الجوس في المنسوب إلى دوس
مرزوق بن هياس الزهراني
المقدمة
المقدمة الحمد لله حمدا طيبا مباركا فيه، ملء السماوات، وملء الأرض، وملء ما بينهن، وملء ما شاء ربي من بعد، أحمده وأشكره عدد خلقه، وزنة عرشه، ومداد كلماته، ورضا نفسه، وهو القائل - عز وجل - لملائكته: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (¬1)، سبحانه من حكيم عليم أدال الأيام بين الناس، وجعل معيار التفاضل تقواه تعالى، فقال - عز وجل -: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (¬2)، وصلى الله وسلم وبارك على المبعوث رحمة للعالمين، المخصوص بأشرف الأنساب وأكرم الأحساب، نبينا محمد وعلى آله وصحابته والتابعين له إلى يوم الدين، قرر العدل والمساواة بين الناس، فلم تبق مَيزة للشعوب والقبائل إلا التعارف إذا استظلوا بقيم الكتاب والسنة، أمابعد: فقد روى أبو هريرة - رضي الله عنه - قيل: يا رسول الله، من من أكرم الناس؟ ، قال: «أتقاهم» قالوا: ليس عن هذا نسألك، قال: «فعن معادن العرب تسألوني؟ ، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام فقهوا» (¬3)، ومن هنا نعلم يقينا أن الله - عز وجل - حكم بأن أكرم الناس أتقاهم له تعالى، ولو كان المتقي من أقل الناس حسبا ونسبا، وأن من عصى الله - عز وجل - انحطت درجة فضله ولو كان من نسل الأنبياء، ألا تسمع ما قال نبينا - صلى الله عليه وسلم - لبلال - رضي الله عنه -: «يا بلال، حدثني بأرجى عمل عملته عندك في الإسلام منفعة، فإني سمعت الليلة خشف نعليك بين يديَّ في الجنة» (¬4)، ويقول عمر الفاروق - رضي الله عنه - في شأن بلال - رضي الله عنه -: "أبو بكر سيدنا، وأعتق سيدنا" يعني بلالا - رضي الله عنه -. ¬
ولكن التعارف الذي ذكره الله - عز وجل - هو أن يعرف كل إنسان من خلال نسبه من يلقاه بنسب، فيُحرم الحرام منه، ويُحل الحلال، في نكاح أو ميراث، وما يلزمه من صلة الأرحام، وما يجب عليه من النفقات المشروعة، وهذا مما لا يسع المسلم جهله؛ لأنه من فروض الإسلام، ومن هنا نعلم أهمية قول رسول الله نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -: «تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم، فإن صلة الرحم محبة في الأهل، مثراة في المال، منسأة في الأجل، مرضاة للرب» (¬1)، فعِلم الأنساب له مكانته وفضله لما ذكرنا، ولمعرفة من أمر الله ورسوله بموالاتهم وحبهم، ولا ريب أن أكرم الناس علينا وأحبهم إلينا نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - فمعرفة نسبه أمر بالغ الأهمية لكل مسلم ومسلمة، وكذلك نسب أهل بيته - رضي الله عنهم -، ومن أهل بيته نساؤه رضي الله عنهن؛ فهن أمهات المؤمنين، مفروض حقهن على كل مسلم ومسلمة، ونكاحهن محرم على كل مسلم، وحق آل البيت علينا لازم من حق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهذا لا يجهله مسلم، وكذلك حب أصحابه المهاجرين - رضي الله عنهم -، الذين نصروه وهاجروا معه، تاركين الأهل والمال والوطن، نصرة لله ورسوله، وكذلك حب أصحابه الأنصار - رضي الله عنهم -، الذين استقبلوه وآووه؛ هو ومن هاجر معه، ونصروهم نصرا مؤزرا، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حبهم علامة على الإيمان، وبغضهم علامة على النفاق، قال - صلى الله عليه وسلم -: «آية الإيمان حب الأنصار، وآية النفاق بغض الأنصار» (¬2)، أنهم الذين أقام الله بهم الإسلام، وأظهر الدين بسعيهم، وقد أمر - صلى الله عليه وسلم - كل من ولي من أمور المسلمين شيئا أن يستوصي بالأنصار خيرا، وأن يحسن إلى محسنهم، ويتجاوز عن مسيئهم (¬3)، ويدخل في الاهتمام بعلم النسب معرفة من له حق في الخمس، وفيم يكون الخمس؟ (¬4)، ومن تحرم عليه الصدقة، ومن لا حق له في ¬
الخمس، ولا تحرم الصدقة عليه، فالعلم بالنسب نافع، والجهل به ضار دون شك، ويجوز أن يعرف الرجل من نسبه ما تيقن؛ ولو علا إلى ما قبل الإسلام، إذا كان دائرا في فلك البر والتقوى، فقد نادى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبائل العرب بأنسابها حين عرض نفسه عليهم يدعوهم إلى الإسلام، ولما نزل عليه {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} (¬1)، صعد على الصفا وقال: «يا معشر قريش، اشتروا أنفسكم، لا أغني عنكم من الله شيئا، يا بني عبد مناف لا أغني عنكم من الله شيئا» (¬2)، وفاضل بين قبائل الأنصار، بل وقبائل العرب، وأثنى على الحبشة، ونسبهم إلى جدهم أرفدة فقال: «دونكم بني أرفة» (¬3)، ولكن كل ذلك في إطار لا يُخرج إلى العصبية التي تفرق ولا تجمع، وتنتقص ولا ترفع، فقد أنكر ما جرى بين الأوس والخزرج من دعوى الجاهلية وهو - صلى الله عليه وسلم - بين أظهرهم. فعلم النسب مأمور به شرعا، أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حسان بن ثابت - رضي الله عنه - أن يأخذ ما يحتاج إليه من علم نسب قريش عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - (¬4)؛ وكان هو وأبو الجهم بن حذيفة العدوي، وجبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف، كانوا من أعلم الناس بالأنساب، ولم يزل علما قائما في الصحابة والتابعين كسعيد بن المسيب، وابن شهاب الزهري، وغيرهما، ومن بعدهم في أتباع التابعين كالشافعي، وأبي عبيد القاسم بن سلام، وغيرهما، واعتنى به العلماء من بعدهم، وسيبقى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وإن قصَّر فيه مقصر. ¬
وبعد: فقد جمعت في كتابي هذا من الدوسيين ما أمكنني العثور على ذكر لهم في كتب الأنساب وغيرها، وأتمنى أن أكتب عن كل قبيلة من قبائل العرب ولاسيما في الموطن الأساس؛ جزيرة العرب، المستظلة اليوم بحكم الدولة السعودية، في نهج فريد في هذا العصر؛ أقامه موحد قبائل جزيرة العرب الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود؛ ملك اعترف الأفذاذ والعلماء والعظماء بأنه من أفذاذ هذا العصر، وإن جعلوه ضمن مائة عظيم (¬1) ذُكروا، فأنا أجعله في هذا العصر العظيم الأول؛ لاعتقاده وسياسته وبعد نظره، نعم أتمنى أن أكتب عن كل قبيلة على مبدأ {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} (¬2)، ولكن ما كل ما يتمنى المرء يدركه، وما لا يدرك كله لا يترك جله، والأقربون أولى بالمعروف، فرأيت أن أجمع قدرا ممن نسب إلى دوس بن عُدثان بن عبد الله بن زهران؛ وهم قبيل متفرع من زهران، هاجروا من اليمن الأقصى، على أثر دمار سد مأرب، ومرتكز قسم منهم جبال السروات، وما يلها من تهامة، وجميع من تفرع من أبناء دوس ينتسبون اليوم إلى الجد الأعلى زهران بن كعب، وإن ذكروا انتسابهم إلى من دونه من الأجداد، وهم من أشهر قبائل المملكة العربية السعودية، وقسم منهم استوطن عمان؛ إما مباشرة من اليمن أو إلحاقا من السروات، ومنها وصلوا إلى كرمان، وانتشروا في بلاد فارس، والعراق، والشام، ومصر، والأندلس، ولا أزعم أني أوفيت الكيل، ولا أن جهدي أتى بالقَدَح المُعَلَّى، ولكني بذلت جهدا في التعريف بقدر لا بأس به، ليكون نواة لذوي الهمم من الأجيال القادمة، وكم ترك الأول للآخر، وحسبي من الناظر فيه أن يقول: رحمه الله وغفر له، ومن الناقد أن يقول: أخطأ رحمه الله وغفر له والصواب كذا، ويثبت ذلك ببرهان شافٍ وقلب صاف، وقد سميته "الجوس في المنسوب إلى دوس" وفي الحقيقة قد كان جوسا ممتعا، ولأني من أبناء العم؛ لأن قبيلتي بني حسن ينتسبون إلى أوس بن عامر بن ¬
حفين بن النمر بن عثمان بن نصر بن زهران بن كعب (¬1)، وقبائل دوس بنوا عبد الله بن زهران؛ أخي نصر بن زهران، وقد رتبت مادة كتابي هذا على حروف المعجم، وتوجهت إلى الكتابة عن دوس من زهران؛ لأن دوسا حصل لهم من الشرف ما لم يحصل لغيرهم؛ وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما قال عمرو بن الطفيل سيد دوس: "يا رسول الله، إن دوسا قد عصت وأبت، فادع الله عليهم"، فقيل: هلكت دوس، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اللهم اهد دوسا وأت بهم» (¬2)، فتحققت فيهم دوعوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فحصل لهم من الخير والهداية الشيء الكثير، وامتازوا بدعوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لهم عن بقية قبائل زهران، ولا يلحق بهم إلا من صدق مع الله ورسوله وعمل عملهم، ويبقى للصحابة منهم فضل الصحبة، ومن فضلهم قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «لقد هممت ألا أقبل هدية إلا من قرشي، أو أنصاري، أو ثقفي، أو دوسي» (¬3)، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله يرث الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين. المؤلف ¬
تمهيد
تمهيد لفت نظري منذ سنين عديدة تكرر نسب بعض الرواة هكذا: الزهراني، الدوسي، العتكي، الأزدي، فقررت تدوين ما أقف عليه أثناء البحث، على أمل الكتابة فيه لاحقا، فجمعت قدرا مشجعا على الكتابة، ولكن سمعت من بعض الزملاء أثناء المذاكرة في أبواب من العلم أن من أبناء القبيلة من هو معني بهذا الأمر، فقلت: كفيتُ الأمر، ولا داعي لتكرار الجهد، غير أني توقعت أن الأمر ليس من السهولة بمكان أن يكتب فيه بدقة لا كمال فيها، لكنها تتسم بعناية يقصر عنها عمل المستعجل مثلي، فقلت لأخٍ عزيز أثناء الحوار حول من تصدر للأمر: إن الأمر ليس سهلا، فالأنساب تحتاج إلى دقة، وأتوقع الخلط بين المنتسب والحليف "المولى" هذا من جانب، ومن جانب آخر هل زهران المنتسب إليه واحد، أو: أكثر من شخص؟ ، فضحك زميلي عاليا، وعرفت في ضحكته شيئا من السخرية مما ذكرت، وقال: أما الموالي فهم يعدون في الأنساب؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «مولى القوم منهم» (¬1)، وأما زهران المنتسب إليه فواحد لا غير، فقلت: نعم صدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولكن المراد أن لهم العزة والكرامة، على خلاف في أخذ الصدقة لموالي بني هاشم، وأبعد من ذلك أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقضي على العصبية، ودعوى الجاهلية في المواقف، أما الأنساب فالعربي عربي، والرومي رومي، والفارسي فارسي وهكذا، ألا ترى علماء النسب يذكرون قيد الولاء، فيقولون: "مولاهم" أو من أنفسهم، وهذا تحقيق لقول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (¬2)، وأما زهران فإن سبقتني أنت أو غيرك إلى البحث فإنك ستجد توقعي حقيقة تكد ذهنك أمامها لتجد حلا، وهكذا مرت السنون تترى حتى جاوزت العشرين سنة، وتفرغت من العمل في الجامعة، وازدادت حاجتي للأنيس، فقررت معاودت البحث علِّي أجد فيه حلا، وإلا فلن أخسر الوقت في معاشرة عشرات الألوف من الرواة رحمني الله وإياهم، ومن يقرأ كتابي هذا، وجميع المسلمين، ¬
ها أنذا أطرق الباب على مهل في هذا العام "1431" الحادي والثلاقين بعد الأربعمائة والألف من الهجرة، وهنا يظهر لي بجلاء ما توقعته قبل أكثر من عشرين سنة، وظهر لي الشبة بقوة بين أقوال العلماء في تراجم الرواة وما يقولون من ألفاظ الجرح والتعديل، التي تحار فيها اليوم عقول الباحثين، لكثرة اختلافها وتعارضها بين القوة والضعف والتوسط في الأمر، وكان هذا منطبقا على أقوالهم في الأنساب، فلنأخذ زهران المنتسب إليه، فقد تبين بعد البحث أن من ينسب إليهم أربعة هم: الأول: زهران بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأزد (¬1) بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان (¬2)، وهو قبيل عظيم من نسله (¬3)، قبائل دوس بن عُدثان بن عبد الله بن زهران، وكل دوسي منسوب فإلى دوس هذا، وهو ابن حفيد زهران بن كعب، وهو أحد أحفاد زهران على العموم، ولكن يظهر الإشكال في اختلاف المصادر في "عُدثان" هل هو كما ذكر هذا المصدر هكذا: بالعين المهملة، والدال المهملة، والثاء المثلثة، بعده ألف ثم نون (¬4)، وإلا كما في المصدر الآخر هكذا: دوس بن "عدنان" بالعين المهملة، والدال المهملة، والنونين بينهما ألف (¬5)، ابن عبد الله بن حُمى، وهو عبد الله بن نصر بن زهران، والإشكال الثاني في هذا المصدر أن دوسا أصبح حفيد نصر بن زهران، وفي المصدر السابق حفيد عبد الله بن زهران، والإشكان الآخر هل عبد الله بن نصر، حفيد زهران كما في هذا المصدر، أم هو أخو نصر بن زهران كما في المصدر التالي، هكذا: دوس بن عبد الله بن زهران (¬6)، والذي يظهر لي أن هناك عدم دقة في النقل رواية، أو تصحيفا، ¬
وهو الأقوى عندي، وأن الصواب في النسب "دوس بن عُدثان بن عبدالله بن زهران بن كعب" لاتفاق الكثرة من علماء الأنساب الأقدمين عليه، وأن "عدنان" تحريف، درج عليه أكثر المتأخرين، لاستغرابهم "عدثان" في مقابل "عدنان". ومن نسل زهران بن كعب أيضا: أوس بن عامر بن حفين بن النمر بن عثمان بن نصر بن زهران (¬1)، وكذلك ابن عمه أوس بن مبشر بن صعب بن دُهمان (¬2) بن نصر بن زهران بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأزد (¬3)، ولم يسلم السياق في بعض المصادر من التحريف، فقد ورد في المصدر التالي هكذا: نمر بن عيمان بن نصر بن زهران بن كعب (¬4)، هكذا "عيمان" بالعين المهملة، والميم قبلها ياء مثناة من تحت، والصواب "عثمان" بالعين المهملة، والثاء المثلة، ثم الميم بعدها، ومن هذا يتبين أن الدوسيين، والأوسيين في زهران هم أبناء الأخوين: عبد الله بن زهران بن كعب من نسله قبائل دوس، ونصر بن زهران بن كعب من نسله قبائل أوس، المنطوق اليوم "يوس" عند العامة، وهم اليوم قبيلة بني حسن أكبر قبائل زهران، شيخها الأول عصيدان بن محمد الحسني الزهراني، توفي سنة "1353" وخلفه ابنه أحمد بن عصيدان، شيخا للقبيلة حتى توفي سنة "1360" وخلفه ابنه منسي بن أحمد شيخا للقبيلة حتى توفي سنة "1415" رحمهم الله، وخلفه إبنه مبارك بن منسي، شيخ القبيلة ¬
اليوم، ندعو له بالتوفيق للقيام بما يجب عليه تجاه قبيلته (¬1)، وقبيلة بني تتكون من أربعة أفخاذ هي: 1 ـــ أيل (¬2) وجه الذيب قرى الفرعة والعفوص، وهم الفخذ الذي فيه المشيخة. 2 ـــ بني مسعود قرى نقاع بني حسن وتوابعها. 3 ـــ بني مروان قرى قرن ظبي وتوابعها. 4 ـــ الفضيلة قرى الجوفاء وتوابعها. وقبيلة بني حسن رأس بني "يوس" (¬3)، باعتبار أنها أكبر قبيلة في زهران، وأكبر قبائل بني "يوس" وهم تسع قبائل: قبيلة بني حسن، قبيلة بني كنانة (¬4)، قبيلة بلخزمر، الأحلاف ست قبائل متحالفة هي: قبيلة بني عامر، قبيلة بيضان، قبيلة أحلاف بلَّسْوَد، قبيلة بلَّعْوَر، قبيلة أيل عبدالحميد، قبيلة أيل سعدي، وهذه القبائل تنتسب إلى رجلين اسم كل منهما أوس: أحدهما: أوس بن عامر بن حفين بن النمر بن عثمان بن نصر بن زهران بن كعب من الأزد (¬5)، من نسله أخو عائشة، وعبد الرحمن ابني أبي بكر لأمهما - رضي الله عنهم -؛ الطفيل (¬6) ابن ¬
الحارث بن سخبرة بن جرثومة بن عادية بن مرة بن جشم بن الأوس بن عامر بن حفين بن النمر بن عثمان بن نصر بن زهران بن كعب من الأزد (¬1)؛ وذلك أن أم رومان امرأة الحارث بن سخبرة ولدت له الطفيل المذكور، وقدم الحارث بن سخبرة من السراة إلى مكة ومعه امرأته أم رومان وولده منها الطفيل، فحالف أبا بكر الصديق ثم مات الحارث بمكة، فتزوج أبو بكر أم رومان رضي الله عنهما، فولدت له عبد الرحمن، وعائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأسلمت أم رومان بمكة قديما، وبايعت وهاجرت إلى المدينة مع أهل رسول الله وولده، وأهل أبي بكر حين قدم بهم في الهجرة، وكانت أم رومان امرأة صالحة، وتوفيت في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة، في ذي الحجة سنة ست من الهجرة (¬2)، ومن المصادر من قال في نسب الطفيل: القرشي، وقيل: الأزدي (¬3)، وقال بعضهم في نسب الأوس: ابن عامر بن عبد الله ـــ وهو حُمى ـــ بن عثمان ــــ ويسمى نجا ـــ؛ وقال ابن الأثير رحمه الله: طفيل بن عبد الله بن الحارث بن سخبرة الأزدي، وقد ينسب إلى جده فيقال: طفيل بن سخبرة وهو هذا، وهو أخو عائشة رضي الله عنها (¬4)، وقد تحرف اسم "حفين" في بعض المصادر. ¬
تنبيه: أوس بن عامر هو أخو كنانة، فبني كنانة ليسوا من بني أوس، وهم أبناء العم، ومن وِلد كنانة الحارث بن حصيرة بن عبد الله بن الحارث بن دريد بن شبل بن عويف بن مازن بن علي بن كنانة بن عامر بن حفين (¬1). والثاني: أوس بن مبشر بن صعب بن دُهمان (¬2) بن نصر بن زهران بن كعب بن الأزد (¬3). وهنا ملاحظة: ورود ثلاثة أسماء: الأوس بن عامر بن حفين بن النمر بن عثمان بن نصر، وأوس بن النمر بن عثمان بن نصر، وأوس بن مبشر بن صعب بن دُهمان بن نصر، وعليه فلا إشكال بين الأول والثاني، فالثاني هو الأول نسب إلى جده النمر، أما الثالث فهو ابن العم للأول؛ لأن عثمان ودهمان أخوان ابنا نصر، وهنا يرد احتمالان: الأول: أن يكون أوس بن مبشربن صعب بن دهمان لم يعقب، وقد بحثت فلم أجد من ينسب إليه، وهنا تكون قبائل بني أوس تنتسب إلى أوس بن عامر. الثاني: أن يكون لأوس بن مبشر عقب؛ وهو ما لا أرجحه، وبناء على احتمال وجود العقب فبني أوس أبناء عم يتكونون من فريقين منهم من ينتسب إلى أوس بن عامر، وآخرون ينتسبون إلى أوس بن مبشر، يلتقي بهما النسب في نصر بن زهران، فلا يستطيع أحد من قبائل بني أوس اليوم تحديد نسبه إلى أي الأوسين، وما ورد عن الشاعر محمد الثوابي الزهراني رحمه الله من ذكر "اليوسين" في بعض قصائده فإنما يريد "بني يوس" في السراة، وبني "يوس" في تهامة (¬4)، وقد عرفنا ذلك من كبار السن قبل أكثر من خمسين سنة، وكان جدي رحمه الله من كبارهم، وشارك في مواجهة ¬
الأتراك سنة "1320" جزامه جنبية وبندقة، وعاصر الشاعر الثوابي، وقد عشت معه إلى سن العشرين من عمري، وتوفي رحمه الله في جمادى الآخرة سنة "1386". أما قبائل دوس اليوم فهم: قبيلة دوس بني علي، وشيخها مساعد بن عبدربه بن فرحة العلي الزهراني، وقبيلة دوس أيل (¬1) عياش، وكان شيخها يحيى بن أحمد، ومن بعده ابنه محمد بن يحيى العياسي، وترشح لها بعده عيسى بن مسفر ولم يبت فيها، وقبيلة دوس بني فهم، وشيخها خضران بن فراج بن سعيد الداموك الفهمي، وقبيلة بني منهب، وبالطفيل، وبني سليم، وشيخها عوض بن خضران بن عطية المنهبي، ومنهم أبو هريرة، والطفيل وغيرهما من الصحابة - رضي الله عنه -، وهذه القبائل متفرعة من أبناء دوس بن عُدثان بن عبد الله بن زهران بن كعب. أولاد دوس هم: منهب بن دوس، وغَنْم بن دوس، وقد صُحِّف في بعض المصادر إلى "غانم" وإلى "عمرو" ومنهب، وغنم قبيلان نسلهما أكبر قبائل دوس، أما عبد نهم بن دوس فليس أخا لمنهب وغنم، بل هو ابن دوسٍ آخر (¬2). وتميم بن دوس من نسله بنوا واشح بن عمرو بن مالك بن فهم بن تميم بن دوس، ولم أقف عليه في غير تاريخ بغداد، وذيوله 17/ 11، فقد يكون من أبناء دوس بن عُدثان، وقد يكون آخر. ومالك بن دوس هو أخو منهب وغَنم، وهو مالك بن دوس بن عدثان بن عبد الله بن زهران، من ولده عويمر بن أشقر له صحبة، ورواية عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وروى عنه عباد بن تميم، وعبد الله بن عبد الرحمن بن الخليل بن الأشقر أبو القاسم، ولي قضاء الكرخ، وحدث عن لوين، وزيد بن أخزم، وخلق كثير، وروى عنه محمد بن المظفر، وابن حيوة، وابن شاهين، وغيرهم (¬3)، ولم أقف عليه في غير الإكمال. ¬
وعامر بن دوس ليس من إخوتهم؛ لأن عامر بن دوس هذا حليف أبي بكر - رضي الله عنه -، وهو متأخر (¬1). وفهم بن دوس، من أبناء دوس بن عدثان؛ من وِلده: جهضم بن مالك بن فهم بن دوس بن عدثان بن عبد الله بن زهران (¬2)، من وِلده جذيمة. فتبين من أبناء دوس بن عدثان على اليقين أربعة هم: منهب، وغَنْم، ومالك، وفهم. أولاد نصر بن زهران: عثمان بن نصر بن زهران (¬3)، ودُهمان بن نصر بن زهران (¬4)، وعبد الله بن نصر بن زهران: لقبه حُمى (¬5)، وغَنْم بن نصر بن زهران (¬6). وبناء على هذا فقبائل زهران دوس وما تفرع عنها، وأوس وما تفرع عنها، هم أبناء عم يلتقون في زهران بن كعب؛ دوس من طريق عبد الله بن زهران، وأوس من طريق نصر بن زهران. أما زهران الثاني فهو: زهران بن الحجر بن عمران بن عمرو بن عامر (¬7)، وقيل: زهران بن حجر بن عمران بن مزيقيا (¬8)، ولا خلاف فمزيقيا هو عمرو بن عامر، ومن ولد زهران بن الحجر: 1 ـــ فضالة بن عمير بن عامر بن عمرو بن عبدة بن زيد بن ذبيان بن حارثة بن الحارث بن زهران بن الحجر بن عمران بن عمرو "مزيقيا" بن عامر. ¬
2 ـــ الحريش بن جذيمة بن زهران بن الحجر بن عمران بن عمرو "مزيقيا" بن عامر (¬1)، وهذا غير زهران بن كعب قطعا. ومن ولد الحريش: ثور بن زهران بن الحجر بن عمران بن عمرو "مزيقيا" بن عامر (¬2). وزهران الثالث: هو زهران بن مراد من ولده قيس بن هبيرة المكشوح بن عبد يغوث بن الغربل بن سلم بن عَوتبان بن زهران بن مراد؛ وإنما سمي المكشوح؛ لأنه كشح نفسه بالنار، وهو الذي قتل الأسود العنسي، الذي تنبأ باليمن، وكان قيس بن هبيرة المكشوح - رضي الله عنه - وفد على النبي - صلى الله عليه وسلم - وشهد فتوح فارس أيام عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بالقادسية ونهاوند، وهو أحد فرسان العرب المذكورين في الجاهلية والإسلام (¬3) - رضي الله عنه -. زهران الرابع هو: زهران بن بن مالك ينسب إليه حي عظيم، ولهم كانت اليمامة (¬4)، وهذا في نظري لا علاقة له بالسراة، والله أعلم. تنبيه: كل من ينسب إلى العتيك ليس من ولد زهران بن كعب، ولا من ولد زهران بن الحجر؛ لأنهما أبناء عم، زهران بن الحجر بن عمران بن عمرو مزيقيا، والعتيك بن أحمد (¬5) بن عمران بن عمرو مزيقيا، قال القاضي عياض رحمه الله: ذكر مسلم أبا الربيع الزهراني؛ كذا يعرف بفتح الزاي، وسكون الهاء، بعد الألف نون وياء النسبة، ونسبه مرة العتكي، ومرة جمع له النسبتين، ومرة اختلف رواته في نسبيه هذين، وهما لا يجتمعان، إنما يرجع إلى الأزد، لأن العتيك وزهران ابنا عم، جدهما عمران ين ¬
عمرو مزيقيا، إلا أن يكون أصله من أحدهما، وله نسب من جوار أو حلف من الآخر، والله أعلم (¬1). قلت: صدق القاضي رحمه الله العتيك بطن من الأزد (¬2)، فالعتكي في الأزد ينسب إلى العتيك بن أحمد أو بن الأسْد بن عمران بن عمرو بن عامر بن حارثة بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد (¬3). والذي أراه أن الخطط التي عُملت في الفتح في البصرة والفسطاط كانت تجمع كل قبيلة في موقع، وكان الدوسيون، والعتكيون، والأزديون، ومن تفرع منهم في موقع، ومن هنا تكون النسبة متعددة كما ذكر في نسبة الإمام أبي الربيع رحمه الله، فمن نسب إلى الأزد فهو الجد الأبعد، ومن نسب إلى زهران فهو الذي دونه، ومن نسب إلى دوس فهو الذي دونه، ومن نسب إلى جهضم فهو الذي دونه، ومن نسب إلى العتيك فهو من دون الأزد، ولكون الأزد الجد الأبعد يلتقي فيه كل القبائل المتفرعة عنه، وكانوا في وقت يحتاجون فيه إلى العصبية والتناخي والجوار، وللمجاورة تعددت النسبة للشخص الواحد، ومن هذا نشأ الخطأ، كما في نسبة أبي الربيع الزهراني وليس منهم، إنما هو عتكي أو العكس، ولم أذكر ترجمته رحمه الله لعدم جزمي بنسبته إلى واحد منهما، وغيره كثير، نعم الكل أزديون، والأزد تنقسم إلى أربعة أقسام: أزد شنوءة، وأزد السراة، وأزد غسان، وأزد عمان (¬4)، ونحن اليوم من قبائل العرب في المملكة العربية السعودية حرسها الله، ومنها زهران؛ ينتسبون إلى زهران الجد الأبعد وهو قبيل كبير، وهم قبائل متفرعة منه، وهم أزد السراة ومنهم دوس اليوم، وأنا من بني حسن، فكل دوسي زهراني، وكل حسني زهراني، وكذلك بقية القبائل، وعلى هذا قس القبائل، منها من ينتسب إلى القبيل: الجد الأبعد، ومنها من ينتسب إلى من تفرع منه. ¬
وكذلك كل من ينسب إلى المهلب ليس من أولاد زهران بن كعب، بل من العتيك، ومنهم المهلب بن أبي صفرة، واسم أبي صفرة ظالم بن سَرَّاق، ومنهم جديع بن سعيد بن قبيصة، ومنهم عمرو بن الأشرف؛ قتل مع عائشة رضي الله عنها يوم الجمل؛ وهو والد زياد الآخذ بثأر مسعود بن عمرو الدوسي قتله الأزارقة فأخذ بثأره منهم، وهذا يؤيد التناخي بين الأزديين، وغيرهم كثير. وكان عمرو فارس أهل البصرة، لا يخرج إليه أحد من أصحاب علي - رضي الله عنه - إلا قتله وهو يرتجز ويقول: يا أمنا يا خير أم نعلم ... الأم تغذو وِلدها وترحم ألا ترين كم جواد يكلم ... وتختلى هامته والمعصم (¬1) فأقبل إليه الحارث بن زهير الأزدي من فرسان علي - رضي الله عنه - وهو يقوا: يا أمنا يا خير أم نعلم ... أما ترين كم شجاع يكلم وتختلى هامته والمعصم (¬2) واختلفا ضربتين فقتل كل واحد صاحبه (¬3). وقد أهملت من لم يرق نسبه إلى دوس بن عدثان، أو لم يرد نسبه إلى أحد من نسل دوس، كفلان الأزدي، أو فلان العتكي، أو فلان الزهراني، وهذا كثير، فما كل أزدي دوسي، أو زهراني، ولا كل زهراني دوسي، وليس العتكي دوسى ولا زهراني، ولكنه أزدي، وكل دوسي زهراني أزدي، وكل زهراني أزدي، وسمعت من يزعم أن الأوس والخزرج من زهران وهو خطأ، إنما هم من الأزد؛ وهو الجد الأبعد لزهران، وغامد، وعدد كبير من القبائل (¬4)، فالأوس والخزرج هما ابنا حارثة بن ثعلبه بن عمرو بن ¬
عامر بن حارثة بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن عبد الله بن الأزد بن الغوث بن النبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ؛ وهما ابنا قيلة، نسبا إلى أمهما وهم الأنصار. وكذلك أهملت من ورد في نسبه "مولاهم" ومنهم أئمة كبار كشعبة بن الحجاج، وهشام بن حسان، وحماد بن زيد، وغيرهم كثير، ومعلوم اشتغال العرب بالفتوحات والرياسة بعد ذلك، وعدم تفرغهم للعلم إلا النادر منهم، ولذلك قال ابن شهاب الزهري رحمه الله، قدمت على عبدالملك بن مروان فقال لي: من أين قدمت يا زهري؟ ، قلت: من مكة، قال: فمن خلفت يسودها؟ ، قلت: عطاء بن أبي رباح، قال: أفمن العرب هو أم من الموالي؟ قلت: من الموالي، قال: فبما سادهم؟ قلت: بالديانة، قال: إن أهل الديانة والرواية ينبغي أن يسودوا. قال: فمن يسود أهل اليمن؟ ، قلت: طاووس بن كيسان، قال: أفمن العرب هو أم من الموالي؟ قلت من الموالي، قال: فبم سادهم؟ قلت: بما سادهم به عطاء، قال: فمن يسود أهل مصر؟ ، قلت: يزيد بن أبي حبيب، قال: أفمن العرب هو أم من الموالي؟ قلت: من الموالي، قال: فمن يسود أهل الشام؟ ، قلت: مكحول، قال: أمن العرب هو أم من الموالي؟ ، قلت: من الموالي؛ عبد نوبي أعتقته امرأة من هذيل، قال: فمن يسود أهل الجزيرة؟ ، قلت: ميمون بن مهران، قال: أمن العرب هو؟ ، قلت: بل من الموالي، قال: فمن يسود أهل خراسان؟ ، قلت: الضحاك بن مزاحم، قال: أفمن العرب هو؟ ، قلت: بل من الموالي، قال: فمن يسود أهل البصرة؟ ، قلت: الحسن البصري، قال: أفمن العرب هو؟ ، قلت: بل من الموالي، قال: ويلك فمن يسود أهل الكوفة؟ ، قلت: إبراهيم النخعي، قال: أفمن العرب؟ ، قلت: من العرب، قال: ويلك فرجت عني، والله ليسودن الموالي العرب، حتى يخطب لها على المنابر والعرب تحتها، قلت: يا أمير المؤمنين إنما هو دين، من حفظه ساد، ومن ضيعه سقط (¬1). ولم أذكر الأخساء من دوس؛ الجعد بن أبي ضِمام الخارجي الدوسي، والعلباء بن دراع الدوسي، وإليه ينسب العلبائية من الرافضة، وهو كان يفضل عليا على النبي ¬
- صلى الله عليه وسلم -، وكان يقول بذم محمد - صلى الله عليه وسلم -، وزعم أنه بعث ليدعو إلى علي، فدعا إلى نفسه (¬1)، ولا الخارجي صاحب يوم قديد؛ المختار بن عوف بن عبدالله بن مازن بن مخاشن بن سليمة بن مالك بن فهم بن غَنْم بن دوس (¬2). إن من أبناء زهران بن كعب من سكن السراة، ومعهم العديد من القبائل المهاجرة من اليمن بعد دمار سد مأرب، كبني مالك، وغامد، وغيرهم من قبائل الأزد، وقد دون ابن بطوطة (¬3) بعض صفات قبائل بني مالك "بجيلة" وزهران، وغامد، وهو شاهد عيان، فقال: وبلاد السروات التي يسكنها بجيلة، وزهران، وغامد، وسواهم من القبائل مُخْصِبة، كثيرة الأعناب، وافرة الغلات، وأهلها فصحاء الألسن، لهم صدق نية، وحسن اعتقاد، وهم إذا طافوا بالكعبة يتطارحون عليها، لائذين بجوارها، متعلقين بأستارها، داعين بأدعية تتصدع لرقتها القلوب، وتدمع العيون الجامدة، فترى الناس حولهم باسطي أيديهم، مؤمنين على أدعيتهم، ولا يتمكن لغيرهم الطواف معهم، ولا استلام الحجر لتزاحمهم على ذلك، وهم شجعان أنجاد، ولباسهم الجلود، وإذا وردوا مكة هابت أعراب الطريق مقدمهم، وتجنبوا اعتراضهم، ومن صحبهم من الزوار حمد صحبتهم، وذُكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكرهم، وأثنى عليهم خيرا، وقال: «علموهم الصلاة يعلموكم الدعاء» (¬4). وكفاهم شرفا دخولهم في عموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: «الإيمان يماني، والحكمة يمانية» (¬5)، وذكر أن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما كان يتحرى وقت طوافهم، ويدخل في جملتهم تبركا بدعائهم، وشأنهم عجيب كله، وقد جاء في أثر: «زاحمهم في الطواف، فإن الرحمة تنصب عليهم صبا» (¬6). ¬
أما عن الانتاج الزراعي الذي كانت تتمتع به مناطق القبائل المذكورة فقال: وأهل الجهات الموالية لمكة مثل: بجيلة، وزهران، وغامد، يبادرون لحضور عمرة رجب (¬1) ويجلبون إلى مكة الحبوب، والسمن، والعسل، والزبيب، واللوز، فترخص الأسعار بمكة، ويرغد عيش أهلها، وتعمهم المرافق، ولولا أهل هذه البلاد لكان أهل مكة في شظف من العيش، ويذكر أنهم متى أقاموا ببلادهم، ولم يأتوا بهذه الميرة أجدبت بلادهم، ووقع الموت في مواشيهم، ومتى أوصلوا الميرة أخصبت بلادهم، وظهرت فيها البركة، ونمت أموالهم، فهم إذا حان وقت ميرتهم وأدركهم كسل عنها اجتمعت نساؤهم فأخرجنهم، ! وهذا من لطائف صنع الله تعالى، وعنايته ببلده الأمين (¬2). قلت: لا شك فقد كانت مناطق زهران وغامد وبني مالك وغيرها سلة غذاء لأهلها، ولمكة وجدة وغيرها أيضا، وكانت قبائل السروات عموما تهامة وسراة؛ من الطائف ¬
إلى عسير تتمتع بما ذكر من الخيرات، فالمحاصيل فيها كثيرة ومتنوعة، وما يزرع في تهامة لا تجود زراعته في السراة، كالدخن، والسيال، والدقسة، والمجدولة، وكذلك المحصيل الشتوية في السراة متنوعة، منها البر "الحنطة" وتسمى "الشوقلي" والعسيرية، والمابية، والعجلانة، والشعير، والعدس الأسمر "البوسن" ومحاصيل الصيف: اللوبية "الدجر" وأنواع الذرة منها: الدفين، والقشاشة، والصفراء، والقريطة، والبسيسة، والبلس "ذرة حمراء" والقذافة، والذرة الحبشية "حب الحاج". وكانت حبوب البر"الحنطة" والعسيرية ترسل لبيت المال، عن طريق أمراء المراكز، وفي ذلك يقول الشاعر محمد بن حسن المالحي الزهراني رحمه الله، وقد حل عيد الفطر، وكانت الحنطة من أحب ما يقدم طعاما في العيد، مع السمن، والعسل، والمرق، حسب أحوال الناس، ولكون ما نتج من مزارع المالحي ذهب لبيت المال، ولا يملك إلا حب البلس "ذرة حمراء" قال: معتذرا: إنه يقول المالحي مالبلس (¬1) عيدي* حمول الشوقبي راحت لتركي (¬2) ورادبها (¬3) * وكان الناس يفرحون بالعيد، ويقيمون له ألعابا منها: العرضة، واللِّعْب، والمُدْرَيها، ولكل نوع من هذه الفنون لحنه الحاص به، وقول المالحي هذا من لحن المدريها، ومن الألعاب: المباراة في الرماية، وإصابة الهدف "المناش" ومن ألحانهم عندها قولهم: حنا رجاجيل الرماية ... واللي يغمُّض ما يصيب وقد عشت فترة من عمري في هذا الواقع، وذلك قبل ستين سنة من الآن، وقد تدرج الوضع في التصحر في البيئة والعادات حتى وصل إلى ما هو قائم اليوم، عدا ¬
بعض هواة الزراعة من كبار السن وهم قلة، يذكرون الأبناء والأحفاد وأحفاد الأبناء بما كان علية الآباء والأجداد. ولكن المقولة التي ذكرها ابن نطوطة عن أهل السراة عموما هي خطأ، قال: "إنهم متى أقاموا ببلادهم، ولم يأتوا بهذه الميرة أجدبت بلادهم، ووقع الموت في مواشيهم، ومتى أوصلوا الميرة أخصبت بلادهم، وظهرت فيها البركة، ونمت أموالهم" ليست صحيحة؛ لأن القبائل المذكورة وغيرها في ذلك الزمان لا موارد لها سوى الزراعة، وتربية المواشي، فهم من أبعد الناس عن الكسل عن مزارعهم، ومصالح معاشهم، بل يتنافسون في الهمة والرجالة في ذلك. وقوله: "فهم إذا حان وقت ميرتهم وأدركهم كسل عنها اجتمعت نساؤهم فأخرجنهم"! كلك غير صحيح فليس للنساء دور في أمر الرجال بشيء، أو منعهم من شيء، إلا في المشاركة في العمل، وهو أمر يشمل كل أفراد العائلة، ويتعاون الناس القريب منهم والبعيد، ولكن قد يحصل الجدب في بعض المناطق، وتخصب مناطق أخر، وكان من عادتهم المواساة في هذه الظروف، فيحل المجدب على المخصب، وينال خيرا كثيرا، والأيام دول بينهم، ولذلك يقول الشاعر الغامدي في وصف السنة المجدبة في قصيدة طويلة منها: واشرب الما من آلبيار واتروح قاعا صفصفا* وا تدهن بسمن البدو والتاجر اتسلط عليه* واندر (¬1) الساروري وَيْلَ (¬2) التهامي يدوِّرْ للمعوشة* والتهامي نبيِّح ميرته واطلعه وَيْلَ (¬3) السراة* ¬
(1) إبراهيم بن أحمد الدوسي
هذي اعلامنا يا زرقوي وان بغيت آزيد زدنا* وانت فاصبر لحكم الله والصبر مفتاح الفرج* هذا وصف سنة الجدب، وتعامل المخصب مع المجدب، سواء بسواء بين سكان السراة وتهامة، هذا في القبيلة الواحدة، كزهران والبطون منها، بل يتعدى وينطبق الحال بين القبئل، كزهران وبني مالك، وغامد، على أني لا أنكر دعوة إبراهيم - عليه السلام - للبلد الحرام، وكرامته وأهله على سكان الأرض، ولكن ما ذكر ابن بطوطة في الميرة ليس صحيحا، وليس سببا في حدوث الجدب أحيانا، والجد بأمر الله دول على الأرض قاصيها ودانيها، إلى أن يرثها الله - عز وجل -. أما الأن فقد حان الشروع في كتابة ما يمكننا العثور عليه من المنسوبين إلى دوس، ومن حل السراة منهم ومن رحل، ومن كتب الله لهم المشاركة في أمجاد الفتح الإسلامي، ومن تدرج في منكب الأرض، وساس الناس ورأس، ومن ساد بالعلم وغير ذلك، ونسأل الله التمام عليه التوكل وبه الاعتصام. (1) إبراهيم بن أحمد الدوسي أبو إسحاق حفيد الإمام مسدد، روى عن أبيه أحمد قال: حدثني أبي مسدد، وذكر سنده عن عائشة رضي الله عنها "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقبل الهدية ويثيب عليها" (¬1)، والد أحمد ترجمته (20) وللوقوف على النسب أنظر: ترجمة جده مسدد (218). (2) ابن حميد الدوسي (¬2). راوي سنن النسائي، عن أبي نصر الكسار، عن ابن السني، عن النسائي، رواها عنه أبو زرعة (¬3)، ولعله خطأ والصواب: أبو محمد عبد الرحمن بن محمد الصوفي، ¬
(3) أبو أزيهر الدوسي.
