أنشاما مظلة وجداول جارية فأجبته إلى ما سألني وجئته وأقمت عنده بعض النهار فيما وصف وفي أثناء ذلك وصل إلى الرحى رجل يحمل قمح على بغلة ونزل وارتبط بغلته بخارج الرحي على مقربة منه ودخل الرحى يشتغل بطحنه وعند ما أنشب شغله وصاحب الرحى في ذلك كله معي وفي الرحى متعلم له فخرج ذلك المتعلم وحل ثقاف الدابة وسرحها ثم صاح

بالرجل فقال له: ادرك بغلتك فقد ذهبت وخرج الرجل وعدا وراءها حتى لحقها ودخل المتعلم إلى الرحى ووصل الرجل بالبغلة وأوثقها ثم عاد إلى الرحى فسمعنا بينهما محاملة أوجبت أن دخلت عليهما وألفيناهما يتضاربان والرجل يقول: أخذ والله القمح، والمتعلم ينكر وفرقنا بينهما إلى أن كمل الطحن والرجل يقول: والله لقد ذهب نصف قدر ربع دقيق وقمنا عليه وقلنا إنما يظهر ذلك إذا وزنت، وانفصل الرجل مشتغل الخاطر، ولما تغيب عنا قال صاحبي للمتعلم اركي ما أخذت له، فأخرج قدر ثلث ربع واحد من القمح فقلت له: ومن مثل هذا عيش ولا تتقي الله وإن كنت الآن أرفه فقد كنت ترزق حلالا وتركته وذهبت فلم أرجع إليه بعدها إلى الآن ولقيته بعد ذلك فوعظته فقال لي: كذلك يفعل الكل في ذلك الشغل، وأما الباعة فقد تقدم الكلام في الموازين والصنوج ما فيه كفاية وبالله الاستعانة وعليه التوكل. فمنهم عملة الخبز وباعته ويغش مفسدوهم بخلط المدهون في الدرمك والأحمر في المدهون والشعير بالنخال الدق والشنتية بالصلصال الأبيض ويصنعون الناقص بالقصد يوفرون على المعلمين ليؤثروهم بالاشتغال والمنفعة، ويحتج المعلم على المحتسب إذا اعتزله على التدليس أو النقص بأن يقول إنما أنا تاجر والعملة يفعلون ما شاؤوا فخذوهم بفعلهم، والعملة يوافقون المعلم على ما يفعلون من ذلك ينصبون أنفسهم للهوان والضرب بالأسواط ولا يبالون بشيء من ذلك وقد اتخذوه مهيعا متبعا. ولقد رأيت واحدًا منهم يوما في معظم أيام البرد وقد تجرد وأعلى ظهره أحشن من الكف قد ملأ ظهره فسألت عن ذلك فقيل أثر السوط لكثرة ما ضرب وكان يجرد في صحن حمام عند ما خطر آخر من صناعته على أن يصب على رأسه من صهريج الحمام المذكور أربعين كوبا مملؤة ماء، كثيرا ما كان

يواجر نفسه وترفع قيمة خدمته ليفعل ما شاء المعلم من تلك النقائص فإذا عثر عليه فيها وحضر عند المحتسب اعترف بما فعل ثقة منه بأن ضرب المحتسب لا يؤثر فيه، ولما علمت منه ما علمت جعلت عقوبته السجن وطولته عليه بقدر فعله فكان ذلك عليه أبلغ من الضرب وأردع له عن مثل ذلك الفعل ومن كان على ما وصفنا ما عسى أن يبلغ منه أسواط المحتسب إذا ضربه القدر المباح شرعا. ويضطرون المحتسب إلى أن يقيم لهم القيمة بمحضر الشهود وذلك لما يرجونه من خدعهم له وتلبيسهم عليه وعلى من يخضر معه إذ ليست صنعتهم ولا الراذئل من أفعالهم وكان يتوصل إلى تحقيق ذلك بالحساب أو بمرة واحدة ثم ما نقص من السوم أو زاد عمل بحساب ذلك إذ مقدمات ذلك لا يمكنهم جحدها وذلك أن كل ربع من خمسة وعشرين رطلا أربعمائة أوقية والرطل ست عشرة أوقية ويطلع فيها بالماء الثلث الواحد وذلك مائتا أوقية فيكون الربع عجينا وسطا طيبا على ما يجب ست مائة أوقية وإذا كان المحتسب قد عبر على الدقاقين الدقيق حتى كان ثمن الربع معلوما ووزنه معلوم ويبايعه الناس معهم على ذلك فما المنفعة في تعبيره مع الخبازين إلا زيادة التشغيب وطلب التلبيس والتماس الغفلة لينتهز الفرصة لأنهم يكثرون الغبار ليقل الإصداق ويزيدون في عدد العجانين لتزيد الأجرة ويقللون الماء لينقص الإصداق فيسمونه العجين القاسح فإذا أفرغوا من شغلهم مع المحتسب حطوا من العجانين ونقصوا الغبار وزادوا في الماء وأربحوا لمعلمهم ما يتوفر من ذلك والقليل في الكثير كثير. ونذكر في ذلك مثالا جارت العادة به بينهم ما لم يفرضوا التعبير مع المحتسب وهو أن يأخذوا قنطارا من سوم ما يبيعه الدقاق وقيمته الآن ثلاثون درهما

وأواقيه ألف أوقية وستمائة أوقية ويطلع فيه ثمانمائة أوقية فيكون عجينا ألفي أوقية وأربعمائة أوقية ويلزمه في العمل ثلاثة عجانين بدرهم ونصف ورفاد بثلاثة أثمان درهم ووقاف بنصف درهم وملح وماء بنصف ثمن درهم وحطب بخمسة أثمان درهم ويجتمع في ذلك ثلاثة وثلاثون درهما ونصف ثمن ويعطي لهم ربح ذلك بحسب نظر المحتسب وأقله ما يؤخذ بالأسواق في حسب الدينار وإن وسع عليهم قليلا وطلبهم بالطيب عملا وطبخا كان حسنا وإذا جعلنا المؤن ستة دراهم وقسمنا على الستة والثلاثين درهما أواقي عجين القنطار كله وجب لكل درهم منها ست وستون أوقية ولكل ربع درهم واحد ست عشرة أوقية ونصف ويفضل شيء يسير يتجافي عنه لنزارته وينقص من ذلك في الطبخ أوقية ونصف فيبقي خمس عشرة أوقية مطبوخة بربع درهم واحد. ويغش الوقاف في طبخ الخبز بأن يحط من الحطب فيه عند التعبير فلا يحمي قعر الفرن ولا يعتدل هواؤه ويترك الخبز فيه فيجف ماؤه ويتنقص وزنه وإذا كان في غير التعبير زاد في الحطب وعدل هواء الفرن وقدم جهة اليمين منه لبعده من النار فإذا كان الخبز مفتوح اليد مقبطلا حسن الصنعة وروح بعضه عن بعض في الفرن وتركه المدة التي يحتاج فيخرج الخبز حسن المنظر مطبوخ الأعلى والأسفل رطب الفتاتة، وإذا أجيد عجين الخبز وعتق تمد فتاتة فتمتد وقد كان بعض المحتسبين يختبر ذلك بأن يدخل مسلة الحديد بخيط الصوف فينفذ الخبزة بها من القعر إلى الوجه فإن خرجت فتاتته في خيط الصوف كسر الخبز لقلة عجنه وإن لم يخرج في الخيط شيء فطيب فذلك الطيب المراد. ويصدق القفيز السبتي وعدد أقداحه أربعون قدحا من القمح العامري إذا

كان أملس رقيق البشرة مغلوق القناة يابسا بطرحه للطحن أربعة وخمسين ربعا ويحتمل من الماء للدرمك قدر ستة أرباع وهذه الغاية، ويصدق ما هو على غير تلك الصفة دون ذلك، ويصدق الأحرش الضعيف الجرم المفتوح القناة يابسا بطرحه للطحن من ثمانية وأربعين ربعا إلى خمسين ويحتمل من الماء للدرمك قدر ثلاثة أرباع خاصة، وإذا طحن حملان إثنان من القمح للدرمك وزنها أربعة وعشرون ربعا والطرح فيها زائد بحساب رطل واحد للربع كان الدرمك الطيب منها الغاية في الطيب عشرة أرباع والدقائق ستة أرباع والقراشيل خمسة أرباع يخرج منها ربع واحد وهي السميدة الدقة والنخال ثلاثة أرباع وما يخرج أيضا من الدرمك إثنا عشر ربعا ويكون في الطيب دون الأول بحسب ما يزيد على العشرة الأرباع. ويحتمل القفيز من القمح من الماء عن المدهون قدر ربعين ويكون الدقيق المدهون مغربلا واحد وأربعين ربعا والقراشيل ستة أرباع والنخال خمسة أرباع، وهذا الطرح الذي يجعل للرحى ليس حقيقا إنما هو شيء يؤكل لأن الرحى لا تغير إلا إن يكون الحجر رقيقا قد بقي من جرمه الثلث فدون إلى الربع وأقل ويكون الماء كثيرا لكن جعل ذلك تقية من فعل الطخان وهو رطل في المبلول ورطل غير ربع في اليابس. ويلزم طريحة الدرمك أجرة الطحن والسماد والغربلة قمحا ودقيقا ويلزم المدهون أجرة الطحان والغربال قمحا ودقيقا، وربع دقيق الشعير يصدق ربعين عجينا وربع دقيق الدرة يصدق إصداق القمح عجينا، وربع دقيق الشنتية ثمانية وأربعين رطلا، ودقيق العدس والجلبان والفول يحمر وجه الخبز، ودقيق الحمص والأرز يثقلانه وينفخانه، وكثرة الملح في الخبز يثقله في الوزن ويوفيه للتقليب فيظهر للتقليب، والنظرون فيه يطلق البطن ويولد العطش ويورث البواسير،

وكثرة الخمير فيه يعجله للطبخ لئلا تشد به فينتقص طرحه، وترك الخبز دون تغطية لتشده الريح وإن غطي يلقي كمال العمل والطبخ الحل، وتركه صفا واحدا دليلا على لين عجينه وذلك كله دلس وغش يغير طعم الخبز ولونه، وربع سميد يصدق إطربه يابسة طيبة ستة وعشرون رطلا. وشأن المحتسب مع هؤلاء الأصناف الموالاة في البحث والتفقد في غير وقت معلوم ويمسك عنده غربالا قد اتفق عليه عند الوقوف على التعبير وعملة القيمة يماثل غرابيل الدقيق يختبر عليهم مخافة أن يتركوا المتفق عليه ويعمل بغيره ويدعي الفاعل العمل بما اتفق عليه، وكذلك عمود وميزان وصنوج وعمارة أكيال ودور دوم للاختبار فمتى وجد شيئا على غير قاعدة نكل فاعله، ويأخذ عملة الخبز بغسل معاجنهم كل يوم وغسل مناذيلهم وتثقيفها بالليل فقد وجدوا فيها يرقدون، ويمنعهم من العمل قبل الفجر لما يمكن في ذلك الوقت من قلة التحفظ لحدثان القيام من النوم ويبعثهم على الاغتسال في أكثر الأوقات وغسل رؤوسهم ولا سيما في فصل الصيف وكذلك أواني مائهم. ويأخذ المعلم بكل ما يجد من الفساد في شغله من غش ودلس كالناقص واللين العجين والني واللطيف الدقيق وغير ذلك فإنه لا يعمل إلا ما يقول ويعاقب مع الفاعل له لكونهما مع الفعل سيان ويلزمه مع ذلك ضمان العملة ليكون المطلوب بإحضار من جني منهم أو دلس والسبب الموجب لنكاله إن عجز من ذلك، وكذلك عملة كل معلم في أي شغل كان ليأمن الناس بوائقهم. ويأخذ باعة الخبز بأن يتخذوا موزاين على رؤوسهم ليختبروا بها الخبز بالوزن إذا وصلهم فإن وجدوه وازنا باعوه وإن كان ناقصا تركوه لمن عمله، ومن باعه منهم

