الدر النثير والعذب النمير
المالقي، أبو محمد
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9]
مقدمة المحقق
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مقدمة المحقق الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله والصلاة والسلام على رسول الله الذي صح عنه في الحديث المتفق عليه (الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة) (¬1). وبعد .. فمن نعم الله تعالى على أن جعلني من حملة كتابه والمشتغلين بدراسته وقراءته وأحكامه وآدابه، ومنذ أن حفظت القرآن الكريم وأنا مشغوف بكل ما يتصل بكتاب الله تعالى، لذلك فقد اتجهت إلى الإلتحاق بكلية القرآن الكريم بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة. وبعد التخرج التحقت بقسم الدراسات العليا وكان موضوع بحثى لنيا الدرجة العالمية (الماجستير) - القراءات في تفسير الشوكاني - وقد نجحت في هذا المبحث بتقدير (ممتاز) والحمد لله. ثم جعلت بحثي لنيل درجة الدكتوراه متصلا بدراستي السابقة فجعلت عنوانه (تحقيق ودراسة للدر النثير والعذب النمير في شرح مشكلات وقيد مهملات وحل معضلات اشتمل عليها كتاب التيسير). وقد اخترت هذا الكتاب نظراً لأهميته وقيمته العلمية حيث كان محكم التأليف، غزير المادة متقنا كل الإتقان، في غاية من الجودة والتنسيق العلمى، فهو من نفائس وأوسط كتب القراءات الذي لابد للمشتغل بعلم القراءات منه، وكيف لا. ومؤلفه إمام عصره في القراءات، والأصول، والفقه، واللغة العربية، وعلوم القرآن وغير ذلك. ¬
فآثاره العلمية واضحة في (الدر لنثير) الذي شمل المسائل، وجمع الشكل إلى شكله ورد النازح إلى أهله، وأضاف الجديد، ووسع الكلام توسيعاً كبيراً بالتحليلات العلمية والروايات، والتعليللات متخذا التيسير، والتبصرة، والكافي، أساساً ومنطلقاً لكل مسألة، ومعلوم أن التيسير من عيون كتب القراءات وعيانها لا شك في ذلك شاك ولا يكابر مكابر، وقد طار ذكره في الآفاق، وشرق، وغرب، وانجد، وأتهم، ولا يزال في مكان الصدارة عند المشتغلين بالدراسات القرآنية حتى وقتنا هذا. إلا أنه في مجال للتهذيب من حيث شرح مشكلاته وقيد مهملاته وحل معضلاته، فكان الدر هو ذاك التهذيب، ولا غرو فهذا شأن المتأخر مع المتقدم والاحق مع السابق، وتلك هى سنة العلوم في نشأتها ونموها وأطوارها وازدهارها، سيرى القاريء لذلك الدر مدى الجهد الذي بذله المصنف في تأليفه، وكم أنفق من عمره في تهذيبه، وتمحيصه كما سيرى مدى الإحسان والإتقان، والتوفيق، والسداد، من ابن السداد، ولو لم يؤثر في الثناء علي الدر إلا قول شمس الدين المحقق محمد بن محمد بن الجزري (ت 833 هـ): (شرح المالقي كتاب التيسير شرحاً حسناً أفاد فيه وأجاد) (¬1) يكفي. فمن هنا تتجلى أهمية كتاب الدر النثير الذي قمت بكشف الغطاء عنه وتحقيقه. وأسأل الله تعالي أن يجعل عملي خالصاً لوجهه إنه ولي ذلك والقادر عليه. وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. ¬
أهم الأعمال التي قمت بها أثناء تحقيقي ودراستي للكتاب كان عملي في التحقيق على النحو التالي .. 1 - قمت بتحقيق اسم الكتاب. 2 - وثقت اسم الكتاب للمؤلف بما أوضحته من أدلة قاطعة للشك. 3 - قمت بنسخ النسخة التي اعتمدتها أصلاً. 4 - طابقت بين النسخ التي عثرت عليها، وأثبتُ الفرق بينها واعتمدت أقدم هذه النسخ أصلاً للتحقيق، وأشرت إليها بنسخة (الأصل) كما تقدم. وبهذه المقابلة كملت النسخة انتي يمكن الإعتداد بها على أنها أقرب نسخة إلى نص المؤلف. 5 - أثبت الصواب والنقص من النسخ الفرعية في الأصل بين قوسين () وأشرت في الهامش إلى مصدر التكملة والتصويب. 6 - شرحت المفردات اللغوية التي تحتاج لذلك. 7 - حققت النصوص التي نقلها المؤلف عن غيره بالرجوع إلى مصادره التي نقل عنها إلا ما تعذر الوصول إليه. 8 - علقت على بعض المسائل التي أعتقد أنها تفيد القاريء وذلك في الهامش. 9 - ميزت بين النص والشرح، وذلك بالإِشارة إلى النص بحرف (م) وإلى الشرح بحرف (ش). 10 - شرحت مصطلحات المؤلف في الكتاب. 11 - قمت بتوجيه بعض القراءات. 12 - وثقت القراءات التي ذكرت، ونسبتها إلى أصحابها، معتمداً في ذلك على مصادر سابقة للمؤلف، وأخرى تالية له، زيادة في التوثيق.
13 - حصرت المصادر التي اعتمد عليها المؤلف في الكتاب. 14 - نبهت على مواضع إنتهاء لوحات نسخة الأصل. بالمخطوط المائلة الدالة على ذلك مع ذكر رقم اللوحة في اليسار. 15 - قمت بتخريج جميع الحروف القرآنية التي ذكرها المؤلف بذكر أرقام آياتها وسورها. 16_قمت الأحرف القرآنية بالرسم العثماني وبرواية، حفص عن عاصم في كل موضع جاءت القراءة فيه غير مقيدة بوجه، فإذا جاءت معزوة إلى قاريء بعينه أثبت المقتضى في ذلك. 17 - بينت ضعف حديث عبد الله بن جبير في باب الإستعاذة، وكذا حديث عبد الله بن مسعود، وأن الثاني لا أصل له. 18 - قمت بتخريج الأحاديث النبوية. 19 - عزوت الأشعار لأصحابها وللمصادر المذكورة فيها. 20 - ترجمت للأعلام الواردين في الكتاب إلاما تعذر الوصول إليه، وهو نادر، وقد حرصت على أن تكون الترجمة شاملة لإسم القاريء وكنيته، ولقبه، ونسبه، ثم لبعض ما قرأ عليه، ومن قرأ عليهم عرضاً أو سمعاً ثم لتاريخ وفاته. وأشكر الله جل ثناؤه وتباركت أسماؤه أن يسر لي أسباب تحقيق هذا الكتاب، وأعانني عليه حتى خرج من الظلمات إلي النور، وأخذ مكانه بين هذا التراث العظيم من كتبْ القراءات، وعلوم القرآن العظيم (وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب) هود 88. والحمد لله أولا وآخرا وظاهرا وباطنا حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه. وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
الباب الأول
الباب الأول
الترجمة للمؤلف
الترجمة للمؤلف: اسم المؤلف. وكنيته. ولقبه. ونسبته. اسمه: أجمع المؤرخون على أن اسمه عبد الواحد بن محمد بن علي بن أبي السداد (¬1) كنيته: أطبق المؤرخون على أن كنيته (أبو محمد) (¬2) لقبه: اشتهر بالمالقي والبائع) (¬3) ¬
نسبته: قال المؤرخون في نسبة المؤلف، المالقي، الأندلسي، الباهلي الأموي (¬1) فالأموي - نسبة إلي بنى أمية. والباهلي - نسبة إلى (باهلة) وهي في قبيلة (¬2) والأندلسي - نسبة إلى الأندلس، وهي المنطقة التي شملها الإسلام سلطانا وسكانا من شبه الجزيرة الأبيرية، وتطلق اليوم على (أسبانيا) (والبرتغال) (¬3) والمالقي - نسبة إلى مالقة وهي ثغر هام يقع على شاطئ الجحر الأبيض المتوسط في الجنوب الشرقي للأندلس، على مقربة من الجزيرة الخضراء وجبل طارق، ومالقة في التقسيم الأسباني الجديد مديرية من مديريات منطقة الأندلس وفيها مسجد كبير الساحة مشهور وهو الآن كنيسة. (¬4) ¬
مولده ونشأته
المبحث الثالث من الباب الأول: مولده ونشأته. مولده: لم تذكر المصادر التي بين أيدينا شيئاً عن تاريخ ميلاده ولذا فإنه لا يمكن تحديد سنة ولادته، غير أن أحد شيوخه الذين أخذ عنهم توفي سنة (666 هـ) وهو محمد بن أحمد بن عبيد الله بن العاص الإشبيلي، وعلى هذا يمكن على وجه التقريب أن يقال بأن المؤلف ولد النصف الأول من القرن السابع الهجري - والله أعلم. نشأته: لم تذكر المصادر التي وقفت عليها شيئا عن نشأة المؤلف، ولا عن حال أسرته الإجتماعية، ولعل السبب في ذلك يرجع إلى أنه كان من العلماء المغمورين الذين لم تسلط عليهم الأضواء، ومع ذاك يمكنني أن أقول: إن المؤلف نشأ في أسرة كانت تسكن (مالقة) من بلاد الأندلس وهي الآن من مدن (أسبانيا) ويؤيد ذلك النسبة السابقة (المالقي). المبحث الرابع من الباب الأول -: شيوخ المؤلف، ومدى تأثره بهم. تتلمذ عبد الواحد المالقي على طائفة من أعلام عصره، وروى عن جمع من مشاهيرهم أذكر منهما ما يلي: 1 - محمد بن أحمد بن عبيد الله بن العاص (أبو بكر) التجيبي، الإشبيلي، أستاذ، مصدر، أخذ السبع عن أبي بكر عتيق، وأبي الحسين بن عظيمة، والكافي علي أبي العباس بن مقدام، وأبي الحكم بن نجاح عن أبي الحسن شريج. قرأ عليه أبو جعفر بن الزبير الحافظ، وأثنى عليه، وجلس دهرا يقرئ الناس
بمالقة، وروى عنه الكافي سماعا صاحب الترجمة (579 ت 666 هـ (¬1) 2 - محمد بن محمد بن أحمد بن مشليون (أبو بكر) بن عبد الله الأنصاري البلنسي أستاذ، مقرئ كبير، مشهور، عارف - قرأ على أبيه بالثمان، وعلي أبي جعفر الحصار ومحمد بن أحمد بن مسعود الشاطبي، وبرواية يعقوب علي ابن نوح الغافقى، وأجازه ابن أبي جمرة محمد بن أحمد بن عبد الملك، أقرأ الناس بسبتة، ثم بتونس، وطال عمره، وبعد صيته، قرأ عليه القراءات أبو إسحاق الغافقي - مقرئ سبتة. وأبو العباس البطرني شيخ تونس - وحدث عنه بالتيسير سماعا عبد العزيز بن عبد الرحمن بن أبي زكنون التونسي، وقاسم بن عبد الله بن محمد الأنصاري - شيخ أبي البركات، وحدث عنه بالتيسير. 3 - الحسين بن عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز بن محمد بن أبي الأحوص، الأستاذ المجود، (أبو علي) الحياني، الأندلسين الفهري، المعروف بابن الناظر قاضي المرية ومالقة. قرأ الروايات على أبي محمد بن الكواب، وأبي الحسن بن الدباجه، وقرأ اليسير والشاطبية علي أبي بكر بن محمد بن وضاح اللخمي، وأبي عامر يزيد بن وهب الفهري بإجازتهما من ابن هذيل، وروى التبصرة عن موسى بن عبد الرحمن بن يحيى بن العربي، وتصدر للإقراء بمالقة وألف الترشيد في التجويد. قال أبو حيان - رحلت إليه من غرناطة لأجل الاتقان والتجويد، وقرأت عليه القرآن من أوله إلى آخره، وحدث عنه بالتيسير سماعا، والتبصرة قرءاة المؤلف (ت 680 هـ) (¬2). ¬
4. - أحمد بن إبراهيم الزبير بن محمد بن إبراهم بن الزبير بن الحسن ابن الحسين (أبو جعفر) الثقفي، الامام، الأستاذ، الحافظ، المؤرخ، انتهت الرياسة إليه في العربية، ورواية الحديث، والتفسير، الأصول. ولد في حيان، وأقام بمالقة، فحدثت له فيها شئون، ومناغصات، فغادرها إلي غرناطة، فطاب بها عيشه، وأكمل ما شرع فيه من مصنفاته، كصلة الصلة الذي وصل به (صلة ابن بشكوال) و (البرهان في ترتيب سور القرآن) كان معظماً عند الخاصة والعامة. قرأ على أبي الوليد اسماعيل بني يجيى بن أبي الواليد العطار، صاحب ابن حسنون صاحب شريح، وعلى أبي الحسن علي بن محمد بن علي بن يحيى الشاوي، وسمع التيسير من محمد بن عبد الرحمن بن جوبر عن أبي جمرة عن أبيه، عن الداني بالإجازة، وهو سند في غاية العلو والحسن. وقد قرأ عليه خلق لا يحصون منهم: الوزير أبو القاسم محمد بن محمد بن سهل الأسدي الغرناطي، ومحمد بن علي بن أحمد بن مثبت شيخ القدس، والأستاذ أبو حيان النحوي، وأحمد بن عبد الولي العواد، أبو الحسن على بن سليمان الأنصاري وموسى بن محمد بن موسى لا جرادة، والامام صاحب الترجمة، وحدث عنه بالتيسير سماعا (626 ت 708 هـ) (¬1). 5 - يوسف بن ابراهيم بن يوسف بن سعيد بن أبي ريحانة، (أبو الحجاج) الأنصاري المالكي، الشهير بالميريلي. قرأ على أبي عبد الله محمد بن زرقون، وروى الحروف التيسير عن عتيق بن علي بن خلف. قرأ عليه علي بن سليمان بن أحمد الأنصاري، وروى عنه التيسسير قراءة صاحب الترجمة (¬2) ¬
6 - عبد الرحمن بن عبد الله بن سليمان بن داود بن عبد الرحمن بن حوط الله (أبو عمر) الأنصاري، الحارثي. قرأ على أبي الخطاب أحمد بن محمد بن واجب القيسي، وروى عنه التيسير وعن محمد بن سعيد بن زرقون. قرأ عليه محمد بن أحمد الطنجالي، وعلى بن سليمان الأنصاري، وإبراهيم بن وثيق، وحدث عنه بالتبصرة سماعا المؤلف (¬1) 7 - محمد بن عياش بن محمد بن أحمد بن عياش (أبو عبد الله) الحزرجي، القرطبي. قرأ على قاسم بن محمد الطيلسان الأوسي، وأبي بكر والده. قرأ عليه عبد الله بن علي بن سلمون، ومحمد بن يحيى الأشعري، قاضي الجماعة، وروى عنه التبصرة قراءة: المؤلف (¬2). 8 - إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل (أبو الوليد) - الأزدي الغرناطي، الشهير بالعطار - مقرئ، مصدر. قرأ بالروايات على ابن حسنون صاحب شريح، وعلى أبي بكر عبد الله بن عطية المحاربي. قرأ عليه: أبو جعفر بن الزبير، وروى عنه كتاب التبصرة، وغيرها بالإجازة المؤلف (¬3). 9 - القاسم بن أحمد بن حسن (أبو القاسم) الحجري، الشهير بالسكوت روى القراءة عن عبد الله بن عبد العظيم الزهري، وأبي بكر عبد الرحمن بن دَحْمان. روى القراءات عنه من التيسير صاحب الترجة (¬4) ¬
تلاميذ المؤلف ومدى أثره فيهم
مدى تأثر المالقي بشيوخه: فإن قيل: إلى أي مدى كان تأثره بشيوخه؟ قلت: لقد كان لأساذته الأثر الواضح فيه، إذ قد سار على نهجهم واتبع أثرهم. فهؤلاء شيوخه في القراءات قد جلسوا للاقراء، والتعليم، والتأليف كالإشبيلي، وابن أبي الأحوص، وابن انربير، فاقتفى أثرهم حيث جلس للإِقراء تلقين القراءات والتأليف المبحث الخامس من الباب الأول: تلاميذ المؤلف ومدى أثره فيهم: تصدر المالقي التعليم القرآن الكريم، واشتهر بالفقه، والضبط، وأقبل عليه حفاظ القرآن من كل مكان، فتتلمذ عليه الكثيرون وفي مقدمتهم: 1 - محمد بن يحيى بن بكر (أبو عبد الله) الأشعري، قاضى الجماعة بغرناطة إمام مقرئ. قرأ عليه أبو القاسم، محمد بن محمد بن الخشاب وأبو عبد الله، محمد بن علي الحفار وقرأ على صاحب الترجمة. قال ابن الجزري: أخبرنا عنه غير واحد من شيوخنا (¬1) 2 - محمد بن أحمد بن علي بن حسن بن علي بن الزيات الكلاعي (أبو بكر) المقرئ، الراوية، المشارك في فنون كثيرة كالقراءات، والفقه، والعربية والأدب والفرائض، تولى القضاء ببلده وخلف أباه على الخطابة والإمامة، واقرأ ببلده فانتفع به، قرأ على المؤلف، وعلى شيخ الجماعة الأستاذ (أبي جعفر) بن الزبير وعلي أبي الحسن (بن الحسن) المزحي و (أبي الحسن) فضل بن فضيلة، وأبي عبد الله بن رشيد. (¬2) ¬
مكانته العلمية، وثناء العلماء عليه ووفاته
3 - محمد بن عبيد الله بن محمد (أبو بكر) بن منظور القيسي، أديب من أعلام القضاة، أصله من أشبيلية من بيت علم وفضل، نشأ بمالقة، ثم كان قاضيها وخطيبها وتوفى فيها فيها بالطاعون (750 هـ). من كتبه: (نفحات النسوك وعيون التبرك المسبوك في أشعار الخلفاء والوزراء والملوك) و (السجم الواكفة في الرد على ما تضمنه المضنون به من اعتقادات الفلاسفة) (¬1). أثر المالقي في تلاميذه: فإن قيل ما أثره في تلاميذه؟ قلت: لقد كان له الأثر الواضح في تلاميذه: إذ اقتفوا أثره، وانتهجوا نهجه في الإقراء، والتدريس، والتأليف. المبحث السادس من الباب الأول: مكانته العلمية، وثناء العلماء عليه ووفاته: بلغ المالقي مكانة سامية من العلم والمعرفة، والشهرة والتدريس، فقد خاض - رَحِمَهُ اللهُ - بحر العلوم -، من قراءات وحديث، وتفسير، وفقه، وأصول، وغير ذلك، وألف في القراءات والفقه، كما تقدم، وحاضر ودرس الدروس العامة، والخاصة في جامعي غرناط، ومالقة، وانتهت اليه رياسة الإِقراء فيها، كل هذه الأمور استوجبت ثناء العلماء عليه. فقد قال محمد بن يوسف بن حيان (ت 745 هـ) .. المالقي، أستاذ، مقرئ نحوي. وقال ابن الخطيب: كان أستاذا حافلا متقنا، مضطلعا، إماما في القراءات وعلومها جائزاً قصب السبق، إتقانا، وأداءً ومعرفة، ¬
ثقافته العلمية
ورواية وتحقيقا، ماهرا في صناعة النحو، فقهيا، أصواليا، حسن التعليم، مستر حسن القراءة، فسيح التحليق، نافعا، منجبا، بعيد المدى، منقطع القرين في الدين المتين والصلاح وسكون النفس، ولين الجانب، والتواضع، وحسن الخلق ووسامة الصورة، مقسوم الأزمنة على العلم وأهله، كثير الخشوع والخضوع، قريب الدمعة، أقرأ عمره، وخطب بالمسجد الأعظم من مالقة، وله شعر (¬1). وقال ابن الجزري: عبد الواحد بن محمد بن أبي السداد: أستاذ كبير (¬2). المبحث السابع من الباب الأول: ثقافته العلمية: كان المالقي - رَحِمَهُ اللهُ - متعدد الثقافة بارعا في أهم العلوم. كعلوم القرآن والقراءات، والأصول والفقه والنحو، ومن طالع كتابه شرح التيسير علم مقدار الرجل وما كان عليه من طول يد في جميع العلوم، وبخاصة القرآن وعلومه واللغة العربية، فسبحان الفتاح العليم، وله شعر، منه قوله في، الوعظ والزهد: لئن ظن قوم من أهل الدنا ... بأن لهم قوة أو غنى لقد غلطوا ويحهم بجمع مالهم ... فتاهوا عقولا وعموا أعينا فلا تحسبوني أرى رأيهم ... فإني ضعيف فقير أنا وليس افتقاري وفقري معا ... إلى الخلق فما عند خلق غنا ولكن إلى خالقي وحده ... وفي ذاك عز ونيل المنى فمن ذل للحق يرق العلا ... ومن ذل للخلق يلق العنا (¬3) ¬
مصنفاته
المبحث الثامن من الباب الأول: مصنفاته: اتفق المترجون للمالقي على أن له مؤلفات في القراءات والفقه، غير أنهم لم يذكروا من أسمائها إلا (شرح التيسير) (¬1). وهو الكتاب الذي بين أيدينا، وقد بحثت عن أسماء تلك المصنفات في مظانها، فلم أقف على شئ منها، فهى مجهواء الأسماء والأماكن. المبحث التاسع من الباب الأول: وفاته: أجمع المؤرخون على أن المالقي توفى خامس ذي القعدة سنة خمس وسبعمائة (705 هـ) وشهد جنازته عدد كثيرٌ وجملة الطلبة وأهل العلم على رؤوسهم، ودفن بمالقة - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - رحمة واسعة، وجزاه أفضل الجزاء (¬2) ¬
الباب الثاني
الباب الثاني
تحقيق عنوان الكتاب
(تحقيق عنوان الكتاب): هو .. (الدر النثير والعذب النمير في شرح مشكلات، وحل مقفلات اشتمل عليها كتاب التيسير) هكذا سماه المؤلف في مقدمة الكتاب (¬1). فإذا لا خلاف في اسمه. وأما المترجمون للمصنف: فمهم من اكتفى بالإِخبار عن كونه شرح التيسير من غير ذكر عنوان للكتاب (¬2). ومنهم من اقتصر على بعض عنوان الكتاب الذي وضعه المؤلف مع اختلافهم في ذلك. فقال بعضهم: وله شرح التيسير في القراءات (¬3). وقال آخرون: الدر النثير والعذب النمير في شرح كتاب التيسير (¬4)، ويوجد هذا الِإسم على الصفحة الأولى من جميع النسخ التي بين يدي، ما عدا احدى النسخ التركية المشار اليها بـ (ت) فعلى الصفحة الأولى منها (كتاب شرح التيسير) وهذا الإختصار مألوف في التسمية إذا كان الإسم مركبا فيكتفى بذكر بعضه مما يدل عليه. والله أعلم. ¬
تحقيق نسبة الكتاب إلى المؤلف
المبحث الثاني من الفصل الأول من الباب الثاني: (تحقيق نسبة الكتاب إلى المؤلف): يوجد على الصفحة الأولى من جميع النسخ التي بين يدي غير نسخة (ت) العبارة التالية .. (الدر النثير والعذب النمير في شرح كتاب التيسير - تأليف أبي محمد عبد الواحد بن محمد بن علي بن أبي السداد الأموي المالقي) .. وعلى نسخة (ت) (شرح التيسير للشيخ أبي محمد عبد الواحد بن محمد بن علي بن أبي السداد الباهلي المالقي). وهذا يدل دلالة واضحة على صحة نسبة الكتاب إلى المؤلف، ومما يؤكد ذلك أن كل من ترجم للمصنف أو نقل عنه ذكر له هذا الكتاب. وهذه مقتبسات من أقوالهم: قال أبو عبد الله محمد بن الخطيب: (.. وشرح التيسير في القراءات وله غير ذلك في القراءات والفقه) (¬1). وقال ابن الجزري (.. شرح التيسير شرحا حسنا أفاد فيه وأجاد) (¬2). وقال ابن فرحون: (.. وله تآليف من القراءات وشرح التيسير) (¬3). وقال السيوطي: (.. وشرح التيسير في القراءات وله غير ذلك في القراءات والفقه) (¬4). وقال الداودي .. (.. وله تآليف في القراءات، وشرح التيسير) (¬5). ¬
وقال عمر رضا كحالة (.. من تصانيفه شرح التيسير في القراءات السبع لأبي عمرو والداني) (¬1) .. وقال الزركلي: (.. له كتب في الفقه وغيره، منها الدر النثير والعذب النمير في شرح كتاب التيسير/ لأبي عمرو الداني) (¬2). وقال علي النوري (¬3) (ذهب جماعة من القراء كأبي عبد الله بن شريح وأبي محمد عبد الواحد بن أبي السداد المالقي صاحب الدر النثير إلى أن من له الإدخال بين الهمزتين كقالون له المد بينهما من قبيل المتصل كـ (خائفين) (¬4). مما تقدم يمكنني أن أحكم وأنا مطمئن: بأن الدر النثير والعذب النمير ... هو من مصنفات الإمام أبي محمد عبد الواحد المالقي، - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - رحمة واسعة إنه قريب مجيب. ¬
وصف نسخ المخطوطات
"وصف نسخ المخطوطات" توافر لدى بعد المبحث والجهد من كتاب (الدر النثير والعذب النمير شرح التيسير) أربع نسخ .. وفيما يلي وصف موجز لهذه النسخ، ونماذج مصورة لكل منها ..
النسخة الأولى
النسخة الأولى: نسخة الأصل: وهي في (المكتبة السليمانية - أسميخان - استانبول - تركيا) تحت رقم 11، ويرجع تاريخ نسخها لسنة 913 هـ على يد محمد بن علي العمري الجزرى كما سجل ذلك - رَحِمَهُ اللهُ - في نهاية الكتاب، وقد نسخت بخط فارسى جيد مقروء مع وجود بعض حروف كتبت أحياناً بخط الرقعة، وأخرى بخط النسخ فحالة المخطوطة جيدة، وعدد أوراقها (81) ورقة مسطرتها (33) سطراً ومعدل الكلمات في السطر الواحد (18) كلمة - وقياس الكتاب 18 × 24 سم ويوجد على ظهر اللوحة الأولى الآتي: عنوان الكتاب، ورقمه المسجل به في المكتبة، واسم المؤلف،. وأول الكتاب (الحمد لله الحكيم الخبر ..) وآخره (وحسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم). وقد سقط من هذه النسخة قدر ورقة من باب الإدغام الكبير من قوله .. (بذلك الحرف مع كون الصوت الممتد خارجاً من موضع الحرف) إلى قوله (في قولهم .. سؤال: جمع سائل). كما سقط أيضاً قدر ورقتين من الفرش من قوله (وإنما قال في أكثر النحوين) إلى قوله .. (وتحقيق الثانية) ودخل في هذا الساقط آخر سورة يونس - عليه السلام -، وسورة هود، وجل سورة يوسف - عليهما السلام -. هذا مع وجود بعض الكلمات الساقطة والمحرفة، وقد نبهت عليها في مواضعها، وقد أشرت إلى هذه النسخة بنسخة (الأصل). وقد اعتمدتها أصلا لأمور، منها:
أولاً .. قدم نسخها حيث كتبت في أوائل القرن العاشر الهجري أي في سنة 913 هـ كما تقدم. ثانياً .. كون ناسخها من أئمة القراءات وهو أمر عزيز. ثالثاً .. جودة الخط ووضوحه.
النسخة الثانية
"النسخة الثانية" نسخه محفوظة في (توبقايى) استانبول - تركيا - تحت رقم (1638) وقد نسخت بخط فارسى جيد، فحالتها حسنة وعدد أوراقها (186) ومسطرتها .. (19) سطراً معدل الكلمات في السطر الواحد (15) كلمة. وقياس المخطوطة (13 × 16 سم)، ويوجد على ظهر اللوحة الأولى منها ما يأتي .. اسم الكتاب، ومؤلفه، وتاريخ وفاته، وأثر خاتم منقوش عليه (الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله) (¬1) وتفسير المراد من قول المؤلف .. (الشيخ) و (الإِمام) و (الحافظ). واسم مالك الكتاب وهو (محمد ناجي). وأول المخطوطة .. (قال الشيخ الفقيه الأجل الخطيب المقريء أبو محمد عبد الواحد بن محمد بن علي بن أبي السداد ..) وآخرها .. (تم الكتاب المبارك ولله الحمد والله وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين وحسبنا الله ونعم الوكيل). وقد سقط من هذه النسخة ورقة من باب (ياءات الإِضافة) من قوله .. (وفي العنكبوت ..) إلى قوله (أن يفرق بين ما تكرر من هذه الكلمات) وتكررت فيها لوحة (44). وامتازت هذه النسخه بجودة الخط وبيان الحروف والربط إلا أنها يكثر فيها التحريف. وقد بينته في مواضعه، وقد رمزت لها بحرف (ت). ¬
النسخة الثالثة
"النسخة الثالثة" نسخة محفوظة في المكتبة الأزهرية بالقاهرة تحت رقم (260) (22267). وهي من كتب حسن جلال باشا الحسنى أهداها للجامع الأزهر، ومن هذه النسخة صورة على ميكروفيلم بمكتبة المخطوطات بالجامعة الاسلامية (¬1) تحت رقم (288) عدد أوراقها (110) مسطرتها (27) سطراً معدل الكلمات (18) كلمة في السطر الواحد. وقياس المخطوطة (20 × 25) وقد كتبت بخط نسخ معتاد، بها آثار رطوبة وأكل أرضة وتقطيع وترميم. وقد سقطت منها أوراق من أماكن متفرقة، ويوجد على ظهر اللوحة الأولى الآتي .. اسم الكتاب، واسم مؤلفه، وعدد الأوراق، ورقم النسخة الذي سجلت به في المكتبة الأزهرية، وتعليقات أخرى. وأولها (قال الشيخ الفقيه الأجل الخطيب المقريء المحقق الفاضل الأوحد عبد الواحد بن محمد بن علي بن أبي السداد الأموي المالقي رضى الله عنه ...). وآخرها .. (والحمد لله آخر دعوة ندعو بها والله - عَزَّ وَجَلَّ - يسمع حمده) وقد رمزت لهذه النسخة برمز (ز). ¬
النسخة الرابعة
"النسخة الرابعة" نسخة مخطوطة في (السليمانية - استانبول - تركيا) تحت رقم (10) عدد أوراقها (191) ورقة في كل صفحة (21) سطراً، وقياس المخطوطة (9 × 14) وقد كتبت بخط نسخ معتاد مقروء، فحالته جيده وامتازت هذه النسخة بتشكيل بعض الكلمات نحو .. (علم حسن ركبت فيه) ويوجد على ظهر اللوحة الأولى الآتي: اسم الكتاب، ومؤلفه واستصحاب السيد محمد بن مصطفى له ووقفيته سنة 1296 هـ وأولها (قال شيخ الإِمام الفقيه الأجل المقريء المحقق الفاضل الأوحد أبو محمد عبد الواحد بن محمد بن علي بن أبي السداد الأموي المالقي - رضي الله عنه - ..) هذا وقد انقطع السير بهذه النسخة عند قول الحافظ في سورة (ق) (قال النقاش عن أبي ربيعة عن البزي وابن مجاهد عن قنبل). وقد رمزت لهذه النسخة برمز (س).
طبيعة اختلاف النسخ
طبيعة اختلاف النسخ يمكن تصنيف طبيعة اختلاف النسخ استنتاجاً من وضعها فيما يأتي .. 1 - اختلاف البداية بين نسخة (الأصل)، وباقي النسخ، حيث بدأت نسخة (الأصل) بكلام المؤلف (الحمد لله الحكيم الخبير العليم القدير العلي الكبير المنفرد بجميل التقدير في جميع التدبير ...). وأما باقي النسخ فاستهل الكلام بذكر بعض صفات المؤلف والترضي عليه بعد البسملة، والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -. 2 - تحريف الكلمات المتشابهة نحو (عمر) و (عمرو) و (ذلك) و (ولذلك) وقد ميزت الصحيح من الفاسد، وأشرت إلي الإختلاف في الحواشي. 3 - السقط لعض الكلمات أو الأسطر مما يشرد عنه الذهن ويشطح به القلم. وأكثر النسخ سقطاً نسخة (الأصل) ثم نسخة (ت) وقد أكملت نص الكتاب من مجموع النسخ، وأشرت للسقط في الحواشي. 4 - يلاحظ أن نسخة (س) خلت من (تعالى) بعد لفظ الجلالة، وكذا من الصلاة على الأنبياء - عليه الصلاة والسلام - مخالفة بذلك باقي النسخ وكنت أنبه عليه في البدء، فلما وجدته مبدءاً مطرداً اكتفيت بإثبات (تعالى) بعد لفظ الجلاله، والصلاة على الأنبياء بعد ذكرهم، دون أن أنبه على المخالفة في نسخة (س). والله تعالى الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
مشتملات الكتاب
مشتملات الكتاب بدأ المصنف كتابه بمقدمة بارعة رائعة من البيان الأدبي، ونَموذج (1) من الأدب الأندلسي سامية المعاني، جليلة الألفاظ، فخمة العبارات. يتلوها ذكر الأسانيد التي روى بها التيسير والتبصرة والكافي، ويتلوا ذلك باب في الإستعاذة، وآخر في التسمية وما يتعلق بهما، وبعد ذلك تأتي سورة القرآن، وأبواب الأصول، وهي الإدغام الكبير، فهاء الكناية، فالمد والقصر، فالهمزتان من كلمة ومن كلمتين، فالهمزة الفردة، فمذهب حمزة وهشام في الوقف على الهمز، فالإِظهار، والإدغام للحروف السواكن، فالفتح والإمالة وبين اللفظين، فالراءات فاللامات، فالوقف على أواخر الكلم، فالوقف على مرسوم الخط، فمذهب حمزة في السكت على الساكن قبل الهمزة، فالياءات. ثم يأتي بعد ذلك فرش الحروف مبتدئاً بسورة البقرة ومنتهياً بسورة الكافرون، ثم ختم بالتكبر وما يتعلق به.
منهج المؤلف في الكتاب
منهج المؤلف في الكتاب قد انتهج المؤلف في هذا الكتاب منهجاً بين بعضه في مقدمته، حيث ذكر فيها أنه سوف يشرح المشكل، ويقيد المهمل، ويحل المقفل، من كتاب التيسير، معتمداً في شرحه على كتاب التبصرة، والكافي مع كلام من غيرهما، كالجامع، والتحبير/للداني، وكتاب الإقناع / الإبن الباذش وكتاب سيبوية، ومعافي القرآن / للأخفش، وغيرذلك مما دعت إليه ضرورة التفسير، مبيناً الموافقة والمخالفة بين التيسير والتبصرة والكافي. قال رحمه الله تعالى: (... فدونك زيا من الدر النثير والعذب النمير في شرح مشكلات، وقيد مهملات، وحل مقفلات اشتمل عليها كتاب التيسير، متبعاً بالموافقة والمخالفة على الأسلوب الوافي فيما بينه، وبين كتاب التبصرة والكتاب الكافي، إلى كلام من غيرهما دعت إليه ضرورة التفسير. هـ). ولكونه - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - لا يفسر إلا المشكل من ألفاظ التيسير فقد ترك ما لا إشكال فيه كما صرح بذلك في بعض الأبواب في ختام باب الإِدغام الكبير (وباقي كلامه بين وقد أتيت على جميع ما ظهر لى في الباب والحمد لله وحده الذي أحاط بكل شيء علما.) وسوف تقف على أن المؤلف قد وفى بما وعد به، فشرح المشكل وحل المقفل وبين المتفق عليه، والمختلف فيه بين الأئمة الثلاثة، الداني ومكي، وابن شريح، فمن شرح المشكل وحل المقفل قوله عند لفظ الداني:
(فذكرت عن كل واحد من القراء روايتين) اعلم أن الروايات التي ذكر أربع عشرة والرواة الثلاثة عشر، وسبب ذلك أن أبا عمر الدوري الذي يروى عن اليزيدي عن أبي عمرو هو بعينه واسمه الذي يروي عن الكسائي. ومن تقييد المطلق قوله عند نص الداني .. (والباقون يحققون الهمزة في ذلك كله). ليس هذا على إطلاقه لأن أبا عمرو يسهل كل ما يذكر من الهمزات السواكن، وحمزة إذا وقف يسهل كل ما ذكر من الساكنة والمتحركة ومن الموافقة قوله في نهاية الكلام على الهمزة المفردة (والشيخ والِإمام يوافقان الحافظ على كل ما في هذا الباب). ومن أمثلة الموافقة والمخالفة قوله في باب البسملة .. (اعلم أن المواضع باعتبار البسملة في مذهب الحافظ أربعة: - موضع تترك فيه باتفاق وهو: أول براءة. سواء بدئ بها أو قرئت بعد غيرها. - وموضع تثبت فيه باتفاق وهو: أول كل سورة يبدأ بها إذا لم يقرأ قبلها غيرها سوى براءة. - وموضع يخير فيه باتفاق وهو: الإبتداء برؤس الأجزاء التي في أثناء السور. - وموضع فيه خلاف وهو: ما بين السور فأثبت البسملة فيه قالون وابن كثير وعاصم والكسائي وتركها الباقون. وافقه الشيخ والامام في الموضع الأول على الترك. وفي الموضع الثاني على الإثبات. وخالفاه في الموضع الثالث فقالا: يعوذ عند الإِبتداء برؤس الأجزاء لا غير هذا وقد استنبطت من خلال دراستي للكتاب أن مؤلفه - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -:
1 - يبدأ قبل شرحه لنص التيسير بتوطئة، وهي عبارة عن خلاصة الكلام في الباب ثم يأتي بالنص مبيناً ما فيه من غموص. ولنستمع إليه وهو يحدثنا في باب هاء الكناية: (اعلم أن هذه الهاء إن وقف عليها فلها مثل ما لسائر الحروف من الِإسكان والروم والإِشمام. كما يأتي في بابه بحول الله تعالى: فإن وصلت هذه الهاء فهى ثلاثة أقسام: - قسم اتفق القراء على صلة حركته. - وقسم اتفقوا على ترك صلة حركته. - وقسم اختلفوا فيه. وضابط ذلك أن ينظر إلى الحرف الواقع بعدها، فإن كان ساكناً فهى من المتفق على ترك صلته سواء تحرك ما قبلها أو سكن، وإن كان الحرف الواقع بعدها متحركاً، فهناك يعتبهر ما قبلها. فإن كان متحركاً فهى من المتفق على صلته، وإن كان ساكناً فهى من المختلف فيه، يصلها ابن كثير، ويختلس حركتها الباقون. وبهذا الإسم بدأ الحافظ فقال .. (كان ابن كثير يصل هاء الكناية عن الواحد المذكر .. إلى آخر كلامه). قوله (عن الواحد) متعلق بالكناية وقوله (بواو) متعلق بيصل وقوله (فإذا وقف حذف تلك الصلة) يريد والحركة التي في الهاء، وقوله (لأنها زيادة) تقليل للحذف.) 2 - يكشف عن وجوه القراءات وعللها وحججها. قال - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - .. (وجه قراءة الجماعة في ترك الصلة إذا سكن ما قبل الهاء - يعني هاء الكناية - أن الهاء عندهم لضعفها روهنها في حكم العدم فلو وصلوها لكانوا كأنهم قد جمعوا بين ساكنين فتركوا الصلة كذلك، ولا ينكر كون الحرف الضعيف قد حكم له بحكم المعدوم.
ألا ترى أن سيبويه قال في: (اسطاع) إنما هي أطاع. زادوا السين عوضاً عن ذهاب حركة العين يريد من أجل ذهاب حركة العين من العين إذ الحركة لم تذهب من الكلمة رأساً وإنما هي في الطاء، فإن أصل الكلمة (أطوع) مثل (أكرم)، فلما نقلت الحركة وقلبت الواو ألفا صارت الألف عرضة للحذف، عند سكون ما بعدها نحو أطعت، فلما توهنت الواو بالإسكان والقلب عوض منها السين، وإن كانت الألف تحرز مكانها ولم يكن ذلك من الجمع بين العوض والمعوض منه لكون الألف في حكم المعدوم لضعفها وتعرضها للحذف. ووجه قراءة ابن كثير اعتبار الأصل اذ الهاء حرف متحرك فقد فصل بحركته بين الساكنين مع الهاء وإن كانت ضعيفة فإنها تحرز في حكم اللفظ ما يحرزه الضاد باستطالته، والسين بتفشيه، والقاف بقلقلته. وتصحيح ذلك يظهر في أوزان الشعر إذ هو معيار لتحقيق ذلك ولا فرق بين الهاء وغيرها من الحروف في حكم الوزن. والله أعلم. 3 - أثبت الفروق بين نسخ التيسير، مع التنبيه على تصحيف في بعضها. يقول - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - .. (يثبت في كثير من نسخ التيسير بإثر البسملة والتصلية.) قال أبو عمرو بن سعيد بن عثمان الداني: "والذي رويته ترك ذلك وإثبات الخطبة. بإثر البسملة والتصلية وهو قوله الحمد لله المنفرد بالدوام." قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - (وألزم اليزيدي أبا عمرو إدغامه) وفي بعض النسخ (أبا عمر) بضم العين وفتح الميم، وهو اسم الدوري، وهو تصحيف، والصحيع (أبا عمرو) بفتح العين وإسكان الميم، وهو اسم الإمام ابن العلاء، ويدل على صحة ذلك قوله: (فدل على أنه يرويه عنه بالإِظهار.) يريد: فدل هذا الإِلزام على أن اليزيدي يرويه عن أبي عمرو بالإِظهار
4 - حصر الأمثلة القرآنية المندرجة تحت النصوص التي تعرض لشرحها من التيسير، وهو يدل على قوة حفظه، حتى كأن القرآن زوي له فهو ينظر إليه كما ينظر إلى كنهه - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - رحمة واسعة قال: اعلم أن الهاء يدغمها أبو عمرو في مثلها إن كانتا من كلمتين سواء كانت الأولى ضميراً أو غير ضمير، وسواء كان قبلها حرف متحرك أو ساكن، وإن كانت في الأسماء موصولة حذفت الصلة ثم أسكنها في جميع ذلك وأدغمها. وجملته في القرآن أربعة وتسعون حرفاً، منها حرف حرف في ثلاث وعشرين سورة، ففي النساء (وكلوه هنيئاً) وفي الأنعام (قل إن هدى الله هو الهدى) وفي الأعراف (لأخيه هارون) وفي سورة يونس (سبحنه هو الغنى) وفي سورة هود - عليه السلام - (غيره هو أنشاكم) وفي المؤمنون (وأخاه هرون) ... الخ، ومنها حرفان حرفان في عشر سور ففي الأنفال (وتوكل على الله إنه هو السميع العليم) (فإن حسبك الله هو الذي أيدك) .. الخ. ومنها أربعة في سورتين ففي سورة يوسف - عليه السلام - (كيدهن إنه هو السميع العليم) (بهم جميعاً إنه هو العليم) (ربي إنه هو الغفور) (لما يشاء إنه هو العليم) ... الخ. ومنها خمسة بالتوبة وهي (وكلمة الله هي العليا) (إن الله هو التواب) ... الخ. ومنها سته في ثلاث سور ففي البقرة (فيه هدى) (فتاب عليه إنه هو التواب) (فتاب عليكم إنه هو التواب) (وهدى الله هو الهدى (لا تتخذوا أيات الله هزوا) (جاوزه هو).
إذا تعرض لمسألة فيها خلاف، وكان الراجح والمعتمد عند القراء أحد هذه الأقوال وهو الذي اعتمده، بين الراجح، وأحال الكلام على الأقوال الأخرى إلى مصدر من مصادر القراءات المعتمدة التي استوعبت ذلك خوفاً من الإِطاله. قال: ولما كان المعول على الجهر - أي بالإستعاذة - لم أطول بما ورد في الاخفاء من التفصيل والخلاف، ومن أحب الوقوف على ذلك فلينظره في كتاب الإِقناع لأبي جعفر بن الباذش - رضي الله عنه -. 6 - قد يستطرد لمناسبة ما: فيرى أن الإِستطراد أبعده عن نص التيسير، فيعزم على القفول إلى لفظ الحافظ في التيسير قائلا: (وأرجع إلى كلامه في التيسير). قال - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - بعدما سرد الأفعال المجزومة المستثناة من قاعدة الِإبدال عند السوسي: (اعلم أن هذه المواضع قد اشتملت على قوله تعالى .. (من يشأ الله يضلله) في الأنعام و (فإن يشأ الله يختم) في الشورى. وهذان الموضعان من أبين الدلائل على صحة ما تقدم من كون أبي عمرو يسهل الهمزة في هذا الباب في الوصل والوقف، وأن قول من زعم أنه يسهلها في الوصل دون الوقف غلط ... وقد نص ابن شريح - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - على هذه المواضع كلها حرفا حرفاً وذكر فيها هذين الموضعين .... وإنما ذكرت هنا ذكر ابن شريح لهذين الموضعين في عدد المستثنيات لأن صاحب هذه المقالة المردودة يعتصم بمذهب ابن شريح، ويستدل على ذلك بمفهومات له في الكتاب الكافي تنزه ابن شريح - رَحِمَهُ اللهُ - أن تكون خطرت بباله قط، فضلاً عن أن يكون قصدها، وأضربت عن ذكرها هنا صونا للمداد والقرطاس
عن استعمالهما في الهذيان .... وأرجع إلى كلام الحافظ في التيسير).
مصطلحات المؤلف في الكتاب
مصطلحات المؤلف في الكتاب يوميء المصنف إلى بعض المصطلحات في ثنايا كتابه وهي كالآتي: 1 - يذكر بعض الأئمة مجردين من أسمائهم، مكتفياً بصفاتهم، مع قرينة تبين المراد.، وإليك توضيح ذلك: أ - إذا أطلق "العبد" فيعني بذلك نفسه، من ذلك قوله: قال العبد: ولما ذكر الحافظ في المفردات إيصال قراءته بأبي بكر عن عاصم ذكر عن كل شيخ بينه وبين أبي بكر أنه قرأ إلا يحيى فلم يقل قرأ على أبي بكر، وإنما قال: قال: يحيى وسألت أبا بكر عن هذه الحروف يعني حروف عاصم أربعين سنة، وقرأ أبو بكر على عاصم. ب - إذا أطلق الحافظ فالمراد به أبو عمرو عمان بن سعيد بن عمان بن سعيد الداني. صاحب التيسير (ت 444 هـ). ومن أمثلته قوله: (أسند الحافظ كل واحدة من القراءات في التيسير، رواية وقراءة، وجعل سند الرواية غير سند القراءة إلا في قراءة حفص، فإنه جعل سند الرواية والقراءة واحدا). ج - إن أطلق "الشيخ" فالمراد به أبو محمد مكى بن أبي طالب صاحب التبصرة (ت 437 هـ) ومن ذلك قوله: (وحكى الشيخ في كتاب الكشف عن مالك إنما ترك من مضى أن يكتبوا في أول براءة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، لأنه سقط أولها، يعني نسخ، وحكى نحوه عمان - رضي الله عنه -). د - إذا أطلق "الإمام" فالمراد به أبو عبد الله محمد بن شريح بن أحمد الإشبيلي صاحب "الكافي" (ت 476 هـ) ومن ذلك قوله
(ذكر الحافظ في المفردات والامام في الكافي: أن هشاما قرأ على عراك) هـ - إذا قال "المعدل" فالمراد به - أبو إسماعيل - موسى بن الحسين بن إسماعيل بن موسى الشريف صاحب الروضة. ومثاله: وقع في كتاب الروضة للمعدل، قال: كان رجل من العرب له جارية يحبها وتكرهه، وكانت تكثر أن تقول له: أنت قالون ياسيدي فخدعته بذلك .... الخ) ولم يقع له ذكر في غير هذا الموضع، والله تعالى وحده أعلم. 2 - يلاحظ أيضاً أثناء عرضه للأمثلة القرآنية المتكررة في أكثر من سورة ما يأتي: إذا قال "حرف حرف" أي في كل سورة من السور التي تذكر كلمة، مثل قولة: (اعلم أن النون يدغمها في مثلها تحرك ما قبلها أو سكن.) وجملته في القرآن سبعون موضعاً، فها حرف حرف في احدى وعشرين سورة، ففي العقود (يقولون نخشى) وفي الأنفال (الفئتان نكص) .. الخ أو (حرفان حرفان) يعني في كل سورة كلمتان نحو قوله (ومنها حرفان حرفان في أربعة سور ففي آل عمران (فقنا عذاب النار ربنا) (مع الأبرار ربنا) وفي سورة هود - عليه السلام - (قد جاء أمر ربك) (لما جاء أمر ربك) ... الخ. أو (ثلاثة ثلاثة) ريد أن في كل سورة ثلاث كلمات مثل قوله: (ومنها ثلاث في ثلاث سور، ففي النساء فتحرير رقبه.، فتحرير رقبة، وتحرر رقبة ...) الخ أو (أربعة أربعة) يعني في كل سورة أربع كلمات وذلك مثل قوله .. (وفها أربعة أربعة في أربع سور، ففي العقود، "قال لأقتلنك" "يا أيها الرسول لا يحزنك" "السبيل لعن" "وإذا قيل لهم تعالوا")
أو (خمسة خمسة) أراد - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - أن في كل سورة خمس كلمات نحو قوله (ومنها خمسة خمسة في سورتين، ففي النساء: (تخافون نشوزهن)، (المؤمنين نوله)، (ولا يظلمون نقيرا)، (للكافرين نصيب) (ويقولون نؤمن) ... الخ وقس على هذه الأمثلة ما ضارعها، وكن متأملا، والله تعالى أعلم.
المصادر التي اعتمد عليها المؤلف في كتابه
المصادر التي اعتمد عليها المؤلف في كتابه مما لا ريب فيه أن كل من أراد التأليف لا يمكنه ذلك إلا إذا اطلع على ما كتب قبله فيما يريد التصنيف فيه؛ ولذا فإن المؤلف قد اعتمد في شرحه على مصادر كثيرة وهي منقسمة إلى قسمين: القسم الأول: ما أخذه عن شيوخه في القراءات .. لما كان علم القراءات مبنيا على المشافهة والتلقى في كل عصر وعصر فإن المالقي قد تلقى هذا العلم عن عدد من شيوخه البارزين في هذا الفن كما صرح بذلك في المقدمة عند ذكره الأسانيد التي روى بها القراءات عن الأئمة الثلاثة .. (مكي بن أبي طالب، وعثمان بن سعيد الداني، ومحمد بن شريح) ولنستمع إلى المؤلف وهو يحدثنا في هذا الشأن: (أما كتاب التيسير فحدثني به الشيخ أبو بكر محمد بن محمد بن أحمد الأنصاري البلنسي بن مشليون إجازة قال: أخبرنا القاضي أبو بكر بن عبد الملك بن أبي جمرة المرسي عن أبيه عن الحافظ أبي عمرو عثمان بن سعيد الداني مؤلفه - رَحِمَهُ اللهُ -. وسمعته من لفظ الأستاذ الجليل أبي جعفر أحمد بن إبراهيم بن الزبير الثقفي، وقال: قرأته على أبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن إبراهيم الأنصاري بن جوبر، قال: قرأته على القاضي أبي بكر بن أبي جمرة المذكور عن أبيه سماعاً عن الحافظ أبي عمرو إجازة. وتجرأت جميعه على الخطيب أبي الحجاج يوسف بن إبراهيم بن يوسف الأنصاري بن أبي ريحانة، قال لي: قرأت بعضه وسمعت باقيه على الحاج
أبي بكر عتيق بن علي بن خلف الأموي المربيطري عن أبي الحسن ابن هذيل اجازة، أما ابن النعمة فعن أبي عبد الله محمد بن باسة الزهري عن أبي القاسم خلف بن إبراهيم الطليطلي عن أبي عمرو. وأما ابن هذيل فعن أبي داود عن أبي عمرو). (وأما كتاب التبصرة فحدثني بن الشيخ الراوية أبو الوليد إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل الأزدي الغرناطي الشهير بالعطار إجازة اخبرنا أبو بكر عبد الله بن عطية المحاربي أخبرنا ابن عتاب عن مؤلفه الشيخ أبي محمد مكي. وقرأت جميعه على القاضي أبي علي بن أبي الأحوص، وقال لي قرأته على أبي عمران موسى بن عبد الرحمن يحيى بن العربي عن ابن بشكوال عن ابن عتاب عن مؤلفه، وسمعت جميعه على الأستاذ الشيخ أبي عمر بن حوط الله، وقال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عيسى التادلي عن ابن عتاب عن مكي). (وأما الكتاب .. الكافي فسمعته على الخطيب أبي بكر محمد بن أحمد بن عبد الله بن القاضي اللخمي الإشبيلي وحدثني به عن الشيخين الجليلين أبي العباس بن مقدام وأبي الحكم بن حجاج قراءة وسماعاً كلاهما عن الخطيب أبي الحسن شريح بن محمد بن شريح عن أبيه مؤلفه؛ وقرأته على القاضي أبي علي بن أبي الأحوص. وحدثني به عن القاضي أبي القاسم أحمد بن يزيد بن بقي مناولة عن أبي الحسن شريح عن أبيه وحدثني به أيضاً القاضي أبو علي أنه قرأه على الأستاذ أبي الحسن علي بن جابر اللخمى الدباج الإشبيلي عن أبي بكر بن صاف عن شريح عن أبيه).