الدوني، راوي سنن النسائي، عن القاضي أبي نصر أحمد بن الحسين الكسار (¬1)، تحرف "الدوني" إلى "الدوسي". (3) أبو أزيهر الدوسي. اسمه كنيته: أبو أزيهر بن أنيس بن الجيسق (¬2) بن كعب بن الحارث بن العطريف أحد بني دوس بن عدثان بن عبدالله بن زهران (¬3). قلت: هذا قول أبي البقاء الحِلِّي: وليس صحيحا أن أبا أزيهر من ولد دوس بن عدثان، بل من ولد ابن عم دوس: نصر بن زهران؛ لأن الغطريف هكذا نسبه: الغطريف بن عامر بن الغطريف بن يشكر بن مبشر بن صعب بن دهمان بن نصر بن زهران بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبدالله بن مالك بن نصر بن الأزد، قال ذلك أحمد بن الحباب النسابة (¬4). قلت: ولعله نسب إلى دوس مع أنه ابن العم، ومن أخذ بثأره من أبناء دوس إنما كان انتصارا لابن العم. قُتل أبو أزيهر بعد وقعة بدر في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬5)، كان أبو أزيهر قد زوج الوليد بن المغيرة أبو خالد - رضي الله عنه -، زوجه بنتا ثم أمسكها عنه، فلم يدخلها عليه حتى مات، وكان قد قبض عقرها منه، وهو صداقها، فلما مات الوليد وثب بنوا مخزوم على خزاعة يلتمسون منهم عقر الوليد، وقالوا: إنما قتله سهم صاحبكم، فأبت عليهم خزاعة ذلك، ¬
(4) أبو إسحاق الدوسي
حتى تقاولوا أشعارا وغلظ بينهم الأمر، ثم أعطتهم خزاعة بعض العقل، واصلحوا وتحاجزوا، لكن عدا هشام بن الوليد (¬1)، أخو خالد بن الوليد - رضي الله عنه - على أبي أزيهر وهو بسوق ذي المجاز فقتله، وكان شريفا في قومه، وكانت ابنته عاتكة تحت أبي سفيان، وذلك بعد وقعة بدر، فعمد يزيد بن أبي سفيان فجمع الناس لبني مخزوم وكا أبوه غائبا، فلما جاء أبو سفيان غاظه ما صنع ابنه يزيد، فلامه على ذلك وضربه، وودى أبا أزيهر؛ لأنه صهره كان يدخل مكة في جواره، وقال لزوجته عاتكة بنت أبي أزيهر: أعمدت على أن تقتل قريش بعضها بعضا في رجل من دوس، وكتب حسان بن ثابت - رضي الله عنه - قصيدة له يحض أبا سفيان في دم أبي أزيهر، فقال: بئس ما ظن حسان أن يقتل بعضنا بعضا وقد ذهب أشرافنا يوم بدر (¬2). قلت: عاتكة بنت أزيهر هي أم عنبسة ومحمد ابني أبي سفيان، كان عنبسة ولاه أخوه من أبيه معاوية - رضي الله عنه - على الطائف، وعزله وولى شقيقه عتبة (¬3)، وقد حررته للتمييز. (4) أبو إسحاق الدوسي مذكور بكنيته، وسماه ابن أبي شيبة إبراهيم (¬4)، وقد روى عن أبي هريرة الدوسي - رضي الله عنه -، قال: بعثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سرية فقال: «إن ظفرتم بفلان وفلان فحرقوهما بالنار» حتى إذا كان الغد بعث إلينا فقال: «إني كنت أمرتكم بتحريق هذين الرجلين، فرأيت أنه لا ينبغي لأحد أن يعذب بالنار إلا الله، فإن ظفرتم بهما فاقتلوهما» (¬5)، وفي ¬
(5) أبو الأسود الدوسي
رواية: سمى الرجلين، قال: «إذا لقيتم هبار بن الأسود، ونافع بن عبدالقيس، فحرقوهما بالنار» (¬1). وسبب هذا أن أبالعاص بن الربيع؛ زَوْج زينب بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما أسره الصحابة ثم أطلقه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المدينة شرط عليه أن يجهز إليه ابنته زينب فجهزها، فتبعها هبار بن الأسود ورفيقه فنخسا بعيرها فأسقطت ومرضت من ذلك، وفي رواية: أن هبار بن الأسود أصاب زينب بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشيء وهي في خدرها، فاسقطت، "رماها بشيء فأصابها" فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سرية فقال: «إن وجدتموه فجعلوه بين حزمتي حطب ثم اشعلوا فيه النار، ثم قال: إني لأستحي من الله، لا ينبغي لأحد أن يعذب بعذاب الله» (¬2)، (5) أبو الأسود الدوسي لم أقف على ما يفيد عنه سوى قوله: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهذا يوحي بصحبته، ولذلك ذكره الحافظ ابن حجر في الإصابة. (6) أبو العوام الدوسي لم أقف على ما يفيد عنه سوى أنه روى عن أبي ذر، وحسين بن علي، والحسن بن علي - رضي الله عنهم -، وروى عنه نوح بن قيس (¬3)، وجهَّله أبو حاتم (¬4)، وقال بن حجر: له شيء عن أبي ذر (¬5). (7) أبو حناءة (¬6) بن أبي أزيهر الدوسي نسب إلى دوس وهو من أبناء العم كما تقدم في ترجمة أبي أزيهر (3) وهو صحابيله إدراك، وقتل بعد وقعت بدر في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - ولأبي حناءة هذا بنت تسمى ¬
(8) أبو زهر الدوسي
شميلة (¬1) تزوجها مجاشع بن مسعود، وهي صاحبة القصة مع نصر بن حجاج (¬2)، والله أعلم بالقصة. (8) أبو زهر الدوسي لم أقف على ذكر له إلا عند الصفدي، ضمن تصانيف في الأحلاف قال: كتاب أبي زهر الدوسي (¬3)، ولعله تصحف من أبي زهير: كنية لأكثر من شخص، ومنهم: عبد الرحمن بن مغراء ترجمته (123). (9) ابو زيد الدوسي لم أقف على ذكر له إلا عند الحافظ ابن حجر، عند ذكر مرداس المعلم، قال: ذكره أبو زيد الدوسي كتاب الأسرار، بغير سند، فقال: مر النبي - صلى الله عليه وسلم - بمرداس المعلم فقال: «إياك الخبز المرقق، والشرط على كتاب الله تعالى»، وهذا لم أقف له على سند (¬4). (10) أبو صفيح بن سعد الدوسي والد سعد بن صفيح (¬5) ترجمته (92) ابن الحارث بن شابي بن أبي صعب بن هُنْيَة ابن سعد بن ثعلبة بن سليم بن فهم بن غنم بن دوس؛ ابن خال أبي هريرة، وابن خال أبي أزيهر، فأبو هريرة، وأبو أزيهر ولدا الأختين، وقد قَتَل به تسعة، قال سراقة الأكبر بن مرداس فيما جعلت قريش للأزد (¬6) عليهم من الخراج بعد أن قتلت الأزد (¬7) منهم وسمى بعض من قتل: ¬
(11) أبو عامر الدوسي
لقد علمت بنوا أسْد بأنا ... تقحمنا المشاعر معلمينا تركنا بَعْككا (¬1) وابني هشام ... وعوفا بعده القوام رهنا وحربا والمسيب إذ لقينا ... ولم نك من قريش أو جرينا (¬2) تركنا تسعة للطير منهم ... بمكة والسباع مطرحينا فلما أن قضينا الدين قالوا ... نريد السلم قلنا قد رضينا وضعنا الخرج موظوفاعليهم ... يؤدون الإتاوة (¬3) آخرينا (¬4) لنا في العير دينار مسمى ... به حزَّ الحلاقم يتقونا ولولا ذاك ما جالت قريش ... شمالا في البلاد ولا يمينا فلم يزل ذلك عليم يؤدونه إلى الأزد (¬5) حتى ظهر النبي - صلى الله عليه وسلم - وطرحه فيما طرح من سنن الجاهلية (¬6). قلت: الحمدلله الذي أنعم علينا بالإسلام, دين الحق والهدى, شرع الأحكام, وقضى على الجاهلية, فاجتمع عباده على فارق واحد هو التقوى, فكانوا بذلك إخوة, يظللهم كتاب الله وسنة نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - , ثم وَحْدَةُ القبائل في المملكة يضرب بها المثل في التراحم والإخاء. (11) أبو عامر الدوسي تبين لي من خلال البحث أن خلطا حدث في هذا, بين أن يكون عامر بن الطفيل, وترجمته (109) أو أبا عامر كما هنا, أو الطفيل بن عمرو, ترجمته (106) والذي أراه أن الخلط وقع في كتاب فتوح الشام للواقدي, فإنه الوحيد الذي قال عامر الدوسي, وتارة كناه أبا عامر, ولعل الخطأ من النسخ، وذكر أنه حامل كتاب عمرو ¬
بن العاص إلى أبي عبيدة - رضي الله عنهم - "بسم الله الرحمن الرحيم من عمرو بن العاص إلى أمين الأمة أما بعد: فإني أحمد الله الذي لا إله إلا هو, وأصلي على نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - , وإني قد وصلت إلى أرض فلسطين, ولقينا عساكر الروم مع بطريق يقال له: "روبيس"في مائة ألف فارس, فمَنّ الله بالنصر وقتل من الروم خمسة عشر ألف فارس, وفتح الله على يدي فلسطين, بعد أن قتل من المسلمين مائة وثلاثون رجلا, فإن احتجت إلي سرت إليك, والسلام عليك ورحمة الله وبركاته" ودفع الكتاب إلى أبي عامر الدوسي وأمره أن يسير إلى أبي عبيدة, فأسرع عامر بالكتاب فوجد أبا عبيدة وهو نازل بأرض الشام, وجاهر بالدخول إليها, غير أنه أمَره كما أمَره أبو بكر, فلما وصل أبو عامر قال له أبو عبيدة: ما وراءك؟ قال: خيرا, هذا كتاب من عمرو بن العاص يخبرك بما فتح الله على يديه, ثم سلم إليه الكتاب فلما قرأه خر ساجدا فرحا بنصر الله, ثم قال: والله قُتل من المسلمين رجال أخيار منهم سعيد بن خالد, قال أبو عامر: فكان خالد والده جالسا, فلما سمع بأن ولده قد قتل قال: وا ابناه, وجعل يبكيه حتى بكى المسلمون لبكائه, ثم إن خالدا أسرع إلى فرسه فركبها, وعزم إلى أرض فلسطين لينظر إلى قبر ولده, فقال أبو عبيدة: كيف تسير وتدعنا؟ فقال: إنما انظر إلى قبر ولدي وأرجو الله ان يلحقني به, قال: وكتب أبو عبيدة كتابا لعمرو بن العاص يقول فيه: "بسم الله الرحمن الرحيم إنما أنت مأمور, فإن كان أبو بكر أمرك أن تكون معنا فسر إلينا, وإن كان أمرك بالثبات في موضعك فاثبت, والسلام عليك ورحمة الله وبركاته" وطوى الكتاب وسلمه إلى خالد بن سعيد وسار مع أبي عامر إلى أن أتيا إلى جيش عمرو بن العاص, فدفع له الكتاب وهو يبكي, فوثب عمرو وصافح خالد ورفع منزلته, وعزاه في ولده سعيد, وعزاه المسلمون, فقال خالد: ياأيها الناس هل أروى سعيد رمحه وسيفه في الكفار؟ قالوا: نعم فلقد قاتل وما قصر, ولقد جاهد في الدين ونَصر, فقال: أروني قبره, فأروه إياه فأقام على القبر وقال: يا ولدي رزقني الله الصبر عليك وألحقني بك, وإنا لله وإنا إليه راجعون, والله إن مكنني الله لآخذن بثأرك ياولدي, عند الله احتسبك, ثم قال لعمرو بن العاص: إني أريد أن أَسْري بسرية
(12) أبو عبد الله بن سليمان بن زيد الدوسي
فلعل أن أجد فيهم فرصة أو غنيمة, وأكون قد أخذت بثأر ولدي فقال عمرو: إن الحرب أمامك. وأبو عامر أو عامر الدوسي هو حامل كتاب عمرو بن العاص إلى أبي بكر الصديق - رضي الله عنهم - , وذكر له ماجرى مع الروم, قال الأزدي: وبعث الكتاب مع أبي عامر - رضي الله عنه - قدم به إلى المدينة, وأعطاه أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - فلما قرأه على المسلمين فرحوا وضجوا بالتهليل والتكبير والصلاة على البشير النذير, ثم إن أبا بكر استخبر عن أبي عبيدة فقال له عامر: إنه قد أشرف على أوائل الشام, ولم يجسر على الدخول إليها, وأنه سمع أن جيوش الملك قد اجتمعت من حول أجنادين وهم أمم لا تحصى, وقد خاف على المسلمين أن يتوسط بهم عدوهم (¬1). (12) أبو عبد الله بن سليمان بن زيد الدوسي لم أقف على ما يفيد عنه سوى أنه قال: حدثني الفضل بن العباس بن سعيد بن سلم بن قتيبة الباهلي قال: حدثنا محمد بن حرب بن قطن بن قبيصة بن مخارق الهلالي قال: لما مات المهدي وفدت العرب على موسى يهنئونه بالخلافة، ويعزونه عن المهدي، فدخل مروان بن أبي حفصة فأخذ بعضادتي الباب ثم قال: لقد أصبحتْ تختال في كل بلدة ... بقبر أمير المؤمنين المقابر ولو لم تُسكَّن بابنه في مكانه ... لما برحت تبكي عليه المنابر قال: فخرج الناس بالبيتين (¬2). (13) أبو عوف الدوسي لم أقف على ما يفيد عنه سوى ما قال أبو الفرج، ومعلوم ما في كتابه من حرج (¬3). (14) أبو فاطمة الدوسي قيل: اسمه عبدالله بن أنيس، صحابي شهد مصر، سكن الشام، وانتقل إلى مصر، واختط بها دارا (¬4)، وهو والد إياس ترجمته (32)، وحفيده عبدالله بن إياس، ترجمته (132). ¬
من تلاميذه
من تلاميذه: ابنه إياس بن أبي فاطمة، وكثير بن كليب. روى مسلم بن عثيل مولى الزبير، عن عبدالله بن إياس بن أبي فاطمة الدوسي، عن أبيه، عن جده قال: كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - جالسا فقال: «من يحب أن يصح فلا يسقم؟ » فابتدرناها، قلنا: نحن يارسول الله، وعرفناها في وجهه، فقال: «أتحبون أن تكونوا كالحمر الضالة» قالوا: لا يارسول الله، قال: «ألا تحبون أن تكونوا أصحاب بلاء، وأصحاب كفارات، فو الذي نفسي بيده إن الله ليبتلي المؤمن بالبلاء، فما يبتليه إلا لكرامته عليه، إن الله قد أنزل عبده منزلة لا يبلغها بشيء من عمله دون أن يُنْزِل به شيئا من البلاء فيبلِّغْه تلك المنزلة» (¬1). (15) أبو كلثم الدوسي نسبه: يقال: أبو كلثم خالد بن معمر بن وهب بن زهير بن عامر بن عبدغَنْم بن غنام بن أسامة بن مالك بن عامر بن حرب بن سعد بن ثعلبة بن سليم بن فهم بن غنم بن دوس بن عدثان بن عبدالله بن زهران بن كعب الدوسي الأزدي؛ من أهل دمشق، نزل عليه أبو هريرة حين قدم دمشق؛ لأنه من قرابته، سمع أبا هريرة؛ جلس في المسجد في غربيه، فتذاكروا الصلاة الوسطى، فاختلفنا فقال أبو هريرة - رضي الله عنه -: "اختلفنا فيها كما اختلفتم ونحن بفناء بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفينا الرجل الصالح: أبو هاشم بن عتبة بن ربيعة بن عبدشمس فقال: أنا أعلم لكم ذلك، وكان جريئا عليه، فدخل فاستأذن على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدخل، ثم خرج فأخبرنا أنها صلاة العصر" (¬2). ¬
(16) أبو هاشم الدوسي
(16) أبو هاشم الدوسي روى عن ابن عمه أبي هريرة، وروى عنه أبو يسار القرشي، جهَّله ابن حجر (¬1)، وقال ابن حبان: تابعي ثقة، ليس يُروى عنه إلا حديث واحد (¬2). قلت: الحديث في سنن أبي داود: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أُتي بمخنث قد خضب يديه ورجليه بالحناء، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ما بال هذا؟ » فقيل: يا رسول الله يتشبه بالنساء، فنُفي إلى النقيع (¬3)، فقالوا يارسول الله، ألا نقتله؟ ، فقال: «إني نهيت عن قتل المصلين» (¬4). أبو هريرة انظر: عبد الرحمن بن صخر (117) (17) أحمد بن أبي عبيدالله الدوسي (¬5) نسبه: أحمد بن أبي عبيدالله بشر السُّليمي، الأزدي، أبو عبدالله، الوراق، البصري. وسُليمة من ولد مالك بن فهم، من الأزد (¬6)، وهذا نسبه: سليمة بن مالك بن فهم بن غَنْم بن دوس بن عدثان بن عبدالله بن زهران بن كعب. من شيوخه: أبو قتيبة سلم بن قتيبة الشعيري، وعبدالله بن داود الخريبي، وعبدالأعلى بن عبدالأعلى، وعمر بن علي المقدمي، وأبو أحمد محمد بن عبدالله بن الزبير الزبيري، ويزيد بن زريع (¬7)، رحمهم الله. ¬
من تلاميذه
من تلاميذه: الترمذي، والنسائي، والحسن بن عليل العنزي، وعبدان بن أحمد الأهوازي، ويعقوب بن إبراهيم بن أبي حسان الأنماطي (¬1)، رحمهم الله. وفاته: مات بعد الأربعين ومائتين. (18) أحمد بن محمد أبو الحسين الدوسي أحمد بن محمد بن يحيى، أبو الحسن الدوسي، الصيرفي، الأنباري (¬2)، روى بسنده عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «حق كبير الإخوة على صغيرهم كحق الوالد على ولده» (¬3). قلت: هو مرسل؛ لذلك ضعفه الألباني رحمه الله، ومعناه صحيح، في وجوب احترامه، وتعظيمه وتوقيره، وعدم مخالفة ما يشير به ويرتضيه من الخير. (19) أحمد بن محمد بن أحمد الدوسي أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن يحيى الدوسي، من أهل غرناطة، يكنى أبا عبدالله، ويعرف بابن قطبة، ولد عام تسعة وستين وستمائة، وكان رحمه الله شيخ الفقهائ والمُوَثِّقين، صدر أرباب الشورى، نسيج وحده في الفضل، والتخلق والعدالة، طرفا في الخير، محببا إلى الكافَة، مجبولا على المشاركة، مطبوعا على الفضيلة، كهفا للغرباء والقادمين، مألفا للمتعلمين، ثمالا للأسرى والعانين، تخلص منهم على يديه أمم، لقصد الناس إياه بالصدقة، مقصودا في الشفاعات، معتمدا بالأمانات، لا يسدل دونه ستر، ولا تحجب عنه حرمة، فقيها حافظا، إخباريا محدثا ممتعا، متقدما في صناعة التوثيق، حسن المشاركة في غيرها، كثير الحض على الصدقة في المحول والأزمات، يقوم في ذلك مقامات حميدة، ينفع الله بها الضفاء، وينقاد الناس لموعظته، ويؤثر في القلوب بصدقه، فقد بفقدانه رسم من رسوم البر والصدقة. من شيوخه: الأستاذ الكبير أبو جعفر بن الزبير، والخطيب ولي الله أبي حسن بن فضيلة، والوزير المسن المحدث أبو محمد عبدالمنعم بن سماك، وأبو القاسم بن السكوت المالقي، ¬
(20) أحمد بن مسدد الدوسي
والخطيب أبو عبدالله بن رشيد، والقاضي أبو محمد بن مسعود، والعدل أبو علي الحلي، وأبو محمد بن عبدالمؤمن الخولاني، وأجازه جماعة من أهل المشرق والمغرب، عن بعض القضاة بغرناطة، رحمة الله علينا وعليهم. توفي في الثالث لربيع الأول من عام ثمانية وثلاثين وسبعمائة، وكانت جنازته مشهودة (¬1). (20) أحمد بن مسدد الدوسي لم أقف هلى ما يفيد عنه، وهو والد إبراهيم، ترجمته (1) وأخوه الحسن ورد كنية لأبيه (64) , (21) أحمد بن معافى بن عمران الدوسي لم أقف على ما يفيد عنه سوى أنه ذكر في الرواة عن أبيه (224). (22) أدهم أبو بشر الدوسي لم أقف على ما يفيد عنه سوى رواية هشيم عنه قال: حدثنا أدهم أبو بشر الدوسي قال: حدثني ناس من الحي أن امرأة منهم ماتت وهي حنيفية (¬2)، وتركت أمها وهي نصرانية، فأسلمت أمها قبل أن يقسم ميراث ابنتها، فأتو عليا فسألوه عن ذلك، فقال علي - رضي الله عنه -: "أليس ماتت ابنتها وأمها نصرانية؟ " قالو: نعم (¬3)، قال: "فلا ميراث لها، كم الذي تركت ابنتها؟ " فأخبروه، فقال: "أنيلوها منه" فأنالوها منه (¬4). (23) أزد الدوسي رسول أبي بكر - رضي الله عنه - ورد ذكره في قصة مفادها: أن سعيد بن خالد أتى إلى الصديق - رضي الله عنه - فقال: يا خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إنك أردت أن تعقد لأبي: خالد راية، ويكون قائدا من قواد جيشك، فتكلم فيه المتكلمون فعزلته حين رجع من بعثتك، وقد حبس نفسه في سبيل الله - عز وجل -، ولم أزل مجيبا دعوتك في بعثتك، فهل لك أن تقدمني على هذا الجيش؟ ، فو الله لا يراني الله وانيا أبدا، ولا عاجزا عن الحرب. ¬
(25) إسحاق بن إبراهيم بن رجاء الدوسي
وكان سعيد بن خالد بن سعيد بن العاص غلاما نجيبا، أنجب من أبيه وأفرس، فعقد له أبو بكر راية، ودفعها إليه، وأمَّره على ألفين من العرب، فلما سمع عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كلام سعيد بن خالد، وأنه خير من أن يكون أميرا كره له ذلك، وأقبل على الصديق - رضي الله عنه - وقال: يا خليفة رسول الله، عقدت هذه الراية لسعيد بن خالد على من هو خير منه، ولقد سمعته يقول عند ما عقدتها: على رغم الأعادي، والله لتعلم أنه ما يريد بالقول غيري، والله ما تكلمت في أبيه. فثقل ذلك على أبي بكر - رضي الله عنه -، وكره أن لا يعقد له، وكره أيضا أن يخالف عمر؛ لمحبته له ونصحه، ومنزلته عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، ووثب قائما ودخل على عائشة رضي الله عنها، وأخبرها بخبر عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، وما كان من كلامه، فقالت: قد علمت أن عمر ينصر الدين، ويريد النصر لرب العالمين، وما في قلب عمر بغض للمسلمين، فقبل قول عائشة رضي الله عنها، ثم دعا بأزد الدوسي، وقال له: امض إلى سعيد بن خالد قل له: رد علينا رايتك، قال: فردها، وقال: لأقاتلن تحت راية أبي بكر حيث كان، فإني قد حبست في سبيل الله (¬1). قلت: قد كان ذلك واستشهد في فتح فلسطين، وتقدم بيان ذلك. (25) إسحاق بن إبراهيم بن رجاء الدوسي من شيوخ الطبراني، روى عن وهب الواسطي (¬2)، وسكن الأنبار، وفيها روى عنه الطبراني حديثا واحدا في المعجمين: الأوسط، والصغير، قول عائشة رضي الله عنها "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يباشر وهو صائم، وأيكم يملك من إربه ما كان رسول الله يملك" (¬3). (26) إسحاق بن محمد بن معتمر الدوسي والد عبد الرحمن: القاضي بمصر، في عهد ابن طولون، ترجمته (114) ولم اقف على ما يفيد عن إسحاق هذا. ¬
نسبه
(26) إسماعيل بن بشر بن منصور الدوسي نسبه: إسماعيل بن بشر بن منصور السُّليمي، أبو الليث، وأبو بشر، البصري، وسليمة من ولد مالك بن فهم، من الأزد (¬1)، وهذا نسبه: سليمة بن مالك بن فهم بن غَنْم بن دوس بن عدثان بن عبدالله بن زهران بن كعب. من شيوخه: بشر بن مدرك الهنائي، وأبو بشر بن منصور، وحماد بن قريش، وخالد بن الحارث، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى، وعبد الرحمن بن مهدي، وعمر بن علي المقدمي، وعمرو بن فائد الأسواري، وعيسى بن شعيب النحوي، وفضيل بن سليمان النميري، ومسكين بن أبي فاطمة، ووداع بن مرجّى بن وداع الراسبي (¬2)، رحمهم الله. من تلاميذه: أبو داود، وابن ماجه، وإبراهيم بن أبي طالب النيسابوري، وأحمد بن حمدون بن رستم الأعمشي، وأحمد بن محمد بن الأزهر الأزهري، وأحمد بن يحيى بن زهير التستري، وزكريا بن يحيى السجزي، والعباس بن حمدان الحنفي الأصبهاني، وأبو بكر عبدالله بن أبي داود، وعبدالله بن محمد بن عبدالله بن يونس السمناني، وأبو عبد الرحمن عبدالله بن محمد بن نصر الجمري البصري، وعبدالله بن محمد بن وهب الدينوري، وأبو علي لقمان بن علي السرخسي، وأبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة، ومحمد ابن إسماعيل البخاري في "التاريخ"، ومحمد بن صالح بن الوليد النرسي، ومحمد بن العباس بن أيوب الأخرم الأصبهاني، ومحمد بن عبد الرحمن النحوي البصري ولقبه ثعلب (¬3). وفاته: ذكر أن أباه مات سنة ثمانين ومائه، وعمره ست عشرة سنة. ¬
(27) الأغلب بن نباتة الدوسي
ومات إسماعيل سنة خمس وخمسين ومائتين (¬1). (27) الأغلب بن نباتة الدوسي لم اقف على ما يفيد عنه سوى ما أورد ابن القيسراني: أنه ثالث من يسمى الأغلب من الشعراء، وذكر من شعره: ولست بذي قلبين قلب مشيع ... وقلب إذا ما أرعد القوم أرعدا ولكن قلبي قلب أغلب باسل ... إذا صلتت عنه الليالي تمردا وقال: لم أر له ذكرا في أشعار الأزد، وأظنه إسلاميا متأخرا (¬2). (28) أم جميل بنت خليد الدوسي لم أقف على ما يفيد عنها سوى أنها أم عمرو بن عبيدالله، وكان من وجوه قريش، وفيه يقول الفرزدق، أو: غيره: تمشي تبختر حولي غير مكترث ... لو كنت عمرو بن عبدالله لم تزد وكان لعمرو بن عبدالله رقيق يتجرون، وكان ذلك مما يعينه على فعاله وتوسُّعه. وأمه أم جميل بنت خليد الدوسي (¬3). ولم أقف على ذِكرٍ لأبيها خليد الدوسي سوى ارتباطه باسم ابنته هذه، ولعلها التي أجارة ضرار بن الخطاب بن مرداس القرشي، فإن هشام بن الوليد بن المغيرة المخزومي قتل أبا أزيهر الزهراني، فبلغ ذلك قومه في السراة، وعندهم ضرار بن الخطاب بن مرداس القرشي، ثم الفهري، فوثبوا به يقتلونه، فدخل بيت أم جميل، وضربه رجل منهم بالسيف، فأصاب ذبابه باب البيت، وقامت دونه ونادت في قونها فجاؤا فمنعوه، فلما قام عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أتته بالمدينة، فذكرت له أنها أجارت أخاه لمكان الاسم، فغلَّطها الحاضرون، فقال: "دعوها دعوها، إني لأظنها التي أجارت ضرار بن الخطاب" ثم استشرح منها الأمر فأخبرته، فقال: "إني لست أخاه إلا في الإسلام، فهو غازٍ، وقد عرفنا منتك" وأعطاها على أنها بنت سبيل (¬4). ¬
(29) أم شريك الدوسية
وقصة أخرى تقول: إن ضرار بن الخطاب بن مردس الفهري خرج في نفر من قريش إلى أرض دوس، فنزلوا على امرأة يقال لها: أم غيلان؛ مولاة لدوس، وكانت تمشط النساء، وتجهز العرائس، فأرادت دوس قتلهم بأبي أزيهر، فقامت دونهم أم غيلان، ونسوة معها حتى منعنهم، فقال ضرار بن الخطاب في ذلك: جزى الله عنا أم غيلان صالحا ... ونسوتها إذ هن شعث عواطل فهن دفعن الموت بعد اقترابه ... وقد برزت للثائرين المقاتل دعت دعوة دوسا فسالت شعابها ... بعز وأدتها الشرج القوابل وعمرا (¬1) جزاه الله خيرا فما ونى ... وما بردت منه لدي المفاصل فجردت سيفي ثم قمت بنصله ... وعن أي نفس بعد نفسي أقاتل قال ابن هشام رحمه الله: حدثني أبو عبيدة أن التي قامت دون ضرار أم جمل، ويقال لها: أم غيلان، قال: ويجوز أن تكون أم غيلان قامت مع أم جميل فيمن قام دونه (¬2). قلت: ويجوز أن أم جميل إسما لها لا كنية، وتقدم أن عمرو بن عبيدالله والدها، وقد ورد الثناء عليه في أبيات ضرار، ويجوز أن أم جميل أجارت ضرارا في موقف منفصل عن قصة النفر الذين نزلوا على أم غيلان، إذ ورد أنه كان مقيما في دوس، وتكون قصة النفر الذين نزلوا على أم غيلان منفصلة بموقف آخر، وحينه لا يمنع أن تكون أم جميل من النسوة اللواتي شاركن أم غيلان، فيصح التوفيق بين الموقفين. (29) أم شريك (¬3) الدوسية صحابية رضي الله عنها اسمها غُزية, واختلف في اسم أبيها فقيل: بنت جابر بن حكيم الدوسي (¬4) , وقيل: دودان بن عمرو (¬5) , والأكثرون على أنها هي التي وهبت ¬
نفسها للنبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يقبلها, فلم تتزوج حتى ماتت (¬1) , قال محمد بن عمر الواقدي: رأيت مَن عندنا يقولون: إن الآية نزلت في أم شريك وإن الثبت عندنا أنها امرأة من دوس من الأزد (¬2). قلت: الصحيح أنه قبلها بغير مهر, ودخل عليها (¬3) , وهي التي غارت منها عائشة رضي الله عنها, وكانت أم شريك جميلة, وهي غير أسماء الجونية المتعوذة, قالت عائشة رضي الله عنها: ما في امرأة حين تهب نفسها لرجل خير، قالت أم شريك رضي الله عنها: فأنا تلك, فسماها الله مؤمنة قال تعالى: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} (¬4) , فلما نزلت الآية قالت عائشة رضي الله عنها: إن الله يسارع لك في هواك (¬5) - تعني رسول الله صلى الله عليه وسلم - قال السيوطي: نزلت في أم شريك الدوسية (¬6) , وقد أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاطمة بنت قيس رضي الله عنها أن تقضي عدتها عند أم شريك، فقال: «كوني عند أم شريك ولاتسبقيني بنفسك» (¬7). قلت: كان من قصتها: أن وقع في قلبها الإسلام فأسلمت وهي بمكة، وكانت تحت أبي العَكَر، أو العكير الدوسي (¬8)، ثم جعلت تدخل على النساء قريش سرا فتدعوهن ¬
وترغبهن في الإسلام، حتى ظهر أمرها لأهل مكة، فأخذوها وقالوا: لولا قومك لفعلنا بك وفعلنا، ولكنا سنردك إليهم. وذكر ابن سعد بسنده عن منير بن عبدالله الدوسي قال: أسلم زوج أم شريك؛ غزية بنت جابر الدوسية من الأزد، وهو أبو العَكر فهاجر إلى رسول الله إلى رسول الله مع أبي هريرة، مع دوس حين هاجروا، قالت أم شريك: فجاءني أهل أبي العَكر فقالوا: لعلك على دينه؟ ، قلت: أي والله إني لعلى دينه (¬1)، قالوا: لا جرم والله لنعذبنك عذابا شديدا، فارتحلوا بنا من دارنا، ونحن كنا بذي الخلصة (¬2)، وهو موضعنا، فساروا يريدون منزلا، وحملوني على جمل ثفال (¬3)، شر ركابهم وأغلظه، يطعموني الخبز بالعسل، ولا يسقوني قطرة ماء، حتى إذا انتصف النهار وسخنت الشمس حتى ذهب عقلي وسمعي وبصري (¬4)، ففعلوا ذلك بي ثلاثة أيام، فقالوا لي في اليوم الثالث: اتركي ما أنت عليه، قالت: فما دريت ما يقولون إلا الكلمة بعد الكلمة، فأشير بأصبعي إلى السماء بالتوحيد، قالت: فوالله إني لعلى ذلك وقد بلغني الجهد، إذ وجدت برد دلو على صدري، فأخذته فشربت منه نفسا واحدا، ثم انتزع مني فذهبت انظر فإذا هو معلق بين السماء والأرض فلم أقدر عليه، ثم دلي إليَّ ثانية فشربت منه نفسا، ثم رفع فذهبت انظر فإذا هو معلق بين السماء والأرض، ثم دلي إليَّ الثالثة فشربت منه حتى رويت، وأهرقت على رأسي ووجهي وثيابي، فخرجوا فنظروا فقالوا: من أين لك هذا يا عدوة الله؟ ! ، فقلت لهم: إن عدوة الله غيري: من خالف دينه، وأما قولكم: من ¬
(30) أم عمرو بنت جندب الدوسية
أين هذا؟ ، فمن عند الله رزقا رزقنيه الله، فانطلقوا سراعا إلى قربهم وإداواتهم فوجدوها موكأة لم تحل، فقالوا: نشهد أن ربك هو ربنا، وأن الذي رزقك ما رزقك في هذا الموضع بعد أن فعلنا بك ما فعلنا هو الذي شرع الإسلام، فأسلموا وهاجروا جميعا إلى رسول الله، وكانوا يعرفون فضلي عليهم، وما صنع الله إليَّ (¬1). (30) أم عمرو بنت جندب (¬2) الدوسية أم عمرو بنت جندب بن عمرو بن حممة بن الحارث بن رفاعة بن سعد بن ثعلبة بن لؤي بن عامر بن غَنْم بن دُهمان بن منهب بن دوس، ترجمة أبيها (52) كنَّاها ابن حجر أم أبان، أحد أبنائها، عاش جدها عمرو ثلاثمائة سنة، ترجمته (168) تزوجها الخليفة الراشد عثمان بن عفان - رضي الله عنه -، وله منها: عمرو، وخالد، وأبان، وعمر، ومريم (¬3)، ترجم لهم ابن سعد في الطبقات (¬4). قلت: زوَّجها من عثمان عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، وكان من قصة زواجها ما قال ابو الفرج: قدم جندب بن عمرو بن حممة الدوسي المدينة مهاجرا في خلافة عمر بن الخطاب، ثم مضى إلى الشام، وخلف ابنته أم ابان عند عمر، وقال له: يا أمير المؤمنين، إن وجدت لها كفئا فزوجها ولو بشراك نعله، وإلا فامسكها حتى تلحقها بدار قومها بالسراة، فكانت عند عمر، واستشهد أبوها، فكانت تدعو عمر أباها ويدعوها ابته، قال: فإن عمر على المنبر يوما يكلم الناس في بعض الأمر إذ خطر على قلبه ذكرها، فقال: "من له في الجميلة الحسيبة، بنت جندب بن عمرو بن حممة، وليعلم امرؤ من هو؟ ! " فقام عثمان فقال: "أنا يا أمير المؤمنين" فقال: "أنت لعمر الله! ، كم سقت لها؟ " قال: كذا وكذا، قال: "قد زوجتكها فعجِّلة؛ فإنها معدة" قال: ونزل عن المنبر، فجاء عثمان - رضي الله عنه - بمهرها، فأخذه عمر في ردنه فدخل به عليها، فقال: "يا بنية، مدي حجرك" ففتحت حجرها، فألقى فيه المال، ثم قال: "يا بنية، قولي: اللهم بارك لي فيه" فقالت: اللهم بارك لي فيه، وما هذا يا أبتاه؟ ، قال: ¬
(31) إياد بن لقيط الدوسي
"مهرك" فنفحت به وقالت: واسوأتاه! ، فقال: "احتبسي منه لنفسك، ووسعي منه لأهلك "وقال لحفصة: "يا بنتاه، أصلحي من شأنها، وغيري بدنها، واصبغي ثوبها" ففعلت. ثم أرسل بها نسوة إلى عثمان، فقال عمر لما فارقته: "إنها أمانة في عنقي، أخشى أن تضيع بيني وبين عثمان" فلحقهن فضرب على عثمان بابه، ثم قال: "خذ أهلك بارك الله لك فيهم" فدخلت على عثمان، فأقام عندها مقاما طويلا لا يخرج إلى حاجة، فدخل عليه سعيد بن العاص فقال له: يا أبا عبدالله، لقد أقمت عند أهل الدوسية مقاما ما كنت تقيمه عند النساء، فقال: "أما إنه مابقيت خصلة كنت أحب أن تكون في امرأة إلا صادفتها فيها، ما خلا خصلة واحجة" قال: وما هي؟ ، قال: "إني رجل قد دخلت في السن، وحاجتي في النساء الولد، وأحسبها حديثة لا ولد فيها اليوم" قال: فتبسمت، فلما خرج سعيد من عنده قال لها عثمان: "ما أضحكك؟ " قالت: سمعت قولك في الولد، وإني لمن نسوة ما دخلت امرأة منهن علي سيد قط فرأت حمراء حتى تلد سيد من هو منه" قال: فما رأت حمراء حتى ولدت (¬1) عمرو بن عثمان (¬2). (31) إياد بن لقيط الدوسي لم أقف على ما يفيد عنه سوى أنه روى عن أبي رمثة - رضي الله عنه - قال: انتهيت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسمعته يقول: «يد المعطي العليا، أمك وأباك وأختك وأخاك، ثم أدناك» (¬3)، وأنه روى عنه ابنه عبيدالله قال: سمعت إيادا يقول: قال عبدالله "خير الدين الإسلام، وأحسن الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، إنكم اليوم في زمان العمل خير من الهوى، وليأتين عليكم زمان الهوى فيه خير من العمل، لأن يموت ابن مسعود وأهل بيته أهون عليه من عدهم من جعلان القاعة" (¬4). ¬
(32) إياس بن أبي فاطمة الدوسي
(32) إياس بن أبي فاطمة الدوسي لم أقف على ما يفيد عنه سوى أنه روى عن أبيه، ترجمته (14) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من يحب أن يصح فلا يسقم» فابتدرناها، قلنا: نحن يارسول الله، وعرفناها في وجهه، فقال: «أتحبون أن تكونوا كالحمر الضالة» قالوا: لا يارسول الله، قال: «ألا تحبون أن تكونوا أصحاب بلاء، وأصحاب كفارات، فوالذي نفسي بيده إن الله ليبتلي المؤمن باللاء، فما يبتليه إلا لكرامته عليه، إن الله قد أنزل عبده منزلة لا يبلغها بشيء من عمله دون أن يُنْزِل به شيئا من البلاء فيبلِّغْه تلك المنزلة» (¬1). (33) إياس بن الحارث الدوسي إياس بن الحارث بن معيقيب بن أبي فاطمة الدوسي (¬2)، جده من قبل أمه أبو ذباب الدوسي، روى عنه أبو مكين: روح بن ربيعة، وروى عن جده معيقيب (¬3) أثرا واحدا، قال: "كان خاتم النبي - صلى الله عليه وسلم - حديدا ملويا عليه فضة، قال: وربما كان في يدي" فكان معيقيب على خاتم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬4). (34) إياس بن عبدالله الدوسي إيا س بن عبدالله بن أبي ذباب الدوسي، قيل سكن المدينة، وقيل مكة، واختلف العلماء في صحبته، فقيل: له صحبة وكان ممن شهد حجة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - وعقل عنه (¬5)، وقيل: تابعي له حديث واحد، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تضربوا إماء الله» قال: فذئر (¬6) النساء، وساءت أخلاقهن على أزواجهن، فقال عمر: "يا رسول الله، ذئر النساء، وساءت أخلاقهن على أزواجهن، منذ نهيت عن ضربهن" قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «فاضربوهن» قال: فضرب الناس نساءهم تلك الليلة، قال: فأتى نساء كثير ¬
(35) بشر بن منصور الدوسي
يشتكين الضرب، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - حين أصبح: «لقد طاف بآل محمد الليلة سبعون امرأة، كلهن يشتكين الضرب، وأيم الله لا تجدون أولئك خياركم» (¬1). (35) بشر بن منصور الدوسي أبو محمد، وأبو إسماعيل، بشر بن منصور السُّليمي، وسُليمة من ولد مالك بن فهم من الأزد، ومن قال: فهم بن مالك فقد عكس، وهذا نسبه: سليمة بن مالك بن فهم بن غَنْم بن دوس (¬2) بن عدثان بن عبدالله بن زهران بن كعب. من شيوخه: سمع من خلق كثير يطول ذكرهم (¬3)، منهم ابن جريج، ومغيرة بن زياد. من تلاميذه: خلق كثير كذلك (¬4) منهم أئمة كعبد الرحمن بن مهدي، والجريري، وحديثه عند الإمام مسلم وغيره، وروى عنه محمد بن عبدالله الرقاشي في الصلاة، وكان بشر يصلي كل يوم خمسمائة ركعة، وكان زاهدا في الدنيا قيل له: يسرك أن لك مائة ألف؟ فقال: لأن تندر عيناي أحب إلي من ذلك (¬5)، وروى أنه لما كان زمن الطاعون كان رجل يختلف إلى الجبان فيشهد الصلاة على الجنائز، فإذا أمسى وقف على بابن المقابر فقال: "آنس الله وحشتكم، ورحم غربتكم، وتجاوز عن مسيئكم، وقبل حسناتكم"، ولا يزيد على هؤلاء الكلمات، قال: فأمسيت ذات ليلة وانصرفت إلى أهلي، ولم آت المقابر فأدعو كما كنت أدعو، قال: فبينا أنا نائم إذ بخلق كثير قد جاؤني، فقلت: من أنتم، وما حاجتكم؟ ، قالوا: نحن أهل المقابر، قلت: ما حاجتكم؟ ، قالوا: إنك عودتنا منك هدية عند انصرافك إلى أهلك، فقلت: وما هي؟ ، قالوا: الدعوات التي كنت تدعو بها، قلت: فإني أعود لذلك، قال: فما تركتها بعد (¬6). ¬
(36) بشر بن مدرك الهنائي الدوسي
روى بشر بن المفضل قال: رأيت بشر بن منصور في النوم فقلت له: يا أبا محمد، ما صنع بك ربك؟ ، قال: وجدت الأمر أهون مما كنت أحمل على نفسي (¬1). قلت: عمل صالح من رجل صالح إن شاء الله. (36) بشر بن مدرك الهنائي الدوسي لم أقف على ما يفيد عنه سوى أنه من شيوخ إسماعيل بن بشر بن منصور، ترجمنه (26) وهو من ولد هناءة بن مالك بن فهم بن غَنْم بن دوس بن عدثان بن عبدالله بن زهران بن كعب بن عبدالله بن نصر بن ملك بن الأزد (¬2). (37) بكر بن حازم الدوسي لم أقف على ما يفيد عنه سوى أنه والد المهلب، ترجمته (282) وأخو جرير بن حازم (45). (38) بلال بن أبي هريرة الدوسي تابعي قليل الرواية عن أبيه صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، روى أحاديث منها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتي بصحفة تفور، فرفع يده منها، فقال: «اللهم لا تطعمنا نارا، إن الله لم يطعمنا نارا» (¬3)، روى عنه ابنه عبد الرحمن بن بلال، والشعبي، ويعقوب بن محمد بن طحلا، وشهد مع معاوية صفين، وجعله على بعض رجّالته، فكان على رجَّالة الميسرة، وبقي إلى أيام سليمان بن عبدالملك، وكان مقدما عنده يجلس معه على السريس (¬4). (39) ثابت بن سرح أبو سلمة الدوسي تابعي سكن دمشق، روى عن واثلة الأسقع، وبلال بن أبي الدرداء، وسالم المحاربي، روى عنه الواليد بن مسلم، ومحمد بن شعيب بن شابور (¬5). ¬
(40) ثعلبة بن بكر الدوسي
حدث عن سالم بن عبدالله بن عمر، عن أبيه قال: كان من دعاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اللهم ارزقني عينين هطالتين، تشفيان القلب بذرف الدموع من خشيتك، قبل أن يكون الدمع دما، والأضراس جمرا» (¬1). (40) ثعلبة بن بكر الدوسي ثعلبة بن بكر بن أسلم بن هناءة بن مالك بن فهم بن غَنْم بن دوس بن عدثان بن عبدالله بن زهران بن كعب بن عبدالله بن نصر بن ملك بن الأزد (¬2). شاعر وسيد من أشراف الأزد، كان في البحرين، ذكر العوتبي أنه أغار على أهل اليمامة فأصاب نعما من بني حنيفة، كما التقى مع بني عامر بن صعصعة في وقعة هزمهم فيها وأسر كثيرا منهم (¬3). (41) ثعلبة بن سُليم الدوسي لم أقف على ما يفيد عنه سوى أنه من أجداد الطفيل بن عمرو - رضي الله عنه -، فهو والد العاض، وحفيد العاض عمرو بن طريف، وهو ثعلبة بن سُليم بن لقيط بن الحارث بن مالك بن فهم بن غنم دوس الدوسي. قلت: تصحف "غَنْم" إلى غانم، وحسب علمي ليس في ولد دوس من يسمى غانما. (42) جابر بن عمران الدوسي لم أقف على ما يفيد عنه سوى روايته لقصة ضرار بن الأزور (¬4) أسره الروم، رواها جابر الدوسي لتلميذه الواقدي مؤلف فتوح الشام، وكان منها أن ملكهم قال: "قطعوه ¬
بسيوفكم، وامحوا أثره " قال: فنزلوا عليه بالسيوف وضربوه ضربات شديدة، وكانت عدة تلك الضربات (114) أربع عشرة ومائة ضربة، إلا أنها غير قاتلة، لما يريد الله من لطفه الخفي في حياته ونجاته، فلما رأى "البترك" هذه الفعال سكن غضبه وقال: "اقطعوا لسانه" فلما أن رأى "يوقنا" ذلك الأمر وتحقق هذا الكلام منهم قال في نفسه: "والله لا أترك هذا اللعين يتمكن من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " (¬1)، وتقدم إلى الملك قبل الأرض، ودعا بدوام الملك والنعم وقال: "أيها الملك إن هذا ليس بصواب، وإن من الراي السديد عندي أن تترك هذا الغلام حتى يصح، فإذا عاد إلى صحته أخرجناه إلى باب المدينة، وصلبناه ليشفي صدور الروم؛ إنه قد أثر فيهم كلامه الذي تكلمه، وقد قتل من آبائهم وأبنائهم وإخوانهم، وأيضا يبلغ الخبر إلى المسلمين بإهانته وضربه فيوهنوا بذلك". قال الواقدي رحمه الله: إنما أراد "يوقنا" بذلك أن يخلص ضرارا منه، وقال في نفسه: إذا بات تلك الليلة انكسر الغضب من الملك فيطلقه، فقال الملك ليوقنا: "خذه واحفظه إلى غد" فأخذه "يوقنا" إلى داره، وافتقد جراحاته فإذا بها كلها سليمة، ما قطع له عصب ولا عرق، وذلك من لطف الله الخفي، ولما أن رأى "يوقنا" جراحاته خاطها وداوها، وأطعمه وسقاه، ففتح عينه فرأى "يوقنا" وولده، ولم يكن عنده علم بأن "يوقنا" قد أتى إلى هذا المحل ليحتال على الملك، فلما أن رآهما قال لهما: إن كنتما كافرين فقد سخركما الله لي حتى داويتماني، وإن كنتما مؤمنين فمرحبا بكما، وهنيئا لكما، ولعل الله ببركتكما يجمع شملي بعجوز في الحجاز، قد أعلها البكاء والعويل ليلا ونهارا، من أجلي وأجل أختي خولة وهي في العسكر، ولقد كانت تحسب هذا الحساب؛ إنني بقية من مضى من الأحباب، ولقد خفي عليها خبري وأمري، فإن قدرتما أن تبلغاها سلامي وتعلماها مقامي، وكيف كان للكافرين كلامي، فهي ترسل وتعلم أمي وتكاتبها بأمري، فلما استراح في الليل قال: بالله عليكما اكتبا علي ما أقول لكما، فكتب عنه ابن "يوقنا" وهو يملي له، ويكتب حرفا بحرف شعرا: ¬
(43) جديع بن علي بن شبيب الدوسي
ألا أيها الشخصان بالله بلغا ... سلامي إلى أهلي بمكة والحجر تلقيتما ما عشتما ألف نعمة ... بعز وإقبال يدوم مع النصر ولا ضاع عند الله ما تصنعانه ... فقد خف عني ما وجدت من الضر بصنعكما لي نلت خيرا وراحة ... كذلك فعل الخير بين الورى يجري وما بي وايم الله موتي وإنما ... تركت عجوزا في المهامه والقفر ضعيفة حال ما لها من جلادة ... على نائبات الحادثت التي تجري تعودها حب القفار مقيمة ... على الشيح والقيصوم والنبت وكنت لها ركنا تعد رحاله ... وأكرمها جهدي وإن مسني فقر وأطعمها من صيد كفي أرنبا ... من الوحش واليربوع والظبي من الضب والغزلان والبهت بعده ... مع البقر الوحش المقيمات في ابر وأحمي حماها أن تضام ولم أزل ... لها ناصرا في موقف الخير والشر وإني أردت الله لا شيء غيره ... وجاهدت في جيش الملاعين بالسمر وأرضيت خير الخلق أعني محمدا ... لعلي أنال الفوز في موقف الحشر فمن خاف يوم الحشر أرضى إلهه ... وقاتل عباد الصليب بني الكفر كذا جلت يوم الحرب في كل كافر ... وجندلته بالطعن في الكر والفر تقول وقد حان الفراق لحينه ... ألا يا أخي مالي على البين من صبر ألا يا أخي هذا الفراق فمن لنا ... بحسن رجوع قادم منك بالبشر إذا سافر الإنسان عن أرض أهله ... فإما رجوع أو هلاك مدى الدهر (¬1). (43) جديع بن علي بن شبيب الدوسي الكرماني صاحب العصبية بخراسان: جديع بن علي بن شبيب بن عامر بن براري بن صنيم بن مليح بن شرطان بن معن بن مالك بن فهم بن غَنْم بن دوس، وإنما سمي الكرماني؛ لأنه ولد بكرمان، وكان رأسا في الأزد (¬2) شيخ خراسان وفارسها. ¬
وإنما ثارت العصبية بينه وبين نصر بن سيار الوالي؛ لأنه كان أحسن إلى نصر في ولاية أسد بن عبدالله، فلما ولِي نصر بن سيار خراسان عزل الكرماني عن الرئاسة، وصيرها لحرب بن عامر بن أيثم الواشحي، فمات حرب، فأعاد الكرماني عليها، فلم يلبث إلا يسيرا حتى عزله، وصيرها لجميل بن النعمان، فتباعد ما بين نصر والكرماني، فحبس الكرماني في الحصن "القهندز" وكان على الحصن مقاتل بن علي المري، ولما أراد نصر حبس الكرماني أمر عبيدالله بن بسام صاحب حرسه فأتاه به، فقال له نصر: يا كرماني، ألم يأتني كتاب يوسف بن عمر يأمرني بقتلك فراجعته فقلت له: شيخ خراسان وفارسها، وحقنت دمك؟ ! ، قال: بلى، قال: ألم أغرم عنك ما كان لزمك من الغرم، وقسمته في أعطيات الناس؟ ، قال: بلى، قال: فبدلت ذلك إجماعا على الفتنة! ، قال الكرماني: لم يقل الأمير شيئا إلا قد كان أكثر منه، فأنا لذلك شاكر، فإن كان الأمير حقن دمي فقد كان مني أيام أسد بن عبدالله ما قد علم، فليستأن الأمير ويتثبت فلست أحب الفتنة، فقال عصمت بن عبدالله الأسدي: كذبت، وأنت تريد الشغب وهو ما لا تناله، وقال سلم بن أحوز: اضرب عنقه أيها الأمير، فقال المقدام وقدامة ابنا عبد الرحمن بن نعيم الغامدي: لجلساء فرعون خير منكم، إذ قالوا: {أَرْجِهْ وَأَخَاهُ} (¬1)، والله لا يقتلن الكرماني بقولك يا ابن أحوز، وعلت الأصوات، فأمر نصر سلما بحبس الكرماني، فحبس لثلاث بقين من شهر رمضان سنة (126) ست وعشرين ومائة، فكلمت الأزد نصرا فقال: إني حلفت أن أحبسه ولا يبدؤه من سوء، فإن خشيتم عليه فاختاروا رجلا يكون معه، فاختاروا يزيد النحوي، فكان معه في الحصن، وصير حرسه بني ناجية أصحاب عثمان وجهم ابني مسعود. وبعث الأزد إلى نصر المغيرة بن شعبة الجهضمي، وخالد بن أبي صالح الحداني، فكلماه فيه، فلبث في الحبس تسعة وعشرين يوما، فقال علي بن وائل؛ أحد بني ربيعة بن حنظلة: دخلت على نصر والكرماني جالس ناحية، وهو يقول: ما ذنبي إن كان أبو الزعفران جاء! ، فوالله ما واريته ولا أعلم مكانه، وقد كانت الأزد يوم حبس الكرماني، أرادت أن تنزعه من رسله، فناشدهم الله الكرماني ألا يفعلوا، ومضى مع رسل سلم بن أحوز وهو يضحك، فلما حبس تكلم عبدالملك بن حرملة اليحمدي، والمغيرة بن شعبة الجهضمي، وعبد الجبار بن شعيب بن عباد، وجماعة من الأزد ¬
نزلوا نوش (¬1) وقالوا: لا نرضى أن يحبس الكر ماني بغير جناية ولا حدث، فقال لهم شيوخ اليحمد: لا تفعلوا وانظروا ما يكون من أميركم، فقالوا: لا نرضى ليَكُفَنَّ عنا نصر أو لنبدأ بكم، وأتاهم عبدالعزيز بن عباد بن جابر بن همام بن حنظلة اليحمدي في مائة، ومحمد بن المثنى، وداود بن شعيب، فباتوا بنوش مع عبدالملك بن حرملة ومن كان معه، فلما أصبحوا أتوا حوزان، وأحرقوا منزل عزة أم ولد نصر، وأقاموا ثلاثة أيام، وقالوا: لا نرضى، وعند ذلك صيروا عليه الأمناء، فجعلوا معه يزيد النحوي وغيره، فجاء رجل من أهل نسف (¬2) فقال لجعفر غلام الكرماني: ما تجعلون لي إن أخرجته؟ ، قالوا لك ما سألت، فأتى مجرى الماء من الحصن "القهندز" فوسعه، وأتى ولد الكرماني وقال لهم: اكتبوا إلى أبيكم يستعد الليلة للخروج، فكتبوا إليه، وأدخلوا الكتاب في الطعام، فأرسل الكرماني إلى محمد بن المثنى، وعبدالملك بن حرملة: إني خارج الليلة، فدعا الكرماني يزيد النحوي، وحصن بن حكيم، فتعشيا معه وخرجا، ودخل الكرماني السَرَب فأخذوا بعضده فانطوت على بطنه حية فلم تضره، فقال بعض الأزد متندرا: كانت الحية أزدية، فلم تضره. وأثنا مروره في السَرَب انتهى إلى موضع ضيق فسحبوه، فسحج منكبه وجنبه، فلما خرج ركب بغلته دوامه، ويقال: بل ركب فرسه البشير، والقيد في رجله، فأتوا به قرية تسمى "غلطان" وفيها عبدالملك بن حرملة فأطلق عنه، فاجتمعوا وخرج فأتاهم فرقد مولاه، فأخبرهم، فلقوه في قرية حرب بن عامر (¬3)، وعليه ملحفة متقلدا سيفا، ومعه عبدالجبار بن شعيب، وابنا الكرماني: علي وعثمان، وغلامه جعفر، فأمر عمرو بن بكر أن يأتي "غلطان (¬4)، وأندغ" (¬5)، وأُشترج (¬6) معا، وأمرهم أن يوافوه على باب الريان بن سنان اليحمدي، بنوش في المرج مصلاهم في العيد، فخرج القوم من ¬
قراهم بالسلاح، فصلى بهم الغداة، وهم زهاء ألف، فما برحت الشمس حتى صاروا ثلاثة آلاف، وأتاهم أهل السقادم (¬1)، على مرج نيرا (¬2)، فقال خلف بن خليفة: أصحروا للمرج أجلى للعمى ... فلقد أصحر أصحاب السَرَب إن مرج الأزد مرج واسع ... تستوي الأقدام فيه والركب وقيل: إن الأزد بايعت لعبدالملك بن حرملة على كتاب الله - عز وجل - ليلة خرج الكرماني، فلما اجتمعوا في مرج نوش أقيمت الصلاة، فاختلف عبدالملك والكرماني ساعة ثم قدمه عبدالملك، وصير الأمر له، فصلى الكرماني. ولما هرب الكرماني أصبح نصر معسكرا بباب مَرْو الرُّوذ (¬3) بناحية اردانة (¬4)، فأقام يوما أو يومين. وقيل: لما هرب الكرماني استخلف نصر عصمت بن عبدالله الأسدي، وخرج على القناطر الخمس بباب مَرْو الرُّوذ وخطب الناس، فنال من الكرماني فقال: ولد بكرمان كان كرمانيا، ثم سقط إلى هرات، فكان هرويا، والساقط بين الفراشين لا أصل ثابت، ولا فرع نابت، ثم ذكر الأزد فقال: إن يستوثقوا فأذل قوم، وإن يأبوا فهم كما قال الأخطل: ضفادع في ظلماء ليل تجاوبت ... فدل عليها صوتها حية البحر ثم ندم على ما فرط منه (¬5) فقال: اذكروا الله؛ فإن ذكر الله شفاء، ذكر الله خير لا شر فيه، يذهب الذنب، وذكر الله براء من النفاق. ثم اجتمع إلى نصر خلق كثير، فوجه سلم بن أحوز إلى الكرماني في المجففة (¬6) في بشر كثير. . .، وكان الكرماني يحضر الجمعة في ألف وخمسمائة وأكثر وأقل، فيصلي خارجا من المقصورة، ثم يدخل على نصر فيسلم ولا يجلس، ثم ترك إتيان نصر وأظهر الخلاف، فأرسل إليه نصر مع سلم بن أحوز: إني والله ما أردت بك في حبسك سوءا، ولكن خفت أن تفسد أمر الناس فأتني، فقال الكرماني: لولا أنك في منزلي لقتلتك، ولولا ما أعرف من حمقك أحسنت أدبك، فارجع إلى ابن الأقطع ¬
فأبلغه ما شئت من خير وشر، فرجع إلى نصر فأخبره، فقال: عد إليه، فقال: لا والله وما بي هيبة له، ولكني أكره أن يسمعني فيك ما أكره، فبعث إليه عصمت بن عبدالله الأسدي، فقال: يا أبا علي، إني أخاف عليك عاقبة ما ابتدأت به في دينك ودنياك، ونحن نعرض عليك خصالا، فانطلق إلى أميرك يعرضها عليك. . .، فلم يجبه، فأرسل إليه مرة ثانية قديدا، وقال نصر لقديد بن منيع: انطلق إليه، فأتاه فقال له: يأبا علي، لقد لججت وأخاف أن يتفاقم الأمر فنهلك جميعا، وتشمت بنا هذه الأعاجم. . .، وتقاول الخصمان: الكرماني الدوسي، ونصر بن سيار، وتبادلا الشتم بما ليس في كل منهما، ولكنها العداوة تظهر ما ليس بحق، ودارت بينهما الرسل فلم تجد نفعا مع شدة الكرماني، ولاسيما وقد صرح بما كان يرجو تحقيقه من الخليفة مروان قال: "كانت غايتي في طاعة بني مروان أن يقلد ولدي السيوف، فأطلب بثأر بني المهلب ـــ أبناء العم من ولد العتيك ـــ مع ما لقينا من نصر وجفائه وطول حرمانه، ومكافأته إيانا بما كان من صنيع أسْد إليه" وقد سعى الرسل بالصلح بين الخصمين إلى حد إجراء المصاهرة بينهما ـــ مع أنها لا تسمن ولا تغني من جوع ـــ إذ أتى رسول آخر هو عقيل الكرماني فقال: يا أبا علي، قد سننت سنة تطلب بعدك من الأمراء، وإني أرى أمرا أخاف أن تذهب فيه العقول، قال الكرماني: إن نصرا يريد أن آتيه ولا آمنه، ونريد أن يعتزل ونعتزل، ونختار رجل من بكر بن وائل، نرضاه جميعا، فيلي أمرنا جميعا حتى يأتي أمر من الخليفة، وهو يأبا هذا، قال: يأ ابا علي، إني أخاف أن يهلك أهل هذا الثغر، فأت أميرك وقل ما شئت تُجَب إليه، ولا تطمع شفهاء قومك فيما دخلوا فيه، فقال الكرماني: إني لا أتهمك في نصيحة ولا عقل، ولكني لا أثق بنصر، فليحمل من مال خراسان ما شاء ويشخص، قال: فهل لك في أمر يجمع الأمر بينكما؟ ، تتزوج إليه ويتزوج إليك، قال: لا آمنه على حال ـــ ومما زاد الأمر سوءا ـــ أنه لما عزل الخليفة منصور بن جمهور خطب نصر فقال: "قد علمت أنه لم يكن من عمال العراق وقد عزله الله، واستعمل الطيب ابن الطيب" فغضب الكرماني لابن جمهور، فعاد في جمع الرجال واتخاذ السلاح، واتَّبعه خلق كثير (¬1). وهنا جاء دور الرماح والمجالدة بالسيوف، فاستخلص الكرماني مرو بعد قتل الحارث بن سريج، وتنحى نصر عنها، فأرسل إليه نصر سالم بن أحوز في رابطته وفرسانه، فوجد يحيى بن نعيم الشيباني واقفا في ألف رجل من ربيعة، ومحمد بن ¬