وعثر عليه فقد تعرض لبيع المسروق وقامت الحجة عليه واستحق العقوبة، ولا يتركهم يبيعونه في دكاكين عالية لما عثر عليهم فيها من أن الناس يعطونهم الدراهم أو غيرها فيصرفونها عليهم نحاسا ولا يرى الناس صورة غرسهم لذلك عليهم لعلو مجالسهم من مواقف الناس للشراء والبيع وأيضا فإنهم يدسون من البارد مع السخن ويمشوا به للناس وكذلك الناقص الطبخ والمحروق أيضا ولا سيما لمن يأخذوا جملة. ولقد كان بعض المحتسبين يأمر بائع الخبز أن يقسم كل خبزة فيها أثر حرق أو اعوجاج من جهة التشميم حتى لا تباع إلا أنصافا، وكذلك ينبغي أن يلزم عملة كل نوع من المأكولات ألأا يتصرفوا في شيء من أشغالهم عمل الخبز أو الأظرية أو الأطباخ إلا أن يكونوا بالتشامير ملبوسة لتجفف العرق وينظفونها بالغسل مع الأيام. مثال لإقامة المجبنات، ربع جبن بستة عشر درهما ... ، نصف ربع دقيق بستة دراهم ... ، ربع الربع من الزيت ... ، أجرة قطاع وعجان وكراء الحانوت وثمن حطب ومعلم ... ، الجميع ... ، والإصداق أرطال ... مثال لإقامة هريسة الشحم، نصف كيل قمح ... ، رطلان من لحم ... ، حطب ... ، درس ... ، نصف رطل شحم ... ، الجميع ... ، الإصداق ... . مثال لإقامة هريسة القمح، قدح قمح ... ، درس ... ، حطب ... ، مؤنة ... ، كراء ... ، معلم ... ، الجميع ... ، الإصداق أرباع ستة. مثال لإقامة المركاس، رطل لحم ... ، رطل عن ربع من شحم ... ، إبراز وثوم وملح ... ، خل ومري وماء للسقي ومصران ... ، الجميع ... ، الإصداق ... رطلا،

5 - الباب الخامس في ذابحي الجزور وبائعي اللحم والحوت وأنواع المطبوخات

مثال لإقامة الأحرش، رطل لحم ... ، إبراز وثوم ... ، ماء للسقي رطل، الجميع ... ، الإصداق بعد القلي أربعة أرطال بالصغير. الباب الخامس في ذابحي الجزور وبائعي اللحم والحوت وأنواع المطبوخات وهم أصناف ولكل صنف منهم نوع يخصه وطريق يجري عليها. منهم ذابحوا الجزور ويؤمرون أن يستقبلوا بها القبلة عند ذبحها ويذكرون اسم الله عليها ويمنعون أن ينفخوها عند سلخها لئلا ينفخ فيها من به بخر فيتغير طيب اللحم ويتقدم إليهم في ألا يذبحوا بهيمة جربة حتى تستريح مما أصابها وألا يذبحوا الحوامل ولا ذوات الدر وتذبح الطاهرة العيوب كالمخلوعة الورك والمرشية العنق والعوراء والمقلوعة السن والمجنونة والمشقوقة الحافر والمقطوع والمكوي والمرياح والمعيب المعلوف ولا يذبحوا المنفوذة المقاتل لإن التذكية لا تعمل فيها وهي خمس المخرجة صفاق الدماغ والمقطوعة النخاع والمقطوعة الأوداج وإن بقي الحلقوم والمرئ والمنتثرة الحشوة والمثقوبة المصران وذلك لكونها في حكم الميتة ويعمل الذكاة في غير ذلك من الحيوان الحلال وأن أشرف، وماذا يعتبر في وجود الحياة به: قيل الحركة وقيل حركة العين والذنب والركض بالرجل وقيل والتنفس، ويتقدم إليهم في التثبت في الذبح حتى تنقسم الجوزة ولا تقع كلها إلى جهة البدن فيقع الخلاف في أكلها وهل المعتبر قطع الودجين والمرئ والحلقوم أو الودجين فقط أو المرئ والوجدين أو المرئ والحلقوم وأحد الودجين وفي كل ذلك خلاف، وإذا رفع الذابح يده وهو يعتقد أنه استوفى

وإذا أخذت اللوزة الداخلية من فخذ البقري مقشرة على ما يأخذها السفاج ووزنت فإنها تكون أبدا ربع عشر لحم البهيمة كلها ويستغني بهذا التقريب عن وزن البهيمة بأسرها وبالله الاستعانة وعليه التوكل. وشحم المعز أبيض صاف وشحم الغنم تعلوه صفرة. وأما باعة الحوت فيشتد عليهم ألا يبيعوا البائت مخلوطا مع الطري وألا يبيت عندهم حوت إلا أن يكون مملوحا، ويبيعون البائت على حدة والطري على حدة وكذلك الذي يبيعونه مقلوا ومطبوخا. وأما الطباخون فلا يتركون يطبخون بالليل ولا في السحر ولا في الديار الخالية والمواضع الغابية وليطبخوا في حوانيت مجصصة مسطحة يتمكن من غسلها في كل الأوقات ويتناولون أشغالهم بضوء المصباح وبحيث لا يخفي شيء من أمورهم حتى يتشاهد الثقة المقدم عليهم تنظيفهم اللحم وضمه في القدور ورفعها على النار بعد وضع الأبازير فيها وما لابد منه لطبخا، وفي هذا القصد يختلف الصناع فمنهم خفيف الحركة كثير النشاط مولع بالتعجيل، ومنهم من يتقرب النضج بالماء القوي الغليان وبالتحريك بعود الذكار فيكمل عمله مبكرا للغداء، ومنهم من يتأخر عن ذلك الموقف ومع ذلك فيكون بين يديه أثناء تناوله للعمل قبل الرفع على النار متعلم يخفق بمروحة تدفع الذباب فما حمل من القدور وبالأبازير صفت إلى جهة وغطيت بمنديل نظيف إلى حين الرفع على النار فإذا ظهر للناس تناول الطباخ وبحث الثقة وتفقد المحتسب ... ، وجيف أو كان الطباخ مأمونا مع ظهور تناوله أمن الناس الفساد واطمأنوا لصحة العمل ولم يخافوا ما حدثني به ثقة من الأصحاب قال كان لي صاحب يجيد الطبخ فحدثني أنه قال سافرت إلى قرطبة كلأها الله

والله ما يبيع إبهام يده اليسرى بدينار في كل يوم، ويخلطون المدهون بالدرمك والسميد الدق الذي يخرج من القراشيل ليربح ما بين القيمتين في ذلك، ويكثرون العجين في الجبن ويسمونه الطرف فتثقل المجبنة في الميزان وفي المقلاة تنزل للقعر ويزول عنها رونق الدرمك على بياض الجبن، ويعجنون الجبن بالماء السخن ثم يسقونه بالماء القوي السخانة ثم يفرشونه على صحن مصطح أو قصارى منشرحة فيبرد فيها ويعتقد ويزيد فيه قدر الربع ويستعملونه بعد ذلك، ويقللون اللحم في الهرائس ويكثرون فيها الدرج والماء، والدرج سخينة مطبوخة صفيقة مصبوغة بماء المغرة صبغا يوهم أنه لون اللحم فيها المقلاة ويجعلونه على الهريسة، وإذا عدم الشحم يخلطونه بودك رؤوس البقر والكباش والعنز، ويطرون البائت بالقلي ويبيعونه مع السخن، وإذا اشترى منهم من يأكل في الحانوت أو يجعله في جراب أو وعاء ضيق فذلك لا يعطي شيئا وكذلك إن علم أنه لعرس وكان كثيرا. وشأن المحتسب أن يأخذهم بتنظيف أبدانهم بسبب الحك وشعورهم لكثرة الحك وتنظيف الأواني والقدور ويتخذوا للقدور أغطية على ترابيع كأمثال أغطية التوابيت عليها أقفال ومن تحتها أغطية أخر فإذا وضعوا سدس القدح من القمح المقشور بالدرس بعد النفض والغسل ويوضع معه من ثلاثة أرطال لحم بقري إلى أربعة أرطال جزارية والرطل أربع وستون أوقية ويطبعون أغطيتها بالبناء ويؤون عليها الأغطية البرانية ويقفل عليها وتبيت المفاتيح عنده أو عند عريفهم فإذا كان وقت فتحها حضر معهم العريف وفتحت واحدة واحدة ونثر اللحم وخدم بمحضره فإذا طاف المحتسب عليها اختبر الشحم بأن

الذبح ثم رأى أنه لم يستوفه وأعاد يده للذبح على الفور والقرب جاز ولو رفع شاكا في الاستيفاء لم تجز الإعادة، وقد يشهر بالأسواق السمين ويذبح غيره. وأما باعة اللحم فقد تقدم الكلام على الموازين والخوض فيها ولمفسدي هذا الصنف خدع وحيل منها في الموازين أن تكون كفة وزن اللحم أقصر من كفة الصنوج، ومنها أن يزنوا اللحم في جانب الكفة وكل واحدة من هاتين تعطي الناقص، ومنها أن تكون كفة اللحم مقعرة ويعلقوه غالبا ليضعوا فيه قطرة من بائت أو كثير العظم أو مهزول ولكون الميزان على ما وصف لا يراه الناس جاء المشترى وقطع له وجعل على الذي في الكفة ووزن له واغترف الجميع وقد خفي ذلك في جملة اللحم ووضعه في وعاء المشتري فيذهب به، ومنها أن يبيعوا البائت مع الطري والمهزول مع السمين والمصران والكرش مع اللحم ولحم العنز مع لحم الضان والميت مع الحي وكثرة العظم في اللحم بعد أن يراعي لهم قدر ما يخرجون من العظم. وشأن المحتسب مع هؤلاء الأصناف أن يقدم من ثقاتهم عريفا عليهم يبحث عن أخبارهم ويطلع على أسرارهم مع الإخبار وينبه عليهم في السر والإعلان، ويأخذهم مع الأيام بغسل الحصر التي يضعون اللحم عليها وتنظيفها ويعرضون موازينهم في أوجه الحوانيت حتى يتبين للمشتري ما يوزن له وبما يوزن، ويكون الطلي الذي يقطع عليه الجزار اللحم على شماله إذ استقبل بوجه السوق ليري ما يقطع ولا يكون في داخل الحانوت ولا على يده اليمنى ليخفي بوقوفه أو بيده اليسري ما يقطع، ولا يجفف العظم، ويضع الملح كل ليلة على الطلي لئلا يحدث فيه الدود ويغطيه بغشاء من الحلفاء ويربط عليه لئلا يلعق فيه الكلب، ويباع مصران البقري مع كشه في جملة سقطه ولا

يباع من اللحم معه شيء ويباع مصران الغنمي بعد جبده من الدوارة على حدة دون اللحم، فقد شاهدت رجلا اشترى رطلا من اللحم البقري فلما انفصل عن الجزار قلبناه فوجدنا فيه من المصران قطعا أنواعا زنة جميعها ربع رطل، ولا يترك أحد منهم يبيع لحم ضان ومعز في حانوت واحد ولا في حانوت بين حانوتين يباع فيه لحم الضان لئلا يلتبس على الجاهل، ويجعل لبيع كل نوع من ذلك حوانيت تخصه وتعلم به منفصلة عن غيرها، ويؤمر بائع لحم العنز أن ينفخ جلد عنز ويعلق بأول الحوانيت المعدة لبيع العنز حتى لا يجهل ذلك أحد، ولا يباع لحم جزارة بشحم جزارتين عليها، ويختبر اللحم الذي يتوهم بأنه من ميت بأن يأخذ منه قطعة من عضو معين ويؤخذ مثلها من ذلك العضو بعينه من لحم مذبوح ويوضع في قصرية مملوءة ماء فإن المذبوح يرسب والميتة تطفو، وكذلك ينظر إلى جلدها في حين سلخه فإن ظهر به نقط حمر صغار وتظهر الحمرة في عروقه الدقاق التي في الجلد فهو جلد ميت وإن كان أديمه صفيا أبيض فهو جلد مذبوح. وكذلك يختبر الطير والصيد لئلا يذبح ميتا، وكذلك الحوت الذي يموت في الماء قبل صيده يختبر بذلك. وإن سعر المحتسب عليهم فليأخذ جزارة ويعلم شراءها ويزنها ويعلم كم من رطل فيها ويربح فيها درهمين لصاحبها الجازر إن كانت كبشا أو عنزا وبحساب ذلك في البقرة ويسقط له من وزنها قدر العظم وذلك بحسب اجتهاده ويبيع سقطها وجلدها ويسقط ثمنه من ثمن الجزارة والذبح ويقسم الباقي على أرطال اللحم فيعلم كم يجب للرطل ويكتب بذلك.