القسم الثاني: الكتب التي نقل عنها
القسم الثاني: الكتب التي نقل عنها: اعتمدء المصنف على كتب كثيرة ومتعددة، وكرر نقله عنها في أكثر من موضع من كتابه. وفيما يلى ذكر أسماء هذه الكتب مرتبة تاريخياً حسب وفيات مؤلفيها: 1 - كتاب سيبويه (¬1) لأبي بشر عمرو بن عثمان (ت 180 هـ) ومن أمثلة نقل المؤلف منه .. قوله: (قال سيبويه - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - في باب الهمزة .. فليس من كلام العرب أن تلتقى همزتان فتحققا) وقوله أيضًا .. لام التعريف عند سيبويه حرف واحد من حروف التهجي وهي اللام خاصة، وبها يحصل التعريف، وإنما الألف قبلها ألف وصل، ولهذا تسقط في الدرج فهي إذًا بمنزلة باء الجر، وكاف التشبيه مما هو حرف واحد، فلهذا كتبت موصولة في الخط بما بعدها. ويظهر من الكتاب أن مذهب الخليل مخالف لمذهب سيبويه - رَحِمَهُمَا اللهُ - لأن الخليل شبهها بقد. 2 - معاني القرآن لسعيد بن مسعدة - أبي لحسن - الأخفش الأوسط (ت 215 هـ) (¬2) قال المالقي: ¬
القسم الثالث المختلف فيه - هو الهمزة المكسورة بعد الضمة والمضمومة بعد الكسرة. فسيبويه يسهلها بين الهمزة والحرف الذي منه حركتها، وأبو الحسن يبدلها حرفاً من جنس حركة ما قبلها، وحجته أنه لما لزم إبدالها مفتوحة بعد الكسرة والضمة ولم يجز جعلها بين الهمزة والألف، لكون الألف لا تثبت بعد الكسرة ولا بعد الضمة، فلتكن كذلك فيما انضم بعد الكسرة، أو انكسر بعد الضمة؛ لأن المكسورة بعد الضمة لو سهلت بين الهمزة والياء على حركتها لكان فيها شبه بالياء الساكنة، والياء الساكنة لا تثبت بعد الضمة بل تنقلب واوًا، فلتكن هذه الهمزة كذلك. وكذلك المضمومة بعد الكسرة لو سهلت بين الهمزة والواو لدخلها شبه من الواو فينبغي أن تقلب ياء كما أن الواو الساكنة تنقلب بعد الكسرة ياء. 3 - صحيح البخاري - لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري (ت 256 هـ) قال المالقي - رَحِمَهُ اللهُ - في باب التسمية - إن التسمية تقال بمعنيين .. إحداهما - وضع الإِسم على المسمى كقولك: سميت ابني محمدًا، تريد جعلت هذه الكلمة اسماً له وعلامة يعرف بها، وحاصل هذا المعنى إنشاء وضع الإِسم على المسمى. والمعنى الثاني - ذكر الإِسم الموضوع على المسمى بعد استقرار الوضع كما يقول الرجل لصاحبه: إن فلانًا يفعل كذا فاحذره ولا تسمني. أي لا تذكر اسمى له. انتهى. ثم استشهد على هذا المعنى الثاني بحديث رواه البخاري عن أنس - رضي الله عنه -، قال، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي: "إن الله أمرني أن أقرأ
عليك القرآن" قال أبي: آلله سماني لك؟ قال: الله سماك لي قال قتادة: فأنبئت أنه قرأ عليه "لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب" (¬1). 4 - كتاب الجامع (¬2) لأبي بكر أحمد بن موسى بن العباس بن مجاهد (ت 324 هـ) وقد نقل المؤلف عنه بواسطة قول الداني في التحبير - وحكى ابن مجاهد في كتاب الجامع عن ابن كثير أنه يقف على قوله تعالى "يناد" بالياء 5 - كتاب قراءة المكيين (¬3) لإبن مجاهد. وقد نقُلْ المصنف عنه بواسطة قول الحافظ في تحبيره. قال ابن مجاهد في كتاب "قراءة المكيين وقف قنبل بالياء في قوله تعالى "يناد" وعن الخزاعى بغير ياء 6 - شرح الهداية (¬4) لأحمد بن عمار بن أبي العباس المهدوي (430 هـ). ومثال نقل المؤلف منه قوله - وقد أغلظ المهدوي في القول على سيبويه في هذه المسألة حين تكلم في "أئمة" في سورة التوبة في شرح الهدايه فقال ما نصه: وقد عاب سيبويه والخليل تحقيق الهمزتين وجعلا ذلك من الشذوذ ¬
الذي لا يعول عليه، والقراء أحذق بنقل هذه الأشياء من النحويين، وأعلم بالآثار ولا يلتفت إلى قول من قال إن تحقيق الهمزتين في لغة العرب شاذ قليل؛ لأن لغة العرب أوسع من أن يحيط بها. قائل هذا القول، وقد أسمع على تحقيق الهمزتين أكثر القراء وهم أهل الكوفة وأهل الشام وجماعة من أهل البصرة وببعضهم تقوم الحجة. 7 - التذكرة في إختلاف القراء (¬1) لمكي بن أبي طالب (ت 437 هـ). ومثال نقل المالقي منه قوله - وقف البزى على "هيهات" الثاني بالهاء، كذا قال في التبصرة وفي كتاب التذكرة. 8 - كتاب التبصرة في القراءات السبع (¬2) لأبي محمد مكي بن أبي طالب. وهو من أهم مصادر المؤلف التي اعتمد عليها. ومن أمثلة نقل المصنف منه قوله - وأما الشيخ فذكر ترك الزيادة في المسند المنفصل عن قالون من طريق الحلواني، وذكر عنه من طريق أبي نشيط وعن الدوري الزيادة لا غير. وقوله أيضًا - وأما الشيخ فقال في التبصرة - قرأ ورش بتمكين مد البدل فيما روى المصريون عنه، وقرأ الباقون بمد وسط كما يخرج من اللفظ. 9 - الكشف عن وجوه القراءات السبع وعللها وحججها لمكي بن أبي طالب (¬3). ¬
ومثال نقل المؤلف منه قوله - قال في كتاب الكشف (والمد في حرف المد واللين إذا كانت الهمزة أمكن من مده إذا كانت قبله لتمكن خفاء حرف المد واللين إذا كانت الهمزة بعده). وقوله أيضًا - فأما (يؤاخذ) وبابه فإن قدرت واوه مبدلة من همزة فهو من هذا القبيل، وهو قول الإمام، وإن قدرت أصلية على لغة من قال (واخذ) فلا مدخل له في التمكين، كالألف في قوله تعالى (ولكن لا تواعدوهن سراً) وهذا الوجه الثاني قاله الحافظ في إيجاز البيان والشيخ في كتاب الكشف. 10 - إيجاز البيان في قراءة وريق عن نافع (¬1) لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني (ت 444 هـ). قال المؤف: اعلم أن الناس اختلفوا هنا - يعني في مد البدل - فمنهم من يشبع المد كما لو تقدم حرف المد على الهمزة فيسوى بين المد قبل الهمزة وبعدها نحو (جاءو) وهو ظاهر قول الإِمام، وأنكره الحافظ، وأط الذي الرد على أصحاب هذا المذهب في إيجاز البيان، والتمهيد وغيرهما. ونص الحافظ في إيجاز البيان - على التمكين الزائد في (المؤودة) و (سوءات). 11 - الإيضاح في الهمزتين للداني (¬2). قال المالقي: قرأ ابن كثير (أن يؤقي أحد) في آل عمران بالِإستفهام بهمزة محققة وأخرى ملينة بين الهمزة والألف على أصله ¬
وهو قول الحافظ في (الإِيضاح). وقال الحافظ في (الإِيضاح) ما نصه: قرأ ابن كثير في رواية قنبل ونافع في رواية ورش (للنبي إن أراد) و (بيوت النبي إلا) بتحقيق الهمزة الأولى، وتسهيل الثانية فتكون في اللفظ كأنها ياء ساكنة، وهي في الحقيقة بين الهمزة والياء الساكنة 12 - التمهيد لإختلاف قراءة نافع للداني (¬1). ومن أمثلة نقل المالقي منه - قوله: قال الحافظ في كتاب التمهيد في سورة يوسف - عليه السلام -: واختلفو (في سكون الياء وفتحها من قوله (مثواى) و (بشراي) ثم نقل أقوال الرواة في ذلك. ثم قال ما نصه: وسألت شيخنا أبا الحسن عن هذه الأشياء التي توجد مسطورة في النصوص كياء (هداي) و (بشراي) و (مثواي) وشبهه والتلاوة بالنقل عن مسطريها بخلاف ذلك؟ فقال لي ذلك بمنزله الآثار الواردة في الكتب في الأحكام وغيرها بنقل الثقات، والعمل بخلافها فكذلك ذلك. 13 - التحبير - للداني (¬2). قال المالقي - ذكر الحافظ في التحبير بسنده عن محمد بن أحمد عن ابن الأنباري أن (ياعبد) في سورة الزخرف بغير ياء في ¬
مصاحف أهل المدينة، وفي مصاحف أهل العراق بالياء وقال في التحبير - سمعت هذه الثلاثة المواضع (الظنون) و (الرسول)، و (السبيل)، في سورة الأحزاب بالألف. 14 - التفصيل للإِمام الداني .. (¬1) قال المؤلف: اعلم أن الحافظ ذكر في (التفصيل) خلافًا في هذا الحرف - (إلى ذي العرش سبيلاً). وذكر الحافظ في التفصيل أن إدغام (يحزنك كفره) رواية القاسم بن عبد الوارث عن أبي عمرو، واعتمد الحافظ على الإِظهار. 15 - التنبيه على مذهب أبي عمرو بن العلاء في الإمالة والفتح بالعلل للداني (¬2). ومثال نقل المصنف منه - قوله: وقال في كتاب التنبيه لما ذكر (ليسئوا) و (جاءو) و (جاءو) و (اسراءيل) وشبهه ما نصه .. والمدة الأولى في هذا هي أشبع مدا من الثانية. 16 - التلخيص للإِمام الداني (¬3). قال المؤلف: وليس في كلام الداني في إيجاز البيان ولا في التمهيد ولا في التلخيص، ولا في الموضح فتح (هداي) و (محياي) و (مثواي) لورش، وإنما حاصل قوله فيها بإمالة بين اللفظين لورش. ¬
17 - جامع البيان في القراءات السبع وطرقها المشهورة والغريبة للإِمام الداني (¬1). قال: أطلق الحافظ القول بترك الهمز في هذا الباب. - باب مذهب أبي عمرو في ترك الهمزة - وخصه في المفردات برواية السوسي. وحاصل قوله في جامع البيان الإِطلاق كما هو في التيسير. 18 - المقنع في معرفة رسم المصاحف للحافظ الداني (¬2). قال المؤلف - ومن ذلك - أي مما خالفت فيه القراءة الرسم وصلا ووقفاً - ما ثبت من الحروف في الرسم ولا يقرؤه أحد كالألف بعد لام ألف في قوله تعالى في سورة النمل (أولأ اذبحنه) وفي سورة التوبة (ولأ اوضعوا) وكذلك الواو بعد الألف في قوله تعالى (سأوريكم دار الفسقين) والياء ثبت في الخلط في قوله تعالى (من نبإى المرسلين) إلى غير ذلك مما هو مذكور في كتاب المقنع في رسم المصاحف للحافظ. أبي عمرو عثمان بن سعيد الداني. 19 - المفصح للحافظ الداني (¬3). قال المالقي - ذكر الحافظ في المفصح أن عصمة بن عروة النقيمي روى إدغام (ءال لوط) عن أبي عمرو، وأنه اختيار بن شاذان، وعامة أهل الأداء من أصحاب عبد الرحمن، وأبي شعيب، وابن ¬
سعدان عن اليزيدي 20 - مفردات القراء السبعة للإِمام الداني (¬1). ومن أمثلة نقل المصنف منه قوله - قال الحافظ في المفردات ما نصه: (وكلهم لم يزد في تمكين الألف في قوله تعالى (لا يؤاخذكم) و (ولا تؤاخذنا) وبابه، وزاد بعضهم (ءآلئن) في الموضعين من يونس، و (عادا الأولى) في والنجم، فلم يزدوا في تمكين الألف والواو فيهن 21 - الموضح للإِمام الداني (¬2). قال المالقي - أما (حتى) فكتبت بالياء في أكثر المصاحف وحكى الحافظ في (الموضح) أنها في بعضها بالألف، وعلل كتبها بالياء، وقوع الألف فيها رابعة، وهو موضع تختص به الياء، وبأنها أشبهت ألف (شتى). 22 - الكافي (¬3) لأبي عبد الله محمد بن شرح الرعينى الأندلسي (ت 476 هـ). وهو من أهم المصادر التي اعتمد عليها المؤلف. ومن أمثلة نقل المصنف منه قوله - فمذهب الحافظ الإِدغام في قوله تعالى (فمن زحزح عن النار) خاصة، وذكر الإِمام عنه اختلافا وأنه قرأ بالوجهين وقال - وكان أبو عمرو يكره إدغام الحاء في العين وقوم من العرب يدغمونها فيها. ¬
وقوله أيضًا - اعلم أن الألف التي تقصر من (ءآلئن) هي التي بعد اللام دون التي بعد الهمزة نص عليه الإِمام في (الكافي) (¬1). 23 - كتاب الروضة (¬2) لموسى بن الحسين بن إسماعيل المعدل (ت 500 هـ). قال المالقي - وقع في كتاب الروضة قال - كان رجل من العرب له جارية يحبها وتكرهه، وكانت تكثر أن تقول له - أنت قالون ياسيدي، فخدعته بذلك حتى آنفت منه، فانصرفت، فقال .. قد كنت أحسبنى قالون، فاليوم أعلم أني غير قالون. 24 - الإِقتضاب في شرح أدب الكاتب لعبد الله بن محمد البطليوسي بن السيد أبي محمد (ت 521 هـ). قال المؤلف: ذهب الكسائي إلى أن أصل (ءال) (أول) من قولك (ءال يؤل) إذا رجع، فتحركت الواو بعد فتحة، فانقلبت ألفا على قياس (باب) و (دار) وحكى في التصغير (أويل) حكاه عنه ابن السيد في (الإِقتضاب) (¬3). 25 - كتاب الإِقناع في القراءات السبع (6) تأليف أبي جعفر أحمد بن علي بن أحمد بن خلف بن الباذش (ت 540 هـ). ومن أمثلة نقل المصنف منه قوله - وذكر أبو جعفر بن الباذش في الإِقناع "أبا عمر الدوري" بإثر ذكر "أبي عمرو بن العلاء" فسماه بنص ما سماه به الحافظ في التيسير. ¬
26 - حرز الأماني ووجه التهاني (¬1) منظومة أبي محمد بن فيره بن أبي القاسم بن خلف بن أحمد الشاطبي (ت 590 هـ). ومن أمثلة نقل المؤلف منه قوله - وذكر ابن فيره في قصيدته أبا عمرو ابن العلاء، ثم ذكر اليزيدي ثم قال: أبو عمرو الدوري وصالحهم أبو ... شعيب هو السوس عنه تقبلا يعني اليزيدي. ثم لما ذكر الكسائي قال .. روى ليثهم عنه أبو الحارث الرضا ... وحفص هو الدوري وفي الذكر قد خلا يريد تقدم ذكره بعد اليزيدي. ¬
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مقدمة المؤلف
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مقدمة المؤلف وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم. (قال الشيخ الإِمام الفقيه الأجل الخطيب المقرئ المحقق الفاضل الأوحد أبو محمد عبد الواحد بن محمد بن علي بن أبي السداد الأموي المالقي - رضي الله عنه -) (¬1). الحمد لله (¬2) الحكيم الخبير، العلم القدير، العلي الكبير، المنفرد بجميل التقدير، في جميع التدبير، غنيًا بقدرته الغالبة وحكمته البالغة عن معين ومشير. الذي أعطى كل شيء خلقه (¬3) ثم هدى، وخلق الإِنسان فعلمه القرآن، وعلمه بالقلم وعلمه البيان (¬4) ولم يخلقه عبثاً (¬5) ولا تركه سدى، وأمتعه ¬
بالسمع والبصر والفؤاد، لعله يتذكر ويتبع الهدى، وأفهمه وألهمه ليعمل رشداً بما علمه رشدا فيحظى ويرضى بعيش قرير. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له مبدع (¬1) التكوين والتلوين، ومبديء الآباء والبنين في رتب التطوير بخلع التصوير، فلا مساوى ولا مسامى ولا مساهم ولا مزاحم ولا مضاهي ولا نظير ولا مظاهر ولا ظهير. وأشهد أن خاتم النبيين ورحمة للعالمين هو نبينا محمد البشير النذير السراج المنير، المؤيد بالنصر العزيز والرعب الهزيز (¬2) القائم بين يدي ربه تبارك وتعالى بالخشوع والأزيز (¬3) في ظلم الدياجير (¬4) المتفضل بالشفاعة الكبرى في مجمع الدار الأخرى في اليوم العبوس القمطرير (¬5) صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه (وذريته مائتلف الإيمان والأمان واختلف الأظلام والتنوير وبارك وسلم وشرف وكرم) (¬6). ¬
وبعد هذا الوصف المنصوص القائم باليقين والخلوص الشاهد على العبودية بالعموم وللربوبية بالخصوص أزهى من الزهر العطير وأنزه من الروض المطير، فدونك (¬1) زيد من الدر النثير وريا من العذب النمير (¬2) في شرط مشكلات وقيد مهملات وحل مقفلات اشتمل عليها كتاب التيسير (¬3) متبعاً بالموافقة والمخالفة على الأسلوب الوافي فيما بينه وبين كتاب التبصرة (¬4) والكتاب الكافي (¬5) إلى كلام من غيرهما دعت إليه ضرورة التفسير. وقبل الحلول بهذا الناد، الإِعتماد على طريق الإِسناد، الموصل إلى هذه الكتب صعداً بالسداد، وقطعاً للنكير، ولما أنعم المولى به وكمل، وأبلغ العبد منه المرتضى والأمل: وقفت به إلى باب من إليه يصعد الكلم الطيب يرفعه صالح العمل وناديت معترفاً بالتقصير: وقفت بباب الله جل جلاله ... لأحظى بتوفيق ينير هلاله وقلت إلهي نجني وأحلني ... بمقعد صدق لا يخاف حلاله بمنزل رضوان به كل مشتهى ... للعين ولذات ظليل ظلاله وأتمم علي الفضل بالنظر الذي ... تخص به من يستقم خلاله (¬6) ¬
وعم جميع المسلمين بمثله ... وذا رحم حق على (¬1) بلاله (¬2) قائلا بلسان ناطق وإيمان بتوفيق الله تبارك وتعالى صادق، وجنان (¬3) على ذلك موافق، وبإحسان الرحمن واثق: اللهم منك وإليك العبد بين يديك لا أحصى ثناء عليك غفرانك ربنا وإليك المصير، أستغفر الله العظيم لذنبي كما أمرني ربي، وأستغفره للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، ولجميع من هو آت من كل ذنب صغير أو كبير، اللهم أوزعنا (¬4) شكر العافية ودوامها وذكر النعم وتمامها (¬5)، وقنا عذاب النار وغرامها، واجعلنا لزمر المتقين إمامها، يا نعم الولى ويا نعم النصير، والله سبحانه الوفق المعين للضارع (¬6) لمستعين إنه بالإحسان جدير {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (¬7). ¬
الإسناد
الإسناد أما كتاب التيسير: فحدثني به الشيخ أبو بكر محمد بن محمد بن أحمد الأنصاري البلنسي بن مشليون (¬1) إجازة، قال: أخبرنا القاضي أبو بكر محمد بن أحمد بن عبد الملك بن أبي جمرة المرسي (¬2) عن أبيه عن الحافظ أبي عمرو عثمان بن سعيد الداني (¬3) مؤلفه / - رَحِمَهُ اللهُ -. ¬
وسمعته من لفظ الأستاذ الجليل أني جعفر أحمد بن إبراهيم بن الزبير الثقفي (¬1) وقال في: قرأته على أبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن إبراهيم الأنصاري بن جوبر (¬2) قال: قرأته على القاضي أبي بكر بن أبي جمرة المذكور عن أبيه سماعا عن الحافظ أبي عمرو إجازة. وقرأت جميعه على الخطيب أبي الحجاج يوسف بن إبراهيم بن يوسف الأنصاري بن أبي ريحانة (¬3) وقال لي: قرأت بعضه وسمعت باقيه على الحاج أبي بكر عتيق بن علي بن خلف الأموي المربيطري (¬4) عن أبي الحسن بن ¬
النعمة (¬1) قراءة (و) (¬2) ص أبي الحسن بن هذيل (¬3) إجازة. أما ابن النعمة فعن أبي عبد الله محمد بن باسة الزهري (¬4) عن أبي القاسم خلف بن إبراهيم الطليطلي (¬5) عن أبي عمرو، وأما ابن هذيل فعن أبي داود (¬6) عن أبي عمرو (¬7) وسمعت جميعه بقراءة شيخنا أبي جعفر بن الزبير (¬8) على الشيخ أبي عمر عبد الرحمن بن الشيخ القاضي الراوية أبي محمد بن عبد الله بن داود بن سليمان بن حوط الله الأنصاري ثم الحارثي (¬9). ¬
وحدثني به أبو عمر عن القاضي أبي بكر بن أبي جمرة (¬1) بسنده إجازة وعن القاضي أبي الخطاب أحمد بن محمد بن واجب (¬2) قراءة عن ابن هذيل (¬3) قراءة عن أبي داود عن أبي عمرو، وسمعته على الشيخ القاضي الخطيب أبي علي الحسن بن عبد العزيز (بن) (¬4) محمد بن أبي الأحوص الفهري (¬5)، قال في: قرأته علي الخطيب محمد بن محمد بن وضاح اللخمي (¬6) وعلى القاضي أبي عامر نذير بن وهب بن لب بن نذير الفهري (¬7). كلاهما عن ابن هذيل عن أبي داود عن أبي عمرو. وقرأت جميعه على الشيخ القاضي أبي القاسم قاسم بن الحسن الحجري الشهير ¬
بالسكوت (¬1). وقال لي: قرأته على الشيخ المحدث أبي محمد عبد الله بن عبد العظيم الزهري (¬2) عن العالم أبي القاسم عبد الرحمن بن عبد الله بن الحسين الخثعمي السهيلي (¬3) عن أبي داود سليمان بن يحيى بن سعيد (¬4) عن أبي داود سليمان بن نجاح (¬5) عن أبي عمرو. وحدثني به أيضًا أبو القاسم السكوت عن الأستاذ أبي بكر عبد الرحمن ¬
ابن دحمان (¬1) سماعاً عن عمه الأستاذ الكبير أبي محمد القاسم بن دحمان (¬2) عن أبي مروان بن مجير الضرير (¬3) عن أبي عبد الله بن مزاحم الأنصاري (¬4) عن أبي عمرو. وأما كتاب التبصرة فحدثني به الشيخ الراوية أبو الوليد إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل الأزدى الغرناطي الشهير بالعطار (¬5) إجازة. أخبرنا أبو بكر عبد الله بن عطية المحاربي (¬6) أخبرنا ابن عتاب (¬7) عن ¬
مؤلفه الشيخ أبي محمد مكي (¬1) وقرأت جمعيه على القاضي أبي علي بن أبي الأحوص (¬2) وقال في: قرأته على أبي عمران موسى بن عبد الرحمن بن يحيى بن العربي (¬3) عن ابن بشكوال (¬4) عن ابن عتاب عن مؤالفه. وسمعت جميعه على الأستاذ الشيخ أبي عمر بن حوط الله، وقال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عيسى التادلي (¬5) عن ابن عتاب عن مكي. وحدثني أيضًا أبو عمر أنه قرأه (¬6) على الخطيب أبي جعفر أحمد بن ¬
محمد بن يحيى الحميري (¬1) وقال: سمعته على الوزير أبي عبد الله جعفر بن محمد بن (¬2) مكي عن أبيه عن جده مكي وسمعته من لفظ الأستاذ أبي جعفر بن الزبير. وحدثني به عن الشيخ المسن الراوية أني الحسين أحمد بن محمد الأنصاري بن سراج (¬3) إجازة عن ابن بشكوال عن ابن عتاب عن مكي، وقرأته على الشيخ المقرئ الراوية أبي عبد الله محمد بن عياش بن محمد الخزرجي الشهير بالقرطبى (¬4) وحدثني به عن القاضي أبي القاسم أحمد بن يزيد بن بقى (¬5) إجازة عن الشريف أبي (¬6) خالد يزيد بن عبد الجبار القرشي (¬7) قراءة ¬
عن أبي بكر بن سمحون (¬1) سماعا قالا: سمعناه علي بن عتاب عن مكي، وحدثني أنه قرأه على صهره أبي القاسم (بن) (¬2) محمد بن أحمد الأنصاري ثم الأوسي الشهير بابن الطليسان (¬3) عن الخطيب أبي جعفر أحمد بن محمد بن يحيى الحميري قراءة عن الوزير أبي عبد الله جعفر بن محمد بن مكي عن أبيه عن جده كما تقدم. وأما الكتاب الكافي فسمعته على الخطيب أبي بكر محمد بن أحمد بن عبيد (¬4) الله / بن القاضي اللخمي الإشبيلي (¬5) وحدثني به عن الشيخين الجليلين أبي العباس بن مقدام (¬6) وأبي الحكم بن حجاج (¬7) قراءة وسماعا كلاهما عن ¬
الخطيب أبي الحسن شريح بن محمد بن شريح (¬1) عن أبيه مؤلفه وقرأته على القاضي أبي علي بن أبي الأحوص (¬2) وحدثني به عن القاضي أبي القاسم أحمد بن يزيد بن بقى (¬3) مناوالة عن أبي الحسن شريح عن أبيه، وحدثني به أيضًا القاضي أبو علي أنه قرأه على الأستاذ أبي الحسن على ابن جابر اللخمي الدباج الإشبيلي (¬4) عن أبي بكر بن صاف (¬5) عن شريح (¬6) عن أبيه. وحدثني به الشيخ أبو الوليد العطار (¬7) إذنا. أخبرنا أبو بكر بن حسنون البياسي (¬8) عن شرح عن أبيه رحم الله جميعهم ورضي عنهم. وبهذه (¬9) الأسانيد التي ذكرت أحمل بالإِجازة جميع ما ألف هؤلاء ¬
مسألة
الأئمة الثلاثة: أبو عمر والداني وأبو محمد مكي، وأبو عبد الله بن شرح. ولنشرع الآن في المقصود بحول الله - عَزَّ وَجَلَّ - وعونه. مسألة يثبت في كثير من نسخ التيسير بإثر البسملة والتصلية (¬1) (قال أبو عمرو عثمان بن سعيد بن عثمان الداني) (¬2). والذي رويته ترك ذلك وإثبات الخطبة بإثر البسملة والتصلية وهو قوله: (الحمد لله المنفرد بالدوام ...). مسألة (م) قوله: في صدر الكتاب بعد الخطبة (يسهل عليكم متناوله) (¬3). (ش) بضم الميم وفتح الواو، ومعناه التناول وهو: مصدر تناول، والأصل أن الفعل إذا زاد على ثلاثة أحرف فإن بناء المصدر منه وظرف المكان وظرف الزمان (¬4)، واسم المفعول سواء. فمتناول صالح لهذه الأربعة غير أن المعنى هنا يقتضي أنه المصدر لا غير، والله تبارك وتعالى أعلم. ¬
مسألة
مسألة (م) قوله: (فذكرت عن كل واحد من القراء روايتين) (¬1). (ش) اعلم أن الروايات التي ذكر أربع عشرة والرواة ثلاثة عشر (¬2) وسبب ذلك أن أبا عمر الدوري (¬3) يروي عن اليزيدي (¬4) عن أبي عمرو. بن العلاء (¬5) هو بعينه واسمه الذي يروى عن الكسائي (¬6). ويدل على صحة ما قلته قوله رب باب أسماء القراء والناقلين عنهم باثر ذكر أبي عمرو بن العلاء ما نصه: (وأبو عمر هو حفص بن عمر بن عبد العزيز بن صهبان الأزدي الدوري النحوي) (¬7). ثم ذكر أبا شعيب (¬8) ثم قال (رويا القراءة عن أبي محمد يحيى بن المبارك العدوي المعروف باليزيدي ثم قال بعد ما ذكر الكسائي وأبو عمر هو حفص بن عمر الدوري النحوي صاحب اليزيدي) (¬9). ¬
فذكره في الموضعين باسمه واسم أبيه، واختصر في هذا الموضع الثاني على ذكر جده عبد العزيز بن صهبان - لأنه قد تقدم. وذكره في (جامع البيان) في رواة الكسائي بمثل ما ذكره في التيسير بعد ذكر أبي عمرو، وقال: (فأما الدوري فهو حفص بن عمر بن عبد العزيز بن صهبان الضرير الأزدي، النحوي، صاحب سليم (¬1) وصاحب اليزيدي يكنى أبا عمر) (¬2). وكذلك ذكره في المفردات (¬3) بعد الكسائي بمثل ما ذكره في التيسير بعد أبي عمرو. وذكر بن فيره (¬4) في قصيدته أبا عمرو بن العلاء ثم ذكر اليزيدي. ثم قال: أبو عمرو الدوري وصالحهم أبو شعيب هو السوسي عنه تقبلاً (¬5) ¬
مسألة
يعني عن اليزيدي. ثم لما ذكر الكسائي قال: روى ليثهم عنه أبو الحارث الرضا * وحفص هو الدوري وفي الذكر قد خلا (¬1) يريد تقدم ذكره بعد ذكر اليزيدي. و (ذكر) (¬2) أبو جعفر بن الباذش (¬3) في الإِقناع أبا عمر الدوري بإثر ذكر أبي عمرو بن العلاء فسماه بنص ما سماه به الحافظ في التيسير، ثم ذكره بعد الكسائي فقال: (أبو عمر الدوري وقد تقدم ذكره) (¬4) فظهر من هذا كله أن أبا عمر الذي يروي عن الكسائي هو أبو عمر الذي يروي عن اليزيدي عن أبي عمرو. مسألة (م) قوله: (رغبة في التيسير على المبتدئين) (¬5). (ش) بهذه (¬6) الكلمة يسمى كتاب التيسير تفاؤلاً. والله عز جلاله أعلم. ¬
مسألة
وقد حكى أنه يسمى (الكتاب الميسر) حدثني به الشيخ أبو علي بن (أبي) (¬1) الأحوص. مسألة (م) قوله: (فأول ما أفتتح به كتابي هذا بذكر أسماء القراء إلى آخره) (¬2). (ش) أول هنا مبتدأ مضاف إلى (ما) بمعنى الذي بدليل عود الضمير المجرور عليها وقوله: (بذكر أسماء القراء هو الخبر). وكان ينبغي أن يسقط الباء ويرفع (ذكر أسماء القراء) فجرى الكلام على معناه ولم يعتن بتصحيح اللفظ كأنه قال: (وأفتتح كتابي بذكر أسماء القراء) وجعل الباء زائدة على غير قياس (¬3). ولما كانت (أفعل) بعض ما يضاف إليه لزم من قوله (أول ما أفتتح به كتابي) أن يكون لإفتتاحه أول وآخر، وقد نص على الأول ولم يذكر ما آخره ولو قال: (وأفتتح كتابي بكذا) بدل قوله (أول ما أفتتح به) لاندفع الإِشكال. والله سبحانه أعلم. ¬
مسألة
مسألة (م) قوله: (لأن قالون بلسان الروم جيد) (¬1). (ش) ذكر الأستاذ أبو علي الزيدي (¬2) روى أن عليا - رضي الله عنه - قال لشريح القاضي (¬3) وقد تكلم في مسألة فأصاب النص (قالون قالون) يريد: أحسنت أحسنت. ووقع في كتاب (الروضة) للمعدل (¬4) قال: كان رجل من العرب له جارية يحبها وتكرهه وكانت تكثر أن تقول له أنت قالون يا سيدي فخدعته بذلك حتى أنفت منه فقال: قد كنت أحسبني قالون، فانصرفت فاليوم أعلم أني غير قالون. مسألة من باب ذكر الإِسناد: ذكر الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ - إسناد قراءة أبي بكر عن عاصم فقال في الرواية: ¬
(م) (حدثني يحيى بن آدم (¬1) أخبرنا أبو بكر عن عاصم) (¬2). وقال في القراءة لما ذكر الصريفيني (¬3) فقال: م (قرأت بها على يحيى بن آدم عن أبي بكر عن عاصم). (ش) قال لي الشيخ الأستاذ أبو جعفر بن الزبير (لم يقرأ يحيى على أبي بكر القرآن وإنما قرأ عليه الحروف). قال العبد: ولما ذكر الحافظ في المفردات إيصال قراءته بأبي بكر عن عاصم ذكر عن كل شيخ بينه وبين أبي بكر أنه قرأ إلا يحيى فلم يقل قرأ على أبي بكر، وإنما قال: قال يحيى: وسألت أبا بكر عن هذه الحروف يعني حروف عاصم أربعين سنة وقرأ أبو بكر على عاصم (¬4). وقال ابن شريح في (الكافي): (وقرأ يحيى على أبي بكر) (¬5) أو هو وهم. والله - عَزَّ وَجَلَّ - أعلم. فظهر أن هذا الطريق لم تتصل فيه التلاوة. وأما قراءة ابن عامر فقال في التيسير: ¬
(م): (ورواها الأخفش (¬1) عن ابن ذكوان) (¬2). (ش) قال أبو جعفر بن الباذش قيل قرأ عليه الحروف وقيل تلاوة. (¬3) وقال الحافظ في المفردات في أسانيده إلى الأخفش عن ابن ذكوان (وفي بعضها قرأ على ابن ذكوان ولم يقل أحد من أصحاب الأخفش أن الأخفش قال قرأت على ابن ذكوان وإنما قالوا عنه حدثنا ابن ذكوان إلا ابن عبد الرزاق (¬4) وابن مرشد (¬5) ثم قال: (وكل ذلك صحيح ثابت) (¬6). ولم يذكر في المفردات قراءة ابن ذكوان وإنما قال: (عن ابن ذكوان) قال أخبرنا أيوب بن تميم (¬7) قال: قرأت على يحيى بن الحارث الذماري (¬8) وقرأ يحيى على عبد الله بن عامر. ¬
مسألة
وذكر الإِمام أبو عبد الله بن شريح وابن الباذش وغيرهما أن ابن ذكوان قرأ على أيوب (¬1) وكذلك ذكر الحافظ في المفردات) والإمام في (الكافي) (¬2) أن هشاما قرأ على عراك (¬3). فحصل من هذا كله أن التلاوة متصلة في جميع الطرق إلا طريق أبي بكر المتقدم. والله أعلم. مسألة أسند الحافظ كل واحدة من القراءات في التيسير رواية وقراءة وجعل سند الرواية غير شد القراءة إلا في قراءة حفص فإنه جعل سند الرواية والقراءة واحدًا (¬4) عن شيخه أبي الحسن بن غَلْبون (¬5) عن الهاشمي (¬6) عن الأشناني (¬7) ¬
عن عبيد (1 لله) (¬1) بن الصباح (¬2) عن حفص عن عاصم. ¬
باب الإستعاذة
باب الإستعاذة الإِستعاذة مصدر كالإِستخارة والإستعانة، تقول: استعاذ زيد إذا قال: (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) ومعنى أعوذ بالله: أمتع بالله. والله أعلم. واعلم أن الكلام في الإستعاذة ينحصر في أربع مسائل: المسألة الأولى: في لفظها، والثانية: في كيفية اللفظ بها، والثالثة: في محل استعمالها، والرابعة: في حكمها من حيث الأمر الوارد بها.
المسألة الأولى: في لفظها
المسألة الأولى: في لفظها: واختلف الناس فيه، فحكى المصريون عن ورش (أعوذ بالله العظيم من الشيطان الرجيم) (¬1) وقد حكى هذا عن قنبل أيضاً، وروى عن نافع وابن عامر والكسائي (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم إن الله هو السميع العليم) (¬2). وروى عن حفص (أعوذ بالله العظيم السميع العليم من الشيطان الرجيم) (¬3) وعن حمزة (أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم) (¬4) ¬
وعنه أيضاً (أعوذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم) (¬1). وعن بعضهم أنه اختار الجماعة (أعوذ بالله القوي من الشيطان الغوي) (¬2) وحكى أن أبا بكر الصديق (¬3) - رضي الله عنه - كان يتعوذ بهذا التعود الأخير. وذكر الحافظ في (جامع البيان) أن الرواية في الإستعاذة قبل القراءة وردت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بلفظين: ¬
أحدهما: (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) (¬1) وروى ذلك جبير بن مطعم (¬2). والثافي (أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم) روى ذلك عنه أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - (¬3). قال: وروى أبو روق (¬4) عن الضحاك (¬5) عن ابن عباس (¬6) - رضي الله عنهما - أنه قال: (أول ما نزل جبريل على النبي - صلى الله عليه وسلم - علمه الإستعاذة قال: ¬
يا محمد قل: (أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم) ثم قال قل: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) (¬1) قال الحافظ: وعلى استعمال هذين اللفظين (¬2) عامة أهل الأداء من أهل الحرفين والعراقيين والشام، فأما أهل مصر وسائر المغرب فاستعمال أكثر أهل الأداء منهم لفظاً ثالثاً وهو (أعوذ بالله العظيم من الشيطان الرجيم) ثم رجح التعوذ الأول (¬3). وعليه عول في التيسير فقال: اعلم أن المستعمل عند الحذاق من أهل الأداء في لفظها (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) دون غيره (¬4). وهذا التعوذ هو المختار أيضاً عند الشيخ أبي محمد مكي وعند الإِمام أبي عبد الله بن شريح (¬5) وفي قول الحافظ (دون غيره) إشعار بالخلاف المتقدم. (م) قوله: وذلك لموافقة الكتاب والسنة (¬6). ¬
(ش) تعليل لإختيار هذا اللفظ دون غيره. ثم ذكر الآية (¬1) والحديث (¬2) ووجهُ الموافقة للآية أنك تجعل (أعوذ) بدل (أستعيذ) (¬3) ويبقى قولك (بالله من الشيطان الرجيم) في الإستعاذة كما هو في الآية من غير تبديل ولا زيادة ولا نقص. ¬
وقد جاء التعوذ في مواضع من القرآن كقوله تعالى: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (¬1) وفي الآية الأخرى: {إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (¬2) وفي آية أخرى {وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ (¬3) الشَّيَاطِينِ} (¬4) الآية. وفي موضع آخر: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} (¬5) و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} (¬6) إلى آخر السورتين. وفي موضع آخر {أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ ¬
مِنَ الْجَاهِلِينَ} (¬1) {قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي} (¬2). وليس في جميعها ما ورد عند القرآن إِلا قوله تعالى: {فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} (¬3) فهذا (¬4) وجه ما ذكر من الموافقة للكتاب. وأما السنة فما رواه جبير كما ذُكر، ولعله إنما رجح رواية جبير على رواية أبي سعيد الخدري لموافقة الآية كما تقدم، فرأى أنما توافق فيه الكتاب والسنة أولى في الإِستعمال مما اختص به أحدهما، مع أن الأمر في ذلك واسع (¬5) والله أعلم. ولسعة الأمر فيه قال ابن فيره في قصيدته لما ذكر التعوذ قال: على ما أتى رب النحل يُسرا وإن تزد ... لربك تنزيها فلست مجهلا (¬6) ¬
المسألة الثانية: في كيفية اللفظ بها
المسألة الثانية: في كيفية اللفظ بها: (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (ولا أعلم خلافاً بين أهل الأداء في الجهر بها عند افتتاح القرآن وعند الإِبتداء برؤس الأجزاء وغيرها في مذهب الجماعة) (¬1). (ش) هذا الذي ذكر الحافظ من الجهر بالإِستعاذة هو اختيار الشيخ (أبي) (¬2) محمد مكي (¬3) ولم أجد للإِمام أبي عبد الله بن شريح تعرضاً (¬4) للجهر ولا للإِخفاء، لكنى قرأت بالجهر في طريقه كالذي قرأت من طريق الحافظ والشيخ، ولم يأمرني أحد ممن قرأت عليه بطريقه بالإِخفاء. والله أعلم. قوله: (عند إفتتاح القرآن) (¬5). يريد الإِبتداء بسورة الحمدُ. (وعند الإِبتداء برؤس الأجزاء) (¬6). يريد الإِبتداء بحزب من أي سورة كان، أو بنصف حزب، أو ربعه. قوله: (وغيرها) (¬7). يريد الإِبتداء بأي سورة كانت، أو أي آية كانت سواء وافقت جزءا ¬
أو لم توافقه فحصل من هذا: استعمال التعوذ عند كل ابتداء على كل حال (¬1). وهذا حاصل قول الشيخ (¬2) والإِمام (¬3). (م) قواء: (إتباعاً للنص واقتداء بالسنة) (¬4). (ش) يعني بالنص الآية التي ذكر، وبالسنة الحديث الذي روى جبير، وليس يرجع قواء (إتباعاً للنص واقتداء بالسنة) إلى الجهر، وإنما يرجع استعمال التعوذ عند كل ابتداء حملا للآية والحديث على العموم. والله أعلم. (م) قولى: (فأما الرواية بذلك فوردت عن أبي عمرو) (¬5). ¬
(ش) يعني الرواية بالجهر. ثم ذكر الإخفاء (¬1) رواية عن نافع وعن حمزة، وليس فيما ذكر من الإخفاء المروي مناقضة لقوله: (ولا أعلم خلافا بين أهل الأداء في الجهر بها): إذ لا تعارض بين الرواية والأداء. ¬
ونظير هذه: المسألةُ من الفقه يكون فيها قولان عن مالك - رضي الله عنه - مثلا، فيستمر العمل بأحدهما، كترك رفع اليدين عند الركوع حيث استمر العمل عليه مع وجود الرواية بالرفع، فإذا قال قائل والحالة هذه: لا أعلم خلافاً فوي العمل بترك رفع اليدين عند الركوع ثم قال: وقد وردت الرواية عن مالك بالرفع لم يتناقض قوله، لانصراف الإِتفاف إلى العمل دون الرواية. الله أعلم. قال العبد: وبعد أن قررت هذا التأويل الرافع للمنافرة بين الرواية والتلاوة: وجدت الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ - قد نقل مثله فقال في كتاب التمهيد (¬1) في سورة يوسف - عليه السلام -: واختلفوا في سكون الياء وفتحها (¬2) من قوله: {مَثْوَايَ} (¬3) و {بُشْرَاى} (¬4) ثم نقل أقوال الرواة في ذلك. ثم قال ما نصه: (وسألت شيخنا أبا الحسن عن هذه الأشياء التي توجد مسطورة (¬5) في ¬
النصوص كيا {هُدَايَ} (¬1) و {بُشْرَى} و {مَثْوَايَ} وشبهه، والتلاوة بالنقل عن مسطريها بخلاف ذاك فقال لي: ذاك بمنزلة الآثار الواردة في الكتاب في الأحكام وغيرها بنقل الثقات، والعملُ بخلافها فكذاك ذلك. ثم قال الحافظ: وهذا من لطيف التأويل وحسن الإستخراج. ولما كان المعول عليه الجهر لم أطول بما ورد في الإخفاء من التفصيل والخلاف، ومن أحب الوقوف على ذلك فلينظره في كتاب (الإِقناع) لأبي جعفر بن الباذش - رضي الله عنه - (¬2) فإنه قد أحكم القول فيه (¬3). ¬
المسألة الثالثة: في محل استعمال الإستعاذة
المسألة الثالثة: في محل استعمال الإستعاذة: ولا خلاف في التزام استعمالها قبل القراءة وقبل البسملة غير أنا لو تركنا التعوذ قبل القراءة والبسملة لإقتضي لفظ الآية تقديم القراءة على التعوذ بدليل أنك إذا قلت: إذا رأيت هلال رمضان فصم، وإذا رأيت هلال شوال فأفطر، لزم أن (¬1) الصوم والفطر لا يكونان مطلوبين إلا بعد حصول الرؤية فكذا قوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ} (¬2) يقتضى أن الإستعاذة لا تكون إلا بعد القراءة، فلما وجدنا الإِتفاق على العمل بتقديم التعوذ على القراءة دل ذلك على أن في الآية إضماراً وأن المراد: فإذا أردت قراءة القرآن فاستعذ، وهذا من باب المجاز الذي أقيم فيه المسبب مقام السبب: لأن إرادة القراءة هي السبب في حصول القراءة. ونظير هذه الآية قوله تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} الآية (¬3). إذا تأولنا أنه أرافى القيام إلى الصلاة مطلقاً فيكون المعنى إذا أردتم القيام إلى الصلاة فاغسلوا (¬4) وأما إن تأولنا أنه أراد: إذا قمتم من النوم إلى الصلاة ¬
فلا يصح التنظير بين الآيتين والله أعلم. ¬
المسألة الرابعة: في حكم الإستعاذة
المسألة الرابعة: في حكم الإستعاذة: من حيث الأمر الوارد بها في قوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} (¬1) وقد ثبت أن صيغة أفعل تستعمل لمعان كالوجوب والندب والإِرشاد وغير ذلك مما أحكمه أهل أصول الفقه وأنهوه إلى خمسة عشر معنى. وليس هذا موضع بسط تلك المعاني. والذي يصح هنا إن شاء الله الحمل على الندب (¬2) وأن فعلها خير من تركها، مع أنه لا حرج في تركها، وكذلك قال الشيخ في كتاب الكشف: إن معناه الندب والإِرشاد (13) ولو قيل: إنها هنا للوجوب لكان وجها. والله - عَزَّ وَجَلَّ - أعلم. ¬
باب التسمية
باب التسمية اعلم أن التسمية مصدر سمى يسمى كالتهنئة والتسلية، ثم إن التسمية تقال بمعنيين: أحدهما وضع الإسم على المسمى كقولك: سميت ابني محمدا: تريد: جعلت هذه الكلمة اسماً له وعلامة يعرف بها. وحاصل هذا المعنى إنشاء وضع الإِسم على المسمى. والمعنى الثاني، ذكر الإِسم الموضوع على المسمى بعد استقرار الوضع كما يقول الرجل لصاحبه: إن فلاناً يفعل كذا فاحذره ولا تسمني: أي لا تذكر اسمي له، وعلى هذا حديث أُبّي - رضي الله عنه - حين قال له النبي - صلى الله عليه وسلم - "إن الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن فقال: آلله سماني لك. قال: الله سماك لي" (¬1). وعلى هذا المعنى الثاني وقع تبويب الحافظ لأنه يريد: أن يبين مذاهب القراء في المواطن التي يذكرون فيها اسم الله تعالى الذي قد ثبت واستقر أنه سمى به نفسه فقال: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} وعبر الشيخ والإِمام بالبسملة بدل التسمية (¬2). والبسملة مصدر (¬3) جمعت حروفه من {بِسْمِ اللَّهِ} كالحوقلة من ¬
{لا حول ولا قوة إلا بالله} والحسبلة من {حسبي الله. تقول في الفعل بسمل ومعناه قال: بسم الله. ويجري في تصاريفه مجرى دحرج وكذلك حوقل وحسبل ونحوهما. اعلم أنه لما كانت البسملة منقولة في المصحف بخط المصحف بلفظ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} وهو نص ما في بطن سورة النمل أيضًا، لذلك (¬1) لم يقع في لفظها اختلاف، ولم يحتج الحافظ ولا غيره أن يقول: (المختار في لفظها كذا). بخلاف ما مر في الإستعاذة. واعلم أن المواضع باعتبار البسملة في مذهب الحافظ أربعة: - موضع تترك فيه باتفاق، وهو أول براءة سواء بدئ بها أو قرئت بعد غيرها - وموضع ثبتت فيه باتفاق وهو أول كل سورة يبدأ بها إذا لم يقرأ قبلها غيرها. سوى براءة. - وموضع يخير فيه باتفاق وهو: الإبتداء برؤوس الأجزاء التي في أثناء السور (¬2). ¬
- وموضع فيه خلاف وهو: ما بين السور، فأثبت البسملة فيه قالون، وابن كثير، وعاصم، والكسائي، وتركها الباقون. وافقه الشيخ والإِمام في الموضع الأول على الترك، وفي الموضع الثاني على الإِثبات. قال الإِمام: إلا حمزة فإنه لا يبسمل له إلا في أول فاتحة الكتاب خاصة (¬1) وخالفاه في الموضع الثالث، فقالا: يعوذ عند الإِبتداء برؤوس الأجزاء لا غير (¬2) وأما في الموضع الرابع فاختار الإِمام فيه الفصل بالتسمية للجماعة سوى حمزة (¬3). وذكر الشيخ أنه قرأ على أبي عدي (¬4) لورش (¬5) بالفصل وعلى أبي الطيب (¬6) بتركه، وأن اختيار (¬7) الشيوخ ترك الفصل لأبي عمرو، وابن عامر (¬8). ¬
وذكر في كتاب الكشف أن الذي اختاره لنفسه الفصل بين كل سورتين بالتسمية (¬1). وأرجع إلى لفظ الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -. (م) قوله: (اختلفوا في التسمية بين السور فكان إبن كثير (¬2) وقالون (¬3) وعاصم (¬4) والكسائي (¬5) يبسملون بين كل سورتين في جميع القرآن) (¬6). (ش) وجه هذا المذهب اتباع الخط، ولا خلاف في إثبات التسمية في جميع المصاحف بين السور، ولما روى عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: (اقرءوا ما في المصحف) (¬7). (م) قوله: (ما خلا الأنفال وبراءة فإنه لا خلاف في ترك التسمية بينهما) (¬8). (ش) إنما لم يفصلوا هنا بالتسمية اتباعاً للخط: إذ لا خلاف في تركها في جميع المصاحف بين الأنفال وبراءة. واختلف في سبب ذلك: فحكى الحافظ في إيجاز البيان (¬9) أن ابن عباس سأل عليا - رضي الله عنهما -: لِم لم تكتب التسمية في أول براءة؟ فقال: لأن بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أمان ¬
وبراءة نزلت بالسيف ليس فيها أمان (¬1). وحكى الشيخ في كتاب الكشف عن مالك: إنما ترك من مضى أن يكتبوا في أول براءة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لأنه سقط أولها يعني: نسخ، وحكى نحوه عن عثمان - رضي الله عنه - (¬2) وحكى عن ابن عجلان أنه قال: بلغني أن براءة كانت تعدل سورة البقرة أو قريبا منها فلذلك لم يكتب في أولها بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ: يريد ابن عجلان أنه نسخ منها ما نقص منها (¬3) وحكى أيضاً عن أمير المؤمنين عثمان - رضي الله عنه - أنه قال: لم يبين لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في براءة شيئاً، وكانت قصتها تشبه قصة الأنفال وكانت من آخر ما نزل، فلذلك لم يكتب بينهما بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬4). وقال أبي - رضي الله عنه -: كان رسول الله يأمرنا في أول كل سورة ببِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، ولم يأمرنا في سورة براءة بشيء فلذاك ضمت إلى الأنفال فلم يكتب بينهما بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وكانت أولى بها لشبهها بها (¬5). وحكى عن ابن لهيعة (¬6) يقولون: إن براءة من الآنفال فلذلك لم يكتب في أوله بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬7)، ومثله عن الليث (¬8). ¬
(م) قوله: (وكان الباقون فيما قرأنا لهم لا يبسملون بين السور) (¬1). (ش) وجه هذا المذهب التنبيبه على أن بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لست بآية من أول كل سورة خلافاً لما حكى عن ابن المبارك (¬2) وعن الشافعي - رَحِمَهُ اللهُ - (¬3) في أحد قوليه إنها آية من أول كل سورة والجمهور على خلافه: أن بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لم يثبت كونها من القرآن إلا في بطن سورة النمل خاصة (¬4) فان قيل لهم فلم أثبتها هؤلاء في الإِبتداء بأوائل السور؟ قيل: لقصد التبرك كما كتبت في أوائل السور لذلك، ولم يعيدوا قراءتها بين السور بحصول التبرك في أول السورة التي بدأ القاريء. والله أعلم. (م) قوله: (وأصحاب حمزة يصلون آخر السورة بأول الأخرى) (¬5). ¬
(ش) ذكر الشيخ مثل هذا (¬1) ولم أجد للإِمام فيه قولا، وذكر أبو جعفر بن الباذش أن من يأخذ له بوصل السورة بالسورة لا يلتزم (¬2) الوصل ألبته، بل آخر السورة عنده كآخر آية، وأول السورة الأخرى كأول آية أخرى، فكما لا يلتزم له ولا لغيره وصل رأس آية بأول آية أخرى كذلك لا يلتزم له وصل السورة بالسورة حتم، قال: أبو جعفر بين لي هذا أبو الحسن بن شريح، وقد خولف فيه (¬3). (م) قوله: (ويختار في مذهب ورش وأبي عمرو وابن عامر السكت بين السورتين عن غير قطع) (¬4). (ش) يريد بقوله (من غير قطع) أن لا يطول السكت بينهما، بل يكون يسيراً، وقد فسر ذلك ابن فيره في قصيدته فقال: *وسكتهم المختار دون تنفس* (¬5) البيت. والمراد بهذا السكت الإِشعار بانفصال السورة من السورة، وذكر الشيخ السكت عن ورش وأبي عمرو، وابن عامر مطلقاً، ولم يصفه بطول ولا قصر (¬6) وذكره (¬7) الإِمام في قراءة أبي عمرو خاصة، فقال: والبغداديون ¬
يأخذون في قراءة أبي عمرو بسكتة خفيفة بين السور (¬1) وقد تقدم اختيار الشيخ والإِمام الفصل بالبسملة (¬2). ويظهر والله أعلم أنه لا يلزم أن يكون اليسكت بين السورتين يسيراً ولابد، بل جوز ذلك وجوز أيضاً أن يكون على حد السكت في المواقف. إذ الكلام في أواخر السور تام ولا تعلق لآخر السورة بأول أخرى في حكم من أحكام الإِعراب إلا ما قيل في آخر سورة الفيل، وأول سورة قريش أن لام الجر في (لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ) (¬3) متعلق بقوله تعالى: {فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} (¬4) وهو بعيد للفصل بينهما بالبسملة (¬5). (م) قوله: (وابن مجاهد (¬6) يرى (¬7) وصل السورة بالسورة وتبين الإِعراب وترك السكت أيضاً) (¬8). (ش) حكى الشيخ السكت عن ابن مجاهد (¬9) وقد تقدمت فائدته (¬10) وأما الوصل ففائدته تبيين الإِعراب في آخر حرف من السورة، ويظهر ¬
أن هذا السكت المذكور إنما يفعل على إرادة الوصل لكنه من رآه قصد به الإِشعار بانفصال سورة من أخرى. وهو نظير سكت حفص في المواضع الأربعة المذكورة في أول سورة الكهف (¬1) وعلى هذا فمن أراد تمكين السكت بين السور لقصد الوقف فلا حرج كما تقدم في الأخذ لحمزة. والله تعالى أعلم. (م) قوله: (وكان بعض أشياخي يفصل في مذهب هؤلاء بالتسمية إلى آخره) (¬2) (ش) ذكر في إيجاز البيان (¬3) أنه قرأ بالتسمية بين هذه السور (¬4) على ابن خاقان (¬5) وعلي بن غلبون وقرأ على أبي الفتح (¬6) بترك التسمية وذكر أنهم حكوا ما قرأ به عليهم عن أشياخهم. ¬
ووجه من فصل في هذه المواضع الأربعة أنه استثقل اتصال (لا) (¬1) النافية بقوله تعالى: {هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ} (¬2) وبقوله تعالى: {فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي} (¬3) لما في ذلك من إيهام النفي لما قبلها، وكذلك استثقلوا اتصال (ويل) (¬4) بالإِسم العظيم في قوله تعالى: {وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ} (¬5) وبقوله تعالى: {وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (¬6) ففصلوا بالتسمية ليندفع هذا الإستثقال. وهذا النظر ضعيف لوجهين: أحدهما أنه كان يلزم أن يفصل بين التسمية وأوائل السور إذ الإِستثقال في قولك: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لا) مثل الإِستثقال في قولك (هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ لَا) وكذلك في اتصال (ويل) بالتسمية مثل ما في اتصاله بآخر السورة قبله. والوجه الثاني أنا نجد في أثناء السورة مثل هذا التركيب ولا يلزم فيه الفصل، بل وقد لا يجوز في بعض المواضع كقوله تعالى: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ} (¬7). فوقعت (لا) بعد اسم (الله) تعالى وبعد (الحي القيوم). وقوله تعالى: {وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (¬8) {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي ¬
الدِّينِ} (¬1) فوقعت (لا) بعد (غفور رحيم). وكقوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا} (¬2) فوقعت (لا) بعد (فبهدلهم اقتده)، وكقوله تعالى: {إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} (¬3) {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} (¬4) ولا يمنع أحد الوصل في هذه المواضع ونحوها (¬5) ولو امتنع فيها الوصل لم يحصل الخلاف في قوله تعالى: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} في الوصل. وقد استقريء في هذا الحرف أربع قراءات (¬6) في السبع كما هو مذكور في موضعه في فرش الحروف - والله تبارك وتعالى أعلم. ¬
(م) قوله: (ويسكت بينهن سكتة في مذهب حمزة) (¬1). (ش) لما ثبت عن حمزة أنه كان يترك التسمية بين السور في جميع القرآن، وأنه قال: القرآن كله عندي كسورة واحدة فإذا قرأت (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) في أول فاتحة الكتاب أجزأني (¬2) فلذاك لم يفصلوا له بالتسمية لئلا يخالفوه فيما ثبت عنه وفصلوا له بالسكت، وكان يلزم على هذا أن يفصلوا بالسكت بدل التسمية في قراءة ورش، وأبي عمرو، وابن عامر، لا سيما وقد حكى الحافظ في المفردات أن الرواية ثبتت بنقل اللفظ عن أبي عمرو: أنه كان يترك التسمية بين السور في جميع القرآن، وذكر في إجاز البيان أن عامة أهل الأداء من مشيخة المصريين رووا عن أسلافهم عن أبي يعقوب (¬3) عن ورش أنه كان يترك التسمية بين كل سورتين في جميع القرآن. (م) قوله: (وليس في ذلك أثر يروى عنهم) (¬4). (ش) يريد: ليس في الفصل بين هذه السور الثماني بالسكت لحمزة بالتسمية لورش وأبي عمرو وابن عامر رواية عن حمزة ولا عن الآخرين. (م) قوله: (ولا خلاف في التسمية في أول فاتحة الكتاب) إلى قوله (أو من لم يفصل) (¬5). (ش) قد تقدم أن الإِمام استثنى من ذاك قراءة حمزة وأنه لا يبسمل إلا في أول فاتحة الكتاب خاصة (¬6) ويريد الحافظ بقوله (في مذهب من ¬
فصل) قالون، وابن كثير، وعاصماً، والكسائي، لأنهم الذين يفصلونه بالتسمية بين السور، ويريد (بمن لم يفصل) الباقين. (م) قوله: (فأما الإِبتداء برؤوس الأجزاء إلى قوله (في مذهب الجميع) (¬1). (ش) قد تقدم أن مذهب الشيخ والإِمام عند الإبتداء بالاجزاء ترك التسمية والإكتفاء بالتعوذ خاصة (¬2). (م) قوله: (القطع عليها إذا وصلت بأواخر السور غير جائز) (¬3). (ش) اعلم أن الممكن في التسمية باعتبار وصلها وفصلها من السورة التي قبلها ومن السورة التي بعدها أربعة أوجه: أحدها: فصل التسمية من السورة التي قبلها ووصلها بالتي بعدها. الثاني: وصلها بما قبلها وبما بعدها. ولا خلاف في جواز هذين الوجهين. الثالث: وصلها بالسورة التي قبلها وفصلها من التي بعدها. ولا خلاف في منع هذا الوجه. الرابع: فصلها مما قبلها ومما بعدها. قال الشيخ - رَحِمَهُ اللهُ - لما ذكر التكبير في آخر التبصرة: (ولا يجوز الوقف على التكبير دون أن يصله بالبسملة ثم بالسورة المؤتنفة) (¬4). وقال في كتاب التذكرة: (ولا يقف علي التكبير ولا على البسملة) ¬
وقال في كتاب الكشف ما نصه: (إنه أتى بالتسمية على إرادة التبرك بذكر (اسماء) (¬1) الله وصفاته في أول الكلام، ولثباتها للإِستفتاح في المصحف فهى للإِبتداء بالسورة فلا يوقف على التسمية دون أن توصل بأول السورة) (¬2) وقال في التكبير في كتاب الكشف ما نصه: (وليس لك (¬3) أن تصل التكبير بآخر السورة وتقف عليه، ولا لك أن تقف على التسمية دون أول السورة في كل القرآن). فحاصل هذه المقالات يقتضى أن مذهبه المنع، وأما الحافظ فنص هنا على منع الوجه الثالث وسكت عما عداه، ومفهومه يعطى جواز الوجهين الأولين والرابع. وقال في المفردات في رواية قالون خاصة ما نصه: (والإِختيار أن يقطع على أواخر السور ويبتديء بالبسملة موصولة بأوائل السور، ولا يقطع على البسملة ألبتة إلا إذا لم يوصل بأواخر السور) وهذا القول يعطى جواز الوجه الرابع كالوجهين الأولين. وأما الإِمام فنص في الكافي على الوجوه الثلاثة ولم يتعرض لهذا الرابع (¬4). وقال الحافظ في المفردات في فصل التكبير عن البزي: (ولا سبيل إلى الوقف على البسملة والإِبتداء بالسورة المبتدأة: لأن البسملة إنما وضعت في أوائل السور ولم توضع في خواتمها (¬5). ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬
"سورة أم القرآن"
" سورة أم القرآن" مسألة: إنفرد الحافظ عن خلاد بإشمام الصاد الزاي (¬1) في قوله تعالى: {الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} (¬2) في هذه السورة خاصة وهي قراءته على أبي الفتح، ونقل عنه الشيخ والإِمام بصاد خالصة في هذا وفي جميع القرآن (¬3) وكذلك قرأة الحافظ على أبي الحسن. ¬
مسألة
مسألة: ذكر الحافظ هنا عن قالون ضم ميم الجمع وصلتها كإبن كثير وإسكانها كالجماعة (¬1) وذكر عنه الشيخ الوجهين (¬2) وذكر الإِمام الإِسكان خاصة (¬3). تنبيه: وقال الحافظ في هذه المسألة بخلاف عن قالون (¬4) وقال في المفردات في رواية أبي نشيط (¬5) عن قالون ما نصه: (اعلم أن قالون كان يخير في ضم ميم الجمع ووصلها بواو وفي إسكانها) ثم أخبر: أنه قرأ على فارس عن قراءته بضم الميم وعلى أبي الحسن عن قراءته بإسكان الميم وبين العبارتين فرق (¬6) يعرض منه للناظر إشكال. ووجه البيان في ذلك ما نص عليه الشيخ في التبصرة فقال ما نصه: (وخير قالون في إسكانها وصلتها بواو، وكذاك روى الحلواني (¬7) وأبو ¬
تنبيه
نشيط عنه أنه خير فلا تبالي رب أي رواية قرأت بالضم، واختيار ابن مجاهد الإِسكان والإِختيار عند القراء ضم الميمات كلها للحلواني وإسكانها لأبي نشيط). قال العبد: فعبارة التخيير يراعى فيها أصل الرواية عن قالون، وعبارة الخلاف يراعى فيها اختيار القراء من حيث خصوا الإِسكان بطريق أبي نشيط وخصوا الضم بطريق الحلواني فكأنهما روايتان مختلفتان عن قالون. والله تعالى أعلم. تنبيه: ذكر عن حمزة (عليهم) (¬1) و (لديهم) (¬2) و (إليهم) (¬3) بضم الهاء رب الحالين (¬4) أولا، ثم ذكر ابن كثير وقالون بخلاف صلة الميم، ثم أتبع بمذهب ورش، ثم رجع إلى مذهب حمزة والكسائي. وهذا العمل له وجه من الترتيب حسن وإن لم يكن بادياً (¬5) من أول وهلة (¬6) وبيانه: أن كلامه في هذا الفصل في معنى أن لو قال: ميم الجمع إن كان من هذه الكلم الثلاث ¬
تنبيه
فمذهب حمزة فيه ضم الهاء في الحالين من غير اعتبار بما بعد الميم من حركة أو سكون، وهذا سوي بين الوقف والوصل، وإن كان من غير هذه الكلم الثلاث فحينئذ يعتبر ما بعد الميم: فإن كان متحركاً فابن كثير ومن وافقه يضم الميم في الوصل ويصلها، والباقون يسكنونها؛ وإن كان بعد الميم ساكن فحمزة، والكسائي، وأبو عمرو، يفعلون كذا ... بشرط أن يكون الميم بعد الهاء، ويكون قبل الهاء كسرة أو ياء ساكنة، والباقون بخلاف ذلك. (م) وقوله في آخره (وحمزة على أصله في الكلم الثلاث) (¬1). (ش) توكيد لما تقدم وأن كسر الهاء في الوقف مختص بما عدا الكلم الثلاث. والله تعالى أعلم. تنبيه: اعلم أن ميم الجمع لها أربع حالات: - حالة تحرك فيها بالضم وتوصل ضمتها (¬2) بالواو بالإِتفاق. - وحالة تحرك فيها من غير صلة. - وحالة تسكن فيها. - وحالة فيها خلاف دائر بين الإِسكان والتحريك مع الصلة. فالحالة الأولى: إذا اتصل (¬3) بها ضمير كقوله تعالى: {أُورِثْتُمُوهَا} (¬4) و¬
{فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ} (¬1) و {آذَيْتُمُونَا} (¬2). والحالة الثانية: إذا وقع بعدها في الوصل حرف ساكن (¬3). والحالة الثالثة: إذا وقفت عليها. والحالة الرابعة: ما عدا ما تقدم (¬4). ¬
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9]
باب: بيان مذهب أبي عمرو في الإدغام الكبير
باب: بيان مذهب أبي عمرو في الإِدغام الكبير اعلم أن الغرض من هذا الباب ينحصر في قسمين: القسم الأول: يشتمل على سبعة فصول في تمهيد قواعد وتقرير أصول. والقسم الثاني: يخص مقصود هذا الباب مرتباً بحسب ألفاظ الكتاب.
الفصل الأول
الفصل الأول: من القسم الأول في معنى الإِدغام لغة واصطلاحا أما الإِدغام في اللغة فهو عبارة عن الإِدخال، يقال أدغمت اللجام الفرس (¬1) أي أدخلته في فيه وقيل إنه من الدغم وهو التغطية، يقال أدغمت الشيء إذا غطيته. فإذا استعمل في اصطلاح القراء وأهل العربية فمعناه: إدخال الحرف (في الحرف) (¬2) ودفنه فيه حتى لا يقع بينهما فصل بوقف ولا بحركة، ولكنك تعمل العضو (¬3) الناطق بهما إعمالا واحداً فيكون الحاصل منهما في اللفظ حرفاً واحداً مشدداً (¬4). ويحصل الفرق بين الحرف المدغم وغير المدغم من وجهين: أحدهما: أن المدغم مشدد وغير المدغم مخفف، فعلى هذا كل حرف مشدد مدغم. والوجه الثاني: أن زمان النطق المدغم بالحرف المدغم أطول من زمان النطق بالحرف غير المدغم بقدر ما فيه من التضعيف, كما أن زمان النطق بالحرفين المفككين أطول من زمان النطق بالحرف المدغم ¬
وقد نص الحافظ على ما ذكرته في المدغم في كتاب الموضح (¬1) فقال: (ويلزم اللسان موضعاً واحداً) يعني في الإِدغام ثم قال: (إلا أن احتباسه في موضع الحرف المشدد لما زاد فيه من التضعيف أكثر من احتباسه فيه بالحرف الواحد المخفف) انتهى. وفائدة الإِدغام تخفيف الكلمة: إذا النطق بالحرف مرة واحدة وإن كان مشدداً أخف من النطق به مرتين إذا فتك، ولهذا شبه الخليل (¬2) تكرار الحرف بمشى المقيد (¬3). ألا ترى أن المقيد إذا رفع رجله ثم وضعها عادت حيث كانت، فكذلك تكرار النطق بالحرف الواحد: لأن العضو الناطق يعتمد في المرة الثانية على ما اعتمد عليه في الأولى. ¬
الفصل الثاني
الفصل الثاني اعلم أن الحرف لا يدغم في الحرف إلا إذا كانا مثلين وذلك على وجهين أحدهما: أن يكونا مثلين (¬1) في الأصل كقوله تعالى: {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} (¬2). الثاني: أن يكونا خلافين (¬3) في الأصل فيبدل من الحرف الأول حرف من لفظ الحرف الثاني فيصيرا مثلين نحو: {قَدْ تَبَيَّنَ} (¬4) تبدل من الدال تاء فيصير (قت تبين) فآل إدغام الخلافين إلى إدغام المثلين وهذا يطرد في جميع الحروف إلا إذا أدغمت الياء في الواو فإنك تبدل الثاني حرفاً من جنس الأول نحو (سيد) و (ميت) والأصل (سيود) و (ميوت) (¬5) وهكذا الحاء إذا أردت إدغامها في الهاء أو في العين أبدلت الثاني حرفاً من جنس الأول فقلت: (امدح (¬6) حلالا واصفح (¬7) حني) تريد (امدح هلالا واصفح عني). ¬
والتقارب بين الحرفين يحصل بالإشتراك في المخرج أو في الصفات (¬1) ثم لابد من سكون الحرف الأول وإلا لم يصح إدغامه، فعلى هذا إذا التقى المثلان والأول ساكن لزم الإِدغام (¬2) وإن تحرك لم يدغم إلا بعد أن يسكن فيكون فيه إذ ذاك تغير (¬3) واحد قبل الإِدغام وهو الإِسكان. وإذا التقى المتقاربان وكان الأول ساكناً، فلا إدغام إلا بعد إبدال الحرف الأول من جنس الثاني، فيكون فيه أيضاً تغيير واحد وهو الإبدال. واعلم أن الحرف لا يبدل بالحرف لأجل الإِدغام إلا إذا كانا متقاربين (¬4) ¬
وإذا كان الأول متحركاً لم يدغم إلا بعد تغييرين وهما الإِبدال والإِسكان، وأما إن تحرك الأول وسكن الثاني فلا إدغام نحو: (رددنا) (¬1). ¬
الفصل الثالث
الفصل الثالث في ذكر الحروف ومخارجها اعلم أن أصول الحروف (¬1) العربية (¬2) ثلاثون حرفاً، وأذكرها بعد بحول الله عز وجل موزعة (¬3) على المخارج (¬4). واعلم أن مخارج الحروف ستة عشر مخرجاً (¬5) منها: من الحلق ومنها ¬
من داخل الفم، ومنها من بين الشفتين، ومنها من الخيشوم (¬1). أما الحلق فله ثلاثة مخارج: أحدها: من أقصاه مما يلى الصدر وله من الحروف الهمزة، والهاء، والألف الساكنة. الثافي: من وسط الحلق وله من الحروف الحاء والعين المهملتان. الثالث: من أدنى الحلق إلى الفم وله من الحروف الخاء والغين المعجمتان. وأما المخارج التي من داخل الفم فمتعلقة باللسان (¬2) منها: من أصله ومنها من حافته (¬3) ومنها من وسطه، ومنها من طرفه. فمن أصله مخرجان: أحدهما: من أقصاة وما فوق 5 من الحنك (¬4) وهو مخرج القاف. والثاني: أسفل منه قليلاً ومما يليه من الحنك وهو مخرج الكاف. ومن وسط السان بينه وبين وسط الحنك مخرج والجيم، والشين، والياء (¬5). ¬
ومن حافة اللسان (¬1) من بين أولها وما يليه من الأضراس مخرج الضاد. وأما طرف اللسان فله ستة مخارج: فمن حافة اللسان من أدناها إلى طرف 5 ما بينها وبين ما يليها من الحنك الأعلى ما فوق الضاحك، والناب، والرباعية، والثنية مخرج اللام. ومن طرف اللسان بينه وبين ما فوق الثنايا مخرج النون. ومن مخرج النون غير أنه أدخل في ظهر اللسان قليلاً لإنحرافه إلى اللام مخرج الراء. وما بين طرف اللسان وأصول الثنايا العليا مخرج الطاء، والدال، والتاء. وما بين طرف اللسان وفوق الثنايا مخرج الصاد والسين والزاي. وما بين طرف اللسان / وأطراف الثنايا العليا مخرج الظاء، والذال، والثاء المعجمات. وأما الشفتان فمن بين باطن الشفة السفلى وأطراف الثنايا العليا (مخرج) (¬2) الفاء. ومن بين: الشفتين مخرج الباء، والميم، والواو، إلا أن الشفتين تنطقان بالباء والميم تنفتحان مقببتين (¬3) بالواو. ¬
وأما الخيشوم فهو مخرج النون الخفيفة (¬1). فهذه مخارج الحروف على رأي سيبويه - رَحِمَهُ اللهُ -. اعلم أن سيبويه لما ذكر مخرج الضاد لم يبين هل هي ين الحافة اليمنى أو من الحافة اليسرى لكنه ذكرفي (باب) (¬2) الإدغام في حروف طرف اللسان والثنايا: إدغام الطاء وأختيها (¬3) في الضاد فقال في التعليل: لأنها يعني الضاد اتصلت بمخرج اللام وتطأطأت عن اللام حتى خالطت أصول ما. (¬4) اللام فوقه من الأسنان (¬5). - ريد بقوله: (تطأطأت) مالت عن اللام حتى خالطت أصول الضاحك والناب والرباعية والثنية: لأن هذه الأضراس الأربعة هي التي ذكر سيبويه أن اللام فويقها. وهذه الأربعة التي اللام فويقها إنما هي من الجهة اليمنى. وأما الضاد الضعيفة فقد نص لما ذكر عدة الحروف، على أنها تتكلف من الجهة اليمنى (¬6). طهر من هذا أن الضاد عنده من الجهة اليمنى ومن الجهة اليسرى. والله جل وعلا أعلم. ¬
الفصل الرابع
الفصل الرابع في صفات (¬1) الحروف اعلم أن الحروف إنما تختبر صفاتها بأن ينطق بها سواكن بعد همزة الوصل نحو (اب) (اج) (اد) فيكون الحرف إذ ذاك مجرداً من شوائب التركيب فتبرز ذاته وتتميز حقيقته وصفاته. واعلم أن جملة الصفات التي أقصد الآن ذكرها ست عشرة، منها أربع (¬2) تضاد، كل واحدة منها صفة أخرى، فتبلغ مع أضدادها ثمان صفات، والثمان الباقية لا تضاد بينها. أما المتضادات فمنها الجهر ومعناه الظهور (¬3) قال الله تعالى: {أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً} (¬4) أي عيِاناً وقال: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ} (¬5) أي لا ترفع صوتك. وضد الجهر الهمس ومعناه الخفاء (¬6) قال الله تعالى: {فَلاَ تَسْمَعُ ¬
إلَّا هَمْساً} (¬1). قال الهروي (¬2) أي صوتاً خفياً من وطء أقدامهم إلى المحشر. والحرف الظاهر البين في النطق هو المجهور، والحرف الضعيف هو المهموس. وجملة الحروف المهموسة عشرة يجمعها قولك (سكت فحثه شخص) والحروف المجهورة ما عداها. واعلم أن بعض المجهورة أقوى من بعض: فالطاء والدال المهملتان أقوى من الذال والظاء المعجمتين، وكذلك بعض الحروف المهموسة أضعف من بعض: فالهاء والحاء والثاء (والفاء) (¬3) ونحوها أهمس من الشين والخاء. ومنها الشدة (¬4) وضدها الرخاوة (¬5). والحروف تنقسم إلى شديدة ورخوة ومتوسطة، وجملة الحروف الشديدة ثمانية يجمعها قولك (اتجد طبقك) (¬6) وفسر سيبويه الحرف الشديد بأنه الذي يمنع الصوت أن يجري فيه ألا ترى أنك لو قلت: (اج) لم ¬
يمكن (¬1) مد (¬2) الصوت فيه وكذلك سائره (¬3). واعلم أنه متى تحرك الحرف لم يمكن فيه مد الصوت سواء كان رخواً أو شديداً وإنما يتميز مد الصوت بالحرف وامتناعه إذا سكن الحرف. وتد تقدم أن الحروف إنما تختبر إذا سكنت وعريت عن التركيب. وأما الرخوة فجملتها ثلاثة عشر حرفاً: هي الهاء، والغين، والخاء، والشين، وا لضاد، والصاد، والسين، والزاي، والظاء، والذال، والثاء، والفاء، وكل واحد منها يمكن مد الصوت فيه إذا سكن. وأما المتوسطة فثمانية أحرف، وهي حروف العلة الثلاثة، وخمسة من حروف الصحة يجمعها قولك (لم يروعنا) (¬4). ووجه وصف هذه الحروف بأنها متوسطة: أما العين فقال فيه سيبويه إنه بين الرخوة والشديدة تصير (¬5) إلى الترديد فيها لشبهها بالحاء. وقال في اللام: إنه حرف شديد جرى فيه الصوت لإنحراف اللسان مع الصوت ولم يعترض على الصوت كاعتراض الحروف الشديدة، وإن شئت مددت فيه الصوت، وليس كالرخوة لأن طرف اللسان لا يتجافى عن موضعه، وليس يخرج الصوت من موضع اللام، ولكن من ناحية مستدق اللسان فويق ذلك انتهى. ¬
قوله (لأن طرف اللسان لا يتجافى عن موضعه) تعليل لصحة مد الصوت كما يكون ذلك في حروف الرخاوة (¬1) إذ خاصية الحرف الرخوي صحة مد الصوت فيه مع أن العضو الناطق به لا يزول عن موضعه الذي اعتمد عليه عند ابتدائه بالنطق بذلك الحرف مع كون الصوت الممتد خارجاً من موضع الحرف. ومن ناحية الحرف الشديد أنه إذا نطق به العضو تجافى على الفور عن موضعه الذي اعتمد عليه وقت النطق، وانقطع الصوت مع أن صوت الحرف إنما يخرج من موضعه. وأما اللام فلما حصل فيها جواز مد الصوت مع بقاء اللسان في موضعه من غير تجاف: أشبه بذلك الرخوة، والصوت الممتد ليس يخرج من موضع اللام وإنما يخرج من ناحيتى مستدق اللسان وهو طرفه، وفارق بذلك الحروف: لأن الصوت الممتد بالحرف الرخوي إنما يخرج من موضع الحرف كما تقدم. وإنما موضع اللام الموضع الذي يلتقى من اللسان مع ما يليه من الأضراس وإذا لم يمد الصوت باللام الساكنة تجافى اللسان عن موضعه وخرج الحرف من الموضع الذي ذكرنا. فحصل من هذا أن نسبة الصوت الممتد خارجاً من ناحيتى مستدق اللسان إلى ذات اللام كنسبة الغنة الخارجة من الأنف إلى حرفي الغنة وهما الميم والنون. وقوله: (وليس كالرخوة) يريد به نفى المثلية أي ليس رخوا، ولم يرد نفي الشبه: لأن الشبه حاصل بما فيه من مد الصوت مع لزوم اللسان لموضعه كما تقدم. ¬
وأما النون والميم فقال سيبويه: في النون: إنه حرف شديد يجري مع الصوت غنة من الأنف إنما تخرجه من أنفك واللسان لازم لموضع الحرف: لأنك لو أمسكت بأنفك لم يجر معه صوت ثم قال: (وكذلك الميم). وأما الراء فقال: (إنه حرف شديد جرى فيه الصوت لتكريره وانحرافه إلى اللام فيتجافى الصوت كالرخوة ولم يتكرر ولم يجر الصوت فيه انتهى. وذلك أنك إذا نطقت بالراء تكيف الجزء الناطق بها من اللسان نوعا من التكيف في حال النطق، ثم انفلت من ذلك التكيف، فينقطع الصوت الذي هو ذات الراء، ثم يعود الجزء الناطق إلى ذلك التكيف، فيعود النطق بذلك الحرف هكذا مرة بعد أخرى، فيحصل في اللسان بحسب سرعة التكيف الإنفلات المتكرر بين صورة ترعيد وتكرير بلفظها، وكل قرعة منها راء مستقلة لكنه قل ما يقدر الناطق على الإقتصار على القرعة الواحدة من غير تكرار إلا بعد التمرن والرياضة مع سلامة العضو الناطق (¬1). فمن حيث كان سريع التفلت وقطع الصوت كان شديداً، ومن حيث عرض فيه التكرار السريع صار الصوت كأنه شئ واحد ممتد لم ينقطع فأشبه بذلك الرخوة: ولهذا قال سيبويه (جرى فيه الصوت بالتكرير وانحرافه إلى اللام) وقوله (فيتجافى الصوت) يريد تجافى بما فيه من الإنحراف. ¬
وأما حروف العلة الثلاثة (¬1) فإن مخارجها اتسعت لهواء الصوت أكثر من غيرها وأوسعها مخرج الألف ثم الياء ثم الواو، تعرف ذلك بضم الشفتين في الواو وبرفع لسانك في الياء قبل الحنك، وليس في الألف شيء من ذلك. فإن قيل ادعيت في هذه الحروف الثمانية بأنها متوسطة بين الشدة والرخوة، ولم يقل سيبويه ذلك إلا في العين، ونص في اللام والراء والنون على الشدة وكذلك في الميم؟. قيل قد ذكر سيبويه قبل هذه الحروف الشديدة التي منها الهمزة وجعلها قسماً، وذكر الرخوة وهي التي منها الحاء، وجعلها قسماً ثانياً (¬2) ثم ذكر هذه الأحرف الأخرى على حدة. فدل أن لها حكماً ثالثاً وهو التوسط. وقد نص في العين ووصف الأربعة بعدها بالشدة وذكر فيها مع ذلك وجها من الشبه بالرخوة وهو ما صاحبها من مد الصوت كما تقدم بخلاف القسم الذي منه همزة فبقدر ما فيها من شبه الرخوة سميت متوسطة، وكذلك حروف العلة لما اتسعت مخارجها حصل فيها امتداد الصوت وتعديه مخرجه أكثر مما في اللام وأخوتها فأشبهت بذلك الرخوة. والله تعالى أعلم. ومنها الإنطباق (¬3) وضده الإنفتاح (¬4): فالأحرف المنطبقة الطاء والظاء والصاد والضاد، سميت بذلك لإنطباق ظهر اللسان مع الحنك الأعلى عند النطق بها، ولهذا كتب كل واحد منها من خطين متوازيين متصلى الطرفين إشعارا بمخرجها. ¬
والمنفتحة ما عداها لانفراج ما بين ظهر اللسان والحنك الأعلى عند النطق بها. وقد توصف الميم والباء بالإنطباق لإنطباق الشفتين بها. ومنها الإستعلاء (¬1) وضده الإستفال (¬2) فالحروف المستعلية سبعة وهي الخاء والغين من أعلى الحلق والقاف من أصل اللسان مستعلياً إلى الحنك كما تقدم. والأربعة المطبقة (¬3) التي من داخل الفم الطاء الظاء والصاد والضاد إذ لم يحصل الإنطباق فيها إلا بارتفاع ظهر اللسان إلى الحنك. والحروف المستفلة ما عداها (¬4). فهذه الصفات الثمان التي حصل تضاد بين أربعة منها وأربعة. وأما الصفات الثمان الباقية التي لا تضاد فيها فأولها: الهوائية وهي صفة الألف الساكنة سميت بذلك لأنها صوت يجرى في الصدر ولا تعتمد على شيء من الأعضاء الناطقة، ولذلك لا يمكن تحريكها. ¬
وثانيها الإستطالة (¬1) وهي صفة الضاد: لأن مخرجها ييدأ من أول حافة اللسان من أقصاها وينتهي إلى مخارج الطرف فيستوعب طول حافته فيسمى بذلك مستطيلاً. وثالثها التفشي (¬2) ومعناه الظهور: وهي صفة الشين والفاء (¬3) وصفاً بذلك لما يبدو على ظاهر الفم من التكيف والتأثر عند النطق بهما. ورابعها الإنحراف (¬4) ومعناه الميل وهو صفة اللام والراء، وانحرافهما إلى الجهة افي إلا أن انحراف اللام أقوي من انحراف الراء. وخامسها التكرار (¬5) وهي صفة الراء كما تقدم. وسادسها الصفير وهي صفة (¬6) الصاد والسين والزاي. وسابعها الغنة وهي صفة النون والميم، وهو الصوت الخارج من الأنف وقد تقدم ذكره ¬
وثامنها اللين (¬1) وهي صفة الياء والواو الساكنين بعد الفتحة، فأما إن سكنتا وكانت حركة ما قبلهما من جنسهما فهما حرفا مد كما أن الألف حرف مد أبدا لما لزمها السكون وكون حركة ما قبلها من جنسها. والله تعالى أعلم. ¬
الفصل الخامس
الفصل الخامس إذا عرفت ما تقدم فاعلم أن الحرفين إذا اشتركا في الخرج وجملة الصفات التي لكل واحد منهما فهما مثلان وإن اختلفا بتعدد الخرج أو انفرد أحدهما بصفة لا تكون للآخر فهما مختلفان، ثم المختلفان إن اشتركا في الخرج أو في بعض الصفات فهما متقاربان، وبحسب تعدد وجوه الإشتراك يقوى التقارب وبحسب قلته يضعف، ومهما حصل التماثل لزم الإدغام إذا سكت الأول (¬1) ومهما قوى التقارب حسن الإدغام، ومهما يضعف التقارب ضعف الإدغام، وإن فقد التقارب امتنع عن الإدغام. والله عز وعلى أعلم. ¬
الفصل السادس
الفصل السادس اعلم أن الحروف تنقسم إلى القوي والضعيف (¬1) وأعنى هنا بالقوة أن يكون للحرف زيادة على غيره فيقال إنه أقوى من ذلك الغير. وتلك الزيادة تكون بالإِطباق والإستعلاء والصفير. والإستطالة والتفشي والتكرار والغنة (¬2) ولا يدغم الأقوى في الأضعف إلا على ضعف وذلك لا يلزم من إبدال الحرف الأول بحرف من جنس الثاني، فإذا كان الحرف الأول أقوى لزم من إبداله لو ابدل إذهاب قوته والعرب تأبى ذلك في فصيح كلامها وإذا كان الأول أضعف لزم من إبداله تقويته وهو القانون المستعمل والقياس الجاري. ومن أصول الإدغام أنه لا يدغم حرف من حروف الحلق (¬3) في حرف من حروف الفم ولا حرف من حروف الفم في حرف من ¬
حروف الحلق ومنه أنه لا يدغم حرف صحيح في حرف معتل سوى النون، ولا يدغم حرف من معتل في حرف صحيح أصلا، ومنها أن إدغام الحرف الأدخل في الحرف الأخرج أحسن من العكس وقد يستعمل من هذا العكس في حروف الفم ما لا يستعمل في حروف الحلق واستعمال الإِدغام في حروف الفم اكثر من استعماله في حروف الحلق والإِدغام في حروف طرف اللسان ومقدم الفم أكثر منه في غيرها. والله - عَزَّ وَجَلَّ - أعلم.