المثنى في سبعمائة من فرسان الأزد، وابن الحسن بن الشيخ في ألف من فتيانهم، والحزمي السعدي في ألف من أبناء اليمن، فقال سالم لمحمد بن المثنى: يا محمد، قل لهذا الملاح أن يخرج إلينا ــ يعني الكرماني ــ فقال محمد: يا ابن الفاعلة لأبي علي تقول هذا؟ ! ، واقتتلوا قتالا شديدا، فانهزم سالم بن أحوز، وقتل من أصحابه زيادة على مائة، ومن أصحاب الكرماني زيادة على عشرين، وتستمر المواجهات الدامية بين الخصمين: أصحاب نصر وقد قتل منهم سبعمائة، ومن أصحاب الكرماني ثلاثمائة، ولم يزل الشر بينهم حتى خرجوا إلى الخندقين فاقتتلوا قتالا شديدا. وهنا جاء دور المقولة السائرة: "الحرب خدعة" كان أبو مسلم الخراساني يراقب الموقف بين الطرفين، فلما استيقن أن كلا الفريقين قد أثخن أصاحبه، وأنه لا مدد لهم، جعل يكتب إلى شيبان ثم يقول للرسول: اجعل طريقك على مضر فإنهم سيأخذون كتبك، فكانوا يأخذونها فيقرؤونها؛ وفيها: إني رأيت أهل اليمن لا فاء لهم ولا خير فيهم، فلا تثقن بهم ولا تطمئن إليهم، فإني أرجو أن يريك الله في اليمانية ما تحب، وإن بقيت لا أدع لها شعرا ولا ظفرا، ويرسل رسولا آخر بكتاب فيه ذكر مضر بمثل ذلك، ويأمر الرسول أن يجعل طريقه على اليمانية، حتى صار هوى الفريقين معه، وكتب إلى الكور بإظهار الأمر. . .، قلت: المكر والخديعة سبب كل فظيعة، كان هذا أسلوب أعداء عثمان لما زوروا عليه كتابا إلى واليه على مصر، فكان من البلاء ما كان بسبب ذلك الكتاب المزور. وأقبل ابو مسلم حتى نزل بين خندق الكرماني، وخندق نصر، وهابه الفريقان، وبعث إلى الكرماني إني معك، فانضم الكرماني إليه، فاشتد ذلك على نصر بن سيار، فأرسل على الكرماني ويحك لا تغتر! ، فوالله إني لخائف عليك وعلى أصحابك منه، فدخل مرو ونكتب كتابا بينن بالصلح، وهو يريد أن يفرق بينه وبين أبي مسلم، فدخل الكرماني منزله، وأقام أبو مسلم في العسكر، وخرج الكرماني حتى وقف في الرحبة في مائة فارس وعليه قرطق (¬1)، وأرسل إلى نصر: أخرج لنكتب بيننا ذلك الكتاب، فأبصر نصر منه غرة، فوجه غليه ابن الحارث بن سريج في نحو من ثلاثمائة فارس في الرحبة، فالتقوا بها طويلا، ثم إن الكرماني طعن في خاصرته، فخرَّ عن دابته، وحماه أصحابه حتى جاءهم ما لا قبل لهم به، فقتل نصر بن سيار الكرماني وصلبه (¬2). فتأمل أيها القارئ الكريم كم يجر طلب الدنيا وملذاتها من البلاء وسفك دماء الأبرياء، وظلم الناس في أموالهم وأعراضهم، عجبا ثلاثة نفر: الكرماني، ونصر بن سيار، وأبو مسلم الخراساني، جروا البلاء الأعظم على الأتباع طلبا للإمارة وما يتبعها، وأخشى من تلوثهم بفكر الخوارج، وإن لم أقف على ما يؤكد ذلك، وعجبا لذلك الخليفة تجري في ولاياته الحروب الطاحنة ولا يحرك ساكنا. ¬
(44) جذيمة بن مالك الدوسي
هذا ما أوجزنا من شأن الكرماني الدوسي، ونصر بن سيار، رحمة الله علينا وعلى المسلمين أجمعين. (44) جذيمة بن مالك الدوسي هو الأبرش، جاهلي لا نظيل في خبره، وهو جذيمة (¬1) بن مالك بن فهم بن غَنْم بن دوس بن عدثان بن عبدالله بن زهران بن كعب بن عبدالله بن نصر بن ملك بن الأزد (¬2)، من الملوك الموالين للفرس في الجاهلية، ورد في عدد من المصادر: أن جذيمة عُين حاكما على الحيرة من قبل الملك الفارسي"أردشير بن بك" فلما قتل كان ابن أخته عمرو بن عدي بن نصر اللخمي أول ملوك الحيرة، مَلك بعد خاله جذيمة، وعمرو هو قاتل الزباء، واسمها: نئلة بنت عمرو بن ظرب، من العماليق، وكانت منزل الزباء وديارها على الفرات، وعمرو بن عدي هو أبو ملوك الحيرة بأسرهم، وآخرهم النعمان بن المنذر (¬3)، وهم تبع لملك فارس، ولكن تجاوز المؤرخون في إطلاق مسمى الملك عليهم بسبب أنهم يتصرفون في أمر البلاد والعباد فيما ولوا عليه، مثلهم في مثل الحجاج بن يوسف، وأبو مسلم الخراساني، ونصر بن سيار، وغيرهم، فقد كان الواحد منهم شبيها بالملك، لا يرجع إلى الخليفة إلا فيما ندر، والحقيقة أنهم ولاة لملك فارس وليسوا ملوكا. (45) جرير بن حازم الجهضمي الدوسي هو أخو مخلد، ترجمته (213) ويزيد ترجمته (245) ووالد وهب ترجمته (239) وابن أخي جرير بن زيد ترجمته (46) قال وهب: كان شعبة يأتي أبي فيسأله عن حديث الأعمش، فإذا حدثه قال: هكذا والله سمعته من الأعمش (¬4)، رحمهم الله. ¬
مولده
قلت: وهو من كبار أصحاب شعبة، ولعل شعبة بن الحجاج رحمه الله أراد بالسؤال أن يختبر ضبطه لما يروي، فقد كان رحمه الله من أشد النقاد في رواية الحديت سندا ومتنا. مولده: ولد الإمام جرير الدوسي سنة (85) خمس وثمانين من الهجرة. نسبه: هو جرير بن حازم بن زيد بن عبدالله بن شجاع الجهضمي، أحد الأعلام (¬1)، وجهضم هو: جهضم بن عوف بن مالك بن فهم بن غَنْم بن دوس بن عُدثان بن عبدالله بن زهران بن كعب بن عبدالله بن نصر بن ملك بن الأزد (¬2)، لكن قيل: العتكي، فإن صح فليس هو دوسي، وليس من ولد زهران بن كعب، بل من ولد العتيك، وهو ابن عم زهران بن عمران بن عمرو مزيقا، فحصل فيه التردد بين أن يكون عتكيا أو دوسيا، قال ابن قتيبة رحمه الله: الجهاضم منهم جرير بن حازم الفقيه (¬3)، وقد ورد من أقوال العلماء قول ثالث: وهو أن يكون زهرانيا من ولد مالك بن زهران؛ أخي عبدالله بن زهران، قال أبو العباس المبرد رحمه الله: جهضم بن مالك، رهط جرير يقال لهم: الجهاضم، منهم بطن يقال لهم: اليَحْمَد، ومنهم بني سلامان بن مفرج؛ من بني دُهمان بن نصر، وروى ابن أخي يزيد بن حازم، عن سليمان بن يسار قال: قال لعمي جرير بن زيد: يا أبا سلمة، امرأة من قومك من بني سلامان (¬4). قلت: وبنوا سلامان من ولد مالك بن بن زهران، وليس من ولد دوس بن عُدثان بن عبدالله بن زهران، ولكن ربما نظر سليمان بن يسار رحمه الله إلى زهران الجد الأبعد لبني جهضم، وبني سلمان، فصح كلامه، وهذا نسب بني سلامان: سلمان بن مفرج ¬
ابن مالك بن زهران بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبدالله بن مالك بن نصر بن الأزد بن الغوث (¬1). وقد أخطأ كحالة في النسب فيما بعد زهران (¬2). تنبيه: وليعلم أن اسم سلامان كثير في القبائل والبطون، ولا يلزم من النسبة: السلاماني أو السليمي المطلقة أن يكون منتسبا إلى سلامان بن مفرج الزهراني إلا بتحقيق، فقد يكون من قبيلة أخرى. ومن غير المنتسبين إلى زهران: حبيب بن عمرو السلاماني - رضي الله عنه -: من بني سلامان بن سعد بن زيد بن ليث بن سود بن أسلم بن قضاعة.؛ له صحبة كان ينزل الجفار أرض عذرة وبلي من البادية (¬3)، رأس الوافدين على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: قدمنا وفد سلامان على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن سبعة، فصادفنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خارجا من المسجد إلى جنازة دعي إليها، فقلنا السلام عليك يارسول الله، فقال: «وعليكم من أنتم؟ » قلنا: نحن من سلامان، قد منا لنبايعك على الإسلام، ونحن على من ورائنا من قومنا، فالتفت إلى ثوبان غلامه فقال: «أنزل هذلاء الوفد حيث ينزل الوفد» فلما صلى الظهر جلس بين المنبر وبيته، فتقدمنا إليه فسألناه عن أمر الصلاة، وشرائع الإسلام، وعن الرُّقى وأسلمنا، وأعطى كل رجل منا خمس أواق، ورجعنا إلى بلادنا، وذلك في شوال سنة عشر (¬4). ¬
من شيوخ جرير
والذي أرجحه أن جرير بن حازم دوسي، لأنه جهضمي، اعتماد على النسب التالي: جهضم بن عوف بن مالك بن فهم بن غَنْم بن دوس بن عُدثان بن عبدالله بن زهران بن كعب بن عبدالله بن نصر بن ملك بن الأزد (¬1). من شيوخ جرير: إبراهيم بن يزيد المصري القاضي، وثابت البناني، وعمه جرير بن زيد، وجميل بن مرة، وحرملة بن عمران التجيبي المصري، والحسن البصري، وحميد هلال العدوي، وحميد الطويل، وحنظلة السدوسي، وزبيد بن الحارث اليامي، والزبير بن الخريت، والزبير بن سعيد الهاشمي، وسالم بن عبدالله بن عمر، وسليمان الأعمش، وسهيل بن أبي صالح، وشعبة بن الحجاج، وهو من أقرانه، وطاووس بن كيسان، عاصم بن بهدلة، وأبو الطفيل عامر بن واثلى الليثي - رضي الله عنه -، وهو آخر من مات من الصحابة، وعبدالله بن عبيدالله بن عمير، وعبدالله بن أبي مكيكة، وعبيدالله بن ملاذ الأشعري، وعبدالله بن أبي نجيح، وعبد الرحمن بن عبدالله السراج، وعبد الملك بن عمير، وعبيد الله بن عمرو، وعدي بن عدي الكندي، وعطاء بن أبي رباح علي بن الحمك البناني، وغيلان بن جرير، وفضيل بن يسار، وقتادة بن دعامة، وقيس بن سعد المكي، وكلثوم بن جبير، ومجالد بن سعيد، ومحمد بن إسحاق بن يسار، ومحمد بن سيرين، ومحمد بن عبدالله بن أبي يعقوب، ومنصور بن زاذان، ونافع مولى ابن عمر، والنعمان بن راشد الجزري، وهشام بن حسان، ويحيى بن أيوب المصري، وهو من أقرانه، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وأخيه يزيد بن حازم، ويزيد بن رومان، ويعلى بن حكيم، ويونس بن يزيد الأيلي، وأبي إسحاق السبيعي، وأبي رجاء العطاردي، وأبي فزارة العبسي، وأبي هارون العبدي (¬2)، رحمة الله علينا وعليهم. من تلاميذ: الأسود بن عامر شاذان، وأيوب السختياني، وهو من شيوخه، وبهز بن أسد، وحبان بن هلال، وحجاج بن منهال، وحسين بن محمد المروذي، ورشدين بن سعد، وزيد بن ¬
(46) جرير بن زيد الجهضمي الدوسي
أبي الزرقاء، وسفيان الثوري، ومات قبله، وسفيان بن عيينة، وسليمان بن حرب، وأبو الربيع سليمان بن داود الزهراني، وأبو داود سليمان بن داود الطيالسي، وسليمان الأعمش، وهو من شيوخه، وشيبان بن عبد الرحمن النحوي، ومات قبله، وشيبان بن فروخ، وأبو عاصم الضحاك بن مخلد النبيل، وعاصم بن علي بن عاصم الواسطي، وعبد الله بن سوار العنبري، وعبدالله بن عون، وهو أكبر منه، وعبدالله بن لهيعة، وهو من أقرانه، وعبدالله بن المبارك، وعبد الله بن وهب، وعبد الرحمن بن غزوان المعروف بقراد، وعبد الرحمن بن مهدي، وأبو نصر عبد الملك بن عبد العزيز التمار، وعلى بن عثمان اللاحقي، وعمرو بن عاصم الكلابي، وأبو نعيم الفضل بن دكين، والليث بن سعد، وهو من أقرانه، ومحمد بن أبان الواسطي، ومحمد بن عبدالله الخزاعي، ومحمد بن عرعرة السامي، ومحمد بن الفضل عارم، ومحمد بن يوسف الفريابي، ومسلم بن إبراهيم، وموسى بن إسماعيل، وهدبة بن خالد، وهشام بن حسان، وهو من شيوخه، وأبو الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي، والهيثم بن حميد الأنطاكي، ووكيع بن الجراح، وابنه وهب بن جرير بن حازم، ويحيى بن آدم، ويحيى بن أيوب المصري، ويحيى بن سعيد القطان، ويزيد بن أبي حبيب المصري، وهو أكبر منه، ويزيد ابن هارون (¬1). قلت: سبحان من كرمه بالرواية عن الإئمة، وزاده شرفا برواية الأئمة عنه، فقد روى حديثه الأئمة الستة المعبر عنهم بالجماعة، فتأمل ذلك فإنه فضل عظيم، قَلَّ من يحضى به، فمن شيوخه أئمة وكذلك من تلاميذه، رحمة الله علينا وعليهم. وفاته: توفي سنة (177) سبعين ومائة (¬2). (46) جرير بن زيد الجهضمي الدوسي نسبه: جرير بن زيد بن عبدالله بن شجاع، الأزدي العتكي، أبو سلمة، البصري، عم جرير بن حازم وسميه، المترجم له آنفا، وأخو يزيد بن حازم ترجمته (245). ¬
من شيوخه
هو جهضمي، أحد الأعلام، وجهضم هو جهضم بن عوف بن مالك بن فهم بن غَنْم بن دوس بن عُدثان بن عبدالله بن زهران بن كعب بن عبدالله بن نصر بن ملك بن الأزد (¬1)، لكن قيل: العتكي، فإن صح فليس هو دوسي، وليس من ولد زهران بن كعب، بل من ولد العتيك، وهو ابن عم زهران بن عمران بن عمرو مزيقا، فحصل فيه التردد بين أن يكون عتكيا أو دوسيا، والمرجح أنه دوسي؛ لأنه جهضمي، وجهضم هو جهضم بن عوف بن مالك بن فهم بن غَنْم بن دوس بن عدثان بن عبدالله بن زهران بن كعب بن عبدالله بن نصر بن ملك بن الأزد (¬2)، وتقدم تفصيله ذلك في ترجمة جرير (45). من شيوخه: عامر بن سعد بن أبي وقاص، وعمرو بن عبدالله بن أبي طلحة الأنصاري، وتبيع الحميري: ابن إمرأة كعب الأحبار، وسالم بن عبدالله بن عمر بن الخطاب (¬3). (47) جمعة بنت ذابل (¬4) الدوسية جمعة ويقال: جميعة بنت ذابل بن طفيل بن عمرو الدوسي، روت عن أبيها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قعد في مسجده منصرفه من الأباطيل (¬5)، فقدم عليه خفاف بن نضلة بن عمرو بن بهدلة الثقفي، فأنشد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كم تحطمت القلوص بي الدجى ... في مهمه قفر من الفلوات قِلٌ من التوريس (¬6) ليس نقاعة (¬7) ... نبت من الأسبات والأزمات ¬
(48) جمعة الدوسي - رضي الله عنه -
إني أتاني في المنام مساعد ... من جن وجرة (¬1) كان لي وسواتي يدعو إليك لياليا ولياليا ... ثم أخزى وقال: لست بآتي فركبت ناجية أضرَّ بنيها (¬2) ... جمر يخب به على الأكمات حتى وردت إلى المدينة جاهدا ... كيما أراك فتفرج الكربات قال: فاستحسنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: «إن من البيان كالسحر، وإن من الشعر كالحكمة» (¬3). (48) جمعة الدوسي - رضي الله عنه - صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سكن أصبهان، كان من الذين عاهدوا الله ألا يضحكوا أبدا حتى يعلموا أين مصيرهم إلى الجنة أم إلى النار، وهم: جمعة الدوسي، والربيع بن خراش، وأخوه رعي، وأسلم العجلي، ووهيب بن الورد، وغيرهم. مات بأصبهان ودفن بجواره أبو القاسم الطبراني، صاحب المعاجم رحمة الله علينا وعليهما. ¬
(49) جنادة بن أبي أمية الدوسي - رضي الله عنه -
(49) جنادة بن أبي أمية الدوسي (¬1) - رضي الله عنه - وقع خلط في بعض المصادر بتعدد الترجمة الوالحدة بجعلها تراجم لأشخاص عدة مثل: جنادة الأزدي، جنادة الزهراني، جنادة الدوسي، جنادة بن أبي أمية، جنادة بن كبير، جنادة بن مالك، وهذا في الحقيقة شخص واحد، هو صاحبنا هذا، وأيضا الصحيح أنه صحابي ابن صحابي، رضي الله عنهما، وهو جنادة بن أبي أمية: كبير أو مالك (¬2)، أبو أمية الدوسي الزهراني (¬3)، الأزدي (¬4)، كان من صغار الصحابة، سمع النبي - صلى الله عليه وسلم -، وروى عنه وعن الصحابة، ولأبيه صحبة (¬5)، وكان من كبار الغزاة في العصر الأموي، شهد فتح مصر، وولي البحر لمعاوية - رضي الله عنه - على غزو الروم في الصوائف، وفي الشتاء، فتحت رودس في خلافة معاوية على يده، وروى جنادة عن النبي (¬6) مباشرة، ومما يؤيد صحبته - رضي الله عنه - أنه قال: دخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في نفر من الأزد يوم الجمعة، فدعانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى طعام بين يديه، فقلنا: إنا صيام، فقال: «صمتم أمس؟ » قلنا: لا، قال: «أفتصومون غدا؟ » قلنا: لا، قال: «فافطروا» ثم قال: «لا تصوموا يوم الجمعة منفردا» (¬7)، وهو تاسع تسعة دخلوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال لهم ذلك (¬8). ¬
من شيوخه
قلت: اختلف العلماء بتاريخ الرجال في هذا الصحابي، فقد فرَّق البعض في الترجمة بين جنادة بن أبي أمية: واسم أبي أمية كبير، وبين جنادة بن مالك، ومنشأ الخلاف والله أعلم الخلاف في اسم أبي أمية، فمن نظر إلى "كبير" على أنه لقب وأن اسمه مالك لم يفرِّق، ومنهم ابن الأثير (¬1)، والطبراني، وغيرهما، رحمهم الله، ومن نظر إليه إلى أنه اسم فرَّق بينهما، وقال: جنادة بن أبي أمية غير جنادة بن مالك، ومنهم ابن أبي حاتم رحمه الله، فرَّق بينهما، ولم يحرر سبب التفريق (¬2)، وقال ابن سعد رحمه الله: إنه غير جنادة بن أبي أمية، وتابعه على ذلك ابن عبدالبر، ذكر أنهما اثنان صحابيان، جنادة بن مالك الأزدي الكوفي، وجنادة بن أبي أمية الشامي (¬3). قلت: مما يرجح أنهما واحد رواية الدخول على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الجمعة، فالقصة واحدة، كل يدعيها، وسنة الوفاة واحدة، ثمانين من الهجرة. من شيوخه: معاذ بن جبل، وعبادة بن الصامت، وابن عمر، وأبو الدرداء، وعمر بن الخطاب - رضي الله عنهم - (¬4). من تلاميذه: مجاهد، وعلي بن رباح، وعمير بن هاني، وبسر بن سعيد، وعمرو بن الأسود، وأبو الخير، وعبادة بن نسي، وابنه سليمان بن جنادة (¬5)، ومن أهل مصر مرثد بن عبدالله اليزني، وأبو قبيل المعافري، وشييم بن بيتان القتباني، ويزيد بن صبح وغيرهم (¬6). جنادة بن مالك هو السابق وقع الخلاف في اسم أبيه، والصحيح ما تقدم تحريره. ¬
(50) جنادة الفهمي الدوسي
(50) جنادة الفهمي (¬1) الدوسي هكذا غير منسوب، وهو والد عبدالله ترجمته (133) وحفيده سُليم، ترجمته (96) والذي يظهر لي خطأ من نقل عن ابن سعد، والبخاري رحمهما الله، وقال: جنادة بن أبي أمية غير جنادة بن مالك (¬2)، صحيح أن الفهمي غير ابن أبي أمية، ولكن ليس هو أبن مالك، فالفهمي غيرهما، قال البخاري رحمه الله: وجنادة الفهمي مصري، يحدث عن أبي هريرة، ولم ينسبه لأبي أمية، ولا لمالك على التفريق، وكذلك قال ابن لهيعة: عن سعيد بن نشيط، عن مسلم بن جنادة الفهمي، عن أبيه، عن أبي هريرة (¬3). قلت: وعلى هذا جاز أن تكون وفاته في سنة ثمانين، اتفاقا مع جنادة بن أبي أمية، المسمى كبيرا أو مالكا، رحمة الله علينا وعليهما. (51) جندب بن عامر بن الطفيل الدوسي لم أقف على ذكر له في غير فتوح الشام، وكذلك والده عامر بن الطفيل، وظني أن وهما وقع في اسمه واسم أبيه؛ إشتبه الإبن جندب بعمرو بن الطفيل، ترجمته (170) واشتبه الأب عامر بن الطفيل، ترجمته (109) بالطفيل بن عمرو، ترجمته (106) وهو ظن شك؛ لوجود ما يؤيد الظن بالتفريق، فقصة الرؤياء المحكية لكل منهما واحدة، إلا أن رؤيا الطفيل أكثر تفصيلا، وذكر أنها في اليمامة، ورؤيا عامر مختصرة، وذكرت في اليرموك، فإن الطفيل بن عمرو قال: إني قد رأيت رؤيا فاعبروها لي، رأيت كأن رأسي حلق، وأنه يخرج من فمي طائر، وأنه أتتني امرأت فادخلتني في فرجها، وأرى ابني يطلبني طلبا حثيثا، ثم رأيته خنس عني، قالوا: خيرا، قال: أما فقد والله أولتها، قالوا: ماذا أولت؟ ، قال: أما حلق رأسي فوضعه، وأما الطائر الذي خرج من فمي فروحي، وأما المرأة التي أدخلتني في فرجها فالأرض ¬
تحفر لي، فأتجبب (¬1) فيها، وأما طلب ابني إياي ثم خنسه عني، فإني أراه سيجهد أن يصيبه ما أصابني. فقتل، وجرح ابنه، ولا أراهما إلا واحدل، هو الطفيل بن عمرو - رضي الله عنه -، وابنه عمرو بن الطفيل، لكثرة ورودهما في العديد من المصادر. أما جندب بن عامر بن الطفيل فإن صح ذلك فقد قيل: قتل أبو عامر بن الطفيل ـــ هكذا بالكنيةـ وكان جندب معه راية أبيه، فأقبل إلى أبي عبيد - رضي الله عنه - وقال: أيها الأمير، إن أبي قد قتل، وأريد أن آخذ بثأره أو أقتل، فادفع رايتك لمن شئت من دوس، فأخذ أبو عبيدة الراية ودفعها لرجل (¬2) من دوس، فحملها وخرج جندب إلى قتال جبلة بن الأيهم الغساني، وهو ينشد ويقول: سأبذل مهجتي أبدا لأني ... أريد العفو من رب كريم وأضرب في العدا جهدي بسيفي ... وأقتل كل جبار لئيم فإن الخلد في الجنات حق ... تباح لكل مقدام سليم ودنا من جبلة وقال له: اثبت يا قاتل أبي لأقتلك به، فقال جبلة: ومن أنت من المقتول؟ ، قال: ولده، قال جبلة: ما الذي حملكم على قتل نفوسكم وأولادكم وقتل النفس محرم؟ ، قال جندب: إن قتل النفس في سبيل الله محمود عند الله، وننال به الدرجة العالية، فقال له جبلة: إني لا أريد قتلك، فقال جندب فكيف أرجع وأنا المفجوع بأبي؟ ! ، والله لا رجعت أو آخذ بثأر أبي أو ألحق به، ثم حمل على جبلة وجعلا يقتتلان، وقد شخصت نحوهما الأبصار، ونظر جبلة إلى الغلام وما أبدى من شجاعتة فعلم أنه شديد البأس صعب المراس، فأخذ منه حذره، وغسان ترمق صاحبها، فرأت الغلام جندبا وقد ظهر على صاحبه وقارنه في الحرب، فصاح بعضهم على بعض وقالوا: إن هذا الغلام الذي برز إلى سيدكم غلام نجيب، وإن تركتموه ظهر عليه، فانجدوه ولا تدعوه، فتأهبت غسان للحملة ليستنقذوه، ونظر المسلمون إلى جندب وما قد ظهر منه، ومن شجاعته وشدته ففرحواا بذلك، ونظر ¬
(52) جندب بن عمرو الدوسي
الأمير أبو عبيدة - رضي الله عنه - إلى ذلك وما فعل فبكى وقال: "هكذا يكون من يبذل مهجته في سبيل الله، اللهم تقبل له فعله" قال جابر بن عبدالله - رضي الله عنه -: شهدت قتال اليرموك فما رأيت غلاما كا أنجب من جندب بن عامر بن الطفيل، حين قاتله جبلة، وبعد ذلك حمل عليه جبلة وضربه ضرة أردته. وأصيب المسلمون بعامر بن الطفيل وولده جندب، قال: فعندها صاحت دوس الجنة الجنة، خذوا بثأر سيدكم عامر، وساعدتها الأزد، وكانوا أحلافهم، وحملو على غسان ولخم وجذام، وتناشدوا الأشعار، فصاح أبو عبيدة - رضي الله عنه - بالمسلمين، وقال: "أيها الناس: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} (¬1) ومعانقة الحور العين في جنات النعيم، فما من موطن أحب إلى الله من هذا الموطن، ألا وأن للصابرين فضلهم الله على غيرهم ممن لم يشهد مشهدهم هذا، " ولما سمعت الأزد حملت مع دوس، وكان شعارهم يومئذ الجنة الجنة (¬2). قلت: وغير بعيد أن يكون عامر وابنه جندب، شخصيتان دوشيتان، غير الطفل وابنه عمرو، وإنما وقع الخلط في نسبة الرؤيا، المنسوبة للطرفين، والأشهر أنها للطفيل - رضي الله عنهم -، ولا يبعد حصولها لكل منهما بالصفة الواردة عن كل منهما، والله أعلم. (52) جندب (¬3) بن عمرو الدوسي جندب بن عمرو بن حممة بن الحارث بن رافع بن ربيعة (¬4) بن ثعلبة بن لؤي بن عامر بن غانم بن دُهمان بن منهب بن دوس الدوسي، قد ينسب إلى جده فيقال: جندب بن حممة الدوسي، كان يقول في الجاهلية: إن للخلق خالقا، لكني لا أدري من هو (¬5)، فلما سمع بخبر الني - صلى الله عليه وسلم - خرج وخرج معه خمسة وسبعون رجلا من قومه، ¬
فأسلم وأسلموا، قال أبو هريرة - رضي الله عنه -: "فكان جندب يقدمهم رجلا رجلا"، وكان والده عمرو بن حممة حاكما على دوس ثلاثمائة سنة (¬1). روى الشعبي رحمه الله قال: "كنا عند ابن عباس وهو في ضفة زمزم يفتي الناس، إذ قام إليه أعرابي فقال: أفتيتهم فافتنا، قال: هات، قال: ما معنى قول الشاعر: لذي الحلم قبل اليوم ما تقرع العصا ... وما علم الإنسان إلا ليعلما فقال له ابن عباس: ذاك عمرو بن حممة الدوسي، قضى بين العرب ثلاثمائة سنة، كبر فألزموه السابع أو التسع من وِلْده، فكان إذا غفل قرع له العصا، فلما حضره الموت اجتمع إليه قومه فأوصاهم بوصية حسنة فيها حكم" (¬2). قدم جندب المدينة مهاجرا، ثم أتى الشام غازيا، وخلف ابنته عند عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: "إن حدث بي حدث فزوجها كفئا ولو بشراك نعله"، فكان يدعوها ابنتي، وتدعوه أبي، فلما استشهد أبوها قال عمر - رضي الله عنه -: "من يتزوج الجميلة الحسيبة؟ "، فقال عثما - رضي الله عنه -: أنا، فزوجه إياها على صداق بذله (¬3)، أنظر: ترجمتها (30). شارك في الفتح الإسلامي، فكان مع قومه دوس من الأزد، واسم لوائهم مبرور، ومعهم غيرهم من قبائل العرب يوم أجنادين، وكان يوما مشهودا، لم تثبت فيه القبائل ثبات الأزد، وقاتلت قتالا لم يقاتل أحد مثله، من تلك القبائل، وقتل منهم مقتلة لم يقتل مثلها من قبيلة من القبائل، وقتل يومئذ عمرو بن الطفيل ذو النور - رضي الله عنه -، وهو يقول: "يا معشر الأزد، لا يؤتين المسلمون من قبلكم"، وقاتل قتالا شديدا، قتل من أشداء الروم تسعة، ثم قُتل - رضي الله عنه -، وقال جندب بن عمرو بن حممة ورفع رايته: "يا معشر الأزد، إنه لا يبقى منكم ولا ينجو من الإثم والعار إلا من قاتل، ألا وإن المقتول شهيد، والخائب من هرب اليوم"، وقاتل حتى قتل - رضي الله عنه -، ونادى أبو هريرة - رضي الله عنه - "يا مبرور، يا مبرور"، فأطافت به الأزد، قال عبدالله بن سراقة: انتهيت إلى أبي هريرة يومئذ وهو يقول: "تزينوا للحور العين، وارغبوا في جوار بكم في جنات النعيم، فما أنتم في موطن من مواطن الخير أحب فيه منكم في هذا الموطن، ألا وإن للصابرين ¬
(53) جنيدب الدوسي
فضلهم" فأطافت به الأزدن واضطربوا هم والروم، فوالذي لا إله إلا هو لرأيت الروم وإنها لتدور بهم الأرض، وهم في مجال واحد كما تدور الرحى، وما برح المسلمون ولا زالوا، وركبهم من الروم أمثال الجبال، فما رأيت موطنا قط أكثر قحفا ساقطا، ومعصما نادرا، وكفا طائحة من ذلك الموطن، وقد والله أو حلناهم شرا (¬1). فكان جندب من الشهداء يوم أجنادين على الصحيح. (53) جنيدب الدوسي بالتصغير: جنيدب بن جندب بن عمرو بن حممة، المتقدم والده - رضي الله عنه -، لم أقف على ما يفيد عنه سوى أنه قتل بصفين مع معاوية (¬2). (54) جهمة بن عوف الدوسي ذكره أبو مخنف لوط بن يحيى في المعمرين قال: عاش ثلاثمائة سنة وستين سنة، وأدرك الإسلام، فكان إذا سمع من يقول: لا إله إلا الله يقول: لقد أدركت في شيبي أناسا يقولون هذ الكلمة، وكان يمر بالوادي كله دوم فيقول: لقد كنت أمر بهذا الوادي وما به شجرة، وعاش إلى أن سقط حاجباه على عينيه، وهو القائل (¬3): كبرت وطال العمر مني حتى أنابني ... سليم أفاعي ليلة غير مودع فما السقم أبلاني ولكن تتابعت ... علي سنون من مصيف ومربع ثلاث مئين قد مررن كواملا ... وها أنا ذا ارتجتيها لأربع أُخَبِّر أخبار القرون التي مضت ... ولا بد يوما أن أُطار لمصرعي (55) الحارث بن سعد بن أبي ذباب قال البخاري رحمه الله: الحارث بن سعد بن أبي ذباب الدوسي، الحجازي، بعثه عمر مصدقا، سمع أبا هريرة، وهو ابن عمه، روى عنه يزيد بن هرمز (¬4). ¬
(56) الحارث بن عبد الرحمن الدوسي
(56) الحارث بن (¬1) عبد الرحمن الدوسي الحارث بن عبد الرحمن بن عبدالله بن سعد (¬2) بن أبي ذباب الدوسي، تابعي سكن المدينة فنسب إليها، وهو خال الفقيه المحدث عبد الرحمن بن أبي ذئب (¬3)، رحمهم الله. من شيوخه: عمه الحارث بن سعد المتقدم، وعبد الرحمن بن مهران، ويزيد بن هرمز، وسعيد المعبري، وسليمان بن يسار، وبسر بن سعيد، وأبو سلمة، وسالم، وحمزة ابني عبدالله بن عمر، ومحمد بن جبير، والزهري (¬4). وروى منير بن عبدالله، عن أبيه، عن سعد بن أبي ذباب الدوسي، قال: "أتيت النبي عليه السلام، فأسلمت، وقلت: يا رسول الله اجعل لقومي ما أسلموا عليه، ففعل، واستعملني عليهم، واستعملني أبو بكر بعد النبي عليه السلام، واستعملني عمر بعد أبي بكر"، فلما قدم على قومه، قال: "يا قوم، أدوا زكاة العسل، فإنه لا خير في مال لا يؤدى زكاته، قالوا: كم ترى؟ ، قلت: العشر، فأخذت منهم العشر، فأتيت به عمر - رضي الله عنه -، فباعه وجعله في صدقات المسلمين" (¬5). من تلاميذه: ابنه عبدالله، وابن أخته ابن أبي ذئب، وابن جريج، وعبد العزيز بن محمد الدار وردي، وحاتم بن إسماعيل، وعاصم بن عبد العزيز، وابو خالد الأحمر، وصفوان بن عيسى. ¬
(57) الحارث بن عبدالله الدوسي
قال أبو حاتم ليس بذلك القوي، يكتب حديثه، وقال مرة: يروى عنه وهو مشهور، وقال أبو زرعة: مدني لا بأس به (¬1)، وجهّله الألباني (¬2)، ولا أظنه أصاب في ذلك، رحمة الله عيلنا وعليهم. (57) الحارث بن عبدالله الدوسي والد عياض (176) الحارث بن عبد الله بن وهب الأزدي، النمري، الدوسي - رضي الله عنه -، ووهب هو ابن سعد بن عوف بن بن عامر بن عبدغَنْم بن غنام بن بن أسامة بن مالك بن مالك بن عامر بن حرب بن سعد بن ثعلبة بن سُليم بن فهم بن غنم بن دوس بن عُدثان بن عبدالله بن زهران بن كعب الدوسي الأزدي، كان قدم مع أبيه (144) على النبي - صلى الله عليه وسلم -، في السبعين الذين قدموا من دوس، فأقام الحارث مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، ورجع أبوه إلى السراة فمات بها، وكان كثير الثمار، وقبض النبي - صلى الله عليه وسلم - والحارث بالمدينة (¬3)، أسنده محمد بن حميد الرازي، ثنا أبو زهير عبد الرحمن بن مغراء، حدثني أخي خالد بن مغراء، عن أبيه مغراء، عن عياض بن الحارث بن عبد الله بن وهب (¬4)، والحارث هذا هو والد مغراء؛ والد عبد الرحمن، ترجمته (57) وهو أيضا: جد عبد الرحمن بن مغراء بن الحارث الدوسي، الرازي، المحدث، ترجمته (123). نزل الحارث فلسطين (¬5)، ونسبه بعض المؤرخين إليها، قال الحارث - رضي الله عنه -: "كنت صديقا لخالد بن الوليد، سألني أن أخرج معه فخرجت معه حتى إذا دخلنا عسكرهم وضربت قبته وبعث إليه "باهان" ليلقاه قال لي: قم فقمت معه وقلت له: إن القوم إنما أرادوك ولا أراهم يريدوني معك، قال: امضه فمضيت، فلما دنونا من "باهان" وعلى رأسه ألوف رجال ما يرى منهم إلا الحدق، وفي أيديهم العمد الحديد، فلما دنونا منهم جاء الترجمان قال: أيكما خالد بن الوليد؟ ، قال خالد: أنا، قال: أقبل أنت وليرجع هذا، فقام خالد فقال: إن هذا رجل من أصحابي، ولست أستغني عن رأيه، فرجع إلى ¬
(58) الحارث بن قيس الدوسي
"باهان" فقال: دعوه فليأت معه، فاحتملنا معه نحوه، ولم نمش إلا خطى خمسا أو ستا حتى جاءنا الترجمان في نحو من عشرة فقال لي: ضع سيفك ولم يقولوا لخالد شيئا، فنظرت إلى خالد فقال خالد: ما كان ليضع عزه من عنقه أبدا، قد بعثتم إلينا فأتيناكم فإن تركتمونا جلسنا إليكم وسمعنا منكم، وإن أبيتم فخلوا سبيلنا ننصرف عنكم، فرجع الترجمان إلى "باهان" فأخبره فقال: دعوهما بأسيافهما، قال فأقبلنا فرحب بخالد وأجلسه معه، وجئت أنا فجلست على نمارق مطروحة للناس حيث أسمع مراجعتهما، فلما قال "باهان" لخالد: إنك من ذوي أحساب العرب، قال خالد: إن نبينا - صلى الله عليه وسلم - قال لنا: "إن حسب الرجل لدينه، ومن لم يكن له دين فلا حسب له، وقال لنا: إن خير الشجاعة عاقبةً ما كان منها في طاعة الله - عز وجل - " وذكرتَ أني أوتيت عقلا ووفاء، فإن أكن أوتيته فالله المحمود على ذلك، قال نبينا - صلى الله عليه وسلم -: "ما خلق الله - عز وجل - من خلقه شيئا هو أحب إليه من العقل، إن الله - عز وجل - لما خلقه وصوره قال له: أقبل فأقبل، وقال له: أدبر فأدبر، فقال وعزتي وجلالي ما خلقت من خلقي شيئا هو أحب إلي منك؛ بك تُنال طاعتي وتُدخل جنتي" والوفاء لا يكون إلا من العقل، ومن لا يكن له عقل فلا وفاء له". شهد الحارث مع خالد اليرموك، ثم شهد صفين مع معاوية، وولاه معاوية على البصرة، سنة (45) خمس وأربعين من الهجرة، فشكا أهلها ضعفا فيه فاستعفى، ولم تطل مدة إمارته، وتوفي في زمن معاوية (¬1). (58) الحارث بن قيس الدوسي الحارث بن قيس بن صهبان بن عون بن علاج بن مازن بن أسود بن جهضم بن جذيمة بن مالك بن فهم بن غَنْم بن دوس بن عدثان بن عبدالله بن زهران بن كعب بن عبدالله بن نصر بن ملك بن الأزد (¬2). هو مجير عبيدالله بن زياد لما قلاه الناس، وامتنعوا عن مبايعته، بعد موت يزيد بن معاوية، فلما رأى ذلك عبيدالله أرسل إلى حارث بن قيس فقال له: يا حار (¬3)، إن أبي ¬
كان أوصاني إن احتجت إلى الهرب يوما أن أختاركم، وإن نفسي تأبى غيركم، فقال الحارث: قد أبلوك في أبيك ما قد علمت، وأبلوه فلم يجدوا عنده ولا عندك مكافأة، وما لك مرد إذا اخترتنا، وما أدري كيف أتاني لك؛ إن أخرجتك نهارا إني أخاف ألا أصل بك إلى قومي حتى تقتل وأقتل، ولكني أقيم معك حتى إذا وارى دمسٌ دمسا (¬1) وهدأت القدم، ردفت خلفي لئلا تعرف، ثم أخذتك إلى أخوالي بني ناجية، قال عبيدالله: نعم ما رأيت، فأقام حتى إذا قيل: أخوك أم الذئب (¬2)، حمله خلفه، وقد نقل تلك الأموال فأحرزها، ثم انطلق به يمر به على الناس، وكانوا يتحارسون مخافة الحرورية فيسأل عبيدالله أين نحن؟ فيخبره، فلما كانوا في بني سليم قال عبيد الله: أين نحن؟ قال: في بني سليم، قال: سلمنا إن شاء الله، فلما أتى بني ناجيه قال: اين نحن؟ قال: في بني ناجية، قال: نجونا إن شاء الله، فقال بنوا ناجية: من أنت؟ قال: الحارث بن قيس، قالوا: ابن أختكم، وعرف رجل منهم عبيدالله فقال: ابن مرجانة! فأرسل سهما فوقع في عمامته، ومضى به الحارث حتى ينزله دار نفسه في الجهاضم، ثم مضى إلى مسعود بن عمرو بن عدي بن محارب بن صنيم بن مليح بن شرطان بن معن بن مالك بن فهم الدوسي، فلما رآه مسعود قال: يا حار (¬3)، قد كان يُتعوذ من سوء طوارق الليل، فنعوذ بالله من شر ما طرقتنا به، قال الحارث: لم أطرقك إلا بخير، وقد علمت أن قومك قد أنجوا زيادا فوفوا له، فصارت لهم مكرمة في العرب يفتخرون بها عليهم، وقد بايعتم عبيدالله بيعة الرضا، رضا عن مشورة، وبيعة أخرى قد كانت في أعناقكم قبل البيعة ـــ يعني بيعة الجماعة ـــ فقال له مسعود: يا حار، أترى لنا أن نعادي أهل مصرنا في عبيدالله، وقد أبلينا في أبيه ما أبلينا، ثم لم نكافأ عليه، ولم نشكر! ، ما كنت أحسب أن هذا من رأيك، قال الحارث: إنه لا يعاديك أحد على الوفاء ببيعتك حتى تبلغه مأمنه (¬4). ¬
(59) الحارث بن معيقيب الدوسي
وانظر ترجمة المجير لهما: مسعود بن عمرو الدوسي (219). (59) الحارث بن معيقيب الدوسي الحارث بن معيقيب بن أبي فاطمة، أبو إياس، الدوسي، ترجمته (33) لأبيه صحبة، ولم أقف على ما يفيد عن الحارث هذا سوى رواية ابنه إياس عنه، والده معيقيب ترجمته (227) (60) حبيب بن عمرو بن حممة (¬1) الدوسي حبيب بن عمرو بن حممة الدوسي، كان حاكما على دوس، وكذا كان أبوه من قبله، وعمر ثلاثمائة سنة، وكان حبيب يقول: إن للخلق خالقا، لكني لا أدري من هو (¬2)، فلما سمع بخبر الني - صلى الله عليه وسلم - خرج وخرج معه خمسة وسبعون رجلا من قومه، فأسلم وأسلموا (¬3)، هكذا قال ابن حجر، وقد ذُكِرت هذه المقولة عن عمرو بن حممة (168)، وليس عن ولديه: جندب، وحبيب، وتقدم التعليق. وحبيب هذا تزوج خالة معاوية - رضي الله عنه -، واسمها فارعة بنت عتبة بن عبد شمس، العبشمية، أخت هند (¬4). (61) حجاج بن سليمان الدوسي الحجاج بن سليمان بن عمرو بن عبد الرحمن بن جعبر بن صهبان وهو ابن عموف ابن مالك بن فهم بن غَنْم بن دوس بن عدثان بن عبدالله بن زهران (¬5). (62) حجية الدوسي أحد بني دوس بن عدثان بن عبدالله بن زهران بن كعب بن عبد الله بن نصر بن ملك بن الأزد (¬6). ¬
(63) حداد بن معن الدوسي
شاعر فارس، وهو القائل: كأنا بالصعيد فجانبيه ... على آثار يشكر لوح نار وسال المخلطات بشعب دعد ... نجيعا مثل حناء الجواري (¬1) (63) حداد بن معن الدوسي حداد بن معن بن مالك بن فهم دوس (¬2) بن عُدثان بن عبد الله بن زهران بن كعب بن عبد الله بن نصر بن ملك بن الأزد (¬3)، ولم أقف على ما يفيد عنه. (64) الحسن بن مسدد الدوسي لم أقف على ما يفيد عنه سوى أنه ورد كنية لأبيه (218). (65) الحسن بن مخلد الجهضمي الدوسي نسبه: الحسن بن مخلد بن حازم بن زيد بن عبدالله بن شجاع الجهضمي، الكوفي، أحد شيوخ أبي جعفر الطحاوي (¬4)، روى عنه الطحاوي في كتاب مشكل الآثار، رواية واحدة، وهو ابن أخي العلامة جرير بن حازم، ترجمته (45) وجهضم هو: جهضم بن عوف بن مالك بن فهم بن غَنْم بن دوس بن عدثان بن عبدالله بن زهران بن كعب بن عبدالله بن نصر بن ملك بن الأزد (¬5)، لكن قيل العتكي، والمرجح لدي أنه دوسي، وقد تقدم تفصيله في ترجمة جرير بن حازم (45). ¬
وفاته
وفاته: في رجب سنة (291) إحدى وتسعين مأتين (¬1). (66) الحسن بن عمرو الدوسي لم أقف على ما يفيد عنه سوى أنه سكن بغداد، وروى عنه إبراهيم بن راشد قال: حدثنا الحسن بن عمرو الدوسي، أخبرنا مالك بن أنس، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة - صلى الله عليه وسلم - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن فيمن كان قبلكم رجل لم يعمل لله خيرا قط، فلما حضرته الوفاة قال لبنيه: إذا أنا مت فخذوني وأحرقوني واسحقوني واذروني في يوم راح لعلِّي لا أصل الله، ففعلوا به، فإذا هو في قبضة الله فتلافاه الله برحمته» (¬2). (67) الحسين بن محمد الدوسي الحسين بن محمد الدوسي، المعري (¬3)، لأنه سكنها، ويعرف بالزاهد، شاعر، قال يرثي أبا الحسن المهذب بن علي بن المهذب التنوخي المعري: تجدد حزني بعد ما كان قد مضى ... بقائلة إن المهذب قد مضى كريم غدا في كل قلب محببا إذا ... ما سواه كان فيه مبغضا به كان ركن المكرمات مشيدا ... فغيرُ عجيب إن عفا وتقوضا يحرضني قوم على الحزن بعده ... ولست بمحتاج الى أن أحرضا وقد أمرضتني الحادثات لفقده ... فتالله لا أنفك ما عشت ممرضا فلا يك انسان حليف رضى به ... ففي مثل هذا الخطب لايحسن الرضا وأقرضني دهري أسى وصبابة ... فيا ليته استوفى الذي كان أقرضا أيومض برق الجود بعد مهذب ... وما كان إلا من أياديه مومضا ¬
(70) حمامي بن جرو الدوسي
وما بت الا بالهمام محمد ... مدى الدهر عن أفضاله متعوضا وان أبا تمام ركني ومثله أبو ... اليسر ان صرف الردى بي تقوضا فداموا على النعماء في ظل نعمة ... ولا زال من عاداهم الدهر مدحضا (¬1) وقال أيضا: نار الاسى بقلوبنا تتلهب ... لما ثوى شيخ العلاء مهذب أراده صرف الحادثات وانما ... أردى قلوبا بعده تتقلب ما زال يعذب في الحياة ثناؤه ... وثناه بعد الموت منها أعذب كالمسك يؤخذ غير أن نسيمه ... أذكى وأعذب في النفوس وأطيب ولئن تسربل بالنعيم فاننا من ... بعده بلظى الجحيم نعذب فسقى ثراه الغيث يهطل صوبه ... أبدا عليه ويستهل ويسكب (¬2) توفي المهذب بن علي ثمان وعشرين وأربعمائة، وتوفي الدوسي الزاهد بعد ذلك (¬3). (70) حمامي بن جرو الدوسي (*) لم أقف على ما يفيد عنه سوى قول ابن حجر رحمه الله: جد أبي بكر بن دريد اللغوي (¬4) الدوسي، قال ابن دريد: وحمامي أول من أسلم من آبائي، وهو من السبعين ركبا الذين خرجوا مع عمرو بن العاص - رضي الله عنه - من أهل عُمان إلى المدينة لما بلغهم وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أدوه: وفي هذا يقول قائلهم: وفينا لعمرو يوم عمرو كأنه ... طريد نفته مذحج والسكاسك رسول رسول الله أعظم بحقه ... علينا ومن لا يعرف الحق هالك (¬5). وهو حمامي بن جرو بن واسع بن سلمة بن حاضر بن أسد بن عدي بن عمرو ابن مالك بن فهم بن غَنْم بن دوس بن عدثان بن عبدالله بن زهران بن كعب بن ¬
(71) حممة بن أبي حممة الدوسي
عبدالله بن نصر بن بن الأزد بن الغوث بن بن نبت بن مالك بن بن زي بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان (¬1). (71) حممة بن أبي حممة الدوسي استشهد - رضي الله عنه - بأصفهان، ويقال: أصبهان، مع أبي موسي الأشعري - رضي الله عنه -، وقبره بباب مدينة أصفهان، المعروف بباب تيرة (¬2)، فشهد له أبو موسى أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - حكم له بالشهادة (¬3). قلت: لأنه مات مبطونا، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «المبطون شهيد، والمطعون شهيد» (¬4)، وتحقق بشارة حممة بالشهادة من علامات النبوة. (72) حممة بن الحارث بن رافع (¬5) الدوسي جاهلي له قصة قالوا: كان حممة بن الحارث بن رافع الدوسي من أجمل العرب، وكانت له جمة يقال لها: الرطبة، كان يغسلها بالماء ثم يعقصها وقد احتقن فيها الماء، فإذا مضى لها يومان حلها ثم يعصرها فيملأ جلساءه، فحج على فرس له، فنظرت إليه الجمانة الكنانية وهي خناس، وكانت عند رجل من بني كنانة يقال له ابن الحمارس فوقع بقلبها، فقالت له: من أنت؟ ، فوالله ما أدري أوجهك أحسن أم شعرك أم فرسك، ما أنت بالنجدي الثلب (¬6)، ولا التهامي الترب، فاصدقني، قال: أنا امرؤ من الأزد من دوس، ومنزلي بثروق (¬7)، قالت: فأنت أحب الناس ¬
(73) حنظلة الدوسي
إلي، وقد وقعت في نفسي فاحملني معك، فأردفها خلفه ومضى إلى بلده، فلما أوردها أرضه قال: قد علمت هربك معي كيف كان؛ والله لا تهربين بعدي إلى رجل أبدا، فقطع عرقوبيها، فولدت له عمرو بن حممة، وكان سيدا، وولد عمرو بن حممة الطفيل بن عمرو ذا النور (¬1)، وفد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قالوا: وخرج زوجها ابن الحمارس في طلبها فلم يقدر عليها فرجع وهو يقول: ألا حي الخناس على قلاها ... وإن شطحت وإن بعدت نواها تبدلت الطبيخ وأرض دوس ... بهجمة فارس حمر ذراها وقد خبرتها جاعت وذلت ... وأن الحَرَّ من طود شواها وقد خُبرتها نُحلت ركيا ... وأثوارا معرقة شواها وقد أنبئتها ولدت غلاما ... فلا شب الغلام ولا هناها (¬2) فلما أُنشد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - هذا الشعر قال: قد والله شب الغلام وقد هناها. قلت: كفى بالجاهلية ضلالا، فلا غرابة أن يقع مثل هذا في مجتمع جاهلي، شريعتهم الحصان والسيف والسنان. وقد اختلف الرواة في بعض ألفاظ (73) حنظلة الدوسي لم أقف على ما يفيد عنه سوى أن الثعلبي، وابن مردوية رويا عن محمد بن زهير، عن محمد بن النهدي، عن حنظلة الدوسي، عن أبيه، عن البراء بن عازب، عن معاذ رضي الله عنهما: أنه سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «يا معاذ، سألت عن أمر عظيم من الأمور، ثم أرسل عينيه وقال: تحشر عشرة أصناف من أمّتى: بعضهم على صورة القردة، وبعضهم على صورة الخنازير، وبعضهم ¬
(74) حميد بن عبد الرحمن الدوسي
منكسون: أرجلهم فوق وجوههم يسحبون عليها، وبعضهم عميا، وبعضهم صما بكما، وبعضهم يمضغون ألسنتهم فهي مدلاة على صدورهم: يسيل القيح من أفواههم يتقذرهم أهل الجمع، وبعضهم مقطعة أيديهم وأرجلهم، وبعضهم مصلبون على جذوع من نار، وبعضهم أشدّ نتنا من الجيف، وبعضهم ملبسون جبابا سابغة من قطران لازقة بجلودهم، فأما الذين على صورة القردة فالقتات (¬1) من الناس. وأما الذين على صورة الخنازير: فأهل السحت. وأما المنكسون على وجوههم فأكلة الربا، وأما العمي فالذين يجورون في الحكم، وأما الصمّ البكم فالمعجبون بأعمالهم، وأما الذين يمضغون ألسنتهم فالعلماء والقصاص الذين خالف قولهم أعمالهم، وأما الذين قطعت أيديهم وأرجلهم فهم الذين يؤذون الجيران، وأما المصلبون على جذوع من نار فالسعاة بالناس إلى السلطان، وأما الذين هم أشدّ نتنا من الجيف فالذين يتبعون الشهوات واللذات ومنعوا حق الله في أموالهم، وأما الذين يلبسون الجباب فأهل الكبر والفخر والخيلاء» (¬2). (74) حميد بن عبد الرحمن الدوسي لم أقف على ما يفيد عنه سوى روايته عن الحسن بن صالح، عن إبراهيم بن محمد المنتشر، عن خالد بن الصلت قال: "دخل ابن سيرين على ابن هبيرة فقال: السلام عليكم" فقال ابن هبيرة: "ما هذا السلام؟ " فقال: "هكذا كان يسلم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " (¬3). ¬
(75) خالد بن شعيب الحداني
(75) خالد بن شعيب الحداني ابن أبي صالح الحداني، ليس هو دوسي، هو ابن العم، من وِلد نصر بن زهران، أخي عبدالله بن زهران، فحدان هو ابن شمس بن عمرو بن غنم بن غالب بن عثمان بن نصر بن زهران بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأزد (¬1)، ومن زعم أنه دوسي فقد أخطأ. ولم أقف على ما يفيد عنه سوى أنه مبعوث الأزد مع المغيرة بن شعبة الجهضمي (229) إلى نصر بن سيار، في شأن الكرماني جديع بن علي الدوسي (43) المسجون لديه. (76) خالد بن عوف الدوسي خالد بن عوف بن نضلة بن معاوية بن الحارث بن رافع بن معاوية بن الحارث بن رافع بن عبدعوف بن عتبة بن الحارث بن رعل بن عامر بن حرب بن سعد ثعلبة ابن سُليم بن فهم بن غَنْم بن دوس (¬2) بن عدثان بن عبدالله بن زهران بن كعب بن عبدالله بن نصر بن ملك بن الأزد (¬3). وهو الملقب ذو السبلة (¬4)، من رؤاسائهم، وأشرافهم في الجاعلية (¬5). (77) خالد أبو كلثم الدوسي خالد بن معمر بن وهب بن زهير بن عمرو بن عامر بن عبدغَنْم بن غانم بن أسامة بن مالك بن عامر بن حرب بن سعد ثعلبة بن سُليم بن فهم بن غَنْم بن دوس (¬6) بن عدثان بن عبدالله بن زهران بن كعب بن عبدالله بن نصر بن ملك بن ¬
(78) خالد بن مغراء الدوسي
الأزد (¬1)، من أهل دمشق كانت له بها أملاك، استعمله معاوية على الشواتي، في سنة (46) ست وأربعين (¬2). (78) خالد بن مغراء الدوسي لم أقف على ما يفيد عنه سوى أنه روى عنه أخوه مغراء بن المغراء قال مغراء: حدثني أخي خالد بن مغراء، عن أبيه المغراء بن عياض بن الحارث بن عبدالله بن وهب، وكان الحارث قدم مع أبيه على النبي - صلى الله عليه وسلم - في السبعين الذين قدموا من دوس، وانظر: ترجمة الحارث بن عبدالله الدوسي (57) وأخوه عبد الرحمن بن مغراء، ترجمته (123) (¬3). (79) خباب بن عمرو الدوسي - رضي الله عنه - خباب بن عمرو بن حممة الدوسي، أخو جندب (52) وأخو حبيب (60) قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: ذكر سيف في الفتوح: أن خالد بن الوليد أمَّره على بعض الكراديس يوم اليرموك، وقد قمدمنا غير مرة أنهم كانوا لا يؤمرون إلا الصحابة (¬4)، ترجمة والده عمرو (168). (80) خفاف بن عمرو ذكرته لاشتباهي أن يكون دوسيا، فلا أجزم به ولا أنفيه، وذلك أن مسعود بن عمرو الدوسي، ترجمته (219) أمر عبيدالله بن زياد أن يختبي في بيت عبدالغافر بن مسعود؛ ولعله ابنه، ولعل خفلفا أخو مسعود، وعبدالغافر زوج خيرة بنت خفاف بن عمرو، فيكون عم عبدالغافر من جهة أبيه، ومن جهة زوجته أنه أبوها، زوج ابنته لابن أخيه عبدالغافر، فغلب على الظن أن خافافا دوسي، فإن كان فبها ونعمة، وإن لم يكن، فنعم الرجل هو ونعم الشاعر، صاحب هذه القصيدة العصماء في مكارم الأخلاق، قال رحمه الله: ¬
(81) خليل بن أحمد الفراهيدي الدوسي
أجبيل إن أباك كارب يومه ... فإذا دعيت إلى المكارم فاعجل أوصيك إيصاء امرئ لك ناصح ... ظن بريب الدهر غير معقل الله فاتقه وأوف بنذره ... وإذا حلفت مماريا فتحلل والضيف تكرمه فإن مبيته ... حق ولا تك لعنة للنزل واعلم بأن الضيف مخبر أهله ... بمبيت ليلته وإن لم يسأل ودع القوارص للصديق وغيره ... كي لا يروك من اللئام العزل وصل المواصل ما صفا لك وده ... واحذر حبال الخائن المتبذل واترك محل السوء لا تحلل به ... وإذا نبا بك منزل فتحول دار الهوان لمن رآها داره ... أفراحل عنها كمن لم يرحل واستأن حلمك في أمورك كلها ... وإذا عزمت على الندى فتوكل واستغن ما أغناك ربك بالغنى ... وإذا تصبك خصاصة فتجمل وإذا هممت بأمر شر فاتئد ... وإذا هممت بأمر خير فاعجل وإذا أتتك من العدو قوارص ... فاقرص لذاك ولا تقل لم أفعل وإذا افتقرت فلا تكن متخشعا ... ترجو الفواضل عند غير المفضل وإذا تشاجر في فؤادك مرة ... أمران فاعمد للأعف الأجمل وإذا لقيت القوم فاضرب فيهم ... حتى يروك طلاء أجرب مهمل وإذا رأيت الباهشين إلى الندى ... غبرا أكفهم بقاع ممحل فأعنهم وأيسر بما يسروا به ... وإذا هموا نزلوا بضنك فانزل (¬1). (81) خليل بن أحمد الفراهيدي الدوسي من وِلد الفراهيد بن مالك بن فهم بن عبدالله بن مالك بن نصر بن الأزد بن الغوث (¬2)، وعلى هذا يكون من ولد نصر بن زهران، وليس دوسيا، فهو من أبناء العم، وقيل: هو منسوب إلى فرهود بن شبابة بن مالك بن فهم (¬3)، وعلى ¬
(82) خمام بن مالك الدوسي
هذا يكون من وِلد دوس بن عدثان بن عبدالله بن زهران بن كعب بن عبدالله بن نصر بن ملك بن الأزد (¬1). وهذا هو المرجح عندي، فهو أبو عبد الرحمن، الفراهيدي، النحوي، وهو المبدع في العروض وبحور الشعر، الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم بن من وِلد شبابة بن مالك بن مالك بن فهم بن غَنْم بن دوس بن عُدثان بن عبدالله بن زهران بن كعب (¬2). حدث عن عاصم الأحوا، والربيع بن أنس، وعثمان بن أبي حاضر، وغيرهم (¬3). (82) خمام بن مالك الدوسي خمام بن مالك بن فهم بن غنم (¬4) بن دوس، وإخوته: سليمة، ونوى، والحارث، بنوا مالك ذكره ابن الحباب في نسب دوس (¬5)، وهم بنوا خمام بن مالك بن فهم بن غنم بن دوس (¬6)، ويقال: خمامة. قلت: خالف وهب بن جرير بن حازم فقال: بنوا خمام بن جشم بن ربيعة، لهم خطة ومسجد بالبصرة، وهم من جشم بن ربيعة بن راسب بن الخزرج بن جدة بن جرم بن ربان (¬7). ¬
(83) ديسم الدوسي
(83) ديسم الدوسي لم أقف على ما يفيد عنه سوى ما قيل: ديسم الدوسي، عن بشير بن الخصاصية (¬1)، وقد قيل في نسبته: المقدسي، والسدوسي، وقال البيهقي: شيخ من بني سدوس، يقال له: ديسم (¬2). قلت: الراجح عندي أنه السدوسي، تصحفت نسبته إلى الدوسي، وليس هو دوسيا، ذكرته تمييزا. (84) ذابل (¬3) بن طفيل الدوسي (¬4) - رضي الله عنه - ذابل بن طفيل بن عمرو بن طريف بن العاض بن ثعلبة بن سُليم بن لقيط بن الحارث بن مالك بن فهم بن غنم دوس الدوسي، أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬5)، روت ذلك ابنته جمعة بنت ذابل، ترجمتها (47) روى عن خفاف بن نضلة الثقفي، وهما صحابيان رضي الله عنهما (¬6). (85) ربخة بن حارث الدوسي ربخة بن حارث بن علبد بن نزير بن أسلم بن هناءة بن مالك بن فهم بن غَنْم بن دوس بن عدثان بن عبدالله بن زهران بن كعب بن عبدالله بن نصر (¬7) بن ملك بن الأزد (¬8). من شعراء الأزد، كان شريفا مطاعا في قومه، يحمل الحِمَالات، ويدفع الديات، جاهلي أغفلت ذكره كتب المؤرخين (¬9). ¬
(86) راشد بن عمرو الدوسي
(86) راشد بن عمرو الدوسي من وِلد جديد بن أسْد بن عائذ بن مالك بن عمرو بن مالك بن فهم بن غَنْم بن دوس بن عدثان بن عبدالله بن زهران بن مالك نصر بن الأزد بن الغوث، قتل بالسند سنة (50) خمسين (¬1). قلت: في الظاهر يقع اختلاف في نسبة زهران، فيقال كما هنا: زهران بن مالك بن نصر، ويقال: زهران بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبدالله بن مالك بن نصر، وهو شنؤة بن الأزد (¬2)، والصحيح أنه لا خلاف؛ لأن زهران بن مالك هو ابن كعب، نسب إلى الجد مالك بن نصر. (87) رافع بن الحارث الدوسي من العلماء من جعله والد حممة وقال: حممه بن رافع بن الحارث الدوسي (¬3)، وحممة: هو صاحب خناس المفتونة بجماله، ترجمة حممه (72). وهذا في نظري خطأ فإنه الحارث بن رافع، حصل فيه القلب؛ لأن حممة حفيد رافع، فهو حممه بن الحارث بن رافع (¬4) بن سعد بن ثعلبة بن لؤي بن عامر بن غَنْم بن دُهمان بن منهب بن دوس، وليس حممة هو من افتتنت به المرأة، بل هو جده رافع. (88) ربيعة بن الحارث الدوسي - رضي الله عنه - أبو أروى مشهور بكنيته، مختلف في اسمه، فقيل: ربيعة، وقيل: عبيد، وقيل: حباب، ويقال: عبد الرحمن (¬5)، وهو من كبار الصحابة، كان ينزل ذا الحليفة، روى عنه أبو ¬