ولم يكن في ملكي - يقول- سوى ثلاثة أرباع درهم ووجدت على مقربة منها فرسا قد عطب ورمي به وكان سمينا وكانت تلك الجهة خالية من الناس فسلخت منه فخذه وأخذت لحمه ودخلت به إلى فندوق في بيت منه واشتريت بثلاثة أرباع الدرهم ما احتجت إليه من فخار وإبراز وعملت منه ألوانا ودخلت بها إلى السوق وبعتها وعدت إلى الفرس وأخذت لحم الفخذ الثاني وصنعت به في اليوم الثاني ما فعلت باليوم الأول وفي اليوم الثالث كذلك واجتمع لي من ذلك ثلاثة دنانير فاتخذتها رأس مال فيما كنت أعمله من غير ذلك الشغل. ولقد أتيت مرات بجلود كلاب ورؤوسها ووجدت قد أخذ لحمها واتهم بذلك بعض الطباخين فمرة ظهر الفاعل ومرة خفي، وإذا جعل لحم الكلب للهر تنمر وانقبض ولم يقربه. وأما عملة المرقاس فيؤخذون بعمله في موضع ظاهر على ما تقدم ونجارة الأعواد التي يقطعون اللحم عليها وتمليسها لئلا يخرج العود في اللحم المدروس وبكثرة التقطيع في المهراز أو بقضيب الحديد حتى يختلط أجزاؤه ويوضع فيه من الشحم قدر الثلث ويمكن إبرازه ولا يخلي من الكمون والثوم، وكذلك يفعل بالأحرش وإنما وضع المصران في المرقاس ليحفظ رطوبة الشحم على اللحم ويكون أيضا نوعا على حدة، وبعد أن يشاهد الثقة الذي يعرف عليهم اللحم وتقطيعه وخلط الشحم والإبراز فيه وحشوه في المصران وقدر الماء الذي يسقيه له مع الخل والمري. وأما عملة الإسفنج والهرائس والمجبنات المقلوة فمفسدوهم أكثر الناس خديعة في الميزان، وقد قيل لبعضهم: أخوك مطبوع في الخدع بالميزان فقال

يُخَوَّض ويقطّر منه في غضارة على الماء البارد فإن جمد لحينه فخالص وإن بقي غير جامد فمشوب بالزيت وإن تجمد وكان مغير اللون فبما وصف. ويصدق ربع الدقيق الدرمك من الاسفنج الحسن العمل من اثنين وأربعين رطلا إلى خمسة وأربعين إلى خمسين بحسن العجن له والنصيحة فيه ويقلي الطيب منه في نصف ربع من الزيت فإذا غضضت الواحدة منها تكسرت في اليد وتزيت الكف منها، وامتلأ من خمسة أرطال منها وعاء يسع عشرة من خلاف عملها. ويأخذهم أيضا بأن يساق الجبن مغسولا منظفا ويكون موضع العجن طاهر وقصارى العجين مغطاة ويعجن العجين ويجعل فيه ما يحتمل من الطرف ويعمل ويلزمون بتبييض المقلاة لأجل الكبريتية التي في النحاس، وأن تكون موزاينهم معرضة في وجه الحانوت فقد وجدتهم مرارا يعطون على أربعة أرطال ثلاثة أرطال إلى غير ذلك من أعمالهم في الكثير والفطير يوفر الزيت ويثقل في الميزان ولا يلتذ به في الأكل، وإذا باعوه من المقلاة سخنا وزنوا منه أزيد من خمسين رطلا. وأطيب هريسة القمح وأعدلها ما كان القدح من القمح يصدق ستة أرباع، وما زاد على ذلك أو نقص منه فإنما هو بحسب الاختيار لا بحسب الأعدل، وقد يعملها الصانع وقد درج المحتسبون على أن يختبروها عليهم بأن يجعلوا عليها في القدر صنجة الرطلين فلا تغوص، ولما علم الصناع ذلك عمد أحدهم إلى صفيحة نحاس تشبه قطاعة الدقاق ودسها في موضع من وجه القدر فلما أطل عليه المحتسب وضع الصنجة على الهريسة

فمق الصفيحة فبقيت على الوجه ولم تغص فتركه المحتسب وانصرف وقد انخدع في عقله وبصره. وعملة الكعك والمسمنات يخدعون في الغالب في خلط المدهون بالدرمك وعمل الحشو من عسل وسميد مقلو عوض السكر، وإذا عمل ربع دقيق درمك كعكا وأدخل فيه من الخمير رطلان ومن الزيت ثلاثة أثمان وهي سبعة أرطال عن ربع ومن الماء مثل الزيت كان الكعك مطبوخا اثنين وثلاثين رطلا، وإذا عمل ربع دقيق درمك مسمنات وجعل فيها ثمن زيت وهو رطلان وربع رطل يكون عجينا أربعين رطلا ومطبوخا ستة وثلاثين رطلا، ويدخل في الربع من الدرمك للكعك عن الحشو أربعة أرطال سكر وأربعة أرطال لوز ومن التفوية بقدر الكفاية. وأما عملة البلاجة والصيد المطبوخ فإنهم يقصدون إلى اللحم الباقية عند بائعها حتى تخضر وتأخذ النتن فيشترونها ببخس ويسلقونها بالماء المغلي ماء بعد ماء حتى تبيض ويصنعون البلاجة من الأكباد ويضعون الخبز فيها كثيرا والزيت والإبزار قليلا ومعظم إبزارهم الكزبرة اليابسة والتاغنداست والكركم عوض الزعفران وقشر الشجرة المعروفة بالمليلس وهي تصبغ الماء فإذا احمر وجه الطاجين غلوا الزيت وصبغوه بشيء من رجل الحمامة ووضعوه على وجهه فيوهمون أنهم طبخوه بزيته الظاهر بقيته فإذا استطعم لم يوجد على ذلك ويرشون الصيد بالزيت وقد يصبغونه بالزعفران ويدخلونه الفرن دون مرقة فيه ويقلبونه حتى يحمر من كل جانب ويرتبونه في طواجين بحكمة لذلك ويصبون عليه مرقة صنعوها له بالخل والمري وكثير الثوم وفيها زيت ظاهر ويغمرونها في ذلك المرة بعد المرة فتظهر للرائي حسنة النظر وليست في الطعم كذلك. وشأن المحتسب مع هؤلاء أن يظهروا مواضع أشغالهم حتى لا يخفي للناس شيء

من تناولهم ويحضرون اللحوم والصيد للعريف الذي يتقدم عليهم، ويصنعون البلاجة على ما يجب وتطبخ بكفايتها من الزيت وإذا أخرج الطاجين مطبوخا بزعمهم أدخل عليه ملعقة وحرك ورد أعلاه أسفله وأسفله أعلاه وأعيد للفرن حتى يستوفي طبخه وأحمر وجهه وظهرت عليه دهنيته ذر عليه التفويه الطيب وأحضره للبيع. وكان أحد رؤساء الطباخين رحمه الله يعمل من مصيد غرنوق ستة طواجن حتى لا يرتفع البلاجة في الطاجن إلا قدر إصبعين مغلوقين ومتى لم تعمل على ذلك فليست بشيء، ويحضرون الصيد طريا على ما يتبايعه الناس ويطبخ في طواجنه المعلومة ومرقته المتعارفة من الخل والمري والزيت والإبزار والثوم المدروس والصحيح والملح فإذا طبخ واحمر وجهه الأعلى قلب دون مرقة حتى احمر الوجه الثاني وأعيد إلى مرقته وذر عليه ونصب للبيع وقد بلغ النهاية في اللون والطعم. ويختبر على الشوائين الجزور بالوزن قبل الشي فإن نقص في الآخر ثلث الوزن الأول فالشواء في حقه من النضج وإن نقص من ذلك أمره فصرفه إلى التنور وتركه إلى النضج، ويختبره أيضا بأن يجذب بيده الكتف منه فإن انخلع بسرعة فاللحم نضج وإن كان غير ذلك فيصرف إلى التنور إلى حين النضج، ويختبر أيضا بأن يشق في ورك الجزارة فإن وجدت العروق الدقاق التي هنالك دامية أعيدت الجزارة إلى التنور إلى أن ينضج لحمها، ومتى قصد أن يكون الشواء قويا يؤكل بالسكين كعادة البربر في اللحوم وكان الاختبار بالوزن ففي نقص الربع منه كفاية، وبالله الاستعانة وعليه التوكل.

6 - الباب السادس في العطارين والصيادلة

الباب السادس في العطارين والصيادلة هؤلاء قوم شغلهم أوسع الأشغال، وأمورهم مختلفة الأحوال، والكشف عنهم صعب المرام، وغش مفسديهم لا يكاد يحصر ولا يرام، وذلك أن الغش عندهم إذا لم يزد على الثلث لم يستطع أحد إخراجه ولا الوقوف على الصحة فيه ويتساوي الناس في معرفة ظاهر الأشياء بدخول أكثرهم فيها وليسوا من أهلها ولا من ذوي الخبرة بها، وعدم الناظرون عليها والحارس نظرهم لها، فصار المفسدون لا يلوون على أحد، ولا يقفون في سبيلهم على حد. فيغشون الحناء بقشور الرمان وسقوطه مع ورق الخبازي وبأوراق السدر بأوراق القنب، والفلفل بالكرسنة المدبرة، والزنجبيل بالموجود شبيها له بجبال الأندلس، وكذلك السنبل والقرفة، والمصطكي بصمغ يجمع في شجر الضرو، وهذه الأشياء يوجد لها بالجبال المذكورة أشباه من غير رائحة لاختلاف هواء مواضعها فيصرفها المفسدون في التدليس بها. ويغشون الزعفران بشعر العصفر ونضيج لحم صدر الدجاج وبالزيت ودقيق الدرمك المدبر والكركم وأصول الشجرة المعروفة بالمليلس وبرجل الحمامة والأرغيس والزعفران الرومي وسحيقه والسكر وبمطبوخ البقم ودقيق الدرمك المصبوغ بماء الزعفران وسحيق السكر ويكثرونه باسحج الحلفاء المنقوعة في الريحان العتيق المذاب فيه الفلفل والكركم والزعفران ويفرش بعد ذلك للظل ويتبين الغش فيه من وسط الرغيف إذا بحث عنه.

ويغشون الزبادة بالقطران المدبر والشمع المقصر وبطبيخ قشر اللوزن وقشر البلوط ووبر القط وما شاكله من البهائم. ويغشون المسك بدم فراخ الحمام والنسر إذا دبر ويلقون فيه وفي السنبل سحيق الإثمد ليثقل في الوزن. ويغشون العود الرطب بأصول الرتم الشارف إذا دبر بالنورة وغيرها وطيب، والعنبر بشحم الحوت، وبخور السودان واللاذن بطبيخ عيون شجر الفتح، والميعة السائلة بعلك الشوك، والسقمونيا بالمقل الأزرق ولبن الشبرم وسائر الميتوعات، والطباشير بالعظم المحروق، والأقاقيا بعصارة الخس وعنب الثعلب وعيون العوسج، والهليلج الكابلي بما يقاربه من الأصفر، والمحمودة الأنطاكية بنشارة القرن المحرقة وماء الصمغ وبدقيق الكرسنة أيضا، والأفيثمون الأقربطي بالأندلسي، ويلقون الخيار شنبر في الرمل المبلول تلحقه النداوة ويثقل وزنه، والمقل بالصمغ العربي، والأفيون بالماميثا وعصارة الخس البري وبالصمغ ويكون أخفي في اللون، والراوند الصيني بما يقاربه من الشأمي، ودهن البلسان بدهن البطم وبدهن السوسن وبدهن حب القطن وبدهن نوى المشمس، والحضض بطبيخ عكر الزيت وبمرارة البقر، ودهن اللوز بدهن نوى المشمس، والأدهان كلها بدهن الشيرج بعد أن يطبخ فيه جوز مدقوق أو لوز نوى المشمش لتحسن رائحته وطعمه ويصبغ منه برجل الحمامة فيكون أحمر، ويغش الخولان بالرمان المحرق، ودم الأخوين بطبيخ اللك وخلطه مع غبار الصلصال الأبيض والمغرة ويتخذ أقراصا وتكسر، ويغش الجوشير بمدقوق الكعك بعد أن الجوشير يحل على النار بالعسل والخل ويسير الزعفران فإذا أرغي طرح فيه الكعك وحرم حتى يغلظ ويشتد ويتخذ أقراصا وتكسر إذا برد ويخلط بالجوشير، ويغش قشر اللوبان بقشر الصنوبر، ويصنعون الكهرباء من مطبوخ محاح البيض.