الفصل السابع
الفصل السابع أعلم أن الحروف على ضربين: أحدهما: لا يقبل الإِدغام بوجه وهو الألف الساكنة امتنع أن يدغم فيها مثلها أو خلافها لما كان يلزم من تحريكها وهي لا تقبل الحركة وامتنع إدغامها في خلافها لما كان يلزم من قلبها وليس فيما يقاربها ما يصلح لذلك. الضرب الثاني: يقبل الإِدغام وهو نوعان: - أحدهما: قد يوجد فيه إدغام المثلين ولا يصح فيه إدغام المتقاربين. والنوع الثالث: يصح فيه إدغام المثلين والمتقاربين: فالنوع الأول الهمزة وجد فيها إدغام المثلين في قولهم (سوال) جمع سائل. ¬
القسم الأول
وأما إدغام المتقاربين فإن الحروف فيه على ثلاثة أقسام: القسم الأول: يدغم في متقاربه ولا يدغم متقاربه فيه وهو الهاء، والعين، والباء يجمعهما قولك (بعه). أما الهاء والعين فيدغمان في الحاء نحو (وجه حجتك) وقد لقيت الهاء والحاء في القرآن نحو قوله تعالى: {إِنَّهُ حَكِيمٌ} (¬1) {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا} (¬2) و {أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} (¬3) و {أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَذَا} (¬4) و {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ} (¬5) ونحو ذلك ولم يقرأ بإدغام شيء منه. والعين نحو (اسمع حديثاً) ولم تلق العين الحاء في القرآن إلا في قوله تعالى: {مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا} (¬6) أو تكون العين منونة كقوله تعالى: {وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا} (¬7) وقد تقدم أن الحاء لا تدغم في العين ولا في الهاء (¬8) إلا بعد أن تبدل العين والهاء حاء فتقول: (امدح حلالا) وامدح حليا) تريد (امدح هلالا) (وامدح عليا) وكذلك لو أدغمت الهاء في ¬
العين والعين في الهاء لأبدلت كل واحد منهما حاء فتقول: (نزح حملك) (وانفح حلالا) تريد (نزه عملك) (وانفع هلالا). حكى سيبويه عن بنى تميم: محم ومحا أولاء (¬1) يريدون معهم ومع هؤلاء، فأما قراءة أبي عمرو {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النار} (¬2) بإدغام الحاء في العين من غير إبدال العين حاء (¬3) فشذوذ (¬4) والله تعالى أعلم. ¬
القسم الثاني
وأما الباء فتدغم في الفاء والميم كقوله تعالى: {اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعكَ} (¬1) {ارْكَبْ مَعَنَا} (¬2) وقرئ بالِإدغام فيهما (¬3) وأما قراءة الكسائي {إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ} (¬4) بإدغام الفاء في الباء فشذوذ (¬5) والله أعلم. القسم الثاني: يدغم مقاربه فيه ولا يدغم هو في مقاربه. وذلك ستة أحرف: الحاء، والشين، والضاد، والراء، والفاء، والميم، يجمعها قولك (شرف محض). أما الحاء فقد تقدم ما يدغم فيها (¬6) وأنها لا تدغم في غيرها إلا على شرط إبدال ذلك الغير بحاء مثلها، ولا تبدل هي بحرف مثل ذلك الغير. وهذا عنيت (¬7) بكونها لا تدغم في غيرها. وأما الشين فيدغم فيه الجيم، والطاء، والدال، والتاء، والظاء، والذال، والثاء، واللام. ¬
فالطاء نحو: (اغْبط شرفا) (¬1) في القرآن منه في (¬2) كلمة {أَغْطَشَ} (¬3) و {الْبَطْشَةَ} (¬4) وزثي كلمتين {بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ} (¬5) و (لم يقرأ) (¬6) بإدغامه، والظاء نحو (الحظ شرطه) والدال نحو (استحد شفرتك) ولم يلتقيا مع الشين في القرآن. واللام نحو (اقبل شهادته) وقد جاءت اللام قبل الشين في القرآن على خمسة أضرب: أحدها: لام التعريف ولا خلاف في إدغامها نحو {الشُّهَدَاءِ} (¬7). الثاني: اللام لمشدودة نحو: {كُلِّ شَيْءٍ} (¬8). الثالث: اللام المنونه {زِلْزَالًا شَدِيدًا} (¬9) و {رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ} (¬10). الرابع: اللام المفتوحة بعد الألف نحو {الرِّجَالَ شَهْوَةً} (¬11) و {قَالَ شُرَكَاؤُهُمْ} (¬12). الخامس: لام الإِبتداء ولام الجر نحو {لَشَيْءٌ عُجَابٌ} (¬13) و {لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ} (¬14) ولم يدغم شيء من ذلك. وليس في القرآن لام بعدها ¬
شين في كلمة واحدة، أما الجيم، والدال، والثاء فموجودة قبل الشين في القرآن، وقرئ بإدغامها نحو {أَخْرَجَ شَطْأَهُ} (¬1) و {قَدْ شَغَفَهَا} (¬2) و {بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} (¬3) و {ثَلَاثِ شُعَبٍ} (¬4). وأما الضاد فيدغم فيه سبعة أحرف وهي: الطاء، والتاء، والدال، والظاء، والذال، والثاء، واللام نحو (أمط ضيره واحفظ ضمانك ضغنك) (¬5) ولم يقع في القرآن منها شيء ووجدت البواقي نحو {فَقَدْ ضَلّ} (¬6) {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا (1)} (¬7) و {حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ} (¬8) و {بَلْ ضَلُّوا} (¬9). وأما الراء فيدغم فيها اللام والنون وقرئ به نحو: {وَقُلْ رَبِّ} (¬10) و {مِنْ رَبِّكُمْ} (¬11) والإِدغام لازم إذا كانا ساكنين، فإن تحركا فهو الإِدغام لكبير على ما يأتي بحول الله تعالى. وأما الفاء فيدغم فيها الباء وقرئ به كما تقدم. ¬
القسم الثالث
وأما الميم فيدغم فيها الباء وقد تقدم. وأما النون نحو {مَنْ مَّعَكَ} (¬1) فإدغامه لازم إذا كان ساكنا. القسم الثالث: الذي يدغم في مقاربه، ويدغم مقاربه فيه، وهو بافي الحروف: وهي ثمانية عشر حرفاً يجمعها قولك: (ظن زكوت خلط سذج غيث قصد) أما الخاء والغين فيدغم أحدهما في الآخر نحو (فرغ خاطرك) و (ارسخ غالبا) ولم يلتقيا في القرآن. وأما القاف والكاف فيدغم أحدهما في الآخر نحو {نَخْلُقْكُمْ} (¬2) و {لَكَ قَالَ}. (¬3) وقرئ به. وأما الجيم فيدغم في الشين كما تقدم ويدغم فيها في قول سيبويه الطاء والدال والتاء والظاء والذال والثاء نحو: {قَدْ جَعَلَ} (¬4) و {نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ} (¬5) و {إِذْ جَعَلَ} (¬6) وقريء به. ¬
وأما البواقي نحو (القط جوهرا واحفظ جارك وابثث جمالا) فلم يقع في القرآن. فأما قوله تعالى: {ثَجَّاجًا} (¬1) فلا يصح إدغام الثاء في الجيم إذ الجيم مشددة، وأيضاً فالثاء أول في الإِبتداء وبعده ساكن في الوصل. وأما الياء فتدغم في الواو بشرط أن تقلب الواو ياء نحو سيد كما تقدم وتدغم فيها الواو والنون نحو طويت طياً ولويت ليا ومن يؤمن وكله في القرآن. وأما الواو فيدغم في الياء كما تقدم ويدغم فيها الياء كما تقدم والنون نحو {مِنْ وَّالٍ} وأما اللام فتدغم في ثلاثة عشر حرفاً وهي: الطاء والدال والصاد والسين والراء معجمات ومهملات والنون والتاء والثاء. فإن كانت اللام للتعريف لزم إدغامها في هذه الحروف وإن كانت لغير التعريف جاز الِإظهار والِإدغام وإن كان (¬2) متفاضلا في الحسن والقبح على ما هو مستوفي في كتب العربية. وقد قريء بإدغامها في عشرة أحرف من هذه الثلاثة عشر وهي ماعدا الشين المعجمة والدال والصاد المهملة. نحو {هَلْ تَعْلَمُ} (¬3) و {هَلْ ثُوِّبَ} (¬4) و {بَلْ ظَنَنْتُمْ} (¬5) و {بَلْ زُيِّنَ} (¬6) و {بَلْ سَوَّلَتْ} (¬7) و¬
{بَلْ نَحْنُ} (¬1) و {بَلْ طَبَعَ} (¬2) و {بَلْ ضَلُّوا} (¬3) و {وَقُلْ رَبِّ} (¬4) و {مَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ} (¬5) وهو شاذ كما تقدم حكمها مع الشين. ومثال اللام مع الدال في القرآن قوله تعالى: {وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ} (¬6) و {ثَمَانِينَ جَلْدَةً} (¬7) ومثال اللام مع الصاد: {قُلْ صَدَقَ اللَّهُ} (¬8) و {كَمَثَلِ صَفْوَانٍ} (¬9) و {خَلَصُوا نَجِيًّا} (¬10) ولم يقرأ بإدغام شيء منه ويدغم فيها النون لا غير نحو {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (¬11) وأما النون فيدغم في خمسة أحرف وهي مجموعة في قولك (لم يرو) نحو {مَنْ لَمْ} (¬12) و {مِنْ مَاءٍ} (¬13) و {مَنْ يُّؤْمِنُ} (¬14) و {مِنْ رَبِّكَ} (¬15) و {مِنْ وَالٍ} (¬16) ويدغم فيها لام التعريف لزوما، فإن كانت اللام لغير ¬
التعريف ضعف إدغامها فيها، وقد قريء به وقد تقدم جميع ما ذكرته في النون. وأما الطاء والدال والتاء والظاء والذال والثاء فيدغم كل واحد فها في سائرها، وفي الشين وفي حروف الصفير وفي الجيم أيضاً في قول غير سيبويه كما تقدم. وقد تقدم إدغامها في الضاد، ويدغم فيها من غيرها اللام على ما تقدم. فحصل من هذا أن كل واحد من هذه الحروف الستة التي أولها الطاء تدغم في أحد عشر حرفاً. واعلم أنه ليس في القرآن حرف لقى جميع ما ذكر أنه يدغم فيه سوى التاء، وأما أخواتها فإنما لفى كل واحد فها في القرآن بعض ما ذكر أنه يدغم فيه على ما أذكره لك الآن بحول الله تعالى. أما الطاء فلقيت حرفين: وهما: التاء نحو {أَحَطْتُ} (¬1) و {فَرَّطْتُ} (¬2) والشين نحو {غْطَشَ} (¬3) وقد ذكر (¬4) وجاءت منونة قبل الذال في قوله تعالى: {بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ} (¬5). وأما الدال فلقيت عشرة أحرف وهي في جملتها سوى الطاء، فمنها: التاء نحو: {قَدْ تَبَيَّنَ} (¬6) و {فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ} (¬7) والظاء نحو: ¬
{فَقَدْ ظَلَمَ} (¬1) و {يُرِيدُ ظُلْمًا} (¬2) والذال نحو: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا} (¬3) و {الْوَدُودُ} (¬4) و {ذُو الْعَرْشِ} (¬5) هـ الثاء نحو: {يُرِيدُ ثَوَابَ} (¬6) والصاد نحو: {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ} (¬7) و {فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ} (¬8) والسين نحو: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ} (¬9) و {عَدَدَ سِنِينَ} (¬10) والزاي نحو: {وَلَقَدْ زَيَّنَّا} (¬11) و {يَكَادُ زَيْتُهَا} (¬12) والشين نحو: {قَدْ شَغَفَهَا} (¬13) و {وَشَهِدَ شَاهِدٌ} (¬14). الجيم نحو: {قَدْ جَعَلَ} (¬15) و {دَاوُودُ جَالُوتَ} (¬16) والضاد نحو: {قَدْ ضَلَّ} (¬17) وجاءت منونه قبل الطاء في قوله تعالى: {صَعِيدًا طَيِّبًا} (¬18). وأما التاء فقد تقدم أنها لقيت أحد عشر حرفاً ¬
فمنها: الطاء نحو: {قَالَتْ طَائِفَةٌ} (¬1) و {الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ} (¬2) والدال نحو: {فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ} (¬3). والظاء نحو: {حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا} (¬4) والذال نحو: {فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا} (¬5) والثاء نحو: {كَذَّبَتْ ثَمُودُ} (¬6) والضاد في {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا} (¬7) والصاد نحو: {لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ} (¬8) والسين نحو: {أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ} (¬9) والزاى نحو: {فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا} (¬10) والشين نحو: {بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} (¬11). والجيم نحو: {وَجَبَتْ جُنُوبُهَا} (¬12). وأما الظاء فلقيت التاء لا غير نحو: {أَوَعَظْتَ} (¬13) و {مَوْعِظَةً} (¬14). وأما الذال فلقيت سبعة أحرف وهي: الدال نحو: {إِذْ دَخَلُوا} (¬15) ¬
والتاء نحو: {إِذْ تَبَرَّأَ} (¬1) والظاء نخو: {إِذْ ظَلَمُوا} (¬2) والصاد نحو: {وَإِذْ صَرَفْنَا} (¬3) و {مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً} (¬4) والسين نحو: {إِذْ سَمِعْتُمُوهُ} (¬5) و {وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ} (¬6) والزاي نحو: {وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ} (¬7) والجيم نحو: {إِذْ جَاءَكُمْ} (¬8) و {إِذْ جَعَلَ} (¬9). وأما التاء فلقيت خمسة أحرف: وهي: الثاء نحو: {أُورِثْتُمُوهَا} (¬10) والذال نحو: {يَلْهَثْ ذَلِكَ} (¬11) و {وَالْحَرْثِ ذَلِكَ} (¬12) والسين نحو: {مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ} (¬13) والشين نحو: {حَيْثُ شِئْتُمْ} (¬14) والضاد في قوله تعالى: {حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ} (¬15). وأما حروف الصفير (¬16) فيدغم كل واحد منها في أخويه ويدغم فيها اللام، والطاء، والدال، والفاء، والظاء، والذال، والتاء كما تقدم. ¬
والذي التقى في القرآن من حروف الصفير بعضها مع بعض: السين والزاي في قوله تعالى: {وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ} (¬1) لا غير والله تعالى أعلم. وقد نَجِزَ (¬2) الكلام في القسم الأول بتمام هذا الفصل السابع. والكلام فيه مقرر بحسب فصيح كلام العرب ولا ينكر من كلام العرب وجود الشواذ في باب الإِدغام وغيره، فلا يهولنك أن تجد في هذا الباب ما يشذ عما قررته لك، لكن طيك بمعرفة ما يشذ وما يطرد ورد كل فرع إلى أصله والله المستعان. وأشرع الآن في القسم الثاني وهو مقصود الباب وأرتب الكلام فيه بحسب ترتيب كلام الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -. (م) قوله: (باب ذكر بيان مذهب أبي عمرو في الإِدغام الكبير) (¬3). (ش) اعلم أنه إنما سمى هذا الإِدغام كبيراً لكثرة دورانه في حروف القرآن. فقد بلغت عدة ما يذكر منه في هذا الباب ما بين متفق عليه ونحتلف فيه: ألف كلمة وثلاثمائة كلمة واثنين وتسعين كلمة. ويمكن أن يسمى كبيراً لكثرة ما فيه من العمل، وذلك أنه مخصوص بما أصله التحريك فيعرض فيه في بعض المواضع أربع تغييرات. وذلك في إدغام المتقاربين إذا كان قبل الأول منهما ساكن: أخدها: قلب الحرف الأول، والثاني: إسكانه، والثالث: إدغامه إن كان مفتوحاً في الأصل أو إخفاؤه إذا كان أصله الضم أو الكسر على ما سيأتي تحقيق القول في تسمية هذا النوع من الإخفاء إدغاماً بحول الله تعالى. ¬
والرابع: التقاء الساكنين إذا كان الأول مفتوحاً في الأصل كما تقدم، وكذلك إذا كان الأول متحركاً بالضم أو بالكسر في الأصل عند من لا يقول بالإِخفاء ويجعله إدغاماً صحيحاً (¬1). (م) قوله: (اعلم أني إنما أفرد مذهبه في هذا الباب في الحروف المتحركة التي تتماثل في اللفظ وتتقارب في المخرج) (¬2). (ش) ينبغي أن تعلم أولا أن الإِدغام الكبير ليس بلازم في قراءة أبي عمرو وأن الحروف المذكورة في هذا الباب قرأها أبو عمرو على وجهين: أحدهما: الإِظهار كما قرأها غيره من القراء. الثاني: الإِدغام كما يذكر هنا (¬3). فليس الإِدغام الكبير بأمر لابد منه في قراءة أبي عمرو وإنما هو رواية من رواياته ووجه من وجوه قرائته. فمن شاء قرأ به ومن شاء قرأ بالإِظهار، وعلى هذا جرى كلام الحافظ حيث أسند قراءة أبي شعيب فقال: وقرأت بها القرآن كله بإظهار الأول من المثلين والمتقاربين وبإدغامه على فارس. (¬4) ولما كان لأبي عمرو مذهب في الإِدغام الصغير ولم يذكره في هذا الباب وإنما يذكره بعد مع مذاهب القراء، فلذلك قال: (إنما أفراد مذهبه في ¬
هذا الباب في كذا) (¬1) فإن قيل: فلو قال بدل هذه العبارة: اعلم أني إنما أفرد في هذا الباب بمذهبه في الحروف المتحركة لكان أبين في الإشعار من جهة (¬2) دليل الخطاب، فإن له مذهباً في الإِدغام في الحروف السواكن فأما هذه العبارة التي عبر بها فقد تشعر بأن لغيره مذهباً في هذه الحروف وليس لغيره فيها إلا الإِظهار؟. فالجواب: أن الإِحتمال أيضاً في هذه العبارة قائم كما هو في عبارته إذ لا يبعد أن يفهم من هذه العبارة أن لغيره في هذه الحروف مذهباً لم يذكر (هنا) (¬3) وهذا الإِحتمال في العبارتين مبني على إعماله دليل الخطاب، ولا يصح إعماله في كل موضع. قوله: (في الحروف المتحركة). هذا فرق بين الإِدغام الكبير والإِدغام الصغير: إذ لابد أن يكون الحرف الأول في هذا الباب متحركاً قبل الإِدغام. وأما الإِدغام الصغير فلا يكون إلا فيما الحرف الأول منه ساكن قبل الإِدغام. ومن الفرق بين البابين أن الإِدغام الصغير خاص بالمتقاربين ولا يكون في المثلين، والإِدغام الكبير يكون في المثلين وفي المتقاربين (¬4). ¬
وقوله: (التي تتماثل في اللفظ وتتقارب في المخرج) كلام فيه حذف. وتصحيحه: في الحروف التي تتماثل في اللفظ في الحروف التي تتقارب في المخرج فحذف الموصول الثاني واستغنى بفهم المعنى كما حذف في قولهم: خذه بما عزوهان: تقديره: بما عزو وبما هان. وهذا التقدير مبني على أن العزيز غير الهين. ويمكن أن يقال مثله في قوله تعالى: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ} (¬1) على تفسير من قال: إن المراد بالذي جاء بالصدق محمد - صلى الله عليه وسلم - وبالذى صدق به أبو بكر الصديق - رضي الله عنه -. فيكون التقدير: والذى جاء بالصدق والذى صدق به ومنه قوله تعالى: {يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ} (¬2) أي بما قدم و (بما) (¬3) أخر. وقوله تعالى: {عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ} (¬4) ويكون هذا الحذف في باب الموصولات نظير الحذف في باب الموصوفات كقول امريء القيس: (مجر جيوش غانمين وخيب) (¬5) ¬
أراد: وجيوش خيب: إذ لا يصح أن يكون الغانمون هم الخيب. وإنما حملت كلامه على هذا لأن الحرفين المتماثلين لابد أن يكونا من مخرج واحد: إذ حقيقتهما أنهما حرف واحد مكرر كالباءين في (سبب) والصادين في (القصص). وأما المتقاربان في المخرج فهما مختلفان وليسا بمثلين، ولا يصح إدغام أحدهما في الآخر إلا بعد قلب المدغم إلى جنس ما يدغم فيه، فيصيرا مثلين إذ الحاصل من الإِدغام في ذلك: النطق بحرف واحد مشدد. فلا يمكن أن يبقى الأول مخالفاً للثاني حال الإِدغام، لما كان يلزم من وجود صوتين مختلفين في الحرف الواحد المشدد، ولما كان يلزم من أعمال العضوين الناطقين بالحرفين المختلفين في زمان واحد. وهذا أمر خارج عن قوى الشر. (م) قوله - رَحِمَهُ اللهُ -: (وهي تأتي على ضربين متصلة في كلمة واحدة ومنفصلة في كلمتين) (¬1). (ش) وريد بقوله: (وهي تأتي) الحروف المتماثلة والحروف المتقاربة فيكون الحاصل أربعة أقسام: القسم الأول: المثلان في كلمة. الثاني: المثلان في كلمتين. الثالث: المتقاربان في كلمة. الرابع: المتقاربان من كلمتين. ¬
القسم الأول: المثلان في كلمة
القسم الأول: المثلان في كلمة: (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ - (اعلم أن أبا عمرو لم يدغم من المثلين في كلمة إلا (في) (¬1) موضعين إلى آخر كلامه) (¬2). (و) اعلم أن قولهم: المثلان في كلمة: يكون حقيقة ويكون مجازاً. أما الحقيقة فنحو الباءين في (سبب) والراءين في (بررة) والقافين في (يشاقق) والصادين في (القصص) ألا ترى أن المثلين في جميع ذلك في كلمة واحدة وأن سببا وزنه (فعل) فالباء الأولى عين الكلمة والثانية لامها وكذلك سائر ما ذكر معه. وأما المجاز فنحو: الكافين في {سَلَكَكُمْ} والنونين في {يَعْبُدُونَنِي} والهاءين في {وَجْهَهُ}: ألا ترى أن الأول من المثلين في هذه الأمثلة لام الكلمة أو من تمامها، والثاني ضمير متصل به ولو فصلته منه لم تختل (¬3) الكلمة نحو: (سلك) و (يعبدون) و (وجه)، وكذلك ببنيه (¬4) الباء الأولى حرف جر اتصلت بفاء الكلمة فأشبهت المثلين في كلمة. فإذا تقرر هذا فاعلم أن أبا عمرو أدغم من ذلك {مَنَاسِكَكُمْ} (¬5) في البقرة و {مَا سَلَكَكُمْ} (¬6) في المدثر. ¬
ووجه الإِدغام في ذلك أنه استثقل اجماع المثلين مع ما في ذلك من الطول بلحاق ضمير الجمع وتحريك ما قبل الكاف الأولى مع أنه اتبع في ذلك الرواية عن أئمته. وزاد الإِمام {بِشِرْكِكُمْ} (¬1) في فاطر، وقال باختلاف عنه والإظهار أحسن لاجتماع ساكنين ليس الأول منهما حرف مدولين. والإِدغام رواية عياش (¬2) عنه. وزاد الإِمام أيضاً ما التقت فيه الهاءان والثانية من ضمير الجماعة وقال باختلاف عنه والإِظهار أكثر وأحسن، وبهما قرأت، والإِدغام رواية محمد بن رومي (¬3) عن اليزيدي عنه. انتهى. واعلم أن جملة ما في القرآن منه تسعة وعشرين موضعاً: من ذلك {وُجُوهُهُمْ} (¬4) في موضعين من آل عمران، وموضعين من سورة يونس - عليه السلام -، وفي الأنفال، وسورة إبراهيم - عليه السلام -، والإسراء، وسورة الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين، والمؤمنون والفرقان والنمل والأحزاب ¬
والزمر والقتال، والفتح، والقمر، والمطففين في كل واحدة (¬1) من الثلاث عشرة سورة موضع. ومنها {أَفْوَاهِهِمْ} (¬2) في موضعين من آل عمران، وفي ثلاثة مواضع من التوبة وفي المائدة وسورة إبراهيم - عليه السلام - والكهف ويس والصف في كل واحد من السور الخمس موضع. ونها {جبَاهُهُمْ} (¬3) في التوبة و {إِكْرَاهِهِنَّ} (¬4) في النور. وزاد الإِمام أيضاً {إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ} (¬5) في الأعراف. وقال باختلاف عنه (¬6) والإِظهار أحسن وأكثر للحذف الذي يقع في الكلمة (¬7) وذلك أنه يحذف (الياء) (¬8) التي هي لام الفعل ويدغم ياء فعيل في ياء المتكلم. فأما ما عدا ذلك مما التقت (¬9) فيه المثلان في كلمة فلا إدغام فيه نحو {يَعْبُدُونَنِي} (¬10) و {يَهْدُونَنَا} (¬11) و {مَا اقْتَتَلُواْ} (¬12) و {يَقْتَتِلَانِ} (¬13) لعدم الرواية. ولأن الإِظهار هو الأصل فلا يفتقر إلى تعليل. ¬
القسم الثاني: المثلان من كلمتين
القسم الثاني: المثلان من كلمتين: (م) قال الحافظ: (فأما المثلان إذا كانا من كلمتين فإنه كان يدغم الأول في الثاني منهما سواء سكن ما قبله أو تحرك في جميع القرآن) (¬1). (ش) اعلم أن المراد من هذا الفصل أن يكون الحرف الواقع آخر الكلمة واقعاً في أول الكلمة التي بعدها وهما متحركان على ما مر (من) (¬2) شرط هذا الباب نحو {الرَّحِيمِ مَالِكِ} (¬3) و {يَشْفَعُ عِنْدَهُ} (¬4). وإنما أدغم أبو عمرو ما أدغم من هذا الفصل اتباعاً لروايته عن أئمته مع الهرب من ثقل التفكيك: لأن المثلين إذا التقيا باتصال الكلمتين كان ذلك أطول في الكلام، وأثقل على اللسان، فكان التخفيف بالإِدغام أوكد منه في الكلمة الواحدة. واعلم أن الحروف على ضربين: أحدهما: لقي مثله في القرآن. والضرب الثاني لم يلق مثله: فالضرب الذي لم يلق مثله من الحروف في كلمتين في القرآن عشرة أحرف وهي: الطاء والدال والصاد المهملات والخاء والضاد والشين والذال والظاء المعجمات والجيم والزاي. ¬
والضرب الذي لقى مثله من كلمتين باقي الحروف وهي ثمانية عشر حرفاً يجمعها قولك: (حسن فعلك أثبته غير قوم) وقد وقع في تمثيل الحافظ منها ثلاثة عشر حرفاً يجمعها قولك: (علم حسن ركبت فيه) وبقيت الهمزة والغين والقاف والثاء والواو. وأقدم الآن الكلام في الهمزة ثم في الحروف التي ذكر الحافظ على حسب ترتيبها في كلامه، ثم أتبعها بالأربعة الباقية. أما الهمزة فقد التقى المثلان منها في القرآن في مواضع كثيرة، وتبلغ باعتبار اتفاقها في الحركات واختلافها ثمانية أضرب (¬1). ¬
نحو: {جَآءَ أَجَلُهُمْ} (¬1) و {لَاءِ إِنْ كُنْتُمْ} (¬2) و {أَوْلِيَاءُ أُولَئِكَ} (¬3) و {شُهَدَآءَ إذْ حَضَرَ} (¬4) و {مِن وِعَآءِ أَخِيهِ} (¬5) و {جَاَءَ أُمَّة} (¬6) و {السُّفَهَاءُ أَلَا} (¬7) و {يَشَآءُ إِلَى} (¬8) ولم يدغم شيء من ذلك. (و) (¬9) وجه هذا أن من احتمل ثقل اجتماعهما من العرب أثبتهما، وعلى ذلك قراءه الكوفيين ومن استثقلهما عدل إلى تسهيل إحداهما وعليه قراءة أبي عمرو، فاكتفى بتسهيل إحداهما عن الإِدغام لما في إدغامهما لو فعل من الثقل الذي ليس في غيرهما من الحروف. واعلم أن أبا عمرو إذا سهل إحدى الهمزتين حذف الأولى إن كانتا متفقتى الحركة، فيندفع بذلك ثقل اجتماع المثلين، ويسهل الثانية بين الهمزة والحرف الذي منه حركتها إن كانت الأولى مفتوحة والثانية مخالفة، ويبدلها حرفاً خالصاً من جنس حركة ما قبلها إن كانت مفتوحة والأولى مخالفة. فإذا جعلها بين بين استغني بذلك عن الإِدغام أن لفظ الأولى إذ ذاك مخالف للفظ الثانية فيندفع بذلك ثقل اجتماع المثلين. ¬
فإن قيل: هما متقاربان، ومن أصله (¬1) إدغام المتقاربين. فالجواب: أنه لابد في إدغام المتقاربين من إبدال الأول (¬2) إلى جنس الثاني، ولابد من تسكينه، فكان يلزم منهما تسهيل الهمزة الأولى بين بين وجعلها مثل الثانية وإسكانها وإدغامها. وهذا ممتنع من وجهين: أحدهما: أن همزة بين بين لا تسكن عند الحذاق من النحويين والمقرئين. والثاني: أنك لو سهلت الأولى من {شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ} فقياسها أن تكون بين الهمزة والألف، وقياس الثانية أن تكون بين الهمزة والياء. وذلك يمنع كونهما مثلين. وكذا قياس سائرها. وأما إذا أبدل الثانية واوا خالصة أو ياء فيمتنع الإِدغام أيضاً لما تقدم، ولأن أصل الواو والياء ألا يدغم فيهما/ غيرهما وأيضاً فالإدغام خلاف الأصل، فقد خرجت الهمزة من باب الإِدغام وبقيت سبعة عشر حرفاً يقع فيه الإِدغام. واعلمْ أنه يشترط في كل حرف منها ألا يكون منوناً (¬3) ولا مشددا (¬4) ويشترط في التاء مع ذلك ألا تكون ضمير المتكلم (¬5) ولا ضمير المخاطب (¬6). (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (نحو قوله تعالى: {فِيهِ هُدًى}) (¬7). ¬
(ش) اعلم أن الهاء يدغمها أبو عمرو في مثلها إن كانتا من كلمتين سواء كانت الأولى ضميراً أو غير ضمير وسواء كان قبلها حرف متحرك أو ساكن وإن كانت في الأسماء موصولة حذفت الصلة ثم أسكنها في جميع ذلك وأدغمها نحو: {فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ} (¬1) و {فِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ} (¬2) و {أَخَاهُ هَارُونَ} (¬3) و {فِيهِ هُدًى} (¬4) و {فَاعْبُدُوهُ هَذَا} (¬5) و {جَاوَزَهُ هُوَ} (¬6) و {زَادَتْهُ هَذِهِ} (¬7) وجملته في القرآن أربعة وتسعون حرفاً منها حرف حرف (¬8) في ثلاث وعشرين سورة. ففي النساء: {فَكُلُوهُ هَنِيئًا} (¬9) وفي الأنعام: {قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى} (¬10) وفي الأعراف {لِأَخِيهِ هَارُونَ} (¬11) وفي سورة يونس عليه السلام: {سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ} (¬12) وفي سورة هود - عليه السلام -: {غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ} (¬13) وفي المؤمنين: {وَأَخَاهُ هَارُونَ} (¬14). ¬
وفي النمل: {كَأَنَّهُ هُوَ} (¬1) وفي العنكبوت: {إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} (¬2) وفي أنم السجدة: {وَجَعَلْنَاهُ هُدًى} (¬3) وفي فاطر {وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ} (¬4) وفي الصافات: {ذُرِّيَّتَهُ هُمُ} (¬5) وفي فصلت: {إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ} (¬6) وفي ق: {قَالَ قَرِيُنهُ هَذَا} (¬7) وفي الطور: {انَهُ هُوَ الْبَر} (¬8) وفي الحديد: {فَإنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِي} (¬9) وفي المجادلة: {أَلاَ إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (¬10) وفي الممتحنة: {فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ} (¬11) وفي التحريم: {فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ} (¬12) وفي قل أوحى: {وَلَن نُّعُجِزَهْ هَرَباً} (¬13) وفي المزمل: {عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً} (¬14) وفي المدثر: {اللَّهُ هُوَ أهْلُ التَقْوى} (¬15) وفي البروج: {إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئَ} (¬16) وفي القارعة: {فَأُمُّهُ هَاوِيَة} (¬17). ¬
ومنها حرفان حرفان (¬1) في عشر سور: ففي الأنفال {وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (¬2) {فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ} (¬3) وفي النحل {وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ} (¬4) {إِنَّمَا عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ} (¬5) وفي الإسراء {إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ} (¬6) {وَجَعَلْنَهُ هُديً} (¬7) وفي الشعراء: {مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ} (¬8) {وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (219) إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ} (¬9) وفي غافر: {بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ} (¬10) {بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ} (¬11) وفي الشورى: {إنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ} (¬12) {فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِىُّ} (¬13) وفي الزخرف: {إنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا} (¬14) وفي الدخان: {إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ} (¬15) {إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ} (¬16) في الجاثية: {إِلهَهُ هَوَاهُ} (¬17) ¬
{اتَّخَذْتُمْءَايَتِ اللَّهِ هُزَواً} (¬1) وفي الذاريات: {إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ} (¬2) {إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ} (¬3) ومنها ثلاثة ثلاثة في سبع سور: ففي سورة آل عمران: {فَاعْبُدُوهُ هَذَا} (¬4) {فَفِى رَحْمَةِ الله هُمْ} (¬5) {مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيراً لَّهُم} (¬6) وفي كهيعص: {فَاعْبُدُوهُ هَذَا} (¬7) {أَخَاهُ هَرُونَ} (¬8) {لِعِبَدَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ} (¬9) وفي النور: {عِندَ الله هُمُ الكذبون} (¬10) {وَتَحْسَبُونَهُ هَيِنّاً} (¬11) {وَيَعْلَمُونَ إنَّ الله هُوِ الْحَقُّ} (¬12) وفي الفرقان: {فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً} (¬13) {أَخَاهُ هَارُونَ} (¬14) {إِلَهَهُ هَوَاهُ} (¬15) وفي القصص: {إنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ} (¬16) {مِنْ عِندِ اللَّهِ هُوِ أهْدَى} (¬17) {مِن قَبْلِهِ هُمْ} (¬18) ¬
وفي لقمان: {إنَّ الله هُوَ الْغَنِيَ} (¬1) {ذَلِكَ بِأنَّ الله هُوَ الْحَقُّ} (¬2) {وَأنً اللَة هُوَ الْعَلِيَ} (¬3) وفي الزمر: {سُبْحَنَهُ هُوَ} (¬4) {جِمِيعاً إِنَّهُ هُؤ الْغَفُورُ} (¬5) {لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي} (¬6) ومنها أربعة (في) (¬7) سورتين: ففي سورة يوسف - عليه السلام -: {كَيْدَهُنَ إِنَّهُ هُوَ الْسممِيعُ} (¬8) {بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ} (¬9) {رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُور} (¬10) {لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ} (¬11) وفي النجم: {وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ} (¬12) {وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ} (¬13) {وَأَنَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ} (¬14) {وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى} (¬15). ومنا خمسة بالتوبة وهي: {وَكَلِمَةُ الله هِيَ الْعُلْيَا} (¬16) {أَنَّ الله هُوَ يَقْبَلُ ¬
التَّوْبَةَ} {إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ} (¬1) {لِيَتُوبُواْ انَ اللَة هُوَ التَّوَّابُ} (¬2) {زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا} (¬3). ومنها ستة في ثلاث سور: ففي البقرة: {فِيهِ هُدىً} (¬4) {فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ} (¬5) {فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ} (¬6) {هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى} (¬7) {وَلاَ تَتَّخِذُواْءَايَتِ اللهِ هُزَوا} (¬8) {جَاوَزَهُ هُوَ} (¬9) وفي العقود: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ} (¬10) {الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى} (¬11) {فَإنَّ حِزْبَ الله هُمُ الْغَلِبُونَ} (¬12) {قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ} (¬13) {وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ} (¬14) {قَالَ اللَّهُ هَذَا} (¬15) وفي الحج: {مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقّ} (¬16) ¬
{وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ} (¬1) {حَقً جِهدِهِ هُوَ اجْتَبَاكُم} (¬2) {وَاعْتَصِمُواْ بالله هُوَ مَوْلَاكُمُ} (¬3). وإنما جاز حذف صلة الضمير هنا لأنها زائدة لا تثبت في الوقف، وبهذا القيد الأخير فارقت ألف (أنا) ولأنها معتلة لا تقبل الحركة في الوصل وتحذف لإلتقاء الساكنين. وبهذه القيود الثلاثة فارقت التنوين مع أن التنوين جاء لمعنى وهو الفرق بين المنصرف وغيره في الأمر العام فكان أقوى من صلة الهاء، وإنما جيء بصلة الهاء تقوية لحركتها فلا، حاجة إليها في الإِدغام. والله تبارك وتعالى أعلم. (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (وَأَنَّ يأتىَ يَوْمٌ) (أدغموه) (¬4) (ومِنْ خِزْىِ يَوْمِئِذٍ) (¬5). (ش) اعلم أنه يدغم الياء في مثلها سواء سكن ما قبلها أو تحرك كالمثالين اللذين ذكر الحافظ هنا، وحملته في القرآن ثمانية مواضع منها: {أَنَّ يأْتِيَ يَوْمٌ} (¬6) في البقرة وسورة إبراهيم - عليه السلام - والروم والشورى. (¬7) ¬
و {مِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ} (¬1) في سورة هود - عليه السلام -. و {الْبَغْى يَعِظُكُمْ} (¬2) في النحل، و {نُودِىَ يَمُوسَى} (¬3) في طه، {فَهِىَ يَوْمَئِذٍ} (¬4) في الحاقة. فأما قوله تعالى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ} (¬5) في الطلاق فسيأتي الكلام فيه بعد بحول الله - عَزَّ وَجَلَّ -. (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: و {لَا أَبْرَحُ حَتَّى} (¬6). (ش) اعلم أنه ليس في القرآن من هذا إلا موضعان: أحدهما: في البقرة {عُقْدَةُ النِّكَاحِ حَتَّى} (¬7). والثاني: في الكهف: {لَا أَبْرَحُ حَتَّى} (¬8). (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: و (يشفع عنده) (¬9). (ش) اعلم أن جملته في القرآن ثمانية عشر موضعاً: منها في البقرة: {يَشثفَعُ عِندَهُ} (¬10) وفي آل عمران: {لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ} (¬11) وفي المائدة: {تَطلِعُ عَلَى خَائِنُّةٍ} (¬12) وفي الأعراف: ¬
{يَنزِعُ عَنْهُمَا} (¬1) {قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمُ} (¬2) {وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ} (¬3) {وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ} (¬4) وفي التوبة: {وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ} (¬5). وفي سورة يونس - عليه السلام -: {نَطْبَعُ عَلَى} (¬6). وفي الكهف: {تَطْلُعُ عَلَى قَوُمٍ} (¬7) وفي طه: {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عِيْنِى} (¬8) وفي الحج: {يُدفِعُ عَنِ} (¬9) {أن تَقَعَ عَلَى الأرْض} (¬10) وفي سبأ: {فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ} (¬11) وفي المنافقون: {فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ} (¬12) و (في) (¬13) القيامة: {نَجْمَعَ عِظَامَهْ} (¬14) وفي الهمزة: {تَطَّلِعُ عَلَى الأفئدَةِ} (¬15). ¬
(م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (وإذا قيل لهم) (¬1). (ش) اعلم أن اللام يدغمها في مثلها على كل حال وجملته في القرآن مائتا حرف وخمسة عشر سوى المختلف فيه وهو: {يَخْلُ لَكُمْ} (¬2) في سورة يوسف - عليه السلام -. و {ءَالَ لُوطٍ} (¬3) في موضعين من الحجر وثالث في النمل ورابع في القمر وسيأتي الكلام فيها. فمن المتفق عليه حرف حرف في سبع عشرة سورة: ففي سورة إيراهيم - عليه السلام -: {الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ} (¬4) وفي الحجر: {قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ} (¬5) وفي الروم: {لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ الله} (¬6) وفي فاطر: {فَلاَ مُرْسِلَ لَهُ} (¬7) وفي الأحقاف: {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ} (¬8) وفي القتال: {سَوَّلَ لَهُمْ} (¬9) وفي الذاريات: {إذْ قِيلَ لَهُمْ} (¬10) وفي المجادلة: {إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا} (¬11) وفي الحشر: {إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ} (¬12) وفي الجمعة: {مِنْ قَبْلُ لَفِي} (¬13) وفي المنافقون: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ} (¬14) وفي ¬
الحاقة: {الْأَقَاوِيلِ (44) لَأَخَذْنَا} (¬1) وفي سورة نوح - عليه السلام -: {جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ} (¬2) وفي قل أوحى: {أُمْ يَجْعَلُ لَهُ} (¬3) وفي المرسلات: {وَإذَا قِيلَ لَهُمْ} (¬4) وفي النبأ: {الْلَّيْلَ لِبَاسًا} (¬5) وفي الشمس: {فَقَالَ لَهُمْ} (¬6) ومنها حرفان حرفان في اثنتي عشرة سورة. ففي الأنفال: {قُلِ الْأنَفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} (¬7) {وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمْ} (¬8) وفي التوبة: {إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُواْ} (¬9) و {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ} (¬10) وفي الرعد: {الْمِحَالِ لَهُ} (¬11) {الْأَمْثَالَ لِلَّذِينَ} (¬12) وفي العنكبوت: {ابْرهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ} (¬13) {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِه} (¬14) وفي لقمان: {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ} (¬15) {قِيلَ لَهُمْ} (¬16) وفي ¬
السجدة: {وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ} (¬1) {وَقِيلَ لَهُمْ} (¬2) وفي الأحزاب: {مِن قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ} (¬3) {وَإِذ تَقُولُ لِلَّذِي} (¬4) وفي ص: {قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ} (¬5) {أَقُولُ لَأمْلَأنَّ} (¬6) وفي الشورى: {جَعَلَ لَكُمْ الْسَّمْعَ} (¬7) {الفَصْل لَقُضِيَ} (¬8) وفي الفتح: {سَيَقُولُ لَكَ} (¬9) {فَجَعَّلَ لَكُمْ} (¬10) وفي الحجرات: {يَأْكُلَ لَحْمَ} (¬11) {وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُواْ} (¬12) وفي الملك: {جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ} (¬13) {جَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ} (¬14). ومنها ثلاثة ثلاثة في ثمان سور: ففي الإِسراء: {وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلًاْ} (¬15) {فَقالَ لَهُ فِرْعُوْنُ} (¬16) {قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ} (¬17) وفي سورة الأنبياء عليهم ¬
السلام {إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ} (¬1) {قَالَ لَقَدْ كُنُتمْ} (¬2) {يُقَالُ لَهُ إبْراهِيمُ} (¬3) وفي النور: {وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُواْ} (¬4) {الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ} (¬5) {الْرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ} (¬6) وفي سبأ: {وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا} (¬7) {ثُمَّ نَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ} (¬8) {وَنَقُولُ لِلَّذِينَ} (¬9) وفي الصافات: {إِذَا قِيلَ لَهُمْ} (¬10) {إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ} (¬11) {إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ} (¬12) وفي فصلت: {فَقَالَ لَهَا} (¬13) {مَا يُقَالُ لَكَ} (¬14) {قِيلَ لِلرُّسُلِ} (¬15) وفي الزخرف: {جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ} (¬16) {وَجَعَلَ لَكُمْ فَيهَا} (¬17) {وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنَ الْفُلْكِ} (¬18) وفي ق: {قَالَ لَا تَخْتَصِمُواْ لَدَيَّ} (¬19) {الْقَوْلُ ¬
لَدَيَّ} (¬1) {نَقُولُ لِجَهَنَّمَ} (¬2). ومنها أربعة أربعة في أربع سور: ففي العقود: {قَالَ لَأقْتُلَنَّكَ} (¬3) {يَأيُّهَا الْرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ} (¬4) {السَّبِيلِ لُعِنَ} (¬5) {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالُواْ} (¬6) وفي سورة هود - عليه السلام -: {وَلَا أَقُولُ لَكُمْ} (¬7) {وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ} (¬8) {قَالَ لَا عَاصِمَ} (¬9) {قَالَ لَوْ أَنَّ لِى بِكُمْ قُوَّةً} (¬10) وفي الفرقان: {جَعَلَ لَكَ خَيْرًا} (¬11) {جَعَلَ لَكُمُ الْلَّيْلِ لِبَاسًا} (¬12) {إِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُواْ} (¬13) وفي يس: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُواْ} (¬14) {وَإذَا قِيلَ لَهُمْ انفِقُواْ} (¬15) {جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ} (¬16) {أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ} (¬17). ¬
ومنها خمسة خمسة في سورتين: ففي الأعراف: {قَالَ لِكُّلٍ ضِعْفٌ} (¬1). {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ} (¬2) {قَالَ لَنْ تَرَانِى} (¬3) {وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُواْ} (¬4) {غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ} (¬5) وفي كهيعص: {فَتَمَثَّلَ لَهَا} (¬6) {يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونَ} (¬7) {إِذْ قَالَ لِأَبيْهِ} (¬8). {وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ} (¬9) {سَيَجْعَلُ لَهُمُ} (¬10). ومنها ستة ستة في خمس سور: ففي النساء: {الْرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى} (¬11) {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَواْ إِلَى} (¬12) {الَرَّسُولُ لَوَجَدُواْ} (¬13) {قِيلَ لَهُمْ كُفُوا} (¬14) {الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا} (¬15) {وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ} (¬16) وفي سورة يوسف - عليه السلام -: {قَالَ لَا يَأْتِيكُمَا} (¬17) {وَقَالَ ¬
لِلَّذِي} (¬1) {فَلَا كَيْلَ لَكُمْ} (¬2) {وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ} (¬3) {قَالَ لَنْ أَرْسِلَهُ} (¬4) {قَالَ لَا تَثْرِيبَ} (¬5) وفي طه: {فَقَالَ لِأَهْلِهِ} (¬6) {قَالَ لَا تَخَافَا} (¬7) {جَعَلَ لَكُمْ الْأَرْضَ} (¬8) {وَقَالَ لَهُم مُّوسَى} (¬9) {وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ} (¬10) {أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ} (¬11) وفي النمل: {لَا قِبَلَ لَهُم بِهَا} (¬12) {قِيلَ لَهَا ادْخُلِي} (¬13) {إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ} (¬14) {وَأَنْزَلَ لَكُمْ} (¬15) {وَجَعَلَ لَهَا رَوسِىَ} (¬16) {الْلَّيْلَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ} (¬17) وفي الزمر: {وَأَنْزَلَ لَكُمْ} (¬18) {وَجَعَلَ لِلَّهِ} (¬19) {وَقِيلَ لِلْظَّالِمِينَ} (¬20) {أَوْ تَقُولَ ¬
لَوْ} (¬1) {وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ} (¬2) {وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ} (¬3). ومنها سبعة في القصص وهي: {قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ} (¬4) {قَالَ لَا تَخَفْ} (¬5) {قَالَ لأهْلِهِ} (¬6) {وَنَجْعَلُ لَكُمَا} (¬7) {الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ} (¬8) (وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ} (¬9) {إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ} (¬10). ومنها ثمانية في سورة يونس - عليه السلام - وهي: {مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ} (¬11) {ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ} (¬12) {ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ} (¬13) {لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللهِ} (¬14) {جَعَلَ لَكُمْ} (¬15) {الْلَّيْلَ لِتَسْكُنُواْ فِيْهِ} (¬16) ¬
{إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ} (¬1) {قَالَ لَهُم مُّوسَى} (¬2). ومنها تسعة تسعة في سورتين ففي آل عمران: {فَإنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونْ} (¬3) (ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ} (¬4) {ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ} (¬5) {إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤُمِنِينَ} (¬6) {وَأَطِيْعُواْ الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ} (¬7) {مَنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ} (¬8) {وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَواْ} (¬9) {قَالَ لَهُمُ النَّاسُ} (¬10) {أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا} (¬11) وفي الأنعام: {ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ} (¬12) {وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ} (¬13) {وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي} (¬14) {وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إنِّى مَلَكٌ} (¬15) {قَالَ لَا أُحِبُّ} (¬16) {قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي} (¬17) {جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ} (¬18) ¬
{لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ} (¬1) {فَصَّلَ لَكُمْ} (¬2). ومنها عشرة في غافر وهي: {ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إلا هُوَ} (¬3) {بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُواْ} (¬4) {وَيُنِّزِلُ لِكُمْ} (¬5) {مَا أَقُولُ لَكُمْ} (¬6) {الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ الْلَّيْلَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ} (¬7) {جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ} (¬8) {يَقُولُ لَهُ كُنْ} (¬9) {ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ} (¬10) {جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعَامَ} (¬11). ومنها أحد عشر في النحل وهي: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَّاذَا أَنْزَلَ} (¬12) {وَقِيلَ لِلَّذِينَ اْتَّقَواْ} (¬13) {أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ} (¬14) {وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ} (¬15) {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ} (¬16) {وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ} (¬17) ¬
{واللهُ جَعَلَ لَكُمْ مَن بِيُوتِكُمُ} (¬1) {وَجَعَلَ لَكُمْ مَنْ جُلودِ الأَنْعَامِ} (¬2) {وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمُّا خَلَقَ} (¬3) {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ الْجِبَالِ} (¬4) {وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ} (¬5). ومنها اثنا عشر اثنا عشر في سورتين ففي الكهف: {لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ} (¬6) {فَقَالَ لِصَاحِبِهِ} (¬7) {قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ} (¬8) {نَجْعَلَ لَكُمْ مُوْعِدًا} (¬9) {بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُواْ} (¬10) {لَعَجَّلَ لَهُمْ} (¬11) {قَالَ لِفَتَاهُ} (¬12) {قَالَ لَهُ مُوسَى} (¬13) {قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِى} (¬14) {قَالَ لَوْ شِئْتَ} (¬15) {وَسَنَقُولُ لَهُ} (¬16) {نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا} (¬17) وفي الشعراء: ¬
{قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ} (¬1) {قَالَ لَئِنْ اْتَّخَذْتَ} (¬2) {قَالَ لَلْمَلإِ حَوْلَهُ} (¬3) {وَقِيلَ لِلنَّاسِ} (¬4) {قَال لَهُمْ مُّوسَى} (¬5) {إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ} (¬6) {وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ} (¬7) {إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ} (¬8) {إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ} (¬9) {إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ} (¬10) {إِذْ قَالَ لِهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ} (¬11) {إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ} (¬12). ومنها ستة عشر في البقرة وهي: {وَإِذَا قِيلَ لَهمْ لَا تُفْسِدُواْ} (¬13) {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ (¬14) {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ} (¬15) {قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ} (¬16) {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَني إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ} (¬17) ¬
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} (¬1) {فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ} (¬2) {قَالَ لَا يَنَالُ} (¬3) {إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ} (¬4) {إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ} (¬5) {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُواْ} (¬6) {وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ} (¬7) {فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُواْ} (¬8) {وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ} (¬9) (وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمُ إِنَّ آيَةَ} (¬10) {قَالَ لَبِثْتُ} (¬11). (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ - {وَيَسْتَحْيَونَ نِسَاءَكُمْ} (¬12). (ش) اعلم أن النون يدغمها في مثلها تحرك ما قبلها أو سكن وجملته في القرآن سبعون موضعًا. منها حرف حرف في إحدى وعشرين سورة: ففي العقود: {يَقُولُونَ نَخْشَى} (¬13) وفي الأَنْفال: {الْفِئَتَانِ نَكَصَ} (¬14) وفي إبراهيم - عليه السلام -: {وَيَسْتَحْيَوْنَ نِسَائَكُمْ} (¬15) وفي ¬
الإِسراء: {نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ} (¬1) وفي طه: {نَحْنُ نَرْزُقُكَ} (¬2) وفي سورة الأَنبياء - عليهم السلام -: {لَا يَسْتَطِعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ} (¬3) وفي الحج: {كَانَ نَكِيرِ} (¬4) وفي المؤمنين: {وَبَنِينَ نُسَارِعُ} (¬5) وفي الشعراء: {الْعَالَمِينَ نَزَلَ} (¬6) وفي القصص: {الْمُبِينِ نَتْلُواْ} (¬7) وفي الم السجدة: {الْمُجْرِمُون نَاكِسُواْ} (¬8) وفي سبأ: {كَانَ نَكِيرِ} (¬9) وفي فاطر: {كَانَ نَكِيرِ} (¬10) وفي الزخرف: {الرَحْمَنِ نُقَيِضْ} (¬11) وفي ق: {نَحْنُ نُحْي} (¬12) وفي القمر: {أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ} (¬13) وفي الرحمن - عَزَّ وَجَلَّ -: {عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ} (¬14) وفي المجادلة: {الَّذِين نُهُواْ} (¬15) وفي الصف: {الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ} (¬16) وفي الملك: {كَانَ نَكِيرِ} (¬17) وفي الإنسان: {نَحْنُ نَزَلْنَا} (¬18). ¬
ومنها حرفان حرفان في تسع سور ففي آل عمران: {الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ} (¬1) {الَّذِينَ نَافَقُواْ} (¬2) وفي الأنعام: {الْأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِى} (¬3) {نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ} (¬4) وفي يوسف - عليه السلام - {تَعْقِلُونَ نَحْنُ} (¬5) {نَحْنُ نَقُصُّ} (¬6) وفي النحل: {لِمَا لَا يَعْلَمُون نَصِيبًا} (¬7) {يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ} (¬8) وفي النور: {لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا} (¬9) {لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا} (¬10) وفي الفرقان: {لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} (¬11) {لَا يَرْجُونَ نُشُورًا} (¬12) وفي يس: {نَحْنُ نُحْيي} (¬13) {لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ} (¬14) وفي ص: {تِسْعُونَ نَعْجَةً} (¬15) {سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ} (¬16) وفي الحشر: {الَّذِينَ نَافَقُواْ} (¬17) {كَالَّذِينَ نَسُواْ} (¬18). ¬
ومنها ثلاثة ثلاثة في ست سور - ففي البقرة: {وَنَحْنُ نُسَبِّحُ} (¬1) {وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ} (¬2) {الْمُتَتَطَهِرِينَ نِسَاؤُكُمْ} (¬3) وفي الحجر: {نَحْنُ نَزَّلْنَا} (¬4) {لَنَحْنُ نُحْيي} (¬5) {بِمُخْرَجِينَ نَبِّيءُ} (¬6) وفي الكهف: {نَحْنُ نَقُصُّ} (¬7) {لِلظَّالِمِينَ نَارًا} (¬8) {لِلْكَفِرينَ نُزُلًا} (¬9) وفي كهيعص: {نَحْنُ نَرِثُ} (¬10) {هَارُونَ نَبِيًّا} (¬11) {أَحْسَنُ نَدِيًّا} (¬12) وفي فصلت: {تُعَدُونَ نَحْنُ} (¬13) {تَدَّعُونَ نُزُلًا} (¬14) {مِنَ الْشَّيْطَانِ نَزْغٌ} (¬15) وفي الواقعة: {يَوُمَ الْدِّينِ نَحْنُ} (¬16) {الْخَالِقُونَ نَحْنُ} (¬17) {الْمُنشِئُونَ نَحْنُ} (¬18). ¬
ومنها أربعة وفي التوبة وهي: {الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} (¬1) {وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ} (¬2) {نَحُنُ نَعْلَمُهُمْ} (¬3) {يُنفِقُونَ نَفَقَةً} (¬4). ومنها خمسة خمسة في سورتين - ففي النساء: {تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ} (¬5) {الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ} (¬6) {وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا} (¬7) {لِلْكَافِرِينَ نَصَيبٌ} (¬8) {وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ} (¬9). وفي الأعراف: {الَّذِينَ نَسُوهُ} (¬10) {أَنْ نَكُونَ نَحْنُ} (¬11) {وَيَسْتَحْيُون نِسَاءَكُمْ} (¬12) {لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ} (¬13) {مِنَ الشَّيْطَانِ نَزُغٌ} (¬14). (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: {وَنُسِبّحَكَ كَثِيرًاْ} (¬15). ¬
(ش) اعلم أن الكاف يدغمها في مثلها سواء تحرك ما قبلها أو سكن، وجملته في القرآن ستة وثلاثون موضعًا. منها حرف حرف في تسع سور. ففي آل عمران: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا} (¬1) وفي سورة يونس - عليه السلام -: {كَذَلِكَ كَذَّبَ} (¬2) وفي النحل: {أَمْرُ رَبِّكَ كَذَلِكَ} (¬3) وفي الحج: {عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ} (¬4) وفي العنكبوت: {إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ} (¬5) وفي الروم: {كَذَلِكَ كَانُواْ} (¬6) وفي المجادلة: {أُولَئِكَ كَتَبَ} (¬7) وفي قل أوحى: {ذَلِكَ كُنَّا} (¬8) وفي الانفطار: {رَكَّبَكَ كَلَّا} (¬9). ومنها حرفان حرفان في خمس سور. ففي النساء: {كَذَلِكَ كُنْتُمْ} (¬10) {أَوْحَيْنَا إلَيْكَ كَمَا} (¬11) وفي الأنعام: {عَلَيْكَ كِتَبًا} (¬12) {كَذَلِكَ كَذَّبَ} (¬13) وفي الأعراف: ¬
{أُولَئِكَ كَالْأنْعَامِ} (¬1) {وَيَسْئَلُونَكَ كَأنَّكَ} (¬2) وفي الفرقان: {بَيْنَ ذَاِكَ كَثِيرًا} (¬3) {إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ} (¬4) وفي الإنشقاق {إِنَّكَ كَادِحٌ} (¬5) {إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا} (¬6). ومنها ثلاثة في المائدة وهي: {مِنْ أجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا} (¬7) {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ} (¬8) {وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثُرَةُ} (¬9). ومنها أربعة أربعة في سورتين: ففي سورة يوسف - عليه السلام -: {لَكَ كَيْدًا} (¬10) {إِنَّكِ كُنْتِ} (¬11) {ذَلِكَ كَيْلٌ} (¬12) {كَذَلِكَ كِدْنَا} (¬13) وفي طه: {نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا} (¬14) {وَنذْكُرَكَ كَثِيرًا} (¬15) {إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا ¬
بِصِيرًا} (¬1) {إِلَى أُمِكَ كَيْ} (¬2). ومنها خمسة في الإسراء وهي: {اقْرَأْ كِتَبَكَ كَفَى} (¬3) {اُولَئِكَ كَانَ} (¬4) {كُلُّ ذَلِكَ كَانَ} (¬5) {إِنَّ عَذَابَ رَبكَ كَانَ} (¬6) {إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيرًا} (¬7). فهذه خمسة وثلاثون موضعًا. والموضع السادس والثلاثون في غافر في قوله تعالى: {وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا} وفيه خلاف لأنه من المعتل وسيأتي الكلام فيه. وفي قوله تعالى {فَلَا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ} بحول الله - عَزَّ وَجَلَّ -. (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: {النَّاسَ سُكَارَى} (¬8). (ش) اعلم أن السين يدغمها في مثلها وجملتها في القرآن ثلاثة مواضع ففي الحج: {النَّاسَ سُكَارَى} (¬9) {لِلنَّاسِ سَوَاءُ} (¬10) وفي سورة نوح - عليه السلام -: (الشَّمْسَ سِرَاجًا} (¬11). (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: {الشَّوُكَةِ تَكُونُ} (¬12). ¬
(ش) اعلم أن التاء يدغمها في مثلها كيفما كانت حركتها سواء سكن ما قبلها أو تحرك، وسواء كانت متصلة بالإسم للتأنيث، وتبدل في الوقف هاء أولم تكن كذلك ما لم تكن ضمير المتكلم أو المخاطب متصلا كان الضمير أو منفصلا على ما يبين (¬1) الضمير بعد بحول الله تعالى. وجملة ما ورد في التاءات المذكورة في القرآن أربعة عشر موضعًا (¬3) منهِا: في المائدة: {الْمَوْتَ تَحْبِسُونَهُمَا} (¬4) وفي الأنعام: {الْمَوْتَ تَوَفَّتَهُ} (¬5) وفي الأنفال: {الشَّوكَةِ تَكُونُ} (¬6) وفي سورة يوسف - عليه السلام -: {وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي} (¬7) وفي كهيعص: {النّخْلَةِ تُسَاقِطُ} (¬8) ¬
وفي المؤمنين: {يَوْمَ القِيَامَةِ تُبْعَثُونَ} (¬1) وفي الفرقان: {الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا} (¬2) وفي النمل: {فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ} (¬3) وفي العنكبوت: {إِنَّ الصَّلَوةَ تَنْهَى} (¬4) وفي الأحزاب: {السَّاعَةَ تَكُونُ} (¬5). وفي الزمر: {وَيَوْمَ الْقِيَمَةِ تَرىَ} (¬6) وفي النجم: {الْمَلَائِكَةُ تَسْمِيَةَ} (¬7) وفي النازعات: {الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ} (¬8). (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -: و (شَهْرُ رَمَضَانَ) (¬9). (ش) اعلم أن الراء يدغمها في مثلها تحرك ما قبلها أو سكن، وجملته في القرآن خمسة وثلاثون موضعًا. منها حرف حرف في ثماني عشرة سورة. ففي البقرة: {شَهْرُ رَمَضَانَ} (¬10) وفي المائدة: {أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} (¬11) وفي النحل: {أوْ يَأْتِىَ أَمْرُ رَبِّكَ} (¬12) وفي الْإسراء: {أَمْرِ رَبِي} (¬13) وفي الكهف: {عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} (¬14) وفي سورة الأنبياء - عليهما ¬
السلام -: {عَن ذِكْرِ رَبِّهِمْ} (¬1) وفي الروم: {إِلَى أَثاَرِ رَحْمَتِ اللَّهِ} (¬2) وفي الزمر: {بِنُورِ رَبِّهَا} (¬3). وفي غافر: {لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا} (¬4) وفي الشورى: {وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ} (¬5) وفي الدخان: {الْبَحْرَ رَهْوًا} (¬6) وفي الأحقاف: {بِأَمْرِ رَبِّهَا} (¬7) وفي الفتح: {أَشِدَّآءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ} (¬8) وفي الذاريات: {عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ} (¬9) وفي المجادلة: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} (¬10) وفي الممتحنة: {الْمَصِيرُ رَبنَّا} (¬11) وفي الطلاق: {عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا} (¬12) وفي قل أوحى: {عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ} (¬13). ¬
ومنها حرفان حرفان في أربع سور. ففي آل عمران: {فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ رَبَّنَا} (¬1) {مَعَ الْأَبْرَارِ رَبَّنَا} (¬2) وفي سورة هود - عليه السلام -: {قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ} (¬3) {لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ} (¬4) وفي سورة يوسف - عليه السلام -: {وَالْقَمَرَ رَأَيْتَهُمْ} (¬5) {ذِكْرَ رَبِّهِ} (¬6) وفي كهيعص: {ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ} (¬7) {إِلَّا بأَمْرِ رَبِّكَ} (¬8). ومنها ثلاثة ثلاثة في ثلاث سور. ففي النساء: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} (¬9) {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} (¬10) {وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} (¬11)، وفي الأعراف: {قُلْ أَمَرَ رَبِّي} (¬12) {عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ} (¬13) {أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ ¬
رَبِّكُمْ} (¬1) وفي ص: {فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ} (¬2) {عَن ذِكْر رَبِّي} (¬3) {الْقَهَّارُ رَبُّ السَّمَواتِ} (¬4). (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -: {وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ} (¬5). (ش) اعلم أن الفاء يدغمها في مثلهما وجملته رب القرآن ثلاثة وعشرون موضعًا، منها حرف حرف في أربع عشرة سورة. ففي البقرة: {وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ} (¬6) وفي سورة يونس - عليه السلام -: {خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ} (¬7) وفي سورة هود عليه السلام: {فَاخْتُلِفَ فِيهِ} (¬8) وفي سورة إبراهيم - عليه السلام -: {كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ} (¬9) وفي الإسراء: {كَيْفَ فَضَّلْنَا} (¬10) وفي الكهف: {إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُواْ} (¬11) وفي الأحزاب: {وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ} (¬12) وفي فاطر: {خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ} (¬13) وفي فصلت: ¬