(89) رفاعة الدوسي
سلمة بن عبد الرحمن، وأبو واقد صالح بن محمد بن زائدة المزني، مات في آخر خلافة معاوية، وكان عثمانيا - رضي الله عنهم - (¬1). قال أبو أروى الدوسي - رضي الله عنه -: " رأيت الوحي ينزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإنه على راحلته، فترغو وتفتل يديها، حتى أظن أن ذراعها تنفصم، وربما بركت، وربما قامت مؤدة يديها، حتى يسرَّى عنه من ثقل الوحي، وإنه ليتحدر منه مثل الجمان" (¬2)، وقال: "كنت أصلي صلاة العصر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم آتي ذا الحليفة أمشي، فآتيها ولم تغب الشمس" (¬3). (89) رفاعة الدوسي لم أقف عليه منسوبا إلا أن يكون رفاعة بن سعد بن ثعلبة بن لؤي بن عامر بن غنم دُهمان بن منهب بن دوس، وكان رفاعة الدوسي هذا شارك فيما يظهر في فتح مصر، وخُطة له دار في الفسطاط (¬4). (90) زهير الدوسي لم أقف على ما يفيد عنه سوى عبارة: "والنعمان، وأمه: بنت زهير الدوسي" (¬5). ولم أعرف النعمان هذا، ولا اسم أمه، ولا زهير والدها الدوسي. (91) زياد بن عبد الرحمن الدوسي زياد بن عبد الرحمن الأزدي، هو دوسي من بني شريك بن مالك (¬6) أخو هناءة بن مالك (¬7)، بطن من زهران بن كعب، من شنوءة، من الازد، من القحطانية، وهم: بنوا ¬
(92) سعد بن صفيح الدوسي - رضي الله عنه -
شريك بن مالك بن عمرو بن مالك بن فهم بن غَنْم بن دوس بن عدثان بن عبد الله بن زهران بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر، وهو شنوءة بن الأزد (¬1). (92) سعد (¬2) بن صفيح الدوسي - رضي الله عنه - ويقال: سعد بن أبي ذباب (¬3)، ولقبة: ذو السبال (¬4)، كانت له أشياء مسبلة، وهو سعد ابن صفيح (¬5) بن الحارث بن شابي (¬6)، بن أبي صعب بن هنية بن سعد بن ثعلبة ابن سليم بن فهم بن غَنْم بن دوس، جد أبي أزيهر، وخال (¬7) أبي هريرة، من أشداء بني دوس (¬8)، آلا ألا يأخذا أحدا من قريش إلا قتله بأبي أزيهر الدوسي (¬9)، أخته أميمة بنت صفيح بن الحارث، دوسية صحابية، هي أم أبي هريرة (¬10) رضي الله عنهما، وهو الذي قال فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن يعمر هذا حتى يأخذ عمره، لا يبقى منكم عين تطرف» (¬11)، إشارة إلى طول عمره وهو المعني بما جاء في بعض الروايات: "فقال لشاب من دوس، يقال له ابن سعد" (¬12)، وفي رواية: "نظر إلى غلام من أزد شنوءة " قال ابن حجر رحمه الله: "فيحتمل التعدد، أو كان اسم الغلام سعدا" (¬13). ¬
قلت: في نظري: لا تعدد فالكل واحد، لأن "بن" مقحمة، يؤيد هذا ما جاء في رواية: "فمر رجل من أزد شنوءة يقال له: سعد" (¬1)، وقال ابن حجر: قيل: محمد الدوسي، ويحتمل أن يكون أحد الإسمين لقبا له (¬2). قلت: الأشبه أن يكون خطأ. وهو قاتل بجير (¬3) بن العوام بن خويلد، أخو الزبير، في الجاهلية، قتله سعد باليمامة، إلتقيا تاجرين فغره حتى قدمه فضرب عنقه وقال: هذا بأبي أزيهر (¬4). روى الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب الدوسي، عن منير بن عبد الله الدوسي، عن أبيه عبد الله الدوسي، عن سعد بن أبي ذباب الدوسي قال: "أتيت النبي عليه الصلاة والسلام فأسلمت، وقلت: "يا رسول الله، اجعل لقومي ما أسلموا عليه، ففعل، واستعملني عليهم، واستعملني أبو بكر بعد النبي عليه السلام، واستعملني عمر بعد أبي بكر"، فلما قدم على قومه، قال: "يا قوم، أدوا زكاة العسل، فإنه لا خير في مال لا يؤدى زكاته، قالوا: كم ترى؟ ، قلت: العشر، فأخذت منهم العشر، فأتيت به عمر - رضي الله عنه -، فباعه وجعله في صدقات المسلمين" (¬5). قلت: في زكاة العسل خلاف، فقال البعض: ليس في زكاة العسل شيء يصح، وهذا الحديث في سنده منير بن عبد الله الدوسي، ضعفه البخاري، والأزدي وغيرهما، وقد يكون اجتهادا من سعد - رضي الله عنه -، كما يوحي به النص، ولاسيما وعبدالله والد منير دوسي أيضا، وقال أبو حاتم: لا أنكر حديثه (¬6)، يعني منيرا، وسعد هو والد أبي صفيح، ترجمته (105). ¬
(93) سعيد بن زبير الدوسي
(93) سعيد بن زبير الدوسي لم أقف على ما يفيد عنه إلا أنه أحد الأمراء في فتوح الشام على مدينة بهنسا (¬1)، ويقال: بهسنا، والاستيلاء على قلعتها الحصينة، وهي غير الني في صعيد مصر الأعلى، ولعله صحابي، فقد كانوا لا يؤمرون في فتوح الشام، ومصر إلا الصحابة، وكان معهم أبو هريرة - رضي الله عنه -. (94) سلم بن سمي الدوسي - رضي الله عنه - (¬2) سلم بن سمي بن الحارث، الأزدي، ثم الدوسي، أبو العَكر: بفتح المهملة والكاف، مشهور بكنيته (¬3)، وقيل: العكير، زوج أم شريك، فارقته بالإسلام، ثم أسلم أبو العكر، وهاجر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬4). وقيل: اسمه سلمة كما في ترجمه (102). (95) سلم بن افع الدوسي لم أقف على ما يفيد عنه سوى أنه والد عقبة الذي تأمر على البحرين، وعمان، والبصرة، وقد جاء في خبر ولايته، أنه بعد أبيه، والله أعلم، انظر ترجمة عقبة بن سلم الدوسي (155) وحفيده نافع بن عقبة ترجمته (233). (96) سليم بن عبدالله الفهمي الدوسي حفيد جنادة، ترجمته (133) هو سليم بن عبدالله بن جنادة الفهمي (¬5)، لم أقف على ما يفيد عنه سوى أنه يروي عن أبيه، عن أبي هريرة (¬6) قال: "إذا وردت ـــ الكلاب ـــ الماء الجاري، فسم الله واشرب، وإذا وردت الركية فانضح منها ثلاثا ثم اشرب، وإذا وردت الحكر الصغير فلا تطعمه" (¬7)، وهو مدني، وقيل: سمع من أبي هريرة بمكة (¬8). ¬
(97) سليمان بن جنادة الدوسي
(97) سليمان بن جنادة الدوسي سليمان بن جنادة بن أبي أمية الدوسي، لم أقف على ما يفيد عنه سوى أنه روى عن أبيه جنادة، ترجمته (49) عن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه -، وروى عنه ابنه عبدالله بن سليمان بن جنادة (¬1)، ترجمته (136) (98) سمي بن الحارث الدوسي والد سلم أبي العَكر، زوج أم شريك، رضي الله عنهما، ترجمته (94) لم أقف على ما يفيد عنه سوى عنه. (99) سنان بن نوفل الدوسي شارك في فتوح الشام، وكانت معركة بين المسلمين وأصحاب الصليب، عند قرية تعرف ببني صالح (¬2)، فقاتل فيها أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قتالا شديدا، وصبروا صبر الكرام، وكان عدوا الله "لاوي بن أرمياء" صاحب "شيزا" فارسا شديدا، وبطلا صنديدا، فجال وصال وقتل الرجال، فعندها برز إليه الفارس سنان بن نوفل الدوسي، فقتله عدو الله، فخرج إليه عمار بن يلسر العبسي - رضي الله عنه -، فتجاولا وتعاركا وتضاربا وتطاعنا، فوقع بينهما ضربتان، وكان السابق بالضربة عمار، فطعنه بالرمح في صدره، فأطلع السنان يلمع من ظهره، فانجدل عود الله يخور في دمه، وعجل الله بروحه إلى النار (¬3)، ولا أظن سنانا إلا صحابيا - رضي الله عنه -. (100) سواد بن قارب الدوسي (¬4) - رضي الله عنه - كان شاعرا، ولما أسلم داعبه عمر - رضي الله عنه - يوما فقال: ما فعلت كهانتك ياسواد؟ ، فغضب وقال: ما كنا يا عمر من جاهلينا، وكفرنا شر من الكهانة، فما لك تعيرني بشيء تبت منه، وأرجوا من الله العفو عنه؟ ! (¬5). ¬
قصة إسلامه
قصة إسلامه: بينما عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يخطب الناس على منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ قال: "أيها الناس، أفيكم سواد بن قارب؟ " فلم يجبه أحد تلك السنة، فلما كانت السنة المقبلة قال: "أيها الناس، أفيكم سواد بن قارب؟ " قال الراوي: فقلت: يا أمير المؤمنين، وما سواد بن قارب؟ ، فقال له عمر - رضي الله عنه -: "عن سواد بن قارب كان بدء إسلامه شيئا" قال الراوي: فبينا نحن كذلك إذ طلع سواد بن قارب، فقال له عمر: "يا سواد حدثنا ببدء إسلامك، كيف كان؟ " قال سواد: "فإني كنت نازلا بالهند، وكان لي رئي من الجن، فبينا أنا ذات ليلة نائم، إذ جاء في منامي ذلك فقال: قم فافهم واعقل إن كنت تعقل، قد بعث رسول من لؤي بن غالب، ثم أنشأ يقول": عجبت للجن وأنجاسها ... وشدها العيس بأحلاسها تهوي إلى مكة تبغي الهدى ... ما مؤمنو الجن كأرجاسها قال: ثم أنبهني فأفزعني، وقال: سواد بن قارب، إن الله بعث نبيا فأنهض إليه تهتد وترشد. فلما كان من الليلة الثانية أتاني فأنبهني، ثم أنشأ يقول كذلك: عجبت للجن وتطلابها ... وشدها العيس بأقتابها تهوي إلى مكة تبغي الهدى ... ليس قدامها كأذنابها فانهض إلى الصفوة من هاشم ... واسم بعينيك إلى نابها فلما كان في الليلة الثالثة أتاني فأنبهني، ثم قال: عجبت للجن وتخبارها ... وشدها العيس بأكوارها تهوي إلى مكة تبغي الهدى ... ليس ذوو الشر كأخيارها فانهض إلى الصفوة من هاشم ... ما مؤمنو الجن ككفارها (¬1). قال عبدالله بن عمر رضي الله عنهما: قال: "ما سمعت عمر، لشيء قط يقول: إني لأظنه كذا إلا كان كما يظن، بينما عمر جالس، إذ مر به رجل جميل، فقال: لقد أخطأ ظني، أو إن هذا على دينه في الجاهلية، أو: لقد كان كاهنهم، عليَّ الرجل، ¬
فدعي له، فقال له ذلك، فقال: ما رأيت كاليوم استقبل به رجل مسلم، قال: فإني أعزم عليك إلا ما أخبرتني، قال: كنت كاهنهم في الجاهلية (¬1)، قال: فما أعجب ما جاءتك به جنيتك؟ ، قال: بينما أنا يوما في السوق، جاءتني أعرف فيها الفزع، فقالت: ألم تر الجن وإبلاسها؟ (¬2) ... ويأسها من بعد إنكاسها ولحوقها بالقلاص (¬3) وأحلاسها. قال عمر: صدق، بينما أنا نائم، عند آلهتهم إذ جاء رجل بعجل فذبحه، فصرخ به صارخ، لم أسمع صارخا قط أشد صوتا منه يقول: يا جليح (¬4)، أمر نجيح (¬5)، رجل فصيح (¬6)، يقول: لا إله إلا الله، فوثب القوم، قلت: لا أبرح حتى أعلم ما وراء هذا، ثم نادى: يا جليح، أمر نجيح، رجل فصيح، يقول لا إله إلا الله، فقمت، فما نشبنا أن قيل: هذا نبي" (¬7). قال سواد: فلما سمعته تكرر ليلة بعد ليلة، وقع في قلبي حب الإسلام من أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما شاء الله، قال: فانطلقت إلى رحلي فشددته على راحلتي، فما حللت عليه نسعة ولا عقدت أخرى حتى أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬8)، فإذا هو بالمدينة ـــ يعني مكة ــ والناس عليه كعرف الفرس، فلما رآني النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مرحبا بك يا سواد ابن قارب، قد علمنا ما جاء بك». قال: قلت: يا رسول الله، قد قلت شعرا، فاسمعه مني. قال سواد: فقلت: أتاني رئيِّ بعد ليل وهجعة ... ولم يك فيما قد بلوت بكاذب ¬
(101) شبابة بن مالك الدوسي
ثلاث ليال قوله كل ليلة: ... أتاك رسول من لؤي بن غالب فشمرت عن ساقي الإزار ووسطتْ ... بي الدعلب الوجناء عند السباسب فأشهد أن الله لا شيء غيره ... وأنك مأمون على كل غائب وأنك أدنى المرسلين شفاعة ... إلى الله يا ابن الأكرمين الأطايب فمرنا بما يأتيك يا خير مرسل ... وإن كان فيما جاء شيب الذوائب وكن لي شفيعا يوم لا ذو شفاعة ... سواك بمغن عن سواد بن قارب قال: فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت نواجذه، وقال لي: «أفلحت يا سواد»: فقال له عمر: "هل يأتيك رئيك الآن؟ " فقال: "منذ قرأت القرآن لم يأتني، ونعم العوض كتاب الله من الجن" (¬1). (101) شبابة بن مالك الدوسي وقع الخلاف في نسبته والصحيح أنه شبابة بن مالك بن فهم بن غَنْم بن دوس بن عدثان بن عبدالله بن زهران بن كعب (¬2)، لم أقف على ما يفيد عنه، وهو جاهلي. (102) شريك بن سلمة الدوسي - رضي الله عنه - شريك بن أبي العَكَر (94) أو: العكير، سلم أو سلمة بن سلمى الأزدي، ثم الدوسي، ذكره خليفة بن خياط في الصحابة، وقال: أنه زوج أم شريك، التي تزوجها النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬3). (103) شريك بن مالك الدوسي هو شريك بن مالك بن عمرو بن مالك بن فهم بن غَنْم بن دوس بن عدثان بن عبدالله بن زهران بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبدالله بن مالك بن نصر (¬4)، ¬
(104) شميلة بنت أبي جنادة الدوسية
وابنه أسْد بن شريك بن عمرو، ومن وِله مسدد بن مسرهد الإمام الحافظ (¬1)، ترجمته (218) وزياد بن عبد الرحمن الأزد، من بني شريك بن مالك (¬2)، ترجمته (91). (104) شميلة (¬3) بنت أبي جنادة (¬4) الدوسية ولد أبو أزيهر جنادة، فولد جنادة بن أبي أزيهر شميلة، تزوجها مجاشع بن مسعود السلمي - رضي الله عنه -، وقتل عنها يوم الجمل، وإياها عنى ابن ميسرة بقوله: تنح لعبد الله يوم لقيته ... شميلة ترمي بالحديث المعبر (¬5). ويقال: طلقها مجاشع، فتزوجها عبدالله بن عباس على عشرة آلاف (¬6). وقيل: أول امرأة لبست المصبغات في الإسلام شميلة، زوج ابن عباس، وهي أول من عبأت الطيب (¬7)، وكانت ذات جمال، وقيل: هي صاحبة القصة مع نصر بن حجاج (¬8)، قصة تناقلها المؤرخون، والله أعلم بصحتها، وإن لم تكن صحابية فهي زوج الصحابي مجاشع، ومن بعده عبدالله بن عباس - رضي الله عنهم -. (105) صبيح بن سعد الدوسي صفيح، أو: مليح، أو: صبيح بن سعد بن هاني، الدوسي، جد أبي هريرة أبو أمه، ترجمته (117) أميمة بنت صفيح، أو: مليح، أو: صبيح، فصبيح من الصباحة والوضاء، وهو مرادف لمليح، من الملاحة والجمال (¬9)، وقد يراد بصفيح اسم الجنبية ¬
(106) الطفيل بن عمرو الدوسي
من حديد النافعي، كما قال خالد بن الوليد - رضي الله عنه -: "لقد رأيتني يوم مؤتة اندق في يدي تسعة أسياف، وصبرت معي صفيحة يمانية" (¬1). (106) الطفيل بن عمرو الدوسي طفيل بن عمرو بن طريف بن العاض بن ثعلبة بن سُليم بن لقيط بن الحارث بن مالك بن فهم بن غنم دوس الدوسي (¬2)، وبقة النسب إلى نهايته معروف، تقدم كثيرا. قصة إسلامه: كان الطفيل بن عمرو يحدث أنه قدم مكة ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بها فمشى إليه رجال من قريش، وكان الطفيل شريفا شاعرا لبيبا، فقال له: يا طفيل إنك قدمت بلادنا وهذا الرجل بين أظهرنا، قد عضل بنا وفرق جماعتنا، وإنما قوله كالسحر يفرق بين الرجل وبين أبيه، وبين الرجل وبين أخيه، وبين الرجل وبين زوجته، وأنا أخشى عليك وعلى قومك، فإن دخل عليك فلا تكلمه ولا تسمع منه قال: فوالله ما زالوا بي حتى أجمعت ألا أسمع منه شيئا ولا أكلمه حتى حشوت أذني حين غدوت إلى المسجد كرسفا، فرقا من أن يبلغني من قوله، وأنا لا أريد أن أسمعه، قال: فغدوت إلى المسجد، فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائم يصلي عند الكعبة قال: فقمت منه قريبا، فأبى الله إلا أن يسمعني بعض قوله، سمعت كلاما حسنا، فقلت في نفسي: واثكل أمي، والله إني لرجل لبيب شاعر، ما يخفى الحسن والقبيح، فما يمنعني من أن أسمع من هذا الرجل ما يقول؟ ، إذا كان الذي يأتي به حسنا قبلته، وإن كان قبيحا تركته، قال: فمكثت حتى انصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بيته، فاتَّبعته حتى إذا دخل بيته دخلت عليه فقلت: يا محمد، إن قومك قالوا لي كذا وكذا، الذي قالوا، فوالله ما برحوا يخوفوني أمرك حتى سددت أذني بكرسف لئلا أسمع قولك، ثم أبى الله إلا أن يسمعنيه، فسمعت قولا حسنا فاعرض علي أمرك، قال: فعرض علي الإسلام، وتلا علي القرآن، فوالله ما سمعت قولا قط أحسن، ولا أمرا أعدل منه، فأسلمت وشهدت شهادة الحق، وقلت: يا نبي الله إني امرؤ مطاع في قومي، وأنا راجع إليهم وداعيهم إلى الإسلام، فادع الله أن يجعل لي آية تكون لي عليهم عونا فيما أدعوهم إليه، فقال: «اللهم اجعل له آية» قال: ¬
أول من أسلم بعده
فخرجت إلى قومي حتى إذا كنت بثنية تطلعني على الحاضر ـــ يعني قومه ـــ وقع نور بين عيني مثل الصباح، قال: فقلت: اللهم في غير وجهي، فإني أخشى أن يظنوا أنها مثلة وقعت في وجهي لفراق دينهم، فتحول فوقع في رأس سوطي فجعل الحاضر يقول: مِنْ ذلك النور في سوطي كالقنديل المعلق (¬1)، وأنا أهبط إليهم من الثنية (¬2)، قال: حتى جئتهم فأصبحت فيهم (¬3). أول من أسلم بعده: قال: فلما نزلت أتاني أبي وكان شيخا كبيرا فقلت: إليك عني يا أبه فلست منك ولست مني، قال: ولم يا بني؟ ، قلت: أسلمت، وتابعت دين محمد - صلى الله عليه وسلم - قال أبي: يا بني فديني دينك، فاغتسل فطهر ثيابه، ثم جاء فعرضت عليه الإسلام فأسلم قال: ثم أتتني صاحبتي، فقلت لها: إليك عني، فلست منك ولست مني، قالت: لم بأبي أنت وأمي؟ ، قلت: فرق بيني وبينك الإسلام، أسلمت وتابعت دين محمد - صلى الله عليه وسلم -، قالت: فديني دينك، قلت: فاذهبي إلى حِمى ذي الشرى فتطهري منه، وكان ذو الشرى صنما لدوس، وكان الحمى حمى له حموه، به وشل من ماء يهبط من الجبل، قالت: بأبي أنت وأمي أتخشى عليَّ الفتنة من ذي الشرى شيئا؟ ، قلت: لا أنا ضامن كذلك، فذهبت فاغتسلت، فجاءت فعرضت عليها الإسلام فأسلمت (¬4). موقف الطفيل من قومه: روى الجم الغفير من الأئمة أن الطفيل بن عمرو - رضي الله عنه - جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن دوسا قد عصت وأبت، فادع الله عليها، فاستقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القبلة ورفع يديه فقال الناس: هلكت دوس، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اللهم اهد دوسا وأت بهم» مرتين (¬5)، وفي هذا الصدد قال الطفيل - رضي الله عنه -: دعوت دوسا إلى الإسلام فتبطئوا، ثم جئت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة، فقلت: يا نبي الله: إنه قد غلبني على دوس الدَّيْر، فادع الله عليهم، ¬
فقال: «اللهم اهد دوسا، ارجع إلى قومك فادعهم، وارفق بهم»، قال: فرجعت فلم أزل بأرض دوس أدعوهم إلى الإسلام حتى هاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة، وقضى بدرا وأحدا والخندق، ثم قدمت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمن أسلم معي من قومي ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخيبر حتى نزلت المدينة بسبعين أو ثمانين بيتا من دوس (¬1)، ثم لحقنا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخيبر، فأسهم لنا مع المسلمين. لذلك عرض الطفيل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يلحق بارض دوس، قال: "هل لك في حصن ومنعة؟ ، حصن دوس" قال: فابى رسول الله لما ذخر الله للأنصار (¬2). قال الطفيل: ثم إنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى إذا فتح الله عليه مكة، قلت: يا رسول الله: ابعثني إلى ذي الكفين ـــ صنم أبيه عمرو بن حممة ـــ فخرج إليه فجعل طفيل بن عمرو يقول وهو يوقد عليه النار، وكان من خشب: يا ذا الكفين لست من عبادكا ... ميلادنا أقدم من ميلادكا إني حشوت النار في فؤادكا تنبيه: لم يقل الطفيل ابعثني إلى ذي الخلصة، والمشهور من زمن بعيد أن صنم ذي الخلصة في دوس، وهذا يؤكد خطأ من زعم ذلك، ولو كان لطلب الطفيل هدمه مع ذي الكفين، وقد بحثت في عدد غير قليل من المصادر فلم أجد ذكرا لذي الخلصة في دوس، وإنما هو في تبالة (¬3)، وكان مروة بيضاء منقوش عليها كهيئة التاج، وكانت بتبالة بين مكة واليمن، على مسيرة سبع ليال من مكة، وكانت تعظمها وتهدي لها خثعم، وبجيلة، وأزد السراة، ومن قاربهم من بطون العرب من هوازن، ¬
ومن كان ببلادهم من العرب بتبالة، فلما فتح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة، وأسلمت العرب، ووفدت عليه وفودها، قدم عليه جرير بن عبدالله البجلي مسلما، ، فقال له: يا جرير، ألا تكفيني ذا الخلصة؟ ، فقال: بلى، فوجهه إليه، فخرج حتى أتى بني أحمس من بجيلة فسار بهم إليه، فقاتلته خثعم، وباهلة دونه، فقتل من سدنته من باهلة يمئذ مائة رجل، وأكثر القتل في خثعم، فظفر بهم وهزمهم، وهدم بنيان ذي الخلصة، وأضرم فيه النار فاحترق، فذو الخلصة كان صنما بتبالة، وكانت العرب جميعا تعظمه، وتسميه الكعبة اليمانية، وكانت له ثلاة أقداح: الآمر، والناهي، والمتربص (¬1). أما حديث البخاري (¬2)، ومسلم (¬3)، «لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس إلى ذي الخلصة» فلا نشك في صحة الحديث، لكن نشك في صحة الموقع، ويظهر لي أن منشأ الخطأ أن دوسا "أزد السراة" كانت تعظم ذا الخلصة الواقع في تبالة، مع غيرها من العرب، لتميزه بالأقداح الثلاثة، ومسمى "الكعبة اليمانية" مضاهات للبيت الحرام، لهذا ذُكر نساء دوس، وقد ورد في مسند أحمد عقب الرواية: "وكانت صنما يعبدها دوس في الجاهلية بتبالة" (¬4)، ونقلها النووي في شرح حديث مسلم، وفي السنة لابن أبي عاصم "وهو صنم بتبالة" (¬5)، وفي صحيح ابن حبان "وكانت صنما تعبدها دوس في الجاهلية بتبالة" قال معمر: إن عليه بيتا مبنيا مغلقا (¬6)، وقال الزمخشري: هو بيت أصنام كان لدوس، وخثعم، وبجيلة، ومن كان ببلادهم من العرب بتبالة (¬7). ¬
وموقع آخر لذي الخلصة؛ قيل: كان عمرو بن لحي بن قمعة نصبه بأسفل مكة، حين نصب الأصنام في مواضع شتى (¬1). قلت: والذي أجزم به أن موقع ذي الخلصة غلط فيه الكثيرون، فليس مكانه في السراة، بل في تبالة قريبة من بشة اليوم، وأن هادمه جرير البجلي - رضي الله عنه -، نعم صنم دوس هو ذو الكفين، وهادمه الطفيل - رضي الله عنه -، ولو كان ذو الخلصة في دوس لذكره الطفيل وطلب أن يهدمه. أما لماذا ذكر نساء دوس دون غيرهن فالذي يظهر لي أن دوسا سبقت الكثير من القبائل ولاسيما اليمانية إلى الإسلام، والهجرة إلى المدينة عام خيبر في السنة السابعة، فكان هذا الخبر تحذيرا من تلك الردة، التي يقع فيها قبائل من العرب منهم نساء من دوس، والله أعلم. قلت: لا يُغتر بما رواه مرداس بن قيس الدوسي من قصة الخلصة لأمرين: الأول: فيه شبهة التحريف من مروان بن قيس، إذ وردت القصة في ترجمته (215) نصا. والثاني: أن القصة لا تقوى على معارضة ما تقدم من البيان؛ لأن في سند الرواية عن مرداس عيسى بن يزيد بن داب وهو كذاب، وفي السند عبدالله بن محمد بن البلوي مجهول، وفيه مجاهيل أيضا (¬2)، وكذلك الرواية عن مروان غير مسندة. قال العلماء رحمهم الله: ثم رجع طفيل بن عمرو إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكان معه بالمدينة حتى قبض الله رسوله، فلما ارتدت العرب خرج مع المسلمين فجاهد معهم أهل الردة حتى فرغوا من طلحة الأسدي، ومن أرض نجد كلها فسار مع المسلمين إلى اليمامة، معه ابنه عمرو بن الطفيل، فرأى رؤيا وهو موجه إلى اليمامة فقال لأصحابه: إني قد رأيت رؤيا فأعبروها لي، رأيت كأن رأسي حلق، وأنه يخرج من فمي طائر، وأنه أتتني امرأة فأدخلتني في فرجها، وأرى ابني يطلبني طلبا حثيثا، ثم رأيته خنس عني، قالوا: خيرا قال: أما أنا فقد والله أولتها، قالوا: ماذا أولت؟ ، قال: أما حلق رأسي فوضعه، وأما الطائر الذي خرج من فمي، فروحي، وأما المرأة التي ¬
(107) عاتكة بنت أبي أزيهر الدوسي
أدخلتني فرجها فالأرض تحفر لي فأتجبب (¬1) فيها، وأما طلب ابني إياي ثم خنسه عني فإني أراه سيجهد أن يصيبه ما أصابني، فقتل الطفيل - رضي الله عنه - باليمامة شهيدا، وقيل: توفي في أجنادين، باليرموك، وهو المرجح لدي. وجرح ابنه عمرو بن الطفيل جراحة شديدة، ثم استبلَّ (¬2) منها حتى قتل عام اليرموك في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه شهيدا (¬3)، هذا قول، والقول الراحج أنه في اليرموك يوم أجنادين، يؤيد هذا ما رواه ابن عساكر عن أبي عقبة محمد بن عبد الله بن حوالة الأزدي عن آبائه ممن أدرك منهم عن عمرو بن الطفيل الدوسي ذي النور من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعا له فنور له سوطه فكان يستضئ به وكان ينزل بيتا من أرض فلسطين واستشهد يوم اليرموك (¬4). وكان الطفيل مجاب الدعوة فقد دعا أن يحول الله الآية المؤيدة له، وهي: نور يسطع من وجهه حتى يضيء ما حوله، دعا الله أن يحولها من وجهه حتى لا يقول الناس: إنها مُثلة، فاستجيب له - رضي الله عنه -، وجعلت الآية في طرف سوطه. (107) عاتكة بنت أبي أزيهر الدوسي عاتكة بنت أبي أزيهر بن أنيس بن الحمق (¬5)، بن مالك الدوسي، قال ابن حجر رحمه الله: قتل أبو ها ببدر كافرا، ثم تزوجها أبو سفيان بن حرب، فهي والدة ولدية: محمد وعنبسة (¬6). قلت: هذا خطأ، والصواب أنه قتل بعد وقعة بدر، في حياة النبي (¬7)، وانظر التفصيل في ترجمته (3). ¬
وأما عنبسة ولد عاتكة من أبي سفيان فقد روى محمد بن ذكوان القرشي قال: تنازع عتبة، وعنبسة ابنا أبي سفيان - رضي الله عنه -، وأم عتبة هند، وأم عنبسة ابنة أبي أزيهر الدوسي، فأغلظ معاوية لعنبسة، وقال عنبسة: وأنت أيضا يا أمير المؤمنين؟ ، فقال: يا عنبسة، إن عتبة ابن هند، فقال عنبسة: كنا لصخر صالحا ذات بيننا ... جميعا فأمست فرقت بيننا هند وإن تك هند لم تلدني فإنني ... لبيضاء تنميها غطارفة مجد أبوها أبو الأضياف في كل شتوة ... ومأوى ضعاف قد أضر بها الجهد له جفنات ما تزال مقيمة ... لمن ساقه غورا تهامة أو نجد فقال له معاوية لا تسمعها مني بعدها. قلت: كان سبب ما وقع بين عتبة وأخيه عنبسة أن عنبسة كان واليا لمعاوية أخيه على الطائف، فعزله وولَّى عتبة شقيقه، فعاتبه عتبة، فقال معاوية: ما قال، وكان معاوية استعمله على الصائفة سنة اثنتين وأربعين فبلغ مرج الشحم وولاه الموسم بمكة (¬1)، وكان عتبة شهد الجمل مع عائشة رضي الله عنها، ثم نجا فعيره عبد الرحمن بن الحكم وقال: لعمرك والأمور لها دواعي ... لقد أبعدت يا عتب الفرارا وذلك حين لحق عتبة بأخيه معاوية بالشام، وبقي عنده حتى ولاه على الطائف (¬2). قلت: عنبسة هذا من التابعين أدرك رسول الله - رضي الله عنه - ولم تثبت له صحبة، ولا رؤية، روى عن أخته أم المؤمنين رضي الله عنها، ولما حضرته الوفاة جزع، وكان لعنبسة نجوى، فقيل له: ما يجزعك، ألم تكن على سمت من الإسلام حسن؟ ، قال: ما لي لا أجزع ولست أدري على ما أقدم عليه، مع أن أرجى عملي في نفسي أني سمعت أختي أم حبيبة تقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من حافظ على أربع ركعات قبل ¬
الظهر وأربعا بعدها حرمه الله على النار» فوالله ما تركتهن منذ سمعتهن إلى يومي هذا (¬1). ومن ولده عثمان بن عنبسة بن أبي سفيان (¬2)، والذي يظهر أن أبناء العَلَّات: معاوية وبنيه، وعنبسة وبنيه من ولد أبي سفيان وقع بينهم تفاخر بالأمهات، والأجداد، والأخوال، ومن ذلك قول عثمان: وإن تك هند مجدكم وساءكم ... فإن حواري النبي كريم وإن تك هند أمكم دون أمنا ... فإن لنا في الأكرمين أروم وله: أبونا أبو سفيان أكرم به أبا ... وجدي الزبير ما أعف وأكرما حواري رسول الله يضرب دونه ... رؤوس الأعادي حاسرا وملأما وخالي ابن أسماء الذي قد علمتم ... يشبَّه يوم الروع في الحرب ضيغنا قلت: لا غرابة في الأمر فقد سبقهم بالعداوة إخوة يوسف - عليه السلام -، وهي صفة في الناس يحركها الشيطان إلى يوم القيامة، إلا من هداه الله وعصمه. أما محمد بن أبي سفيان شقيق عنبسة فقد ورد أنه صاحب قصة عنبسة لما نزل به الموت (¬3)، وهو خطأ الصواب عنبسة (¬4) وقد ذكر الحافظ وروده في جميع النسخ من النسائي على الخطأ (¬5)، وله ولد اسمه عثمان استعمله يزيد بن معاوية على المدينة، ولم تكن له تجربة في مداورة الأمور، ولا حنكة في السن، فكان سببا في وقعة الحرة ببعثه وفدا إلى يزيد، فأكرمهم يزيد وأحسن إليهم، وأعظم جوائزهم، فلما عادوا إلى المدينة قاموا في الناس فأظهروا شتم يزيد وعيبه، وقالوا: قدمنا من عند رجل ليس له ¬
(108) العاض بن ثعلبة الدوسي
دين؛ يشرب الخمر، ويضرب بالطنابير، ويعزف عنده القيان، ويلعب بالكلاب، ويسمر عنده الحُرَّاب ـــ اللصوص ـــ وإنا نشهدكم أننا قد خلعناه (¬1). وبهذا التصرف من والي المدينة ووفدها اشتعلت الفتنة، وكانت الكارثة، ورغم ظلم يزيد وفسقه على ما ذكر المؤرخون فإن ما صنعه الوفد كان أمرا نزل بالناس منه شر عظيم، وما نسب إلى يزيد إن صح فهو شر يخصه، ومن معه في ذلك، فالفتنة لم تصب يزيد وحده، بل عمت الناس بشر عظيم، ولذلك نهى الله عن إيقاظ الفتن، قال تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} (¬2). (108) العاض بن ثعلبة الدوسي العاضّ (¬3) بن ثعلبة بن سليم الدوسي، جاهلي لم أقف على ما يفيد عنه سوى أنه من أجداد الطفيل بن عمرو - رضي الله عنه - (¬4)، وانظر تكملة النسب في ترجمة الطفيل (106). (109) عامر بن الطفيل الدوسي لم أقف على ما ذكر عنه في غير فتوح الشام للواقدي، وكذلك ولده جندب بن عامر، ترجمته (51) فيقال: عامر، وتارة يكنّى: أبا عامر الدوسي، واحتمال الاشتباه بالطفيل بن عمرو وارد، وأن وهما وقع في اسمه واسم ابنه؛ اشتبه الأب عامر بن الطفيل بالطفيل بن عمرو، ترجمته (106) واشتبه الابن جندب بعمرو بن الطفيل، ترجمته (170) فإن قصة الرؤيا المحكية لكل منهما واحدة، إلا أن رؤيا الطفيل بن عمرو أكثر تفصيلا، أما عامر حكي عنه أنه رأى في منامه كأن امرأة لقيته ففتحت له فرجها فدخل فيه، ونظر إليه ابنه فأسرع ليدخل مكانه ـــ وهي جزء من رويا الطفيل ـــ فاستيقظ عامر وقص ذلك على المسلمين فلم يدر أحد تأويله، فقال عامر: أما أنا فعرفت تأويها، قالوا: وما تأويلها يا أبن الطفيل قال تأويله إني أقتل لأن المرأة التي أدخلتني فرجها هي الأرض، وابني سيصيبه جراح ويوشك أن يلتقي بي، فقاتل يوم ¬
اليمامة وابلى بلاء حسنا وسلم ولم يلحقه أذى (¬1)، فلما كان يوم اليرموك شهد فيه الحرب، فاتفق سياق الرؤ يا فيما ذكر عامر وأنها كانت في اليمامة، واختلف مصيره يوم اليرموك؛ فجندب بن عامر قتل في مبارزة جبلة بن الأيهم، قاتل عامر بن الطفيل والد جندب. أما عمرو بن الطفيل فلم يقتل، بل قطعت يده، وله قصة مع عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، ذكرناها في ترجمته (170) وهذا يؤيد التفريق بينهما، وقد اختلف العلماء في موقع وفاة الطفيل بن عمرو فقيل: في أجنادين، وقيل: في اليرموك، وقيل: اليمامة، والمرجح عندي أنه قتل في أجنادين، وهو يقول: "يا معشر الأزد، لا يؤتين المسلمون من قبلكم"، وإن لم يصدق ظني في اشتباه أمر الرجلين الطفيل وعامر، فهما شخصيتان من دوس، عكَّر صفو التفريق بينهما إهمال فتوح الشام ذكر الطفيل بن عمرو، وكأنها قناعة من الواقدي بأنه قتل في اليمامة، ومما يؤيد التفريق بين الابنين مباروة عامر ومن بعده ابنه جندب جبلة ابن الأيهم، وعلى هذا الفهم فقد قيل عن عامر بن الطفيل: رفيق خالد بن الوليد رضي الله عنهما، فهما صحابيان، وكان عامر أحد أبطال المسلمين أخذه خالد وتوجه يطلب الشام، وقد حدث أن وقع في الأسر، حيث أشرف المسلمون على حلة عامرة، وأغنام وإبل قد سدت الفضاء والمستوى، فأسرع المسلمون إلى الحلة، وإذا براع يشرب الخمر وإلى جانبه رجل من العرب مشدود، فتنبه المسلمون وإذا هو عامر بن الطفيل الذي أرسله خالد، فأقبل خالد بن الوليد مسرعا حتى وقف عليه فلما رآه تبسم وقال: يا ابن الطفيل كيف كان سبب أسرك؟ ، قال عامر: أيها الأمير إني أشرفت على هؤلاء القوم في هذه الحلة وقد أصابني الحر والعطش فملت إلى هذا الراعي ليسقيني من اللبن، فوجدته يشرب خمرا فقلت له: يا عدو الله أتشرب الخمر وهي محرمة؟ ! ، فقال لي: يا مولاي إنها ليس بخمر وإنما هي ماء زلال فانزل كي تراه واستنشق ما في الجفنة فإن كان خمرا فافعل ما بدا لك، فلما سمعت كلامه أنخت المطية ونزلت عن كورها، وجلست على ركبتي أنظر في الجفنة وإذا أنا بالعبد قد طلبنا بعصا كانت إلى جانبه، وضربني ¬
على رأسي فشجني شجة موضحة فانقلبت على جانبي، فأسرع العبد الي وشدني كتافا واوثقني رباطا، وقال لي: أظنك من أصحاب محمد بن عبدالله ولست أدعك من بين يدي أو يقدم سيدي من عند الملك، فقلت له: ومن سيدك من العرب فقال القداح بن وائلة، وإني عند هذا العبد كلما شرب الخمر حضرني كما ترى والقى علي فضلة من كأسه، فلما سمع خالد بن الوليد كلام عامر بن الطفيل اشتد به الغضب ومال على العبد وضربه ضربة هائلة فجندله صريعا، ونهب المسلمون المال والأغنام والإبل، وقلعوا الحلة بما فيها واطلق عامرا وقال له: أين رسالتي يا عامر فقال: يا مولاي هي فى طرف عمامتي لم يعلم بها العبد، فقال خالد: انطلق بها يا عامر على بركة الله تعالى قال فركب عامر (¬1). قال عامر: كنت يوم حرب دمشق في القلب وشاهدنا ما جرى بين خالد و "عزازير" لما ولى هاربا وقصر جواد خالد عن طلبه فوقع في قلبه الطمع وقال كان البدوي خاف مني ومالي إلا أن أقف حتى يلحقني وآخذه أسيرا، ولعل المسيح ينصرني عليه، فلما وقع ذلك في نفسه وقف حتى لحق به خالد وقد جلل فرسه العرق، فلما قرب منه صاح "عزازير" وقال: يا عربي لا تظن إني هارب خوفا منك وإنما أبقيت عليك خوفا على شبابك فارحم نفسك وإن أردت الموت أسوقه إليك أنا قابض الأرواح أنا ملك الموت فعند ذلك ترجل عن جواده وسحب السيف وسار إليه كأنه الاسد الضاري. فلما نظر "عزازير" إلى ذلك وإلى ترجل خالد زاد طمعه فيه وحام حوله وهم إليه يريد أن يعلو رأسه بالسيف، فزاغ خالد عنها وصاح فيه وضرب قوائم فرسه ضربة عظيمة فقطعها، فسقط عدو الله على الأرض ثم ولى هاربا يريد أصحابه، فسبقه خالد وقال: يا عدو الله إن الذي تسميت باسمه قد غضب عليك واشتاق إليك، وها هو قد أقبل عليك يقبض روحك ليؤديك إلى جهنم، ثم هجم عليه وهم أن يجلد به الأرض، ونظرت الروم إلى صاحبها وهو في يد خالد فهموا أن يحملوا على خالد ويخلصوه ¬
من يده، إذ قد أقبلت جيوش المسلمين وأبطال الموحدين مع الأمير أبي عبيدة بن الجراح - رضي الله عنه -، كان قد سار من بصرى فوجدوه وقد أخذ "عزازير" في تلك الساعة، فلما نظرت عساكر دمشق إلى جيوش المسلمين قد أقبلت داخلهم الجزع والفزع فوقفوا عن الحملة (¬1)، ظنوا ذلك مددا للروم. قال عامر بن الطفيل: "لقد كان الواحد منا يهزم من الروم العشرة والمائة قال فما لبثوا معنا ساعة واحدة حتى ولوا الأدبار وركنوا إلى الفرار وأقبلنا نقتل فيهم من الدير إلى الباب الشرقي فلما نظر أهل دمشق إلى انهزام جيشهم أغلقوا الأبواب في وجه من بقي منهم قال قيس بن هبيرة - رضي الله عنه - فمنهم من قتلناه ومنهم من أسرناه (¬2). قال عامر بن الطفيل: كنت عن يمين خالد بن الوليد حين حملوا، وحملت خولة (¬3) أمامه، وحمل المسلمون وعظم على الروم ما نزل بهم من خولة بنت الأزور، وقالوا: إن كان القوم كلهم مثل هذا الفارس فما لنا بهم من طاقة (¬4). قال عامر بن الطفيل الدوسي: كنت مع أبي عبيدة ونحن نتبع المنهزمين إلى طريق غزة، إذ أشرف علينا خيل فظننا إنها نجدة من عند الملك هرقل، فأخذنا على أنفسنا وإذا بالغبرة قد قربت منا، فإذا هي عسكر من ارسلها أبو بكر الصديق وما رأوا أحدا من المنهزمين إلا قتلوه ونهبوا ما معه (¬5). قال أبو هريرة: وكانت النوبة في تلك الليلة لبني دوس، والأمير عليها عامر بن الطفيل الدوسي، فبينما نحن جلوس في مواضعنا من الباب إذ سمعنا أصوات القوم وهم ينادون، قال أبو هريرة فلما سمعت بادرت إلى أبي عبيدة وبشرته بذلك فاستبشر وقال: أمض وكلم القوم، وقل لهم: لكم الأمان، قال: فأتيت القوم وبشرتهم بالأمان فقالوا: من أنت؟ ، فقلت: أنا أبو هريرة صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولو أن عبيدا أعطوكم ¬
الأمان والذمام ونحن في الجاهلية لما غدرنا، فكيف وقد هدانا الله إلى دين الإسلام قال فنزل القوم. وكان من أمر خالد - رضي الله عنه - أنه جمع إليه خيل المسلمين من أهل الشدة والصبر، ومن شهد معه الزحف، فقسمهم أربعة ارباع: فجعل على أحدهم قيس بن هبيرة المرادي - رضي الله عنه -، وقال له: أنت فارس العرب فكن على هذه الخيل، واصنع كما أصنع، وجعل على الربع الآخر ميسرة بن مسروق العبسي، وأوصاه بمثل ذلك، ودعا عامر بن الطفيل - رضي الله عنه -، على الربع الثالث وأوصاه بمثل ذلك (¬1). فلما كان يوم اليرموك شهد فيه الحرب خرج عامر إلى قتال العلج ـــ من فرسان الروم ـــ وهو كأنه شعلة حريق أو صاعقة، وطعن البطريق وكانت قناته قد شهدت معه المشاهد، فاندقت بين يديه وانتضى سيفه وهزه، وضرب به العلج على عاتقه فخالط أمعاءه فتنكس العلج صريعا عن جواده، وأسرع عامر بن الطفيل فرمى به إلى المسلمين وسلمه إلى ولده، وانثنى راجعا نحو الروم وحمل على الميمنة وعلى الميسرة وعلى القلب. ثم قصد المتنصرة (¬2) فقتل منهم فارسا ودعا للبِرَاز وخرج إليه جبلة بن الأيهم (¬3) وعليه درع من الديباج المثقل بالذهب وتحتها درع من دروع التبابعة وعليه بيضة تلمع كشعاع الشمس وتحته فرس من نسل خيول عاد فلما خرج جبلة إلى عامر بن الطفيل قال له: من أي الناس أنت قال أنا من دوس قال جبلة إنك من القرابة فابق على نفسك، وارجع إلى قومك ودع عنك الطمع فقال له عامر: قد أخبرتك من أنا ومن قبيلتي فأنت من أي العرب قال أنا من غسان وأنا سيدها جميعها أنا جبلة بن الأيهم الغساني وإنما خرجت إليك حين نظرت إليك وقد قتلت هذا البطريق الشديد وهو نظير "ماهان وجرجير" في الشجاعة فعلمت أنك كفؤ فخرجت لأقتلك وأحظى عند "ماهان وهرقل" بقتلك فقال عامر بن الطفيل أما ما ذكرت من شدة القوم وعظم ¬
(110) عبد الجبار بن شعيب الدوسي
خلقهم فالله أشد منعة وهو مهلك الجبابرة وأما قولك إنك تحظى بقتلي عند مخلوق مثلك فاني أريد أن أحظى بجهادي عند رب العالمين بقتلك وحمل عامر على جبلة بن الأيهم والتقيا بضربتين فخرجت ضربة عامر بن الطفيل غير ممكنة وخرجت ضربة جبلة ممكنة فقطعت من قرنه إلى كتفه فسقط عامر قتيلا فجال جبلة على مصرعه ووقف يعجب بنفسه وبما صنع وطلب البِراز فخرج إليه ولد المقتول وهو جندب بن عامر بن الطفيل وكانت معه راية أبيه (¬1)، خبره مدون في ترجمته (170). (110) عبد الجبار بن شعيب الدوسي لم أقف على ما يفيد عنه سوى أنه على رأس ألف رجل أرسلهم علي بن جديع، ترجمته (157) نجدة لوالده جديع بن علي الدوسي، ترجمته (43) لمحاربة بني تميم في خراسان، وبعث من الثياب والمتاع ما يصلحهم لسنتهم، وجعل عليهم عبد الجبار بن شعيب: رجل من بني هناءة، وكان واليا على ديوان جند خراسان (¬2)، وهناءة هو ابن مالك بن فهم بن غنم بن دوس. (111) عبد الخالق الزهراني أبو همام هكذا ذكره المزي، في تلاميذ إسماعيل بن بشر بن منصور الدوسي، ترجمته (26) لهذا ذكرته، ولم أقف على ما يفيد عن تحديد لنسبه إلى أي من زهران. (112) عبدربه بن سيلان الدوسي لم أقف على ما يفيد عنه سوى أن عداده في أهل المدينة، وهو الذي يقال له عبدربه الدوسي، روى عنه محمد بن المهاجر (¬3)، وروى عن أبي هريرة في ركعتي الفجر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تدعوهما، وإن طردتكم الخيل» (¬4). قلت: هذا الحديث حكم العلماء عليه بالضعف، لجهالة الدوسي، جهالة حال، وليست جهالة عين، وقد عرفه ابن حبان وذكره في الثقات، فيعتد بقوله حينما لا يقدح في الراوي أحد من النقاد، أو: في حال سكوتهم عنه، ولم يرو ما ينكر، وعلى هذا ¬
(113) عبد الرحمن بن أبي هريرة الدوسي
فالحديث حث على المحافظة على ركعتي الفجر، لتأكد سنيتهما، ولما فيهما من الأجر، لذلك لم يتركهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حضر ولا سفر، فالحديث عندي لا يقل عن الحسن، إن شاء الله. (113) عبد الرحمن بن أبي هريرة الدوسي نسبه نسب والده أبي هريرة - رضي الله عنه -، ترجمته (117) ذكره ابن حبان في الثقات، وقال: يروي عن أبيه، وروى عنه الحجازيون (¬1)، وهو كذلك فقد روى عن أبيه أحاديث منها: «إذا بلغ الماء أربعين قلة لم يحمل خبثا» (¬2)، وسأل عبدالله بن عمر رضي الله عنهما عما لفظ البحر، فنهاه عن أكله. ثم انقلب عبدالله فدعا بالمصحف فقرأ: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ} (¬3). قال نافع رحمه الله: فأرسلني عبدالله بن عمر إلى عبد الرحمن بن أبي هريرة: إنه "لابأس بأكله" (¬4)، وليس له في الكتب الستة رواية. (114) عبد الرحمن بن إسحاق الدوسي عبد الرحمن بن إسحاق بن محمد بن معتمر، أبو علي، الدوسي، لم أقف على ما يفيد عنه سوى أنه ولّاه أحمد بن طولون قضاء مصر، سنة (302) اثنتين وثلاثمائة من الهجرة، وصرف في ربيع الآخر، سنة (314) أربع عشرة وثلاثمائة (¬5)، ترجمة والده (114). (115) عبد الرحمن بن بلال بن أبي هريرة لم أقف على ما يفيد عنه سوى قول أبي حاتم رحمه الله: روى عن أبيه، وروى محمد بن حمير، عن الحسن بن نعيم، عنه (¬6)، ترجمته والده بلال (38) وجده أبي هريرة (117). ¬
(116) عبد الرحمن بن الصامت الدوسي
(116) عبد الرحمن بن الصامت الدوسي عبد الرحمن بن الصامت، وقيل: ابن هضاض، صححه أبو حاتم، والمزي، وقيل: أبو عبد الرحمن الدوسي، ابن عم أبي هريرة، وقيل: ابن أخيه، ورى عن أبي هريرة، وروى عنه أبو الزبير، وبشر بن رافع، له حديث واحد في شهادة ماعز - رضي الله عنه - على نفسه بالزنى (¬1)، وذكره ابن حبان في الثقات، وروى له البخاري في الأدب المفرد، وأبو داود، والنسائي، وأبو جعفر الطحاوي (¬2). قلت: كررت ترجمته باسم عبد الرحمن بن الهضاض (124). (117) عبد الرحمن بن صخر - رضي الله عنه - أبو هريرة، مشهور بكنيته، وقد اختلف الرواة في اسمه - رضي الله عنه -، فذكروا أكثر من ثلاثين قولا (¬3)، الأصح منها أنه عبد الرحمن بن صخر، وعليه درج طائفة من العلماء (¬4)، فصخر سمى به أباه بعد الإسلام، وقد مات أبوه قبل ذلك، واسمه عبد ذي الشرى، وذو الشرى من أصنام دوس في الجاهليه، أنظر: ترجمة الطفيل (106). وأبو هريرة هو من بني سُليم بن فهم، أخو مالك بن فهم (¬5)، وهو أبو هريرة بن عبد ذي الشرى (¬6)؛ اسم أبيه في الجاهلية، ابن طريف بن عباد بن أبي صعب بن هُنْبَة بن سعد بن ثعلبة بن سُليم بن غَنْم بن دوس بن عدثان بن عبد الله بن زهران. ¬
أمه رضي الله عنها
ولعل سليما نسب إلى أحد أجداده وهو غنم، فقد ورد نسبه أتم عند أبي نعيم قال: سُليم بن لقيط بن الحارث بن مالك بن فهم بن غنم دوس الدوسي (¬1). أمه رضي الله عنها: أميمة بنت صفيح ـــ أو مليح أو صبيح ـــ بن الحارث بن شابي (¬2) بن أبي صعب بن هُنْية (¬3) بن سعد بن سُليم بن فهم بن غنم بن دوس، وانظر: ما تقدم في زيادة النسب ونقصانه. قدمت مع ابنها مشركة، ولم تقبل من أبنها الدعوة إلى الإيمان، والدخول في الإسلام، قال أبو هريرة - رضي الله عنه -: "إن أمي كانت امرأة مشركة، وإني كنت أدعوها إلى الإسلام، وكانت تأبى عليّ، فدعوتها يوما فأسمعتني في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أكره، فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا أبكي، فقلت: يا رسول الله إني كنت أدعو أمي إلى الإسلام فكانت تأبى عليّ، وإني دعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره، فادع الله أن يهدي أم أبى هريرة، ¬
أقاربه
فقال: «اللهم اهد أم أبي هريرة» فخرجت أعدو أبشرها بدعاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لها، فلما أتيت الباب إذا هو مجافٌ (¬1)، وسمعت خضخضة، وسمعت خشف رجل ـــ وقعها ــــ فقالت: يا أبا هريرة كما أنت، ثم فتحت الباب وقد لبست درعها وعجلت عن خمارها أن تلبسه، وقالت: إني أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، فرجعت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبكي من الفرح كما بكيت من الحزن، فقلت: يا رسول الله، أبشر فقد استجاب الله دعاءك، قد هدى الله أم أبي هريرة، " (¬2). أقاربه: تقدم ذكر جده لأمه، ولأبي هريرة أخ يقال له: كريم، وابن عمه أبو عبدالله الأغر، وخال أبي هريرة سعد بن صفيح، بن الحارث بن شابي بن أبي صعب بن هُنْية، كان في الجاهلية لا يأخذ أحدا من قريش إلا قتله بأبي أزيهر الدوسي (¬3). وهذا يبطل قول من يدعي أن أبا هريرة - رضي الله عنه - مجهول النسب، قال ابن إسحاق رحمه الله: كان ذا شرف ومكانة، وسيطا في دوس حيث يجب أن يكون منهم (¬4). بل أثبت صاحب كتاب دفاع عن أبي هريرة "أن عم أبي هريرة ـــ بل خال ـــ هو سعد بن أبي ذباب ـــ منسوب إلى الجد ـــ كان أمير قومه، بل رجح أنه كان ملكا، وذكر النصوص والأدلة التي بنى قوله المذكور عليها، ثم قال: فهذا هو الشرف الذي لحق أبا هريرة من جهة عمه الأمير. . . ". صفته الخِلقية: كان آدم اللون، بعيد ما بين المنكبين، ذا ظفرتين، أقرن الثنيتين (¬5)، وهذه من أبرز صفات دوس مشاهدة في العديد منهم اليوم. ¬
إسلامه
إسلامه: كان من الذين أسلموا على يد الطفيل بن عمرو - رضي الله عنه -، ومن الذين قدموا معه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما وصلوا المدينة كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في خيبر، فلحقوا به فيها، وذلك سنة سبع من الهجرة. قال: قدمت المدينة مهاجرا فصليت الصبح وراء سباع ـــ بن عرفطة، استخلفه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المدينة ـــ فقرأ في السجدة الأولى سورة مريم، وفي الثانية ويل للمطففين، فقلت في نفسي: ويل لأبي فلان، لرجل كان بأرض الأزد له مكيالان: مكيال يكيل به لنفسه، ومكيال يبخس به الناس. وقد ثبت في صحيح البخاري (¬1) أنه ضل غلام له في الليلة التي اجتمع في صبيحتها برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأنه جعل ينشد: يا ليلة من طولها وعنائها ... على أنه من دارة الكفر نجت (¬2). وقدم الغلام فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هذا غلامك، فقال: هو حر لوجه الله - عز وجل - (¬3)، والصحيح أن هذه أنشودة أبي هريرة وقومه في طريقهم على الهجرة (¬4)، أسمعها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما في الشطر الثاني من دلالة، وأن الغلام لم يكن هاربا بل تائها، ضل الطريق (¬5)، وقول أبي هريرة: أبق لي غلام، يحمل على ظاهر الحال من غياب الغلام، فلما ظهر الغلام رده إلى واقع الحال، ولذلك التقى أبا هريرة في خيبر؛ لأن قصدهما واحد الإسلام والهجرة، وكان عتق الغلام شكرا لله على ذلك، ولقيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ¬
كنيته
كنيته: أبو هريرة، قال - رضي الله عنه -: كناني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأني كنت أحمل هرة في كمي، فلما رآني قال: ما هذه؟ ، فقلت: هرة، فقال: يا أبا هريرة، وقيل: أنه قال: كناني أبي بأبي هريرة؛ لأني كنت أرعى غنما فوجدت أولاد هرة وحشية فأخذتها، فلما رآني قال أتى أبو هريرة (¬1). قلت: وهذا ينفي قول من زعم أنه كني بأبي هريرة؛ لأن قريته في دوس تسمى "الهريرة" وليس كذلك فهو من ثروق. نزله بالمدينة: كان أول ما نزل بالمدينة لحق مع قومه برسول الله - صلى الله عليه وسلم - في خيبر، قال: جئت يوم خيبر بعد ما فرغوا من القتال، قال ابن سعد رحمه الله: "لما أسلم الطفيل بن عمرو الدوسي دعا قومه فأسلموا، وقدم معه منهم المدينة سبعون أو ثمانون أهل بيت. وفيهم أبو هريرة وعبدالله بن أزيهر الدوسي، قدموا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخيبر، فساروا إليه فلقوه هناك، وقسم لهم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غنيمة خيبر، ثم قدموا معه المدينة" فقال الطفيل بن عمير: "يا رسول الله لا تفرق بيني وبين قومي فأنزلهم حرة الدجاج" (¬2)، في ضيافة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكانت أمه معه من المهاجرين، مشركة أسلمت فيما بعد، وكان له بذي الحليفة دار وأملاك، بعد أن أغناه الله من فضله. ¬
روايته عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
روايته عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كان أبو هريرة من أهل الصفة، منقطعا لتحصيل العلم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لازم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على شبع بطنه، وكانت يده مع يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يدور معه حيث دار (¬1)، فوعى علما عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، تمثل في قوله - رضي الله عنه -: "حفظت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعاءين: فأما أحدهما فبثثته في الناس، وأما الآخر فلو بثثته لقطع هذا البلعوم" (¬2). الوعاء الأول: وصلنا منه (5374) خمسة آلاف وثلاثمائة وأربعة وسبعون حديثا، تضمنتها دواوين السنة: الصحاح، والمسانيد، والمعاجم، والمستدركات، والأجزاء، والتراجم، والسيَر، وغيرها. الوعاء الثاني: علم مخزون لدى أبي هريرة - رضي الله عنه - لم يبثه في زمن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما؛ وهو ما يتعلق بالفتن والملاحم، وما سيقع بين الناس من الحروب، وكان وقت أبي بكر وعمر رضي الله عنهما غير مناسب لبث ذلك؛ لسلامة وقتهما في غالب الأمر، سوى ما كان من حروب الردة التي قضي عليها في مهدها، وكان عهد عمر سالما من ذلك، فلو أخبر بها في ذلك الحين لبادر كثير من الناس إلى تكذيبه، وردوا ما أخبر به من الحق، ولربما كان لديه نهي عن بثها قبل أوانها، يؤيد هذا قوله: "لو أخبرتكم أنكم تقلتون إمامكم، وتقتتلون فيما بينكم بالسيوف لما صدقتموني" وصدق - رضي الله عنه - لو أخبر بقتل عمر، وقتلهم عثمان - رضي الله عنهم -، لما صدقه الناس، ولكان لعمر بن الخطاب - رضي الله عنه - موقف لا يحمده أبو هريرة - رضي الله عنه -، علما بأن الأشارة وردت إلى ذلك في بشارة عثمان - رضي الله عنه - بالجنة على بلوى تصيبه، ولعلمه بأن الحق مع عثمان - رضي الله عنه - إنحاز إليه وناصره، فبان بعد الوقوع بعض ما خزنه أبو هريرة - رضي الله عنه -، ولذلك قال - رضي الله عنه -: "إني لأحدث أحاديث لو تكلمت بها في زمان عمر، أو: عند عمر لشج رأسي" (¬3)؛ لأن عمر كان شديدا على من يروي حديثا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، خوفا من الغلط، أو: القول بدون ¬