ولكل نوع من ذلك تدبير له وصنعة فيه أحكمها أهل الاشتغال بها وواصلها المدبرون لها والأمر في ذلك كله أعظم من أن يطال البحث عنه والاستقصاء له وكيف لا وقد حكي أن العقار نحو الثلاثة آلاف في العدد والاختراعات لا تنقطع. وشأن المحتسب في هذا أن يقدم عليهم في سوقهم من تعلم ثقته ودينه ومعرفته وبصره بالعقار وتمييزه له واعتناؤه بلقاء الشيوخ العارفين بذلك والأخذ عنهم فيه، وكذلك ثقات التجار المتجولين في البلاد والأطباء العارفين ويكون قد بلغت به همته إلى أن يطالع أقوال المتقدمين في اختبار ما يوجد من ذلك والكشف عنه إذ توجد لتلك الأشياء أشباه تماثلها في الصفة والنوع وتنافيها في الفعل والمنفعة سوى ما منها. ويجب أن لا يستعمل حتى يبحث عنها ويستخبر، وقد وضع المتقدمون في ذلك اختبارات فقالوا أن المحمودة الأنطاكية إذا كانت تحذو اللسان خذوا شديدا فهي مغشوشة بلبن اليتوع وإذا جعل الطباشر في الماء يرسب العظم ويطفو الطباشر، والمقل الهندي ليس فيه مرارة ورائحته في النار ظاهرة، والأفيون إذا دخل في الماء تشبه رائحته لرائحة الزعفران والمدلس لا رائحة له ولا يحذو اللسان، والخالص من دهن البلسان إذا قطر منه على خرقة النقية من صوف ثم غسلت زال ولم يؤثر ولا أحدث طبعا، وإذا قطر على ماء تجمد ثم يصير كاللبن بسرعة والمغشوش يطبع الثوب ويظهر مثل الزيت ويتفرق والطيب منه إذا قطر على اللبن جمده وإذا غمست فيه مسلة حديد وقربت إلى النار اشتعلت وقد يفسد الخالص منه بطول الزمان ويتحيل، والراوند الصيني أحمر اللون مثل الدم ولا رائحة له وهو إلى الخفة وأطيبه السالم من السوس وإذا نقع في الماء صار الماء أصفر كماء الزعفران والمغشوش ليس كذلك، والجيد من

الحضض ما التهب بالنار وإذا أطفي أرغي رغوة حمراء وكان خارجه أسود وداخله ياقوتي اللون ووجد فيه قبض ومرارة، والزنجار يفرك باليد سريعا فيبيض بكثرة الفرك، ويبقي أحرش إن كان غش بالرخام ويظهر بالغسل وبين الأسنان إذا اختبر بها وإذا غش بالقلقنت وألقي على النار يحمر، وإذا أحميت مسلة حديد في النار وغرزت في الشمع المغشوش بدقيق الباقلا أو شحم الماعز فإنه ينش والخالص لا ينش. وأما المركبات والمعاجين والأشربة فصعبة الكشف بعيدة الاستخراج بالجملة فلا يكاد أن يوجد من يستوفي النسخ من أهل الجد فيها والطب بها فكيف الذين يصنعونها للغير ولا سيما الذين يبسطون بالرحاب وأفواه الطرق ومجتمعات العوام فأولئك لا خلاف لهم ولا يبيعون إلا القهورة والأيمان الحانثة. ولقد رأيت منهم من يصنع من القرع الرطب مربى ويبيعه بحسب تفريعه له فتارة مربى زنجبيل وتارة مربي تاغندست وتارة مربى جزر وتارة مربى شقاقل وكذلك من الجوز، ويصنعون من اللفت جوارش يغشون بها جوارش السفرجل والتفاح، ومن أوراق البقول مربى يغشون به مربي الصعتر والحبق والنعنع والقسطران، ويغشوم الكمونية والأنيسون والبزور وغير ذلك من المعجونات بالسميد المقلوفي الطابق وبالسميد الدق المغربل من النخال إذا قلي كذلك، ويصرفون في ذلك كله العسل اللطيف أو رب العنب ويخلطون فيه بعد كماله سحيق السكر ويذرون عليه يسير تفويه لتطيب رائحته في الظاهر ويسحقون ميبس أعين الحبق القرنفلي

ومحروق أغصانه ويخلطونهما معا ويلتونها في العسل مع يسير من حضض مر ويبيعون ذلك على دواء مسك. واختطرت يوما على واحد منهم وقد اعتم وارتدى في زي حاج وبسط بساطا نظيفا من العقار الهندي، ومعه مهراس نحاس وعن يمينه طبق عود كبير جديد بديع الدهان رائق المنظر مملوءا أنيسونا مطحونا خلط معه من السميد المقلو مثلا بمثل أو قريبا من ذلك، وعلى يساره نافخ نحاس وعليه طنجير نحاس قد وضع فيه عسلا ورفعه على النار، وجعل يأخذ من ذلك العقار شيئا شيئا بقدر ما يدري أنه يفوه به ذلك المجموع في الطبق ودرسه ونخله بمنخل ظريف له وغلي العسل في أثناء ذلك وارتفع وهو يوهم الحاضرين عليه المشاهدين لفعله أنه إنما يصنع المعجون من العقار المذكور فلما ارتفع العسل قليلا أنزله عن النار وحركه بملعقة كانت بيده حتى رضي سخانته ثم ألقي فيه العقار المسحوق وحركه ثم صبه على المجموع المذكور في الطبق وعجنه في ذلك الغبار واتخذه رغفا رقاقا بعد أن وضع فيه فانيد أبيض وشغل الناس بالكلام في أثناء تصرفه بإنشاد قصيدة ووصف حكاية حتى اشتدت الرغف ببرد الهواء وقطعا قطعا بمقص عنده ووضعها في قراطيس وباعها منهم بالزحام على جوارش أنيسون بمثل ما كانوا يشترون به الطيب الذي لم يخلط فيه سميد، وكذلك يفعلون بالاكحال والشيافات والشحوم ويلونونها بالأصباغ. وشأن المحتسب مع هؤلاء أن يمنعهم من ذلك وينبه على مكرهم ويبين للناس فعلهم، ويأخذ الصيادلة الذين نصبوا أنفسهم بالأسواق وانصفوا بالجدار إلا يخلطوا عقار نسخة بوجه من الوجوه إلا بمحضر الأمين عليهم فيأتون إليه وكل

دواء متحوّل على انفراد حتى يقابل بالدكان وتعد عقاقيره ويخلط الجميع بين يديه ويحلفهم على أن لا يكثروه بغيره ولا يعجنوه إلا بعسل طيب يؤدون فيه الأمانة والنصيحة وحينئذ ينصرفون لعقده، ويتفقد الأشربة عليهم ولا يقبلها منهم ساعة الطبخ لما يعتريها من الفساد ولا سيما شراب العناب والبنفسج فإنها أسرع للفساد من غيرها، ويمنع أيضا من أن يرطب التمر الهندي بالخل إذا جف، ويختبر أيضا المسك بأن يؤخذ منه شيء في الفم ويحل باللعاب ويثقل على ثوب أبيض ثم ينفض فإن انتفض ولم يغير الثوب فالمسك خالص وإن غير فهو مغشوش، وبهذا الاختبار يخرج ما جعل فيه من برادة الرصاص وإن غير فهو مغشوش، وبهذا الاختبار يخرج ما يجعل فيه من برادة الرصاص الميبس المداد عليها لتثقل في الوزن ويظهر أيضا ما يكثر به الأجساد المصنوعة له من دم الغزال والجدي وفراخ الحمام والنسر ومن الأملج والشيطرج الهندي والسدروان المنزوع صبغه بالماء الحار وصمغ الصنوبر ومن قشر البلوط المحرق بالنار المجفف ومن السعدي ومن الكبود المحرقة المسحوقة والكبود الممحكوكة للشمس. ويمتحن العنبر بالنار فإنه يظهر ما يفسد به من زبد البحر والصمغ الأسود والشمع المبيض والسندروس وسنبل الطيب، ويمتحن الكافور بالماء فإن رسب فهو مغشوش بالرخام الرخص وقلوب حجر الجبص المشوي وإن عام فهو سالم لا غش فيه، وإن جعلت قطعة رخام على النار أو طابق خزف وألقي عليه الكافور طار عنها ولم يلبث إن كان سالما من الغش وإن كان فيه شيء بقي على حاله حتى احترق وصار رمادا. ويختبر الزعفران بأن يجعل في الخل منه شيء فإن تقلص فهو مغشوش باللحم المسلوق بالملح المصبوغ بالزعفران وظهر غشبه وبان ومتى كان حلو المذاق فهو

7 - الباب السابع في باعة العبيد والخدم

قليل الصبغ مغشوش، وكذلك المطحون منه إذا جعل في إناء زجاج ورسب منه شيء فهو مغشوش بدم الأخوين وغيره، وإذا مزج بالخل فاحمر لونه وصبغ فهو مغشوش بالخلوق، وقد يغش بالنشا فإذا مسه النار انعقد. ويختبر العود الرطب بالنار وذلك يظهر ما هو عليه فقد يصنع مما ذكر ويطبخ في النورة وينقع في مطبوخ شهرا كاملا فيبدل له كل ثلاثة أيام ويروح يوما ثم يترك حتى يجف ويطرا ويخلط في العود. وقد يغش البان بدهن حب القطن وبدهن نوى المشمش ويطيب بالأبازير ويعتق بالمسك ويصبغ برجل الحمامة، وقد يغش بالزيت المغسول ويلقي فيه أطراف الآس الأخضر لتظهر فيه خضرة تقارب بها البان. ويعوض من البلسان ماء الكافور ويستخرج من عقد خشب الصنوبر وقشور الكندر ويصعد لكنه يفارق البلسان في الاختبار بأنه يطبع الثوب إذا وقع فيه والبلسان بضد ذلك لكن يتصرف عوضا منه في الأدوية، ومن أراد أن يستعمل العنبر غبارا دون نار فليأخذه قطعا ويضعه على رخامة باردة في نهاية البرد ويصب عليها فإنه يبرد ويسهل للسحق ويستعمل لوقته وفي المكان بعينه وإن ترك عاد إلى كيانه الأول ولا يستعمل إلا بالنار. الباب السابع في باعة العبيد والخدم أما هؤلاء فقوم خطبهم جليل، وأمرهم ليس بالمختصر ولا القليل، وذلك أنهم يتصرفون بين الأنساب والأموال، ويأتي مفسدوهم بما لا يقتضيه الشرع ولا

تعزه نفس مؤمن ولا ترتضيه بحال، ولهم في شأنهم خدع ومكر يعاملون الناس بها ويداخلونهم بحسبها. منها أنهم ينصبون بسوقهم امرأة يسمونها الأمينة توافق في النكر مذهبهم وتشهد في استبراء الخدم بمقتضى مرادهم وبحسب ما يعطي مشتريهن ويقصد التعجيل بالاجتماع بهن وتفهمه من غرضه فيهن، وكذلك في إخفاء العيوب والترك للتعريف بكنهها حتى تمكن الحيلة فيها والتدليس بها، ويتوصل المفسدون بمشاركتها إلى ما لم يكونوا يقدرون عليه دونها، وذلك أنها تحمل المرتفعات مزينات معطرات إلى ديار من يطلبهن باسم الشراء ويوهم بإرادة التقليب والاختبار ولاسيما ذوات الصناعات منهن وتقيم يومها بهن لاختبار صنعتها فيعطيها على وجه الشكر لها والجزاء على تهمهما مع أن لها أجرة على البيع والشراء إذا كان يوضح لها في العطاء بحسب ماليته وشرهه في إرادته ويستعد الطعام والشراب بالأربع والخمس منهن وما تقتضيه الصنعة المطلوبة فيهن ويقمن على ذلك. ولقد أفصح لي أحد من فعل معه هذا بشيء يجب التنزه عن ذكره واستدعاني يوما رجل له دنيا وكلفني بداره كتب عقد جارية من المرتفعات اشتراها فسألته عن استبرائها فلم أجده ولا البائع منه يعرف حكم ذلك فقلت لهما لابد أن توقف للاستبراء عند ثقة من النساء تتفقان عليها أو عند رجل من الثقات أهل الدين والأمانة تكون عند أهله إلى أن يتحقق استبراؤها فقال المشتري تقول لي شيئا والله ما سمعته قط ولا عمل معي وإنما عادتي اشتري بالمعرض الخادم وأبيت معها ليلة ذلك اليوم فانفصلت وتركتهما. وحدثني رجل من الصناع لم أزل أعرفه بخير وانتماء إلى دين، فطلبته يوما في دكانه الذي كان يلازمه لعمل الصناعة وكان سراجا فأخبرني من كان في