{فَاخْتُلِفَ فِيهِ} (¬1) وفي الحشر: {وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ} (¬2) وفي المطففين: {تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ} (¬3) وفي الفجر: {كَيْفَ فَعَلَ} (¬4) وفي الفيل: {كَيْفَ فَعَلَ} (¬5) وفي قريش: {والْصَّيْفِ فَلْيَعْبُدُواْ} (¬6). ومنها حرفان حرفان في سورتين. ففي النساء: {بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا} (¬7) {بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ} (¬8) وفي الحج: {الْعَاكِفُ فِيهِ} (¬9) {تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ} (¬10). ومنها خمسة في سورة يوسف - عليه السلام -: {لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ} (¬11) {لِيُوسُفَ فِي أَرْضِ يَتَبَوَّأْ} (¬12) {إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُواْ} (¬13) {يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ} (¬14) {فِي يُوسُف فَلَن أَبْرَحَ} (¬15) ¬
(م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ - (وَيَعْلَمُ مَا} (¬1). (ش) اعلم أن الميم يدغمها في مثلها مطلقًا وجملتها في القرآن مائة وتسعة وثلاثون موضعًا. فها حرفق حرف في إحدى وعشرين سورة. ففي أم القرآن: {الرَّحَيمِ مَالِكِ} (¬2) وفي الأنفال: {الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ} (¬3) وفي سورة يونس - عليه السلام -: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ} (¬4) وفي سورة إبراهيم - عليه السلام -: {تَعْلَمُ مَا تُخْفِي} (¬5) وفي الروم: {الْقَيَّمِ مِن قَبْلِ} (¬6) وفي لقمان: {وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ} (¬7) وفي الأحزاب: {يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ} (¬8) وفي فاطر: {وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ (¬9) وفي والصافات: {الْيَومَ مُسْتَسْلِمُونَ} (¬10) في ص: {جَهَنَّمَ مِنْكَ} (¬11) وفي غافر: {وَيَا قَومِ مَالِي} (¬12) وفي الشورى: {وَيَعْلَمُ مَا ¬
تَفْعَلُونْ} (¬1) وفي الجاثية: {وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا} (¬2) وفي الحجرات: {يَعْلَمُ مَا فِي الْسَّمَاواتِ} (¬3) وفي ق: {وَنَعْلَمُ مَا تُوسْوِسُ} (¬4) وفي الذاريات: {الْعَقِيمُ مَا تَذَرُ} (¬5) وفي المجادلة: {يَعْلَمُ مَا فِي الْسَّمَاواتِ} (¬6) وفي الصف: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ اْفْتَرَى} (¬7) وفي الجمعة: {الْعَظِيمُ مِثْلُ} (¬8) وفي التحريم: {لِمَ تُحَرْمُ مَا أَحَلَّ} (¬9) وفي الملك: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ} (¬10). ومنها حرفان حرفان في ثلاث عشرة سورة. ففي آل عمران: {يَعْلَمُ مَا فِي الْسَّمَاواتِ} (¬11) {وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي الْسَّمَاوتِ} (¬12) وفي النساء: {لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} (¬13) {فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ} (¬14) وفي الإسراء: {فِي ¬
جَهَنَّمَ مَلُومًا} (¬1) {الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ} (¬2) وفي الكهف: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى} (¬3) {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ} (¬4) وفي سورة الأنبياء - عليهم السلام -: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيِهِمْ} (¬5) {وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ} (¬6). وفي آلم السجدة: {جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ} (¬7) - {وَمَنْ أظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ} (¬8) وفي سبأ: {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ} (¬9) {إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ} (¬10) وفي يس: {نُطْعِمُ مَنْ} (¬11) {نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ} (¬12) وفي الزخرف: {وَالْأَنْعَامُ مَا تَرْكَبُونَ} (¬13) {ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا} (¬14) وفي الأحقاف: {الْحَكِيمِ مَا خَلَقْنَا} (¬15) {الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} (¬16) وفي ¬
القتال: {الْعِلْمَ مَاذَا} (¬1) {يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَاكُمْ} (¬2) وفي الحديد: {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ} (¬3) {الْعَظِيمِ مَا أَصَابَ} (¬4) وفي التغابن: {يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوتِ} (¬5) {وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ} (¬6). ومنها ثلاثة ثلاثة في ثماني سور. ففي سورة يوسف - عليه السلام -: {دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ} (¬7) {وَأَعْلَمُ مِنَ الله مَالَا تَعْلَمُونَ} (¬8) {أَعْلَمُ مِنَ اللهِ مَالَا تَعْلَمُونَ} (¬9) وفي الرعد: {يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ} (¬10) {مِنَ الْعِلْمِ مَالَكَ} (¬11) {يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ} (¬12) وفي كهيعص: {الْعَظْمُ مِنِّي} (¬13) {نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ} (¬14) {مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ} (¬15) وفي طه: {الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى} (¬16) ¬
{يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيِهمْ} (¬1) {إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ} (¬2) وفي النور: {يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ} (¬3) {لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ} (¬4) {الْحُلُمَ مِنْكُمُ} (¬5) وفي القصص: {يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ} (¬6) {مِنْ قَوْمِ مُوسَى} (¬7) {أَعْلَمُ مَنْ جَاءَ} (¬8) وفي الزمر: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ} (¬9) {فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكَافِرِينَ} (¬10) و {فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكَافِرِينَ} (¬11) وفي الفتح: {مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ} (¬12) {لَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمُ} (¬13) {فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُواْ} (¬14). ¬
ومنها خمسة خمسة في سورتين. ففي الحج: {فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ} (¬1) {يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ} (¬2) {لِإِبَراهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ} (¬3) {يَعْلَمُ مَا في السَّمَاءِ} (¬4) {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْديِهمْ} (¬5) وفي النمل: {وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ} (¬6) {أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ} (¬7) {الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا} (¬8) {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاواتِ} (¬9) {لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُ} (¬10). ومنها ستة ستة في سورتين. ففي النحل: {وَالْنُجُومُ مُسَّخَراتٌ} (¬11) {وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ} (¬12) {لَا جَرَمَ أنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُونَ} (¬13) {السَّلَمَ مَا كُنَّا} (¬14) {مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوَءِ} (¬15) {يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} (¬16). ¬
وفي العنكبوت: {وَيَرْحَمُ مَن يَشَاءُ} (¬1) {يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ} (¬2) {يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} (¬3) {يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاواتِ} (¬4) {أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى} (¬5) {أَليْسَ في جَهَنَّمَ مَثْوىً} (¬6). ومنها سبعة في سورة هود - عليه السلام -: وهي {يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ} (¬7) {وَيَعُلَمُ مُسْتَقَرَّهَا} (¬8) {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن} (¬9) {وَيَاقَوْمِ مَنْ يَنُصُرنِى} (¬10) {الْيَوْمَ مِنْ أمْرِ اللَّهِ} (¬11) {لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ} (¬12) {جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ} (¬13). ومنها ثمانية في سورة المائدة وهي: {يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ} (¬14) {الكَلِمَ مِنْ بَعْدِ} (¬15) {ابْنِ مَريَمَ مُصَدِّقًا} (¬16) {طَعَامُ ¬
مَسَكِينَ} (¬1) {يَعْلَمُ مَا في السَّمَاواتِ} (¬2) {يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ} (¬3) {تَعْلَمُ مَا في نَفْسِى} (¬4) {وَلَا أعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} (¬5). ومنها تسعة تسعة في سورتين. ففي الأنعام: {وَيَعْلَمُ مَا تَكسِبُونَ} (¬6) {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى} (¬7) {وَيَعْلَمُ مَا في الْبَرِّ} (¬8) {وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ} (¬9) {إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ} (¬10) {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى} (¬11) {أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ} (¬12) {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى} (¬13) {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذِّبَ} (¬14). وفي الأَعراف: {جَهَنَّمَ مِنْكَ} (¬15) {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى} (¬16) {مِن جَهَنَّمَ مِهَادٍ} (¬17) {وَالنُّجُومَ ¬
مُسَخَّرَاتٍ} (¬1) {وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (¬2) {وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا} (¬3) {وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى} (¬4) {وَمِن قَوْمِ مُوسَى} (¬5) {آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمُ} (¬6). ومنها ثلاثة عشر في البقرة وهي: {أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (¬7) {وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ} (¬8) {آدَمُ مِنْ رَبِهِ} (¬9) {يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ} (¬10) {الْعَظِيمِ مَا نَنْسَخْ} (¬11) {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَنَعَ} (¬12) {مِنَ الْعِلْمِ مَالَكَ} (¬13) {إِبْرَاهِيمَ مُصَلَّى} (¬14) {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَتَمَ} (¬15) {لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ} (¬16) {طَعَامُ مِسْكِينُ} (¬17) {يَعْلَمُ مَا في ¬
أنفُسِكُمْ} (¬1) {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيِدِيَهَمْ} (¬2). (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: و {لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ} (¬3). (ش) اعلم أن الباء يدغمها في مثلها، وجملته في القرآن سبعة وخمسون موضعًا. منا حرف حرف في أربعة وعشرين سورة: ففي العقود: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِ} (¬4) وفي الأنفال: {الْعَذَابَ بِمَا} (¬5) وفي سورة يوسف - عليه السلام -: {نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا} (¬6) وفي الرعد: {فَيُصِيبُ بِهَا} (¬7) وفي النحل: {فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا} (¬8) وفي سورة الإسراء: {إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا} (¬9) وفي الكهف: {الْعَذَابَ بَل لَّهُمُ (¬10) وفي كهيعص: {خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ} (¬11) وفي المؤمنين: {فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ} (¬12) وفي الفرقان: {لِمَنْ كَذَّبَ ¬
بِالسَّاعَةِ} (¬1) وفي النمل: {مِمَّن يُكِذِّبُ بِآيَاتِنَا} (¬2) وفي العنكبوت: {أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ} (¬3) وفي الروم: {فَإِذَا أَصَابَ بِهِ} (¬4) وفي الشورى: {الْكِتَابَ بِالْحَقِّ} (¬5) وفي الأحقاف: {فَذَوُقُواْ الْعَذَابَ بِمَا} (¬6) وفي الحجرات: {بِالْأَلقَابِ بِئْسَ} (¬7) وفي سورة الرحمن - عَزَّ وَجَلَّ -: {يُكَذِّبُ بِهَا} (¬8) وفي الحديد: {فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ} (¬9) وفي نون: {وَمَنْ يُكِذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ} (¬10) وفي المدثر: {وَكُنَّا نُكِذِّبُ بِيَوْمِ} (¬11) وفي الإِنسان: {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا} (¬12) وفي التكوير: {عَلَى الْغَيْبِ بِضَنينٍ} (¬13) وفي الليل: {وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى} (¬14) وفي الماعون: {يُكِذِّبُ بِالْدِّيِنِ} (¬15). ومنها حرفان حرفان في أربع سور: ¬
ففي سورة يونس - عليه السلام -: {أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ} (¬1) {يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ} (¬2) وفي الحج: {وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ} (¬3) وفي النور: {يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ} (¬4) {يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ} (¬5) وفي المطففين: {وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا} (¬6) {يَشْرَبُ بِهَا} (¬7). ومنها ثلاثة ثلاثة في أربع سور: ففي آل عمران: {نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ} (¬8) {فَذَوقواْ الْعَذَابَ بِمَا} (¬9) {الْرُّعُبَ بِمَا أَشْرَكُواْ (¬10) وفي النساء: {لِلْغَيْبِ بِمَا} (¬11): {وَالْصَاحِبِ بِالْجَنُبِ} (¬12) {الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُم} (¬13) وفي الأعراف: {أَو كَذَّبَ بِآيَاتِهِ} (¬14) {فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا} (¬15) {أُصِيْبُ بِهِ} (¬16) ¬
وفي الزمر {الْكِتَابَ بِالْحِقِّ} (¬1) {وَكَذَّبَ بِالْصِدْقِ} (¬2) {وَالْعَذَابُ بَغْتَةً} (¬3). ومنها ستة في البقرة وهي: {لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ} (¬4) {الْكِتبَ بِأَيْدِيِهِمْ} (¬5) {أُوْتُواْ الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ} (¬6) {وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ} (¬7) {نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ} (¬8) {الْكِتَابَ بالْحِقِّ لِيَحْكُمَ} (¬9). ومنها سبعة في الأنعام وهي: {أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ} (¬10) {وَلَا نُكِذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا} (¬11) {فَذُوقُواْ العَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ} (¬12) يَمَسُّهُمُ الْعَذَابُ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ} (¬13) {وَكَذَّبَّ بِهِ قَوْمُكَ} (¬14) {كَذَّبَ بِآيَاتِ اللهِ وَصَدَقَ} (¬15) {سُوَءُ الْعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يَصْدِفُونَ} (¬16). ¬
(م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (وما كان مثله من سائر حروف المعجم حيث وقع) (¬1). (من) يريد وما كان مثل ما ذكر فأفرد الضمير وذكره وإن كان راجعًا لجملة الأمثلة التي تقدمت لأنه في معنى ما ذكر. و (سائر) معناه باقي من قولك سؤر الشراب تريد باقيه والباقي من حروف المعجم التي التقى منها المثلان من كلمتين في القرآن: الغين والقاف والثاء والواو كما تقدم. أما الْغَيْن فلقيت مثلها في آل عمران خاصة: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلَامِ} (¬2) وهو من المعتل وسيأتي بحول الله العلى العظيم. وأما القاف فيدغمها في مثلها وجملته في القرآن خمسة مواضع منها في الأعراف: {وَالطِّيِّبَاتِ مِنَ الْرِّزْقُ قُل هِىَ} (¬3) {فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ} (¬4) وفي التوبة: {يُنفِقُ قُرُبَاتٍ} (¬5) وفي سورة يونس - عليه السلام -: {حَتَّى إِذِا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ} (¬6) وفي قل أوحى إلى: {طَرَائِقَ قِدَدًا} (¬7). ¬
وأما الثاء فيدغمها في مثلها وجملته في القرآن ثلاثة مواضع وهي: {حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ} (¬1) في البقرة والنساء: {ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ} في المائدة (¬2). وأما الواو فيدغمها في مثلها وجملته في القرآن ثمانية عشر حرفا وهي على ضربين: أحدهما: أن يسكن ما قبلها فلا خلاف في إدغامه وذلك خمسة مواضع منها: في الأنعام: {وَهُوَ وَلِيُّهُمْ} (¬3) وفي الأعراف: {خُذِ الْعَفُوَ وَأَمُرْ} (¬4) وفي النحل: {فَهُوَ وَلِيُّهُمْ} (¬5) وفي الشورى: {وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمُ} (¬6) وفي الجمعة: {مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ الشَّجَرَةِ} (¬7). والضرب الثاني: أن ينضم ما قبلها وهو باقي العدد: منها البقرة: {هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ} (¬8) وفي آل عمران: {هُوَ وَالمَلَائِكَةُ} (¬9) وفي الأنعام: {إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ} (¬10) {إِلَّا ¬
هُوَ وَيَعْلَمُ} (¬1) {إِلَّا هُوَ وَأَعْرِضْ} (¬2) وفي الأعراف: {هُوَ وَقَبِيلُهُ} (¬3) وفي سورة يونس - عليه السلام -: {إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ} (¬4) وفي النحل: {هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ} (¬5) وفي طه: {إِلَّا هُوَ وَسِعَ} (¬6) وفي النمل: {هُوَ وَأُوتِينَا} (¬7) وفي القصص: {هُوَ وَجُنُودُهُ} (¬8) وفي التغابن: {إِلَّا هُوَ وَعَلَى} (¬9) وفي المدثر: {إِلَّا هُوَ وَمَا} (¬10). فهذه ثلاثة عشر موضعًا فيها خلاف يأتي بعد بحول الله تعالى. (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (إلا قوله تعالى في لقمان: {فَلَا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ} فإنه لا يدغمه) (¬11). (ش) وذكره الإِمام فيه اختلافا عن أبي عمرو وأن الإِظهار أحسن وذكر أن الإِدغام رواية أبي زيد الأنصاري عنه (¬12) وذكر ¬
الحافظ في "التفصيل" أن إدغامه رواية القاسم بن عبد الوارث عن أبي عمرو واعتمد الحافظ على الإِظهار (¬1) كما ترى هنا أو علل بكون النون ساكنة قبل الكاف فهي تخفي (¬2) عندها. وحاصل هذا التعليل أن الإِدغام هنا إجحاف بالكلمة من جهة أن الحرف الدغم مدفون فيما أدغم فيه فقد ذهب لفظه وحركته، والنون الخفيفة في حكم المذاهب أيضًا، فكأنه قد ذهب من الكلمة حرفان، ولهذا قال الإِمام فكأنك أدغمت حرفين وذلك رديء جدًا. ولا يعلل هذا الموضع بكون الإِدغام فيه يؤدي إلى التقاء الساكنين لأنه: لم يتحاشى من الإِدغام بعد الساكن وإن كان الساكن صحيحًا نحو: {مِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ} (¬3) و {شَهْرُ رَمَضَانَ} (¬4) و {مِن قَبْلُ لَفِي} (¬5). فإن قيل: لا يصح الإِدغام في هذه الأمثلة التي ذكرت إلا فيما أشبهها عند الحذاق من النحوييِن والمقرئين، وإنما هو ¬
إخفاء للحركة، وهو الذي يعبر عنه بالروم، وحقيقته النطق ببعض الحركة وهو مستعمل في الضمة والكسرة، ولا فرق بين النطق ببعض الحركة والنطق بجملتها على التمام في تفكيك الحرف ومنع الإِدغام فيندفع بذلك التقاء الساكنين؟. فالجواب: أنه قد. ثبتت الرواية عنه بإدغام الحرف المفتوح وقبله حرف ساكن صحيح في عدة (¬1) مواضع من القرآن مع أن الفتحة لا ترام عند القراء. منها: في آل عمران: {سَنُلْقِى في قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُواْ (¬2) وفي الأنعام: {وَهُوَ وَلِيُّهُمْ} (¬3) وفي الأعراف: {أَعَجِلْتُمْ أمْرَ رِبِّكُمْ} (¬4) و {خُذِ الْعَفْوَ وَأَمُرْ بِالْعُرفِ} (¬5). وفي سورة يوسف - عليه السلام -: {فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرُ رَبِهِ} (¬6) وفي النحل: {فَهُوَ وَلِيُّهُمْ} (¬7) و {بَعْدَ تَوْكَيِدهَا} (¬8) وفي النمل: {وَأُوتِينَا الْعِلُمَ مِنَ قَبْلِهَا} (¬9) ¬
وفي الشورى: {وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ} (¬1) وفي الدخان: {وَاتْرُكِ البَحْرَ رَهْوًا} (¬2) وفي الحاقة: {فَهِىَ يَومَئِذٍ وَاهِيَةٍ} (¬3) وفي سورة نوح - عليه السلام -: {وَجَعِلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا} (¬4) ولا فرق بين هذه المواضع وبين قوله تعالى: {فَلَا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ} (¬5) إلا من حيث إن النون تخفى كما ذكر الحافظ. وسائر الحروف السواكن في هذه المواضع التي ذكرت لا تخفى. والله عز جلاله وجل كماله أعلم. (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (وإِذا كان الأول من المثلين مشددًا، إلى قوله: لم يدغمه أيضًا) (¬6). (ش) قد تقدم ذكر هذه الشروط الثلاثة وإنما لم يجز إدغام المشدد لأنه قد حصل فيه الإِدغام: إِذ كل مشدد فهو من حرفين في التقدير، والأول مدغم في الثاني، فلو قدر إدغامه في حرف آخر لكان في ذلك تقدر للنطق بثلاثة أحرف معا ولم يظهر لها أثر زائد على ما كان عليه قبل: لأنه قد كان مشددًا بأقصى حاله أن يكون مشددًا كما كان ولا أثر للحرف الثالث، فكان حاصل هذا أنه نطق بالحرف المشدد على ما كان عليه، وحذف الحرف الآخر، وهذا بخلاف إدغام الحرف الواحد في الثاني: لأنه قبل الإِدغام مخفف فظهر عند الإِدغام أثر وهو التشديد. ¬
ولو صاغ تجويز إدغام الحرف المشدد في حرف آخر حتى يصير الإِدغام في ثلاثة أحرف لساغ تقدير إدغامه في حرف رابع ثم خامس. وهذا هذيان. ولم يجز إدغام المنون لأن التنوين حرف فاصل بين الحرفين ولا يكون إلا بعد حركة، فيكون الفصل بين الحرفين بالحركة والتنوين. وقد مر أن شرط الإِدغام ألا (¬1) يفصل بين الحرف المدغم والمدغم فيه بحركة ولا بحرف ولا بسكت وقد تقدم عند ذكر الهاء التنبيه على الفرق بين التنوين وصلة الهاء من حيث جاز حذف الصلة ولم يجز حذف التنوين والله تبارك وتعالى أعلم. ولم يجز إدغام تاء المتكلم والمخاطب لأنها اسم وهي مع ذلك على حرف واحد، فعزموا على إبرازها بالتفكيك وتقويتها بالتحريك احرازًا لمرتبتها على تاء التأنيث في نحو: قامت هند فلو ادغمت لذهبت (¬2) "قوتها بالإسكان واستتر وجودها بالإدغام وكان ذلك توهينًا لها وتسوية بينها وبين حرف التأنيث في نحو: {كَانَتْ تَّأْتِيهِمْ} (¬3) وقد عزموا على التفرقة بينهما حيث أسكنوا حرف التأنيث وحركوا الضمير فكان من تمام هذا الإحترام: إبقاء حركتها عند لقيها مثلها. فإن قيل: هذا بين في قوله تعالى: {وَمَا كُنْتَ تَتْلُواْ} (¬4) ونحوه مما الضمير فيه التاء وحدها، فأما إِذا كان الضمير أكثر من حرف واحد نحو: {أَنْتَ تَحْكُمُ} (¬5) فإن الضمير هنا الهمزة والنون وإنما التاء علامة ¬
تدل على أن الضمير لمفرد مذكر إِذا فتحت التاء؛ تدل على أن الضمير لمؤنث إِذا كسرت، وتدل في (أنتما) على أنه ضمير أثنين وفي (أنتم) و (أنتن) على الجمع، فلم امتنع الإِدغام في (أنت) والتاء حرف؟. فالجواب: أنهم أجروا هنا هذه التاء وإن كانت حرفًا مجرى التاء التي هي ضمير: إِذ لا يتبين معنى الضمير إلا بهذه التاء مع حركتها ألا ترى أنك لو قلت مخاطبًا (أنت) ووقفت بالسكون لم يعلم السامع أنك قصدت مذكرًا أو مؤنثًا؟ فصارت التاء في (أنت) بمنزلة التاء في (فعلت)، ومع هذا فإن قبل التاء نونا ساكنة فلو أدغمتها للزم فيها ما لزم في إدغام {فَلَا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ} كما تقدم. وأعلم أن في قوله تعالى: {كُنْتُ تُرَابًا} (¬1) {وَمَا كُنْتَ تَرْجُواْ} (¬2) ونحوهما علة أخرى سوى ما تقدم وهو أن أصله (كونت) مثل (كرمت) فنقل ضمة العين إلى الفاء وحذفت العين ثم أن النون ساكنة فكثر الإعلال وفي {كِدْتَّ تَرْكَنُ} (¬3) من الإعلال مثلما في (كنت): إِذ أصله (كيدت) مثل (علمت) وأيضا فإن التاء مشددة فامتنع إدغامها لذلك أيضًا. وأعلم أن الذي في القرآن من التاء التي لقيت مثلها من كلمتين والأولى ضمير المتكلم موضع واحد، وهو قوله تعالى: {كُنْتُ تُرَابًا} في النبأ لا غير. وفيه من ضمير المخاطب "ثلاثة عشر" (¬4). منها في سورة يونس ¬
- عليه السلام -: {أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ} (¬1) {أَفَأَنْتَ تَهْدِى} (¬2) {أَفَأنْتَ تُكْرِهُ} (¬3) وفي سورة هود - عليه السلام -: {مَا كُنْتَ تَعْلِمُهَا} (¬4) وفي الإِسراء: {كِدتَّ تَرْكَنُ} (¬5) وفي كهيعص: {كُنْتَ تَقِيًّا} (¬6) وفي الفرقان: {أَفَأَنْتَ تَكُونُ} (¬7) وفي القصص: {وَمَا كُنْتَ تَرْجُواْ} (¬8) وفي العنكبوت: {وَمَا كُنْتَ تَتْلُواْ} (¬9) وفي الزمر: {أَفَأَنْتَ تُنقِذُ} (¬10) {أَنْتَ تَحْكُمُ} (¬11) وفي الشورى: {مَا كُنْتَ تَدْرِي} (¬12) وفي الزخرف: {أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ} (¬13). والله تعالى أعلم. (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -: (فإن كان معتلًا نحو قوله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلَامِ} (¬14) و {وَيَحْلُ لَكُمْ} (¬15) و {وَإِنْ يَكُ كَذِبًا} (¬16) وشبهه فأهل الأداء مختلفون فيه (¬17). ¬
(ش) اعلم أنه يريد هنا بالمعتل أن الكلمة الأولى حذف من آخرها حرف فصار الحرف الذي كان قبل المحذوف آخرًا في اللفظ ولقي مثله من أول الكلمة الثانية فقوله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ} (¬1) كان أصله (ييتغي) بياء بعد الغين مثل (يرتضى) فحذفت الياء للجزم وكذلك (يَخْلُ لَكُمْ) أصله (يخلوا) بواو بعد اللام مثل (يبدو) فحذفت الواو للجزم وكذلك (وَإن يَكُ كَذِبًا) أصله (يكون) فحذفت الواو والنون للجزم على التدريج المذكور في النحو (¬2) ثم لقيت الغين من (يبتغ) واللام من (يخل) والكاف من (يك) أمثالها، فمن أخذ بالاظهار راعى أن هذا الإلتقاء عارض فلم يعتد به. ورأي أن المثلين في هذه المواضع في حكم الفصول بينهما بالحرف الأصلي الذي حذف للجزم مع ما في الإِدغام من الاجحاف بالكلمة: إِذ قد ذهب منها حرف بالجزم ويذهب الثاني بالإِدغام. ¬
ومن أخذ بالإِدغام راعى التقاء المثلين في اللفظ واعتد بالحذف وإن كان عارضًا، وراعى ثقل الكسرة في (يبتغ) والضمة في (يخل) و (يك) ثم له أن يأخذ بالروم فيندفع به الإِجحاف، إِذ لا يكون الروم إلا مع ثبوت الحرف الأول فترجع المسالة إلى إخفاء الحركة لا إلى الإِدغام الصحيح كما سيأتي بحول الله تعالى. وذكر الإِمام الخلاف في هذه الحروف (¬1) الثلاثة ورجح الإِظهار وفي (يخل لكم) لسكون الخاء وفي {إنْ يَكُ كَاذِبًا} لكثرة الحذف: إِذ قد حذفت منه الواو والنون. والله عز جلاله أعلم. فان قيل: اشتمل هذا الكلام على أن حذف أواخر هذه الكلم وجب الجزم وهو بين في (يبتغ) و (يخل) لأن المحذوف منهما حرف علة خاصة. أما (يكون) فما وجه حذف النون منه للجزم وهو حرف صحيح وحكم الحرف الصحيح، في الجزم والسكون دون الجزم؟. فالجواب: أن العرب تستعمل في جزم (يكون) وجهين فصيحين: أحدهما: اسكان النون كسائر الأفعال التي أواخرها حروف صحاح وعليه جاء قوله تعالى: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (¬2) {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ} (¬3) ونحوهما. والوجه الثاني: حذف النون للجزم تشبيهًا لها بحرف العلة. وينبغي أن يعتقد في هذا الحذف أنه على التدريج الذي تقتضيه صيغة العربية. ¬
وبيانه: أنه لما دخل الجازم سكنت النون فذهبت الواو لئلا يلتقى ساكنان فصار (لم يكن) ثم حذفت النون للشبه بحروف العلة كما تقدم. ووجه الشبه أن النون أن لها غنه؛ أن حروف العلة لها لين، وكلا الصفتين زياده في الحرف، وأن مخرج النون قريب من مخرج الياء والواو: ولهذا كله جاز إدغام النون في الياء والواو وإبدال الألف منها في الوقف، ولم يفعل ذلك في غيرها من الحروف الصحاح، وعلى هذا الحذف جاء قوله تعالى: {وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ} (¬1) وقوله تعالى: {قَالُواْ لَمْ نَكُ مِنَ المُصَلِّينَ} (¬2) {وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ} (¬3) وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَلَمْ أَكُ بَغِيًّاْ (¬4) وقوله جل وعلا: {وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يِمْكُرُونَ} (¬5) وهذا في القرآن كثير. وإنما جاز هذا في مضارع (كان) لكثرة استعمالها إِذ هي: أم الأفعال كلها بدليل جواز الجواب بها عن كل فعل تسأل عنه فيقال: هل قام زيد؟ فتقول كان ذلك. تريد: حصل القيام أو تقول: لم يكن ذلك، تريد: لم يقم. وإنما صح هذا في كان: لأنها عبارة عن أصل الوجود: لأن الكون هذا الوجود: ولهذا لو أجبت بغيرها من الأفعال وإن كان يشبهها في اللفظ لم يجز نحو: صان وهان وخان، ولا يقال في مضارع هذه الأفعال: لم (يص) ولا (لم يه) ولا (لم يخ) بل لابد من إثبات النون فيه: إِذ لم يكثر استعمالها لكونها ليست مثل (كان) في أنها أم الأفعال وعبارة عن أصل لوجود والله - عَزَّ وَجَلَّ - أعلم. ¬
وقول الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (وشبهه) بأثر قوله: {وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا} يقتضي أن في القرآن من هذا المعتل المختلف فيه زيادة على هذه المواضع الثلاثة التي ذكرها (¬1) التقى فيه المثلان وليس كذلك، فأما قوله تعالى: {وَيَاقَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي} (¬2) في سورة هود - عليه السلام -: و {وَيَاقَوْمِ مَا لِي} (¬3) في غافر فقد نص على أنه لا خلاف في إدغامها (¬4) فعلى هذا يبقى قوله: (وشبهه) لا يحرز شيئا. وأعلم أن الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ - قل ما يترك هذه العبارة في أكثر المسائل أن يقول بعد ذكر المثال (وما أشبه ذلك وشبهه) سواء كان لما ذكر من الأمثلة نظير أو ولم يكن مقصوده بذلك الإشعار بإطلاق القياس فيما ذكر وفي نظائره إن وجدت له نظائر، وقد وجدت في بعض تآليفه هذه العبارة يقول (أو نحوها وما أشبهه إن وجد) لكن هذه العبارة تحدث على الطالب حيرة إذا لم يكن قوي الذعر لألفاظ القرآن فقد يطلب نظيرًا لما ذكر الحافظ إذا وجده يقول: (وما أشبهه) فلا يجده، فيرمي نفسه بالتقصير: فلهذا مهما أجد عبارة الحافظ في مثل هذا وأعرف أنه ليس لما ذكر نظير أنبه عليه إن ألهمني الله (¬5) لأزيل تحير الطالب. وقد أبديت عذر الحافظ ومقصوده في ذلك - رَحِمَهُ اللهُ - ورضى عنه. والله جل جلاله أعلم. ¬
(م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (ولا أعلم خلافا في الإِدغام في قوله: {وَيَاقَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي} و {يَاقَوْمِ مَا لِي} وهو من المعتل) (¬1). (ش) يريد أن الأصل: (قومى) (¬2) بياء بعد الميم وتلك الياء: هي ضمير المتكلم اتصلت بالمنادى لأجل الإِضافة ثم حذفت اجتزاء (¬3) عنها بالكسرة فأشبه هذا الحذف فيما تقدم فسماه معتلا لذلك. واعلم أنه يمكن أن يكون الحافظ أورد هذا الفصل إعلاما بنفي الخلاف خاصة وهو الظاهر، ويمكن أن قصد به معارضة ابن مجاهد وأصحابه حيث أظهروا هناك وأدغموا هنا مع أن الكل (¬4) معتل فإن كان أراد هذا فلابن مجاهد أن يفرق بين الوضعين بأن المحذوف هناك أصلى في الكلمة: لأنه لام الفعل والمحذوف هنا غير أصلى لأنه ضمير المتكلم أضيف إليه المنادى، ولا شك أن المضاف غير المضاف إليه فاتصاله عارض فقوي الإعتداد بحذفه، هذا مع أنهم جعلوا الكسرة كأنها عوض من المحذوف. فإذا تقرر هذا فإن قريء بالإِدغام الخالص لم يلزم النقيض (¬5) لحصول الفرق - بين الحذفين كما تقدم، وإن قرئ بالروم فالأمر أسهل، فإن الحركة التي أقيمت مقام المحذوف لم تذهب رأسًا ولكن ضعف الصوت بها كما يأتي في حقيقة معنى الروم بحول الله - عَزَّ وَجَلَّ - وقوته ومذهب الإِمام في هذين الحرفين الإِدغام كمذهب الحافظ. والله تبارك وتعالى أعلم. ¬
(م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ - (فأما آل لوط حيث وقع. إلى آخره). (¬1). (ش) اعلم أن هذا اللفظ ورد في القرآن في أربعة مواضع منها موضعان في الحجر (¬2) وثالث في النمل (¬3) ورابع في القمر (¬4). وذكر الحافظ هنا إظهاره على عامة البغداديين وعن ابن مجاهد، وقال في المفصح ولا أعلمه جاء من طريق اليزيدي، وإنما رواه معاذ بن العنبري (¬5) ثم قال هنا: وكان غيره يأخذ بالإِدغام وبه قرأت. وذكر في المفصح أن عصمة بن عروة (¬6) الفقيمى (¬7) روى إدغامه عن ¬
أبي عمرو وأنه اخيار ابن شاذان (¬1) وعامة أهل الأداء من أصحاب عبد الرحمن وأبي شعيب وابن سعدان (¬2) عن اليزيدي، وذكر الإِمام الخلاف وقال والإِظهار أكثر (¬3) وذكر الحافظ هنا ترجيح ابن مجاهد الإِظهار بقلة حروف (ءال) ثم نقض (¬4) عليه بإجماعهم على إدغام (لَكَ كَيْدًا) إذ هو أقل حروفًا منه (¬5). ثم وجه الإِظهار بوجه آخر وهو اعتلال عين الكلمة وهذا التوجيه في تصريف أال هو قول أكثر النحويين قالوا: أصل هذه الكلمة أهل وعينها هاء بدليل قولك في التصغير أهيل وفي الفعل تأهلت فأبدلت الهاء همزة لقرب المخرج أو لإتحاده فصار أل (¬6) فالتقى في الكلمة همزتان: ¬
الأولى متحركة والثانية ساكنة فأبدات الخانية حرفا من جنس حركة ما قبلها كما هو القياس في أمن ونحوه فصار أل وذهب الكسائي إلى أن أصله (أول) من قولك، أل يؤول إذا رجع فتحركت الواو بعد فتحة فانقلبت ألفا على قياس باب ودار، وحكى في التصغير أويل حكاه عن ابن السيد (¬1) في الاقتضاب (¬2) وعلى تقدير ذلك لا يكون تأهلت ولا أهيل من أل في اللفظ ولا في المعنى والله عز جل وعلا أعلم. (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ - واختلف أهل الأداء أيضًا في الواو من هو إذا انضمت الهاء قبلها إلى آخر كلامه (¬3). (ش) قد تقدم في حرف الواو أن جملة ما في القرآن من الواو التي قبلها ضمة ولقيت مثلها ثلاثة عشر موضعا أولها في البقرة: {جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ} (¬4) وآخرها في المدثر: {إِلَّا هُوَ وَمَا} (¬5) فذكر عن ابن مجاهد وأصحابه أنهم لا يرون الإِدغام لأن الواو إذ سكنت بعد ضمة صارت حرف مد وأشبهت واو آمنوا ونحوه وأنه لا خلاف أن واو امنوا لا تدغم، وحكى عن ابن شنبوذ وأصحاب أبي عبد الرحمن وابن سعدان وأبي شعيب أنهم يرون الإِدغام قياسًا على الياء المكسور ما قبلها نحو {يَأْتِيَ ¬
يَوْمٌ} (¬1) إذ لا فرق بين الياءين، وقد تقدم أن أصل الياء في (يأتي يوم) التحريك. وأن السكون عارض لأجل الإِدغام فكذلك الواو هنا بخلاف واو آمنوا فان سكونه أصل كسكون ياء {الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ} (¬2). قال: على أن (¬3) محمد بن سعدان ومحمد بن عمر الرومى وأبا عبد الرحمن وابن جبير (¬4) رووا عن اليزيدي عن أبي عمرو الإِدغام في ذلك نصا قال: وبه قرأت وبه آخذ. هذا كله كلامه في المفصح وهو موافق لما ذكر في التيسير. وذكر الإِمام الخلاف عند ذكر الحرف الذي في البقرة ثم قال: والإِظهار أكثر وأحسن وقول الحافظ (ولا فرق بين البابين) يريد باب الياء المكسور ما قبلها وباب الواو المضموم ما قبلها في أن كل واحد منهما إذا سكن صار حرف مد فكما وافق على إدغام الياء بعد الكسرة فينبغي أن يوافق على إدغام الواو بعد الضمة. وقد يقع في بعض النسخ (ولا فرق بين الياءين) تثنية ياء التي باثنتين من أسفل وهو تصحيف - والله جل جلاله أعلم. ¬
وقد تقدم تعديد مواضع الياء في القرآن فأما الذي وقع منها بعد كسرة فلفظان: أحدهما: {يَأْتِيَ يَوْمٌ} في البقرة (¬1) وفي سورة إبراهيم - عليه السلام - (¬2) والروم (¬3) والشورى (¬4). والثاني: {نُودِيَ يَامُوسَى} (¬5) في طه لا غير. وأعلم أن هذه المعارضة التي أورد الحافظ حسنة، ويبقى أن يقال لإبن مجاهد أن العرب لا تدغم حرف المد الذي استقر بنفسه حرف مد واستعمل رب الكلام كذلك كالواو في قوله تعالى: {اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ} (¬6) وكذلك قوله تعالى: {آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا} (¬7) وكالياء في قوله تعالى: {الَّذِي يَدُعُّ} (¬8) و {الَّذِي يُؤْمِنُ} (¬9) و {الَّذِي يَرَاكَ} (¬10) و {فِي يَوْمَيْنِ} (¬11). فأما ما نحن فيه فليس كذلك إذ ليس الواو في (هو) ولا الياء في (نودى) ونحوهما حرفي مد في أنفسهما ولا يستعملان مدا إلا لعارض ¬
الوقف خاصة، فقولنا في الإِدغام: أنهما سكنا فصارا حرفي مد ثم أدغما حكم تقديري غير منطوق به، وإنما ينطق بهما في الكلام على أحد وجهين: أما حرفين مفككين مما بعدهما متحركين، وإما مدغمين فيما بعدهما فيكون الحاصل في اللفظ إذ ذاك حرفا واحدا مشددا. والله تعالى أعلم. (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (فإن سكنت الهاء إلى آخره) ثم قال: (وما كان مثله) (¬1). (ش) اعلم أنه ليس في القرآن غير هذه الألفاظ الأربعة (¬2). إلا أن قوله تعالى: {وَهُوَ وَلِيُّهُمْ} وقع في الأنعام وفي النحل فيبقى قوله (وما كان مثله) لا يحرز (¬3) شيئا وقد تقدم الإعتذار عنه والله تعالى أعلم. (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (فأما قوله تعالى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ} في الطلاق إلى آخره) (¬4). (ش) عزم الحافظ في هذا الحرف على منع الإِدغام واعتل بأن أصله (اللائي) بياء بعد الهمزة كما في قراءة الكوفيين) (¬5) ثم حذفت الياء تخفيفا ¬
فبقيت الهمزة طرفا كما في قراءة قالون ثم اسكنت الهمزة وأبدل منها ياء ساكنة على غير قياس. إذ قياسها أن يكون بين بين فإذا ثبت هذا امتنع الإِدغام لوجهين: أحدهما: كثرة التغير والإجحاف بالكلمة. الوجه الثاني: أن هذه الياء لما كانت بدلا من الهمزة روعى أصلها فلم تدغم: أذ لا تدغم الهمزة في غيرها. قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (ومن قال: إن الهمزة حذفت وأن الياء باقية من الأصل فهو دعوى بلا دليل). أعلم أن هذا الذي قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ - من منع الإِدغام في هذا الحرف قد نوزع فيه: لأنه قد حصل في اللفظ التقاء المثلين والأول منهما ساكن فلزم الإِدغام، ولا يحتج لترك الإِدغام بعدم النص عليه إذ لا يحتاج إلى التنصيص على ما جرى على مقتضى الأصول ولا مدخل لهذه الكلمة في الإِدغام الكبير: إن الأول في قراءة أبي عمرو ساكن في أخذه بالإِدغام كما هو في أخذه بالإِظهار كقراءة البزي، وباب الإِدغام الكبير بما الأول فيه متحرك في قراءة الإِظهار فقد خرج هذا الحرف في قراءته عن باب الإِدغام ¬
الكبير ولحق بباب (¬1) {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} (¬2) و {فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ} (¬3) و {وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ} (¬4) و {إِذْ ذَهَبَ} (¬5) مما التقى فيه المثلان وأولهما ساكن فأما ما ذكر الإِمام في آخر الزخرف من قوله تعالى: {فَاصْفَحْ عَنْهُمْ} (¬6) فزائد على مقتضى باب الإِدغام الكبير لأن الحاء ساكنة. وكان ينبغي للحافظ أن يبين كيف يصنع القاريء بهذا الحرف على قراءة أبي عمرو والبزي هل يفصل بسكت خفيف، أو يشبع مد الصوت، أو كيف يكون وجه العمل مع ما فيه من التقاء الساكنين في الوصل إذ قبل الياء ألف (وصاد ساكنين) (¬7) وقد ذكر أبو جعفر بن الباذش هذه المسألة في صدر باب الإِدغام الكبير في كتاب الإِقتاع وذكر عن أبيه أنها مما يلزم فيه الإِدغام (¬8) بخلاف قول الحافظ (¬9) والله - عَزَّ وَجَلَّ - أعلم. (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ - (ذكر الحرفين المتقاربين في كلمة وفي كلمتين) (أعلم أنه لم يدغم أيضًا من المتقاربين في كلمة إلا القاف في الكاف (¬10) إلى آخر كلامه). ¬
(ش) هذا هو القسم الثالث المتقدم الذكر. ذكر الحافظ هنا إدغام القاف في الكاف بشرطين أحدهما: تحريك ما قبل الكاف. والثاني: أن يقع بعد الكاف ميم الجمع. وإنما شرط هذين الشرطين لأن الكلمة تطول بالميم وتثقل بالحركة فيحسن التخفيف بالِإدغام. وأعلم أن الذي أوجب التقارب بين القاف والكاف اشتراكهما في الشدة واتصال مخرجهما، وأعلم أن جملة ما ورد في القرآن من هذا النوع تسع كلمات تكرر بعضها فبلغت سبعة وثلاثين موضعا. إحداها: {خَلَقَكُمْ} (¬1) في البقرة والنساء والأنعام والأعراف والنحل والشعراء وفي ثلاثة مواضع من الروم وفاطر والصافات والزمر وغافر وفصلت والتغابن وسورة نوح - عليه السلام -. الثانية: {رَزَقَكُمُ} (¬2) في العقود والأنعام والأعراف والأنفال وفي موضعين من النحل وفي الروم ويس وغافر. والثالثة: {يَرْزُقُكُمْ} (¬3) في سورة يونس - عليه السلام - وفي النحل وسبأ وفاطر والملك. ¬
والرابعة: {سَبَقَكُمْ} (¬1) في الأعراف والعنكبوت. والخامسة: {صَدَقَكُمُ} (¬2) في آل عمران. والسادسة: {وَاثَقَكُمْ} (¬3) في العقود. والسابعة: {نَرْزُقُكُمْ} (¬4) في الأنعام والثامنة: {فَيُغْرِقَكُمْ} (¬5) في الأسراء. والتاسعة: {يَخْلُقُكُمْ} (¬6) في الزمر. وأعلم أن قولنا في هذا: متقاربا في كلمة من باب المجاز كما تقدم في قولنا: مثلان في كلمة. ¬
وافق الِإمامُ الحافظَ على الإِدغام في جميع ما تقدم وزاد (¬1) أربعة مواضع مما قبل القاف ساكن: أحدهما: {بِوَرِقِكُمْ} (¬2) في الكهف. الثاني: {مَا خَلْقُكُمْ} (¬3) في لقمان. الثالث: {وَفِي خَلْقِكُمْ} (¬4) في الجاثية. الرابع: {رِزْقُكُمْ} (¬5) في الذاريات. فذكر الإِدغام فيها باختلاف وإدغامها رواية أحمد بن موسى (¬6) وعباس بن الفضل (¬7) ويسوغه في {بِوَرِقِكُمْ} وفي {خَلْقِكُمْ} صحة روم الحركة في القاف، وفي الموضعين الباقيين جواز الروم والإِشمام. والإِظهار أحسن في أربعتها من أجل الساكن قبل القاف (¬8). ¬
ونص الحافظ على أنه يُظهر ما قبل القاف فيه ساكن: يقتضى الإِظهار في هذه الأربعة التي زاد الإِمام وفي {مِيثَاقَكُمْ} (¬1) و {بِخَلَاقِكُمْ} (¬2) و {أَوْ صَدِيقِكُمْ} (¬3) و {فَوْقَكُمُ} (¬4). وكذلك إذا لم يكن بعد الكاف ميم وهو قوله تعالى: {إِلَى عُنُقِكَ} (¬5) في الإِسراء و {خَلَقَكَ} (¬6) في الكهف والإنفطار، و {نَرْزُقُكَ} (¬7) في طه وليس في القرآن غيرها وقوله: (وشبهه) يحرز بعض الأمثلة التي قبل القاف فيها ساكن أو ليس بعد الكاف فيها ميم تقدم فتأمله. والله تعالى أعلم. ¬
(م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ - (واختلف أهل الأداء في قوله تعالى: {إِنْ طَلَّقَكُنَّ} (¬1) إلى آخر كلامه) (¬2). (ش) ذكر الإِمام أن اليزيدي روى فيه الأظهار، وروى عباس الإِدغام وهو أكثر فقال الحافظ هنا: عن ابن مجاهد وأصحابه بالإِظهار وقال: قرأته أنا بالإِدغام وهو القياس لثقل الجمع والتأنيث (¬3). وقال في التفصيل: وبالوجهين قرأته أنا وأختار فيه الإِدغام، وعلله بالثقل كما تقدم. ثم قال: وكأن من آثر الإِظهار إنما كره أن يجتمع في الكلمة ثلاثة أحرف مضاعفة لما فيه من الكلفة الثقل. (م) قال الحافظ: (وألزم اليزيدي أبا عمرو إدغامه) (¬4). (ش) وفي بعض النسخ (أبا عمر) بضم العين والصحيح أبا عمرو بفتح العين وإسكان الميم وهو اسم الإِمام ابن العلاء ويدل على صحة ذلك قوله (فدل على أنه يرويه عنه بالإِظهار) يريد فدل هذا الإِلزام على أن اليزيدي يرويه عن أبي عمرو بالإِظهار، وتصحيح هذا الإستدلال يتوقف على بيان وجه الإِلزام. وبيانه أن اليزيدي يقول لشيخه ابن العلاء: قد اجتمع في هذا الحرف الشروط التي تعتبر إدغام القاف في الكاف إذا كانا في الكلمة، وذلك تحريك ما قبل القاف، ووقوع حرف الجمع بعد الكاف، فالنون هنا بعد الكاف تدل على جاعة المؤنث كما أن الميم في (رزقكم) وأخواته تدل على جماعة المذكرين مع أن التأنيث أثقل من التذكير فليكن الإِدغام هنا أوكد فهذا وجه الإِلزام. ¬
وأما تصحيح الإستدلال على ما قلته فهو أنك إنما تقول: ألزمت فلانًا كذا إذا كان قائلا بخلاف ما ألزمته، ويكون مع ذلك من أصول مذهبه ما يقتضي القول بما ألزمته، وهذه الشروط موجودة في مسألتنا على ما تقرر في وجه الإِلزام ولهذا قال الحافظ: (فدل على أنه كان يرويه عنه بالإِظهار) يريد لو كان اليزيدي يرويه عن ابن العلاء بالإِدغام لم يكن لاطلاق لفظ الإِلزام معنى. فهذا وجه صحة ثبوت أبا عمرو اسم الشيخ، فأما أبا عمر اسم الراوي فلا وجه لثبوته هنا: لأنه إذا ألزم اليزيدي أبا عمر الدوري إدغام هذا الحرف فمعناه أنه قال له: اقرأ بالإِدغام واروه عني بالإِدغام، وإذا كان كذلك بطل أن يرويه الدوري عن اليزيدي بالإِظهار، ولم يعقل أن يستدل بهذا على أن اليزيدي يرويه عن ابن العلاء بالإِظهار. فتأمل هذا كله. والله جل وعلا أعلم. (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (فأما ما كان من المتقاربين من كلمتين) (¬1). (ش) هذا هو القسم الرابع المتقدم الذكر. قال الحافظ: (أدغم من ذلك ستة عشر حرفا لا غير وهي كذا) (¬2) وذكر أنه جمعها في قوله (سنشد حجتك بذل رض قثم) (¬3) وقد جمعتها أنا في قولك (لذ ضحك بشر قنت ثم سجد). ¬
وأعلم أن الإِمام وافقه على إدغام هذه الحروف وزاد العين في قوله تعالى: {وَاسْمَعْ غَيْرَ} (¬1) في النساء. وقال: باختلاف عنه، والإِدغام رديء جدا وهو رواية محمد بن رومي عن خالد بن جبلة (¬2) عن أبي عمرو في هذا الحرف وحده وقياسه (يتبع غير) انتهى (¬3). قال الحافظ: في (¬4) التفصيل: أن اليزيدي قرأهما بالإِظهار وقال: وبذلك قرأتهما. واعلم أنه قد تقرر أن الأصل في هذا الباب أن يكون الحرف الأول متحركًا قبل الإِدغام بخلاف هذين الحرفين، فلو كان أبو عمرو يختار إدغامهما لما خصهما (¬5) بالإِدغام الكبير. والله جل وعز (¬6) أعلم. (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (ما لم يكن الأول منونا أو مشددا أو تاء الخطاب أو معتلا) (¬7). ¬
(ش) وذكر مثالا من كل واحد من هذه الأصناف الأربعة وجملة ما في القرآن من تاء الخطاب في هذا الفصل (¬1) اثنا عشر موضعا وهي: {خَلَقْتَ طِينًا} (¬2) و {وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا} (¬3) و {وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ} (¬4) و {إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ} (¬5) و {فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا} (¬6) و {لَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ} (¬7) و {قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ} (¬8) و {أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ} (¬9) و {فَلَبِثْتَ سِنِينَ} (¬10) و {لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا} (¬11) و {لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا} (¬12) و {لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا} (¬13) وسيأتي الخلاف في هذا الأخير. وأما المعتل فجاء منه في القرآن ثلاثة الفاظ: أحدها: {وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً} (¬14) في البقرة. ولا خلاف في إظهاره. والثاني: {وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ} (¬15) في النساء. ¬
والثالث: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى} (¬1) في الإِسراء والروم وفيهما خلاف فذكره بعد. وقد تقدم في القسم الثاني وجه منع إدغام هذه الأصناف فأغنى عن إعادته هنا والله - عَزَّ وَجَلَّ - أعلم (¬2). (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (فأما الحاء فأدغمها في العين في قوله: {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ} لا غير = ثم قال: (وأظهرها في ما عدا هذا الموضع) إلى آخر كلامه (¬3). (ش) أعلم أن جملة ما في القرآن من الحاء عند العين ثمانية ألفاظ تكرر بعضها فبلغ الجميع خمسة وعشرين موضعًا. فأحد هذه الألفاظ (جناحَ على) في ستة مواضع (¬4) من البقرة وفي أربعة مواضع (¬5) من النساء وفي موضعين (¬6) من الأحزاب وفي موضع من الممتحنة (¬7). ¬
الثاني: {الْمَسِيحُ عِيسَى} (¬1) في موضع من آل عمران وموضعين من النساء. الثالث: {زُحْزِحَ عَنِ} (¬2) في آل عمران. الرابع: {ذُبِحَ عَلَى} (¬3) في المائدة. الخامس: {لَا يُصْلِحُ عَمَلَ} (¬4) في سورة يونس - عليه السلام -. السادس: {لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ} (¬5) في طه. السابع: {الرِّيحَ عَاصِفَةً} (¬6) في سورة الأنبياء - عليهم السلام -. الثامن: {فَاصْفَحْ عَنْهُمْ} (¬7) في الزخرف. غير أن هذا الحرف الأخير ساكن الحاء وهو خلاف أصل هذا الباب (¬8) كما تقدم، فمذهب الحافظ الإِدغام في قوله تعالى: {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ} خاصة، وذكر الإِمام عنه اختلافا وأنه قرأه بالوجهين وقال: كان أبو عمرو يكره إدغام الحاء في العين وقوم من العرب يدغمونها ¬
فيها، والإِدغام رواية إلى عبد الرحمن بن اليزيدي عن أبيه عنه، وذكر الإِمام أيضًا في سائر الألفاظ الباقية الوجهين وأن الإِظهار أحسن وأن الإِدغام في (لاَ جُنَاحَ عَلىَ) و {الْمَسِيحُ عِيسَى} رواية قاسم بن عبد الوارث (¬1) عن الدوري عن اليزيدي عن أبي عمرو وأن إدغام {فَاصْفَحْ عَنْهُمْ} رواية شجاع (¬2). فأما قوله تعالى (¬3): {الرِّيحَ عَاصِفَةً} في سورة الأنبياء - عليه السلام - (¬4) فلم يذكره في الإِدغام. وقياس من أدغم {الْمَسِيحُ عِيسَى} الأول من سورة النساء أن يدغم {الرِّيحَ عَاصِفَةً} إذ الحاء فيها منصوبة بعد ياء المد. والله جل وعلا (¬5) أعلم. ووجه التقارب بين الحاء والعين اتحاد لمخرج (¬6) ولم يفترقا إلا في وجه واحد وهو البُحاح (¬7) الذي في الحاء فلو زال صارت عينا مجهورة كما أنه لو زال الجهر عن العين صارت حاء بُحة والله سبحانه أعلم (¬8). وقد تقدم أن هذا الإِدغام شذوذ فإنه يقلب الحاء عينا، وتقدم أن المستعمل في مثل هذا قلب العين حاء والله سبحانه أعلم. ¬
(م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ - (¬1): (وأما القاف فكان يدغمها في الكاف إذا تحرك ما قبلها) (¬2) (ش) اعلم أن جملة ما في القرآن من هذا النوع ستة ألفاظ تكرر بعضها فبلغ الجميع أحد عشر موضعًا: أحد الألفاظ: {خَلَقَ كُلَّ} (¬3) في الأنعام والنور والفرقان. الثاني: {خَالِقُ كُلِّ} (¬4) في الأنعام والرعد والزمر وغافر. الثالث: {يَخْلُقُ كَمَنْ} (¬5) في النحل. الرابع: {يُنْفِقُ كَيْفَ} (¬6) في العقود. الخامس: {أَنْطَقَ كُلَّ} (¬7) في فصلت. السادس: {يُفْرَقُ كُلُّ} (¬8) في الدخان. (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ - (¬9): (فإن سكن ما قبلها لم يدغمها نحو: {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} (¬10) وشبهه) (¬11). ¬
(ش) اعلم أنه ليس في القرآن من هذا غير هذه الكلمة. والله تبارك وتعالى أعلم (¬1). وافقه الإِمام على ما تقدم (¬2). في القاف. وقد تقدم وجه التقارب بين القاف والكاف فأغنى عن أعادته (¬3). (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (وأما الكاف فأدغامها أيضًا في القاف إذا تحرك ما قبلها) (¬4). (ش) اعلم أن جملة الوارد من هذا في القرآن اثنتان (¬5) وثلاثون موضعا: منها في البقرة: {وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ} (¬6) {كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} {كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} (¬7) {فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً} (¬8) {مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ} (¬9) وفي النساء: {مِنْ عِنْدِكَ قُلْ} (¬10) {عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا} (¬11) {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ} (¬12) وفي الأعراف: {إِذْ أَمَرْتُكَ ¬
قَالَ} (¬1) {وَآلِهَتَكَ قَالَ} (¬2) وفي الأنفال: {فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا} (¬3) وفي التوبة: {ذَلِكَ قَوْلُهُمْ} (¬4) وفي سورة يوسف - عليه السلام -: {هَيْتَ لَكَ قَالَ} (¬5) وفي الإسراء: {أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً} (¬6) وفي الكهف: {جَنَّتَكَ قُلْتَ} (¬7) وفي كهيعص: {كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ} (¬8) {كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ} (¬9) وفي طه: {بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ} (¬10) وفي الفرقان: {لَكَ قُصُورًا} (¬11) {وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا} (¬12) {وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} (¬13) وفي النمل: {عَرْشُكِ قَالَتْ} (¬14) {وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ} (¬15) وفي الزمر: {بِكُفْرِكَ قَلِيلًا} (¬16) وفي غافر: {هَلَكَ قُلْتُمْ} (¬17) وفي الزخرف: {رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ} (¬18) وفي القتال: {مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا} (¬19) وفي ق: {بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ} (¬20) وفي الذاريات: {مَنْ أُفِكَ قُتِلَ} (¬21) ¬
{كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ} (¬1) وفي الفجر: {فِي ذَلِكَ قَسَمٌ} (¬2). (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ - (¬3): (فإن سكن ما قبل الكاف لم يدغمها) (¬4). (ش) اعلم أن جملة ما ورد من هذا في القرآن ستة مواضع منها: {أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ} (¬5) و {إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ} (¬6) في الأعراف. و {وَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ} (¬7) في سورة يونس - عليه السلام - (¬8) ويس. و {وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} (¬9) في الجمعة: و {عَلَيْكَ قَوْلًا} (¬10) في المزمل. وافقه الإِمام على كل ما تقدم في الكاف إلا في قوله تعالى: {وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} (¬11) فإنه ذكر فيه الإِدغام بخلاف، وإنما لم يدغم إذا سكن ما قبل الكاف استغناء بخفة الساكن على تخفيف الإِدغام والله عز جلاله أعلم. (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (وأما الجيم فأدغمها في الشين في قوله: {أَخْرَجَ شَطْأَهُ} (¬12) وفي التاء من قوله: {ذِي الْمَعَارِجِ تَعْرُجُ} (¬13) لا غير) (¬14). ¬
(ش) اعلم أن الجيم لم تلق الشين (والتاء) (¬1) من كلمتين في غير هذين الموضعين. وذكر الإِمام خلافًا في {ذِي الْمَعَارِجِ تَعْرُجُ} وأن الإِدغام رواية أبي عبد الرحمن عن أبيه عن أبي عمرو (¬2) ولم يذكر في إدغام الحرف الأول خلافًا. والتقارب الذي بين الجيم والشين هو باتحاد المخرج (¬3). وأما مقاربة الجيم للتاء فإنهما مشتركان في الشدة، وعلل الحافظ جواز إدغام الجيم في التاء وإن لم تكن من مخرجها (¬4) بأن الشين من مخرج الجيم، والشين تتصل بما فيها من التفشي بمخرج التاء. وهذا التعليل يقتضي أن يكون إدغام الشين في التاء أولى، لكن منع من ذلك ما كان يؤدي إليه الإِدغام من إذهاب التفشي وهو زيادة في الشين من غير أن يخلفه شيء، وقد مر في مقدمة الباب أن الشين يدغم فيه مقاربة ولا يدغم ¬
هو في مقاربة. وقد لقيت الشين التاء في مواضع من القرآن في كلمة واحدة وذلك في بناء افتعل وما تصرف منه نحو {اشْتَرَى} (¬1) و {اشْتَدَّتْ} (¬2) و {اشْتَمَلَتْ} (¬3) و {اشْتَعَلَ} (¬4) و {يَشْتَهُونَ} (¬5) و {مُشْتَرِكُونَ} (¬6) ولم يدغم شيء من ذلك (والله جل وعلا أعلم) (¬7). وقوله: لا غير يعطى حصر إدغام الجيم في هذين المثالين خاصة، وليس فيه دلالة على أنه ليس في القرآن غيرهما، ويمكن أن يكون قوله: (لا غير) حصر إدغام الجيم في الشين والتاء دون غيرهما من الحروف، والمفهوم الأول أظهر. والله (سبحانه) (¬8) أعلم. (م) قال الحافظ: (- رَحِمَهُ اللهُ -) (¬9) (وأما الشين فأدغمها في السين في قوله تعالى: {إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا} (¬10) لا غير) (¬11). (ش) اعلم أن الحافظ ذكر في التفصيل خلافًا في هذا الحرف ¬
وكذلك ذكر الإِمام (¬1) وأن الإِظهار أرجح (¬2) لما في الإِدغام من إذهاب التفشي والتقاء الساكنين والأول حرف صحيح. ووجه جواز الإِدغام أن إذهاب التفشي يخلفه الصغير (¬3) وتخف الكلمة بزوال الكسرة، وهذان التعليلان إنما يصحان إذا حمل الإِدغام على ظاهره، فأما أن أخذ بمعنى الإخفاء وروم الحركة (¬4) فلا يصح التعليل بما تقدم، ولا شك أن الإخفاء أولى هربًا من التقاء الساكنين، ولما تقدم من أن الشين لا تدغم في مقاربها، ويحمل الإِدغام إن ثبت على أنه شاذ (¬5): إذ القوانين التي تقدم تقريرها إنما هي مبنية على فصيح الكلام وقد تقدم ذكر هذا. ¬
واعلم أنه لم تلقَ الشين (المعجمة) (¬1) السين المهملة من كلمتين فى غير هذا الموضع من القرآن إلا في: {عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (¬2) في طه ومنع من إدغامه سكون الثاني منهما. ووجه التقارب بين الشين والسين اتفاقهما في الهمس والرخاوة والإستفال وأن في الشين التفشي وفي السين الصفير، وكلاهما زيادة في الحرف، وأن مخرج الشين من وسط اللسان ومخرج السين من طرفه فيلحقه الشين بما فيه من التفشي. والله تعالى (¬3) أعلم. (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ - (¬4): (وأما الضاد فأدغمها في الشين في قوله تعالى (¬5): {لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ} لا غير) (¬6) في النور نص الحافظ على إدغامه وذكر الإِمام فيه خلافًا (¬7). الثاني: {وَالْأَرْضِ شَيْئًا} (¬8) في النحل. قال الحافظ في التفصيل لما ذكر الحرف الذي في النور: وقياسه (¬9) ¬
قوله تعالى في النحل: {وَالْأَرْضِ شَيْئًا} ثم قال: ولا أعلم خلافًا بين أهل الأداء في إظهاره، ولا فرق بينهما إلا إرادة الجمع بين اللغتين (¬1) وذكر الإِمام فيه أيضًا الخلاف (¬2) كالحرف {الَّذِي} (¬3) في النور (¬4) وأن الإِدغام فيها رواية أبي شعيب عن اليزيدي. الثالث: {الْأَرْضَ شَقًّا} (¬5) في عبس ولا خلاف في إظهاره لخفة فتحة الضاد (¬6). واعلم أن الإِدغام فيما ذكر رديء جدًا لما فيه من التقاء الساكنين والأول حرف صحيح مع أن الضاد من الحروف التي لا تدغم في مقاربها كما تقدم إلا فيما شذ لما في إدغامها من إذهاب الجهر والإطباق ولا مقاربة ¬
بين الضاد والشين غير أنها لاستطالتها تتصل بمخرج الشين. والله أعلم (¬1). فإن قيل: نص الحافظ على أنه لا يعلم خلافًا في حرف النحل أنه مظهر، ونص الإِمام على أن الإِدغام فيه رواية أبي شعيب فكيف هذا؟ فالجواب: أنه يمكن الجمع بينهما بأن الرواية خلاف التلاوة كما تقرر في باب البسملة (¬2) أو بلغ أحدهما ما لم يبلغ الآخر، وهذا التوجيه الثاني أظهر لقول الحافظ: ولا فرق بينهما إلا إرادة الجمع بين اللغتين. فظهر أن الحافظ لم يبلغ 5 ما بلغ الإِمام. والله أعلم (¬3) وذكر الإِمام إدغام الضاد في الذال، وجملته في القرآن خمسة مواضع: منها في آل عمران: {مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا} (¬4) وفي المائدة: {الْأَرْضِ ذَلِكَ} (¬5) و {بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ} (¬6) وفي الملك: {الْأَرْضَ ذَلُولًا} (¬7) وفي الطارق: {وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ} (¬8) وذكر الإِمام الخلاف في حرف آل عمران وحرف الملك، والمفهوم عنه أنه أراد الخلاف في جملتها، ونص على إن الإِظهار أكثر وأن الإِدغام رواية قاسم بن عبد الوارث عن الدوري عن اليزيدي. ¬
ومذهب الحافظ الإِظهار (¬1) في جميعها إذ في الإِدغام إذهاب الإستعلاء والإستطالة والتقاء الساكنين (مع) (¬2) أن الأول حرف صحيح؛ قال الحافظ: وإنما سوغ (¬3) إدغام الضاد في الشين أن التفشي قام مقام الإستطالة. واعلم أنه لا تقارب بين الضاد والذال غير أن الضاد لإستطالتها تلحق بطرف اللسان والذال من الطرف كما تقدم في المخارج والله أعلم (¬4). (م): قال الحافظ (- رَحِمَهُ اللهُ -) (¬5) (وأما السين فإدغامها في الزاي في قوله تعالى: {وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ} (¬6) لا غير) وفي الشين بخلاف عنه في قوله تعالى: {الرَّأْسُ شَيْبًا} (¬7). (ش): اعلم أنه لم تلق السين الزاي في القرآن على وجه يقبل الإِدغام إلا في الموضع خاصة ولا عبرة، (¬8) بسكون الواو قبلها: لأنه حرف مد فلا يمنع الإِدغام. فأما قوله تعالى في الكهف: {نَفْسًا زَاكِيَةً} (¬9) فالسين منونة وقد ¬