توثق، ومراعاة لحقوق ولي الأمر توقف أبو هريرة - رضي الله عنه - عن البوح بها في خلافة عمر - رضي الله عنه -، طاعة وبعدا الفتنة، وما أجمل قول علي - رضي الله عنه -: "حدثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذب الله ورسوله" (¬1)، فأبو هريرة - رضي الله عنه - سمع من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما لم يسمعه العديد من الصحابة - رضي الله عنهم -، ولاسيما الأنصار - رضي الله عنهم -، فلو حدّث بما يشير إلى تغير ما هم عليه من الألفة والإخاء، واجتماع الكلمة على كتاب الله - عز وجل - وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، لكان تهمة عظيمة لأبي هريرة - رضي الله عنه -، ولربما قتل بسبب ذلك، فلما وقعت أحداث الردة، ومن بعدها قتل عمر - رضي الله عنه -، واتسع الخرق على الراقع في عهد عثمان - رضي الله عنه -، حدّث أبو هريرة - رضي الله عنه - ببعض علمه المخزون، ومن ذلك أن أبا هريرة سمع صبيانا يقولون: "الآخر شر، الآخر شر" يعنون الآخر منهم، فقال أبو هريرة - رضي الله عنه -: "أي والذي نفسي بيده إلى يوم القيامة" (¬2). قلت: صدق أبو هريرة - رضي الله عنه -؛ لأن تاريخ الأمة المحمدية يشهد على ذلك، فما مرّ على الأمة زمن إلا وأصابها ومن البلاء ما كان ثلما يبقى أثره إلى يوم القيامة، ولاسيما في عقيدتها، وكل بلاء فيما سوى الدين وإن جَلَّ فهو قليل، قال الزبير بن عدي رحمه الله: "أتينا أنس بن مالك فشكونا إليه ما نلقى من الحجاج" فقال: «اصبروا فإنه لا يأتي عليكم زمان إلا الذي بعده شر منه، حتى تلقوا ربكم، سمعته من نبيكم - صلى الله عليه وسلم -» (¬3)، وكتب الفتن والملاحم مليئة بما بث أبو هريرة - رضي الله عنه - من مخزونه العلمي، وقامت الأحداث بعد ذلك شاهدة على ما أخبر به - رضي الله عنه -، وصدق ما نقل عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فكان أبو هريرة - رضي الله عنه - أحد الحفاظ المعدودين في الصحابة - رضي الله عنهم -، بل كان أحفظ الصحابة؛ لأنه كان يحضر ما لا يحضر سائر المهاجرين والأنصار؛ لا شتغال المهاجرين بالتجارة، والأنصار بحوائجهم (¬4). ¬
شهد له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأنه حريص على العلم والحديث، وازداد علمه وفضله ببركة دعاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - له، قال أبو هريرة - رضي الله عنه -: قلت: يارسول الله، أسمع منك أشياء فلا أحفظها، قال: «فابسط رداءك»، فبسطته فحدث حديثا كثيرا، فما نسيت شيئا حدثني به (¬1)، وعند البخاري قلت: يارسول الله، إني أسمع منك حديثا كثيرا أنساه، قال: «ابسط رداءك» فبسطته، قال: فغرف بيديه ثم قال: «ضمه» فضممته، فما نسيت شيئا بعده (¬2)، فكان أحفظ الصحابة - رضي الله عنهم -، شهد له عبدالله بن عمر رضي الله عنهما فقال له: أنت يا أباهر كنت ألزمنا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأعلمنا بحديثه، ومشى ابن عمر أمام جنازة أبي هريرة وهو يكثر الترحم عليه، ويقول: "كان مم يحفظ حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المسلمين" (¬3). ومما يدل على حرص أبي هريرة على حفظ العلم قول زيد بن ثابت رضي الله عنهما: "بينما أنا وأبو هريرة، وفلان في المسجد ذات يوم ندعو الله، ونذكر ربنا خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى جلس إلينا فسكتنا" فقال: «عودوا للذي كنتم فيه» قال زيد: "فدعوت أنا وصاحبي قبل أبي هريرة، وجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يؤمن على دعائنا، ثم دعا أبو هريرة، فقال: اللهم إني أسألك مثل ما سألك صاحباي هذان، وأسألك علما لا ينسى" فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «آمين» فقلنا: يارسول الله: "ونحن نسأل الله علما لا ينسى" فقال: «سبقكم بها الغلام الدوسي» (¬4). وقد توجس عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - من كثرة الحديث خوفا من الغلط فيه، ولذلك هدد أبي هريرة وقال: لتتركن الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو: لألحقنك بأرض دوس (¬5)، فأراد أن يختبر حفظ أبي هريرة فقال أبو هريرة - رضي الله عنه -: بلغ عمر حديثي فأرسل إليّ فقال: "كنت معنا يوم كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيت فلان؟ " قلت: نعم، وقد علمت لِمَ ¬
تسألني عن ذلك؟ ، قال: ولِمَ سألتك؟ ، قلت: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال يومئذ «من كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده ن النار» قال: أما إذًا فاذهب فحدث (¬1). فكان أبو هريرة - رضي الله عنه - إذا أراد أن يحدث ابتدأ بقوله: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصادق المصدوق: «من كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده ن النار» (¬2). ولم يكن الموقف من عمر - رضي الله عنه - خاصا بأبي هريرة - رضي الله عنه -، بل كانت سنة عمرية في وجوب التثبت والاحتياط في النسبة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال أبو سيعد الخدري - رضي الله عنه -: كنا في مجلس عند أبي بن كعب، فأتى أبو موسى الأشعري مغضبا حتى وقف، فقال: أنشدكم الله هل سمع أحد منكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «الاستئذان ثلاث، فإن أذن لك، وإلا فارجع» قال أُبي: وما ذاك؟ قال: استأذنت على عمر بن الخطاب أمس ثلاث مرات، فلم يؤذن لي فرجعت، ثم جئته اليوم فدخلت عليه، فأخبرته: أني جئت أمس فسلمت ثلاثا، ثم انصرفت. قال: قد سمعناك ونحن حينئذ على شغل، فلو ما استأذنت حتى يؤذن لك؟ ، قال: استأذنت كما سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: فوالله، لأوجعن ظهرك وبطنك، أو لتأتين بمن يشهد لك على هذا. فقال أبي بن كعب: فوالله، لا يقوم معك إلا أحدثنا سنا، قم، يا أبا سعيد، فقمت حتى أتيت عمر، فقلت: قد سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول هذا" (¬3). وقد سأل عمر أبو الطفيل عن قول أبي موسى - رضي الله عنهم -، فقال: "يا أبا الطفيل، ما يقول هذا؟ ، قال أبو الطفيل: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ذلك يا ابن الخطاب، فلا تكونن عذابا على أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: سبحان الله إنما سمعت شيئا، فأحببت أن أتثبت." (¬4)، وقد تكرر الموقف مع عدد من الصحابة - رضي الله عنهم - ومنهم أبو الدرداء، وابن مسعود، ووأبو ذر - رضي الله عنهم -، قال عمر - رضي الله عنه -: "ما هذا الحديث الذي تذكرون على رسول الله ¬
- صلى الله عليه وسلم -؟ " (¬1)، وما هذا من عمر - رضي الله عنه - إلا ليعلمهم هذه السنة العظيمة، في تعظيم القول على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإن كانوا عنده عدولا، وقد أذن بالرواية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «نضر الله عبدا سمع مقالتي فوعاها، ثم بلغها عني، فرب حامل فقه غير فقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه» (¬2)، وممن استكثر حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، قالت: "أكثرت الحديث عن رسول الله، يا أبا هريرة؟ ! " قال - رضي الله عنه -: "إني والله ما كانت تشغلني عنه المكحلة والخضاب" ولكن أرى ذلك شغلك عما استكثرتُ من حديثي" قالت رضي الله عنها: "لعله" (¬3). هذا جوابها رضي الله عنها، أي: فعلا لعل ذلك شغلني، ولم تعنف أباهريرة على مقالته، والحق معه فأمهات المؤمنين عموما لا يحضرن كل المجالس مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومن هنا استكثر أبو هريرة من كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وحصّل ما لم يحصله الكثيرون من الصحابة - رضي الله عنهم -، فضلا عن أمهات المؤمنين رضي الله عنهن. وقد تقدم إليه رجل من قريش فقال ساخرا، وهو في حلة يتبختر فيها: "يا أبا هريرة، إنك تكثر الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فهل سمعته يقول في حلتي هذه شيئا؟ " قال: "والله إنكم لتؤذوننا، ولولا ما أخذ الله على أهل الكتاب ليبيننه للناس ولا يكتمونه ما حدثتكم بشيء: سمعت أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن رجلا ممن كان قبلكم بينما هو يتبختر في حلة إذ خسف الله به الأرض فهو يتجلجل فيها حتى تقوم الساعة» فوالله ما أدري لعله كان من قومك" (¬4)، وفي رواية: بينا أبو هريرة يحدث أصحابه، إذ أقبل رجل إلى أبي هريرة، وهو في المجلس، فأقبل وعليه حلة له، فجعل يميس فيها حتى قام على أبي هريرة، فقال: "يا أبا هريرة هل عندك في حلتي هذه من فتيا؟ "، فرفع رأسه إليه، وقال: حدثني الصادق المصدوق خليلي أبو القاسم - صلى الله عليه وسلم - قال: «بينا رجل ممن كان قبلكم، يتبختر بين بردين، فغضب الله عليه، فأمر الأرض فبلعته، ¬
موقفه مع مروان بن الحكم
فوالذي نفسي بيده، إنه ليتجلجل إلى يوم القيامة» اذهب أيها الرجل إلى يوم القيامة (¬1). وتواعد الناس ليلة من الليالي إلى قبة من قباب معاوية فاجتمعوا فيها، فقام أبو هريرة فحدثهم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أصبح (¬2)، موقفه مع مروان بن الحكم: قال أبو هريرة لمروان حين أرادوا يدفنون الحسن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "والله ما أنت بوال، وإن الوالي لغيرك، فدعه، ولكنك تدخل فيما لا يعنيك، إنما تريد بهذا إرضاء من هو غائب عنك" ـــ يعني معاوية ـــ فأقبل عليه مروان مغضبا فقال: "يا أبا هريرة إن الناس قد قالوا: إنك أكثرت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحديث، وإنما قدمت قبل وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بيسير"، فقال أبو هريرة: "نعم، قدمت ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخيبر سنة سبع، وأنا يومئذ قد زدت على الثلاثين سنة سنوات، وأقمت معه حتى توفي، أدور معه في بيوت نسائه وأخدمه، وأنا والله يومئذ مقل، وأصلي خلفه، وأحج وأغزو معه، فكنت والله أعلم الناس بحديثه، قد والله سبقني قوم بصحبته والهجرة إليه من قريش والأنصار، وكانوا يعرفون لزومي له فيسألوني عن حديثه، منهم عمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير، فلا والله ما يخفى عليّ كل حديث كان بالمدينة، وكل من أحب الله ورسوله، وكل من كانت له عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منزلة، وكل صاحب له، وكان أبو بكر صاحبه في الغار، وغيره قد أخرجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يساكنه" يعرض بأبي مروان الحكم بن العاص. ثم قال أبو هريرة: "ليسألني أبو عبدالملك عن هذا وأشباهه، فإنه يجد عندي منه علما جما ومقالا". فوالله ما زال مروان يقصر عن أبي هريرة ويتقيه بعد ذلك، ويخافه ويخاف جوابه. وفي رواية: أن أبا هريرة قال لمروان: "إني أسلمت وهاجرت اختيارا وطوعا، وأحببت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حبا شديدا، وأنتم أهل الدار وموضع الدعوة، أخرجتم الداعي من ¬
صبره على طلب العلم
أرضه، وآذيتموه وأصحابه، وتأخر إسلامكم عن إسلامي إلى الوقت المكروه إليكم". فندم مروان على كلامه له واتقاه (¬1). ذُكر أبو هريرة عن ملازمته لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فشهد طلحة بن عبيدالله - رضي الله عنه - فقال: "والله ما نشك أنه قد سمع من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما لم نسمع، وعلم ما لم نعلم، إنا كنا قوما أغنياء، لنا بيوتات وأهلون، وكنا نأتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طرفي النهار ثم نرجع، وكان هو مسكينا لا مال له ولا أهل، وإنما كانت يده مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان يدور معه حيث ما دار، فما نشك أنه قد علم ما لم نعلم، وسمع ما لم نسمع" (¬2). قال أبو الزعيزعة كاتب مروان بن الحكم: إن مروان دعا أبا هريرة وأقعده خلف السرير، وجعل مروان يسأل، وجعلت أكتب عنه، حتى إذا كان عند رأس الحول دعا به وأقعده من وراء الحجاب، فجعل يسأله عن ذلك الكتاب، فما زاد ولا نقص، ولا قدم ولا أخر (¬3)، وقد أمّره بعد ذلك على المدينة، وكان أبو هريرة - رضي الله عنه - معتمدا في علمه على ذكائه، وقوة حفظه الممنوح له من ربه - عز وجل - ببركة دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكان يقول: "ما من أحد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكثر حديثا عنه مني إلا ما كان من عبدالله بن عمرو، فإنه كان يكتب ولا أكتب" (¬4)، ذكر العلماء أنه روى (5374) حديثا، والمكثرون من الصحابة ستة: أولهم أبو هريرة، وفي البيتين التاليين ترتيب من أكثر من الرواية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال النظم السيوطي رحمه الله: المكثرون في رواية الأثر ... أبو هريرة يليه ابن عمر وأنس والبحر كا الخدري ... وجابر وزوجة النبي صبره على طلب العلم: كان بإمكان أبي هريرة - رضي الله عنه - أن يشتغل بالدنيا، بأي وسيلة مشروعة كالإجارة، والتجارة والضرب في الأسواق، فإن قدومه من دوس بغلام مملوك يرجح أنه لم يكن من ¬
روايته للقرآن
الفقراء في السراة، قبل أن يهاجر، وقد ضاع منه الغلام في الهجرة ثم عاد إليه، فآثر عتقه على بيعه والانتفاع بثمنه، كانت الدنيا في نظره لا تساوي جناح بعوضة في حال طلب العلم، وملازمة سيد الخلق أجمعين - صلى الله عليه وسلم -، وابتلي في ذلك بلاء عظيما، قال - رضي الله عنه -: "والله الذي لا إله إلا هو لقد كنت أعتمد بكبدي على الأرض من الجوع، وأشد الحجر على بطني من الجوع، ولقد استقرئ أحدهم الآية وأنا أعلم بها منه، وما أريد إلا أن يستتبعني إلى منزله فيطعمني شيئا" (¬1)، وقال: "أتيت عمر بن الخطاب فقمت له وهو يسبح بعد الصلاة فانتظرته، فلما انصرف دنوت منه فقلت: أقرئني آيات من كتاب الله، قال: وما أريد إلا الطعام، قال: فأقرأني آيات من سورة آل عمران، فلما بلغ أهله دخل وتركني على الباب، فقلت: ينزع ثيابه ثم يأمر لي بطعام، فلم أر شيئا، فلما طال عليّ قمت فمشيت، فاستقبلني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكلمني" فقال: «يا أبا هريرة إن خلوف فمك الليلة لشديد؟ » فقلت: أجل يا رسول الله، لقد ظللت صائما وما أفطرت بعد، وما أجد ما أفطر عليه، قال: فانطلق، فانطلقت معه حتى أتى بيته فدعا جارية له سوداء فقال: إيتنا بتلك القصعة، فأُتينا بقصعة فيها وضر من طعام؛ أراه شعيرا قد أُكل وبقي في جوانبها بعضه وهو يسير، فسميت وجعلت أتتبعه فأكلت حتى شبعت" (¬2). روايته للقرآن: ذُكر أنه قرأ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والمشهور أنه أخذ القرآن عرضا على أُبي بن كعب - رضي الله عنه -، وقرأ على أبي هريرة عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، وغيره، وإليه تنتهي قراءة أبي جعفر، ونافع (¬3). منهجه في العبادة والتحصيل: قيل: كان يسبح في اليوم (12000) ثنتي عشرة ألف تسبيحة، قال: أسبح على قدر ديتي (¬4). ¬
تواضعه
قلت: لا يستغرب لمتفرغ للتسبيح، ولكن أبا هريرة - رضي الله عنه - اشتغل بالعلم، وقد يكون ذلك في بداية إسلامه ومكثه مع أهل الصفة، أما بعد ذلك فلا شك أن وقت أبي هريرة شُغل بأبواب من الخير تزاحم هذا القدر اليومي من التسبيح، وقد كان يجزّئ الليل ثلاثة أجزاء: جزء للقرآن، وجزء للنوم، وجزء يتذك فيه حديث رسول الله (¬1). وكان يقول: باب من العلم نتعلمه أحب إلينا من ألف ركعة تطوعا، وباب نعلمه عملنا به أو: لم نعمل به أحب إلينا من مائة ركعة تطوعا، " وقال هو وأبو ذر رضي الله عنهما: سمعنا رسول الله يقول - صلى الله عليه وسلم -: «إذا جاء طالب العلم الموت وهو على هذه الحال مات وهو شيد» (¬2). تواضعه: صلى بالناس يوما فلما سلم رفع صوته فقال: "الحمد لله الذي جعل الدين قواما، وجعل أبا هريرة إماما، بعدما كان أجيرا لابنة غزوان على شبع بطنه وحمولة رجله" وقال: نشأت يتيما، وهاجرت مسكينا، وكنت أجيرا لابنة غزوان بطعام بطني وعقبة رجلي، أحدو بهم إذا ركبوا وأحتطب إذا نزلوا، فالحمد لله الذي جعل الدين قواما، وجعل أبا هريرة إماما" ثم يقول: "والله يا أهل الإسلام إن كانت إجارتي معهم إلا على كسرة يابسة، وعقبة في ليلة غبراء مظلمة، ثم زوجنيها الله فكنت أركب إذا ركبوا، وأُخذم إذا خُدموا، وأنزل إذا نزلوا" (¬3). وقال مضارب بن حزن: "بينا أنا أسير من الليل إذا رجل يكبر فألحقته بعيري قلت: من هذا المكبر؟ ، قال: أبو هريرة, قلت: ما هذا التكبير? ، قال: شكرا، قلت: على مه? ، قال: على أني كنت أجيرا لبسرة بنت غزوان (¬4) بعقبة رجلي وطعام بطني فكان ¬
كرمه - رضي الله عنه -
القوم إذا ركبوا سقت لهم وإذا نزلوا خدمتهم فزوجنيها الله فهي امرأتي اليوم فأنا إذا ركب القوم ركبت وإذا نزلوا خُدمت" (¬1). وقد تمخط يوما في قميص له كتان فقال: "بخ بخ، أبو هريرة يمتخط في الكتان، لقد رأيتني أخر فيما بين المنبر والحُجَر من الجوع، فيمر المار فيقول: به جنون، وما بي إلا الجوع" (¬2). وقال ثعلبة بن أبي مالك القرظي: "أقبل في السوق يحمل حزمتي حطب، وهو يومئذ أمير لمروان بن الحكم" فقال: "أوسع الطريق للأمير يا بن أبي مالك" فقلت: يرحمك الله يكفي هذا! " فقال: "أوسع الطريق للأمير والحزمة عليه". وقال: أبو رافع: "كان مروان ربما استخلف أبا هريرة على المدينة فيركب الحمار، ويلقى الرجل" فيقول: "الطريق قد جاء الأمير، يعني نفسه، وكان يمر بالصبيان وهم يلعبون بالليل لعبة الأعراب، وهو أمير، فلا يشعرون إلا وقد ألقى نفسه بينهم ويضرب برجليه كأنه مجنون، يريد بذلك أن يضحكهم، فيفزع الصبيان منه ويفرون عنه ههنا وههنا يتضاحكون" (¬3). قال أبو رافع: "وربما دعاني أبو هريرة إلى عشائه بالليل فيقول: دع العراق للأمير ـــ يعني قطع اللحم ـــ قال: فأنظر فإذا هو ثريد بالزيت (¬4)، أي: لا لحم فيه، وإنما هي دعابة لضيفه. كرمه - رضي الله عنه -: قال أبو الزعيزعة كاتب مروان: "بعث مروان إلى أبي هريرة بمائة دينار، فلما كان الغد بعث إليه: إني غلطت ولم أردك بها، وإني إنما أردت غيرك". فقال أبو هريرة: "قد أخرجتها فإذا خرج عطائي فخذها منه" وكان قد تصدق بها، وإنما أراد مروان اختباره (¬5). ¬
خوفه من العاقبة
وتصدق بدار بالمدينة على مواليه (¬1). خوفه من العاقبة: دعاه عمر ليستعمله فأبى أن يعمل له، فقال له: تكره العمل وقد طلبه من كان خيرا منك؟ ؛ طلبه يوسف - عليه السلام -، فقال: إن يوسف نبي ابن نبي ابن نبي ابن نبي، وأنا أبو هريرة بن أمية وأخشى ثلاثا واثنين، قال عمر: فهلا قلت خمسة؟ ، قال: أخشى أن أقول بغير علم، وأقضي بغير حلم، أو يضرب ظهري، وينزع مالي، ويشتم عرضي (¬2). قلت: رضي الله عنك يا أبا هريرة، فقد سلمت مما وقع فيه الكثيرون. لما حضرته الوفاة بكى فقيل له: ما يبكيك؟ ، قال: "على قلة الزاد، وشدة المفازة، وأنا على عقبة هبوط؛ إما إلى جنة أو إلى نار، فما أدري إلى أيهما أصير (¬3). حب الناس أبا هريرة: لقد أحسن أبو هريرة - رضي الله عنه - التصرف حين استجاب الله - عز وجل - دعوة رسوله - صلى الله عليه وسلم - لأم أبي هريرة رضي الله عنها بالهداية، فكان من فطنة أبي هريرة - رضي الله عنه - وذكائه أن قال: "يا رسول الله ادعو الله أن يحببني وأمي إلى عباده المؤمنين، فقال: «اللهم حبب عُبيدك هذا وأمه إلى عبادك المؤمنين، وحببهم إليهما» قال أبو هريرة: فما خلق الله من مؤمن يسمع بي ولا يراني، أو يرى أمي إلا وهو يحبني" (¬4). قال أبو هريرة - رضي الله عنه -: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «اللهم إنما محمد بشر يغضب كما يغضب البشر، وإني قد اتخذت عندك عهدا لن تخلفنيه، فأيما مؤمن آذيته، أو شتمته، أو جلدته، فاجعلها له كفارة، وقربة تقربه بها إليك يوم القيامة» (¬5)، قال أبو هريرة: "لقد رفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوما الدرة ليضربني بها، فلأن يكون ضربني بها ¬
الرواة عنه - رضي الله عنه -
أحب إلي من حمر النعم، ذلك بأني أرجو أن أكون مؤمنا، وأن يستجاب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعوته" (¬1). ومن ذلك أيضا؛ أنه قال: "يا رسول الله، من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ " فقال: «لقد ظننت، يا أبا هريرة، أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك، لما رأيت من حرصك على الحديث، أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال: لا إله إلا الله، خالصا من قِبَل نفسه» (¬2). الرواة عنه - رضي الله عنه -: قال البخاري: روى عنه نحو من ثمانمائة رجل، أو: أكثر من أهل العلم؛ من الصحابة والتابعين (¬3). مواعظه: كانت لأبي هريرة صيحتان في كل يوم، أول النهار صيحة يقول: ذهب الليل وجاء النهار، وعُرض آل فرعون على النار، وإذا كان العشي يقول: ذهب النهار وجاء الليل، وعُرض آل فرعون على النار، فلا يسمع أحد صوته إلا استعاذ بالله من النار (¬4). وقال - رضي الله عنه -: "لا تغبطن فاجرا بنعمة فإن من ورائه طالبا حثيثا طلبه، جهنم كلما خبث زدناهم سعيرا" (¬5). وكان - رضي الله عنه - يتعوذ في سجوده أن يزني أو يسرق، أو يكفر أو يعمل كبيرة؛ فقيل له: أتخاف ذلك؟ ، فقال: "ما يؤمنني وإبليس حي، ومصرف القلوب يصرفها كيف يشاء؟ " (¬6). ¬
أمانته
وقالت له ابنته: "يا أبتِ، إن البنات يعيرنني؛ يقلن: لم لا يحليك أبوك بالذهب؟ " فقال: "يا بنية، قولي لهن: إن أبي يخشى علي حر اللهب" (¬1). وقال عن شهوات الناس ومآكلهم: " إن هذه الكناسة مهلكة دنياكم وآخرتكم" (¬2). وقال - رضي الله عنه -: " إذا زوقتم مساجدكم، وحليتم مصاحفكم، فالدمار عليكم " (¬3). قلت: كأنه نظر إلى زماننا وما فيه من المخالفات الشرعية في طول العالم الإسلامي وعرضه، وما ذاك إلا من خبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وقال - رضي الله عنه -: "إذا رأيتم ستا فإن كانت نفس أحدكم في يده فليرسلها، فلذلك أتمنى الموت أخاف أن تدركني، إذا أُمِّرت السفهاء، وبيع الحكم، وتُهُوِّن بالدم، وقُطعت الأرحام، وكثرت الجلاوزة (¬4)، ونشأ نشوء يتخذون القرآن مزامير" (¬5). قلت: هذا واقع المسلمين اليوم، نسمع به ونراه، وما راءٍ كمن سمع. بعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع العلاء بن الحضرمي رضي الله عنهما إلى البحرين، ووصاه به، فجعله العلاء - رضي الله عنه - مؤذنا بين يديه، وقال له أبو هريرة - رضي الله عنه -: "لا تسبقني بآمين أيها الأمير" (¬6). أمانته: لم تمنع مكانة أبي هريرة - رضي الله عنه - عمر - رضي الله عنه - من محاسبته وقد استعمله عمر بن الخطاب على البحرين في أيام إمارته، وقاسمه مع جملة العمال، إذ شك عمر - رضي الله عنه - في المال الذي استأثر به أبو هريرة - رضي الله عنه - وهو أميره على البحرين. قال عمر - رضي الله عنه -: "استأثرت بهذه الأموال أي عدو الله وعدو كتابه؟ " فقال ابو هريرة - رضي الله عنه -: "لست بعدو الله، ولا عدو كتابه، ولكن عدو من عاداهما" فقال عمر - رضي الله عنه -: "فمن أين ¬
شجاعته - رضي الله عنه -
هي لك؟ " قال: "خيل نتجت، وغلة ورقيق لي، وأعطية تتابعت عليّ" فنظروا فوجدوه كما قال. فلما كان بعد ذلك دعاه عمر ليستعمله فابي أن يعمل له، فقال له عمر - رضي الله عنه -: "تكره العمل وقد طلبه من كان خيرا منك؟ طلبه يوسف - عليه السلام - " فقال: "إن يوسف نبي ابن نبي ابن نبي ابن نبي، وأنا أبو هريرة بن أميمة (¬1) وأخشى ثلاثا واثنين" قال عمر: "فهلا قلت خمسة؟ " قال: "أخشى أن أقول بغير علم، وأقضي بغير حلم، أو يضرب ظهري، وينزع مالي، ويشتم عرضي." (¬2). وفي رواية لا أظنها صحيحة أن عمر - رضي الله عنه - غرّمه اثني عشر ألفا، لذلك امتنع أبو هريرة، ولا أظن ثبوت هذه الرواية؛ فلو ثبت عند عمر - رضي الله عنه - ما يؤاخذ عليه أبو هريرة - رضي الله عنه - ما عاد عمر - رضي الله عنه - لتوليته مرة أخرى، وهذا برهان قوي على عدم صحة هذه الرواية، لأن عمر اشتد على أبي هريرة لمجرد تهمة فقال له: "أي عدو الله وعدو كتابه؟ " فلو ثبتت التهمة لكان الموقف أشد. شجاعته - رضي الله عنه -: قال - رضي الله عنه -: "إني لمحصور مع عثمان - رضي الله عنه - في الدار. قال: فرُمي رجل منا، فقلت: يا أمير المؤمنين، الآن طاب الضراب، قتلوا منا رجلا، قال: عزمت عليك يا أبا هريرة إلا رميت سيفك، فإنما تراد نفسي، وسأقي المؤمنين بنفسي". قال أبو هريرة: "فرميت سيفي، لا أدري أين هو حتى الساعة" (¬3). قال يوم اليرموك: تزينوا للحور العين وجوار ربكم في جنات النعيم فما رُئي موطن أكثر قحفا (¬4) ساقطا وكفا طائحة من ذلك اليوم (¬5). ¬
أبناؤه
قلت: كان ذلك يوم أجنادين، وكان نداء أبي هريرة في قومه الأزد ومنهم دوس، ويوم أجنادين كان يوما مشهودا، لم تثبت فيه القبائل ثبات الأزد، وثبتت الأزد وقاتلت قتالا لم يقاتل مثله أحد من تلك القبائل، وقتل منهم مقتلة لم يقتل مثلها من قبيلة من القبائل، وقتل يومئذ عمرو بن الطفيل، ذو النور، وهو يقول: "يا معشر الأزد، لا يؤتين المسلمون من قبلكم"، وقاتل قتالا شديدا، قتل من أشدائهم تسعة، ثم قتل هو، يرحمه الله. وقال جندب بن عمرو بن حممة ورفع رايته: "يا معشر الأزد، إنه لا يبقى منكم ولا ينجو من الإثم والعار إلا من قاتل، ألا وإن المقتول شهيد، والخائب من هرب اليوم"، وقاتل حتى قتل رحمه الله، ونادى أبو هريرة: "يا مبرور يا مبرور، فأطافت به الأزد"، قال عبد الله بن سراقة: "انتهيت إلى أبى هريرة يومئذ، وهو يقول: تزينوا للحور العين وارغبوا فى جوار ربكم، فى جنات النعيم، فما أنتم فى موطن من مواطن الخير أحب فيه منكم فى هذا الموطن، ألا وإن للصابرين فضلهم"، فأطافت به الأزد، ثم اضطربوا هم والروم، فو الذى لا إله إلا هو لرأيتهم وإنها لتدور بهم الأرض وهم فى مجال واحد كما تدور الرحاء، وما برحوا، ـــ يعنى المسلمين ـــ ولا زالوا وركبهم من الروم أمثال الجبال ولا زالوا، فما رأيت موطنا قط أكثر قحفا ساقطا ومعصما نادرا وكفا طائحة من ذلك الموطن، وقد والله أوحلناهم شرا (¬1). أبناؤه: كان أبو هريرة رب أسرة فزوجته بنت غزوان، لم أقف على اسمها، كان أجيرا لها ثم تزوجها، وله ولدان: محرر، ترجمته (186) وبلال، ترجمته (38) وحفيدان: محرر بن بلال بن أبي هريرة، ترجمته (187) ومسلم بن محرر بن أبي هريرة، ذكر مسلم هذا في الرواة عن أبيه، ولأبي هريرة بنت قالت: "يا أبتِ، إن البنات يعيرنني؛ يقلن: لم لا يحليك أبوك بالذهب؟ " فقال: "يا بنية، قولي لهن: إن أبي يخشى علي حر اللهب" (¬2). ¬
وفاته - رضي الله عنه -
وفاته - رضي الله عنه -: كان مجاب الدعوة فقد قال: "اللهم لا تدركني سنة ستين" فتوفي فيها، أو قبلها بسنة، قال الواقدي: إنه توفي سنة تسع وخمسبن، عن ثمان وسبعين سنة (¬1)، وصلى عليه عند صلاة العصر الوليد بن عتبة بن أبي سفيان نائب المدينة، وفي القوم ابن عمر، وأبو سعيد، وخلق من الصحابة - رضي الله عنهم -، وغيرهم، وكانت وفاته في داره بالعقيق (¬2)، وكانت له دار بالبلاط (¬3)، سميت بذلك لأنها داخل المدينة فرشت بالحجارة، أو: الآجور، ويقال: الأرض المستوية، ويقال: القاع، وقد انتُهبت دار أبي هريرة مع دار عثمان بعد قتله، وهي قريبة من مسجد بني زريق (¬4)؛ وهو أول مسجد قرئ فيه القرآن بالمدينة، قبل هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬5)، ومكانه قريب من مسجد الغمامة اليوم. حُمل أبو هريرة من داره بالعقيق إلى المدينة، وصُلّي عليه ثم دفن بالبقيع (¬6). وقيل: توفي أبو هريرة سنة سبع، وقيل: سنة ثمان وخمسين، والقولان مشهوران، وقيل: سنة تسع وخمسين، وله ثمان وسبعون سنة، رضي الله عنه وأرضاه. ولم يسلم ابو هريرة من عداوة الناس، ولو كان له ذلك لسلم من العباد رب العباد - عز وجل -، فإن له تعالى من خلقه أعداء لم يصدقوا رسله، وكذلك الأنبياء، وكل بني آدم لم يسلم أحد من عداوة الآخرين، فهذا أبو هريرة الصحابي الإمام، العالم التقي النقي، الطاهر العلم، مَنْ قدح في صحبته، وعلمه وفضله ما ضر إلا نفسه، ونعمل بقول الله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} (¬7). ¬
(118) عبد الرحمن بن عبدالله الدوسي
(118) عبد الرحمن بن عبدالله الدوسي عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن النعمان بن عبد الله بن وهب بن سعد بن عوف بن عامر بن عبد غَنْم بن غنام بن أسامة بن مالك بن عامر بن حرب بن سعد بن ثعلبة بن سليم بن فهم بن غنم بن دوس بن عدثان بن عبد الله بن زهران بن كعب الدوسي الأزدي، ولاه المهدي السراه، وأمَّره قومه (¬1). (119) عبد الرحمن بن عبدالله الدوسي عبد الرحمن بن عبد الله بن سعد بن أبي ذباب الدوسي، لم أقف على ما يفيد عنه سوى أنه والد الحارث بن عبد الرحمن، ترجمة الحارث (56). (120) عبد الرحمن بن عفراء الدوسي ذكره الألباني رحمه الله عند الحديث "من صلى لله أربعين يوما في جماعة يدرك التكبيرة الأولى، كتب له براءتان؛ براءة من النار وبراءة من النفاق" قال: هذا إسناد رجاله ثقات، لكن أعله الترمذي بالوقف، وهذا ليس بعلة قادحة لأنه لا يقال بمجرد الرأي، فهو في حكم المرفوع، لاسيما وقد رفعه عبد الرحمن بن عفراء الدوسي، والدوسي هذا صدوق (¬2). قلت: ويحسن أن ننبه على القول بتحسب الحديث، فلا يدل على أن الأربعين صلاة كافية في الحصول على البراءتين، بل المراد أنها تكفي في الترويض، وعشق النفس المؤمنة للصلاة، والثبات عليها مدة العمر، وبنهاية العمر على ذلك الحال، هنا تكتب البراءتان، ومن المحافظة على الصلاة وغيرها من الفرائض والفضائل تحصل الثمرة بالبراءتين، وعلى ما وعد الله عباده المؤمنين، فليتنبه لهذا فإنه المحور الصحيح لفهم الحديث على الوجه الصحيح. (121) عبد الرحمن بن مصعب القطان الدوسي عبد الرحمن بن مصعب أبو يزيد القطان، المَعْنِي: نسبة إلى معن بن مالك بن فهم بن غَنْم بن دوس، ويقال: معن بن عمرو بن مالك بن فهم بن تميم بن دوس بن ¬
من شيوخه
عُدثان بن عبد الله بن زهران بن كعب (¬1)، كوفي سكن الري (¬2)، عمه علي بن عبد الحميد بن مصعب الدوسي، ترجمته (159). من شيوخه: سفيان الثوري، وإسرائيل، وفطر، وشريك، والحسن بن صالح، والجراح بن الضحاك (¬3) , رحمة الله علينا وعليهم. (122) عبد الرحمن بن معن الدوسي أبو زهير، لم أقف على ما يفيد عنه سوى أنه ورد عند الخطيب في حديث ساق سنده إلى: يوسف بن موسى، حدثنا عبد الرحمن بن معن الدوسي، حدثنا الأعمش، عن أبي الزير، عن جابر، عن عبد الله قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لَيَوَدن أهل العافية يوم القيامة أن جلودهم قرضت بالمقاريض، مما يرون من ثواب أهل البلاء» (¬4). (123) عبد الرحمن بن مغراء الدوسي عبد الرحمن بن مغراء بن عياض بن الحارث بن عبد الله بن وهب أبو زهير الكوفي، الرازي، وتكملة النسب: وهب بن سعد بن عوف بن عامر بن عبد غَنْم بن غنام بن أسامة بن مالك بن عامر بن حرب بن سعد بن ثعلبة بن سليم بن فهم بن غنم بن دوس بن عدثان بن عبد الله بن زهران بن كعب الدوسي (¬5). سكن الري بماشهران: قرية من قراها، وولي قضاء الأردن، وحدث بالشام والعراق. وكان جده الحارث بن عبدالله، ترجمته (57) قدم مع أبيه على النبي - صلى الله عليه وسلم - في السبعين الذين قدموا من دوس. ¬
من شيوخه
من شيوخه: الأجلح بن عبد الله الكندي، والأزهر بن عبد الله الأودي، وإسماعيل بن أبي خالد، وأبو بردة بريد بن عبد الله بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري، وجابر بن يحيى الحضرمي، وجويبر بن سعيد، وحجاج بن أبي عثمان الصواف، وأخوه خالد بن مغراء الدوسي، ورشدين بن كريب مولى ابن عباس، وسعيد بن زاذان، وسفيان بن دينار التمار، وسليمان الأعمش، وصالح بن صالح بن حي، وصدقة بن المثنى النخعي، وطلحة بن عمرو الحضرمي المكي، وعبدالملك بن سعيد بن أبجر، وعبيد الله بن عمر العمري، وعقبة بن أبي العيزار، والفضل بن مبشر، وفضيل بن غزوان، وفطر بن خليفة، وأبو مخنف لوط بن يحيى الأخباري، ومجالد بن سعيد، ومحمد بن إسحاق بن يسار، ومحمد بن سوقة، ومحمد بن عمرو بن علقمة، ومحمد بن مهاجر الكوفي، والمفضل بن فضالة القرشي البصري، والمفضل بن يونس، وموسى الجهني، ووقاء بن إياس، ويحيى بن سعيد الأنصاري، ويحيى بن عبيدالله التيمي، ويزيد بن كيسان، وأبي رجاء الجزري، وأبي روق الهمداني، وأبي سعد البقال (¬1)، رحمة الله علينا وعليهم. من تلاميذه: إبراهيم بن عمر العلاف، وإبراهيم بن مخلد الطالقاني، وإبراهيم بن موسى الفراء، وأحمد بن إبراهيم النرمقي الرازي، وأحمد بن سعيد بن جرير الأصبهاني، وأحمد بن عبد الله بن أبي حماد القطان، وأحمد بن عمر العلاف الرازي، وأحمد بن يونس الحمصي، وإسحاق بن الفيض الأصبهاني، وإسماعيل بن سعيد الطبري الشالنجي، والحسن بن علي المناطقي، والحسن بن محمد بن جميل المروزي، والحسين بن منصور بن جعفر النيسابوري، والحسين بن ميسرة بن عيسى الرازي، وسليمان بن عبد الرحمن ابن بنت شرحبيل، وسهل بن زنجلة الرازي، وعباس بن إسماعيل الرقي، وعبد الله بن عمران الأصبهاني، وعبد الرحمن بن سلمة الرازي كاتب سلمة بن الفضل، وعبد الرحيم بن يحيى الديبلي الكوفي، وعبد السلام بن عاصم الهسنجاني الرازي، ¬
(124) عبد الرحمن بن الهضاض الدوسي
وعلي بن بحر بن بري القطان، وعلى بن ميسرة بن خالد الهمذاني ثم الرازي، وعمرو بن رافع القزويني، وعيسى بن أبي فاطمة الرازي، والفضل بن غانم البغدادي قاضي الري، والفيض بن وثيق البصري، ومحمد بن إسحاق البلخي، ومحمد بن حميد الرازي، ومحمد بن عائذ الدمشقي، ومحمد بن عبد الله بن أبي حماد القطان، ومحمد بن عمرو زنيج الرازي، ومحمد بن المبارك الصوري، ومحمد بن مقاتل الرازي، وأبو جعفر مخلد بن مالك بن جابر الرازي، ومقاتل بن محمد الرازي، وموسى بن نصر بن دينار الرازي وهو آخر من روى عنه، وهشام بن عبيدالله السني الرازي: وأبو زكريا يحيى بن محمد، ويحيى بن يوسف الزمي، ويوسف بن موسى القطان الرازي (¬1)، رحمة الله علينا وعليهم. توفي قبل المائتين. (124) عبد الرحمن بن الهضاض الدوسي (¬2) أبو عبدالله، ابن عم أبي هريرة، وقيل: ابن أخيه، روى عن أبي هريرى قال - رضي الله عنه -: "جاء ماعز بن مالك إلى هزال فقال: إن الآخر زنى قال: فأت النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره قبل أن ينزل فيك قرآن. قال: فأتاه فأخبره حتى شهد أربعا، فأمر برجمه فرجم"، فأتى عليه رجلان فقالا: "يا خيب هذا، ستر الله عليه فلم يستر على نفسه، فأهيج كما أهيج الكلب"، فأتيا النبي - صلى الله عليه وسلم - وإذا جيفة فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «انهسا من هذه الجيفة» فقالوا: "يا رسول الله، هذه الجيفة لا نستطيعها". فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ما أصبتما من أخيكما أنتن، فوالذي نفسي بيده، لقد رأيته يتغمص في نهر الجنة» وقال: «ألا رحمته يا هزال؟ » (¬3). وروى عنه التأمين وغيره. روى عنه بشر بن رافع، وأبو الزبير (¬4). ¬
(125) عبد الصمد بن عبد الرحمن الدوسي
ذكره ابن حبان في الثقات، وروى له البخاري في الأدب المفرد، وأبو داود، والنسائي، تقدمت ترجمت باسم عبد الرحمن بن الصامت (116). (125) عبد الصمد بن عبد الرحمن الدوسي هو عبد الصمد بن عبد الرحمن بن أبي ذباب، لم أقف على ما يفيد عنه سوى أنه روى عن أبيه: "أن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - صلى بمنى أربع ركعات، فأنكر الناس عليه" فقال: "يا أيها الناس، إني تأهلت بمكة منذ قدمت"، وإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من تأهل في بلد فليصل صلاة المقيم» (¬1). قلت: هذا هو الحق، قاتل الله الظالمين لعثمان - رضي الله عنه - قديما وحديثا، فقد خسروا وربح ذو النورين. (126) عبد الغافر بن مسعود لم أقف على ما يفيد عنه سوى أمر مسعود بن عمرو عبيدَ الله بن زياد الهارب أيام الفتنة، أمره مسعود بالاختباء في بيت عبد الغافر، فلعله ابنه، انظر: ترجمة مسعود (219) وترجمة خفاف بن عمرو (80). (127) عبد الكبير بن معافى بن عمران الدوسي عبد الكبير بن معافى بن عمران الدوسي، الأزدي، الموصلي (¬2)، نزيل المصيصة (¬3)، والده إمام كبير، ترجمته (224). من شيوخه: أبوه، وجعفر بن سليمان، وعبثر، ومرحوم بن عبدالعزيز، وحماد بن زيد، رحمة الله علينا وعليهم. ¬
من تلاميذه
من تلاميذه: عثمان بن سعيد التنوخي، وغيره، وسمع منه أبو حاتم بالمصيصة، وروى عنه، وأثنى عليه، قال: "كان ثقة رضا، وكان يعد من الأبدال". قلت: الحديث المروي عن علي - رضي الله عنه - في الأبدال منقطعٌ سنده، فإن شريح بن عبيد الحمصي لم يدرك عليًّا - رضي الله عنه -. قال الإمام ابن تيمية رحمه الله تعالى: روي في الأبدال حديث أنهم أربعون رجلًا، وأنهم بالشام، وهو في المسند (¬1) من حديث علي - رضي الله عنه -، وهو حديث منقطع ليس بثابت، ومعلوم أن عليًّا ومن معه من الصحابة، كانوا أفضل من معاوية - رضي الله عنه - ومن معه بالشام، فلا يكون أفضل الناس في عسكر معاوية دون عسكر علي - رضي الله عنه -. وقال رحمه الله تعالى: "أما الأسماء الدائرة على ألسنة الكثيرين من النساك والعامة مثل: الغوث؛ الذي بمكة، والأوتاد الأربعة، والأقطاع السبعة، والأبدال الأربعين، والنجباء الثلاثمائة؛ فهذه أسماء ليست موجودة في كتاب الله تعالى، ولا هي أيضًا مأثورة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بإسناد صحيح، ولا ضعيف، يحمل عليه ألفاظ الأبدال. أما الغوث والغياث، فلا يستحقه إلا الله؛ فهو غياث المستغيثين، فلا يجوز لأحد الاستغاثة بغيره، لا بملك مقرب، ولا نبي مرسل لا بعد موته، ولا في حياته مما لا يقدر عليه إلا الله تعالى، ومن زعم أن أهل الأرض يرفعون حوائجهم التي يطلبون بها كشف الضر عنهم إلى الغوث فهو كاذب ضالٌّ مشرك، قد كان المشركون كما أخبر الله تعالى عنهم بقوله: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ} (¬2)، وقال سبحانه: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ} (¬3). ¬
فكيف يكون المؤمنون يرفعون إليه حوائجهم بعده بوسائط من الحجاب، وهو القائل: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} (¬1). وليس من أولياء الله المتقين، ولا عباد الله المخلصين الصالحين، ولا أنبيائه المرسلين: من كان غائب الجسد دائمًا عن أبصار الناس، بل هذا من جنس قول القائلين إن عليًّا في السحاب، وإن محمد بن الحنفية في جبال رضوى، وأن محمد بن الحسن بسرداب سامرى، وأن الحاكم بجبل مصر، وأن الأبدال الأربعين بجبل لبنان، فكل هذا ونحوه من قول أهل الإفك والبهتان (¬2). وجميل قول ابن تيمبة رحمه الله: وأما أهل العلم فكانوا يقولون عن أهل الحديث: هم الأبدال؛ أبدال الأنبياء، وقائمون مقامهم حقيقة، ليسوا من المعدمين؛ الذين لا يعرف لهم حقيقة، كل منهم يقوم مقام الأنبياء في القدر الذي ناب عنهم فيه: هذا في العلم والمقال، وهذا في العبادة والحال، وهذا في الأمرين جميعًا، وكانوا يقولون: هم الطائفة المنصورة إلى قيام الساعة، الظاهرون على الحق؛ لأن الهدى ودين الحق الذي بعث الله به رسله معهم، وهو الذي وعد الله بظهوره على الدين كله، وكفى بالله شهيدًا. إن الذين يعيبون أهل الحديث، ويعدلون عن مذهبهم جهلة زنادقة منافقون بلا ريب، ولهذا لما بلغ الإمام أحمد عن أبي قتيلة أنه ذُكِر عنده أهل الحديث بمكة، فقال: قوم سوء، قام الإمام أحمد، وهو ينفض ثوبه، ويقول: زنديق، زنديق، زنديق، ودخل بيته (¬3). أما عبدالكبير الدوسي، الذي قيل: كان من الأبدال فقد روى عن أبيه، بسده عن جابر بن عبد الله قال: "لما نزل {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} هرب الغيم إلى المشرق، وسكنت ¬
(128) عبد الله بن أبي حنيفة الدوسي
الرياح، وهاج البحر، وأصغت البهائم بآذانها، ورجمت الشياطين من السماء، وحلف الله تعالى بعزته وجلاله ألا يسمى اسمه على شيء إلا بارك فيه" (¬1). كان عبدالكبير أحد الفضلاء والزهاد، خرج على الثغر، وغيره (¬2). توفي سنة (221) إحدى وعشرين ومأتين (¬3). رحمه الله. (128) عبد الله بن أبي حنيفة الدوسي لم أقف على ما يفيد عنه سوى رواية اللالكائي بسنده أنه يقول: سمعت محمد بن الحسن يقول: "اتفق الفقهاء كلهم من المشرق إلى المغرب على الإيمان بالقرآن، والأحاديث التي جاء بها الثقات عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صفة الرب - عز وجل -، من غير تغيير، ولا وصف ولا تشبيه, فمن فسر اليوم شيئا من ذلك, فقد خرج مما كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفارق الجماعة, فإنهم لم يصفوا ولم يفسروا, ولكن أفتوا بما في الكتاب والسنة ثم سكتوا, فمن قال بقول جهم فقد فارق الجماعة؛ لأنه قد وصفه بصفة لا شيء " (¬4). (129) عبد الله بن أبي ذباب الدوسي هو ابن سعد والد عياض، ترجمته (177) وإياس ترجمته (34) لم أقف على ما يفيد عنه، وتكررت ترجمته (135). (130) عبد الله بن أبي زهير بن كيسان الدوسي ثم المحاربي؛ من بني محارب بن دُهمان بن منهب بن دوس، الغساني (¬5)، ذكره ابن ¬
(131) عبد الله بن أزيهر الدوسي - رضي الله عنه -
الكلبي وقال: كان في أول الإسلام (¬1). (131) عبد الله بن أزيهر الدوسي - رضي الله عنه - لما أسلم الطفيل بن عمرو الدوسي دعا قومه فأسلموا، وقدم المدينة معه منهم سبعون أو: ثمانون أهل بيت، وفيهم عبد الله بن أزيهر الدوسي (¬2)، قدموا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخيبر، فساروا إليه فلقوه هناك، ثم قدموا معه المدينة (¬3). وقال عبد الله بن أزيهر: "يا رسول الله، إن لي في قومي سطة ومكانا، فاجعلني عليهم". فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يا أخا دوس، إن الإسلام بدا غريبا وسيعود غريبا، فمن صدق الله نجا، ومن آل إلى غير ذلك هلك، إن أعظم قومك ثوابا أعظمهم صدقا، ويوشك الحق أن يغلب الباطل» (¬4). وقسم لهم من غنيمة خيبر، فقال الطفيل بن عمرو: يارسول الله، "لا تفرق بيني وبين قومي، فأنزلهم حرة الدجَّاج" (¬5). (132) عبد الله بن إياس بن أبي فاطمة الدوسي روى عن أبيه، ترجمته (32) عن جده، ترجمته (14) قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «من يحب منكم أن يصح فلا يسقم؟ » فابتدرناه فقلنا: نحن، فعرفنا ما في وجهه فقال: «أتريدون أن تكونوا كالحمير الصيالة؟ ، إن الله - عز وجل - ليبتلي المؤمن ¬
(133) عبد الله بن جنادة الفهمي
بالبلاء، وما يبتليه إلا لكرامته عليه، إن الله - عز وجل - يريد أن يبلغه منزلة لم يبلغها بشيء من عمله إلا بما يبتليه، فيبلغه بتلك المنزلة» (¬1). (133) عبد الله بن جنادة الفهمي والده جنادة، ترجمته (50) روى عن أبي هريرة، قال: "إذا وردت ـــ الكلاب ـــ الماء الجاري فسم الله واشرب، وإذا وردت الركية فانضح منها ثلاثا واشرب، وإذا وردت الحكر الصغير فلا تطعمه" (¬2)، رواه عنه ابنه سُليم، ترجمته (96). (134) عبد الله بن حصن الدوسي لم أقف على ما يفيد عنه سوى قول ابن حجر رحمه الله: وفي التابعين أبو مدينة عبد الله بن حصن الدوسي، يروي عن أبي موسى الأشعري، حديثه في مسند الشافعي، ذكره البخاري، وابن أبي حاتم، وبن حبان، فإن كان الطبري ضبط أن اسم الصحابي عبدالله بن حصين ولم يلتبس عليه بهذا، فقد اتفقا في الاسم، واسم الأب، والكتية، وافترقا في النسبة، وإلا فالاسم والكنية للتابعي، وأما الصحابي الدارمي فلم يسمّ (¬3). (135) عبد الله بن حوالة الدوسي - رضي الله عنه - كنية أبو حوالة، ويقال: أبو محمد. له صحبة (¬4)، ولم أقف على مزيد في نسبه، والصحيح أنه دوسي، فقد ورد في رواية ابنه أبي عقبة محمد بن عبد الله بن حوالة الأزدي، عن آبائه ممن أدرك منهم، عن عمرو بن الطفيل الدوسي؛ ذي النور ـــ الطفيل ـــ من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعا له؛ فنور له سوطه، فكان يستضئ به، وكان ينزل بيتا من أرض فلسطين، واستشهد يوم اليرموك (¬5). نزل الأردن من أرض الشام، وقيل: إنه سكن دمشق. ¬
مات سنة ثمان وخمسين، وهو ابن اثنتين وسبعين سنة (¬1). روى عن: النبي - صلى الله عليه وسلم -. روى عنه: بسر بن عبيد الله الحضرمي، وجبير بن نفير الحضرمي، والحارث بن الحارث الحمصي، وربيعة بن لقيط التجيبي المصري، وربيعة بن يزيد الدمشقي، وسلمان بن سمير، وأبو عبد الله صالح بن رستم، وعبد الله بن شقيق العقيلي، وعبد الله بن زغب الإيادي، وعبد الله بن عبد الثمالي، وكثير بن مرة الحضرمي، وأبو قتيلة مرثد بن وداعة، ومكحول الشامي، ويحيى بن جابر الطائي، وأبو إدريس الخولاني (¬2). بعثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لنغنم على أقدامنا، فرجعنا فلم نغنم شيئا، وعرف الجهد في وجوهنا، فقام فينا فقال: «اللهم لا تكلهم إلي فأضعف عنهم ولا تكلهم إلى أنفسهم فيعجزوا عنها ولا تكلهم إلى الناس فيستأثروا عليهم ثم قال لتفتحن الشام والروم وفارس أو الروم وفارس حتى يكون لأحدكم من الإبل كذا وكذا ومن البقر كذا وكذا وحتى يعطى أحدكم مائة دينار فيسخطها ثم وضع يده على رأسي وعلى هامتي ثم قال يا ابن حوالة إذا رأيت الخلافة نزلت الأرض المقدسة فقد دنت الزلازل والبلاء والأمور العظام والساعة يومئذ أقرب إلى الناس من هذه من رأسك» (¬3). وقال: "أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في ظل دومة، وكاتب يملي عليه، فقال: «يا ابن حوالة ألا أكتبك؟ » قلت: ما خار الله لي ورسوله، فجعل يملي ويملي قال: ونظرت فإذا اسم أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فعرفت أنهما لا يكتبان إلا في خير" قال لي: «يا ابن حوالة ألا أكتبك؟ » قلت: بلى يا رسول الله، ثم قال: «يا ابن حوالة كيف أنت إذا نشأت فتنة القاعد فيها خير من القائم والقائم فيها خير من الماشي والماشي فيها خير من الساعي؟ » قلت: ما خار الله لي ورسوله ثم قال: «يا ابن ¬
(136) عبد الله بن سعد بن أبي ذباب الدوسي
حوالة كيف أنت إذا نشأت أخرى التي قبلها كنفحة أرنب كأنها صياصي بقر؟ » قلت: ما خار الله لي ورسوله قال: ومر رجل مقنع فقال: «هذا وأصحابه يومئذ على الحق» فأتيته فأخذت بمنكبه وأقبلت بوجهه على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: هذا يا رسول الله؟ ، قال: هذا» فإذا هو عثمان بن عفان (¬1). وقد ورد أنه يكنى أبا محمد، وذكرابن عساكر محمد بن عبد الله بن حوالة، وأرود روايات فيها ما يوحي بأن محمد بن عبدالله بن حوالة صحابي، وأخشى من الوهم في هذا، انظر ترجمته (195). (136) عبد الله بن سعد بن أبي ذباب الدوسي لم أقف على ما يفيد عنه سوى أنه والد عبد الرحمن، ترجمته (119) وجد الحارث، ترجمته (56) والده سعد بن صفيح، ترجمته (92) خال أبي هريرة. (137) عبد الله بن سليمان بن جنادة بن أبي أمية الدوسي روى عن أبيه، عن جده، عن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا تبع جنازة لم يجلس حتى توضع في اللحد، فعرض له حبر من اليهود فقال: هكذا نفعل، قال: فجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " وقال: «خالفوهم» (¬2)، ترجمة والده (97). (138) عبد الله بن عبد الرحمن الدوسي عبد الله بن عبد الرحمن بن سعد بن سعد بن أبي ذباب الدوسي، من أهل المدينة، روى عن أبي هريرة حديثا، أخرجه النسائي بسنده إلى الحسن (¬3) قال: "سمعت مجاهدا قال: كنت نازلا عند عبد الله بن عبد الرحمن بن سعد بن أبي ذباب بالمدينة، فأبطأ ليلة، فأتانا وهو يقول: شغلني عنكم أبو هريرة، ثكلت منبوذا (¬4) أمه إن كان ما قال أبو ¬