الحانوت أنه غاب في ذلك اليوم عند رجل من أهل الثروة في عمل الشغل له في داره فلما طلع النهار اختطرت عليه فوجدته في دكانه وعرفته بما اتفق لي في طلبه وما عرفت به، فقال كان ذلك وعاهدت الله ألا أعمل لأحد عملا بعد يومي هذا إلا في دكاني لما رأيت، فأشفقت مما سمعت وسألته عن أمره فقال لي: إني كنت أعمل في برانية دار للرجل حتى دخل علينا فلان من مفسدي هذا الصنف المذكور ولم أظنه على ذلك فقال له صاحب الدار: أين الخادم التي ساق لك فلان للبيع، فتجاهل له وقال لا أعرف ما تقول، فقال له: هي الكاملة القد الحالكة البديعة الصورة الحلوة الشكل وكيف تجحدها وقد وصفت لي وعرفت بها، فقال له: وبعد هذا ما تريد قال أريد أن أراهان ثم قام إليه وساره فسمعته يقول له: خمسة دراهم تعطيني والله وحينئذ أسوقها لك، وأعطاه صاحبه الذي طلب ثم خرج عنا وغاب قليلا وجاء بخادم سوداء على النحو الذي وصف قد التحفت بكساء أبيض محشي بالأحمر وجود مثلها نادر، فقال له هذه وأشار لها إلى غرفة بالبرانية المذكورة فطلعتها وطلع صاحب الدار بعدها وخلي بينهما ومشي لوجهه فعجبت من فعلها وجمعت أسبابي وخرجت والتزمت ما التزمت. ومن غشهم وحيلهم أنهم يبيعون نوعا منهم على نوع وصنفا على صنف، وقد تكلم الناس في المماليك وأصنافهم وصورهم وأخلاقهم وما يصلح له كل نوع منهم وخاضوا في ذلك كل خوض وقالوا: الخادم البربرية للذة، والرومية لحيطة المال والخزانة، والتركية لإنجاب الولد، والزنجية للرضاع، والمكية للغناء، والمدنية للشكل، والعراقية للطرب والانكسار، أما

الذكور فالهند والنوبة لحفظ النفوس والأموال، والزنج والأرمن للكد والخدمة ومعها العطاء والترك والصقالبة للحرب والشجاعة. والبربريات أطبع الخلق على الطاعة وأنشطهم للعمل وأصلحهم للتوليد واللذة وأحسنهم للولد، وبعدهن اليمنيات ويشبههن العرب، والنوبة أكثر الخلق إذعانا للموالي وكأنما فطروا على العبودية وفيهم السرقة وقلة الأمانة والهنديات لا يصبرن على الذل ويرتكبن العظائم ويسهل عليهن الموت، والزنجيات أشد خلق الله وأجلدهم على الكد وفيهن صنان يمنعهن في الغالب من اتخاذهن وفي الأرمنيات الحسن والبخل وقلة الانقياد وخاصة القرصاريات تعود الثيب كالبكر. وحكي عن أبي عثمان رئيس النخاسين بالمشرق والشأن إليه هنالك لكثرة الخبرة والمداولة على القوم أنه كان يقول: إذا وجدت المرأة بنت تسع حجج كتامية الأم صنهاجية الأب مصمودية المنشأ قد جلبت إلى المدينة وأقامت بها ثلاث حجج وبالعراق عشر حجج فتلك التي جمعت حسن الجنس إلى كمال القصد وقليل أن تخفي في أجفان العيون. ومن حيل المذكورين فمنها أن يتخذوا غمرة صفتها باقلا نقع في ماء البطيخ ستة أيام ثم في لبن حليب سبعة أيام يحرك اللبن في كل يوم ويغمرون به وجه الدربة اللون فتعود بيضاء. ويدخلون السمراء اللون في أبزن قد وضع فيها ماء الكروبا حتى تلون وتقيم فيه لأربع ساعات من نهار فتخرج عنه وقد صارت ذهبية. ويحمرون الخدود بغاسول صفته: دقيق الباقلا وكرسنة خمسة أجزاء، ومن عروق الزعفران وبورق وحناء من كل واحد ربع جزء ويغمر بذلك.

ويدهنون أوجُه السودان وأطرافهم بدهن البنفسج والطيب فتحسن بذلك، ويسودون الشعر بدهن الآس ودهن قشر الجوز الرطب ودهن الشقائق ويغسل من ذلك بطبيخ الأملج، ويجعدون الشعور بالسدر والآس والزادرخت. وينقون البدن من الشعر بالنورة وبعدها ببيض النمل أو بدهن قد طبخ فيه ضفادع خضراء أو عضاية أو مرارة الأرنب ويغسل بالشب والبوزق والعفص. ويسمنون الأعضاء الهزلة بالدلك بالمناديل الخشنة والأدهان الحارة والطلي بالعاقر قرحا. ويطيبون الصنان بأن يأخذوا مردا سنجا مبيضا ويتجن بماء الورد ويتخذ أقراصا وتدفن في الورد حتى تجف وترفع إلى وقت الاستعمال، ويستعملون لذلك أيضا التوتية المغسولة مدقوقة منخولة بماء وملح ثم بماء ورد وكافور وتتخذ ذرورا وتستعمل، ويصنعون لذلك أيضا أقراصا من ورد أحمر ومسك وسنبل وسعدي وشب وتستعمل عند الحاجة بماء الورد. وينعمون الأطراف الخشنة بالدهن والشمع واللوز المر ولخلخة بماء الورد ودهن البنفسج، ويغمرون النمش والوشم بغاسول مصنوع من عروق القصب واللوز المر والكرسنة والباقلا وحب البطيخ معجونا بالعسل. ويغرزون في مواضع البرض بالإبرة ويخضبون عليه القلقديس والعفص والزنجار من كل واحد جزءا معجونا بماء ولبن التين أربعة أيام في الشمس فيبقي مصبوغا أربعين يوما ويغسلون ذلك الخضاب بخل وأشنان مغلي أو بماء القلي. ويزيلون الكلف من البدن بمعجون من الشونيز وأصل قثاء الحمار وورق الخبازي وبزر الجرجير وأصل الكرم والعسل.

ويغسلون الأبدان خوف القمل بالبورق وميويزج وماء السلق ودردي الشراب والصابون، ويزيلون رائحة الأنف بسعوط من دهن المرزنجوزش والبنفسج والنيلوفر والياسمين، ويزيلون الشعت من أصول الأظفار بغسلها بالخل والعسل والمرتق وبدهن الورد واللوز المر. ويجلون الأسنان بالسواك والأشنان والسكر. ويطيبون الجسد بالصندل والورد والمرتك المربي بماء الورد وبالبخورات، والثياب بالذرور المطيبة. ويطيبون الفم بمضغ العود الرطب والكزبرة والفول وقشر الأترج. ويستعملون في الثيب قلوب الرمان الحامض والعفص معجونين بمرارة البقر ويحتملنه فيصرن كابكر. ويصيرون العين الزرقاء كحلاء بأن يقطر فيها ماء قشر الرمان الحلو. ويصبغون البياض الذي على ممو العين بأن يقطر فيها لبن أتان حارا ويخفون الحمل بأن يطرو الدم الكاذب المصنوع من الصمغ ودم الأخوين إن لم يمكن أخذ دم الحيوان، ويختبر حمل المرأة بأن يوضع تحتها بخور أو عنبر ويمنع أن يخرج من أردانها أو على ثيابها فإن ظهرت الرائحة على فيها فهي حامل وإن لم تظهر فليست بحامل، وقيل أمر عجيب إن صح ولا أعلم كيف ذلك وهو أن يقدر بخيط من وسط سرة المرآة إلى وسط الفقارة المحاذية لها من ظهرها ويعلم المكان بمداد ويدار القياس إلى الجانب الثاني من الموضع إلى الموضع

فإن نقص الخيط من الجانب الأيمن عن العلامة فهي حامل بذكر وإن طال فهي حامل بأنثى والله أعلم بذلك. ومن وصاياهم لهن أن يتبرجن ويختفين للمشترى تارة وتارة ويسلبن المبتاع والنافرين بطبائعهم عن النساء ويتمشين على الثياب وينكسرن لهم ويتمنعن عليهم فإن في ذلك هلاكا للقلوب، ويلبسون الجواري البيض الألوان من الثياب الشفافة والموردة، ويلبسون السود الفلافل الحمر والصفر. وأحسن الربايات للأطفال النوبة لأن عندهن رحمة وحنينا للأطفال، والمختار في الظئر أن تكون صحيحة الجسم حديثة السن معتدلة المزاج مائلة إلى البياض مشربة حمرة ويقطر لبنا على الظفر فإن صار كالعدسة لا غليظا متينا ولا سائلا مائعا طيب الرائحة أبيض اللون كان جيدًا. ويختبر الطباخة بالاسفيدياج فإن أبازيره كثيرة وتسود مرقته وحكمه أن يكون أبيض، وشرطها طيب العرف وجودة المزاج فإن زاد على ذلك جودة الصنعة وسرعة العمل فهي غاية الأمل وقل ما يتفق انطباعها في البوارد والشواء والطبخ والحلواء وأصنافها كثيرة. ومما يقرب من ذلك أيضا لتطييب الغم وقطع الروائح بسباسة، من سعدي جناح، ماء ورد، قرنفل، من كل واحد جزء وصمغ عربي جزءان، يحل الصمغ بماء الورد وتلقي الأجزاء المذكورة فيه مسحوقة منخولة ويتخذ حبوبا كحب السعال وتجفف وتمسك في الفم واحدة بعد واحدة، قد نظم ذلك لئلا يضيع: من وبسباسة وسعدي ... إلى جناح وماء ورد يلفها الصمغ إن تلاه ... قرنفل الهند نظم عقد

أجزاؤها كلها سواء ... والصمغ جزءان لا تعد فيها لذي خفة أمان ... إكرام نفس ورد صد ومن خدعهم المشهورة، وحيلهم المذكورة، أن لهم نساء شاطرات ذوات حسن فائق، وجمال رائق، يحكمن اللسان الأعجمي، والزي الرومي، فإذا وقع لهم من غير بلدهم من يطلب جارية حسناء قريبة العهد بالجلب من بلاد الروم بعده بقرب وجودها ويطمعه بتأتي قصده فيها ويسوفه في أمرها ويشوقه إليها حتى يحضرها له على أنها نضو سفر وحديثه عهد بالجلب وقد أعد لنفسه مشاركا في حالها يزعم أنه مالك رقها ومستوجب حقا اشتراها بالثغر الأعلى وأغلى في ثمنها اغتباطا بحدث جلبها وقصد الإغراب بها فإذا أكملا بيعها اقتسما معها ثمنها وخرج مشتريها بها إلي موضع استيطانه فإذا رأت منه ما ترضاه اغتبطت بمكانها منه وطلبت منه أن يعتقها ويتزوجها، وإن كان غير ذلك صرحت بالحرية وأظهرت عند حاكم البلد التي تكون فيه من عقود مسترعاتها وغيرها ما يوجب حريتها وينصرف المذكور بعقد اشترائه إياها وما حكم عليه به ف يحقها ليرجع بثمنها على بائعها فينكر النخاس أن يكون يعرف لبائعها مستقرا ويقول: كان معلوم العين كثير التجارة والجلب للخدم الروميات وغيرهن، فيخفق سعي المذكور ويخسر ماله. كما اتفق لرجل من أهل مدينة البيرة حلف على ترك التزويج بالأندلس يمينا لم يجد لها مخرجا فتوجه إلى قرطبة وهي إذ ذاك حضرة الأندلس دار الملك وقاعدة العلم واشترى بها جارية لم يكن يرى الراؤون مثلها بعجة وجمالا وأركبها بغلة له وأوطاها ثوب ديباج وألبسها ثوب حري طرازيا كانت نساء ملوك الأعاجم إذ ذاك