تقدم أن التنوين يمنع الإِدغام ووجه مقاربة السين الزاي اشتراكهما في المخرج والرخاوة والصفير. وأما {الرَّأْسُ شَيْبًا} ففيه خلاف وقال الإِمام خير فيه أبو عمرو والإِدغام أحسن لثقل الضمة والضم ثقيل، وأيضًا فالإشمام ممكن فيه كذا قال الإِمام. واعلم أن ما استحسن الإِمام هنا من الإِدغام لا يستتب (¬1) له إلا إذا سهل الهمزة فأبدلها ألفًا وهو الذي عليه جمهور الناس في الإِدغام الكبير فأما إن أجاز تحقيق الهمزة كما حكى أبو جعفر ابن الباذش عن شريح فيقبح الإِدغام لما فيه إذ ذاك من التقاء الساكنين والله تعالى أعلم (¬2). فأما أن أخذ فيه بالروم فيندفع الإِدغام الصحيح وترجع المسألة إلى باب الإخفاء كما تقرر ويأتي بحول الله - عَزَّ وَجَلَّ - (¬3) وحيث يؤخذ فيه بالإِدغام الصحيح فيقوم التفشي عوض الصغير. ووجه المقاربة بين الشين والسين قد تقدم فأغنى عن إعادته (¬4) والله أعلم (¬5). فأما قوله تعالى في سورة يونس - عليه السلام - (¬6): {لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا} (¬7) لخفة (¬8) الفتحة وكذلك: {بَأْسٍ شَدِيدٍ} (¬9) لا خلاف في إظهاره ¬
حيث ورد (¬1) لأجل التنوين. والله أعلم (¬2). (م): قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (وأما الدال فأدغمها إذا تحرك ما قبلها في خمسة أحرف) (¬3). (ش): اعلم أن مجموع الحروف التي تدغم فيها الدال من هذا الباب عشرة وهي أوائل كلم هذا البيت: شطت سعاد زمانًا ثم تيمها ... ذكرى صديق جزته ظلمها ضررا وهذه الحروف تنقسم إلى قسمين: قسم لقيته الدال بعد سكون خاصة، وقسم لقيته تارة بعد الحركة وتارة بعد السكون. القسم الأول: خمسة أحرف وهي، الضاد والجيم والزاي والظاء والثاء. فيدغم الدال في هذه الأحرف الخمسة بشرط أن تكون حركة الدال ضمة أو كسرة. أما الضاد فلقيتها الدال على الشرط المذكور في ثلاثة مواضع لا غير. منها: {مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ} (¬4) في سورة يونس - عليه السلام - وفصلت و {مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ} (¬5) في الروم. اتفق الحافظ والإمام على الإِدغام. وأما الجيم فلقيتها الدال على ما تقدم من الشرط في موضعين: ¬
أحدهما: في البقرة، {دَاوُودُ جَالُوتَ} (¬1) والثائي: في فصلت: {دَارُ الْخُلْدِ جَزَاءً} (¬2). اتفق الحافظ والإمام على الإِدغام. وأما الزاي فلقيتها الدال على الشرط المتقدم في موضعين: أحدهما: في الكهف، {تُرِيدُ زِينَةَ} (¬3). والثاني: في النور، {يَكَادُ زَيْتُهَا} (¬4). اتفق الحافظ والإمام على الإِدغام. وأما قوله تعالى: {دَاوُودَ زَبُورًا} (¬5) في النساء: والإسراء فمذهب الحافظ الإِظهار فيهما (¬6): لأن الدال مفتوحة، وذكر الإِمام فيهما الوجهين وأن الإِدغام رواية قاسم عن الدوري عن اليزيدي عن أبي عمرو وأن الإِظهار أحسن وأكثر. وأما الظاء فلقيتها الدال على ما تقدم في ثلاثة مواضع: منها: {يُرِيدُ ظُلْمًا} (¬7) في آل عمران وغافر و {مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ} (¬8) في المائدة. ¬
اتفق الحافظ والإمام على الإِدغام. وأما الثاء فلقيتها الدال على الشرط في موضعين: أحدها: {يُرِيدُ ثَوَابَ} (¬1) في النساء. والثاني: {لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ} (¬2) في الإسراء. اتفق الحافظ والإمام على الإِدغام فيهما. القسم الثاني الذي لقيته الدال بعد حركة وبعد سكون: الخمسة الباقية وهي، الشين والتاء والصاد والسين والذال. ويشترط إذا سكن ما قبل الدال ولقيت واحدًا من هذه الأحرف أن تكون حركة الدال ضمة أو كسرة على ما تقدم، إلا إذا لقيت التاء فإنه يدغمها فيها سواء كانت محركة بالفتح أو بالكسر أو بالضم، وكذلك يصنع إذا تحرك ما قبل الدال. فأما الشين فلقيتها الدال بعد حركة في موضعين وهما: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ} (¬3) في سورة يوسف - عليه السلام - (¬4) والأحقاف. اتفق الحافظ والإمام على الإِدغام فيهما لتحرك ما قبل الدال. ولقيتها بعد سكون في موضعين (أيضًا) (¬5): أحدهما: {أَوْ أَرَادَ شُكُورًا} (¬6) في الفرقان. ¬
والثاني: {دَاوُودَ شُكْرًا} (¬1) في سبأ. مذهب الحافظ الإِظهار فيهما لخفة الفتحة وسكون ما قبلها (و) (¬2) ذكر الإِمام الوجهين وأن الإِظهار أحسن وأكثر. وأما التاء فلقيتها الدال بعد الحركة في قوله تعالى: {فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ} (¬3) في البقرة خاصة ولقيتها بعد السكون في أربعة مواضع: أحدها: في المائدة: {مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ} (¬4) الثاني: في التوبة: {كَادَ تَزِيغُ} (¬5). الثالث: في النحل: {بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} (¬6). الرابع: في الملك: {تَكَادُ تَمَيَّزُ} (¬7). اتفق الحافظ والإمام على الإِدغام في المواضع الخمسة (و) (¬8) ذكر الإِمام الإِدغام في: {كَادَ تَزِيغُ} و {بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} من رواية أبي عبد الرحمن عن أبيه عن أبي عمرو (¬9). ومن رواية عبد الوارث (¬10) عنه وقال: وكان يجب ألا يدغم: لأن الدال ¬
مفتوحة وقد شرط ألا يدغم الحرف المفتوح بعد الساكن في مقاربة إلا: {قَالَ رَبِّ} (¬1) حيث وقع، ثم قال: والإِدغام في {كَادَ تَزِيغُ} أحسن منه في {بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} إذ الساكن في {كَادَ} حرف مد فجاز لقيه للساكن، والساكن في (بعد) حرف صحيح. ثم اتفق الإِمام والحافظ غلى أن الذي سوغ الإِدغام فيهما اتحاد المخرج. والله أعلم. وأما الصاد فلقيتها الدال بعد الحركة في موضعين: أحدهما: {نَفْقِدُ صُوَاعَ} (¬2) في سورة يوسف - عليه السلام -. والثاني: {فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ} (¬3) في القمر. ولقيتها بعد السكون في موضعين: أحدهما: {فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا} (¬4) في كهيعص. والثاني: {مِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ} (¬5) في النور. اتفق الحافظ والإمام على الإِدغام في الأربعة. وأما السين فلقيتها بعد الحركة في موضع واحد وهو: {عَدَدَ سِنِينَ} (¬6) في المؤمنين، ولقيتها لعد السكون في ثلاثة مواضع وهي: {فِي ¬
الْأَصْفَادِ سَرَابِيلُهُمْ} (¬1) في سورة إبراهيم - عليه السلام - و {كَيْدُ سَاحِرٍ} (¬2) في طه و {يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ} (¬3) في النور. وأغفل الحافظ في التيسير الحرف الذي في طه وذكره في التفصيل. اتفق الحافظ والإمام في المواضع الأربعة، وزاد الإِمام موضعًا خامسًا وهو قوله تعالى: {لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ} (¬4) في ص فأخذ فيه بالإِدغام ومذهب الحافظ الإِظهار: لأن الدال مفتوحة. وأما الذال فلقيتها الدال بعد الحركة في موضع واحد وهو قوله تعالى: {وَالْقَلَائِدَ ذَلِكَ} (¬5) في المائدة ولقيتها بعد السكون في خمسة عشر موضعًا منها: {مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ} (¬6) في ثلاثة مواضع من البقرة وفي موضعين من آل عمران وسورة يوسف - عليه السلام - والنور وفي موضع موضع من المائدة والتوبة والنحل، ومنه: {الْمَرْفُودُ ذَلِكَ} (¬7) في سورة هود - عليه السلام - و {مِنْ أَثَرِ السُّجُود} (¬8) في الفتح و {الْوَدُودُ ذُو الْعَرْشِ} (¬9) في البروج. اتفق الحافظ والإمام على الإِدغام في هذه المواضع الخمسة عشر ¬
وزاد الإِمام موضعًا آخر وهو قوله تعالى: {دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ} (¬1) في ص فذكر فيه الخلاف (¬2) وأن الإِدغام رواية أبي عبد الرحمن عن أبيه عن أبي عمرو ورواية قاسم بن عبد الوارث عن أبي عمرو. والله أعلم. وقول الحافظ في هذا الفصل بإثر الأمثلة (لا غير) يقتضي حصر الإِدغام فيما ذكر من الأمثلة، وليس يقتضي نفي نظائر تلك الأمثلة من القرآن مع أنه ليس في القرآن غير ما ذكر والله تعالى أعلم. ولو قال بإثر تلك الأمثلة (وليس في القرآن غيرها) بدل قوله: (لا غير) لكان أتم في إفادة الحصر. وقوله في التاء في قوله: {مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ} و {تَكَادُ تَمَيَّزُ} (لا غير) (¬3) لا ينتقض بقوله في آخر الفصل: {كَادَ يَزِيغُ} و {بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} لأنه تكلم أولًا فيما إذا كان الدال مضمومًا أو مكسورًا فصح قوله: (لا غير) بعد المثالين. وقوله في السين: {فِي الْأَصْفَادِ سَرَابِيلُهُمْ}، و {يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ} ثم قال: (لا غير) (¬4) قد (¬5) تقدم أنه أغفل موضعًا ثالثًا وهو: {كَيْدُ سَاحِرٍ} وأثبته في التفصيل وقوله: (وكان ابن مجاهد لا يرى الإِدغام في الحرف الثاني) (¬6). يعني به: {دَارُ الْخُلْدِ جَزَاءً} وسماه ثانيًا لأن قبله {دَاوُودُ جَالُوتَ} ¬
وظاهر القول تخصيص هذا الحكم بهذا الحرف ولا معنى له، وإنما مراده الله أعلم: أنه لا يرى الإِدغام في هذا الحرف وما كان مثله مما قبل الدال فيه حرف ساكن صحيح فينسحب الحكم على قوله تعالى: {بَعْدِ} من {بَعْدِ ذَلِكَ} و (¬1) {مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ} و {مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ} و {مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ} إذ الساكن في جميعها قبل الدال حرف صحيح؛ وهذا المعنى من العموم لهذه الأمثلة قصد الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ - بقوله: وهذا وما أشبهه عند النحويين والحذاق من المقرئين إخفاء (¬2). يريد بالإخفاء تضعين الصوت بالحركة حتى ينتقل عن التحقيق إلى الروم فلا يكون الإِدغام صحيحًا: لأن بقاء بعض الحركة في منع الإِدغام كتحقيق الحركة، ويندفع بذلك التقاء الساكنين فيكون (¬3) تسميته إدغامًا على وجه المسامحة لشبهه بالإِدغام. والله تعالى أعلم. ويبقى على الحافظ ما إذا كان الحرف محركًا بالفتح وقبله حرف ساكن صحيح فإنه لا يصح فيه الروم عند القراء، فلابد أن يكون الإِدغام صحيحًا فيلزم التقاء الساكنين والله تبارك وتعالى أعلم. (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (وأما التاء فأدغمها ما لم تكن اسم المخاطب في عشرة أحرف) (¬4). (ش) قد تقدم أن التاء لقيت في القرآن أحد عشر حرفًا ذكر منها هنا عشرة، وترك الدال لأنها لم تلقها الدال من كلمتين إلا والتاء ساكنة ¬
نحو: {فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا} (¬1) على ما أذكره في باب الإِدغام الصغير بحول الله - عَزَّ وَجَلَّ -. واعلم أن الحروف التي تدغم فيها التاء في هذا الباب عشرة، وهي: الطاء وجملة الحروف التي تدغم فيها الدال سوى التاء، وقد ذكرت المواضع التي لقيت التاء فيها شيئًا من هذه الحروف وهي ضمير المتكلم (¬2) فأغنى عن إعادته. ثم إن التاء التي تدغم في هذا الباب إنما هي أبدًا تاء التأنيث، إما في المفرد نحو: {الْآخِرَةَ} (¬3) وإما في الجمع المؤنث السالم نحو: {الصَّالِحَاتِ} (¬4) إلا في موضعين فإن التاء فيهما لام الكلمة. أحدهما: {الْمَمَاتِ} (¬5) في الإسراء. والثاني: {الْمَوْتِ} (¬6) في العنكبوت وإلا ثلاثة مواضع فإن التاء فيها عين الكلمة. وهي: {وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ} (¬7) في النساء و {آتِ ذَا الْقُرْبَى} (¬8) في الإسراء والروم. وهذه المواضع الثلاثة من المعتل لأنه حذفت لام الكلمة {آتِ} لبناء الأمر، وحذفت من {وَلْتَأْتِ} للجزم، والله تبارك وتعالى أعلم. ¬
(م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ - (في الطاء) (¬1). (ش) اعلم أن التاء لقيت الطاء في القرآن في أربعة مواضع وهي: {الصَّلَاةَ طَرَفَيِ} (¬2) في سورة هود - عليه السلام -، و {الصَّالِحَاتِ طُوبَى} (¬3) في الرعد، و {الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ} (¬4) في النحل. اتفق الحافظ والإمام على الإِدغام في هذه الثلاثة. والرابع: {وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ} في النساء، ذكره الإِمام بالإِدغام، وذكره الحافظ بالوجهين (و) (¬5). ذكر في التفصيل أن ابن مجاهد كان يدغم ثم رجع إلى الإِظهار في آخر عمره (¬6) وجه الإِدغام، الهرب من ثقل الكسرة مع أن أبا عمرو ولم يستثنه كذا قال الحافظ. ووجه الإِظهار الاستغناء بحذف لا عن تخفيف الإِدغام والله جل وعلا أعلم. (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (وفي الذال) (¬7). ¬
(ش) اعلم أن التاء لقيت الذال في أحد عشر موضعًا منها: في آل عمران و {الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ} (¬1) وفي سورة هود - عليه السلام -: {الْآخِرَةِ ذَلِكَ} (¬2) و {السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ} (¬3) وفي الحج: {الْآخِرَةِ ذَلِكَ} (¬4) وفي الصافات: {فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا} (¬5) وفي غافر: {رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ} (¬6) و {مِنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكَ} (¬7) وفي الذاريات: {وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا} (¬8) وفي المرسلات: {فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا} (¬9). اتفق الحافظ والإمام على الإِدغام في جميع ما تقدم. فأما قوله تعالى: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى} في الإسراء والروم ففيه الوجهان. قال الإِمام والإِظهار أحسن لقلة حروف الكلمة، ووجه الإِدغام كسر التاء. وذكر الحافظ أنه قرأه بالوجهين. (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (وفي الثاء) (¬10). (ش) اعلم أن التاء لقيت الثاء في ستة عشر موضعًا منها في البقرة: {بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ} (¬11) وفي آل عمران: {الْقِيَامَةِ ثُمَّ} (¬12) في موضعين. ¬
و {النُّبُوَّةَ ثُمَّ} (¬1) و {الْآخِرَةَ ثُمَّ} (¬2) وفي المائدة: {بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ} (¬3) و {الْآيَاتِ ثُمَّ} (¬4) و {الصَّالِحَاتِ ثُمَّ} (¬5) وفي الأنعام: {الْآيَاتِ ثُمَّ} (¬6) وفي الأعراف: {السَّيِّئَاتِ ثُمَّ} (¬7) وفي الإسراء: {الْمَمَاتِ ثُمَّ} (¬8) وفي النور: {الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ} (¬9) وف العنكبوت: {الْمَوْتِ ثُمَّ} (¬10) وفي الأحزاب والبروج: {الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ} (¬11). اتفق الحافظ والإمام على الإِدغام في جميع ما ذكر. والخامس عشر: {الزَّكَاةَ ثُمَّ} (¬12) في البقرة. والسادس عشر: {التَّوْرَاةَ ثُمَّ} (¬13) في الجمعة. (م) قال الحافظ: (وابن مجاهد لا يرى إدغامه لخفة الفتحة وقرأته بالوجهين) (¬14). ¬
(ش) فأفرد الضمير وهو يعني الحرفين وكأنه أعاد الضمير على ما ذكر ولو ثناه في الموضعين (¬1) لكان أحسن. وذكر الإِمام الخلاف في حرف البقرة وأن الإِظهار أحسن: لأن التاء مفتوحة ولا يقدر على الإشمام فيها ثم قال: والإِدغام فيها جائز لأن الساكن الأول فيها حرف مد ولين، ثم ذكر أن الإِدغام رواية ابن جبير ومحمد ابن عمرو (¬2) ابن رومي عن اليزيدي عن أبي عمور، ورواية قاسم بن عبد الوارث عن أبي عمر عن اليزيدي عن أبي عمرو. (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (وفي الظاء في قوله تعالى: {الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي} (¬3) في النساء والنحل لا غير) (¬4). (ش) اعلم أن التاء إنما لقيت الظاء في هذين الموضعين دون نفي النظائر على ما تقدم. والله أعلم. (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (وفي الضاد في قوله: {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا} (¬5) لا غير) (¬6). (ش) وهذا كالذي قبله ليس في القرآن غيره. (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (وفي الشين) (¬7). ¬
(ش) اعلم أن التاء لقيت الشين في قوله تعالى في الحج: {السَّاعَةِ شَيْءٌ} (¬1) وفي النور: {بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} (¬2) في موضعين. اتفق الحافظ والإمام على الإِدغام. فأما قوله تعالى: {لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا} (¬3) ففيه الوجهان من طريق الحافظ والإمام، والإظهارُ أكثر لذهاب عين الكلمة. ووجه الإِدغام ثقل الكسرة ولا يصح إلا مع تسهيل الهمزة أو روم الحركة على قول من أجاز تحقيق الهمزة، ولم يثبت إدغام التاء التي هي ضمير إلا في الموضع الواحد. فأما: {لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا} (¬4) في الموضعين من الكهف فلا خلاف في الإِظهار فيها لخفة فتحة التاء. والله - عَزَّ وَجَلَّ - أعلم. (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (وفي الجيم) (¬5). (ش) اعلم أن التاء لقيت الجيم في سبعة عشر موضعًا، منها: في المائدة: {الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ} (¬6) وفي التوبة والفتح: {الْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ} (¬7). وفي سورة يونس - عليه السلام -: {السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ} (¬8) وفي الرعد: {الثَّمَرَاتِ جَعَلَ} (¬9) وفي سورة إبراهيم - عليه السلام - والقتال وموضعين من ¬
الحج: {الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ} (¬1) وفي الإسراء: {الْآخِرَةِ جِئْنَا} (¬2) وفي النور: {مِائَةَ جَلْدَةٍ} (¬3) وفي الشعراء: {مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ} (¬4) وفي فاطر: {الْعِزَّةُ جَمِيعًا} (¬5) وفي الزمر: {الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا} (¬6) وفي غافر: {لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ} (¬7). وفي الواقعة: {وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ} (¬8) وفي لم يكن: {الْبَرِيَّةِ جَزَاؤُهُمْ} (¬9). اتفق الحافظ والإمام على الإِدغام في جميعها. (م) قال الحافظ: (وفي السين) (¬10). اعلم أن التاء لقيت السين في أربعة عشر موضعًا منها: في النساء: {الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ} (¬11) في موضعين وفي الأعراف والشعراء: {السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ} (¬12) وفي التوبة: {أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا} (¬13) وفي ¬
النحل: {الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ} (¬1) وفي كهيعص: {الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ} (¬2) وفي طه: {السَّحَرَةُ سُجَّدًا} (¬3) وفي الفرقان: {بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا} (¬4) وفي القصص: {الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ} (¬5) وفي الجاثية: {الصَّالِحَاتِ سَوَاءً} (¬6) وفي النازعات: {وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا (¬7) فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا} (¬8) وفى التكوير: {الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ} (¬9). اتفق الحافظ والإمام على الإِدغام في جميعها. فأما قوله تعالى: {يُؤْتَ سَعَةً} (¬10) في البقرة فلا خلاف في إظهاره لنقص الكلمة (¬11) وخفة الفتحة. وقد تقدم ذكره والله أعلم. (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (وفي الصاد) (¬12). (ش) وذكر ثلاثة مواضع - وهي {وَالصَّافَّاتِ} (¬13) ¬
{وَالْمَلَائِكَةِ} (¬1) و {فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا} (¬2). الأول في الصافات والثاني في النبأ (¬3) والثالث في العاديات. وليس في القرآن غيرها. (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (وفي الزاي) (¬4). (ش) وذكر ثلاثة مواضع وهي (¬5) {بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا} (¬6) و {فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا} (¬7) و {إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا} (¬8). الأول في النمل والثاني في الصافات والثالث في الزمر. وليس في القرآن غيرها. والله تعالى أعلم. اتفق الحافظ والإمام على إدغامها. (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (وأما الذال فأدغمها في السين في قوله: {فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ} (¬9) في موضعين) (¬10). (ش) يعني: في الكهف. (م) (وفي الصاد في قوله: {مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً} (¬11). (ش) يعني: في قل أوحي. ¬
اتفق الحافظ والإمام على الإِدغام في الثلاثة وليس في القرآن غيرها. (م) قال الحافظ: (وأما التاء فأدغمها في خمسة أحرف) (¬1). (ش) هذه الخمسة هي الأوائل من قولك (ذهب ضر تائب سجد شكراً). (م) قال: (في (¬2) الذال في قوله: {وَالْحَرْثِ ذَلِكَ}) (¬3). (ش) هو في آل عمران وليس في القرآن غيره. (م) قال: (وفي الثاء (¬4) في قوله: {حَيْثُ تُؤْمَرُونَ}) (¬5). (ش) هو في الحجر - و {الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ} (¬6) في النجم وليس في القرآن غيرهما. (م) قال: (وفي الشين) (¬7). (ش) اعلم أن التاء لقيت الثين في خمسة مواضع: منها {حَيْثُ شِئْتُمَا} (¬8) و {حَيْثُ شِئْتُمْ} (¬9) في البقرة والأعراف. ¬
والخامس: {ثَلَاثِ شُعَبٍ} (¬1) في المرسلات. (م) قال: (وفي السين) (¬2). (ش) اعلم أن الثاء لقيت السين في أربعة مواضع: منها في النمل {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ} (¬3) وفي الطلاق: {مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ} (¬4) وفي ن {الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ} (¬5) وفي المعارج {مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا} (¬6). (م) قاِل: وفي الضاد في قوله {حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ} (¬7). (ش) في الذاريات وليس في القرآن غيره. اتفق الحافظ والإمام على إدغام الثاء في جميع ما تقدم. والله جل وعلى أعلم. (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (وأما الراء فأدغمها في اللام) (¬8). (ش) اعلم أنه إنما يدغم الراء في اللام على تفصيل: وهو أنها إن تحرك ما قبلها فيدغمها في اللام سواء كانت هي متحركة بالفتح أو بالكسر أو بالضم، فاما إن سكن ما قبلها فلا يدغمها إلا أن تكون هي متحركة بالضم أو بالكسر خاصة. ¬
أما القسم الأول فجملته في القرآن سبعة وخمسون موضعاً - منها: {وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ} (¬1) في آل عمران و {وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ} (¬2) و {لِيَغْفِرَ لَهُمْ} (¬3) في موضعين من النساء و {يَغْفِرُ لِمَنْ} (¬4) في موضعين من المائدة و {سَيُغْفَرُ لَنَا} (¬5) في الأعراف و {أَطْهَرُ لَكُمْ} (¬6) في سورة هود - عليه السلام -: و {أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ} (¬7) في سورة يوسف - عليه السلام - و {الْكُفَّرُ لِمَنْ} (¬8) في الرعد و {لِيَغْفِرَ لَكُم} (¬9) و {سَخَّرَ لَكُم} (¬10) في أربعة مواضع من سورة ابراهيم - عليه السلام -: {وَسَخَّرَ لَكُم} (¬11) و {أَكْبَرُ لَوْ} (¬12) و {الْعُمُرِ لِكَيْ لَا} (¬13) في النحل و {تَفْجُرَ لَنَا} (¬14) في الِإسراء {سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ} (¬15) في كهيعص و {لِيَغْفِرَ لَنَا} (¬16) في طه و {الْعُمُرِ لِكَيْ} (¬17) و {سَخرَ لَكُم} (¬18) في الحج و {آخَرَ لَا بُرْهَانَ} (¬19) في ¬
المؤمنين و {أَنْ يَغْفِرَ لَنَا} (¬1) و {أَنْ يَغْفِرَ لِي} (¬2) في الشعراء و {يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ} (¬3) و {حُشِرَ لِسُلَيْمَانَ} (¬4) في النمل و {فَغَفَرَ لَهُ} (¬5) و {بَصَائِرَ لِلنَّاسِ} (¬6) و {يَقْدِرُ لَوْلَا} (¬7) و {آخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} (¬8) في القصص و {الْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ} (¬9) و {يَقْدِرُ لَهُ} (¬10) في العنكبوت و {يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ} (¬11) و {سَخَّرَ لَكُمْ} (¬12) في لقمان و {الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ} (¬13) في آلم السجدة و {أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ} (¬14) في الأحزاب و {وَيَقْدِرُ لَهُ} (¬15) في سبأ. و {مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا} (¬16) في فاطر و {غَفَرَ لِي} (¬17) في يس و {أَكْبَرُ لَوْ} (¬18) في الزمر: و {الْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا} (¬19) في فصلت ¬
و {سَخَّرَ لَنَا} (¬1) في الزخرف و {سَخَّرَ لَكُم} (¬2) في موضعين و {بَصَائِرُ لِلنَّاسِ} (¬3) في الجاثية و {فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ} (¬4) في القتال و {لِيَغْفِرَ لَكَ} (¬5) و {يَغْفِرُ لِمَن} (¬6) في الفتح و {الْمُصَوِّرُ لَهُ} (¬7) في الحشر و {أَكْبَرُ لَوْ} (¬8) في ن و {لَا يُؤَخَّرُ لَوْ} (¬9) و {لِيَغْفِرَ لَهُمْ} (¬10) في سورة نوح - عليه السلام - و {مَا سَقَرُ (27) لَا تُبْقِي} (¬11) و {وَلَا تَذَرُ (28) لَوَّاحَةٌ} (¬12) و {لِلْبَشَرِ (29) عَلَيْهَا} (¬13) في المدثر. وأما القسم الثاني فجملته في القرآن ثمانية وعشرون موضعاً منها في البقرة {الْأَنْهَارُ لَهُ} (¬14) و {الْمَصِيرُ لا} (¬15) في آل عمران: {الْغُرُورِ (185) لَتُبْلَوُنَّ} (¬16) {النَّهَارِ لَآيَاتٍ} (¬17) وفي سورة يونس - عليه السلام - {بِالْخَيْرِ ¬
لَقُضِيَ} (¬1) وفي سورة هود - عليه السلام -: {فَفِي النَّارِ لَهُمُ} (¬2) وفي الرعد: {بِالنَّهَارِ (10) لَهُ} (¬3) وفي سورة إبراهيم - عليه السلام - (النَارُ لِيُجُزَى} (¬4) وفي النحل: {الْأَنْهَارُ لَهُمْ} (¬5) وفي الإسراء: {فِي الْبَحُرِ لِتَبْتَغُواْ} (¬6) وفىِ طه {النَّهَارِ لَعَلَّكَ} (¬7) وفي النور: {وَالْأَبْصَارُ (37) لِيَجْزِيَهُمُ} (¬8) وفي القصص: {مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ} (¬9) وفي الزمر: {مَنْ فِي النَّارِ (19) لَكِنِ} (¬10) وفي غافر: {الْغَفَّارِ (42) لَا جَرَمَ} (¬11) و {فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ} (¬12) و {الْبَصِيرُ (56) لَخَلْقُ} (¬13) في فصلت: {النَّارِ لَهُمْ} (¬14) و {بِالذِّكْرِ لَمَّا} (¬15) وفي الشورى: {الْبَصِيرُ (11) لَهُ} (¬16) وفي الحجرات: {مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ} (¬17) وفي الممتحنة: {إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ} (¬18) وفي الإنسان: ¬
{مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ} (¬1) وفي المطففين: {الْفُجَّارَ لَفِي} (¬2) و {الْأَبْرَارَ لَفِي} {الْأَبْرَارَ لَفِي} (¬3) وفي القدر: {الْقَدْرِ لَيْلَةُ} (¬4) و {الْفَجْرِ لَمْ يَكُنِ} (¬5) وفي العاديات: {الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} (¬6). اتفق الحافظ والإمام على إدغام الراء في كل ما تقدم. (م) وقول: (والإمالة باقية مع الإِدغام) (¬7). (ش) يريد إمالة الألف والفتحة قبل الراء المخفوضة مع إدغامها في اللام كما تمال مع الإِظهار. (م) وقوله: (لكونه عارضاً) (¬8). (ش) يريد لكون الإِدغام عارضاً، وتمام هذا التعليل هو أن العارض في هذا الباب لا يعتد به فكأن الكسرة باقية في الراء وهي سبب الإمالة للألف والفتحة التي قبل الراء كما يأتي في بابه بحول الله - عَزَّ وَجَلَّ -، ولم أرَ للإِمام في هذا شيئاً. واعلم أن هذا التعليل إنما يحتاج إليه إذا حقق الإِدغام، فأما إن قرئ بالروم فلا يكون الإِدغام صحيحاً ولا تكون (¬9) الكسرة زائدة بل ¬
يضعف الصوت بها ولا يذهب رأساً. واعلم أن ما ذكر هنا من بقاء الإمالة حال الإِدغام لا يختص بهذا الفصل بل يطرد أيضاً في إدغام الراء في مثلها إذا كانت الأولى مكسورة وقبلها ألف نحو {وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ رَبَّنَا} (¬1) و {قِنَا عَذَابَ النَّارِ رَبَّنَا} (¬2) وكذلك السين على رواية الإمالة في قوله تعالى: {لِلنَّاسِ سَوَاءً} (¬3) والله تعالى مجده أعلم. (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (وأما اللام فأدغمها في الراء) (¬4). (ش) اعلم أنه يدغم اللام في الراء على تفصيل أيضاً، وبيانه أنه إما أن يتحرك ما قبلها أو يسكن، فإن تحرك ما قبلها أدغمها كيفما كانت حركتها وإن سكن ما قبلها نُظر إلى حركتها، فإن كانت ضمة أو كسرة أدغمها وإن كانت فتحة لم يدغمها إلا في أصل واحد، وهو أن يكون اللام من (قال) والراء من (رب) مضافاً كان أو غير مضاف، فحصل من هذا أن اللام المدغمة في الراء ثلاثة أقسام: القسم (¬5) الأول: اللام المتحرك ما قبلها وجملته في القرآن ستة عشر موضعاً منها في آل عمران: {كَمَثَلِ رِيحٍ} (¬6) وفي الأنعام: {يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} (¬7) وفي الأعراف: {رُسُلُ رَبِّنَا} (¬8) وفي التوبة: {أَرْسَلَ ¬
رَسُولَهُ} (¬1) رفي سورة هود - عليه السلام -: {رُسُلُ رَبِّكَ} (¬2) وفي النحل: {أَنْزَلَ رَبُّكُمْ} (¬3) في موضعين و {سُبُلَ رَبِّكِ} (¬4) وفي كهيعص: {جَعَلَ رَبُّكِ} (¬5) وفي العنكبوت: {لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا} (¬6) وفي الشورى: {أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا} (¬7) وفي الفتح والصف: {أَرْسَلَ رَسُولَهُ} (¬8) وفي الفجر والفيل: {فَعَلَ رَبُّكَ} (¬9). القسم الثاني: اللام المتحركة بالضم أو الكسر بعد الساكن. وجملته في القرآن عشرون موضعاً: منها في البقرة: {إِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا} (¬10) و {مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا} (¬11) في موضعين، وفي النساء: {إِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ} (¬12) وفي الأنعام: {اللَّيْلُ رَأَى} (¬13) وفي سوزة يوسف - عليه السلام -: {تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ} (¬14) وفي النحل: {إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ} (¬15) ¬
وفي كهيعص: {رَسُولُ رَبِّكِ} (¬1) وفي النور: {وَالْآصَالِ رِجَالٌ} (¬2). وفي الشعراء: {رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (¬3) و {لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (¬4) وفي النمل: {مِنْ فَضْلِ رَبِّي} (¬5) وفي القصص: {الْقَوْلُ رَبَّنَا} (¬6) وفي الصافات: {قَوْلُ رَبِّنَا} (¬7) وفي الزخرف: {رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (¬8) وفي القتال: {الْقِتَالُ رَأَيْتَ} (¬9) وفي الحاقة والتكوير: {لَقَوْلُ رَسُولٍ} (¬10) وفي الفجر: {فَيَقُولُ رَبِّي} (¬11) في موضعين. القسم الثالث: لام قال وجملته ثمانية وأربعون موضعاً. منها: {قَالَ رَبُّكَ} (¬12) في البقرة والحجر وص والذاريات، وفي موضعين في كهيعص و {قَالَ رَبُّكُمْ} (¬13) في الشعراء وسبأ وغافر و {قَالَ رَبُّنَا} (¬14) في طه و {قَالَ رَبِّ} (¬15) في المائدة وسورة يوسف - عليه السلام - / والنمل ¬
والعنكبوت والأحقاف وسورة نوح - عليه السلام -. ومنها موضعان موضعان في سورة هود - عليه السلام - (¬1) والحجر وطه وص وثلاثة ثلاثة في آل عمران (¬2) والأعراف وكهيعص والمؤمنين وخمسة خمسة في الشعراء (¬3) والقصص. ومنها: {قَالَ رَجُلَانِ} (¬4) في المائدة و {قَالَ رَجُلٌ} (¬5) في غافر، إلا أن كلام الحافظ في التفصيل يقتضي أن النص إنما جاء عن اليزيذي في إدغام {قَالَ رَبِّ} مضافاً وغير مضاف. قال: وقياس ذلك {قَالَ رَجُلَانِ} و {قَالَ رَجُلٌ} لا فرق، قال: وبالإدغام قرأته طرداً للقياس وهذا حاصل قوله أيضاً في التيسير. وذكر الإِمام جميع ذلك في الإِدغام ولم يتعرض لنص ولا قياس (¬6) والله تبارك اسمه أعلم. (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (وأما النون فأدغمها إذا تحرك ما قبلها ¬
في اللام والراء) (¬1). (ش) اعلم أن جملة المواضع التي أدغم فيها النون في الراء خمسة: منها: {تَأَذَّنَ رَبُّكَ} (¬2) في الأعراف: و {تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ} (¬3) في سورة إبراهيم - عليه السلام -. و {خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي} (¬4) في الإسراء وص و {خَزَائِنُ رَبِّكَ} (¬5) في الطور. وأما اللام فلا يخلو أن يسكن ما قبل النون أو يتحرك: فإن سكن ما قبلها لم يدغم منها إلا ما كان من لفظ (نحن) خاصة. وجملته في القرآن عشرة مواضع: منها {نَحْنُ لَهُ} (¬6) في أربعة مواضع من البقرة وموضع موضع في آل عمران (¬7) والمؤمنين والعنكبوت. و {نَحْنُ لَكَ} (¬8) في الأعراف وسورة هود - عليه السلام -. و {نَحْنُ لَكُمَا} (¬9) في سورة يونس - عليه السلام -. فاما إذا تحرك ما قبلها فإنه يدغمها. وجملته في القرآن إحدى وستون موضعاً: منها في البقرة: {لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ} (¬10) {تَبَيَّنَ لَهُمُ} (¬11) {يُبَيِّنْ ¬
لَكُمْ} (¬1) {زُيِّنَ لِلَّذِينَ} (¬2) {فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ} (¬3) وفي آل عمران {زُيِّنَ لِلنَّاسِ} (¬4) {نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ} (¬5) وفي النساء: {لِيُبَيِّنَ لَكُمْ} (¬6) و {تَبَيَّنَ لَهُ} (¬7) وفي المائدة: {يُبَيِّنُ لَكُمْ} (¬8) في موضعين، {نُبَيِّنُ لَهُمُ} (¬9) وفي الأنعام: {وَزَيَّنَ لَهُمُ} (¬10)، و {زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ} (¬11) و {زَيَّنَ لِكَثِيرٍ} (¬12) وفي الأعراف: {آذَنَ لَكُمْ} (¬13) وفي الأنفال: {زَيَّنَ لَهُمُ} (¬14) وفي التوبة: {زُيِّنَ لَهُمْ} (¬15) , و {يَتَبَيَّنَ لَكَ} (¬16) و {وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ} (¬17) و {لِيُؤْذَنَ لَهُمْ} (¬18) و {لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ} (¬19) و {تَبَيَّنَ ¬
لَهُمْ} (¬1) و {تَبَيَّنَ لَهُ} (¬2) و {يُبَيِّنَ لَهُمْ} (¬3). وفي سورة يونس - عليه السلام -: {زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ} (¬4) و {أَذِنَ لَكُمْ} (¬5) و {آمَنَ لِمُوسَى} (¬6)، وفي سورة يوسف - عليه السلام -: {يَأْذَنَ لِي} (¬7) وفي الرعد: {زُيِّنَ لِلَّذِينَ} (¬8) وفي سورة إبراهيم - عليه السلام - {لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} (¬9) و {وَتَبَيَّنَ لَكُمْ} (¬10) وفي النحل: {لِيُبَيِّنَ لَهُمُ} (¬11) {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ} (¬12) و {فَزَيَّنَ لَهُمُ} (¬13) و {لِتُبَيِّنَ لَهُمُ} (¬14) و {لَا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ} (¬15) وفي الإسراء: {لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ} (¬16) و {لَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ} (¬17) وفي طه: {آذَنَ لَكُمْ} (¬18) و {أَذِنَ لَهُ} (¬19) وفي الحج: {لِنُبَيِّنَ لَكُمْ} (¬20) و {أُذِنَ ¬
لِلَّذِينَ} (¬1) وفي المؤمنين: {أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ} (¬2) وفي النور: {يُؤْذَنَ لَكُمْ} (¬3) وفي الشعراء: {آذَنَ لَكُمْ} (¬4) و {أَنُؤْمِنُ لَكَ} (¬5) وفي النمل: {وَزَيَّنَ لَهُمُ} (¬6) وفي القصص: {وَنُمَكِّنَ لَهُمْ} (¬7) وفي العنكبوت: {فَآمَنَ لَهُ} (¬8) و {نُبَيِّنَ لَكُمْ} (¬9) و {وَزَيَّنَ لَهُمُ} (¬10) وفي الأحزاب: {يُؤْذَنَ لَكُمْ} (¬11) وفي سبأ: {أَذِنَ لَهُ} (¬12) وفي فاطر: {زُيِّنَ} (¬13) وفي غافر: {زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ} (¬14) وفي فصلت: {يَتَبَيَّنَ لَهُمْ} (¬15) وفي الزخرف: {وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ} (¬16) وفي القتال: {زَيَّنَ لَهُم} (¬17) و {تَبَيَّنَ لَهُمْ} (¬18) و {تَبَيَّنَ لَهُمْ} (¬19) وفي المرسلات: {يُؤْذَنُ لَهُمْ} (¬20) ¬
وفي النبإ: {أَذِنَ لَهُ} (¬1). اتفق الحافظ والإمام على الإِدغام في جميع ما تقدم. (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (وأما الميم فأخفاها عند الباء إذا تحرك ما قبلها)}) (¬2). (ش) اعلم أن جملة هذا النوع في القرآن تسعة وسبعون موضعاً منها في البقرة: {فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ} (¬3) و {لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ} (¬4) وفي آل عمران: {لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ} (¬5) و {أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ} (¬6) و {فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ} (¬7) و {أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ} (¬8). وفي النساء: {أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ} (¬9) {أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ} (¬10) و {لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ} (¬11) و {وَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ} (¬12) و {عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا} (¬13). ¬
وفي المائدة: {آدَمَ بِالْحَقِّ} (¬1) و {يَحْكُمُ بِهَا} (¬2) و {أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا يَكْتُمُونَ} (¬3) و {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ} (¬4). وفي الأنعام: {أَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ} (¬5) و {أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ} (¬6) و {أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} (¬7) و {أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ} (¬8) وفي سورة يونس - عليه السلام -: {أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ} (¬9) وفي سورة هود - عليه السلام -: {أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ} (¬10). وفي سورة يوسف - عليه السلام -: {أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ} (¬11) وفي الرعد: {أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى} (¬12) وفي النحل: {أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ} (¬13) و {إِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ} (¬14) و {أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ} (¬15) و {أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} (¬16) وفي ¬
الإِسراء: {رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ} (¬1) و {نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ} (¬2) و {رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ} (¬3) و {وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّمَاوَاتِ} (¬4) و {أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى} (¬5). وفي الكهف: {أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ} (¬6) و {رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ} (¬7) و {رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ} (¬8) و {أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا} (¬9) و {جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا} (¬10) وفي كهيعص: {أَعْلَمُ/ بِالَّذِينَ} (¬11) وفي طه: {نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ} (¬12) وفي الحج: {الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ} (¬13) و {فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ} (¬14) و {اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ} (¬15). وفي المؤمنين: {نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ} (¬16) وفي النور: {أَنْ ¬
نَتَكَلَّمَ بِهَذَا} (¬1) و {لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ} (¬2) و {لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا} (¬3). وفي الشعراء: {قَالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ} (¬4) وفي القصص: {رَبِّي أَعْلَمُ بِمَنْ جَاءَ بِالْهُدَى} (¬5) و {أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} (¬6). وفي العنكبوت: {بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ} (¬7) و {نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا} (¬8). وفي الروم: {فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا} (¬9) وفي الزمر: {يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ} (¬10) {أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ} (¬11) و {وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ} (¬12) وفي غافر: {قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ} (¬13) وفي الأحقاف: {هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ} (¬14). وفي ق: {نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ} (¬15) في النجم: {أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ} (¬16) و {أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى} (¬17) و {أَعْلَمُ بِكُمْ} (¬18) و {أَعْلَمُ بِمَنِ} ¬
اتَّقَى} (¬1) وفي الواقعة: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} (¬2). وفي الممتحنة: {وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ} (¬3) و {أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ} (¬4) و {يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ} (¬5) وفي ن: {أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ} (¬6) و {أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} (¬7) وفي الحاقة: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ} (¬8) وفي المعارج: {فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ} (¬9) وفي القيامة: {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} (¬10) و {وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ} (¬11) وفي التكوير: {فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ} (¬12)، وفي الإنشقاق: {فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ} (¬13) و {أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ} (¬14) وفي البلد: {لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ} (¬15) وفي العلق: {عَلَّمَ بِالْقَلَمِ} (¬16). اتفق الحافظ والإمام على إخفاء الميم في جميع ذلك، وعلى أن ¬
تسميته إدغاماً تجوز له من القراء. (م) وقوله: الامتناع القلب فيه) (¬1). (ش) يريد أن تقلب الميم في هذه المواضع باء: لما في ذلك من الثقل ولما كان يلزم من إذهاب الغنة، فعبر عن هذا بالإمتناع، فيريد أنهم امتنعوا منه لثقله. والله جل وعلا أعلم. (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (وأما الباء فادغمها في الميم في قوله: {يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ} (¬2) - حيث وقع لا غير (¬3). (ش) اعلم أن جملته في القرآن خمسة مواضع وذلك في آل عمران موضع (و) (¬4) في المائدة موضعان (و) (¬5) في العنكبوت موضع وفي الفتح موضع. فاما الحرف الذي في آخر البقرة فليس من هذا الباب، ولكنه من الإِدغام الصغير: لأن الباء فيه ساكنة. وعلل الحافظ إدغام المواضع الخمسة بالحمل على حرف البقرة: لأنه من لفظه، وهو مجمع عليه عند أكثر القرآن (و) (¬6) لم يظهره إلا ورش وفيه خلاف عن ابن كثير فأجرى أبو عمرو الكل على طريقة واحدة، ولأنه لما ولى هذه الكلمة واتصل بها ما هو مدغم عن أبي عمرو باتفاق وهو قوله ¬
تعالى: {يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ} (¬1) و {يَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ} (¬2) أتبع {يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ} (¬3) كما فعل في الأنعام حيث ثقل قوله تعالى: {عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً} (¬4) إتْباعاً لما تقدم من قوله تعالى: {لَوْلَا نُزِّلَ} (¬5) ليأتي ذلك على لفظ واحد وطريقة واحدة. قال الحافظ (¬6) - رَحِمَهُ اللهُ -: (فأما قول اليزيدي - إنما أدغم من أجل كسرة الذال (¬7) فلا يصح: إذ كان قد أظهر {ضُرِبَ مَثَلٌ} (¬8) و {كُذِّبَ مُوسَى} (¬9) و {إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ} (¬10) و {مَنْ شَرِبَ مِنْهُ} (¬11) وافق الإِمام الحافظ على الإِدغام فيما ذكر وزاد إدغام الباء في الفاء ¬
وذلك فيما جاب من لفظ {لَا رَيْبَ فِيهِ} و {لَا رَيْبَ فِيهَا} خاصة وذكر فيه الإِدغام بخلاف، وأن الإِظهار أكثر وأحسن والإِدغام رواية عباس بن الفضل وعبد الوارث (¬1) وجملته في القرآن أربعة عشر موضعاً. منها {لَا رَيْبَ فِيهَا} (¬2) أربعة مواضع: وهي في الكهف والحج وغافر والجاثية. وباقيها {لَا رَيْبَ فِيهِ} (¬3)، وذلك موضعان في آل عمران وموضع موضع في البقرة والنساء، والأنعام وسورة يونس - عليه السلام - والإسراء، وآلم السجدة والشورى والجاثية. ومذهب الحافظ الإِظهار في جميعها (¬4). وقول الحافظ "لا غير" ظاهره حصر المثال وهو {يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ} ويمكن أن يصرف إلى حصر الحرف المدغم فيه وهو الميم - والأول أظهر. والله جل وعلا أعلم. (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (فهذه أصول الإِدغام ملخصة يقاس عليها ما يرد من أمثالها وأشكالها (¬5). ¬
(ش) وقد ذكرت في كل حرف جميع ما ورد منه حتى لم يشذ منها شيء فيما أرى. بحول الله تعالى وهو أعلم. (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (وقد حصلنا جميع (¬1) ما أدغمه أبو عمرو من الحروف المتحركة فوجدناه (¬2) كذا) (¬3). (ش) وإنما قيد بالمتحركة ليخص الحصر بهذا الباب دونما أدغم من الحروف السواكن وهو باب الإِدغام الصغير، وما ذكر من العدد يحققه الاستقراء مما ذكرته في كل حرف منها، وتزيد رواية الإِمام على رواية الحافظ على ما مر من الإتفاق والإختلاف بسبعة وثمانين حرفاً، فجملة الحروف على ما ذكر الإِمام ألف وثلاثمائة وإثنان وتسعون حرفاً. والله عز وعلا أعلم. (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (اعلم أن اليزيدي روى عن أبي عمرو أنه كان إذا أدغم الحرف الأول من الحرفين في مثله أو مقاربة وسواء سكن ما قبله أو تحرك إلى آخر كلامه (¬4). (ش) اعلم أنك إذا أدغمت الحرف في مثله فإن كان مرفوعاً أشير إلى حركته بالروم أو بالإشمام، وإن كان مخفوضاً أشير إلى حركته بالروم، ويمتنع الإشمام في المخفوض كما يمتنع عند القراء الروم في المنصوب ¬
وسواء في ذلك أن يكون قبل الحرف المدغم متحرك أو ساكن. والروم (¬1) عبارة عن النطق ببعض الحركة، والإشمام (¬2) عبارة عن الإشارة بالشفتين إلى الحركة من غير أن يكون في النطق شيء من أثرها، فلما كانت الضمة من الشفتين أمكن في المرفوع الإشارة بالحركة إلى الروم (¬3) وهو مسموع وبالإشمام وهو مبصر. ولما كانت الكسرة من وسط اللسان أمكن (¬4) في المجرور الإشارة بالروم لأنه مسموع ولم تمكن الإشارة بالإشمام لأن العضو الذي منه الحركة غائب في داخل الفم: لأنه وسط اللسان كما تقدم. ولما كانت الفتحة خفيفة امتنع فيها الروم عند القراء (¬5) لأنك لو رمت النطق ببعضها لحصل النطق بجميعها لخفتها وامتنع الإشمام، لأن الفتحة من مخرج الألف ومنتهاه (أسفل الحلق) فلا أثر له في البصر (¬6) كما لا أثر له في السمع. واعلم أنك إذا أشرت بالإشمام كان الإِدغام صحيحاً: لأنك تنطق إذ ¬
ذاك بالحرف مشدداً أو تشير بالشفتين حال التشديد من غير أن تُبقى في ذات الحرف شيئاً من لفظ الحركة، فيكون الحرف الأول إذ ذاك مدفوناً في الثاني وهو الإِدغام الصحيح. فأما إذا أشرت بالروم فلا يكون الإِدغام صحيحاً: لأنك تبقي من لفظ الحركة بقية ولا تكون الحركة إلا في ذات الحرف الأول فبقدر (¬1) ما فيه من الحركة تبرز في اللفظ، وإذا كان كذلك لم يحصل حقيقة الإِدغام ولكنه يكون إخفاء. قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: لأن الحرف إذا أشير لحركته لم تذهب حركته رأساً بل يضعف الصوت بها تضعيفاً وهي مع ذلك في زنة المتحرك التام الصوت الممطط اللفظ. قال: وإلى هذا ذهب أهل (¬2) الأداء: ابن مجاهد وسائر أصحابه وأبو الطاهر بن أبي هاشم (¬3) وأبو بكر الشذائي (¬4). وأبو القاسم بن أبي بلال (¬5) وأبو الفرج الشنبوذي (¬6) وغيرهم - وهو اختيار ¬
شيخنا أبي الفتح وأبي الحسن. قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: ولقد كنت في حين قراءتي (بالإِدغام) (¬1) على شيخنا أبي الفتح نضر الله وجهه: أشير بالعضو إلى حركة الحرف المدغم فلا يقرع سمعه وكان ضريراً فيرده على حتى أسمعه صوت الحركة فيستحسن ذلك ويرضاه وكان ربما لفظ بذلك ووقفني عليه. واعلم أن ما ذكرته من الروم والإشمام جاز في جملة الحرف إلا الباء والميم إذا وقع بعد كل واحد فنهما باء أو ميم نحو: {آدَمُ مِنْ رَبِّهِ} (¬2). و {مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ} (¬3) و {أَعْلَمُ بِمَا} (¬4) و {يُكَذِّبُ بِالدِّينِ} (¬5) و {الصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ} (¬6) و {وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ} (¬7) وليس في القرآن ميم مخفوضة قبل الباء ولا باء مخفوضة قبل الميم: أعني مما يقع في الإِدغام. وإنما امتنع الروم والإشمام فيما ذكر لإنطباق الشفتين. نص الحافظ على جميع ذلك وكذلك قال الإِمام. وقال: إن ترك الروم والإشمام في الميم والباء رواية شجاع وعبد الوارث واليزيدي عنه قال: وروى عباس عنه ¬
أنه كان يشم الباء عند الباء والميم عند الميم كسائر الحروف. قال: والإشمام هنا إشارة إلى حركة الحرف المرفوع والمخفوض، وذلك يتعذر في الباء عند الميم والباء عند الباء لإنطباق الشفتين معهما. قال: وأما الميم عند الباء فإنها تسكن عندها ولا تدغم، وإن كان بعض القراء يسمونه إدغاماً وهو خطأ. والشفتان تنطبقان معهما أيضاً. وقول الإِمام: (والإشمام هنا إشارة إلى حركة الحرف المرفوع والمخفوض) أراد بالإشمام الروم. والله تعالى أعلم. وَلذلك جعله في المخفوض والمرفوع ولو أراد مجرد الإشارة بالشفتين دون حقيقة الروم لم يذكر المخفوض على ما تقدم. قال الإِمام: واختار قوم لأبي عمرو في هذه الرواية ألا يشم المرفوع إذا كان قبله واو أو ضمة. نحو {يَقُولُ لَهُ} (¬1) ولا يرام المدغم المكسور إذا كان قبله ياء أو كسرة نحو {الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ} (¬2) وذلك أنه إنما أدغم ليخف فلو أشم هذين الجنسين لكان قد جمع بين ضمتين و (واو)، وبين كسرتين وياء وذلك ثقيل. قال الإِمام: ونعم الإختيار هذا (¬3). (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ - (والروم آكد لما فيه فيه من البيان) (¬4). (ش) يريد أنه آكد من الإشمام - قال: (غير أن الإِدغام الصحيح ¬
يمتنع معه) (¬1) وقد تقدم هذا (¬2) ويلزم على الأخذ بالروم ألا يبقى إدغام (¬3) إلا في المنصوب خاصة وما (¬4) عداه فإنما يكون إخفاء لا غير. قال: (ويصح مع الإشمام) (¬5) يريد لأن الإشمام لا يكون فيه شيء من صوت الحركة فيصح الإِدغام لعدم الفاصل بين الحرفين، وباقي كلامه بين، وقد أتيت على جميع ما ظهر لي في الباب والحمد لله الذي وحده أحاط بكل شيء علماً ولا نعلم إلا ما علمنا وكان فضل الله علينا عظيماً. * * * ¬
باب (ذكر) هاء الكتابية
* باب (ذكر) (¬1) هاء الكتابية* (¬2) (ش) يريد الهاء التي هي علامة إضمار الواحد المذكر نحو "رأته" و"منه" و"له" وما أشبه ذلك. واعلم أن هذه الهاء إن وقف عليها فلها مثل ما لسائر الحروف من الإسكان والروم والإشمام كما يأتي في بابه بحول الله - عَزَّ وَجَلَّ -. فإن وصلت هذه الهاء فهي ثلاثة أقسام: قسم اتفق القراء على صلة حركته. وقسم اتفقوا على ترك صلة حركته. وقسم اختلفوا فيه. وضابط (¬3) ذلك أن ينظر إلى الحرف الواقع بعدها: فإن كان ساكناً فهي من المتفق على ترك صلته صواء تحرك ما قبلها أو سكن وإن كان الحرف الواقع بعدها متحركاً فهناك يعتبر ما قبلها فإن كان متحركاً فهي من ¬
المتفق على صلته وإن كان ساكناً فهي من المختلف فيه، يصلها ابن كثير ويختلس (¬1) حركتها الباقون وبهذا القسم بدأ الحافظ فقال: (م) (كان ابن كثير يصل هاء الكتابة عن الواحد المذكر إلى آخر كلامه) (¬2). (ش) قوله: (عن الواحد) متعلق بالكناية وقوله (بواو) متعلق (بيصل) وقول: (فإذا وقف حذف تلك الصلة) يريد والحركة التي في الهاء وكذلك يفعل غيره: أعني يحذفون الحركة في الوقف إلا من يروم فلابد أن يبقي بعض الحركة في الوقف وقوله: (لأنها زيادة) تعليل للحذف ويدل على أنها زيادة: اتصال الضمير إذ كل ضمير متصل فهو حرف واحد، فإن كان كناية عن مفرد بقي (¬3) على حالهْ، وإن كني به عن مثنى أو مجموع لحقته علامات تدل على أن المكنى عنه مثنى أو مجموع نحو: إنهما وإنهم وإنهن: الميم والألف والنون زوائد على الهاء كما أنها (¬4) زوائد على التاء في فعلتما وفعلتم وفعلتن، وأصل علامة الِإضمار التاء والهاء، ولكون هذه الصلة زائدة على الضمير جاز حذفها في الإِدغام الكبير إذا لقيت مثلها على ما تقدم ولوكانت من نفس الضمير لكان حذفها نقصاً من الكلمة ولكان ذلك يلحقها بباب المعتل المختلف في إدغامه ولا خلاف في إدغام الهاء ¬
في مثلها كما تقدم وإنما زيدت هذه الصلة لبيان الحركة، واحتيج لذلك لَمَّا كانت الهاء حرفاً ضعيفاً مهموساً مهتوتاً حتى صار عند بعض العرب لا يعتد به فاصلاً كما نبين بعد بحول الله تعالى. واعلم أن هذه الصلة إنما تكون من جنس حركة الهاء، والأصل أن تحرك بالضم بدليل أنك لا تكسرها إلا لسبب، وهو أن تقع بعد كسرة، أو ياء ساكنة كما في قوله تعالى: {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ} (¬1) وعليه - وإليه ولديه - وإنما كسرت مع الكسرة والياء ولم تضم على الأصل لئلا يخرج من الكسرة إلى الضمة، والياءُ الساكنة بمنزلة الكسرة. إذ الهاء لضعفها كأنها غير موجودة فكأنك لم تفصل بين الضمة والكسرة (¬2) ويدل أيضاً علي، أن الأصل في تحريكها الضم قراءة حمزة {لِأَهْلِهِ امْكُثُوا} (¬3) يضم الهاء في طه، والقصص، وقراءة حفص {وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ} (¬4) في الكهف و {مَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ} (¬5) في الفتح بضم الهاء فيهما حيث لم يبالِ بثقل الضمة (بعد) (¬6) الكسر (¬7) والياء وأبقى الهاء على أصلها من التحريك بالضم فلولا أن الضم هو الأصل فيها عند العرب لم يكن لهذه القراءات وجه والله أعلم. ¬
وإنما اختاروا أن يكون الأصل في تحريك هذه الهاء الضم تنويهاً لضمير المذكر إذ (¬1) الضم في الإعراب علامة إعراب العمد فله مزية على غيره فجعل الضمير المذكر الذي له مزية على ضمير المؤنث، وجعلت الفتحة للمؤنث طلباً للتخفيف. والله تعالى أعلم. (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (وهذا إذا لم تلق الهاء ساكناً) (¬2). (ش) قد تقدم أن الهاء إذا سكن ما بعدها فإن ابن كثير يوافق الجماعة على ترك الصلة إلا في قوله تعالى: {عَنْهُ تَلَهَّى} (¬3) في قراءة البزي حيث شدد التاء (¬4) وأبقى الهاء وقد تقدم في صدر باب الإِدغام أن الحرف المشدد من حرفين أولهما ساكن لكن لما كان هذا التشديد عارضاً - كما قال الحافظ - لم يعتد به فلم تحذف الصلة لذلك بل يجب أن يزاد في مدها على ما يأتي بحول الله - عَزَّ وَجَلَّ -. فإن قيل وكيف يكون التشديد عارضاً والأصل تتلهى (¬5) بتاءين، بل التخفيف هو العارض لما فيه من حذف إحدى التاءين هرباً من توالي المثلين. فأما التشديد ففيه إثبات التاءين وهو الأصل غير أنه لما استثقل ذلك أسكنت الأولى وأدغمت في الثانية طلباً للتخفيف فكيف يكون التشديد ¬
عارضاً وفيه إبقاء الأصل؟ فالجواب: أن الأصل كما قلت، أن يكون بتائين ثم إن العرب منهم من يتكلم بالأصل ولا يبالي بالثقل ومنهم من يستثقل فيخفف بالحذف (¬1) ويطرد ذلك في الوصل والإبتداء ويلتزم هذا حتى يصير كأنه الأصل ولا يعرج على ما كان قبل ذلك. وهذا المعنى ملحوظ عندهم وإليه إشارة قائلهم: إذا انصرفت نفسي عن الأمر لم تكد ... إليه بوجه آخر الدهر ترجع (¬2) فلما صار هذا الحذف كأنه أصل في الكلام حكم للتشديد المنبه على الأصل بحكم العارض كما قالوا: (اجتمعت أهل اليمامة) بإثبات التاء في الفعل لما كان الذي كثر في كلامهم واشتهر أن يقولوا: (اجتمعت اليمامة) ويحذفون (الأهل) حتى صار كالمتروك في الأصل وإن كان إثباته هو الأصل، فإن لفظ به يوماً ما فقيل (اجتمت أهل اليمامة) أبقوا التاء وحكموا لأهل بحكم المفخم الزائد حتى صار (اجتمع أهل اليمامة) بحذف التاء قليلاً في كلامهم، ويقوى كون هذا التشديد في حكم العارض اختصاصه بالوصل دون الإبتداء إذ لا يجوز الإبتداء بهذه التاء في هذه ألكلمة وسائر أخواتها إلا بالتخفيف كما هو مذكور في موضعه من فرش الحروف، ولا يجوز إدخال همزة الوصل ولا النطق بتاءين مفككتين، وإن شئت قلت: إن الذي ذهب من العرب إلى التشديد لم ترتكبه بعد استقرار ¬
الحذف لينبه (¬1) عن الأصل ولكنه لما (¬2) استثقل اجتماع مثلين (¬3) متحركين سكن الأول وأدغمه في الثاني واكتفى بهذا القدر من التخفيف، وعلى هذا أيضاً لا يخرج التشديد عن كونه عارضاً: إذ الأصل التفكيك والتحريك. واعلم أن السؤال وارد على كل واحد من المذهبين: أما هذا المذهب الثاني فيرد عليه عدم الاطراد لأنه: يسكن ويدغم في الوصل ويحذف الحرف بحركته في الإبتداء. وأما المذهب الأول فيرد عليه أنه: لما شدد لينبه على الأصل عرض فيه الرجوع إلى ما قد كان رفض. فإن قيل: لا ينكر الرجوع إلى الأصل في كلام العرب كما قال الشاعر: * فإنه أهل لأن يؤكر ما * (¬4) فأثبت الهمزة (و) (¬5) قبل الآخر: أني أجود لأقوام وإن ضنن * (¬6) ¬
بتفكيك النونين ومنه صرف لما لا ينصرف. قيل هذا كله صحيح ولكن بابه الشعر ويقل وجوده في الكلام. والله لا إله غيره أعلم. ومراد الحافظ بقوله: (وهذا إذا لم تلقَ الهاء ساكناً نحو كذا) (¬1) يريد أن ابن كثير يترك الصلة إذا لقيت الساكن ولم يحتج إلى التنصيص على هذا لأنه مفهوم من قوة كلامه. (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (والباقون يختلسون الضمة والكسرة في حال الوصل فيما (¬2) تقدم) (¬3). (ش) يريد بالإختلاص النطق بالحركة مجردة من الصلة، والاختلاس سرعة الحركة وبهذا المعنى يستعمله القراء. والله تعالى أعلم. ويريد بما تقدم حيث يثبت ابن كثير الصلة إلا أن حفصاً (¬4) وافق ابن كثير على إثبات الصلة للهاء في قوله تعالى: {وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا} (¬5) كما نص عليه الحافظ في سورة الفرقان ولو ذكره هنا لكان حسناً كما ذكره (عَنْهُ تَلَهَّى) في قراءة البزي. وجه قراءة الجماعة بترك الصلة إذا سكن ما قبل الهاء: أن الهاء ¬
عندهم لضعفها ووهنها في حكم العدم فلو وصلوها لكانوا كانهم قد جمعوا بين ساكنين فتركوا الصلة لذلك. ولا ينكر كون الحرف الضعيف قد يحكم له بحكم المعدوم: ألا ترى أن سيبويه قال في (اسطاع) إنما هي أطاع، زادوا السين عوضاً من ذهاب حركة العين يريد من أجل ذهاب حركة العين من العين إذ الحركة لم تذهب من الكلمة رأساً وإنما هي في الطاء، فإن أصل الكلمة "أطوع" مثل "أكرم" فلما نفلت الحركة وقلبت الواو ألفاً صارت الألف عرضة للحذف عند سكون ما بعدها نحو أطعت، فلما توهنت الواو بالإسكان والقلب عوض منها السين وإن كانت الألف تحرز (¬1) مكانها ولم يكن ذلك من الجمع بين العوض والمعوض منه لكون الألف في حكم المعدوم لضعفها وتعرضها للحذف كما تقدم. ووجه قراءة ابن كثير اعتبار الأصل: إذ الهاء حرف متحرك فقد فصل بحركته بين الساكنين (¬2) مع أن الهاء وإن كانت ضعيفة فإنها تحرز في حكم اللفظ ما يحرزه (¬3) الضاد باستطالته والشين لتفشيه والقاف لقلقلته. وتصحيح ذلك يظهر في أوزان الشعر: إذ هو معيار لتحقيق ذلك، ولا فرق بين الهاء وغيرها من الحروف في حكم الوزن. والله أعلم. (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ - (وكلهم يصل إلى آخره) (¬4). (ش) هذا هو القسم المتفق على صلته كما تقدم، واعلم أنما ¬
ذكرته في هذا الباب يطرد في جميع القرآن إلا - أحرفاً خرجت عن ذلك فلم يجر بعض القراء فيها على أصل واحد، وهي ستة عشر موضعاً: منها في آل عمران: {يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ} (¬1) و {لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ} (¬2) و {نُؤْتِهِ مِنْهَا} (¬3) في موضعين. وفي النساء: {نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ} (¬4) وفي الأعراف: {أَرْجِهْ وَأَخَاهُ} (¬5) وفي طه: {وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا} (¬6) وفي النور: {وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ} (¬7) وفي الشعراء: {أَرْجِهْ وَأَخَاهُ} (¬8) وفي النمل: {فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ} (¬9) وفي الزمر: {يَرْضَهُ لَكُمْ} (¬10) وفي الشورى: {نُؤْتِهِ مِنْهَا} (¬11) وفي البلد: {أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ} (¬12) وفي إذا زلزلة: {خَيْرًا يَرَهُ} (¬13) و {شَرًّا يَرَهُ} (¬14). اعلم أن الحرف الذي يلي الهاء من قبلها في جميع هذه المواضع حرف متحرك في اللفظ، وحرف ساكن في التقدير لكن حذف ذلك ¬
الساكن: إما علامة على بناء الفعل وذلك في {أرجه} على قراءة من لم يهمزوفي {ألقه} لأنهما من صيغ الأمر، وإما علامة على الجزم وذلك في البواقي، ثم إن القراء اتفقوا على ضم الهاء وصلتها بواو في حرف البلد، واختلفوا فيما عداه. فإبن كثير والكسائي وورش وابن ذكوان متفقون على التحريك والصلة في جميعها إلا (يرضه) في الزمر لورش وإلا (أرجه) في الموضعين لإبن ذكوان فإنهما تركا الصلة والباقون مختلفون في إسكان الهاء وتحريكها موصولة أو مختلسة في بعض المواضع دون بعض حسبما هو مذكور في فرش الحروف. والله عز جلاله أعلم. وافق الشيخ والإمام الحافظ على جميع ما تقدم في الباب.