هريرة، فقلت: وما حدثكم أبو هريرة؟ "، فقال: "حدثنا الليلة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديثين: أما أحدهما فزعم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال": «لا يدخل الجنة ولد زنية» (¬1). وليس المراد المولود من نكاح زنى، بل المراد الزاني نفسه؛ قال الطحاوي رحمه الله: قيل لمن قد تحقق بالزنى حتى صار بتحققه به منسوبا إليه، وصار الزنى غالبا عليه: أنه لا يدخل الجنة بهذه المكان التي فيه ولم يرد به من كان ليس من ذوي الزنى الذي هو مولود من الزنى (¬2). قلت: والحديث الثاني أخرجه النقاش (¬3) بسنده إلى الحسن بن عمرو، عن مجاهد قال: نزلت على عبد الله بن عبد الرحمن بن سعد، فاحتبس ذات ليلة، ثم جاء، فقال: عشيتم ضيفكم؟ قالوا: انتظرناك، قال: شغلني أبو هريرة، قلت: وما حدثك أبو هريرة؟ قال: حدث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «كان رجل في بني إسرائيل، يقال له: جريج، وكان في صومعته، وكانت راعية تأوي إليه، وكانت أمه تأتيه في الأيام، فإذا سمع صوتها قطع صلاته، وكلمها، فجاءته مرة فدعته، فقال: اللهم صلاتي ووالدتي، فلم يجبها، فقالت: اللهم إن كان يسمع صوتي، ثم لا يجيبني فلا تمته حتى ينظر في أعين المومسات، يعني ـــ الزواني ـــ وكان في قوم ينكرون الزنا، فحملت الراعية، فقيل لها: ممن ولدت؟ قالت: من جريج الراهب، فأتاه قومه، فدعوه، فقال: اللهم صلاتي وقومي، فجعل لا يجيبهم، فلم يدعوه حتى استنزلوه، فقالوا: إن هذه تزعم أنها ولدت منك؟ قال: فضحك، ثم توضأ وصلى ركعتين، ثم مشى قِبل الصبي، فوضع عليه يده، فقال: من أبوك؟ قال: فلان الراعي، كان يأوي الليل إلى الدير معها، فقال له قومه: إن شئت بنيناها لك من ذهب وفضة، قال: لا حاجة لي بذلك، قيل: فمم ضحكت؟ قال: ضحكت أن والدتي دعت الله أن لا يميتني حتى أنظر في وجوه المومسات» ¬
(139) عبد الله بن عبيد الدوسي
قال - صلى الله عليه وسلم -: «والذي نفسي بيده، لو دعت أن يخزيه لأخزاه، ولكن دعت أن ينظر، فنظر». وعبد الله بن عبد الرحمن الدوسي روى عنه مجاهد، وعكرمة بن خالد (¬1). (139) عبد الله بن عبيد الدوسي لم أقف على ما يفيد عنه سوى أنه والد محمد بن عبدالله، ترجمته (196). (140) عبد الله بن علي الدوسي لم أقف على ما يفيد عنه. (141) عبد الله بن عمرو الدوسي هذا الاسم يطلقه بعض العلماء لأبي هريرة؛ وتقدم أن الصحيح في اسمه عبد الرحمن، وعبدالله هذا ذكره ابن حجر رحمه الله وقال: "قتل يوم أحد" وكذا أخرجه ابن زبروكذا ذكره أبو الأسود، عن عروة قال: "قتل يوم أجنادين، الطفيل بن عمرو، وعبدالله بن عمرو؛ وهما من دوس" قال ابن كثير: "وليس هذا الرجل معروفا" (¬2)، رحم الله الجميع. قلت: والأكثرون على أنه استشهد يوم أجنادين؛ وكانت في السنة (13) الثالثة عشرة من الهجرة، وعلى أي حال فقد أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم -، عدد من الصحابة، وشاركوا في أجنادين، فلعل هذا منهم، وهو ما أرجحه، والله أعلم. (142) عبد الله بن المغيرة بن أبي ذباب الدوسي عم الحارث بن عبد الرحمن، ترجمته (56) روى عن أبي هريرة قال: "إن الصيام ليس من الأكل والشرب فقط، إنما الصيام من اللغو والرفث، فإن سابك أحد، أو جهل عليك، فقل إني صائم". قلت: لعله عبيد الله بن المغيرة، (151) تصحف إلى عبدالله. (143) عبد الله بن النعمان الدوسي سيد الأزد بالسراة، عبد الله بن النعمان بن عبد الله بن وهب بن سعد بن عوف بن عامر بن عبد غَنْم بن غنام بن أسامة بن مالك بن عامر بن حرب بن سعد بن ثعلبة بن سليم بن فهم بن غنم بن دوس بن عدثان بن عبد الله بن زهران بن كعب الدوسي ¬
(144) عبد الله بن هلال الدوسي
الأزدي، وهو سيدهم بالسروات، وهو الذي قتل الحازوق الحنفي الخارجي، قائد نجدة في السراة، أيام نجدة؛ وكان دخل أرض الأزد "من أبناء زهران" فوغل فيها. بعثه نجدة الخارجي، فقيل له: إن لهم شعابا منكرة، فلا تفعل، فلما أوغل أُخذ عليه في شعب من شعابها، فرضخ هو ومن معه بالحجارة حتى ماتوا (¬1)؛ فقالت أخته الخارجية تبكيه: أعيني جودا بالدموع على الصدر ... على الفارس المقتول بالجبل الوعر فإن تقتلوا الحازوق وابن مطرف ... فإنا قتلنا حوشبا وأبا جسر أقلب عيني في الركاب فلا أرى ... حزاقا فعيني كالحجاة (¬2) من القطر ومن يغنم العام الوشيك ولا حقا ... وقتل حزاق لا يزل عالي الذكر (¬3). من ولده عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن النعمان؛ ولاه المهدي السراة، ترجمته (118). (144) عبد الله بن هلال الدوسي لم أقف على ما يفيد عنه سوى أنه روى عن إبراهيم بن أيوب الحوراني الزاهد (¬4)، وهذا يشير إلى أنه سكن دمشق؛ لأن حوران من أعمال دمشق، ولذلك ذكره ابن عساكر في التاريخ. (145) عبد الله بن وهب الدوسي أبو الحارث، ترجمته (57) قدم المدينة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سبعين من دوس، ثم رجع إلى السراة، كان له فيها ثمار كثيرة، وسكن ابنه الحارث المدينة إلى أن قبض النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو جد مغراء؛ والد عبد الرحمن بن مغراء، ذِكْرُه في حديث الحارث بن عبدالله بن وهب، مات بالسراة، وله ولابنه الحارث صحبة (¬5)، رضي الله عنهما. ¬
(146) عبد الملك بن مروان الدوسي
(146) عبد الملك بن مروان الدوسي عبد المالك بن مروان بن الحارث بن أبي ذباب الدوسي، المدني، روى عن أبي عبد الله سالم سبلان (¬1)، كانت عائشة رضي الله عنها تعجب بأمانته وتستأجره، قال: "فأرتني كيف كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ فتمضمضت واستنثرت ثلاثا، وغسلت وجهها ثلاثا، ثم غسلت يدها اليمنى ثلاثا، واليسرى ثلاثا، ووضعت يدها في مقدم رأسها ثم مسحت رأسها مسحة واحدة إلى مؤخره، ثم أمرت يدها بأذنيها، ثم مرت على الخدين" قال سالم: "كنت آتيها مكاتبا ما تختفي مني، فتجلس بين يدي، وتتحدث معي، حتى جئتها ذات يوم فقلت: ادعي لي بالبركة يا أم المؤمنين، قالت: وما ذاك؟ ، قلت: أعتقني الله، قالت: بارك الله لك، وأرخت الحجاب دوني، فلم أرها بعد ذلك اليوم" (¬2). قلت: هذا الحديث أقل أحواله أنه حسن، رواه النسائي، وليس للدوسي حديث سواه، وليس فيه ما ينكر، وقال بعض المعاصرين: "هذا إسناده ضعيف؛ عبدالمالك بن مروان بن الحارث بن أبي ذباب مجهول، ولم يرو عنه غير جعيد بن عبد الرحمن، وذكره ابن حبان في الثقات، على قاعدته في توثيق المجاهيل". قلت: ليس الأمر كذلك فقد صحح سنده الإمام الألباني رحمه الله (¬3)، وابن حبان رحمه الله؛ الصحيح في منهجه عند العلماء أنه إذا وثق أحدا لم يغمزه أحد من النقاد، أو: سكتوا عنه، ولم تخالف روايته في بابها، فأقل أحواله الستر والسلامة من القدح، فلا يقل حديثه عن الحسن، وهذا ما أراه حقا إن شاء الله. (147) عبد الواحد بن أبي عون الدوسي (¬4) لم تسعفنا المصادر بأكثر من اسمه، وكنية أبيه، وكونه دوسيا، مدنيا، هكذا: عبد الواحد بن أبي عون الدوسي؛ من أنفسهم (¬5) المدني، وثقه ابن معين، مات سنة ¬
من شيوخه
(144) أربع وأربعين ومائة من الهجرة، وهو من ثقات أصحاب الزهري، ممن يجمع حديثه (¬1). من شيوخه: إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص، وذكوان أبي عمرو، مولى عائشة، وسعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، وسعيد المقبري، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، ومحمد بن مسلم بن شهاب الزهري، ومحمد بن المنكدر، وموسى بن عمران بن منّاح، وقيل: ابن ميّاح، ويعقوب بن عتبة الثقفي (¬2). من تلاميذه: عبد الله بن جعفر المخرمي، وعبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي، ومحمد بن إسحاق بن يسار (¬3). وكان منقطعا إلى عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب، فاتهمه أبو جعفر في أمر محمد بن عبدلله أنه يعلم علمه، فهرب منه إلى طرف القدوم (¬4)، فتوارى عند محمد بن يعقوب بن عتبة, فمات عنده فجاءة سنة أربع وأربعين ومائة وله أحاديث (¬5)، وكان له حلف في قريش (¬6). روى أن الطفيل بن عمرو قدم مكة ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بها فمشى إليه رجال من قريش، وكان الطفيل رجلا شريفا شاعرا لبيبا فقالوا له: "يا طفيل إنك قدمت بلادنا وهذا الرجل الذي بين أظهرنا قد أعضل بنا وفرّق جماعتنا وشتّت أمرنا، وإنما قوله ¬
كالسّحر يفرّق بين المرء وأبيه، وبين الرجل وأخيه، وبين الرجل وزوجته، وإنا نخشى عليك وعلى قومك ما دخل علينا فلا تكلّمه ولا تسمع منه". قال: "فواللَّه ما زالوا بي حتى أجمعت أن لا أسمع منه شيئا ولا أكلّمه، وحتى حشوت في أذني حين غدوت إلى المسجد كرسفا، فرقا من أن يبلغني شيء من قوله، فغدوت إلى المسجد فإذا رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - قائم يصلي عند الكعبة، فقمت قريبا منه، فأبى اللَّه تعالى إلا أن يسمعني بعض قوله، فسمعت كلاما حسنا، فقلت في نفسي: إني لرجل لبيب شاعر، ما يخفى عليّ الحسن من القبيح، فما يمنعني من أن أسمع من هذا الرجل ما يقول، فإن كان الذي يأتي به حسنا قبلت، وإن كان قبيحا تركت؟ فمكثت حتى انصرف رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - فتبعته، فقلت: "إنّ قومك قد قالوا لي كذا وكذا، وإني شاعر فاسمع ما أقول". فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «هات» فأنشدته. فقال رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -: «وأنا أقول فاسمع». ثم قرأ: أعوذ باللَّه من الشيطان الرجيم، بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} إلى آخرها و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} إلى آخرها {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} إلى آخرها، وعرض عليّ الإسلام، فلا واللَّه ما سمعت قولا قط أحسن منه، ولا أمرا أعدل منه، فأسلمت وقلت: "يا نبي اللَّه، إني امرء مطاع في قومي، وإني راجع إليهم فداعيهم إلى الإسلام، فادع اللَّه أن يجعل لي آية تكون لي عونا عليهم، فقال: «اللهم اجعل له آية» فخرجت إلى قومي في ليلة مطيرة ظلماء، حتى إذا كنت بثنيّة (¬1) تطلعني على الحاضر (¬2) وقع نور بين عيني مثل المصباح، فقلت: اللهم في غير وجهي، إني أخشى أن يظنوا أنها مثلة وقعت في وجهي، فتحوّل فوقع في رأس سوطي كالقنديل المعلّق، وأنا أهبط عليهم من الثنيّة حتى جئتهم، فلما نزلت أتاني أبي فقلت: إليك عني يا أبت فلست مني ولست منك، فقال: لم يا بني؟ ، فقلت: قد أسلمت وتابعت دين محمد، أي بنيّ فديني دينك، فقلت: اذهب فاغتسل وطهّر ثيابك ففعل ثم جاء، فعرضت عليه الإسلام فأسلم، ثم أتتني ¬
صاحبتي فقلت: إليك عنّي فلست منك ولست منّي قالت: ولم بأبي أنت وأمي؟ ، قلت: فرّق بيني وبينك الإسلام؛ وتابعت دين محمد، قالت: فديني دينك، فقلت: اذهبي فتطهّري ففعلت، فعرضت عليها الإسلام فأسلمت، ولم تسلم أمي، ثم دعوت دوسا فأبطئوا عليّ، ثم جئت رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - فقلت: يا نبي اللَّه إنه قد غلبني على دوس الدير (¬1) فادع اللَّه عليهم. فقال: «اللهم اهد دوسا وائت بهم، ارجع إلى قومك وارفق بهم» فرجعت فلم أزل بأرض قومي أدعوهم حتى هاجر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة، ومضى بدر، وأحد، والخندق، فقدمت على رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - بمن أسلم، ورسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - بخيبر، حتى نزلت المدينة بسبعين أو: ثمانين بيتا من دوس، ثم لحقنا رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - بخيبر فأسهم لنا مع المسلمين". وقال الطّفيل لمّا أسلم: ألا بلّغ لديك بني لؤيّ ... على الشّنآن والغضب المردّي بأنّ اللَّه ربّ النّاس فرد ... تعالى جدّه عن كلّ ندّ وأنّ محمّدا عبد رسول ... دليل هدى وموضح كلّ رشد رأيت له دلائل أنبأتني ... بأنّ سبيله يهدي لقصد وأنّ اللَّه جلّله بهاء ... وأعلى جدّه في كل جدّ وقالت لي قريش عَدّ عنه ... فإنّ مقاله كالغرّ يعدي فلمّا أن أملت إليه سمعي ... سمعت مقاله كمشور شهد وألهمني هدايَ اللَّه عنه ... وبدّل طالعي نحسي بسعدي ففزت (¬2) بما حباه اللَّه قلبي ... وفاز محمّد بصفاء ودّي (¬3) وروى قصة الطفيل وابنه عمرو قال: "رجع الطفيل بن عمرو إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان معه بالمدينة حتى قبض، فلما ارتدت العرب خرج مع المسلمين فجاهد حتى فرغوا من طليحة وأرض نجد كلها، ثم سار مع المسلمين إلى اليمامة، ومعه ابنه عمرو بن الطفيل فقتل الطفيل باليمامة شهيدا (¬4)، وجرح ابنه عمرو بن الطفيل وقطعت يده، ثم ¬
استبل (¬1)، وصحت يده، فبينا هو عند عمر بن الخطاب إذ أتي بطعام فتنحى عنه، فقال عمر: ما لك لعلك تنحيت لمكان يدك؟ ، قال: أجل، قال لا والله لا أذوقه حتى تسوطه بيدك، ففعل ذلك، فوالله ما فى القوم أحد بعضه فى الجنة غيرك، ثم خرج عام اليرموك فى خلافة عمر بن الخطاب مع المسلمين فقتل شهيدا (¬2). وروى عن الطفيل، قال: "قلنا يارسول الله، اجعلنا ميمنتك، واجعل شعارنا يل مبرور، ففعل - صلى الله عليه وسلم - " فشعار الأزد كلها يا مبرور (¬3). وروى قصة زواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأسماء بنت النعمان الجونية، وقيل: أميمة، قال: "قدم النعمان بن أبي جون الكندي، وكان ينزل وبنوا أبيه نجدا مما يلي الشربة (¬4)، فقدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسلما فقال: يا رسول الله، ألا أزوجك أجمل أيم في العرب؛ كانت تحت ابن عم لها فتوفي عنها فتأيمت، وقد رغبت فيك وخطبت إليك، فتزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على اثنتي عشرة أوقية ونش، فقال: يا رسول الله لا تقصر بها في المهر، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما أصدقت أحدا من نسائي فوق هذا ولا أصدق أحدا من بناتي فوق هذا» فقال النعمان بن أبي جون: ففيك الأسى، فقال: فابعث يا رسول الله إلى أهلك من يحملهم إليك، فإني خارج مع رسولك فمرسل أهلك معه، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا أسيد الساعدي، فلما قدما عليها جلست في بيتها وأذنت له أن يدخل، فقال أبو أسيد: إن نساء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يراهن الرجال، قال أبو أسيد: ـــ وذلك بعد أن نزل الحجاب ــــ فأرسلت إليه فيسر لي أمري، قال: حجاب بينك وبين من تكلمين من الرجال إلا ذا محرم منك فقبلت، فقال أبو أسيد: فأقمت ثلاثة أيام ثم تحملت مع الظعينة على جمل في محفة، فأقبلت بها حتى قدمت المدينة فأنزلتها في بني ساعدة، فدخل عليها نساء الحي فرحبن بها وسهلن، وخرجن من عندها فذكرن جمالها وشاع ذلك بالمدينة وتحدثوا بقدومها. ¬
(148) عبيد الله بن غياد بن لقيط الدوسي
قال أبو أسيد الساعدي: ورجعت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في بني عمرو بن عوف فأخبرته، ودخل عليها داخل من النساء لما بلغهن من جمالها، وكانت من أجمل النساء، فقالت: إنك من الملوك فإن كنت تريدين أن تحظي عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستعيذي منه، فإنك تحظين عنده ويرغب فيك. وفي رواية: فقالت حفصة لعائشة: أخضبيها أنت، وأنا أمشطها ففعلتا ثم قالت لها إحداهما: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - يعجبه من المرأة إذا دخلت عليه أن تقول أعوذ بالله منك، فلما دخلت عليه وأغلق الباب وأرخى الستر مد يده إليها فقالت: أعوذ بالله منك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكمه على وجهه فاستتر به، وقال: «عذت بمعاذ ثلاث مرات». قال أبو أسيد: ثم خرج إلي فقال: «يا أبا أسيد ألحقها بأهلها ومتعها برازقيين (¬1)» يعني كرباسين (¬2)، فكانت تقول: ادعوني الشقية، وكان ذلك في شهر ربيع الأول سنة تسع من الهجرة (¬3). وكان عبد الواحد الدوسي توارى عند محمد بن يعقوب بن عتبة, فمات عنده فجاءة سنة أربع وأربعين ومائة (¬4). (148) عبيد الله بن غياد بن لقيط الدوسي (¬5) لم أقف على ما يفيد عنه سوى أنه روى عن أبي قال: سمعت إيادا يقول: قال عبدالله: "خير الدين الإسلام، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، إنكم اليوم في زمان العمل خير من الهوى، وليأتين عليكم زمان الهوى فيه خير من العمل؛ لأن يموت ابن مسعود وأهل بيته أهون عليه من عدتهم من جعلان القاعة" (¬6). ¬
(149) عبيد الله بن جنادة الدوسي
(149) عبيد الله بن جنادة الدوسي الصحيح أن والده جنادة بن أبي أمية مالك، ترجمته (49) وعبيد الله والد مصعب، روى عن أبيه، جده جنادة بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ثلاث من فعل الجاهلية؛ لا يدعهن أهل الإسلام، استسقاء بالكواكب، وطعن في النسب، والنياحة على الميت» (¬1). (150) عبيد الله بن جهضم الدوسي عبيد الله بن جهضم أبو جهضم، وجهضم الجد هو: جهضم بن عوف بن مالك بن فهم بن غَنْم بن دوس بن عدثان بن عبدالله بن زهران بن كعب بن عبدالله بن نصر بن ملك بن الأزد (¬2)، لم أقف على ما يفيد عنه سوى أن عداده في أهل البصرة، وأنه سمع شريحا، وروى عنه جرير بن حازم (¬3). (151) عبيد الله بن المغيرة بن أبي ذباب الدوسي لم أقف على ما يفيد عنه سوى أنه روى عن أبي هريرة "أم الصيام ليس من الأكل والشرب فقط، إنما الصيام من اللغو والرفث، فإن سابك أحد، أو جهل عليك، فقل إني صائم" (¬4). قلت: لعله عبدالله بن المغيرة، ترجمته (141) تصحف إلى عبيدالله. (152) عثمان بن جديع الدوسي عثمان بن جديع بن علي بن شبيب بن عامر بن براري بن صنيم بن مليح بن شرطان بن معن بن مالك بن فهم بن غَنْم بن دوس، والده جديع بن علي، الملقب ¬
(153) عثمان بن عبيد الدوسي
بالكرماني، ترجمته (43) كان صاحب العصبية في خراسان، دارت بينه وبين نصر بن ساير حروب، وكان ابناه هذا، وأخوه علي بن جديع من ضحايا تلك العصبية، طلبا للرياسة والشرف، غدر به أبو مسلم الخراساني؛ باني دولة بني العباس، لما حاذا أبو مسلم مدينة مرو استقبله عثمان بن جديع في خيل عظيمة، ومعه أشراف اليمن، ومن معه من ربيعة، حتى دخل عسكر علي بن جديع، واجتمع رأي أبي مسلم، ورجل يقال له: أبو داود على أن يفرقا بين علي وعثمان ابني الكرماني، ليسهل القضاء عليهما، فبعث أبو مسلم عثمان عاملا على بلخ، واتفق رأي أبي مسلم، وأبي داود على أن يقتل أبو مسلم عليا، ويقتل أبو داود عثمان في يوم واحد، فلما قدم أبو داود بلخ بعث عثمان عاملا على الختل، فيمن معه من يماني أهل مرو، وأهل بلخ، فلما خرج من بلخ خرج أبو داود فاتبع الأثر، فلحق عثمان على شاطئ مهر بوخش، من أرض الختل، فوثب أبو داود على عثمان وأصحابه فحبسهم جميعا، ثم ضرب أعناقهم صبرا، وقتل أبو مسلم في ذلك اليوم علي بن الكرماني، وقد كان أبو مسلم أمره أن يسمي له خاصته ليوليهم، ويأمر لهم بجوائز، فسماهم له، فقتلهم جميعا (¬1) ـ دهاء ومكر من أجل الدنيا، ومن ظُلم فالله ناصره دون ريب. (153) عثمان بن عبيد الدوسي لم أقف على ما يفيد عنه سوى أنه روى حديثا عن عبد الرحمن بن عائذ الثمالي، عن عمرو بن عبسة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «شر قبيلتين في العرب: نجران، وبنوا تغلب» (¬2). (154) عدي بن وادع الدوسي عدي بن وادع بن الحارث بن مالك بن فهم بن غَنْم بن دوس، من العفاة من الأزد، يلقب بالأعمى، وفي شِعره إشارات إلى أنه كان في شبابه صحيح البصر، ناصع العين، فلما ولى عهد الشباب صار ينعى بصره، ويضجر بعماه، وهو أحد المعمرين الذين ذكرهم أبو حاتم السجستاني في كتابه المعمرين، ونقل أنه عاش ثلاثمائة سنة، ¬
(155) عقبة بن أوس الدوسي
فأدرك الإسلام، وأسلم وغزا، وله قصيدتان: إحداهما لامية في خمسة وستين بيتا، له بيت إسلامي يقول فيه: لا عيش إلا الجنة المخضرة ... من يدخل النار يلاقي ضُرَّة (¬1). (155) عقبة بن أوس الدوسي لم أقف على ما يفيد عنه إلا ما روى عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: "يكون على الروم ملك لا يعصونه ـــ أو: لا يكادون يعصونه ـــ فيجيء حتى ينزل بأرض كذا وكذا، ويستمد المؤمنون بعضهم بعضا، حتى يمدهم أهل عدن أبين على قلصاتهم، فيقتتلون عشرا، لا يحجز بينهم إلا الليل، ليس لهم طعام إلا ما في أداويهم، وأنتم أيضا، ثم يأمر ملكهم بالسفن فتحرق" قال: ثم يقول: "من شاء الآن فليفر" فيجعل الله الدبرة عليهم، فيقتلون مقتلة لم ير مثلها، حتى إن الطائر ليمر بهم فيقع ميتا من نتنهم، للشهيد يومئذ كفلان على من مضى قبله من الشهداء، وللمؤمن يومئذ كفلان على من مضى قبله من المؤمنين". قال: "وبقيتهم لا يزلزلهم شيء أبدا، وبقيتهم يقاتل الدجال". قال ابن سيرين: فكان عبدالله بن سلام يقول: "إن أدركني هذا القتال وأنا مريض؛ فاحملوني على سريري حتى تجعلوني بين الصفين" (¬2). قلت: هذا من بشائر الفتح الإسلامي، وليست من الفتن بل من ملاحم الفتح، ولقد كان هذا في اليرموك وأجنادين وغيرهما من فتوح الشام. (156) عقبة بن سلم بن نافع الدوسي هو عقبة بن سلم بن نافع بن هلال بن صهبان بن هراب بن عائذ بن خنزير بن أسلم بن هناءة بن مالك بن فهم بن غَنْم بن دوس بن عدثان بن عبدالله بن زهران بن كعب بن عبدالله بن نصر بن مالك بن الأزد (¬3)، أوفد عمر بن حفص وفدا من السند ¬
فيهم عقبة، فدخلوا على أبي جعفر، فلما قضوا حوائجهم نهضوا، فاسترد عقبة فأجلسه، ثم قال له: من أنت؟ قال: رجل من جند أمير المؤمنين وخدمه، صحبت عمر بن حفص، قال: وما اسمك؟ قال: عقبة بن سلم بن نافع، قال: ممن أنت؟ قال: من الأزد ثم من بني هناءة، قال: إنى لأرى لك هيئة وموضعا، وإني لأريدك لأمر أنا به معني، لم أزل أرتاد له رجلا، عسى أن تكونه إن كفيتنيه رفعتك، فقال: أرجو أن أصدّق ظن أمير المؤمنين فيّ، قال: فأخف شخصك، واستر أمرك، وأتني في يوم كذا وكذا في وقت كذا وكذا، فأتاه في ذلك الوقت، فقال له: إن بني عمنا هؤلاء قد أبوا إلا كيدا لملكنا واغتيالا له، ولهم شيعة بخراسان بقرية كذا، يكاتبونهم ويرسلون إليهم بصدقات أموالهم وألطاف من ألطاف بلادهم، فاخرج بكساً وألطاف وعين، حتى تأتيهم متنكرا بكتاب تكتبه عن أهل هذه القرية، ثم تسير ناحيتهم، فإن كانوا قد نزعوا عن رأيهم فأحبب والله بهم وأقرب، وإن كانوا على رأيهم علمت ذلك، وكنت على حذر واحتراس منهم، فاشخص حتى تلقى عبد الله بن حسن متقشفا متخشعا، فإن جبهك ـــ وهو فاعل ـــ فاصبر وعاوده، فإن عاد فاصبر حتى يأنس بك وتلين لك ناحيته، فإذا ظهر لك ما في قلبه فاعجل عليّ قال: فشخص حتى قدم على عبدالله، فلقيه بالكتاب، فأنكره ونهره، وقال: ما أعرف هؤلاء القوم، فلم يزل ينصرف ويعود إليه حتى قبل كتابه وألطافه، وأنس به، فسأله عقبة الجواب، فقال: أما الكتاب فإني لا أكتب إلى أحد، ولكن أنت كتابي إليهم، فأقرئهم السلام وأخبرهم أن ابنيَّ خارجان لوقت كذا وكذا قال: فشخص عقبة حتى قدم على أبي جعفر، فأخبره الخبر (¬1). ولاه المنصور البحرين والبصرة، فأكثر القتل في ربيعة حتى كان ذلك سبب انحلال الحلف بين الأزد وربيعة، وقتله رجل من ربيعة، فتك به في جامع البصرة بحضرة الناس (¬2). قلت: شكك أبو عبيد في نسبه بأن جده مولى (¬3)، ولكن الطبري وغيره ذكروا نسبه سردا. بشار بن برد ¬
وكان الشاعر بشار بن برد منقطا إليه، ومدحه بقصائد كثيرة (¬1)، ورثاه بقصيدة عصما ومطلعها غزل على عادة الشعراء في مقدمات قصائدهم، أو لها: ريق سعدى يا ابن الدجيل الشفاء ... فاسقنيه لكل داء دواء وقال في آخرها رثاءً لعقبة: همها أن تزور عقبة في الملـ ... ـــــك فتروى من جوده بدلاء مالكي تنشق عن وجهه الحر ... ب كما انشقت الدجى عن ضياء أيها السائلي عن الحزم والنجـ ... ـــــــدة والبأس والندى والوفاء إن تلك الخلال عند ابن سلم ... ومزيدا من مثلها في الغناء كخراج السماء سيبُ يديه ... لقريب ونازح الدار ناء حرَّمَ الله أن ترى كابن سلم ... عقبةُ الخير مطعم الفقراء يسقط الطير حيث ينتثر الحبـ ... ــــب وتُغشى منازل الكرماء ليس يعطيك للرجاء ولا الخو ... ف ولكن يلذ طعم العطاء لا ولا أن يقال شيمته الجو ... د ولكن طبائع الآباء إنما لذة الجواد ابن سلم ... في عطاءٍ ومركبٍ للقاء لا يهاب الوغى ولا يعبد الما ... ل ولكن يهينه للثناء أريحيٌ له يد تمطر النيـ ... ــــــل وأخرى سم على الأعداء قد كساني خزا وأخدمني الحو ... ر وخلى بنيَّتي في الحُلاء وحباني به أغرَّ طويل الـ ... ـــــباع صلت الخدين غض الفَتاء فضى الله أن يموت كما ما ... ت بنونا وسالف الآباء راح في نعشه ورحت إلى عقـ ... ـبة أشكو فقال غير نجاء إن يكن منصف أصبت فعندي ... عاجل مثله من الوصفاء فتنجزته أشم كجرو الليـ ... ـــــــث غاداك خارجا من ضَراء فجزى الله عن أخيك ابن سلم ... حين قل المعروف خير الجزاء صنعتني يداه حتى كأني ... ذو ثراء من سر أهل الثراء ¬
(157) علي بن أحمد الدوسي
لا أبالي صفح اللئيم ولا تجـ ... ـــــــري دموعي على الخؤون الصفاء وكفاني أمرا أبرَّ على البخـ ... ـــــــل بكف محمودة بيضاء يشتري الحمد بالثناء ويرى الذّمَـ ... ــــــم فظيعا كالحية الرقشاء ملك يفرع المنابر بالفضـ ... ـــــــــل ويسقي الدماء يوم الدماء كم له من يد علينا وفينا ... وأياد بيض على الأكفاء أسد يقضم الرجال وإن شئـ ... ـــــــت فغيثٌ أجشُّ ثرُّ السماء قائم باللواءّ يدفع بالموت ... رجالا عن حرمة الخلفاء فعلى عقبة السلام مقيما ... وإذا سار تحت ظل اللواء (¬1) (157) علي بن أحمد الدوسي علي بن أحمد بن النضر الأزدي، قال رأيت جد معاوية بن عمر رحمه الله وهو عند رأس أمي، وهي في الموت، فجعل وجهها بحذاء القبلة، ورجليها بحذاء القبلة، فلما قاربت أن تقضي سترها منا، وصلى عليها فكبر أربعا. قال: وكان مولده في سنة (128) ثمان وعشرين ومائة، ومات سنة (215) أربع عشرة ومائتين، وقال ابن سعد: مات في غرة جمادى الأولى منها (¬2). (158) علي بن جديع الدوسي علي بن جديع الدوسي بن علي بن شبيب بن عامر بن براري بن صنيم بن مليح بن شرطان بن معن بن مالك بن فهم بن غَنْم بن دوس، والده جديع بن علي، الملقب بالكرماني، ترجمته (43) كان صاحب العصبية في خراسان، دارت بينه وبين نصر بن ساير حروب، وكان ابناه هذا، وأخوه علي بن جديع من ضحايا تلك العصبية، طلبا للرياسة والشرف، غدر به أبو مسلم الخراساني؛ باني دولة بني العباس، لما حاذا أبو مسلم مدينة مرو استقبله عثمان بن جديع في خيل عظيمة، ومعه أشراف اليمن، ومن معه من ربيعة، حتى دخل عسكر علي بن جديع، واجتمع رأي أبي مسلم، ورجل يقال له: أبو داود على أن يفرقا بين علي وعثمان ابني الكرماني، ليسهل القضاء عليهما، فبعث أبو مسلم عثمان عاملا على بلخ، واتفق رأي أبي ¬
(159) علي بن الحسن الهنائي الدوسي
مسلم، وأبي داود على أن يقتل أبو مسلم عليا، ويقتل أبو داود عثمان في يوم واحد، فلما قدم أبو داود بلخ بعث عثمان عاملا على الختل، فيمن معه من يماني أهل مرو، وأهل بلخ، فلما خرج من بلخ خرج أبو داود فاتبع الأثر، فلحق عثمان على شاطئ مهر بوخش، من أرض الختل، فوثب أبو داود على عثمان وأصحابه فحبسهم جميعا، ثم ضرب أعناقهم صبرا، وقتل أبو مسلم في ذلك اليوم علي بن الكرماني، وقد كان أبو مسلم أمره أن يسمي له خاصته ليوليهم، ويأمر لهم بجوائز، فسماهم له، فقتلهم جميعا (¬1) ـ دهاء ومكر من أجل الدنيا، ومن ظُلم فالله ناصره دون ريب. (159) علي بن الحسن الهنائي الدوسي علي بن الحسن الهنائي الدوسي، المعروف بكراع النمل، أبو الحسن، منسوب إلى هناءة بن مالك بن فهم بن غَنْم بن دوس بن عدثان بن عبد الله بن زهران بن كعب بن عبدالله بن نصر بن ملك بن الأزد (¬2)، من أهل مصر، وكان كوفي المذهب وقد أخذ عن البصريين (¬3)، ويعرف بالدوسي، لغوي وجد خطه على كتاب المنضد من تأليفه، وقد كتبه في سنة (307) سبع وثلاثائة، وكُتُبه بمصر موجودة مرغوب فيها، وله من الكتب: كتاب مجرد الغريب ـــ مختصر المنضد ـــ على مثال العين، وعلى غير ترتيبه، وأوله: هذا كتاب ألفته في غريب كلام العرب ولغاتها على عدد حروف الهجاء الثمانية والعشرين التي هي: ب ت ث، ثم على تلاوة الحروف (¬4)، وذكر في كتاب المنضد شمصت الفرس وشمست واحد، والشماص والشماس: بالسين والصاد، سواء. ودابة شموص: نفور كشموس (¬5). ¬
(160) علي بن عبدالحميد بن مصعب الدوسي
قال القفطي رحمه الله: خلط المذهبين، وأخذ عن النحويين البصريين والكوفيين، وكان إلى قول البصريين أميل، وصنّف كتبا فى اللغة، روى فيها عن أبى يوسف الأصبهانىّ عن أبى عبيد القاسم بن سلّام. وكتبه فى مصر مرغوب فيها، وكذلك فى المغرب، وكان خطه حسنا صحيحا قليل الخطأ، وكان يورّق (¬1) تصانيفه، لم أر له خطا فى غيرها، ورأيت جزءا من كتابه المنضد من خطه، وقد كتب فى آخره أنه أُكمل وراقةً وتصنيفاً فى سنة تسع وثلاثمائة. فمن تصنيفه كتاب المنضّد فى اللغة، كبير، على الحروف، ملكته، وكتاب المجرّد بغير استشهاد، ملكته، وكتاب المنجد فيما اتفق لفظه واختلف معناه، ملكته، وكتاب الأوزان، أتى فيه باللغة على وزن الأفعال، ملكته والحمد لله (¬2). ونقل ياقوت رحمه الله عن بعضهم قال: كتاب المنضد أورد فيه لغة كثيرة مستعملة وحوشية، ورتبه على حروف ألف باء تاء ثاء، إلى آخر الحروف، ثم اختصره في كتاب المجرد، ثم اختصره في كتاب المنجد. وله كتاب أمثلة الغريب على أوزان الأفعال أورد فيه غريب اللغة، وكتاب المصحف، وكتاب المنظم (¬3). ونقل عنه القضاعي رحمه الله في تسمية جبل المقطم قال: والذي ذكره العلماء: أنّ المقطم مأخوذ من القطم، وهو القطع فكأنه لما كان منقطع الشجر والنبات سمي: مقطما، ذكر ذلك عليّ بن الحسن الهناءي الدوسي (¬4)، ونفي القضاعي أن يكون باسم المقطم من أولاد مصر، فليس لمصر ولد اسمه المقطم. (160) علي بن عبدالحميد بن مصعب الدوسي علي بن عبدالحميد بن مصعب بن يزيد أبو الحسن، الأودي، المعْني، الكوفي ابن أخي عبد الرحمن بن مصعب القطان، ترجمته (121) وقال أبو بكر بن أبي خيثمة: ¬
من شيوخه
ابن عم معاوية بن عمرو (227) المعني: بفتح الميم وسكون العين وكسر النون بعدها ياء النسبة، نسلة إلى معن بن بن مالك بن فهم بن غنم بن دوس (¬1). من شيوخه: حفص بن صبيح، وحماد بن سلمة، وزهير بن معاوية، وسليمان بن المغيرة، وسلام بن مسكين، وشريك بن عبد الله، وصالح المري، وعبد الرحيم بن سليمان، عبد العزيز بن الماجشون، وأبي مريم عبد الغفار بن القاسم وعمرو بن ثابت بن هرمز، وعمران بن خالد الخزاعي، ومحمد بن طلحة بن مصرف، وأبو حماد المفضل بن صدقة الحنفي، ومندل بن علي العنزي، وأبو الربيع السمان (¬2). من تلاميذه: روى عنه: البخاري تعليقا، وإبراهيم بن عمر بن حفص بن معدان الأصبهاني، وأبو بكر أحمد بن أبي خيثمة، وأبو مسعود أحمد بن الفرات الرازي، وأحمد بن موسى بن إسحاق، وأحمد بن يحيى بن المنذر الحجري الكوفي، وإسماعيل بن عبدالله الأصبهاني سمويه، وبشر بن موسى الأسدي، وجعفر بن أحمد بن دهقان الضبي، وجعفر بن محمد بن شاكر الصائغ، وجعفر بن محمد الوراق، والحسن بن عبد الرحيم الأصبهاني، والحسن بن الفضل بن السمح البوصرائي، وعباس بن محمد الدوري، وأبو أسامة عبدالله بن أسامة الكلبي الكوفي، وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، وأبو بكر عبد الله بن محمد بن النعمان بن عبد السلام الأصبهاني، والقاسم بن وهب، ومحمد بن أحمد بن عمارة، ومحمد بن أحمد بن النضر الأزدي، ومحمد بن إسحاق الصاغاني، ومحمد بن خلف التيمي الكوفي، ومحمد بن سعد كاتب الواقدي، ومحمد بن عبيد بن عتبة الكندي، ومحمد بن مسلم بن وارة الرازي، ويعقوب بن سفيان الفارسي، وأبو أمية الطرسوسي، وأبو حاتم الرازي، وأبو زرعة الرازي، ثقة فاضل، وكان ضريرا (¬3). ¬
وفاته
وفاته: توفي سنة إحدى أو: اثنتين وعشرين ومائتين، وكان من الفاضلين (¬1). (161) علي بن المبارك الهنائي الدوسي علي بن المبارك الهنائي الدوسي، البصري الهنائي: نسبة إلى هناءة بن مالك بن فهم بن غَنْم بن دوس بن عدثان بن عبد الله بن زهران بن كعب بن عبد الله بن نصر بن ملك بن الأزد (¬2). من شيوخه: أيوب السختياني، والحسن بن مسلم العبدي، وحسين بن ذكوان المعلم، وعبد العزيز بن صهيب، ومحمد بن واسع، وهشام بن عروة، ويحيى بن أبي كثير، وكريمة بنت همام (¬3). من تلاميذه: إسماعيل بن علية، وزيد بن الحسن الأنماطي، وأبو زيد سعيد بن الربيع الهروي، وسفيان بن حبيب، وأبو قتيبة سلم بن قتيبة، وعبدالله بن المبارك، وعثمان بن جبلة بن أبي داود، وعثمان بن عمر بن فارس، وأبو نعيم الفضل بن دكين، ومحمد بن عباد الهنائي، ومسلم بن إبراهيم، ومسلمة بن الصلت، وهارون بن إسماعيل الخزاز، ووكيع بن الجراح، ويحيى بن سعيد القطان، ويحيى بن كثير العبدي، وأبو عامر العقدي (¬4). روى حديثه الجماعة؛ أصحاب الكتب الستة، رحمهم الله. ¬
(162) علي بن نصر بن علي الجهضمي
(162) علي بن نصر بن علي الجهضمي علي بن نصر بن علي بن صهبان، الجهضمي (¬1)، الحداني (¬2)، الأزدي (¬3)، البصري الكبير، أبو الحسن (¬4)، والد نصر بن علي، ترجمته (236) وجد علي بن نصر التالية ترجمته. من شيوخه: إبراهيم بن عطاء بن أبي ميمونة، وإبراهيم ابن نافع المكي، وإسماعيل بن مسلم العبدي، والحسن بن أبي الحسناء، وحمزة الزيات، وخالد بن قيس الحداني، والخليل بن أحمد النحوي، وسعيد بن عبيدالله بن جبير بن حية الثقفي، وسلام بن أبي مطيع، وشداد بن سعيد أبي طلحة الراسبي، وشعبة بن الحجاج، وصخر بن جويرية، والصلت بن دينار، وعبدالله بن المبارك، وعبدالله بن النعمان الحداني، وعبد الرحمن بن سليمان ابن الغسيل، وعبد العزيز ابن أبي رواد، وعبد الملك بن مسلم بن سلام الحنفي، وعتاب بن عبد العزيز الحماني، وعصمة بن زاهر، وعمر بن أبي زائدة، وعيسى بن عمر النحوي، والقاسم بن معن المسعودي، وقرة بن خالد السدوسي، والليث بن سعد، والمثنى بن سعيد الضبعي، ومحمد بن طلحة بن مصرف، ومهدي بن ميمون، وهشام الدستوائي، وأبي مالك النخعي (¬5). ¬
من تلاميذه
من تلاميذه: أبو نعيم الفضل بن دكين، ومحمد بن عبد الله الأنصاري، وهما من أقرانه، ومعلى بن أسد العمي، وابنه نصر بن علي الجهضمي، ووكيع بن الجراح، وهو من أقرانه (¬1)، روى حديثه الجماعة؛ أصحاب الكتب الستة، رحمهم الله. (163) علي بن نصر بن علي بن نصر الجهضمي علي بن نصر بن علي نصر بن صهبان، الجهضمي الصغير، البصري، أبو الحسن، حفيد الذي قبله (¬2). من شيوخه: أحمد بن إسحاق الحضرمي، وحرمي بن عمارة بن أبو حفصة، وروح بن أسلم الباهلي، وسليمان بن حرب، وأبو داود سليمان بن داود الطيالسي، وسهل بن حماد أبي عتاب الدلال، والصلت بن محمد الخاركي، وأبو عاصم الضحاك بن مخلد، وعبد الله بن داود الخريبي، وعبد الله بن رجاء الغداني، وعبد الله يزيد المقرئ، وعبد الصمد بن عبد الوارث، وعبيد بن عقيل الهلالي، وعثمان بن عمر بن فارس، وعثمان بن اليمان، وعمرو بن عاصم الكلابي، ومحمد بن بلال الكندي، ومحمد بن عباد الهنائي، ومسلم بن إبراهيم، ووهب بن جرير بن حازم، ويزيد بن هارون، ويونس بن عبيد الله العميري، وأبي بكر الحنفي، وأخيه أبي علي الحنفي (¬3). من تلاميذه: مسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وإبراهيم بن عبد الله الزبيبي، وأبو عمرو أحمد بن المبارك المستملي النيسابوري، وأحمد بن مهدي بن رستم الأصبهاني، وأحمد بن يحيى بن زهير التستري، وجعفر بن أحمد بن سنان الواسطي، وجعفر بن محمد بن الحسن الفريابي، والحسن بن سفيان الشيباني، والحسين بن إسحاق التستري، وأبو بكر عبد الله بن أبي داود، وعبدان بن أحمد الأهوازي، وأبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم الرازي، وعلى بن العباس البجلي المقانعي، وعمر بن محمد بن بجير ¬
وفاته
البجيري السمرقندي، والقاسم بن زكريا المطرز، وأبو حاتم محمد بن إدريس الرازي، ومحمد بن إسماعيل البخاري في "التأريخ "، وأبو حنيفة محمد بن حنيفة بن ماهان الواسطي، ومحمد بن محمد الجذوعى القاضي، وأبو حامد محمد بن هارون الحضرمي، ومحمد بن يعقوب بن إسحاق البغدادي، وأبو بكر محمد بن يوسف بن حماد إلاستراباذي، ويحيى بن محمد بن صاعد (¬1). وفاته: مات في شعبان سنة (250) خمسين مأتين (¬2). (164) علي بن مالك الدوسي لم أقف على مزيد في نسبه سوى أنه كوفي، من رهط وكيع، روى عن الشعبي، والضحاك بن مزاحم. روى عنه وكيع، ومروان بن معاوية، والمعافى بن عمران، وبكر بن بكار القيسي، وآخرون (¬3)، وذكره ابن حبان، ولم ينسبه، وقال شيخ من أهل الكوفة (¬4). (165) عمار الدوسي والد عنبسة بن عمار، ترجمته (175) قال: حدثني أبو الطفيل قال كنت في الجيش الذي بعثهم علي بن أبي طالب إلى بني ناجية، فانتهينا إليهم فوجدناهم على ثلاث فرق، فقال أميرنا لفرقة منهم: ما أنتم؟ ، قالوا: نحن قوم كنا نصارى فأسلمنا فثبتنا على إسلامنا، ثم قال الثانية من أنتم؟ ، قالوا: نحن قوم كنا نصارى فثبتنا على نصرانيتنا، وقال الثالثة: من أنتم؟ ، قالوا: نحن قوم كنا نصارى فأسلمنا فرجعنا فلم نر دينا أفضل من ديننا فتنصرنا، فقال لهم: أسلموا، فأبوا، فقال لأصحابه: إذا مسحت رأسي ثلاث مرات فشدوا عليهم، ففعلوا، فقتلوا المقاتلة وسبوا الذراري، فجئ بالذراري إلى علي وجاء مصقلة بن هبيرة فاشتراهم بمائتي ألف، فجاء بمائة ألف إلى علي فأبى أن يقبل، فانطلق مصقلة بدراهمه، وعمد مصقلة إليهم فأعتقهم ولحق بمعاوية، ¬
فقيل لعلي: ألا تأخذ الذرية؟ ، فقال: لا، فلم يعرض لهم، وكان مصقلة عامل علي على أردشير خُرّة (¬1) وهم خمس مائة إنسان. وفي رواية أنه اشتراهم بخمسمائة ألف، وهم من قومه، فاستغاثوه قالوا: يا أبا الفضل، يا حامي الرجال ومأوى المعصب، وفكاك العناة، أمنن علينا واشترنا فأعتقنا، فقال مصقلة: أقسم بالله لأتصدقن عليكم إن الله يجزي المتصدقين. قال ذهل بن الحارث: دعاني مصقلة إلى رحله فقُدّم عشاؤه فطعمنا منه، ثم قال: والله إن أمير المؤمنين ليسألني هذا المال وما أقدر عليه، فقلت: والله لو شئت ما مضت عليك جُمعة حتى تجمع هذا المال، فقال لي والله ما كنت لأحمّلها قومي، ولا أطلب فيها إلى أحد، ثم قال: أما والله لو أن ابن هند هو طالبني بها، أو: ابن عفان لتركاها لي، ألم تر إلى ابن عفان حيث أطعم الأشعث من خراج أذربيجان مائة ألف في كل سنة، فقلت له إن هذا لا يرى ذاك الرأي، لا والله ما هو بتارك شيئا، فسكت ساعة، وسكتُّ عنه، فلا والله ما مكث إلا ليلة واحدة بعد هذا الكلام حتى لحق بمعاوية، وبلغ ذلك عليا فقال: ما له يرحمه الله فعل فعل السيد، وفر فرار العبد، وخان خيانة الفاجر، أما أنه لو أقام فعجز ما زدنا على حبسه، فإن وجدنا له شيئا أخذناه، وإن لم نقدر على مال تركناه، ثم سار علي إلى داره فهدمها، وكان أخوه نعيم بن هبيرة شيعيا، ولعلي مناصحا، فكتب إليه مصقلة من الشام مع رجل من النصارى من بني تغلب يقال له: حلوان؛ أما بعد فإني قد كلمت معاوية فيك فوعدك الإمارة، ومناك الكرامة، فأقبل إليَّ ساعة يلقاك رسولي إن شاء الله، والسلام عليك، فيأخذه مالك بن كعب الأرحبي فيسرحه إلى علي، فأخذ كتابه فقرأه فقطع يده فمات، وكتب نعيم إلى مصقلة: لا ترمين هداك الله معترضا ... بالظن منك فما بالي وحلوانا ذاك الحريص على ما نال من طمع ... وهو البعيد فلا يحزنك إن خانا ماذا أردت إلى إرساله سفها ... ترجو سقاط امرئ لم يلف وسنانا حتى تقحمت أمرا كنت تكرهه ... للراكبين له سرا وإعلانا ¬
(166) عمارة بن عمرو بن أبي كلثم الدوسي
عرضته لعلي إنه أسد ... يمشي العرضنة من آساد خفانا قد كنت في منظر عن ذا ومستمع ... تحمي العراق وتدعى خير شيبانا لو كنت أديت مال القوم مصطبرا ... للحق أحييت أحيانا وموتانا لكن لحقت بأهل الشام ملتمسا ... فضل ابن هند وذاك الرأي أشجانا فاليوم تقرع سن العجز من ندم ... ماذا تقول وقد كان الذي كانا أصبحت تبغضك الأحياء قاطبة ... لم يرفع الله بالبغضاء إنسانا (¬1). (166) عمارة بن عمرو بن أبي كلثم الدوسي عمارة بن عمرو بن أبي كلثم: هو خالد بن معمر بن وهب بن زهير بن عامر بن عبد غَنْم بن غنام بن أسامة بن مالك بن عامر بن حرب بن سعد بن ثعلبة بن سليم بن فهم بن غنم بن دوس بن عدثان بن عبد الله بن زهران بن كعب الدوسي الأزدي؛ كان مستشارا لخالد بن عبد الله القسري، في عهد هشام بن عبد الملك وكان على الرجاة في محاربة قطري بن الفجاءة، ومن معه (¬2)، وهو الذي قال حين قتل الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان: " لئن انتضيت سيفي لا أغمده وفي الأرض قريشي حتى أقتله " (¬3)، فأخذه مروان بن محمد فقتله صبرا (¬4). ولعله عمار الدوسي التالية ترجمته. (167) عمار الدوسي لم أقف على ما يفيد عنه سوى أنه من الذين كان يناديهم خالد بن الزبير بن العوام في منازلة الروم (¬5). ولعله السابق. ¬
(168) عمر بن حفص الدوسي
(168) عمر بن حفص الدوسي لم أقف على ما يفيد عنه سوى أنه من شيوخ جعفر بن محمد أبي محمد الخواص، المعروف بالخلدي، وسمع منه حبيب بن الحسن القزاز. (169) عمرو بن أمية الدوسي لم أقف على ما يفيد عنه سوى أنه كان من الوافدين على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، دخلت المسجد الحرام، فلقيني رجال من قريش، فقالوا: إياك أن تلقى محمدا أو تسمع مقالته فيخدعك، وذكر المستغفري الحديث في إسلامه، أخرجه أبو موسى، وقال: هذه القصة مشهورة بعمرو بن الطفيل (¬1). قلت: قد كان هذا شأن قريش؛ يخذلون الوافدين، ويحذرونهم من لقاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومثلهم اليوم الذين يحذرون من أهل السنة، ويصفونهم "بالوهابية" لأنهم يعملون بالكتاب والسنة، وهم أمة وسد بين الغلو في الدين والتفريط فيه، يفهمون من النصوص ما أفهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصحابه، وعن الصحابة الكرام - رضي الله عنهم - أخذوا؛ ومنهم الخلفاء الراشدون - رضي الله عنهم -. (170) عمرو بن حممة الدوسي عند أبي علي القالي تحرف لفظ "حممة" بالحاء المهملة إلى "جمعة" وقد ورد الاسمان عنده في سياق واحد (¬2)، وهو عمرو بن حممة بن الحارث بن رافع (¬3) بن سعد بن ثعلبة بن لؤي بن عامر بن غَنْم بن دُهمان بن منهب بن دوس، ذكر أنه من ¬
المهاجرين الأولين (¬1)، وذكر ابن دريد أنه وفد على النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يذكر هذا أحد غيره (¬2)، وكان قائد دوس فيما جرى بينهم وبين بني الحارث في الجاهلية (¬3)، وهم أبناء العم إلتقوفي حضوة (¬4)، حتى وقف على رأس عويرة جبل هناك (¬5)، وكان عمرو أحد حكماء العرب، ذكروا أنه عاش ثلاثمائة سنة، وتسعين سنة، وذكروا له شعرا، قلوا: إنه قال فيه: إنه جاوز الثلاثمائة من العمر، وأنه قد كبر، ولا بد أن يأتيه يوم يموت فيه (¬6)، وهو القائل: وأصبحت مثل النسر طارت فراخه ... إذا رام تطيارا يقل له وقع وقال: ولا عيب فينا غير أنا عروق لمعشر ... كرام وأنا لا نخط على النمل (¬7). وذكروا أنه ذو الحلم الذي ضرب به العرب المثل، وهو الذي قُرعت له العصا؛ لأنه بعد أن كبر صار يذهل، فاتخذوا له من يوقظه بقرع العصا، فيرجع إليه فهمه، وأنه هو الذي أشار إليه الحارث بن وعلة بقوله: وزعمتم ألا حلوم لنا ... وإن العصا قُرعت لذي الحلم. ويظهر من ذلك أن العصبية قد لعبت دورا في هذه القصة: قصة أول من قرعت له العصا، فزعم القيسيون أن أول من قرعت له العصا، هو عامر بن الضرب العدواني، ¬
وزعم أهل اليمن أنه عمرو بن حممة (¬1)، والمراد باليمن في ذلك الوقت ما كان في الجهة اليمانية من الكعبة. وذكروا أن عمرو بن حممة الدوسي قضى بين العرب ثلاثماة سنة، وهذا يؤيد أنه عاش أكثر من ذلك، فلما كبر قزنوا به السابع أو: التاسع من وِلده، فإذا غفل الشيخ قرع له العصا، فكانت هذه الأمارة بينهما ليرجع إلى الصواب، وذلك قول الشاعر: لذي الحلم قبل اليوم ما تقرع العصا ... وما علم الإنسان إلا ليعلما فلما خشي عليه قومه الموت فاجتمعوا فقالوا: إنك سيدنا وشريفنا فاجعل لنا سيدا، وشريفا بعدك، فقالك يا معشر دوس، كلفتموني تعبا، إن القلب يخلق كما يخلق الجسم، ومن لك بأخيك كله، إن كنتم شرفتموني فإني أفرشتكم نفسي، وتحملت مؤنكم، وخففت عنكم مؤنتي، وألنت لكم جانبي، افهموا ما أقول لكم، إنه من جمع بين الحق والباطل لم يجتمعا له، وكان الباطل أولى به، فإن الحق لم يزل ينفر من الباطل، والباطل ينفر من الحق، يا معشر دوس، لا تشتموا بالزلة، ولا تفرحوا بالعلو، فإن الفقير يعيش بفقره، كما يعيش الغني بغناه، ومن يَر يوما يُر به، واعدوا لكل أمر قدره، وقبل لرما تملأ الكنائن، ومع السفاهى الندامة، ولليد العليا العاقبة، وإذا شئت وجدت مثلك، إن عليك كما أن لك، وللكثرة الرعب، وللصبر الغلبة، من طلب شيئا وجده، وإلا يجده يوشك أن يقع قريبا منه (¬2). ولما مات عمرو بن حممة الدوسي مرّ بقبره ثلاثة نفر من أهل يثرب قادمين من الشام (¬3): الهدم بن امرئ القيس بن الحارث بن زيد أَبُو كلثوم بن الهدم الذي نزل عليه النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعتيك بن قيس بن هيشة بن أمية بن معاوية، وحاطب بن قيس بن هيشة الذي كانت بسببه حرب حاطب، فعقروا رواحلهم عَلَى قبره، وقام الهدم، فقال: ¬
لقد ضمّت الأثراءُ منك مرزّأ ... عظيمَ رمادِ النارِ مشتركُ القِدر حليماً إذا ما الحلم كان حزامةً ... وقوراً إذا كان الوقوفُ عَلَى الجمر إذا قلت لم تترك مقالاً لقائل ... وإن صُلت كنت الليثَ يحمى حمى الأجر ليَبْك من كانت حياتُك عزُّه ... فأصبح لمّا بنتَ يُغْضي على الصُّغر (¬1) سقى الأرض ذات الطول والعرض مُجْثِمٌ (¬2) ... أحمّ الرّحا (¬3) واهي العرى دائم القطر ومابي سقيا الأرض لكن تربةً ... أضلّك فِي أحشائها مُلْحَد القبر وقام عتيك بن قيس فقال: برغم العلى والجود والمجد والندى ... طواك الردى يا خير حافٍ وناعل لقد غال صرف الدهر منك مرزأً ... نهوضاً بأعباء الأمور الأثاقل يضمّ العفاة الطارقين فناؤه ... كما ضمّ أمَّ الرأس شعب القبائل ويسرو دجى الهيجا مضاءً عزيمةً ... كما كشف الصبح اطّراق الغياطل (¬4) ويستهزم الجيشَ العرمرمَ باسُه ... وإن كان جرّاراً كثير الصواهل (¬5) وينقاد ذو البأس الأبيُّ لحكمه ... فيرتدّ قسراً وهو جمّ الدغاول (¬6) ويمضي إذا ما الحرب مدّ رواقه ... عَلَى الروع وارفضّت صدور العوامل (¬7) فإمّا تصبنا الحادثات بنكبة ... رمتك بها إحدى الدواهي الضآبل (¬8) فلا تبعدن إن الحتوف مواردٌ ... وكل فتىً من صرفها غير وائل وقام حاطب بن قيس فقَالَ: سلامٌ عَلَى القبر الذي ضمّ أعظماً ... تحوم المعالي حوله فتسلّم سلام عليه كلما ذرّ شارقٌ ... وما امتدّ قطعٌ من دجى الليل مظلم ¬
فيا قبر عمرو جاد أرضا تعطفت ... عليك ملثٌّ (¬1) دائم القطر مرزم تضمنت جسما طاب حيّاً وميّتاً ... فأنت بما ضمّنت فِي الأرض مَعْلَم فلو نطقت أرضٌ لقَالَ ترابها ... إِلَى قبر عمرو الأزد حلّ التكرم إِلَى مرمسٍ قد حلّ بين ترابه ... وأحجاره بدرٌ وأضبط ضيغم فلو ألت (¬2) من سطوة الموت مهجةٌ ... لكنت ولكن الردى لا يثمثم فلا يبعدنك الله حياً وميتاً ... فقد كنت نورا لخطب والخطب مظلم وقد كنت تمضي الحكم غير مهلّل (¬3) ... إذا غال فِي القول الأبلّ (¬4) الغشمشم (¬5) لعمرو الذي حطّت إليه عَلَى الوَنا (¬6) ... حدابير (¬7) عوجٌ نيّها (¬8) متهمّم (¬9). لقد هدّم العلياءَ موتُك جانباً ... وكان قديما ركنها لا يهدم (¬10). وذكروا عن عمرو بن حممة الدوسي أنه أتى مكة حاجا وكان من أجمل العرب، فنظرت إليه امرأة فقالت: لا أدري وجهه أحسن أم فرسه، وكانت لخ جمة تسمى الزَّينة؛ فكان إذا جلس مع أصحابه نشرها، وإذا قام عقصها، فقالت له المرأة: أين منزلك؟ ، قال: نجد، قالت: ما أنت بنجدي، ولا تهامي فاصدقني، فقال: رجل من أهل السراة؛ فيما بين مكو واليمن، ثم أشار إليها اتدفي خلفي ففعلت، فمضى بها إلى السراةوتبها زوجها فلم يلحقها (¬11). ¬
(171) عمرو بن طريف الدوسي
قلت: هذا خطأ ليس هو عمرو بن حممه، بل هو والده حممة بن الحارث بن رافع، تقدم ذكر القصة في ترجمته (72). (171) عمرو بن طريف الدوسي والد الطفيل - رضي الله عنه -، ترجمته (106) وحفيده عمرو بن الطفيل التالية ترجمته، وهو: عمرو بن طريف بن العاض (¬1) بن ثعلبة بن سُليم بن لقيط بن الحارث بن مالك بن فهم بن غَنْم (¬2) دوس الدوسي. ومنهم من قال: سليم بن فهم، مسقطا ثلاثة من النسب: لقيط، والحارث، ومالك (¬3). ذكر ابن إسحاق أن الطفيل بن عمرو لما رجع إلى بلاد قومه مسلما قال لأبيه: إليك عني، فإني أسلمت، فقال: يابني فديني دينك (¬4)، وقد تقدم ذكره في ترجمة ابنه الطفيل - رضي الله عنه -. (172) عمرو بن الطفيل بن عمرو الدوسي والده الطفيل - رضي الله عنه -، ترجمته (106) وهو حفيد الذي قبله: عمرو بن طريف، فهو صحابي ابن صحابي، أدرك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬5)، وكان أبو الطفيل مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى قبض، ولما اتدت العرب خرج فجاهد حتى فرغ المسلمون من طليحة، وأرض نجد كلها، ثم سار مع المسلمين إلي اليمامة، ومعه ابنه عمرو، خرج للجهاد فجرح وقطعت يده، ثم استبل (¬6)، وصحت يده، فبينا هو عند عمر بن الخطاب إذ أُتي بطعام فتنحى عنه فقال عمر: ما لك لعلك تنحيت لمكان يدك؟ قال: أجل. ¬