تلبسه وهي لا تفهم عجمتها إلا بواسطة تعرف من ترجمتها إرادتها وسار بها وغلامه يزجي بغلتها لا تعلو نشزا ولا وعرا ولا تشتط واديا ولا وهدا إلا ويزداد فرحا بها وسرورا بحالها لما يرى من تعجبها مما تراه بالطريق من رفع وخفض وطول وعرض حتى وصل بلده واحتاط لدخولها بالنهار وأنزلها جنة له خارج المدينة إلى أن انسدل جنح الظلام فأدخلها المدينة وقد نهض بفرسه من أمامها يقصد داره المعدة لنزولها ومقامها، وكان بربضها رجل قفاص كانت له خلطة مشهورة وفتكات مذكورة إلى أن تاب وكبر سنه وصار مفردا يسكن حانوته ولانفراده في مسكنه وضيعة حاله ووطنه كان كثيرا ما يسهر لضوء السراج داخل الحانوت أو القمر خارجه، ولحين ما رأته حملتها عادتها معه على الطنزية والتوقيح معه إلى أن قالت له: الشيخ السوء يعيش فرفع رأسه إليها وقال لها فلانة أوقد جئت، وسمع الغلام ذلك فعجب من فصاحة لسانها وبرع كلامها ولما وصلوا إلى الدار أخبر مولاة بما اتفق فسقط في يده وأشفق من تلاف ماله وخسارة صفقته ووجه من أهل مودته إلى القفاص يسأله فقال: وهي إلا فلانة الشاطرة خدينة الخلطيين وصاحبة الفتاك المنقطعين، ولما تقرر ذلك لديه عظم الأمر عليه وجعل يرتاد كيف التخلص منها والزوال عنها وعندما شعرت بما ثبت لديه من أمرها وتقرر عنده من عادتها وفجورها قالت له: لا عليك مما نهى إليك إن كنت تخاف على مالك احملني إلى المرية تأخذ الزائد على ما وزنت، وكانت المرية إذ ذاك مخط السفن ودار التجار والمسافرين فاعتمد مقالتها ولزمت زيها وحالها حتى ورد بها المرية وباعها بأزيد مما دفعه ثمنا فيها ولولا براعة رئيها وكمال حسنها في حالتي مسراها ومثواها كان المسكين قد خسر واعتاض بالأيمن من الخطر.

ويفعلون في الذكور السمر الألوان مثل ذلك ويقسمون معهم أثمانهم ويفرون لمشتريهم من البلد الذي اشتراهم فيه إلى بلد آخر لأمثال بائعهم فيبيعونهم في ذلك البلد ويقسمون أثمانهم كذلك معهم. ومن خدعهم أيضا أن يشتري أحدهم من صاحبه بربح يقتسمونه بينهم ثم يبيعون ذلك المشتري مرابحة من أجنبي بربح زائد يقتسمونه أيضا بينهم ويزينون ذلك لمشتريه ويصفون بائعه بالاضطرار إلى بيعه وأنه لولا ذلك لم يكن أمر يحلقه إليه لاغتباط مالكه به وذلك كله غش ودلس. وشأن المحتسب مع هؤلاء أن يقدم أمينة من ثقات المسلمين الخيار أهل الدين والمروءات يؤمن عليها مكر ذلك الصنف من النخاسين وخدعهم ويمنعون من أمهانها كل الأحيان قصد الإدلال عليها وتمكن الحيلة في خدعها تكون الخدم عندها تشاهد أحوالهن ومناقلها وتعرف بصحيحها من معتلها ويتقدم إليها ألا تحمل جارية من المرتفعات إلى دار أحد للتقليب والاختبار إلا أن يكون سيدها يتناول ذلك بنفسه أو يحضر لذلك مع مشتريها بدار الأمينة المذكورة أو غيرها، ويمنعون من تسويق المرتفاعت أو خدم يصلحن للاتخاذ إلا في ستر وبمحضر سادتهن والتجار المعينين المعلومين بالتجارة فيهن، ويختبرن فيما يدعين أنهن يحسننه من أنواع صنائعهن. ويؤمر النخاسون ألا يبيعوا لغير مشهور بالعين والاسم مملوكا أو مملوكة إلا بأن يعطي ضامنا بلديا معروفا بالعين والاسم ولا سيما الغرباء الذين يحملون المماليك من البلدان، وأن يباحثوا العبيد ويسائلوهم لما يخاف في ذلك كله من أن يكون العبد مسروقا، أو يكون له أهل يمكن هروبه إليهم، أو يكون حرًا قد استعبدوا معدا للموافقة، أو يكون للأنثى زوج أو ولد، أو يكون لواحد

منهم عيب خفي يختفي، ولا يبيعون صبيا ولا صبية من أحد من أهل الذمة اليهود أو النصاري إلا أن يكونا مع أمهما من تهودهما، ويؤخذون بتفقد ألوان العبيد فإن كان اللون حائلا يدل على علة في الكبد أو الطيحال أو المعدة أو البواسير ينزف منها الدم، ويتفقدون أيضا مواضع البهق من أبدانهم فإن لونه في الابتداء أبيض وأسود وكذلك القوباء فإنها خشونة تظهر في الموضع ثم تكبر وتنمي، وإن كان في موضع من المملوك ما يشبه الشامة والوشم أو أثر جرح برئ أو كي فيبحث عليه ويدخل الحمام ويغسل بالماء الحار والبورق والخل ثم يتفقد بعد ذلك فإن كان كيا أو وشما ظهر من حينه وذلك حذرا من أن يكون أبرص قد كوي عليه أو وشم وضبغ عليه بذلك لأنه يخاف ظهوره مع تطاول الأيام واتساع البرص عن موضع الكي والصباغ. ويختبرون أيضا ذكاء سمعه وحال كلامه وعقله وشعر رأسه وجلدته وصفاءها وجرحاته وسعقته إن كانت به ومبلع حدة نظره وصفاء بياض عينه فإن كدرته وظلمته منذرة بالعلة الكبرى والصفرة علامة علة الكبد والعروق الحمر الكثيرة في العين هي السبلة فيها، ونقاء أجفانه وسهولة حركتها، وتغمر ماء في عينه فإن سال منها رطوبة دلت على ناسور هنالك، وحال أنفه وفمه خوف البخر وزغب حواجبه وبحة صوته وحمرة وجهه وشدة أسنانه وقوتها وهل فيها حركة أو تحفر وهل في عنقه أثر جرح لئلا تكون خنازير، ويستلقي على ظهره ويجس بطنه ليظهر فيه فتق إن كان معه ويغمز على موضع كبده وطيحاله هل يتألم أم لا، وتنظر قوة وطئه في المشي وصلابة عصبه في شدة أم لا، وتقاس إحدي يديه بالأخرى وكذلك رجلاه لئلا تكون إحداهما أطول من الأخرى

لكسر أو فك أصابه قديما، ويحلفون بأيمان مغلظة عليه أن لا يكتموا عيبا دقيقا ولا جليلا ولا يخفون مما يطلعهم البحث عليه والعلم منهم به كثيرا ولا قليلا ويحرص في ذلك كله على أن لا يستعمل للمسلمين إلا للخيار ولا يقلد في أمورهم إلا الثقات الأبرار والله المستعان ومنه التوفيق لا رب سواه. أما الجلاسون للتجار بالأسواق فقوم أكثرهم يستبيحون في معايشهم ما منعه الشرع ونهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم، فمنهم من لهم حوانيت للتجارة ودلالون بين أيديهم يقسمون معهم الأجرة فيما يبيعون مياومة الدلالون، وربما اشترى عن بعض تلك المبتاع وقسم الأجرة فيه ثم عرف بالشراء. ومنهم من يجلس للنجش ويصل التجار المسافرون فينزلون بين أيديهم والدلال بين أيديه فيأخذ الجلاس السلعة وينظر إلى الشراء الذي فيها برشم التاجر ثم يمحوه ويزيد عليه عددا ويقول للسمسار: نادي بكذا فينادي الدلال بما أمر به ويذهب ويرجع ويقول ودرهم ودرهمان وقيراط ويزيد الجلاس مثل ذلك حتى يرى الدلال أن ليس معه من يزيد أكثر والجلاس ليس من صنعته الشراء إنما يريد نجشا للتاجر فيقول اكتب فيكتب على الذي زاد فيها وقد ربح التاجر بذلك العمل كثيرا، وإن غفل الجلاس وزاد وأعيى ولم يجد الدلال على من يكتبها بذلك السوم تركها الدلال لمناداة يوم آخر، وكذلك يفعلون بالمصبوغ ويستخرجون له البراءات التي يكتبها التاجر بأسوامها التي هي عليه بها ويعمل فيها على مثل ذلك وقد شاهدت ذلك بجماعة منهم مرارا. ومنهم من إذا رأي كساء أو سلعة يظهر له فيها رخص في شرائها على التاجر غمز

الدلال وقال اكتبها على الحانوت، فأخذها الجلاس لنفسه بالنقص وقد يفعل ذلك الدلال ويتركها في بعض الحوانيت حتى يكتب باسم من يقول فيأخذها لنفسه رخيصة عن غيرها وقد رضي التاجر ببيعها لربحه فيها بحيث رخص شرائها. ومنهم من يجلس لشراء الخام للتجار ويدفع له البضائع ويجمع بداره الأموال للشراء فيشتري يومه فإذا كان بالعشي نوع مشتراه وأخرج لكل تاجر مذهبه في نوعه وما ظهر عليه أثناء ذلك من بيعة رخيصة القيمة مصوابة العمل جعلها لنفسه ناحية ودفعها لقصاره ويدفع من أموال التجار فيها حتى تنم قصارتها ويبيعها ويستأثر بها بفائدها ولم يكن فيها مال لنفسه. وأما الجلاسون في الدكاكين للتجارة فقد شاهدت من متحيلهم مرارا بالأسواق عجبا وذلك أن الواحد منهم يكتري حانوتا ويفرشها بالحصور ويقعد عليها فيه ويشتري السلع التي تباع بالتقاضي وبالتأخير إلى أجل ويستكثر حتى يملأ حانوته من السلع ويبيع منها ما سهل عليه بيعه ويعامل ولو بأقل من ثمنها حتى تنقلب أعيانا ويغيب ويمسك لنفسه مما يقتضيه من أثمانها مائة دينار أو مائتين بحسب ما تكون السلع بحانوته من الكثرة والقلة ويترك الباقي في الحانوت ويزيد في كل سلعة منها مثل ربع سومها أو أزيد ثم يغيب ويوجه إلى أمين السوق من يذكر له أمره ويقول له: إن الرجل كان جهولا وبالأمور وبرح عليه الدلالون ولم يعرف أسوام السلع وأغلوا عليه ومكروا به والرجل قد حار وله عيال وأطفال فانظر منه لله تعالى وترى سلعة في حانوته لم يأكل لأحد شيئا، فيجمع الأمين أرباب الديون عليه من التجار ويعرف بذلك كله ويبين

لهم ما وصف له عن حاله ويفتح الحانوت وينظر إلى سوم السلع ويختصر بالتجميل فيماثل ما عليه، فلا يشك أحد في إحقاق ذلك ويرضي التجار قسمة السلع بأثمانها المسماة ويبرأ الرجل من الديون وتهون زوجته ذلك على التجار بأن تلزم كراء الحانوت لباقي مدة زواجها، ويخرج الرجل من مغيبه وقد حصل من أموال الناس رأس مال عنده فبهذه الحيلة يتجر بها في الحانوت بعد أن يشهد على نفسه بعقد أنه بيده لزوجته المذكورة على وجه السلف من ممن أسباب وأثاث باعتها أو من غير ذلك من الوجوه الشرعية إلى غير ما وصف أيضا من الحيل. وشأن المحتسب مع هؤلاء أن يمنع التجار أن ينزلوا إلا على يدي دلال لا على يدي جلاس لأن الجلاس ناجش والنبي صلى الله عليه وسلم قد نهى عن النجش، والدلال ينادي ويطلب الزوائد والتاجر يبيع والمشترى يبتاع ويبتغي الربح ويسقط للجلاس بذلك ما يجوز فيه للتاجر فيكتبه على نفسه برسم الحانوت لكونه أعرف بسومه من التاجر الجالب له وذلك هو سبب النهي عن بيع الحاضر للبادي. ويأخذ التجار بأن لا يرشموا أشرية سلعهم فيها ويجتهدون لأنفسهم ويبيعون بما قسم الله ليرتفع بذلك ما صنعه بعض جهلتهم حين رأوا فعل الجلاسين معهم فرشموا سلعهم بأزيد مما اشتروها به ليزيد الجلاسون في بيعها من ذلك الحد وذلك منكر لا يصلح وقبيح لا يحسن. ويأخذ أيضا بائعي المتاع الخام والمقصر بأن يسوق الدلال على الحوانيت ويشتري التجار بقدر اجتهادهم ويزول عن الجلاس بذلك مما يتوصل به إلى أكل أموال الناس بالباطل وذلك حرام وقد نهي عنه ومنع الشرع منه، ويتفقد طول المتاع وعرضه وصفاقته من خفته، ويتقدم للذي يقيسه على المرشم المعلوم له