[باب (ذكر) المد والقصر]
[باب (ذكر) (¬1) المد والقصر (¬2)] (ش) اعلم أن المد مخصوص بأحرف المد وهي ثلاثة: الألف والواو. الساكنة بعد الضمة والياء الساكنة بعد الكسرة نحو: (دار) و (نور) و (طيب) وقد اجتمعت في الكلمة الأولى من قوله تعالى: {آتُونِي أُفْرِغْ} (¬3) ومن قوله تعالى: {أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا} (¬4) ونحو ذلك. واعلم أن الأصل في المد الألف إذ لا تتحرك أبداً ولا تكون حركة ما قبلها إلا من جنسها بخلاف الواو والياء فإنهما قد يتحركان ويكونان بعد ¬
الفتحة، فإذا سكنا بعد حركة مجانسةٌ أشبهها الألف فحينئذ يكونان حرفي مد. والله أعلم. فاما الواو والياء الساكنتان بعد الفتحة فهما حرفا اللين نحو (قوم) و (بيت) وقد اجتمعا في آخر كلمة من قوله تعالى: {خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ} (¬1) ويدخلهما من المد بحسب ما فيهما من اللين حملاً على أحرف المد. واعلم أن أحرف المد في أنفسهن مدات تابعات للحركات المجانسة لهن فإذا قلت (قال) مكنت الصوت بين فتحة القاف واللام بقدر ما لو نطقت بينهما بحرف متحرك ممكن الحركة مثل (فعل) و (قتل) وهكذا الواو والياء. ثم اعلم أنه قد يعرض لهذه الأحرف ما يوجب الزيادة في مدهن والتمكين لصوتهن أكثر مما كان يجب لهن عند انفرادهن عن ذلك العارض، والذي يوجب ذلك شيئان: أحدهما: الهمزة. والثاني: الحرف الساكن. إذا وقع كل واحد منهما بعد حرف من أحرف المد. وتكلم الحافظ في هذا. الباب على (¬2) الهمزة دون الساكن، وذكر الساكن والهمزة في غير هذا الكتاب من سائر تواليفه كجامع البيان وغيره. ¬
وأقدم الأن الكلام على الهمزة مرتباً على كلام الحافظ، ثم أتبعه بالكلام على الساكن بحول من لا حول ولا قوة إلا به وهو العلي العظيم. (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (واعلم أن الهمزة إذا كانت مع حرف المد واللين في كلمة .... الفصل) (¬1). (ش) اعلم أن الهمزة إذا وقعت بعد حرف المد فإما أن تكون مع حرف المد في كلمة واحدة، ويسمى: المد المتصل، وإما أن تكون الهمزة أول كلمة وحرف المد آخر الكلمة التي قبلها ويسمى المد المنفصل. وقدم الحافظ الكلام على المتصل لأنه ألزم لحرف المد من المنفصل، ثم اعلم أن الهمزة إذا اتصلت بحرف المد في كلمة فإنها تأتي على وجهين: - متطرفة ومتوسطة - وأعني بالمتطرفة ما لا يثبت في الوقت بعدها (¬2) شيء من الحروف وأعني بالمتوسطة ما يثبت بعدها في الوقت ولو حرف واحد. فمثال الهمزة المتطرفة بعد الألف: {السَّمَاءِ} (¬3) و {الْمَاءِ} (¬4) و {الْأَنْبِيَاءَ} (¬5) و {جَاءَ} (¬6) و {وَشَاءَ} (¬7) وهو كثير في القرآن. ومثالها بعد الواو: {ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} (¬8) و {مَا عَمِلَتْ مِن ¬
سُوءٍ} (¬1) و {لَتَنُوءُ} (¬2) و {أَنْ تَبُوءَ} (¬3) و {لَيْسُوا} (¬4) على خلاف (¬5) في هذا الأخير (¬6) وهوفي الِإسراء وليس في القرآن غير هذه الألفاظ. ومثالها بعد الياء: {بَرِئٌ} (¬7) 9) و {الْمُسِئِ} (¬8) و {النَّسِئُ} (¬9) على قراءة غير ورش (¬10) و {النَّبِيءُ} (¬11) على قراءة نافع (¬12) و {يُضِيءُ} (¬13) ¬
و {جِيءَ} (¬1) و {سِيءَ} (¬2) و {حَتَّى تَفِيءَ} (¬3) وليس في القرآن غيرها. ومثال الهمزة متوسطة بعد الألف: {أُولَئِكَ} (¬4) و {وَالْمَلَائِكَةِ} (¬5) و {وَرَبَائِبُكُمُ} (¬6) و {طَائِفٌ} (¬7) و {لِلطَّائِفِينَ} (¬8) و {سَائِلٌ} (¬9) و {السَّائِلِينَ} (¬10) و {قائِلٌ} (¬11) و {قَائِلُونَ} (¬12) وهو كثير. ومثالها بعد الواو {السُّوأَى} (¬13) في الروم و {لِيَسُوءُوا} (¬14) في الإسراء على خلاف كما تقدم لا غير. ومثالها بعد الياء: {بَرِيئُونَ} (¬15) و {النَّبِيُّونَ} (¬16) على قراءة نافع ¬
و {هَنِيئًا مَرِيئًا} (¬1) في النساء و {سِيئَتْ} (¬2) في الملك لا غير. وأما المنفصل فمثال الهمزة بعد الألف: {بِمَا أُنْزِلَ} (¬3) و {مَا أَعْجَلَكَ} (¬4) و {إِذَا أَظْلَمَ} (¬5) و {الْأُنْثَى إِنَّ سَعْيَكُمْ} (¬6). ومثالها بعد الواو: {قَالُوا آمَنَّا} (¬7) و {قُوا أَنْفُسَكُمْ} (¬8) و {جَاء واأَبَاهُمْ} (¬9) و {قَالُوا أُوذِينَا} (¬10) و {رُدُّوا إِلَى اللَّهِ} (¬11). ومثالها بعد الياء: {فِي آيَاتِنَا} (¬12) و {لَا تَفْتِنِّي أَلَا} (¬13) و {آتُونِي أُفْرِغْ} (¬14) و {أَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ} (¬15) وما أشبه ذلك (¬16). وأرجع إلى لفظ الباب. ¬
(م) قال الحافظ: (اعلم أن الهمزة إذا كانت مع حرف المد واللين في كلمة) (¬1). (ش) قد بينت حروف المد، والقراء يسمونها حروف المد واللين. وقوله: (سواء توسطت أو تطرفت) (¬2) يعني الهمزة، وقد ذكرت أمثلتها متوسطة ومتطرفة. وقوله: (فلا خلاف بينهما في تمكين حرف المد زيادة) (¬3) إنما اتفق القراء على الزيادة في المد المتصل بالهمزة في كلمة للزوم الهمزة لحرف المد إلا أنهم اختلفوا في مقدار زيادة على خمس مراتب تذكر بعد بحلو الله - عَزَّ وَجَلَّ -. (م) قال: (فإذا كانت الهمزة أول كلمة وحرف المد آخر كلمة أخرى فإنهم يختلفون) (¬4). (ش) إنما اختلفوا هنا لكون اتصال الهمزة بحرف المد عارضاً: إذ يجوز الفصل بينهما بالوقف، ولوقوع تلك الكلمة غير مجاورة للهمزة في غير ذلك الموضع. فمن راعى اتصالها باللفظ أجراها مجرى المتصلة في الكلمة فزاد في تمكين حرف المد كما يزيد في المتصل. ومن راعى كونها عارضة ولم يعتدِ بالعارض ولم يزد في حرف (¬5) المد على القدر الذي يستحقه بنفسه. والحافظ وغيره من القراء قد يعبرون عمن ¬
يمد المنفصل: بأنه يمد حرفاً لحرف. ومعناه: أنه يمد حرف المد في آخر الكلمة الأولى من أجل الهمزة في أول الكلمة الثانية فينسب المد إلى الكلمة وإن كان في حرف منها. وإنما أولت هذا التأويل ولم أحمله على أنه يريد بالحرف: حرف المد والهمزة: لأنهم يقولون عمن لا يمد المنفصل أنه لا يمد حرفاً لحرف مع أنه لا خلاف في مد المتصل، فكان يلزم أن يكون السوسي وابن كثير لا يمدان الألف في (¬1) (جاءت) من أجل الهمزة مثلاً فتامله. والله جل جلاله أعلم. (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (فابن كثير وقالون بخلاف عنه وأبو شعيب وغيره عن اليزيدي يقصرون حرف المد ..... إلى آخره) (¬2). (ش) لا خلاف عن ابن كثير وأبي شعيب في ترك الزيادة في المد المنفصل، ولا خلاف عن ورش وابن عامر والكوفيين في إثبات الزيادة، واختلف عن قالون وعن الدوري عن الزيدي فذكر الحافظ في المفردات أنه قرأ لقالون من طريق أبي نشيط على أبي الفتح بترك الزيادة، وعلي أبي الحسن بالزيادة (¬3) ولعله إلى هذا أشار بقوله في التيسير (وقالون بخلاف عنه). وذكر عن الدوري أنه قرأ على أبي القاسم وعلى أبي الحسن بالزيادة، وعلى أبي الفتح بتركها. ويظهر أن مذهبه في التيسير اختيار زيادة المد للدوري: إذ لو اختار القصر لذكر أبا عمرو مع ابن كثير بدل ذكره أبا شعيب، ولو أراد الوجهين عن الدوري لقال: وأبو عمرو بخلاف من طريق أهل العراق على عادته. وسترى بعد هذا في هذا الباب ما يدل ¬
على أن تعويله (¬1) إنما هو على الأخذ بالزيادة هذا مع أنه أسند قراءته في التيسير من طريق أبي القاسم المذكور والله جل وعلا أعلم. وأما الإِمام فذكر الوجهين عن قالون والدوري (¬2) وأما الشيخ فذكر ترك الزيادة عن قالون من طريق الحلواني وذكر عنه من طريق أبي نشيط وعن الدوري الزيادة لا غير (¬3). (م) وقوله: (فلا يزيدونه تمكيناً على ما فيه من المد الذي لا يوصل إليه إلا به) (¬4). (ش) يريد لا يزيدونه على القدر الذي يستحقه إذا انفرد بنفسه ولم يكن هناك سبب يوجب له الزيادة، واحتاج إلى هذا الكلام ليبين به أن قوله: (يقصرون حرف المد) إنما أراد به ترك الزيادة على ما يستحق بنفسه ولم يرد إذهاب المد رأساً إذ كان قوله: (يقصرون حرف المد) قد يفهم منه ذلك فأزال هذا التوهم وإن كان ضعيفاً والله - عَزَّ وَجَلَّ - أعلم. (م) وقوله: (وهؤلاء أقصر مداً في الضرب الأول المتفق عليه) (¬5). (ش) يعني أن ابن كثير ومن ذكر معه أقل زيادة في المد المتصل من غيرهم وقوله: (والباقون يطولون في ذلك زيادة) (¬6) يريد بالباقين ورشاً والدوري عن اليزيدي وابن عامر والكوفيين كما تقدم. ¬
وأشار بذلك إلى المد المنفصل. (م) وقوله: (وأطولهم مداً في الضربين - إلى آخره) (¬1). (ش) يريد بالضربين المتصل والمنفصل. واعلم أنه يتعلق بهذا الكلام خمسة أمور: أحدها: أن طبقات الزيادة في المد المتصل خمس وفي المنفصل أربع. الثاني: أن كل من زاد في المنفصل فإنه يسري بينه وبين المتصل وكل من لم يزد فيه فإنه يفرق بينهما ويتبين ذلك بالمثال وهو: أن قوله تعالى: {كُلَّمَا أَضَاءَ} (¬2) ألف "كما" منفصلة من الهمزة التي بعدها وألف "أضاء" متصلة بالهمزة التي بعدها فيكون مد ورش وحمزة للألفين على حد (¬3) واحد وكذلك مد عاصم فيهما سواء، إلا أنه دون مد ورش وحمزة وكذلك مد ابن عامر والكسائي في الألفين سواء، إلا أنه دون مد عاصم، وكذلك مد قالون والدوري إلا أنه دون مد من ذكر. فأما ابن شعيب وابن كثير فيلفظون بألف (كما) دون زيادة كما يلفظون بها في قوله تعالى: {أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا} (¬4) وغيره من الألفات التي لا همزة بعدها، ويلفظون بألف (أضاء) بزيادة في المد على ألف (كما) إلا أنها دون زيادة قالون والدوري وكذلك {هَؤُلَاءِ} (¬5) وكذلك {يَابَنِي ¬
إِسْرَائِيلَ} (¬1) يلفظون بالياء من (بني) مثل الياء من (قيل) و (فيه) ومثل الألف من (كما) كما تقدم ويلفظون بالألف التي بعد الراء مثل ألف (أضاء) وكذلك سائر ما يأتي من هذا الباب. الثالث: أن قوله (ودونهما أبو عمرو من طريق أهل العراق) (¬2) دليل على ما قدمته من أن اعتماده في هذا الكتاب على الأخذ للدوري عن اليزيدي بالزيادة في المنفصل وإلى هذا الموضع أشرت قبل. الرابع: أنه لم (¬3) يذكر هنا ابن كثير وأبا شعيب لأنهما أقل القراء مداً حيث يمدان. وهذا الفصل فيه من يزيد مده على مد غيره ولهذا قال: (وأطولهم مداً إلى آخره) (¬4) وليس في القراء (¬5) من يكون مده دون مد ابن كثير وأبي شعيب. الخامس: أن قوله: (وأطولهم مداً في الضربين) ظاهر في المفاضلة في نفس الزيادة على المقدار الذي يستحقه حرف المد بنفسه لا في أصل المد. وإذا كان الأمر كذلك فكان ينبغي ألا يذكر أبا عمرو وقالون وأن يقطع التفضيل عند ذكر ابن عامر والكسائي إذ زيادة ابن عامر والكسائي تفضل ¬
زيادة قالون وأبي عمرو من طريق أهل العراق في الضربين (¬1) وليس تفضل زيادة قالون وأبي عمرو في الضربين زيادة غيرهما، فأما ابن كثير وأبو شعيب فإنهما يزيدان في الضرب المتصل خاصة لا (¬2) في الضربين. ومبني كلامه في التفضيل إنما وقع على الزيادة في الضربين فلو قال: فأما أبو عمرو من طريق أهل العراق وقالون فأطول مدًا من ابن كثير وأبي شعيب في المتصل خاصة، إذ لا يزيدان في المد المنفصل، أو يكتفي عن ذلك بقوله قبل (هذا) وهؤلاء أقصر مدًا في الضرب الأول. لاندفع الإشكال، لكن يتوجه ذكر أبي عمرو وقالون هنا على ثلاثة أوجه: أحدها: أن يزيد (أطولهم مدًا في الضربين) على الإطلاق كيفما وجد متفقاً فيهما أوفي أحدهما. الثاني: أن يريد بأطول مجموع المد الذي يستوعبه القدر المشترك بينما يستحقه حرف المد بنفسه وبين الزيادة الحاصلة عن السبب وإن كان الطَّويل الذي ينبغي أن ينبه على التفاضل فيه خاصًا بزيادة دون القدر المستحق لحرف المد بانفراده. الثالث: أن يريد بالطول مجرد الزيادة لكن لما اشترك المتصل والمنفصل في الزيادة في مذاهب أكثر مما تقدم أدرج موضع اختصاص أحدهما مع ذكر مواضع اتفاقهما على ما جاء في قوله تعالى: {نَسِيَا حُوتَهُمَا} (¬3) وإنما الناسي الفتى دون موسى - عليه السلام - وكما قال تعالى: ¬
{يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} (¬1) وإن كان الإخراج من أحد البحرين والله تعالى أعلم. (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (وهذا كله على التقريب من غير إفراط) (¬2). (ش) يريد بهذا كله ما ذكر من كون بعضهم يزيد على بعض في تطويل المد يقول: ليس بين مد حمزة وورش ومد عاصم إلا مقدار يسير وكذلك زيادة مد عاصم على مد الكسائي وابن عامر بمقدار يسير، وهكذا سائرها. والمعتبر في ذلك أن القرآن إنما نزل بلسان عربي مبين، فإذا كان كذلك فالمحصل يميز بعقله المقدار الذي يمكن استعماله في المخاطبات عند قصد البيان والتثبت (¬3) في الخطاب من الصبر، والتبين لآحاد الكلمات بحيث لا يخرج الكلام معه عن المعتاد إلى ما تنفر عنه الطباع، وما يستعمل أيضاً من الهذ والِإسراع الذي لا يخل بالحروف ولا يميتها. فتعلَّم (¬4) أن التلاوة ينبغي أن تكون دائرة بين هذين الطرفين وهذا معنى قوله: (م) (وإنما هو (¬5) على مقدار مذاهبهم في التحقيق والحذر). (ش) يريد بالتَّحقيق: تمكين الحروف والصبر على حركاتها، والتثبت في بيانها ويريد بالحدر الإسراع والهذ. ومذاهب القراء في ذلك ¬
لابد أن تكون موافقة لما عليه كلام العرب الذي نزل القرآن به، فمن مذهبه من القراء الأخذ بالصبر، والتمكين فإنه يزيد في المد من تلك النسبة، ومن مذهبه الحدر والإِسراع فإنه يمد بتلك النسبة ومن توسط فعلى حسب ذلك، وحينئذ يتناسب المد والتحريك، ولو أن المسرع بالحركات أطال المد والسكن للحركات قصر المد لأدى ذلك إلى تشتت اللفظ وتنافر الحروف. والله أعلم. السبب الثاني: الموجب للزيادة في حرف المد وهو الحرف الساكن إذا وقع بعد حرف المد، وكان ينبغي للحافظ أن يذكره في هذا الباب كما ذكره في غير هذا الكتاب (¬1) وأعلم أن الأصل في كلام العرب أن لا يلتقي ساكنان إلا في الوقف. فأما الوصل فلا يجوز فيه ذلك في فصيح الكلام إلا أن يكون الأول حرف مد والثاني مدغم فمثاله في الوقف قوله تعالى: {مَنْ ألْفِ شِهْرٍ} (¬2) و {مَطْلَعِ الْفَجْر} (¬3) و {لِلَّهِ الْأَمْر} (¬4) و {مِن قَبْلُ} (¬5) و {مِنْ بَعْدُ} و {دَارُ الْخُلْدِ} (¬6) و {بِالْقِسْطِ} (¬7) لا خلاف في جواز إسكان هذه الكلمات وما أشبهها في الوقف. ومثاله في الوصل بالشرطين المتقدمين {دَآبًةٍ} (¬8) و {الصَّاخةُ} (¬9) ¬
و {الطَّآمَّةُ} (¬1) و {وَمَا هُمْ بِضَآرِّينَ} (¬2) و {لَا الضَّآلِّينَ} (¬3) و {اتحَآجونِي} (¬4) وما أشبهه، فإن تخلف أحد الشرطين قبح التقاء الساكنين إذ ذاك. ولهذا استضعفوا (¬5) قراءة ورشٌ {ءَانذَرْتَهُم} (¬6) و {ءآسْجُدً} (¬7) ¬
و {ءَاشْفَقْتُمْ} (¬1) ونحوه بإبدال الهمزة الثانية ألفًا، لأنه ليس فيه إذ ذاك إلا شرط واحد وهو كون الساكن الأول حرف مد. وكذلك قراءة نافعٌ {مَحْيَآىْ} (¬2) بسكون الياء في الوصل، وقراءة البزي وأبي عمرو {آلَّئِيْ} (¬3) في الأحزاب والمجادلة والطلاق بسكون الياء وكذلك استقبحوا الإِدغام الصحيح في نحو {الْخُلْدِ جَزَآءً} (¬4) و {مِن بَعُدِ ذَلِكَ} (¬5) و {مِنَ قَبُلُ لَفِي} (¬6) على ما تقدم في الإِدغام الكبير وجعلوه من باب الإخفاء وراموا الحركة لأنه إن أدغم لم يكن فيه إلا شرط واحد وهو كون الساكن الثاني مدغماً خاصة فأما ما حكى من قول بعض العرب: "التقت حلقتا البطان" بالمد بعد التاء فشاذ، فإذا تقرر هذا فاعلم أنه إذا كان الساكن الأول حرف مد والثاني مدغماً على ما تقدم أنه المختار من الكلام نحو {دآبة} أو غير مدغم على الوجه الضعيف كما تقدم فأنه لابد من الزيادة في تمكين حرف المد إذ ذاك، وسبب ذلك أن تمكين حرف المد عندهم يجري مجرى الحركة فيكون كأنه لم يلتق ساكنان وكأنك إنما أوقعت الساكن الثاني بعد حركة، فعلى هذا يكون تطويل المد من أجل لقي الساكنين أوكد وألزم من التطويل من أجل لقي الهمزة، وإنما يطول المد عند لقي الهمزة: لأن الهمزة حرف ثقيل بعيد المخرج فتحتاج في النطق بها إلى تكلف، فإذا وقع حرف المد قبلها مكنوا مده حتى ينتهي الصوت إلى موضع الهمزة فيكون الناطق بها إذ ذاك متمكناً منها، ومعاناً ¬
على تحقيقها. والله سبحانه أعلم. وأعلم أن القراء في تمكين المد عند لقيه الساكن على طبقاتهم الخمس (¬1) التي تقدمت في المد المتصل. وأطولهم مدًا ورش وحمزة ثم عاصم ثم من ذكر بعده على ذلك الترتيب، وأقلهم زيادة ابن كثير وأبو شعيب مع أنهما يزيدان في تمكينه على ما يستحقه إذا لم يقع بعده ساكن، فعلى هذا من قرأ {أَتُحَآجُّونِّي} ¬
بتشديد النون (¬1) فإنه يزيد في مد الواو ومثل ما يزيد في مد الألف، ومن قرأ بتخفيفها فإنه يزيد في مد الألف ولا يزيد في مد الواو، وعلى هذا فقس؛ ومما أجرت به عادة القراء في هذا الباب أن يذكروا حروف التهجي التي في أوائل السور ومجموعها أربعة عشر شكلاً وهي: {الم} (¬2) و {المص} (¬3) و {الر} (¬4) و {المر} (¬5) و {كهيعص} (¬6) و {طه} (¬7) و {طسم} (¬8) و {طيسَ} (¬9) و {يس} (¬10) و {حم} (¬11) و {عسق} (¬12) و {ص} (¬13) و {ق} (¬14) و {ن} (¬15) وأصولها من غير تكرار أربعة عشر حرفاً وهي التي انتظم منها النصف الثاني من هذا البيت: يا أيُّها المثيب ما سطره ... أن عليك مقسطا حصره وهذه الحروف تنقسم إلى قسمين: ¬
القسم الأول: مركب من حرفين وهو خمسة يجمعها قولك "يطرحه" فإذا قلت: (طه) فإِنما نطقت بطاء وألف وهاء وألف، وكذلك الهاء والياء من (كهيعص) والراء والحاء من (الر) و (حم) فالثاني أبداً من جميع هذه الأحرف الخمسة حرف مد وهو الألف وليس بعده ساكن فيعطى من النطق قدر ما يستحق الحرف وحده من غير زيادة. والقسم الثاني: التسعة الباقية. وكل واحد منها مركب من ثلاثة أحرف، وتنقسم إلى متحرك الوسط وهو (ألف) فلا يدخله المد وإلى ساكن الوسط وهي البواقي، وتنقسم إلى ما وسطه حرف لين وهو (عين) في السورتين (¬1) وإلى ما وسطه حرف مد وهي السبعة البواقي. وتنقسم إلى ما وسطه واو وهو (نون) وإلى ما وسطه ياء وهو (ميم) وإلى ما وسطه ألف وهو (لام) و (كاف) و (صاد) و (قاف) ولا خلاف بين القراء في زيادة المد في كل حرف من هذه التسعة التي وسطها حرف مد لأنه قد وقع بعده ساكن وهم في مده على الطبقات الخمس (¬2) وإنما جاز في هذه الحروف التقاء الساكنين والثاني غير مدغم لأنها في حكم الموقوف عليه، وقد تقدم أنه يجوز اجتماع الساكنين في الوقت (1) ويترتب على هذه الأحرف السبعة فرعان: أحدهما: أنما أدغم آخره منها هل يكون تمكين المد فيه مثل ما لم يدغم آخر أو يزاد في تمكين مده؟ وقد ذكروا فيه الوجهين ورجح الشيخ ¬
والإمام الزيادة (¬1) وسوى الحافظ بينهما، ومثاله {الم ذَلِكَ الْكِتَابُ} (¬2) فمن قال بالتسوية بين المدغم وغيره يمد ألف (لام) بمقدار مد يا (ميم). ومن رجح الزيادة في المدغم يمد ألف (لام) أزيد من يا (ميم) وكذلك (طسم) في قراءة غير حمزة (¬3) (و) (¬4) من سوى بين المدغم وغيره يمد يا (ميم) (¬5) مثل مد يا (ميم) ومن رجح الزيادة في المدغم يمد يا (سين) أكثر مر يا (سين) وكذلك ما جرى مجراه. الفرع الثاني: إنما تحرك من أواخر هذه الحروف في الوصل بحركة عارضة هل يبقى عليه من المد مثل ما يستحقه إذا لم يتحرك آخره لأن حركته عارضة فلا يعتد بها أو ينقص من مده: لأنه قد زال بتلك الحركة وقوع الساكن بعد حرف المد؟ وفيه أيضاً الوجهان والأرجح عندهم الزيادة في المد بناء على ترك الإعتداد بالعارض وذلك في {الم اللهُ} (¬6) في قراءة الجميع {الم أَحَسِبَ النَّاسُ} (¬7) في قراءة ورشٌ وحده فأما (عين) في السورتين فقال الإِمام ما يمكنه أحد ورشٌ باختلاف عنه والباقون يلفظون به (كبين) في الوقف (¬8). وقال الشيخ: من القراء من يمدها أقل من غيرها لأن الأوسط حرف ¬
لين، ومنهم من يمده كغيره، ومنهم من يمده لورش وحده، ومده عندي لجميعهم أشبه وأقيس: لأن المد إنما وجب لإلتقاء الساكنين فحرف اللين فيه كحرف المد وإنما يتمكن المد في حروف المد واللين أكثر من حروف اللين مع الهمزات، فأما في التقاء الساكنين فالحكم سواء. ثم ذكر أنه يأخذ بترك إشباع المد من أجل الرواية ويختار التمكين لقوته في القياس (¬1) وذكر الحافظ المذهبين وصححهما. وأعلم أن الحافظ قد نبه على الزيادة في حرف المد لأجل الساكن في ثلاثة مواضع من فرش الحروف في التيسير. منها قوله في البقرة لما ذكر تاءات البزي ثم قال: (وإن كان قبلهن حرف مد تزيد في تمكينه) (¬2) وقوله: في النساء حين ذكر مذهب ابن كثير في {آلَّذَانِ} (¬3) ونحوه فقال: (بتشديد النون، وتمكين الألف) (¬4). ومنها قوله في الأحزاب حين ذكر الإختلاف في {آلَّئِي} (¬5) فمّال: (ومن همز "منهم" (¬6) ومن لم يهمز يشبع التمكين للألف في الحالين ... إلى آخر كلامه (¬7). وهذا الإطلاق يشمل (¬8) قراءة أبي عمرو والبزي وهما يسكنان الياء بعد ¬
الألف. والله أعلم. وجميع ما ذكرته من أحكام المد عند الساكن قد ذكره الحافظ في جامع البيان وغيره (¬1) ¬
وأما الشيخ فقال في التبصرة: (قرأ ورش بتمكين المد فيما روى المصريون عنه، وقرأ الباقون بمد وسط كما يخرج من اللفظ) (¬1) انتهى. فسمى المد الذي يستحقه بنفسه مدًا وسطاً، وقال في مد ورش بالتمكين وليس فيه بيان عن مقدار الزيادة، وقال في كتاب التنبيه لما ذكر: {لِيَسُؤُوا} (¬2) و {جَآءُوا} (¬3) و {بَآءُوا} (¬4) و {إِسْرَاءِيل} (¬5) - وشبهه ما نصه: (والمدة الأولى في هذا هي أشبع مدًا من الثانية) وقال في كتابه الكشف: (والمد في حرف المد واللين إذا كانت الهمزة بعده أمكن من مده إذا كانت قبله لتمكن خفاء حرف المد واللين إذا كانت الهمزة بعده) (¬6) فظهر من هذا موافقته للحافظ. والله عز وجهه الكريم أعلم. (م) وقوله: (على مقدار التحقيق) (¬7). (ش) يريد على نسبة تحقيقه للحروف والصبر على الحركات وإن لم يبلغ أن يكون بمنزلة المد الذي قبل الهمزة. فإن قيل: ولعلّه لا يريد هنا الزيادة في المد وإنما يريد أن يصبر على حروف المد بقدر ما يناسب الصبر على الحركات ليحصل التناسب ويزول التشتت والتنافر فيكون موافقاً لمذهب شيخه أبي الحسن على ما تقم. ¬
{فصل}
{فصل} (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (وإذا أتت الهمزة قبل حرف المد ... إلى آخر) (¬1). (ش) أعلم أن الهمزة إذا وقع بعدها حرف مد فإنها تأتي في قراءة ورش على وجهين - (محققة ومغيرة). مثال المحققة قوله تعالى: {فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ} (¬2) و {وَأُوحِيَ إلَيَّ هَذَا الْقُرْءَانُ} (¬3) و {إيتَآءِ الزَّكَوةِ} (¬4). وأما المغيرة فثلاثة أقسام: أحدها: التغيير بالتسهيل بين بين. والذي ورد منه في القرآن: {أءَامَنتُم} (¬5) في الأعراف وطه والشعراء و {أءَالِهَتُنَا} (¬6) في الزخرف ¬
و {جَآءَءَالَ لُوط} (¬1) في الحجر و {جَآءَءَالَ فِرْعَوُنَ} (¬2) في القمر في الوصل لا غير: أعني مما بعد الهمزة المغيرة فيه حرف مد، والثاني: التغيير بالبدل والذي ورد منه في القرآن: {لَوْ كَانَ هَؤُلآءِءَالِهَةُ} (¬3) في الأنبياء و {مِنَ السَّمَآءِءَايَةً} (¬4) في الشعراء إذا وصل أبدل الهمزة الثانية ياء فيهما، وليس في القرآن غيرهما. الثالث: التغيير بالنقل إلى الساكن نحو: {مَنْءَامَنَ} (¬5) و {قُلْ أُوحِيَ} (¬6) - و {قُلْ إِي وَرَبّى} (¬7) وهو كثير، وسيأتي القول في باب النقل بحول الله العلي العظيم. فإذا تقرر هذا فاعلم أن ورشا يزيد في تمكين حرف المد بعد الهمزة المحققة. وبعد (¬8) الهمزة المغيرة بالبدل أو بالنقل (¬9) فأما إذا كان حرف المد بعد ¬
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬
الهمزة الملينة فلم أرَ لهم فيه شيئًا. والله أعلم. وسيأتي بعدما يستثنى من ذلك وأرجع إلى لفظه. (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (سواء كانت محققة أو ألقى حركتها على ساكن قبلها أو أبدلت) (¬1). (ش) فذكر هنا نوعين من التغيير. فإن قيل لعله إنما لم يذكر الوجه الثالث: لأنه لا يرى تمكين المد فيه لو أجاز فيه تمكين المد لكان كأنه قد جمع بين أربع ألفات (¬2) وهي: الهمزة المحققة (¬3) والهمزة الملينة والألف، فلو مكن مدها لكانت كأنها ألفان فكان ذلك يشبه اجتماع أربع ألفات، ¬
وبهذا علل تركهم إدخال الألف بين الهمزتين المحققة والملينة (¬1) كما سيأتي في موضعه. فهذا وجه من النظر إلا أنه يعارضه نظر آخر، وهو أن يقال: لو كان كما تزعم لذكره مع المستثنيات بعد، ويمكن أن يجاب عن هذه المعارضة بأن يقال إنَّها غير لازمة: لأنه إنما استثنى ما هو من جنس ما قرر، وبيان ذلك أنه إنما نص على التمكين بعد الهمزة المحققة والمغيرة بالنقل أو بالبدل خاصة ثم استثنى مما (¬2) بعد الهمزة المحققة فهو استثناء من الجنس. أما لو نص على استثناء ما بعد الهمزة الملينة لكان استثناء من غير الجنس فلم يلزمه ذلك. فإن قيل فقد نص في الإستثناء على ما بعد الهمزة المجتلبة للإبتداء؟ فالجواب: أنك إذا قلت مبتدئاً: {إِيتِ بِقُرءَآنٍ} و {اؤتُمِنَ} فقد حصل في اللفظ حرف مد بعد همزة محققة فكان استثناؤه في الجنس فلزم لذلك، وبالجملة فالأمر محتمل ولو بين لنا حكمه لكان أحسن (¬3) ثم ذكر الأمثلة وهي بينة. وهمزة: {لِإيلَفِ} (¬4) من المحققة وهمزة {إيلَفِهِم} (¬5) في الوصل من المغير بالنقل. و {هَؤُلَاءِءَالِهَةً} (¬6) من ¬
المغير بالبدل في الوصل وقد تقدم. ثم ذكر عن المصريين أنهم يزيدون في حرف المد زيادة متوسطة (¬1). أعلم أن الناس اختلفوا هنا فمنهم من يشبع المد كما لو تقدم حرف المد على الهمزة فيسوى بين المد قبل الهمزة وبعدها نحو {جَآءُواْ} (¬2) و {جَآءَنَا} (¬3) و {النَّبِيِّينَ} (¬4) و {بَرِيئُونَ} (¬5) وهو ظاهر قول الإِمام (¬6) وأنكره الحافظ (¬7) وأطال في الرد على أصحاب هذا المذهب في إيجاز البيان (¬8) والتمهيد (¬9) وغيرهما. ومنهم من لم يزد على القدر الذي يستحقه حرف المد بنفسه كما رواه البغداديون عن ورش، وبه قرأ الحافظ على أبي الحسن، ومنهم من أخذ فيه بتمكين وسط وهو دون المد الذي قبل الهمزة وهو مذهبه في التيسير وغيره وقرأ به على أبي القاسم وأبي الفتح. ¬
قيل: لو أراد هذا لما اقتصر على ما بعد الهمزة ولا خص ورشا دون حمزة ويعضض ما ذكرته (¬1) استثناؤه لما يذكر بعد: إذ لابد من إبقاء حروف المد في اللفظ في كما يستثنى على وجه يناسب النطق بالحركات - ألا ترى إلى قوله: (واستثنوا من ذلك إسرائيل فلم يزيدوا في تمكين الياء فيه) (¬2). وأنت تعلم أنه لا يريد إسقاط الياء رأساً إذ لو أراد ذلك لقال: فلم يثبتوا الياء فيه، وإنما قال: فلم يزيدوا في تمكين الياء، فحصل أنه أراد - فلم يزيدوا على المقدار الذي يستحقه الحرف بنفسه - وإذا كان كذلك دل على أن مراده في أصل الفصل الزيادة على ذلك المقدار. وأعلم أن استثناء (إسراءيل) مما اختص به الحافظ دون الشيخ والإمام. (م) قوله: (وأجمعوا على ترك الزيادة إذا سكن ما قبل الهمزة وكان الساكن غير حرف مد ولين) (¬3). (ش) أعلم أن الحرف الساكن إذا تقدم على الهمزة وكان بعدها حرف مد فإن ذلك الساكن يأتي على ثلاثة أقسام: أحدها: أن يكون حرفاً. صحيحًا. والثاني: أن يكون حرف مد وبين. والثالث: أن يكون حرف لين. ¬
أما الأول فليس في القرآن منه إلا {مَسْئُولاً} (¬1) و {مَذْءُوماً} (¬2) و {الْقرْءَان} (¬3) و {الظمْئَان} (¬4) و {مَسْئولُون} (¬5) وهذا الأخير يحرزه (¬6) قوله الحافظ: (وشبهه). اتفق الإِمام والشيخ والحافظ على ترك التمكين في حروف المد في هذا القسم. القسم الثاني: أن يكون الساكن قبل الهمزة حرف مد نحو: {جَآءُواْ} (¬7) و {السُّوأَى} (¬8) و {بَرِيئُونَ} (¬9) فلا خلاف بينهم في تمكين المد بعد الهمزة على ما تقدم إلا (إسراءيل) في قول الحافظ. القسم الثالث: أن يكون الساكن قبل الهمزة حرف لين والذي في القرءان منه: {الْمَؤْوُدَةُ} (¬10) و {سَوْءَاتِكم} (¬11) و {سَوْءَاتِهِمَا} (¬12) لا غير. نص الحافظ في إيجاز البيان على أن التمكين فيه مطرد وسوى بينه ¬
وبين ما إذا كان قبل الهمزة حرف مد وكذلك مذهب الشيخ، فأما الإِمام فكلام 5 مثل كلام الحافظ في التيسير وذلك أنه قال: إن كان الساكن قبل الهمزة غير حرف مد وبين فليس أحد من القراء يمده (¬1) وهذا يقتضي التسوية بين حرف اللين والحرف الصحيح، ثم لم يذكر في التمثيل إلا (القرءان) و (الظمئان) و (مسئولا) و (مذءوما) كما فعل الحافظ، لكن لا يلزم أن يكون التمثيل محيطاً بجميع ما في الباب فيقتضي ذلك أن الواو الثانية في (المؤودة) والألف في (سؤات) لا يزيد في مدهما على ما يستحقان بأنفسهما إلا أن الحافظ نص في إيجاز البيان على التمكين الزائد في (المؤودة) و (سؤات). وكذلك نص الإِمام على الزيادة في ألف (سؤات) فبقي (المؤودة) غير مستثنى، فالظاهر أنه بغير زيادة عنده مثل (مذءوما) و (مسئولا) والله أعلم بما أراد. (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (وكذلك إن كانت الهمزة مجتلبة للإبتداء (¬2) (ش) أعلم أن الذي ورد من هذا في القرآن ثلاثة ألفاظ وهي: {اؤْتُمِنَ} (¬3) في البقرة و {ائْذَن لِي} (¬4) في التوبة و {إيتِ} حيث ورد نحو {أْئْتِ بُقْرْءَانٍ} (¬5) و {ليْئْتُوا صَفاً} (¬6) و {ائتُونِي بِكِتَبٍ} (¬7) مذهب ¬
مسألة
الحافظ في هذا كله ترك الزيادة، وذكر الشيخ والإمام الوجهين وقال الشيخ: وكذا الوجهين حسن وترك المد أقيس (¬1). * مسألة *: قال الحافظ في المفردات ما نصه: (وكلهم لم يزد في تمكين الألف في قوله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ} (¬2) و {لَا تُؤَاخِدْنَا} (¬3) وبابه. وزاد بعضهم {ءَالئنَ} (¬4) في الموضعين من يونس و {عَادا الأولَى} (¬5) في والنجم فلم يزيدوا في تمكين الألف والواو فيهن (¬6). وافق الإِمام على ترك الزيادة في هذه الألفاظ وكذلك الشيخ إلا في {ءَلْئَنَ} في الموضعين فلم أرَ للشيخ فيه شيئًا. وأعلم أن الألف التي تقصر من {ءَالئن} هي التي بعد اللام دون التي بعد الهمزة نص عليه الإِمام في الكافي (¬7) ومن ذلك الألف المبدلة من التنوين في الوقف نحو {مَآء} (¬8) و {غُثَآء} (¬9) و {سَوآءَ} (¬10) ذكر ¬
الحافظ في جامع البيان وغيره ترك الزيادة (¬1) وافقه الشيخ والإمام، فأما الوقف على (رأي) من قوله تعالى: {رَأى الْقَمَرَ} (¬2) ونحوه و {تَرَاءَى الْجَمْعَانِ} (¬3) فبالزيادة في المد. ذكره الحافظ في إيجاز البيان والتمهيد وغيرهما والشيخ في كتاب الكشف (¬4) وأما الوقف على نحو {الكتاب} (¬5) و {الغفور} (¬6) و {العليم} (¬7) فإن كان بالروم لم يزد في المد وإن كان بالسكون أو بالإشمام فحكى الحافظ ثلاثة أوجه: أحدها: ترك الزيادة إذ السكون عارض في الوقف فلا يعتد به: قال الإِمام: (وهو القياس) (¬8) .. الثاني: التمكين الطَّويل اعتداداً بالتقاء الساكنين واعتداداً بالعارض. الثالث: التوسط في الزيادة. وبه قرأ الحافظ على أبي الفتح وأبي الحسن وهو مقتضي قول الشيه. والله أعلم. (م) قال الحافظ: (والباقون لا يزيدون ... إلى آخره) (¬9). ¬
(ش) يريد عدى ورشا لا يزيدون في حرف المد الذي بعد الهمزة مطلقًا على القدر الذي يستحقه بنفسه. وأعلم أن العلة في زيادة التمكين في مذهب ورش كون حرف المد خفياً، فإذا وقع بعد الهمزة خيف عليه أن يزيد خفاء فبين بتمكين المد؛ والعلة لمذهب الجماعة في ترك الزيادة أن خفاء حرف المد إنما يعرض إذا تأخرت الهمزة فلذلك مكنوا الزيادة هناك، وإذا (¬1) تقدمت الهمزة قلما يخفى إذ ذاك، فلا يحتاج عندهم إلى الزيادة؛ ومعنى كون حرف المد يخفى إذا تأخرت الهمزة أن حرف المد لما كان مجرد صوت يهوى في الصدر ولا يعتمد على شيء من الأعضاء الناطقة بالحروف حتى لم يمكن (¬2) تعلق شيء من الحركات به ما دام حرف مد، وكانت الهمزة حرفاً جلدًا ثقيلَاً ممكنًا في المخرج إلى الصدر وكان الناطق به لا يكاد يخلو من تكلف وتعمد. فإذا إلتقيا خيف أن يتأهب المتكلم للنطق بالهمزة قبل توفيته حرف المد حقه فيكون ذلك سببًا إلى الإجحاف به حتى ربما ذهب معظمه أو كاد، فعزموا على بيانه وتقويته بالصبر عليه والزيادة في مده، وحصل عند ذلك انتهاء الصوت إلى موضع الهمزة فكان ذلك أعون على النطق بها كما تقدم. والله سبحانه أعلم. فأما ما استثناه ورش فمنه ما يرجع إلى ترك الإعتداد بالعارض، وذلك في الألف المبدلة من التنوين في الوقف، وفي حرف المد بعد همزة الوصل، ومنه ما يرجع إلى باب الجمع بين اللغتين وقصدِ التنبيه على رعي ¬
الوجهين وذلك في (مسئولا) وأخواته (¬1) و {اسراءيل} عند قصر يائه. فأما {يؤاخذ} وبابه (¬2) فإن قدرت واوه مبدلة من همزة فهو من هذا القبيل - وهو قول الإِمام (¬3) - وإن قدرت أصلية على لغة من قال (وأخذ) فلا مدخل له في التمكين كالألف في قوله تعالى: {وَلكِن لاَ تُوَاعِدُوهُنً سِراً} (¬4). وهذا الوجه الثاني قاله الحافظ في إيجاز البيان والشيخ في كتاب الكشف (¬5). والله أعلم. (م) باب الهمزتين المتلاصقتين في كلمة (¬6). (ش) اعلم أن الهمزة في القرآن على ضربين: همزة مفردة وسيأتي بعد بحول الله جل وعلا، وهمزتان متلاصقتان وهما: إما في كلمة واحدة كما يذكر في هذا الباب وإما في كلمتين كما يذكر في الباب بعده. وأعلم أن كما ذكر في هذا الباب من الهمزتين في كلمة فإنه في الحقيقة من كلمتين، وبيان ذلك: أن الهمزة الأولى من كل ما ذكر في هذا الباب همزة استفهام وهي حرف من حروف المعاني دخلت على كلمة أولها ¬
همزة فالتقت همزتان، وليس في القرآن همزتان ملتقيتان في كلمة إلا في لفظة واحدة وهي (أئمة) (¬1) وقعت في القرآن في خمسة مواضع. الأول: في براءة. الكافي: في سورة الأنبياء عليهم السَّلام. الثالث، والرابع: في سورة القصص. الخامس: في الم السجدة. وأصلها (أءممة) جمع إمام مثل لسان وألسنة وسلاح وأسلحة فلما التقت همزتان والثانية ساكنة وجب إبدال الثانية حرفاً من جنس حركة ما قبلها على القياس فصار (ءاممة) بهمزة وألف بعدها، ثم استثقلوا تحريك الميمين فسكنت إلأولى وأدغمت في الثانية بعد نقل حركتها إلى ما قبلها فصادفت الألف وهي لا تقبل الحركة فقلبت ياء بسبب الكسرة وعلى هذا قراءة الحرميين وأبي عمرو (¬2) ومنهم من همزها لما تحركت إذ أصلها الهمز، وإنما قلبت ألفًا لما سكنت وعلى هذا قراءة الكوفيين وابن عامر. فأما التعبير عن الهمزتين في هذا الباب بأنهما من كلمة فمجاز؛ ¬
والذي سوغ ذلك الئحام إحدى الهمزتين بالأخرى في حكم الخط واللفظ والمعنى. أما الخط فإنه قد أطرد في كل حرف من حروف المعاني إذا كان من حرف وأحد من حروف التهجي أنه يكتب موصولًا بما بعده إذا كان مما يقبل الوصل كباء الجر وفاء العطف ولام الإبتداء ونحو ذلك. فحكم همزة الإستفهام وصلها بما بعدها في الخط لو كانت مما يقبل ذلك. وأما حكم اللفظ: فمن حيث أن همزة الإستفهام حرف واحد من حروف التهجي لم يكن لها حكم الكلمة المستقلة: إذ الكلمة المستقلة لا بد لها من مطلع ومقطع، فمطلعها أولها ولابد من تحريكه ليصح الإبتداء به، ومقطعها آخرها والأصل تسكينه في الوقف، وأقل ما تحصل هذه الحقيقة بحرفين من حروف التهجي نحو (قد) و (5 ل) فأما الحرف الواحد فلا؛ فلزم لذلك أن تتصل في اللفظ بما بعدها، وهذا هو السبب في الإتصال في الخط. وأما حكم المعنى فهو أن الحرف إنما جيء به ليدل على معنى في غيره، وهمزة الإستفهام إنما تدل على معنى الإستفهام فيما بعدها، فلما كان معناها لا يظهر إلا فيما بعدها صارت كأنها جزء منه: لأن معناها إنما يحصل بحصول اللفظ بمجموعها كما أن معنى الكلمة التي تدل على معنى في نفسها إنما يحصل بمجموع أجزائها. والله تعالى أعلم. (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (أعلم أنهما إذا التقتا بالفتح) (¬1). ¬
(ش) لما كانت الهمزة الأولى في هذا الباب حرفَ استفهام وهي لا تكون أبداً إلا مفتوحة، واتفق دخولها على كلمة مهموزة الأول متحركة وكانت الحركات ثلاثًا: حصل من ذلك أن أضرب الهمزتين في هذا الباب (ثلاثة) (¬1) مفتوحتان، ومفتوحة ومكسورة، ومفتوحة ومضمومة. (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (نحو - ءأنذَرْتَهُمْ - " (¬2). (ش) أعلم أن مجموع الوارد في القرآن من هذا النوع على ضربين ضرب متَّفقٌ عليه وضرب مختلف فيه: الضرب الأول المتفق عليه ثمانية عشر موضعاً - منها في البقرة: {ءَأَنذَرْتَهُمْ} (¬3) و {ءَأَنتُمْ أَعْلَمُ} (¬4) وفي آل عمران: {ءَاسْلَمْتُمْ} (¬5) و {ءَأَقرَرْتُمْ} (¬6) وفي المائدة: {ءَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ} (¬7) وفي سورة هود: {ءَألِدُ} (¬8) وفي سورة يوسف عليه السَّلام: {ءَأرْبَابٌ} (¬9) وفي الإِسراء: {ءَأَسْجُدُ} (¬10) وفي سورة الأنبياء: {ءَأَنتَ فَعَلْتَ} (¬11) وفي الفرقان: ¬
{ءَأَنتُمْ أَضلَلْتُمُ} (¬1) وفي النمل: {ءَأَشْكُرُ} (¬2) وفي يس: {ءَأَنذَرْتَهُمْ} (¬3) و {ءَأَتخِذُ} (¬4) وفي الواقعة: {ءَأَنتُمْ تَخُلُقُونَهُ} (¬5) و {ءَأنتُمْ تَزُرَعُونَهِ} (¬6) و {ءَأَنتَمْ أَنزْلْتُمُوهُ} (¬7) و {ءَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ} (¬8) وفي المجادلة: {ءَأشْفَقْتُمْ} (¬9) وفي الملك: {ءَأمِنتُمْ} (¬10) وفي النازعات: {ءَأنتُمُ أشَدُّ خَلْقاً} (¬11). (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (فإن الحرميين وأبا عمرو وهشاماً يسهلون الثانية منهما) (¬12) (ش) أعلم أن التسهيل يستعمل مطلقًا ومقيداً، فإذا أطلق فالمراد به جعل الهمزة بين بين أي بين الهمزة والحرف الذي منه حركتها، فإن كانت محركة بالفتح جعلت بين الهمزة والألف: ومعناه أن يلفظ بها نوعاً من اللفظ يكون فيها شبه من لفظ الهمزة ولا يكوق همزة خالصة، وشبه من لفظ الألف ولا تكون ألفًا خالصة، وكذلك إن كانت محركة بالكسر جعلت ¬
بين الهمزة والياء على التفسير المتقدم، وإن كانت مضمومة جعلت بين الهمزة والواو على ما تقدم. وهذا كله تحكمه المشافهة، ويقال في ذلك كله تسهيل وتليين، ويقال تسهيل على مذاق الهمزة، ويقال همزة بين بين. والمراد ما تقدم؛ فإن قُيد التسهيل: فالمراد به إذ ذاك المعنى الذي يقتضيه التّقييد، فيقال تسهيل بالبدل، وتسهيل بالنقل، وتسهيل بالحذف؛ والتسهيل الذي بالبدل قد يكون معه الإِدغام وقد لا يكون؛ فهذه جميع ألقاب التسهيل. وهذا كله في المتحركة فأما الساكنة فتسهيلها أبداً بالبدل نحو: {كَأْسٍ} (¬1) و {بِئِرٍ} (¬2) و {مُؤْمِنٌ} (¬3) تبدل حرفاً من جنس حركة ما قبلها، وسيأتي ذلك كله مفصلاً في مواضعه بحول الله العلي العظيم. فإذا تقرر هذا فقول الحافظ (يسهلون) يريد التسهيل المطلق وهو جعلُ الهمزة بين الألف والهمزة لأنها مفتوحة، واستثنى ورشاً فبين أن مذهبه البدل (¬4) هذه رواية المصريين عن ورش فأما عامة البغداديين والشاميين فرووا عن ورش جعلها بين بين؛ ذكره الحافظ في إيجاز البيان وغيره. (م) وقوله: (والقياس أن تكون بين بين). (ش) يريد بخلاف ما فعل ورش حيث أبدلها ألفًا خالصة، وإنما كان القياس ما ذكر لأن البدل في الهمزة غير المتطرفة إنما يكون في الهمزة ¬
الساكنة (¬1) وفي المفتوحة بعد الكسرة (¬2) أو بعد الضمة (¬3) وهذه بخلاف ذلك ثم إنه يلزم في قراءة ورش التقاء الساكنين من غير أن يكون الثاني مدغماً إلا في موضعين: أحدهما: {أأَلِدِ} (¬4) في سورة هود - عليه السلام -. والثاني: {أأمِنتُمْ} (¬5) في الملك فليس فيها التقاء الساكنين (¬6). وذكر عن ابن كثير أنه لا يدخل قبلها ألفًا (¬7) فعلى هذا تتلاصق الهمزة الملينة مع المحققة. (م) قال: (وقالون وهشام وأبو عمرو يدخلونها) (¬8). (ش) فعلى هذا يلزم المد بين المحققة والملينة إلا أن مد هشام أطول، ومد السوسي أقصر، ومد قالون والدوري أوسط، وكله من قبيل المد المتصل (¬9) والله - عَزَّ وَجَلَّ - أعلم. ¬
(م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (والباقون يحققون الهمزتين) (¬1). (ش) يريد من غير فصل بينهما، وأعلم أن الخلاف الذي وقع بينهم في هذا الباب إنما هو في الهمزة الثانية، فأما الأولى فلا خلاف بينهم في تحقيقها في الإبتداء والوصل إلا إذا وقع قبلها ساكن غير حرف مد فإن ورشاً وحده ينقل حركتها في الوصل إلى ذلك الساكن على أصله. والذي ورد منه في القرآن في هذا الفصل موضعان: أحدهما: {قُلْ أأَنتُمْ أعَلَمُ} (¬2) في البقرة. والثاني: {رَحِيمٌ أأَشْفَقْتُمْ} (¬3) في المجادلة. وقد حصل في هذا الفصل أربع قراءات (¬4) وتقدم ضعف قراءة البدل، وكذلك تحقيق الهمزتين ضعيف؛ قال سيبويه - رَحِمَهُ اللهُ - في باب الهمز (¬5): فليس في كلام العرب أن تلتقي همزتان فتحققا (¬6) يريد: ليس من كلامهم ¬
الفصيح، ولم يرد النفي مطلقًا؛ إذ لو كان كذلك لم يجز أن يقرأ بالتحقيق، وإنما كان تحقيق الهمزتين ضعيفًا لثقلهما. ويدل على أن سيبويه هنا لم يرد نفي التقاء الهمزتين في كلام العرب على الإطلاق وإنما أراد أن ذالك لا يكون في فصيح الكلام قوله في باب الإِدغام: وزعموا أن ابن أبي إسحاق كان يحقق الهمزتين وناس (¬1) معه وقد تكلم ببعضه العرب وهو ردي فيجوز الإِدغام في قول هؤلاء وهو ردي انتهى قوله - رَحِمَهُ اللهُ -. وقد أغلظ المهدوي (¬2) في القول على سيبويه في هذه المسألة حين تكلم في (أئمة) في سورة التوبة في شرح الهداية فقال ما نصه: وقد علي سيبويه والخليل تحقيق الهمزتين وجعلا ذلك من الشذوذ الذي لا يعول عليه، والقراء أحذف بنقل هذه الأشياء من النحويين وأعلم بالآثار ولا يلتفت إلى قول من قال إن تحقيق الهمزتين في لغة العرب شاذ قليل: لأن لغة العرب أوسع من أن يحيط بها قائل هذا القول. وقد أجمع على تحقيق الهمزتين أكثر القراء وهم أهل الكوفة وأهل الشام وجماعة من أهل البصرة، وببعضهم تقوم الحجة انتهى. وهذه النهضة (¬3) التي قام بها المهدوي فيها نظر سيبويه اعتمد على ما استقر عنده من أحكام اللغة والمهدوي يعتمد على ما نقل إليه من ¬
القراءات، ولا يستتب له ما قال إلا إذا لزم أنه كل ما اشتهر من القراءات، فهو البخاري على فصيح اللغة وأنه لا يجوز اشتهار القراءة الجارية على لغة ضعيفة أو شاذة، والظاهر أن الأمر ليس كذلك بدليل أن القراءات السبع على الجملة قد (¬1) طبقت الأرض وهي مع ذلك تشتمل على الفصيح وغيره. والله جل ذكره أعلم. فأما قراءة ابن كثير فحسنت لما زال لفظ الهمزة الثانية عن نبرتها من التحقيق فاندفع بذلك اجتماع همزتين محققتين. وأما قالون وصاحباه فإنهم رأوا أن الثانية وإن كانت ملينة فإنها بما فيها من مذاق الهمز لم تتجرد عن الثقل بالجملة ففصلوا بينهما بالألف ليندفع ثقل اجتماعهما؛ إذ الملينة تشبه المحققة. وافق الشيخ والإمام الحافظ على ما ذكر من القراءات، وزاد الإِمام عن ورش بين بين مثل ابن كثير (¬2) والله جل ذكره أعلم. الطرف الثاني - المختلف. فيه: أعلم أن الوارد منه في القرءان خمسة مواضع: ¬
أحدها: {ءَأَن يُؤتَى أحَدٌ} (¬1) في آل عمران، قرأه ابن كثير وحده بالإستفهام بهمزة محققة وأخرى ملينة بين الهمزة والألف على أصله المتقدم، وهو قول الحافظ في الإيضاح وغيره، وقول الإِمام في الكافي (¬2) وعبر (¬3) الحافظ في التيسير بالمد ومراده ما تقدم وكذلك عبر الشيخ في التبصرة وغيرها، وإنما يعبرون بالمد عن همزة بين بين لما فيها من شبه المد، ويدلك على صحة هذا من قول الشيخ أنه لما ذكر {أأَنذَرْتَهُم} في التبصرة قال: (فقرأ الحرميان وأبو عمرو وهشام في ذلك بتحقيق الأولى وتسهيل الثانية فيمدون حينئذ غير أن مد ابن كثير أنقص قليلاً) ثم قرر فقال: (أما أبو عمرو وقالون وهشام فإنهم يحققون الأولى ويجعلون الثانية بين الهمزة والألف ويدخلون بينهما ألفًا)، ثم قال: (وكذلك يفعل ابن كثير لا يدخل بين الهمزتين ألفًا) (¬4) انتهى. فحصل منه أنه سمى همزة بين بين مدًا وسيأتي أيضاً من كلام الحافظ في التيسير التعبير بالمد عن همزة بين بين بحول الله تعالى. وقرأه الباقون بهمزة واحدة على الخبر. الثاني: {ءَامَنتُمْ} (¬5) في الأعراف وطه والشعراء: قرأها حفص بهمزة واحدة على الخبر وافقه قنبل في طه، وقرأ الباقون بالإستفهام فحقق الهمزتين أبو بكر وحمزة والكسائي، وحقق الباقون الأولى وسهلوا الثانية، ¬
وافقهم قنبل في الأعراف والشعراء، وأبدل الأولى في الأعراف واواً في الوصل. الثالث: {ءَأَعْجَمِيُّ} (¬1) في فصلت قرأ هشام وحده على الخبر بهمزة واحدة وقرأ الباقون بالإستفهام، فحقق الهمزتين أبو بكر وحمزة والكسائي على أصولهم والباقون يحققون الأولى ويسهلون الثانية بين بين كما تقدم. نص عليه الحافظ في الإيضاح وعبر في التيسير فقال: (والباقون بهمزة ومدة) (¬2) ثم قال: (وقالون وأبو عمرو يشبعانها لأن من قولهما إدخال ألف بين الهمزة المحققة والملينة) (¬3) ثم ذكر عن ورش أنه على أصله في البدل وعن ابن كثير أنه يجعلها بين بين من غير فصل وكذلك حفص وابن ذكوان (¬4). فهذا الموضع نص في أن الحافظ يطلق المد وهو يريد به الهمزة الملينة بين بين كما تقدم من قول الشيخ وكذلك قال الشيخ هنا (¬5) والباقون بهمزة ومدة على ما تقدم من أصولهم في التسهيل؛ وأعلم أن الشيخ والإمام وافقا الحافظ في جميع ما ذكر من القراءات في هذا الحرف إلا في قراءة ابن ذكوان فإنهما جعلاه كقالون وأبي عمرو: يفصل بالألف بين المحققة والملينة، والحافظ جعله كإبن كثير لا يفصل بينهما. ¬
الرابع: {أذْهَبُتُمْ} (¬1) في الأحقاف، قراءة ابن كثير وابن عامر بالإستفهام فإبن ذكوان يحقق الهمزتين على أصله وابن كثير يلين الثانية من غير فصل على أصله وهشام يلينها ويفصلها على أصله أيضاً، وقراءة الباقين على الخبر. وافق الشيخ والإمام الحافظ في هذا الحرف، وفي لفظ الإِمام هنا في الكافي نحو مما تقدم: لأنه أطلق المد وهو يريد التسهيل بين بين (¬2) وكذلك الشيخ وكلامه صريح في هذا المعنى فانظره في التبصرة (¬3). الخامس: {أن كَانَ ذَا مَالٍ} (¬4) في نون والقلم قرأه حمزة وأبو بكر وابن عامر بالإستفهام فحقق الهمزتين أبو بكر وحمزة، وسهل ابن عامر الثانية، وفصل هشام بينهما بألف وكذلك قال الشيخ (¬5) والإمام (¬6) عن ابن ذكوان وقال الحافظ عنه بغير فصل على ما تقدم في فصلت، وقرأ الباقون بهمزة واحدة على الخبر ويأتي القول في همزة الإستفهام الداخلة على ألف الوصل في الأنعام وكذلك: {هَأنْتُم} في آل عمران و {ءَامَنتُمْ} في الأعراف بحول الله تعالى. (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (فإذا اختلفا بالفتح والكسر) (¬7). (ش) أعلم أن الهمزتين المختلفتين بالفتح والكسر في القرآن أربعة أضرب: ¬
أحدها: أن لا تكون الهمزة الأولى للإستفهام ولكنها لبناء الجمع وذلك ما جاء من لفظ (أئمة) وقد تقدم أنه في خمسة مواضع (¬1) وهو مذكور في براءة. الثاني: ما اجتمع فيه استفهامان، وذلك أحد عشر موضعاً تذكّر في الرعد. الثالث: لم يجتمع فيه استفهامان (¬2) واتفق على الإستفهام وهو المقصود هنا، وجملته في القرآن أربعة عشر موضعاً منها: {أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ} (¬3) في الأنعام و {أئِنَّ لَنَا لأجْراً} (¬4) في الشعراء و {أئِنَّكُمْ لَتَأتُونَ} (¬5) في النمل و ({أَءِلَاهٌ مَعَ اللهِ} (¬6) في خمسة مواضع في النمل و {أَئِن ذُكِرْتُمْ} (¬7) في يس و {أئِنَّا لَتَارِكُوْاءَالِهَتِنَا} (¬8) و {أَءِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ} (¬9) و {أئِفْكاً} (¬10) في الصافات و {قُلْ أَئِنَّكُم} (¬11) في فصلت ¬
و {أَءِذَا مُتنَا} (¬1) في ق. (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (فالحرميان وأبو عمرو يسهلون الثانية) (¬2). (ش) يريد: يجعلونها بين الهمزة والياء وهو قياس تسهيل الهمزة المسكورة، وورش هنا يوافق على هذا التسهيل، ولا خلاف في تحقيق الأولى إلا إذا وقع قبلها ساكن فإن ورشاً ينقل حركتها في الوصل كما تقدم. (م) قال: (والباقون يحققون الهمزتين) (¬3). (ش) وافق هنا هشام على تحقيق الهمزتين في جميع القرآن، وذكر عن هشام الفصل بالألف في جميع القرآن وهي قراءته على أبي الفتح عن قراءته على عبد الباقي بن الحسن (¬4) ثم ذكر عنه الفصل في المواضع السبعة مع تسهيل الهمزة الثانية في فصلت خاصة، وهي قراءة الحافظ على أبي الحسن وعلى أبي الفتح أيضاً عن قراءته على عبد الله بن الحسين (¬5) ¬
ذكر الحافظ، وحصل من كلامه أن أبا عمرو يسهل الثانية ولا يدخل بينهما ألفًا كورش وابن كثير وهي قراءة الشيخ على أبي الطيب وزاد أيضاً أنه قرأ على غير أبي الطيب في رواية أبي شعيب بالفصل (¬1) وكذلك حصل من كلام الإِمام الوجهان في قراءة أبي شعيب (¬2) وأما هشام فقرأ في آل عمران مثل الكوفيين بتحقيق الهمزتين من غير فصل، وزاد عنه الحافظ وجهًا آخر وهو الفصل بالألف مع التحقيق، وقرأ في ص والقمر بتسهيل الثانية والفصل بينهما بالألف، وزاد عنه الإِمام وجهًا ثانيًا وهو تحقيق الهمزتين من غير فصل (¬3) وزاد عنه وجهًا ثالثاً وهو تحقيق الهمزتين مع الفصل (¬4) وافق الشيخ والإمام الحافظ في سائر القراءات التي ذكرها (¬5). فأما قوله تعالى في الزخرف: {أؤشْهِدْوا خَلْقَهْم} (¬6) فلا خلاف أنه قرئ بالإستفهام إلا أن نافعاً أدخل الإستفهام على فعل أوله همزة ¬
البغدادي. كذا قال في المفردات (¬1) وهذا هو مذهب الشيخ والإمام أعني اختصاص الفصل بالمواضع السبعة مع التسهيل في فصلت دون غيرها. (و) (¬2) ذكر الحافظ في المواضع السبعة: حرفي الأعراف والحرف الذي في كهيعص وهو من الضرب الرابع وجملته في القرآن خمسة مواضع وهي الثلاثة المذكورة (و) (¬3) في سورة يوسف - عليه السلام -: {أَءِنَّكَ لأَنتَ يُوسُفُ} (¬4) وفي الواقعة: {أَءِنَّا لَمُغْرَمُونَ} (¬5) اختلف القراء فيها فقرأ نافع وحفص حرفي الأعراف على الخبر بهمزة واحدة مكسورة، وافقهما ابن كثير في الثاني منهما (و) (¬6) قرأهما الباقون بالإستفهام وافقهم ابن كثير في الأول منهما، وقرأ ابن كثير في سورة يوسف - عليه السلام - على الخبر، والباقون على الإستفهام وقرأ ابن ذكوان في كهيعص على الخبر والباقون على الإستفهام (و) (¬7) وذكر عنه الحافظ الوجهين، وقرأ أبو بكر في الواقعة على الإستفهام، والباقون على الخبر. والله جل جلاله وعزكما له أعلم. (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (وإذا اختلفتا بالفتح والضم) (¬8). (ش) اعلم أن هذا النوع ضرب واحد وهي المواضع الثلاثة التي ¬
مضمومة، والباقون أدخلوا الإستفهام على فعل ليس في أوله همزة، فعلى قراءة نافع وحده (¬1) تلحق بهذا النوع الذي تقدم؛ وذكر الحافظ عن قالون في هذا الحرف إدخال الألف وترك إدخالها، وعن الشيخ والإمام ترك إدخالها لا غير. والله تعالى أعلم. ¬
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9]
(م) باب ذكر الهمزتين من كلمتين
(م) * باب ذكر الهمزتين من كلمتين* (¬1): قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (اعلم أنهما إذا اتفقتا بالكسر). (ش) اعلم أن الهمزتين في هذا الباب تنقسم إلى متفقتي الحركة ومختلفتي الحركة فالأول ثلاثة أقسام: مفتوحتان، ومكسورتان، ومضمومتان. والثاني: خمسة أقسام في ذاك أن تكون: الأول: مفتوحة وبعدها مكسورة أو مضمومة فهذا قسمان. أو تكون الثانية: مفتوحة وقبلها مكسورة أو مضمومة فهذان قسمان أيضاً. والخامس: أن تكون الأولى مضمومة والثانية مكسورة وليس في القرآن عكسه. فذكر الحافظ أولاً المكسورتين والذي في القرآن من هذا القسم ثمانية عشر موضحاً: منها ثلاثة بخلاف، والباقي بغير خلاف أما الذي لا ¬
خلاف فيه فمنها في البقرة: {هَؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ} (¬1) وفي النساء: {مَنَ النِّسَآءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَف} (¬2) و {وَالْمُحْصَنَتُ مِنَ النِّسَآءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ} (¬3) وفي سورة هود - عليه السلام -: (وَمِن وَرَإءِ إِسْحَقَ يَعْقُوبَ} (¬4) وفي سورة يوسف - عليه السلام -: {بِالسُّوَءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبّي} (¬5) وفي الِإسراء: {مَا أنزَلَ هَؤَلَاءِ إِلَّا رَبُ السَّموات} (¬6). وفي النور: {عَلَى الْبِغَآءِ إِنْ أرَدْنَ} (¬7) وفي الشعراء: {كِسَفًا مِنَ السَّمَآءِ إِن كُنتَ} (¬8) وفي الم السجدة: {مِنَ السَّمَآءِ إِلَى الأرْضِ} (¬9) وفي الأحزاب: {مِنَ النِّسَآءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ} (¬10) و {وَلَا أبْنَآءِ إِخْوانِهِنَّ} (¬11) وفي سبأ: {مِنَ السَّمَآءِ إِن فِي ذَلِكَ لأيَةً} (¬12) و {هَؤُلاَءِ إِياكُمْ} (¬13) وفي ص: {مَا يَنُظرُ هَؤُلآءِ إِلَّا صَيْحَةً} (¬14) وفي الزخرف: {وَهُوَ الَذِي فِي السَّمَآءِ إِلَهٌ} (¬15). ¬
وأما الثلاثة المختلف فيهن فأولها في البقرة: {مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا} (¬1) قرأه حمزة بكسر الهمزتين والباقون بكسر الأولى وفتح الثانية والثاني والثالث في الأحزاب: {لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ} (¬2) و {بُيُوتَ النَّبِيءِ إنْ ارَادَ} (¬3) قرأهما ورش بهمزة (النبيء) فتلتقي همزتان مكسورتان والباقون بياء مشددة. (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (فقنبل وورش يجعلان الثانية كالياء الساكنة .... إلى آخر كلامه) (¬4). (ش) ومراده أنهما يجعلانها بين الهمزة والياء وكذا قوله وعن قالون والبزي (يجعلان الأولى كالياء المكسورة) (¬5) يريد بين الهمزة والياء وكذا نص في كتاب الإيضاح فقال ما نصه: (فقرأ ابن كثير في رواية قنبل، ونافع في رواية ورش بتحقيق الهمزة الأولى وتسهيل الثانية فتكون في اللفظ كانها ياء ساكنة وهي في الحقيقة بين الهمزة والياء الساكنة، ويدل على أنه أراد هذا: قوله في التيسير (كالياء) فجاء بكاف التشبيه: لأن الهمزة المسهلة إذا كانت مكسورة ففيها شبه من الياء وليست ياء خالصة، ويدل عليه أيضًا قوله آخر الباب (وحكم تسهيل الهمزة في البابين أن تجعل. بين الهمزة وبين الحرف الذي منه حركتها ... إلى آخر كلامه (¬6) يعني بالبابين هذا الباب والباب الذي قبله. ¬
وقوله في الهمزة الثانية (كالياء الساكنة) لا ينبغي أن نفهم منه أن همزة بين بين تكون ساكنة بل لابد من تحريكها، وإنما أراد أنها تجعل بين الهمزة والياء التي هي حرف مد كما أن المضمومة إذا سهلت تجعل بين الهمزة والواو (¬1) التي هي حرف مد، فالساكنة هنا وصف للياء المشبهة بها لا للهمزة الملينة؛ ويدل على صحة ذلك أن أصل هذه الهمزة الكسر فإذا سهلت بين بين فقد غيرت تغييرًا يخصها في ذاتها فلو سكنت لكان إسكانها تغييرًا ثانيًا يلحقها في صفتها العارضة لها وهو غير التغيير الأول ولا تلازم بين هذين التغييرين، وإِذا كان كذلك لم يلزم من حصول أحدهما حصول الآخر فلو أرادهما معًا لنص عليهما وهو لم يرد إلا التغيير الأول خاصة؛ ويدل على صحة هذا أيضًا أن همزة بين بين لا تسكن عند الحذاق من النحويين وجلة المقرئين. وهذا موجود من كلام الحافظ وغيره، ولهذا لم تسهل قط الهمزة التي أصلها السكون بين بين وإنما تسهل بالبدل الخالص، وأيضًا فلو سكنت مع التسهيل لأدى ذلك إلى التقاء الساكنين في كل موضع يكون بعد الهمزة الثانية حرف ساكن نحو {هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ} (¬2) و {مِنَ وَرَآءِ إِسْحَقَ} (¬3) و {لَا أبْنَآءِ إِخْوَانِهِنَّ} (¬4) وهو قبيح؛ إِذ (¬5) لم يكن الأول حرف مد والثاني مدغمًا كما تقدم في باب الإِدغام الكبير. فإن قيل: فقد ذكر عن ورش وقنبل إبدال هذه الهمزة ياء خالصة ¬
ساكنة وفيه التقاء الساكنين؟ فالجواب: أنه أيضًا ضعيف وهو مع ذلك أشبه إذا كان الساكن الأول حرف مد، فأما إذا كان الساكن الأولي همزة مسهلة لو جوزنا إسكانها فليست بحرف مد، وكذلك إذا وقعت الهمزة طرفًا فإنه لا يوقف عليها إذا سهلت بين بين إلا بالروم نحو: {يَشَآءُ} (¬1) و {مِنَ الْمَآءِ} (¬2) ولا يجوز ذلك في حروف المد ولا يصح الإحتجاج على أنها حرف مد بامتناع العرب من الإبتداء بها، وبامتناع وقوعها مفتوحة بعد كسرة أو ضمة نحو {إِنَّ شَانِئَكَ} (¬3) و {يُؤَلِّفُ} (¬4) ولكن العرب حكمت لها في هذه المواضع بحكم حرف المد: لما فيها من شبه حرف المد وأيضًا فقد نص الحافظ وغيره على أن الهمزة المسهلة بزنتها محققة وهو قول سيبويه، ولو كانت مدًا لكان زمان النطق بها أطول من زمان النطق بالمحققة. قال سيبويه: والمخففة فيما ذكر بمنزلتها محققة في الزنة يدلك (¬5) على ذلك قول الأعشى (¬6). ¬