قال: والله لا أذوقه حتى تسوطه بيدك؛ فو الله ما في القوم أحد بعضه في الجنة غيرك (¬1). وهو حامل كتاب خالد بن الوليد إلى الشأم، كتب إلى المسلمين بالشأم مع عمرو بن طفيل بن عمرو الازدي، وهو ابن ذي النور: بسم الله الرحمن الرحيم "من خالد بن الوليد إلى من بأرض الشام من المؤمنين والمسلمين. سلام عليكم. فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو: أما بعد فإني أسأل الله الذي أعزّنا بالاسلام، وشرّفنا بدينه، وأكرمنا بنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -، وفضّلنا بالإيمان، رحمة من ربنا لنا واسعة، ونعمة منه علينا سابغة، أن يتم ما بنا وبكم من نعمة؛ فاحمدوا الله، عباد الله، يزدكم، وارغبوا إليه في تمام العافية يدمها لكم، وكونوا له على نعمة من الشاكرين. إن كتاب خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتاني يأمرني بالمسير إليكم، وقد شمّرت وانكمشت، وكأنّ خيلي قد أطلّت عليكم في رجال، فابشروا بإنجاز موعود الله وحسن ثوابه، عصمنا الله وإياكم بالايمان، وثبّتنا وإياكم على الاسلام، ورزقنا وإياكم حسن ثواب المجاهدين. والسلام عليكم (¬2)، ولما قدم عمرو بن الطفيل، قرأ كتاب خالد على الناس وهم بالجابية، ودفع إلى أبى عبيدة كتابه، فقرأه، فقال: بارك الله لخليفة رسول الله فيما رأى، وحيى الله خالدا. كان خروج عمرو بن الطفيل إلى اليرموك في خلافة عمر بن الخطاب فقتل شهيدا - رضي الله عنه -. ¬
(173) عمرو بن فلان الدوسي
(173) عمرو بن فلان الدوسي عمرو بن فلان بن طريف الدوسي؛ ابن عم الطفيل بن عمرو، قال الحافظ: ذكره ابن الكلبي في الجمهرة فقال: بعد ذكر الطفيل: وقتل عمه عمرو يوم اليرموك (¬1). قلت: وهو خطأ لم أقف عليه في الجمهرة لابن الكلبي، والصواب: في سياق الطفيل قال: قتل ابنه: وهو عمرو بن الطفيل، ذكره ابن جزم في الجمهرة (¬2). أما عمرو بن فلان، فلم أقف على شيء عنه سوى ما ذُكر. (174) عمرو بن مالك الدوسي عمرو بن مالك بن عمرو بن مالك بن فهم بن غَنْم بن دوس بن عدثان بن عبدالله بن زهران بن كعب بن عبدالله بن نصر بن ملك بن الأزد بن الغوث (¬3)، من أجداد الإمام مسدد المحدث (¬4)، لهم محلة بالبصرة؛ معروفة بالقسامل (¬5)، ويقال لها: خطة بني أسْد (¬6). (175) عنبسة بن عمار الدوسي لم أقف على مزيد في نسبه، حجازي من أهل المدينة، قدم الكوفة فحدثهم بها. من شيوخه: حميد بن عبد الرحمن بن عوف، وعبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، وعكرمة مولى ابن عباس، وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، رحمهم الله. من تلاميذه: سعيد بن محمد الوراق، وعيسى بن يونس، ومروان بن معاوية الفزاري، وأبو معاوية الضرير (¬7). ¬
(176) عوف بن نضلة الدوسي
وروى عن أبي سلمة، عن أم سلمة قالت: "اغتسلت أنا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - من إناء واحد" (¬1). (176) عوف بن نضلة الدوسي عوف بن نضلة بن معاوية بن الحارث بن رافع الدوسي، لم أقف على ما يفيد عنه سوى أنه والد خالد بن عوف، ترجمته (76). (177) عياض بن الحارث الدوسي - رضي الله عنه - عياض بن الحارث بن عبد الله بن وهب الدوسي، هو جد عبد الرحمن بن مغراء، ترجمته (123) وعياض قدم مع أبيه الحارث (57) والحارث قدم مع أبيه عبدالله بن وهب (144) قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، في السبعين من دوس، فهم صحابة - رضي الله عنهم - (¬2). (178) عياض بن عبدالله الدوسي عياض بن عبد الله بن أبي ذباب؛ عم الحارث بن عبد الرحمن (56)، روى عنه ابن أخيه هذا أنه قال: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى دخل المسجد يصلي، فقان رجل يصلي بصلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬3). (179) عيسى بن سالم الدوسي لم أقف على ما يفيد عنه سوى أنه والد محمد بن عيسى، ترجمته (199). (180) قتادة بن دعامة الدوسي هذا خطأ إنما هو السدوسي، حذفت السين الأولى، وقد وقع هذا التحريف في مصادر منها: الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي 1/ 197، 365، في التعليق، ومرآة الجنان وعبرة اليقضان 1/ 197، وسير أعرم النبلاء 9/ 200، في التعليق، ومجلة البحوث الإسلامية 7/ 802. (181) قضاعة بن عامر الدوسي لم أقف على ما يفيد عنه سوى أنه عامل النبي - صلى الله عليه وسلم - على بني أسْد (¬4). ¬
(182) كبير أبو أمية الدوسي
(182) كبير أبو أمية الدوسي لم أقف على ما يفيد عنه سوى أنه والد جنادة، ترجمته (19). (183) كعب بن سور بن بكر الدوسي (¬1) كعب بن سور بن بكر بن عبد الله بن عبد بن ثعلبة بن سليم بن ذهل بن لقيط بن الحارث بن مالك بن فهم بن غنم بن دوس بن عدثان بن عبد الله بن زهران بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان (¬2)، بعثه عمر بن الخطاب بن قاضيا على البصرة بسبب أن امرأة قالت: إن زوجي يقوم الليل ويصوم النهار، وأنا أكره أن أشكوه إليك، فهو يعمل بطاعة الله. فكأن عمر لم يفهم عنها. وكعب بن سور هذا جالس معه، فأخبره أنها تشكو؛ أنها ليس لها من زوجها نصيب، فأمره عمر بن الخطاب أن يسمع منها، ويقضي بينهما، فقضى للمرأة بيوم من أربعة أيام، أو ليلة من أربع ليال، فسأله عمر عن ذلك، فنزع بأن الله - عز وجل - أحل له أربع نسوة لا زيادة، فلها الليلة من أربع ليال. وفي رواية الشعبي رحمه الله: أن كعب بن سور كان جالسا عند عمر بن الخطاب، فجاءت امرأة فقالت: ما رأيت رجلا قط أفضل من زوجي، إنه ليبيت ليله قائما، ويظل نهاره صائما في اليوم الحار ما يفطر، فاستغفر لها عمر، وأثنى عليها، وقال: مثلك أثنى بالخير وقاله، فاستحيت المرأة، وقامت راجعة، فقال كعب بن سور: يا أمير المؤمنين، هلا أعديت المرأة على زوجها إذ جاءتك نستعديك؟ ! فقال: أكذلك أرادت؟ قال: نعم. قال: ردوا علي المرأة. فردت، فقال لها: لا بأس بالحق أن تقوليه، إن هذا يزعم أنك جئت تشتكين أنه يجتنب فراشك. قالت: أجل إني امرأة شابة، وإني أبتغي ما تبتغي النساء. ¬
فأرسل إلى زوجها، فجاء، فقال لكعب: اقض بينهما فقال: أمير المؤمنين أحق بأن يقضي بينهما، فقال: عزمت عليك لتقضين بينهما؛ فإنك فهمت من أمرهما ما لم أفهم. قال: فإني أرى أن لها يوما من أربعة أيام، كأن زوجها له أربع نسوة، فإذا لم يكن له غيرها فإني أقضي له بثلاثة أيام ولياليهن يتعبد فيهن، ولها يوم وليلة. فقال عمر: والله ما رأيك الأول بأعجب من الآخر، اذهب فأنت قاض على أهل البصرة، ومن بعد عمر - رضي الله عنه -، عثمان - رضي الله عنه - أمر أبا موسى - رضي الله عنه - أن يقضي كعب بن سور بين الناس، ثم ولَّى ابن عامر فاستقضى كعب بن سور، فلم يزل قاضيا بالبصرة حتى كان يوم الجمل، فلما اجتمع الناس بالحربية، واصطفوا للقتال خرج وبيده المصحف، فنشره وشهره وجال بين الصفين؛ يناشد الناس الله في دمائهم، فقتل على تلك الحال، أتاه سهم فقتله. وقد قيل: كان المصحف في عنقه، وبيده عصا، وهو يأخذ الجمل، فأتاه سهم فقتله رحمة الله عليه. وفي رواية: ثم جاءته الثالثة، فقالت: إن زوجي يصوم النهار ويقول الليل! قال: أفتريدين أن أنهاه عن صيام النهار وقيام الليل؟ ، وكان عنده كعب بن سور، فقال كعب: إنها امرأة تشتكي زوجها. فقال عمر: أما إذا فطنت لها فاحكم بينهما، فقام كعب وجاءت بزوجها فقالت: يا أيها القاضي الفقيه أرشده ... ألهى خليلي عن فراشي مسجده زهَّده في مضجعي تعبده ... نهاره وليله ما يرقده ولست في أمر النساء أحمده ... فامض القضا يا كعب لا تردده (¬1) فقال الزوج: إني امرؤ قد شفني ما قد نزل ... في سورة النور وفي السبع الطول وفي الحواميم الشفاء وفي النحل ... فردها عنى وعن سوء الجدل ¬
(184) كرماني بن عمرو الدوسي
فقال كعب: إن السعيد بالقضاء من فصل ... ومن قضى بالحق حقا وعدل إن لها حقا عليك يا بعل ... من أربع واحدة لمن عقل أمض لها ذاك ودع عنك العلل ثم قال له: أيها الرجل إن لك أن تزوج من النساء مثنى وثلاث ورباع، فلك ثلاثة أيام، ولامرأتك هذه من أربعة أيام يوم. ومن أربع ليال ليلة، فلا تصل في ليلتها إلا الفريضة، فبعثه عمر قاضيا على البصرة (¬1). قتل يوم الجمل سنة (33) ثلاث وثلاثين، وهو يدعو للسلم، وعدم إراقة الدماء (¬2). وقد كان ناصحا لقومه الأزد ورئيسها صبرة بن شيماء الحداني، نصحهم بأن يعتزلوا الفتنة بين علي ومعاوية رضي الله عنهما، قال كعب بن سور لصبرة: أطعني واعتزل بقومك وراء هذه النطفة، ودع هذين الغارّين من مضر وربيعة يقتتلان، فأبى صبرة وقال: أتأمرني أن أعتزل أم المؤمنين؟ ، وأدع الطلب بدم عثمان، لا أفعل (¬3). (184) كرماني بن عمرو الدوسي هو غير الكرماني: جديع بن علي، فهو كرماني بن عمرو المعْني: نسبة إلى معن بن مالك بن فهم دوس بن عُدثان بن عبدالله بن زهران بن كعب بن عبد الله بن نصر ابن ملك بن الأزد (¬4)، أخو معاوية بن عمرو شيخ البخاري، ترجمته (226) وليس بالغين كما حصل الوهم فيه، وإنما هو بالعين المهملة، من بني نعن بن مالك (¬5)، حدث عن الكوفيين، وروى عنه إسحاق بن إبراهيم بن شاذان، وغيره (¬6). ¬
(185) كهمس بن شعيب الدوسي
(185) كهمس بن شعيب الدوسي لم أقف على ما يفيد عنه سوى أنه عاش (140) مأئة وأربعين سنة، قتله تأبط شرا (¬1). (186) مالك بن فهم الدوسي مالك بن فهم بن غَنْم بن دوس بن عدثان بن عبد الله بن زهران بن كعب بن عبدالله بن نصر بن ملك بن الأزد (¬2)، أول من مُلّك على العرب بالحيرة، هاجر من اليمن بعد سيل العرم في جماعة من قومه، فنزل العراق وابتنى بستانا في موقع الحيرة، وامتدت أيدي رجاله بحكم تلك الأنحاء، فلم يكن عليها سلطان غير سلطانه، وعاش فيها نحو عشرين سنة، قتله ابنه سليمة خطأ، وكان مالكا أراد اختبار يقظة ابنه في أثناء الحراسة، ومقدار احترازه في الظلام، في ليلة نوبته، فرماه سليمة خطأ وهو يظنه عدوا، فلما رأى سليمة أنه قد قتل أباه، خاف إخوته على نفسه، فاعتزلهم. وأجمع أمره على الخروج من بينهم، فرحل إلى فارس. فسار اليه أخوه هناءة بن مالك، في جماعة من وجوه قومه من الأزد، واجتمعوا اليه، وكرهوا عليه الخروج، وكان أكثر أوقاته متخوفا من أخيه معن بن مالك، خاف أن يقتله أخوه جزاء ما فعل، فقال لقومه: إني لا أستطيع المقام بينكم، وقد قتلت أبي، وقد يأتني من معن ما أكره، فاخاف أن يغتالني، في بعض سفهاء قومه، فناشدوه الله والرحم، لما أن يرجع عندهم، وضمن هناءة عنه بتسليم الدية من ماله إلى أخيه معن، دون سائر ولد مالك، وأعفوه عن القود، فقبل ذلك منهم ورجع معهم. وقيل: أنشأ هناءة بن مالك يرثي أباه: لو كان يبقى على الأيام ذو شرف ... لمجده لم يمت فهم وما ولدا حلت على مالك الأملاك جائحة ... هدت بناء العلا والمجد فانقصدا إذًا جذيمة لا يبعد ولا غلبت ... به المنايا وقد أودى وقد بعدا لو كان يفدى لبيت العز ذو كرم ... فداك من حل سهل الأرض والجلدا ¬
(187) محرر بن أبي هريرة الدوسي
يا راعي الملك أضحى الملك بعدك لا ... تدري الرعاة أجار الملك أم قصدا (¬1). (187) محرر بن أبي هريرة الدوسي محرر (¬2) بن أبي هريرة الدوسي، أنظر نسبه في ترجمة والده (117) وهو عم المحرر بن بلال بن أبي هريرة، التالية ترجمته. من شيوخه: روى عن أبيه، وعن عبد الله بن بن عمر، وعن عمر وقيل: روايته عنه مرسلة، وعن رجل من الأنصار (¬3). من تلاميذه: ثعلبة بن مسلم، والحارث بن يزيد الحضرمي، وعامر الشعبي، وعبد الله بن محمد بن عقيل، وعبد الله بن محيريز الجمحي، وعبد الجبار بن سعيد، وعبد الرحمن بن حجيرة، وعبد الواحد بن موسى الفلسطيني، وعطاء بن أبي رباح، وعكرمة بن مصعب، والمثنى بن الصباح، ومحمد بن مسلم بن شهاب الزهري، وابنه مسلم بن محرر بن أبي هريرة، وأبو المصعب مشرح بن هاعان، ومنيح بن صهيب (¬4). ومن روايته عن أبيه أنه قال: كنت مع علي بن أبي طالب لما بعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنادى بأربع حتى صَحِل صوته «ألا لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة، ولا يحجن بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، ومن كان بينه وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عهد فإن أجله إلى أربعة أشهر، فإذا مضت الأربعة فإن الله بريء من المشركين ورسوله» (¬5). ¬
(188) محرر بن بلال بن أبي هريرة
توفي بالمدينة في خلافة عمر بن عبد العزيز، وكان قليل الحديث (¬1). (188) محرر بن بلال بن أبي هريرة جده أبو هريرة - صلى الله عليه وسلم -، وعمه محرر تقدمت ترجمته، وهم سميه، روى عن جده أبي هريرة، عاش إلى حدود خمسين ومائة، رحمه الله (¬2). تنبيه: أما محرر بن جعفر الدوسي فهو محرر بن جعفر بن زياد، أو: مسكين، مولى أبي هريرة، وكذلك ابنه محمد بن محرر بن جعفر، ونسب إلى دوس بالولاء، وليس بالأصالة (¬3). (189) محمد بن أحمد بن محمد الدوسي محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد، أبو عبد الله بن قطبة، الدوسي، كان شيخ الفقهاء بقطره بالأندلس في وقته، وكان علبدا شيخا فاضلا، وكان رحمه الله لمكانه في النعرفة والعدالة أهلا للاستقلال بأعباء الحكومة، وكان نائب الوزير الفقيهأبي بكر يحيى بن مسعود بن علي الغرناطي، من أهل الأصالة والجزالة والجلالة، فكان يشاوره في أحكامه ونوازاه، ولد سنة (669) تسع وستين وستمائة (¬4). (190) محمد بن أحمد بن النضر الدوسي محمد بن أحمد بن النضر بن عبد الله بن مصعب أبو بكر، المعْني الدوسي، المعْني: نسبة إلى معن بن مالك بن فهم دوس بن عُدثان بن عبد الله بن زهران بن كعب بن عبد الله بن نصر ابن ملك بن الأزد (¬5)، وهو ابن بنت معاوية بن عمرو الأزدي المعْي الدوسي، شيخ البخاري، ترجمته (227) ولد سنة (196) ست وتسعين ومائة. ¬
من شيوخه
من شيوخه: جده لأمه معاوية بن عمرو، وأبو غسان مالك بن إسماعيل، وعبدالله بن مسلمة القعني. من تلاميذه: يحيى بن محمد بن صاعد، ومحمد بن مخلد، وأبو عمرو عثمان بن أحمد السماك، وأبو بكر أحمد بن سلمان النجاد، وأبو سهل أحمد بن محمد بن زياد القطان، وأبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي، وأبو بكر أحمد بن كامل القاضي، وإسماعيل بن محمد الخطبي، مات في صفر سنة (291) إحدى وتسعين ومائتين، ودفن في مقابر باب الشام، وصلى عليه أخوه أبو غالب (¬1)، قلن: لم أقف على ذكر لأخيه هذا. (191) محمد بن الحسن بن دريد الدوسي أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد بن عتاهية بن حنتم بن الحسن بن حمامي بن جرو بن واسع بن سلمة بن حاضر بن أسد بن عدي بن عمرو ابن مالك بن فهم بن غَنْم بن دوس بن عدثان بن عبد الله بن زهران بن كعب بن عبد الله بن نصر بن بن الأزد بن الغوث بن بن نبت بن مالك بن بن زي بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان (¬2). مولده: ولد في سكة صالح بالبصرة سنة ثلاث وعشرين ومائتين، ونشأ بها وتعلم فيها، ونشأ بعمان، وأقام بها ثنتي عشرة سنة، وتنقل في جزائر البحر والبصرة وفارس، وطلب الأدب، وعلم النحو واللغة، وكان أبوه من الرؤساء وذوي اليسار، ثم عاد إلى البصرة وسكنها زمانا، ثم خرج إلى نواحي فارس، وصحب ابني ميكال، وكانا يومئذ على عمالة فارس، وعمل لهما كتاب "الجمهرة" وقلداه ديوان فارس، فكانت تصدر كتب فارس عن رأيه، ولا ينفذ أمر إلا بعد توقيعه، فأفاد معهما أموالا عظيمة، وكان لا يمسك درهما سخاء وكرما، وورد بغداد بعد أن أسن فأقام بها إلى آخر عمره، وكان ¬
من شيوخه
المقدم في حفظ اللغة والأنساب، وله شعر كثير، وقيل كان يقرأ عليه دواوين العرب كلها أو أكثرها فيسابق إلى إتمامها ويحفظها (¬1). من شيوخه: عبد الرحمن بن أخى الأصمعي، وأبو حاتم السجستاني، وأبو الفضل الرياشي. من تلاميذه: أبو سعيد السيرافي، وأبو بكر بن شاذان، وأبو عبيد الله المرزباني، وأبو العباس إسماعيل بن ميكال، وغيرهم (¬2). قال ابن دريد: وحمامي هذا أول من أسلم من آبائي، وهو من السبعين راكبا الذين خرجوا مع عمرو بن العاص - رضي الله عنه - من عُمان إلى المدينة لما بلغهم وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أدوه في هذا يقول قائلهم: وفينا لعمرو يوم عمرو كأنه ... طريد نفته مذحج والسكاسك رسول رسول الله أعظم بحقه ... علينا ومن لا يعرف الحق هالك (¬3). مات أبو بكر بن دريد في يوم الأربعاء لثنتي عشرة ليلة بقين من شعبان سنة إحدى وعشرين وثلاث مائة، وعاش ثمان وتسعين سنة، وكان في جنازته جحظة فأنشدنا لنفسه: فقدت بابن دريد كل فائدة ... لما غدا ثالث الأحجار والترب وكنت أبكى لفقد الجود مجتهدا ... فصرت أبكى لفقد الجود والأدب ودفن بمقبرة الخيزران ببغداد (¬4)، ومن مليح شعره قوله: غرّاء لو جلت الخدور شعاعها ... للشمس عند شروقها لم تشرق ¬
غصن على دعص تأوّد فوقه ... قمر تألّق تحت ليل مطبق لو قيل للحسن احتكم لم يعدها ... أو قيل خاطب غيرها لم ينطق فكأننا من فرعها في مغرب ... وكأننا من وجهها في مشرق تبدو فيهتف بالعيون ضياؤها ... الويل حلّ بمقلة لم تطبق (¬1). قلت: ذكروا له هنات، وقد جاوز التسعين رحمه الله وغفر لنا وله. رثى الإمام محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله فقال: بملتفتيه للمشيب طوالع ... ذوائد عن ورد التصابي روادع تصرفه طوع البنان وربما ... دعاه الصبا فاقتاده وهو طائع ومن لم يزعه لبه وحياؤه ... فليس له من شيب فوديه وازع هل النافر المدعوُّ للحظ راجع ... أم النصح مقبول أم الوعظ نافع أم الهمك المهموم بالجمع عالم ... بأن الذي يوعى من المال ضائع وأن قصاراه على فرط ظنه ... فراق الذي أضحى له وهو جامع ويخمل ذكر المرء بالمال بعده ... ولكن جمع العلم للمرء رافع ألم تر آثار ابن إدريس بعده ... دلائلها في المشكلات لوامع معالم يفنى الدهر وهي خوالد ... وتنخفض الاعلام وهى فوارع مناهج فيها للهدى متصرف ... موارد فيها للرشاد شوارع ظواهرها حكم ومستنبطاتها ... لما حكم التفريق فيها جوامع لرأي ابن إدريس ابن عم محمد ... ضياء إذا ما أظلم الخطب ساطع إذا المعضلات المشكلات تشابهت ... سما منه نور في دجاهن صادع أبى الله إلا رفعه وعلوه ... وليس لما يعليه ذو العرش واضع توخى الهدى واستنقذته يد التقى ... من الزيغ إن الزيغ للمرء صارع ولاذ بآثار النبي فحكمه ... لحكم رسول الله في الناس تابع وعول في أحكامه وقضائه ... على ما قضى التنزيل والحق ناصع بطيء عن الرأي المخوف التباسه ... إليه إذا لم يخش لبسا مسارع ¬
(192) محمد بن عبد الرحمن بن نضلة الدوسي
وأنشا له منشيه من خير معدن ... خلائق هن الباهرات البوارع تسربل بالتقوى وليدا وناشئا ... وخص بلب الكهل مذهو يافع وهذب حتى لم تشر بفضيلة ... إذا التمست إلا إليه الأصابع فمن يك علم الشافعي إمامه ... فمرتعه في ساحة العلم واسع سلام على قبر تضمن روحه ... وجادت عليه المدجنات الهوامع لقد غيبت أثراؤه جسم ماجد ... جليلا إذا التفت عليه المجامع لئن فجعتنا الحادثات بشخصه ... وهن بما حكمن فيه فواجع فأحكامه فينا بدور زراهره ... وآثاره فينا نجوم طوالع (¬1). (192) محمد بن عبد الرحمن بن نضلة الدوسي هكذا نسبه بدر الدين العيني (¬2)، وذكره ابن حبان فقال: الؤلي، من أهل المدينة. قلت: لعل أحدهما تصحف من الآخر. روى عن ابن المسيب، والقاسم، وسالم، روى عنه يحية بن أبي كثير (¬3). (193) محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذباب الدوسي لم أقف على ما يفيد عنه سوى أنه روى عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يدخل ولد الزنى ولا شيء من نسله إلى سبعة آباء الجنة» (¬4). قلت: هذا حديث باطل سندا ومتنا، مناقض للكتاب العزيز، قال تعالى: {وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (¬5). أما أبو ذباب فهو بضم الذال وتخفيف الباء الأولى، جد إياس بن الحارث بن معيقيب لأنه (¬6)، وهو غير أبي ذباب المذحجي، السعدي، من سعد العشيرة (¬7). ¬
(194) محمد بن عبد الله الدوسي
(194) محمد بن عبد الله الدوسي لم أقف على ما يفيد عنه سوى أنه والد عبدالله (138) روى بسنده عن شريك، عن سلمة بن كهيل، عن الصُّنابحي، عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أنا دار الحكمة وعلي بابها» (¬1). قلت: هذا حديث باطل منكر، وهو مما وضعته الرافضة، وشريك هو ابن عبدالله؛ من أهل السنة والجماعة رحمه الله، سئل؛ أيهما أفضل أبو بكر أو علي؟ ، فقال: أبو بكر، فقال السائل: تقول هذا وأنت شيعي، فقال: نعم: من لم يقل هذا فليس شيعيا، والله لقد رقى هذه الأعواد علي، ولقال: "ألا إن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر، ثم عمر" فكيف نرد قوله، وكيف نكذبه؟ ، والله ما كان كذابا (¬2)، وهكذا حال الناس حتى في الكوفة، ولم ينتقض الأمر إلا بظهور دعاة الضلال، قال أبو إسحاق السبيعي رحمه الله: خرجت من الكوفة وليس أحد يشك في فضل أبي بكر وعمر وتقديمهما وقدمت الآن وهم يقولون ويقولون، ولا والله ما أدري ما يقولون (¬3). أبو إسحاق رحمه الله أنكر تلك الأقويل، ونفى علمه بها في السابقين، وهذا ما كان عليه جميع الصحابة زمنهم علي - رضي الله عنه -، قد تواتر عنه من طرق كثيرة قيل إنها تبلغ ثمانين طريقا، أنه قال: " خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم وعمر" (¬4)، ومن بعد الصحابة التابعون رحمهم الله، قال ليث بن أبي سليم رحمه الله: "أدركت الشيعة الأولى وما يفضلون على أبي بكر وعمر أحدا" وقال مسروق وطاووس وهما من أجل التابعين رحمهما الله: " حب أبي بكر وعمر ومعرفة فضلهما من السنة" (¬5)، وروى ¬
(195) محمد بن عبد الله بن حوالة الدوسي - رضي الله عنه -
الدوسي بسنده عن أنس - رضي الله عنه - رفع "لا تأخذوا ينكم عن مسلم أهل الكتاب" في سنده؛ أبو أسلم متروك، والراوي عنه مجهول، وقد قال الدوسي: حدثني به أبو أسلم (¬1). قلت: فيما صح عن رسول الله غناء عن الموضوعات، ورواية المجاهيل. (195) محمد بن عبد الله بن حوالة الدوسي - رضي الله عنه - لم أقف على مزيد في نسبه ولم يذكره إلا ابن عساكر، وظني أن خلطا وقع في الرواية فكل ما يأتي ذكره من رواية أبيه عبد الله بن حوالة، ترجمته (135) فقال ابن عساكر رحمه الله: سكن دمشق، وروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أحاديث، يكنى أبا حواله، وأبا عقبة (¬2)، ولم يرد في كنى عبد الله بن حوالة أنه أبو عقبة، ذكر له كنيتان: أبو حوالة، وأبو محمد، أما أبو عقبة فهو ابنه محمد الذي لم يُذكر إلا في تاريخ ابن عساكر، والروايات التي أوردها ابن عساكر ليست له بل لأبيه، وروى ابن عساكر بسنده عن أبي عقبة محمد بن عبد الله بن حوالة الأزدي، عن آبائه ممن أدرك منهم، عن عمرو بن الطفيل الدوسي؛ ذي النور من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعا له؛ فنور له سوطه، فكان يستضئ به، وكان ينزل بيتا من أرض فلسطين، واستشهد يوم اليرموك (¬3). قلت: وظني أن وهما وقع في السند فقد روى ابن عساكر نفسه الشك فقال بسنده: عن عثمان بن هاشم عن أبيه حدثني محمد بن عبد الرحمن الأزدي عن أبيه ممن أدرك منهم عن عمرو بن ذي النور وكان من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعا له ـــ للطفيل ذي النور، والد عمرو ـــ فنور له في سوطه، فكان يستضئ به، واستشهد باليرموك، وكان منزله بيتا من أرض فلسطين (¬4). فالأول محمد بن عبد الله الأزدي، والثاني محمد بن عبد الرحمن الأزدي، والله أعلم كما قال ابن عساكر رحمه الله. ¬
وما يلي يؤكد الخطأ: وروى عبد الله بن حوالة الأزدي - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنكم ستجندون أجنادا جندا بالشام، وجندا بالعراق، وجندا باليمن، قلت: يا رسول الله، استخر لي، قال: عليكم بالشام، فمن أبى فليحلق بيمنه، وليستق من غدره، فإن الله تعالى قد تكفل لي بالشام وأهله» (¬1)، وفي رواية أنه قال: يا رسول الله، خر لي بلدا أكون فيه، فلو علمت أنك تبقى لم أختر على قربك، قال: «عليك بالشام» ثلاثا، فلما رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - كراهته لها، قال: «هل تدري ما يقول الله تعالى في الشام؟ ، إنه يقول: يا شام يدي عليك، يا شام أنت صفوتي من بلادي، أدخل فيك خيرة عبادي، أنت سوط نقمتي، وسوط عذابي، أنت الأنذر وعليك المحشر، ورأيت ليلة أسري بي عمودا أبيض كأنه لؤلؤة تحمله الملائكة، قلت: ما تحملون قالوا: عمود الإسلام (¬2)، أمرنا أن نضعه بالشام وبينا أنا نائم إذ رأيت الكتاب اختلس من تحت وسادتي، فظننت أن الله تعالى قد تخلا من أهل الأرض، فأتبعته بصري فإذا هو بين يدي حتى وضع بالشام، فمن أبى فليلحق بيمنه وليستق من غدره فإن الله تعالى قد توكل لي بالشام وأهله» (¬3). بعثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لنغنم على أقدامنا، فرجعنا فلم نغنم شيئا، وعرف الجهد في وجوهنا، فقام فينا فقال: «اللهم لا تكلهم إلي فأضعف عنهم ولا تكلهم إلى أنفسهم فيعجزوا عنها ولا تكلهم إلى الناس فيستأثروا عليهم ثم قال لتفتحن الشام والروم ¬
(196) محمد بن عقبة الدوسي
وفارس أو الروم وفارس حتى يكون لأحدكم من الإبل كذا وكذا ومن البقر كذا وكذا وحتى يعطى أحدكم مائة دينار فيسخطها ثم وضع يده على رأسي وعلى هامتي ثم قال يا ابن حوالة إذا رأيت الخلافة نزلت الأرض المقدسة فقد دنت الزلازل والبلاء والأمور العظام والساعة يومئذ أقرب إلى الناس من هذه من رأسك» (¬1). (196) محمد بن عقبة الدوسي لم أقف على ما يفيد عنه سوى أنه روى بسنده عن قيس بن أبي حازم، عن أبيه: أنه أتى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو رث الهيئة فقال: «هل لك من مال؟ » قال: بلى (¬2)، من كل المال وقد آتاني الله من الإبل والبقر والغنم، قال: «من كان له مال فلير عليه أثره» (¬3). قلت: هذا من الشرع متفق مع الكتاب والسنة؛ لأن الله يحب أن يُر أثر نعمته على عبده، من غير كبر ولا مخيلة، قال تعالى: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} (¬4)، وكما يكون الحديث باللسان، يكون بالحال، من إظهار النعمة مع التواضع. (197) محمد بن عيسى بن سالم الدوسي محمد بن عيسى بن سالم بن علي بن محمد، جمال الدين، أبو أحمد، ومحمد، المعروف بابن حشيشي، الدوسي، الإمام المدرس، الفرضي النحوي، اللغوي الأصولي، مفتي الحرمين، فاضل من فقهاء الشافعية (¬5). ¬
مولده
مولده: ولد سنة (601) إحدى وستمائة، ونشأ في شريش (¬1)، وعاش بمكة (¬2). من شيوخه: علي بن أبي الفضل المرسي، سمع عليه أجزاء من صحيح ابن حبان، ومحمد بن الحسن بن علي الطبري، وحدّث (¬3). ألَّف المقتضب في الفقه: قرأه عليه الرضي بن خليل العسقلاني، ونَظَمَ التنبيه: للشيخ أبي إسحاق الشيرازي، ، في (7546) سبعة آلاف وخمسمائة، وستة وأربعين بيتا: سماها الكفاية، وشرحه في أربع مجلدات: سماها الغاية، وكان موقوفا برباط ربيع من مكة، وأسند فيه أحاديث كثيرة، للاستدلال بها من جماعة، وله كراسة في علم الحديث: سماها صفوة علم الحديث في الميز بين الطيب والخبيث، قرأه عليه العلم أحمد بن أبي بكر بن خليل العسقلاني، في المحرم سنة (667) سبع وستين وستمائة، وعبد الرحيم بن يوسف، والعماد إسماعيل بن محمد بن إبراهيم الطربون، والتقي عمر بن محمد بن عمر القسطلاني، ابن إمام المالكية والجار لهم (¬4). وفاته: توفي بالمدينة، في رجب سنة أربع وسبعين وستمائة (¬5)، رحمه الله. وتوفي بالمدينة، في رجب سنة أربع وسبعين وستمائة (¬6). آل قطبة الدوسيون أيها القارئ الكريم لاحظ أن هذه الأسرة الدوسية سكنت مدينة غرناطة من الأندلس، وكانت ذات مكانة وشرف، وتداخلت أسماء أفرادها وكناهم بين محمد وأحمد، كما ¬
(198) محمد بن أحمد أبو القاسم الدوسي
ستجده عند قراءة كل ترجمة؛ وهذا ينبئ بترابط الأسرة، وتقدير بعضهم لبعض، وقد ترجم لهم لسان الدين ابن الخطيب، وهو من أقران كبارهم، ويظهر أنه معجب بهذه الأسرة، وغن تناقض فيما كتب عن أبي القاسم التالي ذِكرُه. (198) محمد بن أحمد أبو القاسم الدوسي قال إحسان عباس رحمه الله (¬1): الشيخ الكاتب أبو القسم محمد بن محمد (¬2) بن أحمد بن قطبة الدوسي، كلأه الله تعالى، ترجم له ابن الخطيب في التاج والإحاطة، ويبدو أن نظرة ابن الخطيب له تغيرت، فهو هنا يذمه على خلاف ما ورد في الإحاطة، على أني المح عاملا آخر قويا جدا على تأليف هذه الكتاب؛ وهو رغبة لسان الدين في أن يعيد النظر في تقدير الأشخاص الذين تنكروا له؛ مثل القاضي النباهي، وابن فركون، وابن زمرك، وأبي القاسم بن قطبة الدوسي، وأن يكيل لهم من الذم ما يشفي به بعض غليله، ويصحح آراءه التي سجلها فيهم من قبل في الإحاطة وغيرها من كتبه ورسائله، وحسبك أن تقارن مثلا بين ما كتبه في ظهير بتولية ابن الحسن القضاء، وفي ترجمته له في الإحاطة، وفي الإشارات التي دونها عنه في مواضع أخرى منها، وبين ترجمته في الكتيبة "لجعسوس" حتى ترى مبلغ التغير الذي أصاب نظرة ابن الخطيب نحو صديق قديم، ومثل ذلك موقفه من سائر الأشخاص الذين تنكروا له وتآمروا عليه. وإذا كان ابن الخطيب ملوما من الزاوية التاريخية فأولئك الأشخاص يتلقون قدرا مكافئا من اللوم، فابن زمرك الذي حرق البخور الكثير على أعتاب أستاذه تحين كل فرصة بعد تغير الحال لينحي عليه بالذم في قصائده ويعرض به تقربا إلى السلطان، إنها أزمة لم تحرق ابن الخطيب وحده بنارها بل حرقت خصومه أيضا (¬3). واسمع ما قال لسان الدين ابن الخطيب عن أبي القاسم الدوسي في حال الرضا: محمد بن أحمد بن قطبة الدّوسي؛ من أهل غرناطة، يكنى أبا القاسم، مجموع خلال بارعة، وأوصاف كاملة، حسن الخطّ، ذاكر للتاريخ والأخبار، مستول على خصال ¬
حميدة؛ من حسن رواء وسلامة صدر، إلى نزاهة الهمّة، وإرسال السّجية، والبعد عن المصانعة، والتحلّي بالوقار والحشمة، شاعر، كاتب. ومناقبه يقصر عنها الكثير من أبناء جنسه، كالفروسيّة، والتجنّد، والبسالة، والرّماية، والسّباحة، والشطرنج، متحمّد بحمل القنا، مع البراعة، مديم على المروءة، مواس للمحاويج من معارفه. ارتسم في الديوان فظهر غناؤه، وانتقل إلى الكتابة، معزّزة بالخطط النّبيهة العلمية، وحاله الموصوفة متّصلة إلى هذا العهد، وهو معدود من حسنات قطره. وثبت في "التاج المحلى" بما نصّه: "سابق ركض المحلّى، أتى من أدواته بالعجائب، وأصبح صدرا في الكتّاب وشهما في الكتائب. وكان أبوه، رحمه الله، بهذه البلدة، قطب أفلاكها، وواسطة أسلاكها، ومؤتمن رؤسائها وأملاكها، وصدر رجالها، ووليِّ أرباب مجالها، فقد نثل ابنه سهامها، فخبر عدالة وبراعة وفهما، وألقاه بينهم قاضيا شهما، فظهر منه نجيبا، ودعاه إلى الجهاد سميعا مجيبا، فصحب السّرايا الغربية المغيرة، وحضر على هذا العهد من الوقائع الصغيرة والكبيرة، وعلى مصاحبة البعوث، وجوب السّهول والوعوث، فما رفض اليراعةَ للباتر، ولا ترك الدّفاترَ للزمان الفاتر. له أدب بارع المقاصد، قاعد للإجادة بالمراصد. وقال من الرّوضيات وما في معناها: دعيني ومطلول الرّياض فإنني ... أنادم في بطحائها الآس والوردا أعلّل هذا بخضرة شارب ... وأحكي بهذا في تورّده الخدّا وأزهر غصن البان رائد نسمة ... ذكرت به لين المعاطف والقدّا (¬1). وذكر من شعره نماذج متنوعة المشارب. واسمع ما قال لسان الدين ابن الخطيب في صديقه القديم، في كتاب ألفه لهذا الغرض: "هذا الرجل ممن ينتحل الشعر، ويكسد سوق حظه فيغلي السعر، ويوجب لنفسه ما يوجبه المغرور، ويهتف لسانه بما لا يهتف به إلا المرور، فهو مرحمة، وإن رأى نفسه فارس ملحمة، ومشفقة، وإن زعم إنه يجري على عطارد نفقة". ¬
وجرى ذكره في بعض الموضوعات الأدبية بما نصه: "مفحاش مهذار، لا يتعقب زلاته اعتذار، ولا يزعه من بعد خط الزوال بمفرقه إنذار، سخيف العقل، عديم الصقل، حجة قوله أخبر تقل، منسفل من سرير الهرقل، إلى مطرح العقل، رأسه مكفوف، ومخه منشوف، ودنه عقير، وبيته من البِرّ والبُر فقير، يقرع من بعد المشيب باب الشقا. . . .، وشعره شعث الشعر، مشوب غرضه بالبعر (¬1)، فمن ذلك يمدح السلطان أبا الحجاج (¬2) رحمه الله: سفرتْ فأخجلتْ الصباح المسفرا ... ورنتْ فسدَّدتْ السهام الأُخزرا وثنتْ معاطفها الليان لزورة ... تركت بها لين القضيب محيرا وكأنما تهدي نفائس لؤلؤ ... من ثغرها خُضن العتيق الأحمرا ردي الفؤاد فدتك نفسي وارحمي ... صبا مشوقاً من وصالك مقترا لم يكف أن صيَّرتِ قلبي عامداً ... حتى أسلت من المدامع جعفرا أعصي العواذل ما أطعت صبابتي ... إن المتيم حسبه أن يخفرا ذعرتُ بجيش الردف مقنب خصرها ... فلذا ترى بين الخصور مخصرا حديث جيش الردف عنها مسند ... إذ كان نص الخصر عنها مفتِرى ولئن جرت من مقلتي مدامع ... ووردت من وصل الحبيب الاكدرا فلكم صفا ماء الحياة بيوسف ... وغدا به ربع المظالم مقفرا الآخذ الأرواح يوم نزاله ... والتارك البطل الكمي معفرا والواهب الآلاف ليس يعيرها ... طرفاً ولو كانت خيولاً ضمرا ملك إذا نطق الحسام بكفه ... خرس البليغ ولو تسنم منبرا يمضي العزيمة وهي برق خاطف ... فيدق أعناقا ويقصم أظهرا وقال في غرض النسيب: ولما تمادى البعد بيني وبينها ... وكادت حبال الوصل أن تتصرما ¬
(199) محمد بن عمر الدوسي
خشيتُ على الأجفان من كثرة البكا ... وخفتُ على الأحشاء أن تتضرما فرمتُ سُلُواً عن هواها فعاقبني ... من الشوق ما يثني الخلي المصمما فأمسى عذابي في هواها خللاً ... وأصبح سلواني عليَّ محرما (¬1). قلت: صدق عبد الله بن معاوية حين قال: وعين الرضا عن كل عيب كليلة ... ولكن عين السخط تبدي المساويا قلت: من قواعد المحدثين عدم قبول قول الأقران بعضهم في بعض، وهم خصوم، رضوا فقالوا أحسن ما علموا، وغضبوا فقالوا أسوأ ما وجدوا، وهذا لسان الدين بن الخطيب رضي عن أقرانه فأجاد مدحهم، ومنهم أبو القاسم الدوسي، وغضب فألف الكتيبة لثلبهم وذمهم، فجيش فكره وسمى نتاجه "الكتيبة" وهذا نظير ما يسمى اليوم بالحرب الباردة، وهي وإن كانت ألفاظا لكنها على الحر أشد من وقع السنان، ولاسيما إذا كانت ألفاظا لا حقيقة لها في الواقع، وهذا حال الكتاب والشعراء، يتغايرون في الرضا والغضب، والله المستهان على قول الحق، وحفظ اللسان. (199) محمد بن عمر الدوسي القاضي شمس الدين، الدوسي، الحنبلي، والد محمد بن محمد (207) وهو غير الرومي، التالية ترجكته، لم أقف على ما يفيد عنه سوى هذا. (200) محمد بن عمر الدوسي هو رومي نسب الدوسي ولاءًا، ذكرته بيانا، يروي عن شعبة بن الحجاج، وشعبة مولاً أيضا، روى عنه أبو قلابة الرقاشي (¬2). (201) محمد بن بن أحمد بن قطبة الدوسي. أبو محمد بن أبي لقاسم، أخو محمد بن محمد بن أحمد بن قطبة، ترجمته (206). محمد بن أحمد بن قطبة الدوسي، الكاتب، الصبي الشاعر، أتى الشعر صبيا، وأستمطر منه حَبيا، وفي كعبته رجبيا، وإن أصبح من كل ما سواه أجنبيا، كأنما ارتضعه من ثدي الخنساء، والأخيلية ذات الكساء، وأمثالها من شعراء النساء، أو: تحساه في الحُسا، مع الإصباح والامسا، فروي من سجله، وأنتظم في سلك الكتاب ¬
من أجله، وشفعت في تقصير أبيه إجادة نجله، وتميز بالهجاء، والسلاح في الأرجاء، فمن شعره: لأمر ما تُحملت الحمول ... وقلبك في الضلوع له حلول أخفت العاذلين فحلت عما ... عهدت، وعهد مثلك لا يحول أم اخترت التصبر عن حبيب ... جميل بان أنت به جميل أما وأبي لقد رحلت قلوب ... غداة رحيلهم ونأت عقول وقفت بربعهم ابكي اشتياقا ... وصبري مثل نسمته عليل أسائل عنهم طللا محيلا ... كلانا بعدهم طلل محيل كأن الصبر فاض على جفوني ... فكان بربعهم دمعا يسيل عهدتك ربع أفراح ولهو ... تبشر بالقبول بك القبول تلوح لنا القباب بها شموسا ... وليس لها إذا أمسى أفول ويبدو البدر فيها ليس يخفي ... محاسنها صباح أو أصيل تخاف ظباءها الأسد الضواري ... وتخشى بطشها الصيد القيول تحل بها اللواحظ والمواضي ... وتختلس المواعد والعقول فكم صب له سر مصون ... لأدمعه وسلوته مذيل وكم من عاشق عاصته فيها ... شمول ذِكْر من يهوى الشمول يكابد وجده ليلا طويلا ... إلى مَن ليل وفرته طويل ويقنع أن يقال له سقيم ... لكي يحكيه محزمه الضئيل كأن غرامه وقف عليه ... فليس إلى السلو له سبيل وتجرح وجنتيه شهود دمع ... عدول للكرى عنها عدول وكم من شادن أحوى غرير ... يغر الناس منظره الجميل إذا ما تنسمه مشوقا ... يضل سلوه طرف كحيل ومهما ضل كفرانا محب ... هداه من لواحظه رسول جواد حين تسأله نوالا ... ولكن بالوصال لنا بخيل قنعت وإن نقعت به غليلا ... كذاك الحر يقنعه القليل كأن وصاله العيوق عزا ... فليس له لمن يهوى وصول
(202) محمد بن المثنى الفراهيدي الدوسي
سقاه شبابه كأسا دهاقا ... لذلك عطفه طربا يميل خليلي والتصبر عنه عار ... ولا صبر إذا نادى الخليل رعاك الله كم سفهت رأيي ... وليس لنجم آمالي أفول وأن مطل الزمان لنا بوعد ... فان ابن الخطيب (¬1) له كفيل (¬2). (202) محمد بن المثنى الفراهيدي الدوسي محمد بن المثنى الفراهيدي، الأزدي، والفراهيد قيل: هو ابن مالك بن فهم بن عبد الله بن مالك بن نصر بن زهران، وعليه لا يكون دوسيا، بل من أبناء العمومة (¬3). وقيل: فراهيد منسوب إلى فرهود بن شبابة بن مالك بن فهم بن دوس بن عدثان، فيكون دوسيا. وهو من أصحاب الكرماني: جديع (43) كان فارسا وقائدا له، خرج معه يومئذ أربعة آلاف رجل لا يرى منهم إلا الحدث لمناصرة جديع على نصر بن سيار، فالتقى الجيشان، وكان سلم بن أحوز قائد جيش نصر بن سيار، فقتتلوا ساعة فقتل من أصحاب جديع الكرماني قريب من عشرين رجلا، وقتل من أصحاب نصر بن سيار مائة رجل، وانهزم سلم بن أحوز ومن معه (¬4). (203) محمد بن محمد بن أحمد الدوسي قال ابن الخطيب: محمد بن محمد بن أحمد بن قطبة لبدوسي، يكنى أبا بكر، أخو محمد لن قطبة الدوسي، ترجمته (209) تلوه في الفضل والسّراوة، وحسن الصورة، ونصاعة الطّرف، مُرب عليه بمزيد من البشاشة والتنزّل، وبذل التودّد، والتبريز في ميدان الانقطاع، متأخر عنه في بعض خلال غير هذا، ذكيّ الذهن، مليح الكتابة، سهلها، جيّد ¬
(204) محمد بن محمد الدوسي
العبارة، متأتّي اليراع، مطلق اليد، حسن الخطّ، سريع بديهة المنثور، معمّ، مخول في التخصّص والعدالة. كتب الشّروط بين يدي أبيه، ونسخ كثيرا من أمّهات الفقه، واستظهر كتبا، من ذلك "المقامات الحريرية" وكتب بالدار السلطانية، واختصّ بالمراجعة عمّن بها، والمفاتحة أيام حركات السلطان عنها إلى غيرها، حميد السيرة، حسن الوساطة، نجديّ الجاه، مشكور التصرّف، خفيف الوطأة. وُلّي الخطابة العليّة، مع الاستمساك بالكتابة. ولم يؤثر عنه الشعر، ولا عوّل عليه (¬1). (204) محمد بن محمد الدوسي محمد بن محمد بن عمر، الشيخ العالم، ولي الدين ابن القاضي شمس الدين، الدوسي، الصالحي، الحنبلي. توفي بصالحية دمشق يوم السبت تاسع عشر في الحجة سنة ثمان وعشرين وتسعمائة. ودفن بها (¬2). (205) محمد قطبة الدّوسي قال ابن الخطيب: محمد بن محمد بن محمد بن قطبة، الدّوسي، يكنى أبا بكر، وقد ذكرنا أباه وعمّه، ويأتي ذكر جدّه. كان نبيل المقاصد في الفن الأدبي، مشغول به، مفتوح من الله عليه فيه، شاعر مطبوع، مكثر، انقاد له مركب النظم، في سنّ المراهقة، واشتهر بالإجادة، وأنشد السلطان، وأخذ الصّلة، وارتسم لهذا العهد في الكتابة. وشرع في تأليف يشتمل على أدباء عصره. من شعره: إذا شمت (¬3) من نحو الحمى في الدّجا برقا ... أبى الدّمع إلّا أن يسيل ولا يرقى ومهما تذكّرت الزمان الذي مضى ... تقطّعت الأحشاء من حرّ ما ألقى خليليّ، لا تجزع لمحل فأدمعي ... تبادر سقيا في الهوى لمن استسقى ¬
(206) محمد بن قطبة الدوسي
وما ضرّ من أصبحت ملك يمينه ... إذا رقّ لي يوما وقد حازني رقّا فنيت به عشقا وإن قال حاسد ... أضلّ الورى من مات في هاجر شقّا تلهّب قلبي من تلهّب خدّه ... فيا نعم ذاك الخدّ فاض بأن أشقى ومنها: وكم من صديق كنت أحسب أنه ... إذا كذبت أوهامنا رفع الصّدقا (¬1). (206) محمد بن قطبة الدّوسي قال ابن الخطيب: محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن قطبة الدّوسي، ابن عمّ المذكورين قبله، يكنى أبا القاسم. كان حسن الصورة، لازم القراءة على شيوخ بلده، ونظم الشعر على الحداثة، وترشح للكتب بالدار السلطانية مع الجماعة، ممن هو في نظمه (¬2). (207) محمد بن قطبة الدوسي قال ابن الخطيب: محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن قطبة الدّوسي، أخو الفقيه أبي بكر بن القاسم ابن محمد المذكور. كان شابا حسن فاضل، دمث، متخلّق، جميل الصورة، حسن الشكل، أحمر الوجنتين، حفظ كتبا من المبادئ النحوية، وكتب خطّا حسنا، وارتسم في ديوان الجند مثل والده. زعم أخوه أن من شعره قوله: حلفت بمن ذاد عنّي الكرى ... وأسهر جفني ليلا طويلا وألبس جسمي ثياب النّحول ... وعذّب بالهجر قلبي العليلا ما حلت عن ودّه ساعة ... ولا اعتضت منه سواه بديلا (¬3). ¬
(208) محمد بن معنمر الدوسي
(208) محمد بن معنمر الدوسي لم أقف على ما يفيد عنه سوى أنه جد عبد الرحمن بن إسحاق القاضي على مصر، ترجمته (114) وترجمة إسحاق (25). (209) محمد بن منصور بن السمح الدوسي لم أقف على ما يفيد عنه سوى أنه الجد الثاني للعلامة المغامي: يوسف بن يحيى بن يوسف بن محمد بن منصور بن السمع بن عبد العزيز الدوسي، الأزدي، ترجمته (248). (210) محمد بن يحيى الدوسي لم أقف على ما يفيد عنه سوى أنه الجد الثاني لأحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن يحيى الدوسي، من أهل غرناطة، ترجمته (19). (211) مخلد بن حازم الحهضمي الدوسي لم أقف على ما يفيد عنه سوى أنه والد الحسن شيخ الطحاوي، ترجمته (65) وأن كنيته أبو الحكم، وهو أخو جريرة، ترجمته (45) روى عنه وهب بن جرير، ومسلم ابن إبراهيم (¬1)، وتكملة نسبه في ترجمة ابنه الحسن، وأخيه جرير، وابن أخيه وهب. (212) مربان بن بن سعد الدوسي كان شاعرا، برز يوم الغارة على بني الحارث وهم في النسب أبناء العم، وكان سبب ذلك أن غلامين من آل الحارث الغطريف بن عبد الله بن عامر الغطريف بن بكر بن يشكر بن مبشر بن صعب بن دهمان بن نصر بن زهران اتيا حكما في دوس؛ كانت دوس تحاكم إليه، وكان شيخا كبيرا، فحسد قوم من العرب دوسا موضع الحكم، وأتى الغلامان إلى الحكم فقال أحدهما يا عم: احكم بيننا، وأخرجه من منزله. فقال أحدهما: دخلت في رجلي شوكة، فأنزعها، فنكس الشيخ لينزعها وضربه الآخر بسيفه فقتله، فغضبت دوس، وقالوا لبني الحارث: لا بد من سيد منكم نقتله، فدلوا على رجل كان سيدا، فخرج من دوس أربعون رجلا على الخيل، ثم إنهم استقلوا خيلهم فأزدادوا حتى صاروا تسعة وسبعين فارسا، فقالوا نكون ثمانين فارسا، فأبتغوا ¬
لنا فارسا نتم به ثمانين، فأتوا حمحة بن الحارث بن نافع بن سعد بن ثعلبة بن لؤي بن عامر بن غانم بن دهمان بن مهنب بن دوس بن عدنان، وفيه بيت دوس، فقالوا له: أرسل معنا فارسا من ولدك نغزو حي ضماد سيد آل الحارث. فقال لهم حممة: وأنا إن شئتم، ثم أرسل معهم رجلا من ولده. وقال لهم صبحوا القوم ولا تغيروا عليهم في الليل فيقتل بعضكم بعضا، ولكن مغلسين إذا عرف بعضكم وجوه بعض، فساروا حتى أتوا بياتا من بني الحارث، في الليل، فوقفوا حتى إذا أضاء الصبح، وقتلوا بني الضماد، وذلك بقنونا (¬1)، وانصرفوا. كان فيهم ابن الغامدية، وهو جندب بن طريف بن عامر بن عبد الله بن عمش بن معاوية بن رابية بن محارب بن دهمان بن مهنب بن دوس بن عدنان. وكانت أخت مربان بن سعد الدوسي تحت ضماد بن مسرح، من بني الحارث، فلما أغارت دوس على بني الحارث؛ وهم أبناء العم، قصدها أخوها مربان، فلاذت به، وضمت فخذها على ابنها من ضماد، وقالت: يا أخي اصرف عني القوم فإني حائض لا يكشفي، فنكس سية القوس في ذراعها وقال: لست بحائض؛ ولكن في درعك سخلة من آل الحارث، ثم أخرج الصبي فقتله، وقال في ذلك: ألا هل اتى أهل الحصين وقد نعت (¬2) ... خلافتنا في أهله ام مسرح تركناك لا اهلا تثوب (¬3) اليهم ... ومالك بالأهجار من متمنح (¬4) تركناك ان تذكر علامات أرضنا ... ودون اخيال العقاقير تكلح ونصرة تدعو بالفتى ويكرها ... برائبة ينفحن من كل منفح فلما قدم ضماد، ورأى ما صنع بأهله وولده، قطع اذني ناقته. ثم صاح ببني الحارث فأجتمعوا فتغازوا سبع سنين لا يتراجعون ويتناقلون الأشعار، وقيل من ذلك قول ¬
الطفيل، ذي النون بن عمرو بن طريف بن العاص بن ثعلبة بن سليم بن عمرو بن فهم بن غانم بن دوس بن عدنان، وهذا قبل الإسلام: فلا وإله الناس أرأم (¬1) سلمهم ... وإن ريمته مهنب وبنو فهم أسلم على خسف وما كنت خالدا ... وما لي من واق إذا راعني حتم فلا سلم حتى تقرع الخيل بالقنا ... وتصبح طير كانسات (¬2) على لحم ولما يكن يوم أغر محجل ... تسيره الركبان من دوننا ضخم ثم إن بني الحارث الغطريف، أوقعوا بدوس، بذي الحور (¬3)، فنالوا فيهم، فلم يزالوا كذلك تسع سنين، ولا يتراجعون، حتى كان يوم حضورة حضوة (¬4)، فأجتمعت بنو الحارث إلى ضماد بن مسرح الحارثي، وكان يافعا، وسارت دوس عليها عمرو بن حممة الدوسي، حتى التقوا بحضوة فوقف ضماد على رأس عويرة، وهو جبل (¬5)، ونزل بنوا الحارث وأفنناء يشكر (¬6)، وأتتهم دوس، فأمر خالد بن ذي الشامة، هندا، وجندلة وفطيمة، ونصرة فقال: بتن وكنَّ صباحا، فجعلن يسقين دوسا، ويحضضنهم على القتال، وكنَّ إذا رجع رجل من دوس فارا لقينه وقلن: مرحبا بك معنا فإنك من النساء، فيرجع مشحوذا، وكان أول ما بدأ من حربهم أن رجلا خرج من دوس، فرمى سهما وقال: أنا أبو زين: فقال ضماد، وهو رأس الجبل، يا قوم رأيتم فأرجعوا. ثم رمى آخر من دوس وقال: خذها وأنا ذِكْر. فقال ضماد: ذهبوا بذكرها، فقبلوا رأيي وانصرفوا، فقالوا: جنبت؟ ! قال كلا، ثم تزاحفوا فأقتتلوا حتى كثر القتل في كلا الفريقين. ثم انهزمت بنو الحارث الغطريف، وكان الظفر لدوس (¬7). ¬
(213) مرداس بن قيس الدوسي
قلت: هذه القصة من أيام الجاهلية فيها طرفان متقاتلان وهما أبناء عمومة فإن ضماد بن مسرح اليشكري ينتسب إلىلحارث ـــ الغطريف الأصغر ـــ بن عبد الله بن عامر ـــ الغطريف الأكبر ـــ بن يشكر بن مبشر بن صعب بن دوس بن دهمان بن بن نصر بن زهران بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبدالله بن مالك بن نصر بن الأزد (¬1)، ومنهم أبو أزيهر نسب على دوس أبناء العم، وليس منهم بل من بني أوس، ومنهم بنو الحارث هوؤلاء. لكن من النسابة من أسقط "مبشرا" من النسب (¬2)، ومنهم واشح بن الحارث بن عبد الله بن بكر بن يشكر بن مبشر بن صعب بن دوس بن دهمان بن بن نصر بن زهران (¬3)، وقد أبدل "عامرا" ببكر، وغير ذلك من الخلاف بين النسابة (¬4). (213) مرداس بن قيس الدوسي وردت القصة التالية في ترجمة مروان بن قيس، ترجمته (218) فإما أن يكون حصل تحريف في اسم مروان، فتحول إلى "مرداس" أو العكس، والذي أرجحه أن الصواب "مروان" لأن المعلومات في ترجمته أكثر، ومنها القصة التالية، ذكرها ابن دريد غير مسندة عن مروان، أما مرداس لم أقف على ما يفيد عنه سوى رواية صالح بن كيسان عمن حدثه عن مروان بن قيس، وهم مجاهيل ذكروا قصة الجارية: خلصة، حيث زعموا أنه قال: حضرتُ النّبي الله عليه وسلّم، وقد ذُكرت عنده الكناهة، وما كان من تعبيرها عند مخرجِهِ. فقلت: يا رسولَ الله، قد كان عندنا من ذلكَ شيءٌّ، أُخبرك أَنَّ جاريةً منّا يقال لها خلصَة، لم نعلمْ عليها إِلاَّ خيراً، إِذ جاءَتنا فقالت: يا معشر دوس، العَجَبَ العَجَب لِمَا أَصابني! هل علمتم إلاّ خيراً؟ قلنا: وما ¬
ذاك؟ قالت: إنّي لفي غنمي، إذا غشيتني ظلمةٌ، ووجدت كحسِّ الرجل مع المرأة، فقد خشيت أن أكون قد حبلت. حتى إذا دنت ولادتها، وضعت غلاماً أغضف له أذنان كأذني الكلب، فمكث فينا حتى إنه ليلعب مع الغلمان، إذا وثب وثبةً، وألقى إزاره، وصاح بأعلى صوته، وجعل يقول: يا ويله يا ويله، يا عوله يا عوله، يا ويل غَنْم، ويا ويل فهم، من قابس النار. الخيلُ واللهِ وراءَ العقبة ... فيهنّ فتيانٌ حِسانٌ نَجَبَه قال: فركبنا وأخذنا الأداة، وقلنا: ويلك ما ترى؟ قال: هل من جاريةٍ طامث؟ قلنا: ومن لنا بها؟ فقال شيخٌ منّا: هي والله عندي، عفيفة الأمّ. فقلنا: فعجلها؛ وأتى بالجارية، وطلع الجبل، وقال للجارية: اطرحي ثوبك واخرجي في وجوههم. وقال للقوم: اتبعوا أثرها، وصاح برجل منّا يُقال له: أحمر بن حابس، فقال: يا أحمر بن حابس، عليك أول فارسٍ. فحمل أحمر فطحن أول فارس فصرعه، وانهزموا وغنمناهم. قال: فابتنينا عليه بيتاً وسميناه: ذا الخلصة. وكان لا يقول لنا شيئاً إلاّ كان كما يقول. حتى إذا كان مبعثك يا رسول الله، قال لنا يوماً: يا معشر دوس نزلت بنو الحارث بن كعب فاركبوا، فركبنا، فقال لنا: أكدسوا الخيل كدساً، واحشوا القوم رمساً، القوهم غُدَيَّة، واشربوا الخمر عشيَّة. قال: فلقيناهم فهزمونا وفضحونا، فرجعنا إليه فقلنا: ما حالك؟ وما الذي صنعت بنا؟ فنظرنا إليه وقد احمرت عيناه، وابيضَّت أُذناه، وانزمَّ غضباً، حتى كاد أن ينفطر، وقام. فركبنا واغتفرنا هذه له. ومكثنا بعد ذلك حيناً، ثم دعانا، فقال: هل لكم في غزوة تهب لكم عِزاً، وتجعل لكم حرزاً، وتكون في أيديكم كنزاً؟ قلنا: ما أحوجنا إلى ذلك. فقال: اركبوا، فركبنا، وقلنا: ما تقول؟ قال: بنو الحارث بن مسلمة، ثم قال: قفوا، فوقنا، ثم قال: عليكم بفهم، ثم قال: ليس لكم فيه دمٌ؛ عليكم بمضر، هم أرباب خيل ونعم. ثم قال: لا، رهط دريد الصِّمَّة. قليل العدَّة، وفيِّ الذِّمة، ثم قال: لا، ولكن عليك بكعب بن ربيعة، واشكرها صنيعة، عامر بن صعصعة، فلتكن بهم الوقيعة.