لئلا يمده بيده عند الرشم لأنه ينقبض إذا دخل الماء فيقصر ويكون بعد القصارة ناقصا فما لم يجد منه يزيد على المرشم دون زيادة يسيرة يوقف بها على الحق في القد قطع الثوب لصانعه قطعتين كبرى وصغرى لأن إن قطع بنصفين باع الفضلتين على أنهما نصفا ثوب، والنصف عشرة أذرع وقد نقصا عن ذلك ولا يلتفت في القطع للتخسير فالظالم أحق أن يحمل عليه وما عمل ناقصا إلا ليخسر فيحمل ما أراد أن يحمل. وأما الجلاسون لبيع القرق فمنهم طائفة أسوأ الناس تجارة وأرداهم معيشة وذلك أنهم يشترون طرائح القرف على التأخير لغير أجل فما باع قاضي ثمنه وما لم يبع يطلب بثمنه بقي ما بقي ثم يقسم ثمن الطريحة على كل زوج ويرشمه ويعرف بذلك الرشم أنه اشتراه به ويأخذ الربح فيه وقد زاد في قيمته للتاجر المذكور مثلها أو قريبا من مثلها، وفي تركهم على سبيلهم إقرار لنكرهم وإضرار للمسلمين والواجب أن تحسم لهم تلك العلة وتشد عليهم أبواب الربى ويبيعون بالنقد أو النسيئة على الواجب أزواجا مفردة ويلصق الأمين عليهم على القرق براءة يكتب فيها بيع تأخير ليعلم بذلك المشترى فيأخذ أو يدع. وأما الجلاسون لبيع الحرير ففي بيعهم وشرائهم ضرب من النجش وذلك أنهم يبيعون ويشترون للغير ويأخذون أجرتين أجرة من البائع على البيع وأجرة من المشتري على الشراء ويزيدون في أثمان الحرير أوان تسويقه وما قصدهم إلا الشراء للغير لا لأنفسهم وكذلك يفعلون في أثواب الحرير ويشترونها بالنقد والنسيئة ورسموها بالذهب وهي المقصودة فيها ووقعة الحرير تابعة في القيمة للرسمين وكل ذلك ربي لا يحل، ولعملتها مع ذلك فيها غش ودلس، منها أن الرسم الأول في الثوب لا يشبه الثاني في طيب الذهب وملاحة الصنعة وجودة

8 - الباب الثامن في الصناع وصنائعهم

العمل والثوب ناقص القيم قليل النجابة في اللباس وقد ينتقص طوله وعرضه ويمشي على ذلك والمعتاد فيه ستة عشر ذراعا في الطول وأربعة أشبار في العرض وكان يعمل في اثنين وخمسين بيتا ويخرج من ست عشرة أوقية وقد ينتقص هو غش وفساد، وما قصر عن اثنين وأربعين بيتا في المنسج وإحدى عشر أوقية في الوزن ففاسد يمنع من عمله ويقطع إذا وجد، وخيط الكتان يخالف خيط الحرير في المنسج فكلما رق كثرت بيوته وقل وزنه وذلك أن خيط الحرير نوع واحد وخيط الكتان أنواع كثيرة، والبيت أربعون ضرسا والخيوط له ثمانون خيطا والمثلة مائة خيط وعشرون خيطًا. ومن خدع عملة القنوع الحريرية والعمائم المفتولة أنهم يصنعونها من الحرير الني ويصبغونها كحلية ويسقونها بالصمغ وذلك غش وتدليس فإذا لبست قليلا جرت أخياطها وصارت كشبكة ولم ينتفع بها، والواجب في جميع ذلك كله حملهم على المعتاد في الجيد وما يوجبه الشرع ويجيزه والله الموفق. الباب الثامن في الصناع وصنائعهم وينبغي للمحتسب أن يتفقد أمورهم وصنائعهم ويمنعهم من مطال الناس في حوائجهم لما في ذلك من تعطيلهم للناس عن أشغالهم وإضرارهم بهم. ويختبر على الخياط ألا يخيط بفرد خيط ولا بخيط كامل لأنه لا يتمكن من شدة لطوله فتكون الخياطة به محلولة، ويختبر على صانعي الاستعمال منهم حل بعض خياطة ثوب البز فقد وجد من دلس بالرمل في جون الكف وأخذ بقدر وزنه

من الثوب، ويتفقد التفصيل فإن من مفسديهم من يفصل كاملا ويخرط في الخواصر فيعطي القياس في التربيع وهو ضيق وقد سرق منه بقدر الخرط، وكذلك يضيقون أكمام أثواب الكساء ويضربون خياطتها طلب التوفير فإذا لبس الثوب قليلا تفلتت خياطته وانفصلت أجزاؤه وخسر مشتريه، وكذلك يوسعون أطواق أثواب الكتاب لتظهر عند القياس كاملة وتميل في اللباس لأحد شقي اللابس. ويمنع الصباغين من أن يصبغوا الأحمر بالبقم فإنه لا يثبت، وما عدي السحابي من الأوان في القطن والكتان فإن الصبغ فيهما كذلك لا يثبت، وما يعمل للبيع في السوق فدلس وغش وإنما هو يجلو الألوان إذا صبغت على أصل. ويمنع القصارين ألا يلبسوا ثوبا يعطي لهم للقصارة ولا يلبسوه احدا ويحلفون على ذلك، ولا يتركون يضمون المتاع مبلولا فقد يطرأ ما يشغل عنه فيعفن لأصحابه، ولا يستعملون المفتل في عصره فإن ذلك يوهن قوته، ولا يجيرون الصفيق لئل يحرقه، ولا يتركون الخفيف فيه في بلاد قصارته به أكثر من ثلاثة أيام لئلا تفسد رسومه ويؤثر في قوته. ويمنع الرفائين أن يرفوا خرقا في ثوب لقصار إلا عن موافقة صاحبه. ويمنع الطرازين أن يغيروا رسم ثوب عند قصار لما أخبر من ذلك على مفسديهم. ولا يباح للدباغ بيع جلد إلا أن يكون قد خرج ماؤه وتحققت النهاية في دباغه، ومتى يبس وطوي وتكسر فهو غير جيد الدباغ ويتقدم في ذلك لدلاليه ومن وجد بعد ذلك فعله أدب ونكل، ولا يخلط جلد العنز مع جلد الضان في قرق ولا جراب ومتى وجد ذلك قطع فإنه دلس لا خير فيه.

ولا يسمح لصانع الأقراق في عمل قرق إلا أن تنصل حاشيتا جلده خرزا واحدا في ظهره أو بوصل من الجلد صغير لا يبلغ سعة الظهر ويكون مجموعا بالخرز لا بالتشبيك ومتى وجد على غير ذلك فليس بشيء، ولا شيء في القرق إلا جلد على جلد وبينها خرقة تغلظه وترقق جانبيه لا بما يدلس به المفسدون من كثرة الغراء والطين وكذلك يجعلون تحت الأطراف لتصلب وتقف وعند اللباس ينكسر ويظهر تدليسه وفساده، ويمنع بالجملة بيع الأقراق وخرصتها إلا بعد التيبيس العام. ويتفقد كذلك أحوال القطانين ويتقدم إليهم في الإبلاغ في تنقية الزريعة من القطن لأن الفارة تقرض الثوب عليها ولا يجعلون للناس إلا ما صفا وخلص. وكذلك أحوال الحصارين وعاملي البرغات وأن لا يوفروا الحبل فيصنعونها ضيقة الحصر لا تكسو قعر رجل الإنسان فيلحقه الحجر والشوك وغيرهما، ويجسب غلظ الحبل ورقته ويحبلها من ثمانية في المقدم وستة في العقب، ولا سبيل إلى عملها من غير الحلفاء العصيرية بوجه ولا على حال، ولا يتركون يبيعون قفة للخدمة إلا مصلبة بأربع صلب ومقابضها مطوية الأطراف برواجع إلى فوق وتكون الطينيات كذلك، وأقواس الغرابيل مفروضة الأطراف مشدودة على الفرضات، وخزم الخياطة للفلق ملساء قوية حسنة الوصلات بالحلفاء حين الفتل. ويحفز على الجيارين أن يخلصوا الجير للكيل من الحجر فإنهم يدلسون به ويبقى على الأقرب كثير من الحجر لا فائدة فيه، وكذلك الجباصون يمنعون ألا يخلصوا فيه القطائف ولا التراب فإنهم يدلسون بذلك ولا يخرجوه من الفرن نيا ولا يتركوه حتى يفرط فيه الطبخ حتى يصير رمادا ولا منفعة فيه،

وعلامة الني منه يعقد لحين ما يعجن والطيب المطبوخ يبقي ساعة وحينئذ ينعقد. وبائعو القصب يحفز عليهم في الحزم وعدد قصبها وحالها في الغلظ والرقة. ويأخذ الحدادين بأن لا يطرقوا المسامير البوالي ويبيعونها برسم الجدد، وأن يكون كل جنس من المسمار الجديد على وزن ما ينسب إليه فمسمار رطلين تكون المائة منه وزن رطلين ومسمار رطل ونصف تكون المائة منه زنة رطل ونصف وكذلك كل جنس منها فإنهم يغشون بأن ينقصوا من أوزانها، ويوفون حقها من طبخ الحديد لئلا تنكسر عند الطي وتنورق عند التطريق فينقص عددها عند الاستعمال ويخسر المشترى. ويتقدم إلى عمله المفاتيح ألا يعملوا مفتاحا على آخر لامرأة ولا عبد ولا رجل غير معروف المكان معلوم العين ولا على رسم في طين ولا عجين. ويحد لخدمة المستأجرين بالنهار من بزوغ الشمس إلى قدر نصف ما بين العصر والمغرب. ويأمر النشارين للخشب المستأجرين للنهار أن يحدوا مناشيرهم قبل وقت الشروع في العمل إما عند الصباح وإما عند الفراغ بالعشي سدًا للذريعة في ذلك فإن منهم من يغش بأن يجلس لذلك ويطيل المدة ليستريح ويعمل ثلاثة أيام في شغل يومين. ويغرم النخاسين في بيع الدواب ألا يبيعوا دابة لغير معلوم العين إلا أن يضمنه ثقة معلوم العين ويقيد في العقد وإن كان غير معلوم العين وقبله النخاس صار ضامنا يضمنه، وذلك لدلسته فيه فليس كل مبتاع يعرف ما يجب، وكذلك يأخذهم بأن لا يكتبوا في الدابة من العيوب إلا ما فيها ومتي زادوا على ذلك