أأن رأت رجلًا أعشى أضربه ... ريب المنون ودهر مفند (¬1) خبل فلو لم تكن بزنتها محققة لانكسر البيت ثم قال بعد كلام: والمخففة بزنتها محققة ولولا ذلك لكان هذا البيت منكسرًا إذا خففت الأولى، والآخرة (¬2) كقوله: كل غراء إذ ما مبرزت ... إنتهى كلامه (¬3) وتمام هذا البيت: ترهب العين عليها والجسد (¬4). فإن قيل: هذا كله بين إلا أمر واحد وهو سبب الإشكال في كلام الحافظ وهو تفريقه في العبارة بين الهمزة الأولى والثانية فقال في تسهيل الأولى (كالياء المكسورة). وقال في (تسهيل) (¬5) الثانية (كالياء الساكنة)؟ فالجواب أن عبارته وقعت كما ترى ليشعر بحال كل واحدة منهما في مقدار حركتها، وذلك أن الأولى إذا سهلت مكنت حركتها لأنها بعد حرف مد وإلا أشبه التقاء الساكنين، وأما الثانية فإذا سهلت اختلست حركتها وأخفيت هربًا من الثقل: لأن قبلها همزة محركة فلو مكنت حركتها مع أنها وإن كانت مسهلة تشبه المحققة (¬6) لكان فيه شبه من اجتماع همزتين ¬
محققتين محركتين. والله أعلم. وقول الحافظ: (فقنبل وورش يجعلان الثانية كالياء الساكنة) يقتضي أن ورشًا يفعل ذلك في جميع ما ورد منه في القرآن. وقوله: (وأخد على ابن خاقان) (¬1) يقتضي في هذين الموضعين (¬2) خاصة أحد أمرين: إما أن يقرأ لورش بالياء المكسورة قولًا واحدًا فيكون في حكم الإستثناء المطلق من جميع الفصل، وإما أن يقرأ لورش بالوجهين - أعني بتسهيل بين بين كسائر الفصل - وبالبدل أيضًا فيكون في حكم الإستثناء المخصوص برواية ابن خافان؛ فينبغي أن يبحث عن تحقيق مذهبه في كتاب التيسير. فاعلم أنه إنما أسند قراءته برواية ورش في التيسير عن ابن خاقان لا غير؛ وابن خاقان هو الذي استثنى له هذين الموضعين فعلى هذا ليس في التيسير في هذين الموضعين في قراءة ورش إلا البدل (و) (¬3) ذكر في المفردات أنه قرأ هكذا على ابن غلبون، وابن خاقان، وأبي الفتح بجعل الثانية ياء مكسورة بدلًا من الهمزة في هذين الموضعين (¬4) وحاصل قوله في التمهيد أنه قرأ على هؤلاء الأشياخ الثلاثة بالوجهين - أعني بجعل الهمزة الثانية كالياء المكسورة في الموضعين وبجعلها (¬5) بين بين - وقال: (وبهمنا آخذ) إلا أن في عبارته في التمهيد مسامحة فإنه قال فيه: كالياء المكسورة ¬
وهو يعني ياء مكسورة؛ فكان ينبغي أن لا يأتي بكاف التشبيه لأن الكاف لا تعطي تحقيق البدل وإنما تعطي تسهيل الهمزة بين بين. فتأمله؛ وظاهر مذهبه في التيسير الأخذ بجعلها ياء مكسورة في الموضعين. والله أعلم. (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (فإذا اتفقتا بالفتح) (¬1). (ش) اعلم أن الذي ورد من هذا النوع في القرآن تسعة وعشرون موضعًا منها في النساء: {وَلَا تُؤْتُواْ السُّفَهَآءَ أمْوَالَكُم} (¬2) و {أوْ جَآءَ أَحَدٌ مِّنكُم} (¬3) وفي المائدة: {أَوْ جَآءَ أَحَدٌ مِّنكُم} (¬4) وفي الأنعام: {حَتَّى إذَا جَآءَ أحَدَكُمُ الْمَوْتُ} (¬5) وفي الأعراف: {فَإِذَاْ جَآءَ أجَلُهُمْ} (¬6) و {تِلْقَآء أَصْحَب النَّارِ} (¬7) وفي سورة يونس - عليه السلام -: {إِذَا جَآءَ أَجَلُهُمُ} (¬8) وفي سورة هود - عليه السلام -: {حَتَّى إِذَا جَآءَ أَمْرُنَا} (¬9) و {وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا (¬10) و {فَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَلِحًا} (¬11) و {قَدْ جَآء أَمْرُ رَبِّكَ} (¬12) و {فَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا} (¬13) و {وَلَمَّا جَآءَ ¬
أَمْرْنَا نَجَّيْنَا شَعَيبًا} (¬1) و {لَمَّا جَآءَ أَمْرُ رَبّكَ} (¬2) وفي الحجر: {فَلَمَّا جَآءَ آلَ لُوطٍ} (¬3) {وَجَآءَ أَهلُ الْمَدِينَةِ} (¬4) وفي النحل: {فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ}) (¬5) وفي الحج: {وَيُمْسِكُ السَّمَآءَ أَن تَقَعَ} (¬6) وفي قد أفلح {فَإِذَا جَآءَ أَمْرُنَا} (¬7) و {حَتَّى إِذَا جَآءَ أَمْرُنَا} (¬8) و {حَتَّى إِذَا جَآءَ أَحدَهُمُ} (¬9) وفي الفرقان: {إِلَّا مَن شَآءَ أَنَ يَتَخِذَ} (¬10) وفي الأحزاب: {إِن شَآءَ أوْ يَتُوبَ} (¬11) وفي فاطر: {فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ} (¬12) وفي غافر: {فَإِذَا جَآءَ أمْرُ اللهِ} (¬13) وفي القتال: {فَقَدْ جَآءَ أشْرَاطُهَا} (¬14) وفي القمر: {وَلَقْد جَآءَءَالَ فِرْعَونَ} (¬15) وفي الحديد: {حَتَّى جَآءَ أَمْرُ اللهِ} (¬16) وفي ¬
المنافقون: {إِذَا جَآءَ أَجَلُهَا} (¬1) وفي عبس: {إِذَا شَآءَ أَنشَرَةُ} (¬2). وذكر الحافظ المتفقتين بالضم وهو موضع واحد كما ذكم (¬3) وذكر القراءات. وحاصلها في جميع ما تقدم أن الكوفيين وابن عامر يحققون الهمزتين في جميع الأنواع الثلاثة، وورش وقنبل يسهلان الثانية بجعلها بين الهمزة والحرف الذي منه حركتها، فتكون المسكورة بين الهمزة والياء، والمفتوحة بين الهمزة والألف، والمضمومة بين الهمزة والواو. وتقد تقدم القول في حرفي البقرة والنور وأبو عمرو يسقط الهمزة الأولى في الأنواع الثلاثة، وقالون والبزي يسقطان (¬4) الأولى في المفتوحتين خاصة، ويسهلان الأولى من المكسورتين بين الهمزة والياء، والأولى من المضمومتين بين الهمزة والواو ووافق (¬5) الثح والإمام على كل ما تقدم في الباب إلا ما رواه عن ابن خاقان في الحرفين من جعل الثانية ياء مكسورة. وزاد عن ورش وقنبل إبدال الثانية حرفًا ساكنًا من جنس حركة الأولى (¬6) ورجح الإِمام التسهيل ورجح الثح البدل لورش والتسهيل لقنبل، ¬
وقد ذكر الحافظ في التمهيد وغيره البدل عن ورش في الباب كله غير أنه لم يعول عليه في التيسير. والله تعالى أعلم. واعلم أنك إذا وقفت على الكلمة الأولى فلا خلاف بين الحرميين وأبي عمرو في اثبات همزتها محققة كما أنك إذا بدأت بالثانية فلا خلاف أيضًا بين الجماعة في تحقيق همزتها، وإنما يكون التسهيل الذي ذكر أو ¬
الحذف في الوصل؛ وليس في القرآن عن أحد من القراء همزة تسقط أو تسهل في الوصل وتثبت محققة في الوقف إلا ما ذكر في الباب عن أبي عمرو وعن قالون والبزي: والله أعلم. (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (ومتى سهلت الهمزة الأولى ... إلى آخره) (¬1). (ش) يريد: أنما وجب لحرف المد من الزيادة من أجل الهمزة لا يزول بزوال الهمزة في مذهب من أسقطها ولا بتسهيلها في مذهب من سهلها لأن زوالها في الوصل بالحذف أو بالتسهيل عارض فلا يعتد به؛ وقوله: (ويجوز أن يقصر الألف لعدم الهمزة لفظًا) يريد على رأي من يعتد بالعارض. وقوله: (والأول أوجه) يريد إبقاء التمكين وترك الإعتداد بالعارض. (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (فإذا اختلفتا على أي حال كان) (¬2). (ش) قد تقدم أن الذي وجد في القرآن من الهمزتين المختلفتين في الحركة من هذا الباب خمسة أقسام وأذكرها لك الآن بحول الله على التفصيل. القسم الأول: مفتوحة ومضمومة وهو موضع واحد في القرآن وهو {جَآءَ أُمَّةٌ} (¬3) في قد أفلح. القسم الثاني: مفتوحة ومكسورة وجملته في القرآن تسعة عشر ¬
موضعًا: منها موضعان بخلاف وهما: {زَكَرِيَّآءُ إِذْ نَادَى} (¬1) في كهيعص وفي سورة الأنبياء - عليهم السلام -. قرأ حفص وحمزة والكسائي (زكريا) بغير همز، والباقون بالهمز. وباقي المواضع متفق عليها: منها في البقرة: {شُهَدآءَ إذْ حَضَرَ} (¬2) وفي المائدة: {وَالْبَغْضَآءَ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوف} (¬3) و {وَالْبَغْضَاَءَ إلَى يَوْمِ الْقِيامَةِ كُلَّمَا} (¬4) و {عَنْ أَشْيَآءَ ان تبد لكم} (¬5) وفي الأنعام: {شُهَدَآءَ إِذْ وَصَّاكُم} (¬6) وفي التوبة: {أَوْليَآءَ إنِ اسْتَحَبُّواْ} (¬7) و {مَنِ فَضْلِهِ إِن شَآءَ إنَّ اللهَ} (¬8) وفي سورة يونس - عليه السلام -: {شُرَكَآءَ إِن يَتَّبِعُونَ} (¬9) وفي سورة يوسف - عليه السلام -: {وَالْفَحْشَآءَ إِنَّهُ} (¬10) و {وَجَآءَ إِخُوَهُ} (¬11) وفي الكهف: {أَوْليَآءَ إِنَّا أَعْتَدْنَا} (¬12) وفي سورة الأنبياء - عليهم السلام -: {الدُعَآءَ إذَاَ مَا يُنذَرُونَ} (¬13) وفي الشعراء: {نَبَأَ إِبْرَاهِيْمَ} (¬14) وفي ¬
النمل: {الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا} (¬1) وفي الروم: {الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا}) (¬2) وفي آلم السجدة: {الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ} (¬3) وفي الحجرات: {حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} (¬4). القسم الثالث: مضمومة ومفتوحة وجملته في القرآن ثلاثة عشر موضعًا: منها موضعان في قراءة نافع وحده، وهما في الأحزاب {النَّبِيُّ أَوْلَى} (¬5) و {إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا} (¬6) وباقي المواضع متفق عليها - منها في البقرة: {السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ} (¬7) وفي الأعراف: {أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ} (¬8) و {وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ أَنْتَ وَلِيُّنَا} (¬9) وفي التوبة: {زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ} (¬10) وفي سورة هود - عليه السلام -: {وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي} (¬11) وفي سورة يوسف - عليه السلام -: {يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي} (¬12) وفي سورة إبراهيم - عليه السلام -: {وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ (27) أَلَمْ} (¬13) وفي النمل: {يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي} (¬14) {يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ} (¬15) وفي فصلت: ¬
{جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ النَّارُ} (¬1) وفي الممتحنة: {وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا} (¬2). القسم الرابع: مكسورة ومفتوحة وجملته في القرآن ستة عشر موضعًا، منها موضع واحد بخلاف وهو في البقرة: {مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ} (¬3) قرأه حمزة بكسر الهمزة الثانية وقد وقرأة وقرأن الباقون بفتحها. والبواقي متفق عليها - منها في البقرة: {مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ} (¬4) وفي النساء: {هَؤُلَاءِ أَهْدَى} (¬5) وفي الأعراف: {لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ} (¬6) و {هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا} (¬7) و {مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا} (¬8) وفي الأنفال: {مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا} (¬9) وفي سورة يوسف - عليه السلام - {قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ} (¬10) و {مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ} (¬11) وفي سورة الأنبياء - عليهم السلام -: {لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ آلِهَةً} (¬12) وفي الفرقان: {هَؤُلَاءِ أَمْ هُمْ} (¬13) و {مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ} (¬14) (و) (¬15) في الشعراء: {مِنَ السَّمَاءِ} ¬
ءَايَةً} (¬1) وفي الأحزاب: {وَلَا أَبْنَاءِ أخَوَاتِهِنَّ} (¬2) وفي الملك: {مَن فِي السَّمَآءِ أنْ يَخْسِف} (¬3) و {مَن فِي السَّمَآءِ أن يُرْسِلَ} (¬4). القسم الخامس: مضمومة ومكسورة وجملته في القرآن سبعة وعشرون موضعًا: منها خمسة بخلاف أولها: {يَزَكَرِيَّآءُ إِنَّا نُبَشِّرُكَ} (¬5) في كهيعص - قرأ حفص وحمزة والكسائي {يا زكريا} بغير همز والباقون بالهمز. والثاني: {يَأَيُّهَا النَّبِيءُ إِنَّا أرْسَلْنَكَ} (¬6). والثالث: {يَأَيُّهَا النَّبِيءُ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ} (¬7) في الأحزاب. والرابع: {يَأَيُّهَا النَّبِيءُ إِذَا جَآءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ} (¬8) في الممتحنة. والخامس: {يَأيُّهَا النَّبِيءُ إِذَا طَلَّقْتُمُ} (¬9) في الطلاق. قرأ نافع (النبىِء) بالهمزة والباقون بغير همز، والبواقي متفق عليها: منها في البقرة: {مَن يَشَآءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (¬10) وكذلك: {مَن يَشَآءُ ¬
{إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ أَمْ حَسِسبتُمْ} (¬1) و {ولا يَأْبَ الشُّهَدَآءُ إِذَا مَا دُعُواْ} (¬2) وفي آل عمران: {مَن يَشَآءُ إِنَّ فِي ذَالِكَ} (¬3) و {لِمَن يَشَآءُ إِذَا قَضَى} (¬4) وفي الأنعام: {مَن نَشَآءُ إِنَّ رَبُّكَ} (¬5) وفي الأعراف: {وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إنْ أنَا إِلَّا نَذِيرٌ} (¬6) وفي سورة يونس - عليه السلام -: {يَهْدِي مَن يَشَآءُ إِلَي صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (¬7) وفي سورة هود - عليه السلام -: {مَا نَشَآءُ إِنَّكَ لأَنَتَ الْحَلِيمُ} (¬8) وفي سورة يوسف - عليه السلام -: {مَا يَشَآءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ} (¬9) وفي الحج: {مَا نَشَآءُ إِلَى أجَلٍ} (¬10) وفي النور: {شُهَدَآءُ إِلَّا أَنفُسُهُمْ} (¬11) {مَا يِشَآءُ إِنَّ اللهَ} (¬12) {مَن يَشَآءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيم} (¬13) وفي النمل: {يأَيُّهَا الْمَلَؤُاْ إِنَي أُلْقِيَ} (¬14) وفي فاطر: {يَزَيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَآءُ إِنَّ} (¬15) و {أَنْتُمُ الْفُقَرآءُ إلَى اللهِ} (¬16) ¬
و {الْعُلَمَاؤُا إِنَّ اللهَ} (¬1) و {السَّيِّىِءُ إِلَّا بِأَهْلِهِ} (¬2) وفي الشورى: {بِقَدَرٍ مَّا يَشَآءُ إِنهُ بِعِبَادِهِ} (¬3) و {لِمَن يَشَآءُ إِنَاثًا} (¬4) و {مَا يَشَآءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ} (¬5) وليس في القرآن همزة مكسورة بعدها مضمومة، واتفق الكوفيون وابن عامر على تحقيق الهمزتين في هذه الأقسام الخمسة، واتفق الحرميان وأبو عمرو على تحقيق الأولى وتسهيل الثانية، فتجعل في القسم الأول بين الهمزة والواو (و) (¬6) الثاني بين الهمزة والياء وتبدل في الثالث واوًا خالصة وتبدل في الرابع ياء خالصة. ومنعوا في هذين القسمين أن تكون بين الهمزة والألف على حركتها لأنها إذا كانت بين الهمزة والألف تجري في هذا الحكم مجرى الألف الخالصة، فكما أن الألف الخالصة لا تقع بعد كسرة ولا بعد ضمة فكذلك التزموا فيما أشبه. الألف، فلذلك عدلوا إلى البدل الخالص إذ لا يمتنع وقوع الياء الخالصة بعد الكسرة ولا وقوع الواو الخالصة بعد الضمة. وأما القسم الخامس فيسهل بين الهمزة والياء. قال الحافظ: (وهو مذهب النحويين وهو أقيس) (¬7). (وأ زاد الإِمام والحافظ أنها تبدل واوًا على حركة ما قبلها (¬8) ¬
قال الحافظ: "وهو مذهب القراء وهو أثر) (¬1) يعني أنه أكثر استعمالًا عند القراء (و) (¬2) ذكر الإِمام أن بعضهم يجعلها بين الهمزة والواو وقال الأول أحسن (¬3) يعني جعلها بين الهمزة والياء، ولم يذكر الشيخ إلا جعلها بين الهمزة والياء خاصة (¬4) والله أعلم. (م) وقول الحافظ: (والتسهيل لإحدى الهمزتين في هذا الباب إنما يكون في حال الوصل) (¬5). (ش) يريد فإذا وقفت على الكلمة الأولى وبدأت بالثانية حققت الأولى لكل من سهلها في الوصل أو حققها إلا لحمزة وهشام فإنهما يسهلانها (¬6) في الوقف، وأما الهمزة الثانية فلا خلاف في تحقيقها في الإبتداء. ¬
(م) وقوله: (لكون التلاصق فيه) (¬1). (ش) الكون هنا بمعنى الوجود والحصول؛ وعند حصول الهمزتين متلاصقتين في اللفظ تضاعف الثقل، فاحتيج إلى التسهيل طلبًا للتخفيف. (م) وقوله: (وحكم تسهيل الهمزة في البابين). (ش) يريد في هذا الباب والباب الذي قبله. (م) (أن تجعل بين الهمزة وبين الحرف الذي منه حركتها) (¬2). (ش) هذا القول يقتضي أن يكون في: {ءَانذَرْتَهُمْ} (¬3) وبابه في قراءة ورش بين الهمزة والألف، لأنها مفتوحة بعد فتحة، وقد تقدم القول فيه. (م) وقوله: (ما لم ينفتح وينكسر ما قبلها) (¬4) (ش) يريد نحو {مِنَ الْمَآءِ أَوْ مِمَّا} (¬5) وهو القسم الرابع. (م) قال: (أو ينضم) (¬6) (ش) يريد نحو: {السُّفَهَآءُ ألَا} (¬7) وهو القسم الثالث. وكلامه إلى آخر الباب بين وقد مر بيان مقتضاه. والله أعلم. ¬
(م) [باب ذكر الهمزة المفردة]
(م) [باب ذكر الهمزة المفردة] (¬1) (ش) اعلم أن مذاهب (¬2) القراء في الهمزة المفردة على الجملة أربعة: الأول: تحقيق الهمزات كلها في الوصل وتسهيلها في الوقف وهو مذهب حمزة ويوافقه هشام في الهمزة المتطرفة على ما يأتي بحول الله تعالى. الثاني: تحقيق بعض الهمزات في الحالين وتسهيل بعضها في الحالين وهو مذهب ورش وأبي عمرو في بعض الهمزات السواكن. الثالث: تحقيق بعض الهمزات المتحركات في الإبتداء وتسهيلها في الوصل وهو مذهب اختص به ورش. الرابع: تحقيق جميع الهمزات في الحالين وهو مذهب الباقين من القراء إلا مواضع قليلة يسهلها بعضهم حسب ما هو مذكور في فرش الحروف. ¬
(م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (اعلم أن ورشا كان يسهل الهمزة المفردة سواء سكنت أو تحركت إذا كانت في موضع الفاء من الفعل) (¬1) (ش) اعلم أن الهمزة المفردة تنقسم إلى متحركة وساكنة: أما الساكنة فتكون فاء وعينًا ولامًا. فإذا كانت فاء فورش يسهلها (¬2) في جميع القرآن إلا في أصل واحد وهو ما تصرف من لفظ {المأوى} نحو {مَأْوَاكُمُ} (¬3) و {مَأْوَاهُمُ} (¬4) و {فَأْوُواْ} (¬5) و {تؤْوِي} (¬6) و {تؤْوِيهِ} (¬7) حيث وقع فإنه يحقق همزه وما عدا هذا الأصل فإن يبدله ¬
بعد الفتحة ألفًا نحو: {تَأْلَمُونَ} (¬1) و {يَأْلَمُونَ} (¬2) و {مَأْمَنَهُ} (¬3) و {اسْتَأْذَنَكَ} (¬4) و {يَسْتأْخِرُونَ} (¬5) و {الْمُسْتَئخِرِينَ} ((¬6) {وَأْمُرْ أَهْلَمَ بِاَلصَّلَوةِ} (¬7). وياء بعد الكسرة نحو: {الذِي آؤْتمِنَ} (¬8) و {أَنِ آئْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (¬9) وواوًا بعد الضمة نحو {يُؤْمِنُ} (¬10) و {يُؤْثِرونَ} (¬11) و {الْمُؤْتونَ} (¬12) وكذلك {آؤْتُمِنَ} إذا ابتدئ به؛ فإن كانت الهمزة الساكنة عينًا فإنه يحققها أبدًا إلا في {بِئْرٍ} (¬13) و {الذِّئْبُ} (¬14) و {بِئْسَ} (¬15) و {بِعَذَابٍ بَئِسٍ} (¬16) حيث وقع (و) (¬17) كذلك إن كانت لاما حققها أبدًا. ¬
وأما الهمزة المتحركة فإنه لا يسهلها إلا بأربعة شروط: الأول: أن تكون فاء الكلمة. الثاني: أن تكون مفتوحة. الثالث: أن يكون قبلها ضمة. الرابع: أن تكون الضمة في حرف زائد حاصل في بنية الكلمة، وجملته في القرآن ثلاثة أسماء ومضارع أربعة أفعال: فالأسماء {مُؤَذِّنٌ} (¬1) و {مُؤَجَلًا} (¬2) و {الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُم} (¬3). والأفعال {يُؤَيّدُ} (¬4) و {يُؤَلِّفُ} (¬5) و {يُؤَدِّ} (¬6) كيفما جاء و {يُؤَخِّرُ} (¬7) كيفما جاء لا غيرد فإن كانت الهمزة المتحركة عينًا لم يسهلها نحو {الْفُؤَادَ" (¬8) إلا ما كان من لفظ {أَرَأَيْتَ} (¬9) فإنه يجعلها بين الهمزة والألف، وكذلك إن كانت لامًا لم يسهلها إلا في موضعين: أحدهما: {آلنَّسِيئُ (¬10) فإنه يبدل من الهمزة ياء ويدغم ما قبلها فيها. ¬
والثاني: {رِدُءَاَ} (¬1) فإنه ينقل الحركة إلى الدال كما هو مذكور في سورة القصص (¬2) وافقه قالون في هذا الحرف الأخير وفي {أَرأَيْتَ} على التسهيل. فإذا عرفت هذا فاعلم أن إطلاق الحافظ التسهيل على الهمزة الساكنة الواقعة في موضع الفاء حسن لأنها تسهل كما قال إلا في باب الإيواء كما تقدم وأما إطلاقه في المتحركة فكان ينبغي أن لا يفعل لأن الذي يسهل منها يسير وهو ما ذكرته لك - ألا ترى أنه دخل عليه كل همزة هي فاء الكلمة سواء كانت مفتوحة أو مكسورة أو مضمومة وسواء كانت بعد ضمة من نفس الكلمة كما ذكرت لك أو لم تكن. نحو: {ءَامَنَ} (¬3) و {فَأَخَذَهُم} (¬4) و {أَجَلٍ} (¬5) و {بِأَمرِنَا} (¬6) و {مَئارِبُ} (¬7) و {لَبِإِمامٍ} (¬8) و {أُخِذُواْ} (¬9) و {أُمِرُواْ} (¬10) و {أُحِلَّتْ} (¬11) إلى غير ذلك. ¬
وإخراج القليل بالإستثناء وإبقاء الكثير أولى من العكس. والله تعالى أعلم. وذكر الحافظ في المتحرك (¬1) {لَا تُؤَاخِذنَا} (¬2) وقد ذكر في (إيجاز البيان) أنه من (واخذ) وقد تقدم هذا في باب المد إذا كانت الهمزة قبل حرف المد فعلى هذا لا يكون (يؤاخذ) من هذا الباب فلا يحتاج أن يذكره فيما يسهل (¬3) ورش بل كان ينبغي أن ينبه على أن أصله في قراءة ورش الواو؛ والله - عَزَّ وَجَلَّ - أعلم. (م) وقوله: (واستثنى من الساكنة ...... كذا) (¬4). (ش) تقدم وهو استثناء الأقل وإبقاء الأكثر وهو حسن. (م) وقوله: (ومن المتحركة ... كذا) (¬5). (ش) فيه استئناء الأكثر وإبقاء الأقل كما تقدم وامتنع تسهيل هذه المتحركة بين الهمزة والألف وإن كانت مفتوحة لأجل الضمة التي قبلها على ما تقدم في الباب قبل هذا ولزم إبدالها واوًا خالصة لذلك وكتبت بالواو رعيًا للتسهيل. ¬
(م) وقوله: (والباقون يحققون الهمزة في ذلك كله) (¬1). (ش) ليس هذا على إطلاقه لأن أبا عمرو يسهل كل ما ذكر من الهمزات السواكن، وحمزة إذا وقف يسهل كل ما ذكر من الساكنة والمتحركة. (م) وقوله: (ولأبي عمرو وحمزة وهشام مذاهب أذكرها بعد) (¬2). (ش) ليس فيه بيان ولا اشعار بأنهم يسهلون (¬3) شيئًا من هذا الباب؛ بل الذي يسبق إلى الفهم أن مذاهبهم (¬4) منصرفة (¬5) إلى غير ما ذكره في هذا الباب بدليل قوله قبل: (والباقون يحققون الهمزة في ذلك كله) إلا ما يذكره (¬6) من مذهب أبي عمرو وحمزة. والله تعالى أعلم. ¬
(م) [فصل]
(م) [فصل] قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (وسهل ورش (أيضًا) (¬1) الهمزة في (بئس) و (بئسما) و (بئر) و (الذئب) و (لئلا) في جميع القرآن). (ش) إنما فصل هذه الكلمات لأنه تكلم أولًا في الهمزة التي هي فاء الكلمة، والهمزة في هذه الألفاظ عين إلا في (لئلا) فإنها همزة (أن) الخفيفة وهي حرف من حروف المعاني، والحروف لا توزن. والتسهيل في هذه الكلمات بإبدال الهمزة ياء لإنكسار ما قبلها كما أبدلت فيما تقدم بحسب حركات ما قبلها - وجميع ما في القرآن من (لئلا) ثلاثة مواضع: أحدها: في البقرة: {لِئَلَّا يَكونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ} (¬2). والثاني: في النساء: {لِئَلَّا يَكونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّة} (¬3). ¬
والثالث: في الحديد: {لِئلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ} (¬1) ولم يذكر في هذا الموضع {بِعَذَالٍ بَئِسٍ} (¬2) الذي في آخر الأعراف وسيذكره في فرش الحروف بما فيه من الخلاف (¬3). ولو نبه عليه أنه سيذكره في موضعه لكان حسنًا كما فعل في الباب بعد هذا لما ذكر {ءَالْئَنَ} (¬4) و {عَادًا الأُولَى} (¬5) واتفق ورش وقالون على تسهيله بالبدل، فأما قوله تعالى: {لِيَهَبَ لَكِ} (¬6) في سورة كهيعص في قراءة ورش (¬7) ومن وافقه فليس من باب التسهيل وإنما الياء حرف مضارعة على قصد الإخبار عن الغائب كما أن من قرأه بالهمزة قصد الإخبار عن المتكلم وذكر الحافظ (¬8) موافقة الكسائي على تسهيل (الذئب) ولم يسهل من الساكنة غيره، وأما المتحركة فيسهل منها همزتين: أحداهما: الهمزة في الأمر من (سأل) بعد الفاء والواو نحو: {وَسَلُواْ اللهَ مِن فَضْلِهِ} (¬9) و {فَسلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ} (¬10) و {وَسَلْ مَنْ أَرسَلْنَا قَبْلَكَ} (¬11). ¬
أسقط الهمزة وجعل حركتها على السين مثل ما فعل ابن كثير كما يأتي في النساء (¬1). والثانية: الهمزة في (رأيت) إذا دخل على الكلمة ألف الإستفهام أسقطها كما هو مذكور في سورة الأنعام (¬2). (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (والباقون يحققون الهمزة في ذلك كله حيث وقع) (¬3). (ش) يريد في هذه الألفاظ الخمسة التي ذكر في هذا الفصل؛ وكان ينبغي أن يقول: إلا ما يذكر عن أبي عمرو وحمزة. والله تعالى أعلم. والشيخ والإمام يوافقان الحافظ على كل ما في هذا الباب. والحمد لله وحده. ¬
(م) باب ذكر نقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها
(م) * باب ذكر نقل حركة الهمزة (¬1) * إلى الساكن قبلها (ش) اعلم أن هذا الباب أصل من أصول قراءة ورش ومن شرطه أن تكون الهمزة همزة قطع، وأن تكون أول الكلمة سواء كانت الكلمة إسمًا أو فعلًا أو حرفًا، وأن يكون الساكن آخر الكلمة التي قبل الهمزة غير حرف مد وغير ميم الجمع وغير هاء السكت. أما حروف المد فقد تقدم أنها إذا لقيت الهمزات يزاد في مدها نحو {يإِبرَاهِيمٌ} (¬2) و {فِيءَايتنَا} (¬3) و {قواْ أَنفُسَكُمْ} (¬4). وأما ميم الجمع فقد تقدم أن ورشا يضمها ويصلها بواو إذا وقع بعدها همزة القطع. وكان ينبغي أن ينبه الحافظ عليه في هذا الباب كما نبه على حروف المد، ولكنه ترك ذلك اتكالًا على أنه مفهوم مما تقدم وأما ¬
(هاء) السكت فلم تلقَ الهمزة في القرآن إلا في قوله تعالى: {كَتَبِيَه إِنِي ظَنَنتُ} (¬1) في الحاقة والمختار فيه تحقيق الهمزة. وقد حكى فيها النقل (¬2) وقسم الحافظ الحرف الساكن الذي تنقل إليه حركة الهمزة ثلاثة أقسام: أحدها: التنوين. والثاني: لام التعريف. ¬
والثالث: سائر الحروف. وإنما فعل هذا لأنه رأى أن التنوين زائد على الكلمة يسقط في الوقف عند الِإضافة ومع الألف واللام فنبه على أنه في هذا الباب بمنزلة الساكن غير الزائد فتنقل إليه الحركة كما تنقل إلى غيره ولا يحذف مع الهمزة كما يحذف فيما ذكر؛ وجعل لام التعريف أيضًا قسمًا على حدته لأن لام التعريف تكتب موصولة بما دخلت عليه فهي مع ما دخلت عليه بمزلة كلمة واحدة، ألا ترى إلى كونها تقع بين العامل والمعمون - فتقول: مررت بالرجل وكتبت بالقلم فتفصل بين حرف الجر والإسم المجرور مع شدة اتصال حرف الجر بما دخل عليه. وأصل النقل في هذا الباب أن لا يكون في كلمة واحدة فنبه على أنَّ لام التعريف وإن اشتد اتصاله بما دخل عليه ولكنه مع ذلك في حكم المنفصل الذي ينقل إليه ولم يوجب له اتصاله في الخط أن يصير بمنزلة ما هو من نفس البنية بدليل أنك إذا أسقطته لم يختل معنى الكلمة، وإنما يزول بزواله المعنى الذي دخل بسببه خاصة وهو التعريف. ونظير النقل إلى لام التعريف - إِبقاءً - لحكم الإنفصال عليه وإن كان متصلًا في الخط - ما روى من سكت حمزة على هذه اللام إذا وقعت قبل همزة كما يسكت على سائر السواكن المنفصلة نحو {مَنْءَامَنَ} (¬1) و {قَدْ أَفلَحَ} (¬2) كما يأتي في موضعه بحول الله تعالى. واعلم أن الأصل في حروف المعاني أن تكون مفصولة مما دخلت عليه، وهذا مضطرد فيها (¬3) إذا كانت الكلمة مركبة من حرفين فصاعدًا: ¬
لأنها إذ ذاك يكون لها مبدأ ومقطع فيمكن النطق بها متحركةَ الأول، ساكنة الآخر، فأما إذا كان الحرف الذي للمعنى حرفًا واحدًا من حروف التهجي فإنه يكتب موصولًا بما بعده في الخط إذا كان مما يقبل الإتصال بما بعده كباء الجر وكاف التشبيه وفاء العطف وكذلك لام التعريف؛ أما إذا كان مما لا يقبل الإتصال كألف الإستفهام وواو العطف فلا يكتب إلا مفصولًا في الخط وإن كان في حكم المتصل كما إذا وقع شيء من ذلك في أثناء الكلمة الواحدة نحو (دروع) و (ورود) وإنما كتب ما ذكرته من الحروف مفصولًا في الخط لأن الخط تابع للفظ فإذا كانت الكلمة حرفًا واحدًا من حروف التهجي لم يمكن (¬1) أن تبدأ بها وتقف عليها لأنه يلزم من الإبتداء بها تحريكها ومن الوقف عليها إسكانها ولا يمكن اجتماع الحركة والسكون في الحرف الواحد: ولهذا كان الوقف على الأمر من (وقى)، و (وعى) و (قه) و (عنه) بإثبات هاء السكت ليكون الحرف الموقوف عليه غير المبتدأ به ولهذا (إذا) (¬2) قيل لك (ألفظ بالباء) من (ضرب) قلت (به) فتبدأ (¬3) بالباء بحركتها وتلحقها هاء السكت كما أنك إذا قيل لك (ألفظ بالباء) من (اضرب) قلت (اب) فتبدأ بهمزة الوصف وتقف على الباء بالسكون كما كانت في (اضرب) ليكون المقطع في جميع ذلك غير المطلع. فإذا تقرر هذا فأقول: إذا كان حرف المعنى حرفًا واحدًا من حروف التهجي فليس بمستقل كما تقدم، فلزم اتصاله بما سبق من أجله وهو ما وقع بعده لأن الحرفِ إنما يدل في الأكثر على معنى فيما بعده فصار حرف ¬
المعنى لذلك مع ما بعده كالكلمة الواحدة - ألا تراه لا يستقل في الدلالة على معناه على انفراده وإنما يفهم معناه إذا ذكرته مع ما دخل عليه - فصار بمنزلة زاي (زيد) وراء (رجل) إذ لا يدل واحد منهما على معنى حتى يلتحم بما بعده وتكمل الكلمة - وحينئذ يفهم المعنى ويعرف المسمى؛ فلما لزم هذا الالتحام بالنظر إلى المعنى مع ما تقدم من حكم اللفظ كتب موصولًا بما بعده في الخط إشعارًا بذلك ولأن الخط تابع للفظ كما تقدم فإن كان (¬1) الحرف مما يستقل - وهو المركب من حرفين فصاعدًا - كتب مفصولًا نحو (من) و (عن) و (في) و (لن)؛ فأما (يا) في النداء فإنما كتبت بألف واحدة في نحو (يآدم) و (يآيها) لأنهم استثقلوا تكرار الألف فحذفوا (¬2) (يا) تخفيفًا ولكثرة الإستعمال. وبسبب كثرة الإستعمال كتبوا (يبني) و (يداود) ونحوهما بغير ألف؛ فإذا تقرر هذا فارجع إلى لام التعريف فأقول: هي عند سيبويه حرف واحد من حروف التهجي، وهي اللام خاصة وبها يحصل التعريف. وإنما الألف قبلها ألف وصل ولهذا تسقط في الدرج فهي إذًا بمنزلة باء الجر وكاف التشبيه، مما هو على حرف واحد فلهذا كتبت موصولة في الخط بما بعدها. ويظهر من الكتاب (¬3) أن مذهب الخليل مخالف لمذهب سيبويه - رَحِمَهُمَا اللهُ -: لأن الخليل شبهها بقد؛ وحمل كثير من الناس كلامه على أنها عنده همزة قطع، وعضدوا هذا الظاهر بأشياء: منها أنها تثبت مع ¬
تحريك اللام بحركة النقل نحو (الحَمَر) و (الَرض) وأنها تبدل أو تسهل بين بين مع همزة الإستفهام كقوله تعالى: {قُلْءَاآلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ} (¬1) و (قُلْءَآللهُ أَذِنَ لَكُمْ} (¬2) وأنها مقطوعة في الإسم الأعظم في النداء، في قولنا (يا ألله). وهذه كلها لا دليل فيها على أنها همزة قطع، نص في أنها عنده همزة قطع؛ ولا استيفاء الرد والقبول في هذه المسألة موضع غير هذا، ولكن نبهت هنا على بعض ما قيل في المسالة. وأما جعل الحافظ سائر الحروف قسمًا واحدًا فلا إشكال فيه. (م) وقوله: (على مراد القطع) (¬3). (ش) يريد أنهم نووا بذلك الوقف على الهاء من (كتابيه) ثم الإبتداء بما بعده وإن كان الكلام موصولًا، وإنما احتاج إلى هذا التقرير لأن الهاء في (كتابيه) هاء السكت وحقها أن تثبت في الوقف دون الوصل، فمن وقف هنا عليها فقد أعطاها ما تستحقه من الحكم، ومن وصلها فكأنه قدر أنه وقف عليها، وهذا التقدير يشبه ما يسميه النحويون الحمل على التوهم كقول الشاعر: مشائيم ليسوا مصلحين عشيرة ... ولا ناعبٍ إلا ببين غرابها (¬4) ¬
يخفض ناعب على توهم أنه زاد الباء بعد ليس، فقال: ليسوا بمصلحين ثم عطف عليه بالخفض ومن هذا النوع قراءة الجماعة غير أبي عمر {فأصَّدَّقَ وَأَكُن مِنَ الصّاَلِحِينَ} (¬1) بجزم (أكن) (¬2) حملًا على موضع الفاء لأنه لو لم تثبت الفاء لجزم (أصدق). وعلى هذا تتخرج قراءة نافع - رَحِمَهُ اللهُ - {وَمحْيَايْ} (¬3) بسكون الياء (¬4) كانه نوى الوقف عليها وإن لم يقف وكذلك قراءة قنبل {وِجِئْتُكَ مِن سَبَأْ} (¬5) بسكون الهمزة في الوصل ولا يجوز الوقف على هذين الموضعين لئلا يبتدأ بما بعدهما (لأن ما بعدهما) (¬6) من تمامهما إلا أن يكون الوقف لإنقطاع النفس (أ) (¬7) والنسيان، ثم يوصل بما بعده. والله أعلم. (م) وقوله: (مع تخليص الساكن قبلها) (¬8) (ش) يريد مع إثباته في اللفظ ساكنًا محضًا غير مشوب بشيء من الحركة، ولا بإشارة بروم ولا إشمام، وذكر أنهم اختلفوا في {ءَآلْئَن} في ¬
موضعين من سورة يونس - عليه السلام - وفي {عَادًا الأُولَى} من النجم. وقد ورد النقل في ثلاثة ألفاظ سوى ما ذكر هنا: أحدها: {الْقُرْءَان} (¬1) قراءة ابن كثير بنقل حركة الهمزة إلى الراء في الوصل والوقف. والثاني: صيغة الأمر من {سَألَ} إِذا كان قبله واو العطف وفاؤه نحو {وَسَلِ الْقَرْيَةَ} (¬2) و {فَسَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ} (¬3) حيث وقع؛ نقل ابن كثير والكسائي حركة الهمزة إلى السين في الحالين. والثالث: {رِدَا يُصَدِّقُنِي} (¬4) في القصص؛ نقل نافع حركة الهمزة إلى الداخل في الحالين، وحمزة يوافق على النقل في هذه المواضع في الوقف على ما يأتي من أصله في الوقف. وقد استوفى الحافظ جميع ذلك في فرش الحروف؛ وإنما لم يذكر هنا هذه الألفاظ الثلاثة لأن الهمزة فيها والحرف الساكن في كلمة واحدة بخلاف ما انعقد عليه هذا الباب والله عز وعلا أعلم. ومذهب الشيخ والإمام كمذهب الحافظ في جميع ما ذكر في الباب. والحمد لله رب العالمين. * * * ¬
(م) مذهب أبي عمرو في ترك الهمزة
(م) * مذهب أبي عمرو في ترك الهمزة (¬1) * (ش) أطلق الحافظ القول بترك الهمز في هذا الباب عن أبي عمرو، وخصه في المفردات برواية السوسي (¬2) وحاصل قوله في جامع البيان الإطلاق كما هو في التيسير. وأنا أذكر الآن نص قوله في جامع البيان لتقل عليه ولتحصل منه أمور تقف عليها بحول الله - عَزَّ وَجَلَّ -. قال الحافظ في جامع البيان ما نصه: (اعلم أن أبا عمروكان يترك الهمزة الساكنة سواء كانت فاء أو عينًا أو لامًا ويخلفها بالحرف الذي منه حركة ما قبلها، واختلف أصحاب اليزيدي عنه في الحال الذي يستعمل تركها فيه فحكى (¬3) أبو عمر (¬4) وعامر الموصلي وإسماعيل وإبراهيم من رواية عبيد الله وابن جعفر اليزيدي عنه أن أبا عمرو كان إذا قرأ فأدرج القراءة لم يهمز كما كانت الهمزة فيه مجزومة مثل {يُؤْمِنُونَ} (¬5) ¬
و {يأْكُلُونَ} (¬1) فدل هذا على أنه إذا لم يسرع في قراءته واستعمل التحقيق همز (¬2) إنتهى. قال العبد - رَحِمَهُ اللهُ -: قد حصل من هذا أن أبا عمر (¬3) نقل التسهيل وحصل من قول الحافظ "فدل هذا على أنه إذا لم يسرع في قراءته واستعمل التحقيق همز": أن قوله: فأدرج معناه أسرع خلافًا لمن غاب عنه دنك خنق أن أدرج لا يقال بمعنى أسرع وإنما يقال بمعنى وصل، وبنى على هذا المفهوم أن أبا عمرو إنما يسهل الهمزة الساكنة في الوصل خاصة فإذا وقف حققها بناء منه على أن الدرج لا يقال إلا بمعنى الوصل الذي يقابله الوقف (¬4). قال العبد: ولست أنكر أن الدرج يقال بمعنى الوصل ولكن في غير هذا الموضع، وأما في هذا الموضع فلو فسر الدرج بمعنى الوصل لكان ذلك خلاف الحكمة: إذ الوقف موضع استراحة وتخفيف عن المتكلم والوصل موضع عمل واجتهاد فكيف يتناسب أن يحقق في الوقف ويسهل في الوصل مع ما في تحقيق الهمزة من الثقل. بل مذاهب القراء في ذلك ثلاثة. أحدها: التحقيق في الحالين. والثاني: التسهيل في الحالين كما تقدم. ¬
والثالث: التحقيق في الوصل والتسهيل في الوقف وهو مذهب حمزة وهشام. ولم ينقل أحد عن أبي عمرو ولا غيره من أهل السبع حسبما اشتملت عليه هذه الكتب التي نعتمد عليها التحقيق في الوقف والتسهيل في الوصل ولا يعترض هذا الكلام بما تقدمك عن قالون والبزي وأبي عمرو في باب الهمزتين المتفقتي الحركة من كلمتين حيث سهلوا الهمزة الأولى في الوصل وحققوها في الوقف لأن ذلك باب آخر استثقلوا فيه اجتماع الهمزتين وذلك لا يكون إلا في الوصل وإنما كلامنا هنا في الهمزة المفردة. فتأمل هذا كله تجد الحق بحول الله - عَزَّ وَجَلَّ -. ثم قال الحافظ في جامع البيان ما نصه (وحكى أبو شعيب عنه أنه كان إذا قرأ في الصلاة لم يهمز كما كانت الهمزة فيه مجزومة فدل ذلك على أنه كان إذا قرأ غير الصلاة سواء استعمل الحدر أو التحقيق همز وذكر أبو عبد الرحمن وإِبراهيم من رواية العباس وأبو حمدون وأبو خلاد ومحمد بن شجاع وأحمد بن حرب عن الدوري عنه أن أبا عمروكان إذا قرأ لم يهمز ما كانت الهمزة فيه مجزومة فدل قولهم على أنه كان لا يهمز على كل حال في صلاة أو غيرها وفي حدر أو تحقيق ودل أيضًا قول جميعهم على أنه كان يترك كل همزة ساكنة حيث حلت وأي حرف كانت من حروف الإسم والفعل وبذلك قرأت على شيخنا أبي الفتح عن قراءته على أبي الحسن بن عبد الباقي بن الحسن عن أصحابه عن اليزيدي وعن شجاع عن أبي عمرو ولم يستثنى لي من ذلك شيئًا في رواية اليزيدي واستثنى لي في رواية شجاع من الأسماء: {الْبَأس} (¬1) و {والبأْسَآءِ} (¬2) و {الرَّأْسُ} (¬3) ¬
و {رأسه} (¬1) و {كأس} (¬2) و {كأسا} (¬3) و {الضَّأْنِ} (¬4) و {شَأْنٍ} (¬5) قال: واختلف عنه في {الذِّئْب} (¬6) ومن الفعل قوله تعالى: {لَا يَأْلِتُكُم} (¬7) في الحجرات لا غير فأخذ ذلك علي بالهمز، وعلى ذلك أهل الأداء عن شجاع (¬8) إنتهى ما حكيته عن الحافظ في (جامع البيان) وأرجع الآن إلى كلامه في التيسير فاقول: أطلق الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ - القول في التيسير عن أبي عمرو (¬9) وقد حصل مما تقدم أنه مروي من الطريقين، وافقه الشيخ في التبصرة على ذلك (¬10) وخصه الإِمام برواية السوسي (¬11) وعول الحافظ في التيسير على استعمال ذلك إذا قرأ في الصلاة (أو) (¬12) أدرج القراءة (أو) (¬13) قرأ بالإِدغام الكبير. وقيد الشيخ والإمام بما إذا أدرج القراءة (أو) (¬14) قرأ في الصلاة خاصة (¬15) ¬
ولم أقف لهما على بيان في ذلك إذا قرأ بالإِدغام الكبير غير أن أبا جعفر ابن الباذش - رَحِمَهُ اللهُ - ذكر في باب الإِدغام من كتاب الإقناع أن شريحًا يجيز الهمز مع الإِدغام (¬1) ونص كلامه (قال أبو علي الأهوازي: ما رأيت أحدًا ممن قرأت عليه يأخذ بالهمز مع الإِدغام، والناس على ما ذكر الأهوازي إلا أن شريح بن محمد أجاز الإِدغام مع الهمز وما سمعت ذلك من غيره) (¬2) إنتهى كلام ابن الباذش - رَحِمَهُ اللهُ -. ¬
قال العبد: إن كان هذا الذي أجاز شريح مما نقله عن أبيه أمكن أن يقال إنما لم يقيد ترك الهمز بالإِدغام الكبير لجواز الهمز فيه عنده. والله أعلم. وذكر الحافظ من الأمثلة: {يُؤْمِنُونَ} (¬1) و {يُؤْلُونَ} (¬2) و {الْمُؤْتَفِكَاتِ} (¬3) والهمزة في هذه الثلاثة فاء الكلمة، وذكر {بِئْسَ} (¬4) و {بِئْسَمَا} (¬5) و {الذِّئْبُ} (¬6) و {بِئْرٍ} (¬7) و {الرُّؤْيَا} (¬8) و {رُؤيَاكَ} (¬9) و {كَدَأْبِ} (¬10) والهمزة في هذه الأمثلة عين الكلمة. وذكر {جِئْتَ} (¬11) و {جَئْتُم} (¬12) و {شِئْتُم} (¬13) و {شِئْنَا} (¬14) و {فَادَّارَأْتُم} (¬15) و {اطْمَأْنَنتُم} (¬16) والهمزة في هذه الأمثلة لام الكلمة ثم قال: ¬
(م) (إلا أن يكون سكون الهمزة للجزم نحو ... كذا وجملته تسعة عشر موضعًا) (¬1). (ش) اعلم أن هذه المواضع التسعة عشر منها عشرة (يَشَأْ) بالياء المعجمة من أسفل: الأول في النساء: {إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ} (¬2) والثاني والثالث والرابع في الأنعام: {مَن يَشَإِ اللهُ يُضْلِلْهُ وَمَن يَشَأْ يَجْعَلُهُ} (¬3) و {إِن يَشَأْ يُذْهِبُكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ} (¬4) والخامس في سورة إبراهيم - عليه السلام -: {إِن يَشأْ يُذْهِبُكُم} (¬5) والسادس والسابع في الِإسراء: {إِن يَشَأْ يَرْحَمُكُمْ أَوْ إِن يَشَأْ يُعَذِّبُكُم} (¬6) والثامن في فاطر: {إِن يَشَأْ يُذْهِبُكُمْ} (¬7) التاسع (و) (¬8) العاشر في الشورى: {فَإِن يَشَإِ اللهُ يَخْتِمْ} (¬9) و {إِن يَشَأْ يُسْكِنِ} (¬10). ومنها ثلاثة (نشأ) بالنون: الأول فىِ الشعراء: {إِن نَشَأ نُنَزِّلُ} (¬11) والثاني في سبأ: {إِن نَشَأْ نَخْسِفُ} (¬12) والثالث في يس: {وَإِن نَشَأْ ¬
نُغرِقُهُمْ} (¬1) ومنها ثلاثة (تسؤ) الأول في آل عمران: {إِن تَمُسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ} (¬2) والثاني في المائدة: {إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤُكُمْ} (¬3) والثالث في التوبة: {إِن تُصِبُكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ} (¬4) فهذه ستة عشر موضعًا، والموضع السابع عشر: {أوْ نَنسَأْهَا} (¬5) في البقرة، والثامن عشر: {وَيُهَيِّءْ لَكُمْ} (¬6) في الكهف، والتاسع عشر: {أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ} (¬7) في النجم. واعلم أن هذه المواضع قد اشتملت على قوله تعالى: {مَن يَشَإِ اللهُ يُضْلِلُهُ} في الأنعام و {فَإِن يَشَإِ اللهُ يَخْتِمُ} في الشورى، وهذان الموضعان من أبين الدلائل على صحة ما تقدم من كون أبي عمرو يسهل الهمزة في هذا الباب في الوصل والوقف، وأن تول من زعم أنه يسهلها في الوصل دون الوقف غلط. ووجه الإستدلال أن الهمزة في هذين الموضعين محركة في الوصل لإلتقاء الساكنين، وإنما تسكن في الوقف، فلو كان أبوعمرو يخص (¬8) تسهيل الهمزة الساكنة بالوصل لم يكن لذكر هذين الموضعين فيما يستثنى له من ذلك وجه إذ لا وجه لاستثنائهما بالنظر إلى الوصل لكونهما فيه متحركتين وهو لا يسهل المتحركة، ولا وجه أيضًا لاستثنائهما بالنظر إلى الوقف إذ التسهيل على زعم هذا القائل مخصوص بالوصل. ¬
وقد نص ابن شريح رحمه النّه تعالى على هذه المواضع كلها حرفًا حرفًا، وذكر فيها (¬1) هذين الموضعين (¬2) فليس لقائل أن يقول: ولعل هذين الموضعين غير داخلين في العدد المذكور، ومع هذا فلا يتم العدد المذكور إلا بهذين الموضعين، إذ ليس في القرآن فعل مجزوم وآخره همزة سوى ما تقدم. وإنما ذكرت هنا ذكر ابن شريح لهذين الموضعين في عدد المتستثنيات لأن صاحب هذه المقالة المردودة يعتصم بمذهب ابن شريح، ويزعم أن كلام ابن شريح يدل على أن أبا عمرو لا يسهل الهمزة الساكنة في الوقف، وإنما يسهلها في الوصل، وشمتدل على ذلك بمفهومات له في الكتاب - الكافي - تنزه ابن شريح - رَحِمَهُ اللهُ - أن تكون خطرت بباله (¬3) قط فضلًا عن أن يكون قصدها. وأضربت عن ذكرها هنا صونًا للمداد والقرطاس عن استعمالها في الهذيان، وفيما ذكرته كفاية لأهل الهداية، والله المعين لمن يعتصم به ويستعين. وأرجع إلى كلام الحافظ في التيسير، قال: (م) (أو يكون للبناء نحو ... كذا وجملته أحد عشر موضعًا) (¬4). (ش) اعلم أن جملة هذه المواضع الأحد عشر: أولها في البقرة: ¬
{أَنْبِئُهُم} (¬1) والثاني: {نَبِّئْنَا بِتَأْويِلِهِ} (¬2) في سورة يوسف - عليه السلام -، والثالث والرابع: {نَبِّئْ عِبَادِي} (¬3) و {وَنَبِّئْهُم عَن ضَيْفُ إِبْراَهِيمَ} (¬4) في الحجر، والخامس: {وَنَبِّئُهُمْ أَنَّ الْمَآءَ} (¬5) في القمر، والسادس: {آقْرأْ كِتَابَكَ} (¬6) في الإِسراء، والسابع والثامن: {آقْرَأْ بِآسْمه رَبِّكَ} (¬7) و {آقْرأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَم} (¬8) في العلق، والتاسع والعاشر: {أَرْجِئْهُ} (¬9) في الأعراف والشعراء، والحادي عشر: {وَهَيِّءْ لَنَا} (¬10) في الكهف. ثم ذكر الحافظ بعد هذا خمسة مواضع (¬11) أحدها {تُؤُوِى} (¬12) في الأحزاب، والثاني: {تُؤْوِيهِ} (¬13) في المعارج، وعللهما بأن ترك الهمز فيهما أثقل من الهمز والثالث: {رِءُيًا} (¬14) في {كهيعصَ} (¬15)، وعلله بوقوع الإلتباس بما لا يهمز، والرابع والخامس: {مُؤْصَدَةٌ} (¬16) في البلد ¬
والهُمزةِ وعلل بأن ترك الهمزة مخرج من لغة إلى لغة؛ فكمل من جميع هذه المستثنيات خمسة وثلاثون موضعًا، ونسب (¬1) استثناءها (¬2) من التسهيل واختيار التحقيق فيها لإبن مجاهد، ثم قال: (م) (وبذلك قرأت) (¬3). (ش) يريد على بعض شيوخه لأن تقدم أنه قرأ على أبي الفتح من غير استثناء. (م) قال: (وبه آخذ) (¬4) (ش) يريد باستثناء هذه المواضع فحصل من هذا أنه وافق ابن مجاهد في اختياره التحقيق في هذه المواضع. وقياس هذا الإستثناء في قراءة ابن عمرو يقتضي أن يستثنيها أيضًا لحمزة في الوقف، وأوكدها في ذلك المواضع الخمسة الأخيرة، ولم يستثن لحمزة شيئًا من ذلك، بل نص الحافظ على أن أصحابه اختلفوا في إدغام الحرف المبدل من الهمزة في {رِءيًا} و {تؤْوِي} و {تؤْوِيهِ} اتباعًا للخط، وفي إظهاره لكون البدل عارضًا، ثم قال: (والوجهان جائزان) (¬5) وافق الشيخ والإمام الحافظ على ما تقدم من الإستثناء لأبي عمرو، وتسهيل ما عداها (و) (¬6) ذكر الشيخ والإمام اختلاف ¬
تنبيه
القراءة في رواية أبي شعيب هل تبدل الهمزة ياء في قوله تعالى: {بَارِئِكُم} (¬1) فعب الحرفين (في) (¬2) البقرة أم لا؟ والمختار عندهما الهمزة (¬3) ولم يذكر الحافظ هذه المسألة في التيسير، وذكرها في المفردات بمثل ما ذكرها الشيخ والإمام (¬4). * تنبيه * الهمزة المتطرفة المتحركة في الوصل نحو {أَنشَأْ} (¬5) و {يَسْتَهْزِئُ} (¬6) و {لِكُلَ آمْرِئٍ} (¬7) إذا سكنت في الوقف فهي محققة في قراءة أبي عمرو سواء قرأت برواية التحقيق أو برواية التسهيل، وفي كلام الحافظ في آخر باب التسهيل من رواية أبي شعيب في المفردات ما يدل على صحة هذا (¬8) ولو نبه عليه في التيسير لكان حسنًا. والله جلت قدرته أعلم. * * * ¬
(م) باب مذهب حمزة وهشام في الوقف على الهمزة
(م) *باب مذهب حمزة وهشام في الوقف (¬1) على الهمزة * (ش) دونك قانون التسهيل مجملًا، ثم بحسب مسائل الباب مفصلًا. اعلم أن الهمزة تأتي في الكلمة أولًا ووسطًا وطرفًا والتسهيل يستعمل في المتطرفة والمتوسطة. فأما التي في أول الكلمة فإن بدأت بها لم يجز تسهيلها، وإن وصلتها بما قبلها جاز فيها من التسهيل ما يجوز في (¬2) المتوسطة على ما يأتي. واعلم أن التسهيل في هذا الباب ثلاثة أنواع: أحدها: جعل الهمزة بين بين: أعني بين الهمز والحرف الذي منه حركتها. الثاني: إبدالها حرفًا من جنس حركة ما قبلها. الثالث: حذفها ونقل حركتها إلى ما قبلها. فأما جعلها بين بين فبابه أن يكون في الهمزة المتحركة وسطًا إذا كان ¬
قبلها ألف أو حركة بشرط أن لا تكون الهمزة مفتوحة بعد كسرة أو ضمة، وأما إبدالها فبابه أن يكون في كل همزة ساكنة وفي الهمزة المفتوحة وسطًا بعد كسرة أو ضمة وفي الهمزة المتحركة مطلقًا بعد واو أو ياء زائدتين للمد وفي الهمزة المتحركة طرفًا بعد حركة، وأما الحذف ونقل الحركة فبابه أن يكون (في) (¬1) كل همزة متحركة مطلقًا إن كان قبلها حرف ساكن صحيح أو ياء أو واو ساكنين غير زائدين، سواء كانا حرفي لين أو حرفي مد. ولم يبقَ من أصناف الهمز في هذا الباب إلا المتحركة طرفًا بعد الألف وسيأتي حكمها بحول الله تعالى. وارجع إلى تفصيل هذه الأصناف بحسب ترتيب الحافظ لها في الباب فأقول: بدأ ابحافظ - رَحِمَهُ اللهُ - ببيان الهمزة المتطرفة (¬2) لأنها أقعد في حكم التسهيل من جهة أن التسهيل نوع من التغيير، والتغيير بالأطراف أحق منه بالأوساط، ومع ذلك فلنقدم ما اتفق عليه حمزة وهشام ويعني (بالمتطرفة) ما ينقطع الصوت عليها ولا يثبت بعدها شيء من الحروف، والاحتراز بهذا من الهمزة المنصوبة المنونة نحو {شَيْئًا} (¬3) و {مَلَجَئًا} (¬4) و {غُثَاَءً} (¬5) فإنه يثبت بعد الهمزة في الوقف ألف بدل من التنوين، فهي بذلك متوسطة، وكذلك الهمزة التي تكون طرف كلمة ويتصل بها ضمير نحو: {أَبْنَآؤكمْ} (¬6) و {أَنشَأَكُمْ} (¬7) و {مِن قَبْلِ أَن نَبْرَأَهَا} (¬8) فجميع هذا ¬
وما كان مثله: الهمزة فيه متوسطة بمنزلتها في {سَأَلَ} (¬1) و {اشْمَأَزَّتْ} (¬2) فافهم. (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (فإِذا سهلا المضموم ما قبلها أبدلاها واوًا في حال تحريكها وسكونها) (¬3). (ش) إنما خصت الهمزة الساكنة المتطرفة بعد الضمة بإبدالها واوًا في الوقف ولم تحذف لأنه لا موجب لحذفها، ولم تجعل بين بين: لأن همزة بين بين لا تكون إلا متحركة، وكلامنا هنا إنما هو في الساكنة. واعلم أن الهمزة الموقوف عليها إن كانت ساكنة في الوصل فلا إشكال في كونها ساكنة في الوقف (¬4) مثاله قولك: (لم يسؤ) و (لم ينؤ) ولم يقع في القرآن ساكنة بعد ضمة، فأما إن كانت متحركة في الوصل فإنك إذا وقفت عليها تسكنها فتصير مساوية إذ ذاك لما كان ساكنًا في الوصل، ثم تبدلها واوًا إيثارًا للتخفيف. وهذا النوع يمكن أن تكون في الأصل متحركة بالضم كقوله تعالى: {إِنِ امْرُؤٌ} (¬5) و {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ} (¬6) ويمكن أن تكون متحركة بالكسر كقوله تعالى: {كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ} (¬7) ويمكن أن تكون متحركة ¬
بالفتح كقولك: (رأيت اللؤلؤ) غير أنه لم يقع في القرآن. تنقير (¬1) قوله - رَحِمَهُ اللهُ - في هذا الفصل: (إبدالها واوًا في حال تحريكها وسكونها) كلام خرج غير معتنى بتصحيحه إذ ليس في القرآن همزة متطرفة ساكنة بعد ضمة، وكذا نص هو عليه بإثر هذا الكلام فظهر في كلامه تنافر - لكن - يتخرج كلامه على أنه أطلق بحسبما يقتضيه القياس في الساكنة لو وجدت بعد الضمة. ولو أسقط التقييد بقوله: (في حال تحريكها وسكونها) وأتى بالمُثل متصلة بقوله: (أبدلاها واوًا) ثم أتبعه بقوله: (ولم تأت في القرآن ساكنة) لكان حسنًا صحيحًا. والله أعلم. (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (وإذا سهلا المكسور ما قبلها أبدلاها في الخالين ياء) (¬2) (ش) يعني في حال تحريكها وسكونها، وهذا صحيح وتعليل هذا الإبدال كتعليله بعد الضمة فلم تحذف لعدم موجب الحذف، ولم تجعل بين بين لكونها ساكنة، وقد وجدت الساكنة والمتحركة بعد الكسرة في القرآن؛ فمن الساكنة قوله تعالى: {وَهَيِّئْ لَنَا} (¬3) و {يُهَيِّئْ لَكُمْ} (¬4) و {نَبِّئْ عِبَادِي} (¬5) وكذلك {مَكْرَ السَّيِّئِ} (¬6) على قراءة حمزة فإنه يسكنها في الوصل. ¬
وأما المتحركة فجاءت في القرآن مكسورة كقوله تعالى: {لِكُلِّ امْرِئٍ} (¬1) و {مِنْ شَاطِئِ} (¬2) ومفتوحة كقوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ} (¬3) و {لَقَدِ اسْتُهْزِئَ} (¬4) ومضمومة كقوله تعالى: {يُبْدِئُ} (¬5) و {تُبَوِّئُ} (¬6) فتقف على جميع هذه الأمثلة وما أشبهها بالياء بدلًا من الهمزة كما تقف فيما تقدم بالواو. والله أعلم. (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (وإذا سهلا المفتوح ما قبلها أبدلاها في الحالين ألفًا) (¬7). (ش) يعني في حال حركتها وسكونها، وهذا أيضًا صحيح على ما تقدم والتعليل كالتعليل فمثالها ساكنة قوله تعالى: {اقْرَأْ} (¬8) و {إِنْ يَشَأْ} (¬9) و {أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ} (¬10) وأما المتحركة فجاءت في القرآن مفتوحة كقوله تعالى: {أَنْشَأَ} (¬11) و {بَدَأَ} (¬12) و {أَنْ لَا مَلْجَأَ} (¬13) ومكسورة ¬
كقوله تعالى: {مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ} (¬1) و {مِنْ مَلْجَإٍ} (¬2) و {مِنْ حَمَإٍ} (¬3) ومضمومة كقوله تعالى: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ} (¬4) و {وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا} (¬5) و {يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ} (¬6) و {نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ} (¬7) و {يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ} (¬8). (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (والروم والإشمام ممتنعان في الحرف المبدل من الهمزة لكونه ساكنًا محضًا) (¬9). (ش) يريد في جميع ما تقدم؛ وهذا الحكم بين فيما أصله السكون في الوصل - فأما الهمزة التي أصلها التحريك - فقد يتوهم أنه يمكن استعمال الروم والإشمام فيما أصله الرفع، والروم خاصة فيما أصله الكسر؟ والجواب: أن الوقف بالتسهيل على هذا النحو من الهمزات ذكر فيه وجهان: أحدهما: الإبدال كما ذكر الحافظ هنا، وكأنه مبني على أن تكون قد سكنت في الوقف، فلما سهلتها أبدلتها على حركة ما قبلها، فإذا كان كذلك لم يكن روم ولا إشمام؛ لأنك إنما أبدلت من همزة ساكنة: أعني باعتبار الوقف فلم يتصور في هذه الحروف روم ولا إشمام إذ لا أصل لها ¬
في الحركة إذ قد عزم على أن تكون مبدلة من ما حكم له بالسكون في الوقف، ومع هذا فإن هذه الحروف المبدلة لما لم تثبت في الوصل أشبهت الهاء التي يوقف عليها بدلًا من تاء التأنيث المتصلة بالإسم نحو (الجِنَّةِ) (¬1) فإنهم منعوا الروم والإشمام فيها وإن كانت مبدلة من التاء المتحركة في الوصل بالرفع أو الخفض؛ لكون الهاء لم تثبت في الوصل قط فلا حظَّ لها في الحركة التي للتاء في الوصل. والوجه الثاني من التسهيل لهذا النحو من الهمزات (¬2) جعلها بين بين، فإذا كان كذلك لزم الروم من جهة أن همزة بين بين لا تسكن. نص على هذا الشيخ التبصرة (¬3) والإمام في الكافي (¬4). والحافظ في غير التيسير، ورجح الشيخ والإمام الوقف بالبدل، كما عول عليه الحافظ هنا. (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (فإذا سكن ما قبل الهمزة وسهلاها ألقيا حركتها على ذلك الساكن وأسقطاها إن كان ذلك الساكن أصليًا غير ألف) (¬5). (ش) اعلم أن الساكن قبل الهمزة المتطرفة جاء في القرآن على وجهين: صحيحًا ومعتلًا، أما الصحيح فجاءت الهمزة بعده مفتوحة في قوله ¬
تعالى: {يُخْرِجُ الْخَبْءَ} (¬1) لا غير، ومكسورة في قوله تعالى: {بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} (¬2) و {بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ} (¬3) لا غير، ومضمومة في قوله تعالى: {دِفْءٌ} (¬4) و {مِلْءُ الْأَرْضِ} (¬5) و {يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ} (¬6) و {لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ} (¬7) لا غير. وأما الساكن المعتل فأما أن يكون ألفًا وسيأتي الكلام فيه وإما أن يكون واوًا أو ياء وهما قسمان: الأول: أن يكونا زائدين للمد، وسيأتي أيضًا، أو يكونا أصليين سواء كانا حرفي مد أو حرفي لين، فمثال الياء الأصلية حرفَ مد قبل الهمزة المتطرفة {وَجِيءَ} (¬8) و {سِيءَ} (¬9)، و {حَتَّى تَفِيءَ} (¬10) و {يُضِيءُ} (¬11) و {بَرِيءٌ} (¬12) و {الْمُسِيءُ} (¬13) ومثالها حرف لين {شَيْءٍ} (¬14) لا غير. كقوله تعالى: {إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ ¬
عَظِيمٌ} (¬1) و {إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} (¬2) و {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (¬3) ومثال الواو الأصلية حرفَ مد قبل الهمزة المتطرفة قوله تعالى: {لَتَنُوءُ} (¬4) و {تَبُوءَ} (¬5) و {لِيَسُوءُوا} (¬6) في أول سورة الإسراء على قراءة حمزة (¬7) ومن وافقه. {مَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ} (¬8) ومثالها حرف لين (سؤة) كقوله تعالى: {عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ} (¬9) و {لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ} (¬10) و {إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ} (¬11) فهذه جملة الأمثلة الواردة في القرآن مما قبل الهمزة فيه ساكن صحيح أو واو أو ياء ساكنان أصليان وهو (¬12) الذي قصد الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ - في هذا الموضع. وحكم تسهيل الهمزة في جميعها: أن تسقط ويحرك الساكن قبلها ¬
بحركتها، ثم يكون اللفظ في الوقف على ما يجوز في الوقف على المتحرك، فما نقلت إليه الفتحة فالوقف عليه بالسكون لا غير؛ إذ لا ترام الفتحة عند القراء فتقف على {الْخَبْءَ} و {وَجِيءَ} و {لِيَسُوءُوا} بسكون الباء والياء والواو، وما نقلت إليه الكسرة تقف عليه بالسكون أو بالروم نحو {بَيْنَ الْمَرْءِ} و {مِنْ شَيْءٍ} و {مَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ} و {دَائِرَةُ السَّوْءِ} وما نقلت إليه الضمة تقف عليه بالسكون وبالروم وبالإشمام نحو {دِفْءٌ} و {يُضِيءُ} و {الْمُسِيءُ} وبصحة الروم والإشمام في هذه الأشياء يستدل قطعًا على أنك نقلت الحركة من الهمزة ولم تحذفها بحركتها؛ إذ لو حذفتها بحركتها لم يكن فيها قبلها روم ولا إشمام؛ إذ لا أصل له في الحركة. ودليل ثانٍ وهو وجود النقل إذا توسطت بعد الساكن على ما يأتي بعد بحول الله العلي العظيم (و) (¬1) إنما امتنع في هذا النوع من الهمزات البدل؛ من أجل الحرف الساكن الذي قبلها فلو أبدلتها لالتقى ساكنان (¬2) وامتنع أيضًا جعلها بين بين لأن الهمزة الملينة بين بين قريبة من الساكن فامتنع وقوعها حيث يمتنع وقوع الساكن؛ ولهذا امتنعوا من الإبتداء بهمزة بين بين؛ إذ لا يبتدأ بساكن فكذلك ما قرب منه. تنقير: قال الحافظ في هذا الفصل (إذا كان الساكن أصليًا غير ألف) (¬3) ¬