(214) مروان بن الحارث بن أبي ذباب الدوسي
قال: فلقيناه فهزمونا وفضحونا، فرجعنا وقلنا: ويلك! ما تصنعّ بنا؟ قال: ما أدري، كذبني الذي كان يصدقني؛ اسجنوني في بيتي ثلاثا ثم ائتوني ففعلنا به ذلك، ثم أتينا بدء ثالثةٍ، ففتحنا عند فإذا هو كأنه جمرةٌ نار. فقال: يا معشر دوس حرست السماء، وخرج خير الأنبياء. قلنا: أين؟ قال: بمكة؛ وأنا ميت فادفنوني في رأس جبل فإني سوف اضطرم ناراً، وإن تركتموني كنت عليكم عاراً، فإذا رأيتم اضطرامي وتلهُّبي فاقذفوني بثلاثة أحجار، ثم قولوا من كل حجرٍ: باسمك اللهم. فإني أهدأ وأطفأ. قال: وإنه مات فاشتعل نارا، ففعلنا به ما أمر فقذفناه بثلاثة أحجار نقول مع كلّ حجر باسمك اللهم. فخمد وطفئ. وأقمنا حتى قدم علينا الحاجُّ فأخبرونا بمبعثك يا رسول الله (¬1). قلت: رغم هذه القصة الميرة بسدها المظلم لم أقتنع بموقع ذي الخلصة في دوس، ولا أشك في عبادتهم الأصنام قبل الإسلام، كسائر قبائل العرب. (214) مروان بن الحارث بن أبي ذباب الدوسي لم أقف على ما يفيد عنه سوى أنه والد عبد الملك بن مروان، ترجمته (146). (215) مروان بن قيس الدوسي - رضي الله عنه - وردت القصة التالية في ترجمة مرداس بن قيس، الآنفة الذكر، فإما أن يكون حصل تحريف في اسم مرداس، فتحول إلى "مروان" أو العكس، والذي أرجحه أن الصواب "مروان" لأن المعلومات في ترجمته أكثر، ومنها القصة التالية، ذكرها ابن دريد غير مسندة عن مروان، أما مرداس لم أقف على ما يفيد عنه سوى رواية صالح بن كيسان عمن حدثه عن مروان بن قيس، وهم مجاهيل ذكروا قصة الجارية: خلصة اللاحقة. كان مروان بن قيس الدوسي خرج يريد الهجرة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فمر بإبل لثقيف فاطردها، فأغارت ثقيف فأخذت ابنه وامرأتين له وإبلا، فلما طفر (¬2) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن حنين يريد الطائف شكا إليه مروان ما فعلت به ثقيف، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ــــ إن ¬
كان قاله ـــ «خذ أول غلامين تلقاهما من هوزان» فأخذ أُبي بن مالك، ويقال: ابن سلمة بن معاوية بن قشير، والآخر: حيدة؛ أحد بني الجريش، فأتى بهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنسبهما، فقال لأُبي: «أما هذا فإن أخاه يزعم ويزعم له أنه فتى أهل المشرق، كيف قال القائل يا أبا بكر؟ » قال: فقال أبو بكر: إن نهيكا أبى إلا خليقته ... حتى تزول جبال الحرة السود قال أبو زيد بن شبة: والشعر لنهيك، وقيل: هذا البيت منه: يا خال دعني ومالي ما فعلت به ... وخذ نصيبك مني إنني مودي وأما هذا ـــ لابن حيدة ـــ «فإنه من قوم صليبٌ نسبهم، شديدٌ بأسهم، اشدد يديك بهما حتى تؤدي إليك ثقيف أهلك». قال أُبي: يا محمد، ألست تزعم أنك خرجت تضرب رقاب الناس على الحق؟ قال: «بلى» قال: فأنت والله أولى بثقيف مني، شاركتهم في الدار المسكونة، والأموال المعمورة، والمرأة المنكوحة قال: «بل أنت أولى بهم مني، أنت أخوهم في العصب، وحليفهم بالله ما دام الصالف مكانه، ولن يزول ما دامت السموات والأرض». وقال لمروان: «اجلس إليهما» فكأنه لم يفعل، فأجاز بهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فشكوا ذلك إليه، فأمر بلالا بألا يغلق عليهما، فجاءه الضحاك بن سفيان الكلابي أحد بني بكر بن كلاب فاستأذنه في الدخول على ثقيف، فأذن له، فكلمهم في أهل مروان وماله، فوهبوه له، فدفعه إلى مروان فأطلق الغلامين، فعتب الضحاك بعد ذلك على أُبي بن مالك في بعض الأمر فقال يذكر بلاءه عنده: أتنسى بلائي يا أبي بن مالك ... غداة الرسول معرض عنك أشوس يقودك مروان بن قيس بحبله ... ذليلا كما قيد الذلول المخيس فعادت عليك من ثقيف عصابة ... متى يأتهم مستقبس الشر يقبسوا (¬1) قال مروان في القصة: حضرت النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد ذكرت عنده الكهانة فيما كان من آياته عند مخرجه. ¬
فقلت له: يا رسول الله، عندنا من ذلك شئ بين، كانت عندنا جارية حُسانة ظُرافة يقال لها: الخلصة، ولم يعلم عليها إلا خيرا، فاذا هي قد جاءتنا في مجلس لنا، فقالت: يا معشر دوس هل علمتم علىّ الا خيرا؟ قلنا: لا والله، قالت: بينا أنا في غنمي اليوم، اذ غشيتني ظلمة، وقد وجدت كحس الرجل مع المراة، وقد خشيت أن اكون قد حملت. فاستمرت حاملا، فولدت غلاما اغضف، له اذنان كأذني كلب، فمكث حتى إذا كان غلاما، فبينا هو يلعب مع الصبيان إذ القى إزاره، ووثب، وصاح بأعلى صوته، وجعل يقول: يا ويله، ياويل غَنْم، وويل فهم، من قابس النار أتى بالدهم، بقتل همدان وقتل فهم، يا ويله يا ويله بالإجلاب، نزلوا والله بالمعشبة المحطاب، الخيل والله وراء العقبة، نقية كالجنة، ياويله، فركبنا واستلأمنا (¬1)، فقلنا: ويلك، ما ترى؟ فقال: هل من جارية طامث لم تكعب، معها صبي؟ قلنا: وكيف لنا بها؟ فقال شيخ من الحي: عندي هي والله عفيفة عفيفة الام، رأيت أمها نبذت في فراشها البارحة، فقال: عجلها. فأتت الجارية، فطلعت الخيل، فقال: اطرحي ثوبك، واعدي في وجهي وقال القوم: اتبعوا أثرها، وقال لرجل منا يقال له أحمر بن حابس: يا احمر بن حابس إني حابس عليك أول فارس، وقال: فظهر والله أول مرتجل منا يقال له: أحمر، فلقى أول عادية القوم، فصرعه وغنمناهم، قال: فبنينا عليه بيتا وسميناه ذا الخلصة، كان لا يقول شيئا إلا وجدناه كما يقول، حتى قال لنا يوما: يا معشر دوس، نزلت بنو الحارث بن كعب، والجيش عفاس، فاركبوا، فاستلأمنا وركبنا، فقال: والقوا القوم غدية، واشربوا الخمر عشية، فلقيناهم فهزمونا وفضحونا، فقلنا: ويلك: مالك وما صنعت بنا؟ واغتفرناها له، فمكثنا ما شاء الله، فاذا هو يقول: يا معشر دوس، هل لكم في غزوة تهب لكم عزا؟ قلنا: ما أحوجنا اليها؟ ؟ قال: اركبوا، فركبنا، فقال: إيتوا بني الحارث بن مسلمة فاجعلوها بينه، ثم قال: عليكم بفهم، كلا ليس لكم فيهم دم، عليكم بنصر وجشم، رهط دريد بن الصمة، كلا، قليل الحنث وفي الذمة، عليكم بكعب بن ربيعة، فإنهم أهل فجيعة، فلتكن بهم الوقيعة، قال: فخرجنا فلقيناهم، ¬
(216) مسدد بن مسرهد الوسي
فهزمونا وفضحونا، فقلنا: ويلك: ماذا تصنع بنا؟ فقال: ما أدري، أكذبني الذي صدقني؟ امكثوا عني ثلاثا ثم ائتوني. فلمّا مضت الثلاث خرج الينا، فقال: يا معشر دوس، خرست السماء، وحل القضاء، وخرج خاتم الانبياء. قلنا: أين؟ قال: مكة بكة، أنا ميت لثلاث، فادفنوني في رأس موضع جفو، فاني سوف أضطرم نارا، فلا أكونن عليكم عارا، فقولوا عند ذلك: باسم اللهم رب النار، وارموني بثلاثة أحجار، ففعلنا، فطفئت النار، ورجع إلينا الحاج فأخبرونا بمخرجك يا رسول الله (¬1). (216) مسدد بن مسرهد الوسي نسبه: لم يشك العلماء في أن مسددا من ولد دوس بن عُدثان بن عبد الله بن زهران، لكنهم تندروا في نسبه وأغربوا، فقيل: مسدد بن مسرهد بن مسربل بن مغربل بن مدعبل، ابن أرندل بن سركندل بن غرندل بن ماسك بن مستورد الأسْدي البصري (¬2)، وقال الشريف النسابة مسدد المحدث بالبصرة هو ابن مسرهد بن مسربل بن ماسك بن جرو بن يزيد بن شبيب بن الصلت بن أسد بن شريك بن مالك بن عمرو بن مالك بن فهم والذي ساقه أبو علي الخالدي الهروي ــــ منصور بن عبد الله ــــ فلم يقر الأمير روايته هذه، وغيره أوثق منه، على أنه من الحفاظ (¬3). وقيل غير ذلك ومنه (¬4). ¬
من شيوخه
وقد جعله بعض العلماء من الأحاجي فقال: هل تعرفون رجلاً من المحدثين لا يوجد مثل أسماء آبائه؟ فالجواب: أنه مُسَدَّد بن مُسرْهد بن مُسربل بن مُغربل ابن مُطربل بن أرندل بن عرندل بن ماسك الأسْدي (¬1). قال أحمد بن يونس الرقي: جئت إلى إبي نعيم بالكوفة فقال: من محدث البصرة؟ فقلت: مسدد بن مسرهد بن مسربل. فقال: لو كان في هذه التسمية بسم الله الرحمن الرحيم كانت رقية للعقرب (¬2). قلت: الأولى بالصواب ما قاله تلميذه الملازم له: أحمد بن عبد الله العجلي قال: العجلي: مسدد بن مسرهد بن مسربل بن مستورد الأسْدي، البصري، ثقة كان يملى عليَّ حتى أضجر قال: أبو الحسن أكتب فيملى على بعد ضجري خمسين حديثا، قال: فأتيت في الرحلة الثانية فأصبت عليه زحاما فقلت: قد أخذت بحظي منك قال: وكان أبو نعيم يسألنى عن نسبه فأخبره فيقول: يا أحمد هذه رقية العقرب (¬3). قلت: المرجح لدي أنه: مسدد بن مسرهد بن مسربل بن ماسك بن جرو بن يزيد بن شبيب بن الصلت بن أسد بن شريك بن مالك بن عمرو بن مالك بن فهم بن غنم بن دوس بن عدثان بن عبد الله بن بن زهران. كان إماما مسندا في الحديث، رأسا في علماء البصرة، كنيته أبو الحسن (¬4)، وهو الأشهر، وقيل: وأبو بكر، وهو أول من صنف المسند بالبصرة. من شيوخه: إسماعيل بن علية، وأمية بن خالد، وبشر بن المفضل، وأبي وكيع الجراح بن مليح الرؤاسي، وجعفر بن سليمان الضبعي، وجويرية بن أسماء، والحارث بن عبيد، وحصين بن نمير، وحماد بن زيد، وأبي الأسود حميد بن الأسود، وخالد بن الحارث، وخالد بن عبد الله الواسطي، ودرست بن زياد، وربعي بن عبد الله بن الجارود، ¬
من تلاميذه
وروح بن عبادة، وسفيان ابن عيينة، وأبي الأحوص سلام بن سليم، وسلام بن أبي مطيع، وعباد بن عباد المهلبي، وعبد الله بن داود الخريبي، وعبد الله بن يحيى بن أبي كثير، وعبد العزيز بن عبد الصمد العمي، وعبد العزيز بن المختار، وعبد الواحد بن زياد، وعبد الوارث بن سعيد، وعبد الوهاب الثقفي، وعمر بن عبيد الطنافسي، وعيسى بن يونس، وفضيل بن عياض، وقران بن تمام الأسدي، وأبي شهاب محمد بن إبراهيم الكناني، ومحمد بن جابر السحيمي، وأبي معاوية محمد بن خازم الضرير، ومحمد بن عبيد الطنافسي، ومحمد بن أبي عدي، ومرثد بن عامر الهنائي، ومرحوم بن عبد العزيز العطار، ومسلمة بن محمد الثقفي، ومعتمر بن سليمان، ومهدي بن ميمون، وملازم بن عمرو الحنفي، وهشيم بن بشير، وأبي عوانة الوضاح بن عبد الله، ووكيع بن الجراح، ويحيى بن سعيد القطان، ويزيد بن زريع، ويوسف بن يعقوب ابن الماجشون، ويونس بن القاسم اليمامي (¬1). من تلاميذه: البخاري، وأبو داود، وإبراهيم بن يعقوب الجوزجاني، وأحمد بن عبد الله بن صالح العجلي، وإسماعيل بن إسحاق القاضي، والحسن بن أحمد بن حبيب الكرماني، وحماد بن إسحاق القاضي، وأبو محمد عبد الله بن محمد بن عثمان المزني، وأبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحي، ومحمد بن أحمد بن مدويه الترمذي، ومحمد بن محمد بن خلاد الباهلي، ومحمد بن يحييى الذهلي، ومعاذ ابن المثنى بن معاذ العنبري، وموسى بن سعيد الدنداني، ويحيى بن محمد بن يحيى الذهلي، ويعقوب بن سفيان الفارسي، ويعقوب بن شيبة السدوسي، ويوسف بن يعقوب القاضي، وأبو حاتم، وأبو زرعة الرازيان (¬2)، وغيرهم. وقد ورد في الأسماء إبناه: أحمد، والحسن، وحفيده أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد، وحفيد ابنه إسحاق بن إبراهيم بن أحمد، ولم أقف على ما يفيد عنه سوى هذا (¬3). ¬
وفاته
وفاته: توفي الإمام مسدد سنة (228) ثمان وعشرين ومائتين، رحمه الله. (217) مسعود بن عمرو بن عدي الدوسي مسعود بن عمرو بن عدي بن محارب بن صنيم بن مليح بن شرطان (¬1) بن معن بن مالك بن فهم، الذي يقال له: قمر العراق، قتلته بنو تميم. كان سيد الأزد، وأخو المهلب بن أبي صفرة لأمه، وهو الذي أجار عبيد الله بن زياد أيام الفتنة. وكان مسعود بن عمرو الدوسي قتله الخوارج بالبصرة، فوقعت من الحرب بين مضر والأزد وحلفائهم ربيعة، وكان المتولي حربهم زياد بن عمرو بن الأشرف العتكي، الذي كانت الأزد تسميه القمر لجماله أيضا (¬2). وكان من قصة مسعود بن عمرو الدوسي، المعْني: نسبة إلى معن بن مالك: أن رجلا من الأزارقة رماه وهو على المنبر بالبصرة يخطب الناس فقتله، فادعت بنو تميم قتله، فحاربتهم الأزد عليه، فظفرت بهم وأكثرت فيهم القتل، فلما رأى ذلك الأحنف بن قيس، صالح الأزد على أن يؤدي دية مسعود بن عمرو، ودية الملك (¬3) مائة الف درهم. ويُودَى كل من قتل من الأزد في تلك الحروب، ويهدر دم القتلى من بني تميم، وكان قتلاهم أضعافا كثيرة على قتلى الأزد، وعلى أن يجعل للأزد خراج دسمستان (¬4) في تلك السنة، على أن يكفوا عنهم الحرب، فاصطلحوا على ذلك وتركوا الحرب. وفي ذلك يقول دعبل الخزاعي: وكَّنا يوم مسعود بن عمرو ... غداة البصرة المتحكمينا (¬5) ¬
كان مسعود بن عمرو الدوسي سيد الأزد عموما، ولأنه أخو المهلب بن أبي صفرة العتكي لأمه، وزياد وأبوه عمرو الأشرف ليسا دوسيين، فهما من ولد العتيك، والعتكي في الأزد ينسب إلى العتيك بن أحمد (¬1) أو: بن الأسْد بن عمران بن عمرو مزيقيا بن عامر بن حارثة بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد (¬2). قتل عمرو الأشرف مع عائشة رضي الله عنها يوم الجمل (¬3). وكان ابنه زياد بن عمرو شريفا (¬4) أيضا كأبيه تولى الحرب لأن مسعودا أخو المهلب لأمه، والمهلب من أجداد زياد وأبيه فهما عتكيان، وللعصبية للأزد أبضا، فمسعود دوسي أزدي، وزياد عتكي أزدي. ومسعود بن عمرو الدوسي هو مجير عبيد الله بن زياد الهارب من الناس أيام الفتنة، حمله إليه الحارث بن قيس الوسي، روى قصته غير واحد منهم أبو لبيد الجهضمي الدوسي، عن الحارث بن قيس الدوسي، الذي اصطحب زيادا إلى مسعود، والحارث هو: حارث بن قيس بن صهبان بن عون بن علاج بن مازن بن أسود بن جهضم بن جذيمة بن مالك بن فهم، الجهضمي، الدوسي، فقال له عبيد الله: يا حار (¬5) ـــ أما والله إني لأعرف سوء رأيٍ كان في قومك ـــ وإن أبي كان أوصاني إن احتجت إلى الهرب يوما أن أختاركم، وإن نفسي تأبى غيركم، فقال الحارث: قد أبلوك في أبيك ما قد علمت، وأبلوه فلم يجدوا عنده ولا عندك مكافأة، وما لك مرد إذا اخترتنا، وما أدري كيف أتاني لك؛ إن أخرجتك نهارا! إني أخاف ألا أصل بك إلى قومي حتى تقتل وأقتل، ولكني أقيم معك حتى إذا وارى دمسٌ دمسا وهدأت القدم، ردفت خلفي لئلا تعرف، ثم أخذتك على أخوالي بني ناجية، قال عبيد الله: نعم ما رأيت، فأقام حتى ¬
إذا قيل: أخوك أم الذئب (¬1)، حمله خلفه، وقد نقل تلك الأموال فأحرزها، ثم انطلق به يمر به على الناس، وكانوا يتحارسون مخافة الحرورية فيسأل عبيد الله أين نحن؟ فيخبره، فلما كانوا في بني سليم قال عبيد الله: أين نحن؟ قال: في بني سليم، قال: سلمنا إن شاء الله، فلما أتى بني ناجيه قال: أين نحن؟ قال: في بني ناجية، قال: نجونا إن شاء الله، فقال بنو ناجية: من أنت؟ قال: الحارث بن قيس، قالوا: ابن أختكم، وعرف رجل منهم عبيد الله فقال: ابن مرجانة! فأرسل سهما فوقع في عمامته، وكان مضى به الحارث حتى ينزله دار نفسه في الجهاضم، ثم قال عبيد الله: يا حارث، إنك قد أحسنت وأجملت، فهل أنت صانع ما أشير عليك؟ قد علمت منزلة مسعود بن عمرو في قومه وشرفه وسنه وطاعة قومه له، فهل لك أن تذهب بي إليه فأكون في داره، فهي وسط الأزد، فإنك إن لم تفعل صدع عليك أمر قومك، قلت: نعم، فانطلقت به، فما شعر مسعود بشيء حتى دخلنا عليه وهو جالس ليلتئذ يوقد بقضيب على لبنه، وهو يعالج خفيه قد خلع أحدهما وبقي الآخر، فلما نظر في وجوهنا عرفنا وقال: إنه كان يتعوذ من طوارق السوء، قال الحارث: لم أطرقك إلا بخير، وقد علمت أن قومك قد أنجوا زيادا فوفوا له، فصارت لهم مكرمة في العرب يفتخرون بها عليهم، وقد بايعتم عبيد الله بيعة الرضا، رضا عن مشورة، وبيعة أخرى قد كانت في أعناقكم قبل البيعة ـــ يعني بيعة الجماعة ـــ فقال له مسعود: يا حار، أترى لنا أن نعادي أهل مصرنا في عبيد الله، وقد أبلينا في أبيه ما أبلينا، ثم لم نكافأ عليه، ولم نشكر! ما كنت أحسب أن هذا من رأيك، قال الحارث: إنه لا يعاديك أحد على الوفاء ببيعتك حتى تبلغه مأمنه. ثم قال الحارث: أفتخرجه بعد ما دخل عليك بيتك! قال: فأمره فدخل بيت عبد الغافر بن مسعود ـــ وامرأة عبد الغافر يومئذ خيرة بنت خفاف بن عمرو ـــ قال: ثم ركب مسعود من ليلته ومعه الحارث وجماعة من قومه، فطافوا في الأزد ومجالسهم، فقالوا: إن ابن زياد قد فقد، وإنا لا نأمن أن تلطخوا به، فأصبحوا في السلاح، وفقد الناس ابن زياد فقالوا: أين توجه؟ فقالوا: ما هو إلا في الأزد (¬2). ¬
(218) مسعود بن معافى الدوسي
قلت: هذا يوضح مكانة الأزد في تلك الديار، وقد كان المراد بالأزد عند الإطلاق ما تفرع من وِلد الأزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان، ومنهم ما تفرع من وِلد زهران بن كعب، والجهاضم في مقدمتهم، وكانوا أصحاب عزة ومنعة، والأزد عموما كانوا يتناخون في المواقف ويتساندون، وقد تحدث بينهم منازعات، وحروب أحيانا، لكنهم يد واحدة على من سواهم، شأنهم شأن القبائل اليوم، ومنهم قبائل زهران المنتسبين إلى الجد الأبعد زهران بن كعب، المنتسب إلى الجد الأبعد الأزد بن الغوث، لذلك ركب مسعود الدوسي سيد الأزد من ليلته ومعه الحارث وجماعة من قومه، فطافوا في الأزد عامة في شأن عبيد الله بن زياد. (218) مسعود بن معافى الدوسي لم أقف على ما يفيد عنه سوى أنه ورد كنية لأبيه، ترجمته (225). (219) مسلم بن جنادو الفهمي الدوسي لم أقف على ما يفيد عنه سوى أنه أخو عبد الله بن جنادة، ترجمته (133) روى عن أبيه، ترجمته (50) عن أبي هريرة. وقال الليث: عن خالد بن يزيد، عن سيد بن أبي هلال، عن سليم، ترجمته (96) ابن عبد الله بن جنادة الفهمي، عن أبيه عن أبي هريرة (¬1). (220) مسلم بن يسار الدوسي لم أقف على ما يفيد عنه سوى أنه روى عن وجيهة مولاة أم سلمة، أم المؤمنين رضي الله عنها، ورى عنه أبو بكر بن عبد الله بن سبرة (¬2). (221) مصعب بن عبد الله بن جنادة الدوسي مصعب بن عبد الله بن جنادة الدوسي، الأزدي، روى عن أبيه، عن جده، روى عنه ابنه عبيد الله، ترجمته (148) والقاسم بن الوليد الهمداني (¬3). قلت: جده جنادة بن أبي أمية مالك، ترجمته (49) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ثلاث من فعل أهل الجاهلية: استسقاؤهم بالكواكب، والطعن في النسب، والنياحة» (¬4). ¬
(222) معافى بن عمران الدوسي
(222) معافى بن عمران الدوسي المعافى بن عمران بن نفيل بن جابر بن جبلة بن عبيد بن لبيد بن مخاشن بن سليمة بن مالك بن فهم. وقيل: المعافى بن عمران بن محمد بن عمران بن نفيل بن جابر بن وهب بن عبيد بن لبيد بن جبلة بن غنم بن دوس بن مخاشن بن سليمة بن فهم، أبو مسعود (218)، وعبد الكبير (126)، وأحمد (21) فقيه أهل الموصل وزاهدهم وعابدهم وورعهم (¬1). قلت: في نظري أن في النسب اضطراب، بالزياد والنقص، وأرجح أنه من وِلد فهم بن دوس بن عدثان، على السياق الأول. أما على الثاني فغنم ووالده دوس من وِلد فهم بن دوس الجد الأبعد، فتصح النسبة في السياقين إلى فهم بن دوس بن عدثان بن عبد الله بن زهران، والله أعلم. من شيوخه: إبراهيم بن طهمان، وإبراهيم بن يزيد الخوزي، وأسامة بن زيد الليثي، وإسرائيل بن يونس، وإسماعيل بن مسلم العبدي، وأفلح بن حميد المدني، وأفلح بن سعيد القبائي، وبشير بن ربيعة العجلي، وبكر بن خنيس، وثور بن يزيد الحمصي، وجابر بن يزيد بن رفاعة الأزدي (¬2)، وجعفر بن برقان، وأبي معان جهضم بن عبد الرحمن التميمي، والحارث بن الجارود العكلي، وحريز بن عثمان الرحبي، والحسن بن صالح بن حي, وأبي إبراهيم الحسن بن يزيد الأودي الموصلي، وحماد بن سلمة، وحنظلة بن أبي سفيان الجمحي، وأبي خلدة خالد بن دينار، والربيع بن صبيح, وزكريا بن إسحاق المكي، وزهير بن معاوية، وسعيد بن أبي عروبة، وسفيان الثوري؛ تأدب به وتفقه عليه، وأكثر الكتابة عنه، وسلمة بن وردان، وسليمان بن بلال، وسليمان بن أبي داود ¬
من تلاميذه
الحراني، وسهيل بن أبي حزم القطعي، وسيف بن سليمان المكي، وشريك بن عبد الله النخعي، وشعبة بن الحجاج، وصالح بن أبي الأخضر، وصخر بن جويرية، وصفوان بن عمرو الحمصي، والضحاك بن عثمان الحزامي، وأبو سنان ضرار بن مرة، وعبد الله بن عبد الرحمن بن يعلى الطائفي، وعبد الله بن عمر العمري، وعبد الله بن لهيعة، وعبد الأعلى بن أبي المساور, وعبد الحميد بن بهرام، وعبد الحميد ابن جعفر الأنصاري، وعبد الرحمن بن أبي بكر المليكي، وعبد الرحمن بن عبد الله المسعودي، وعبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، وعبد الملك بن جريج، وعثمان بن الأسود، وعثمان بن عطاء الخراساني، وعصام بن قدامة، وعلي بن صالح بن حي، وعمر بن ذر الهمداني، وخاله العلاء بن رزين الأزدي، وعيسى بن يونس، وفضيل ابن مرزوق، والقاسم بن الفضل الحداني، وقتادة بن عائذ الأزدي، وقرة بن خالد، وقيس بن الربيع والليث بن سعد، ومالك بن أنس، ومالك بن مغول، ومحل بن محرز الضبي، ومحمد بن طلحة بن مصرف، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب، ومسعر بن كدام، ومصاد بن عقبة الأزدي الموصلي، ومصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير, ومعمر بن محمد القرشي التيمي، والمغيرة بن زياد الموصلي، ومهدي بن ميمون، وموسى بن عبيدة الربذي، وهشام بن حسان، وهشام ابن سعد المدني، وهشام الدستوائي، وهمام بن يحيى، ويونس بن أبي إسحاق، وأبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم الغساني، وأبو الحكم الهمداني الموصلي، وأبو شيبة الوراق الموصلي (¬1)، رحمة الله علينا وعليهم. من تلاميذه: إبراهيم بن عبد الله بن حاتم الهروي، وأحمد بن عبد الله بن يونس، وابنه أحمد بن المعافى بن عمران، وإسحاق ابن إبراهيم الهروي، وإسحاق بن عبد الواحد القرشي، وبشر الحافي، وبقية بن الوليد وهو أكبر منه، والحسن بن بشر البجلي، ورباح بن الجراح العبدي، وصبح بن إبراهيم البلدي، وعبد الله بن عبد الصمد بن أبي خداش الموصلي، وعبد الله بن المبارك وهو أكبر منه، وابنه عبد الكبير بن المعافى ¬
(223) معاوية بن الحارث بن رافع الدوس
بن عمران، وعبد الوهاب بن فليح المكي، وعلي بن الحسن اللاني، وعيسى بن إبراهيم البركي، ومحمد بن جعفر الوركاني، ومحمد بن عبد الله بن عمار الموصل، وأبو هاشم محمد بن علي الموصلي، ومسعود بن جويرية الموصلي، والمغيرة بن معمر بن دينار البصري، وموسى بن أعين وهو أكبر منه، وموسى بن مروان الرقي، وهشام بن بهرام المدائني، والهيثم بن خارجة، والهيثم بن المهلب البلدي والد إبراهيم بن الهيثم، ووكيع بن الجراح وهو من أقرانه، ويحيى بن رجاء بن أبي عبيدة، ويحيى ابن مخلد المقسمي (¬1)، رحمة الله علينا وعليهم. ذكره أبو زكريا الأزدي صاحب "تاريخ الموصل" في الطبقة الثالثة، وقال: رحل في طلب العلم إلى الآفاق، وجالس العلماء. ولزم سفيان الثوري وتأدب بآدابه، وتفقه بمجالسته، وأكثر الكتابة عنه، وعن غيره، وصنف حديثه في الزهد، والسنن، والفتن، والأدب، وغير ذلك. وكان زاهدا فاضلا، شريفا كريما عاقلا (¬2). وقال تلميذه بشر الحافي: كان المعافى صاحب دنيا واسعة، وضِياع كثيرة (¬3). وقال الذهبي رحمه الله: كان من أئمة العلم والعمل، قلَّ أن ترى العيون مثله (¬4)، رحمة الله علينا وعليه. (223) معاوية بن الحارث بن رافع الدوس لم أقف على ما يفيد عنه سوى أنه من أجداد خالد بن عوف الدوسي. ترجمته (76). (224) معاوية بن عمرو الدوسي معاوية بن عمرو بن المهلب بن عمرو بن شبيب، الدوسي، الأزدي، أبو عمرو البغدادي (¬5)، شيخ الإمام البخاري، وابن عم علي بن عبد الحميد بن مصعب (160) ¬
من شيوخه
المعني: نسبة إلى معن بن مالك بن فهم بن غَنْم بن دوس، ويقال: معن بن عمرو بن مالك بن فهم بن تميم بن دوس بن عُدثان بن عبد الله بن زهران بن كعب (¬1). وهو أخو كرماني بن عمرو؛ شيخ لابن شاذان (¬2)، قال ابن معين: كان رجلا شجاعا لا يبالي بلقاء عشرين، وكان مولده في سنة (128) ثمان وعشرين ومائة (¬3). من شيوخه: أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الفزاري، وإسرائيل بن يونس، وبشر بن عمر بن ذر الهمداني، وبكر بن خنيس، وأبو زيد ثابت بن يزيد الأحول، وجرير بن حازم، وذواد بن علبة، ورشدين بن سعد المصري، وزائدة بن قدامة الثقفي، وزهير بن معاوية الجعفي، وعبد الرحمن بن عبد الله المسعودي، وفضيل بن مرزوق , ومحمد بن بشر العبدي، ومسلمة بن جعفر البجلي الأحمسي (¬4). رحمة الله علينا وعليهم. من تلاميذه: الإمام البخاري، وأحمد بن الخليل البرجلاني، وأحمد بن أبي رجاء الهروي، وأحمد بن منصور الرمادي، وأحمد بن منيع البغوي, وأحمد بن ملاعب بن حيان البغدادي المخرمي، وإسحاق بن يعقوب البغدادي، وإسماعيل بن أبي الحارث البغدادي، وإسماعيل بن يعقوب بن صبيح الصبيحي، والحارث بن محمد بن أبي أسامة، وحجاج بن الشاعر، والحسن بن سلام السواق، وأبو عمار الحسين بن حريث المروزي، وحمدان بن علي الوراق، وأبو خيثمة زهير بن حرب، وزياد بن أيوب الطوسي، وسعيد بن يحيى بن سعيد الأموي، وعباس بن محمد الدوري، وعبد الله بن الحسين بن جابر العقيلي المصيصي، وأبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة، وعبد الله بن محمد المسندي، وعبد بن حميد، وابن ابنته أبو غالب علي بن أحمد بن النضر الأزدي، وعمرو بن محمد الناقد، والفضل بن العباس بن إبراهيم الحلبي، والقاسم بن زكريا بن دينار الكوفي، ومجاهد ابن موسى، وابن ابنته محمد بن أحمد ¬
وفاته
بن النضر الأزدي، ومحمد بن إسحاق الصاغاني، ومحمد بن حاتم بن ميمون، ومحمد ابن عبد الرحيم البزاز، ومحمد بن عبد الملك بن زنجويه، ومحمد بن عبد الوهاب الفراء، ومحمد بن يحيى الذهلي، وموسى بن هارون الطوسي، ونصر بن المهاجر المصيصي، وهارون بن عبد الله الحمال، ويحيى بن معين (¬1). رحمة الله علينا وعليهم. وفاته: قال المزي رحمه الله: سنة أربع عشرة أو: خمس عشرة زمائتين فيها مات معاوية بن عمرو الأزدي، صاحب زائدة، يوم الأربعاء غرة جمادى الأولى، في خلافة المأمون (¬2). (225) معيقيب بن أبي فاطمة الدوسي - رضي الله عنه - صحابي من السابقين الأولين، أسلم قديما بمكة، وهاجر الهجرتين؛ إلى الحبشة، ثم إلى المدينة، شهد بدرا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان على خاتم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخزانته، واستعمله أبو بكر، وعمر رضي الله عنهما على بيت المال. قال له مولاه أبو راشد: "ما لي لا أسمعك تحدث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما يحدث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - غيرك؟ "، فقال: "أما والله إني لمن أقدمهم صحبة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لكن كثرة الصمت خير من كثرة الكلمة". توفي - رضي الله عنه - سنة (46) ست وأربعين من الهجرة (¬3). (226) مغراء بن عياض الدوسي مغراء بت عياض بن الحارث بن عبد الله بن وهب الدوسي، لم أقف على ما يفيد عنه سوى أنه والد عبد الرحمن (123) وخالد (78) وجده الحارث (57) وفد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومكث مه - صلى الله عليه وسلم -، وجد أبية عبد الله - رضي الله عنه - (145) رجع إلى السراة فمات بها، وكان كثير الثمار بالسراة، ولعل مغراء أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يلقه لكونه ممن بقي بالسراة، إذ لم يذكر عنه شيء، والله أعلم. ¬
(227) المغيرة بن شعبة الجهضمي الدوسي
(227) المغيرة بن شعبة الجهضمي الدوسي لم أقف على ما يفيد عنه سوى أنه من وِلد بن عوف بن مالك بن فهم بن غَنْم بن دوس بن عدثان بن عبدالله بن زهران بن كعب بن عبدالله بن نصر بن ملك بن الأزد (¬1)، وا اسنعمله نصر بن سيار على قهستان (¬2)، وأتبعه بأبان بن الحكم الزهراني، وكان أحد المختارين في تسمية من بعمل بكتاب الله وذلك لما أخذ جهم بن صفوان المبتدع: يقرأ سيرته وما يدعو على الناس، وهو رأس الجمهية، قبحه الله. وكان المغيرة أحد المبعوثين إلى نصر بن سيار ليكلموه في سجنه لجديع بن علي الدوسي، المعروف بالكرماني، لكونه ولد بكرمان (43) (¬3). (228) منهال الدوسي ورد ذِكْره في فتوح الشام، شارك في حرب الروم، قال: فلقد كانت النساء المسلمات أشد علينا من الروم، يحرضن على القتال والصبر، فرجع المسلمون عن الهزيمة لما سمعوا تحريض النساء، ونادى بعضهن بعضا بقوله تعالى: {وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (¬4). وكان من أمر النساء أن خرجت هند بنت عتبة رضي الله عنها، وبيدها مزهر، ومن خلفها نساء من نساء المهاجرين، وهي تقول الذي قالته يوم أحد، قالت: نحن بنات طارق ... نمشي على النمارق مشي القطا الموافق ... قيدي مع المرافق ومن أبى نفارق ... إن تغلبوا نعانق أو تدبروا نفارق ... فراق غير واثق هل من كريم عاشق ... يحمي عن العواتق ¬
(229) متير بن عبد الله الدوسي
قال ثم استقبلت خيل ميمنة المسلمين فرأتهم منهزمين، فصاحت بهم؛ إلى أين تنهزمون أين تفرون من الله ومن جنته، وهو مطلع عليكم، ونظرت إلى زوجها أبي سفيان منهزما فضربت وجه حصانه بعمودها وقالت له: إلى أين يا ابن صخر ارجع إلى القتال وابذل مهجتك حتى تمحص ما سلف من تحريضك على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال الزبير بن العوام - رضي الله عنه -: فلما سمعت كلام هند لأبي سفيان ذكرت يوم أحد ونحن بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فعطف أبو سفيان عندما سمع كلام هند، وعطف المسلمون معه، ونظرت إلى النساء وقد حملن معهم، وقد رأيتهن يسابقن الرجال وبأيديهن العمد بين أرجل الخيل، ولقد رأيت منهن امراة وقد اقبلت إلى علج عظيم وهو على فرسه فتعلقت به، وما زالت به حتى نكسته عن جواده وقتلته، وهي تقول هذا بيان نصر الله المسلمين، قال الزبير بن العوام - رضي الله عنه -: وحمل المسلمون حملة منكرة لا يريدون غير رضا الله - عز وجل - (¬1). (229) متير بن عبد الله الدوسي ورد راويا لقصة أم شريك رضي الله عنها قال: "إن أم شريك غزية بنت جابر بن حكيم الدوسية عرضت نفسها على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكانت جميلة فقبلها، فقالت عائشة رضي الله عنها: ما في امرأة حين وهبت نفسها لرجل خير، فقالت أم شريك رضي الله عنها: فأنا تلك، فسماها الله - عز وجل - مؤمنة " قال تعالى: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} (¬2)، فلما نزلت هذه الآية قالت عائشة رضي الله عنها: "إن الله يسارع لك في هواك" (¬3). قال منير: أسلم زوج أم شريك أبو العكر، فخرج مهاجرا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع أبي هريرة، ومع دوس حين هاجروا (¬4). ¬
(230) مهلب بن بكر بن حازم الدوسي
كذا أو رد الخبر الحافظ في الإصابة، وسكت عن حال منير، ولعل له صحبة، والله أعلم. قلت: أبو العكر زوجها قبل الإسلام، وقد فرق بينهما الإسلام، ولذلك عرضت نفسها على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (230) مهلب بن بكر بن حازم الدوسي لم أقف على ما يفيد عنه سوى أنه ابن أخي جرير بن حازم، ترجمته (45) روى عن الفضل بن المؤتمر العتكي، عن أبي الحلال العتكي قال: أدركت أهل بيتي وهم يعبدون الحجارة. وقد بعث المهلب بن أبي صفرة إلى أبي الحلال بجارية حتى ينظر هل بقي من الشيخ بقية، فافتضها وهو يومئذ ابن عشر ومئة سنة، وقالت دنية بنته: خرجت وأنا بنت عشر سنين خلف جنازته مرسلة شعري على رحل (¬1). أما نسب مهلب بن بكر فعو نسب عمه جرير بن زيد بن عبد الله بن شجاع، أبو النضر الجهضمي، أحد الأعلام، ترجمته (45). (231) نافع بن عقبة الدوسي أمير البحرين والبصرة، استخلفه أبوه عليهما سنة (151) إحدى وخمسين ومائة، وبولاية المنصور له بعد أبيه. وهو نافع بن عقبة بن سلم بن نافع بن هلال بن صهبان بن هراب بن عائذ بن خنزير بن أسلم بن هناءة بن مالك بن فهم بن غَنْم بن دوس بن عدثان بن عبدالله بن زهران بن كعب بن عبدالله بن نصر بن مالك بن الأزد (¬2)، ويظهر أن نافعا استمرة مدة في ولاية البحرين وعمان، وكان بشار بن برد منقطعا إلى عقبة والد نافع، وله في مدحه قصائد كثيرة (¬3)، وانظر ترجمة عقبة (156) وترجمة والده سلم (95). ¬
(232) نجد بن الصامت الدوسي - رضي الله عنه -
(232) نجد بن الصامت الدوسي - رضي الله عنه - نجد بن الصامت بن عابد بن أسماء بن قُرْوُدس بن الحارث بن مالك بن فهم بن غنم دوس القُرْدُوسي، الدوسي (¬1)، له إدراك عُد به من الصحابة، ولولده سعد ذكر بخراسان، في خلافة بني مروان، وقيل: إن نجدا هو الذي قتل أمير خراسان: قيبة بن مسلم الباهلي، في خلافة سليمان بن عبد الملك، والمشهور أن قاتل قتيبة هو وكيع بن أبي الأسود، وليس سعد بن نجد الدوسي، وقد جمع القولين ابن دريد في كتابه الاشتقاق وذكر أن وكيعا كان الرأس في ذلك، وأن نجدا باشر قتله، ومعه جهم بن زحر الجعفي (¬2). وقتيبة ولاه الحجاج خراسان وسجستان في أيام الوليد بن عبد الملك، وقتل سنة (96) ست وتسعين من الهجرة، وقيل: قتل بفرغانة، سنة (97) سبع وتسعين، وهو ابن (45) خمس وأربعين سنة، بسبب منافسته ليزيد بن المهلب على الولاية، بعد وفاة الوليد بن عبد الملك، فقد ولّى سليمان بن عبد الملك يزيد بن المهلب على العراق، وقد ذم قتيبة آل المهلب، وأقسم إنه إن وُلِّي يزيد بدلا منه ليخلعنه. فإن صح أن قاتله نجد بن الصامت الدوسي، فهي عصبية منه ليزيد بن المهلب العتكي الأزدي، وقد كانت القبائل تتنازع الشرف والسيادة على تلك النواحي، ولذلك كان من خطب قتيبة بن مسلم الباهلي أن قال: "لماذا تتفرقون؟ ! ولماذا تتحزبون؟ ! كلكم من آدم! وكلكم مسلمون! وكلكم على شريعة واحدة! تعبدون رباً واحداً، وتدينون ديناً واحداً، فاجتمعوا ووجهوا قوتكم إلى عدوكم، فإن عدوكم بحاجة إلى أن تذلوه، وعدوكم يفرح بهذه التفرقات فيكم. فلما لَمَّهم وجمعهم قويت كلمتهم، فتوجهوا وصاروا يفتحون بلاد أفغانستان، وبلاد السند، وبلاد ما وراء النهر، وفتحوها بلداً بلداً إلى أن وصلوا إلى ما وصلوا إليه، وحصل هذا بعد أن جمع الله كلمتهم." ولا ريب أنه كان أحد القواد المصلحين، وكل ¬
ما وقع من الفتح والصلح مع ملوك الصين كان على يده (¬1)، ولكنه لم يسلم مما أنكر على الناس، وطالب بعدم تولية يزيد بن المهلب، لمنافسته فابن المهلب رأس في القوم لا يقل عن قتيبة، رحمة الله علينا وعليهم. وإن كان القاتل وكيع فإن له مثالب، وهو حري بذلك، ومن ذلك أنه أقبل على الحسن البصري فقال: "يا أبا سعيد، ما تقول في دم البراغيث يصيب الثوب أيصلى فيه؟ " فقال الحسن: "يا عجبا ممن يلغ في دماء المسلمين كأنه كلب، ثم يسأل عن دم البراغيث"، فقام وكيع ينخلج في مشيته تخلُّج المجنون، فقال الحسن: "لله في كل عضو منك نعمة، اللهم لا تجعلنا ممن يتقوى بنعمتك على معصيتك" وقد خطب وكيع بن أبي سود وهو والي خراسان فقال في خطبته: "إنّ الله خلق السّماوات والأرض في ستّة أشهر"، فقالوا له: بل في ستّة أيّام، فقال: "والله لقد قلتها وأنا أستقلّها" (¬2). ولا نطيل في ذكر مثالب الرجل، ولا يمنع أن يزيد بن المهلب استغل الطرفين لقتل عدوه قتيبة بن مسلم، يوضح هذا أن وكيعا لما قتل قتيبة بعث بطاعته وبرأس قتيبة إلى سليمان، فوقع ذلك من سليمان كل موقع، فجعل يزيد بن المهلب لعبد الله بن الأهتم مائة ألف على أن ينقر وكيعا عنده، فقال ابن الأهتم: أصلح الله أمير المؤمنين! والله ما أحد قوله لسليمان بن عبد الملك: أوجب شكرا، ولا أعظم عندي يدا من وكيع، لقد أدرك بثأري، وشفاني من عدوي، ولكن أمير المؤمنين أعظم وأوجب عليّ حقا، وأن النصيحة تلزمني لأمير المؤمنين، إن وكيعا لم يجتمع له مائة عِنان قط إلا حدَّث نفسه بغدرة، خاملٌ في الجماعة، نابهٌ في الفتنة، فقال سليمان: ما هو إذا ممن نستعين به، فاستعمل سليمان يزيد بن المهلب على حرب العراق، فغدر يزيد، فلم يعط عبد الله بن الأهتم ما كان ضمن له، ووجه ابنه مخلد بن يزيد أميرا إلى وكيع، فأخذه ومن معه وحبسهم وعذبهم (¬3)، وهكذا تفعل السياسة وطلب السيادة ¬
(233) نصر بن علي الكبير الجهضمي الدوسي
والرياسة، تدور في فلك ما تهوى النفس وما تشتهي، من غير خوف من رقيب، ولا اعتبار لحسيب، وحسبنا الله وكفى. أما عبد الله بن الأهتم فهو متكلم خطيب، له صلة بالخلفاء، والولاة والأمراء، مخادع في النصح غير مخلض وقصته مع المهلب شاهدةٌ على ذلك، هكذا يكون ضرر العلماء إذا ركنوا للدنيا ومتاعها، وكان جزاء المهلب له وفاقا، دخل الحسن البصريّ رحمه الله على عبد الله بن الأهتم يعوده فى مرضه، فرآه يصوّب بصره فى صندوق فى بيته ويصعّده، ثمّ قال: "أبا سعيد، ما تقول فى مائة ألف فى هذا الصّندوق، لم أؤدّ منها زكاة، ولم أصل منها رحما؟ قال: ثكلتك أمّك، ولمن كنت تجمعها؟ قال: لروعة الزّمان، وجفوة السّلطان، ومكاثرة العشيرة" ثمّ مات، فشهده الحسن فلمّا فرغ من دفنه قال: "انظروا إلى هذا المسكين، أتاه شيطانه فحذّره روعة زمانه، وجفوة سلطانه، ومكاثرة عشيرته، عمّا رزقه الله إيّاه وغمره فيه، انظروا كيف خرج منها مسلوبا محروبا، ثمّ التفت إلى الوارث فقال: أيّها الوارث، لا تُخدعنّ كما خُدع صويحبك بالأمس، أتاك هذا المال حلالا فلا يكوننّ عليك وبالا، أتاك عفوا صفوا ممّن كان له جموعا منوعا، من باطل جمعه، ومن حقّ منعه، قطع فيه لجج البحار، ومفاوز القفار، لم تكدح فيه بيمين، ولم يعرق لك فيه جبين، إنّ يوم القيامة يوم ذو حسرات، وإنّ من أعظم الحسرات غدا أن ترى مالك في ميزان غيرك فيالها عثرة لا تقال، وتوبة لا تنال" (¬1). وقال عبد الكريم المازني لعبد الله بن عبد الله بن الأهتم: "كيف كان حزنك على أهل بيتك؟ " قال: "ما ترك حب الغداء والعشاء في قلبي حزناً على أحدٍ" (¬2). نسأل الله لنا وله الغفران. (233) نصر بن علي الكبير الجهضمي الدوسي نصر بن علي بن صهبان بن أُبي الجهضمي، البصري، الكبير، ثقة معروف وهو جد الذي بعده. ¬
من شيوخه
من شيوخه: جده لأمه أشعث بن عبد الله بن جابر الحداني، وعبد الله بن غالب الحداني، والنضر بن شيبان الحداني (¬1). من تلاميذه: حماد بن مسعدة، وأبو داود سليمان بن داود الطيالسي، وعبد الصمد بن عبد الوراث، وعبيد الله بن موسى، وابنه علي بن نصر الجهضمي الكبير (162)، وأبو نعيم الفضل بن دكين، ومسلم بن عبدة، ونوح بن قيس الحداني، ووكيع بن الجراح (¬2). (234) نصر بن علي الدوسي نصر بن علي بن نصر بن علي بن صهبان أبو عمرو، وأبو علي الجضمي، الأزدي، البصري، الصغير، والد علي نصر الجهضمي الصغير، وهو حفيد الذي قبله منسوب إلى جهضم بن عوف بن مالك بن فهم بن غَنْم بن دوس بن عدثان بن عبدالله بن زهران بن كعب بن عبدالله بن نصر بن ملك بن الأزد (¬3). من شيوخه: أحمد بن موسى الخزاعي، وإسماعيل بن علية، وإسماعيل بن محمد بن جحادة، وبشر بن عمر الزهراني، وبشر بن المفضل، وحاتم بن وردان، والحارث ابن وجيه، والحسين بن عروة، وحفص بن عمر العدني، وأبي أسامة حماد بن أسامة، وحماد بن مسعدة، وخازم أبي محمد، وخالد بن الحارث، وخالد بن يزيد اللؤلؤي، ودرست بن زياد، وزكريا بن يحيى ابن عمارة، وزياد بن الربيع اليحمدي، وزيد بن الحباب، وسعيد بن عامر الضبعي، وسفيان بن حبيب، وسفيان بن عيينة، وأبي قتيبة سلم بن قتيبة، وسهل ابن يوسف الأنماطي، وأبي بدر شجاع بن الوليد، وصفوان بن عيسى ¬
من تلاميذه
الزهري، وعامر بن أبي عامر الخزاز، وعبد الله بن داود الخريبي، وعبد الله بن الزبير الباهلي، وعبد الله بن يزيد المقرئ، وعبد الاعلى بن عبد الأعلى، وعبد ربه ابن بارق الحنفي، وعبد الرحمن بن مهدي، وعبد الصمد بن عبد الوارث، وعبد العزيز بن عبد الصمد العمي، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي، وعبد الملك بن قريب الأصمعي، وعبد الوهاب ابن عبد المجيد الثقفي، وعثام بن علي العامري، وعلي بن جعفر بن محمد العدوي، وأبيه علي بن نصر بن علي الجهضمي الكبير، وعمر بن علي المقدمي، وعمر ابن يونس اليمامي، وعيسى بن يونس، وغالب بن قران الهذلي، وفضيل بن سليمان النميري، ومحمد بن بكر البرساني، ومحمد بن جعفر غندر، ومحمد بن عرعرة بن البرند السامي، ومحمد بن مروان العقيلي، ومرحوم بن عبد العزيز العطار، ومسلم بن إبراهيم، ومعتمر بن سليمان، ومعلى بن أسد العمي، ومعن بن عيسى القزاز، ومهنا بن عبد الحميد، ونصر بن نجيح الباهلي، والنضر بن كثير السعدي، والنعمان بن عبد الله الحنفي، ونوح بن قيس الحداني، والهيثم بن الربيع العقيلي، ووكيع بن الجراح، ووكيع بن محرز الناجي، ووهب بن جرير بن حازم، والوليد بن يزيد الهدادي، ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة، ويحيى بن سعيد القطان، ويزيد بن زريع، ويزيد بن هارون، ويوسف بن خالد السمتي، وأبو أحمد الزبيري، وأبو داود الطيالسي، وأبو علي الحنفي، وغبطة بنت عمرو المجاشعية (¬1). من تلاميذه: الجماعة، وأحمد بن زنجويه القطان، وأحمد بن زيد بن الحريش - الأهوازي، وأبو بكر أحمد بن علي بن سعيد المروزي القاضي (س)، وأبو بكر أحمد بن محمد بن عمر البصري الحرابي نزيل بغداد، وأبو العباس أحمد بن محمد بن مسروق الطوسي، وإسماعيل بن إسحاق القاضي، وبقي بن مخلد الأندلسي، وبكر بن أحمد ابن مقبل البصري الحافظ، وزكريا بن يحيى الساجي، وزكريا بن يحيى السجزي، وأبو خبيب العباس بن أحمد بن محمد بن عيسى البرتي، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وأبو بكر عبد الله بن أبي داود، وأبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا، وأبو القاسم عبد الله ¬
(235) هشام بن علي الدوسي
بن محمد بن عبد العزيز البغوي، وعبد الله بن محمد بن ياسين، وعبد الله بن محمد بن يونس السمناني، وعبدان بن أحمد الأهوازي، والقاسم بن زكريا المطرز، ومحمد بن إسحاق بن خزيمة، ومحمد بن الحسين بن مكرم، ومحمد بن محمد بن سليمان الباغندي، ومحمد بن منصور الشيعي، وأبو حامد محمد بن هارون الحضرمي، ومحمد بن يحيى الذهلي، ويحيى بن محمد بن صاعد، وأبو حاتم، وأبو زرعة الرازيان (¬1)، توفي نصر في ربيع الآخر سنة (250) خمسين ومائتين (¬2). (235) هشام بن علي الدوسي لم أقف على ما يفيد عنه سوى أنه روى بسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "كان رسول الله في بيت ميمونة فوضعتُ وضوءًا، فقالت له ميمونة: وضع لك عبد الله بن العباس وضوءًا" فقال: «اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل» (¬3). (236) وائلة الدوسي لم أقف على ما يفيد عنه سوى أنه قال في ذم خطيب: لقد صبرت للذل أعواد منير ... يوم عليها في يديك خطيب بكى المنبر الشرقي لما علوته ... وكادت مسامير الحديد تذوب (¬4) (237) وكيع بن حميد الدوسي لم أقف على ما يفيد عنه سوى أنه ولاه سليمان بن عبد الملك على خراج خراسانن وكان من أهل المعرفة والكفاية والدراية في هذا المجال (¬5). ¬
(238) وهب بن جرير الجهضمي الدوسي
(238) وهب بن جرير الجهضمي الدوسي نسبه: وهب بن جرير بن حازم بن زيد بن عبد الله بن شجاع أبو العباس، منسوب إلى جهضم بن عوف بن مالك بن فهم بن غَنْم بن دوس بن عدثان بن عبدالله بن زهران بن كعب بن عبدالله بن نصر بن ملك بن الأزد (¬1). والخلاف في كونه دوسيا أو عتكيا تقدم تفصيله في ترجمة جرير (45) والصحيح أنه دوسي. وقد ورد من أقوال العلماء قول ثالث: أن يكون زهرانيا من وِلد مالك بن زهران، وليس من وِلد عبد الله بن زهران، قال أبو العباس المبرد رحمه الله: جهضم بن مالك، رهط جرير يقال لهم: الجهاضم، منهم بطن يقال لهم: اليَحْمَد، ومنهم بني سلامان بن مفرج؛ من بني دُهمان بن نصر، وروى ابن أخي يزيد بن حازم، عن سليمان بن يسار قال: قال لعمي جرير بن زيد: يا أبا سلمة، امرأة من قومك من بني سلامان (¬2). قلت: وبنوا سلامان من ولد مالك بن بن زهران، وليس من ولد دوس بن عُدثان بن عبدالله بن زهران، ولكن ربما نظر سليمان بن يسار رحمه الله إلى زهران الجد الأبعد لبني جهضم، وبني سلمان، فصح كلامه، وهذا نسب بني سلامان: سلمان بن مفرج ابن مالك بن زهران بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأزد بن الغوث (¬3). وقد أخطأ كحالة في النسب فيما بعد زهران (¬4). تنبيه: وليعلم أن اسم سلامان كثير في القبائل والبطون، ولا يلزم من النسبة: السلاماني أو السليمي المطلقة أن يكون منتسبا إلى سلامان بن مفرج الزهراني إلا بتحقيق، فقد يكون من قبيلة أخرى. ¬
من شيوخه
من شيوخه: الأسود بن شيبان، وأبوه جرير بن حازم، وحماد بن زيد، وسلام بن أبي مطيع، وشعبة بن الحجاج، وصالح بن أبي الأخضر، وصخر بن جويرية، وعباد بن المهلبي، وعبد الله بن عمر العمري، وعبد الله بن عون، وعكرمة بن عمار اليمامي، وغالب بن سليمان، وقرة بن خالد، وموسى بن علي بن رباح، وهشام بن حسان، وهشام الدستوائي. من تلاميذه: إبراهيم بن محمد بن عرعرة، وإبراهيم بن يعقوب الجوزجاني، وأحمد بن إبراهيم الدورقي، وأبو الأزهر أحمد بن الأزهر النيسابوري، وأحمد بن حنبل، وأحمد بن سعيد الدارمي، وأحمد بن سعيد الرباطي، وأحمد بن سنان القطان، وأبو بكر أحمد بن عمرو بن مهران الخصاف الموصلي، وإسحاق بن راهويه، وإسحاق بن منصور الكوسج، وبشر بن آدم البصري، والحسن بن أبي الربيع الجرجاني، والحسن بن علي الخلال، وأبو خيثمة زهير بن حرب، وزياد بن أيوب الطوسي، وزيد ابن أخزم الطائي، وسليمان بن حرب، وعبد الله بن الجراح القهستاني، وعبد الله بن محمد المسندي، وعبد الله بن منير المروزي، وعبد الله بن منير السرخسي، وعبد الله بن الهيثم العبدي، وعبد الاعلى بن حماد النرسي، وعقبة بن مكرم العمي، وعلي بن حرب الطائي، وعلي ابن المديني، وعلي بن نصر بن علي الجهضمي، وعمرو بن على الصيرفي، ومحمد بن أحمد بن أبي العوام، الرياحي، ومحمد بن إسماعيل بن علية، ومحمد بن بشار بندار، ومحمد بن أبي بكر المقدمي، ومحمد بن رافع النسيابوري، ومحمد بن سنان القزاز البصري، ومحمد ابن الصباح، ومحمد بن عبد الملك الدقيقي، ومحمد بن علي بن الوضاح، وأبو موسى محمد بن المثنى، ومحمد بن يحيى ابن عبد الكريم الأزدي، ومحمد بن يزيد أخو كرخويه، ومحمد بن يونس النسائي، ومحمود بن غيلان المروزي، ونصر بن علي الجهضمي، وهارون بن عبد الله الحمال، ويحيى بن معين، ويعقوب بن إسماعيل بن حماد بن زيد والد
وفاته
يوسف بن يعقوب القاضي، وأبو داود الحراني، وأبو غسان المسمعي، وأبو قدامة السرخسي، وأبو معين الرقاشي (¬1). وقد روى حديثه الأئمة الستة المعبر عنهم بالجماعة، وانتشرت روايته في دواوين السنة، ومن شيوخه أئمة وكذلك من تلاميذه، رحمهم الله جميعا. وفاته: مات بالمنجشانية على بعد ستت أميال من البصرة، مصرفا من الحج، فحمل ودفن بالبصرة، سنة (207) أو: (208) (¬2). (239) وهب بن عبد الله الدوسي وهب بن عبد الله بن دوس بن أبي خالد بن زهير، من شعراء أول الإسلام، وهو من بني غنم بن دوس (¬3)، وكثيرا ما يصحف اسم "غَنْم" إلى "غانم" وليس في ولد دوس بن عدثان من اسمه غائم، والصواب: غنم. (240) يحيى بن بسكان الزهراني هكذا عده المزري رحمه الله في تلاميذ إسماعيل بن بشر بن منصور، ترجمته (26) ذكرته لاحتمال أن يكون دوسيا نسب إلى الجد الأبعد؛ ولأن شيخه دوسي. (241) يحيى بن الحسن الدوسي يحيى بن الحسن بن محمد بن القاسم بن محمد بن المعافى، أبو القاسم، الدوسي، الأنباري، سكن بغداد مرة، وحدث بها عن أبي غانم محمد بن يوسف الأزرق، الأنباري، وعن محمد بن علي بن مهدي، الشاهد، والأنباري، كان يسكن ببغداد في سكة الخرقي، من نواحي باب البصرة، وهناك (¬4) روى بسنده عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من سب أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا» (¬5). ¬
(242) يحيى بن المتمم الدوسي
(242) يحيى بن المتمم الدوسي أبو عراب لم أقف على ما يفيد عنه سوى أنه أنشد أبياتا لماني الموسوي، قال: المنتظم في تاريخ الملوك والأمم (11/ 339): شادن وجهه من البدر أوضا ... بعضه في الكمال يعشق بعضا بأبي من يزرفن الصدغ بالعنبر ... في خده المورّد عرضا؟ إن للورود مثل ورد بخديك ... إذا ما قطفته صار غضا (¬1) (243) يحيى بن يزيد الهنائي الدوسي يحيى بن يزيد أبو نصر، ويقال: أبو يزيد البصري، الهنائي: منسوبا إلى هناءة بن مالك بن فهم بن غَنْم بن دوس بن عدثان بن عبد الله بن زهران بن كعب بن عبد الله ابن نصر بن ملك بن الأزد (¬2). من شيوخه: أنس بن مالك - رضي الله عنه -، والفرزدق الشاعر واسمه همام بن غالب. من تلاميذه: إسماعيل بن علية، وخلف بن خليفة، وشعبة بن الحجاج، وأبو معاذ عتبة بن حميد الضبي، ومحمد بن دينار الطاحي. روى له مسلم، وأبو داود حديثا واحدا، قال: "سألت أنس بن مالك عن قصر الصلاة" قال: "كنت آتي الكوفة فأصلي ركعتين حتى أرجع". وقال أنس - رضي الله عنه -: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال، أو: ثلاثة فراسخ، ــــ شعبة الشاك ــــ (¬3) صلى ركعتين (¬4). ¬
(244) يزيد بن حازم الدوسي
يحيى بن يزيد الهنائي، . قال: كنت مع الفرزدق في السجن، فقال الفرزدق: لا أنجاه الله من يدي مالك ابن المنذر بن الجارود، إن لم أكن انطلقت أمشي بمكة، فلقيت أبا هريرة وأبا سعيد الخدري، فسألتهما، فقلت: إني من أهل المشرق، وإن قوما يخرجون علينا، فيقتلون من قال: لا إله إلا الله، ويأمن من سواهم، فقالا لي، وإلا فلا نجاني الله من مالك بن المنذر: سمعنا خليلنا صلى الله عليه وسلم يقول: «من قتلهم فله أجر شهيد أو شهيدين، ومن قتلوه فله أجر شهيد» لم يرو هذا الحديث عن الفرزدق الشاعر إلا يحيى بن يزيد، تفرد به: خلف بن خليفة (¬1)، هذه صفة الخوارج. (244) يزيد بن حازم الدوسي يزيد بن حازم بن زيد بن عبد الله بن شجاع، أبو بكر، البصري، الجضمي الدوسي، أخو جرير بن حازم (45) وكان الاكبر. تقدم التفصيل في نسبة في ترجمة جرير (45) والصحيح أنه دوسي. من شيوخه: سليمان بن عبد الملك بن مروان، وسليمان بن يسار، وعبد الله بن أبي سلمة الماجشون، وعكرمة مولى ابن عباس. من تلاميذه: أخوه جرير بن حازم، وحماد بن زيد، وأخوه سعيد بن زيد، وعباد بن عباد المهلبي (¬2). ¬
وفاته
وفاته: توفي سنة (147) سلع وأربعين ومائة من الهجرة رحمة الله علينا وعليه. (245) بعقوب بن شيبة الدوسي هذا خطأ صحف من "السدوسي" إلى "الدوسي" بحذف السين الأولى، فليس دوسيا، إنما هو سدوسي، وقد تصحف في المصادر التالية: مرآت الجنان وعبرة اليقضان 2/ 130، وتحفة الأشراف بمعرفة الأطراف 4/ 216، وجامع المساميد والسنن 4، 417، والصارم المنكي في الرد على السبكي 1/ 260. (246) يوسف بن حماد الدوسي يوسف بن حماد، أبو يعقوب، البصري، المعني، منسوب إلى معن بن مالك بن فهم بن غَنْم بن دوس، ويقال: معن بن عمرو بن مالك بن فهم بن تميم بن دوس بن عُدثان بن عبد الله بن زهران بن كعب (¬1). من شيوخه: أمية بن خالد الأزدي، وبشر بن منصور السُّليمي الدوسي، وحماد بن زيد، وزياد بن عبد الله البكائي، وسفيان بن حبيب، وأبي قتيبة سلم بن قتيبة، وعبد الاعلى بن عبد الاعلى، وعبد الوارث بن سعيد، وعثمان بن عبد الرحمن الجمحي، ووهب بن جرير بن حازم، ويحيى بن سعيد القطان. من تلاميذ: الإئمة مسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وأحمد بن حفص بن عمر السعدي، وأبو بكر أحمد بن عمرو بن أبي عاصم، وإسحاق بن إبراهيم بن يونس المنجنيقي، والحسن بن علي بن شبيب المعمري، والحسين بن أحمد بن بسطام الزعفراني، والحسين بن إسحاق التستري، وزكريا بن يحيى الساجي، وعبد الله بن محمد بن عبد الرحمن المديني، وعبد الكريم بن الهيثم الديرعاقولي، وعبدان بن أحمد الأهوازي، والقاسم بن زكريا المطرز، ومحمد بن أحمد بن سعد بن كسا الواسطي، ومحمد بن جرير ¬
(247) يوسف بن يحيى الدوسي
الطبري، ومحمد بن الحسن بن علي بن بحر بن بري القطان، ومحمد بن عبدة بن حرب القاضي، ويعقوب ابن سفيان الفارسي (¬1). (247) يوسف بن يحيى الدوسي العلامة، المفتي، شيخ المالكية، أبو عمرو، وقيل: أبو عمران، يوسف بن يحيى بن يوسف بن محمد بن منصور بن السمح بن عبد العزيز الدوسي؛ من ولد أبي هريرة رضي الله تعالى عنه المعروف بالمغامي القرطبي، من أهل قرطبة، وأصله من طليطلة، من الراحلين من الأندلس إلى المشرق. قال ابن الفرضي: كان حافظا للغة، بصيرا بالعربية، إماما عالما جامعا لفنون من العلم (¬2)، من شيوخه: قبل الرحلة سمع من يحيى بن يحيى، وسعيد بن حسان، وروى عن عبد الملك بن حبيب مصنفاته، وهو آخر من روى عنه، ثم أرتحل وسمع من: علي بن عبد العزيز، سمع منه بمكة، وأقام بمكة، وروى بها "الواضحة" لابن حبيب، وارتحل إلى صنعاء وسمع بها من أبي يعقوب الدبري صاحب عبد الرزاق، وارتحل إلى مصر، وسمع من يوسف بن يزيد القراطيسي، وعاد إلى الأندلس، وكان فقيهاً، نبيلاً، رأسا في الفقه لا يجارى، فصيحاً بصيراً بالعربية، وأقام بقرطبة أعواماً، ثم عاد إلى مصر، وأقام بها، وبثّ علمه بها، وسمع الناس منه، وعظم أمره بالبلاد الشرقية، وبيَن بمصر الواضحة لابن حبيب، وصنف شيئاً في الرد على الشافعية في عشرة أجزاء، وألف كتاب فضائل مالك رحمه الله، ثم إنّه عاد إلى الغرب فتوفّي بالقيروان سنة ثمان وثمانين ومائتين (¬3). ¬
من تلاميذه
روى تميم بن محمد القيرواني، عن أبيه، قال: كان ثقة إماما، جامعا لفنون العلم، عالما بالذب عن مذاهب أهل الحجاز، فقيه البدن، عاقلا وقورا، قلّ من رأيت مثله في عقله وأدبه وخلقه ــــ رحمه الله ــــ رحل في الحديث وهو شيخ، رأيته وقد جاءته كتب كثيرة نحو المائة، من أهل مصر يسألونه الإجازة، وبعضهم يسأل منه الرجوع إليهم. سألته عن مولده، فأبى أن يخبرني، وعندنا توفي بالقيروان: في سنة ثمان وثمانين ومائتين (¬1). من تلاميذه: تفقه به خلق كثير ولا سيما في مصر، وفي الأنلس تفقه به سعيد بن فحلون، ومحمد بن فطيس وغيرهما. وفاته: تقدم توثيق ذلك وأنه توفي في القريوان سنة (288) وهو الراجح لرواية تميم القيروان الآنفة، وقيل: (283) وقيل: (285) رحمة الله علينا وعليهم. قلت: لم أقف على ما يفيد عن آبائه الواردين في النسب، وهذا آخر ما جمعنا في هذا الجوء. تم تدوين هذا الجزء ليلة السبت النوالفق 1/ 2/1434 من الهجرة النبوية، تضمن ما تيسر لي جمعه، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وأشهد ألا إله إلا الله، وحده لا شريك له، استصحبها في الحياة ويوم الممات، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد؛ شفيع الأمة يوم المهمات، ورضي الله عن أهل بيته ومنهم نساؤه أمهات المؤمنين الطاهرات، وعلى أله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين. ¬
الخاتمة
الخاتمة لا أزعم الاستيعاب، بل تركت للباحثين ميدانا فسيحا للمغاوير منهم، فلعل الله يوجد من أبناء زهران عامة، ومن أبناء دوس خاصة من ينبري لإكمال ما قصرنا فيه، بل يستقصي قبائل زهران؛ فخذا فخذا، بعلم باهر وتحقيق ظاهر، وكم ترك الأول للآخر، وليقصد من الكتابة النهضة العلمية، وإشهار ذوي الأقدار العلية، بيعيدا عن الفخر والعصبية، وليكن شعارهم عند الكتابة في هذا المجال قول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (¬1)، فيجدوا ولا ينسونا من صالح الدعاء. كنا جبالا في الجبال وشعلة ... في كل واد نصنع الإكبارا وإذا أتينا السهل حولنا ثرا ... هـ منازلا مخُضرَةً ونضارا (¬2) وإذا ركبنا البحر كنا فوقه ... لججا مثل الجبال تخالنا إعصاارا (¬3) وونى العدو لصولة أزدية ... قبل الكتائب تفتح الأمصارا (¬4) راياتنا خفاقة مرفوعة ... قبل الجحافل تلتقي الأخطارا تسعى بشرع نبينا بين الورى ... توري الوناد وتنشر الأنوارا من رام منا عزة يفرح بها (¬5) ... وعدونا يلقى هزيمة وصغارا ¬
كنا كهذا الوصف يا أحبابنا ... ولعل مبرورا يعود شعارا (¬1) {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} (¬2). ¬