فدلس منهم وقد يكون عن رشوة يأخذونها من البائع، ويحلفونهم بالإيمان المغلظة أن لا يكتموا عيبا ولا سرا لله إن كان فيه كالرطوبة التي تنزل من الدماغ في الدابة من نزلة تعرض لها من برد يصيبها فإن كانت تلك الرطوبة منتنة أعدت الداوب التي تقف معها وأهلكت الدابة في الغالب وإن كانت غير منتنة فقد تسلم، وكالانتشار يعود إلى المشتري وهو وجع يصيب الدابة في ركبتها فنوع منه يزيد إلى أن يمنعها المشي ويكلها، والزائد وهو ورم يصيب يد الدابة فإن طب كان عيبا وإلا كانت مضرته أكثر، والدخس وهو كالداحس يكون فوق حافر الدابة فإن طال به انتهي إلى طرح الحافر وبطلت المنفعة بها سنة إلى أن ينبت غيره وإذا ضربت الدابة بنفسها إلى الأرض عندما يضم عليها الحزام والمقود علم أن بها ضيق نفس، وإذا عوجت شقتها العليا على السفلي كانت اللقوة، وقد ينبت للدابة أنياب رقاق زائدة الطول تمنعها من أكل العلف ويحتاج إلى أن يكسرها البيطار، والسلاق يمنع أكل الدابة للعلف وت بله وهو عيب المأخذ، وإذا لم تقبل الدابة اللجام عيب وكذلك إذا امتنعت البيطار أو الشكال أو الراكب. ومن حيلهم التي شهرت عليهم أنهم إذا اشترى منهم الواحد الفرس وأغلى في ثمنه وطلب من البائع أن يحطه من الثمن فامتنع وأبي أخذ هرا وجعله في مخلاة وعلقها على الفرس فخدش الهر الفرس وأشعفه فإذا رأى الفرس المخلاة ظن وتخيل أن الهر فيها وامتنع من الأكل فيها ووقف المذكور عليه إذ لا يقبل المخلاة للعلف ويرده على بائعه واكتسب الفرس من ذلك عيبا ينقص كثيرا من ثمنه

ويتفقد بائعي الفخار ألا يرموا المعيب إلا ببياض البيض ومسحوق الخزف والجيار والرماد أو بالطيجال المشوي المدقوق مع الرماد فإن منهم من يدلس ويعمل ذلك بالدم، ويأمر عملته أن يوسعوا أفواه أقداح الوضوء ليتمكن اغتراف الماء منها ويوسعوا قيعان القلال ويوطئوها لئلا تقع. وكذلك يمنع الزجاجين من إخراج الزجاج من فرن التبريد إلا بعد يوم وليلة، وذلك لما يعتريه من الصدع إن عجل إخراجه قبل ذلك، ويختبر الأرماد على أصحاب الأفران لئلا يبسطوا التراب في مستوقداتها ويقدوا عليها النار فإذا كان الليل جمع الجميع وذلك دلس كثير ووجه اختباره أن يوضع في الماء فيرسب التراب ويطفو الرماد. ويلزم حمالي ما في الكنف أن يغطوا أكوابهم وأن يجعلوها كبارا يحمل كل كوب اثنان منهم فيكونان يكتنفانه حتى لا يلحق أحدًا ولا يتأذى به أحد، ويكون بيد أحدهم جرس يشعر به الناس، ويمنع أن ينقل الواحد منهم بكوبين يكون بينهما لما يمكن في ذلك من إضرار الناس. ويأخذ حمالي اللحم إلى الحوانيت بأن لا يحملوه إلا في أوعية يضعون اللحم فيها كل ليلة ويغسلونها من الغد، ويمنع ألا يحمل أحد حوتا في يده لئلا يمس أثواب الناس إلا في وعاء ومن وجده كذلك جعله في حجره أدبا له. وكذلك الخدمة بالحمامات يبيتون محاكهم التي يحكون بها أرجل الناس في الملح والماء كل ليلة لئلا تكتسب الروائح ويغسلون ميازرهم كل عشية بالصابون. ولا يترك المبهرجين والمهذرين يجعلون مجالسهم إلا في الشوارع السالكة أو حيث يجتمع الناس ويمنعون من أن لا يهذروا على النساء ولا جهال الرجال

بكهانة ولا كتاب محبة ولا بغضة ولا برد فكل ذلك باطل، ويتقدم إلى كتاب الشوارع ألا يكتبوا سب أحد ولا هجره ولا ما يتضمن سعاية للسلطان ولا شيئا سوى ما يجري بين الناس من استعلام الأخبار. ومعلمو الصبيان يكونون بالشوارع العامرة بالناس وأصحاب الحوانيت ولا يستخدمون ولدا في شيء من أمورهم ولا يسمحون بصبي تحمله امراة إلى رجل ليكتب لهما أو يقرأ لهما لما يتأتي بذلك من الحيلة على أولاد الناس، ولا يضربون صبيا إلا تحت قدميه ثلاثا أو خمسا ويراعون وقت غدائهم وتصرفهم فيما لا بد لهم منه من أحداثهم، ويأخذونهم بإقامة الصلوات معهم. ويشتد على المخنثين ألا يربوا الأصداغ وأن لا يحضروا الولائم والمآتم، ويم نع النوائح أن يكن حاسرات متكشفات الوجوه ويشجر من يشجعهن على ذلك، وتقرأ النساء للنساء في المآتم وإن قرأ عميان الرجال فعلى حدة ومن وراء حجاب والنساء من حيث يسمعن. ويأمر حافري القبور أن يعمقوها قدرا حسنا بحيث لا تظهر روائحهم ولا تتمكن السباع والكلاب من نبشهم، وأن يستر ما خرج لهم من عظام الموتى في التراب ولا يتركونه ظاهرا. ويأمر صانعي غرابيل الشعر أن يغسلوا الشعر غسلا جيدًا ولا يستعملوا شعر الميت فيها. ولا يقبل عملا من دهان حتى يدهنه ثلاث مرات ويشمس بين كل واحدة منها والأخرى حتى يكمل يبسها لما يطرأ عليه من سرعة تقشيره عند البلل أو الندوة. ويمنع معاصر الزيتون أن يعصر فيها زريعة الكتاب لئلا تعلق رائحته بالزيت، ويحفز على عملة اللبود ألا تعمل من صوف الميتة ويعلم ذلك بتغير رائحته ولا

من صوف الرؤوس ويعلم ذلك من خشونته ويجاد عمله ويسقي الصمغ دون نشا ويكون ذرعه في الطول ... وفي العرض ... ووزنه ... ، ويغرم على قومة المساجد في أن يكنسوها وينفضوا حصرها في كل يوم اثنين وكل يوم جمعة وتغسل قناديلها في أول يوم من الشهر وفي منتصفه، ويلزم أئمة المساجد الصلاة خلف الإمام يوم الجمعة. ودهن الشيرج أخف من زيت الزيتون، ودهن الخس أخف من دهن الشيرج وأرق، ولزيت القرطم دخان عظيم على النار واستعماله يضر بالحوامل من النساء. وإذا قطر الخل الخالص على الأرض نش وإذا كان قد غش بالماء لم ينش، وإذا غمست فيه ديسة من البردي شربت الماء دون الخل. وإذا غش اللبن الحليب بالماء وغمست فيه شعرة لم يطلع منه شيء عليها وإن لم يغش بالماء طلع اللبن عليها مكللا وإذا غمست فيه ديسة شربت الماء منه، وإذا قطر منه على خزف سال كالدر وجرى وإن لم يكن فيه غش وقف ولم يجر. ويختبر اللحوم من البهائم والطير والصيود بأن توضع في الماء فإن ذبحت وهي حية طفت على الماء وعامت وإن كانت ذبحت ميتة نزلت إلى القعر. ولتعلم أن الدقيق المهبي في الطحين لا يكاد يرتفع في الخبز ويحترق وجه الخبز منه ولا يطبخ جوفه، والكثير النخال يقل إصداقه ويحرش وجه خبزه، والطيب الأحرش الطحن قليلا ولا كثير نخال فيه وعجينة الخباز أربعة أرباع دقيق والغبار بها من رطلين إلى ثلاثة ولا يجعل الماء في ذلك باردا ولا هو يغلي بل يكون

وسطا، ويجعل اليد عليه مرات: يعجن ويدرس ويوزن ويسلخ ويقرص ويجعل صفين ويغطي وعدد أواقي ذلك العجين ألفا أوقية واثنان وأربعمائة أوقية وما لم يكن كذلك فسرقة وغش، ويكسر الخبز على الخباز للطف الدقيق وإن كان جيد العمل، ولا يلتفت إلى قوله: دقيق فلان كان لطيفا، ويقال له: كان لك أن تختار وتطلب، لأنه إن وقع الانفصال عنه إلى الدقاق يعتذر بالطحان ويعتذر الطحان بلطف الطعام وسوء الغربلة ويتمشى الخبز على فساده في الناس ولا يقضي المحتسب شيئا. ويدخل في ربع من العسل رطلان اثنان ونصف من النشا وثمنان ونصف من الزيت وربع رطل من الشمع ورطل واحد من اللوز ويصدق ثمانية وعشرين رطلا من الحلواء. ويدخل في ربع العسل من الجلجلان المقشور المقلي من ثمانية أرطال إلى عشرة ويدخل منه في الحلواء البيضاء مثل وزن العسل. ويدخل في ربع العسل إذا صنع قدوريا من اللوز عشرون رطلا، ويصدق ربع الرب بحسب طبخه في الأول فإن كان قوي الطبخ صدق ستة عشر رطلا وإن كان غير قوي الطبخ صدق بحسب ذلك عشرة أرطال، ويدخل فيه من الجلجان المقلي مثل وزن الرب المعقود، ويدخل في كل رطل ونصف من الرب المعقود رطلان ونصف من زريعة الكتان المقلوة وهذا هو الطيب. ويصدق ربع الحديد من الصفائح الخيلية خمسة وأربعين زوجا والبغلية ستين زوجا والحمارية مائة زوج أو خمسا وسبعين زوجا، وعلى ذلك يكون في الرطل من البغلية زوجان وفردة ومن الحمارية ستة أزواج، ويكون في مائة أقلمال طيبة سبع أواق.

وتصدق ستة أحمال تراب طيبة حمارية مدروسة مغربلة مائتي قدر ثمينة وتزجج بربع ونصف من الزجاج وتطبخ بأربعة أحمال حطب. ويصدق فلق الحلفاء من الردامي وهي قفاف الخدمة سبع قفاتن ومن الطينيات أربع عشرة، ويصدق من المساور للتين المقنطرة أربع مساور بأغطيتها ومن أغشيتها ثلاثة بأعطيتها ومن شيرات اللوز المقنطرة شيرتين وثلاثة أغطية، ومن أغشية خوابي التين سبعة أغشية، ومن شيرات حمل الخوابي والمساور الصغار ثلاث في الفلق من حساب أربع خوابي وأربع مساور في الشيرة، ويصدق الفلق من أغشية أحمال الزبيب على الكشتيل فلق للمحمل ومن أغشية قلال المثلث أربعا، ويخاط الفلق بخمس عشرة خزمة فردية، ويد الحبل المعروف الشلان خمس وعشرون قامة ويغشي به من القلال المذكورة ثلاث ويد حبل الشد قده في الطول ويشد به من أحمال التين أربعة ومن شيرات حمل الخوابي والمساور الصغار من حساب ثلاث شيرات في اليدين، وأحبل السفن وآلاتها على ما اختبر في وقت محتسب سبتة السني وهو من ستين غصنا وطوله أربعون باعا والأربعيني من أربعين غصنا وطوله أربعون ذراعا، ويخرج بعد الفتل من اثنين وثلاثين باعا ومن ثلاثين وكل حبل أربعيني له رقيقتان ونصف في العدة وطولها طول الحبل وطول الاجتباد، ومائة حزمة حلفاء قبضاتها ألف قبضة، وتصدق في الدرس مائتي رأس وفي المائة رأس أربعة أحبل أو خمسة أربعينية والرقيقة من عشرين رأسا إلى ستة عشر والاجتباد من أربعة وعشرين رأسا. ويخرج ربع من مسمار الوزن من ربع وربع الربع من قضيب، وربع رطل من

أربعين قطرة، ويأكل الربع من الفحم عدلا واحدًا فحاميا، وأجرة الضرابين عليه والكيار ثلاثة دراهم وأجرة المعلم على عمله درهمان، ومسمار رطلين من أربع وعشرين أوقية المائة، ومسمار رطل ونصف من ست عشر أوقية المائة، ومسمار رطل وربع من ثمان أواق المائة، والمسمار العددي من خمس أواق المائة. ويدخل في كل قطعة من القطع البحرية أربعون ربعا من المسمار المنوع من ألف مسمار في الربع وخمسمائة في الربع، ويدخل فيها من مسمار التقريط أربعة عشر ألفا، وزنة كل مائة تسع أواق، ومن التقريط الكبير ألفان اثنان ووزن المائة منه أربع وعشرون أوقية، ويدخل فيها من البياض ثلاثون ربعا ومن الكتان تسعة أرباع. انتهى.

§1/1