ومفهوم هذا الخطاب يقتضي (¬1) أن الألف قد تكون أصلًا. فاعلم أن الألف لا تكون أصلًا بنفسها لا في الأسماء ولا في الأفعال، وإنما تكون أبدًا: إما زائدة وإما بدلًا من حرف أصلي. أما الزائدة (¬2) فخروجها بهذا القيدين (و) (¬3) أما التي هي بدل من الحرف الأصلي فيمكن أن يعبر عنها بأنها زائدة، وكذا سماها سيبويه؛ لأنها لما لم تكن هي نفس الحرف الأصلي كانت بلا شك غيره، وغير الشيء زائد على الشيء وإن كان قد حل محله. قال سيبويه: في باب الهمز، وإذا جمعت "آدم" قلت أو آدم كما أنك إذا صغرت قلت: "أو يدم" وهذه الألف لما كانت ثانية ساكنة وكانت زائدة - لأن البدل لا يكون من نفس الحروف - فأرادوا أن يكسروا (¬4) هذا الإسم الذي (¬5) قد ثبتت (¬6) فيه هذه الألف: صيروا ألفه بمنزلة ألف خالد (¬7) انتهى. فهذا نص من سيبويه على تسمية الألف المبدلة من الحرف الأصلي زائدة، وأراد بالحروف الكلمة على عادته في التعبير بالحرف عن الإسم والفعل. فإذا تقرر ذلك فاعلم أنه يمكن تخريج كلام الحافظ: على أن الألف المبدلة من الحرف الأصلي يجوز أن ثسمى أصلًا مجازًا من باب تسمية ¬
الشيء بإسم الشيء إذا كان بينهما نوع من التعلق بوجه ما. ويعتضد هذا بأنك تقابل الألف المبدلة من الأصل في الوزن بحرف من حروف الأصول فتقول: وزن (قال) و (باع): (فعل) فتجعل عين "فعل" في مقابلة الألف، ولا تفعل هذا بالزائد الذي ليس مبدلًا من حرف أصلي. فتحصل (¬1) من قوله: (إذا كان الساكن أصليًا) (¬2) خروج الألف الزائدة التي هي غير مبدلة من حرف أصلي نحو الألف في: {السَّمَاءِ} (¬3) و {أَوْلِيَاءَ} (¬4). وتحصل من قوله: (غير ألف) إخراج الألف المبدلة من الحرف الأصلي نحو {شَاءَ} (¬5) و {جَاءَ} (¬6) و {مَاءً} (¬7) على ما تقدم من التوجيه. والله أعلم. (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (فإن كان الساكن زائدًا للمد وكان ياء أو واوًا أبدلا الهمزة مع الياء ياء ومع الواو واوًا وأدغما ما قبلهما فيهما) (¬8). (ش) هذا هو القسم الأول من التقسيم الثاني، والذي جاء منه في ¬
القرآن: {بَرِيءٌ} (¬1) و {النَّسِيءُ} (¬2) وزنهما (فَعيل) و {ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} (¬3) من ذوات الواو، وزنه (فعول) لا غير. وامتنع هنا نقل الحركة إلى الواو والياء، لكونهما زائدين لمجرد المد، فقوى شبههما بالألف التي هي الأصل في حروف المد، ألا ترى أن الياء والواو هنا إنما وضعا لمجرد أصل المد، وإذا كان كذلك فلا سبيل لهما إلى الحركة، كما أن الألف لا تقبل الحركة أبدًا؛ ولهذا أظهروهما إذا وقع بعدهما مماثل لهما كقوله تعالى: {الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ} (¬4) و {آمَنُوا وَعَمِلُوا} (¬5) فإن قيل: فكان يلزم أن لا يدغم في باب (النسئ) و (قروء) لكون الياء والواو فيه حرفي مد، كما لم يدغم {الَّذِي يَدُعُّ} و {آمَنُوا وَعَمِلُوا}؟ فالجواب: أن الضرورة فرقت بين البابين إذ لو لم يدغموا في باب (النسئ) و (قرؤ) للزم أحد أمرين: إما حذف الهمزة بحركتها - وهم لا يحذفون إلا إذا نقلوا الحركة - وإما أن يمدوا مدة مطولة (¬6) في تقدير ياءين وواوين، على ما يراه الحافظ: إذا كان قبل الهمزة ألف، كما يأتي بعد بحول الله تعالى. ولا شك أن الإِدغام أخف من هذا التكلف، ولم تعرض هذه الضرورة في باب {الَّذِي يَدُعُّ} و {آمَنُوا وَعَمِلُوا} - لا سيما - والواو ¬
والياء فيه منفصلتان مما بعدهما بخلاف باب {النَّسِيءُ} و {قُرُوءٍ} والإِدغام في المتصل أقرب منه في المنفصل، ثم إن الإِدغام في باب {قُرُوءٍ} و {النَّسِيءُ} إنما عرض في الوقف - وهو عارض - فلم يحفل به بخلاف باب {الَّذِي يَدُعُّ} و {آمَنُوا وَعَمِلُوا} لأنه لو أدغم لكان ذلك الإِدغام حاصلًا في الوصل - وهو الأصل - فكرهوا أن يبطلوا فيه حقيقة حرف المد بالإِدغام. والله أعلم. وقوله - رَحِمَهُ اللهُ - في هذا الفصل (وكان ياء أو واوًا) يعني الزائد، وتحرز بهذا القيد من الألف الزائدة بمجرد المد؛ لأن حكمها بمحكم المنقلبة عن الأصل، كما يأتي بعد بحول الله تعالى. (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (والروم والإشمام جائزان (¬1) في الحرف المحرك بحركة الهمزة) (¬2). (ش) يريد حيث نقلت الحركة إلى الساكن قبلها على ما تقدم (¬3). (م) وقوله: (في المبدل منها (¬4) غير الألف) (¬5). (ش) يعني في هذا الفصل الذي قبل الهمزة فيه ياء أو واو زائد للمد وقوله: (غير الألف) لأن قوله: (وفي المبدل منها) يستوعب بعمومه ما ذكر هنا، وما بعد مما تبدل فيه الهمزة ألفًا، ولو ترك هذا الإستثناء لم يضر؛ لأنا ¬
كنا نحمل كلامه في جواز الروم، والإشمام على ما ذكر، كما لم يضر ترك الإستثناء في الفصل الأول حيث قال: (والروم والإشمام ممتنعان في الحرف المبدل من الهمزة لكونه ساكنًا محضًا) ولم يحتج هناك بإثر قوله في الحرف المبدل من الهمزة أن يقول ت (غير الواقعة بعد ياء أو واو زائدة للمد) وقوله: (إن انضما) فالحق ضمير الإثنين لأنه يعني الحرف المحرك بالحركة المنقولة من الهمزة، والحرف المبدل بعد حرف المد، وكذا قوله: (والروم إن كسرا، والإِسكان إن انفتحا). تنقير: ما ذكر من جواز الروم والإشمام مع الضم، والروم مع الكسر صحيح لأن الجواز إنما يطلق حيث يصح حكمان فصاعدًا على البدل، ولا شك أنه يجوز في المضموم الروم والإشمام، ويجوز السكون، ويجوز في المكسور الروم والسكون. فأما قوله: (والإسكان إن انفتحا) ففيه مسامحة؛ لأنه لا يجوز عند القراء في المفتوح: روم، ولا يمكن فيه الإشمام - فالسكون إذا لازم له - فكان حقه أن يقول: (ويلزم السكون إن انفتحا). واعلم أن الشيخ والإمام موافقان للحافظ على كل ما تقدم في الباب، وذكر مع ذلك أنه يجوز في (شيء) و (السوء) ونحوهما إبدال الهمزة حرفًا من جنس ما قبلها، وإدغام ما قبلها في المبدل منها: إجراء للياء والواو الأصليتين مجرى الزائدتين لمجرد المد إلا أن الأول أرجح عندهما (¬1). (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (وإن كان الساكن ألفًا ... الفصل) (¬2)، ¬
هذا هو القسم الأول (من التقسيم الأول، الوارد) (¬1) على الحرف المعتل. اعلم أن الهمزة المتطرفة جاءت في القرآن بعد الألف مفتوحة نحو: {جَاءَ} (¬2) و {شَاءَ} (¬3) و {كُلَّمَا أَضَاءَ} (¬4) و {أَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ} (¬5). والألف في هذه الأمثلة مبدلة من حرف أصلي، وكذلك: {وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا} (¬6) و {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ} (¬7) و {جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ} (¬8). والألف في هذه الأمثلة زائدة غير مبدلة من حرف أصلي، وجاءت مكسورة نحو {مِنَ الْمَاءِ} (¬9) ومضمومة نحو {يَشَاءُ} (¬10) وألفهما منقلبة عن أصل و {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ} (¬11) وألفه زائدة غير مبدلة من أصل. واعتمد الحافظ في هذا الفصل على إبدال الهمزة ألفًا وكذلك فعل في المفردات، وقال في المفردات: (وبعض القراء يجعل الهمزة في ذلك كله بين بين، وقد روى خلف عن سليم عن حمزة ذلك فيه منصوصًا والأول أقيس) وحكى الإِمام فيما همزت 5 محركة بالضم أو بالكسر نحو: {يَشَاءُ} و {مِنَ الْمَاءِ} الوجهين، أعني: إبدالها ألفًا، وأن تجعل بين الهمزة ¬
والحرف الذي منه حركتها مع روم الحركة، فأما المفتوحة فلم يجز فيها إلا البدل لامتناع الروم فيها مع كون همزة بين بين لا تسكن (¬1). وحكى أبو جعفر بن الباذش عن أبيه - رَحِمَهُمَا اللهُ - أنه لا يجوز غير البدل بأي حركة تحركت (¬2) قال: لأن سكون الهمزة في الوقف يوجب فيها الإبدال على الفتحة التي قبل الألف الزائدة أو المنقلبة، فهي تخفف تخفيف الساكن لا تخفيف المتحرك (¬3) واعلم أنه ليس في كلام سيبويه فيما علمت بيان في هذه المسألة؛ لأنه لما ذكر الهمزة بعد الألف في باب الهمز ذكرها: إما متوسطة نحو {مَنَاءةَ} (¬4) و {سَائِلٌ} وإما متطرفة موصولة ¬
بكلمة أخرى نحو {جَاءَ أُمَّةً} (¬1) وذكر في ذلك كله جعْلها بين بين، وأطلق القول في موضع آخر عن هذه الباب بأنها تجعل بعد الألف بين بين، ولم يبين هل ذلك في الوقف والوصل أو مخصوص بالوصل، ولم يتعرض في هذا الباب للوقف على شيء من الهمزة؛ فلذلك يقوي الظن أنه حيث أطلق فإنه أراد به الوصل. والله أعلم. وحيث تكلم في الوقف على الهمز من أبواب الوقف لم يتعرص للهمزة الواقعة طرفا بعد الألف فلم يمكن أن أنسب إليه في ذاك مذهبا والله أعلم. (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (ثم حذفت إحدى الألفين للساكنين، وإن شئت زدت في المد والتمكين لتفصل بذلك بينهما ولم تحذف) (¬2) ج (ش) اعلم أنه لا خلاف بين الحافظ والشيخ والإمام - رَحِمَهُمُ اللهُ - أنك إذا أبدلت من الهمزة المتطرفة بعد الألف ألفًا، فإنه يجوز أن تزيد في المد ويجوز ألا تزيد فيه وأن الزيادة أرجح. ثم اختلفوا في التعليل فمذهب الحافظ أنك إذا زدت لم تحذف شيئًا ولكنك نطقت بمدة - هي في التقدير ألف بعد ألف - وإذا لم تزد في المد فإنك حذفت إحدى الألفين، ولم يعين هنا أي الألفين هي المحذوفة، وأما الشيوخ فمذهبه أنه لابد من حذف على كل حال، فإذا مددت قدرت أن المحذوفة هي الألف المبدلة من الهمزة وأبقيت على الألف الأولى ما كانت تستحقه من المد حال ثبوت الهمزة: إذ الحذف عارض فلا يعتد به، وإن قصرت قدرت إن المحذوفة هي الألف الأولى والمبقاة في الألف المبدلة من الهمزة، ولا موجب للزيادة في مدها (¬3). وأما الإِمام فمذهبه أن الثانية هي المحذوفة على كل حال، إلا أنك ¬
إذا مددت قدرت كأن الهمزة ثابتة ولم تعتد بالعارض، وإذا قصرت راعيت اللفظ فاعتدت بالعارض. والله أعلم؛ وتعذر هنا الإِدغام الذي جاز حيث كان قبل الهمزة ياء أو واو زائدة للمد لأن الألف لا تقبل الإِدغام، وذكر الحافظ في أمثلة هذا الفصل (أبناء) فإن كان بتقديم الباء على النون جمع (ابن) فمثاله في القرآن قوله تعالى في المائدة: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ} (¬1) وفي النور: {أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ} (¬2) وفي الأحزاب: {وَلَا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ} (¬3) وفي المؤمن: {أَبْنَاءَ الَّذِينَ آمَنُوا} (¬4) وإن كان تقديم النون على الباء جمع نبأ فمثاله قوله تعالى في سورة هود - عليه السلام -: {تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ} (¬5) وفي سورة يوسف - عليه السلام -: {ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ} (¬6) وفي سورة طه: {مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ} (¬7) وفي القصص: {فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْبَاءُ يَوْمَئِذٍ} (¬8) وفي القمر: {مِنَ الْأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ} (¬9). * * * ¬
(م) فصل
(م) * فصل * قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (وتفرد حمزة بتسهيل الهمزة المتوسطة ... الفصل) (¬1). (ش) اعلم أن الهمزة المتوسطة تكون متوسطة حقيقةً نحو {سَأَلَ} (¬2) {بِئْرٍ} (¬3) وتكون متوسطة مجازًا، وذلك بما يعرض لها من اللواحق نحو {أَنْشَأَكُمْ} (¬4) و {يَسْتَهْزِئُونَ} (¬5) وقد تقدم نحو هذا. وذكر الحافظ أمثلة من الهمزة الساكنة المتوسطة ثم قال: وَكذلك {الَّذِي اؤْتُمِنَ} (¬6) و {لِقَاءَنَا ائْتِ} (¬7) و {فِرْعَوْنُ ائْتُونِي} (¬8) ثم قال: (وشبهه) (¬9). ¬
والذي في القرآن من شبهه قوله تعالى: {يَاصَالِحُ ائْتِنَا} (¬1) و {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي} (¬2) و {إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا} (¬3) و {وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا} (¬4). واعلم أن هذه الأمثلة التي أولها {الَّذِي اؤْتُمِنَ} ليست الهمزات فيها متوسطات، وإنما هي في أوائل الكلمات، لكن لا يمكن ثبوثهن سواكن إلا متصلات بما قبلهن، فأشبهت المتوسطات؛ ولهذا فصلهن مما قبلهن بقوله: {وَكَذَلِكَ} فإن وقفت على شيء من هذه الكلمات لحمزة حكمت في هذه الكلمات حركات ما قبلهن فأبدلتهن أحرفًا من جنس تلك الحركات فإن فصلتهن مما قبلهن وبدأت بهن فلابد من اجتلاب همزة الوصل وتكسرها فيما انكسر فيه ما بعد هذه الهمزات أو انفتح نحو {ائْتِ بِقُرْآنٍ} (¬5) و {ائْذَنْ لِي} (¬6) 9 تضمها إن انضم نحو {اؤْتُمِنَ} (¬7) وتبدل من هذه الهمزات السواكن أحرفًا من جنس حركة همزة الوصل فعلى هذا تقول: {الَّذِي اؤْتُمِنَ} فتبدل من الهمزة ياء في الوقف لحمزة؛ لوقوعها بعد كسرة الذال من (الذي) وقد حذفت الياء من (الذي) لالتقائها ساكنة مع الهمزة الساكنة أو الحرف المبدل منها، فإذا بدأت قلت (اوتمن) فتبدلها واوًا لأجل الضمة في همزة الوصل المعتبرة بضم عين الكلمة، وهي التاء. وتقول في الوقف: {لِقَاءَنَا ائْتِ} (¬8) فتبدل الهمزة ألفًا لوقوعها بعد ¬
فتحة النون، وقد حذفت ألف (لقاءنا) لالتقائها ساكنة مع الهمزة على ما تقدم فإذا بدأت قلت: (ايت) فتبدل الهمزة ياء لأجل الكسرة في همزة الوصل وتقول في الوقف: (وَمِنهُم مَن يَقُولُ ايذن لِي) فتبدل الهمزة واوًا لأجل ضمة اللام، فإذا بدأت قلت: (ايذن لي) فتبدلها ياء لأجل كسرة همزة الوصل، وهكذا كل ما يرد عليك من أمثلة هذا الفصل، وذكر الحافظ الإختلاف في: {رِءْيا} (¬1) و {تُؤْوِي} (¬2) و {تُؤْوِيهِ} (¬3). وقال: (الوجهان جيدان) (¬4). ورجح الشيخ والإمام الإِظهار (¬5) وقد تقدم ذكره في آخر الباب قبل هذا وكذا ذكر في الوقف على {نَبَأَهُمْ} (¬6) و {أَنْبِئْهُمْ} (¬7) مذهبين وقال: (وهما صحيحان) (¬8). ورجح الشيخ والإمام البقاء على الضم وذكر الشيخ مع ذلك أن الكسر مذهب أبي الطيب (¬9). (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (وإذا تحركت الهمزة وهي متوسطة إلى قوله فإن كان ساكنًا) (¬10). ¬
(ش) اعلم أن الساكن قبل الهمزة المتوسطة يتصور فيه من التقسيم مثل ما تقدم في الساكن قبل الهمزة المتطرفة، فيكون ذلك الساكن صحيحًا ومعتلًا، ثم المعتل يكون ألفًا وواوًا وياء، ثم الياء والواو ويكونان أصليين وزائدين للمد، غير أنه لم يقع في القرآن واو زائدة للمد قبل همزة متوسطة. أما الأمثلة فجاءت الهمزة بعد الساكن الصحيح في القرآن مفتوحة نحو {الْقُرْآنُ} (¬1) و {الظَّمْآنُ} (¬2) و {الْمَشْأَمَةِ} (¬3) و {تُسْأَلُونَ} (¬4) و {تَجْأَرُونَ} (¬5) و {وَيَنْأَوْنَ} (¬6) و {خِطْئًا} (¬7) بكسر الخاء و {جُزْءًا} (¬8) و {كُفُوًا} (¬9) و {هُزُوًا} (¬10) على قراءة حمزة (¬11) في هذين الأخيرين (¬12). ¬
ومكسورة في قوله تعالى: {الْأَفْئِدَةَ} (¬1) ومضمومة في قوله تعالى: {مَسْئُولًا} (¬2) و {مَسْئُولُونَ} (¬3) و {مَذْءُومًا} (¬4). وجاءت بعد الياء الأصلية مفتوجة نحو {كَهَيْئَةِ} (¬5) و {اسْتَيْأَسَ} (¬6). وأخواته. و {شَيْئًا} (¬7) و {بَئِيسٍ} (¬8) و {سِيئَتْ} (¬9). وبعد الواو الأصلية مفتوحة في {سَوْءَةَ أَخِيهِ} (¬10) و {سَوْآتِهِمَا} (¬11) و {سَوْآتِكُمْ} (¬12) و {السُّوأَى} (¬13) ومكسورة في {مَوْئِلًا} (¬14) ومصمومة في {الْمَوْءُودَةُ} (¬15) وجاءت مفتوحة بعد الياء الزائدة في {بَرِيئًا} (¬16) و {هَنِيئًا مَرِيئًا} (¬17) و {خَطِيئَاتِكُمْ} (¬18) ¬
و {خَطِيئَةً} (¬1) ومضمومة في {بَرِيئُونَ} (¬2) وحكم التسهيل في هذا الفصل كحكمه في المتطرفة بعد الساكن، فتنقل الحركة إلى الساكن الصحيح وإلى الياء والواو الأصليين، وتسقط الهمزة من اللفظ، وهذا هو مقصود الحافظ بقوله: (فإن كان ساكنًا وكان أصليًا) إلا أنه يستثنى من ذلك (5 زؤا) وحيث وقع و (كفؤا) فتبقى الزاي والفاء على سكونهما، وتبدل الهمزة واوًا، وتحرك بحركة الهمزة، وسبب ذلك أن هاتين الكلمتين كتبتا بالواو فكره حمزة مخالفة خط المصحف. وذكر الحافظ هاتين الكلمتين في فرش الحروف في سورة البقرة، وفي سورة الإخلاص، ولو نبه عليها هنا لكان حسنًا (¬3). ¬
وكذلك ذكر في سورة العنكبوت في الوقت على {النَّشْأَةَ} (¬1) النقل وحذف الهمزة على القياس، وذكر أيضًا جواز إبدال الهمزة ألفًا مع نقل الحركة اتباعًا للخط، وقد حكى سيبويه (المرأة) و (الكماة) بالنقل وبالبدل. وقوله في هذا الفصل (ما لم يكن ألفًا) على حد قوله فيما تقدم (إذا كان الساكن أصليًا غير ألف) وقد مر توجيهه هناك. (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ - (¬2): (وإن كان زائدًا أبدلت وأدغمت إن كان ياء أو واوًا) (¬3). (ش) يريد تبدل من الهمزة حرفًا من جنس ما قبلها في المبدل منها وقد ذكرت أمثلة هذا الفصل، وتقدم أنه ليس في القرآن همزة متوسطة بعد واو زائدة ولكنه جرى كلامه على إطلاق حكم القياس فيها لو وجدت، وهذا مثل ما تقدم في أول الباب حيث قال: (وإذا سهلا المضموم ما قبلها) إلى آخر كلامه هناك. مع أنه ليس في القرآن همزة ساكنة متطرفة بعد ضمة، وإنما أنبه على هذا لئلا يتحير الطالب فيطلب ما ليس بموجود كما ذكرت في باب الإِدغام الكبير. (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (فإن كان الساكن ألفًا ... الفصل) (¬4). (ش) اعلم أن الهمزة في هذا النوع تكون مفتوحة فتجعلها بين الهمزة ¬
والألف كقوله تعالى: {يَتَسَاءَلُونَ} (¬1) و {حَتَّى إِذَا جَاءَنَا} (¬2) و {نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ} (¬3) و {فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً} (¬4) و {فَتَكُونُونَ سَوَاءً} (¬5). وتكون مكسورة فتجعلها بين الهمزة والياء نحو {الْمَلَائِكَةِ} (¬6) و {أُولَئِكَ} (¬7) و {خَائِفِينَ} (¬8) و {وَرَبَائِبُكُمُ} (¬9) (و) (¬10) تكون مضمومة فتجعلها بين الهمزة والواو نحو {جَاءُوا} (¬11) و {بَاءُوا} (¬12) و {أَسَاءُوا} (¬13) و {مَا يَشَاءُونَ} (¬14) و {هَاؤُمُ} (¬15). فإن قيل تقدم أن همزة بين بين قريبة من الساكن ولذلك منع الإبتداء بها ولم تقع بعد شيء من الحروف السواكن في كل ما تقدم؛ لئلا يكون في ذلك شبه من التقاء الساكنين فكيف وقعت هنا بعد الألف؟ قيل لا يمتنع وقوع الساكن بعد الألف إذا كان ذلك الساكن متشبثًا ¬
بالحركة كالساكن المدغم كـ: {دَابَّةٍ} (¬1) و {الطَّامَّةُ} (¬2) فجاز وقوع هذه الهمزة الملينة بعد الألف؛ لأنها وإن أشبهت الساكن بما دخل من التسهيل فليست ساكنة بل متحركة بزنة المحققة كما نص عليه سيبويه حيث أنشد (أأن رأت رجلًا أعمى (¬3) أضرَّ بهِ) (¬4) البيت ولا يلزم التزام هذا في المتطرفة لأن الوقف موضع إسكان، والروم تحريك ضعيف غير ممكن على أنه من حكم للروم بحكم الحركة الممكنة جعلها هناك بين بين أيضًا، كما تقدم. فإن قيل فهلا جعلت بين بين بعد الياء والواو الزائدتين للمد كما فعل ذلك بعد الألف إذا الكل حروف مد؟ فالجواب أنهم جعلوا للهمزة مع الألف حالًا لا تكون (¬5) لها مع الياء والواو: لأن الألف أقعد في باب المد والسكون، ألا ترى أنك لو أردت تحريكها لم تقدر عليه ما دامت ألفًا إلا أن تقلبها ياء أو واوًا أو همزة بخلاف الياء والواو فإنهما يقبلان التحريك، وإن كان يصح وقوع الساكن المدغم بعدهما كقراءة من شدد النون من {أَتُحَاجُّونِّي} (¬6) ¬
و {أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ} (¬1) و {أَرِنَا اللَّذَيْنِ} (¬2) في قراءة ابن كثير. والله أعلم. (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (وإن شئت مكنت الألف قبلها، وإن شئت قصرتها) (¬3). (ش) وجه تمكين الألف أنك أبقيت عليها من المد ما كانت تستحقه مع التحقيق، ولم تعتد بما عرض من زوال نبرتها بالتسهيل، ووجه القصر أنك راعيت اللفظ ولا همز فيه فاعتددت بالعوارض. والله أعلم. (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (وإذا كان ما قبل الهمزة متحركًا) (¬4). (ش) اعلم أن الهمزة إذا تحركت وتحرك ما قبلها فإنها تكون مفتوحة ومكسورة ومضمومة وما قبلها يكون كذلك فيتفقان مرة ويختلفان أخرى، فيحصل من ذلك تسع صور: الصورة الأولى: أن تكون الهمزة مفتوحة بعد فتحة نحو: ¬
{سَأَلَ} (¬1) و {ذَرَأَكُمْ} (¬2) و {مُتَّكَأً} (¬3). الصورة الثانية: أن تكون الهمزة مفتوحة بعد كسرة نحو: {شَانِئَكَ} (¬4) و {مُلِئَتْ} (¬5) و {فِئَةً} (¬6) و {مِائَتَيْنِ} (¬7). الصورة الثالثة: أن تكون مفتوحة بعد ضمة نحو {وَالْفُؤَادَ} (¬8) و {مُؤَجَّلًا} (¬9) و {يُؤَيِّدُ} (¬10). الصورة الرابعة: مكسورة بعد كسرة نحو: {لَخَاطِئِينَ} (¬11) و {الصَّابِئِينَ} (¬12) و {الْمُسْتَهْزِئِينَ} (¬13) وكذلك: {مِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ} (¬14) و {مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ} (¬15) على قراءة حمزة ومن وافقه (¬16). ¬
الصورة الخامسة: مكسورة بعد فتحة نحو {بَئِيسٍ} (¬1) و {حِينَئِذٍ} (¬2) وكذلك {جِبْرِيلُ} (¬3) على قراءة حمزة (¬4) ومن وافقه. الصورة السادسة: مكسورة بعد ضمة نحو {سُئِلَتْ} (¬5). الصورة السابعة: مضمومة بعد ضمة نحو {بِرُءُوسِكُمْ} (¬6). الصورة الثامنة: مضمومة بعد فتحة نحو {رَءُوفٌ} (¬7) و {يَئُوسًا} (¬8) و {لَا يَئُودُهُ} (¬9). الصورة التاسعة: مضمومة بعد كسرة نحو {يَسْتَهْزِئُونَ} (¬10). و {سَنُقْرِئُكَ} (¬11) وكذلك {كَانَ سَيِّئُهُ} (¬12) على قراءة حمزة (¬13) ومن وافقه. ¬
واعلم أن الهمزة في هذه الصور التسع تنقسم ثلاثة أقسام: قسم لا خلاف بين سيبويه وأبي الحسن الأخفش - رَحِمَهُمَا اللهُ - أنه يسهل بالبدل، وقسم لا خلاف بينهما أنه يسهل بين بين، وقسم اختلفا فيه: فسيبويه يجعله بين بين على حركته، وأبو الحسن يبدله حرفًا من جنس حركة ما قبله. والأصل في جميع التسهيل للهمزة المتحركة أن تجعل بين الهمزة والحرف الذي منه حركتها، وإنما يعدل عنه إلى البدل لعارض (¬1). فالقسم الأول: الهمزة المفتوحة بعد الكسرة أو الضم تبدل حرفًا من جنس حركة ما فبلها فيبدلها في {شَانِئَكَ} (¬2) ونحوه ياء، وفي {الْفُؤَادَ} (¬3) ونحوه واوًا؛ وسببه أنك لو جعلتها بين الهمزة والألف لكانت تشبه الألف فلا تقع بعد كسرة ولا بعد ضمة، كما لا تقع الألف الخالصة بعدهما - فلما تعذر تسهيلها على حركتها أبدلت حرفًا من جنس حركة ما قبلها: إذ هي أقرب إليها من حركة ما بعدها كما أن حركتها في نفسها أقرب إليها من حركة ما قبلها، ويدل على أن حركة ما قبل الحرف أحق به من حركة ما بعده: تعذر النطق بالساكن ابتداء وإن كان بعده حركة، وصحة النطق به إذا كان قبله حركة، فإذا تحرك صح النطق به ولم يفتقر إلى أن تكون قبله حركة. والقسم الثاني: المتفق على تسهيله بين بين: كل همزة تتفق حركتها مع حركة ما قبلها أو تكون مكسورة أو مضمومة بعد فتحة - لا خلاف أنها ¬
تجعل بين الهمزة وبين الحرف الذي منه حركتها، وهذا القسم يشتمل على أن الهمزة المفتوحة بعد الفتحة تسهل بين الهمزة والألف، وزاد الشيخ والإمام جواز إبدالها ألفًا، ورجحا الوجه الأول (¬1). والقسم الثالث: المختلف فيه: هو الهمزة المكسورة بعد الضمة، والمضمومة بعد الكسرة: فسيبويه يسهلها بين الهمزة والحرف الذي منه حركتها، وأبوالحسن يبدلها حرفًا من جنس حركة ما قبلها. وحجته أنه لما لزم إبدالها مفتوحة بعد الكسرة، والضمة، ولم يجز جعلها بين الهمزة والألف: لكون الألف لا تثبت بعد الكسرة، ولا بعد الضمة، فلتكن كذلك في ما انضم بعد الكسرة، أو انكسر بعد الضمة؛ لأن المكسورة بعد الضمة لو سهلت بين الهمزة والياء على حركتها لكان فيها شبه من الياء الساكنة - والياء الساكنة لا تثبت بعد الضمة بل تنقلب واوًا، فلتكن هذه الهمزة كذلك. وكذلك المضمومة بعد الكسرة لو سهلت بين الهمزة والواو (¬2) لدخلها شبه من الواو، فينبغي أن تقلب ياء كما أن الواو الساكنة تنقلب بعد الكسرة ياء، وهذا الذي قال أبو الحسن قياس ظاهر غير أن سيبويه قال: إن جعلها بين بين هو قول العرب، والخليل؛ يريد: أنه كلام الفصحاء والمعتمد؛ فإذا أثبت السماع فلا عبرة بالقياس المخالف له، إذ القياس إنما يستعمل فيما لم يرد (¬3) فيه سماع ليتوصل (به) (¬4) إلى وجه كلام العرب لو تكلمت كيف كان ينبغي أن يكون كلامها، وغايته أن يثمر غلبة الظن، فإذا ورد ¬
السماع فقد حصل العلم بكلام العرب، فلا حاجة إذ ذاك إلى القياس، ومع هذا فما قاله أبوالحسن لا ينكر أن يتكلم به بعض العرب قليلًا ولا يطرد، على أن ما حكاه سيبويه من كلام العرب له أيضًا وجه وقياس معتبر يفرق (به) (¬1) بين الألف وبين الياء والواو: بيانه أن الألف لا يمكن وقوعها بعد كسرة ولا ضمة ألبتة. وأما الياء الساكنة فلا يمتنع أن ينطق بها بعد ضمة (¬2) وإن كان ذلك بكلفة وثقل، وكذلك الواو الساكنة يمكن النطق بها بعد الكسرة على ثقل وتكلف (أيضًا) (¬3) فتقول (بيع) بضم الباء وسكون الياء و (قول) بكسر القاف وسكون الواو، ولكن العرب رفضت التكلم بهذه (¬4) الثقلة ولم تجر الهمزة الملينة بين الهمزة والياء (¬5) مجرى الياء الخالصة في ذلك ولا أجرت (¬6) الهمزة الملينة بين الهمزة والواو مجرى الواو الخالصة. والله أعلم (¬7). وذكر الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ - (¬8) في أمثلة الهمزة المفتوحة بعد الكسرة {لِئَلَّا} (¬9) وكان ينبغي أن لا يفعل لأن الهمزة في (لِئَلَّا) إنما توسطت بدخول الزائد عليها، فحقها أن تذكر في الفصل بعد هذا. (م) وقوله: (ثم بعد هذا تجعلها بين بين في جميع أحوالها ¬
وحركاتها وحركات ما قبلها) (¬1). (ش) هذا الإطلاق جار على قول سيبويه؛ لأنه يستوعب المكسورة بعد الضمة، والمضمومة بعد الكسرة وذكر في الأمثلة {يَبْنَؤُمَّ} (¬2) وهوفي الأصل ثلاث كلمات، إحداها: (حرف النداء)، والثانية: (ابن)، والثالثة: (أم) لكنه جعل (ابن) مع (أم) كلمة واحدة فصارت الهمزة فيه بمنزلة المتوسطة في أصل البنية، ويلزم على قوله ألا يختلف في تسهيلها في الوقف، وكذا حكم {حِينَئِذٍ} (¬3) و {يَوْمَئِذٍ} (¬4) وكذا يلزم في {الَّذِي اؤْتُمِنَ} (¬5) وأخواته؛ لأنه إنما يذكر في هذا الفصل ما لا يختلف في تسهيله. (م) وقوله: (ما لم تكن صورتها ياء ... إلى آخره) (¬6). (ش) حكم الوقف على {أُنَبِّئُكُمْ} (¬7) وبابه مما كتب بالياء في كونه يوقف عليه بالياء كحكم (هُزُؤًا) و (كُفُؤًا) في الوقف عليه بالواو اتباعًا للخط. (م) وقوله: (وهو قول الأخفش) (¬8). (ش) يريد في جميع الهمزات إذا انضمت بعد كسرة، فحصل من ¬
هذا أنه يوافق أبا الحسن الأخفش تارة، ويوافق سيبويه أخرى، وذلك بحسب الخط، فيقف على (سَنُقْرِئُكَ) بالياء. لأنه كتب (بالياء) (¬1) ويقف على (يَسْتَهْزِءُونَ) بالهمزة المسهلة بين الهمزة والواو، لأنه كتب بالواو، وقد حصل فيما ذكر الحافظ من أمثلة الهمزة الصور الثلاث (¬2). (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ - (¬3) (وإن انفتحت) (¬4). (ش) يعني بعد الفتحة، لأنه قد تقدم حكمها إذا انفتحت بعد الكسرة أو الضمة، فحصل من هذا الموضع، ومما تقدم الصور الثلاث التي فيها الهمزة مفتوحة، وذكر في أمثلتها {وَيْكَأَنَّ} (¬5) و {وَيْكَأَنَّهُ} (¬6). وهذه الكلمة مركبة من (أن) وما قبلها، وفيه خلاف. قيل بأن (ويك) أصله (ويلك) (¬7)، كما قال عنترة: ولقد شفى نفسي وأبرأ سقمها ... قيل الفوارس ويك عنتر أقدم (¬8) يريد (ويلك) وعلى هذا تكون (أن) محمولة على فعل مضمر كأنه قال (اعلم) (¬9) (أَنَّ اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ) واعلم أنه لا يفلح الكفروان (و) (¬10) ¬
قيل إن (وى) حرف تنبيه (¬1) وفيه معنى التعجب كما تقول (وى لم فعلت كذا)؛ والكاف حرف خطاب فتكون (أن) (¬2) على فعل مضمر كما تقدم، ويبعد عندي جعل الكاف للتشبيه لفساد المعنى إلا على قول من زعم أنها قد تخرج (¬3) عن التشبيه إلى التحقيق واستدل بقول الشاعر (¬4): فأصبح بطن مكة مقشعرًا ... كأن الأرض ليس بها هشام (¬5) وهو يريد (لأن الأرض ليس بها هشام) ولا حجة في هذا البيت على إخراج (كأن) عن معنى التبشبيه (¬6) كما هو مذكور في كتب النحو. ¬
فصل
فحصل من هذا أن الهمزة في (ويكأن) مبتدأة في الأصل، وإنما صارت متوسطة بالتركيب كالهمزة في (يبنوم) مما حكم له بحكم المتوسط الأصلي، ويؤكد أنها عند حمزة كذلك: كونه لا يقف على الياء، ولا على الكاف كما يأتي في باب الوقف على مرسوم الخط بحول الله تعالى. (م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ - (¬1) (وإن انكسرت إلى آخره) (¬2). (ش) ذكر في الأمئله (سُئِلَ) وهو في البقرة في قوله تعالى: {كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ} (¬3) وفي التكوير {سُئِلَتْ} (¬4) وحصل في هذه الأمثلة الهمزة المكسورة بعد الفتحة، وبعد الضمة ولم يذكر التي بعد الكسرة إلا أن يحمل قوله (يومئِذ) على الحرف الذي في سورة هود - عليه السلام - والمعارج لأنه يقرؤهما بكسر الميم كما تقدم وقد تقدم أن (يومئِذ) و (حينئِذ) من قبل المركب من كلمتين. والله أعلم (¬5). * فصل * (م) ب قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (واعلم أن جميع ما يسهله ¬
حمزة من الهمزات فإنما يراعى فيه خط المصحف دون القياس كما قدمناه) (¬1). (ش) يريد ما تقدم حين ذكر (أبِّنكم) وأخواته (¬2). (م) قال: (وقد اختلف أصحابنا في تسهيل ما يتوسط من الهمزات بدخول الزوائد عليهن) (¬3). (ش) قد تقدم في باب نقل الحركة، ذكر السبب الذي لأجله وصل حرف. المعنى بما بعده في الخط إذا كان على حرف واحد من حروف التهجي: فأغنى عن إعادته هنا، وذكر الحافظ في هذا الفصل اختلافًا في التسهيل والتحقيق في الوقف (¬4) فوجه (¬5) التحقيق رعي الأصل، ورفض الإعتداد بالعارض (ووجه التسهيل رعي الخط وتحكم الإعتداد بالعارض) (¬6) وقال في آخر الفصل: (والمذهبان جيدان مهما ورد نص الرواة) (¬7) واعلم أن حاصل قول الإِمام والحافظ في هذا الفصل واحد: وهو أن الكلمة التي أولها همزة إذ أدخل عليها حرف من حروف المعاني مما هو على حرف واحد من حروف التهجي فإنه يجوز في الوقف عليها تحقيق الهمزة وتسهيلها. وكذلك إن اتصل بها ياء النداء وهاء التنبيه مما هو على حرفين من ¬
حروف التهجي، إلا أن الإِمام رجح في هذا الذي هو على حرفين التحقيق، لأنه منفصل مما بعده (¬1). ومذهب الشيخ التحقيق في الجميع (¬2) والله أعلم وأحكم. واعلم أن هذا القول مستغرب من الحافظ كيف يطلق القول بتجويد المذهبين، وقد قال في أول الفصل: إن حمزة يراعي في التسهيل خط المصحف (¬3) أليس أكثر أمثلة هذا الفصل لا تمكن موافقتها بخط المصحف إلا اذا حققت الهمزة وأنها إن سهلت خالفت الخط؟ بيان ذلك أن قوله تعالى: {فَبِأَيِّ} (¬4) و {بِأَهْلِكُمْ} (¬5) الهمزة فيهما (¬6) مفتوحة بعد كسرة، وقد كتبت بالألف فإن سهلت بالبدل على حركة ما قبلها خالفت الخط، ولا يمكن جعلها بين الهمزة والألف لوقوعها بعد الكسرة. وقوله تعالى: {لَأُقَطِّعَنَّ} (¬7) و {يَاأُخْتَ} (¬8) همزتهما مضمومة بعد فتحة، فقياسها أن تسهل بين الهمزة والواو لكن إن فعلت ذلك خالفت الخط لأنها كتبت (¬9) بالألف. فأما حيث يكون الخط موافقًا لمقتضى القياس فهناك (¬10) يحسن أن ¬
يقول (المذهبان جيدان) نحو (لئلا) فإنه كتب بالياء وكذا (بِأييدٍ) فإنه كتب بياءين بعد الألف، فالألف صورة الهمزة لمن حقق، والياء (صورتها لمن سهل، وكذا {بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ} (¬1) وعلى هذا يجري مما ذكره في المتوسطة) (¬2) قبل هذا بتسهيل (يومئِذ) و (حينئِذ) و (يبنؤم) والله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه أعلم وأحكم. ¬
(م) باب ذكر الإظهار والإدغام للحروف السواكن
(م) * باب ذكر الإِظهار والإِدغام للحروف السواكن (¬1) (ش) قد تقدم في أول الكتاب أن الإِدغام صغير وكبير، وتقدم أن الإِدغام الكبير مخصوص بما هو متحرك في قراءة من قرأ بالإِظهار، وأن الإِدغام الصغير وهو الخاص بهذا الباب مخصوص بما يكون الحرف الأول منه ساكنًا في قراءة من أدغمه أو أظهره. ولهذا عبر الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ - بقوله: (للحروف السواكن). واعلم أن الحروف التي يتكلم فيها في هذا الباب تنقسم إلى قسمين: أحدهما: أن يكون الحرف ساكنًا في أصل وضعه. والثاني: أن يكون له أصل في التحريك، لكنه استعمل في الكلام الذي هوفيه ساكنًا لسبب. وأسمى سكون القسم الأول سكونًا أصليًا، والثاني سكونًا عارضًا؛ ¬
فإذا تقرر هذا الإصطلاح فاعلم أنما سكونه أصلي ينحصر في خمسة أحرف، وهي ذال (إذ) ودال (قد) وتاء التأنيث المتصلة بالفعل، واللام من (هل) و (بل) والنون الساكنة، والتنوين. ويلحق بهذا القسم من حيث أنه ساكن في الأصل دال (الصاد) من (كهيعص) ونون السين من (طسم) في السورتيين ومن (يس) و (نون والقلم) وقد ذكر الحافظ الخلاف فيها في مواضعها من فواتح السور فأغنى عن ذكره هنا. فأتكلم الآن على الحروف الخمسة بحول الله تعالى وقوته. ذكر ذال (إذ) (¬1): اعلم أن الحروف الثمانية والعشرين المجموعة في رسم (أبجد) على ضربين: أحدهما: لم (¬2) يقع في القرآن بعد ذال (إذ) وذلك ستة أحرف ... الطاء والميم والثاء والشين المثلثتان والضاد (¬3) والخاء المعجمتان، ويجمعها قولك (طمث شضغ). والضرب الثاني: وقع بعدها، وقو باقي الحروف، وهو على نوعين: أحدهما: أن يكون ساكنًا فيلزم كسر الذال هربًا من التقاء الساكنين، والذي ورد من ذلك في القرآن {وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى} (¬4) و {وَإِذِ ¬
{ابْتَلَى} (¬1) و {لَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ} (¬2) و {إِذِ الْتَقَيْتُمْ} (¬3) و {وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ} (¬4) و {إِذِ انْتَبَذَتْ} (¬5) و {إِذِ الْمُجْرِمُونَ} (¬6) و {إِذِ الْأَغْلَالُ} (¬7). والنوع الثاني: وهو المقصود - أن يكون س الحرف الواقع بعد (إذ) متحركًا وينقسم ثلاثة أقسام: قسم اتفق القراء على إدغام ذال (إذ) فيه. وقسم اتفقوا على إظهازه عنده. وقسم فيه خلاف. القسم الأول: حرفان الذال في قوله تعالى: {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ} (¬8) وليس في القرآن غيره. والظاء في قوله تعالى: {وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ} (¬9) وفي قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} (¬10) وليس في القرآن غيرهما. القسم الثاني: أربعة عشر حرفًا، يجمعها قولك: (ربك أحق غنى ¬
له عفو) فالراء: {إِذْ رَمَيْتَ} (¬1) و {إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا} (¬2)، والباء {وَإِذْ بَوَّأْنَا} (¬3) و {إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ} (¬4)، والكاف {وَإِذْ كَفَفْتُ} (¬5) و {إِذْ كُنْتُمْ} (¬6)، والهمزة {إِذْ أَوْحَيْنَا} (¬7) و {إِذْ أَيَّدْتُكَ} (¬8)، والحاء {إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ} (¬9) والقاف {وَإِذْ قُلْنَا} (¬10) و {إِذْ قَرَّبَا} (¬11)، والغين {وَإِذْ غَدَوْتَ} (¬12)، والنون {إِذْ نَفَشَتْ} (¬13) و {إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِنْ} (¬14) و {وَإِذْ نَتَقْنَا} (¬15) والياء {إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ} (¬16) و {إِذْ يَقُولُ} (¬17) و {إِذْ يَعْدُونَ} (¬18) واللام {إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا} (¬19) {فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ} (¬20) و {وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ} (¬21) و {فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ ¬
عَلَيْكُمْ} (¬1) والهاء {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ} (¬2) و {إِذْ هُمْ نَجْوَى} (¬3) والعين {إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ} (¬4) والفاء {إِذْ فَزِعُوا} (¬5) و {وَإِذْ فَرَقْنَا} (¬6)، والواو {وَإِذْ وَاعَدْنَا} (¬7). القسم الثالث: المختلف فيه ستة أحرف وهي التي ذكر الحافظ ويجمعها قولك (سجز تصد) فالسين {إِذْ سَمِعْتُمُوهُ} (¬8)، والجيم {إِذْ جَعَلَ} (¬9) و {إِذْ جَاءَهُمْ} (¬10) والزاي {وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ} (¬11) والتاء {إِذْ تَبَرَّأَ} (¬12) و {وَإِذْ تَأَذَّنَ} (¬13) و {إِذْ تَأْتِيهِمْ} (¬14) و {إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ} (¬15)، والصاد {وَإِذْ صَرَفْنَا} (¬16)، والدال {إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ} (¬17) فمن القراء من أظهر الذال عند جميعها - وهم الحرميان وعاصم - ومنهم من ¬
أدغم في الجميع - وهما أبو عمرو وهشام - ومنهم من فصل - وهم الباقون - فأدغم ابن ذكوان في الدال خاصة، وأظهر عند البواقي، وأظهر الكسائي عند الجيم خاصة، وأدغم في البواقي. وأما حمزة فأدغم (في) (¬1) الدال، والتاء، وأظهر عند الجيم، واختلف راوياه عند البواقي، وهي حروف الصفير، فأظهر خلف، وأدغم خلاد. وقد بين الحافظ هذا القسم المختلف فيه (¬2) وكان ينبغي له أن ينبه على القسمين الأولين فيقول: واتفقوا على الإِدغام في الذال والظاء، وعلى الإِظهار عند البواقي: إذ قد يتحير الناظر في كتابه حيث لم ينبه على ما ذكرته والله أعلم (¬3). ¬
ذكر دال - قد -
* ذكر دال - قد - * (¬1) اعلم أن من الحروف ما لم يقع في القرآن بعد دال قد، وذلك الطاء المهملة، والثاء المثلثة، والغين المعجمة، وما عدا ذلك فقد وقع بعدها على النوعين المذكورين، فما كان منه ساكنًا كسرت الدال قبله لئلا يلتقي ساكنان نحو {فَقَدِ اهْتَدَوْا} (¬2) و {لَقَدِ ابْتَغَوُا} (¬3) و {لَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ} (¬4) و {لَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ} (¬5) و {فَقَدِ افْتَرَى} (¬6) و {فَقَدِ اسْتَمْسَكَ} (¬7) و {فَقَدِ احْتَمَلَ} (¬8) و {قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ} (¬9) و {لَقَدِ اسْتُهْزِئَ} (¬10) و {لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا} (¬11). ¬
وما كان متحركًا فينقسم ثلاثة أقسام: قسم اتفقوا على إدغام دال قد فيه. وقسم اتفقوا على إظهاره عنده. وقسم فيه خلاف. فالقسم الأول: حرفان الدال في قوله تعالى: {وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ} (¬1) والتاء في قوله تعالى: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ} (¬2) و {قَدْ تَبَيَّنَ} (¬3) في البقرة والقصص (¬4) و {لَقَدْ تَرَكْنَا} في العنكبوت والقمر (¬5) والقسم الثاني: خمسة عشر حرفًا يجمعها قولك: (العفر خير بحقك) (¬6) فالهمزة: {وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا} (¬7) واللام {فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ} (¬8) و {لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ} (¬9) والعين {وَلَقَدْ عَهِدْنَا} (¬10) و {لَقَدْ عَلِمُوا} (¬11) والفاء {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ} (¬12) و {فَقَدْ فَازَ} (¬13) و {وَقَدْ ¬
{فَصَّلْنَا} (¬1)، والواو {قَدْ وَجَدْنَا} (¬2) و {لَقَدْ وَصَّلْنَا} (¬3) و {فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ} (¬4) والخاء {قَدْ خَرَجُوا} (¬5) و {لَقَدْ خَلَقْنَا} (¬6) و {قَدْ خَابَ} (¬7) و {قَدْ خَسِرُوا} (¬8)، و {قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ} (¬9) و {لَقَدْ يَسَّرْنَا} (¬10) و {قَدْ يَئِسُوا} (¬11) والراء {لَقَدْ رَاوَدُوهُ} (¬12) و {فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ} (¬13) و {فَقَدْ رَحِمَهُ} (¬14). والباء {قَدْ بَيَّنَّا} (¬15) و {لَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ} (¬16)، والحاء {لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ} (¬17) و {فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ} (¬18) و {قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ} (¬19)، والقاف {قَدْ قَالَهَا ¬
الَّذِينَ} (¬1)، والكاف {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا} (¬2) و {وَلَقَدْ كُنْتُمْ} (¬3) و {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ} (¬4) و {فَقَدْ كَذَّبُوا} (¬5)، والنون {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ} (¬6) و {وَلَقَدْ نَعْلَمُ} (¬7) و {وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ} (¬8)، والميم {وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى} (¬9) و {قَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ} (¬10) والهاء {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ} (¬11). والقسم الثالث: المختلف فيه، ثمانية أحرف وهي التي ذكر الحافظ في هذا الفصل (¬12) ويجمعها أوائل كلمات هذا البيت: شهدت ضحا ظباء سانحات ... ذكرت زمان جدد صافنات فالشين {قَدْ شَغَفَهَا} (¬13) لا غير، والضاد {قَدْ ضَلُّوا} (¬14) والظاء {فَقَدْ ظَلَمَ} (¬15)، والسين {قَدْ سَأَلَهَا} (¬16) و {قَدْ سَمِعَ} (¬17) و {مَا قَدْ ¬
سَلَفَ} (¬1)، والذال {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا} (¬2)، والزاي {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ} (¬3)، والجيم {قَدْ جَاءَكُمْ} (¬4)، والصاد {وَلَقَدْ صَرَّفْنَا} (¬5) و {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ} (¬6). فمن القراء من أظهر عند الجميع وهم - قالون وابن كثير وعاصم - ومنهم من أدغم في الجميع وهم - أبو عمرو وحمزة والكسائي وهشام - غير أن هشاماً استثنى (لَقَدْ ظَلَمَكَ) في ص فأظهره. ومنهم من فضَّل: فأدغم ورش في الظاء والضاد وأظهر عند (¬7) البواقي، وأدغم ابن ذكوان في الضاد والظاء والذال، واختلف عنه عند الزاي؛ وكان ينبغي للحافظ أن ينبه على القسمين الأولين كما تقدم. وافق الشيخ والإمام على كل ما تقدم إلا في مذهب ابن ذكوان عند الزاي فطريقهما عنه الإِدغام لا غير (¬8). وزاد الإِمام عن هشام الإِدغام (¬9) في (لَقَدْ ظَلَمَكَ) في ص. والله أعلم ¬
ذكر تاء التأنيث المتصلة بالفعل
* ذكر تاء التأنيث المتصلة بالفعل (¬1): اعلم أنه لم يقع بعدها - في القرآن - الضاد ولا الشين المعجمان (¬2) فأما الخاء والذال المعجمان (¬3) فوقعا بعدها في قوله تعالى: {وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ} (¬4) وفي قوله تعالى: {فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى} (¬5) وهذان يلحقان بما وقع بعده ساكن (¬6). فأما البواقي فوقعت كلها بعدها متحركة وقد وقع بعضها أيضاً ساكناً، ولابد من الكسر مع الساكن كما تقدم والذي ورد في ذلك قوله تعالى {وَقَالَتِ الْيَهُودُ (¬7) و {وَقَالَتِ النَّصَارَى} (¬8) و {لَيْسَتِ الْيَهُودُ} (¬9) {لَيْسَتِ النَّصَارَى} (¬10) و {لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ} (¬11) و {قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ} (¬12) {أُنْزِلَتِ ¬
التَّوْرَاةُ} (¬1) و {بَدَتِ الْبَغْضَاءُ} (¬2) و {لَيْسَتِ التَّوْبَةُ} (¬3) و {وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ} (¬4) و {تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ} (¬5) و {أَخَذَتِ الْأَرْضُ} (¬6) و {أَخَذَتِ الَّذِينَ} (¬7) و {مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ} (¬8) و {وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ} (¬9) و {وَقَالَتِ اخْرُجْ} (¬10) و {فَصَلَتِ الْعِيرُ} (¬11) و {وَكَانَتِ امْرَأَتِي} (¬12) و {وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ} (¬13) و {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ} (¬14) و {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ} (¬15) و {وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ} (¬16) و {وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ} (¬17) و {وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ} (¬18) و {وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ} (¬19) و {قَالَتِ الْأَعْرَابُ} (¬20) و {فَأَقْبَلَتِ ¬
امْرَأَتُهُ} (¬1) و {وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ} (¬2) و {رُجتِ الأرْضُ} (¬3) و {بُستِ الْجِبالُ} (¬4) و {قُضِيَتِ الصلوةُ} (¬5) و {حُمِلَتِ الارْض} (¬6) و {كَانَتِ الْجِبَالُ} (¬7) و {جَآءَتِ الطامًةُ} (¬8) و {جَآءَتِ الصاخةُ} (¬9) و {زُلْزِلَتِ الأرْضُ} (¬10) و {أخْرَجَتِ الأرْضِ} (¬11). فأما الحروف المتحركة بعدها فثلاثة أقسام: قسم اتفق القراء على إدغام التاء فيه، وقسم اتفقوا على إظهارها عنده، وقسم اختلفوا فيه. القسم الأول: ثلاثة أحرف في قوله تعالى: {فَمَا رَبِحَت تِجَرَاتُهُمْ} (¬12) و {إِذَا طَلَعَت تَزَاوَرُ} (¬13) و {إذَا غَرَبَت تَقْرِضُهُم} (¬14) و {فَمَا زَالَت تلْكَ دَعْوَاهُمُ} (¬15) و {كَانَت تعْبُدُ} (¬16) و {كَانَت ¬
{تَأْتِيَهُمُ} (¬1)، والطاء في قوله تعالى (¬2) {وَدَّتْ طَائِفَةٌ} (¬3) و {لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ} (¬4) و {وَقَالَتْ طَائِفَةٌ} (¬5) و {ءامَنَتْ طَائِفَةٌ} (¬6) و {كَفَرَتْ طَائِفَةٌ} (¬7) و {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ} (¬8). والدال في قوله تعالى: (¬9) {فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ} (¬10) و {قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا} (¬11). والقسم الثاني: خمسة عشر حرفاً يجمعهما قولك: (العفو غنم حقه كبير) فالهمزة نحو {قَالَتْ أُولَاهُمْ} (¬12) و {كَانَتْءَامِنَةً} (¬13) واللام نحو {أُحِلَّتْ لَكُمْ} (¬14) و {كَانَتْ لَهُمْ جَزَآءً} (¬15) والعين {كُذَبَتْ عَاد} (¬16) و {حُرمَتُ عَلَيْكُمُ} (¬17) و {عَتَتْ عَنْ أمْرِ رَبهَا} (¬18). ¬
والفاء في قوله تعالى: {قَالَتْ فَذَالِكُنَّ} (¬1) و {نَفَشَتْ فِيهِ} (¬2). والواو نحو {فَصَكَتْ وَجْهَهَا} (¬3) و {ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ} (¬4) و {كُوِّرَتْ وَإِذَا} (¬5). والغين في قوله تعالى: {نَقَضَت غَزْلَهَا} (¬6). والنون نحو {قَالَتْ نَمْلَةٌ} (¬7) و {لَمَّا جَاءَتْنَا} (¬8). والميم نحو {بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا} (¬9) و {قَالَتْ مَنْ أنبَأكَ هَذَاُ} (¬10) والحاء نحو (¬11) قوله تعالى (¬12): {كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ} (¬13) و {حَمَلَتْ حَمْلًا} (¬14) و {مُلِئَتْ حَرَساً} (¬15). والقاف {وَقَدّتْ قَمِيصَهُ} (¬16) و {فَقَسَتْ قُلُوُبُهُمْ} (¬17). ¬
والهاء {وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ} (¬1) و {قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ} (¬2) و {جَآءَتْهُمُ} (¬3). والكاف {كَبُرَتْ كَلِمَةً} (¬4) و {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ} (¬5) و {جَآءَتْكَءَايَتِي} (¬6) و {جَآءَتْ كُلُ نَفْسٍ} (¬7) والباء {فَمَرتْ بِهِ} (¬8) و {فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ} (¬9). والياء {قَالَتْ يَوَيْلَتَي} (¬10). والراء {قَالَتْ رَبِّ} (¬11) و {قَالَتْ رُسُلُهُمْ} (¬12). (و) (¬13) القسم الثالث: المختلف فيه ستة أحرف، وهي التي ذكر الحافظ في هذا الفصل (¬14) ويجمعها أوائل كلمات هذا البيت (¬15) (صد جابر ¬
ظهراً، ثم زارني سحراً). فالصاد في قوله تعالى: {حَصِرَتْ صُدُوُرهُم} (¬1) و {لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ} (¬2). والجيم {نَضِجَتْ جُلُودُهُم} (¬3) و {وجَبَتْ جُنُوبُهَا} (¬4). والظاءْ {حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا} (¬5) و {حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا} (¬6). والثاء {بَعِدَتْ ثَمُودُ} (¬7) و {كَذبَتْ ثَمُودُ} (¬8) و {رَحُبَتْ ثُمَّ} (¬9). والزاي {كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ} (¬10). والسين/ {أَقَلَّتْ سَحَابًا} (¬11) و {جَآءَتْ سكْرَةُ الْمَوْتِ} (¬12) و {أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ} (¬13) و {أنزِلَتْ سُوَرة} (¬14) و {جَآءَتْ سَيّارَةٌ} (¬15). ¬
ذكر لم هل ويل
واختلف القراء عند هذه الأحرف، فمنهم من أظهر التاء عند جميعها - وهم قالون وابن كثير -، وعاصم -، ومنهم من أدغمها في الجميع - وهم أبو عمرو وحمزة والكسائي - ومنهم من فصل: فأدغم ورش في الظاء، وأظهر فيما عداها، وأظهر ابن عامر عند السين والجيم والزاي وزاد هشام {لهُدمَتْ صَوامِعَ} (¬1)، وأدغم في البواقي وكان ينبغي للحافظ أن ينبه على القسمين المتقدمين. وافق الشيخ والإمام على ما ذكر في هذا الفصل، وزاد الإِمام (¬2) عن هشام إدغام {لَهُدمَتْ صَوَامِعُ} (¬3). * ذكر لم هل ويل * (¬4) اعلم أن الحاء، والخاء، والدال، والذال، والغين، والشين - المعجمتين، والصاد - المهملة - لم تقع في القرآن بعد هذه اللام، فأما باقي الحروف فعلى ثلاثة أقسام، قسم وقع بعد (هل) خاصة وهو: (الثاء) في قوله تعالى: {هِلْ ثِوّبَ الْكُفًارُ} (¬5) وقسم وقع بعد (بل) خاصة وهو أحد عشر حرفاً يجمعها قولك: ¬
(ظفر بقسطك ضجز) فالظاء قوله تعالى: {بَلْ ظَنَنتُمْ} (¬1) والفاء {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ} (¬2) والراء {بَل رّفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ} (¬3) و {بَل ربُكُمْ رَب السّموَاتِ} (¬4) و {بَلْ رَانَ} (¬5) والباء {بَلْ بَدَا لَهمْ} (¬6) والقاف {بَلْ قَالُواْ} (¬7) والسين {بَلْ سَوّلَتْ} (¬8) والطاء {بَلْ طَبَعَ اللهُ عَلَيْهَا} (¬9) لا غير، والكاف {بَلْ كَذّبُواْ} (¬10) و {بَل كنتمُ} (¬11) والضاد {بَلْ ضَلواْ}: (¬12) والجيم {بَلْ جَآءَ بِالْحَقِّ} (¬13) والزاي {بَلْ زِيّنَ} (¬14) وقسم وقع بعدهما: وهو تسعة أحرف يجمعها قولك: (أيتعلمونه) - فالهمزة قوِله تعالى: {هَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ} و {هَلْ أَتَاكَ} 16) و {هَلْءَامَنُكمْ عَلَيْهِ} (17) و {بَلْ انتُمْ لَا مَرْحَباً بِكُم} (18) والياء {هَلْ ¬
يَنظُرُونَ} (¬1) و {قلْ هَلْ يَسْتَوِي الّذِينَ يَعْلَمُونَ} (¬2) و {بَلْ يُرِيدُ الِإنَسنُ لِيَفْجُرَ أمامَهِ} (¬3) والتاء {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً} (¬4) و {هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ} (¬5) و {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا} (¬6) و {بَلْ تَأتِيْهِم بَغْتَةً} (¬7) والعين {قُلْ هَلْ عِندَكُم منْ عِلْم} (¬8) و {هَلْ عَلِمْتُمّ ما فَعَلْتُم بِيُوسُفَ} (¬9) و {بَلْ عَجِبْتَ ويسْخَرُونَ} (¬10) واللام {فَهَل لّنا مِن شُفَعَآءَ} (¬11) و {هَل لكَ إِلَى أن تَزَكَى} (¬12) و {بَل لّهُم مّوُعِدُ} (¬13) و {بَل لَاَ يُؤْمِنُونَ} (¬14) والميم {فَهَلْ مِنْ مُذَكِرٍ} (¬15) و {هَلْ مِن شُرَكَآئِكُم مّن يَفْعَلُ} (¬16) و {بَلْ مَتّعْنَا} (¬17) والواو {فَهِلْ وَجَ، تّم} (¬18) و {بَلْ وَجَدْنَاءَابَآءَنَاْ} (¬19). ¬
والنون {هَلْ نَدْلّكُمْ} (¬1) و {هَلْ نُنتئُكُم} (¬2) و {بَل نَقْذفُ بِالْحَق} (¬3) والهاء {هَلْ هَذَا إِلاّ بَشَرٌ} (¬4) و ({بَلْ هُوَءَايَتٌ} (¬5) و {بَلْ هُم بِلقآءِ رَبِّهِمْ كَفِرُونَ} (¬6). واعلم أن مجموع الحروف الواقعة بعد (هل) و (بل) أو بعد أحدهما تنقسم ثلاثة أقسام: قسم اتفق القراء على إدغام اللام فيه، وقسم اتفقوا على الإِظهار عنده وقسم اختلفوا فيه: فالقسم الأول: (اللام) و (الراء) إلا (بل ران) في قراءة حفص فإنه يسكت بين اللام والراء يمتنع الإِدغام لذلك. والقسم الثاني: أحد عشر حرفاً يجمعها قولك: (أقم "به" عوج (¬7) فيك). والقسم الثالث: ثمانية أحرف وهي التي ذكر الحافظ في هذا الفصل ويجمعها أوائل كلمات هذا البيت: تقول سلمي ضاع طالبوكْ ... نايت ظلماً ثم زايلوك فمنهم من أظهر عند الجميع وهم الحرميان وعاصم وابن ذكوان ¬
وكذلك أبو عمرو إلا في قوله تعالى: {هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ} (¬1) و {فَهَلْ تَرَى لَهُم مِن بَاقِيَة} (¬2). ومنهم من أدغم في الجميع وهو الكسائي. ومنهم من فصل فأظهر هشام عند النون والضاد، وفي التاء في قوله تعالى: {أم هَلْ تَسْتَوِي} (¬3) في الرعد، وأدغم في البواقي. وأدغم حمزة في السين، والتاء، والثاء، واختلف عن خلاد في قوله تعالى: {بَلْ طَبَعَ اللهُ} (¬4) في آخر النساء. وذكر الحافظ أنه يأخذ فيه بالإِدغام (¬5). وأما الشيخ والإمام فلم يذكرا فيه إلا الإِظهار (¬6) واتفقا مع الحافظ ¬
(م) فصل
على سائر الفصل. وكان ينبغي للحافظ أن ينبه على القسمين الأولين كما تقدم. (م) * فصل (¬1) (ش) وذكر الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ - بإثر لام (5 ل) و (بل) الفصل المشتمل على ما يدغم مما سكونه عارض، وأخر الكلام في النون الساكنة والتنوين، ولو عكس فأخر هذا الفصل لكان ظاهر التناسب من جهة أصالة السكون في النون الساكنة والتنوين كما هو كذلك فيما تقدم، لكن الترتيب الذي فعل الحافظ أكمل وأنبل. وبيانه: أن الحكم الذي ثبت لذال (إذ) ودال (قد) و (تاء التأنيث) ولام (هل) و (بل) منحصر في الإِظهار والإِدغام على ما تقدم من التفصيل، وهذا الفصل الذي ذكر الحافظ هنا حكمه أيضاً، منحصر في الإِظهار والإِدغام، فكان ذكره بإثر هذه الحروف المتقدمة متناسباً من هذه الجهة، فأما النون الساكنة والتنوين فلها أربعة أحكام: الإِظهار والإِدغام، والقلب، والإخفاء، وليس في شيء منها خلاف، بل أجمع القراء على كل واحد من هذه الأحكام الأربعة في موضعه حسب ما ذكره الحافظ (¬2) - فخرجت النون الساكنة والتنوين عن حكم الخلاف. والله أعلم (¬3). وأرجع إلى هذا الفصل فأقول بحول الله تعالى وقوته: ¬
جملة الحروف التي تدغم في هذا الفصل سبعة يجمعها قولك: (ثرد فبذل) وتكرر بعضها بتكرر كلماتها، لكنها تنحصر في ضربين: الضرب الأول: أن يكون الحرف المدغم والحرف المدغم فيه في كلمة واحدة. والضرب الثاني: أن يكونا (¬1) من كلمتين، وأعني بقولي (فى كلمة واحدة) مثل ما مر في باب الإِدغام الكبير حيث بينت معنى المثلين والمتقاربين في كلمة. أما الضرب الأول فنوعان: الأول: الثاء قبل التاء وذلك في قوله تعالى: {أورِثتُمُوهَا} (¬2) في الأعراف والزخرف و {لَبِثْتَ} (¬3) و {لَبِثْتُمْ} (¬4) حيث وقع. أظهر ذلك كله الحرميان وعاصم، وافقهم ابن ذكوان على الإِظهار في {أورِثْتُمُوهَا} (¬5) خاصة وأدغم الباقون. الثاني: الذال قبل التاء، وهو أصل مطرد وكلمتان:. فالأصل ما جاء من لفظ {أخذْتُمْ} (¬6) و {اتَخَذْتُمْ} (¬7) و {لَاتَّخَذْتَ} (¬8) حيث وقع، أظهره كله ابن كثير وحفص. ¬
والكلمتان: {فَنَبَذْتُهَا} (¬1) في طه و {عُذْتُ} (¬2) في المؤمن والدخان، أدغمها أبو عمرو وحمزة والكسائي، وأظهر الباقون. وأما الضرب الثاني فسبعة (¬3) أنواع: الأول: الباء قبل الفاء (و) (¬4) جملته في القرآن خمسة مواضع: منها في النساء: {أو يَغْلِبْ فَسَوْفَ} (¬5) وفي الرعد: {وَإِن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُم} (¬6) وفي الإسراء: {اذْهَبْ فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُم} (¬7) وفي طه: {فَاذْهَبْ فَإِن لَك فِي الْحَيَوةِ} (¬8) وفي الحجرات: {وَمَن لّمْ يَتُبْ فَأولئِكَ} (¬9). أدغم الجميع أبو عمرو والكسائي وخلاد بخلاف عن خلاد في: {وَمَن لَمْ يَتُبْ}. وذكر الشيخ والإمام عن خلاد الإِدغام (¬10) خاصة وأظهر الباقون. الثاني: الباء قبل الميم وهو موضعان: الأول: {وَيُعَذِبُ مَن يشَآءُ} (¬11) فى البقرة، قرأه عاصم وابن عامر ¬
برفع الباء، فلزم الإِظهار على قراءتهما، وجزم الباقون، فأظهره (¬1) ورش، وأدغم الباقون، وزاد الحافظ عن ابن كثير الإِظهار (¬2). الثاني: {ارْكَبْ مَعَنَا} (¬3) في سورة هود - عليه السلام -: أظهره ورش، وابن عامر وخلف، وأدغمه الباقون. قال الحافظ: (بخلاف ع